البرهان في تفسير القرآن المجلد 2

اشارة

سرشناسه :بحراني ، هاشم بن سليمان ، - 1107؟ق

عنوان و نام پديدآور : البرهان في تفسير القرآن / الفه هاشم الحسيني البحراني

مشخصات نشر :قم : دار التفسير، 1417ق . = 1375.

مشخصات ظاهري : 4 ج .نمودار

شابك : 964-7866-20-8 (دوره ) ؛ 964-7866-20-8 (دوره ) ؛ 964-7866-16-x (ج .1) ؛ 964-7866-17-8 (ج .2) ؛ 964-7866-18-6 (ج .3) ؛ 964-7866-19-4 (ج .4)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت :اين كتاب در سالهاي مختلف توسط ناشرين مختلف منتشر شده است

يادداشت :فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا.

يادداشت :عربي .

يادداشت :كتابنامه

موضوع :تفاسير شيعه -- قرن ق 12

موضوع :تفاسير ماثوره -- شيعه اماميه

رده بندي كنگره: BP97/3 /ب 3ب 4 1382

رده بندي ديويي : 297/1726

شماره كتابشناسي ملي : م 75-6617

آدرس ثابت <البرهان = برهان > في تفسير القرآن

آدرس ثابت

الجزء الثاني

سورة النساء ..... ص : 9

فضلها: ..... ص : 9

2062/ [1]- العياشي: عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن من ضغطة القبر».

سورة النساء(4): آية 1 ..... ص : 9

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً [1]

2063/ [2]- عن الشيباني في (نهج البيان): سئل الصادق (عليه السلام) عن التقوى، فقال (عليه السلام): «هي طاعته فلا يعصى، و أن يذكر فلا ينسى، و أن يشكر فلا يكفر».

2064/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن محمد بن أحمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سميت حواء حواء لأنها خلقت من حي، قال الله عز و جل: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 215/ 1.

2- نهج البيان 1: 80 (مخطوط).

3- علل الشرائع: 16/ 1 باب 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 10

2065/ [3]- عنه: عن علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء «1»».

2066/ [4]- في (نهج البيان): عن الباقر (عليه السلام): «أنها خلقت من فضل طينة آدم (عليه السلام) عند دخوله الجنة».

2067/ [5]- العياشي: عن محمد بن عيسى، عن عبد الله العلوي «2»، عن أبيه، عن

جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «خلقت حواء من قصيرى جنب آدم- و القصيرى: هو الضلع الأصغر- و أبدل الله مكانه لحما».

2068/ [6]- و بإسناده عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «خلقت حواء من جنب آدم و هو راقد».

2069/ [7]- عن أبي علي الواسطي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلق آدم (عليه السلام) من الماء و الطين، فهمة ابن آدم في الماء و الطين، و إن الله خلق حواء من آدم (عليه السلام)، فهمة النساء في الرجال، فحصنوهن في البيوت».

2070/ [8]- عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن آدم ولد له أربعة ذكور، فأهبط الله تعالى إليهم أربعة من الحور العين، فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا، ثم إن الله رفعهن، و زوج هؤلاء الاربعة أربعة من الجن، فصار النسل فيهم، فما كان من حلم فمن آدم (عليه السلام)، و ما كان من جمال فمن قبل الحور العين، و ما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن».

2071/ [9]- عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: «ما يقول الناس في تزويج آدم (عليه السلام) و ولده؟» قال: قلت: يقولون: إن حواء كانت تلد لادم في كل بطن غلاما و جارية، فتزوج الغلام الجارية التي من البطن الاخر الثاني، و تزوج الجارية الغلام الذي من البطن الاخر الثاني حتى توالدوا.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ليس هذا كذاك، يحجكم المجوس، و لكنه لما ولد آدم هبة الله و كبر سأل الله تعالى

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 16/ 1.

4- نهج البيان 1: 81 (مخطوط). [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 215/ 2.

6- تفسير العيّاشي 1: 215/ 3.

7-

تفسير العيّاشي 1: 215/ 4.

8- تفسير العيّاشي 1: 215/ 5.

9- تفسير العيّاشي 1: 216/ 6.

(1) في المصدر زيادة: يعني خلقت حوّاء من آدم.

(2) كذا في «س» و «ط» و الظاهر أنّ الصواب محمد بن علي، عن عيسى بن عبد اللّه العلوي. انظر معجم رجال الحديث 10: 387.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 11

أن يزوجه، فأنزل الله تعالى له حوراء من الجنة فزوجها إياه، فولدت له أربعة بنين، ثم ولد لادم (عليه السلام) ابن آخر، فلما كبر أمره فتزوج إلى الجان، فولد له أربع بنات، فتزوج بنو هذا بنات هذا، فما كان من جمال فمن قبل الحوراء «1»، و ما كان من حلم فمن قبل آدم (عليه السلام)، و ما كان من حقد «2» فمن قبل الجان، فلما توالدوا أصعد الحوراء إلى السماء».

2072/ [10]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): من أي شي ء خلق الله تعالى حواء؟ فقال: «أي شي ء يقول هذا الخلق»؟

قلت: يقولون: إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال: «كذبوا، أ كان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه»؟

فقلت: جعلت فداك- يا بن رسول الله- من أي شي ء خلقها؟ فقال: «أخبرني أبي، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تبارك و تعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه- و كلتا يديه يمين- فخلق منها آدم، و فضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء».

2073/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال:

حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار، قال: حدثنا ابن توبة «3»، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): كيف بدأ النسل من ذرية آدم (عليه السلام)، فإن عندنا أناس يقولون: إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته من بنيه، و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا! يقول من يقول هذا: إن الله عز و جل جعل أصل صفوة خلقه و أحباءه و أنبياءه و رسله «4» و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال، و قد أخذ ميثاقهم على الحلال و الطهر الطاهر الطيب! و الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته، فلما نزا عليها و نزل، كشف له عنها، و علم أنها أخته، أخرج غرموله «5» ثم قبض عليه بأسنانه، ثم قلعه ثم خر ميتا».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 216/ 7.

11- علل الشرائع: 17/ 1 باب 17.

(1) في المصدر: الحور العين.

(2) في البحار 11: 244/ 40: خفّة.

(3) في «س»: ابن نوله، و في «ط» و المصدر: ابن نويه، و الظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصواب، و هو عمر بن توبة أبو يحيى الصنعاني، عاصر الامام الصادق (عليه السّلام) وعدّ من أصحابه. راجع معجم رجال الحديث 13: 22.

(4) في المصدر: و حججه.

(5) الغرمول: الذّكر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 12

قال زرارة: ثم سئل (عليه السلام) عن خلق حواء، و قيل له: إن أناسا عندنا يقولون: إن الله عز و جل خلق

حواء من ضلع آدم (عليه السلام) الأيسر الأقصى؟

قال: «سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا! يقول من يقول هذا: إن الله تبارك و تعالى لم يكن له من القدرة أن يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه! و جعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام، يقول: إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه، ما لهؤلاء، حكم الله بيننا و بينهم؟!» ثم قال: «إن الله تبارك و تعالى لما خلق آدم من طين أمر الملائكة فسجدوا له و ألقى عليه السبات، ثم ابتدع له خلقا، ثم جعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، و ذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن تشبه صورته غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ فقالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم (عليه السلام) عند ذلك: يا رب، من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه؟ فقال الله: هذه أمتي حواء، أ فتحب أن تكون معك، فتؤنسك، و تحدثك، و تأتمر لأمرك؟ قال: نعم يا رب، و لك بذلك الشكر و الحمد علي ما بقيت. فقال الله تبارك و تعالى:

فاخطبها إلي، فإنها أمتي، و قد تصلح أيضا للشهوة، فألقى الله تعالى عليه الشهوة، و قد علمه قبل ذلك المعرفة.

فقال: يا رب فإني أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟ قال: رضاي أن تعلمها معالم ديني. فقال: ذلك لك- يا رب- إن شئت ذلك.

فقال عز و جل: قد شئت ذلك، و قد زوجتكها، فضمها إليك. فقال: أقبلي. فقالت: بل أنت فأقبل إلي. فأمر الله عز و جل

آدم (عليه السلام) أن يقوم إليها، فقام، و لولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حين خطبن على أنفسهن، فهذه قصة حواء (صلوات الله عليها)».

2074/ [12]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد ابن أورمة، عن النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي «1»، عن الحسن بن مقاتل، عمن سمع «2» زرارة، يقول: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن بدء النسل من آدم كيف كان؟ و عن بدء النسل من ذرية آدم، فإن أناسا من عندنا يقولون: إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته ببنيه «3»، و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! يقول من قال هذا: بأن الله جل و عز خلق صفوة خلقه و أحباءه و أنبياءه و رسله و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يكن له من القدرة أن يخلقهم من حلال، و قد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب.

__________________________________________________

12- علل الشرائع: 18/ 2.

(1) في «ط»: داود بن علي اليعقوبي.

(2) زاد في «ط»: عن.

(3) في «ط»: من بنيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 13

فو الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته، فلما نزا عليها و نزل، كشف له عنها، فلما علم «1» أنها أخته، أخرج غرموله، ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر ميتا، و آخر تنكرت له امه ففعل هذا بعينه، فكيف الإنسان في انسيته و فضله و علمه؟! غير أن جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل

بيوتات أنبيائهم، و أخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه، فصاروا إلى ما قد ترون من الضلالة و الجهل بالعلم كيف كانت الأشياء الماضية من بدء أن خلق الله ما خلق و ما هو كائن أبدا».

ثم قال: «ويح هؤلاء، أين هم عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز، و لا فقهاء أهل العراق، فإن الله عز و جل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام، و إن كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم، في كلها تحريم الأخوات على الإخوة مع ما حرم، هذا و نحن قد نرى منها هذه الكتب الأربعة المشهورة في هذا العالم: التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و القرآن، أنزلها الله من اللوح المحفوظ على رسله (صلوات الله عليهم أجمعين)، منها: التوراة على موسى، و الزبور على داود، و الإنجيل على عيسى، و الفرقان على محمد (صلى الله عليه و آله و على النبيين) ليس فيها تحليل شي ء من ذلك. حقا أقول: ما أراد من يقول هذا و شبهه إلا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله؟!» ثم أنشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم، و كيف كان بدء النسل من ذريته، فقال: «إن آدم (صلوات الله عليه) ولد له سبعون بطنا، في كل بطن غلام و جارية، إلى أن قتل هابيل، فلما قتل قابيل هابيل، جزع آدم (عليه السلام) على هابيل جزعا شديدا قطعه عن إتيان النساء، فبقي لا يستطيع أن يغشى حواء خمس مائة عام ثم تجلى «2» ما به من الجزع عليه فغشي حواء، فوهب الله له شيئا وحده ليس معه ثان، و اسم شيث هبة الله، و

هو أول من أوصي إليه من الآدميين في الأرض، ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان، فلما أدركا و أراد الله عز و جل أن يبلغ بالنسل ما ترون، و أن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله عز و جل من الأخوات على الإخوة، أنزل الله بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها بركة «3»، فأمر الله عز و جل آدم أن يزوجها من شيث، فزوجها منه، ثم نزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها نزلة «4»، فأمر الله عز و جل آدم أن يزوجها من يافث، فزوجها منه، فولد لشيث غلام، و ولد ليافث جارية، فأمر الله عز و جل آدم (عليه السلام) حين أدركا أن يزوج بنت يافث من ابن شيث، ففعل فولد الصفوة من النبيين و المرسلين من نسلهما، و معاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من الإخوة و الأخوات».

2075/ [13]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________________________________________

13- علل الشرائع: 15/ 1 باب 12.

(1) في «ط»: فعلم.

(2) في المصدر: تخلّى.

(3) في المصدر: منزلة.

(4) في «ط»: بركة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 14

الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): لأي علة خلق الله عز و جل آدم من غير أب و أم و خلق عيسى من غير أب، و خلق سائر الناس من الآباء و الأمهات؟

فقال: «ليعلم الناس تمام قدرته و كمالها، و يعلموا أنه قادر

على أن يخلق خلقا من أنثى من غير ذكر، كما هو قادر على أن يخلقه من غير ذكر و لا أنثى، و أنه عز و جل فعل ذلك ليعلم أنه على كل شي ء قدير».

2076/ [14]- و عنه: عن أبيه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث طويل، قال: «سمي النساء نساء لأنه لم يكن لآدم (عليه السلام) انس غير حواء».

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [1]

2077/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز ذكره): وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. قال: فقال: «هي أرحام الناس، إن الله عز و جل أمر بصلتها، و عظمها، ألا ترى أن الله جعلها معه «1»؟!».

2078/ [2]- و عنه: بإسناده عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صلوا أرحامكم و لو بالتسليم، يقول الله تبارك و تعالى:

وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً».

2079/ [3]- و عنه: بإسناده عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن رحم آل محمد- الأئمة- لمعلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني، و اقطع

من قطعني، ثم هي جارية «2» في أرحام المؤمنين». ثم تلا هذه الآية وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ.

2080/ [4]- الحسين بن سعيد: عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

__________________________________________________

14- علل الشرائع: 17/ 1 باب 16.

1- الكافي 2: 120/ 1.

2- الكافي 2: 124/ 22.

3- الكافي 2: 125/ 26.

4- كتاب الزهد: 39/ 105. [.....]

(1) في المصدر: منه.

(2) في المصدر زيادة: بعدها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 15

عن قول الله تبارك و تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ. قال: «هي أرحام الناس، إن الله أمر بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه؟!».

2081/ [5]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «إن أحدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه، فإن الرحم إذا مسها الرحم استقرت، و إنها متعلقة بالعرش، تنتقض «1» انتقاض الحديد، فتنادي: اللهم صل من وصلني، و اقطع من قطعني، و ذلك قول الله في كتابه: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً و أيما رجل غضب و هو قائم فليلزم الأرض من فوره، فإنه يذهب رجز الشيطان».

2082/ [6]- عن عمر بن حنظلة، عنه (عليه السلام)، عن قول الله: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، قال: «هي أرحام الناس، إن الله أمر بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه؟».

2083/ [7]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، قال: «هي أرحام الناس،

أمر الله تبارك و تعالى بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه».

2084/ [8]- ابن شهر آشوب: عن المرزباني، بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته، و ذوي أرحامه، و ذلك أن كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة، إلا ما كان من سببه و نسبه (صلى الله عليه و آله).

2085/ [9]- أبو علي الطبرسي: في معنى الآية: و اتقوا الأرحام أن تقطعوها، و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2086/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: تساءلون يوم القيامة عن التقوى، هل اتقيتم؟ و عن الأرحام، هل وصلتموها؟

2087/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «الرقيب: الحفيظ».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 217/ 8.

6- تفسير العيّاشي 1: 217/ 9.

7- تفسير العيّاشي 1: 217/ 10.

8- المناقب 2: 168، تفسير الحبري: 253/ 18.

9- مجمع البيان 3: 6.

10- تفسير القمّي 1: 130.

11- تفسير القمّي 1: 130.

(1) في «س» و «ط»: ينتقضنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 16

سورة النساء(4): آية 2 ..... ص : 16

قوله تعالى:

وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [2] 2088/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني: لا تأكلوا مال اليتيم ظلما فتسرفوا، و تبدلوا الخبيث بالطيب، و الطيب ما قال الله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1»، وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ يعني مال اليتيم إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً أي إثما عظيما.

2089/ [2]- و قال الشيباني في (نهج البيان)، في قوله تعالى: وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ

بِالطَّيِّبِ، قال ابن عباس: لا تتبدلوا الحلال من أموالكم بالحرام من أموالهم لأجل الجودة و الزيادة فيه، قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

2090/ [3]- الطبرسي أبو علي: روي أنه لما نزلت هذه الآية كرهوا مخالطة اليتامى، فشق ذلك عليهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله سبحانه وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «2» الآية، قال: و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام).

2091/ [4]- العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أكل مال اليتيم، هل له توبة؟ فقال: «يؤدي إلى أهله، لأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «3»، و قال: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً».

2092/ [5]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام) «4»، أنه قال: «حُوباً كَبِيراً هو مما قال: تخرج الأرض من أثقالها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 130.

2- نهج البيان 1: 81 (مخطوط).

3- مجمع البيان 3: 7.

4- تفسير العيّاشي 1: 217/ 12. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 217/ 11.

(1) النّساء 4: 6.

(2) البقرة 2: 220.

(3) النّساء 4: 10.

(4) في المصدر: و أبي الحسن (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 17

سورة النساء(4): آية 3 ..... ص : 17

قوله تعالى:

وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا [3] 2093/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت مع قوله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ

فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فنصف الآية في أول السورة، و نصفها على رأس المائة و العشرين آية، و ذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة و قد ربوها، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، فأنزل الله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ إلى قوله: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا أي لا تتزوجوا ما لا تقدرون أن تعولوا.

2094/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، و محمد بن الحسن، قال: سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، فقال: أليس الله حكيما؟ قال: بلى، هو أحكم الحاكمين.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أليس هذا فرض؟ قال: بلى.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ «1» أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب، فرحل إلى المدينة، إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «يا هشام في غير وقت حج و لا عمرة؟» قال: نعم جعلت فداك، لأمر أهمني، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي ء قال: «و ما هي»؟ قال: فأخبره بالقصة.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أما قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ

أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً يعني في النفقة، و أما قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ «2» يعني في المودة».

قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره، قال: و الله، ما هذا من عندك.

2095/ [3]- علي بن إبراهيم: سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول، فقال: أخبرني عن قول الله:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 130.

2- الكافي 5: 362/ 1.

3- تفسير القمي 1: 130.

(1) النساء 4: 129.

(2) النساء 4: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 18

فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً و قال في آخر السورة: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ «1» فبين القولين فرق؟

قال أبو جعفر الأحوال: فلم يكن عندي في ذلك جواب، فقدمت المدينة، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و سألته عن الآيتين، فقال: «أما قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإنما عنى به النفقة، و قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فإنما عنى به في المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين المرأتين في المودة».

فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره، فقال: هذا حملته الإبل من الحجاز.

2096/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا جمع الرجل أربعا فطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق».

و قال: «لا يجمع الرجل ماءه في خمس».

2097/ [5]- ابن بابويه،

قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «علة تزويج الرجل أربع نسوة و يحرم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد، لأن الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوبا إليه، و المرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك، لم يعرف الولد لمن هو، إذ هم مشتركون في نكاحها، و في ذلك فساد الأنساب و المواريث و المعارف».

قال محمد بن سنان: و من علل النساء الحرائر و تحليل أربع نسوة لرجل واحد، لأنهن أكثر من الرجال، فلما نظر- و الله أعلم- لقول الله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فذلك تقدير قدره الله تعالى ليتسع فيه الغني و الفقير فيتزوج الرجل على قدر طاقته، وسع ذلك في ملك اليمين، و لم يجعل فيه حدا، لأنهن مال و جلب، فهو يسع أن يجمعوا من الأموال، و علة تزويج العبد اثنتين لا أكثر، أنه نصف رجل حر في الطلاق و النكاح، لا يملك نفسه، و لا مال له، إنما ينفق عليه مولاه، و ليكون ذلك فرقا بينه و بين الحر، و ليكون أقل لاشتغاله عن خدمة مواليه.

2098/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن سعد الجلاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لم يجعل

الغيرة للنساء، إنما تغار المنكرات منهن، فأما المؤمنات فلا، إنما جعل الله عز و جل

__________________________________________________

4- الكافي 5: 429/ 1.

5- علل الشرائع: 504/ 1. باب (271).

6- علل الشرائع: 504/ 1 باب (272).

(1) النّساء 4: 129. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 19

الغيرة للرجال، لأنه قد أحل الله عز و جل له أربعا و ما ملكت يمينه، و لم يجعل للمرأة إلا زوجها وحده، فإن بغت معه غيره كانت زانية».

2099/ [7]- العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في كل شي ء إسراف إلا في النساء، قال الله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ، و قال: و أحل الله ما ملكت أيمانكم».

2100/ [8]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر».

سورة النساء(4): آية 4 ..... ص : 19

قوله تعالى:

وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [4]

2101/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به، و قالت حين دفعت إليه: أنفق منه، فإن حدث بك حدث فما أنفقت منه كان حلالا طيبا، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فهو حلال طيب؟ فقال: «أعد علي- يا سعيد- المسألة» فلما ذهبت أعيدها «1» عليه اعترض «2» فيها صاحبها، و كان معي حاضرا، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة، فقال: «يا

هذا إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك [و بينها] و بين الله عز و جل فحلال طيب» ثلاث مرات. ثم قال: «يقول الله عز و جل في كتابه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً».

2102/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته، و لا المرأة فيما تهب

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 218/ 13.

8- تفسير العيّاشي 1: 218/ 14.

1- الكافي 5: 136/ 1.

2- الكافي 7: 30/ 3.

(1) في المصدر: أعيد المسألة.

(2) في «ط»: عرض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 20

لزوجها حيز أو لم يحز «1» أليس الله تبارك و تعالى يقول: وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً «2» و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فهذا يدخل في الصداق و الهبة».

2103/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، بي وجع في بطني. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لك زوجة؟ قال:

نعم.

قال: استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا، ثم اسكب عليه من ماء السماء، ثم اشربه فإني أسمع الله يقول في كتابه: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً «3» و قال: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «4» و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً شفيت إن شاء الله

تعالى». قال: «ففعل ذلك فشفي».

2104/ [4]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً، قال: «يعني بذلك أموالهن التي في أيديهن مما ملكن».

2105/ [5]- عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا ليعمل به، و قالت له حين دفعته إليه: أنفق منه، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب، و إن حدث بك حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب؟

قال: «أعد علي المسألة» فلما ذهبت أعرض عليه المسألة عرض فيها صاحبها، و كان معي، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة، فقال: «يا هذا إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك و بينها و بين الله فحلال طيب» ثلاث مرات. ثم قال: «يقول الله: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً».

2106/ [6]- عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اشتكى رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له:

سل من امرأتك درهما من صداقها، فاشتر به عسلا فاشربه بماء السماء، ففعل ما أمر به فبرى ء، فسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك: أ شي ء سمعته من النبي (صلى الله عليه و آله)؟ قال: لا، و لكني سمعت الله يقول في كتابه:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 218/ 15.

4- تفسير العيّاشي 1: 219/ 16.

5- تفسير العيّاشي 1: 219/ 17.

6- تفسير العيّاشي 1: 219/ 18.

(1) في «ط»: أجازت أو لم تجز.

(2) البقرة 2: 229.

(3) سورة ق 50: 9.

(4) النّحل 16: 69. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 21

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً و قال: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «1» و قال: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً «2» فاجتمع الهني ء المري ء و البركة و الشفاء، فرجوت بذلك البرء».

2107/ [7]- عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: لا ترجع المرأة فيما تهب لزوجها، حيزت أو لم تحز، أليس الله يقول: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً.

سورة النساء(4): آية 5 ..... ص : 21

قوله تعالى:

وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً [5]

2108/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ: «فالسفهاء: النساء و الولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة، و ولده سفيه مفسد، لم ينبغ له أن يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعل الله له قياما، يقول: معاشا، قال: وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً فالمعروف: العدة».

2109/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث، و لا تزوجوه إذا خطب، و لا تعودوه إذا مرض، و لا تحضروه إذا مات، و لا تأتمنوه على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها فليس على الله أن يخلفه عليه، و لا أن يأجره عليها، لأن الله يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ و أي سفيه أسفه من شارب الخمر؟!».

2110/ [3]- محمد بن يعقوب: عن حميد

بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان ابن عثمان، عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر بعد أن حرمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و لا يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله عز و جل أن يأجره، و لا يخلف عليه».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 219/ 19.

1- تفسير القمّي 1: 131.

2- تفسير القمّي 1: 131.

3- الكافي 6: 397/ 9.

(1) النّحل 16: 69.

(2) سورة ق 50: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 22

2111/ [4]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت له: إني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟

فقلت: قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك، فقال لي: صدقهم، فإن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ «1» ثم قال: إنك إذا استبضعته فهلكت أو ضاعت، فليس لك على الله عز و جل أن يأجرك، و لا يخلف عليك. فاستبضعته فضيعها، فدعوت الله عز و جل أن يأجرني، فقال: يا بني مه، ليس لك على الله أن يأجرك، و لا يخلف عليك. قال: قلت له: و لم؟

فقال لي: إن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر؟!».

2112/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز، قال: كان لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) دنانير، و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل: يا أبت كأن فلانا يريد الخروج إلى اليمن، و عندي كذا و كذا دينارا أفترى أن أدفعها إليه يبتاع بها إلي بضاعة من اليمن؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما بلغك أنه يشرب الخمر»؟ فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس.

فقال: «يا بني لا تفعل» فعصى إسماعيل أباه و دفع إليه دنانيره، فاستهلكها و لم يأت «2» بشي ء منها، فخرج إسماعيل، و قضى أن أبا عبد الله (عليه السلام) حج و حج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت، و يقول: اللهم أجرني و اخلف علي، فلحقه أبو عبد الله (عليه السلام) فهزه بيده من خلفه، و قال له: «مه يا بني، فلا و الله مالك على الله هذا، و لا لك أن يأجرك و لا يخلف عليك، و قد بلغك أنه يشرب الخمر، فائتمنته».

فقال إسماعيل: يا أبت إني لم أره يشرب الخمر، إنما سمعت الناس يقولون.

فقال: «يا بني إن الله عز و جل يقول في كتابه: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ يقول: يصدق الله عز و جل، و يصدق للمؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم و لا تأتمن شارب الخمر، فإن الله عز و جل يقول في كتابه:

وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟! إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره و لا يخلف عليه».

2113/ [6]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم «3»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن

__________________________________________________

4- الكافي 6: 397 ذيل الحديث 9.

5- الكافي 5: 299/ 1.

6- الكافي 1: 48/ 5.

(1) التّوبة 9: 61.

(2) في المصدر: و لم يأته.

(3) في المصدر زيادة: عن أبيه، و قد روى علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى مباشرة، و لم يرو عنه إبراهيم، انظر معجم رجال الحديث 1: 340- 343 و 17: 112.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 23

سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال».

فقيل له: يا ابن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟

قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ «1» و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً و قال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2»».

2114/ [7]- العياشي: عن يونس بن يعقوب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ. قال: «من لا تثق به».

2115/ [8]- عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في من شرب الخمر بعد أن حرمها الله على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله). قال: «ليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و أن يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها أو ضيعها، فليس للذي

ائتمنه أن يأجره الله و لا يخلف عليه».

2116/ [9]- قال أبو عبد الله: «إني أردت أن أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت:

إني أردت أن أستبضع فلانا، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت: قد بلغني عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك.

فقال: صدقهم لأن الله تعالى يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ «3» ثم قال: إنك ان استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس على الله أن يأجرك و لا يخلف عليك.

فقلت: و لم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً فهل سفيه أسفه من شارب الخمر؟ إن العبد لا يزال في فسحة من ربه ما لم يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عليه سرباله، فكان ولده و أخوه و سمعه و بصره و يده و رجله إبليس، يسوقه إلى كل شر، و يصرفه عن كل خير».

2117/ [10]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ. قال: «كل من يشرب المسكر فهو سفيه».

2118/ [11]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ.

__________________________________________________

7- تفسير العياشي 1: 220/ 20.

8- تفسير العياشي 1: 220/ 21. [.....]

9- تفسير العياشي 1: 220 ذيل الحديث 21.

10- تفسير العياشي 1: 220/ 22.

11- تفسير العياشي 1: 220/ 23.

(1) النساء 4: 114.

(2) المائدة 5: 101.

(3) التوبة 9: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 24

قال: «هم اليتامى، لا تعطوهم أموالهم حتى تعرفوا منهم الرشد».

فقلت: فكيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال: «إذا كنت أنت الوارث لهم».

2119/ [12]- عن عبد الله بن سنان، عنه

(عليه السلام)، قال: «لا تؤتوها شراب «1» الخمر، و النساء».

2120/ [13]- ابن بابويه في (الفقيه): روى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرأة لا يوصى إليها، لأن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ».

2121/ [14]- و في خبر آخر: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ قال: «لا تؤتوها شراب «2» الخمر، و لا النساء» ثم قال: «و أي سفيه أسفه من شراب «3» الخمر؟».

قال ابن بابويه: إنما يعني كراهة «4» اختيار المرأة للوصية، فمن أوصى إليها لزمها القيام بالوصية على ما تؤمر به، و يوصى إليها فيه إن شاء الله تعالى.

سورة النساء(4): آية 6 ..... ص : 24

قوله تعالى:

وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً [6] 2122/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: من كان في يده مال بعض اليتامى، فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح و يحتلم، فإذا احتلم وجبت عليه الحدود، و إقامة الفرائض، و لا يكون مضيعا و لا شارب خمر و لا زانيا، فإذا أنس منه الرشد دفع إليه المال، و أشهد عليه، و إن كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ، فإنه يمتحن بريح إبطه، أو نبت عانته، فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع إليه ماله إذا كان رشيدا، و لا يجوز أن يحبس عنه ماله و يعتل عليه بأنه «5» لم يكبر بعد».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1:

221/ 24.

13- من لا يحضره الفقيه 4: 168/ 585.

14- من لا يحضره الفقيه 4: 168/ 586.

1- تفسير القمّي 1: 131.

(1) في «س»: شارب.

(2، 3) في المصدر: شارب.

(4) في المصدر: كراهية.

(5) في المصدر: أن يحبس عليه ماله و يعلل أنّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 25

2123/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): روي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز و جل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. قال: «إيناس الرشد: حفظ المال».

2124/ [3]- و في رواية محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في تفسير هذه الآية: «إذا رأيتموهم و هم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة».

قال ابن بابويه: الحديث غير مخالف لما تقدمه، و ذلك أنه إذا أونس منه الرشد- و هو حفظ المال- دفع إليه ماله، و كذلك إذا أونس منه الرشد في قبول الحق اختبر به، و قد تنزل الآية في شي ء و تجري في غيره.

2125/ [4]- و عنه: بإسناده عن منصور بن حازم، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «انقطاع يتم اليتيم الاحتلام. و هو أشده، و إن احتلم و لم يؤنس منه رشد، و كان سفيها أو ضعيفا، فليمسك عنه وليه ماله».

2126/ [5]- و عنه: بإسناده عن صفوان، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن اليتمية، متى يدفع إليها مالها؟ قال: «إذا علمت أنها لا تفسد و لا تضيع».

فسألته إن كانت قد تزوجت «1»؟ فقال: «إذا تزوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها».

قال ابن بابويه: يعني بذلك إذا بلغت تسع سنين.

2127/ [6]- محمد

بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، [عن سماعة] «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.

قال: «من كان يلي شيئا لليتامى و هو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم، و يقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر الحاجة «3» و لا يسرف، فإذا كانت ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرزأن «4» أموالهم شيئا».

2128/ [7]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «المعروف هو القوت، و إنما عنى الوصي أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم».

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 4: 164/ 575.

3- من لا يحضره الفقيه 4: 165/ 576.

4- من لا يحضره الفقيه 4: 163/ 569.

5- من لا يحضره الفقيه 4: 164/ 572.

6- الكافي 5: 129/ 1.

7- الكافي 5: 130/ 3.

(1) في المصدر: زوجت.

(2) من المصدر، و هو الصواب، راجع رجال النجاشي: 194/ 517 و معجم رجال الحديث 8: 297.

(3) (الحاجة) ليس في المصدر.

(4) رزأ ماله: أصاب منه شيئا، و في «ط»: يرزأ من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 26

2129/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر، عن القيم لليتامى في الشراء لهم و البيع فيما يصلحهم، أله أن يأكل من أموالهم؟

فقال: «لا بأس أن يأكل من أموالهم بالمعروف، كما قال الله تعالى في كتابه: وَ ابْتَلُوا

الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ هو القوت، و إنما عنى فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ الوصي لهم، أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم».

2130/ [9]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «فذاك رجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كانت المال قليلا، فلا يأكل منه شيئا».

2131/ [10]- العياشي: عن عبد الله بن أسباط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن اليتيم: متى ينقضي يتمه؟ فكتب إليه: أما اليتيم فانقطاع يتمه أشده- و هو الاحتلام- إلا أن لا يؤنس منه رشد بعد ذلك، فيكون سفيها، أو ضعيفا، فليشد «1» عليه».

2132/ [11]- عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ أي شي ء الرشد الذي يؤنس منهم؟ قال: «حفظ ماله».

2133/ [12]- عن عبد الله بن المغيرة، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، في قول الله: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ، قال: فقال: «إذا رأيتموهم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة».

2134/ [13]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ يتيم في حجره، أ يخلط أمرها بأمر ماشيته؟ فقال: «إن كان يليط حياضها، و يقوم على هنائها «2»، و يرد شاردها، فليشرب من

ألبانها غير مجتهد للحلاب، و لا مضر بالولد، ثم قال: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.

2135/ [14]- أبو اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فقال: «ذلك رجل يحبس نفسه على أموال اليتامى فيقوم لهم فيها، و يقوم لهم عليها، فقد شغل نفسه عن طلب المعيشة، فلا بأس أن

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 244/ 949.

9- الكافي 5: 130/ 5.

10- تفسير العيّاشي 1: 221/ 25.

11- تفسير العيّاشي 1: 221/ 26. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 221/ 27.

13- تفسير العيّاشي 1: 221/ 28.

14- تفسير العيّاشي 1: 221/ 29.

(1) كذا، و الظاهر أنّها تصحيف (فليشهد عليه) أي يشهد أن حجر المال كان بسبب.

(2) الهناء: القطران تطلى به الإبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 27

يأكل بالمعروف إذا كان يصلح أموالهم، و إن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا».

2136/ [15]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «بلى، من كان يلي شيئا لليتامى، و هو محتاج و ليس له شي ء، و هو يتقاضى أموالهم، و يقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر الحاجة و لا يسرف، و إن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرز أن من أموالهم شيئا».

2137/ [16]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فقال: «هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية و يشغل فيها نفسه، فليأكل منه بالمعروف، و ليس ذلك له في الدنانير

و الدراهم التي عنده موضوعة».

2138/ [17]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «ذلك إذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترث لنفسه، فليأكل بالمعروف من أموالهم».

2139/ [18]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «كان أبي يقول:

إنها منسوخة».

2140/ [19]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «مال اليتيم إن عمل به من وضع على يديه ضمنه، و لليتيم ربحه».

قال: قلنا له: قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ؟ قال: «إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في أموالهم فلم يتخذ «1» لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم».

2141/ [20]- أبو علي الطبرسي: اختلف في معنى قوله رُشْداً و ذكر الأقوال، قال: و الأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل، و إصلاح المال، قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

2142/ [21]- و قال الطبرسي في قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ: معناه: من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة و الكفاية على جهة القرض، ثم يرد عليه ما أخذ [منه إذا وجد]. قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 221/ 30.

16- تفسير العيّاشي 1: 222/ 31.

17- تفسير العيّاشي 1: 222/ 32.

18- تفسير العيّاشي 1: 222/ 33.

19- تفسير العيّاشي 1: 224/ 43.

20- مجمع البيان 3: 16.

21- مجمع البيان 3: 17.

(1) في «ط» يتجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 28

سورة النساء(4): آية 7 ..... ص : 28

قوله تعالى:

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً [7] 2143/ [1]-

علي بن إبراهيم: هي منسوخة بقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ «1».

سورة النساء(4): آية 8 ..... ص : 28

قوله تعالى:

وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً [8]

2144/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ. قال: «نسختها آية الفرائض».

2145/ [3]- و في رواية أخرى: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى . قال: «نسختها آية الفرائض».

قلت: يمكن الجمع بين روايتي النسخ و عدمه، بحمل رواية النسخ على نسخ وجوب الإعطاء، و بحمل رواية عدم النسخ على جواز الإعطاء و استحبابه، فلا تنافي بين الروايتين على هذا التقدير، و الله أعلم.

2146/ [4]- قال أبو علي الطبرسي: اختلف الناس في هذه الآية على قولين: أحدهما أنها محكمة غير منسوخة. قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 131. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 222/ 34.

3- تفسير العيّاشي 1: 223/ 36.

4- مجمع البيان 3: 19.

(1) النّساء 4: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 29

2147/ [4]- و قال محمد الشيباني في (نهج البيان): و قال قوم: إنها ليست منسوخة يعطى من ذكرهم الله على سبيل الندب و الطعمة. قال: و هو المروي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام).

قلت: و هذه الرواية عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) تؤيد ما ذكرناه من الحمل بأن الآية محكمة غير منسوخة، و يعطون على سبيل الندب و الطعمة، و رواية النسخ «1» ناسخة وجوب إعطائهم بآية الميراث.

سورة النساء(4): الآيات 9 الي10 ..... ص : 29

قوله تعالى:

وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ

الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [9- 10]

2148/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أوعد الله تبارك و تعالى في مال اليتيم عقوبتين: إحداهما عقوبة الآخرة النار، و أما عقوبة الدنيا فقوله عز و جل: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ الآية، يعني ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى».

2149/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عجلان أبي صالح «2»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن آكل مال اليتيم.

فقال: «هو كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً». ثم قال (عليه السلام) من غير أن أسأله: «من عال يتيما حتى ينقطع يتمه، أو يستغني بنفسه، أوجب عز و جل له الجنة كما أوجب النار لمن أكل مال اليتيم».

__________________________________________________

4- نهج البيان 1: 83 (مخطوط).

1- الكافي 5: 128/ 1.

2- الكافي 5: 128/ 2.

(1) في هامش «س»: اختلف الاصوليون في أنّ نسخ الوجوب يقتضى نسخ الجواز أم لا، قولان، و يحتجّ الذين يقولون: بأنّ نسخ الوجوب لا يقتضي نسخ الجواز، إنّ الوجوب دالّ على الإذن في الفعل مع النهي عن الترك، و النسخ للوجوب يتحقّق برفع النهي عن التّرك، فيبقى الإذن في الفعل و هو يقتضي الجواز في الفعل «منه قدّس سرّه».

(2) في «س» و «ط»: عجلان بن أبي صالح، و الصواب ما في المتن، بقرينة سائر الروايات راجع معجم رجال الحديث 11: 133.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 30

2150/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج إليه، فيمد يده فيأخذه و ينوي أن يرده؟

فقال: «لا ينبغي له أن يأكل إلا بقصد، و لا يسرف، فإن كان من نيته أن لا يرده عليهم فهو بالمنزل الذي قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً».

2151/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «انزل في مال اليتيم من أكله ظلما: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً و ذلك أن آكل مال اليتيم يجي ء يوم القيامة و النار تلتهب في بطنه حتى يخرج لهب النار من فيه، و يعرفه «1» أهل الجمع أنه آكل مال اليتيم».

2152/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أفواههم «2» النار و تخرج من أدبارهم. فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما».

2153/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل «3»، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن أبا

الحسن علي ابن موسى الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب إليه من جواب مسائله: «حرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد: أول ذلك إذا أكل مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله، إذ اليتيم غير مستغن، و لا محتمل لنفسه، و لا قائم بشأنه، و لا له من يقوم عليه و يكفيه كقيام والديه، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله و صيره إلى القتل «4» و الفاقة مع ما خوف الله تعالى من العقوبة في قوله: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ و لقول أبي جعفر (عليه السلام): إن الله عز و جل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، و عقوبة في الآخرة، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم و استقلاله بنفسه، و السلامة للعقب أن يصيبه ما أصابهم، لما وعد الله فيه من العقوبة، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدركه، و وقوع الشحناء و العداوة و البغضاء حتى يتفانوا».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 128/ 3.

4- الكافي 5: 126/ 3.

5- تفسير القمّي 1: 132.

6- علل الشرائع: 480/ 1.

(1) في المصدر: فيه حتّى يعرفه كلّ. [.....]

(2) في المصدر: أجوافهم.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن سعيد، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو محمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي، روى عن علي بن العبّاس، و روى عنه محمّد بن أبي عبد اللّه في موارد كثيرة، راجع معجم رجال الحديث 15: 92.

(4) في المصدر: الفقر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 31

2154/ [7]- العياشي: عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مبتدئا: «من ظلم سلط الله عليه

من يظلمه، أو على عقبه، أو على عقب عقبه».

قال: فذكرت في نفسي، فقلت: يظلم هو فيسلط على عقبه أو عقب عقبه!! فقال لي قبل أن أتكلم: «إن الله يقول: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً».

2155/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام): «أن الله أوعد في مال اليتيم عقوبتين اثنتين: أما إحداهما: فعقوبة الآخرة النار، و أما الاخرى. فعقوبة الدنيا، قوله: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً- قال- يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى».

2156/ [9]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن في كتاب علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن آكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده و يلحقه، فقال: ذلك في الدنيا، فإن الله قال: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ و أما في الآخرة فإن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2157/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت: في كم تجب لآكل مال اليتيم النار؟

قال: «في درهمين».

2158/ [11]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن آكل «1» مال اليتيم، هل له توبة؟ قال: «يرده إلى أهله- قال- ذلك بأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2159/ [12]- عن أحمد بن محمد، قال: سألت أبا الحسن

(عليه السلام) عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج فيمد يده فينفق منه عليه و على عياله، و هو ينوي أن يرده إليهم، أهو ممن قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً الآية؟ قال: «لا، و لكن ينبغي له ألا يأكل إلا بقصد، و لا يسرف».

قلت له: كم أدنى ما يكون من مال اليتيم إن هو أكله و هو لا ينوي رده حتى يكون يأكل في بطنه نارا؟ قال:

«قليله و كثيره واحد، إذا كان من نفسه و نيته أن لا يرده إليهم».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 223/ 37.

8- تفسير العيّاشي 1: 223/ 38.

9- تفسير العيّاشي 1: 223/ 39.

10- تفسير العيّاشي 1: 223/ 40.

11- تفسير العيّاشي 1: 224/ 41.

12- تفسير العيّاشي 1: 224/ 42.

(1) في المصدر: عن رجل أكل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 32

2160/ [13]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «مال اليتيم إن عمل به من وضع على يديه ضمنه، و لليتيم ربحه».

قالا: قلنا له، قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1»؟ قال: «إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في أموالهم فلم يتخذ لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم».

2161/ [14]- عن عجلان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من أكل مال اليتيم؟ فقال: «هو كما قال الله تعالى:

إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

و قال هو من غير أن أسأله: «من عال يتيما حتى ينقضي يتمه، أو يستغني بنفسه أوجب الله له الجنة، كما أوجب لآكل مال اليتيم النار».

2162/ [15]- عن أبي إبراهيم، قال: سألته عن الرجل يكون للرجل عنده المال أما ببيع أو بقرض «2» فيموت و لم يقضه إياه، فيترك

أيتاما صغارا فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم، أ يكون ممن يأكل مال اليتيم ظلما؟ قال: «إذا كان ينوي أن يؤدي إليهم فلا».

2163/ [16]- و عنه: قال الأحول: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام): إنما هو الذي يأكله و لا يريد أداءه، من الذين يأكلون أموال اليتامى؟ قال: «نعم».

2164/ [17]- عن عبيد «3» بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الكبائر. فقال: «منه أكل مال اليتيم ظلما» و ليس في هذا بين أصحابنا اختلاف، و الحمد لله.

2165/ [18]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يبعث أناس من قبورهم يوم القيامة تؤجج أفواههم نارا، فقيل له: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2166/ [19]- عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟

قال: «من أكل من مال اليتيم درهما، و نحن اليتيم».

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 224/ 43.

14- تفسير العيّاشي 1: 224/ 44.

15- تفسير العيّاشي 1: 225/ 45.

16- تفسير العيّاشي 1: 225/ ذيل 45. [.....]

17- تفسير العيّاشي 1: 225/ 46.

18- تفسير العيّاشي 1: 225/ 47.

19- تفسير العيّاشي 1: 225/ 48.

(1) النّساء 4: 6.

(2) في «ط» يبيع أو يقرض.

(3) في «س»: عمر، و في «ط»: عمران، كلاهما تصحيف، راجع رجال النجاشي: 233، و معجم رجال الحديث 11: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 33

سورة النساء(4): آية11 ..... ص : 38

قوله تعالى:

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [11] 2167/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال: إذا مات الرجل و ترك بنين للذكر مثل حظ الأنثيين.

2168/ [2]- العياشي:

عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن فاطمة (صلوات الله عليها) انطلقت إلى أبي بكر فطلبت ميراثها من نبي الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إن نبي الله لا يورث، فقالت: أكفرت بالله و كذبت بكتابه؟ قال الله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».

2169/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث، لأن المرأة إذا تزوجت أخذت، و الرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال، و علة أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى، لأن الأنثى من عيال الذكر إن احتاجت، و عليه أن يعولها و عليه نفقتها، و ليس على المرأة أن تعول الرجل، و لا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال لذلك، و ذلك قول الله عز و جل الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ «1»».

2170/ [4]- عنه، قال: أخبرني علي بن حاتم، قال: أخبرني القاسم بن محمد، قال: حدثنا حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن ابن بكير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: لأي علة صارت الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال: «لما جعل لها من الصداق».

2171/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس

بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، كيف صار الرجل إذا مات و ولده من القرابة سواء، ترث النساء نصف ميراث الرجال، و هن أضعف من الرجال، و أقل حيلة؟

فقال: «لأن الله تبارك و تعالى فضل الرجال على النساء درجة، و لأن النساء يرجعن عيالا على الرجال».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 132.

2- تفسير العيّاشي 1: 225/ 49.

3- علل الشرائع: 570/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 98/ 1.

4- علل الشرائع: 570/ 2.

5- الكافي 7: 84/ 1.

(1) النّساء 4: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 34

2172/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام و حماد «1»، عن الأحول، قال: قال لي ابن أبي العوجاء: ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا، و يأخذ الرجل سهمين؟ قال: فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «إن المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا معقلة «2»، فإنما ذلك على الرجل، فلذلك جعل للمرأة سهما «3» و للرجل سهمين».

2173/ [7]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن علي، عن عبد الملك حيدر «4»، عن حمزة بن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من ورث رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «فاطمة (عليها السلام)، ورثت متاع البيت و الخرثي «5» و كل ما كان له».

2174/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ورث علي (عليه السلام) علم رسول الله

(صلى الله عليه و آله)، و ورثت فاطمة (عليها السلام) تركته».

قوله تعالى:

فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ [11]

2175/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسن بن محبوب، عن حماد ذي الناب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل مات و ترك ابنتين و أباه، قال: «للأب السدس،

__________________________________________________

6- الكافي 7: 85/ 3.

7- الكافي 7: 86/ 2. [.....]

8- الكافي 7: 86/ 1.

1- التهذيب 9: 274/ 990.

(1) في المصدر: عن حمّاد، عن هشام، و في «ط»: هشام عن حمّاد، انظر معجم رجال الحديث 19: 257 و 258.

(2) المعقلة: الدّية. «لسان العرب- عقل- 11: 462».

(3) في المصدر زيادة: واحدا.

(4) في المصدر: الحسن بن علي بن عبد الملك حيدر، انظر جامع الرواة 1: 281، معجم رجال الحديث 5: 40 و 6: 268.

(5) الخرثيّ: أثاث البيت و متاعه. «النهاية 2: 19».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 35

و للابنتين الباقي» قال: «لو «1» ترك بنات و بنين لم ينقص الأب من السدس شيئا».

قلت له: فإنه ترك بنات و بنين و أما؟ قال: «للام السدس، و الباقي يقسم لهم، للذكر مثل حظ الأنثيين».

2176/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن جميعا، عن صفوان- أو قال: عن عمر بن أذينة- عن محمد

بن مسلم، قال: أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خط علي (عليه السلام) بيده فوجدت فيها: «رجل ترك ابنته و امه فلابنته النصف ثلاثة أسهم، و للام السدس سهم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، و ما أصاب سهما فهو للأم».

قال: و قرأت فيها: «رجل ترك ابنته و أباه فللابنة النصف ثلاثة أسهم، و للأب السدس سهم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، و ما أصاب سهما فللأب».

قال محمد: و وجدت فيها: «رجل ترك أبويه و ابنته، فللابنة النصف ثلاثة أسهم، و للأبوين لكل واحد منهما السدس، يقسم المال على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة فللابنة، و ما أصاب سهمين فللأبوين».

قلت: فقه ذلك أن الرجل إذا مات و ترك بنتا و أحد الأبوين، كان النصف للبنت بالفرض، و لأحد الأبوين السدس، و الباقي يرد على البنت و أحد الأبوين أرباعا، فيكون الفريضة في ذلك من ستة، للبنت النصف ثلاثة، و لأحد الأبوين سهم، و هو السدس، فيبقى سهمان يرد عليها و على أحد الأبوين، فما أصاب النصف و هو الثلاثة التي للبنت، لها ثلاثة أرباع المردود، و ما أصاب سهم أحد الأبوين و هو السدس، له ربع المردود، فيحصل للبنت بعد الرد ثلاثة أرباع المال، و لأحد الأبوين الربع، إلا أنه هذه الفريضة تنكسر في الرد، و تصح في اثني عشر، للبنت ستة منها، و لأحد الأبوين اثنان، يبقى أربعة، للبنت ثلاثة، و لأحد الأبوين واحد، و يحصل للبنت تسعة، و هو ثلاثة أرباع الاثني عشر، و لأحد الأبوين ثلاثة من الاثني عشر، و

هو ربعها.

و إذا مات الرجل و ترك بنتا و أبويه: الفريضة من ستة يبقى منها سهم واحد للرد على البنت و الأبوين أخماسا، إلا أن الستة تنكسر في الرد كما ترى، و تصح من ثلاثين، النصف و هو خمسة عشر للبنت، و للأبوين السدسان و هما عشرة، يبقى خمسة للبنت ثلاثة منها، و لكل واحد من الأبوين واحد، فيحصل للبنت من المال ثلاثة أخماس المال، و لكل واحد من الأبوين خمس المال.

و لو ترك بنتين و أحد الأبوين: الفريضة من ستة للبنتين الثلثان، و لأحد الأبوين السدس، يبقى واحد يرد على البنتين، و على أحد الأبوين أخماسا، و هي تصح من ثلاثين، الثلثان عشرون، و السدس خمسة، تبقى خمسة للرد، للبنتين أربعة، و لأحد الأبوين واحد، يحصل للبنتين أربعة و عشرون، و ستة لأحد الأبوين.

2177/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، و عدة من أصحابنا، عن أحمد

__________________________________________________

2- الكافي 7: 93/ 1.

3- الكافي 7: 91/ 1. باب (16).

(1) في «س» و «ط»: و لقد، بدل (قال: لو).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 36

بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، و أبي أيوب الخزار، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في رجل مات و ترك أبويه، قال: «للأب سهمان، و للام سهم».

2178/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى، عن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، قال: قلت لزرارة: إن أناسا حدثوني عنه- يعني أبا عبد الله- و عن أبيه (صلوات الله عليهما) بأشياء في الفرائض، فأعرضها عليك، فما

كان منها باطلا فقل: هذا باطل، و ما كان منها حقا، فقل: هذا حق، و لا تروه و اسكت.

و قلت له: حدثني رجل عن أحدهما (عليهما السلام) في أبوين و إخوة لام أنهم يحجبون و لا يرثون.

فقال: و الله هذا هو الباطل، و لكني سأخبرك و لا أروي لك شيئا، و الذي أقول لك هو و الله الحق، إن الرجل إذا ترك أبويه فللام الثلث، و للأب الثلثان في كتاب الله، فإن كان له إخوة- يعني للميت اخوة لأب و ام، أو إخوة لأب- فلامه السدس و للأب خمسة أسداس، و إنما وفر للأب من أجل عياله، و أما الإخوة للام ليسوا للأب، فإنهم لا يحجبون الام عن الثلث و لا يرثون. و إن مات رجل و ترك أمه و إخوة و أخوات لأب و ام و إخوة و أخوات للأب، و إخوة و أخوات لأم، و ليس الأب حيا، فإنهم لا يرثون و لا يحجبونها، لأنه لا يورث كلالة.

2179/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا ترك الميت أخوين فهم اخوة من «1» الميت حجبا الام عن الثلث، و إن كان واحدا لم يحجب الام- و قال- إذا كن أربع أخوات حجبن الام عن الثلث، لأنهن بمنزلة الأخوين، و إن كن ثلاثا لم يحجبن».

2180/ [6]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحجب الام عن الثلث إذا لم

يكن ولد «2» إلا أخوان أو أربع أخوات».

2181/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله ابن بحر، عن حريز، عن زرارة، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا زرارة، ما تقول في رجل ترك أبويه و إخوته من امه»؟ قال: قلت: السدس لامه و ما بقي فللأب.

فقال: «من أين قلت هذا»؟ قلت: سمعت الله عز و جل يقول في كتابه: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ.

فقال لي: «ويحك، يا زرارة، أولئك الإخوة من الأب، و إذا كان الاخوة من الام لم يحجبوا الام عن الثلث».

__________________________________________________

4- الكافي 7: 91/ 1. باب (17).

5- الكافي 7: 92/ 2.

6- الكافي 7: 92/ 4.

7- الكافي 7: 93/ 7. [.....]

(1) في المصدر: مع.

(2) في «س» و «ط»: و لولد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 37

2182/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن رجل، عن عبد الله بن «1» وضاح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: في امرأة توفيت و تركت زوجها و أمها و أباها و إخوتها، قال (عليه السلام): «هي من ستة أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للأب الثلث سهمان، و للام السدس سهم، و ليس للاخوة شي ء نقصوا الام و زادوا الأب، إن الله تعالى قال: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ».

2183/ [9]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «أول شي ء يبدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث».

2184/ [10]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن

عاصم بن حميد، عن «2» محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الدين قبل الوصية، ثم الوصية على أثر الدين، ثم الميراث بعد الوصية، فإن أولى القضاء كتاب الله عز و جل».

2185/ [11]

- العياشي: عن سالم الأشل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن تبارك و تعالى أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث فلم ينقصهما من السدس».

2186/ [12]- عن بكير بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الولد و الإخوة هم الذين يزادون و ينقصون».

2187/ [13]- عن أبي العباس، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يحجب من الثلث الأخ و الاخت حتى يكونا أخوين أو أخا و أختين، فإن الله يقول: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ».

2188/ [14]- عن الفضل بن عبد الملك، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ام و أختين؟ قال (عليه السلام):

«الثلث، لأن الله يقول: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ و لم يقل: فإن كان له أخوات».

2189/ [15]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) [في قول الله: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «يعني إخوة لأب و ام، أو إخوة لأب».

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 283/ 1023.

9- التهذيب 9: 171/ 698.

10- من لا يحضره الفقيه 4: 143/ 489.

11- تفسير العيّاشي 1: 225/ 50.

12- تفسير العيّاشي 1: 226/ 51.

13- تفسير العيّاشي 1: 226/ 52.

14- تفسير العيّاشي 1: 226/ 53.

15- تفسير العيّاشي 1: 226/ 54.

(1) في «س» و «ط»: عن، و الصواب ما في المتن، و هو: عبد اللّه بن وضاح أبو محمّد كوفيّ، ثقة، من الموالي، صاحب أبا بصير يحيى بن القاسم كثيرا، له كتب، يعرف منه: كتاب الصلاة،

أكره عن أبي بصير. راجع رجال النجاشي: 215/ 560، معجم رجال الحديث 10: 364.

(2) في «س»: بن، و الصواب ما في المتن، لرواية عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن الباقر (عليه السّلام)، ذكره الشيخ في طريقه إليه في الفهرست: 131/ 579، و كذا في رجال النجاشيّ: 323/ 881.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 38

2190/ [16]- عن محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)] يقول في الدين و الوصية، فقال: «إن الدين قبل الوصية، ثم الوصية على أثر الدين، ثم الميراث، و لا وصية لوارث».

قوله تعالى:

آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً [11]

2191/ [17]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع، عن إبراهيم بن مهزم، عن إبراهيم الكرخي، عن ثقة حدثه من أصحابنا، قال: تزوجت بالمدينة، فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «كيف رأيت؟» فقلت: ما رأى رجل من خير في امرأة إلا و قد رأيته فيها، و لكن خانتني.

فقال: «و ما هو؟» فقلت: ولدت جارية، فقال: «لذلك «1» كرهتها، إن الله (جل ثناؤه) يقول: آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعا

سورة النساء(4): آية12 ..... ص : 24

قوله تعالى:

وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ [12]

2192/ [18]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، في زوج و أبوين، قال: «للزوج النصف، و للام الثلث، و للأب ما بقي».

و قال في امرأة و أبوين، قال: «للمرأة الربع و للام «2» الثلث، و ما بقي للأب».

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 226/ 55.

17- الكافي 6: 4/ 1. [.....]

18- التهذيب 9: 284/ 1028.

(1) في المصدر: لعلك.

(2) في «س»: و للأب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 39

2193/ [2]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في زوج و أبوين، قال: «للزوج النصف، و للام الثلث، و ما بقي للأب».

2194/ [3]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى بن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، أن أبا جعفر (عليه السلام) أقرأه صحيفة الفرائض التي إملاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خط علي (عليه السلام) بيده، فقرأت فيها: امرأة ماتت و تركت زوجها و أبويها، فللزوج النصف ثلاثة أسهم، و للام الثلث تاما سهمان، و للأب السدس سهم».

2195/ [4]- العياشي: عن سالم الأشل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله أدخل الزوج و المرأة على جميع أهل المواريث، فلم ينقصهما من الربع و الثمن».

2196/ [5]- عن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن امرأة تركت زوجها و أبويها و أولادا ذكورا و إناثا، كان للزوج الربع في كتاب الله، و للأبوين السدسان، و ما بقي فللذكر مثل حظ الأنثيين».

2197/ [6]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن

أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى و يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، قال: قلت لزرارة: إني سمعت محمد بن مسلم و بكيرا «1» يرويان عن أبي جعفر (عليه السلام) في زوج و أبوين و بنت: «للزوج الربع، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للأبوين السدسان، أربعة أسهم من اثني عشر، و بقي خمسة أسهم فهو للبنت، لأنها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر، و إن كانتا اثنتين فلهما خمسة من اثني عشر سهما، لأنهما لو كانا ذكرين لم يكن لهما غير ما بقي، خمسة».

قال: فقال زرارة: هذا هو الحق إذا أردت أن تلقي العول فتجعل الفريضة لا تعول، فإنما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد و الأخوات من الأب و الام، فأما الزوج و الإخوة من الام فإنهم لا ينقصون مما سمى الله شيئا».

2198/ [7]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن رئاب، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في امرأة ماتت و تركت زوجها و أبويها و ابنتها، قال: «للزوج الربع، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للأبوين لكل واحد منهما السدس، سهمان من اثني عشر سهما، و بقي خمسة أسهم فهي للبنت، لأنه لو

__________________________________________________

2- التهذيب 9: 284/ 1029.

3- التهذيب 9: 284/ 1030.

4- تفسير العيّاشي 1: 226/ 56.

5- تفسير العيّاشي 1: 226/ 57.

6- التهذيب 9: 288/ 1040.

7- التهذيب 9: 288/ 1042.

(1) في «س»: و بريدا، و ما في المتن في هذا المورد أرجح، انظر معجم رجال الحديث 13: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 40

كان ذكرا لم يكن له أكثر من خمسة

أسهم من اثني عشر سهما، لأن الأبوين لا ينقصان كل واحد منهما من السدس شيئا، و إن الزوج لا ينقص من الربع شيئا».

2199/ [8]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، قال: دفع إلي صفوان كتابا لموسى بن بكر، فقال لي: هذا سماعي عن موسى بن بكر، و قرأته عليه، فإذا فيه: موسى بن بكر، عن علي بن سعيد عن زرارة، قال: هذا ما ليس فيه اختلاف عند أصحابنا، عن أبي عبد الله و أبي جعفر (عليهما السلام) أنه سئل عن امرأة تركت زوجها و أمها و ابنتيها. فقال: «للزوج الربع، و للأم السدس، و للابنتين الباقي «1»، لأنهما لو كانا رجلين لم يكن لهما إلا ما بقي، و لا تزاد المرأة أبدا على نصيب الرجل لو كان مكانها.

فإن ترك الميت اما و أبا أو امرأة و بنتا، فإن الفريضة من أربعة و عشرين سهما، للمرأة الثمن ثلاثة أسهم من أربعة و عشرين، و لأحد الأبوين السدس أربعة أسهم، و للبنت النصف اثنا عشر سهما، و بقي خمسة أسهم مردودة على سهام البنت و أحد الأبوين على قدر سهامهم، و لا يرد على المرأة شي ء.

و إن ترك أبوين و امرأة و بنتا فهي أيضا من أربعة و عشرين سهما، للأبوين السدسان ثمانية أسهم، لكل واحد أربعة أسهم، و للمرأة الثمن ثلاثة أسهم، و للبنت النصف اثنا عشر سهما، و بقي سهم واحد، مردود على البنت و الأبوين على قدر سهامهم، و لا يرد على المرأة شي ء.

و إن تركت أبا و زوجا و بنتا فللأب سهمان من اثني عشر و هو السدس، و للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للبنت النصف

ستة أسهم من اثني عشر، و بقي سهم واحد مردود على البنت و الأب على قدر سهامهم، و لا يرد على الزوج شي ء.

و لا يرث أحد من خلق الله مع الولد إلا الأبوين و الزوج و الزوجة، فإن لم يكن له ولد، و كان ولد الولد، ذكورا كانوا أو إناثا فإنهم بمنزلة الولد، ولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين، و ولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات، و يحجبون الأبوين و الزوج و الزوجة عن سهامهم الأكثر، و إن سفلوا ببطنين و ثلاثة و أكثر، يورثون ما يورث ولد الصلب و يحجبون ما يحجب ولد الصلب».

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ [12]

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 288/ 1043.

(1) في المصدر: ما بقي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 41

2200/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى، عن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): امرأة تركت زوجها، و إخوتها لأمها، و إخوتها و أخواتها لأبيها؟

فقال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام الثلث، الذكر و الأنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات للأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول و لا ينقص الزوج من النصف، و لا الإخوة من الام من ثلثهم، لأن الله عز و جل يقول: فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ.

و إن كانت واحدة فلها السدس،

و الذي عنى الله تبارك و تعالى في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة. و قال في آخر سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني أختا لأب و ام أو أختا لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» فهم الذين يزادون و ينقصون و كذلك أولادهما الذين يزادون و ينقصون.

و لو أن امرأة تركت زوجها و إخوتها لامها و أختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام سهمان، و بقي سهم فهو للأختين من الأب، و إن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين لأب لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا تزاد أنثى من الأخوات، و لا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه».

2201/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين و أبي أيوب و عبد الله «2» بن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في امرأة ماتت و تركت زوجها و إخوتها لامها و إخوة

و أخوات لأبيها؟

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لإخوتها لامها الثلث سهمان، الذكر و الأنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول، و إن الزوج لا ينقص من النصف، و لا الإخوة من الام من ثلثهم، لأن الله عز و جل يقول: فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ.

__________________________________________________

1- الكافي 7: 101/ 3.

2- الكافي 7: 103/ 5. [.....]

(1) النّساء 4: 176.

(2) في «س» و «ط»: عن عبد اللّه، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 10: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 42

و إن كان واحدا فله السدس، و إنما عنى الله بقوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة. و قال في آخر سورة النساء:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني بذلك أختا لأب و ام أو أختا لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» و هم الذين يزادون و ينقصون».

قال: «و لو أن امرأة تركت زوجها و أختيها لامها، و أختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لأختيها لامها الثلث سهمان، و لأختيها لأبيها السدس سهم، و إن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين من الأب لا يزادون على ما بقي، و إن «2» كان أخ لأب لم يزد على ما بقي».

2202/ [3]-

العياشي: عن بكير بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذي عنى الله في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة».

2203/ [4]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في امرأة ماتت و تركت زوجها و إخوتها و إخوة و أخوات لأبيها؟

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لإخوتها من الام الثلث سهمان، الذكر فيه و الأنثى سواء، و بقي سهم للإخوة و الأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول و لأن الزوج لا ينقص من النصف و لا الأخوات من الام من ثلثهم فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ و إن كان واحدا فله السدس، و أما الذي عنى الله في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة».

سورة النساء(4): الآيات 15 الي16 ..... ص : 42

قوله تعالى:

وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً [15- 16]

2204/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 227/ 58.

4- تفسير العيّاشي 1: 227/ 59.

1- الكافي 2: 24/ 27.

(1) النّساء 4: 176.

(2) في المصدر: و لو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 43

ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد

بن سالم «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل سورة النور نزلت بعد سورة النساء، و تصديق ذلك أن الله عز و جل أنزل عليه في سورة النساء وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا و السبيل الذي قال الله عز و جل: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «2»».

2205/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ- إلى- سَبِيلًا، قال: «هذه منسوخة، و السبيل هو الحدود».

2206/ [3]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ، قال: هذه منسوخة».

قال: قلت: كيف كانت؟ قال: «كانت المرأة إذا فجرت، فقام عليها أربعة شهود، ادخلت بيتا و لم تحدث، و لم تكلم، و لم تجالس، و أوتيت فيه بطعامها و شرابها حتى تموت».

قلت: فقوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا؟ قال: «جعل السبيل الجلد، و الرجم، و الإمساك في البيوت».

قلت: قوله: وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ؟ قال: «يعني البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب فَآذُوهُما- قال- تحبس فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً».

2207/ [4]- أبو علي الطبرسي: حكم هذه الآية منسوخة عند جمهور المفسرين، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النساء(4): الآيات 17 الي18 ..... ص : 43

قوله تعالى:

إِنَّمَا التَّوْبَةُ

عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً- إلى قوله

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 227/ 60.

3- تفسير العيّاشي 1: 227/ 61.

4- مجمع البيان 3: 34.

(1) في «س»: محمّد بن مسلم، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 6: 107 و 16: 101.

(2) النّور 24: 1- 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 44

تعالى- أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [17- 18]

2208/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا بلغت النفس ها هنا- و أشار بيده إلى حلقه- لم يكن للعالم توبة». ثم قرأ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ.

2209/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا محمد بن مسلم، ذنوب المؤمن إذا تاب عنها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة و المغفرة، أما و الله إنها ليست إلا لأهل الإيمان».

قلت: فإن عاد بعد التوبة و الاستغفار من الذنوب و عاد في التوبة»؟ فقال: «يا محمد بن مسلم، أ ترى العبد المؤمن يندم على ذنبه و يستغفر منه و يتوب ثم لا يقبل الله توبته»؟

قلت: فإن فعل ذلك مرارا، يذنب ثم يتوب و يستغفر؟ فقال: «كلما عاد المؤمن بالاستغفار و التوبة عاد الله عليه بالمغفرة، و إن الله غفور رحيم، يقبل التوبة و يعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله».

2210/ [3]-

و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب و غيره، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه فأصابته «1» فتنة و كفر، ثم تاب بعد كفره، كتب له، و حوسب بكل شي ء كان عمله في إيمانه، و لا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره».

2211/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن علي، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كان مؤمنا فحج و عمل في إيمانه ثم قد أصابته في إيمانه فتنة فكفر، ثم تاب و آمن، يحسب له كل عمل صالح عمله في إيمانه، و لا يبطل منه شي ء».

2212/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في آخر خطبة خطبها: «من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه». ثم قال: «إن السنة لكثيرة، و من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه». ثم قال: «و إن الشهر لكثير [و من تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه». ثم قال: «إن الجمعة لكثير] و من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه». ثم قال: «و إن يوما لكثير، و من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه». ثم قال: «و إن الساعة لكثيرة، و من تاب

__________________________________________________

1- الكافي 1: 37/ 3.

2- الكافي 2: 315/ 6. [.....]

3- الكافي 2: 334/ 1.

4- التهذيب 5: 459/ 1597.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 79/ 354.

(1) في المصدر: ثمّ أصابته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 45

[قبل موته ] و قد بلغت روحه «1» هذه- و أهوى بيده

إلى حلقه- تاب الله عليه».

2213/ [6]- و عنه: قال: و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ. قال: «ذلك إذا عاين أحوال «2» الآخرة».

2214/ [7]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «3».

قال: «لهذه الآية تفسير يدل على ذلك التفسير، إن الله لا يقبل من عبد عملا إلا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير، و ما اشترط فيه على المؤمنين، و قال: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ يعني كل ذنب عمله العبد و إن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، و قد قال فيه تبارك و تعالى يحكي قول يوسف لإخوته: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ «4» فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله».

2215/ [8]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ.

قال: «هو الفرار «5» تاب حين لم تنفعه التوبة، و لم تقبل منه».

2216/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا بلغت النفس هذه- و أهوى بيده إلى حنجرته- لم يكن للعالم توبة، و كانت للجاهل توبة».

2217/ [10]- أبو علي الطبرسي: اختلف في معنى قوله: بِجَهالَةٍ على وجوه، أحدها أنه كل معصية يفعلها العبد بجهالة، و إن كانت على سبيل العمد، لأنه يدعو إليها الجهل و يزينها للعبد، قال و هو المروي

عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2218/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

__________________________________________________

6- من لا يحضره الفقيه 1: 79/ 355.

7- تفسير العيّاشي 1: 228/ 62.

8- تفسير العيّاشي 1: 228/ 63.

9- تفسير العيّاشي 1: 228/ 64.

10- مجمع البيان 3: 36.

11- تفسير القمّي 1: 133.

(1) في المصدر: نفسه.

(2) في المصدر: أمر.

(3) طه 20: 82.

(4) يوسف 12: 89. [.....]

(5) في «ط»: هو لفرعون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 46

قال: «نزلت «1» في القرآن أن زعلون تاب حين «2» لم تنفعه التوبة و لم تقبل منه».

2219/ [12]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام): في حديث عن الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) في حديث طلحة و معاوية: قال الحسن (عليه السلام): «أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله اشفع لك بها يوم القيامة، و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا- أعني أبا طالب- يقول الله عز و جل:

وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ

إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً».

2220/ [13]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

2221/ [14]- و عن ابن عباس، عن أبيه، قال أبو طالب للنبي (صلى الله عليه و آله): يا بن أخي، الله أرسلك؟ قال: «نعم» قال: فأرني آية. قال: «أدعو لك تلك الشجرة»، فدعاها [فأقبلت ] حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق رسول، يا علي، صل جناح ابن عمك.

سورة النساء(4): آية19 ..... ص : 46

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [19]

2222/ [1]- العياشي: عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

__________________________________________________

12- الأمالي 2: 180.

13- الكافي 1: 474/ 28.

14- أمالي الصدوق: 491/ 10.

1- تفسير العياشي 1: 228/ 65.

(1) في المصدر: نزل.

(2) في المصدر: حيث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 47

لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ، قال: «الرجل تكون في حجره اليتيمة فيمنعها من التزويج ليرثها بما «1» تكون قريبة له».

قلت: وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ؟ قال: «الرجل تكون له المرأة فيضربها حتى تفتدي منه، فنهى الله عن ذلك».

2223/ [2]- عن هاشم بن عبد الله، عن السري البجلي، «2» قال: سألته عن قوله: وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ، قال: فحكى كلاما، ثم قال: «كما يقولون بالنبطية

«3» إذا طرح عليها الثوب عضلها فلا تستطيع أن تتزوج غيره، و كان هذا في الجاهلية».

2224/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: لا يحل للرجل إذا نكح امرأة و لم يردها و كرهها أن لا يطلقها إذا لم يجر «4» عليها، و يعضلها أي يحبسها و يقول لها: حتى تؤدي ما أخذت مني، فنهى الله عن ذلك إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و هو ما وصفناه في الخلع، فإن قالت له ما تقول المختلعة يجوز له أن يأخذ منها ما أعطاها و ما فضل.

2225/ [4]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً: «فإنه كان في الجاهلية في أول ما أسلموا من قبائل العرب إذا مات حميم الرجل و له امرأة ألقى الرجل ثوبه عليها، فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان أصدقها، يرث نكاحها كما يرث ماله، فلما مات أبو قيس بن الأسلت ألقى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه و هي كبيشة بنت معمر بن معبد، فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل بها و لا ينفق عليها، فأتت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: يا رسول الله، مات أبو قيس بن الأسلت، فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل علي و لا ينفق علي، و لا يخلي سبيلي فألحق بأهلي؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارجعي إلى بيتك، فإن يحدث الله في شأنك شيئا أعلمتك، فنزل: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ ساءَ سَبِيلًا «5» فلحقت بأهلها.

و كانت نساء في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيشة غير أنه ورثهن من الأبناء، فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 229/ 66.

3- تفسير القمّي 1: 133.

4- تفسير القمّي 1: 134.

(1) في «ط»: ليضرّبها.

(2) في المصدر: هاشم بن عبد اللّه بن السّري الجبلي، و في البحار 1103: 373/ 11: العجلي.

(3) في المصدر: كما يقول النبطية.

(4) في «س»: يجبر. [.....]

(5) النّساء 4: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 48

2226/ [5]- أبو علي الطبرسي: و قيل: نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده، لا حاجة له إليها، و ينتظر موتها حتى يرثها. قال: و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام).

2227/ [6]- قال الشيباني: الفاحشة، يعني الزنا، و ذلك إذا اطلع الرجل منها على فاحشة منها فله أخذ الفدية.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2228/ [7]- و قال أبو علي الطبرسي: الأولى حمل الآية على كل معصية، يعني في الفاحشة. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2229/ [8]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً يعني الرجل يكره أهله، فإما أن يمسكها فيعطفه الله عليها، و إما أن يخلي سبيلها فيتزوجها غيره، فيرزقها الله الود و الولد، ففي ذلك قد جعل الله خيرا كثيرا.

سورة النساء(4): الآيات 20 الي21 ..... ص : 48

قوله تعالى:

وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً- إلى قوله تعالى- مِيثاقاً غَلِيظاً [20- 21] 2230/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و ذلك إذا كان الرجل هو الكاره

للمرأة، فنهاه الله أن يسي ء إليها حتى تفتدي منه، يقول الله: وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ و الإفضاء هو المباشرة، يقول الله: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً و الميثاق الغليظ الذي اشترطه الله للنساء على الرجال: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ «1».

2231/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد «2»، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.

__________________________________________________

5- مجمع البيان 3: 39.

6- نهج البيان 1: 85 (مخطوط).

7- مجمع البيان 3: 40.

8- تفسير القمّي 1: 134.

1- تفسير القمّي 1: 135.

2- الكافي 5: 560/ 19.

(1) البقرة 2: 229.

(2) في المصدر: بريد العجلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 49

قال: «الميثاق هي الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: غَلِيظاً فهو ماء الرجل يفضيه إلى امرأته».

2232/ [3]- العياشي: عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عمن تزوج على أكثر من مهر السنة، أ يجوز له ذلك؟

قال: «إن جاز «1» مهر السنة فليس هذا مهرا، إنما هو نحل، لأن الله يقول: وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً إنما عنى النحل و لم يعن المهر، ألا ترى أنها إذا أمهرها مهرا ثم اختلعت، كان له أن يأخذ «2» المهر كاملا، فما زاد على مهر السنة فإنما هو نحل كما أخبرتك، فمن ثم وجب لها مهر نسائها لعلة من العلل».

قلت: كيف يعطي، و كم مهر نسائها؟

قال: «إن مهر المؤمنات خمس مائة، و هو مهر السنة، و قد يكون أقل من خمس مائة و لا يكون أكثر من ذلك،

و من كان مهرها و مهر نسائها أقل من خمس مائة أعطي ذلك الشي ء، و من فخر و بذخ بالمهر فازداد على مهر السنة «3» ثم وجب لها مهر نسائها في علة من العلل، لم يزد على مهر السنة خمس مائة درهم».

2233/ [4]- عن يونس العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.

قال: «الميثاق الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: غَلِيظاً فهو ماء الرجل الذي يفضيه إلى المرأة».

2234/ [5]- الطبرسي: الميثاق الغليظ هو العهد «4» المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): الآيات 22 الي23 ..... ص : 49

قوله تعالى:

وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [22- 23] 2235/ [1]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ: فإن العرب كانوا ينكحون نساء آبائهم، فكان إذا كان للرجل أولاد كثيرة و له أهل و لم تكن أمهم، ادعى كل

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 229/ 67.

4- تفسير العيّاشي 1: 229/ 68.

5- مجمع البيان 3: 42.

1- تفسير القمّي 1: 135.

(1) في المصدر: إذا جاوز. [.....]

(2) في «ط» و المصدر: كان لها أن تأخذ.

(3) في المصدر: على خمسمائة.

(4) في «ط»: العقد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 50

واحد فيها، فحرم الله تعالى مناكحتهم، ثم قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ الآية.

2236/ [2]- محمد بن يعقوب، عن محمد

بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لو لم يحرم على الناس أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «1» حرمن «2» على الحسن و الحسين (عليهما السلام)، بقول الله تبارك و تعالى اسمه: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

2237/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من أهل العراق «3»، و ذكر الحديث بطوله، إلى أن قال فيه الرضا (عليه السلام): «فيقول الله عز و جل في آية التحريم: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي «4» أو ابنة ابنتي و ما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. [قال: «فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا»؟ قالوا:

نعم.]

قال: «ففي هذا بيان أننا من آله و لستم من آله، و إلا لحرمت عليه بناتكم كما حرمت عليه بناتي، لأنا من آله و أنتم من أمته».

2238/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبو أحمد هاني من محمد بن محمود العبدي (رضي الله

عنه)، قال: حدثنا أبي محمد بن محمود، بإسناد رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)، في حديثه (عليه السلام) مع الرشيد، قال (عليه السلام): «قلت له: يا أمير المؤمنين، لو أن النبي (صلى الله عليه و آله) نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه»؟ فقال: سبحان الله! و لم لا أجيبه، بل افتخر على العرب و العجم و قريش بذلك.

فقلت له: «لكنه (عليه السلام) لا يخطب إلي و لا أزوجه». فقال: و لم؟ فقلت: «لأنه (صلى الله عليه و آله) ولدني و لم

__________________________________________________

2- الكافي 5: 420/ 1.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 239/ 1.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 81/ 9.

(1) الأحزاب 33: 53.

(2) في «ط»: حرم.

(3) في المصدر: من علماء أهل العراق و خراسان.

(4) في المصدر: ابنتي و ابنة ابني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 51

يلدك». فقال: أحسنت، يا موسى.

2239/ [5]- العياشي: عن الحسين بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تعالى قد حرم علينا نساء النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ».

2240/ [6]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام): «يقول الله: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ فلا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

2241/ [7]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: أ رأيت قول الله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «1»؟ قال: «إنما عنى به التي حرم الله عليه في هذه الآية حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ».

2242/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، عن رجل كانت له جارية

يطؤها، قد باعها من رجل، فأعتقها فتزوجت فولدت، أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟

قال: «لا، هي حرام عليه فهي ربيبته، و الحرة و المملوكة في هذا سواء». ثم قرأ هذه الآية وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.

2243/ [9]- عن أبي العباس، في الرجل تكون له الجارية يصيب منها ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟

قال: «لا، هي مما قال الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2244/ [10]- عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة و طلقها قبل أن يدخل بها، أ تحل له ابنتها؟

قال: فقال: «قد قضى في هذه أمير المؤمنين (عليه السلام)، لا بأس به، إن الله يقول: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ لكنه لو تزوج الابنة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، لم تحل له أمها».

قال: قلت له: أليس هما سواء؟ قال: فقال: «لا، ليس هذه مثل هذه، إن الله يقول: وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ لم يستثن في هذه كما اشترط في تلك، هذه ها هنا مبهمة ليس فيها شرط، و تلك فيها شرط».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 230/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 230/ 69.

7- تفسير العيّاشي 1: 230/ 71.

8- تفسير العيّاشي 1: 230/ 72. [.....]

9- تفسير العيّاشي 1: 230/ 73.

10- تفسير العيّاشي 1: 230/ 74.

(1) الأحزاب 33: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 52

2245/ [11]- عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، تحل له أمها؟ قال: فقال: «قد فعل ذلك رجل منا فلم ير به بأسا».

قال: فقلت له: و الله ما تفخر «1»

الشيعة على الناس إلا بهذا، إن ابن مسعود أفتى في هذه الشمخية «2» أنه لا بأس بذلك، فقال له علي (عليه السلام): «و من أين أخذتها»؟ قال: من قول الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ قال: فقال علي (عليه السلام): «إن هذه مستثناة، و تلك مرسلة» قال: فسكت، فندمت على قولي، فقلت له: أصلحك الله، فما تقول فيها؟

قال: فقال: «يا شيخ، تخبرني أن عليا (عليه السلام) قد قضى فيها، و تسألني «3» ما تقول فيها!» «4».

2246/ [12]- عن عبيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟ قال: «لا، هي مثل قول الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ».

2247/ [13]- عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخل «5» بهن في الحجور أو غير الحجور، و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل بهن، فحرموا و أبهموا ما أبهم الله».

2248/ [14]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون لكم في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟» قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قال: «فأي شي ء احتججتم عليهم»؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز و جل في عيسى بن مريم (عليه

السلام):

وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

__________________________________________________

11- تفسير العياشي 1: 231/ 75.

12- تفسير العياشي 1: 231/ 76.

13- تفسير العياشي 1: 231/ 77. 14- الكافي 8: 317/ 501.

14- الكافي 8: 317/ 501.

(1) في «ط»: تفتي.

(2) في «ط»: السمحة، و في المصدر: الشخينة، و قيل في معنى الشمخية: المسألة العالية، و قيل: نسبة إلى ابن مسعود فإنه عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ، و قيل: من الشموخ بمعنى التكبر و الرفعة، فسميت شمخية لتكبر ابن مسعود فيها عن متابعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قيل أيضا: شمخ بن فزارة بطن، و لعل هذه المسألة حدثت في امرأة من تلك القبيلة. انظر مرآة العقول 20: 178.

(3) في المصدر: و تقول لي.

(4) قال الحر العاملي: لا يخفى أنه (عليه السلام) أفتى أولا بالتقية كما ذكره الشيخ و غيره، و قرينتها قوله: «قد فعله رجل منا» فنقل ذلك عن غيره. و قول الرجل المذكور ليس بحجة إذ لا تعلم عصمته، ثم ذكر أخيرا أن قوله في ذلك هو ما أفتى به علي (عليه السلام). وسائل الشيعة طبعة مؤسسة آل البيت (ع) 20: 463.

(5) في المصدر: دخلتم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 53

وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى «1» فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح (عليه السلام).

قال: «فأي شي ء قالوا لكم؟» قلت: قالوا: قد يكون ابن «2» الابنة من الولد و لا يكون من الصلب.

قال: «فأي شي ء احتججتم عليهم»؟ قلت: احتججنا عليهم بقوله تعالى للرسول (صلى الله عليه و آله): فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «3».

قال:

«و أي شي ء قالوا لكم؟». قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل و آخر يقول: أبناؤنا. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، لأعطينكها من كتاب الله عز و جل إنهما من صلب الرسول (صلى الله عليه و آله)، لا يردهما إلا كافر». قلت: و أين ذلك، جعلت فداك؟

قال: «من حيث قال الله عز و جل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ- الآية إلى أن انتهى إلى قوله تعالى:- وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ فسلهم- يا أبا الجارود- هل كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتهما؟ فإن قالوا: نعم، كذبوا و فجروا، و إن قالوا: لا، فهما ابناه لصلبه».

2249/ [15]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، أ يتزوج بأمها؟ فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): «قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا».

فقلت: جعلت فداك، ما تفخر الشيعة إلا بقضاء علي (عليه السلام) في هذه الشمخية التي أفتى ابن مسعود أنه لا بأس بذلك، ثم أتى عليا (عليه السلام) فسأله، فقال له علي (عليه السلام): «من أين أخذتها»؟ فقال: من قول الله عز و جل:

وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فقال علي (عليه السلام): «إن هذه مستثناة و هذه مرسلة وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للرجل: «أما تسمع ما يروي

هذا عن علي (عليه السلام)»؟ فلما قمت ندمت، و قلت:

أي شي ء صنعت، يقول هو: «قد فعله رجل منا، و لم نر به بأسا»، و أقول أنا: قضى علي (عليه السلام) فيها، فلقيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك، مسألة الرجل إنما كان الذي قلت زلة مني فما تقول فيها؟

فقال: «يا شيخ، تخبرني أن عليا (عليه السلام) قضى بها، و تسألني ما تقول فيها».

2250/ [16]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كانت له جارية فعتقت فتزوجت فولدت، أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟

__________________________________________________

15- الكافي 5: 422/ 4.

16- الكافي 5: 433/ 10. [.....]

(1) الأنعام 6: 84- 85.

(2) في المصدر: ولد.

(3) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 54

قال: «هي عليه حرام، و هي ابنته، و الحرة و المملوكة في هذا سواء» ثم قرأ هذه الآية وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، مثله.

2251/ [17]- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد ابن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته في الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، أله أن ينكح ابنتها؟

قال: «لا، هي مثل قول الله تعالى: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2252/ [18]- الشيخ في (الاستبصار): بإسناده، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي

عبد الله (عليه السلام) «1»، قال: سألته عن الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، أله أن ينكح ابنتها؟ قال: «لا، هي كما قال الله تعالى: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2253/ [19]- عنه: بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخلتم بهن «2» في الحجور و غير الحجور سواء، و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل «3»، فحرموا و أبهموا ما أبهم الله».

2254/ [20]- علي بن إبراهيم، قال: فإن الخوارج زعمت أن الرجل إذا كانت لأهله بنت و لم يربها، و لم تكن في حجره حلت له لقول الله تعالى: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ. قال الصادق (عليه السلام): «لا تحل له».

2255/ [21]- الشيباني في (نهج البيان): عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ في زمن يعقوب (عليه السلام)».

2256/ [22]- العياشي: عن عيسى بن عبد الله «4»، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن أختين مملوكتين ينكح

__________________________________________________

17- الكافي 5: 433/ 12.

18- الاستبصار 3: 160/ 581.

19- الاستبصار 3: 156/ 569.

20- تفسير القمّي 1: 135.

21- نهج البيان 1: 86 (مخطوط).

22) تفسير العيّاشي 1: 232/ 78.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 7: 459.

(2) في المصدر زيادة: هنّ.

(3) في المصدر زيادة: بهنّ.

(4) في المصدر: عيسى بن أبي عبد اللّه، و الصواب ما في المتن، و هو عيسى بن عبد اللّه الأشعري، روى عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام). راجع جامع الرواة

1: 652، معجم رجال الحديث 13: 194.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 55

إحداهما، أ تحل له الاخرى؟

فقال: «ليس ينكح الاخرى إلا دون الفرج، و إن لم يفعل فهو خير له، نظير تلك المرأة تحيض فتحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول الله: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ «1» قال: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ يعني في النكاح فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فيما دون الفرج».

2257/ [23]- عن أبي عون، قال: سمعت أبا صالح الحنفي، قال: قال علي (عليه السلام) ذات يوم: «سلوني» فقال ابن الكواء: أخبرني عن بنت الاخت من الرضاعة، و عن المملوكتين الأختين. فقال: «إنك لذاهب في التيه، سل عما يعنيك أو ما ينفعك». فقال ابن الكواء: إنما نسألك عما لا نعلم، فأما ما نعلم فلا نسألك عنه، ثم قال: «أما الأختان المملوكتان أحلتهما آية، و حرمتهما آية و لا أحله و لا احرمه، و لا أفعله أنا، و لا واحد من أهل بيتي».

2258/ [24]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا كانت عند الإنسان «2» الأختان المملوكتان فنكح إحداهما ثم بدا له في الثانية فنكحها، فليس ينبغي له أن ينكح الاخرى حتى تخرج الاولى من ملكه، يهبها أو يبيعها، فإن وهبها لولده يجزيه».

2259/ [25]- و عنه: بإسناده، عن البزوفري، عن حميد بن زياد، عن الحسن، عن محمد بن زياد، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كانت عنده جاريتان اختان فوطأ إحداهما، ثم بدا له في الاخرى. فقال: «يعتزل

«3» هذه، و يطأ الاخرى».

قال: قلت له: تنبعث نفسه للأولى؟ قال: «لا يقرب هذه حتى تخرج تلك عن ملكه».

2260/ [26]- ثم قال الشيخ: و أما ما رواه البزوفري، عن حميد، عن الحسن بن سماعة، قال: حدثني الحسين ابن هاشم، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال محمد بن علي (عليهما السلام) في أختين مملوكتين تكونان عند الرجل جميعا، قال: قال علي (عليه السلام): أحلتهما آية، و حرمتهما آية اخرى، و أنا أنهى عنهما نفسي و ولدي». فلا ينافي ما ذكرناه لأن قوله (عليه السلام): «أحلتهما آية» يعني آية الملك دون الوطء. و قوله (عليه السلام):

«و حرمتهما آية اخرى» يعني في الوطء دون الملك، و لا تنافي بين الآيتين، و لا بين القولين، و قوله (عليه السلام): «و أنا أنهى عنهما نفسي و ولدي» يجوز أن يكون أراد به على الوطء على جهة التحريم، و يجوز أيضا أن يكون أراد

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 232/ 79. [.....]

24- التهذيب 7: 288/ 1212.

25- التهذيب 7: 288/ 1213.

26- التهذيب 7: 289/ 1215.

(1) البقرة 2: 222.

(2) في المصدر: الرجل.

(3) في «ط»: يعزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 56

الكراهة في الجمع بينهما في الملك حسب ما قدمناه.

2261/ [27]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد و أحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى بن سام «1»، قال: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عما تروي الناس عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها و لا ينهى عنها إلا نفسه و ولده، فقلنا: كيف يكون ذلك؟

قال: «أحلتها آية، و حرمتها آية اخرى».

فقلنا:

هل إلا أن يكون إحداهما نسخت الاخرى، أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما؟ فقال: «قد بين لهم إذ نهى نفسه و ولده».

قلنا: ما منعه أن يبين ذلك للناس؟ قال: «خشي ألا يطاع، فلو أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ثبت قدماه أقام كتاب الله كله، و الحق كله».

سورة النساء(4): آية 24 ..... ص : 56

قوله تعالى:

وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ- إلى قوله تعالى- غَيْرَ مُسافِحِينَ [24]

2262/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

قال: «هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته، فيقول له: اعتزل امرأتك و لا تقربها، ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسها، فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح».

2263/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

قال: «هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته، فيقول له: اعتزلها و لا تقربها. ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسها، فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح».

__________________________________________________

27- الاستبصار 3: 173/ 629.

1- الكافي 5: 481/ 2.

2- تفسير العيّاشي 1: 232/ 80.

(1) في «ط»: سالم، و الظاهر أنّه تصحيف، راجع تهذيب التهذيب 10: 249، تقريب التهذيب 2: 266، معجم رجال الحديث 18: 270.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 57

2264/ [3]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. قال: قال: هن ذوات الأزواج».

2265/ [4]- عن ابن

سنان «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. قال: سمعته يقول: «تأمر عبدك و تحته أمتك فيعتزلها حتى تحيض فتصيب منها».

2266/ [5]- عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: هن ذوات الأزواج إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إن كنت زوجت أمتك غلامك نزعتها منه إذا شئت».

فقلت: أ رأيت إن زوج غير غلامه؟ قال: «ليس له أن ينزع حتى تباع، فإن باعها صار بضعها في يد غيره، فإن شاء المشتري فرق، و إن شاء أقر».

2267/ [6]- عن ابن خرزاذ «2»، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ، قال: «كل ذوات الأزواج».

2268/ [7]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ، قال: «هن ذوات الأزواج».

فقيل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «3»، قال: «هن العفائف».

2269/ [8]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: يعني حجة الله عليكم فيما يقول.

و قال في قوله تعالى: وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ: يعني التزويج «4» بمحصنة غير زانية غير مسافحة.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 232/ 81.

4- تفسير العيّاشي 1: 233/ 82.

5- تفسير العيّاشي 1: 233/ 83.

6- تفسير العيّاشي 1: 233/ 84. [.....]

7- من لا يحضره الفقيه 3: 276/ 1313.

8- تفسير القمّي 1: 135.

(1) في المصدر: عبد اللّه بن سنان.

(2) في «س»: ابن خوارز، و في المصدر: ابن خرّزاد، و في «ط» حورزاد، خورداد، تصحيف و الصواب ما أثبتناه،

و هو: الحسن بن خرّزاذ، راجع رجال النجاشي: 44/ 87.

(3) المائدة 5: 5.

(4) في المصدر: يعني يتزوج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 58

قوله تعالى:

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [24]

2270/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة.

فقال: «نزلت في القرآن: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

2271/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما نزلت فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً».

2272/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: جاء عبد الله بن عمر «1» الليثي إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: «أحلها الله في كتابه و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، فهي حلال إلى يوم القيامة».

فقال: يا أبا جعفر، مثلك يقول هذا و قد حرمها عمر و نهى عنها؟ فقال: «و إن كان فعل».

قال: إني أعيذك بالله من ذلك، أن تحل شيئا حرمه عمر. قال: فقال له: «فأنت على قول صاحبك، و أنا على قول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهلم الا عنك أن القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه و

آله) و أن الباطل ما قال صاحبك».

قال: فأقبل عبد الله بن عمر، فقال: أ يسرك أن نساءك و بناتك و أخواتك و بنات عمك يفعلن؟ قال: فأعرض عنه أبو جعفر (عليه السلام) حين ذكر نساءه و بنات عمه.

2273/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المتعة نزل بها القرآن، و جرت بها السنة من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2274/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحسن بن رباط، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتعة، فقال: «عن أي

__________________________________________________

1- الكافي 5: 448/ 1.

2- الكافي 5: 449/ 3.

3- الكافي 5: 449/ 4.

4- الكافي 5: 449/ 5.

5- الكافي 5: 449/ 6.

(1) في المصدر: عمير، راجع معجم رجال الحديث 10: 269 و 272، تنقيح المقال 2: 201.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 59

المتعتين تسأل؟» قال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء، أحق هي؟

فقال: «سبحان الله! أما قرأت كتاب الله عز و جل فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً».

فقال أبو حنيفة: و الله لكأنها آية لم أقرأها قط.

2275/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ.

فقال: «ما تراضوا به من بعد النكاح

فهو جائز، و ما كان قبل النكاح فلا يجوز إلا برضاها و بشي ء يعطيها فترضى به».

2276/ [7]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن المتعة، فقال: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

2277/ [8]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة و لم يحرمها، و كان علي (عليه السلام) يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي. و كان ابن عباس يقول: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً و هؤلاء يكفرون بها، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحلها و لم يحرمها».

2278/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المتعة، قال: نزلت هذه الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ قال: «لا بأس بأن تزيدها و تزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما، يقول: استحللتك بأجل آخر، برضى منها، و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان».

2279/ [10]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنه كان يقرأ «1»: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ. فقال: «هو أن يتزوجها إلى أجل [مسمى ] ثم يحدث شيئا بعد الأجل».

__________________________________________________

6- الكافي 5: 456/ 2.

7- قرب الاسناد: 21. [.....]

8- تفسير العيّاشي

1: 233/ 85.

9- تفسير العيّاشي 1: 233/ 86.

10- تفسير العيّاشي 1: 234/ 87.

(1) في «ط»: يقول.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 60

2280/ [11]- عن عبد السلام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: «قول الله:

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً- إلى أجل مسمى- وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

قال: قلت: جعلت فداك، أ هي من الأربع؟ قال: «ليست من الأربع، إنما هي إجارة».

فقلت: أ رأيت إن أراد أن يزداد، و تزداد قبل انقضاء الأجل الذي اجل؟ قال: «لا بأس أن يكون ذلك برضى منه و منها بالأجل و الوقت- و قال- يزيدها بعد ما يمضي الأجل».

2281/ [12]- سعد بن عبد الله، في (بصائر الدرجات): عن القاسم بن الربيع الوراق، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان «1»، عن مياح المدائني، عن المفضل، بن عمر، أنه كتب إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه جواب أبي عبد الله (عليه السلام)- و الحديث طويل، و في الحديث:- قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«و إذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة فعل ما شاء الله و على كتابه و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، نكاحا غير سفاح تراضيا على ما تراضيا «2» من الاجرة و الأجل، كما قال الله عز و جل: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إن هما أحبا أن يمدا في الأجل على ذلك الأجر، فآخر يوم من أجلهما، قبل أن ينقضي الأجل، قبل «3» غروب الشمس، مدا فيه و زادا في الأجل «4»، فإن

مضى آخر يوم منه لم يصلح إلا بأمر مستقبل. و ليس بينهما عدة إلا لرجل سواه، فإن أرادت سواه اعتدت خمسة و أربعين يوما، و ليس بينهما ميراث، ثم إن شاءت تمتعت من آخر، فهذا حلال لها إلى يوم القيامة، و إن شاءت تمتعت منه أبدا، و إن شاءت من عشرين بعد أن تعتد من «5» كل من فارقته خمسة و أربعين يوما، فعليها ذلك ما بقيت الدنيا، كل هذا حلال لها على حدود الله التي بينها على لسان رسوله (صلى الله عليه و آله) وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ «6»».

2282/ [13]- الشيباني، في قوله تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «هو أن يزيدها في الاجرة، و تزيده في الأجل».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 234/ 88.

12- مختصر بصائر الدرجات: 86.

13- نهج البيان 1: 87 (مخطوط).

(1) في «س» و «ط»: و محمّد بن سنان، و هو تصحيف لرواية ابن أبي الخطّاب كتب ابن سنان، و رواية الأخير رسالة ميّاح هذه، انظر رجال النجاشي: 328/ 888 و 424/ 1140، فهرست الطوسي: 143/ 609.

(2) في المصدر: على ما أحبّا.

(3) في «ط»: مثل.

(4) في المصدر زيادة: على ما أحبّا.

(5) في المصدر: كل واحد.

(6) الطّلاق 65: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 61

سورة النساء(4): آية 25 ..... ص : 61

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ- إلى قوله تعالى- مِنَ الْعَذابِ [25]

2283/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: «لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة اليوم، إنما كان ذلك حيث قال الله عز و جل: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا و الطول: المهر، و مهر الحرة اليوم مهر الأمة أو أقل».

2284/ [2]- العياشي: و قال محمد بن صدقة البصري: سألته عن المتعة أليس هي بمنزلة الإماء؟

قال: «نعم، أما تقرأ قول الله: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ إلى قوله:

وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ، فكما لا يسع الرجل أن يتزوج الأمة و هو يستطيع أن يتزوج الحرة، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتع بالأمة و هو يستطيع أن يتزوج بالحرة».

2285/ [3]- الطبرسي: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أي من لم يجد منكم غنى. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2286/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العباس البقباق، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل الأمة بغير علم «1» أهلها؟ قال: «هو زنا، إن تعالى يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2287/ [5]- و عنه: و بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا (عليه السلام): يتمتع بالأمة بإذن أهلها؟

قال: «نعم، إن الله عز و جل يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 360/ 7. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 234/ 90.

3- مجمع البيان 3: 54.

4- التهذيب 7: 348/ 1424.

5- التهذيب 7: 257/ 1110.

(1) في المصدر: إذن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 62

2288/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن داود بن الحصين، عن أبي العباس البقباق، قال: قلت لأبي عبد

الله (عليه السلام): يتزوج الرجل بالأمة بغير إذن «1» أهلها؟

قال: «هو زنا، إن الله عز و جل يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2289/ [7]- العياشي: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا (عليه السلام): يتمتع بالأمة بإذن أهلها؟

قال: «نعم، إن الله يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2290/ [8]- عن أبي العباس، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل بالأمة بغير إذن أهلها؟

قال: «هو زنا، إن الله يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2291/ [9]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المحصنات من الإماء؟

قال: «هن المسلمات».

2292/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله في الإماء فَإِذا أُحْصِنَّ ما إحصانهن؟ قال: «يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن، ما عليهن حد؟ قال: «بلى».

2293/ [11]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله في الإماء فَإِذا أُحْصِنَّ، قال:

«إحصانهن أن يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن فأحدثن حدثا، هل عليهن حد؟ قال: «نعم، نصف الحد «2»، فإن زنت و هي محصنة فالرجم».

2294/ [12]- عن حريز، قال: سألته عن المحصن؟ فقال: «الذي عنده ما يغنيه».

2295/ [13]- عن القاسم بن سليمان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ. قال: «يعني نكاحهن إذا أتين بفاحشة».

__________________________________________________

6- من لا يحضره الفقيه 3: 286/ 1361.

7- تفسير العيّاشي 1: 234/ 89.

8- تفسير العيّاشي 1: 234/ 91.

9- تفسير العيّاشي 1: 235/ 92.

10- تفسير العيّاشي 1: 235/ 93.

11- تفسير العيّاشي 1: 235/ 94.

12- تفسير العيّاشي 1: 235/ 95.

13- تفسير العيّاشي 1: 235/ 96.

(1) في المصدر:

علم. [.....]

(2) في المصدر: الحرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 63

2296/ [14]- عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي للرجل المسلم أن يتزوج من الإماء إلا من خشي العنت «1»، و لا يحل له من الإماء إلا واحدة».

2297/ [15]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ، قال:

«إحصانهن أن يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن، ما عليهن حد؟ قال: «بلى».

2298/ [16]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في العبيد و الإماء إذا زنا أحدهم أن يجلد خمسين جلدة إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا، و لا يرجم و لا ينفى».

2299/ [17]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن المملوك يفتري على الحر؟ قال: «يجلد ثمانين».

قلت: فإنه زنا؟ قال: «يجلد خمسين».

2300/ [18]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي [قال: سألت ] أبا عبد الله (عليه السلام) عن عبد مملوك قذف حرا؟ قال: «يجلد ثمانين، هذا من حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عز و جل فإنه يضرب نصف الحد».

قلت: الذي من حقوق الله عز و جل، ما هو؟ قال: «إذا زنا أو شرب خمرا، فهذا من الحقوق التي يضرب عليها

«2» نصف الحد».

2301/ [19]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ، فقال: «إحصانهن إذا دخل بهن».

قال: قلت: أ رأيت إن لم يدخل بهن و أحدثن، ما عليهن من حد؟ قال: «بلى».

2302/ [20]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، [عن ابن أبي نصر] «3»، عن جميل، عن بريد، عن

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 235/ 97.

15- الكافي 7: 235/ 6.

16- الكافي 7: 234/ 23.

17- الكافي 7: 234/ 2.

18- الكافي 7: 237/ 19.

19- التهذيب 10: 16/ 43.

20- التهذيب 10: 28/ 87.

(1) العنت: الفساد، و الزنا. «النهاية 3: 306».

(2) في المصدر: فيها.

(3) من المصدر و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 1: 319 و 4: 147.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 64

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا زنا العبد ضرب خمسين، فإن عاد ضرب خمسين، فإن عاد ضرب خمسين إلى ثماني مرات، فإن زنا ثماني مرات قتل، و أدى الإمام قيمته إلى مواليه من بيت المال».

2303/ [21]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في الأمة تزني. قال: «تجلد نصف الحد، كان لها زوج أو لم يكن «1»».

2304/ [22]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «و إنما صار يقتل في الثامنة، لأن الله رحمه أن يجمع عليه ربق الرق و حد الحر».

2305/ [23]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ: أي لا تتخذها «2» صديقة.

سورة النساء(4): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 64

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً

عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [29- 30]

2306/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن سلمة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل منا يكون عنده الشي ء يتبلغ به و عليه دين، أ يطعمه عياله حتى يأتي الله عز و جل بميسرة «3» فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسب، أو يقبل الصدقة؟

قال: «يقضي بما عنده دينه، و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليهم حقوقهم، إن الله تعالى يقول:

لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ، و لا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء، و لو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة و اللقمتين و التمرة و التمرتين، إلا أن يكون له ولي يقضي من بعده، و ليس منا من ميت يموت إلا و جعل الله عز و جل له وليا يقوم في عدته و دينه فيقضي عدته و دينه».

__________________________________________________

21- التهذيب 10: 27/ 82.

22- تفسير القمّي 1: 136.

23- تفسير القمّي 1: 136. [.....]

1- التهذيب 6: 185/ 383.

(1) في المصدر زيادة: لها زوج.

(2) في المصدر: لا يتخذها.

(3) في المصدر: بيسره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 65

2307/ [2]- العياشي: عن أسباط بن سالم، قال: كنت عن أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه رجل، فقال له: أخبرني عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ؟

قال: «عنى بذلك القمار، و أما قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، عنى بذلك الرجل من المسلمين يشد على المشركين وحده، يجي ء في منازلهم فيقتل،

فنهاهم الله عن ذلك».

2308/ [3]- و قال: في رواية اخرى عن أبي علي، رفعه، قال: كان الرجل يحمل على المشركين وحده، حتى يقتل أو يقتل، فأنزل الله هذه الآية: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.

2309/ [4]- عن أسباط، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ، قال: «هو القمار».

2310/ [5]- عن سماعة، قال: سألته عن الرجل يكون عنده شي ء يتبلغ به و عليه دين، أ يطعمه عياله حتى يأتيه الله تبارك و تعالى بميسرة. أو يقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسب، أو يقبل الصدقة و يقضي بما عنده دينه؟

قال: « [يقضي بما عنده دينه ]، و يقبل الصدقة، و لا يأخذ أموال الناس إلا و عنده وفاء بما يأخذ منهم، أو يقرضونه إلى ميسرته «1»، فإن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ، فلا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء، و لو طاف على أبواب الناس فردوه «2» باللقمة و اللقمتين، و التمرة و التمرتين، إلا أن يكون له ولي يقضي دينه من بعده، إنه ليس منا من ميت يموت إلا جعل الله له وليا يقوم في عدته و دينه».

2311/ [6]- عن إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: حدثني الحسن بن زيد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الجبائر تكون على الكسير، كيف يتوضأ صاحبها، و كيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يجزيه المسح «3»

بالماء عليها في الجنابة و الوضوء.

قلت: فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده؟ فقرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 235/ 98.

3- تفسير العيّاشي 1: 235/ 99.

4- تفسير العيّاشي 1: 236/ 100.

5- تفسير العيّاشي 1: 236/ 101.

6- تفسير العيّاشي 1: 236/ 102.

(1) في المصدر: ميسرة.

(2) في «ط»: فزوّدوه.

(3) في المصدر: المس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 66

2312/ [7]- عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. قال: «نهى عن القمار، و كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله، فنهاهم الله عن ذلك».

و قرأ قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً. قال: «كان المسلمون يدخلون على عدوهم في المغارات «1»، فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف شاء، فنهاهم الله أن يدخلوا عليهم في المغارات».

2313/ [8]- الطبرسي: في قوله: بِالْباطِلِ، قولان: أحدهما أنه الربا، و القمار، و البخس، و الظلم. قال:

و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

2314/ [9]- و في (نهج البيان): عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) أنه القمار، و السحت، و الربا، و الأيمان.

2315/ [10]- ابن بابويه في (الفقيه): قال الصادق (عليه السلام): «من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها، قال الله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً».

2316/ [11]- أبو علي الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «معناه: لا تخاطروا بنفوسكم بالقتال فتقاتلوا من لا

تطيقونه».

2317/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: كان الرجل إذا خرج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغزو يحمل على العدو و حده من غير أن يأمره رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنهى الله أن يقتل نفسه من غير أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله).

2318/ [13]- و من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي، يرفعه إلى ابن عباس، في قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.

قال: لا تقتلوا أهل بيت نبيكم، إن الله عز و جل يقول في كتابه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2»، قال: كان أبناء هذه الامة الحسن و الحسين، و كانت نساؤهم فاطمة، و أنفسهم النبي و علي (عليهم السلام).

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 236/ 103.

8- مجمع البيان 3: 59. [.....]

9- نهج البيان 1: 87 (مخطوط).

10- من لا يحضره الفقيه 3: 374/ 1767.

11- مجمع البيان 3: 60.

12- تفسير القمّي 1: 136.

13- مناقب ابن المغازلي: 318/ 362، شواهد التنزيل 1: 142/ 194.

(1) في «ط» في الموضعين: الغارات.

(2) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 67

سورة النساء(4): آية 31 ..... ص : 67

قوله تعالى:

إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً [31]

2319/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً، قال: «الكبائر: التي أوجب الله عليها النار».

2320/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أبي العباس أحمد بن

محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ الهمداني، عن أبي جعفر محمد بن المفضل بن إبراهيم الأشعري، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد- و هو الوشاء الخزاز، و هو ابن بنت إلياس، و كان قد وقف ثم رجع فقطع- عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن عبد الله ابن أبي يعفور و معلى بن خنيس، عن أبي الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أكبر الكبائر سبع: الشرك بالله العظيم، و قتل النفس التي حرم الله عز و جل إلا بالحق، و أكل مال اليتيم «1»، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف، و إنكار ما أنزل الله.

فأما الشرك بالله العظيم فقد بلغكم ما أنزل الله فينا، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فردوه على الله و على رسوله. و أما قتل النفس الحرام فقتل الحسين (عليه السلام) و أصحابه. و أما أكل أموال اليتامى فقد ظلمنا فيئنا و ذهبوا به. و أما عقوق الوالدين فإن عز و جل قال في كتابه: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «2»، و هو أب لهم، فعقوه في ذريته و في قرابته. و أما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة (عليها السلام) على منابرهم. و أما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين (عليه السلام) البيعة طائعين غير مكرهين، ثم فروا عنه و خذلوه. و أما إنكار ما أنزل الله عز و جل، فقد أنكروا حقنا و جحدوه «3»، و هذا مما لا يتعاجم «4» فيه أحد، و الله يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

2321/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد

بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: «لا يخلد و الله في

__________________________________________________

1- الكافي 2: 211/ 1.

2- التهذيب 4: 149/ 417.

3- التوحيد: 211/ 2.

(1) في المصدر: أموال اليتامى.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) في المصدر: و جحدوا له.

(4) أي يتنكّر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 68

النار إلا أهل الكفر و الجحود، و أهل الضلال و الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

2322/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، قال: كتب معي «1» بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله «2» عن الكبائر، كم هي و ما هي؟ فكتب: «الكبائر من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا، و التعرب بعد الهجرة، و أكل مال اليتيم ظلما، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف».

2323/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن الصادق (عليه السلام): «من اجتنب الكبائر كفر الله عنه جميع ذنوبه، و ذلك قول الله عز و جل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

2324/ [6]- العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنت أنا و علقمة الحضرمي، و أبو حسان العجلي، و عبد الله بن عجلان، ننتظر أبا جعفر (عليه السلام) فخرج علينا، فقال: «مرحبا و أهلا، و الله إني لأحب ريحكم و

أرواحكم، و إنكم لعلى دين الله».

فقال علقمة: فمن كان على دين الله تشهد أنه من أهل الجنة؟ قال: فمكث هنيئة، ثم قال: «بوروا «3» أنفسكم، فإن لم تكونوا اقترفتم الكبائر فأنا أشهد».

قلنا: و ما الكبائر؟ قال: «هي في كتاب الله على سبع».

قلنا: فعدها علينا، جعلنا الله فداك. قال: «الشرك بالله العظيم، و أكل مال اليتيم، و أكل الربا بعد البينة، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و قتل المؤمن، و قذف المحصنة».

قلنا: ما بنا «4» أحد أصاب من هذه شيئا، قال: «فأنتم إذن».

2325/ [7]- عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا معاذ، الكبائر سبع، فينا أنزلت، و منا استحقت «5»، و أكبر الكبائر: الشرك بالله، و قتل النفس التي حرم الله، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و أكل مال اليتيم، و الفرار من الزحف، و إنكار حقنا أهل البيت.

__________________________________________________

4- الكافي 2: 211/ 2.

5- من لا يحضره الفقيه 3: 376/ 1781.

6- تفسير العيّاشي 1: 237/ 104.

7- تفسير العيّاشي 1: 237/ 105.

(1) (معي) ليس في «س».

(2) في «س»: يسألونه.

(3) باره يبوره: اختبره و امتحنه، و منه الحديث: كنا نبور أولادنا بحبّ علي (عليه السّلام). انظر النهاية 1: 161 و لسان العرب- بور- 4: 87.

(4) في المصدر: ما منّا.

(5) في المصدر: استخفت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 69

فأما الشرك بالله فإن الله قال فينا ما قال، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما قال، فكذبوا الله و كذبوا رسوله، و أما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي (عليه السلام) و أصحابه. و أما عقوق الوالدين فإن الله قال في كتابه:

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «1» و هو أب لهم، فقد عقوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في دينه «2» و أهل بيته. و أما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة (عليها السلام) على منابرهم. و أما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب الله. و أما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بيعتهم غير كارهين ثم فروا عنه و خذلوه. و أما إنكار حقنا فهذا مما لا يتعاجمون فيه».

و في خبر آخر: «و التعرب بعد الهجرة».

2326/ [8]- عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الكذب على الله و على رسوله و على الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر».

2327/ [9]- عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه ذكر [في ] قول الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ «عبادة الأوثان، و شرب الخمر، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف، و أكل مال اليتيم».

2328/ [10]- و في رواية أخرى عنه (عليه السلام): «أكل مال اليتيم ظلما، و كل ما أوجب الله عليه النار».

2329/ [11]- عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رواية أخرى عنه: «و إنكار ما أنزل الله، أنكروا حقنا، و جحدونا، و هذا لا يتعاجم فيه أحد».

2330/ [12]- عن سليمان الجعفري، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في أعمال الديوان «3»؟

فقال: «يا سليمان، الدخول في أعمالهم، و العون لهم، و السعي في حوائجهم عديل الكفر، و النظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار».

2331/ [13]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «السكر من الكبائر،

و الحيف «4» في الوصية من الكبائر».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 238/ 106.

9- تفسير العيّاشي 1: 238/ 107.

10- تفسير العيّاشي 1: 238/ 108.

11- تفسير العيّاشي 1: 238/ 109.

12- تفسير العيّاشي 1: 238/ 110. [.....]

13- تفسير العيّاشي 1: 238/ 11.

(1) الأحزاب 33: 6.

(2) في المصدر: في ذرّيته.

(3) في المصدر: السلطان.

(4) الحيف: الظلم و الجور. «مجمع البحرين- حيف- 5: 42».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 70

2332/ [14]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، قال: «من اجتنب ما وعد الله عليه النار، إذا كان مؤمنا، كفر الله عنه سيئاته».

2333/ [15]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام) في آخر ما فسر: «فاتقوا الله. و لا تجترئوا».

2334/ [16]- عن كثير النواء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الكبائر، قال: «كل شي ء وعد «1» الله عليه النار».

2335/ [17]- المفيد في، (أماليه)، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو و إبراهيم بن داحة البصري، جميعا قالا: حدثنا ميسر، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «ما تقول فيمن لا يعصي الله في أمره و نهيه إلا أنه يبرأ منك و من أصحابك على هذا الأمر؟». قال: قلت: و ما عسيت أن أقول و أنا بحضرتك؟ قال: «قل، فإني أنا الذي آمرك أن تقول». قال: قلت: هو في النار.

قال: «يا ميسر، و ما تقول في من يدين الله بما تدينه به، و فيه من الذنوب ما في الناس إلا أنه مجتنب

الكبائر؟».

قال: قلت: و ما عسيت أن أقول و أنا بحضرتك؟ قال: «قل، فإني أنا الذي آمرك أن تقول» قال: قلت: في الجنة، قال: «فلعلك تحرج أن تقول: هو في الجنة»؟ قال: قلت: لا. قال: «فلا تحرج فإنه في الجنة، إن الله عز و جل يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

سورة النساء(4): آية 32 ..... ص : 70

قوله تعالى:

وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً [32]

2336/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس من نفس إلا و قد فرض الله عز و جل لها رزقها حلالا يأتيها في عافية، و عرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئا من الحرام قاصها به من

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 238/ 112.

15- تفسير العيّاشي 1: 238/ 113.

16- تفسير العيّاشي 1: 239/ 114.

17- الأمالي: 152/ 4.

1- الكافي 5: 80/ 2.

(1) في المصدر: أوعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 71

الحلال الذي فرض لها، و عند الله سواهما فضل كثير، و هو قوله عز و جل: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ».

2337/ [2]- العياشي: عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) «1» عن قول الله: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ. قال: «لا يتمنى الرجل امرأة الرجل و لا ابنته، و لكن يتمنى مثلهما».

2338/ [3]- عن إسماعيل بن كثير، رفع الحديث إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: لما نزلت هذه الآية وَ

سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، قال: فقال أصحاب النبي: ما هذا الفضل؟ أيكم يسأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك؟ قال: فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «أنا أسأله» فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله خلق خلقه و قسم لهم أرزاقهم من حلها، و عرض لهم بالحرام، فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام، و حوسب به».

2339/ [4]- عن أبي الهذيل «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله قسم الأرزاق بين عباده و أفضل فضلا كثيرا لم يقسمه بين أحد، قال الله: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ».

2340/ [5]- عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «ليس من نفس إلا و قد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية، و عرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت من الحرام شيئا قاصها به من الحلال الذي فرض الله لها، و عند الله سواهما فضل كبير «3»».

2341/ [6]- عن الحسين بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إنهم يقولون: إن النوم بعد الفجر مكروه، لأن الأرزاق تقسم في ذلك الوقت؟

فقال: «إن الأرزاق موظوفة «4» مقسومة، و لله فضل يقسمه ما بين «5» طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و ذلك قوله: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ- ثم قال:- و ذكر الله بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب «6» في

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 239/ 115.

3- تفسير العيّاشي 1: 239/ 116.

4- تفسير العيّاشي 1: 239/ 117! [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 239/ 118.

6-

تفسير العيّاشي 1: 240/ 119.

(1) في «ط» و المصدر: أبا عبد اللّه (عليه السّلام)، و الظاهر صحّة ما في المتن، لأنّ ابن أبي نجران معدود من أصحاب أبي جعفر الجواد و الرواة عنه، إلّا أن تكون روايته عن أبي عبد اللّه بواسطة أبيه المعدود من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، أو مرسلة، انظر معجم رجال الحديث 9: 299 و 22: 141.

(2) في المصدر ابن الهذيل، و الصواب ما في المتن. راجع رجال الشيخ الطوسيّ: 340/ 28.

(3) في المصدر: كثير. ء

(4) الوظيفة: ما يقدّر له في كلّ يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب و جمعها الوظائف. «لسان العرب- وظف- 9: 358».

(5) في المصدر: يقسّمه من.

(6) في «ط»: الضارب، و ضرب في الأرض: خرج فيها تاجرا أو غازيا، و قيل: سار في ابتغاء الرزق. «لسان العرب- ضرب- 1: 544».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 72

الأرض».

2342/ [7]- الطبرسي، في معنى الآية: أي لا يقتل أحدكم ليت ما أعطي فلان من [المال و] النعمة، و المرأة الحسناء كان لي، فإن ذلك يكون حسدا، و لكن يجوز أن يقول: اللهم أعطني مثله. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2343/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: لا يجوز للرجل أن يتمنى امرأة رجل مسلم أو ماله، و لكن يسأل الله من فضله إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.

2344/ [9]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في قوله تعالى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ «1» من عباده، و في قوله: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ إنهما نزلتا في علي (عليه السلام) «2».

سورة النساء(4): آية 33 ..... ص : 72

قوله تعالى:

وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ

مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً [33]

2345/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: «إنما عنى بذلك الأئمة (عليهم السلام) بهم عقد الله عز و جل أيمانكم».

2346/ [2]- العياشي: عن الحسن بن محبوب، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) و سألته عن قول الله: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: «إنما عنى بذلك الأئمة (عليهم السلام) بهم عقد الله أيمانكم».

__________________________________________________

7- مجمع البيان 3: 64.

8- تفسير القمّي 1: 136.

9- المناقب 3: 99.

1- الكافي 1: 168/ 1.

2- تفسير العيّاشي 1: 240/ 120.

(1) المائدة 5: 45، الحديد 57: 21، الجمعة 62: 4. [.....]

(2) في المصدر: إنّهما نزلا فيهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 73

2347/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، قال: أخبرني ابن بكير، عن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ، قال: «إنما عنى بذلك اولي الأرحام في المواريث، و لم يعن أولياء النعمة، فأولاهم بالميت أقربهم إليه من الرحم التي تجره إليها»

سورة النساء(4): آية 34 ..... ص : 73

قوله تعالى:

الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ [34]

2348/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد و أحمد ابني الحسن، عن علي

بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن إبراهيم بن محرز، قال: سأل أبا جعفر (عليه السلام) رجل و أنا عنده، فقال: قال رجل لامرأته: أمرك بيدك. قال: «أنى يكون هذا و الله يقول: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ! ليس هذا بشي ء».

2349/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه «1»، عن أبي الحسن البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأله. قال له: ما فضل الرجال على النساء؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): كفضل السماء على الأرض، و كفضل الماء على الأرض، فالماء يحيي الأرض [و بالرجال تحيا النساء] و لولا الرجال ما خلق الله «2» النساء، يقول الله عز و جل: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ.

قال اليهودي: لأي شي ء كان هكذا؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): خلق الله عز و جل آدم من طين، و من فضلته و بقيته خلقت حواء، و أول من أطاع النساء آدم، فأنزله الله عز و جل من الجنة، و قد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن و لا يمكنهن العبادة من القذارة، و الرجال لا يصيبهم شي ء من الطمث؟!

__________________________________________________

3- التهذيب 9: 268/ 978.

1- التهذيب 8: 88/ 302.

2- علل الشرائع: 512/ 1، أمالي الصدوق: 161/ 1.

(1) (عن أبيه) ليس

في «ط» و المصدر، و الظاهر صواب ما أثبتناه، انظر معجم رجال الحديث 11: 359.

(2) في العلل: ما خلقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 74

قوله تعالى:

وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا- إلى قوله تعالى- كَبِيراً [34] 2353/ [1]- علي بن إبراهيم: و ذلك إن نشزت المرأة عن فراش زوجها، قال زوجها: اتقي الله و ارجعي إلى فراشك، فهذه الموعظة، فإن أطاعته فسبيل ذلك، و إلا سبها، و هو الهجر، فإن رجعت إلى فراشها فذلك، و إلا ضربها ضربا غير مبرح، فإن أطاعته و ضاجعته، يقول الله: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا يقول: لا تكلفوهن الحب فإنما جعل الموعظة و السب و الضرب لهن في المضجع إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً.

2354/ [2]- الطبرسي، في معنى الهجر: روي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يحول ظهره إليها» و في معنى

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 570/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 98 ذيل الحديث 1.

4- تفسير القمّي 1: 137.

5- تفسير القمّي 1: 137.

1- تفسير القمّي 1: 137.

2- مجمع البيان 3: 69.

(1) في العلل: الرجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 75

الضرب: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنه الضرب بالسواك».

قال اليهودي: صدقت، يا محمد».

2350/ [3]- و عنه: عن علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب إليه من جواب مسائله: «علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث، لأن المرأة إذا تزوجت أخذت، و

الرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال. و علة اخرى، في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى، لأن الأنثى من عيال الذكر إن احتاجت، و عليه أن يعولها، و عليه نفقتها، و ليس على المرأة أن تعول الرجل، و لا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال «1» لذلك، و ذلك قول الله عز و جل: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ».

2351/ [4]- علي بن إبراهيم: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ يعني: تحفظ نفسها إذا غاب زوجها عنها.

2352/ [5]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قانِتاتٌ، يقول:

«مطيعات».

سورة النساء(4): آية 35 ..... ص : 75

قوله تعالى:

وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً [35]

2355/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم «1»، عن علي ابن أبي حمزة، قال: سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «يشترط الحكمان إن شاءا فرقا، و إن شاءا جمعا، ففرقا أو جمعا جاز».

2356/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها.

قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا من الرجل و المرأة، و يشترطا عليهما، إن شئنا جمعنا، و إن شئنا فرقنا، فإن

فرقا فجائز، و إن جمعا فجائز».

2357/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها.

قال: «الحكمان يشترطان إن شاءا فرقا، و إن شاءا جمعا، فإن فرقا فجائز، و إن جمعا فجائز».

2358/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، أ رأيت إن استأذن الحكمان، فقالا للرجل و المرأة: أليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح و التفريق؟ فقال الرجل و المرأة:

نعم. و أشهدا بذلك شهدوا عليهما، أ يجوز تفريقهما؟ قال: «نعم، و لكن لا يكون إلا على طهر من المرأة من غير جماع من الزوج».

قيل له: أ رأيت إن قال أحد الحكمين: قد فرقت بينهما، و قال الآخر: لم افرق بينهما، فقال: «لا يكون تفريق

__________________________________________________

1- الكافي 6: 146/ 1.

2- الكافي 6: 146/ 2. [.....]

3- الكافي 6: 146/ 3.

4- الكافي 6: 146/ 4.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن الحكم، و الصواب ما في المتن، حيث روى أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم كتابه و بعض رواياته، انظر رجال النجاشي: 274/ 718، فهرست الطوسي: 87/ 366.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 76

حتى يجتمعا جميعا على التفريق، فإذا اجتمعا على التفريق جاز تفريقهما».

2359/ [5]- و عنه: عن عبد الله بن جبلة و غيره، عن العلاء، عن محمد بن

مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا».

2360/ [6]- العياشي: عن ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة تزوجها رجل و شرط عليها و على أهلها، إن تزوج عليها امرأة و هجرها، أو أتى عليها سرية، فإنها طالق، فقال: شرط الله قبل شرطكم، إن شاء وفى بشرطه، و إن شاء أمسك امرأته و نكح عليها و تسرى عليها، و هجرها إن أتت سبيل ذلك، قال الله في كتابه: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ «1»، و قال: أحل لكم ما ملكت أيمانكم، و قال: وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً «2»».

2361/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا نشزت المرأة على الرجل فهي الخلعة، فليأخذ منها ما قدر «3» عليه، و إذا نشز الرجل مع نشوز المرأة فهو الشقاق».

2362/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها؟ قال: «ليس للمصلحين أن يفرقا حتى يستأمرا».

2363/ [9]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل و المرأة».

2364/ [10]- و في خبر آخر عن الحلبي، عنه (عليه السلام): «و يشترط عليهما إن شاءا جمعا، و إن شاءا فرقا، فإن جمعا

فجائز، و إن فرقا فجائز».

2365/ [11]- و في رواية فضالة: «فإن رضيا و قلداهما الفرقة ففرقا فهو جائز».

__________________________________________________

5- الكافي 6: 147/ 5.

6- تفسير العيّاشي 1: 240/ 121.

7- تفسير العيّاشي 1: 240/ 122.

8- تفسير العيّاشي 1: 240/ 123.

9- تفسير العيّاشي 1: 241/ 124.

10- تفسير العيّاشي 1: 241/ 125.

11- تفسير العيّاشي 1: 241/ 126.

(1) النّساء 4: 3.

(2) النساء 4: 34.

(3) في المصدر: ما قدرت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 77

2366/ [12]- عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) رجل و امرأة مع كل واحد منهما فئام من الناس «1»، فقال علي (عليه السلام): «فابعثوا حكما من أهله، و حكما من أهلها» ثم قال للحكمين:

«هل تدريان ما عليكما! إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، و إن رأيتما أن تفرقا فرقتما» فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله علي ولي. فقال الرجل: أما في الفرقة فلا. فقال علي (عليه السلام): «ما تبرح حتى تقر بما أقرت به».

سورة النساء(4): الآيات 36 الي 39 ..... ص : 77

قوله تعالى:

وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً [36- 39]

2367/ [1]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين، و علي الآخر» فقلت: أين موضع ذلك في كتاب الله؟ قال: «اقرأ وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً».

2368/ [2]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين، و

علي الآخر». و ذكر أنها الآية التي في النساء.

2369/ [3]- ابن شهر آشوب: عن أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. قال: «الوالدان رسول الله و علي (عليهما السلام)».

2370/ [4]- و عنه: عن سلام الجعفي «2»، عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في علي (عليه السلام)». ثم قال: و روي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.

2371/ [5]- و عنه، قال: و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الامة».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 241/ 127. [.....]

1- تفسير العيّاشي 1: 241/ 128.

2- تفسير العيّاشي 1: 241/ 129!

3- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

4- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

5- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

(1) أي جماعة من الناس.

(2) في المصدر: سالم الجعفي، كلاهما وارد، راجع رجال الشيخ الطوسي: 124/ 8 و 125/ 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 78

قلت: و روى ذلك صاحب (الفائق).

2372/ [6]- و روى ابن شهر آشوب أيضا عنه (عليه السلام): «أنا و علي أبوا هذه الامة، فعلى عاق والديه لعنة الله».

2373/ [7]- و روي عن محمد بن جرير برجاله في كتاب (المناقب): أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): «اخرج فناد: ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله، ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله». فنادى بذلك، فدخل عمر و جماعة على النبي (صلى الله عليه و آله)، و قالوا: هل من تفسير لما نادى؟ قال: «نعم، إن

الله يقول: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «1» فمن ظلمنا فعليه لعنة الله، و يقول: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ «2». و من كنت مولاه فعلي مولاه، فمن والى غيره و غير ذريته فعليه لعنة الله، و أشهدكم أنا و علي أبوا المؤمنين، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله». فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد، ما أكد النبي لعلي الولاية بغدير خم و لا غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا.

قال خباب بن الأرت «3»: كان ذلك قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسبعة عشر يوما.

2374/ [8]- العياشي: عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قول الله: وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ.

قال: «الذي ليس بينك و بينه قرابة وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ- قال- الصاحب في السفر».

2375/ [9]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ: يعني صاحبك في السفر وَ ابْنِ السَّبِيلِ يعني أبناء الطريق الذين يستعينون بك في طريقهم وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني الأهل و الخادم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فسمى الله البخيل كافرا.

ثم ذكر المنافقين، فقال: وَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً، ثم قال: وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ

اللَّهُ وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً.

__________________________________________________

6- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105. «و ليس فيه ذيل الحديث».

7- عنه في غاية المرام: 306/ 9.

8- تفسير العيّاشي 1: 241/ 130.

9- تفسير القمّي 1: 138.

(1) الشّورى 42: 23.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) في «س» و المصدر: حسان بن الأرث، و في «ط»: حسان بن ثابت، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، و هو من السابقين الأوّلين إلى الإسلام، و قال عليّ (عليه السّلام): رحم اللّه خبابا أسلم راغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا ... راجع اسد الغابة 2: 98 و 100، معجم رجال الحديث 7: 45. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 79

سورة النساء(4): آية 41 ..... ص : 79

قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [41]

2376/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً.

قال: «نزلت في امة محمد (صلى الله عليه و آله) خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، و محمد (صلى الله عليه و آله) في كل قرن «1» شاهد علينا».

2377/ [2]- سعد بن عبد الله: عن المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدني، عن أبي «2» مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش «3»، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «الأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم [و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، لأنهم عرفاء الله عز و

جل عرفهم عليهم ] عند أخذه المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه، فقال عز و جل: يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «4» و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي (صلى الله عليه و آله) الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ للنبي (صلى الله عليه و آله) «5» الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً».

2378/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً؟

قال: «يأتي النبي (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة من كل امة بشهيد، بوصي نبيها، و أوتي بك- يا علي- شهيدا على امتي يوم القيامة».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 146/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 53.

3- تفسير العيّاشي 1: 242/ 131.

(1) (في كلّ قرن) ليس في المصدر.

(2) في «س» و «ط»: ابن، و الظاهر أنّ ما في المتن هو الصواب، راجع تهذيب التهذيب 12: 231.

(3) في «س»: رزين بن حبش، و في «ط»: زيد بن حبش، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع تهذيب الكمال 9: 335 و تهذيب التهذيب 3: 321.

(4) الأعراف 7: 46.

(5) في المصدر: و أخذ النبي عليهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 80

2379/ [1]- عن أبي معمر «1» السعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) في صفة يوم القيامة: «يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق فلا يتكلم أحد إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «2»

فتقام الرسل فتسأل، فذلك قوله لمحمد (عليه السلام): فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا

بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً و هو الشهيد على الشهداء، و الشهداء هم الرسل (عليهم السلام)».

سورة النساء(4): آية 42 ..... ص : 80

قوله تعالى:

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [42] 2380/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: يتمنى الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) أن تكون الأرض ابتلعتهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه، و أن لم يكتموا ما قاله رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيه.

2381/ [3]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا تكلم، فتكلمت الأيدي، و شهدت الأرجل، و نطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا».

سورة النساء(4): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 80

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ [43]

2382/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن المختار، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 1: 242/ 132.

2- تفسير القمي 1: 139.

3- تفسير العياشي 1: 242/ 133.

4- الكافي 3: 371/ 15.

(1) في «ط»: يعمر.

(2) النبأ 78: 38. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 81

لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى . فقال: «سكر النوم».

2383/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى، يعني سكر النوم».

2384/ [3]- العياشي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا، و

لا متناعسا، و لا متثاقلا، فإنها من خلال «1»

النفاق، فإن الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى، يعني من النوم».

2385/ [4]- عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ قال: «هذا قبل أن يحرم الخمر».

2386/ [5]- عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «يعني سكر النوم».

2387/ [6]- عن الحلبي، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ.

قال: «لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى، يعني سكر النوم، يقول: و بكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم و سجودكم و تكبيركم، و ليس كما يصف كثير من الناس يزعمون أن المؤمن يسكر «2» من الشراب، و المؤمن لا يشرب مسكرا، و لا يسكر».

2388/ [7]- و قال الزمخشري في (ربيع الأبرار): أنزل الله تبارك و تعالى في الخمر ثلاث آيات: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ «3»

فكان المسلمون بين شارب و تارك، إلى أن شربها «4»

رجل و دخل في صلاته «5»

فهجر، فنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ فشربها من شربها من المسلمين، حتى شربها عمر فأخذ لحي «6»

بعير، فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر

__________________________________________________

2- الكافي 3: 299/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 242/ 134.

4- تفسير العيّاشي 1: 242/ 135.

5- تفسير العيّاشي 1: 242/ 136.

6- تفسير العيّاشي 1: 242/ 137.

7- ربيع الأبرار 4: 51.

(1) الخلال: جمع خلّة، الخصلة.

(2) في المصدر: أن المؤمنين يسكرون.

(3) البقرة 2: 219.

(4) في المصدر: شرب.

(5) في المصدر: الصلاة.

(6) اللّحى: كفلس: عظم الحنك. «مجمع

البحرين- لحا- 1: 373».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 82

بشعر الأسود بن يعفر «1»:

و كائن بالقليب قليب بدر من الفتيان و الشرب الكرام «2»

أ يوعدنا ابن كبشة أن سنحيا و كيف حياة أصداء وهام؟!

أ يعجز أن يرد الموت عني و ينشرني إذا بليت عظامي؟!

ألا من مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام

فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي

فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله، فأنزل الله سبحانه و تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «3»

فقال عمر: انتهينا.

قلت: انظر إلى أعلام مشايخ العامة، كيف وقع من إمامهم بروايتهم عنه، نعوذ بالله تعالى من اتباع الهوى.

قوله تعالى:

وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً- إلى قوله تعالى- وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ [43- 44]

2389/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب، يجلس في المساجد؟ قال: «لا، و لكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام، و مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)».

2390/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حمران «4»، عن أبي

__________________________________________________

1- الكافي 3: 450.

2- التهذيب 6: 15/ 34. [.....]

(1) في المصدر: الأسود بن عبد يغوث.

(2) في المصدر بعد هذا البيت:

و كائن بالقليب قليب بدر

من الشّيزى المكلّل بالسّنام

(3) المائدة: 5: 91.

(4) في المصدر: عن محمّد بن حمران، و قد روى عبد الرحمن عن حمران و محمّد بن حمران، و رويا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 6: 260 و 16: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 83

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الجنب، يجلس في المسجد؟ قال: «لا، و لكن يمر به، إلا المسجد الحرام و مسجد المدينة».

2391/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب و الحائض، يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: «نعم، و لكن لا يضعان في المسجد شيئا».

2392/ [4]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ملامسة النساء: الإيقاع بهن».

2393/ [5]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو الجارية، فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد [فإن من عندنا يزعمون ] أنها الملامسة؟ فقال: «لا و الله، ما بذلك بأس، و ربما فعلته، و ما يعني بهذا أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا المواقعة دون الفرج».

2394/ [6]- و عنه: عن الشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم «1»، عن داود بن النعمان، قال: سألت أبا عبد الله

(عليه السلام) عن التيمم.

قال: «إن عمارا أصابته جنابة، فتمعك «2» كما تتمعك الدابة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يهزأ «3»

به:

يا عمار، تمعكت كما تتمعك الدابة! فقلنا له: كيف التيمم؟ فوضع يديه على الأرض ثم رفعهما، فمسح وجهه و يديه فوق الكف قليلا».

2395/ [7]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التيمم، فضرب بيديه على الأرض، ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح بهما جبهته و كفيه مرة واحدة.

__________________________________________________

3- التهذيب 1: 125/ 339.

4- التهذيب 7: 461/ 1849.

5- التهذيب 1: 22/ 55.

6- التهذيب 1: 207/ 598.

7- التهذيب 1: 207/ 601.

(1) في «س، ط»: أحمد بن محمّد بن عيسى بن الحكم، و هو سقط واضح، راجع معجم رجال الحديث 11: 384.

(2) تمعّك: أي جعل يتمرّغ في التراب و يتقلّب كما يتقلّب الحمار. «مجمع البحرين- معك- 5: 288».

(3) قال الشيخ البهائي في (الأربعين) 66: إنّ الاستهزاء هنا ليس على معناه الحقيقي، أعني السخرية، بل المراد به نوع من المزاج و المطايبة، و لا يعد في صدور ذلك عنه (صلى اللّه عليه و آله) بالنسبة إلى عمّار و نظرائه، و يكون ذلك عن كمال اللطف بهم و المؤانسة معهم، فإنّ الإنسان لا يمازح غالبا إلّا من يحبّه، و لا قصور في المزاح بغير الباطل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 84

2396/ [8]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة

و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: «الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا».

2397/ [9]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ فقال: «لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن الله يقول: وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا و يأخذان من المسجد الشي ء و لا يضعان فيه شيئا».

2398/ [10]- عن أبي مريم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الرجل يتوضأ، ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد، فإن من عندنا يزعمون أنها الملامسة؟ فقال: «لا و الله، ما بذاك بأس، و ربما فعلته، و ما يعني بهذا، أي لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا المواقعة دون الفرج».

2399/ [11]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اللمس: الجماع».

2400/ [12]- عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «هو الجماع، و لكن الله ستار يحب الستر، فلم يسم كما تسمون».

2401/ [13]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله قيس بن رمانة، قال: أتوضأ ثم أدعو الجارية فتمسك بيدي، فأقوم و اصلي، أعلي وضوء؟ فقال: «لا». قال: فإنهم يزعمون أنه اللمس؟ قال: «لا و الله، ما اللمس، إلا الوقاع» يعني الجماع.

ثم قال: «كان أبو جعفر (عليه السلام) بعد ما كبر، يتوضأ، ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده، فيقوم فيصلي».

2402/ [14]- عن أبي أيوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «التيمم بالصعيد لمن لم يجد الماء كمن توضأ من غدير من ماء،

أليس الله يقول: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً!».

قال: قلت: فإن أصاب الماء و هو في آخر الوقت؟ قال: فقال: «قد مضت صلاته».

قال: قلت له: فيصلي بالتيمم صلاة اخرى؟ قال: «إذا رأى الماء و كان يقدر عليه انتقض التيمم».

__________________________________________________

8- علل الشرائع 2: 288/ 1 باب (210).

9- تفسير العيّاشي 1: 243/ 138. [.....]

10- تفسير العيّاشي 1: 243/ 139.

11- تفسير العيّاشي 1: 243/ 140.

12- تفسير العيّاشي 1: 243/ 141.

13- تفسير العيّاشي 1: 243/ 142.

14- تفسير العيّاشي 1: 244/ 143.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 85

2403/ [15]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عمار بن ياسر، فقال: يا رسول الله، أجنبت الليلة و لم يكن معي ماء؟

قال: كيف صنعت؟

قال: طرحت ثيابي ثم قمت على الصعيد فتمعكت، فقال: هكذا يصنع الحمار، إنما قال الله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، قال: فضرب بيده الأرض، ثم مسح إحداهما على الاخرى، ثم مسح يديه بجبينه، ثم [مسح ] كفيه، كل واحد منهما على الاخرى».

2404/ [16]- و في رواية اخرى، عنه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): صنعت كما يصنع الحمار، إن رب الماء هو رب الصعيد، إنما يجزيك أن تضرب بكفيك ثم تنفضهما، ثم تمسح بوجهك و يديك كما أمرك الله».

2405/ [17]- عن الحسين بن أبي طلحة، قال: سألت عبدا صالحا في قوله: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ما حد ذلك، فإن لم تجدوا بشراء أو بغير شراء، إن وجد قدر وضوئه بمائة ألف أو بألف و كم بلغ؟ قال: «ذلك على قدر جدته».

2406/ [18]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن سعد

بن سعد، عن صفوان، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة و هو لا يقدر على الماء، فوجد قدر ما يتوضأ به، بمائة درهم أو بألف درهم، و هو واجد لها يشتري و يتوضأ، أو يتيمم؟

قال: «لا، بل يشتري، قد أصابني مثل هذا فاشتريت و توضأت، و ما يشترى بذلك مال كثير»».

2407/ [19]- عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله) فاحتلم، فأصابته جنابة، فليتيمم و إلا يمر في المسجد إلا متيمما، و لا بأس أن يمر في سائر المساجد، و لا يجلس في شي ء من المساجد».

2408/ [20]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ يعني ضلوا «2» في أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ يعني أخرجوا الناس من

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 244/ 144.

16- تفسير العيّاشي 1: 244/ 145.

17- تفسير العيّاشي 1: 244/ 146.

18- التهذيب 1: 406/ 1276.

19- التهذيب 1: 407/ 1280.

20- تفسير القمّي 1: 139.

(1) قال الفيض الكاشاني: المراد أنّ الماء المشترى للوضوء بتلك الدراهم مال كثير، لما يترتّب عليه من الثواب العظيم و الأجر الجسيم. و الوافي 6: 556.

(2) في «ط»: يضلّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 86

ولاية أمير المؤمنين، و هو الصراط المستقيم.

سورة النساء(4): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 86

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَ كَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا- إلى قوله تعالى- فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [45- 46] 2409/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله

تعالى: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ- إلى قوله- وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ قال:

نزلت في اليهود.

2410/ [2]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): كانت هذه اللفظة: (راعنا) من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقولون: (راعنا) أي ارع أحوالنا، و اسمع منا كما نسمع منك، و كان في لغة اليهود معناه: اسمع لا سمعت. فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقولون: (راعنا)، و يخاطبون بها، قالوا: كنا نشتم محمدا إلى الآن سرا، فتعالوا الآن نشتمه جهرا، و كانوا يخاطبون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون: (راعنا) يريدون شتمه، ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري، فقال:

يا أعداء الله، عليكم لعنة الله، أراكم تريدون سب رسول الله (صلى الله عليه و آله) جهرا توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا، و الله لا أسمعها من أحد منكم إلا ضربت عنقه، و لولا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم و الاستئذان له و لأخيه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) القيم بأمور الامة نائبا عنه فيها، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا. فأنزل الله: يا محمد مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا و أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا «1» فإنها لفظة يتوصل بها أعداؤكم من اليهود إلى سب «2»

رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سبكم «3» و شتمكم وَ قُولُوا انْظُرْنا «4» أي سمعنا و أطعنا، قولوا بهذه اللفظة، لا بلفظة راعنا، فإنه ليس فيها ما في قولكم: راعنا، و لا يمكنهم أن يتوصلوا إلى الشتم كما يمكنهم بقولهم راعنا وَ اسْمَعُوا «5» ما قال لكم رسول الله (صلى الله عليه و آله) قولا و أطيعوه وَ لِلْكافِرِينَ «6» يعني اليهود الشاتمين لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عَذابٌ أَلِيمٌ «7» وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم، و في الآخرة بالخلود في النار».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 140. [.....]

2- التفسير المنسوب إلى الامام العسكري (عليه السّلام): 478/ 305.

(1) البقرة 2: 104.

(2) في المصدر: شتم.

(3) (و سبّكم) ليس في المصدر.

(4) البقرة 2: 104.

(5) البقرة 2: 104.

(6) البقرة 2: 104.

(7) البقرة 2: 104.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 87

سورة النساء(4): آية 47 ..... ص : 87

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها [47]

2411/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا».

2412/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني- المعروف بابن زينب- قال: [أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة، عن ابن محبوب و] أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، و حدثني محمد بن

يحيى بن عمران، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و حدثني علي ابن محمد و غيره، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب، و حدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): «يا جابر، الزم الأرض، و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها: أولها اختلاف ولد فلان «1» و ما أراك تدرك ذلك، و لكن حدث به من بعدي عني، و مناد ينادي من السماء، و يجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، و تخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية «2»، و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، و مارقة تمرق من ناحية الترك، و يعقبها هرج الروم، و يستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، و سيقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة.

فتلك السنة- يا جابر- فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض تخرب أرض الشام، ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون فيقتله السفياني، و من معه «3»، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، و يمر جيشه

__________________________________________________

1-: 345/ 27.

2- الغيبة: 279/ 67.

(1) في المصدر: اختلاف بني العبّاس.

(2) الجابية: قرية من أعمال دمشق، ثمّ من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصّفّر في شمالي حوران. «معجم البلدان 2: 91».

(3) في المصدر: و من تبعه.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 2، ص: 88

بقرقيسياء «1» فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف.

و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة، و عدتهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو «2» خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا «3»، و معهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة و الكوفة، و يبعث السفياني بعثا إلى المدينة، فينفر المهدي (صلوات الله عليه) منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني بأن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام)».

قال: «و ينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي القوم، فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر، يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم و هم من كلب، و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها». الآية.

قال: «و القائم يومئذ بمكة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به، فينادي: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله، فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد، و نحن أولى الناس بالله و بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، و من حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، و من حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، و من حاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و من حاجني في

النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4»، فأنا بقية من آدم و ذخيرة من نوح، و مصطفى من إبراهيم، و صفوة من محمد (صلى الله عليهم أجمعين).

ألا و من حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا و من حاجني في سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنشد الله من سمع كلامي لما بلغ الشاهد منكم الغائب، و أسألكم بحق الله و حق رسوله (صلى الله عليه و آله) و حقي، فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا، و بغي علينا، و دفعنا عن حقنا، و افترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا، لا تخذلونا، و انصرونا ينصركم الله تعالى».

قال: «فيجمع الله له «5» أصحابه ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، و يجمعهم الله له على غير ميعاد قزعا «6» كقزع

__________________________________________________

(1) قرقيسياء: بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستّة فراس و عندها مصبّ الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور و الفراب. «معجم البلدان 4: 328». [.....]

(2) في المصدر: قبل.

(3) في «ط» نسخة بدل: عنيفا.

(4) آل عمران 3: 33- 34.

(5) في المصدر: عليه.

(6) اقزع: قطع السّحاب المتفرقة. «مجمع البحرين- قزع- 4: 378».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 89

الخريف، و هي- يا جابر- الآية التي ذكرها الله

في كتابه:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ «1»، فيبايعونه بين الركن و المقام، و معه عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد توارثه الأبناء عن الآباء، و القائم- يا جابر- رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة، فما أشكل على الناس من ذلك- يا جابر- فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وارثته العلماء عالما بعد عالم، فإن أشكل هذا كله عليهم، فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه و اسم أمه و أبيه».

2413/ [3]- المفيد: بإسناده عن جابر الجعفي، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في حديث له طويل: «يا جابر، فأول أرض المغرب تخرب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على رايات ثلاث: راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السفياني، فيلقى السفياني الأبقع، فيقتتلون فيقتله و من معه، و يقتل الأصهب، ثم لا يكون لهم هم إلا الإقبال نحو العراق، و يمر جيشه بقرقيسياء، فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين.

و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة، و عدتهم سبعون ألفا «2»، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا، فبينما هم كذلك إذا أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا، و معهم نفر من أصحاب القائم (عليه السلام)، و يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة و الكوفة.

و يبعث السفياني بعثا إلى المدينة، فينفر المهدي (عليه السلام) منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة

خائفا يترقب على سنة موسى ابن عمران (عليه السلام)».

قال: «و ينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي القوم، فتخسف بهم البيداء، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر، يحول الله وجوههم في أقفيتهم، و هم من كلب، و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ يعني القائم (عليه السلام) مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها».

قلت: الحديث تقدم بطوله من طريق المفيد في قوله تعالى:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

«3» من سورة البقرة.

2414/ [4]- العياشي: و روي عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلت في علي مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم، إلى قوله: مفعولا. و أما قوله: مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ يعني مصدقا برسول

__________________________________________________

3- الاختصاص: 256.

4- تفسير العيّاشي 1: 245/ 168.

(1) البقرة 2: 148.

(2) في المصدر: سبعون ألف رجل.

(3) تقدم في الحديث (13) من تفسير الآية (148) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 90

الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة النساء(4): آية 48 ..... ص : 90

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً [48]

2415/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: دخلت الكبائر في الاستثناء؟ قال: «نعم».

2416/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ

اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ هل تدخل الكبائر في المشيئة؟ «1».

فقال: «نعم، ذاك إليه عز و جل، إن شاء عاقب» عليها، و إن شاء عفا».

2417/ [3]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن محمد بن الغالب الشافعي، قال أخبرنا أبو محمد مجاهد بن أعين بن داود، قال: أخبرنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا ثوير، عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) قال: «ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ».

2418/ [4]- و عنه: بإسناده، عن العباس بن بكار الضبي، عن محمد بن سليمان الكوفي البزاز، قال: حدثنا عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «المؤمن على أي حال مات، و في أي يوم مات و ساعة قبض، فهو صديق شهيد، و لقد سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: لو أن المؤمن خرج من الدنيا و عليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب.

ثم قال: من قال: لا إله إلا الله بإخلاص، فهو بري ء من الشرك، و من خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ من محبيك و شيعتك، يا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 140.

2- من لا يحضره الفقيه 3: 376/ 1780.

3- التوحيد: 409/ 8.

4- من لا يحضره

الفقيه 4: 295/ 892. [.....]

(1) في المصدر: في مشيّة اللّه.

(2) في المصدر: عذّب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 91

علي».

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟» قال: إي و ربي، إنه لشيعتك، و إنهم ليخرجون [يوم القيامة] من قبورهم يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب حجة الله، فيؤتون بحلل خضر من الجنة، و أكاليل من الجنة، و تيجان من الجنة، [و نجائب من الجنة] فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، و يوضع على رأسه تاج الملك و إكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1»».

2419/ [5]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أما قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [يعني أنه لا يغفر] لمن يكفر بولاية علي (عليه السلام). و أما قوله: وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ يعني لمن والى عليا (عليه السلام)».

2420/ [6]- عن أبي العباس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركا.

قال: «من ابتدع رأيا «2» فأحب عليه أو أبغض».

2421/ [7]- عن قتيبة الأعشى، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ. قال: «دخل في الاستثناء كل شي ء».

و

في رواية اخرى عنه (عليه السلام): «دخل الكبائر في الاستثناء».

سورة النساء(4): الآيات 49 الي 50 ..... ص : 91

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ- إلى قوله تعالى- يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [49- 50] 2422/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هم الذين سموا أنفسهم بالصديق، و الفاروق، و

ذي النورين.

و قوله تعالى: وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا قال: القشرة التي تكون على النواة [ثم كنى عنهم ]، فقال:

__________________________________________________

5- تفسير العياشي 1: 245/ 149.

6- تفسير العياشي 1: 246/ 150.

7- تفسير العياشي 1: 246/ 151.

1- تفسير القمي 1: 140.

(1) الأنبياء 21: 103.

(2) في «ط»: وليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 92

انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ و هم هؤلاء الثلاثة «1».

سورة النساء(4): الآيات 51 الي 59 ..... ص : 92

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً- إلى قوله تعالى- ظَلِيلًا [51- 57]

2423/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى، عن الحسين بن المختار «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام) فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز و جل».

2424/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن معلى بن محمد، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3» فكان جوابه: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ

أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا يقولون لأئمة الضلالة و الدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً

__________________________________________________

1- الكافي 8: 295/ 452.

2- الكافي 1: 159/ 1.

(1) في المصدر: و هم الذين غاصبوا آل محمد حقهم.

(2) في «س»: عن الحسين عن المختار، و في «ط»: الحسين بن سعيد عن المختار، و الصواب ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 54/ 123، فهرست الطوسي: 55/ 195.

(3) النساء 4: 59.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 93

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير: النقطة في وسط النواة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين. فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول: جعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون به في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً».

2425/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن المحسودون».

2426/ [4]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. فقال: «يا أبا الصباح، نحن [و الله الناس ] المحسودون».

2427/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً، قال: «جعل منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)»؟! قال: قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

2428/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: «الطاعة المفروضة».

2429/ [7]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله عز و جل طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 160/ 2، شواهد التنزيل 1: 143/ 195. [.....]

4-

الكافي 1: 160/ 4.

5- الكافي 1: 160/ 5، قطعة منه في شواهد التنزيل 1: 146/ 200.

6- الكافي 1: 143/ 4.

7- الكافي 1: 143/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 94

2430/ [8]- و عنه: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله) «1»، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث له طويل في صفة الإمام- قال: «قال تعالى في الأئمة من أهل بيت نبيه (صلى الله عليه و آله) و عترته و ذريته (صلوات الله عليهم): أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً».

الشيخ في (التهذيب) «2»: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثل هذا الحديث السابق، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح.

2431/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان- الحديث طويل، و فيه- قال: «قال الله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين، فقال:

يا

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3» يعني الذين قرنهم بالكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما، فقوله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، فالملك ها هنا الطاعة لهم».

2432/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن يونس، عن أبي جعفر الأحوال مؤمن الطاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ؟

قال: «النبوة» قلت: وَ الْحِكْمَةَ؟ قال: «الفهم و القضاء». قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الطاعة المفروضة».

2433/ [11]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ:

__________________________________________________

8- الكافي 1: 157/ 1.

9- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 230/ 1.

10- تفسير القمي 1: 140.

11- بصائر الدرجات: 54/ 3.

(1) في «س، ط»: أبي القاسم بن المعلى، و الصواب ما في المتن، ورد في ترجمة عبد العزيز بن مسلم أنه روى عنه أبو محمد القاسم بن العلاء روآية مبسوطة شريفة فيها بيان مقام الإمام (عليه السلام)، و كان من أهل آذربايجان من وكلاء الناحية، و ممن رأى الحجة (عليه السلام). راجع معجم رجال الحديث 10: 35، 14: 32.

(2) التهذيب 4: 132/ 367.

(3) النساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 95

«فلان و فلان وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى لأئمة الضلال

و الدعاة إلى النار هؤُلاءِ أَهْدى من آل محمد و أوليائهم سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الخلافة و الإمامة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله».

2434/ [12]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد «1»، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ: «فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا «2»».

2435/ [13]- و عنه: عن محمد بن الحسين و يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً: «فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم (عليه السلام) و ينكرونه في آل محمد (عليهم السلام)؟».

قلت: فما معنى قوله: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

2436/ [14]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد الأحوال، عن حمران، قال: قلت له: قول الله تبارك و تعالى: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ؟ قال:

«النبوة» فقلت: وَ الْحِكْمَةَ؟ فقال: «الفهم و القضاء». قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الطاعة».

2437/ [15]- و عنه: عن أبي محمد، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر و علي بن أسباط،

عن محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً.

فقال: «نحن الناس الذين قال الله، و نحن و الله المحسودون، و نحن أهل هذا الملك الذي يعود إلينا».

2438/ [16]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد و عبد الله بن القاسم، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

__________________________________________________

12- بصائر الدرجات: 55/ 5.

13- بصائر الدرجات: 56/ 6.

14- بصائر الدرجات: 56/ 7. [.....]

15- بصائر الدرجات: 56/ 9.

16- مختصر بصائر الدرجات: 61.

(1) زاد في المصدر: عن محمّد بن الحسين، تصحيف صوابه، و محمّد بن الحسين، و هو من مشايخ الصفّار، و الرواة عن ابن أبي عمير، انظر الحديث التالي و معجم رجال الحديث 15: 257.

(2) في المصدر: دون خلق اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 96

في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: «الطاعة المفروضة».

2439/ [17]- و عنه: عن محمد بن عبد الحميد العطار، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: قال: «تعلم ملكا عظيما، ما هو؟». قلت: أنت أعلم جعلني الله فداك، قال: «طاعة الإمام «1» مفروضة».

2440/1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن

سعيد «2» بن عبد الرحمن بن عقدة، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا مسعود بن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس».

2441/ [19]- العياشي: عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فسألته عن قول الله:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3».

قال: فكان جوابه أن قال: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ فلان و فلان وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا و يقول الأئمة الضالة و الدعاة إلى النار:

هؤلاء أهدى من آل محمد و أوليائهم سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير:

النقطة التي رأيت في وسط النواة. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فنحن المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعا. فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى قوله: وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا».

قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ما الملك العظيم؟

قال: «أن جعل منهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

__________________________________________________

17- مختصر

بصائر الدرجات: 62.

18- الأمالي 1: 278، مناقب ابن المغازلي: 267/ 314، الصواعق المحرقة: 152، ينابيع المودة: 121 و 274.

19- تفسير العيّاشي 1: 246/ 153.

(1) في المصدر: طاعة اللّه.

(2) في «س، ط»: أبو مسعود بن سعد، و الصواب ما في المتن، و كنيته أبو سعد الجعفي، روى عنه أبو غسان. راجع رجال الشيخ الطوسي:

317/ 603، معجم رجال الحديث 18: 143.

(3) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 97

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، و أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «1».

2442/ [20]- عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا الصباح، نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

2443/ [21]- عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بينما موسى بن عمران يناجي ربه و يكلمه إذ رأى رجلا تحت ظل عرش الله تعالى، فقال: يا رب، من هذا الذي قد أظله عرشك؟ فقال: يا موسى، هذا ممن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله».

2444/ [22]- عن أبي سعيد المؤدب، عن ابن عباس في قوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس، و فضله: النبوة».

2445/ [23]- عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام): «مُلْكاً عَظِيماً أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهذا ملك عظيم وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً».

2446/ [24]- و عنه: في رواية أخرى،

قال: «الطاعة المفروضة».

2447/ [25]- حمران، عنه (عليه السلام): فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ قال: «النبوة» وَ الْحِكْمَةَ قال:

«الفهم و القضاء» مُلْكاً عَظِيماً قال: «الطاعة».

2448/ [26]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ فهو النبوة وَ الْحِكْمَةَ فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة».

2449/ [27]- عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و عنده إسماعيل ابنه، يقول: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية، قال: فقال: الملك العظيم: افتراض من الطاعة، قال:

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ».

قال: فقلت: استغفر الله، فقال لي إسماعيل: لم يا داود؟ قلت: لأني كثيرا من قرأتها (و منهم من يؤمن به و منهم

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 247/ 155.

21- تفسير العيّاشي 1: 248/ 156.

22- تفسير العيّاشي 1: 248/ 157، شواهد التنزيل 1: 143/ 196.

23- تفسير العيّاشي 1: 248/ 158، شواهد التنزيل 1: 146/ 200. [.....]

24- تفسير العيّاشي 1: 248/ 159.

25- تفسير العيّاشي 1: 248/ 160.

26- تفسير العيّاشي 1: 248/ 161.

27- تفسير العيّاشي 1: 248/ 162.

(1) تفسير العيّاشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 98

من صد عنه). قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هو «1»، فمن هؤلاء ولد إبراهيم من آمن بهذا، و منهم من صد عنه».

2450/ [28]- سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث يخاطب فيه معاوية- قال له: «لعمري- يا معاوية- لو ترحمت عليك و على طلحة و الزبير ما كان ترحمي عليكم و استغفاري لكم إلا لعنة «2» عليكم و عذابا، و ما أنت و طلحة و الزبير

بأحقر «3» جرما، و لا أصغر ذنبا، و لا أهون بدعا و ضلالة ممن استوثقا لك «4» و لصاحبك الذي تطلب بدمه، و هما وطئا «5» لكما ظلمنا أهل البيت و حملاكما «6» على رقابنا. فإن الله عز و جل يقول: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى آخر الآيات، فنحن الناس، و نحن المحسودون، و قوله: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فالملك العظيم أن يجعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فلم قد أقروا «7» بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! يا معاوية، إن تكفر بها أنت و صويحبك «8»، و من قبلك من الطغاة من أهل اليمن و الشام، و من أعراب ربيعة «9» و مضر و جفاة الامة «10»، فقد وكل الله بها قوما ليسوا بها بكافرين».

2451/ [29]- ابن شهر آشوب: عن أبي الفتوح الرازي في (روض الجنان) بما ذكره أبو عبد الله المرزباني، بإسناده، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في علي (عليه

السلام).

__________________________________________________

28- كتاب سليم بن قيس: 156.

29- مناقب ابن شهر آشوب 3: 213، تفسير الحبري: 255/ 19.

(1) أي إنّ الصحيح هو الذي قرأته لك.

(2) في المصدر: و استغفاري ليحق باطلا، بل يجعل اللّه ترحمي عليكم و استغفاري لكم لعنة.

(3) في «ط»: بأعظم.

(4) في المصدر: استنالك.

(5) في المصدر: و وطئا لكم.

(6) في المصدر: و حملاكم.

(7) في المصدر: عصى اللّه و الكتاب و الحكمة و النبوة، فلم يقرون. [.....]

(8) في المصدر: و صاحبك.

(9) في المصدر: و الأعراب أعراب ربيعة.

(10) في «ط»: الناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 99

2452/ [30]- و عنه، قال: و حدثني أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان): المراد بالناس النبي و آله.

و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «المراد بالفضل فيه النبوة، و في علي الإمامة».

2453/ [31]- و من طريق المخالفين، ما رواه ابن المغازلي: يرفعه إلى محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس، و الله».

2454/ [32]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ: يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هم سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار (رضي الله عنهم) وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ و هم غاصبوا آل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم و من تبعهم ] قال: فيهم نزلت وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ثم ذكر عز و جل ما قد أعده لهؤلاء الذين قد تقدم ذكرهم و غصبهم، قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً.

2455/ [33]- علي بن إبراهيم، قال: الآيات: أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام).

2456/ [34]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي

بن عاصم الزفري «1»، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو «2» أيوب الشاذكوني المنقري، قال: حدثنا حفص بن غياث القاضي، قال: كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد (عليهما السلام) لما أقدمه المنصور، فأتاه ابن أبي العوجاء، و كان ملحدا، فقال له: ما تقول في هذه الآية: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ هب هذه الجلود عصت فعذبت، فما بال الغير «3»؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك، هي هي، و هي غيرها».

قال: أعقلني هذا القول. فقال له: «أ رأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها، ثم صب عليها الماء و جبلها، ثم ردها إلى هيئتها الاولى، ألم تكن هي هي، و هي غيرها»؟ فقال: بلى، أمتع الله بك.

2457/ [35]- و في كتاب (الاحتجاج): عن حفص بن غياث، قال: شهدت المسجد الحرام و ابن أبي العوجاء يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ما ذنب الغير؟ قال: «ويحك، هي هي، و هي غيرها».

قال: فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا، قال: «نعم، أ رأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها فهي هي، و هي غيرها».

__________________________________________________

30- مناقب ابن شهر آشوب 3: 213، مجمع البيان 3: 95.

31- مناقب ابن المغازلي: 267/ 314، الصواعق المحرقة: 152، ينابيع المودة: 121 و 274.

32- تفسير القمّي 1: 140.

33- تفسير القمّي 1: 141.

34- أمالي الشيخ الطوسي 2: 193.

35- الاحتجاج: 354.

(1) في «ط»: البزوفري.

(2) في «س، ط»: بن، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 184/ 488.

(3) في المصدر: الغيرية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 100

2458/ [36]- علي بن إبراهيم، قال: قيل لأبي عبد

الله (عليه السلام): كيف تبدل جلودا غيرها؟

قال: «أ رأيت لو أخذت لبنة فكسرتها و صيرتها ترابا، ثم ضربتها «1» في القالب التي كانت، أ هي التي كانت، إنما هي تلك و حدث تغيير «2» آخر، و الأصل واحد».

2459/ [37]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر المؤمنين المقرين بولاية آل محمد (عليهم السلام) فقال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا.

2460/ [38]- ابن بابويه، في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ. قال: «الأزواج المطهرة: اللاتي لا يحضن و لا يحدثن».

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ- إلى قوله تعالى- سَمِيعاً بَصِيراً [58]

2461/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.

فقال: «إيانا عنى، أن يؤدي الإمام الأول منا إلى الإمام الذي بعده الكتب و العلم و السلاح، وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم».

2462/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها.

قال: «هم الأئمة من آل محمد (صلى

الله عليه و آله) أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده، و لا يخص بها غيره، و لا

__________________________________________________

36- تفسير القمّي 1: 141.

37- تفسير القمّي 1 لا 141. [.....]

38- من لا يحضره الفقيه 1: 50/ 195.

1- الكافي 1: 217/ 1.

2- الكافي 1: 217/ 2.

(1) في «ط»: صيرتها.

(2) في المصدر: تفسيرا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 101

يزويها عنه».

2463/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها.

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) يؤدي الإمام إلى الإمام من بعده، و لا يخص بها غيره، و لا يزويها عنه».

2464/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور، عن معلى بن خنيس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها. قال: «أمر الله الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شي ء عنده».

2465/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و وهيب بن حفص، جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ.

قال:

«هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل».

2466/ [6]- و عنه: أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.

فقال: «أمر الله الإمام منا أن يؤدي الإمامة «1» إلى الإمام الذي بعده، ليس له أن يزويها عنه، ألا تسمع إلى قوله تعالى: وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ هم الحكام- يا زرارة- أو لا ترى أنه خاطب بها الحكام؟!».

2467/ [7]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه و الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، [و محمد بن الحسين أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير]، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ. قال: «إنما عنى أن يؤدي الإمام الأول منا إلى الإمام الذي يكون بعده، الكتب و السلاح».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 218/ 3.

4- الكافي 1: 218/ 4.

5- الغيبة: 51/ 2.

6- الغيبة: 54/ 5.

7- مختصر بصائر الدرجات: 5.

(1) في «ط»: الأمانة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 102

و قوله: وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ قال: «إذا ظهرتم حكمتم بالعدل الذي في أيديكم».

2468/ [8]- العياشي: عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر

(عليه السلام) و سألته عن قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها إلى سَمِيعاً بَصِيراً.

قال: «إيانا عنى، أن يؤدي الأول منا إلى الإمام الذي بعده، الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم».

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «1».

2469/ [9]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «الإمام يعرف بثلاث خصال: أنه أولى الناس بالذي كان قبله، و أنه عنده سلاح النبي (صلى الله عليه و آله)، و عنده الوصية، و هي التي قال الله في كتابه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها- و قال- إن السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح، كما كان يدور حيث دار التابوت».

2470/ [10]- الحلبي، عن زرارة أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها يقول: أدوا الولاية إلى أهلها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ قال: هم آل محمد (عليه و آله السلام).

2471/ [11]- و في رواية محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام): «هم الأئمة من آل محمد، يؤدي الإمام الأمانة إلى الإمام بعده، و لا يخص بها غيره، و لا يزويها عنه».

2472/ [12]- أبو جعفر (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ، قال: «فينا نزلت، و الله المستعان».

2473/ [13]- و في رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ،

قال: «أمر الله الإمام أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، و أمر الأئمة أن يحكموا بالعدل، و أمر الناس أن يطيعوهم».

2474/ [14]- ابن شهر آشوب: قال: قال الصادق (عليه السلام) في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها:

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 1: 246/ 153.

9- تفسير العياشي 1: 249/ 163.

10- تفسير العياشي 1: 249/ 164. [.....]

11- تفسير العياشي 1: 249/ 165.

12- تفسير العياشي 1: 249/ 166.

13- تفسير العياشي 1: 249/ 167.

14- المناقب 1: 252.

(1) تفسير العياشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 103

«يؤدي الإمام «1» إلى إمام عند وفاته».

2475/ [15]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ؟

قال: «على الإمام أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، و أمرت الأئمة بالعدل، و أمر الناس أن يتبعوهم».

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا [59]

2476/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدثنا محمد بن همام، عن جعفر «2» بن محمد الفزاري، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث، قال: حدثني المفضل بن عمر، عن يونس ابن ظبيان،

عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله عز و جل على نبيه محمد (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت: يا رسول الله، عرفنا الله و رسوله، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟

فقال (صلى الله عليه و آله): «هم خلفائي- يا جابر- و أئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، ستدركه- يا جابر- فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي و كنيي حجة الله في أرضه، و بقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان».

قال جابر: فقلت له: يا رسول الله، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

__________________________________________________

15- التهذيب 6 لا 223/ 533.

1- كمال الدين و تمام النعمة: 253/ 3.

(1) في المصدر: يعني يوصي إمام.

(2) في «س، ط»: حفص، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 122/ 313.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 104

فقال (عليه السلام): «إي و الذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس، و إن تجلاها «1» سحاب. يا جابر، هذا، من مكنون سر الله، و مخزون علم

الله، فاكتمه إلا عن أهله».

2477/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم عن أبيه «2»، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إنا نكلم الناس «3» فنحتج عليهم بقول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فيقولون: نزلت في [أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «4» إلى آخر الآية فيقولون نزلت في ] المؤمنين، و نحتج عليهم بقول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «5» فيقولون: نزلت في قربى المسلمين. قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلا ذكرته، فقال لي: «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت: و كيف أصنع.

فقال: «أصلح نفسك». ثلاثا- و أظنه قال:- «و صم و اغتسل، و ابرز أنت و هو إلى الجبان «6»، فتشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه و ابدأ بنفسك و قل: اللهم رب السماوات السبع، و رب الأرضين السبع، عالم الغيب و الشهادة، الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء و عذابا أليما، ثم رد الدعوة عليه، فقل: و إن كان فلان جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما». ثم قال لي: «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه». فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.

2478/ [3]- و عنه: بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الساعة التي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».

2479/ [4]- و عنه: عن الحسين

بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ «7»، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز ذكره: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ «8».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 372/ 1.

3- الكافي 2: 373/ 2.

4- الكافي 1: 217/ 1.

(1) في المصدر: تجلّلها.

(2) (عن أبيه) من المصدر، و هو الصواب، انظر رجال النجاشي: 327/ 887. [.....]

(3) في «س، ط»: نكلم الكلام.

(4) المائدة: 5: 55.

(5) الشورى 42: 23.

(6) الجبّان: الصحراء. «مجمع البحرين- جبن- 6: 224».

(7) في «س» و «ط»: عابد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشيّ: 98/ 246، رجال الشيخ الطوسي: 143/ 14.

(8) النساء 4: 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 105

فقال: «إيانا عنى، أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده، الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم للناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ إيانا عنى خاصة، أمر «1» جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا (فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله و إلى الرسول و اولي الأمر منكم) كذا نزلت، و كيف يأمرهم الله عز و جل بطاعة ولاة الأمر، و يرخص في منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

2480/ [5]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قولنا في الأوصياء: إن طاعتهم مفروضة «2».

قال: فقال:

«نعم، هم الذين قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و هم الذين «3» قال الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا «4»».

2481/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس و علي بن محمد، عن سهل بن زياد أبي سعيد «5»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

فقال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)».

فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا و أهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عز و جل.

قال: «فقولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزلت عليه الصلاة و لم يسم الله لهم ثلاثا و لا أربعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهما، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا «6»، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم.

و نزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي و الحسن و الحسين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام): ألا من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال (عليه السلام): أوصيكم بكتاب الله

__________________________________________________

5- الكافي

1: 143/ 7.

6- الكافي 1: 226/ 1.

(1) في «ط»: من.

(2) في المصدر: مفترضة.

(3) (قال اللّه عزّ و جلّ ... و هم الذين) ليس في «ط».

(4) المائدة 5: 55.

(5) في «س»: سهل بن زياد بن سعيد بن عيسى، و في «ط»: سهل بن زياد، عن أبي سعيد بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، لأنّ أبا سعيد كنية سهل بن زياد، و هو يروي عن ابن عيسى، و يروي الأخير عن يونس جميع كتبه، راجع رجال النجاشي: 185/ 490 و: 448/ 1208 و معجم رجال الحديث 20: 181.

(6) أي سبع مرّات. «النهاية 2: 336». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 106

و أهل بيتي، فإني سألت الله عز و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. و قال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان و آل فلان، و لكن الله عز و جل أنزل في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء في بيت أم سلمة، و قال: اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا، و هؤلاء أهلي «2» و ثقلي، فقالت ام سلمة: أ لست من أهلك؟ فقال لها: إنك إلى خير، و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي

أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إقامته للناس و أخذه بيده، فلما مضى علي (عليه السلام) لم يستطع علي، و لم يكن ليفعل، أن يدخل محمد بن علي و العباس بن علي و لا واحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين: إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها «3» لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «4» فيحلها «5» في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام) فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي».

و قال: «الرجس: هو الشك، و الله لا نشك في

ربنا أبدا».

2482/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه) يقول، و أتاه رجل فقال له: [ما]

__________________________________________________

7- الكافي 2: 304/ 1، ينابيع المودة: 116.

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في المصدر: أهل بيتي.

(3) في «ط»: به.

(4) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

(5) في المصدر: فيجعلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 107

أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، و أدنى ما يكون به العبد كافرا، و أدنى ما يكون به العبد ضالا؟

فقال له: «قد سألت فافهم الجواب، أما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك و تعالى نفسه فيقر له بالطاعة، و يعرفه نبيه (صلى الله عليه و آله) فيقر له بالطاعة، و يعرفه إمامه و حجته في أرضه و شاهده على خلقه فيقر له بالطاعة».

فقلت: يا أمير المؤمنين، و إن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت! قال: «نعم، إذا أمر أطاع، و إذا نهي انتهى، و أدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه أن الله أمر به، و نصبه دينا يتولى عليه و يزعم أنه يعبد الذي أمره به، و إنما يعبد الشيطان، و أدنى ما يكون العبد به ضالا، أن لا يعرف حجة الله تبارك و تعالى و شاهده على عباده الذي أمر الله عز و جل بطاعته، و فرض ولايته».

قلت: يا أمير المؤمنين، صفهم لي. قال: «الذين قرنهم الله تعالى بنفسه و نبيه، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

فقلت: يا أمير

المؤمنين، جعلني الله فداك، أوضح لي، فقال: «الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في آخر خطبته يوم قبضه الله عز و جل إليه: إني قد تركت فيكم أمرين، لن تضلوا بعدي إن «1» تمسكتم بهما: كتاب الله عز و جل، و عترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين- و جمع بين مسبحتيه- و لا أقول كهاتين- و جمع بين المسبحة و الوسطى- فتسبق إحداهما الاخرى، فتمسكوا بهما لا تزلوا، و لا تضلوا، و لا تتقدموهم فتضلوا».

2483/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن عيسى ابن السري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حدثني عما تثبتت «2» عليه دعائم الإسلام، إذا أنا أخذت بها زكا عملي، و لم يضرني جهل ما جهلت بعده.

فقال: «شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء به من عند الله، و حق في الأموال من الزكاة، و الولاية التي أمر الله عز و جل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه و آله)- قال- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان علي (عليه السلام)، ثم صار من بعده الحسن، ثم الحسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمد بن علي، و هكذا يكون الأمر، إن الأرض لا تصلح إلا بإمام، و من مات لا يعرف إمامه

مات ميتة جاهلية، و أحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ها هنا- قال: و أهوى بيده إلى صدره- و يقول حينئذ:

لقد كنت على أمر حسن».

__________________________________________________

8- الكافي 2: 18/ 9.

(1) في المصدر: ما إن.

(2) في المصدر: بنيت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 108

24842484/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: تلا أبو جعفر (عليه السلام): «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى اولي الأمر منكم- قال- كيف يأمر بطاعتهم، و يرخص في منازعتهم، إنما قال ذلك للمأمورين «1» الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ».

2485/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قال: «الأئمة من ولد علي و فاطمة (صلوات الله عليهما) إلى أن تقوم الساعة».

2486/ [11]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): لأي شي ء يحتاج إلى النبي و الإمام؟

فقال: «لبقاء العالم على صلاحه، و ذلك أن

الله عز و جل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيهم نبي أو إمام، قال الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ «2». و قال النبي (صلى الله عليه و آله): النجوم أمان لأهل السماء، و أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون، و إذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون».

2487/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت: فإن تنازعتم في شي ء فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى اولي الأمر منكم».

2488/ [13]- محمد بن إبراهيم النعماني: بإسناده عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لعلي (عليه السلام)،- و ذكر حديثا قال فيه:- قال (عليه السلام): «كنت أنا أدخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل يوم دخلة، و كل ليلة دخلة، فيخليني فيها، و قد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، و كنت إذا سألت «3» أجابني، و إذا سكت «4» ابتدأني، و دعا الله أن يحفظني و يفهمني،

__________________________________________________

9- الكافي 8: 184/ 212.

10- كما الدين و تمام النعمة: 222/ 8.

11- علل الشرائع: 123/ 1 باب 103.

12- تفسير القمّي 1: 141.

13- الغيبة 80/ 10. [.....]

(1) في «ط»: للمارقين.

(2) الأنفال 8: 33.

(3) في المصدر: ابتدأت.

(4) في المصدر زيادة: عنه و فنيت مسائلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 109

فما نسيت شيئا أبدا منذ دعا لي، و إني قلت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): يا نبي الله، إنك منذ دعوت

لي بما دعوت لم أنس شيئا مما تعلمني، فلم «1» تمليه علي، و لم تأمرني بكتبه، أ تتخوف علي النسيان؟

فقال: يا أخي، لست أتخوف عليك النسيان و لا الجهل، و قد أخبرني الله عز و جل أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعد ذلك و إنما تكتبه لهم.

قلت: يا رسول الله، و من شركائي؟ فقال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

قلت: يا نبي الله، و من هم؟ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم خذلان من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقونه و لا يفارقهم، بهم تنصر امتي و يمطرون، و يدفع عنهم بمستجابات «2» دعواتهم.

قلت: يا رسول الله، سمهم لي. فقال: ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسن (عليه السلام)، ثم ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)، ثم ابن له على اسمك يا علي، ثم ابن له اسمه محمد بن علي، ثم أقبل على الحسين (عليه السلام)، فقال: سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر إماما.

قلت: يا نبي الله، سمهم لي فسماهم رجلا رجلا، منهم و الله- يا أخا بني هلال- مهدي امة محمد «3»، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

2489/ [14]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب،

قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر، فقال: «نحن حزب الله الغالبون، و عترة رسوله الأقربون، و أهل بيته الطيبون الطاهرون، و أحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أمته، و الثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شي ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و المعول علينا في تفسيره، و لا نتظنن «4» تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز و جل و رسوله مقرونة. قال الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ، وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5»

__________________________________________________

14- الأمالي 1: 121.

(1) في المصدر: لم أنس ممّا علّمتني شيئا و ما.

(2) في المصدر: بعظائم.

(3) في المصدر: مهديّ هذه الامة، الذي.

(4) التظنّن: إعمال الظن.

(5) النساء 4: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 110

و أحذركم «1» الإصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ «2» فتلفون «3» إلى الرماح وزرا «4»، و إلى السيوف جزرا «5»، و للعمد حطما «6»، و إلى السهام غرضا، ثم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «7»».

قلت: و روى هذا الحديث الشيخ

المفيد في (أماليه) بالسند و المتن «8».

2490/ [15]- و في (الاختصاص) للشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ فقال: «هم الذين قال الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، و هم الذين قال الله:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «9»».

2491/ [16]- العياشي، عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فسألته عن قول الله:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

قال: فكان جوابه أن قال: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ- فلان و فلان- وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا يقول الأئمة الضالة و الدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد و أوليائهم سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة. فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير: النقطة التي رأيت في وسط النواة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فنحن المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعا فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول:

فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)!

__________________________________________________

15- الاختصاص: 277.

16- تفسير العيّاشي 1: 246/ 153.

(1) في «ط»: احذروا.

(2) الأنفال

8: 48. [.....]

(3) في «ط» و المصدر: تلقون.

(4) الوزر: الملجأ و المعقل، أي تكونون معاقل للرماح تأوي إليكم.

(5) الجزر: اللحم الذي تأكله السباع، و يقال: تركوهم جزرا، إذا قتلوهم.

(6) الحطم: جمع حطمة، الكسارة، أي تلفون للعمد طعاما.

(7) الأنعام 6: 158.

(8) أمالي الشيخ المفيد: 348/ 4.

(9) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 111

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى قوله: وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا «1»».

قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ما الملك العظيم؟

قال: «أن جعل منهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

قال: ثم قال: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها إلى سَمِيعاً بَصِيراً «2»- قال:- إيانا عنى، أن يؤدي الأول منا إلى الإمام الذي بعده الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم، ثم قال للناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ إيانا عنى خاصة، فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوا إلى الله و إلى الرسول و اولي الأمر منكم، هكذا نزلت، و كيف يأمرهم بطاعة أولي الأمر و يرخص لهم في منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «3».

2492/ [17]- عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن هذه الآية: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ

مِنْكُمْ، قال: «الأوصياء».

2493/ [18]- و في رواية أبي بصير، عنه (عليه السلام)، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قلت له: إن الناس يقولون لنا فما منعه أن يسمي عليا (عليه السلام) و أهل بيته في كتابه؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «قولوا لهم: إن الله أنزل على رسوله الصلاة و لم يسم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و أنزل الحج فلم ينزل طوفوا أسبوعا حتى فسر ذلك لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و الله أنزل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فنزلت في علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و قال في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أوصيكم بكتاب الله و أهل بيتي، إني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال: فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلال و لو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لم يبين أهلها لادعاها آل عباس و آل عقيل و آل فلان و آل فلان، و لكن أنزل الله في كتابه:

__________________________________________________

17- تفسير العياشي 1: 249/ 168.

18- تفسير العياشي 1: 249/ 169.

(1) النساء 4: 51- 57.

(2) النساء 4: 58.

(3) تفسير العياشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 112

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السلام) تأويل هذه الآية، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه

و آله) بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم) فأدخلهم تحت الكساء في بيت أم سلمة، و قال: اللهم إن لكل نبي ثقلا و أهلا فهؤلاء ثقلي و أهلي، فقالت أم سلمة: أ لست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير، و لكن هؤلاء ثقلي و أهلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي (عليه السلام) أولى الناس بها لكبره، و لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأقامه و أخذ بيده، فلما حضر «2» لم يستطع علي (عليه السلام) و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين: أنزل الله فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فينا كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك.

فلما مضى علي كان الحسن أولى بها لكبره، فلما حضر الحسن بن علي (عليه السلام) لم يستطع و لم يكن ليفعل أن يقول أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فيجعلها لولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أنزل الله في كما أنزل الله فيك و في أبيك، و أمر بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و أذهب الرجس عني كما أذهب الرجس عنك و عن أبيك.

فلما أن صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يبق أحد يستطيع أن يدعي كما يدعي هو على أبيه و على أخيه، و هنالك جرى، إن الله عز و جل يقول: «3» وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «4» ثم صارت من بعد الحسين إلى علي

بن الحسين، ثم من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «الرجس هو الشك، و الله لا نشك في ديننا أبدا».

2494/ [19]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله تعالى، فذكر نحو هذا الحديث، و قال فيه زيادة: «فنزلت عليه الزكاة فلم يسم الله من كل أربعين درهما حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم» و ذكر في آخره قال: «فلما أن صارت إلى الحسين، لم يكن أحد من أهله يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه (عليهم السلام)، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين ابن علي (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «5» ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي (صلوات الله عليهم)».

__________________________________________________

19- تفسير العيّاشي 1: 251/ 170.

(1) الأحزاب 33: 33. [.....]

(2) أي حضره الموت، و في «ط»: مضى.

(3) انظر الحديث الآتي، و الحديث (6) المتقدّم في تفسير هذه الآيات، و فيهما: «ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين بن علي (عليهما السّلام)، فجرى تأويل هذه الآية ...».

(4) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

(5) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 113

2495/ [20]- عن أبان، أنه دخل على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: فسألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

فقال: «ذلك علي بن أبي طالب (عليه

السلام)» ثم سكت، قال: فلما طال سكوته، قلت: ثم من قال: «ثم الحسن».

ثم سكت، فلما طال سكوته، قلت: ثم من؟ قال: «ثم الحسين» قلت: ثم من؟ قال: «علي بن الحسين» و سكت، فلم يزل يسكت عند كل واحد حتى أعيد المسألة فيقول، حتى سماهم إلى آخرهم (صلوات الله عليهم).

2496/ [21]- عن عمران الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنكم أخذتم هذا الأمر من جذوه- يعني من أصله- عن قول الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما إن تمسكتم به لن تضلوا، لا من قول فلان، و لا من قول فلان».

2497/ [22]- عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ. قال: «هي في علي و في الأئمة (عليهم السلام) جعلهم الله مواضع الأنبياء، غير أنهم لا يحلون شيئا و لا يحرمونه».

2498/ [23]- عن حكيم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم؟ فقال لي: «أولئك علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر أنا، فاحمدوا الله الذي عرفكم أئمتكم و قادتكم حين جحدهم الناس».

2499/ [24]- عن عيسى «1» بن السري، قال: قلت لأبي عبد الله: أخبرني عن دعائم الإسلام التي بنى الله تعالى عليها الدين الرضي، لا يسع أحدا التقصير في شي ء منها، التي من قصر عن معرفة شي ء منها فسد عليه دينه، و لم يقبل منه عمله، و من عرفها و عمل بها صلح له دينه،

و قبل منه عمله، و لم يضره ما هو فيه بجهل شي ء من الأمور إن جهله.

فقال: «نعم، شهادة أن لا إله إلا الله، و الإيمان برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء من عند الله و حق من الأموال الزكاة، و الولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد».

قال: «و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، فكان الإمام علي (عليه السلام)، ثم كان الحسن بن علي، ثم كان الحسين بن علي، ثم كان علي بن الحسين، ثم كان محمد بن علي أبو جعفر (عليه السلام)، و كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر (عليه السلام) و هم لا يعرفون مناسك حجهم، و لا حلالهم و لا

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 251/ 171.

21- تفسير العيّاشي 1: 251/ 172.

22- تفسير العيّاشي 1: 252/ 173.

23- تفسير العيّاشي 1: 252/ 174.

24- تفسير العيّاشي 1: 252/ 175.

(1) في «ط، س» و المصدر: يحيى، و ما أثبتناه من البحار 68: 387/ 37، انظر جامع الرواة 1: 653.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 114

حرامهم، حتى كان أبو جعفر (عليه السلام) فنهج «1» لهم و بين مناسك حجهم، و حلالهم و حرامهم، حتى استغنوا عن الناس، و صار الناس يتعلمون منهم، بعد ما كانوا يتعلمون من الناس، و هكذا يكون الأمر، و الأرض لا تكون إلا بإمام».

2500/ [25]- عن عمرو بن سعيد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام)، عن قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الأوصياء من بعده».

2501/ [26]- عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت عليا

(عليه السلام) يقول: «ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) آية من القرآن إلا أقرأنيها و أملاها علي، فأكتبها بخطي، و علمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و دعا الله لي أن يعلمني فهمها و حفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، و لا علما أملاه علي فكتبته مذ دعا لي، و ما ترك شيئا «2» علمه الله من حلال و لا حرام، و لا أمر و لا نهي، كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته، فلم أنس منه حرفا واحدا. ثم وضع يده على صدري، و دعا الله لي أن يملأ قلبي علما و فهما و حكمة و نورا، فلم أنس شيئا و لم يفتني شي ء لم أكتبه. فقلت: يا رسول الله، أ تخوفت علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لست أتخوف عليك نسيانا و لا جهلا، و قد أخبرني ربي أنه استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله، و من شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي، فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الأئمة.

فقلت: يا رسول الله، و من هم؟ فقال: الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقهم و لا يفارقونه، بهم تنصر امتي، و بهم يمطرون، و بهم يدفع عنهم، و بهم يستجاب دعاؤهم.

فقلت: يا رسول الله، سمهم لي. فقال لي: ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له:

علي و سيولد في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي أنت و أمي سمعهم، فسماهم لي رجلا رجلا، فيهم و الله- يا أخا بني هلال- مهدي امة محمد الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، و الله إني لأعرف من يبايعه بين الركن و المقام، و أعرف أسماءهم و أسماء آبائهم و قبائلهم». و ذكر الحديث بتمامه.

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 1 لا 253/ 176.

26- تفسير العيّاشي 1 لا 253/ 177.

(1) في المصدر: فحج.

(2) في المصدر: فكتبته بيدي على ما دعا لي و ما نزل شي ء. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 115

2502/ [27]- عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فإن تنازعتم في شي ء فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منكم».

2503/ [28]- و في رواية عامر بن سعيد الجهني، عن جابر، عنه: وَ أُولِي الْأَمْرِ من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

2504/ [29]- ابن شهر آشوب: سأل الحسن بن صالح بن حي جعفر الصادق (عليه السلام) عن ذلك. فقال: «الأئمة من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2505/ [30]- (تفسير مجاهد): إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) حين خلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فقال: «يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان»؟ فقال: «يا أمير المؤمنين، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، حين قال له: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ» «1». فقال: « [بلى و] الله».

وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولاه الله أمر الامة بعد محمد، و حين خلفه رسول

الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فأمر الله العباد بطاعته و ترك خلافه.

2506/ [31]- و في (إبانة الفلكي): إنها نزلت لما شكا أبو بردة من علي (عليه السلام)، الخبر.

سورة النساء(4): آية 60 ..... ص : 115

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً [60] 2507/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الزبير بن العوام، فإنه نازع رجلا من اليهود في حديقة، فقال الزبير:

ترضى بابن شيبة اليهودي؟ فقال اليهودي: ترضى بمحمد؟ فأنزل الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ إلى آخر الآية.

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 254/ 178.

28- تفسير العيّاشي 1: 254، ذيل الحديث 178.

29- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15، ينابيع المودة: 114.

30- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15، شواهد التنزيل 1: 168/ 203، ينابيع المودة: 114 «قطعة منه».

31- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15.

1- تفسير القمّي 1: 141.

(1) الأعراف 7: 142.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 116

2508/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، قول الله عز و جل في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ «1».

فقال: «يا أبا بصير، إن الله عز و جل قد علم أن في الامة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام العدل، و لكنه عنى حكام الجور. يا أبا محمد، إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته

إلى حكام «2» أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، و هو قول الله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ».

2509/ [3]- و عنه: بإسناده عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أيما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه و بينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» الآية.

2510/ [4]- العياشي: عن يونس مولى علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كانت بينه و بين أخيه منازعة فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما، فأبى إلا أن يرافعه إلى السلطان، فهو كمن حاكم «3» إلى الجبت و الطاغوت، و قد قال الله: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ إلى قوله: بَعِيداً».

2511/ [5]- أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ.

فقال: «يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن حاكم إلى

الطاغوت».

سورة النساء(4): آية 61 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً [61]

__________________________________________________

2- التهذيب 6: 219/ 517.

3- التهذيب 6: 220/ 519.

4- تفسير العيّاشي 1: 254/ 179.

5- تفسير العيّاشي 1: 254/ 180.

(1) البقرة 2: 188.

(2) في المصدر في موضعين: حكم.

(3) في «ط»: حكم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 117

2512/ [1]- علي بن إبراهيم: هم أعداء آل محمد (صلى الله عليه و آله) كلهم جرت فيهم هذه الآية.

سورة النساء(4): الآيات 62 الي 63 ..... ص : 117

قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَ تَوْفِيقاً- إلى قوله تعالى- بَلِيغاً [62- 63] 2513/ [2]- علي بن إبراهيم: فهذا مما تأويله بعد تنزيله في القيامة، تنزيله: إذا بعثهم الله حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إنما أردنا بما فعلنا من إزالة الخلافة عن موضعها إلا إحسانا و توفيقا، و الدليل على أن ذلك في القيامة،

ما حدثني به أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن أبي عبد الله و عن أبي جعفر (عليهما السلام)، قالا: «المصيبة هي الخسف و الله بالمنافقين عند الحوض، قول الله فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَ تَوْفِيقاً».

2514/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ يعني من العداوة لعلي (عليه السلام) في الدنيا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً أي أبلغهم في الحجة عليهم و أخر أمرهم إلى يوم القيامة.

2515/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد «1»، عن أبي جنادة الحصين بن المخارق بن

عبد الرحمن بن «2» ورقاء بن حبشي بن جنادة السلولي صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) «3»، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 142.

2- تفسير القمّي 1: 142.

3- تفسير القمّي 1: 142.

4- الكافي 8: 184/ 211.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد، عن ابن خالد، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو من شيوخ علي بن إبراهيم، انظر معجم رجال الحديث 2: 271.

(2) في «س» و «ط»: عن، تصحيف صوابه ما في المتن، ترجم له النجاشي في رجاله: 145/ 376 و ساق نسبه كما في المتن، و ذكر له كتاب التفسير و القراءات.

(3) المراد أنّ حبشي صاحب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 118

«فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء و سبق لهم العذاب «1» وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «2»».

2516/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد «3» بن إسماعيل و غيره، عن منصور بن يونس «4»، عن ابن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً: «يعني- و الله- فلانا و فلانا».

2517/ [5]- العياشي: عن منصور بزرج، عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، قال: «الخسف- و الله- عند الحوض بالفاسقين».

عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

2518/ [6]- عن عبد الله بن

النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً يعني- و الله- فلانا و فلانا».

سورة النساء(4): الآيات 64 الي 65 ..... ص : 117

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ- إلى قوله تعالى- وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [64- 65] 2519/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ: أي بأمر الله.

2520/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي

__________________________________________________

4- الكافي 8: 334/ 526.

5- تفسير العيّاشي 1: 254/ 181.

6- تفسير العيّاشي 1: 255/ 182.

1- تفسير القمّي 1: 142.

2- تفسير القمّي 1: 142.

(1) قال المجلسي في المرآة 26: 76:

قوله (عليه السّلام): «فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء و سبق لهم العذاب»

ظاهر الخبر أنّ هاتين الفقرتين كانتا داخلتين في الآية، و يحتمل أن يكون (عليه السّلام) أوردهما للتفسير، أي إنّما أمر تعالى بالإعراض عنهم لسبق كلمة الشقاء عليهم، أي علمه تعالى بشقائهم، و سبق تقدير العذاب لهم، لعلمه بأنّهم يصيرون أشقياء بسوء اختيارهم.

(2) في القرآن: «و عظهم و قل لهم في أنفسهم قولا بليغا» قال المجلسي: ثمّ أمر تعالى بمواعظتهم لإتمام الحجة عليهم فقال: وَ عِظْهُمْ أي بلسانك و كفّهم عمّا هم عليه، و تركه في الخبر إمّا من النساخ أو لظهوره. [.....]

(3) في «ط»: عن محمّد.

(4) في «س»، «ط»: منصور بن حازم، و الصواب ما في المتن، روى عنه محمّد بن إسماعيل بن بزيع كتابه و بعض رواياته، و روى هو عن ابن أذينة، انظر الفهرست: 164/ 719

و معجم رجال الحديث 18: 353.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 119

جعفر (عليه السلام)، قال: «وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ يا علي فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «1» فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ يا علي فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ يعني فيما تعاهدوا، و تعاقدوا عليه بينهم من خلافك، و غصبك ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عليهم يا محمد على لسانك من ولايته وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي (عليه السلام)».

2521/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عدة من أصحابنا، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. قال: «التسليم: الرضا و القنوع بقضائه».

2522/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشي ء صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا صنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم، لكانوا بذلك مشركين». ثم تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «عليكم بالتسليم».

عنه: عن علي بن إبراهيم، [عن

أبيه ] «2»، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مثله، إلا أن في آخره: «فعليكم بالتسليم» «3».

و روى هذا الحديث أحمد البرقي في (المحاسن) عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، و أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): مثله. و في آخره: «عليكم بالتسليم» «4».

2523/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن «5» إسماعيل و غيره، عن منصور بن يونس «6»، عن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

3- المحاسن: 271/ 364.

4- الكافي 1: 321/ 2.

5- الكافي 8: 334/ 526.

(1) في المصدر زيادة: هكذا نزلت. ثمّ قال.

(2) أثبتناه من المصدر، راجع جامع الرواة 1: 61، معجم رجال الحديث 2: 237 و 243.

(3) الكافي 2: 292/ 6.

(4) المحاسن: 271/ 365.

(5) في «ط»: عن.

(6) في «س»، «ط»: منصور بن حازم، و الصواب ما في المتن، راجع الحديث الرابع من تفسير الآيتين السابقتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 120

أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «1»: «يعني- و الله- فلانا و فلانا وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ثم جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً يعني- و الله- النبي (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام) مما صنعوا، أي لو جاءوك بها يا علي فاستغفروا

الله مما صنعوا و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ- فقال أبو عبد الله (عليه السلام)- هو و الله علي (عليه السلام) بعينه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ على لسانك يا رسول الله، يعني به من ولاية علي (عليه السلام) وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي (عليه السلام)».

2524/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «لقد خاطب الله أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه».

قال: قلت: في أي موضع؟

قال: «في قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فيما تعاقدوا عليه، لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عليهم من القتل أو العفو وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً».

2525/ [7]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد «2»، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

قال: «عنى بهذا عليا (عليه السلام)، و تصديق ذلك في قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ يعني عليا فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ يعني النبي (صلى الله عليه

و آله)».

2526/ [8]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله ابن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فقال: «لو أن قوما عبدوا الله وحده «3» ثم

__________________________________________________

6- الكافي 1: 322/ 7.

7- مختصر بصائر الدرجات: 71.

8- مختصر بصائر الدرجات: 71. [.....]

(1) النّساء 4: 63.

(2) في «س»، «ط»: الحسين بن محمّد، و الصواب ما في المتن. راجع رجال النجاشيّ: 59/ 137 و الحديثين الآتيين.

(3) في «ط»: و وحدوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 121

قالوا لشي ء صنعه الله: لم صنع كذا و كذا؟ و لو صنع كذا و كذا، خلاف الذي صنع، لكانوا بذلك مشركين». ثم قال:

«لو أن قوما عبدوا الله وحده، ثم قالوا لشي ء صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم صنع كذا و كذا؟ و وجدوا ذلك في أنفسهم، لكانوا بذلك مشركين». ثم قرأ: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

2527/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «هو التسليم له في الأمور».

2528/ [10]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي

عمير، و حماد بن عيسى، عن سعيد بن غزوان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «و الله لو آمنوا بالله وحده، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة [ثم ] لم يسلموا لكانوا بذلك مشركين». ثم تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

2529/ [11]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن جميل ابن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «التسليم في الأمر».

2530/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر أخي أديم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن مولى عثمان كان سبابة لعلي (صلوات الله عليه)، فحدثتني مولاة لهم كانت تأتينا و تألفنا أنه حين حضره الموت قال:

ما لي و ما لهم؟» فقلت: جعلت فداك، ما آمن هذا «1»؟ فقال: «أما تسمع قول الله عز و جل: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ» الآية. ثم قال: [هيهات هيهات حتى يكون الثبات في القلب، و إن صام و صلى ].

2531/ [13]- [و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ]: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

__________________________________________________

9- مختصر بصائر الدرجات: 72.

10- مختصر بصائر الدرجات: 72.

11- مختصر

بصائر الدرجات: 73.

12- مختصر بصائر الدرجات: 74.

13- مختصر بصائر الدرجات: 74.

(1) في «ط»: جعلت فداك فأمروا بهذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 122

2532/ [14]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن أشد ما يكون عدوكم كراهية لهذا الأمر، حين تبلغ نفسه هذه» و أومأ بيده إلى حنجرته.

ثم قال: «إن رجلا من آل عثمان كان سبابة لعلي (عليه السلام)، فحدثتني مولاة له كانت تأتينا، قالت: لما احتضر قال: ما لي و ما لهم» قلت: جعلني الله فداك ما له قال هذا؟ فقال: «لما رأى من العذاب، أما سمعت قول الله تبارك و تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً هيهات هيهات، لا و الله حتى يكون ثبات الشي ء في القلب، و إن صلى و صام».

2533/ [15]- العياشي: عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «1» يعني و الله فلانا و فلانا، وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ إلى قوله: تَوَّاباً رَحِيماً يعني و الله النبي و عليا (صلوات الله عليهما) بما صنعوا، أي لو جاءوك بها يا علي فاستغفروا الله مما صنعوا و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو- و الله- علي بعينه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ

حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ على لسانك يا رسول الله، يعني به ولاية علي وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

2534/ [16]- عن محمد بن علي، عن أبي جنادة الحصين بن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حبشي ابن جنادة السلولي، عن أبي الحسن الأول، عن أبيه (عليه السلام): «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فقد سبقت عليهم كلمة الشقاوة و سبق لهم العذاب وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «2»».

2535/ [17]- عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «و الله لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان ثم لم يسلموا إلينا لكانوا بذلك مشركين، فعليهم بالتسليم، و لو أن قوما عبدوا الله، و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشي ء صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم صنع كذا و كذا؟ و وجدوا ذلك في أنفسهم لكانوا بذلك مشركين» ثم قرأ: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

__________________________________________________

14- كتاب الزهد: 85/ 227.

15- تفسير العيّاشي 1: 255/ 182.

16- تفسير العيّاشي 1: 255/ 183.

17- تفسير العيّاشي 1: 255/ 184.

(1) النّساء 4: 63. [.....]

(2) النّساء 4: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 123

2536/ [18]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مما قضى محمد و آل محمد وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً».

2537/ [19]- عن أيوب بن الحر،

قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: في قوله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فحلف ثلاثة أيمان متتابعة: «لا يكون ذلك حتى يكون تلك النكتة السوداء في القلب، و إن صام و صلى».

سورة النساء(4): آية 66 ..... ص : 123

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً [66]

2538/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ و سلموا للإمام تسليما أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ رضا له ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أن أهل الخلاف فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً و في هذه الآية ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ من أمر الوالي وَ يُسَلِّمُوا لله الطاعة تَسْلِيماً «1»».

2539/ [2]- و عنه: عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس «2» بن بكار، عن أبيه، عن جابر «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ في علي لَكانَ خَيْراً لَهُمْ».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 1: 256/ 186.

19- تفسير العيّاشي 1: 256/ 187.

1- الكافي 8: 184/ 210.

2- الكافي 1: 345/ 28.

(1) النّساء 4: 65.

(2) في «س»، «ط»: يوسف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 20: 189.

(3) (عن جابر) ليس في «س»، «ط»، و الصواب ما في المتن.

راجع معجم رجال الحديث 3: 334 و 20: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 124

2540/ [3]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر «1» (عليه السلام)، قال: «هكذا نزلت هذه الآية: و لو أنهم فعلوا ما يوعظون به في علي لكان خيرا لهم».

2541/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ للإمام تسليما أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ رضا له ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أن أهل الخلاف فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ يعني في علي (عليه السلام)».

سورة النساء(4): آية 69 ..... ص : 124

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [69]

2542/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أعينونا بالورع فإنه من لقي الله عز و جل منكم بالورع كان له عند الله فرجا، و إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فمنا النبي، و منا الصديق، و منا الشهداء، و منا الصالحون».

2543/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث له مع أبي بصير- قال له (عليه السلام): «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في

كتابه، فقال:

فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فرسول الله (صلى الله عليه و آله) في الآية النبيون، و نحن في هذا الموضع الصديقون و الشهداء، و أنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز و جل».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 351/ 60.

4- تفسير العيّاشي 1: 256/ 188.

1- الكافي 2: 63/ 12.

2- الكافي 8: 35/ 6.

(1) في «س»، «ط»: عن أبي عبد اللّه، و لعلّ الصواب ما أثبتناه من المصدر، بقرينة الحديث السابق، و إن كان جابر يروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) كما في معجم رجال الحديث 4: 27، و نقل في الكافي 1: 424/ 60 نفس الحديث عن أبي جعفر (عليه السّلام) و ذكره عنه في معجم رجال الحديث 3: 334 في ترجمة بكّار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 125

و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، ذكرناه بطوله في كتاب (الهادي) في تفسير هذه الآية.

2544/ [3]- ابن بابويه، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حريز، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن قيس بن أبي حازم، عن أم سلمة، قالت: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله سبحانه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً.

قال: «الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ أنا وَ الصِّدِّيقِينَ علي بن أبي طالب وَ الشُّهَداءِ الحسن و الحسين وَ الصَّالِحِينَ «1» حمزة وَ حَسُنَ أُولئِكَ

رَفِيقاً الأئمة الاثنا عشر بعدي».

2545/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد «2» بن الحسن العلوي الحسيني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن «3»، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عبد الله بن الحسن، عن أبيه و خاله علي بن الحسين، عن الحسن و الحسين ابني علي بن أبي طالب، عن أبيهما علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «جاء رجل من الأنصار إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، ما أستطيع فراقك، و إني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و أقبل حتى أنظر إليك حبا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و ادخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله؟

فنزلت: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) الرجل فقرأها عليه و بشره بذلك».

2546/ [5]- عنه: في كتاب (مصباح الأنوار): عن أنس بن مالك، قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عز و جل: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فقال (صلى الله عليه و آله): «أما النبيون فأنا، و أما الصديقون فأخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أما الشهداء فعمي حمزة، و

أما الصالحون فابنتي فاطمة و أولادها الحسن و الحسين».

قال: و كان العباس حاضرا فوثب و جلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: ألسنا أنا و أنت و علي و فاطمة و الحسن و الحسين من نبعة واحدة؟ قال: «و كيف ذلك يا عم»؟ قال العباس: لأنك تعرف بعلي و فاطمة

__________________________________________________

3- كفاية الأثر: 182. [.....]

4- أمالي الطوسي 2: 233.

5- مصباح الأنوار: 69 «مخطوط».

(1) (الصالحين) ليس في المصدر.

(2) في المصدر زيادة: بن جعفر.

(3) في المصدر: موسى بن عبد اللّه بن الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 126

و الحسن و الحسين دوننا، فتبسم النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: «أما قولك يا عم: ألسنا من نبعة واحدة، فصدقت، و لكن يا عم إن الله تعالى خلقني و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق الله تعالى آدم، حيث لا سماء مبنية، و لا أرض مدحية، و لا ظلمة و لا نور، و لا جنة و لا نار، و لا شمس و لا قمر».

قال العباس: و كيف كان بدء خلقكم، يا رسول الله؟ قال: «يا عم، لما أراد الله تعالى أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة فخلق منها روحا، فمزج النور بالروح، فخلقني و أخي عليا و فاطمة و الحسن و الحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، و نقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة فتق نوري، فخلق منه نور العرش «1»، فنور العرش «2» من نوري، و نوري من نور الله، و نوري أفضل «3» من نور العرش.

ثم فتق نور أخي علي بن أبي طالب، فخلق منه نور الملائكة «4»،

فنور الملائكة «5» من نور علي، و نور «6» علي من نور الله، و علي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فاطمة، فخلق منه نور السماوات «7» و الأرض، فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة، و نور ابنتي فاطمة من نور الله عز و جل، و ابنتي فاطمة أفضل من السماوات و الأرض، ثم فتق نور ولدي الحسن، و خلق منه نور الشمس «8» و القمر، فنور الشمس «9» و القمر من نور الحسن، و نور ولدي الحسن من نور الله، و الحسن أفضل من الشمس و القمر، ثم فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنة و الحور العين، فنور الجنة «10» و الحور من نور ولدي الحسين، و نور ولدي الحسين من نور الله، و ولدي الحسين أفضل من الجنة و الحور العين.

ثم أمر الله الظلمات أن تمر بسحائب الظلم، فأظلمت السماوات على الملائكة، فضجت الملائكة بالتسبيح و التقديس، و قالت: إلهنا و سيدنا منذ خلقتنا و عرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا، فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش، فأزهرت السماوات و الأرض، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سميت الزهراء، فقالت الملائكة: إلهنا و سيدنا، لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به «11» السماوات و الأرض؟ فأوحى الله إليها: هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي و زوجة

__________________________________________________

(1) في «ط»: منه العرش.

(2) في «ط»: فالعرش.

(3) في المصدر: خير.

(4) في «ط»: فخلق منه الملائكة.

(5) في «ط»: فالملائكة.

(6) في المصدر زيادة: أخي.

(7) في «ط»: فخلق منها السماوات.

(8) في «ط»: منه الشمس.

(9) في «ط»: فالشمس. [.....]

(10) في

«ط»: فالجنّة.

(11) في المصدر: قد أزهرت منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 127

وليي و أخي نبيي و أبي حججي على عبادي «1»، أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها و محبيها إلى يوم القيامة».

فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك وثب قائما و قبل ما بين عيني علي (عليه السلام)، و قال: و الله أنت- يا علي- الحجة البالغة لمن آمن بالله تعالى و اليوم الآخر.

2547/ [6]- العياشي: عن عبد الله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «حق على الله أن يجعل ولينا رفيقا للنبيين، و الصديقين، و الشهداء، و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا».

2548/ [7]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: «وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ الآية، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) في هذا الموضع النبي، و نحن الصديقون و الشهداء، و أنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله».

2549/ [8]- ابن شهر آشوب: عن مالك بن أنس، عن سمي «2»، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ يعني محمدا وَ الصِّدِّيقِينَ يعني عليا (عليه السلام)، و كان أول من صدقه وَ الشُّهَداءِ يعني عليا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين (عليهم السلام).

2550/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: النَّبِيِّينَ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ الصِّدِّيقِينَ علي (عليه السلام) وَ الشُّهَداءِ الحسن و

الحسين (عليهما السلام) وَ الصَّالِحِينَ الأئمة (عليهم السلام) وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً القائم من آل محمد (عليه الصلاة و السلام).

سورة النساء(4): الآيات 71 الي 73 ..... ص : 127

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ- إلى قوله تعالى- فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [71- 73]

2551/ [1]- أبو علي الطبرسي: سمى الأسلحة حذرا لأنها الآلة التي بها يتقى الحذر، قال: و هو المروي عن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 256/ 189.

7- تفسير العيّاشي 1: 256/ 190.

8- المناقب 3: 89.

9- تفسير القمّي 1: 142.

1- مجمع البيان 3: 112.

(1) في المصدر زيادة: في بلادي.

(2) في «س»: مالك بن أنس، عمّن سمى، و في «ط»: أنس بن مالك، عمّن سمي، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، و هو سميّ القرشي المخزومي، روى عن ذكوان أبي صالح السمّان، و روى عنه مالك بن أنس، كما أثبت ذلك و ضبطه المزّي في تهذيب الكمال 12: 141.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 128

أبي جعفر (عليه السلام).

2552/ [2]- قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المراد بالثبات: السرايا، و بالجميع: العسكر.

2553/ [3]- العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فسماهم مؤمنين و ليس هم بمؤمنين، و لا كرامة، قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً إلى قوله: فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً و لو أن أهل السماء و الأرض قالوا: قد أنعم الله علي إذ لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لكانوا بذلك مشركين، و إذا أصابهم فضل من الله قال: يا ليتني كنت معهم فأقاتل في سبيل الله».

2554/ [4]- أبو علي الطبرسي، و قال الصادق (عليه السلام):

«لو أن أهل السماء و الأرض قالوا: قد أنعم الله علينا إذ لم نكن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لكانوا بذلك مشركين».

2555/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «و الله لو قال هذه الكلمة أهل المشرق و المغرب «1» لكانوا بها خارجين من الإيمان، و لكن الله قد سماهم مؤمنين بإقرارهم».

سورة النساء(4): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 128

قوله تعالى:

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها- إلى قوله تعالى- فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ [75- 76]

2556/ [1]- العياشي: عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، قال: «كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة «2»، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئم المقام بمكة، و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل ذلك، فأوحى الله إليه: يا محمد، أخرج من القرية الظالم أهلها و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، و انصب للمشركين حربا. فعند ذلك

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 112.

3- تفسير العيّاشي 1: 257/ 191.

4- مجمع البيان 3: 114.

5- تفسير القمّي 1: 143.

1- تفسير العيّاشي 1: 257/ 192. [.....]

(1) في المصدر: أهل الشرق و الغرب.

(2) كذا، و المتّفق عليه في التواريخ أنّهما توفّيا في سنة واحدة، و قال بعضهم: أنّها توفّيت قبله بثلاثة أيّام. انظر الإستيعاب بهامش الإصابة 4: 289، أسد الغابة 5: 439، الإصابة 4: 283.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 129

توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة».

2557/ [2]- عن حمران، عن أبي جعفر

(عليه السلام)، قال: الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها إلى نَصِيراً، قال: «نحن أولئك».

2558/ [3]- عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين، قال: «هم أهل الولاية».

قلت: أي ولاية تعني؟ قال: «ليست ولاية، و لكنها في المناكحة، و المواريث، و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا الكفار، و منهم المرجون لأمر الله، فأما قوله: وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا إلى نَصِيراً فأولئك نحن».

2559/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ بمكة معذبين فقاتلوا حتى تخلصوهم «1» و هم يقولون: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُوا يعني المؤمنين من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ و هم مشركو قريش يقاتلون على الأصنام.

سورة النساء(4): الآيات 77 الي 79 ..... ص : 129

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [77- 78]

2560/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ

إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ، قال: «يعني كفوا ألسنتكم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 257/ 193.

3- تفسير العيّاشي 1: 257/ 194.

4- تفسير القمّي 1: 143.

1- الكافي 2: 93/ 8.

(1) في المصدر: يتخلّصوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 130

2561/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و الله، للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس، فو الله لقد نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنما هي طاعة الإمام، و طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين (عليه السلام) قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ «1» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

2562/ [3]- و عنه: بإسناده، عن علي بن الحسن، عن منصور، عن حريز بن عبد الله «2»، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا فضيل، أما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا ألسنتكم و تدخلوا الجنة- ثم قرأ- أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ أنتم و الله أهل هذه الآية».

2563/ [4]- العياشي: عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في تفسير هذه الآية:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ: «مع الحسن وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ

لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم (عليه السلام)، فإن معه النصر و الظفر، قال الله: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى الآية».

2564/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و الله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس، و الله لفيه نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنما هي طاعة الإمام، فطلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ و قوله: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ «3» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

2565/ [6]- الحلبي، عنه (عليه السلام)، كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ قال: «يعني ألسنتكم».

2566/ [7]- و في رواية الحسن بن زياد العطار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ،

__________________________________________________

2- الكافي 8: 330/ 506.

3- الكافي 8: 289/ 434.

4- تفسير العياشي 1: 257/ 195.

5- تفسير العياشي 1: 258/ 196.

6- تفسير العياشي 1: 258/ 197.

7- تفسير العياشي 1: 258/ 198.

(1) إبراهيم 14: 44. [.....]

(2) في «س»، «ط»: حريز، عن عبيد الله، و الصواب ما في المتن، لروايته عن الفضيل، و روآية منصور عنه، راجع جامع الرواة 1: 185، معجم رجال الحديث 4: 216.

(3) إبراهيم 14: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 131

قال: «نزلت في الحسن بن علي، أمره الله تعالى بالكف». فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ، قال: «نزلت في الحسين بن علي، كتب الله عليه و على أهل الأرض أن يقاتلوا معه».

2567/ [8]- علي بن أسباط، يرفعه

إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لو قاتل معه أهل الأرض لقتلوا كلهم».

2568/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: إنها نزلت بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و كتب عليهم القتال نسخ هذا، فجزع «1» أصحابه من هذا، فأنزل الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ بمكة كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ لأنهم سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة أن يأذن لهم في محاربتهم، فأنزل الله: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ فلما كتب عليهم القتال بالمدينة قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، فقال الله: قُلْ يا محمد مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا الفتيل:

القشر الذي في النواة.

ثم قال: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ يعني الظلمات الثلاث التي ذكرها الله، و هي: المشيمة، و الرحم، و البطن.

قوله تعالى:

وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [78- 79]

2569/ [1]- العياشي: عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «قال الله تبارك و تعالى: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء و تقول، و بقوتي أديت إلي فريضتي، و بنعمتي قويت على معصيتي، ما أصابك من حسنة فمن الله، و ما أصابك من سيئة فمن نفسك، و ذاك أني أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بسيئاتك مني، و ذاك أني لا اسأل عما أفعل، و هم يسألون».

2570/ [2]- و في رواية الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه

السلام): «و أنت أولى بسيئاتك مني، عملت

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 258/ 199.

9- تفسير القمّي 1: 143.

1- تفسير العيّاشي 1: 258/ 200.

2- تفسير العيّاشي 1: 259/ 201.

(1) في «ط»: ففزع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 132

المعاصي بقوتي التي جعلت فيك».

2571/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني الحسنات و السيئات. ثم قال: في آخر الآية ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ «1» فكيف هذا و ما معنى القولين؟

فالجواب في ذلك: أن معنى القولين جميعا عن الصادقين (عليهم السلام) أنهم قالوا: «الحسنات في كتاب الله على وجهين، و السيئات على وجهين. فمن الحسنات التي ذكرها الله الصحة، و السلامة، و الأمن، و السعة في الرزق، و قد سماها الله حسنات، وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يعني بالسيئة ها هنا المرض، و الخوف، و الجوع، و الشدة يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ «2» أي يتشأموا به. و الوجه الثاني من الحسنات يعني به أفعال العباد، و هو قوله:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «3» و مثله كثير.

و كذلك السيئات على وجهين، فمن السيئات: الخوف، و الجوع، و الشدة، و هو ما ذكرناه في قوله: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ «4» و عقوبات الذنوب فقد سماها الله سيئات، و الوجه الثاني من السيئات يعني بها أفعال العباد التي يعاقبون عليها، و هو قوله: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ «5» و قوله:

ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ

نَفْسِكَ يعني ما عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا و الآخرة فمن نفسك بأعمالك «6»، لأن السارق يقطع، و الزاني يجلد و يرجم، و القاتل يقتل، و قد سمى الله تعالى العلل، و الخوف، و الشدة، و عقوبات الذنوب كلها سيئات، فقال: وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ بأعمالك، و قوله: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني الصحة، و العافية، و السعة. و السيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند الله.

و قد مضى حديث في معنى الآية عن الإمام العسكري (عليه السلام)، في تفسير قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ الآية «7».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 144.

(1) في المصدر زيادة: و قد اشتبه هذا على عدّة من العلماء، فقالوا: يقول اللّه: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الحسنة و السيئة، ثمّ قال في آخر الآية ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ

(2) الأعراف 7: 131.

(3) الأنعام 6: 160.

(4) الأعراف 7: 131.

(5) النمل 27: 90.

(6) في المصدر: بأفعالك. [.....]

(7) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (19) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 133

سورة النساء(4): الآيات 80 الي 81 ..... ص : 133

قوله تعالى:

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً- إلى قوله تعالى- وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [80- 81]

2572/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و عبد الله بن الصلت، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ذروة «1» الأمر و سنامه

و مفاتحه، و باب الأشياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، إن الله عز و جل يقول: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً، أما لو أن رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدق بجميع ماله، و حج جميع دهره، و لم يعرف «2» ولي الله فيواليه، و تكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عز و جل حق في ثوابه، و لا كان من أهل الإيمان- ثم قال- أولئك المحسن منهم، يدخله الله الجنة بفضل رحمته».

2573/ [2]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ذروة الأمر و سنامه و مفتاحه، و باب الأنبياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته- ثم قال- إن الله يقول: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ إلى حَفِيظاً أما لو أن رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدق بجميع ماله، و حج جميع دهره، و لم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، و تكون جميع أعماله بولايته «3» منه إليه، ما كان له على الله حق في ثواب، و لا كان من أهل الإيمان- ثم قال- أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله و رحمته».

2574/ [3]- عن أبي إسحاق النحوي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله أدب نبيه (صلى الله عليه و آله) على محبته، فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «4»، قال: ثم فوض إليه الأمر فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «5»، و قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوض إلى علي (عليه السلام) و

أئتمنه فسلمتم و جحد الناس، فو الله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، و أن تصمتوا إذا صمتنا، و نحن فيما

__________________________________________________

1- الكافي 2: 16/ 5.

2- تفسير العيّاشي 1: 259/ 202.

3- تفسير العيّاشي 1: 259/ 203.

(1) ذروة كلّ شي ء: أعلاه. «النهاية 2: 159».

(2) في المصدر زيادة: ولاية.

(3) في المصدر: بدلالة.

(4) القلم 68: 4.

(5) الحشر 59: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 134

بينكم و بين الله، و الله ما جعل لأحد من خير في خلاف أمرنا «1»».

2575/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى يحكي قول المنافقين، فقال: وَ يَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَ اللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ أي يبدلون.

2576/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك و تعالى: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ

«2»، قال: «يعني فلانا و فلانا و أبا عبيدة بن الجراح فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «3»».

سورة النساء(4): آية 83 ..... ص : 134

قوله تعالى:

وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ [83]

2577/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل عير أقواما بالإذاعة «4» في قوله عز و جل: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

2578/ [2]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إسماعيل بن عيسى، و

محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسى الكلابي، عن محمد بن عجلان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى عير قوما بالإذاعة، فقال: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

2579/ [3]- العياشي: عن محمد بن عجلان، قال: سمعته يقول: «إن الله عير أقواما «5» بالإذاعة [فقال ]: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 11: 145.

5- الكافي 8: 334/ 525.

1- الكافي 2: 274/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 103.

3- تفسير العيّاشي 1: 259/ 204. [.....]

(1) في «ط»: أمره.

(2) النّساء 4: 108.

(3) الآية ليست في المصدر.

(4) أذعت الأمر أو السرّ إذاعة: إذا أفشيته و أظهرته، و قيل: الإذاعة: إشاعة الفاحشة.

(5) في المصدر: قوما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 135

2580/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عير أقواما «1» بالإذاعة فقال: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

قوله تعالى:

وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [83] 2581/ [2]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

2582/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن «2» و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد

بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3»، و قال عز و جل: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، فرد الأمر، أمر الناس، إلى اولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم و بالرد إليهم».

2583/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، قال: «هم الأئمة».

2584/ [5]- عن عبد الله بن جندب، قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) «ذكرت- رحمك الله- هؤلاء القوم الذين وصفت أنهم كانوا بالأمس لكم إخوانا، و الذي صاروا إليه من الخلاف لكم، و العداوة لكم و البراءة منكم، و الذي «4» تأفكوا به من حياة أبي (صلوات الله عليه و رحمته)».

__________________________________________________

1- المحاسن: 256/ 293.

2- تفسير القمّي 1: 145.

3- الكافي 1: 234/ 3.

4- تفسير العيّاشي 1: 260/ 205.

5- تفسير العيّاشي 1: 260/ 206.

(1) في المصدر: قوما.

(2) في المصدر: الحسين، و الظاهر صواب ما في البرهان، انظر معجم رجال الحديث 18: 63.

(3) النّساء 4: 59.

(4) في المصدر: و الذين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 136

و ذكر في آخر الكتاب: «أن هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة، و لبس عليهم أمر دينهم، و ذلك لما ظهرت فريتهم، و اتفقت كلمتهم، و كذبوا «1» على عالمهم، و أرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم، فقالوا: لم و من و كيف؟ فأتاهم الهلاك من مأمن احتياطهم، و ذلك بما كسبت أيديهم، وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «2» و لم يكن ذلك لهم و لا

عليهم، بل كان الفرض عليهم و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير، و رد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه و مستنبطه، لأن الله يقول في محكم كتابه: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ يعني آل محمد، و هم الذين يستنبطون من القرآن، و يعرفون الحلال و الحرام، و هم الحجة لله على خلقه».

2585/ [5]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إنما مثل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) و مثلنا من بعده في هذه الامة كمثل موسى النبي و العالم (عليهما السلام) حيث لقيه و استنطقه و سأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه، و ذلك أن الله قال لموسى (عليه السلام):

إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ «3»، ثم قال: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ «4»، و قد كان عند العالم علم لم يكتبه لموسى (عليه السلام) في الألواح، و كان موسى (عليه السلام) يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في نبوته، و جميع العلم قد كتب له في الألواح، كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم علماء و فقهاء، و أنهم قد أتقنوا «5» جميع الفقه و العلم في الدين مما تحتاج هذه الامة إليه، و صح لهم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علموه و حفظوه، و ليس كل علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) علموه، و لا صار إليهم عن رسول الله (صلى

الله عليه و آله) و لا عرفوه، و ذلك أن الشي ء من الحلال و الحرام و الأحكام قد يرد عليهم فيسألون عنه، فلا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، و يكرهون أن يسألوا فلا يجيبون، فطلب الناس العلم من غير معدنه «6»، فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله، و تركوا «7» الآثار، و دانوا الله بالبدع، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل بدعة ضلالة.

فلو أنهم إذا سئلوا عن شي ء من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ردوه إلى الله

__________________________________________________

5- الاختصاص: 258.

(1) في «ط» و المصدر نسخة بدل: و نقموا.

(2) فصلت 41: 46.

(3) الأعراف 7: 144.

(4) الأعراف 7: 145.

(5) في المصدر: أوتوا.

(6) في المصدر: من معدنه.

(7) في «ط»: و كرهوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 137

و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم «1» لعلمه الذين يستنبطون العلم «2» من آل محمد (عليهم السلام)، و الذي يمنعهم من طلب العلم منا العداوة لنا و الحسد، و لا و الله ما حسد موسى العالم (عليهما السلام)، و موسى (عليه السلام) نبي يوحى إليه، حيث لقيه و استنطقه و عرفه بالعلم، بل أقر له بعلمه، و لم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) علمنا و ما ورثنا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم و سأله الصحبة ليتعلم منه العلم و يرشده، فلما أن سأل العالم ذلك، علم العالم أن موسى

(عليه السلام) لا يستطيع صحبته، و لا يحتمل علمه، و لا يصبر معه، فعند ذلك قال له العالم: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً «3» [فقال له موسى (عليه السلام): و لم لا أصبر] فقال له العالم: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً «4» فقال له موسى (عليه السلام) و هو خاضع له يستعطفه «5» على نفسه كي يقبله: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً «6» و قد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه.

و كذلك و الله- يا إسحاق- حال قضاة هؤلاء و فقهاؤهم و جماعتهم اليوم، لا يحتملون و الله علمنا، و لا يقبلونه، و لا يطيقونه، و لا يأخذون به، و لا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى (صلى الله عليه) على علم العالم حين صحبه و رأى ما رأى من علمه، و كان ذلك عند موسى مكروها، و كان عند الله رضا و هو الحق، و كذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ به، و هو عند الله الحق».

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا [83]

2586/ [1]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ. قال: «فضل الله: رسوله، و رحمته: ولاية الأئمة (عليهم السلام)».

2587/ [2]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ، قال: «الفضل: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 260/ 207.

2- تفسير العيّاشي 1:

261/ 208.

(1) في «ط»: أولي العلم.

(2) في المصدر: يستنبطونه منهم.

(3) الكهف 18: 67.

(4) الكهف 18: 68. [.....]

(5) في «ط»: بتعظيمه.

(6) الكهف 18: 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 138

2588/ [3]- عن محمد بن الفضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الرحمة: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الفضل: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

2589/ [4]- عن ابن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنك لتسأل عن كلام القدر، و ما هو من ديني و لا دين آبائي، و لا وجدت أحدا من أهل بيتي يقول به».

سورة النساء(4): آية 84 ..... ص : 138

قوله تعالى:

فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- إلى قوله تعالى- وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا [84]

2590/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن علي بن حديد، عن مرازم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله كلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لم يكلف به أحدا من خلقه، كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه، و إن لم يجد فئة تقاتل معه، و لم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله و لا بعده، ثم تلا هذه الآية: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- ثم قال- و جعل الله له أن يأخذ ما أخذ لنفسه، فقال عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1» و جعل الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعشر حسنات».

2591/ [2]- العياشي، عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الناس لعلي (عليه السلام): إن كان له

حق فما منعه أن يقوم به؟

قال: فقال: «إن الله لا يكلف هذا إلا إنسانا واحدا: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ فليس هذا إلا للرسول، و قال لغيره: إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ «2» فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 209.

4- تفسير العيّاشي 1: 261/ 210.

1- الكافي 8: 274/ 414.

2- تفسير العيّاشي 1: 261/ 211.

(1) الأنعام 6: 160.

(2) الأنفال 8: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 139

2592/ [3]- عن زيد الشحام، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «ما سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا قط فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، و إن لم يكن عنده قال: يكون إن شاء الله، و لا كافأ بالسيئة قط، و ما لقي سرية مذ نزلت عليه فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ إلا ولي بنفسه».

2593/ [4]- أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- قال- كان أشجع الناس من لاذ برسول الله (صلى الله عليه و آله)» «1».

2594/ [5]- عن الثمالي، عن عيص، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) كلف- ما لم يكلف به أحد- أن يقاتل في سبيل الله وحده، و قال: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ «2»- و قال- إنما كلفتم اليسير من الأمر، أن تذكروا الله».

2595/ [6]- عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن لكل كلبا يبغي الشر فاجتنبوه، يكفكم الله

«3» بغيركم، إن الله يقول: وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا لا تعلموا بالشر»

سورة النساء(4): آية 85 ..... ص : 139

قوله تعالى:

مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها [85] 2596/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: يكون كفيل ذلك الظلم الذي يظلم صاحب الشفاعة.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 212.

4- تفسير العيّاشي 1: 261/ 213.

5- تفسير العيّاشي 1: 262/ 214.

6- تفسير العيّاشي 1: 262/ 215.

1- تفسير القمّي 1: 145.

(1) قال المجلسي في البحار 16: 340 أي كان (عليه السّلام) بحيث يكون أشجع الناس من لحق به و لجأ إليه، لأنّه كان أقرب الناس و أجرأهم عليهم، كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه كان يقول: كنا إذا احمرّ البأس اتّقينا برسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، فما يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه. [.....]

(2) الأنفال 8: 65.

(3) زاد في المصدر: قوم فاجتنبوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 140

قوله تعالى:

وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقِيتاً [85] 2597/ [1]- علي بن إبراهيم: أي مقتدرا.

سورة النساء(4): آية 86 ..... ص : 140

قوله تعالى:

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً [86] 2598/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السلام و غيره من البر.

2599/ [3]- الطبرسي، قال: ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين (عليهما السلام): «أن المراد بالتحية في الآية السلام و غيره من البر».

2600/ [4]- ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي «1»، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا عطس أحدكم فسمتوه «2»، قولوا: رحمكم «3» الله، و هو يقول: يغفر الله لكم و يرحمكم «4»، قال الله تبارك و تعالى: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها».

2601/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «5»، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): السلام تطوع، و الرد فريضة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 145.

2- تفسير القمّي 1: 145.

3- مجمع البيان 3: 131.

4- الخصال: 633.

5- الكافي 2: 471/ 1.

(1) في المصدر زيادة: عن جدّي.

(2) التّسميت: الدعاء. «النهاية 2: 397».

(3) في المصدر: يرحمك.

(4) زاد في «ط»: اللّه.

(5) (عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،) ليس في «س»، «ط»، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، راجع رجال الطوسيّ: 147/ 92، جامع الرواة 1: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 141

2602/ [5]- و عنه: بهذا الإسناد، قال: «من بدأ بالكلام فلا تجيبوه».

و قال: «ابدأوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه».

2603/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قال: إن البخيل من يبخل بالسلام».

2604/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه، و لا يقول: سلمت فلم يردوا علي، و لعله يكون قد سلم و لم يسمعهم، فإذا رد أحدكم فليجهر برده، و لا يقول المسلم: سلمت فلم يردوا علي».

ثم قال: «كان علي (عليه السلام) يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا، أفشوا السلام، و أطيبوا الكلام، و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» ثم تلا (عليه السلام) عليهم قول الله عز و جل: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ «2».

2605/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «مر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بقوم فسلم عليهم فقالوا: عليك السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته و رضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم (عليه السلام) [إنما] قالوا: رحمة و بركاته عليكم أهل البيت».

2606/ [9]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من قال: السلام عليكم فهي عشر حسنات، و من قال:

السلام عليكم و رحمة الله فهي عشرون حسنة، و من قال: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فهي ثلاثون حسنة».

2607/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة و إن كان واحدا: عند العطاس، يقال: يرحمكم الله، و إن لم يكن معه غيره، و الرجل يسلم على الرجل فيقول: السلام عليكم، و الرجل يدعو للرجل فيقول: عافاكم الله، و إن كان واحدا فإن معه غيره».

__________________________________________________

5- الكافي 2: 471/ 2.

6- الكافي 2: 471/ 6. [.....]

7- الكافي 2: 471/ 7.

8- الكافي 2: 472/ 13.

9- الكافي 2: 471/ 9.

10- الكافي 2: 472/ 10.

(1) في «س»: جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن روح، و في «ط»: أحمد بن محمّد، عن ابن درّاج، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 23: 16.

(2)

الحشر 59: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 142

2608/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد «1»، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يسلم الصغير على الكبير، و المار على القاعد، و القليل على الكثير».

2609/ [12]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القليل يبدأون الكثير بالسلام، و الراكب يبدأ الماشي، و أصحاب البغال يبدأون أصحاب الحمير، و أصحاب الخيل يبدأون أصحاب البغال».

2610/ [13]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «يسلم الراكب على الماشي، و الماشي على القاعد، و إذا لقيت [جماعة] جماعة سلم الأقل على الأكثر، و إذا لقي واحد جماعة سلم الواحد على الجماعة».

2611/ [14]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان قوم في مجلس ثم سبق قوم فدخلوا، فعلى الداخل أخيرا- إذا دخل- أن يسلم عليهم».

2612/ [15]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم، و إذا سلم على القوم و هم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم».

2613/ [16]- و عنه: عن محمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إذا سلم الرجل من الجماعة «2» أجزأ عنهم.

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، مثله «3».

2614/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن من تمام التحية للمقيم المصافحة، و تمام التسليم على المسافر المعانقة».

__________________________________________________

11- الكافي 2: 472/ 1.

12- الكافي 2: 472/ 2.

13- الكافي 2: 473/ 3.

14- الكافي 2: 473/ 5.

15- الكافي 2: 473/ 1.

16- الكافي 2: 473/ 2.

17- الكافي 2: 472/ 14.

(1) (النضر بن سويد) ليس في «س»، «ط» و الصواب إثباته كما في المصدر، راجع الفهرست: 171/ 750، معجم رجال الحديث 19: 151. [.....]

(2) في «ط»: سلم من القوم واحد.

(3) الكافي 2: 473/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 143

2615/ [18]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يكره للرجل أن يقول: حياك الله، ثم يسكت حتى يتبعها بالسلام».

2616/ [19]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة.

قال: «يرد: سلام عليكم، و لا يقول: و عليكم السلام، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قائما يصلي، فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار، فرد عليه النبي (صلى الله عليه و آله) هكذا».

2617/ [20]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده

عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن علي بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا سلم عليك الرجل و أنت تصلي- قال- ترد عليه خفيا كما قال».

2618/ [21]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن أحمد بن الحسن «1»، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن السلام على المصلي.

فقال: «إذا سلم عليك رجل من المسلمين و أنت في الصلاة، فرد عليه فيما بينك و بين نفسك، و لا ترفع صوتك».

2619/ [22]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد ابن مسلم، قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) و هو في الصلاة، فقلت: السلام عليك، فقال: «السلام عليك».

قلت: كيف أصبحت؟ فسكت، فلما انصرف قلت له: أ يرد السلام و هو في الصلاة؟ قال: «نعم، مثل ما قيل له».

2620/ [23]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: «كنت أسمع أبي يقول: إذا دخلت المسجد و القوم يصلون فلا تسلم عليهم، و سلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم أقبل على صلاتك، و إذا دخلت على قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم».

2621/ [24]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لا تسلموا على اليهود،

__________________________________________________

18- الكافي 2: 472/ 15.

19- الكافي 2: 366/ 1.

20-

التهذيب 2: 332/ 1366.

21- التهذيب 2: 331/ 1365.

22- التهذيب 2: 329/ 1349.

23- قرب الإسناد: 45.

24- الخصال: 484/ 57.

(1) في «س»، «ط»: أحمد بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضال، و يروي عن عمرو بن سعيد. راجع جامع الرواة 1: 621، مجمع الرجال 7: 267.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 144

و لا على النصارى، و لا على المجوس، و لا على عبدة الأوثان، و لا على موائد شرب الخمر، و لا على صاحب الشطرنج و النرد، و لا على المخنث، و لا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، و لا على المصلي، لأن المصلي لا يستطيع أن يرد السلام، لأن التسليم من المسلم تطوع، و الرد عليه فريضة، و لا على آكل الربا، و لا على رجل جالس على غائط، و لا على الذي في الحمام، و لا على الفاسق المعلن بفسقه».

سورة النساء(4): الآيات 88 الي 90 ..... ص : 144

قوله تعالى:

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا- إلى قوله تعالى- فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا [88- 90]

2622/ [1]- أبو علي الطبرسي: اختلفوا في من نزلت هذه الآية فيه، فقيل: نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا للمسلمين الإسلام، ثم رجعوا إلى مكة لأنهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك، ثم سافروا ببضائع المشركين إلى اليمامة فأراد المسلمون أن يغزوهم فاختلفوا، فقال بعضهم: لا نفعل فإنهم مؤمنون، و قال آخرون:

إنهم مشركون، فأنزل الله فيهم الآية، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2623/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في أشجع و بني ضمرة، و هما قبيلتان

و كان من خبرهما، أنه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى غزاة الحديبية مر قريبا من بلادهم، و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هادن بني ضمرة، و وادعهم «1» قبل ذلك، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، هذه بنو ضمرة قريبا منا، و نخاف أن يخالفونا إلى المدينة أو يعينوا علينا قريشا فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كلا، إنهم أبر العرب بالوالدين، و أوصلهم للرحم، و أوفاهم بالعهد».

و كان أشجع بلادهم قريبا من بلاد بني ضمرة و هم بطن من كنانة، و كانت أشجع بينهم و بين بني ضمرة حلف بالمراعاة و الأمان، فأجدبت بلاد أشجع، و أخصبت بلاد بني ضمرة، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) مسيرهم إلى بني ضمرة تهيأ للمسير إلى أشجع ليغزوهم، للموادعة التي كانت بينه و بين بني ضمرة، فأنزل الله وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً ثم استثنى

__________________________________________________

1- مجمع البيان 3: 132.

2- تفسير القمّي 1: 145.

(1) في «س»، «ط»: و واعدهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 145

بأشجع فقال: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا.

و كانت أشجع محالها البيضاء و الجبل «1» و

المستباح، و قد كانوا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فهابوا لقربهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبعث إليهم من يغزوهم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا، فهم بالمسير إليهم، فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع و رئيسها مسعود بن رجيلة، و هم سبع مائة، فنزلوا شعب سلع «2»، و ذلك في شهر ربيع الأول، سنة ست من الهجرة، فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أسيد بن حصين، و قال له: «اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظروا ما أقدم أشجع».

فخرج أسيد و معه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال: ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة، و هو رئيس أشجع، فسلم على أسيد و على أصحابه، فقالوا: جئنا لنوادع محمدا. فرجع أسيد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني و بينهم». ثم بعث إليهم بعشرة أحمال «3» تمر فقدمها أمامه، ثم قال: «نعم الشي ء الهدية أمام الحاجة» ثم أتاهم فقال: «يا معشر أشجع، ما أقدمكم؟» قالوا: قربت دارنا منك، و ليس في قومنا أقل عددا منا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، و ضقنا بحرب قومنا «4» لقلتنا فيهم، فجئنا لنوادعك «5». فقبل النبي (صلى الله عليه و آله) ذلك منهم و وادعهم، فأقاموا يومهم، ثم رجعوا إلى بلادهم، و فيهم نزلت هذه الآية إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ إلى قوله: فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا.

2624/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ، قال (عليه السلام): «نزلت في بني مدلج لأنهم جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا:

إنا قد حصرت صدورنا أن نشهد أنك رسول الله، فلسنا معك «6» و لا مع قومنا عليك».

قال: قلت: كيف صنع بهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «وادعهم إلى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم، فإن أجابوا و إلا قاتلهم».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 327/ 504. [.....]

(1) في «ط»: و الحل.

(2) سلع: جبل بسوق المدينة. «معجم البلدان 3: 236».

(3) في المصدر: أجمال.

(4) في المصدر: قومك.

(5 في «ط»: لنوادعكم.

(6) في «ط»: معكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 146

2625/ [4]- العياشي: عن سيف بن عميرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أَنْ يُقاتِلُوكُřҠأَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ؟ قال: «كان أبي يقول: نزلت في بني مدلج، اعتزلوا فلم يقاتلوا النبي (صلى الله عليه و آله)، و لم يكونوا مع قومهم».

قلت: فما صنع بهم؟ قال: «لم يقاتلهم النبي (عليه و آله السلام)، حتى فرغ [من ] عدوه، ثم نبذ إليهم على سواء».

قال: «و حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ هو الضيق».

2626/ [5]- الطبرسي: المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «المراد بقوله تعالى: قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ هو هلال بن عويمر السلمي واثق عن قومه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال في موادعته: على أن لا تخيف «1»- يا محمد- من أتانا، و لا نخيف من أتاك. فنهى

الله سبحانه أن يتعرض لأحد منهم عهد إليهم».

سورة النساء(4): آية 91 ..... ص : 146

قوله تعالى:

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها [91]

2627/ [1]- علي بن إبراهيم: [نزلت ] في عيينة بن حصين الفزاري، أجدبت بلادهم فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وادعه على أن يقيم ببطن نخل، و لا يتعرض له، و كان منافقا ملعونا، و هو الذي سماه رسول الله (صلى الله عليه و آله): الأحمق المطاع في قومه.

و روى الطبرسي مثله، و قال: و هو المروي عن الصادق «2» (عليه السلام) «3».

سورة النساء(4): الآيات 92 الي 93 ..... ص : 146

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً- إلى قوله تعالى- وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً [92- 93]

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 262/ 216.

5- مجمع البيان 3: 135.

1- تفسير القمّي 1: 147.

(1) في المصدر: أن لا تحيف. و الحيف: الميل في الحكم، و الجور، و الظلم. «لسان العرب- حوف- 9: 60».

(2) في «ط»: الصادقين.

(3) مجمع البيان 3: 136.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 147

2628/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً: أي لا عمدا و لا خطأ، (و إلا) في معنى لا، و ليست باستثناء.

2629/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ابن أبي عمير، جميعا، عن معمر بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يظاهر من امرأته، يجوز عتق المولود في الكفارة؟

فقال: «كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله عز و جل يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث».

2630/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى،

عن أحمد بن محمد «1»، عن الحسين بن سعيد، عن رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل عتق يجوز له المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله تعالى يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث، و يجزي في الظهار صبي ممن ولد في الإسلام، و في كفارة اليمين ثوب يواري عورته، و قال: ثوبان».

2631/ [4]- و عنه: بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن موسى النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. قال:

«يعني مقرة».

2632/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «العمد: كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، و الخطأ: من اعتمد شيئا فأصاب غيره».

2633/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في قتل الخطأ: «مائة من الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 147.

2- الكافي 7: 462/ 15. [.....]

3- التهذيب 8: 320/ 1187.

4- التهذيب 8: 249/ 901.

5- الكافي 7: 278/ 2.

6- الكافي 7: 282/ 7.

(1) (عن أحمد بن محمّد) ليس في «س»، «ط»، و الصواب إثباته كما في المصدر، راجع معجم رجال الحديث 2: 196 و 200.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 148

أو ألف

دينار، فإن كانت الإبل فخمس و عشرون بنت مخاض «1»، و خمس و عشرون بنت لبون «2»، و خمس و عشرون حقة «3»، و خمس و عشرون جذعة «4»، و الدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر أو بالعصا الضربة و الضربتين لا يريد قتله، فهي أثلاث: ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و أربع و ثلاثون ثنية «5»، كلها خلفة طروقة الفحل «6»، فإن كان من الغنم فألف كبش، و العمد: هو القود أو رضا ولي المقتول».

2634/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، و حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الدية عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار».

قال جميل: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الدية مائة من الإبل».

2635/ [8]- الشيخ في آخر (التهذيب): بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل مسلم كان في أرض الشرك فقتله المسلمون ثم علم به الإمام بعد.

فقال: «يعتق مكانه رقبة مؤمنة، و ذلك قول الله عز و جل: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، ثم قال: وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ «7».

2636/ [9]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الرجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟ فقال: «هما الشهران اللذان قال الله تبارك و تعالى: شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ».

قلت: فلا يفصل بينهما؟ قال:

«إذا أفطر من الليل فهو فصل، و إنما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا وصال في صيام، يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار، و قد يستحب للعبد [أن لا يدع ] السحور».

2637/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، قال: «من قتل مؤمنا على دينه، فذلك

__________________________________________________

7- الكافي 7: 281/ 5.

8- التهذيب 10: 315/ 1177.

9- الكافي 4: 92/ 5.

10- التهذيب 10: 164/ 656.

(1) المخاض: اسم للنّوق الحوامل، واحدتها خلفة، و بنت المخاض و ابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية، لأنّ أمّه قد لحقت بالمخاض: أي الحوامل، و إن لم تكن حاملا. «النهاية 4: 306».

(2) بنت لبون و ابن لبون: هما من الإبل ما أتى عليه سنان و دخل في الثالثة، فصارت امّه لبونا، أي ذات لبن. «النهاية 4: 228».

(3) الحقّة: هو من الإبل ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، و يسمّى بذلك لأنّه استحقّ الركوب و التحميل. «النهاية 1: 415».

(4) الجذع: هو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، و من البقر و المعز ما دخل في السنة الثانية، و من الضأن ما تمّت له سنة. «النهاية 1: 250».

(5) الّثنية: من الإبل ما دخل في السنة السادسة، و من الغنم ما دخل في السنة الثالثة. «النهاية 1: 226». [.....]

(6) الخلفة: الحامل. و طروقة الفحل: التي يعلو الفحل مثلها في سنّها، أي مركوبة للفحل. «النهاية 3: 122»، «شرائع الإسلام 4: 229».

(7) (ثمّ قال: وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ ... رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ليس في المصدر.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 149

المتعمد الذي قال الله عز و جل في كتابه: وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».

قلت: فالرجل يقع بينه و بين الرجل شي ء فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال: «ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عز و جل».

2638/ [11]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ، قال: «جزاؤه جهنم إن جازاه».

2639/ [12]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، و ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟

فقال: «إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب أو لسبب شي ء من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه، فإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه و لم يقتلوه أعطاهم الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين، و أطعم ستين مسكينا توبة إلى الله».

2640/ [13]- و عنه: بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كفارة الدم إن قتل الرجل مؤمنا متعمدا فعليه أن يمكن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه، عازما على ترك العود، و إن عفوا عنه فعليه أن يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين، و يطعم ستين مسكينا، و أن يندم على ما كان منه و يعزم على ترك العود و يستغفر الله أبدا ما بقي، و إذا قتل خطأ

أدى ديته إلى أوليائه، ثم أعتق رقبة، فمن لم يجد فصيام «1» شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا مدا مدا، و كذلك إذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه و بين ربه لازمة».

2641/ [14]- العياشي، عن مسعدة بن صدقة، قال: سئل جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ.

قال: «إما تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه و بين الله، و إما الدية المسلمة إلى أولياء المقتول فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ- قال- و إن كان من أهل الشرك الذين ليس لهم في الصلح وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فيما بينه و بين الله، و ليس عليه الدية وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه و بين الله، و دية مسلمة إلى أهله».

__________________________________________________

11- التهذيب 10: 165/ 658.

12- التهذيب 10: 165/ 659.

13- التهذيب 8: 322/ 1196.

14- تفسير العيّاشي 1: 262/ 217.

(1) في المصدر: فإن لم يجد صام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 150

2642/ [15]- عن حفص بن البختري، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً إلى قوله: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ.

قال: «إذا كان من أهل الشرك فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فيما بينه و بين الله، و ليس عليه دية وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ». قال: قال: «تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه و

بين الله، و دية مسلمة إلى أهله «1»».

2643/ [16]- عن معمر بن يحيى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يظاهر امرأته، يجوز عتق المولود في الكفارة؟ فقال: «كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني مقرة، و قد بلغت الحنث».

2644/ [17]- عن كردويه الهمداني، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كيف تعرف المؤمنة؟ قال: «على الفطرة».

2645/ [18]- عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «الرقبة المؤمنة التي ذكرها الله إذا عقلت، و النسمة التي لا تعلم إلا ما قلته، و هي صغيرة».

2646/ [19]- عن عامر بن الأحوص، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السائبة.

فقال: «انظر في القرآن، فما كان فيه: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فتلك- يا عامر- السائبة التي لا ولاء لأحد من الناس عليها إلا الله، و ما كان ولاؤه لله فلله، و ما كان ولاؤه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فإن ولاءه للإمام، و جنايته على الإمام، و ميراثه له».

2647/ [20]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «كل ما أريد به ففيه القود، و إنما الخطأ أن يريد الشي ء فيصيب غيره».

2648/ [21]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلم)، قال: «الخطأ أن تعمده و لا تريد قتله بما لا يقتل مثله، و الخطأ الذي ليس فيه شك، أن تعمد شيئا آخر فتصيبه».

2649/ [22]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام)، عن يحيى بن سعيد: «هل

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 263/ 218.

16- تفسير العيّاشي 1: 263/ 219.

17- تفسير العيّاشي 1: 263/ 220.

18-

تفسير العيّاشي 1: 263/ 221.

19- تفسير العيّاشي 1: 263/ 222.

20- تفسير العيّاشي 1: 264/ 223.

21- تفسير العيّاشي 1: 264/ 224. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 264/ 225.

(1) في المصدر: أوليائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 151

يخالف قضاياكم»؟

قلت: نعم، اقتتل غلامان بالرحبة فعض أحدهما على يد الآخر، فرفع المعضوض حجرا فشج يد العاض، فكز «1» من البرد فمات، فرفع إلى يحيى بن سعيد فأقاد من ضارب الحجر «2»، فقال: ابن شبرمة و ابن أبي ليلى لعيسى بن موسى: إن هذا أمر لم يكن عندنا، لا يقاد عنه بالحجر، و لا بالسوط، فلم يزالوا حتى وداه عيسى بن موسى. فقال: «إن من عندنا يقيدون بالوكزة «3»».

قلت: يزعمون أنه خطأ، و أن العمد لا يكون إلا بالحديد. فقال: «إنما الخطأ أن يريد شيئا فيصيب غيره، فأما كل شي ء قصدت إليه فأصبته فهو العمد».

قلت: في نسختين تحضرني من (تفسير العياشي) في الحديث: يقيدون بالزكوة، قلت: الظاهر أنه تصحيف الوكزة.

2650/ [23]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أبواب الديات في الخطأ شبه العمد إذا قتل بالعصا، أو بالسوط، أو بالحجارة تغلظ ديته، و هي مائة من الإبل: أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها «4»، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و قال في الخطأ دون العمد: يكون فيه ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر، و قيمة كل بعير من الورق مائة درهم، و عشرة دنانير، و من الغنم، إذا لم يكن قيمة ناب الإبل لكل بعير عشرون شاة».

2651/ [24]- عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان

[علي ] (عليه السلام) يقول في الخطأ خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون بنت مخاض، و خمس و عشرون حقة، و خمس و عشرون جذعة، و قال في شبه العمد: ثلاث و ثلاثون جذعة بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة، و أربع و ثلاثون ثنية».

2652/ [25]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دية الخطأ إذا لم يرد الرجل، مائة من الإبل أو عشرة آلاف من الورق أو ألف من الشاة».

و قال: «دية المغلظة التي شبه العمد و ليس بعمد أفضل من دية الخطأ، بأسنان الإبل ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و أربع و ثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل».

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 265/ 226.

24- تفسير العيّاشي 1: 265/ 227.

25- تفسير العيّاشي 1: 266/ 228.

(1) كزّ الشي ء: يبس و انقبض من البرد.

(2) في المصدر: من الضارب بحجر.

(3) في «ط»، «س»: الزكوة، و أصلحناه وفقا لاستظهار المصنف على ما يأتي، و لمطابقتها لرواية الكافي 7: 278/ 3 و التهذيب 10: 156/ 627.

(4) البازل: من الإبل الذي تمّ ثماني سنين و دخل التاسعة. «النهاية 1: 125».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 152

2653/ [26]- عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن الخطأ الذي فيه الدية و الكفارة، أهو الرجل يضرب الرجل و لا يتعمد قتله؟ قال: «نعم».

قلت: فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا؟ قال: «ذلك الخطأ الذي لا شك فيه، و عليه الكفارة و الدية».

2654/ [27]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل مسلم كان في أرض الشرك فقتله المسلمون، ثم علم به

الإمام بعد؟ قال: «يعتق مكانه رقبة مؤمنة، و ذلك في قول الله: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ».

2655/ [28]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «صيام شهرين متتابعين من قتل الخطأ- لمن لم يجد العتق- واجب، قال الله: وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ».

2656/ [29]- عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله «1» (عليه السلام) يقول: «صوم شهر رمضان متتابعين توبة من الله».

2657/ [30]- و في رواية إسماعيل بن عبد الخالق، عنه: تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ: «و الله، من القتل، و الظهار، و الكفارة».

2658/ [31]- و في رواية أبي الصباح الكناني، عنه: «صوم شعبان، و صوم شهر رمضان تَوْبَةً و الله مِنَ اللَّهِ».

2659/ [32]- عن سماعة، قال: قلت له: قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ؟ قال: «المتعمد الذي يقتله على دينه، فذاك التعمد الذي ذكر الله».

قال: قلت: فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتى قتله، لغضب لا لعيب، على دينه قتله، و هو يقول بقوله؟

قال: «ليس هذا الذي ذكر في الكتاب، و لكن يقاد به- قال- و الدية إن قبلت».

قلت: فله توبة؟ قال: «نعم، يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين، و يطعم ستين مسكينا، و يتوب و يتضرع فأرجو أن يتاب عليه».

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 1: 266/ 229.

27- تفسير العيّاشي 1: 266/ 230.

28- تفسير العيّاشي 1: 266/ 231.

29- تفسير العيّاشي 1: 266/ 232.

30- تفسير العيّاشي 1: 266/ 233. [.....]

31- تفسير العيّاشي 1: 266/ 235.

32- تفسير العيّاشي 1: 267/

236.

(1) في «س»، «ط»: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام)، و لم يعدّ في المعاجم من أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام) و لا من الرواة عنه، انظر معجم رجال الحديث 18: 290.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 153

2660/ [33]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عمن قتل مؤمنا، هل له توبة؟ قال: «لا، حتى يؤدي ديته إلى أهله، و يعتق رقبة مؤمنة، و يصوم شهرين متتابعين، و يستغفر ربه و يتضرع إليه، فأرجو أن يتاب عليه إذا هو فعل ذلك».

قلت: إن لم يكن له ما يؤدي ديته؟ قال: «يسأل المسلمين حتى يؤدي ديته إلى أهله».

2661/ [34]- قال سماعة: سألته عن قوله: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، قال: «من قتل مؤمنا متعمدا على دينه، فذاك التعمد الذي قال الله في كتابه: وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».

قلت: فالرجل يقع بينه و بين الرجل شي ء فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال: «ليس ذاك التعمد الذي قال الله تبارك و تعالى».

عن سماعة، قال: سألته ... الحديث.

2662/ [35]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما- و قال- لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة».

2663/ [36]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، له توبة؟

قال: «إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب، أو لسبب شي ء من أمر الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه، و إن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المتقول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه

فلم يقتلوه أعطاهم الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين، و أطعم ستين مسكينا توبة إلى الله».

2664/ [37]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العمد أن تعمده فتقتله بما بمثله يقتل».

2665/ [38]- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل قتل مملوكه؟

قال: «عليه عتق رقبة، و صوم شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكينا، ثم تكون التوبة بعد ذلك».

سورة النساء(4): الآيات 94 الي 99 ..... ص : 153

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ

__________________________________________________

33- تفسير العيّاشي 1: 267/ 237.

34- تفسير العيّاشي 1: 267/ 238.

35- تفسير العيّاشي 1: 267/ 238.

36- تفسير العيّاشي 1: 267/ 239.

37- تفسير العيّاشي 1: 268/ 240.

38- تفسير العيّاشي 1: 268/ 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 154

اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً [94- 99]

2666/ [1]- العياشي: عن أبي بصير،

عن أبي عبد الله (عليه السلام): «و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم «1» لست مؤمنا».

2667/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة خيبر، و بعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الإسلام، و كان رجل [من اليهود] يقال له مرداس بن نهيك الفدكي «2» في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع أهله و ماله [و صار] في ناحية الجبل فأقبل يقول: أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فمر به أسامة «3» بن زيد فطعنه فقتله، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبره بذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله»؟ فقال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا من القتل.

__________________________________________________

1-- تفسير العيّاشي 1: 268/ 242.

2- تفسير القمّي 1: 148.

(1) قرأ أهل المدينة و ابن عباس و خلف (السّلم) بغير ألف. و الباقون بألف. التبيان 3: 297.

(2) انظر ترجمته في سيرة ابن هشام 4: 271، الكامل في التاريخ 2: 226، الاصابة 6: 80.

(3) في المصدر: فمرّ بأسامة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 155

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فلا كشفت «1» الغطاء عن قلبه، و لا ما قال بلسانه قبلت، و لا ما كان في نفسه علمت». فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه: فأنزل

الله تعالى في ذلك: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.

ثم ذكر فضل المجاهدين على القاعدين فقال: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ يعني الزمنى «2» كما ليس على الأعرج حرج وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآية.

2668/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ، قال: نزلت في من اعتزل أمير المؤمنين (عليه السلام) و لم يقاتل معه، فقالت الملائكة لهم عند الموت: فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ أي لم نعلم مع من الحق. فقال الله: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها أي دين الله و كتاب الله واسع، فتنظروا فيه فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً ثم استثنى، فقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

2669/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم مولى طربال، قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ستة أصناف» قال:

قلت له: أ تأذن لي أن أكتبها؟ قال: «نعم».

قلت: و ما أكتب؟ قال: «اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة، و أهل النار، و اكتب وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً «3»». قال: قلت من هؤلاء؟ قال: «وحشي منهم».

قال: «و اكتب وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ «4»» قال: «و اكتب إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ

الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، و لا يهتدون سبيلا إلى الإيمان فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ».

قال: «و اكتب أَصْحابُ الْأَعْرافِ «5»» قال: قلت: و ما أصحاب الأعراف؟ قال: «قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم، و إن أدخلهم الجنة فبرحمته».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 149.

4- الكافي 2: 281/ 1.

(1) في المصدر: فلا شققت.

(2) الزّمنى: جمع زمن، وصف من الزّمانة، و هي مرض يدوم.

(3) التّوبة 9: 102.

(4) التّوبة 9: 106.

(5) الأعراف 7: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 156

2670/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف؟ فقال: «هو الذي لا يهتدي حيلة إلى الكفر فيكفر، و لا يهتدي سبيلا إلى الإيمان، لا يستطيع أن يؤمن و لا يستطيع أن يكفر، فهم الصبيان، و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم».

2671/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل «1»، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المستضعفون: الذين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا- قال- لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان و لا يكفرون، الصبيان و أشباه عقول الصبيان من الرجال و النساء».

2672/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف، فقال: «هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر، و لا يهتدي بها إلى سبيل الإيمان، لا يستطيع

أن يؤمن و لا يكفر- قال- و الصبيان و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان».

2673/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين، فقال: «هم أهل الولاية».

فقلت: أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بالولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و منهم «2» المرجون لأمر الله عز و جل».

2674/ [9]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن إسماعيل الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الدين الذي لا يسع العباد جهله، فقال: «الدين واسع، و لكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم».

قلت: جعلت فداك، فأحدثك بديني الذي أنا عليه؟ فقال: «بلى».

فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء من عند الله تعالى، و أتولاكم، و أبرأ من أعدائكم، و من ركب رقابكم، و تأمر عليكم، و ظلمكم حقكم. فقال: «و الله ما جهلت شيئا، هو و الله الذي نحن عليه».

__________________________________________________

5- الكافي 2: 297/ 1.

6- الكافي 2: 297/ 2.

7- الكافي 2: 297/ 3.

8- الكافي 2: 297/ 5.

9- الكافي 2: 298/ 6.

(1) (عن جميل) ليس في «س»، «ط»، و الصواب ما في المتن، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 7: 247.

(2) في «ط»: و هم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 157

قلت: فهل يسلم أحد لا يعرف هذا الأمر؟ فقال: «لا، إلا المستضعفون».

قلت: من هم؟ قال: «نساؤكم و

أولادكم- ثم قال- أ رأيت ام أيمن فإني أشهد أنها من أهل الجنة، و ما كانت تعرف ما أنتم عليه».

2675/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف».

2676/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين، فأقول: نحن و هم في منازل الجنة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يفعل الله ذلك بكم أبدا».

2677/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)، قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا نضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه ذكر أن المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا، و من لم يكن من أهل القبلة ناصبا فهو مستضعف.

2678/ [13]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، و فضالة بن أيوب، جميعا، عن موسى بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ، فقال: «هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، و لا يهتدي إلى سبيل الإيمان فيؤمن، و الصبيان، و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان مرفوع

عنهم القلم».

2679/ [14]- و عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

فقال: «لا يستطيعون حيلة إلى النصب فينصبوا، و لا يهتدون سبيل أهل الحق فيدخلوا فيه، و هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة، و باجتناب المحارم التي نهى الله عز و جل عنها، و لا ينالون منازل الأبرار».

__________________________________________________

10- الكافي 2: 298/ 7.

11- الكافي 2: 298/ 8.

12- معاني الأخبار: 200/ 1.

13- معاني الأخبار: 201/ 4.

14- معاني الأخبار: 201/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 158

2680/ [15]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن عمر بن إسحاق، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): ما حد المستضعف الذي ذكره الله عز و جل؟ قال: «من لا يحسن سورة من سور القرآن، و قد خلقه الله عز و جل خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن».

2681/ [16]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حجر بن زائدة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ

مِنَ الرِّجالِ، قال: «هم أهل الولاية».

قلت: و أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و هم المرجون لأمر الله عز و جل».

2682/ [17]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الآية.

قال: «يا سليمان، في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضعفون قوم يصومون و يصلون، تعف بطونهم و فروجهم و لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ إذا كانوا آخذين بالأغصان، و إن لم يعرفوا أولئك، فإن عفا عنهم فبرحمته، و إن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم».

2683/ [18]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن موسى بن بكر، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: سألته عن المستضعفين.

فقال: «البلهاء في خدرها، و الخادمة تقول لها: صلي، فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها، و الجليب «2» الذي لا يدري إلا ما قلت له، و الكبير الفاني، و الصبي الصغير، هؤلاء المستضعفون، فأما رجل شديد العنق جدل خصم، يتولى الشراء و البيع، لا تستطيع أن تغبنه في شي ء، تقول: هذا مستضعف؟ لا،

و لا كرامة».

__________________________________________________

15- معاني الأخبار: 202/ 7.

16- معاني الأخبار: 202/ 8.

17- معاني الأخبار: 202/ 9.

18- معاني الأخبار: 203/ 10.

(1) في المصدر: عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و سليمان بن خالد يروي عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام). راجع رجال النجاشيّ: 183/ 484، جامع الرواة 1: 378.

(2) الجليب: الذي يجلب من بلد إلى غيره. «لسان العرب- جلب- 1: 268!».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 159

2684/ [19]- و عنه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال في المستضعفين الذين لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا: «لا يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر، و لم يهتدوا فيدخلوا في الإيمان، فليس هم من الكفر و الإيمان في شي ء».

2685/ [20]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المستضعفين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قال: «لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان و لا يكفرون، الصبيان و أشباه عقول الصبيان من النساء و الرجال».

2686/ [21]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف».

2687/ [22]- و عنه: عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «المستضعفون من الرجال و النساء لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا- قال- لا يستطيعون سبيل أهل الحق فيدخلوا فيه، و لا يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبوا- قال- هؤلاء لا يدخلون الجنة بأعمال حسنة، و باجتناب المحارم التي نهى الله عنها، و لا ينالون منازل الأبرار».

2688/ [23]- عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)

و أنا أكلمه في المستضعفين: «أين أصحاب الأعراف؟

أين المرجون لأمر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟ أين المؤلفة قلوبهم؟ أين أهل تبيان الله؟ أين المستضعفون من الرجال و النساء و الولدان لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً».

2689/ [24]- عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أتزوج المرجئة «2» أو الحرورية «3» أو القدرية «4»؟

__________________________________________________

19- معاني الأخبار: 203/ 11.

20- تفسير العيّاشي 1: 268/ 243.

21- تفسير العيّاشي 1: 268/ 244. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 268/ 245.

23- تفسير العيّاشي 1: 269/ 246.

24- تفسير العيّاشي 1: 269/ 247.

(1) في «س»، «ط»: عنه، عن أبي عبد اللّه، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن. راجع جامع الرواة 1: 349.

(2) بعد مقتل عليّ (عليه السّلام) التقت الفرقة الموالية له و الفرقة الموالية لطلحة و الزبير و عائشة فصاروا فرقة واحدة موالية لمعاوية، فسمّوا المرجئة، و إنّهم تولّوا المختلفين جميعا، و زعموا أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان و رجّوا لهم المغفرة. «المقالات و الفرق: 5».

(3) الحرورية: فرقة من الخوارج خرجوا على عليّ (عليه السّلام) بعد تحكيم الحكمين بينه و بين معاوية و أهل الشام، و قالوا: لا حكم إلّا للّه و كفّروا عليّا (عليه السّلام) و تبرءوا منه و أمّروا عليهم ذا الثّدية و هم المارقون، فخرج عليّ (عليه السّلام) فحاربهم فقتلهم و قتل ذا الثّدية فسمّوا الحرورية لوقعة حروراء. «المقالات و الفرق: 5».

(4) القدريّة: هم المنسوبون إلى القدر، و يزعمون أنّ كلّ عبد خالق فعله، و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير اللّه و مشيئته. و قيل: المراد من القدريّة المعتزلة

لإسناده أفعالهم إلى القدر. «مجمع البحرين- قدر- 3: 451».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 160

قال: «لا، عليك بالبله من النساء».

قال زرارة: فقلت: ما هو إلا مؤمنة أو كافرة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فأين أهل استثناء الله؟ قول الله أصدق من قولك: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ إلى قوله: سَبِيلًا».

2690/ [25]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ، فقال: «هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، و لا يهتدي سبيل الإيمان، و لا يستطيع أن يؤمن، و لا يستطيع أن يكفر، الصبيان و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم».

2691/ [26]- عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ قال: «هم أهل الولاية».

فقلت: أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و هم المرجون لأمر الله».

2692/ [27]- عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

قال: «يا سليمان، من هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضعفون قوم يصومون و يصلون، تعف بطونهم و فروجهم، لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ كانوا آخذين بالأغصان و لم يعرفوا أولئك، فإن عفا عنهم فيرحمهم الله، و إن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم».

2693/ [28]- عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن المستضعفين.

فقال: «البلهاء

في خدرها، و الخادمة تقول لها: صلي فتصلي، لا تدري إلا ما قلت لها، و الجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له، و الكبير الفاني، و الصبي، و الصغير، هؤلاء المستضعفون، فأما رجل شديد العنق، جدل خصم، يتولى الشراء و البيع، لا تستطيع أن تغبنه في شي ء تقول: هذا المستضعف؟ لا، و لا كرامة».

سورة النساء(4): آية 100 ..... ص : 160

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً [100]

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 1: 269/ 248.

26- تفسير العيّاشي 1: 269/ 249.

27- تفسير العيّاشي 1: 270/ 250.

28- تفسير العيّاشي 1: 270/ 251.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 161

2694/ [1]- علي بن إبراهيم: أي يجد خيرا كثيرا إذا جاهد مع الإمام.

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [100]

2695/ [2]- العياشي، عن أبي الصباح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في رجل دعا إلى هذا الأمر فعرفه و هو في أرض منقطعة إذ جاءه موت الإمام، فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت؟ فقال: «هو و الله بمنزلة من هاجر إلى الله و رسوله فمات، فقد وقع أجره على الله».

2696/ [3]- عن ابن أبي عمير، قال: وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن و عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد ابنه، قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي الحسن الأول، فذكرت له زرارة و توجيه ابنه عبيدا إلى المدينة.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ

فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ».

و روى أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب (الرجال) هذا الحديث عن حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج و غيره قال: وجه زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة و ذكر الحديث بعينه «1»، و ذكر أحاديث أخر في إرسال زرارة ابنه إلى المدينة

في هذا المعنى تؤخذ من هنا «2» ك، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في ذلك زيادة في قوله تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ من سورة براءة «3».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 149.

2- تفسير العيّاشي 1: 270/ 252.

3- تفسير العيّاشي 1: 270/ 253. [.....]

(1) رجال الكشي: 155/ 255.

(2) انظر رجال الكشي: 153/ 251، 154/ 252، 155/ 154.

(3) يأتي في الأحاديث (1- 10) من تفسير الآية (122) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 162

سورة النساء(4): آية 101 ..... ص : 162

قوله تعالى:

وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً [101]

2697/ [1]- الشيخ: بإسناده عن سعد، عن أحمد، عن علي بن حديد، و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟

قال: «نعم، و صلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر ليس فيه خوف».

2698/ [2]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصلاة

في السفر ركعتان، ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء إلا المغرب ثلاث».

2699/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: «في الركعتين تنقص منهما واحدة».

و رواه الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

2700/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «سبعة لا يقصرون الصلاة: الجابي يدور في جبايته، و الأمير الذي يدور في إمارته، و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، و الراعي و البدوي الذي يطلب مواطن «2» القطر و منبت الشجر، و الرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، و المحارب الذي يقطع الطريق «3»».

__________________________________________________

1- التهذيب 3: 302/ 921.

2- التهذيب 2: 13/ 31.

3- الكافي 3: 458/ 4.

4- التهذيب 3: 214/ 524.

(1) التهذيب 3: 914.

(2) في المصدر: مواضع.

(3) في المصدر: السبيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 163

2701/ [5]- و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم في (تفسيره): عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ستة لا يقصرون الصلاة، الجباة الذين يدورون في جبايتهم، و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، و الأمير الذي يدور في إمارته،

و الراعي الذي يطلب مواضع «1» القطر و منبت الشجر، و الرجل الذي يخرج في طلب الصيد لهوا للدنيا، و المحارب الذي يقطع الطريق».

2702/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن زرارة، و محمد بن مسلم، أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في صلاة السفر، كيف هي، و كم هي؟ فقال: «إن الله عز و جل يقول: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا: قلنا: إنما قال الله عز و جل: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ و لم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال (عليه السلام): «أو ليس قد قال الله عز و جل: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «2» ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض، لأن الله عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه (عليه السلام)، و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي (صلى الله عليه و آله) و ذكره الله تعالى في كتابه».

قالا: فقلنا له: فمن صلى في السفر أربعا، أ يعيد أم لا؟ قال: «إن كان قد قرئت عليه آية التقصير و فسرت له فصلى أربعا، أعاد، و إن لم يكن قرئت عليه و لم يكن يعلمها، فلا إعادة عليه، و الصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة، إلا المغرب فإنها ثلاث، ليس فيها تقصير، تركها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في السفر و الحضر ثلاث ركعات».

2703/ [7]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن

يحيى الكاهلي، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في التقصير في الصلاة: «بريد في بريد أربعة و عشرون ميلا».

2704/ [8]- العياشي: عن حريز، قال: قال زرارة، و محمد بن مسلم: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي، و كم هي؟ قال: «إن الله يقول: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا: قلنا: إنما قال: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ و لم يقل: افعلوا، فكيف أوجب الله ذلك كما أوجب التمام [في الحضر]؟ قال: «أو ليس قد قال الله في الصفا و المروة:

__________________________________________________

5- تفسير القمي 1: 149.

6- من لا يحضره الفقيه 1: 278/ 1266.

7- التهذيب 3: 207/ 493.

8- تفسير العياشي 1: 271/ 254. [.....]

(1) في المصدر: مواقع.

(2) البقرة 2: 158.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 164

فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «1» ألا ترى أن الطواف واجب مفروض، لأن الله ذكرهما في كتابه و صنعهما نبيه (صلى الله عليه و آله)، و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي (صلى الله عليه و آله) فذكره الله في الكتاب».

قالا: قلنا: فمن صلى في السفر أربعا، أ يعيد أم لا؟ قال: «إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسرت له فصلى أربعا، أعاد، و إن لم يكن قرئت عليه و لم يعلمها فلا إعادة عليه، و الصلاة في السفر كلها الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث، ليس فيها تقصير، تركها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في السفر و الحضر ثلاث ركعات».

2705/ [9]- عن إبراهيم بن عمر،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فرض الله على المقيم خمس صلوات، و فرض على المسافر ركعتين تمام، و فرض على الخائف ركعة، و هو قول الله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا يقول: من الركعتين فتصير ركعة».

سورة النساء(4): الآيات 102 الي 103 ..... ص : 164

قوله تعالى:

وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً [102- 103]

2706/ [1]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «صلى النبي (صلى الله عليه و آله) بأصحابه في غزاة ذات الرقاع «2» ففرق أصحابه فرقتين، فأقام فرقة بإزاء العدو و فرقة خلفه، فكبر و كبروا، فقرأ و أنصتوا، فركع و ركعوا، فسجد و سجدوا، ثم استمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائما فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو، و جاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) فكبر و كبروا، و قرأ فأنصتوا، و ركع فركعوا، و سجد فسجدوا، ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) فتشهد، ثم سلم عليهم فقاموا فقضوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، و قد قال

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 271/ 255.

1- من لا يحضره الفقيه 1: 293/ 1337.

(1) البقرة 2: 158.

(2) غزوة ذات الرّقاع: وقعت سنة أربع من الهجرة، و قيل سنة خمس، و هي غزوة خصفة من بني ثعلبة من غطفان،

و لم يكن فيها قتال، و فيها كانت صلاة الخوف. راجع بشأنها سيرة ابن هشام 3: 213، مروج الذهب 2: 288.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 165

الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً فهذه صلاة الخوف التي أمر الله عز و جل بها نبيه (صلى الله عليه و آله)».

2707/ [2]- و عنه، قال (عليه السلام): «من صلى المغرب في خوف بالقوم، صلى بالطائفة الاولى ركعة، و بالطائفة الثانية ركعتين».

2708/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: إنها نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الحديبية يريد مكة، فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس، كمينا ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان يعارضه رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال فصلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم و هم في الصلاة لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون صلاتهم، و لكن تجي ء لهم

الآن صلاة اخرى هي أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا فيها أغرنا «2» عليهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بصلاة الخوف في قوله: وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ الآية.

2709/ [4]- العياشي: عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «صلاة المغرب في الخوف أن يجعل أصحابه طائفتين: بإزاء العدو واحدة، و الاخرى خلفه، فيصلي بهم، ثم ينصب قائما و يصلون هم تمام ركعتين، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم تأتي طائفة اخرى فيصلي بهم ركعتين فيصلون هم ركعة، فتكون للأولين قراءة، و للآخرين قراءة».

2710/ [5]- عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا حضرت الصلاة في الخوف فرقهم الإمام فرقتين: فرقة مقبلة على عدوهم، و فرقة خلفه، كما قال الله تبارك و تعالى، فيكبر بهم ثم يصلي بهم ركعة ثم يقوم بعد ما يرفع رأسه من السجود فيتمثل قائما، و يقوم الذين صلوا خلفه ركعة، فيصلي كل إنسان منهم لنفسه ركعة، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم يذهبون إلى أصحابهم فيقومون مقامهم، و يجي ء الآخرون و الإمام قائم فيكبرون و يدخلون في الصلاة خلفه فيصلي بهم ركعة، ثم يسلم فيكون للأولين استفتاح الصلاة بالتكبير،

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 1: 294/ 1338.

3- تفسير القمّي 1: 150.

4- تفسير العيّاشي 1: 272/ 256.

5- تفسير العيّاشي 1: 272/ 257.

(1) (فكان يعارضه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: حملنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 166

و للآخرين التسليم مع الإمام، فإذا سلم الإمام قام كل إنسان من الطائفة الأخيرة فيصلي لنفسه ركعة واحدة، فتمت للإمام ركعتان، و لكل إنسان من

القوم ركعتان: واحدة في جماعة، و الاخرى وحدانا.

و إذا كان الخوف أشد من ذلك مثل المضاربة و المناوشة و المعانقة و تلاحم القتال، فإن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ليلة صفين- و هي ليلة الهرير- لم يكن صلى بهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل صلاة إلا بالتهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء، فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة، و إذا كانت المغرب في الخوف فرقهم فرقتين، فصلى بفرقة ركعتين ثم جلس، ثم أشار إليهم بيده فقام كل إنسان منهم فصلى ركعة، ثم سلموا و قاموا مقام أصحابهم، و جاءت الطائفة الاخرى فكبروا و دخلوا في الصلاة، و قام الإمام فصلى بهم ركعة ثم سلم، ثم قام كل إنسان منهم فصلى ركعة فشفعها بالتي صلى مع الإمام، ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قراءة، فتمت للإمام ثلاث ركعات، و للأولين ثلاث ركعات: ركعتين في جماعة، و ركعة وحدانا، و للآخرين ثلاث ركعات، ركعة جماعة، و ركعتين وحدانا، فصار للأولين افتتاح التكبير و افتتاح الصلاة، و للآخرين التسليم».

2711/ [6]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في صلاة المغرب: «في السفر لا يضرك أن تؤخر ساعة ثم تصليها إن أحببت أن تصلي العشاء الآخرة، و إن شئت مشيت ساعة إلى أن يغيب الشفق، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى صلاة الهاجرة و العصر جميعا، و المغرب و العشاء الآخرة جميعا، و كان يؤخر و يقدم، إن الله تعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً إنما عنى وجوبها على المؤمنين لم يعن غيرهم، إنه لو كان كما يقولون لم يصل رسول الله (صلى الله

عليه و آله) هكذا، و كان أعلم و أخبر، و لو كان خيرا لأمر به محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد فات الناس مع أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و أمرهم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) فكبروا و هللوا و سبحوا رجالا و ركبانا لقول الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً «1» فأمرهم علي (عليه السلام) فصنعوا ذلك».

2712/ [7]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ، قال: الصحيح يصلي قائما، و العليل يصلي جالسا، فمن لم يقدر فمضطجعا يومئ إيماء.

2713/ [8]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن زرارة و الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «يعني مفروضا، و ليس يعني وقت فوتها، إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاته هذه مؤداة، و لو كان كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكنه متى ما ذكرها صلاها».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 273/ 258.

7- تفسير القمّي 1: 150. [.....]

8- الكافي 3: 294/ 10.

(1) البقرة 2: 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 167

2714/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و

جل: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: «أي موجوبا».

2715/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

قال: «كتابا ثابتا، و ليس إن عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة، فإن الله عز و جل يقول لقوم: أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «1»».

2716/ [11]- العياشي: عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

قال: «يعني كتابا مفروضا، و ليس يعني وقت وقتها، إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاته مؤداة، لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكنه متى ما ذكرها صلاها».

2717/ [12]- عن منصور بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول: «إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً- قال- لو كانت موقوتا كما يقولون لهلك الناس، و لكان الأمر ضيقا، و لكنها كانت على المؤمنين كتابا موجوبا».

2718/ [13]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

فقال: «إن للصلاة وقتا، و الأمر فيه واسع يقدم مرة و يؤخر مرة، إلا الجمعة فإنما هو وقت واحد، و إنما عنى الله كِتاباً مَوْقُوتاً أي واجبا، يعني بها أنها الفريضة».

2719/ [14]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «لو عنى أنها في وقت لا تقبل إلا فيه كانت مصيبة،

و لكن متى أديتها فقد أديتها».

__________________________________________________

9- الكافي 3: 272/ 4.

10- الكافي 3: 270/ 13.

11- تفسير العيّاشي 1: 273/ 259.

12- تفسير العيّاشي 1: 273/ 260.

13- تفسير العيّاشي 1: 274/ 261.

14- تفسير العيّاشي 1: 274/ 262.

(1) مريم 19: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 168

2720/ [15]- و في رواية اخرى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «إنما يعني وجوبها على المؤمنين، و لو كان كما يقولون إذن لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين قال:

حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ «1» لأنه لو صلاها قبل ذلك كانت في وقت، و ليس صلاة أطول وقتا من صلاة العصر».

2721/ [16]- و في رواية اخرى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «يعني بذلك وجوبها على المؤمنين، و ليس لها وقت، من تركه أفرط في الصلاة، و لكن لها تضييع».

2722/ [17]- عن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله قال: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً، قال: «إنما عنى وجوبها على المؤمنين، و لم يعن غيره».

2723/ [18]- عن عبيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أو أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «كتاب واجب، أما إنه ليس مثل وقت الحج و لا رمضان إذا فاتك فقد فاتك، و إن الصلاة إذا صليت فقد صليت».

سورة النساء(4): آية 104 ..... ص : 168

قوله تعالى:

وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ [104] 2724/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه معطوف على قوله في سورة آل عمران: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ

مِثْلُهُ «2» و قد ذكرنا هناك سبب نزول الآية.

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 274/ 263.

16- تفسير العيّاشي 1: 274/ 264.

17- تفسير العيّاشي 1: 274/ 265.

18- تفسير العيّاشي 1: 274/ 266.

1- تفسير القمّي 1: 150. [.....]

(1) سورة ص 38: 32.

(2) آل عمران 3: 140.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 169

سورة النساء(4): الآيات 105 الي 113 ..... ص : 169

قوله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [105- 113]

2725/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، قال: وجدت في نوادر محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا و الله ما فوض الله الكتاب إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و إلى الأئمة (عليهم السلام)، قال عز و جل: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ و هي جارية في الأوصياء (عليهم السلام)».

2726/ [2]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الصلت، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن موسى بن أشيم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أني أريد أن تجعل لي مجلسا، فواعدني يوما فأتيته للميعاد، فدخلت عليه فسألته عما أردت أن أسأله عنه، فبينا نحن كذلك إذ قرع علينا رجل الباب، فقال: «ما ترى هذا رجل بالباب»؟ فقلت: جعلت فداك، أما أنا فقد فرغت من حاجتي فرأيك، فأذن له فدخل الرجل فتحدث ساعة، ثم سأله عن مسائلي بعينها لم يخرم منها شيئا، فأجابه بغير ما أجابني، فدخلني من ذلك

ما لا يعلمه إلا الله. ثم خرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى استأذن عليه آخر فأذن له فتحدث ساعة، ثم سأله عن تلك المسائل بعينها فأجابه بغير ما أجابني و أجاب الأول قبله، فازددت غما حتى كدت أن أكفر. ثم خرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء ثالث فسأله عن تلك المسائل بعينها، فأجابه بخلاف ما أجابنا أجمعين، فأظلم علي البيت و دخلني غم شديد. فلما نظر إلي و رأى ما قد دخلني «1» ضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا بن أشيم، إن الله عز و جل فوض إلى سليمان بن داود (عليه السلام) ملكه فقال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2» و إن الله عز و جل فوض إلى محمد (صلى الله عليه و آله) أمر دينه فقال: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ و إن الله فوض إلينا من ذلك ما «3» فوض إلى محمد (صلى الله عليه و آله)».

2727/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 210/ 8.

2- مختصر بصائر الدرجات: 92.

3- تفسير القمّي 1: 150.

(1) في المصدر: ما بي ممّا تداخلني.

(2) سورة ص 38: 39.

(3) في المصدر: إلينا ذلك كما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 170

قال: إن سبب نزولها أن قوما من الأنصار من بني أبيرق إخوة ثلاثة كانوا منافقين: بشير، و بشر، و مبشر، فنقبوا على عم قتادة بن النعمان «1»، و كان قتادة بدريا، و أخرجوا طعاما كان أعده لعياله و سيفا و درعا، فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول

الله، إن قوما نقبوا على عمي، و أخذوا طعاما كان أعده لعياله و سيفا و درعا، و هم أهل بيت سوء، و كان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل «2».

فقال بنو أبيرق لقتادة: هذا عمل لبيد بن سهل. فبلغ ذلك لبيدا، فأخذ سيفه و خرج عليهم، فقال: يا بني أبيرق، أ ترمونني بالسرقة، و أنتم أولى بها مني، و أنتم المنافقون تهجون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تنسبون إلى قريش، لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم. فداروه و قالوا له: ارجع يرحمك الله، فإنك بري ء من ذلك.

فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له: أسيد بن عروة، و كان منطقيا بليغا، فمشى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا، أهل شرف و حسب و نسب، فرماهم بالسرقة و اتهمهم بما ليس فيهم. فاغتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لذلك، و جاء إليه قتادة، فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: «عمدت إلى أهل بيت شرف و حسب و نسب فرميتهم بالسرقة» و عاتبه عتابا شديدا.

فاغتم قتادة من ذلك و رجع إلى عمه، و قال له: يا ليتني مت و لم أكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقد كلمني بما كرهته. فقال عمه: الله المستعان. فأنزل الله في ذلك على نبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَ لا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ

أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ يعني الفعل، فوضع القول مقام الفعل.

ثم قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً

قال علي بن إبراهيم:

يعني لبيد بن سهل فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً

.2728/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أناسا من رهط بشير الأدنين، قالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قالوا: نكلمه في صاحبنا أو نعذره، إن صاحبنا بري ء، فلما أنزل الله يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ

إلى قوله: وَكِيلًا

فأقبلت رهط بشير، فقالوا: يا بشير، استغفر الله و تب إليه من الذنب «3». فقال: و الذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت

__________________________________________________

4- تفسير القمي 1: 152.

(1) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر، بدري، عقبي، و هو أخو أبي سعيد الخدري لامه. «سير أعلام النبلاء 2: 331».

(2) لبيد بن سهل بن الحارث بن عذرة بن عبد رزاح، بدري، فاضل، و هو الذي اتهم بدرعي رفاعة بن زيد، و هو بري ء، و الذي سرقها هو ابن أبيرق و سرق معها دقيق حوارى كان لرفاعة. «جمهرة أنساب العرب: 343».

(3) في «ط»: الذنوب.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 171

وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً.

ثم إن بشيرا كفر و لحق بمكة، و أنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا و أتوا النبي (صلى الله عليه و آله) ليعذروه قوله:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَ ما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْ ءٍ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً».

2729/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك و تعالى: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ

، قال: «يعني فلانا و فلانا و أبا عبيدة بن الجراح».

2730/ [6]- العياشي: عن عامر بن كثير السراج، و كان داعية الحسين بن علي «1»، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ

، قال: «فلان و فلان «2» و أبو عبيدة بن الجراح».

2731/ [7]- و في رواية عمرو بن سعيد «3»، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «هما و أبو عبيدة بن الجراح».

2732/ [8]- و في رواية عمر بن صالح، قال: «الأول و الثاني و أبو عبيدة بن الجراح».

2733/ [9]- و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «ما من عبد أذنب ذنبا فقام و توضأ «4» و استغفر الله من ذنبه، إلا كان حقيقا على الله أن يغفر له، لأنه يقول: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ

ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

».

2734/ [10]- و قال (صلى الله عليه و آله): «إن الله ليبتلي العبد و هو يحبه ليسمع تضرعه».

2735/ [11]- و قال (صلى الله عليه و آله): «ما كان الله ليفتح باب الدعاء و يغلق باب الإجابة، لأنه يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «5»، و ما كان ليفتح باب التوبة و يغلق باب المغفرة، و هو يقول:

__________________________________________________

5- الكافي 8: 334/ 525.

6-- تفسير العياشي 1: 274/ 267. [.....]

7- تفسير العياشي 1: 275/ 268.

8- تفسير العياشي 1: 275/ 269.

9- إرشاد القلوب 1: 46 «نحوه».

10- ربيع الأبرار للزمخشري 2: 217.

11- قطعة منه في أمالي الطوسي 1: 5، و عدة الداعي: 29، و الفردوس للديلمي 4: 88/ 6273، و كنز العمال 2: 68/ 3155.

(1) هو الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى. صاحب فخ.

(2) في المصدر زيادة: و فلان.

(3) في «س»، «ط»: عمرو بن أبي سعيد، و لم نجد له ذكرا في المصادر المتوفرة لدينا، و في المصدر: عمر بن سعيد، و الظاهر صحة ما في المتن لروايته عن أبي الحسن الرضا و أبي الحسن العسكري، انظر معجم رجال الحديث 13: 104.

(4) في المصدر: فقام فتطهر و صلى ركعتين.

(5) غافر 40: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 172

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً».

2736/ [12]- العياشي: عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد ستره الله عليه، فأما إذا قلت ما ليس فيه، فذلك قول الله: فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً

».

سورة النساء(4): آية 114 ..... ص : 172

قوله تعالى:

لا خَيْرَ فِي

كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [114]

2737/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «إن الله فرض التمحل «2» في القرآن» قلت: و ما التمحل»

، جعلت فداك؟ قال: «أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتمحل «4» له، و هو قول الله: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ».

2738/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم».

2739/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم «5»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني عنه «6» من كتاب الله».

ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال» فقيل له: يا بن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ

__________________________________________________

12- تفسير العياشي 1: 275/ 270.

1- تفسير القمي 1: 152.

2- تفسير القمي 1: 152.

3- الكافي 1: 48/ 5. [.....]

(1) في المصدر: حماد، عن أبي عبد الله، و ما في المتن هو الصواب كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 6: 190.

(2) في المصدر: التحمل.

(3) في المصدر: التحمل.

(4) في المصدر: فتحمل.

(5) في المصدر زيادة: عن أبيه، و الصواب ما في

المتن، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 17: 93.

(6) (عنه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 173

و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «1» و قال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2»».

2740/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ.

قال: «يعني بالمعروف القرض».

2741/ [5]- العياشي: عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض القميين «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ: «يعني بالمعروف القرض».

سورة النساء(4): آية 115 ..... ص : 173

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً [115]

2742/ [1]- العياشي: عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما، (عليهما السلام)، قال: «لما كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس، فقالوا: اجعل لنا إماما يؤمنا في شهر رمضان، فقال: لا، و نهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا في رمضان وا رمضاناه، فأتاه الحارث الأعور في أناس، فقال: يا أمير المؤمنين، ضج الناس و كرهوا قولك، فقال عند ذلك: دعوهم و ما يريدون، ليصلي بهم من شاءوا، ثم قال: فمن يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً».

2743/ [2]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: خرجت أنا و الأشعث الكندي و

جرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس، مر بنا ضب، فقال الأشعث و جرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين.

خلافا على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما خرج الأنصاري، قال لعلي (عليه السلام)، فقال علي (عليه السلام): «دعهما فهو إمامهما يوم القيامة، أما تسمع إلى الله و هو يقول: نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى».

__________________________________________________

4- الكافي 4: 34/ 3.

5- تفسير العيّاشي 1: 275/ 271.

1- تفسير العيّاشي 1: 275/ 272.

2- تفسير العيّاشي 1: 275/ 273.

(1) النّساء 4: 5.

(2) المائدة 5: 101.

(3) في «ط»: المعتمدين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 174

2744/ [3]- علي بن إبراهيم: نزلت في بشير «1» و هو بمكة وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً و قوله: وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ أي يخالفه.

سورة النساء(4): الآيات 117 الي 119 ..... ص : 174

قوله تعالى:

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ [117 وَ 118] 2745/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ قال: كانوا يعبدون الجن.

2746/ [2]- العياشي: عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سماه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخل رجل على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقام على قدميه، فقال: «مه، هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، الله سماه به. و لم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا، و إن لم يكن به ابتلي به، و هو قول الله في كتابه: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا

شَيْطاناً مَرِيداً».

قال: قلت: فما ذا يدعى به قائمكم؟ قال: «يقال له: السلام عليك يا بقية الله، السلام عليك يا ابن رسول الله».

قوله تعالى:

لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً [118- 119]

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 152. [.....]

1- تفسير القمّي 1: 152.

2- تفسير العيّاشي 1: 276/ 274.

(1) انظر الحديث (3) و (4) من تفسير الآيات (105- 113) من هذه السورة لبيان سبب النزول. و في مجمع البيان 3: 160 كان بشير يكنّى أبا طعمة، و كان يقول الشعر و يهجو به أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ثمّ يقول: قاله فلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 175

2747/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً يعني إبليس حيث قال: وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أي أمر الله.

2748/ [2]- العياشي: عن محمد بن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «أمر الله بما أمر به».

2749/ [3]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «أمر الله بما أمر به».

2750/ [4]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «دين الله».

2751/ [5]- الطبرسي، قال في قوله تعالى: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أي أمر الله «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2752/ [6]- و قال الطبرسي، في قوله: فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ قيل: ليقطعوا «2» الآذان

من أصلها. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 120 ..... ص : 175

قوله تعالى:

يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً [120]

2753/ [7]- العياشي: عن جابر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «كان إبليس أول من ناح، و أول من تغنى، و أول من حدا، قال: لما أكل آدم من الشجرة تغنى، فلما اهبط حدا به، فلما استقر على الأرض ناح، فأذكره ما في الجنة.

فقال آدم: رب هذا الذي جعلت بيني و بينه العداوة لم أقو عليه و أنا في الجنة، و إن لم تعني عليه لم أقو عليه. فقال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير العيّاشي 1: 276/ 275.

3- سقط هذا الحديث من المطبوع، و هو موجود في بعض نسخ المصدر المخطوطة.

4- تفسير العيّاشي 1: 276/ 276.

5- مجمع البيان 3: 173.

6- مجمع البيان 3: 173.

7- تفسير العيّاشي 1: 276/ 277.

(1) في المصدر: يريد دين اللّه و أمره.

(2) في المصدر: ليقطعنّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 176

الله: السيئة بالسيئة، و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة. قال: رب زدني، قال: لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكين يحفظانه. قال: رب زدني. قال: التوبة معروضة في الجسد ما دام فيه الروح. قال: رب زدني. قال: أغفر الذنوب و لا أبالي. قال: حسبي.

قال: فقال إبليس: رب هذا الذي كرمته علي و فضلته، و إن لم تفضل علي لم أقو عليه. قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولدان. قال: رب زدني. قال: تجري منه مجرى الدم في العروق. قال: رب زدني. قال: تتخذ أنت و ذريتك في صدورهم مساكن. قال: رب زدني. قال: تعدهم و تمنيهم وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً».

سورة النساء(4): آية 123 ..... ص : 176

قوله تعالى:

لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ

[123] 2754/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني ليس ما تتمنون أنتم، و لا أهل الكتاب أن لا تعذبوا بأفعالكم.

2755/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أشدها من آية! فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما تبتلون في أموالكم و في أنفسكم و ذراريكم؟ قالوا: بلى. قال: هذا مما يكتب الله لكم به الحسنات، و يمحو به السيئات».

قوله تعالى:

وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [124] 2756/ [3]- علي بن إبراهيم: و هي النقطة التي في النواة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير العيّاشي 1: 277/ 278. [.....]

3- تفسير القمّي 1: 153.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 177

سورة النساء(4): آية 124 ..... ص : 177

قوله تعالى:

وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [125] 2757/ [1]- علي بن إبراهيم: و هي الحنيفية العشرة التي جاء بها إبراهيم (عليه السلام) التي لم تنسخ إلى يوم القيامة.

قوله تعالى:

وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [125]

2758/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) هو أول من حول له الرمل دقيقا، و ذلك أنه قصد صديقا له بمصر في قرض طعام فلم يجده في منزله، فكره أن يرجع بالحمار «1» خاليا، فملأ جرابه رملا، فلما دخل منزله خلى بين الحمار و بين سارة استحياء منها، و دخل البيت و نام، ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون، فخبزت و قدمت إليه طعاما طيبا، فقال إبراهيم (عليه السلام): من أين لك هذا؟ قالت: من الدقيق الذي حملته من عند

خليلك المصري. فقال إبراهيم (عليه السلام): أما إنه خليلي و ليس بمصري. فلذلك اعطي الخلة»

فشكر الله و حمده «3» و أكل».

2759/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لم اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا؟ قال: «لكثرة سجوده على الأرض».

2760/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «سمعت أبي يحدث، عن أبيه (عليه السلام)، أنه قال: اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا، لأنه لم يرد أحدا، و لم يسأل أحدا غير الله عز و جل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير القمّي 1: 153.

3- علل الشرائع: 34/ 1.

4- علل الشرائع: 34/ 2.

(1) في «ط» نسخة بدل: بالجمال.

(2) الخلّة بالضمّ: الصداقة و المحبّة التي تخللت القلب فصارت خلاله. «النهاية 2: 72».

(3) في «س» و «ط»: وحده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 178

2761/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد السناني «1» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني «2»، قال: سمعت علي بن محمد العسكري (عليه السلام) يقول: «إنما اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمد و أهل بيته (صلوات الله عليهم)».

2762/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن

عمرو بن علي البصري، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن إبراهيم، عن خارج الأصم الألسن «3» في مسجد طيبة، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن الجنيد، قال:

حدثنا أبو بكر عمرو بن سعيد، قال: حدثنا علي بن زاهر، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «ما اتخذ الله إبراهيم خليلا إلا لإطعامه الطعام، و صلاته «4» بالليل و الناس نيام».

2763/ [6]- العياشي: عن ابن سنان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «إذا سافر أحدكم فقدم من سفره فليأت أهله بما «5» تيسر و لو بحجر، فإن إبراهيم (صلوات الله عليه) كان إذا ضاق أتى قومه، و إنه ضاق ضيقة فأتى قومه فوافق منهم أزمة «6»، فرجع كما ذهب، فلما قرب من منزله نزل عن حماره فملأ خرجه رملا، أراد أن يسكن به روح «7» سارة، فلما دخل منزله حط الخرج عن الحمار و افتتح الصلاة، فجاءت سارة ففتحت «8» الخرج فوجدته مملوءا دقيقا، فاعتجنت منه و اختبزت، ثم قالت لإبراهيم: انفتل من صلاتك و كل. فقال لها: أنى لك هذا؟ قالت:

من الدقيق الذي في الخرج. فرفع رأسه إلى السماء فقال: أشهد أنك الخليل».

2764/ [7]- عن سليمان الفراء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و عن محمد بن هارون، عمن رواه عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما اتخذ الله إبراهيم خليلا أتاه ببشارة الخلة ملك الموت في صورة شاب أبيض، عليه ثوبان أبيضان، يقطر رأسه ماء و دهنا، فدخل إبراهيم (عليه السلام) الدار فاستقبله خارجا من الدار، و كان

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 34/ 3.

5-

علل الشرائع: 35/ 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 277/ 279.

7- تفسير العيّاشي 1: 277/ 280.

(1) في «س» و المصدر: الشيباني، انظر معجم رجال الحديث 2: 247.

(2) في «س» و «ط»: الحافظ، انظر رجال النجاشي: 247/ 653. [.....]

(3) في المصدر: أبو أحمد محمّد بن إبراهيم بن خارج الأصم البستي، و الظاهر أنّه أبو أحمد محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن جناح البستي، قدم بغداد سنة ستّ و أربعين و ثلاث مائة. تاريخ بغداد 1: 412.

(4) في «ط»: لإطعام الطعام و الصلاة.

(5) في «ط»: مما.

(6) أزمت عليه السنة: اشتد قحطها. «المعجم الوسيط- أزم- 1: 16».

(7) في المصدر: به من زوجته.

(8) في المصدر: فانفتحت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 179

إبراهيم (عليه السلام) رجلا غيورا، و كان إذا خرج في حاجة أغلق بابه و أخذ مفتاحه معه، فخرج ذات يوم في حاجة و أغلق بابه، ثم رجع ففتح بابه، فإذا هو برجل قائم كأحسن ما يكون من الرجال فأخذه، فقال: يا عبد الله، ما أدخلك داري؟ فقال: ربها أدخلنيها. فقال إبراهيم: ربها أحق بها مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال: ففزع إبراهيم (عليه السلام) و قال: جئتني لتسلبني روحي؟ فقال: لا، و لكن الله اتخذ عبدا خليلا فجئته ببشارة. فقال إبراهيم:

فمن هذا العبد لعلي أخدمه حتى أموت؟ فقال: أنت هو. قال: فدخل على سارة، فقال: إن الله اتخذني خليلا».

2765/ [8]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام): لقد حدثني أبي الباقر، عن جدي علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و

قد قال رجل من النصارى: يا محمد، أو لستم تقولون: إن إبراهيم خليل الله، فإذا قلتم ذلك فلم منعتمونا أن نقول: إن عيسى ابن الله؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنهما لم يشتبها، لأن قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة و الخلة، فأما الخلة فمعناها الفقر و الفاقة، فقد كان خليلا و إلى ربه فقيرا، و إليه منقطعا، و عن غيره متعففا معرضا مستغنيا، و ذلك لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق، بعث الله تعالى إليه جبرئيل، و قال له: أدرك عبدي.

فجاءه فلقيه في الهواء، فقال له: كلفني ما بدا لك، فقد بعثني الله تعالى لنصرتك. فقال: بل حسبي الله و نعم الوكيل، إني لا أسال غيره، و لا حاجة لي إلا إليه، فسماه خليله، أي فقيره و محتاجه و المنقطع إليه عمن سواه.

و إذا جعل معنى ذلك من الخلة، فهو أنه قد تخلل معانيه و وقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كان معناه العالم به و بأموره، و لا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، و إذا لم يعلم أموره «1» لم يكن خليله، و إن من يلده الرجل، و إن أهانه و أقصاه، لم يخرج عن أن يكون ولده لأن معنى الولادة قائم».

سورة النساء(4): آية 127 ..... ص : 179

قوله تعالى:

وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ [127] 2766/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ

__________________________________________________

8- التفسير المنسوب

إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 533/ 323.

1- تفسير القمي 1: 130.

(1) في المصدر: بأسراره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 180

النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ «1» قال: نزلت مع قوله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ، فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فنصف الآية في أول السورة، و نصفها على رأس المائة و عشرين آية، و ذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة قد ربوها، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، فأنزل الله تعالى يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ إلى قوله: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

2767/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ: «فإن نبي الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن النساء ما لهن من الميراث؟ فأنزل الله الربع و الثمن».

2768/ [2]- الطبرسي: ما كُتِبَ لَهُنَّ أي من الميراث، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ [127]

2769/ [3]- علي بن إبراهيم: فإن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون الصبي الصغير، و لا الجارية من ميراث آبائهم شيئا، و كانوا لا يعطون الميراث إلا لمن يقاتل، و كانوا يرون ذلك في دينهم حسنا، فلما أنزل الله فرائض المواريث وجدوا من ذلك وجدا شديدا، فقالوا: انطلقوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنذكره ذلك لعله يدعه أو يغيره. فأتوه، و قالوا: يا رسول الله، للجارية

نصف ما ترك أبوها و أخوها، و يعطى الصبي الصغير الميراث، و ليس أحد منهما يركب الفرس̠و لا يحوز الغنيمة، و لا يقاتل العدو؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بذلك أمرت».

قوله تعالى:

وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ [127] 2770/ [4]- علي بن إبراهيم: إنهم كانوا يفسدون مال اليتيم، فأمرهم الله أن يصلحوا أموالهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- مجمع البيان 3: 181.

3- تفسير القمّي 1: 154.

4- تفسير القمّي 1: 154.

(1) النّساء 4: 3. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 181

سورة النساء(4): آية 128 ..... ص : 181

قوله تعالى:

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [128]

2771/ [1]- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

فقال: «إذا كان كذلك فهم بطلاقها، قالت له: أمسكني و أدع لك بعض ما عليك، و أحللك من يومي و ليلتي، حل له ذلك، و لا جناح عليهما».

2772/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

فقال: «هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول لها: إني أريد أن أطلقك، فتقول له: لا تفعل، إني أكره أن يشمت بي، و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت، و ما كان سوى ذلك من شي ء فهو لك، و

دعني على حالتي.

فهو قوله تبارك و تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً و هذا هو الصلح».

2773/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن الحسين بن هاشم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها، فتقول له: أمسكني و لا تطلقني و أدع لك ما على ظهرك، و أعطيك من مالي، و أحللك من يومي و ليلتي، فقد طاب له ذلك كله».

2774/ [4]- العياشي: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قول الله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «نشوز الرجل يهم بطلاق امرأته، فتقول له: أدع ما على ظهرك، و أعطيك كذا و كذا، و أحللك من يومي و ليلتي على ما اصطلحا، فهو جائز».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 145/ 2.

2- الكافي 6: 145/ 2.

3- الكافي 6: 145/ 3.

4- تفسير العيّاشي 1: 278/ 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 182

2775/ [5]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «إذا كان كذلك فهم بطلاقها، قالت له: أمسكني و أدع لك بعض ما عليك، و أحللك من يومي و ليلتي، كل ذلك له، فلا جناح عليهما».

2776/ [6]- عن زرارة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن النهارية يشترط عليها عند عقد النكاح أن يأتيها ما شاء نهارا أو من كل جمعة أو شهر يوما، و من النفقة كذا و كذا.

قال: «فليس ذلك

الشرط بشي ء، من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة و القسمة، و لكنه إن تزوج امرأة خافت فيه نشوزا، أو خافت أن يتزوج عليها فصالحت من حقها على شي ء من قسمتها أو بعضها، فإن ذلك جائز، لا بأس به».

2777/ [7]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول: إني أريد أن أطلقك، فتقول: لا تفعل، فإني أكره أن يشمت بي، و لكن انتظر «1» ليلتي فاصنع ما شئت، و ما كان من سوى ذلك فهو لك، فدعني على حالي. فهو قوله:

فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ و هو هذا الصلح».

2778/ [8]- علي بن إبراهيم: نزلت في بنت محمد بن مسلمة، كانت امرأة رافع بن جريح، و كانت امرأة قد دخلت في السن و تزوج عليها امرأة شابة، كانت أعجب إليه من بنت محمد بن مسلمة، فقالت له بنت محمد بن مسلمة: ألا أراك معرضا عني مؤثرا علي؟ فقال رافع: هي امرأة شابة، و هي أعجب إلي، فإن شئت أقررت على أن لها يومين أو ثلاثة مني و لك يوم واحد، فأبت بنت محمد بن مسلمة أن ترضى، فطلقها تطليقة واحدة ثم طلقها أخرى، فقالت: لا و الله لا أرضى أن تسوي بيني و بينها، يقول الله: وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ و ابنة محمد لم تطب نفسها بنصيبها و شحت عليه، فعرض عليها رافع إما أن ترضى، و إما أن يطلقها الثالثة، فشحت على زوجها و رضيت، فصالحته على ما ذكر، فقال الله: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ

فلما رضيت و استقرت لم يستطع أن يعدل بينهما فنزلت وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ «2» أن يأتي واحدة و يذر الاخرى لا أيم و لا ذات بعل، و هذه السنة فيما كان

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 278/ 282.

6- تفسير العيّاشي 1: 278/ 283.

7- تفسير العيّاشي 1: 279/ 284.

8- تفسير القمّي 1: 154.

(1) في المصدر: و لكن انظر.

(2) النّساء 4: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 183

كذلك إذا أقرت المرأة و رضيت على ما صالحها عليه زوجها فلا جناح على الزوج و لا على المرأة، و إن هي أبت طلقها أو يساوي بينهما، لا يسعه إلا ذلك.

2779/]

- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ، قال: أحضرت الشح، فمنها ما اختارته، و منها ما لم تختره.

سورة النساء(4): آية 129 ..... ص : 183

قوله تعالى:

وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ [129]

2780/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب و محمد بن الحسن، قالا سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، فقال له: أليس الله حكيما؟ قال: بلى، و هو أحكم الحاكمين.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً «1» أليس هذا فرض؟ قال: بلى.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب، فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «يا هشام، في غير

وقت حج و لا عمرة»؟ قال: نعم- جعلت فداك- لأمر أهمني، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي ء، قال: «و ما هي»؟ قال: فأخبره بالقصة، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أما قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً يعني في النفقة. و أما قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ يعني في المودة».

قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره، قال: و الله، ما هذا من عندك.

2781/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحوال، فقال: أخبرني عن قول الله:

فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً «2» و قال في آخر السورة:

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 1: 155.

1- الكافي 5: 362/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 155.

(1) النّساء 4: 3. [.....]

(2) النّساء 4: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 184

وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فبين القولين فرق؟

فقال أبو جعفر الأحول: فلم يكن عندي في ذلك جواب، فقدمت المدينة، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و سألته عن الآيتين؟ فقال: «أما قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإنما عنى به النفقة، و قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ فإنما عنى به المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة».

فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره، فقال: هذا حملته الإبل من الحجاز.

2782/ [3]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ، قال: «في المودة».

2783/ [4]- الطبرسي: في قوله تعالى: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ أي فتذروا التي لا تميلون إليها كالتي هي لا ذات زوج، و لا أيم. قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النساء(4): آية 130 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [130]

2784/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن حمدويه بن عمران، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثني عاصم بن حميد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج. قال: فاشتدت به الحاجة، فأتى أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، قال: «فارق» ففارق. قال: ثم أتاه فسأله عن حاله، فقال: أثريت و حسن حالي. فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما، قال الله عز و جل: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ إلى قوله:

واسِعٌ عَلِيمٌ «1» و قال: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ».

سورة النساء(4): آية 131 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 279/ 285.

4- مجمع البيان 3: 185.

1- الكافي 5: 331/ 6.

(1) النّور 24: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 185

الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [131]

2785/ [1]- في (مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة) من كلام الصادق (عليه السلام)، قال (عليه السلام): «أفضل الوصايا و ألزمها أن لا تنسى ربك، و أن تذكره دائما و لا تعصيه، و تعبده قاعدا و قائما، و لا تغتر بنعمته، و اشكره أبدا، و لا تخرج من تحت أستار رحمته و عظمته و جلاله فتضل و تقع في ميدان الهلاك، و إن مسك البلاء و الضراء و أحرقتك نيران المحن.

و اعلم أن بلاياه محشوة بكراماته الأبدية، و محنة مورثة رضاه و قربته، و لو بعد حين، فيا لها

من نعم لمن علم و وفق لذلك!».

2786/ [2]- و روي أن رجلا استوصى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال (صلى الله عليه و آله): «لا تغضب قط، فإن فيه منازعة ربك». فقال: زدني. فقال (صلى الله عليه و آله): «إياك و ما يعتذر منه، فإن فيه الشرك الخفي». فقال: زدني.

فقال (صلى الله عليه و آله): «صل صلاة مودع، فإن فيه الوصلة و القربى». فقال: زدني. فقال (صلى الله عليه و آله): «استحي من الله تعالى استحياءك من صالحي جيرانك، فإن فيه زيادة اليقين، و قد أجمع الله ما يتواصى به المتواصون من الأولين و الآخرين في خصلة واحدة و هي التقوى، قال الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ و فيه جماع كل عبادة صالحة، و به وصل من وصل إلى الدرجات العلى و الرتبة القصوى، و به عاش من عاش بالحياة الطيبة و الانس الدائم، قال الله عز و جل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ «1»».

سورة النساء(4): آية 135 ..... ص : 185

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ- إلى قوله تعالى- خَبِيراً [135]

2787/ [3]- الشيخ: بإسناده عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «كتب أبي في رسالته إلي و سألته عن الشهادات لهم، قال:

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 162.

2- مصباح الشريعة: 162.

3- التهذيب 6: 276/ 757.

(1) القمر 54: 54، 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 186

فأقم الشهادة لله عز و جل و لو على

نفسك أو الوالدين أو الأقربين فيما بينك و بينهم، فإن خفت على أخيك ضرا «1» فلا».

2788/ [1]- علي بن إبراهيم: إن الله أمر الناس أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، و لو على أنفسهم أو على والديهم أو على أقاربهم.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن للمؤمن على المؤمن سبع حقوق، فأوجبها أن يقول الرجل حقا و إن كان على نفسه أو على والديه، فلا يميل لهم عن الحق- ثم قال-: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا يعني عن الحق».

2789/ [2]- الطبرسي: قيل معناه: إِنْ تَلْوُوا أي تبدلوا الشهادة، أَوْ تُعْرِضُوا أي تكتموها. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 136 ..... ص : 186

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ [136] 2790/ [3]- علي بن إبراهيم: يعني يا أيها الذين آمنوا أقروا و صدقوا.

2791/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: سماهم الله مؤمنين بإقرارهم، ثم قال لهم: صدقوا له.

سورة النساء(4): آية 137 ..... ص : 186

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [137]

2792/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة و علي بن عبد الله «2»، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 156.

2- مجمع البيان 3: 190.

3- تفسير القمي 1: 156.

4- تفسير القمي 1: 31.

5- الكافي 1: 348/ 42. [.....]

(1) في المصدر: ضيما.

(2) في «س» و «ط»: علي بن محمد بن عبد الله، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 11: 311 و 12: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 187

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ «1».

قال: «نزلت في فلان و فلان و فلان آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) في أول الأمر و كفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شي ء».

2793/ [2]- العياشي: عن جابر، قال: قلت لمحمد بن علي

(عليهما السلام)، قول الله في كتابه: الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟ قال: «هما، و الثالث، و الرابع، و عبد الرحمن، و طلحة، و كانوا سبعة عشر رجلا».

قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، قالوا:

بعث هذا الصبي، و لو بعث غيره إلى أهل مكة، و في مكة صناديدها. و كانوا يسمون عليا (عليه السلام) الصبي، لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله عز و جل: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً و هو صبي وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2» فقالوا: و الله الكفر بنا أولى مما نحن فيه. فساروا، فقالوا: لهما و خوفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما، و غلظوا عليهما الأمر، فقال علي (صلوات الله عليه): حسبنا الله و نعم الوكيل، و مضى. فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بقولهم لعلي (عليه السلام) و بقول علي (عليه السلام) لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، و ذلك قول الله: ألم تر إلى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ إلى قوله: وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ «3».

و إنما نزلت: (ألم تر إلى فلان و فلان لقوا عليا و عمارا فقالا: إن أبا سفيان و عبد الله بن عامر و أهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا: حسبنا الله و نعم الوكيل) و هما اللذان قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم، و الكفر الثاني حين قال النبي (عليه و آله

السلام): يطلع عليكم من هذا الشعب رجل، فيطلع عليكم بوجهه، فمثله عند الله كمثل عيسى. لم يبق منهم أحد إلا تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي (عليه السلام) قد خرج و طلع بوجهه، و قال: هو هذا! فخرجوا غضابا، و قالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبيا، و الله الرجوع إلى آلهتنا خير مما نسمع منه في ابن عمه، و ليصدنا علي إن دام هذا. فأنزل الله وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ «4» الآية، فهذا الكفر الثاني، و زيادة الكفر «5» حين قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ

__________________________________________________

2- تفسير العياشي 1: 279/ 286.

(1) آل عمران 3: 90.

(2) فصلت 41: 33.

(3) آل عمران 3: 173- 174.

(4) الزخرف 43: 57.

(5) في «ط»: و زاد الكفر، و في المصدر: و زاد الكفر بالكفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 188

هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «1» فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي أصبحت و أمسيت خير البرية. فقال له الناس: هو خير من آدم و نوح و من إبراهيم و من الأنبياء؟ فأنزل الله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ إلى سَمِيعٌ عَلِيمٌ «2» قالوا: فهو خير منك يا محمد؟ و قال الله: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «3» و لكنه خير منكم، و ذريته خير من ذريتكم، و من اتبعه خير ممن اتبعكم. فقاموا غضابا، و قالوا زيادة: الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه. و ذلك قول الله: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً».

2794/ [3]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما

السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً.

قال: «نزلت في عبد الله بن أبي سرح» الذي بعثه عثمان إلى مصر- قال- و ازدادوا كفرا حين لم يبق فيه من الإيمان شي ء».

2795/ [4]- عن أبي بصير، قال: سمعته يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً من زعم أن الخمر حرام ثم شربها، و من زعم أن الزنا حرام ثم زنا، و من زعم أن الزكاة حق و لم يؤدها».

2796/ [5]- عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً.

قال: «نزلت في فلان و فلان، آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) في أول الأمر، ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قالوا له: بأمر الله و أمر رسوله، فبايعوه، ثم كفروا حين مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شي ء».

سورة النساء(4): آية 139 ..... ص : 188

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [139]

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 280/ 287.

4- تفسير العيّاشي 1: 281/ 288.

5- تفسير العيّاشي 1: 281/ 289.

(1) البيّنة 98: 7.

(2) آل عمران 3: 33- 34.

(3) الأعراف 7: 158. [.....]

(4) عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي، و كان قد أسلم و كتب الوحي لرسول (صلى اللّه عليه و آله)، فكان إذا

أملى عليه: عزيز حكيم يكتب عليم حكيم، و أشباه ذلك، ثمّ ارتدّ، و أهدر رسول اللّه دمه، فآواه عثمان بن عفّان. انظر اسد الغابة 3: 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 189

2797/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في بني امية حيث خالفوا نبيهم «1» على أن لا يردوا الأمر في بني هاشم، ثم قال: أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ يعني القوة.

سورة النساء(4): آية 140 ..... ص : 189

قوله تعالى:

وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [140] 2798/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: آيات الله هم الأئمة (عليهم السلام).

2799/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها إلى آخر الآية.

فقال: «إنما عنى بهذا [إذا سمعت ] الرجل [الذي ] يجحد الحق و يكذب به و يقع في الأئمة، فقم من عنده و لا تقاعده كائنا من كان».

2800/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز و جل عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله عز و جل، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ

بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم استثنى الله عز و جل موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 156.

2- تفسير القمّي 1: 156.

3- الكافي 2: 280/ 8.

4- الكافي 2: 29/ 1.

(1) في «ط»: حيث خالفوهم.

(2) الأنعام 6: 68.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 190

2801/ [4]- الكشي: عن خلف، عن الحسن بن طلحة المروزي، عن محمد بن عاصم، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «يا محمد بن عاصم، بلغني أنك تجالس الواقفة «1»»؟ قلت: نعم، جعلت فداك، أجالسهم و أنا مخالف لهم، قال: «لا تجالسهم، فإن الله عز و جل يقول: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ يعني بالآيات الأوصياء، و الذين كفروا بها يعني الواقفة».

2802/ [5]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها إلى قوله: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ.

قال: «إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في أهله فقم من عنده و لا تقاعده».

2803/ [6]- عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ إلى قوله إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ.

فقال: «إنما عنى الله بهذا: إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في الأئمة فقم من عنده و لا تقاعده كائنا من كان».

2804/ [7]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: «إن الله (تبارك و تعالى) فرض الإيمان على جوارح بني آدم و قسمه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت أختها، فمنها:

أذناه اللتان يسمع بهما، ففرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له فيما نهى الله عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله تعالى، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ إلى قوله:

حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم استثنى موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2» و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إلى قوله:

أُولُوا الْأَلْبابِ «3» و قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ «4» و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ «5» و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «6» فهذا ما

__________________________________________________

4- رجال الكشي: 457/ 864.

5- تفسير العيّاشي 1: 281/ 290.

6- تفسير العيّاشي 1: 282/ 291.

7- تفسير العيّاشي 1: 282/ 292.

(1) الواقفة: هم الذين وقفوا على إمامة موسى بن جعفر (عليه السّلام) و لم يؤمنوا بإمامة ولده علي الرضا (عليه السّلام). «المقالات و الفرق: 62».

(2) الأنعام 6: 68.

(3) الزّمر 39: 17- 18. [.....]

(4) المؤمنون 23: 1- 3.

(5) القصص 28: 55.

(6) الفرقان 25: 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 191

فرض الله على السمع من الإيمان، و لا يصغي إلى ما لا يحل، و هو عمله، و هو من الإيمان».

سورة النساء(4): آية 141 ..... ص : 191

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَ إِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ

عَلَيْكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [141] 2805/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في عبد الله بن أبي، و أصحابه الذين قعدوا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم احد، فكان إذا ظفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالكفار، قالوا له: أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ و إذا ظفر الكفار، قالوا: أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أن نعينكم و لم نعن عليكم، قال الله: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

2806/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال حدثني أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا (عليه السلام)، في قول الله جل جلاله: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

قال: «فإنه يقول: و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين «1» حجة، و لقد أخبر الله تعالى عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق، و مع قتلهم إياهم لن يجعل الله لهم على أنبيائه (عليهم السلام) سبيلا»

سورة النساء(4): الآيات 142 الي 143 ..... ص : 191

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ

- إلى قوله تعالى- فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [142- 143] 2807/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ

قال: الخديعة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 156.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 204/ 5.

3- تفسير القمّي 1: 157.

(1) في المصدر: لكافر على مؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 192

من الله العذاب وَ إِذا قامُوا

مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ

أنهم مؤمنون وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا

قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ

أي لم يكونوا من المؤمنين، و لم يكونوا من اليهود.

2808/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن محمد ابن عبد الحميد و الحسين بن سعيد، جميعا، عن محمد بن الفضيل، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن مسألة فكتب (عليه السلام) إلي: «إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا

ليسوا من الكافرين، و ليسوا من المؤمنين «1»، و ليسوا من المسلمين، يظهرون الإيمان و يصيرون إلى الكفر و التكذيب، لعنهم الله».

2809/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصاف رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من ذكر الله عز و جل في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية و لا يذكرونه في السر، فقال الله عز و جل: يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2810/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا، فإنهما من خلال النفاق، فإن الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم

سكارى، يعني سكر النوم. و قال للمنافقين: وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2811/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس «2» المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قوله: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ

، فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يخادع، و لكنه يجازيهم جزاء الخديعة».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 290/ 2.

3- الكافي 2: 364/ 2.

4- الكافي 3: 299/ 1.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 126/ 19.

(1) (و ليسوا من المؤمنين) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: محمّد بن أحمد بن إبراهيم، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و احتمل بعض الأفاضل اتحادهما. انظر معجم رجال الحديث 14: 219 و 312.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 193

2812/ [6]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثني عبد الله بن جعفر «1»، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل: فيما النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه و يخلع «2»، منه الإيمان، و نفسه»

يخدع لو يشعر.

فقيل له: و كيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله عز و جل ثم يريد به غيره، فاتقوا الله في الرياء فإنه شرك بالله عز و جل، إن المرائي يوم القيامة ينادى بأربعة «4» أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، و بطل أجرك، و لا

خلاق «5» لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له».

2813/ [7]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا فإنها من خلال «6» النفاق، قال الله للمنافقين: وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2814/ [8]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتبت إليه أسأله عن مسألة فكتب إلي: «إن الله يقول: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ

إلى قوله: سَبِيلًا ليسوا من عترة، و ليسوا من المؤمنين، و ليسوا من المسلمين، يظهرون الإيمان و يسرون الكفر و التكذيب، لعنهم الله».

قلت: في نسختين من (تفسير العياشي) تحضرني: ليسوا من عتيرة «7»، و تقدم الحديث من رواية محمد بن يعقوب: ليسوا من الكافرين ... إلى آخره «8».

قلت: و روى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتبت إليه أسأله و ذكر الحديث، و في الحديث بعد سبيلا: «ليسوا من عترة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ليسوا من المؤمنين، و ليسوا من المسلمين يظهرون الإيمان و يسرون الكفر و التكذيب،

__________________________________________________

6- ثواب الأعمال: 255. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 282/ 293.

8- تفسير العيّاشي 1: 282/ 294.

(1) في «س» و «ط»: عنه، قال حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه). قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار. و الصواب ما في المتن. لرواية عبد اللّه بن جعفر عن هارون بن موسى كما في الفهرست: 176/ 763 و معجم رجال الحديث 19: 231.

(2) في المصدر: و ينزع.

(3) زاد في

المصدر: تخدع و.

(4) في المصدر: المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة.

(5) الخلاق: الحظّ و النصيب. «المعجم الوسيط- خلق- 1: 252»، و في المصدر: فلا خلاص.

(6) الخلال: جمع خلّة، الخصلة.

(7) في «ط»: عشر-

(8) تقدم في الحديث (2) من تفسير هاتين الآيتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 194

لعنهم الله». «1»

2815/ [1]- عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل: فيما النجاة غدا؟ فقال: النجاة أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه و يخلع منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر.

فقيل له: فكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله ثم يريد به غيره، فاتقوا الله، و اجتنبوا الرياء «2»، فإنه شرك بالله، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له».

سورة النساء(4): آية 145 ..... ص : 194

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [145] 2816/ [2]- علي بن إبراهيم: نزلت في عبد الله بن أبي، و جرت في كل منافق و مشرك «3».

سورة النساء(4): آية 148 ..... ص : 194

قوله تعالى:

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [148]

2817/ [3]- العياشي: بإسناده عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، قال: «من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم، فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه».

2818/ [4]- أبو الجارود، عنه، قال: «الجهر بالسوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 283/ 295.

2- تفسير القمّي 1: 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 296.

4- تفسير العيّاشي 1: 283/ 297. [.....]

(1) كتاب الزهد: 66/ 176.

(2) في «ط»: فاتقوا الرياء.

(3) في «ط»: منافق مشرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 195

2819/ [3]- علي بن إبراهيم: أي لا يحب الله أن يجهر الرجل بالظلم و السوء، و لا يظلم إلا من ظلم، فقد أطلق له أن يعارضه بالظلم.

2820/ [4]- و عنه: في حديث آخر في تفسير هذا، قال: إن جاءك رجل و قال فيك ما ليس فيك من الخير و الثناء و العمل الصالح، فلا تقبله منه و كذبه، فقد ظلمك.

2821/ [5]- الطبرسي: لا يحب الله الشتم في الانتصار، إلا من ظلم، فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الانتصار به في الدين، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2822/ [6]- قال: و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته، فلا جناح عليه أن يذكر سوء «1» ما فعله».

سورة النساء(4): آية 150 ..... ص : 195

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ- إلى قوله تعالى- سَبِيلًا [150]

2823/ [7]- علي بن إبراهيم،

قال: قال: هم الذين أقروا برسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنكروا أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أي ينالوا خيرا.

سورة النساء(4): آية 155 ..... ص : 195

قوله تعالى:

فَبِما نَقْضِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِلَّا قَلِيلًا [155] 2824/ [8]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ يعني فبنقضهم ميثاقهم.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 157.

4- تفسير القمّي 1: 157.

5- مجمع البيان 3: 201.

6- مجمع البيان 3: 202.

7- تفسير القمّي 1: 157.

8- تفسير القمّي 1: 157.

(1) في المصدر: في أن يذكره بسوء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 196

2825/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قال: هؤلاء لم يقتلوا الأنبياء، و إنما قتلهم أجدادهم و أجداد أجدادهم، فرضوا هؤلاء بذلك، فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم، فكذلك من رضي بفعل فقد لزمه و إن لم يفعله. و الدليل على ذلك أيضا قوله في سورة البقرة: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «1»، فهؤلاء لم يقتلوهم، و لكنهم رضوا بفعل «2» آبائهم فألزمهم قتلهم «3».

2826/ [3]- العياشي: عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «إن تقرأ هذه الآية: قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ «4» يكتبها إلى أدبارها «5»».

2827/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ «6»، قال:

«الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة

على كفرهم، كما قال الله عز و جل: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا».

سورة النساء(4): آية 156 ..... ص : 196

قوله تعالى:

وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً [156] 2828/ [5]- علي بن إبراهيم: أي قولهم: إنهم فجرت.

2829/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 298.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 123/ 16.

5- تفسير القمّي 1: 157. [.....]

6- الأمالي: 92/ 2.

(1) البقرة 2: 91.

(2) في المصدر: بقتل.

(3) في المصدر: فعلهم.

(4) البقرة 2: 88.

(5) كذا و الظاهر أنّ في الحديث سقطا.

(6) البقرة 2: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 197

قال فيه: «ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليهما السلام) إلى أنها حملت بعيسى «1» من رجل نجار اسمه يوسف؟».

سورة النساء(4): آية 157 ..... ص : 197

قوله تعالى:

وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [157] قد مر الحديث في ذلك في سورة آل عمران، في قوله تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ حديث حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2».

سورة النساء(4): آية 159 ..... ص : 197

قوله تعالى:

وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً [159]

2830/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنه روي أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا رجع آمن به الناس كلهم.

2831/]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجاج: يا شهر، إن آية في كتاب الله قد أعيتني. فقلت: أيها الأمير، أية آية هي؟ فقال: قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، و الله إني لآمر باليهودي و النصراني فيضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد! فقلت: أصلح الله الأمير، ليس على ما تأولت «3». قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي و لا غيره «4» إلا آمن به قبل موته، و يصلي خلف المهدي، قال: ويحك، أنى لك هذا، و من أين جئت به؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال: جئت بها و الله من عين صافية.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 158.

2- تفسير القمّي 1: 158.

(1) في «س»: بصبيّ.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (55)

من سورة آل عمران.

(3) في «س»: أوّلت.

(4) في المصدر: و لا نصراني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 198

2832/ [3]- العياشي: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً، قال: «هو رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2833/ [4]- عن المفضل بن عمر «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

فقال: «هذه نزلت فينا خاصة، إنه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا حتى يقر للإمام بإمامته كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا «2»».

2834/ [5]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله في عيسى (عليه السلام): وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً، فقال: «إيمان أهل الكتاب، إنما هو بمحمد (صلى الله عليه و آله)».

2835/ [6]- عن المشرقي، عن غير واحد، في قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ يعني بذلك محمد (صلى الله عليه و آله)، أنه لا يموت يهودي و لا نصراني أبدا حتى يعرف أنه رسول الله، و أنه قد كان به كافرا.

2836/ [7]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً.

قال: «ليس من أحد من جميع الأديان يموت إلا رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا

من الأولين و الآخرين».

سورة النساء(4): آية 160 ..... ص : 198

قوله تعالى:

فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً [160]

2837/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 299. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 283/ 300.

5- تفسير العيّاشي 1: 284/ 301.

6- تفسير العيّاشي 1: 284/ 302.

7- تفسير العيّاشي 1: 284/ 303.

1- تفسير القمّي 1: 158.

(1) في المصدر: المفضّل بن محمّد، و هو معدود من أصحاب الصادق (عليه السّلام) أيضا، راجع رجال الشيخ الطوسي: 315/ 556.

(2) يوسف 12: 91.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 199

عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم تزك «1» في أرضه «2»، و خرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض أو بظلم مزارعه و أكرته «3»، لأن الله تعالى يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم، هكذا أنزلها الله فاقرءوها هكذا «4»، و ما كان الله ليحل شيئا في كتابه ثم يحرمه من بعد ما أحله، و لا يحرم شيئا ثم يحله بعد ما حرمه».

قلت: و كذلك أيضا قوله: وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما؟ «5» قال: «نعم».

قلت: فقوله: إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ «6»؟ قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك من قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يأكله و لم يحرمه».

2838/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو

غيره، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم يزك زرعه، أو خرج زرعه كثير الشعير، فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظلم لمزارعيه و أكرته، لأن الله عز و جل يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم».

و قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

2839/ [3]- العياشي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم يزك زرعه، أو خرج زرعه كثير الشعير، فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظلم لمزارعيه و أكرته، لأن الله يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم».

__________________________________________________

2- الكافي 5: 306/ 9.

3- تفسير العيّاشي 1: 284/ 304.

(1) زكا الزرع: نما و زاد.

(2) زاد في «ط»: و زرعه، و في نسخة بدل منها: و لم يزك زرعه.

(3) الأكرة: جمع أكّار، و هو الزّرّاع. «مجمع البحرين- أكر- 3: 208».

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): لعلّه (عليه السّلام) قرأ «حرمنا» بالتخفيف، أي جعلناهم محرومين، و تعديته بعلى لتضمين معنى السخط أو نحوه.

و استدلّ (عليه السّلام) على ذلك بأنّ ظلم اليهود كان بعد موسى (عليه السّلام) و لم تنسخ شريعته إلّا بشريعة عيسى. و اليهود لم يؤمنوا به، فلا بدّ من أن يكون «حرمنا» بالتخفيف أي سلبنا عنهم التوفيق

حتّى ابتدعوا في دين اللّه، و حرّموا على أنفسهم الطيّبات التّي كانت حلالا عليهم افتراء على اللّه، و لم أر تلك القراءة في الشواذّ أيضا. البحار 9: 196 و 13: 326.

(5) الأنعام 6: 146. [.....]

(6) آل عمران 3: 93.

قال المجلسي: هو بالتشديد لأنّه مصرّح بأنّه إنّما حرّم على نفسه بفعله و لم يحرّمه اللّه عليه. بحار الأنوار 9: 196.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 200

و قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

سورة النساء(4): الآيات 163 الي 164 ..... ص : 200

قوله تعالى:

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ- إلى قوله تعالى- وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً [163- 164]

2840/ [1]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «من الأنبياء مستخفين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين)، و هو قول الله عز و جل:

وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء (صلوات الله عليهم)».

و الحديث طويل ذكرناه بتمامه في (تفسير الهادي).

2841/ [2]- و عنه، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله لمحمد

(صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ و أمر كل نبي بالأخذ بالسبيل و السنة».

2842/ [3]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قال: «إني أوحيت إليك كما أوحيت إلى نوح و النبيين من بعده «1»، فجمع له كل وحي».

2843/ [4]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان ما بين آدم و بين نوح من الأنبياء مستخفين و مستعلنين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء، و هو قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 8: 115/ 92.

2- الكافي 2: 24/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 285/ 305.

4- تفسير العيّاشي 1: 285/ 306.

(1) قال المجلسي: لعلّ في قرائتهم (عليهم السّلام) كان هكذا، أو نقل للآية بالمعنى، و الغرض أنّ المراد بالتشبيه التشبيه الكامل، فكلّ ما أوحى إليهم أوحى إليه (صلى اللّه عليه و آله). بحار الأنوار 16: 325.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 201

وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء».

2844/ [5]- الشيخ المفيد في (الاختصاص) في حديث عبد الله بن سلام، و قد قال ليهود خيبر: كيف لا تتبعون داعي الله؟- يعني النبي (صلى الله عليه و آله)- قالوا: يا بن سلام، ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، قال: فإذن نسأله عن الكائن و المكون، و الناسخ و المنسوخ، فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الأنبياء من قبل.

قالوا: يا بن سلام، سر إلى محمد حتى تنقض كلامه و تنظر كيف يرد عليك الجواب، فقال: إنكم

قوم تجهلون، إذ لو كان هذا محمدا الذي بشر به موسى و داود و عيسى بن مريم، و كان خاتم النبيين، فلو اجتمع الثقلان الإنس و الجن على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله.

قالوا: صدقت- يا بن سلام- فما الحيلة؟ قال: علي بالتوراة. فحملت التوراة إليه، فاستنسخ منها ألف مسألة و أربعا و أربعين مسألة «1»، ثم جاء بها إلى النبي (صلى الله عليه و آله) حتى دخل عليه يوم الإثنين بعد صلاة الفجر. فقال:

السلام عليك، يا محمد، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و على من اتبع الهدى و رحمة الله و بركاته، من أنت؟». فقال: أنا عبد الله بن سلام، من رؤساء بني إسرائيل، و ممن قرأ التوراة، و أنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها، نراك من المحسنين.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «الحمد لله على نعمائه- يا بن سلام- أ جئتني سائلا أو متعنتا؟» قال: بل سائلا، يا محمد.

قال: «على الضلالة أم على الهدى؟» قال: بل على الهدى، يا محمد.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «فسل عما تشاء» قال: أنصفت، يا محمد، فأخبرني عنك، أ نبي أنت أم رسول؟

قال: «أنا نبي و رسول، و ذلك قوله في القرآن: مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ «2»».

قال: صدقت، يا محمد، و قال له ابن سلام: فأخبرني ما العشرون؟ قال (صلى الله عليه و آله): «العشرون انزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان، و ذلك قوله في القرآن: وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً». و الحديث طويل.

سورة النساء(4): آية 166 ..... ص : 201

قوله تعالى:

لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ

أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [166]

__________________________________________________

5- الاختصاص: 42 و 47.

(1) في المصدر: و أربع مسائل.

(2) غافر 40: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 202

2845/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما أنزلت: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ في علي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً».

2846/ [2]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ في علي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً».

سورة النساء(4): الآيات 168 الي 170 ..... ص : 202

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [168- 170]

2847/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمد بن الفضيل، عن [أبي حمزة، عن ] أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية هكذا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً، ثم قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا بولاية علي فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ».

2848/ [4]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إلى

قوله يَسِيراً ثم قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا بولايته فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 307.

3- الكافي 1: 351/ 59.

4- تفسير العيّاشي 1: 285/ 307.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 203

2849/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ» إلى آخر الآية.

2850/ [4]- الطبرسي: قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ قيل: بولاية من أمر الله تعالى بولايته. عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 171 ..... ص : 203

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ [171]

2851/ [5]- الطبرسي: سمي المسيح لأنه ممسوح «1» البدن من الأدناس و الآثام، كما روي عن النبي (صلى الله عليه و آله).

2852/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال «2»، عن ثعلبة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ رُوحٌ مِنْهُ، قال: «هي روح الله مخلوقة خلقها الله في آدم و عيسى».

سورة النساء(4): آية 172 ..... ص : 203

قوله تعالى:

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا- إلى قوله تعالى- وَكِيلًا [171] 2853/ [7]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا، فهم الذين قالوا

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 159. [.....]

4- مجمع البيان 3: 221.

5- مجمع البيان 3: 222.

6- الكافي 1: 103/ 2.

7- تفسير القمّي 1: 159.

(1) في المصدر: أمّا الدجال فإنّه سمّي المسيح لأنّه ممسوح العين اليمنى أو اليسرى، و عيسى ممسوح.

(2) في «س» و «ط»: الجمّال، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو عبد اللّه بن محمّد الأسدي الكوفي الحجّال، راجع معجم رجال الحديث 10: 301 و 23: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 204

بالله و بعيسى و بمريم، فقال الله: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا

قوله تعالى:

ْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ

- إلى قوله تعالى-مِيعاً [172]

2854/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى:نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ

، أي لا يأنف أن يكون عبدا لله لَا الْمَلائِكَةُ

الْمُقَرَّبُونَ وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً

سورة النساء(4): الآيات 174 الي 175 ..... ص : 204

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً- إلى قوله تعالى- وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً [174- 175]

2855/ [2]- العياشي: عن عبد الله بن سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً؟ قال: «البرهان محمد (عليه و آله السلام)، و النور علي (عليه السلام)».

قال: قلت له صِراطاً مُسْتَقِيماً؟ قال: الصراط المستقيم علي (عليه السلام)».

2856/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: النور إمامة علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ و هم الذين تمسكوا بولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام).

سورة النساء(4): آية 176 ..... ص : 203

قوله تعالى:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [176]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 308.

3- تفسير القمّي 1: 159.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 205

2857/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بكير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا مات الرجل و له اخت لها نصف ما ترك من الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت، و النصف الباقي يرد عليها بالرحم، إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها، فإن كان موضع الاخت أخ أخذ الميراث كله بالآية لقول الله: وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ و إن كانتا

أختين أخذتا الثلثين بالآية، و الثلث الباقي بالرحم، و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ذلك كله إذا لم يكن للميت ولد، أو أبوان، أو زوجة».

2858/ [2]- العياشي: عن بكير بن أعين، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عليه رجل، فقال: ما تقول في أختين و زوج؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «للزوج النصف، و للأختين ما بقي».

قال: فقال الرجل: ليس هكذا يقول الناس، قال: «فما يقولون»؟ قال: يقولون: للأختين الثلثان، و للزوج النصف، و يقسمون على سبعة.

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم قالوا ذلك؟» قال: لأن الله سمى للأختين الثلثين، و للزوج النصف.

قال: «فما يقولون لو كان مكان الأختين أخ»؟ قال: يقولون: للزوج النصف و ما بقي فللأخ. فقال له: «فيعطون من أمر الله له بالكل النصف، و من أمر الله بالثلثين أربعة من سبعة؟!».

قال: و أين سمى الله له ذلك؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «اقرأ الآية التي في آخر السورة يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ» قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فإنما كان ينبغي لهم أن يجعلوا لهذا المال «1» للزوج النصف ثم يقسمون على تسعة» قال: فقال الرجل: هكذا يقولون. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فهكذا يقولون».

ثم أقبل علي فقال: «يا بكير، نظرت في الفرائض؟» قال: قلت: و ما أصنع بشي ء هو عندي باطل؟ قال: فقال:

«انظر فيها، فإنه إذا جاءت تلك كان أقوى لك عليها».

2859/ [3]- عن حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

عن الكلالة. قال: «ما لم يكن له والد و لا ولد».

2860/ [4]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا ترك الرجل امه و أباه و ابنته أو ابنه، فإذا هو ترك واحدا من هؤلاء الأربعة، فليس هو من الذي عنى الله في قوله: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ليس يرث مع

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 309.

3- تفسير العيّاشي 1: 286/ 310.

4- تفسير العيّاشي 1: 286/ 311.

(1) في مستدرك الوسائل 17: 177 المثال. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 206

الام و لا مع الأب و لا مع الابن و لا مع الابنة إلا زوج أو زوجة، فإن الزوج لا ينقص من النصف شيئا إذا لم يكن معه ولد، و لا تنقص الزوجة من الربع شيئا إذا لم يكن معها ولد».

2861/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ: «إنما عنى الله الاخت من الأب و الام، أو أخت لأب، فلها النصف مما ترك، و هو يرثها إن لم يكن لها ولد، و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، فهم الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم يزادون و ينقصون».

2862/ [6]- عن زرارة، قال: قال (عليه السلام): «سأخبرك و لا أزوي لك شيئا، و الذي أقول لك هو و الله الحق المبين- قال- فإذا ترك امه أو أباه أو ابنه أو ابنته، فإذا ترك واحدا من هذه الأربعة، فليس الذي عنى الله في كتابه:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ و لا يرث مع الأب و لا

مع الام و لا مع الابن و لا مع الابنة أحد من الخلق غير الزوج و الزوجة، و هو يرثها إن لم يكن لها ولد، يعني جميع مالها».

2863/ [7]- عن بكير، قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها و إخوتها لامها و أختا لأب.

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام الثلث سهمان، و للاخت للأب سهم» فقال له الرجل: فإن فرائض زيد و ابن مسعود و فرائض العامة و القضاة على غير ذا يا أبا جعفر، يقولون: للاخت للأب و الام ثلاثة أسهم، نصيب من ستة، يعول إلى «1» ثمانية! فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم قالوا»؟ قال: لأن الله قال: وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون بأمر الله، فإن الله سمى لها النصف، و إن الله سمى للأخ الكل، فالكل أكثر من النصف، فإنه تعالى قال: فَلَها نِصْفُ و قال للأخ: وَ هُوَ يَرِثُها يعني جميع المال إن لم يكن لها ولد، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئا، و تعطون الذي جعل الله له النصف تاما؟!».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 286/ 312.

6- تفسير العيّاشي 1: 287/ 313.

7- تفسير العيّاشي 1: 287/ 314.

(1) في «ط» نسخة بدل: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 207

المستدرك (سورة النساء) ..... ص : 207

سورة النساء(4): آية 82 ..... ص : 207

قوله تعالى:

وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [82]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث، قال: «و الله سبحانه يقول: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «1»، «و فيه تبيان كل شي ء» و ذكر أن الكتاب يصدق بعضه

بعضا، و أنه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً و إن القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظلمات إلا به».

سورة النساء(4): آية 144 ..... ص : 207

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [144]

[2]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أعداءه أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 262، نهج البلاغة: 61 (الخطبة 17).

2- المناقب 2: 9.

(1) الأنعام 6: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 208

سورة النساء(4): آية 153 ..... ص : 208

قوله تعالى:

أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [153]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي، روي عن عبد الله بن سنان، عن الإمام الصادق (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن الله أمات قوما خرجوا مع موسى (عليه السلام) حين توجه إلى الله، فقالوا: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فأماتهم الله ثم أحياهم».

سورة النساء(4): آية 165 ..... ص : 208

قوله تعالى:

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ [165]

[2]- (تحف العقول): روي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن الله جل و عز لم يخلق الخلق عبثا، و لا أهملهم سدى، و لا أظهر حكمته لعبا، و بذلك أخبر في قوله: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً «1».

فإن قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى اختبرهم؟

قلنا: بلى، قد علم ما يكون منهم قبل كونه، و ذلك قوله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ «2» و إنما اختبرهم ليعلمهم عدله و لا يعذبهم إلا بحجة بعد الفعل، و قد أخبر بقوله: وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا «3»، و قوله: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «4»، و قوله: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده، و هو القول بين الجبر و التفويض، و بهذا نطق القرآن و جرت الأخبار عن الأئمة من آل الرسول (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 344.

2- تحف العقول: 474.

(1) المؤمنون 23: 115.

(2) الأنعام 6: 28.

(3) طه 20: 134.

(4) الأسراء 17: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 209

سورة النساء(4): آية 173 ..... ص : 209

قوله تعالى:

وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [173]

[1]- (مناقب ابن شهر آشوب): أبو الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ الآية. لآل محمد.

__________________________________________________

1- المناقب 4: 421. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 211

سورة المائدة مدنية ..... ص : 211

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 213

سورة المائدة فضلها: ..... ص : 213

2864/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المائدة في كل يوم خميس لم يلبس «1» إيمانه بظلم، و لم يشرك بربه أحدا «2»».

2865/ [2]- العياشي: عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه): نزلت المائدة قبل أن يقبض النبي (صلى الله عليه و آله) بشهرين أو ثلاثة».

و في رواية اخرى عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

2866/ [3]- عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان القرآن ينسخ بعضه بعضا، و إنما كان يؤخذ من أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بآخره، فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة، نسخت «3» ما قبلها، و لم ينسخها شي ء، و لقد نزلت عليه و هو على بغلته الشهباء، و ثقل عليه الوحي حتى وقفت «4» و تدلى بطنها «5»، حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض، و أغمي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى وضع يده على ذؤابة «6»

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 105.

2- تفسير العيّاشي 1: 288/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 288/ 2، البحار 18: 271/ 37.

(1) في المصدر: لم يلتبس.

(2) في المصدر: به أبدا.

(3) في «ط»: فنسخت.

(4) في «ط»: وقعت.

(5) أي استرسل إلى الأسفل.

(6) الذؤابة: الناصية، و هي شعر مقدّم الرأس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 214

شيبة بن وهب الجمحي «1» ثم رفع ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقرأ علينا سورة المائدة، فعمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عملنا «2»».

2867/

[4]- عن أبي الجارود، عن محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المائدة في كل يوم خميس لم يلبس إيمانه بظلم، و لم يشرك أبدا».

2868/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) و فيهم علي (عليه السلام)، فقال: ما تقولون في المسح على الخفين؟ فقام المغيرة بن شعبة، فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يمسح على الخفين. فقال علي (عليه السلام): قبل المائدة أو بعدها؟ فقال: لا أدري. فقال علي (عليه السلام): سبق الكتاب الخفين، إنما أنزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة».

2869/ [6]- و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأها اعطي من الأجر عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، بعدد كل يهودي و نصراني «3» يتنفس «4»».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 288/ 3.

5- التهذيب 1: 361/ 1091.

6- مصباح الكفعمي: 439، مجمع البيان 3: 231 بتقديم و تأخير.

(1) في «ط» نسخة بدل: الجهمي. و في بعض النسخ و البحار: منبه، راجع اسد الغابة 4: 415.

(2) في «س»: و عملناه. [.....]

(3) في «ط»: كلّ يهودي و يهوديّة و نصراني و نصرانية.

(4) زاد في المصدرين: في دار الدنيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 215

سورة المائدة(5): آية 1 ..... ص : 215

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [1]

2870/ [1]- العياشي، عن سماعة، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (صلوات الله و سلامه عليهم)، قال: «ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا إلا و هي في التوراة يا أيها المساكين».

2871/ [2]- عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. قال: «العهود».

عن ابن سنان، مثله.

2872/ [3]- عن عكرمة، أنه قال: ما أنزل الله جل ذكره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و رأسها علي بن أبي طالب (عليه السلام).

2873/ [4]- عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أنزلت آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و علي شريفها و أميرها، و لقد عاتب الله أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) في غير مكان و ما ذكر عليا (عليه السلام) إلا بخير.

2874/ [5]- و من طريق المخالفين: موفق بن أحمد بإسناده، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أنزل الله عز و جل في القرآن آية يقول فيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا كان علي بن أبي طالب شريفها و أميرها.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 289/ 4.

2- تفسير العيّاشي 1: 289/ 5.

3- تفسير العيّاشي 1: 289/ 6، حلية الأولياء 1: 64، شواهد التنزيل 1: 51/ 78، كفاية الطالب: 139.

4- تفسير العيّاشي 1: 289/ 7، شواهد التنزيل 1: 49- 51/ 70 و 74 و 77، كفاية الطالب: 140، الرياض النضرة 3: 180.

5- مناقب الخوارزميّ: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 216

2875/ [6]- و في (صحيفة الرضا (عليه السلام))، قال: «ليس في القرآن آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا في حقنا».

2876/ [7]- العياشي، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى (عليه السلام)، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «ليس في القرآن

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و هي في التوراة: يا أيها المساكين».

2877/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قوله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. قال: «بالعهود».

2878/ [9]- عنه، قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن ابن أبي عمير، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عقد عليهم لعلي (عليه السلام) بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام)».

قوله تعالى:

أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ [1]

2879/ [1]- الشيخ، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، فقال: «الجنين في بطن امه، إذا أشعر و أوبر، فذكاته ذكاة امه، [فذلك ] الذي عنى الله تعالى».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام)، مثله «1».

ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال:

سألته، مثله «2».

__________________________________________________

6- مناقب ابن شهر آشوب 3: 53 عن صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام).

7- تفسير العيّاشي 1: 289/ 8.

8- تفسير القمّي 1: 160.

9- تفسير القمّي 1: 160.

1- التهذيب 9: 58/ 244.

(1) الكافي 6: 234/ 1.

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 209/ 966. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 217

2880/ [2]- العياشي، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في قول الله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «هو الذي في البطن تذبح امه فيكون في بطنها».

2881/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «هي الأجنة التي في بطون الأنعام، و قد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمر ببيع الأجنة».

2882/ [4]- عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: روى بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «الجنين في بطن امه، إذا أشعر و أوبر، فذكاة امه ذكاته».

2883/ [5]- عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): «أن عليا (عليه السلام) سئل عن أكل لحم الفيل و الدب و القرد، فقال: ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل».

2884/ [6]- عن المفضل، قال: سألت الصادق (عليه السلام)، عن قول الله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ.

قال: «البهيمة ها هنا: الولي، و الأنعام: المؤمنون».

2885/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: الجنين في بطن امه، إذا أوبر و أشعر، فذكاته ذكاة امه، فذلك الذي عناه الله».

2886/ [8]- الطبرسي: المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن المراد بذلك أجنة الأنعام التي تؤخذ من «1» بطون أمهاتها إذا أشعرت، و قد ذكيت الأمهات- و هي حية «2»- فذكاتها ذكاة أمهاتها».

سورة المائدة(5): آية 2 ..... ص : 217

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 289/ 9.

3- تفسير العيّاشي 1: 289/ 10.

4- تفسير

العيّاشي 1: 290/ 11.

5- تفسير العيّاشي 1: 290/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 290/ 13.

7- تفسير القمّي 1: 160.

8- مجمع البيان 3: 234.

(1) في المصدر: توجد في.

(2) في المصدر: و هي ميتة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 218

وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ [2] 2887/ [1]- علي بن إبراهيم: الشعائر: الإحرام و الطواف و الصلاة في مقام إبراهيم و السعي بين الصفا و المروة و المناسك كلها من الشعائر، و من الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في الحج ثم أشعرها- أي قطع سنامها- أو جللها أو قلدها ليعلم الناس أنها هدي، فلا يتعرض لها أحد، و إنما سميت الشعائر لتشعر الناس بها فيعرفونها.

و قوله: لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ و هو ذو الحجة، و هو من أشهر الحرم، و قوله: وَ لَا الْهَدْيَ و هو الذي يسوقه إذا أحرم، و قوله: وَ لَا الْقَلائِدَ قال: يقلدها النعل التي قد صلى فيها، و قوله: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قال: الذين يحجون البيت.

2888/ [2]- الطبرسي، قال أبو جعفر (عليه السلام): نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له: (الحطم) «1».

و قال الفراء: «كانت عادة العرب لا تدري «2» الصفا و المروة من الشعائر، و لا يطوفون بينهما، فنهاهم الله عن ذلك. و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام). وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.

2889/ [3]- الطبرسي في قوله تعالى: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.

قال: قال ابن عباس: إن ذلك في كل من توجه حاجا. و به قال الضحاك و الربيع. ثم قال: و اختلف في هذا، فقيل: هو منسوخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «3» عن أكثر المفسرين «4». و قيل:

«ما نسخ من «5» هذه السورة

شي ء و لا من هذه الآية، لأنه لا يجوز أن يبتدأ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا. ثم قال الطبرسي: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2890/ [4]- العياشي: عن موسى بن بكر «6»، عن بعض رجاله: أن زيد بن علي دخل على أبي جعفر (عليه السلام) و معه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم، و يخبرونه باجتماعهم، و يأمرونه بالخروج إليهم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى أحل حلالا، و حرم حراما، و ضرب أمثالا، و سن سننا، و لم يجعل الإمام

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 160.

2- مجمع البيان 3: 236- 237.

3- مجمع البيان 3: 239.

4- تفسير العيّاشي 1: 290/ 14.

(1) انظر التبيان 3: 421، تفسير الطبري 6: 38، الدر المنثور 3: 9. [.....]

(2) في المصدر: لا ترى.

(3) التوبة 9: 5.

(4) منهم عليّ بن إبراهيم كما في الحديث السادس الآتي في تفسير هذه الآية.

(5) في المصدر: لم ينسخ في.

(6) في المصدر: بكير، و الصحيح ما أثبتناه، و هو موسى بن بكر بن دأب، روى هذا الحديث عمّن حدّثه عن أبي جعفر (عليه السّلام) في الكافي 1: 290/ 16، و انظر معجم رجال الحديث 19: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 219

العالم بأمره في شبهة مما فرض الله من الطاعة، أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد قبل حلوله، و قد قال الله في الصيد: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ «1» فقتل الصيد أعظم، أم قتل النفس الحرام؟ و جعل لكل محلا، و قال:

وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و قال: لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ فجعل الشهور عدة معلومة، و جعل منها أربعة حرما،

و قال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ «2»».

2891/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا: فأحل لهم الصيد بعد تحريمه إذا أحلوا.

و قد مر حديث في ذلك في قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «3».

2892/ [6]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا: أي لا يحملنكم عداوة قريش أن صدوكم عن المسجد الحرام في غزوة الحديبية أن تعتدوا عليهم و تظلموهم وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ ثم نسخت هذه الآية بقوله:

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «4».

سورة المائدة(5): آية 3 ..... ص : 219

قوله تعالى:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ [3]

2893/ [1]- الشيخ: بإسناده عن أبي الحسين الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، أنه قال: سألته عما أهل لغير الله، قال: «ما ذبح لصنم، أو وثن، أو

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 161.

6- تفسير القمّي 1: 161.

1- التهذيب 9: 83/ 354.

(1) المائدة 5: 95.

(2) التوبة 9: 2.

(3) تقدّم في الحديث (13) من تفسير الآية (203) من سورة البقرة.

(4) التوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 220

شجر، حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «1» أن

يأكل الميتة».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، متى تحل للمضطر الميتة؟ قال: «حدثني أبي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام):

أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل، فقيل له: يا رسول الله، إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتى تحل لنا الميتة؟

قال: ما لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفوا بقلا «2» فشأنكم بهذا».

قال عبد العظيم: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى قوله عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ «3»؟

قال: «العادي: السارق، و الباغي: الذي يبغي الصيد بطرا و لهوا لا ليعود به على عياله، و ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر».

قال: فقلت له فقوله تعالى: وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ؟

قال: «المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتى تموت، و الموقوذة: التي مرضت و وقذها «4» المرض حتى لم تكن بها حركة، و المتردية: التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل، أو تتردى من جبل، أو في بئر فتموت، و النطيحة: التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت، و ما أكل السبع منه فمات، و ما ذبح على النصب: على حجر أو صنم إلا ما أدركت ذكاته فذكي».

قلت: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ؟ قال: «كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس و يستقسمون عليه بالقداح، و كانت عشرة: سبعة لها أنصباء «5»، و ثلاثة لا أنصباء لها، أما التي لها أنصباء: فالفذ، و التوأم، و النافس، و الحلس، و المسبل، و المعلى، و الرقيب. و أما

التي لا أنصباء لها: فالسفيح «6»، و المنيح، و الوعد.

و كانوا يجيلون السهام بين عشرة، فمن خرج منها باسمه سهم من التي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير، فلا

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 173.

(2) الاصطباح هنا: أكل الصّبوح و هو الغداء، و الغبوق: العشاء. و أصلهما في الشّرب ثمّ استعملا في الأكل، أي: ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة.

قال الأزهريّ: قد أنكر هذا على أبي عبيد، و فسّر أنّه أراد إذا لم تجدوا لبينة تصطحبونها أو شرابا تغتبقونه، و لم تجدوا بعد عدّمكم الصبوح و الغبوق بقلة تأكلونها حلّت لكم الميتة. و قال: هذا هو الصحيح. «النهاية 3: 6».

و قال العلامة المجلسي في شرح هذا الحديث: يمكن أن يكون المراد ما لم تأكلوا على عادة الاصطباح و الاغتباق، بأن تأكلوا تملّيا و تشبعوا منها. و قوله: «أو تحتفوا بقلا» أي: تستأصلوها و تأكلوها جميعا، بأن يكون احتفاء البقل كناية عن استئصالها، فإنّ مثل هذا التعبير شائع في عرفنا على سبيل التمثيل فلعلّه كان في عرفهم أيضا كذلك. و في بعض نسخ الكتاب: «تحتقبوا» بالحاء المهملة و القاف و الباء الموحدة.

فالمراد: الادّخار، أي ما لم يكن معكم بقل ادّخرتموه. «ملاذ الأخبار 14: 293- 294». [.....]

(3) البقرة 2: 173.

(4) وقذها: غلبها.

(5) الأنصباء: جمع نصيب، الحظّ من كلّ شي ء. و قيل: الأنصباء: العلائم.

(6) في المصدر: فالسفح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 221

يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة، فيلزمونهم ثمن البعير ثم ينحرونه، و يأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا، و لم يطعموا منه الثلاثة الذين وفروا ثمنه شيئا، فلما جاء الإسلام حرم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرم، و قال عز و

جل: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ يعني حراما».

و روى ابن بابويه هذا الحديث في (الفقيه) عن عبد العظيم، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

2894/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، [و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام بن المؤدب، و علي بن عبد الله الوراق، و حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالوا:] حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع و ثلاث مائة، قال:

حدثني أبي، عن أبي أحمد «2» محمد بن زياد الأزدي. و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، جميعا، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليهما) أنه قال في قوله عز و جل:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ الآية، قال: «الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ معروف وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يعني ما ذبح للأصنام. و أما الْمُنْخَنِقَةُ فان المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح و يأكلون الميتة، و كانوا يخنقون البقر و الغنم، فإذا اختنقت و ماتت أكلوها. وَ الْمُتَرَدِّيَةُ كانوا يشدون عينها و يلقونها من السطح، فإذا ماتت أكلوها. وَ النَّطِيحَةُ كانوا يناطحون بالكباش، فإذا مات أحدها أكلوه. وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فكانوا يأكلون ما يقتله الذئب و الأسد، فحرم الله عز و جل ذلك وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ كانوا يذبحون لبيوت النيران، و قريش كانوا يعبدون الشجر و الصخر فيذبحون لهما. وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ، قال: كانوا يعمدون إلى جزور فيجزئونه عشرة أجزاء، ثم

يجتمعون عليه فيخرجون السهام و يدفعونها إلى رجل، و السهام عشرة: سبعة لها أنصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، فالتي لها أنصباء: الفذ، و التوأم، و المسبل، و النافس، و الحلس، و الرقيب، و المعلى. فالفذ له سهم، و التوأم له سهمان، و المسبل له ثلاثة أسهم، و النافس له أربعة أسهم، و الحلس له خمسة أسهم، و الرقيب له ستة أسهم، و المعلى له سبعة أسهم، و التي لا أنصباء لها: السفيح و المنيح و الوغد، و ثمن الجزور على من لا يخرج له من الأنصباء شي ء، و هو القمار، فحرمه الله عز و جل».

2895/ [3]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء من الحيوان غير الخنزير، و النطيحة، و المتردية، و ما أكل السبع، و هو قول الله: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فإن أدركت «3» شيئا منها و عين تطرف، أو قائمة تركض، أو ذنب يمصع «4» فقد أدركت [ذكاته ] فكله

__________________________________________________

2- الخصال: 451/ 57.

3- التهذيب 9: 58/ 241.

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 216/ 1007.

(2) في «س» و «ط»: عن أحمد بن، تصحيف، صوابه ما في المتن، و هو أبو أحمد محمّد بن أبي عمير الأزدي، راجع رجال النجاشي:

326/ 887.

(3) في «س» و «ط»: فإذا ذكيت.

(4) مصعت الدابّة بذنبها: حرّكته. «الصحاح- مصع- 3: 1285».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 222

قال: و إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار، أو في الماء، أو من فوق بيتك، أو جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل».

2896/ [4]- العياشي: عن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي

عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، لم حرم الله الميتة و الدم و لحم الخنزير؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لم يحرم ذلك على عباده و أحل لهم ما سواه من رغبة منه تبارك و تعالى فيما حرم عليهم، و لا زهد فيما أحل لهم، و لكنه خلق الخلق و علم ما يقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله و أباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم، ثم أباحه للمضطر و أحله لهم في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك».

ثم قال: «أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد و لا يأكلها إلا ضعف بدنه، و نحل جسمه، و وهنت قوته، و انقطع نسله، و لا يموت آكل الميتة إلا فجأة. و أما الدم فانه يورث الكلب «1»، و قسوة القلب، و قلة الرأفة و الرحمة، لا يؤمن أن يقتل ولده و والديه، و لا يؤمن على حميمه، و لا يؤمن على من صحبه. و أما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما في صورة شي ء شبه الخنزير و القرد و الدب، و ما كان من الأمساخ، ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها و لا يستخف بعقوبته. و أما الخمر فانه حرمها لفعلها و فسادها».

و قال: «إن مدمن الخمر كعابد وثن، و يورثه ارتعاشا، و يذهب بنوره، و يهدم مروءته، و يحمله على أن يجسر «2» على المحارم من سفك الدماء، و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه و هو لا يعقل ذلك، و الخمر لم يرد شاربها إلا إلى كل شر».

2897/

[5]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء من الحيوان غير الخنزير و النطيحة و الموقوذة و المتردية، و ما أكل السبع [و هو] قول الله: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فإن أدركت شيئا منها و عين تطرف، أو قائمة تركض، أو ذنب يمصع فذبحت فقد أدركت ذكاته، فكله- قال- و إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار، أو في الماء، أو من فوق بيت، أو من فوق جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل».

2898/ [6]- عن عيوق بن قرط «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الْمُنْخَنِقَةُ قال: «التي تختنق «4» في رباطها وَ الْمَوْقُوذَةُ: المريضة التي لا تجد ألم الذبح، و لا تضطرب، و لا يخرج لها دم وَ الْمُتَرَدِّيَةُ: التي

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 291/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 291/ 16.

6- تفسير العيّاشي 1: 292/ 18.

(1) الكلب: داء شبيه بالجنون، يعرض لصاحبه أعراض رديئة، و يمتنع عن شرب الماء حتّى يموت عطشا. [.....]

(2) كذا في الكافي 6 لا 243، و الفقيه 3: 219، و المحاسن 1: 335، و وسائل الشيعة 16: 377 و هو الأنسب، و في «س» و «ط»: و المصدر:

يكسب.

(3) في «س، ط» و المصدر: عبوق بن قسوط، و ما أثبتناه من رجال الطوسي: 268/ 743 و معجم رجال الحديث 13: 217.

(4) في «س»: تنخنق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 223

تردى من فوق بيت أو نحوه وَ النَّطِيحَةُ: التي تنطح صاحبها».

2899/ [7]- عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «المتردية و النطيحة و ما أكل السبع، إن أدركت ذكاته، فكله».

قوله تعالى:

الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ

اخْشَوْنِ [3] 2900/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: ذلك لما نزلت ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

2901/ [9]- العياشي: عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) في هذه الآية: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ: «يوم يقوم القائم (عليه السلام) يئس بنو امية فهم الَّذِينَ كَفَرُوا يئسوا من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [3]

2902/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «آخر فريضة أنزلها الله تعالى الولاية، ثم لم ينزل بعدها فريضة، ثم أنزل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بكراع الغميم فأقامها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجحفة «1»، فلم ينزل بعدها فريضة».

2903/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 292/ 17.

8- تفسير القمّي 1: 162.

9- تفسير العيّاشي 1: 292/ 19.

10- تفسير القمّي 1: 162.

11- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 216/ 1.

(1) الجحفة: قرية كبيرة على طريق المدينة من مكّة، بينها و بين غدير خمّ ميلان. «معجم البلدان 2: 11».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 224

الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) «1» بمرو فاجتمعنا في الجامع «2» يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأدار «3» الناس أمر الإمامة، و

ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي و مولاي الرضا (عليه السلام)، فأعلمته خوضان الناس في ذلك «4» فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: «يا عبد العزيز، جهل القوم و خدعوا عن أديانهم، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل لهم «5» الدين، و أنزل عليهم «6» القرآن فيه تفصيل كل شي ء، و بين فيه الحلال و الحرام، [و الحدود] و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «7» و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله): الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فأمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته معالم دينهم، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز و جل، و من رد كتاب الله تعالى فهو كافر».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب في (الكافي) عن أبي محمد القاسم بن العلاء «8» (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث «9» و هو طويل، ذكرناه بتمامه في قول الله تعالى:

وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ من سورة القصص «10».

2904/ [3]- الطبرسي، قال: حدثنا السيد العالم أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثني أبو القاسم عبيد الله

ابن عبد الله الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: أخبرنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عمار بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني «11»، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما نزلت هذه الآية،

__________________________________________________

3- مجمع البيان 3: 246.

(1) في المصدر: قال: كنّا في أيّام عليّ بن موسى الرضا (عليهم السّلام).

(2) في المصدر: في مسجد جامعها في.

(3) أي تنازعوا و تخاصموا فيه.

(4) في المصدر: ما خاض الناس فيه. [.....]

(5) في المصدر: له.

(6) في المصدر: عليه.

(7) الأنعام 6: 38.

(8) في «س» و «ط»: بن أبي العلاء، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 14: 32.

(9) الكافي 1: 154/ 1.

(10) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (68) من سورة القصص.

(11) في «س» و «ط»: يحيى بن عبد العزيز الحجاني، و الصواب ما في المتن، كما في الجرح و التعديل 9: 168، تهذيب التهذيب 11: 243، معجم رجال الحديث 20: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 225

قال: «الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعدي».

و قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

2905/ [4]- و قال أبو علي الطبرسي: المروي عن الإمامين أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنه إنما انزل بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) علما للأنام يوم غدير خم منصرفه عن

حجة الوداع» قال: «و هي آخر فريضة أنزلها الله تعالى ثم لم ينزل بعدها فريضة».

2906/ [5]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعطيت سبعا «1» لم يعطها أحد قبلي سوى النبي (صلى الله عليه و آله)، لقد فتحت لي السبل، و علمت المنايا، و البلايا، و الأنساب، و فصل الخطاب، و لقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي، فما غاب عني ما كان قبلي و لا ما يأتي بعدي، و إن بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم، و أتم عليهم النعم، و رضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه و آله): يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، و أتممت عليهم النعم، و رضيت لهم إسلامهم، كل ذلك من الله به علي فله الحمد».

2907/ [6]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني «2» بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن أبو موسى المجاشعي، قال:

حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) «3»، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: بناء «4» الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين، و القرينتين قيل له:

أما الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان؟ قال: الصلاة و الزكاة، فإنه لا تقبل إحداهما إلا بالأخرى، و الصيام و حج بيت الله من استطاع إليه سبيلا، و ختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً».

2908/ [7]- و عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي

__________________________________________________

4- مجمع البيان 3: 246.

5- الأمالي 1: 208.

6- الأمالي 2: 131.

7- الأمالي 2: 268.

(1) في المصدر: تسعا.

(2) في «س» و «ط»: المفضّل بن محمّد بن المسيّب السّوائي، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 439/ 1182.

(3) في المصدر زيادة: قال المجاشعي: و حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى (عليه السّلام)، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، و قالا جميعا عن آبائهما. [.....]

(4) في المصدر: بني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 226

ابن صالح «1» بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد «2»، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري «3»، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: حدثنا الحسن بن علي (عليه السلام): «أن الله عز و جل بمنه و برحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه- لا إله إلا هو- ليميز الخبيث من الطيب، و ليبتلي ما في صدوركم، و ليمحص ما في قلوبكم، و لتتسابقوا إلى رحمته، و لتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج و العمرة و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الصوم و الولاية، و جعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحا إلى سبيله

«4»، و لولا محمد (صلى الله عليه و آله) و الأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل تدخل «5» قرية إلا من بابها؟ فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه و آله)، قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ففرض عليكم لأوليائه حقوقا، و أمركم بأدائها إليهم، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم و أموالكم و مآكلكم و مشاربكم، و يعرفكم بذلك البركة و النماء و الثروة ليعلم من يطيعه منكم بالغيب.

ثم قال عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «6» فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه، إن الله هو الغني و أنتم الفقراء إليه، فاعملوا من بعد ما شئتم، فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون، ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون، و العاقبة للمتقين، و لا عدوان إلا على الظالمين.

سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: خلقت من نور الله عز و جل و خلق أهل بيتي من نوري، و خلق محبوهم من نورهم، و سائر الناس «7» في النار».

2909/ [8]- السيد الرضي في كتاب (المناقب): عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: «لما انصرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: ضوجان «8»، فنزلت هذه الآية

__________________________________________________

8- غاية المرام: 337/ 6، عن مناقب السيّد الرضي.

(1) في المصدر: الحسين بن صالح.

(2) في «س» و «ط»: محمّد بن محمّد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال

الحديث 18: 54.

(3) سقطت الواسطة بين إسحاق بن إسماعيل النيسابوري و الامام الصادق (عليه السّلام)، لأنّ إسحاق بن إسماعيل النيسابوري من أصحاب أبي محمّد العسكري (عليه السّلام)، كما في رجال الطوسي 428/ 6، و روى الصدوق هذا الحديث في علل الشرائع: 249/ 6 بالإسناد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السّلام)، و ليس فيه: سمعت جدّي رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم). إلى آخر الحديث

(4) في المصدر: سبيله.

(5) في «ط»: تدخلون.

(6) الشورى 42: 23.

(7) في المصدر: و سائر الخلق.

(8) كذا و الظاهر أنّها تصحيف، ضجنان: جبل بناحية مكّة على طريق المدينة في أسفله (الغميم) قرب غدير خم. «معجم البلدان 3: 453، معجم ما استعجم 3: 856.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 227

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «1» فلما نزلت عصمته من الناس، نادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه و قال (عليه السلام): من أولى منكم بأنفسكم؟

فضجوا بأجمعهم، و قالوا: الله و رسوله. فأخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، فإنه مني و أنا منه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. و كانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على امة محمد (صلى الله عليه و آله)، ثم أنزل الله تعالى على نبيه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقبلوا من رسول

الله (صلى الله عليه و آله) كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج، و صدقوه على ذلك».

قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى كان ذلك؟ قال: «لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشر، عند منصرفه من حجة الوداع، و كان بين ذلك و بين وفاة النبي (صلى الله عليه و آله) مائة يوم «2»، و كان سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم اثنا عشر رجلا» «3».

2910/ [9]- و رواه الشيخ الفاضل المتكلم الفقيه العالم الزاهد الورع أبو علي محمد بن أحمد بن علي الفتال- المعروف بابن الفارسي- و هو من أجلاء قدماء الإمامية من علمائها و متكلميها، روى في كتابه المعروف ب (روضة الواعظين) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة، و قد بلغ جميع الشرائع قومه ما خلا الحج و الولاية، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك:

إني لم أقبض نبيا من أنبيائي و رسلي إلا بعد إكمال ديني و تأكيد حجتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحج، و فريضة الولاية و الخلافة «4» من بعدك، فإني لم أخل الأرض من حجة، و لن أخليها أبدا، و إن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج، تحج و يحج معك كل من استطاع السبيل من أهل الحضر و أهل الأطراف و الأعراب، و تعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي

أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.

فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الناس: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد الحج و أن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه. و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

9- روضة الواعظين: 89.

(1) المائدة 5: 67.

(2) المدّة بين خطبة الغدير في 18 من ذي الحجّة و وفاة الرسول (صلى اللّه عليه و آله) في 28 من صفر أقل من ذلك.

(3) (رجلا) ليس في غاية المرام، و لعلّ ذلك إشارة إلى الاثني عشر بدريا الذين شهدوا لأمير المؤمنين (عليه السّلام) بحديث الغدير يوم المناشدة في الرحبة، كما في مسند أحمد 1: 88، أمّا الذين حضروا خطبة الوداع و سمعوا من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حديث الغدير، فهم مائة ألف أو يزيدون. [.....]

(4) في «س»: و الخليفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 228

و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحج بهم فبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون «1»، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام) فنكثوا و اتبعوا العجل و السامري، و كذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة- على عدد أصحاب موسى- فنكثوا البيعة و اتبعوا العجل و السامري سنة بسنة، و مثلا بمثل، و اتصلت التلبية ما بين مكة و المدينة، فلما توقف بالموقف «2» أتاه جبرئيل (عليه

السلام)، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك، إنه قد دنا أجلك و مدتك، و إني أستقدمك على ما لا بد منه و لا محيص عنه، فاعهد عهدك، و قدم وصيتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء من قبلك، فسلمها إلى وصيك و خليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب، فأقمه للناس و خذ عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الذي واثقتهم به، و عهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي، و مولاهم و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي بن أبي طالب. فإني لم أقبض نبيا من أنبيائي إلا بعد إكمال حجتي و ديني، و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي، و ذلك كمال توحيدي و ديني، و تمام نعمتي على خلقي باتباع وليي و إطاعته، و ذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الإسلام دينا علي وليي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي عبدي و وصي نبيي و الخليفة من بعده، و حجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته مع طاعة محمد نبيي، و مقرون طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني و بين خلقي، فمن عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك ببيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنة، و من لقيني بعداوته دخل النار. فأقم

يا محمد عليا علما، و خذ عليهم البيعة، و خذ عهدي و ميثاقي لهم الذي «3» واثقتهم عليه فإني قابضك إلي، و مستقدمك.

فخشي رسول الله (صلى الله عليه و آله) قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرقوا و يرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم، و ما يبطنون عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضاء، و سأل جبرئيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من الله عز و جل، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و أمره «4» أن يعهد عهده و يقيم حجته عليا للناس «5»، و لم يأته بالعصمة من الله عز و جل بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم- بين مكة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالذي امر به من قبل و لم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني لأخشى قومي أن يكذبوني، و لا يقبلوا قولي في علي. فرحل، فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة

__________________________________________________

(1) في «س»: ألفا و يزيدون.

(2) في المصدر: وقف الموقف.

(3) في المصدر: و ميثاقي بالذي.

(4) في المصدر: فأتاه جبرئيل (عليه السّلام) في مسجد الخيف فأمره.

(5) في «ط» نسخة بدل: و يقيم عليّا علما للناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 229

أميال، أتاه جبرئيل (عليه السلام) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «1» فكان أولهم بلغ قرب الجحفة فأمره

أن يرد من تقدم منهم، و يحبس من تأخر منهم في ذلك المكان، ليقيم عليا (عليه السلام) للناس، و يبلغهم ما أنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام) و أخبره أن الله تعالى قد عصمه من الناس.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي، فنادى في الناس بالصلاة جامعة، و تنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى، و في الموضع سلمات «2» فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقم ما تحتهن، و ينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، و قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوق تلك الأحجار، و قال (صلى الله عليه و آله):

الحمد لله الذي علا بتوحيده، و دنا في تفريده، و جل في سلطانه، و عظم في أركانه، و أحاط بكل شي ء علما و هو في مكانه «3»، و قهر جميع الخلق بقدرته و برهانه. حميد لم يزل محمودا، و لا يزال مجيدا، لا يزول مبدئا و معيدا، و كل أمر إليه يعود بارئ المسموكات، و داحي المدحوات، قدوس سبوح رب الملائكة و الروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على جميع من ذرأه، يلحظ كل عين و العيون لا تراه. كريم رحيم ذو أناة، قد وسع كل شي ء رحمته، و من على جميع خلقه بنعمته، لا يعجل بانتقامه، و لا يبادر عليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر، و علم الضمائر، و لم تخف عليه المكنونات، و ما اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شي ء، و

الغلبة لكل شي ء، و القوة في كل شي ء، و القدرة على كل شي ء، لا مثله شي ء، و هو منشئ الشي ء حين لا شي ء و حين لا حي. قائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الأبصار، و هو يدرك الأبصار، و هو اللطيف الخبير، لا يلحق وصفه أحد بمعاينة و لا يحد، كيف و هو من سر و لا علانية، إلا بما دل عز و جل على نفسه.

أشهد له بأنه الله الذي لا إله إلا هو «4»، الذي أبلى الدهر قدسه، و الذي يفني «5» الأبد نوره، و الذي ينفذ أمره بلا مشاورة «6» مشير، و لا معه شريك في تقدير، و لا تفاوت في تدبير، صور ما ابتدع بلا مثال، و خلق ما خلق بلا معونة من أحد، و لا تكلف و لا احتيال، أنشأها فكانت، و برأها فبانت، و هو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الصنعة، الحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، و الأكرم الذي إليه ترجع الأمور.

و أشهد أنه الله الذي تواضع كل شي ء لعظمته، و ذل كل شي ء لعزته، و أسلم كل شي ء لقدرته، و خضع كل

__________________________________________________

(1) المائدة 5: 67.

(2) السّلمات: جمع سلمة، شجر من العضاه. «النهاية 2: 395».

(3) زاد في المصدر: يعني أنّ الشي ء في مكانه.

(4) (الذي لا إله إلّا هو) ليس في المصدر.

(5) في «ط»: يغشى.

(6) في المصدر: مشورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 230

شي ء لهيبته مالك «1» الأملاك، و مسخر الشمس و القمر في الأفلاك، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار، و يكور النهار على الليل، يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، و مهلك كل شيطان مريد، لم يكن له

ضد، و لا معه ند، أحد صمد، لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد، إلها واحدا و ربا ماجدا، يشاء فيمضي، و يريد فيقضي، و يعلم فيحصي، و يميت و يحيي، و يفقر و يغني، و يضحك و يبكي، و يدني و يقصي «2»، و يمنع و يعطي.

له الملك و له الحمد، بيده الخير، و هو على كل شي ء قدير، يولج الليل في النهار، و يولج النهار في الليل، لا إله إلا هو العزيز الغفار، مستجيب الدعاء، جزيل العطاء، محصي الأنفاس، رب الجنة و الناس، الذي لا تشكل عليه لغة، و لا يضجره المستصرخون، و لا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين، و الموفق للمتقين، مولى المؤمنين «3»، رب العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره و يحمده على كل حال.

أحمده و أشكره على السراء و الضراء، و الشدة و الرخاء، و أؤمن به و بملائكته و كتبه و رسله، فاسمعوا و أطيعوا لأمره، و بادروا إلى مرضاته، و سلموا لقضائه رغبة في طاعته، و خوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره، و لا يخاف جوره.

أقر له على نفسي بالعبودية، و أشهد له بالربوبية، و أؤدي ما أوحى إلي به خوفا و حذرا من أن تحل بي قارعة لا يدفعها عني أحد، و إن عظمت منته، و صفت خلته، لأنه لا إله إلا هو قد أعلمني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، و قد ضمن لي العصمة، و هو الله الكافي الكريم، و أوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ

رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

معاشر الناس، ما قصرت عن تبليغ ما أنزله تعالى، و أنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي، و هو السلام، أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض و أحمر و أسود أن علي بن أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي، و هو الإمام من بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، و هو وليكم بعد الله و رسوله، و قد أنزل الله تبارك و تعالى علي بذلك آية من كتابه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «4» و علي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة و هو راكع يريد الله عز و جل في كل حال.

و سألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم- أيها الناس- لعلمي بقلة المتقين، و كثرة المنافقين، و إدغال «5» الآثمين، و ختل «6» المستهزئين، الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم

__________________________________________________

(1) في المصدر: ملك.

(2) في «ط» و المصدر: و يدبر فيقضي. [.....]

(3) في «ط» نسخة بدل: و مولى العالمين.

(4) المائدة: 5: 55.

(5) الدغل: الفساد و المخالفة. «لسان العرب- دغل- 11: 244».

(6) الختل: الخداع. «لسان العرب- ختل- 11: 199»، و في «س»: حيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 231

يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ «1» و يحسبونه هينا، و هو عند الله عظيم، لكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سموني أذنا «2» و زعموا أنه كذلك، لكثرة ملازمتي إياه «3» و إقبالي عليه حتى أنزل الله في ذلك الَّذِينَ

يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ فقال قُلْ أُذُنُ على الذين يزعمون أنه أذن خَيْرٍ لَكُمْ «4» إلى آخر الآية، و لو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لسميت و أومأت إليهم بأعيانهم، و لو شئت أن أدل عليهم لدللت، و لكني في أمرهم قد تكرمت، و كل ذلك لا يرضى الله عني «5» إلا أن ابلغ ما أنزل إلي، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية.

فاعلموا- معاشر الناس- و افهموه، و اعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا و إماما، مفترضة طاعته على المهاجرين و الأنصار، و على التابعين لهم بإحسان، و على البادي و الحاضر، و الأعجمي و العربي، و الحر و المملوك، و الصغير و الكبير، و على الأبيض و الأسود، و على كل موحد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، مؤمن من صدقه، قد غفر الله لمن سمع و أطاع له.

معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا و أطيعوا و انقادوا لأمر ربكم، فإن الله عز و جل هو مولاكم و إلهكم، ثم من دونه رسوله «6» محمد وليكم القائم المخاطب لكم «7»، ثم من بعدي علي وليكم و إمامكم بأمر من الله ربكم، ثم الإمامة في الذين من صلبه إلى يوم يلقون الله و رسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، و لا حرام إلا ما حرمه الله، عرفني الحلال و الحرام، و أنا قضيت مما علمني ربي من كتابه و حلاله و حرامه إليه.

معاشر الناس، ما من علم إلا و قد أحصاه الله

في، و كل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين «8»، ما من علم إلا علمته عليا و هو الإمام المبين.

معاشر الناس، لا تضلوا عنه، و لا تنفروا «9» منه، و لا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق و يعمل به، و يزهق الباطل و ينهى عنه، و لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله و رسوله و الذي فدى رسول الله بنفسه، و الذي كان مع رسول الله و لا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره.

معاشر الناس، فضلوه فقد فضله الله، و اقبلوه فقد نصبه الله.

__________________________________________________

(1) الفتح 48: 11.

(2) الاذن: من يصدّق كلّ من يسمع.

(3) في المصدر: ملازمته إيّاي.

(4) التوبة 9: 61.

(5) في المصدر: مني.

(6) في المصدر: رسولكم.

(7) (لكم) ليس في المصدر.

(8) في نسخة من «ط»: في إمام مبين.

(9) في المصدر: تفرّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 232

معاشر الناس، إنه إمام من الله، و لن يتوب الله على أحد أنكر ولايته، و لن يغفر الله له، حقا «1» على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، و أن يعذبه عذابا نكرا أبدا الآبدين و دهر الداهرين، فاحذروا أن تخالفوني فتصلوا نارا وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين.

أيها الناس، بي- و الله- بشر الأولون «2» من النبيين و المرسلين، و أنا خاتم النبيين و المرسلين، و الحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات و الأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر، كفر الجاهلية الاولى، و من شك في قولي هذا فقد شك في الكل منه، و الشك في ذلك فهو في النار.

معاشر الناس، حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي، و إحسانا منه إلي، و

لا إله إلا هو، له الحمد مني أبد الآبدين و دهر الداهرين على كل حال.

معاشر الناس، فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر و أنثى، بنا أنزل الله الرزق و بقي الخلق. ملعون ملعون، مغضوب مغضوب على من رد علي قولي هذا. ألا إن جبرئيل خبرني عن الله بذلك، و يقول: من عادى عليا و لم يتوله فعليه لعنتي و غضبي «3» فلتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله أن تخالفوا فتزل قدم بعد ثبوتها، إن الله خبير ما تعملون.

معاشر الناس، تدبروا القرآن، و افهموا آياته و محكماته، و لا تتبعوا متشابهه، فو الله لن يبين لكم زواجره «4» و لا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده، و مصعده إلي و شائل بعضده، و معلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، و هو علي بن أبي طالب أخي و وصيي، و موالاته من الله تعالى، أنزلها علي.

معاشر الناس، إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «5».

معاشر الناس، إن عليا و الطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، و القرآن هو الثقل الأكبر، و كل واحد منهما منبئ عن صاحبه، موافق له، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء لله «6» في خلقه، و حكماؤه في أرضه، ألا و إن الله عز و جل قال، و أنا قلته عن الله عز و جل، ألا و قد أديت، ألا و قد بلغت، ألا و قد أسمعت، ألا و قد أوضحت، ألا و إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، و لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره. ثم ضرب بيده على عضد علي فرفعه، و

كان أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد شال «7» عليا (عليه السلام) حتى صارت رجلاه مع ركبة رسول الله (صلوات الله عليهما) ثم قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: حتما. [.....]

(2) في المصدر: هي و اللّه بشرى الأوّلين.

(3) (بذلك و يقول ... و غضبي) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: فواللّه لهو مبين لكم نورا واحدا.

(5) الزّمر 39: 56.

(6) في المصدر: بأمر اللّه.

(7) أي رفعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 233

معاشر الناس، هذا علي أخي و وصيي، و واعي علمي «1»، و خليفتي على امتي، و على تفسير كتاب الله عز و جل، و الداعي إليه، و العامل بما يرضاه، و المحارب لأعدائه و الموالي على طاعته، و الناهي عن معصيته، خليفة رسول الله، و أمير المؤمنين و الإمام الهادي بأمر الله، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين بأمر الله.

أقول: مما يبدل القول لدي بأمر ربي، أقول: اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و العن من أنكره و جحد حقه، و اغضب على من جحده.

اللهم إنك أنت أنزلت الإمامة لعلي وليك عند تبيين ذلك بتفضيلك إياه بما أكملت لعبادك من دينهم، و أتممت عليهم نعمتك «2» و رضيت لهم الإسلام دينا، فقلت: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «3» اللهم إني أشهدك أني قد بلغت.

معاشر الناس، إنما أكمل الله عز و جل دينكم بإمامته، فمن لم يأتم به و بمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة و العرض على الله تعالى، فأولئك حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ «4» لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ

لا هُمْ يُنْظَرُونَ «5».

معاشر الناس، هذا علي، أنصركم لي، و أحق الناس بي، و أقربكم إلي، و أعزكم علي، و الله عز و جل و أنا عنه راضيان، و ما أنزلت آية رضا إلا فيه، و ما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، و لا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، و لا شهد الله بالجنة في هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ «6» إلا له، و لا أنزلها في سواه، و لا مدح بها غيره.

معاشر الناس، هو «7» ناصر دين الله، و المجادل عن الله «8»، و هو التقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي، و وصيكم خير وصي، و بنوه خير الأوصياء.

معاشر الناس، ذرية كل نبي من صلبه، و ذريتي من صلب علي.

معاشر الناس، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه، فتحبط أعمالكم و تزل أقدامكم، فإن آدم (عليه السلام) اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة الله تعالى، فكيف أنتم إن زللتم و أنتم عباد الله! ما يبغض عليا إلا شقي، و لا يتولى عليا إلا تقي، و لا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، في علي و الله أنزلت سورة العصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ

__________________________________________________

(1) في المصدر: و الراعي بعدي.

(2) في المصدر: و أنعمت عليهم بنعمتك.

(3) آل عمران 3: 85.

(4) التوبة 9: 17.

(5) البقرة 2: 162، آل عمران 3: 88.

(6) الإنسان 76: 1.

(7) في المصدر: هذا.

(8) في المصدر: رسول الله. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 234

وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ «1».

معاشر الناس، قد أشهدت الله و بلغتكم الرسالة، وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ

«2».

معاشر الناس، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «3».

معاشر الناس، آمنوا بالله و رسوله و النور الذي انزل معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها «4».

معاشر الناس، النور من الله عز و جل في، ثم مسلوك في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله و بحق كل مؤمن، لأن الله عز و جل قد جعلنا حجة على المقصرين و المعاندين «5» و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين من جميع العالمين.

معاشر الناس، إني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أ فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين «6» الصابرين ألا إن عليا الموصوف بالصبر و الشكر ثم من بعده ولدي من صلبه.

معاشر الناس، لا تمنوا علي «7» بإسلامكم فيسخط الله عليكم، فيصيبكم بعذاب من عنده، إن ربك لبالمرصاد.

معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار، و يوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس، إن الله و أنا بريئان منهم.

معاشر الناس، إنهم و أنصارهم و أشياعهم و أتباعهم في الدرك الأسفل من النار، و لبئس مثوى المتكبرين «8».

معاشر الناس، إني أدعها إمامة «9» و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة، و قد بلغت ما بلغت حجة على كل حاضر و غائب، و على كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، و ولد أو لم يولد، فليبلغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة، و سيجعلونها ملكا و اغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين و المغتصبين، و عندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار و نحاس فلا

تنتصران «10».

__________________________________________________

(1) العصر 103: 1- 3.

(2) النور 24: 54، العنكبوت 29: 18.

(3) آل عمران 3: 102.

(4) النّساء 4: 47.

(5) في المصدر: و الغادرين.

(6) تضمين من سورة آر عمران 3: 144.

(7) في المصدر: على اللّه.

(8) في «ط» زيادة: ألا إنّهم أصحاب الصحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته، قال: فذهب على الناس إلّا شرذمة منهم أمر الصحيفة.

(9) في «ط»: أمانة.

(10) تضمين من سورة الرحمن 55: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 235

معاشر الناس، إن الله عز و جل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، و ما كان الله ليطلعكم على الغيب.

معاشر الناس، إنه ما من قرية إلا و الله مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة كما ذكر الله عز و جل، و هذا إمامكم و وليكم و هو مواعد الله و الله يصدق وعده.

معاشر الناس، قد ضل قبلكم أكثر الأولين، و الله قد أهلك الأولين و هو مهلك الآخرين، قال الله تعالى: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «1».

معاشر الناس، إن الله قد أمرني و نهاني، و قد أمرت عليا و نهيته، و علم الأمر و النهي من ربه عز و جل، فاسمعوا لأمره و انتهوا لنهيه، و صيروا إلى مراده، و لا تتفرق بكم السبل عن سبيله. أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق و به يعدلون.

ثم قرأ (صلى الله عليه و آله) الْحَمْدُ لِلَّهِ إلى آخرها، و قال: في نزلت، و فيهم نزلت، و لهم عمت، و إياهم خصت، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون

«2» ألا إن حزب الله هم الغالبون، ألا إن أعداءهم أهل الشقاق الحادون العادون و إخوان الشياطين الذين يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً «3». ألا إن أولياءهم هم المؤمنون الذين ذكرهم الله في كتابه، فقال تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «4» إلى آخر الآية. ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عز و جل، فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «5»، ألا إن أولياءهم الذين آمنوا و لم يرتابوا، ألا إن أولياءهم هم الذين يدخلون الجنة آمنين و تتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «6» ألا إن أولياءهم هم الذين قال الله عز و جل: يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «7». ألا إن أعداءهم الذين يصلون سعيرا، ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا و هي تفور، و لها زفير كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها «8» الآية. ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز و جل: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى «9»، ألا إن أولياءهم الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ «10».

__________________________________________________

(1) المرسلات 77: 16- 19.

(2) تضمين من سورة يونس 10: 62.

(3) الأنعام 6: 112.

(4) المجادلة 58: 22. [.....]

(5) الأنعام 6: 82.

(6) الزمر 39: 73.

(7) غافر 40: 40.

(8) الأعراف 7: 38.

(9) الملك 67: 8 و 9.

(10) الملك 67: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 236

معاشر الناس، شتان ما بين السعير و الجنة، عدونا من ذمه الله و لعنه، و ولينا من مدحه الله و أحبه.

معاشر الناس، ألا و إني منذر، و علي هاد.

معاشر الناس،

إني نبي، و علي وصيي، ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي، ألا إنه الظاهر على الدين، ألا إنه المنتقم من الظالمين، ألا إنه فاتح الحصون و هادمها، ألا إنه فاتح كل قبيلة من الشرك، ألا إنه مدرك لكل ثار لأولياء الله عز و جل، ألا إنه الناصر لدين الله عز و جل، ألا إنه الغراف من بحر عميق، ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله، و كل ذي جهل بجهله، ألا إنه خيرة الله و مختاره، ألا إنه وارث كل علم و المحيط بكل فهم، ألا إنه المخبر عن ربه عز و جل، و المنبه «1» لأمر إيمانه، ألا إنه الرشيد السديد، ألا إنه المفوض إليه، ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه، ألا إنه الباقي حجة و لا حجة بعده، و لا حق إلا معه، و لا نور إلا عنده، ألا إنه لا غالب له، و لا منصور عليه، ألا إنه ولي الله في أرضه، و حكمه في خلقه، و أمينه في سره و علانيته.

معاشر الناس، قد بينت لكم و أفهمتكم، و هذا علي يفهمكم بعدي، ألا و إني عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته و الإقرار به، ثم مصافقته من بعدي، ألا و إني قد بايعت الله، و علي قد بايعني، و أنا آخذكم بالبيعة له عن «2» الله عز و جل فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «3» الآية.

معاشر الناس، إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ «4» الآية.

معاشر الناس، حجوا البيت، فما ورده أهل بيت إلا نموا و تناسلوا، و لا تخلفوا عنه إلا بتروا «5» و افترقوا.

معاشر الناس، ما وقف

بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استأنف عمله.

معاشر الناس، الحجاج معانون، و نفقاتهم مخلفة، و الله لا يضيع أجر المحسنين.

معاشر الناس، حجوا بكمال الدين و التفقه، و لا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة و إقلاع.

معاشر الناس، أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة، كما أمركم الله عز و جل، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم و مبين لكم، الذي نصبه الله عز و جل بعدي لكم و من خلقه «6» الله مني و منه «7» يخبركم بما تسألون، و يبين لكم ما لا تعلمون، ألا إن الحلال و الحرام أكثر من أن أحصيهما و اعرفهما. فآمر بالحلال و أنهى عن الحرام في مقام واحد، و أمرت أن آخذ البيعة عليكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز و جل في علي أمير المؤمنين

__________________________________________________

(1) في المصدر: و المشبه.

(2) في «ط»: عند.

(3) الفتح 48: 10.

(4) البقرة 1: 158.

(5) في «س» و «ط»: إلّا ابتزلوا، و ما أثبتناه من اليقين: 123.

(6) في «ط»: خلّفه.

(7) في اليقين: 123 لكم بعدي أمين خلقه، إنّه منّي و أنا منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 237

و الأئمة من بعده، الذين هم مني و منه، الإمامة «1» قائمة فيهم، خاتمها المهدي، إلى يوم القيامة، الذي يقضي بالحق.

معاشر الناس، و كل حلال دللتكم عليه، و كل حرام نهيتكم عنه، فإني لم أرجع عن ذلك و لم أبدل، ألا فاذكروا ذلك و احفظوه و تواصوا به، و لا تبدلوه، ألا و إني أجدد القول، ألا فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، ألا و إن رأس

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أن تنتهوا إلى قولي «2» و تبلغوه من لم يحضر، و تأمروه بقبوله، و تنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز و جل و مني معا، و لا أمر بمعروف و لا نهي عن منكر إلا مع إمام.

معاشر الناس، القرآن يعرفكم أن الأئمة من بعده ولده، و عرفتكم أنهم مني و منه حيث يقول الله عز و جل:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «3» و لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما.

معاشر الناس، اتقوا الله «4» و احذروا الساعة كما قال الله تعالى: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ «5» اذكروا الممات و الحساب و الموازين و المحاسبة بين يدي رب العالمين، و الثواب و العقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب «6»، و من جاء بالسيئة فليس له في الجنان من نصيب.

معاشر الناس، إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة، و أمرني الله عز و جل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقد لعلي بإمرة المؤمنين، و من جاء بعده من الأئمة مني و منه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم: إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت من أمر ربنا و ربك في أمر علي أمير المؤمنين و أمر «7» ولده من صلبه من الأئمة، نبايعك على ذلك بقلوبنا و أنفسنا و ألسنتنا و أيدينا «8»، على ذلك نحيا و نموت و نبعث، لا نغير و لا نبدل و لا نشك و لا نرتاب و لا نرجع عن عهد و لا ميثاق، و لا ننقض الميثاق نطيع الله و نطيعك و عليا أمير المؤمنين و ولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن و الحسين،

اللذين قد عرفتكم مكانهما مني، و محلهما عندي، و منزلتهما من ربي عز و جل، فقد أديت ذاك إليكم، و إنهما لسيدا شباب أهل الجنة، و إنهما الإمامان بعد أبيهما علي و أنا أبوهما قبله، فقولوا: أعطينا الله بذلك و إياك و عليا و الحسن و الحسين و الأئمة الذين ذكرت عهدا و ميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا و أنفسنا و ألسنتنا، و مصافقة أيدينا- من أدركهما بيده، و إلا

__________________________________________________

(1) في «س» و «ط»: أمّة، و ما أثبتناه من اليقين: 123. [.....]

(2) في «س» و «ط»: إلى قوله.

(3 الزّخرف 43: 28.

(4) في المصدر: التقوى، التقوى.

(5) الحج 22: 1.

(6) في المصدر: أفلح.

(7) في المصدر: لما بلغته عن أمر ربي و أمر عليّ أمير المؤمنين و من.

(8) في «س» و المصدر: و أبداننا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 238

فقد أقر بهما بلسانه- لا نبتغي بدلا، و لا يرى الله عز و جل من أنفسنا حولا أبدا، أشهدنا الله و كفى بالله شهيدا، و أنت علينا به شهيد، و كل من أطاع ممن ظهر و استتر و ملائكة الله و جنوده و عبيده و الله أكبر من كل شهيد.

معاشر الناس، ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت، و خافية كل نفس، فمن اهتدى فلنفسه و من ضل فإنما يضل عليها، و من بايع فإنما يبايع الله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «1».

معاشر الناس، فاتقوا الله و بايعوا «2» عليا أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و الأئمة، كلمة باقية يهلك الله بها من غدر، و يرحم الله بها من وفى، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «3».

معاشر الناس،

قولوا الذي قلت لكم، و سلموا على علي بإمرة المؤمنين، و قولوا: سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ «4» و قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ «5».

معاشر الناس، إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز و جل، و قد أنزلها في القرآن، أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم بها و عرفها فصدقوه.

معاشر الناس، من يطع الله و رسوله و عليا و الأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما.

معاشر الناس، السابقون السابقون إلى مبايعته و موالاته و التسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنات النعيم.

معاشر الناس، قولوا ما يرضي الله عنكم من القول، فإن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا، اللهم اغفر للمؤمنين، و اعطب الكافرين، و الحمد لله رب العالمين».

فناداه القوم: نعم، سمعنا و أطعنا على ما أمر الله و رسوله بقلوبنا و ألسنتنا و أيدينا. و تداكوا «6» على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) و صافقوا بأيديهم، فكان أول من صافق رسول الله (صلى الله عليه و آله) الأول و الثاني و الثالث و الرابع و الخامس «7»، و باقي المهاجرين و الأنصار، و باقي الناس على قدر منازلهم، إلى أن صليت العشاء و العتمة في وقت واحد، و واصلوا البيعة و المصافقة ثلاثا، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول كلما بايع قوم: «الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين».

__________________________________________________

(1) الفتح 48: 10.

(2) في المصدر: و تابعوا.

(3) الفتح 48: 10.

(4) البقرة 2: 285.

(5) الأعراف 7: 43.

(6) تداكّ

عليه القوم: إذا ازدحموا عليه «النهاية- دكك- 2: 128». «لسان العرب- دكك- 10: 426».

(7) (و الرابع و الخامس) ليس في المصدر، و في اليقين: 125 أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 239

2911/ [10]- و عنه: قال عبد الرحمن بن سمرة: قلت: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة، قال: «يا بن سمرة، إذا اختلفت الأهواء و تفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب، فإنه إمام امتي، و خليفتي عليهم من بعدي، و هو الفاروق الذي يميز بين الحق و الباطل، من سأله أجابه و من استرشده أرشده، و من طلب الحق من عنده وجده، و من التمس الهدى لديه صادفه «1»، و من لجأ إليه آمنه، و من استمسك به نجاه، و من اقتدى به هداه.

يا بن سمرة، سلم من سلم له و والاه، و هلك من رد عليه و عاداه. يا بن سمرة، إن عليا مني، روحه من روحي، و طينته من طينتي، و هو أخي و أنا أخوه، و هو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين، و إن منه إمامي أمتي و سيدي شباب أهل الجنة: الحسن و الحسين، و تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم امتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

2912/ [11]- و عنه: قال ابن عباس: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «معاشر الناس، من أحسن من الله قيلا، و أصدق منه حديثا؟ معاشر الناس، إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم عليا علما للناس و خليفة و إماما و وصيا، و أن أتخذه أخا و وزيرا.

معاشر الناس، إن عليا باب

الهدى بعدي، و الداعي إلى ربي، و هو صالح المؤمنين وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2».

معاشر الناس، إن عليا مني، و ولده ولدي، و هو زوج ابنتي و حبيبتي، أمره أمري، و نهيه نهيي. معاشر الناس، عليكم بطاعته و اجتناب معصيته، فإن طاعته طاعتي، و معصيته معصيتي.

معاشر الناس، إن عليا صديق هذه الامة و فاروقها و محدثها، و إنه هارونها و يوشعها و آصفها و شمعونها، و إنه باب حطتها و سفينة نجاتها، إنه طالوتها و ذو قرنيها. معاشر الناس، إنه محنة الورى، و الحجة العظمى، و الآية الكبرى، و إمام أهل الدنيا، و العروة الوثقى.

معاشر الناس، إن عليا مع الحق و الحق معه و على لسانه. معاشر الناس، إن عليا قسيم النار، لا يدخلها ولي له، و لا ينجو منها عدو له، و إنه قسيم الجنة، لا يدخلها عدو له، و لا يزحزح عنها ولي له. معاشر أصحابي، قد نصحت لكم و لكن لا تحبون الناصحين».

قلت: خطبة الغدير إلى قوله (صلى الله عليه و آله) «الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين» «3».

و رواه الشيخ الفاضل أحمد بن علي الطبرسي في (الاحتجاج)، قال: حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد

__________________________________________________

10- روضة الواعظين: 100.

11- روضة الواعظين: 100.

(1) في المصدر: الهدي وجده لديه.

(2) فصلت 41: 33.

(3) يعني إلى آخر الحديث التاسع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 240

ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس الله روحه، قال: أخبرني جماعة عن

أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام، قال: أخبرنا علي السوري، قال:

أخبرنا أبو محمد العلوي «1» من ولد الأفطس، و كان من عباد الله الصالحين، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: [حدثنا] محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثني سيف بن عميرة، و صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان «2»، جميعا، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، أنه قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة و قد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج و الولاية ...» و ساق الحديث بعينه، و فيه بعض التغيير اليسير «3».

2913/ [12]- ثم قال الطبرسي في (الاحتجاج) عقيب الخطبة: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لما فرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من هذه الخطبة روي في الناس رجل جميل بهي طيب الريح، فقال: تالله ما رأيت محمدا كاليوم قط، ما أشد ما يؤكد لابن عمه! و إنه عقد عقدا لا يحله إلا كافر بالله العظيم و برسوله، ويل طويل لمن حل عقده. قال: فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثم التفت إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: أما سمعت ما قال هذا الرجل؟! قال كذا و كذا. فقال (صلى الله عليه و آله): يا عمر، أ تدري من ذلك الرجل؟ قال: لا. قال: ذلك الروح الأمين جبرئيل، فإياك أن تحله، فإنك إن فعلت فالله و رسوله و ملائكته و المؤمنون منك براء».

2914/ [13]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «آخر فريضة أنزلها الله الولاية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ

عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فلم ينزل من الفرائض شيئا بعدها حتى قبض الله رسول (صلى الله عليه و آله)».

2915/ [14]- عن جعفر بن محمد الخزاعي «4»، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: قل لامتك الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بولاية علي بن أبي طالب وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً و لست انزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، و هي الخامسة،

__________________________________________________

12- الاحتجاج: 66.

13- تفسير العيّاشي 1: 292/ 20.

14- تفسير العيّاشي 1: 293/ 21.

(1) الظاهر أنّه الحسن بن علي بن الحسن الدّينوري العلوي، كما في اليقين: 113 و معجم رجال الحديث 5: 29.

(2) كذا في كامل الزيارات: 174/ 8 و هو الصحيح، و هو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللّه، انظر رجال النجاشي:

200/ 532 و معجم رجال الحديث 9: 78. و في «س، ط» و المصدر و البحار 37: 201/ 86: و صالح بن عقبة جميعا عن قيس بن سمعان.

و في اليقين 113: عن عقبة بن قيس بن سمعان.

(3) الاحتجاج: 66.

(4) كذا في المصدر و في موضع آخر منه 2: 301/ 111 في حديث الغدير أيضا، و الظاهر أنّه المذكور في كامل الزيارات: 149/ 11، و معجم رجال الحديث 4: 126، في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد بن محمّد الخزاعي، و لم نجد له ذكرا في المصادر المتوفّرة لدينا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

241

و لست أقبل «1» هذه الأربعة إلا بها».

2916/ [15]- عن ابن أذينة قال: سمعت زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الفريضة كانت تنزل، ثم تنزل الفريضة الاخرى، فكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً- فقال أبو جعفر (عليه السلام)- يقول الله: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة».

2917/ [16]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تمام النعمة: دخول الجنة».

2918/ [17]- سليم بن قيس الهلالي- و من كتابه نسخت- قال: صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر في عسكره، و جمع الناس، و بحضرته المهاجرون و الأنصار، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، إن مناقبي أكثر من أن تحصى و تعد، منها ما أنزل الله في كتابه، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) [أكتفي بها عن جميع مناقبي و فضلي: أ تعلمون أن الله فضل في كتابه الناطق السابق إلى الإسلام في غير آية من كتابه على المسبوق، و إنه لم يسبقني إلى الله و رسوله أحد من الامة؟» قالوا: اللهم نعم.

قال: «أنشدكم الله سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله)] عن قوله: السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنزلها الله عز و جل في الأنبياء و أوصيائهم، و أنا أفضل أنبياء الله و رسله، و علي أخي و وصيي أفضل الأوصياء؟» فقام نحو سبعين رجلا من أهل بدر جلهم من الأنصار، و بقية من المهاجرين، منهم من الأنصار: أبو الهيثم بن التيهان، و خالد بن زيد، و أبو أيوب الأنصاري، و من المهاجرين:

عمار بن ياسر، فقالوا: نشهد أنا قد سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك».

قال: «فأنشدكم الله في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3» و قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «4» و قوله: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «5» فقال الناس: يا رسول الله، أ خاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز و جل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم، و أن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و صومهم و زكاتهم و حجهم، فنصبني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم، و قال: إن الله عز و جل أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس يكذبوني، و أوعدني لأبلغها أو ليعذبني. ثم نادى

__________________________________________________

15 تفسير العيّاشي 1: 293/ 22.

16- تفسير العيّاشي 1: 293/ 23. [.....]

17- كتاب سليم بن قيس الهلالي: 147.

(1) في «س» زيادة: لكم بعد.

(2) الواقعة 56: 10- 11.

(3) النّساء 4: 59.

(4) المائدة 5: 55.

(5) التّوبة 9: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 242

بأعلى صوته- بعد ما أمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فصلى بهم الظهر، ثم قال:- أيها الناس، إن الله مولاي، و أنا مولى المؤمنين، و أولى بهم من أنفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاده [و انصر من نصره، و اخذل من خذله ].

فقام إليه سلمان الفارسي، فقال: يا رسول الله ولاة ماذا؟ فقال: ولاة «1» كولايتي، من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى

به من نفسه. فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.

فقال سلمان: يا رسول الله، أنزلت هذه الآيات في علي «2» خاصة؟ فقال: نعم، فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة.

فقال سلمان: يا رسول الله، سمهم لي، فقال: علي أخي و وزيري [و وصيي و وارثي ] و خليفتي في امتي، و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي، و أحد عشر إماما [من ولده ] ابني الحسن، و ابني الحسين، ثم التسعة من ولده واحدا بعد واحد، و القرآن معهم، و هم مع القرآن لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض». فقام اثني عشر [رجلا] من البدريين فقالوا: نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله) سواء كما قلت، لم تزد فيه و لم تنقص منه «3».

و قال بقية السبعين: قد سمعنا كما قلت و لم نحفظه كله، و هؤلاء الاثنا عشر خيارنا و أفضلنا.

فقال: «صدقتم ليس كل الناس يحفظ، بعضهم أحفظ من بعض». فقام من الاثني عشر أربعة: أبو الهيثم بن التيهان، و أبو أيوب الأنصاري، و عمار، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فقالوا: نشهد أنا قد حفظنا «4» قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ و علي (عليه السلام) قائم إلى جنبه أنه قال: «يا أيها الناس، إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم، و وصيي فيكم، و خليفتي من أهل بيتي من بعدي، و الذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه فأمركم فيه بولايته، فراجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم، فأوعدني لأبلغها أو ليعاقبني «5».

يا أيها الناس، إن الله جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة،

و قد بينتها لكم و سميتها «6»، و الزكاة، و الصوم، و الحج، فبينتها و فسرتها لكم، و أمركم في كتابه بالولاية، و إني أشهدكم- أيها الناس- أنها خاصة لعلي بن أبي طالب و أوصيائي من ولدي و ولده، أولهم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين، لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض.

__________________________________________________

(1) في المصدر: ولاؤه كماذا؟ فقال: ولاؤه.

(2) في المصدر: بيّنهم لنا.

(3) في المصدر: لم تزد حرفا و لم تنقص حرفا.

(4) في المصدر: سمعنا.

(5) في المصدر: أو ليعذبني.

(6) في المصدر: و سننتها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 243

يا أيها الناس، إني قد أعلمتكم مفزعكم و وليكم و إمامكم «1» و هاديكم بعدي، و هو أخي علي بن أبي طالب، و هو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلدوه [دينكم ] و أطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله، و أمرني أن أعلمه إياه، و أن أعلمكم أنه عنده، فاسألوه و تعلموا منه و من أوصيائه، و لا تعلموهم، و لا تتقدموهم، و لا تتخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق و الحق معهم، لا يزايلونه و لا يزايلهم «2»».

2919/ [18]- و من طرق العامة: ما رواه موفق بن أحمد في كتابه (المناقب) و هو من أكابر علماء السنة، قال:

أخبرني سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه به شهردار الديلمي، فيما كتب إلي من همدان: أخبرنا أبو الفتح عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي «3»، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الزراع «4»، قال: حدثنا قيس بن حفص، قال: حدثنا علي بن الحسين «5»، قال: حدثنا أبو هارون العبدي «6»، عن

أبي سعيد الخدري، أنه قال: أن النبي يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم «7»، و ذلك يوم الخميس، يوم «8» دعا الناس إلى علي (عليه السلام) و أخذ بضبعه «9»، ثم رفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه (صلى الله عليه و آله)، ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و الولاية لعلي» ثم قال: «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

فقال حسان بن ثابت: أ تأذن لي- يا رسول الله- أن أقول أبياتا؟ فقال: «قل ببركة الله تعالى» فقال حسان بن ثابت: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله (صلى الله عليه و آله). ثم قال:

__________________________________________________

18- مناقب الخوارزمي: 80، النور المشتعل: 56، فرائد السمطين 1: 93/ 27.

(1) في «ط»: قد أعلمتكم المهدي بعدي و إمامكم و وليّكم. [.....]

(2) المزايلة: المفارقة. «صحاح الجوهري 4: 1720».

(3) كذا فى الجرح و التعديل 3: 32، و تاريخ بغداد 7: 398، و هو الحسن بن عليل بن الحسين بن علي بن حبيش بن سعد العنزي، روى عنه عبد اللّه بن إسحاق الخراساني، و كان صدوقا، توفّي سنّة تسعين و مائتين، في «س» و «ط»: الحسين بن عليل الغنوي، و فى المناقب: الحسن بن عليل الغنوي.

(4) في فرائد السمطين 1: 72/ 39 محمّد بن عبد اللّه الذارع، و في مقتل الحسين: 1/ 47، و شواهد التنزيل 1: 158 محمّد

بن عبد الرحمن الذارع.

(5) زاد في المصدر: حدّثنا أبو الحسن العبدي.

(6) كذا في المقتل للخوارزمي، و شواهد التنزل، و فرائد السمطين، و هو عمارة بن جوين، أبو هارون العبدي البصري، معروف بروايته عن أبي سعيد الخدري، و روى عنه علي بن الحسين العبدي كما في تفسير القميّ 2: 346. و انظر تهذيب التهذيب 7: 412، تقريب التهذيب 2: 49، معجم رجال الحديث 22: 72، و غيرها. و في «س» و «ط» و المصدر: أبو هريرة العبدي.

(7) قممت البيت: كنسته. «الصحاح- قمم- 5: 2015».

(8) في المصدر: ثمّ.

(9) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها، و هما ضبعان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 244

يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم و أسمع بالنبي «1» مناديا

بأني مولاكم نعم و وليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا و أنت ولينا و لا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا

2920/ [19]- و من ذلك ما رواه ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، و هو يوم غدير خم، لما «2» أخذ النبي بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: [ «أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال:] «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره».

فقال له عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة. فأنزل الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ الآية.

و من ذلك ما رواه

ابن مردويه في (المناقب)، و من كتاب (سرقات «3» الشعر) لأبي عبد الله المرزباني، في آخر الجزء الرابع «4»، مثل رواية موفق بن أحمد السابقة.

2921/ [20]- قال أبو القاسم السيد علي بن موسى بن طاوس في (طرائفه)- بعد ما ذكر من طرق المخالفين في معنى الآية ما يوافق ما ذكرناه منهم، قال:- و من طرائف ما رووه في فضيلة يوم نزول آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية، ما ذكروه في صحاحهم، و قد رواه مسلم في (صحيحه) أيضا في المجلد الثالث، عن طارق «5» بن شهاب، قال: قالت اليهود لعمر: لو نزلت علينا- معشر اليهود- هذه الآية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية، و نعلم اليوم الذي أنزلت فيه، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، الخبر.

قلت: نقتصر على ما ذكرناه مخافة الإطالة، و أخبار قصة الغدير متواترة عند الفريقين: المخالف و الموالف.

2922/ [21]- و في كتاب سبط ابن الجوزي، شيخ السنة، قال: اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة، و كانوا مائة و عشرين ألفا، و قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

__________________________________________________

19- مناقب الامام علي (عليه السّلام) لابن المغازلي: 19: 24.

20- الطرائف: 147، صحيح مسلم 4: 2313/ 5.

21- تذكرة الخواص: 30.

(1) في المصدر: بالرسول.

(2) في «ط»: بها.

(3) في الطرائف و الغدير: مرقاة. [.....]

(4) تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار (مخطوط): 50، الطرائف: 147، الغدير 2: 34.

(5) كذا في المصدر و صحيح مسلم، و صحّف في «س» و «ط»: طاوس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 245

2923/ [22]- و قال ابن شهر آشوب- و هو من أجل علمائنا- قال: المجمع

عليه أن الثامن «1» عشر من ذي الحجة كان يوم غدير خم. قال: و العلماء مطبقون على قبول هذا الخبر، و إنما وقع الخلاف في تأويله، و قد بلغ في الانتشار و الاشتهار إلى حد لا يوازى به خبر من الأخبار و وضوحا و بيانا و ظهورا و عرفانا، حتى لحق في المعرفة و البيان بالعلم بالحوادث الكبار و البلدان، فلا يدفعه إلا جاحد، و لا يرده إلا معاند، و أي خبر من الأخبار جمع في روايته و معرفة طرقه أكثر من ألف مجلد من تصانيف الخاصة و العامة من المتقدمين و المتأخرين! ذكره محمد بن إسحاق، و أحمد البلاذري، و مسلم بن الحجاج، و أبو نعيم الأصفهاني، و أبو الحسن الدار قطني، و أبو بكر بن مردويه، و ابن شاهين المروروذي، و أبو بكر الباقلاني، و أبو المعالي الجويني، و أبو إسحاق الثعلبي، و أبو سعيد الخرگوشي، و أبو المظفر السمعاني، و أبو بكر بن أبي شيبة «2»، و علي بن الجعد، و شعبة، و الأعمش و ابن عياش «3»، و ابن الثلاج «4»، و الشعبي، و الزهري، و الاقليشي «5»، و الجعابي، و ابن البيع «6»، و ابن ماجة، و ابن عبد ربه، و اللالكائي، و شريك القاضي، و أبو يعلى الموصلي من عدة طرق، و أحمد بن حنبل من أربعين «7» طريقا، و ابن بطة بثلاثة و عشرين طريقا.

و قد صنف علي بن هلال المهلبي كتاب (الغدير)، و أحمد بن محمد بن سعيد كتاب (من روى خبر غدير خم)، و ابن جرير الطبري كتاب (الولاية) و هو كتاب (غدير خم) و ذكر فيه سبعين طريقا، و مسعود السجزي «8» كتابا في رواة

هذا الخبر و طرقه.

قلت: و ذكر من صنف في قصة غدير خم و روايته زيادة على ما ذكرنا يطول بها الكتاب لكثرتها، من أراد الوقوف عليها فعليه بكتاب (طرائف) ابن طاوس، و كتاب (الإقبال) له أيضا، و كتاب (مناقب ابن شهر آشوب).

__________________________________________________

22- المناقب 3: 25، 27.

(1) في «س»: الثاني، تصحيف.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر: ابن شيبة، و الصواب ما أثبتناه، و هو: الحافظ عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، أبو بكر. راجع تاريخ بغداد 10: 66، و تذكرة الحفاظ 2: 432.

(3) الظاهر أنّه الحافظ عليّ بن عياش بن مسلم الألهاني، أحد العلماء الأثبات الثقات الذين رووا حديث الغدير. انظر الغدير 1: 86، و في المصدر:

ابن عباس.

(4) في «س» و «ط»: ابن السلاح، و الصواب ما في المتن، و هو الفقيه محمّد بن شجاع ابن الثلجي، و بعض مترجميه يطلق عليه «ابن الثّلاج» انظر تاريخ بغداد 5: 350، تذكرة الحفاظ 2: 629، تهذيب التهذيب 9: 220.

(5) نسبة إلى أقليس مدينة بالأندلس، انظر معجم البلدان 1: 237 و تاج العروس 4: 340. و في «س» و «ط»: الاقليسي، بالمهملة.

(6) في «س» و «ط»: ابن اليسع، و الصواب ما في المتن. و هو الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيّع، صاحب المستدرك على الصحيحين، و أحد العلماء الذين رووا حديث الولاية. انظر الغدير 1: 107.

(7) في «س» و «ط»: عشرين.

(8) في «س» و «ط»: الشجري، الصواب ما في المتن. و هو الحافظ المحدّث مسعود بن ناصر السّجزي، نسبة إلى سجستان، على غير قياس، و يقال له: «السجستاني» أيضا و كتابه يسمّى «الدراية في حديث الولاية» راجع ترجمته

في: سير أعلام النبلاء 18: 532، تذكرة الحفاظ 4: 1216، و الغدير 1: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 246

قال علي بن طاوس في (الطرائف)، عن محمد بن علي بن شهر آشوب في كتاب (المناقب): قال: قال جدي شهر آشوب: سمعت أبا المعالي الجويني يتعجب و يقول: شاهدت مجلدا ببغداد في يدي صحاف، فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه: المجلدة الثامنة و العشرون من طرق قوله:

«من كنت مولاه فعلي مولاه»

و يتلوه المجلدة التاسعة و العشرون «1».

2924/ [23]- و قال مولانا و إمامنا الصادق (عليه السلام): «إن حقوق الناس تعطى بشهادة شاهدين، و ما اعطي أمير المؤمنين (عليه السلام) حقه بشهادة عشرة آلاف نفس» يعني يوم غدير خم «إن هذا إلا ضلال عن الحق المبين، فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «2»».

2925/ [24]- سعد بن عبد الله القمي: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير البجلي «3»، عن حماد بن عثمان، عن أبي اسامة بن زيد الشحام، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) و عنده رجل من المغيرية «4»، فسأله عن شي ء من السنن، فقال: «ما من شي ء يحتاج إليه ولد «5» آدم (عليه السلام) إلا و قد خرجت فيه السنة من الله عز و جل و من رسوله (صلى الله عليه و آله)، و لولا ذلك ما احتج الله عز و جل علينا بما احتج».

فقال له المغيري و بما احتج الله؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً- حتى تمم الآية-

فلو لم يكمل سنته و فريضته ما احتج به».

2926/ [25]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر الوراق، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمد بن غالب، عن علي بن الحسن، عن الحسن، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: «إن الله جل جلاله بعث جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه و آله) أن يشهد لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالولاية في حياته، و يسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي

__________________________________________________

23- المناقب 3: 26.

24- مختصر بصائر الدرجات: 66.

25- الأمالي: 18/ 7. [.....]

(1) الصراط المستقيم 1: 512، ينابيع المودة: 36.

(2) يونس 10: 32- 33.

(3) في «س» و «ط»: العجلي، و الصواب ما في المتن و هو جعفر بن بشير، أبو محمّد البجلي الوشّاء، من زهّاد أصحابنا و عبّادهم و نسّاكهم، و كان ثقة و له مسجد بالكوفة باق في بجيلة إلى اليوم. قاله النجاشيّ في رجاله: 119/ 304.

(4) المغيريّة: فرقة من الغلاة، أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي، كان مولي لخالد بن عبد اللّه القسري، قال بالتجسيم، و ادّعى النبوّة لنفسه، و استحلّ المحارم، و قتله خالد بن عبد اللّه حرقا بالنار سنة 119 ه. معجم الفرق الاسلامية: 232.

(5) في المصدر: ابن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 247

الله (صلى الله عليه و آله) بتسعة «1» رهط، فقال: إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الأرض أقمتم أم كتمتم.

ثم قال: يا أبا بكر، قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقال: عن الله و رسوله؟

قال: نعم. فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: يا عمر، قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقال: عن أمر الله و رسوله تسميه «2» أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فقام فسلم عليه. ثم قال للمقداد بن الأسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقام فسلم عليه، و لم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله. [ثم قال: قم يا سلمان فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم ] «3». ثم قال لأبي ذر الغفاري: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لحذيفة بن اليمان «4»: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين «5». فقام فسلم عليه. ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لعبد الله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم على أمير المؤمنين. ثم قال لبريدة: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. و كان بريدة أصغر القوم سنا، فقام فسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنما دعوتكم لهذا الأمر لتكونوا شهداء الله، أقمتم، أم تركتم».

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [3] 2927/ [1]- علي بن إبراهيم: فهو رخصة للمضطر أن يأكل الميتة، و الدم، و لحم الخنزير. و المخمصة: الجوع.

2928/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ، قال: يقول: «غير متعمد لإثم».

سورة المائدة(5): آية 4 ..... ص : 247

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 162.

2- تفسير القمّي 1: 162.

(1) في «س» و «ط»: بسبعة،

و هو تصحيف، و المعدود ثمانية، سقط من روآية الأمالي تاسعهم، و هو سلمان، فأضفناه من اليقين لابن طاوس: 82.

(2) في المصدر: نسمّيه.

(3) أثبتناه من اليقين: 82 باب 102، لا تمام التسعة.

(4) في المصدر: اليماني. و كلاهما صحيح. انظر أسد الغابة 1: 390، و معجم رجال الحديث 4: 245.

(5) في المصدر: فسلّم على أمير المؤمنين. و كذا في المواضع الثلاثة الآتية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 248

عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ [4]

2929/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «في كتاب علي (صلوات الله عليه)، في قوله عز و جل: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قال: هي الكلاب».

2930/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه، و لا يكون معه سكين يذكيه بها، أ يدعه حتى يقتله و يأكل «1» منه؟

قال: «لا بأس به، قال الله عز و جل: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و لا ينبغي أن يأكل مما قتل الفهد».

2931/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

عن صيد البزاة و الصقورة «2» و الكلب و الفهد، فقال: «لا تأكل صيد شي ء من هذه إلا ما ذكيتموه، إلا الكلب المكلب».

قلت: فإن قتله؟ قال: «كل، لأن الله عز و جل يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2932/ [4]- و عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يفتي، و كان يتقي، و نحن نخاف في صيد البزاة و الصقورة، فأما الآن فإنا لا نخاف، و لا نحل صيدها إلا أن تدرك ذكاته، فإنه في كتاب علي (عليه السلام): أن الله عز و جل قال: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ في الكلاب».

2933/ [5]- و عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن صيد البزاة و الصقورة و الفهود و الكلاب.

قال: «لا تأكلوا إلا ما ذكيتم، إلا الكلاب».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 202/ 1.

2- الكافي 6: 204/ 8. [.....]

3- الكافي 6: 204/ 9.

4- الكافي 6: 207/ 1.

5- تفسير القمّي 1: 162.

(1) في «س» و «ط»: و لا يأكل.

(2) في المصدر: الصقور، و الصقر يجمع على: أصقر، صقور، صقورة، صقّار و صقارة. «لسان العرب- صقر- 4: 465».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 249

قلت: فإن قتله؟ قال: «كل فإن الله يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

ثم قال (عليه الصلاة و السلام): «كل

شي ء من السباع تمسك الصيد على نفسها، إلا الكلاب المعلمة، فإنها تمسك على صاحبها- قال- و إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه، فهو ذكاته».

2934/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن كلب المجوس يكلبه «1» المسلم و يسمي و يرسله، قال: «نعم، إنه مكلب إذا ذكر اسم الله عليه فلا بأس».

2935/ [7]- عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صيد البزاة و الصقور و الفهود و الكلاب، فقال: «لا تأكل من صيد شي ء منها، إلا ما ذكيت، إلا الكلاب».

قلت: فإنه قتله؟ قال: «كل، فإن الله يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

2936/ [8]- عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الرجل يسرح الكلب المعلم و يسمى إذا سرحه.

قال: «يأكل مما أمسك «2» عليه، و إن أدركه و قتله، و إن وجد معه كلب غير معلم فلا يأكل منه».

قلت: فالصقر «3» و العقاب و البازي. قال: «إن أدركت ذكاته فكل منه، و إن لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه».

قلت: فالفهد ليس بمنزلة الكلب؟ قال: فقال: «لا، ليس شي ء مكلب إلا الكلب».

2937/ [9]- عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: «الفهد من الجوارح، و الكلاب الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية «4»».

2938/ [10]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أبي يفتي و كنا [نفتي ] و نحن نخاف في صيد البازي و الصقور، فأما الآن فإنا لا نخاف، و لا يحل صيدهما إلا

أن تدرك ذكاته، و إنه لفي كتاب علي (عليه السلام): إن الله قال: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ فهي الكلاب».

2939/ [11]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما خلا الكلاب مما يصيد: الفهود و الصقور و أشباه

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 293/ 24.

7- تفسير العيّاشي 1: 294/ 25.

8- تفسير العيّاشي 1: 294/ 26.

9- تفسير العيّاشي 1: 294/ 27.

10- تفسير العيّاشي 1: 294/ 28.

11- تفسير العيّاشي 1: 295/ 29.

(1) المكلّب: الذي يعلم الكلاب الصيد. «الصحاح 1: 213».

(2) في «س» و «ط»: أمسكن.

(3) في «س»: و الصقور، و في «ط»: فالصقور. [.....]

(4) سلوق: قرية باليمن، و الكلاب السّلوقية منسوبة إليها. «لسان العرب 10: 163».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 250

ذلك، فلا تأكلن من صيده إلا ما أدركت ذكاته. لأن الله قال: مُكَلِّبِينَ فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته».

2940/ [12]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن في كتاب علي (عليه السلام): قال الله: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فهي الكلاب».

2941/ [13]- عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): سئل عن الصيد يأخذه الكلب فيتركه الرجل حتى يموت، قال: «نعم، كل، إن الله يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2942/ [14]- عن أبي جميلة، عن ابن حنظلة «1»، عنه (عليه السلام)، في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل فيأخذه، ثم يموت في يده، أ يأكل منه؟ قال: «نعم، إن الله يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2943/ [15]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ

اللَّهِ عَلَيْهِ.

قال: «لا بأس بأكل ما أمسك الكلب، مما لم يأكل الكلب منه، فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكله».

2944/ [16]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الفهد مما قال الله مُكَلِّبِينَ».

2945/ [17]- عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كل ما أمسك عليه الكلاب، و إن بقي ثلثه».

سورة المائدة(5): آية 5 ..... ص : 250

قوله تعالى:

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَ لا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ [5]

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 295/ 30.

13- تفسير العيّاشي 1: 295/ 31.

14- تفسير العيّاشي 1: 295/ 32.

15- تفسير العيّاشي 1: 295/ 33.

16- تفسير العيّاشي 1: 295/ 34.

17- تفسير العيّاشي 1: 295/ 35.

(1) في «ط»: أبي حنظة، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو أبو صخر عمر بن حنظلة الكوفي العجلي، عدّه الشيخ و البرقي من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، روى عنه أبو جميلة. معجم رجال الحديث 13: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 251

2946/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، فقال (عليه السلام): «الحبوب و البقول».

2947/ [2]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد «1» بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن قتيبة الأعشى، قال: سأل رجل «2» أبا عبد الله

(عليه السلام) و أنا عنده فقال له: الغنم يرسل فيها اليهودي و النصراني فتعرض فيها العارضة «3»، فيذبح «4»، أ نأكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تدخل ثمنها في مالك، و لا تأكلها، فإنما هو «5» الاسم و لا يؤمن عليه إلا مسلم».

فقال له الرجل: قال الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (صلوات الله عليه) يقول: إنما هي الحبوب و أشباهها».

و روى هذا الحديث الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن قتيبة، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)، مثله «6».

2948/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن طعام أهل الكتاب و ما يحل منه، قال: «الحبوب».

2949/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن طعام أهل الكتاب و ما يحل منه، فقال: «الحبوب».

2950/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

__________________________________________________

1- الكافي 6: 264/ 6.

2- الكافي 6: 240/ 10.

3- الكافي 6: 263/ 1.

4- الكافي 6: 263/ 2.

5- التهذيب 9: 88/ 374.

(1) في «س» و «ط»: عليّ بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو محمّد بن إسماعيل بن بزيع. كان من صالحي هذه الطائفة و ثقاتهم، قال في معجم رجال

الحديث 15: 100، روى عن عليّ بن النعمان ... و روى عنه محمّد بن عبد الجبّار. [.....]

(2) يأتي في حديث (9) أنّ الرجل هو: الحسن بن المنذر.

(3) في «ط»: المعارضة.

(4) في «س» و «ط»: فتذبح.

(5) في «س» و «ط»: فإنّما هي.

(6) التهذيب 6: 263/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 252

سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، فقال: «العدس و الحمص و غير ذلك».

2951/ [6]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه، قال: «الحبوب».

2952/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة ابن أعين، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، فقال: «هذه منسوخة بقوله: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «1»».

2953/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يا أبا محمد، ما تقول في رجل تزوج «2» نصرانية على مسلمة؟» قلت: جعلت فداك، و ما قولي بين يديك؟ قال: «لتقولن، فإن ذلك تعلم به قولي». قلت: لا يجوز تزويج النصرانية على مسلمة، و لا غير مسلمة. قال: «و لم؟» قلت: لقول الله عز و جل: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «3» قال: «فما تقول في هذه الآية: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ

الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ قلت: فقوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ نسخت هذه الآية. فتبسم، ثم سكت.

2954/ [9]- العياشي: عن قتيبة الأعشى، قال: سأل الحسن بن المنذر أبا عبد الله (عليه السلام): إن الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها، نصرانيا أو يهوديا، فتقع العارضة فيذبحها و يبيعها؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تأكلها، و لا تدخلها في مالك، فإنما هو الاسم، و لا يؤمن عليه إلا المسلم».

فقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أسمع: فأين قول الله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي يقول: إنما ذلك الحبوب و أشباهه».

2955/ [10]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، قال: «العدس و الحبوب و أشباه ذلك» يعني أهل الكتاب.

__________________________________________________

6- التهذيب 9: 88/ 375.

7- الكافي 5: 358/ 8.

8- الكافي 5: 357/ 6.

9- تفسير العيّاشي 1: 295/ 36.

10- تفسير العيّاشي 1: 296/ 37.

(1) الممتحنة 60: 10.

(2) في المصدر: يتزوّج.

(3) البقرة 2: 221.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 253

2956/ [11]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ. قال: «هن المسلمات».

2957/ [12]- عن مسعدة بن صدقة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، قال: «نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».

2958/ [13]- عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، قال: «هن العفائف».

2959/ [14]- عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سألناه عن قوله تعالى:

وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ما هن، و ما معنى إحصانهن؟ قال: «هن العفائف من نسائهم».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [5]

2960/ [15]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «1» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ، قال: «تفسيرها في بطن القرآن: و من «2» يكفر بولاية علي، و علي هو الإيمان».

2961/ [16]- ابن شهر آشوب في (المناقب): عن الباقر (عليه السلام)، و عن زيد بن علي، و ابن الفارسي في (الروضة) عن زيد بن علي في قوله تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: بولاية علي (عليه السلام).

2962/ [17]- العياشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 296/ 38، و ساق الحديثين فيه هكذا: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ و الذي في البرهان يطابق المخطوط من تفسير العيّاشي، و يطابق البحار 103: 381- 382/ 30 و 31. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 296/ 38، و ساق الحديثين فيه هكذا: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ و الذي في البرهان يطابق المخطوط من تفسير العيّاشي، و يطابق البحار

103: 381- 382/ 30 و 31.

13- تفسير العيّاشي 1: 296/ 39.

14- تفسير العيّاشي 1: 296/ 40.

15- بصائر الدرجات: 97/ 5.

16- مناقب 3: 94، روضة الواعظين: 106.

17- تفسير العيّاشي 1: 297/ 44.

(1) في «ط» و «س»: الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 6: 25.

(2) في المصدر: يعني من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 254

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ: «يعني بولاية علي (عليه السلام) وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ».

2963/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حماد ابن عثمان، عن عبيد بن زرارة «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: «ترك العمل الذي أقر به، [من ذلك ] أن يترك الصلاة من غير سقم و لا شغل».

2964/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، فقال: «من ترك العمل الذي أقر به».

قلت: فما موضع ترك العمل حتى يدعه أجمع؟ قال: «منه الذي يدع الصلاة متعمدا، و لا من سكر، و لا من علة».

2965/ [6]- العياشي: عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: «ترك العمل الذي أقر به، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم و لا شغل».

قال: قلت له: الكبائر من أعظم الذنوب؟ قال: فقال: «نعم».

قلت:

هي أعظم من ترك الصلاة؟ قال: «إذا ترك الصلاة تركا ليس من أمره كان داخلا في واحدة من السبعة».

2966/ [7]- عن أبان بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أدنى ما يخرج به الرجل من الإسلام أن يرى الرأي بخلاف الحق فيقيم عليه». قال: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. و قال: «الذي يكفر بالإيمان: الذي لا يعمل بما أمر الله به، و لا يرضى به».

2967/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. قال: «هو ترك العمل حتى يدعه أجمع- قال- منه الذي يدع الصلاة متعمدا، لا من شغل، و لا من سكر» يعني: النوم.

2968/ [9]- عن هارون بن خارجة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: فقال: «من ذلك ما اشتق فيه».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 283/ 5.

5- الكافي 2: 285/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 296/ 41.

7- تفسير العيّاشي 1: 297/ 42.

8- تفسير العيّاشي 1: 297/ 43.

9- تفسير العيّاشي 1: 297/ 45. [.....]

(1) في المصدر: عبيد عن زرارة. و كلا الحالين وارد، فقد روى حمّاد عن عبيد كتابه و بعض مرويّاته، و روى عبيد عن أبيه زرارة أيضا. و الظاهر أنّ ما في المتن هو الأقوى بقرينة ما في الحديثين: 5 و 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 255

2969/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: من آمن ثم أطاع أهل الشرك فقد حبط عمله و كفر بالإيمان.

سورة المائدة(5): آية 6 ..... ص : 255

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [6]

2970/ [1]- الشيخ: عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان، عن أحمد بن محمد بن الحسن- يعني ابن الوليد- عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن ابن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ما يعني بذلك- إذا قمتم إلى الصلاة؟- قال: «إذا قمتم من النوم».

قلت: ينقض النوم الوضوء؟ فقال: «نعم، إذا كان يغلب على السمع، و لا يسمع الصوت».

2971/ [2]- و عنه: عن المفيد، قال: أخبرني أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، و سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبد الله «1»، عن حماد، عن محمد بن النعمان، عن غالب بن الهذيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ على الخفض هي، أم على النصب؟ قال: «بل هي على الخفض».

2972/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 1: 163.

1- التهذيب 1: 7/ 9.

2- التهذيب 1: 70/ 188.

3- الكافي 3: 27/ 1.

(1) يعني أبا عبد اللّه محمّد بن خالد بن عبد

الرحمن البرقي. انظر معجم رجال الحديث 21: 218.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 256

جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت له: أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال الله عز و جل.

فقال: «الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، و إن نقص منه أثم: ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام، من قصاص الرأس إلى الذقن، و ما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه، و ما سوى ذلك فليس من الوجه».

قلت: الصدغ «1» من الوجه؟ قال: «لا».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال زرارة بن أعين لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن حد الوجه، و ذكر مثله، و فيه زيادة: قال زرارة: قلت له: أ رأيت ما أحاط به الشعر؟ فقال: «كلما أحاط به «2» الشعر فليس على العباد أن يطلبوه، و لا يبحثوا عنه، و لكن يجري عليه الماء» «3».

2973/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن الهيثم بن عروة التميمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فقلت: هكذا؟ و مسحت من ظهر كفي إلى المرفق. فقال: «ليس هكذا تنزيلها، إنما هي: فاغسلوا وجوهكم و أيديكم من المرافق. فقام، ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه.

2974/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز،

عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت و قلت: إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك، ثم قال: «يا زرارة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزل به الكتاب من الله، لأن الله عز و جل يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل. ثم قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين. ثم فصل بين الكلامين «4»، فقال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعرفنا حين قال: بِرُؤُسِكُمْ أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها، ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) للناس، فضيعوه.

ثم قال: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ فلما وضع الوضوء:

إن لم تجدوا الماء، أثبت بعض الغسل مسحا، لأنه قال: وُجُوهَكُمْ. ثم وصل بها وَ أَيْدِيَكُمْ ثم قال:

__________________________________________________

4- الكافي 3: 28/ 5.

5- الكافي 3: 30/ 4.

(1) في المصدر زيادة: ليس.

(2) زاد في المصدر: من.

(3) من لا يحضره الفقيه 1: 28/ 88.

(4) في «ط»: الكلام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 257

مِنْهُ أي من ذلك التيمم، لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف، و لا يعلق ببعضها ثم قال: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ في الدين مِنْ حَرَجٍ و الحرج: الضيق».

2975/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، و بكير، أنهما سألا أبا جعفر (عليه

السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعا بطست- أو تور «1»- فيه ماء، فغمس يده اليمنى، فغرف بها غرفة، فصبها على وجهه، فغسل بها وجهه، ثم غمس كفه اليسرى، فغرف بها غرفة، فأفرغ على ذراعه اليمنى، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف، لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفه اليمنى، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق، و صنع بها مثل ما صنع باليمنى، ثم مسح رأسه و قدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا. ثم قال: و لا يدخل أصابعه تحت الشراك.

قالا: ثم قال: «إن الله عز و جل يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و أمر بغسل اليدين إلى المرفقين، فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله، لأن الله يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ثم قال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه».

قالا: فقلنا: أين الكعبان؟ قال: «ها هنا» يعني المفصل دون عظم الساق.

فقلنا: هذا ما هو؟ فقال: «هذا من عظم الساق، و الكعب أسفل من ذلك».

فقلنا: أصلحك الله، و الغرفة الواحدة تجزي للوجه، و غرفة للذراع! قال: «نعم، إذا بالغت فيها، و اثنتان «2» تأتيان على ذلك كله».

2976/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأذنان ليسا من الوجه، و لا من الرأس».

قال: و ذكر المسح، فقال:

«امسح على مقدم رأسك، و امسح على القدمين و ابدأ بالشق الأيمن».

2977/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ، قال: «هو الجماع، و لكن الله ستير «3» يحب الستر، فلم يسم كما تسمون».

__________________________________________________

6- الكافي 3: 26/ 5.

7- الكافي 3: 29/ 2. [.....]

8- الكافي 5: 555/ 5.

(1) التّور: إناء من صفر أو حجارة كالإجّانة، و قد يتوضّأ منه. «النهاية 1: 199».

(2) في المصدر: و الثنتان.

(3) الستير: فعيل بمعنى فاعل، أي من شأنه و إرادته حبّ السّتر و الصّون. «لسان العرب- ستر- 4: 343».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 258

2978/ [9]- العياشي: عن أبي بكر بن حزم، قال: توضأ رجل، فمسح على خفيه، فدخل المسجد فصلى، فجاء علي (عليه السلام) فوطئ على رقبته فقال: «ويلك، تصلي على غير وضوء؟!» فقال: أمرني عمر بن الخطاب.

قال: فأخذ بيده، فانتهى به إليه، فقال: «انظر ما يروي هذا عليك» و رفع صوته، فقال: نعم أنا أمرته، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مسح. قال: «قبل المائدة، أو بعدها؟» قال: لا أدري. قال: «فلم تفتي و أنت لا تدري؟ سبق الكتاب الخفين».

2979/ [10]- عن ميسر بن ثوبان، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «سبق الكتاب الخفين و الخمار».

2980/ [11]- عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ما معنى: إذا قمتم؟ قال: «إذا قمتم من النوم».

قلت: ينقض النوم الوضوء؟ قال: «نعم، إذا كان النوم يغلب على السمع، فلا يسمع

الصوت».

2981/ [12]- عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ قال: قلت: ما عنى بها؟ قال: «من النوم».

2982/ [13]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ.

قال: «ليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و ليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله، ثم قال: امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين كعبيه إلى أطراف أصابعه فقد أجزأه».

قال: فقلت: أصلحك الله، أين الكعبان؟ قال: «ها هنا» يعني: المفصل دون عظم الساق.

2983/ [14]- عن زرارة و بكير ابني أعين، قالا: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدعا بطست- أو تور- فيه ماء، فغمس كفه اليمنى، فغرف بها غرفة، فصبها على جبهته، فغسل وجهه بها، ثم غمس كفه اليسرى، فأفرغ على يده اليمنى، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفه اليمنى، فأفرغ بها على ذراعه الأيسر من المرفق، و صنع بها كما صنع باليمنى، و مسح رأسه بفضل كفيه و قدميه، لم يحدث لها ماء جديدا. ثم قال: «و لا يدخل أصابعه تحت الشراك».

قال: ثم قال: «إن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ

__________________________________________________

9- تفسير العياشي 1: 297/ 46.

10- تفسير العياشي 1: 297/ 47.

11- تفسير العياشي 1: 297/ 48.

12-

تفسير العياشي 1: 298/ 49.

13- تفسير العياشي 1: 298/ 50.

14- تفسير العياشي 1: 298/ 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 259

فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و أمر بغسل اليدين إلى المرفقين، فليس ينبغي له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئا إلا غسله، لأن الله يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ثم قال:

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين أطراف الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه».

قالا: قلنا: أصلحك الله، أين الكعبان؟ قال: «ها هنا». يعني المفصل دون عظم الساق.

فقلنا: هذا ما هو؟ قال: «من عظم الساق، و الكعب أسفل من ذلك».

فقلنا: أصلحك الله، فالغرفة الواحدة تجزي الوجه، و غرفة للذراع؟ قال: «نعم، إذا بالغت فيهما، و الثنتان تأتيان على ذلك كله».

2984/ [15]- عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي له أن يوضأ، الذي قال الله.

فقال: «الوجه الذي أمر الله بغسله، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، و إن نقص منه أثم: ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام من قصاص الشعر إلى الذقن، و ما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا، و ما سوى ذلك فليس من الوجه».

قلت: الصدغ ليس من الوجه؟ قال: «لا».

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت و قلت: إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك، و قال: «يا زرارة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد نزل به الكتاب من الله، لأن الله قال:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه

كله ينبغي له أن يغسل. ثم قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنهما ينبغي أن يغسلا إلى المرفقين، ثم فصل بين الكلام، فقال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعلمنا حين قال: بِرُؤُسِكُمْ أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما، ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) للناس فضيعوه.

ثم قال: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ثم وصل بها وَ أَيْدِيَكُمْ فلما وضع الوضوء عمن لم يجد الماء، أثبت بعض الغسل مسحا، لأنه قال: وُجُوهَكُمْ ثم قال: مِنْهُ أي من ذلك التيمم، لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجري على الوجه، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف، و لا يعلق ببعضها».

2985/ [16]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: كيف يمسح الرأس؟ قال: «إن الله يقول:

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 299/ 52.

16- تفسير العيّاشي 1: 300/ 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 260

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فما مسحت من رأسك فهو كذا، و لو قال: امسحوا رؤسكم، فكان عليك المسح كله».

2986/ [17]- عن صفوان، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، فقال: «قد سأل رجل أبا الحسن (عليه السلام) عن ذلك، فقال: سيكفيك- أو كفتك- سورة المائدة» يعني المسح على الرأس و الرجلين».

قلت: فإنه قال: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فكيف الغسل؟ قال: «هكذا، أن يأخذ الماء بيده اليمنى فيصبه في اليسرى، ثم يفيضه على المرفق، ثم يمسح إلى الكف».

قلت

له: مرة واحدة؟ فقال: «كان يفعل ذلك مرتين».

قلت: يرد الشعر؟ قال: «إذا كان عنده آخر فعل، و إلا فلا».

2987/ [18]- عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الوضوء واحدة». و قال: وصف الكعب في ظهر القدم «1».

2988/ [19]- عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» قلنا بلى. فأخذ كفا من ماء، فصبه على وجهه، ثم أخذ كفا آخر من الماء، فصبه على وجهه، ثم أخذ كفا آخر، فصبه على ذراعه الأيمن، ثم أخذ كفا آخر فصبه على ذراعه الأيسر، ثم مسح رأسه و قدميه، ثم وضع يده على ظهر القدم، ثم قال: «إن هذا هو الكف- و أشار بيده إلى العرقوب- و ليس بالكعب».

و في رواية أخرى عنه، قال: «إلى العرقوب» «2» فقال: «إن هذا هو الظنبوب «3» و ليس بالكعب».

2989/ [20]- عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إلى قوله: إِلَى الْكَعْبَيْنِ فقال: «صدق الله».

قلت: جعلت فداك، كيف يتوضأ؟ قال: «مرتين مرتين».

قلت: يمسح؟ قال: «مرة مرة».

قلت: من الماء مرة؟ قال: «نعم».

قلت: جعلت فداك فالقدمين؟ قال: «اغسلهما غسلا» «4».

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 300/ 54.

18- تفسير العيّاشي 1: 300/ 55. [.....]

19- تفسير العيّاشي 1: 300/ 56.

20- تفسير العيّاشي 1: 301/ 58.

(1) أي بيّن (عليه السّلام) أنّ الكعب هو ما في ظهر القدم. انظر «ملاذ الأخبار 1: 310».

(2) أي أومأ- أو أشار- بيده إلى العرقوب. كما في الحديث السابق، و التهذيب 1: 75/ 39. و العرقوب: عصب غليظ فوق عقب الإنسان. «القاموس المحيط- عرقب- 1:

107».

(3) الظنبوب: حرف الساق من القدم أو عظمه أو حرف عظمه. «القاموس المحيط- ظنب- 1: 103».

(4) حمله المجلسي في البحار 80: 285/ 35 على التقيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 261

2990/ [21]- عن محمد بن أحمد الخراساني- رفع الحديث- قال: أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجل فسأله عن المسح على الخفين، فأطرق في الأرض مليا، ثم رفع رأسه، فقال: «يا هذا، إن الله تبارك و تعالى أمر عباده بالطهارة، و قسمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيبا، و جعل للرأس منه نصيبا، و جعل لليدين منه نصيبا، و جعل للرجلين منه نصيبا، فإن كانتا خفاك من هذه الأجزاء فامسح عليهما».

2991/ [22]- عن غالب بن الهذيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ على الخفض هي؟ أم على الرفع؟ فقال: «بل هي على الخفض».

2992/ [23]- عن عبد الله بن خليفة أبي العريف «1» المكراني الهمداني، قال: قام ابن الكواء إلى علي (عليه السلام) فسأله عن المسح على الخفين. فقال: «بعد كتاب الله تسألني؟! قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا إلى قوله: الْكَعْبَيْنِ» ثم قام إليه ثانية فسأله، فقال له مثل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يتلو عليه هذه الآية.

2993/ [24]- عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد: أن عليا (عليه السلام) خالف القوم في المسح على الخفين، على عهد عمر بن الخطاب، قالوا: رأينا النبي (صلى الله عليه و آله) يمسح على الخفين. قال: «فقال:

علي (عليه السلام): قبل نزول المائدة، أو بعدها؟ فقالوا: لا ندري. قال: و لكن أدري أن النبي (صلى الله عليه و آله) ترك المسح على الخفين حين

نزلت المائدة، و لئن أمسح على ظهر حمار أحب إلي من أن أمسح على الخفين. و تلا هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ».

2994/ [25]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التيمم، فقال: «إن عمار بن ياسر أتى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: أجنبت و ليس معي ماء. فقال: كيف صنعت يا عمار؟ قال: نزعت ثيابي، ثم تمعكت على الصعيد. فقال: هكذا يصنع الحمار، إنما قال الله: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ. ثم وضع يديه جميعا على الصعيد، ثم مسحهما، ثم مسح من بين عينيه إلى أسفل حاجبيه، ثم دلك إحدى يديه بالأخرى على ظهر الكف، بدءا باليمين «2»».

__________________________________________________

21- تفسير العيّاشي 1: 301/ 59.

22- تفسير العيّاشي 1: 301/ 60.

23- تفسير العيّاشي 1: 301/ 61.

24- تفسير العيّاشي 1: 301/ 62.

25- تفسير العيّاشي 1: 302/ 63.

(1) في «س» و «ط»: عبد اللّه بن هليعة أي العريف، و الصواب ما في المتن. قال الشيخ الطوسيّ في رجاله: 48/ 25 عبد اللّه بن خليفة، يكنّى أبا عريف الهمداني. و عدّه من أصحاب عليّ (عليه السّلام)، و تجد ترجمته في طبقات ابن سعد 6: 121، تهذيب التهذيب 5: 198، معجم رجال الحديث 10: 181.

(2) في المصدر: باليمنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 262

2995/ [26]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «فرض الله الغسل على الوجه، و الذراعين، و المسح على الرأس و القدمين، فلما جاء حال السفر و المرض و الضرورة وضع الله الغسل، و أثبت الغسل مسحا، فقال:

وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ

مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلى قوله: وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ».

2996/ [27]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ في الدين مِنْ حَرَجٍ و الحرج: الضيق».

2997/ [28]- عن عبد الأعلى- مولى آل سام- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني عثرت فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة «1» كيف أصنع بالوضوء؟

قال: فقال (عليه السلام): «تعرف هذا و أشباهه في كتاب الله تبارك و تعالى: وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2»».

سورة المائدة(5): الآيات 7 الي 11..... ص : 262

قوله تعالى:

وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ- إلى قوله تعالى- فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ [7- 11] 2998/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ قال: لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) الميثاق عليهم بالولاية، قالوا: سمعنا و أطعنا. ثم نقضوا ميثاقه «3».

2999/ [2]- الطبرسي، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن المراد بالميثاق ما بين لهم في حجة الوداع من تحريم المحرمات، و كيفية الطهارة، و فرض الولاية».

3000/ [3]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ

__________________________________________________

26- تفسير العياشي 1: 302/ 64. [.....]

27- تفسير العياشي 1: 302/ 65.

28- تفسير العياشي 1: 302/ 66.

1- تفسير القمي 1: 163.

2- مجمع البيان 3: 260.

3- تفسير القمي 1: 163.

(1) المرارة: هي التي في جوف الشاة و غيرها، يكون فيها ماء أخضر مر. «النهاية 4: 316».

(2) الحج 22: 78.

(3) في المصدر: ميثاقهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 263

يعني أهل مكة، من قبل أن يفتحها، فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية.

سورة المائدة(5): آية 13 ..... ص : 263

قوله تعالى:

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [13] 3001/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ يعني نقض عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ قال: من نحى أمير المؤمنين (عليه السلام) عن موضعه، و الدليل على «1» أن الكلم «2» أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «3» يعني «4» الإمامة.

قوله تعالى:

وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا

مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ [13] 3002/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: منسوخة بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «5»

سورة المائدة(5): آية 14 ..... ص : 263

قوله تعالى:

وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [14]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 163.

2- تفسير القمّي 1: 164.

(1) زاد في المصدر: ذلك.

(2) في المصدر: الكلمة.

(3) الزّخرف 43: 28.

(4) زاد في المصدر: به. [.....]

(5) التّوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 264

3003/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال علي (عليه السلام): «إن عيسى بن مريم عبد مخلوق، فجعلوه ربا فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ».

3004/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن إسماعيل بن محمد المكي، عن علي بن الحسن «1»، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عمن ذكره، عن أبي الربيع الشامي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تشتر من السودان أحدا، فإن كان لا بد فمن النوبة «2»، فإنهم من الذين قال الله عز و جل: وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أما إنهم سيذكرون ذلك الحظ، و سيخرج مع القائم (عليه السلام) منا «3» عصابة منهم، و لا تنكحوا من الأكراد أحدا، فإنهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء».

سورة المائدة(5): آية 15 ..... ص : 264

قوله تعالى:

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [15] 3005/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: يبين لكم النبي (صلى الله عليه و آله) ما أخفيتموه مما في التوراة من أخباره، و يدع كثيرا لا يبينه.

قوله تعالى:

قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ [15] 3006/ [4]- علي بن إبراهيم: يعني بالنور: النبي و أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم الصلاة و السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 164.

2- الكافي 5: 352/ 2.

3- تفسير القمّي 1: 164.

4- تفسير

القمّي 1: 164.

(1) في المصدر: الحسين، و الصواب ما في المتن، و هو علي بن الحسن بن فضّال، راجع معجم رجال الحديث 11: 340.

(2) النوبة: جيل من السودان.

(3) في «س» و «ط»: هنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 265

سورة المائدة(5): آية 19 ..... ص : 265

قوله تعالى:

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [19] 3007/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ قال: مخاطبة لأهل الكتاب عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ قال: على انقطاع من الرسل. ثم احتج عليهم، فقال: أَنْ تَقُولُوا أي لئلا تقولوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

3008/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت، و قد اجتمع عليه الناس، فقال نافع: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك «1» عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي. فقال: اشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي، أو ابن نبي، أو وصي نبي. قال: فاذهب إليه و سله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور

و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل، لا يجيب فيها إلا نبي، أو وصي نبي، أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه، فقال: «سل عما بدا لك».

فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟

فقال: «أخبرك بقولي، أو بقولك؟» قال: أخبرني بالقولين جميعا. قال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

سورة المائدة(5): آية 20 ..... ص : 265

قوله تعالى:

اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً [20] 3009/ [3]- علي بن إبراهيم: يعني في بني إسرائيل، لم يجمع الله لهم النبوة و الملك في بيت واحد، ثم جمع

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 164.

2- الكافي 8: 120/ 93.

3- تفسير القمّي 1: 164.

(1) أي ازدحموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 266

ذلك لنبيه (صلى الله عليه و آله).

3010/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثني جماعة من أصحابنا، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، و إبراهيم ابن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً، فقال: «الأنبياء: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إبراهيم، و إسماعيل و ذريته، و الملوك: الأئمة (عليهم السلام).

قال: فقلت: و أي الملك أعطيتم؟ فقال: «ملك الجنة، و ملك النار «1»».

قلت: و روى هذا الحديث بالسند و المتن صاحب (الرجعة) «2»، و في آخر حديثه: فقال: «ملك الجنة و ملك الرجعة «3»».

سورة المائدة(5): الآيات 21 الي 26..... ص : 266

قوله تعالى:

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ- إلى قوله تعالى- فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [21- 26]

3011/ [1]- الشيخ المفيد: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما انتهى بهم موسى (عليه السلام) إلى الأرض المقدسة، قال لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ و قد كتبها الله لهم قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ

وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فلما أبوا أن يدخلوها حرمها الله عليهم، فتاهوا في أربع فراسخ أربعين سنة يتيهون في الأرض فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ».

__________________________________________________

2- مختصر بصائر الدرجات: 28.

1- الاختصاص: 265. [.....]

(1) في المصدر: و ملك الكرّة.

(2) الرجعة للأسترآبادي: 14 (مخطوط).

(3) في المصدر: و ملك الكرّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 267

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كانوا إذا أمسوا نادى مناديهم: استتموا «1» الرحيل. فيرتحلون بالحداء و الزجر، حتى إذا أسحروا أمر الله الأرض فدارت بهم، فيصبحوا في منزلهم الذي ارتحلوا منه، فيقولون: قد أخطأتم الطريق.

فمكثوا بهذا أربعين سنة، و نزل عليهم المن و السلوى حتى هلكوا جميعا، إلا رجلين: يوشع بن نون، و كالب بن يوفنا «2» و أبناؤهم. و كانوا يتيهون في نحو من أربع فراسخ، فإذا أرادوا أن يرتحلوا يبست «3» ثيابهم عليهم و خفافهم- قال- و كان معهم حجر إذا نزلوا ضربه موسى (عليه السلام) بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين، فإذا ارتحلوا رجع الماء إلى الحجر، و وضع الحجر على الدابة».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، ثم بدا له فدخلها أبناء الأبناء «4»».

3012/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن

أحدهما (عليهما السلام): «أن رأس المهدي «5» يهدى إلى عيسى بن موسى «6» على طبق» قلت: فقد مات هذا و هذا، قال: «فقد قال الله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فلم يدخلوها، و دخلها الأبناء- أو قال: أبناء الأبناء- فكان ذلك دخولهم «7»».

فقلت: أو ترى أن الذي قال في المهدي و في عيسى يكون مثل هذا؟ فقال: «نعم، يكون في أولادهم «8»».

فقلت: ما تنكر أن يكون ما قال في ابن الحسن يكون في ولده؟ قال «9»: «ليس ذلك مثل ذا».

3013/ [3]- عن حريز، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و الذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم، حذو النعل بالنعل، و القذة بالقذة، حتى لا تخطئون طريقهم، و لا تخطئكم سنة بني إسرائيل».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 303/ 67.

3- تفسير العيّاشي 1: 303/ 68.

(1) في «س»: و كالب بن يوحنا.

(2) في «س»: و كالب بن يوحنا.

(3) في المصدر: ثبت.

(4) في المصدر: الأنبياء.

(5) المراد به المهدي العبّاسي.

(6) في «س» و «ط» و المصدر: موسى بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه. و هو عيسى بن موسى بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس. كان قائدا معروفا، و واليا للسفّاح على الكوفة، كما جعله وليّ عهد المنصور. توفّي سنة 167. انظر الكامل لابن الأثير 6: عدّة مواضع، و أعلام الزرگلي 5: 019.

و هذا الحديث رواه ابن أبي حمزة أيضا، و قد روي عن الإمام الرضا (عليه السّلام) أنّه كان يكذّبه و يردّه و يقول: أليس هو الذي روى أنّ رأس المهدي يهدى إلى عيسى بن موسى ... فما استبان لهم كذبه؟ راجع عوالم

الإمام الكاظم (عليه السّلام): 490/ 10 و 491/ 12 و 503/ 5.

(7) في «س»: دخول.

(8) كذا، و الظاهر: أولادهما.

(9) في المصدر زيادة: نعم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 268

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال موسى لقومه: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فردوا عليه، و كانوا ست مائة ألف: قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أحدهما يوشع بن نون و الآخر كالب بن يافنا» و قال: «هما ابنا عمه، فقالا: ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ إلى قوله: إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ- قال- فعصى أربعون ألفا، و سلم هارون و ابناه و يوشع بن نون و كالب بن يافنا، فسماهم الله: فاسقين، فقال: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فتاهوا أربعين سنة، لأنهم عصوا، فكانوا حذو النعل بالنعل.

إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قبض لم يكن على أمر الله إلا علي و الحسن و الحسين و سلمان و المقداد و أبو ذر، فمكثوا أربعين حتى قام علي (عليه السلام) فقاتل من خالفه».

3014/ [4]- عن زرارة و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ، قال: «كتبها لهم ثم محاها».

3015/ [5]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لي: «إن بني إسرائيل قال لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فلم يدخلوها حتى حرمها عليهم و على أبنائهم، و إنما دخلها أبناء الأبناء».

3016/ [6]- عن إسماعيل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

قال: قلت له: أصلحك الله يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ أ كان كتبها لهم؟ قال: «إي و الله لقد كتبها لهم ثم بدا له لا يدخلونها».

قال: ثم ابتدأ هو فقال: «إن الصلاة كانت ركعتين عند الله فجعلها «1» للمسافر، و زاد للمقيم ركعتين فجعلها «2» أربعا».

3017/ [7]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ، قال: «كتبها لهم ثم محاها، ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها، و الله يمحو ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب».

3018/ [8]- عن علي بن أسباط، عن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: إن أهل مصر يزعمون أن بلادهم مقدسة، قال: «و كيف ذلك؟» قلت: جعلت فداك، يزعمون أنه يحشر من ظهرهم «3» سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 304/ 69.

5- تفسير العيّاشي 1: 304/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 304/ 71.

7- تفسير العيّاشي 1: 304/ 72.

8- تفسير العيّاشي 1: 304/ 73.

(1، 2) في المصدر: فجعلهما.

(3) في «ط» و المصدر: في جبلهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 269

فقال: «لا، لعمري، ما ذاك كذلك، و ما غضب الله على بني إسرائيل إلا أدخلهم مصرا، و لا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها، و لقد أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) أن يخرج عظام يوسف منها، فاستدل موسى (عليه السلام) على من يعرف موضع القبر، فدل على امرأة عمياء زمنة «1»، فسألها موسى (عليه السلام) أن تدله عليه، فأبت إلا على خصلتين. يدعو الله فيذهب بزمانتها، و يصيرها معه في الجنة، في الدرجة التي هو فيها، فأعظم ذلك موسى (عليه السلام)، فأوحى

الله إليه: و ما يعظم عليك من هذا! أعطها ما سألت. ففعل، فوعدته طلوع القمر، فحبس الله طلوع القمر حتى جاء موسى (عليه السلام) لموعده، فأخرجته من النيل في سفط مرمر «2»، فحمله موسى».

قال: ثم قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لا تأكلوا في فخارها، و لا تغسلوا رؤوسكم بطينها، فإنه يورث الذلة، و يذهب بالغيرة».

3019/ [9]- عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر أهل مصر، و ذكر قوم موسى (عليه السلام) و قولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فحرمها الله عليهم أربعين سنة، و تيههم، فكان إذا كان العشاء و أخذوا في الرحيل، نادوا: الرحيل الرحيل، الوحى الوحى «3» فلم يزالوا كذلك حتى تغيب الشمس، حتى إذا ارتحلوا و استوت بهم الأرض قال الله للأرض: ديري بهم. فلا يزالون كذلك، حتى إذا أسحروا و قارب الصبح قالوا: إن هذا الماء قد أتيتموه، فانزلوا. فإذا أصبحوا إذا أبنيتهم و منازلهم التي كانوا فيها بالأمس، فيقول بعضهم لبعض: يا قوم لقد ضللتم و أخطأتم الطريق. فلم يزالوا كذلك حتى أذن الله لهم فدخلوها، و قد كان كتبها لهم».

3020/ [10]- عن داود الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: نعم الأرض الشام، و بئس القوم أهلها، و بئس البلاد مصر، أما إنها سجن من سخط الله عليه، و لم يكن دخول بني إسرائيل مصر إلا من سخطه و لمعصية منهم لله، لأن الله قال: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ يعني: الشام، فأبوا أن يدخلوها، فتاهوا في الأرض أربعين سنة، في مصر و فيافيها، ثم

دخلوها بعد أربعين سنة- قال- و ما كان خروجهم من مصر، و دخولهم الشام إلا من بعد توبتهم و رضا الله عنهم».

و قال: «إني لأكره أن آكل من شي ء طبخ في فخارها، و ما أحب أن أغسل رأسي من طينها، مخافة أن يورثني ترابها الذل، و يذهب بغيرتي».

3021/ [11]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ،

__________________________________________________

9- تفسير العياشي 1: 305/ 74.

10- تفسير العياشي 1: 305/ 75.

11- تفسير العياشي 1: 305/ 76.

(1) الزمنة: وصف من الزمانة، و هي مرض يدوم.

(2) في «ط»: سفط من طين.

(3) أي العجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 270

قال: «كان في علمه أنهم سيعصون و يتيهون أربعين سنة، ثم يدخلوها بعد تحريمه إياها عليهم».

3022/ [12]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ.

قال: فإن ذلك نزل لما قالوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فقال لهم موسى (عليه السلام): اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «1» فقالوا: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها [فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فنصف الآية ها هنا و نصفها في سورة البقرة.

فلما قالوا لموسى (عليه السلام): إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها] فقال لهم موسى (عليه السلام): لا بد أن تدخلوها. فقالوا له: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. فأخذ موسى (عليه السلام) بيد هارون و قال كما حكى الله: إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي يعني هارون فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فقال الله: فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يعني مصر لن يدخلوها أربعين سنة

يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ. فلما أراد موسى أن يفارقهم فزعوا، و قالوا: إن خرج موسى من بيننا نزل علينا العذاب.

ففزعوا إليه و سألوه أن يقيم معهم، و يسأل الله أن يتوب عليهم، فأوحى الله إليه: إني قد تبت عليهم، على أن يدخلوا مصر، و حرمتها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض عقوبة لقولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا.

فدخلوا كلهم في التيه إلا قارون، فكانوا يقومون في أول الليل و يأخذون في قراءة التوراة، فإذا أصبحوا على باب مصر دارت بهم الأرض، فردتهم إلى مكانهم، و كان بينهم و بين مصر أربعة فراسخ، فبقوا على ذلك أربعين سنة، فمات هارون و موسى في التيه، و دخلها أبناؤهم و أبناء أبنائهم.

و روي أن الذي حفر قبر موسى ملك الموت، في صورة آدمي، و لذلك لا تعرف بنو إسرائيل قبر موسى.

و سئل النبي (صلى الله عليه و آله) عن قبره، فقال: «عند الطريق الأعظم، عند الكثيب الأحمر». قال: و كان بين موسى و بين داود (عليهما السلام) خمس مائة سنة، و بين داود و عيسى ألف سنة و مائة سنة.

3023/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال:

حدثنا محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني بوفاة موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال: «إنه لما أتاه أجله، و استوفى مدته، و انقطع أكله، أتاه ملك الموت، فقال له: السلام عليك، يا كليم الله. فقال موسى: و عليك السلام، من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت.

قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك. فقال له موسى (عليه السلام): من أين

تقبض روحي؟ قال: من فيك «2». قال له موسى: كيف و قد كلمت به ربي جل جلاله! قال: فمن يديك. قال: كيف، و قد حملت بهما التوراة! قال: فمن رجليك. قال: كيف، و قد وطئت بهما طور سيناء! قال: فمن عينيك، قال: كيف، و لم تزل إلى الله بالرجاء

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 164. [.....]

13- الأمالي: 192/ 2.

(1) البقرة 2: 61.

(2) في المصدر: فمك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 271

ممدودة! قال: فمن أذنيك، قال: كيف، و قد سمعت بهما كلام ربي عز و جل!» قال: «فأوحى الله تبارك و تعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه، حتى يكون هو الذي يريد ذلك، و خرج ملك الموت، فمكث موسى ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، و دعا يوشع بن نون، فأوصي إليه، و أمره بكتمان أمره، و بأن يوصي بعده إلى من يقوم بالأمر، و غاب موسى (عليه السلام) عن قومه- قال- فمر في غيبته برجل و هو يحفر قبرا، فقال له: ألا أعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى. فأعانه حتى حفر القبر و سوى اللحد، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران (عليه السلام) لينظر كيف هو، فكشف له عن الغطاء فرأى مكانه من الجنة، فقال: يا رب اقبضني إليك.

فقبض ملك الموت روحه مكانه، و دفنه في القبر، و سوى عليه التراب، و كان الذي يحفر القبر ملكا في صورة آدمي، و كان ذلك في التيه، فصاح صائح من «1» السماء: مات موسى كليم الله، و أي نفس لا تموت.

فحدثني أبي، عن جدي، عن أبيه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قبر موسى (عليه السلام) أين هو؟

فقال: عند الطريق الأعظم، عند الكثيب الأحمر».

3024/ [14]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن محمد بن الحصين «2»، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن يزيد، ن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مات داود النبي (عليه السلام) يوم السبت مفجوءا، فأظلته الطير بأجنحتها، و مات موسى كليم الله (عليه السلام) في التيه، فصاح صائح من «3» السماء: مات موسى (عليه السلام) و أي نفس لا تموت».

3025/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كان هارون أخا موسى لأبيه و امه؟ قال: «نعم، أما تسمع الله تعالى يقول:

بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي «4»؟».

فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟ قال: «هارون».

قلت: فكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: «الوحي ينزل على موسى (عليه السلام)، و موسى (عليه السلام) يوحيه إلى هارون».

فقلت له: أخبرني عن الأحكام و القضاء و الأمر و النهي، أ كان ذلك إليهما؟ قال: «كان موسى (عليه السلام) الذي

__________________________________________________

14- الكافي 3: 111/ 4.

15- تفسير القمّي 2: 136.

(1) في «ط»: في.

(2) في «س»: محمّد بن الحسن، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 16: 27، و في «ط»: محمّد بن الحسين. و هو صحيح أيضا، حيث روى ابن فضّال عن محمّد بن الحسين في عدّة موارد، و روى الأخير عن محمّد بن الفضيل. انظر معجم رجال الحديث 17: 141 و 23: 8.

(3) في «س»: في.

(4) طه 20: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 272

يناجي ربه، و يكتب العلم،

و يقضي بين بني إسرائيل، و هارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة».

قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى (عليهما السلام) و ماتا جميعا في التيه».

قلت: فكان لموسى (عليه السلام) ولد؟ قال: «لا، كان الولد لهارون، و الذرية له».

سورة المائدة(5): الآيات 27 الي 31..... ص : 272

قوله تعالى:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [27- 31]

3026/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى عهد إلى آدم (عليه السلام) أن لا يقرب هذه الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها، نسي، فأكل منها، و هو قول الله تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «1» فلما أكل آدم (عليه السلام) من الشجرة أهبط إلى الأرض، فولد له هابيل و أخته توأم، و ولد له قابيل و أخته توأم.

ثم إن آدم (عليه السلام) أمر هابيل و قابيل أن يقربا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم، و كان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل كبشا من أفاضل غنمه، و قرب قابيل من زرعه ما لم ينق، فتقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربان قابيل، و هو قول الله عز و جل: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ إلى آخر الآية. و كان القربان تأكله النار، فعمد قابيل إلى النار

فبنى لها بيتا، و هو أول من بنى بيوت النار، فقال: لأعبدن هذه النار حتى تتقبل مني قرباني، ثم إن إبليس (لعنه الله) أتاه و هو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، فقال له: يا قابيل، قد تقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربانك، و إنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك، و يقولون: نحن أبناء الذي تقبل قربانه. فاقتله كي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك. فقتله.

فلما رجع قابيل إلى آدم (عليه السلام)، قال له: يا قابيل، أين هابيل؟ فقال اطلبه حيث قربنا القربان. فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلا، فقال آدم (عليه السلام): لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل، و بكى آدم (عليه السلام) على هابيل أربعين ليلة».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 113/ 92.

(1) طه 20: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 273

3027/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا، و لا تعرفون حتى تصدقوا، و لا تصدقون حتى تسلموا، أبواب أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة و تاهوا تيها بعيدا.

إن الله تبارك و تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح، و لا يقبل إلا الوفاء بالشروط و العهود، فمن وفى الله عز و جل بشرطه، و استعمل ما وصف في عهده، نال ما عنده، و استكمل ما وعده، إن الله تبارك و تعالى أخبر العباد بطرق «1» الهدى، و شرع لهم فيها المنار، و أخبرهم كيف يسلكون، فقال: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ

آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «2» و قال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فمن اتقى الله فيها أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)».

3028/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن «3» محمد بن علي، عن عبيس «4» بن هشام، عن عبد الكريم- و هو كرام بن عمرو الخثعمي- عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن آية في القرآن تشككني؟

قال: «و ما هي؟» قلت: قول الله: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ قال: «و أي شي ء شككت فيها» قلت: من صلى و صام و عبد الله قبل منه؟ قال: «إنما يتقبل الله من المتقين العارفين» ثم قال: «أنت أزهد في الدنيا أم الضحاك بن قيس؟» قلت: لا بل الضحاك بن قيس. قال: «فذلك لا يتقبل الله منه شيئا مما ذكرت».

3029/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث رجلا من قريش، قال: «لما قرب ابنا آدم القربان، قرب أحدهما أسمن كبش كان في ضأنه، و قرب الآخر ضغثا من سنبل، فتقبل من صاحب الكبش، و هو هابيل، و لم يتقبل من الآخر، فغضب قابيل، فقال لهابيل: و الله لأقتلنك. فقال هابيل: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَ إِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فلم يدر كيف يقتله، حتى جاء إبليس

فعلمه، فقال: ضع رأسه بين حجرين، ثم اشدخه. فلما قتله لم يدر ما يصنع به، فجاء

__________________________________________________

2- الكافي 1: 139/ 6، 2: 39/ 3.

3- المحاسن: 168/ 129.

4- تفسير القمّي 1: 165. [.....]

(1) في «ط»: بطريق.

(2) طه 20: 82.

(3) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي قال: روى النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن. و هو ذيل حديث 128 في المحاسن.

(4) في «س» و «ط»: عيسى، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 274

غرابان، فأقبلا يتضاربان حتى اقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، ثم حفر الذي بقي الأرض بمخالبه، و دفن فيها صاحبه، قال قابيل: يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فحفر له حفيرة، و دفنه فيها، فصارت سنة يدفنون الموتى.

فرجع قابيل إلى أبيه، فلم ير معه هابيل، فقال له آدم (عليه السلام): أين تركت ابني؟ قال له قابيل: أرسلتني عليه راعيا؟! فقال له آدم (عليه السلام): انطلق معي إلى مكان القربان و أوجس قلب آدم (عليه السلام) بالذي فعل قابيل، فلما بلغ مكان القربان «1» استبان قتله، فلعن آدم (عليه السلام) الأرض التي قبلت دم هابيل، و أمر آدم (عليه السلام) أن يلعن قابيل، و نودي قابيل من السماء: تعست «2» كما قتلت أخاك. و لذلك لا تشرب الأرض الدم. فانصرف آدم (عليه السلام) يبكي على هابيل أربعين يوما و ليلة، فلما جزع عليه شكا ذلك إلى الله، فأوحى الله إليه: أني واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل. فولدت حواء غلاما زكيا مباركا، فلما كان اليوم السابع أوحى الله إليه: يا آدم، إن

هذا الغلام هبة مني لك، فسمه هبة الله. فسماه آدم هبة الله».

3030/ [5]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنت جالسا معه في المسجد الحرام، فإذا طاوس في جانب الحرم يحدث أصحابه، حتى قال: أ تدري أي يوم قتل نصف الناس؟ فأجابه أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: «أو ربع الناس، يا طاوس». فقال: أو ربع الناس.

فقال: «أ تدري ما صنع بالقاتل؟ فقلت: إن هذه لمسألة. فلما كان من الغد غدوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) فوجدته قد لبس ثيابه، و هو قاعد على الباب ينتظر الغلام أن يسرج له، فاستقبلني بالحديث قبل أن أسأله، فقال:

«إن بالهند- أو من وراء الهند- رجلا معقولا «3» برجله، يلبس المسح «4»، موكل به عشرة نفر، كلما مات رجل منهم أخرج أهل القرية بدله، فالناس يموتون و العشرة لا ينقصون، يستقبلون بوجهه الشمس حين «5» تطلع، و يديرونه معها حتى «6» تغيب، ثم يصبون عليه في البرد الماء البارد، و في الحر الماء الحار».

قال: «فمر به رجل من الناس، فقال له: من أنت يا عبد الله؟ فرفع رأسه و نظر إليه، ثم قال له: إما أن تكون أحمق الناس، و إما أن تكون أعقل الناس إني لقائم ها هنا منذ قامت الدنيا، و ما سألني أحد: من أنت، غيرك». ثم قال: «يزعمون أنه ابن آدم».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 166.

(1) في المصدر: بلغ المكان.

(2) في «ط» و المصدر: لعنت.

(3) أي مشدودا.

(4) المسح: كساء من شعر، وثوب الراهب.

(5) في «س» و «ط»: حتّى.

(6) في المصدر: حين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 275

قال الله عز و جل:

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «1» فلفظ الآية خاص في بني إسرائيل، و معناه عام جار في الناس كلهم.

3031/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري، بإيلاق، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد «2» بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام، فقال: يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء. فقال: سل تفقها، و لا تسأل تعنتا. فأحدق الناس بأبصارهم- و ذكر الحديث إلى أن قال- و سأله: كم كان عمر آدم (عليه السلام)؟ فقال: تسع مائة سنة، و ثلاثين سنة. و سأله عن أول من قال الشعر، فقال:

آدم. قال: و ما كان شعره؟ قال: لما انزل إلى الأرض من السماء، فرأى تربتها وسعتها و هواءها، و قتل قابيل هابيل، قال آدم (عليه السلام):

تغيرت البلاد و من عليها فوجه الأرض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون و طعم و قل بشاشة الوجه المليح «3»

فأجابه إبليس لعنه الله:

تنح عن البلاد و ساكنيها فبي في الخلد «4» ضاق بك الفسيح

و كنت بها و زوجك في قرار و قلبك من أذى الدنيا

مريح

فلم تنفك من كيدي و مكري إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجبار أضحى بكفك من جنان الخلد ريح

ثم قام إليه رجل [آخر] فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن يوم الأربعاء و تطيرنا منه، و ثقله، و أي أربعاء هو؟

قال: آخر أربعاء في الشهر، و هو المحاق، و فيه قتل قابيل هابيل آخاه».

3032/ [7]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قرب ابنا آدم القربان، فتقبل من أحدهما، و لم يتقبل من الآخر- قال: تقبل من هابيل، و لم يتقبل من قابيل- دخله من ذلك حسد شديد، و بغى على هابيل، فلم يزل يرصده و يتبع خلوته، حتى ظفر به متنحيا عن آدم (عليه السلام)، فوثب عليه

__________________________________________________

6- علل الشرائع: 593- 597/ 44.

7- تفسير العيّاشي 1: 306/ 77.

(1) المائدة 5: 32. [.....]

(2) في «س» و «ط»: أبو عبد اللّه بن محمّد، و الصواب ما في المتن. راجع قاموس الرجال 8: 238.

(3) في هذا البيت إقواء.

(4) في المصدر: ففي الفردوس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 276

فقتله، فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله تعالى في كتابه مما كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله».

قال: «فلما علم آدم بقتل هابيل جزع عليه جزعا شديدا و دخله حزن شديد- قال- فشكا إلى الله تعالى ذلك، فأوحى الله إليه: أني واهب لك ذكرا يكون خلفا لك من هابيل- قال- فولدت حواء غلاما زكيا مباركا، فلما كان اليوم السابع سماه آدم: شيث، فأوحى الله إلى آدم: إنما هذا الغلام هبة مني لك، فسمه: هبة الله».

قال: «فلما دنا أجل آدم (عليه السلام)، أوحى الله إليه: أن يا آدم إني متوفيك و رافع روحك إلي

يوم كذا و كذا، فأوص إلى خير ولدك، و هو هبتي الذي وهبته لك، فأوص إليه، و سلم إليه ما علمناك من الأسماء، و الاسم الأعظم، فاجعل ذلك في تابوت، فإني أحب أن لا تخلوا أرضي من عالم يعلم علمي، و يقضي بحكمي، أجعله حجة لي «1» على خلقي».

قال: «فجمع آدم إليه جميع ولده من الرجال و النساء، فقال لهم: يا ولدي، إن الله أوحى إلي أنه رافع إليه روحي، و أمرني أن اوصي إلى خير ولدي، و إنه هبة الله، و إن الله اختاره لي و لكم من بعدي، اسمعوا له و أطيعوا أمره، فإنه وصيي و خليفتي عليكم. فقالوا جميعا: نسمع له و نطيع أمره، و لا نخالفه».

قال: «فأمر بالتابوت، فعمل، ثم جعل فيه علمه و الأسماء و الوصية، ثم دفعه إلى هبة الله، و تقدم إليه في ذلك، و قال له: انظر- يا هبة الله- إذا أنا مت فغسلني و كفني، و صل علي و أدخلني في حفرتي، فإذا مضى بعد وفاتي أربعون يوما فأخرج عظامي كلها من حفرتي فاجمعها جميعا، ثم اجعلها في التابوت و احتفظ به، و لا تأمنن عليه أحدا غيرك، فإذا حضرت وفاتك، و أحسست بذلك من نفسك، فالتمس خير ولدك «2»، و ألزمهم لك صحبة، و أفضلهم عندك قبل ذلك، فأوص إليه بمثل ما أوصيت به إليك، و لا تدعن الأرض بغير عالم منا أهل البيت.

يا بني، إن الله تبارك و تعالى أهبطني إلى الأرض و جعلني خليفة «3» فيها، حجة له على خلقه، فقد أوصيت إليك بأمر الله و جعلتك حجة لله على خلقه في أرضه بعدي، فلا تخرج من الدنيا حتى تدع لله حجة و

وصيا، و تسلم إليه التابوت و ما فيه، كما سلمته إليك، و أعلمه أنه سيكون من ذريتي رجل اسمه نوح، يكون في نبوته الطوفان و الغرق، فمن ركب في فلكه نجا، و من تخلف عن فلكه غرق، و أوص وصيك أن يحفظ بالتابوت و بما فيه، فإذا حضرت وفاته أن يوصي إلى خير ولده، و ألزمهم له، و أفضلهم عنده، و يسلم إليه التابوت و ما فيه، و ليضع كل وصي وصيته في التابوت، و ليوص بذلك بعضهم إلى بعض، فمن أدرك نبوة نوح فليركب معه، و ليحمل التابوت و جميع ما فيه في فلكه، و لا يتخلف عنه أحد.

و يا هبة الله، و أنتم يا ولدي، إياكم و الملعون قابيل، و ولده، فقد رأيتم ما فعل بأخيكم هابيل، فاحذروه و ولده، و لا تناكحوهم، و لا تخالطوهم، و كن أنت- يا هبة الله- و إخوتك و أخواتك في أعلى الجبل، و اعزله و ولده، و دع الملعون قابيل و ولده في أسفل الجبل».

__________________________________________________

(1) في المصدر: أجعله حجّتي.

(2) في «س»: ولد لك.

(3) في المصدر: خليفته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 277

قال: «فلما كان اليوم الذي أخبر الله أنه متوفيه فيه، تهيأ آدم للموت و أذعن به- قال:- و هبط عليه ملك الموت، فقال آدم: دعني يا ملك الموت حتى أتشهد و اثني على ربي بما صنع عندي، من قبل أن تقبض روحي.

فقال آدم: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أني عبد الله و خليفته في أرضه، ابتدأني بإحسانه و خلقني بيده، و لم يخلق خلقا بيده سواي، و نفخ في من روحه، ثم أجمل صورتي، و لم يخلق على

خلقي أحدا قبلي، ثم أسجد لي ملائكته و علمني الأسماء كلها، و لم يعلمها ملائكته، ثم أسكنني جنته، و لم «1» يجعلها دار قرار، و لا منزل استيطان، و إنما خلقني ليسكنني الأرض للذي أراد من التقدير و التدبير، و قدر ذلك كله من قبل أن يخلقني، فمضيت في قدره و قضائه و نافذ أمره. ثم نهاني أن آكل من الشجرة، فعصيته و أكلت منها، فأقالني عثرتي، و صفح لي عن جرمي، فله الحمد على جميع نعمه عندي، حمدا يكمل به رضاه عني- قال- فقبض ملك الموت روحه (صلوات الله عليه)».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن جبرئيل نزل بكفن آدم و بحنوطه، و المسحاة معه- قال- و نزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك ليحضروا جنازة آدم (عليه السلام)- قال:- فغسله هبة الله، و جبرئيل كفنه و حنطه، ثم قال: يا هبة الله، تقدم فصل على أبيك، و كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة. فوضع سرير آدم، ثم قدم هبة الله، و قام جبرئيل عن يمينه، و الملائكة خلفهما، فصلى عليه، و كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة، و انصرف «2» جبرئيل و الملائكة فحفروا له بالمسحاة، ثم أدخلوه في حفرته، ثم قال جبرئيل: يا هبة الله، هكذا فافعلوا بموتاكم، و السلام عليكم، و رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله، و بما أوصاه أبوه، فاعتزل ولد الملعون قابيل، فلما حضرت وفاة هبة الله، أوصى إلى ابنه قينان، و سلم إليه التابوت و ما فيه، و عظام آدم، و وصية آدم، و قال له: إن أنت أدركت نبوة نوح فاتبعه، و احمل التابوت معك

في فلكه، و لا تخلفن عنه، فإن في نبوته يكون الطوفان و الغرق، فمن ركب في فلكه نجا، و من تخلف عنه غرق- قال- فقام قينان بوصية هبة الله في إخوته و ولد أبيه، بطاعة الله- قال- فلما حضرت قينان الوفاة أوصى إلى ابنه مهلائيل، و سلم إليه التابوت و ما فيه، و الوصية، فقام مهلائيل بوصية قينان، و سار بسيرته. فلما حضرت مهلائيل الوفاة أوصى إلى ابنه برد «3» فسلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية، فتقدم إليه في نبوة نوح. فلما حضرت وفاة برد أوصى إلى ابنه أخنوخ، و هو: إدريس، فسلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية، فقام أخنوخ بوصية برد، فلما قرب أجله أوحى الله إليه: أني رافعك إلى السماء و قابض روحك في السماء، فأوص إلى ابنك حرقائيل فقام حرقائيل «4» بوصية أخنوخ. فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح، و سلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية».

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: يكن.

(2) في «س» و «ط»: و أنصف.

(3) في المصدر: يرد، و كذا في سائر الموارد الاخرى.

(4) في المصدر: خرقا سيل، و كذا في الموضع السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 278

قال: «فلم يزل التابوت عند نوح، حتى حمله معه في فلكه، فلما حضرت نوح الوفاة أوصى إلى ابنه سام، و سلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية».

قال حبيب السجستاني: ثم انقطع حديث أبي جعفر (عليه السلام) عندها.

3033/ [8]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الأرض، فولد له هابيل و أخته توأم، ثم ولد قابيل و أخته توأم، ثم إن آدم

أمر هابيل و قابيل أن يقربا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم، و كان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل كبشا من أفضل غنمه، و قرب قابيل من زرعه ما لم يكن ينق، كما أدخل بيته، فتقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربان قابيل، و هو قول الله: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ... الآية، و كان القربان تأكله النار، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا، و هو أول من بنى بيوت النار، فقال: لأعبدن هذه النار حتى يتقبل «1» قرباني. ثم إن إبليس عدو الله أتاه- و هو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق- فقال له: يا قابيل، قد تقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربانك، و إنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك، و يقولون: نحن أبناء الذي تقبل قربانه، و أنتم أبناء الذي ترك قربانه.

فاقتله لكي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك، فقتله.

فلما رجع قابيل إلى آدم قال له: يا قابيل، أين هابيل؟ فقال: اطلبه حيث قربنا القربان. فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلا، فقال آدم: لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل. فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة.

ثم إن آدم سأل ربه ولدا، فولد له غلام فسماه هبة الله، لأن الله وهبه له و أخته توأم، فلما انقضت نبوة آدم و استكمل أيامه «2» أوحى الله إليه: أن يا آدم، قد قضيت نبوتك، و استكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك، و الإيمان، و الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك، عند هبة الله ابنك، فإني لم أقطع العلم

و الإيمان و الاسم الأكبر «3» و آثار علم النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة، و لن أدع الأرض إلا و فيها عالم يعرف به ديني، و تعرف به طاعتي، و يكون نجاة لمن يولد فيما بينك و بين نوح. و بشر آدم بنوح، و قال: إن الله باعث نبيا اسمه نوح، فإنه يدعو إلى الله، و يكذبه قومه، فيهلكهم الله بالطوفان، و كان بين آدم و بين نوح عشرة آباء كلهم أنبياء، و أوصى آدم إلى هبة الله أن من أدركه منكم فليؤمن به، و ليتبعه و ليصدق به، فإنه ينجو من الغرق.

ثم إن آدم مرض المرضة التي مات فيها، فأرسل هبة الله، فقال له: إن لقيت جبرئيل، و من لقيت من الملائكة فأقرئه مني السلام، و قل له: يا جبرئيل، إن أبي يستهديك من ثمار الجنة. فقال جبرئيل: يا هبة الله، إن أباك قد قبض (صلوات الله عليه) و ما نزلنا إلا للصلاة عليه، فارجع. فرجع، فوجد آدم قد قبض، فأراه جبرئيل (عليه السلام) كيف يغسله، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه، قال هبة الله: يا جبرئيل، تقدم فصل على آدم. فقال له جبرئيل إن الله أمرنا

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 309/ 78.

(1) في «ط»: يقبل.

(2) في المصدر: و استكملت.

(3) في المصدر: و الاسم الأعظم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 279

أن نسجد لأبيك آدم و هو في الجنة، فليس لنا أن نؤم شيئا من ولده. فتقدم هبة الله فصلى على أبيه آدم (عليه السلام) و جبرئيل خلفه، و جنود الملائكة، و كبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمره جبرئيل فرفع من ذلك خمسا و عشرين تكبيرة، و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات، و

قد كان يكبر على أهل بدر سبعا و تسعا.

ثم إن هبة الله لما دفن آدم (عليه السلام) أتاه قابيل، فقال: يا هبة الله، إن قد رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا، و هو العلم الذي دعا به أخوك هابيل، فتقبل منه قربانه، و إنما قتلته لكي لا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي، فيقولون: نحن أبناء الذي تقبل منه قربانه، و أنتم أبناء الذي ترك قربانه، و إنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل.

فلبث هبة الله و العقب من بعده مستخفين بما عندهم من العلم و الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة «1»، حتى بعث الله نوحا (عليه السلام) و ظهرت وصية هبة الله في ولده حين نظروا في وصية آدم، فوجدوا نوحا (عليه السلام) نبيا، قد بشر به أبوهم آدم، فآمنوا به و اتبعوه، و صدقوه.

و قد كان آدم أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة، فيكون يوم عيدهم، فيتعاهدون بعث نوح (عليه السلام) و زمانه الذي يخرج فيه. و كذلك في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله)».

3034/ [9]- قال هشام بن الحكم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما أمر الله آدم أن يوصي إلى هبة الله أمره أن يستر ذلك، فجرت السنة في ذلك بالكتمان، فأوصى إليه و ستر ذلك».

3035/ [10]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن قابيل بن آدم معلق بقرونه في عين الشمس، تدور به حيث دارت، في زمهريرها و حميمها إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة

صيره الله إلى النار».

3036/ [11]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذكر ابن آدم القاتل، قال: فقلت له: ما حاله: أمن أهل النار هو؟ فقال: «سبحان الله، الله أعدل من ذلك أن يجمع عليه عقوبة الدنيا و عقوبة الآخرة».

3037/ [12]- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: «إن ابن آدم الذي قتل أخاه كان قابيل الذي ولد في الجنة».

3038/ [13]- عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إن الناس يزعمون أن آدم زوج ابنته من ابنه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد قال الناس في ذلك، و لكن- يا سليمان- أما علمت أن رسول

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 311/ 79.

10- تفسير العيّاشي 1: 311/ 80.

11- تفسير العيّاشي 1: 311/ 81.

12- تفسير العيّاشي 1: 311/ 82.

13- تفسير العيّاشي 1: 312/ 83.

(1) في المصدر: و ميراث النبوّة و آثار العلم و النبوّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 280

الله (صلى الله عليه و آله) قال: لو علمت أن آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم، و ما كنت «1» لأرغب عن دين آدم؟».

فقلت: جعلت فداك، إنهم يزعمون أن قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على أختهما؟

فقال له: يا سليمان، تقول هذا؟! أما تستحيي أن تروي هذا على نبي الله آدم؟»

سورة المائدة(5): آية 32 ..... ص : 280

قوله تعالى:

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [32]

3039/ [1]- محمد بن يعقوب، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عقبة،

__________________________________________________

1- الكافي

7: 271/ 1.

(1) في «س» و «ط»: و لكن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 281

عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر «1» (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: قلت:

و كيف فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً فإنما قتل واحدا! قال: «يوضع في موضع من جهنم إليه ينتهي شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا إنما كان «2» يدخل ذلك المكان».

قلت: فإن «3» قتل آخر؟ قال: «يضاعف عليه».

3040/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «له في النار مقعد لو قتل الناس جميعا لم يرد إلا إلى ذلك المقعد».

3041/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها».

و روى هذا الحديث أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4».

و روى الشيخ

هذا الحديث في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال:

قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): أنزل الله عز و جل في كتابه: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ و ساق الحديث مثله، إلى أن قال في آخره: «فقد- و الله- قتلها» «5».

3042/ [4]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، قال: قلت لأبي

__________________________________________________

2- الكافي 7: 272/ 6.

3- الكافي 2: 168/ 1.

4- الكافي 2: 168/ 2.

(1) في «س»: لأبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و كلاهما وارد، انظر معجم رجال الحديث: 6/ 255.

(2) في «ط»: كان إنّما.

(3) في المصدر: فإنّه. [.....]

(4) المحاسن: 231/ 181.

(5) الأمالي 1: 230.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 282

جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل في كتابه: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من حرق أو غرق».

قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال: «ذلك تأويلها الأعظم».

و روى هذا الحديث أيضا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) مثله «1».

3043/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، [عن محمد] «2» بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسألك أصلحك الله؟ فقال: «نعم». فقلت: كنت على حال و أنا اليوم على حال اخرى، كنت أدخل الأرض فأدعو الرجل و الابنين و المرأة

فينقذ الله من شاء، و أنا اليوم لا أدعوا أحدا؟

فقال: «و ما عليك ان تخلي بين الناس و بين ربهم، فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه- ثم قال:- و لا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشي ء نبذا».

قلت: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «من حرق أو غرق- ثم سكت، ثم قال:- تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له».

و روى هذا الحديث أيضا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث «3».

3044/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من سقى «4» الماء في موضع يوجد فيه الماء، كان كمن أعتق رقبة، و من سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء، كان كمن أحيا نفسا و وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً».

3045/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عقبة، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً و إنما قتل واحدا!

__________________________________________________

5- الكافي 2: 168/ 3.

6- الكافي 4: 57/ 3.

7- معاني الأخبار: 379/

2.

(1) المحاسن: 232/ 182.

(2) من المصدر، و هو الصواب، راجع معجم رجال الحديث 16: 63.

(3) المحاسن: 232/ 183.

(4) في «ط»: يسقي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 283

فقال: يوضع في موضع من جهنم، إليه ينتهي «1» شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا كان إنما يدخل ذلك المكان، و لو كان قتل واحدا كان إنما يدخل ذلك المكان».

قلت: فإن قتل آخر؟ قال: «يضاعف عليه».

3046/ [8]- العياشي: عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، سألته عن قول الله عز و جل:

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ إلى قوله: فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «منزلة في النار إليها انتهاء شدة عذاب أهل النار جميعا، فيجعل فيها».

قلت: و إن كان قتل اثنين؟ قال: «ألا ترى أنه ليس في النار منزلة أشد عذابا منها؟» قال: «يكون يضاعف عليه بقدر ما عمل».

قلت: فمن أحياها؟ قال: «نجاها من غرق أو حرق أو سبع أو عدو- ثم سكت، ثم التفت إلي فقال- تأويلها الأعظم: دعاها فاستجابت له».

3047/ [9]- عن سماعة، قال: قلت: قول الله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلالة فقد قتلها».

3048/ [10]- عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: و مَنْ قَتَلَ نَفْساً فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «واد في جهنم، لو قتل الناس جميعا كان فيه، و لو قتل نفسا واحدة كان فيه».

3049/ [11]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:

سألته عن قول الله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، فقال: «له في النار مقعد، و لو قتل الناس جميعا لم يزد عليه ذلك العذاب».

قال: «وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً لم يقتلها، أو أنجى من غرق أو حرق، و أعظم «2» من ذلك كله يخرجها من ضلالة إلى هدى».

3050/ [12]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «من استخرجها من الكفر إلى الإيمان».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 312/ 84.

9- تفسير العيّاشي 1: 313/ 85.

10- تفسير العيّاشي 1: 313/ 86.

11- تفسير العيّاشي 1: 313/ 87.

12- تفسير العيّاشي 1: 313/ 88. [.....]

(1) في المصدر: منتهى.

(2) في المصدر: أو أعظم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 284

قوله تعالى:

ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [32]

3051/ [1]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «المسرفون هم الذين يستحلون المحارم، و يسفكون الدماء».

سورة المائدة(5): الآيات 33 الي 34..... ص : 284

قوله تعالى:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [33- 34]

3052/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد «1»، عن علي بن الحكم، و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد من أصحابه، جميعا، عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)

قوم من بني ضبة مرضى، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية، فقالوا: أخرجنا من المدينة. فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، و يأكلون من ألبانها، فلما برئوا و اشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان «2» في الإبل، فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فبعث إليهم عليا (عليه السلام)، و إذا هم في واد، قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه، قريبا من أرض اليمن، فأسرهم و جاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنزلت هذه الآية عليه إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

__________________________________________________

1- مجمع البيان 3: 290.

2- الكافي 7: 245/ 1.

(1) في «س» و «ط»: بن، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 281.

(2) في المصدر: كانوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 285

فاختار رسول الله (صلى الله عليه و آله) القطع، فقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف».

و روى هذا الحديث الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث إلى قوله: «و أرجلهم من خلاف». و في الحديث:

«فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخبر فبعث إليهم ...» إلى آخره «1».

3053/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، [جميعا]، عن صفوان بن يحيى، عن طلحة النهدي، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبد الله

(عليه السلام): رجل يخرج من منزله يريد المسجد، أو يريد الحاجة، فيلقاه رجل فيستقفيه «2»، فيضربه فيأخذ ثوبه. قال: «أي شي ء يقول فيه من قبلكم؟» قلت: يقولون: هذه دغارة معلنة «3»، و إنما المحارب في قرى مشركة.

فقال: «أيهما أعظم حرمة: دار الإسلام أو دار الشرك؟» قال: فقلت: دار الإسلام. قال: «هؤلاء من أهل هذه الآية: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ» إلى آخر الآية.

و رواه الشيخ في (التهذيب): عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن طلحة النهدي، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، الحديث، إلا أن فيه: «أو يستقفيه» «4».

3054/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ إلى آخر الآية، فقلت: أي شي ء عليهم من هذه الحدود التي سمى الله عز و جل؟ قال: «ذلك إلى الإمام، إن شاء قطع، و إن شاء نفى، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل».

قلت: النفي إلى أين؟ قال (عليه السلام): «ينفى من مصر إلى مصر آخر- و قال- إن عليا (عليه السلام) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة».

و روى الحديث الشيخ: بإسناده عن علي، عن أبيه، عن بباقي السند و المتن «5».

3055/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى آخر الآية، قال: «لا يبايع،

و لا يؤوى، و لا يتصدق عليه».

__________________________________________________

2- الكافي 7: 245/ 2.

3- الكافي 7: 245/ 3.

4- الكافي 7: 246/ 4.

(1) التهذيب 10: 134/ 533.

(2) في المصدر: أو يستقفيه.

(3) أي اختلاس ظاهر. «مجمع البحرين- دغر- 3: 303».

(4) التهذيب 10: 134/ 532.

(5) التهذيب 10: 133/ 528. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 286

و رواه الشيخ: بإسناده عن علي، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلا أن فيه زيادة: «و لا يطعم» بعد «و لا يؤوى» «1».

3056/ [5]- و عنه: عن علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، قال: «ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء».

قلت: فمفوض ذلك إليه؟ قال: «لا، و لكن بحق «2» الجناية».

و رواه الشيخ، بإسناده عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)، الحديث «3».

3057/ [6]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبيد الله بن إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا الآية، فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال: «إذا حارب الله و رسوله، و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل به، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن شهر السيف فحارب الله و رسوله،

و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل، و لم يأخذ المال، نفي «4» من الأرض».

قلت: كيف ينفى من الأرض، و ما حد نفيه؟ قال: «ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، و يكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه، و لا تبايعوه، و لا تناكحوه، و لا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك، حتى تتم السنة».

قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال: «و إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها».

و رواه الشيخ، بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان ... ببقية السند و المتن».

3058/ [7]- و عنه: عن علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سليمان، عن عبيد الله بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام)، مثله، إلا أنه قال في آخره: «يفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب [قبل ذلك ] و هو

__________________________________________________

5- الكافي 7: 246/ 5.

6- الكافي 7: 246/ 8.

7- الكافي 7: 247/ 9.

(1) التهذيب 10: 134/ 531.

(2) في الكافي: نحو.

قال الشيخ المجلسي في ملاذ الأخبار 16: 265: «مفاده أنّ الإمام يختار ما يعلمه صلاحا بحسب جنايته، لا بما يشتهيه».

(3) التهذيب 10: 133/ 529.

(4) في المصدر: ينفى.

(5) التهذيب 10: 132/ 526.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 287

صاغر».

قال: فقلت: فإن أم أرض الشرك يدخلها؟ قال: «يقتل».

و رواه الشيخ، بإسناده، عن يونس، عن محمد بن سليمان، عن عبيد الله بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام) «1».

3059/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا الآية، هل نفي المحاربة غير هذا النفي؟

قال: «يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل، و ينفى، و يحمل في البحر، ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون إخراجه من بلد إلى بلد آخر عدل القتل و الصلب و القطع، و لكن يكون حدا يوافق القطع و الصلب».

3060/ [9]- الشيخ: بإسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله «2»، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن عبد الله المدائني، عن أبي عبد الله «3» (عليه السلام)، قال: قلت له:

جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، قال: فعقد بيده، ثم قال:

«يا عبد الله «4»، خذها أربعا بأربع- ثم قال- إذا حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن حارب الله و رسوله «5» و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل، و لم يأخذ من المال، نفي في الأرض».

قال: قلت: و ما حد نفيه؟ قال: «سنة ينفى من الأرض التي فعل فيها إلى غيرها، ثم يكتب إلى ذلك المصر بأنه منفي، فلا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، و لا تناكحوه، حتى يخرج إلى غيره، فيكتب إليهم

أيضا بمثل ذلك، فلا يزال هذه حاله سنة، فإذا فعل به ذلك سنة تاب و هو صاغر».

3061/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: [ «كان أبي يقول:] إن للحرب حكمين، إذا كانت

__________________________________________________

8- الكافي 7: 247/ 10.

9- التهذيب 10: 131/ 523.

10- التهذيب 6: 143/ 245، الكافي 5: 32/ 1.

(1) التهذيب 10: 133/ 527.

(2) في «س» و «ط»: عبيد، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 113.

(3) تقدّم في الحديث (6) عبيد اللّه بن إسحاق المدائني، عن أبي الحسن (عليه السّلام)، راجع معجم رجال الحديث 10: 112. [.....]

(4) في المصدر: يا أبا عبد اللّه.

(5) (و رسوله) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 288

قائمة لم تضع أوزارها و لم يضجر «1» أهلها، فكل أسير أخذ على «2» تلك الحال فإن الامام فيه بالخيار، إن شاء ضرب عنقه، و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم، و تركه يتشحط في دمه حتى يموت، و هو قول الله عز و جل:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ إلى آخر الآية، ألا ترى أن التخيير الذي خير [الله ] الإمام على شي ء واحد و هو الكل، و ليس [هو] على أشياء مختلفة».

فقلت لجعفر بن محمد (عليهما السلام) قول الله عز و جل: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ.

قال: «ذلك للطلب، أن تطلبه الخيل حتى يهرب، فإن أخذته الخيل حكم عليه

ببعض الأحكام التي وصفت لك، و الحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها و اثخن أهلها، فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء من عليهم، و إن شاء فاداهم أنفسهم، و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا».

3062/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن حسان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من حارب الله، و أخذ المال، و قتل، كان عليه أن يقتل و يصلب، و من حارب و قتل و لم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل و لا يصلب، و من حارب و أخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن تقطع يده و رجله من خلاف، و من حارب و لم يأخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن ينفى، ثم استثنى عز و جل فقال: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ يعني يتوبون من قبل أن يأخذهم الإمام».

3063/ [12]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه، و نفي من تلك البلدة، و من شهر السلاح في غير الأمصار و ضرب و عقر و أخذ المال و لم يقتل فهو محارب، جزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى الإمام، إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله- قال- و إن حارب و قتل و أخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمين بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه».

فقال له أبو عبيدة: أصلحك الله، أ رأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عفوا عنه فعلى الإمام أن

يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق».

فقال له أبو عبيدة: «فإن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، ألهم ذلك؟ قال: «لا، عليه القتل».

3064/ [13]- عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من بني ضبة، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقيموا عندي، فإذا قويتم بعثتكم في سرية. فقالوا: أخرجنا من المدينة.

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 167.

12- تفسير العيّاشي 1: 314/ 89.

13- تفسير العيّاشي 1: 314/ 90.

(1) في «س» و «ط»: يعجز، و في الكافي: يثخن.

(2) في التهذيب: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 289

فبعث بهم إلى إبل الصدقة، يشربون من أبوالها، و يأكلون من ألبانها، فلما برئوا و اشتدوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الإبل، و ساقوا الإبل. فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فبعث إليهم عليا (عليه السلام) و هم في واد، قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا عنه، قريب من أرض اليمن، فأخذهم فجاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزلت عليه إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فاختار رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف».

3065/ [14]- عن أحمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين، قال: قطع الطريق بجلولاء «1» على السابلة «2» من الحجاج و غيرهم، و أفلت القطاع، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب إلى عامل له كان بها: تأمن «3» الطريق بذلك، يقطع على طرف اذن أمير المؤمنين، ثم ينفلت القطاع؟! فإن أنت طلبت هؤلاء و ظفرت بهم، و إلا أمرت بأن تضرب

ألف سوط، ثم تصلب بحيث قطع الطريق.

قال: فطلبهم العامل حتى ظفر بهم، و استوثق منهم، ثم كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء قال: و قال برأي ابن أبي دؤاد «4»، ثم سأل الآخرين عن الحكم فيهم، و أبو جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) حاضر فقالوا:

قد سبق حكم الله فيهم في قوله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ و لأمير المؤمنين أن يحكم بأي ذلك شاء فيهم؟

قال: فالتفت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال: «قد تكلم هؤلاء الفقهاء و القاضي بما سمع أمير المؤمنين». قال: و أخبرني بما عندك. قال: «إنهم قد أضلوا فيما أفتوا به، و الذي يجب في ذلك أن ينظر أمير المؤمنين في هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا أحدا و لم يأخذوا مالا أمر بإيداعهم الحبس، فإن ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل، و إن كان أخافوا السبيل و قتلوا النفس أمر بقتلهم، و إن كانوا أخافوا السبيل و قتلوا النفس و أخذوا المال، أمر بقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و صلبهم بعد ذلك». قال: فكتب إلى العامل بأن يمثل ذلك فيهم.

3066/ [15]- عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: فَساداً، قال: «ذلك إلى الإمام يعمل فيه بما شاء».

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 314/ 19.

15- تفسير العيّاشي 1: 315/ 92.

(1) جلولاء: بلدة في العراق، على شاطئ دجلة

الأيمن، كانت محطّة هامّة على طريق خراسان بين العراق و إيران.

(2) السابلة: المارّون على الطريق.

(3) في «ط» و المصدر: تأمر.

(4) في «س»: ابن داود، و الصواب ما في المتن، و هو أحمد بن أبي دواد بن جرير، ولي القضاء للمعتصم ثمّ للواثق. تجد ترجمته في تاريخ بغداد 4: 141.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 290

قلت: ذلك مفوض إلى الإمام؟ قال: «لا، بحق الجناية».

3067/ [16]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، قال: «الإمام في الحكم فيهم بالخيار، إن شاء قتل، و إن شاء صلب، و إن شاء قطع، و إن شاء نفى من الأرض».

3068/ [17]- عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: أَوْ يُصَلَّبُوا الآية، قال: «لا يبايع، و لا يؤتى بطعام، و لا يتصدق عليه».

3069/ [18]- عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ الآية إلى آخرها، أي شي ء عليهم من هذا الحد الذي سمى؟ قال: «ذلك إلى الإمام إن شاء قطع، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل، و إن شاء نفى».

قلت: النفي إلى أين؟ قال: «من مصر إلى مصر آخر- و قال- إن عليا (عليه السلام) قد نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة».

3070/ [19]- عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: الرجل يخرج من منزله إلى المسجد يريد الصلاة ليلا، فيستقبله رجل فيضربه بعصا و يأخذ ثوبه، قال: «فما يقول فيه من قبلكم؟» قال: يقولون: إن هذا ليس بمحارب،

و إنما المحارب في القرى المشركية، و إنما هي دغارة.

قال: «فأيهما أعظم حرمة دار الإسلام، أو دار الشرك؟» قال: قلت: دار الإسلام. فقال هؤلاء من الذين قال الله:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى آخر الآية».

3071/ [20]- و في رواية سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا زنى الرجل يجلد، و ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، و كذلك ينبغي للرجل إذا سرق و قطعت يده».

3072/ [21]- عن أبي إسحاق المدائني، قال: كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل فقال:

جعلت فداك، إن الله يقول: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ الآية، إلى أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، فقال: «هكذا قال الله».

فقال له: جعلت فداك، فأي شي ء الذي إذا فعله استحق واحدة من هذه الأربع؟ قال: فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «أربع، فخذ أربعا بأربع: إذا حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل، و إن قتل

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 315/ 93. [.....]

17- تفسير العيّاشي 1: 316/ 94.

18- تفسير العيّاشي 1: 316/ 95.

19- تفسير العيّاشي 1: 316/ 96.

20. تفسير العيّاشي 1: 316/ 97.

21- تفسير العيّاشي 1: 317/ 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 291

و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل و لم يأخذ المال، نفي من الأرض».

فقال له الرجل: جعلت فداك، و ما حد نفيه؟ قال: «ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى غيره، ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر، أن ينادى

عليه بأنه منفي، فلا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، و لا تناكحوه، فإذا خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك، فيفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب من السنة و هو صاغر».

فقال له الرجل: جعلت فداك، فإن أتى أرض الشرك فدخلها؟ قال: «يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك».

3073/ [22]- و في رواية أبي إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك فيدخلها؟ قال: «قوتل أهلها».

3074/ [23]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن أسباط، عن داود بن أبي يزيد، عن عبيدة بن بشير الخثعمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قاطع الطريق، فقلت: إن الناس يقولون إن الإمام فيه مخير، أي شي ء شاء صنع؟

قال: «ليس أي شي ء شاء صنع، و لكنه يصنع بهم على قدر جنايتهم، من قطع الطريق فقتل و أخذ المال، قطعت يده و رجله و صلب، و من قطع الطريق فقتل و لم يأخذ المال قتل، و من قطع الطريق و أخذ المال [و لم يقتل ] قطعت يده و رجله من خلاف، و من قطع الطريق و لم يأخذ مالا و لم يقتل نفي من الأرض».

3075/ [24]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه، و نفي من تلك البلدة، و من شهر السلاح في غير الأمصار، و ضرب، و عقر، و أخذ المال، و لم يقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى

الإمام إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله- قال- و إن ضرب و قتل و أخذ المال فعلى الإمام أن يقطع يده «1» بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه».

قال: فقال أبو عبيدة: أصلحك الله، أ رأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عفوا عنه، فإن على الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق».

قال: فقال أبو عبيدة: أ رأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، ألهم ذلك؟ قال: فقال: «لا، عليه القتل».

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 317/ 99.

23- الكافي 7: 247/ 11.

24- الكافي 7: 248/ 12.

(1) في المصدر زيادة: اليمنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 292

3076/ [25]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود الطائي، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المحارب، فقلت له: أصلحك الله، إن أصحابنا يقولون: إن الإمام مخير فيه، إن شاء قطع، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل؟

فقال: «لا، إن هذه أشياء محدودة في كتاب الله عز و جل، فإذا هو قتل و أخذ قتل و صلب، و إذا قتل و لم يأخذ قتل، و إذا أخذ و لم يقتل قطع، و إذا هو فر و لم يقدر عليه، ثم أخذ، قطع، إلا أن يتوب، فإن تاب لم يقطع».

سورة المائدة(5): آية 35 ..... ص : 292

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [35] 3077/ [26]- علي بن إبراهيم، قال: تقربوا إليه بالإمام.

3078/2]- ابن شهر آشوب، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في

قوله تعالى: وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ: «أنا وسيلته».

3079/ [28]- محمد بن الحسن الصفار: عن أبي الفضل العلوي، قال: حدثني سعيد بن عيسى الكريزي البصري، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، عن أمير المؤمنين «1» (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «2» قال: «أنا هو الذي عنده علم الكتاب». و قد صدقه الله، و قد أعطاه الوسيلة في الوصية و لا تخلى امة من وسيلة إليه و إلى الله تعالى، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ.

حديث الوسيلة

3080/ [29]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد

__________________________________________________

25- الكافي 7: 248/ 13.

26- تفسير القمّي 1: 68.

27- المناقب 3: 75.

28- بصائر الدرجات: 236/ 21.

29- معاني الأخبار: 116/ 1، علل الشرائع: 164/ 6، فرائد السمطين 1: 106/ 76. [.....]

(1) في «س» و «ط»: عن الفضل العلوي، قال حدّثني الفضل بن عيسى، عن إبراهيم بن الحسن بن ظهر، عن شريك بن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و الظاهر أنّه حدث خلط و سقط في السند، و الصواب ما في المتن. راجع الجرح و التعديل: 6/ 25، معجم رجال الحديث 1: 216 و 9: 256، و غيرهما.

(2) الرعد 13: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 293

ابن عيسى، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا أبو جعفر العبدي «1»، قال:

حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا سألتم الله لي فسلوه الوسيلة» فسألنا النبي (صلى الله عليه و آله) عن الوسيلة، فقال: «هي درجتي في الجنة، و هي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر «2» الفرس الجواد شهرا، و هي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد، إلى مرقاة ياقوت، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضة. فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، فهي في درج النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي و لا صديق و لا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته. فيأتي النداء من عند الله عز و جل يسمع النبيين و جميع الخلق: هذه درجة محمد. فأقبل أنا يومئذ متزرا بريطة «3» من نور، علي تاج الملك و إكليل الكرامة، و علي بن أبي طالب أمامي، و بيده لوائي- و هو لواء الحمد- مكتوب عليه: لا إله إلا الله، المفلحون هم الفائزون بالله. فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان، لم نعرفهما، و لم نرهما. و إذا مررنا بالملائكة قالوا: نبيان مرسلان. حتى أعلوا الدرجة و علي يتبعني، حتى إذا صرت في أعلى درجة منها و علي أسفل مني بدرجة، فلا يبقى يومئذ نبي و لا صديق و لا شهيد إلا قال: طوبى لهذين العبدين، ما أكرمهما على الله! فيأتي النداء من قبل الله جل جلاله يسمع النبيين و الصديقين و الشهداء و المؤمنين: هذا حبيبي محمد، و هذا وليي علي، طوبى لمن أحبه، و ويل لمن أبغضه و كذب عليه. فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استروح إلى هذا

الكلام و ابيض وجهه، و فرح قلبه، و لا يبقى أحد ممن عاداك، أو نصب لك حربا، أو جحد لك حقا، إلا اسود وجهه، و اضطربت قدماه.

فبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي: أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، و أما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك، يا أحمد. فأقول: السلام عليك يا أيها الملك، من أنت؟ فما أحسن وجهك، و أطيب ريحك! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، و هذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد.

فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، أدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام). ثم يرجع رضوان، فيدنو مالك، فيقول: السلام عليك يا أحمد. فأقول: السلام عليك أيها الملك، من أنت؟ فما أقبح وجهك، و أنكر رؤيتك! فيقول: أنا مالك خازن النار، و هذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد.

فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، أدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب. ثم يرجع مالك، فيقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار، حتى يقف على عجز «4» جهنم و قد تطاير شررها، و علا زفيرها، و اشتد حرها، و علي آخذ بزمامها، فتقول له جهنم: جزني يا علي، فقد أطفأ نورك لهبي. فيقول لها علي: قري يا جهنم، خذي هذا و اتركي هذا، خذي عدوي، و اتركي وليي. فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي [من غلام أحدكم

__________________________________________________

(1) في المصدر: أبو حفص العبدي.

(2) الحضر- بالضم- العدو. «الصحاح- حضر- 2: 632».

(3) الرّيطة: كلّ ثوب ليّن دقيق، «لسان العرب- ريط- 7: 307».

(4) في معاني الأخبار: بحجزة، و في

علل الشرائع: عجزة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 294

لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة و إن شاء يذهبها يسرة، و لجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي ] فيما يأمرها به من جميع الخلائق».

3081/ [2]- الطبرسي: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): «سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة، لا ينالها إلا عبد واحد، و أرجو أن أكون أنا هو».

3082/ [3]- قال: و روي عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: «في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش، إحداهما بيضاء، و الاخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أبوابها و أكوابها من عرق واحد «1»، فالبيضاء: الوسيلة لمحمد و أهل بيته، و الصفراء لإبراهيم و أهل بيته».

سورة المائدة(5): آية 37 ..... ص : 294

قوله تعالى:

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها [37]

3083/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «عدو علي (عليه السلام) هم المخلدون في النار، قال الله: وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها».

3084/ [5]- عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها، قال: «أعداء علي هم المخلدون في النار أبد الآبدين، و دهر الداهرين».

سورة المائدة(5): الآيات 38 الي 39..... ص : 294

قوله تعالى:

وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [38- 39]

3085/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 293.

3- مجمع البيان 3: 293.

4- تفسير العيّاشي 1: 317/ 100.

5- تفسير العيّاشي 1: 317/ 101.

6- الكافي 3: 62/ 2.

(1) في «ط»: من غرف واحد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 295

أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، و قال:

«فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «1»- قال- فامسح على كفيك من حيث موضع القطع- و قال- وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «2»».

3086/ [2]- الشيخ: بإسناده عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «تقطع يد السارق، و يترك إبهامه و صدر راحته، و تقطع رجله، و يترك عقبه يمشي عليها».

3087/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: قلت:

لأبي عبد الله (عليه السلام): في كم تقطع يد السارق؟ فقال: «في ربع دينار».

قال: قلت له: في درهمين؟ فقال: «في ربع دينار، بلغ الدينار ما بلغ».

قال: فقلت له: أ رأيت من سرق أقل من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق، و هل هو عند الله سارق في تلك الحال؟ فقال: «كل من سرق من مسلم شيئا، قد حواه و أحرزه، فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند الله السارق، و لكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت يد السارق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس مقطعين».

3088/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن عمر الحلال، قال: قال ياسر عن بعض الغلمان، عن أبي الحسن (عليه السلام)، أنه قال: «لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن يده أظهر «3» الله عليه».

3089/ [5]- العياشي: عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً و قال: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «4»- قال- فامسح على كفيك من حيث موضع القطع- قال- وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «5»».

3090/ [6]- قال: و كتب إلينا أبو محمد يذكر عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عامة أصحابه

__________________________________________________

2- التهذيب 10: 102/ 399.

3- التهذيب 10: 384، الكافي 7: 221/ 6. [.....]

4- التهذيب 10: 148/ 590، الكافي 7: 260/ 4.

5- تفسير العيّاشي 1: 318/ 102.

6- تفسير العيّاشي 1: 318/ 103.

(1) المائدة: 5: 6.

(2) مريم 19: 64.

(3) في المصدر: أظهره.

(4) المائدة 5: 6.

(5) مريم

19: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 296

يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه كان إذا قطع يد السارق ترك له الإبهام و الراحة، فقيل له: يا أمير المؤمنين، تركت عامة يده؟ قال: فقال لهم: «فإن تاب فبأي شي ء يتوضأ؟ لأن الله يقول: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

3091/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن رجل سرق فقطعت يده اليمنى، ثم سرق فقطعت رجله «1» اليسرى، ثم سرق الثالثة؟

قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخلده في السجن، و يقول: إني لأستحيي من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها، و لا رجل يمشي بها إلى حاجته- و قال- فكان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، و إذا قطع الرجل قطعها دون الكعبين- قال- و كان لا يرى أن يغفل عن شي ء من الحدود».

3092/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إذا أخذ السارق فقطع وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل».

3093/ [9]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، أنه أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به مرة اخرى فقطع رجله اليسرى، ثم اوتي به ثالثة، فقال: إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يأكل بها، و يشرب بها، و يستنجي بها، و رجلا يمشي عليها. فجلده و استودعه السجن، و أنفق عليه من بيت المال».

3094/ [10]- عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما

السلام)، أنه [قال:] قال: «لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة، و لم يقطع إذا لم يكن له شهود».

3095/ [11]- عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لا يقطع إلا من نقب بيتا، أو كسر قفلا».

3096/ [12]- عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد و صديقه بشدة، قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة. قال: قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر بن محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم، قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع. قال: فقلت: من

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 318/ 104.

8- تفسير العيّاشي 1: 318/ 105.

9- تفسير العيّاشي 1: 319/ 106.

10- تفسير العيّاشي 1: 319/ 107.

11- تفسير العيّاشي 1: 319/ 108.

12- تفسير العيّاشي 1: 319/ 109. [.....]

(1) في «س» و «ط»: يده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 297

الكرسوع [قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف إلى الكرسوع ] لقول الله في التيمم:

فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ»

، و اتفق معي على ذلك قوم.

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق. قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأن الله لما قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «2» في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت إلى محمد بن

علي، فقال: ما تقول في هذا، يا أبا جعفر؟ فقال: «قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين». قال: دعني مما تكلموا به، أي شي ء عندك: قال: «اعفني عن هذا، يا أمير المؤمنين». قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه. فقال: «اما إذا أقسمت علي بالله إني أقول إنهم أخطأوا فيه السنة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الأصابع، فيترك الكف». قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: «قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): السجود على سبعة أعضاء «3»: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين. فإذا قطعت يده من الكرسوع، أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «4» يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها، فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «5» و ما كان لله لم يقطع». قال: فأعجب المعتصم ذلك، فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي، و تمنيت أني لم أك حيا، قال زرقان «6»: إن ابن أبي دؤاد قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة، و أنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار، قال: و ما هو؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماء هم لأمر واقع من امور الدين فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر المجلس بنوه «7» و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بإمامته، و يدعون أنه أولى

منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟! قال: فتغير لونه، و انتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا. قال: فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله، فدعاه، فأبى أن يجيبه، و قال: «قد علمت أني لا أحضر مجالسكم». فقال: إني إنما أدعوك إلى الطعام و أحب أن تطأ ثيابي، و تدخل منزلي، فأتبرك بذلك. و قد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة [لقاءك ]، فصار إليه، فلما اطعم منها، أحس مآلم السم فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم، فقال: «خروجي من

__________________________________________________

(1) النّساء 4: 43.

(2) المائدة 5: 6.

(3) في «س»: أعظم.

(4، 5) الجنّ 72: 18.

(6) في «ط»: ابن أبي زرقان.

(7) في «ط» نسخة بدل: أهل بيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 298

دارك خير لك». فلم يزل يومه ذلك و ليلته في خلفة «1» حتى قبض (صلوات الله عليه).

سورة المائدة(5): الآيات 41 الي 42..... ص : 298

اشارة

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [41- 42] 3097/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة بطنان من اليهود من بني هارون، و هم بنو النضير و قريظة، و كانت قريضة سبع مائة، و النضير ألفا، و كانت النضير أكثر مالا و أحسن حالا من قريظة، و كانوا حلفاء لعبد الله بن أبي، فكان إذا وقع بين قريظة و النضير قتل، و كان القاتل من بني النضير، قالوا لبني قريظة: لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة، حتى كادوا أن يقتتلوا، حتى رضيت قريظة، و كتبوا

بينهم كتابا على أنه أي رجل «2» من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يجبه و يحمم- و التجبية أن يقعد على جمل و يلوى «3» وجهه إلى ذنب الجمل، و يلطخ وجهه بالحمأة «4»- و يدفع نصف الدية. و أيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من النضير أن يدفع إليه الدية كاملة، و يقتل به.

فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و دخلت الأوس و الخزرج في الإسلام، ضعف أمر اليهود، فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير، فبعث إليه بنو النضير: ابعثوا إلينا بدية المقتول، و بالقاتل حتى نقتله. فقالت قريظة: ليس هذا حكم التوراة، و إنما هو شي ء غلبتمونا عليه، فإما الدية، و إما القتل، و إلا فهذا محمد بيننا و بينكم، فهلموا نتحاكم إليه.

فمشت بنو النضير إلى عبد الله بن أبي و قالوا: سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا و بين بني قريظة في القتل. فقال عبد الله بن أبي: ابعثوا معي رجال يسمع كلامي و كلامه، فإن حكم لكم بما تريدون، و إلا فلا ترضوا به. فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إن هؤلاء القوم قريظة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 168.

(1) الخلفة: الهيضة، و هي انطلاق البطن و القياء.

(2) زاد في «ط» و المصدر: من اليهود.

(3) في «ط» و المصدر: يولى.

(4) الحمأة: الطين الأسود المنتن. «لسان العرب- حمأ- 1: 61» و الظاهر أنّها تصحيف الحمم جمع حمّة: الرماد و الفحم و كلّ ما احترق في النار، إذ التحميم بالحمم لا بالحمأة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 299

و

النضير قد كتبوا بينهم كتابا و عهدا و ميثاقا فتراضوا «1» به، و الآن في قدومك يريدون نقضه، و قد رضوا بحكمك فيهم، فلا تنقض عليهم كتابهم و شرطهم، فإن بني النضير لهم القوة و السلاح و الكراع «2»، و نحن نخاف الغوائل و الدوائر «3».

فاغتم لذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يجبه بشي ء، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هادُوا يعني اليهود. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يعني عبد الله بن أبي و بني النضير يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يعني عبد الله بن أبي حيث قال لبني النضير: إن لم يحكم لكم بما تريدون فلا تقبلوا وَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إلى قوله: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ «4».

قلت: يأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام حديث المفضل بن عمر، عن الصادق «5» (عليه السلام)، و في الحديث تفسير قوله (تعالى): يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ الآية.

3098/ [2]- الطبرسي، قال: سبب نزول الآية: قال الباقر (عليه السلام): «إن

امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم، و هما محصنان، فكرهوا رجمهما، فأرسلوا إلى يهود المدينة، و كتبوا إليهم أن يسألوا النبي (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، طمعا في أن يأتي لهم برخصة، فانطلق قوم منهم، كعب بن الأشرف، و كعب بن أسيد «6» و شعبة بن عمر و مالك بن الصيف، و كنانة بن أبي الحقيق و غيرهم، فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن الزاني و الزانية إذا احصنا، ما حدهما؟

قال: و هل ترضون بقضائي في ذلك؟ فقالوا: نعم. فنزل جبرئيل (عليه السلام) بالرجم، فأخبرهم بذلك، فأبوا أن يأخذوا به، فقال جبرئيل: اجعل بينك و بينهم ابن صوريا. و وصفه له، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): هل تعرفون شابا

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 299.

(1) في المصدر: و عهدا وثيقا تراضوا. [.....]

(2) الكراع: هو اسم يجمع الخيل و السلاح. «لسان العرب 8: 308».

(3) الغوائل و الدوائر: الدواهي و النوائب من صروف الدهر.

(4) المائدة 5: 44.

(5) يأتي في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

(6) في سيرة ابن هشام 2: 162 و مواضع اخرى: كعب بن أسد. و عدّه من أعداء رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) من بني قريظة، و قال: و هو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 300

أمرد أبيض أعور، يسكن فدكا، يقال له: ابن صوريا؟ قالوا: نعم. قال: فأي رجل هو فيكم؟ قالوا: أعلم يهودي بقي على ظهر الأرض بما أنزل الله على موسى (صلى الله عليه)».

قال: «فأرسلوا إليه ففعلوا، فأتاهم عبد الله بن صوريا، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): إني أنشدك

الله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى و فلق لكم البحر، و أنجاكم، و أغرق آل فرعون، و ظلل عليكم الغمام، و أنزل عليكم المن و السلوى، هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن؟

قال ابن صوريا: نعم، و الذي ذكرتني به لولا خشية أن يحرقني رب التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك، و لكن أخبرني كيف هي في كتابك يا محمد؟

قال: إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم.

فقال ابن صوريا: هكذا أنزل الله في التوراة على موسى.

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): فما ذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله و رسوله؟

قال: كنا إذا زنى الشريف تركناه، و إذا زنى الضعيف أقمنا عليه الحد، فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنى ابن عم ملك لنا فلم نرجمه، ثم زنى رجل آخر فأراد الملك رجمه، فقال له قومه: لا، حتى ترجم فلانا- يعنون ابن عمه- فقالوا «1»: تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم، يكون على الشريف و الوضيع، فوضعنا الجلد و التحميم، و هو أن يجلدا أربعين جلدة، ثم يسود وجههما ثم يحملان على حمارين، فيجعل وجهاهما من قبل دبر الحمار، و يطاف بهما، فجعلوا هذا مكان الرجم.

فقالت اليهود لابن صوريا: ما أسرع ما أخبرته به، و ما كنت لما أثنينا «2» به عليك بأهل، و لكنك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك. فقال لهم: أنه أنشدني بالتوراة، و لولا ذلك لما أخبرته به.

فأمر بهما النبي (صلى الله عليه و آله) فرجما عند باب مسجده، و قال: أنا أول من أحيا أمرك إذا أماتوه. فأنزل الله سبحانه فيه

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «3».

فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم قال: هذا مقام العائذ بالله و بك أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه. فأعرض النبي عن ذلك، ثم سأله ابن صوريا عن نومه، فقال: تنام عيناي، و لا ينام قلبي. فقال: صدقت، فأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه امه شي ء، أو بأمه ليس فيه من شبه أبيه شي ء؟

فقال: أيهما علا و سبق ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له. قال: قد صدقت، فأخبرني ما للرجل من الولد، و ما للمرأة منه؟- قال- فأغمي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) طويلا، ثم خلي عنه محمرا وجهه يفيض عرقا، فقال: اللحم و الدم

__________________________________________________

(1) في المصدر: فقلنا.

(2) كذا في البحار 22: 26، و في «س» و «ط» و المصدر: أتينا.

(3) المائدة 5: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 301

و الظفر و الشعر «1» للمرأة، و العظم و العصب و العرق للرجل، فقال له: صدقت، أمرك أمر نبي.

فأسلم ابن صوريا عند ذلك، و قال: يا محمد من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبرئيل. قال: صفه لي. فوصفه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: أشهد أن في التوراة كما قلت، و أشهد أنك رسول الله حقا.

فلما أسلم ابن صوريا وقعت فيه اليهود و شتموه، فلما أرادوا أن ينهضوا تعلقت بنو قريظة ببني النضير، فقالوا: يا محمد إخواننا بنو النضير، أبونا واحد، و ديننا واحد، و نبينا واحد، إذا قتلوا منا قتيلا لم يفتدونا «2»، و أعطونا ديته سبعين وسقا «3»

من تمر، و إذا قتلنا منهم قتيلا قتلوا القاتل، و أخذوا منا الضعف مائة و أربعين وسقا من تمر، و إن كان القتيل امرأة قتلوا بها الرجل منها، و بالرجل منهم الرجلين منا، و بالعبيد الحر منا، و جراحاتنا على النصف من جراحاتهم، فاقض بيننا و بينهم. فأنزل الله في الرجم و القصاص الآيات».

صفة جبرئيل (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ..... ص : 301

3099/ [1]- في رواية الشيخ المفيد في (الاختصاص) في حديث عبد الله بن سلام و سؤاله رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور؟ قال: «في زي الذكور، ليس في زي الإناث».

قال: فأخبرني ما طعامه و شرابه «4»؟ قال: «طعامه التسبيح و شرابه التهليل».

قال: صدقت، يا محمد. قال: فأخبرني عن «5» طول جبرئيل؟ قال: «إنه على قدر بين الملائكة، ليس بالطويل العالي، و لا بالقصير المتداني، له ثمانون ذؤابة و قصة «6» جعدة، و هلال بين عينيه، أغر «7» أدعج «8» محجل «9»، ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل، له أربعة و عشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر و الياقوت، و مختمة باللؤلؤ، و عليه وشاح بطانته الرحمة، أزراره الكرامة، ظهارته الوقار، و ريشه الزعفران «10»، واضح الجبين 1»

،

__________________________________________________

1- الاختصاص: 45.

(1) في المصدر: و الشحم.

(2) في المصدر: لم يقد.

(3) الوسق: مكيلة معلومة، و هي ستّون صاعا.

(4) في «س»: فاخبرني عن طعامه.

(5) في المصدر: ما. [.....]

(6) القصّة: هي كلّ خصلة من الشعر. «النهاية 4: 71».

(7) الغرّ: جمع الأغرّ، من الغرّة، بياض في الوجه. «النهاية 3: 354».

(8) الدّعج و الدّعجة: السواد في العين و غيرها. «النهاية 2: 119».

(9) في «س» و «ط»:

يخجل.

(10) في «ط» نسخة بدل: و رأسه الزعفران.

(11) يقال: إنّه واضح الجبين: إذا ابيضّ و حسن و لم يكن غليظا كثير اللحم. «لسان العرب:- وضح- 2: 634».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 302

أقنى الأنف «1»، سائل الخدين، مدور اللحيين، حسن القامة، لا يأكل و لا يشرب، و لا يمل و لا يسهو، قائم بوحي الله إليه إلى يوم القيامة».

قال: صدقت يا محمد. و سأله عن مسائل فأجابه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له عبد الله بن سلام: صدقت يا محمد. فقال له: من أخبرك بهذا؟ قال: «جبرئيل». قال: عمن؟ قال: «عن ميكائيل». قال: ميكائيل عمن؟ قال:

«إسرافيل» قال: إسرافيل عمن؟ قال: «عن اللوح المحفوظ». قال: «اللوح عمن؟ قال: عن القلم» قال: القلم عمن؟

قال: «عن رب العالمين» قال: صدقت يا محمد.

3100/ [1]- ابن بابويه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان ابن داود المنقري، عن حفص بن غياث، أو غيره، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «2»، قال: «رأى جبرئيل (عليه السلام)، على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ست مائة جناح، قد ملأ ما بين السماء و الأرض «3»».

باب في معن السحت ..... ص : 302

3101/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ.

قال: «هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة، ثم يقبل هديته».

و روى هذا الحديث في (صحيفة الرضا (عليه السلام)) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بعينه «4».

3102/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن

ابن رئاب، عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الغلول. فقال: «كل شي ء غل من الإمام فهو سحت، و أكل مال اليتيم و شبهه سحت، و السحت أنواع كثيرة، منها: أجور الفواجر، و ثمن الخمر، و النبيذ المسكر، و الربا بعد البينة، فأما الرشا في الحكم، فإن ذلك الكفر بالله العظيم و برسوله (صلى الله عليه و آله)».

3103/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و ثمن الخمر، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

__________________________________________________

1- التوحيد: 116/ 18.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 28/ 16.

3- الكافي 5: 126/ 1.

4- الكافي 5: 126/ 2.

(1) القنا: احد يدأب في الأنف. «الصحاح- قنا- 6: 2469».

(2) النجم 53: 18.

(3) في المصدر: إلى الأرض.

(4) صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 256/ 183. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 303

3104/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن زرعة، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «السحت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجام إذا شارط، و أجر الزانية، و ثمن الخمر، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم».

3105/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن يزيد ابن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن السحت، فقال: «الرشا في الحكم».

3106/ [6]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد

الله، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن القاسم بن الوليد القماري «1»، عن عبد الرحمن الأصم «2»، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله العامري «3» قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ثمن الكلب، الذي لا يصيد، فقال:

«سحت، و أما الصيود فلا بأس».

3107/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصناع إذا سهروا الليل كله فهو سحت».

3108/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن داود ابن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين، أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أ يحل ذلك؟ فقال: «من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما «4» يأخذ سحتا، و إن كان حقه ثابتا، لأنه أخذ بحكم الطاغوت، و قد أمر الله أن يكفر به».

قال: قلت: كيف يصنعان؟ قال: «انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا، فارضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل «5» منه، فإنما بحكم الله استخف، و علينا رد، و الراد علينا: الراد على الله، و هو على حد الشرك بالله».

__________________________________________________

4- الكافي 5: 127/ 3.

5- الكافي 5: 127/ 4.

6- الكافي 5: 127/ 5.

7- الكافي 5: 127/ 7.

8- الكافي 7: 412/ 5.

(1) في المصدر: العماري.

(2) كذا في «س»

و «ط» و المصدر، و في الحديث (7) و سائر الموارد: عبد اللّه بن عبد الرحمن، الأصمّ، و الظاهر أنّه الصحيح، راجع معجم رجال الحديث 10: 242 و 14: 62.

(3) في «س» عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و في المقام اختلاف كثير، راجع معجم رجال الحديث 14: 62 و 21: 229.

(4) في «س»: فإنّه.

(5) في المصدر: يقبله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 304

3109/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل، أبو عبد الله (عليه السلام) عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: «ذلك السحت».

3110/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: أوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوار له مغنيات: أن نبيعهن و نحمل ثمنهن إلى أبي الحسن (عليه السلام).

قال إبراهيم: فبعت الجواري بثلاث مائة ألف درهم، و حملت الثمن إليه، فقلت له: إن مولى لك يقال له إسحاق بن عمر قد أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنيات و حمل الثمن إليك، و قد بعتهن، و هذا الثمن ثلاث مائة ألف درهم. فقال: «لا حاجة لي فيه، إن هذا سحت، و تعليمهن كفر، و الاستماع منهن نفاق، و ثمنهن سحت».

3111/ [11]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي قرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هؤلاء يقولون: إن كسب المعلم سحت! فقال: «كذبوا أعداء الله، إنما أرادوا أن لا يعلموا القرآن، و لو أن المعلم أعطاه الرجل دية

ولده لكان للمعلم مباحا».

3112/ [12]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن محمد بن مسلم و عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت- قال- و لا بأس بثمن الهر».

3113/ [13]- عنه: بإسناده عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عن شراء المغنية، فقال: «قد تكون للرجل الجارية تلهيه، و ما ثمنها إلا ثمن الكلب، و ثمن الكلب سحت، و السحت في النار».

3114/ [14]- العياشي: عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، و فتح مسامع قلبه، و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد الله بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله- ثم تلا هذه الآية- فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً «1» الآية، و قال: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ «2»، و قال: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ».

__________________________________________________

9- الكافي 7: 409/ 1.

10- الكافي 5: 120/ 7.

11- الكافي 5: 121/ 2.

12- التهذيب 6: 356/ 1017. [.....]

13- التهذيب 6: 357/ 1019.

14- تفسير العيّاشي 1: 321/ 110.

(1) الأنعام 6: 125.

(2) يونس 10: 96.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 305

3115/ [15]- عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ثمن الكلب سحت، و السحت في النار».

3116/ [16]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو أبي الحسن «1» (عليه

السلام)، قال: «السحت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجام «2»، و أجر الزانية، و ثمن الخمر، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله».

3117/ [17]- عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكل السحت: الرشوة في الحكم».

و عنه (عليه السلام): «و مهر البغي».

3118/ [18]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت- و قال- لا بأس بثمن الهرة».

3119/ [19]- عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغلول، فقال: «كل شي ء غل من الإمام فهو السحت، و أكل مال اليتيم و شبهه. و السحت أنواع كثيرة، منها كل «3» ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة. و منها أجور القضاة، و أجور الفواجر «4»، و ثمن الخمر و النبيذ المسكر «5»، و الربا بعد البينة، فأما الرشا- يا عمار- في الأحكام، فإن ذلك الكفر بالله و برسوله».

3120/2]- عن السكوني، عن أبي جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجي ء به الصبيان من القمار أن يؤكل، و قال: «هو السحت».

3121/ [21]- و بإسناده عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «إن السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و ثمن الخمر «6»، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 321/ 111.

16- تفسير العيّاشي 1: 321/ 112.

17- تفسير العيّاشي 1: 321/ 113.

18- تفسير العيّاشي 1: 321/ 114.

19- تفسير العيّاشي 1: 321/ 115.

20- تفسير العيّاشي 1: 322/ 116.

21- تفسير العيّاشي 1: 322/ 117.

(1) في المصدر: و أبي الحسن موسى.

(2) في «س» و «ط»: كسب المحارم.

(3) (كلّ) ليس في المصدر. [.....]

(4) في «س» و «ط»:

الفواحش.

(5) في «ط»: و النبيذ و المسكر.

(6) في المصدر نسخة بدل: الخنزير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 306

سورة المائدة(5): آية 44 ..... ص : 306

قوله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ [44]

3122/ [1]- العياشي: عن مالك الجهني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ إلى قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ، قال: «فينا نزلت».

3123/ [2]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن مما استحقت به الإمامة: التطهير، و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبقة التي توجب النار، ثم العلم المنور «1» بجميع ما تحتاج إليه الامة من حلالها و حرامها، و العلم بكتابها، خاصه و عامه، و المحكم و المتشابه، و دقائق علمه، و غرائب تأويله، و ناسخه و منسوخه».

قلت: و ما الحجة بأن الإمام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء التي ذكرت؟

قال: «قول الله فيمن أذن الله لهم في الحكومة و جعلهم أهلها: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربون «2» الناس بعلمهم، و أما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين، ثم أخبر، فقال: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ و لم يقل بما حملوا منه».

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [44]

3124/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه «3»، عن عبد الله بن كثير، عن عبد الله بن مسكان، رفعه، قال: قال

رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من حكم في

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 322/ 118.

2- تفسير العيّاشي 1: 322/ 119.

3- الكافي 7: 408/ 3.

(1) في «ط» نسخة بدل: المكنون.

(2) في «ط»: يؤتون.

(3) في المصدر: أصحابنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 307

درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ.

فقلت: و كيف يجبر عليه؟ فقال: «يكون له سوط و سجن، فيحكم عليه، فإن «1» رضي بحكومته «2»، و إلا ضربه بسوطه، و حبسه في سجنه».

و رواه الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه «3»، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن مسكان، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «4».

3125/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز و جل فهو كافر بالله العظيم».

و رواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ... إلى آخره «5».

3126/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حكم في درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه، كان من أهل هذه الآية وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

فقلت: يا بن رسول الله، و كيف يجبر عليه؟ قال: «يكون له سوط و سجن فيحكم عليه، فإن رضي بحكومته «6»، و إلا ضربه بسوطه و حبسه في سجنه».

3127/ [4]-

عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر، و من حكم في درهمين فأخطأ كفر».

3128/ [5]- عن أبي بصير بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم».

3129/ [6]- عن بعض أصحابه، قال: سمعت عمارا يقول على منبر الكوفة: ثلاثة يشهدون على عثمان أنه

__________________________________________________

2- الكافي 7: 408/ 2.

3- تفسير العيّاشي 1: 323/ 120.

4- تفسير العيّاشي 1: 323/ 121.

5- تفسير العيّاشي 1: 323/ 122.

6- تفسير العيّاشي 1: 323/ 123. [.....]

(1) في المصدر: فإذا.

(2) في «س» و «ط»: بحكمه.

(3) في المصدر: أصحابنا.

(4) التهذيب 6: 221/ 524.

(5) التهذيب 6: 221/ 523.

(6) في المصدر: بحكمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 308

كافر، و أنا الرابع، و أنا أسمي «1» الأربعة، ثم قرأ هؤلاء الآيات في المائدة وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ و ... الظَّالِمُونَ «2» و ... الْفاسِقُونَ «3».

3130/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر».

3131/ [8]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دية الأنف إذا استؤصل، مائة من الإبل: ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر. و دية العين إذا فقئت خمسون من الإبل. و دية ذكر الرجل إذا قطع من الحشفة مائة من الإبل، على أسباب الخطأ دون العمد. و كذلك دية الرجل و كذلك دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل.

و كذلك دية الاذن إذا قطعت فجدعت خمسون من الإبل».

قال: «و ما كان من ذلك من جروح أو تنكيل، فيحكم به ذوا عدل منكم، يعني به الإمام- قال- وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

3132/ [9]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دية الأنف إذا استؤصل مائة من الإبل، و العين إذا فقئت خمسون من الإبل، و اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، و في الذكر إذا قطع مائة من الإبل، و في الاذن إذا جدعت خمسون من الإبل، و ما كان من ذلك جروحا دون الثلث»

، و الإصبع و شبهه يحكم به ذوا عدل منكم وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

3133/ [10]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر».

قلت: كفر بما أنزل الله، أو بما نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «ويلك، إذا كفر بما انزل على محمد (صلى الله عليه و آله) [أليس ] قد كفر بما أنزل الله؟!».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 323/ 124.

8- تفسير العيّاشي 1: 323/ 125.

9- تفسير العيّاشي 1: 324/ 126.

10- تفسير العيّاشي 1: 324/ 127.

(1) في «ط»: أتمّ.

(2) المائدة 5: 45.

(3) المائدة 5: 47.

(4) في المصدر: المثلات. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 309

سورة المائدة(5): آية 45 ..... ص : 309

قوله تعالى:

وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ [45]

3134/ [1]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ

الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ الآية. قال: «هي محكمة».

3135/ [2]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان السائل من محبينا، فقال له: أبو جعفر (عليه السلام): بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف- و ذكر الأسياف إلى أن قال- و أما السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص، قال الله تعالى:

النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية، فسله إلى أولياء المقتول، و حكمه إلينا».

3136/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في رجل قتل امرأة «1» متعمدا، فقال: «إن شاء أهلها أن يقتلوه و يؤدوا إلى أهله نصف الدية، و إن شاءوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم».

و قال في امرأة قتلت زوجها متعمدة: «إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها، و ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه».

3137/ [4]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة بينها و بين الرجل قصاص، قال: «نعم، في الجراحات حتى تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث «2» ارتفع الرجل و سفلت المرأة».

__________________________________________________

1- التهذيب 10: 183/ 718.

2- التهذيب 6: 137/ 230.

3- الكافي 7: 299/ 4.

4- الكافي 7: 300/ 7.

(1) في «ط»: امرأته.

(2) في «ط» زيادة: سواء.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 310

3138/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبي، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن جراحات الرجال و النساء في الديات و القصاص، فقال: «الرجال و النساء في القصاص سواء، السن بالسن، و الشجة بالشجة، و الإصبع بالإصبع سواء، حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية، فإذا جاوزت الثلث صيرت دية الرجل في الجراحات ثلثي الدية، و دية النساء ثلث الدية».

3139/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الرجل يقتل المرأة متعمدا، فأراد أهل المرأة أن يقتلوه، قال: «ذلك لهم، إذا أدوا إلى أهله نصف الدية، و إن قبلوا الدية فلهم نصف دية الرجل، و إن قتلت المرأة الرجل قتلت به و ليس لهم إلا نفسها».

و قال: «جراحات الرجال و النساء سواء، فسن المرأة بسن الرجل، و موضحة «1» المرأة بموضحة الرجل، و إصبع المرأة بإصبع الرجل، حتى تبلغ الجراحة ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية أضعفت دية الرجل على دية المرأة».

3140/ [7]- العياشي: عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، سيف منها مغمود سله إلى غيرنا، و حكمه إلينا، فأما السيف المغمود فهو الذي يقام به القصاص، قال الله جل وجهه: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية. فسله إلى أولياء المقتول، و حكمه إلينا».

قوله تعالى:

فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ [45]

3141/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان،

عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، فقال: «يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا».

3142/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، قال: «يكفر عنه

__________________________________________________

5- الكافي 7: 300/ 8.

6- الكافي 7: 298/ 2.

7- تفسير العيّاشي 1: 324/ 128.

1- الكافي 7: 358/ 1.

2- الكافي 7: 358/ 2.

(1) الموضحة من الشّجاج: هي التي تبدي وضح العظم، أي بياضه. «مجمع البحرين- وضح- 2: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 311

من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره».

3143/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، قال:

«يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره».

سورة المائدة(5): آية 47 ..... ص : 311

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [47]

3144/ [4]- العياشي: عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «قد فرض الله في الخمس نصيبا لآل محمد (صلوات الله عليهم)، فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حسدا و عداوة، و قد قال الله: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. و كان أبو بكر أول من منع آل محمد (عليهم السلام) حقهم، و ظلمهم، و حمل الناس على رقابهم، و لما قبض أبو بكر استخلف عمر على غير شورى من المسلمين، و لا رضا من آل محمد (عليهم السلام)، فعاش عمر بذلك، لم

يعط آل محمد حقهم، و صنع ما صنع أبو بكر».

سورة المائدة(5): آية 48 ..... ص : 311

قوله تعالى:

فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ [48]

3145/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحلف اليهودي، و لا النصراني، و لا المجوسي بغير الله، إن الله عز و جل يقول: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ».

3146/ [6]- العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحلف اليهودي، و لا النصراني، و لا المجوسي بغير الله، إن الله يقول: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 325/ 129.

4- تفسير العيّاشي 1: 325/ 130. [.....]

5- الكافي 7: 451/ 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 325/ 131.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 312

قوله تعالى:

لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ [48] 3147/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً قال: لكل نبي شريعة و طريق وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ أي يختبركم.

سورة المائدة(5): آية 50 ..... ص : 312

قوله تعالى:

أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [50]

3148/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القضاة أربعة: ثلاثة في النار، و واحد في الجنة، رجل قضى بجور، و هو يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بجور، و هو لا يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بالحق، و هو لا يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بالحق، و هو يعلم، فهو

في الجنة».

و قال (عليه السلام): «الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية».

3149/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال «1»، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية، و قد قال الله عز و جل:

وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «2»، و اشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 170.

2- الكافي 7: 407/ 1.

3- الكافي 7: 407/ 2.

(1) في «س»: محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان و ابن فضّال، و كلا الحالين صحيح، حيث روى محمّد بن عبد الجبار بكثرة عن كلّ من صفوان و ابن فضّال. راجع معجم رجال الحديث 16: 201.

(2) في «ط» فاشهد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 313

3150/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية». ثم قال: وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، قال: «فاشهد أن زيدا قد حكم بحكم الجاهلية» يعني في الفرائض.

سورة المائدة(5): آية 52 ..... ص : 313

قوله تعالى:

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ- إلى قوله تعالى- نادِمِينَ [52] 3151/ [4]- قال علي بن إبراهيم: قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ و هو قول عبد الله بن أبي لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تنقض حكم بني النضير، فإنا نخاف الدوائر، فقال الله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ.

3152/

[5]- و قال: عن داود الرقي، قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجل و أنا حاضر عن قول الله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ، فقال: «أذن في هلاك بني امية بعد إحراق زيد بسبعة أيام».

سورة المائدة(5): آية 53 ..... ص : 313

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ [53]

3153/ [6]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبو جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الحكم بن عيينة «1»، و سلمة، و كثير النواء، و أبا المقدام، و التمار- يعني سالما- أضلوا كثيرا ممن ضل من هؤلاء الناس، و إنهم ممن قال الله:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 325/ 132.

4- تفسير القمّي 1: 170.

5- تفسير العيّاشي 1: 325/ 133.

6- تفسير العيّاشي 1: 326/ 134.

(1) في المصدر: الحكم بن عتيبة، و كلاهما وارد. راجع معجم رجال الحديث 6: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 314

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «1»، و إنهم ممن قال الله: أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ يحلفون بالله إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ».

سورة المائدة(5): آية 54 ..... ص : 314

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [54]

3154/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن عمر و محمد بن الوليد «2»، قالا: حدثنا حماد بن عثمان، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن صاحب هذا الأمر محفوظ له [أصحابه ]، لو ذهب الناس جميعا أتى الله [له ] بأصحابه، و هم الذين قال الله عز و جل: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «3»، و هم الذين قال الله عز و جل فيهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ

عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ».

3155/ [2]- العياشي: عن سليمان بن هارون، قال: قلت له: إن بعض هؤلاء العجلية»

يزعمون أن سيف رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند عبد الله بن الحسن.

فقال: «و الله ما رآه و لا أبوه بواحدة من عينيه، إلا أن يكون رآه أبوه عند الحسين (عليه السلام). و إن صاحب هذا الأمر محفوظ له، فلا تذهبن يمينا و لا شمالا، فإن الأمر- و الله- واضح، و الله لو أن أهل السماء و الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا [الأمر] عن موضعه الذي وضعه الله فيه، ما استطاعوا، و لو أن الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون من أهله.- ثم قال- أما تسمع الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ؟- حتى فرغ من الآية-

__________________________________________________

1- الغيبة: 316/ 12.

2- تفسير العيّاشي 1: 326/ 135. [.....]

(1) البقرة 2: 8.

(2) في المصدر: محمّد بن حمزة و محمّد بن سعيد، و الظاهر أنّه تصحيف، فقد تكرّر هذا السند في المصدر أكثر من مرّة و فيه: محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري و محمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز، راجع المصدر: 266/ 33 و 278/ 62 و غيرهما.

(3) الأنعام 6: 89.

(4) العجليّة: طائفة من الغلاة، أتباع عمير بن بيان العجلي. «معجم الفرق الاسلامية: 170». و في «ط»: هؤلاء العجلة، و المصدر: هذه العجلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 315

و قال في آية أخرى: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «1»- ثم قال- إن أهل هذه الآية هم أهل

تلك الآية».

3156/ [3]- عن بعض أصحابه، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ، قال: «الموالي».

3157/ [4]- الطبرسي: قيل: «هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و أصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين و القاسطين و المارقين». قال: و روي ذلك عن عمار، و حذيفة، و ابن عباس. ثم قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

3158/ [5]- و عنه: قال: و روي عن علي (عليه السلام)، أنه قال يوم البصرة: «و الله، ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم» و تلا هذه الآية.

3159/ [6]- و في (نهج البيان) المروي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام)».

3160/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذين غصبوا آل محمد (صلوات الله عليهم) حقهم، و ارتدوا عن دين الله فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ الآية، قال: نزلت في القائم و أصحابه، يجاهدون في سبيل الله، و لا يخافون لومة لائم.

3161/ [8]- و من طريق المخالفين، قال الثعلبي في تفسير الآية فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ الآية، قال: نزلت في علي (عليه السلام).

سورة المائدة(5): الآيات 55 الي 56 ..... ص : 315

قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ [55]

3162/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 327/ 136.

4- مجمع البيان 3: 321.

5- مجمع البيان 3: 322.

6- نهج البيان 2:

103 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 170.

8- ... العمدة لابن بطريق: 158.

1- الكافي 1: 354/ 77.

(1) الأنعام 6: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 316

الحسن بن محمد الهاشمي، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها «1».

قال: «لما نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، و إن آمنا فهذا ذل، حين يسلط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، و لكن نتولاه، و لن نطيع عليا فيما أمرنا- قال- فنزلت هذه الآية:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها يعني يعرفون ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أكثرهم الكافرون بالولاية».

3163/ [2]- و عنه: عن بعض «2» أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشير، عن موسى بن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «3».

قال: «إن الله تعالى أعظم و أجل و أعز و أمنع من أن يظلم، و لكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، حيث يقول: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني الأئمة منا. ثم قال في موضع آخر: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ثم ذكر مثله.

3164/ [3]- و عنه:

بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) قولنا «4» في الأوصياء أن طاعتهم مفروضة، قال: فقال: «نعم، هم الذين قال الله تعالى:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «5»، و هم الذين قال الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا».

3165/ [4]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 113/ 11.

3- الكافي 1: 143/ 7. [.....]

4- الكافي 1: 228/ 3.

(1) النّحل 16: 83.

(2) في «ط»: عن عدّة من.

(3) البقرة 2: 57.

(4) في «س»: قوله لنا.

(5) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 317

قال: «إنما يعني أولى بكم، أي أحق بكم و بأموركم و أنفسكم و أموالكم اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا و أولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة. ثم وصفهم الله عز و جل فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر، و قد صلى ركعتين، و هو راكع، و عليه حلة قيمتها ألف دينار، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) كساه إياها، و كان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله، و أولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين. فطرح الحلة إليه و أومأ بيده إليه أن احملها.

فأنزل الله عز و جل

فيه هذه الآية، و صير نعمة أولاده بنعمته، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة «1» مثله، فيتصدقون و هم راكعون، و السائل الذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) من الملائكة، و الذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة».

3166/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، و الفضيل ابن يسار، و بكير بن أعين، و محمد بن مسلم، و يزيد بن معاوية، و أبي الجارود، جميعا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أمر الله عز و جل رسوله بولاية علي (عليه السلام) و أنزل عليه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و فرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا (صلى الله عليه و آله) أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تخوف أن يرتدوا عن دينهم، و أن يكذبوه، فضاق صدره، و راجع ربه عز و جل، فأوحى الله عز و جل إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «2» فصدع بأمر الله تعالى ذكره، فقام بولاية علي (عليه السلام) يوم غدير خم، فنادى:

الصلاة جامعة. و أمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب».

قال عمر بن أذينة: قالوا جميعا غير أبي الجارود، و قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى، و كانت الولاية

آخر الفرائض، فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «3»». قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقول الله عز و جل: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة، قد أكملت لكم الفرائض».

3167/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

__________________________________________________

5- الكافي 1: 229/ 4.

6- الأمالي: 107/ 4.

(1) في المصدر: الصفة.

(2) المائدة 5: 67.

(3) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 318

قال: «إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام، و أسد، و ثعلبة «1»، و ابن يامين، و ابن صوريا، فأتوا النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا نبي الله، إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ و من ولينا من بعدك؟ فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قوموا فقاموا و أتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل، أما أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و كبر أهل المسجد، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): علي بن أبي طالب وليكم بعدي. قالوا: رضينا بالله ربا،

و بالإسلام دينا، و بمحمد نبيا، و بعلي بن أبي طالب وليا. فأنزل الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «2»».

و روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: و الله لقد تصدقت بأربعين خاتما، و أنا راكع، لينزل في ما نزل في علي ابن أبي طالب فما نزل.

3168/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس و عنده قوم من اليهود، فيهم عبد الله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، فاستقبله سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟

قال: نعم، ذلك المصلي. فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا هو علي (عليه السلام)».

3169/ [8]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن عيسى، [عن محمد بن خالد البرقي ] «3»، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟

فقال: «هم الذين قال الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4»، و هم الذين قال الله:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ».

3170/ [9]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد الله العنبري، عن

عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري، عن عون

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 170.

8- الاختصاص: 277.

9- الأمالي 1: 58. [.....]

(1) هما: أسد بن عبيد، و ثعلبة بن سعية. انظر سيرة ابن هشام 2: 206. و في «س» و «ط»: و أسد بن ثعلبة.

(2) المائدة 5: 56.

(3) أثبتناه من المصدر، و كذا في معجم رجال الحديث 14: 48.

(4) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 319

ابن عبيد الله، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما و هو نائم، و حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه و آله)، و ظننت أنه يوحى إليه، فاضطجعت بينه و بين الحية، فقلت: إن كان منها سوء كان إلي دونه. فمكثت هنيئة، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه و آله) و هو يقول «1»: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا حتى أتى على آخر الآية. ثم قال: «الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، و هنيئا له بفضل الله الذي آتاه». ثم قال لي: «ما لك ها هنا؟» فأخبرته بخبر الحية، فقال لي: «اقتلها» ففعلت. ثم قال: «يا أبا رافع، كيف أنت و قوم يقاتلون عليا و هو على الحق و هم على الباطل، جهادهم حق لله عز اسمه، فمن لم يستطع فبقلبه، ليس ورائه شي ء». فقلت: يا رسول الله، أدع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم. قال: فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: «إن لكل نبي أمينا، و إن أميني أبو رافع».

قال: فلما بايع الناس عليا بعد عثمان، و سار طلحة و الزبير، ذكرت قول النبي (صلى الله عليه و

آله)، فبعت داري بالمدينة، و أرضا لي بخيبر، و خرجت بنفسي و ولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأستشهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة، و خرجت معه إلى صفين، فقاتلت بين يديه بها، و بالنهروان أيضا، و لم أزل معه حتى استشهد (عليه السلام)، فرجعت إلى المدينة و ليس لي بها دار، و لا أرض، فأعطاني الحسن بن علي (عليهما السلام) أرضا بينبع، و قسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزلتها و عيالي.

3171/ [10]- أبو علي الطبرسي، قال: حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني القايني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني «2» (رحمه الله)، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الشعراني، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين الباشاني»

، قال: حدثنا المظفر ابن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا السندي بن علي الوراق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس ابن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم، يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إلا قال الرجل: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال ابن عباس: سألتك بالله، من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه، و قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أن جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهاتين و إلا صمتا، و رأيته بهاتين

و إلا عميتا يقول: «علي قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله». أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في

__________________________________________________

10- مجمع البيان 3: 324، شواهد التنزيل 1: 177/ 235، فرائد السمطين 1: 191/ 151، الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 124.

(1) في المصدر: يقرأ.

(2) في «س» و «ط»: أبو إسحاق الحسكاني، و الصواب ما في المتن من المصدر و تذكرة الحفاظ 3: 1200، و سير أعلام النبلاء 18: 268.

(3) في المصدر: البياشاني، و في شواهد التنزيل: القاشاني، و هو أحمد بن محمّد بن علي بن رزين الباشاني الهروي، ثقة، توفّي سنة (321 ه).

و الباشاني: نسبة إلى باشان، و هي قرية من قرى هراة. راجع معجم البلدان 1: 322. سير أعلم النبلاء 14: 523.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 320

المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، و قال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله، فلم يعطني أحد شيئا. و كان علي (عليه السلام) راكعا فأومأ بخنصره اليمنى إليه، و كان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك بعين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه و آله) من صلاته رفع رأسه إلى السماء و قال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي «1» فأنزلت عليه قرآنا ناطقا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما «2» اللهم،

و أنا محمد نبيك، و صفيك، اللهم فاشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا، اشدد به ظهري».

قال أبو ذر: فو الله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله فقال: يا محمد، اقرأ. قال: «و ما أقرأ؟» قال: اقرأ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

ثم قال الطبرسي: روى هذا الحديث «3» أبو إسحاق الثعلبي في (تفسيره) بهذا الإسناد بعينه.

3172/ [11]- و عنه، قال: و روى أبو بكر الرازي في كتاب (أحكام القرآن) على ما حكاه المغربي عنه، و الطبري، و الرماني أنها نزلت في علي (عليه السلام) حين تصدق بخاتمه و هو راكع. و هو قول مجاهد و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) و جميع علماء أهل البيت.

و قال: قال الكلبي: نزلت في عبد الله بن سلام و أصحابه لما أسلموا و قطعت اليهود موالاتهم، فنزلت الآية.

و في رواية عطاء: قال عبد الله بن سلام: يا رسول الله، أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه و هو راكع، فنحن نتولاه.

3173/ [12]- و عنه، قال: و قد رواه لنا السيد أبو الحمد، عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد المتصل المرفوع إلى أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس، و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا آمنا بالله و رسوله و صدقناه رفضونا، و آلوا على أنفسهم بأن لا يجالسونا،

و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، فشق ذلك علينا؟

فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ الآية.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، فبصر بسائل، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» فقال: نعم، خاتما من فضة. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟» قال: «ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي (عليه السلام). فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أية حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو

__________________________________________________

11- مجمع البيان 3: 325، أحكام القرآن 4: 102.

12- مجمع البيان 3: 325، مناقب الخوارزمي: 186، شواهد التنزيل 1: 181/ 237، فرائد السمطين 1: 189/ 150.

(1) طه 20: 25- 32.

(2) القصص 28: 35.

(3) في المصدر: الخبر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 321

راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قرأ: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «1».

فأنشأ «2» حسان بن ثابت يقول في ذلك شعرا:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي و كل بطي ء في الهدى و مسارع

أ يذهب مدحيك المحبر «3» ضائعا و ما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا زكاة فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية و ثبتها مثنى كتاب الشرائع

3174/ [13]- و قال الطبرسي: و في حديث إبراهيم بن الحكم بن ظهير، أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع رهط من قومه، يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لقوا من قومهم، فبينما هم يشكون إذ نزلت هذه

الآية، و أذن بلال، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، و إذا مسكين يسأل، فقال (صلى الله عليه و آله):

«ماذا أعطيت؟» قال: خاتما من فضة. فقال: «من أعطاكه؟» قال: ذلك القائم. فإذا هو علي (عليه السلام). قال: «على أي حال أعطاكه؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «4» الآية.

3175/ [14]- العياشي: عن الحسن بن زيد «5»، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده (عليه السلام)، قال: سمعت عمار ابن ياسر يقول: وقف لعلي بن أبي طالب سائل و هو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه، فأعطاه السائل، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأعلمه بذلك، فنزلت على النبي (صلى الله عليه و آله) هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ إلى آخر الآية، فقرأها رسول الله (صلى الله عليه و آله) علينا. ثم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

3176/ [15]- عن ابن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أعرض عليك ديني الذي أدين الله به، قال:

«هاته».

قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله، و أقر بما جاء به من عند الله. قال: ثم وصفت له الأئمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قلت: و أقول فيك «6» ما أقول فيهم. فقال: «أنهاك أن تذهب باسمي في الناس».

__________________________________________________

13- مجمع البيان 3: 325، النور المشتعل: 67/ 7 «قطعة منه». [.....]

14- تفسير العيّاشي 1: 327/ 137، شواهد التنزيل 1:

173/ 231، فرائد السمطين 1: 194/ 153، الدر المنثور 3: 105.

15- تفسير العيّاشي 1: 327/ 138.

(1) المائدة 5: 56.

(2) في «ط»: فأنشد.

(3) حبّر الشعر و الكلام: حسنّه و زيّنه. «أقرب الموارد 1: 155».

(4) المائدة 5: 56.

(5) في المصدر: عن خالد بن يزيد، عن المعمر بن المكّي، عن إسحاق بن عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، عن الحسن بن زيد.

(6) في المصدر: و اقرّ بك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 322

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الكلام الأول: و أزعم أنهم الذين قال الله في القرآن: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الآية الاخرى فاقرأ».

قال: قلت له: جعلت فداك، أي آية؟

قال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، قال:

فقال: «رحمك الله». قال: قلت: تقول: رحمك الله على هذا الأمر؟ قال: فقال: «رحمك الله على هذا الأمر».

3177/ [16]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في بيته، و عنده نفر من اليهود- أو قال: خمسة من اليهود- فيهم عبد الله بن سلام، فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2» فتركهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منزله، و خرج إلى المسجد، فإذا بسائل قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أصدق عليك أحد بشي ء؟ قال: نعم، هو ذاك المصلي. فإذا هو علي (عليه السلام)».

3178/ [17]- عن المفضل بن صالح، عن

بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «أنه لما نزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا شق ذلك على النبي (صلى الله عليه و آله) و خشي أن تكذبه «3» قريش فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «4» الآية، فقام بذلك يوم غدير خم».

3179/ [18]- عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة: عليا، و أبا ذر، و سلمان، و المقداد».

فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس، أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟ فقال: «بلى، ثلاثة».

قلت: هذه الآيات التي أنزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا و قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «5» أما كان أحد يسأل فيمن «6» نزلت؟ فقال: «من ثم أتاهم، لم يكونوا يسألون».

3180/ [19]- عن الفضيل «7»، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 328/ 139.

17- تفسير العيّاشي 1: 328/ 140.

18- تفسير العيّاشي 1: 328/ 141.

19- تفسير العيّاشي 1: 328/ 142.

(1) النّساء 4: 59.

(2) في «س» و «ط» زيادة: بهذا الفتى. [.....]

(3) في «ط»: يكذّبون.

(4) المائدة 5: 67.

(5) النّساء 4: 59.

(6) في المصدر: فيم.

(7) في المصدر: المفضّل، و كلاهما روى عن أبي جعفر (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 13: 321 و 18: 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 323

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

3181/ [20]- الطبرسي في (الاحتجاج) قال: و ما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) في رسالته إلى أهل

الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض أن قال: «اجتمعت الامة قاطبة، لا اختلاف بينهم في ذلك، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، و على تصديق ما أنزل الله مهتدون، لقول النبي (صلى الله عليه و آله): لا تجتمع امتي على ضلالة. فأخبر (عليه السلام) «1» أن ما اجتمعت عليه الامة، و لم يخالف بعضها بعضا، هو الحق، فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون، و لا ما قاله المعاندون، من إبطال حكم الكتاب، و اتباع أحكام «2» الأحاديث المزورة، و الروايات المزخرفة، و اتباع الأهواء المردية المهلكة، التي تخالف نص الكتاب، و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، و نحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب، و يهدينا إلى الرشاد».

ثم قال (عليه السلام): «فإذا شهد الكتاب بتصديق «3» خبر و تحقيقه، فأنكرته طائفة من الامة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة، فصارت بإنكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا، و أصح خبر، ما عرف تحقيقه من الكتاب، مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين: كتاب الله و عترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. و اللفظة الاخرى عنه، في هذا المعنى بعينه، قوله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ما إن «4» تمسكتم بهما لن تضلوا.

فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله، مثل قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ

هُمْ راكِعُونَ ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه تصدق بخاتمه و هو راكع، فشكر الله ذلك له، و أنزل الآية فيه.

ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه. و قوله (صلى الله عليه و آله): علي يقضي ديني، و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم بعدي.

و قوله (صلى الله عليه و آله) حيث استخلفه على المدينة، فقال: يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأΘȘǘј̠و تحقيق هذه الشواهد، فيلزم الامة الإقرار بها، إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، و وافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله، و وجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار و عليها دليلا، كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا، لا يتعداه إلا أهل العناد و الفساد».

__________________________________________________

20- الاحتجاج: 450.

(1) في «ط»: فأخبرهم.

(2) في المصدر: حكم.

(3) في «س»: بصدق.

(4) في «س» و «ط»: أما إنّكم إن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 324

3182/ [21]- الطبرسي في (الاحتجاج) أيضا، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) [في احتجاجه على زنديق ]: «فقال المنافقون لرسول الله (صلى الله عليه و آله): هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شي ء آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «1» يعني الولاية.

و أنزل الله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ

راكِعُونَ و ليس بين الامة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع، غير رجل واحد، و لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب، ليجهل معناها المحرفون، فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «2»».

3183/ [22]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، قال: أخبرنا الإمام الأجل شمس الأئمة سراج الدين أبو الفرج محمد بن أحمد المكي (أدام الله سموه)، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل «3» بن علي بن إسماعيل، قال: [حدثني ] السيد الأجل، الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن علي المؤدب، المعروف بالمكفوف، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أبي هريرة، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن الأسود، عن محمد بن مروان «4»، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله و رسوله، و صدقناه، رفضونا، و آلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا [و لا يؤاكلونا]، و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، و قد شق

ذلك علينا؟ فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، و بصر بسائل، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» قال: نعم، خاتما من ذهب. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟»

__________________________________________________

21- الاحتجاج: 255.

22- المناقب: 186.

(1) سبأ 34: 46.

(2) المائدة 5: 3. [.....]

(3) في «س» و «ط»: أبو محمّد بن إسماعيل، و الصواب ما في المتن، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6: 304، معجم الأدباء 7: 19، سير أعلام النبلاء 15: 522.

(4) في المصدر: مروان بن محمّد، و الصواب ما في المتن. و هو: محمّد بن مروان بن عبد اللّه بن إسماعيل السدّي الكوفي، و يعرف بصاحب محمّد بن السائب الكلبي. تجد ترجمته في الجرح و التعديل 8: 86، تهذيب التهذيب 9: 436، تقريب التهذيب 2: 206.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 325

قال: ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أي حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) ثم قرأ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «1» فأنشأ حسان بن ثابت يقول:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي إلى آخر الأبيات، و لقد تقدمت «2».

3184/ [23]- و عنه، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي «3»، قال: أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة الزاهد إسماعيل

بن أحمد الواعظ، أخبرني والدي أبو بكر «4» أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلم «5» الرازي الأصبهاني، حدثنا يحيى بن الضريس «6»، حدثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، قال:

[حدثني أبي، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال:] «نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و دخل المسجد، و الناس يصلون ما بين راكع و ساجد، و إذا سائل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

يا سائل، أعطاك أحد شيئا؟ قال: لا، إلا هذا الراكع، أعطاني خاتما». [و أشار إلى علي (عليه السلام)، فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: «الحمد لله الذي أنزل الآيات البينات في أبي الحسن و الحسين»] «7».

3185/ [24]- قال الشيخ الفاضل محمد بن علي بن شهر آشوب في قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية،

__________________________________________________

23- المناقب للخوارزمي: 187، شواهد التنزيل 1: 175/ 233، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر 2: 409/ 915، الدر المنثور 3: 105.

24- المناقب 3: 2، أسباب النزول: 113، روضة الواعظين: 92، العمدة: 119 عن الثعلبي، تفسير الرازي 12: 26.

(1) المائدة 5: 56.

(2) تقدم في الحديث (12) من تفسير هذه الآية.

(3) في «س» و «ط»: القاضي، و الظاهر أن الصواب ما في المتن، لوروده بهذا الضبط

كثيرا في نفس المصدر، انظر: 29 و 67 و 71 و 111 و غيرها.

(4) في «س» و «ط»: حدثنا والدي، حدثنا بكر، و فيه تصحيف و سقط، و الصواب ما في المتن. راجع في ترجمة الوالد و الولد: سير أعلام النبلاء 18: 163 و 19: 313.

(5) في «س» و «ط»: أبو عيسى عبد الله بن سلمة، و في المصدر: أبو يحيى عبد الله بن سلمة، و كلاهما تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، كما في معرفة علوم الحديث: 102 و أخبار أصفهان 2: 112 و سير أعلام النبلاء 13: 530.

(6) في «س»: يحيى بن حريس، و في المصدر: يحيى بن حريش، و كلاهما تصحيف، و هو قاضي الري أبو زكريا يحيى بن الضريس بن يسار البجلي، توفي سنة (203). تجد ترجمته في الجرح و التعديل 9: 158، سير أعلام النبلاء 9: 499، تهذيب التهذيب 11: 232.

(7) في «ط»: و أومأ بيده إلى علي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 326

قال: اجتمعت الامة أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه و هو راكع، و لا خلاف بين المفسرين في ذلك. ذكره الثعلبي، و الماوردي، و القشيري، و القزويني، [و الرازي ]، و النيسابوري، و الفلكي، و الطوسي، و الطبري «1»، و أبو مسلم الأصفهاني «2» في تفاسيرهم عن السدي، و مجاهد، و الحسن، و الأعمش، و عتبة بن أبي حكيم، و غالب بن عبد الله، و قيس بن الربيع، و عباية بن ربعي، و عبد الله بن عباس، و أبي ذر الغفاري. و ذكره ابن البيع في (معرفة اصول الحديث) عن عيسى بن عبد الله بن عمر «3» بن علي بن أبي طالب، و

الواحدي في (أسباب نزول القرآن) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و السمعاني في (فضائل الصحابة) عن حميد الطويل، عن أنس، و سليمان بن أحمد في (معجمه الأوسط) عن عمار، و أبو بكر البيهقي في (المصنف) «4». و محمد الفتال في (التنوير) و في (الروضة) عن عبد الله بن سلام، و إبراهيم الثقفي، عن محمد بن الحنفية، و عبيد الله بن أبي رافع، و عبد الله بن عباس، و أبي صالح، و الشعبي، و مجاهد، و عن زرارة بن أعين، عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في روايات مختلفة الألفاظ، متفقة المعاني «5»، و النطنزي في (الخصائص) عن ابن عباس. و (الإبانة) عن الفلكي «6»، عن جابر الأنصاري، و ناصح التميمي، و ابن عباس و الكلبي [و في (أسباب النزول) عن الواحدي ]: أن عبد الله بن سلام أقبل و معه نفر من قومه، و شكوا بعد المنزل عن المسجد و قالوا: إن قومنا لما رأونا مسلمين «7» رفضونا [و لا يكلمونا] و لا يجالسونا.

و تقدم الحديث «8»، و ذكر محمد بن علي بن شهر آشوب ذلك، و زاد عليه رواة تركنا ذكرهم مخافة الإطالة.

فائدة ..... ص : 326

3186/ [1]- روى عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) وزن أربعة مثاقيل، حلقته من فضة، و فصه خمسة مثاقيل، و هو من ياقوتة حمراء، و ثمنه خراج الشام، و خراج الشام ثلاث مائة حمل من فضة، و أربعة أحمال من ذهب.

__________________________________________________

1- ... غاية المرام: 109.

(1) في «س» و «ط»: الطبرسي.

(2) (و أبو مسلم الأصفهاني) ليس في المصدر. [.....]

(3) في «س»: عيسى بن عبد اللّه بن

عبد اللّه، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 13: 197 و الحديث (23).

(4) في «س» و «ط»: النيف.

(5) (في روايات ... المعاني) جاءت هذه الجملة في المصدر بعد قوله (الكلبي) الآتي.

(6) في «س» و «ط»: و الفلكي في الإبانة، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن، و لعلّ الفلكي هو أبو الفضل عليّ بن الحسين بن أحمد المعروف بالفلكي، من معاصري ابن بطّة صاحب (الإبانة). انظر سير أعلام النبلاء 17: 502.

(7) في المصدر: أسلمنا.

(8) تقدّم في الحديث (22) من تفسير هذه الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 327

و كان الخاتم لمروان بن طوق، قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) و أخذ الخاتم من إصبعه، و أتى به إلى النبي (صلى الله عليه و آله) من جملة الغنائم، و أمره النبي (صلى الله عليه و آله) أن يأخذ الخاتم، فأخذ الخاتم، فأقبل و هو في إصبعه، و تصدق به على السائل في أثناء ركوعه، في أثناء صلاته خلف النبي (صلى الله عليه و آله)».

3187/ [2]- و ذكر الغزالي في كتاب (سر العالمين): أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) كان خاتم سليمان بن داود.

3188/ [3]- و قال الشيخ الطوسي: إن التصدق بالخاتم كان ليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة، و ذكر ذلك صاحب كتاب (مسار الشيعة) و ذكر أنه أيضا يوم المباهلة «1».

سورة المائدة(5): آية 56 ..... ص : 327

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ [56]

3189/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) أنها نزلت في علي (عليه السلام).

3190/ [5]- و عنه، قال: و في (أسباب النزول) عن الواحدي وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يعني يحب

الله و رسوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني شيعة الله، و رسوله، و وليه هُمُ الْغالِبُونَ يعني هم الغالبون على جميع العباد، فبدأ في هذه الآية بنفسه، ثم بنبيه، ثم بوليه، و كذلك في الآية الثانية.

قلت: تقدمت أخبار في هذه الآية في أخبار الآية السابقة.

3191/ [6]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية بالولاية، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالدوحات- دوحات غدير خم- فقمت «2»، ثم نودي الصلاة جامعة. ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم «3»؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، رب وال من والاه، و عاد من عاداه.

__________________________________________________

2- ... غاية المرام: 109.

3- مصباح المتهجّد: 703.

4- المناقب 3: 4.

5- المناقب 3: 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 329/ 143.

(1) مسارّ الشيعة: 58.

(2) فقمّت: أي كنست. «لسان العرب- قمم- 12: 493».

(3) في المصدر: أولى بالمؤمنين من أنفسهم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 328

ثم أمر الناس ببيعته، و بايعه الناس و لا يجي ء «1» أحد إلا بايعه، و لا يتكلم، حتى جاء أبو بكر، فقال: يا أبا بكر، بايع عليا بالولاية. فقال: من الله، أو من رسوله؟ فقال: من الله و من رسوله. ثم جاء عمر، فقال: بايع عليا بالولاية. فقال: من الله أو من رسوله؟ فقال: من الله و من رسوله. ثم ثنى عطفيه، فالتقيا، فقال لأبي بكر: لشد ما يرفع بضبعي «2» ابن عمه.

ثم خرج هاربا من العسكر، فما لبث أن أتى «3» النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، إني خرجت من العسكر لحاجة، فرأيت رجلا عليه ثياب بيض لم

أر أحسن منه، و الرجل من أحسن الناس وجها، و أطيبهم ريحا، فقال: لقد عقد رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي عقدا لا يحله إلا كافر. فقال: يا عمر، أ تدري من ذاك؟ قال: لا. قال: ذاك جبرئيل (عليه السلام)، فاحذر أن تكون أول من يحله، فتكفر».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل، يشهدون لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فما قدر على أخذ حقه، و إن أحدكم يكون له المال، و له شاهدان، فيأخذ حقه فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ في علي (عليه السلام)».

سورة المائدة(5): آية 60 ..... ص : 328

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ [60]

3192/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أمر الله عباده أن [يسألوه طريق المنعم عليهم، و هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون، و] يستعيذوا [به ] من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود الذين قال الله تعالى فيهم: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ».

سورة المائدة(5): آية 61 ..... ص : 328

قوله تعالى:

وَ إِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَ هُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [61]

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 50/ 23.

(1) في «س»: و لا بقي.

(2) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد.

(3) في المصدر: أن رجع إلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 329

3193/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عبد الله بن أبي لما أظهر الإسلام وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ. قال:

و قد خرجوا به من الإيمان.

سورة المائدة(5): آية 62 ..... ص : 329

قوله تعالى:

وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ [62] 3194/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السحت هو بين الحلال و الحرام، و هو أن يؤاجر الرجل نفسه على حمل المسكر، و لحم الخنزير، و اتخاذ الملاهي، فإجارته نفسه حلال، و من جهة ما يحمل و يعمل سحت.

3195/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من السحت: ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

و قد مر معنى السحت في باب تقدم «1».

سورة المائدة(5): آية 63 ..... ص : 329

قوله تعالى:

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ [63]

3196/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي بصير، عن عمر «2» بن رياح، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت

__________________________________________________

1- التهذيب 1: 170.

2- تفسير القمّي 1: 170.

3- تفسير القمّي 1: 170.

4- الكافي 6: 57/ 1.

(1) تقدم (باب في معنى السحت) بعد تفسير الآيتين (41 و 42) من هذه السورة.

(2) في المصدر: عمرو، و الظاهر أنّه تصحيف كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 13: 35 و 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 330

له: بلغني أنك تقول: من طلق لغير السنة أنك لا ترى طلاقه شيئا؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما أقوله، بل الله عز و جل يقوله، أما و الله لو كنا نفتيكم بالجور، لكنا شرا منكم، لأن الله عز و جل يقول: لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ

أَكْلِهِمُ السُّحْتَ» الآية.

3197/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن رياح زعم أنك قلت: «لا طلاق إلا ببينة؟».

قال: فقال: «ما أنا قلته، بل الله تبارك و تعالى يقول، إنا و الله لو كنا نفتيكم بالجور، لكنا أشر «1» منكم، إن الله يقول: لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ».

سورة المائدة(5): آية 64 ..... ص : 330

اشارة

قوله تعالى:

وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ [64]

3198/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عمن سمعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في قول الله عز و جل: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ: «لم يعنوا أنه هكذا، و لكنهم قد قالوا: قد فرغ من الأمر فلا يزيد و لا ينقص، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أو لم تسمع الله عز و جل يقول: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ «2»؟».

3199/ [4]- عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي «3»، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ، فقلت له: يدان هكذا؟ و أشرت بيدي إلى يديه، فقال: «لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 330/ 144.

3- التوحيد: 167/ 1.

4- التوحيد: 168/ 2.

(1) في المصدر: أشد. [.....]

(2) الرعد 13: 39.

(3)

في المصدر زيادة: عن عبد اللّه بن قيس، و لعلّ ما في المتن هو الصواب، لرواية هشام المشرقي عن الرضا (عليه السّلام) دون واسطة، انظر معجم رجال الحديث 19: 265 و 23: 142 و الحديث (4).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 331

3200/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، فقال: «كانوا يقولون: قد فرغ من الأمر».

3201/ [4]- العياشي: عن هشام المشرقي، عن أبي الحسن الخراساني (عليه السلام)، قال: «إن الله كما وصف نفسه، أحد صمد نور». ثم قال: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ، فقلت له: أفله يدان هكذا؟ و أشرت بيدي إلى يده، فقال:

«لو كان هكذا، كان مخلوقا».

3202/ [5]- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ، قال: فقال لي: «كذا- و قال بيده إلى عنقه- و لكنه قال: قد فرغ من الأشياء». و في رواية اخرى عنه «1»: «قولهم: فرغ من الأمر».

3203/ [6]- عن حماد، عنه (عليه السلام) في قول الله عز و جل: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ: «يعنون أنه قد فرغ من الأمر مما هو كائن، لعنوا بما قالوا، قال الله عز و جل: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ».

3204/ [7]- علي بن

إبراهيم، قال: قالوا: قد فرغ الله من الأمر، لا يحدث غير ما قد قدره في التقدير الأول، فرد الله عليهم، فقال: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أي يقدم و يؤخر، و يزيد و ينقص، و له البداء و المشيئة.

باب معنى اليد في كلمات العرب ..... ص : 331

3205/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «2» (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر «3»، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 275.

4- تفسير العيّاشي 1: 330/ 145.

5- تفسير العيّاشي 1: 330/ 146.

6- تفسير العيّاشي 1: 330/ 147.

7- تفسير القمّي 1: 171.

1- معاني الأخبار: 15/ 8، التوحيد: 153/ 1.

(1) في «ط» و المصدر: عند.

(2) في «س» و «ط»: عليّ بن محمّد بن أحمد بن عمران الدقّاق، تصحيف صحيحه ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث 11: 254.

(3) في معاني الأخبار: يحيى، انظر معجم رجال الحديث 10: 117 و 376، التوحيد 103: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 332

جعفر (عليه السلام) «1» فقلت: قوله عز و جل: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ «2» فقال: «اليد في كلام العرب القوة و النعمة. قال: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «3» و قال: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ أي بقوة وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ «4» و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «5» أي قواهم. و يقال: لفلان عندي يد بيضاء، أي نعمة».

قوله تعالى:

كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [64] 3206/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كلما أراد

جبار من الجبابرة هلاك آل محمد (عليهم السلام) قصمه الله.

3207/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ:

«كلما أراد جبار من الجبابرة هلكة آل محمد (عليهم السلام) قصمه الله».

سورة المائدة(5): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 332

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [66]

3208/ [3]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال: «الولاية».

3209/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ،

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 171.

2- تفسير العياشي 1: 330/ 148.

3- تفسير العياشي 1: 330/ 149. [.....]

4- الكافي 1: 342/ 6.

(1) في «س» و «ط»: سألت جعفرا.

(2) سورة ص 38: 75.

(3) سورة ص 38: 17.

(4) الذاريات 51: 47.

(5) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 333

قال: «الولاية».

3210/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال: «الولاية».

3211/ [4]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال:

يعني اليهود و النصارى. لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، قال:

من فوقهم: المطر، و من تحت أرجلهم:

النبات.

قوله تعالى:

مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ [66]

3212/ [1]- العياشي: عن أبي الصهباء البكري، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) و دعا رأس الجالوت، و أسقف النصارى، فقال: «إني سائلكما عن أمر، و أنا أعلم به منكما، فلا تكتماني «1»». ثم دعا اسقف النصارى، فقال: «أنشدك بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، و جعل على رجله البركة، و كان يبرئ الأكمه و الأبرص و أزال ألم العين، و أحيا الميت، و صنع لكم من الطين طيورا، و أنبأكم بما تأكلون و ما تدخرون» فقال: دون هذا أصدق.

فقال علي (عليه السلام): «بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟» فقال: لا و الله إلا فرقة واحدة.

فقال علي (عليه السلام): «كذبت و الله الذي لا إله إلا هو، لقد افترقت أمة عيسى على اثنين و سبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة، إن الله يقول: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ فهذه التي تنجو».

3213/ [2]- عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «تفرقت أمة موسى على إحدى و سبعين فرقة «2»، سبعون منها في النار، و واحدة في الجنة. و تفرقت أمة عيسى على اثنين و سبعين فرقة، إحدى و سبعين في النار، و واحدة في الجنة، و تعلو امتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة، و اثنتان

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 96/ 2.

4- تفسير القمّي 1: 171.

1- تفسير العيّاشي 1: 330/ 15.

2- تفسير العيّاشي 1: 331/ 151.

(1) في «ط»: فلا تكتما.

(2) في المصدر: ملّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 334

و سبعون في النار».

قالوا:

من هم، يا رسول الله؟ قال: «الجماعات، الجماعات».

قال يعقوب بن زيد: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذا حدث بهذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله):

تلا فيه قرآنا: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ «1» إلى قوله: ساءَ ما يَعْمَلُونَ.

و تلا أيضا: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «2» يعني امة محمد (صلى الله عليه و آله).

سورة المائدة(5): آية 67 ..... ص : 334

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ [67]

3214/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فرض الله عز و جل على العباد خمسا، أخذوا أربعا و تركوا واحدة».

قلت: أ تسميهن لي، جعلت فداك؟ فقال: «الصلاة، و كان الناس لا يدرون كيف يصلون «3»، فنزل جبرئيل (عليه السلام) و قال: يا محمد، أخبرهم بمواقيت صلاتهم. ثم نزلت الزكاة، فقال: يا محمد، أخبرهم من زكاتهم، مثل ما أخبرتهم من صلاتهم. ثم نزل الصوم فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى من «4» حوله من القرى، فصاموا ذلك اليوم، فنزل [صوم ] شهر رمضان بين شعبان و شوال. ثم نزل الحج، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: أخبرهم من حجهم مثل ما أخبرتهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم. ثم نزلت الولاية، و إنما أتاه ذلك في يوم

الجمعة بعرفة، أنزل الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «5» و كان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال عند ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن امتي حديثو عهد بالجاهلية، و متى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل و يقول قائل، فقلت في نفسي، من غير أن ينطق به لساني،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 229/ 6.

(1) المائدة 5: 65. [.....]

(2) الأعراف 7: 181.

(3) في «س» و «ط»: يعملون.

(4) في «س»: ما.

(5) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 335

فأتتني عزيمة من الله عز و جل بتلة «1» أوعدني إن لم أبلغ، أن يعذبني فنزلت يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس، إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي، إلا و قد عمره الله تعالى ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن أدعى فأجيب، و أنا مسئول و أنتم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟

فقالوا: نشهد أنك قد بلغت و نصحت و أديت ما عليك، فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين. فقال: اللهم اشهد. ثلاث مرات. ثم قال: يا معشر المسلمين، هذا وليكم من بعدي، فليبلغ الشاهد منكم الغائب».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان- و الله «2»- أمين الله على خلقه غيبه و علمه و دينه «3» الذي ارتضاه لنفسه. ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حضره الذي حضره، فدعا عليا، فقال: يا علي إني أريد أن أئتمنك على

ما ائتمنني الله عليه من غيبه و علمه، و من خلقه، و من دينه الذي ارتضاه لنفسه. فلم يشرك- و الله فيها يا زياد- أحدا من الخلق. ثم إن عليا (عليه السلام) حضره الذي حضره، فدعا ولده، و كانوا اثني عشرة ذكرا، فقال لهم: يا بني، إن الله عز و جل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب، و إن يعقوب دعا ولده، و كانوا اثني عشر ذكرا، فأخبرهم بصاحبهم، ألا و إني أخبركم بصاحبكم، ألا إن هذين ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)- الحسن و الحسين (عليهما السلام)- فاسمعوا لهما، و أطيعوا، و وازروهما، فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، مما ائتمنه الله عليه، من خلقه، و من غيبه، و من دينه الذي ارتضاه لنفسه. فأوجب الله لهما من علي (عليه السلام) ما أوجب لعلي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلم يكن لأحد منهما فضل على صاحبه، إلا بكبره. و إن الحسين كان إذا حضر الحسن (عليه السلام) لم ينطق في ذلك المسجد حتى يقوم، ثم إن الحسن (عليه السلام) حضره الذي حضره، فسلم ذلك إلى الحسين، ثم إن حسينا (عليه السلام) حضره الذي حضره، فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتابا ملفوفا، و وصية ظاهرة، و كان علي بن الحسين (عليه السلام) مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السلام) ثم صار و الله ذلك الكتاب إلينا».

3215/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله

البرقي، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد البرقي «4»، قال: حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي

__________________________________________________

2- الأمالي: 399/ 13.

(1) أي جازمة مقطوع بها.

(2) زاد في المصدر: علي (عليه السّلام).

(3) في المصدر: و غيبه و دينه، و في «ط»: و عيبة علمه و دينه.

(4) في «س» و «ط»: حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد اللّه البرقي، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي، و الصواب ما في المتن، و هو من مشايخ الصدوق، روى عن أبيه، عن جدّه- أي جدّ أبيه- أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي. راجع معجم الرجال 7: 288، و معجم رجال الحديث 2: 34 و 11: 252.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 336

جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم و هو راكب، و خرج علي (عليه السلام) و هو يمشي، فقال: يا أبا الحسن، إما أن تركب، و إما أن تنصرف، فإن الله عز و جل أمرني أن تركب إذا ركبت، و تمشي إذا مشيت، و تجلس إذا جلست، إلا أن يكون حد من حدود الله لا بد لك من القيام [و القعود فيه ]، و ما أكرمني الله بكرامة إلا و قد أكرمك بمثلها، و خصني الله بالنبوة و الرسالة، و جعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده، و في أصعب «1» أموره.

و الذي بعث محمدا بالحق نبيا، ما آمن بي من أنكرك، و

لا أقر بي من جحدك، و لا آمن بالله «2» من كفر بك، و إن فضلك لمن فضلي، و إن فضلي «3» لفضل الله، و هو قول الله عز و جل: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ «4» يعني فضل الله: نبوة نبيكم، و رحمته: ولاية علي بن أبي طالب فَبِذلِكَ قال: بالنبوة و الولاية فَلْيَفْرَحُوا يعني الشيعة هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يعني مخالفيهم من الأهل و المال و الولد في دار الدنيا.

و الله- يا علي- ما خلقت إلا ليعبد «5» ربك، و ليعرف بك معالم الدين، و يصلح بك دارس السبيل، و لقد ضل من ضل عنك، و لن يهتدي إلى الله عز و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «6» يعني إلى ولايتك.

و لقد أمرني ربي تبارك و تعالى أن أفترض من حقك ما أفترضه من حقي، و إن حقك لمفروض على من آمن بي «7»، و لولاك لم يعرف حزب الله، و بك يعرف عدو الله، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشي ء، و لقد أنزل الله عز و جل إلي: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني في ولايتك يا علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ و لو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، و من لقي الله عز و جل بغير ولايتك فقد حبط عمله، وعد ينجز لي. و ما أقول إلا قول ربي تبارك و تعالى، و إن الذي أقول لمن الله عز و

جل، أنزله فيك».

3216/ [3]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ، قال: «هي الولاية».

__________________________________________________

3- مختصر بصائر الدرجات: 64.

(1) في المصدر: صعب.

(2) في «س» و «ط»: و لا آمن بي.

(3) زاد في المصدر: لك.

(4) يونس 10: 58. [.....]

(5) في «ط»: لتعبد.

(6) طه 20: 82.

(7) (بي) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 337

3217/ [4]- العياشي: عن أبي صالح، عن ابن عباس، و جابر بن عبد الله، قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) أن ينصب عليا (عليه السلام) علما للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقولوا حابى «1» ابن عمه، و أن يطعنوا «2» في ذلك عليه، فأوحى الله إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولايته يوم غدير خم».

3218/ [5]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي (صلى الله عليه و آله) ثلاثا حتى أتى الجحفة، فلم يأخذ بيده فرقا من الناس.

فلما نزل الجحفة يوم

الغدير في مكان يقال له مهيعة «3» نادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا، فقالوا: الله و رسوله. ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله و رسوله. ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله و رسوله. فأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، فإنه مني و أنا منه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

3219/ [6]- عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ابتداء منه: «العجب- يا أبا حفص- لما لقي علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان له عشرة آلاف شاهد، لم يقدر على أخذ حقه، و الرجل يأخذ حقه بشاهدين إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج من المدينة حاجا، و تبعه «4» خمسة آلاف، و رجع من مكة، و قد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي (عليه السلام)، و قد كانت نزلت ولايته بمنى، و امتنع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من القيام بها لمكان الناس، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ مما كرهت بمنى، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقمت السمرات، فقال رجل من الناس: أما و الله، ليأتينكم بداهية» فقلت لعمر «5»: من الرجل؟ فقال: الحبشي.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 331/ 152، شواهد التنزيل 1: 192/ 249.

5- تفسير العيّاشي 1:

332/ 153.

6- تفسير العيّاشي 1: 332/ 154.

(1) في المصدر: حامى.

(2) في المصدر: تطغوا، و في «ط» نسخة بدل: يطغوا.

(3) مهيعة: هو الاسم القديم للجحفة، فلمّا جاءها السيل فاجتحفها سمّيت الجحفة، و هي تبعد عن غدير خمّ ثلاثة أميال. انظر «معجم ما استعجم 2: 368».

(4) في المصدر: و معه.

(5) أي عمر بن يزيد راوي الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 338

3220/ [7]- عن زياد بن المنذر، أبي الجارود، صاحب الزيدية «1»، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) بالأبطح، و هو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا بن رسول الله، جعلت فداك، إن الحسن البصري يحدثنا حديثا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل، و لا يخبرنا من الرجل، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها: أ تخشى الناس و الله يعصمك من الناس؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما له لا قضى الله دينه- يعني صلاته- أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به، إن جبرئيل (عليه السلام) هبط على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: إن ربك تبارك و تعالى، يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم. فدله على الصلاة، و احتج بها عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته عليها، و احتج بها عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في زكاتهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم، فدله على الزكاة، و احتج بها عليه فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته على

الزكاة، و احتج بها عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في صيامهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم، شهر رمضان بين شعبان و شوال، يؤتى فيه كذا، و يجتنب فيه كذا. فدله على الصيام، و احتج به عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته على الصيام و احتج به عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في حجهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم و صيامهم. فدله على الحج، و احتج به عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته على الحج، و احتج به عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم و صيامهم و حجهم».

قال: «فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رب، امتي حديثو عهد بجاهلية. فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها: أ تخشى الناس، فالله يعصمك من الناس. فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و أحب من أحبه، و أبغض من أبغضه».

3221/ [8]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أنزل الله على نبيه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ

مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس، إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي، إلا و قد عمر، ثم دعاه [الله ] فأجابه، و أوشك أن ادعى فأجيب، و أنا مسئول و أنتم مسئولون، فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنك قد بلغت، و نصحت، و أديت ما عليك، فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين.

فقال: اللهم اشهد. ثم قال: يا معشر المسلمين، ليبلغ الشاهد الغائب، أوصي من آمن بي و صدقني بولاية

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 333/ 154، شواهد التنزيل 1: 191/ 248.

8- تفسير العيّاشي 1: 334/ 155.

(1) في المصدر: أبي الجارود صاحب الدمدمة الجارودية، لعلها تصحيف: الزيدية الجارودية. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 339

علي، ألا إن ولاية علي ولايتي [و ولايتي ولاية ربي ]، عهدا عهده إلي ربي، و أمرني أن أبلغكموه. ثم قال: هل سمعتم؟ ثلاث مرات يقولها، فقال قائل: قد سمعنا، يا رسول الله».

3222/ [9]- ابن شهر آشوب، عن تفسير الثعلبي، قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي. هكذا أنزلت، فلما نزلت هذه الآية أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه».

3223/ [10]- و عنه، بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في هذه الآية قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أمر الله النبي (صلى الله عليه و آله) أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال:

«من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه،

و عاد من عاداه».

3224/ [11]- ثم قال: تفسير ابن جريج، و عطاء، و الثوري، و الثعلبي، أنها نزلت في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام).

3225/ [12]- إبراهيم الثقفي، بإسناده عن الخدري، و بريدة الأسلمي، و محمد بن علي، «أنها نزلت يوم الغدير في علي (عليه السلام)».

3226/ [13]- و من (تفسير الثعلبي) في معنى الآية، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) محمد بن علي «1»: «معناه بلغ ما انزل إليك من ربك في فضل علي (عليه السلام)».

و قد تقدمت روايات في ذلك في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ «2» الآية، و في قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «3»

و الروايات في معنى الآية في ذلك لا تحصى من طرق الخاصة و العامة.

3227/ [14]- علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن زر «4» بن عبد الله، قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أن عليا مولى المؤمنين وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

__________________________________________________

9- لم يرد هذا الحديث في المناقب، و رواه عن الثعلبي ابن البطريق في العمدة: 99/ 132 و خصائص الوحي المبين: 54/ 22.

10- المناقب 3: 21، و العمدة: 100/ 134 عن الثعلبي.

11- المناقب 3: 21، النور المشتعل: 86/ 16، شواهد التنزيل 1: 188/ 244، خصائص الوحي المبين: 53/ 21، الفصول المهمّة لابن صباغ: 42.

12- المناقب 3: 21.

13- المناقب 3: 21، العمدة 99/ 132 عن الثعلبي.

14- كشف الغمة 1: 319.

(1) في المصدر: قال: جعفر بن محمّد.

(2) تقدّم في تفسير الآية (3) من

سورة المائدة.

(3) تقدّم في تفسير الآية (55) من سورة المائدة.

(4) في «س» و «ط»: رزين، تصحيف، راجع اسد الغابة 2: 200، الإصابة 1: 549.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 340

سورة المائدة(5): آية 68 ..... ص : 340

قوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ- إلى قوله تعالى- الْكافِرِينَ [68]

3228/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن حجر بن زائدة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَ كُفْراً، قال: «هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

3229/ [2]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن «1» عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ، قال: «هي ولايتنا».

3230/ [3]- العياشي: عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَ كُفْراً، قال: «هو ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة المائدة(5): آية 71 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ [71]

3231/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد،

__________________________________________________

1-

بصائر الدرجات: 94/ 8.

2- مختصر بصائر الدرجات: 64.

3- تفسير العيّاشي 1: 334/ 156.

4- الكافي 8: 199/ 239. [.....]

(1) في «س» و «ط»: عن. راجع معجم رجال الحديث 11: 276.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 341

عن محمد بن الحصين «1»، عن خالد بن يزيد القمي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ.

قال: «حيث كان النبي (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم، فعموا و صموا حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم تاب الله عليهم، حيث قام أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- ثم عموا و صموا إلى الساعة».

3232/ [2]- العياشي: عن خالد بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ، قال: «حيث كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم، ثم عموا و صموا حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم تاب الله عليهم حيث قام أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- ثم عموا و صموا إلى الساعة»

سورة المائدة(5): آية 72 ..... ص : 341

قوله تعالى:

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [72]

3233/ [3]- العياشي: عن زرارة، قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه من أشرك بالله فقد وجبت له النار، و من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة.

قال: «أما من أشرك بالله فهذا الشرك البين، و هو قول الله: مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. و أما قوله: من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة». قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «ها هنا النظر، هو من لم يعص الله».

سورة المائدة(5): آية 75 ..... ص : 341

قوله تعالى:

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ [75]

3234/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن حسن بن الجهم، عن علي بن موسى الرضا، قال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 334/ 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 335/ 158.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 201/ 1.

(1) في «س» و «ط»: الحسين، راجع معجم رجال الحديث 16: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 342

بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال الله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ و معناه أنهما كانا يتغوطان».

3235/ [2]- العياشي: عن أحمد بن خالد، عن أبيه، رفعه في قول الله: وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ.

قال: «كانا يتغوطان».

سورة المائدة(5): آية 77 ..... ص : 342

قوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ- إلى قوله تعالى- السَّبِيلِ [77] 3236/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ أي لا تقولوا: إن عيسى هو الله و ابن الله.

3237/ [4]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أمر الله عباده أن يستعيذوا من طريق الضالين، و هم الذين قال الله فيهم: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا

كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ و هم النصارى، و قال الرضا (عليه السلام) كذلك، ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه و ضال عن سبيل الله».

سورة المائدة(5): الآيات 78 الي 81 ..... ص : 342

قوله تعالى:

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ [78- 81]

3238/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، قال: حدثني هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان، و يعملون لهم و يحبونهم «1»

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 335/ 159.

3- تفسير القمّي 1: 176.

4- تفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 50/ 23.

5- تفسير القمّي 1: 176.

(1) في «ط»: و يجبون لهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 343

و يوالونهم؟

قال: «ليس هم من الشيعة، و لكنهم من أولئك» ثم قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلى قوله: وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى (عليه السلام)».

3239/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى بن مريم (عليهما السلام)».

3240/ [3]- العياشي: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ

بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى بن مريم (عليهما السلام)».

3241/ [4]- الطبرسي: في معنى الآية، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «أما داود فإنه لعن أهل أيلة «1» لما اعتدوا في سبتهم، و كان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء، و مثل المنطقة على الخصرين «2». فمسخهم الله قردة. و أما عيسى (عليه السلام) فإنه لعن الذين نزلت عليهم المائدة، ثم كفروا بعد ذلك».

3242/ [5]- و عنه: في قوله تعالى: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يتولون الملوك الجبارين، و يزينون لهم أهواءهم، ليصيبوا من دنياهم».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث قرية أيلة، مسندا عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ من سورة (المص) و أن القردة من اعتدوا في السبت «3».

3243/ [6]- العياشي: عن محمد بن الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ، قال: «أما إنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم، و لا يجلسون مجالسهم، و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 200/ 240.

3- تفسير العيّاشي 1: 335/ 160.

4- مجمع البيان 4: 357.

5- مجمع البيان 4: 358. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 335/ 161.

(1) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138.

(2) في المصدر: الحقوين، الحقو: الخصر، و مشدّ الإزار من الجنب. «لسان العرب- حقا- 14: 189».

(3) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (163- 166) من

سورة الأعراف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 344

3244/ [7]- علي بن إبراهيم: في معنى قوله تعالى: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ، قال: كانوا يأكلون لحم الخنزير، و يشربون الخمور، و يأتون النساء أيام حيضهن، ثم احتج الله على المؤمنين الموالين للكفار تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ إلى قوله:

وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ فنهى الله عز و جل أن يوالي المؤمن الكافر إلا عند التقية.

سورة المائدة(5): الآيات 82 الي 85 ..... ص : 344

قوله تعالى:

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ [82- 85]

3245/ [1]- العياشي: عن مروان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذكر النصارى و عداوتهم، فقال: قول الله: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ، قال: «أولئك كانوا قوما بين عيسى و محمد (عليهما السلام)، ينتظرون مجي ء محمد (صلى الله عليه و آله)».

3246/ [2]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة، أمرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يخرجوا إلى الحبشة، و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم، فخرج جعفر، و معه سبعون رجلا من المسلمين، حتى ركبوا البحر.

فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص، و عمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم

«1» إليهم، و كان عمرو و عمارة متعاديين، فقالت قريش: كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة و برئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج عمارة، و كان حسن الوجه، شابا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك تقبلني. فقال عمرو: أ يجوز هذا، سبحان الله؟! فسكت عمارة، فلما انتشى «2» عمرو، و كان على صدر السفينة، دفعه عمارة، و ألقاه في البحر، فتشبث

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 176.

1- تفسير العيّاشي 1: 335/ 162.

2- تفسير القمّي 1: 176.

(1) في المصدر: ليردّوهم.

(2) الانتشاء: أوّل السّكر و مقدّماته، و قيل: هو السّكر نفسه. «لسان العرب- نشا- 15: 325».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 345

عمرو بصدر السفينة، و أدركوه، فأخرجوه، فوردوا على النجاشي، و قد كانوا حملوا إليه هدايا، فقبلها منهم، فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إن قوما منا خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و صاروا إليك، فردهم إلينا.

فبعث النجاشي إلى جعفر، فجاءه «1»، فقال: يا جعفر ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر (رضي الله عنه): أيها الملك، و ما يقولون؟ قال: يسألون أن أردكم إليهم. قال: أيها الملك، سلهم: أ عبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام. قال:

فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها «2»؟ قال: لا، ما لنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها «3»؟ قال عمرو: لا. قال: فما تريدون منا؟ آذيتمونا، فخرجنا من بلادكم.

فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و أفسدوا شبابنا، و فرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا.

فقال جعفر: نعم أيها الملك، خلقنا الله، ثم «4»

بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد، و ترك الاستقسام بالأزلام، و أمرنا بالصلاة و الزكاة، و حرم الظلم، و الجور، و سفك الدماء بغير حقها، و الزنا، و الربا، و الميتة، و الدم، و لحم الخنزير «5»، و أمرنا بالعدل، و الإحسان، و إيتاء ذي القربى، و نهى عن الفحشاء، و المنكر، و البغي.

فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام). ثم قال النجاشي: يا جعفر، هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم. فقرأ عليه سورة مريم، فلما بلغ إلى قوله: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً «6» و لما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا، و قال: هذا و الله هو الحق.

فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إنه مخالف لنا، فرده إلينا، فرفع النجاشي يده، فضرب بها وجه عمرو، ثم قال: اسكت، و الله لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك. فقام عمرو بن العاص من عنده، و الدماء تسيل على وجهه، و هو يقول: إن كان هذا كما تقول أيها الملك، فإنا لا نتعرض له.

و كانت على رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد، و كان فتى جميلا، فأحبته، فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة: لو راسلت جارية الملك. فراسلها، فأجابته، فقال له عمرو: قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها، فبعثت إليه، فأخذ عمرو من ذلك الطيب، و كان الذي فعل به عمارة في قلبه، حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على النجاشي، فقال: أيها الملك، إن حرمة الملك عندنا، و طاعته علينا عظيمة، و يلزمنا إذا دخلنا بلاده،

و نأمن فيها أن لا نغشه و لا نريبه، و إن صاحبي هذا الذي معي قد راسل «7» إلى حرمتك، و خدعها، و بعثت إليه من طيبك. ثم وضع الطيب بين يديه، فغضب النجاشي، و هم بقتل عمارة، ثم قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: فجاؤا به.

(2) في «ط»: ديون يطلبون.

(3) في «س»: دم تطالبونا لهم.

(4) في المصدر: خالفناهم بأنّه.

(5) (و لحم الخنزير) ليس في المصدر. [.....]

(6) مريم 19: 25، 26.

(7) في المصدر: أرسل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 346

لا يجوز قتله، فإنهم دخلوا بلادي بأماني «1».

فدعا النجاشي السحرة، فقال لهم: اعملوا به شيئا أشد عليه من القتل. فأخذوه و نفخوا في إحليله الزئبق، فصار مع الوحش يغدو و يروح، و كان لا يأنس بالناس، فبعثت قريش بعد ذلك إليه، فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش، فأخذوه، فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح حتى مات.

و رجع عمرو إلى قريش، و أخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة، في أكرم كرامة. فلم يزل بها حتى هادن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قريشا، و صالحهم، و فتح خيبر، فوافى بجميع من معه، و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر، و ولد للنجاشي ابن فسماه محمدا.

و كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان تحت عبد الله «2»، فكتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النجاشي يخطب أم حبيبة، فبعث إليها النجاشي، فخطبها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأجابته، فزوجها منه، و أصدقها أربع مائة دينار، و ساقها عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بعث إليها بثياب و طيب كثير، و جهزها، و بعثها إلى رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و بعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم، و بعث إليه بثياب و طيب و فرس، و بعث ثلاثين رجلا من القسيسين، فقال لهم:

انظروا إلى كلامه، و إلى مقعده، و إلى مطعمه و مشربه، و مصلاه، فلما وافوا المدينة، دعاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الإسلام، و قرأ عليهم القرآن إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ إلى قوله:

فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «3» فلما سمعوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بكوا، و آمنوا، و رجعوا إلى النجاشي، فأخبروه خبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرءوا عليه ما قرأ عليهم، فبكى النجاشي، و بكى القسيسون، و أسلم النجاشي، و لم يظهر للحبشة إسلامه، و خافهم على نفسه، و خرج من بلاد الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فلما عبر البحر توفي، فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ إلى قوله: وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ.

سورة المائدة(5): آية 87 ..... ص : 346

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [87]

3247/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (عليه السلام)، و بلال، و عثمان بن مظعون.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 179.

(1) في المصدر: فأمان لهم.

(2) و هي أمّ حبيبة، رملة بنت أبي سفيان، هارجت مع زوجها عبد اللّه بن جحش إلى الحبشة، ثمّ تنصّر عبد اللّه هنالك، و مات على النصرانية، و ثبتت أمّ

حبيبة على دينها الإسلام، ثمّ تزوّجها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله). أعلام النساء 1: 464.

(3) المائدة 5: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 347

فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، و أما بلال، فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، و أما عثمان بن مظعون، فإنه حلف أن لا ينكح أبدا، فدخلت امرأة عثمان على عائشة، و كانت امرأة جميلة، فقالت عائشة: مالي أراك متعطلة «1»؟ فقالت: و لمن أتزين؟ فو الله ما قاربني زوجي منذ كذا و كذا، فإنه قد ترهب و لبس المسوح، و زهد في الدنيا.

فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبرته عائشة بذلك، فخرج، فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات؟ ألا إني أنام بالليل، و أنكح و أفطر بالنهار، فمن رغب عن سنتي فليس مني. فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله، فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله تعالى عليه: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ «2»» الآية.

3248/ [2]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سألته عن رجل قال لامرأته: طالق، أو مماليكه: أحرار، إن شربت حراما و لا حلالا. فقال: أما الحرام فلا يقربه حلف، أو لم يحلف، و أما الحلال فلا يتركه، فإنه ليس له أن يحرم ما أحل الله، لأن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ

فليس عليه شي ء في يمينه من الحلال».

3249/ [3]- الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «نزلت في علي (عليه السلام)، و بلال، و عثمان بن مظعون.

فأما علي (عليه السلام) فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله، و أما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار [أبدا]، و أما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا»

سورة المائدة(5): آية 89 ..... ص : 347

قوله تعالى:

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 336/ 163.

3- مجمع البيان 4: 364.

(1) في المصدر: معطّلة. و عطلت المرأة و تعطّلت: نزعت حليها.

(2) المائدة 5: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 348

أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَ احْفَظُوا أَيْمانَكُمْ [89]

3250/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله عز و جل: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ، قال: «اللغو:

قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و لا يعقد على شي ء».

3251/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ «1»، قال: «هو كما يكون، أنه يكون في البيت من يأكل أكثر من المد، و منهم من يأكل أقل من المد، فبين ذلك، و إن شئت جعلت لهم أدما، و الادم أدناه الملح، و أوسطه الخل

و الزيت، و أرفعه اللحم».

3252/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم، و الوسط: الخل و الزيت، و أرفعه: الخبز و اللحم، و الصدقة: مدان «2» من حنطة لكل مسكين، و الكسوة:

ثوبان، فمن لم يجد فعليه الصيام، يقول الله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ».

3253/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ فقال: «ما تعولون «3» به عيالكم، من أوسط ذلك».

قلت: و ما أوسط ذلك؟ فقال: «الخل و الزيت و التمر و الخبز تشبعهم به مرة واحدة».

قلت: كسوتهم؟ قال: «ثوب واحد».

3254/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن كفارة اليمين في قول الله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ما حد من لم يجد؟ و إن الرجل يسأل في كفه، و هو يجد؟ فقال: «إذا لم يكن عنده فضل من قوت عياله، فهو ممن لا يجد».

__________________________________________________

1- الكافي 7: 443/ 1.

2- الكافي 7: 453/ 7.

3- الكافي 7: 452/ 5.

4- الكافي 7: 454/ 14. [.....]

5- الكافي 7: 452/ 2.

(1) في «س» و «ط» زيادة: أو كسوتهم.

(2) في المصدر: مدّ، مدّ.

(3) في المصدر: ما تقوتون.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 349

3255/ [6]- و عنه: عن محمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن قال: و الله، ثم لم يف. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كفارته إطعام عشرة مساكين مدا مدا من دقيق، أو حنطة، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام متوالية «1»، إذا لم يجد شيئا من ذا».

3256/ [7]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في كفارة اليمين:

«يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم «2»، لكل إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار- أي الثلاثة صنع- فإن لم يقدر على واحدة من الثلاثة، فالصيام عليه ثلاثة أيام».

3257/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قول الله: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ قال: «هو قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و لا يعقد قلبه على شي ء».

و في رواية أخرى: عن محمد بن مسلم، قال: «و لا يعقد عليها» «3».

3258/ [9]- عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أو إطعام ستين مسكينا، أ يجمع ذلك؟ فقال: «لا، و لكن يعطي على كل إنسان كما قال الله».

قال: قلت: فيعطي الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال: «نعم».

قلت: فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال: «نعم، و أهل الولاية أحب إلي».

3259/ [10]-

عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في اليمين في إطعام عشرة مساكين: «ألا ترى أنه يقول: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فلعل أهلك أن يكون قوتهم لكل إنسان دون المد، و لكن يحسب في طحنه «4» و مائه و عجنه «5»، فإذا هو يجزي لكل إنسان مد، و أما كسوتهم، فإن وافقت به الشتاء فكسوته، و إن وافقت به الصيف فكسوته، لكل مسكين إزار و رداء، و للمرأة ما يواري ما يحرم منها: إزار و خمار و درع، و صوم ثلاثة أيام، و إن شئت أن تصوم، إنما الصوم من جسدك

__________________________________________________

6- الكافي 7: 453/ 8.

7- الكافي 7: 451/ 1.

8- تفسير العيّاشي 1: 336/ 164.

9- تفسير العيّاشي 1: 336/ 166.

10- تفسير العيّاشي 1: 336/ 167.

(1) في المصدر: متواليات.

(2) في «ط»: أو كسوة.

(3) تفسير العيّاشي 1: 336/ 165.

(4) في المصدر نسخة بدل: طبخه.

(5) في المصدر: عجينه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 350

ليس من مالك، و لا غيره».

3260/ [11]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ في كفارة اليمين، قال: «ما يأكل أهل البيت لشبعهم «1» يوما» و كان يعجبه مد لكل مسكين.

قلت: أَوْ كِسْوَتُهُمْ؟ قال: «ثوبين لكل رجل».

3261/ [12]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ قال: «قوت عيالك» و القوت يومئذ مد.

قلت: أَوْ كِسْوَتُهُمْ؟ قال: «ثوب».

3262/ [13]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن إطعام عشرة مساكين، أو ستين مسكينا،

أ يجمع ذلك لإنسان واحد؟ قال: «لا، أعطه واحدا واحدا، كما قال الله».

قال: قلت: أ فيعطيه الرجل قرابته؟ قال: «نعم».

قال: قلت: أ فيعطيه الضعفاء من النساء من غير أهل الولاية؟ قال: فقال: «نعم، و أهل الولاية أحب إلي».

3263/ [14]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «تعطي كل مسكين «2» مدا على قدر ما تقوت إنسانا من أهلك في كل يوم». و قال: «مد من حنطة يكون فيه طحنه و حطبه على كل مسكين، أو كسوتهم ثوبين».

و في رواية أخرى عنه (عليه السلام): «ثوبين لكل رجل، و الرقبة تعتق من المستضعفين في الذي يجب عليك فيه رقبة» «3».

3264/ [15]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم بالإدام، و الوسط: الخل و الزيت، و أرفعه: الخبز و اللحم، و الصدقة: مد مد لكل مسكين، و الكسوة: ثوبان، فمن لم يجد عليه الصيام، يقول الله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ و يصومهن متتابعات، و يجوز في عتق الكفارة الولد، و لا يجوز في عتق القتل إلا مقرة بالتوحيد».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 337/ 168.

12- تفسير العيّاشي 1: 337/ 169.

13- تفسير العيّاشي 1: 337/ 170.

14- تفسير العيّاشي 1: 337/ 171.

15- تفسير العيّاشي 1: 338/ 173.

(1) في «س» و «ط»: يشبعهم.

(2) في «ط» نسخة بدل: إنسان.

(3) تفسير العيّاشي 1: 337/ 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 351

3265/ [16]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في كفارة اليمين: «يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مدان مد من حنطة، و مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم لكل

إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار، أي الثلاثة شاء صنع، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه واجب، صيام ثلاثة أيام».

3266/ [17]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله فوض إلى الناس في كفارة اليمين كما فوض إلى الإمام في المحارب أن يصنع ما يشاء- و قال- كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار».

3267/ [18]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الإطعام، قال الله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ كل ذلك متتابع، ليس بمتفرق».

3268/ [19]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن كفارة اليمين في قول الله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ما حد من لم يجد، فهذا الرجل يسأل في كفه و هو يجد؟

فقال: «إذا لم يكن عنده فضل يومه عن قوت عياله فهو لا يجد- و قال- الصيام ثلاثة أيام لا يفرق بينهن».

3269/ [20]- عن أبي خالد القماط، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في كفارة اليمين: «من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم، أطعم عشرة مساكين مدا مدا، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، أو عتق رقبة، أو كسوة، و الكسوة ثوبان، أو إطعام عشرة مساكين، أي ذلك فعل أجزأ عنه».

3270/ [21]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات و إطعام عشرة مساكين مد مد».

3271/ [22]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صيام ثلاثة أيام في كفارة

اليمين متتابعات، لا يفصل بينهن».

قال: و قال: «كل صيام يفرق، إلا صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، فإن الله يقول فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أي متتابعات».

سورة المائدة(5): الآيات 90 الي 91 ..... ص : 351

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 338/ 174.

17- تفسير العيّاشي 1: 338/ 175.

18- تفسير العيّاشي 1: 338/ 176.

19- تفسير العيّاشي 1: 338/ 177.

20- تفسير العيّاشي 1: 338/ 178.

21- تفسير العيّاشي 1: 339/ 179. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 339/ 180.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 352

رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- إلى قوله تعالى- فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [90- 91]

3272/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، [عن جابر] «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما أنزل الله عز و جل على رسوله (صلى الله عليه و آله) إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ قيل: يا رسول الله، ما الميسر؟ فقال:

كل ما تقومر به، حتى الكعاب و الجوز. قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا «2» لآلهتهم. قيل: فما الأزلام؟ قال:

قداحهم التي يستقسمون بها».

3273/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «الميسر من «3» القمار».

3274/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مسكر حرام، و كل مسكر خمر».

3275/

[4]- علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ: «أما الخمر فكل مسكر من الشراب، إذا أخمر، فهو حرام «4»، و ما أسكر كثيره فقليله «5» حرام، و ذلك أن أبا بكر «6» شرب قبل أن يحرم الخمر، فسكر، فجعل يقول الشعر، و يبكي على قتلى المشركين، من أهل بدر، فسمعه النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: اللهم أمسك على لسانه. فأمسك على لسانه، فلم يتكلم، حتى ذهب عنه السكر، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك، و إنما

__________________________________________________

1- الكافي 5: 122/ 2.

2- الكافي 5: 124/ 9.

3- الكافي 6: 408/ 3.

4- تفسير القمّي 1: 180.

(1) من المصدر و هو الصواب، راجع رجال النجاشي: 287/ 765، معجم رجال الحديث 13: 108.

(2) في المصدر: ما ذبحوه.

(3) في المصدر: هو.

(4) في «س» و «ط»: فهو خمر.

(5) في المصدر: و المسكر كثيره و قليله.

(6) في المصدر: أنّ الأوّل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 353

كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر «1» و التمر، فلما نزل تحريمها خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقعد في المسجد، ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها، فأكفأها كلها، ثم قال: هذه كلها خمر، و قد حرمها الله، فكان أكثر شي ء أكفئ من ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ، و لا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شي ء إلا إناء واحد، كان فيه زبيب و تمر جميعا، و أما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شي ء.

حرم الله الخمر قليلها و كثيرها، و بيعها و شراءها، و الانتفاع بها. و قال

رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر فاجلدوه، و من عاد فاجلدوه، و من عاد فاجلدوه، و من عاد في الرابعة فاقتلوه.

و قال: حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات، و المومسات: الزواني، يخرج من فروجهن صديد. و الصديد: قيح و دم غليظ مختلط، يؤذي أهل النار حره و نتنه.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإذا عاد فأربعين ليلة من يوم شربها، فإن مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال.

و سمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم اكفئت فيه الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ، لأنه كان أكثر شي ء أكفئ من الأشربة الفضيخ.

و أما الميسر فالنرد و الشطرنج، و كل قمار ميسر، و أما الأنصاب، فالأوثان التي كانوا يعبدونها «2»، و أما الأزلام فالأقداح التي كانت يستقسم بها مشركو العرب في الأمور «3» في الجاهلية، كل هذا بيعه و شراؤه، و الانتفاع بشي ء من هذا حرام محرم من الله، و هو رجس من عمل الشيطان، فقرن الله الخمر و الميسر مع الأوثان».

3276/ [5]- العياشي: عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الشطرنج و النرد و أربعة عشر «4»، و كل ما قومر عليه منها، فهو ميسر».

3277/ [6]- و عنه: عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: يقول: «الميسر هو القمار».

3278/ [7]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «بينما حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) و أصحاب له على شراب لهم

يقال له: السكركة «5»». قال: «فتذاكروا السديف «6»، فقال لهم

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 339/ 182.

6- تفسير العيّاشي 1: 339/ 181.

7- تفسير العيّاشي 1: 339/ 183. [.....]

(1) الفضيخ: عصير العنب، و هو أيضا شراب يتّخذ من البسر المفضوخ وحده من غير أن تمسّه النار. «لسان العرب- فضخ- 3: 45».

و البسر: التمر قبل أن يرطب لفضاضته. «لسان العرب- بسر- 4: 58».

(2) في المصدر زيادة: المشركون.

(3) (في الأمور) ليس في المصدر.

(4) الأربعة عشر: صفّان من النّقر، يوضع فيها شي ء يلعب به، في كلّ صفّ سبع نقر محفورة. (مجمع البحرين- عشر- 3: 406).

(5) السّكركة: نوع من الخمور يتّخذ من الذرة. و هي لفظة حبشية، و قد عرّت فقيل السّقرقع. «النهاية 2: 383».

(6) في النسخ و المصدر: الشريف، و ما أثبتناه من أمالي الطوسي 2: 217، و السديف: شحم السنام. «القاموس المحيط- سدف- 3: 156».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 354

حمزة: كيف لنا به؟ فقالوا: هذه ناقة ابن أخيك علي. فخرج إليها فنحرها، ثم أخذ كبدها و سنامها فأدخل عليهم- قال- و أقبل علي (عليه السلام) فأبصر ناقته، فدخله من ذلك، فقالوا له: عمك حمزة صنع هذا».

قال: «فذهب إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فشكا ذلك إليه- قال- فأقبل معه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقيل لحمزة:

هذا رسول الله بالباب- قال- فخرج حمزة و هو مغضب، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغضب في وجهه انصرف- قال- فقال له حمزة: لو أراد ابن أبي طالب أن يقودك بزمام فعل. فدخل حمزة منزله، و انصرف النبي (صلى الله عليه و آله)».

قال: «و كان قبل أحد». قال: «فأنزل الله تحريم الخمر، فأمر رسول الله (صلى الله

عليه و آله) بآنيتهم، فأكفئت- قال- فنودي في الناس بالخروج إلى أحد، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و خرج الناس، و خرج حمزة، فوقف ناحية من النبي (صلى الله عليه و آله)- قال- فلما تصافوا حمل حمزة في الناس حتى غاب فيهم، ثم رجع إلى موقفه، فقال له الناس:

الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليك شي ء- قال- ثم حمل الثانية حتى غيب في الناس ثم رجع إلى موقفه، فقالوا له: الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليك شي ء، فأقبل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فلما رآه مقبلا نحوه أقبل إليه، فعانقه، و قبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما بين عينيه- قال- ثم حمل على الناس، فاستشهد حمزة (رحمه الله) و كفنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نمرة «1»».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحو من ستر بابي هذا، فكان إذا غطى بها وجهه انكشف رجلاه، و إذا غطى رجليه انكشف وجهه- قال- فغطى بها وجهه، و جعل على رجليه إذخرا «2»».

قال: «فانهزم الناس، و بقي علي (عليه السلام) فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما صنعت؟ قال: يا رسول الله، لزمت الأرض. فقال: ذلك الظن بك- قال- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنشدك يا رب ما وعدتني، فإنك إن شئت لم تعبد».

3279/ [8]- عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن النبيذ و الخمر بمنزلة واحدة هما؟ قال:

«لا،

إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر قليلها و كثيرها، كما حرم الميتة و الدم و الحم الخنزير، و حرم النبي (صلى الله عليه و آله) من الأشربة المسكر، و ما حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد حرمه الله».

قلت: أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: «كان يضرب بالنعال، و يزيد كلما أتي بالشارب، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين، أشار بذلك علي (عليه السلام) على عمر».

3280/ [9]- عن عبد الله بن جندب، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الشطرنج ميسر، و النرد ميسر».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 340/ 184.

9- تفسير العيّاشي 1: 341/ 185.

(1) كلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهي نمره و جمعها: نمار، و كأنّها أخذت من لون النّمر لما فيها من السواد و البياض. «النهاية 5: 118».

(2) الإذخر: نبات معروف، عريض الأوراق، طيّب الرائحة. «مجمع البحرين- ذخر- 3: 306».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 355

3281/ [10]- عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الشطرنج و النرد ميسر».

3282/ [11]- عن ياسر الخادم، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الميسر، قال: «الثفل «1» من كل شي ء».

قال الحسين «2»: و الثفل «3» ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم و غيره.

3283/ [12]- عن هشام، عن الثقة، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قيل له: روي عنكم أن الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجال؟ فقال: «ما كان الله ليخاطب خلقه بما لا يعقلون».

3284/ [13]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): أنزل الله تعالى في الخمر ثلاث آيات: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ «4»

فكان المسلمون بين شارب و تارك إلى أن شربها رجل، فدخل في الصلاة فهجر، فنزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى «5» فشربها من شرب من المسلمين، حتى شربها عمر، فأخذ لحى بعير، فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر «6»:

و كأين بالقليب قليب بدر من القينات «7» و الشرب الكرام

و كائن بالقليب قليب بدر من الشيزى المكلل «8» بالسنام

أ يوعدنا ابن كبشة أن سنحيا و كيف حياة أصداء وهام!

أ يعجز أن يرد الموت عني و ينشرني إذا بليت عظامي!

ألا من مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام

فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي

فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ بالله

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 341/ 186.

11- تفسير العيّاشي 1: 341/ 187.

12- تفسير العيّاشي 1: 341/ 188.

13- ربيع الأبرار 4: 51، و تقدم في الحديث (7) من تفسير الآية (43) من سورة النساء. [.....]

(1) في «ط»: الثقل. و الثفل: ما سفل من كلّ شي ء، و أطلق هنا مجازا على ما يخرج بين المتراهنين.

(2) في «ط» و المصدر: قال الخبز، و الظاهر أنّ الحسين بن رواة الخبر، أو من مشايخ العيّاشي، و لا يعرف بسبب إسقاط الاسناد، و قد عدّ في مشايخه الحسين بن إشكيب.

(3) في «ط»: الثقل.

(4) البقرة 2: 219.

(5) النّساء 4: 43.

(6) في المصدر: الأسود بن عبد يغوث.

(7) في المصدر: الفتيان.

(8) في «س» و «ط»: المكامل، و في النهاية، و لسان العرب: تزيّن.

و الشيزى: سجر يتّخذ منه الجفان، و أراد بالجفان أربابها الذين كانوا يطعمون فيها

و قتلوا ببدر و ألقوا في القليب، فهو يرثيهم، و سمّي الجفان (شيزى) باسم أصلها. «النهاية 2: 518»، «لسان العرب- شيز- 5: 362».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 356

من غضب الله و غضب رسوله، فأنزل الله سبحانه و تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر: انتهينا.

3285/ [14]- و روى الحسين بن حمدان الخصيبي، و الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله)- و اللفظ للديلمي- عن الصادق (عليه السلام): «أن أبا بكر لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) في سكة [من سكك ] «1» بني النجار، فسلم عليه، و صافحه، و قال له: يا أبا الحسن، أفي نفسك شي ء من استخلاف الناس إياي، و ما كان من يوم السقيفة، و كراهيتك للبيعة؟ و الله ما كان ذلك من إرادتي، إلا أن المسلمين أجمعوا على أمر لم يكن لي أن أخالفهم فيه، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: لا تجتمع أمتي على ضلالة «2».

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، أمته الذين أطاعوه من بعده و في عهده، و أخذوا بهداه، و أوفوا بما عاهدوا الله عليه، و لم يبدلوا، و لم يغيروا.

قال له أبو بكر: و الله، يا علي، لو شهد عندي الساعة من أثق به أنك أحق بهذا الأمر لسلمته إليك، رضي من رضي، و سخط من سخط.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، فهل تعلم أحدا أوثق من رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ و قد أخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن، و على جماعة معك «3»، فيهم عمر، و عثمان في يوم الدار، و في بيعة الرضوان تحت الشجرة، و يوم جلوسه في بيت

ام سلمة، و في يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع، فقلتم بأجمعكم: سمعنا و أطعنا لله و لرسوله. فقال لكم: الله و رسوله عليكم من الشاهدين. فقلتم بأجمعكم: الله و رسوله علينا من الشاهدين.

فقال لكم: فليشهد بعضكم على بعض، و ليبلغ شاهدكم غائبكم، و من سمع منكم «4» من لم يسمع. فقلتم: نعم يا رسول الله. و قمتم بأجمعكم تهنئون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تهنئوني بكرامة الله لنا. فدنا عمر، و ضرب على كتفي و قال بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي، و مولى المؤمنين.

فقال له أبو بكر: لقد ذكرتني أمرا يا أبا الحسن لو يكون رسول الله (صلى الله عليه و آله) شاهدا فاسمعه منه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الله و رسوله عليك من الشاهدين- يا أبا بكر- إن رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيا يقول لك إنك ظالم لي، في أخذ حقي الذي جعله الله و رسوله لي، دونك و دون المسلمين، أن تسلم هذا الأمر لي، و تخلع نفسك منه.

فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، و هذا يكون أن أرى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيا بعد موته، فيقول لي ذلك؟! فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم يا أبا بكر. قال: فأرني إن كان ذلك حقا. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

__________________________________________________

14- الهداية الكبرى: 102، إرشاد القلوب: 264.

(1) من الإرشاد.

(2) في الإرشاد: الضلال.

(3) في الإرشاد: جماعة منكم و.

(4) في الإرشاد زيادة: فليسمع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 357

الله و رسوله عليك من الشاهدين أنك تفي بما قلت؟ قال أبو بكر: نعم. فضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) على يده،

و قال: تسعى معي نحو مسجد قبا. فلما وردا تقدم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فدخل المسجد [و أبو بكر من ورائه، فإذا هو برسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في قبلة المسجد] «1» فلما رآه أبو بكر سقط لوجهه كالمغشي عليه، فناداه رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارفع رأسك أيها الضليل المفتون. فرفع أبو بكر رأسه، و قال: لبيك- يا رسول الله- أ حياة بعد الموت؟ فقال: ويلك يا أبا بكر، إن الذي أحياها لمحيي الموتى، إنه على كل شي ء قدير- قال- فسكت أبو بكر، و شخصت عيناه نحو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: ويلك- يا أبا بكر- أنسيت ما عاهدت الله و رسوله عليه في المواطن الأربعة لعلي؟ فقال: ما نسيتها يا رسول الله، فقال له: ما بالك اليوم تناشد عليا فيها، و يذكرك، فتقول:

نسيت؟! و قص عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما جرى بينه و بين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى آخره، فما نقص منه كلمة و لا زاد فيه كلمة، فقال أبو بكر: يا رسول الله، فهل لي من توبة، و هل يعفو الله عني إذا سلمت هذا الأمر إلى أمير المؤمنين؟ قال: نعم- يا أبا بكر- و أنا الضامن لك على الله إن وفيت».

قال: «و غاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنهما، فتشبث أبو بكر بعلي (عليه السلام)، و قال: الله الله في- يا علي- صر معي إلى منبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أعلو المنبر، و أقص على الناس ما شاهدت و رأيت من أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و

ما قال لي و ما قلت له، و ما أمرني به، و أخلع نفسي من هذا الأمر، و أسلمه إليك.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا معك إن ترك شيطانك.

فقال أبو بكر: إن لم يتركني تركته و عصيته.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إذن تطيعه و لا تعصيه، و إنما رأيت ما رأيت لتأكيد الحجة عليك. و أخذ بيده و خرجا من مسجد قبا يريدان مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبو بكر يخفق بعضه بعضا، و يتلون ألوانا، و الناس ينظرون إليه، و لا يدرون ما الذي كان، حتى لقيه عمر بن الخطاب فقال له: يا خليفة رسول الله، ما شأنك، و ما الذي دهاك؟

فقال أبو بكر: خل عني- يا عمر- فو الله لا سمعت لك قولا.

فقال له عمر: و أين تريد يا خليفة رسول الله؟

فقال له أبو بكر: أريد المسجد و المنبر.

فقال: ليس هذا وقت صلاة و منبر.

فقال أبو بكر: خل عني، فلا حاجة لي في كلامك.

فقال عمر: يا خليفة رسول الله، أ فلا تدخل منزلك قبل المسجد، فتسبغ الوضوء؟ قال: بلى. ثم التفت أبو بكر إلى علي (عليه السلام) و قال له: يا أبا الحسن، تجلس إلى جانب المنبر حتى أخرج إليك. فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال: يا أبا بكر، قد قلت إن شيطانك لا يدعك، أو يرديك.

__________________________________________________

(1) من الإرشاد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 358

و مضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فجلس بجانب المنبر، و دخل أبو بكر منزله، و عمر معه، فقال له: يا خليفة رسول الله، لم لا تنبئني أمرك، و تحدثني بما دهاك به علي بن أبي طالب؟

فقال أبو بكر: ويحك يا عمر،

يرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد موته حيا و يخاطبني في ظلمي لعلي، و رد حقه عليه، و خلع نفسي من هذا الأمر، فقال له عمر: قص علي قصتك من أولها إلى آخرها.

فقال له أبو بكر: ويحك يا عمر، و الله لقد قال لي علي أنك لا تدعني أخرج من هذه المظلمة، و أنك شيطاني، فدعني منك. فلم يزل يرقبه إلى أن حدثه بحديثه من أوله إلى آخره.

فقال له: بالله- يا أبا بكر- أنسيت شعرك في أول شهر رمضان، الذي فرض الله علينا صيامه، حيث جاءك حذيفة بن اليمان، و سهل بن حنيف، و نعمان الأزدي، و خزيمة بن ثابت، في يوم جمعة إلى دارك ليتقاضوك دينا عليك، فلما انتهوا إلى باب الدار سمعوا لك صلصلة في الدار، فوقفوا بالباب، و لم يستأذنوا عليك، فسمعوا أم بكر- زوجك- تناشدك، و تقول لك: قد عمل حر الشمس بين كتفيك، قم إلى داخل البيت، و ابتعد عن الباب، لئلا يسمعك أحد من أصحاب محمد فيهدروا دمك، فقد علمت أن محمدا قد أهدر دم من أفطر يوما من شهر رمضان، من غير سفر، و لا مرض، خلافا على الله و على رسوله محمد، فقلت لها: هات- لا ام لك- فضل طعامي من الليل، و أترعي الكأس من الخمر. و حذيفة و من معه بالباب، يسمعون محاورتكما «1»، فجاءت بصحفة فيها طعام من الليل، و قعب مملوء خمرا فأكلت من الصحفة، و شربت «2» من الخمر، في ضحى النهار، و قلت لزوجتك هذه الأبيات «3»:

ذريني أصطبح يا أم بكر فإن الموت نقب عن هشام

و نقب عن أخيك و كان صعبا من الأقوام شريب المدام

يقول لنا ابن

كبشة سوف نحيا و كيف حياة أشلاء و هام!

و لكن باطل ما قال «4» هذا و إفك من زخاريف الكلام

ألا هل مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام!

و تارك كل ما أوحى إلينا محمد من أساطير الكلام

فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي

و لكن الحكيم رأى حميرا فألجمها فتاهت في اللجام

فلما سمعك حذيفة و من معه تهجو محمدا هجموا «5» عليك في دارك، فوجدوك و قعب الخمر في يدك،

__________________________________________________

(1) في الإرشاد زيادة: إلى أن انتهيت في شعرك.

(2) في الإرشاد: و كرعت.

(3) في الإرشاد: هذا الشعر.

(4) في الإرشاد: قد قال.

(5) في الإرشاد: قحموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 359

و أنت تكرعها، فقالوا: ما لك يا عدو الله خالفت الله و رسوله. و حملوك كهيئتك إلى مجمع الناس، بباب «1» رسول الله، و قصوا عليه قصتك، و أعادوا شعرك، فدنوت منك، و ساورتك «2»، و قلت لك في الضجيج «3»: قل إني شربت الخمر ليلا، فثملت، فزال عقلي، فأتيت ما أتيته نهارا، و لا أعلم «4» بذلك، فعسى أن يدرأ عنك الحد، و خرج محمد فنظر إليك فقال: استيقظوه. فقلت: رأيناه و هو ثمل يا رسول الله، لا يعقل، فقال: ويحكم الخمر يزيل العقل، تعلمون هذا من أنفسكم، و أنتم تشربونها؟ فقلنا: [نعم ]- يا رسول الله- و قد قال فيها امرؤ القيس شعرا:

شربت الإثم «5» حتى زال عقلي كذاك الخمر يفعل بالعقول

ثم قال محمد: انظروه إلى إفاقته من سكرته. فأمهلوك حتى أريتهم أنك قد صحوت، فسألك محمد فأخبرته بما أوعزته إليك من شربك لها بالليل، فما بالك اليوم تصدق «6» بمحمد و بما جاء به و هو عندنا ساحر كذاب؟! فقال: ويحك «7» يا أبا

حفص، لا شك عندي فيما قصصته علي، فاخرج إلى علي بن أبي طالب، فاصرفه عن المنبر».

قال: «فخرج عمر و علي (عليه السلام) جالس بجانب المنبر، فقال: ما بالك- يا علي- قد تصديت لها، دون- و الله- ما تروم من علو هذا المنبر خرط القتاد. فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى بدت نواجذه ثم قال: ويلك منها- يا عمر- إذا أفضت إليك، و الويل للامة من بلائك.

فقال عمر: هذه بشراي يا بن أبي طالب، صدقت ظني «8»، و حق قولك. و انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى منزله».

3286/ [15]- ابن شهر آشوب: عن القطان في (تفسيره)، عن عمرو «9» بن حمران، عن سعيد، عن «10» قتادة، عن

__________________________________________________

15- المناقب 2: 178.

(1) في «ط»: إلى باب.

(2) في الإرشاد: و شاورتك، و ساوره: أخذ برأسه.

(3) في الإرشاد: ضجيج الناس.

(4) في الإرشاد: و لا علم بي.

(5) في الإرشاد: الخمر.

(6) في الإرشاد: تؤمن.

(7) في الإرشاد: ويلك.

(8) في الإرشاد: ظنوني. [.....]

(9) في «س» و «ط»: عمر، و الصواب ما في المتن، ترجم له في الجرح و التعديل 6: 227 و قال: روى عن سعيد بن أبي عروبة ... و روى عنه يوسف بن موسى القطّان.

(10) في «س» و «ط»: بن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع التعليقة السابقة، و الجرح و التعديل 4: 65، و تهذيب الكمال 11: 5، و سير أعلام النبلاء 6: 413، و غيرها حيث عدوّه ممّن روى عن قتادة بن دعامة السّدوسي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 360

الحسن البصري، قال: اجتمع علي (عليه السلام)، و عثمان بن مظعون، و أبو طلحة، و أبو عبيدة، و معاذ بن جبل، و سهل «1» بن بيضاء، و أبو دجانة الأنصاري

في منزل سعد بن أبي وقاص، فأكلوا شيئا، ثم قدم إليهم شيئا من الفضيخ، فقام علي (عليه السلام) فخرج من بينهم فقال عثمان في ذلك، فقال علي (عليه السلام): «لعن الله الخمر، و الله لا أشرب شيئا يذهب بعقلي، و يضحك بي من رآني، و أزوج «2» كريمتي من لا أريد». و خرج من بينهم، فأتى المسجد، و هبط جبرئيل بهذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يعني هؤلاء الذين اجتمعوا في منزل سعد إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ الآية، فقال علي: «تبا لها، و الله يا رسول الله، لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا».

قال الحسن: و الله الذي لا إله إلا هو، ما شربها قبل تحريمها، و لا ساعة قط.

سورة المائدة(5): الآيات 92 الي 93 ..... ص : 360

قوله تعالى:

وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [92- 93] 3287/ [1]- علي بن إبراهيم: يقول: لا تعصوا و لا تركنوا إلى الشهوات «3» من الخمر و الميسر فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ يقول: عصيتم «4» فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ إذ قد بلغ و بين فانتهوا.

و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إنه سيكون قوم يبيتون و هم على شرب الخمر و اللهو و الغناء، فبينما هم كذلك، إذ مسخوا من ليلتهم، و أصبحوا قردة و خنازير، و هو قوله: وَ احْذَرُوا أن تعتدوا كما اعتدى أصحاب السبت، فقد كان أملى لهم حتى أثروا، و قالوا: إن السبت لنا حلال، و إنما كان حراما على أولينا، و كانوا يعاقبون على استحلالهم السبت، فأما نحن فليس علينا حرام، و ما زلنا بخير منذ استحللناه، و قد كثرت أموالنا، و صحت أجسامنا ثم أخذهم الله ليلا، و هم

غافلون، فهو قوله: وَ احْذَرُوا أن يحل بكم مثل ما حل بمن تعدى و عصى.

فلما نزل تحريم الخمر و الميسر، و التشديد في أمرهما، قال الناس من المهاجرين و الأنصار: يا رسول الله، قتل أصحابنا و هم يشربون الخمر، و قد سماه الله رجسا، و جعله من عمل الشيطان، و قد قلت ما قلت، أ فيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا الآية، فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر، و الجناح هو الإثم على من شربها بعد التحريم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 181.

(1) في المصدر: سهيل.

(2) في «ط»: و أروّح.

(3) في «ط»: و لا تركبوا الشهوات.

(4) زاد في «س» و «ط»: فاحذروه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 361

3288/ [2]- الشيخ: بإسناده عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الحد في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا».

قال: ثم قال: «أتي عمر بقدامة بن مظعون، و قد شرب الخمر، و قامت عليه البينة، فسأل عليا (عليه السلام) فأمره أن يضربه ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، ليس علي حد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا- قال- فقال علي (عليه السلام): لست من أهلها، إن طعام أهلها لهم حلال، ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما أحل الله لهم. ثم قال علي (عليه السلام): إن شارب الخمر إذا شرب لم يدر ما يأكل، و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة».

3289/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أتي عمر بن الخطاب

بقدامة بن مظعون و قد شرب الخمر، و قامت عليه البينة، فسأل عليا (عليه السلام)، فأمره أن يجلده ثمانين جلدة، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، ليس علي جلد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا فقرأ الآية حتى استتمها، فقال له علي (عليه السلام): كذبت، لست من أهل هذه الآية، ما طعم أهلها فهو حلال لهم، و ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما يحل لهم».

عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد فيه: «و ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما أحل الله لهم. ثم قال: إن الشارب إذا ما شرب لم يدر ما يأكل و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة».

3290/ [4]- عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الخمر، و النبيذ [قال: «إن النبيذ] ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر بعينها، فقليلها و كثيرها حرام، كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير، و حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الشراب من كل مسكر، فما حرمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد حرمه الله».

قلت: فكيف كان ضرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الخمر؟ فقال: «كان يضرب بالنعل و يزيد و ينقص، و كان الناس بعد ذلك يزيدون و ينقصون، ليس يحد بحدود، حتى وقف علي بن أبي طالب (عليه السلام) في شارب الخمر على ثمانين جلدة، حيث ضرب قدامة بن مظعون- قال- فقال قدامة: ليس علي جلد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا. فقال له:

كذبت، ما أنت منهم، إن أولئك كانوا لا يشربون حراما. ثم قال علي (عليه السلام): إن الشارب إذا شرب فسكر، لم يدر ما يقول و ما يصنع، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أتي بشارب الخمر ضربه، فإذا أتي به ثانية ضربه، فإذا أتي به ثالثة ضرب عنقه».

قلت: فإن أخذ شارب نبيذ مسكر قد انتشى منه؟ قال: «يضرب ثمانين جلدة، فإن أخذ ثالثة قتل كما يقتل شارب الخمر».

قلت: إن أخذ شارب الخمر نبيذا مسكرا سكر منه، أ يجلد ثمانين؟ قال: «لا، دون ذلك، كل ما أسكر كثيره

__________________________________________________

2- التهذيب 10: 93/ 360.

3- تفسير العيّاشي 1: 341/ 189.

4- تفسير العيّاشي 1: 342/ 190.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 362

فقليله حرام».

سورة المائدة(5): آية 94 ..... ص : 362

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ [94]

3291/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشرت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في عمرة الحديبية الوحوش، حتى نالتها أيديهم و رماحهم».

3292/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ.

قال: «حشر عليهم الصيد في كل مكان، حتى دنا منهم ليبلوهم الله به».

3293/ [3]- و عنه: عن محمد

بن يحيى، عن أحمد بن محمد، رفعه في قوله تبارك و تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «ما تناله «1» الأيدي البيض و الفراخ، و ما تناله الرماح فهو ما لا تصل إليه الأيدي».

3294/ [4]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشر عليهم [الصيد] من كل وجه، حتى دنا منهم ليبلونهم به».

3295/ [5]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن وطئ المحرم بيضة و كسرها، فعليه درهم، كل هذا يتصدق به بمكة [و منى ]، و هو قول الله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 396/ 1.

2- الكافي 4: 396/ 2.

3- الكافي 4: 397/ 4.

4- التهذيب 5: 300/ 1022. [.....]

5- التهذيب 5: 346/ 1202.

(1) في «س»: نالته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 363

3296/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قتل الرجل المحرم حمامة، ففيها شاة، فإن قتل فرخا، ففيه جمل، فإن وطئ بيضة فكسرها، فعليه درهم، كل هذا يتصدق بمكة و منى، و هو قول الله في كتابه: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ البيض و الفراخ وَ رِماحُكُمْ الأمهات الكبار».

3297/ [7]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ. قال: «ابتلاهم الله بالوحش، فركبتهم «1» من كل مكان».

3298/ [8]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول

الله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشر لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الوحوش، حتى نالتها أيديهم و رماحهم في عمرة الحديبية، ليبلوهم الله به».

3299/ [9]- و في رواية الحلبي عنه (عليه السلام): «حشر عليهم الصيد من كل مكان، حتى دنا منهم، فنالته أيديهم و رماحهم، ليبلونهم الله به».

3300/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في غزوة الحديبية، جمع الله عليهم الصيد فدخل بين رحالهم، ليبلونهم الله، أي يختبرنهم، و قوله تعالى: لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ قبل ذلك، و لكنه عز و جل لا يعذب أحدا إلا بحجة بعد إظهار الفعل.

سورة المائدة(5): آية 95 ..... ص : 363

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ [95]

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 342/ 191.

7- تفسير العيّاشي 1: 342/ 192.

8- تفسير العيّاشي 1: 343/ 193.

9- تفسير العيّاشي 1: 343/ 194.

10- تفسير القمّي 1: 182.

(1) في المصدر: فركبهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 364

3301/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن الفضيل، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل في الصيد: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في الظبي شاة، و في حمار وحش بقرة، و في النعامة جزور».

3302/ [2]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في النعامة بدنة، و في حمار وحش بقرة، و في الظبي شاة، و في البقرة بقرة».

3303/ [3]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «العدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ، لكل طعام مسكين يوما».

3304/ [4]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): محرم أصاب صيدا؟ قال: «عليه الكفارة». قلت: فإن هو عاد؟ قال: «عليه كلما عاد كفارة».

3305/ [5]- و قال الشيخ الطوسي: و أما الذي رواه الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، و يتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء، و ينتقم الله منه، و النقمة في الآخرة، فلا ينافي ما ذكرناه، لأنه محمول على ما قدمناه من العمد، لأن من تعمد الصيد بعد أن صاد فعليه كفارة واحدة، و إذا كان ناسيا لزمته الكفارة كلما أصاب الصيد، و الذي يدل على ذلك ما رواه:

3306/ [6]- يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه كفارة، فإن أصابه ثانية [خطأ فعليه الكفارة أبدا إذا كان خطأ، فإن أصابه ]

متعمدا [كان عليه الكفارة، فإن أصابه ثانية متعمدا] فهو ممن ينتقم الله منه، و لم يكن عليه الكفارة».

3307/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحلبي «1»، عن أبي

__________________________________________________

1- التهذيب 5: 341/ 1180.

2- التهذيب 5: 341/ 1181.

3- التهذيب 5: 342/ 1184.

4- التهذيب 5: 372/ 1296.

5- التهذيب 5: 372/ 1297.

6- التهذيب 5: 372/ 1298. [.....]

7- الكافي 4: 394/ 1.

(1) في المصدر: معاوية بن عمّار، و كلاهما من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 18: 215 و 23: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 365

عبد الله (عليه السلام) في المحرم يصيد الطير، قال: «عليه الكفارة في كل ما أصاب».

3308/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في محرم أصاب صيدا، قال: «عليه الكفارة».

قلت: فإن أصاب آخر؟ قال: «إذا أصاب آخر «1» فليس عليه كفارة، و هو ممن قال الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ».

3309/ [9]- قال ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه: إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب صيدا الكفارة، و إذا أصابه متعمدا فإن عليه الكفارة.

قلت: فإن أصاب آخر، قال: إذا أصاب آخر فليس عليه الكفارة، و هو ممن قال الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

3310/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ

مِنْهُ.

قال: «إن رجلا انطلق و هو محرم، فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه، و جعل أصحابه ينهونه عما يصنع، ثم أرسله بعد ذلك، فبينما الرجل نائم إذ جاءته حية فدخلت في فيه، فلم تدعه، حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب، ثم خلت عنه».

3311/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده». ثم قال: «هذا مما أخطأت به الكتاب».

3312/ [12]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده». ثم قال: «هذا مما أخطأت به الكتاب».

3313/ [13]- و عنه: بإسناده عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، قال: تلوت عند أبي عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

8- الكافي 4: 394/ 2.

9- الكافي 4: 394/ 3.

10- الكافي 4: 397/ 6.

11- الكافي 4: 396/ 3.

12- الكافي 4: 397/ 5.

13- الكافي 8: 205/ 247.

(1) في المصدر: فإن عاد فأصاب ثانيا متعمّدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 366

ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فقال: «ذو عدل منكم، هذا مما أخطأت به «1» الكتاب».

3314/ [14]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن

حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ: «فالعدل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإمام من بعده يحكم به، و هو ذو عدل، فإذا علمت ما حكم الله به من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام فحسبك، و لا تسأل عنه».

3315/ [15]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سليمان ابن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «صوم جزاء الصيد واجب، قال الله عز و جل: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما، يا زهري؟» قال: قلت: لا أدري.

قال: «يقوم الصيد «2» ثم تفض تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا، فيصوم لكل نصف صاع يوما».

3316/ [16]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء، إلا فداء الصيد، فإن الله عز و جل يقول: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ».

3317/ [17]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «يثمن قيمة الهدي طعاما، ثم يصوم لكل مد يوما، فإذا زادت الأمداد

على شهرين «3» فليس عليه أكثر من ذلك «4»».

3318/ [18]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.

قال: «من أصاب نعامة فبدنة، و من أصاب حمارا أو شبهه «5» فعليه بقرة، و من أصاب ظبيا فعليه شاة، بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحر إن كان في حج فبمنى حيث ينحر الناس، و إن كان في عمرة نحر بمكة، و إن شاء

__________________________________________________

14- التهذيب 6: 314/ 867.

15- الكافي 4: 84/ 1.

16- الكافي 4: 386/ 2.

17- الكافي 4: 386/ 3.

18- تفسير العيّاشي 1: 343/ 195. [.....]

(1) في المصدر: فيه.

(2) في المصدر زيادة: قيمة، و نسخة بدل: قيمة عدل.

(3) في «س»: عشرين.

(4) في المصدر: أكثر منه.

(5) في المصدر: و شبهه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 367

تركه حتى يشتريه بعد ما يقدم فينحره، فإنه يجزي «1» عنه».

3319/ [19]- عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في الظبي شاة، و في الحمامة و أشباهها و إن كانت فراخا فعدتها من الحملان، و في حمار وحش بقرة، و في النعامة جزور».

3320/ [20]- عن أيوب بن نوح: و في النعامة بدنة، و في البقرة بقرة.

3321/ [21]- و في رواية حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده» ثم قال: «و هذا مما أخطأت به الكتاب».

3322/ [22]- عن محمد بن مسلم، عن أبي

جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ:

«يعني رجلا واحدا، يعني الإمام (عليه السلام)».

3323/ [23]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الديات ما كان من ذلك من جروح أو تنكيل فيحكم به ذوا عدل منكم [يعني الإمام».

3324/ [24]- عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ] قال: «ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده، فإذا حكم به الإمام فحسبك».

3325/ [25]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «صوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما، يا زهري؟». فقلت:

لا أدري. قال: «يقوم الصيد- قال- ثم تفض القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا، ثم يصوم لكل نصف صاع يوما».

3326/ [26]- عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قتل من النعم و هو محرم نعامة فعليه بدنة، و من حمار وحش بقرة، و من الظبي شاة يحكم به ذوا عدل منكم» و قال: «عدله أن يحكم بما رأى من الحكم،

__________________________________________________

19- تفسير العيّاشي 1: 343/ 196.

20- تفسير العيّاشي 1: 343/ 197.

21- تفسير العيّاشي 1: 343 ذيل الحديث 197.

22- تفسير العيّاشي 1: 344/ 198.

23- تفسير العيّاشي 1: 344/ 199.

24- تفسير العيّاشي 1: 344/ 200.

25- تفسير العيّاشي 1: 344/ 201.

26- تفسير العيّاشي 1: 344/ 202.

(1) في المصدر: يجزيه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 368

أو صيام يقول الله: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ و الصيام لمن لم يجد الهدي فصيام ثلاثة أيام: قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة».

3327/ [27]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل فيمن قتل صيدا متعمدا و هو محرم فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً ما هو؟

فقال: «ينظر إلى الذي عليه بجزاء ما قتل، فإما أن يهديه، و إما أن يقوم فيشتري به طعاما فيطعمه للمساكين، يطعم كل مسكين مدا، و إما أن ينظركم يبلغ عدد ذلك من المساكين، فيصوم مكان كل مسكين يوما».

3328/ [28]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً قال: «عدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فإن لم يكن عنده، فليصم بقدر ما بلغ، لكل طعام مسكين يوما».

3329/ [29]- عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «يقوم ثمن الهدي طعاما، ثم يصوم لكل مد يوما، فإن زادت الأمداد على شهرين فليس عليه أكثر من ذلك».

3330/ [30]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

قال: «إن رجلا أخذ ثعلبا و هو محرم، فجعل يقدم النار إلى أنف الثعلب، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه، و جعل أصحابه ينهونه عما يصنع، ثم أرسله بعد ذلك، فبينما الرجل نائم إذ جاءت حية، فدخلت في دبره، فجعل يحدث من استه

كما عذب الثعلب، ثم خلته فانطلق».

و في رواية اخرى: ثم خلت عنه.

3331/ [31]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المحرم إذا قتل الصيد في الحل فعليه جزاؤه، يتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد و قتل صيدا، لم يكن عليه جزاؤه، فينتقم الله منه».

3332/ [32]- و في رواية اخرى عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، في محرم أصاب صيدا، قال: «عليه الكفارة، فإن عاد فهو ممن قال الله: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ و ليس عليه كفارة».

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 345/ 203.

28- تفسير العيّاشي 1: 345/ 205.

29- تفسير العيّاشي 1: 345/ 204.

30- تفسير العيّاشي 1: 345/ 206.

31- تفسير العيّاشي 1: 346/ 207.

32- تفسير العيّاشي 1: 346/ 208.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 369

سورة المائدة(5): آية 96 ..... ص : 369

قوله تعالى:

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [96]

3333/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا بأس بأن يصيد المحرم السمك، و يأكل مالحه و طريه، و يتزود».

و قال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ، قال: «مالحه الذي يأكلون، و فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر، و يفرخ في البر، فهو من صيد البر، و ما كان من صيد البر يكون في البر و يبيض في البحر [و يفرخ في البحر] فهو من صيد البحر».

3334/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل شي ء يكون

أصله في البحر، و يكون في البر و البحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الجزاء [كما قال الله عز و جل ]».

3335/ [3]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا بأس أن يصيد «1» المحرم السمك و يأكل طريه و مالحه، و يتزود، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ فليختر «2» الذين يأكلون». و قال: «فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر «3» و يفرخ في البر فهو من صيد البر، و ما كان من الطير يكون في البحر [و يفرخ في البحر] فهو من صيد البحر».

3336/ [4]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ، قال: «مالحه الذي يأكلون». و قال: «فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البحر و يفرخ في البر، فهو من صيد البر، و ما كان من طير يكون في البر و يبيض في البحر و يفرخ، فهو من صيد البحر».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 392/ 1.

2- الكافي 4: 393/ 2.

3- التهذيب 5: 365/ 1270.

4- تفسير العيّاشي 1: 346/ 209.

(1) في «س» و «ط»: يأكل.

(2) في المصدر: فليخير.

(3) في «س» و «ط»: البحر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 370

3337/ [5]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ، قال: «هي الحيتان المالح، و ما تزودت منه أيضا، و إن لم يكن مالحا فهو متاع».

سورة المائدة(5): آية 97 ..... ص : 370

قوله تعالى:

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ

الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَ الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ الْهَدْيَ وَ الْقَلائِدَ [97]

3338/ [6]- العياشي: عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ؟ قال: «جعلها الله لدينهم و معايشهم».

3339/ [7]- الطبرسي: قال سعيد بن جبير: من أتى هذا البيت يريد شيئا للدنيا و الآخرة أصابه. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

3340/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: ما دامت الكعبة قائمة، و يحج الناس إليها، لم يهلكوا، فإذا هدمت و تركوا الحج هلكوا.

و تفسير الشهر الحرام و الهدي و القلائد قد تقدم معناه في أول السورة «1».

سورة المائدة(5): الآيات 101 الي 102 ..... ص : 370

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ- إلى قوله تعالى- كافِرِينَ [101- 102]

3341/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت، فقال لها عمر بن الخطاب «2»: غطي قرطك، فإن قرابتك من رسول

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 346/ 210. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 346/ 211.

7- مجمع البيان 3: 382.

8- تفسير القمّي 1: 187.

9- تفسير القمّي 1: 188.

(1) تقدّم في تفسير الآية (2) من هذه السورة.

(2) في المصدر: لها الثاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 371

الله (صلى الله عليه و آله) لا تنفعك شيئا. فقالت له: و هل رأيت لي قرطا، يا بن اللخناء؟! ثم دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبرته بذلك، و بكت، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع؟! لو قد قمت

«1» المقام المحمود لشفعت في أحوجكم، لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلا أخبرته. فقام إليه رجل، فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك غير الذي تدعى إليه «2»، أبوك فلان بن فلان. فقام إليه رجل آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك الذي تدعى إليه. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بال الذي يزعم أن قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟! فقام إليه عمر «3» فقال: أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله و غضب رسوله، اعف عني، عفا الله عنك، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إلى قوله ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ».

3342/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني عنه من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل، و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال» فقيل له: يا بن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟

قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ «4»، و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «5»، و قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ».

3343/ [3]- العياشي: عن أحمد بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، و كتب في آخره:

«أو لم تنتهوا عن كثرة المسائل فأبيتم أن تنتهوا، إياكم و ذاك، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إلى قوله: كافِرِينَ».

سورة المائدة(5): آية 103 ..... ص : 371

قوله تعالى:

ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِينَ

__________________________________________________

2- الكافي 1: 48/ 5.

3- تفسير العيّاشي 1: 346/ 212.

(1) في المصدر: قربت.

(2) في المصدر: له.

(3) في المصدر: إليه الثاني.

(4) النّساء 4: 114.

(5) النّساء 4: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 372

كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [103]

3344/ [1]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ.

قال: «إن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن واحد، قالوا: وصلت. فلا يستحلون ذبحها، و لا أكلها، و إذا ولدت عشرة جعلوها سائبة، و لا يستحلون ظهرها، و لا أكلها، و الحام: فحل الإبل، لم يكونوا يستحلونه، فأنزل الله عز و جل أنه لم يكن يحرم شيئا من ذلك».

ثم قال ابن بابويه: و قد روي أن البحيرة: الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن، فإن كان الخامس ذكرا نحروه، فأكله الرجال و النساء، و إن كان الخامس أنثى بحروا اذنها، أي شقوها، و كانت حراما على النساء «1» لحمها و لبنها، فإذا ماتت حلت للنساء.

و السائبة: البعير يسيب بنذر يكون على الرجل إن

سلمه الله عز و جل من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك.

و الوصيلة من الغنم: كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا ذبح فأكل منه الرجال و النساء، و إن كان أنثى تركت في الغنم، و إن كان ذكرا و أنثى قالوا: وصلت أخاها. فلم تذبح، و كان لحمها حراما على النساء، إلا أن يموت منها شي ء، فيحل أكلها للرجال و النساء.

و الحام: الفحل إذا ركب ولد ولده، قالوا: قد حمى ظهره. قال: و قد يروى أن الحام هو من الإبل إذا أنتج عشرة أبطن، قالوا: قد حمى ظهره. فلا يركب، و لا يمنع من كلأ و لا ماء.

3345/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ.

قال: «و إن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن، قالوا: وصلت. فلا يستحلون ذبحها، و لا أكلها، و إذا ولدت عشرا جعلوها سائبة، فلا يستحلون ظهرها، و لا أكلها، و الحام: فحل الإبل، لم يكونوا يستحلون، فأنزل الله أن الله لم يحرم شيئا من هذا».

3346/ [3]- عن أبي الربيع، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السائبة، قال: «هو الرجل يعتق غلامه، ثم يقول له: اذهب حيث شئت و ليس لي من ميراثك شي ء، و لا علي من جريرتك «2» شي ء، و يشهد على ذلك شاهدا».

!__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 148/ 1. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 347/ 213.

3- تفسير العيّاشي 1: 348/ 214.

(1) في المصدر زيادة: و الرجال.

(2) في «ط»: حدثك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 373

3347/ [4]- عن

عمار بن أبي الأحوص، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السائبة، قال: «انظر في القرآن، فما كان فيه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ «1» فتلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد من الناس عليها إلا الله، و ما كان ولاؤه لله فهو لرسول الله عليه و آله السلام، و ما كان ولاؤه لرسول الله فإن ولاءه للإمام و ميراثه له».

3348/ [5]- و قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «البحيرة إذا ولدت و ولد ولدها بحرت».

3349/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: البحيرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففي السادسة قالت العرب:

قد بحرت. فجعلوها للصنم و لا تمنع ماء و لا مرعى.

و الوصيلة: إذا وضعت الشاة خمسة أبطن، ثم وضعت في السادس جديا و عناقا في بطن واحد، جعلوا الأنثى للصنم، و قالوا: وصلت أخاها. و حرموا لحمها على النساء.

و الحام: إذا كان الفحل من الإبل جد الجد، قالوا: حمى ظهره. فسموه حاما، فلا يركب، و لا يمنع ماء و لا مرعى، و لا يحمل عليه شي ء، فرد الله عليهم، فقال: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ- إلى قوله: وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.

سورة المائدة(5): آية 105 ..... ص : 373

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [105]

3350/ [1]- (مصباح الشريعة): روي أن أبا ثعلبة الخشني «2» سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فقال (صلى الله عليه و آله): «آمر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على ما أصابك حتى إذا رأيت شحا مطاعا، و هوى متبعا، و إعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، و دع عنك

أمر العامة».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 348/ 215.

5 تفسير العيّاشي 1: 348 ذيل الحديث 215.

6- تفسير القمّي 1: 188.

1- مصباح الشريعة: 18.

(1) النّساء 4: 92، المجادلة 58: 3.

(2) في «ط»: ثعلبة الأسدي و في «س» و البحار 100: 83/ 52: ثعلبة الخشني، و في مستدرك الوسائل 12: 189/ 8: ثعلبة الحبشي، و الصحيح ما أثبتناه، انظر أسد الغابة 5: 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 374

3351/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أصلحوا أنفسكم فلا تتبعوا عورات الناس، و لا تذكروهم، فإنه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم أنتم صالحين.

3352/ [3]- و في (نهج البيان): عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: «نزلت هذه الآية في التقية».

سورة المائدة(5): الآيات 106 الي 108 ..... ص : 374

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ- إلى قوله تعالى- لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [106- 108]

3353/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن رجاله، رفعه، قال: «خرج تميم الداري، و ابن بيدي «1»، و ابن أبي مارية، في سفر، و كان تميم الداري مسلما، و ابن بيدي، و ابن أبي مارية نصرانيين، و كان مع تميم الداري خرج له، فيه متاع و آنية منقوشة بالذهب، و قلادة، أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع، فاعتل تميم الداري علة شديدة، فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي و ابن أبي مارية، و أمرهما أن يوصلاه إلى ورثته، فقدما المدينة و قد أخذا من المتاع الآنية و القلادة، و أوصلا سائر ذلك إلى ورثته، فافتقد القوم الآنية و القلادة، فقال أهل تميم لهما: هل مرض

صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا: لا، ما مرض إلا أياما قلائل. قالوا: فهل سرق منه شي ء في سفره هذا؟ قالا: لا. قالوا: فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا: لا. قالوا فقد افتقدنا أفضل شي ء و كان معه، آنية منقوشة بالذهب، مكللة بالجوهر، و قلادة. فقالا: ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم. فقدموهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأوجب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليهما اليمين، فحلفا، فخلى عنهما.

ثم ظهرت تلك الآنية و القلادة عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، قد ظهر على ابن بيدي و ابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما. فانتظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الله عز و جل الحكم في ذلك، فأنزل الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 188.

3- نهج البيان 2: 107 (مخطوط).

1- الكافي 7: 5/ 7.

(1) في «س» و «ط»: ابن بندي، و كذا في المواضع الآتية. و في سائر المصادر عدي بن بداء، و بديل بن أبي مريم، و في بعضها: مارية، و فيها أن تميما و عديا هما السارقان. انظر سير أعلام النبلاء 2: 444، الدر المنثور 3: 220. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 375

ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فأطلق الله عز و جل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط، إذا كان في سفر و لم يجد المسلمين، ثم قال: فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً

وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فهذه الشهادة الاولى التي جعلها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً أي أنهما حلفا على كذب فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما يعني من أولياء المدعي مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ أي يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما، و أنهما قد كذبا فيما حلفا بالله لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به، فحلفوا فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) القلادة و الآنية من ابن بيدي و ابن أبي مارية و ردهما على أولياء تميم الداري ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

و ذكر هذا الحديث علي بن إبراهيم في (تفسيره) بتغيير يسير، و فيه بعد قوله: تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ يعني صلاة العصر «1».

3354/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قلت:

ما آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ قال: «هما كافران». قلت: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ؟ فقال: «مسلمان».

3355/ [3]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية».

3356/ [4]- و عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى «2»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن

__________________________________________________

2- الكافي 7: 3/ 1.

3- الكافي 7: 4/ 3.

4- الكافي 7: 4/ 6.

(1) تفسير القمّي 1: 189.

(2) في المصدر: يحيى بن محمّد، و قد روى كلاهما عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و روى عنهما يونس بن عبد الرحمن، راجع معجم رجال الحديث 18: 26 و 20: 88.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 376

المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية، و ذلك إذا مات الرجل في أرض غربة، فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب، يحبسان بعد الصلاة «1» فيقسمان بالله عز و جل لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ- قال- و ذلك إذا ارتاب ولي الميت في شهادتهما، فإن عثر على أنهما شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما، حتى يجي ء بشهادين، فيقومان مقام الشاهدين الأولين، فيقسمان بالله لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ فإذا فعل ذلك نقض شهادة

الأولين، و جازت شهادة الآخرين، يقول الله عز و جل: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

3357/ [5]- الشيخ: بإسناده عن ابن محبوب «2»، عن جميل بن صالح، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

فقال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب»- قال- [و إنما ذلك ] إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة، فطلب رجلين مسلمين ليشهدهما على وصيته، فلم يجد مسلمين، فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب، مرضيين عند أصحابهم».

3358/ [6]- العياشي: عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قال:

«هما كافران».

قلت: فقول الله: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «مسلمان».

3359/ [7]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إلى أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، فقال: «هما كافران».

3360/ [8]- عن علي بن سالم، عن رجل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

فقال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن

__________________________________________________

5- التهذيب 6: 253/ 655.

6- تفسير العيّاشي 1: 348/ 216.

7- تفسير العيّاشي 1: 348/ 217.

8- تفسير العيّاشي 1: 348/ 218.

(1) في «س» و «ط»: العصر.

(2) في «س» و «ط»: محمّد

بن عليّ بن محبوب، عن الحسن بن محبوب، و ما في المتن من المصدر و الكافي 7: 399/ 8، و السند فيهما معلّق على ما سبقه و هو: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 377

المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سن «1» في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية- قال- و ذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب، يحبسان من بعد الصلاة فيقسمان بالله عز و جل: لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ- قال- و ذلك إن ارتاب ولي الميت في شهادتهما فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً يقول: شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما، حتى يجي ء شاهدان فيقومان مقام الشاهدين الأولين: فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين، و جازت شهادة الآخرين، يقول الله:

ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

3361/ [9]- عن ابن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب. و ذلك إذا مات الرجل [المسلم ] بأرض غربة «2» فلم يجد مسلمين يشهدهما، فرجلين من أهل الكتاب».

3362/ [10]- قال حمران: قال

أبو عبد الله (عليه السلام): «و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، و إنما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين، فليشهد رجلين ذميين من أهل الكتاب، مرضيين عند أصحابهم».

3363/ [11]- سعد بن عبد الله: عن القاسم بن الربيع الوراق و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد ابن سنان، عن مياح المدائني، عن المفضل بن عمر، في كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) إليه: «و أما ما ذكرت أنهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم، فإن ذلك لا يجوز، و لا يحل، و ليس هو على ما تأولوا لقول الله عز و جل «3»: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ فذلك إذا كان مسافرا، فحضره الموت أشهد اثنين ذوي عدل من أهل دينه فإن لم يجد فآخران ممن يقرأ القرآن، من غير أهل ولايته

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 349/ 219.

10- تفسير العيّاشي 1: 349 ذيل الحديث 219.

11- مختصر بصائر الدرجات: 86. [.....]

(1) في المصدر: قال: و سنّوا.

(2) في المصدر زيادة: فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيّة.

(3) كذا في المصدر، و بصائر الدرجات: 546/ 1، في «س» و «ط»: سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن عليّ، عن حفص المؤدّب، عن أبي عبد اللّه، في قول اللّه عزّ و جلّ، و هذا سند الحديث السابق لهذا في المصدر، فهو سهو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 378

تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ عز

و جل إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ من أهل ولايته فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْمَعُوا».

سورة المائدة(5): آية 109 ..... ص : 378

قوله تعالى:

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [109]

3364/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء «1»، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ماذا أجبتم في أوصيائكم؟ [يسأل الله تعالى يوم القيامة] فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا بعدنا بهم».

3365/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد «2» الكناسي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا.

قال: فقال: «إن لهذا تأويلا، يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتم «3» على أممكم؟- قال- فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا».

3366/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو عمرو محمد ابن جعفر المقرئ الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريقي، قال: حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال، مولى زيد بن علي، قال: حدثني أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى

بن جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 190.

2- الكافي 8: 338/ 535.

3- معاني الأخبار: 231/ 1.

(1) في المصدر: عن العلا بن العلا، و الصواب ما في المتن، و المراد به: العلاء بن رزين الذي صحب محمّد بن مسلم و تفقّه عليه، و روى عنه الحسن ابن محبوب، و يلقّب القلّاء لأنّه كان يقلي السوبق. ترجمته في رجال النجاشي: 298، فهرست الطوسيّ: 112، معجم رجال الحديث 11: 167.

(2) في المصدر: بريد، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 02: 103 و 122، و الحديث (4).

(3) في المصدر: خلفتموهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 379

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا قال: يقولون: لا علم لنا بسواك» قال: «و قال الصادق (عليه السلام): القرآن كله تقريع، و باطنه تقريب».

قال ابن بابويه: يعني بذلك أنه من وراء آيات التوبيخ و الوعيد آيات الرحمة و الغفران.

3367/ [4]- العياشي: عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا، قال: «يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتم على أمتكم؟- قال- فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا»

سورة المائدة(5): آية 110 ..... ص : 379

قوله تعالى:

وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي- إلى قوله تعالى- وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي [110]

3368/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر «1»، قال: حدثنا أبو عبد الله السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، قال:

قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لماذا بعث الله تعالى موسى بن عمران (عليه السلام) بيده البيضاء و العصا و آلة السحر، و بعث عيسى (عليه السلام) بالطب، و بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالكلام و الخطب؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى لما بعث موسى (عليه السلام) كان الأغلب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عند القوم و في وسعهم «2» مثله، و بما أبطل به سحرهم و أثبت به الحجة عليهم.

و إن الله تبارك و تعالى بعث عيسى (عليه السلام) في وقت ظهرت فيه الزمانات «3»، و احتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عندهم مثله، و بما أحيا لهم الموتى، و أبرأ لهم الأكمه و الأبرص، بإذن الله عز و جل، و أثبت به الحجة عليهم.

و إن الله تبارك و تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب و الكلام

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 349/ 220.

1- علل الشرائع: 121/ 6.

(1) في المصدر: الحسين بن محمّد بن عليّ، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 6: 76.

(2) في المصدر: لم يكن في وسع القوم.

(3) الزمانات: الأمراض التي تدوم زمنا طويلا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 380

- و أظنه قال: و الشعر- فأتاهم من كتاب الله تعالى و مواعظه و أحكامه ما أبطل به قولهم، و أثبت به الحجة عليهم».

قال ابن السكيت: تالله ما رأيت مثلك اليوم قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟

فقال (عليه السلام): «العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه، و الكاذب على

الله فيكذبه».

فقال ابن السكيت: هذا- و الله- هو الجواب.

3369/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل: هل كان عيسى بن مريم (عليه السلام) أحيا أحدا بعد موته بأكل «1» و رزق و مدة و ولد؟

فقال: «نعم، إنه كان له صديق مؤاخ له في الله تبارك و تعالى، و كان عيسى (عليه السلام) يمر به، و ينزل عليه، و إن عيسى (عليه السلام) غاب عنه حينا، ثم مر به ليسلم عليه، فخرجت إليه امه، فسألها عنه، فقالت: مات يا رسول الله.

فقال: أ تحبين أن تريه؟ قال: نعم. فقال لها: إذا كان غدا فآتيك حتى أحييه لك بإذن الله تبارك و تعالى.

فلما كان من الغد أتاها، فقال لها: انطلقي معي إلى قبره. فانطلقا حتى أتيا قبره، فوقف عليه عيسى (عليه السلام)، ثم دعا الله عز و جل فانفرج القبر، و خرج ابنها حيا، فلما رأته امه و رءاها بكيا، فرحمهما عيسى (عليه السلام)، فقال له عيسى (عليه السلام): أ تحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال: يا رسول الله، بأكل و رزق و مدة، أم بغير أكل و لا رزق و لا مدة؟ فقال له عيسى (عليه السلام): بأكل و رزق و مدة، و تعمر عشرين سنة، و تزوج و يولد لك. قال: نعم إذن. فدفعه عيسى إلى امه، فعاش عشرين سنة و تزوج، و ولد له».

3370/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد، عن عبد الله

بن سليم العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن عيسى بن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، و كان سأل ربه أن يحييه له، فدعاه فأجابه، و خرج إليه من القبر، فقال له: ما تريد مني؟ فقال له:

أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا. فقال له: يا عيسى، ما سكنت عني حرارة الموت، و أنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا، و تعود علي حرارة الموت؟! فتركه، و أعاده إلى قبره».

سورة المائدة(5): آية 111 ..... ص : 380

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي [111]

3371/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا

__________________________________________________

2- الكافي 8: 337/ 532.

3- الكافي 3: 260/ 37.

1- علل الشرائع: 80/ 1.

(1) في المصدر: موته حتّى كان له أكل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 381

أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لم سمي الحواريون الحواريين؟

قال: «أما عند الناس فإنهم سموا الحواريين لأنهم كانوا قصارين، يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل، و هو اسم مشتق من الخبز الحوار «1»، و أما عندنا فسمي الحواريون الحواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب، بالوعظ و التذكير».

قال: فقلت له: فلم سمي النصارى نصارى؟

قال: «لأنهم كانوا من قرية اسمها ناصرة، من بلاد الشام، نزلتها مريم و نزلها عيسى (عليهما السلام) بعد رجوعهما من مصر».

3372/ [2]- العياشي: عن محمد بن يوسف الصنعاني، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ، قال: «ألهموا».

سورة المائدة(5): الآيات 112 الي 115 ..... ص : 381

قوله تعالى:

إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- مِنَ الْعالَمِينَ [112- 115] 3373/ [3]- العياشي: عن يحيى الحلبي، في قوله: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ، قال: «قراءتها: هل تستطيع ربك، يعني: هل تستطيع أن تدعو ربك».

3374/ [4]- عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب، عليها تسعة أحوتة «2» و تسعة أرغفة».

3375/ [5]- عن

الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما أنزلت المائدة على عيسى، قال للحواريين: لا تأكلوا منها، حتى آذن لكم. فأكل منها رجل منهم، فقال بعض الحواريين: يا روح الله، أكل منها

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 350/ 221.

3- تفسير العيّاشي 1: 350/ 222.

4- تفسير العيّاشي 1: 350/ 223.

5- تفسير العيّاشي 1: 350/ 224.

(1) كذا، و في سائر معاجم اللغة (الحوّارى) الدقيق الأبيض و هو لباب الدقيق و أجوده و أخلصه، و كذلك (الخبز الحوّارى) الأبيض الخالص.

(2) في المصدر: أخونه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 382

فلان. فقال له عيسى: أكلت منها؟ فقال له: لا. فقال الحواريون: بلى و الله- يا روح الله- لقد أكل منها. فقال لهم عيسى: صدق أخاك، و كذب بصرك».

3376/ [4]- عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب، عليها تسعة ألوان «1»، و تسعة أرغفة».

3377/ [5]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن الخنازير من قوم عيسى، سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا بها، فمسخهم الله خنازير».

3378/ [6]- عن عبد الصمد بن بندار، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «كانت الخنازير قوم من القصارين، كذبوا بالمائة، فمسخوا خنازير».

3379/ [7]- عن الطبرسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «معنى الآية: هل تستطيع أن تدعو ربك».

3380/ [8]- و قال الطبرسي: روي عن عمار بن ياسر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «نزلت المائدة خبزا و لحما، و ذلك لأنهم سألوا عيسى (عليه السلام) طعاما لا ينفد يأكلون منه- قال- فقيل لهم: إنها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبئوا أو ترفعوا،

فإن فعلتم ذلك عذبتم». قال: «فما مضى يومهم حتى خبأوا و رفعوا و خانوا».

3381/ [9]- و عنه، قال: و قال ابن عباس: إن عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل: صوموا ثلاثين يوما، ثم اسألوا الله تعالى ما شئتم يعطيكموه «2». فصاموا ثلاثين يوما، فلما فرغوا قالوا: يا عيسى، إنا لو علمنا لأحد من الناس فقضينا عمله لأطعمنا طعاما، و إنا صمنا كما أمرنا، و جعنا، فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء. فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها، عليها سبعة أرغفة و سبعة أحوات، حتى وضعتها «3» بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس، كما أكل منها أولهم.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

3382/ [10]- و قال الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في (تفسيره): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 350/ 225.

5- تفسير العيّاشي 1: 351/ 226.

6- تفسير العيّاشي 1: 351/ 227.

7- مجمع البيان 3: 406. [.....]

8- مجمع البيان 3: 410.

9- مجمع البيان 3: 410.

10- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 195/ 91.

(1) كذا، و لعلّه تصحيف (أنوان) جمع نون بمعنى الحوت، و في قصص الأنبياء للراوندي: 185/ 228: أحوات.

(2) في المصدر: يعطيكم.

(3) في المصدر: وضعوها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 383

إن الله تعالى نزل على عيسى (عليه السلام) مائدة، و بارك الله له في أربعة أرغفة و سميكات «1»، حتى أكل و شبع منها أربعة آلاف و سبع مائة».

3383/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ، قال عيسى: اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قالوا كما حكى الله: نُرِيدُ

أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ، فقال عيسى: اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

فقال الله احتجاجا عليهم: إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، فكانت تنزل المائدة عليهم، فيجتمعون عليها و يأكلون حتى يشبعوا، ثم ترفع، فقال كبراؤهم و مترفوهم: لا ندع «2» سفلتنا «3» يأكلون منها. فرفع الله عنهم المائدة، و مسخوا قردة و خنازير.

3384/ [12]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن الأشعري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «الفيل مسخ، كان ملكا زناء، و الذئب مسخ، كان أعرابيا ديوثا، و الأرنب مسخ، كانت امراة تخون زوجها، و لا تغتسل من حيضها، و الوطواط مسخ، كان يسرق تمور الناس، و القردة و الخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، و الجريث و الضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم (عليه السلام)، فتاهوا فوقعت فرقة في البحر، و فرقة في البر، و الفأرة فهي الفويسقة، و العقرب كان نماما، و الدب و الوزغ و الزنبور، كانت لحاما يسرق في الميزان».

سورة المائدة(5): الآيات 116 الي 117 ..... ص : 383

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ [116- 117] 3385/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ

مِنْ دُونِ اللَّهِ لفظ الآية ماض و معناه مستقبل، و لم يقله بعد، و سيقوله، و ذلك أن النصارى

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 190.

12- الكافي 6: 246/ 14.

1- تفسير القمّي 1: 190.

(1) في «ط»: مائدة بارك اللّه له فيها سميكات.

(2) في «ط»: لا تدع.

(3) السّفلة من الناس: أسافلهم و غوغاؤهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 384

زعموا أن عيسى (عليه السلام) قال لهم: إني و امي إلهين من دون الله. فإذا كان يوم القيامة يجمع الله بين النصارى و بين عيسى بن مريم (عليهما السلام)، فيقول له: أ أنت قلت لهم ما يدعون عليك: اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ؟ فيقول عيسى (عليه السلام): سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ- إلى قوله- وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ و الدليل على أن عيسى (عليه السلام) لم يقل لهم ذلك قوله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ «1».

3386/ [2]- العياشي: عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى لعيسى (عليه السلام): أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «لم يقله، و سيقوله، إن الله إذا علم أن شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان».

3387/ [3]- عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، قول الله لعيسى: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال الله بهذا الكلام؟ فقال: «إن الله إذا أراد أمرا أن يكون قصه قبل أن يكون، كأن قد كان».

3388/ [4]- العياشي: عن

جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»

، في تفسير هذه الآية تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.

قال: «إن اسم الله الأكبر ثلاثة و سبعون حرفا، فاحتجب الرب تبارك و تعالى منها بحرف، فمن ثم لا يعلم أحد ما في نفسه عز و جل، أعطى آدم اثنين و سبعين حرفا، فتوارثها الأنبياء حتى صارت إلى عيسى (عليه السلام)، فذلك قول عيسى (عليه السلام): تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي يعني اثنين و سبعين حرفا من الاسم الأكبر، يقول: أنت علمتنيها، فأنت تعلمها وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ يقول: لأنك احتجبت من خلقك بذلك الحرف، فلا يعلم أحد في نفسك».

3389/ [5]- عن عبد الله بن بشير «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان مع عيسى (عليه السلام) حرفان يعمل بهما، و كان مع موسى (عليه السلام) أربعة، و كان مع إبراهيم (عليه السلام) ستة، و كان مع نوح (عليه السلام) ثمانية، و كان مع آدم (عليه السلام) خمسة و عشرون، و جمع ذلك كله لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إن اسم الله ثلاثة و سبعون حرفا، كان مع

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 351/ 228.

3- تفسير العيّاشي 1: 351/ 229. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 351/ 230.

5- تفسير العيّاشي 1: 352/ 231.

(1) المائدة 5: 119.

(2) (عن أبي جعفر (عليه السّلام) ليس في المصدر.

(3) في «س» و «ط»: عبد اللّه بن قيس، و ما في المتن أظهر حيث عدّ من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و روى عنه أيضا. انظر معجم رجال الحديث 10: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 385

رسول الله (صلى الله عليه و آله) اثنان و سبعون

حرفا، و حجب عنه واحد».

سورة المائدة(5): آية 119 ..... ص : 385

قوله تعالى:

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [119]

3390/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن ضريس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ.

قال: «إذا كان يوم القيامة و حشر الناس للحساب، فيمرون بأهوال يوم القيامة، فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا- قال- فيقفوا بفناء العرصة، و يشرف الجبار عليهم و هو على عرشه، فأول من يدعى بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم محمد بن عبد الله النبي القرشي العربي- قال- فيتقدم حتى يقف عن يمين العرش، ثم يدعى باسم وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) «1» فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم يدعى بامة محمد (صلى الله عليه و آله)، فيقفون على يسار علي (عليه السلام)، ثم يدعى بنبي نبي و وصيه، من أولهم «2» إلى آخرهم، و أممهم معهم فيقفون عن يسار العرش».

قال: «ثم أول من يدعى للمساءلة القلم- قال- فيتقدم فيقف بين يدي الله تعالى في صورة الآدميين، فيقول الله: هل سطرت في اللوح ما ألهمتك و أمرتك به من الوحي؟ فيقول القلم: نعم يا رب، قد علمت أني قد سطرت في اللوح ما أمرتني و ألهمتني به من وحيك. فيقول الله تعالى: فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول: يا رب، و هل أطلع على مكنون سرك خلقا غيرك؟- قال- فيقول له: أفلجت «3» حجتك».

قال: «ثم يدعى باللوح، فيتقدم في صورة الآدميين، حتى يقف مع القلم، فيقول له: هل سطر فيك القلم ما ألهمته و أمرته به من وحيي؟ فيقول اللوح: نعم

يا رب، و بلغته إسرافيل.

[فيدعى بإسرافيل ] فيتقدم حتى يقف مع القلم و اللوح في صورة الآدميين، فيقول الله: هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي؟ فيقول: نعم يا رب، و بلغته جبرئيل. فيدعى بجبرئيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل، فيقول الله: هل بلغك إسرافيل، ما بلغ؟ فيقول: نعم يا رب، و بلغته جميع أنبيائك، و أنفذت إليهم جميع ما انتهى إلي من أمرك، و أديت رسالاتك «4» إلى نبي نبي، و رسول رسول، و بلغتهم كل وحيك و حكمتك و كتبك، و إن آخر

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 191.

(1) في المصدر: العرش قال: ثمّ يدعى بصاحبكم عليّ (عليه السّلام).

(2) في المصدر: بنبيّ نبيّ و امّته معه من أوّل النبيّين.

(3) أفلجت: فازت.

(4) في المصدر: رسالتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 386

من بلغته رسالتك و وحيك و حكمتك و علمك و كتابك و كلامك محمد بن عبد الله العربي القرشي الحرمي، حبيبك».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فأول من يدعى من ولد آدم للمساءلة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و آله)، فيدنيه الله، حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله تعالى يومئذ منه، فيقول الله: يا محمد، هل بلغك جبرئيل ما أوحيت إليك و أرسلته به إليك من كتابي و حكمتي و علمي، و هل أوحى ذلك إليك؟ فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): نعم يا رب، قد بلغني جبرئيل جميع ما أوحيته إليه، و أرسلته به من كتابك و حكمتك و علمك، و أوحاه إلي.

فيقول الله لمحمد: هل بلغت أمتك ما بلغك جبرئيل من كتابي و حكمتي و علمي؟ فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): نعم يا رب، قد بلغت

امتي ما أوحيت إلي من كتابك و حكمتك و علمك، و جاهدت في سبيلك.

فيقول الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول محمد: يا رب أنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة، و ملائكتك، و الأبرار من امتي، و كفى بك شهيدا. فيدعى بالملائكة فيشهدون لمحمد (صلى الله عليه و آله) بتبليغ الرسالة، ثم يدعى بامة محمد (صلى الله عليه و آله) فيسألون: هل بلغكم محمد رسالتي و كتابي و حكمتي و علمي، و علمكم ذلك؟

فيشهدون لمحمد (صلى الله عليه و آله) بتبليغ الرسالة و الحكمة و العلم.

فيقول الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): فهل استخلفت في أمتك من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي و علمي، و يفسر لهم كتابي، و يبين لهم ما يختلفون فيه من بعدك، حجة لي و خليفة في أرضي؟ فيقول محمد (صلى الله عليه و آله):

نعم يا رب، قد خلفت فيهم علي بن أبي طالب، أخي، و وزيري، و وصيي، و خير امتي، و نصبته لهم علما في حياتي، و دعوتهم إلى طاعته، و جعلته خليفتي في امتي و إماما تقتدي به الامة «1» بعدي إلى يوم القيامة.

فيدعى بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فيقال له: هل أوصى إليك محمد، و استخلفك في أمته، و نصبك علما لأمته في حياته؟ و هل قمت فيهم من بعده مقامه؟ فيقول له علي: نعم يا رب، قد أوصى إلي محمد (صلى الله عليه و آله)، و خلفني في أمته، و نصبني لهم علما في حياته، فلما قبضت محمدا إليك جحدني أمته، و مكروا بي، و استضعفوني، و كادوا يقتلونني، و قدموا قدامي من أخرت، و أخروا من قدمت، و لم

يسمعوا مني، و لم يطيعوا أمري، فقاتلتهم في سبيلك حتى قتلوني.

فيقال لعلي (عليه السلام): فهل خلفت من بعدك في امة محمد حجة و خليفة في الأرض، يدعو عبادي إلى ديني و إلى سبيلي؟ فيقول علي (عليه السلام): نعم يا رب، قد خلفت فيهم الحسن ابني و ابن بنت نبيك.

فيدعى بالحسن بن علي (عليهما السلام)، فيسأل عما سئل عنه علي بن أبي طالب (عليه السلام)- قال- ثم يدعى بإمام إمام، و بأهل عالمه، فيحتجون بحجتهم، فيقبل الله عذرهم، و يجبز حجتهم- قال- ثم يقول الله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ».

قال: ثم انقطع حديث أبي جعفر (عليه و على آبائه السلام).

__________________________________________________

(1) في المصدر: يقتدي به الأئمّة من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 387

3391/ [2]- (مصباح الشريعة): عن الصادق (عليه السلام)، قال: «حقيقة الصدق تقتضي تزكية الله تعالى لعبده، كما ذكر عن صدق عيسى (عليه السلام) في القيامة، بسبب ما أشار إليه من صدقه، و هو براءة للصادقين من رجال امة محمد (صلى الله عليه و آله) فقال الله عز و جل: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ الآية».

__________________________________________________

2- مصباح الشريعة: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 389

المستدرك (سورة المائدة) ..... ص : 389

سورة المائدة(5): آية 12 ..... ص : 389

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [12]

[1]- (إرشاد القلوب): عن ابن عباس، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال: «معاشر الناس، من أحب أن يلقى الله و هو عنه راض فليوال عدة الأئمة». فقام جابر بن عبد الله، فقال: و ما عدة الأئمة؟

فقال: «يا جابر، سألتني- يرحمك الله- عن الإسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور، و هي عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و الأرض،

و عدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران (عليه السلام) حين ضرب بعصاه البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، و عدتهم عدة نقباء بني إسرائيل، قال الله تعالى: وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً و الأئمة- يا جابر- اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم».

[2]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن النبي (صلى الله عليه و آله): «كائن في امتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة، كان فيهم اثنا عشر نقيبا في قوله تعالى: وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً».

__________________________________________________

1- إرشاد القلوب: 293.

2- المناقب 1: 300. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 390

[3]- (غيبة النعماني): عن أبي كريب و أبي سعيد، قالا: حدثنا أبو اسامة، قال: حدثنا الأشعث، عن عامر، عن عمه، عن مسروق، قال: كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود يقرئنا القرآن، فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) كم يملك هذه الامة من خليفة بعده؟

فقال: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق، نعم سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل».

[4]- و عنه: عن عثمان بن أبي شيبة، و أبي أحمد، و يوسف بن موسى القطان، و سفيان بن وكيع، قالوا: حدثنا جرير، عن الأشعث بن سوار، عن عامر الشعبي، عن عمه قيس بن عبد، قال: جاء أعرابي فأتى عبد الله بن مسعود، و أصحابه عنده، فقال: فيكم عبد الله بن مسعود؟ فأشاروا إليه، قال له عبد الله: قد وجدته، فما حاجتك؟

قال: إني أريد أن أسألك عن شي ء إن كنت سمعته من

رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنبئنا به، أحدثكم نبيكم كم يكون بعده من خليفة؟

قال: و ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق، نعم قال: «الخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة، كعدة نقباء بني إسرائيل».

[5]- و عنه: عن مسدد بن مستورد قال: حدثني حماد بن زيد، عن مجالد، عن مسروق، قال: كنا جلوسا إلى ابن مسعود بعد المغرب و هو يعلم القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، أ سألت النبي (صلى الله عليه و آله) كم يكون لهذه الامة من خليفة؟

فقال: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق، نعم قال: «خلفاؤكم اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل».

سورة المائدة(5): آية 51 ..... ص : 390

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [51]

[1]- (دعائم الإسلام): قد روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أن سائلا سأله فقال: يا بن رسول الله، أخبرني عن آل محمد (عليهم السلام)، من هم؟ قال: «هم أهل بيته خاصة».

قال: فإن العامة يزعمون أن المسلمين كلهم آل محمد. فتبسم أبو عبد الله (عليه السلام)، ثم قال: «كذبوا و صدقوا».

__________________________________________________

3- الغيبة: 117/ 3.

4- الغيبة: 117/ 4.

5- الغيبة: 118/ 5.

1- دعائم الإسلام 1: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 391

قال السائل: يا بن رسول الله ما معنى قولك: كذبوا و صدقوا؟ قال: «كذبوا بمعنى، و صدقوا بمعنى، كذبوا في قولهم، المسلمون هم آل محمد الذين يوحدون الله و يقرون بالنبي (صلى الله عليه و آله) على ما هم فيه من النقص في دينهم، و التفريط فيه، و صدقوا في أن المؤمنين منهم من آل محمد (عليهم السلام)، و إن لم يناسبوه، و ذلك لقيامهم بشرائط القرآن، لا على أنهم آل محمد الذين أذهب الله عنهم

الرجس و طهرهم تطهيرا. فمن قام بشرائط القرآن و كان متبعا لآل محمد (عليهم السلام) فهو من آل محمد (عليهم السلام) على التولي لهم، و إن بعدت نسبته من نسبة محمد (صلى الله عليه و آله)».

قال السائل: أخبرني ما تلك الشرائط- جعلني الله فداك- التي من حفظها و قام بها كان بذلك المعنى من آل محمد! فقال: «القيام بشرائط القرآن، و الاتباع لآل محمد (صلوات الله عليهم)، فمن تولاهم و قدمهم على جميع الخلق كما قدمهم الله من قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهو من آل محمد (عليهم السلام) على هذا المعنى، و كذلك حكم الله في كتابه فقال جل ثناؤه: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ».

[2]- و عنه: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اتقى منكم و أصلح فهو منا أهل البيت».

قيل له: منكم يا بن رسول الله؟ قال: «نعم منا، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، و قول إبراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «1»».

سورة المائدة(5): آية 73 ..... ص : 391

قوله تعالى:

ثالِثُ ثَلاثَةٍ [73]

[1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «شاء و أراد و لم يحب و لم يرض: شاء أن لا يكون شي ء إلا بعلمه، و أراد مثل ذلك، و لم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة، و لم يرض لعباده الكفر».

سورة المائدة(5): آية 118 ..... ص : 391

قوله تعالى:

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [118]

__________________________________________________

2- دعائم الإسلام 1: 62.

1- تفسير القمّي 1: 117/ 5.

(1) إبراهيم 14: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 392

[1]- (الدر المنثور): عن أبي ذر، قال: «صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها و يسجد بها إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ الآية. فلما أصبح قلت: يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت! قال: إني سألت ربي الشفاعة لامتي فأعطانيها، و هي نائلة إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا».

__________________________________________________

1- الدر المنثور 3: 240.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 393

سورة الانعام مكية ..... ص : 393

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 395

سورة الأنعام فضلها: ..... ص : 395

3392/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «نزلت سورة الأنعام جملة واحدة، و شيعها «1» سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح و التهليل و التكبير، فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة».

3393/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سورة الأنعام نزلت جملة، شيعها سبعون ألف ملك حتى أنزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله عز و جل فيها، في سبعين موضعا، و لو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها».

3394/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن سورة الأنعام نزلت جملة واحدة، و شيعها سبعون ألف ملك حين أنزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله تبارك و تعالى فيها، في سبعين موضعها، و لو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من كان له إلى الله حاجة يريد قضاءها، فليصل أربع ركعات بفاتحة الكتاب و الأنعام، و ليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة: يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كل عظيم، يا سميع الدعاء يا من لا تغيره الأيام و الليالي، صل على محمد و آل محمد، و ارحم ضعفي، و فقري، و فاقتي، و مسكنتي، فإنك أعلم بها مني، و أنت أعلم بحاجتي، يا من رحم الشيخ يعقوب حين رد

عليه يوسف قرة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 193.

2- الكافي 2: 455/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 353/ 1.

(1) في المصدر: و يشيّعها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 396

عينه، يا من رحم أيوب بعد حلول بلائه، يا من رحم محمدا (عليه و آله السلام)، و من اليتم آواه، و نصره على جبابرة قريش، و طواغيتها، و أمكنه منهم، يا مغيث يا مغيث يا مغيث. يقوله مرارا، فو الذي نفسي بيده لو دعوت الله بها بعد ما تصلي هذه الصلاة في دبر هذه السورة، ثم سألت الله جميع حوائجك ما بخل عليك، و لأعطاك ذلك إن شاء الله».

3395/ [4]- عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: من قرأ سورة الأنعام في كل ليلة جعل «1» من الآمنين يوم القيامة، و لم ير النار بعينه أبدا.

3396/ [5]- قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نزلت سورة الأنعام جملة واحدة، شيعها سبعون ألف ملك، حتى أنزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله فيها، في سبعين موضعا، و لو يعلم الناس ما في قراءتها [من الفضل ] ما تركوها».

3397/ [6]- (جوامع الجامع): للطبرسي، قال: في حديث أبي بن كعب، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «أنزلت علي الأنعام جملة واحدة، يشيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح و التحميد، فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك، بعدد كل آية من الأنعام يوما و ليلة».

ثم قال: و روى الحسين بن خالد، عن الرضا (عليه السلام) مثل ذلك، إلا أنه قال: «سبحوا له إلى يوم القيامة».

و مثله رواه صاحب المصباح «2».

3398/ [7]- و في (مصباح الكفعمي) أيضا: عن النبي (صلى الله عليه و آله): «من قرأها

من أولها إلى قوله:

تَكْسِبُونَ «3» وكل الله به أربعين ألف ملك، يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة».

قال: و في كتاب (الأفراد و الغرائب): أنه من فعل ذلك إذا صلى الفجر نزل إليه أربعون ملكا، و كتب له مثل عبادتهم.

ثم قال: و في كتاب (الوسيط): أنه من فعل ذلك حين يصبح، وكل الله تعالى به ألف ملك يحفظونه، و كتب له مثل أعمالهم إلى يوم القيامة.

3399/ [8]- و روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من كتبها بمسك و زعفران، و شربها ستة أيام متوالية، يرزق

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 354/ 2.

5- تفسير العيّاشي 1: 354/ 3. [.....]

6- جوامع الجامع: 122.

7- مصباح الكفعمي: 439.

8- خواص القرآن: 1 «مخطوط».

(1) في المصدر: كان.

(2) مصباح الكفعمي: 439.

(3) الأنعام 6: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 397

خيرا كثيرا، و لم تصبه سوداء، و عوفي من الأوجاع و الألم بإذن الله تعالى».

سورة الأنعام(6): آية 1 ..... ص : 397

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [1]

3400/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له:

النور و هو قول الله عز و جل: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ، فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، اعبر على بركة الله عز

و جل، فقد نور الله لك بصرك و مد لك أمامك، فإن هذا النهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل، غير أني في كل يوم اغتمس فيه اغتماسة، أخرج منها «1» فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه، و أربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة «2» لا يفقهها اللسان الآخر.

فعبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى الحجب، و الحجب خمس مائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمس مائة عام، ثم قال له جبرئيل (عليه السلام): تقدم يا محمد. فقال له: «يا جبرئيل، و لم لا تكون معي؟» قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما شاء الله أن يتقدم، حتى سمع ما قال الرب تبارك و تعالى، قال: يا محمد، أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعك بتكته «3»، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي، و أن عليا وزيرك.

فهبط رسول الله (صلى الله عليه و آله) فكره أن يحدث الناس بشي ء، كراهية أن يتهموه، لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك و تعالى:

__________________________________________________

1- الأمالي: 290/ 10.

(1) في المصدر: غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه.

(2) في «ط»: بلفظ و لغة.

(3) البتك: القطع، و في «ط»: بتته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 398

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ «1» فاحتمل

رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك حتى كان اليوم الثامن، فأنزل الله تبارك و تعالى عليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «2» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر ربي عز و جل فإن تكذيب القوم «3» أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا و الآخرة» قال: و سلم جبرئيل على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، فقال علي (عليه السلام):

«يا رسول الله، أسمع الكلام، و لا أحس بالرؤية». فقال: «يا علي، هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني».

ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلا فرجلا من أصحابه أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: «يا بلال، ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد، إلا عليل، إلا خرج إلى غدير خم».

فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بجماعة من الناس «4» فحمد الله، و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليكم برسالة، و أني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني و تكذبوني، حتى أنزل «5» الله علي وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك و تعالى أسرى بي، و أسمعني، و قال: يا محمد، أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعتك بتكته «6»، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي و عليا وزيرك».

ثم أخذ (صلى الله

عليه و آله) بيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعه، حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، و لم يريا قبل ذلك، ثم قال: «أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى مولاي، و أنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

فقال الشكاك و المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و زيغ «7»: نبرأ إلى الله من مقالته، ليس بحتم، و لا نرضى أن يكون علي وزيره، و هذه منه عصبية.

و قال سلمان و المقداد و أبو ذر و عمار بن ياسر: و الله، ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «8» فكرر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك

__________________________________________________

(1) هود 11: 12.

(2) المائدة 5: 67.

(3) في المصدر: أمر اللّه عزّ و جلّ فان يتهموني و يكذبوني فهو.

(4) في المصدر: بجماعة أصحابه. [.....]

(5) في «س»: فأنزل.

(6) في «ط»: قطعته. و في نسخة بدل منها: بتته.

(7) في «س» و «ط»: ضيق.

(8) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 399

ثلاثا، ثم قال: «إن كمال الدين، و تمام النعمة، و رضا الرب برسالتي «1» إليكم و بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

3401/ [2]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنزل الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف: لما قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فكان ردا على الدهرية،

الذين قالوا: إن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة. ثم قال: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فكان ردا على الثنوية، الذين قالوا:

إن النور و الظلمة هما المدبران. ثم قال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان ردا على مشركي العرب، الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة.

ثم أنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» إلى آخرها، فكان فيها رد على كل من ادعى من دون الله ضدا أو ندا. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ «3» أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية: إن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و لا كما قالت الثنوية، الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك علوا كبيرا».

و هذا الحديث متصل بآخر حديث يأتي- إن شاء الله- في قوله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ الآية من سورة البراءة «4».

3402/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الجنة قبل أن يخلق النار، و خلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية، و خلق الرحمة قبل الغضب، و خلق الخير قبل الشر، و خلق الأرض قبل السماء، و خلق الحياة قبل الموت، و خلق الشمس قبل القمر، و خلق النور قبل الظلمة».

3403/ [4]- العياشي: عن جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي، عن العبيدي،

عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن جعفر، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «لكل صلاة وقتان، و وقت يوم الجمعة زوال الشمس» ثم تلا هذه الآية: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ

__________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 542/ 324.

3- الكافي 8: 145/ 116.

4- تفسير العيّاشي 1: 354/ 4.

(1) في المصدر: بارسالي.

(2) الإخلاص 112: 1.

(3) الفاتحة 1: 5.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة التّوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 400

قال: «يعدلون بين الظلمات و النور، و بين الجور و العدل».

سورة الأنعام(6): آية 2 ..... ص : 400

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [2]

3404/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن عبد الله بن مسكان «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأجل المقضي: هو المحتوم الذي قضاه الله و حتمه، و المسمى: هو الذي فيه البداء، يقدم ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، و المحتوم ليس فيه تقديم و لا تأخير».

3405/ [2]- و عنه، قال: حدثني ياسر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر، و أن يقر له بالبداء، أن يفعل الله ما يشاء، و أن يكون في تراثه الكندر «2»».

3406/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، قال: «هما أجلان: أجل محتوم، و أجل

موقوف».

3407/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن محمد بن خالد الأصم، عن عبد الله بن بكير، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، قال: «إنهما «3» أجلان:

أجل محتوم، و أجل موقوف».

فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: «الذي لله فيه المشيئة».

قال حمران: إني لأرجو أن يكون أمر «4» السفياني من الموقوف. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا، و الله، إنه لمن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 194.

2- تفسير القمّي 1: 194.

3- الكافي 1: 114/ 4. [.....]

4- الغيبة: 301/ 5.

(1) في «س»: حدّثني أبي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحلبي، و هو صحيح أيضا حيث روى كلّ منهما عن الآخر، و رويا عن الصادق (عليه السّلام).

راجع معجم رجال الحديث 10: 329 و 23: 81.

(2) الكندر: ضرب من العلك نافع لقطع البلغم. «القاموس المحيط- كندر- 2: 134».

(3) في «س»: هما.

(4) في المصدر: أجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 401

المحتوم».

3408/ [5]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: «الأجل الذي غير مسمى موقوف، يقدم منه ما يشاء، و يؤخر منه ما يشاء، و أما الأجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل- قال- و ذلك قول الله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «1»».

3409/ [6]- عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ

أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: «المسمى ما سمي لملك الموت في تلك الليلة، و هو الذي قال الله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «2» و هو الذي سمي لملك الموت في ليلة القدر، و الآخر له فيه المشيئة، إن شاء قدمه، و إن شاء أخره».

3410/ [7]- عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: فقال: «هما أجلان: أجل موقوف يصنع الله ما يشاء، و أجل محتوم».

3411/ [8]- و في رواية حمران عنه (عليه السلام): «أما الأجل الذي غير مسمى عنده فهو أجل موقوف، يقدم فيه ما يشاء، و يؤخر فيه ما يشاء، و أما الأجل المسمى فهو الذي يسمى في ليلة القدر».

3412/ [9]- عن حصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال (عليه السلام): «الأجل الأول هو ما نبذه إلى الملائكة و الرسل و الأنبياء، و الأجل المسمى عنده هو الذي ستره الله عن الخلائق».

سورة الأنعام(6): آية 3 ..... ص : 401

قوله تعالى:

وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ [3]

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 354/ 5.

6- تفسير العيّاشي 1: 354/ 6.

7- تفسير العيّاشي 1: 354/ 7.

8- تفسير العيّاشي 1: 355/ 8.

9- تفسير العيّاشي 1: 355/ 9.

(1) الأعراف 7: 34، النّحل 16: 61.

(2) الأعراف 7: 34، النّحل 16: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 402

3413/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الخزاز «1»، عن مثنى الحناط، عن أبي جعفر- أظنه محمد بن النعمان-

قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ قال: «كذلك هو في كل مكان».

قلت: بذاته؟ قال: «ويحك، إن الأماكن أقدار، فإذا قلت: في مكان بذاته، لزمك أن تقول: في أقدار، و غير ذلك، و لكن هو بائن من خلقه، محيط بما خلق علما و قدرة و إحاطة و سلطانا و ملكا، و ليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء، و لا يبعد منه شي ء، و الأشياء له سواء، علما و قدرة و سلطانا و ملكا و إحاطة».

3414/ [2]- الشيخ المفيد في (إرشاده)، قال: و جاءت الرواية: أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر، فقال له: أنت خليفة نبي هذه الامة؟ فقال له: نعم. فقال: إنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم، فأخبرني عن الله أين هو؟ في السماء أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر: هو في السماء على العرش. فقال له اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، و أراه على هذا القول في مكان دون مكان؟! فقال له أبو بكر: هذا كلام الزنادقة، أغرب عني و إلا قتلتك.

فولى الحبر متعجبا يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: «يا يهودي، قد عرفت ما سألت عنه، و ما أجبت «2» به، و إنا نقول: إن الله عز و جل أين الأين، فلا أين له، و جل أن يحويه مكان، و هو في كل مكان، بغير مماسة و لا مجاورة، يحيط علما بما فيها، و لا يخلو شي ء منها من تدبيره، و إني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن عرفته أ تؤمن

به؟» فقال اليهودي: نعم.

قال: «ألستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق، فقال له موسى: من أين أقبلت؟ قال: من عند الله عز و جل. ثم جاءه ملك من المغرب، فقال له: من أين جئت؟ فقال: من عند الله عز و جل. ثم جاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من السماء السابعة، من عند الله تعالى.

و جاءه ملك آخر، فقال: قد جئتك من الأرض السابعة، من عند الله تعالى. فقال موسى (عليه السلام): سبحان من لا يخلو منه مكان، و لا يكون إلى مكان أقرب من مكان».

فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله «3»، هذا هو الحق، و إنك أحق بمقام «4» نبيك ممن استولى عليه.

__________________________________________________

1- التوحيد: 132/ 15.

2- الإرشاد: 108. [.....]

(1) في «س» و «ط»: الحسن بن يزيد الخزّاز، و الصواب ما في المتن، و هو الحسن بن عليّ بن زياد البجلي الكوفي الوشّاء الخزّاز، روى عن مثنّى الحنّاط، و روى عنه يعقوب بن يزيد. راجع رجال النجاشيّ: 39، معجم رجال الحديث 5: 34 و 65.

(2) في «ط» و «س»: جئت.

(3) (لا إله إلّا اللّه) ليس في المصدر.

(4) في «ط»: و أنت أحق بمكان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 403

3415/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ، قال: السر ما أسر في نفسه، و الجهر ما أظهره، و الكتمان ما عرض بقلبه ثم نسيه.

سورة الأنعام(6): الآيات 4 الي 18 ..... ص : 403

قوله تعالى:

وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [4- 18] 3416/ [4]- و قال علي بن

إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ إلى قوله: وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ فإنه محكم.

3417/ [5]- و عنه: ثم قال تعالى حكاية عن قريش: وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ يعني على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ فأخبر عز و جل أن الآية إذا جاءت و الملك إذا نزل و لم يؤمنوا هلكوا، فاستعفى النبي (صلى الله عليه و آله) من الآيات رأفة منه و رحمة على أمته، و أعطاه الله الشفاعة.

ثم قال الله: وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي نزل بهم العذاب.

ثم قال: قُلْ لهم، يا محمد سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا أي انظروا في القرآن، و أخبار الأنبياء كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.

3418/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد «1» بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «2»، فقال: «عنى بذلك أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم، و ما أخبركم عنه».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 194.

4-

تفسير القمّي 1: 194.

5- تفسير القمّي 1: 194.

6- الكافي 8: 249/ 349.

(1) في «س» و «ط»: يزيد، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 7: 360.

(2) الروم 30: 42 و الذي فيها: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ و فى الآية 9 أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و لعلّ منشأ هذا الوهم من النساخ أو من الرواة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 404

3419/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن أبي يعفور «1»، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لبسوا عليهم، لبس الله عليهم. فإن الله يقول وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ».

3420/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: قُلْ لهم لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ثم رد عليهم فقال: قُلْ لهم لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعني أوجب الرحمة على نفسه.

3421/ [6]- و عنه، قال: قوله تعالى: وَ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يعني ما خلق بالليل و النهار هو كله لله.

ثم احتج عز و جل عليهم، فقال: قُلْ لهم أَ غَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أي مخترعهما. و قوله تعالى: وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لا يُطْعَمُ إلى قوله: وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ فإنه محكم.

سورة الأنعام(6): آية 19 ..... ص : 404

قوله تعالى:

قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ [19]

3422/ [7]- علي بن إبراهيم: قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ: «و ذلك

أن مشركي أهل مكة قالوا: يا محمد، ما وجد الله رسولا يرسله غيرك؟! ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول. و ذلك في أول ما دعاهم، و هو «2» يومئذ بمكة قالوا: و لقد سألنا عنك اليهود و النصارى، فزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم، فأتنا بمن يشهد أنك رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«الله شهيد بيني و بينكم».

3423/]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن الله عز و جل، أ شي ء هو أم لا شي ء؟».

قال: قلت: قد أثبت الله عز و جل نفسه شيئا، حيث يقول قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ

__________________________________________________

4- تفسير العياشي 1: 355/ 10.

5- تفسير القمي 1: 194.

6- تفسير القمي 1: 194.

7- تفسير القمي 1: 195. [.....]

8- التوحيد: 107/ 8.

(1) في المصدر: عبد الله بن يعقوب، تصحيف، و الصواب ما في المتن: انظر معجم رجال الحديث 10: 96.

(2) في «س» و «ط»: و هم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 405

و أقول: إنه شي ء لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه نفيه و إبطاله. قال لي: «صدقت، و أحسنت «1»».

ثم قال الرضا (عليه السلام): «للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، و تشبيه، و إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك و تعالى لا يشبهه شي ء، و السبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه».

3424/ [3]- العياشي: عن هشام المشرقي، قال:

كتب إلى أبي الحسن الخراساني (عليه السلام) رجل يسأل عن معاني التوحيد «2»، قال: فقال لي: «ما تقول إذا قالوا لك: أخبرنا عن الله، شي ء هو أم لا شي ء؟».

قال: فقلت: إن الله تعالى أثبت نفسه شيئا، فقال قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ أقول: شي ء «3» كالأشياء، أو نقول: إن الله جسم؟ فقال: «و ما الذي يضعف فيه من هذا؟ إن الله جسم لا كالأجسام، و لا يشبهه شي ء من المخلوقين».

قال: ثم قال: «إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: مذهب نفي، و مذهب تشبيه، و مذهب إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز، و ذلك أن الله لا يشبهه شي ء، و السبيل في ذلك الطريقة الثالثة، و ذلك أنه مثبت لا يشبهه شي ء، و هو كما وصف نفسه أحد صمد نور».

قوله تعالى:

وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّنِي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [19]

3425/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن مالك الجهني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ، قال: «من بلغ أن يكون إماما من آل محمد (صلى الله عليه و آله) فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

و روى هذا الحديث أيضا محمد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن ابن أذينة، عن مالك

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 356/ 11.

1- الكافي 1: 344/ 21.

(1) في المصدر: و أصبت.

(2)

في المصدر: معان في التوحيد.

(3) في المصدر: لا أقول شيئا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 406

الجهني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

3426/ [2]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ: «يعني الأئمة من بعده، و هم ينذرون به الناس».

3427/ [3]- عن أبي خالد الكابلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ حقيقة أي شي ء عنى بقوله وَ مَنْ بَلَغَ؟ قال: فقال: «من بلغ أن يكون إماما من ذرية الأوصياء، فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3428/ [4]- عن عبد الله بن بكير، عن محمد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ.

قال: «علي (عليه السلام) ممن بلغ».

3429/ [5]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عبد الرحمن بن أبي نجران «2»، عن أبي جميلة المفضل بن صالح الأسدي، عن مالك الجهني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) «3»: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ؟ قال: «الإمام منا ينذر بالقرآن كما أنذر «4» رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3430/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عامر، عن «5» عبد الرحمن بن أبي نجران، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

سئل عن قول الله عز و جل: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ. قال: «بكل لسان».

3431/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى يقول الله

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 356/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 356/ 13.

4- تفسير العيّاشي 1: 356/ 14.

5- مختصر بصائر الدرجات: 62، بصائر الدرجات: 531/ 18.

6- علل الشرائع: 125/ 3.

7- تفسير القمّي 1: 195. [.....]

(1) الكافي 1: 351/ 61.

(2) في «س» و «ط»: عبد الرحمن أبي عمران، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي الكوفي، و اسم أبيه عمرو بن مسلم، ثقة، ثقة، روى عن أبي جميلة. راجع معجم رجال الحديث 9: 299.

(3) في المصدر و البصائر: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام)، و كلاهما يصح لأنّ مالكا روى عنهما (عليهما السّلام) و معدود من أصحابهما، راجع معجم رجال الحديث 14: 156 و 172.

(4) في المصدر: ينذر به كما أنذر به.

(5) في «س»: عمران بن، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو أبو محمّد عبد اللّه بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري، شيخ من وجوه أصحابنا، روى عن ابن أبي نجران. راجع معجم رجال الحديث 10: 228 و 229.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 407

لمحمد (صلى الله عليه و آله): فإن شهدوا فلا تشهد معهم قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنَّنِي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

سورة الأنعام(6): آية 20 ..... ص : 407

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ [20]

3432/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في

اليهود و النصارى، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ [يعني التوراة و الإنجيل ] يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأن الله جل و عز قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه و مبعثه و مهاجره، و هو قوله:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «1» فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه في التوراة و الإنجيل، فلما بعثه الله عز و جل عرفه أهل الكتاب كما قال الله جل جلاله».

3433/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: إن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام: هل تعرفون محمدا في كتابكم؟

قال: نعم و الله، نعرفه بالنعت الذي نعته الله لنا إذا رأيناه فيكم، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان، و الذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني.

سورة الأنعام(6): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 407

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [22- 23] 3434/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ أي كذبهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 32.

2- تفسير القمّي 1: 195.

3- تفسير القمّي 1: 195.

(1) الفتح 48: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 408

3435/ [2]- محمد بن يعقوب:

عن علي بن محمد، عن ابن العباس «1»، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قوله عز و جل: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ.

قال: «يعنون بولاية علي (عليه السلام)».

3436/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ: «بولاية علي (عليه السلام)».

3437/ [4]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد، حتى يقول أهل الشرك وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ».

3438/ [5]- عن أبي معمر السعدي، قال: أتى عليا (عليه السلام) رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني شككت في كتاب الله المنزل.

فقال له علي (عليه السلام): «ثكلتك أمك، و كيف شككت في كتاب الله المنزل؟» فقال له الرجل: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا، و ينقض بعضه بعضا.

فقال: «هات الذي شككت فيه؟».

فقال: لأن الله يقول: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «2» و يقول حيث استنطقوا، قال الله: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و يقول: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «3» و يقول: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «4» و يقول: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ «5» و يقول:

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ»

فمرة يتكلمون، و مرة لا يتكلمون، و مرة ينطق الجلود و الأيدي و

الأرجل، و مرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟

__________________________________________________

2- الكافي 8: 287/ 432.

3- تفسير القمّي 1: 199.

4- تفسير العيّاشي 1: 357/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 357/ 16.

(1) في «س» و «ط»: عليّ بن نوح عن العبّاس، و ما في المتن هو الصواب، و هما: عليّ بن محمّد بن بندار و عليّ بن العبّاس الرازي. راجع معجم رجال الحديث 12: 67 و 68 و 127. [.....]

(2) النّبأ 78: 38.

(3) العنكبوت 29: 25.

(4) سورة ص 38: 64.

(5) سورة ق 50: 28.

(6) يس 36: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 409

فقال له علي (عليه السلام): «إن ذلك ليس في موطن واحد، و هي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه، فيكلم بعضهم بعضا، و يستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل و الاتباع، و تعاونوا على البر و التقوى في دار الدنيا، و يلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا من الذين بدت منهم المعاصي و تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا، و المستكبرون منهم و المستضعفون يلعن بعضهم بعضا و يكفر بعضهم بعضا.

ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض، و ذلك قوله يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «1» إذا تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ «2».

ثم يجمعون في موطن يبكون فيه، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معايشهم، و صدعت الجبال، إلا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون حتى يبكون

الدم.

ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه، فيقولون وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و لا يقرون بما عملوا، فيختم على أفواههم و تستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتنطق، فتشهد بكل معصية بدت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم، فيقولون لجلودهم و أيديهم و أرجلهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ فتقول: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ «3».

ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا.

و يجتمعون في موطن يختصمون فيه، و يدان لبعض الخلائق من بعض، و هو القول، و ذلك كله قبل الحساب، فإذا أخذ بالحساب، شغل كل امرئ بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم».

3439/ [6]- سليم بن قيس الهلالي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أما الفرقة «4» المهدية المؤمنة، المسلمة الموفقة المرشدة، فهي المؤمنة بي، المسلمة لأمري، المطيعة لي، المتولية، المتبرئة من عدوي، المحبة لي، المبغضة لعدوي، التي قد عرفت حقي و إمامتي و فرض طاعتي من كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، و لم ترتب، و لم تشك لما قد نور الله في قلوبها من معرفة حقنا، و عرفها من فضلنا، و ألهمها، و أخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها و استيقنت يقينا لا يخالطه شك أن الأوصياء «5» بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون، الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه في آي من القرآن كثيرة، و طهرنا، و عصمنا، و جعلنا الشهداء على خلقه، و حجته في أرضه و خزانه على علمه، و معادن حكمه و تراجمة وحيه، و جعلنا مع القرآن و القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا حتى نرد

__________________________________________________

6- في المصدر زيادة:

الناجية.

(1) عبس 80: 34- 36.

(2) عبس 80: 37.

(3) فصلت 41: 21.

(4) في المصدر زيادة: الناجية.

(5) في المصدر: إنّي أنا و أوصيائي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 410

على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حوضه، كما قال (صلى الله عليه و آله)، فتلك الفرقة الواحدة من الثلاث و السبعين فرقة، هي الناجية من النار و من جميع الفتن و الضلالات و الشبهات، و هم من أهل الجنة حقا، و هم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، و جميع تلك الفرق الاثنين و السبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق، الناصرون لدين الشيطان، الآخذون عن إبليس و أوليائه، هم أعداء الله تعالى، و أعداء رسوله، و أعداء المؤمنين، يدخلون النار بغير حساب، برآء من الله و رسوله، و نسوا الله و رسوله، و أشركوا بالله و رسوله، و كفروا به و عبدوا غير الله من حيث لا يعلمون، و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، يقولون يوم القيامة: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ «1»».

و الحديث يأتي بتمامه- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ من سورة المجادلة «2».

3440/ [7]- الطبرسي: إن المراد: لم تكن معذرتهم إلا أن قالوا، و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة الأنعام(6): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ [25- 26] 3441/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر قريشا فقال: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ يعني غطاء وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً

أي صمما وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ أي يخاصمونك يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين.

3442/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ قال: بنو هاشم، كانوا ينصرون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يمنعون قريشا عنه، و ينأون عنه، أي يباعدون عنه، و يساعدونه و لا يؤمنون.

سورة الأنعام(6): الآيات 27 الي 28 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

__________________________________________________

7- مجمع البيان 4: 440.

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- تفسير القمّي 1: 196. [.....]

(1) المجادلة 58: 18.

(2) يأتي في تفسير الآية (18) من سورة المجادلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 411

- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [27- 28] 3443/ [1]- علي بن إبراهيم قال: قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نزلت في بني أمية.

ثم قال: بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ قال: من عداوة أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.

3444/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: «فلما وقفوا عليها فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ».

3445/ [3]- عن عثمان بن عيسى، عن

بعض أصحابه، عنه (عليه السلام)، قال: «إن الله قال لماء: كن عذابا فراتا أخلق منك جنتي و أهل طاعتي، و قال لماء: كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري و أهل معصيتي، فأجرى الماءين على الطين، ثم قبض قبضة بهذه و هي يمين، فخلقهم خلقا كالذر، ثم أشهدهم على أنفسهم: أ لست بربكم و عليكم طاعتي؟ قالوا: بلى. فقال للنار: كوني نارا. فإذا نار تأجج، و قال لهم: قعوا فيها. فمنهم من أسرع، و منهم من أبطأ في السعي، و منهم من لم يبرح مجلسه، فلما وجدوا حرها رجعوا، فلم يدخلها منهم أحد.

ثم قبض قبضة بهذه، فخلقهم خلقا مثل الذر، مثل أولئك، ثم أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين، ثم قال لهم: قعوا في هذه النار. فمنهم من أبطأ، و منهم من أسرع، و منهم من مر بطرفة عين، فوقعوا فيها كلهم، فقال:

اخرجوا منها سالمين. فخرجوا لم يصبهم شي ء. و قال الآخرون: يا ربنا، أقلنا نفعل كما فعلوا. قال: قد أقلتكم.

فمنهم من أسرع في السعي، و منهم من أبطأ و منهم من لم يبرح مجلسه، مثل ما صنعوا في المرة الاولى. فذلك قوله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ».

3446/ [4]- عن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ إنهم ملعونون في الأصل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- تفسير العيّاشي 1: 358/ 17.

3- تفسير العيّاشي 1: 358/ 18.

4- تفسير العيّاشي 1: 359/ 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 412

3447/ [5]- و روي بحذف الإسناد عن جابر بن عبد الله (رحمه الله)، قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو خارج من

الكوفة، فتبعته من ورائه حتى إذا صار إلى جبانة «1» اليهود فوقف في وسطها، و نادى: «يا يهود، يا يهود» فأجابوه من جوف القبور: لبيك لبيك مطلاع. يعنون بذلك يا سيدنا. قال: «كيف ترون العذاب؟» فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن و من عصاك في العذاب إلى يوم القيامة.

ثم صاح صيحة كادت السموات يتفطرن «2»، فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت. فلما أفقت رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على سرير من ياقوتة حمراء، على رأسه إكليل من جوهر، و عليه حلل خضر و صفر، و وجهه كدائرة القمر، فقلت: يا سيدي، هذا ملك عظيم! قال: «نعم يا جابر، إن ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود، و سلطاننا أعظم من سلطانه».

ثم رجع، و دخلنا الكوفة، و دخلت خلفه إلى المسجد، فجعل يخطو خطوات و هو يقول: «لا و الله لا فعلت، لا و الله لا كان ذلك أبدا» فقلت: يا مولاي لمن تكلم، و لمن تخاطب و ليس أرى أحدا! فقال (عليه السلام): «يا جابر، كشف لي عن برهوت فرأيت شنبويه و حبترا، و هما «3» يعذبان في جوف تابوت، في برهوت، فنادياني: يا أبا الحسن، يا أمير المؤمنين، ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك، و نقر بالولاية لك. فقلت: لا و الله لا فعلت، لا و الله لا كان ذلك أبدا».

ثم قرأ هذه الآية: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «يا جابر، و ما من أحد خالف وصي نبي إلا حشره الله أعمى يتكبب في عرصات القيامة».

سورة الأنعام(6): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 412

قوله تعالى:

وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ [29- 30] 3448/ [1]- و

قال علي بن إبراهيم: ثم حكى عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 163/ 2.

1- تفسير القمي 1: 196.

(1) الجبانة: المقبرة.

(2) في المصدر: ينقلبن.

(3) في «س» و «ط»: شنبويه و جنودهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 413

فقال الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قال حكاية عن قول من أنكر قيام الساعة.

سورة الأنعام(6): آية 31 ..... ص : 413

قوله تعالى:

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [31] 3449/ [1]- قال علي بن إبراهيم: يعني آثامهم.

3450/ [2]- الطبرسي: عن الأعمش، عن أبي صالح، [عن أبي سعيد] «1»، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في هذه الآية، قال: «يرى أهل النار منازلهم من الجنة، فيقولون: يا حسرتنا».

سورة الأنعام(6): الآيات 33 الي 34 ..... ص : 413

قوله تعالى:

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا [33- 34]

3451/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام): فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فقال: بلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- مجمع البيان 4: 453.

3- تفسير القمّي 8: 200/ 241. [.....]

(1) من المصدر، و هو الصواب، لأنّ أبا صالح تابعي روى عن الصحابة و منهم أبو سعيد الخدري، و روى عنه سليمان الأعمش. راجع تهذيب الكمال 8: 513، تهذيب التهذيب 3: 219.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 414

و الله لقد كذبوه أشد التكذيب، و لكنها مخففة: لا يكذبونك، أي لا يأتون بباطل يكذبون به حقك «1»».

3452/ [2]- و عنه: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى و محمد بن يحيى و محمد بن الحسين، جميعا عن محمد

بن سنان، عن إسماعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ: «و لكنهم يجحدون بغير حجة لهم».

3453/ [3]- العياشي: عن عمار بن ميثم «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قرأ رجل عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فقال: بلى»

و الله لقد كذبوه أشد التكذيب «4»، و لكنها مخففة: لا يكذبونك، أي لا يأتون بباطل يكذبون به حقك».

3454/ [4]- عن الحسين بن المنذر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ. قال: «لا يستطيعون إبطال قولك».

3455/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: إنها قرئت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «بلى و الله لقد كذبوه أشد التكذيب، و إنما نزلت: لا يكذبونك «5»، أي لا يأتون بحق يبطلون حقك».

3456/ [6]- ثم قال علي بن إبراهيم، حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، إن من صبر صبر قليلا، و إن من جزع جزع قليلا- ثم قال- عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله بعث محمدا و أمره بالصبر و الرفق، فقال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا «6» و قال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ «7»

__________________________________________________

2- الكافي 1: 233/ 3.

3- تفسير العيّاشي 1: 359/ 20.

4- تفسير العيّاشي 1: 359/ 21.

5- تفسير القمّي 1: 196.

6- تفسير القمّي 1: 196.

(1) في «ط»:

فقال: لكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم.

(2) كذا في «س» و «ط» و المصدر، و لعلّ الصواب: عمران بن ميثم، كما في الحديث الأوّل، عدّه النجاشيّ، و الطوسيّ من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، راجع معجم رجال الحديث 13: 151.

(3) في المصدر زيادة: فإنّهم لا يكذبّونك.

(4) في المصدر: المكذّبين.

(5) في المصدر: نزل لا يأتونك.

(6) المزّمّل 73: 10.

(7) فصّلت 41: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 415

فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نالوه «1» بالعظائم، و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز و جل: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ «2».

ثم كذبوه و رموه، فحزن لذلك، فأنزل الله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم (صلى الله عليه و آله) نفسه الصبر.

فقعدوا و ذكروا الله تبارك و تعالى بالسوء و كذبوه، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لقد صبرت على نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذكرهم إلهي. فأنزل الله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ «3» فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله.

ثم بشر في الأئمة من عترته، و وصفوا بالصبر، فقال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ «4» فعند ذلك قال (عليه السلام): الصبر من الإيمان كالرأس من البدن. فشكر الله ذلك له فأنزل الله عليه: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى

بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ «5» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): آية بشرى و انتقام. فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا، فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أحبائه، و عجل الله له ثواب صبره، مع ما ادخر له في الآخرة من الأجر».

3457/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، عن علي بن أحمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح، عن علقمة «6»، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال لي: «ألم ينسبوه- يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)- إلى الكذب في قوله إنه رسول من الله إليهم، حتى أنزل الله عز و جل:

وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا؟».

سورة الأنعام(6): الآيات 35 الي 37 ..... ص : 415

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [35- 37]

__________________________________________________

7- الأمالي: 92/ 3. [.....]

(1) في المصدر: قابلوه.

(2) الحجر 15: 97.

(3) سورة ق 50: 38- 39.

(4) السجدة 32: 24.

(5) الأعراف 7: 137.

(6) في «س» و «ط»: عن صالح بن عقبة، و الصواب ما في المتن، حيث روى صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، و روى عن صالح كتابه و أحاديثه: محمّد بن إسماعيل بن بزيع. راجع معجم رجال الحديث 9: 78 و 11: 182.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 416

3458/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ.

قال:

«كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحب إسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، دعاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جهد به أن يسلم، فغلب عليه الشقاء، فشق ذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ إلى قوله: نَفَقاً فِي الْأَرْضِ يقول: سربا».

3459/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ، قال: إن قدرت أن تحفر الأرض أو تصعد السماء، أي لا تقدر على ذلك. ثم قال: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى أي جعلهم كلهم مؤمنين.

3460/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ مخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعنى للناس. ثم قال: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ يعني يعقلون و يصدقون وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ أي يصدقون بأن الموتى يبعثهم الله وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ أي هلا أنزل عليه آية؟ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قال: لا يعلمون أن الآية إذا جاءت و لم يؤمنوا بها لهلكوا.

3461/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً: «و سيريكم في آخر الزمان آيات، منها: دابة الأرض، و الدجال، و نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، و طلوع الشمس من مغربها».

سورة الأنعام(6): الآيات 38 الي 43 ..... ص : 416

قوله تعالى:

وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

[38- 43] 3462/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 197.

2- تفسير القمي 1: 198.

3- تفسير القمي 1: 198.

4- تفسير القمي 1: 198.

5- تفسير القمي 1: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 417

يعني خلق مثلكم. و قال: كل شي ء مما خلق خلق مثلكم ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ أي ما تركنا ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ.

3463/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم «1» بن العلاء (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم «2»، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لم يقبض نبينا (صلى الله عليه و آله) «3» حتى أكمل له الدين، و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شي ء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ».

3464/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ يعني: قد خفي عليهم ما تقوله.

3465/ [4]- علي بن إبراهيم: مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ أي يعذبه وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني يبين له و يوفقه حتى يهتدي إلى الطريق.

3466/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله «4»، قال: حدثنا كثير ابن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ.

يقول: «صم عن الهدى، و بكم لا يتكلمون بخير فِي الظُّلُماتِ يعني ظلمات الكفر مَنْ يَشَأِ

اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و هو رد على قدرية هذه الامة، يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين و النصارى و المجوس فيقولون: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5» يقول الله: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «6»- قال- فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا إن لكل أمة مجوسا، و مجوس هذه الامة الذين يقولون: لا قدر، و لا يزعمون أن المشيئة و القدرة إليهم و لهم» «7».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 154/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 198.

4- تفسير القمّي 1: 198. [.....]

5- تفسير القمّي 1: 198.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي القاسم. و ما أثبتناه من المصدر.

(2) في «س» و «ط»: عبد العزيز العبدي، و ما أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 10: 35.

(3) في المصدر: نبيّه.

(4) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو: جعفر بن عبد اللّه رأس المدري بن جعفر المحمّدي، روى عنه أحمد بن محمّد بن عقدة، و روى عن كثير بن عيّاش، و بهذا السند روى النجاشيّ تفسير أبي الجارود. انظر معجم رجال الحديث 4: 75- 77 و 7: 321.

(5) الأنعام 6: 23.

(6) الأنعام 6: 24.

(7) في «ط» زيادة: و في نسخة أخرى من (تفسير عليّ بن إبراهيم) في الحديث هكذا، قال: فقال: «ألا إنّ لكلّ امّة مجوسا، و مجوس هذه الامّة الذين يقولون: لا قدر. و يزعمون أنّ المشيئة و القدرة ليست لهم و لا عليهم». و في نسخة ثالثة: «يقولون: لا قدر، و يزعمون أنّ المشيئة و القدرة ليست إليهم و لا لهم». «منه قدّس سرّه».

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 418

3467/ [6]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا جعفر بن أحمد «1» قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

فقال (عليه السلام): «نزلت في الذين كذبوا بأوصيائهم صُمٌّ وَ بُكْمٌ كما قال الله فِي الظُّلُماتِ من كان من ولد إبليس فإنه لا يصدق بالأوصياء، و لا يؤمن بهم أبدا، و هم الذين أضلهم الله، و من كان من ولد آدم آمن بالأوصياء فهم عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ».

قال: و سمعته يقول: «كذبوا بآياتنا كلها، في بطن القرآن، أن كذبوا بالأوصياء كلهم».

ثم قال: قُلْ لهم يا محمد أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ثم رد عليهم فقال: بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ قال:

تدعون الله إذا أصابكم ضر، ثم إذا كشف عنكم ذلك تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ أي تتركون الأصنام.

و قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ يعني كي يتضرعوا. ثم قال: فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ يعني فهلا إذ جاءهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فلما لم يتضرعوا فتح الله عليهم الدنيا و أغناهم، عقوبة لفعلهم الردي ء، فلما فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ «2» أي آيسون، و ذلك قول الله تبارك و تعالى

في مناجاته لموسى (عليه السلام).

3468/ [7]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان في مناجاة الله لموسى (عليه السلام): يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين. و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته. فما فتح الله على أحد هذه الدنيا إلا بذنب ينسيه ذلك الذنب، فلا يتوب، فيكون إقبال الدنيا عليه عقوبة لذنبه»

».

سورة الأنعام(6): الآيات 44 الي 45 ..... ص : 418

قوله تعالى:

فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [44- 45]

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 199.

7- تفسير القمّي 1: 200.

(1) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه من المصدر، و انظر معجم رجال الحديث 4: 50.

(2) الأنعام 6: 44.

(3) في المصدر: لذنوبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 419

3469/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثني عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ.

قال: «أما قوله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلما تركوا ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد أمروا بها فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ يعني دولتهم في الدنيا، و ما بسط لهم فيها.

و أما قوله: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني بذلك قيام القائم (عليه السلام)، حتى كأنهم لم يكن

لهم سلطان قط، فذلك قوله بَغْتَةً فنزلت بخبره «1» هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله)».

3470/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «2» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام).

قال: «أما قوله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلما تركوا ولاية علي و قد أمروا بها فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ] يعني دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها، و أما قوله حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني قيام القائم (عليه السلام)».

3471/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان ابن داود المنقري «3»، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: من الورع من الناس؟

فقال: «الذي يتورع عن محارم الله، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر فلم ينكره، و هو يقوى عليه، فقد أحب أن يعصى الله، و من أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، و من أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تبارك و تعالى حمد نفسه على إهلاك الظلمة فقال:

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

و رواه علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، بالسند و المتن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 220. [.....]

2- بصائر الدرجات: 98/ 5.

3 معاني الأخبار: 252/ 1.

(1) في «ط»: فنزل آخر.

(2) في «س» و «ط»: الحسن، تصحيف، و ما

أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 6: 25 و 29.

(3) في «س»: داود بن سليمان المنقري، و هو سهو، انظر معجم رجال الحديث 8: 257.

(4) تفسير القمّي 1: 200.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 420

3472/ [4]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال:

حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن أحمد القاشاني، قال: حدثنا علي بن سيف، قال: حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت في بني فلان ثلاث آيات: قوله عز و جل حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً «1» يعني القائم (عليه السلام) بالسيف فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ «2»، و قوله عز و جل:

فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- قال أبو عبد الله (عليه السلام)- بالسيف، و قوله عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ «3» يعني القائم (عليه السلام) يسأل بني فلان عن «4» كنوز بني امية».

3473/ [5]- العياشي: عن أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام): «أن قنبرا مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) ادخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال: كنت أوضئه.

فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ قال: كان يتلو هذه الآية فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا

بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

فقال الحجاج: كان يتأولها علينا؟ فقال: نعم.

فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك «5»؟ قال: إذن أسعد و تشقى. فأمر به فقتله.

3474/ [6]- و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ.

قال: «لما تركوا ولاية علي (عليه السلام) و قد أمروا بها أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- قال- نزلت في ولد العباس».

3475/ [7]- عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ إلى قوله: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ، قال: «أخذ بنو امية بغتة، و يؤخذ بنو العباس جهرة».

__________________________________________________

4- دلائل الإمامة: 250.

5- تفسير العيّاشي 1: 359/ 22.

6- تفسير العيّاشي 1: 360/ 23.

7- تفسير العيّاشي 1: 360/ 24.

(1، 2) يونس 10: 24.

(3) الأنبياء 21: 12- 13.

(4) (عن) ليس في المصدر.

(5) العلاوة: أعلى الرأس أو العنق «أقرب الموارد- علو- 2: 826». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 421

3476/ [8]- عن الفضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): من الورع من الناس؟

فقال: «الذي يتورع عن محارم الله، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر فلم ينكره و هو يقوى «1» عليه، فقد أحب أن يعصى الله، و من أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، و من أحب بقاء الظالم فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تبارك و

تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال:

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

سورة الأنعام(6): آية 46 ..... ص : 421

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ [46] 3477/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قُلْ لقريش: إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ من يرد ذلك عليكم إلا الله؟! و قوله: ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ أي يكذبون.

3478/ [10]- و عنه: قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ، قال: «يقول: إن أخذ الله منكم الهدى مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ يقول: يعرضون».

سورة الأنعام(6): آية 47 ..... ص : 421

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [47] 3479/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: إنها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و أصاب أصحابه الجهد و العلل و المرض، فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأنزل الله عز و جل: قُلْ لهم يا محمد:

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 360/ 25.

9- تفسير القمّي 1: 201.

10- تفسير القمّي 1: 201.

11- تفسير القمّي 1: 201.

(1) في المصدر: يقدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 422

أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ أي لا يصيبهم إلا الجهد و الضر في الدنيا، فأما العذاب الأليم الذي فيه الهلاك فلا يصيب إلا القوم الظالمين.

سورة الأنعام(6): الآيات 50 الي 51 ..... ص : 422

قوله تعالى:

قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [50- 51] 3480/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال: قُلْ لهم يا محمد لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ قال: لا أملك خزائن الله، و لا أعلم الغيب، و ما أقول فإنه من عند الله. ثم قال: هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ أي من يعلم و من لا يعلم أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ ثم قال:

وَ أَنْذِرْ بِهِ يعني بالقرآن الَّذِينَ يَخافُونَ أي يرجون أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

3481/ [2]- الطبرسي: قال الصادق (عليه السلام): «أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده، فإن القرآن شافع مشفع».

سورة الأنعام(6): الآيات 52 الي 54 ..... ص : 422

قوله تعالى:

وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [52- 54]

3482/ [3]- علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أهل «1» الصفة،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 210.

2- مجمع البيان 4: 471.

3- تفسير القمّي 1: 202.

(1) في المصدر: أصحاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 423

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتعاهدهم بنفسه، و ربما حمل إليهم ما يأكلون، و كانوا يختلفون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيقربهم و يقعد معهم، و يؤنسهم، و كان إذا جاء الأغنياء

و المترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك، و يقولون له: اطردهم عنك.

فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عنده رجل من أصحاب الصفة، قد لصق برسول الله (صلى الله عليه و آله) و رسول الله يحدثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تقدم» فلم يفعل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعلك خفت أن يلزق فقره بك؟!».

فقال الأنصاري: اطرد هؤلاء عنك. فأنزل الله: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ.

3483/ [2]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: بينما علي (عليه السلام) يخطب يوم الجمعة على المنبر فجاء الأشعث بن قيس يتخطى رقاب الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، حالت الحمر بيني و بين وجهك. قال: فقال علي (عليه السلام): «ما لي و ما للضياطرة «1»، أطرد قوما غدوا أول النهار يطلبون رزق الله، و آخر النهار ذكروا الله، أ فأطردهم فأكون من الظالمين؟!».

3484/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ أي اختبرنا الأغنياء بالغنى، لننظر كيف مواساتهم للفقراء، و كيف يخرجون ما افترض الله عليهم في أموالهم، و اختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر، و عما في أيدي الأغنياء لِيَقُولُوا أي الفقراء أَ هؤُلاءِ الأغنياء قد مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.

ثم فرض الله على رسوله أن يسلم على التوابين الذين عملوا السيئات ثم تابوا، فقال: وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ

عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ يعني أوجب الرحمة لمن تاب. و الدليل على ذلك قوله: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

3485/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا بلغت النفس هذه- و أهوى بيده إلى حلقه- لم يكن للعالم توبة، و كانت للجاهل توبة».

3486/ [5]- الطبرسي: قيل: نزلت في التائبين، و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 360/ 26.

3- تفسير القمّي 1: 202.

4- الكافي 2: 319/ 3.

5- مجمع البيان 4: 476.

(1) الضّياطرة: هم الضّخام الذين لا غناء عندهم، الواحد ضيطار. «النهاية 3: 87». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 424

3487/ [6]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «رحم الله عبدا تاب إلى الله قبل الموت، فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة، و منقذة من شقاء «1» الهلكة، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

«2»».

3488/ [7]- و من طريق المخالفين، ما روي عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا الآية: نزلت في علي و حمزة [و جعفر] و زيد.

سورة الأنعام(6): الآيات 55 الي 58 ..... ص : 424

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ [55- 58] 3489/]

- و قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ

وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ يعني مذهبهم و طريقتهم لتستبين إذا وصفناهم. ثم قال: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ كَذَّبْتُمْ بِهِ أي بالبينة التي أنا عليها ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ يعني الآيات التي سألوها إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ أي يفصل بين الحق و الباطل. ثم قال: قُلْ لهم لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ يعني إذا جاءت الآية هلكتم و انقضى ما بيني و بينكم.

3490/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز و جل:

__________________________________________________

6- تفسير العياشي 1: 361/ 27.

7- تفسير الحبري: 265/ 26، شواهد التنزيل 1: 196/ 254.

1- تفسير القمي 1: 202.

2- الكافي 8: 380/ 574.

(1) في المصدر: شفا.

(2) النساء 4: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 425

كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ «1» يقول: أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي

جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «2» و قوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ «3» و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «4» يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله) فظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته، و هو قول الله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ «5»».

سورة الأنعام(6): آية 59 ..... ص : 425

قوله تعالى:

وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [59] 3491/ [1]- قال علي بن إبراهيم: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ يعني علم «6» الغيب لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ قال: الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يبقى و يحيا، و اليابس: صورة ما تغيض «7» الأرحام، و كل ذلك في كتاب مبين.

3492/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 203.

2- الكافي 8: 248/ 349.

(1) البقرة 2: 17.

(2) يونس 10: 5.

(3) يس 36: 37.

(4) البقرة 2: 17.

(5) الأعراف 7: 198.

(6) في المصدر:

عالم. [.....]

(7) أي التي تنقص عن مقدار الحمل الذي يسلم معه الولد. «مجمع البحرين- غيض- 4: 219».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 426

الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: فقال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا [من ] الناس، و اليابس: ما يغيض «1»، و كل ذلك في إمام مبين».

3493/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: فقال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا، و اليابس: ما يغيض، و كل ذلك في كتاب مبين».

3494/ [4]- العياشي: عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها إلى قوله: إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا، و اليابس: ما يغيض، و كل ذلك في كتاب مبين».

3495/ [5]- عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي

ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ، فقال: «الورقة: السقط، يسقط من بطن امه من قبل أن يهل الولد».

قال: فقلت: و قوله وَ لا حَبَّةٍ؟ قال: «يعني الولد في بطن امه إذا هل و يسقط من قبل الولادة».

قال: قلت: قوله: وَ لا رَطْبٍ؟ قال: «يعني المضغة إذا أسكنت في الرحم قبل أن يتم خلقها، قبل أن ينتقل».

قال: قلت: قوله: وَ لا يابِسٍ؟ قال: «الولد التام».

قال: قلت: فِي كِتابٍ مُبِينٍ؟ قال: «في إمام مبين».

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 215/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 361/ 28.

5- تفسير العيّاشي 1: 361/ 29.

(1) في المصدر: ما يقبض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 427

سورة الأنعام(6): الآيات 60 الي 61 ..... ص : 427

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ [60- 61] 3496/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ يعني بالنوم وَ يَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ يعني ما علمتم بالنهار، و قوله ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يعني ما عملتم من الخير و الشر.

3497/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى.

قال: «هو الموت ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».

ثم قال: و أما قوله: وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً يعني الملائكة الذين يحفظونكم «1» و يضبطون «2» أعمالكم حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و هم الملائكة وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ أي لا يقصرون.

3498/ [3]- ابن بابويه: قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «3» و عن قول الله عز و جل: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ «4»

و عن قول الله عز و جل:

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «5» و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «6» و عن قوله عز و جل:

تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و عن قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ «7» و قد يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلا الله عز و جل، فكيف هذا؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة، يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الإنس، يبعثهم في حوائجه، فتتوفاهم الملائكة، و يتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبضه هو، و يتوفاهم الله عز و جل من ملك الموت».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 203.

2- تفسير القمّي 1: 203.

3- من لا يحضره الفقيه 1: 82/ 371.

(1) في «س» و «ط»: يحفظون.

(2) في المصدر: و يحفظون.

(3) الزّمر 39: 42.

(4) السجدة 32: 11.

(5) النّحل 16: 32.

(6) النّحل 16: 28. [.....]

(7) الأنفال 8: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 428

سورة الأنعام(6): آية 62 ..... ص : 428

قوله تعالى:

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ [62]

3499/ [1]- العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «دخل مروان بن الحكم المدينة- قال- فاستلقى على السرير، و ثم مولى للحسين (عليه السلام) فقال: رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ- قال- فقال الحسين (عليه السلام) لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل؟ قال: استلقى على السرير فقرأ:

رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ إلى قوله: الْحاسِبِينَ، فقال الحسين (عليه السلام): نعم و الله، رددت أنا و أصحابي إلى الجنة، و رد هو و أصحابه إلى النار».

سورة الأنعام(6): الآيات 65 الي 67 ..... ص : 428

قوله تعالى:

قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ [65- 67]

3500/ [2]- الطبرسي: مِنْ فَوْقِكُمْ السلاطين الظلمة، و مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ العبيد السوء و من لا خير فيه. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً يعني يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه من العداوة و العصبية. و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال: سوء الجوار.

قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و نحوه في (نهج البيان) عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

3501/ [3]- علي بن إبراهيم: و قوله: يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قال: السلطان الجائر أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: السفلة و من لا خير فيه أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً قال: العصبية وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال:

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 362/ 30.

2- مجمع البيان 4: 487.

3- تفسير القمّي

1: 203.

(1) نهج البيان 2: 112 (مخطوط).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 429

سوء الجوار.

3502/ [3]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ.

قال: «هو الدخان و الصيحة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ و هو الخسف أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً و هو اختلاف في الدين، و طعن بعضكم على بعض وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ و هو أن يقتل بعضكم بعضا، فكل هذا في أهل القبلة، يقول الله: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، كذبت به قريش «1»».

ثم قال: و قوله تعالى: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ يقول: لكل نبأ حقيقة وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثم قال: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ يعني كي يفقهوا. و قوله تعالى: وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، كذبت به قريش قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ أي لكل خبر وقت وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 68 الي 71 ..... ص : 429

قوله تعالى:

وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ- إلى قوله تعالى- وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [68- 71] 3503/]

- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ يعني الذين يكذبون بالقرآن و يستهزءون. ثم قال: فإن أنساك الشيطان في ذلك الوقت عما أمرتك به فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

3504/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلى بن أعين، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام، أو يغتاب فيه مسلم، إن الله يقول في كتابه: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».

__________________________________________________

3- تفسير القمي 1: 204.

1- تفسير القمي 1: 204.

2- تفسير القمي 1: 204.

(1) في المصدر: قومك و هم قرش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 430

3505/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين «1» السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال علي بن الحسين (عليه السلام): ليس لك أن تقعد مع من شئت، لأن الله تبارك و تعالى يقول: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. و ليس لك أن تتكلم بما شئت.

لأن الله عز و جل قال: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ «2»، و لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو صمت فسلم. و ليس لك أن تسمع ما شئت، لأن الله عز و جل يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «3»».

3506/ [4]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لما نزلت «4» فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قال

المسلمون: كيف نصنع؟ إن كان كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا و تركناهم، فلا ندخل إذن المسجد الحرام، و لا نطوف بالبيت الحرام! فأنزل الله تعالى وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ أمرهم بتذكيرهم [و تبصيرهم ] ما استطاعوا».

3507/ [5]- و قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ: أي ليس يؤخذ المتقون بحساب الذين لا يتقون وَ لكِنْ ذِكْرى أي ذكر «5» لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ كي يتقوا.

3508/ [6]- العياشي: عن ربعي بن عبد الله، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا. قال: «الكلام في الله، و الجدال في القرآن فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ- قال- منه القصاص».

3509/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ ذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا يعني الملاهي وَ ذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ أي تسلم بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ وَ إِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها يعني يوم القيامة لا يقبل منها فداء و لا صرف أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا أي

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 605/ 80.

4- مجمع البيان 4: 489.

5- تفسير القمّي 1: 204.

6- تفسير العيّاشي 1: 362/ 31.

7- تفسير القمّي 1: 204. [.....]

(1) في المصدر: الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 376.

(2، 3) الإسراء 17: 36.

(4) في «ط»: أنزل.

(5) في «ط» و المصدر: اذكر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 431

أسلموا بأعمالهم لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.

قال: و قال احتجاجا على عبدة الأوثان: قُلْ

لهم أَ نَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَ لا يَضُرُّنا وَ نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ.

و قوله: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ أي خدعتهم فِي الْأَرْضِ فهو حَيْرانَ و قوله: لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا يعني ارجع إلينا، و هو كناية عن إبليس فرد الله عليهم، فقال قُلْ لهم يا محمد: إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى «1» وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.

سورة الأنعام(6): آية 73 ..... ص : 431

قوله تعالى:

قَوْلُهُ الْحَقُّ وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [73]

3510/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ. قال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- تفسير الصور و النفخ فيه في سورة الزمر «2».

سورة الأنعام(6): الآيات 74 الي 81 ..... ص : 431

اشارة

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [74- 81]

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 146/ 1.

(1) في «ط»: إنّ الهدى هدى اللّه.

(2) تأتي في تفسير الآية (68) من سورة الزّمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 432

3511/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال: فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء (عليهم السلام)، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله عز و جل في إبراهيم (عليه السلام): فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ

رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي.

فقال الرضا (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، و صنف يعبد القمر، و صنف يعبد الشمس، و ذلك حين خرج من السرب «1» الذي اخفي فيه، فلما جن عليه الليل فرأى الزهرة قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل الكوكب قال: لا أحب الآفلين لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين «2»، فلما أصبح و رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي؟! هذا أكبر من الزهرة و القمر، على الإنكار و الاستخبار، لا على الإخبار و الإقرار، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس:

يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

و إنما أراد إبراهيم (عليه السلام) بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس، و إنما تحق العبادة لخالقها، و خالق السماوات و الأرض، و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز و جل و آتاه كما قال عز و جل: وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ «3»». فقال المأمون:

لله درك، يا بن رسول الله.

3512/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ

الْمُوقِنِينَ، قال: «كشط لإبراهيم السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش، و كشط له الأرضون السبع «4»، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك، و إني لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك».

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 197/ 1.

2- بصائر الدرجات: 127/ 2.

(1) السّرب: جحر الوحشي، أو حفير تحت الأرض لا منفذ له.

(2) زاد في المصدر: يقول: لو لم يهدني ربّي لكنت من القوم الضّالّين.

(3) الأنعام 6: 83.

(4) في المصدر: و كشط له الأرض حتّى رأى ما في الهواء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 433

3513/ [3]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن البرقي «1»، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل رأى محمد (صلى الله عليه و آله) ملكوت السماوات و الأرض كما رأى إبراهيم (عليه السلام)؟ قال: «بلى- قال- و كذلك أري صاحبكم «2»».

3514/ [4]- و عنه: عن محمد «3»، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن ثعلبة، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.

قال: «كشط الله «4» الأرض حتى رآها و من عليها، [و عن السماء حتى رآها و من فيها] و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه «5»، و كذلك أري صاحبكم».

3515/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر الحديث، و قال: «الَّذِʙƙΠيَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «6» هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس

يخرج عن هذه الأربعة «7» شي ء خلق الله في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله (عليه السلام) فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ».

و سيأتي تمام الحديث- إن شاء الله تعالى- عند ذكر العرش»

.3516/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 127/ 4. [.....]

4- بصائر الدرجات: 126/ 1.

5- الكافي 1: 101/ 1.

6- الكافي 8: 305/ 473.

(1) (عن البرقي) ليس في «س» و «ط»، و الصواب ما في المتن، حيث روى أحمد بن محمّد، كتاب النّضر بن سويد، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي. انظر معجم رجال الحديث 19: 151.

(2) في المصدر: قال: نعم، و صاحبكم.

(3) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، شيخ الصفّار، و الراوي عن عبد اللّه، كما في مشيخة الفقيه 4: 107، معجم رجال الحديث 10: 305. و لم نجد رواية لأحمد بن محمّد عن عبد اللّه الحجّال.

(4) في المصدر: كشط له عن.

(5) في «ط»: و من يحمله.

(6) غافر 40: 7.

(7) قال المجلسي: قال الوالد العلّامة (قدس سره): الظاهر أنّ المراد بالأربعة: العرش، و الكرسي، و السماوات، و الأرض، و يحتمل أن يكون المراد بها الأنوار الأربعة التي هي عبارة عن

العرش لأنّه محيط على ما هو المشهور. مرآة العقول 2: 75.

(8) يأتي في الحديث (5) من تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 434

فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله عز ذكره إليه: يا إبراهيم، إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد عبد غيري فلن يفوتني، و عبد عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».

و روى ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

3517/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن مرار «2»، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كشط له عن الأرض و من عليها، و عن السماء و من فيها «3»، و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه، و فعل ذلك برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام)».

3518/ [8]- و في كتاب (الاختصاص) للمفيد (رضي الله عنه): عن الحسن «4» بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، قال: و كنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، و حار بصري دونه، ثم قال لي:

«رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض هكذا» ثم قال لي: «أطرق» فأطرقت، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فإذا السقف على حاله.

ثم أخذ بيدي فقام و أخرجني من البيت الذي كنت فيه، و أدخلني بيتا آخر، فخلع ثيابه التي كانت عليه، و لبس ثيابا غيرها، ثم قال لي: «غض بصرك» فغضضت «5» بصري، فقال: «لا تفتح عينيك» فلبثت ساعة، ثم قال لي:

«تدري أين أنت؟» قلت: لا. قال: «أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين». فقلت له: جعلت فداك، أ تأذن لي أن أفتح عيني فأراك؟ فقال لي: «افتح فإنك لا ترى شيئا». ففتحت عيني، فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي.

ثم سار قليلا و وقف فقال: «هل تدري أين أنت؟» فقلت: لا أدري. فقال: «أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)». و سرنا فخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر، فسلكنا فيه، فرأينا كهيئة عالمنا هذا في بنائه و مساكنه و أهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول و الثاني، حتى وردنا على خمسة عوالم. قال: ثم قال لي:

«هذه ملكوت الأرض، و لم يرها إبراهيم (عليه السلام) و إنما رأى ملكوت السماوات، و هي اثني عشر عالما، كل عالم

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 205.

8- الاختصال: 322.

(1) تفسير القمّي 1: 205. [.....]

(2) في المصدر: ضرار، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 3: 143 و 183.

(3) في «س» و «ط»: عليها.

(4) في «س» و «ط»: الحسين، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 284.

(5) في «ط»: غمّض بصرك فغمّضت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 435

كهيئة ما رأيت، كلما مضى منا إمام

سكن إحدى هذه العوالم، حتى يكون آخرهم القائم (عليه السلام) في عالمنا الذي نحن ساكنوه».

ثم قال لي: «غض بصرك» ثم أخذ بيدي فإذا [نحن ] «1» في البيت الذي خرجنا منه، فنزع تلك الثياب، و لبس ثيابه التي كانت عليه، و عدنا إلى مجلسنا، فقلت له: جعلت فداك، كم مضى من النهار؟ فقال: «ثلاث ساعات».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن الحسن بن أحمد بن سلمة، عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن زيد «2»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ كَذلِكَ نُرِي الحديث، إلا أن فيه: «و أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)» فشرب الماء و شربت «3»، و خرجنا من ذلك العالم، و ساق الحديث إلى آخره «4».

3519/ [9]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أبا جهل، أما علمت قصة إبراهيم الخليل (عليه السلام) لما رفع في الملكوت، و ذلك قول ربي وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ قوى الله بصره لما رفعه دون السماء، حتى أبصر الأرض و من عليها ظاهرين، فالتفت «5» فرأى رجلا و امرأة على فاحشة، فدعا عليهما بالهلاك، فهلكا، ثم رأى آخرين، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما، فأوحى الله إليه: يا إبراهيم، اكفف دعوتك عن عبادي و إمائي، فإني أنا الغفور الرحيم، الحنان الحليم «6»، لا تضرني ذنوب عبادي، كما لا تنفعني طاعتهم، و لست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك، فاكفف دعوتك عن عبادي و

إمائي، فإنما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة، و لا مهيمن علي و لا على عبادي، و عبادي معي بين خلال ثلاث: إما تابوا إلي فتبت عليهم و غفرت ذنوبهم و سترت عيوبهم، و إما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون «7»، فأرفق بالآباء الكافرين، و أتأنى بالأمهات الكافرات، و أرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل «8» بهم عذابي، و حاق بهم بلائي، و إن لم يكن هذا و لا هذا فإن الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم، فإن عذابي لعبادي على حسب جلالي و كبريائي يا إبراهيم، فخل بيني و بين عبادي. فإني أرحم بهم منك، و خل بيني و بين عبادي فإني أنا الجبار الحليم، العلام الحكيم، أدبرهم بعلمي، و أنفذ فيهم قضائي و قدري.

__________________________________________________

9- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 512/ 314.

(1) أثبتناه من البصائر.

(2) في «س» و «ط»: يزيد، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 109 و 129.

(3) (فشرب الماء و شربت) ليس في المصدر.

(4) بصائر الدرجات: 424/ 4.

(5) في المصدر: ظاهرين و مستترين.

(6) في «س»: الجبار الحكيم، و في «ط»: الجبار الحليم.

(7) في «ط»: يؤمنون.

(8) في «ط» نسخة بدل: حق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 436

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تعالى- يا أبا جهل- إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة: عكرمة ابنك، و سيلي من امور المسلمين ما إن أطاع الله [و رسوله ] فيه كان عند الله جليلا، و إلا فالعذاب نازل عليك».

3520/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى:

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ أي غاب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ.

3521/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آزر أبا إبراهيم (عليه السلام) كان منجما لنمرود بن كنعان، فقال له: إني أرى في حساب النجوم أن في هذا الزمان يحدث رجل «1» فينسخ هذا الدين، و يدعو إلى دين آخر. فقال النمرود في أي بلاد يكون؟ قال: في هذه البلاد. و كان منزل نمرود بكوثى ربا «2»، فقال له نمرود: قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر: لا. قال: فينبغي أن يفرق بين الرجال و النساء. ففرق بين الرجال و النساء.

و حملت أم إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) و لم يبن «3» حلمها، فلما حانت ولادتها قالت: يا آزر، إني قد اعتللت و أريد أن اعتزل عنك. و كان في ذلك الزمان، المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت و اعتزلت في غار، و وضعت إبراهيم (عليه السلام)، فهيأته، و قمطته، و رجعت إلى منزلها، و سدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله لإبراهيم (عليه السلام) لبنا من إبهامه، و كانت امه تأتيه. و وكل نمرود بكل امرأة حامل، فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت ام إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) من الذبح، و كان يشب إبراهيم في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر، حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة.

فلما كان بعد ذلك زارته امه، فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها، فقال: يا امي، أخرجيني. فقالت له: يا بني، إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك. فلما خرجت امه و خرج من الغار

و قد غابت الشمس، نظر إلى الزهرة في السماء، فقال: هذا ربي. فلما أفلت «4» قال: لو كان هذا ربي ما تحرك و لا برح، ثم قال: لا أحب الآفلين- و الآفل: الغائب- فلما نظر إلى المشرق رأى القمر بازغا، قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن. فلما تحرك و زال قال إبراهيم (عليه السلام): لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فلما أصبح و طلعت الشمس و رأى ضوءها، و قد أضاءت الدنيا لطلوعها قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن، فلما تحركت و زالت كشف الله له عن السماوات حتى رأى العرش و من عليه، و أراه الله ملكوت السماوات و الأرض، فعند ذلك قال: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

__________________________________________________

10- تفسير القمي 1: 206. [.....]

11- تفسير القمي 1: 206.

(1) في المصدر: أن هذا الزمان يحدث رجلا.

(2) كوثى ربا: من أرض بابل بالعراق، فيها مولد إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و فيها مشهده. (معجم البلدان 4: 487).

(3) في المصدر: و لم تبين.

(4) في هامش «ط»: فلما غابت الزهرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 437

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فجاء إلى امه و أدخلته دارها و جعلته بين أولادها».

و سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام): هذا رَبِّي، أشرك في قوله: هذا رَبِّي؟

فقال: «لا، بل من قال هذا اليوم فهو مشرك، و لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، و إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».

«فلما دخلت ام إبراهيم بإبراهيم دارها نظر إليه آزر فقال: من هذا الذي قد بقي في «1» سلطان الملك، و الملك يقتل

أولاد الناس؟ قالت: هذا ابنك، ولدته وقت كذا و كذا حين اعتزلت عنك. قال: ويحك، إن علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده. و كان آزر صاحب أمر نمرود و وزيره، و كان يتخذ الأصنام له و للناس، و يدفعها إلى ولده فيبيعونها، و كان في دار الأصنام، فقالت ام إبراهيم لآزر: لا عليك، إن لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا «2»، و إن شعر به كفيتك الاحتجاج عنه.

و كان آزر كلما نظر إلى إبراهيم (عليه السلام) أحبه حبا شديدا، و كان يدفع إليه الأصنام ليبيعها كما يبيع إخوته، فكان يعلق في أعناقها الخيوط، و يجرها على الأرض و يقول: من يشتري ما لا يضره و لا ينفعه؟! و يغرقها في الماء و الحمأة و يقول لها: اشربي و كلي و تكلمي، فذكر إخوته ذلك لأبيه فنهاه، فلم ينته، فحبسه في منزله و لم يدعه يخرج. و حاجه قومه، فقال إبراهيم (عليه السلام): أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أي بين لي وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ ثم قال لهم: وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي أنا أحق بالأمن حيث أعبد الله، أو أنتم الذين تعبدون الأصنام!!».

3522/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «3» (رضي الله عنه). قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد

بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، و ذكر حديث ما ابتلى الله عز و جل به إبراهيم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): «منها اليقين، و ذلك قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ و منها المعرفة بقدم بارئه، و توحيده، و تنزيهه عن التشبيه، حين نظر إلى الكوكب و القمر و الشمس، فاستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه «4» على محدثه».

__________________________________________________

12- الخصال 305/ 84.

(1) زاد في «ط»: زمن.

(2) في «س»: يبقى ولدنا.

(3) في المصدر: عليّ بن أحمد بن موسى، كلاهما صحيح، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(4) في المصدر: حدثه و بحدثه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 438

و الحديث طويل، تقدم بتمامه في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ «1» و هو حديث حسن.

3523/ [13]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الصلت، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله سائل عن وقت المغرب، قال: «إن الله تعالى يقول في كتابه لإبراهيم (عليه السلام):

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً فهذا أول الوقت، و آخر ذلك غيبوبة الشفق، و أول وقت العشاء ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف الليل».

3524/ [14]- و روى الطبرسي في (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له في رد سؤال يهودي، قال له اليهودي: فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا.

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) سقط من

بطن امه واضعا يده اليسرى على الأرض، و رافعا يده اليمنى إلى السماء، يحرك شفتيه بالتوحيد».

قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به».

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و اعطي محمد (صلى الله عليه و آله) أفضل منه، قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به «3»، و تيقظ إبراهيم و هو ابن خمس عشرة سنة، و محمد (صلى الله عليه و آله) كان ابن سبع سنين، قدم تجار من النصارى، فنزلوا بتجارتهم بين الصفا و المروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته و نعته «4» و خبر مبعثه و آياته (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: يا غلام، ما اسمك؟ قال: محمد: قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد الله. قالوا: ما اسم هذه؟ و أشاروا بأيديهم إلى الأرض، قال: الأرض. قالوا: فما اسم هذه؟

و أشاروا بأيديهم إلى السماء، قال: السماء. قالوا: فمن ربهما؟ قال: الله. ثم انتهرهم و قال: أ تشككوني في الله عز و جل؟! ويحك- يا يهودي- لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز و جل مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام و يعبدون الأوثان، و هو يقول: لا إله إلا الله».

3525/ [15]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ

__________________________________________________

13- التهذيب 2: 30/ 88.

14- الاحتجاج: 213، 223.

15- تفسير العياشي 1: 362/ 32.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة. [.....]

(2) (به) ليس في المصدر.

(3) (قد تيقظ ... الايمان به) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: و

رفعته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 439

، قال: «كان اسم أبيه آزر».

3526/ [16]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، قال: «كشط له عن الأرض حتى رآها و ما فيها، و السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و العرش و ما عليه».

3527/ [17]- عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، قال: «كشط له السماوات السبع حتى نظر إلى السماء السابعة و ما فيها، و الأرضين السبع و ما فيهن، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) كما فعل بإبراهيم (عليه السلام)، و إني لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك».

3528/ [18]- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «كشط له عن السموات حتى نظر إلى العرش و ما عليه».

قال: و السماوات و الأرض و العرش و الكرسي؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كشط له عن الأرض حتى رآها، و عن السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و الكرسي و ما عليه «1»».

3529/ [19]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

قال: «أعطي بصره من القوة ما نفذ السماوات فرأى ما فيها و رأى العرش و ما فوقه «2»، و رأى ما في الأرض و ما تحتها».

3530/ [20]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما

أري «3» ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة، فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله إليه أن: يا إبراهيم: إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني و لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد يعبد غيري فلن يفوتني، و عبد يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».

3531/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في إبراهيم (عليه السلام) إذ رأى كوكبا، قال: «إنما

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 363/ 33.

17- 1: 363/ 34.

18- تفسير العيّاشي 1: 364/ 35.

19- تفسير العيّاشي 1: 364/ 36.

20- تفسير العيّاشي 1: 364/ 37.

21- تفسير العيّاشي 1: 364/ 38.

(1) في «س» و «ط»: و ما فيها.

(2) في «ط»: القوّة حتى رأى السماء و من عليها و الملك الذي يحملها.

(3) في «ط»: رأى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 440

كان طالبا لربه، و لم يبلغ كفرا، و إنه من فكر من الناس في مثل ذلك فإنه بمنزلته».

3532/ [22]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول إبراهيم (صلوات الله عليه): لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ: «أي ناس للميثاق».

3533/ [23]- عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عنهم (عليهم السلام): «أنه كان من حديث إبراهيم (عليه السلام) أنه ولد في زمان نمرود بن كنعان، و كان قد ملك الأرض أربعة: مؤمنان و كافران: سليمان بن داود، و ذو القرنين، و نمرود بن كنعان، و بخت نصر، و أنه قيل لنمرود: إنه يولد العام غلام يكون هلاككم و هلاك دينكم «1» و هلاك أصنامكم «2»

على يديه. و أنه وضع القوابل على النساء، و أمر أن لا يولد هذه السنة ذكر إلا قتلوه. و أن إبراهيم (عليه السلام) حملته امه في ظهرها، و لم تحمله في بطنها، و أنه لما وضعته أدخلته سربا و وضعت عليه غطاء، و أنه كان يشب شبا لا يشبه الصبيان، و كانت تعاهده، فخرج إبراهيم (عليه السلام) من السرب، فرأى الزهرة و لم ير كوكبا أحسن منها، فقال:

هذا ربي. فلم يلبث أن طلع القمر، فلما رآه هابه، قال: هذا أعظم، هذا ربي. فلما أفل قال: لا أحب الآفلين. فلما رأى النهار، و طلعت الشمس، قال: هذا ربي، هذا أكبر مما رأيت. فلما أفلت قال: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ».

3534/ [24]- عن حجر، قال: أرسل العلاء بن سيابة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام):

هذا رَبِّي و أنه من قال هذا اليوم فهو عندنا مشرك؟ قال: «لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».

3535/ [25]- عن محمد بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله فيما أخبر عن إبراهيم (عليه السلام): هذا رَبِّي، قال: «لم يبلغ به شيئا، أراد غير الذي قال».

3536/ [26]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين) و غيره: روي عن مجاهد عن أبي عمرو و أبي سعيد الخدري قالا: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ دخل سلمان الفارسي، و أبو ذر الغفاري، و المقداد بن الأسود «3»، و أبو الطفيل عامر بن واثلة، فجثوا بين

يديه و الحزن ظاهر في وجوههم، و قالوا: فديناك بالآباء و الأمهات- يا رسول الله- إنا نسمع من قوم في أخيك و ابن عمك ما يحزننا، و إنا نستأذنك في الرد عليهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 364/ 39.

23- تفسير العيّاشي 1: 365/ 40. [.....]

24- تفسير العيّاشي 1: 365/ 41.

25- تفسير العيّاشي 1: 365/ 42.

26- روضة الواعظين: 82.

(1) في «ط»: دينك.

(2) في «س» و «ط»: أصنامك.

(3) في المصدر زيادة: و عمّار بن ياسر، و حذيفة بن اليمان، و أبو الهيثم بن التّيّهان، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 441

«و ما عساهم يقولون في أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب؟».

فقالوا: يقولون: أي فضل لعلي في سبقه إلى الإسلام، و إنما أدركه الإسلام طفلا، و نحو هذا القول.

فقال (صلى الله عليه و آله): «أ فهذا يحزنكم؟» قالوا: إي و الله. فقال: «تالله أسألكم: هل علمتم من الكتب السالفة أن إبراهيم (عليه السلام) هرب به أبوه من الملك الطاغي، فوضعته «1» امه بين أثلاث «2» بشاطئ نهر يتدفق «3» بين غروب الشمس و إقبال الليل، فلما وضعته و استقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه و رأسه، و يكثر من شهادة أن لا إله إلا الله، ثم أخذ ثوبا فامتسح به، و امه تراه «4»، فذعرت منه ذعرا شديدا، ثم مضى يهرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء، فكان منه ما قال الله عز و جل وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي إلى قوله: إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.

و

علمتم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان فرعون في طلبه، يبقر بطون النساء الحوامل، و يذبح الأطفال ليقتل موسى (عليه السلام)، فلما ولدته أمه أمرت أن تأخذه من تحتها، و تقذفه في التابوت، و تلقي التابوت في اليم، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى (عليه السلام) و قال لها: يا أم، اقذفيني في التابوت، و ألقي التابوت في اليم. فقالت و هي ذعرة من كلامه: يا بني، إني أخاف عليك من الغرق. فقال لها: لا تحزني، إن الله رادني إليك «5». ففعلت ما أمرت به، فبقي في التابوت في اليم إلى أن قذفه إلى الساحل، و رده إلى امه برمته، لا يطعم طعاما، و لا يشرب شرابا، معصوما- و روي أن المدة كانت سبعين يوما. و روي: سبعة أشهر- و قال الله تعالى «6» في حال طفوليته:

وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ «7» الآية.

و هذا عيسى بن مريم قال الله عز و جل: فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا إلى قوله: إِنْسِيًّا «8» فكلم امه وقت مولده، و قال حين أشارت إليه قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً «9» إلى آخر الآية، فتكلم (عليه السلام) في وقت ولادته، و أعطي الكتاب و النبوة، و أوصي بالصلاة و الزكاة في ثلاثة أيام من مولده، و كلمهم في اليوم الثاني من مولده.

و قد علمتم جميعا أن الله تعالى خلقني و عليا من نور واحد، و إنا كنا في صلب آدم نسبح الله تعالى،

ثم نقلنا

__________________________________________________

(1) في المصدر: فوضعت به.

(2) الأثل: شجر طويل، مستقيم، يعمّر، كثير الأغصان متعقّدها، دقيق الورق. «المعجم الوسيط- أثل- 1: 6».

(3) و في رواية: نهر يتدفّق يقال له: حرزان «منه قدّس سرّه».

(4) و في رواية: فاتّشح به و أمّه تراه. «منه قدّس سرّه».

(5) في المصدر زيادة: فبقيت حيرانه حتّى كلّمها موسى، و قال لها: يا امّ اقذفيني في التابوت و ألقي التابوت في اليم.

(6) في «س» و «ط»: اللّه ربّي.

(7) طه 20: 39- 40.

(8) مريم 19: 24- 26. [.....]

(9) مريم 19: 29- 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 442

إلى أصلاب الرجال «1» و أرحام النساء، يسمع تسبيحنا في الظهور و البطون، في كل عهد و عصر إلى عبد المطلب، و أن نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا و أمهاتنا حتى تبين أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم. ثم افترق نورنا، فصار نصفه في عبد الله، و نصفه في أبي طالب عمي، و كان يسمع تسبيحنا من ظهورهما، و كان أبي و عمي إذا جلسا في ملأ من قريش فقد تبين نوري من صلب أبي، و نور علي من صلب أبيه، إلى أن خرجنا من صلب آبائنا «2» و بطون أمهاتنا.

و لقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة علي فقال لي: يا حبيب الله، الله يقرئك «3» السلام و يهنئك بولادة أخيك علي، و يقول: هذا أوان ظهور نبوتك، و إعلان وحيك، و كشف رسالتك، إذ أيدتك بأخيك و وزيرك و صنوك و خليفتك و من شددت به أزرك، و أعليت به ذكرك. فقمت مبادرا فوجدت فاطمة بنت أسد أم علي و قد جاءها المخاض، و هي بين النساء، و القوابل حولها، فقال حبيبي جبرئيل: يا محمد،

اسجف»

بينها و بينك سجفا، فإذا وضعت بعلي فتلقه. ففعلت ما أمرت به، ثم قال لي: امدد يدك يا محمد، فإنه صاحبك اليمين. فمددت يدي نحو امه، فإذا بعلي مائلا على يدي، واضعا يده اليمنى في اذنه اليمنى و هو يؤذن، و يقيم بالحنيفية، و يتشهد بوحدانية الله عز و جل، و برسالتي، ثم انثنى إلي، و قال: السلام عليك يا رسول الله، أقرأ يا أخي «5» [فقلت: اقرأ] فو الذي نفسي «6» بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عز و جل على آدم (عليه السلام) فقام بها شيث، فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها، حتى لو حضر بها شيث لأقر له بأنه أحفظ لها منه «7»، ثم صحف نوح، ثم صحف إبراهيم (عليه السلام)، ثم قرأ توراة موسى (عليه السلام) حتى لو حضره موسى لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ زبور داود حتى لو حضره داود (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ إنجيل عيسى (عليه السلام) حتى لو حضره عيسى (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ القرآن الذي أنزل الله تعالى علي من أوله إلى آخره، فوجدته يحفظ كحفظي له الساعة، من غير أن أسمع له آية، ثم خاطبني و خاطبته بما يخاطب الأنبياء و الأوصياء، ثم عاد إلى حال طفوليته، و هكذا أحد عشر إماما من نسله [كل ] يفعل في ولادته مثلما يفعل الأنبياء «8».

فلم تحزنون؟ و ماذا عليكم من قول أهل الشك و الشرك بالله تعالى؟ هل تعلمون أني أفضل النبيين، و أن وصيي أفضل الوصيين، و أن أبي آدم (عليه السلام) لما رأى اسمي و اسم علي و اسم ابنتي فاطمة

و الحسن و الحسين

__________________________________________________

(1) في «ط»: الآباء.

(2) في المصدر: أصلاب أبوينا.

(3) في المصدر: يقرأ عليك.

(4) السّجف: الستر. «لسان العرب- سجف- 9: 144».

(5) في المصدر: و برسالتي ثمّ قال لي: يا رسول اللّه، أقرأ.

(6) في المصدر: نفس محمّد.

(7) و في رواية أخرى: حتّى لو حضره آدم لأقرّ له أنّه أحفظ لها منه. «منه قدّس سرّه».

(8) (و هكذا ... الأنبياء) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 443

و أسماء أولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنور قال: إلهي و سيدي، هل خلقت خلقا هو أكرم عليك مني؟ فقال:

يا آدم، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماء مبنية، و لا أرضا مدحية، و لا ملكا مقربا، و لا نبيا مرسلا، و لا خلقتك يا آدم.

فلما عصى آدم (عليه السلام) ربه سأله بحقنا أن يقبل توبته، و يغفر خطيئته، فأجابه، و كنا الكلمات التي تلقاها آدم من ربه عز و جل فتاب عليه و غفر له، و قال له: يا آدم، أبشر، فإن هذه الأسماء من ذريتك و ولدك. فحمد الله «1» ربه عز و جل، و افتخر على الملائكة بنا، و إن هذا من فضلنا، و فضل الله علينا».

فقام سلمان و من معه و هم يقولون: نحن الفائزون.

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنتم الفائزون، و لكم خلقت الجنة، و لأعدائنا و أعدائكم خلقت النار».

تنبيه ..... ص : 443

قوله (صلى الله عليه و آله) في صدر الحديث في قصة إبراهيم (عليه السلام) «هرب أبوه من الطاغي فوضعته أمه بين أثلاث».

و

في رواية أخرى في هذا الحديث: فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هذا يحزنكم؟» قالوا: نعم يا رسول الله. فقال:

«بالله عليكم، هل علمتم في الكتب المتقدمة أن إبراهيم خليل

الله (عليه السلام) ذهب أبوه و هو حمل في بطن أمه مخافة عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله، لأنه كان يشق بطون الحوامل و يقتل الأولاد، فجاءت به امه فوضعته بين أثلاث بشط نهر يتدفق يقال له حرزان، بين غروب الشمس إلى إقبال الليل ...»

الحديث. و هذا دليل على أن آزر ليس أباه حقيقة كما تعطيه الأحاديث و القرآن أن آزر بقي بعد وضعه (عليه السلام).

و يؤيده ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أن آزر كان أبا إبراهيم (عليه السلام) في التربية».

و

روي في حديث عن الصادق (عليه السلام): «أن اسم أبي إبراهيم تارخ «2»»

قال في القاموس. تارح- كآدم- أبو إبراهيم الخليل (عليه السلام) «3».

و قال الطبرسي في (جوامع الجامع) و لا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارح. قال: قال أصحابنا:

إن آزر كان جد إبراهيم (عليه السلام) لامه. و

روي أيضا أنه كان عمه.

و قالوا: إن آباء نبينا (صلى الله عليه و آله) إلى آدم كانوا موحدين. و

رووا عنه (عليه السلام) قوله: «لم يزل ينقلنا الله تعالى من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات «4»».

قلت: ستأتي- إن شاء الله تعالى- الروايات في ذلك، في قوله تعالى: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ «5».

و قال الله عز و جل حكاية عن يعقوب (عليه السلام) و بنيه: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ

__________________________________________________

(1) في المصدر: فحمد آدم.

(2) بحار الأنوار 12: 42/ 31.

(3) القاموس المحيط- ترح- 1: 224.

(4) جوامع الجامع: 129.

(5) تأتي في تفسير الآيات (217- 219) من سورة الشعراء 26. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 444

لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ

نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «1» ففي هذه الآية أطلق على أن إسماعيل من آباء يعقوب، و إنما هو عمه.

و سيأتي بهذا المعنى حديث في قوله تعالى: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ من سورة الصافات «2»، و الله سبحانه و تعالى أعلم.

سورة الأنعام(6): آية 82 ..... ص : 444

قوله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [82]

3537/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «بشك».

3538/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان «3»، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله) من الولاية، و لم يخلطوها بولاية فلان و فلان، فهو الملبس بالظلم».

3539/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «هو الشرك».

3540/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ: «منه ما أحدث زرارة و أصحابه «4»».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 293/ 4.

2- الكافي 1: 341/ 3.

3- الكافي

5: 14/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 365/ 43.

(1) البقرة 2: 133.

(2) يأتي في تفسير الآيات (100- 113) من سورة الصافّات.

(3) في «س»: عليّ بن الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو عليّ بن حسّان بن كثير الهاشميّ، له كتاب تفسير، و يروي كثيرا عن عمّه عبد الرحمن بن كثير. انظر معجم رجال الحديث 11: 311.

(4) في «س» و «ط» و المصدر: منه و ما أحدث و رواه أصحابه، و هو تصحيف، و ما أثبتناه من البحار 69: 152/ 3 هو الصواب، و يؤيّده ما رواه الكشي في رجاله: 145/ 230 و 231 في تفسير هذه الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 445

3541/ [5]- عن أبي بصير، قال: قلت له: إنه قد ألح علي الشيطان عند كبر سني يقنطني؟

قال: «قل: كذبت يا كافر، يا مشرك، إني أؤمن بربي، و أصلي له، و أصوم، و أثني عليه، و لا ألبس إيماني بظلم».

3542/ [6]- عن جابر الجعفي، عمن حدثه، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسير له إذ رأى سوادا من بعيد، فقال: «هذا سواد لا عهد له بأنيس». فلما دنا سلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أين أراد الرجل؟» قال:

أراد يثرب. قال: «و ما أردت بها؟» قال: أردت محمدا. قال: «فأنا محمد». قال: و الذي بعثك بالحق، ما رأيت إنسانا مذ سبعة أيام، و لا طعمت طعاما إلا ما تتناول منه دابتي. قال: فعرض عليه الإسلام، فأسلم. قال: فنفضته «1» راحلته، فمات، و أمر به فغسل و كفن، ثم صلى عليه النبي (صلى الله عليه و آله) قال: فلما وضع في اللحد، قال: «هذا من الذين آمنوا

و لم يلبسوا إيمانهم بظلم».

3543/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ الزنا منه؟ قال: «أعوذ بالله من أولئك، لا، و لكنه ذنب، إذا تاب تاب الله عليه». و قال: «مدمن الزنا و السرقة و شارب الخمر كعابد الوثن».

3544/ [8]- عن يعقوب بن شعيب، عنه (عليه السلام) في قوله: وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ. قال: «الضلال و ما فوقه».

3545/ [9]- أبو بصير، عنه (عليه السلام)، بِظُلْمٍ، قال: «بشك».

3546/ [10]- عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «آمنوا بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله) من الولاية، و لم يخلطوها بولاية فلان و فلان، فهو اللبس بظلم». و قال: «أما الإيمان فليس يتبعض كله، و لكن يتبعض قليلا قليلا بين الضلال و الكفر».

قلت: بين الضلال و الكفر منزلة؟ قال: «ما أكثر عرى الإيمان».

3547/ [11]- عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ.

قال: «نعوذ بالله- يا أبا بصير- أن تكون ممن لبس إيمانه بظلم». ثم قال: «أولئك الخوارج و أصحابهم».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 366/ 44.

6- تفسير العيّاشي 1: 366/ 45.

7- تفسير العيّاشي 1: 366/ 46.

8- تفسير العيّاشي 1: 366/ 47.

9- تفسير العيّاشي 1: 366/ 48.

10- تفسير العيّاشي 1: 366/ 49. [.....]

11- تفسير العيّاشي 1: 367/ 50.

(1) في المصدر: فعضّته، و المراد هنا أسقطته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 446

سورة الأنعام(6): آية 83 ..... ص : 446

قوله تعالى:

وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ [83] تقدمت الروايات في معناها في قوله تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى

كَوْكَباً «1».

سورة الأنعام(6): الآيات 84 الي 90 ..... ص : 446

قوله تعالى:

وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ- إلى قوله تعالى- ذِكْرى لِلْعالَمِينَ [84- 90]

3548/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون لكم في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟» قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قال: «فبأي شي ء احتججتم عليهم؟» قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز و جل في عيسى بن مريم (عليهما السلام): وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح (عليه السلام).

قال: «فأي شي ء قالوا لكم؟» قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد، و لا يكون من الصلب.

قال: «فبأي شي ء احتججتم عليهم؟» قلت: احتججنا عليهم بقوله تعالى لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2».

ثم قال: «أي شي ء قالوا؟» قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل و آخر يقول: أبناؤنا.

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، لأعطينكها من كتاب الله عز و جل أنهما من صلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يردها إلا كافر». قلت: و أين ذلك، جعلت فداك؟

قال: «من حيث

قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ «3»- الآية، إلى أن انتهى

__________________________________________________

1- الكافي 8: 317/ 501.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (74- 81) من هذه السورة.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) النساء 4: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 447

إلى قوله تبارك و تعالى-: وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ»

فسلهم يا أبا الجارود، هل كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم. كذبوا و فجروا، و إن قالوا: لا. فإنهما ابناه لصلبه».

و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن ظريف بن ناصح، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون في الحسن و الحسين؟» و ساق الحديث، إلا أن فيه: «فجعل عيسى من ذرية إبراهيم» و فيه: «فسلهم- يا أبا الجارود- هل كان حل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم. فكذبوا- و الله- و فجروا، و إن قالوا: لا. فهما و الله ابناه لصلبه، و ما حرمتا عليه إلا للصلب» و فيه بعض التغيير أيضا «2».

3549/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قال الله عز و جل في كتابه وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ

كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ فإنه وكل بالفضل من أهل بيته و الإخوان و الذرية، و هو قول الله تبارك و تعالى: فإن تكفر بها أمتك فقد وكلنا «3» أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به، فلا يكفرون به أبدا، و لا أضيع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك، علماء أمتك و ولاة أمري بعدك، و أهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب و لا إثم و لا زور «4» و لا بطر و لا رياء».

3550/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه «5»، عن محمد بن سنان، عن أبي عيينة «6»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لقد دخلت على أبي العباس، و قد أخذ القوم مجلسهم، فمد يده إلي و السفرة بين يديه موضوعة فأخذ بيدي، فذهبت لأخطو إليه فوقعت رجلي على طرف السفرة، فدخلني من ذلك ما شاء الله أن يدخلني، إن الله يقول: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ قوما و الله يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة، و يذكرون الله كثيرا».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 119/ 92.

3- المحاسن: 588/ 88.

(1) النساء 4: 23.

(2) تفسير القمّي 1: 209.

(3) في المصدر: وكلت.

(4) في «ط»: و لا وزر.

(5) (عن أبيه) ليس في «س» و «ط»، و ما في المتن هو الصواب كما في أكثر الموارد، انظر معجم رجال الحديث 16 138.

(6) كذا في «س» و «ط» و

البحار 66: 409/ 3، و في المصدر: عن عيينة، و قد عدّ كل منهما من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 13: 218 و 21: 268. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 448

3551/ [4]- و عنه: عن ابن فضال، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «و الله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم من قبل النساء- ثم قال-:

وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إلى قوله: وَ يَحْيى وَ عِيسى ».

3552/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن عمر و محمد بن الوليد «1»، قالا: حدثنا حماد بن عثمان «2»، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن صاحب هذا الأمر محفوظ له أصحابه، لو ذهب الناس جميعا أتى الله له بأصحابه. و هم الذين قال الله عز و جل: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ، و هم الذين قال الله فيهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ «3»».

3553/ [6]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا لنجعلها في أهل بيته وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ لنجعلها في أهل بيته، فأمر العقب من ذرية الأنبياء من كان من قبل إبراهيم و لإبراهيم».

3554/ [7]- عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و الله لقد نسب الله عيسى

بن مريم في القرآن إلى إبراهيم (عليه السلام) من قبل النساء» ثم تلا: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إلى آخر الآيتين، و ذكر عيسى (عليه السلام).

3555/ [8]- عن أبي حرب بن «4» أبي الأسود، قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن معمر، قال: «بلغني أنك تزعم أن الحسن و الحسين من ذرية النبي تجدونه في كتاب الله، و قد قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجده.

قال: أليس تقرأ سورة الأنعام وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ حتى بلغ وَ يَحْيى وَ عِيسى ، قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم و ليس له أب؟ قال: صدقت «5».

__________________________________________________

4- المحاسن: 156/ 88.

5- الغيبة: 216/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 367/ 51.

7- تفسير العيّاشي 1: 367/ 52.

8- تفسير العيّاشي 1: 367/ 53.

(1) في المصدر: محمّد بن حمزة و محمّد بن سعيد، و الظاهر أنّه تصحيف، فقد تكرّر هذا السند في المصدر عدّة مرّات و فيها: محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري و محمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز، راجع المصدر: 266/ 33 و 278/ 62 و غيرهما.

(2) في «س» و «ط»: حمّاد بن عيسى، تصحيف صوابه ما في المتن، حيث روى محمّد بن الوليد كتاب حمّاد بن عثمان، انظر معجم رجال الحديث 6: 212.

(3) المائدة 5: 54.

(4) في «ط» و «س»: عن، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر تقرب التهذيب 2: 410/ 22.

(5) في «ط» نسخة بدل: ذرّية إبراهيم؟ قال: نعم قرأت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 449

3556/ [9]- عن محمد بن عمران «1»، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه رجل و قال لأبي «2» عبد الله (عليه السلام): ما تتعجب من عيسى بن زيد بن

علي يزعم أنه ما يتولى عليا (عليه السلام) إلا على الظاهر، و ما ندري لعله كان يعبد سبعين إلها من دون الله! قال: فقال: «و ما أصنع؟ قال الله: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ»- و أومأ بيده إلينا- فقلت: نعقلها «3» و الله.

3557/ [10]- عن العباس بن هلال، عن الرضا (عليه السلام): «أن رجلا أتى عبد الله بن الحسن، و هو بالسبالة «4» فسأله عن الحج، فقال له: هذاك جعفر بن محمد قد نصب نفسه لهذا فاسأله. فأقبل الرجل إلى جعفر (عليه السلام) فسأله، فقال له: قد رأيتك واقفا على عبد الله بن الحسن، فما قال لك؟

قال: سألته فأمرني أن آتيك، و قال: هذاك جعفر بن محمد، نصب نفسه لهذا.

فقال جعفر (عليه السلام): نعم، أنا من الذين قال الله في كتابه: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ سل عما شئت. فسأله الرجل، فأنبأه عن جميع ما سأله».

3558/ [11]- عن ابن سنان، عن سليمان بن هارون، قال: قال الله: لو أن أهل السماء و الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا، و لو أن الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء لهذا الأمر بأهل يكونون هم أهله. ثم قال: أما تسمع الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ «5» الآية، و قال في آية أخرى فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ؟ ثم قال: أما إن أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية.

3559/ [12]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله تبارك و تعالى في كتابه وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ

قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ إلى قوله: بِها بِكافِرِينَ فإنه من وكل بالفضل من أهل بيته، و الإخوان و الذرية، و هو قول الله إن يكفر به أمتك، يقول: فقد وكلت أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون به أبدا، و لا أضيع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك بعدك، علماء أمتك، و ولاة أمري بعدك و أهل استنباط علم الدين، ليس فيه كذب و لا إثم و لا وزر و لا بطر و لا رياء».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 367/ 54.

10- تفسير العيّاشي 1: 368/ 55.

11- تفسير العيّاشي 1: 369/ 56.

12- تفسير العيّاشي 1: 369/ 57. [.....]

(1) في «ط» و المصدر: محمّد بن حمران، و كلاهما وارد، راجع معجم رجال الحديث 16: 39 و 17: 82.

(2) في المصدر: و قال له يا أبا.

(3) في «ط» نسخة بدل: فعقلها.

(4) بنو سبالة: قبيلة، و السّبال: موضع بين البصرة و المدينة «القاموس المحيط- سبل- 3: 404».

(5) المائدة 5: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 450

3560/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قول الله عز و جل: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ لَوْ أَشْرَكُوا يعني الأنبياء الذين تقدم ذكرهم لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ يعني أصحابه و قريشا و من أنكر بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ يعني شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال تأديبا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ يا محمد. ثم

قال: قُلْ لقومك لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ يعني على النبوة و القرآن أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 91 الي 92 ..... ص : 450

قوله تعالى:

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ [91- 92]

3561/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لا يوصف، و كيف يوصف و قد قال في كتابه: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ؟ فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك».

3562/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليهم السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ «1».

فقال: «ذلك تعيير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه قال: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و معناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه، كما قال الله عز و جل: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ ثم نزه عز و جل نفسه، عن القبضة و اليمين فقال:

سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» «2».

3563/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قال: لم يبلغوا من عظمة الله أن يصفوه

__________________________________________________

13- تفسير القمّي 1: 209.

1-

الكافي 1: 80/ 11.

2- التوحيد: 160/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 210.

(1) الزمر 39: 67.

(2) الزمر 39: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 451

بصفاته إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ و هم قريش و اليهود، فرد الله عليهم و احتج و قال: قُلْ لهم يا محمد مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها يعني تقرءون ببعضها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً يعني من أخبار رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ يعني فيما خاضوا فيه من التكذيب.

ثم قال: وَ هذا كِتابٌ يعني القرآن أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يعني التوراة و الإنجيل و الزبور وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها يعني مكة، و إنما سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقت وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ أي بالنبي و القرآن وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ.

3564/ [4]- العياشي: عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لم سمي النبي (صلى الله عليه و آله) الامي؟

قال: «نسب إلى مكة، و ذلك من قول الله: وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها و ام القرى: مكة، فقيل أمي لذلك» «1».

3565/]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن جعفر بن محمد الصيرفي «2»، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، فقلت: يا بن رسول الله، لم سمي النبي (صلى الله عليه و آله) الامي؟

فقال: «ما يقول الناس؟» قلت:

يزعمون أنه إما سمي الامي لأنه لم يحسن أن يقرأ «3». فقال (عليه السلام):

«كذبوا، عليهم لعنة الله، أني ذلك و الله يقول في محكم كتابه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ «4» فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟! و الله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرأ و يكتب باثنتين و سبعين- أو قال: بثلاثة و سبعين لسانا «5»- و إنما «6» سمي الامي لأنه كان من أهل مكة، و مكة من أمهات القرى، و ذلك قول الله عز و جل: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها».

3566/ [6]- عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان «7»، و غيره، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: إن الناس يزعمون أن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 31/ 86.

5- علل الشرائع: 124/ 1.

6- علل الشرائع: 125/ 2. [.....]

(1) في «ط»: مكّة، و من حولها: الطائف.

(2) في المصدر: الصوفي، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 123 و 130.

(3) في المصدر: يكتب.

(4) الجمعة 62: 2.

(5) في «س» و «ط»: أو بثلاثة و سبعين.

(6) في «س» و «ط»: و أنّه.

(7) في المصدر زيادة: و عليّ بن أسباط، و هو صحيح أيضا، لرواية الحسن بن موسى الخشاب عن عليّ بن أسباط. راجع معجم رجال الحديث 5: 145.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 452

رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يكتب و لا يقرأ.

فقال: «كذبوا لعنهم الله، أنى يكون ذلك و قد قال الله عز و

جل: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «1» فكيف يعلمهم الكتاب و الحكمة و ليس يحسن أن يقرأ و يكتب؟!».

قال: قلت: فلم سمي النبي الامي؟ قال: «نسب إلى مكة، و ذلك قوله: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها فأم القرى مكة، فقيل امي لذلك».

3567/ [7]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها، قال: «كانوا يكتمون ما شاءوا و يبدون ما شاءوا».

3568/ [8]- و في رواية أخرى عنه (عليه السلام) قال: «كانوا يكتبونه في القراطيس، ثم يبدون ما شاءوا و يخفون ما شاءوا». و قال: «كل كتاب أنزل فهو عند أهل العلم».

سورة الأنعام(6): الآيات 93 الي 94 ..... ص : 452

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ- إلى قوله تعالى- ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [93- 94]

3569/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ.

قال: «نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر، و هو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة هدر دمه، و كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه

و آله)، فإذا أنزل الله عز و جل: أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كتب: إن الله عليم حكيم، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه و آله): دعها فإن الله عزيز «2» حكيم. و كان ابن أبي سرح يقول

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1 369/ 58.

8- تفسير العيّاشي 1: 369/ 59.

1- الكافي 8: 200/ 242.

(1) الجمعة 62: 2.

(2) في المصدر: عليم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 453

للمنافقين: إني لأقول من نفسي مثل ما يجي ء به «1» فما يغير علي. فأنزل الله تبارك و تعالى فيه الذي أنزل».

3570/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان أخا لعثمان من الرضاعة، قدم إلى المدينة و أسلم، و كان له خط حسن، و كان إذا نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعاه ليكتب ما نزل عليه «2»، فكان إذا قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): سَمِيعٌ بَصِيرٌ يكتب: سميع عليم. و إذا قال: وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يكتب:

بصير، و يفرق بين التاء و الياء. و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: هو واحد. فارتد كافرا و رجع إلى مكة، و قال لقريش: و الله ما يدري محمد ما يقول، أنا أقول مثل ما يقول، فلا ينكر علي ذلك، فأنا أنزل مثل ما أنزل الله. فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) في ذلك وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ

ما أَنْزَلَ اللَّهُ.

فلما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة أمر بقتله، فجاء به عثمان، و قد أخذ بيده و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد، فقال: يا رسول الله، اعف عنه. فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم أعاد فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم أعاد، فقال: هو لك. فلما مر قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألم أقل: من رآه فليقتله؟ فقال رجل: كانت عيني إليك- يا رسول الله- أن تشير إلي فأقتله. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة. فكان من الطلقاء».

3571/ [3]- العياشي: عن الحسين بن سعيد، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله: أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ.

قال: «نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان بن عفان استعمله على مصر، و هو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة هدر دمه، و كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا أنزل الله عليه: فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كتب: فإن الله عليم حكيم، و قد كان ابن أبي سرح يقول للمنافقين: إني لأقول الشي ء مثل ما يجي ء به هو، فما يغير علي، فأنزل الله فيه الذي أنزل».

3572/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ، قال: «من ادعى الإمامة دون الإمام (عليه السلام)».

3573/ [5]- الطبرسي، قيل: نزلت في مسيلمة حيث ادعى النبوة. و

قوله: سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ نزلت

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 210.

3- تفسير العيّاشي 1: 369/ 60. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 370/ 61.

5- مجمع البيان 4: 518.

(1) في «ط» نسخة بدل: ما يوحى به.

(2) في المصدر: دعاه فكتب ما يمليه عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) من الوحي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 454

في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فإنه كان يكتب الوحي للنبي (صلى الله عليه و آله)، فكان إذا قال له: اكتب عَلِيماً حَكِيماً كتب: غفورا رحيما. و إذا قال: اكتب غَفُوراً رَحِيماً كتب عليما حكيما، و ارتد و لحق بمكة، و قال:

سأنزل «1» مثل ما أنزل الله. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

3574/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل ما يلقى أعداء آل محمد (عليهم السلام) عند الموت، فقال: وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ آل محمد حقهم فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ قال: العطش بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ قال: ما أنزل الله في آل محمد (صلى الله عليه و آله) تجحدون به، ثم قال: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ و الشركاء: أئمتهم لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ أي المودة وَ ضَلَّ عَنْكُمْ أي بطل ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

3575/ [7]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي «2»، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «نزلت هذه الآية في معاوية و بني امية و

شركائهم و أئمتهم».

3576/ [8]- العياشي: عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ.

قال: «العطش يوم القيامة».

3577/ [9]- عن الفضيل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ، قال: «العطش».

3578/ [10]- (كتاب صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله قبض روح الكافر قال: يا ملك الموت، انطلق أنت و أعوانك إلى عدوي، فإني قد ابتليته فأحسنت البلاء، و دعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني، و كفر بي و بنعمتي و شتمني على عرشي، فاقبض روحه حتى تكبه في النار- قال- فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، و صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار، رأسه في السماء

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 211.

7- تفسير القمّي 1: 211.

8- تفسير العيّاشي 1: 370/ 62.

9- تفسير العيّاشي 1: 370/ 63.

10- الاختصال: 359.

(1) في المصدر: إنّي أنزل.

(2) في «س» و «ط»: و حدّثني علي عن أبيه، و في المصدر: و حدّثني أبي عن أبيه، و الظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصواب، و يحتمل سقوط الواسطة بين أبيه و بين البعض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 455

الدنيا، و رجل في المشرق و رجل في المغرب، و قدماه في الهواء، معه سفود «1» كثير الشعب، معه خمس مائة ملك أعوانا، معهم سياط من قلب جهنم، لينها لين «2» السياط، و هي من لهب جهنم، و معهم مسح «3» أسود و جمرة من جمر جهنم، ثم يدخل عليه ملك من خزان جهنم يقال

له: سحفطائيل «4» فيسقيه شربة من النار، لا يزال منها عطشانا، حتى يدخل النار، فإذا نظر إلى ملك الموت شخص بصره و طار عقله، قال: يا ملك الموت، أرجعون».

قال: «فيقول ملك الموت: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها «5»».

قال: «فيقول: يا ملك الموت، فإلى من أدع مالي و أهلي و ولدي و عشيرتي و ما كنت فيه من الدنيا؟ فيقول:

دعهم لغيرك و اخرج إلى النار».

قال: «فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقي منه شعبة إلا أثبتها» في كل عرق و مفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه نشطا «7»، فإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا، ثم يرفعه عنه، فيذيقه سكراته و غمراته قبل خروجها كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوة الجن و الإنس لاشتكى كل عرق منه على حياله بمنزلة سفود كثير الشعب ألقي على صوف مبتل. ثم يطوقه، فلم يأت على شي ء إلا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق و عضو و مفصل و شعرة، فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه و دبره، و قيل: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ و ذلك قوله: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً «8» فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما».

و قال: «تخرج روحه فيضعها ملك الموت بين مطرقة و سندان فيفضخ أطراف أنامله، و آخر ما يشدخ منه العينان، فيسطع لها ريح منتن يتأذى منه أهل السماء كلهم أجمعون، فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا. فيلعنه الله، و يلعنه اللاعنون. فإذا أتي بروحه إلى السماء الدنيا أغلقت عنه أبواب السماء، و ذلك

قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ «9» يقول الله: ردوها عليه فمنها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى».

__________________________________________________

(1) السّفّود: حديدة ذات شعب معقّفة، يشوى به اللحم. «لسان العرب- سفد- 3: 218».

(2) في المصدر: جهنّم تلتهب تلك.

(3) المسح: هو كيساء من الشّعر. «لسان العرب- مسح- 2: 596». [.....]

(4) في المصدر: سحقطائيل.

(5) المؤمنون 23: 100.

(6) في المصدر: أنشبها.

(7) أي ينتزعها بسرعة و اختلاس.

(8) الفرقان 25: 22.

(9) الأعراف 7: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 456

سورة الأنعام(6): الآيات 95 الي 96 ..... ص : 456

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [95- 96]

3579/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) بعث جبرئيل (عليه السلام) في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت من السماء السابعة إلى السماء الدنيا، و أخذ من كل سماء تربة، ثم قبض قبضة اخرى، من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى، فأمر الله عز و جل كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه، و القبضة الاخرى بشماله، ففلق الطين فلقتين فذرأ من الأرض ذروا و من السموات ذروا، فقال للذي بيمينه: منك الرسل و الأنبياء و الأوصياء و الصديقون و المؤمنون و الشهداء «1» و من أريد كرامته. فوجب لهم ما قال كما قال. و قال للذي

بشماله: منك الجبارون و المشركون و المنافقون «2» و الطواغيت و من أريد هوانه و شقوته. فوجب لهم ما قال كما قال. ثم إن الطينتين خلطتا جميعا، و ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى فالحب: طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته، و النوى:

طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير، و إنما سمي النوى من أجل أنه نأى من الحق «3»، و تباعد منه.

و قال الله عز و جل: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ فالحي: المؤمن الذي تخرج طينته من «4» طينة الكافر، و الميت الذي يخرج من الحي: هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي: المؤمن، و الميت: الكافر، و ذلك قول الله عز و جل: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ «5» فكان موته اختلاط طينة مع طينة الكافر، و كان حياته حين فرق الله عز و جل بينهما بكلمته. كذلك يخرج الله عز و جل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، و يخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، و ذلك قول الله عز و جل:

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ «6»».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 4/ 7.

(1) في المصدر: و السعداء.

(2) في المصدر: و الكافرون.

(3) في المصدر: نأى عن كلّ خير.

(4) في «س»: الذي يخرج من.

(5) الأنعام 6: 122.

(6) يس 36: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 457

3580/ [2]- العياشي: عن صالح بن سهل، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى : «الحب: ما أحبه، و النوى: ما نأى عن الحق فلم يقبله».

3581/ [3]- عن المفضل، قال: سألت أبا

عبد الله (عليه السلام) عن قوله: فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى .

قال: «الحب: المؤمن، و ذلك قوله: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي «1» و النوى: هو الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله».

3582/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى ، قال: الحب: ما أحبه، و النوى: ما نأى عن الحق.

3583/ [5]- و قال علي بن إبراهيم أيضا، في قوله: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى الحب: أن يفلق العلم من الأئمة. و النوى: ما بعد عنه يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ قال: المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن.

3584/ [6]- و في (نهج البيان): في معنى الآية، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «يخرج المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن».

3585/ [7]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً فقوله فالِقُ الْإِصْباحِ يعني يجي ء بالنهار «2» و الضوء بعد الظلمة.

3586/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن الفضيل النوفلي، عمن رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها بالنهار، فإن الله جعل الحياء في العينين، و إذا تزوجتم فتزوجوا بالليل فإن الله جعل الليل سكنا».

3587/ [9]- عن الحسن بن علي بن بنت إلياس، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «إن الله جعل الليل سكنا، و جعل النساء سكنا، و من السنة التزويج بالليل و إطعام الطعام».

3588/ [10]- عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تزوجوا بالليل فإن الله جعله سكنا،

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 370/ 64. [.....]

3- تفسير العيّاشي 1: 370/ 65.

4- تفسير القمّي 1: 211.

5- تفسير القمّي

1: 211.

6- نهج البيان 2: 114 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 211.

8- تفسير العيّاشي 1: 370/ 66.

9- تفسير العيّاشي 1: 381/ 67.

10- تفسير العيّاشي 1: 371/ 68.

(1) طه 20: 211.

(2) في «ط»: محيي النهار، و في المصدر: مجي ء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 458

و لا تطلبوا الحوائج بالليل فإنه مظلم».

سورة الأنعام(6): الآيات 97 الي 101 ..... ص : 458

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [97- 101] 3589/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، قال: النجوم: آل محمد (عليهم الصلاة و السلام). قال: و قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ قال: من آدم فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال: المستقر: الإيمان الذي يثبت في قلب الرجل إلى أن يموت، و المستودع: هو المسلوب منه الإيمان.

3590/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق النبيين على النبوة، فلا يكونون إلا أنبياء، و خلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلا مؤمنين، و أعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم، و إن شاء سلبهم إياه- قال- و فيهم جرت فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ».

و قال لي: «إن فلانا كان مستودعا «1» فلما كذب علينا سلبه الله إيمانه «2»».

3591/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى. عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله عز و جل خلق خلقا للإيمان لا زوال له،

و خلق خلقا [للكفر لا زوال له، و خلق خلقا] بين ذلك، و استودع بعضهم الإيمان، فإن يشأ أن يتمه لهم أتمه، و إن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم، و كان فلان منهم معارا».

3592/ [4]- العياشي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال: «ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه؟».

قال: قلت: يقولون: مستقر في الرحم، و مستودع في الصلب.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 211.

2- الكافي 2: 306/ 4.

3- الكافي 1: 306/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 371/ 69. [.....]

(1) في المصدر زيادة: إيمانه.

(2) في المصدر: سلب إيمانه ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 459

فقال: «كذبوا، المستقر: ما استقر الإيمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا، و المستودع: الذي يستودع الإيمان زمانا ثم يسلبه، و قد كان الزبير منهم».

3593/ [5]- عن جعفر بن مروان، قال: إن الزبير اخترط سيفه يوم قبض النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: لا أغمده حتى أبايع لعلي. ثم اخترط سيفه فضارب عليا (عليه السلام)، فكان ممن أعير الإيمان فمشى في ضوء نوره، ثم سلبه الله إياه.

3594/ [6]- عن سعيد بن أبي الأصبغ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يسأل عن قول الله عز و جل:

فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «مستقر في الرحم، و مستودع في الصلب، و قد يكون مستودع الإيمان ثم ينزع منه، و لقد مشى الزبير في ضوء الإيمان و نوره حين قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى مشى بالسيف و هو يقول: لا نبايع إلا عليا».

3595/ [7]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ

هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «ما كان من الإيمان المستقر، يستقر «1» إلى يوم القيامة- أو أبدا- و ما كان مستودعا، سلبه الله قبل الممات».

3596/ [8]- عن صفوان، قال: سألني أبو الحسن (عليه السلام) و محمد بن الخلف جالس، فقال لي: «أمات يحيى ابن القاسم الحذاء؟» فقلت له: نعم، و مات زرعة. فقال: «كان جعفر (عليه السلام): يقول: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فالمستقر: قوم يعطون الإيمان و يستقر في قلوبهم، و المستودع: قوم يعطون الإيمان ثم يسلبونه».

3597/]- عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «المستقر:

الإيمان الثابت، و المستودع: المعار».

3598/ [10]- عن أحمد بن محمد، قال: «2»

وقف علي أبو الحسن الثاني (عليه السلام) في بني زريق، فقال لي و هو رافع صوته: «يا أحمد» قلت: لبيك. قال: «إنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) جهد الناس على إطفاء نور الله، فأبى الله إلا أن يتم نوره بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما توفي أبو الحسن (عليه السلام)، جهد ابن أبي حمزة و أصحابه على إطفاء نور الله فأبى الله إلا أن يتم نوره.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 371/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 371/ 71.

7- تفسير العيّاشي 1: 371/ 72.

8- تفسير العيّاشي 1: 372/ 73.

9- تفسير العيّاشي 1: 372/ 74.

10- تفسير العيّاشي 1: 372/ 75.

(1) في المصدر: فمستقرّ.

(2) في «س» زيادة: لما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 460

و إن أهل الحق إذا دخل فيهم داخل سروا به، و إذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، و ذلك أنهم على يقين من أمرهم، و إن أهل الباطل إذا دخل فيهم داخل سروا به، و إذا

خرج منهم خارج جزعوا عليه، و ذلك أنهم على شك من أمرهم، إن الله يقول: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ- قال- ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): المستقر: الثابت، و المستودع: المعار».

3599/ [11]- عن محمد بن مسلم، قال: سمعته يقول: «إن الله خلق خلقا للإيمان لا زوال له، و خلق خلقا للكفر لا زوال له، و خلق خلقا بين ذلك، فاستودع بعضهم الإيمان، فإن شاء أن يتمه لهم أتمه، و إن شاء أن يسلبهم إياه سلبهم».

3600/ [12]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن أبي عاصم يوسف، عن محمد بن سليمان الديلمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له:

جعلت فداك، إن شيعتك تقول إن الإيمان مستقر و مستودع، فعلمني شيئا إذا أنا قلته استكملت الإيمان.

قال: «قل في دبر كل صلاة فريضة: رضيت بالله ربا، و بمحمد نبيا، و بالإسلام دينا، و بالقرآن كتابا، و بالكعبة قبلة، و بعلي وليا و إماما، و بالحسن و الحسين و الأئمة (صلوات الله عليهم)، اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم، إنك على كل شي ء قدير».

3601/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْ ءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً يعني بعضه على بعض وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ و هو العنقود وَ جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ يعني البساتين.

قال: و قوله: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ أي بلوغه إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ قال: و كانوا يعبدون الجن الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ

بِغَيْرِ عِلْمٍ أي موهوا و زخرفوا «1»، فقال الله عز و جل ردا عليهم: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

3602/ [14]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله عز و جل أبتدع «2» الأشياء كلها

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 373/ 76.

12- التهذيب 2: 109/ 412.

13- تفسير القمّي 1: 212.

14- الكافي 1: 200/ 2. [.....]

(1) في المصدر: و حرّفوا.

(2) في «ط»: أبدع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 461

بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات و الأرضين و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع لقوله تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1»؟».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار، في (بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) «2»، الحديث «3».

3603/ [15]- العياشي: عن سدير، قال: سمعت حمران يسأل أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل:

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان، و ابتدع السماوات و الأرضين و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع قوله وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «4»؟».

سورة الأنعام(6): الآيات 103 الي 107 ..... ص : 461

قوله تعالى:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ

يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا [103- 107]

3604/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ.

قال: «إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ليس يعني بصر العيون فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ليس يعني من البصر بعينه، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ليس يعني عمى العيون، إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر، و فلان بصير بالفقه، و فلان بصير بالدراهم، و فلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في كتاب (التوحيد) عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى بباقي السند و المتن «5».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 373/ 77.

1- الكافي 1: 76/ 9.

(1) هود 11: 7.

(2) في المصدر: يسأل عن أبي جعفر (عليه السّلام).

(3) بصائر الدرجات: 1: 133/ 1.

(4) هود 11: 7.

(5) التوحيد: 112/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 462

3605/ [2]- عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الله هل يوصف؟ فقال: «أما تقرأ القرآن؟» قلت: بلى. قال: «أما تقرأ قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ؟» قلت: بلى. قال: «تعرفون الأبصار؟» قلت: بلى. قال: «ما هي؟» قلت:

أبصار العيون. فقال: «إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون، فهو لا تدركه الأوهام و هو يدرك

الأوهام».

و رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد): عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، [عن محمد بن الحسن الصفار]، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) «1».

3606/ [3]- و عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم «2» أبي هاشم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.

فقال: «يا أبا هاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند و البلدان التي لم تدخلها و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه، فكيف أبصار العيون!».

3607/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث «3» أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال و الحرام و الأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية و الكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى، و لمحمد الرؤية.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن و الإنس: لا تدركه الأبصار، و لا يحيطون به علما، و ليس كمثله شي ء، أليس محمد (صلى الله عليه و آله)؟» قال: بلى.

قال: «كيف يجي ء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله و أنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: لا تدركه الأبصار، و لا يحيطون به علما، و ليس كمثله شي ء، ثم يقول: أنا رأيته بعيني، و أحطت به علما، و هو على صورة

البشر؟! أما يستحيون «4»؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا، أن يكون يأتي من عند الله بشي ء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟!».

قال أبو قرة: فإنه يقول: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى «5».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 77/ 10.

3- الكافي 1: 77/ 11.

4- الكافي 1: 74/ 2.

(1) التوحيد: 112/ 11.

(2) في «س» و «ط» زيادة: عن، و هو سهو، لأنّ أبا هاشم كنية داود. راجع معجم رجال الحديث 7: 118 و 22: 75. [.....]

(3) أبو قرّة المحدّث: هو موسى بن طارق الزّبيدي، قاضي زبيد، تجد ترجمته في الجرح و التعديل 8: 148، سير أعلام النبلاء 9: 346، تهذيب التهذيب 10: 349.

(4) في «ط» و المصدر: تستحون.

(5) النجم 53: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 463

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى، حيث قال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى «1» يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأته عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «2» فآيات الله غير الله، و قد قال الله: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «3» فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم و وقعت المعرفة».

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن، كذبتها، و ما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما، و لا تدركه الأبصار، و ليس كمثله شي ء».

و رواه ابن بابويه في (التوحيد): عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن إدريس، بباقي السند و المتن «4».

3608/ [5]- و عنه: عن علي بن محمد، مرسلا عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال:

قال: «اعلم- علمك الله الخير- أن الله تبارك و تعالى قديم، و القدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شي ء قبله و لا شي ء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة، أنه لا شي ء قبل الله، و لا شي ء مع الله، في بقائه، و بطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شي ء، و ذلك أنه لو كان معه شي ء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له، لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه؟ و لو كان قبله شي ء كان الأول ذلك الشي ء، لا هذا، و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول معه.

ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم و تعبدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها، فسمى نفسه سميعا، بصيرا، قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما ... و ما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه المبغضون القالون «5» المكذبون. و قد سمعونا نحدث عن الله تعالى أنه لا شي ء مثله، و لا شي ء من الخلق في حاله، قالوا: أخبرونا إذا زعمتم أنه لا مثل لله و لا شبه له، كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها، أو في بعضها دون بعض.

إذ جمعتكم «6» الأسماء الطيبة.

قيل لهم: إن الله تبارك و تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني، و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين، و الدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع، و هو الذي خاطب الله به الخلق

__________________________________________________

5- الكافي 1: 93/ 2.

(1) النجم 53: 11.

(2) النجم

53: 18.

(3) طه 20: 110.

(4) التوحيد: 110: 9.

(5) في المصدر: أسمائه الغالون.

(6) في «س» و المصدر: إذا جمعتم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 464

فكلمهم بما يعقلون، ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوه»، فقد يقال للرجل: كلب، و حمار، و ثور، و سكرة، و علقمة، و أسد، كل ذلك على خلافه و حالاته، لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه، لأن الإنسان ليس بأسد و لا كلب، فافهم ذلك رحمك الله.

و إنما سمي الله بالعلم «2» بغير علم حادث علم به الأشياء، و استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره، و الروية فيما يخلق من خلقه و يفسد «3» ما مضى مما أفنى من خلقه، مما لو لم يحضره ذلك العلم و يعنه «4» كان جاهلا ضعيفا، كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة، و ربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل، و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العالم و اختلف المعنى على ما رأيت.

و سمي ربنا سميعا لا بخرت «5» فيه يسمع به الصوت و لا يبصر به، كما أن خرتنا الذي به نسمع لا نقوى به على البصر، و لكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شي ء من الأصوات، ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسمع و اختلف المعنى. و هكذا البصر لا بخرت منه أبصر كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، و لكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و هو قائم ليس على معنى انتصاب و قيام على ساق

في كبد كما قامت الأشياء، و لكن قائم يخبر أنه حافظ، كقول الرجل: القائم بأمرنا فلان، و الله هو القائم على كل نفس بما كسبت، و القائم أيضا في كلام الناس الباقي، و القائم أيضا يخبر عن الكفاية، كقولك للرجل: قم بأمر بني فلان، أي اكفهم. و القائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم و لم نجمع المعنى.

و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة «6»، و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء، و الامتناع من أن يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه. و قوله يخبرك أنه غمض فيه العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، و كذلك لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد، أو يحد بوصف، و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما الخبير فهو الذي لا يعزب عنه شي ء، و لا يفوته شي ء، ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء فتفيده التجربة و الاعتبار علما لولاهما ما علم، لأن كل من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل، المتعلم، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

__________________________________________________

(1) في المصدر: ما ضيّعوا.

(2) في التوحيد: 188/ 2: بالعالم.

(3) في التوحيد: و بعينه.

(4) في «ط» و المصدر: و يغيبه. [.....]

(5) الخرت: الثّقب. «الصحاح- خرت- 1: 248».

(6) القضافة: قلّة اللحم، و النّحافة. «لسان العرب- قضف- 9: 284».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 465

و أما الظاهر فليس من أجل أنه ظهر على «1» الأشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسنم لذراها، و لكن ذلك لقهره و لغلبته

الأشياء و قدرته عليها، كقول الرجل: ظهرت على أعدائي، و اظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج و الغلبة، و هكذا ظهور الله على الأشياء.

و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده و لا يخفى عليه شي ء، و أنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر و أوضح من الله تبارك و تعالى؟! لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر منا البارز بنفسه، و المعلوم بحده، و فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى.

و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء، بأن يغور فيها، و لكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعني خبرته، و علمت مكنون «2» سره. و الباطن منا الغائب في الشي ء المستتر، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما القاهر فليس على معنى علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا، و المقهور منهم يعود قاهرا، و القاهر يعود مقهورا، و لكن ذلك من الله تبارك و تعالى على أن جميع ما خلق ملتبس «3» به الذل لفاعله، و قلة الامتناع لما أراد به، لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له: كن فيكون. و القاهر منا على ما ذكرت و وصفت، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و هكذا جميع الأسماء، و إن كنا لم نستجمعها كلها فقد يكفي الاعتبار بما ألقينا إليك، و الله عونك و عوننا في إرشادنا و توفيقنا».

3609/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم، بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي، عن محمد بن إسماعيل بن

بزيع، قال: قال أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في قول الله عز و جل: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، قال: «لا تدركه أوهام القلوب، فكيف تدركه أبصار العيون؟!».

3610/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد «4» مولى بني هاشم، قال: حدثنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي، عن إسماعيل ابن الفضل، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن الله تبارك و تعالى هل يرى في المعاد؟

فقال: «سبحان الله، و تعالى عن ذلك علوا كبيرا- يا بن الفضل- إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون و كيفية، و الله

__________________________________________________

6- الأمالي: 334/ 2.

7- الأمالي: 334/ 3.

(1) في المصدر: أنّه علا.

(2) في المصدر: مكتوم.

(3) في «ط»: متلبس، و في المصدر: ملبس.

(4) في «س»: سميع، تصحيف، و هو ابن عقدة، انظر معجم رجال الحديث 2: 280.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 466

خالق الألوان و الكيفيات «1»».

3611/ [8]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، قال: سمعته يقول: «لا يوصف الله بمحكم «2» وحيه، عظم ربنا عن الصفة، و كيف يوصف من لا يحد و هو يدرك الأبصار لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟!».

3612/ [9]- عن الأشعث بن حاتم، قال: قال ذو الرياستين: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني عما اختلف فيه الناس من الرؤية، فقال بعضهم: لا يرى.

فقال: «يا أبا العباس، من وصف الله بخلاف ما وصف به نفسه فقد عظم الفرية على الله، قال الله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ

يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ هذه الأبصار ليست هي الأعين، إنما هي الأبصار التي في القلب، لا يقع عليه الأوهام، و لا يدرك كيف هو».

3613/ [10]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها: يعني عمى النفس، و ذلك لاكتسابها المعاصي، و هو رد على المجبرة الذين يزعمون أنه ليس لهم فعل و لا اكتساب.

3614/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: وَ كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَ لِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قال:

كانت قريش تقول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الذي تخبرنا به من الأخبار تتعلمه من علماء اليهود و تدرسه.

3615/ [12]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ منسوخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «3».

3616/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا فهو الذي يحتج به المجبرة: إنا بمشيئة الله نفعل كل الأفعال، و ليس لنا فيها صنع. فإنما معنى ذلك أنه لو شاء الله أن يجعل الناس كلهم معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لفعل ذلك، و لكن أمرهم و نهاهم و امتحنهم و أعطاهم ما أزال علتهم، و هي الحجة عليهم من الله، يعني الاستطاعة، ليستحقوا الثواب و العقاب، و ليصدقوا ما قال الله من التفضل و المغفرة و الرحمة و العفو و الصفح.

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 373/ 78.

9- تفسير العيّاشي 1: 373/ 79.

10- تفسير القمّي 1: 212.

11- تفسير القمّي 1: 212.

12- تفسير القمّي 1: 212.

13- تفسير القمّي 1: 212. [.....]

(1) في المصدر: و الكيفيّة.

(2)

في «س»: بحكم.

(3) التّوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 467

سورة الأنعام(6): الآيات 108 الي 111 ..... ص : 467

قوله تعالى:

وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ- إلى قوله تعالى- ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [108- 111]

3617/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنه سئل عن قول النبي (عليه السلام): «إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء».

فقال: «كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكي لا يسب الكفار إله المؤمنين، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله تعالى من حيث لا يعلمون، فقال: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ».

3618/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد «1»، عن محمد بن مسلم، عن إسحاق بن موسى، قال: حدثني أخي و عمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ثلاثة مجالس يمقتها الله و يرسل نقمته على أهلها «2» فلا تقاعدوهم و لا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، و مجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد و ذكرنا فيه رث، و مجلسا فيه من يصد عنا و أنت تعلم».

قال: ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه- أو قال في كفه-: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «3»، وَ لا تَقُولُوا لِما

تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ «4».

3619/ [3]- العياشي: عن عمر الطيالسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 213.

2- الكافي 2: 280/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 373/ 80.

(1) في «س»، «ط»: معلّى بن محمّد، عن مسعدة، و هو تصحيف، إذ لم تذكّر رواية للمعلّى عن مسعدة، و لم يرو الأخير عن ابن مسلم، راجع معجم رجال الحديث 12: 143 و 18: 250.

(2) في «س»: عليها.

(3) الأنعام 6: 68.

(4) النّحل 16: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 468

قال: فقال: «يا عمر، هل رأيت أحدا يسب الله؟» قال: فقلت: جعلني الله فداك، فكيف؟ قال: «من سب ولي الله فقد سب الله».

3620/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ يعني بعد اختبارهم و دخولهم فيه، فنسبه الله إلى نفسه، و الدليل على أن ذلك لفعلهم المتقدم قوله تعالى: ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ثم حكى قولهم، و هم قريش فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها فقال الله عز و جل: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ ما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ يعني قريشا.

3621/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ يقول: «ننكس قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعلاها، و نعمي أبصارهم فلا يبصرون الهدى.

و

قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن أول ما تغلبون عليه

من الجهاد: الجهاد بأيديكم، ثم الجهاد بألسنتكم، ثم الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه معروفا و لم ينكر منكرا نكس قلبه فجعل أسفله أعلاه، فلا يقبل خيرا أبدا.

كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني في الذر و الميثاق وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يضلون»»

.3622/ [6]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قول الله: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ إلى آخر الآية: «أما قوله: كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فإنه حين أخذ عليهم الميثاق».

3623/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: ثم عرف الله نبيه (صلى الله عليه و آله) ما في ضمائرهم بأنهم منافقون، فقال:

وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ قُبُلًا أي عيانا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ. و هذا أيضا مما يحتج به المجبرة، و معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إلا أن يجبرهم على الإيمان.

سورة الأنعام(6): الآيات 112 الي 114 ..... ص : 468

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 213.

5- تفسير القمّي 1: 213.

6- تفسير العيّاشي 1: 374/ 81.

7- تفسير القمّي 1: 213. [.....]

(1) في «س»، «ط»: يغلبون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 469

- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا [112- 114] 3624/ [1]- علي بن إبراهيم: ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أي يقول بعضهم لبعض: لا تؤمنوا بزخرف القول غرورا فهذا وحي كذب.

3625/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسين بن سعيد،

عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شيطانان يؤذيانه و يضلان الناس بعده، فأما صاحبا نوح فقيطفوص «1» و خرام، و أما صاحبا إبراهيم فمكثل «2» و رزام، و أما صاحبا موسى فالسامري و مرعتيبا «3»، و أما صاحبا عيسى فبولس «4»، و مرتيون «5»، و أما صاحبا محمد (صلى الله عليه و آله) فحبتر و زريق».

3626/ [3]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «إن الشياطين يلقى بعضهم بعضا فيلقي إليه ما يغوي به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض».

3627/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لتصغى إليه: أي يستمع لقوله المنافقون، و يرضوه بألسنتهم و لا يؤمنون بقلوبهم، وَ لِيَقْتَرِفُوا أي لينتظروا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ أي منتظرون. ثم قال: قل لهم يا محمد: أَ فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا أي يفصل بين الحق و الباطل.

سورة الأنعام(6): الآيات 115 الي 116 ..... ص : 469

قوله تعالى:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 214.

2- تفسير القمّي 1: 214.

3- مجمع البيان 4: 545.

4- تفسير القمّي 1: 214.

(1) في المصدر: فقنطيفوص، و نسخة بدل: فغنطيغوص، و في «ط» نسخة بدل: نقيطوس.

(2) في المصدر نسخة بدل: مكيل، و في «ط»: فكمسل.

(3) في المصدر: مرعقيبا.

(4) في المصدر نسخة بدل: يوليس، يوليش، في «ط»: نسخة بدل: فيرليس، فيرليش.

(5) في المصدر: مريتون، و نسخة بدل: مريبون، و في «ط» نسخة بدل: فيولوسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 470

- إلى قوله تعالى- إِلَّا يَخْرُصُونَ [115- 116]

3628/ [1]- محمد بن يعقوب: عن

علي بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي «1»، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حججنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (عليه السلام)، فلما نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء، و كان إذا وضع الطعام بين أصحابه أكثر و أطاب.

قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة، فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي، و قد وجدت ما كنت أجد إذ حضرت ولادتي، و قد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا. فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله، و جعلنا فداك، فما أنت صنعت من حميدة؟ قال: «سلمها الله، و قد وهب لي غلاما، و هو خير من برأ الله تعالى في خلقه، و لقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظننت أني لا أعرفه، و لقد كنت أعلم به منها».

فقلت: جعلت فداك، و ما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: «ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الأرض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمارة الوصي من بعده».

فقلت: جعلت فداك، و ما هذا من أمارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: «إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتي آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء، و ألين من الزبد، و أحلى من الشهد، و أبرد من الثلج، و أبيض من اللبن، فسقاه إياه، و أمره بالجماع، فقام، فجامع، فعلق بجدي.

و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي، فسقاه كما سقى جد أبي، و أمره بمثل الذي أمره، فقام، فجامع، فعلق بأبي و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي، فسقاه بما سقاهم، و أمره بالذي أمرهم به، فقام، فجامع، فعلق بي. و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم، ففعل بي كما فعل بهم، فقمت و يعلم الله أني «2» مسرور بما يهب الله لي، فجامعت، فعلق بابني هذا المولود، فدونكم، فهو و الله صاحبكم من بعدي.

إن نطفة الإمام مما أخبرتك، و إذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر و أنشئ فيها الروح، بعث الله تبارك و تعالى ملكا يقال له حيوان، فكتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و إذا وقع من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض، رافعا رأسه إلى السماء. فأما

__________________________________________________

1- الكافي 1: 316/ 1.

(1) في «س»: الرازي، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 368/ 1000 و معجم رجال الحديث 16: 97.

(2) في المصدر: فقمت بعلم اللّه و إنّي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 471

وضعه «1» يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض، و أما رفعه «2» رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الأعلى باسمه و اسم أبيه، يقول: يا فلان بن فلان، اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي، و موضع سري، و عيبة علمي، و أميني على وحيي، و خليفتي في أرضي،

لك و لمن تولاك أوجبت رحمتي، و منحت جناني، و أحللت جواري، ثم و عزتي و جلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي، و إن وسعت عليه في دنياه من سعة رزقي. فإذا انقطع «3» الصوت- صوت المنادي- أجابه هو، واضعا يديه، رافعا رأسه إلى السماء يقول: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «4»- قال- فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول و العلم الآخر، و استحق زيارة الروح في ليلة القدر».

قلت: جعلت فداك، الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: «الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة، و إن الروح هو خلق أعظم من الملائكة (عليهم السلام)، أليس يقول الله تبارك و تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ «5»؟».

و عنه: عن محمد بن يحيى و أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن المختار ابن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، مثله.

3629/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسن بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى إذا أحب أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما و ليلة في بطن امه لا يسمع الصوت، ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك فيكتب بين عينيه:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا مضى الإمام الذي كان قبله، رفع له

منار من نور يبصر به أعمال العباد، فلذلك «6» يحتج الله على خلقه».

3630/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 317/ 2. [.....]

3- الكافي 1: 318/ 3.

(1) في «س»: وضع.

(2) في «س»: رفع.

(3) في المصدر: انقضى.

(4) آل عمران 3: 18.

(5) القدر 97: 4.

(6) في «ط»: فإذا مضى الإمام و صار الأمر إليه جعل اللّه له عمودا من نور يبصر ما يعمل أهل بلده فبهذا. و في المصدر: فإذا مضى الإمام الذي كان قبله، رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى اعمال الخلائق فبهذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 472

يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها- أو دفعها- إلى الإمام، فشربها فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته أمه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ فإذا قام بهذا الأمر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد».

3631/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الربيع بن محمد المسلي «1»، عن محمد بن مروان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الإمام ليسمع في بطن امه، فإذا ولد خط بين كتفيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا صار

الأمر إليه جعل الله له عمودا من نور يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة».

3632/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، قال:

روى غير واحد من أصحابنا أنه قال: لا تتكلموا في الإمام، فإن الإمام يسمع الكلام، و هو في بطن امه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا قام بالأمر رفع «2» له في كل بلدة منار من نور ينظر منه إلى أعمال العباد.

3633/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن محمد بن مروان، قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام): «و تمت كلمت ربك الحسنى صدقا و عدلا» [فقلت: جعلت فداك، إنما نقرؤها وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا] فقال: «إن فيها الحسنى».

3634/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا خلق الله الإمام في بطن امه يكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».

3635/ [8]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن حميد بن شعيب، عن الحسن بن راشد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله إذا أحب أن يخلق الإمام أخذ شربة من تحت العرش [من ماء المزن ]، و أعطاها ملكا

__________________________________________________

4- الكافي 1: 318/ 4.

5- الكافي 1: 319/ 6.

6- الكافي 8: 205/ 249.

7- تفسير القمّي 1: 214.

8- تفسير القمّي 1: 215.

(1) في «س»، «ط»: أحمد

بن محمد بن عيسى، عن حمدان بن محمّد المسلمي، و فيه سقط و تصحيف، و قد روى أحمد بن محمّد بن خالد و ابن عيسى كلاهما عن ابن محبوب، و روى هو عن الربيع، راجع رجال النجاشي: 164/ 433، معجم رجال الحديث 5: 93 و 94 و 7: 175.

(2) في «س»: وضع. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 473

فسقاها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك إلى الإمام، فكتب بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا مضى ذلك الإمام الذي قبله رفع له منار يبصر به أعمال العباد، فلذلك يحتج به على خلقه».

3636/ [9]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الإمام إذا أراد الله أن يحمل له بإمام أتي بسبع ورقات من الجنة، فأكلهن قبل أن يواقع- قال- فإذا وقع في الرحم سمع الكلام في بطن امه، فإذا وضعته رفع له عمود من نور، ما بين السماء و الأرض، يرى ما بين المشرق و المغرب، و كتب على عضده:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا». قال أبو عبد الله: قال الوشاء «1» حين مر هذا الحديث: لا أروي لكم هذا، لا تحدثوا عني.

3637/ [10]- عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله أن يقبض روح إمام و يخلق بعده إماما أنزل قطرة من تحت العرش إلى الأرض يلقيها على ثمرة- أو بقلة- قال- فيأكل تلك الثمرة- أو تلك البقلة- الإمام الذي يخلق الله منه نطفة الإمام الذي يقوم من بعده- قال- فيخلق الله من تلك القطرة نطفة

في الصلب، ثم تصير إلى الرحم فيمكث فيه أربعين يوما، فإذا مضى له أربعون يوما سمع الصوت، فإذا مضى له أربعة أشهر كتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا خرج إلى الأرض أوتي الحكمة، و زين بالحلم «2» و الوقار، و ألبس الهيبة، و جعل له مصباح من نور، فعرف به الضمير، و يرى به أعمال العباد».

3638/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال عز و جل لنبيه (عليه السلام): وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني يحيروك عن الإمام، فإنهم مختلفون فيه إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يقولون بلا علم بالتخمين و التقدير «3».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 374/ 82.

10- تفسير العيّاشي 1: 374/ 83.

11- تفسير القمّي 1: 215.

(1) لعلّ المراد بقوله: «قال أبو عبد اللّه» أحمد بن محمّد السيّاري. و قوله: «قال الوشاء» الحسن بن عليّ الوشّاء، كما في بصائر الدرجات: 458/ 2، حيث رواه عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الخزّاز الوشّاء، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان. و ليس في مشايخ الصفّار من يسمّى أحمد بن محمّد و يكنّى بأبي عبد اللّه إلّا السيّاري، انظر معجم رجال الحديث 2: 282.

و إنّما قال الوشّاء ما قال لأنّ هذا الحديث مخالف لسائر الأخبار المرويّة في هذا الباب. راجع تعليق العلّامة المجلسي عليه في البحار 25: 42، في «س»، «ط» و المصدر: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال الوشّاء.

(2) في المصدر: بالحكم، و في «ط»: بالعلم.

(3) في «ط»، «س»: و التحبيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 474

سورة الأنعام(6): الآيات 118 الي 121 ..... ص : 474

قوله تعالى:

فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [118- 121] 3639/ [1]- العياشي: عن عمر بن حنظلة، في قول الله تبارك و تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أما المجوس فلا، فليسوا من أهل الكتاب، و أما اليهود و النصارى فلا بأس إذا سموا.

3640/ [2]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يذبح الذبيحة فيهلل، أو يسبح، أو يحمد، أو يكبر، قال: «هذا كله من أسماء الله».

3641/ [3]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن ذبيحة المرأة و الغلام هل يؤكل؟ قال:

«نعم، إذا كانت المرأة مسلمة و ذكرت اسم الله حلت ذبيحتها، و إذا كان الغلام قويا على الذبح و ذكر اسم الله حلت ذبيحته، و إذا كان الرجل مسلما فنسي أن يسمي فلا بأس بأكله إذا لم تتهمه».

3642/ [4]- عن حمران، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في ذبيحة الناصب و اليهودي- قال-: «لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله، أما سمعت قول الله: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ؟».

3643/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قال: من الذبائح. ثم قال: وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أي يقترفون بين لكم إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ.

قال: و قوله: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ. قال:

الظاهر من الإثم: المعاصي، و الباطن: الشرك و

الشك في القلب، و قوله: بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ أي يعملون.

3644/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قال: من ذبائح اليهود و النصارى، و ما يذبح على غير الإسلام. ثم قال: وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ يعني وحي كذب و فسق و فجور إلى أوليائهم من الإنس و من يطيعهم لِيُجادِلُوكُمْ أي ليخاصموكم وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 374/ 84.

2- تفسير العيّاشي 1: 375/ 85.

3- تفسير العيّاشي 1: 375/ 86.

4- تفسير العيّاشي 1: 375/ 87.

5- تفسير القمّي 1: 215.

6- تفسير القمّي 1: 215.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 475

3645/ [7]- العياشي: عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، كنت أصلي عند القبر، و إذا رجل خلفي يقول: أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ «1» وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا «2». قال:

فالتفت إليه- و قد تأول علي هذه الآية و ما أدري من هو- و أنا أقول: وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ فإذا هو هارون بن سعد «3». قال: فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال:

«إذن أصبت الجواب- أو قال: الكلام- بإذن الله».

سورة الأنعام(6): الآيات 122 الي 124 ..... ص : 475

قوله تعالى:

أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها- إلى قوله تعالى- وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ [122- 124]

3646/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)

يقول في قول الله تبارك و تعالى: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ فقال: «ميت لا يعرف شيئا نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ إماما يأتم به كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها- قال- الذي لا يعرف الإمام».

3647/ [2]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ، قال: جاهلا عن الحق و الولاية فهديناه إليها وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ قال: النور: الولاية كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها يعني في ولاية غير الأئمة (عليهم السلام) كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

3648/ [3]- العياشي: عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، قال: «الميت: الذي لا يعرف هذا الشأن- قال- أ تدري ما يعني مَيْتاً؟» قال: قلت: جعلت فداك، لا. قال: «الميت: الذي لا يعرف شيئا فَأَحْيَيْناهُ بهذا الأمر وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ- قال- إماما يأتم به» قال: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها، قال: «كمثل هذا الخلق

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 375/ 88.

1- الكافي 1: 142/ 13. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 215.

3- تفسير العيّاشي 1: 375/ 89.

(1) النّساء 4: 88.

(2) النّساء 4: 88.

(3) هو هارون بن سعد العجلي الكوفي كان زيديا. انظر معجم رجال الحديث 7: 115 و 19: 226.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 476

الذين لا يعرفون الإمام».

3649/ [4]- و في رواية أخرى، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي

بِهِ فِي النَّاسِ، قال: «الميت: الذي لا يعرف هذا الشأن، يعني هذا الأمر «1» وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً إماما يأتم به يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قلت: فقوله: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها فقال بيده هكذا: «هذا الخلق الذي لا يعرفون شيئا».

3650/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها يعني رؤساء لِيَمْكُرُوا فِيها وَ ما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَ ما يَشْعُرُونَ أي يمكرون بأنفسهم، لأن الله يعذبهم عليه وَ إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ قال: قالت الأكابر: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي الرسل من الوحي و التنزيل، فقال الله تبارك و تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ أي يعصون الله في السر.

3651/ [6]- العياشي: عن صفوان، عن ابن سنان، قال: سمعته يقول: «أنتم أحق الناس بالورع، عودوا المرضى، و شيعوا الجنائز، إن الناس ذهبوا كذا و كذا، و ذهبتم حيث ذهب الله اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ».

سورة الأنعام(6): الآيات 125 الي 134 ..... ص : 476

قوله تعالى:

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [125- 134]

3652/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «إن الله عز و جل إذا أراد بعبد خيرا نكت

في

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 376/ 90.

5- تفسير القمّي 1: 216.

6- تفسير العيّاشي 1: 376/ 91.

1- الكافي 1: 126/ 2.

(1) و في نسخة: هذا الامام «منه قدّس سرّه».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 477

قلبه نكتة من نور، و فتح مسامع قلبه، و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله» ثم تلا هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (التوحيد)، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، بباقي السند و المتن «1».

3653/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن القلب ليتلجلج في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن و قر».

ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

3654/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن خيثمة ابن عبد الرحمن الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته، ما لم يصب الحق، فإذا أصاب الحق قر». ثم ضم أصابعه و قرأ هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً.

3655/ [4]- ابن بابويه، قال:

حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار بنيسابور سنة اثنتين و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثني علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ.

قال: «من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته و دار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله و الثقة به و السكون إلى ما وعده من ثوابه، حتى يطمئن إليه. و من يرد أن يضله عن جنته، و دار كرامته في الآخرة، لكفره به، و عصيانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يشك في كفره، و يضطرب من اعتقاده قلبه حتى يصير كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ».

3656/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

فقال: «قد يكون ضيقا و له منفذ يسمع منه و يبصر، و الحرج: هو الملتئم الذي لا منفذ له يسمع به الصوت

__________________________________________________

2- الكافي 2: 308/ 5.

3- المحاسن: 202/ 41.

4- معاني الأخبار: 145/ 2.

5- معاني الأخبار: 145/ 1. [.....]

(1) التوحيد: 415/ 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 478

و لا يبصر منه».

3657/ [6]- العياشي: عن أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي جعفر «1» (عليه

السلام)، عن أخيه، قال: «إن للقلب تلجلجا في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن به و قر» ثم قرأ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

3658/ [7]- عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، و فتح مسامع قلبه و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد عليه مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله». ثم تلا هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ الآية.

و رواه سليمان بن خالد، عنه «نكتة من نور» و لم يقل «بيضاء».

3659/ [8]- عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته، ما لم يصب الحق، فإذا أصاب الحق قر» ثم ضم أصابعه، ثم قرأ هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً.

3660/ [9]- و عنه، قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام) لموسى بن أشيم «2»: «أ تدري ما الحرج؟» قال: قلت: لا. فقال بيده و ضم أصابعه كالشي ء المصمت، لا يدخل فيه شي ء، و لا يخرج منه شي ء.

3661/ [10]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، قال: «هو الشك».

3662/ [11]- و في كتاب (الاختصاص): عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن النضر بن سويد، عن علي بن الصامت، عن أديم «3» بن الحر،

قال: سأل موسى بن أشيم أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر، عن آية من كتاب الله

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 376/ 93.

7- تفسير العيّاشي 1: 376/ 94.

8- تفسير العيّاشي 1: 377/ 95.

9- تفسير العيّاشي 1: 377/ ذيل الحديث 95.

10- تفسير العيّاشي 1: 377/ 96.

11- الاختصاص: 330.

(1) و هو عبد اللّه بن الإمام محمّد الباقر (عليه السّلام)، عدّ من أصحاب أخيه الصادق (عليه السّلام)، و من رواة أحاديثه، و روى عنه أبو جميلة المفضّل بن صالح. انظر معجم رجال الحديث 10: 86 و 310، و في المصدر: عبد اللّه بن جعفر، و في «س»: أبي عبد اللّه بن أبي جعفر، و ما في المتن من كتب الرجال، و نسخة مخطوطة من تفسير العيّاشي محفوظة في مكتبة مؤسّستنا.

(2) موسى بن أشيم كان من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، ثمّ صار خطّابيا و لحق بأبي الخطّاب، و قتل معه. انظر معجم رجال الحديث 19: 17.

(3) كذا في المصدر و رجال النجاشي: 106 و معجم رجال الحديث 3: 16، و ضبطه العلّامة الحليّ في الخلاصة: 24 بضم الهمزة، و في «س» و «ط»: آدم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 479

فخبره بها، فلم يبرح حتى دخل رجل فسأله عن تلك الآية بعينها فخبره بخلاف ما خبر به موسى بن أشيم. ثم قال ابن أشيم: فدخلني من ذلك ما شاء الله، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، و قلت: تركنا أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الحرف الواحد، الواو و شبهها، و جئت لمن يخطئ هذا الخطأ كله! فبينا أنا في ذلك إذ دخل عليه رجل آخر فسأله عن تلك الآية بعينها، فخبره بخلاف ما خبرني به، و خلاف

الذي خبر به الذي سأله بعدي، فتجلى عني، و علمت أن ذلك تعمدا، فحدثت نفسي بشي ء، فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: «يا بن أشيم، لا تفعل كذا و كذا» فبان حديثي عن الأمر الذي حدثت به نفسي. ثم قال: «يا بن أشيم، إن الله فوض إلى سليمان بن داود، فقال:

هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1» و فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) [فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «2» فما فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله)] فقد فوضه إلينا، يا بن أشيم فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً أ تدري ما الحرج؟» قلت: لا. فقال بيده و ضم أصابعه: «هو الشي ء المصمت الذي لا يخرج منه شي ء و لا يدخل فيه شي ء».

3663/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في (تفسيره): الحرج: الذي لا مدخل له، و الضيق: ما يكون له المدخل الضيق كأنما يصعد في السماء، قال: مثل شجرة حولها أشجار كثيرة فلا تقدر أن تلقي أغصانها يمنة و يسرة، فتمر في السماء و تسمى حرجة.

3664/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً يعني الطريق الواضح قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ و قوله: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني في الجنة، و السلام، الأمان و العافية و السرور.

و سيأتي إن شاء الله تعالى زيادة على ذلك في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ من سورة يونس «3».

ثم قال: وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني الله عز و جل وليهم أي أولى

بهم. و قوله: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ قال كل من والى قوما فهو منهم و إن لم يكن من جنسهم.

قال: و قوله: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا يعني القيامة. و قوله: وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ قال: نولي كل من تولى أولياءهم فيكونون معهم يوم القيامة.

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 216.

13- تفسير القمّي 1: 216.

(1) سورة ص 38: 39.

(2) الحشر 59: 7. [.....]

(3) يأتي في تفسير الآية (25) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 480

3665/ [14]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، و ذلك قول الله عز و جل:

وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً».

3666/ [15]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل احتجاجا على الجن و الإنس يوم القيامة فقال:ا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ

.قال: و قوله: ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها غافِلُونَ يعني لا يظلم أحدا حتى يبين لهم ما يرسل إليهم، و إذا لم يؤمنوا هلكوا. و قوله: وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا يعني لهم درجات على قدر أعمالهم وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ. و قوله: إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ يعني من

القيامة و الثواب و العقاب وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ.

سورة الأنعام(6): آية 136 ..... ص : 480

قوله تعالى:

وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ [136] 3667/ [1]- علي بن إبراهيم: إن العرب كانوا إذا زرعوا زرعا قالوا: هذا لله، و هذا لآلهتنا. و كانوا إذا سقوها فخرق «1» الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدوه، و قالوا: الله أغنى، و إذا خرق شي ء من الذي للأصنام في الذي لله سدوه، و قالوا: الله أغنى. و إذا وقع شي ء من الذي لله في الذي للأصنام لم يردوه، و قالوا: الله أغني. و إذا وقع شي ء من الذي للأصنام في الذي لله ردوه، و قالوا: الله أغني. فأنزل الله في ذلك على نبيه (صلى الله عليه و آله) و حكى فعلهم و قولهم فقال: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ.

الطبرسي ذكر نحو ما ذكرنا في معنى الآية، عن علي بن إبراهيم، ثم قال: و هو المروي عن

__________________________________________________

14- الكافي 2: 251/ 19.

15- تفسير القمّي 1: 216.

1- تفسير القمّي 1: 217.

(1) في المصدر: فحرف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 481

أئمتنا (عليهم السلام) «1»

سورة الأنعام(6): آية 137 ..... ص : 481

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ- إلى قوله تعالى- يَفْتَرُونَ [137] 3668/ [1]- علي بن إبراهيم قال: يعني أسلافهم زينوا لهم قتل أولادهم لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ يعني يغروهم «2» و يلبسوا عليهم دينهم وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ

ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 138 الي 140 ..... ص : 481

قوله تعالى:

وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ- إلى قوله تعالى- قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ [138- 140] 3669/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ قال: الحجر: المحرم لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ قال: كانوا يحرمونها على قوم وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها يعني البحيرة و السائبة و الوصيلة و الحام.

ثم قال علي بن إبراهيم: قوله وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ قال: كانوا يحرمون الجنين الذي يخرجونه من بطون الأنعام، يحرمونه على النساء، فإذا كان ميتا أكله الرجال و النساء، فحكى الله تعالى قولهم لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.

3670/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ أي بغير فهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 217.

2- تفسير القمّي 1: 217.

3- تفسير القمّي 1: 218.

(1) مجمع البيان 4: 571.

(2) في المصدر: يغيروهم، و في «ط» نسخة بدل: يضروهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 482

وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ و هم قوم يقتلون أولادهم من البنات للغيرة، و قوم كانوا يقتلون أولادهم من الجوع، و هذا معطوف على قوله: وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ «1» فقال الله: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ «2»

سورة الأنعام(6): آية 141 ..... ص : 482

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ

وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [141] 3672/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: فرض الله يوم الحصاد من كل قطعة أرض قبضة للمساكين، و كذا في جذاذ النخل، و في التمر «3»، و كذا عند البذر.

3671/ [1]- علي بن إبراهيم قال: البساتين.

3673/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «الضغث من السنبل، و الكف من التمر، إذا خرص».

قال: و سألته: هل يستقيم إعطاؤه إذا أدخله بيته؟ قال: «لا، هو أسخى لنفسه قبل أن يدخله بيته».

3674/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل إن «4» لم يحضر المساكين و هو يحصد، كيف يصنع؟ قال: «ليس عليه شي ء».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 218.

2- تفسير القمّي 1: 218.

3- تفسير القمّي 1: 218.

4- تفسير القمّي 1: 218. [.....]

(1) الأنعام 6: 137.

(2) الإسراء 17: 31.

(3) في المصدر: الثمرة.

(4) في المصدر: قال: قلت: فإن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 483

3675/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «في الزرع حقان: حق تؤخذ به، و حق تعطيه».

قلت: و ما الذي أؤخذ به؟ و ما الذي أعطيه؟ قال: «أما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الذي تعطيه، فقول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ يعني من حصدك الشي ء

بعد الشي ء» و لا أعلمه إلا قال:

«الضغث ثم الضغث حتى يفرغ».

3676/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فقالوا جميعا: قال أبو جعفر (عليه السلام): «هذا من الصدقة، يعطي المسكين القبضة بعد القبضة، و من الجذاذ الحفنة بعد الحفنة، حتى يفرغ، و تعطي الحارس أجرا معلوما، و يترك من النخل معافارة و ام جعرور «1»، و يترك للحارس أن يكون في الحائط العذق «2»، و العذقان، و الثلاثة لحفظه إياه».

3677/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تصرم «3» بالليل، و لا تحصد بالليل، و لا تضح الأضحية بالليل، و لا تبذر بالليل، فإنك إن تفعل لم يأتك القانع و المعتر».

فقلت: ما القانع و المعتر؟ قال: «القانع: الذي يقنع بما تعطيه «4»، و المعتر: الذي يمر بك فيسألك، و إن حصدت بالليل لم يأتك السؤال، و هو قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته، و إذا اخرج فالحفنة بعد الحفنة، و كذلك عند الصرام «5»، و كذلك [عند البذر، و] لا تبذر بالليل لأنك تعطي من البذر كما تعطي من الحصاد».

3678/ [7]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) في قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «تعطي المسكين يوم حصادك الضغث، ثم إذا وقع في البيدر، ثم إذا وقع في الصاع، العشر و نصف العشر».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 564/ 1.

5- الكافي 3: 565/ 2.

6- الكافي 3: 565/ 3.

7- الكافي 3: 565/ 4.

(1) معافارة و أم جعرور: رديئان من التمر. «مجمع البحرين- عفر- 3: 409».

(2) العذق، بالفتح: النخلة بحملها. و بالكسر: الكباسة. «الصحاح- عذق- 4: 1522».

(3) الصّرم: القطع البائن للحبل و العذق «لسان العرب- صرم- 12: 334».

(4) في المصدر: أعطيته.

(5) الصّرام: بفتح الصاد و كسرها: جني الثمر، و أوان نضج الثّمر «المعجم الوسيط- صرم- 1: 513».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 484

3679/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا.

قال: «كان أبي (عليه السلام) يقول: من الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا. و كان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه، صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل».

3680/ [9]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن مرازم، عن مصادف، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في أرض له، و هم يصرمون، فجاء سائل يسأل، فقلت: الله يرزقك.

فقال (عليه السلام): «مه، ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلاثة. فإن أعطيتم ثلاثة فإن أعطيتم فلكم، و إن أمسكتم فلكم».

3681/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.

فقال: «كان فلان بن فلان الأنصاري- سماه- و كان له حرث، و كان إذا أجذ «1» يتصدق به، و يبقى هو و عياله بغير شي ء، فجعل الله عز و جل ذلك إسرافا».

3682/ [11]- عبد الله بن جعفر الحميري من كتابه (قرب الإسناد): عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألته- يعني الرضا (عليه السلام)- عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا أي شي ء الإسراف؟

قال: «هكذا يقرأها من قبلكم «2»؟». قلت: نعم.

قال: «افتح الفم بالحاء- قلت: حصاده- و كان أبي يقول: من الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا، و كان أبي إذا حضر حصد شي ء من هذا فرأى واحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به، و قال:

أعط «3» بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث، من السنبل. و أنتم تسمونه الأندر «4»».

3683/ [12]- العياشي: عن الحسن بن علي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «الضغث و الاثنين، تعطي من حضرك» و قال: «نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الحصاد بالليل».

__________________________________________________

8- الكافي 3: 566/ 6. [.....]

9- الكافي 3: 566/ 5.

10- الكافي 4: 55/ 5.

11- قرب الأسناد: 162.

12- تفسير العيّاشي 1: 377/ 97 و 98.

(1) في المصدر: أخذ.

(2) الظاهر أنّه قرأ بكسر الحاء في (حصاده).

(3) في المصدر: أعطه.

(4) الأندر: الكدس من القمح خاصّة. «لسان العرب- ندر- 5: 300».

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 485

3684/ [13]- عن هاشم بن المثنى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ؟

قال: «أعط من حضرك من مشرك أو غيره».

3685/ [14]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ. قال: «أعطه من حضرك من المسلمين، و إن لم يحضرك إلا مشرك فأعطه».

3686/ [15]- عن معاوية بن ميسرة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «في الزرع حقان: حق تؤخذ به، و حق تعطيه، فأما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الحق الذي تعطيه فإنه يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فالضغث تعطيه، ثم الضغث حتى تفرغ».

3687/ [16]- و في رواية عبد الله بن سنان، عنه (عليه السلام)، قال: «تعطي منه المساكين الذين يحضرونك، و لو لم يحضرك إلا مشرك».

3688/ [17]- عن زرارة و حمران بن أعين و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قالا: «تعطي منه الضغث بعد الضغث، و من السنبل القبضة بعد القبضة «1»».

3689/ [18]- عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «هذا حق «2» غير الصدقة، يعطى منه المسكين و المسكين القبضة بعد القبضة، و من الجذاذ الحفنة بعد الحفنة، حتى يفرغ و يترك للخارص «3» أجرا معلوما، و يترك من النخل معافارة و ام جعرور لا يخرصان، و يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لنظره و حفظه له».

3690/ [19]- عن محمد

بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يكون الحصاد و الجذاذ بالليل، إن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

قال: «كان فلان بن فلان الأنصاري- سماه- و كان له حرث، و كان إذا أجذه تصدق به، و بقي هو و عياله بغير

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 377/ 99.

14- تفسير العيّاشي 1: 377/ 100.

15- تفسير العيّاشي 1: 378/ 101.

16- تفسير العيّاشي 1: 378/ 102.

17- تفسير العيّاشي 1: 378/ 103.

18- تفسير العيّاشي 1: 378/ 104. [.....]

19- تفسير العيّاشي 1: 379/ 105.

(1) كذا في الوسائل 6: 135/ 7، و في «س»، و في «ط»: تعطي الضّغث بعد الضّغث من السّنبل، و في المصدر: تعطي منه الضّغث من السّنبل [يقبض من السّنبل قبضة و القبضة].

(2) في المصدر: هذا من.

(3) خرص النخلة و الكرمة يخرصها خرصا: إذا حزر ما عليها من الرّطب تمرا و من العنب زبيبا ... و فاعل ذلك الخارص. «النهاية 2: 23».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 486

شي ء، فجعل الله ذلك سرفا».

3691/ [20]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «في الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يتصدق الرجل بكفيه جميعا، و كان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه تصدق بكفيه صاح به:

أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل».

3692/ [21]- سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «حقه يوم حصاده عليك واجب، و ليس من الزكاة، تقبض منه القبضة و الضغث من السنبل لمن يحضرك من السؤال، لا يحصد بالليل و لا يجذ بالليل، إن الله يقول: يَوْمَ حَصادِهِ

فإذا أنت حصدته بالليل لم يحضرك سؤال، و لا يضحى بالليل».

3693/ [22]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه كان يكره أن يصرم النخل بالليل، و أن يحصد الزرع بالليل، لأن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قيل: يا نبي الله، و ما حقه؟ قال:

«ناول منه المسكين و السائل».

3694/ [23]- عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «تعطي منه المساكين الذين يحضرونك، تأخذ بيدك القبضة و القبضة حتى تفرغ».

3695/ [24]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يكون الحصاد و الجذاذ بالليل، إن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ و حقه في شي ء ضغث» يعني من السنبل.

3696/ [25]- عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم)، أنه قال لقهرمانه «1»

و وجده قد جذ نخلا له من آخر الليل، فقال له: «لا تفعل، ألم تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن الجذاذ و الحصاد بالليل؟ و كان يقول: الضغث تعطيه من يسأل «2»، فذلك حقه يوم حصاده».

3697/ [26]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ كيف يعطى؟

قال: «تقبض بيدك الضغث، فسماه الله حقا».

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 379/ 106.

21- تفسير العيّاشي 1: 379/ 107.

22- تفسير العيّاشي 1: 379/ 108.

23- تفسير العيّاشي 1: 379/ 109.

24- تفسير العيّاشي 1: 380/ 110.

25- تفسير العيّاشي 1: 380/ 111.

26- تفسير العيّاشي 1: 380/ 112.

(1) القهرمان: هو الخازن و الوكيل الحافظ لما تحت يده،

و القائم بأمور الرجل بلغة الفرس «لسان العرب- قهرم- 12: 496».

(2) في المصدر: يسألك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 487

قال: قلت: و ما حقه يوم حصاده؟ قال: «الضغث تناوله من حضرك من أهل الخاص «1» ة».

3698/ [27]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ كيف يعطى؟ قال: «تقبض بيدك الضغث فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى يفرغ، و عند الصرام الحفنة ثم الحفنة حتى تفرغ منه».

3699/ [28]- عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «الضغث من المكان بعد المكان تعطي المساكين».

سورة الأنعام(6): آية 142 ..... ص : 487

قوله تعالى:

وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً- إلى قوله تعالى- الشَّيْطانِ [142] 3700/ [29]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً: يعني به الثياب و الفرش وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ تقدم تفسيره في سورة البقرة «2».

سورة الأنعام(6): الآيات 143 الي 144 ..... ص : 487

قوله تعالى:

ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ [143- 144]

3701/ [30]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 380/ 113. [.....]

28- تفسير العيّاشي 1: 380/ 114.

29- تفسير القمّي 1: 218.

30- الكافي 8: 283/ 427.

(1) في «ط»: الحاجة.

(2) تقدّم في تفسير الآية (168) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 488

إسماعيل الجعفي و عبد الكريم بن عمرو، و عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حمل نوح (عليه السلام) في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فكان من الضأن اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحل لهم صيدها، و من المعز اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر الظباء التي تكون في المفاوز، و من الإبل اثنين: البخاتي، و العراب، و من البقر اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر البقر الوحشية، و كل طير طيب وحشي أو إنسي،

ثم غرقت الأرض».

3702/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد، عن السلمي «1»، عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ما الذي أحل الله من ذلك، و ما الذي حرم؟ فلم يكن عندي فيه شي ء، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا حاج، فأخبرته بما كان، فقال: «إن الله تعالى أحل في الاضحية بمنى الضأن و المعز الأهلية، و حرم أن يضحى بالجبلية. و أما قوله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فإن الله تبارك و تعالى أحل في الاضحية الإبل العراب، و حرم منها البخاتي، و أحل البقر الأهلية أن يضحى بها، و حرم الجبلية».

فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شي ء حملته الإبل من الحجاز.

3703/ [3]- الشيخ المفيد في (الاختصاص)، عن محمد بن الحسن الصفار، و الحسن بن متيل، عن إبراهيم ابن هاشم، عن إبراهيم بن محمد، عن السلمي «2»، عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن قول الله تبارك و تعالى: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ- إلى قوله- وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ما الذي أحل الله من ذلك، و ما الذي حرم الله؟ قال: فلم يكن عندي في ذلك شي ء، فحججت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، إن رجلا من الخوارج سألني عن كذا و كذا، فقال (عليه السلام): «إن الله عز و جل أحل في الأضحية بمنى الضأن و المعز الأهلية، و حرم فيها الجبلية، و

ذلك قوله عز و جل: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ و إن الله عز و جل أحل في الاضحية بمنى الإبل العراب و حرم فيها البخاتي، و أحل فيها البقر الأهلية و حرم فيها الجبلية، فذلك قوله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ». قال: فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شي ء حملته الإبل من الحجاز.

3704/ [4]- العياشي: عن أيوب بن نوح بن دراج، قال سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الجاموس، و أعلمته أن أهل العراق يقولون أنه مسخ، فقال: «أو ما سمعت قول الله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ؟!».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 492/ 17.

3- الاختصال: 54.

4- تفسير العياشي 1: 380/ 115.

(1) في «س»، «ط»: المسلي، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 23: 106.

(2) انظر هامش (1) حديث (2).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 489

و كتبت «1» إلى أبي الحسن (عليه السلام) بعد مقدمي من خراسان أسأله عما حدثني به أيوب في الجاموس، فكتب: «هو كما قال لك».

عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية في كتاب الله مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، و ذكر الحديث السابق ببعض التغيير «2».

3705/ [5]- عن صفوان الجمال، قال: كان متجري إلى مصر، و كان لي بها صديق من الخوارج، فأتاني وقت خروجي إلى الحج، فقال لي: هل سمعت من جعفر بن محمد (عليه السلام) في قول الله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ أيا أحل و أيا

حرم؟

قلت: ما سمعت منه في هذا شيئا. فقال لي: أنت على الخروج، فأحب أن تسأله عن ذلك. قال: فحججت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن مسألة الخارجي، فقال لي: «حرم من الضأن و من المعز الجبلية، و أحل الأهلية- يعني في الأضاحي- و أحل من الإبل العراب، و من البقر الأهلية، و حرم من البقر الجبلية، و من الإبل البخاتي- يعني في الأضاحي-». قال: فلما انصرفت أخبرته، فقال: أما إنه لولا ما أهرق جده من الدماء، ما اتخذت إماما غيره.

3706/ [6]- و قال علي بن إبراهيم في معنى الآيتين: فهذه التي أحلها الله في كتابه في قوله: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ «3» ثم فسرها في هذه الآية فقال: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ. و

قال (صلى الله عليه و آله) في قوله: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ: «عنى الأهلي و الجبلي وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ عنى الأهلي، و الوحشي الجبلي وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ يعني الأهلي، و الوحشي الجبلي وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ يعني البخاتي و العراب، فهذه أحلها الله».

سورة الأنعام(6): آية 145 ..... ص : 489

قوله تعالى:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [145]

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 381/ 117.

6- تفسير القمّي 1: 219.

(1) قائل (و كتبت) هو الراوي عن أيّوب، و الذي أسقط أسانيد تفسير العيّاشي أسقط اسمه أيضا.

(2) تفسير العيّاشي 1: 381/ 116. [.....]

(3) الزمر 39: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 490

3707/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: و قد احتج قوم بهذه

الآية قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فتأولوا هذه الآية أنه ليس شي ء محرما إلا هذا، و أحلوا كل شي ء من البهائم: القردة و الكلاب و السباع و الذئاب و الأسد و البغال و الحمير و الدواب، و زعموا أن ذلك كله حلال لقول الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ و غلطوا في هذا غلطا بينا. و إنما هذه الآية رد على ما أحلت العرب و حرمت، لأن العرب كانت تحلل على نفسها أشياء، و تحرم أشياء، فحكى الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما قالوا، فقال: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ «1» فكان إذا سقط الجنين حيا أكله الرجال و حرم على النساء، و إذا كان ميتا أكله الرجال و النساء، و هو قوله: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ.

3708/ [2]- الشيخ: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجريث «2»، فقال: «و ما الجريث؟» فنعته له، فقال: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ» إلى آخر الآية. ثم قال: «لم يحرم الله تعالى شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شي ء من البحر ليس له قشر مثل الورق، و

ليس بحرام و إنما هو مكروه».

3709/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجري، و المار ما هي، و الزمير، و ما ليس «3» له قشر من السمك، حرام هو؟

فقال لي: «يا محمد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً». قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: «إنما الحرام ما حرم الله و رسوله في كتابه، و لكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها».

3710/ [4]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن سباع الطير و الوحش حتى ذكر له القنافذ، و الوطواط، و الحمير، و البغال، و الخيل، فقال: «ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه، و قد نهى رسول

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 219.

2- التهذيب 9: 5: 15.

3- التهذيب 9: 6/ 16.

4- تفسير العيّاشي 1: 382/ 118.

(1) الأنعام 6: 139.

(2) الجرّيث: ضرب من السمك معروف، يقال له: الجريّ. «لسان العرب- جرث- 2: 128».

(3) (ليس) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 491

الله (صلى الله عليه و آله) يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير، و إنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها. و ليس الحمير بحرام».

و قال: «اقرأ هذه الآيات: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ».

3711/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أصحاب المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجري و

المارماهي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك، حرام هو أم لا؟ قال: فسألته عن ذلك، فقال: «يا محمد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ». قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: «إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، و لكنهم كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها».

3712/ [6]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجري، فقال: «و ما الجري؟» فنعته له. قال: فقال:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلى آخر الآية، ثم قال: «لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شي ء من البحر ليس فيه قشر».

قال: قلت: و ما القشر؟ قال: «الذي مثل الورق، و ليس هو بحرام إنما هو مكروه».

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [145] مر تفسيره في سورة البقرة «1».

سورة الأنعام(6): الآيات 146 الي 151 ..... ص : 491

قوله تعالى:

وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما- إلى قوله تعالى- تَعْقِلُونَ [146- 151]

3713/ [1]- العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حرم على بني إسرائيل كل ذي ظفر

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 382/ 119.

6- تفسير العيّاشي 1: 383/ 120.

1- تفسير العيّاشي 1: 383/ 121.

(1) تقدّم في تفسير الآية (173) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 492

و الشحوم إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ».

3714/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ يعني اليهود،

حرم الله عليهم لحوم الطير، و حرم عليهم الشحوم- و كانوا يحبونها- إلا ما كان على ظهور الغنم أو في جانبه خارجا من البطن، و هو قوله: حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أي في الجنبين أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ و معنى قوله: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ أنه كان ملوك بني إسرائيل يمنعون فقراءهم من أكل لحم الطير و الشحوم، فحرم الله ذلك عليهم ببغيهم على فقرائهم.

ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَ لا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ثم قال: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْ ءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا يا محمد قُلْ لهم هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ. ثم قال: قُلْ لهم فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.

3715/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد- يعني الشيخ المفيد- قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهم السلام) و قد سئل عن قوله تعالى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أ كنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له: أ فلا عملت بما علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلمت حتى تعمل، فيخصمه، فتلك الحجة البالغة».

3716/ [4]- العياشي: عن الحسين، قال: سمعت أبا

طالب القمي يروي عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن الحجة البالغة على من دون السماء و فوق الأرض».

3717/ [5]- العلامة الحلي في (الكشكول): عن أحمد بن عبد الرحمن الناوردي «1»، يوم الجمعة في شهر رمضان، سنة عشرين و ثلاث مائة، قال: قال الحسين بن العباس، عن المفضل الكرماني، قال: حدثني محمد بن صدقة، قال: قال محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.

فقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «الحجة البالغة: التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله «2» كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم و أعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة». ثم تلا جعفر بن محمد (عليهما السلام):

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 220.

3- الأمالي 1: 8. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 383/ 122.

5- الكشكول فيما جرى على آل الرسول: 179- 185 للسيّد حيدر بن عليّ الآملي، و قد أشرنا إلى نسبة الكتاب في المقدمة فراجع.

(1) في المصدر: محمّد بن أحمد بن عبد الرحمن البارودي، و في «ط»: الناروندي.

(2) في المصدر: بعلمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 493

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «1».

ثم أنشأ جعفر بن محمد (عليهما السلام) محدثا يقول: «ما مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا بعد إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب، و أنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) بكراع الغميم «2»: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ

رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «3» لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي (عليه السلام)، و يعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي (صلى الله عليه و آله) بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين و الأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله و أثنى عليه: معاشر المهاجرين و الأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ.

فقام إليه علي (عليه السلام)، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بضبعه «4» فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين و الأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة. فنزل جبرئيل (عليه السلام) بقول الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «5»- فبعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا اليوم أكمل الله لكم معاشر المهاجرين و الأنصار دينكم، و أتم عليكم نعمته، و رضي لكم الإسلام دينا، فاسمعوا له و أطيعوا له تفوزوا. و اعلموا أن مثل علي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها

نجا، و من تخلف عنها غرق، و من تقدمها مرق، و مثل علي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله كان آمنا و نجا، و من تخلف عنه هلك و غوى.

فما مر على المنافقين يوم كان أشد عليهم منه، و قد كان المنافقون يعرفون على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببغض علي (عليه السلام)، فأنزل على نبيه (صلى الله عليه و آله): أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ «6»، وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ «7» و السر بغض علي (عليه السلام)، فماج الناس في ذلك القول من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام)، و قالوا فأكثروا القول.

__________________________________________________

(1) التوبة 9: 115.

(2) كراع الغميم: موضع بالحجاز بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 4: 443».

(3) المائدة 5: 67.

(4) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها، و شال الشي ء: رفعه.

(5) المائدة 5: 3.

(6) محمّد 47: 29- 30.

(7) محمّد 47: 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 494

فلما انصرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة خطب أصحابه، و قال: إن الله تعالى اختص عليا بثلاث خصال لم يعطها أحد من الأولين و الآخرين، فاعرفوها، فإنه الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم، أيد الله به الدين و أعز به الإسلام و نصر به نبيكم.

فقام إليه عمر بن الخطاب، و قال: ما هذه الخصال الثلاث التي أعطاها الله عليا، و لم يعطها أحدا من الأولين و الآخرين؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اختص عليا بأخ مثل نبيكم محمد خاتم النبيين ليس

لأحد أخ مثلي، و اختصه بزوجة مثل فاطمة و لم يختص أحدا بزوجة مثلها، و اختصه بابنين مثل الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة و ليس لأحد ابنان مثلهما، فهل تعلمون له نظيرا، أو تعرفون له شبيها؟

إن جبرئيل نزل علي يوم احد فقال: يا محمد، اسمع: لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي يعلمني أنه لا سيف كسيف علي، و لا فتى هو كعلي، و قد نادى قبل ذلك يوم بدر ملك يقال له رضوان، من السماء الدنيا، لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي.

إن عليا سيد المتقين «1» و إمام المؤمنين، و قائد الغر المحجلين، لا يبغضه من قريش إلا دعي، و لا من العرب إلا سفحي، و لا من سائر الناس إلا شقي، و لا من سائر النساء إلا سلقلقية «2».

إن الله عز و جل جعل عليا للناس بين المهاجرين و الأنصار، و بين خلقه [و بينه ]، فمن عرفه و والاه كان مؤمنا، و من جهله و لم يواله و لم يعاد من عاداه كان ضالا، أ فآمنتم يا معاشر المسلمين. يقولها ثلاثا. قالوا: آمنا و سلمنا يا رسول الله. فآمنوا بعلي بألسنتهم، و كفروا بقلوبهم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3» فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك بمشهد من أصحابه: لم يحبك- يا علي- من أصحابي إلا مؤمن تقي، و لا يبغضك إلا منافق شقي، و أنت- يا علي- و شيعتك الفائزون يوم القيامة، إن شيعتك يردون علي الحوض

بيض وجوههم، [و شيعة عدوك من أمتي يردون علي الحوض سود الوجوه ]، فتسقي أنت شيعتك، و تمنع عدوك. فأنزل الله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ بموالاة علي و معاداة علي فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «4».

فلما نادى [بها] رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال المنافقون: ألا إن محمدا لا يزال يرفع بضبع علي، و يتلو علينا آية من القرآن بعد آية [غواية] و ترجيحا له علينا. ثم اجتمعوا ليلا. فقالوا: إن محمدا خدعنا عن ديننا الذي كنا عليه [في الجاهلية]، فقال: من قال لا إله إلا الله فله ما لنا و عليه ما علينا. و الآن قد خالف هذا القول إلى غيره، فقام خطيبا فقال: أنا سيد ولد آدم و لا فخر. فحملناها، ثم قال: علي سيد العرب. ثم فضله على جميع العالمين من الأولين

__________________________________________________

(1) في «س»: الثقلين.

(2) السّلقلقيّة: المرأة التي تحيض من دبرها. «لسان العرب- سلق- 10: 163».

(3) المائدة 5: 41. [.....]

(4) آل عمران 3: 106- 107.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 495

و الآخرين، فقال: علي خير البشر و من أبى فقد كفر. ثم قال: فاطمة سيدة نساء العالمين. ثم قال: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة. ثم قال: حمزة سيد الشهداء، و جعفر ذو الجناحين يطير بهما مع الملائكة حيث يشاء، و العباس- عمه- جلدة بين عينيه و صنو أبيه، و له السقاية في دار الدنيا [و بني شيبة لهم السدانة، فجمع خصال الخير و منازل الفضل و الشرف في الدنيا] و الآخرة له و لأهل بيته خاصة، و

جعلنا من أتباعه و أتباع أهل بيته.

فقال النضر بن الحارث الفهري: إذا كان غد اجتمعوا عند رسول الله حتى أقبل أنا و أتقاضاه ما وعدنا به في بدء الإسلام، و انظر ما يقول، ثم نحتج «1». فلما أصبحوا فعلوا ذلك، فأقبل النضر بن الحارث فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: يا رسول الله، إذا كنت أنت سيد ولد آدم، و أخوك سيد العرب، و ابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، و ابناك الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، و عمك حمزة سيد الشهداء، و ابن عمك ذو الجناحين يطير مع الملائكة حيث يشاء، و عمك جلدة بين عينيك و صنو أبيك، و بنو شيبة «2» لهم السدانة، فما لسائر قريش و العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا كنا آمنا بما تقول كان لنا مالك و علينا ما عليك. فأطرق رسول الله (صلى الله عليه و آله) طويلا ثم رفع رأسه، فقال: ما أنا و الله فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم هذا، فما ذنبي؟! فولى النضر بن الحارث و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله مقالة النضر بن الحارث، و نزلت هذه الآية وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ إلى قوله: وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «3» فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النضر بن الحارث الفهري، فأحضره و تلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله، إني قد أسررت ذلك جميعه، أنا و من لم تجعل له ما جعلته لك و لأهل بيتك من الشرف و الفضل في الدنيا

و الآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا به، أما أنا فإني أسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة، فإني لا أطيق المقام [بها]. فوعظه النبي (صلى الله عليه و آله) [و قال ]: إن ربك كريم، فإن أنت صبرت و تصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض و سلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، و يخفف عمن يشاء، و له الخلق و الأمر، مواهبه عظيمة، و إحسانه واسع. فأبى النضر بن الحارث، و سأله الإذن، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فأقبل إلى بيته، و شد على راحلته ثم ركبها مغضبا و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فلما صار بظهر المدينة و إذا بطير في مخلبه جندلة «4» فأرسلها عليه، فوقعت على هامته، ثم دخلت في دماغه، و خرجت من جوفه «5»، و وقعت على ظهر راحلته، و خرجت من بطنها، فاضطربت الراحلة و سقطت، و سقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

(1) في «ط»: نبخبخ، و لعله المراد: نفخم الأمر و نعظمه.

(2) في «س»، «ط»: و ابن شيبة له.

(3) الأنفال 8: 33.

(4) في «س»، «ط»: حجر فجدله، و هو تصحيف، و لعل كلمة (حجر) كانت في حاشية بعض النسخ كتوضيح لمعنى (جندلة)- إذ الجندلة:

الحجر- ثم أدخلها النساخ في المتن، و ما أثبتناه من المصدر.

(5) في المصدر: و خرت في جوفه حتى خرجت من دبره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 496

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «1».

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك إلى المنافقين الذين اجتمعوا

ليلا مع النضر بن الحارث فتلا عليهم الآية، و قال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري حتى تنظروا إليه. فلما رأوه انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض عليا و أظهر بغضه قتله علي بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله عليه ما نرى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي، مثل سلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و أشباههم من ضعفاء الشيعة.

فأوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يقولوا، فأنزل الله فيهم: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ بظاهر القول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إنا قد آمنا و أسلمنا لله و للرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا من قتل محمد (صلى الله عليه و آله) ليلة العقبة، و إخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي، و تغيضا عليه وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فتوحه فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ «2» فلما تلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) قالوا: تبنا يا رسول الله، بألسنتهم دون قلوبهم.

فلما اجتمعوا أيضا قالوا: إنا لا نسر في أمر علي و أهل بيته و أتباعه شيئا إلا أظهره الله على محمد، فتلاه علينا، فقد خطبنا

محمد، فقال في كلمته: أيها الناس، لم تكن نبوة الأنبياء إلا نسخت بعد نبيها ملكا و جبروتا. فليت لنا في هذا الملك نصيبا «3»، إذا لم يكن لنا في الآخرة ملك، و لا نحن من شيعة علي، و إنما نظر موالاته و الإيمان به ليكون لنا في الأرض وليا و نصيرا، و أما في السماء فلا حاجة لنا به، لا إلى علي و لا إلى غير علي، و إن محمدا يخبرنا أن الملك من بعده لا يستتم «4» [لأحد] من أمته حتى يوالي عليا و ينصره و يعينه، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله):

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ «5» أي علي و شيعته نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «6» كما آتينا محمدا و آل محمد في الدنيا و الآخرة فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «7».

فخطب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك أصحابه فقال لهم: معاشر المهاجرين و الأنصار، ما بال أصحابي إذا ذكر لهم إبراهيم [و آل إبراهيم ] تهللت وجوههم و استبشرت قلوبهم، و إذا ذكر محمد و آل محمد تغيرت

__________________________________________________

(1) المعارج 70: 1- 3.

(2) التوبة 9: 74.

(3) في «س»، «ط»: نبوة الأنبياء ينسحب بعدها ملك و خير و ما قبلنا في هذا الملك نصيب.

(4) في المصدر: لا يثبت.

(5) النّساء 4: 53.

(6) النّساء 4: 54.

(7) النّساء 4: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 497

وجوههم و ضاقت صدورهم؟ إن الله تعالى لم يعط إبراهيم و آل إبراهيم شيئا إلا أعطى محمدا و

آل محمد مثله، و نحن في الحقيقة آل إبراهيم. إن الله ما اصطفى نبيا إلا اصطفى آل [ذلك ] النبي، فجعل منهم الصديقين و الشهداء و الصالحين. هذا جبرئيل (عليه السلام) يتلو علي من ربي ما توهمتم و طويتم و أسررتم و أعلنتم فيما بينكم من أمر آل محمد، ثم تلا عليهم أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يسروا و لم يعلنوا فيما بينهم. فأنزل الله: قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ «1» أي لو كنت عندهم يا رسول الله ما حلفوا بالله كاذبين اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «2»».

3718/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: فَلَوْ شاءَ الله لَهَداكُمْ أي جمعكم على أمر واحد، و لكن جعلكم على اختلاف. ثم قال: قُلْ يا محمد لهم: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا و هو معطوف على قوله: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ «3» ثم قال: فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): قُلْ لهم تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

3719/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، قال: كنت جالسا عند أبي جعفر (عليه السلام) و هو متكئ على فراشه إذ قرأ الآيات المحكمات التي لم ينسخهن شي ء من الأنعام و قال: «شيعها سبعون ألف ملك: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ

ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً».

3720/ [8]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، قال: الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ، قال: «ما ظهر منها: نكاح امرأة الأب، و ما بطن: الزنا».

3721/ [9]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، قال: الوالدان: رسول الله و أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما).

3722/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ إلى قوله: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فهذا كله محكم.

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 220. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 383/ 123.

8- تفسير العيّاشي 1: 383/ 124.

9- تفسير القمّي 1: 220.

10- تفسير القمّي 1: 220.

(1) المنافقون 63: 1.

(2). 63: 2- 3.

(3) الأنعام 6: 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 498

سورة الأنعام(6): الآيات 153 الي 157 ..... ص : 498

قوله تعالى:

وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ- إلى قوله تعالى- بِما كانُوا يَصْدِفُونَ [153- 157] 3723/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً قال: الصراط المستقيم: الإمام فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني غير الإمام فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعني تفترقون و تختلفون في الإمام.

3724/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «نحن السبيل، فمن أبى فهذه السبل «1»».

3725/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي،

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ. قال: «هو و الله علي، هو و الله الصراط و الميزان».

3726/ [4]- العياشي، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ قال: «أ تدري ما يعني ب صِراطِي مُسْتَقِيماً؟» قلت: لا. قال: «ولاية علي و الأوصياء (عليهم السلام)». قال: «و تدري ما يعني فَاتَّبِعُوهُ؟» قال: قلت: لا. قال: «يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)». قال: «و تدري ما يعني وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ؟». قلت: لا. قال: «ولاية فلان و فلان، و الله». قال: «و تدري ما يعني فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ؟». قلت: لا. قال: «يعني سبيل علي (عليه السلام)».

3727/ [5]- عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، قال: «آل محمد (صلى الله عليه و آله) الصراط الذي دل عليه».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 221.

2- تفسير القمّي 1: 221.

3- بصائر الدرجات: 99/ 9.

4- تفسير العيّاشي 1: 383/ 125.

5- تفسير العيّاشي 1: 384/ 126.

(1) في نسخة من المصدر: فقد كفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 499

3728/ [6]- ابن الفارسي في (الروضة): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل».

3729/ [7]- شرف الدين النجفي في (تأويل الآيات الباهرة)، قال: تأويله ما ذكره علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير، عن

أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ.

قال: «طريق الإمامة فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ أي طرقا غيرها ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».

3730/ [8]- ثم قال شرف الدين: و ذكر علي بن يوسف بن جبير في كتاب (نهج الإيمان)، قال: الصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الآية. لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه، بإسناده إلى أبي برزة «1» الأسلمي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «2» «سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل».

قلت: و روى ابن شهر آشوب في (المناقب) هذا الحديث عن إبراهيم الثقفي بإسناده عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «3».

3731/ [9]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحكم و علي (عليه السلام) بين يديه مقابله، و رجل عن يمينه، و رجل عن شماله، فقال (صلى الله عليه و آله): «اليمين و الشمال مضلة «4»، و الطريق المستوي الجادة» ثم أشار بيده: و أن هذا صراط علي مستقيما فاتبعوه.

3732/ [10]- و عن جابر بن عبد الله: أن النبي (صلى الله عليه و آله) هيأ أصحابه عنده، إذ قال و أشار بيده إلى علي (عليه السلام): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.

3733/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي كي تتقوا. ثم قال: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ يعني تم له الكتاب لما أحسن وَ

تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

__________________________________________________

6- روضة الواعظين: 106. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 167/ 9.

8- تأويل الآيات 1: 167/ 10.

9- المناقب 3: 74.

10- المناقب 3: 74.

11- تفسير القمي 1: 221.

(1) في «س»، «ط» و المصدر: أبي بريدة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر ترجمته في الطبقات الكبرى 4: 298، اسد الغابة 5: 146، سير أعلام النبلاء 3: 40، معجم رجال الحديث 21: 43.

(2) في «س»: قد.

(3) المناقب 3: 72.

(4) في «س»: معطلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 500

هو محكم.

قال: و قوله: وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ يعني القرآن مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ يعني كي ترحموا. قال: و قوله: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَ إِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ يعني اليهود و النصارى و إن كنا لم ندرس كتبهم.

و قوله تعالى: أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ يعني قريشا، قالوا: لو انزل علينا الكتاب لكنا أهدى و أطوع منهم فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ يعني القرآن فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَ صَدَفَ عَنْها يعني دفع عنها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا أي يدفعون و يمنعون عن آياتنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.

سورة الأنعام(6): آية 158 ..... ص : 500

قوله تعالى:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [158]

3734/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ

آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ قال: «نزلت: أو اكتسبت» فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ، قال: «إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم لا ينفعه إيمانه».

3735/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ «يعني في الميثاق» أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، قال: «الإقرار بالأنبياء و الأوصياء و أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة» قال: «لا ينفع نفسا إيمانها لأنها سلبت».

3736/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 221.

2- الكافي 1: 355/ 81.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 336/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 501

الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في قول الله عز و جل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ.

فقال (عليه السلام): «الآيات: الأئمة، و الآية المنتظرة: القائم (عليه السلام)، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، و إن آمنت بمن تقدم «1» من آبائه (عليهم السلام)».

3737/ [4]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد «2» بن مسعود، و حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي جميعا، [عن محمد بن

مسعود العياشي، قال:

حدثني علي بن محمد بن شجاع ] «3»، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً: «يعني خروج القائم المنتظر منا». ثم قال (عليه السلام): «يا أبا بصير، طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، و المطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله، الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون».

3738/ [5]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله ابن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما زالت الأرض إلا و لله فيها حجة يعرف الحلال و الحرام، و يدعو إلى سبيل الله، و لا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة، فإذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، و أولئك شرار من خلق الله، و هم الذين تقوم عليهم القيامة».

3739/ [6]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب (مناقب فاطمة (عليها السلام))، قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام «4»، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب ابن نوح، عن الربيع بن محمد المسلي «5»، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما تزال

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 357/ 54، ينابيع المودة: 422.

5-

المحاسن: 236/ 202. [.....]

6- دلائل الإمامة: 229.

(1) في المصدر: تقدمه.

(2) في «س»، «ط» و المصدر: محمّد بن جعفر، و هو سهو، راجع رجال الشيخ الطوسي: 459/ 10 و معجم رجال الحديث 4: 121.

(3) أثبتناه من المصدر و هو الصواب كما في طريق الصدوق إلى العيّاشي، راجع رجال الكشي: 434/ 820 و معجم رجال الحديث 17: 230.

(4) في «س»، «ط»: عليّ بن محمّد بن همّام، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 379/ 1032، رجال الشيخ الطوسي:

494/ 20، معجم رجال الحديث 14: 232.

(5) في «ط»: الربيع بن محمّد السلمي، و في المصدر: الربيع بن السكن، تصحيف صوابه ما في المتن، نسبة إلى مسلية و هي قبيلة من مذحج، راجع رجال النجاشي: 164/ 433 و معجم رجال الحديث 7: 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 502

الأرض إلا و لله فيها حجة يعرف الحلال و الحرام، و يدعو الناس إلى سبيل الله، و لا تنقطع من الأرض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة، فإذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، و أولئك من شرار خلق الله، و هم الذين تقوم عليهم القيامة».

3740/ [7]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الناس يوشكون أن ينقطع بهم العمل و يسد عليهم باب التوبة لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً».

3741/ [8]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ

لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها، قال: «طلوع الشمس من المغرب، و خروج الدابة، و الدخان «1»، و الرجل يكون مصرا و لم يعمل عمل «2» الإيمان، ثم تجي ء الآيات فلا ينفعه إيمانه».

3742/ [9]- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «سأل رجل أبي (عليه السلام) عن حروب أمير المؤمنين (عليه السلام) و كان السائل من محبينا، قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف: ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى «3» أن تضع الحرب أوزارها، و لن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً».

3743/ [10]- عن أبي بصير «4»، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.

قال: «المؤمن العاصي حالت «5» بينه و بين إيمانه كثرة ذنوبه و قلة حسناته فلم يكسب في إيمانه خيرا».

سورة الأنعام(6): آية 159 ..... ص : 502

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ [159]

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 384/ 127.

8- تفسير العيّاشي 1: 384/ 128.

9- تفسير العيّاشي 1: 385/ 129.

10- تفسير العيّاشي 1: 385/ 130.

(1) في المصدر: الدجال.

(2) في المصدر: على.

(3) في المصدر: إلّا.

(4) في المصدر: عمرو بن شمر. [.....]

(5) في المصدر: المؤمن حالت المعاصي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 503

3744/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ قال: فارقوا أمير

المؤمنين (عليه السلام) و صاروا أحزابا.

3745/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً، قال: «فارق القوم و الله دينهم».

3746/ [3]- العياشي: عن كليب الصيداوي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً، قال: «كان علي يقرأها: فارقوا دينهم» قال: «فارق و الله القوم دينهم».

سورة الأنعام(6): آية 160 ..... ص : 503

قوله تعالى:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [160]

3747/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن القاسم بن محمد، عن العيص، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر و ليدخل عليه السرور، فإنه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيام، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3748/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن الصوم في الحضر، فقال: «ثلاثة أيام في كل شهر: الخميس من جمعة، و الأربعاء من جمعة، و الخميس من جمعة اخرى». و قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، إن الله عز و جل يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي

1: 222.

2- تفسير القمّي 1: 222.

3- تفسير العيّاشي 1: 385/ 131.

4- الكافي 4: 150/ 2.

5- الكافي 4: 92/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 504

3749/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصيام في الشهر كيف هو؟

قال: «ثلاث في الشهر في كل عشرة يوم، إن الله تبارك و تعالى يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»».

3750/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا جالس عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الأمر؟ فقال: «إنما هي «2» للمؤمنين خاصة».

فقلت له: أصلحك الله، أ رأيت من صام و صلى و اجتنب المحارم و حسن ورعه ممن لا يعرف و لا ينصب؟

فقال: «إن الله يدخل أولئك الجنة برحمته».

3751/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول: ويل لمن غلبت آحاده أعشاره».

فقلت له: و كيف هذا؟ فقال: «أما سمعت الله عز و جل يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها؟ فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشرا، و السيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة، فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر سيئات و لا تكون له حسنة

واحدة فتغلب حسناته سيئاته».

3752/ [6]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن أحمد بن هارون القاضي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن سعد «3»، عن بكر بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس في الجمعة على ثلاثة منازل: رجل شهدها بإنصات و سكون قبل الإمام، و ذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية، و زيادة ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و رجل شهدها بلغط و قلق، فذلك حظه. و رجل شهدها و الإمام يخطب و قام يصلي، فقد أخطأ السنة، و ذلك ممن إذا سأل الله تعالى إن شاء أعطاه، و إن شاء حرمه».

__________________________________________________

3- الكافي 4: 93/ 7.

4- المحاسن: 158/ 94.

5- معاني الأخبار: 248/ 1.

6- الأمالي 2: 44.

(1) في المصدر زيادة: ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر.

(2) في المصدر: هذه.

(3) في «س»، «ط»: أحمد بن محمّد بن سعيد، فتوهّم أنّه ابن عقدة، و الصواب ما في المتن، أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري، روى عن بكر بن محمّد الأزدي. راجع معجم رجال الحديث 2: 46 و 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 505

3753/ [7]- العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صام ثلاثة أيام في الشهر فقيل له: أنت صائم الشهر كله؟ فقال: نعم، فقد صدق، لأن الله تعالى يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3754/ [8]- عن زرارة و حمران «1» و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله

(عليهما السلام)، قالوا: سألناهما عن قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أ هي لضعفاء المسلمين؟

قالا: «لا، و لكنها للمؤمنين، و إنه لحق على الله أن يرحمهم».

3755/ [9]- عن الحسين بن سعيد، يرفعه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام في كل شهر يذهبن بلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام في كل شهر صيام الدهر مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3756/ [10]- عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد، قال: سألته: كيف يصنع في الصوم، صوم السنة؟

فقال: «صوم ثلاثة أيام في الشهر: خميس من عشر، و أربعاء من عشر، و خميس من عشر، و الأربعاء بين الخميسين، إن الله يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر».

3757/ [11]- عن علي بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها من ذلك صيام ثلاثة أيام في كل شهر».

3758/ [12]- قال محمد بن عيسى: في رواية شريف، عن محمد بن علي (عليهما السلام)- و ما رأيت محمديا مثله قط-: «الحسنة التي عنى الله ولايتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت».

3759/ [13]- عن محمد بن حكيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر، و ليدخل عليه السرور، فإنه يحسب له بذلك اليوم عشرة أيام، و هو قول الله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها».

3760/ [14]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى جعل لآدم ثلاث خصال في ذريته: جعل لهم أن من هم منهم بحسنة

و لم يعملها كتبت له حسنة، و من هم بحسنة فعملها كتبت له بها عشر حسنات، و من هم بالسيئة و لم يعملها لا يكتب عليه، و من عملها كتبت عليه سيئة واحدة، و جعل لهم التوبة حتى

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 385/ 132. [.....]

8- تفسير العيّاشي 1: 386/ 133.

9- تفسير العيّاشي 1: 386/ 134.

10- تفسير العيّاشي 1: 386/ 135.

11- تفسير العيّاشي 1: 386/ 136.

12- تفسير العيّاشي 1: 386/ 137.

13- تفسير العيّاشي 1: 386/ 138.

14- تفسير العيّاشي 1: 387/ 139.

(1) (و حمران) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 506

تبلغ الروح حنجرة الرجل.

فقال إبليس: يا رب، جعلت لآدم ثلاث خصال، فاجعل لي مثل ما جعلت له. فقال: قد جعلت لك لا يولد له مولود إلا ولد لك مثله، و جعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق، و جعلت لك أن جعلت صدورهم أوطانا و مساكن لك. فقال إبليس: يا رب حسبي».

3761/ [15]- عن زرارة، عنه (عليه السلام) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها قال: «من ذكرهما فلعنهما كل غداة كتب الله له سبعين حسنة و محا عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات».

3762/ [16]- عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام في كل شهر يذهب بلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر، إن الله يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3763/ [17]- علي بن الحسن، قال: وجدت في كتاب إسحاق بن عمر، في كتاب أبي، و ما أدري سمعه عن ابن يسار، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا يسار، تدري

ما صيام ثلاثة أيام؟» قال: قلت: جعلت فداك، ما أدري. قال: «أتى بها «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين قبض يوم خميس من أول الشهر، و أربعاء في أوسطه، و خميس في آخره، ذلك قول الله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها هو الدهر صائم لا يفطر».

ثم قال: «ما أغبط عندي الصائم، يظل في طاعة الله، و يمسي يشتهي الطعام و الشراب! إن الصوم ناصر للجسد و حافظ و راع له».

3764/ [18]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «صام رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى قيل ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل ما يصوم، ثم صام صوم داود (عليه السلام)، يوما و يوما لا، ثم قبض (عليه السلام) على صيام ثلاثة أيام من الشهر، و قال:

إنهن يعدلن صوم الدهر «2»، و يذهبن بوحر الصدر».

قال حماد: فقلت: ما الوحر؟ فقال: «الوحر: الوسوسة».

فقلت: أي الأيام هي؟ قال: «أول خميس في الشهر، و أول أربعاء بعد العشر، و آخر خميس فيه».

فقلت: لم «3» صارت هذه الأيام التي تصام؟ فقال: «إن من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب،

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 387/ 140.

16- تفسير العيّاشي 1: 387/ 141.

17- تفسير العيّاشي 1: 387/ 142.

18- الكافي 4: 89/ 1.

(1) زاد في «ط»: و المصدر: إلى، و في نسخة بدل: الهاني.

(2) في المصدر: الشهر. [.....]

(3) في المصدر: كيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 507

نزل في هذه الأيام «1» المخوفة»

سورة الأنعام(6): الآيات 161 الي 165 ..... ص : 507

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما

كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [161- 165] 3765/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الحنيفية هي العشرة التي جاء بها إبراهيم (عليه السلام).

3766/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: حَنِيفاً مُسْلِماً «2»، قال: «خالصا مخلصا، ليس فيه شي ء من عبادة الأوثان».

3767/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: حَنِيفاً مُسْلِماً «3»، قال: «خالصا مخلصا لا يشوبه شي ء».

3768/ [4]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ما أبقت الحنيفية شيئا، حتى أن منها قص الأظفار، و أخذ الشارب، و الختان».

3769/ [5]- عن جابر الجعفي، عن محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «ما من أحد من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم (عليه السلام) غيرنا و شيعتنا».

3770/ [6]- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: «قال رسول

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 222.

2- الكافي 2: 13/ 1.

3- المحاسن: 251/ 269.

4- تفسير العيّاشي 1: 388/ 143.

5- تفسير العيّاشي 1: 388/ 144.

6- تفسير العيّاشي 1: 388/ 145.

(1) في المصدر زيادة: فصام رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) هذه الأيّام.

(2) آل عمران 3: 67.

(3) آل عمران 3: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 508

الله (صلى الله عليه و

آله): إن الله عز و جل بعث خليله بالحنيفية، و أمره بأخذ الشارب، و قص الأظفار، و نتف الإبط، و حلق العانة، و الختان».

3771/ [7]- عن عمر بن أبي ميثم، قال: سمعت الحسين بن علي (صلوات الله عليه) يقول: «ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن و شيعتنا، و سائر الناس منها براء».

3772/ [8]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ثم قال: قُلْ لهم يا محمد: أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل آثمة إثم اخرى.

3773/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي و أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب و عبد الله بن محمد الصائغ و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال فيما وصف له من شرائع الدين: «إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، و لا يكلفها فوق طاقتها، و أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، و الله خالق كل شي ء، و لا نقول بالجبر و لا بالتفويض، و لا يأخذ الله عز و جل البري ء بالسقيم، و لا يعذب الله عز و جل الأبناء

«1» بذنوب الآباء فإنه قال في محكم كتابه: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى و قال عز و جل: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى «2».

و لله عز و جل أن يعفو و أن يتفضل، و ليس له تعالى أن يظلم، و لا يفرض الله تعالى على عباده طاعة من يعلم أنه يغويهم و يضلهم، و لا يختار لرسالته، و لا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به و يعبد الشيطان دونه، و لا يتخذ على عباده «3» إلا معصوما».

3774/ [10]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني «4»، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في حديث يروى عن الصادق (عليه السلام) أنه إذا خرج القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟ فقال (عليه السلام): «هو

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 388/ 146.

8- تفسير القمّي 1: 222.

9- التوحيد: 506/ 5، الخصال: 603/ 9.

10- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 273/ 5، علل الشرائع: 229/ 1، ينابيع المودة: 424. [.....]

(1) في «ط» و المصدر: الأطفال.

(2) النجم 53: 39.

(3) في المصدر: على خلقه حجّة.

(4) في «س»: أحمد بن رئاب، عن جعفر الهمداني، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و أحد بن زياد من مشايخ الصدوق و روى عنه كثيرا. راجع معجم رجال الحديث 2: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 509

كذلك».

فقلت: و قول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ما معناه؟ قال: «صدق الله تعالى في جميع أقواله، و لكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون بفعال آبائهم

و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه، و لو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل، و إنما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج، لرضاهم بفعل آبائهم».

قال: فقلت له: بأي شي ء يبدأ القائم (عليه السلام) منكم «1»؟ قال: «يبدأ ببني شيبة، و يقطع أيديهم لأنهم سراق بيت الله عز و جل».

3775/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ قال: في القدر و المال لِيَبْلُوَكُمْ أي ليختبركم فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

3776/ [12]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا نقول درجة واحدة، إن الله يقول:

درجات بعضها فوق بعض، إنما تفاضل القوم بالأعمال».

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 222.

12- تفسير العيّاشي 1: 388/ 147.

(1) في «س»، «ط»: فيكم، و في المصدر زيادة: إذا قام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 511

المستدرك (سورة الأنعام) ..... ص : 511

سورة الأنعام(6): آية 32 ..... ص : 511

قوله تعالى:

وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [32]

[1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)- في حديث- قال: «يا هشام، ثم وعظ أهل العقل و رغبهم في الآخرة، فقال: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 11/ 12، تحف العقول: 384.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 515

سورة الأعراف مكية ..... ص : 515

سورة الأعراف فضلها: ..... ص : 515

3777/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الأعراف في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة، أما إن فيها محكما، فلا تدعوا قراءتها فإنها تشهد يوم القيامة لكل من قرأها».

3778/ [2]- العياشي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الأعراف، في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): أما إن فيها آيا محكمة، فلا تدعوا قراءتها و تلاوتها و القيام بها، فإنها تشهد يوم القيامة لمن قرأها عند ربه».

3779/ [3]- و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة جعل الله يوم القيامة بينه و بين إبليس سترا، و كان لآدم رفيقا، و من كتبها بماء ورد و زعفران و علقها

عليه لم يقربه سبع و لا عدو ما دامت عليه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 105.

2- تفسير العيّاشي 2: 2/ 1.

3- مصباح الكفعمي: 439 و مجمع البيان 4: 608 (قطعة منه)، خواص القرآن: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 516

سورة الأعراف(7): آية 1 ..... ص : 516

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المص [1]

3780/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «المص، معناه أنا الله المقتدر الصادق».

3781/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن حيي بن أخطب، و أخاه أبا ياسر بن أخطب و نفرا من اليهود من أهل نجران أتوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما انزل إليك آلم؟ قال: بلى. قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم. قالوا: لقد بعث الله أنبياء قبلك ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أكل «1» أمته غيرك».

قال (عليه السلام): «فأقبل حيي بن أخطب على أصحابه فقال لهم: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، فهذه إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة «2» ملكه و أكل أمته إحدى و سبعون سنة».

قال (عليه السلام): «ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: يا محمد، هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال:

هاته. قال: المص

قال: هذا أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فهذه مائة و إحدى و ستون سنة، ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: هات. قال: الر «3» قال: هذا أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون و الراء مائتان، فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: هات. قال:

المر «4» قال: هذا أطول و أثقل، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الراء مائتان، ثم قال: فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: لقد التبس علينا أمرك، فما ندري ما أعطيت. ثم قاموا عنه، ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه:

و ما يدريك لعل محمدا قد أجمع هذا كله و أكثر منه!».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن هذه الآيات أنزلت منهن آيات محكمات هن ام الكتاب، و أخر متشابهات، و هي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حيي و أبو ياسر و أصحابه».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 223، سيرة ابن هشام 2: 194 «نحوه».

(1) الأكل: الطعام و الرزق. [.....]

(2) في المصدر: دينه و مدة.

(3) يونس 10: 1، هود 11: 1، يوسف 12: 1، إبراهيم 14: 1، الحجر 15: 1.

(4) الرعد 13: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 517

3782/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، قال: حدثني أبو لبيد البحراني «1»، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) بمكة فسأله عن مسائل فأجابه فيها- فذكر الحديث إلى أن قال:- فقال له: فما المص؟ قال أبو

لبيد: فأجابه بجواب نسيته، فخرج الرجل، فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): «هذا تفسيرها في ظهر «2» القرآن [أ فلا أخبرك بتفسيرها في بطن القرآن ]».

قلت: و للقرآن بطن و ظهر؟ فقال: «نعم، إن لكتاب الله ظاهرا و باطنا، و معاينا و ناسخا و منسوخا، و محكما و متشابها، و سننا و أمثالا، و فصلا و وصلا، و أحرفا و تصريفا، فمن زعم أن كتاب الله مبهم فقد هلك و أهلك».

ثم قال: «أمسك، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون» فقلت: فهذه مائة و إحدى و ستون.

فقال: «يا أبا لبيد، إذا دخلت سنة إحدى و ستين و مائة، سلب الله قوما سلطانهم».

3783/ [4]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن أحمد، قال: حدثني علي بن سليمان بن الخصيب «3»، قال: حدثني الثقة، قال: حدثني أبو جمعة رحمة بن صدقة، قال: أتي رجل من بني امية- و كان زنديقا- جعفر بن محمد (عليهما السلام) فقال له: قول الله في كتابه المص أي شي ء أراد بهذا، و أي شي ء فيه من الحلال و الحرام، و أي شي ء فيه مما ينتفع به الناس؟

قال: فاغتاظ من ذلك جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: «أمسك ويحك! الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، كم معك؟» فقال الرجل: مائة و احدى و ستون. فقال (عليه السلام): «إذا انقضت سنة إحدى و ستين و مائة انقضى ملك أصحابك» «4» قال: فنظرنا، فلما انقضت سنة إحدى و ستين و مائة يوم عاشوراء

__________________________________________________

3-

المحاسن: 270/ 360.

4- معاني الأخبار: 28/ 5.

(1) في المصدر زيادة: المراء الهجرين، و في «س» محلها بياض، و لعلها تصحيف: المرّاني الهجري نسبة إلى مرّان من بني جعفي بن سعد العشيرة و منهم خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي المذكور، و عدّ البرقي و الطوسي: أبا لبيد الهجري من أصحاب الباقر (عليه السّلام). انظر جمهرة أنساب العرب: 409، أنساب السمعاني 5: 249، معجم رجال الحديث 22: 29.

(2) في «ط»: بطن.

(3) في المصدر: حدّثنا سليمان بن الخصيب، و لم نعثر عليهما في المصادر المتوفّرة لدينا.

(4) استظهر صحته العلامة المجلسي في البحار 10: 164 حسب ترتيب الأبجدية عند المغاربة (أبجد، هوّز، حطّي، كلمن، صعفض، قرست، ثخذ، ظغش)، فالصاد المهملة عندهم ستّون، و الضاد المعجمة تسعون، فحينئذ يستقيم ما في أكثر النسخ في عدد المجموع، و لعلّ الاشتباه في قوله: و الصاد تسعون من النسّاخ لظنّهم أنّه مبنيّ على المشهور، و بذلك يصحّ المجموع المذكور و يطابق سنة انهيار و سقوط دولة بني اميّة، أي سنة 131 ه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 518

دخل المسودة «1» الكوفة، و ذهب ملكهم».

3784/ [5]- العياشي: عن أبي جمعة رحمة بن صدقة، قال: أتى رجل من بني امية- و كان زنديقا- جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقال له: قول الله في كتابه: المص أي شي ء أراد بهذا، و أي شي ء فيه من الحلال و الحرام، و أي شي ء في ذا مما ينتفع به الناس؟

قال: فأغاظ «2» ذلك جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: «أمسك ويحك: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، كم معك؟» فقال الرجل: مائة و إحدى و ستون. فقال له جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إذا

انقضت سنة إحدى و ستين و مائة انقضى ملك أصحابك». قال: فنظرنا، فلما انقضت إحدى و ستون و مائة «3» يوم عاشوراء دخل المسودة الكوفة، و ذهب ملكهم.

3785/ [6]- خيثمة الجعفي، عن أبي لبيد المخزومي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا لبيد، إنه يملك من ولد العباس اثنا عشر، يقتل بعد الثامن منهم أربعة، فتصيب أحدهم الذبحة «4» فتذبحه، هم فئة قصيرة أعمارهم، قليلة مدتهم، خبيثة سيرتهم، منهم الفويسق الملقب بالهادي، و الناطق، و الغاوي.

يا أبا لبيد، إن في حروف القرآن المقطعة لعلما جما، إن الله تبارك و تعالى أنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ «5» فقام محمد (صلى الله عليه و آله) حتى ظهر نوره و ثبتت كلمته، و ولد يوم ولد، و قد مضى من الألف السابع مائة سنة و ثلاث سنين» «6» ثم قال: «و تبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، و ليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه إلا و قائم من بني هاشم عند انقضائه».

ثم قال: «الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فذلك مائة و إحدى و ستون، ثم كان بدء خروج الحسين بن علي (عليهما السلام) الم اللَّهُ «7» فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند المص و يقوم قائمنا عند انقضائها ب الر، فافهم ذلك و عه و اكتمه» «8».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 2/ 2.

6- تفسير العيّاشي 2: 3/ 3.

(1) المسوّدة: العباسيّون، لأنّهم اتخذوا السّواد شعارا.

(2) في «ط»: فأغلظ.

(3) انظر هامش (2) من الحديث المتقدم. [.....]

(4) الذّبحة: وجع في الحلق. و قيل: دم يخنق فيقتل «أقرب الموارد- ذبح- 1: 364».

(5) البقرة 2: 1- 2.

(6) في «س»:

مائة سنة و ثلاثون سنة.

(7) آل عمران 3: 1، 2.

(8) انظر شرح الحديث في البحار 52: 106/ 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 519

سورة الأعراف(7): الآيات 2 الي 11 ..... ص : 519

قوله تعالى:

كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ- إلى قوله تعالى- وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ [2- 11] 3786/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ أي ضيق لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ثم خاطب الله تعالى الخلق فقال: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ غير محمد قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ.

3787/ [2]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة: قال الله: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ففي أتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، و في تركه الخطأ المبين».

3788/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا أي عذابنا بَياتاً بالليل أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني نصف النهار. قال: و قوله تعالى: فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ محكم.

3789/ [4]- و عنه: قوله تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ قال: الأنبياء عما حملوا من الرسالة. قال: قوله: فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنَّا غائِبِينَ قال: لم تغب عنا «1» أفعالهم. قال: قوله: وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ قال: المجازاة بالأعمال، إن خيرا فخيرا، و إن شرا فشر، و هو قوله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ قال: بالأئمة يجحدون.

و

قوله: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ أي مختلفة قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي لا تشكرون الله. قال: و قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ أي خلقناكم في أصلاب الرجال ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ في أرحام النساء. ثم قال: و صور ابن مريم في الرحم دون الصلب، و إن كان مخلوقا في أصلاب الأنبياء، و رفع و عليه مدرعة من صوف.

3790/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي «2»، قال: حدثنا

__________________________________________________

1- تفسير القمى 1: 222، 223.

2- تفسير العياشي 2: 9/ 4.

3- تفسير القمى 1: 223.

4- تفسير القمى 1: 224.

5- تفسير القمى 1: 224.

(1) فى المصدر: لم نغب عن.

(2) فى «س»: احمد بن محمد بن عبد الله الحميري، تصحيف، و الصواب ما فى المتن و هما احمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة و شيخه جعفر بن عبدالله راس المدرى العلوي المحمدي. انظر معجم رجال الحديث 4: 75- 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 520

كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ.

قال: «أما خَلَقْناكُمْ فنطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما، و أما صَوَّرْناكُمْ فالعين و الأنف و الأذنين و الفم و اليدين و الرجلين، صور هذا و نحوه، ثم جعل الدميم و الوسيم و الجسيم و الطويل و القصير و أشباه هذا».

سورة الأعراف(7): آية 12 ..... ص : 520

قوله تعالى:

قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [12]

3791/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن

أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس قاس نفسه بآدم، فقال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ و لو قاس الجوهر الذي خلق الله تعالى منه آدم (عليه السلام) بالنار كان ذلك أكثر نورا و ضياء من النار».

3792/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: «يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس؟» قال: نعم. قال:

«لا تقس، فإن أول من قاس إبليس حين قال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فقاس ما بين النار و الطين، و لو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين، و صفاء أحدهما على الآخر».

3793/ [3]- [أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ] «1»، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام) لأبي حنيفة: «ويحك، إن أول من قاس إبليس لما امر بالسجود لآدم قال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ».

3794/ [4]- العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، و كان في علم الله تعالى أنه ليس منهم، فاستخرج الله تعالى ما في نفسه بالحمية فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 47/ 18.

2- الكافي 1: 47/ 20. [.....]

3- المحاسن: 211/ 80، علل الشرائع: 86/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 5.

(1) أثبتناه من المصدر، و في «س»: بياض، و في «ط»: و عنه عن بعض أصحابه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 521

سورة الأعراف(7): الآيات 16 الي 18 ..... ص : 521

قوله تعالى:

لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ

الْمُسْتَقِيمَ- إلى قوله تعالى- مَذْؤُماً مَدْحُوراً [16- 18]

3795/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن حنان و علي بن رئاب، عن زرارة، قال: قلت له:

قول الله عز و جل: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا زرارة، إنما صمد لك و لأصحابك، فأما الآخرون فقد فرغ منهم».

3796/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: [عن ابن محبوب ] «1»، عن حنان بن سدير و علي بن رئاب، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله تعالى: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا زرارة، إنما صمد لك و لأصحابك، فأما الآخرون فقد فرغ منهم».

3797/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصراط الذي قال إبليس: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ الآية، و هو علي (عليه السلام)».

3798/ [4]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ- إلى- شاكِرِينَ، قال: «يا زرارة، إنما عمد لك و لأصحابك، و أما الآخرون فقد فرغ منهم».

3799/ [5]- الطبرسي: عن الباقر (عليه السلام)، في معنى الآية: «مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ أهون عليهم أمر الآخرة وَ مِنْ خَلْفِهِمْ آمرهم بجمع الأموال و منعها «2» عن الحقوق لتبقى لورثتهم وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ أفسد عليهم أمر دينهم، بتزيين الضلالة، و تحسين الشبهة وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ بتحبيب اللذات إليهم، و تغليب الشهوات على قلوبهم».

__________________________________________________

1- الكافي

8: 145/ 118.

2- المحاسن: 171/ 138.

3- تفسير العيّاشي 2: 9/ 6، شواهد التنزيل 1: 61/ 95.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 7.

5- مجمع البيان 4: 623.

(1) أثبتناه من المصدر، لرواية البرقي عن ابن محبوب، و لروايته عن حنان بن سدير و علي بن رئاب. كما في معجم رجال الحديث 5: 89 و ما بعدها.

(2) في المصدر: الأموال و البخل بها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 522

3800/ [6]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: أما بَيْنِ أَيْدِيهِمْ فهو من قبل الآخرة، لأخبرنهم أنه لا جنة و لا نار و لا نشور، و أما خَلْفِهِمْ يقول: من قبل دنياهم آمرهم بجمع الأموال و آمرهم أن لا يصلوا في أموالهم رحما، و لا يعطوا منه حقا، و آمرهم أن يقللوا على ذرياتهم و أخوفهم عليهم الضيعة، و أما عَنْ أَيْمانِهِمْ يقول:

من قبل دينهم، فإن كانوا على ضلالة زينتها لهم، و إن كانوا على هدى جهدت عليهم حتى أخرجهم منه، و أما عَنْ شَمائِلِهِمْ يقول: من قبل اللذات و الشهوات، يقول الله: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ «1».

3801/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: و أما قوله: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً فالمذءوم: المعيب، و المدحور: المقصي، أي ملقى في جهنم.

سورة الأعراف(7): الآيات 19 الي 21 ..... ص : 522

قوله تعالى:

وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ- إلى قوله تعالى- إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ [19- 21] 3802/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فكان كما حكى الله فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا

أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما أي حلف لهما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ.

3803/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، رفعه، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن جنة آدم أمن جنان الدنيا كانت، أم من جنان الآخرة؟

فقال: «كانت من جنان الدنيا، تطلع فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبدا آدم و لم يدخلها إبليس». قال: «أسكنه الله الجنة و أتى بجهالة إلى الشجرة فأخرجه لأنه خلق خلقة لا تبقى إلا بالأمر و النهي و الغذاء و اللباس و الاكتنان «2» و النكاح، و لا يدرك ما ينفعه مما يضره إلا بالتوقيف «3»، فجاءه إبليس، فقال له:

إنكما إذا أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين، و بقيتما في الجنة أبدا، و إن لم تأكلا منها

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 224.

7- تفسير القمّي 1: 224.

1- تفسير القمّي 1: 225.

2- تفسير القمّي 1: 43 [.....]

(1) سبأ 34: 20.

(2) في المصدر: و الأكنان.

(3) التوقيف: نصّ الشارع المتعلّق ببعض الأمور «المعجم الوسيط- وقف- 2: 1051».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 523

أخرجكما الله من الجنة. و حلف لهما أنه لهما ناصح، كما قال الله عز و جل حكاية عنه: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فقبل آدم قوله، فأكلا من الشجرة، فكان كما حكى الله فبدت لهما سوءاتهما، و سقط عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنة و أقبلا يستتران بورق الجنة، فناداهما ربهما: أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ «1» فقالا كما حكى الله عز

و جل عنهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فقال الله لهما: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «3»- قال- إلى يوم القيامة».

قال: «فهبط آدم على الصفا، و إنما سميت الصفا لأن صفوة الله انزل عليها، و نزلت حواء على المروة، و إنما سميت المروة لأن المرأة أنزلت عليها، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنة، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا آدم، الم يخلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته؟ قال: بلى. قال:

و أمرك أن لا تأكل من الشجرة، فلم عصيته؟ قال: يا جبرئيل، إن إبليس حلف لي بالله إنه لي ناصح، و ما ظننت أن خلقا يخلقه الله يحلف بالله كاذبا».

3804/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما اخرج آدم (عليه السلام) من الجنة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا آدم، أليس خلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته، و زوجك حواء أمته، و أسكنك الجنة، و أباحها لك، و نهاك مشافهة أن لا تأكل من هذه الشجرة، فأكلت منها و عصيت الله؟

فقال آدم (عليه السلام): يا جبرئيل، إن إبليس حلف لي بالله إنه لي ناصح، فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا».

سورة الأعراف(7): الآيات 22 الي 24 ..... ص : 523

قوله تعالى:

فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما- إلى قوله تعالى- وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ [22- 24]

3805/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 225.

1- تفسير

القمّي 1: 225.

(1) الأعراف 7: 22.

(2) الأعراف 7: 23.

(3) الأعراف 7: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 524

عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما، قال: «كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت» يعني كانت داخلة.

3806/ [2]- و قال في قوله تعالى: وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ أي يغطيان سوءاتهما به وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ فقالا كما حكى الله تعالى: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فقال الله: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني آدم و إبليس وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ يعني إلى القيامة.

3807/ [3]- العياشي: عن موسى بن محمد بن علي، عن أخيه أبي الحسن الثالث (عليه السلام)، قال: «الشجرة التي نهى الله آدم و زوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما ألا ينظر إلى من فضل الله عليه، و على خلائقه بعين الحسد، و لم يجد الله له عزما».

3808/ [4]- عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما، قال: سألته: كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟

فقال: «إنه لم ينس، و كيف ينسى و هو يذكره، و يقول له إبليس: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ «1»؟!».

3809/ [5]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، رفعه إلى النبي (صلى الله عليه و آله): «أن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بين أبيه آدم (عليه السلام) حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل، فقال له موسى (عليه

السلام): يا آدم، أنت الذي خلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته، و أباح لك جنته، و أسكنك جواره، و كلمك قبلا، ثم نهاك عن شجرة واحدة، فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها، فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها، حتى أغراك إبليس فأطعته، فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك.

فقال له آدم (عليه السلام): أرفق بأبيك- أي بني- محنة ما لقي من أمر هذه الشجرة، يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر و الخديعة، فحلف لي بالله أنه في مشورته علي لمن الناصحين، و ذلك أنه قال لي مستنصحا: إني لشأنك- يا آدم- لمغموم، قلت: و كيف؟ قال: قد كنت آنست بك و بقربك مني، و أنت تخرج مما أنت فيه إلى ما ستكرهه. فقلت له: و ما الحيلة؟ فقال: إن الحيلة هو ذا هو معك، أ فلا أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى؟ فكلا منها أنت و زوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين. و حلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين، و لم أظن- يا موسى- أن أحدا يحلف بالله كاذبا، فوثقت بيمينه، فهذا عذري فأخبرني يا بني، هل تجد فيما أنزل الله تعالى إليك أن خطيئتي كائنة من قبل أن اخلق؟ قال له موسى (عليه السلام): بدهر طويل». قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فحج آدم

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 225.

3- تفسير العيّاشي 2: 9/ 8.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 9.

5- تفسير العيّاشي 2: 10/ 10.

(1) الأعراف 7: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 525

موسى» قال ذلك ثلاثا.

3810/ [6]- عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام)

و أنا حاضر: كم لبث آدم و زوجه في الجنة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى نفخ في آدم (عليه السلام) روحه عند «1» الزوال الشمس من يوم الجمعة، ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه، ثم أسجد له ملائكته و أسكنه جنته من يومه ذلك، فو الله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس، و ما باتا فيها و صيرا بفناء الجنة حتى أصبحا فبدت لهما سوءاتهما و ناداهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة؟! فاستحيا آدم (عليه السلام) من ربه و خضع و قال:

ربنا ظلمنا أنفسنا و اعترفنا بذنوبنا، فاغفر لنا. قال الله لهما: اهبطا من سماواتي إلى الأرض، فإنه لا يجاوزني في جنتي عاص، و لا في سماواتي».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آدم (عليه السلام) لما أكل من الشجرة ذكر أنه نهاه الله عنها فندم، فذهب ليتنحى من الشجرة، فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها و قالت له: أ فلا كان فرارك من قبل أن تأكل مني؟».

3811/ [7]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما.

قال: «كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت» يعني كانت من داخل.

سورة الأعراف(7): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 525

قوله تعالى:

يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ- إلى قوله تعالى- كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ [26- 27]

3812/ [1]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله:

يا بَنِي آدَمَ، قالا: «هي عامة».

3813/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله:

يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ، قال: لباس التقوى: لباس البياض.

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 10/ 11. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 11/ 12.

1- تفسير العيّاشي 2: 11/ 13.

2- تفسير القمّي 1: 225.

(1) في «س» نسخة بدل: بعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 526

3814/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً، قال: «فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، و أما الرياش فالمتاع و المال، و أما لباس التقوى فالعفاف، إن العفيف لا تبدو له عورة، و إن كان عاريا من الثياب، و الفاجر بادي العورة و إن كان كاسبا من الثياب، يقول الله تعالى: وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ يقول: العفاف خير ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ».

و قوله: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فإنه محكم.

سورة الأعراف(7): آية 28 ..... ص : 526

قوله تعالى:

وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها- إلى قوله تعالى- ما لا تَعْلَمُونَ [28] 3815/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قال: الذين عبدوا الأصنام، فرد الله عليهم فقال: قُلْ لهم: إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

3816/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن منصور، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى

اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، فقال: «أ رأيت أحدا يزعم أن الله تعالى أمرنا «1» بالزنا أو شرب الخمور أو بشي ء من المحارم؟» فقلت: لا.

فقال: «فما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله تعالى أمرنا «2» بها؟» فقلت: الله تعالى أعلم و وليه «3».

فقال: «فإن هذه في أئمة الجور، ادعوا أن الله تعالى أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمر الله [بالائتمام ] بهم، فرد الله ذلك عليهم، و أخبرنا أنهم قد قالوا عليه الكذب، فسمى الله تعالى ذلك منهم فاحشة».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب، عن محمد بن منصور، قال: سألته، و ذكر الحديث، و قال في آخره: «فأخبر أنهم قد قالوا عليه

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 225.

1- تفسير القمّي 1: 226.

2- بصائر الدرجات: 54/ 4.

(1) في المصدر: أمر.

(2) في المصدر: أمر.

(3) في «ط»: و رسوله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 527

الكذب، و سمى ذلك منهم فاحشة» «1».

3817/ [3]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «من زعم أن الله أمر بالسوء و الفحشاء فقد كذب على الله تعالى، و من زعم أن الخير و الشر بغير مشيئة منه فقد أخرج الله من سلطانه، و من زعم أن المعاصي عملت بغير قوة الله فقد كذب على الله، و من كذب على الله أدخله الله النار».

3818/ [4]- عن محمد بن منصور، عن عبد صالح، قال: سألته عن قول الله: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً إلى قوله:

أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، فقال: «أ رأيت أحدا يزعم أن الله تعالى أمرنا بالزنا و شرب الخمر و شي ء من هذه المحارم؟» فقلت: لا.

فقال:

«ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله تعالى أمر بها؟ فقلت: الله تعالى أعلم و وليه.

فقال: «إن هذا من أئمة الجور، ادعوا أن الله تعالى أمرهم بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، فأخبرنا أنهم قد قالوا عليه الكذب، فسمى ذلك منهم فاحشة».

3819/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من زعم أن الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله، و من زعم أن الخير و الشر إليه فقد كذب على الله».

سورة الأعراف(7): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 527

قوله تعالى:

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [29] 3820/ [1]- علي بن إبراهيم: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ أي بالعدل.

3821/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن الطاطري، عن ابن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هذه القبلة».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 11/ 14.

4- تفسير العيّاشي 2: 12/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 12/ 16.

1- تفسير القمّي 1: 226. [.....]

2- التهذيب 2: 43/ 134.

(1) تفسير القمّي 1: 305/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 528

3822/ [3]- عنه، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «مساجد محدثة، فأمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام».

3823/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ

كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هو إلى القبلة».

3824/ [5]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله:

وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «مساجد محدثة، فأمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام».

3825/ [6]- أبو بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «هو إلى القبلة، ليس فيها عبادة الأوثان، خالصا مخلصا».

3826/ [7]- عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «يعني الأئمة».

قوله تعالى:

كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ- إلى قوله تعالى- وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [29- 30] 3827/ [1]- علي بن إبراهيم: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي في القيامة فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ أي العذاب، وجب عليهم.

3828/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ.

قال: «خلقهم حين خلقهم مؤمنا و كافرا، و شقيا و سعيدا، و كذلك يعودون يوم القيامة مهتديا و ضالا، يقول:

إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ و هم القدرية الذين يقولون لا قدر،

__________________________________________________

3- التهذيب 2: 43/ 136.

4- تفسير العيّاشي 2: 12/ 17.

5- تفسير العيّاشي 2: 12/ 19.

6- تفسير العيّاشي 2: 12/ 20.

7- تفسير العيّاشي 2: 12/ 18.

1- تفسير القمّي 1: 226.

2- تفسير القمّي 1: 226.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 529

و يزعمون أنهم قادرون على الهدى و الضلالة، و ذلك إليهم إن شاءوا اهتدوا، و إن شاءوا ضلوا، و هم مجوس هذه الامة، و كذب أعداء الله، المشيئة و القدرة لله كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ من خلقه شقيا يوم خلقه، كذلك يعود إليه

شقيا، و من خلقه سعيدا يوم خلقه، كذلك يعود إليه سعيدا. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الشقي من شقي في بطن امه، و السعيد من سعد في بطن امه» «1».

3829/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد ابن محمد السياري «2»، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكرخي «3»، قال: حدثنا حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، في قوله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ: «يعني أئمة الجور دون أئمة الحق وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ».

سورة الأعراف(7): آية 31 ..... ص : 529

قوله تعالى:

يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [31]

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 610/ 81.

(1) المستفاض عن الأئمّة (عليهم السّلام) هو نفي الجبر و التفويض و إثبات الأمر بين الأمرين. و معنى الجبر هو ما ذهب إليه الأشاعرة من أنّ اللّه تعالى أجرى الأعمال على أيدي العباد من غير قدرة مؤثّرة لهم فيها. و أمّا التفويض فهو ما ذهب إليه المعتزلة من أنّه تعالى أوجد العباد و أقدر هم على تلك الأفعال، و فوّض إليه الاختيار. فهم مستقلّون بإيجادها على وفق مشيئتهم و قدرتهم و ليس للّه في أفعالهم صنع.

و معنى الأمر بين الأمرين فهو أنّ لهدآياته و توفيقاته تعالى مدخلا في أفعال العباد بحيث لا يصل إلى حدّ الإلجاء و الاضطرار، كما أنّ سيّدا أمر عبده بشي ء يقدر على فعله، و فهّمه ذلك، و وعده على فعله شيئا

من الثواب، و على تركه شيئا من العقاب. فلو اكتفى من تكليف عبده بذلك و لم يزد عليه مع علمه بأنّه لا يفعل الفعل بمحض ذلك، لم يكن ملوما عند العقلاء لو عاقبه على تركه، و لا يقول عاقل بأنّه أجبره على ترك الفعل، و لو لم يكتف السيّد بذلك و زاد في ألطافه و الوعد بإكرامه و الوعيد على تركه و أكّد ذلك ببعث من يحثّه على الفعل و يرغّبه فيه ثمّ فعل بقدرته و اختياره ذلك الفعل، فلا يقول عاقل بأنّه جبره على ذلك الفعل.

و أمّا الأخبار التي يدلّ ظاهرها على الجبر كهذا الخبر، فالمشهور في تأويلها أنّها منزّلة على العلم الإلهي، فإنّه سبحانه قد علم في الأزل أحوال الخلق في الأبد، و ما يأتونه و ما يذرونه بالاختيار منهم، فلمّا علم منهم هذه الأحوال و أنّها تقع باختيارهم عاملهم بهذه المعاملة، كالخلق من الطينة الخبيثة أو الطينة الطيبة، و حينئذ كتبت الشقاوة و السعادة في الناس قبل أن يجيؤا في حيز الوجود، فعلم اللّه تعالى بكون فلان سعيدا أو شقيا لا يكون علّة للسعادة و الشقاوة فيه بل إنّهما مستندتان إليه بحسب أعماله.

و ذهب السيّد المرتضى علم الهدى (رحمه اللّه) إلى أنّ هذه الأخبار آحاد مخالفة للكتاب و الإجماع. و ذهب ابن إدريس (رحمه اللّه) إلى أنّها أخبار متشابهة يجب الوقوف عندها و تسليم أمرها إليهم (عليهم السّلام).

(2) في «س»، «ط»: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن أحمد السّيّاري، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 2: 332، 15: 27.

(3) في «س»: بياض، و في «ط»: محمّد بن جعفر الكوفي، و الصواب ما أثبتناه، انظر معجم رجال الحديث

16: 247.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 530

3830/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ابن أيوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «في العيدين «1» و الجمعة».

و رواه الشيخ في (التهذيب «2»): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، الحديث.

3831/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «من ذلك التمشط عند كل صلاة».

3832/ [3]- الشيخ: بإسناده عن علي بن حاتم، عن الحسن بن علي «3»، عن أبيه، عن فضالة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل و ليتطيب بما وجد، و ليصل وحده كما يصلي في الجماعة». و قال: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «العيدان و الجمعة».

3833/ [4]- عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد و قال: «في يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون الله عز و جل».

3834/ [5]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن الزبير بن عقبة، عن فضال «4» بن موسى بن

النهدي، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «الغسل عند لقاء كل إمام».

3835/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا، قال: سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 3: 424/ 8. [.....]

2- الكافي 6: 489/ 7.

3- التهذيب 3: 136/ 297.

4- التهذيب 3: 136/ 298.

5- التهذيب 6: 110/ 197.

6- من لا يحضر الفقيه 1: 75/ 319.

(1) في «س»، «ط»: العيد.

(2) التهذيب 3: 241/ 647.

(3) في المصدر: الحسين بن عليّ تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من «س». انظر معجم رجال الحديث 11: 298.

(4) في «س»، «ط»: فضالة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 13: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 531

خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «من ذلك التمشط عند كل صلاة».

3836/ [7]- عنه، قال: حدثنا إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار بفرغانة «1»، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن القاسم بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن جعفر [بن الحسن ] «2» بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري أبو علي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.

قال: «المشط يجلب الرزق، و يحسن الشعر، و ينجز الحاجة، و يزيد في ماء الصلب، و يقطع البلغم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسرح تحت لحيته أربعين مرة، و من فوقها

سبع مرات، و يقول: إنه يزيد في الذهن و يقطع البلغم».

3837/ [8]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هي الثياب».

3838/ [9]- عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «يعني الأئمة».

3839/ [10]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «عشية عرفة».

3840/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال:

«هو المشط عند كل صلاة فريضة و نافلة».

3841/ [12]- عن عمار النوفلي، عن أبيه، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «المشط يذهب بالوباء».

قال: «و كان لأبي عبد الله (عليه السلام) مشط في المسجد يتمشط به إذا فرغ من صلاته».

3842/ [13]- عن المحاملي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «الأردية في العيدين و الجمعة».

!__________________________________________________

7- الخصال: 268/ 3.

8- تفسير العيّاشي 2: 12/ 21.

9- تفسير العيّاشي 2: 13/ 22.

10- تفسير العيّاشي 2: 13/ 24.

11- تفسير العيّاشي 2: 13/ 25. [.....]

12- تفسير العيّاشي 2: 13/ 26.

13- تفسير العيّاشي 2: 13/ 27.

(1) فرغانة: مدينة بما وراء النهر، و هي أيضا قرية من قرى فارس. «مراصد الاطلاع 3: 1029».

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الحسن المثنى بن الحسن السبط. انظر المجدي: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 532

3843/ [14]- عن خيثمة بن أبي خيثمة، قال: كان الحسن بن علي (عليه السلام) إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له: يا بن رسول الله،

لم تلبس أجود ثيابك؟

فقال: «إن الله تعالى جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، و هو يقول: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فأحب أن ألبس أجود ثيابي».

3844/ [15]- الطبرسي، في معنى الآية: أي خذوا زينتكم «1» التي تتزينون بها للصلاة في الجمعات و الأعياد، عن أبي جعفر (عليه السلام).

3845/ [16]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال له: إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فنطلي، و لا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فنتدلك بالدقيق، و قد دخلني من ذلك ما الله أعلم به؟ فقال: «أ مخافة الإسراف؟» قلت: نعم. فقال: «ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي «2» فيلت بالزيت، فأتدلك به، إنما الإسراف فيما أفسد المال و أضر بالبدن».

قلت: فما الإقتار؟ قال: «أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره».

قلت: فما القصد؟ قال: «الخبز و اللحم و اللبن و الخل و السمن، مرة هذا، و مرة هذا».

3846/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما نهي عن حد «3» الإسراف؟

فقال: «إبذالك ثوب صونك، و إهراقك فضل إنائك، و أكلك التمر و رميك النوى ها هنا و ها هنا».

3847/ [18]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن

إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟

قال: «نعم». قلت: عشرون؟ قال: «نعم». قلت: ثلاثون؟ قال: «نعم، ليس هذا من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلك».

3848/ [19]- العياشي: عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ ترى الله أعطى من أعطى من

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 14/ 29.

15- مجمع البيان 4: 637.

16- الكافي 4: 53/ 10.

17- الكافي 4: 56/ 10.

18- الكافي 6: 441/ 4.

19- تفسير العيّاشي 2: 13/ 23.

(1) في المصدر: ثيابكم.

(2) النّقيّ: الدقيق الجيّد «المعجم الوسيط- نقا- 2: 650».

(3) في المصدر: ما يجي ء من حدّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 533

كرامته عليه، و منع من منع من هوان به عليه؟! لا، و لكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، و جوز لهم أن يأكلوا قصدا، و يشربوا قصدا، و يلبسوا قصدا، و ينكحوا قصدا، و يركبوا قصدا، و يعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، و يلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا، و يشرب حلالا، و يركب حلالا، و ينكح حلالا، و من عدا ذلك كان عليه حراما- ثم قال- وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ أ ترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم و يجزيه فرس بعشرين درهما؟! و يشتري جارية بألف دينار و تجزيه جارية بعشرين دينارا؟! و قال: وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

3849/ [20]- عن هارون بن خارجة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من سأل الناس شيئا و عنده ما يقوته يومه فهو من المسرفين».

3850/ [21]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية:

إن أناسا كانوا يطوفون عراة بالبيت، الرجال بالنهار، و النساء بالليل، فأمرهم الله بلبس الثياب، و كانوا لا يأكلون إلا قوتا، فأمرهم الله أن يأكلوا و يشربوا و لا يسرفوا. و قال: في العيدين و الجمعة يغتسل و تلبس الثياب البيض. و روي أيضا: المشط عند كل صلاة.

سورة الأعراف(7): آية 32 ..... ص : 533

قوله تعالى:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [32]

3851/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله بن عباس إلى ابن الكواء و أصحابه، و عليه قميص رقيق و حلة، فلما نظروا إليه قالوا: يا بن عباس، أنت خيرنا في أنفسنا، و أنت تلبس هذا اللباس! فقال: و هذا أول ما أخاصمكم فيه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، و قال الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ «1»».

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 14/ 28. [.....]

21- تفسير القمّي 1: 228.

1- الكافي 6: 441/ 6.

(1) الأعراف 7: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 534

3852/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن يونس بن إبراهيم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، و علي جبة خز و طيلسان خز، فنظر إلي، فقلت: جعلت فداك، علي جبة خز و طيلسان خز، فما تقول فيه؟ فقال: «لا بأس بالخز» قلت: و

سداه «1» إبريسم؟ فقال: «و ما بأس بإبريسم، فقد أصيب الحسين (عليه السلام) و عليه جبة خز».

ثم قال: «إن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج يواقفهم، لبس أفضل ثيابه، و تطيب بأفضل طيبه، و ركب أفضل مراكبه، فخرج، فواقفهم، فقالوا: يا بن عباس، بينا أنت أفضل الناس إذ أتيتنا في لباس الجبابرة و مراكبهم! فتلا عليهم هذه الآية: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فألبس و أتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال، و ليكن من حلال».

3853/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، رفعه «2»، قال: مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله (عليه السلام) و عليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: و الله لآتينه و لأوبخنه. فدنا منه، فقال: يا بن رسول الله، و الله ما لبس رسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل هذا اللباس، و لا علي، و لا أحد من آبائك.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في زمان قتر مقتر، و كان يأخذ لقتره و اقتداره «3»، و إن الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها «4»، فأحق أهلها بها أبرارها- ثم تلا- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله عز و جل غير أني- يا ثوري- ما ترى علي من ثوب إنما ألبسه «5» للناس» ثم اجتذب يد سفيان فجرها إليه، ثم رفع الثوب الأعلى و أخرج ثوبا تحت ذلك على جلده

غليظا، فقال (عليه السلام): «هذا ألبسه «6» لنفسي، و ما رأيته للناس» ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن، و داخل ذلك الثوب لين، فقال: «لبست هذا الأعلى للناس، و لبست هذا لنفسك تسرها» «7».

3854/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) متكئا علي- أو قال: على أبي- فلقيه عباد بن كثير البصري، و عليه ثياب مروية حسان،

__________________________________________________

2- الكافي 6: 442/ 7.

3- الكافي 6: 442/ 8.

4- الكافي 6: 443/ 13.

(1) السدى: خلاف لحمة الثّوب، و قيل: أسفله، و قيل: ما مدّ منه. «لسان العرب- سدا- 14: 375».

(2) في «س»: محمّد بن عليّ بن فضّال، تصحيف، انظر معجم رجال الحديث 16: 287.

(3) في «ط»: و إقتاره.

(4) أرخت الدنيا عزاليها: كثر نعيمها. «المعجم الوسيط- عزل- 2: 599».

(5) في «ط»: لبسته.

(6) في «ط»: هذه اللبسة.

(7) في «ط»: تسترها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 535

فقال: يا أبا عبد الله، إنك من أهل بيت النبوة، و كان أبوك، و كان، فما هذه الثياب المروية عليك، فلو لبست دون هذه الثياب؟

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «ويلك- يا عباد- مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ؟ إن الله عز و جل إذا أنعم على عبده «1» نعمة أحب أن يراها عليه، ليس بها بأس» الحديث.

3855/ [5]- و عنه: عن العدة، عن سهل، عن محمد بن عيسى «2»، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن (عليه السلام) عنه (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب و يلبس الخشن و

يتخشع «3»! فقال: «أما علمت أن يوسف (عليه السلام) نبي ابن نبي كان يلبس أقبية «4» الديباج مزررة «5» بالذهب، و كان يجلس في مجالس آل فرعون يحكم؟ فلم يحتج الناس إلى لباسه، و إنما احتاجوا إلى قسطه، و إنما يحتاج من الإمام «6» أن إذا قال صدق، و إذا وعد أنجز، و إذا حكم عدل، إن الله لا يحرم طعاما و لا شرابا من حلال، و إنما حرم الحرام قل أو كثر، و قد قال الله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3856/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن أحمد، عن علي بن النعمان، عن صالح بن حمزة، عن أبان بن مصعب، عن يونس بن ظبيان- أو المعلى بن خنيس- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما لكم من هذه الأرض؟ فتبسم، ثم قال: «إن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل (عليه السلام) و أمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض، منها سيحان، و جيحان، و هو نهر بلخ، و الخشوع: و هو نهر الشاش، و مهران:

و هو نهر الهند، و نيل مصر، و دجلة و الفرات، فما سقت و استقت «7» فهو لنا، و ما كان لنا فهو لشيعتنا، و ليس لعدونا منه شي ء إلا ما غضب عليه، و إن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه- يعني ما بين السماء و الأرض، ثم تلا هذه الآية-: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا المغصوبين عليها خالِصَةً لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني بلا غصب».

3857/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،

عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن

__________________________________________________

5- الكافي 6: 453/ 5. [.....]

6- الكافي 1: 337/ 5.

7- الكافي 6: 451/ 4.

(1) في «ط»: عبد.

(2) في المصدر: حميد بن زياد، عن محمّد بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه من «س»، و كذا في معجم رجال الحديث 6: 292.

(3) في «ط»: و يخشع.

(4) في «س»: ألبسة.

(5) في المصدر: مزرورة.

(6) في المصدر زيادة: في.

(7) في المصدر: أو استقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 536

الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «كان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس في الشتاء الخز و المطرف الخز و القلنسوة الخز فيشتو فيه، و يبيع المطرف في الصيف و يتصدق بثمنه، ثم يقول: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3858/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة «1»، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، و هو في بيت منجد «2»، و عليه قميص رطب، و ملحفة مصبوغة قد أثر الصبغ على عاتقه، فجعلت أنظر إلى البيت و أنظر إلى هيئته «3»، فقال: «يا حكم، ما تقول في هذا؟» فقلت: و ما عسيت أن أقول و أنا أراه عليك؟ و أما عندنا فإنما يفعله الشاب المرهق «4»، فقال: «يا حكم، مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ؟! و هذا مما أخرج الله لعباده، فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة، و أنا قريب العهد بالعرس، و بيت المرأة «5» الذي تعرف».

3859/ [9]- محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد «6» بن

أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث طويل- إلى أن قال: قال لي: «ما تقول في اللباس الخشن «7»؟» فقلت: بلغني أن الحسن (عليه السلام) كان يلبس، و أن جعفر بن محمد (عليهما الصلاة و السلام) كان يأخذ الثوب الجديد فيأمر به فيغمس في الماء.

فقال لي: «البس و تجمل، فإن علي بن الحسين (عليهما السلام) كان يلبس الجبة الخز بخمس مائة درهم، و المطرف الخز بخمسين دينارا فيشتو «8» فيه، فإذا خرج الشتاء باعه و تصدق بثمنه، و تلا هذه الآية: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3860/ [10]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق

__________________________________________________

8- الكافي 6: 446/ 1.

9- قرب الأسناد: 157.

10- أمالي الشيخ الطوسي 1: 25، أمالي الشيخ المفيد: 263/ 3.

(1) في «س»: الحكم بن عينية، و في «ط»: الحكم بن عيينة، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 6: 172.

(2) النّجد: ما يزيّن به البيت من البسط و الوسائد و الفرش. «لسان العرب- نجد- 3: 416». [.....]

(3) في «س»: هيبته.

(4) المرهّق: الموصوف بالجهل و خفّة العقل. و الظاهر أنّها المراهق: أي الغلام الذي قارب الاحتلام.

(5) في المصدر: و بيتي البيت.

(6) (عن أحمد بن محمّد) ليس في «س»، «ط»: و الصواب إثباته كما في المصدر، و راجع معجم رجال الحديث 2: 237.

(7) في المصدر: الحسن.

(8) في المصدر: فيتشتّى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 537

إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان «1»،

قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سيف «2»، عن فضيل بن خديج «3»، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد ابن أبي بكر مصر و أعمالها، كتب له كتابا، و أمره أن يقرأه على أهل مصر، و ليعمل بما وصاه به فيه، و كان الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر و محمد بن أبي بكر- و ذكر الحديث بطوله و كان بعضه- و اعلموا- يا عباد الله- أن المتقين حازوا عاجل الخير و آجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله في الدنيا ما أبقاهم «4» به و أغناهم، قال الله عز و جل:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوا منها «5» بأفضل ما أكلت، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم و أكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، و شربوا من طيبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوجوا من أفضل ما يتزوجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، و هم غدا جيران الله تعالى يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، و لا يرد لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا- يا عباد الله- اشتاق من كان له عقل و يعمل له بتقوى الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله.

يا عباد الله،

إن اتقيتم و حفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، و ذكرتموه بأفضل ما ذكر، و شكرتموه بأفضل ما شكر، و أخذتم بأفضل الصبر و الشكر، و اجتهدتم أفضل الاجتهاد، و إن كان غيركم أطول منكم صلاة، و أكثر منكم صياما، فأنتم أتقى لله منهم، و أنصح لأولي الأمر».

و الحديث طويل، ذكرنا كثيرا منه في قوله تعالى: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «6» الآية، من سورة هود.

3861/ [11]- العياشي: عن الحكم بن عتيبة، قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) و عليه إزار أحمر، قال: فأحددت النظر إليه، فقال: «يا أبا محمد، إن هذا ليس به بأس- ثم تلا- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 14/ 30.

(1) في بعض الموارد عن غارات الثقفي: محمّد بن عبد اللّه بن عثمان، و هو في كلا الضبطين يروي عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه بن أبي سيف المدائني، المورّخ المعروف.

(2) في المصدرين و «س»، «ط»: سعيد، تصحيف صوابه ما أثبتناه من عدّة موارد في الغارات، روى فيها عن فضيل بن خديج، انظر التعليقة السابقة و تاريخ بغداد 12: 54، سير أعلام النبلاء 10: 400.

(3) في المصدرين و «س»: فضيل بن الجعد، و في «ط»: فضيل بن أبي الجعد، تصحيف صوابه ما أثبتناه من عدّة موارد في الغارات، و انظر الجرح و التعديل 7: 72، لسان الميزان 4: 453 و التعليقة السابقة.

(4) في المصدر: ما كفاهم.

(5) في المصدر: و أكلوها.

(6) هود 11: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 538

3862/ [12]- عن الوشاء، عن الرضا (عليه السلام) قال: «كان علي

بن الحسين (عليهما السلام) يلبس الجبة و المطرف من الخز، و القلنسوة، و يبيع المطرف و يتصدق بثمنه، و يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3863/ [13]- عن يوسف بن إبراهيم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و علي جبة خز، و طيلسان خز فنظر إلي، فقلت: جعلت فداك، علي جبة خز و طيلسان خز، ما تقول فيه؟ فقال: «و ما بأس بالخز». قلت: و سداه إبريسم؟ فقال: «لا بأس به، قد أصيب الحسين بن علي (عليه السلام) و عليه جبة خز».

ثم قال: «إن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه، و تطيب بأفضل «1» طيبه، و ركب أفضل مراكبه، فخرج إليهم فواقفهم، فقالوا: يǠبن عباس، بينا «2» أنت خير الناس إذ أتيتنا في لباس من لباس الجبابرة و مراكبهم! فتلا هذه الآية قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ألبس و أتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال، و ليكن من حلال».

3864/ [14]- عن العباس بن هلال الشامي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب و يلبس الخشن و يتخشع! قال: «أما علمت أن يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي، كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، و يجلس في مجالس آل فرعون يحكم؟ فلم يحتج الناس إلى لباسه، و إنما احتاجوا إلى قسطه، و إنما يحتاج من الإمام أن إذا قال صدق، و إذا وعد أنجز، و إذا حكم عدل، إن الله لم يحرم طعاما و لا شرابا من حلال، و إنما حرم الحرام

قل أو كثر، و قد قال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3865/ [15]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يلبس الثوب بخمس مائة دينار، و المطرف بخمسين دينارا يشتو فيه، فإذا ذهب الشتاء باعه و تصدق بثمنه».

3866/ [16]- و في خبر عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين «3» (عليه السلام)، أنه كان يشتري الكساء الخز بخمسين دينارا، فإذا صاف تصدق به، و لا يرى بذلك بأسا، و يقرأ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 14/ 31. [.....]

13- تفسير العيّاشي 2: 15/ 32.

14- تفسير العيّاشي 2: 15/ 33.

15- تفسير العيّاشي 2: 16/ 34.

16- تفسير العيّاشي 2: 16/ 35.

(1) في المصدر: بأطيب.

(2) في المصدر نسخة بدل: بيننا.

(3) في «س»، «ط»: عن أبيه الحسين، و ما في المتن هو الأنسب. انظر معجم رجال الحديث 13: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 539

سورة الأعراف(7): آية 33 ..... ص : 539

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [33]

3867/ [1]- الشيخ: بإسناده عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ ما ظهر نكاح امرأة الأب، و ما بطن:

الزنا».

3868/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب، عن محمد بن منصور،

قال: سألت عبدا صالحا عن قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ.

قال: فقال: «إن القرآن له ظهر و بطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الحق».

3869/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابنا، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه «1» عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قال: «قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ فأما قوله: ما ظَهَرَ مِنْها يعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر الفواحش في الجاهلية.

و أما قوله عز و جل: وَ ما بَطَنَ يعني ما نكح من أزواج الآباء، لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها، تزوجها ابنه من بعده، إذا لم تكن امه، فحرم الله عز و جل ذلك، و أما الْإِثْمَ فإنها الخمر بعينها».

3870/ [4]- العياشي: عن محمد بن منصور، قال: سألت عبدا صالحا عن قول الله: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ.

__________________________________________________

1- التهذيب 7: 472/ 1894.

2- الكافي 1: 305/ 10.

3- الكافي 6: 406/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 16/ 36.

(1) (عن أبيه) ليس في «ط» و «س» و الصواب إثباته كما في المصدر، و انظر معجم رجال الحديث 11: 228.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 540

قال:

«إن القرآن له ظهر و بطن، فجميع ما حرم في الكتاب هو في الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحل الله في الكتاب هو في الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الحق».

3871/ [5]- علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما من أحد أغير «1» من الله تبارك و تعالى، و من أغير ممن حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن؟!».

3872/ [6]- علي بن يقطين، قال: سأل المهدي أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمر، فقال: هل هي محرمة في كتاب الله؟ فإن الناس يعرفون النهي، و لا يعرفون التحريم. فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «بل هي محرمة».

قال: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله، يا أبا الحسن؟ قال: «قول الله تبارك و تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، فأما قوله: ما ظَهَرَ مِنْها فيعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية، و أما قوله: وَ ما بَطَنَ يعني ما نكح من الآباء، فإن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها، تزوجها ابنه من بعده، إذا لم تكن امه، فحرم الله ذلك، و أما الْإِثْمَ فإنها الخمر بعينها، و قد قال الله في موضع آخر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ «2»، فأما الإثم في كتاب الله فهو الخمر، و الميسر فهو النرد، و إثمهما كبير كما قال. و أما قوله: الْبَغْيَ «فهو

الزنا سرا».

قال: فقال المهدي: هذه و الله فتوى هاشمية.

قلت: تقدم هذا الحديث مسندا من طريق محمد بن يعقوب، في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ من سورة البقرة «3».

3873/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ، قال: من ذلك أئمة الجور وَ الْإِثْمَ يعني به الخمر وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و هذا رد على من قال في دين الله بغير علم، و حكم فيه بغير حكم الله، فعليه مثل ما على من أشرك بالله و استحل المحارم و الفواحش، فالقول على الله محرم بغير علم مثل هذه المعاني.

سورة الأعراف(7): الآيات 34 الي 39 ..... ص : 540

قوله تعالى:

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 16/ 37.

6- تفسير العيّاشي 2: 17/ 38، الكافي 6: 406/ 1. [.....]

7- تفسير القمّي 1: 230.

(1) في المصدر في موضعين: أعزّ.

(2) البقرة 2: 219.

(3) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (219) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 541

- إلى قوله تعالى- فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [34- 39]

3874/ [1]- العياشي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ، قال: «هو الذي يسمى لملك الموت».

قلت: قد تقدمت الروايات في هذه الآية بهذا المعنى في قوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ من سورة الأنعام «1».

3875/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها فإنه محكم. و قوله فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً

أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ أي ينالهم ما في كتابنا من عقوبات المعاصي. و قوله: قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي بطلوا. قال:

قوله تعالى: قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً يعني اجتمعوا. و قوله: أُخْتَها أي التي كانت بعدها تبعوهم على عبادة الأصنام. و قوله تعالى: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا يعني أئمة الجور.

3876/ [3]- الطبرسي في قوله تعالى: رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا، قال الصادق (عليه السلام): «يعني أئمة الجور».

3877/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ فقال الله: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ ثم قال أيضا: وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ قالوا شماتة بهم.

3878/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال في قوله تعالى: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ «2»: «إذ دعونا إلى سبيلهم، ذلك قول الله عز و جل فيهم حين جمعهم إلى النار: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ و قوله: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً برى ء بعضهم من بعض، و لعن بعضهم بعضا، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج،

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 17/ 39.

2- تفسير القمّي 1: 230.

3- مجمع البيان 4: 644.

4- تفسير القمّي 1: 230.

5- الكافي 2: 26/ 1.

(1)

تقدّمت في تفسير الآية (2) من سورة الأنعام

(2) الشعراء 26: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 542

فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم، و ليس بأوان بلوى، و لا اختبار، و لا قبول معذرة، و لات حين نجاة».

سورة الأعراف(7): الآيات 40 الي 43 ..... ص : 542

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ- إلى قوله تعالى- أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [40- 43] 3879/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا إلى قوله: سَمِّ الْخِياطِ،

قال: حدثني أبي، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن ضريس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في طلحة و الزبير، و الجمل جملهم».

3880/ [2]- العياشي: عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ، قال: «نزلت في طلحة و الزبير، و الجمل جملهم».

3881/ [3]- و روي عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث قبض روح الكافر- و قال: «تخرج روحه، فيضعها ملك الموت بين مطرقة و سندان، فيفضخ أطراف أنامله، و آخر ما يشدخ منه العينان، فتسطع لها ريح منتنة يتأذى منها أهل النار «1» كلهم أجمعون، فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا. فيلعنه الله، و يلعنه اللاعنون، فإذا اوتي بروحه إلى السماء الدنيا أغلقت عنه أبواب السماء، و ذلك قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ

وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ يقول الله تعالى: ردوها عليه مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى «2»».

و تقدم بزيادة في قوله تعالى: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ الآية، من سورة الأنعام «3».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 230.

2- تفسير العيّاشي 2: 17/ 40.

3- الاختصاص: 360. [.....]

(1) في المصدر: أهل السماء.

(2) طه 20: 55.

(3) تقدم في الحديث (10) من تفسير الآيتين (93- 94) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 543

3882/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: و الدليل على أن جنان الخلد في السماء قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، و الدليل على أن النيران في الأرض قوله في سورة مريم: وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا «1» و معنى حَوْلَ جَهَنَّمَ البحر المحيط بالدنيا يتحول نيرانا، و هو قوله: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ «2» ثم يحضرهم الله حول جهنم، و يوضع الصراط من الأرض إلى الجنان، و قوله: جِثِيًّا أي على ركبهم، ثم قال: وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا «3» يعني في الأرض إذا تحولت نيرانا.

3883/ [5]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) أنه قال: «أما المؤمنون فترفع أعمالهم و أرواحهم إلى السماء، فتفتح لهم أبوابها، و أما الكافر فيصعد بعمله و روحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد: اهبطوا به إلى سجين، و هو واد بحضر موت يقال له:

برهوت».

3884/ [6]- المفيد في (الاختصاص): روى أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي «4»، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا أراد الله تبارك و تعالى قبض روح عبده المؤمن، قال: يا ملك الموت، انطلق أنت و أعوانك إلى عبدي، فطالما نصب نفسه من أجلي، فأتني بروحه لأريحه عندي.

فيأتيه ملك الموت بوجه حسن، و ثياب طاهرة، و ريح طيبة، فيقوم بالباب، فلا يستأذن بوابا، و لا يهتك حجابا، و لا يكسر بابا، معه خمس مائة ملك أعوان، معهم طنان الريحان، و الحرير الأبيض، و المسك الأذفر فيقولون: السلام عليك يا ولي الله، أبشر فإن الرب يقرئك السلام، أما إنه عنك راض غير غضبان، و أبشر بروح و ريحان و جنة نعيم».

قال: «أما الروح فراحة من الدنيا و بلواها «5»، و أما الريحان من كل طيب في الجنة، فيوضع على ذقنه فيصل ريحه إلى روحه، فلا يزال في راحة حتى تخرج نفسه، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة، فيسقيه شربة من الجنة لا يعطش في قبره و لا في القيامة حتى يدخل الجنة ريانا، فيقول: يا ملك الموت، رد روحي، حتى تثني روحي على جسدي، و جسدي على روحي- قال:- فيقول ملك الموت: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فتقول الروح:

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 230.

5- مجمع البيان 4: 646.

6- الاختصاص: 345.

(1) مريم 19: 66- 68.

(2) التكوير 81: 6.

(3) مريم 19: 72.

(4) في «س» زيادة: عن أبي عبد اللّه، و هو سهو.

(5) في المصدر: و بلائها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 544

جزاك الله من جسد

خير الجزاء، لقد كنت في طاعة الله مسرعا، و عن معاصيه مبطئا، فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء، فعليك السلام إلى يوم القيامة. و يقول الجسد للروح مثل ذلك».

قال: «فيصيح ملك الموت بالروح: أيتها الروح الطيبة، اخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة- قال:- فرأفت «1» به الملائكة، و فرجت عنه الشدائد، و سهلت له الموارد، و صار لحيوان الخلد».

قال: «ثم يبعث الله له صفين من الملائكة، غير القابضين لروحه، فيقومون سماطين ما بين منزله إلى قبره، يستغفرون له، و يشفعون له. قال: فيعلله ملك الموت، و يمنيه و يبشره عن الله بالكرامة و الخير، كما تخادع الصبي امه، تمرخه بالدهن و الريحان و بقاء النفس، و تفديه بالنفس و الوالدين».

قال: «فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه: يا ملك الموت، ارأف بصاحبنا و ارفق، فنعم الأخ كان، و نعم الجليس، لم يمل علينا ما يسخط الله قط. فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء، وضعت في مسكة بيضاء، و من كل ريحان في الجنة، فأدرجت إدراجا، و عرج بها القابضون إلى السماء الدنيا. قال: فتفتح له أبواب السماء، و يقول لها البوابون: حياه الله من جسد كانت فيه، لقد كان يمر له علينا عمل صالح، و نسمع حلاوة صوته بالقرآن».

قال: «فتبكي له أبواب السماء، و البوابون لفقده و تقول: يا رب، قد كان لعبدك هذا عمل صالح، و كنا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن. و يقولون: اللهم ابعث لنا مكانه عبدا صالحا يسمعنا ما كان يسمعنا. و يصنع الله ما يشاء، فيصعد به إلى حيث رحبت «2» به ملائكة السماء كلهم أجمعون، و يشفعون له، و يستغفرون له، و يقول الله تبارك و تعالى: رحمتي

عليه من روح. و تتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه، فيقول بعضهم لبعض:

ذروا هذه الروح حتى تفيق، فقد خرجت من كرب عظيم. و إذا هو استراح أقبلوا عليه يسألونه و يقولون: ما فعل فلان و فلان، فإن كان قد مات بكوا و استرجعوا، و يقولون: ذهبت به امه الهاوية، فإنا لله و إنا إليه راجعون- قال:- فيقول الله: ردوها عليه، فمنها خلقتهم، و فيها أعيدهم، و منها أخرجهم تارة اخرى».

3885/ [7]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ أي مواضع وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أي نار تغشاهم «3».

قال: قوله تعالى: لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي ما يقدرون عليه. قال: و قوله تعالى: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال: العداوة تنزع منهم- أي من المؤمنين- في الجنة، إذا دخلوها قالوا كما حكى الله:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 231.

(1) في «ط»: فرقت.

(2) في «ط»: عيش رحّب، و في المصدر: عيش رحبّت. [.....]

(3) في «ط»: أي أغطية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 545

3886/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد «1»، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن هلال «2»، عن أبيه «3»، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ.

قال: «إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي (صلى الله عليه و آله) و بأمير المؤمنين و الأئمة من

ولده، فينصبون «4» للناس، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ يعني: هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين و الأئمة من ولده (عليهم السلام)».

سورة الأعراف(7): آية 44 ..... ص : 545

قوله تعالى:

وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [44]

3887/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «المؤذن: أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، يؤذن أذانا يسمع الخلائق كلها، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل في سورة براءة: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «5» فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت أنا الأذان في الناس».

3888/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

قال: «المؤذن: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

8- الكافي 1: 346/ 33.

1- تفسير القمّي 1: 231، ينابيع المودة: 101.

2- الكافي 1: 352/ 70.

(1) في «س»: أحمد بن محمّد، و في «ط»: الحسين بن سعيد، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري، من مشايخ الكليني، و الراوي عن المعلّى. كذا في معجم رجال الحديث 6: 73.

(2) في «س» و «ط»: المعلّى بن محمّد، عن أحمد بن هلال، و الصواب ما في المتن. و الظاهر أنّه أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن مروان الأنباري، شيخ المعلّى و الراوي عن

أحمد بن هلال. انظر معجم رجال الحديث 2: 286.

(3) في «س» زيادة: عن عليّ القيني، و في «ط» نسخة بدل: عليّ القيسي، و هو سهو، حيث لم يرو عنه هلال، و لم يرو هو عن أبي السفاتج. انظر معجم رجال الحديث 19: 312، 21: 174.

(4) في «س»: و يشفعون.

(5) التّوبة 9: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 546

3889/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفة من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه و يعيبه «1» و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة إلى أن قال (عليه السلام) فيها:- و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «2» و أنا ذلك الأذان».

3890/ [4]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قوله: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، قال: «المؤذن أمير المؤمنين (عليه السلام)».

3891/ [5]- الطبرسي: قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بإسناده عن محمد بن الحنيفة، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «أنا ذلك المؤذن».

3892/ [6]- عنه: بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنه قال: لعلي (عليه السلام) في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس، قوله: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فهو المؤذن

بينهم ] يقول: «ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي و استخفوا بحقي».

3893/ [7]- ابن الفارسي في (الروضة): قال الباقر (عليه السلام): وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ قال: «المؤذن علي (عليه السلام)».

سورة الأعراف(7): الآيات 46 الي 50 ..... ص : 546

قوله تعالى:

وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ- إلى قوله تعالى:- حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [46- 50]

3894/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 59/ 9، ينابيع المودة: 101.

4- تفسير العيّاشي 2: 17/ 41، شواهد التنزيل 1: 203/ 263.

5- مجمع البيان 4: 651، شواهد التنزيل 1: 202/ 262، ينابيع المودة: 101.

6- مجمع البيان 4: 651، ينابيع المودة: 101.

7- روضة الواعظين: 105. [.....]

1- الكافي 1: 141/ 9، ينابيع المودة: 102.

(1) في المصدر: و يلعنه.

(2) التّوبة 9: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 547

عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

فقال: نحن على الأعراف، و نحن نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله عز و جل إلا بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف يوقفنا «1» الله عز و جل يوم القيامة على الصراط «2»، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه.

إن الله تبارك و تعالى لو شاء لعرف الناس «3» نفسه حتى يعرفوا حده، و

يأتوه من بابه «4» و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله، و بابه «5» الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به، و لا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة، يفرغ بعضها في بعض، و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها، و لا انقطاع».

3895/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم مولى طربال، قال:

حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ستة أصناف» قال: قلت: أ تأذن لي أكتبها؟ قال: «نعم». قلت: ما أكتب؟ قال: «اكتب» و ذكر الحديث إلى أن قال: «و اكتب أصحاب الأعراف» قال:

قلت: و ما أصحاب الأعراف؟ قال: «قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم، و إن أدخلهم الجنة فبرحمته».

و قد ذكرت الحديث بطوله في تفسير قوله تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «6».

3896/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، جميعا، عن زرارة، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «ما تقول في أصحاب الأعراف؟» فقلت: ما هم إلا مؤمنون أو كافرون، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون، و إن دخلوا النار فهم كافرون. فقال: «و الله ما هم بمؤمنين، و لا كافرين، و لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون، و لو كانوا كافرين لدخلوا

النار كما دخلها الكافرون، و لكنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فقصرت بهم الأعمال، و إنهم

__________________________________________________

2- الكافي 2: 281/ 1.

3- الكافي 2: 299/ 1.

(1) في المصدر: يعرّفنا.

(2) في «س»: بين الجنّة و النار.

(3) في المصدر: العباد.

(4) (حتى ... من بابه) ليس في المصدر.

(5) في المصدر: و الوجه.

(6) تقدم في الحديث (4) من تفسير الآيات (94- 99) من سورة النساء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 548

كما قال الله عز و جل».

فقلت: أمن أهل الجنة هم، أو من أهل النار؟ فقال: اتركهم حيث تركهم الله».

قلت: أ فترجئهم؟ قال: «نعم، أرجئهم كما أرجأهم الله، إن شاء أدخلهم الجنة برحمته، و إن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم، و لم يظلمهم».

فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: «لا».

قلت: فهل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: «لا، إلا أن يشاء الله، يا زرارة إني أقول: ما شاء الله [و أنت لا تقول:

ما شاء الله ] أما إنك إن كبرت رجعت، و تحللت عنك عقدك».

3897/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن علي (عليهما السلام)، في خطبة أشير إليها قريبا قال (عليه السلام): «و نحن أصحاب الأعراف، أنا و عمي و أخي و ابن عمي، و الله فالق الحب و النوى، لا يلج النار لنا محب، و لا يدخل الجنة لنا مبغض، يقول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ».

3898/ [5]- سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات)، قال: حدثنا محمد

بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي سلمة سالم «1» بن مكرم الجمال، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

قال: «نحن أولئك الرجال، الأئمة منا يعرفون من يدخل النار، و من يدخل الجنة، كما تعرفون في قبائلكم الرجل منكم، فيعرف من فيها من صالح أو طالح».

3899/ [6]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

3900/ [7]- و عنه، قال: حدثني أبو الجوزاء بن المنبه «2» بن عبد الله التميمي، قال: حدثني الحسين بن علوان

__________________________________________________

4- معاني الأخبار: 59/ 9.

5- مختصر بصائر الدرجات: 51.

6- مختصر بصائر الدرجات: 52. [.....]

7- مختصر بصائر الدرجات: 52.

(1) في «س» و «ط»: أبي سلمة بن سالم، و الصواب ما في المتن، و هو سالم بن مكرم الجمّال، يكنّى أبا خديجة، و كنّاه أبو عبد اللّه أبا سلمة، انظر معجم رجال الحديث 8: 22.

(2) في «س»: أبو الجوز بن المنية، و في المصدر: أبو الجود المنبه، و في «س»: أبو الجوز بن المنبه، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من رجال النجاشيّ: 421 و 459، و معجم رجال الحديث 18: 325 و 21: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 549

الكلبي، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

فقال:

«يا سعد، آل محمد (صلى الله عليه و آله) هم الأعراف، لا يدخل الجنة إلا من يعرفهم و يعرفونه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، و هم أعراف، لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم».

3901/ [8]- و عنه: عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «نزلت في هذه الامة، و الرجال هم الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قلت: فما الأعراف؟ قال: «صراط بين الجنة و النار، فمن شفع له الإمام منا- من المؤمنين المذنبين- نجا، و من لم يشفع له هوى».

3902/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان «1»، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت عند أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا، فجاء رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

فقال له علي (عليه السلام): «نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنة و النار، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك لأن الله عز و جل لو شاء لعرف الناس نفسه حتى يعرفوا حده «2» و يأتوه من بابه، [و لكنه ] جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و بابه الذي يؤتى منه».

3903/ [10]- و عنه: عن علي بن محمد

«3» بن علي بن سعد الأشعري، عن حمدان بن يحيى، عن بشير بن حبيب «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ.

قال: «سور بين الجنة و النار، عليه محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى (عليهم السلام)، فينادون: اين محبونا؟ أين شيعتنا؟ فيقبلون إليهم، فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء آبائهم، و ذلك

__________________________________________________

8- مختصر بصائر الدرجات: 52.

9- مختصر بصائر الدرجات: 52.

10- مختصر بصائر الدرجات: 53.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن علوان، و الصواب ما في المتن، حيث روى ابن عيسى، عن ابن سعيد، و روى الأخير عن الحسين بن علوان. راجع معجم رجال الحديث 5: 243 و ما بعدها.

(2) في المصدر: حتى يعرفوه و يوحّدوه.

(3) في «س» و «ط»: عليّ بن أحمد، و الصواب ما في المتن، و كذا في رجال النجاشيّ: 257، و معجم رجال الحديث 12: 156.

(4) في المصدر: بشر بن حبيب، و لم نعثر عليه فيما عندنا من المعاجم الرجالية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 550

قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «1» فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم الصراط و يدخلونهم الجنة».

3904/ [11]- و عنه: عن معلى بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدائني، عن أبي مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: سمعته يقول: «إذا دخل الرجل حفرته أتاه ملكان، اسمهما منكر و نكير، فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن وليه، فإن أجاب نجا، و إن تحير عذباه».

فقال

رجل: فما حال من عرف ربه و نبيه و لم يعرف وليه؟ قال: «مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا «2» فذلك لا سبيل له.

و قد قيل للنبي (صلى الله عليه و آله): من ولي الله؟ فقال: وليكم في هذا الزمان علي و من بعده وصيه، و لكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم: رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى «3». بما كان من ضلالتهم و هي جهالتهم بالآيات، و هم الأوصياء، فأجابهم الله عز و جل: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى «4» و إنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما. فيعرفهم «5» الله بذلك.

فالأوصياء هم أصحاب الصراط، وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم [و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، لأنهم عرفاء الله عز و جل، عرفهم عليهم ] «6» عند أخذه المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه فقال عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي (صلى الله عليه و آله) الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) عليهم الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً

«7»».

3905/ [12]- و عنه: أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن حنان، عن بعض أصحابه، عمن حدثه، عن الأصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي، قال: قال: أقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام): «يا علي، إنك و الأوصياء من بعدي- أو قال: من بعدك- أعراف، لا يعرف الله

__________________________________________________

11- مختصر بصائر الدرجات: 53.

12- مختصر بصائر الدرجات: 54، ينابيع المودّة: 102.

(1) زاد في «ط»: أي بأسمائهم.

(2) النّساء 4: 143. [.....]

(3) طه 20: 134.

(4) طه 20: 135.

(5) في المصدر: فعيّرهم.

(6) أثبتناه من المصدر، و في «س» بياض.

(7) النّساء 4: 41- 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 551

إلا بسبيل معرفتكم، و أعراف لا يدخل الجنة إلا من قد عرفتموه و عرفكم، و لا يدخل النار إلا من أنكركم و أنكرتموه».

3906/ [13]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي «1»، عن بعض أصحابه، عن سعد بن طريف، قال: قلت: لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

قال: «يا سعد، إنها أعراف، و لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، و أعراف لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم، فلا سواء من اعتصمت به المعتصمة، و من [ذهب مذهب الناس ذهب الناس إلى عين كدرة، يفرغ بعضها في بعض، و من ] أتي آل محمد (صلى الله عليه و آله) أتى عينا صافية تجري بعلم الله، ليس لها نفاد و لا انقطاع، ذلك بأن الله لو شاء لأراهم شخصه

حتى يأتوه من بابه، و لكن جعل محمدا (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (عليهم السلام) أبوابه التي يؤتى منها، و ذلك قول الله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «2»».

3907/ [14]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان «3»، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الأعراف ما هم؟ فقال: «هم أكرم الخلق على الله تبارك و تعالى».

3908/ [15]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

فقال: «هم الأئمة منا أهل البيت، في باب من ياقوت أحمر على سور الجنة، يعرف كل إمام منا ما يليه».

فقال رجل: و [ما معنى: ما] ما يليه؟ فقال: «من القرن الذي [هو] فيه إلى القرن الذي كان».

3909/ [16]- و عنه: عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «جاء ابن الكواء إلى

__________________________________________________

13- مختصر بصائر الدرجات: 54.

14- مختصر في المصدر: 54.

15- مختصر بصائر الدرجات: 55.

16- مختصر بصائر الدرجات: 55.

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن بعض أصحابه، و الصواب ما في المتن، إذ روى ابن أبي الخطّاب عن موسى، و روى الأخير عن عبد اللّه. انظر رجال النجاشي: 404

و معجم رجال الحديث 15: 291 و 19: 45.

(2) البقرة 2: 189.

(3) في «س»: عثمان بن مروان، تصحيف، كما نبّه إلى ذلك في معجم رجال الحديث 11: 126، و قد روى عمّار عن المنخّل، و روى عنه ابن سنان. انظر رجال النجاشي: 421 و معجم رجال الحديث 12: 256.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 552

أمير المؤمنين (عليه السلام)» الحديث، و قد تقدم في أول الأحاديث من طريق محمد بن يعقوب «1».

3910/ [17]- و عنه: عن أحمد بن الحسين الكناني، قال: حدثنا عاصم بن محمد المحاربي، قال: حدثنا يزيد ابن عبد الله الخيبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن مسلم البجلي «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «نحن أصحاب الأعراف، من عرفنا فمآله الجنة، و من أنكرنا فمآله النار».

3911/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأعراف: كثبان بين الجنة و النار، و الرجال: الأئمة (صلوات الله عليهم)، يقفون «3» على الأعراف مع شيعتهم، و قد سيق «4» المؤمنون إلى الجنة بلا حساب، فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب: انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سيقوا «5» إليها بلا حساب، و هو قوله تبارك و تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ، ثم يقال لهم: انظروا إلى أعدائكم في النار، و هو قوله: وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ في النار قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ في الدنيا وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ.

ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم:

أ هؤلاء شيعتي و إخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة؟ ثم تقول الأئمة لشيعتهم:

ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ثم نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ».

3912/ [19]- الطبرسي، قال: اختلفوا في المراد بالرجال هنا على أقوال- إلى أن قال:- و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم آل محمد (عليهم السلام)، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه».

3913/ [20]- و قال الطبرسي أيضا: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): «الأعراف كثبان بين الجنة و النار، يقف عليها كل نبي و كل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، و قد سيق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: انظروا إلى إخوانكم المحسنين

__________________________________________________

17- مختصر بصائر الدرجات: 55.

18- مختصر بصائر الدرجات: 231. [.....]

19- مجمع البيان 4: 652.

20- مجمع البيان 4: 653.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير هذه الآيات.

(2) في «س» و «ط»: حدّثنا الحسين بن مسلم العجلي.

(3) في «س»: يقومون.

(4) في «ط»: و قد سبق.

(5) في «ط»: و قد سبقوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 553

قد سيقوا إلى الجنة، فيسلم عليهم المذنبون، و ذلك قوله: وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ.

ثم أخبر سبحانه أنهم لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة و هم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي و الإمام، و ينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ثم

ينادي أصحاب الأعراف و هم الأنبياء و الخلفاء رجالا من أهل النار مقرعين لهم:

ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ يعني: أ هؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم و تستطيلون بدنياكم عليهم، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ».

3914/ [21]- و قال الطبرسي أيضا: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناد رفعه إلى الأصبغ بن نباتة، قال: كنت جالسا عند علي (عليه السلام) «1» فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية، فقال: «ويحك يا بن الكواء، نحن نقف يوم القيامة بين الجنة و النار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار».

3915/ [22]- و قال الشيباني، في معنى الآية: قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام): «الرجال هنا الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)، يكونون على الأعراف حول النبي (صلى الله عليه و آله)، يعرفون المؤمنين بسيماهم، فيدخلون الجنة كل من عرفهم و عرفوه، و يدخلون النار من أنكرهم و أنكروه».

3916/ [23]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: «أنا يعسوب المؤمنين، و أنا أول السابقين، و خليفة رسول رب العالمين، و أنا قسيم الجنة و النار، و أنا صاحب الأعراف».

3917/ [24]- عن هلقام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، ما يعني بقوله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ؟

قال: «ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبائلكم ليعرفوا من فيها من صالح أو طالح؟» قلت: بلى. قال: «فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم».

3918/

[25]- عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام) أكثر من عشر مرات: «يا علي، إنك و الأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة و النار، لا يدخل الجنة إلا من عرفكم و عرفتموه، و لا يدخل النار إلا من أنكركم و أنكرتموه».

__________________________________________________

21- مجمع البيان 4: 653، تفسير فرات: 48، شواهد التنزيل 1: 198/ 256، ينابيع المودة: 102.

22- نهج البيان 2: 122 (مخطوط).

23- تفسير العيّاشي 2: 17/ 42.

24- تفسير العيّاشي 2: 18/ 43.

25- تفسير العيّاشي 2: 18/ 44، ينابيع المودة: 102.

(1) في «س»: عند أبي عبد اللّه، و هو سهو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 554

3919/ [26]- عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

قال: «يا سعد، هم آل محمد (عليهم السلام)، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه».

3920/ [27]- عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أي شي ء أصحاب الأعراف؟

قال: «استوت الحسنات و السيئات، فإن أدخلهم الله الجنة فبرحمته، و إن عذبهم لم يظلمهم».

3921/ [28]- عن كرام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر و بيض، في كل قبة إمام دهره، قد احتف به أهل دهره، برها و فاجرها، حتى يقفوا بباب الجنة، فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيميز أهل ولايته من عدوه، ثم يقبل على عدوه فيقول: أنتم الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟! ادخلوا الجنة لا خوف عليكم اليوم، يقوله لأصحابه، فيسود وجه «1» الظالم، فيمر أصحابه

إلى الجنة، و هم يقولون: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة، و كثرة من يدخل النار، خافوا أن لا يدخلوها، و ذلك قوله: لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ».

3922/ [29]- عن الثمالي، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبب معرفتنا، و نحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك بأن الله لو شاء أن يعرف الناس نفسه لعرفهم، و لكنه جعلنا سببه و سبيله و بابه الذي يؤتى منه».

3923/ [30]- و من طريق المخالفين: (تفسير الثعلبي) في قوله تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ عن ابن عباس أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس و حمزة و علي بن أبي طالب و جعفر ذو الجناحين، يعرفون شيعتهم ببياض الوجوه، و مبغضيهم بسواد الوجوه».

3924/ [31]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججت «2» مع أبي

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 18/ 45. [.....]

27- تفسير العيّاشي 2: 18/ 46.

28- تفسير العيّاشي 2: 18/ 47.

29- تفسير العيّاشي 2: 19/ 48.

30- ...... شواهد التنزيل 1: 198/ 257 و 258، الصواعق المحرقة: 169، ينابيع المودّة: 102.

31- الكافي 8: 120/ 93.

(1) في «ط» نسخة بدل: وجوه.

(2) في المصدر: حججنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 555

جعفر (عليه السلام) في السنة

التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت و قد اجتمع عليه الناس، فقال نافع: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي فقال: اشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي، أو ابن نبي، أو وصي نبي. قال: فاذهب إليه فسأله، لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل، لا يجيب فيها إلا نبي، أو وصي نبي، أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال: «سل عما بدا لك».

فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟ فقال: «أخبرك بقولي أو بقولك؟» قال: أخبرني بالقولين جميعا. فقال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل لنبيه: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ «1» من الذي سأل محمد (صلى الله عليه و آله) و كان بينه و بين عيسى خمس مائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «2» فكان من الآيات التي أراها الله تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) حيث

أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين، ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا، و أقام شفعا، و قال في أذانه: (حي على خير العمل) ثم تقدم محمد (صلى الله عليه و آله) فصلى بالقوم، فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا».

فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر، و أخبرني عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما «3». قال: «إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم إلى الأرض، و كانت السماوات رتقا لا تمطر شيئا، و كانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب الله عز و جل على آدم (عليه السلام) أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها «4»، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار و أثمرت الثمار و تفهقت «5» بالأنهار، فكان ذلك رتقها، و هذا فتقها».

فقال نافع: صدقت يا بن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

(1) الزخرف 43: 45.

(2) الإسراء 17: 1.

(3) الأنبياء 21: 30.

(4) أي انهمرت بالمطر. المعجم الوسيط- عزل- 2: 599.

(5) تفهقت: أي اتسعت و امتلأت. و الظاهر أنها تصحيف (تفتقت).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 556

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «1» و أي أرض تبدل يومئذ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز و جل من الحساب». فقال نافع: إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم يومئذ

أشغل أم إذ هم في النار؟» قال: بل إذ هم في النار. قال: «و الله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم».

فقال: صدقت يا بن رسول الله، و لقد بقيت مسألة واحدة، قال: «ما هي؟» قال: أخبرني عن الله تبارك و تعالى متى كان؟

قال: «ويلك، و متى لم يكن حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل و لا يزال فردا صمدا، لم يتخذ صاحبة و لا ولدا».

ثم قال: «يا نافع، أخبرني «2» عما أسألك عنه» قال: و ما هو؟ قال: «ما تقول في أصحاب النهروان؟ فإن قلت أن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت، و إن قلت أنه قتلهم باطلا فقد كفرت».

قال: فولى من عنده و هو يقول: أنت- و الله- أعلم الناس حقا حقا. فأتى هشاما فقال له: ما صنعت؟ قال:

دعني من كلامك، هذا و الله أعلم الناس حقا حقا، و هو ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حقا، و يحق لأصحابه أن يتخذوه نبيا.

و روى علي بن إبراهيم هذا الحديث في (تفسيره) في هذه الآية، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الربيع، قال: حججت مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد المطلب، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، و ساق الحديث «3».

و

في رواية محمد بن يعقوب زيادة، و في رواية علي بن إبراهيم في كلام نافع لأبي جعفر (عليه السلام): فأخبرني عن قول الله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «4» أي أرض تبدل غير الأرض و السماوات يومئذ «5»؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «بخبزة بيضاء، يأكلون منها

حتى يفرغ الله من حساب الخلق» «6». فقال نافع:

إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم حينئذ أشغل، أم إذ هم في النار؟» فقال نافع: بل إذ هم في النار. قال (عليه السلام): «فقد قال الله: وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم» فقال: صدقت، الحديث.

__________________________________________________

(1) إبراهيم 14: 48.

(2) في «س» و «ط»: أخبرك. [.....]

(3) تفسير القمّي 1: 232.

(4) إبراهيم 14: 48.

(5) في المصدر: بأيّ أرض الذي تبدّل.

(6) في المصدر: الخلائق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 557

3925/ [32]- و قال ابن طاوس في (الدروع الواقية): في الحديث أن أهل النار إذا دخلوها و رأوا نكالها و أهوالها و علموا عذابها و عقابها و رأوها، كما قال زين العابدين (عليه السلام): «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها، و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها، و استسلم إليها، تلقى سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال و شديد الوبال، يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم و نعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز: وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ».

قال: «فيرون الخزنة عندهم، و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب، فيؤملون أن يجدوا عندهم فرجا بسبب من الأسباب، كما قال الله جل جلاله: وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا

رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ «1»- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال، قالوا: فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ «2»».

قال: «فإذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، كما قال الله جل جلاله: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ «3»- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، و هم في العذاب، ثم يجيبهم كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ «4»».

3926/ [33]- العياشي: عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أحدهما، قال: «أن أهل النار يموتون عطاشى، و يدخلون قبورهم عطاشى، و يحشرون عطاشى، و يدخلون جهنم عطاشى، فترفع لهم قراباتهم من الجنة، فيقولون: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

3927/ [34]- عن الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

سورة الأعراف(7): الآيات 51 الي 54 ..... ص : 557

3927/ [34]- عن الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

قوله تعالى:

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً- إلى قوله تعالى- أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [51- 54]

__________________________________________________

32- الدروع الواقية: 59. (مخطوط).

33- تفسير العيّاشي 2: 19/ 49.

34- تفسير العيّاشي 2: 19/ 50.

(1) غافر 40: 49.

(2) غافر 40: 50.

(3، 4) الزخرف 43: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 558

3928/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز و جل: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم،

و النسيان من الله عز و جل هو الترك.

3929/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا.

قال: «يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به و برسوله و خافوه بالغيب».

3930/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد «1» بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام «2»، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «3».

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمع قوله عز و جل يقول: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «4» و إنما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز و جل: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «5» قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا».

3931/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها. قال: ذلك في قيام القائم (عليه السلام) و يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ أي تركوه قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا قال: هذا يوم

القيامة أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ أي بطل عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 235.

2- التوحيد: 259/ 5.

3- التوحيد: 159/ 1.

4- تفسير القمّي 1: 235. [.....]

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن عليّ، و الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 17: 199، و روى عنه الشيخ الصدوق في موارد اخرى.

(2) في «س» و «ط»: الحسين بن القاسم الرقّام، و الظاهر أنّ ما في المتن هو الصواب، لوروده بهذا الضبط في كمال الدين: 675/ 31، معاني الأخبار 96، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 216/ 1.

(3) التوبة 9: 67.

(4) مريم 19: 64.

(5) الحشر 59: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 559

قال: قوله: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قال: في ستة أوقات ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي علا بقدرته على العرش يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً أي سريعا.

3932/ [5]- صاحب (ثاقب المناقب) أسنده إلى أبي هاشم الجعفري، عن محمد بن صالح الأرمني، قال: قلت لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ «1».

فقال (عليه السلام): «لله الأمر من قبل أن يأمر، و من بعد أن يأمر بما يشاء» فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله:

أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، فأقبل علي و قال: «هو كما أسررت في نفسك أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».

سورة الأعراف(7): الآيات 55 الي 56 ..... ص : 559

قوله تعالى:

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً- إلى قوله تعالى- قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [55- 56] 3933/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً أي علانية و

سرا، و قوله: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، قال: إصلاحها «2» برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام)، فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين (عليه السلام) و ذريته.

3934/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن علي، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها؟

قال: فقال: «يا ميسر، إن الأرض كانت فاسدة، فأصلحها الله عز و جل بنبيه (صلى الله عليه و آله) [فقال:] وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها».

3935/ [3]- العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها، قال: «إن الأرض كانت فاسدة، فأصلحها الله بنبيه (عليه السلام) فقال: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها».

__________________________________________________

5- الثاقب في المناقب: 564/ 502.

1- تفسير القمّي 1: 236.

2- الكافي 8: 58/ 20.

3- تفسير العيّاشي 2: 19/ 51.

(1) الروم 30: 4.

(2) في المصدر: أصلحها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 560

سورة الأعراف(7): الآيات 57 الي 58 ..... ص : 560

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [57- 58] 3936/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلى قوله:

كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى دليل على البعث و النشور، و هو رد على الزنادقة.

قال: و قوله: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ و هو مثل الأئمة (صلوات الله عليهم) يخرج علمهم بإذن ربهم وَ الَّذِي خَبُثَ مثل أعدائهم لا يَخْرُجُ علمهم إِلَّا نَكِداً أي كدرا «1» فاسدا.

سورة الأعراف(7): آية 59 ..... ص : 560

قوله تعالى:

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ [59] سيأتي خبر هود و نوح و شعيب و لوط (عليهم السلام) في سورة هود، إن شاء الله تعالى «2».

سورة الأعراف(7): آية 69 ..... ص : 560

قوله تعالى:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [69]

3937/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد و محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد «3»، عن أبي يوسف البزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ فقال: «أ تدري ما آلاء الله؟» قلت: لا. قال: «هي أعظم نعم الله على خلقه و هي ولايتنا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 236.

2- بصائر الدرجات: 101/ 3.

(1) في المصدر: كذبا. [.....]

(2) سيأتي في تفسير الآيات (36- 49)، (50- 53)، (69- 83)، (84- 101) من سورة هود.

(3) في «س» و «ط»: عن عبد الرحمن، عن القاسم بن واقد، و الصواب ما في المتن، إذ روى ابن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، و روى الأخير عن الهيثم بن واقد، انظر معجم رجال الحديث 10: 242 و 19: 325.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 561

سورة الأعراف(7): آية 71 ..... ص : 561

قوله تعالى:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [71]

3938/ [1]- العياشي: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ما أحسن الصبر و انتظار الفرج! أما سمعت قول العبد الصالح، قال: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ».

سورة الأعراف(7): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 561

قوله تعالى:

قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [75- 76]

3939/ [2]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و سعد «1» بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري، قالوا «2»: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن صالحا (عليه السلام) غاب عن قومه زمانا، و كان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن «3»، حسن الجسم، وافر اللحية، و رجع خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا، ربعة من الرجال، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته، فرجع إليهم و هم على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة لا ترجع أبدا، و اخرى شاكة فيه، و اخرى على يقين، فبدأ (عليه السلام) حيث رجع بطبقة الشكاك «4» فقال لهم: أنا صالح. فكذبوه و شتموه و زجروه، و قالوا: نبرأ إلى الله منك، إن صالحا كان في

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 20/ 52.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 136/ 6.

(1) في «س»: عن سعد، و هو سهو، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، إذ روى ابن الوليد عن سعد، و روى الأخير عن ابن

أبي الخطّاب. انظر معجم رجال الحديث 8: 74 و ما بعدها.

(2) في «س»: قالا، تصحيف، انظر التعليقة السابقة.

(3) مبدّح البطن: أي واسع البطن، و في «س»: مبتدع.

(4) في المصدر: بالطبقة الشاكّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 562

غير صورتك». قال: «فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول، و نفروا منه أشد النفور.

ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة، و هم أهل اليقين، فقال لهم: أنا صالح. فقالوا: أخبرنا خبرا لا نشك فيه «1» أنك صالح، فإنا لا نمتري أن الله تبارك و تعالى الخالق ينقل و يحول في أي صورة شاء، و قد أخبرنا و تدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، و إنما يصح عندنا إذا أتانا «2» الخبر من السماء.

فقال لهم صالح (عليه السلام): أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة. فقالوا: صدقت، و هي التي نتدارس، فما علامتها؟

فقال: لها شرب و لكم شرب يوم معلوم. فقالوا: آمنا بالله و بما جئتنا به. فعند ذلك قال الله تبارك و تعالى: أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ فقال أهل اليقين: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا و هم الشكاك و الجحاد: إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ».

قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم؟ قال: «الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم، يدل على الله عز و جل، و لقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيام «3» لا يعرفون إماما، غير أنهم على ما في أيديهم من دين الله عز و جل، كلمتهم واحدة، فلما ظهر صالح (عليه السلام) اجتمعوا عليه، و إنما مثل القائم (عليه السلام) مثل صالح (عليه السلام)».

3940/ [2]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله

(صلى الله عليه و آله) سأل جبرئيل (عليه السلام): كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال: يا محمد، إن صالحا بعث إلى قومه و هو ابن ست عشرة سنة، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين و مائة سنة لا يجيبونه إلى خير- قال:- و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله، فلما رأى ذلك منهم، قال: يا قوم، إني قد بعثت إليكم، و أنا ابن ست عشرة سنة، و قد بلغت عشرين و مائة سنة، و أنا أعرض عليكم أمرين، إن شئتم فسلوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني، و إن شئتم سألت آلهتكم، فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم، فقد شنأتكم و شنأتموني «4». فقالوا: قد أنصفت، يا صالح. فاتعدوا ليوم يخرجون فيه».

قال: «فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم، ثم قربوا طعامهم و شرابهم، فأكلوا و شربوا، فلما أن فرغوا دعوه، فقالوا: يا صالح، سل. فدعا صالح كبير أصنامهم، فقال: ما اسم هذا؟ فأخبروه باسمه، فناداه باسمه، فلم يجب، فقال صالح: فما له لا يجيب؟ فقالوا له: ادع غيره.

فدعاها كلها بأسمائها، فلم يجبه واحد منهم، فقال: يا قوم، قد ترون، قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم، فسلوني حتى أدعوا إلهي فيجيبكم الساعة. فأقبلوا على أصنامهم، فقالوا لها: ما بالكن لا تجبن صالحا؟ فلم

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 20/ 54.

(1) في المصدر: فيك معه.

(2) في المصدر: إذا أتى.

(3) في المصدر زيادة: على فترة.

(4) شنأتكم و شنأتموني، أي أبغضتكم و أبغضتموني، «لسان العرب- شنا- 1: 101»، و في «س»: سأمتكم و سأمتموني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 563

تجب، فقالوا: يا صالح، تنح عنا و دعنا و أصنامنا قليلا- قال:- ثم نحوا بسطهم و فرشهم و نحوا ثيابهم و تمرغوا

«1» على التراب، و طرحوا التراب على رؤوسهم، و قالوا لأصنامهم: لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن «2»».

قال: «ثم دعوه، فقالوا- يا صالح، تعال فاسألها، فعاد فسألها فلم تجبه فقالوا: إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب- قال:- فقال لهم: يا قوم، هو ذا «3» ترون قد ذهب النهار، و لا أرى آلهتكم تجيبني، فسلوني حتى أدعوا إلهي فيجيبكم الساعة- قال:- فانتدب له منهم سبعون رجلا، من كبرائهم و عظمائهم و المنظور إليهم منهم، فقالوا: يا صالح، نحن نسألك. قال: فكل هؤلاء يرضون بكم؟ قالوا: نعم، فإن أجابوك هؤلاء أجبناك. قالوا: يا صالح، نحن نسألك، فإن أجابك ربك اتبعناك و أجبناك، و بايعك «4» جميع أهل قريتنا. فقال لهم صالح: سلوني ما شئتم. فقالوا:

انطلق بنا إلى هذا الجبل- و كان جبل قريب منه- حتى نسألك عنده».

قال: «فانطلق و انطلقوا معه، فلما انتهوا إلى الجبل قالوا: يا صالح، اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء و براء عشراء «5»- و في رواية محمد بن نصير «6»: حمراء شقراء «7» بين جنبيها ميل- قال: قد سألتموني شيئا يعظم علي و يهون على ربي. فسأل الله ذلك، فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته- قال- و اضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض، ثم لم يفجأهم «8» إلا و رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترت «9»، ثم خرج سائر جسدها، ثم استوت على الأرض قائمة، فلما رأوا ذلك قالوا: يا صالح، ما أسرع ما أجابك ربك! فسله أن يخرج لنا فصيلها». قال: «فسأل الله ذلك، فرمت به فدب حولها، فقال لهم: يا قوم،

أبقي شي ء؟ قالوا: لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأينا و يؤمنوا بك».

قال: «فرجعوا، فلم يبلغ السبعون رجلا إليهم حتى ارتد منهم أربعة و ستون رجلا فقالوا: سحر، و ثبت الستة، و قالوا: الحق ما رأينا- قال- فكثر كلام القوم و رجعوا مكذبين إلا الستة، ثم ارتاب من الستة واحد، فكان فيمن عقرها».

__________________________________________________

(1) في المصدر: فرموا بتلك البسط التي بسطوها و بتلك الآنية و تمرّغوا. [.....]

(2) في «س»: ليفضحنا.

(3) في «س»: هو كما.

(4) في المصدر: و تابعك.

(5) و براء: كثيرة الوبر. «لسان العرب- وبر- 5: 21». و العشراء ما مضى على حملها عشرة أشهر «المعجم الوسيط- عشر- 2: 602».

(6) هو محمّد بن نصير، من أهل كش، ثقة، جليل القدر، كثير العلم، روى عنه العيّاشي في موارد كثيرة، انظر معجم رجال الحديث 17: 298 و ما بعدها.

(7) في المصدر: شعراء.

(8) في المصدر: يعجلهم.

(9) اجترّت: من الجرّة و هي ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثمّ يبلعه. «لسان العرب- جرر- 4: 130»، و في المصدر: فاستقيمت رقبتها حتّى أخرجت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 564

و زاد محمد بن نصير في حديثه: قال سعيد بن يزيد «1»، فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام، فرأى جنبها قد حك الجبل، فأثر جنبها فيه، و جبل آخر بينه و بين هذا الجبل ميل.

قلت: سيأتي- إن شاء الله تعالى- هذا الحديث مسندا في سورة هود، و القصة من طريق محمد بن يعقوب «2».

سورة الأعراف(7): الآيات 80 الي 81 ..... ص : 564

قوله تعالى:

وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- مُسْرِفُونَ [80- 81]

3941/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد

بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول لوط (عليه السلام): إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «3».

فقال: «إن إبليس أتاهم في صورة حسنة، فيها «4» تأنيث، عليه ثياب حسنة، فجاء إلى شباب منهم، فأمرهم أن يفعلوا به «5»، فلو طلب إليهم أن يقع بهم لأبوا عليه، و لكن طلب إليهم أن يقعوا به «6»، فلما وقعوا به التذوه، ثم ذهب عنهم و تركهم، فأحال بعضهم على بعض».

3942/ [2]- العياشي: عن يزيد بن ثابت، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تؤتى النساء في أدبارهن؟

فقال: «سفلت، سفل الله بك، أما سمعت الله يقول: لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ؟!».

3943/ [3]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، ذكر عنده إتيان النساء في أدبارهن، فقال: «ما أعلم آية في القرآن أحلت ذلك، إلا واحدة: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 544/ 4.

2- تفسير العيّاشي 2: 22/ 55.

3- تفسير العيّاشي 2: 22/ 56.

(1) في الكافي 8: 187، قال ابن محبوب: فحدّثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له: سعيد بن يزيد فأخبرني ...

(2) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

(3) العنكبوت 29: 28. [.....]

(4) في المصدر: فيه.

(5) في المصدر: يقعوا به.

(6) في «س»: يفعلوا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 565

سورة الأعراف(7): آية 85 ..... ص : 565

قوله تعالى:

وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً [85]

3944/ [1]- العياشي: عن يحيى بن المساور الهمداني، عن أبيه، قال: جاء رجل من أهل الشام إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: «نعم». قال: أبوك الذي

قتل المؤمنين؟ فبكى علي بن الحسين، ثم مسح عينيه، فقال: «ويلك، كيف قطعت على أبي أنه قتل المؤمنين؟» قال: قوله: «إخواننا قد بغوا علينا، فقاتلناهم على بغيهم». فقال: «ويلك أما تقرأ القرآن؟» قال: بلى. قال: «فقد قال الله: وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً، وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً «1» فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟» قال له الرجل: «2» بل في عشيرتهم. قال: «فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم، و ليسوا إخوانهم في دينهم». قال: فرجت عني فرج الله عنك.

سورة الأعراف(7): الآيات 99 الي 102 ..... ص : 565

قوله تعالى:

أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ [99- 102] 3945/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ، قال: المكر من الله: العذاب.

3946/ [3]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) فأطرق، ثم قال: «اللهم لا تؤمني مكرك» ثم جهر «3» فقال: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

3947/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ يعني أو لم نبين مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ الآية.

ثم قال: تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ يا محمد مِنْ أَنْبائِها يعني من أخبارها فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ يعني في الذر الأول. قال: لا يؤمنون في الدنيا بما كذبوا في الذر الأول، و هو رد على من أنكر

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 20/ 53.

2- تفسير القمّي 1: 236.

3- تفسير العيّاشي 2: 23/ 58.

4- تفسير القمّي 1: 236.

(1) هود 11: 61.

(2) زاد في المصدر: لا.

(3) في «س» و «ط»: جهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 566

الميثاق في الذر الأول».

3948/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن

يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة «1»، عن عبد الله بن محمد الجعفي، و عقبة، جميعا عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الخلق، فخلق من أحب مما أحب، فكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، و خلق من أبغض مما أبغض، و كان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال». فقلت: و أي شي ء الظلال؟ فقال: «ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا و ليس بشي ء، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله عز و جل، و هو قوله عز و جل: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «2» ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين، فأقر بعض و أنكر بعض «3»، ثم دعوهم إلى ولايتنا، فأقر بها و الله من أحب، و أنكرها من أبغض، و هو قوله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ «4»». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان التكذيب ثم».

قال: و روى [هذا الحديث ابن بابويه في (العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن ] «5» أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، بباقي السند و المتن.

3949/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ أي: ما عهدنا عليهم في الذر لم يفوا به في الدنيا وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ.

3950/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم، قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) أخبره أني شاك، و قد قال إبراهيم (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى «6» و إني

أحب أن تريني شيئا من ذلك، فكتب: «إن إبراهيم كان مؤمنا و أحب أن يزداد إيمانا، و أنت شاك و الشاك لا خير فيه». و كتب (عليه السلام): «إنما الشك ما لم يأت اليقين، فإذا جاء اليقين لم يجز الشك». و كتب: «إن الله عز و جل يقول: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ» قال: «نزلت في الشاك».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 8/ 3، علل الشرائع: 118/ 3.

5- تفسير القمّي 1: 236.

6- الكافي 2: 293/ 1.

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسين، عن صالح بن عقبة، و الصواب ما في المتن، حيث روى محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، و روى الأخير عن صالح بن عقبة بن قيس. انظر معجم رجال الحديث 9: 76 و 15: 84. [.....]

(2) الزخرف 43: 87.

(3) في المصدر: بعضهم.

(4) هذه الآية من سورة يونس 10: 74، إلّا إذا خالفنا الأصل و المصادر فحذفنا (به) فتكون من سورة الأعراف، على أنّ العيّاشيّ روى هذا الحديث في تفسير سورة يونس، كما أورده هناك أيضا المصنّف عن الكافي و العلل و العيّاشي.

(5) ما بين المعقوفين سقط من الأصل، و أثبتناه من كلام المصنّف في تفسير سورة يونس 10: 74 الحديث (1)، و انظر التعليقة السابقة.

(6) البقرة 2: 260.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 567

3951/ [7]- العياشي: عن أبي ذر، قال: قال: و الله ما صدق أحد ممن أخذ الله ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم، و عصابة قليلة من شيعتهم، و ذلك قول الله: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ و قوله وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ «1».

3952/

[8]- و عنه، قال: و قال الحسين بن الحكم الواسطي: كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك، فقال:

«إنما الشك فيما لا يعرف، فإذا جاء اليقين فلا شك، يقول الله: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ نزلت في الشكاك».

سورة الأعراف(7): آية 103 ..... ص : 567

قوله تعالى:

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [103]

3953/ [1]- العياشي: عن عاصم البصري «2»، رفعه، قال: «إن فرعون بنى سبع مدائن يتحصن فيها من موسى (عليه السلام)، و جعل فيما بينها آجاما و غياضا، و جعل فيها الأسد ليتحصن بها من موسى- قال:- فلما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون فدخل المدينة، فلما رآه الأسد تبصبصت «3» و ولت مدبرة، ثم لم يأت مدينة إلا انفتح له بابها، حتى انتهى إلى قصر فرعون الذي هو فيه- قال:- فقعد على بابه، و عليه مدرعة من صوف، و معه عصاه، فلما خرج الآذن، قال له موسى (عليه السلام): استأذن لي على فرعون. فلم يلتفت إليه- قال:- فقال له موسى: إني رسول رب العالمين- قال:- فلم يلتفت إليه. قال فمكث بذلك ما شاء الله يسأله أن يستأذن له- قال:- فلما أكثر عليه قال له: أما وجد رب العالمين من يرسله غيرك؟ قال: فغضب موسى، و ضرب الباب بعصاه، فلم يبق بينه و بين فرعون باب إلا انفتح، حتى نظر إليه فرعون و هو في مجلسه، فقال: أدخلوه».

قال: «فدخل عليه و هو في قبة له مرتفعة، كثيرة الارتفاع، ثمانون ذراعا، قال: فقال: إني رسول رب العالمين إليك. قال: فقال: فأت بآية، إن كنت من الصادقين- قال:- فألقى عصاه، و كان لها شعبتان- قال:- فإذا هي

حية، قد

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 23/ 59.

8- تفسير العيّاشي 2: 323/ 60.

1- تفسير العيّاشي 2: 23/ 61.

(1) الرعد 13: 1.

(2) في المصدر: عاصم المصري، و الظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه، و هو عاصم بن سليمان البصري المعروف بالكوزي، عدّه الشيخ الطوسي و النجاشي من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر رجال النجاشي: 301، رجال الطوسي: 263، معجم رجال الحديث 9: 184.

(3) بصبص: حرك ذنبه. «لسان العرب- بصص- 7: 6».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 568

وقع إحدى الشعبتين على الأرض، و الشعبة الاخرى في أعلى القبة- قال:- فنظر فرعون إلى جوفها و هو يلتهب «1» نيرانا- قال:- و أهوت إليه فأحدث، و صاح: يا موسى، خذها».

سورة الأعراف(7): آية 111 ..... ص : 568

قوله تعالى:

قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ [111]

3954/ [1]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: قال: «إن موسى و هارون (عليهما السلام) حين دخلا على فرعون لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح، كانوا ولد نكاح كلهم، و لو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما، فقالوا: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ و أمروه بالتأني و النظر. ثم وضع يده على صدره، و قال: و كذلك نحن، لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة».

3955/ [2]- عن موسى بن بكر «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أشهد أن المرجئة على دين الذين قالوا:

أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ ابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ «3»».

سورة الأعراف(7): آية 117 ..... ص : 568

قوله تعالى:

وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ [117]

3956/ [3]- العياشي: عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «كانت عصا موسى لآدم فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، و إنها لتروع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر، يفتح لها شعبتان «4» إحداهما في الأرض و الاخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها».

3957/ [4]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن حمدان بن

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 24/ 62.

2- تفسير العيّاشي 2: 24/ 63.

3- تفسير العيّاشي 2: 23/ 64. [.....]

4- الاختصال: 269.

(1) في «س» و «ط»: و هي تلهب.

(2) في المصدر: موسى بن بكير، تصحيف، و الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 19: 28.

(3) الشعراء 26: 36.

(4) في المصدر نسخة بدل: شفتان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 569

سليمان النيسابوري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع، عن مجاشع «1»، عن المعلى،

عن محمد بن الفيض «2»، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «كانت عصا موسى لآدم سقطت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى، و إنها لعندنا، و إن عهدي بها آنفا، و إنها لخضراء كهيئتها حين انتزعت «3» من شجرتها، و إنها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان موسى (عليه السلام) يصنع بها، و إنها لتروع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر، فكان حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، فتحت لها شعبتان «4»، كانت إحداهما في الأرض و الاخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا، فتلقف ما يأفكون، بلسانها».

3958/ [3]- محمد بن يعقوب: قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجوا- إلى أن قال:- و خرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين».

سورة الأعراف(7): آية 127 ..... ص : 569

قوله تعالى:

وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ- إلى قوله تعالى- قاهِرُونَ [127] 3959/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: كان فرعون يعبد الأصنام، ثم ادعى بعد ذلك الربوبية، فقال فرعون:

سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ أي غالبون.

سورة الأعراف(7): آية 128 ..... ص : 569

قوله تعالى:

قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [128]

3960/ [5]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي

__________________________________________________

3- الكافي 5: 83/ 3، مسندا.

4- تفسير القمّي 1: 236.

5- الكافي 1: 336/ 1.

(1) (عن مجاشع) ليس في «س»، و الصواب ما في المتن، إذ روى عن المعلّى، و روى عنه منيع بن الحجّاج البصري، انظر معجم رجال الحديث 14: 187.

(2) في «س» و «ط»: المعلّى بن محمّد بن العيص، و هو تصحيف أشار له في معجم رجال الحديث. 17: 123 و 150 و ما بعدها.

(3) في «س»: إذ فرغت.

(4) في المصدر: ففتحت لها شفتان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 570

خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض، و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليؤد «1» خراجها للإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها [فإن تركها، أو أخربها، و أخذها رجل من المسلمين من بعده، فعمرها و أحياها، فهو أحق بها، من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما

أكل منها] حتى يظهر القائم (عليه السلام) من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يحوزها و يمنعها، و يخرجهم منها، كما حواها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و منعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم، و يترك الأرض في أيديهم».

3961/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد «2»، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن صالح بن حمزة، عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي، قال: لما حمل أبو جعفر (عليه السلام) إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك و صار ببابه، قال لأصحابه و من كان بحضرته من بني امية و غيرهم: إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه.

ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر (عليه السلام) قال بيده السلام عليكم، فعمهم جميعا بالسلام، ثم جلس، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة، و جلوسه بغير إذن، فأقبل يوبخه و يقول فيما يقول له:

يا محمد بن علي، لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين، و دعا إلى نفسه، و زعم أنه الإمام سفها و قلة علم.

و وبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض (عليه السلام) قائما ثم قال: «أيها الناس، أين تذهبون؟ و أين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم، و بنا يختم الله آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل، فإن لنا ملكا مؤجلا، و ليس بعد ملكنا ملك، لأنها أهل العاقبة، يقول الله عز و جل: وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ». فأمر به إلى الحبس.

فلما صار إلى الحبس.

تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه «3» و حن إليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين، إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك و بين مجلسك هذا. ثم أخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد هو و أصحابه ليردوا إلى المدينة، و أمر أن لا يخرج لهم بالأسواق، و حال بينهم و بين الطعام و الشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما و لا شرابا، حتى انتهوا إلى باب مدين، فأغلق «4» باب المدينة دونهم، فشكا أصحابه الجوع و العطش. قال: فصعد جبلا يشرف عليهم فقال بأعلى صوته: «يا أهل المدينة الظالم

__________________________________________________

2- الكافي 1: 392/ 5.

(1) في المصدر: فليعمرها و ليؤدّ. [.....]

(2) في «ط»: عن محمّد بن يحيى.

(3) قال المجلسي في شرح الحديث: هو هنا كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه (عليه السّلام)، و كناية عن شدّة الحبّ، انظر مرآة العقول 6: 23.

(4) في «س»: فغلقوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 571

أهلها، أنا بقية الله، يقول الله: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ «1»».

قال: و كان فيهم شيخ كبير، فأتاهم فقال لهم: يا قوم، هذه و الله دعوة شعيب النبي، و الله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم و من تحت أرجلكم، فصدقوني في هذه المرة «2»، و كذبوني فيما تستأنفون، فإني ناصح لكم. قال: فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي و أصحابه بالأسواق.

قال: فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ، فبعث إليه فحمله، فلم يدر ما صنع به.

3962/ [3]- العياشي: عن عمار الساباطي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ

مِنْ عِبادِهِ، قال: «فما كان لله فهو لرسوله، و ما كان لرسوله فهو للإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3963/ [4]- عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض، و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليود خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها، فإن تركها و أخربها بعد ما عمرها فأخذها رجل من المسلمين بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحوزها و يمنعها و يخرجه «3» عنها، كما حواها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و منعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنه يقاطعهم و يترك الأرض في أيديهم».

سورة الأعراف(7): الآيات 129 الي 134 ..... ص : 571

قوله تعالى:

قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا- إلى قوله تعالى- وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ [129- 134] 3964/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال الذين آمنوا لموسى (عليه السلام): قد أوذينا قبل مجيئك بقتل أولادنا، و من بعد ما جئتنا، لما حبسهم فرعون لإيمانهم بموسى، ف قالَ موسى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ و معنى ينظر أي يرى كيف يعملون، فوضع النظر مكان الرؤية.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 25/ 65.

4- تفسير العيّاشي 2: 25/ 66.

1- تفسير القمّي 1: 237.

(1) هود 11: 86.

(2) في المصدر زيادة: و أطيعوني.

(3) في المصدر: و يخرجهم.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 572

قال: و قوله: وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ يعني بالسنين الجدبة، لما أنزل الله عليهم الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم.

قال: و أما قوله: فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ قال: الحسنة ها هنا: الصحة و السلامة و الأمن و السعة وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ قال: السيئة ها هنا: الجوع و الخوف و المرض يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ أي يتشاءموا بموسى و من معه.

قال: قوله تعالى: وَ قالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ، قال: فإنه لما سجد السحرة و من آمن به من الناس، قال هامان لفرعون: إن الناس قد آمنوا بموسى، فانظر من دخل في دينه فاحبسه. فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل، فجاء إليه موسى فقال له: خل عن بني إسرائيل. فلم يفعل، فأنزل الله عليهم في تلك السنة الطوفان فخرب دورهم و مساكنهم، حتى خرجوا إلى البرية فضربوا الخيام، فقال فرعون لموسى (عليه السلام): ادع لنا ربك حتى يكف عنا الطوفان، حتى أخلي عن بني إسرائيل و أصحابك. فدعا موسى (عليه السلام) ربه فكف عنهم الطوفان، و هم فرعون أن يخلي عن بني إسرائيل، فقال له هامان: إن خليت عن بني إسرائيل غلبك موسى و أزال ملكك. فقبل منه و لم يخل عن بني إسرائيل.

فأنزل الله عليهم في السنة الثانية الجراد، فجردت كل ما كان لهم من النبت و الشجر حتى كادت «1» تجرد شعرهم و لحاهم، فجزع فرعون من ذلك جزعا

شديدا، و قال: يا موسى، ادع لنا ربك أن يكف عنا الجراد، حتى أخلي عن بني إسرائيل و أصحابك، فدعا موسى (عليه السلام) ربه فكف عنهم الجراد، فلم يدعه هامان أن يخلي عن بني إسرائيل.

فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة القمل، فذهبت زروعهم و أصابتهم المجاعة، فقال فرعون لموسى: إن دفعت عنا القمل كففت عن بني إسرائيل. فدعا ربه حتى ذهب القمل. و قال: أول ما خلق الله القمل في ذلك الزمان، فلم يخل عن بني إسرائيل.

فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضفادع فكانت تكون في طعامهم و شرابهم، و يقال: إنها كانت تخرج من أدبارهم و آذانهم و آنافهم، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا فجاءوا إلى موسى (عليه السلام) فقالوا: أدع الله لنا أن يذهب عنا الضفادع، فإنا نؤمن بك، و نرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى (عليه السلام) ربه فرفع الله عنهم ذلك. فلما أبوا أن يخلوا عن بني إسرائيل حول الله تعالى ماء النيل دما، فكان القبطي يراه دما و الإسرائيلي يراه ماء، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء، و إذا شربه القبطي كان دما، فكان القبطي يقول للإسرائيلي: خذ الماء في فمك و صبه في فمي.

فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا، فقالوا لموسى (عليه السلام): لئن رفع الله عنا الدم لنرسلن معك بني إسرائيل.

__________________________________________________

(1) في المصدر: كانت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 573

فلما رفع الله عنهم الدم غدروا و لم يخلوا عن بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم الرجز، و هو الثلج، و لم يروه قبل ذلك، فماتوا منه «1»، و جزعوا جزعا شديدا، و أصابهم ما لم يعهدوا قبل قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما

عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ فدعا ربه فكشف عنهم الثلج، فخلى عن بني إسرائيل.

فلما خلى عنهم اجتمعوا إلى موسى (عليه السلام)، و خرج من مصر، و اجتمع إليه من كان هرب من فرعون، و بلغ فرعون ذلك، فقال له هامان: قد نهيتك أن تخلي عن بني إسرائيل، فقد اجتمعوا إليه. فجزع فرعون و بعث إلى المدائن حاشرين و خرج في طلب موسى.

3965/ [2]- الطبرسي: في معنى الرجز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه أصابهم ثلج أحمر، و لم يروه قبل ذلك فماتوا فيه و جزعوا، و أصابهم ما لم يعهدوا قبله.

و ذكر الطبرسي هذه القصة في (مجمع البيان «2») ثم قال: و رواه علي بن إبراهيم بإسناده، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

3966/ [3]- العياشي: عن سليمان، عن الرضا (عليه السلام) «3»

قوله: لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ قال:

«الرجز هو الثلج- ثم قال:- خراسان بلاد رجز».

3967/ [4]- قال أبو يعقوب راوي تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام): قلت للإمام (عليه السلام): فهل كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و لأمير المؤمنين (عليه السلام) آيات تضاهي آيات موسى (عليه السلام)؟ فقال الإمام (عليه السلام):

«علي (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و آيات رسول الله آيات علي (عليه السلام) و آيات علي (عليه السلام) آيات رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما من آية أعطاها الله تعالى موسى (عليه السلام) و لا غيره من الأنبياء إلا و قد أعطى الله محمدا (صلى الله عليه و آله) مثلها أو أعظم منها.

أما العصا التي كانت لموسى (عليه السلام)

فانقلبت ثعبانا فتلقفت ما أتته السحرة من عصيهم و حبالهم، فلقد كان لمحمد (صلى الله عليه و آله) أفضل من ذلك، و هو أن قوما من اليهود أتوا محمدا (صلى الله عليه و آله) فسألوه و جادلوه، فما أتوه بشي ء إلا أتاهم في جوابه بما بهرهم، فقالوا له: يا محمد، إن كنت نبيا فأتنا بمثل عصا موسى، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الذي أتيتكم به أعظم من عصا موسى، فإنه باق بعدي إلى يوم القيامة متعرض لجميع الأعداء و المخالفين، لا يقدر أحد منهم أبدا على معارضة سورة منه، و إن عصا موسى زالت و لم تبق بعده فتمتحن كما

__________________________________________________

2- مجمع البيان 4: 723.

3- تفسير العيّاشي 2: 25/ 68.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 410/ 280- 287.

(1) في المصدر: فيه. [.....]

(2) مجمع البيان 4: 721.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن قيس، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، سهو، إذ هو سند الحديث السابق لهذا في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 574

يبقى القرآن فيمتحن، ثم إني سآتيكم بما هو أعظم من عصا موسى و أعجب. فقالوا: فأتنا، فقال: إن موسى كانت عصاه بيده يلقيها، فكانت القبط يقول كافرهم: هذا موسى يحتال في العصا بحيلة، و إن الله سوف يقلب خشبا لمحمد ثعابين، بحيث لا تمسها يد محمد، و لا يحضرها، إذا رجعتم إلى بيوتكم و اجتمعتم الليلة في مجمعكم في ذلك البيت، قلب الله تعالى جذوع سقوفكم كلها أفاعي، و هي أكثر من مائة جذع، فتتصدع مرارات أربعة منكم فيموتون، و يغشى على الباقين منكم إلى غداة غد، فيأتيكم يهود، فتخبرونهم بما رأيتم، فلا يصدقونكم فتعود بين أيديهم

و تملأ أعينهم ثعابين كما كانت في بارحتكم، فيموت منهم جماعة و يخبل جماعة، و يغشى على أكثرهم».

قال الإمام (عليه السلام): «فو الذي بعثه بالحق نبيا، لقد ضحك القوم كلهم بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لا يحتشمونه و لا يهابونه، و يقول بعضهم لبعض: انظروا ما ادعى، و كيف قد عدا طوره؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن كنتم الآن تضحكون فسوف تبكون، و تتحيرون إذا شاهدتم ما عنه تخبرون، ألا فمن هاله ذلك منكم و خشي على نفسه أن يموت أو يخبل فليقل: اللهم بجاه محمد الذي اصطفيته، و علي الذي ارتضيته، و أوليائهما الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته، لما قويتني على ما أرى. و إن كان من يموت هناك ممن يحبه و يريد حياته فليدع له بهذا الدعاء، ينشره الله عز و جل و يقويه».

قال (عليه السلام): «فانصرفوا و اجتمعوا في ذلك الموضع، و جعلوا يهزءون بمحمد (صلى الله عليه و آله) و قوله: إن تلك الجذوع تنقلب أفاعي، فسمعوا حركة من السقف، فإذا بتلك الجذوع انقلبت أفاعي، و قد لوت رؤوسها إلى «1» الحائط، و قصدت نحوهم تلتقمهم، فلما وصلت إليهم كفت عنهم، و عدلت إلى ما في الدار من أحباب و جرار و كيزان و صلايات «2» و كراسي و خشب و سلاليم و أبواب فالتقمتها و أكلتها، فأصابهم ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه يصيبهم، فمات منهم أربعة، و خبل جماعة، و جماعة خافوا على أنفسهم، فدعوا بما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقويت قلوبهم. و كانت الأربعة أتى بعضهم فدعا لهم بهذا الدعاء فنشروا،

فلما رأوا ذلك قالوا: إن هذا الدعاء مجاب به، و إن محمدا صادق، و إن كان يثقل علينا تصديقه و اتباعه، أ فلا ندعوا به لتلين للإيمان به و التصديق له و الطاعة لأوامره و زواجره قلوبنا، فدعوا بذلك الدعاء، فحبب الله عز و جل إليهم الإيمان و طيبه في قلوبهم، و كره إليهم الكفر، فآمنوا بالله و رسوله، فلما أصبحوا من الغد جاءت اليهود و قد عادت الجذوع ثعابين كما كانت، فشاهدوها و تحيروا و غلب الشقاء عليهم» «3».

قال (عليه السلام): «و أما اليد فقد كان لمحمد (صلى الله عليه و آله) مثلها و أفضل منها. و أكثر من ألف مرة «4»

__________________________________________________

(1) في «س»: فإذا بتلك الجذوع تنقلب أفاعي، و قد ولّت رؤوسها.

(2) الأحباب: جمع حبّ، و هو: وعاء الماء كالزّير و الجرّة. «المعجم الوسيط- حبب- 1: 151». و الكيزان: جمع كوز، و هو إناء بعروة، يشرب به الماء. «المعجم الوسيط- كوز- 2: 804». و الصّلايات: جمع صلاية، و هي مدقّ الطّيب. «المعجم الوسيط- صلى- 1: 522».

(3) في «ط» نسخة بدل: و تحيروا و مات منهم جماعة، فغلب الشقاء على الآخرين.

(4) في المصدر: و أكثر من مرّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 575

كان (صلى الله عليه و آله) يحب أن يأتيه الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و كانا يكونان عند أهلهما أو مواليهما أو دايتهما «1»، و كان يكون في ظلمة الليل فيناديهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا محمد، يا أبا عبد الله، هلما إلي. فيقبلان نحوه من ذلك البعد، و قد بلغهما صوته، فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسبابته هكذا، يخرجها من الباب، فتضي ء لهما أحسن

من ضوء القمر و الشمس، فيأتيانه، ثم تعود الإصبع كما كانت، فإذا قضى وطره من لقائهما و حديثهما، قال:

ارجعا إلى موضعكما. و قال بعد بسبابته «2» هكذا، فأضاءت أحسن من ضياء القمر و الشمس، قد أحاط بهما إلى أن يرجعا إلى موضعهما، ثم تعود إصبعه (صلى الله عليه و آله) كما كانت من لونها في سائر الأوقات.

و أما الطوفان الذي أرسله الله تعالى على القبط، فقد أرسل الله تعالى مثله على قوم مشركين آية لمحمد (صلى الله عليه و آله)، فقال (عليه السلام): إن رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال له ثابت بن أبي الأقلح «3» قتل رجلا من المشركين في بعض المغازي، فنذرت امرأة ذلك المشرك المقتول لتشربن في قحف رأس ذلك القاتل الخمر، فلما وقع بالمسلمين يوم احد ما وقع، قتل ثابت هذا على ربوة من الأرض، فانصرف المشركون، و اشتغل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه في دفن أصحابه، فجاءت المرأة إلى أبي سفيان تسأله أن يبعث رجلا مع عبد لها إلى مكان ذلك المقتول ليحز رأسه، فيؤتى به لتفي بنذرها فتشرب في قحف رأسه خمرا، و قد كانت البشارة بقتله أتاها بها عبد لها فأعتقته، و أعطته جارية لها، ثم سألت أبا سفيان فبعث إلى ذلك المقتول مائتين من أصحاب الجلد في جوف الليل ليحتزوا «4» رأسه فيأتونها به، فذهبوا، فجاءت ريح، فدحرجت الرجل إلى حدور «5» فتبعوه ليقطعوا رأسه، فجاء من المطر وابل عظيم فأغرق المائتين، و لم يوقف لذلك المقتول و لا لواحد من المائتين على عين و لا أثر، و منع الله الكافرة مما أرادت، فهذا أعظم من الطوفان آية

له (عليه الصلاة و السلام).

و أما الجراد المرسل على بني إسرائيل، فقد فعل الله أعظم و أعجب منه بأعداء محمد (صلى الله عليه و آله)، فإنه أرسل عليهم جرادا أكلهم، و لم يأكل جراد موسى رجال القبط، و لكنه أكل زروعهم، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في بعض أسفاره إلى الشام، و قد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها و إقباله نحو مكة، يريدون قتله مخافة أن يزيل الله دولة اليهود على يده، فراموا قتله، و كان في القافلة فلم يجسروا عليه، و كان رسول

__________________________________________________

(1) الداية: المرضعة أو الحاضنة. «المعجم الوسيط- دوي- 1: 306».

(2) في «س»: سبابتيه.

(3) في «س» و المصدر: ثابت بن أبي الأفلح، و هذه القصّة لا تخلو من سهو، و الصحيح: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، كما ضبطه ابن دريد في الاشتقاق: 437 قال: و الأقلح مشتقّ من القلح، و هو صفرة في الأسنان كدرة.

استشهد في يوم الرجيع، و ليس يوم احد، راجع ترجمته و وقائع مقتله في: إعلام الورى: 86، بحار الأنوار 20: 150- 152، رجال الطوسي:

25، معجم رجال الحديث 9: 179- و فيهما: عاصم بن ثابت بن الأفلح-، سيرة ابن هشام 3: 178، تاريخ الطبري 3: 30، اسد الغابة 3: 73، جمهرة أنساب العرب: 333.

(4) في «ط»: ليجتزوا، و كلاهما بمعنى واحد.

(5) الحدور: الموضع المنحدر. «المعجم الوسيط- حد- 1: 161».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 576

الله (صلى الله عليه و آله) إذا أراد حاجة أبعد و استتر بأشجار ملتفة، أو بخربة بعيدة، أو برية بعيدة «1»، فخرج ذات يوم لحاجة و أبعد فاتبعوه، و أحاطوا به و سلوا سيوفهم عليه، فأثار الله

جل و علا من تحت رجل محمد (صلى الله عليه و آله) من ذلك الرمل جرادا كثيرا، فاحتوشهم «2» و جعل يأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه. فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حاجته و هم يأكلهم الجراد رجع (صلى الله عليه و آله) إلى أهل القافلة، فقالوا له: يا محمد، ما بال الجماعة خرجوا خلفك و لم يرجع منهم أحد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): جاءوا يقتلونني فسلط الله عليهم الجراد. فجاءوا و نظروا إليهم فبعضهم قد مات، و بعضهم قد كاد يموت، و الجراد يأكلهم، فما زالوا ينظرون إليهم حتى أتى الجراد على أعيانهم، فلم يبق منهم شيئا.

و أما القمل، أظهر الله قدرته على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) بالقمل، و قصة ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما ظهر بالمدينة أمره، و علا بها شأنه، حدث يوما أصحابه عن امتحان الله عز و جل للأنبياء (عليهم السلام)، و عن صبرهم على الأذى في طاعة الله، فقال في حديثه: إن بين الركن و المقام قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر الجوع و القمل. فسمع ذلك بعض المنافقين من اليهود، و بعض مردة كفار قريش، فتآمروا بينهم و توافقوا ليلحقن محمدا بهم، فيقتلونه بسيوفهم حتى لا يكذب، فتآمروا بينهم، و هم مائتان، على الإحاطة به يوم يجدونه من المدينة خارجا.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما خاليا فتبعه القوم، فنظر بعضهم «3» إلى ثياب نفسه و فيها قمل، ثم جعل بدنه و ظهره يحكه من القمل، فأنف منه أصحابه، و استحيا فانسل عنهم، فأبصر آخر ذلك في نفسه، و فيها قمل

مثل ذلك، فانسل، فما زال كذلك حتى وجد ذلك كل واحد في نفسه، فرجعوا، ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى عليهم القمل، و انطبقت حلوقهم، فلم يدخل فيها طعام و لا شراب فماتوا كلهم في شهرين، منهم من مات في خمسة أيام، و منهم من مات في عشرة أيام و أقل و أكثر، و لم يزد على شهرين حتى ماتوا بأجمعهم بذلك القمل و الجوع و العطش، فهذا القمل الذي أرسله الله على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) آية له.

و أما الضفادع، فقد أرسل الله مثلها على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) لما قصدوا قتله، فأهلكهم الله بالجرذ «4»، و ذلك أن مائتين، بعضهم كفار العرب، و بعضهم يهود، و بعضهم أخلاط من الناس، اجتمعوا بمكة في أيام الموسم، و هموا في أنفسهم «5»: لنقتلن محمدا. فخرجوا نحو المدينة، فبلغوا بعض تلك المنازل و إذا هناك ماء في بركة- أو حوض- أطيب من مائهم الذي كان معهم، فصبوا ما كان معهم منه، و ملأوا رواياهم «6» و مزاودهم

__________________________________________________

(1) (أو برية بعيدة) ليس في المصدر.

(2) احتوش القوم على فلان: جعلوه وسطهم «الصحاح- حوش- 3: 1003».

(3) في المصدر: أحدهم. [.....]

(4) في «ط» نسخة بدل: بها.

(5) في «ط» نسخة بدل: فيما بينهم.

(6) رواياهم: جمع راوية، و هي الوعاء الذي يكون فيه الماء، و تسمّى المزادة. «لسان العرب- روى- 14: 346».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 577

من ذلك الماء و ارتحلوا، فبلغوا أرضا ذات جرذ كثير و ضفادع فحطوا رواحلهم عندها، فسلطت على مزاودهم و رواياهم و سطائحهم «1» الضفادع و الجرذ، فخرقتها و ثقبتها «2» و سال ماؤها «3» في تلك الحرة «4»، فلم

يشعروا إلا و قد عطشوا و لا ماء معهم، فرجعوا القهقرى إلى تلك الحياض «5» التي كانوا تزودوا منها تلك المياه، و إذا الجرذ و الضفادع قد سبقتهم إليها فثقبت أصولها «6» و سالت في الحرة مياهها، فوقعوا «7» آيسين من الماء، و تماوتوا و لم يفلت «8» منهم أحد إلا واحد كان لا يزال يكتب على لسانه محمدا، و على بطنه محمدا، و يقول: يا رب محمد و آل محمد، قد تبت من أذى محمد، ففرج عني بجاه محمد و آل محمد. فسلم و كف الله عنه العطش، فوردت عليه قافلة فسقوه و حملوه و أمتعة القوم و جمالهم، و كانت الجمال أصبر على العطش من رجالها، فآمن برسول الله (صلى الله عليه و آله) و جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) تلك الجمال و الأموال له.

و أما الدم، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) احتجم مرة، فدفع الدم الخارج منه إلى أبي سعيد الخدري، و قال له:

غيبه. فذهب و شربه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما صنعت به؟ قال: شربته يا رسول الله. قال: أو لم أقل لك غيبه؟ فقال: غيبته في وعاء حريز. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إياك و أن تعود لمثل هذا، ثم اعلم أن الله قد حرم على النار لحمك و دمك لما اختلط بلحمي و دمي. فجعل أربعون من المنافقين يهزءون برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يقولون: زعم أنه قد أعتق الخدري من النار، لما اختلط «9» دمه بدمه، و ما هو إلا كذاب مفتر، و أما نحن فنستقذر دمه. فقال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): أما إن الله يعذبهم بالدم، و يميتهم به، و إن كان لم يمت القبط. فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى لحقهم الرعاف الدائم، و سيلان دماء من أضراسهم، فكان طعامهم و شرابهم يختلط بالدم، فيأكلونه، فبقوا كذلك أربعين صباحا معذبين، ثم هلكوا.

و أما السنين و نقص من الثمرات، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعا على مضر، فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، و اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. فابتلاهم الله بالقحط و الجوع، فكان الطعام يجلب إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه و قبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس و ينتن و يفسد، فيذهب أموالهم و لا يجعل لهم في الطعام نفع، حتى أضر بهم الأزم «10» و الجوع الشديد العظيم حتى أكلوا الكلاب الميتة، و أحرقوا عظام الموتى

__________________________________________________

(1) السطايح: جمع سطيحة، و هي المزادة التي من أديمين قوبل أحدهما بالآخر. «لسان العرب- سطح- 2: 484».

(2) في المصدر: و ثقبتها.

(3) في المصدر: و سالت مياهها.

(4) الحرّة: أرض ذات حجارة سود نخرات كأنّها أحرقت بالنار «لسان العرب- حرر- 4: 189».

(5) في «ط» نسخة بدل: تلك البركة.

(6) في «ط» نسخة بدل: فنقبت أفواهها و أصولها.

(7) في المصدر: فوقفوا.

(8) في المصدر: ينقلب.

(9) في المصدر: لاختلاط.

(10) الأزم: جمع أزمّة، و هي الشدّة و القحط. «لسان العرب- أزم- 12: 16».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 578

فأكلوها، و حتى نبشوا عن قبور الموتى فأكلوهم، و حتى ربما أكلت المرأة طفلها، إلى أن جاءت جماعات «1» من رؤساء قريش إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت «2»: يا محمد، هبك عاديت الرجال، فما بال النساء و الصبيان و البهائم؟ فقال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): أنتم بهذا معاقبون، و أطفالكم و حيواناتكم بهذا غير معاقبة، بل هي معوضة بجميع المنافع حين يشاء ربنا في الدنيا و الآخرة، فسوف يعوضها الله تعالى عما أصابها، ثم عفا عن مضر، و قال:

اللهم أفرج عنهم. فعاد إليهم الخصب و الدعة و الرفاهية، فذلك قول الله عز و جل فيهم يعدد عليهم نعمه:

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ»

».

و أما الطمس على الأموال فيأتي مثلها للنبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ «4».

سورة الأعراف(7): الآيات 137 الي 141 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها- إلى قوله تعالى- وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [137- 141] 3968/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها: يعني بني إسرائيل لما أهلك الله تعالى فرعون، ورثوا الأرض و ما كان لفرعون.

قال: و قوله: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا يعني الرحمة بموسى (عليه السلام) تمت لهم وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ يعني المصانع و العريش و القصور.

قال: و أما قوله: وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ فإنه لما أغرق الله فرعون و أصحابه و عبر موسى (عليه السلام) و أصحابه البحر، نظر أصحاب موسى إلى قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا لموسى: يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ فقال موسى: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَ باطِلٌ ما كانُوا

يَعْمَلُونَ قالَ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَ إِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ قال علي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 239. [.....]

(1) في المصدر: إلى أن مشى جماعة.

(2) في المصدر: فقالوا.

(3) قريش 106: 3، 4.

(4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآيتان (88، 89) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 579

ابن إبراهيم: هو محكم.

3969/ [2]- ابن شهر آشوب، قال علي (عليه السلام) لرأس الجالوت، لما قال له: لم تلبثوا بعد نبيكم إلا ثلاثين سنة، حتى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف. فقال (عليه السلام): «و أنتم، لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لموسى (عليه السلام): اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ».

سورة الأعراف(7): آية 142 ..... ص : 579

قوله تعالى:

وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [142]

3970/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها عن أيام السنة، و السنة ثلاث مائة و أربعة و خمسون يوما، شعبان لا يتم أبدا، شهر رمضان لا ينقص أبدا، و لا تكون فريضة ناقصة، إن الله عز و جل يقول: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ «1» و شوال تسعة و عشرون يوما، و ذو القعدة ثلاثون يوما، يقول الله عز و جل: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و ذو الحجة تسعة و عشرون يوما، و المحرم ثلاثون يوما، ثم الشهور بعد ذلك

شهر تام و شهر ناقص».

3971/ [4]- الطبرسي: إن موسى (عليه السلام) قال لقومه: إني أتأخر عنكم ثلاثين يوما. ليسهل عليهم، ثم زاد عليهم عشرا، و ليس في ذلك خلف «2»، لأنه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلاثين قبلها، عن أبي جعفر (عليه السلام).

3972/ [5]- العياشي: عن محمد بن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ، قال: «بعشر ذي الحجة ناقصة» حتى انتهى إلى شعبان، فقال: «ناقص و لا يتم».

3973/ [6]- عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، وقت لنا وقتا فيهم.

__________________________________________________

2- المناقب 2: 46.

3- الكافي 4: 78/ 2.

4- مجمع البيان 4: 728.

5- تفسير العيّاشي 2: 25/ 69.

6- تفسير العيّاشي 2: 26/ 70.

(1) البقرة 2: 185.

(2) الخلف: الاسم من الإخلاف، و هو في المستقبل كالكذب في الماضي. «الصحاح- خلف- 4: 1355».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 580

فقال: «إن الله خالف علمه علم الموقتين، أما سمعت الله يقول: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً إلى أربعين ليلة، أما إن موسى لم يكن يعلم بتلك العشر، و لا بنو إسرائيل، فلما حدثهم. قالوا: كذب موسى، و أخلفنا موسى.

فإن حدثتم به فقولوا: صدق الله و رسوله، تؤجروا مرتين «1»».

3974/ [5]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن موسى لما خرج وافدا إلى ربه واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاد الله على الثلاثين عشرا قال قومه: أخلفنا موسى. فصنعوا ما صنعوا».

عن محمد بن علي بن الحنفية أنه قال مثل ذلك.

سورة الأعراف(7): الآيات 143 الي 144 ..... ص : 580

قوله تعالى:

وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى

الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [143- 144]

3975/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى» فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء، فكان فيما سأله أن قال له: فما معنى قول الله عز و جل: وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ؟ كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى ابن عمران (عليه السلام) لا يعلم أن الله عز و جل لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟

فقال الرضا (عليه السلام): «إن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) علم أن الله تعالى عز أن يرى بالأبصار، و لكنه لما كلمه الله عز و جل و قربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز و جل كلمه و قربه و ناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 26/ 71.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 200/ 1، التوحيد 121/ 24.

(1) في «س»: صوابين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 581

و كان القوم سبع مائة ألف رجل، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم

سبع مائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه. فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، و صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور، فسأل الله تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم «1» كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال «2» و وراء و أمام، لأن الله تعالى أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا له: لن نؤمن لك بأن الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم و استكبروا و عتوا بعث الله عز و جل عليهم صاعقة، فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى (عليه السلام):

يا رب، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم و قالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله تعالى إياك؟ فأحياهم الله و بعثهم معه، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك أن تنظر «3» إليه لأجابك و كنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته؟

فقال موسى (عليه السلام): يا قوم، إن الله لا يرى بالأبصار، و لا كيفية له، و إنما يعرف بآياته، و يعلم بأعلامه.

فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله.

فقال موسى (عليه السلام): يا رب، إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل، و أنت أعلم بصلاحهم «4». فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى، سلني ما سألوك، فلن أؤاخذك بجهلهم. فعند ذلك قال موسى (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ و هو يهوي فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ بآية من آياته جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ

سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ يقول: رجعت إلى «5» معرفتي بك عن جهل قومي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ منهم بأنك لا ترى» فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

3976/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا، قال: «ساخ الجبل في البحر، فهو يهوي حتى الساعة».

3977/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن علي «6»، قال: حدثنا هارون بن موسى، [قال: أخبرني محمد بن الحسن ] «7»، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام، قال:

__________________________________________________

2- التوحيد: 120/ 23.

3- كفاية الأثر: 256.

(1) في «س»: يكلّمهم و يسمع.

(2) في «س»: من فوق رأس و من تحت و شمال و يمين.

(3) في «س» و «ط»: أن يريك ننظر.

(4) في «س»: بإصلاحهم.

(5) في «س»: في.

(6) في «س» و «ط»: الحسن بن عليّ، و الصواب ما في المتن، كذا في المواضع كثيرة من المصدر، و في جميعها روى عن هارون.

(7) من المصدر، و هو ابن الوليد، روى عنه التّلعكبري، و روى هو عن الصفّار، انظر معجم رجال الحديث 15: 206 و 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 582

كنت عند الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) إذ دخل عليه معاوية بن وهب و عبد الملك بن أعين، فقال له معاوية ابن وهب: يا بن رسول الله، ما تقول في الخبر الذي روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأى ربه،

على أي صورة رآه؟

و عن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم (عليه السلام) ثم قال: «يا معاوية، ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله و يأكل من نعمه، ثم لا يعرف الله حق معرفته؟».

ثم قال (عليه السلام): «يا معاوية، إن محمدا (صلى الله عليه و آله) لم ير الرب «1» تبارك و تعالى بمشاهدة العيان، و إن الرؤية على وجهين: روية القلب و روية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، و من عنى برؤية البصر فقد كذب و كفر بالله و بآياته، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شبه الله بخلقه فقد كفر.

و لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقيل له: يا أخا رسول الله، هل رأيت ربك؟ فقال: كيف أعبد من لم أره؟ لم تره العيون بمشاهدة العيان، و لكن رأته القلوب «2» بحقائق الإيمان. و إذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر، فإن كل من جاز عليه البصر و الرؤية فهو مخلوق، و لا بد للمخلوق من خالق، فقد جعلته إذن محدثا مخلوقا، و من شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا. ويلهم، ألم يسمعوا قول الله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «3» و قوله لموسى (عليه السلام): لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا و إنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض، و صعقت الجبال، و خر موسى

صعقا- أي ميتا- فلما أفاق ورد عليه روحه قال: سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى، و رجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك، و أنا أول المؤمنين و أول المقرين بأنك ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى».

ثم قال (عليه السلام): «إن أفضل الفرائض و أوجبها على الإنسان معرفة الرب، و الإقرار له بالعبودية، و حد المعرفة أن يعرف الله أن «4» لا إله غيره، و لا شبيه له و لا نظير، و أن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه له و لا نظير له و لا مبطل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «5» و بعده معرفة الرسول و الشهادة له بالنبوة، و أدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوته و أن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك عن الله عز و جل. و بعده معرفة الإمام الذي به يأتم بنعته و صفته و اسمه في حال العسر و اليسر، و أدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة، و وارثه، و أن طاعته طاعة الله و طاعة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و التسليم له في كل أمر، و الرد إليه و الأخذ بقوله. و يعلم أن الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب، و بعده الحسن، ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: ربّه.

(2) في «ط»: رآه القلب.

(3) الأنعام 6 103.

(4) في المصدر: و حدّ المعرفة أنّه.

(5) الشورى 42: 11. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 583

الحسين، ثم علي بن الحسين، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد جعفر ابنه، و بعد جعفر

موسى ابنه، و بعد موسى علي ابنه، «1» و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد علي ابنه، و بعد علي الحسن ابنه، و الحجة من ولد الحسن».

ثم قال: يا معاوية، جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال، فلا يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالنظر «2»، و قد قالوا أعجب من هذا، أو لم ينسبوا آدم (عليه السلام) إلى المكروه؟ أو لم ينسبوا إبراهيم (عليه السلام) إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى ما نسبوه من القتل من حديث الطير؟ أو لم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أو لم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

3978/ [4]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمي، عن القائم صاحب الأمر بن الحسن (عليهما السلام) قال: قلت: فأخبرني- يا مولاي- عن العلة التي تمنع الناس «3» من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: «مصلح أو مفسد؟» قلت: مصلح. قال: «فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن

لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟» قلت: بلى.

قال: «فهي العلة أوردها لك برهانا يثق به «4» عقلك، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى، و أنزل الكتب عليهم «5»، و أيدهم بالوحي و العصمة، إذ هم أعلام الأمم، و أهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى و عيسى (عليهما السلام)، هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان أنه مؤمن؟» قلت: لا. فقال: «هذا موسى كلم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عز و جل: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا»

إلى قوله:

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 461/ 21.

(1) في المصدر: ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي، ثم أنا، ثم من بعدي موسى ابني، ثم من بعده ولده علي.

(2) في المصدر: بالبصر.

(3) في المصدر: القوم.

(4) في المصدر: و أوردها لك ببرهان ينقاد له.

(5) في المصدر: و أنزل عليهم الكتاب.

(6) الأعراف 7: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 584

لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ «1» فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح، و هو يظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن الاختيار ليس إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور، و ما تكن الضمائر، و تنصرف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح».

3979/ [5]- محمد بن

الحسن الصفار: عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد السياري، قال: و قد سمعته أنا من أحمد بن محمد، قال: حدثني أبو محمد عبيد بن أبي عبد الله الفارسي و غيره، رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الكروبيين قوم من شيعتنا، من الخلق الأول، جعلهم الله خلف العرش، لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم- ثم قال-: إن موسى (عليه السلام) لما سأل ربه ما سأل، أمر واحدا من الكروبيين فتجلى للجبل فجعله دكا».

3980/ [6]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): قال: «لما سأل موسى ربه تبارك و تعالى: قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي- قال-: فلما صعد موسى على الجبل فتحت أبواب السماء و أقبلت الملائكة أفواجا، في أيديهم العمد، و في رأسها النور، يمرون به فوجا بعد فوج، يقولون: يا بن عمران، اثبت فقد سألت عظيما- قال-: فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا، و خر موسى صعقا، فلما أن رد الله عليه روحه أفاق قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ».

3981/ [7]- قال ابن أبي عمير: حدثني عدة من أصحابنا: أن النار أحاطت به، حتى لا يهرب من هول ما رأى.

قال: و روى هذا الرجل، عن بعض مواليه، قال: ينبغي أن ينتظر بالمصعوق ثلاثا أو يتبين قبل ذلك، لأنه ربما رد عليه روحه.

3982/ [8]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن موسى بن عمران (عليه السلام) لما سأل ربه النظر إليه، وعده الله أن يقعد في موضع،

ثم أمر الملائكة أن تمر عليه موكبا موكبا بالبرق و الرعد و الريح و الصواعق، فكلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرائصه، فيرفع رأسه فيسأل: أ فيكم ربي؟ فيجاب: هو آت، و قد سألت عظيما يا بن عمران».

3983/ [9]- عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً،

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 89/ 2.

6- تفسير العياشي 2: 26/ 72.

7- تفسير العياشي 2: 27/ 73.

8- تفسير العياشي 2: 27/ 74.

9- تفسير العياشي 2: 27/ 75.

(1) كذا في «س»، و المصدر، و دلائل الإمامة: 279، و الآيتان من سورة البقرة 2: 55، و سورة النساء 4: 153، و حذفهما صاحب الاحتجاج: 464.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 585

قال: «ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة».

3984/ [10]- و في رواية اخرى: أن النار أحاطت بموسى، لئلا يهرب لهول ما رأى».

و قال: «لما خر موسى صعقا مات، فلما أن رد الله روحه أفاق فقال: سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ».

3985/ [11]- علي بن إبراهيم: إن الله عز و جل أوحى إلى موسى: أني أنزل عليك التوراة و الألواح «1» إلى أربعين يوما، و هو ذو القعدة و عشر من ذي الحجة، فقال موسى لأصحابه: إن الله تبارك و تعالى قد وعدني أن ينزل علي التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما. و أمره الله أن لا يقول: إلى أربعين يوما، فتضيق صدورهم، فذهب موسى (عليه السلام) إلى الميقات و استخلف هارون على بني إسرائيل، فلما جاوز الثلاثين يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) غضبوا، فأرادوا أن يقتلوا أن هارون، و قالوا: إن موسى

كذبنا و هرب منا. و اتخذوا العجل و عبدوه، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله على موسى (عليه السلام) الألواح و ما يحتاجون إليه من الأحكام و الأخبار و السنن و القصص، فلما أنزل الله عليه التوراة و كلمه قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فأوحى الله إليه لَنْ تَرانِي أي لا تقدر على ذلك وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي قال: فرفع الله الحجاب و نظر إلى الجبل، فساخ الجبل في البحر، فهو يهوي حتى الساعة، و نزلت الملائكة، و فتحت أبواب السماء، فأوحى الله إلى الملائكة: أدركوا موسى لا يهرب. فنزلت الملائكة و أحاطت بموسى (عليه السلام) فقالوا: اثبت يا بن عمران، فقد سألت الله عظيما. فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ و الملائكة قد نزلت، وقع على وجهه، فمات من خشية الله، و هول ما رأى، فرد الله عليه روحه، فرفع رأسه و أفاق و قال: سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي أول من صدق أنك لا ترى، فقال الله تعالى: يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ فناداه جبرئيل: يا موسى، أنا أخوك جبرئيل.

سورة الأعراف(7): الآيات 145 الي 146 ..... ص : 585

قوله تعالى:

وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ- إلى قوله تعالى:- وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [145- 146]

3986/ [1]- العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الجفر: «إن الله تبارك و تعالى لما أنزل

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 27 ذيل الحديث 76. [.....]

11- تفسير القمّي 1: 239.

1- تفسير العيّاشي 2: 28/ 77.

(1) في المصدر: التوراة التي فيها

الأحكام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 586

الألواح على موسى (عليه السلام) أنزلها عليه و فيها تبيان كل شي ء، كان أو هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فلما انقضت أيام موسى أوحى الله إليه أن استودع الألواح، و هي زبرجدة من الجنة، جبلا يقال له (زينة) «1» فأتى موسى الجبل، فانشق له الجبل، فجعل فيه الألواح ملفوفة، فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) فأقبل ركب من اليمن، يريدون نبيه (صلى الله عليه و آله)، فلما انتهوا إلى الجبل انفرج، و خرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى (عليه السلام)، فأخذها القوم، فلما وقعت في أيديهم ألقى الله في قلوبهم الرعب أن ينظروا إليها و هابوها حتى يأتوا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله). و أنزل الله جبرئيل على نبيه (صلى الله عليه و آله) فأخبره بأمر القوم و بالذي أصابوه، فلما قدموا على النبي (صلى الله عليه و آله) سلموا عليه «2»، ابتدأهم فسألهم عما وجدوا، فقالوا: و ما علمك بما وجدنا؟ قال: أخبرني به ربي، و هو الألواح. قالوا: نشهد أنك لرسول الله. فأخرجوها فدفعوها إليه فنظر إليها و قرأها، و كانت بالعبراني، ثم دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: دونك هذه، ففيها علم الأولين و الآخرين، و هي ألواح موسى، و قد أمرني ربي أن أدفعها إليك.

فقال: يا رسول الله، لست أحسن قراءتها.

قال: إن جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه «3»، فإنك تصبح و قد علمت قراءتها. قال:

فجعلها تحت رأسه، فأصبح و قد علمه الله كل شي ء فيها، فأمره رسول الله (صلى الله عليه و

آله) بنسخها، فنسخها في جلد شاة، و هو الجفر، و فيه علم الأولين و الآخرين، و هو عندنا، و الألواح عندنا، و عصا موسى عندنا، و نحن ورثنا النبيين (صلى الله عليهم أجمعين)».

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في واد يعرف بكذا».

3987/ [2]- محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن خالد، عن يعقوب، عن عباس الوراق، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن ليث المرادي: أنه حدثه عن سدير بحديث فأتيته فقلت: إن ليث المرادي حدثني عنك بحديث؟ فقال: و ما هو؟ قلت: جعلت فداك، حديث اليماني، قال: نعم، كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فمر بنا رجل من أهل اليمن، فسأله أبو جعفر عن اليمن، فأقبل يحدث، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «تعرف دار كذا و كذا؟» قال: نعم رأيتها. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا و كذا؟» قال: نعم، رأيتها.

قال: فقال له الرجل: ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد مثلك «4». فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الفضل، تلك الصخرة التي حيث غضب موسى فألقى الألواح، فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة، فلما بعث الله رسوله (صلى الله عليه و آله) أدته إليه، و هي عندنا».

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات: 157/ 7.

(1) في «س»: زبينة.

(2) (سلموا عليه): ليس في المصدر.

(3) في المصدر: تحت رأسك كتابك هذه الليلة.

(4) في المصدر: منك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 587

3988/ [3]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة «1»، عن حبة العرني، قال: سمعت

أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) يقول: «إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران، و كانت ألواح موسى من زبرجد «2» أخضر، فلما غضب موسى (عليه السلام) ألقى «3» الألواح من يده، فمنها ما تكسر، و منها ما بقي، و منها ما ارتفع، فلما ذهب عن موسى الغضب، قال ليوشع بن نون: عندك تبيان ما في الألواح؟ قال: نعم، فلم يزل يتوارثها رهط بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن، و بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بتهامة و بلغهم الخبر، فقالوا: ما يقول هذا النبي؟ قيل: ينهى عن الخمر و الزنا، و يأمر بمحاسن الأخلاق و كرم الجوار. فقالوا: هذا أولى بما في أيدينا منا. فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا و كذا، فأوحى الله إلى جبرئيل (عليه السلام) أن إئت النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، فأتاه فقال: إن فلانا و فلانا و فلانا و ورثوا فلانا ما كان في الألواح «4»، ألواح موسى (عليه السلام)، و هم يأتوك في شهر كذا و كذا، في ليلة كذا و كذا».

قال: «فسهر لهم تلك الليلة فجاء الركب فدقوا عليه الباب، و هم يقولون: يا محمد. قال: نعم يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى ابن عمران (عليه السلام)؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له و أنك رسول الله، و الله ما علم به أحد قط- منذ وقع عندنا- قبلك».

قال: «فأخذه النبي (صلى الله عليه و آله) فإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق،

فدفعه إلي، و وضعته عند رأسي، فأصبحت بالغداة و هو كتاب بالعربية جليل، فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات و الأرض إلى أن تقوم الساعة، فعلمت ذلك».

3989/ [4]- و عنه: عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن سعيد بن غزوان «5»، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دخل رجل من أهل بلخ عليه فقال له: «يا خراساني «6»، تعرف وادي كذا و كذا؟» قال: نعم. قال

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 161/ 6.

4- بصائر الدرجات: 161/ 7.

(1) في «س» و «ط»: الحارث بن المغيرة، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر ترجمته في تهذيب الكمال 5: 224، معجم رجال الحديث 4: 192.

(2) في المصدر: عن زمرد.

(3) في المصدر: أخذ.

(4) (ما كان في الألواح) ليس في المصدر. [.....]

(5) في «س» و «ط»: محمّد بن شعيب، عن غزوان، و في المصدر: عن شعيب بن غزوان، و في بحار الأنوار 26: 189، و بعض نسخ البصائر:

محمّد بن شعيب بن غزوان، و لم نعثر على أيّ منهم بهذا الضبط، و لعلّ ما أثبتناه هو الصحيح بحسب الطبقة و تشابه الرسم. انظر معجم رجال الحديث 16: 112 و 18: 199.

(6) في «س» و «ط»: يا خوزستاني، و هو تصحيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 588

له: «تعرف صدعا في الوادي من صفته كذا و كذا» قال: نعم. قال: «من ذلك الصدع يخرج الدجال».

ثم دخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال له: «يا يماني، تعرف شعب كذا و كذا؟ قال له: نعم. قال له: «تعرف شجرة في الشعب من صفتها كذا و كذا؟» قال له: نعم. قال له: «تعرف صخرة تحت الشجرة؟». قال له: نعم. قال:

«فتلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى

(عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله)».

3990/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ أي كل شي ء أنه مخلوق. و قال: قوله: فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي قوة القلب وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أي بأحسن ما فيها من الأحكام.

3991/ [6]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى «1» بن عبيد، عن محمد بن عمر، عن عبد الله بن الوليد السمان «2»، قال: قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا عبد الله، ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى؟».

قلت: جعلت فداك، و عن أي حالات «3» تسألني؟

قال: «أسألك عن العلم [فأما الفضل فهم سواء».

قال: قلت: جعلت فداك، فما عسى أن أقول فيهم؟] فقال: «هو و الله أعلم منهما- ثم قال-: يا عبد الله، أليس يقولون: إن لعلي (عليه السلام) ما لرسول الله من العلم؟» قلت: بلى. قال: «فخاصمهم فيه، إن الله تبارك و تعالى قال لموسى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ فعلمنا «4» أنه لم يبين له الأمر كله، و قال الله تبارك و تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ» «5».

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- أحاديث في ذلك، في قوله تعالى: وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ من سورة النحل «6».

3992/ [7]- قال علي بن إبراهيم: و قوله تعالى: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أي يجيئكم قوم فساق تكون الدولة لهم.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 240.

6- بصائر الدرجات: 248/ 3.

7- تفسير القمّي 1: 240.

(1) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، سهو، و

الصواب ما في المتن، حيث عدّ من مشايخ الصفّار. انظر معجم رجال الحديث 17: 110.

(2) في «س»: النعماني، و في «ط»: اليماني، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و كذا في معجم رجال الحديث 10: 367 و الحديث (3) من تفسير الآية (89) من سورة النحل.

(3) في «س»: سؤالات.

(4) في المصدر: فأعلمنا.

(5) النّحل 16: 89.

(6) تأتي في تفسير الآية (89) من سورة النحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 589

3993/ [8]- العياشي: عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى (عليه السلام) حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ قال: «هذه دار الفاسقين». قال: و قرأ: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا.

فقال له هارون: فدار من هي؟ فقال: «هي لشيعتنا قرة، و لغيرهم فتنة».

قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: «أخذت منه عامرة، و لا يأخذها إلا معمورة».

3994/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يعني أصرف القرآن عن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، قال: إذا رأوا الإيمان و الصدق و الوفاء و العمل الصالح لا يتخذوه سبيلا، و إن يروا الشرك و الزنا و المعاصي يأخذوا بها و يعملوا بها.

سورة الأعراف(7): الآيات 148 الي 149 ..... ص : 589

قوله تعالى:

وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ- إلى قوله تعالى- لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [148- 149]

3995/ [1]- العياشي: عن محمد بن

أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى لما أخبر موسى أن قومه اتخذوا عجلا له خوار، فلم يقع منه موقع العيان، فلما رآهم اشتد غضبه فألقى الألواح من يده» و قال أبو عبد الله: «و للرؤية فضل على الخبر».

3996/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ يعني لما جاءهم موسى و أحرق العجل قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَ يَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

سورة الأعراف(7): آية 152 ..... ص : 589

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [152]

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 29/ 78.

9- تفسير القمّي 1: 240.

1- تفسير العيّاشي 2: 29/ 81. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 590

3997/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن السدي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما أخلص عبدا الايمان بالله أربعين يوما- أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله عز و جل أربعين يوما- إلا زهده الله عز و جل في الدنيا و بصره داءها و دواءها، و أثبت الحكمة في قلبه، و أنطق بها لسانه- ثم تلا- إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ فلا ترى صاحب بدعة إلا ذليلا، و مفتريا على الله عز و جل، و على رسوله، و على أهل بيته (صلوات الله عليهم) إلا ذليلا».

3998/ [2]- العياشي: عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «عرضت بي حاجة، فهجرت فيها إلى

المسجد- و كذلك أفعل إذا عرضت بي الحاجة- فبينا أنا اصلي في الروضة إذا رجل على رأسي- قال-: فقلت:

ممن الرجل؟ قال: من أهل الكوفة». قال: «قلت: ممن الرجل؟ قال: من أسلم». قال: «فقلت: ممن الرجل؟ قال: من الزيدية».

قال: «قلت: يا أخا أسلم، من تعرف منهم؟ قال: أعرف خيرهم و سيدهم و رشيدهم و أفضلهم هارون بن سعد. فقلت: يا أخا أسلم، ذاك رأس العجلية، أما سمعت الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا و إنما الزيدي حقا محمد بن سالم بياع القصب «1»».

سورة الأعراف(7): الآيات 155 الي 156 ..... ص : 590

قوله تعالى:

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ [155- 156]

3999/ [3]- العياشي: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إن عبد الله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه إنه لا يموت، فمات؟

__________________________________________________

1- الكافي 2: 14/ 6.

2- تفسير العيّاشي 2: 29/ 82.

3- تفسير العيّاشي 2: 30/ 83.

(1) هذا الاسم جاء في «س» و «ط» متأخّرا عن موضعه سهوا، حيث وقع في أول سند الحديث الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 591

فقال: «لا غفر الله شيئا من ذنوبه، أين ذهب؟ إن موسى اختار سبعين رجلا من قومه، فلما أخذتهم الرجفة قال: رب أصحابي أصحابي. قال: إني أبدلك بهم من هو خير لكم منهم. فقال: إني عرفتهم و وجدت ريحهم، قال:

فبعثهم «1» الله له أنبياء».

عن أبان بن عثمان، عن الحارث مثله، إلا أنه ذكر: «فلما أخذتهم الصاعقة» و لم يذكر الرجفة «2».

و قد تقدمت روايات في ذلك في قوله

تعالى: وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ «3».

4000/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور «4»، عن سعد بن عبد الله القمي- في حديث طويل- عن القائم (عليه السلام)، قال: قلت: فأخبرني يا مولاي، عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: «مصلح أو مفسد؟» قلت:

مصلح. قال: «فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟» قلت: بلى. قال: «فهي العلة أوردها لك برهانا- و في رواية اخرى: أيدتها لك ببرهان- يثق به عقلك «5»، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى، و أنزل الكتب عليهم و أيدهم بالوحي و العصمة، إذ هم أعلام الأمم، و أهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى و عيسى (عليهما السلام) هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان أنه مؤمن؟» قلت: لا. فقال: «هذا موسى كليم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عز و جل: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا إلى قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً «6» فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ «7» فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح، و هو

يظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن الاختيار ليس إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور، و ما تكن الضمائر و تنصرف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح».

4001/ [3]- علي بن إبراهيم: إن موسى (عليه السلام) لما قال لبني إسرائيل: إن الله يكلمني و يناجيني، لم

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 461/ 21، تقدّم مع تخريجه و التعليق عليه ذيل الآية (143) من هذه السورة، الحديث (4).

3- تفسير القمّي 1: 241.

(1) في المصدر نسخة بدل: فبعث.

(2) تفسير العيّاشي 2: 30/ 84.

(3) تقدّمت الروايات في تفسير الآيتين (143- 144) من هذه السورة.

(4) في «س»: أحمد بن سورا، تصحيف، انظر معجم رجال الحديث 2: 338.

(5) في المصدر: و أوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك.

(6) البقرة 2: 55.

(7) النّساء 4: 153. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 592

يصدقوه، فقال لهم: اختاروا منكم من يجي ء معي حتى يسمع كلامه. فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم، و ذهبوا مع موسى إلى الميقات، فدنا موسى (عليه السلام) فناجى ربه و كلمه «1» الله تبارك و تعالى، فقال موسى (عليه السلام) لأصحابه: اسمعوا و اشهدوا عند بني إسرائيل بذلك. فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فسله أن يظهر لنا. فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا، و هو قوله: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2» فهذه [الآية في سورة البقرة، و هي مع هذه الآية في سورة الأعراف، فنصف ] الآية في سورة البقرة، و نصفها في سورة الأعراف ها هنا.

فلما

نظر موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم فقال: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا و ذلك أن موسى (عليه السلام) ظن أن هؤلاء هلكوا بذنوب بني إسرائيل فقال: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَ اكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ فقال الله تبارك و تعالى: عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ.

4002/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما ناجى موسى (عليه السلام) ربه أوحى إليه:

أن يا موسى، قد فتنت قومك. قال: و بماذا يا رب؟ قال: بالسامري، صاغ لهم من حليهم عجلا.

قال: يا رب، إن حليهم لتحتمل أن يصاغ منها غزال أو تمثال أو عجل، فكيف فتنتهم؟ قال: صاغ لهم عجلا فخار. فقال: يا رب، و من أخاره؟ قال: أنا. قال عندها موسى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ».

4003/ [5]- عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ «3».

قال: «فقال موسى: يا رب، و من أخار العجل؟ فقال الله: يا موسى، أنا أخرته. فقال موسى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ».

4004/ [6]- عن ابن مسكان، عن الوصافي «4»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن فيما ناجى الله موسى أن

قال:

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 31/ 85.

5- تفسير العيّاشي 2: 29/ 79.

6- تفسير العيّاشي 2: 29/ 80.

(1) في «ط»: و كلّم.

(2) البقرة 2: 55- 56.

(3) الأعراف 7: 148.

(4) في «س» و «ط»: و المصدر: الوصّاف، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، و هو عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي، روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام)، و روى عنه عبد اللّه بن مسكان كتابه و بعض رواياته، انظر معجم رجال الحديث 11: 87.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 593

يا رب، هذا السامري صنع العجل، فالخوار من صنعه؟- قال-: فأوحى الله إليه: يا موسى، إن تلك فتنتي فلا تفحص «1» عنها».

4005/ [7]- عن إسماعيل بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حيث قال موسى: أنت أبو الحكماء».

سورة الأعراف(7): آية 157 ..... ص : 593

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [157]

4006/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ- إلى قوله-: وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قال: «النور في هذا الموضع أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

4007/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة و قول الناس، فقال و تلا هذه الآية وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ

«2»: «يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، و كلهم هالك».

قال: قلت: قوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ؟ قال: «هم شيعتنا، و لرحمته خلقهم، و هو قوله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول: لطاعة الإمام و الرحمة التي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ «3» يقول: علم الإمام، و وسع علمه- الذي هو من علمه- كل شي ء، هم شيعتنا، ثم قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «4» يعني ولاية غير الإمام و طاعته، ثم قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبي (صلى الله عليه و آله) و الوصي و القائم يأمرهم بالمعروف إذا قام و ينهاهم عن المنكر، و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 29 ذيل الحديث 80.

1- الكافي 1: 150/ 2.

2- الكافي 1: 335/ 83.

(1) في «ط»: تفصحني، قال المجلسي: «أي لا تسألني أن أظهر سببها، و الإفصاح و إن كان لازما يمكن أن يكون التفصيح متعدّيا، و في بعض النسخ بالمعجمة أي لا تبيّن ذلك للناس فإنّهم لا يفهمون». «بحار الأنوار 13: 230».

(2) هود 11: 118، 119.

(3، 4) الأعراف 7: 156.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 594

أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ و الخبائث: قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم، و الإصر: الذنب و هي الآصار.

ثم نسبهم فقال: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

يعني الذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدوها، و الجبت و الطاغوت: فلان و فلان و فلان، و العبادة: طاعة الناس لهم. ثم قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ «1» ثم جزاهم فقال:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

«2» و الإمام يبشرهم بقيام القائم، و بظهوره، و بقتل أعدائهم، و بالنجاة في الآخرة، و الورود على محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الصادقين على الحوض».

4008/ [3]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: ثم ذكر الله فضل النبي (صلى الله عليه و آله) و فضل من تبعه فقال:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ يعني الثقل الذي كان على بني إسرائيل، و هو أنه فرض الله عليهم الغسل و الوضوء بالماء، و لم يحل لهم التيمم، و لم يحل لهم الصلاة إلا في البيع و الكنائس و المحاريب، و كان الرجل إذا أذنب جرح نفسه جرحا متينا، فيعلم أنه أذنب، و إذا أصاب شيئا من بدنهم البول قطعوه، و لم يحل لهم المغنم، فرفع ذلك رسول الله عن أمته.

ثم قال: قال فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني برسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فأخذ الله ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يخبروا أممهم و ينصروه، فقد نصروه بالقول، و أمروا أممهم بذلك، و سيرجع رسول الله (صلى الله عليه

و آله) و يرجعون فينصرونه في الدنيا.

4009/ [4]- العياشي: عن علي بن أسباط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لم سمي النبي الأمي؟

قال: «نسب إلى مكة، و ذلك من قول الله: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها «3» و أم القرى مكة، فقيل امي لذلك».

4010/ [5]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال في قوله: يَجِدُونَهُ: «يعني اليهود و النصارى صفة محمد و اسمه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 242. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 31/ 86.

5- تفسير العيّاشي 2: 31/ 87.

(1) الزّمر 39: 55.

(2) يونس 10: 64.

(3) الشورى 42: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 595

4011/ [6]- عن أبي بصير، في قول الله: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «النور هو علي (عليه السلام)».

4012/ [7]- الطبرسي: في معنى الآية، قال: إنه منسوب إلى ام القرى، و هي مكة. و هو المروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام).

و تقدمت الروايات بذلك في سورة الأنعام «1».

4013/ [8]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن داود ابن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض، و قد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض، و جعل لكم الماء طهورا، فانظروا كيف تكونون؟».

4014/ [9]- في (نهج البيان): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «أي الخلق أعجب إيمانا»؟ فقالوا:

الملائكة. فقال: «الملائكة عند ربهم، فما لهم لا يؤمنون»؟ فقالوا: الأنبياء. فقال: «الأنبياء

يوحى إليهم، فما لهم لا يؤمنون»؟ فقالوا: نحن. فقال: «أنا فيكم فما لكم لا تؤمنون؟ إنما هم قوم يكونون بعدكم، فيجدون كتابا في ورق فيؤمنون به، و هذا معنى قوله: وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

سورة الأعراف(7): آية 158 ..... ص : 595

قوله تعالى:

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [158]

4015/ [1]- ابن بابويه: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 31/ 88.

7- مجمع البيان 4: 749.

8- التهذيب 1: 356/ 1064.

9- .......... مجمع البيان 4: 750.

1- الأمالي: 157/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآيتين (91- 92) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 596

الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله، و أنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى ابن عمران؟ فسكت النبي (صلى الله عليه و آله) ساعة، ثم قال: نعم، أنا سيد ولد آدم و لا فخر، و أنا خاتم النبيين، و إمام المتقين، و رسول رب العالمين. قالوا: إلى من، إلى العرب أم إلى العجم، أم إلينا؟ فأنزل الله عز و جل: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً».

سورة الأعراف(7): آية 159 ..... ص : 596

قوله تعالى:

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ [159]

4016/ [1]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «قوم موسى هم أهل الإسلام».

4017/ [2]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قام قائم آل محمد (صلى الله

عليه و آله) استخرج من ظهر الكوفة «1» سبعة و عشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحق و به يعدلون، و سبعة من أصحاب الكهف، و يوشع وصي موسى، و مؤمن آل فرعون، و سلمان الفارسي، و أبا دجانة الأنصاري، و مالك الأشتر».

4018/ [3]- عن أبي الصهباء البكري، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، دعا رأس الجالوت، و أسقف النصارى، فقال: «إني سائلكما عن أمر، و أنا أعلم به منكما، فلا تكتماني، يا رأس الجالوت، بالذي أنزل التوراة على موسى، و أطعمهم «2» المن و السلوى، و ضرب لهم «3» في البحر طريقا يبسا، و فجر لهم «4» من الحجر الطوري اثنتي عشرة عينا، لكل سبط من بني إسرائيل عينا، إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟» فقال: فرقة واحدة.

فقال: «كذبت و الله الذي لا إله إلا هو، لقد افترقت على إحدى و سبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، فإن الله يقول: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 31/ 89.

2- تفسير العيّاشي 2: 32/ 90.

3- تفسير العيّاشي 2: 32/ 91. [.....]

(1) في نسخة من «ط» و المصدر: الكعبة.

(2) في المصدر: و أطعمكم.

(3) في المصدر: لكم.

(4) في المصدر: لكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 597

4019/ [4]- الطبرسي: إنهم قوم من وراء الصين، و بينهم و بين الصين واد جار من الرمل، لم يغيروا و لم يبدلوا.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة الأعراف(7): آية 160 ..... ص : 597

قوله تعالى:

وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ [160] 4020/ [1]- علي بن

إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أي ميزناهم.

4021/ [2]- محمد بن يعقوب: [عن محمد بن يحيى ] «1» عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): إن القائم إذا قام بمكة و أراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما و لا شرابا. و يحمل حجر موسى بن عمران (عليه السلام) و هو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعثت عين منه، فمن كان جائعا شبع، و من كان ظامئا روي، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة».

4022/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، [عن موسى ] «2» بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ألواح موسى (عليه السلام) عندنا، و عصا موسى عندنا، و نحن ورثة النبيين».

و هذه الآية و ما بعدها تقدمت في سورة البقرة «3».

سورة الأعراف(7): الآيات 161 الي 166 ..... ص : 597

قوله تعالى:

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ

__________________________________________________

4- مجمع البيان 4: 752.

1- تفسير القمّي 1: 244.

2- الكافي 1: 180/ 3.

3- الكافي 1: 180/ 2.

(1) أثبتناه من المصدر، و هو من مشايخ الكليني، و روى عن محمّد بن الحسين كثيرا. راجع معجم رجال الحديث 18: 8.

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الصحيح، حيث روى عمران بن موسى، عن موسى كتابه و بعض روآياته. راجع رجال النجاشي: 406، معجم رجال الحديث 19: 34.

(3) تقدّمت في الآيتين (58 و 60) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 598

إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ- إلى قوله تعالى- كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ [163- 166] 4023/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها قرية كانت لبني إسرائيل، قريبا من البحر، و كان الماء يجري عليها في المد و الجزر، فيدخل أنهارهم و زروعهم، و يخرج السمك من البحر حتى يبلغ آخر زرعهم، و قد كان حرم الله عليهم الصيد يوم السبت، و كانوا يضعون الشباك في الأنهار ليلة الأحد يصيدون بها السمك، و كان السمك يخرج يوم السبت، و يوم الأحد لا يخرج، و هو قوله: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ فنهاهم علماؤهم عن ذلك، فلم ينتهوا فمسخوا قردة و خنازير. و كانت العلة في تحريم الصيد عليهم يوم السبت أن عيد جميع المسلمين و غيرهم كان يوم الجمعة، فخالف اليهود و قالوا: عيدنا يوم السبت. فحرم الله عليهم الصيد يوم السبت، و مسخوا قردة و خنازير.

4024/ [2]- و

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب «1»، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن قوما من أهل أيلة «2»، من قوم ثمود، و أن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم، و قدام أبوابهم، في أنهارهم و سواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها و يأكلونها فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار، و لا يمنعهم العلماء من صيدها.

ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت و لم تنهوا عن

صيدها. فاصطادوها «3» يوم السبت و أكلوها فيما سوى ذلك من الأيام، فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها. فعتت و انحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين فقالوا: ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره. و اعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ فقالت الطائفة التي وعظتهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

فقال الله عز و جل: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة، فقالت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 244.

2- تفسير القمّي 1: 244.

(1) في «س» و «ط»: عن ابن أبي عمير، و ما أثبتناه من المصدر، و قد روى ابن محبوب عن كليهما، و لكنّه أكثر في روايته عن عليّ بن رئاب، و روى كتبه، و كان أبوه يعطيه بكلّ حديث يرويه عن عليّ درهما واحدا، و أكثر عليّ في روايته عن أبي عبيدة. راجع معجم رجال الحديث 5: 92 و 12: 17. [.....]

(2) في المصدر: ايكة، و هو تصحيف، و أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) ممّا يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138، معجم البلدان 1: 292.

(3) في المصدر: فاصطادوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 599

الطائفة التي وعظتهم: لا و الله، لا نجامعكم و لا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها، مخافة أن ينزل عليكم «1» البلاء فيعمنا معكم».

قال: «فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت، فدقوه فلم يجابوا، و لم يسمعوا

منها حس أحد «2»، فوضعوا سلما على سور المدينة، ثم أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، [فقال الرجل لأصحابه: يا قوم، أرى و الله عجبا! قالوا: و ما ترى؟

قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون ] و لها أذناب، فكسروا الباب، فعرفت الطائفة أنسابها من الإنس، و لم تعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟

فقال علي (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة، لا ينكرون و لا يغيرون، بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، و قد قال الله عز و جل: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «3» فقال الله: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ».

4025/ [3]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال علي بن الحسين (عليه السلام): كان هؤلاء قوم يسكنون على شاطى بحر نهاهم الله و أنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت، فتوصلوا إلى حيلة ليحلوا بها لأنفسهم ما حرم الله، فخدوا أخاديد، و عملوا طرقا تؤدي إلى حياض يتهيأ للحيتان الدخول [فيها] من تلك الطرق، و لا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع.

فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان الله لها، فدخلت الأخاديد، و حصلت في الحياض و الغدران، فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، و بقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها بلا اصطياد، لاسترسالها فيه، و عجزها عن الامتناع، لمنع المكان لها، فكانوا يأخذونها يوم الأحد، و يقولون: ما اصطدنا في يوم السبت، و إنما اصطدنا في الأحد. و كذب أعداء الله، بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم

السبت حتى كثر من ذلك مالهم و ثراؤهم، و تنعموا بالنساء و غيرها لاتساع أيديهم «4»، و كانوا في المدينة نيفا و ثمانين ألفا، فعل هذا «5» سبعون ألفا، و أنكر عليهم «6» الباقون، كما قص الله وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ و ذلك أن طائفة منهم وعظوهم و زجروهم، و من عذاب الله خوفوهم، و من

__________________________________________________

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 268/ 136، 137.

(1) في المصدر: بكم.

(2) في المصدر: خبر واحد.

(3) المؤمنون 23: 41.

(4) في المصدر زيادة: به.

(5) في المصدر زيادة: منهم.

(6) في «ط»: و أنكرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 600

انتقامه و شديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ بذنوبهم هلاك الاصطلام أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فأجابوا القائلين لهم هذا، مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ إذ كلفنا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فنحن ننهى عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم و كراهتنا لفعلهم. قالوا: وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ و نعظهم أيضا لعلهم تنجع «1» فيهم المواعظ، فيتقوا هذه الموبقة، و يحذروا عن عقوبتها، قال الله عز و جل: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ حادوا و أعرضوا و تكبروا عن قبولهم الزجر قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ مبعدين عن الخير مقصين.

قال: فلما نظر العشرة آلاف و النيف أن السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم، و لا يحفلون بتخويفهم إياهم و تحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلى قرية أخرى قريبة من قريتهم، و قالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله و نحن في خلالهم.

فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالى كلهم قردة، و بقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد و لا يدخله أحد و تسامع بذلك أهل القرى و قصدوهم،

و تسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم، فإذا هم كلهم رجالهم و نساؤهم قردة، يموج بعضهم في بعض، يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم و قراباتهم و خلطاءهم، يقول المطلع لبعضهم: أنت فلان، أنت فلانة؟ فتدمع عينه و يؤمئ برأسه أن «2» نعم. فما زالوا كذلك ثلاثة أيام، ثم بعث الله عز و جل عليهم مطرا و ريحا فجرفهم إلى البحر، و ما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام، و إنما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباحها، لا هي بأعيانها، و لا من نسلها.

قال علي بن الحسين (عليه السلام): إن الله تعالى مسخ هؤلاء لاصطياد السمك، فكيف ترى عند الله عز و جل يكون حال من قتل أولاد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هتك حريمه! إن الله تعالى و إن لم يمسخهم في الدنيا فإن المعد لهم من عذاب الآخرة أضعاف هذا «3» المسخ».

4026/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، قال: حدثني عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة الشامي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ، قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا [فنجوا]، و صنف ائتمروا و لم يأمروا [فمسخوا ذرا]، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا».

4027/ [5]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ،

__________________________________________________

4- الخصال: 100/ 54.

5- الكافي 8: 158/

151.

(1) نجع فيه الخطاب: أر. «الصحاح- نجع- 3: 1288».

(2) في المصدر: بلا أو.

(3) في المصدر: أضعاف عذاب. [.....]

(4) في «س» و «ط»: طلحة بن يزيد، و هو تصحيف، راجع معجم رجال الحديث 9: 163- 167.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 601

قال: «كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا و نجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا».

4028/ [6]- الطبرسي: إنه هلكت الفرقتان، و نجت الفرقة الناهية. روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

4029/ [7]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة: عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «كانت مدينة حاضرة البحر، فقالوا لنبيهم: إن كان صادقا فليحولنا ربنا جريثا «1»، فإذا المدينة في وسط البحر قد غرقت من الليل، و إذا كل رجل منهم ممسوخ جريثا يدخل الراكب في فيها».

4030/ [8]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام): أن قوما من أهل أيلة من قوم ثمود، و أن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت لهم يوم سبتهم في ناديهم و قدام أبوابهم في أنهارهم و سواقيهم، فتبادروا إليها، فأخذوا يصطادونها و يأكلونها، فلبثوا بذلك ما شاء الله، لا ينهاهم الأحبار و لا ينهاهم العلماء من صيدها. ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنما نهيتهم من أكلها يوم السبت، و لم تنهوا عن صيدها يوم السبت، فاصطادوا يوم السبت، و أكلوها فيما سوى ذلك من الأيام.

فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، و انحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين، و قالوا: الله الله، إنا نهيناكم عن عقوبة الله أن تعرضوا لخلاف أمره،

و اعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، و قالت الطائفة التي لم تعظهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً.

و قالت الطائفة التي وعظتهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، قال الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني لما تركوا ما وعظوا به، و مضوا على الخطيئة، قالت الطائفة التي وعظتهم: لا و الله، لا نجامعكم و لا نبايتكم الليل في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها، مخافة أن ينزل بكم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السماء.

فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله، غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة، فإذا هو مصمت فدقوا، فلم يجابوا و لم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما على سور المدينة، ثم أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه: يا قوم، أرى- و الله- عجبا! فقالوا:

و ما ترى؟ قال: أرى القوم قردة يتعاوون، لهم أذناب- قال-: فكسروا الباب و دخلوا المدينة، قال: فعرفت القردة أنسابها من الإنس، و لم تعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟!».

قال: «فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا

__________________________________________________

6- مجمع البيان 4: 768.

7- تفسير العيّاشي 2: 32/ 92.

8- تفسير العيّاشي 2: 33/ 93.

(1) الجرّيث: ضرب من السمك. «الصحاح- جرث- 1: 277».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 602

ينكرون و لا يغيرون، بل تركوا ما أمروا به و تفرقوا، و قد قال الله: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «1»، و قال الله: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ».

4031/ [9]- عنه،

عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة فأمسكوا يوم السبت».

4032/ [10]- عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، قال: «امتان مسختا من بني إسرائيل: فأما التي أخذت البحر فهي الجريث «2»، و أما التي أخذت البر فهي الضباب» «3».

4033/ [11]- عن هارون بن عبد العزيز «4»، رفعه إلى أحدهم (عليهم السلام)، قال: «جاء قوم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، و قالوا له: يا أمير المؤمنين، إن هذه الجريث «5» تباع في أسواقنا؟» قال: «فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) ضاحكا، ثم قال: قوموا لأريكم عجبا، و لا تقولوا في وصيكم إلا خيرا، فقاموا معه فأتوا شاطئ بحر فتفل فيه تفلة، و تكلم بكلمات، فإذا بجريثة «6» رافعة رأسها فاتحة فاها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

من أنت، الويل لك و لقومك؟ فقالت: نحن من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يقول الله في كتابه: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الآية، فعرض الله علينا ولايتك، فقعدنا عنها، فمسخنا الله، فبعضنا في البر و بعضنا في البحر: فأما الذين في البحر فالجريث «7»، و أما الذين في البر فاليربوع «8»» قال: «ثم التفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلينا، فقال: أسمعتم مقالتها؟ قلنا: اللهم نعم، قال: و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، لتحيض كما تحيض نساؤكم».

4034/ [12]- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ، قال: «افترق القوم ثلاث فرق: فرقة انتهت و اعتزلت، و فرقة أقامت و لم تقارف الذنوب، و

فرقة اقترفت الذنوب، فلم تنج من العذاب إلا من انتهت».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 34/ 94.

10- تفسير العيّاشي 2: 34/ 95.

11- تفسير العيّاشي 2: 35/ 96.

12- تفسير العيّاشي 2: 35/ 79.

(1) المؤمنون 23: 41.

(2) في المصدر: الجراري.

(3) الضباب: جمع ضبّ، و هو حيوان من جنس الزّواحف. «المعجم الوسيط- ضبّ- 1: 532».

(4) في المصدر: هارون بن عبيد.

(5) في المصدر: الجراري. [.....]

(6) في المصدر: بجريّة.

(7) في المصدر: فنحن الجراري.

(8) في المصدر: فالضبّ و اليربوع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 603

قال جعفر (عليه السلام): «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما صنع بالذين أقاموا و لم يقارفوا الذنوب؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنهم صاروا ذرا».

سورة الأعراف(7): الآيات 167 الي 170 ..... ص : 603

قوله تعالى:

وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [167- 170] 4035/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ يعني بعلم ربك إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ نزلت في اليهود، و لا تكون لهم دولة أبدا.

4036/ [2]- الطبرسي: و يوليهم أشد «1» العذاب بالقتل و أخذ الجزية منهم، و المعني به امة محمد (صلى الله عليه و آله) عند جميع المفسرين، و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

4037/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ قَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أي ميزناهم «2» مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَ مِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَ بَلَوْناهُمْ أي اختبرناهم بِالْحَسَناتِ يعني السعة و الأمن وَ السَّيِّئاتِ الفقر و الفاقة و الشدة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني كي يرجعوا.

قال: قوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى يعني ما يعرض لهم من الدنيا. وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا

وَ إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَ دَرَسُوا ما فِيهِ يعني ضيعوه. ثم قال: وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.

4038/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إلى آخره، قال: «نزلت في آل محمد (صلى الله عليه و آله) و أشياعهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 245.

2- مجمع البياƠ4: 760.

3- تفسير القمّي 1: 246.

4- تفسير القمّي 1: 246.

(1) في المصدر: شدة.

(2) في المصدر: ميّزهم امما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 604

4039/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا، و لا يردوا ما لم يعلموا، قال الله عز و جل: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ. و قال: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «1»».

4040/ [6]- العياشي: عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يكذبوا بما لا يعلمون أو يقولوا بما لا يعلمون» و قرأ: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ «2» و قال: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

4041/ [7]- عن إسحاق، قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «خص الله الخلق في آيتين من كتاب الله، أن يقولوا على الله إلا بعلم، و لا يردوا إلا بعلم، قال تعالى: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، و قال:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «3»».

سورة الأعراف(7): آية 171 ..... ص : 604

قوله تعالى:

وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [171]

4042/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي بصير، قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، جالسا في الحرم و حوله عصابة من أوليائه، إذ أقبل طاوس اليماني في جماعة من أصحابه، ثم قال لأبي جعفر (عليه السلام): أ تأذن لي في السؤال؟ فقال: «أذنا لك، و اسأل». فسأله عن مسائل فأجابه (عليه السلام)، و كان فيما سأله، قال: فأخبرني عن طائر طار [مرة] و لم يطر قبلها و لا بعدها، ذكره الله عز و جل في القرآن، فما هو؟ فقال: «طور سيناء، أطاره الله عز و جل على بني إسرائيل الذين «4» أظلهم بجناح منه، فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التوراة، و ذلك قوله عز و جل: وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ الآية».

__________________________________________________

5- الكافي 1: 34/ 8.

6- تفسير العيّاشي 2: 35/ 98.

7- تفسير العيّاشي 2: 36/ 99.

1- الاحتجاج: 328.

(1) يونس 10: 39. [.....]

(2) يونس 10: 39.

(3) يونس 10: 39.

(4) في المصدر: حين.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 605

4043/ [2]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: قال الصادق (عليه السلام): «لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوها، فرفع الله عليهم جبل طور

سيناء، فقال لهم موسى (عليه السلام): إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل، فقبلوه وطأطؤوا رؤوسهم».

4044/ [3]- العياشي: عن معاوية بن عمار «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أ يضع الرجل يده على ذراعه في الصلاة؟

قال: «لا بأس، إن بني إسرائيل كانوا إذا دخل وقت الصلاة دخلوها «2» متماوتين كأنهم موتى، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): خذ ما آتيتك بقوة، فإذا دخلت الصلاة فادخل فيها بجلد و قوة، ثم ذكرها في طلب الرزق «فإذا طلبت الرزق فاطلبه بقوة».

4045/ [4]- و في رواية إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة في الأبدان أم قوة في القلوب؟ قال: «فيهما جميعا».

4046/ [5]- عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ، قال: «السجود، و وضع اليدين على الركبتين في الصلاة و أنت راكع».

سورة الأعراف(7): آية 172 ..... ص : 605

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ [172]

4047/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب «4»، عن صالح بن

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 246.

3- تفسير العيّاشي 2: 36/ 100.

4- تفسير العيّاشي 2: 37/ 101.

5- تفسير العيّاشي 2: 37/ 102.

1- الكافي 2: 366/ 6.

(1) في المصدر: إسحاق بن عمّار، و قد عدّ كلاهما من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و الرواة عنه، راجع رجال النجاشي: 71: 169 و 411/ 1096.

(2)

في المصدر: دخلوا في الصلاة دخلوا.

(3) في المصدر: محمّد بن حمزة عمّن أخبره.

(4) في «س»: عن أبي أيّوب، تصحيف صوابه ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 5: 89 و 9: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 606

سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن بعض قريش قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت الأنبياء و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم؟

فقال: «إني كنت أول من آمن بربي، و أول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين و أشهدهم على أنفسهم:

أ لست بربكم؟ قالوا: بلى. فكنت أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالإقرار بالله».

و رواه في موضع آخر، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

4048/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة: أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى إلى آخر الآية.

فقال و أبوه يسمع: «حدثني أبي أن الله عز و جل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم (عليه السلام)، فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج، فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا، فخرجوا كالذر من يمينه و شماله، و أمرهم جميعا أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما، و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها».

4049/ [3]- و عنه: عن

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «2»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- قال-: فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى الآية. قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه» و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة- يعني على المعرفة بأن الله عز و جل خالقه- كذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «3»».

4050/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان، بن مسلم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت ولد آدم؟ قال: إنني أول من أقر بربي، إن الله أخذ ميثاق النبيين و أشهدهم على

__________________________________________________

2- الكافي 2: 5/ 2.

3- الكافي 2: 10/ 4. [.....]

4- الكافي 2: 9/ 3.

(1) الكافي 2: 8/ 1.

(2) الحج 22: 31.

(3) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 607

أنفسهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنت أول من أجاب».

4051/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

بعض أصحابه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوا و هم ذر؟ قال: «جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه» يعني في الميثاق.

4052/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها «1» ما تلك الفطرة؟

قال: «هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و فيه المؤمن و الكافر».

4053/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا و ماء مالحا أجاجا، فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا، فقال لأصحاب اليمين و هم كالذر يدبون:

إلى الجنة بسلام «2». و قال لأصحاب الشمال: إلى النار و لا ابالي. ثم قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ.

ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: أ لست بربكم، و إن هذا محمدا رسولي و إن هذا عليا أمير المؤمنين؟

قالوا: بلى. فثبتت لهم النبوة، و أخذ الميثاق على أولي العزم: أنني ربكم، و محمدا رسولي، و عليا أمير المؤمنين، و أوصياءه من بعده ولاة أمري و خزان علمي، و أن المهدي انتصر به لديني، و أطهر به أرضي، و اظهر به دولتي، و انتقم به من أعدائي، و أعبد به طوعا و كرها. قالوا: أقررنا- يا رب- و شهدنا. و

لم يجحد آدم و لم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، و لم يكن لآدم عزم على الإقرار به، و هو قوله عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «3» قال: إنما هو (فترك) ثم أمر نارا فأججت، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها.

فهابوها، و قال لأصحاب اليمين: ادخلوها. فدخلوها، فكانت عليهم بردا و سلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا. فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها. فهابوها. فثم ثبتت الطاعة و الولاية و المعصية».

4054/ [8]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليه السلام) لا يرى بالعزل بأسا، فقرأ هذه

__________________________________________________

5- الكافي 2: 10/ 1.

6- الكافي 2: 10/ 2.

7- الكافي 2: 6/ 1.

8- الكافي 5: 504/ 4.

(1) الرّوم 30: 30.

(2) في «ط»: الجنّة و لا ابالي.

(3) طه 20: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 608

الآية: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فكل شي ء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج، و إن كان على صخرة صماء».

4055/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي الربيع القزاز «1»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي أمير المؤمنين (عليه السلام) أمير المؤمنين؟

قال: «سماه الله، و هكذا أنزل في كتابه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و أن محمدا

رسولي، و أن عليا أمير المؤمنين؟».

4056/ [10]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «2» و عن الحنيفية. فقال: «و هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله» و قال: «فطرهم الله على المعرفة».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ الآية. قال:

« [أخرج ] من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم صنعة، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه».

و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة- يعني على المعرفة [بأن الله عز و جل خالقه ]- فذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «3»».

4057/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن سنان، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من سبق [من الرسل ] إلى (بلى) رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك و تعالى، و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء: تقدم- يا محمد- فقد وطئت موطئا لم يطأه أحد قبلك، لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل. و لولا أن روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، فكان من الله عز

و جل كما قال الله: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «4» أي بل أدنى، فلما خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه».

قال الصادق (عليه السلام): «كان ذلك الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية و لرسوله بالنبوة و لأمير المؤمنين و الأئمة بالإمامة، فقال: أ لست بربكم، و محمد نبيكم، و علي إمامكم، و الأئمة الهادون أئمتكم؟ فقالوا: بلى شهدنا.

__________________________________________________

9- الكافي 1: 340/ 4.

10- التوحيد: 330/ 9.

11- تفسير القمّي 1: 246. [.....]

(1) في «س» و «ط»: الفزاري، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 21: 155.

(2) الحج 22: 31.

(3) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

(4) النجم 53: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 609

فقال الله: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لئلا تقولوا يوم القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فأول ما أخذ الله عز و جل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية، و هو قوله: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ فذكر جملة الأنبياء، ثم أبرز أفضلهم بالأسامي، فقال: وَ مِنْكَ يا محمد، فقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأنه أفضلهم وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ «1» فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضلهم.

ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء بالإيمان به، و على أن ينصروا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «2» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تخبروا أممكم بخبره و خبر وليه من الأئمة

(عليهم السلام)».

4058/ [12]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «4».

قال: قال: «ما بعث الله نبيا من لدن آدم فهلم جرا إلا و يرجع إلى الدنيا فيقاتل فينصر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم أخذ الله أيضا ميثاق الأنبياء لرسوله «5»، فقال: قُلْ- يا محمد- آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أوتي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «6»».

4059/ [13]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ، قلت:

معاينة كان هذا؟ قال: «نعم، فثبتت المعرفة و نسوا الموقف، و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه، فمنهم من أقر بلسانه في الذر و لم يؤمن بقلبه، فقال الله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ «7»».

4060/ [14]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال:

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 247.

13- تفسير القمّي 1: 248.

14- المحاسن: 241/ 225.

(1) الأحزاب 33: 7.

(2) آل عمران 3: 81.

(3) كذا في «ط» و المصدر و هو الصواب، و في «س»: عبد اللّه بن سنان،

عن ابن مسكان، روى ابن أبي عمير عنهما، و لكن لم تثبت رواية أحدهما عن الآخر، انظر معجم رجال الحديث 10: 203 و 324، و الحديث الآتي.

(4) آل عمران 3: 81.

(5) في المصدر: على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(6) آل عمران 3: 84.

(7) يونس 10: 74. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 610

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ، قال: «ثبتت المعرفة في قلوبهم و نسوا الموقف، و سيذكرونه يوما ما، و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و من رازقه».

4061/ [15]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة بن موسى النخاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ، قال: «نعم، لله الحجة على جميع خلقه، أخذهم يوم أخذ الميثاق، هكذا» و قبض يده.

4062/ [16]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ.

قال: «أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة [فخرجوا] و هم كالذر فعرفهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه، ثم قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و إن محمدا رسولي و عليا أمير المؤمنين خليفتي و أميني».

4063/ [17]- الشيخ في

(أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر ليث بن محمد ابن نصر بن الليث البلخي. قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي، سنة إحدى و تسعين «1» و مائتين، قال: حدثني خالي «2» عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد القمي البصري، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: حج عمر بن الخطاب في إمرته، فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الأسود فاستلمه و قبله، و قال: أقبلك و إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لكن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بك حفيا، و لولا أني رأيته يقبلك ما قبلتك.

قال: و كان في القوم الحجيج علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «بلى، و الله إنه ليضر و ينفع». فقال: و بم [قلت ] ذلك، يا أبا الحسن؟ قال: «بكتاب الله تعالى».

قال: أشهد أنك لذو علم بكتاب الله تعالى، فأين ذلك من الكتاب؟ قال: «قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا و أخبرك أن الله سبحانه لما خلق آدم مسح ظهره، فاستخرج ذريته من صلبه في هيئة الذر، فألزمهم العقل و قررهم أنه الرب و أنهم العبيد، فأقروا له بالربوبية و شهدوا على أنفسهم بالعبودية، و الله عز و جل يعلم أنهم في ذلك في منازل مختلفة، فكتب أسماء عبيده في رق، و كان لهذا الحجر يومئذ عينان و شفتان و لسان، فقال: افتح فاك- قال-: ففتح فاه فألقمه

__________________________________________________

15- المحاسن: 242/ 229.

16- بصائر الدرجات: 91/ 6.

17-

الأمالي 2: 90.

(1) في المصدر: إحدى و ستّين.

(2) زاد في «ط»: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 611

ذلك الرق، ثم قال له: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة. فلما هبط آدم (عليه السلام) هبط و الحجر معه، فجعل في موضعه [الذي ترى ] من هذا الركن، و كانت الملائكة تحج هذا البيت من قبل أن يخلق الله تعالى آدم، ثم حجه آدم ثم نوح من بعده، ثم تهدم «1» و درست قواعده، فاستودع الحجر في أبي قبيس «2»، فلما أعاد إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) بناء البيت و بناء قواعده، و استخرجا الحجر من أبي قبيس بوحي من الله عز و جل، فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن، و هو من حجارة الجنة، و كان لما انزل في مثل لون الدر و بياضه، و صفاء الياقوت و ضيائه، فسودته أيدي الكفار، و من كان يمسه من أهل الشرك بعتائرهم «3»».

قال: فقال عمر: لا عشت في امة لست فيها، يا أبا الحسن.

4064/ [18]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناد مرفوع إلى الأصبغ بن نباتة، قال: أتى ابن الكواء أمير المؤمنين (عليه السلام) و كان معنتا في المسائل، فقال: يا أمير المؤمنين، خبرني عن الله عز و جل هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم و ردوا عليه الجواب».

قال: «فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه، فقال: و كيف كان ذلك؟ فقال: «أو ما تقرأ كتاب الله تعالى إذ يقول لنبيه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعهم كلامه

و ردوا عليه الجواب، كما تسمع في قول الله، يا بن الكواء: قالُوا بَلى ثم قال لهم: إني أنا الله لا إله إلا أنا، و أنا الرحمن الرحيم، فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميز الرسل و الأنبياء و الأوصياء و أمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق [و أشهدهم على أنفسهم ]، و أشهد الملائكة عليهم أن يقولوا يوم القيامة: إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ».

4065/ [19]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، في حديث طويل، قال فيه: «قال الله عز و جل لجميع أرواح بني آدم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى كان أول من قال: (بلى) محمد (صلى الله عليه و آله)، فصار بسبقه إلى (بلى) سيد الأولين و الآخرين، و أفضل الأنبياء و المرسلين».

4066/ [20]- العياشي: عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: «نعم، أخذ الله الحجة على جميع خلقه يوم الميثاق هكذا» و قبض يده.

__________________________________________________

18- خصائص الأئمة: 87.

19- الخصال: 308/ 84.

20- تفسير العيّاشي 2: 37/ 103.

(1) في المصدر: هدم البيت.

(2) أبو قبيس: جبل مشرف على مسجد مكّة. «معجم البلدان 4: 308».

(3) العتائر: جمع عتيرة، شاة كانوا يذبحونها نذرا للأصنام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 612

4067/ [21]- و عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

كيف أجابوه و هم ذر؟ قال: «جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه» يعني في الميثاق.

4068/ [22]- و عن عبيد الله الحلبي «1»، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «حج عمر أول سنة حج و هو خليفة، فحج تلك السنة المهاجرون و الأنصار، و كان علي (عليه السلام) قد حج في تلك السنة بالحسن و الحسين (عليهما السلام) و بعبد الله بن جعفر- قال-: فلما أحرم عبد الله لبس إزارا و رداء ممشقين- مصبوغين بطين المشق- ثم أتى فنظر إليه عمر، و هو يلبي و عليه الإزار و الرداء، و هو يسير إلى جنب علي (عليه السلام)، فقال عمر من خلفهم: ما هذه البدعة التي في الحرم، فالتفت إليه علي (عليه السلام)، فقال له: يا عمر، لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة، فقال عمر: صدقت- يا أبا الحسن- لا و الله، ما علمت أنكم هم».

قال: «فكانت تلك واحدة في سفرتهم تلك، فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت فاستلم عمر الحجر، فقال: أما و الله، إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لولا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) استلمك ما استلمتك، فقال له علي (عليه السلام): يا أبا حفص، لا تفعل، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يستلم إلا لأمر قد علمه، و لو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنه يضر و ينفع، له عينان و شفتان و لسان ذلق، يشهد لمن وافاه بالموافاة.

قال: فقال له عمر: فأوجدني ذلك في كتاب الله، يا أبا الحسن. فقال علي (صلوات الله عليه): قوله تبارك و تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ

ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا فلما أقروا بالطاعة بأنه الرب و أنهم العباد أخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام، ثم خلق الله رقا أرق من الماء، و قال للقلم: اكتب موافاة خلقي ببيتي الحرام، فكتب القلم موافاة بني آدم في الرق، ثم قيل للحجر: افتح فاك- قال-: ففتحه، فألقمه الرق، ثم قال للحجر: احفظ و اشهد لعبادي بالموافاة. فهبط الحجر مطيعا لله.

يا عمر، أو ليس إذا استلمت الحجر، قلت: أمانتي أديتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة؟ فقال عمر:

اللهم نعم. فقال له علي (عليه السلام): من ذلك» «2».

4069/ [23]- عن الحلبي، قال: سألته: لم جعل استلام الحجر؟ قال: «إن الله حيث أخذ الميثاق من بني آدم دعا الحجر من الجنة و أمره و التقم الميثاق، فهو يشهد لمن وافاه بالموافاة «3»».

4070/ [24]- عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن بعض قريش قال لرسول

__________________________________________________

21- تفسير العيّاشي 2: 37/ 104.

22- تفسير العيّاشي 2: 38/ 105.

23- تفسير العيّاشي 2: 39/ 106. [.....]

24- تفسير العيّاشي 2: 39/ 107.

(1) في «ط»: عبد اللّه الكلبي، و في المصدر: عبد اللّه بن الحلبي، و كلاهما تصحيف، راجع معجم رجال الحديث 10: 385 و 11: 82 و 88.

(2) الظاهر أنّ قوله (عليه السّلام) «من ذلك» يعني أنّ قولك يا عمر «أمانتي أديّتها، و ميثاقي تعاهدته» هو من من ذلك الإقرار بالطاعة و الميثاق.

(3) في المصدر: بالوفا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 613

الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت الأنبياء و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم؟ فقال: «إني كنت أول من أقر بربي، و أول من أجاب حيث أخذ

الله ميثاق النبيين و أشهدهم على أنفسهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنت أول من قال (بلى) فسبقتهم إلى الإقرار بالله».

4071/ [25]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ إلى قوله: قالُوا بَلى ، قال: «كان محمد (صلى الله عليه و آله) أول من قال (بلى)».

قلت: كانت رؤية معاينة؟ قال: «أثبت المعرفة في قلوبهم، و نسوا ذلك الميثاق و سيذكرونه بعد، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه».

4072/ [26]- عن زرارة، أن رجلا سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فقال-: و أبوه يسمع: «حدثني أبي أن الله تعالى قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات، فتركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج، فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها تبارك و تعالى فعركها عركا شديدا، ثم هكذا- حكى بسط كفيه- فجمدت فجروا «1» كالذر من يمينه و شماله «2»، فأمرهم جميعا أن يدخلوا «3» في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما، و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها».

4073/ [27]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قالوا بألسنتهم؟ قال: «نعم، و قالوا بقلوبهم.

فقلت: و أي شي ء كانوا يومئذ؟ قال: «صنع منهم ما اكتفى به».

4074/ [28]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى أَنْفُسِهِمْ، قال: «أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم

القيامة، فخرجوا و هم كالذر فعرفهم نفسه و أراهم نفسه، و لولا ذلك ما عرف أحد ربه، و ذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «4»».

4075/ [29]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 39/ 108.

26- تفسير العيّاشي 2: 39/ 109.

27- تفسير العيّاشي 2: 40/ 110.

28- تفسير العيّاشي 2: 40/ 111.

29- تفسير العيّاشي 2: 40/ 112.

(1) في المصدر: بسط كفيه فخرجوا.

(2) قال المجلسي: قوله (عليه السّلام): «من يمينه و شماله» أي من يمين الملك المأمور بهذا الأمر و شماله، أو من يمين العرش و شماله، أو استعار اليمين للجهة التي فيها اليمين و البركة و البركة و كذا الشمال بعكس ذلك بحار الأنوار 5: 258.

(3) في المصدر: يقعوا.

(4) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 614

شَهِدْنا، قال: ثبتت المعرفة [في قلوبهم ] «1» و نسوا الموقف و سيذكرونه بعد، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه».

4076/ [30]- عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى سمي أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟

قال: قال: «و الله نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله): وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و إن محمدا رسول الله نبيكم، و إن عليا أمير المؤمنين فسماه الله عز و جل أمير المؤمنين».

4077/ [31]- عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا جابر، لو يعلم الجهال متى سمي أمير المؤمنين علي لم ينكروا حقه» قال: قلت: جعلت فداك، متى سمي؟

فقال لي: «قوله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى أَ

لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و إن محمدا نبيكم رسول الله، و إن عليا أمير المؤمنين؟» قال: ثم قال لي: «يا جابر، هكذا و الله جاء بها محمد (صلى الله عليه و آله)».

4078/ [32]- عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن امتي عرضت علي في الميثاق، فكان أول من آمن بي علي، و هو أول من صدقني حين «2» بعثت، و هو الصديق الأكبر، و الفاروق يفرق بين الحق و الباطل».

4079/ [33]- عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: أتاه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الله تبارك و تعالى، هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال علي: «قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم، و ردوا عليه الجواب» فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك، يا أمير المؤمنين؟ فقال له:

«أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعهم كلامه و ردوا عليه الجواب، كما تسمع في قول الله يا بن الكواء: قالُوا بَلى فقال لهم: إني أنا الله لا إله إلا أنا، و أنا الرحمن الرحيم، فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميز الرسل و الأنبياء و الأوصياء و أمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك: شَهِدْنا عليكم يا بني آدم أن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ».

4080/ [34]- قال أبو بصير: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الذر حيث أشهدهم

على أنفسهم أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، و أسر بعضهم خلاف ما أظهر، فقلت: كيف علموا القول حيث قيل لهم: أ لست بربكم؟

__________________________________________________

30- تفسير العيّاشي 2: 41/ 113. [.....]

31- تفسير العيّاشي 2: 41: 114.

32- تفسير العيّاشي 2: 41/ 115.

33- تفسير العيّاشي 2: 41/ 116.

34- تفسير العيّاشي 2: 42/ 117.

(1) أثبتناه من المحاسن: 241/ 225.

(2) في «ط»: حيث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 615

قال: «إن الله جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه».

4081/ [35]- صاحب (الثاقب في المناقب): عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، فسأله محمد بن صالح الأرمني، عن قول الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ الآية، قال: «ثبتوا المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و من رازقه».

قال أبو هاشم: فجعلت أتعجب في نفسي من عظيم ما عظم الله وليه من جزيل ما حمله، فأقبل أبو محمد (صلوات الله عليه) و قال: «الأمر أعجب مما عجبت منه- يا أبا هاشم- و أعظم، ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله، و من أنكرهم أنكر الله، و لا يكون مؤمنا حتى يكون لولايتهم مصدقا و بمعرفتهم موقنا؟».

4082/ [36]- و من طريق العامة ما روي من كتاب (الفردوس) لابن شيرويه، يرفعه إلى حذيفة اليماني، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله، سمي أمير المؤمنين و آدم بين الروح و الجسد، قال الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ، و قالت الملائكة: بلى، فقال

تبارك و تعالى: أنا ربكم و محمد نبيكم و علي وليكم و أميركم «1»»

سورة الأعراف(7): الآيات 175 الي 176 ..... ص : 615

قوله تعالى:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ- إلى قوله تعالى- كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [175- 176] 4083/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ إنها نزلت في بلعم بن باعوراء، و كان من بني إسرائيل.

4084/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم و كان يدعو به فيستجاب له، فمال إلى فرعون، فلما مر فرعون في طلب موسى (عليه السلام) و أصحابه: قال فرعون لبلعم: ادع الله على موسى و أصحابه ليحبسه علينا، فركب حمارته ليمر في

__________________________________________________

35- الثاقب في المناقب: 567/ 508.

36- الفردوس 3: 354/ 5066.

1- تفسير القمّي 1: 248.

2- تفسير القمّي 1: 248.

(1) في المصدر: و عليّ أميركم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 616

طلب موسى و أصحابه، فامتنعت عليه حمارته، فأقبل يضربها، فأنطقها الله عز و جل، فقالت: ويلك، على ماذا تضربني، أ تريد أن أجي ء معك لتدعو على موسى نبي الله و قوم مؤمنين؟! و لم يزل يضربها حتى قتلها، فانسلخ الاسم من لسانه، و هو قوله: فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ و هو مثل ضربه الله».

فقال الرضا (عليه السلام): «فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاث: حمارة بلعم،

و كلب أصحاب الكهف، و الذئب، و كان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر «1» قوما مؤمنين و يعذبهم، و كان للشرطي ابن يحبه، فجاء الذئب فأكل ابنه، فحزن الشرطي عليه، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما أحزن الشرطي».

4085/ [3]- العياشي: عن سليمان اللبان، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «أ تدري ما مثل المغيرة بن سعيد «2»؟» قال: قلت: لا، قال: «مثله مثل بلعم الذي اوتي الاسم الأعظم الذي قال الله تعالى: آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ».

4086/ [4]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام) قال: «إن خالد بن الوليد فعل في الجاهلية ما فعل في احد و غيرها، فلما أسلم و نافق بذلك و ارتد عن الإسلام سبى بني حنيفة في أيام أبي بكر، و أخذ أموالهم، و قتل مالك بن نويرة و استحل زوجته بعد قتله، و أنكر عليه عمر بن الخطاب و تهدده و توعده، فقال له: إن عشت إلى أيامي لأقيدنك به. و لم يأخذ من سبي بني حنيفة، و قال: إنهم مسلمون».

4087/ [5]- الطبرسي: في قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الأصل في [ذلك ] بلعم، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة».

سورة الأعراف(7): آية 179 ..... ص : 616

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ ذَرَأْنا- إلى قوله تعالى- لا يَسْمَعُونَ بِها [179] 4088/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ لَقَدْ ذَرَأْنا الآية، قال: أي خلقنا.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 42/ 118.

4- نهج البيان 2: 127 (مخطوط).

5- مجمع البيان 4: 769. [.....]

6- تفسير القمّي 1: 249.

(1) حشرهم: جمعهم

و ساقهم «المعجم الوسيط- حشر- 1: 175».

(2) في «ط» و المصدر: شعبة، و هو تصحيف، راجع رجال الكشي: 227/ 406 و معجم رجال الحديث 18: 275.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 617

4089/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، يقول: «طبع الله عليها فلا تعقل وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ عليها غطاء عن الهدى لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أي جعل في آذانهم و قرا فلن يسمعوا الهدى».

سورة الأعراف(7): آية 180 ..... ص : 617

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها- إلى قوله تعالى- فِي أَسْمائِهِ [180] 4090/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، قال: الرحمن الرحيم.

4091/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، و محمد بن يحيى، جميعا، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، قال: «نحن- و الله- الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد «1» إلا بمعرفتنا».

4092/ [5]- العياشي: عن محمد بن أبي زيد الرازي، عمن ذكره، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله عز و جل، و هو قول الله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها- قال-: قال أبو عبد الله (عليه السلام): نحن- و الله- الأسماء الحسنى التي لا يقبل من أحد إلا بمعرفتنا».

4093/ [6]- المفيد في (الاختصاص): قال الرضا (عليه السلام): «إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عز و جل، و هو قوله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى

فَادْعُوهُ بِها».

4094/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، و ذكر الحديث إلى أن قال: «فليس له شبه و لا مثل و لا عدل، و له الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، و هي التي وصفها الله في الكتاب، فقال:

فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جهلا بغير علم [فالذي يلحد في أسمائه بغير علم ]، يشرك

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 249.

3- تفسير القمّي 1: 249.

4- الكافي 1: 111/ 4.

5- تفسير العيّاشي 2: 42/ 119.

6- الاختصاص: 252.

7- التوحيد: 321/ 1.

(1) في المصدر زيادة: عملا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 618

و هو لا يعلم، و يكفر [به ] و هو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها».

و الحديث طويل يأتي- إن شاء الله- بطوله في قوله تعالى: هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ من سورة النمل «2».

4095/ [6]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي بن بابويه، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثني ابن أبي نجران، عن العلاء، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قلت: يا رسول الله، ما تقول في علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟

فقال: ذاك نفسي.

قلت: فما تقول في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟ قال: هما روحي، و فاطمة أمها ابنتي يسوؤني ما أساءها و يسرني ما سرها، أشهد الله أني حرب لمن حاربهم، و سلم لمن سالمهم. يا جابر، إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم، فإنها أحب الأسماء إلى الله عز و جل»

سورة الأعراف(7): آية 181 ..... ص : 618

قوله تعالى:

وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ [181]

4096/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «هم الأئمة».

4097/ [2]- العياشي: عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «هم الأئمة».

4098/ [3]- و قال محمد بن عجلان عنه (عليه السلام): «نحن هم».

4099/ [4]- عن أبي الصهباء «3» البكري، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «و الذي نفسي بيده

__________________________________________________

6- الاختصاص: 223.

1- الكافي 1: 343/ 13.

2- تفسير العيّاشي 2: 42/ 120.

3- تفسير العيّاشي 2: 42/ 121. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 122، الدر المنثور 3: 617.

(1) يوسف 12: 106.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

(3) في «ط» نسخة بدل: أبي الصهبان، و في المصدر: ابن الصهبان، تصحيف صوابه ما أثبتناه من «س»، و هو صهيب البكري البصري و يقال:

المدني، أبو الصهباء، مولى ابن عبّاس، انظر تاريخ البخاري 4: 315/ 2964 و تهذيب الكمال 13: 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 619

لتفترقن هذه الأمة على ثلاث و

سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو من هذه الأمة».

4100/ [5]- عن يعقوب بن يزيد، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «يعني أمة محمد (صلى الله عليه و آله)».

4101/ [6]- ابن شهر آشوب: عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا يعني أمة محمد، يعني علي بن أبي طالب يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعني يدعو بعدك يا محمد إلى الحق وَ بِهِ يَعْدِلُونَ في الخلافة بعدك، و معنى الأمة العلم في الخير لقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ «1» يعني علما في الخير.

4102/ [7]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «نحن هم».

4103/ [8]- عنه، قال: و قال الربيع بن أنس: قرأ النبي (صلى الله عليه و آله) هذه الآية، فقال: «إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم».

4104/ [9]- و روي عن ابن جريج «2» عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «هي لأمتي بالحق يأخذون، و بالحق يعطون، و قد أعطى لقوم بين أيديكم مثله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «3»».

4105/ [10]- كشف الغمة: عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «إن فيك مثلا من عيسى أحبه قوم فهلكوا فيه، و أبغضه قوم فهلكوا فيه، فقال المنافقون: أما يرضى له مثلا إلا عيسى ابن مريم؟ فنزل قوله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ».

4106/ [11]- عن زاذان،

عن علي (عليه السلام): «تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة، و هم الذين قال الله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و هم أنا و شيعتي».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 43/ 123.

6- المناقب 3: 84، شواهد التنزيل 1: 204/ 266.

7- مجمع البيان 4: 773.

8- مجمع البيان 4: 773، الدر المنثور 3: 617.

9- مجمع البيان 4: 773.

10- كشف الغمة 1: 321، شواهد التنزيل 2: 165/ 869.

11- كشف الغمة 1: 321.

(1) النّحل 16: 120.

(2) في «س» و «ط»: أبي شريح. و في نسخة بدل: جريح، و هما تصحيف صوابه ما في المتن و هو الحافظ المفسّر عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، انظر ترجمته في تاريخ البخاري 5: 422/ 1373 و سير أعلام النبلاء 6: 325.

(3) الأعراف 7: 159. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 620

و قد تقدم ذكر حديث عن العياشي في قوله تعالى: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ من سورة المائدة «1».

4107/ [12]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد، بإسناده عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد السري، قال: حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر، قال: [حدثني أبي، قال:] «2» حدثني عمي «3» الحسين بن سعيد، قال: حدثني أبي «4»، عن أبان بن تغلب، عن فضل «5»، عن عبد الملك الهمداني، عن زاذان، عن علي (رضي الله عنه)، قال: «تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة، و هم الذين قال الله عز و جل في حقهم: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ

بِهِ يَعْدِلُونَ و هم أنا و شيعتي».

4108/ [13]- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام):

من آل محمد؟ قال: «ذريته».

فقلت: من أهل بيته؟ قال: «الأئمة الأوصياء».

فقلت: من عترته؟ قال: «أصحاب العباء».

فقلت: من أمته؟ قال: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز و جل، المستمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله، و عترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة الأعراف(7): الآيات 182 الي 184 ..... ص : 620

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [182- 184]

4109/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة

__________________________________________________

12- مناقب الخوارزمي: 237.

13- الأمالي: 200/ 10.

1- الكافي 2: 327/ 1.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (66) من سورة المائدة.

(2) أثبتناه من المصدر و رجال النجاشي: 11 و 179/ 472.

(3) زاد في «ط»: عن، و هو سهو، انظر رجال النجاشي السابق الذكر.

(4) و هو: سعيد بن أبي الجهم القابوسي اللّخمي، قال النجاشي: روى عن أبان بن تغلب فأكثر عنه. رجال النجاشي: 179/ 472.

(5) في «س»: فضيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 621

و يذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار و يتمادى بها، و هو قوله عز و جل:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ بالنعم عند المعاصي».

4110/

[2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الاستدراج. فقال: «هو العبد يذنب الذنب فيملي له، و يجدد له عنده النعمة لتلهيه «1» عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم».

4111/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، قال: «هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه، تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب».

4112/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، و كم من مستدرج بستر الله عليه، و كم من مفتون بثناء الناس عليه».

4113/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي عذابي شديد. ثم قال:

أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا يعني قريشا ما بِصاحِبِهِمْ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) مِنْ جِنَّةٍ أي ما هو بمجنون كما تزعمون إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ.

باب فضل التفكر ..... ص : 621

4114/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، و جاف من «2» الليل جنبك، و اتق الله ربك».

4115/ [7]-

و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس: تفكر ساعة خير من قيام ليلة». قلت: كيف يتفكر؟

__________________________________________________

2- الكافي 2: 327/ 2.

3- الكافي 2: 327/ 3.

4- الكافي 2: 327/ 4.

5- تفسير القمّي 1: 249.

6- الكافي 2: 45/ 1.

7- الكافي 2: 45/ 2. [.....]

(1) في المصدر: عندها النعم فتلهيه.

(2) في المصدر: عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 622

قال: «يمر بالخربة أو بالدار، فيقول: أين ساكنوك، أين بانوك، مالك لا تكلمين؟».

4116/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أفضل العبادة إدمان التفكر في الله و في قدرته».

4117/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز و جل».

4118/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن التفكر يدعو إلى البر و العمل به».

سورة الأعراف(7): الآيات 185 الي 187 ..... ص : 622

قوله تعالى:

وَ أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [185- 187] 4119/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ هو هلاكهم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يعني بعد القرآن يُؤْمِنُونَ أي يصدقون.

قال: قوله تعالى: مَنْ

يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَ يَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: يكله إلى نفسه. و قال:

أما قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فإن قريشا بعثوا العاص بن وائل السهمي و النضر بن حارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط إلى نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل و يسألوا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله). و كان فيها: سلوا محمدا متى تقوم الساعة؟ [فإن ادعى علم ذلك فهو كاذب، فإن قيام الساعة لم يطلع الله عليه ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا، فلما سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله): متى تقوم الساعة؟] أنزل الله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أي جاهل بها قُلْ لهم يا محمد: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

__________________________________________________

3- الكافي 2: 45/ 3.

4- الكافي 2: 45/ 4.

5- الكافي 2: 45/ 5.

1- تفسير القمّي 1: 249.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 623

سورة الأعراف(7): آية 188 ..... ص : 623

قوله تعالى:

وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ [188] 4120/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كنت أختار لنفسي الصحة و السلامة.

4121/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد «1» بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ، قال: «يعني الفقر».

4122/ [3]- الحسين بن بسطام، في كتاب (طب الأئمة

(عليهم السلام)): بإسناده عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «إن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ يعني الفقر».

4123/ [4]- العياشي: عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله يقول في كتابه:

وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ يعني الفقر».

سورة الأعراف(7): الآيات 189 الي 190 ..... ص : 623

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [189- 190]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 250.

2- معاني الأخبار: 172/ 1.

3- طبّ الأئمّة (عليهم السّلام): 55.

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 124.

(1) في المصدر: عبد اللّه، و الظاهر صحّة ما في المتن، لروآية محمّد بن خالد عن محمّد بن سنان، و روآية الأخير عن خلف، أمّا عبد اللّه فلم تثبت روآية محمّد بن خالد عنه، و لا روايته عن خلف، بل روى خلف عنه. انظر هدآية المحدثين: 101 و 141، معجم رجال الحديث 10: 203 و 16: 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 624

4124/ [1]- ابن بابويه: عن تميم بن عبد الله القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم «1»، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك: إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى». و ذكر الحديث إلى أن قال: فقال

له المأمون: فما معنى قول الله تعالى: فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما؟

فقال الرضا (عليه السلام): «إن حواء ولدت لآدم (عليه السلام) خمس مائة بطن، في كل بطن ذكر و أنثى، و إن آدم (عليه السلام) و حواء عاهدا الله تعالى و دعواه، و قالا: لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانة و العاهة، و كان ما آتاهما صنفين: صنفا ذكرانا، و صفنا إناثا، فجعل الصنفان لله تعالى ذكره شركاء فيما آتاهما، و لم يشكراه كشكر أبويهما له عز و جل، قال الله تعالى: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

فقال المأمون: أشهد أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حقا.

سورة الأعراف(7): الآيات 191 الي 199 ..... ص : 624

قوله تعالى:

أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ- إلى قوله تعالى- خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [191- 199] 4125/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ ثم احتج على الملحدين فقال: وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَ لا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ إلى قوله تعالى:

وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ، ثم أدب الله رسوله (صلى الله عليه و آله) فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ.

4126/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن مبارك مولى الرضا (عليه السلام)، عن الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، قال: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه، و سنة من نبيه، و

سنة من وليه. فأما السنة من ربه

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 196/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 253.

3- معاني الأخبار: 184/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 256/ 9. [.....]

(1) ذكر المصنّف و هما سند الحديث السابق لهذا الحديث في المصدر، و قد أصلحناه وفقا لما في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 625

فكتمان السر، قال الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «1»، و أما السنة من نبيه فمداراة الناس، فإن الله عز و جل أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) بمداراة الناس، فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، و أما السنة من وليه فالصبر على البأساء و الضراء، يقول الله عز و جل:

وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «2»».

عنه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني سهل بن زياد، عن الحارث بن الدهان «3» مولى الرضا (عليه السلام)، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام)، مثله «4».

4127/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد هارون بن موسى، قال:

حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثني حمدان بن المعافى، عن حمويه بن أحمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى العلوي، قال: قال لي جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أنه ليعرض لي صاحب الحاجة فأبادر إلى قضائها مخافة أن يستغني عنها صاحبها، ألا و إن مكارم الدنيا و الآخرة في ثلاثة أحرف من كتاب الله عز و جل: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ

أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، و تفسيره أن تصل من قطعك، و تعفو عمن ظلمك، و تعطي من حرمك».

4128/ [4]- العياشي: عن الحسن «5» بن علي بن النعمان، عن أبيه، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول: «إن الله أدب رسوله (عليه و آله السلام)، فقال: «يا محمد خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، قال: خذ منهم ما ظهر و ما تيسر، و العفو: الوسط».

4129/ [5]- عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ.

قال: «بالولاية» وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، قال: «عنها» يعني الولاية.

سورة الأعراف(7): آية 200 ..... ص : 625

قوله تعالى:

وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ [200] 4130/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إن عرض في قلبك منه شي ء و وسوسة فاستعذ بالله إنه سميع عليم.

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 258.

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 126.

5- تفسير العيّاشي 2: 43/ 127.

1- تفسير القمّي 1: 253.

(1) الجن 72: 26- 27.

(2) البقرة 2: 177.

(3) في المصدر: الدلهاث، و لعلّه الصواب، انظر معجم رجال الحديث 7: 146.

(4) الخصال: 82/ 7.

(5) في المصدر: الحسين، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 40/ 81 و معجم رجال الحديث 5: 56 و 6: 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 626

سورة الأعراف(7): الآيات 201 الي 203 ..... ص : 626

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ- إلى قوله تعالى- لَوْ لا اجْتَبَيْتَها [201- 203]

4131/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، قال: «هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك، فذلك قوله: تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ».

4132/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «من أشد ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه، و مواساته أخاه، و ذكر الله على كل حال».

قال: قلت: أصلحك الله، و ما وجه ذكر الله على كل حال؟ قال: «يذكر الله عند المعصية يهم بها، فيحول ذكر الله بينه و بين تلك

المعصية، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ».

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «2».

4133/ [3]- العياشي: عن زيد بن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، قال: «هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه».

4134/ [4]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ما ذلك الطائف؟ فقال: «هو السي ء يهم العبد به ثم يذكر الله

__________________________________________________

1- الكافي 2: 315/ 7.

2- معاني الأخبار: 192/ 2.

3- تفسير العيّاشي 2: 43/ 128.

4- تفسير العيّاشي 2: 44/ 129! [.....]

(1) في المصدر: أبي جعفر.

(2) الخصال: 131/ 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 627

فيبصر و يقصر».

4135/ [5]- أبو بصير: عنه، قال: «هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه».

4136/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا قال: إذا ذكرهم الشيطان المعاصي و حملهم عليها يذكرون الله فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَ إِخْوانُهُمْ من الجن يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ أي لا يقصرون عن تضليلهم وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا قريش لَوْ لا اجْتَبَيْتَها و جواب هذا في الأنعام، في قوله تعالى: قُلْ لهم يا محمد لَوْ أَنَّ

عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ يعني من الآيات لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ، و قوله في بني إسرائيل: وَ ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً.

سورة الأعراف(7): آية 204 ..... ص : 627

قوله تعالى:

وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [204]

4137/ [1]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و إن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأوليين، و أنصت لقراءته، و لا تقرأن شيئا في الأخيرتين، فإن الله عز و جل يقول «1»: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فالأخرتان تابعتان للأوليين».

4138/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يؤم القوم و أنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة؟

فقال: «إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له».

فقلت له: فإنه يشهد علي بالشرك؟ قال: «إن عصى الله فأطع الله» فرددت عليه فأبى أن يرخص لي.

قال: فقلت له: أصلي إذن في بيتي، ثم أخرج إليه؟ فقال: «أنت و ذاك- و قال-: إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكواء و هو خلفه: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته، ثم أعاد ابن الكواء

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 44/ 130.

6- تفسير القمّي 1: 253.

1- من لا يحضره الفقيه 1: 256/ 1160.

2- التهذيب 3: 35/ 127.

(1) في المصدر زيادة: للمؤمنين.

(2) الزّمر 39: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 628

الآية، فأنصت

علي (عليه السلام) أيضا، ثم قرأ فأعاد ابن الكواء فأنصت علي (عليه السلام)، ثم قال: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ «1» ثم أتم السورة، ثم ركع».

4139/ [3]- العياشي: عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ في الفريضة، خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

4140/ [4]- عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و في غيرها، و إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع».

4141/ [5]- عن أبي كهمس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قرأ بن الكواء خلف أمير المؤمنين (عليه السلام):

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فأنصت «3» أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4142/ [6]- الطبرسي: اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن و الاستماع له، فقيل: إنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته. و

روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و غيرها».

و

عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: الرجل يقرأ القرآن، أ يجب على من سمعه «4» الإنصات و الاستماع؟ قال: «نعم، إذا قري ء القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع».

سورة الأعراف(7): الآيات 205 الي 206 ..... ص : 628

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- إلى قوله تعالى- وَ لَهُ يَسْجُدُونَ [205- 206] 4143/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً، قال: في الظهر و العصر.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 44/ 131.

4- تفسير العيّاشي 2: 44/ 132.

5- تفسير العيّاشي 2: 44/ 133.

6- مجمع البيان 4: 791 و 792.

1- تفسير القمّي

1: 354.

(1) الرّوم 30: 60. [.....]

(2) الزّمر 39: 65.

(3) في المصدر زيادة: له.

(4) في «ط»: القرآن، و أنا في الصلاة هل يجب عليّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 629

4144/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما سمع، و قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً و لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله عز و جل لعظمته».

4145/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، رفعه، قال: «قال الله عز و جل لعيسى (عليه السلام): يا عيسى، اذكرني في نفسك، و أذكرك في نفسي، و اذكرني في ملئك أذكرك في ملأ خير من ملأ الآدميين. يا عيسى، ألن لي «1» قلبك و أكثر ذكري في الخلوات، و اعلم أن سروري أن تبصبص إلي «2»، و كن في ذلك حيا و لا تكن ميتا».

4146/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن العلاء بن كامل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ عند المساء: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

قال: قلت: بيده الخير؟ قال: «إن بيده الخير، و لكن قل كما أقول عشر مرات، و أعوذ بالله السميع العليم حين تطلع الشمس و حين تغرب عشر مرات».

4147/ [5]-

الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما يسمع، قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- قال-: لا يعلم ثواب ذلك الذكر إلا «3» الله تعالى».

4148/ [6]- العياشي: عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما أسمع نفسه، و قال الله:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- قال-: لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إلا الله- و قال-:

إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت و سبح في نفسك».

4149/ [7]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، يرفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً

__________________________________________________

2- الكافي 2: 364/ 4.

3- الكافي 2: 364/ 3.

4- الكافي 2: 383/ 17.

5- كتاب الزهد: 53: 144.

6- تفسير العياشي 2: 44/ 134.

7- تفسير العياشي 2: 44/ 135.

(1) في «ط»: الزمني.

(2) أي تقبل إلي بخوف و طمع ... و قيل: إن البصبصة هي أن ترفع سبابتيك إلى السماء و تحركهما و تدعو ... و أصلها من تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. «مجمع البحرين- بصبص- 4: 164».

(3) في المصدر: الذكر في نفس العبد غير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 630

يعني مستكينا، وَ خِيفَةً يعني خوفا من عذابه وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ يعني دون الجهر من القراءة بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ يعني: بالغداة و العشي».

4150/ [8]- عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ، قال: «تقول عند المساء: لا

إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

قلت: بيده الخير؟ قال: «بيده الخير، و لكن قل كما أقول لك عشر مرات، و أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين، و أعوذ بك رب أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم. عشر مرات حين تطلع الشمس، و عشر مرات حين تغرب».

4151/ [9]- محمد بن مروان، عن بعض أصحابه، قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أستعيذ «1» بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، و أعوذ بالله أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم. و قل: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

فقال له رجل: مفروض هو؟ قال: قال: «نعم، مفروض هو محدود، تقوله قبل طلوع الشمس و قبل الغروب عشر مرات، فإن فاتك شي ء منها فاقضه من الليل و النهار».

4152/ [10]- الطبرسي: في معنى الآية، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «معناه: إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت، و سبح في نفسك» يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة.

4153/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: بالغداة و نصف النهار «2» وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يعني الأنبياء و الرسل و الأئمة (عليهم السلام) لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ.

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 45/ 136.

9- تفسير العيّاشي 2: 45/ 137! [.....]

10- مجمع البيان 4: 792.

11- تفسير القمّي 1: 254.

(1) في المصدر: استعيذوا.

(2) في المصدر: بالغداة و العشي.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 631

المستدرك (سورة الأعراف) ..... ص : 631

سورة الأعراف(7): آية 78 ..... ص : 631

قوله تعالى:

فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ [78]

[1]- عن جابر بن عبد الله، قال: لما مر النبي (صلى الله عليه و آله) بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: «لا يدخلن أحد منكم القرية و لا تشربوا من مائهم و لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم».

ثم قال: «أما بعد، فلا تسألوا رسولكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية، فبعث الله لهم الناقة، و كانت ترد من هذا الفج و تصدر من هذا الفج، تشرب ماءهم يوم ورودها- و أراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في القارة «1»- فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض و مغاربها إلا رجلا واحدا يقال له: أبو رغال، و هو أبو ثقيف، كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن، و دفن معه غصن من ذهب، و أراهم قبر أبي رغال، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم، و حثوا عنه، فاستخرجوا ذلك الغصن، ثم قنع رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأسه و أسرع السير حتى جاز الوادي».

سورة الأعراف(7): الآيات 82 الي 84 ..... ص : 631

قوله تعالى:

وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا- إلى قوله عز و جل- فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [82- 84]

__________________________________________________

1- مجمع البيان 4: 682.

(1) القارة: الجبيل الصغير المنقطع عن الجبال. «أقرب الموارد- قور- 2: 1051».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 632

[1]- عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «لعن الله من تولى غير مواليه، و لعن الله من غير تخوم الأرض، و لعن الله من كمه أعمى عن السبيل، و لعن الله من لعن

والديه، و لعن الله من ذبح لغير الله، و لعن الله من وقع على بهيمة، و لعن الله من عمل عمل قوم لوط» ثلاث مرات.

[2]- عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن من أخوف ما أخاف على امتي عمل قوم لوط».

[3]- عن ابن عباس، أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل و المفعول به».

سورة الأعراف(7): الآيات 87 الي 89 ..... ص : 632

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ طائِفَةٌ- إلى قوله تعالى- وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ [87- 89]

[4]- عن ابن عباس قال: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا ذكر شعيبا يقول: «ذاك خطيب الأنبياء» لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، و فيما ردوا عليه و كذبوه و تواعدوه بالرجم و النفي من بلادهم.

[5]- عن الباقر (عليه السلام) قال: «أما شعيب فإنه أرسل إلى مدين، و هي لا تكمل أربعين بيتا».

[6]- و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إذا لقي العدو محاربا:

«اللهم أفضت [إليك ] القلوب و مدت الأعناق، و شخصت الأبصار، و نقلت الأقدام، و أنضيت الأبدان، اللهم قد صرح مكنون الشنآن، و جاشت مراجل الأضغان، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا، و كثرة عدونا، و تشتت أهوائنا ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين.

[7]- الراوندي في (قصص الأنبياء): عن ابن بابويه، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي، حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي، حدثنا صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه اليماني، قال: إن شعيبا

__________________________________________________

1- الدر المنثور 3: 497.

2-

الدر المنثور 3: 497.

3- الدر المنثور 3: 497.

4- الدرّ المنثور 3: 501.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 220/ 2.

6- نهج البلاغة: 373/ 15.

7- قصص الأنبياء (للراوندي): 146/ 159.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 633

و أيوب (صلوات الله عليهما) و بلعم بن باعورا كانوا من ولد رهط آمنوا لإبراهيم يوم أحرق فنجا، و هاجروا معه إلى الشام، فزوجهم بنات لوط، فكل نبي كان قبل بني إسرائيل و بعد إبراهيم (صلوات الله عليه) من نسل أولئك الرهط، فبعث الله شعيبا إلى أهل مدين، و لم يكونوا فصيلة شعيب و لا قبيلته التي كان منها، و لكنهم كانوا امة من الأمم بعث إليهم شعيب (صلوات الله عليه)، و كان عليهم ملك جبار، لا يطيقه أحد من ملوك عصره، و كانوا ينقصون المكيال و الميزان، و يبخسون الناس أشياءهم، مع كفرهم بالله و تكذيبهم لنبيه و عتوهم، و كانوا يستفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا لها، فكانوا في سعة من العيش، فأمرهم الملك باحتكار الطعام و نقص مكاييلهم و موازينهم، و وعظهم شعيب فأرسل إليه الملك: ما تقول فيما صنعت؟ أراض أم أنت ساخط؟

فقال شعيب: أوحى الله تعالى إلي أن الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له ملك فاجر. فكذبه الملك و أخرجه و قومه من مدينته، قال الله تعالى حكاية عنهم: لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا.

فزادهم شعيب في الوعظ، فقالوا: يا شعيب: أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا «1» فآذوه بالنفي من بلادهم، فسلط الله عليهم الحر و الغيم حتى أنضجهم، فلبثوا فيه تسعة أيام، و صار ماؤهم حميما لا يستطيعون شربه، فانطلقوا إلى

غيضة لهم، و هو قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ فرفع الله لهم سحابة سوداء، فاجتمعوا في ظلها، فأرسل الله عليهم نارا منها فأحرقتهم، فلم ينج منهم أحد، و ذلك قوله تعالى: فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ «2».

و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا ذكر عنده شعيب قال: «ذلك خطيب الأنبياء يوم القيامة». فلما أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب و الذين آمنوا معه بمكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

و

الرواية الصحيحة: أن شعيبا (عليه السلام) صار منها إلى مدين فأقام بها، و بها لقيه موسى بن عمران (صلوات الله عليهما).

سورة الأعراف(7): آية 95 ..... ص : 633

قوله تعالى:

حَتَّى عَفَوْا [95]

[1]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، قال: حدثني علي بن غراب، قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 291/ 1. [.....]

(1) هود 11: 87.

(2) الشعراء 26: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 634

الله (صلى الله عليه و آله): حفوا الشوارب و أعفوا اللحى و لا تتشبهوا بالمجوس». قال الكسائي: قوله (تعفى) يعني توفر و تكثر، قال الله عز و جل: حَتَّى عَفَوْا يعني كثروا.

سورة الأعراف(7): آية 96 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [96]

[1]- عن موسى الطائفي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أكرموا الخبز، فإن الله أنزله من بركات السماء، و أخرجه من بركات الأرض».

سورة الأعراف(7): آية 147 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ [147] [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ فإنه محكم.

سورة الأعراف(7): آية 150 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ- إلى قوله تعالى- يَقْتُلُونَنِي [150]

[3]- الطبرسي: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «يرحم الله أخي موسى (عليه السلام) ليس المخبر كالمعاين، لقد أخبره الله بفتنة قومه، و قد عرف أن ما أخبره ربه حق، و أنه على ذلك لمتمسك بما في يديه، فرجع إلى قومه و رآهم، فغضب و ألقى الألواح».

__________________________________________________

1- الدرّ المنثور 3: 506.

2- تفسير القمّي 1: 240.

3- مجمع البيان 4: 741.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 635

[1]- حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني الفضل بن خباب الجمحي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الحمصي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن موسى الطائي، عن أبيه، عن ابن مسعود- في حديث- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ولي بأخي هارون أسوة إذ قال لأخيه: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فإن قلتم لم يستضعفوه و لم يشرفوا على قتله فقد كفرتم، و إن قلتم استضعفوه و أشرفوا على قتله، فلذلك سكت عنهم، فالوصي أعذر».

سورة الأعراف(7): آية 178 ..... ص : 635

قوله تعالى:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَ مَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [178]

[2]- عن جابر، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول في خطبته: «نحمد الله و نثني عليه بما هو أهله- ثم يقول-: من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدى هدى محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار- ثم يقول-: بعثت أنا و الساعة كهاتين».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 148/ 7.

2- الدرّ المنثور 3: 612.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

639

سورة الأنفال مدنية ..... ص : 639

سورة الأنفال فضلها: ..... ص : 639

4154/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الأنفال و سورة براءة في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4155/ [2]- الشيخ: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة. قال: و حدثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سورة الأنفال فيها جدع الأنف».

4156/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، قال: سمعته يقول: «من قرأ سورة براءة و الأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا، و أكل يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب».

و

في رواية أخرى عنه: «في كل شهر، لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا «1»».

4157/ [4]- محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «في سورة الأنفال جدع الأنوف».

4158/ [5]- و من كتاب (خواص القرآن): و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة فأنا

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106.

2- التهذيب 4: 133/ 371.

3- تفسير العيّاشي 2: 46/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 46/ 3.

5- خواصّ القرآن: 41 (مخطوط).

(1) تفسير العيّاشي 2: 46/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 640

شفيع له يوم القيامة، و شاهد أنه بري ء، من النفاق، و كتبت له الحسنات بعدد كل منافق، و من كتبها و علقها عليه لم يقف بين يدي حاكم إلا و أخذ حقه و قضى حاجته، و

لم يتعد عليه أحد و لا ينازعه أحد إلا و ظفر به، و خرج عنه مسرورا، و كان له حصنا».

سورة الأنفال(8): آية 1 ..... ص : 640

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [1]

4159/ [1]- الطبرسي: في (جوامع الجامع): قرأ ابن مسعود، و علي بن الحسين زين العابدين، و الباقر و الصادق (عليهم السلام): «يسألونك الأنفال».

4160/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال».

4161/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يموت لا وارث له و لا مولى، قال: «هو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ».

4162/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له وارث من قرابته و لا مولى عتاقة قد ضمن جريرته، فماله من الأنفال».

4163/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأنفال: ما

لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة و بطون الأودية فهو لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء».

__________________________________________________

1- جوامع الجامع: 164. [.....]

2- الكافي 7: 169/ 4.

3- الكافي 1: 459/ 18.

4- الكافي 7: 169/ 2.

5- الكافي 1: 453/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 641

4164/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من مات و ترك دينا فعلينا دينه و إلينا عياله، و من مات و ترك مالا فلورثته، و من مات و ليس له موال فماله من الأنفال».

4165/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الأنفال: كل أرض خربة قد باد أهلها، و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، و لكن صالحوا صلحا و أعطوا بأيديهم على غير قتال». قال: «و له- يعني الوالي- رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام «1» و كل أرض ميتة لا رب لها، و له صوافي «2» الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لأن الغصب كله مردود، و هو وارث من لا وارث له، و يعول من لا حيلة له».

4166/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «الأنفال هو النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف».

4167/

[9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، عن أبي الصباح «3»، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال».

4168/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله عز و جل طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ «4»».

4169/ [11]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا الصباح، نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال» و ذكر الحديث بمثل ما تقدم.

__________________________________________________

6- الكافي 7: 168/ 1.

7- الكافي 1: 455/ 4.

8- الكافي 1: 456/ 6.

9- الكافي 1: 459/ 17.

10- الكافي 1: 143/ 6.

11- بصائر الدرجات: 222/ 1.

(1) الآجام: جمع أجمة: الشجر الملتفّ. «مجمع البحرين- أجم- 6: 6».

(2) الصوافي: ما اصطفاه ملك الكفّار لنفسه. «مجمع البحرين- صفا- 1: 264».

(3) في «س» و «ط»: عن أبي الصالح، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر الأحاديث الثلاثة الآتية و معجم رجال الحديث 21: 191.

(4) النّساء 4: 54. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 642

4170/ [12]- الشيخ: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام):

«نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال» و ذكر الحديث مثل ما تقدم.

4171/ [13]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما يقول الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ؟

قال: «الأنفال لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)، و هي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل [و لا رجال ] و لا ركاب، فهي نفل لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4172/ [14]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن سالم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في الغنيمة- قال: «يخرج منها الخمس، و يقسم ما بقي بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و أما الفي ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4173/ [15]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سمعه يقول: «إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي ء، و الأنفال لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب».

4174/ [16]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، قال:

و حدثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «ما كان من الأرضين باد أهلها، و في غير ذلك الأنفال هو لنا». و قال: «سورة الأنفال فيها جدع الأنف». و قال: «ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب، و لكن الله يسلط رسله على من يشاء». و قال: «الفي ء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل، و الأنفال مثل ذلك، هو بمنزلته».

4175/ [17]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل ابن سهل، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن الأنفال، فقال: «كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عز و جل، نصفها يقسم بين الناس، و نصفها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فما كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فهو للإمام».

__________________________________________________

12- التهذيب 4: 132/ 367.

13- التهذيب 4: 132/ 368.

14- التهذيب 4: 132/ 369.

15- التهذيب 4: 133/ 370.

16- التهذيب 4: 133/ 371.

17- التهذيب 4: 133/ 372.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 643

4176/ [18]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل أرض خربة أو شي ء كان للملوك، فهو خالص للإمام، ليس للناس فيها سهم- قال-: و منها (البحرين) لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب».

4177/ [19]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن رفاعة بن موسى،

عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من يموت و لا وارث له و لا مولى فهو من أهل هذه الآية:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ».

4178/ [20]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن، عن سندي بن محمد، عن علاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الفي ء و الأنفال: ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي ء، فهذا لله و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء، و هو للإمام بعد الرسول (صلى الله عليه و آله)».

و قوله: وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ «1»- قال-: ألا ترى هو هذا، و أما قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى «2» فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي (عليه السلام) يقول ذلك، و ليس لنا فيه غير سهمين: سهم الرسول، و سهم القربى، ثم نحن شركاء الناس فيما بقي».

4179/ [21]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن سندي بن محمد، عن علاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأنفال من النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف».

4180/ [22]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسين بن هاشم، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «من مات و ليس له مولى، فماله من الأنفال».

4181/ [23]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن

أبي عمير، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له وارث من قبل قرابته، و لا مولى عتاقة قد ضمن جريرته، فماله من الأنفال».

__________________________________________________

18- التهذيب 4: 133/ 373.

19- التهذيب 4: 134/ 374.

20- التهذيب 4: 134/ 376.

21- التهذيب 4: 149/ 415.

22- التهذيب 9: 386/ 1379.

23- التهذيب 9: 387/ 1381.

(1) الحشر 59: 6 و 7.

(2) الحشر 59: 6 و 7. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 644

4182/ [24]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن زياد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من مات لا مولى له و لا ورثة، فهو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ».

4183/ [25]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأنفال، فقال: «هي القرى التي قد خربت و انجلى أهلها، فهي لله و للرسول، و ما كان للملوك فهو للإمام، و ما كان من أرض خربة، و ما لم يوجف «1» عليها بخيل و لا ركاب، و كل أرض لا رب لها و المعادن منها، و من مات و ليس له مولى، فماله من الأنفال».

و قال: «نزلت يوم بدر لما انهزم الناس، و كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ثلاث فرق: فصنف كانوا عند خيمة النبي (صلى الله عليه و آله)، و صنف أغاروا على النهب، و فرقة طلبت العدو و أسروا و غنموا، فلما جمعوا الغنائم و الأسارى، تكلمت الأنصار في

الأسارى، فأنزل الله تبارك و تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ «2». فلما أباح الله لهم الأسارى و الغنائم تكلم سعد بن معاذ، و كان ممن أقام عند خيمة النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الجهاد، و لا جبنا من العدو، و لكنا خفنا أن نعدو موضعك فتميل عليك خيل المشركين، و قد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين و الأنصار و لم يشك أحد منهم، و الناس كثير- يا رسول الله- و الغنائم قليلة، و متى تعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شي ء. و خاف أن يقسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغنائم و أسلاب القتلى بين من قاتل، و لا يعطي من تخلف عند خيمة رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا، فاختلفوا فيما بينهم حتى سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: لمن هذه الغنائم؟ فأنزل الله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فرجع الناس و ليس لهم في الغنيمة شي ء.

ثم أنزل الله بعد ذلك وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «3» فقسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بينهم، فقال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، أ تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ثكلتك أمك، و هل تنصرون إلا بضعفائكم؟».

قال: «فلم يخمس رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببدر، قسمه بين أصحابه، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بدر، و نزل قوله:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ بعد انقضاء حرب بدر، فقد كتب ذلك في أول السورة، و ذكر «4» بعده خروج

__________________________________________________

24- التهذيب 9: 386/ 1380.

25- تفسير القمّي 1: 254.

(1) في المصدر: أرض الجزية لم يوجف.

(2) الأنفال 8: 67.

(3) الأنفال 8: 41.

(4) في المصدر: و كتب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 645

النبي (صلى الله عليه و آله) إلى الحرب».

4184/ [26]- العياشي: عن أبي بصير «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل قرية يهلك أهلها، أو يجلون عنها فهي نفل، نصفها يقسم بين الناس، و نصفها للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4185/ [27]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأنفال ما لم يوجب عليه بخيل و لا ركاب».

4186/ [28]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، قال: «هي القرى التي قد جلا أهلها و هلكوا فخربت، فهي لله و للرسول».

4187/ [29]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الفي ء و الأنفال: ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون الأودية، فهذا كله من الفي ء، فهذا لله و للرسول، فما كان لله فهو لرسوله، يضعه حيث يشاء، و هو للإمام من بعد الرسول».

4188/ [30]- عن بشير الدهان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله فرض طاعتنا في كتابه فلا يسع الناس جهلنا، لنا صفو المال، و لنا الأنفال، و لنا كرائم القرآن».

4189/ [31]- عن أبي إبراهيم، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «ما كان من أرض باد أهلها فتلك الأنفال، فهي

لنا».

4190/ [32]- عن أبي اسامة زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل أرض خربة، و كل أرض لم يوجف عليها خيل و لا ركاب».

و زاد في رواية أخرى عنه: «غلبها رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4191/ [33]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لنا الأنفال». قلت: و ما الأنفال؟

قال: «منها المعادن و الآجام، و كل أرض لا رب لها، و كل أرض باد أهلها، فهي لنا».

4192/ [34]- و في رواية اخرى عنهما «2»، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل من مات «3»

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 46/ 4.

27- تفسير العيّاشي 2: 47/ 5.

28- تفسير العيّاشي 2: 47/ 6.

29- تفسير العيّاشي 2: 47/ 7.

30- تفسير العيّاشي 2: 47/ 8.

31- تفسير العيّاشي 2: 47/ 9.

32- تفسير العيّاشي 2: 47/ 10.

33- تفسير العيّاشي 2: 48/ 11. [.....]

34- تفسير العيّاشي 2: 48/ 12.

(1) كذا في «ط»، و في «س» بياض، و في المصدر: حريز، و و صحيح أيضا، راجع معجم رجال الحديث 4: 253.

(2) في المصدر: عن أحدهما.

(3) في المصدر: كلّ مال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 646

لا مولى له و لا ورثة له، فهو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ».

4193/ [35]- و في رواية ابن سنان، قال: «هي القرية قد جلا أهلها و قد هلكوا فخربت فهي لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4194/ [36]- و في رواية ابن سنان و محمد الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال».

4195/ [37]- و في رواية زرارة، عنه، قال: «هي كل

أرض جلا أهلها من غير أن تحمل عليها خيل و لا رجال و لا ركاب، فهي نفل لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4196/ [38]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في الملوك الذين يقطعون الناس: «هي من الفي ء و الأنفال و أشباه ذلك».

4197/ [39]- و في رواية أخرى: عن الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «ما كان للملوك فهو للإمام».

4198/ [40]- عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الأنفال، قال: «كل أرض خربة و أشياء كانت تكون للملوك، فذلك خاص للإمام، ليس للناس فيه سهم- قال-: و منها (البحرين) لم يوجف [عليها] بخيل و لا ركاب».

4199/ [41]- عن بشير الدهان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) و البيت غاص بأهله، فقال لنا: «أحببتم و أبغضنا الناس، و وصلتم و قطعنا الناس، و عرفتم و أنكرنا الناس، و هو الحق، و إن الله اتخذ محمدا (صلى الله عليه و آله) عبدا قبل أن يتخذه رسولا، و إن عليا (عليه السلام) عبد نصلح لله فنصحه، و أحب الله فأحبه. و حبنا بين في كتاب الله، لنا صفو المال، و لنا الأنفال، و نحن قوم فرض الله طاعتنا، و إنكم لتأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و ليس له إمام يأتم به فميتته جاهلية، فعليكم بالطاعة، فقد رأيتم أصحاب علي (عليه السلام)».

4200/ [42]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «ما كان للملوك فهو للإمام».

__________________________________________________

35- تفسير العيّاشي 2: 48/ 13.

36- تفسير العيّاشي 2: 48/ 14.

37- تفسير

العيّاشي 2: 48/ 15.

38- تفسير العيّاشي 2: 48/ 16.

39- تفسير العيّاشي 2: 48/ 17.

40- تفسير العيّاشي 2: 48/ 18.

41- تفسير العيّاشي 2: 48/ 19.

42- تفسير العيّاشي 2: 49/ 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 647

قلت: فإنهم يقطعون «1» ما في أيديهم أولادهم و نساءهم و ذوي قراباتهم و أشرافهم، حتى بلغ ذكر من الخصيان، فجعلت لا أقول في ذلك شيئا إلا قال: «و ذلك» حتى قال: «يعطي منه ما بين درهم إلى المائة و الألف» ثم قال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2».

4201/ [43]- عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقطع عليا (عليه السلام) ما سقى الفرات؟ قال: «نعم، و ما سقى الفرات؟ الأنفال أكثر مما سقى الفرات».

قلت: و ما الأنفال؟ قال: «بطون الأودية و رؤوس الجبال و الآجام و المعادن، و كل أرض لم يوجف عليها خيل و لا ركاب، و كل أرض ميتة قد جلا أهلها، و قطائع الملوك».

4202/ [44]- عن أبي مريم الأنصاري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ، قال: «سهم لله، و سهم للرسول».

قلت: فلمن سهم الله؟ قال: «للمسلمين».

باب فضل الإصلاح بين الناس ..... ص : 647

4203/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد ابن أبي طلحة، عن حبيب الأحوال، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، و تقارب بينهم إذا تباعدوا».

عنه: بإسناده عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

4204/ [2]- و عنه،

بإسناده، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لأن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين».

4205/ [3]- و عنه: بإسناده عن ابن سنان، عن أبي حنيفة سائق الحاج، قال: مر بنا المفضل و أنا و ختني «3» نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بأربع مائة درهم، فدفعها

__________________________________________________

43- تفسير العيّاشي 2: 49/ 21.

44- تفسير العيّاشي 2: 49/ 22. [.....]

1- الكافي 2: 166/ 1.

2- الكافي 2: 167/ 2.

3- الكافي 2: 167/ 4.

(1) في «ط»: و المصدر: يعطو.

(2) سورة ص 38: 39.

(3) الختن: كلّ من كان من قبل المرأة، مثل: الأب و الأخ و هم الأختان، هكذا عند العرب: و أمّا العامّة فختن الرجل عندهم: زوج ابنته. «مجمع البحرين- ختن- 6: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 648

إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه، قال: أما إنها ليست من مالي، و لكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شي ء أن أصلح بينهما، و أفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام).

4206/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مفضل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي»

سورة الأنفال(8): الآيات 2 الي 11 ..... ص : 648

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ- إلى قوله تعالى:- كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ [2- 6] 4207/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ الآيات، قال:

إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و أبي

ذر و سلمان و المقداد.

4208/ [2]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر بعد ذلك الأنفال و قسمة الغنائم و خروج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الحرب، فقال: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ و كان سبب ذلك أن عيرا لقريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم، فأمر رسول الله أصحابه بالخروج ليأخذوها، فأخبرهم أن الله قد وعده إحدى الطائفتين: إما العير، و إما قريش إن ظفر بهم، فخرج في ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، فلما قارب بدرا كان أبو سفيان في العير، فلما بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد خرج يتعرض للعير خاف خوفا شديدا، و مضى إلى الشام، فلما وافى بهرة «1» اكترى ضمضم الخزاعي بعشرة دنانير و أعطاه قلوصا «2»، و قال له: امض إلى قريش و أخبرهم أن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فأدركوا العير، و أوصاه أن يخرج ناقته، و يقطع اذنها «3» حتى يسيل الدم، و يشق ثوبه من قبل و دبر، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى دبر البعير، و صاح بأعلى صوته: يا آل غالب، يا آل غالب، اللطيمة

__________________________________________________

4- الكافي 2: 167/ 3.

1- تفسير القمّي 1: 255.

2- تفسير القمّي 1: 255.

(1) بهرة: موضع بنواحي المدينة، أو موضع في اليمامة. «القاموس المحيط- بهر- 1: 393».

(2) القلوص من النوق: الشابة. «الصحاح- قلص- 3: 1054».

(3) في «ط» نسخة بدل: أنفها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 649

اللطيمة «1»، العير العير، أدركوا أدركوا، و ما أراكم تدركون، فإن محمدا و الصباة من

أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم. فخرج ضمضم يبادر إلى مكة.

و رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة، و هو ينادي:

يا آل غالب، يا آل غالب «2»، اغدوا إلى مصارعكم، صبح ثالث. ثم وافى بجمله على أبي قبيس، فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل، فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة، و كان وادي مكة قد سال من أسفله دما، فانتبهت ذعرة، فأخبرت العباس بذلك، فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة: هذه مصيبة تحدث في قريش.

و فشت الرؤيا في قريش، و بلغ ذلك أبا جهل، فقال: ما رأت عاتكة هذه الرؤيا، و هذه نبيه ثانية في بني عبد المطلب، و اللات و العزى لننتظرن ثلاثة أيام، فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت، و إن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بني هاشم. فلما مضى يوم، قال أبو جهل: هذا يوم قد مضى. فلما كان اليوم الثاني، قال أبو جهل: هذان يومان قد مضيا، فلما كان اليوم الثالث، وافى ضمضم ينادي في الوادي: يا آل غالب، يا آل غالب، اللطيمة اللطيمة، العير العير، أدركوا، أدركوا، و ما أراكم تدركون، فإن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم.

فتصايح الناس بمكة و تهيأوا للخروج، و قام سهيل بن عمرو و صفوان بن امية و أبو البختري بن هشام و منبه و نبيه ابنا الحجاج، و نوفل بن خويلد، فقالوا: يا معاشر قريش، و الله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه، أن يطمع محمد و

الصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم، فو الله ما قرشي و لا قرشية إلا و لها في هذا العير نش «3» فصاعدا، و إن هو إلا الذل و الصغار أن يطمع محمد في أموالكم، و يفرق بينكم و بين متجركم، فاخرجوا.

و أخرج صفوان بن امية خمس مائة دينار و جهز بها، و أخرج سهيل بن عمرو [خمس مائة]، و ما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرجوا مالا، و حملوا و وقروا، و أخرجوا على الصعبة و الذلول، لا يملكون أنفسهم، كما قال الله تعالى: خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ «4» و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب، و أخرجوا معهم القيان «5»، يشربون الخمر و يضربون بالدفوف.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث عدي بن أبي الزغباء و بسبس بن عمرو يتجسسان خبر العير، فأتيا ماء بدر و أناخا راحلتيهما، و استعذبا من الماء، و سمعا جاريتين قد تشبثت إحداهما بالأخرى تطالبها بدرهم كان لها عليها، فقالت: عير قريش نزلت أمس في

__________________________________________________

(1) اللطيمة: العير التي تحمل الطيب و بزّ التجّار، و منه: يا قوم اللطيمة اللطيمة، أي أدركوها «أقرب الموارد- لطم- 2: 1145».

(2) في المصدر: يا آل عذر، يا آل فهر. [.....]

(3) النّش: نصف أوقيّة، و يعادل عشرين درهما. «الصحاح- نشش- 3: 1021»، و في المصدر: شي ء.

(4) الأنفال 8: 47.

(5) القيان: جمع قينة: الأمة مغنّية كانت أو غير مغنّية. «الصحاح- قين- 6: 2186».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 650

موضع كذا و كذا،

و هي تنزل غدا ها هنا، و أنا أعمل لهم، و أقضيك. فرجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخبراه بما سمعا، فأقبل أبو سفيان بالعير، فلما شارف بدرا تقدم العير، و أقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر، و كان بها رجل من جهينة، يقال له مجدي الجهني، فقال له: مجدي، هل لك علم بمحمد و أصحابه؟ قال: لا، قال: و اللات و العزى، لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك معادية إلى آخر الدهر، فإنه ليس أحد من قريش إلا و له شي ء في هذه العير نش فصاعدا، فلا تكتمني. فقال: و الله ما لي علم بمحمد، و ما بال محمد و أصحابه بالتجار، إلا أني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا و استعذبا من الماء، و أناخا راحلتيهما في هذا المكان و رجعا، فلا أدري من هما. فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففت أبعار الإبل بيده، فوجد فيها النوى، فقال: هذه علائف يثرب، هؤلاء و الله عيون محمد. فرجع مسرعا، و أمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر، و تركوا الطريق و مروا مسرعين.

و نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره أن العير قد أفلتت، و أن قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، و أمره بالقتال، و وعده النصر، و كان نازلا بالصفراء «1»، فأحب أن يبلوا الأنصار لأنهم إنما وعدوه أن ينصروه في الدار، فأخبرهم أن العير قد جازت، و أن قريشا قد أقبلت لتمنع عيرها، و أن الله قد أمرني بمحاربتهم. فجزع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك، و خافوا خوفا شديدا،

فقال رسول الله (صلى الله عليه

و آله): «أشيروا علي». فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، إنها قريش و خيلاؤها، ما آمنت منذ كفرت، و لا ذلت منذ عزت، و لم تخرج على هيئة الحرب. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اجلس». فجلس، فقال: «أشيروا علي». فقام عمر «2»، فقال مثل مقالة أبي بكر «3». فقال (صلى الله عليه و آله): «اجلس». فجلس.

ثم قام المقداد (رحمه الله)، فقال: يا رسول الله، إنها قريش و خيلاؤها، و قد آمنا بك و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت حق من عند الله! و الله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا أو شوك الهراس «4» لخضنا معك، و لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «5» و لكنا نقول: اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. فجزاه النبي (صلى الله عليه و آله) خيرا، ثم جلس.

ثم قال: «أشيروا علي». فقام سعد بن معاذ، فقال: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- كأنك قد أردتنا؟ فقال:

«نعم». قال: فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟ قال: «نعم». قال: بأبي أنت و أمي، يا رسول الله، إنا قد آمنا بك و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، و خذ من أموالنا ما شئت، و اترك منها ما شئت، و الذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت، و الله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك. فجزاه خيرا، ثم قال سعد: بأبي أنت و أمي، يا رسول الله، و الله ما أخذت هذا الطريق قط، و مالي به علم، و قد خلفنا

__________________________________________________

(1) الصفراء: واد من

ناحية المدينة، كثير النخل و الزرع، بينه و بين بدر مرحلة. «معجم البلدان 3: 412».

(2) في المصدر: الثاني.

(3) في المصدر: الأوّل.

(4) الهراس: شوك كأنّه حسك «لسان العرب- هرس- 60: 247».

(5) المائدة 5: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 651

بالمدينة قوما ليس نحن بأشد جهادا لك منهم، و لو علموا أنها الحرب لما تخلفوا، و نحن نعد لك الرواحل و نلقى عدونا، فإنا نصبر عند اللقاء، أنجاد في الحرب، و إنا لنرجوا أن يقر الله عينك بنا، فإن يك ما تحبه فهو ذاك، و إن يك غير ذلك قعدت على راحلتك فلحقت بقومنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أو يحدث الله غير ذلك، كأني بمصرع فلان ها هنا و بمصرع فلان ها هنا، و بمصرع أبي جهل و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابني الحجاج، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، و لن يخلف الله الميعاد». فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ إلى قوله: وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ «1».

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر، و هي العدوة الشامية، فأقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية، و بعثت عبيدها تستعذب من الماء، فأخذهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و حبسوهم، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن عبيد قريش. قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير. فأقبلوا يضربونهم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي، فانفتل من صلاته، فقال: «إن صدقوكم ضربتموهم، و إن كذبوكم تركتموهم! علي بهم». فأتوا بهم، فقال لهم:

«من أنتم؟» فقالوا: يا محمد، نحن عبيد قريش. قال: «كم القوم؟» قالوا: لا علم لنا بعددهم. فقال: «كم ينحرون في كل يوم جزورا؟» قالوا: تسعة إلى «2» عشرة. فقال: «تسع مائة إلى ألف» قال:

«فمن فيهم من بني هاشم؟» فقالوا: العباس بن عبد المطلب، و نوفل بن الحارث، و عقيل بن أبي طالب. فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهم فحبسوا، و بلغ قريشا ذلك، فخافوا خوفا شديدا.

و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام، فقال له: أما ترى هذا البغي؟ و الله ما أبصر موضع قدمي، خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغيا و عدوانا، و الله ما أفلح قط قوم بغوا، و لوددت أن ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله، و لم نسر هذا المسير.

فقال له أبو البختري: إنك سيد من سادات قريش فسر في الناس و تحمل العير التي أصابها محمد و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمي، فإنه حليفك.

فقال عتبة: أنت تشير علي بذلك، و ما على أحد منا خلاف إلا ابن حنظلة- يعني أبا جهل- فسر إليه و أعلمه أني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد بنخلة، و دم ابن الحضرمي.

قال أبو البختري: فقصدت خباءه، فإذا هو قد أخرج درعا له، فقلت له: إن أبا الوليد بعثني إليك برسالة.

فغضب ثم قال: أما وجد عتبة رسولا غيرك؟ فقلت له: أما و الله لو غيره أرسلني ما جئت، و لكن أبا الوليد سيد العشيرة، فغضب غضبة أخرى، و قال: تقول: سيد العشيرة؟! فقلت: أنا أقول و قريش كلها تقول، أنه قد تحمل العير، و ما أصابه محمد بنخلة، و دم ابن الحضرمي.

__________________________________________________

(1) الأنفال 8:

5- 8.

(2) في المصدر: أو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 652

فقال: إن عتبة أطول الناس لسانا، و أبلغهم في الكلام، و يتعصب لمحمد، فإنه من بني عبد مناف و ابنه معه، و يريد أن يخذل الناس، لا، و اللات و العزى حتى نقحم عليهم بيثرب، و نأخذهم أسارى فندخلهم مكة، و تتسامع العرب بذلك، و لا يكون بيننا و بين متجرنا أحد نكرهه.

و بلغ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) كثرة قريش، ففزعوا فزعا شديدا، و بكوا و استغاثوا، فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «1».

فلما أمسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جنه الليل، ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا، و أنزل الله تبارك و تعالى عليهم الماء، و كان نزول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في موضع لا تثبت فيه القدم، فأنزل الله عليهم السماء و لبد «2» الأرض حتى تثبت أقدامهم، و هو قول الله تعالى إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ «3» و ذلك أن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) احتلم وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ «4» و كان المطر على قريش مثل العزالي «5»، و على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) رذاذا بقدر ما لبد الأرض، و خافت قريش خوفا شديدا، فأقبلوا يتحارسون، يخافون البيات «6».

فبعث رسول

الله (صلى الله عليه و آله) عمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود، و قال: «ادخلا في القوم، و اتياني بأخبارهم». فكانا يجولان في عسكرهم، لا يرون إلا خائفا ذعرا، إذا صهل الفرس ثبت «7» على جحفلته «8»، فسمعوا منبه بن الحجاج يقول:

لا يترك الجوع لنا مبيتا لا بد أن نموت أو نميتا

قال (صلى الله عليه و آله): «قد- و الله- كانوا شباعى، و لكنهم من الخوف قالوا هذا، و ألقى الله في قلوبهم الرعب، كما قال الله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ «9»».

فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبأ أصحابه، و كان في عسكره (صلى الله عليه و آله) فرسان: فرس للزبير بن العوام، و فرس للمقداد، و كان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و مرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل [يتعاقبون عليه ]، و الجمل لمرثد، و كان في عسكر قريش

__________________________________________________

(1) الأنفال 8: 9- 10.

(2) لبد المطر و الندى الأرض: ألصق بعض ترابها ببعض فصارت قويّة لا تسوخ فيها الأرجل.

(3) الأنفال 8: 11.

(4) الأنفال 8: 11. [.....]

(5) يقال للسّحابة إذا انهمرت بالمطر: قد حلّت عزاليها و أرسلت عزاليها. «لسان العرب- عزل- 11: 443».

(6) بيّنهم العدوّ بياتا: أي أوقع بهم ليلا. «الصحاح- بيت- 1: 245».

(7) في المصدر: وثب.

(8) الجحفلة لذي الحافر: كالشّفة للإنسان. «مجمع البحرين- جحفل- 5: 334».

(9) الأنفال 8: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 653

أربع مائة فرس، فعبأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه بين يديه، و قال: «غضوا أبصاركم، و لا تبدأوهم بالقتال، و لا يتكلمن

أحد».

فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال أبو جهل: ما هم إلا أكلة رأس، لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد. فقال عتبة بن ربيعة: أ ترى لهم كمينا و مددا؟ فبعثوا عمير بن وهب الجمحي، و كان فارسا شجاعا، فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم صعد الوادي و صوت، ثم رجع إلى قريش، فقال: ما لهم كمين و لا مدد، و لكن نواضح «1» يثرب قد حملت الموت الناقع، أما ترونهم خرسا لا يتكلمون، يتلمظون تلمظ الأفاعي، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم، و ما أراهم يولون حتى يقتلوا، و لا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتأوا رأيكم. فقال أبو جهل: كذبت و جبنت، و انتفخ سحرك «2» حين نظرت إلى سيوف يثرب.

و فزع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نظروا إلى كثرة قريش و قوتهم، فأنزل الله على رسوله: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «3» و قد علم الله أنهم لا يجنحون و لا يجيبون إلى السلم، و إنما أراد سبحانه بذلك لتطيب قلوب أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله). فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى قريش، فقال: «يا معشر قريش، ما أحد من العرب أبغض إلي من أن أبدأكم، فخلوني و العرب، فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، و إن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري، فارجعوا».

فقال عتبة: و الله، ما أفلح قوم قط ردوا هذا. ثم ركب جملا له أحمر، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجول في العسكر و ينهى عن

القتال، فقال: «إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر، فإن يطيعوه يرجعوا و يرشدوا». فأقبل عتبة يقول: يا معشر قريش، اجتمعوا و سامعوا. ثم خطبهم، فقال: يمن مع رحب، و رحب مع يمن. يا معشر قريش، أطيعوني اليوم، و اعصوني الدهر، و ارجعوا إلى مكة و اشربوا الخمور، و عانقوا الحور، فإن محمدا له إل و ذمة، و هو ابن عمكم، فارجعوا و لا تردوا رأيي، و إنما تطالبون محمدا بالعير التي أخذوها بنخلة، و دم ابن الحضرمي و هو حليفي و علي عقله. فلما سمع أبو جهل ذلك غاضه، و قال: إن عتبة أطول الناس لسانا، و أبلغهم كلاما، و لئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش إلى آخر الدهر. ثم قال: يا عتبة، نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب و جبنت و انتفخ سحرك، و تأمر الناس بالرجوع و قد رأينا ثأرنا بأعيننا. فنزل عتبة عن جمله، و حمل على أبي جهل، و كان على فرس، فأخذ بشعره، فقال الناس: يقتله. فعرقب فرسه، فقال: أ مثلي يجبن، و ستعلم قريش اليوم أينا ألأم و أجبن، و أينا المفسد لقومه، لا يمشي إلا أنا و أنت إلى الموت عيانا. ثم قال:

هذا جناي و خياره فيه و كل جان يده إلى فيه

ثم أخذ بشعره يجره، فاجتمع إليه الناس، و قالوا: يا أبا الوليد، الله الله لا تفت في أعضاد الناس، تنهى عن شي ء و تكون أوله. فخلصوا أبا جهل من يده.

__________________________________________________

(1) الناضح: البعير يستقى عليه، و الجمع نواضح. «الصحاح- نضح- 1: 411».

(2) انتفح سحرك: أي رئتك، يقال ذلك للجبان «النهاية 2: 346».

(3) الأنفال 8: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 654

فنظر عتبة إلى

أخيه شيبة، و نظر إلى ابنه الوليد، فقال: قم يا بني. فقام ثم لبس درعه، و طلبوا له بيضة تسع رأسه، فلم يجدوها لعظم هامته، فاعتجر «1» بعمامتين، ثم أخذ سيفه و تقدم هو و أخوه و ابنه، و نادى: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قريش. فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار: عوذ «2» و معوذ و عوف من بني عفراء، فقال عتبة: من أنتم، انتسبوا لنعرفكم؟ فقالوا: نحن بنو عفراء، أنصار الله، و أنصار رسوله. فقال: ارجعوا، فإنا لسنا إياكم نريد، إنما نريد الأكفاء من قريش. فبعث إليهم رسول الله: «أن ارجعوا». فرجعوا، و كره أن يكون أول الكرة بالأنصار، فرجعوا و وقفوا موقفهم.

ثم نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، و كان له سبعون سنة، فقال له: «قم يا عبيدة». فقام بين يديه بالسيف، ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب، فقال: «قم يا عم» ثم نظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: «قم يا علي» و كان أصغرهم، فقاموا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسيوفهم و قال: «فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها، تريد أن تطفئ نور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره». ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا عبيدة، عليك بعتبة» و قال لحمزة: «عليك بشيبة» و قال لعلي (عليه السلام): «عليك بالوليد بن عتبة». فمروا حتى انتهوا إلى القوم، فقال عتبة: من أنتم؟ انتسبوا حتى نعرفكم.

فقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. فقال: كفؤ كريم، فمن هذان؟ فقال: حمزة بن عبد المطلب،

و علي بن أبي طالب. فقال: كفؤان كريمان، لعن الله من واقفنا و إياكم هذا الموقف. فقال شيبة لحمزة: من أنت؟

فقال: أنا حمزة بن عبد المطلب، أسد الله و أسد رسوله. فقال له شيبة: لقد لقيت أسد الحلفاء، فانظر كيف تكون صولتك، يا أسد الله.

فحمل عبيدة على عتبة، فضربه على رأسه ضربة فلق بها هامته، و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها و سقطا جميعا، فحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما، و كل واحد يتقي بدرقته، و حمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على الوليد بن عتبة فضربه على عاتقه، فخرج السيف من إبطه. قال علي (عليه السلام): «فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي، فظننت أن السماء وقعت على الأرض». ثم اعتنق حمزة و شيبة، فقال المسلمون: يا علي، أما ترى الكلب قد أبهر عمك؟ فحمل عليه علي (عليه السلام)، ثم قال: «يا عم طأطئ رأسك» و كان حمزة أطول من شيبة، فأدخل حمزة رأسه في صدره، فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على رأسه فطن نصفه، ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه. و حمل عبيدة بين حمزة و علي حتى أتيا به رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنظر إليه رسول الله، فاستعبر، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت و أمي، أ لست شهيدا؟ قال: «بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي».

فقال: «أما لو كان عمك حي لعلم أني أولى بما قال منه، قال: «و أي أعمامي تريد؟» «3» قال: أبا طالب، حيث يقول:

__________________________________________________

(1) في المصدر: فاعتمّ

(2) في مغازي الواقدي 1: 68 معاذ، بدل عوذ.

(3) في المصدر: تعني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 655

كذبتم و بيت الله يبزى «1»

محمد و لما نطاعن دونه و نناضل

و نسلمه حتى نصرع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله و رسوله، و ابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة». فقال: يا رسول الله، أسخطت علي في هذه الحالة. فقال: «ما سخطت عليك، و لكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك».

و قال أبو جهل لقريش: لا تعجلوا و لا تبطروا كما عجل و بطر أبناء ربيعة، عليكم بأهل يثرب، فاجزروهم جزرا، و عليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة، فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها. و كان فتية من قريش أسلموا بمكة، فاحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع قريش إلى بدر و هم على الشك و الارتياب و النفاق، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة، و أبو قيس بن الفاكه، و الحارث بن ربيعة، و علي بن أمية بن خلف، و العاص بن المنبه. فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قالوا: مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة. فأنزل الله على رسوله:

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «2» و جاء إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك، فقال لهم: أنا جار لكم ادفعوا إلي رأيتكم. فدفعوها إليه، و جاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يخيل إليهم و يفزعهم، و أقبلت قريش يقدمها إبليس، معه الراية، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «غضوا أبصاركم، و غضوا على النواجذ، و لا تسلوا سيفا حتى آذن لكم».

ثم رفع يده

إلى السماء، فقال: يا رب، إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد. ثم أصابه الغشي فسري عنه و هو يسلت «3» العرق عن وجهه، و يقول: «هذا جبرئيل قد أتاكم بألف من الملائكة مردفين».

قال: فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قائل يقول: أقدم حيزوم، أقدم حيزوم. و سمعنا قعقعة السلاح من الجو، و نظر إبليس إلى جبرئيل (عليه السلام) فتراجع و رمى باللواء، فأخذ منبه بن الحجاج بمجامع ثوبه، ثم قال: ويلك، يا سراقة، تفت في أعضاد الناس، فركله إبليس ركلة في صدره، ثم قال: إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله. و هو قول الله: وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ «4». ثم قال عز و جل: وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «5».

__________________________________________________

(1) يبزى: أى يقهر و يغلب، أراد لا يبزى، فحذف (لا) من جواب القسم، و هي مراده، أي لا يقهر و لم نقاتل عنه و ندافع. «النهاية 1: 125».

(2) الأنفال 8: 49.

(3) أي يمسحه و يزيله. «انظر: المعجم الوسيط- سلت- 1: 441». [.....]

(4) الأنفال 8: 48.

(5) الأنفال 8: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 656

قال: و حمل جبرئيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر، و قال: يا رب، أنجز لي ما وعدتني من البقاء

إلى يوم الدين.

روي في الخبر: أن إبليس التفت إلى جبرئيل (عليه السلام) و هو في الهزيمة، فقال: يا هذا، أبدا لكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل لأبي عبد الله (عليه السلام): أ ترى كان يخاف أن يقتله؟ فقال: «لا، و لكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة».

و أنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «1» قال: أطراف الأصابع، فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره، و خرج أبو جهل من بين الصفين، و قال: اللهم، إن محمدا أقطعنا للرحم، و آتانا بما لا نعرفه فأحنه «2» الغداة، فأنزل الله على رسوله: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ «3».

ثم أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) كفا من حصى و رمى به في وجوه قريش، و قال: «شاهت الوجوه» فبعث الله رياحا تضرب في وجوه قريش، فكانت الهزيمة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم لا يفلتن فرعون هذه الأمة أبو جهل بن هشام، فقتل منهم سبعون و أسر منهم سبعون، و التقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه «4»، و ضرب أبو جهل عمرا على يده، فأبانها من العضد، فتعلقت بجلدة فاتكأ عمرو على يده برجله، ثم نزا في السماء حتى انقطعت الجلدة، و رمى بيده.

و

قال عبد الله بن مسعود: انتهيت إلى أبي جهل و هو يتشحط في دمه، فقلت: الحمد لله الذي أخزاك، فرفع رأسه، فقال: إنما أخزى الله عبد ابن ام عبد، لمن الدائرة «5» ويلك. قلت: لله و لرسوله، و إني قاتلك، و وضعت رجلي على عنقه. فقال: ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، أما إنه ليس شي ء أشد من قتلك إياي في هذا اليوم، ألا تولى قتلي رجل من المطيبين أو رجل من الأحلاف «6». فاقتلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته، و أخذت رأسه و جئت به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قلت: يا رسول الله، البشرى هذا رأس أبي جهل بن هشام، فسجد لله شكرا.

__________________________________________________

(1) الأنفال 8: 12.

(2) الحين: الهلاك، و أحنه: أهلكه «القاموس المحيط 4: 219».

(3) الأنفال 8: 19.

(4) في المصدر: على فخذيه.

(5) في «ط» و «س» و المصدر: الدين، و ما أثبتناه من مغازي الواقدي 1: 90 و سيرة ابن هشام 2: 288.

(6) لمّا أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجامة و الرّفادة و اللواء و السّقاية، و أبت عبد الدار، عقد كلّ قوم على أمرهم حلفا مؤكّدا على أن لا يتخاذلوا، فاجتمع بنو عبد مناف و بنو زهرة و تيم و أسد، و جعلوا طيبا في جفنة و غمسوا أيديهم فيه، و تحالفوا على التناصر و الأخذ للمظلوم من الظالم، فسمّوا المطيّبين، و تعاقدت بنو عبد الدار مع جمح و مخزوم و عديّ و كعب و سهم حلفا آخر مؤكّدا، فسمّوا الأحلاف لذلك. «النهاية 1: 425 و 3: 149».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 657

و أسر أبو بشر الأنصاري العباس بن عبد المطلب،

و عقيل بن أبي طالب، و جاء بهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: «هل أعانك عليهما أحد؟» قال: نعم، رجل عليه ثياب بيض. فقال الرسول (صلى الله عليه و آله):

«ذلك من الملائكة».

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «افد نفسك و ابن أخيك». فقال: يا رسول الله، قد كنت أسلمت، و لكن القوم استكرهوني. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر حقا فإن الله يجزيك عليه، و أما ظاهر أمرك فقد كنت علينا». ثم قال (صلى الله عليه و آله): «يا عباس، إنكم خاصمتم الله فخصمكم». ثم قال:

«أفد نفسك و ابن أخيك». و قد كان العباس أخذ معه أربعين أوقية من ذهب، فغنمها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «افد نفسك». قال: يا رسول الله، احسبها من فدائي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا، ذاك شي ء أعطانا الله منك، فافد نفسك و ابن أخيك» فقال العباس: فليس لي مال غير الذي ذهب مني. فقال: «بلى، المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة، فقلت لها: إن حدث علي حدث فاقسموه بينكم».

فقال له: تتركني «1» و أنا أسأل الناس بكفي. فأنزل الله على رسوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2»، ثم قال: وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ في علي فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «3».

ثم قال رسول الله (صلى الله

عليه و آله) لعقيل: «قد قتل الله- يا أبا يزيد- أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابني الحجاج و نوفل بن خويلد، و أسر سهيل بن عمرو و النضر بن الحارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط» و فلان و فلان.

فقال عقيل: إذن لا تنازعوا «4» في تهامة، فإن كنت قد أثخنت القوم و إلا فاركب أكتافهم. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من قوله.

و كان القتلى ببدر سبعين و الأسرى سبعين، قتل منهم أمير المؤمنين (عليه السلام) سبعة و عشرين، و لم يأسر أحدا، فجمعوا الأسارى و قرنوهم في الجبال، و ساقوهم على أقدامهم، و جمعوا الغنائم، و قتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعة رجال، فيهم سعد بن خيثمة، و كان من النقباء.

فرحل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزل الأثيل «5» عند غروب الشمس، و هو من بدر على ستة أميال، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى عقبة بن أبي معيط و النضر بن الحارث بن كلدة، و هما في قران واحد، فقال النضر لعقبة:

يا عقبة، أنا و أنت مقتولان. قال عقبة: من بين قريش! قال: نعم، لأن محمدا قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل. فقال

__________________________________________________

(1) في المصدر: فقال ما تتركني إلّا.

(2) الأنفال 8: 70.

(3) الأنفال 8: 71.

(4) في المصدر: لا تنازع.

(5) الأثيل: موضع قرب المدينة. «معجم البلدان 1: 94».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 658

رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، علي بالنضر و عقبة» و كان النضر رجلا جميلا عليه شعر، فجاء علي (عليه السلام)

فأخذ بعشره فجره إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال النضر: يا محمد، أسألك بالرحم الذي بيني و بينك إلا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني، و إن فاديتهم فاديتني، و إن أطلقتهم أطلقتني. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا رحم بيني و بينك، قطع الله الرحم بالإسلام، قدمه يا علي فاضرب عنقه». فقدمه و ضرب عنقه. فقال عقبة: يا محمد، ألم تقل: لا تصبر قريش! أي لا يقتلون صبرا. قال: «أ فأنت من قريش! إنما أنت علج من أهل صفورية «1»، لأنت من الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى إليه «2»، ليس منها، قدمه يا علي فاضرب عنقه» فقدمه و ضرب عنقه.

فلما قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) النضر و عقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم، فقاموا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، قد قتلنا سبعين، و أسرنا سبعين، و هم قومك و أساراك، هبهم لنا يا رسول الله، و خذ منهم الفداء و أطلقهم. فأنزل الله عليه: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً «3» فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء و يطلقوهم، و شرط أن يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذون منهم الفداء، فرضوا منه بذلك، فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبعون رجال، فقال من بقي من أصحابه: يا رسول الله، ما هذا الذي أصابنا، و

قد كنت تعدنا بالنصر؟ فأنزل الله عز و جل فيهم: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ببدر قتلتم سبعين، و أسرتم سبعين قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ «4» بما اشترطتم».

سورة الأنفال(8): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 658

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [7- 8]

4209/ [1]- العياشي: عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 2: 49/ 23. [.....]

(1) صفورية: بلدة بالأردن. «القاموس المحيط- صفر- 2: 73».

(2) في المصدر: له.

(3) الأنفال 8: 67- 69.

(4) آل عمران 3: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 659

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ، فقال: «الشوكة التي في القتال».

4210/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: رجع الحديث إلى تفسير الآيات التي لم تكتب في قوله: وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ. قال: العير، أو قريش. قال: و قوله: وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ قال: ذات الشوكة: الحرب. قال: تودون العير لا الحرب. وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ قال: الكلمات الأئمة (عليهم السلام).

4211/ [3]- العياشي: عن جابر، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية في قول الله: وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «تفسيرها في الباطن يريد الله فإنه شي ء يريده و لم يفعله بعد. و أما قوله: يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ فإنه يعني يحق حق آل محمد، و أما قوله: بِكَلِماتِهِ قال: كلماته في الباطن علي (عليه السلام) هو كلمة

الله في الباطن، و أما قوله: وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ فهم بنو امية هم الكافرون، يقطع الله دابرهم، و أما قوله:

لِيُحِقَّ الْحَقَّ فإنه يعني ليحق حق آل محمد حين يقوم القائم (عليه السلام)، و أما قوله: وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ يعني القائم (عليه السلام)، فإذا قام يبطل باطل بني امية، و ذلك قوله: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ».

سورة الأنفال(8): آية 9 ..... ص : 659

قوله تعالى:

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ [9]

4212/ [4]- الطبرسي: قيل: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لما نظر إلى كثرة عدد المشركين و قلة عدد المسلمين استقبل القبلة، و قال: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض». فما زال يهتف ربه مادا يديه، حتى سقط رداؤه من منكبيه، فأنزل الله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الآية. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

4213/ [5]- ابن شهر آشوب: قال النبي (صلى الله عليه و آله) في العريش: «اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعد هذا اليوم». فنزل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فخرج يقول: «سيهزم الجمع و يولون الدبر». فأمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، و كثرهم في أعين المشركين، و قلل المشركين في أعينهم، فنزل:

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 270.

3- تفسير العياشي 2: 50/ 24.

4- مجمع البيان 4: 807.

5- المناقب 1: 188.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 660

وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى «1» من الوادي خلف العقنقل «2»، و النبي (صلى الله عليه و آله) بالعدوة الدنيا عند القليب «3». قال علي و ابن عباس في قوله: مُسَوِّمِينَ «4»: كان عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكتافهم.

سورة الأنفال(8): آية 11 ..... ص : 660

قوله تعالى:

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ [11]

4214/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام، قال الله عز و جل:

وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، بباقي السند و المتن، مثله «5».

4215/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية في البطن وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ.

قال: «السماء في الباطن: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الماء: علي (عليه السلام) جعله الله من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله: ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ فذلك علي يطهر الله به قلب من والاه. و أما قوله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ من والى عليا (عليه السلام) يذهب الرجز عنه، و يقوي قلبه، وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ فإنه يعني عليا (عليه السلام)، من والى عليا (عليه السلام) يربط الله على قلبه بعلي (عليه السلام) فيثبت على ولايته».

4216/ [3]- عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، قال: «لا

__________________________________________________

1- الكافي 6: 387/ 2.

2- تفسير العيّاشي 2: 50/ 25.

3- تفسير العيّاشي 2: 50/ 27.

(1) الأنفال 8: 42.

(2) العقنقل: الكثيب العظيم المتداخل الرّمل. «لسان العرب- عقل- 11: 463».

(3) في المصدر: القلب. [.....]

(4) آل عمران 3: 125.

(5) المحاسن: 574/ 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 661

يدخلنا ما يدخل الناس من الشك».

4217/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

اشربوا ماء السماء، فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام، قال الله: وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ- إلى قوله- وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ».

ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مثله «1».

سورة الأنفال(8): الآيات 12 الي 19 ..... ص : 661

قوله تعالى:

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ- إلى قوله تعالى- فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ [12- 19]

4218/ [5]- العياشي: عن محمد بن يوسف، قال: أخبرني أبي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ، فقال: «إلهام».

4219/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى:لِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ

أي عادوا الله و رسوله، ثم قال عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً أي يدنوا بعضكم من بعض.

4220/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي: أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الرعب و الخوف من جهاد المستحق للجهاد و المتوازرين على الضلال، ضلال في الدين، و سلب للدنيا، مع الذل و الصغار، و فيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ».

4221/ [8]- العياشي: عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت: الزبير شهد بدرا؟

قال: «نعم، و لكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم، و إن كان قاتل كفارا فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 51/ 28.

5- تفسير العيّاشي 2: 50/ 26.

6- تفسير القمّي 1: 270.

7- الكافي 5: 38/ 1.

8-

تفسير العيّاشي 2: 51/ 29.

(1) الخصال: 636.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 662

4222/ [5]- عن أبي جعفر (عليه السلام): ما شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ركب منه ما ركب، لم يقاتل؟

فقال: «للذي سبق في علم الله أن يكون ما كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) أن يقاتل و ليس معه إلا ثلاثة رهط، فكيف يقاتل؟ ألم تسمع قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً إلى قوله:

وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ فكيف يقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد هذا، و إنما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة رهط!».

4223/ [6]- عن أبي أسامة زيد الشحام، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، إنهم يقولون: ما منع عليا إن كان له حق أن يقوم بحقه؟

فقال: «إن الله لم يكلف هذا أحدا إلا نبيه (صلى الله عليه و آله)، قال له: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ «1» و قال لغيره: إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فعلي (عليه السلام) لم يجد فئة، و لو وجد فئة لقاتل- ثم قال:- لو كان «2» جعفر و حمزة حيين، بقي رجلان قال: مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ قال: متطردا يريد الكرة عليهم، أو متحيزا، يعني متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة، فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله».

4224/ [7]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يعني يرجع أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ يعني يرجع إلى صاحبه و هو الرسول أو الإمام فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ، ثم قال:

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ أي أنزل الملائكة حتى قتلوهم، ثم قال: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى يعني الحصى الذي حمله رسول الله (صلى الله عليه و آله) و رمى به في وجوه قريش، و قال: «شاهت الوجوه».

4225/ [8]- العياشي: عن محمد بن كليب الأسدي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله:

وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى ، قال: «علي (عليه السلام) ناول رسول الله (صلى الله عليه و آله) القبضة التي رمى بها».

و في خبر آخر عنه: «أن عليا (عليه السلام) ناوله قبضة من تراب فرمى بها» «3».

4226/ [9]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «ناول رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 51/ 30.

6- تفسير العيّاشي 2: 51/ 31.

7- تفسير القمّي 1: 270.

8- تفسير العيّاشي 2: 52/ 32.

9- تفسير العيّاشي 2: 52/ 34.

(1) النّساء 4: 84. [.....]

(2) قال العلامة المجلسي: قوله: «لو كان» كلمة (لو) للتمنّي، أو الجزاء محذوف، أي لم يترك القتال، أو يكون تفسيرا للفئة، و المراد بالرجلين عباس و عقيل. بحار الأنوار.- الطبعة الحجرية- 8: 146.

(3) تفسير العيّاشي 2: 52/ 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 663

علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين، فقال الله: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى ».

4227/ [10]- ابن شهر آشوب: عن الثعلبي، و سماك «1»، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): «ناولني كفا من حصباء

«2»» فناوله و رمى به في وجوه قريش، فما بقي أحد إلا امتلأت عيناه من الحصباء.

و في رواية غيره: و أفواههم و مناخرهم، قال أنس: رمى بثلاث حصيات في المشرق و المغرب و تحت الثرى «3»،

قال ابن عباس: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً يعني و هزم الكفار ليغنم النبي و الوصي.

4228/ [11]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى : «سمى فعل النبي (صلى الله عليه و آله) فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله».

4229/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ: أي مضعف كيدهم و حيلتهم و مكرهم.

و قوله تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ قد تقدم ذكره في القصة «4»

سورة الأنفال(8): آية 22 ..... ص : 663

قوله تعالى:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [22]

4230/ [1]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «نزلت الآية في بني عبد الدار، لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير، و حليف لهم يقال له: سويبط».

4231/ [2]- و قال في (جامع الجوامع): قال الباقر (عليه السلام): «هم بنو عبد الدار، لم يسلم منهم غير مصعب بن

__________________________________________________

10- المناقب 1: 189، فرائد السمطين 1: 232/ 181، الدر المنثور 4: 40.

11- الاحتجاج: 250.

12- تفسير القمّي 1: 271.

1- مجمع البيان 4: 818.

2- جوامع الجامع: 167.

(1) و في «ط»: عن ضحاك، تصحيف، انظر: تهذيب الكمال 12: 115 و قد ذكر روايته عن عكرمة.

(2) الحصباء: الحصى «الصحاح- حصب- 1: 112».

(3) في المصدر: بثلاث حصيات في الميمنة و الميسرة و القلب.

(4) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2-

6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 664

عمير و سويد بن حرملة، و كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، و قد قتلوا جميعا بأحد، كانوا أصحاب اللواء»

سورة الأنفال(8): آية 24 ..... ص : 664

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [24] 4232/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الحياة: الجنة.

4233/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، قال: «نزلت في ولاية علي (عليه السلام)».

4234/ [3]- و من طريق العامة: ما نقله ابن مردويه، عن رجاله، مرفوعا إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، أنه قال في قوله تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ: «نزلت في ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام)».

و يؤيده ما رواه أبو الجارود، عنه (عليه السلام)، أنه قال: «إنها نزلت في ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)» «1».

4235/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، يقول: «ولاية علي بن أبي طالب، فإن اتباعكم إياه و

ولايته أجمع لأمركم و أبقى للعدل فيكم».

و أما قوله: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، يقول: «يحول بين المرء «2» و معصيته أن تقوده إلى النار، و يحول بين الكافر و طاعته أن يستكمل بها الإيمان، و اعلموا أن الأعمال بخواتيمها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 27.

2- الكافي 8: 248/ 349.

3- تأويل الآيات 1: 191/ 1 عن ابن مردويه. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 271.

(1) تأويل الآيات 1: 191/ 2.

(2) في المصدر: المؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 665

4236/ [5]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق».

4237/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد الله، جميعا، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ.

قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق». و قد قيل: إن الله تبارك و تعالى يحول بين المرء و قلبه بالموت. و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة، و لا ينقله من السعادة إلى الشقاء».

4238/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان الأحمر، و حدثنا أحمد

بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «يشتهي بسمعه و بصره و يده و لسانه و قلبه، أما إن هو غشي شيئا مما يشتهي، فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق غيره».

4239/ [8]- العياشي: عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «هو أن يشتهي [الشي ء بسمعه و بصره و لسانه و يده، أما إن هو غشي شيئا مما يشتهي ] فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق ليس فيه».

4240/ [9]- و في خبر هشام: عنه، قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق».

4241/ [10]- عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ.

قال: «هو أن يشتهي الشي ء بسمعه و بصره و لسانه و يده، أما إنه لا يغشى شيئا منها، و إن كان يشتهيه، فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق ليس فيه».

4242/ [11]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذا الشي ء يشتهيه الرجل بقلبه و سمعه و بصره، لا تتوق نفسه إلى غير ذلك، فقد حيل بينه و بين قلبه إلى ذلك الشي ء».

__________________________________________________

5- المحاسن: 237/ 205.

6- التوحيد: 358/ 6.

7- المحاسن: 276/ 389.

8- تفسير العيّاشي 2: 52/ 35.

9- تفسير العيّاشي 2: 52/ 36.

10- تفسير العيّاشي 2: 52/ 37.

11- تفسير العيّاشي 2: 52/ 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 666

4243/ [12]-

و في خبر يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يستيقن القلب أن الحق باطل أبدا، و لا يستيقن أن الباطل حق أبدا».

سورة الأنفال(8): آية 25 ..... ص : 666

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [25]

4244/ [1]- العياشي: عن عبد الرحمن بن سالم، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.

قال: «أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى تركوا عليا (عليه السلام) و بايعوا غيره، و هي الفتنة التي فتنوا بها، و قد أمرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) باتباع علي (عليه السلام) و الأوصياء من آل محمد (عليهم السلام)».

4245/ [2]- عن إسماعيل السدي، عن البهي «1» وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.

قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.

4246/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى في بعض كتابه: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً في إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «2» و قال في بعض كتابه: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «3» يقول في الآية الأولى: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز و جل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة، و بها ارتدوا على أعقابهم، لأنهم إن قالوا: لم تذهب فلا بد أن يكون لله عز و جل فيها أمر،

و إذا أقروا بالأمر لم يكن لهم «4» من صاحب بد».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 53/ 39.

1- تفسير العيّاشي 2: 53/ 40.

2- تفسير العيّاشي 2: 53/ 41، الدر المنثور 4: 46.

3- الكافي 1: 193/ 4. [.....]

(1) في «ط» و «س»: عن الصيقل: سئل أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، و في المصدر: عن إسماعيل السري عن السري عن البهيّ، و الصواب ما أثبتناه، فهو الموافق لما في تهذيب الكمال 3: 132 و 133 حيث روى فيه إسماعيل السّدّي عن عبد اللّه البهيّ، و الدر المنثور 4: 46 حيث أورد عين الرواية عن السّدّي.

(2) القدر 97: 1.

(3) آل عمران 3: 144.

(4) في المصدر: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 667

4247/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت في الزبير و طلحة لما حاربا أمير المؤمنين (عليه السلام) و ظلماه.

4248/ [5]- الطبرسي: عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني، قال: حدثنا عنه السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني، قال: حدثني محمد بن القاسم بن أحمد، قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد، قال: حدثنا محمد بن صالح العرزمي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، عن أبي خلف الأحمر، عن إبراهيم بن طهمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنما جحد نبوتي و نبوة الأنبياء قبلي».

4249/ [6]- و من طريق المخالفين: ما رواه أبو عبد الله محمد بن علي السراج، بإسناد يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، أنه قال: قال النبي (صلى الله

عليه و آله): «يا بن مسعود، قد أنزلت الآية وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً و أنا مستودعكها، و مسم لك خاصة الظلمة، فكن لما أقول واعيا، و عني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا كمن جحد نبوتي و نبوة من كان قبلي» ثم ذكر حديثا هذه زبدته.

سورة الأنفال(8): آية 26 ..... ص : 667

قوله تعالى:

وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [26] 4250/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قريش خاصة.

سورة الأنفال(8): آية 27 ..... ص : 667

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [27]

4251/ [2]- الطبرسي: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) و الكلبي و الزهري: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 271.

5- مجمع البيان 4: 822، شواهد التنزيل 1: 206/ 269.

6- .... الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 36/ 25.

1- تفسير القمّي 1: 271.

2- مجمع البيان 4: 823.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 668

الأنصاري، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حاصر يهود قريظة إحدى و عشرين ليلة، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات و أريحا من أرض الشام، فأبي أن يعطيهم ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا:

أرسل إلينا أبا لبابة، و كان مناصحا لهم، لأن عياله و ماله و ولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتاهم، فقالوا: ما ترى- يا أبا لبابة- أ ننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه، أنه الذبح فلا تفعلوا، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فلو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله و رسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد، و قال: و الله لا أذوق

طعاما و لا شرابا حتى أموت، أو يتوب الله علي. فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما و لا شرابا، حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: يا أبا لبابة، قد تيب عليك. فقال: لا و الله، لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي يحلني. فجاءه و حله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، و أن أنخلع من مالي. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يجزيك الثلث أن تصدق به».

سورة الأنفال(8): آية 29 ..... ص : 668

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً [29] 4252/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني العلم الذي تفرقون به بين الحق و الباطل.

سورة الأنفال(8): آية 30 ..... ص : 668

قوله تعالى:

وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [30]

4253/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت بمكة قبل الهجرة، و كان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس و الخزرج، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تمنعوني و تكونون لي جارا حتى أتلو عليكم كتاب ربي، و ثوابكم على الله الجنة؟» فقالوا: نعم، خذ لربك و لنفسك ما شئت. فقال لهم:

«موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق». فحجوا و رجعوا إلى منى، و كان فيهم ممن قد حج بشر كثير،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 272.

2- تفسير القمّي 1: 272.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 669

فلما كان اليوم الثاني من أيام التشريق، قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة، و لا تنبهوا نائما، و لينسل واحد فواحد، فجاء سبعون رجلا من الأوس و الخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تمنعوني و تجيروني حتى أتلوا عليكم كتاب ربي، و ثوابكم على الله الجنة؟».

فقال سعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حرام: نعم- يا رسول الله- اشترط لربك و لنفسك ما شئت.

فقال: «أما ما أشترط لربي فأن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا، و أشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون أنفسكم، و تمنعوا أهلي مما تمنعون

أهليكم و أولادكم». فقالوا: فما لنا على ذلك؟ فقال: «الجنة في الآخرة، و تملكون العرب، و تدين لكم العجم في الدنيا، و تكونون ملوكا في الجنة في الآخرة». فقالوا: قد رضينا.

فقال: «اخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، يكونون شهداء عليكم بذلك» كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا، فأشار إليهم جبرئيل، فقال: هذا نقيب، و هذا نقيب، تسعة من الخزرج، و ثلاثة من الأوس، فمن الخزرج: سعد بن زرارة، و البراء بن معرور، و عبد الله بن حرام- و هو أبو جابر بن عبد الله- و رافع بن مالك، و سعد بن عبادة، و المنذر بن عمرو، و عبد الله بن رواحة، و سعد بن الربيع، و عبادة بن الصامت. و من الأوس: أبو الهيثم بن التيهان- و هو من اليمن- و أسيد بن حضير «1»، و سعد بن خيثمة.

فلما اجتمعوا و بايعوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) صاح إبليس: يا معشر قريش و العرب، هذا محمد و الصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم. فأسمع أهل منى، و ماجت «2» قريش، فأقبلوا بالسلاح، و سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) النداء، فقال للأنصار: «تفرقوا» فقالوا: يا رسول الله، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لم أؤمر بذلك، و لم يأذن الله لي في محاربتهم». قالوا- فتخرج معنا؟ قال: «أنتظر أمر الله».

فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح، و خرج حمزة و أمير المؤمنين (عليهما السلام) و معهما السيوف فوقفا على العقبة، فلما نظرت قريش إليهما، قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة: ما اجتمعنا

و ما هيأنا أحدا، و الله لا يجوز هذه العقبة أحد إلا ضربته بسيفي هذا. فرجعوا إلى مكة، و قالوا: لا نأمن أن يفسد أمرنا، و يدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد.

فاجتمعوا في دار الندوة، و كان لا يدخل في دار الندوة إلا من قد أتى عليه أربعون سنة، فدخل أربعون رجلا من مشايخ قريش، و جاء إبليس في صورة شيخ كبير، فقال له البواب: من أنت؟ فقال: أنا شيخ من أهل نجد، لا يعدمكم مني رأي صائب، إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم. فقال: ادخل، فدخل إبليس.

فلما أخذوا مجلسهم، قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا، نحن أهل الله تغدو

__________________________________________________

(1) في «س»: أسد بن حصين، و في «ط»: أسيد بن حصين، كلاهما تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو معدود من النقباء الاثني عشر ليلة العقبة، راجع اسد الغابة 1: 92 و معجم رجال الحديث 3: 212.

(2) في المصدر: و هاجت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 670

إلينا العرب في السنة مرتين و يكرموننا، و نحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع، فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد ابن عبد الله، فكنا نسميه الأمين لصلاحه و سكونه و صدق لهجته، حتى إذا بلغ ما بلغ و أكرمناه ادعى أنه رسول الله، و أن أخبار السماء تأتيه، فسفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شبابنا، و فرق جماعتنا، و زعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار، و لم يرد علينا شي ء أعظم من هذا، و قد رأيت فيه رأينا، قالوا: و ما رأيت؟ قال: رأيت أن ندس إليه

رجلا منا ليقتله، فإن طلبت بنو هاشم بديته «1» أعطيناهم عشر ديات.

فقال الخبيث: هذا رأي خبيث، قالوا: و كيف ذلك؟ قال: لأن قاتل محمد مقتول لا محالة، فمن ذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم، فإنه إذا قتل محمد تعصبت بنو هاشم و حلفاؤهم من خزاعة، و إن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على الأرض، فتقع بينكم الحروب في حرمكم، و تتفانوا.

فقال آخر منهم: فعندي رأي آخر، قالوا: و ما هو؟ قال: نثبته في بيت و نلقي إليه قوته حتى يأتي إليه ريب المنون فيموت، كما مات زهير و النابغة و امرؤ القيس.

فقال إبليس: هذا أخبث من الآخر، قالوا: و كيف ذاك؟ قال: لأن بني هاشم لا ترضى بذلك، فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم و اجتمعوا عليكم فأخرجوه.

قال آخر منهم: لا، و لكنا نخرجه من بلادنا، و نتفرغ نحن لعبادة آلهتنا.

قال إبليس: هذا أخبث من الرأيين المتقدمين، قالوا: و كيف ذاك؟ قال: لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها، و أنطق الناس لسانا، و أفصحهم لهجة، فتحملونه إلى بوادي العرب فيخدعهم و يسحرهم بلسانه، فلا يفجأكم إلا و قد ملأها عليكم خيلا و رجلا. فبقوا حائرين، ثم قالوا لإبليس: فما الرأي فيه، يا شيخ؟ قال: ما فيه إلا رأي واحد، قالوا: و ما هو؟ قال: يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد و يكون معهم من بني هاشم رجل، فيأخذون سكينا أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، و قد شاركوا فيه، فإن سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلاث ديات، قالوا:

نعم، و عشر ديات.

ثم قالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي، فاجتمعوا و دخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي (صلى الله عليه و آله).

و نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك، و أنزل الله عليه في ذلك: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

و اجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه، و خرجوا إلى المسجد يصفرون و يصفقون و يطوفون بالبيت، فأنزل الله: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً «2» فالمكاء: التصفير، و التصدية: صفق

__________________________________________________

(1) في المصدر: بدمه. [.....]

(2) الأنفال 8: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 671

اليدين، و هذه الآية معطوفة على قوله: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا و قد كتبت بعد آيات كثيرة.

فلما أمسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جاءت قريش ليدخلوا عليه، فقال أبو لهب: لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل، فإن في الدار صبيانا و نساء، و لا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة، فنحرسه الليلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه. فناموا حول حجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يفرش له ففرش له. فقال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «افدني بنفسك». قال: «نعم، يا رسول الله». قال: «نم على فراشي، و التحف ببردتي». فنام علي (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) و التحف ببردته و جاء جبرئيل (عليه السلام) فأخذ بيد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخرجه على قريش

و هم نيام، و هو يقرأ عليهم: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «1»، و قال له جبرئيل: خذ على طريق ثور، و هو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فدخل الغار، و كان من أمره ما كان.

فلما أصبحت قريش و أتوا إلى الحجرة و قصدوا الفراش، وثب علي (عليه السلام) في وجوههم، فقال: «ما شأنكم؟» قالوا له: أين محمد؟ قال: «أ جعلتموني عليه رقيبا، ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم».

فأقبلوا على أبي لهب يضربونه، و يقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة. فتفرقوا في الجبال، و كان فيهم رجل من خزاعة، يقال له أبو كرز يقفو الآثار، فقالوا له: يا أبا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله). و قال لهم: هذه قدم محمد، و الله إنها لأخت القدم التي في المقام. و كان أبو بكر استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فرده معه، فقال أبو كرز: و هذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه. ثم قال: و ها هنا عبر ابن أبي قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار. ثم قال: ما جاوزا هذا المكان، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو دخلا تحت الأرض. و بعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار، و جاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار. ثم قال: ما في الغار أحد، فتفرقوا في الشعاب، و صرفهم الله عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، ثم أذن لنبيه (صلى الله عليه و آله) في الهجرة.

4254/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي

المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله «2» بن عمار الثقفي سنة إحدى و عشرين و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمسين و مائتين، قال: حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي، قال: حدثني أبي و خالي يعقوب بن الفضل ابن «3» عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن زبير «4» بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنيه

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 78.

(1) يس 36: 9.

(2) في «س» و «ط»: أبو العباس بن عبد اللّه، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 4: 252، أعيان الشيعة 3: 21، و أرّخوا وفاته بما لا يتناسب مع التاريخ المذكور في سند الرواية، فلاحظ.

(3) في المصدر: يعقوب بن المفضّل عن، و هو تصحيف، صوابه ما في المتن، انظر جمهرة أنساب العرب: 71 و لسان الميزان 6: 309.

(4) في «س» و «ط»: زيد (و في نسخة بدل: يزيد)، و ما في المتن في المتن من المصدر و هو الصواب، انظر تاريخ بغداد 8: 464 و تهذيب الكمال 9: 304.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 672

أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) بين المنبر «1» و الروضة، عن أبيه، و عبيد الله بن أبي رافع، جميعا، عن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) و أبي رافع مولى النبي (صلى الله عليه و آله).

قال أبو عبيدة: و حدثنيه سنان بن أبي سنان الديلي «2»: أن هند بن أبي هند بن أبي هالة الاسيدي حدثه عن أبيه هند «3» بن أبي هالة ربيب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امه خديجة زوجة النبي

(صلى الله عليه و آله)، و أخته لأمه فاطمة (صلوات الله عليها).

قال أبو عبيدة: و كان هؤلاء الثلاثة: هند بن أبي هالة، و أبو رافع، و عمار بن ياسر جميعا يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، و مبيته قبل ذلك على فراشه.

قال: و صدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة و اقتصاصه عن الثلاثة: هند، و عمار، و أبي رافع، و قد دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا:

كان الله عز و جل مما يمنع نبيه (صلى الله عليه و آله) بعمه أبي طالب، فما كان يخلص إليه أمر يسوؤه من قومه مدة حياته، فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغيتها، و أصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى «4»، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم، و صلتك رحما و جزيت خيرا يا عم». ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر، فاجتمع بذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزنان حتى عرف ذلك فيه.

قال هند: ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قريش إلى دار الندوة ليتشاوروا و يأتمروا في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أسروا ذلك بينهم، فقال بعضهم: نبي له علما و نترك برجا نستودعه فيه، فلا يخلص من الصباة «5» فيه إليه أحد، و لا يزال في رنق «6» من العيش حتى يذوق طعم المنون، و أصحاب هذه المشورة العاص بن وائل و امية و أبي ابنا خلف. فقال قائل: كلا، ما هذا لكم برأي «7»،

و لئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب «8» الحميم و المولى الحليف، ثم ليأتين المواسم و الأشهر الحرم بالأمن فلينزعن من استوطنكم «9»، قولوا قولكم.

فقال عتبة و شيبة، و شركهما أبو سفيان: فإنا نرى أن نرحل بعيرا صعبا و نوثق محمدا عليه كتافا و شدا، ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: بين القبر.

(2) في «س»: الديلمي، و في «ط»: الدئلي، و في المصدر: سنان بن سنان، و ما في المتن هو الصواب، و هو سنان بن أبي سنان الدّيلي مدني تابعي ثقة، انظر أنساب السمعاني 2: 528 و تهذيب الكمال 12: 151.

(3) الظاهر من هذه الرواية أنّ اسم أبي هند هند أيضا، و يؤيده ما في اسد الغابة 5: 71.

(4) اللّقى: الملقى على الأرض. «النهاية 4: 267».

(5) في المصدر: القتلة.

(6) العيش الرنق: الكدر. «مجمع البحرين- رنق- 5: 173».

(7) في المصدر: فقال قائل: بئس الرأي ما رأيتم.

(8) تنّمّر: تغيّر. «الصحاح- نمر- 2: 838»، الحدب: العطوف. «لسان العرب- حدب- 1: 301»، و في المصدر: لتستمعن هذا الحديث. [.....]

(9) في المصدر: من أنشوطتكم إلى خلاصة. و الأنشوطة: عقدة يسهل حلّها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 673

نقصع «1» البعير بأطراف الرماح، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك «2» إربا إربا.

قال صاحب رأيهم: إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق، فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه و طلاقة لسانه، فصبا القوم إليه و استجاب له القبائل قبيلة بعد قبيلة، فليسيرن حينئذ إليكم بالكتائب و المقانب «3»، فلتهلكن كما هلكت إياد و من كان قبلكم، قولوا قولكم.

فقال له أبو جهل: لكن أرى لكم رأيا سديدا، و هو أن تعمدوا إلى قبائلكم العشر، فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا نجدا

«4»، ثم تسلحوه حساما عضبا «5»، و تمهد الفتية حتى إذا غسق الليل و غور «6»، بيتوا بابن أبي كبشة بياتا، فتفرق «7» دمه في قبائل قريش جميعا، فلا يستطيع بنو هاشم و بنو المطلب مناهضة قبائل قريش جميعا في صاحبهم، فيرضون منا الدية فنعطيهم ديتين «8». فقال صاحب رأيهم: أصبت، يا أبا الحكم. ثم أقبل عليهم، فقال:

هذا الرأي فلا تعدلن به رأيا، و أوكئوا «9» في ذلك أفواهكم حتى يستتب أمركم.

فخرج القوم عزين «10»، و سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل (عليه السلام)، فتلا هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فلما أخبره جبرئيل (عليه السلام) بأمر الله في ذلك و وحيه و ما عزم له من الهجرة، دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، و قال له: «يا علي، إن الروح الأمين هبط علي بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريشا اجتمعت على المكر بي و قتلي، و إنه أوحي إلي عن ربي عز و جل أن أهجر دار قومي، و أن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي، و إنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي- أو قال: مضجعي- ليخفى بمبيتك عليهم أثري، فما أنت قائل و صانع؟». فقال علي (صلوات الله عليه): «أو تسلمن بمبيتي هناك، يا نبي الله؟». قال: «نعم». فتبسم علي (صلوات الله عليه) ضاحكا، و أهوى لله إلى الأرض ساجدا، شكرا لله لما أنبأه «11» به رسول الله (صلى الله عليه و آله) من سلامته، و كان علي (صلوات الله عليه) أول

من سجد لله شكرا، و أول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلما رفع رأسه قال له: «أمض بما أمرت، فداك سمعي و بصري و سويداء قلبي، و مرني بما شئت،

__________________________________________________

(1) قصع: دفع و كسر. «النهاية 4: 73».

(2) الدكادك: جمع دكدك، و هو ما التبد من الرّمل بالأرض و لم يرتفع. «الصحاح- دكك- 4: 1584».

(3) المقانب: جمع مقنب، جماعة الخيل و الفرسان، و قيل: هي دون المائة. «لسان العرب- قنب- 1: 690».

(4) النجد: الشجاع. «مجمع البحرين- نجد- 3: 149».

(5) العضب: القاطع. «لسان العرب- عضب- 1: 609».

(6) غور كلّ شي ء: عمقه، و غوّر النهار: إذا زالت الشمس، و أطلقه هنا مجازا و أراد به إذا جاء منتصف الليل.

(7) في المصدر: أتوا ابن أبي كبيشة، فاقتلوه من يد رجل يضربه، فيذهب.

(8) في المصدر: فيرضون حينئذ بالعقل منهم. و المراد بالعقل الدية أيضا.

(9) أوكئوا: سدّوا أو شدّوا، و المراد هنا: اسكتوا و لا تتكلموا أو تذيعوا سرّا.

(10) عزين: أي جماعات في تفرقة، واحدتها عزة. مفردات الراغب: 334.

(11) في المصدر: بشره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 674

أكن فيه كسيرتك، و أقع منه بحيث مرادك، و إن توفيقي إلا بالله». و قال (صلى الله عليه و آله): «و إن ألقي عليك شبه مني- أو قال شبهي-». قال (عليه السلام): «إن» بمعنى نعم «1». قال (صلى الله عليه و آله): «فارقد على فراشي، و اشتمل ببردي الحضرمي، ثم إني أخبرك يا علي إن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم و منازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، و قد امتحنك يا بن أم «2» و

امتحنني فيك بمثل ما امتحن خليله إبراهيم و الذبيح إسماعيل، فصبرا صبرا، فإن رحمة الله قريب من المحسنين». ثم ضمه النبي (صلى الله عليه و آله) إلى صدره و بكى إليه وجدا، و بكى (عليه السلام) جشعا لفراق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استتبع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر بن أبي قحافة و هند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، و لبث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكانه مع علي (عليه السلام) يوصيه و يأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين.

ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في فحمة «3» العشاء الآخرة و الرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل و تنام الأعين، فخرج و هو يقرأ هذه الآية: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «4» و كان بيده قبضة من تراب، فرمى بها على رؤوسهم، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم، و مضى حتى أتى إلى هند و أبي بكر فأنهضهما فنهضا معه حتى وصلوا إلى الغار، ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبو بكر الغار.

فلما غلق الليل أبوابه و أسدل أستاره و انقطع الأثر، أقبل القوم على علي (صلوات الله عليه) قذفا بالحجارة، فلا يشكون أنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى إذا برق الفجر و أشفقوا أن يفضحهم الصبح، هجموا على علي (صلوات الله عليه) و كانت دور مكة يومئذ سوائب

لا أبواب لها، فلما أبصر بهم علي (عليه السلام) قد انتضوا السيوف و أقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وثب له علي (عليه السلام) فختله و همز يده، فجعل خالد يقمص قماص البكر «5»، و يرغو رغاء الجمل، و يذعر و يصيح و هم في عوج «6» الدار من خلفه، و شد علي (عليه السلام) بسيفه- يعني سيف خالد- فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار، و تبصروه فإذا هو علي (عليه السلام)، قالوا: و إنك لعلي! قال: «أنا علي». قالوا: فإنا لم نردك، فما فعل صاحبك؟ قال: «لا علم لي به» و قد كان علم- يعني عليا (عليه السلام)- أن الله تعالى قد أنجى نبيه (صلى الله عليه و آله) بما كان أخبره من مضيه إلى الغار، و اختبائه فيه.

__________________________________________________

(1) في «ط» و المصدر: شبهي أن يمنعني. قال (عليه السّلام): نعم. و تأتي «إنّ» بمعنى (نعم) من أحرف الجواب.

(2) إنّما قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السّلام): يا ابن أمّ، لأنّ فاطمة (رضي اللّه عنها) كانت مربيّة له (صلى اللّه عليه و آله) و كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) يلقبها بالأمّ. و لذا قال (صلى اللّه عليه و آله) حين قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): «ماتت امّي» و «بل و اللّه امّي». البحار 19: 68. و في المصدر: يا ابن عمّ. [.....]

(3) الفحمة: الظلمة التي بين صلاتي العشاء. «النهاية 3: 417».

(4) يس 36: 9.

(5) قمص الفرس و غيره: استنّ، و هو أن يرفع يديه و يطرحهما معا، يعجن برجليه، و البكر: الفتي من الإبل. «لسان العرب- بكر- 4: 79 و- قمص- 7: 82».

(6) في

المصدر: عرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 675

فأدركت قريش عليه العيون، و ركبت في طلبه الصعب و الذلول، و أمهل علي (صلوات الله عليه) حتى إذا أعتم «1» من الليلة القابلة انطلق هو و هند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) هندا أن يبتاع له و لصاحبه بعيرين. فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي و لك- يا نبي الله- راحلتين نرتحلهما إلى يثرب. فقال: إني لا آخذهما، و لا أحدهما إلا بالثمن» قال: فهي لك بذلك.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فأقبضه الثمن، ثم وصاه بحفظ ذمته و أداء أمانته، و كانت قريش تدعوا محمدا (صلى الله عليه و آله) في الجاهلية الأمين، و كانت تودعه و تستحفظه أموالها و أمتعتها، و كذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، و جاءت النبوة و الرسالة و الأمر كذلك، فأمر عليا (عليه السلام) أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة و عشيا: «ألا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت، فلنؤد إليه أمانته». قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«إنهم لن يصلوا من الآن إليك- يا علي- بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي، و مستخلف ربي عليكما و مستحفظه فيكما» فأمر أن يبتاع رواحل له و للفواطم، و من أزمع الهجرة معه من بني هاشم.

قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله- يعني ابن أبي رافع-: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجد ما ينفقه هكذا؟

فقال: إني سألت

أبي عما سألتني، و كان يحدث بهذا الحديث، فقال: و أين يذهب بك عن مال خديجة (عليها السلام).

قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة» و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يفك من مالها الغارم و العاني، و يحمل الكل، و يعطي في النائبة، و يرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، و يحمل من أراد منهم الهجرة، و كانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين- يعني رحلة الشتاء و الصيف- كانت طائفة من العير لخديجة، و كانت أكثر قريش مالا، و كان (صلى الله عليه و آله) ينفق منه ما شاء في حياتها، ثم ورثها هو و ولدها بعد مماتها.

قال: و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) و هو يوصيه: «و إذا قضيت ما أمرتك من أمر فكن على اهبة الهجرة إلى الله و رسوله، و انتظر قدوم كتابي إليك، و لا تلبث بعده».

و انطلق رسول الله (صلى الله عليه و آله) لوجهه يؤم المدينة، و كان مقامه في الغار ثلاثا، و مبيت علي (صلوات الله عليه) على الفراش أول ليلة.

قال عبد الله بن أبي رافع: و قد قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يذكر مبيته على الفراش، و مقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار ثلاثا نظما:

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا و من طاف بالبيت العتيق و بالحجر

محمد لما خاف أن يمكروا به فوقاه ربي ذو الجلال من المكر

و بت أراعيهم متى يأسرونني «2» و قد وطنت «3» نفسي على القتل و الأسر

__________________________________________________

(1) أعتم الرجل: دخل في العتمة، أو سار

في العتمة، و العتمة: ثلث الليل الأوّل، أو ظلمته، «أقرب الموارد- عتم- 2: 743».

(2) في المصدر: ينشرونني.

(3) في المصدر: وطئت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 676

و بات رسول الله في الغار آمنا هناك و في حفظ الإله و في ستر

أقام ثلاثا ثم زمت قلائص قلائص يفرين الحصا أينما تفري «1»

و لما ورد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة نزل في بني عمرو بن عوف بقبا «2»، فأراده أبو بكر على دخوله المدينة و الأصه «3» في ذلك، فقال: «ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي، و ابنتي» يعني عليا و فاطمة (عليهما السلام).

قال: قال أبو اليقظان: فحدثنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نحن معه بقبا، عما أرادت قريش من المكر به، و مبيت علي (عليه السلام) على فراشه، قال: «أوحى الله عز و جل إلى جبرئيل و ميكائيل (عليهما السلام): أني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه؟ و كلاهما كره «4» الموت، فأوحى الله إليهما: عبداي «5» ألا كنتما مثل وليي علي، آخيت بينه و بين محمد نبيي، فآثره بالحياة على نفسه، ثم ظل- أو قال:

رقد- على فراشه يقيه «6» بمهجته، اهبطا إلى الأرض جميعا «7» فاحفظاه من عدوه، فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، و ميكائيل عند رجليه، و جعل جبرئيل يقول: بخ بخ، من مثلك- يا بن أبي طالب- و الله عز و جل يباهي بك الملائكة» قال: فأنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام)، و ما كان من مبيته على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ

اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «8».

قال أبو عبيدة: قال أبي و ابن أبي رافع: ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) كتابا يأمره بالمسير إليه و قلة التلوم «9»، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي، فلما أتاه كتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) تهيأ للخروج و الهجرة، فآذن «10» من كان معه من ضعفاء المؤمنين، و أمرهم أن يتسللوا و يتخففوا «11» إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى «12».

و خرج علي بفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امه فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت الزبير بن

__________________________________________________

(1) القلوص من النوق: الشابّة، و هي بمنزلة الجارية من النساء، و فريت الأرض: سرتها و قطعتها. «الصحاح- قلص- 3: 1054 و- فرا- 6: 2454».

(2) قبا: قرية قرب المدينة «معجم البلدان 4: 301».

(3) ألاصه على كذا: أي أداره على الشي ء الذي يرومه. «الصحاح- لوص- 3: 1056».

(4) في المصدر: فكلاهما كرا.

(5) في المصدر: عبديّ.

(6) في المصدر: يفديه.

(7) في المصدر: كلا كما. [.....]

(8) البقرة 2: 207.

(9) التلوّم: الانتظار و التمكّث. «الصحاح- لوم- 5: 2034».

(10) أي أعلم.

(11) في المصدر: و يتحفظوا.

(12) ذو طوى: مثلثة الطاء: موضع قرب مكّة. «معجم البلدان 4: 44».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 677

عبد المطلب، و قد قيل: هي ضباعة، و تبعهم أيمن بن ام أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبو واقد رسول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل يسوق الرواحل، فأعنف بهم، فقال علي (عليه السلام): «أرفق بالنسوة- يا أبا واقد- إنهن من الضعائف». قال: إني أخاف أن يدركنا الطالب، أو قال:

الطلب. فقال علي (عليه السلام): أربع عليك «1»، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لي: يا علي، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر «2» تكرهه» ثم جعل- يعني عليا (عليه السلام)- يسوق بهم «3» سوقا رفيقا و هو يرتجز و يقول:

ليس إلا الله فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمكا

و سار، فلما شارف ضجنان «4» أردكه الطلب، و عددهم سبعة فوارس من قريش متلثمين، و ثامنهم مولى الحارث بن أمية يدعى جناحا، فأقبل علي (عليه السلام) على أيمن و أبي واقد و قد تراءى القوم، فقال لهما: «أنيخا الإبل و اعقلاها». و تقدم حتى أنزل النسوة، و دنا القوم فاستقبلهم علي (عليه السلام) منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه، فقالوا:

أ ظننت أنك- يا غدار- ناج بالنسوة، ارجع لا أبا لك. قال: «فإن لم أفعل؟» قالوا: لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا و أهون بك من هالك. و دنا الفوارس من النسوة، و المطايا ليثوروها، فحال علي (عليه السلام) بينهم و بينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ علي (عليه السلام) عن ضربته، و تختله علي (عليه السلام) فضربه (عليه السلام) على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة «5» فرسه، و كان علي (عليه السلام) يشتد على قدميه شد الفرس، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه، و هو يقول «6»:

خلوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدع القوم عنه، فقالوا له: احبس «7» عنا نفسك، يا بن أبي طالب. قال: «إني منطلق إلى ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه أو أهريق دمه فليتبعني، أو فليدن مني».

ثم أقبل على صاحبيه أيمن و أبي

واقد، فقال لهما: «أطلقا مطاياكما». ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان، فتلوم «8» بها قدر يومه و ليلته، و لحق به نفر من المؤمنين المستضعفين، و فيهم ام أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصلى ليلته تلك هو و الفواطم: امه فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فاطمة بنت الزبير يصلون ليلتهم، و يذكرون الله «9» قياما و قعودا و على جنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتى طلع

__________________________________________________

(1) اربع عليك: تمكّث و انتظر. «المعجم الوسيط- ربع- 1: 324».

(2) في المصدر: بما.

(3) في المصدر: بهنّ.

(4) ضجنان: جبل بتهامة، و قيل: جبل على بريد من مكّة. «معجم البلدان 3: 453».

(5) الكاثبة من الفرس: مقدّم المنسج حيث تقع عليه يد الفارس. «الصحاح- كبث- 1: 210».

(6) في المصدر: أو الفارس على فرسه، ففار على أصحابه فشدّ عليهم شدّة ضيغم، و هو يرتجز و يقول.

(7) في «ط»: اغن.

(8) في المصدر: فلبث.

(9) في المصدر: و الفواطم طورا يصلّون و طورا يذكرون اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 678

الفجر، فصلى (عليه السلام) بهم صلاة الفجر.

ثم سار لوجهه، فجعل و هم يصنعون ذلك. منزلا بعد منزل، يعبدون الله عز و جل و يرغبون إليه كذلك حتى قدم «1» المدينة، و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا إلى قوله: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى الذكر: علي، و الأنثى: فاطمة «2» بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول:

علي من فاطمة، أو قال: الفواطم، و

هن من علي فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ «3» و تلا (صلى الله عليه و آله) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «4».

قال: و قال له: «يا علي، أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله، و أولهم هجرة إلى الله و رسوله، و آخرهم عهدا برسوله، لا يحبك- و الذي نفسي بيده- إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، و لا يبغضك إلا منافق أو كافر».

4255/ [3]- الشيخ: بإسناده، قال: أخبرنا جماعة، منهم الحسين بن عبيد الله، و أحمد بن عبدون، و أبو طالب ابن عرفة، و أبو الحسن الصفار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن سفيان بن العباس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخبره الخبر، و أمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المبيت أمر عليا (عليه السلام) أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي (عليه السلام) و تغشى ببرد أخضر حضرمي

كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينام فيه، و جعل السيف إلى جنبه. فلما اجتمع أولئك النفر من قريش يطوفون و يرصدونه يريدون قتله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم جلوس على الباب، و عددهم خمسة و عشرين رجلا، فأخذ حفنة من البطحاء، ثم جعل يذرها على رؤوسهم، و هو يقرأ: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ حتى بلغ فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «5» فقال لهم قائل: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا.

قال: خبتم و خسرتم، قد- و الله- مر بكم، فما منكم رجل إلا و قد جعل على رأسه ترابا. قالوا: و الله ما أبصرناه. قال:

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 60.

(1) في المصدر: ثمّ سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل، لا يفتر عن ذكر اللّه و الفواطم كذلك و غيرهم ممّن صحبه حتّى قدموا.

(2) في المصدر: الذكر عليّ، و الأنثى الفواطم المتقدّم ذكرهنّ، وهنّ: فاطمة بنت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت الزبير.

(3) آل عمران 3: 191- 195.

(4) البقرة 2: 207.

(5) يس 36: 1- 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 679

فأنزل الله عز و جل: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

4256/ [4]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام): «أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا هم بشيخ قائم على الباب، فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا، قال: أدخلوني معكم. قالوا: و من أنت، يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من بني

مضر، و لي رأي أشير به عليكم، فدخلوا و جلسوا و تشاوروا و هو جالس، و أجمعوا أمرهم على أن يخرجوه. فقال:

هذا ليس لكم برأي إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم. قالوا: صدقت ما هذا برأي.

ثم تشاوروا و أجمعوا أمرهم على أن يوثقوه. قال: هذا ليس بالرأي، إن فعلتم هذا- و محمد رجل حلو اللسان- أفسد عليكم أبناءكم و خدمكم، و ما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه و ابنه و امرأته.

ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه، و يخرجوا من كل بطن منهم بشاب، فيضربوه بأسيافهم، فأنزل الله تعالى «1»: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ» إلى آخر الآية.

4257/ [5]- عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

قالا: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد كان لقي من قومه بلاء شديدا حتى أتوه ذات يوم و هو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة، فأتته ابنته و هو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعته عنه و مسحته، ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب، إنه كان ببدر و ليس معه غير فارس واحد، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا، حتى جعل أبو سفيان و المشركون يستغيثون، ثم لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) من الشدة و البلاء و التظاهر عليه، و لم يكن معه أحد من قومه بمنزلته، أما حمزة فقتل يوم أحد، و أما جعفر فقتل يوم مؤتة».

سورة الأنفال(8): الآيات 32 الي 33 ..... ص : 679

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ

أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [32- 33]

4258/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 53/ 42.

5- تفسير العيّاشي 2: 54/ 43.

1- الكافي 8: 57/ 18.

(1) في المصدر: بأسيافهم جميعا عند الكعبة، ثمّ قرأ الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 680

أبي بصير، قال: قال (عليه السلام): «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالس، إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، و لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة».

قال: «فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «1»».

قال: «فغضب الحارث بن عمرو الفهري، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، بأن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت هذه الآية: وَ ما كانَ اللَّهُ

لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

ثم قال له: يا بن عمرو، إما تبت، و إما رحلت؟

فقال: يا محمد، تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهب بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم.

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك و تعالى.

فقال: يا محمد ما تتابعني نفسي «2» على التوبة، و لكن أرحل عنك. فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت «3» هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «4»».

قال: قلت: جعلت فداك، إنا لا نقرؤها هكذا؟ فقال: «هكذا أنزل الله بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا أثبتت في مصحف فاطمة (عليها السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «5»».

4259/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، و غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن لكم في حياتي خيرا، و في مماتي خيرا. فقيل: يا رسول الله، أما في حياتك فقد علمنا، فما لنا في وفاتك؟

__________________________________________________

2- الكافي 8: 254/ 361.

(1) الزخرف 43: 57- 60.

(2) في المصدر: قلبي ما يتابعني.

(3) في المصدر: فرضخت. [.....]

(4) المعارج 70: 1- 3.

(5) إبراهيم 14: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 681

فقال: أما

في حياتي، فإن الله عز و جل قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ، و أما في مماتي فتعرض علي أعمالكم فاستغفر لكم».

4260/ [3]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مقامي بين أظهركم خير لكم، فإن الله يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ و مفارقتي إياكم خير لكم. فقالوا: يا رسول الله مقامك بين أظهرنا خير لنا، فكيف تكون مفارقتك خيرا لنا؟

قال: أما أن مفارقتي إياكم خير لكم، فإن أعمالكم تعرض علي كل خميس و اثنين، فما كان من حسنة حمدت الله عليها، و ما كان من سيئة استغفرت الله لكم».

4261/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن محمد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب، فمضى أكبر الحصنين و بقي الاستغفار، فأكثروا منه فإنه منجاة للذنوب، و إن شئتم فاقرءوا: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ».

4262/ [5]- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم، و إن مفارقتي إياكم خير لكم. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا فقد عرفنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟

فقال: أما مقامي بين أظهركم، فإن الله يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ

مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ فعذبهم بالسيف، و أما مفارقتي إياكم فهي خير لكم، لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت الله عليه، و ما كان من سي ء استغفر الله لكم».

الشيخ في (أماليه) بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد و عبد الله ابن الصلت، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال إبراهيم: و حدثني عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم، و إن مفارقتي إياكم خير لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، و قال: يا رسول الله». و ذكر الحديث إلى آخره كما تقدم «1».

4263/ [6]- العلامة الحلي (قدس سره) في كتاب (الكشكول): عن أحمد بن عبد الرحمن الناوردي يوم الجمعة في شهر رمضان سنة عشرين و ثلاث مائة، قال: قال الحسين بن العباس، عن المفضل الكرماني، قال: حدثني

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 277.

4- تفسير العيّاشي 2: 54/ 44.

5- تفسير العيّاشي 2: 54/ 45.

6- الكشكول فيما جرى على آل الرسول: 179.

(1) الأمالي 2: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 682

محمد بن صدقة، قال: قال محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ «1».

فقال جعفر بن محمد (عليه السلام): «الحجة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم و أعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة».

ثم قال جعفر

بن محمد (عليه السلام): وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «2» ثم أنشأ جعفر بن محمد (عليه السلام) محدثا، و ذكر حديثا طويلا، و قال (عليه السلام) فيه: «أقبل النضر بن الحارث فسلم، فرد عليه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، إذا كنت سيد ولد آدم و أخوك سيد العرب، و ابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، و ابناك الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، و عمك حمزة سيد الشهداء، و ابن عمك ذا جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، و عمك العباس جلدة بين عينيك و صنو أبيك، و بنو شيبة لهم السدانة، فما لسائر قومك من قريش و سائر العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول كان لنا ما لك، و علينا ما عليك.

فأطرق رسول الله طويلا، ثم رفع رأسه، ثم قال: ما أنا و الله فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم، فما ذنبي؟ فولى النضر بن الحارث و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فأنزل الله عليه مقالة النضر بن الحارث، و هو يقول: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ و نزلت هذه: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ إلى قوله تعالى: وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النضر بن الحارث الفهري، و تلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله، إني قد أسررت ذلك جميعه، أنا و من لم تجعل له ما جعلته لك

و لأهل بيتك من الشرف و الفضل في الدنيا و الآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا، أما أنا فأسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة، فإني لا أطيق المقام. فوعظه النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: إن ربك كريم، فإن أنت صبرت و تصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض و سلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، و يخفف عمن يشاء، و له الأمر و الخلق، مواهبه و عظيمة، و إحسانه واسع. فأبي النضر بن الحارث و سأله الإذن، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فأقبل إلى بيته، و شد على راحلته راكبا متعصبا «3»، و هو يقول: اللهم، إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. فلما مر بظهر المدينة، و إذا بطير في مخلبه حجر فجدله، فأرسله إليه، فوقع على هامته، ثم دخل في دماغه، و خرت في بطنه [حتى خرجت من دبره، و وقعت على ظهر راحلته و خرت حتى خرجت من بطنها] فاضطربت الراحلة و سقطت و سقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى:

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و آل محمد (صلوات الله عليهم)

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 149.

(2) التوبة 9: 115.

(3) في المصدر: ثم ركبها مغضبا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 683

لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «1» فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك إلى المنافقين الذين اجتمعوا ليلا مع النضر بن الحارث، فتلا عليهم الآية، و قال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري، حتى تنظروا إليه، فلما رأوه انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض عليا

و أظهر بغضه قتله بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله ما ترى».

و الحديث طويل ذكرناه بطوله في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام «2».

4264/ [7]- قال علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لقريش: «إن الله بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا و أجري الملك إليكم، فأجيبوني لما دعوتكم إليه. تملكوا بها العرب، و تدين لكم بها العجم، و تكونوا ملوكا في الجنة».

فقال أبو جهل: اللهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، حسدا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم قال: كنا و بنو هاشم كفرسي رهان نحمل إذا حملوا، و نطعن إذا طعنوا، و نوقد إذا أوقدوا، فلما استوى بنا و بهم الركب، قال قائل منهم: أنا نبي. لا نرضى أن يكون في بني هاشم، و لا يكون في بني مخزوم. ثم قال: غفرانك اللهم، فأنزل الله في ذلك: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، حين قال: غفرانك اللهم.

فلما هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخرجوه من مكة، قال الله: وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ يعني قريشا ما كانوا أولياء مكة إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ «3» أنت و أصحابك- يا محمد- فعذبهم الله بالسيف يوم بدر فقتلوا.

سورة الأنفال(8): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 683

قوله تعالى:

وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ

إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً [34- 35]

4265/ [1]- الطبرسي: معناه و ما أولياء المسجد الحرام إلا المتقون. قال: و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 276.

1- مجمع البيان 4: 829.

(1) المعارج 70: 1- 3.

(2) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام. [.....]

(3) الأنفال 8: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 684

جعفر (عليه السلام).

4266/ [2]- العياشي: عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ: «يعني أولياء البيت، يعني المشركين إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ حيث كانوا هم أولى به من المشركين. وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً- قال-:

التصفير و التصفيق».

4267/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً، قال: «التصفير و التصفيق».

4268/ [4]- عنه، قال: حدثنا محمد بن ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان.

و حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق و محمد بن أحمد السناني و علي بن عبد الله الوراق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع

الصحاف، عن محمد بن سنان.

و حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي و علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة و أبو جعفر محمد بن موسى البرقي بالري (رحمهم الله)، قالوا: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد ابن سنان: أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «سميت مكة مكة، لأن الناس كانوا يمكون فيها «1»، و كان يقال لمن قصد مكة قد مكا، و ذلك قول الله عز و جل: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فالمكاء: التصفير، و التصدية: صفق اليدين».

و تقدم في القصة التفسير بذلك «2».

سورة الأنفال(8): آية 36 ..... ص : 684

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 55/ 46.

3- معاني الأخبار: 297/ 1.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 90/ 1.

(1) أي يصفرون، من مكا يمكو مكاء: إذا صفر بفيه أو شبّك بأصابع يديه ثمّ أدخلها في فيه و نفخ فيها.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 685

ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [36] 4269/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم، و أخبرهم بخروج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طلب العير، فأخرجوا أموالهم و حملوا و أنفقوا، و خرجوا إلى محاربة رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببدر، فقتلوا و صاروا إلى النار، و كان ما أنفقوا حسرة عليهم، و تقدم في القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 38 ..... ص : 685

قوله تعالى:

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [38]

4270/ [2]- العياشي: عن علي بن دراج الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت له: إني كنت عاملا لبني امية، فأصبت مالا كثيرا، فظننت أن ذلك لا يحل لي. قال: «فسألت عن ذلك غيري؟» قال: قلت: قد سألت، فقيل لي: إن أهلك و مالك و كل شي ء لك حرام. قال: «ليس كما قالوا لك؟».

قال: قلت: جعلت فداك فلي توبة؟ قال: «نعم، توبتك في كتاب الله قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ».

سورة الأنفال(8): آية 39 ..... ص : 685

قوله تعالى:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [39]

4271/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز ذكره: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؟

فقال: «لم يجي ء تأويل هذه الآية بعد، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رخص لهم لحاجته، و حاجة أصحابه، فلو

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 277.

2- تفسير العيّاشي 2: 55/ 47.

3- الكافي 8: 201/ 243.

(1) تقدّم الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 686

قد جاء تأويلها لم يقبل منهم، و لكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز و جل، و حتى لا يكون شرك».

4272/ [2]- العياشي: عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «سئل أبي عن قول الله عز و جل: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، فقال: إنه لم يجي ء تأويل هذه الآية، و لو قد قام

قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، و ليبلغن دين محمد (صلى الله عليه و آله) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله».

4273/ [3]- عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى- حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم ها هنا؟ فيقولون: نحو أربعين رجلا. فيقول: كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: و الله لو يؤوينا الجبال لأويناها معه. ثم يأتيهم من القابل، فيقول: سيروا إلى ذوي شأنكم «1» و أخياركم عشرة «2». فيسيرون «3» له، فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم، و يعدهم إلى الليلة التي تليها».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله، لكأني أنظر إليه، و قد أسند ظهره إلى الحجر، ثم ينشد الله حقه، ثم يقول:

يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله، و من يحاجني في آدم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس، من يحاجني في نوح (عليه السلام) فأنا أولى الناس بنوح، يا أيها الناس من يحاجني في إبراهيم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس من يحاجني في موسى (عليه السلام) فأنا أولى الناس بموسى، يا أيها الناس من يحاجني في عيسى (عليه السلام) فأنا أولى الناس بعيسى، يا أيها الناس، من يحاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، يا أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس

بكتاب الله، ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي عنده ركعتين، ثم ينشد الله حقه».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «هو و الله المضطر في كتاب الله، و هو قول الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ «4» و جبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض، فيكون أول خلق الله يبايعه جبرئيل، و يبايعه الثلاث مائة و بضعة عشر رجال».

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة، و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه- ثم قال:- هو و الله قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): المفقودون عن فرشهم، و هو قول الله تعالى:

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 56/ 48، ينابيع المودة: 423.

3- تفسير العيّاشي 2: 56/ 49.

(1) في المصدر: فيقول لهم أشيروا إلى ذوي أسنانكم.

(2) في المصدر: عشيرة. [.....]

(3) في المصدر: فيشيرون.

(4) النمل 27: 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 687

سْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً «1» أصحاب القائم الثلاث مائة و بضعة عشر رجلا- قال:- هم و الله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «2»- قال:- يجمعون في ساعة واحدة قزعا كقزع «3» الخريف، فيصبح بمكة، فيدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، فيجيبه نفر يسير، و يستعمل على مكة، ثم يسير فيبلغه أن قد قتل عامله، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، و لا يزيد على ذلك شيئا، يعني السبي.

ثم ينطلق فيدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه (عليه و آله السلام) و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و البراءة من عدوه، و

لا يسمي أحدا حتى ينتهي إلى البيداء «4»، فيخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم، و هو قول الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ «5» يعني بقائم آل محمد (صلى الله عليه و آله) وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ «6» يعني بقائم آل محمد، إلى آخر السورة، فلا يبقى منهم إلا رجلان، يقال لهما وتر و وتيرة «7» من مراد، وجوههما في أقفيتهما، يمشيان القهقرى «8»، يخبران الناس بما فعل بأصحابهما.

ثم يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش، و هو قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): و الله لودت قريش أن عندها موقفا واحدا جزر جزور بكل ما ملكت و كل ما طلعت عليه الشمس أو غربت. ثم يحدث حدثا، فإذا هو فعل ذلك قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية، فو الله لو كان محمديا ما فعل، و لو كان علويا ما فعل، و لو كان فاطميا ما فعل، فيمنحه الله أكتافهم، فيقتل المقاتلة، و يسبي الذرية، ثم ينطلق حتى ينزل الشقرة «9» فيبلغه أنهم قد قتلوا عامله، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرة إليها بشي ء، ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه، و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) و البراءة من عدوه، حتى إذا بلغ إلى الثعلبية «10»، قام إليه رجل من صلب أبيه، و هو من أشد الناس ببدنه، و أشجعهم بقلبه، ما خلا صاحب الأمر، فيقول: يا هذا، ما تصنع؟ فو الله إنك لتجعل الناس إجفال النعم، أ فبعهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أم بماذا؟ فيقول

المولى الذي ولي البيعة: و الله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك.

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 148.

(2) هود 11: 8.

(3) القزع: قطع السحاب المتفرّقة في السماء.

(4) البيداء: اسم لأرض بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 1: 523».

(5) سبأ 34: 51- 52.

(6) سبأ 34: 53.

(7) في المصدر: وتر و وتير.

(8) القهقرى: الرجوع إلى الخلف. «الصحاح- قهر- 2: 801».

(9) في «ط»: نسخة بدل: الشقراء.

(10) الثعلبيّة: قرية من منازل طريق مكّة. «معجم البلدان 2: 78».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 688

فيقول له القائم (عليه السلام): اسكت يا فلان، إي و الله إن معي عهدا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، هات لي- يا فلان- العيبة و الطبقة و اللواء بعجلة «1»، فيأتيه بها، فيقرئه العهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيقول: جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله، فيعطيه رأسه فيقبله بين عينيه، ثم يقول: جعلني الله فداك، جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعته».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «لكأني أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا، كأن قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهرا و خلفه شهرا، أمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه: تعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع و ساجد، يتضرعون إلى الله حتى إذا أصبح، قال: خذوا بنا طريق النخيلة «2». و على الكوفة خندق مخندق و جند مجند».

قلت: و جند مجند؟ قال: «إي و الله حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم (عليه السلام) بالنخيلة، فيصلي فيه ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها و غيرهم من جيش السفياني، فيقول لأصحابه: استطردوا لهم، ثم يقول:

كروا

عليهم» قال أبو جعفر (عليه السلام): «و لا يجوز- و الله- الخندق منهم مخبر».

«ثم يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها، أو حن إليها، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يقول لأصحابه: سيروا إلى هذه الطاغية، فيدعوه إلى كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، فيعطيه السفياني من البيعة سلما، فيقول له كلب، و هم أخواله: ما هذا؟ ما صنعت؟ و الله ما نبايعك على هذا أبدا. فيقول: ما أصنع؟ فيقولون:

استقبله، ثم يقول له القائم: خذ حذرك، فإنني أديت إليك و أنا مقاتلك. فيصبح فيقاتلهم، فيمنحه الله أكتافهم، و يأتي السفياني أسيرا، فينطلق به و يذبحه بيده.

ثم يرسل جريدة خيل «3» إلى الروم ليستحضروا بقية بني امية، فإذا انتهوا إلى الروم، قالوا: أخرجوا إلينا أهل ملتنا عندكم، فيأبون، و يقولون: و الله لا نفعل، فتقول الجريدة: و الله لو أمرنا لقاتلناكم. ثم ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه، فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم، فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان «4». و هو قول الله:

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ «5»- قال-: «يعني الكنوز التي كنتم تكنزون قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ

__________________________________________________

(1) في المصدر: العيبة أو الطيبة أو الزنفليجة.

(2) النخيلة: موضع قرب الكوفة. «معجم البلدان 5: 278». [.....]

(3) الجريدة من الخيل: الجماعة التي جردت من سائرها لوجه. «الصحاح- جرد- 2: 455».

(4) في المصدر زيادة: عظيم.

(5) الأنبياء 21: 12، 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 689

فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ «1» لا يبقى منهم مخبر.

ثم يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاث مائة و البضعة عشر رجلا

إلى الآفاق كلها فيمسح بين أكتافهم و على صدورهم، فلا يتعايون «2» في قضاء، و لا تبقى في الأرض قرية إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو قوله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «3» و لا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو قول الله:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقاتلون- و الله- حتى يوحد الله، و لا يشرك به شيئا، و حتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب و لا ينهاها أحد، و يخرج الله من الأرض بذرها، و ينزل من السماء قطرها، و يخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي (عليه السلام) و يوسع الله على شيعتنا، و لولا ما يدركهم «4» من السعادة لبغوا.

فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام، و تكلم ببعض الكلام «5»، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: انطلقوا. فيلحقونهم في التمارين، فيأتون بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون، و هي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

4274/ [4]- الطبرسي: و روى زرارة و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «لم يجي ء تأويل هذه الآية، و لو قام قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، ليبلغن دين محمد (صلى الله عليه و آله) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك «6» على ظهر الأرض».

سورة الأنفال(8): آية 41 ..... ص : 689

قوله تعالى:

وَ اعْلَمُوا

أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [41]

__________________________________________________

4- مجمع البيان 4: 834.

(1) الأنبياء 21: 14، 15.

(2) عيّ بالأمر: عجز عنه، أو جهله.

(3) آل عمران 3: 83.

(4) في «ط» نسخة بدل: ينجز لهم.

(5) في المصدر: السنن.

(6) في المصدر: مشرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 690

4275/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى ، قال: «أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

4276/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى ، قال: «هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الخمس لله و للرسول و لنا».

4277/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى . فقيل له:

فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: «هو لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و

ما كان لرسول الله فهو للإمام».

فقيل له: أ رأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل، ما يصنع به؟ قال: «ذاك إلى الإمام، أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) كيف يصنع؟ أليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام».

4278/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير، عن حكيم مؤذن بني عبس «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى .

فقال «2» أبو عبد الله (عليه السلام) بمرفقيه على ركبتيه، ثم أشار بيده، ثم قال: «هي و الله الإفادة يوما بيوم، إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا».

4279/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس. فقال: «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير».

4280/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 12.

2- الكافي 1: 453/ 2.

3- الكافي 1: 457/ 7.

4- الكافي 1: 457/ 10. [.....]

5- الكافي 1: 457/ 11.

6- الكافي 1: 453/ 4.

(1) في المصدر: ابن عيسى، انظر رجال الطوسي: 184/ 319 و معجم رجال الحديث 6: 188.

(2) قال هنا: بمعنى مال. انظر «مجمع البحرين- قول- 5: 458».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 691

العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم، و الغوص، و من الكنوز، و من المعادن، و

الملاحة «1»، يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس، فيجعل لمن جعله الله تعالى له، و يقسم الأربعة أخماس بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و يقسم بينهم الخمس على ستة أسهم: سهم لله، و سهم لرسوله، و سهم لذي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السبيل.

فسهم الله و سهم رسوله لأولي الأمر من بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) وراثة، فله ثلاثة أسهم: سهمان وراثة، و سهم مقسوم له من الله، و له نصف الخمس كملا «2»، و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، و سهم لمساكينهم، و سهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب و السنة، ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل منهم شي ء فهو للوالي، و إن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، و إنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.

و إنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و أبناء سبيلهم، عوضا لهم عن صدقات الناس، تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده، و ما يغنيهم به من أن يصيرهم في موضع الذل و المسكنة، و لا بأس بصدقة بعضهم على بعض.

و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي (صلى الله عليه و آله)، الذين ذكرهم الله فقال: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «3» و هم بنو عبد المطلب أنفسهم، الذكر منهم و الأنثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش، و لا من العرب أحد، و لا

فيهم و لا منهم في هذا الخمس من مواليهم، و قد تحل صدقات الناس لمواليهم، و هم الناس سواء، و من كانت امه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له، و ليس له من الخمس شي ء، لأن الله تعالى يقول: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ «4»».

4281/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد «5»، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه سئل عن معادن الذهب و الفضة و الحديد و الرصاص و الصفر؟

فقال: «عليها الخمس».

4282/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، قال: كتبت إلى أبي

__________________________________________________

7- الكافي 1: 457/ 8.

8- الكافي 1: 458/ 13.

(1) الملّاحة: منبت الملح. «الصحاح- ملح- 1: 408».

(2) في «س» و «ط»: كلّا، و ما أثبتناه من المصدر.

(3) الشعراء 26: 214.

(4) الأحزاب 33: 5.

(5) في المصدر: عن ابن أبي عمير، و قد روى إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي و محمّد بن أبي عمير، و رويا عن جميل، انظر رجال النجاشي: 126 و معجم رجال الحديث 1: 319 و 4: 153.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 692

جعفر (عليه السلام): الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: «بعد المؤونة».

4283/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة «1»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، فإن لنا خمس الخمسة «2»، و لا يحل لأحد أن يشتري

من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا».

4284/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ضريس الكناسي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من أين دخل على الناس الزنا؟» قلت: لا أدري، جعلت فداك. قال: «من قبل خمسنا أهل البيت، إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم بميلادهم».

4285/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الكنز، كم فيه؟ قال: «الخمس».

و عن المعادن، كم فيها؟ قال: «الخمس، و كذلك الرصاص و الصفر و الحديد، و كل ما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب و الفضة».

4286/ [12]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة، ما فيه؟ قال: «إذا بلغ ثمنه دينارا ففيه الخمس».

4287/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن صباح الأزرق، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول:

يا رب، خمسي. و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم، و لتزكوا ولادتهم».

4288/ [14]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العنبر، و غوص اللؤلؤ، فقال (عليه السلام): «عليه الخمس».

4289/ [15]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن

بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن

__________________________________________________

9- الكافي 1: 458/ 14.

10- الكافي 1: 459/ 16.

11- الكافي 1: 459/ 19. [.....]

12- الكافي 1: 459/ 21.

13- الكافي 1: 459/ 20.

14- الكافي 1: 461/ 28.

15- التهذيب 4: 121/ 344.

(1) في «س» و «ط» عن ابن أبي عمير، و هو سهو، و ما في المتن هو الأنسب، ذكر النجاشي في رجاله: 249 أنّ علي بن أبي حمزة كان قائد أبي بصير، و له كتاب التفسير أكثره عن أبي بصير، راجع أيضا معجم رجال الحديث 11: 228.

(2) في المصدر: فإنّ لنا خمسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 693

يوسف، عن محمد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير، عن حكيم مؤذن بني عبس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ؟ قال: «هي- و الله- إفادة يوم بيوم، إلا أن أبي (عليه السلام) جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا».

4290/ [16]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، عن فضالة و ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص، فقال: «عليها الخمس جميعا».

4291/ [17]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العنبر و غوص اللؤلؤ، فقال: «عليه الخمس».

قال: و سألته عن الكنز، كم فيه؟ فقال: «الخمس».

و عن المعادن، كم فيها؟ قال: «الخمس».

و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان بالمعادن، كم فيها؟ قال: «يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب

و الفضة».

4292/ [18]- و عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن المعادن، ما فيها؟ فقال: «كل ما كان ركازا «1» ففيه الخمس» و قال: «ما عالجته بمالك ففيه مما أخرج الله منه من حجارته مصفى الخمس».

4293/ [19]- و عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب، لفاطمة (عليها السلام) و لمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس، فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا إذ حرم عليهم الصدقة، حتى الخياط يخيط قميصا بخمسة دوانيق لنا منه دانق، إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس من شي ء عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا، إنه ليقوم صاحب الخمس، فيقول: يا رب، سئل هؤلاء بما أبيحوا «2»».

__________________________________________________

16- التهذيب 4: 121/ 345.

17- التهذيب 4: 121/ 346.

18- التهذيب 4: 122/ 347.

19- التهذيب 3: 22/ 348.

(1) الرّكاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهليّة المدفونة في الأرض، و عند أهل العراق: المعادن، و القولان تحتملهما اللغة، لأنّ كلا منهما مركوز في الأرض: أي ثابت. النهاية 2: 258.

(2) في «س» و «ط»: أنتجوا. قال المجلسيّ: و في أكثر نسخ الاستبصار: «نكحوا» و هو أظهر. ملاذ الأخيار 6: 342.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 694

4294/ [20]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت

أبا جعفر (عليه السلام)، عن الملاحة، فقال: «و ما الملاحة؟» فقلت: أرض سبخة مالحة، يجتمع فيها الماء فيصير ملحا. فقال: «هذا المعدن فيه الخمس».

فقلت: و الكبريت و النفط يخرج من الأرض؟ قال: فقال: «هذا و أشباهه فيه الخمس».

4295/ [21]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خذ مال الناصب حيثما وجدته، و ادفع إلينا الخمس».

4296/ [22]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن المعلى، قال: «خذ مال الناصب حيثما وجدته، و ابعث إلينا بالخمس».

4297/ [23]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن ابن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصناع، و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة».

4298/ [24]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني: أقرأني أني علي كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، و أنه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس و لا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد مؤونة الضيعة و خراجها، لا مؤنة الرجل و عياله. فكتب- و قرأه علي بن مهزيار-: «عليه الخمس بعد مؤنته و مؤنة عياله، و بعد خراج السلطان».

4299/ [25]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، قال:

قال لي أبو علي بن راشد: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك، فأعلمت مواليك ذلك، فقال لي بعضهم: و أي شي ء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه، فقال: «يجب عليهم الخمس».

فقلت: ففي أي شي ء؟ فقال: «في أمتعتهم و ضياعهم».

قلت: و التاجر عليه، و الصانع بيده؟ فقال: «ذلك إذا أمكنهم بعد مؤونتهم».

4300/ [26]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم

__________________________________________________

20- التهذيب 4: 122/ 349.

21- التهذيب 4: 122/ 350. [.....]

22- التهذيب 4: 123/ 351.

23- التهذيب 4: 123/ 352.

24- التهذيب 4: 123/ 354.

25- التهذيب 4: 123/ 353.

26- التهذيب 4: 123/ 355.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 695

ابن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس».

4301/ [27]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة، هل فيه زكاة «1»؟ فقال: «إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس».

4302/ [28]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، عن عبد أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة.

فقال: «يؤدي خمسها، و يطيب له».

4303/ [29]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن جعفر، عن الحكم بن بهلول، عن أبي همام، عن الحسن

بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز و جل قد رضي من المال بالخمس، و اجتنب ما كان صاحبه يعمل» «2».

4304/ [30]- و عنه: بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عما أخرج المعدن من قليل أو كثير، هل فيه شي ء؟

قال: «ليس فيه شي ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا».

4305/ [31]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة».

قال شيخنا الطوسي: المراد به ليس الخمس بظاهر القرآن إلا في الغنائم خاصة.

4306/ [32]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن

__________________________________________________

27- التهذيب 4: 124/ 356.

28- التهذيب 4: 124/ 357.

29- التهذيب 4: 124/ 358.

30- التهذيب 4: 138/ 391.

31- التهذيب 4: 124/ 359.

32- التهذيب 4: 125/ 60.

(1) في المصدر: عليه زكاتها.

(2) قال المجلسي: قوله (عليه السّلام): «و اجتنب ما كان صاحبه يعمل» ظاهره أنّ السائل كان ورث مالا من رجل ان لا يبالي بكسب الحرام و جمعه، فبيّن (عليه السّلام) له طريق المخرج من ذلك، و نهاه عمّا كان يعمل صاحب المال السابق من عدم المبالاة و اكتساب الحرام.

ملاذ الأخبار 6: 349.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 696

عبد الله بن مسكان، قال: حدثنا زكريا بن مالك الجعفي، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، أنه سئل «1» عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

فقال: «أما خمس الله عز و جل فللرسول يضعه في سبيل الله، و أما خمس الرسول فلأقاربه، و خمس ذوى القربى فهم أقرباؤه، و اليتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم، و أما المساكين و ابن السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة و لا تحل لنا، فهي للمساكين و أبناء السبيل».

4307/ [33]- و عنه: عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

قال: «خمس الله عز و جل للإمام، و خمس الرسول للإمام، و خمس ذي القربى لقرابة الرسول و الإمام، و اليتامى يتامى آل الرسول، و المساكين منهم، و أبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم».

4308/ [34]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن إسماعيل الزعفراني، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول كلاما كثيرا، ثم قال: «و أعطهم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ و نحن و الله عنى بذي القربى، و الذين قرنهم الله بنفسه و بنبيه، فقال: فَأَنَّ

لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منا خاصة، و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم الله نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس».

4309/ [35]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن «2» (عليه السلام)، قال: قال له إبراهيم بن أبي البلاد: وجبت عليك زكاة؟ فقال: «لا، و لكن يفضل، و نعطي هكذا».

و سئل (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ قال: «للرسول، و ما كان للرسول فهو للإمام».

__________________________________________________

33- التهذيب 4: 125/ 361. [.....]

34- التهذيب 4: 126/ 362.

35- التهذيب 4: 126/ 363.

(1) في المصدر: سأله.

(2) في «س» و «ط»: عن أبي عبد اللّه، و ما في المتن هو الصواب، لأنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر و إبراهيم بن أبي البلاد- المذكور في متن الحديث- معدودان من أصحاب الإمامين أبي الحسن موسى و أبي الحسن الرضا (عليهما السّلام)، انظر رجال النجاشي: 22 و 75 و معجم رجال الحديث 1: 189 و 2: 231.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 697

قيل له: أ فرأيت إن كان صنف أكثر من صنف، و صنف أقل من صنف، كيف يصنع به؟ فقال: «ذاك للإمام، أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كيف صنع، إنما كان يعطي على ما يرى هو، و كذلك الإمام».

4310/ [36]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين

بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله عز و جل لنفسه، ثم يقسم أربعة الأخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل، يعطي كل واحد منهم حقا، فكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4311/ [37]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثني علي بن يعقوب أبو الحسن البغدادي، عن الحسن بن إسماعيل بن صالح الصيمري، قال: حدثني الحسن بن راشد، قال: حدثني حماد بن عيسى، قال: حدثني بعض أصحابنا، ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: «الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم، و من الغوص، و من الكنوز، و من المعادن، و الملاحة».

4312/ [38]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون، و يقذفون من خالفهم؟ فقال لي: «الكف عنهم أجمل» ثم قال: «و الله- يا أبا حمزة- إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا».

قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال لي: «يا أبا حمزة، كتاب الله المنزل يدل عليه، إن الله تبارك و تعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع

الفي ء، ثم قال عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فنحن أصحاب الخمس و الفي ء، و قد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

و الله- يا أبا حمزة- ما من أرض تفتح و لا خمس يخمس فيضرب على شي ء منه إلا كان حراما على من يصيبه، فرجا كان أو مالا، و لو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد «1»، حتى أن الرجل

__________________________________________________

36- التهذيب 4: 128/ 365.

37- التهذيب 4: 126/ 366.

38- الكافي 8: 285/ 431.

(1) في «س»: يريد. قال المجلسي: و الأظهر أن يقرأ (بيع) على بناء المجهول، فالرجل مرفوع به، و (الكريمة عليه نفسه) صفة للرجل، أي يبيع الإمام- أو من يأذّن له الإمام من أصحاب الخمس و الخراج و الغنائم- المخالف الذي تولّد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما، و في سوق المزاد، و لا يزيد أحد على ثمنه لهوانه و حقارته عندهم، هذا إذا قرئ بالزاي المعجمة كما في أكثر النسخ، و بالمهملة أيضا يؤوّل إلى هذا المعنى. مرآة العقول 26: 307.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 698

منهم ليفتدي بجميع ماله و يطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شي ء من ذلك، و قد أخرجونا و شيعتنا من حقنا ذلك بلا عذر و لا حق و لا حجة».

4313/ [39]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله و أثنى عليه، و ذكر الخطبة إلى أن قال (عليه

السلام):

«و أعطيت من ذلك سهم ذوي القربى الذي قال الله عز و جل: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فنحن و الله عنى بذي القربى الذي قرننا الله بنفسه و برسوله (صلى الله عليه و آله)، فقال تعالى: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ففينا خاصة كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ في ظلم آل محمد إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «1» لمن ظلمهم رحمة منه لنا، و غنى أغنانا الله به، و وصى به نبيه (صلى الله عليه و آله) و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم الله رسوله (صلى الله عليه و آله) و أكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فكذبوا الله و كذبوا رسوله، و جحدوا كتاب الله الناطق بحقنا، و منعونا فرضا فرضه الله لنا، ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبينا (صلى الله عليه و آله)، و الله المستعان على من ظلمنا، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

4314/ [40]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الغسل في سبعة عشر موطنا، ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، و هي الليلة التي «2» التقى الجمعان».

4315/ [41]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ

اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى . قال: «هم أهل قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

فسألته: منهم اليتامى و المساكين و ابن السبيل؟ قال: «نعم».

4316/ [42]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في الغنيمة: «يخرج منها الخمس، و يقسم ما بقي فيمن قاتل عليه و ولي ذلك، و أما الفي ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4317/ [43]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن موضع الخمس، لمن هو؟ فكتب إليه: أما الخمس فإنا نزعم أنه لنا، و يزعم قومنا أنه ليس لنا،

__________________________________________________

39- الكافي 8: 63/ 21.

40- التهذيب 1: 114/ 302.

41- تفسير العيّاشي 2: 61/ 50.

42- تفسير العيّاشي 2: 61/ 51.

43- تفسير العيّاشي 2: 61/ 52.

(1) الحشر 59: 7. [.....]

(2) في المصدر: و هي ليلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 699

فصبرنا».

4318/ [44]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، و أبي بصير أنهم قالوا له: ما حق الإمام في أموال الناس؟

قال: «الفي ء و الأنفال و الخمس، و كل ما دخل منه في ء أو أنفال أو خمس أو غنيمة فإن لهم خمسه، فإن الله يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ، و كل شي ء في الدنيا فإن لهم فيه نصيبا، فمن وصلهم بشي ء فما يدعون له أكثر مما يأخذون منه».

4319/ [45]- عن سماعة، عن أبي عبد الله و أبي الحسن (عليهما السلام) قال: سألت أحدهما عن الخمس، فقال:

«ليس الخمس إلا في

الغنائم».

4320/ [46]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى ، قال: «هم أهل قرابة نبي الله (صلى الله عليه و آله)».

4321/ [47]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى . قال: «الخمس لله و للرسول و هو لنا».

4322/ [48]- عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «يا أبا الفضل، لنا حق في كتاب الله في الخمس، فلو محوه فقالوا: ليس من الله، أو لم يعلموا به، لكان سواء».

4323/ [49]- عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يخرج خمس الغنيمة، ثم يقسم أربعة أخماس على من قاتل على ذلك أو وليه».

4324/ [50]- عن فيض بن أبي شيبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أشد ما يكون الناس حالا يوم القيامة، إذا قام صاحب الخمس، فقال: يا رب، خمسي، و إن شيعتنا من ذلك لفي حل».

4325/ [51]- عن إسحاق بن عمار، قال: سمعته يقول: «لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا رب، اشتريته بمالي. حتى يأذن له أهل الخمس».

4326/ [52]- عن إبراهيم بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عما يجب في الضياع؟

فكتب: «الخمس بعد المؤونة».

__________________________________________________

44- تفسير العيّاشي 2: 61/ 53.

45- تفسير العيّاشي 2: 62/ 54.

46- تفسير العيّاشي 2: 62/ 55، شواهد التنزيل 1: 221/ 297 و 298 «نحوه».

47- تفسير العيّاشي 2: 62/ 56.

48- تفسير العيّاشي 2: 62/ 57.

49- تفسير العيّاشي 2:

62/ 58.

50- تفسير العيّاشي 2: 62/ 59.

51- تفسير العيّاشي 2: 63/ 60.

52- تفسير العيّاشي 2: 63/ 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 700

قال: فناظرت أصحابنا، فقالوا: المؤونة بعد ما يأخذ السلطان، و بعد مؤونة الرجل، فكتبت إليه: إنك قلت:

الخمس بعد المؤونة، و إن أصحابنا اختلفوا في المؤونة؟ فكتب: «الخمس بعد ما يأخذ السلطان و بعد مؤونة الرجل و عياله».

4327/ [53]- عن إسحاق، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن سهم الصفوة، فقال: «كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، أربعة أخماس للمجاهدين و القوام، و خمس يقسم بين مقسم «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن نقول: هو لنا، و الناس يقولون: ليس لكم، و سهم لذوي القربى و هو لنا، و ثلاثة أسهام لليتامى و المساكين و أبناء السبيل، يقسمه الإمام بينهم، فإن أصابهم درهم درهم لكل فرقة منهم نظر الإمام بعد فجعلها في ذي القربى» قال: «يردونها إلينا».

4328/ [54]- عن المنهال بن عمرو، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: قال: «ليتامانا و مساكيننا و أبناء سبيلنا».

4329/ [55]- عن زكريا بن هالك «2» الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

قال: «أما خمس الله فللرسول، يضعه في سبيل الله، و لنا خمس الرسول و لأقاربه، و خمس ذوي القربى، فهم أقرباؤه، و اليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة سهام فيهم، و أما المساكين و أبناء السبيل، فقد علمت أنا لا نأكل صدقة و لا تحل لنا، فهو للمساكين و

أبناء السبيل».

4330/ [56]- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قال: «إن الله لا إله إلا هو، لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، و الصدقة علينا حرام، و الخمس لنا فريضة، و الكرامة أمر لنا حلال».

4331/ [57]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل من أصحابنا في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة؟ قال: «يؤدي خمسنا و يطيب له».

4332/ [58]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان». قلت: ما معنى قوله: «يلتقي الجمعان؟» قال: «يجتمع فيها ما يريد من تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه».

__________________________________________________

53- تفسير العيّاشي 2: 63/ 62.

54- تفسير العيّاشي 2: 63/ 63، تفسير الطبري 10: 7.

55- تفسير العيّاشي 2: 63/ 64.

56- تفسير العيّاشي 2: 64/ 65. [.....]

57- تفسير العيّاشي 2: 64/ 66.

58- تفسير العيّاشي 2: 64/ 67.

(1) في الوسائل 4: 362 يقسّم فيه سهم.

(2) في «ط»: زكريا بن عبد اللّه، و هو سهو، انظر رجال الطوسي: 200، معجم رجال الحديث 7: 284.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 701

4333/ [59]- عن عمرو بن سعيد، قال: جاء رجل من أهل المدينة في ليلة الفرقان حين التقى الجمعان، فقال المدني: هي ليلة سبع عشرة من رمضان، قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له و أخبرته، فقال لي:

«جحد المدني، أنت تريد مصاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، إنه أصيب ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، و هي الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم (عليه السلام)».

4334/ [60]- سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «قال الله عز و

جل: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فنحن و الله الذين عنى الله بذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل، فينا «1» خاصة، و لم «2» يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، و أكرم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) و أكرمنا أن يعطينا «3» أوساخ الناس، و الحمد لله رب العالمين»

سورة الأنفال(8): الآيات 42 الي 43 ..... ص : 701

قوله تعالى:

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى - إلى قوله تعالى- وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ [42- 43] 4335/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى يعني قريشا حيث نزلوا بالعدوة اليمانية، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث نزل بالعدوة الشامية. وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ و هي العير التي أفلتت.

4336/ [2]- العياشي: عن محمد بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.

قال: «أبو سفيان و أصحابه».

4337/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ الحرب لما وفيتم، و لكن الله جمعكم من غير ميعاد كان بينكم لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ قال: يعلم من بقي أن الله نصره.

__________________________________________________

59- تفسير العيّاشي 2: 64/ 68.

60- كتاب سليم بن قيس: 126.

1- تفسير القمّي 1: 278.

2- تفسير العيّاشي 2: 65/ 69.

3- تفسير القمّي 1: 278.

(1) في المصدر: كلّ هؤلاء منا.

(2) في المصدر: لأنّه لم.

(3) في المصدر: أن لا يطعمنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 702

قال: قوله: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ المخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه

و آله) و المعنى لأصحابه، أراهم الله قريشا في نومهم قليلا و لو أراهم كثيرا لفزعوا.

سورة الأنفال(8): آية 44 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [44]

4338/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار، و يكثر الكفار في أعين المسلمين، فشد عليه جبرئيل (عليه السلام) بالسيف فهرب منه، و هو يقول: يا جبرئيل، إني مؤجل، حتى وقع في البحر».

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): لأي شي ء كان يخاف و هو مؤجل؟ قال: «يقطع بعض أطرافه».

سورة الأنفال(8): آية 47 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ [47] تقدم تفسيرها في حديث القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 48 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ- إلى قوله تعالى- شَدِيدُ الْعِقابِ [48]

4339/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب،

__________________________________________________

1- الكافي 8: 277/ 419.

2- الأمالي 1: 180. [.....]

(1) تقدم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 703

قال: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدثنا أبو المقدام ثعلبة بن زيد الأنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري (رحمه الله) يقول: تمثل إبليس (لعنه الله) في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال لقريش: لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ. و تصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج، فنادى أن محمدا و الصباة معه عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للأنصار: «لا تخافوا فإن صوته لن يعدوه». و تصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، و أشار عليهم في أمرهم «1»، فأنزل الله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «2». و تصور يوم قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) في صورة المغيرة

بن شعبة، فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية و لا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا تردوا إلى «3» بني هاشم فتنتظر بها الحبالى.

4340/ [2]- الطبرسي: قيل: إنهم لما التقوا، كان إبليس في صف المشركين، آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه، فقال له الحارث بن هشام: يا سراقة، إلى أين، أ تخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ. فقال: و الله، ما ترى إلا جعاسيس «4» يثرب، فدفع في صدر الحارث و انطلق و انهزم الناس، فلما قدموا مكة، قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة، فقال: و الله، ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم. فقالوا: إنك أتيتنا يوم كذا، فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان. قال: روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

و روى ذلك أيضا ابن شهر آشوب، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) إلا أن في روايته: «فقال له الحارث:

يا سراقة بن جعشم، أ تخذلنا على هذه الحالة؟» «5» و قد مضى أيضا في حديث القصة «6».

4341/ [3]- العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي (عليه السلام) بالقربة يستسقي، و هو على القليب، إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت، فلبث ما بدا له، ثم جاءت ريح أخرى ثم مضت، ثم جاءته اخرى كادت أن تشغله و هو على القليب، ثم جلس حتى مضت.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 4: 844.

3- تفسير العيّاشي 2: 65/ 70.

(1) في المصدر: في النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) بما أشار.

(2) الأنفال 8: 30.

(3) في المصدر: تردّوها في.

(4) الجعاسيس: جمع جعسوس،

اللئيم في الخلقة و الخلق. «لسان العرب- جعس- 6: 39».

(5) المناقب 1: 188.

(6) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 704

فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبره بذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله). أما الريح الأولى فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة، و الثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة، و الثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة، و قد سلموا عليك، و هم مدد لنا، و هم الذين رآهم إبليس فنكص على عقبيه، يمشي القهقرى حين يقول: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ».

سورة الأنفال(8): آية 49 ..... ص : 704

قوله تعالى:

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ [49] تقدم معنى الآية في حديث القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 50 ..... ص : 704

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [50]

4342/ [1]- العياشي: عن أبي علي المحمودي، عن أبيه، رفعه، في قول الله: يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ.

قال: إنما أراد و أستاههم، إن الله كريم يكني.

و قد تقدم في حديث معنى الآية في قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ الآية من سورة الأنعام، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2».

سورة الأنفال(8): آية 55 ..... ص : 704

قوله تعالى:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [55]

4343/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 65/ 71.

2- تفسير القمّي 1: 279.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

(2) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآيتين (93- 94) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 705

ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (صلوات الله عليه)، في قوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت في بني أمية، فهم شر خلق الله، هم الذين كفروا في باطن القرآن، فهم لا يؤمنون».

4344/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

قال: «نزلت في بني امية، هم شر خلق الله، هم الذين كفروا في بطن القرآن، و هم الذين لا يؤمنون».

سورة الأنفال(8): آية 56 ..... ص : 705

قوله تعالى:

الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ [56] 4345/ [2]- علي بن إبراهيم: هم أصحابه الذين فروا يوم أحد.

سورة الأنفال(8): آية 58 ..... ص : 705

قوله تعالى:

وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ [58] 4346/ [3]- علي بن إبراهيم: نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين (عليه السلام).

4347/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثلاث من كن فيه كان منافقا و إن صام و صلى و زعم أنه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدث كذب، و إذا وعد أخلف. إن الله عز و جل قال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ، و قال: أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ «1»، و في قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 2: 65/ 72. [.....]

2- تفسير القمي 1: 279.

3- تفسير القمي 1: 279.

4- الكافي 2: 221/ 8.

(1) النور 24: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 706

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا «1».

سورة الأنفال(8): آية 60 ..... ص : 706

قوله تعالى:

وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ [60] 4348/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قال: السلاح.

4349/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الله بن المغيرة، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ، قال: «الرمي».

4350/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن سعيد بن جناح،

عن أبي خالد الزيدي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «دخل قوم على الحسين بن علي (صلوات الله عليه) فرأوه مختضبا بالسواد، فسألوه عن ذلك، فمد يده إلى لحيته، ثم قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزاة غزاها أن يختضبوا بالسواد ليقووا به على المشركين».

4351/ [4]- ابن بابويه مرسلا في (الفقيه): قال الصادق (عليه السلام): «الخضاب بالسواد انس للنساء، و مهابة للعدو».

قال: قال (عليه السلام) في قول الله عز و جل وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، قال: «منه الخضاب بالسواد».

4352/ [5]- العياشي: عن محمد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، قال: «سيف و ترس».

4353/ [6]- عن جابر الأنصاري «2»، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.

قال: «الرمي».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 279.

2- الكافي 5: 49/ 12.

3- الكافي 6: 481/ 4.

4- من لا يحضره الفقيه 1: 70/ 281، 282.

5- تفسير العيّاشي 2: 66/ 73.

6- تفسير العيّاشي 2: 66/ 74.

(1) مريم 19: 54.

(2) في المصدر: عبد اللّه بن المغيرة رفعه، انظر سند الحديث الثاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 707

4354/ [7]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ألا إن القوة الرمي».

سورة الأنفال(8): آية 61 ..... ص : 707

قوله تعالى:

وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [61]

4355/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي

عبد الله، في قوله تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها، قلت:

ما السلم؟ قال: «الدخول في أمرنا».

4356/ [9]- العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها، فسئل: ما السلم؟ قال: «الدخول في أمرك».

سورة الأنفال(8): الآيات 62 الي 63 ..... ص : 707

قوله تعالى:

وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ- إلى قوله تعالى- عَزِيزٌ حَكِيمٌ [62- 63]

4357/ [10]- ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا العباس بن بكار، عن عبد الواحد بن أبي عمرو، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا، وحدي لا شريك لي، و محمد عبدي و رسولي، أيدته بعلي، فأنزل عز و جل: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ فكان النصر عليا، و دخل مع المؤمنين، فدخل في الوجهين جميعا».

__________________________________________________

7- ربيع الأبرار 3: 338.

8- الكافي 1: 343/ 16. [.....]

9- تفسير العيّاشي 2: 66/ 75.

10- الأمالي: 179/ 3، شواهد التنزيل 1: 223/ 299، كفاية الطالب: 234، ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 419/ 926، الدر المنثور 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 708

و رواه أبو نعيم في كتاب (حلية الأولياء): بإسناده عن أبي صالح، عن أبي هريرة «1».

و رواه ابن الفارسي، عن أبي هريرة، مثله «2».

4358/ [2]- ابن شهر آشوب: قال: في (تاريخ بغداد): روى عيسى بن محمد البغدادي، عن الحسين

بن إبراهيم، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي، نصرته بعلي، و ذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4359/ [3]- و روي أيضا عن السمعاني في (فضائل الصحابة) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الحمراء، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «لما أسري بي إلى السماء السابعة نظرت إلى ساق العرش الأيمن فرأيت كتابا فهمته: محمد رسول الله أيدته بعلي، و نصرته به».

4360/ [4]- و قال في (الرسالة القوامية) و (حلية الأولياء) و اللفظ لها: عن سعيد بن جبير، أنه قال أبو الحمراء:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت ليلة أسري بي مثبتا على ساق العرش: أنا غرست جنة عدن بيدي، و محمد صفوتي من خلقي، أيدته بعلي، نصرته بعلي».

4361/ [5]- الشيخ: في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني (رحمه الله) سنة سبع و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: المؤمن غر كريم «3»، و الفاجر خب «4» لئيم، و خير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، و لا خير فيمن لا يألف

و لا يؤالف».

قال: و سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «شرار الناس من يبغض المؤمنين، و تبغضه قلوبهم، المشاءون «5» بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للناس العيب، أولئك لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، و لا يزكيهم» ثم تلا (صلى الله عليه و آله): هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ.

__________________________________________________

2- ........ تاريخ بغداد 11: 173/ 5876، شواهد التنزيل 1: 224/ 300، كنزل العمال 11: 624/ 33041.

3- ........ شواهد التنزيل 1: 227/ 304.

4- ........ حليه الأولياء 3: 27.

5- الأمالي 2: 77.

(1) تأويل الآيات 1: 195/ 9، عن حلية الأولياء، و لم نجده في الحلية.

(2) روضة الواعظين: 42.

(3) أي ليس بذي نكر، فهو لا ينخدع لانقياده و لينه، و هو ضدّ الخبّ، يريد أنّ المؤمن المحمود من طبعه الغرارة، و قلّة الفطنة للشرّ، و ترك البحث عنه، و ليس ذلك منه جهلا، و لكنّه كرم و حسن خلق. «النهاية 3: 354».

(4) الخبّ: الخدّاع، و هو الذي يسعى بين الناس بالفساد.

(5) في المصدر: و محقا و بعدا للمشائين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 709

4362/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت في الأوس و الخزرج.

4363/ [7]- و قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن هؤلاء قوم كانوا معه من قريش، فقال الله: فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فهم الأنصار، كان بين الأوس و الخزرج حرب شديدة و عداوة في الجاهلية، فألف الله بين قلوبهم، و نصر بهم نبيه (صلى

الله عليه و آله)، فالذين ألف بين قلوبهم هم الأنصار خاصة».

سورة الأنفال(8): آية 64 ..... ص : 709

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [64] 4364/ [8]- شرف الدين النجفي: قال: تأويله ذكره أبو نعيم في (حلية الأولياء) بطريقه إلى أبي هريرة، قال:

نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و هو المعني بقوله: الْمُؤْمِنِينَ.

سورة الأنفال(8): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 709

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ- إلى قوله تعالى- فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [65- 66] 4365/ [9]- علي بن إبراهيم: قال: قال: كان الحكم في أول النبوة في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن الرجل الواحد وجب عليه أن يقاتل عشرة من الكفار، فإن هرب منهم فهو الفار من الزحف، و المائة يقاتلون ألفا، ثم علم الله أن فيهم ضعفا لا يقدرون على ذلك، فأنزل الله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، ففرض الله عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار، فإن فر منهما فهو الفار من الزحف، فإن كانوا ثلاثة من الكفار و واحدا من المسلمين، ففر المسلم منهم، فليس هو الفار من

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 279.

7- تفسير القمّي 1: 279.

8- تأويل الآيات 1: 196/ 11، شواهد التنزيل 1: 230/ 305 و 306، النور المشتعل: 92/ 18، 19. [.....]

9- تفسير القمّي 1: 279.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 710

الزحف.

4366/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان يقول: «من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر، و من فر من ثلاثة في القتال من

الزحف فلم يفر».

4367/ [3]- العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده: ما أتى علي يوم قط أعظم من يومين أتيا علي، فأما اليوم الأول فيوم قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما اليوم الثاني فو الله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة، عن يمين أبي بكر، و الناس يبايعونه، إذ قال له عمر: يا هذا، ليس في يديك شي ء ما لم يبايعك علي، فابعث إليه حتى يأتيك يبايعك، فإنما هؤلاء رعاع. فبعث إليه قنفذا فقال له: اذهب فقل لعلي: أجب خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله). فذهب قنفذ، فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: «ما خلف رسول الله أحدا غيري».

قال: ارجع إليه فقل: أجب، فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، و هؤلاء المهاجرون و الأنصار يبايعونه، و قريش، و إنما أنت رجل من المسلمين، لك ما لهم و عليك ما عليهم. فذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رجع، فقال:

قال لك: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لي و أوصاني أن إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله، فإنه في جرائد النخل و في أكتاف الإبل». قال: قال عمر: قوموا بنا إليه.

فقام أبو بكر و عمر و عثمان، و خالد بن الوليد، و المغيرة بن شعبة، و أبو عبيدة بن الجراح، و سالم مولى أبي حذيفة، و قنفذ، و قمت معهم، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة (صلوات الله عليها) أغلقت الباب في وجوههم، و هي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره «1»، ثم دخلوا فأخرجوا عليا (عليه السلام)

ملببا «2». فخرجت فاطمة (عليها السلام) فقالت: «يا أبا بكر، أ تريد أن ترملني من زوجي، و الله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري، و لأشقن جيبي و لآتين قبر أبي و لأصيحن إلى ربي» فأخذت بيد الحسن و الحسين (عليهما السلام) و خرجت تريد قبر النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال علي (عليه السلام) لسلمان: «أدرك ابنة محمد، فإني أرى جنبي المدينة يكفيان، و الله إن نشرت شعرها، و شقت جيبها، و أتت قبر أبيها، و صاحت إلى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها و بمن فيها».

فأدركها سلمان فقال: يا بنت محمد، إن الله إنما بعث أباك رحمة، فارجعي. فقالت: «يا سلمان، يريدون قتل علي، ما على علي صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي فأنشر شعري، و أشق جيبي، و أصيح إلى ربي». فقال سلمان:

إني أخاف أن يخسف بالمدينة، و علي بعثني إليك و يأمرك أن ترجعي إلى بيتك و تنصرفي، فقالت: «إذن أرجع و أصبر و أسمع له و أطيع».

__________________________________________________

2- التهذيب 6: 174/ 432.

3- تفسير العيّاشي 2: 66/ 76.

(1) في المصدر زيادة: و كان من سعف.

(2) لببته: إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره و جررته به، و أخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لا بسه و قبضت عليه تجرّه. «النهاية 4: 223».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 711

فأخرجوه من منزله ملببا، و مروا به على قبر النبي (صلى الله عليه و آله) قال: فسمعته يقول: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي «1» إلى آخر الآية، و جلس أبو بكر في سقيفة بنى ساعدة، و قدم علي (عليه السلام) فقال له عمر: بايع.

فقال له علي: «فإن أنا لم أفعل،

فمه؟» فقال له عمر: إذن أضرب، و الله، عنقك. فقال له علي: «إذن، و الله، أكون عبد الله المقتول و أخا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، و أما أخو رسول الله فلا، حتى قالها ثلاثا.

فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب، فأقبل مسرعا يهرول، فسمعته يقول: ارفقوا بابن أخي «2»، و لكم علي أن يبايعكم. فأقبل العباس و أخذ بيد علي (عليه السلام) فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضبا، فسمعته يقول: «3» «اللهم، إنك تعلم أن النبي (صلى الله عليه و آله) قد قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، و هو قولك في كتابك: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» قال: و سمعته يقول: «اللهم، و إنهم لم يتموا عشرين». حتى قالها ثلاثا، ثم انصرف.

4368/ [4]- عن فرات بن أحنف، عن بعض أصحابه، عن علي (عليه السلام) أنه قال: «ما نزل بالناس أزمة قط إلا كان شيعتي فيها أحسن حالا، و هو قول الله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً».

4369/ [5]- عن الحسن بن صالح، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان علي (صلوات الله عليه) يقول: من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف، و من فر من ثلاثة رجال في القتال فلم يفر من الزحف».

سورة الأنفال(8): آية 70 ..... ص : 711

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [70]

4370/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن

__________________________________________________

4-

تفسير العيّاشي 2: 68/ 77.

5- تفسير العيّاشي 2: 68/ 78.

1- الكافي 8: 202/ 244.

(1) الأعراف 7: 150.

(2) في «س»: ارفعوا بأس ابن أخيكم.

(3) في المصدر زيادة: و رفع رأسه إلى السماء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 712

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول في هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ، قال: «نزلت في العباس و عقيل و نوفل».

و قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري «1»، فأسروا، فأرسل عليا (عليه السلام) فقال: انظر من ها هنا من بني هاشم؟- قال:- فمر علي (عليه السلام) على عقيل بن أبي طالب فحاد عنه، فقال له عقيل: يا بن ام علي «2»، أما و الله لقد رأيت مكاني- قال:- فرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: هذا أبو الفضل في يد فلان، و هذا عقيل في يد فلان، و هذا نوفل بن الحارث في يد فلان.

فقام «3» رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد، قتل أبو جهل. فقال: إذن لا تنازعون في تهامة، فقال: إن كنتم أثخنتم القوم، و إلا فاركبوا أكتافهم».

قال: «فجي ء بالعباس، فقيل له: أفد نفسك، و افد ابن أخيك. فقال: يا محمد، تتركني أسأل قريشا في كفي؟

فقال: أعط مما خلفته عند ام الفضل، و قلت لها: إن أصابني في وجهي هذا شي ء فأنفقيه على نفسك و ولدك. فقال له: يا بن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني [به ]

جبرئيل (عليه السلام) من عند الله عز ذكره. فقال: و محلوفه «4» ما علم بهذا أحد إلا أنا و هي، أشهد أنك رسول الله».

قال: «فرجع الأسارى كلهم مشركين إلا العباس و عقيل و نوفل كرم الله وجوههم، و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إلى آخر الآية».

4371/ [2]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، قال: «أوتي النبي (صلى الله عليه و آله) بمال- دراهم- فقال النبي (صلى الله عليه و آله) للعباس: يا عباس، ابسط رداءك و خذ من هذا المال طرفا. فبسط رداءه، و أخذ منه طائفة، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم): يا عباس، هذا من الذي قال الله تبارك و تعالى: قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

4372/ [3]- العياشي: عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول في هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ،

__________________________________________________

2- قرب الأسناد: 12.

3- تفسير العياشي 2: 68/ 79.

(1) أبو البختري: هو العاص بن هشام، قيل: نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قتله لأنه لبس السلاح بمكة يوما و منع القوم من إيذائه (صلى الله عليه و آله)، و كان ممن اهتم في نقص صحيفة المقاطعة المعروفة. راجع المغازي للواقدي 1: 80، الكامل في التاريخ 2: 128.

[.....]

(2) أي أقبل علي.

(3) في «س»: فجاء.

(4) قال المجلسي في (مرآة العقول 26: 115): قوله: «و محلوفه» الظاهر أنه حلف باللات و العزى، فكره (عليه السلام) التكلم به فعبر عنه بمحلوفه، أي بالذي حلف به، و في الكشاف أنه حلف بالله. و في (لسان العرب- حلف- 9: 53». و يقولون: محلوفة بالله ما قال ذلك، ينصبون على إضمار يحلف بالله محلوفة أي قسما، و المحلوفة هو القسم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 713

قال: «نزلت في العباس و عقيل و نوفل».

و قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري، فأسروا، فأرسل عليا فقال: انظر من ها هنا من بني هاشم- قال:- فمر على عقيل بن أبي طالب فحاد «1» عنه- قال:- فقال له: يا بن ام علي، أما و الله لقد رأيت مكاني- قال:- فرجع إلى رسول الله (عليه و آله السلام) فقال له: هذا أبو الفضل في يد فلان، و هذا عقيل في يد فلان، و هذا نوفل في يد فلان. يعني نوفل بن الحارث.

فقام رسول الله (عليه و آله السلام) حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد، قتل أبو جهل. فقال: إذن لا تنازعون في تهامة. قال: إن كنتم أثخنتم القوم، و إلا فاركبوا أكتافهم».

قال: «فجي ء بالعباس، فقيل له: أفد نفسك، و افد ابني «2» أخيك. فقال: يا محمد، تتركني أسأل قريشا في كفي! فقال له: أعط مما خلفت عند ام الفضل، و قلت لها: إن أصابني شي ء في وجهي فأنفقيه على ولدك و نفسك.

قال: يا بن أخي، من أخبرك بهذا! قال: أتاني به جبرئيل من عند الله. فقال:

و محلوفه- ما علم بهذا إلا أنا و هي، أشهد أنك رسول الله».

قال: «فرجع الأسارى كلهم مشركين إلا العباس و عقيل و نوفل بن الحارث، و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إلى آخرها».

4373/ [4]- عن علي بن أسباط، سمع أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «قال أبو عبد الله (عليه السلام) «3»: أتي النبي (صلى الله عليه و آله) بمال، فقال للعباس: ابسط رداءك فخذ من هذا المال طرفا. قال: فبسط رداءه فأخذ طرفا من ذلك المال، قال: ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا مما قال الله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

4374/ [5]- الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص): عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل العلوي، قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «لما أمرهم هارون الرشيد بحملي، دخلت عليه، فسلمت، فلم يرد السلام، و رأيته مغضبا، فرمى إلي بطومار «4» فقال: «اقرأه. فإذا فيه كلام قد علم الله عز و جل براءتي منه. و فيه: أن موسى بن جعفر يجبى إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بإمامته، يدينون الله بذلك، و يزعمون أنه فرض عليهم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، و يزعمون أنه من لم يهب إليه العشر، و لم يصل بإمامتهم، و يحج بإذنهم،

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 69/ 80.

5- الاختصاص: 54.

(1) في المصدر: فجاز.

(2) في «ط»: ابن.

(3)

(قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ليس في «س».

(4) الطومار: الصحيفة. «لسان العرب- طمر- 4: 503».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 714

و يجاهد بأمرهم، و يحمل الغنيمة إليهم، و يفضل الأئمة على جميع خلقه، و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله فهو كافر، حلال ماله و دمه.

و فيه كلام شناعة مثل: المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره و لو بدرهم، و البراءة من السلف، و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من لم يتبرأ منهم فقد بانت امرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له، لقول الله تبارك و تعالى: أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «1» يزعمون أنه واد في جهنم.

و الكتاب طويل، و أنا قائم أقرأ، و هو ساكت، فرفع رأسه، و قال: قد اكتفيت بما قرأت فتكلم بحجتك بما قرأت.

قلت: يا أمير المؤمنين، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة ما حمل إلي قط أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج، لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عز و جل لنبيه (عليه السلام) في قوله: لو أهدي إلي كراع لقبلته، و لو دعيت إلى ذراع غنم لأجبته. و قد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا، و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، و حرمت علينا الصدقة، و عوضنا الله عز و جل منها الخمس، فاضطررنا إلى قبول الهدية، و كل ذلك مما علمه أمير المؤمنين. فلما تم كلامي سكت.

ثم قلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه، عن النبي (صلى الله

عليه و آله)؟ فكأنه اغتنمها، فقال: مأذون لك، هاته.

فقلت: حدثني أبي عن جدي يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه و آله): إن الرحم إن «2» مست رحما تحركت و اضطربت. فإن رأيت أن تناولني يدك؟ فأشار بيده إلي، ثم قال: ادن. فدنوت، فصافحني و جذبني إلى نفسه مليا، ثم فارقني و قد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسى، فليس عليك بأس، صدقت و صدق جدك، و صدق النبي (صلى الله عليه و آله)، لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، و اعلم أنك لحمي و دمي، و أن الذي حدثتني به صحيح، و إني أريد أن أسألك عن مقالة «3»، فإن أجبتني أعلم أنك قد صدقتني، و خليت عنك و وصلتك، و لم أقبل «4» ما قيل فيك. فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: يا بن رسول الله. و أنتم ولد علي، و فاطمة إنما هي وعاء، و الولد ينسب إلى الأب لا إلى الأم؟ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ففعل. فقال: لست أفعل أو أجبت. فقلت: فأنا في أمانك أن لا يصيبني من آفة السلطان شي ء؟ فقال: لك الأمان.

قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

__________________________________________________

(1) مريم 19: 59.

(2) في المصدر: إذا.

(3) في المصدر و «ط»: مسألة.

(4) في المصدر: و لم أصدق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 715

وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى «1» فمن أبو عيسى؟ فقال:

ليس له أب، إنما خلق من كلام الله عز و جل و روح القدس.

فقلت: إنما الحق عيسى بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من قبل مريم، و ألحقنا بذراري الأنبياء من قبل فاطمة (عليها السلام)، لا من قبل علي (عليه السلام). فقال: أحسنت أحسنت، يا موسى، زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الأمة، برها و فاجرها، أن حديث النجراني حين دعاه النبي (صلى الله عليه و آله) إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال الله تبارك و تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2» فكان تأويل أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: أحسنت.

ثم قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث؟ فقلت: أسألك- يا أمير المؤمنين- بحق الله و بحق رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تعفيني من تأويل هذه الآية و كشفها، و هي عند العلماء مشهورة «3». فقال: إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك، و لست أعفيك، فقلت: فجدد لي الأمان. فقال: قد أمنتك.

فقلت: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، و إن عمي العباس قدر على الهجرة فلم يهاجر، و إنما كان في عداد الأسارى عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و جحد أن يكون له الفداء، فأنزل الله تبارك و تعالى على النبي (صلى الله عليه و آله) يخبره بدفين له من ذهب، فبعث عليا

(عليه السلام) فأخرجه من عند أم الفضل، و أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك و تعالى، فأذن لعلي، و أعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه، فقال العباس عند ذلك: يا بن أخي، ما فاتني منك أكثر، و أشهد أنك رسول رب العالمين. فلما أحضر علي الذهب قال العباس: أفقرتني يا بن أخي. فأنزل الله تبارك و تعالى: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ، و قوله: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا- ثم قال:- وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ «4»، فرأيته قد اغتم».

4375/ [6]- الطبرسي: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية- الأوقية أربعون مثقالا- إلا العباس فإن فداءه كان مائة أوقية، و كان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ذاك غنيمة، ففاد نفسك و ابني أخيك نوفلا و عقيلا. فقال: ليس معي شي ء. فقال: أين الذهب الذي سلمته إلى ام الفضل، و قلت: إن حدث بي حدث فهو لك و للفضل و عبد الله؟ «5» فقال: من أخبرك بهذا! قال:

__________________________________________________

6- مجمع البيان 4: 860. [.....]

(1) الأنعام 6: 84- 85.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) في المصدر و «ط»: مستورة.

(4) الأنفال 8: 72.

(5) في المصدر زيادة: و قثم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 716

الله تعالى. فقال: أشهد أنك رسول الله، و الله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى».

سورة الأنفال(8): آية 72 ..... ص : 716

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ

أَوْلِياءُ بَعْضٍ [72] 4376/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الحكم في أول النبوة أن المواريث كانت على الاخوة لا على الولادة، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة آخى بين المهاجرين و الأنصار «1»، فكان إذا مات الرجل يرثه أخوه في الدين، و يأخذ المال، و كان ما ترك له دون ورثته. فلما كان بعد ذلك «2» أنزل الله النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً «3» فنسخت آية الأخوة بقوله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ.

4377/ [2]- الطبرسي: عن الباقر (عليه السلام): «أنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة «4»».

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا [72]

4378/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو أحمد هاني بن محمد بن محمود «5» العبدي (رضي الله عنه)، قال حدثنا أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 280.

2- مجمع البيان 4: 862.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 81/ 9.

(1) في «ط»: بين المهاجرين و المهاجرين و بين الأنصار و الأنصار.

(2) في المصدر: بعد بدر.

(3) الأحزاب 33: 6.

(4) في المصدر زيادة: الأولى.

(5) في «س»: بياض، و في «ط»: قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن محمود، و الصواب ما في المتن. راجع تنقيح المقال 3: 290، معجم رجال الحديث 19: 250.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 717

محمد بن محمود، بإسناده، رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: «لما دخلت على هارون الرشيد فسلمت عليه فرد علي السلام، قال: يا موسى بن جعفر، خليفتان يجبى إليهما الخراج؟! فقلت: يا أمير المؤمنين، أعيذك

بالله أن تبوء بإثمي و إثمك، و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت أنه كذب علينا منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما علم ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه و آله)- إن تأذن لي- أن أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)، [فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)] أنه قال: الرحم إذا مست الرحم تحركت و اضطربت، فناولني يدك، جعلني الله فداك. فقال: ادن، فدنوت منه، فأخذ بيدي في يده، ثم جذبني إلى نفسه، و عانقني طويلا، ثم تركني، و قال: اجلس يا موسى، فليس عليك بأس. فنظرت إليه فإذا أنه قد دمعت عيناه، فرجعت إلى نفسي، فقال: صدقت، و صدق جدك (صلى الله عليه و آله) لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، حتى غلبت علي الرقة و فاضت عيناي، و أنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، لم أسأل عنها أحدا، فإن أنت أجبتني عنها خليت عنك، و لم أقبل قول أحد فيك، و قد بلغني أنك لم تكذب قط، فاصدقني عما أسألك مما في قلبي؟

فقلت: ما كان علمه عندي فإني سأخبرك إن أنت أمنتني. قال: لك الأمان إن صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها، معشر بني فاطمة.

فقلت: ليسأل أمير المؤمنين عما شاء. قال: أخبرني لم فضلتم علينا، و نحن و أنتم من شجرة واحدة، و بنو عبد المطلب و نحن واحد، إنا بنو العباس و أنتم ولد أبي طالب، و هما عما رسول الله (صلى الله عليه و

آله) و قرابتهما منه سواء؟ فقلت: نحن أقرب. قال: و كيف ذلك؟

قلت: لأن عبد الله و أبا طالب لأب و ام، و أبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله و لا من أم أبي طالب «1».

قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و العم يحجب ابن العم، و قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد توفي أبو طالب قبله، و العباس عمه حي؟ فقلت له: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة و يسألني عن كل باب سواه يريده، فقال: لا، أو تجيبني «2». فقلت: فأمني، فقال: قد أمنتك قبل الكلام.

فقلت: إن في قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه ليس مع ولد الصلب، ذكرا كان أو أنثى، لأحد سهم إلا الأبوين و الزوج و الزوجة، و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث، و لم ينطق به الكتاب، إلا أن تيما و عديا و بني امية قالوا: العم والد. رأيا منهم، بلا حقيقة و لا أثر من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من قال بقول علي (عليه السلام) من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي (عليه السلام)، و قد حكم به، و قد ولاه أمير المؤمنين المصرين- الكوفة و البصرة- و قد قضى به، فأنهي إلى أمير المؤمنين، فأمر بإحضاره و إحضار من

__________________________________________________

(1) ذكر النسّابون أنّ أمّ عبد اللّه و أبي طالب هي: فاطمة بنت عمرو، و امّ العبّاس: نتيلة بنت جناب بن كليب. انظر جمهرة أنساب العرب: 15، التبيين في أنساب القرشيين: 96 و 97. [.....]

(2) في المصدر: أو

تجيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 718

يقول بخلاف قوله، منهم سفيان الثوري، و إبراهيم المدني و الفضيل بن عياض «1»، فشهدوا أنه قول علي (عليه السلام) في هذه المسألة، فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: فلم لا تفتون به و قد قضى به نوح بن دراج؟

فقالوا: جسر نوح و جبنا «2».

و قد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: علي أقضاكم. و كذلك قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا. و هو اسم جامع، لأن جميع ما مدح به النبي (صلى الله عليه و آله) أصحابه من القراءة و الفرائض و العلم داخل في القضاء. قال: زدني، يا موسى. قلت: المجالس بالأمانات، و خاصة مجلسك. فقال: لا بأس عليك.

فقلت: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يورث من لم يهاجر، و لا أثبت له ولاية، حتى يهاجر. فقال: ما حجتك فيه؟

قلت: قول الله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا و إن عمي العباس لم يهاجر.

فقال: إني أسألك، يا موسى، هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا؟ أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشي ء؟ فقلت: اللهم لا، و ما سألني عنها إلا أمير المؤمنين.

ثم قال: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). و يقولون لكم: يا بني رسول الله، و أنتم بنو علي، و إنما ينسب المرء إلى أبيه، و فاطمة إنما هي وعاء، و النبي (صلى الله عليه و آله) جدكم من قبل أمكم؟

فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أن النبي (صلى الله عليه

و آله) نشر فخطب إليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟ فقال:

سبحان الله! و لم لا أجيبه، بل أفتخر على العرب و العجم و قريش بذلك. فقلت له: و لكنه (عليه السلام) لا يخطب إلي و لا أزوجه. فقال: و لم؟ فقلت: لأنه (صلى الله عليه و آله) ولدني و لم يلدك. فقال: أحسنت يا موسى.

ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي، و النبي (صلى الله عليه و آله) لم يعقب، و إنما العقب للذكر لا للأنثى، و أنتم ولد لابنته «3»، و لا يكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا أعفيتني عن هذه المسألة.

فقال: لا، أو تخبرني عن حجتكم فيه يا ولد علي، و أنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم، كذا أنهي إلي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله تعالى، و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شي ء، لا ألف و لا واو إلا تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «4»، و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم. فقلت: تأذن لي في الجواب؟ فقال: هات.

فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

__________________________________________________

(1) في «س»: و الفضل بن عياض، تصحيف. انظر ترجمته في حلية الأولياء 8: 84، سير أعلام النبلاء 8: 421.

(2) في «س» و «ط»: حبس نوح حينا.

(3) في المصدر: و أنتم ولد البنت.

(4) الأنعام 6: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 719

وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ

عِيسى «1» من أبو عيسى، يا أمير المؤمنين؟ قال: ليس لعيسى أب. فقلت: إنما ألحقه الله بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام) و كذلك ألحقنا بذراري النبي (صلى الله عليه و آله) من قبل أمنا فاطمة (عليها السلام)، أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات. قلت:

قول الله عز و جل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «2» و لم يدع أحد أنه أدخله النبي (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين، فكان تأويل قوله عز و جل: أَبْناءَنا الحسن و الحسين و نِساءَنا فاطمة و أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل (عليه السلام) قال يوم أحد: يا محمد، إن هذه لهي المواساة من علي. قال: إنه مني و أنا منه. فقال جبرئيل: و أنا منكما يا رسول الله. ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي.

فكان كما مدح الله عز و جل به خليله (عليه السلام) إذ يقول فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ «3» إنا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل: إنه منا. فقال: أحسنت يا موسى، ارفع إلينا حوائجك.

فقلت له: أول حاجة أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده (صلى الله عليه و آله) و إلى عياله. فقال: ننظر إن شاء الله».

فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك، فزعم أنه توفي عنده، و الله أعلم.

4379/ [2]- ابن شهر آشوب:

عن موسى بن عبد الله بن الحسن و معتب و مصادف موليا الصادق (عليه السلام) في خبر أنه لما دخل هشام بن الوليد «4» المدينة أتاه بنو العباس، و شكوا إليه من الصادق (عليه السلام) أنه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا، فخطب أبو عبد الله (عليه السلام) فكان مما قال: «إن الله تعالى لما بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه، و الناصر له، و أبوكم العباس و أبو لهب يكذبانه و يوليان عليه شياطين الكفر، و أبوكم يبغي له الغوائل، و يقود إليه القبائل في بدر، و كان في أول رعيلها، و صاحب خيلها و رجلها، المطعم يومئذ، و الناصب الحرب له- ثم قال-: فكان أبوكم طليقنا و عتيقنا، و أسلم كارها تحت سيوفنا، لم يهاجر إلى الله و رسوله هجرة قط، فقطع الله ولايته منا بقوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ. في كلام له- ثم قال-: «هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه، إذ كان مولانا، و لأنا ولد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمنا فاطمة أحرزت ميراثه».

__________________________________________________

2- المناقب 1: 261.

(1) الأنعام 6 84 و 85.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) الأنبياء 21: 60.

(4) الظاهر أنّ الصحيح: هشام أبو الوليد، و هو هشام بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، كان أحد خلفاء زمان إمامة الصادق (عليه السّلام)، راجع سير أعلام النبلاء 5: 351.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 720

4380/ [3]- العياشي: عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا:

سألناهما عن قوله: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ

لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا، قال: «بأن أهل مكة لا يرثون أهل المدينة».

4381/ [4]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الأعراب، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صالحهم على أن يدعهم في ديارهم و لم يهاجروا إلى المدينة، و على أنه إن أرادهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) غزا بهم، و ليس لهم من الغنيمة شي ء، و أوجبوا علي النبي (صلى الله عليه و آله) أنه إذا دهاهم من الأعراب من غيرهم، أو دهاهم داهم من عدوهم أن ينصرهم، إلا على قوم بينهم و بين الرسول عهد و ميثاق إلى مدة.

سورة الأنفال(8): الآيات 73 الي 75 ..... ص : 720

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [73- 75] 4382/ [5]- علي بن إبراهيم: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يعني يوالي بعضهم بعضا. ثم قال:

إِلَّا تَفْعَلُوهُ يعني إن لم تفعلوه، فوضع حرف مكان حرف تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ ثم قال:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: نسخت قوله: وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ «1».

4383/ [6]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم «2»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد، إن الله يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ».

4384/ [7]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 70/ 81.

4- تفسير القمّي 1:

280.

5- تفسير القمّي 1: 280.

6- الكافي 7: 119/ 2. [.....]

7- الكافي 7: 119/ 3.

(1) النساء 4: 33.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر زيادة: عن أبيه، و هو سهو، إذ لم تثبت رواية إبراهيم بن هاشم، عن محمّد، و قد بلغت روايات عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى في الكتب الأربعة في زهاء خمس مائة مورد. راجع معجم رجال الحديث 1: 321. و 11: 195.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 721

جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما، إن الله يقول:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

4385/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «دخل علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مرضه، و قد اغمي عليه، و رأسه في حجر جبرئيل، و جبرئيل في صورة دحية الكلبي، فلما دخل علي (عليه السلام) قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك، فأنت أحق به مني، لأن الله يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ. فجلس علي (عليه السلام) و أخذ رأس رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجره حتى غابت الشمس، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفاق، فرفع رأسه فنظر إلى علي (عليه السلام) و قال: يا علي، أين جبرئيل؟ فقال: يا رسول الله، ما رأيت إلا دحية الكلبي دفع إلي رأسك و قال: يا علي، دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني،

لأن الله يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ. فجلست و أخذت رأسك، فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ فصليت العصر؟ فقال: لا. قال: فما منعك أن تصلي؟ فقال: قد اغمي عليك، و كان رأسك في حجري، فكرهت أن أشق عليك- يا رسول الله- و كرهت أن أقوم و أصلي و أضع رأسك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم إنه كان في طاعتك و طاعة رسولك حتى فاتته صلاة العصر، اللهم فرد عليه الشمس حتى يصلي العصر في وقتها». قال: «فطلعت الشمس، فصارت في وقت العصر بيضاء نقية، و نظر إليها أهل المدينة، و إن عليا (عليه السلام) قام و صلى، فلما انصرف غابت الشمس و صلوا المغرب».

4386/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما غيرهما «1»، إن الله يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، إذا التفت القرابات فالسابق أحق بالميراث من قرابته».

4387/ [6]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما اختلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عثمان ابن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة لا يرثونه، ليس لهم سهم مفروض، فقال علي (عليه السلام): ميراثه لذوي قرابته، لأن الله تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ.

و قال عثمان: أجعل ميراثه في بيت مال المسلمين، و لا يرثه أحد من قرابته».

4388/ [7]- عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي

(عليه السلام) لا يعطي الموالي شيئا

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 70/ 82.

5- تفسير العيّاشي 2: 71/ 83.

6- تفسير العيّاشي 2: 71/ 84.

7- تفسير العيّاشي 2: 71/ 85.

(1) في المصدر: معهم أحد غيرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 722

مع ذي رحم، سميت له فريضة أو لم تسم له فريضة، و كان يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع اولي الأرحام، حيث قال: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

4389/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ: «إن بعضهم أولى بالميراث من بعض، لأن أقربهم إليه [رحما] أولى به». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام):

«إنهم أولى بالميت، و أقربهم إليه امه و أخوه و أخته لأمه و أبيه، أليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته من أخواته؟».

4390/ [9]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن خروج الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين، كيف ذا، و ما الحجة فيه؟ قال: «لما حضر الحسين ما حضره «1» من أمر الله لم يجز أن يردها إلى ولد أخيه، و لا يوصي بها فيهم، لقول الله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فكان ولده أقرب رحما إليه من ولد أخيه، و كانوا أولى بالإمامة، فأخرجت هذه الآية ولد الحسن منها، فصارت الإمامة إلى ولد الحسين، و حكمت بها الآية لهم، فهي فيهم إلى يوم القيامة».

4391/ [10]- ابن شهر آشوب: عن (تفسير جابر بن يزيد): عن الإمام (عليه السلام): «أثبت الله

بهذه الآية ولاية علي ابن أبي طالب، لأن عليا (عليه السلام) كان أولى برسول الله من غيره، لأنه كان أخاه- كما قال- في الدنيا و الآخرة، و قد أحرز «2» ميراثه و سلاحه و متاعه و بغلته الشهباء، و جميع ما ترك، و ورث كتابه من بعده، قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «3» و هو القرآن كله، نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كان يعلم الناس من بعد النبي (عليه السلام)، و لم يعلمه أحد، و كان يسأل و لا يسأل أحدا عن شي ء من دين الله».

4392/ [11]- عن زيد بن علي (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مهاجرا ذا رحم.

و سيأتي إن شاء الله تعالى زيادة من الروايات في سورة الأحزاب «4».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 72/ 86.

9- تفسير العيّاشي 2: 72/ 87.

10- مناقب ابن شهر آشوب 2: 168.

11- مناقب ابن شهر آشوب 2: 168.

(1) في «س» و «ط»: إلى ما حضره.

(2) في المصدر: لأنّه حاز. [.....]

(3) فاطر 35: 32.

(4) يأتي في تفسير الآية (6) من سورة الأحزاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 723

المستدرك (سورة الأنفال) ..... ص : 723

سورة الأنفال(8): آية 28 ..... ص : 723

قوله تعالى:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [28]

[1]- الطبرسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يقولن أحدكم. اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، لأنه ليس أحد إلا و هو مشتمل على فتنة، و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله تعالى يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

».

سورة الأنفال(8): آية 46 ..... ص : 723

قوله تعالى:

وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ [46] [2]- قال الطبرسي (رحمه الله)، في قوله تعالى: وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ: معناه تذهب صولتكم و قوتكم. و قال

__________________________________________________

1- مجمع البيان 4: 824، نهج البلاغة: 483/ الحكمة 93.

2- مجمع البيان 4: 842.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 724

مجاهد: نصرتكم، و قال الأخفش: دولتكم، و الريح ها هنا كناية عن نفاذ الأمر و جريانه على المراد، تقول العرب هبت ريح فلان، إذا جرى أمره على ما يريد، و ركدت ريحه، إذا أدبر أمره. و قيل: إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله، عن قتادة و ابن زيد، و

منه قوله (صلى الله عليه و آله): «نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور».

[1]- عن النعمان بن المقرن، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان عند القتال لم يقاتل أول النهار و آخره إلى أن تزول الشمس و تهب الرياح و ينزل النصر».

سورة الأنفال(8): آية 53 ..... ص : 724

قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [53]

[2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه و أوحى إليه أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية و لا أناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، و ليس من أهل قرية و لا أهل بيت

كانوا على معصيتي فأصابتهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون».

[3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه، حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب».

__________________________________________________

1- الدر المنثور 4: 76.

2- الكافي 2: 210/ 25.

3- الكافي 2: 210/ 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 725

سورة التوبة مدنية ..... ص : 725

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 727

سورة التوبة فضلها: ..... ص : 727

تقدم على رأس سورة الأنفال، و نزيده ها هنا:

4393/ [1]- في كتاب (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة بريئا من النفاق. و من كتبها و جعلها في عمامته، أو قلنسوته، أمن اللصوص في كل مكان، و إذا هم رأوه انحرفوا عنه، و لو احترقت محلته بأسرها لم تصل النار إلى منزله، و لم تقربه أبدا ما دامت عنده مكتوبة».

4394/ [2]- الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «لم تنزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لأن بسم الله للأمان و الرحمة، و نزلت براءة لرفع الأمان بالسيف».

4395/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام) قال: «الأنفال و براءة واحدة».

4396/ [4]- العياشي: عن أبي العباس، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الأنفال و سورة براءة واحدة».

4397/ [5]- عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان الفتح في سنة ثمان، و براءة في سنة تسع، و حجة الوداع في سنة عشر».

سورة التوبة(9): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 727

قوله تعالى:

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

__________________________________________________

1- خواصّ القرآن: 2 «قطعة منه».

2- مجمع البيان 5: 4.

3- مجمع البيان 5: 4.

4- تفسير العيّاشي 2: 73/ 3.

5- تفسير العيّاشي 2: 73/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 728

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ [1- 3]

4398/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل «1»، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه

الآية بعد ما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة تبوك في سنة تسع «2» من الهجرة- قال-: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، و كانت سنة العرب في الحج أنه من دخل مكة و طاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها، و كانوا يتصدقون بها، و لا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافى مكة يستعير ثوبا و يطوف فيه ثم يرده، و من لم يجد عارية اكترى ثيابا، و من لم يجد عارية و لا كراء، و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.

فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة، فطلبت ثوبا عارية أو كراء فلم تجده، فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها. فقالت: و كيف أتصدق بها و ليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة، و أشرف عليها الناس، فوضعت إحدى يديها على قبلها و الأخرى على دبرها، و قالت شعرا «3»:

اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله

فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة، فقالت: إن لي زوجا.

و كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه و آله) قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلا من قاتله، و لا يحارب إلا من حاربه و أراده، و قد كان أنزل عليه في ذلك فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا «4». فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه و اعتزله، حتى نزلت عليه سورة براءة، و أمره الله بقتل المشركين من اعتزله و من لم يعتزله، إلا

الذين قد عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم: صفوان بن أمية، و سهيل بن عمرو، فقال الله عز و جل: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثم يقتلون حيثما وجدوا، فهذه أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة الحرام، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرة من شهر ربيع الآخرة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 281.

(1) في «س»: بياض، و في «ط»: محمّد بن الفضل، عن ابن أبي عمير، و الصواب ما في المتن، حيث روى محمّد بن الفضيل عن أبي الصبّاح في موارد كثيرة، و لم تثبت روايته عن ابن أبي عمير، و لا رواية الأخير عن أبي الصبّاح. انظر معجم رجال الحديث 17: 140 و 21: 189. [.....]

(2) في المصدر: سبع، و هو تصحيف، انظر تاريخ الطبري 3: 142، الكامل في التاريخ 2: 276.

(3) في المصدر: فقالت مرتجزة.

(4) النّساء 4: 90.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 729

و لما نزلت الآيات من سورة «1» براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أبي بكر، و أمره أن يخرج إلى مكة و يقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، لا يؤدي عنك إلا رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) في طلب أبي بكر، فلحقه بالروحاء، فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، أ أنزل الله في شيئا؟ قال:

لا، إن الله أمرني

أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».

4399/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرني أن ابلغ عن الله تعالى أن لا يطوف بالبيت عريان، و لا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام، و قرأ عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فأجل المشركين «2» الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم، ثم يقتلون حيث وجدوا».

4400/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): لأي شي ء صار الحاج لا يكتب عليه الذنب أربعة أشهر؟

قال: «إن الله عز و جل أباح المشركين الحرم في أربعة أشهر، إذ يقول فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثم وهب لمن حج «3» من المؤمنين «4» الذنوب أربعة أشهر».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل): عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي «5» الحسن (عليه السلام)، مثله «6».

4401/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحج الأكبر، فإن ابن عباس كان يقول: يوم عرفة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (صلوات

الله عليه): الحج الأكبر يوم النحر، و يحتج بقوله عز و جل:

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و هي عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 282.

3- الكافي 4: 255/ 10.

4- الكافي 4: 290/ 3.

(1) في المصدر: من أول.

(2) في المصدر: فأحل اللّه للمشركين.

(3) في المصدر: يحجّ.

(4) في المصدر زيادة: البيت.

(5) في المصدر: لأبي عبد اللّه.

(6) علل الشرائع: 443/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 730

من شهر ربيع الآخر، و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر و يوما».

4402/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، بإسناده، قال: «أشهر الحج: شوال، و ذو القعدة، و عشر من ذي الحجة. و أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الآخر».

4403/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم، ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل فقال: لا يبلغ عنك إلا علي. فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) و أمره أن يركب ناقته العضباء، و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأها على الناس بمكة، فقال أبو بكر: أسخط «1»؟ فقال: لا، إلا أنه انزل عليه أنه لا يبلغ عنك إلا رجل منك.

فلما قدم على مكة، و كان يوم النحر بعد الظهر، و هو يوم الحج الأكبر، قام ثم قال: إني رسول الله إليكم.

فقرأها عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرين

من ذي الحجة، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرا من شهر ربيع الآخر. و قال: لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك بعد هذا العام، و من كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فمدته إلى هذه الأربعة أشهر».

4404/ [7]- و في خبر محمد بن مسلم: فقال: «يا علي، هل نزل في شي ء منذ فارقت رسول الله؟ قال: لا، و لكن أبى الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه. فوافى الموسم، فبلغ عن الله و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعرفة و المزدلفة، و يوم النحر عند الجمار، و في أيام التشريق كلها ينادي بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لا يطوفن بالبيت عريان».

4405/ [8]- عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا و الله، ما بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر ببراءة، و لو كان بعث بها معه لم يأخذها منه، و لكنه استعمله على الموسم، و بعث بها عليا (عليه السلام) بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم، فقال لعلي (عليه السلام) حين بعثه: إنه لا يؤدي عني إلا أنا و أنت».

4406/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «خطب علي (عليه السلام) بالناس، و اخترط سيفه، و قال: لا يطوفن بالبيت عريان، و لا يحجن بالبيت مشرك و لا مشركة، و من كانت له مدة فهو إلى مدته، و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر. و كان خطب يوم النحر، و كانت «2» عشرين من ذي

الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول،

__________________________________________________

5- الكافي 4: 290/ 3.

6- تفسير العيّاشي 2: 73/ 4. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 74/ 5.

8- تفسير العيّاشي 2: 74/ 6.

9- تفسير العيّاشي 2: 74/ 7.

(1) في المصدر: أسخطة.

(2) أي و كانت الأربعة أشهر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 731

و عشر من شهر ربيع الأخر». و قال: «يوم النحر يوم الحج الأكبر».

4407/ [10]- و في خبر أبي الصباح، عنه (عليه السلام): «فبلغ عن الله و عن رسوله بعرفة و المزدلفة، و عند الجمار في أيام الموسم كلها ينادي: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ و لا يطوفن عريان، و لا يقربن المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك».

4408/ [11]- عن حنش «1»، عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه و آله) حين بعثه ببراءة، قال: «يا نبي الله، إني لست بلسن، و لا بخطيب، قال: «ما بد أن أذهب بها أو تذهب بها أنت». قال: «فإن كان لا بد فسأذهب أنا». قال:

«فانطلق، فإن الله يثبت لسانك، و يهدي قلبك». ثم وضع يده على فمه، و قال: «انطلق فاقرأها على الناس». و قال:

«الناس سيتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر، فإنه أجدر أن تعلم الحق».

4409/ [12]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قول الله تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، قالا: «عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من ربيع الآخر».

4410/ [13]- جعفر بن أحمد، عن علي بن محمد بن شجاع، قال: روى أصحابنا: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام):

لم صار الحاج لا يكتب عليه

ذنب أربعة أشهر؟

قال: «إن الله جل ذكره أمر المشركين فقال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لم يكن يقصر بوفده عن ذلك».

4411/ [14]- عن حكيم بن جبير «2»، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «و الله، إن لعلي (عليه السلام) لأسماء في القرآن ما يعرفها الناس». قال: قلت: و أي شي ء تقول، جعلت فداك؟

فقال لي: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قال: «فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، و كان هو و الله المؤذن، فأذن بأذان الله و رسوله يوم الحج الأكبر، من المواقف كلها، فكان ما نادى به أن لا يطوف بعد هذا العام عريان، و لا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 75/ 8.

11- تفسير العيّاشي 2: 75/ 9، مسند أحمد بن حنبل 1: 150، شواهد التنزيل 1: 237/ 319.

12- تفسير العيّاشي 2: 75/ 10.

13- تفسير العيّاشي 2: 75/ 11.

14- تفسير العيّاشي 2: 76/ 12.

(1) في «س» و «ط»: عن الحسن، و في المصدر: عن جيش، و الصواب ما أثبتناه كما في مسند أحمد بن حنبل و شواهد التنزيل و ترجمة الإمام عليّ من تاريخ ابن عساكر 2: 385/ 891 و غيرها، و هو حنش بن المعتمر الكناني الكوفي من أصحاب عليّ (عليه السّلام)، انظر تهذيب الكمال 7: 432.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر: حكيم بن حسين، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر الأحاديث 16، 23، 25، و شواهد التنزيل 1: 231/ 307، تفسير فرات: 160/ 201، تهذيب الكمال 7: 165، معجم رجال الحديث 6: 184.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 732

4412/ [15]- عن حريز، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الأذان: «هو اسم في كتاب الله، لا يعلم ذلك أحد غيري».

4413/ [16]- عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قول الله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ.

قال: «الأذان أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4414/ [17]- عن جابر، عن جعفر بن محمد و أبي جعفر (عليهما السلام)، في قول الله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قالا: «خروج القائم (عليه السلام) و أذان دعوته إلى نفسه».

4415/ [18]- عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر، و الحج الأصغر العمرة».

4416/ [19]- و في رواية داود بن سرحان، عنه (عليه السلام) قال: «الحج الأكبر يوم عرفة و جمع و رمي الجمار بمنى، و الحج الأصغر العمرة».

4417/ [20]- و في رواية ابن أذينة، عن زرارة، عنه (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر الوقوف بعرفة و بجمع و رمي الجمار بمنى، و الحج الأصغر العمرة».

4418/ [21]- و في رواية عبد الرحمن، عنه (عليه السلام)، قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر، و يوم الحج الأصغر يوم العمرة».

4419/ [22]- و في رواية فضيل بن عياض، عنه (عليه السلام)، قال: سألته عن الحج الأكبر، فإن ابن عباس كان يقول: يوم عرفة»؟

[قال:] «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الحج الأكبر يوم النحر، و يحتج بقول الله: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الآخر، و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر و يوما».

4420/ [23]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن

عثمان، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قوله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قال: «الأذان أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 2: 76/ 13.

16- تفسير العيّاشي 2: 76/ 14. [.....]

17- تفسير العيّاشي 2: 76/ 15.

18- تفسير العيّاشي 2: 76/ 16.

19- تفسير العيّاشي 2: 76/ 17.

20- تفسير العيّاشي 2: 77/ 18.

21- تفسير العيّاشي 2: 77/ 19.

22- تفسير العيّاشي 2: 77/ 20.

23- تفسير القمّي 1: 282.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 733

4421/ [24]- و عنه: قال: و في حديث آخر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كنت أنا الأذان في الناس».

4422/ [25]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قال: «الأذان علي (عليه السلام)».

4423/ [26]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ.

فقال: «إن الله سمى عليا (عليه السلام) من السماء أذانا «1»، لأنه هو الذي أدى عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) براءة، و قد كان بعث بها مع أبي بكر أولا، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا

محمد، إن الله يقول لك: إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك عليا (عليه السلام)، فلحق أبا بكر، و أخذ الصحيفة من يده، و مضى بها إلى مكة، فسماه الله تعالى أذانا من الله، إنه اسم نحله الله من السماء لعلي (عليه السلام)».

4424/ [27]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الحج الأكبر؟

فقال: «عندك فيه شي ء؟» فقلت: نعم، كان ابن عباس يقول: الحج الأكبر يوم عرفة، يعني أنه من أدرك يوم عرفة إلى طلوع الشمس «2» من يوم النحر فقد أدرك الحج، و من فاته ذلك فاته الحج، فجعل ليلة عرفة لما قبلها و لما بعدها، و الدليل على ذلك أنه من أدرك ليلة النحر إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج و أجزأ عنه من عرفة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحج الأكبر يوم النحر، و احتج بقول الله عز و جل:

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فهي عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر. و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان السيح أربعة أشهر و يوما، و احتج بقوله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ و [قال:] كنت أنا الأذان في الناس».

قلت: فما معنى هذه اللفظة: الحج الأكبر؟ فقال: «إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون

و المشركون، و لم يحج المشركون بعد تلك السنة».

__________________________________________________

24- تفسير القمّي 1: 282.

25- معاني الأخبار: 297/ 1.

26- معاني الأخبار: 298/ 2.

27- معاني الأخبار: 296/ 5.

(1) في المصدر: فقال: اسم نحله اللّه عزّ و جلّ عليّا (عليه السّلام) من السماء.

(2) في المصدر: الفجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 734

4425/ [28]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم النحر».

4426/ [29]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن يوم الحج الأكبر. فقال: «هو يوم النحر، و الأصغر: العمرة».

4427/ [30]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم الأضحى».

و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن عيسى بن عبيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل ذلك.

4428/ [31]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسن «1»، عن حماد بن عيسى، عن شعيب، عن أبي بصير و النضر، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم الأضحى».

4429/ [32]- و عنه، قال: حدثنا

أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه و يعيبه «2» و يقتل أصحابه، فقام خطيبا، فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الخطبة إلى أن قال فيها: و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «3» أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فأنا ذلك الأذان».

4430/ [33]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن

__________________________________________________

28- معاني الأخبار: 295/ 1. [.....]

29- معاني الأخبار: 295/ 2.

30- معاني الأخبار: 295/ 3.

31- معاني الأخبار: 296/ 4.

32- معاني الأخبار: 59/ 9.

33- علل الشرائع: 442/ 1 باب 188.

(1) في المصدر: الحسين، و لعلّه الحسين بن سعيد، روى عن حمّاد و روى عنه ابن مهزيار، راجع معجم رجال الحديث 5: 246 و 248 و 6: 231 و 12: 199.

(2) في المصدر: و يلعنه.

(3) الأعراف 7: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 735

محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ.

فقال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت أنا الأذان في الناس».

قلت: فما معنى هذه اللفظة: الحج الأكبر؟ قال: «إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون و المشركون، و لم يحج المشركون بعد تلك السنة».

4431/ [34]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد النسوي، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن هارون، قال: حدثنا الفضيل البلخي «1»، قال: حدثنا خالي يحيى «2» بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «بينما أنا أمشي مع النبي (صلى الله عليه و آله) في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل، كث اللحية، بعيد ما بين المنكبين، فسلم على النبي (صلى الله عليه و آله) و رحب به، ثم التفت إلي، فقال: السلام عليك، يا رابع الخلفاء و رحمة الله و بركاته، أليس كذلك هو، يا رسول الله؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): بلى، ثم مضى.

فقلت: يا رسول الله، ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ، و تصديقك له؟ قال: أنت كذلك، و الحمد لله، إن الله تعالى قال في كتابه: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «3» و الخليفة المجعول فيها آدم (عليه السلام) و هو الأول. و قال:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ «4» فهو الثاني. و قال عز و جل حكاية عن موسى حين قال لهارون (عليهما السلام): اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ «5» فهو هارون إذ استخلفه موسى (عليه السلام) في قومه، و هو الثالث. و قال الله تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ

اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فكنت أنت المؤذن «6» عن الله و عن رسوله، و أنت وصيي و وزيري، و قاضي ديني، و المؤدي عني، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء، كما سلم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟ قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر (عليه السلام)، فاعلم».

4432/ [35]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن يوم الحج الأكبر. فقال: «هو يوم النحر، و الأصغر العمرة».

__________________________________________________

34- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 9/ 23.

35- الكافي 4: 290/ 1.

(1) في المصدر: أحمد بن أبو الفضل البلخي.

(2) في المصدر: حدّثني خال يحيى.

(3) البقرة 2: 30.

(4) سورة ص 38: 26. [.....]

(5) الأعراف 7: 142.

(6) في المصدر: المبلغ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 736

4433/ [36]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم النحر».

4434/ [37]- و من طريق المخالفين: ما رواه صدر الأئمة عندهم موفق بن أحمد، قال أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز، أخبرنا أبو منصور و محمد بن علي بن عبد العزيز، أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الحافظ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز، من كتابه، حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن

بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ففتح الله تعالى على يده، و أوقفه يوم غدير خم، فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة، و قال له: «أنت مني و أنا منك». و قال له: «تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل». و قال له: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى». و قال له: «أنا سلم لمن سالمك، و حرب لمن حاربك». و قال له: «أنت العروة الوثقى التي لا انفصام لها». و قال له: «أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم من بعدي». و قال له: «أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي». و قال له: «أنت الذي أنزل الله فيك وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ». و قال له: «أنت الآخذ بسنتي، و الذاب عن ملتي» و قال له: «أنا أول من تنشق الأرض عنه، و أنت معي» و قال له: «أنا عند الحوض، و أنت معي». و قال له: «أنا أول من يدخل الجنة، و أنت معي تدخلها، و الحسن و الحسين و فاطمة». و قال: «إن الله تعالى أوحى إلي أن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس و بلغتهم ما أمرني الله تعالى بتبليغه». و قال له: «اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، و أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون».

ثم بكى (صلى الله عليه و آله)، فقيل له: ممن بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه، و يقاتلونه و يقتلون

ولده، و يظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله عز و جل أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم، و علت كلمتهم، و اجتمعت الأمة على محبتهم، و كان الشانئ لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغير البلاد، و ضعف العباد، و اليأس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم» قال النبي (صلى الله عليه و آله): «اسمه كاسمي، و اسم أبيه كاسم أبي، هو من ولد ابنتي فاطمة، يظهر الله الحق بهم، و يخمد الباطل بأسيافهم، و يتبعهم الناس، راغبا إليهم و خائفا منهم».

قال: و سكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: «معاشر المسلمين، أبشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف، و قضاؤه لا يرد، و هو الحكيم الخبير، و إن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم و ارعهم، و كن لهم، و انصرهم، و أعزهم و لا تذلهم، و اخلفني فيهم، إنك على ما تشاء قدير».

__________________________________________________

36- الكافي 4: 290/ 2.

37- مناقب الخوارزمي: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 737

قال مؤلف الكتاب: انظر إلى ما ترويه العامة بعين الإنصاف، حيث عرفوا الحق و فضل أهل البيت (عليهم السلام) و تركوا الاعتساف.

4435/ [38]- و من طريق المخالفين: ما رواه الحبري في (كتابه) يرفعه إلى ابن عباس، قال: في ما نزل في القرآن في خاصة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي و أهل بيته (عليهم السلام) من دون الناس من سورة البقرة: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ «1» الآية، إنها نزلت في علي و حمزة و جعفر و عبيدة

بن الحارث بن عبد المطلب. و قوله تعالى: وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «2» نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هما أول من صلى و ركع. و قوله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «3» الخاشع: الذليل في صلاته، المقبل عليها بقلبه «4»، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام).

و قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «5» نزلت في علي و عثمان بن مظعون و عمار بن ياسر و أصحاب لهم. و قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ «6» نزلت في أبي جهل.

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «7» نزلت في علي خاصة، و هو أول مؤمن، و أول مصل بعد النبي (صلى الله عليه و آله). و قوله تعالى: قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها «8» الآيات نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. و قوله تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ الآية، و المؤذن يومئذ عن الله و رسوله علي بن أبي طالب (عليه السلام).

4436/ [39]- ابن شهر آشوب: الاستنابة و الولاية من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) في أداء سورة براءة، و عزل به أبا بكر بإجماع المفسرين و نقله الأخبار.

رواه الطبري و البلاذري، و الترمذي، و الواقدي، و الشعبي، و السدي، و الثعلبي، و الواحدي، و القرطبي، و القشيري، و السمعاني،

و أحمد بن حنبل، و ابن بطة، و محمد بن إسحاق، و أبو يعلى الموصلي، و الأعمش، و سماك بن حرب، في كتبهم، عن عروة بن الزبير، و أبي هريرة، و أنس، و أبي رافع، و زيد بن نفيع، و ابن عمر، و ابن

__________________________________________________

38- تفسير الحبري: 235- 240/ 4- 8 و 368/ 30.

39- مناقب ابن شهر آشوب 2: 126.

(1) البقرة 2: 25.

(2) البقرة 2: 43.

(3) البقرة 2: 45.

(4) (بقلبه) ليس في المصدر.

(5) البقرة 2: 46.

(6) البقرة 81.

(7) البقرة 2: 81.

(8) آل عمران 3: 15. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 738

عباس و اللفظ له: أنه لما نزل: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى تسع آيات، أنفذ النبي (صلى الله عليه و آله) أبا بكر إلى مكة لأدائها، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك. فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «اركب ناقتي العضباء و الحق أبا بكر و خذ براءة من يده».

قال: و لما رجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) جزع، و قال: يا رسول الله، إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه، فلما توجهت له رددتني عنه! فقال (صلى الله عليه و آله): «الأمين هبط إلي عن الله تعالى أنه: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، و علي مني، و لا يؤدي عني إلا علي».

4437/ [40]- و قال السدي، و أبو مالك، و ابن عباس، و زين العابدين: الأذان علي بن أبي طالب الذي نادى به.

4438/ [41]- و عنه: و في حديث عن الباقر (عليه السلام)، قال «1»: «قام خداش و سعيد أخو عمرو بن عبد ود، فقالا:

و ما يسيرنا على أربعة أشهر، بل برئنا منك و من ابن عمك، و ليس بيننا و بين ابن عمك إلا السيف و الرمح، و إن شئت بدأنا بك. فقال علي (عليه السلام): هلموا، ثم قال: وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ إلى قوله: إِلى مُدَّتِهِمْ «2».

و الروايات في ذلك أكثر من أن تحصى، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.

سورة التوبة(9): آية 5 ..... ص : 738

قوله تعالى:

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ- إلى قوله تعالى- غَفُورٌ رَحِيمٌ [5]

4439/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، إن من صبر صبر قليلا، و من جزع جزع قليلا». ثم قال: «عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز و جل بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) فأمره بالصبر و الرفق، فقال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا

__________________________________________________

40- مناقب ابن شهر آشوب 2: 127.

41- مناقب ابن شهر آشوب 2: 127.

1- الكافي 2: 71/ 3.

(1) في المصدر: عن الباقرين (عليهما السلام)، قالا.

(2) التوبة 9: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 739

وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ «1». و قال تبارك و تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ «2» فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نالوه بالعظائم و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز و

جل: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ «3» ثم كذبوه و رموه فحزن لذلك، فأنزل الله عز و جل: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا «4».

فألزم النبي (صلى الله عليه و آله) نفسه الصبر، فتعدوا، فذكروا الله تبارك و تعالى و كذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذكر إلهي، فأنزل الله عز و جل: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ «5».

فصبر النبي (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله، ثم بشر في عترته بالأئمة «6»، و وصفوا بالصبر، فقال جل ثناؤه:

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ «7» فعند ذلك قال (صلى الله عليه و آله): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز و جل ذلك له، فأنزل الله عز و جل: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ «8» فقال (صلى الله عليه و آله): إنه بشرى و انتقام، فأباح الله عز و جل له قتال المشركين، فأنزل تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ «9» فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه «10»، و جعل له

ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر و احتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة».

4440/ [2]- و عنه: بإسناده عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل رجل أبي (عليه السلام) عن حروب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، و كان السائل من محبينا. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): بعث الله

__________________________________________________

2- الكافي 5: 10/ 2.

(1) المزمل 73: 10، 11.

(2) فصّلت 41: 34، 35.

(3) الحجر 15: 97، 98.

(4) الأنعام 6: 33، 34.

(5) سورة ق 50: 38، 39.

(6) في «ط»: ثمّ تصبّر في عترته الأئمّة.

(7) السجدة 32: 24.

(8) الأعراف 32: 24. [.....]

(9) البقرة 2: 191، النساء 4: 91.

(10) في المصدر: و أحبائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 740

محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف- و ذكر الأسياف، فقال فيها:- و أما السيوف الثلاثة المشهورة «1»، فسيف على مشركي العرب، قال الله عز و جل: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يعني آمنوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «2» فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، و أموالهم و ذراريهم سبي- على ما سن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- فإنه سبى و عفا و قبل الفداء».

و الحديث طويل، أخذنا موضع الحاجة منه.

4441/ [3]- العياشي: بإسناده عن جعفر بن محمد «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، فسيف على مشركي العرب، فقال جل ذكره: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ

وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يعني فإن آمنوا فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «4» لا يتقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، و لا تسبى لهم ذرية، و ما لهم في ء».

4442/ [4]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، قال: «هي يوم النحر إلى عشر مضين من شهر ربيع الآخر»

سورة التوبة(9): آية 6 ..... ص : 740

قوله تعالى:

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [6] 4443/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: اقرأ عليه و عرفه، ثم لا تتعرض له حتى يرجع إلى مأمنه.

4444/ [2]- ابن شهر آشوب: عن (تفسير القشيري): أن رجلا قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): فمن أراد منا أن يلقى رسول الله في بعض الأمر بعد انقضاء الأربعة، فليس له عهد؟ قال علي (عليه السلام): «بلى، إن الله تعالى قال:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 77/ 21.

4- تفسير العيّاشي 2: 77/ 22.

1- تفسير القمّي 1: 283.

2- المناقب 2: 127.

(1) في المصدر: الشاهرة.

(2) التوبة 9: 11.

(3) في «س» و «ط»: عن جابر، و ما في المتن هو الأرجح.

(4) التوبة 9: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 741

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ الآية».

سورة التوبة(9): آية 12 ..... ص : 741

قوله تعالى:

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [12]

4445/ [1]- عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد «1» و عبد الصمد بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير، فقلت لهم: كانا من أئمة الكفر، إن عليا (عليه السلام) يوم البصرة لما صف الخيل، قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين الله عز و جل و بينهم، فقام إليهم، فقال: يا أهل البصرة، هل تجدون علي جورا في حكم؟ قالوا: لا. قال: فحيفا في قسم؟ قالوا: لا. قال: فرغبة في دنيا أخذتها لي و لأهل بيتي دونكم، فنقمتم علي

فنكثتم بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فأقمت فيكم الحدود، و عطلتها عن غيركم؟ قالوا: لا. قال: فما بال بيعتي تنكث، و بيعة غيري لا تنكث، إني ضربت الأمر أنفه و عينه، فلم أجد إلا الكفر أو السيف.

ثم ثنى إلى أصحابه «2»، فقال: إن الله تبارك و تعالى يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و اصطفى محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، إنهم لأصحاب هذه الآية، و ما قوتلوا مذ نزلت».

4446/ [2]- الشيخ: في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثني يحيى بن إسماعيل المزني، قال: حدثنا جعفر بن علي، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن بكير بن عبد الله الطويل، و عمار بن أبي معاوية، قالا: حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني أفصى- قال بكير: أذن لنا أربعين سنة- قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول يوم الجمل: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثم حلف حين قرأها إنه «ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم».

قال بكير: فسألت عنها أبا جعفر (عليه السلام) فقال: «صدق الشيخ، هكذا قال علي (عليه السلام)، هكذا كان».

__________________________________________________

1- قرب الإسناد: 46.

2- الأمالي 1: 130، شواهد التنزيل 1: 209/ 280.

(1) في «س» و «ط»: حدّثني عبد الحميد، و الصواب ما في المتن، و هو

محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار، ثقة، له كتاب النوادر، رواه عنه عبد اللّه بن جعفر، راجع رجال النجاشي: 339 و معجم رجال الحديث 10: 142 و 143 و 16: 204.

(2) في «س» و «ط» و المصدر: صاحبه، و ما أثبتناه من الحديث الرابع من تفسير هذه الآية. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 742

4447/ [3]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثني أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد، قال: حدثنا سليمان بن قرم، عن أبي الجحاف، عن عمار الدهني، قال: حدثنا أبو عثمان مؤذن بني أفصى، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين خرج طلحة و الزبير لقتاله يقول: «عذيري من طلحة و الزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته». ثم تلا هذه الآية: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ.

4448/ [4]- العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير، فقلت لهم: كانا إمامين من أئمة الكفر، إن عليا (صلوات الله عليه) يوم البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين الله و بينهم. فقام إليهم، فقال: يا أهل البصرة، هل تجدون علي جورا في حكم؟ قالوا: لا. قال: فحيفا في قسم؟ قالوا: لا. قال: فرغبة في دنيا أصبتها لي و لأهل بيتي دونكم، فنقمتم علي

فنكثتم علي بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فأقمت فيكم الحدود و عطلتها عن غيركم؟

قالوا: لا. قال: فما بال بيعتي تنكث، و بيعة غيري لا تنكث، إني ضربت الأمر أنفه و عينه فلم أجد إلا الكفر أو السيف.

ثم ثنى إلى أصحابه، فقال: إن الله يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و اصطفى محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية، و ما قوتلوا منذ نزلت».

4449/ [5]- عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يوم الجمل و هو يحض الناس على قتالهم، و يقول: «و الله، و ما رمي أهل هذه الآية بكنانة قبل هذا اليوم» فقرأ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ.

فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة؟ قال: السهم يكون موضع الحديد، فيه عظم يسميه بعض العرب الكنانة.

4450/ [6]- عن الحسن البصري، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) على هذا المنبر، و ذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة و الزبير و عائشة، صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: «أيها الناس، و الله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلا بآية تركتها في كتاب الله، إن الله يقول: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أما و الله لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال لي: يا علي، لتقاتلن الفئة

الباغية، و الفئة الناكثة، و الفئة المارقة».

__________________________________________________

3- الأمالي: 72/ 7، شواهد التنزيل 1: 209/ 281.

4- تفسير العيّاشي 2: 77/ 23.

5- تفسير العيّاشي 2: 78/ 24.

6- تفسير العيّاشي 2: 78/ 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 743

4451/ [7]- عن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من طعن في دينكم هذا فقد كفر، قال الله: وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ- إلى قوله: يَنْتَهُونَ».

4452/ [8]- عن الشعبي، قال: قرأ عبد الله «1»: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ إلى آخر الآية، ثم قال:

ما قوتل أهلها بعد، فلما كان يوم الجمل قرأها علي (عليه السلام)، ثم قال: «ما قوتل أهلها منذ يوم نزلت حتى اليوم».

4453/ [9]- عن أبي عثمان مؤذن بني أفصى «2»، قال: شهدت عليا (صلوات الله عليه) سنة كلها، فما سمعت منه ولاية و لا براءة، و قد سمعته يقول: «عذرني الله من طلحة و الزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، و الله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ الآية».

سورة التوبة(9): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 743

قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- عَلى مَنْ يَشاءُ [14- 15]

4454/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بن خالد «3»، قال: دخلت أنا و معلى بن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأذن لنا و ليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه، و ليس عليه جلباب، فلما نظر إلينا رحب، فقال: «مرحبا بكما و أهلا» ثم جلس، و قال: «أنتم

أولوا الألباب في كتاب الله، قال الله تبارك و تعالى: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «4» فأبشروا، فأنتم على إحدى الحسنيين من الله: أما إنكم إن بقيتم حتى تروا ما تمدون إليه رقابكم، شفى الله صدوركم، و أذهب غيظ قلوبكم و أدالكم على عدوكم، و هو قول الله تعالى ذكره: وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ و إن مضيتم قبل أن تروا ذلك،

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 79/ 26.

8- تفسير العيّاشي 2: 79/ 27.

9- تفسير العيّاشي 2: 79/ 28، شواهد التنزيل 1: 209/ 281.

1- المحاسن 1: 169/ 135.

(1) المراد به عبد اللّه بن مسعود أحد الصحابة المعروفين و القرّاء المشهورين.

(2) في «س» و «ط» و المصدر: مولى بني قصي، انظر الحديثين الثاني و الثالث.

(3) زاد في الحديث الآتي عن تفسير العيّاشي: عن أبيه، و لعلّه الأرجح، راجع رجال النجاشي: 271 و 299 و معجم رجال الحديث 11: 152 و 12: 96.

(4) الرعد 13: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 744

مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه (صلى الله عليه و آله) و بعثه عليه».

4455/ [2]- العياشي: عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: دخلت أنا و المعلى على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال:

«أبشروا، إنكم على إحدى الحسنيين: شفى الله صدوركم، و أذهب غيظ قلوبكم، و أدالكم على عدوكم، و هو قول الله: وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ و إن مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين الله الذي ارتضاه لنبيه (عليه و آله السلام) و لعلي (عليه السلام)».

4456/ [3]- و عن أبي الأغر التميمي، قال: إني لواقف يوم صفين إذ نظرت إلى العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، شاك في

السلاح، على رأسه مغفر، و بيده صفيحة «1» يمانية، و هو على فرس له أدهم، و كأن عينيه عينا أفعى، فبينا هو يمغث «2» فرسه و يلين من عريكته «3»، إذ هتف به هاتف من أهل الشام، يقال له: عرار بن أدهم:

يا عباس، هلم إلى البراز، قال: فالنزول إذن، فإنه إياس من القفول، قال: فنزل الشامي و وجد «4» و هو يقول:

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل

قال: و ثنى العباس رجله و هو يقول:

و تصد عنك مخيلة الرجل ال عريض «5» موضحة عن العظم

بحسام سيفك «6» أو لسانك و ال كلم الأصيل كأرغب الكلم

قال: ثم عصب فضلات درعه في حجزته «7»، ثم دفع فرسه إلى غلام له يقال له أسلم، كأني أنظر إلى فلافل شعره، و دلف «8» كل واحد منهما إلى صاحبه، قال: فذكرت قول أبي ذؤيب:

فتبارزوا «9» و تواقفت خيلاهما و كلاهما بطل اللقاء مخدع «10»

قال: ثم تكافحا بسيفيهما مليا من نهارهما، لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته، إلى أن لحظ

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 79/ 29.

3- تفسير العيّاشي 2: 79/ 30، عيون أخبار لابن قتيبة 1: 179، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 5: 219. [.....]

(1) الصفيحة: السيف العريض. «الصحاح- صفح- 1: 383».

(2) مغثه: ضربه ضربا ليس بالشديد، و في المصدر: يروض.

(3) العريكة: الطبيعة، و ليّن العريكة: سلس. «الصحاح- عرك- 4: 1599».

(4) وجد: غضب.

(5) العريض: الذي يتعرّض للناس بالشرّ. «الصحاح- عرض- 3: 1087».

(6) في المصدر: سفك.

(7) حجزة الإزار: معقده، و حجزة السراويل: التي فيها التكّة. «الصحاح- حجز- 3: 872».

(8) دلف: تقدّم. «الصحاح- دلف- 4: 1360».

(9) في المصدر: فتنازلا.

(10) رجل مخدّع: أي خدّع مرارا في الحرب حتّى صار

مجرّبا. «الصحاح- خدع- 3: 1202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 745

العباس وهيا «1» في درع الشامي، فأهوى إليه بالسيف «2»، فهتكه إلى ثندوته «3»، ثم عاود لمجاولته و قد أصحر «4» له مفتق الدرع، فضربه العباس بالسيف، فانتظم به جوانح صدره، و خر الشامي صريعا لخده، و انشام «5» العباس في الناس، و كبر، و كبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض، فسمعت قائلا يقول: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)،

فقال: «يا أبا الأغر، من المبارز لعدونا؟» قلت: هذا ابن شيخكم، هذا العباس بن ربيعة، قال: «يا عباس» قال: لبيك. قال: «ألم أنهك و حسنا و حسينا و عبد الله بن جعفر أن تخلوا بمركز أو تباشروا حدثا؟» «6» قال: إن ذلك لكذلك «7»، قال: «فما عدا مما بدا؟» قال: فأدعى إلى البراز- يا أمير المؤمنين- فلا أجيب، جعلت فداك! قال: «نعم، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوك، ود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في نيطه «8»، إطفاء لنور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره المشركون. أما و الله ليملكنهم منا رجال و رجال يسومونهم الخسف حتى يتكففوا بأيديهم، و يحفروا الآبار، إن عادوا لك فعد إلي «9»».

قال: و نمي الخبر «10» إلى معاوية، فقال: و الله دم عرار، ألا رجل يطلب بدم عرار؟ قال: فانتدب «11» له رجلان من لخم، فقالا: نحن له. قال: اذهبا فأيكما قتل العباس برازا فله كذا و كذا. فأتياه فدعواه إلى البراز،

فقال: إن لي سيدا أؤامره «12». قال: فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبره، فقال: «ناقلني سلاحك بسلاحي» فناقله. قال: و ركب أمير المؤمنين (عليه السلام) على فرس العباس، و دفع فرسه إلى العباس، و برز إلى الشاميين، فلم يشكا أنه العباس، فقالا له: أذن لك سيدك، فتحرج أن يقول نعم، فقال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «13».

قال: فبرز إليه أحدهما فكأنما اختطفه، ثم برز إليه الثاني فألحقه بالأول و انصرف و هو يقول:

__________________________________________________

(1) الوهي: الخرق. «الصحاح- و هي- 6: 2531».

(2) في المصدر: بيده.

(3) الثندوة: مغرز الثدي. «لسان العرب- ثدي- 14: 110».

(4) أي خرج إلى العراء. [.....]

(5) الانشيام في الشي ء: الدخول فيه، و انشام الرجل: إذا صار منظورا إليه. «الصحاح- شيم- 5: 1963».

(6) في عيون الأخبار و شرح ابن أبي الحديد: حربا.

(7) في عيون الأخبار: إن ذلك، يعني نعم. و في شرح النهج: إن ذلك كان.

(8) النيط: عرق علق به القلب من الوتين، فإذا قطع مات صاحبه. «الصحاح- نوط- 3: 1166».

(9) في المصدر: فقل لي.

(10) نمي الخبر إليه: رفع إليه.

(11) في «س»: فابتدر.

(12) أي أشاوره، و في «ط»: سيدا و أميرا.

(13) الحج 22: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 746

الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «1»، ثم قال: «يا عباس، خذ سلاحك و هات سلاحي».

قال: و نمي الخبر إلى معاوية، فقال: قبح الله اللجاج، إنه لقعود، ما ركبته قط إلا خذلت. فقال عمرو بن العاص: المخذول و الله اللخميان لا أنت. قال: اسكت- أيها الشيخ- فليس هذه من ساعاتك. قال: فإن لم يكن رحم الله اللخميين، و ما أراه يفعل!

قال: ذلك و الله أضيق لجحرك، و أخسر لصفقتك. قال: أجل و الله، و لولا مصر لركبت المنجاة منها. فقال: هي- و الله- أعمتك، و لولاها لألفيت بصيرا.

سورة التوبة(9): آية 16 ..... ص : 746

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [16] 4457/ [1]- علي بن إبراهيم: أي لما ير، فأقام العلم مقام الرؤية، لأنه قد علم قبل أن يعملوا.

4458/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «يعني بالمؤمنين آل محمد (عليهم السلام)، و الوليجة: البطانة».

4459/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «يعني بالمؤمنين الأئمة (عليهم السلام) لم يتخذوا الولائج من دونهم».

4460/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد و محمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد النخعي، قال: حدثني سفيان بن محمد الضبعي، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله عن الوليجة، و هو قول الله تعالى: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً و قلت في نفسي، لا في الكتاب: من ترى المؤمنين ها هنا؟

فرجع الجواب: «الوليجة: الذي يقام دون ولي الأمر، و حدثتك نفسك عن المؤمنين من هم في

هذا الموضع، فهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 283.

2- تفسير القمّي 1: 283.

3- الكافي 1: 343/ 15.

4- الكافي 1: 425/ 9.

(1) البقرة 2: 194. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 747

الأئمة الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم» «1».

4461/ [5]- العياشي: عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أتى رجل النبي (صلى الله عليه و آله) فقال:

بايعني، يا رسول الله. قال: «علي أن تقتل أباك؟» [قال: فقبض الرجل يده، ثم قال: بايعني، يا رسول الله. قال: «على أن تقتل أباك؟».] فقال الرجل: نعم، على أن أقتل أبي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الآن لم تتخذ من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة، إنا لا نأمرك أن تقتل والديك، و لكن نأمرك أن تكرمهما».

4462/ [6]- عن ابن أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يا معشر الأحداث، اتقوا الله و لا تأتوا الرؤساء، دعوهم حتى يصيروا أذنابا، لا تتخذوا الرجال ولائج من دون الله، إنا و الله خير لكم منهم». ثم ضرب بيده إلى صدره.

4463/ [7]- أبو الصباح الكناني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الصباح، إياكم و الولائج، فإن كل وليجة دوننا فهي طاغوت».

سورة التوبة(9): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 747

قوله تعالى:

ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ- إلى قوله تعالى- الْمُهْتَدِينَ [17- 18] 4464/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ: أي لا يعمروا، و ليس لهم أن يقيموا و قد أخرجوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) منه. ثم قال: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية، و هي

محكمة.

سورة التوبة(9): الآيات 19 الي 22 ..... ص : 747

قوله تعالى:

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 83/ 31.

6- تفسير العيّاشي 2: 83/ 32.

7- تفسير العيّاشي 2: 83/ 33.

1- تفسير القمّي 1: 283.

(1) في «س» و «ط»: أمانتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 748

- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [19- 22]

4465/ [1]- عن علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و العباس و شيبة، قال العباس: أنا أفضل، لأن سقاية الحاج بيدي. و قال شيبة: أنا أفضل، لأن حجابة البيت بيدي. و قال حمزة: أنا أفضل، لأن عمارة المسجد الحرام بيدي.

و قال علي (عليه السلام): أنا أفضل، لأني آمنت قبلكم، ثم هاجرت و جاهدت. فرضوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) [حكما]، فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ».

4466/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ثم وصف علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً

عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ثم وصف ما لعلي (عليه السلام) عنده، فقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ».

4467/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «نزلت في حمزة و علي (عليه السلام) و جعفر و العباس و شيبة، إنهم فخروا بالسقاية و الحجابة، فأنزل الله عز ذكره: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ و كان علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر هم الذين آمنوا بالله و اليوم الآخر، و جاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله».

4468/ [4]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع بن سيار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا، و يغلقوا عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 284.

2- تفسير القمّي 1: 284.

3- الكافي 8: 203/ 245.

4- الأمالي 2: 159 و 163.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 749

فإن توافق خمسة على قول واحد و أبي رجل منهم قتل ذلك الرجل، و إن

توافق أربعة و أبي اثنان قتل الاثنان. فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه». قالوا: قل، و ذكر مناقبه لهم و هم يوافقونه على ثبوتها له دونهم.

و قال لهم في ذلك: «فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غيري؟» قالوا: لا.

4469/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قيل له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بأفضل مناقبك؟ قال: «نعم، كنت أنا و عباس و عثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، قال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخزانة، يعني مفاتيح الكعبة. و قال العباس: أعطاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) السقاية، و هي زمزم، و لم يعطك شيئا، يا علي. قال: فأنزل الله: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ».

4470/ [6]- عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

قال: «نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر و العباس و شيبة أنهم فخروا في السقاية و الحجابة، فأنزل الله:

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ إلى قوله: وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية، فكان علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر «1» الذين آمنوا بالله و اليوم الآخر، و جاهدوا في

سبيل الله لا يستوون عند الله».

4471/ [7]- الطبرسي، قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بإسناده عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: بينا شيبة و العباس يتفاخران، إذ مر بهما علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «بماذا تتفاخران؟» فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد، سقاية الحاج. و قال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام. و قال علي (عليه السلام):

«و أنا أقول لكما: لقد «2» أوتيت على صغري ما لم تؤتيا» فقالا: و ما أوتيت، يا علي؟ قال: «ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله و رسوله».

فقام العباس مغضبا يجر ذيله حتى دخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: أما ترى إلى ما استقبلني به علي؟ فقال: «ادعوا لي عليا». فدعي له فقال: «ما حملك على ما استقبلت به عمك؟».

فقال: «يا رسول الله، صدمته بالحق، فإن شاء فليغضب، و إن شاء فليرض»، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، و قال: يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام، و يقول: اتل عليهم: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ

__________________________________________________

5- تفسير العياشي 2: 83/ 34.

6- تفسير العياشي 2: 83/ 35.

7- مجمع البيان 5: 23، شواهد التنزيل 1: 250/ 338.

(1) في المصدر زيادة: و العباس.

(2) في المصدر: فقال علي (عليه السلام): استحييت لكما، فقد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 750

إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

4472/ [8]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي في (تفسيره)، قال: قال الحسن و الشعبي و محمد بن كعب القرظي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) و العباس بن عبد المطلب و طلحة بن شيبة، و ذلك

أنهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفاتحه، و لو أشاء بت في المسجد. و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها. و قال علي (عليه السلام): «لا أدري ما تقولان، صليت ستة أشهر قبل الناس، و أنا صاحب الجهاد» فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.

4473/ [9]- و من (مناقب ابن المغازلي الشافعي): يرفعه إلى عبد الله بن عبيدة، قال: قال علي (عليه السلام) للعباس: «يا عم، لو هاجرت إلى المدينة». قال: أو لست في أفضل من الهجرة؟ أ لست أسقي حاج بيت الله، و أعمر المسجد الحرام، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

4474/ [10]- و من (الجمع بين الصحاح الستة) للعبدري، و في الجزء الثاني من (صحيح النسائي) بإسناده، قال: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، و العباس بن عبد المطلب، و علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال طلحة:

بيدي مفتاح البيت، و لو أشاء بت فيه. و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، و لو أشاء بت في المسجد.

و قال علي (عليه السلام): «لا أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، و أنا صاحب الجهاد» فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الآية.

سورة التوبة(9): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 750

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ- إلى قوله تعالى- الْفاسِقِينَ [23- 24]

4475/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية، في قول الله: يا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إلى قوله: الْفاسِقِينَ: «فأما لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ فإن الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأول و الثاني، و هو كفر. و قوله: عَلَى الْإِيمانِ فالإيمان ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».

__________________________________________________

8- .... تحفة الأبرار: 117 (مخطوط)، مناقب ابن شهر آشوب 2: 69، و الطرائف: 50/ 44، و العمدة: 193/ 292، الدر المنثور 4: 146.

9- مناقب ابن المغازلي: 322/ 368.

10- .... تحفة الأبرار: 117 (مخطوط)، العمدة: 194/ 295، الطرائف: 50/ 44.

1- تفسير العياشي 2: 84/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 751

4476/ [2]- ابن شهر آشوب: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ، قال: «فإن الإيمان ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4477/ [3]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي (صلى الله عليه و آله) لما أراد فتح مكة».

4478/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ- إلى قوله- اقْتَرَفْتُمُوها يقول: اكتسبتموها.

و

قال علي بن إبراهيم: لما أذن أمير المؤمنين (عليه السلام) بمكة أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام، جزعت قريش جزعا شديدا، و قالوا: ذهبت تجارتنا، و ضاعت عيالنا، و خربت دورنا، فأنزل الله عز و جل في ذلك: قل يا محمد إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ إلى قوله تعالى: وَ اللَّهُ

لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.

سورة التوبة(9): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 751

قوله تعالى:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ [25]

4479/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن عمرو «1»، قال: كان المتوكل قد اعتل علة شديدة، فنذر إن عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثيرة- أو قال: بدراهم كثيرة- فعوفي فجمع العلماء فسألهم عن ذلك، فاختلفوا عليه، فقال أحدهم: عشرة آلاف، و قال بعضهم: مائة ألف. فلما اختلفوا، قال له عبادة: ابعث إلى ابن عمك علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) فاسأله عن ذلك، فبعث إليه فسأله، فقال (عليه السلام): «الكثير ثمانون». فقالوا: رد إليه الرسول: فقل من أين قلت ذلك، فقال: «من قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فكانت المواطن ثمانين موطنا».

__________________________________________________

2- المناقب 3: 94.

3- مجمع البيان 5 لا 25.

4- تفسير القمّي 1 لا 284.

1- تفسير القمّي 1 لا 284.

(1) في المصدر: محمّد بن عمير، و في البحار 104: 217 محمّد بن عمر، و في حديث الكافي الآتي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، و قد روى إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن عمرو، فلعلّ الصواب أن يكون السند: حدّثني أبي عن محمّد بن عمرو، انظر معجم رجال الحديث 1: 321.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 752

4480/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، ذكره، قال: لما سم المتوكل نذر إن عوفي أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد المال الكثير، فاختلفوا عليه، فقال بعضهم:

مائة ألف، و قال بعضهم: عشرة آلاف، فقالوا فيه أقاويل مختلفة، فاشتبه عليه الأمر. فقال رجل من ندمائه، يقال له صفعان «1»: ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل عنه، فقال له المتوكل: من

تعني، ويحك؟ فقال: ابن الرضا.

فقال له: و هو يحسن من هذا شيئا؟ فقال: إن أخرجك من هذا فلي عليك كذا و كذا، و إلا فاضربني مائة مقرعة.

فقال المتوكل: قد رضيت- يا جعفر بن محمود- صر إليه و سله عن حد المال الكثير. فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن علي بن محمد فسأله عن حد المال الكثير. فقال له: «الكثير ثمانون».

فقال له جعفر بن محمود: يا سيدي، إنه يسألني عن العلة فيه؟ فقال له أبو الحسن (صلوات الله عليه): «إن الله عز و جل يقول: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين».

4481/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير، فقال: «الكثير ثمانون فما زاد، لقول الله عز و جل:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و كانت ثمانين موطنا».

4482/ [4]- العياشي: عن يوسف بن السخت، قال: اشتكى المتوكل شكاة شديدة، فنذر لله إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فعوفي من علته، فسأل أصحابه عن ذلك، فأعلموه أن أباه تصدق بثمانية «2» ألف ألف درهم، و إن «3» أراه تصدق بخمسة ألف ألف درهم، فاستكثر ذلك. فقال أبو يحيى بن أبي منصور المنجم: لو كتبت إلى ابن عمك- يعني أبا الحسن (عليه السلام)- فأمر أن يكتب له فيسأله، فكتب إليه، فكتب أبو الحسن (عليه السلام): «تصدق بثمانين درهما». فقالوا: هذا غلط، سلوه من أين؟ قال: «هذا من كتاب الله،

قال الله لرسوله: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و المواطن التي نصر الله رسوله (صلى الله عليه و آله) فيها ثمانون موطنا، فثمانون درهما من حله مال كثير».

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ

__________________________________________________

2- الكافي 7: 463/ 21.

3- معاني الأخبار: 218/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 84/ 37.

(1) في «ط»: صفوان.

(2) في «ط»: بثمانمائة، و في بحار الأنوار 104: 227/ 56: بيمينه. [.....]

(3) في بحار الأنوار: و إنّي، و الظاهر وجود سقط في هذا الموضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 753

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ [25- 26]

4483/ [1]- العياشي: عن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ إلى ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، فقال: «أبو فلان».

4484/ [2]- عن الحسن بن علي بن فضال، قال: قال أبو الحسن علي الرضا (عليه السلام) للحسن بن أحمد: «أي شي ء السكينة عندكم؟» قال: لا أدري- جعلت فداك- أي شي ء هو؟

فقال: «ريح من الله تخرج طيبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، و هي التي نزلت على إبراهيم خليل الرحمن حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، فبنى الأساس عليها».

4485/ [3]- علي بن إبراهيم: أنه كان سبب غزاة حنين أنه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فتح مكة أظهر أنه يريد هوازن، و بلغ الخبر هوازن، فتهيئوا و جمعوا الجموع و السلاح، و اجتمع رؤساؤهم إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم، و خرجوا و ساقوا

معهم أموالهم و نساءهم و ذراريهم و مروا حتى نزلوا بأوطاس «1»، و كان دريد بن الصمة الجشمي «2» في القوم، و كان رئيس جشم، و كان شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر، فلمس الأرض بيده، فقال: في أي واد أنتم؟ قالوا: بوادي أوطاس. قال: نعم، مجال خيل، لا حزن «3» ضرس «4»، و لا سهل دهس «5»، مالي أسمع رغاء البعير و نهيق الحمار و خوار البقر و ثغاء الشاة و بكاء الصبي. فقالوا له: إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم و نساءهم و ذراريهم، ليقاتل كل امرئ عن نفسه و ماله و أهله. فقال دريد: راعي ضأن- و رب الكعبة- ماله و للحرب! ثم قال: ادعوا لي مالكا.

فلما جاءه قال له: يا مالك، ما فعلت؟ قال: سقت مع الناس أموالهم و نساءهم و أبناءهم، ليجعل كل رجل أهله و ماله وراء ظهره، فيكون أشد لحربه».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 84/ 38.

2- تفسير العيّاشي 2: 84/ 39.

3- تفسير القمّي 1: 285، السيرة النبوية لابن هشام 4: 80.

(1) أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين. «معجم البلدان 1: 281».

(2) في «س» و «ط»: الجعشمي ... رئيس جعشم، و هما تصحيف، انظر جمهرة أنساب العرب: 270.

(3) الحزن: ما غلظ من الأرض. «الصحاح- حزن- 5: 2098».

(4) الضّرس: أكمة خشنة. «الصحاح- ضرس- 3: 942».

(5) الدهس: المكان السهل اللين. «الصحاح- دهس- 3: 931».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 754

فقال: يا مالك، إنك أصبحت رئيس قومك، و إنك تقاتل رجلا كريما «1»، و هذا اليوم لما بعده، و لم تضع في تقدمة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا، ويحك و هل يلوي المنهزم علي شي ء؟! اردد

بيضة هوازن إلى علياء بلادهم و ممتنع محالهم، و ألق «2» الرجال على متون الخيل، فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه و درعه و فرسه، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، و إن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك و عيالك.

فقال له مالك: إنك قد كبرت و ذهب علمك و عقلك، فلم يقبل من دريد. فقال دريد: ما فعلت كعب و كلاب؟ قالوا: لم يحضر منهم أحد. قال: غاب الجد و الحزم، لو كان يوم علا و سعادة ما كانت تغيب كعب و لا كلاب. قال: فمن حضرها من هوازن؟ قالوا: عمرو بن عامر، و عوف بن عامر. قال: ذانك الجذعان «3» لا ينفعان و لا يضران، ثم تنفس دريد، و قال: حرب عوان «4».

ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع «5»

أقود و طفاء الزمع كأنها شاة صدع «6»

و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) اجتماع هوازن بأوطاس فجمع القبائل و رغبهم في الجهاد، و وعدهم النصر، و أن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم و نساءهم و ذراريهم، فرغب الناس و خرجوا على راياتهم، و عقد اللواء الأكبر و دفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كل من دخل مكة برايته أمره أن يحملها، و خرج في اثني عشر ألف رجل، عشرة آلاف ممن كانوا معه.

و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و كان معه من بني سليم ألف رجل رئيسهم عباس بن مرداس السلمي، و من مزينة ألف رجل».

رجع الحديث إلى علي بن إبراهيم، قال: فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة بعض ليلة، قال: و قال مالك ابن عوف لقومه: ليصير كل رجل منكم

أهله و ماله خلف ظهره، و اكسروا جفون سيوفكم، و اكمنوا في شعاب هذا الوادي و في الشجر، فإذا كان في غلس الفجر «7» فاحملوا حملة رجل واحد، و هدوا القوم، فإن محمدا لم يلق أحدا يحسن الحرب.

قال: فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغداة انحدر في وادي حنين، و هو واد له انحدار بعيد، و كانت بنو سليم على مقدمته، فخرجت عليها كتائب هوازن من كل ناحية، فانهزمت بنو سليم، و انهزم من وراءهم، و لم يبق

__________________________________________________

(1) في المصدر: كبيرا.

(2) في المصدر: و أبق.

(3) أي الصغيران.

(4) العوان من الحروب: التي قوتل فيها مرّة بعد مرّة، كأنّهم جعلوا الأولى بكرا. «الصحاح- عون- 6: 2168».

(5) خبّ و وضع: كلاهما بمعنى أسرع. [.....]

(6) الوطفاء: كثيرة الشعر، و الزّمع: جمع زمعة، الشعرات المدلّاة في مؤخّر رجل الشاة و الظبي و نحوهما، و الصّدع من الدوابّ: الشابّ القويّ، و المراد فرس هذه صفاته.

(7) في المصدر: الصبح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 755

أحد إلا انهزم، و بقي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقاتلهم في نفر قليل.

و مر المنهزمون برسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يلوون على شي ء، و كان العباس آخذا بلجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن يمينه، و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره.

فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينادي: «يا معشر الأنصار، إلى أين المفر؟ أنا رسول الله»

فلم يلو أحد عليه.

و كانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو التراب في وجوه المنهزمين، و تقول: أين تفرون عن الله و عن رسوله.

و مر بها عمر، فقالت له: ويلك، ما هذا الذي صنعت؟ فقال لها: هذا أمر الله.

فلما

رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الهزيمة ركض يحوم على بغلته قد شهر سيفه، فقال: «يا عباس، اصعد هذا الظرب «1» و ناد: يا أصحاب البقرة، يا أصحاب الشجرة، إلى أين تفرون، هذا رسول الله».

ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده فقال: «اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان» فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله: دعوت بما دعا به موسى حين فلق الله له البحر و نجاه من فرعون. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأبي سفيان بن الحارث: «ناولني كفا من حصى، فناوله فرماه في وجوه المشركين، ثم قال:

«شاهت الوجوه» ثم رفع رأسه إلى السماء، و قال: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد».

فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا و كسروا جفون سيوفهم و هم ينادون: لبيك، و مروا برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استحيوا أن يرجعوا إليه، و لحقوا بالراية، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «من هؤلاء، يا أبا الفضل؟». فقال: يا رسول الله، هؤلاء الأنصار. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الآن حمي الوطيس «2»»

فنزل النصر من السماء، و انهزمت هوازن، و كانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو، فانهزموا في كل وجه، و غنم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أموالهم و نساءهم و ذراريهم، و هو قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ.

4486/ [4]- علي بن إبراهيم: قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ

وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا و هو القتل. وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ.

قال: و قال رجل من بني نصر بن معاوية، يقال له: شجرة بن ربيعة للمؤمنين و هو أسير في أيديهم: أين الخيل البلق و الرجال عليهم الثياب البيض؟ فإنما كان قتلنا بأيديهم، و ما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة؟ قالوا: تلك الملائكة.

4487/ [5]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 288.

5- الكافي 8: 376/ 566.

(1) الظّرب: الجبل المنبسط أو الصغير. «القاموس المحيط- ظرب- 1- 103».

(2) الوطس: التنّور، و هو كناية عن شدّة الأمر و اضطراب الحرب. «مجمع البحرين- وطس- 4: 123».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 756

الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن عجلان أبي صالح، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده يوم حنين أربعين».

4488/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «السكينة: الإيمان».

4489/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن السندي بن محمد، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «السكينة: الإيمان».

4490/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو همام إسماعيل بن همام، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال لرجل: أي شي ء السكينة عندكم؟ فلم

يدر القوم ما هي، فقالوا: جعلنا الله فداك، ما هي؟

قال: «ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة الإنسان، تكون مع الأنبياء (عليهم السلام)، و هي التي أنزلت علي إبراهيم (عليه السلام) حين بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، و بنى الأساس عليها».

4491/ [9]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طريف الروايات ما ذكره أبو هاشم بن الصباغ في كتاب (النور و البرهان) يرفعه إلى محمد بن إسحاق، قال: قال حسان: قدمت مكة معتمرا و أناس من قريش يقذفون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)- فقال ما هذا لفظه- فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فقام على فراشه، و خشي من أبي بكر أن يدلهم عليه، فأخذه معه و مضى إلى الغار.

سورة التوبة(9): آية 29 ..... ص : 756

قوله تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ [29]

4492/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم

__________________________________________________

6- الكافي 2: 12/ 3.

7- معاني الأخبار: 284/ 1.

8- معاني الأخبار:. 285/ 3.

9- الطرائف: 410.

1- الكافي 5: 10/ 2.

(1) في المصدر: أبي جعفر، و الظاهر ارجحيته، انظر سند الحديث الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 757

ابن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث الأسياف الذي ذكره عن أبيه (عليه السلام)، قال فيه: «و أما السيوف الثلاثة المشهورة: فسيف على مشركي العرب، قال الله عز و جل: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ»

و قد تقدم في هذه الآية «1».

قال: «و السيف الثاني على أهل الذمة، قال الله عز و جل: قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «2» نزلت هذه الآية في أهل الذمة، ثم نسخها قوله عز و جل: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منه إلا الجزية أو القتل، و ما لهم في ء، و ذراريهم سبي، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم، و حرمت أموالهم، و حلت لنا مناكحتهم، و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم، و لم تحل لنا مناكحتهم، و لم يقبل منهم إلا الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل».

4493/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم في ذلك شي ء موظف لا ينبغي أن يجوزوا إلى غيره؟

فقال: «ذاك إلى الإمام أن يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله مما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم «3» به حتى يسلموا، فإن الله تبارك و تعالى قال: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم».

قال: و قال ابن مسلم:

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس من أرض الجزية، و يأخذ من الدهاقين جزية رؤوسهم، أما عليهم في ذلك شي ء موظف؟

فقال: «كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم، و ليس للإمام أكثر من الجزية، إن شاء الإمام وضع ذلك على رؤوسهم و ليس على أموالهم شي ء، و إن شاء فعلى أموالهم و ليس على رؤوسهم شي ء».

فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: «إنما هذا شي ء كان صالحهم عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4494/ [3]- و عنه: عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن أهل الذمة، ماذا عليهم مما يحقنون به دماءهم و أموالهم؟ قال: «الخراج، فإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، و إن أخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم».

__________________________________________________

2- الكافي 3: 566/ 1.

3- الكافي 3: 567/ 2. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (5) من هذه السورة.

(2) البقرة 2: 83.

(3) في (من لا يحضره الفقيه 2: 27/ 4): و يأخذون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 758

4495/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، جميعا، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، و لا من المغلوب على عقله».

4496/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المجوس، أ كان لهم نبي؟

فقال: «نعم، أما بلغك كتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى

أهل مكة: أن أسلموا و إلا نابذتكم بحرب، فكتبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان.

فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه و آله): إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب. فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه: زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر. فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه و آله): إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه، و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور».

4497/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، [عن أبيه ] «1»، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صدقات أهل الذمة «2»، و ما يؤخذ منهم من ثمن خمورهم و لحم خنازيرهم و ميتتهم. قال: «عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ منهم من ثمن «3» لحم الخنزير أو الخمر، و كلما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم، و ثمنه للمسلمين حلال «4»».

4498/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية، و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الأنصار «5»، و الصدقة لأهلها الذين سمى الله في كتابه، و ليس لهم من الجزية شي ء».

ثم قال: «ما أوسع العدل!» ثم قال: «إن الناس ليستغنون إذا عدل بينهم، و تنزل السماء رزقها، و تخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 567/ 3.

5- الكافي 3: 567/ 4.

6- الكافي 3: 568/ 5.

7- الكافي 3: 568/

6.

(1) من المصدر و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 6: 231.

(2) في المصدر: الجزية.

(3) في «ط»: من عشر.

(4) في المصدر زيادة: يأخذونه في جزيتهم.

(5) (و الأنصار) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 759

4499/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في أهل الجزية، يؤخذ من أموالهم «1» شي ء سوى الجزية؟ قال: «لا».

4500/ [9]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد سار في أهل العراق بسيرة، فهي «2» إمام لسائر الأرضين» و قال: «إن أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية، و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الأنصار «3»، و الصدقات لأهلها الذين سمى الله في كتابه، ليس لهم في الجزية شي ء».

ثم قال: «ما أوسع العدل! إن الناس يستغنون «4» إذا عدل فيهم، و تنزل السماء رزقها، و تخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى».

4501/ [10]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثني إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم في ذلك شي ء موظف «5» لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟

فقال: «ذلك إلى الإمام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء

على قدر ماله و ما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم ما يطيقون له أن يتخذ منهم «6» حتى يسلموا، فإن الله قال: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه، فيألم لذلك فيسلم».

4502/ [11]- العياشي: عن عبد الملك بن عتبة «7» الهاشمي، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال: «من ضرب الناس بسيفه و دعاهم إلى نفسه و في المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضال متكلف». قاله لعمرو بن

__________________________________________________

8- الكافي 3: 568/ 7.

9- التهذيب 4: 118/ 340. [.....]

10- تفسير القمّي 1: 288.

11- تفسير العيّاشي 2: 85/ 40.

(1) في المصدر زيادة: و مواشيهم.

(2) في «ط»: فهم.

(3) (و الأنصار) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: يتسعون.

(5) في المصدر: يوصف.

(6) في المصدر: يؤخذ منهم بها.

(7) في «س» و «ط»: عبد الملك بن عبد اللّه، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 239 و معجم رجال الحديث 11: 22. و في رواية الطبرسي في الاحتجاج: 362: عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 760

عبيد حيث سأله أن يبايع [محمد بن ] «1» عبد الله بن الحسن بن الحسن.

4503/ [12]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم من شي ء «2» موظف لا ينبغي أن يجاوزه إلى غيره؟

قال: فقال: «لا، ذلك إلى الإمام، يأخذ منهم من كل إنسان، ما شاء، على قدر ماله و ما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا

أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم بها حتى يسلموا، فإن الله يقول: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه، فيألم لذلك فيسلم».

4504/ [13]- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، فسيف على أهل الذمة، قال الله: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «3» نزلت في أهل الذمة، ثم نسختها اخرى، قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى وَ هُمْ صاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا أداء الجزية أو القتل، و ما لهم في ء «4» و تسبى ذراريهم، فإذا قبلوا الجزية حل لنا نكاحهم و ذبائحهم «5»».

سورة التوبة(9): آية 30 ..... ص : 760

قوله تعالى:

وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [30]

4505/ [1]- الإمام العسكري (عليه السلام): قال: «قال الصادق (عليه السلام): لقد حدثني أبي الباقر (عليه السلام) عن جدي علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، أنه اجتمع يوما عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل خمسة أديان: اليهود، و النصارى، و الدهرية، و الثنوية، و مشركو العرب.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 85/ 41.

13- تفسير العيّاشي 2: 85/ 42.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 530/ 323.

(1) هو ذو النفس الزكيّة، الذي دعا الامام الصادق إلى بيعته بعد أن ادّعى الخلافة، فوعظه و نهاه، فمضى حتى قتل على يد المنصور

العبّاسي سنة 145 ه. انظر: الكافي 1: 295، الاحتجاج: 363، معجم رجال الحديث 16: 235.

(2) في المصدر: عليهم في ذلك شي ء. [.....]

(3) البقرة 2: 83.

(4) في المصدر زيادة: و يؤخذ مالهم.

(5) في المصدر و البحار 100: 67/ 14، ما حلّ لنا نكاحهم و لا ذبائحهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 761

فقالت اليهود: نحن نقول: عزير ابن الله، و قد جئناك- يا محمد- لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك «1».

و قالت النصارى: نحن نقول: إن المسيح ابن الله اتحد به، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قالت الدهرية: نحن نقول: الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قالت الثنوية: نحن نقول: إن النور و الظلمة هما المدبران، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قال مشركو العرب: نحن نقول: إن أوثاننا آلهة، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): آمنت بالله وحده لا شريك له، و كفرت بكل معبود سواه. ثم قال: إن الله تعالى بعثني بالحق إلى الخلق كافة بشيرا و نذيرا، حجة على العالمين، و سيرد الله كيد من يكيد دينه في نحره.

ثم قال لليهود: أ جئتموني لأقبل قولكم بغير حجة؟ قالوا: لا.

قال: فما الذي دعاكم إلى القول بأن عزيرا ابن

الله؟ قالوا: لأنه أحيا لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت، و لم يفعل به هذا إلا لأنه ابنه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكيف صار عزير ابن الله دون موسى، و هو الذي جاء بالتوراة، و رئي منه من العجائب «2» ما قد علمتم، و لئن كان عزير ابن الله لما ظهر من إكرامه بإحياء التوراة، فلقد كان موسى بالبنوة أحق و أولى، و لئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب أنه ابنه، فأضعاف هذه الكرامة لموسى توجب له منزلة أجل من البنوة، لأنكم إن كنتم إنما تريدون بالبنوة الولادة على سبيل ما تشاهدونه في دنياكم من ولادة الأمهات الأولاد بوطء آبائهم لهن فقد كفرتم بالله تعالى، و شبهتموه بخلقه، و أوجبتم فيه صفات المحدثين، و وجب عندكم أن يكون محدثنا مخلوقا، و أن له خالقا صنعه و ابتدعه! قالوا: لسنا نعني هذا، فإن هذا كفر كما ذكرت، و لكنا نعني أنه ابنه على معنى الكرامة، و إن لم يكن هناك ولادة، كما يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه و إبانة المنزلة «3» من غيره: يا بني، و: إنه ابني. لا على إثبات ولادته منه، لأنه قد يقول ذلك لمن هو أجنبي لا نسب بينه و بينه، و كذلك لما فعل بعزير ما فعل كان اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذا ما قلته لكم: إنه إن وجب على هذا الوجه أن يكون عزير ابنه، فإن هذه

__________________________________________________

(1) في المصدر في جميع المواضع: خصمناك.

(2) في المصدر: المعجزات.

(3) في المصدر: و إبانته بالمنزلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 762

المنزلة لموسى أولى، و إن الله تعالى يفضح

كل مبطل بإقراره، و يقلب عليه حجته. إن ما احتججتم به إنما يؤديكم إلى ما هو أكبر مما ذكرته لكم، لأنكم زعمتم أن عظيما من عظمائكم قد يقول لأجنبي لا نسب بينه و بينه: يا بني، و هذا ابني، لا على طريق الولادة، فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لأجنبي آخر: هذا أخي. و لآخر: هذا شيخي، و أبي. و لآخر: هذا سيدي، و يا سيدي، على طريق الإكرام، و إن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، فإذن يجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو أبا أو سيدا لأنه قد زاده في الكرامة على ما لعزير، كما أن من زاد رجلا في الإكرام، فقال له: يا سيدي، و يا شيخي، و يا عمي، و يا رئيسي، و يا أميري [على طريق الإكرام، و إن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، أ فيجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا أو أميرا لأنه قد زاده في الإكرام على من قال له: يا شيخي أو: يا سيدي أو: يا عمي أو: يا رئيسي أو: يا أميري؟].

قال: فبهت القوم و تحيروا، و قالوا: يا محمد، أجلنا نتفكر فيما قلته. فقال: انظروا فيه بقلوب معتقدة للإنصاف يهدكم الله.

ثم أقبل (صلى الله عليه و آله) على النصارى، فقال لهم: و أنتم قلتم: إن القديم عز و جل اتحد بالمسيح ابنه، ما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم أن القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو عيسى صار قديما لوجود القديم الذي هو الله، أو معنى قولكم: إنه اتحد به،

أنه اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه. فإن أردتم أن القديم تعالى صار محدثا، فقد أحلتم «1»، لأن القديم محال أن ينقلب فيصير محدثا، و إن أردتم أن المحدث صار قديما، فقد أحلتم، لأن المحدث أيضا محال أن يصيرا قديما، و إن أردتم أنه اتحد به بأن اختصه و اصطفاه على سائر عباده، فقد أقررتم بحدوث عيسى و بحدوث المعنى الذي اتحد به من أجله، لأنه إذا كان عيسى محدثا، و كان الله اتحد به بأن أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده، فقد صار عيسى و ذلك المعنى محدثين، و هذا خلاف ما بدأتم تقولونه.

قال: فقالت النصارى: يا محمد، إن الله تعالى لما أظهر على يد عيسى من الأشياء العجيبة ما أظهر، فقد اتخذه ولدا على جهة الكرامة، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): فقد سمعتم ما قلت لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه، ثم أعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك كله، فسكتوا إلا رجلا واحدا منهم، قال له: يا محمد، أو لستم تقولون إن إبراهيم خليل الله؟ [قال: قد قلنا ذلك. فقال:] فإذا قلتم ذلك، فلم منعتمونا من أن نقول: إن عيسى ابن الله؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنهما لن يشتبها، لأن قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة و الخلة، فأما الخلة فمعناه الفقر و الفاقة، فقد كان خليلا إلى ربه فقيرا و إليه منقطعا، و عن غيره متعففا معرضا مستغنيا، و ذلك لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق فبعث الله تعالى إلى جبرئيل (عليه السلام)، و قال له: أدرك عبدي. فجاءه فلقيه في

الهواء، فقال له: كلفني ما بدا لك، فقد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله و نعم

__________________________________________________

(1) أحال: جمع بين المتناقضين في كلامه. «المعجم الوسيط- حال- 1: 208».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 763

الوكيل، إني لا أسأل غيره، و لا حاجة إلي إلا إليه، فسماه خليله، أي فقيره و محتاجه، و المنقطع إليه عمن سواه.

و إذا جعل معنى ذلك من الخلة فقد تخلل معانيه «1»، و وقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كأن معناه العالم به و بأموره، فلا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، و إذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله، و أن من يلده الرجل و إن أهانه و أقصاه لم يخرج عن أن يكون ولده، لأن معنى الولادة قائم.

ثم إن وجب- لأنه قال الله تعالى: إبراهيم خليلي- أن تقيسوا أنتم فتقولوا: إن عيسى ابنه، وجب أيضا كذلك أن تقولوا لموسى: إنه ابنه. فإن الذي معه من المعجزات لم يكن دون ما كان مع عيسى، فقولوا: إن موسى أيضا ابنه، و إنه يجوز أن تقولوا على هذا المعنى: شيخه و عمه و سيده و رئيسه و أميره، كما قد ذكرته لليهود.

فقال بعضهم: ففي الكتب المنزلة أن عيسى، قال: أذهب إلى أبي؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإن كنتم بذلك الكتاب تعلمون، فإن فيه: ربي و ربكم، و أذهب إلى أبي و أبيكم، فقولوا: إن جميع الذين خاطبهم كانوا أبناء الله، كما كان عيسى ابنه، من الوجه الذي كان عيسى ابنه ثم إن ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا المعنى الذي زعمتم أن عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له،

لأنكم قلتم:

إنما قلنا: إنه ابنه لأنه تعالى اختصه بما لم يختص به غيره، و أنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى، لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى: أذهب إلى أبي و أبيكم. فبطل أن يكون الاختصاص لعيسى، لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى. و أنتم إنما حكيتم لفظة عيسى و تأولتموها على غير وجهها، لأنه إذا قال: أبي و أبيكم. فقد أراد غير ما ذهبتم إليه و نحلتموه، و ما يدريكم لعله عنى: أذهب إلى آدم و إلى نوح، إن الله يرفعني إليهم، و يجمعني معهم، و آدم أبي و أبوكم، و كذلك نوح، بل ما أراد غير هذا؟

قال: فسكتت النصارى، و قالوا: ما رأينا كاليوم مجادلا و مخاصما، و سننظر في أمورنا.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الدهرية، فقال: و أنتم، فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة لم تزل، و لا تزال؟

فقالوا: إنا لا نحكم إلا بما نشاهد، و لم نجد للأشياء حدثا، فحكمنا بأنها لم تزل، و لم نجد لها انقضاء و فناء [فحكمنا بأنها لا تزال ].

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ فوجدتم لها قدما، أم وجدتم لها بقاء أبد الأبد؟ فإن قلتم: إنكم قد وجدتم ذلك أثبتم لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم و عقولكم بلا نهاية، و لا تزالون كذلك، و لئن قلتم هذا دفعتم العيان و كذبكم العالمون الذين يشاهدونكم.

قالوا: بل لم نشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الأبد.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم و البقاء دائما، لأنكم

لم تشاهدوا حدوثها و انقضاءها أولى من تارك التمييز لها مثلكم، فيحكم لها بالحدوث و الانقضاء و الانقطاع، لأنه لم يشاهد لها قدما و لا

__________________________________________________

(1) في المصدر: من الخلة، و هو أنّه قد تخلّل به معانيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 764

بقاء أبد الآبد. أو لستم تشاهدون الليل و النهار و أحدهما بعد الآخر؟ فقالوا: نعم.

فقال: أ ترونهما لم يزالا و لا يزالان؟ فقالوا: نعم.

قال: فيجوز عندكم اجتماع الليل و النهار، فقالوا: لا.

قال (صلى الله عليه و آله): فإذن ينقطع أحدهما عن الآخر، فيسبق أحدهما، و يكون الثاني جاريا بعده، قالوا: كذلك هو.

قال: قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل و نهار لم تشاهدوهما، فلا تنكروا لله قدرة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ تقدرون ما تقدم «1» من الليل و النهار متناه أو غير متناه؟ فإن قلتم: غير متناه.

فكيف وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله؟ و إن قلتم: إنه متناه. فقد كان و لا شي ء منهما «2». قالوا: نعم.

قال لهم: أقلتم، إن العالم قديم ليس بمحدث. و أنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به، و بمعنى ما جحدتموه؟

قالوا: نعم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذا الذي نشاهده من الأشياء، بعضها إلى بعض مفتقر، لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به، كما نرى أن البناء محتاج بعض أجزائه إلى بعض و إلا لم يتسق و لم يستحكم، و كذلك سائر ما نرى.

و قال (صلى الله عليه و آله): فإن كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته و تمامه هو القديم، فأخبروني أن لو كان محدثا فكيف كان يكون؟ و ماذا كانت تكون صفته؟ قال: فبهتوا و علموا أنهم لا يجدون

للمحدث صفة يصفونه بها إلا و هي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم، فوجموا ثم قالوا: سننظر في أمرنا.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، فقال: و أنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟

قالوا: لأنا وجدنا العالم صنفين: خيرا، و شرا، و وجدنا الخير ضد الشر، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشي ء و ضده، بل لكل واحد منهما فاعل، ألا ترى أن الثلج محال أن يسخن، كما أن النار محال أن تبرد، فأثبتنا لذلك صانعين قديمين: ظلمة و ضياء.

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو لستم وجدتم سوادا و بياضا، و حمرة و صفرة و خضرة و زرقة، و كل واحد منها ضد لسائرها، لاستحالة اجتماع اثنين منها في محل واحد، كما أن الحر و البرد ضدان لاستحالة اجتماعهما في محل واحد؟ قالوا: نعم.

قال: فهلا أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما، ليكون فاعل كل ضد من هذه الألوان غير فاعل الضد الآخر؟

فسكتوا.

ثم قال: و كيف اختلط النور و الظلمة، و هذا من طبعه الصعود، و هذه من طبعها النزول، أرأيتم لو أن رجلا

__________________________________________________

(1) في المصدر: أ تقولون ما قبلكم.

(2) في المصدر زيادة: بقديم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 765

أخذ شرقا يمشي إليه، و الآخر غربا، أ كان يجوز عندكم أن يلتقيا ما داما سائرين على وجوههما؟ قالوا: لا. قال:

فوجب أن لا يختلط النور و الظلمة، لذهاب كل واحد منهما إلى غير جهة الآخر، فكيف حدث هذا العالم من امتزاج ما هو محال أن يمتزج؟! بل هما مدبران جميعا مخلوقان. فقالوا: سننظر في أمورنا.

ثم أقبل رسول الله

(صلى الله عليه و آله) على مشركي العرب، فقال: و أنتم، فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟ فقالوا:

نتقرب بذلك إلى الله تعالى.

فقال: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله تعالى؟ قالوا: لا.

قال: و أنتم الذين تنحتونها بأيديكم؟ [قالوا: نعم، قال:] فلئن تعبدكم هي- لو كان يجوز منها العبادة- أحرى من أن تعبدوها، إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم و عواقبكم، و الحكيم فيما يكلفكم.

قال: فلما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك اختلفوا، فقال بعضهم: إن الله قد يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصورة، فصورنا هذه الصور، نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا.

و قال آخرون منهم: إن هذه صور أقوام سلفوا، كانوا مطيعين لله قبلنا، فمثلنا صورهم و عبدناها تعظيما لله.

و قال آخرون منهم: إن الله لما خلق آدم و أمر الملائكة بالسجود له، كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك، و صورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله، كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، و كما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم، ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها، و قصدتم الكعبة لا محاريبكم، و قصدتم بالكعبة إلى الله تعالى لا إليها.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخطأتم الطريق و ضللتم، أما أنتم- و هو (صلى الله عليه و آله) يخاطب الذين قالوا: إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها، فصورنا هذه نعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا- فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شي ء حتى يحيط به ذلك الشي ء؟

فأي فرق بينه إذن و بين سائر ما يحل فيه من لونه و طعمه و رائحته و لينه و خشونته و ثقله و خفته؟ و لم صار هذا المحلول فيه محدثا و ذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا و هذا قديما؟ و كيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال، و هو عز و جل [لا يزال ] كما لم يزل؟ فإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، و ما وصفتموه بالزوال و الحدوث وصفتموه «1» بالفناء، لأن ذلك أجمع من صفات الحال و المحلول فيه، و جميع ذلك يغير الذات، فإن جاز أن تتغير ذات الباري عز و جل بحلوله في شي ء، جاز أن يتغير بأن يتحرك و يسكن و يسود و يبيض و يحمر و يصفر و تحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين و يكون محدثا تعالى الله عن ذلك.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإذا بطل ما ظننتموه من أن الله يحل في شي ء فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم.

قال: فسكت القوم، و قالوا: سننظر في أمورنا.

__________________________________________________

(1) في المصدر: فصفوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 766

ثم أقبل على الفريق الثاني، فقال لهم: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها و صليتم، و وضعتم الوجوه الكريمة على التراب، فما الذي أبقيتم لرب العالمين؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه و عبادته أن لا يساوى به عبده؟ أرأيتم ملكا عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم و الخشوع و الخضوع أ يكون في ذلك وضع للكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟ فقالوا: نعم.

فقال: أ فلا تعلمون أنكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين؟ فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمورنا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا و شبهتمونا بأنفسكم و لسنا سواء، و ذلك أنا عباد الله مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا، و ننزجر عما زجرنا، و نعبده من حيث يريد منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه و لم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا، و لم يأذن لنا، لأنا لا ندري لعله أراد منا الأول و هو يكره الثاني، و قد نهانا أن نتقدم بين يديه. فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا، ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا، فلم نخرج في شي ء من ذلك من اتباع أمره، و الله عز و جل حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون، إذ لم يأمركم به.

ثم قال: لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أرأيتم لو أمركم رجل بدخول «1» داره يوما بعينه، أ لكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره؟ و لكم أن تدخلوا دارا له اخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه، أو عبدا من عبيده، أو دابة من دوابه، أ لكم أن تأخذوا ذلك؟ قالوا: نعم. قال: فإن لم تجدوه أخذتم آخر مثله؟ قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن لنا في الأول.

قال (صلى الله عليه و آله): فأخبروني، الله تعالى أولى بأن لا يتقدم

على ملكه بغير أمره أو بعض المملوكين؟ قالوا:

بل الله أولى بأن لا يتصرف في ملكه بغير أمره و إذنه. قال (صلى الله عليه و آله): فلم فعلتم، و من «2» أمركم أن تسجدوا لهذه الصور؟ قال: فقال القوم: سننظر في أمورنا ثم سكتوا.

قال الصادق (عليه السلام): فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم ثلاثة أيام حتى أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأسلموا، و كانوا خمسة و عشرين رجلا، من كل فرقة خمسة، و قالوا: ما رأينا مثل حجتك- يا محمد- نشهد أنك رسول الله.

و قال الصادق (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فأنزل الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ «3» فكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف منهم: لما قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فكان ردا على الدهرية الذين قالوا: إن الأشياء لا بدء لها و هي دائمة. ثم قال: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فكان ردا على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران. ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: لو أذن لكم رجل دخول.

(2) في المصدر: و متى.

(3) الأنعام 6: 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 767

قال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة. ثم أنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «1» إلى آخرها، فكان فيها رد على من ادعى من دون الله ضدا أو ندا.

قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ

أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية: إن الأشياء لا بدء لها، و هي

دائمة. و لا كما قالت الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران. و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة. فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك».

4506/ [2]- العياشي: عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنه لن يغضب لله شي ء كغضب الطلح «2» و السدر، إن الطلح كانت كالأترج «3»، و السدر كالبطيخ، فلما قالت اليهود: يد الله مغلولة: نقص حملهما فصغر، فصار له عجم، و اشتد العجم «4». و لما أن قالت النصارى: المسيح ابن الله. أذعرتا فخرج لهما هذا الشوك، و نقص حملهما و صار الشوك «5» إلى هذا الحمل، و ذهب حمل الطلح، فلا يحمل حتى يقوم قائمنا أو تقوم الساعة». ثم قال: «من سقى طلحة أو سدرة فكأنما سقى مؤمنا من ظمأ».

4507/ [3]- عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، و اشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، و اشتد غضب الله على من أراق دمي و آذاني في عترتي».

قوله تعالى:

قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [30]

4508/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي لعنهم الله أنى يؤفكون، فسمى اللعنة قتالا، و كذلك قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ «6» أي لعن الإنسان».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 86/ 44.

3- تفسير العيّاشي 2: 86/ 43.

1- الاحتجاج: 250.

(1) الإخلاص 112: 1.

(2) الطلح: شجر عظام من شجر العضاه ترعاه

الإبل. «المعجم الوسيط- طلح- 2: 561».

(3) الأترج: شجر يعلو، ناعم الأغصان و الورق، و ثمره كالليمون الكبار، و هو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء. «المعجم الوسيط 1: 4».

(4) العجم: النوى و كلّ ما كان في جوف مأكول، كالزبيب و ما أشبهه. «الصحاح- عجم- 5: 1980».

(5) في «ط»: النبق.

(6) عبس 80: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 768

سورة التوبة(9): آية 31 ..... ص : 768

قوله تعالى:

اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ- إلى قوله تعالى- يُشْرِكُونَ [31]

4509/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فقال: «أما و الله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، و لو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن): عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى، بباقي السند و المتن «1».

4510/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن خالد، عن حماد، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «و الله ما صلوا لهم و لا صاموا، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم».

4511/ [3]- و عنه: عن أبيه، عمن ذكره، عن عمرو بن أبي المقدام، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً

مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «و الله ما صلوا لهم و لا صاموا، و لكن أطاعوهم في معصية الله».

4512/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «أما و الله ما صاموا لهم و لا صلوا، و لكنهم أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم».

و

في خبر آخر عنه: «و لكنهم أطاعوهم في معصية الله».

4513/ [5]- عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 43/ 1.

2- المحاسن: 246/ 245.

3- المحاسن: 246/ 244.

4- تفسير العياشي 2: 86/ 45 و 46.

5- تفسير العياشي 2: 86/ 47. [.....]

(1) المحاسن: 246/ 246.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 769

قال: «أما إنهم لم يتخذوهم آلهة، إلا أنهم أحلوا حراما فأخذوا به، و حرموا حلالا فأخذوا به، فكانوا أربابا من دون الله».

4514/ [6]- قال أبو بصير، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، و لو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، و لكنهم أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فكانوا يعبدونهم من حيث لا يشعرون».

4515/ [7]- عن حذيفة، أنه (عليه السلام) سئل عن قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ.

فقال: «لم يكونوا يعبدونهم، و لكن كانوا إذا أحلوا لهم أشياء استحلوها، و إذا حرموا عليهم حرموها».

4516/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، قال: «أما المسيح فبعض، عظموه في أنفسهم حتى زعموا

أنه إله، و أنه ابن الله. و طائفة منهم قالوا: ثالث ثلاثة. و طائفة منهم قالوا: هو الله.

و أما قوله: أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ فإنهم أطاعوهم و أخذوا بقولهم، و اتبعوا ما أمروهم به، و دانوا بما دعوهم إليه، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم و تركهم أمر الله و كتبه و رسله، فنبذوه وراء ظهورهم، و ما أمرهم به الأحبار و الرهبان اتبعوه و أطاعوهم و عصوا الله، و إنما ذكر هذا في كتابنا لكي يتعظ به «1»، فعير الله بني إسرائيل بما صنعوا، يقول الله: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

4517/ [9]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «أما و الله، ما صاموا لهم و لا صلوا، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم و عبدوهم من حيث لا يشعرون».

4518/ [10]- قال: و روى الثعلبي، بإسناده عن عدي بن حاتم، قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و في عنقي صليب من ذهب، فقال لي: «يا عدي، اطرح هذا الربق «2» من عنقك». قال: فطرحته ثم انتهيت إليه، و هو يقرأ من سورة براءة هذه الآية اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً حتى فرغ منها. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم؟ فقال:

«أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، و يحلون ما حرم الله فتستحلونه؟» قال: فقلت: بلى، قال: «فتلك عبادتهم».

سورة التوبة(9): آية 33 ..... ص : 769

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [33]

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 87/ 48.

7- تفسير العيّاشي 2: 78/ 49.

8- تفسير القمّي 1: 289.

9- مجمع البيان 5: 37.

10- مجمع البيان 5:

37.

(1) في المصدر: نتعظ بهم.

(2) في المصدر: الوثن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 770

4519/ [1]- ابن بابويه: قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

قال: «و الله ما نزل تأويلها بعد، و لا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر بالله العظيم و لا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة، قالت: يا مؤمن، في بطني كافر فاكسرني و اقتله».

4520/ [2]- العياشي: عن أبي المقدام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال: «يكون أن لا يبقى أحد إلا أقر بمحمد (صلى الله عليه و آله)».

4521/ [3]- و قال في خبر آخر عنه: قال: «ليظهره الله في الرجعة».

4522/ [4]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال: «إذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق مشرك بالله العظيم و لا كافر إلا كره خروجه».

4523/ [5]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد (عليهم السلام)، فلا يبقى أحد إلا أقر بمحمد (صلى الله عليه و آله)».

4524/ [6]- علي بن إبراهيم: أنها

نزلت في القائم من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو الذي ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله.

سورة التوبة(9): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 770

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 670/ 16، ينابيع المودة: 423.

2- تفسير العيّاشي 2: 87/ 50.

3- تفسير العيّاشي 2: 87/ 51.

4- تفسير العيّاشي 2: 87/ 52.

5- مجمع البيان 5: 38.

6- تفسير القمّي 1: 289. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 771

يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- تَكْنِزُونَ [34- 35]

4525/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاذ بن كثير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه به فيستعين به على عدوه، و هو قول الله عز و جل في كتابه: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

4526/ [2]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، و ساق إسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما نزلت هذه الآية وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز، و إن كان تحت سبع أرضين، و كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، و إن كان فوق الأرض».

4527/ [3]- و عنه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مانع الزكاة يجر قصبه في النار» يعني أمعاءه في النار.

4528/ [4]- و عنه:

بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه أي جعفر (عليه السلام)، أنه سئل عن الدنانير و الدراهم، و ما على الناس فيها؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هي خواتيم الله في أرضه، جعلها الله مصلحة لخلقه، و بها تستقيم شؤونهم و مطالبهم، فمن أكثر له منها فقام بحق الله تعالى فيها، و أدى زكاتها، فذاك الذي طابت و خلصت له، و من أكثر له منها فبخل بها، و لم يؤد حق الله فيها، و اتخذ منها الأبنية «1»، فذاك الذي حق عليه وعيد الله عز و جل في كتابه، يقول الله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ».

4529/ [5]- العياشي: عن سعدان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ، قال: «إنما عنى بذلك ما جاوز ألفي درهم».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 61/ 4.

2- الأمالي 2: 133.

3- الأمالي 2: 133.

4- الأمالي 2: 133.

5- تفسير العيّاشي 2: 87/ 53.

(1) في المصدر: الآنية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 772

4530/ [6]- عن معاذ بن كثير- صاحب الأكسية- قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه فيستعين به على عدوه، و ذلك قول الله: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

4531/ [7]- عن الحسين بن علوان: عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن المؤمن إذا كان عنده من ذلك شي ء ينفقه على عياله ما شاء، ثم إذا قام

القائم يحمل إليه ما عنده، فما بقي من ذلك يستعين به على أمره، فقد أدى ما يجب عليه».

4532/ [8]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية: إن الله حرم كنز الذهب و الفضة و أمر بإنفاقه في سبيل الله.

و قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ الآية، قال: كان أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم و هو في الشام، فينادي بأعلى صوته: بشر أهل الكنوز بكي في الجباه، و كي في الجنوب، و كي في الظهور «1» حتى يتردد الحر في أجوافهم.

و قد تقدم حديث أبي ذر مع عثمان و كعب في معنى الآية، في قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ «2» الآية، من سورة البقرة.

سورة التوبة(9): آية 36 ..... ص : 772

قوله تعالى:

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [36]

4533/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان «3» الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن محمد بن يوسف، عن محمد

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 87/ 54.

7- تفسير العيّاشي 2: 87/ 55.

8- تفسير القمّي 1: 289.

1- الغيبة: 86/ 17.

(1) في المصدر زيادة: أبدا.

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآيات (84- 86) من سورة البقرة، و لم يذكر المصنّف الحديث كاملا هناك، انظر تفسير القمي 1: 51.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسن، تصحيف، صوابه ما في المتن، ترجم له النجاشي في رجاله: 338 و الشيخ الطوسي في الفهرست: 147، و رويا كتبه باسنادهما إلى محمّد بن يحيى عنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 773

ابن عيسى «1»، عن محمد بن سنان، عن فضيل الرسان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) ذات يوم، فلما تفرق من كان عنده، قال لي: «يا أبا حمزة، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله، قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول لقي الله و هو به كافر، و له جاحد».

ثم قال: «بأبي أنت و أمي، المسمى باسمي، و المكنى بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

ثم قال: «يا أبا حمزة، من أدركه فلم يسلم له فما سلم لمحمد و علي (عليهما السلام) و قد حرم الله عليه الجنة، و مأواه النار و بئس مثوى الظالمين.

و أوضح من هذا- بحمد الله- و أنور و أبين و أزهر لمن هداه الله و أحسن إليه قول الله عز و جل في محكم كتابه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ و معرفة الشهور- المحرم و صفر و ربيع و ما بعده، و الحرم منها، هي:

رجب، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم- لا تكون دينا قيما لأن اليهود و النصارى و المجوس و سائر الملل و الناس جميعا من الموافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور، و يعدونها بأسمائها، و إنما هم الأئمة القوامون بدين الله (عليهم السلام)، و الحرم منها: أمير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي اشتق الله تعالى له اسما من اسمه العلي، كما اشتق لرسوله (صلى الله عليه و آله) اسما من اسمه المحمود، و ثلاثة

من ولده، أسماؤهم علي بن الحسين، و علي بن موسى، و علي بن محمد، فصار لهذا الاسم المشتق من اسم الله جل و عز حرمة به، و صلوات الله على محمد و آله المكرمين المحترمين به».

4534/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر المعروف بالحاجي، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي الرازي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا أحمد «2» بن موسى الأسدي، عن داود بن كثير، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) بالمدينة، فقال لي: «ما الذي أبطأ بك عنا، يا داود؟» فقلت: حاجة عرضت بالكوفة.

فقال: «من خلفت بها؟» قلت: جعلت فذاك، خلفت عمك زيدا، تركته راكبا على فرس متقلدا مصحفا «3»، ينادي بأعلى صوته: سلوني سلوني قبل أن تفقدوني، فبين جوانحي علم جم، قد عرفت الناسخ من المنسوخ، و المثاني و القرآن العظيم، و إني العلم بين الله و بينكم.

فقال (عليه السلام) لي: «يا داود، لقد ذهبت بك المذاهب» ثم نادى: «يا سماعة بن مهران، ائتني بسلة الرطب»

__________________________________________________

2- الغيبة: 87/ 18. [.....]

(1) زاد في المصدر: عن عبد الرزّاق، و قد روى محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان بلا واسطة في غير مورد، راجع معجم رجال الحديث 16: 141 و 17: 88 و 111.

(2) في المصدر: أبو أحمد.

(3) في المصدر: سيفا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 774

فأتاه بسلة فيها رطب، فتناول منها رطبة فأكلها و استخرج النواة من فيه فغرسها في الأرض، ففلقت و أنبتت و أطلعت و أعذقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق، فشقها و استخرج منها رقا أبيض، ففضه

و دفعه إلي، و قال:

«اقرأه» فقرأته و إذا فيه سطران: الأول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. و الثاني: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، الخلف الحجة.

ثم قال: «يا داود، أ تدري متى كتب هذا في هذا؟» قلت: الله أعلم و رسوله و أنتم. فقال: «قبل أن يخلق آدم بألفي عام».

و روى الشيخ المفيد هذين الخبرين في كتاب (الغيبة) «1».

4535/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار «2»، قال:

أخبرنا أحمد بن محمد السياري، عن أحمد بن هلال، قال: و حدثنا علي بن محمد بن عبد الله الحناني «3»، عن أحمد بن هلال، عن امية بن ميمون الشعيري، عن زياد القندي، قال: سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد (عليهم السلام) أجمعين يقول: «إن الله عز و جل خلق بيتا من نور، و جعل قوامه أربعة أركان: الله أكبر، و لا إله إلا الله، و سبحان الله، و الحمد لله «4». ثم خلق من الأربعة أربعة، و من الأربعة أربعة، ثم قال عز و جل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ».

4536/ [4]- الشيخ في (الغيبة) رواه بحذف الإسناد، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تأويل قول الله عز و جل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ

عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.

قال: فتنفس سيدي الصعداء، ثم قال: «يا جابر، أما السنة فهي جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و شهورها اثنا عشر شهرا، فهو أمير المؤمنين، و إلي و إلى ابني جعفر، و ابنه موسى، و ابنه علي، و ابنه محمد، و ابنه علي، و إلى ابنه الحسن، و إلى ابنه محمد الهادي المهدي. اثنا عشر إماما، حجج الله في خلقه، و أمناؤه على وحيه و علمه. و الأربعة الحرم الذين هم الدين القيم، أربعة منهم يخرجون باسم واحد: علي أمير المؤمنين، و أبي علي بن الحسين، و علي

__________________________________________________

3- الغيبة: 88/ 19.

4- الغيبة: 149/ 110.

(1) ..... تأويل الآيات 1: 202/ 11، 12، و لم يراد في الفصول العشرة في الغيبة و لا في رسائل الغيبة الاخرى للشيخ المفيد.

(2) في المصدر: أخبرنا الحسن بن عليّ بن مهزيار، و الظاهر صحّة ما في المتن، يؤيّده ما في تهذيب الأحكام 6: 53/ 128، و راجع معجم رجال الحديث 8: 177.

(3) في المصدر: الخبائي، و في تهذيب الأحكام 6: 51/ 118 و فهرست الطوسي: 23: الجبائي، و راجع معجم رجال الحديث 12: 167.

(4) في المصدر: أركان كتب عليها أربعة أسماء، تبارك، و سبحان، و الحمد و اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 775

ابن موسى، و علي بن محمد، فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم، أي قولوا بهم جميعا تهتدوا».

4537/ [5]- السيد شرف الدين النجفي: عن المقلد بن غالب الحسني (رحمه الله)، عن رجاله، بإسناد متصل إلى عبد الله بن سنان الأسدي، عن جعفر

بن محمد (عليه السلام)، قال: «قال أبي- يعني محمد الباقر (عليه السلام)- لجابر بن عبد الله: لي إليك حاجة أخلو بك فيها، فلما خلا به، قال: يا جابر، أخبرني عن اللوح الذي رأيته عند امي فاطمة الزهراء (عليها السلام)؟

فقال: أشهد بالله لقد دخلت على سيدتي فاطمة لأهنئها بولدها الحسين (عليه السلام)، فإذا بيدها لوح أخضر من زمردة خضراء فيه كتابة، أنور من الشمس، و أطيب رائحة من المسك الأذفر. فقلت: ما هذا اللوح، يا بنت رسول الله؟ فقالت: هذا لوح أنزله الله عز و جل على أبي، و قال لي: احفظيه، ففعلت، فإذا فيه اسم أبي و بعلي و اسم ابني و الأوصياء من بعد ولدي الحسين، فسألتها أن تدفعه إلي لأنسخه، ففعلت.

فقال له أبي: ما فعلت بنسختك؟ فقال: هي عندي. قال: فهل لك أن تعارضني عليها؟ قال: فمضى جابر إلى منزله، فأتاه بقطعة جلد أحمر. فقال له: انظر في صحيفتك حتى أقرأها عليك، فكان في صحيفته:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم نزل به الروح الأمين على محمد خاتم النبيين، يا محمد: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.

يا محمد، عظم أسمائي، و اشكر نعمائي، و لا تجحد آلائي، و لا ترج سوائي، و لا تخش غيري، فإنه من يرج سوائي و يخش غيري أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين.

يا محمد، إني اصطفيتك على الأنبياء، و اصطفيت وصيك عليا على الأوصياء، و جعلت الحسن عيبة علمي بعد انقضاء مدة أبيه، و الحسين خير أولاد الأولين و الآخرين، فيه تثبت الإمامة و

منه العقب، و علي بن الحسين زين العابدين، و الباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحق، و جعفر الصادق في القول و العمل، تلبس من بعده فتنة صماء، فالويل كل الويل لمن كذب عترة نبيي و خيرة خلقي، و موسى الكاظم الغيظ، و علي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق الله، و محمد الهادي شبيه جده الميمون، و علي الداعي إلى سبيلي، و الذاب عن حرمي، و القائم في رعيتي «1»، و الحسن الأعز «2»، يخرج منه ذو الاسمين خلف محمد، يخرج في آخر الزمان و على رأسه عمامة بيضاء تظله عن الشمس، و ينادي مناد بلسان

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 204/ 13.

(1) في المصدر: رغبتي.

(2) في المصدر: الأغرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 776

فصيح يسمعه الثقلان و من بين الخافقين: هذا المهدي من آل محمد. فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا».

4538/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فغرة الشهور شهر الله عز ذكره، و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان، فاستقبل الشهر بالقرآن».

4539/ [7]- العياشي: عن أبي خالد الواسطي، قال: أتيت أبا جعفر (عليه السلام) يوم شك فيه من رمضان، فإذا مائدة موضوعة و هو يأكل، و نحن نريد أن نسأله، فقال: «أدنوا الغداء، إذا كان مثل هذا اليوم لم يحكم فيه سبب ترونه فلا تصوموا».

ثم قال: «حدثني أبي،

علي بن الحسين (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما ثقل في مرضه، قال: أيها الناس، إن السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثم قال «1» بيده: رجب مفرد، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم ثلاث متواليات. ألا و هذا الشهر المفروض شهر رمضان، فصوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته، فإذا خفي الشهر فأتموا العدة شعبان ثلاثين، و صوموا الواحد و الثلاثين، Ƞقال بيده: الواحد و الاثنين و الثلاثة، ثم ثنى إبهامه، ثم قال: أيها الناس، شهر كذا و شهر كذا. و قال علي (عليه السلام): صمنا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعة و عشرين يوما و لم نقضه، و رآه تماما».

4540/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت قاعدا عنده خلف المقام و هو محتب «2» مستقبل القبلة، فقال: «أما النظر إليها عبادة، و ما خلق الله بقعة من الأرض أحب إليه منها- ثم أهوى بيده إلى الكعبة- و لا أكرم عليه منها، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات و الأرض، ثلاثة أشهر متوالية و شهر مفرد للعمرة».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «شوال و ذو القعدة و ذو الحجة و رجب».

4541/ [9]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً يقول: جميعا كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً.

سورة التوبة(9): آية 37 ..... ص : 776

قوله تعالى:

زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ [36- 37]

__________________________________________________

6- الكافي 4: 65/ 1.

7- تفسير العيّاشي 2: 88/ 56. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 88/ 57.

9- تفسير القمّي 1: 289.

(1) أي أشار.

(2) الاحتباء: ضمّ الساقين إلى البطن بالثوب أو اليدين. «مجمع البحرين- حبا- 1: 94».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 777

4542/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ كان سبب نزولها أن رجلا من كنانة كان يقف في الموسم، فيقول:

قد أحللت دماء المحلين من طيئ و خثعم في شهر المحرم و أنسأته، و حرمت بدله صفرا. فإذا كان العام المقبل، يقول: قد أحللت صفرا و أنسأته و حرمت بدله شهر المحرم. فأنزل الله: إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ- إلى قوله:

زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ.

سورة التوبة(9): الآيات 40 الي 41 ..... ص : 777

قوله تعالى:

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا [40- 41]

4543/ [3]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن محمد بن أيوب، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن يوسف بن صهيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقبل يقول لأبي بكر في الغار: اسكن، فإن الله معنا. و قد أخذته الرعدة و هو لا يسكن، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حاله، قال: تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، و أريك جعفرا و أصحابه في البحر يغوصون؟ قال: نعم. فمسح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده على وجهه، فنظر إلى الأنصار في مجالسهم يتحدثون، و نظر إلى جعفر و أصحابه في

البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 290.

3- الكافي 8: 262/ 377.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 778

4544/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما خرج من الغار متوجها إلى المدينة، و قد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الإبل، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب، فلحق برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم اكفني شر سراقة بما شئت. فساخت قوائم فرسه فثنى رجله، ثم اشتد، فقال: يا محمد، إني قد علمت أن الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قبلك، فادع الله أن يطلق لي فرسي، فلعمري إن لم يصبكم مني خير لم يصبكم مني شر.

فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأطلق الله عز و جل فرسه، فعاد في طلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى فعل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يدعو رسول الله (صلى الله عليه و آله) فتأخذ الأرض قوائم فرسه، فلما أطلقه في الثالثة، قال: يا محمد، هذه إبلي بين يديك فيها غلامي، فإن احتجت إلى ظهر أو لبن فخذ منه، و هذا سهم من كنانتي علامة، و أنا أرجع فأرد عنك الطلب، فقال: لا حاجة لنا فيما عندك».

4545/ [3]- و قال الزمخشري في (ربيع الأبرار): قال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني الذي تبع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مهاجره، فرسخت قوائم فرسه في الأرض، فدعا له فتخلص، يخاطب أبا جهل:

أبا حكم

و الله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت و لم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه؟

قال: و كان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر المصحف غشي عليه، و يقول: هذا كلام ربي «1».

4546/ [4]- و ذكر الطبرسي في (إعلام الورى) في حديث سراقة بن جعشم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال:

الذي اشتهر في العرب يتقاولون فيه الأشعار، و يتفاوضونه في الديار، أنه تبعه و هو متوجه إلى المدينة «2» فساخت «3» قوائم فرسه حتى تغيبت بأجمعها في الأرض و هو بموضع جدب، و قاع صفصف، فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي، فنادى: يا محمد، ادع ربك يطلق لي فرسي، و ذمة الله علي أن لا أدل عليك أحدا. فدعا له فوثب جواده كأنه أفلت من انشوطة، و كان رجلا داهية، و علم بما رأى أنه سيكون له نبأ، فقال: اكتب لي أمانا، فكتب له و انصرف.

قال محمد بن إسحاق: إن أبا جهل قال في أمر سراقة أبياتا، فأجابه سراقة:

__________________________________________________

2- الكافي 8: 263/ 378.

3- ربيع الأبرار 2: 81.

4- إعلام الورى: 24.

(1) ربيع الأبرار 2: 91 و فيه: هو كلام ربّي.

(2) في المصدر زيادة: طالبا لغرته ليحظى بذلك عند قريش حتّى إذا أمكنته الفرصة في نفسه و أيقن أن ظفر ببغيته.

(3) في المصدر: ساخت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 779

أبا حكم و اللات «1» لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه

عجبت «2» و لم تشكك بأن محمدا نبي ببرهان فمن ذا يكاتمه

عليك بكف الناس عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه

4547/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«لما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، قال لأبي بكر: كأني أنظر إلى سفينة جعفر و أصحابه تعوم في البحر، و أنظر إلى الأنصار محتبين في أفنيتهم. فقال أبو بكر: و تراهم، يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فأرنيهم. فمسح على عينيه فرآهم».

4548/ [6]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناد مرفوع، قال: قال ابن الكواء لأمير المؤمنين (عليه السلام): أين كنت حيث ذكر الله تعالى نبيه و أبا بكر فقال: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ويحك يا بن الكواء، كنت على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد طرح علي ريطته «3»، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها، فلم يبصروا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث خرج، فأقبلوا علي يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط «4» جلدي و صار مثل البيض، ثم انطلقوا بي يريدون قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه الليلة، و لكن أخروه و اطلبوا محمدا- قال- فأوثقوني بالحديد، و جعلوني في بيت، و استوثقوا مني و من الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت، يقول: يا علي، فسكن الوجع الذي كنت أجده، و ذهب الورم الذي كان في جسدي، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي، فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي. فإذا الباب قد تساقط ما عليه و فتح، فقمت و خرجت، و قد كانوا جاءوا بعجوز كمهاء «5» لا تبصر و لا تنام، تحرس الباب، فخرجت عليها و هي لا تعقل «6»».

4549/ [7]- و روى

صاحب كتاب (سير الصحابة)، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن علي الطالقاني، عن جعفر الكناني، عن أبان بن تغلب، قال: قلت لسيدي جعفر الصادق (عليه السلام): جعلت فداك، هل في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أنكر على أبي بكر؟

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 290.

6- خصائص الأئمّة: 58. [.....]

7- الاحتجاج: 186.

(1) في المصدر: و اللّه.

(2) في المصدر: علمت.

(3) الرّيطة: ثوب لين دقيق. «لسان العرب- ربط- 7: 307».

(4) تنفّط: تقرّح و صار بين الجلد و اللحم ماء. «لسان العرب- نفط- 7: 416».

(5) الكمهاء: التي تولد عمياء. «لسان العرب- كمه- 13: 536».

(6) في المصدر: عليها فإذا هي لا تعقل من النوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 780

قال: «نعم- يا أبان- الذي أنكر على الأول اثنا عشر رجلا: ستة من المهاجرين، و ستة من الأنصار، و هم: خالد ابن سعيد بن العاص الأموي، و سلمان الفارسي، و أبو ذر الغفاري، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي، و بريدة الأسلمي. و من الأنصار: قيس بن سعد بن عبادة، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، و سهل بن حنيف، و أبو الهيثم بن التيهان، و أبي بن كعب، و أبو أيوب الأنصاري- و ساق الحديث- و إنهم استأذنوا أمير المؤمنين (عليه السلام) في إقامة الحجة على أبي بكر، و إن الحق لعلي دونه، فاحتج كل واحد منهم على أبي بكر مما سمع من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في إقامة علي (عليه السلام) خليفة من بعده (صلى الله عليه و آله).

و بعد احتجاج الاثني عشر عليه، قال أبو بكر: لست بخيركم. فقالوا له: إن كنت

صادقا فانزل عن المنبر، و لا تعد. فنزل، فقال عمر بن الخطاب: و الله ما أقلناك و لا استقلناك. ثم أخذ عمر بن الخطاب بيد أبي بكر و انطلق به و الناس قد ثاروا عليهم، فجاءوا «1» إلى منزل أبي بكر.

هذا ما جرى لهم من الأمور حيث صعد أبو بكر المنبر، و مكث أبو بكر في منزله ثلاثة أيام لم يظهر إلى الناس، فلما كان في اليوم الرابع دخل عليه عمر، و قال: ما الذي يقعدك، إن أصلع قريش قد طمع فيها؟ فقال أبو بكر: إليك عني- يا عمر- إني لفي شغل عنها، أما رأيت ما فعل بي الناس. فدخل عليه عثمان بن عفان في ألف رجل، و قال: ما يقعدكم عنها، و الله لقد طمعت فيها بنو هاشم؟ و جاء معاذ بن جبل في ألف رجل، و قال: ما يقعدكم عنها، و قد طمع أصلع قريش فيها؟ و جاء سالم مولى حذيفة في ألف رجل، و ما زالوا يجتمعون حتى صاروا في أربعة آلاف رجل، و جاءوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر حتى توسطوا مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) في نفر من أصحابه، فقال عمر: يا أصحاب علي، لئن تكلم اليوم أحد منكم ما تكلم به بالأمس لنأخذن ما فيه عيناه.

فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص الأموي، فقال: يا بن الخطاب، أ بأسيافكم تهددوننا، و أسيافنا أحد منها، و منها ذو الفقار؟! و بجمعكم تفزعونا، و بقتلنا- و الله- مدحنا و ذمكم، و فينا من هو أكبر منكم: حجة الله، و وصي رسول الله؟! و لولا أني أمرت بطاعة إمامي لشهرت سيفي و جاهدتكم في سبيل

الله، و قد قال الله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «2» فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): شكر الله مقامك.

ثم قال سلمان: الله أكبر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: بينا أخي و ابن عمي في مسجدي و هو في جماعة من أصحابه إذ نكبت عنهم جماعة من كلاب أهل النار، يريدون قتله و قتل من معه، و لست أشك أنكم هم. فهم به عمر بن الخطاب. فنهض علي (عليه السلام) فتناول أثياب عمر بن الخطاب و خناقه، و جلد به الأرض، و وضع رجله على صدره، و قال: يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق، و عهد من رسول الله، لأهرقت دمك، أنت أقل صبرا و أضعف ناصرا.

__________________________________________________

(1) في «ط»: فجاء.

(2) البقرة 2: 249.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 781

ثم أقبل على أصحابه، و قال: انصرفوا- يرحمكم الله- فو الله إن رفع أحدهم عليكم سيفا أو طرفا لألحقن آخرهم بأولهم. فنكسوا رؤوسهم جميعا، ثم قال: و الله لأدخلن هذا المسجد كما دخل أخواي موسى و هارون، إذ قال له قومه: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «1» و الله لا أدخلنه إلا لزيارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أو لقضية أقضيها، فإنه لا يجوز لحجة الله و وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يترك من يسترشده. ثم رفع رجله عن صدر عمر و ركله، و قال له: اذهب، فإن لله فيك أمرا هو بالغه».

قال أبان: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «فما دخله إلا كما قال (عليه السلام)، ثم خرج و أصحابه و

دخل أبو بكر و جمعه، ثم ارتقى المنبر دون مقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) بدرجة، ثم حمد الله و أثنى عليه، و ذكر النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال في الجماعة رجل: كيف يصلي عليه و قد خالف أمره الذي جاء من الله تعالى! ثم بدأ أبو بكر بنفسه، فساعة ما ذكر نفسه انتقض «2» عليه عقبه «3» الذي لدغه فيه الحريش، فقصر قامته، و أسبل ثوبه على عقبه، و أوجز في كلامه، و نزل عن المنبر، و أسرع إلى منزله يستقيم حاله، فتبعه أبو ذر مسرعا، فلما دخل أبو بكر منزله هجم عليه، و دخل خلفه، ثم قال له: يا أبا بكر، بالله عليك هل انتقض عليك عقبك الذي ضربك فيه الحريش في الغار، و قال لك رسول الله (صلى الله عليه و آله): ويلك، لا تحزن. فقلت: أخاف الموت؟ فقال: لا تموت، إنما ينتقض عليك ساعة تنقض عهدي و تظلم وصيي؟

فقال له أبو بكر: من أين لك ذلك، و ما كنت معنا في الغار؟

فقال: إن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: اذهب فانظر إلى أبي بكر، فإنه يبلغ إلى داره فينتقض عليه عقبه الذي لدغه فيه الحريش. فأتيتك كما أخبرني المظلوم الصادق، ثم دخل عمر و خرج أبو ذر مسرعا».

قال في القاموس: الحريش: دويبة قدر الإصبع بأرجل كثير «4» ة.

4550/ [8]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طريق العامة ما ذكره أبو هاشم بن الصباغ في كتاب (النور و البرهان) يرفعه إلى محمد بن إسحاق، قال: قال حسان: قدمت مكة معتمرا و أناس من قريش يقذفون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال ما هذا لفظه:

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فنام على فراشه، و خشي من أبي بكر أن يدلهم عليه، فأخذه معه إلى الغار.

4551/ [9]- المفيد في (الاختصاص): عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عمرو بن سعيد الثقفي، عن يحيى ابن الحسن بن فرات، عن يحيى بن مساور، عن أبي الجارود المنذر بن الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما

__________________________________________________

8- الطرائف: 410.

9- الاختصاص: 324.

(1) المائدة 5: 24.

(2) انتقض الجرح بعد بريه: أي نكس. «أقرب الموارد- نقض- 2: 1337».

(3) عقب كلّ شي ء: آخره. «لسان العرب- عقب- 1: 611». [.....]

(4) القاموس المحيط- حرش- 2: 278.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 782

صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغار طلبه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و خشي أن يغتاله المشركون، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حراء و علي (عليه السلام) بثبير، فبصر به النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: مالك، يا علي؟ فقال: بأبي أنت و امي، خشيت أن يغتالك المشركون، فطلبتك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ناولني يدك، يا علي. فرجف الجبل حتى تخطى برجله إلى الجبل الآخر، ثم رجع الجبل إلى قراره».

4552/ [10]- و روى الحسين بن حمدان الخصيبي، بإسناده، عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، عن أبيه محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما لقنه جابر بن عبد الله الأنصاري رسالة جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ابنه الباقر (عليه السلام) قال له علي بن الحسين (عليه السلام): يا جابر، أ كنت شاهدا حديث جدي رسول الله (صلى الله

عليه و آله) يوم الغار؟ قال جابر: لا، يا بن رسول الله. قال: إذن أحدثك، يا جابر؟ قال:

حدثني، جعلت فداك، فقد سمعته من جدك (صلى الله عليه و آله).

فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما هرب إلى الغار من مشركي قريش حيث كبسوا داره لقتله، و قالوا:

اقصدوا فراشه حتى نقتله فيه. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه): يا أخي، إن مشركي قريش يكبسوني في هذه الليلة، و يقصدون فراشي، فما أنت صانع يا علي؟

قال له أمير المؤمنين: أنا- يا رسول الله- اضطجع في فراشك، و تكون خديجة «1» في موضع من الدار، و اخرج و استصحب الله حيث تأمن على نفسك. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): فديتك- يا أبا الحسن- أخرج لي ناقتي العضباء حتى أركبها، و أخرج إلى الله هاربا من مشركي قريش، و افعل بنفسك ما تشاء، و الله خليفتي عليك و على خديجة.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ركب الناقة و سار، و تلقاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله، إن الله أمرني أن أصحبك في مسيرك و في الغار الذي تدخله و أرجع معك إلى المدينة إلى أن تنيخ ناقتك بباب أبي أيوب الأنصاري. فسار (صلى الله عليه و آله) فتلقاه أبو بكر، فقال له: يا رسول الله، أصحبك؟ فقال ويحك- يا أبا بكر- ما أريد أن يشعر بي أحد، فقال: فأخشى- يا رسول الله- أن يستخلفني المشركون على لقائي إياك، و لا أجد بدا من صدقهم.

فقال له (عليه السلام): ويحك- يا أبا بكر- أو كنت فاعلا ذلك؟ فقال: إي و الله، لئلا

أقتل، أو أحلف فأحنث.

فقال (صلى الله عليه و آله): ويحك- يا أبا بكر- فما صحبتك إياي بنافعتك. فقال له أبو بكر: و لكنك تستغشني و تخشى أن انذر بك المشركين. فقال له (عليه السلام): سر إذا شئت. فتلقاه الغار، فنزل عن ناقته العضباء و أبركها بباب الغار، و دخل و معه جبرئيل و أبو بكر.

و قامت خديجة في جانب الدار باكية على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و اضطجع أمير المؤمنين (عليه السلام) على

__________________________________________________

10- الهداية الكبرى: 82.

(1) المراد بخديجة هنا، خديجة الكبرى (عليها السّلام)، على ما يأتي في سياق الحديث، و هو غير صحيح، إذ أنّها توفّيت في هام الحزن، قبل الهجرة بثلاث سنين، و قيل: بسنة، و كلا التأريخين لا يدلّان على بقاء خديجة (عليها السّلام) إلى زمان الهجرة. و سيأتي توضيح للمصنّف عن هذه المسألة في ذيل هذا الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 783

فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليفديه بنفسه، و وافى المشركون الدار ليلا فتسوروا عليها و دخلوا، و قصدوا إلى فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوجدوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مضطجعا فيه، فضربوا بأيديهم إليه، و قالوا: يا بن أبي كبشة، لم ينفعك سحرك و لا كهانتك و لا خدمة الجان لك، اليوم نسقي أسلحتنا من دمك. فنفض أمير المؤمنين أيديهم عنه، فكأنهم لم يصلوا إليه، و جلس في الفراش، و قال: ما بالكم- يا مشركي قريش- أنا علي بن أبي طالب! قالوا له: و أين محمد، يا علي؟ قال: حيث يشاء الله. قالوا: و من في الدار؟ قال: خديجة. قالوا: الحبيبة الكريمة لولا تبعلها بمحمد. يا علي، و حق اللات و

العزى لولا حرمة أبيك أبي طالب و عظم محله في قريش لأعملنا أسيافنا فيك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مشركي قريش، أعجبتكم كثرتكم، و فالق الحب، و بارئ النسمة، ما يكون إلا ما يريد الله، و لو شئت أن أفني جمعكم، كنتم أهون علي من فراش السراج، فلا شي ء أضعف منه. فتضاحك القوم المشركون، و قال بعضهم لبعض: خلوا عليا لحرمة أبيه و اقصدوا الطلب لمحمد.

و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، و جبرئيل (عليه السلام) و أبو بكر معه، فحزن رسول الله (صلى الله عليه و آله) على علي (عليه السلام) و خديجة فقال جبرئيل (عليه السلام): لا تحزن إن الله معنا. ثم كشف له فرأى عليا و خديجة (عليهما السلام) و رأى سفينة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) و من معه تعوم في البحر، فأنزل الله سكينته على رسوله، و هو الأمان مما خشيه على علي و خديجة، فأنزل الله الآية ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ يريد جبرئيل (عليه السلام) إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ الآية. و لو كان الذي حزن أبو بكر لكان أحق بالأمان من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لو لم يحزن.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لأبي بكر: يا أبا بكر، إني أرى عليا و خديجة، و مشركي قريش و خطابهم و سفينة جعفر بن أبي طالب و من معه تعوم في البحر، و أرى الرهط من الأنصار مجلبين في المدينة.

فقال أبو بكر: و تراهم- يا رسول الله- في [هذه الليلة، و في هذه الساعة، و أنت في ] الغار و في

هذه الظلمة، و ما بينهم و بينك من بعد المدينة عن مكة؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني أريك- يا أبا بكر- حتى تصدقن. و مسح يده على بصره، فقال: انظر- يا أبا بكر- إلى مشركي قريش، و إلى أخي على الفراش و خطابه لهم، و خديجة في جانب الدار، و انظر إلى سفينة جعفر تعوم في البحر. فنظر أبو بكر إلى الكل، ففزع و رعب، و قال: يا رسول الله، لا طاقة لي بالنظر إلى ما رأيته، فرد علي غطائي، فمسح على بصره فحجب عما أراه رسول الله.

و قصد المشركون في الطلب ليقفوا أثر رسول الله (صلى الله عليه و آله) [حتى ] جاءوا إلى باب الغار، و حجب الله عنهم الناقة و لم يروها، و قالوا: هذا أثر ناقة محمد و مبركها في باب الغار. فدخلوا فوجدوا على باب الغار نسجا قد أظله، فقالوا: ويحكم ما ترون إلى نسج هذه العنكبوت على باب الغار، فكيف دخله محمد؟! فصدهم الله عنه و رجعوا.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الغار و هاجر إلى المدينة، و خرج أبو بكر فحدث المشركين بخبره مع البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 784

رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال لهم: لا طاقة لكم بسحر محمد». و قصص يطول شرحها. قال جابر: هكذا و الله- يا بن رسول الله- حدثني جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما زاد و لا نقص حرفا واحدا».

قلت: تقدم في قوله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ الآية، في حديث هند بن أبي هالة: أن ماتت خديجة بعد أبي

طالب بشهر، فاجتمع بذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزنان، و ذلك قبل الهجرة «1».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً

في حديث عن علي بن الحسين (عليه السلام): «ماتت خديجة قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب بعد موت خديجة، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئم المقام بمكة و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل (عليه السلام) فأوحى الله عز و جل: اخرج من القرية الظالم أهلها، و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، و انصب للمشركين حربا، فعند ذلك توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة «2»»

فلعل رواية الحسين بن حمدان ببقاء خديجة إلى وقت الهجرة وقعت و هما من الراوي، و الله أعلم.

4553/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد، عن ابن فضال، عن الرضا (عليه السلام): «فأنزل الله سكينته على رسوله و أيده بجنود لم تروها». قلت: هكذا؟ قال: «هكذا نقرؤها، و هكذا تنزيلها».

4554/ [12]- العياشي: عن عبد الله بن محمد الحجال، قال: كنت عند أبي الحسن الثاني (عليه السلام) و معي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن: إنهم يحتجون علينا بقول الله تبارك و تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ.

قال: «و ما لهم في ذلك، فو الله لقد قال الله: فأنزل الله سكينته على رسوله. و ما ذكره فيها بخير».

قال: قلت له أنا: جعلت فداك، و هكذا تقرؤنها؟ قال: «هكذا قرأتها».

و قد تقدم في قوله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ «3» الآية، من سورة الأنفال روايات في

ذلك، و أن الغار في جبل ثور بمكة، و أنه (صلى الله عليه و آله) لبث فيه ثلاثة أيام.

4555/ [13]- قال زرارة: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى - فقال:- هو الكلام الذي تكلم به عتيق». رواه الحلبي عنه (عليه السلام).

__________________________________________________

11- الكافي 8: 378/ 571.

12- تفسير العيّاشي 2: 88/ 58.

13- تفسير العيّاشي 2: 88/ ذيل الحديث (58).

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (30) من سورة الأنفال.

(2) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآية (78) من سورة الإسراء.

(3) تقدّم في تفسير الآية (30) من سورة الأنفال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 785

4556/ [14]- و قال علي بن إبراهيم، قوله: وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا هو قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، و قوله: انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا قال: شبابا و شيوخا، يعني إلى غزوة تبوك.

سورة التوبة(9): آية 42 ..... ص : 785

قوله تعالى:

لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [42]

4557/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ

أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ: «إنهم كانوا يستطيعون، و قد كان في العلم أنه لو كان عرضا قريبا و سفرا قاصدا لفعلوا».

4558/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن عبد الله، عن أبي محمد البرقي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.

قال: «كذبهم الله عز و جل في قولهم: لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ، و قد كانوا مستطيعين للخروج».

4559/ [3]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً، يقول: «غنيمة قريبة لَاتَّبَعُوكَ».

4560/ [4]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ الآية: «إنهم يستطيعون، و قد كان في علم الله أنه لو كان عرضا

__________________________________________________

14- تفسير القمّي 1: 290.

1- التوحيد: 351/ 15.

2- التوحيد: 351/ 16.

3- تفسير القمّي 1: 290.

4- تفسير العيّاشي 2: 89/ 59. [.....]

(1) في المصدر: أحمد بن محمّد البرقي، و الظاهر صحّته، و أنّ الحديث مرفوع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 786

قريبا و سفرا قاصدا لفعلوا».

4561/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ: يعني إلى تبوك، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يسافر سفرا أبعد منه و لا أشد، و كان سبب ذلك أن الصيافة «1» كانوا يقدمون المدينة من

الشام و معهم الدرنوك «2» و الطعام، و هم الأنباط، فأشاعوا بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله (صلى الله عليه و آله) في عسكر «3»، و أن هرقل قد سار في جنوده، و جلب معهم غسان و جذام و بهراء و عاملة، و قد قدم عساكره البلقاء «4»، و نزل هو حمص.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه بالتهيؤ إلى تبوك، و هي من بلاد البلقاء، و بعث إلى القبائل حوله، و إلى مكة، و إلى من أسلم من خزاعة و مزينة و جهينة، فحثهم على الجهاد، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعسكره فضرب في ثنية الوداع «5»، و أمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوة به، و من كان عنده شي ء أخرجه، و حملوا و قووا و حثوا على ذلك.

و

خطب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال بعد حمد الله و الثناء عليه: «أيها الناس، إن أصدق الحديث كتاب الله، و أولى القول كلمة التقوى، و خير الملل ملة إبراهيم، و خير السنن سنة محمد، و أشرف الحديث ذكر الله، و أحسن القصص هذا القرآن، و خير الأمور عزائمها، و شر الأمور محدثاتها، و أحسن الهدى هدى الأنبياء، و أشرف القتلى «6» الشهداء، و أعمى العمى الضلالة بعد الهدى. و خير الأعمال ما نفع، و خير الهدى ما اتبع، و شر العمى عمى القلب، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ما قل و كفى خير مما كثر و أليه، و شر المعذرة حين يحضر الموت، و شر الندامة يوم القيامة، و من الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، و منهم

من لا يذكر الله إلا هجرا، و من أعظم الخطايا «7» اللسان الكذب، و خير الغنى غنى النفس، و خير الزاد التقوى، و رأس الحكمة مخافة الله، و خير ما ألقي في القلب اليقين.

و الارتياب من الكفر، و التباعد «8» من عمل الجاهلية، و الغلول من قيح «9» جهنم، و السكر جمر النار، و الشعر من إبليس، و الخمر جماع الإثم، و النساء حبائل إبليس، و الشباب شعبة من الجنون، و شر المكاسب كسب الربا،

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 290.

(1) أي الذين يمترون في الصيف.

(2) الدرنوك: ضرب من البسط ذو خمل. «الصحاح- درنك- 4: 1583».

(3) في المصدر زيادة: عظيم.

(4) البلقاء: كورة من أعمال دمشق، بين الشام و وادي القرى. «معجم البلدان 1: 489».

(5) ثنيّة الوداع: اسم موضع مشرف على المدينة. «معجم البلدان 2: 86».

(6) في المصدر: و أشرف القتل قتل.

(7) في المصدر: خطايا.

(8) في المصدر: و النياحة.

(9) في المصدر: جمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 787

و شر الأكل «1» أكل مال اليتيم، و السعيد من وعظ بغيره، و الشقي من شقي في بطن امه. و إنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع و الأمر «2» إلى آخره، و ملاك الأمر خواتيمه، و أربى الربا الكذب، و كل ما هو آت قريب، و سباب المؤمن فسوق، و قتال المؤمن كفر، و أكل لحمه «3»، من معصية الله، و حرمة ماله كحرمة دمه، و من توكل على الله كفاه، و من صبر ظفر، و من يعف يعف الله عنه، و من كظم الغيظ يأجره الله، و من يصبر على الرزية يعوضه الله، و من يتبع السمعة يسمع الله «4» به، و من يصم يضاعف الله له، و من

يعص الله يعذبه. اللهم اغفر لي و لأمتي، اللهم اغفر لي و لأمتي، أستغفر الله لي و لكم».

قال: فرغب الناس في الجهاد لما سمعوا هذا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قدمت القبائل من العرب ممن استنفرهم، و قعد عنه قوم من المنافقين و غيرهم، و

لقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) الجد بن قيس، فقال له: «يا أبا وهب، ألا تنفر معنا في هذه الغزاة، لعلك أن تستحفد «5» من بنات الأصفر «6»؟» فقال: يا رسول الله، و الله إن قومي ليعلمون أن ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، و أخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر، فلا تفتني، و ائذن لي أن أقيم.

و قال لجماعة من قومه: لا تخرجوا في الحر. فقال ابنه: ترد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تقول له ما تقول، ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر، و الله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس إلى يوم القيامة. فأنزل الله على رسوله في ذلك: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَ لا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ «7».

ثم قال الجد بن قيس: أ يطمع محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم، لا يرجع من هؤلاء أحد أبدا.

سورة التوبة(9): آية 49 ..... ص : 787

قوله تعالى:

عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ [43]

4562/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 202/ 1.

(1) في المصدر: المآكل.

(2) في المصدر: العمل. [.....]

(3) قوله: و أكل لحمه،

أي بالغيبة.

(4) أى يعمل العمل ليسمعه الناس، أو يذكر عمله للناس و يحبّ ذلك، و يسمّع اللّه به: أي يشهّر اللّه تعالى بمساوئ عمله و سوء سريرته.

(5) حفد: خدم، و قوله: تستحفد، أي تجعلهنّ حفدة لك، أي أعوانا و خدما.

(6) بنو الأصفر: ملوك الروم.

(7) التوبة 9: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 788

حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى». فقال له المأمون فيما سأله: يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ.

قال الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و أراد به أمته، و كذلك قوله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «1». و قوله تعالى:

وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «2»». قال: صدقت، يا بن رسول الله.

4563/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ.

يقول: «تعرف أهل العذر «3» و الذين جلسوا بغير عذر».

سورة التوبة(9): الآيات 44 الي 47 ..... ص : 788

قوله تعالى:

لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ

فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ [44- 47]

4564/ [1]- في رواية علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله: ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا: أي وبالا، وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي هربوا عنكم، و تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من أهل الثبات و البصائر لم يكن يلحقهم شك و لا ارتياب، و لكنهم قالوا: نلحق برسول

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 293.

1- تفسير القمّي 1: 294.

(1) الزمر 39: 65.

(2) الإسراء 17: 74.

(3) في «ط»: أهل الزور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 789

الله (صلى الله عليه و آله)، منهم: أبو خيثمة و كان قويا، و كانت له زوجتان و عريشان «1»، و كانت زوجتاه قد رشتا عريشتيه، و بردتا له الماء، و هيأتا له طعاما، فأشرف على عريشته، فلما نظر إليهما، قال: لا و الله، ما هذا بإنصاف، رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، قد خرج في الضح «2» و الريح، و قد حمل السلاح يجاهد في سبيل الله، و أبو خيثمة قوي قاعد في عريشت ه و امرأتين حسناوين، لا و الله، ما هذا بإنصاف. ثم أخذ ناقته فشد عليها رحله و لحق برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر الناس إلى راكب على الطريق، فأخبروا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كن أبا خيثمة» فأقبل و أخبر النبي (صلى الله عليه و آله) بما كان منه، فجزاه خيرا و دعا له.

و كان أبو

ذر (رحمه الله) تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثلاثة أيام، و ذلك أن جمله كان أعجف «3»، فلحق بعد ثلاثة أيام به، و وقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه و حمل ثيابه على ظهره، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كن أبا ذر» فقالوا: هو أبو ذر. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أدركوه بالماء فإنه عطشان» فأدركوه بالماء، و وافى أبو ذر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه إداوة «4» فيها ماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، معك ماء و عطشت!» قال: نعم- يا رسول الله، بأبي أنت و امي- انتهيت إلى صخرة عليها ماء السماء فذقته، فإذا هو عذب بارد، فقلت: لا أشربه حتى يشرب حبيبي رسول الله.

فقال رسول الله: «يا أبا ذر- رحمك الله- تعيش وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك، و تدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق، يتولون غسلك و تجهيزك و الصلاة عليك و دفنك».

فلما سير به عثمان إلى الربذة، فمات بها ابنه ذر، وقف على قبره، فقال: رحمك الله- يا ذر- لقد كنت كريم الخلق، بارا بالوالدين، و ما علي في موتك من غضاضة «5»، و ما بي إلى غير الله من حاجة، و قد شغلني الاهتمام بك عن الاغتمام لك، و لولا هول المطلع لأحببت أن أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك، و ما قلت لهم؟ ثم رفع يده فقال: اللهم إنك فرضت لك عليه حقوقا، و فرضت لي عليه حقوقا، فإني قد وهبت له ما فرضت

لي عليه من حقوقي، فهب له ما فرضت عليه من حقوقك، فإنك أولى بالحق و أكرم مني.

و كانت لأبي ذر غنيمات يعيش هو و عياله منها، فأصابها داء، يقال له: النقاز «6»، فماتت كلها، فأصاب أبا ذر و ابنته الجوع فماتت أهله، فقالت ابنته: أصابنا الجوع، و بقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا.

فقال: يا بنية، قومي بنا إلى الرمل نطلب القت- و هو نبت له حب- فصرنا إلى الرمل، فلم نجد شيئا، فجمع

__________________________________________________

(1) العريش: ما يستظلّ به. «الصحاح- عرش- 3: 1010».

(2) الضحّ: الشمس. «الصحاح- ضحح- 1: 385».

(3) الأعجف: المهزول. «الصحاح- عجف- 4: 1399».

(4) الإداوة: المطهرة. «الصحاح- أدا- 6: 2266». [.....]

(5) الغضاضة: الذلّة و المنقصة. «القاموس المحيط- غاض- 2: 351».

(6) النقاز: داء يأخذ الغنم فتنقز منه حتّى تموت. «الصحاح- نقز- 3: 900».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 790

أبي رملا و وضع رأسه عليه، و رأيت عينيه قد انقلبتا، فبكيت، و قلت له: يا أبت، كيف أصنع بك و أنا وحيدة؟

فقال: يا بنية، لا تخافي فإني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري، فإنه أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزاة تبوك، فقال: «يا أبا ذر، تعيش وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك، و تدخل الجنة وحدك، يسعد بك أقوام من أهل العراق، يتولون غسلك و تجهيزك و دفنك». فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي، ثم اقعدي على طريق العراق، فإذا أقبل ركب فقومي إليهم، و قولي: هذا أبو ذر، صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد توفي.

قال: فدخل عليه قوم من أهل الربذة، فقالوا: يا أبا ذر، ما تشتكي؟ قال: ذنوبي؟ قالوا: فما تشتهي؟ قال:

رحمة ربي.

قالوا: فهل لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني.

قالت ابنته: فلما عاين الموت سمعته يقول: مرحبا بحبيب أتى على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم خنقني خناقك، فو حقك إنك لتعلم أني أحب لقاءك.

قالت ابنته: فلما مات مددت الكساء على وجهه، ثم قعدت على طريق العراق، فجاء نفر، فقلت لهم: يا معشر المسلمين، هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قد توفي. فنزلوا و مشوا و هم يبكون فجاءوا فغسلوه و كفنوه و دفنوه، و كان فيهم الأشتر. فروي أنه قال: دفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم.

قالت ابنته: فكنت أصلي بصلاته، و أصوم بصيامه، فبينا أنا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي، كما كان يتهجد به في حياته. فقلت: يا أبت، ماذا فعل بك ربك؟ فقال: يا بنية، قدمت على رب كريم، رضي عني و رضيت عنه، و أكرمني و حباني، فاعملوا و لا تغتروا «1» و كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بتبوك رجل يقال له: المضرب، من كثرة ضرباته التي أصابته ببدر و احد، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «عد لي أهل العسكر» فعددهم، فقال: إنهم خمسة و عشرون ألف رجل سوى العبيد و التباع. فقال: «عد المؤمنين». فعددهم فقال: هم خمسة و عشرون رجلا.

و قد كان تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من المنافقين، و قوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق، منهم: كعب بن مالك الشاعر، و مرارة بن الربيع، و هلال بن امية الواقفي «2». فلما تاب الله عليهم، قال كعب: ما كنت قط أقوى مني في

ذلك الوقت الذي خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى تبوك، و ما اجتمعت لي راحلتان قط إلا في ذلك اليوم، و كنت أقول: أخرج غدا، أخرج بعد غد، فإني قوي، و توانيت و بقيت بعد خروج النبي (صلى الله عليه و آله) أياما، أدخل السوق فلا أقضي حاجة، فلقيت هلال بن امية و مرارة بن الربيع، و قد كانا تخلفا أيضا، فتوافقنا أن نبكر إلى السوق، و لم نقض حاجة، فما زلنا نقول: نخرج غدا و بعد غد. حتى بلغنا إقبال رسول الله (صلى الله عليه و آله) فندمنا.

__________________________________________________

(1) في المصدر: فاعملي فلا تغتري.

(2) في «س» و «ط»: الرافعي، تصحيف صوابه ما في المتن، نسبة إلى بني واقف، بطن من الأوّس، انظر أسد الغابة 5: 66 و أنساب السمعاني 5: 567.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 791

فلما وافى رسول الله (صلى الله عليه و آله) استقبلناه نهنئه بالسلامة، فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام، و أعرض عنا، و سلمنا على إخواننا فلم يردوا علينا السلام، فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا، و كنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا أحد و لا يكلمنا، فجاءت نساؤنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلن: قد بلغنا سخطك على أزواجنا، أ فنعتزلهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا تعتزلنهم، و لكن لا يقربوكن».

فلما رأى كعب بن مالك و صاحباه ما قد حل بهم، قالوا: ما يقعدنا بالمدينة و لا يكلمنا رسول الله، و لا إخواننا، و لا أهلونا، فهلموا نخرج إلى هذا الجبل، فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت. فخرجوا إلى ذناب «1» جبل بالمدينة، فكانوا يصومون، و كان

أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية، ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذا أياما كثيرة يبكون بالليل و النهار، و يدعون الله أن يغفر لهم. فلما طال عليهم الأمر، قال لهم كعب: يا قوم، قد سخط الله علينا و رسوله، و قد سخط علينا أهلونا و إخواننا، فلا يكلمنا أحد، فلم لا يسخط بعضنا على بعض.

فتفرقوا في الجبل «2»، و حلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عليه، فبقوا على ذلك ثلاثة أيام، و كل واحد منهم في ناحية من الجبل، لا يرى أحد منهم صاحبه و لا يكلمه، فلما كان في الليلة الثالثة و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة نزلت توبتهم على رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قوله: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة» قال الصادق (عليه السلام):

«هكذا نزلت. و هو أبو ذر و أبو خيثمة و عمرو بن وهب الذين تخلفوا، ثم لحقوا برسول الله (صلى الله عليه و آله)».

ثم قال في هؤلاء الثلاثة: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا «3»، فقال العالم (عليه السلام): «إنما انزل: و على الثلاثة الذين خالفوا. و لو خلفوا لم يكن عليهم عيب حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ حيث لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لا إخوانهم و لا أهلوهم، فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها وَ ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ «4» حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا فتفرقوا، و تاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم».

4565/ [2]- العياشي: عن المغيرة، قال: سمعته يقول في قول الله: وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا

لَهُ عُدَّةً.

قال: «يعني بالعدة النية، يقول: لو كان لهم نية لخرجوا».

سورة التوبة(9): الآيات 50 الي 51 ..... ص : 791

قوله تعالى:

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَ يَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 89/ 60.

(1) الذناب من كلّ شي ء: عقبه و مؤخّره. «أقرب الموارد- ذنب- 1: 374».

(2) في المصدر: في الليل.

(3، 4). 9: 118.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 792

- إلى قوله تعالى- وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [50- 51]

4566/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ: «أما الحسنة فالغنيمة و العافية، و أما المصيبة فالبلاء و الشدة يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَ يَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ».

سورة التوبة(9): آية 52 ..... ص : 792

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ [52]

4567/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ؟

قال: «إما موت في طاعة الله، أو إدراك ظهور إمام وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ مع ما نحن فيه من المشقة «1» أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ- قال:- هو المسخ أَوْ بِأَيْدِينا و هو القتل، قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ».

سورة التوبة(9): الآيات 53 الي 57 ..... ص : 792

قوله تعالى:

قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 292.

2- الكافي 8: 286/ 431.

(1) في المصدر: الشدّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 793

- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يَجْمَحُونَ [53- 57]

4568/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي امية يوسف بن ثابت بن أبي سعيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنهم قالوا حين دخلوا عليه: إنما أحببناكم لقرابتكم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لما أوجب الله عز و جل من حقكم، ما أحببناكم للدنيا نصيبها منكم إلا لوجه الله و

الدار الآخرة، و ليصلح امرؤ منا دينه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقتم، صدقتم». ثم قال: «من أحبنا كان معنا- أو جاء معنا- يوم القيامة هكذا».

ثم جمع بين السبابتين. ثم قال: «و الله لو أن رجلا صام النهار و قام الليل، ثم لقي الله عز و جل بغير ولايتنا أهل البيت للقيه و هو عنه غير راض، أو ساخط عليه» ثم قال: «و ذلك قول الله عز و جل: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ».

ثم قال: «و كذلك الإيمان لا يضر معه العمل، و كذلك الكفر لا ينفع معه العمل». ثم قال: «إن تكونوا وحدانيين فقد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) وحدانيا، يدعوا الناس فلا يستجيبون له، و كان أول من استجاب له علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

4569/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن أبي امية يوسف ابن ثابت، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل، ألا ترى أنه قال: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ ... و ماتوا وَ هُمْ كافِرُونَ «1»».

4570/ [3]- أحمد بن محمد بن

خالد البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، و ابن محبوب، عن علي بن رئاب و عبد الله بن بكير، عن يوسف بن ثابت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل».

ثم قال: «ألا ترى أن الله تبارك و تعالى قال: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 106/ 80.

2- الكافي 2: 335/ 3.

3- المحاسن: 166/ 123. [.....]

(1) الذي في الآية 55: وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ و في الآية 125: وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ فلعلّ الخلط من النسّاخ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 794

4571/ [4]- العياشي: عن يوسف بن ثابت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قيل له لما دخلنا عليه: إنا أحببناكم لقرابتكم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لما أوجب الله من حقكم، ما أحببناكم لدنيا نصيبها منكم إلا لوجه الله و الدار الآخرة، و ليصلح امرؤ منا دينه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقتم، صدقتم، من أحبنا جاء معنا يوم القيامة هكذا» ثم جمع بين السبابتين و قال: «و الله لو أن رجلا صام النهار و قام الليل ثم لقي الله بغير ولايتنا، لقيه غير راض، أو ساخط عليه». ثم قال:

«و ذلك قول الله: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ- إلى قوله:- وَ هُمْ كافِرُونَ».

ثم قال: «و كذلك الإيمان لا يضر معه عمل، و كذلك الكفر لا ينفع معه عمل».

4572/ [5]- علي بن إبراهيم: و قوله في المنافقين: قُلْ لهم يا محمد: أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ

يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ إلى قوله: وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ، و كانوا يحلفون للرسول أنهم مؤمنون، فأنزل الله وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ يعني غارات في الجبال، أَوْ مُدَّخَلًا قال: موضعا يلتجئون إليه لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَ هُمْ يَجْمَحُونَ أي يعرضون عنكم.

4573/ [6]- الطبرسي في معنى مُدَّخَلًا سربا «1» في الأرض، عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة التوبة(9): الآيات 58 الي 60 ..... ص : 794

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [58- 60]

4574/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 89/ 61.

5- تفسير القمّي 1: 298.

6- مجمع البيان 5: 62.

1- الكافي 2: 302/ 4.

(1) في المصدر: أسرابا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 795

إسحاق بن غالب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أهل هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟» قال: ثم قال: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4575/ [2]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن غالب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أصحاب هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟». ثم قال

لي: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4576/ [3]- العياشي: عن إسحاق بن غالب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أهل هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟» قال: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4577/ [4]- علي بن إبراهيم: أنها نزلت لما جاءت الصدقات، و جاء الأغنياء و ظنوا أن الرسول (صلى الله عليه و آله) يقسمها بينهم، فلما وضعها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الفقراء تغامزوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لمزوه، و قالوا: نحن الذين نقوم في الحرب، و نغزو معه، و نقوي أمره، ثم يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه، و لا يغنون عنه شيئا؟! فأنزل الله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ.

ثم فسر الله عز و جل الصدقات لمن هي، و على من تجب، فقال: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فأخرج الله من الصدقات جميع الناس إلا هذه الثمانية أصناف الذين سماهم الله.

و بين الصادق (عليه السلام) من هم،

فقال: «الفقراء: هم الذين لا يسألون و عليهم مؤنات من عيالهم، و الدليل على أنهم هم الذين لا يسألون قول الله في سورة البقرة: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً «1».

وَ الْمَساكِينِ هم أهل الزمانة «2» من العميان و

العرجان و المجذومين، و جميع أصناف الزمنى من الرجال و النساء و الصبيان. وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها هم السعاة و الجباة في أخذها و جمعها و حفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها. وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هم قوم وحدوا الله و لم تدخل المعرفة في قلوبهم من أن محمدا رسول الله، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يعلمهم كيما يعرفوا، فجعل الله لهم نصيبا في الصدقات كي يعرفوا و يرغبوا».

و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المؤلفة قلوبهم: أبو سفيان بن حرب بن أمية،

__________________________________________________

2- كتاب الزهد: 47/ 126.

3- تفسير العيّاشي 2: 89/ 62.

4- تفسير القمّي 1: 298.

(1) البقرة 2: 273.

(2) الزمانة: العاهة. «لسان العرب- زمن- 13: 199».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 796

و سهيل بن عمرو، و هو من بني عامر بن لؤي، و همام بن عمرو و أخوه، و صفوان بن امية بن خلف القرشي ثم الجمحي «1»، و الأقرع بن حابس التميمي ثم أحد بني حازم، و عيينة بن حصن الفزاري، و مالك بن عوف، و علقمة ابن علاثة، بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يعطي الرجل منهم مائة من الإبل و رعاتها، و أكثر من ذلك و أقل».

«وَ فِي الرِّقابِ قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ، و في الظهار، و قتل الصيد في الحرم، و في الإيمان، و ليس عندهم ما يكفرون، و هم مؤمنون، فجعل الله لهم منها سهما في الصدقات ليكفر عنهم. وَ الْغارِمِينَ قوم وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف، فيجب على الإمام أن يقضي ذلك عنهم و يكفيهم من مال الصدقات وَ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ قوم يخرجون إلى الجهاد و ليس عندهم ما ينفقون، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير، فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا به على الحج و الجهاد وَ ابْنِ السَّبِيلِ أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله فيقطع عليهم و يذهب مالهم، فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.

و الصدقات تتجزأ ثمانية أجزاء، فيعطى كل إنسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاج إليه بلا إسراف و لا تقتير، مفوض ذلك إلى الإمام، يعمل بما فيه الصلاح».

4578/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، و محمد بن مسلم، أنهما قالا لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ أكل هؤلاء يعطى، و إن كان لا يعرف؟ فقال: «إن الإمام يعطي هؤلاء جميعا، لأنهم يقرون له بالطاعة».

قال: قلت: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: «يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف ما يوجد لها موضع، و إنما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف، فمن وجدت من أصحابك هؤلاء المسلمين عارفا فأعطيه دون الناس». ثم قال: «سهم المؤلفة قلوبهم و سهم الرقاب عام، و الباقي خاص».

قال: قلت: فإن لم يوجدوا؟ قال: «لا تكون فريضة فرضها الله عز و جل إلا يوجد لها أهل».

قال: قلت: فإن

لم تسعهم الصدقات؟ فقال: «إن الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، و لو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله، و لكن أتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم، و لو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير».

4579/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن

__________________________________________________

5- الكافي 3: 496/ 1.

6- الكافي 3: 50/ 16.

(1) في «س»: الجشعمي، و في «ط»: الجعشمي، و في المصدر: الجشمي الجمحي، و ما في المتن هو الصواب، نسبة إلى بني جمح بن عمرو، انظر جمهرة النسب: 95، التبيين في أنساب القرشيين: 452، المحبّر: 473. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 797

عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ؟

قال: «الفقير: الذي لا يسأل الناس، و المسكين: الذي يسأل الناس «1»، و البائس: أجهدهم، و كل ما فرض الله عز و جل عليك فإعلانه أفضل من إسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه، و لو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا».

4580/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين «2»، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه سأله عن الفقير و المسكين، فقال: «الفقير: الذي لا يسأل، و المسكين: الذي هو أجهد منه، الذي يسأل».

4581/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي

بن الحكم، عن موسى بن بكر، قال:

قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل الله عز و جل، فإن غلب عليه فليستدن على الله و رسوله (صلى الله عليه و آله) ما يقوت به عياله، فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره، إن الله عز و جل يقول: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها إلى قوله: وَ الْغارِمِينَ فهذا فقير مسكين مغرم».

4582/ [9]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، [عن العباس ] «3»، عن علي بن الحسن، عن سعيد، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ قال: «هي تحل للذين وصف الله تعالى في كتابه لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ و قد تحل الزكاة لصاحب السبع مائة، و تحرم على صاحب خمسين درهما».

فقلت له: كيف يكون هذا؟ فقال: «إذا كان صاحب السبع مائة له عيال كثيرة، فلو قسمها بينهم لم تكفهم «4»، فليعف عنها نفسه، و ليأخذها لعياله. و أما صاحب الخمسين فإنها تحرم عليه إذا كان وحده، و هو محترف يعمل بها، و هو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله».

__________________________________________________

7- الكافي 3: 502/ 18.

8- الكافي 5: 93/ 3.

9- التهذيب 4: 48/ 127.

(1) في المصدر: و المسكين أجهد منه.

(2) في المصدر: محمّد بن الحسن، و قد روى محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن الصفّار و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، و

روى الأخير و محمّد بن الحسن بن علّان عن صفوان، راجع معجم رجال الحديث 9: 133 و 18: 8.

(3) من المصدر، و هو الصواب، فقد روى محمّد بن عليّ بن محبوب عن العبّاس بن معروف و العبّاس بن موسى الورّاق، و روى العبّاس بن معروف عن عليّ بن الحسن، راجع معجم رجال الحديث 9: 241 و 245 و 17: 9.

(4) في المصدر: لم تكفه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 798

قال: و سألته عن الزكاة، هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال: «نعم، إلا أن تكون داره دار غلة، فيخرج له من غلتها دراهم تكفيه لنفسه و عياله، و إن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه و عياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم في غير إسراف، فقد حلت له الزكاة، و إن كان غلتها تكفيهم فلا».

4583/ [10]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها. قال: «يؤدى عنه من مال الصدقة، فإن الله عز و جل يقول: وَ فِي الرِّقابِ».

4584/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى ابن بكر، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، جميعا، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله، و لم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يعرفهم كيما يعرفوا و يعلمهم».

4585/ [12]- و عنه: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.

قال: «هم قوم وحدوا الله عز و جل، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله، و شهدوا أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمر الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم حنين تألف رؤساء العرب من قريش و سائر مضر، منهم: أبو سفيان بن حرب، و عيينة بن حصن الفزاري، و أشباههم من الناس. فغضبت الأنصار و اجتمعت إلى سعد بن عبادة، فانطلق بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجعرانة «1»، فقال: يا رسول الله، أ تأذن لي بالكلام؟ فقال: نعم. فقال: إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا به، و إن كان غير ذلك لم نرض به».

قال زرارة: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر الأنصار، كلكم على قول سيدكم سعد؟ فقالوا: سيدنا الله و رسوله «2». ثم قالوا في الثالثة: نحن على مثل قوله و رأيه».

قال زرارة: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فحط الله نورهم، و فرض الله للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن».

__________________________________________________

10- التهذيب

8: 275/ 1002.

11- الكافي 2: 301/ 1.

12- الكافي 2: 320/ 2.

(1) الجعرانة: منزل بين الطائف و مكّة. «معجم البلدان 2: 142».

(2) يأتي في الحديث (22) عن العيّاشي زيادة في هذا الموضع، و هي قوله: فأعادها عليهم ثلاث مرّات، كلّ ذلك يقولون: اللّه سيّدنا و رسوله. ثمّ قالوا بعد الثالثة. الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 799

4586/ [13]- و عنه: عن علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «المؤلفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم».

4587/ [14]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم، إنهم قوم وحدوا الله و خرجوا من الشرك، و لم تدخل معرفة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قلوبهم و ما جاء به، فتألفهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تألفهم المؤمنون بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) لكيما يعرفوا».

4588/ [15]- العياشي: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن تصلح أن يأخذها؟ فقال: «هي للذين قال الله في كتابه: لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ و قد تحل الزكاة لصاحب ثلاث مائة درهم، و تحرم على صاحب خمسين درهما».

فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال: «إذا كان صاحب الثلاث مائة درهم له عيال كثيرة، لو قسمها بينهم لم تكفهم، فليعفف عنها نفسه، و ليأخذها لعياله، و أما صاحب الخمسين

فإنها تحرم عليه إذا كان وحده، و هو محترف يعمل بها، و هو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله».

4589/ [16]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الفقير و المسكين، قال: «الفقير: الذي يسأل، و المسكين: أجهد منه، و البائس: أجهدهما».

4590/ [17]- عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ؟ قال:

«الفقير الذي يسأل، و المسكين أجهد منه، الذي لا يسأل».

4591/ [18]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أوصى بسهم من ماله، و ليس يدري أي شي ء هو.

قال: «السهام ثمانية، و كذلك قسمها رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم تلا إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ إلى آخر الآية، ثم قال: «إن السهم واحد من ثمانية».

4592/ [19]- عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ إلى آخر الآية.

فقال: «إن جعلتها فيهم جميعا، و إن جعلتها لواحد، أجزأ عنك».

__________________________________________________

13- الكافي 2: 302/ 3.

14- الكافي 2: 302/ 5. [.....]

15- تفسير العيّاشي 2: 90/ 63.

16- تفسير العيّاشي 2: 90/ 64.

17- تفسير العيّاشي 2: 90/ 65.

18- تفسير العيّاشي 2: 90/ 66.

19- تفسير العيّاشي 2: 90/ 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 800

4593/ [20]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: أ رأيت قوله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ إلى آخر الآية، كل هؤلاء يعطى إذا كان لا يعرف؟ قال: «إن الإمام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة».

قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: «يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع، و

إنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، و أما اليوم فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف».

4594/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها، قال: «هم السعاة».

4595/ [22]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.

قال: «هم قوم وحدوا الله، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك و تعالى، و شهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و هم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم الذين قد دخلوا فيه و أقروا به. و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم حنين تألف رؤوسهم من رؤوس العرب من قريش و سائر مضر، منهم: أبو سفيان بن حرب، و عيينة بن حصين الفزاري، و أشباههم من الناس، فغضب الأنصار، فاجتمعوا إلى سعد بن عبادة، فانطلق بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجعرانة، فقال: يا رسول الله، أ تأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم. فقال: إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أمرك الله به رضينا، و إن كان غير ذلك لم نرض».

قال زرارة: فسمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله: يا معشر الأنصار، كلكم على مثل قول سعد سيدكم؟ قالوا: الله سيدنا و رسوله، فأعادها عليهم ثلاث مرات، كل ذلك يقولون: الله سيدنا و رسوله. ثم قالوا بعد الثالثة: نحن على مثل قوله

و رأيه».

قال زرارة: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فحط الله نورهم، و فرض للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن».

4596/ [23]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، قال: «قوم تألفهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قسم فيهم الشي ء».

4597/ [24]- عن زرارة، قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما كان في قابل جاءوا بضعف الذين أخذوا و أسلم ناس كثير» قال: «فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطيبا، فقال: هذا خير أم الذي قلتم، قد جاءوا من الإبل بكذا و كذا ضعف ما أعطيتهم، و قد أسلم لله عالم و ناس كثير، و الذي نفس محمد بيده لوددت أن عندي ما أعطي كل إنسان ديته

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 90/ 68.

21- تفسير العيّاشي 2: 91/ 69.

22- تفسير العيّاشي 2: 91/ 70.

23- تفسير العيّاشي 2: 92/ 71.

24- تفسير العيّاشي 2: 92 ذيل الحديث 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 801

على أن يسلم لله رب العالمين».

4598/ [25]- قال الحسن بن موسى من غير هذا الوجه أيضا رفعه، قال: قال رجل منهم حين قسم النبي (صلى الله عليه و آله) غنائم حنين: إن هذه القسمة ما يريد الله بها. فقال له بعضهم: يا عدو الله، تقول هذا لرسول الله.

ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبره مقالته، فقال: «قد اوذي أخي موسى (عليه السلام) بأكثر من هذا فصبر». قال:

و كان يعطي لكل رجل من المؤلفة قلوبهم مائة راحلة.

4599/ [26]- عن سماعة، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن (عليهما السلام)، قال: ذكر أحدهما أن رجلا دخل على رسول الله (صلى الله

عليه و آله) يوم غنيمة حنين، و كان يعطي المؤلفة قلوبهم، يعطي الرجل منهم مائة راحلة و نحو ذلك، و قسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث أمر، فأتاه ذلك الرجل قد أزاغ الله قلبه و ران عليه، فقال له: ما عدلت حين قسمت. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك ما تقول؟ ألم تر قسمت الشاة حتى لم يبق معي شاة؟ أو لم أقسم البقر حتى لم يبق معي بقرة واحدة؟ أو لم أقسم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد؟».

فقال بعض أصحابه له: اتركنا- يا رسول الله- حتى نضرب عنق هذا الخبيث. فقال: «لا، هذا يخرج في قوم يقرءون القرآن، لا يجوز تراقيهم، بلى قاتلهم غيري «1»».

4600/ [27]- عن زرارة، قال: دخلت أنا و حمران، على أبي جعفر (عليه السلام) فقلنا: إنا نمد المطمر «2»؟ فقال:

«و ما المطمر؟» قلنا: الذي «3» وافقنا من علوي أو غيره توليناه، و من خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره.

قال: «يا زرارة، قول الله أصدق من قولك، فأين الذي قال الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «4» أين المرجون لأمر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟ أين أصحاب الأعراف؟ أين المؤلفة قلوبهم؟».

فقال زرارة: ارتفع صوت أبي جعفر و صوتي حتى كان يسمعه من على باب الدار، فلما كثر الكلام بيني و بينه، قال لي: «يا زرارة، حقا على الله أن يدخلك الجنة».

4601/ [28]- عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسألوه أن

يستعملهم على صدقة المواشي و النعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 92/ 72.

26- تفسير العيّاشي 2: 92/ 73.

27- تفسير العيّاشي 2: 93/ 74.

28- تفسير العيّاشي 2: 93/ 75. [.....]

(1) في المصدر: قاتلهم اللّه.

(2) في «ط»: و المصدر: المطهر.

(3) في المصدر: الدين فمن.

(4) النساء 2: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 802

للعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم، فنحن أولى به؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم، و لكن وعدت الشفاعة- ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها- فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة، أ تروني مؤثرا عليكم غيركم؟!».

4602/ [29]- عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته، و قد أدى بعضها، قال: «يؤدي من مال الصدقة، إن الله يقول في كتابه: وَ فِي الرِّقابِ».

4603/ [30]- عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): عبد زنا؟ قال: «يجلد نصف الحد». قال: قلت: فإن هو عاد. فقال: «يضرب مثل ذلك». قال: قلت: فإن هو عاد. قال: «لا يزاد على نصف الحد».

قال: قلت: فهل يجب عليه الرجم في شي ء من فعله؟ فقال: «نعم، يقتل في الثامنة، إن فعل ذلك ثمان مرات».

قلت: فما الفرق بينه و بين الحر، و إنما فعلهما واحد؟ فقال: «إن الله تعالى رحمه أن يجمع عليه ربق الرق و حد الحر». قال: ثم قال: «على إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب».

4604/ [31]- عن الصباح بن سيابة، قال: أيما مسلم مات و ترك دينا، لم يكن في فساد و على

إسراف، فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضيه فعليه إثم ذلك، إن الله يقول: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ فهو من الغارمين، و له سهم عند الإمام، فإن حبسه فإثمه عليه.

4605/ [32]- عن عبد الرحمن بن الحجاج: أن محمد بن خالد: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصدقات. قال:

«اقسمها فيمن قال الله، و لا تعطي من سهم الغارمين الذين ينادون نداء الجاهلية».

قلت: و ما نداء الجاهلية؟ قال: «الرجل يقول: يا آل بني فلان. فيقع فيهم القتل و الدماء، فلا يؤدي ذلك من سهم الغارمين، و الذين يغرمون من مهور النساء». قال: و لا أعلمه إلا قال: «و لا الذين لا يبالون بما صنعوا من أموال الناس»

سورة التوبة(9): آية 61 ..... ص : 803

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ [61]

4609/ [36]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز، قال: كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله دنانير، و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل: يا أبت، إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن و عندي كذا و كذا دينارا، أفترى أن أدفعها إليه، يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما بغلك أنه يشرب الخمر؟» فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس. فقال:

«يا بني، لا تفعل» فعصى إسماعيل أباه و دفع إليه دنانيره، فاستهلكها و لم يأته بشي ء منها، فخرج إسماعيل و قضى أن أبا عبد الله (عليه السلام) حج و حج إسماعيل تلك السنة، فجعل يطوف بالبيت و

يقول: اللهم آجرني و أخلف علي.

فلحقه أبو عبد الله (عليه السلام) فهمزه بيده من خلفه، و قال له: «مه- يا بني- فلا و الله ما لك على الله من هذا حجة، و لا لك أن يأجرك، و لا يخلف عليك، و قد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته».

فقال إسماعيل: يا أبت، إني لم أره يشرب الخمر، إنما سمعت الناس يقولون.

فقال: «يا بني، إن الله عز و جل يقول في كتابه: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ، يقول: يصدق الله و يصدق المؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم. و لا تأتمن شارب الخمر، فإن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ «1» فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟ إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره، و لا يخلف عليه».

__________________________________________________

34- تفسير العيّاشي 2: 94/ 81.

35- تفسير العيّاشي 2: 95/ 82.

36- الكافي 5: 299/ 1.

(1) النساء 4: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 804

4610/ [2]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد «1» بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن حماد بن بشير «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر بعد أن حرمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و لا يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله عز و جل أن

يأجره، و لا يخلف عليه».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت له: إني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة؟. فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت: قد بلغني عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. فقال لي: صدقهم، فإن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ. ثم قال: إنك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله عز و جل أن يأجرك و لا يخلف عليك.

قال: قلت له: و لم؟ فقال لي: إن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «3» فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر؟» الحديث.

4611/ [3]- العياشي: عن حماد بن عثمان «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إني أردت أن أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن، فأتيت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: إني أريد أن أستبضع فلانا؟ فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟». فقلت: قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك. فقال: «صدقهم، إن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ». فقال: «يعني يصدق الله و يصدق المؤمنين، لأنه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين».

4612/ [4]- ابن الفارسي في (الروضة): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و ذكر خطبة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم الغدير التي تضمنت نصب علي (عليه السلام) إماما للناس- قال (صلى الله عليه و آله) في خطبته:

بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية.

معاشر الناس، ما قصرت عن تبليغ ما أنزله، و

أنا مبين سبب هذه الآية، أن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي، و هو السلام، أن أقوم في هذا المشهد، و اعلم كل أبيض و أحمر و أسود أن علي بن

__________________________________________________

2- الكافي 6: 397/ 9. [.....]

3- تفسير العيّاشي 2: 95/ 83.

4- روضة الواعظين: 92.

(1) في «س»: الحسن بن أحمد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 40، و معجم رجال الحديث 5: 116.

(2) في «س، ط»: داود بن بشير، و هو سهو، و الصواب ما في المتن، و هو حمّاد بن بشير الطنافسي الكوفي، عدّة الشيخ في رجاله: 173 من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و راجع معجم رجال الحديث 6: 203.

(3) النساء 4: 5.

(4) في «ط»: حماد بن سنان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 805

أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي، و هو الإمام بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وليكم بعد الله و رسوله. و قد أنزل الله تبارك و تعالى علي بذلك آية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1» و علي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة، و آتى الزكاة و هو راكع، يريد الله عز و جل في كل حال.

و سألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم، لعلمي بقلة المتقين، و كثرة المنافقين، و إدغال الآثمين، و ختل المستهزئين الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و يحسبونه هينا و هو عند الله عظيم، لكثرة أذاهم غير مرة حتى سموني اذنا، و زعموا أنه لكثرة ملازمتي إياه «2»

و إقبالي عليه حتى أنزل الله في ذلك: الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، فقال: قُلْ أُذُنُ «3» على الذين تزعمون أنه أذن خَيْرٍ لَكُمْ إلى آخر الآية. و لو شئت أن اسمي القائلين بأسمائهم، لسميت و أومأت [إليهم ] بأعيانهم، و لو شئت أن أدل عليهم لدللت، و لكني في أمرهم قد تكرمت، و كل ذلك لا يرضي الله مني إلا أن ابلغ ما أنزل إلي، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ». «4»

و الخطبة طويلة ذكرناها بطولها في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية من سورة المائدة «5».

4613/ [5]- علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أن عبد الله بن نفيل كان منافقا، و كان يقعد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فيسمع كلامه و ينقله إلى المنافقين، و ينم عليه، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، إن رجلا من المنافقين ينم [عليك ]، و ينقل حديثك إلى المنافقين. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«من هو؟».

فقال: يا رسول الله، الرجل الأسود الوجه، الكثير شعر الرأس، ينظر بعينين كأنهما قدران، و ينطق بلسان شيطان. فدعاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره فحلف أنه لم يفعل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد قبلت منك، فلا تفعل».

فرجع إلى أصحابه، فقال: إن محمدا اذن، أخبره الله أني أنم عليه، و أنقل أخباره فقبل. و أخبرته أني لم أفعل ذلك فقبل، فأنزل الله على نبيه وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ

أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ أي يصدق الله فيما يقول له، و يصدقكم فيما تعتذرون إليه في الظاهر، و لا يصدقك في

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 300.

(1) المائدة 5: 55.

(2) في المصدر: ملازمته إياي.

(3) في المصدر زيادة: الأذن من يصدّق بكلّ ما يسمع.

(4) المائدة 5: 67.

(5) تقدم في الحديث (9) من تفسير الآية (3) من سورة المائدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 806

الباطن، قوله: وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ يعني المقرين بالإيمان من غير اعتقاد.

4614/ [6]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام): أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن نفيل المنافق، يسمع كلام رسول الله و ينقله إلى المنافقين، و يعيبه عندهم، و ينم عليه أيضا، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك المنافق، فأحضره و نهاه عن ذلك و استتابه.

سورة التوبة(9): آية 62 ..... ص : 806

قوله تعالى:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ [62] 4615/ [7]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ أنها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين أنهم منهم لكي يرضى عنهم المؤمنون، فقال الله: وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ.

سورة التوبة(9): الآيات 64 الي 66 ..... ص : 806

قوله تعالى:

يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ- إلى قوله تعالى- كانُوا مُجْرِمِينَ [64- 66]

4616/ [8]- العياشي: عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ إلى قوله: نُعَذِّبْ طائِفَةً» قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): تفسير هذه الآية؟

قال: «تفسيرها- و الله- ما نزلت آية قط إلا و لها تفسير». ثم قال: «نعم، نزلت في التيمي و العدوي و العشرة معهما، إنهم اجتمعوا اثنا عشر فكمنوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في العقبة، و ائتمروا بينهم ليقتلوه، فقال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض و نلعب. و إن لم يفطن لنقتلنه، فأنزل الله هذه الآية وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ فقال الله لنبيه قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ يعني عليا (عليه السلام)، إن يعف عنهما في أن

__________________________________________________

6- نهج البيان 2: 140 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 300. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 95/ 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 807

يلعنهما على المنابر و يلعن غيرهما فذلك

قوله تعالى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً».

4617/ [2]- الطبرسي: قيل: نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) عند رجوعه من تبوك، فأخبر جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، و أمره أن يرسل إليهم و يضرب وجوه رواحلهم، و عمار كان يقود دابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حذيفة يسوقها، فقال لحذيفة: «اضرب وجوه رواحلهم» فضربها حتى نحاهم. فلما نزل قال لحذيفة: «من عرفت من القوم؟» قال: لم أعرف منهم أحدا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه فلان و فلان. حتى عدهم كلهم. فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال: «أكره أن تقول العرب: لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم».

عن ابن كيسان، قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله، إلا أنه قال: ائتمروا بينهم ليقتلوه، و قال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض و نلعب. و إن لم يفطن نقتله.

4618/ [3]- علي بن إبراهيم: قال: كان قوم من المنافقين لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى تبوك، كانوا يتحدثون فيما بينهم و يقولون: أ يرى محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم، لا يرجع منهم أحد أبدا. فقال بعضهم: ما أخلقه أن يخبر الله محمدا بما كنا فيه و بما في قلوبنا، و ينزل عليه بهذا قرآنا يقرؤه الناس! و قالوا هذا على حد الاستهزاء.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمار بن ياسر: «الحق القوم، فإنهم قد احترقوا» فلحقهم عمار، فقال: ما قلتم؟

قالوا: ما قلنا شيئا، إنما كنا نقول شيئا على حد اللعب و المزاح. فأنزل الله وَ

لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ.

4619/ [4]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ.

قال: «هؤلاء قوم كانوا مؤمنين فارتابوا و شكوا و نافقوا بعد إيمانهم، و كانوا أربعة نفر. و قوله: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ كان أحد الأربعة مخشي بن حمير «1» فاعترف و تاب، و قال: يا رسول الله، أهلكني اسمي. فسماه رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: يا رب، اجعلني شهيدا حيث لا يعلم أحد أين أنا. فقتل يوم اليمامة، و لم يعلم أحد أين قتل فهو الذي عفا الله عنه».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 5: 70.

3- تفسير القمّي 1: 300.

4- تفسير القمّي 1: 300.

(1) في «س»: فحبتر، و في «ط»: مجنتر، و في المصدر: محتبر، تصحيفات صوابها ما في المتن، و هو مخشي بن حميّر الأشجعي حليف لبني سلمة من الأنصار، كان من المنافقين من أصحاب مسجد ضرار، ترجم له في اسد الغابة 4: 338 و الاصابة 3: 391 و ذكر قصّته هذه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 808

4620/ [5]- الشيباني: روي عن الباقر (عليه السلام): أن هذه الآية نزلت في رجوع النبي (صلى الله عليه و آله) من غزاة تبوك في حق المنافقين الذين نفروا ناقة النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة العقبة، و كان حذيفة بن اليمان يسوقها، و عمار يأخذ بزمامها، و كانوا اثني عشر رجلا، فأمر النبي (صلى الله عليه و آله) حذيفة

أن يضرب وجوه رواحلهم حتى نحاهم عن الطريق، و لم يعرفهم حذيفة و عرفهم النبي (صلى الله عليه و آله) فأحضرهم بين يديه، و وبخهم، و قالوا: إنما كنا نخوض و نلعب. فكذبهم و لعنهم، و كان قد آخى بينهم، فقال لهم: «أكفرتم بعد إيمانكم».

4621/ [6]- القصة: قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «لقد رامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على العقبة، و رام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فما قدروا على مغالبة ربهم، حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام) لما فخم من أمره، و عظم من شأنه.

من ذلك: أنه لما خرج من المدينة، و قد كان خلفه عليها، قال له: إن جبرئيل أتاني، و قال لي: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول لك: يا محمد، إما أن تخرج أنت و يقيم علي، و إما أن تقيم أنت و يخرج علي، فإن عليا قد ندبته لإحدى اثنتين، لا يعلم أحد كنه جلال من أطاعني فيهما و عظيم ثوابه غيري. فلما خلفه أكثر المنافقون الطعن فيه فقالوا: مله و سئمه، و كره صحبته. فتبعه علي (عليه السلام) حتى لحقه، و قد وجد مما قالوا فيه.

فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أشخصك عن مركزك؟ قال: بلغني عن الناس كذا و كذا. فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فانصرف علي (عليه السلام) إلى موضعه، فدبروا عليه أن يقتلوه، و تقدموا في أن يحفروا له في طريقه

حفيرة طويلة قدر خمسين ذراعا، ثم غطوها بحصر رقاق، و نثروا فوقها يسيرا من التراب، بقدر ما غطوا وجوه الحصر، و كان ذلك على طريق علي (عليه السلام) الذي لا بد له من عبوره، ليقع هو و دابته في الحفيرة التي عمقوها، و كان ما حوالي المحفور أرض ذات أحجار، و دبروا على أنه إذا وقع مع دابته في ذلك المكان كبسوه بالأحجار حتى يقتلوǮ

فلما بلغ علي (عليه السلام) قرب المكان لوى فرسه عنقه، و أطاله الله فبلغت جحفلته «1» اذنه، و قال: يا أمير المؤمنين، قد حفر ها هنا و دبر عليك الحتف- و أنت أعلم- لا تمر فيه. فقال له علي (عليه السلام): جزاك الله من ناصح خيرا كما أنذرتني، فإن الله عز و جل لا يخليك من صنعة الجميل. و سار حتى شارف المكان فتوقف الفرس خوفا من المرور على المكان، فقال علي (عليه السلام): سر بإذن الله تعالى سالما سويا، عجيبا شأنك، بديعا أمرك. فتبادرت الدابة فإذا الله عز و جل قد متن الأرض و صلبها و لأم حفرها، و جعلها كسائر الأرض. فلما جاوزها علي (عليه السلام) لوى الفرس عنقه، و وضع جحفلته على اذنه، ثم قال: ما أكرمك على رب العالمين، جوزك على هذا المكان الخاوي!! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جازاك الله بهذه السلامة عن تلك النصيحة التي نصحتني. ثم قلب وجه

__________________________________________________

5- نهج البيان 2: 140 (مخطوط).

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 380/ 265.

(1) الجحفلة لذي الحافر كالشّفة للإنسان. «أقرب الموارد- جحفل- 1: 104».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 809

الدابة إلى ما يلي كفلها «1» و القوم معه، بعضهم كان أمامه، و بعضهم خلفه، و قال:

اكشفوا عن هذا المكان، فكشفوا عنه فإذا هو خاو، و لا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفيرة، فأظهر القوم الفزع و التعجب مما رأوا، فقال علي (عليه السلام) للقوم: أ تدرون من عمل هذا؟ قالوا: لا ندري. قال علي (عليه السلام): لكن فرسي هذا يدري. ثم قال: يا أيها الفرس، كيف هذا و من دبره؟ فقال الفرس: يا أمير المؤمنين، إذا كان الله عز و جل يبرم ما يروم جهال الخلق نقضه، أو كان ينقض ما يروم جهال الخلق إبرامه، فالله هو الغالب، و الخلق هم المغلوبون، فعل هذا- يا أمير المؤمنين- فلان و فلان، إلى أن ذكر العشرة بمواطأة من أربعة و عشرين، هم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طريقه.

ثم دبروا هم على أن يقتلوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على العقبة، و الله عز و جل من وراء حياطة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ولي الله لا يغلبه الكافرون، فأشار بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن يكاتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، و يبعث رسولا مسرعا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله- يعني جبرئيل (عليه السلام)- إلى محمد رسوله (صلى الله عليه و آله) أسرع، و كتابه إليه أسبق، فلا يهمنكم هذا.

فلما قرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من العقبة التي بإزائها فضائح المنافقين و الكافرين نزل دون العقبة، ثم جمعهم، فقال لهم: هذا جبرئيل الروح الأمين، يخبرني أن عليا دبر عليه كذا و كذا، فدفع الله عز و جل عنه بألطافه و عجائب معجزاته بكذا و كذا، و أنه صلب الأرض تحت حافر دابته،

و أرجل أصحابه، ثم انقلب على ذلك الموضع علي و كشف عنه فرأيت الحفيرة، ثم إن الله عز و جل لأمها كما كانت لكرامته عليه، و إنه قيل له: كاتب بهذا، و أرسل إلى رسول الله. فقال: رسول الله إلى رسول الله أسرع، و كتابه إليه أسبق. و لم يخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما قال علي (عليه السلام) على باب المدينة: إن من مع رسول الله منافقين سيكيدونه، و يدفع الله عز و جل عنه.

فلما سمع الأربعة و العشرون أصحاب العقبة ما قاله (صلى الله عليه و آله) في أمر علي (عليه السلام)، قال بعضهم لبعض:

ما أمهر محمدا بالمخرقة «2»! إن فيجا «3» أتاه مسرعا، أو طيرا من المدينة من بعض أهله وقع عليه! إن عليا قتل بحيلة كذا و كذا، و هو الذي واطأنا عليه أصحابنا، فهو الآن لما بلغه كتم الخبر، و قلبه إلى ضده يريد أن يسكن من معه لئلا يمدوا أيديهم عليه، و هيهات- و الله- ما لبث عليا بالمدينة إلا حتفه «4»، و لا أخرج محمدا إلى ها هنا إلا حتفه «5»، و قد هلك علي، و هو ها هنا هالك لا محالة، و لكن تعالوا حتى نذهب إليه و نظهر له السرور بأمر علي ليكون أسكن لقلبه إلينا، إلى أن نمضي فيه تدبيرنا، فحضروه و هنئوه على سلامة علي من الورطة التي رامها أعداؤه. ثم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن علي، أهو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد و علي، و قبولها لولايتهما؟ إنه لا أحد من محبي علي قد

نظف قلبه من قذر الغش و الدغل و الغل و نجاسات الذنوب إلا كان أظهر و أفضل من الملائكة،

__________________________________________________

(1) كفل الدابّة: العجز. «القاموس المحيط- كفل- 4: 46».

(2) المخرقة: يراد بها هنا الافتراء و الكذب.

(3) قال في اللسان: و في الحديث ذكر الفيج، و هو المسرع في مشيه، الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد. «لسان العرب- فيج- 2: 350».

(4، 5) في المصدر: حينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 810

و هل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم، إنه لا يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلا و هم- يعنون أنفسهم- أفضل منهم في الدين فضلا، و أعلم بالله علما. فأراد الله «1» أن يعرفهم أنهم قد اخطأوا في ظنونهم و اعتقاداتهم، فخلق آدم و علمه الأسماء كلها، ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم أن ينبئهم بها، و عرفهم فضله في العلم عليهم.

ثم أخرج من صلب آدم ذريته منهم الأنبياء و الرسل و الخيار من عباد الله، أفضلهم محمد ثم آل محمد، و من الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد و خيار امة محمد، و عرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حملوه من الأثقال، و قاسوا ما هم فيه من تعرض أعوان الشياطين و مجاهدة النفوس، و احتمال أذى ثقل العيال، و الاجتهاد في طلب الحلال، و معاناة مخاطرة الخوف من الأعداء من لصوص مخوفين، و من سلاطين جور قاهرين، و صعوبة المسالك في المضايق و المخاوف، و الأجزاع «2» و الجبال و التلال، لتحصيل أقوات الأنفس و العيال، من الطيب الحلال.

عرفهم الله عز و جل أن خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا، و يتخلصون

منها، و يحاربون الشياطين و يهزمونهم، و يجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها، و يغلبونها مع ما ركب فيهم من شهوة الفحولة و حب اللباس و الطعام و العزة و الرئاسة، و الفخر و الخيلاء، و مقاساة العناء و البلاء من إبليس لعنه الله و عفاريته، و خواطرهم و إغوائهم و استهزائهم «3»، و دفع ما يكابدونه من ألم الصبر على سماع الطعن من أعداء الله، و سماع الملاهي، و الشتم لأولياء الله، و مع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم، و الهرب من أعداء دينهم، و الطلب لمن يأملون معاملته من مخالفيهم في دينهم.

قال الله عز و جل: يا ملائكتي، و أنتم من جميع ذلك بمعزل، لا شهوات الفحولة تزعجكم، و لا شهوة الطعام تحقركم، و لا الخوف من أعداء دينكم و دنياكم ينخب في قلوبكم، و لا لإبليس في ملكوت سماواتي و أرضي شغل على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منه «4». يا ملائكتي، فمن أطاعني منهم و سلم دينه من هذه الآفات و النكبات فقد احتمل في جنب محبتي ما لم تحتملوه، و اكتسب من القربات ما لم تكتسبوه.

فلما عرف الله ملائكته فضل خيار امة محمد (صلى الله عليه و آله) و شيعة علي (عليه السلام) و خلفائه عليهم، و احتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله الملائكة، أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم. ثم قال: فلذلك فاسجدوا لآدم. لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. و لم يكن سجودهم لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عز و جل، و كان بذلك معظما مبجلا له، و لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله، و أن

يخضع له خضوعه لله، و يعظمه بالسجود له كتعظيمه لله، و لو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله، لأمرت ضعفاء

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و بنبيّه.

(2) الأجزاع: جمع جزع، و هو الوادي إذا قطعته عرضا. «الصحاح- جزع- 3: 1195». [.....]

(3) في المصدر: و استهوائهم.

(4) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 811

شيعتنا و سائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسط في علوم علي وصي رسول الله، و محض وداد «1» خير خلق الله علي بعد محمد رسول الله، و احتمل المكاره و البلايا في التصريح بإظهار حقوق الله، و لم ينكر علي حقا أرقبه «2» عليه قد كان جهله أو أغفله.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عصى الله إبليس فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم، و عصى الله آدم بأكل الشجرة فسلم و لم يهلك لما لم يقارن بمعصيته التكبر على محمد و آله الطيبين، و ذلك أن الله تعالى قال له: يا آدم، عصاني فيك إبليس و تكبر عليك فهلك، و لو تواضع لك بأمري، و عظم عز جلالي لأفلح كل الفلاح كما أفلحت، و أنت عصيتني بأكل الشجرة، و بالتواضع لمحمد و آل محمد تفلح كل الفلاح، و تزول عنك وصمة الزلة «3»، فادعني بمحمد و آله الطيبين لذلك. فدعا بهم فأفلح كل الفلاح لما تمسك بعروتنا أهل البيت.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بالرحيل في أول نصف الليل الأخير، و أمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله أحد إلى العقبة، و لا يطأها حتى يجاوزها رسول الله (صلى الله عليه و آله). ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر

من يمر به، و يخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمره أن يستتر «4» بحجر، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك، و إني أخاف إن قعدت في أصل الجبل و جاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك يحس بي، فيكشف عني فيعرفني و موضعي من نصيحتك فيتهمني و يخافني فيقتلني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة، و قل لها: إن رسول الله يأمرك أن تنفرجي حتى أدخل جوفك، ثم يأمرك أن تثقب فيك ثقبة ابصر منها المارين، و يدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين. فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين.

فأدى حذيفة الرسالة، و دخل جوف الصخرة، و جاء الأربعة و العشرون على جمالهم، و بين أيديهم رجالتهم، يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه ها هنا كائنا ما كان فاقتلوه، لئلا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا ها هنا فينكص محمد، و لا يصعد هذه العقبة إلا نهارا، فيبطل تدبيرنا عليه. فسمعها حذيفة، و استقصوا فلم يجدوا أحدا.

و كان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرقوا، فبعضهم صعد على الجبل و عدل عن الطريق المسلوك، و بعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين و شمال، و هم يقولون: ألا ترون حين «5» محمد كيف أغراه بأن يمنع الناس من صعود العقبة حتى يقطعها هو، لنخلو به ها هنا، فنمضي فيه تدبيرنا و أصحابه عنه بمعزل؟ و كل ذلك يوصله الله من قريب أو بعيد إلى اذن حذيفة، و

يعيه.

__________________________________________________

(1) محض الودّ: أخلصه. «مجمع البحرين- محض- 4: 229».

(2) رقبت الشي ء: رصدته و انتظرته، و المراد هنا: أرصده له و انتظر رعايته منه. «الصحاح- رقب- 1: 137».

(3) في المصدر: الذلّة.

(4) في «س»: يتشبه، و في «ط»: يتشبث.

(5) حينه: أجله. «مجمع البحرين- حين- 6: 240».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 812

فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا كلمت الصخرة حذيفة، و قالت: انطلق الآن إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره بما رأيت و ما سمعت. قال حذيفة: كيف أخرج عنك، و إن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم؟ قالت الصخرة: إن الذي أمكنك من جوفي و أوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها في هو الذي يوصلك إلى نبي الله و ينقذك من أعداء الله. فنهض حذيفة ليخرج، فانفرجت الصخرة، فحوله الله طائرا فطار في الهواء محلقا حتى انقض بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم أعيد إلى صورته، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما رأى و سمع.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو عرفتهم بوجوههم؟

فقال: يا رسول الله، كانوا متلثمين و كنت أعرف أكثرهم بجمالهم، فلما فتشوا الموضع فلم يجدوا أحدا أحدروا اللثام فرأيت وجوههم و عرفتهم بأعيانهم و أسمائهم، فلان و فلان حتى عد أربعة و عشرين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا حذيفة، إذا كان الله تعالى يثبت محمدا، لم يقدر هؤلاء و لا الخلق أجمعون أن يزيلوه، إن الله تعالى بالغ في محمد أمره و لو كره الكافرون. ثم قال: يا حذيفة، فانهض بنا أنت و سلمان و عمار، و توكلوا على الله، فإذا جزنا الثنية

الصعبة فأذنوا للناس أن يتبعونا.

فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ناقته و حذيفة و سلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها، و الاخر خلفها يسوقها، و عمار إلى جانبها، و القوم على جمالهم و رجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات، و قد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده، فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أذن الله تعالى لها، فارتفعت ارتفاعا عظيما، فجاوزت ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم سقطت في جانب المهوى، و لم يبق منها شي ء إلا صار كذلك، و ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله) كأنها لا تحس بشي ء من تلك القعقعات «1» التي كانت للدباب.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمار: اصعد الجبل، فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمار، فنفرت بهم، و سقط بعضهم فانكسر عضده، و منه من انكسرت رجله، و منهم من انكسر جنبه، و اشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت و اندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا، و لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حذيفة و أمير المؤمنين (عليه السلام): إنهما أعلم الناس بالمنافقين، لقعوده في أصل العقبة و مشاهدته من مر سابقا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و كفى الله رسوله أمر من قصد له، و عاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، فكسا الله الذل و العار من كان قد قعد

عنه، و ألبس الخزي من كان دبر على علي (عليه السلام) ما دفع الله عنه».

و سيأتي عن قريب- إن شاء الله تعالى- ذكر من كان على العقبة من طريق الخاصة و العامة، في قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) القعقعة: تتابع الصوت في شدّة. «لسان العرب- قعع- 8: 287».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 813

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا «1»

سورة التوبة(9): آية 67 ..... ص : 813

قوله تعالى:

نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ [67]

4622/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن قاسم الرقام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمعه عز و جل يقول: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «2» و إنما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال الله عز و جل:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «3»، و قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «4»، أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا».

4623/ [2]- و عنه: بإسناده عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «قوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إنما يعني أنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بطاعته فنسيهم

في الآخرة، أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيين من الجنة «5»».

4624/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) نَسُوا اللَّهَ قال: قال: «تركوا طاعة الله».

فَنَسِيَهُمْ قال: «فتركهم».

4625/ [4]- عن أبي معمر السعدي، قال: قال علي (عليه السلام) في قول الله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ. قال: «فإنما يعني أنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطاعة، و لم يؤمنوا به و برسوله فَنَسِيَهُمْ في الآخرة أي لم

__________________________________________________

1- التوحيد: 159/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 18.

2- التوحيد: 259/ 5.

3- تفسير العيّاشي 2: 95/ 95.

4- تفسير العيّاشي 2: 96/ 86.

(1) يأتي في تفسير الآيات (74- 79) من هذه السورة.

(2) مريم 19: 64. [.....]

(3) الحشر 59: 19.

(4) الأعراف 7: 51.

(5) في المصدر: من الخير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 814

يجعل لهم في ثوابه نصيبا، فصاروا منسيين من الخير».

سورة التوبة(9): آية 70 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ [70]

4626/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قوله عز و جل: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «1»؟ قال: «هم أهل البصرة «2»».

قلت: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ؟ قال: «أولئك قوم لوط، ائتفكت عليهم، أي انقلبت و صار عاليها سافلها «3»».

سورة التوبة(9): آية 71 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [71]

4627/ [2]- الشيخ في (التهذيب): عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن صفوان بن مهران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تاتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعمل، أعرفها بإسلامها، ليس لها محرم، فأحملها؟

قال: «فاحملها، فإن المؤمن محرم للمؤمنة». ثم تلا هذه الآية: وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.

قلت: صفوان بن مهران هو الجمال، و قوله: «أحملها» أي أسوقها إلى مكة، أورد الشيخ هذا الحديث في كتاب الحج.

4628/ [3]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بأبي أنت و امي، [تأتيني ] المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي، و عرفتها بإسلامها و حبها إياكم و ولايتها لكم، و ليس لها محرم.

فقال: «إذا جاءتك المرأة المسلمة فاحملها، فإن المؤمن محرم المؤمنة» و تلا هذه الآية

__________________________________________________

1- الكافي 8: 180/ 202.

2- التهذيب 5: 401/ 1395.

3- تفسير العياشي 2: 96/ 87.

(1) النجم 53: 53.

(2) في المصدر زيادة: هي المؤتفكة.

(3) في المصدر: ائتفكت عليهم: انقلبت عليهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 815

وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.

سورة التوبة(9): آية 72 ..... ص : 815

قوله تعالى:

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [72]

4629/ [1]- العياشي: عن ثوير، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «إذا صار أهل الجنة في الجنة و دخل ولي الله إلى جناته و مساكنه و اتكأ كل مؤمن على أريكته، حفته خدامه، و تهدلت عليه الأثمار، و تفجرت حوله العيون، و جرت من تحته الأنهار، و بسطت له الزرابي، و وضعت «1» له النمارق، و أتته الخدام بما شاءت شهوته من قبل

أن يسألهم ذلك- قال- و يخرج عليه الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله، ثم إن الجبار يشرف عليهم، فيقول لهم: أوليائي و أهل طاعتي و سكان جنتي في جواري، ألا هل أنبئكم بخير مما أنتم فيه؟

فيقولون: ربنا، و أي شي ء خير مما نحن فيه، نحن فيما اشتهت أنفسنا و لذت أعيننا من النعم في جوار الكريم!- قال- فيعود عليهم القول، فيقولون: ربنا نعم، فأتنا بخير مما نحن فيه.

فيقول لهم تبارك و تعالى: رضاي عنكم و محبتي لكم خير و أعظم مما أنتم فيه».

قال: «فيقولون: نعم، يا ربنا، رضاك عنا و محبتك لنا خير لنا و أطيب لأنفسنا». ثم قرأ علي بن الحسين (عليه السلام) هذه الآية وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

4630/ [2]- (بستان الواعظين): قال الحسين (عليه السلام)- و في نسخة الحسن- في قول الله عز و جل: وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ.

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هي قصور في الجنة من لؤلؤة بيضاء، فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير امرأة من الحور العين، في كل بيت مائدة، على كل مائدة سبعون قصعة، على كل قصعة سبعون وصيفا و وصيفة، و يعطي الله المؤمن ذلك في غداة، و يأكل ذلك الطعام، و يطوف على تلك الأزواج».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 96/ 88.

2- ......

(1) في المصدر: و صفّفت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 816

4631/ [3]- الطبرسي في (جوامع الجامع): أبو الدرداء،

عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «عدن دار الله التي لم ترها عين، و لم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيون، و الصديقون، و الشهداء، يقول الله عز و جل:

طوبى لمن دخلك».

4632/ [4]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن جابر (رضي الله عنه)، عنه (صلى الله عليه و آله): «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله تعالى: تشتهون شيئا فأزيدكم؟ قالوا: يا ربنا، و ما خير مما أعطيتنا! قال: رضواني أكبر».

4633/ [5]- عن زيد بن أرقم، قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): تزعم- يا أبا القاسم- أن أهل الجنة يأكلون و يشربون؟ قال: «نعم و الذي نفسي بيده، إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب».

قال: فإن الذي يأكل تكون له الحاجة و الجنة طيبة لا خبث فيها! قال: «عرق يفيض من أحدهم كريح «1» المسك فيضمر بطنه».

سورة التوبة(9): آية 73 ..... ص : 816

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ [73] 4634/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: قال: إنما نزلت: يا أيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يجاهد المنافقين بالسيف، و جاهد الكفار بالسيف.

4635/ [2]- ثم قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جاهد الكفار و المنافقين بإلزام الفرائض».

سورة التوبة(9): الآيات 74 الي 79 ..... ص : 816

قوله تعالى:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا

__________________________________________________

3- جوامع الجامع: 182.

4- ربيع الأبرار 1: 247. [.....]

5- ربيع الأبرار 1: 248.

1- تفسير القمّي 1: 301.

2- تفسير القمّي 1: 301.

(1) في المصدر: كرشح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 817

- إلى قوله تعالى- وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [74- 79]

4636/ [1]- العياشي: عن جابر بن أرقم، قال: بينا نحن في مجلس لنا و أخي زيد بن أرقم يحدثنا، إذ أقبل رجل على فرسه، عليه هيئة السفر، فسلم علينا، ثم وقف فقال: أ فيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد؟

فقال الرجل: أ تدري من أين جئت؟ قال: لا. قال: من فسطاط مصر، لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال له زيد: و ما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

فقال: يا بن أخي، إن قبل غدير خم ما أحدثك به، أن جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدعا قوما أنا فيهم، فاستشارهم في ذلك

ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول، و بكى (صلى الله عليه و آله) فقال له جبرئيل: ما لك- يا محمد- أ جزعت من أمر الله! فقال: «كلا- يا جبرئيل- و لكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي، و أهبط إلي جنودا من السماء فنصروني، فكيف يقروا لعلي من بعدي!» فانصرف عنه جبرئيل، ثم نزل عليه فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ «1».

فلما نزلنا الجحفة «2» راجعين و ضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «3»، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ينادي: «يا أيها الناس، أجيبوا داعي الله، أنا رسول الله» فأتيناه مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه، و بعضه على قدميه من الحر، و أمر بقم «4» ما تحت الدوح، فقم ما كان ثم من الشوك و الحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان، و هو يريد أن يرحل من ساعته؟! ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من القم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يؤتى بأحداج «5» دوابنا و أقتاب «6» إبلنا و حقائبنا، فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوبا، ثم صعد عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال:

«أيها الناس، إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك، حتى جاءني في هذا

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي

2: 97/ 89.

(1) هود 11: 12.

(2) الجحفة: قرية على طريق المدينة. «معجم البلدان 2: 111».

(3) المائدة 5: 67.

(4) قمّ: كنس. «الصحاح- قمم- 5: 2015».

(5) الحدج: الحمل. «الصحاح- حدج- 1: 305» و في المصدر: بأحلاس، و الحلس: ما يلي ظهر الدابة تحت السرج أو الرحل.

(6) القتب: رحل صغير على قدر السنام. «الصحاح- قتب- 1: 198».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 818

الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل، ألا و إني غير هائب لقوم و لا محاب لقرابتي.

أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله و رسوله، قال: «اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد» حتى قالها ثلاثا. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعه إليه، ثم قال: «اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والد من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله» قالها ثلاثا. ثم قال: «هل سمعتم؟» قالوا:

اللهم بلى، قال: «فأقررتم؟» قالوا: اللهم نعم. ثم قال: «اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد».

ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا، و كان إلى جانب خبائي خباء لنفر من قريش، و هم ثلاثة، و معي حذيفة بن اليمان، فسمعنا أحد الثلاثة و هو يقول: و الله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر يستقيم لعلي من بعده! و قال آخر: أ تجعله أحمق، ألم تعلم أنه مجنون، قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة؟ و قال الثالث: دعوه إن شاء أن يكون أحمق، و إن شاء أن يكون مجنونا، و الله ما يكون ما يقول أبدا. فغضب حذيفة من مقالتهم، فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه إليهم، و قال: فعلتموها و رسول الله (صلى الله عليه

و آله) بين أظهركم و وحي الله ينزل عليكم، و الله لأخبرنه بكرة بمقالتكم.

فقالوا له: يا أبا عبد الله، و إنك ها هنا و قد سمعت ما قلنا، اكتم علينا فإن لكل جوار أمانة.

فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة، و لا من مجالسها، و ما نصحت الله و رسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث.

فقالوا له: يا أبا عبد الله، فاصنع ما شئت، فو الله لنحلفن أنا لم نقل، و أنك قد كذبت علينا، أ فتراه يصدقك و يكذبنا و نحن ثلاثة؟

فقال لهم: أما أنا فلا ابالي إذا أديت النصيحة إلى الله و إلى رسوله، فقولوا ما شئتم أن تقولوا.

ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) إلى جانبه محتب «1» بحمائل سيفه، فأخبره بمقالة القوم، فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتوه، فقال لهم: «ماذا قلتم؟» فقالوا: و الله ما قلنا شيئا، فإن كنت بلغت عنا شيئا فمكذوب علينا. فهبط جبرئيل بهذه الآية يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا، و قال علي (عليه السلام) عند ذلك: «ليقولوا ما شاءوا، و الله إن قلبي بين أضلاعي، و إن سيفي لفي عنقي، و لئن هموا لأهمن».

فقال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه و آله): اصبر للأمر الذي هو كائن. فأخبر النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بما أخبره به جبرئيل. فقال: «إذن أصبر للمقادير».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و قال رجل من الملأ شيخ: لئن كنا بين أقوامنا كما يقول هذا لنحن أشر من الحمير» قال: «و قال آخر شاب

إلى جنبه: لئن كنت صادقا لنحن أشر من الحمير».

4637/ [2]- عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما قال

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 99/ 90.

(1) احتبى بثوبه: اشتمل. «لسان العرب- 14: 160».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 819

النبي (صلى الله عليه و آله) ما قال في غدير خم و صار بالأخبية، مر المقداد بجماعة منهم و هم يقولون: و الله إن كنا أصحاب كسرى و قيصر لكنا في الخز و الوشي و الديباج و النساجات، و إنا معه في الأخشنين: نأكل الخشن و نلبس الخشن، حتى إذا دنا موته و فنيت أيامه و حضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده، أما و الله ليعلمن».

قال: «فمضى المقداد و أخبر النبي (صلى الله عليه و آله) به فقال: الصلاة جامعة» قال: «فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلف عليه- قال- فجاءوا حتى جثوا بين يديه، فقالوا: بآبائنا و أمهاتنا- يا رسول الله- لا و الذي بعثك بالحق، و الذي أكرمك بالنبوة، ما قلنا ما بلغك، لا و الذي اصطفاك على البشر».

قال: «فقال النبي (صلى الله عليه و آله): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بك- يا محمد- ليلة العقبة وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ كان أحدهم يبيع الرؤوس و آخر يبيع الكراع و يفتل القرامل «1» فأغناهم الله برسوله، ثم جعلوا حدهم و حديدهم عليه».

4638/ [3]- و عنه: قال أبان بن تغلب، عنه (عليه السلام): «لما نصب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) يوم غدير خم، فقال:

من كنت مولاه فعلي مولاه، ضم رجلان من قريش رؤوسهما و قالا: و الله لا نسلم له ما قال أبدا.

فأخبر النبي (صلى الله عليه و آله) فسألهما عما قالا، فكذبا و حلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا الآية». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد توليا و ما تابا».

4639/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم، و هي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في العقبة و هموا بقتله، و هو قوله تعالى: وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا.

4640/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن أبيه، عن زياد بن المنذر، قال: حدثني جماعة من المشيخة، عن حذيفة بن اليمان، أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، و أبو الدواهي، و أبو المعازف، و أبوه، و طلحة، و سعد بن أبي وقاص، و أبو عبيدة، و أبو الأعور، و المغيرة، و سالم مولى أبي حذيفة، و خالد بن الوليد، و عمرو بن العاص، و أبو موسى الأشعري، و عبد الرحمن بن عوف، و هم الذين أنزل الله عز و جل فيهم وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا.

4641/ [6]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «كان ثمانية منهم من قريش، و أربعة من العرب».

__________________________________________________

3- تفسير

العيّاشي 2: 100/ 91. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 301.

5- الخصال: 499/ 6.

6- مجمع البيان 5: 79.

(1) القرامل: ضفائر من شعر أو صوف أو إبريسم تصل به المرأة شعرها. «لسان العرب- قرمل- 11: 556».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 820

4642/ [7]- و قد تقدم في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام

حديث مسند عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) في قصة النضر بن الحارث الفهري مع جماعة المنافقين الذين اجتمعوا عند عمر بن الخطاب ليلا، و ذكر الحديث، و قال فيه: «فلما رأوه- يعني النضر الفهري- بظهر المدينة ميتا بحجرة من طين انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض عليا و أظهر بغضه قتله بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله عليه ما نرى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي مثل سلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و أشباههم من ضعفاء الشيعة.

فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يقولوا، فأنزل الله فيهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ بظاهر القول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إنا قد آمنا و أسلمنا لله و للرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا من قتل محمد ليلة العقبة و إخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي وَ ما نَقَمُوا منهم إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فتوحه فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ

وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ «1».

4643/ [8]- ابن شهر آشوب: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما فرغ من غدير خم و تفرق الناس اجتمع نفر من قريش يتأسفون على ما جرى، فمر بهم ضب، فقال بعضهم: ليت محمدا أمر علينا هذا الضب دون علي. فسمع ذلك أبو ذر، فحكى ذلك لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فبعث إليهم و أحضروهم و عرض عليهم مقالتهم فأنكروا و حلفوا، فأنزل الله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ الآية، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر».

4644/ [9]- و من طريق العامة ما ذكره الزمخشري في (الكشاف) في تفسير قوله تعالى: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ «2» رفعه إلى ابن جريج، قال: وقفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) على الثنية ليلة العقبة و هم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به.

4645/ [10]- و قال الزمخشري أيضا، في تفسير قوله تعالى: وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا: و هو الفتك برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك عند مرجعه من تبوك توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه عن راحلته إلى

__________________________________________________

7- الكشكول في ما جرى على آل الرسول: 184.

8- المناقب 3: 41.

9- الكشاف 2: 277.

10- الكشاف 2: 291.

(1) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

(2) التوبة 9: 48.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 821

الوادي إذا تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام ناقته يقودها، و حذيفة خلفه يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة وقع أخفاف الإبل و قعقعة السلاح، فالتفت فإذا هم قوم متلثمون، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله.

فهربوا.

4646/ [11]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر البخلاء، و سماهم منافقين و كاذبين، فقال: وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ إلى قوله: أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ.

4647/ [12]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عوف، كان محتاجا فعاهد الله، فلما آتاه الله بخل به».

قال: ثم ذكر المنافقين، فقال: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. و قال:

و أما قوله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فجاء سالم بن عمير الأنصاري بصاع من تمر، فقال: يا رسول الله، كنت ليلتي أجيرا لجرير حتى نلت صاعين تمرا، أما أحدهما فأمسكته، و أما الآخر فأقرضه ربي، فأمر رسول الله أن ينبذه «1» في الصدقات، فسخر منه المنافقون، و قالوا: و الله إن الله لغني عن هذا الصاع، ما يصنع الله بصاعه شيئا! و لكن أبا عقيل أراد أن يذكر نفسه ليعطى من الصدقات، فقال: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

سورة التوبة(9): آية 80 ..... ص : 821

قوله تعالى:

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [80]

4648/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، إنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و مرض عبد الله

بن أبي، و كان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبوه يجود بنفسه، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت و امي، إنك إن لم تأت أبي كان ذلك عارا علينا، فدخل إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و المنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله: استغفر له. فاستغفر له.

فقال عمر: ألم ينهك الله- يا رسول الله- أن تصلي عليهم أو تستغفر له؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أعاد عليه، فقال له: «ويلك، إني خيرت فاخترت، إن الله يقول:

__________________________________________________

11- تفسير القمي 1: 301.

12- تفسير القمي 1: 301.

1- تفسير القمي 1: 302.

(1) في المصدر: ينثره. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 822

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ».

فلما مات عبد الله جاء ابنه إلى رسول الله، فقال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- إن رأيت أن تحضر جنازته.

فحضره رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قام على قبره، فقال له عمر: يا رسول الله، ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم مات أبدا، و أن تقوم على قبره؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك، و هل تدري ما قلت، إنما قلت: اللهم احش قبره نارا، و جوفه نارا، و أصله النار». فبدا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لم يكن يحب.

4649/ [2]- العياشي: عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ «1».

قال: «ذهب علي أمير

المؤمنين فآجر نفسه على أن يستقي كل دلو بتمرة يختارها، فجمع تمرا فأتى به النبي (صلى الله عليه و آله) و عبد الرحمن بن عوف على الباب، فلمزه- أي وقع فيه- فأنزلت هذه الآية الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ إلى قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ».

4650/ [3]- عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه و آله): إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم، فأنزل الله:

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «2»، و قال: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «3» فلم يستغفر لهم بعد ذلك، و لم يقم على قبر أحد منهم».

4651/ [4]- عن زرارة، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لابن عبد الله بن أبي:

إذا فرغت من أبيك فأعلمني. و كان قد توفي، فأتاه فأعلمه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) نعليه للقيام، فقال له عمر:

أليس قد قال الله: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «4»؟! فقال له: ويحك- أو ويلك- إنما أقول: اللهم املأ قبره نارا، و املأ جوفه نارا، و أصله يوم القيامة نارا».

4652/ [5]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام): «توفي رجل من المنافقين فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ابنه: إذا أردتم أن تخرجوا فأعلموني. فلما حضر أمره أرسلوا

إلى النبي (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 101/ 93.

3- تفسير العيّاشي 2: 100/ 92.

4- تفسير العيّاشي 2: 101/ 94.

5- تفسير العيّاشي 2: 102/ 95.

(1) التوبة 9: 79.

(2) المنافقون 63: 6.

(3) التوبة 9: 84.

(4) التوبة 9: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 823

فأقبل (عليه السلام) نحوهم حتى أخذ بيد ابنه في الجنازة فمضى- قال- فتصدى له عمر، فقال: يا رسول الله، أما نهاك ربك عن هذا، أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره؟! فلم يجبه النبي (صلى الله عليه و آله)».

قال: «فلما كان قبل أن ينتهوا به إلى قبره، قال عمر أيضا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أما نهاك الله عن أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره، ذلك بأنهم كفروا بالله و برسوله و ماتوا و هم كافرون؟! فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازته، و لا قمنا له على قبره، ثم قال: إن ابنه رجل من المؤمنين، و كان يحق علينا أداء حقه. فقال له عمر: أعوذ بالله من سخط الله و سخطك، يا رسول الله».

4653/ [6]- عن محمد بن المهاجر، عن امه ام سلمة، قالت: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له:

أصلحك الله، صحبتني امرأة من المرجئة، فلما أتينا الربذة أحرم الناس فأحرمت معهم، و أخرت إحرامي إلى العقيق، فقالت: يا معشر الشيعة، تخالفون الناس في كل شي ء، يحرم الناس من الربذة و تحرمون من العقيق، و كذلك تخالفون الناس في الصلاة على الميت، يكبر الناس أربعا و تكبرون خمسا؟! و هي تشهد بالله أن التكبير على الميت أربع.

فقال

أبو عبد الله (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا صلى على الميت كبر فتشهد، ثم كبر و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و دعا، ثم كبر و استغفر للمؤمنين، ثم كبر و دعا للميت، ثم كبر و انصرف. فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبر و تشهد، ثم كبر و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و دعا، ثم كبر و دعا للمؤمنين، ثم كبر و انصرف، و لم يدع للميت».

سورة التوبة(9): الآيات 81 الي 84 ..... ص : 823

قوله تعالى:

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ ماتُوا وَ هُمْ فاسِقُونَ [81- 84]

4654/ [1]- علي بن إبراهيم: نزلت في الجد بن قيس لما قال لقومه: لا تخرجوا في الحر، ففضح الله الجد بن قيس و أصحابه، فلما اجتمع لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الخيول ارتحل من ثنية الوداع، و خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) على المدينة، فأرجف المنافقون بعلي (عليه السلام)، فقالوا: ما خلفه إلا تشاؤما به. فبلغ ذلك عليا فأخذ سيفه و سلاحه و لحق برسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجرف، فقال له رسول الله: «يا علي، ألم أخلفك على المدينة؟». قال: «نعم، و لكن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 102/ 96.

1- تفسير القمّي 1: 292.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 824

المنافقين زعموا أنك خلفتني تشاؤما بي». فقال: «كذب المنافقون- يا علي- أما ترضى أن تكون أخي و أنا أخاك بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي «1»، و أنت خليفتي في امتي، و أنت وزيري و وصيي و أخي في الدنيا و الآخرة»

فرجع علي (عليه السلام) إلى المدينة.

سورة التوبة(9): آية 87 ..... ص : 824

قوله تعالى:

رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ [87]

4655/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ.

قال: «مع النساء».

4656/ [2]- عن عبد الله الحلبي، قال: سألته عن قول الله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ.

فقال: «النساء، إنهم قالوا: إن بيوتنا عورة. و كانت بيوتهم في أطراف البيوت حيث يتفرد «2» الناس، فأكذبهم الله، قال: وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً «3» و هي رفيعة السمك حصينة».

سورة التوبة(9): الآيات 91الي 93 ..... ص : 824

قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ- إلى قوله تعالى- فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [91- 93]

4657/ [3]- علي بن إبراهيم: جاء البكاءون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم سبعة: من بني عمرو بن عوف

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 103/ 97.

2- تفسير العيّاشي 2: 103/ 98.

3- تفسير القمّي 1: 293، تفسير الطبري 10: 146، الدر المنثور 4: 263، عن ابن جرير الطبري، و في: 264 عن ابن إسحاق و ابن المنذر و أبي الشيخ.

عن جماعة من الصحابة ذكرهم.

(1) في المصدر زيادة: و إن كان بعدي نبي لقلت أنت. [.....]

(2) في «ط»: يتقذر.

(3) الأحزاب 33: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 825

سالم بن عمير، قد شهد بدرا، لا اختلاف فيه، و من بني واقف هرمي بن عمير «1»، و من بني حارثة علبة بن زيد «2»، و هو الذي تصدق بعرضه «3»، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بصدقة، فجعل الناس يأتون بها، فجاء عليه، فقال: يا رسول الله، و الله ما عندي ما أتصدق به، و قد جعلت عرضي حلا. فقال

له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد قبل الله صدقتك». و من بني مازن بن النجار، أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، و من بني سلمة عمرو بن غنمة، و من بني زريق سلمة بن صخر «4»، و من بني [سليم بن منصور] «5» العرباض بن سارية السلمي.

هؤلاء جاءوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يبكون، فقالوا: يا رسول الله، ليس بنا قوة أن نخرج معك. فأنزل الله فيهم لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ، قال: و إنما سأل هؤلاء البكاءون نعلا يلبسونها.

4658/ [2]- العياشي: عن عبد الرحمن بن حرب، قال: لما أقبل الناس مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه، حتى إذا جزنا النخيلة و رأينا أبيات الكوفة، إذا شيخ جالس في ظل بيت و على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) و نحن معه حتى سلم عليه و سلمنا معه، فرد ردا حسنا، فظننا أنه قد عرفه.

فقال له أمير المؤمنين: «مالي أرى وجهك متنكرا مصفرا، فمم ذاك، أمن مرض؟»، فقال: نعم.

فقال: «لعلك كرهته؟» فقال: ما أحب أنه يعتريني، و لكن احتسب الخير فيما أصابني.

قال: «فأبشر برحمة الله و غفران ذنبك، فمن أنت يا عبد الله». فقال: أنا صالح بن سليم.

فقال: «ممن؟» قال: أما الأصل فمن سلامان بن طيئ، و أما الجوار و الدعوة، فمن بني سليم بن منصور. فقال:

أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما أحسن اسمك، و اسم أبيك، و اسم أجدادك، و اسم من اعتزيت إليه! فهل شهدت معنا غزاتنا هذه؟».

فقال: لا، و لقد أردتها، و لكن ما

ترى في من لجب «6» الحمى خذلني عنها.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ- إلى

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 103/ 99.

(1) انظر الاختلاف في اسمه و لقبه في المحبّر: 281، اسد الغابة 5: 58، الاصابة 3: 601، 615.

(2) في «س، ط»: و من بني جارية علية بن يزيد، و الصواب ما في المتن و هو علبة بن زيد بن صيفي من بني حارثة، يعدّ في أهل المدينة، ترجم له في اسد الغابة 4: 10، الاصابة 2: 499، و ذكرا أنّه أحد البكائين و هو الذي تصدّق بعرضه، و في المحبّر: 281: علبة بن صيفي بن عمرو بن زيد.

(3) العرض: موضع المدح و الذّم من الإنسان. و تصّدقت بعرضي: أي تصدّقت به علي من ذكرني بما يرجع إليّ عيبه. «النهاية 3: 209».

(4) الظاهر من المحبّر: 281 و جمهرة أنساب العرب: 356 و اسد الغابة 2: 337 أنّه ليس من بني زريق، بل من ولد الحارث بن زيد مناة، حلفاء بني بياضة.

(5) أثبتناه من المحبّر: 281.

(6) لجب البحر لجبا: هاج و اضطرب موجه. «أقرب الموارد- لجب- 2: 1129».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 826

آخر الآية- ما قول الناس فيما بيننا و بين أهل الشام؟».

قال: منهم المسرور و المحبور فيما كان بينك و بينهم، أولئك أغش الناس لك. فقال له: «صدقت».

قال: و منهم الكاسف «1» الأسف لما كان من ذلك، و أولئك نصحاء الناس لك. فقال له: «صدقت، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، و لكن لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، و إنما الأجر في القول باللسان و العمل

باليد و الرجل، فإن الله ليدخل بصدق النية و السريرة الصالحة جما من عباده الجنة».

4659/ [3]- عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «إن الله احتج على العباد بالذي آتاهم و عرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا، ثم أنزل عليهم كتابا، فأمر فيه و نهى، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالصلاة فنام عنها، فقال: أنا أنمتك و أنا أيقظتك، فإذا قمت فصلها ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، و ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك، و كذلك الصائم [يقول الله له ] «2»: أنا أمرضتك و أنا أصحك، فإذا شفيتك فاقضه.

و كذلك إذا نظرت في جميع الأمور لم تجد أحدا في ضيق، و لم تجد أحدا إلا و لله عليه الحجة، و له فيه المشيئة» قال: «فلا يقولون: إنه ما شاءوا صنعوا، و ما شاءوا لم يصنعوا- و قال- إن الله يضل من يشاء و يهدي من يشاء، و ما أمر العباد إلا بدون سعتهم، و كل شي ء أمر الناس فأخذوا به فهم يسعون له، و ما [لا] يسعون له فهو موضوع عنهم، و لكن الناس لا خير فيهم» ثم تلا (عليه السلام) هذه الآية: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ قال: «وضع عنهم: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ- قال- وضع عنهم إذ لا يجدون ما ينفقون، و قال: إِنَّمَا

السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ إلى قوله: لا يَعْلَمُونَ- قال- وضع عليهم لأنهم يطيقون إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ فجعل السبيل عليهم لأنهم يطيقون وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ الآية- قال- عبد الله بن يزيد بن ورقاء الخزاعي أحدهم».

4660/ [4]- عن عبد الرحمن بن كثير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا عبد الرحمن، شيعتنا- و الله- لا تتقحم»

الذنوب و الخطايا، هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه، و هو قول الله: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 104/ 100.

4- تفسير العيّاشي 2: 105/ 101.

(1) رجل كاسف: مهموم قد تغيّر لونه و هزل من الحزن. «لسان العرب- كسف- 9: 299».

(2) أثبتناه من الحديث (5) الآتي عن محمّد بن يعقوب.

(3) في النسخ و المصدر: يتختم، و ما أثبتناه هو الظاهر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 827

4661/ [5]- محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم «1»، عن أبان الأحمر، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «اكتب» فأملى علي: «أن من قولنا: إن الله يحتج على العباد بما أتاهم و عرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا و أنزل عليهم الكتاب، فأمر فيه و نهى، أمر فيه بالصلاة و الصيام، فنام رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الصلاة، فقال: أنا أنيمك و أنا أوقظك فإذا قمت فصل، ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك، و كذلك الصائم يقول الله له: أنا أمرضك و أنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه».

ثم قال

أبو عبد الله (عليه السلام): «و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا «2» إلا و لله عليه الحجة، و لله فيه المشيئة، و لا أقول: إنهم ما شاءوا صنعوا- ثم قال- إن الله يهدي من يشاء و يضل من يشاء- و قال- و ما أمروا إلا بدون سعتهم، و كل شي ء أمر الناس به فهم يسعون له، و كل شي ء لا يسعون له فهو موضوع عنهم، و لكن الناس لا خير فيهم- ثم تلا (عليه السلام)- لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ فوضع عنهم ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ- قال- فوضع عنهم لأنهم لا يجدون».

سورة التوبة(9): آية 94 ..... ص : 827

قوله تعالى:

ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [94]

4662/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فقال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

سورة التوبة(9): الآيات 95الي 99 ..... ص : 827

قوله تعالى:

سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

5- الكافي 1: 126/ 4.

1- معاني الأخبار: 146/ 1.

(1) (عن علي بن الحكم) ليس في «ط»، و في «س»: علي بن أحمد، و الصواب ما في المتن، فقد روى أحمد بن محمّد كتاب علي بن الحكم و بعض رواياته، انظر رجال النجاشي: 274، الفهرست: 87، معجم رجال الحديث 11: 381 و ما بعدها.

(2) في المصدر زيادة: في ضيق و لم تجد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 828

قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ [95- 99]

4663/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: و لما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) من تبوك كان أصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين و يؤذونهم، و كانوا يحلفون لهم أنهم على الحق و ليس هم بمنافقين لكي يعرضوا عنهم و يرضوا عنهم، فأنزل الله سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ. ثم وصف الأعراب، فقال: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ

مَغْرَماً وَ يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ- إلى قوله- قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ.

4664/ [2]- العياشي: عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ أ يثيبهم عليه؟ قال: «نعم».

و

في رواية اخرى عنه (عليه السلام): يثابون عليه؟ قال: «نعم».

سورة التوبة(9): آية 100 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ [100]

4665/ [3]- الشيخ، في (مجالسه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة و سألت، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر و أمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة، رآني للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم، يا حسن. فقام الحسن (عليه السلام) فخطب، فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء و تتابع النعماء

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 302.

2- تفسير العيّاشي 2: 105/ 102 و 103.

3- الأمالي 2: 174.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 829

و صارف الشدائد و البلاء، عند الفهماء و

غير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه، و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته و وجوده و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا إلى الحق و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح للامة و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة «1»، شهادة عليها أمات و أحشر، و بها في الآجلة أقرب و أخر.

و أقول- معشر الخلائق- فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا، و طهرنا من كل أفن و غية «2»، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور و أفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز و جل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أول من آمن و صدق الله و رسوله. و قد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «3» فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي على بينة من ربه،

و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه.

و قد قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة: سر بها- يا علي- فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، و أنت هو يا علي. فهو من رسول الله، و رسول الله منه.

و قال له نبي الله (صلى الله عليه و آله) حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) و مولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: أما أنت- يا علي- فمني و أنا منك، و أنت ولي كل مؤمن بعدي. فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا و وقاه بنفسه.

ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله، ثقة منه به، و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله [و رسوله و أنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله ] عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «4» فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله) و أقرب الأقربين، و قد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «5» فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة، و لحوقا، و أولهم على وجده و وسعه نفقة.

__________________________________________________

(1) العمالة: أجرة العامل. «المعجم الوسيط 2: 628».

(2) الأفن: النقص، و الغيّة: الفساد، يقال: هو ولد غيّة، أي ولد زنية «لسان العرب- أفن- 13: 19 و- غوى- 15: 140، المعجم الوسيط- غوى- 2:

667».

(3) هود 11:

17.

(4) الواقعة 56: 10- 11.

(5) الحديد 57: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 830

قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1» فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله) و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد.

و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل السابقين على المتخلفين و المتأخرين، فكذلك فضل أسبق السابقين على السابقين.

و قد قال الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «2» فهو المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية.

و كان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عمه حمزة و جعفر بن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و منزلتهما و قرابتهما منه (صلى الله عليه و آله)، و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

و كذلك جعل الله تعالى لنساء النبي (صلى الله عليه و آله) للمحسنة منهن أجرين و للمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهن من رسول الله

(صلى الله عليه و آله)، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا المسجد الحرام: مسجد إبراهيم خليله (عليه السلام) بمكة، و ذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ربه. و فرض الله عز و جل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه و آله) على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ فقال:

قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد. فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فريضة واجبة. و أحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه و آله) و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجبه له، و حرم عليه الصدقة و حرمها علينا معه، فأدخلنا- فله الحمد- فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله عز و جل بها، و فضيلة فضلنا بها على سائر العباد.

و قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله) حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «3»، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس معه أبي، و من البنين أنا و أخي، و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا، فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه، و نحن منه و هو منا.

__________________________________________________

(1) الحشر 59: 10.

(2) التوبة 9: 19. [.....]

(3) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 831

و قد قال الله

تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنا و أخي و امي و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لام سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها، و في يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة (رضي الله عنها): أدخل معهم، يا رسول الله. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يرحمك الله، أنت على خير و إلى خير، و ما أرضاني عنك! و لكنها خاصة لي و لهم.

ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه، يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر، فيقول: الصلاة يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و امر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال (صلى الله عليه و آله): أما إني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكني أتبع ما يوحى إلي، و إن الله أمر بسدها و فتح بابه. فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يلد فيه الأولاد غير رسول الله و أبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، تكرمة من الله تعالى لنا، و تفضلا اختصنا به على جميع الناس. و هذا باب أبي قريب «2» باب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول الله

(صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يبني مسجده، فبني فيه عشرة أبيات: تسعة لبنيه و أزواجه، و عاشرها و هو متوسطها لأبي، فها هو بسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله تعالى: أَهْلَ الْبَيْتِ فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا.

أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا، أذكر الذي أعطانا الله عز و جل، و خصنا به من الفضل في كتابه، و على لسان نبيه، لم أحصه، و أنا ابن النذير البشير، و السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي ولي المؤمنين، و شبيه هارون. و إن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية.

و ايم الله، لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل على رقابنا، و حمل الناس على أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله من الفي ء و الغنائم، و منع امنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، و لكن اقسم بالله قسما تأليا، لو أن الناس سمعوا قول الله عز و جل و رسوله لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الامة سيفان، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، إذن و ما طمعت فيها يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن

قواعدها، تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت- يا معاوية- و أصحابك من بعدك. و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

ما ولت امة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا. و لقد

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في المصدر: قرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 832

تركت بنو إسرائيل- و كانوا أصحاب موسى- هارون أخاه و خليفته و وزيره، و عكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم [و هم ] يعلمون أنه خليفة موسى، و قد سمعت هذه الامة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نصبه لهم بغدير خم، و سمعوه، و نادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب.

و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذارا من قومه إلى الغار- لما أجمعوا على أن يمكروا به، و هو يدعوهم- لما لم يجد عليهم أعوانا [و لو وجد عليهم أعوانا] لجاهدهم، و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر، و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه و آله) في سعة.

و قد خذلتني الامة و بايعتك- يا بن حرب- و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، و كذلك أنا و أبي في سعة

من الله حين تركتنا الامة، و تابعت «1» غيرنا، و لم نجد عليها «2» أعوانا، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبوه وصي رسول الله لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله و لا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم، و أنى ذلك لكم «3»؟ و إني قد بايعت هذا- و أشار بيده إلى معاوية- وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «4».

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطأ ضار لأهله، و قد كانت القضية فهمها سليمان فنفعت سليمان و لم تضر داود، و أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل: لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا- أعني أبا طالب- يقول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «5».

أيها الناس، اسمعوا وعوا، و اتقوا الله و راجعوا، و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ

«6» و السلام على من اتبع الهدى».

قال: «فقال معاوية: و الله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية».

__________________________________________________

(1) في المصدر: و بايعت.

(2) في المصدر: عليهم.

(3) في المصدر: منكم.

(4) الأنبياء 21: 111.

(5) النساء 4: 18.

(6) هود 11: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 833

4666/ [2]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل سبق بين المؤمنين كما سبق بين الخيل يوم الرهان».

قلت: أخبرني عما ندب الله المؤمن من الاستباق إلى الإيمان؟

قال: «قول الله تعالى: سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ «1»، و قال: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2»، و قال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ، فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار، ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم و منازلهم عنده».

4667/ [3]- ابن شهر آشوب، قال: و أما الروايات في أن عليا أسبق الناس إسلاما، فقد صنفت فيها كتب، منها ما رواه السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «3».

قال: سابق هذه الامة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

4668/ [4]- مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ نزلت في أمير المؤمنين، فهو أسبق الناس كلهم بالإيمان، و صلى إلى القبلتين، و بايع البيعتين: بيعة بدر، و بيعة الرضوان، و هاجر الهجرتين: مع جعفر من مكة إلى الحبشة،

و من الحبشة إلى المدينة «4».

و روي عن جماعة من المفسرين أنها نزلت في علي (عليه السلام).

4669/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر السابقين، فقال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ، و هم النقباء: أبو ذر، و المقداد، و سلمان، و عمار، و من آمن و صدق، و ثبت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

4670/ [6]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام): «أنها نزلت في علي (عليه السلام) و من تبعه من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم و رضوا عنه، و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ذلك الفوز العظيم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 105/ 104.

3- المناقب 2: 5.

4- مناقب ابن شهر آشوب 2: 5، شواهد التنزيل 1: 256/ 346.

5- تفسير القمّي 1: 303.

6- نهج البيان 2: 140 (مخطوط). [.....]

(1) الحديد 57: 21.

(2) الواقعة 56: 10- 11.

(3) الواقعة 56: 10- 11.

(4) كذا في المناقب نقلا عن كتاب أبي بكر الشيرازي، و في الشواهد: و هاجر الهجرتين، بلا تحديد، و هو الأرجح، و كأنّ المراد بهما: هجرته إلى الطائف، و هجرته إلى المدينة، و إلّا فلم يثبت أنّه هاجر مع أخيه جعفر إلى الحبشة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 834

سورة التوبة(9): آية 102 ..... ص : 834

قوله تعالى:

وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [102]

4671/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً فأولئك قوم مؤمنون، يحدثون في إيمانهم من الذنوب

التي يعيبها المؤمنون و يكرهونها، فأولئك عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ».

4672/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان، و هشام بن سالم، و محمد بن حمران عن الصادق (عليه السلام) قال: «عسى موجبة».

4673/ [3]- العياشي: عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي، عن بعض أصحابه، رفعه إلى خيثمة، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام)، في قول الله: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ: «و عسى من الله واجب، و إنما نزلت في شيعتنا المذنبين».

4674/ [4]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، رفعه إلى الشيخ «1»

، في قوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً، قال: «قوم اجترحوا ذنوبا مثل قتل حمزة و جعفر الطيار ثم تابوا- ثم قال- و من قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة إلا أن الله لا يقطع طمع العباد فيه، و رجاءهم منه». و قال هو أو غيره: «إن عسى من الله واجب».

4675/ [5]- عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «المعترف بذنبه:

قوم اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً».

4676/ [6]- عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال محمد بن سعيد: سل أبا عبد الله (عليه السلام) فاعرض عليه كلامي، و قل له: إني أتولاكم و أبرأ من عدوكم، و أقول بالقدر، و قولي فيه قولك. قال: فعرضت كلامه على أبي

__________________________________________________

1- الكافي 2: 300/ 2.

2- الخصال: 218/ 43.

3- تفسير العيّاشي 2: 105/ 105.

4- تفسير العيّاشي 2: 105/ 106.

5- تفسير

العيّاشي 2: 106/ 107.

6- تفسير العيّاشي 2: 106/ 108.

(1) المراد به الإمام الكاظم (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 835

عبد الله (عليه السلام) فحرك يده، ثم قال: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. قال: ثم قال: «ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين».

قلت: يزعم أن سلطان هشام ليس من الله، فقال: «ويله ما له، أما علم أن الله جعل لآدم دولة، و لإبليس دولة!».

4677/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً، قال: «أولئك قوم مذنبون، يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون و يكرهونها، فأولئك عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ».

4678/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: من وافقنا من علوي أو غيره توليناه، و من خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره. قال: «يا زرارة، قول الله أصدق من قولك، أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟».

4679/ [9]- الطبرسي: عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): أنها نزلت في أبي لبابة، و لم يذكر معه غيره، و سبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال: إن نزلتم على حكمه فهو الذبح. قال: و به قال مجاهد.

4680/ [10]- علي بن إبراهيم: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما حاصر بني قريظة، قالوا له: ابعث لنا أبا لبابة نستشره في أمرنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا لبابة، ائت حلفاءك و مواليك» فأتاهم، فقالوا له: يا أبا لبابة، ما ترى، ننزل على حكم محمد؟

فقال: انزلوا،

و اعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح. و أشار إلى حلقه، ثم ندم على ذلك، فقال: خنت الله و رسوله، و نزل من حصنهم، و لم يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مر إلى المسجد و شد في عنقه حبلا، ثم شده إلى الاسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة، و قال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي. فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «أما لو أتانا لاستغفرنا الله له، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به».

و كان أبو لبابة يصوم النهار، و يأكل بالليل ما يمسك به رمقه، و كانت ابنته تأتيه بعشائه و تحله عند قضاء الحاجة، فلما كان بعد ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة نزلت توبته. فقال: «يا ام سلمة، قد تاب الله على أبي لبابة». فقالت: يا رسول الله، فآذنه بذلك؟ فقال: «لتفعلن» فأخرجت رأسها من الحجرة، فقالت: يا أبا لبابة، أبشر قد تاب الله عليك. فقال: الحمد لله. فوثب المسلمون ليحلوه، فقال: لا و الله حتى يحلني رسول الله.

فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «يا أبا لبابة، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك.

فقال: يا رسول الله، أ فأتصدق بمالي كله؟ قال: «لا». قال: فبثلثيه؟ قال: «لا». قال: فبنصفه؟ قال: «لا». قال: فبثلثه قال:

«نعم». فأنزل الله: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

__________________________________________________

7- تفسير العياشي 2:

106/ 109.

8- تفسير العياشي 2: 106/ 110.

9- مجمع البيان 5: 101. [.....]

10- تفسير القمي 1: 303.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 836

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

سورة التوبة(9): الآيات 103الي 104 ..... ص : 836

قوله تعالى:

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها- إلى قوله تعالى- وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [103- 104]

4681/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية «1» خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها و أنزلت في شهر رمضان، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) مناديه فنادى في الناس: إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عز و جل عليهم من الذهب و الفضة، و فرض الصدقة من الإبل و البقر و الغنم، و من الحنطة و الشعير، و التمر و الزبيب، فنادى فيهم بذلك في شهر رمضان، و عفا لهم عما سوى ذلك».

ثم قال: «ثم لم يعرض «2» لشي ء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل، فصاموا و أفطروا، فأمر مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون، زكوا أموالكم تقبل صلواتكم- قال- ثم وجه عمال الصدقة و عمال الطسوق» «3».

4682/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد بن عامر، بإسناده، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام، قال الله عز و جل: خُذْ

مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها».

4683/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ: «أي يقبلها من أهلها، و يثيب عليها».

__________________________________________________

1- الكافي 3: 497/ 2.

2- الكافي 1: 451/ 1.

3- التوحيد: 161/ 2.

(1) في المصدر: لما أنزلت آية الزكاة.

(2) في المصدر: يفرض.

(3) الطسوق: جمع طسق، الوظيفة من خراج الأرض. «الصحاح- طسق- 4: 1517».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 837

4684/ [4]- العياشي: عن علي بن حسان الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها جارية هي في الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «نعم».

4685/ [5]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها، هو قوله: وَ آتَوُا الزَّكاةَ «1»؟ قال: قال: «الصدقات في النبات و الحيوان، و الزكاة في الذهب و الفضة و زكاة الصوم».

4686/ [6]- عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تصدقت يوما بدينار، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما علمت أن صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتى يفك بها عن لحى سبعين شيطانا، و ما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب تبارك و تعالى، ألم يقل هذه الآية: أَ لَمْ

يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ» إلى آخر الآية.

4687/ [7]- عن معلى بن خنيس، قال: خرج أبو عبد الله (عليه السلام) في ليلة قد رشت «2» و هو يريد ظلة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شي ء، فقال: «بسم الله، اللهم أردده علينا» فأتيته فسلمت عليه، فقال:

«معلى؟». قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «التمس بيدك» فما وجدت من شي ء فادفعه إلي، فإذا أنا بخبز كثير منتثر، فجعلت أدفع إليه الرغيف و الرغيفين، و إذا معه جراب أعجز عن حمله، فقلت: جعلت فداك، احمله علي. فقال:

«أنا أولى به منك، و لكن امض معي».

فأتينا ظلة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدس الرغيف و الرغيفين حتى أتى على آخرهم «3»، حتى إذا انصرفنا قلت له: يعرف هؤلاء هذا الأمر؟ قال: «لا، لو عرفوا كان الواجب علينا أن نواسيهم بالاقة- و هو الملح- إن الله لم يخلق شيئا إلا و له خازن يخزنه إلا الصدقة، فإن الرب تبارك و تعالى يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدق بشي ء وضعه في يد السائل، ثم ارتجعه منه فقبله و شمه، ثم رده في يد السائل، و ذلك أنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، فأحببت أن أليها إذ وليها الله و وليها أبي، و إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب و تمحو الذنب العظيم، و تهون الحساب، و صدقة النهار تنمي المال، و تزيد في العمر».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 106/ 111.

5- تفسير العيّاشي 2: 107/ 112.

6- تفسير العيّاشي 2: 107/ 113.

7- تفسير العيّاشي 2: 107/ 114.

(1) البقرة 2: 277، التوبة 9: 5 و 11، الحج 22: 41.

(2) الرشّ: المطر

القليل. «الصحاح- رشش- 3: 1006».

(3) في «ط» نسخة بدل: آخره. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 838

4688/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من شي ء إلا وكل به ملك، إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله».

4689/ [9]- عن أبي بكر، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، و صدقتي من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الله تبارك و تعالى».

4690/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»، قال: «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) إذا اعطى السائل قبل يده و شمه، ثم وضع في يد السائل «2»، فقيل له: لم تفعل ذلك؟ قال: لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد». و قال: «ليس من شي ء إلا وكل به ملك إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله». قال الفضل: أظنه يقبل الخبز أو الدرهم.

4691/ [11]- عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «ضمنت على ربي أن الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب، و هو قوله: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ».

سورة التوبة(9): آية 105 ..... ص : 838

قوله تعالى:

وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [105]

4692/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمد، عن علي بن أبي

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تعرض الأعمال على رسول الله (صلى الله عليه و آله)- أعمال العباد- كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروها، و هو قول الله عز و جل:

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 2: 108/ 115.

9- تفسير العياشي 2: 108/ 116.

10- تفسير العياشي 2: 108/ 117.

11- تفسير العياشي 2: 108/ 118.

1- الكافي 1: 170/ 1.

(1) في المصدر: عن أحدهما (عليهما السلام).

(2) في المصدر: قبل يد السائل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 839

اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ» و سكت «1».

4693/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «هم الأئمة».

4694/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ما لكم تسوءون رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» فقال له رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوءوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سروه».

4695/ [4]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الزيات «2»، عن عبد الله بن أبان الزيات- و كان مكينا عند الرضا (عليه السلام)- قال: قلت للرضا (عليه السلام): ادع الله لي و لأهل بيتي. فقال: «أو لست أفعل، و الله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم و

ليلة».

قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: «أما تقرأ كتاب الله عز و جل وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ- قال- هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4696/ [5]- و عنه: عن أحمد بن مهران. عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله الصامت، عن يحيى بن مساور، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه ذكر هذه الآية فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4697/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «إن الأعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبرارها و فجارها».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 171/ 2.

3- الكافي 1: 171/ 3.

4- الكافي 1: 171/ 4.

5- الكافي 1: 171/ 5.

6- الكافي 1: 171/ 6.

(1) «أعمال العباد» عطف بيان للأعمال. «أبرارها و فجارها». بجرّهما: بدل تفصيل للعباد، و الضميران راجعان إلى العبّاد، و الأبرار: جمع برّ بالفتح بمعنى البارّ، و الفجّار بالضم و التشديد جمع فاجر. أو برفعهما: بدل تفصيل لأعمال العباد، و الضميران راجعان إلى الأعمال، ففي إطلاق الأبرار و الفجار على الأعمال تجوّز. على أنّه يحتمل كون الأبرار حينئذ جمع البرّ بالكسر، و ربما يقرأ الفجّار بكسر الفاء و تخفيف الجيم جمع فجار بفتح الفاء مبنيّا على الكسر و هو اسم الفجور، أو جمع فجر بالكسر و هو أيضا الفجور. «فاحذروها» الضمير للفجار أو للأعمال باعتبار الثاني. و لعلّه (عليه السّلام) سكت عن ذكر المؤمنين، و تفسيره تقيّة أو إحالة على الظهور. (مرآة العقول 3: 4).

(2) في المصدر: عن الزّيات، و الصحيح ما في المتن الموافق لما

في بصائر الدرجات: 449/ 2، بقرينة سائر الروايات، كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 14: 42 و 57. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 840

4698/ [7]- و عنه: عن أحمد عن عبد العظيم، عن الحسين بن مياح، عمن أخبره، قال: قرأ رجل عند أبي عبد الله (عليه السلام): وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، فقال: «ليس هكذا هي، إنما هي:

و المأمونون. فنحن المأمونون».

4699/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، قال:

روى لي غير واحد من أصحابنا أنه قال: لا تتكلموا في الإمام، فإن الإمام يسمع الكلام و هو في بطن امه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «1» فإذا قام بالأمر رفع «2» له في كل بلدة من نور، ينظر منه إلى أعمال العباد.

4700/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: كنت أنا و ابن فضال جلوسا إذ أقبل يونس، فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، قد أكثر الناس في العمود، قال:

فقال لي: «يا يونس، ما تراه؟ أ تراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك؟» قال: قلت: ما أدري. قال: «لكنه ملك موكل بكل بلدة، يرفع الله به أعمال تلك البلدة».

قال: فقام ابن فضال فقبل رأسه، فقال: رحمك الله يا أبا محمد، لا تزال تجي ء بالحديث الحق الذي يفرج الله به عنا.

4701/ [10]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد و يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن

أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأعمال تعرض علي في كل خميس، فإذا كان الهلال أجملت، فإذا كان النصف من شعبان عرضت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) ثم تنسخ في الذكر الحكيم».

4702/ [11]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ.

قال: «إن الأعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا».

4703/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيوب، عن

__________________________________________________

7- الكافي 1: 351/ 62.

8- الكافي 1: 319/ 6.

9- الكافي 1: 319/ 7.

10- بصائر الدرجات: 444/ 1.

11- بصائر الدرجات: 444/ 2.

12- بصائر الدرجات: 446/ 14.

(1) الأنعام 6: 115.

(2) في «ط»: وضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 841

محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الأعمال «1» تعرض على نبيكم كل عشية خميس، فليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح».

4704/ [13]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الأعمال تعرض كل خميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان يوم عرفة هبط الرب تبارك و تعالى، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً «2»». فقلت: جعلت فداك، أعمال من هذه؟ فقال:

«أعمال مبغضينا و مبغضي شيعتنا».

4705/ [14]- و عنه: عن أحمد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن غير واحد «3»، قال: تعرض أعمال العباد في يوم الخميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على الأئمة (عليهم السلام).

4706/ [15]- و عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «ما لكم تسوءون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» فقال له رجل: جعلت فداك، و كيف نسوؤه؟

فقال: «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية الله ساءه، فلا تسوؤا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سروه».

4707/ [16]- و عنه: عن محمد بن الحسين و يعقوب «4» بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن قوله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «إيانا عنى».

4708/ [17]- و عنه، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن عبد الكريم بن يحيى الخثعمي، عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «ما من مؤمن يموت و لا كافر فيوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) فهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد».

__________________________________________________

13- معاني الأخبار: 446/ 15.

14- تفسير العيّاشي 446/ 16.

15- بصائر الدرجات: 446/ 17.

16- بصائر الدرجات: 447/ 1.

17- بصائر الدرجات: 448/ 8.

(1) في المصدر: أعمال العباد. [.....]

(2) الفرقان

25: 23.

(3) في المصدر: عنه (عليه السّلام).

(4) في «س، ط»: عن يعقوب، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو من مشايخ الصفّار، و الرواة عن ابن أبي عمير، راجع رجال النجاشي: 450، و معجم رجال الحديث 20: 147.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 842

4709/ [18]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله تعالى: اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ قلت: من المؤمنون؟ قال: «من عسى أن يكون غير صاحبكم؟» «1».

4710/ [19]- و عنه: حدثنا السندي بن محمد، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الأعمال، هل تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «ما فيه شك».

قيل: أ رأيت قول الله تعالى: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ فقال: «لله شهداء في أرضه «2»».

4711/ [20]- و عنه: عن الهيثم النهدي، عن أبيه، عن عبد الله بن أبان، قال: قلت للرضا (عليه السلام) و كان بيني و بينه شي ء: ادع الله لي و لمواليك. فقال: «و الله إن أعمالكم لتعرض علي في كل خميس».

4712/ [21]- و عنه، عن الهيثم النهدي، عن محمد بن علي بن سعيد الزيات، عن عبد الله بن أبان، قال: قلت للرضا (عليه السلام): إن قوما من مواليك سألوني أن تدعوا الله لهم؟ فقال: «و الله إني لتعرض علي في كل يوم أعمالكم».

4713/ [22]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة،

عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل خميس؟

فقال أبو عبد الله: «ليس هكذا، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا، و هو قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ» و سكت.

قال أبو بصير: إنما عنى الأئمة (عليهم السلام).

4714/ [23]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ: «المؤمنون هنا الأئمة الطاهرون (عليهم السلام)».

4715/ [24]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن إبراهيم الأحمري، عن محمد بن الحسين و يعقوب بن يزيد، و عبد الله بن الصلت، و العباس بن معروف، و منصور، و أيوب، و القاسم، و محمد بن عيسى، و محمد بن خالد،

__________________________________________________

18- بصائر الدرجات: 449/ 1.

19- بصائر الدرجات: 450/ 10.

20- بصائر الدرجات: 450/ 8.

21- بصائر الدرجات: 450/ 11.

22- معاني الأخبار: 392/ 37.

23- تفسير القمّي 1: 304.

24- الأمالي 2: 23.

(1) في المصدر: إلّا صاحبك.

(2) في «ط»: في خلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 843

و غيرهم، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «إيانا عنى».

4716/ [25]- و عنه: بإسناده عن إبراهيم الأحمري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد، و عبد الله بن الصلت، عن حنان

بن سدير، عن أبيه، قال إبراهيم: و حدثني عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم من مفارقتي، و إن مفارقتي إياكم خير لكم. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، و قال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟

فقال: أما مقامي بين أظهركم خير لكم، لأن الله عز و جل يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «1» يعني يعذبهم بالسيف، فأما مفارقتي إياكم فهي خير لكم، لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه، و ما كان من سي ء استغفرت لكم».

4717/ [26]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد ابن خالد البرقي، قال: حدثنا سعيد بن مسلم، عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال لي مبتدئا من قبل نفسه: «يا داود، لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرني ذلك، بأني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره، و قطع أجله».

قال داود: و كان لي ابن عم معاندا ناصبا خبيثا، بلغني عنه و عن عياله سوء حال فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة، فلما صرت

في المدينة أخبرني أبو عبد الله (عليه السلام) بذلك.

4718/ [27]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سئل عن الأعمال، هل تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: «ما فيه شك».

قيل له: أ رأيت قول الله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قال: «لله شهداء في أرضه» «2».

4719/ [28]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تريدون أن تروون علي، هو الذي في نفسك».

__________________________________________________

25- الأمالي 2: 22.

26- الأمالي 2: 27. [.....]

27- تفسير العيّاشي 2: 208/ 119.

28- تفسير العيّاشي 2: 108/ 120.

(1) الأنفال 8: 33.

(2) في «س»: في خلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 844

4720/ [29]- عن يحيى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت: حدثني في علي حديثا؟ فقال: «أشرحه لك أم أجمعه؟».

قلت: بل اجمعه. فقال: «علي باب الهدى، من تقدمه كان كافرا، و من تخلف عنه كان كافرا».

قلت: زدني. قال: «إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع و عشرون مرقاة، فيأتي علي و بيده اللواء حتى يرتقيه و يركبه، و يعرض الخلق عليه، فمن عرفه دخل الجنة، و من أنكره دخل النار».

قلت: هل فيه آية من كتاب الله؟ قال: «نعم، ما تقول في هذه الآية، يقول تبارك و تعالى: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4721/ [30]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل خميس؟

فقال

أبو عبد الله (عليه السلام): «هو هكذا، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا، و هو قول الله: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ».

4722/ [31]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى:

فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أعمال أمته كل صباح، أبرارها، و فجارها، فاحذروا».

4723/ [32]- عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): في قول الله: اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، فقال: «ما من مؤمن يموت و لا كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) فهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد».

4724/ [33]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و المؤمنون هم الأئمة (عليهم السلام)».

4725/ [34]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ، قال:

«إن لله شاهدا في أرضه، و إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4726/ [35]- عن محمد بن حسان الكوفي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع و عشرون مرقاة، و يجي ء علي بن أبي طالب (عليه السلام) و بيده

__________________________________________________

29- تفسير العيّاشي 2: 108/ 121.

30- تفسير العيّاشي 2: 109/ 122.

31- تفسير العيّاشي 2: 109/ 123.

32- تفسير العيّاشي 2: 109/ 124.

33- تفسير العيّاشي 2: 109/ 125.

34- تفسير العيّاشي 2:

109/ 126.

35- تفسير العيّاشي 2: 110/ 127.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 845

لواء الحمد فيرتقيه و يركبه، و تعرض الخلائق عليه، فمن عرفه دخل الجنة، و من أنكره دخل النار، و تفسير ذلك في كتاب الله وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ- قال- هو و الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)».

و تقدم معنى قوله تعالى: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ «1».

سورة التوبة(9): آية 106 ..... ص : 845

قوله تعالى:

وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [106]

4727/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ.

قال: «قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ».

4728/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «المرجون قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم بعد ذلك دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين «2» فتجب لهم الجنة، و لم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ».

4729/

[3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن ابن الطيار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين، قتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم دخلوا بعد ذلك في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله، إما يعذبهم، و إما يتوب عليهم».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 299/ 1.

2- الكافي 2: 299/ 2.

3- تفسير القمّي 1: 304. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (73) من سورة الأنعام، و الحديث (1) من تفسير الآية (94) من هذه السورة.

(2) زاد في المصدر: و لم يؤمنوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 846

4730/ [4]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ، قال: «هم قوم من المشركين أصابوا دما من المسلمين، ثم أسلموا، فهم المرجون لأمر الله».

4731/ [5]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر و احد و يوم حنين و سلموا من المشركين، ثم أسلموا بعد تأخر، فإما يعذبهم، و إما يتوب عليهم».

4732/ [6]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ.

قال: «هم قوم مشركون، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و

لم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ».

4733/ [7]- قال حمران: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين. قال: «هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، فهم المرجون لأمر الله».

4734/ [8]- عن ابن الطيار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ست فرق، يؤولون «1» إلى ثلاث فرق:

الإيمان، و الكفر، و الضلال. و هم أهل الوعد من الذين وعد الله الجنة و النار، و هم: المؤمنون، و الكافرون، و المستضعفون، و المرجون لأمر الله إما يعذبهم و إما يتوب عليهم، و المعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا، و أصحاب الأعراف».

4735/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما، ثم دخلوا بعد ذلك في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يرى فيهم رأيه».

قال: قلت: جعلت فداك، من أين يرزقون؟ قال: «من حيث يشاء الله».

و قال أبو إبراهيم (عليه السلام): «هؤلاء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه».

4736/ [10]- عن الحارث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته بين الإيمان و الكفر منزلة؟

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 110/ 128.

5- تفسير العيّاشي 2: 110/ 129.

6- تفسير العيّاشي 2: 110/ 130.

7- تفسير العيّاشي 2: 110 ذيل الحديث 130.

8- تفسير العيّاشي 2: 110/ 131.

9- تفسير العيّاشي 2: 111/ 132.

10- تفسير العيّاشي 2: 111/ 133.

(1) في المصدر و «ط»: يؤتون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 847

فقال: «نعم، و منازل لو يجحد شيئا منها أكبه الله في النار، بينهما آخرون مرجون لأمر الله، و بينهما المستضعفون، و بينهما آخرون خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا، و بينهما قوله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ «1»».

4737/ [11]- عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المرجون قوم ذكر لهم فضل علي (عليه السلام) فقالوا: ما ندري لعله كذلك، و ما ندري لعله ليس كذلك؟ قال: «أرجه، قال تعالى: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ الآية».

سورة التوبة(9): الآيات 107الي 108 ..... ص : 847

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [107- 108]

4738/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها أنه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، أ تأذن لنا أن نبني مسجدا في بني سالم للعليل، و الليلة المطيرة، و للشيخ الفاني؟ فأذن لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو على الخروج إلى تبوك. فقالوا: يا رسول الله، لو أتيتنا فصليت فيه؟ فقال (صلى الله عليه و آله):

«أنا على جناح السفر، فإذا وافيت- إن شاء الله- أتيته فصليت فيه».

فلما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من تبوك نزلت عليه هذه الآية في شأن المسجد و أبي عامر الراهب، و قد كانوا حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم يبنون ذلك للصلاح و الحسنى، فأنزل الله على رسوله وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ يعني أبا عامر الراهب، كان

يأتيهم فيذكر رسول الله و أصحابه وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يعني مسجد قبا «2» أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ «3» قال: كانوا يتطهرون بالماء.

4739/ [2]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): فهذا العجل في زمان

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 111/ 134.

1- تفسير القمّي 1: 305.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 488/ 309.

(1) الأعراف 7: 46. [.....]

(2) قبا: قرية قرب المدينة على ميلين منها، فيها مسجد التقوى. «معجم البلدان 4: 301».

(3) التوبة 9: 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 848

النبي (صلى الله عليه و آله)، هو أبو عامر الراهب الذي سماه النبي (صلى الله عليه و آله) الفاسق، و عاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) غانما ظافرا، و أبطل الله تعالى كيد المنافقين، و أمر الله تعالى بإحراق مسجد الضرار، و أنزل الله عز و جل وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً الآيات.

و قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): فهذا العجل في حياته (صلى الله عليه و آله) دمر الله عليه و أصابه «1» بقولنج «2» و فالج و جذام و لقوة «3»، و بقي أربعين صباحا في أشد عذاب، ثم صار إلى عذاب الله تعالى».

4740/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان «4»، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «مسجد قبا».

4741/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى و ابن أبي عمير، جميعا، عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تدع إتيان المساجد «5» كلها، مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم».

4742/ [5]- الشيخ «6»: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان «7»، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «مسجد قبا».

4743/ [6]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر الأنصار، إن الله قد أحسن إليكم الثناء، فما ذا تصنعون؟

قالوا: نستنجي بالماء».

4744/ [7]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم. قال: «مسجد قبا».

__________________________________________________

3- الكافي 3: 296/ 2.

4- الكافي 4: 560/ 1.

5- التهذيب 3: 361/ 736.

6- التهذيب 1: 354/ 1052.

7- تفسير العيّاشي 2: 111/ 135.

(1) في «ط»: و أصحابه.

(2) القولنج: مرض معويّ مولم يعسر معه خروج الثفل و الريح. «القاموس المحيط 1: 211».

(3) اللّقوة: مرض يعرض للوجه فيميله إلى أحد جانبيه. «لسان العرب- لقا- 15: 253».

(4) في المصدر: حماد بن عيسى، و ما في المتن كما في «س، ط»: و التهذيب الآتي برقم (5). راجع معجم رجال الحديث 6: 217 و 221 و 231.

(5) في المصدر: المشاهد.

(6) في «ط»: و عنه.

(7) في الكافي المتقدّم نصه برقم (3): حماد بن عيسى. [.....]

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 849

4745/ [8]- عن زرارة و حمران و محمد بن سلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ قال: «مسجد قبا».

و أما قوله: أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ قال: «يعني: من مسجد النفاق، و كان على طريقه إذا أتى مسجد قبا، فكان ينضح بالماء و السدر، و يرفع ثيابه عن ساقيه، و يمشي على حجر في ناحية الطريق، و يسرع المشي، و يكره أن يصيب ثيابه منه شي ء».

فسألته: هل كان النبي (صلى الله عليه و آله) يصلي في مسجد قبا؟ قال: «نعم، كان منزله على سعد بن خيثمة الأنصاري».

فسألته: هل كان لمسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) سقف؟ فقال: «لا، و قد كان بعض أصحابه قال: ألا تسقف مسجدنا، يا رسول الله؟ قال: عريش كعريش موسى».

4746/ [9]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا، قال: «الذين يحبون أن يتطهروا نظف الوضوء، و هو الاستنجاء بالماء- و قال:- نزلت هذه الآية في أهل قبا».

4747/ [10]- و في رواية ابن سنان: عنه (عليه السلام) قال: قلت له: ما ذلك الطهر؟ قال: «نظف الوضوء إذا خرج أحدهم من الغائط، فمدحهم الله بتطهرهم».

4748/ [11]- الطبرسي، قال: يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا بالماء عن الغائط و البول. قال: و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام).

قال: و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال لأهل قبا: «ماذا تفعلون في طهركم، فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء؟» قالوا: نغسل أثر الغائط، فقال: «انزل الله فيكم وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ».

سورة التوبة(9): آية 109 ..... ص : 849

قوله

تعالى:

أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ [109]

4749/ [1]- علي بن إبراهيم: قال في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مسجد الضرار الذي

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 111/ 136.

9- تفسير العيّاشي 2: 112/ 137.

10- تفسير العيّاشي 2: 112/ 138.

11- مجمع البيان 5: 111.

1- تفسير القمّي 1: 305.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 850

أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم».

سورة التوبة(9): آية 110 ..... ص : 850

قوله تعالى:

لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ [110]

4750/ [1]- علي بن إبراهيم: (إلا) في موضع (حتى) تتقطع «1» قلوبهم و الله عليم حكيم، فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) مالك بن الدخشم الخزاعي و عامر بن عدي أخا بني عمرو بن عوف على أن يهدموه و يحرقوه، فجاء مالك فقال لعامر: انتظرني حتى اخرج نارا من منزلي. فدخل و جاء بنار و أشعل في سعف النخل، ثم أشعله في المسجد فتفرقوا، و قعد زيد بن حارثة حتى احترقت البنية، ثم أمر بهدم حائطه.

4751/ [2]- الطبرسي: روي عن البرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إلى أن تقطع».

سورة التوبة(9): الآيات 111الي 112 ..... ص : 850

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [111- 112]

4752/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 305.

2- مجمع البيان 5: 106.

3- الكافي 5: 22/ 1.

(1) في المصدر: تنقطع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 851

عبد الله (عليه السلام) قال: «لقي عباد البصري «1» علي بن الحسين (عليه السلام) في طريق مكة، فقال له: يا علي بن الحسين، تركت الجهاد و صعوبته و أقبلت على الحج و لينته، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ

بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فقال له علي بن الحسين: «أتم الآية»، فقال: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.

فقال علي بن الحسين (صلوات الله عليه): «إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من الحج».

4753/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن الدعاء إلى الله و الجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحل إلا لهم، و لا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله عز و جل و آمن برسوله (صلى الله عليه و آله)، و من كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز و جل و إلى طاعته، و أن يجاهد في سبيله؟ فقال: «ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، و لا يقوم بذلك إلا من كان منهم».

قلت: من أولئك؟ قال: «من قام بشرائط الله عز و جل في القتال و الجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، و من لم يكن قائما بشرائط الله عز و جل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد، و لا الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد».

قلت: فبين لي، يرحمك الله. قال: «إن الله عز و جل أخبر

نبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه بالدعاء إليه، و وصف الدعاة إليه، فجعل ذلك لهم درجات، يعرف بعضها بعضا، و يستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك و تعالى أول من دعا إلى نفسه و دعا إلى طاعته و اتباع أمره، فبدأ بنفسه، فقال: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» ثم ثنى برسوله، فقال: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «3» يعني بالقرآن، و لم يكن داعيا إلى الله عز و جل من خالف أمر الله و يدعو إليه بغير ما أمر به في كتابه، و الذي أمر ألا يدعى إلا به. و قال في نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «4» يقول: تدعو. ثم ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا، فقال تبارك و تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي

__________________________________________________

2- الكافي 5: 13/ 1.

(1) هو عباد بن كثير الثقفي البصري. نزيل مكّة. انظر ترجمته في: الجرح و التعديل 6: 84/ 433، تهذيب الكمال 14: 145/ 3090، سير أعلام النبلاء 7: 106/ 46، تهذيب التهذيب 5: 100/ 169.

(2) يونس 10: 25.

(3) النحل 16: 125.

(4) الشورى 42: 52. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 852

يدعو وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ «1».

ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد رسوله في كتابه، فقال: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2» ثم أخبر عن هذه الأمة، و ممن هي، و أنها من ذرية إبراهيم و ذرية إسماعيل من سكان الحرم، ممن

لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم و إسماعيل، من أهل المسجد، الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة امة إبراهيم (عليه السلام)، الذين عناهم الله تبارك و تعالى في قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «3» يعني أول من اتبعه على الإيمان به و التصديق له فيما جاء به من عند الله عز و جل من الامة التي بعث فيها و منها و إليها قبل الخلق، ممن لم يشرك بالله قط، و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك.

ثم ذكر أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) و أتباع هذه الامة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و جعلها داعية إليه، و أذن لها في الدعاء إليه، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «4».

ثم وصف أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) من المؤمنين، فقال الله عز و جل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «5» و قال: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «6» يعني أولئك المؤمنين. و قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «7».

ثم حلاهم و وصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم، فقال فيما حلاهم به و وصفهم: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ

يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ «8» و قال في صفتهم و حليتهم أيضا: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «9» ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين و من كان على مثل صفتهم أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ ثم ذكر

__________________________________________________

(1) الإسراء 17: 9.

(2) آل عمران 3: 104.

(3) يوسف 12: 108.

(4) الأنفال 8: 64.

(5) الفتح 48: 29.

(6) التحريم 66: 8.

(7) المؤمنون 23: 1.

(8) المؤمنون 23: 2- 11.

(9) الفرقان 25: 68- 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 853

وفاءهم له بعهده و ميثاقه و مبايعته، فقال: وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فلما نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ قام رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا نبي الله، أ رأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم، أ شهيد هو؟ فأنزل الله عز و جل على رسوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ففسر النبي (صلى الله عليه و آله) المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة، و قال: التائبون من الذنوب، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله، و لا يشركون به شيئا، الحامدون الذين يحمدون الله على كل

حال في الشدة و الرخاء، السائحون و هم الصائمون، الراكعون الساجدون الذين يواظبون على الصلوات الخمس، و الحافظون لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و في الخشوع فيها و في أوقاتها، الآمرون بالمعروف بعد ذلك و العاملون به، و الناهون عن المنكر و المنتهون عنه.

قال: فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة، ثم أخبر تبارك و تعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط، فقال عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ «1» و ذلك أن جميع ما بين السماء و الأرض لله عز و جل و لرسوله و لأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين و الكفار و الظلمة و الفجار من أهل الخلاف لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و المؤمنين، و المولي عن طاعتهما، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات، و غلبوهم عليه مما أفاء الله على رسوله، فهو حقهم أفاء الله عليهم و رده إليهم.

و إنما معنى الفي ء كل ما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان قد غلب عليه «2» أو فيه، فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء، مثل قول الله عز و جل: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «3» أي رجعوا، ثم قال: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4» و قال: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي

حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ أي ترجع فَإِنْ فاءَتْ أي رجعت فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «5» يعني بقوله: تَفِي ءَ أي ترجع، فذلك الدليل على أن الفي ء كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، يقال للشمس إذا زالت: قد فاءت، حين يفي ء الفي ء عند رجوع الشمس إلى زوالها، و كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار،

__________________________________________________

(1) الحج 22: 39- 40.

(2) في «ط»: ممّا كان عليه.

(3) البقرة 2: 226.

(4) البقرة 2: 227.

(5) الحجرات 49: 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 854

فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم، فذلك قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ما كان المؤمنون أحق به منهم.

و إنما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها، و ذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، و لا يكن مظلوما حتى يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين. فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل كان مؤمنا، و إذا كان مؤمنا كان مظلوما، و إذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد، لقوله عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ و إن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم، ممن ينبغي و يجب جهاده حتى يتوب إلى الله، و ليس مثله مأذونا له في الجهاد و الدعاء إلى الله عز و جل، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال. فلما نزلت هذه الآية: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا في المهاجرين الذين أخرجهم «1»

أهل مكة من ديارهم و أموالهم، أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم، و اذن لهم في القتال».

فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين، بظلم مشركي أهل مكة لهم، فما بالهم في قتالهم كسرى و قيصر و من دونهم من مشركي قبائل العرب؟

فقال: «لو كان إنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط، لم يكن لهم إلى قتال كسرى و قيصر و غير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لأن الذين ظلموهم غيرهم، و إنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة، لإخراجهم إياهم من ديارهم و أموالهم بغير حق، و لو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة، كانت الآية مرتفعة الفرض «2» عمن بعدهم، إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد، و كان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد.

و ليس كما ظننت، و لا كما ذكرت، و لكن المهاجرين ظلموا من جهتين: ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم و أموالهم، فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، و ظلمهم كسرى و قيصر و من كان دونهم من قبائل العرب و العجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به دونهم «3»، فقد قاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك، و بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان.

و إنما أذن الله عز و جل للمؤمنين، الذين قاموا بما وصف الله عز و جل من الشرائط التي شرطها الله عز و جل على المؤمنين في الإيمان و الجهاد، و من كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن، و هو مظلوم، و مأذون له في الجهاد بذلك المعنى. و من كان على خلاف ذلك

فهو ظالم، و ليس من المظلومين، و ليس بمأذون له في القتال، و لا بالنهي عن المنكر، و الأمر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك، و لا مأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، لأنه ليس يجاهد مثله و أمر بدعائه إلى الله عز و جل، و لا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده، و حظر الجهاد عليه و منعه منه،

__________________________________________________

(1) في «ط»: في المال و الدار و أخرجوهم.

(2) في «ط»: الغرض.

(3) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 855

و لا يكون داعيا إلى الله عز و جل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و لا يأمر بالمعروف من قد امر أن يؤمر به، و لا ينهى عن المنكر من قد امر أن ينهى عنه.

فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز و جل التي وصف الله بها أهلها من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) و هو مظلوم، فهو مأذون له في الجهاد، كما أذن لهم في الجهاد بذلك المعنى، لأن حكم الله عز و جل في الأولين و الآخرين و فرائضه عليهم سواء، إلا من علة أو حادث يكون، و الأولون و الآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، و الفرائض عليهم واحدة، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما «1» يسأل عنه الأولون، و يحاسبون عما به يحاسبون، و من لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين، فليس من أهل الجهاد، و ليس بمأذون له فيه حتى يفي ء بما شرط الله عز و جل عليه، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل على المؤمنين

و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد.

فليتق الله عز و جل عبد و لا يغتر بالأماني التي نهى الله عز و جل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن، و يتبرأ منها و من حملتها و رواتها، و لا يقدم على الله عز و جل بشبهة لا يعذر بها، فإنه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها و هي غاية الأعمال في عظم قدرها. فليحكم امرؤ لنفسه و ليرها كتاب الله عز و جل و يعرضها عليه، فإنه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، و إن علم تقصيرا فليصلحها، و ليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثم ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها و بين جهادها.

و لسنا نقول لمن أراد الجهاد و هو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين: لا تجاهدوا. و لكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عز و جل على أهل الجهاد الذين بايعهم و اشترى منهم أنفسهم و أموالهم بالجنان. فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، و ليعرضها على شرائط الله عز و جل، فإن رأى أنه قد وفى بها و تكاملت فيه، فإنه ممن أذن الله عز و جل له في الجهاد، و إن أبى إلا أن «2» يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي و المحارم و الإقدام على الجهاد بالتخبيط و العمى، و القدوم على الله عز و جل بالجهل و الروايات الكاذبة، فلقد- لعمري- جاء

الأثر فيمن فعل هذا الفعل. إن الله عز و جل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. فليتق الله عز و جل امرؤ، و ليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم و لا عذر لكم بعد البيان في الجهل، و لا قوة إلا بالله، و حسبنا الله عليه توكلنا و إليه المصير».

4754/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تلوت: «التائبون العابدون» فقال: «لا، اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخرها». فسئل عن العلة في ذلك؟ فقال: «اشترى من المؤمنين التائبين العابدين».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 377/ 569.

(1) في المصدر: عمّا.

(2) في المصدر: أن لا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 856

4755/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإن رفعه إلى الإمام قطعه، فإن قال له الذي سرق له «1»: أنا أهب له. لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع إليه، و إنما الهبة قبل الترافع «2» إلى الإمام، و ذلك قول الله عز و جل: وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ فإن انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه».

4756/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و عبد الله ابن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي منها،

فقلت: أخبرني عمن قتل، مات؟ قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

فقلت له: ما أجد قولك قد فرق بين الموت و القتل في القرآن. قال: «أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «3» و قال:

وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ «4» فليس كما قلت- يا زرارة- فالموت موت، و القتل قتل، و قد قال الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا».

قال: فقلت: إن الله عز و جل يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «5» أ فرأيت من قتل لم يذق الموت؟ فقال:

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتى يذوق الموت».

4757/ [6]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص النخاس «6»، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ إلى آخر الآية. فقال: «ذلك في الميثاق».

ثم قرأت: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ إلى آخر الآية [فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا تقرأ هكذا، و لكن اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخر الآية]. ثم قال: «إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هم الذين يشتري منهم أنفسهم و أموالهم» يعني في الرجعة.

__________________________________________________

4- الكافي 7: 251/ 1.

5- مختصر بصائر الدرجات: 19.

6- مختصر بصائر الدرجات: 21.

(1) في المصدر: منه.

(2) في المصدر: أن يرفع.

(3) آل عمران 3: 144.

(4) آل عمران 3: 158.

(5) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57. [.....]

(6) كذا في «س»

و هو الصواب كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 19: 206، و هو وهيب بن حفص الجريري النخّاس مولى بني أسد، ترجم له النجاشي في رجاله: 431 و الشيخ الطوسي في الفهرست: 173. و في «ط» و المصدر: وهب بن حفص النخّاس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 857

47584758/ [7]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد القماط، عن عبد الرحمن القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ فقال: «هل تدري من يعني؟». فقلت: يقاتل المؤمنون فيقتلون و يقتلون. فقال: «لا، و لكن من قتل من المؤمنين رد حتى يموت، و من مات رد حتى يقتل، و تلك القدرة فلا تنكرها».

4759/ [8]- العياشي: عن زرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) في الرجعة فاحتلت مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: جعلت فداك، أخبرني عمن قتل، مات؟ قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

قال: فقلت له: ما أحد يقتل إلا مات؟ قال: فقال: «يا زرارة، قول الله تعالى أصدق من قولك، قد فرق بينهما في القرآن، قال: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «1» و قال: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ «2» ليس كما قلت- يا زرارة- الموت موت، و القتل قتل، و قد قال الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» الآية.

قال: فقلت له: إن الله يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3» أ فرأيت من قتل لم يذق الموت؟ قال: فقال:

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى

الدنيا حتى يذوق الموت».

4760/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ الآية. قال: «يعني في الميثاق».

قال: ثم قرأت عليه التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا، و لكن اقرأها: التائبين العابدين، إلى آخر الآية» و قال: «إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم و أموالهم» يعني في الرجعة.

4761/ [10]- محمد بن الحسن، عن الحسين بن خرزاد، عن البرقي- في هذا الحديث- ثم قال (عليه السلام): «ما من مؤمن إلا و له ميتة و قتلة: من مات بعث حتى يقتل، و من قتل بعث حتى يموت».

4762/ [11]- صباح بن سيابة، في قول الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، قال: ثم وصفهم، فقال: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ الآية، قال: هم الأئمة (عليهم السلام).

4763/ [12]- عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) إذا أراد القتال

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 23.

8- تفسير العيّاشي 2: 112/ 139.

9- تفسير العيّاشي 2: 112/ 140.

10- تفسير العيّاشي 2: 113/ 141.

11- تفسير العيّاشي 2: 113/ 142.

12- تفسير العيّاشي 2: 113/ 143.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) آل عمران 3: 158.

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 858

قال هذه الدعوات: اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك، و ندبت إليه أولياءك، و جعلته أشرف سبلك عندك ثوابا، و أكرمها إليك مآبا، و أحبها إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله

فيقتلون و يقتلون، وعدا عليه حقا، فاجعلني ممن اشتريت فيه منك نفسه، ثم وفى لك ببيعته التي بايعك عليها غير ناكث، و لا ناقض عهدا، و لا مبدل تبديلا» مختصر.

و روى هذا الحديث بزيادة محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح، عن أبيه ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا أراد» و ذكر الحديث «1».

4764/ [13]- عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ. فقال: هل تدري ما يعني؟» فقلت: يقاتل المؤمنون فيقتلون و يقتلون.

قال: «ما من مؤمن إلا و له قتلة و ميتة: من مات من المؤمنين رد حتى يقتل، و من قتل رد حتى يموت، و تلك القدرة فلا تنكرها».

4765/ [14]- عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و كذلك قول الله: وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ فإذا انتهى الحد «2» إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه».

4766/ [15]- الطبرسي: «التائبين العابدين» بالياء، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

12- تفسير العيّاشي 2: 113/ 143.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) آل عمران 3: 158.

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57

سورة التوبة(9): آية 114 ..... ص : 858

قوله تعالى:

وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [114]

4767/ [1]- العياشي: عن إبراهيم بن أبي

البلاد، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تقول الناس في قول الله: وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ؟ قلت: يقولون: إن إبراهيم وعد

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 2: 113/ 144.

14- تفسير العيّاشي 2: 114/ 145.

15- مجمع البيان 5: 112.

1- تفسير العيّاشي 2: 114/ 146. [.....]

(1) الكافي 5: 46/ 1.

(2) في «ط»: فإن رفع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 859

أباه أن يستغفر له؟ قال: «ليس هو هكذا، إن إبراهيم وعده أن يسلم فاستغفر له، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه».

4768/ [2]- عن أبي إسحاق الهمداني، [رفعه ] عن رجل «1»، قال: صلى رجل إلى جنبي فاستغفر لأبويه، و كانا ماتا في الجاهلية، فقلت: تستغفر لأبويك و قد ماتا في الجاهلية؟ فقال: قد استغفر إبراهيم لأبيه. فلم أدر ما أرد عليه، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، قال: لما مات تبين أنه عدو لله فلم يستغفر له.

4769/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قوله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ؟ قال: «الأواه:

الدعاء».

4770/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الأواه: هو الدعاء».

4771/ [5]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأواه: المتضرع إلى الله في صلاته، و إذا خلا في قفرة من الأرض و في الخلوات».

4772/ [6]- و قال علي بن إبراهيم- في معنى الآية وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ

إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ-: قال إبراهيم لأبيه: إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك. فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ أي دعاء.

سورة التوبة(9): آية 115 ..... ص : 859

قوله تعالى:

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ [115]

4773/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

2- تفسير العياشي 2: 114/ 148.

3- تفسير العياشي 2: 114/ 147.

4- الكافي 2: 337/ 1.

5- تفسير القمي 1: 306.

6- تفسير القمي 1: 306.

1- الكافي 1: 124/ 3.

(1) في «ط»: عن أبي إسحاق الهمداني، عن الخليل، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 860

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

و قال: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها «1»، قال: «يبين لها ما تأتي و ما تترك».

و قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «2»، قال: «عرفناه، إما آخذ و إما تارك».

و عن قوله: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «3»، قال: «عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى».

4774/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حماد، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال:

«لا».

قلت: فهل كلفوا المعرفة؟ قال: «لا، على الله البيان لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «4» و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ

نَفْساً إِلَّا ما آتاها «5»».

قال: و سألته عن قوله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

و روى ابن بابويه هذين الحديثين في كتاب (التوحيد) «6».

4775/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان الأحمر، قال:

و حدثنا به أحمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و يسخطه».

و قال: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها «7»، قال: «بين لها ما تأتي و ما تترك».

و قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «8»، قال: «عرفناه: فإما آخذ و إما تارك».

4776/ [4]- العياشي: عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن أباك أخبرنا بالخلف من

__________________________________________________

2- الكافي 1: 125/ 5.

3- المحاسن: 276/ 389.

4- تفسير العيّاشي 2: 115/ 149.

(1) الشمس 91: 8.

(2) الإنسان 76: 3. [.....]

(3) فصّلت 41: 17.

(4) البقرة 2: 286.

(5) الطلاق 65: 7.

(6) التوحيد: 411/ 4 و: 414/ 11.

(7) الشمس 91: 8.

(8) الإنسان 76: 3.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 861

بعده، فلو أخبرتنا به؟ قال: فأخذ بيدي فهزها، ثم قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ. قال: فخففت، فقال لي: «مه، لا تعود عينيك كثرة النوم فإنها أقل شي ء في الجسد شكرا».

4777/ [5]- عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً

بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

ثم قال: «أما إنا أنكرنا لمؤمن بما لا يعذر الله الناس بجهالته، و الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، و ترك رواية حديث لم تحفظ خير لك من رواية حديث لم تحصه، إن على كل حق حقيقة، و على كل صواب «1» نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه، و لن يدعه كثير من أهل هذا العالم».

سورة التوبة(9): الآيات 117الي 118 ..... ص : 861

قوله تعالى:

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ- إلى قوله تعالى- التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [117- 118] تقدم عند ذكر غزوة تبوك من رواية علي بن إبراهيم أنها نزلت في أبي ذر، و أبي خيثمة، و عميرة بن وهب، الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله (صلى الله عليه و آله). «2»

4778/ [1]- الطبرسي: روي عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، أنه قرأ: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار» إلى آخر الآية.

و في قوله تعالى: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إلى آخر الآية، قرأ علي بن الحسين زين العابدين و أبو جعفر محمد بن علي الباقر و جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام): «خالفوا».

4779/ [2]- علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام): «إنما انزل (و على الثلاثة الذين خالفوا) و لو خلفوا لم يكن عليهم عيب حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ حيث لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا إخوانهم و لا أهلوهم، فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها، و ضاقت عليهم أنفسهم حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا، فتفرقوا و تاب

الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم».

و قد تقدم ذكر ذلك عند ذكر غزاة تبوك من السورة بزيادة، و تقدم أن الثلاثة: كعب بن مالك الشاعر، و مرارة

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 115/ 150.

1- مجمع البيان 5: 118 و 120.

2- تفسير القمّي 1: 297.

(1) في المصدر: ثواب.

(2) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآيات (44- 47) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 862

بن الربيع، و هلال بن أمية الرافعي، تقدم مستوفى في رواية علي بن إبراهيم «1».

4780/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن فيض بن المختار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف تقرأ وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا؟ قلت: خُلِّفُوا.

قال: «لو كان (خلفوا) لكانوا في حال طاعة، و لكنهم خالفوا، عثمان و صاحباه، أما و الله ما سمعوا صوت حافر و لا قعقعة حجر إلا قالوا اتينا، فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا».

4781/ [4]- و في (نهج البيان): روي أن السبب في هذه الآية عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما توجه إلى غزاة تبوك تخلف عنه كعب بن مالك الشاعر، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية الرافعي، تخلفوا عن النبي (صلى الله عليه و آله) على أن يتحوجوا و يلحقوه، فلهوا بأموالهم و حوائجهم عن ذلك، و ندموا و تابوا، فلما رجع النبي مظفرا منصورا أعرض عنهم، فخرجوا على وجوههم و هاموا في البرية مع الوحوش، و ندموا أصدق ندامة، و خافوا أن لا يقبل الله توبتهم و رسوله لإعراضه عنهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فتلا على النبي،

فأنفذ إليهم من جاء بهم، فتلا عليهم، و عرفهم أن الله قد قبل توبتهم».

4782/ [5]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ، قال: «هي الإقالة».

4783/ [6]- العياشي: عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، قال: «كعب، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية».

4784/ [7]- عن فيض بن المختار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كيف تقرأ هذه الآية في التوبة وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا؟» قال: قلت: خُلِّفُوا.

قال: «لو خلفوا لكانوا في حال طاعة- و زاد الحسين بن المختار عنه: لو كانوا خلفوا ما كان عليهم من سبيل- و لكنهم خالفوا، عثمان و صاحباه، أما و الله ما سمعوا صوت حافر «2» و لا قعقعة حجر إلا قالوا أتينا، فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 377/ 568.

4- نهج البيان 2: 141 (مخطوط).

5- معاني الأخبار: 215/ 1. [.....]

6- تفسير العيّاشي 2: 115/ 151.

7- تفسير العيّاشي 2: 115/ 152.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (44- 47) من هذه السورة.

(2) في المصدر: كافر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 863

4785/ [8]- قال صفوان: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما كان أبو لبابة أحدهم» يعني في وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا.

و في نسخة أخرى: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبو لبابة أحدهم» إلى آخر الحديث.

4786/ [9]- عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله:

ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا، قال: «أقالهم، فو الله ما تابوا».

4787/ [10]- الطبرسي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار».

قال أبان: قلت له: يا بن رسول الله، إن العامة لا تقرأ كما عندك؟ قال: «و كيف تقرأ، يا أبان؟».

قال: قلت إنها تقرأ: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ «1». فقال: «ويلهم، و أي ذنب كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى تاب الله عليه منه، إنما تاب الله به «2» على أمته».

سورة التوبة(9): آية 119 ..... ص : 863

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [119]

4788/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال: «إيانا عنى».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) بعين السند و المتن «3».

4789/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال:

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 116/ 153.

9- تفسير العيّاشي 2: 116/ 154.

10- الاحتجاج: 76.

1- الكافي 1: 162/ 1.

2- الكافي 1: 162/ 2.

(1) التوبة 9: 117.

(2) في «ط»: إنّما عنى به.

(3) بصائر الدرجات: 51/ 1، و السند خال من: معلّى بن محمّد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 864

«الصادقون: هم الأئمة الصديقون «1» بطاعتهم».

4790/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين بن

محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن، عن أحمد ابن محمد، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال:

«الصادقون: الأئمة الصديقون بطاعتهم».

4791/ [4]- الشيخ في (أماليه): عن أبي عمير، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا حسن بن حماد، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال: «مع علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4792/ [5]- سليم بن قيس الهلالي:- في حديث المناشدة- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأنشدتكم الله جل اسمه، أ تعلمون أن الله أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، فقال سلمان: يا رسول الله، أ عامة هي أم خاصة؟ فقال: أما المؤمنون فعامة لأن جماعة المؤمنين «2» أمروا بذلك، و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و الأوصياء من بعده إلى يوم القيامة؟». قالوا: اللهم نعم.

4793/ [6]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا حمزة، إنما يعبد الله من عرف الله، و أما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره، هكذا ضالا».

قلت: أصلحك الله، و ما معرفة الله؟ قال: «يصدق الله و يصدق محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في موالاة علي (عليه السلام)، و الائتمام به و بأئمة الهدى من بعده، و البراءة إلى الله من عدوهم، و كذلك عرفان الله».

قال: قلت: أصلحك الله، أي شي ء إذا عملته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: «توالي أولياء الله، و تعادي أعداء الله، و تكون مع الصادقين كما أمرك الله».

قال: قلت: و من أولياء

الله، و من أعداء الله؟ فقال: «أولياء الله محمد رسول الله، و علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين، ثم انتهى الأمر إلينا، ثم ابني جعفر- و أومأ إلى جعفر و هو جالس- فمن والى هؤلاء فقد والى الله، و كان مع الصادقين كما أمره الله».

قلت: و من أعداء الله، أصلحك الله؟ قال: «الأوثان الأربعة».

قال: قلت: من هم؟ قال: «أبو الفصيل و رمع و نعثل و معاوية، و من دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله».

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 51/ 2.

4- الأمالي 1: 261، ترجمة الامام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 421/ 930، شواهد التنزيل 1: 261/ 355، كفاية الطالب: 236. [.....]

5- كتاب سليم بن قيس: 150.

6- تفسير العيّاشي 2: 116/ 155.

(1) في المصدر: و الصّديقون.

(2) في «ط»: قال: المأمورون فالعامّة من المؤمنين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 865

4794/ [7]- عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. قال:

«بطاعتهم».

4795/ [8]- عن هشام بن عجلان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسألك عن شي ء لا أسأل عنه أحدا بعدك، أسألك عن الإيمان الذي لا يسع الناس جهله؟

قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و الإقرار بما جاء من عند الله، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حج البيت، و صوم شهر رمضان، و الولاية لنا، و البراءة من عدونا، و تكون مع الصادقين».

4796/ [9]- ابن شهر آشوب: من (تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان) حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ قال: أمر الله الصحابة أن

يخافوا الله، ثم قال: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ يعني مع محمد و أهل بيته.

4797/ [10]- و عنه: و عن (شرف النبي) عن الخركوشي، و (الكشف) عن الثعلبي، قالا: روى الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) في هذه الآية، قال: «محمد و آله».

4798/ [11]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد بإسناده عن ابن عباس، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. قال: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) خاصة.

و مثله في كتاب (رموز الكنوز) لعبد الرزاق بن رزق الله بن خلف «1».

4799/ [12]- الطبرسي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال: «مع آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قال: و قراءة ابن عباس: من الصادقين. قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

4800/ [13]- و في (نهج البيان)، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن الصادقين ها هنا هم الأئمة الطاهرون من آل محمد أجمعين».

4801/ [14]- و فيه أيضا: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) سئل عن الصادقين ها هنا، فقال: «هم علي و فاطمة و الحسن و الحسين و ذريتهم الطاهرون إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 117/ 156.

8- تفسير العيّاشي 2: 117/ 157.

9- المناقب 3: 92، شواهد التنزيل 1: 262/ 357.

10- مناقب ابن شهر آشوب 3: 92.

11- المناقب للخوارزمي: 198، تفسير الحبري: 275/ 35، شواهد التنزيل 1: 259/ 351، فرائد السمطين 1: 369/ 299.

12- مجمع البيان 5: 122، شواهد التنزيل 1: 260/ 253، فرائد السمطين 1: 370/ 300.

13-

نهج البيان 2: 142 «مخطوط».

14- نهج البيان 2: 142 «مخطوط».

(1) عنه، تحفة الأبرار: 109 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 866

سورة التوبة(9): الآيات 120الي 121 ..... ص : 866

قوله تعالى:

ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [120- 121] 4802/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ: أي عطش وَ لا نَصَبٌ أي عناء وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي جوع وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ يعني لا يدخلون بلاد الكفار وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا يعني قتلا و أسرا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ و قوله:

وَ لا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً وَ لا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ، قال:

كلما فعلوا من ذلك لله جازاهم الله عليه.

سورة التوبة(9): آية 122 ..... ص : 866

قوله تعالى:

وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [122]

4803/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا حدث، على الإمام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: «أين قول الله عز و جل: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ!- قال- هم في عذر ما داموا في الطلب، و هؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 307. [.....]

2- الكافي 1: 309/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 867

4804/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، بلغنا شكواك و أشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ فقال: «إن عليا (عليه السلام) كان عالما، و العلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه، أو ما شاء «1» الله».

قلت: أ فيسع الناس إذا مات العالم أن لا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: «أما أهل هذه البلدة فلا- يعني المدينة- و أما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قال: قلت: أ رأيت من مات في ذلك؟ فقال: «هو بمنزلة وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «2»».

قال: قلت: فإذا قدموا، فبأي شي ء يعرفون صاحبهم؟ قال: «يعطى السكينة و الوقار و الهيبة».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله بلغنا شكواك، و ذكر مثله «3».

4805/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: حدثنا حماد،

عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهلية». فقال: «الحق و الله».

قلت: فإن إمام هلك و رجل بخراسان و لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: «لا يسعه ذلك، إن الإمام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد، و حق النفر على من ليس بحضرته، إذا بلغهم. إن الله عز و جل يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «4»».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 311/ 3.

3- الكافي 1: 309/ 2.

(1) في «ط»: و ما يشاء.

(2) النساء 4: 100.

(3) علل الشرائع: 591/ 40.

(4) النساء 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 868

قلت: فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك، و مرخى عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك، و لا يكون من يدلهم عليك، فبم يعرفون ذلك؟ قال: «بكتاب الله المنزل».

قلت: فيقول الله عز و جل كيف؟ قال: «أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم؟» قلت: أجل. قال: فذكر ما أنزل الله في علي (عليه السلام)، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حسن و حسين (عليهما السلام)، و ما خص الله به عليا (عليه السلام)، و ما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) من وصيته إليه و

نصبه إياه و ما يصيبهم، و إقرار الحسن و الحسين بذلك، و وصيته إلى الحسن، و تسليم الحسين إليه، يقول «1» الله: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2»».

قلت: فإن الناس يتكلمون في أبي جعفر (عليه السلام)، و يقولون: كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته و من هو أسن منه، و قصرت عمن هو أصغر منه؟ فقال: «يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذي قبله، و هو وصيه، و عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وصيته، و ذلك عندي لا أنازع فيه».

قلت: إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: «لا يكون في ستر إلا و له حجة ظاهرة، إن أبي استودعني ما هنالك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا، فدعوت أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر، قال:

اكتب: هذا ما أوصى به يعقوب بنيه يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «3» و أوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد، و أمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع، و أن يعممه بعمامته، و أن يربع قبره، و يرفعه أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود: انصرفوا، رحمكم الله.

فقلت بعد ما انصرفوا: ما كان في هذا- يا أبت- أن تشهد عليه؟ فقال: إني كرهت أن تغلب، و أن يقال: إنه لم يوص، فأردت أن يكون لك حجة، فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي فلان؟ قيل: فلان».

قلت: «فإن أشرك في الوصية؟ قال:

«تسألونه فإنه سيبين لكم».

4806/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن علي بن إسماعيل، و عبد الله بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إذا هلك الإمام فبلغ قوما ليسوا بحضرته؟ قال: «يخرجون في الطلب، فإنهم لا يزالون في عذر ما داموا في الطلب».

قلت: يخرجون كلهم أو يكفيهم أن يخرجوا «4» بعضهم؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ- قال- هؤلاء المقيمون

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 591/ 41.

(1) في المصدر: بقول.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) البقرة 2: 133.

(4) في المصدر: يخرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 869

في السعة حتى يرجع إليهم أصحابهم».

4807/ [5]- عنه: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الجبار، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن بلغنا وفاة الإمام كيف نصنع؟ قال: «عليكم النفير».

قلت: النفير جميعا؟ قال: «إن الله يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ» الآية.

قلت: نفرنا فمات بعضهم في الطريق؟ قال: فقال: «إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «1»».

4808/ [6]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن أبي الخير

صالح بن أبي حماد، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن قوما يروون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «اختلاف امتي رحمة؟» فقال:

«صدقوا».

فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ فقال: «ليس حيث تذهب و ذهبوا، إنما أراد قول الله تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فأمرهم الله أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يختلفوا إليه فيتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في الدين، إنما الدين واحد، إنما الدين واحد».

4809/ [7]- العياشي: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إذا حدث للإمام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: «يكونون كما قال الله: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

قال: قلت له: فما حالهم؟ قال: «هم في عذر».

4810/ [8]- و عنه أيضا في رواية أخرى: ما تقول في قوم هلك إمامهم، كيف يصنعون؟ قال: فقال لي: «أما تقرأ كتاب الله فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

قلت: جعلت فداك، فما حال المنتظرين حتى يرجع المتفقهون؟ قال: فقال لي: «رحمك الله، أما علمت أنه كان بين محمد و عيسى (عليه و على نبينا و آله الصلاة و السلام) خمسون و مائتا سنة، فمات قوم على دين عيسى انتظارا لدين

__________________________________________________

5- علل الشرائع: 591/ 42.

6- علل الشرائع: 85/ 4. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 117/ 158.

8- تفسير العيّاشي 2: 117/ 159.

(1) النساء 4:

100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 870

محمد (صلى الله عليه و آله) فآتاهم الله أجرهم مرتين».

4811/ [9]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتب إلي: «إنما شيعتنا من تابعنا و لم يخالفنا، فإذا خفنا خاف، و إذا أمنا أمن، قال الله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1» فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ الآية، فقد فرضت عليكم المسألة و الرد إلينا، و لم يفرض علينا الجواب».

4812/ [10]- عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بلغنا وفاة الإمام؟ قال: «عليكم النفر».

قلت: جميعا؟ قال: «إن الله يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ» الآية.

قلت: نفرنا فمات بعضنا في الطريق؟ قال: فقال: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله:

أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «2».

قلت: فقدمنا المدينة فوجدنا صاحب هذا الأمر مغلقا عليه بابه مرخى عليه ستره؟ قال: «إن هذا الأمر لا يكون إلا بأمر بين، هو الذي إذا دخلت المدينة، قلت: إلى من أوصى فلان؟ قالوا: إلى فلان».

4813/ [11]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «تفقهوا، فإن من لم يتفقه منكم فإنه أعرابي، إن الله يقول في كتابه: لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

4814/ [12]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله سبحانه أن تنفر منهم طائفة و تقيم طائفة للتفقه، و أن يكون الغزو نوبا».

4815/ [13]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ: كي يعرفوا اليقين.

سورة التوبة(9): آية 123 ..... ص : 870

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [123]

4816/

[1]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا بعض أصحابنا،

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 117/ 160.

10- تفسير العيّاشي 2: 118/ 161.

11- تفسير العيّاشي ك 2: 118/ 162.

12- مجمع البيان 5: 126.

13- تفسير القمّي 1: 307.

1- التهذيب 6: 174/ 345.

(1) النحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.

(2) النساء 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 871

عن محمد بن حميد «1»، عن يعقوب القمي، عن أخيه عمران بن عبد الله القمي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، قال: «الديلم».

4817/ [2]- العياشي: عن عمران بن عبد الله القمي، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، قال: «الديلم».

4818/ [3]- علي بن إبراهيم: قال: يجب على كل قوم أن يقاتلوا من يليهم ممن يقرب من بلادهم من الكفار، و لا يجوزوا ذلك الموضع، و الغلظة: أي أغلظوا لهم القول و الفعل «2».

سورة التوبة(9): الآيات 124الي 125 ..... ص : 871

قوله تعالى:

وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ [124- 125]

4819/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أيها العالم، أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟

قال: «ما لا يقبل الله شيئا إلا به».

قلت: و ما هو؟ قال: «الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو، أعلى الأعمال درجة، و أشرفها منزلة، و أسناها

حظا».

قال: قلت: ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو و عمل، أم قول بلا عمل؟ فقال: «الإيمان عمل كله، و القول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب، و يدعوه إليه».

قال: قلت له: صفه لي- جعلت فداك- حتى أفهمه. قال: «الإيمان حالات و درجات و طبقات و منازل، فمنه التام المنتهي تمامه، و منه الناقص البين نقصانه، و منه الراجح الزائد رجحانه».

قلت: إن الإيمان ليتم و ينقص و يزيد؟ قال: «نعم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 118/ 163.

3- تفسير القمّي 1: 307.

1- الكافي 2: 28/ 1. [.....]

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن أحمد، انظر معجم رجال الحديث 16: 47.

(2) في المصدر: و القتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 872

قلت: كيف ذاك؟ قال: «لأن الله تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم، و قسمه عليها، و فرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل و يفقه و يفهم، و هو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح و لا تصدر إلا عن رأيه و أمره، و منها عيناه اللتان يبصر بهما، و أذناه اللتان يسمع بهما، و يداه اللتان يبطش بهما، و رجلاه اللتان يمشي بهما، و فرجه الذي الباه من قبله، و لسانه الذي ينطق به، و رأسه الذي فيه وجهه.

فليس من هذه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، بفرض من الله تبارك و تعالى اسمه، ينطق به الكتاب لها، و يشهد به عليها، ففرض على القلب غير ما فرض على السمع، و فرض على السمع

غير ما فرض على العينين، و فرض على العينين غير ما فرض على اللسان، و فرض على اللسان غير ما فرض على اليدين، و فرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، و فرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، و فرض على الفرج غير ما فرض على الوجه.

فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار و المعرفة و المحبة «1» و الرضا و التسليم، بأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إلها واحدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا عبده و رسوله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة، و هو عمله، و هو قول الله عز و جل:

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً «2»، و قال: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «3» و قال: الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «4»، و قال: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ «5»، فذلك ما فرض الله عز و جل على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله و هو رأس الإيمان.

و فرض الله على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقر به، قال الله تبارك و تعالى: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «6»، و قال: وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «7»، فهذا ما فرض الله على اللسان، و هو عمله.

و فرض على

السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز و جل عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله عز و جل، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ

__________________________________________________

(1) في المصدر: و العقد، بدل (و المحبة).

(2) النحل 16: 106.

(3) الرعد 13: 28.

(4) المائدة 5: 41.

(5) البقرة 2: 284.

(6) البقرة 2: 83.

(7) العنكبوت 29: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 873

يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «1»، ثم استثنى عز و جل موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2»، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «3»، و قال عز و جل:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ «4»، و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ «5»، و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «6»، فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان.

و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان، فقال تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ «7»، فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم، و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه،

و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ «8»، من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها، و تحفظ فرجها من أن تنظر إليها».

و قال: «كل شي ء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر.

ثم نظم ما فرض على القلب و اللسان و السمع و البصر في آية اخرى، فقال: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «9»، يعني بالجلود الفروج و الأفخاذ، و قال: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «10»، فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله عز و جل، و هو عملهما، و هو من الإيمان.

و فرض على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله، و أن يبطش بهما إلى ما أمر الله عز و جل، و فرض عليهما من الصدقة و صلة الرحم و الجهاد في سبيل الله و الطهور للصلاة، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «11»، و قال:

__________________________________________________

(1) النساء 4: 140.

(2) الأنعام 6: 68.

(3) الزمر 39: 17- 18.

(4) المؤمنون 23: 1- 4.

(5) القصص 28: 55. [.....]

(6) الفرقان 25: 72.

(7) النور 24: 31.

(8) النور 24: 31.

(9) فصلت 41: 22.

(10) الإسراء 17: 36.

(11) المائدة 5: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 874

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «1»، فهذا

ما فرض الله على اليدين، لأن الضرب من علاجهما.

و فرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز و جل، فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «2»، و قال:

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «3»، و قال فيما شهدت الأيدي و الأرجل على أنفسهما و على أربابهما من تضييعهم لما أمر الله عز و جل به، و فرضه عليهما الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «4» فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين و على الرجلين، و هو عملهما، و هو من الإيمان.

و فرض على الوجه السجود له بالليل و النهار في مواقيت الصلوات، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «5» و هذه فريضة جامعة على الوجه و اليدين و الرجلين، و قال في موضع آخر: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «6» و قال فيما فرض الله على الجوارح من الطهور و الصلاة بها، و ذلك أن الله عز و جل لما صرف نبيه (صلى الله عليه و آله) إلى الكعبة عن بيت المقدس، و أنزل الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «7» فسمى الصلاة إيمانا، فمن لقي الله عز و جل حافظا لجوارحه، موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عز و جل عليها لقي الله عز و جل مستكملا لإيمانه، و هو من

أهل الجنة، و من خان في شي ء منها أو تعدى ما أمر الله عز و جل فيها لقي الله عز و جل ناقص الإيمان».

قال: قلت: قد فهمت نقصان الإيمان و تمامه، فمن أين جاءت زيادته؟ فقال: «قول الله عز و جل: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ. و قال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً «8» و لو كان كله واحدا لا زيادة فيه و لا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر، و لاستوت النعم فيه، و لاستوى الناس و بطل التفضيل، و لكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة، و بالزيادة في

__________________________________________________

(1) محمّد 47: 4.

(2) الإسراء 17: 37.

(3) لقمان 31: 19.

(4) يس 36: 65.

(5) الحج 22: 77.

(6) الجنّ 72: 18.

(7) البقرة 2: 143.

(8) الكهف 18: 13. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 875

الإيمان «1» تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، و بالنقصان دخل المفرطون النار».

4820/ [2]- العياشي: عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ. يقول: «شكا إلى شكهم».

4821/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ أي شكا إلى شكهم.

سورة التوبة(9): الآيات 126الي 129 ..... ص : 875

قوله تعالى:

أَ وَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ- إلى قوله تعالى- فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [126- 129] 4822/ [4]- علي بن إبراهيم في قوله تعالى: أَ وَ

لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قال: أي يمرضون ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَ لا هُمْ يَذَّكَّرُونَ، قال: و قوله تعالى: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ يعني المنافقين ثُمَّ انْصَرَفُوا أي تفرقوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عن الحق إلى الباطل باختيارهم الباطل على الحق.

ثم خاطب الله عز و جل الناس، و احتج عليهم برسول الله، فقال: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي مثلكم في الخلقة، و يقرأ «من أنفسكم» أي من أشرفكم عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي ما أنكرتم و جحدتم حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ.

ثم عطف على النبي بالمخاطبة، فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا يا محمد عما تدعوهم إليه فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

4823/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «هكذا أنزل الله عز و جل: لقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رءوف رحيم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 118/ 164.

3- تفسير القمّي 1: 308.

4- تفسير القمّي 1: 308.

5- الكافي 8: 378/ 570.

(1) في «ط»: الأعمال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 876

4824/ [3]- العياشي: عن ثعلبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال الله تبارك و تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، قال: «فينا». عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، قال: «فينا». حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، قال: «فينا». بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، قال: «شركنا المؤمنون في هذه الرابعة و ثلاثة لنا».

4825/ [4]- عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا هذه

الآية لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، قال: «من أنفسنا». قال: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، قال: «ما عنتنا». قال: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، قال:

«علينا». بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، قال: «بشيعتنا رءوف رحيم، فلنا ثلاثة أرباعها، و لشيعتنا ربعها».

4826/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السياري، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، أنه قال: قام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أرضي أرض مسبعة «1»، و إن السباع تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها.

فقال: «اقرأ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 118/ 165.

4- تفسير العيّاشي 2: 118/ 166.

5- الكافي 2: 457/ 21.

(1) المسبعة: كثيرة السّباع. «لسان العرب- سبع- 8: 148».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 877

المستدرك (سورة التوبة) ..... ص : 877

سورة التوبة(9): آية 28 ..... ص : 877

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [28]

[1]- عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لئن بقيت لأخرجن المشركين من جزيرة العرب».

[2]- (دعائم الإسلام): عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «لتمنعن مساجدكم يهودكم و نصاراكم و صبيانكم و مجانينكم أو ليمسخنكم الله قردة و خنازير ركعا و سجدا، و قد قال الله عز و جل: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ».

سورة التوبة(9): آية 38 ..... ص : 877

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [38]

[3]- قال علي (عليه السلام): «انفروا- رحمكم الله- إلى قتال عدوكم، و لا تثاقلوا إلى الأرض فتقروا بالخسف،

__________________________________________________

1- الدر المنثور 4: 166.

2- دعائم الإسلام 1: 149.

3- نهج البلاغة: 452 الرسالة 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 878

و تبوءوا بالذل و يكون نصيبكم الأخس، و إن أخا الحرب الأرق، و من نام لم ينم عنه».

سورة التوبة(9): آية 69 ..... ص : 878

قوله تعالى:

كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ- إلى قوله تعالى- مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ [69]

[1]- الشيخ في (الأمالي)، بإسناده، عن أبي عمرو، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «تأخذون كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع، و شبرا بشبر، و باعا بباع، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه».

قال: قال أبو هريرة: و إن شئتم فاقرءوا القرآن كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ، قال أبو هريرة: و الخلاق: الدين فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ حتى فرغ من الآية.

قالوا: يا نبي الله، فما صنعت اليهود و النصارى؟ قال: «و ما الناس إلا هم».

سورة التوبة(9): آية 85 ..... ص : 878

قوله تعالى:

وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ [85]

[2]- الشيخ في (الأمالي)، بإسناده عن علي بن عقبة عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أوصني. فقال: «أوصيك بتقوى الله و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه، و انظر إلى من هو دونك و لا تنظر إلى من هو فوقك، فكثيرا ما قال الله عز و جل لرسوله (صلى الله عليه و آله): وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ، و قال عز ذكره: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «1» فإن نازعتك نفسك إلى شي ء من ذلك فاعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قوته الشعير، و حلواه التمر و وقوده السعف، و إذا أصبت

بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الناس لم يصابوا بمثله أبدا و لن يصابوا بمثله أبدا».

__________________________________________________

1- أمالي الطوسي 1: 272.

2- أمالي الطوسي 2: 294. [.....]

(1) طه 20: 131.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 879

سورة التوبة(9): آية 86 ..... ص : 879

قوله تعالى:

وَ إِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا- إلى قوله تعالى- أُولُوا الطَّوْلِ [86] [1]- الطبرسي: عن ابن عباس و غيره: أُولُوا الطَّوْلِ أي أولوا المال و القدرة و الغنى.

[2]- عن ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس، في قوله: أُولُوا الطَّوْلِ، قال:

أهل الغنى.

سورة التوبة(9): آية 113 ..... ص : 879

قوله تعالى:

ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [113] [3]- الطبرسي، قال: في تفسير الحسن: أن المسلمين قالوا للنبي (صلى الله عليه و آله): ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

تم بحمد الله و منه الجزء الثاني من تفسير البرهان و يتلوه الجزء الثالث أوله تفسير سورة يونس

__________________________________________________

1- مجمع البيان 5: 89.

2- الدر المنثور 4: 259.

3- مجمع البيان 5: 115.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.