مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، المجلد 20، الخاتمةج 2

اشارة

سرشناسه : نوري، حسين بن محمدتقي، ق 1320 - 1254

عنوان و نام پديدآور : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل/ تاليف ميرزا حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم سلم لاحياآ التراث

مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، الاحياآ التراث، 14ق. = - 136.

فروست : (آل البيت الاحياآ التراث؛ 26، 27، 28، 29)

شابك : بها:1200ريال(هرجلد)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : اين كتاب اضافاتي است بر وسائل الشيعه حر العاملي

يادداشت : فهرستنويسي براساس جلد 15، 1366.

يادداشت : ج. 1، 18 (چاپ دوم: 1368؛ بهاي هر جلد: 1700 ريال)

موضوع : احاديث شيعه -- قرن ق 12

موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14

شناسه افزوده : حر عاملي، محمدبن حسن، 1104 - 1033ق. وسائل الشيعه

رده بندي كنگره : BP136/و01/ن 9

رده بندي ديويي : 297/212

شماره كتابشناسي ملي : م 68-2206

ص: 1

[الجزء العشرون]

اشارة

ص: 2

ص: 3

الفائدة الثالثة

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ص: 4

ص: 5

من خاتمة كتاب مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل

[المقدمة]

اشارة

في ذكر طرقنا إلى أصحاب الكتب المتقدّمة و غيرها، ممّا ألّف و صنّف في الأحاديث و التفسير و الأصولين و الفقه و غيرها، منهم و من غيرهم من سلفنا الصالحين، و العلماء الراشدين، و حملة علوم الحجج الطاهرين عليهم السلام.

و لنذكر قبل الشروع مقدمة، هي:

إنّه قد شاع بين أهل العلم- و يذكر في بعض الإجازات، و صرح به جماعة أوّلهم فيما أعلم الشهيد الثاني (1)- أنّ اتصال السلسلة إلى الأئمّة المعصومين عليهم السلام، و تحمّل الروايات بإحدى الطرق الثمانية (2)- التي أسهلها و أكثرها الإجازة- لمجرّد التبرك و التيمن، و أنه لا حاجة إليه في العمل بالروايات، لتواتر الكتب عن مؤلفيها، أو قيام القرائن القطعية على صحتها، و ثبوتها، و انتسابها إليهم.

و الظاهر من بعض الأصحاب توقف العمل بها عليه، و ذهب إليه شيخنا الجليل المبرور الحاج المولى علي بن الحاج ميرزا خليل الرازي الطهراني قدّس اللّه روحه.

و قال الشيخ إبراهيم القطيفي في إجازته لشاه محمود الخليفة:

لا يقال: إذا صحّ الكتاب، و تواتر و اشتهر مصنفه، جاز نسبته إليه، فما


1- انظر: الرعاية في شرح الدراية: 263.
2- و هي: السماع، القراءة، الإجازة، المناولة، الكتابة، الإعلام، الوجادة، الوصيّة، هذا و هناك خلاف في عددها و ترتيبها.

ص: 6

فائدة الإجازة؟.

فنقول: الإجازة تفيد كون المجاز له يروي عنه الكتاب، و بين إسناده إليه و روايته عنه فرق، فإن ما شرطه الرواية لا يكفي فيه الإسناد، و من شروط الاجتهاد إسناد الرواية (1).

و قال في إجازته الكبيرة للشيخ شمس الدين محمّد بن تركي:

فلقائل أن يقول: لا فائدة في الإجازة من حيث هي، لأنّ الغالب عدم إجازة كتاب معين مشار إليه بالهاذيّة (2)، بل هو موصوف، و شرط صحة روايته صحته، و كونه مصححا تصحيحا يؤمن معه الغلط، حسب إمكان القوّة البشرية، و يعرف ذلك بأمور: منها مباشرة تصحيحه، و منها نقل تصحيحه، و منها سبرة أكثريا و أغلبيّا مع رؤية آثار الماضين و خطّهم و إجازتهم عليه، و تبليغهم عليه. إلى غير ذلك، ثمّ يثبت أنه من تصانيف الإمامية. و هذا القدر إذا كان حاصلا جازت روايته من غير إجازة، إذ لا يتوقف عاقل أن يسند كتاب القواعد- مثلا- إلى العلامة، و المبسوط إلى الشيخ، فانتفت فائدة الإجازة.

و الجواب: أن إسناد ذلك إلى مصنفه ممّا لا يشك فيه عاقل، و لا يلزم منه أن يكون المسند إليه راويا له عنه، فيقول: رويت عن فلان أنه قال في كتابه كذا.

و شرط الاجتهاد اتصال الرواية، لأن النقل من الكتب من أعمال الصحفيين (3).


1- بحار الأنوار 108: 87.
2- مصدر صناعي من اسم الإشارة «هذا» مصطلح لأهل الحديث مأخوذ من قولهم: أجزت هذا الكتاب.
3- لعلّه إشارة إلى الحديث المشهور: «إيّاكم و أهل الدفاتر و لا يغرنّكم الصحفيون»، انظر تحرير الأحكام: 3 و العوالي 4: 78/ 69.

ص: 7

و أيضا: فلا يجوز لعامل أن يستدل أو يعمل برواية إذا سئل عن إسنادها قال: وجدتها مكتوبة في التهذيب للشيخ، لأن ذلك مع عدم التعرض له من أضعف المراسيل، بل هو من مقطوع الآخر بالنسبة إليه، فهو حينئذ ممّن لم تتصل به الرواية عن أهل البيت عليهم السلام، فلا يجوز له العمل بما لم يرو له.

نعم، لو كان من الأحاديث ما هو متواتر بشرائط التواتر من تساوي الطرفين و الواسطة، جاز العمل به مع معرفته، كما في محكمات الكتاب العزيز، كقول: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ* (1) ألا ترى أن ما ليس بمتواتر المعنى من الكتاب العزيز لا يجوز العمل به إلّا بعد تصحيح النقل عن أئمّة الهدى عليهم السلام بالرواية الثابتة، فالمتوهم بعد هذا هو الراد على دين اللّه، العامل بغير سبيل اللّه وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (2) (3).

و قال أيضا في إجازة كبيرة أخرى فيها فوائد كثيرة: الخامسة:

لا يقال: ما فائدة الإجازة؟ فإن الكتاب تصحّ نسبته إلى قائله و مؤلّفه و كذا الحديث، لأنه مستفيض أو متواتر، و أيضا فالإجازة لا بدّ فيها من معرفة ذلك، و إلّا لم يجز النقل، إذ ليس كلّ مجيز يعيّن الكتب و ينسبها، بل يذكر ما صحّ له أنّه من كتب الإمامية، و نحو هذه العبارة.

لأنا نقول: نسبة الكتاب إلى مؤلفه لا إشكال في جوازها، لكن ليس من أقسام الرواية، و العمل و النقل للمذاهب يتوقف على الرواية، و أدناها الإجازة، فما لم تحصل لم تكن مرويّة، فلا يصح نقلها و لا العمل بها، كما لو وجد كتابا كتبه


1- طه 20: 8.
2- آل عمران 3: 85.
3- انظر البحار 108: 101- 102.

ص: 8

آخر، فإنه و إن عرف أنّه كتبه لا يصح أن يرويه عنه، فقد ظهرت الفائدة (1).

و له في إجازة أخرى كلام يقرب من ذلك (2).

و في إجازة المحقق الثاني للمولى عبد العلي الأسترآبادي- بعد الخطبة و بعض المقدمات- ما لفظه: و قد استخرت اللّه تعالى، و أجزت له أن يروي جميع ما للرواية فيه مدخل، مما يجوز لي و عني روايته- من معقول و منقول، و فروع و أصول، و فقه و حديث و تفسير- رواية عامة في العلوم الإسلامية، و المصنفات المعتبرة العلميّة، مشترطا عليه رعاية ما يجب رعايته في الإجازة من الأمور المعتبرة عند علماء الحديث، آخذا عليه تحرّي جادة الاحتياط الموصلة إلى سواء الصراط، بأسانيده المعتبرة المتصلة بالمصنّفين و المنتهية إلى النبي و الأئمة المعصومين صلوات اللّه عليهم. إلى آخره (3).

و ظاهر قوله: (ما للرواية فيه مدخل) مدخليّته في الاجتهاد و العمل، و توجد هذه العبارة أو ما يقرب منها في إجازة جملة من الأعلام.

و قال الشهيد الثاني في شرح درايته: و في جواز العمل بالوجادة الموثوق بها قولان للمحدثين و الأصوليين، فنقل عن الشافعي و جماعة من نظّار (4) أصحابه جواز العمل بها، و وجهوه بأنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول، لتعذّر شرائط الرواية فيها. و حجة المانع واضحة حيث لم يحدث به لفظا و لا معنى، و لا خلاف بينهم في منع الرواية بها لما ذكرناه من عدم الإخبار.


1- إجازة الشيخ إبراهيم القطيفي للشيخ شمس الدين الأسترآبادي، حكاها المجلسي قدّس سرّه في البحار 108: 112.
2- الظاهر إجازته للسيد الشريف التستري، انظر البحار 108: 119- 120.
3- أوردها الشيخ المجلسي في البحار 108: 65.
4- في الحجريّة: نظائر، و المثبت من المصدر أصح.

ص: 9

و لو اقترنت الوجادة بالإجازة، بأن كان الموجود خطّه حيّا و أجازه، أو أجازه غيره عنه و لو بوسائط، فلا إشكال في جواز الرواية، أو العمل حيث يجوز العمل بالإجازة (1) انتهى.

قلت: فإذا لم يكن العالم راويا، فربّما يشكل دخوله في عموم قوله عليه السلام في التوقيع المبارك: «و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حجّة اللّه» (2).

و قوله عليه السلام في مقبولة عمر بن حنظلة: «ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا» (3) إلى آخره.

و قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «اللّهمّ ارحم خلفائي»- ثلاثا- قيل:

يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون بعدي يروون حديثي» (4).

و قول الصادق عليه السلام: «اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنّا» (5).

و أمثال ذلك، مما هو عمدة أدلة وجوب الرجوع إلى المفتي و القاضي في الأحكام و الخصومات و غيرها.

و قال بعض المعاصرين: المشهور بين العلماء أنه يشترط الإجازة بأحد الطرق الستة أو السبعة في نقل الخبر بقوله، و الظاهر الاحتياج إليها في الكتب غير المتواترة كالكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة رضي اللّه عنهم، و كالكتب المشهورة عند الأئمة الثلاثة، فلا يكون ذكر الطرق إليها حينئذ إلّا لمجرّد التيمّن


1- الدراية: 301، و انظر الباعث الحثيث: 133، و مقدّمة ابن الصلاح: 294.
2- إكمال الدين 2: 483/ 4، الغيبة للشيخ الطوسي: 176، الاحتجاج 1: 469.
3- الكافي 7: 412/ 5، التهذيب 6: 301/ 845، الفقيه 3: 5/ 17.
4- صحيفة الإمام الرضا عليه السّلام: 56/ 73، عيون أخبار الرضا عليه السّلام 2: 73/ 94، معاني الأخبار: 374، وسائل الشيعة 18: 65/ 50، الفقيه 4: 302/ 915.
5- أصول الكافي 1: 40/ 13 و اللفظ له، اختيار معرفة الرجال 1: 5.

ص: 10

و التبرك.

مع أنّ في كلام هذا البعض نظر من جهة أنه ظنّ انحصار فائدة الإجازة في تصحيح النسبة، أو محض التيمّن و التبرّك، و هو في حيّز المنع، فإن الظاهر من كلمات القوم و فحاوي الأخبار الواردة في هذا المقام عدم جواز الرواية تعبدا، أو سدّا لثغور الشريعة المطهرة، إلّا بعد حصول الرخصة فيها من المشايخ، بأحد من الوجوه المقررة، كما لا تجوز الفتوى إلّا بعد حصول درجة الاجتهاد، و إن كان ممّا يطابق الواقع، مضافا إلى عدم انطباق لفظ جاءَكُمْ المذكور في آية النبإ (1) على غير ما كان من الخبر منقولا بهذه النسبة، فيبقى العمل بما ألفاه الرجل من غير هذه الطرق تحت أصالة المنع عن العمل بمطلق الظن، انتهى.

و قال الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذن الجزيني في إجازته للشيخ علي ابن عبد العالي الميسي: و بعد، فلمّا كان الواجب على نوع الإنسان التفقّه في كل زمان، و ذلك بالنسبة إلينا بدون الرواية متعذّر، و كان ممّن وسم بالعلم و الفهم و حصل منه على أكبر سهم، الشيخ الصالح المحقق زين الدين علي ولد الشيخ الصالح عبد العالي الشهير بابن مفلح الميسي- زيد فضله و كثر في العلماء مثله- قد التمس من العبد إجازة متضمّنة ما أجيز لي من مشايخي قراءة و إجازة، لعلمه بأن الركن الأعظم في الدراية هو الرواية، فاستخرت اللّه و أجزت له. إلى آخره (2).

و غير ذلك مما يوجد في كلماتهم صريحا أو إشارة، و يستظهر منه الاحتياج إلى تحمّل الأحاديث ببعض طرقه في مقام العمل بها، و إن كان في المناقشة في جملة منها مجال

[في ذكر وجوه التأمل على القول بأن ذكر الطرق و أخذ الإجازة لمجرد التبرك و التيمّن]
اشارة

إلّا أن فيما ذكره الجماعة- من أن ذكر الطرق و أخذ الإجازة لمجرد


1- الحجرات 49: 6.
2- انظر بحار الأنوار 108: 35.

ص: 11

التبرك و التيمّن- تأمّلا من وجوه:

الأول: أنّ التيمّن الذي ذكروه هو دون المستحب الشرعي

لعدم وجود نصّ صريح صحيح- أو غيره- يدلّ عليه، بل هو مجرّد حسن عرفي و استحسان عقلي لا يوجب كمالا في النفس و لا مزيّة في العمل، كما يوجبه أدنى المستحبات.

و لا يقتضي هذه الدرجة من الاهتمام و المواظبة و الولوع و الرغبة من كافّة الأصحاب في جميع الأعصار، على اختلاف مشاربهم. و طريقتهم- فقيههم و أصوليّهم، و محدّثهم و أخباريّهم، و حكميهم و صوفيّهم- منذ بني على تدوين الحديث و جمع الأخبار، و عدم القناعة بطريق واحد، و الإجازة من شيخ واحد، بل بكلّ طريق تمكنوا منه، و من كل شيخ وجدوا السبيل إليه، و لو بالمسافرة إلى البلاد البعيدة و قطع البراري و البحار، و بالمكاتبة و إرسال الرسل، و المفاخرة بالكثرة و العلوّ.

قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح درايته: و ذكر الشيخ جمال الدين السيبي قدّس سره أن السيد فخار الموسوي اجتاز بوالده مسافرا إلى الحج، قال: فاوقفني والدي بين يدي السيد، فحفظت منه أنّه قال لي: يا ولدي أجزت لك ما يجوز لي روايته، ثم قال: و ستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به.

و على هذا جرى السلف و الخلف، و كأنّهم رأوا الطفل أهلا لتحمّل هذا النوع من أنواع حمل الحديث النبوي، ليؤدّي به بعد حصول أهليّته، حرصا على توسع السبيل إلى بقاء الإسناد الذي اختصّت به هذه الأمة، و تقريبه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعلوّ الإسناد (1).

قال (رحمه اللّه): و قد رأيت خطوط جماعة من فضلائنا بالإجازة لأبنائهم عند ولادتهم مع تأريخ ولادتهم، منهم: السيد جمال الدين بن طاوس لولده


1- الدراية: 272.

ص: 12

غياث الدين، و شيخنا الشهيد استجاز من أكثر مشايخه بالعراق لأولاده الذين ولدوا بالشام قريبا من ولادتهم، و عندي الآن خطوطهم لهم بالإجازة (1).

و من أجال الطرف في أكناف الصحف التي فيها إجازاتهم، لعلّه يتعجب من شدّة اهتمامهم و استكثارهم من المشايخ.

قال المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة للسيد نجم الدين العاملي- و هي أحسن و أتقن و أنفع ما دوّن في هذا الباب-: انّ السيد الأجل العلامة النسابة تاج الدين أبا عبد اللّه محمّد ابن السيد أبي القاسم بن معيّة الديباجي الحسيني، يروي عن جمّ غفير من علمائنا الذين كانوا في عصره، و أسماؤهم مسطورة بخطّه رحمه اللّه في إجازته لشيخنا الشهيد الأول- و هي عندي- فأنا أورد كلامه بعينه، و هذه صورته:

فمن مشايخي الّذين يروي عنّي عنهم:

مولانا الشيخ الرباني السعيد جمال الدين أبو منصور الحسن بن المطّهر قدس اللّه روحه.

و الشيخ السعيد صفيّ الدين محمّد بن سعيد.

و الشيخ السعيد المرحوم نجم الدين أبو القاسم عبد اللّه بن حملان (2).

و السيد الجليل السعيد جمال الدين يوسف بن ناصر بن حمّاد الحسيني.

و السيد الجليل السعيد جلال الدين جعفر بن علي بن صاحب دار الصخر الحسيني.

و شيخي السعيد المرحوم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي.


1- الدراية: 271.
2- كذا، و في الأمل 2: 161/ 467: حملات.

ص: 13

و السيد الجليل السعيد المرحوم رضيّ الدين علي بن السعيد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس الحسني.

و والدي السيد السعيد أبو جعفر القاسم بن الحسين بن معيّة الحسني.

و القاضي السعيد المرحوم تاج الدين أبو علي محمّد بن محفوظ بن وشاح.

و السيد السعيد المرحوم صفيّ الدين محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي.

و السيد السعيد المرحوم صفيّ الدين محمّد بن محمّد بن أبي الحسن الموسوي.

و العدل الأمين المرحوم جلال الدين محمّد بن السعيد (1) المرحوم شمس الدين محمّد بن أحمد بن (2) الكوفي الهاشمي.

و السيد السعيد المرحوم كمال الدين الرضي الحسن بن محمّد الآوي (3) الحسيني.

و الشيخ الأمين زين الدين جعفر بن علي بن يوسف عروة الحلي (4).

و الشيخ السعيد مهذّب الدين محمود بن يحيى بن محمود بن سالم الشيباني الحلي.

و السيد السعيد المرحوم ناصر الدين (5) عبد المطلب بن باد شاه الحسيني الخرزي صاحب التصانيف السائرة.

و الشيخ الزاهد السعيد المرحوم كمال الدين علي بن الحسين بن حمّاد


1- في الحجريّة: سعيد.
2- جاء فوق لفظ بن: كذا.
3- في المستدرك: اللاوي، و ما أثبتناه من أمل الآمل 2: 76، و البحار 109: 9.
4- كذا في الحجريّة و المخطوط، و في البحار و الأمل 2: 53:. يوسف بن عروة الحلي.
5- في الحجريّة و المخطوط: تاج الدين، و المثبت من الحقائق الراهنة: 125، و أمل الآمل 2:

ص: 14

الواسطي.

و السيد السعيد المرحوم فخر الدين أحمد بن علي بن عرفة الحسيني (1).

و السيد الإمام السعيد المرحوم مجد الدين أبو الفوارس محمد بن شيخنا السعيد المرحوم فخر الدين علي بن محمّد بن الأعرج الحسيني.

و السيد الإمام السعيد المرحوم ضياء الدين عبد اللّه بن السيد السعيد مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن الأعرج الحسيني.

و الشيخ العالم شمس الدين محمّد بن الغزال المضري الكوفي.

و من مشايخي الذين استفدت منهم. إلى أن قال: درّة الفخر و فريدة الدهر، مولانا الإمام الرباني عميد الملّة و الحقّ و الدين، أبو عبد اللّه عبد المطلب ابن الأعرج أدام اللّه شرفه و خصّ بالصلاة و السلام سلفه.

و منهم الشيخ الإمام العلامة، بقيّة الفضلاء و أنموذج العلماء، فخر الملّة و الحق و الدين، محمّد بن المطهّر حرس اللّه نفسه و أنمى غرسه.

و منهم الشيخ الإمام العلامة أوحدي عصره، نصير الملّة و الحق و الدين، علي بن محمّد بن علي القاشي.

و الشيخ الإمام الفقيه الفاضل علي بن أحمد المزيدي (2).

و ممن صاحبته و استفدت منه، فرويت عنه و روى عني:

السيّد الجليل الفقيه العالم عزّ الدين الحسن بن أبي الفتح بن الدهان الحسيني.

و الشيخ السعيد المرحوم جمال الدين أحمد بن محمّد بن الحدّاد.

و الشيخ العالم الفاضل شمس الدين محمّد بن علي بن غني (3).


1- في الحجرية: بن غرفة الحسيني، و ما أثبتناه من المصدر و أمل الآمل 2: 19.
2- في البحار: احمد بن المزيدي، و في أمل الآمل 2: 176/ 530: أحمد بن يحيى المزيدي.
3- في الحجرية: علي عيسى، و المثبت من البحار و أمل الآمل 2: 288، و الحقائق الراهنة: 193.

ص: 15

و الفقيه السعيد المرحوم قوام الدين محمّد بن الفقيه رضيّ الدين علي بن مطهّر.

و ممن رويت عنه من المشايخ أيضا، الفقيه السعيد المرحوم ظهير الدين محمّد بن محمّد بن مطهر (1). انتهى.

و يقرب منه في كثرة المشايخ جماعة كثيرة، كابن شهرآشوب، و الشيخ منتجب الدين، و الشهيد. و أضرابهم.

و في الإجازة المذكورة: إنّ إعطاء الحديث حقّه من الرواية و الدراية أمر مهم لمن أراد التفقّه في الدين، إذ مدار أكثر الأحكام الشرعية عليه، و قد كان للسلف الصالح رضوان اللّه عليهم مزيد اعتناء بشأنه، و شدّة اهتمام بروايته و عرفانه، فقام بوظيفته منهم في كلّ عصر من تلك الأعصار أقوام بذلوا في رعايته جهدهم، و أكثروا في ملاحظته كدّهم و وكدهم، فللّه درّهم إذ عرفوا من قدره ما عرفوا، و صرفوا إليه من وجوه الهمم ما صرفوا، ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا حقّه و جهلوا قدره، فاقتصروا من روايته على أدنى مراتبها، و ألقوا حبل درايته على غاربها. إلى آخره (2).

و هذا الاهتمام و الاعتناء و تحمّل المشاق، و العتاب على من قنع بالإجازة دون ما فوقها من المراتب لمجرّد التبرك- كالتبرّك بغسل الأكفان بماء الفرات، و مسّها بالضرائح المقدّسة، و غيرها ممّا لم يرد به نص، و اتخذه بعضهم شعارا من دون أن يتفق عليه عوام الناس فضلا عن العلماء الأعلام- خلاف الإنصاف.

و هذا الاتفاق العملي، و التصريح من البعض، إن لم يوجب القطع بالاحتياج و عدم كونه للتيمّن، فلا أقلّ من الظن في مقام إثبات الحجيّة المخالفة


1- نقلها الشيخ المجلسي في البحار 109: 8- 10.
2- بحار الأنوار 109: 3- 4.

ص: 16

للأصل الكافي فيه الشك فيها فضلا عن الظن بالعدم.

و لقد حدّثني بعض العلماء قال: كنت حاضرا في محفل قطب رحى الفقاهة شيخنا الأعظم الشيخ مرتضى طاب ثراه فسأله الفقيه النبيه الشيخ مهدي النجفي- سبط (1) كاشف الغطاء- و قال ما معناه: إنّه بلغني أنّ جنابك تحتاط في ثلاث تسبيحات كبرى في الركوع و السجود، فما وجهه؟ فقال (رحمه اللّه): أنت أدركت أباك الشيخ علي؟ قال: نعم، قال: كيف كان يصلّي؟ قال:

بثلاثة تسبيحات كبرى، قال: أدركت عمّك الشيخ موسى؟ قال: نعم، قال:

كيف كان يصلّي؟ قال: بالثلاثة، قال: أدركت عمّك الشيخ حسن؟ قال:

نعم، قال: كيف كان يصلّي؟ فأجابه بمثل ذلك، فقال (رحمه اللّه) يكفي في مقام الاحتياط مواظبة ثلاثة من الفقهاء في العمل.

و ممّا يستغرب من جملة من الأعلام- في هذه الأعصار- أنّهم يحتاطون في كثير من الفروع الجزئية لشبهة ضعيفة، كمخالفة قليل مع عدم ظهور دليل له، بل قيام الدليل المعتبر على خلافه، و لا يحتاطون في أخذ الإجازة، و الدخول في عنوان الراوي كما دخله كلّ من تقدّم علينا، حتى من صرّح بكونه للتبرّك، لما مرّ و يأتي من الشبهات. مع أنّه في تركه- مع احتمال الاحتياج إليه- يهدم أساس فقهه من الطهارة إلى الديات، اللّهم إلّا أن يقطع بعدم الحاجة، و لا يخلو مدعيه من الاعوجاج و اللجاجة، و يأتي إن شاء اللّه تعالى مزيد توضيح لذلك.

الوجه الثاني: [أنهم كذلك بنوا على الإجازة و الاستجازة في كتب الفتاوى و الاستدلال، و المسائل الأصوليّة و أمثالها]

إنّهم كما بنوا على الاستجازة و الإجازة في كتب الأحاديث و الأخبار المحتمل كونها للتبرّك- من جهة اتصال السند إلى الأئمة الطاهرين عليهم السلام- كذلك بنوا على الإجازة و الاستجازة في كتب الفتاوى و الاستدلال، و المسائل الأصوليّة و أمثالها، ممّا يحتاجون إلى النقل و النسبة و ترتيب


1- كذا، و الصحيح هو حفيده، إذ هو الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر.

ص: 17

الآثار عليها، فتراهم في صدر الإجازات أو ذيلها يذكرون: إنّي أجزت لفلان أن يروي عنّي جميع مصنفاتي، و يعدّدونها، و ربّما كان جميعها في الفقه و الأصولين، و كذا مصنفات كثير ممّن تقدم عليهم من ذلك، بل رأينا إجازات جملة من الأساطين مخصوصة بها.

و عندي تبصرة العلّامة بخط الشيخ أبي الفتوح أحمد بن أبي عبد اللّه الآبي- ابن عم صاحب كشف الرموز- و على ظهرها إجازة المصنف قدس سره له بخطه الشريف، و هذه صورته:

قرأ عليّ هذا الكتاب الشيخ العالم، الفقيه الفاضل، المحقق المدقق، ملك العلماء، قدوة الفضلاء، رئيس المحققين، جمال الملّة و الدين، نجم الإسلام و المسلمين، أبو الفتوح أحمد بن السعيد المرحوم أبي عبد اللّه بلكو بن أبي طالب بن علي الآوي- أدام اللّه توفيقه و تسديده و أجلّ من كلّ عارفة حظّه و مزيده- قراءة مهذّبة تشهد بكماله، و تدلّ على فضله و تعرب عن جلاله، و قد أجزت له رواية هذا الكتاب عنّي لمن شاء و أحبّ. و كتب العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر مصنّف الكتاب في شهر رجب من سنة خمس و سبعمائة، حامدا مصليا مستغفرا.

و في آخره و جملة من مواضعه تبليغات بخطّه الشريف.

و عندي مسائل السيد المهنّا المدني عن العلّامة، بخطّ السيد حيدر الآملي، قرأها على فخر المحققين، و على ظهرها بخطّه الشريف: هذه المسائل و أجوبتها صحيحة، سأل عنها والدي فأجابه بجميع ما ذكر فيها، و رؤيته (1) أنا على والدي قدس اللّه سرّه و رويته عنه، و قد أجزت لمولانا السيد الإمام العالم- إلى أن قال بعد الأوصاف و النسب-: أن يروي ذلك عني، عن والدي قدس


1- كذا، و لعلّها و قرأته.

ص: 18

اللّه سره، و أن يعمل بذلك و يفتي به. و كتب محمّد بن الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي في أواخر ربيع الآخر لسنة إحدى و ستين و سبعمائة، و الحمد للّه تعالى.

و عندي الشرائع بخط العالم الفاضل الشيخ محمّد بن إسماعيل الهرقلي- صاحب القضية المعروفة (1)- و قد قرئ على جماعة كثيرة من العلماء، و عليه خطوطهم و إجازاتهم، منها ما كتبه العالم الجليل الشيخ يحيى البحراني- تلميذ المحقق الثاني و شارح الجعفرية- قال بعد الحمد: فإن العبد الصالح و المحب الناصح المطيع للّه المانح، محمّد بن صالح، قد قرأ على العبد الجاني هذا الكتاب و هو شرائع الإسلام- إلى أن قال-: و قد أجزت له روايته عني، عن شيخي و إمامي. و ساق مناقب المحقق الثاني، و السند إلى أوّلهما (2).

و في إجازة الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذّن الجزيني للشيخ علي بن عبد العالي الميسي: و أجزت له الرواية مع العمل بجميع ما تضمّنه كتاب التحرير- من جملة مقروءاتي- و ما عليه من النقل، و ما فيه من الفتاوى الخالية عن النقل- إلى أن قال-: عنّي، عن الشيخ جمال الدين بن الحاج علي، و عن الشيخ عزّ الدين حسن بن الفضل. و كذلك أجزته له ما نقلته عنهما من فتاوى فخر الدين، و فتاوى أبي القاسم نجم الدين بن سعيد، و جميع فتاوى ابن عمّي خاتمة المجتهدين محمّد بن مكي. و كذلك جميع ما في الدروس من الظاهر (3).

و كذلك جميع فتاوى كتاب القواعد للإمام البحر الحسن بن المطهّر.


1- نقلها أغلب من ترجم له، انظر: الكنى و الألقاب 3: 241. و خلاصتها خروج توثة على فخذه الأيسر فوق العرق الأكحل و تعسر علاجها لذلك، و يأس الأطباء، ثم شفاؤه ببركة الإمام الحجّة (عج)
2- أي المحقّق الأوّل (قدس سره)
3- المراد هنا هو استظهارات صاحب الدروس، أي ما اختاره فتوى و رجح عنده نقلا أو دليلا

ص: 19

و أجزت له رواية تذكرة الفقهاء عنّي، عن ابن عمي ضياء الدين، عن والده السعيد أبي عبد اللّه محمّد بن مكي، عن شيخه عميد الدين عن المصنّف.

و أجزت له رواية كتاب إرشاد الأذهان- الذي عندي- و ما عليه (1) من الفتاوى ..

و أجزت له أن يعمل بجميع ما يجده بخط ابن عمّي الشهيد، أو بخطّي من خطّه، بشرط أن يعلم ذلك، فليرو ذلك و يعمل به، إذا صحّ عنده و تحقّقه، محتاطا في ذلك رواية و عملا. إلى آخره (2).

و يقرب من ذلك ما كتبه العلّامة- على ظهر القواعد- للقطب الرازي و فيه: و قد أجزت له رواية هذا الكتاب بأجمعه، و رواية جميع مؤلفاتي و رواياتي، و ما أجيز لي روايته، و جميع كتب أصحابنا السالفين (3). إلى آخره.

و في إجازة الشيخ عبد العالي ابن المحقق الكركي لابن أخته المحقق الداماد: و إنّي أجزته أن ينقل ما وصل إليه و ظهر لديه أنّه من أقوالي، و أن يعمل به، و أن يروي مصنّفات والدي المرحوم المغفور عليّ بن عبد العالي، و أن يروي جميع ما لي روايته عن مشايخي الإعلام (4). إلى آخره.

و في إجازة مربّي العلماء المولى عبد اللّه التّستري لولده المولى حسن علي:

و كذلك أجزت له- طوّل اللّه عمره، و أفاض على العالمين برّه- أن يروي عنّي جميع مؤلفاتي، و أن يفيدها لمن كان أهل ذلك. إلى أن قال: و كتب ذلك بقلمه و قاله بفمه أبوه الشفيق الفقير إلى رحمة اللّه (5)، إلى آخره.


1- في البحار: علمته.
2- نقلها الشيخ المجلسي في بحاره 108: 36- 37.
3- حكاها الشيخ المجلسي في البحار 107: 140.
4- حكاها الشيخ المجلسي في البحار 109: 86.
5- حكاها الشيخ المجلسي في البحار 110: 20.

ص: 20

إلى غير ذلك، ممّا يوجب نقله الإطناب و الخروج عن وضع الكتاب.

و أنت خبير بأن احتمال التيمّن و التبرّك في رواية الكتب الفقهية و ما ماثلها عن أربابها شطط من الكلام، مع أنّ الإجازة بعد القراءة، التي هي أعلى و أتقن منها، و الإذن في روايتها- كما نقلناه عن العلّامة و غيره- مما ينبئ عن أمر عظيم، و احتياط شديد، في نقل الأقوال و نسبة الآراء إلى أصحاب التصانيف، و عدم القناعة بما يظهر من ألفاظهم الكاشفة عن آرائهم، مع حجّيته عند كافّتهم، بل بعد الإذن الرافع لما ربّما يحتمل في كلامهم و ان كان بعيدا.

و بالجملة فلولا اعتقاد الحاجة أو الاحتياط- و لو لأمر تعبّدي وصل إليهم- لما كان لإجازاتهم في هذا الصنف من الكتب محمل صحيح يليق نسبته إلى مثل آية اللّه العلّامة و أضرابه.

الوجه الثالث: [أنهم كذلك استجازوا عن علماء العامة جميع مؤلفاتهم و مصنّفاتهم التي قد يحتاجون إلى النقل منها]

انّهم كما استجازوا رواية الأحاديث و مصنّفات الأصحاب عن مشايخهم طبقة بعد طبقة، كذلك استجازوا عن علماء العامة- من الفقهاء و المحدّثين و أرباب العلوم الأدبية- جميع مؤلفاتهم و مصنّفاتهم التي قد يحتاجون إلى النقل منها، و ذكروا مشايخهم منهم إلى أرباب الكتب- التي نسبتها إليهم معلومة مقطوعة بالتواتر و القرائن القطعية- في أواخر إجازاتهم، فلاحظ:

الإجازة الكبيرة من العلامة لبني زهرة (1).

و الشهيد الثاني للشيخ حسين والد شيخنا البهائي (2).

و صاحب المعالم للسيد نجم الدين العاملي (3).

بل استكثروا من الطرق، و تحملوا أعباء السفر، و ضربوا آباط الإبل في


1- حكاها الشيخ المجلسي في البحار 107: 60.
2- المصدر المتقدّم 108: 146.
3- المصدر السابق 109: 3.

ص: 21

الوصول إليهم، و ذكروا في ترجمة الشهيد الأول أنه يروي مصنفات العامة عن نحو أربعين شيخا من علمائهم.

و قال هو رحمه اللّه في إجازته لأبي الحسن علي بن الحسن بن محمّد الخازن: و أمّا مصنّفات العامة و مرويّاتهم، فانّي أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة، و المدينة، و دار السلام بغداد، و مصر، و دمشق، و بيت المقدس، و مقام الخليل. (1) إلى آخره.

و قريب منه الشهيد الثاني كما يظهر من رسالة تلميذه ابن العودي (2).

و قال مروّج المذهب المحقق الثاني في آخر إجازته لصفي الدين: و أمّا كتب العامة و مصنفاتهم، فإنّ أصحابنا لم يزالوا يتناقلونها و يروونها، و يبذلون في ذلك جهدهم، و يصرفون في هذا المطلب نفائس أوقاتهم، لغرض صحيح دينيّ، فإنّ فيها من شواهد الحقّ، و ما يكون وسيلة إلى تزييفات الأباطيل، ما لا يحصى كثرة. و الحجّة إذا قام الخصم بتشييدها، عظم موقعها في النفوس، و كانت ادعى إلى إسكات الخصوم و المنكرين للحق، و دفع تعلّلاتهم، و مع ذلك ففي الإحاطة بها فوائد اخرى جمّة.

و قد اتفق لي- في الأزمنة السابقة- بذل الجهد و استفراغ الوسع مدّة طويلة في تتبّع مشاهير مصنّفاتهم في الفنون، خصوصا العلوم النقليّة من الفقه و الحديث و ما يتبعه و التفسير، و ما جرى مجراها كاللغة و فنون العربية، فثبت لي حقّ الرواية بالقراءة لجملة كثيرة من المصنّفات الجليلة المعتبرة، و كذا ثبت لي حقّ الرواية (بالسماع لجملة أخرى، و كذا في المناولة. و امّا الإجازة فقد ثبت لي


1- نقلها في البحار 107: 19.
2- المطبوعة ضمن الدر المنثور من المأثور و غير المأثور 2: 149 باسم (رسالة بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد) ذكر ما عثر عليه فيها.

ص: 22

بها حقّ الرواية) (1) لما لا يكاد يحصى و لا يحصر من مصنّفاتهم في العلوم الإسلامية، إجازة خاصة و عامة من علمائنا رضوان اللّه عليهم، و من علمائهم الّذين عاصرتهم و أدركت زمانهم، فأخذت عنهم، و أكثرت الملازمة لهم، و التردّد إليهم، بدمشق و بيت المقدس- شرّفه اللّه تعالى و عظّمه- و بمصر و مكة- زادها اللّه شرفا و تعظيما- و صرفت في ذلك سنين متعدّدة و أزمنة متطاولة، و جمعت أسانيد ذلك و أثبته في مواضع و كتبت مشيخة شيخنا الجليل أبي يحيى زكريا الأنصاري بمصر. و تتبعت جملة من أسانيد شيخنا الجليل العلّامة كمال الدين أبي عبد اللّه محمّد بن أبي شرف (2) المقدسي فكتبتها، و خطّه مكتوب على بعضها، و كذا خطّ زكريّا مكتوب على مواضع من مشيخته التي سبق ذكرها.

فأجزت له- أدام اللّه تعالى رفعته- رواية جميع ذلك بأسانيده، مضافا إلى ما سبق تفصيله و إجماله. انتهى (3).

و لا يخفى أن الغرض من رواية كتبهم، و اتصال السند إلى أربابها:

إمّا التبرك المقطوع عدمه.

أو الحاجة إليه لإثبات الكتاب، و صحّة النسبة إلى من انتسب إليه، و هو كالأول، لكون أكثر ما عدّدوه منها ممّا تواتر عن صاحبه أو نقطع بها لقرائن قطعيّة.

أو للحاجة إليه في مقام النقل، و نسبة القول و الرأي. و هو المطلوب الذي يمكن استظهاره من الرواة و أصحاب المجاميع السالفة أيضا.

توضيح ذلك: انّه لا فرق بيننا و بين الطبقات السابقة في الحاجة إلى


1- ما بين القوسين ساقط من البحار. ثابت في المخطوط و الحجري.
2- كذا، و هو كمال الدين أبو المعالي محمّد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي الشافعي، المتوفّى: 906، انظر البحار 108: 79، و شذرات الذهب 8: 29.
3- رواها الشيخ المجلسي في البحار 108: 79.

ص: 23

الإجازة و عدمها، في صورة عدم تواتر الكتاب عن صاحبه، أو عدم قطعية الصدور و لو بالقرائن، و في صورة التواتر و القطعية، لاتحاد وجه الحاجة و عدمها للجميع.

و نحن بعد السبر و التأمّل في كلمات القدماء، لم نجدهم يفرّقون في مقام الحاجة- إلى الطرق و الأسانيد إلى الكتب المصنّفة- بين ما كان منها قطعي الصدور و عدمه.

و لم نجد لما ذكره بعض المتأخرين من كون ذكر السند في الأول لمحض التبرك في كلامهم عينا و لا أثرا.

و نحن نذكر أولا ما ذكره المتبركون ثم نتبعه بكلام الأقدمين.

قال العالم الجليل السيد جواد- صاحب مفتاح الكرامة- في إجازته للعالم العلّام آغا محمّد علي ابن علّامة عصره آغا باقر المازندراني: الإجازة على قسمين:

قسم للمحافظة على اليمن و البركة، و الفوز بفضيلة الشركة في النظم في سلسلة أهل بيت العصمة و خزّان العلم و الحكمة، لأنّ من انتظم فيها فاز بالمرتبة الفاخرة، و فاز بسعادة الدنيا و الآخرة، و هذا هو المعروف المألوف في هذه الأزمان لا غير.

و قسم للمحافظة على الضبط و قوّة الاعتماد، و الأمن من التحريف و التصحيف و السقط في المتن و الإسناد، و هذا القسم يجري مجرى القراءة على الشيخ و السماع من فلق (1) فيه، و هذا أمر معروف أيضا بين الأقدمين لا شكّ فيه، و لذا ترى المجازين يقولون- حيث يستجيزون الكتاب الذي نظره المجيز و عرف صحته و شهد بالاعتماد عليه-: حدثني و أخبرني من دون أن يقول


1- الفلق، بفتح الفاء و سكون اللام: الشق، وجئ بها هنا للتأكيد على صحّة السماع.

ص: 24

إجازة.

و استوضح ذلك في المفيد، فإنّ علماء الرجال قد صرحوا بأنّ أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، و أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، شيخا إجازة للمفيد، و هو يروي عنهما من دون أن يقول إجازة، فهو:

إمّا أن يكون قد سمع عنهما، و عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه- لأنّه شيخه أيضا- جميع كتب أصحابنا مشافهين له بالخطاب، و الّا لما صحّ له أن يقول: أخبرني و حدثني، أو: عن أحمد، مثلا. و من البعيد جدا أن يكون هؤلاء الثلاثة قرءوا عليه مخاطبين له كتاب الكافي، و كتب الحسين بن سعيد، و كتب محمد بن علي بن محبوب، و كتب محمد بن أحمد بن يحيى العطار (1)، و أحمد بن إدريس، و هلمّ جرّا فصاعدا.

و إمّا أن يكون قد قرأ عليه أو على بعضهم بعض هذه، فيجب عليه حينئذ أن يقول: قراءة عليه.

ثم إنه من البعيد أيضا أن يكون قد قرأ عليهم جميع هذه الكتب.

سلّمنا، لكن لأي شي ء قيل: إنّ الأحمدين شيخا إجازة له؟ فهلّا قيل:

شيخا إجازة و قراءة و سماع؟! و أمّا شيخه الرابع و هو محمّد بن بابويه فلا ريب أنّه لم يقرأ عليه، و لم يسمع منه، اللّهمّ إلّا أن يكون يوم استجاز منه قرأ من أول كل كتاب أجازه حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا، كما ورد في الخبر.

فالمفيد في روايته عن هؤلاء الثلاثة، و الشيخ في روايته عن مشايخه الخمسة- و هم المفيد، و أحمد بن عبدون، و الحسين بن عبيد اللّه الغضائري،


1- كذا، و الظاهر إمّا زيادة (العطار) فهو الأشعري القمي حينئذ، أو زيادة (أحمد بن) فهو محمّد بن يحيى العطار أبو جعفر القمّي.

ص: 25

و علي بن أحمد بن أبي جيد، و علم الهدى- إمّا أن يكونا قد سمعا جميع الكتب التي رويا عنها عن جميع مشايخهم الأربعة و الخمسة، و هذا يكاد يكون مستحيلا، مع خلوه في الواقع عن فائدة يعتدّ بها.

أو يكونا قرءاها أو بعضها عليهم، فيكونان- مع بعده أيضا- مدلّسين و العياذ باللّه عزّ و جلّ و إلّا لقالا: أخبرني قراءة، أو عن فلان قراءة.

أو يكونا استجازاها، فيكونان أيضا مدلّسين- لا سيّما المفيد بالنسبة إلى الأحمدين- و إلّا لقالا يوما: عنه إجازة، أو: أخبرني إجازة.

فتعين انّهما قرءا بعضا و سمعا بعضا، و أجيز لهما ما قرء أو سمعاه، و ما لم يقرآه و لم يسمعاه، بمعنى أنّ مشايخهم عمدوا إلى كتاب معروف مقروء و مصحح، و أجازوا لهما روايته بمعنى أنّهم ضمنوا لهما صحّته، و أباحوا لهما روايته عنهم، كما أنّ المتأخرين جرت عادتهم بأن يقولوا قرأ عليّ المبسوط- مثلا- قراءة مهذبة، و أجزت له أن يروي عني، بمعنى أنّي ضمنت له صحة الكتاب الذي قرأه عليّ، و أبحت له روايته.

فهذه الإجازة بهذا المعنى تجري مجرى السماع و القراءة، بل ربّما قيل بأنّها أقوى منهما.

و قد نبّه على ذلك الأستاذ رضي اللّه تعالى عنه في عدّة مواضع من تعليقه على الرجال، قال في ترجمة العبيدي: إنّ أهل الدراية غير متفقين على المنع من الرواية إجازة من دون ذكر هذه اللفظة (1). إلى آخره.

و كانت عادتهم في الإجازة بهذا المعنى، كعادتنا اليوم في الوجادة، نقول:

قال الشيخ في المبسوط.


1- تعليقة الوحيد البهبهاني على رجال الأسترآبادي الكبير: 313.

ص: 26

و ما في التهذيب (1) و المعالم (2) و غيرهما من أنّ الأعلى السماع ثم القراءة ثم الإجازة. إلى آخره، فمبنيّ على مذهب بعض أهل الدراية، و لعلّه لتعدد نسخ الكتاب الواحد، و عدم الاعتناء بضبطه، أو عدم الاعتداد به، لمكان تقاصر الهمم باعتبار كبر الكتب و تعدّدها، أو لأمور أخر.

و من لحظ ما قرّرناه، و لحظ كلام المعالم في تعريفه الإجازة، ظهر له أنّ كلامه غيره محرّر.

و امّا محمّد بن الحسن بن الوليد فإنّه يعتبر في الإجازة القراءة أو السماع، و أن يكون السامع فاهما لما يرويه.

و ممّا ذكر أيضا يسهل معرفة مشايخ الإجازة، و لقد أعيت معرفتهم على ناس كثيرين، حتى أنّ شيخنا و مولانا ميرزا أبو القاسم (3) صنّف في ذلك رسالة ما زاد فيها على أنهم يعرفون بنصّ علماء الرجال، ثمّ إنّه سرد من ظفر أنّهم نصّوا عليه بذلك، و لم يعين الوجه في النّص على هذا دون هذا، مع أنهما معا في وسط السند مثلا أو في أوّله.

و قد بيّنا فيما كتبناه في شرح طهارة الوافي- من تقرير الأستاذ الشريف رضي اللّه تعالى عنه- و غيره، أنّ لنا إلى معرفتهم طرقا أربعة.

و كيف كان فاحتفال رواتنا و علمائنا بالاستجازة أشهر من أن يذكر.

هذا شيخ القميين و فقيههم و رئيسهم، و الذي يلقى السلطان غير مدافع، أحمد بن محمّد بن عيسى، بل هو شيخ أعيان الفرقة: كسعد، و محمّد ابن علي بن محبوب، و أحمد بن إدريس، و العطّار، و صاحب النوادر. و غيرهم


1- تهذيب الأصول للعلامة: مخطوط.
2- معالم الدين: 209.
3- هو الميرزا أبو القاسم القمي صاحب القوانين، و الغنائم، و له رسالة في مشايخ الإجازات.

ص: 27

من المشايخ الكبار، شدّ الرحال من قم- على عظمته عند سلطان وقته و عدم أمنه منه- إلى الكوفة، فأتى الحسن بن علي ابن بنت إلياس الوشاء البغدادي، ليجيزه كتاب أبان بن عثمان الأحمر، و كتاب العلاء بن رزين القلاء، فلمّا أخرجهما له، قال له: أحبّ أن تجيزهما لي، فقال: ما عجلتك؟ اذهب فاكتبهما، و اسمع من بعد، فقال له: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد عليهما السلام.

و هذا شيخنا المفيد استجاز من الصدوق لما أتى بغداد و هو أعلم و أفضل منه، قال في الردّ عليه في بعض رسائله: من وفّق لرشده لا يتعرّض لما لا يحسنه.

و هذا شيخ علم الهدى أبو غالب الزراري كتب إجازة لابن ابنه و هو في المهد في رسالة طويلة و حكاية لطيفة (1). انتهى (2).

و قال في شرحه على الوافي (3)- الذي هو تقريرات بحث أستاذه العلّامة الطباطبائي-: و ليعلم أنّ الإجازة على أقسام:

إجازة الشيخ مقروّاته و مجازاته و مسموعاته لكل أحد.

و إجازته لواحد مخصوص.

و إجازة المخصوص منها لكلّ أحد.

و إجازة المخصوص منها المعيّن لشخص معيّن، و هذا لا بدّ فيه من توثيق


1- رسالة أبي غالب الزراري: 41.
2- أي كلام السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة في إجازته لآغا محمد علي بن آغا باقر المازندراني.
3- القائل: السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة.

ص: 28

المجيز، لأنّه يكون ضامنا لصحّة ذلك الكتاب، و أمنه من الغلط و التحريف، و ذلك يستلزم الوثاقة، و لذلك أتى ابن عيسى من قم ليستجيز من الوشاء كتابي أبان و العلاء.

و هذه الإجازة تجري مجرى القراءة على الشيخ، أو قراءة الشيخ عليه، بل ربما كانت أشدّ ضبطا، و عليه كان القدماء يعمد الشيخ منهم إلى كتاب مصحح مقروء مسموع له عن الشيوخ، و يجيز روايته لطالب الإجازة، و يأخذ [ه] المجاز له إلى الشيخ الآخر فينظره و يجيز روايته (1)، و هكذا.

هذا شيخ الطائفة له إلى الكليني طرق متعددة، و من المعلوم أنه لم يقرأ الكافي عليه جميع أولئك المشايخ، و لا قرأ هو عليهم، و إنّما كان يقرأ بعضه على بعض أو كلّه، أو لا يقرأ منه عليه شي ء- كما قدمنا- و يأتي به إلى الآخر فيعرضه عليه فيجيزه، بل كان الغالب منهم- كما في الأخبار- أن المستجيز يأتي إلى كتاب قد ضمن المجيز صحّته فيقرأ من أوّله حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا، و يجيزه له، فله أن يقول: أخبرني و حدثني، و هذه طريقة معروفة، و إلّا فالمفيد دائما يقول: أخبرني أبو القاسم جعفر، أو أحمد بن الوليد أو أحمد بن العطار، و قد قالوا: إنّ الأخيرين شيخا إجازة، فإمّا أن يكون المفيد قرأ عليهما جميع الكتب، أو قرءاها عليه- و هو بعيد جدّا- أو يكونا عمدا إلى الكتب المقروءة المصحّحة و أجازاه ذلك، هذا هو الظاهر.

فالرواية بلفظ (أخبرني) معروفة مألوفة على النحو المذكور- و لا تصغ إلى ما في المعالم (2)، و ما في ترجمة محمد بن عيسى العبيدي (3)- و هذا ممّا لا يكاد


1- كذا، و لعل الصحيح: و يجيز له روايته، أو: يجيزه بروايته. علما أنّ المخطوطة هنا مشوشة.
2- معالم الدين: 209 و ما بعدها.
3- انظر: رجال النجاشي: 333 ت 896، و تفصيل تنقيح المقال ج 3: 169 ت 11211 ذيل ترجمته، و تعليقة الوحيد البهبهاني: 313 و المطبوعة بهامش المنهج ترجمة محمد بن عيسى بن عبيد.

ص: 29

و ليس لك بعد ذلك أن تقول: إنّ الأصل الرواية بالسماع من الشيخ، لما عرفت، و لأنّه ينقض عليك بالقراءة، فإنّه لم يجزه (1) قطعا مع أنّه مألوف معروف قال الأستاذ في حاشيته على كتاب الميرزا: إنّ القدماء كانوا لا يروون إلّا بالإجازة أو القراءة و أمثالهما، و يلاحظون غالبا حتى في كتب الحسين بن سعيد. و أطال في بيان ذلك.

و قد جرت عادة السلف أيضا أن الشيخ أيضا بعد القراءة عليه يجيزه رواية ما قرأه عليه يمنا و بركة، أو زيادة وثوق بالأمن من التحريف، و الإجازة بالمعنى الأول ليست إلّا لليمن و البركة- كما هو الشأن في إجازاتنا اليوم غالبا- و أمّا حيث يجيزه رواية الكتاب المخصوص فلا بدّ من أن يكون الشيخ ثقة و لو كان الكتاب متواترا، فلا تلتفت إلى ما في المعالم (2) أيضا من أنّه لا أثر لها إلّا في غير المتواتر (3). انتهى.

و في المعالم: فاعلم أنّ أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلّقها معلوما بالتواتر و نحوه، ككتب أخبارنا الأربعة، فإنّها متواترة إجمالا، و العلم بصحّة مضامينها تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال، و لا مدخل للإجازة فيه غالبا، و إنّما فائدتها حينئذ بقاء اتصال سلسلة الإسناد بالنبي و الأئمة صلوات اللّه عليهم، و ذلك أمر مرغوب إليه للتيمّن، كما لا يخفى. على أنّ الوجه في الاستغناء عن الإجازة ربّما أتى في غيرها من باقي وجوه الرواية،


1- في نسخة بدل: يخبره. (منه قدّس سرّه)
2- المعالم: 212- 213.
3- شرح الوافي، للسيد العاملي: مخطوط.

ص: 30

غير أن رعاية التصحيح، و الأمن من حدوث التصحيف- و شبهه من أنواع الخلل- يزيد في وجه الحاجة إلى السماع و نحوه (1).

إلى غير ذلك من الكلمات التي تشبه بعضها الأخرى في انحصار فائدة الإجازة- في أمثال الكتب الأربعة- بالنسبة إلينا في التيمّن، إلّا أن يكون متعلّقها كتابا خاصّا فتفيد الضمان، و تعهّد صحّته و حفظه من الغلط و التصحيف.

و نحن بعد المراجعة في كلمات الأقدمين لم نجد لهم شاهدا في تلك الدعوى، بل وجدناهم يظهرون الاحتياج إليها مطلقا، تواتر الكتاب عن صاحبه أم لا، علم بالنسبة- من جهة القرائن- أم لا.

قال شيخ الطائفة في أول مشيخة التهذيب: و اقتصرنا من إيراد الخبر على الابتداء بذكر المصنف الذي أخذنا الخبر من كتابه، أو صاحب الأصل الذي أخذنا الحديث من أصله، و استوفينا غاية جهدنا. إلى أن قال: فحيث وفّق اللّه تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطريق التي يتوصّل بها إلى رواية هذه الأصول و المصنّفات، و نذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار، لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل، و تلحق بباب المسندات.

فما ذكرته في هذا الكتاب عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه فقد أخبرنا [به] (2) الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه اللّه عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه اللّه عن محمّد بن يعقوب.

و أخبرنا به أيضا الحسين بن عبيد اللّه، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري، و أبي محمّد هارون بن موسى التّلعكبري، و أبي القاسم جعفر بن


1- معالم الدين: 212.
2- زيادة من المصدر.

ص: 31

محمّد بن قولويه، و أبي عبد اللّه أحمد بن أبي رافع الصيمري، و أبي المفضّل الشيباني، و غيرهم، كلّهم عن محمّد بن يعقوب الكليني.

و أخبرنا به أيضا أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أحمد بن أبي رافع، و أبي الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزّاز- بتنيس (1) و بغداد- عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، جميع مصنّفاته و أحاديثه سماعا و إجازة، ببغداد بباب الكوفة بدرب السلسلة سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة.

و ما ذكرته عن علي بن إبراهيم بن هاشم (2). و ساق الطرق إلى المصنّفين- الّذين كثير منهم كأبي جعفر الكليني في الجلالة، و قطعيّة نسبة كتبهم إليهم بالتواتر و غيره كنسبة الكافي إلى مؤلّفه- كالصدوق، و جعفر بن قولويه، و الصفار، و أحمد بن محمّد بن عيسى، و البرقي، و الحسين بن سعيد، و غيرهم.

كل ذلك عند الشيخ الذي أخرج الأحاديث من مصنّفاتهم، فلو لا الحاجة لما اعتذر لذكر الطرق بقوله: لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل (3).

و لو كان للتيمّن لكان ذكرها في هذا الكتاب غير مناسب، و لما استكثر الطرق إلى مثل الكافي الذي هو في وضوح النسبة كالشمس في رابعة النهار، و أبعد منه احتمال كونه للتعهد من احتمال الخلل، و ضمان الصحّة و الأمن من التحريف، فإنّه بعد التسليم إنّما هو في كتاب مخصوص لمعيّن أو لمن ينقل عنه.


1- اختلفت المصادر الرجالية في ضبط هذه الكلمة فتارة ورد تفليس كما في مجمع الرجال 4:
2- مشيخة التهذيب 10: 4- 29 بتصرف.
3- مشيخة التهذيب 10: 5.

ص: 32

و الظاهر أنّ المشيخة المذكورة لم توضع لذكر الطرق إلى كتب مخصوصة معيّنة للجماعة المذكورين فيها، بل ليس فيها إجازة و إذن لأحد كي يحتمل فيها التعهّد و الضمان، و إنّما وضعها لبيان حال نفسه، و أنّه لم يذكر في كتابه المراسيل من الأخبار- التي هو مرسلها- بل ما أودع فيه إلّا المسانيد، فلو جاز عنده العمل بما في الكافي من الأحاديث من دون اتصاله بمؤلّفه- بما ذكره من الطرق- لما كان فرق بين المسند منها و المرسل في الحجيّة، فيتجه التعليل بمجرّد التسمية أو إظهار الفضيلة، و ساحة مؤلفه بريئة عن قذارة هذه النسبة.

و قال رحمه اللّه في مشيخة الاستبصار: و كنت سلكت في أوّل الكتاب إيراد الأحاديث بأسانيدها، و على ذلك اعتمدت في الجزء الأول و الثاني، ثم اختصرت في الجزء الثالث، و عوّلت على الابتداء بذكر الراوي الذي أخذت الحديث من كتابه أو أصله، على أن أورد عند الفراغ من الكتاب جملة من الأسانيد يتوصل بها إلى هذه الكتب و الأصول، حسبما عملته في كتاب تهذيب الأحكام (1). إلى أن ساق الطرق كما في مشيخة التهذيب، و ابتدأ بالكافي كما فيها.

فقوله: يتوصّل بها إلى هذه الكتب، إن كان الغرض تصحيح النسبة- كما لو كان الكتاب غير معلوم الانتساب إلى مؤلّفه- فيذكر الطريق ليتبيّن صدوره من مؤلفه، و يظهر جواز الاعتماد عليه، و لهذا يشترطون وثاقة كلّ من فيها، و إن كانوا مشايخ الإجازة، و إن لم يشترطوها فيهم في غير المقام، فهذا غير محتمل في أغلب الكتب المذكورة كالكافي، و المحاسن، و كتب الصدوق، و أمثالهم.

و إن كان المقصود التوصل بها إلى رواية هذه الكتب- أي يجوز لكلّ من


1- الاستبصار 4: 305.

ص: 33

يروي عن الشيخ و له منه إجازة عامّة أن يروي هذه الكتب- بهذه الطرق متيمّنا متبركا، فهو مع بعده عن كلامه غير مناسب لذكره في هذا المقام، و إنّما يناسب ذكره في الفهارست، و ما يكتبونه من الإجازات، دون هذا الكتاب العلمي الفرعي الذي لا يليق أن يذكر فيه إلّا ما كان من مقدمات ثبوت الحكم و كيفية العمل، فلا بد أن يكون الغرض التوصل إلى روايتها المحتاجة إليها في مقام العمل بما فيها.

و السيد المحقق الكاظمي رحمه اللّه مع أنّه ممّن يرى التّبرك في الإجازات المعهودة، صرّح في عدّته بأن هذه الكتب التي أخرج منها الشيخ أخبار الكتابين نسبتها إليه كنسبة الكتابين و أمثالهما إلينا.

قال رحمه اللّه بعد كلام طويل فيما علّقه الصدوق و الشيخ في الكتب الثلاثة، ما لفظه: و على هذا فضعف الطريق إلى تلك الأصول و الكتب و جهالته غير مضرّ، لأنّ تلك الكتب- و لا سيّما الأصول- كانت في تلك الأيام معروفة مشهورة، و كيف لا تكون كذلك و فيها مدارستهم و عليها معوّلهم؟! إلّا أن يشذّ شي ء، و من هنا قال الشيخ في أوائل كتاب الصوم من التهذيب: إنّ عدم وجدان الحديث في الأصول المصنفة يوجب الحكم بضعفه (1)، و هل هي فيهم إلّا كالجوامع الأربعة العظام بالنسبة إلينا؟! أ لا ترى أنّ استمرار طريقة الأصحاب في هذه الجوامع الأربعة على الرواية و الاستجازة لا يقضي (2) بها إلى الجهالة بدونها؟ كلّا، بل هي متواترة إلى أربابها، و إنّما تؤخذ بالإسناد للتيمّن باتصال السلسلة، و الجري على طريقة السلف الصالح.

و ما كانت الفاصلة بينهم و بين أرباب تلك الكتب كالفاصلة بيننا و بين المشايخ الثلاثة، بل أكثرها تعلم نسبته بالقرائن لشدة القرب، و لا تحتاج


1- التهذيب 4: 169.
2- في المصدر: و الاستجازة يقضي.

ص: 34

إلى دعوى الشهرة (1) كأصول أصحاب الصادق عليه السلام و نحوها (2)، لاستمرار طريقة القدماء المعاصرين للأئمة عليهم السلام على مدارستها، و العمل بما فيها، و المحافظة عليها (3). انتهى.

و لقد أجاد فيما أفاد في الحكم بالاتحاد، إلّا أنّ كون الأخذ بالإسناد للتيمّن يوجب كون ذكر أغلب أسانيد الكتب الثلاثة لغوا، إذ التيمّن لا يقتضي هذه الدرجة من الولوع و الحرص في ذكر الطرق، بل الشيخ لم يقنع بما ذكره في المشيختين حتى أحال الباقي إلى محالّه.

قال: فقد أوردت جملا من الطرق إلى هذه المصنّفات و الأصول، و لتفصيل ذلك شرح يطول هو مذكور في الفهارست للشيوخ، فمن أراده وقف عليه هناك إن شاء اللّه تعالى (4).

و أبعد من الكتب الثلاثة في الحمل المذكور رابعها، فانظر إلى ما فعله ثقة الإسلام في الكافي، فإنّه مع تقدّمه على الصدوق و الشيخ، و قرب عهده إلى أرباب الأصول و المصنّفات، المقتضي للوقوف على أكثر ممّا وقفا عليه من أسباب قطعية صدورها من مؤلفيها، مع معلومية أنه أيضا أخرج ما جمع فيه من تلك الأصول و المصنفات، و بنائه على الإيجاز و الاقتصار على ذكر ما صحّ عنده منها، و اختاره من بين الأخبار المختلفة، من باب التسليم المأمور به بعد إعمال المرجحات المنصوصة التي صرّح- رحمه اللّه- بعدم التمكن من الوصول إليها، و مع ذلك لم يذكر متنا إلّا مع تمام طريقه إلى صاحب الأصل و الكتاب، و منه إلى حامل المتن، إلّا في موارد قليلة. فلولا مسيس الحاجة لكان الأليق بحاله و جلالة مثله- ممّن لا يريد في التأليف إظهار الفضل، و الإكثار من


1- وردت هنا زيادة في المصدر: و ما بعد في الجملة.
2- وردت هنا زيادة في المصدر: فبالشهرة.
3- العدة للمحقق الكاظمي: 184.
4- مشيخة الاستبصار 4: 342، و انظر مشيخة التهذيب 10: 88.

ص: 35

التصنيف- أن يقنع في النقل بقوله: فلان في أصله، أو في كتابه، أو ما يقرب منه، خصوصا في الكتب التي كانت في عصره أشهر من أن تحتاج في مقام النسبة إلى السند.

و بالجملة فاعتقاد كون جلّ أسانيد الكافي غير مفيد إلّا التيمّن، الذي لم نجد له أصلا يوجب التمسك به كما هو نتيجة ما حقّقه هو و غيره، ممّا يأباه الذوق السليم، و احتمال كون ذكره للاحتياج إليه في مثل أعصارنا- التي خفي علينا فيها ما كان عندهم من القرائن- بعيد في حقّه، و إنّما هو آت في كلام من هو عالم بما يحدث بعده من الفتن.

و ممّا يؤيّد ما ذكرنا قصّة ابن عيسى مع الوشاء، التي أشار إليها شارح الوافي كما تقدّم (1) و استشهد بها لمقصوده، و هي على خلافه أدلّ.

قال النجاشي في رجاله: أخبرني ابن شاذان، قال: حدثنا أحمد بن محمّد ابن يحيى، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشاء، فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلّاء و أبان بن عثمان الأحمر، فأخرجهما إليّ، فقلت له: أحبّ أن تجيزهما لي، فقال لي: يرحمك اللّه و ما عجلتك؟! اذهب فاكتبهما و اسمع من بعد، فقلت: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول:

حدثني جعفر بن محمّد عليهما السلام (2).

و أنت خبير بأنّ هذه الحكاية ظاهرة بل صريحة في أنّ ابن عيسى كان عالما بالنسبة إلّا أنّه لم يجدهما (3) و أنّه لمّا أتى بهما الوشاء لم يقنع بالعثور عليهما بل طلب


1- تقدم في صحيفة: 28.
2- رجال النجاشي: 28.
3- أي: كتاب القلّاء- و قد طبع ضمن الأصول الستّة عشر- و كتاب الأحمر لا زال مخطوطا.

ص: 36

منه الاذن في روايتهما، و ظاهره الاحتياج إليها لا لمجرد التّبرك، و لا لضمان صحّة الكتابين و أمنهما من التحريف و الغلط، لعدم وجود ما يدلّ عليه في الحكاية، و عدم ملاءمته لقوله: و ما عجلتك؟ و قوله: و اسمع من بعد. فإنّه كالصريح في أنّ غرضه تحمّل روايتهما، لا الاعتماد بصحة متنهما.

و مما يؤيّد ما ذكرنا ما ذكره الصدوق في أول الفقيه، قال: و جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعوّل و إليها المرجع، مثل: كتاب حريز ابن عبد اللّه السجستاني، و كتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي، و كتب علي بن مهزيار الأهوازي، و كتب الحسين بن سعيد، و نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى، و كتاب نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (1)، و كتاب الرحمة لسعد بن عبد اللّه، و جامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد، و نوادر محمّد بن أبي عمير، و كتاب المحاسن لأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، و رسالة أبي رضي اللّه عنه إليّ، و غيرها من الأصول و المصنّفات، التي طرقي إليها معروفة في فهرست الكتب التي رؤيتها عن مشايخي و أسلافي رضي اللّه عنهم (2). انتهى.

و هذا القيد الأخير لو لم يكن من مقدّمات صحّة الاستناد إلى ما استخرجه من تلك الكتب المشهورة و شرائط حجّيّته لكان لغوا، لعدم احتمال التبرك و الضمان، كما لا يخفى.

و قال شيخ الطبرسيّين ابن شهرآشوب في المناقب- بعد ما ذكر قصده في تأليفه-: و ذلك بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم و الديانة بالسماع و القراءة و المناولة و المكاتبة و الإجازة، فصحّ لي الرواية عنهم بأن أقول: حدّثني،


1- في الأصل و الحجري: أحمد بن محمد- و هو خطأ قطعا.
2- من لا يحضره الفقيه 1: 3- 5.

ص: 37

و أخبرني، و أنبأني، و سمعت: فأمّا طريق العامة فقد صحّ لنا طريق إسناد البخاري. و ساق طرقه إلى كتبهم في كلام طويل بأقسامها السابقة، إلى أن قال: و أمّا أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، حدّثنا بذلك. و ساق طرقه إلى أن قال: و قد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار على متون الأخبار، و عدلت عن الإطالة و الإكثار، و الاحتجاج من الظواهر و الاستدلال على فحواها، و حذفت أسانيدها لشهرتها، و لإشارتي إلى رواتها و طرقها و الكتب المنتزعة منها، لتخرج بذلك عن حدّ المراسيل و تلحق بباب المسندات (1). انتهى.

و هو قريب من كلام الشيخ في التهذيب (2).

و قال العلّامة رحمه اللّه في آخر الخلاصة: لنا طرق متعدّدة إلى الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه، و كذا إلى الشيخ الصدوق أبي جعفر بن بابويه، و كذا إلى الشيخين أبي عمرو الكشي، و أحمد بن العباس النجاشي، و نحن نثبت منها هنا ما يتفق، و كلّها صحيحة. إلى أن قال: و قد اقتصرت من الروايات إلى هؤلاء المشايخ بما ذكرت، و الباقي من الروايات إلى هؤلاء المشايخ و إلى غيرهم مذكور في كتابنا الكبير (3).

و ظاهره أنه يعامل بالطرق إلى هؤلاء المشايخ معاملته بطرقهم إلى أرباب الأصول و المصنّفات، و حمله على التبرّك بعيد غايته.

و مثله ما قاله الشهيد في إجازته لابن الخازن- كما يأتي- من قوله: فليرو مولانا زين الدين علي بن الخازن جميع ذلك إن شاء، بهذه الطرق و غيرها- ممّا


1- المناقب لابن شهرآشوب 1: 6- 13 باختصار.
2- مشيخة التهذيب 10: 4.
3- خلاصة الأقوال: 282- 283.

ص: 38

يزيد على الألف- و الضابط أن يصحّ عنده السند في ذلك بعد الاحتياط التام لي و له (1). إلى آخره و حمله عليه أبعد لوجوه لا تخفى.

هذا و في الأخبار ما فيه إشارة أو دلالة عليه، فروى ثقة الإسلام في الكافي بإسناده عن أحمد بن عمر الحلّال، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب و لا يقول: اروه عنّي، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال: «إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه» (2). و ظاهره معهوديّة الحاجة إلى الرواية، و قرّره عليه السلام على ذلك. و إنّما سؤاله عن كفاية المناولة التي هي أحد أقسام التحمل، فأجابه عليه السلام بالكفاية مع العلم بكون الكتاب له و من مرويّاته.

و ما قيل: بأنّ المراد أن العلم بأنّ الكتاب له و من مرويّاته كاف للرواية عنه سواء أعطى الكتاب أم لا؟ ضعيف، بأنّه لا تجوز الرواية بدون التحمل بأحد الأقسام المعهودة إجماعا، كما صرّح به الشهيد في شرح درايته (3). و إنّما الكلام في العمل بما يجده العالم في الكتب المعلومة و إن لم يكن له طريق إليها.

فقوله عليه السلام: (فاروه) لا بدّ أن يكون بعد إحراز قابليّته، التي هي في المقام تحمّله بالمناولة، و لا يجوز أن يكون المراد العمل، لعدم كون السؤال عنه، و عدم دلالة اللفظ عليه، مع أنّه لو أراده لقال عليه السلام: فاعمل به، كما فعلوا بكتاب الفضل بن شاذان.

فروى الكشي في رجاله، بإسناده عن بورق البوشنجاني (4)- و ذكر أنّه من


1- ذكرها الشيخ المجلسي في البحار 107: 192.
2- الكافي 1: 41/ 6.
3- الدراية: 102.
4- البوشنجي: بضم الباء الموحدة و فتح الشين المعجمة و سكون النون و في آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بوشنج، و هي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها: بوشنك، هذا و قال الشيخ المامقاني في ترجمة الرجل: و الشين المعجمة المفتوحة على ما في كتاب الكشي. و لم أجد له محملا إلّا كونه منسوبا إلى بوسنج معرب بوشنك بلدة من هراة على سبعة فراسخ منها، و مقتضى القاعدة أن تكون النسبة إليها البوسنجي، و إنّما أدخلوا عليه الألف و النون على خلاف القياس انظر: أنساب السمعاني 2: 332، و تنقيح المقال 1: 184/ 1429.

ص: 39

أصحابنا، معروف بالصدق و الصلاح، و الورع و الخير- قال: خرجت إلى سرّ من رأى و معي كتاب يوم و ليلة، فدخلت على أبي محمّد عليه السلام و أريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك إني رأيت أن تنظر فيه، [فلما نظر فيه] (1) و تصفّحه ورقة ورقة، فقال عليه السلام: «هذا صحيح ينبغي أن تعمل به» (2). الخبر.

و في الكافي أيضا، بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يجيئني القوم فيسمعون منّي حديثكم، فأضجر و لا أقوى، قال: «فأقرأ عليهم من أوّله حديثا، و من وسطه حديثا و من آخره حديثا» (3).

و ظاهره أنّ مجي ء القوم لمجرّد أخذ الحديث لا للاستفتاء و أخذ المسائل، و الضمير في قوله: (من أوّله) راجع إلى الكتاب المفهوم من قوله: (فاقرأ عليهم).

و قال المجلسي: و حمل الأصحاب قراءة الأحاديث الثلاثة على الاستحباب، و الأحوط العمل به قال: و يحتمل أن يكون المراد بالأول و الوسط و الآخر الحقيقي منها، أو الأعم منه و من الإضافي، و الثاني أظهر، و إن كانت رعاية الأول أحوط و أولى (4).

و من عجيب الأوهام ما وقع لصاحب الوافي في هذا المقام، فإنّه قال:

و المعنى أنّ الحديث إذا كان متعدّدا و ضعفت عن قراءته و عجزت، جاز أن تقرأ


1- ما بين المعقوفين زيادة من المصدر.
2- اختيار معرفة الرجال 2: 818.
3- الكافي 1: 41/ 5.
4- مرآة العقول 1: 176- 178.

ص: 40

عليهم من أوّل الكتاب حديثا، و من وسطه آخر، و من آخره آخر. و المعنى أنّ الحديث الواحد إذا كان طويلا فاقرأ عليهم كلاما مفيدا بالاستقلال من أوله، و آخر من وسطه، و آخر من آخره، يعني إذا اشتمل الحديث الواحد على جمل متعدّدة تكون كلّ منها مستقلة بالإفادة، كحديث هشام الطويل الذي مضى.

و أمّا إذا ارتبط بعض أجزاء الحديث ببعض، فلا يجوز فيه الاقتصار على نقل البعض، إذ ليس كلّ من تلك الأجزاء بحديث بل بعض منه.

قيل: و لعلّ الوجه في تخصيص الأول و الوسط و الآخر أنّ الجمل المتقاربة تكون في أكثر الأمر من نوع واحد، فليست الفائدة فيها كالتي تكون في الجمل المتباعدة، إذ الكلام فيها ينتقل من نوع إلى نوع يباينه، فالفائدة فيها لا محالة تكون أكثر، لاحتوائها على فنون مختلفة من الأحكام، كلّ منها نوع برأسه. انتهى (1).

و ليت شعري ما الداعي إلى إرجاع الضمير في (أوّله) إلى الحديث حتى يحتاج إلى هذه التمحّلات الباردة.

قال العالم الجليل الآميرزا رفيع النائيني في شرح الكافي: أي يجيئني القوم لسماع حديثكم منّي، فأقوم بقضاء حاجتهم و يستمعون مني حديثكم، و لا أقوى على ما يريدون من سماع كلّ ما رويته من حديثكم منّي، و أضجر لعدم الإتيان بمرادهم، فقال عليه السلام في جوابه: فاقرأ عليهم من أوّله- أي من أوّل كتاب الحديث- حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا. و المعنى أنّه إذا لم تقو على القيام بمرادهم و هو السماع على الوجه الكامل، فاكتف بما يحصل لهم فضل السماع في الجملة، و ليعنعنوا بما به يجوز العمل و النقل من الإجازة، و إعطاء الكتاب و غيره- كما ورد في الأخبار و الأحاديث (2)- و بذلك صرّح أيضا


1- الوافي 1: 54.
2- شرح الكافي للنائيني: مخطوط.

ص: 41

الشيخ علي سبط الشهيد في شرحه (1)، و كذا الفاضل الطبرسي و المولى محمّد صالح في شرحه (2).

و بالجملة ففي الخبر إيماء إلى الاحتياج إلى الإذن، و لذا قال المجلسي- بعد شرح الخبر في مرآة العقول، و ترجيح جواز العمل بالكتب المشهورة المعروفة، التي يعلم انتسابها إلى مؤلّفيها، كالكتب الأربعة و سائر الكتب المشهورة- ما لفظه: و إن كان الأحوط تصحيح الإجازة و الإسناد في جميعها (3).

و في جميع ما ذكرناه لعلّه كفاية لمن أمعن فيه النظر، لعدم الحكم الجزمي بعدم الفائدة للإجازة و انحصارها في التبرك، و أنّ الاحتياط الشديد في أخذها.

و أمّا ما رواه في الكافي بإسناده عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شنبولة، قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، و كانت التقيّة شديدة، فكتموا كتبهم، فلم ترو عنهم، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدّثوا بها فإنّها حقّ (4).

و استشهد به جماعة لعدم الحاجة إلى الطريق إلى كلّ كتاب علم أنّه ممّن ينتسب إليه.

ففيه أنه عليه السلام أذن في التحديث بها، معلّلا بأنّها حق، و أنّ كل ما فيها صادر عنهم عليهم السلام، لعلمه عليه السلام به، لا لأنّها منهم فيطرد الإذن في غيرها.

و على ما ذكرنا لا يوجد لتلك الكتب نظير يوجب سريان الإذن إليه، مع أنّه لو كان المراد ما ذكروه لما أعرض القدماء عنه. ففي الخلاصة- في ترجمة محمّد


1- الدر المنظوم من كلام المعصوم: مخطوط.
2- شرح الكافي للمولى محمد صالح 2: 260.
3- مرآة العقول 1: 179/ ذيل الحديث 5.
4- الكافي 1: 42/ 15.

ص: 42

ابن سنان-: و دفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان، فقال: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمّد بن سنان، و لكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنّه قال قبل موته: كلّ ما حدّثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية، و إنّما وجدته (1).

قال الأستاذ الأكبر في التعليقة- في مقام رفع المطاعن عنه-: و غير خفي أنّ الرواية بالوجادة لا ضرر فيها، نعم المعروف من كثير من القدماء عدم ارتضائها عندهم، و إن كان الظاهر من غيرهم ارتضاؤه (2). انتهى.

و ربّما استند بعضهم في هذا المقام بأخبار فيها أمرهم عليهم السلام بكتابة الكتاب و حفظه، كلّها أجنبية عن إثبات المرام، فلا حظ و تأمّل.


1- خلاصة العلامة: 251.
2- تعليقة الوحيد البهبهاني على الرجال الكبير: 299.

ص: 43

[في ذكر طرق المحدث النوري صاحب المستدرك إلى الأصحاب و مشايخ روايته فيما ألّفوا في الأحاديث، و الفقه، و التفسير، و سائر العلوم الدينيّة]

اشارة

إذا عرفت ذلك، فاعلم أنّ لنا طرقا متعدّدة إلى أصحابنا الأخيار نروي بها ما ألّفوا في الأحاديث، و الفقه، و التفسير، و سائر العلوم الدينيّة.

فمنها (1): ما أخبرني به إجازة خاتم الفقهاء و المجتهدين، و أكمل الربّانيين من العلماء الراسخين، المنجلي من أنوار درر أفكاره مدلهمّات غياهب الظلم من ليالي الجهالة، و المستضي ء من ضياء شموس إنظاره خفايا زوايا طرق الرشد و الدلالة، المنتهى إليه رئاسة الإمامية في العلم و الورع و التقى:

1- [الطريق الأول] الشيخ مرتضى بن المرحوم السعيد المولى محمد أمين الأنصاري
اشارة

1- [الطريق الأول] الشيخ مرتضى بن المرحوم السعيد المولى محمد أمين الأنصاري (2)

لانتهاء نسبه الشريف إلى جابر بن عبد اللّه بن حرام الأنصاري، من خواص أصحاب رسول اللّه و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين، و علي بن الحسين، و محمّد بن علي الباقر، صلوات اللّه عليهم.

و من آثار إخلاص إيمانه و علائم صدق ولائه، أن تفضّل اللّه تعالى عليه و أخرج من صلبه من نصر الملّة و الدين بالعلم و التحقيق و الدقّة، و الزهد و الورع و العبادة و الكياسة، بما لم يبلغه من تقدّم عليه، و لا يحوم حوله من تأخر عنه، و قد عكف على كتبه و مؤلّفاته و تحقيقاته كلّ من نشأ بعده من العلماء الأعلام و الفقهاء الكرام، و صرفوا هممهم، و بذلوا مجهودهم، و حبسوا أفكارهم و أنظارهم فيها و عليها، و هم بعد ذلك معترفون بالعجز عن بلوغ مرامه، فضلا عن الوصول إلى مقامه، جزاه اللّه تعالى عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.

تولّد رحمه اللّه تعالى في سنة أربع عشرة بعد المائتين و الالف.


1- بعد أن ذكر المقدمة شرع الشيخ النوري في ذكر طرقه و مشايخ روايته.
2- هذا طريقه الأوّل و يبدأ بشيخه الأنصاري قدّس سرّه.

ص: 44

و توفي في ليلة السبت الثامنة عشرة من شهر جمادى الثانية من سنة إحدى و ثمانين بعد المائتين في النجف الأشرف.

و دفن في حجرة الصحن الشريف في جوار عديله في الصلاح و الزهد و العبادة الشيخ حسين نجف طاب ثراه.

[في ذكر مشجرة مشايخ الأنصاري]
[الأول المولى أحمد النراقي]
اشارة

أ- عن العالم الجليل صاحب التصانيف الرائقة، المولى أحمد النراقي الكاشاني المتوفى في ربيع الأول سنة 1245.

[في ذكر مشجرة مشايخ المولى أحمد النراقي]
[الطريق الأول آية السيد مهدي بحر العلوم]
اشارة

[1] عن آية اللّه بحر العلوم، صاحب المقامات العالية و الكرامات الباهرة، العلّامة الطباطبا [ئي] السيد مهدي بن العالم السيد مرتضى (1) بن العالم الجليل السيد محمّد البروجردي بن السيد عبد الكريم بن السيد مراد بن الشاه أسد اللّه بن السيد جلال الدين بن أمير بن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين ابن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عبّاد بن أبي المجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم الملقّب بطباطبا ابن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين عليهما السلام.

تولّد في مشهد الحسين عليه السلام ليلة الجمعة في شوّال سنة خمس و خمسين بعد المائة و الألف، و توفي في [رجب] (2) من سنة اثنتي عشرة بعد المائتين و الألف.

و قد أذعن له جميع علماء عصره و من تأخر عنه بعلوّ المقام و الرئاسة في العلوم النقلية و العقليّة و سائر الكمالات النفسانية، حتى أنّ الشيخ الفقيه الأكبر


1- في هامش الحجريّة: و أم السيد مرتضى بنت المقدس العلّامة الأمير أبو طالب بن العالم النحرير الأمير أبو المعالي الكبير، و أم الأمير أبو طالب بنت المولى محمد صالح المازندراني التي أمّها الفاضلة آمنة بيكم بنت المجلسي الأوّل. (منه قدّس سرّه)
2- هنا ورد بياض في الحجريّة، و المثبت من مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال: 467.

ص: 45

الشيخ جعفر النجفي- مع ما هو عليه من الفقاهة و الزهادة و الرئاسة- كان يمسح تراب خفّه بحنك عمامته.

و هو من الذين تواترت عنه الكرامات، و لقاؤه الحجة صلوات اللّه عليه و لم يسبقه في هذه الفضيلة- أي في تواتر الكرامة و اللقاء منه- أحد فيما أعلم إلّا السيد رضيّ الدين علي بن طاوس.

و قد ذكرنا جملة منها بالأسانيد الصحيحة في كتابنا دار السلام، و جنّة المأوى، و النجم الثاقب (1)، لو جمعت لكانت رسالة حسنة.

حدّثني العالم الصالح الثقة السيد محمد بن العالم السيد هاشم الهندي المجاور في المشهد الغروي، عن العالم الصفي الشيخ باقر بن الشيخ هادي، عن العالم التقي الورع الشيخ تقي ملّا كتاب- تلميذ السيد- قال: سافر السيد إلى كربلاء و معه جماعة يتبعونه غالبا في أسفاره منهم الشيخ تقي- حاكي القصّة- قال: و كانت القافلة التي فيها السيد تمشي في ناحية و رجل آخر يمشي لنفسه، و كلّما نزل السيد في موضع نزل ذلك الرجل في موضعه منفردا، و كلّما رحل السيد رحل ذلك الرجل، فالتفت السيد إليه و نحن سائرون فأومأ إليه فقدم الرجل و قبّل يدي السيد، و جعل السيد يسأله عن رجال و صبية و نساء يسمّيهم كلّهم بأسمائهم من أهل بيت ذلك الرجل و من جيرانه، حتى سأله عمّا يقرب من أربعين نفسا، و الرجل يجيبه عنهم مستبشرا، و هو غريب ليس من شكل أهل العراق، و لا من لهجتهم في اللسان، فسألنا السيد؟ فقال: هو من أهل اليمن، فقلنا: متى سكنت في اليمن حتى عرفت هؤلاء؟ فأطرق رأسه و قال:

سبحان اللّه، لو سألتني عن الأرض شبرا شبرا لأخبرتك بها (2).


1- انظر: دار السلام 2: 206، و جنة المأوى ضمن بحار الأنوار 53: 234- 240، و النجم الثاقب: 408.
2- دار السلام 4: 422.

ص: 46

و حدّثني سلّمه، اللّه، عن العبد الصالح الزاهد الورع العابد الحاج محمّد الخزعلي- و كان ممّن أدرك السيد- قال: كان العالم الجليل السيد جواد العاملي- صاحب مفتاح الكرامة- يتعشّى ليلة إذا طارق طرق الباب عليه عرف أنّه خادم السيد بحر العلوم، فقام إلى الباب عجلا، فقال له: إنّ السيد قد وضع بين يديه عشاؤه و هو ينتظرك، فذهب إليه عجلا، فلمّا لاح للسيد قال له السيد: أ ما تخاف اللّه؟ أ ما تراقبه؟ أ ما تستحي منه؟! فقال: ما الذي حدث؟! فقال له: إنّ رجلا من إخوانك كان يأخذ من البقال قرضا لعياله كل يوم و ليلة قسبا (1) ليس يجد غير ذلك، فلهم سبعة أيام لم يذوقوا الحنطة و الأرز، و لا أكلوا غير القسب، و في هذا اليوم ذهب ليأخذ قسبا لعشائهم، فقال له البقال: بلغ دينك كذا و كذا، فاستحيى من البقال و لم يأخذ منه شيئا و قد بات هو و عياله بغير عشاء، و أنت تتنعم و تأكل، و هو ممّن يصل إلى دارك و تعرفه و هو فلان.

فقال: و اللّه مالي علم بحاله.

فقال السيد: لو علمت بحاله و تعشيت و لم تلتفت إليه لكنت يهوديّا أو كافرا، و إنّما أغضبني عليك عدم تجسّسك عن إخوانك و عدم علمك بأحوالهم، فخذ هذه الصينية يحملها لك خادمي يسلّمها إليك عند باب داره، و قل له: قد أحببت أن أتعشى معك الليلة، وضع هذه الصرّة تحت فراشه أو بوريائه أو حصيره و ابق له الصينية فلا ترجعها- و كانت كبيرة فيها عشاء و عليها من اللحم و المطبوخ النفيس ما هو مأكل أهل التنعم و الرفاهية- و قال السيد له:

اعلم أنّي لا أتعشى حتى ترجع إليّ فتخبرني أنّه قد تعشى و شبع.

فذهب السيد جواد و معه الخادم حتى وصلوا إلى دار المؤمن، فأخذ من


1- القسب: التمر اليابس. و جاء في هامش الحجري: أنّه نوع من التمر يسمّى بالزاهدي. انظر (الصحاح- قسب- 1: 201)

ص: 47

يد الخادم ما حمله و رجع الخادم، و طرق الباب و خرج الرجل، فقال له السيد:

أ حببت أن أتعشى معك الليلة، فلمّا أكلا (1) قال له المؤمن: ليس هذا زادك لأنّه مطبوخ نفيس لا يصلحه العرب، و لا نأكله حتى تخبرني بأمره، فأصرّ عليه السيد جواد بالأكل و أصرّ هو بالامتناع، فذكر له القصة، فقال: و اللّه ما اطّلع عليه أحد من جيراننا فضلا عمّن بعد، و إنّ هذا السيد لشي ء عجيب.

قال سلّمه اللّه: و حدّث بهذه القضية ثقة آخر غيره، و زاد فيه اسم الرجل و هو الشيخ محمّد نجم العاملي، و أنّ ما في الصرّة كان ستين شوشيا (2)، كلّ شوشي يزيد على قرانين بقليل.

قلت: و حدّثني بها الثقة الجليل آغا علي رضا الأصفهاني عن خاصّة السيد و صاحب سرّه المولى زين العابدين السلماسي.

و أمّا الشيخ محمّد الخزعلي فقد أدركته في آخر عمره و قد جاوز المائة، و كان من عباد اللّه الصالحين الذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود، حشره اللّه تعالى مع مواليه.

[في ذكر مشجرة مشايخ العلامة السيد مهدي بحر العلوم]
اشارة

عن جماعة من نواميس الملّة و حفظة الدين (3):

أ- أولهم: [المولى محمّد باقر الأصفهاني البهبهاني الحائري]

أجلّهم و أكملهم الأستاذ الأكبر، مروّج الدين في رأس المائة الثالثة عشرة المولى محمّد باقر الأصفهاني البهبهاني الحائري.

قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل- بعد الترجمة-: فقيه العصر، فريد الدهر، وحيد الزمان، صدر فضلاء الزمان، صاحب الفكر العميق و الذهن الدقيق، صرف عمره في اقتناء العلوم و اكتساب المعارف الدقائق، و تكميل النفس بالعلم بالحقائق، فحباه اللّه باستعداده علوما لم يسبقه


1- المقصود هنا ظاهرا أوّل الشروع في الأكل.
2- الشوشي: نقد تركي عراقي من فضّة قيمته: 56 قرشا رائجا. انظر العقد المنير 1: 148.
3- من هنا يبدأ بتعداد شيوخ رواية السيد بحر العلوم.

ص: 48

فيها أحد من المتقدّمين و لا يلحقه أحد من المتأخرين إلّا بالأخذ منه، و رزقه من العلوم ما لا عين رأت و لا اذن سمعت لدقّتها و رقّتها و وقوعها موقعها، فصار اليوم إماما في العلم و ركنا للدين، و شمسا لإزالة ظلم الجهالة، و بدرا لإزاحة دياجير البطالة، فاستنار الطلبة بعلومه، و استضاء الطالبون بفهومه، و استطارت فتاويه كشعاع الشمس في الإشراق، مدّ اللّه ظلاله على العالمين، و أيّده بجود وجوده إلى يوم الدين. إلى أن قال: و بالجملة شرح فضله و أخلاقه و عبادته ليس في مقدرتنا و لا تصل إليه مكنتنا و قدرتنا (1). انتهى.

قلت: و ما ذكره من العجز عن شرح فضله هو الكلام الفصل اللائق بحاله.

و الميرزا محمّد الأخباري (2) المقتول- مع ما هو عليه من العداوة و البغضاء لجنابة، و ذكره في رجاله بكلام تكاد ترجف منه السماوات و تهتزّ منه الأرض- عدّه في الفائدة الحادية عشرة من الباب الرابع عشر من كتابه المعروف بدوائر العلوم (3) من الذين رأوا القائم الحجّة عجّل اللّه تعالى فرجه.

تولّد رحمه اللّه تعالى في سنة ست أو سبع عشرة بعد المائة و الألف، بعد وفاة سميه العلّامة المجلسي بخمس أو ست سنين، و توفي سنة ثمان بعد المائتين و الألف بأرض الحائر، و دفن في الرواق الشرقي ممّا يلي قبور الشهداء.


1- تتميم أمل الأمل: 74/ 27.
2- أبو أحمد الميرزا محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع النيسابوري الهندي الشهير بالاخباري، ولد سنة 1178 ه عالم مشارك في أنواع من العلوم، له مصنّفات في الفقه و الحديث و بعض العلوم الأخرى، منها: تسلية القلوب الحزينة، و المبين في إثبات إمامة الطاهرين، و الشهاب الثاقب، و الرجال المسمّى بصحيفة الصفاء و غيرها، يعدّ من زعماء الفرقة الاخباريّة قتل سنة 1232، له ترجمة في مصفى المقال: 428، و الذريعة 8: 267، و أعيان الشيعة 9: 427، و روضات الجنات 7: 127، و معجم المؤلّفين 10: 261.
3- دوائر العلوم: مخطوط، و المطبوع منه خال من ذلك.

ص: 49

و كانت امه- رحمة اللّه- بنت العالم الرباني آغا نور الدين بن المولى الجليل المولى محمد صالح المازندراني، و أم آغا نور الدين الفاضلة آمنة بيگم بنت تقي المجلسي، و لذا يعبّر رحمه اللّه في مؤلفاته عن المجلسي الأول بالجدّ، و عن الثاني بالخال.

عن والده الأجل محمّد أكمل، قال طاب ثراه في إجازته للسيد السند المتقدّم بحر العلوم: فأجزته أن يروي عنّي جميع مصنّفاتي و مؤلفاتي و مسموعاتي و مقروءاتي على أساتيذي العظام و مشايخي الكرام، منهم الوالد الماجد العالم الفاضل الكامل الماهر المحقّق المدقّق الباذل، بل الأعلم الأفضل الأكمل، أستاذ الأساتيذ الفضلاء، و شيخ المشايخ العظماء العلماء، مولانا محمّد أكمل، غمرة اللّه تعالى في رحمته الواسعة و ألطافه البالغة.

عن أساتيذه الأعاظم و مشايخه الأفاخم، فريدي الدهر، و وحيدي العصر، لم يسمح الزمان بمثلهم، و لم يوجد نظيرهم و عديلهم، المشتهرين في المشارق و المغارب، المستغنين عن التعريف بالفضائل و المناقب.

1- مولانا ميرزا محمّد الشيرواني.

2- و الشيخ جعفر القاضي.

3- و مولانا محمّد شفيع الأسترآبادي (1).

4- بل على ما أظنّ عن المحقّق جمال الملّة و الدين الخوانساري أيضا.

5- و خالي العلّامة المجلسي أيضا- و رأيت إجازته له (2)- رحمهم اللّه تعالى بطرقهم المعروفة. انتهى.

[الثاني السيد حسين القزويني]

ب- ثانيهم (3): العالم الجليل، و السيد النبيل، صاحب الكرامات


1- ساقط من المشجرة.
2- أي: إجازة الشيخ المجلسي للمولى محمد أكمل البهبهاني.
3- أي ثاني مشايخ السيد بحر العلوم.

ص: 50

الباهرة، السيد حسين القزويني، صاحب كتاب معارج الأحكام في شرح مسالك الأفهام و شرائع الإسلام- و هو كتاب كبير شريف له مقدّمات حسنة نافعة- و مستقصى الاجتهاد في شرح ذخيرة المعاد و الإرشاد. و غير ذلك من الرسائل.

قبره الشريف بقزوين، مزار معروف يتبرّك به، و تظهر منه الخوارق، و قد ذكره صاحب تتميم الأمل و بالغ في مدحه و الثناء عليه (1).

1- عن والده البحر الخضمّ و الطود الأشمّ، الأمير إبراهيم بن العالم الكامل الأمير محمّد معصوم الحسيني القزويني (2)، المتوفى سنة 1145، و عمره قريب من الثمانين.

و هو كما في تتميم الأمل: بحر متلاطم موّاج، و برّ واسع الإرجاء ذو فجاج، ما من علم من العلوم إلّا و قد حلّ في أعماقه، و ما من فنّ من الفنون إلّا و قد شرب من عذبه و زعاقه (3). قال: و قد كتب بخطه الشريف سبعين مجلّدا، إمّا من تأليفاته أو غيرها (4).

عن جماعة:


1- تتميم أمل الآمل: 130/ 83.
2- أسقط المؤلف من المشجرة رواية السيد حسين، عن والده، عن المجلسي و ذكر طريقا آخر- يأتي- هو السيد حسين القزويني، عن السيد نصر اللّه الحائري، عن أربعة من مشايخه هم:
3- الزعاق: الماء المرّ الغليظ، لا يطاق شربه. (القاموس المحيط- زعق- 3: 241)
4- تتميم أمل الآمل: 52/ 4.

ص: 51

أولهم- العلّامة المجلسي.

و ثانيهم- المحقّق جمال الدين محمّد الخوانساري، العالم المدقّق النقّاد، صاحب التصانيف الرائقة، التي يعلم منها جودة فهمه، و حسن سليقته، و صفاء ذهنه، خصوصا في فهم ظواهر الأحاديث، كما يظهر من ترجمته مفتاح الفلاح، و ما علّقه عليه من الحواشي (1)، و مزاره الذي ألّفه للسلطان شاه سلطان حسين حين توجّه إلى زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام، و توضيحه لألفاظ الزيارات من الجامعة و غيرها- بما لا يوجد في غيره من المؤلفات فيما أعلم- و رسالته في أصول الدين بالفارسية، و شرحه على الغرر و الدرر للآمدي في مجلدين و غيرها.

و كانت امّه أخت المحقّق السبزواري صاحب الذخيرة.

توفي في شهر رمضان من سنة 1125.

عن والده الأستاذ النحرير المعظّم آغا حسين الخوانساري، الآتي ذكره (2) في مشايخ السيد المحدّث الجزائري.

و ثالثهم- الشيخ جعفر القاضي قوام الدين بن عبد اللّه الكمرئي الفقيه المحقّق الجليل.

قال في تتميم أمل الآمل- بعد الترجمة-: ختن العلم العلّامة آغا محمّد حسين الخوانساري قاضي أصبهان ثمّ شيخ الإسلام فيه، فاضل أحاط بأفق الفضيلة و لم يجعل لأحد منها دقيقة و لا ثانية، و استوى على أقطار أرضها و لم يذر لغيره فيها مجالا قاصية و لا دانية، و طلع من شرق العلم و أضاء فضله بحيث لم


1- انظر الذريعة 4: 138/ 665، هذا و انّ صاحب الذريعة لم يذكر أنّ لمفتاح الفلاح حاشية.
2- يأتي في صحيفة: 173)

ص: 52

يبق للجهل ذاهبة و لا جائية، و تمّ بدره فأذهب دياجير الظلمات بأنوار علمه الساطعة الحامية، خاض في بحار العلوم فأخرج منها درّا و مرجانا، و سبح في دأماء (1) الفنون فاستنبط منها وسيلا (2) و برهانا، أعظم الأفاضل شأنا و أنورهم برهانا.

كان له تحرير فائق، و تعبير عن المطالب رائق، و إحاطة تامة في أنواع العلوم، و حياطة شاملة لأجناس المعقول و المفهوم، و تحقيقات متينة لغوامض الدقائق، و تدقيقات رزينة في اكتناه الحقائق، له رحمه اللّه من كلّ فن سهام عالية، و له من كلّ غصن ثمار يانعة، قد حقّق كلّ مسألة من مسائل العلوم بما لا مزيد عليه، و استنبط في مقالة الحق بحيث يظهر لكلّ أحد ماله و ما عليه.

و بالجملة لا مماثل له و لا معادل، و من أراد أن يصف فضله بكنهه فهو عن الحق عادل.

كان رحمه اللّه في أوائل أمره معتزلا عن المناصب، و كان منتهى مطلبه تحقيق المآرب، فجاءه القضاء بولاية القضاء، فولّاه برضاء كان أو عدم رضاء، فباشره مراعيا للكتاب و السنّة، و الطرق المرويّة عن أئمة الأمة، فأتعب نفسه و راضها كمال الرياضة، و جاهدها للّه غايته، غير مكترث عن عروض المضاضة. و بالجملة بالغ في إبطال الباطل و إحقاق الحق، بحيث يرضى عنه مزهق الباطل و محقّ الحق.

روي أنّه- رحمه اللّه- لمّا أراد سفر الحج ذهب إلى الجامع ورقي إلى ذروة المنبر، و كان من جملة ما تكلّم به: أيّها الناس! من حكمت (على أحد) (3) و لا يرضى مني فلا يرضى، فإنّي ما حكمت بشي ء إلّا و قد قطعت عليه و علمت يقينا


1- في الحجرية و الأصل: و سبح في دماء. و في المصدر: و سبح في وعاء. و لا معنى لهما، و الصحيح المثبت، و معناه: سبح في بحار الفنون.
2- أي: وسيلة.
3- كذا، و لعلّها- كما استظهرها المصنّف قدّس سرّه-: عليه.

ص: 53

انّه حكم اللّه. ما قلت خلاف الحق، و من ضاع حقّه و ماله بسبب تدقيقي في الشهود و عدم ثبوت الحكم بشهادتهم له، و كان الحق له في الواقع و لم يتبيّن لي، فليرض عني و يحلّلني فإنه ربّما يكون الأمر كذلك و لم يتحقق عندي. ثمّ عدّ مؤلفاته، و قال: و توفي رحمه اللّه في ذلك السفر (1). انتهى.

قلت: و قال الأمير إسماعيل الخاتون آبادي المعاصر له- في تاريخه-: إنّه صار شيخ الإسلام بعد وفاة المجلسي بسنة و نصف.

قال: و في جمادى الثانية من سنة 1115 حجّ بيت اللّه الحرام محمود آقا التاجر و معه الشبّاك لحرم الكاظمين عليهما السلام، و كان معه من أهل حرم السلطان و أعيان الدولة و غيرهم زهاء عشرة آلاف- الحجّاج منهم ثلاثة آلاف- و معه دراهم كثيرة لعمارة المشهد الحسيني على مشرّفه السلام.

قال: و كان معه الفاضل المدقّق صاحب الفطرة العالية، الشيخ محمّد جعفر الكمرئي- شيخ الإسلام بأصفهان- قاصدا زيارة بيت اللّه الحرام، فمرض في كرمانشاهان و عافاه اللّه في الكاظمين، ثمّ عاد المرض فذهب إلى كربلاء و منها إلى النجف الأشرف و توفي قبل وصوله إليه على رأس فرسخين منه، و قام بتجهيزه العالم الجليل المولى محمّد سراب الذي كان هو أيضا من جملة قافلتهم، و دفن حول قبر العلّامة طاب ثراهما (2). انتهى.

فما في الروضات، في ترجمته ما لفظه: الى أن استوفى أيامه، و قبض الأجل المحتوم زمامه، و ذلك بأرض العراق المحروسة حين مراجعته من سفر الحج في حدود سنة خمسة عشر بعد مائة و ألف اشتباه (3)، فإنه رحمه اللّه لم يوفّق للحج كما نصّ عليه الخاتون آبادي المعاصر له، و كان يكتب الوقائع يوما فيوما.


1- تتميم أمل الآمل: 90/ 45.
2- تاريخ الخاتون آبادي: 553.
3- روضات الجنّات 2: 195.

ص: 54

1- عن المولى محمّد تقي المجلسي (1) بطرقه الآتية.

(حيلولة):

و عن السيد حسين (2).

2- عن السيد الأجلّ الشهيد السيد نصر اللّه بن الحسين الموسوي الحائري. المدرّس في الروضة المنورة الحسينية، صاحب:

1- الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة. 2- و سلاسل الذهب المربوطة بقناديل العصمة الشامخة الرتب (3).

قال العالم الجليل السيد عبد اللّه- سبط المحدّث الجزائري- في إجازته الكبيرة في ترجمته: و كان آية في الفهم و الذكاء، و حسن التقرير و فصاحة التعبير، شاعر أديب له ديوان حسن، و له اليد الطولى في التاريخ و المقطعات، و كان مرضيّا مقبولا عند المخالف و المؤالف. إلى أن قال: ثمّ لمّا دخل سلطان العجم المشاهد المشرّفة في النوبة الثانية و تقرّب إليه السيد أرسله بهدايا و تحف إلى الكعبة، فأتى البصرة و مشى إليها من طريق نجد و أوصل الهدايا، و أتى عليه الأمر بالشخوص سفيرا إلى سلطان الروم لمصالح تتعلّق بأمور الملك و الملّة، فلمّا وصل إلى قسطنطنية وشى به إلى السلطان بفساد المذهب و أمور أخر، فأحضر و استشهد، و قد تجاوز عمره الخمسين رحمة اللّه عليه (4).

عن أفقه المحدّثين و أكمل الربّانيين، الشريف العدل المولى أبي الحسن ابن محمّد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصبهاني الغروي، المتوفى في أواخر عشر الأربعين بعد المائة و الألف، أفضل أهل عصره، و أطولهم باعا، صاحب تفسير مرأة


1- في المشجرة: عن محمد باقر المجلسي.
2- هذا طريق ثاني للسيد حسين القزويني.
3- لا زالا مخطوطين، و له غيرهما من المؤلفات.
4- الإجازة الكبيرة: 83- 85.

ص: 55

الأنوار (1)- إلى أواسط سورة البقرة- تقرب مقدّماته من عشرين ألف بيت، لم يعمل مثله، و كتاب ضياء العالمين في الإمامة في ستّين ألف بيت، مع نقصان مجلد واحد من وسطه على ما يظهر من فهرسته، و غير ذلك.

و كانت امّه (2) أخت السيّد الجليل الأمير محمّد صالح الخاتون آبادي الذي هو صهر المجلسي على بنته، و هو جدّ شيخ الفقهاء- صاحب جواهر


1- و من الحوادث الطريفة، و السرقات اللطيفة، أن مجلد مقدمات تفسير هذا المولى الجليل المسمى بمرآة الأنوار، موجود الآن بخط مؤلفه في خزانة كتب حفيده شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام طاب ثراه، و استنسخناه بتعب و مشقة، و كانت النسخة معي في بعض أسفاري إلى طهران، فأخذها مني بعض أركان الدولة و كان عازما على طبع تفسير البرهان للعالم السيد هاشم البحراني و قال لي إن تفسيره خال عن البيان، فيناسب أن نلحق به هذه النسخة ليتم المقصود بها فاستنسخها، و رجعت إلى العراق، و توفي هذا الباني قبل إتمام الطبع، فاشترى ما طبع من التفسير. و نسخة المرآة من ورثته بعض أرباب الطبع، فأكمل الناقص، و طبع المرآة في مجلد.
2- أي: أم أبي الحسن الفتوني

ص: 56

الكلام- من طرف أم والده المرحوم الشيخ باقر، و هي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى أبي الحسن (رحمه اللّه).

عن العلّامة المجلسي (رحمه اللّه).

[الثالث السيد حسين الخوانساري]

ج- ثالثهم: (1) السيد السند البارع حسين بن السيد أبي القاسم جعفر بن الحسين الحسيني الموسوي الخوانساري، المتوفى يوم الأحد الثامن من رجب المرجّب سنة 1191. و قد تلمّذ عليه المحقّق صاحب القوانين سنين عديدة، شارح دعاء أبي حمزة و زيارة عاشوراء، و غير ذلك من المؤلّفات.

عن العالم المحدّث الجليل آغا محمّد صادق (2).

عن والده العلّامة المولى محمّد بن عبد الفتاح التنكابني الطبرسي المشتهر:

بسراب، المتوفى يوم الغدير سنة 1124، المدفون بمحلة خاجو من محلّات أصفهان. صاحب كتاب سفينة النجاة في أصول الدين، و ضياء القلوب في الإمامة، و رسائل عديدة في فنون شتّى.

عن المحقّق الكامل الفقيه المولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السبزواري، صاحب الذخيرة، و الكفاية، و مفاتيح النجاة في الدعوات- و هو كتاب كبير كثير الفوائد- و روضة الأنوار، و غيرها، المتوفى سنة 1090.

عن المولى الفاضل الشيخ يحيى بن الحسن اليزدي (3)، و هو كما في الرياض:


1- أي: الطريق الثالث للعلّامة بحر العلوم.
2- ذكر له في المشجرة طريق مباشر عن العلّامة المجلسي.
3- في المشجرة يروي السبزواري (ت 1090) عن:

ص: 57

فاضل عالم جليل نبيل متكلّم فقيه محقّق مدقّق، مبرّز في أنواع العلوم (1).

(و السيد الأجلّ الأمجد الأمير حسن الرضوي القائني (2)، الساكن بمشهد الرضا عليه السلام، في الرياض: كان عالما فاضلا جليلا (3).

عن العالم المدقّق سبط الشهيد الثاني الشيخ محمّد، الآتي عن قريب) (4).

و العالم الصالح المولى مقصود بن زين العابدين (5).

و السيد السند السيد حسين بن حيدر الكركي، الذي تقدّم في شرح حال فقه الرضا (عليه السلام) إلى فضله الإشارة (6).

عن شيخ الإسلام و المسلمين شيخنا البهائي (رحمه اللّه).

[الرابع السيد الأمير عبد الباقي]

د- رابعهم (7): السيد العالم الحسيب النسيب إمام الجمعة، الأمير عبد الباقي.

عن والده العالم الماهر الفاضل الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي، سبط العلامة المجلسي، إمام الجمعة بأصبهان، صاحب التصانيف الرائقة. المتوفى ليلة الاثنين الثالث و العشرين من شهر شوّال المكرم سنة 1151.

1- عن والده السيد الجليل الأمير محمّد صالح بن عبد الواسع بن محمّد صالح بن الأمير إسماعيل بن الأمير عماد الدين بن الأمير سيد حسن بن السيد


1- رياض العلماء 5: 345.
2- في المشجرة أسقطه و الذي بعده، و ذكر بدله المدارسي كما تقدم.
3- رياض العلماء 1: 187.
4- في صحيفة: 78، و بين القوسين ساقط من المخطوطة و عليه يطابق المتن المشجرة، ثابت في الحجريّة.
5- لم نجد للمولى مقصود بن زين العابدين ذكر في المشجرة.
6- انظر الفائدة الثانية: صفحة: 297 و ما بعدها.
7- الطريق الرابع للسيد بحر العلوم.

ص: 58

جلال الدين بن السيد مرتضى بن السيد الأمير حسين بن السيد شرف الدين ابن مجد الدين بن محمّد بن تاج الدين حسن بن شرف الدين حسين بن عماد الشرف بن عبادان بن محمّد بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن عمر الأكبر بن الحسن الأفطس بن علي الأصغر بن الامام زين العابدين عليه السلام، المتوفى سنة 1116.

صهر العلّامة المجلسي على بنته. صاحب المؤلفات الأنيقة منها: حدائق المقرّبين (1)، و شرح الفقيه، و الاستبصار، و الذريعة. و غيرها.

عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه).

و العالم الجليل الشيخ علي، سبط الشهيد الثاني.

و يروي عن الأمير محمّد صالح (2) أيضا الشيخ أبو الحسن الشريف، المتقدّم.

(حيلولة):

و عن الأمير محمد حسين (3).

2- عن جدّه العلّامة المجلسي.

و المولى السراب، المتقدم (4).

و المحقق جمال الدين الخوانساري.


1- نسب الشيخ النوري قدّس سرّه هذا الكتاب إلى ولده (أي الأمير محمد حسين الخاتون آبادي) في كتابه الفيض القدسي، و هنا في هامش الحجريّة أشار إليه بقوله: (نسبة كتاب الحدائق المذكورة في رسالة الفيض القدسي إلى ولده المتقدم اشتباه، و تفطنّا بعد الطبع و اللّه العاصم).
2- ورد في المشجرة أنّه يروي عن الأمير محمد صالح شيخ ثالث هو: محمد نقهي.
3- و يروي الأمير محمد حسين، عن أبيه مرّة بدون واسطة، و اخرى عن طريق الشيخ أبي الحسن الشريف، انظر المشجرة.
4- تقدم في صحيفة: 56.

ص: 59

و المتبحّر الجليل السيد علي خان الشيرازي (1) المدني، شارح الصحيفة، و الصمدية، و غيرها. الذي يروي عن أبيه، عن آبائه، عن الإمام عليه السلام، كما مرّ في شرح الرضوي (2)، المتولّد في المدينة الطيّبة في جمادى الأولى سنة 1052.

و كان والده السيد نظام الدين أحمد، الفاضل الأديب، في حيدرآباد من ممالك الهند، صهرا لعبد اللّه قطب شاه- واليه- على بنته، فهاجر ولده إليه في سنة 1066، و لمّا توفي والده بعد سنة استدعاه السلطان فلاقاه في برهانبور فقرّبه و أدناه و جعله رئيسا على ألف و ثلاثمائة فارس، و أعطاه لقب الخان، و لمّا ذهب السلطان إلى بلد أحمد نكر جعله حارسا لأورنك آباد فأقام فيه مدة، ثم جعله واليا على ماهور و توابعه، ثم استعفى منه فجعله على ديوان برهانبور، و بعد مدة طلب الرخصة لزيارة الحرمين الشريفين، فأذن له فهاجر إلى الحجاز، ثم إلى العراق و زار أئمتها عليهم السلام، ثم سافر إلى أصفهان فعظّمه سلطان الوقت شاه سلطان حسين الصفوي و أكرمه، ثم رجع إلى وطنه الأصلي- شيراز- و أقام فيه، و صار مرجعا للفضلاء و استفادوا منه، و كان مقرّ بحثه في المدرسة المنصورية إلى أن توفي سنة 1120.

[الخامس الآغا محمّد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي الغروي]

ه- خامسهم (3): العالم الجليل آغا محمّد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي الغروي.

قال بحر العلوم في إجازته للسيد حيدر اليزدي: و ما أخبرنا به بالوجوه الثلاثة المذكورة شيخنا العالم العامل العارف، و استاذنا الفاضل، الحائز لأنواع


1- لم يذكر في المشجرة أنّ الأمير محمد حسين يروي عن السيد علي خان الشيرازي.
2- تقدم في الفائدة الثانية: صفحة: 243.
3- الطريق الخامس للسيد بحر العلوم.

ص: 60

العلوم و المعارف، جامع المعقول و المنقول، و مقرّر الفروع و الأصول، جمّ المناقب و المفاخر، محمّد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي.

و في إجازة العالم المحقق- صاحب القوانين- للفاضل الكامل آغا محمّد علي ما لفظه- بعد ذكر أوصافه-: ابن العالم العلم بل الأفضل الأكمل الأعلم، جامع المعقول و المنقول، حاوي الفروع و الأصول. إلى آخره.

و في تتميم الأمل بعد الترجمة: غوّاص تيار بحار العلوم، الثاقب لمكنونات درر الفهوم، الفاهم للطائف، المدرك للطرائف، دقيق النظر، رقيق الفكر، الجامع لأنواع العلوم الحقة، الحاوي لألوان المعارف المحقّقة، مدرسته دار الشفاء من أسقام الجهالات، كلماته إشارات إلى طرق النجاة، مواقفه شروح للمقاصد، مواطنه بيانات لتجريد العقائد، مطالع الأنوار أشرقت من فلق فمه، و طوالع الأسرار انجلت من مبسمه، شرح مختصر الأصول و حواشيه قد تجلّى من ألفاظه الرشيقة، و دقائق البيضاوي و شرح اللمعة من كلماته الدقيقة (1). حصّل في (2) أعظم بلاد عراق العجم أصبهان في عشر الخمسين بعد المائة و الالف من هجرة سيّد الانس و الجان عند أعاظم العلماء الكاملين في ذلك الزمان، ثم انتشر فضله في عراق العرب في مجاورة وصيّ من تشرّف به عدنان (3). انتهى.

قال (4) في آخر إجازته المبسوطة لبحر العلوم طاب ثراهما- و هي موجودة


1- في المصدر زيادة: شرح المفتاح و بيان معاني المطول لبس بالبديع إذ مؤلفوها أذعنت له بالفضل المنيع.
2- في الحجرية و المخطوط: وصل من. و لا يناسب قوله: عند أعاظم، و المثبت من المصدر أنسب و أتمّ للمعنى.
3- تتميم أمل الآمل: 76/ 28.
4- القائل هو: الهزارجريبي.

ص: 61

عندي بخطه الشريف كسائر إجازات مشايخه رحمهم اللّه بخطوطهم في مجموعة شريفة-: و اوصيه- أيّده اللّه- بالكدّ في تحصيل المقامات العالية الأخرويّة سيّما الجدّ في نشر أحاديث أهل بيت النبوّة و العصمة صلوات اللّه و سلامه عليهم، و رفض العلائق الدنيّة الدنيوية، و إيّاه و صرف نقد العمر العزيز في العلوم المموّهة الفلسفية فإنّها كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً (1). انتهى.

قلت: و لبحر العلوم أيضا كلام في التحذّر عنهم و عن طائفة أخرى تعد من إخوتهم.

قال (رحمه اللّه) في إجازته للعالم العامل السيد عبد الكريم بن السيد محمّد بن السيد جواد بن العالم الجليل السيد عبد اللّه- سبط المحدّث الجزائري- بعد كلام له في اعتناء السلف بالأحاديث و رعايتها دراية و رواية و حفظا، ما لفظه: ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات، جانبوا العلم و العلماء، و باينوا الفضل و الفضلاء، عمروا الخراب و أخلدوا إلى التراب، نسوا الحساب و طلبوا السراب، سكنوا البلدة الجلحاء (2) و توطّنوا القرية الوحشاء، اطمأنوا بمسرّات الأيام الممزوجة بالهموم و الآلام، و استلذوا لذائذها المعجونة بأقسام السموم و الأسقام.

فهم بين من اتخذ العلم ظهريّا و العلماء سخريّا، و أولئك هم العوام الذين سبيلهم سبيل الأنعام، فهم في غيّهم يتردّدون، و في تيههم يعمهون.

و بين من سمّى جهالة اكتسبها من رؤساء الكفر و الضلالة- المنكرين للنبوة و الرسالة- حكمة و علما، و اتخذ من سبقه إليها أئمة و قادة، يقتفي آثارهم و يتبع منارهم، يدخل فيما دخلوا و إن خالف نصّ الكتاب، و يخرج عمّا خرجوا و إن كان ذلك هو الحق الصواب، فهذا من أعداء الدين، و السعاة في هدم


1- النور 24: 39.
2- الجلحاء: الجرداء، الأرض التي لا شجر فيها انظر (القاموس المحيط- جلح- 1: 218)

ص: 62

شريعة سيد المرسلين، و هو مع ذلك يزعم أنه بمكان مكين، و لا يدري أنّه لا يزن عند اللّه جناح بعوض مهين.

و ثالث: رضى من العلم بادّعاء العجائب في الذات و الصفات و الأسماء و الأفعال، و الوصال المغني عن الأعمال، المشوّش لقلوب الرعاع و الجهال، و هؤلاء هم الباطنية من أهل البدع و الأهواء، المنتمين إلى الفقر و الفناء، و هم أضرّ شي ء في البلاد على ضعفاء العباد.

و رابع: قد غرته الدنيا و استهوته ملاذها و نعيمها و زبرجها، حتى غلب عليه حبّ الجاه و الاعتبار، و الرئاسة الباطلة المفضية إلى الهلاك و البوار، فهمّة هذا و أشباهه في تحصيل العلم تحصيل الرسم و تشهير الاسم، و غرضهم الأصلي ليس إلّا الجدل و المراء، و الاستطالة على أشباههم من أشباه العلماء، و التوصل إلى حطام الدنيا بالخبّ (1) و الختل، و السعي في جلبها بجميع الوجوه و الحيل، و حسب هؤلاء القوم من تحصيلهم هذا:

دعاء أمير المؤمنين و إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام: بإعماء الخبر و قطع الأثر أو بدقّ الخيشوم (2) و جزّ الحيزوم (3).

و قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: (من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّأ مقعده من النار) (4). و كفاهم خزيا و ذلا تشبيههم في كلام الملك الجبّار تارة بالكلب، و الأخرى بالحمار الذي يحمل الاسفار، ذلك الخزي الشنيع، و الذلّ الفظيع، أعاذنا اللّه و جميع الطالبين من موجبات الآثام، و من أخلاق هؤلاء اللئام.


1- الخبّ: المكر و الخداع. (لسان العرب- خبب- 1: 342)
2- الخيشوم: أقصى الأنف. (لسان العرب- خشم- 12: 178)
3- الحيزوم: الصدر. (لسان العرب- حزم- 12: 132)
4- الكافي 1: 37/ 6، اعلام الدين: 90، بحار الأنوار 2: 38/ 65.

ص: 63

ثم ذكر الصنف الخامس: و هم العلماء العاملون، و الطالبون المجتهدون، الذين هم الأقلون عددا، و الأعلون قدرا، و الأسمون رتبة و ذكرا.

انتهى المقصود من كلامه الشريف (1).

عن شيخيه الجليلين المحققين: أستاذه في العلوم العقلية و النقلية الحاج الشيخ محمّد بن الحاج محمّد زمان، القاساني أصلا، و الأصفهاني رئاسة، و النجفي خاتمة، صاحب المؤلفات العديدة التي منها: الاثنى عشرية في [تحقيق] (2) أمر القبلة. كما في الروضات (3).

و الفقيه النبيل الآميرزا إبراهيم بن الآميرزا غياث الدين محمّد الأصفهاني الخوزاني، قاضي أصبهان (4)، ثم قاضي العسكري النادري.

قال في التتميم بعد الترجمة: أعجوبة الدهر و أغروبة الزمان، فاضل عزّ مثله في زمانه بل في سائر الأزمان، كان متمهرا في الفقه و أصوله، حاذقا في الحكمة و فصولها، دقيق الذهن جيّد الفهم، عميق الفكر كامل العلم، صاحب التقرير الفائق، و التحرير الرائق. قال: و كان رحمه اللّه حلو الكلام خليقا، حسن الاعتقاد، له رسالة في (تحريم الغناء- ردّا على رسالة الفاضل المعظّم


1- إجازة السيد بحر العلوم للسيد عبد الكريم الجزائري: مخطوطة.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
3- روضات الجنات 7: 124/ 612.
4- حاء في المشجرة أن للمولى محمد باقر الهزارجريبي طريقين، ثانيهما: الأمير محمد حسين بن مير محمد صالح الخاتون آبادي و قد ذكره هنا في الطبقة الخامسة، و عليه فطريقه إليه بواسطة.

ص: 64

السيد ماجد الكاشي- و رسالة في) أنّ الدراهم و الدنانير مثليان أو قيميان، قتل سنة (1) [1100] (2).

بحق روايتهما.

عن شيخ الإسلام و معاذ المسلمين الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي، المتقدّم (3).

و الفقيه العالم الورع التقي الحاج محمّد طاهر بن الحاج مقصود علي الأصبهاني.

و العالم الشيخ حسين الماحوزي (4).

و الشيخ الفاضل الكامل المولى محمّد قاسم بن محمّد رضا الهزارجريبي رحمهم اللّه تعالى جميعا (5).

عن العلّامة المجلسي رحمه اللّه.

[السادس الشيخ أبو صالح محمّد مهدي بن بهاء الدين محمّد الفتوني العاملي النجفي]

و- سادسهم: نخبة الفقهاء و المحدّثين، و زبدة العلماء العاملين، أبو صالح الشيخ محمّد مهدي بن بهاء الدين محمّد الفتوني العاملي النجفي.

عن شيخه الأعظم أبي الحسن الشريف العاملي (رحمه اللّه) (6).


1- تتميم أمل الآمل: 57/ 7، و ما بين القوسين ساقط من المخطوط. و المراد من السيد ماجد الكاشي هو: البحراني.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من أعيان الشيعة 2: 203، إذ إنّ سنة القتل لم ترد لا في الأصل و الحجريّة و لا في التتميم.
3- تقدم في صحيفة: 57.
4- ورد في المشجرة ان الشيخ حسين الماحوزي يروي عن العلّامة المجلسي بواسطة الشيخ سليمان الماحوزي- صاحب المعراج- لا كما ذكر أنّه يروي عنه بلا واسطة.
5- لم نجد لهؤلاء الأربعة عدا المولى الخاتون آبادي في المشجرة طريقا إلى العلّامة المجلسي.
6- لم يذكر للسيد بحر العلوم في المشجرة هذا الطريق و قد سبق أن أشرنا إلى أنّ الشيخ أبا الحسن الشريف العاملي يروي عن العلّامة المجلسي بلا واسطة، انظر المشجرة.

ص: 65

[السابع الشيخ يوسف الدرازي البحراني الحائري]

ز- سابعهم (1): العالم العامل المحدّث الكامل، الفقيه الرباني، الشيخ يوسف ابن الأجلّ الأمجد الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم الدرازي البحراني الحائري.

المتولد سنة 1107، المتوفى بعد الظهر يوم السبت الرابع من شهر ربيع الأول سنة 1186، و تولّى غسله- كما في رجال أبي علي- المقدّس- التقي الشيخ محمّد علي الشهير بابن سلطان، قال: و صلّى عليه الأستاذ- يعني الأستاذ الأكبر البهبهاني- و اجتمع خلف جنازته جمع كثير، و جمّ غفير، مع خلوّ البلاد من أهاليها، و تشتّت شمل ساكنيها لحادثة نزلت بهم في ذلك العام من حوادث الأيام (2).

و مراده بالحادثة الطاعون العظيم الذي كان في تلك السنة في العراق، و هاجر فيها السيد بحر العلوم إلى مشهد الرضا عليه السلام ثم رجع إلى أصفهان، كما قال السيد الأجل الأمير عبد الباقي في إجازته له: ثم من طوارق الحدثان و سانح الزمان أنّ في عام ست و ثمانين بعد المائة و الألف حدث في بغداد و نواحيها من المشاهد المشرّفة و غيرها من القرى و البلدان طاعون شديد، لم يسمع مثله في تلك الديار في الدهور و الأعصار، فهلك خلق كثير و هرب جمّ غفير، و من مجاوري المشهد الغري السيد السند الجليل. إلى آخره.

و له (رحمه اللّه) تصانيف رائقة نافعة جامعة أحسنها الحدائق الناضرة، ثم الدرر النجفية و غيرها من الكتب و الرسائل.

و قد ابتلي في أواخر عمره بثقل السامعة كما أشار إليه السيد المحقّق البغدادي في رسالته التي شرح فيها مقدمات الحدائق و جرحها.

و دفن رحمه اللّه في الرواق عند رجلي أبي عبد اللّه عليه السلام ممّا يقرب


1- الطريق السابع للسيد بحر العلوم.
2- منتهى المقال (رجال أبو علي): 334.

ص: 66

من الشباك المبوّب المقابل لقبور الشهداء.

1- عن شيخه الفاضل العلّامة، و أستاذه الكامل الفهّامة، الشيخ حسين بن الشيخ محمّد جعفر الماحوزي البحراني (1)، الذي صرّح في اللؤلؤة:

بأنّه بلغ من العمر إلى ما يقارب تسعين سنة و مع ذلك لم يتغيّر ذهنه، و لا شي ء من حواسه (2).

و في تتميم الأمل: استطار فضله في الآفاق، و استنارت البلدان بذكر اسمه مع ما فيها من ظلمات الشقاق، فتلقى علماؤها فضله بالقبول بالاتفاق، بلا منازعة و لا مماراة و لا نفاق. و بالجملة كان رحمه اللّه في عصره مسلّم الكلّ، لا يخالف فيه أحد من أهل العقد و الحل، حتى أنّ السيد الأجلّ و السند الأبجل السيد صدر الدين محمّد، المجاور للنجف الأشرف- مع ما كان فيه من الفضل الرائق و التحقيق الفائق- كان أمسك عن الإفتاء حين تشرّف الشيخ بزيارة أئمة العراق عليهم السلام، و وكلها إليه، على ما أخبرني به الفاضل الحاج محمّد حسين نيلفروش (3).

قال: و ممّا نقل عنه أنّه رحمه اللّه كان يرى من الواجب على العلماء


1- هو الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن جعفر البحراني الماحوزي. انظر لؤلؤة البحرين: 6/ 1، و أنوار البدرين: 176/ 79.
2- لؤلؤة البحرين: 60.
3- ورد في هامش الحجريّة: قال في الكتاب المذكور [تتميم أمل الآمل: 133/ 85] انّه الأصفهاني المعروف بنيلفروش، كان عالما ذا فضل متين، و فاضلا ذا علم رزين، تلمّذ عند استاذنا الفاضل العلّامة مولانا علي أصغر.

ص: 67

و العدول تقسيم الوجوه التي يجعلها الظلمة على الناس و يصادرونهم بها بينهم، مع مراعاة ضعيفهم و قويّهم، و يسرهم و فقرهم، لئلا يحترق الضعيف و يتضرّر، قيل: و كان رحمه اللّه يباشر ذلك بنفسه (1).

2- و شيخه (2) الكامل العالم الشيخ عبد اللّه بن الشيخ علي بن أحمد البحراني البلادي (3)، صاحب الرسائل المتعددة في المعقول، المتوفى في شيراز في سنة 1148- عام جلوس نادر شاه- المدفون في جوار السيد أحمد شاه جراغ (4).

عن شيخهما- علّامة الزمان و نادرة الأوان- الشيخ سليمان بن الشيخ عبد اللّه الماحوزي البحراني، المحقّق المدقّق، صاحب المؤلفات الأنيقة التي منها كتاب الأربعين في الإمامة و هو- كما في اللؤلؤة- أحسن تصانيفه (5)، و هو صاحب المعراج- شرح فهرست الشيخ إلى آخر باب التاء المثناة من فوق- و قد أكثر من النقل عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة، و غيرها. توفّي- و عمره يقرب من خمسين- سابع عشر شهر رجب سنة 1121.

عن شيخه و أستاذه الفقيه النبيه الشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني، المتوفى سنة 1101.


1- تتميم أمل الآمل: 117/ 70.
2- أي الشيخ الثاني للشيخ يوسف البحراني.
3- أضاف في المشجرة للشيخ يوسف البحراني شيخان آخران هما:
4- هو السيد أحمد بن الامام موسى بن جعفر عليه السلام، و شاه جراغ لقب غلب عليه، و معناه:
5- لؤلؤة البحرين: 10.

ص: 68

عن شيخه العلّامة الشيخ علي بن سليمان البحراني (1) القدمي الملقب بزين الدين، المشتهر في ديار العجم بأمّ الحديث، لشدّة ملازمته و ممارسته للحديث، و هو أوّل من نشر علمه في بلاد البحرين و صار رئيسا فيها، المتوفى سنة 1064.

عن شيخ الإسلام و المسلمين بهاء الملّة و الدين العاملي.

(حيلولة):

و عن شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي (2).

عن المحقّق الزاهد العابد الشيخ أحمد بن الشيخ الفاضل الأسعد الشيخ محمّد بن يوسف المقابي البحراني، المتوفى سنة 1102 بالطاعون في العراق، المدفون في جوار الإمامين الكاظمين عليهما السلام، صاحب رياض الدلائل و حياض المسائل. و غيرها من الرسائل. الذي قال في حقه العلّامة المجلسي رحمه اللّه: إنه كان من غرائب الزمان، و غلط الدهر الخوّان، بل من فضل اللّه عليّ و نعمته البالغة لديّ، اتفاق صحبة المولى الأولى الفاضل الكامل الورع البارع التقي الزكي، جامع فنون الفضائل و الكمالات، حائز قصب السبق في مضامير السعادات، ذي الأخلاق المرضيّة، و الأعراق الطيّبة البهيّة، علم التحقيق و طود التدقيق، العالم النحرير، و الفائق في التحرير و التقرير، كشّاف دقائق المعاني، الشيخ أحمد البحراني- أدام اللّه تعالى أيامه، و قرن


1- يروي الشيخ علي بن سليمان البحراني (أم الحديث) عن العلامة المجلسي أيضا كما في المشجرة، و لكن الطبقة لا تساعد عليه كما لا يخفى، و في المشجرة ذكر دائرة أخرى لعلي بن سليمان البحراني و ذكر روايته عن المولى محمد تقي المجلسي، و كذلك عن الشيخ محمد بن يوسف، و لم يذكر من يروي عنه و لا أدري من هو؟ و قد أورده في المشجرة: علي بن سلمان لا سليمان فلا حظ.
2- لا يوجد في المشجرة هذا الطريق للشيخ سليمان الماحوزي، و يحتمل كونه الشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني المتوفى سنة 1101، و هو يروي عن شيخه الشيخ أحمد البحريني على نحو التدبيج. انظر المشجرة.

ص: 69

بالسعود شهوره و أعوامه- فوجدته بحرا زاخرا في العلم لا يساجل، و ألفيته حبرا ماهرا في الفضل لا يناضل (1).

أ- عن العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) (2).

ب- و عن والده (3) الفقيه الشيخ محمّد بن يوسف، الماهر في العلوم العقلية و الرياضية، المتوفى سنة 1103.

ج- و (4) عن الشيخ علي بن سليمان القدمي، المتقدّم (5).

د- و (6) عن المحدّث العلّامة السيد محمّد مؤمن بن دوست محمد الحسيني (7) الأسترآبادي- المجاور بمكة المعظّمة- العالم الفاضل، الفقيه المحدّث، الشهيد بالحرم الشريف الإلهي في سنة 1088 عداوة من أهل السنة. و هو صهر المحدّث الأسترآبادي على بنته.

و كيفية شهادته على ما في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر في ترجمة الشيخ الحرّ العاملي، قال- نقلا عن السلافة-: انّه قدم مكة في سنة


1- بحار الأنوار 105: 91.
2- ورد في المشجرة رواية الشيخ سليمان بن الشيخ عبد اللّه الماحوزي البحراني عن العلّامة المجلسي بلا واسطة، و لم يتعرض له في المستدرك.
3- أورد في المشجرة رواية الشيخ سليمان الماحوزي عن الشيخ محمد بن يوسف بلا واسطة، هذا و للشيخ محمد بن يوسف دائرتان في المشجرة.
4- في المخطوطة «الواو» ساقطة. هذا و في المشجرة عكس الأمر، حيث أشار إلى رواية الشيخ علي، عن الشيخ محمد بن يوسف.
5- تقدّم في صحيفة: 68.
6- في المخطوطة «الواو» ساقطة.
7- أورد في المشجرة للشيخ أحمد بن محمد بن يوسف ثلاثة طرق هي:

ص: 70

سبع أو ثمان و ثمانين و ألف، و في الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لمّا اتهموهم بتلويث البيت الشريف حين وجد ملوثا بالعذرة، و كان صاحب الترجمة قد أنذرهم بالواقعة بيومين، و أمرهم بلزوم بيوتهم لمعرفته- على ما زعموا- بالرمل، فلمّا حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فالتجأ إلى السيد موسى بن سليمان أحد أشراف مكة الحسنيين و سأله أن يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله إليها (1).

قلت: و هذه القصة التي ذكرها أفضح فضيحة، و ما أظنّ أنّ أحدا ممّن فيه شمّة من الإسلام بل فيه شمّة من العقل يجترئ على مثلها، و حاصلها: أنّ بعض سدنة البيت- شرّفه اللّه تعالى- اطّلع على التلويث فأشاع الخبر، و كثر اللغط بسبب ذلك، و اجتمع خاصة أهل مكة و شريفها الشريف بركات و قاضيها محمّد ميرزا و تفاوضوا في هذا الأمر، فانقدح في خواطرهم أن يكون هذا التجرّي من الرافضة و جزموا به، و أشاروا فيما بينهم أن يقتل كلّ من وجد ممّن اشتهر عنه الرفض و وسم به، فجاء الأتراك و بعض أهل مكة إلى الحرم فصادفوا خمسة انفار من القوم و فيهم السيد محمّد مؤمن و كان- كما أخبرت به- رجلا مسنا متعبدا متزهدا إلّا أنّه معروف بالتشيع فقتلوه و قتلوا الأربع الأخر، و فشا الخبر فاختفى القوم المعروفون بأجمعهم، و وقع التفتيش على المتعيّنين منهم، و منهم صاحب الترجمة- أعني الحرّ العاملي- فالتجأوا إلى الأشراف و نجوا انتهى (2).

و هذا السيد السعيد الشهيد- صاحب كتاب الرجعة- يروي:

عن طود العلم المنيف، و عضد الدين الحنيف، السيد نور الدين علي ابن السيد علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي الحسيني العاملي الجبعي ثم


1- سلافة العصر: لم نعثر عليه فيه.
2- أمل الآمل 1: 5، خلاصة الأثر 3: 432.

ص: 71

المكي- أخي صاحب المدارك لأبيه، و أخي صاحب المعالم لأمه- المتولّد سنة 970، المتوفى في ذي الحجّة سنة 1068، صاحب الفوائد المكية في الرّد على الفوائد المدنية، و الأنوار البهيّة- شرح الاثنى عشرية في الصلاة للشيخ البهائي-. و غيرهما.

عن شيخيه الجليلين الأخوين المذكورين، صاحبي المعالم و المدارك (1).

(حيلولة):

و عن الشيخ سليمان الشاحوري، المتقدم (2).

عن الشيخين الجليلين و العالمين النبيلين: الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني، المهاجر إلى بلاد الهند المستوطن في حيدرآباد، الذي كان علما للعباد، و مرجعا في البلاد، و منهلا عذبا للورّاد، المتوفى سنة 1088- كما في اللؤلؤة- (3).

و لكن في مجموعة شريفة كالتأريخ لبعض المعاصرين له من العلماء، و الظاهر أنّه للفاضل الماهر المولى محمد مؤمن الجزائري (4)- صاحب كتاب طيف


1- ذكر الشيخ النوري (رحمه اللّه) في المشجرة للشيخ سليمان الماحوزي البحراني ستّة طرق:
2- الحيلولة: الطريق الثاني للشيخ سليمان الشاخوري. و تقدّم في صحيفة: 67.
3- لؤلؤة البحرين: 70/ 23.
4- لشيخنا آغا بزرك الطهراني حاشية هنا نذكرها تعميما للفائدة: المولى محمد مؤمن الجزائري ابن الحاج محمد قاسم، ولد في سنة 1074، و لم يذكر أنّ والده كان من أهل العلم. ثمّ إنّ عبد اللّه قطبشاه توفي سنة 1083، فوفود الوالد الماجد مدّ ظلّه في سنة 1087 يكون بعد موته بسنين.

ص: 72

الخيال، و خزانة الخيال، و غيرهما- قال ما لفظه: ثلم ثلمة في الدين بموت الشيخ الجليل و المولى النبيل، الذي زاد به الدين رفعة فشاد دروس العلم بعد دروسها، و أحيا موات العلم منه بهمّة يلوح على الإسلام نور شموسها، في تألّه و تنسك، و تعلّق بالتقدّس و التمسك، و عفة و زهادة و صلاح وطّد به مهاده، و عمل زاد به علمه، و وقار حلّي به حلمه، و سخاء يخجل به البحار، و خلق يزهو على نسائم الأسحار.

باهت به أعيان الأكابر، و فاهت بفضله ألسن الأفاخر، العالم العامل الرباني، الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني، و كان ذلك في أواخر السنة الحادية و التسعين بعد الالف.

انتقل في عنفوان شبابه و قبل بلوغ نصابه، الى بلاد فارس الطيّبة المفارغ و المغارس، لا زال أهل الفضل له محارس، و توطّن فيها بشيراز صينت عن الإعواز، و اشتغل على علمائها بالتحصيل، و تهذيب النفس بالمعارف و التكميل، حتى فاق أترابه و أقرانه، فرقى المكارم ذراها، و برع في الأصول و الفروع فتمسك من المحامد بأوثق عراها، ثم انتقل منها إلى حيدرآباد من البلاد الهندية، لا أضحت (1) أرضها ما دامت السموات و الأرض مخضرة ندية، و وفد على سلطانها عبد اللّه قطب شاه فاشتهر بها أمره، و علا بمساعدة الجدّ ذكره، فصار فيها رئيس الفضلاء، و ملجأ الأعاظم و الأمراء، فجمع اللّه له شمل الدين و الدنيا، و شيّد أركانهما و شاد، و أخذ لسان حاله يتمثّل بقول من أنشد و أجاد:

ما أحسن الدين و الدنيا إذا اجتمعاو أقبح الكفر و الإفلاس بالرجل


1- كذا، و الصواب: لا زالت.

ص: 73

و وفد عليها والدي الماجد مدّ ظله سنة سبع و ثمانين بعد الالف من الهجرة، فأوصل إليه من السلطان ألوفا، و جعل ذلك في مسامع الفيّاضين و آذانهم قروطا و شنوفا، حسب ما اقتضته القرابة القريبة. إلى أن قال: و له رحمه اللّه تصانيف شتّى، و تعليقات لا تحصى، في علميّ التفسير و الحديث و علوم العربية و غيرها. إلى أن عدّ منها اللباب الذي أرسله إلى تلميذه العالم الجليل السيّد علي خان، و جرى بينهما أبيات فيه (1).

و من ذلك تعرف ما في اللؤلؤة و هو قوله: و لم أقف للشيخ جعفر المذكور على شي ء من المصنّفات (2)

و الشيخ الفاضل الفقيه السديد في ذات اللّه الشيخ صالح بن عبد الكريم الكزكراني (3) البحراني، المتوطّن في بلاد شيراز، المنتهى إليه رئاستها، مؤلّف الرسالة في تفسير الأسماء الحسنى، و أخرى في الجنائز، و أخرى في الخمر (4).

كلاهما عن السيد نور الدين العاملي، المتقدّم (5).


1- انتهى ما في المجموعة.
2- لؤلؤة البحرين: 70/ 23، وجه إيراد الشيخ النوري لهذه العبارة هو من باب التعجب و عدم القبول، إذ كيف لم يقف له على شي ء من المصنّفات مع ما عرف عنه (رحمه اللّه) بكثرة تصانيفه و تعليقاته إلى آخر ما ذكر في المجموعة الشريفة.
3- كذا في الحجريّة، و الظاهر أنّها تصحيف عن الكرزكاني: نسبة إلى كرزكان بالكاف أولا ثمّ الراء ثمّ الزاي ثمّ الكاف المشدّدة بعدها الألف و النون، قرية من قرى البحرين. انظر هامش لؤلؤة البحرين: 69.
4- ذكر المصنّف (رحمه اللّه) للشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني هنا ثلاث طرق هم:
5- تقدّم في صحيفة: 70.

ص: 74

و يروي عن الشيخ صالح- المذكور-: الشيخ سليمان الماحوزي، المتقدّم ذكره (1).

(حيلولة):

و عن شيخنا صاحب الحدائق.

1- عن الشيخ عبد اللّه البلادي (2).

2- عن الفاضل الجليل الشيخ علي بن العالم الشيخ حسن بن الفاضل الشيخ يوسف- المذكور في أمل الآمل (3) بالفضل و التبحر- بن الشيخ حسن البحراني البلادي.

عن الشيخ محمّد بن ماجد بن مسعود البحراني الماحوزي، المحقّق المدقّق الفقيه، صاحب الروضة الصفوية في فقه الصلاة اليومية، و غيرها.

المتوفى في حدود سنة 1105- عام جلوس الشاه سلطان حسين الصفوي- و عمره يقرب من سبعين. و انتقلت الرئاسة بعده إلى صهره على بنته العالم الجليل الشيخ سليمان الماحوزي الذي يروي عنه.

عن العلامة المجلسي رحمه اللّه.

(حيلولة):

و عن الشيخ عبد اللّه البلادي (4).

3- عن الشيخ محمود بن عبد السلام الأوالي البحراني، الذي بلغ من


1- تقدم في صحيفة: 67
2- الحيلولة: الطريق الثاني لصاحب الحدائق و قد مرّت رواية الشيخ عبد اللّه البلادي عن الشيخ سليمان الماحوزي، و هذا طريق آخر.
3- أمل الآمل: 2: 349/ 1078.
4- الحيلولة: الطريق الثالث للشيخ عبد اللّه البلادي.

ص: 75

العمر إلى ما يقرب من مائة سنة.

1- عن السيد الأجلّ المعروف بالعلّامة السيد هاشم بن السيد سليمان ابن السيد إسماعيل بن السيد جواد التوبلي البحراني، صاحب المؤلفات الشائعة الرائقة، المنتهى إليه رئاسة بلاده بعد الشيخ محمّد بن ماجد، فتولّى القضاء و الأمور الحسبيّة- كما في اللؤلؤة- أحسن قيام، و قمع أيدي الظلمة و الحكام، و نشر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بالغ في ذلك و أكثر، و لم تأخذه لومة لائم في الدين، و كان من الأتقياء الورعين، شديدا على الملوك و السلاطين، توفي سنة 1109 أو سنة 1107 (1).

عن العالم الزاهد المتبحّر الجليل الشيخ فخر الدين بن محمّد بن علي بن أحمد بن طريح الرماحي المسلمي النجفي المعروف بالشيخ الطريحي (2)، صاحب كتاب مجمع البحرين، و المنتخب، و جامع المقال في تمييز المشتركة من الرجال، و الظاهر أنّه أوّل من أفرده بالتأليف.

و هو- كما في الرياض-: أعبد أهل زمانه و أورعهم، و من تقواه أنّه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالإبريسم و كان يخيط ثيابه بالقطن. و كان هو و ولده الشيخ صفي الدين و أولاد أخيه و أقرباؤه كلّهم علماء فضلاء صلحاء أتقياء. توفّي (رحمه اللّه) سنة 1085 (3).

و عن مفتتح المقال للشيخ حسن البلاغي النجفي أنّه توفي في رماحية، و نقل إلى النجف الأشرف و دفن في ظهر الغري، و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم


1- لؤلؤة البحرين: 63/ 19 بتصرف.
2- في المشجرة لم يذكر أن السيد هاشم التوبلي البحراني يروي عن الشيخ الطريحي بل يروي عن السيد نعمة اللّه الجزائري المتوفّى سنة 1112 ه.
3- رياض العلماء 4: 332.

ص: 76

منه من كثرة الناس للصلاة عليه، و كثرة البكاء من المخالف و المؤالف (1).

عن العالم الفاضل الشيخ محمّد بن جابر النجفي (2).

عن الشيخ محمود حسام الدين الجزائري (3).

عن الشيخ البهائي (رحمه اللّه) كذا ذكر الشيخ يوسف في اللؤلؤة (4) و في إجازته للعلّامة الطباطبائي بخطه الشريف.

و لكن في إجازة العالم الفاضل حسام الدين بن جمال الدين الطريحي (5) للشيخ يونس بن الشيخ ياسين النجفي- و هي عندي بخطه- ما صورته: عن شيخي و أستاذي، و من عليه في جميع العلوم الشرعية اعتمادي، عمّي العالم العلّامة الرباني فخر المحقّقين الثاني الشهير بالطريحي النجفي المسلمي، عن شيخه الفاضل الكامل، نتيجة الإكرام الأعلام الشيخ محمود (6) حسام الدين، عن شيخه المحقق المدقق أفضل المتأخرين و أكمل المتبحّرين بهاء الملّة و الدين. إلى آخره.

و يحتمل أن يكون في الأصل الذي أخذه (الواو) بدل (عن) فعكس في


1- مفتتح المقال: مخطوط.
2- لم يرد في المشجرة رواية الشيخ الطريحي عن الشيخ محمد بن جابر النجفي بل ورد روايته عن الشيخ جعفر بن جابر و محمد بن الحسام المشرقي، فلا حظ.
3- في اللّؤلؤة: 68، محمود بن حسام الدين.
4- لؤلؤة البحرين: 68.
5- في هامش الحجريّة: في أمل الآمل: [2: 59/ 151]:
6- كذا في الحجريّة، و في اللؤلؤة: 68: محمود بن حسام الدين.

ص: 77

الكتابة من طغيان القلم (1).

و الحسام هذا هو حسام الدين بن درويش علي الحلي النجفي الذي يروي عنه الشيخ جعفر البحريني- المتقدّم (2)- شيخ السيد علي خان، الذي صرّح في أول شرح الصحيفة بروايته عنه بقوله: عن شيخه الفاضل زبدة المجتهدين حسام الدين الحلّي (3).

(حيلولة):

و عن الشيخ محمود بن عبد السلام البحراني (4).

2- عن العالم المتبحّر الجليل الشيخ محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين الحرّ العاملي المشغري، المتولّد ليلة الجمعة 8 رجب سنة 1033، المتوفى في الواحد و العشرين من شهر رمضان سنة 1104، صاحب التصانيف الرائقة التي منها كتاب الوسائل الذي هو كالبحر الذي ليس له ساحل. و كان متوطّنا في المشهد الرضوي، و اعطى فيه منصب قضاء القضاة و شيخوخة الإسلام.

1- عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه) (5).


1- الطريق المتقدم للشيخ الطريحي هو: الشيخ فخر الدين الطريحي، عن الشيخ محمد بن جابر النجفي، عن الشيخ محمود حسام الدين الجزائري، عن الشيخ البهائي.
2- تقدم في صحيفة: 71
3- رياض السالكين 1: 49.
4- الحيلولة: الطريق الثاني للشيخ محمود بن عبد السلام البحراني.
5- الحر العاملي يروي عن العلامة المجلسي مدبجا في المشجرة.

ص: 78

2- و عن الشيخ الجليل الأوحد الشيخ زين الدين- سبط الشهيد الثاني- المتولّد سنة 1009، المتوفى بمكة المعظّمة- بعد مجاورتها مدة- سنة 1094، المدفون مع والده في (المعلى) من مقابر مكة المشرّفة.

أ- عن شيخه- الذي قرأ عليه مدة- الشيخ البهائي.

ب- و عن والده (1) المعظّم أعجوبة الزمان في الفهم و الدقة و الفضل و الورع أبي جعفر الشيخ محمّد بن المحقّق- صاحب المعالم- صاحب المؤلفات الأنيقة التي منها شرح الإستبصار الذي هو على منوال مجمع البيان، و قد نبّه فيه- فيما يتعلق بالسند- على أمور تنبئ عن (2) طول تبحره، و دقة فهمه و جودة ذهنه، و أغلب ما يوجد في تعليقة الأستاذ الأكبر من المطالب الرجالية موجود فيه، و إن حقّقه و هذّبه الأستاذ بما لا مزيد عليه.

و كان من العلماء الربانيين الذين صاروا محلا للإلطاف الخاصة الإلهية.

ذكر ولده العالم الجليل الشيخ علي السبط في الدرّ المنثور: من جملة احتياطه


1- يرجى ملاحظة ما يلي:
2- في الحجريّة: على.

ص: 79

و تقواه أنّه بلغه أنّ بعض أهل العراق لا يخرج الزكاة، فكان كلما اشترى من القوت شيئا زكويّا زكّاه قبل أن يتصرف فيه.

و أرسل إليه الأمير يونس بن حرفوش رحمه اللّه إلى مكة المشرّفة خمسمائة قرش- و كان هذا الرجل له أملاك من زرع و بساتين و غير ذلك، يتوقى أن يدخل الحرام فيها- و أرسل إليه معها كتابة مشتملة على آداب و تواضع، و كان له فيه اعتقاد زائد، و التمس منه أن يقبل ذلك، و أنه من خالص ماله الحلال و قد زكّاه و خمّسه فأبى أن يقبل، فقال له الرسول: إنّ أهلك و أولادك في بلاد هذا الرجل و له بك تمام الاعتقاد، و له على أولادك و عيالك شفقة زائدة فلا ينبغي أن تجبهه بالرد، فقال: إن كان و لا بدّ من ذلك فأبقها عندك و اشتر في هذه السنة بمائة قرش منها شيئا من العود و القماش و غيره، و نرسله إليه على وجه الهدية، و هكذا نفعل كل سنة حتى لا يبقى منه شي ء، فأرسل له ذلك تلك السنة و انتقل إلى رحمة اللّه و رضوانه.

و طلبه سلطان ذلك الزمان- عفى اللّه عنه- مرة من العراق فأبى ذلك، و طلبه من مكة المشرفة فأبى، فبلغه أنّه يعيد عليه أمر الطلب و هكذا صار فإنه عيّن له مبلغا لخرج الطريق، و كان يكتب له ما يتضمن تمام اللطف و التواضع، و بلغني أنّه قيل له: إذا لم تقبل الإجابة فاكتب له جوابا، فقال: إن كتبت شيئا بغير دعاء له كان ذلك غير لائق، و إن دعوت له فقد نهينا عن مثل ذلك، فألحّ عليه بعض أصحابه و بعد التأمّل قال: ورد حديث يتضمن جواز الدعاء لمثله بالهداية، فكتب له كتابة و كتب فيها من الدعاء: هداه اللّه، لا غير.

و أخبرتني زوجته بنت السيد محمّد بن أبي الحسن رحمه اللّه و أم ولده: إنّه لمّا توفي كن يسمعن عنده تلاوة القرآن طول تلك الليلة.

و مما هو مشهور: أنّه كان طائفا فجاء رجل و أعطاه وردا من ورود شتّى، ليست من ورود تلك البلاد و لا في ذلك الأوان، فقال له: من أين أتيت؟

ص: 80

فقال: من هذه الخرابات، ثم أراد أن يراه بعد ذلك السؤال فلم يره.

و رأيت في شرحه على الاستبصار- و هو عندي الآن بخط الشيخ حسين المشغري رحمه اللّه و كان ممّن صاحبه و استفاد منه في مكة المشرفة- ما لفظه:

انتقل مؤلّف هذا الكتاب- و هو الشيخ السعيد الحميد بقية العلماء الماضين و خلف الكملاء الراسخين، أعني شيخنا و مولانا و من استفدنا من بركاته العلوم الشرعية من الحديث و الفروع و الرجال و غيرها- الشيخ محمّد ابن ابن الشهيد الثاني، من دار الغرور إلى دار السرور ليلة الاثنين العاشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة ثلاثين بعد الألف من هجرة سيد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله.

و قد سمعت منه قدس اللّه روحه قبيل انتقاله بأيام قلائل مشافهة و هو يقول لي: إنّي أنتقل في هذه الأيام عسى اللّه أن يعينني عليها، و كذا سمعه غيري، و ذلك في مكة المشرفة، و دفنّاه- برد اللّه مضجعه- في (المعلى) قريبا من مزار خديجة الكبرى. حرّره الفقير إلى اللّه الغني حسين بن الحسن العاملي المشغري- عامله اللّه تعالى بلطفه الخفي بالنبي و الولي و الصحب الوفي- في التاريخ المذكور. انتهى (1).

قلت: أما قصة الورد ففي البحار: أخبرني جماعة، عن جماعة، عن السيد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأسترآبادي- نوّر اللّه مرقده- أنّه قال: إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت اللّه الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف، فلمّا قرب مني أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه، فأخذت منه و شممته و قلت له: من أين يا سيدي؟ قال: من الخرابات، ثم غاب عني فلم أره (2). انتهى.


1- الدر المنثور 2: 211.
2- بحار الأنوار 52: 176.

ص: 81

و السيد هذا هو استاد الشيخ محمّد رحمه اللّه و ممّن تلمّذ عليه أيام مجاورته بمكة المشرفة، و يعبّر عنه في شرحه على الاستبصار بقوله: شيخنا المحقّق ميرزا محمّد أيّده اللّه. و أمثاله. فبملاحظة الاشتراك في الاسم، و الاتحاد في المكان و الزمان، و أصل القضية، ربّما يظن وحدة الحكاية و توهّم الراوي في أحدهما، و يحتمل التعدد، فما هو من ألطاف اللطيف العزيز بعزيز.

و أمّا شرح الاستبصار فالنسخة التي أشار إليها هي بعينها موجودة عندي- بحمد اللّه تعالى- و في ظهرها خطّ الشيخ علي ولده (رحمه اللّه).

و في أمل الآمل: الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري كان فاضلا صالحا جليل القدر شاعرا أديبا قرأ عليّ. انتهى (1).

ثم قال في الدر المنثور: و قال له بعض أصحابه: إنّه بعد هذا يرسل إليك السلطان على وجه لا يمكنك إلّا السفر إلى بلاده، فكان يدعو اللّه سبحانه أنّه إن كان يعلم أنّ هذا الأمر يلزمه، و أنّ وفاته خير له- بحسب الآخرة- ان يتوفّاه، و بعد ذلك كان يقول: إنّي أنتقل قريبا و قد استجيب دعائي. انتهى (2).

و قال الفاضل المولى مظفّر المنجّم في التنبيهات ما حاصله: إنّ العقرب كان برج الإسلام، و إن بعثة النبي صلّى اللّه عليه و آله كان حين اقتران العلويين في العقرب، و إنه كلّما رجع المرّيخ فيه حدث في الإسلام حادثة صارت سببا لضعفه و وهنه، و عدّ من ذلك سوانح. إلى أن قال: و في سنة 1030 رجع المريخ في العقرب، و كان حال المشتري في الضعف، و بعد التفكّر و التدبّر وقع في خاطري أنه يموت من العلماء شخص يصل بسببه و هن في الإسلام، و لمّا


1- أمل الآمل: 1: 69/ 64.
2- الدر المنثور 2: 213.

ص: 82

كان الأفضل الأكرم الشيخ بهاء الدين العاملي غلب في ظني أنه يموت، فقلت ذلك للسلطان مدّ ظله- و أراد به المرحوم الشاه عباس الماضي- و ذلك في قصبة أشرف من كور طبرستان، و توفي (رحمه اللّه) بعد ذلك بأشهر، و في هذه السنة الشيخ محمّد بن الشيخ زين الدين (1)- و كان كاملا في الزهد و العلم، و أذعن جماعة باجتهاده- انتقل في الحجاز الى عالم البقاء. انتهى (2).

و كان مولده في شعبان سنة 980.

1- عن والده (3) العالم المحقّق المدقّق النقّاد أبي منصور جمال الدين الشيخ حسن، المتولّد في 17 شهر رمضان سنة 959 على الأصح، المتوفى سنة 1011، صاحب المعالم، و منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح و الحسان، و التحرير الطاووسي. و غيرهما، ممّا ينبئ عن جودة فهمه و دقته و طول باعه، و بلوغه الغاية من التحقيق و التهذيب، و كان هو و السيد صاحب المدارك- كما في الدر المنثور و غيره-: كفرسي رهان و رضيعي لبان، و كانا متقاربين في السن، و بقي بعد السيد بقدر تفاوت ما بينهما من السن تقريبا (4)، و كتب على قبر السيد


1- في النسب اختصار، إذ هو الشيخ محمد بن الشيخ حسن- صاحب المعالم- ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.
2- تنبيهات المنجمين: غير متوفر لدينا.
3- طريق الشيخ محمد بن صاحب المعالم، عن والده في المشجرة بواسطتين:
4- من المسلم- و كما يذهب إليه الشيخ المصنّف- أنّ وفاة صاحب المعالم كانت سنة 1011، و وفاة صاحب المدارك 1009 فبين وفاتيهما سنة واحدة لا بمقدار التفاوت بين سنّيهما إذ ولد الأوّل عام 946، و الثاني 959 و بينهما ثلاث عشر سنة.

ص: 83

محمّد رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (1).

و كانا مدة حياتهما إذا اتفق سبق أحدهما إلى المسجد و جاء الآخر يقتدي به في الصلاة، بل كان كلّ منهما إذا صنّف شيئا عرضه على الآخر ليراجعه فيتفقان فيه على ما يوجب التحرير، و كذا إذا رجّح أحدهما مسألة و سئل عنها الآخر يقول: ارجعوا إليه فقد كفاني مؤنتها (2).

قال في الدر: بلغ من التقوى و الورع أقصاهما، و من الزهد و العبادة منتهاهما، و من الفضل و الكمال ذروتهما و أسناهما، و كان لا يجوز قوت أكثر من أسبوع أو شهر- الشك مني فيما نقلته عن الثقات- لأجل القرب إلى مساواة الفقراء و البعد عن التشبّه بالأغنياء.

قال: و سمعت من بعض مشايخنا و غيرهم، أنّه لما حجّ كان يقول لأصحابه: نرجو من اللّه سبحانه أن نرى صاحب الأمر عليه السلام فإنّه يحج في كل سنة، فلمّا وقف بعرفة أمر أصحابه أن يخرجوا من الخيمة ليتفرّغ لأدعية عرفة و يجلسوا خارجها مشغولين بالدعاء، فبينما هو جالس إذ دخل عليه رجل لا يعرفه فسلّم و جلس، قال: فبهت منه و لم أقدر على الكلام، فكلّمني بكلام- نقل لي و لا يحضرني الآن- و قام، فلمّا قام و خرج خطر ببالي ما كنت رجوته و قمت مسرعا فلم أره، و سألت أصحابي، قالوا: ما رأينا أحدا دخل عليك، و هذا معنى ما سمعته (3).

و قال المحدّث الجزائري في الأنوار النعمانية: و قد حدّثني أوثق مشايخي أنّ السيد الجليل محمّد- صاحب المدارك- و الشيخ المحقق الشيخ حسن-


1- الأحزاب 33: 23.
2- الدر المنثور 2: 199.
3- الدر المنثور 2: 199- 209.

ص: 84

صاحب المعالم- قد تركا زيارة المشهد الرضوي- على ساكنه أفضل الصلاة- خوفا من أن يكلّفهم الشاه عباس الأول بالدخول عليه، مع أنه كان من أعدل سلاطين الشيعة، فبقيا في النجف الأشرف و لم يأتيا إلى بلاد العجم احترازا من ذلك المذكور (1).

و من مؤلفاته: الاثنى عشرية في الصلاة. قال العالم السيد حسين القزويني في جامع الشرائع (2): و شرحها شيخنا البهائي شرحا وجيزا، و هو عندي بخطه.

قلت: و شرحها أيضا السيد الجليل الأمير شرف الدين علي بن حجة اللّه الحسيني الشولستاني شرحا كبيرا جيدا.

و كان (رحمه اللّه) يعرب المواضع المشتبهة من الأحاديث بل جميعها- كما رأينا من نسخ المنتقى المعروضة عليه- عملا بما رواه الكليني و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: «أعربوا أحاديثنا فإنّا قوم فصحاء» (3). و للحديث معنى آخر لعله أظهر- كما صرّح به شرّاح الأحاديث- بأن يكون المراد إظهار الحروف و إبانتها بحيث لا تشتبه بمقارباتها، و إظهار حركاتها و سكناتها بحيث لا يوجب اشتباها، أو المراد إعرابه عند الكتابة بأن يكتب الحروف بحيث لا يشتبه بعضها ببعض. و على ما رجّحه (رحمه اللّه) فالمراد أن يجعل عليها ما يسمى اليوم عند الناس إعرابا. و كيف كان، فرعاية الجميع أحوط كما صرّح به المجلسي في المرآة (4).


1- الأنوار النعمانية 3: 342.
2- على كثرة مؤلفاته لم نجد من نسب إليه ذلك، أنظر معجم مؤلفي الشيعة: 312، لمعرفة مواردها في الذريعة و قد ترجمه فيها مفصّلة، انظر الذريعة 21: 178/ 4502.
3- الكافي 1: 42/ 13، وسائل الشيعة 18: 58/ 25 و فيه: حديثنا.
4- مرآة العقول 1: 182/ 13.

ص: 85

ج- و عن ابن عمته السيد السند و الركن المعتمد شمس الدين محمّد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعيّ، الفقيه المحقق المدقّق الزاهد، صاحب المدارك، و شارح النافع- من كتاب النكاح إلى آخر كتاب النذر-. المتولّد في سنة 946، المتوفى ليلة السبت 18 ربيع الأول سنة 1009 في قرية جبع.

و كان شريك خاله (1) في المشايخ الذين قرأ عليهم في الشام و العراق، و رويا عنهم، و هم على ما عثرنا عليه خمسة:

الأول: العالم الفاضل الشيخ أحمد بن الحسن بن سليمان العاملي النباطي (2).

و هو يروي عن شيخنا الشهيد الثاني (رحمه اللّه).

الثاني: السيد نور الدين علي بن السيد الزاهد الحسين بن أبي الحسن الموسوي، تلميذ الشهيد الثاني و صهره على بنته، والد صاحب المدارك منها، و والد السيد نور الدين المتقدم (3) من أمّ صاحب المعالم، يروي عنه أيضا الأمير فيض اللّه التفريشي. و المحقّق الداماد.

قال في مسند بعض الإحراز المروية عن الأئمة عليهم السلام- كما في الرياض-: و من طريق آخر رويته عن السيد الثقة الثبت، المركون إليه في فقهه، المأمون في حديثه، علي بن أبي الحسن العاملي (رحمه اللّه تعالى) قراءة


1- و هو صاحب المعالم. ثم أن ما هو المشهور من كون الشيخين- صاحب المعالم و صاحب المدارك- أخوين لا يمكن المساعدة عليه إذ إنّ صاحب المعالم الشيخ حسن أخ أمّي للسيد نور الدين علي العاملي الجبعي و هذا هو أخ أبوي لصاحب المدارك فلا وجه للمشهور إلّا التجوز.
2- في المخطوطة: أحمد بن أحمد بن الحسن بن سليمان العاملي، و في المشجرة: أحمد بن سليمان العاملي.
3- تقدم في صحيفة: 70.

ص: 86

و سماعا و إجازة، سنة ثمان و ثمانين و تسعمائة من الهجرة المباركة النبوية، في مشهد سيدنا و مولانا أبي الحسن الرضا صلوات اللّه و تسليماته عليه بسناباد طوس، عن زين أصحابنا المتأخرين زين الدين (1) بن علي بن أحمد بن محمّد بن علي بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن شرف العاملي- رفع اللّه درجته في أعلى مقامات الشهداء الصديقين-. انتهى (2).

و هذا السيد قد يعبّر عنه بالسيد علي بن أبي الحسن الموسوي، و تارة بالسيد علي بن الحسين بن أبي الحسن (3)، فلا تظنن التعدّد كما توهمه بعضهم.

الثالث: العالم الفقيه السيد علي بن الحسين بن محمّد بن محمّد الشهير بابن الصائغ، و بالسيد علي الصائغ، الحسيني العاملي الجزيني، شارح الشرائع و الإرشاد، و يروي عنه المولى الأردبيلي أيضا- كما صرّح به العلّامة المجلسي في أول الأربعين (4).

و قال الشيخ علي السبط في الدر المنثور بعد ذكر جدّه صاحب المعالم:

و قد كان والده- يعني الشهيد قدّس اللّه روحه- على ما بلغني من جماعة من مشايخنا و غيرهم، له اعتقاد تام في المرحوم المبرور العالم الفاضل السيد الصائغ، و أنه كان يرجو من فضل اللّه إن رزقه اللّه ولدا أن يكون مربية و معلّمه السيد علي الصائغ- المذكور- فحقق اللّه رجاه و تولّى السيد علي الصائغ و السيد علي بن أبي الحسن (رحمهما اللّه) تربيته إلى أن كبر، و قرأ عليهما- خصوصا على السيد علي الصائغ- هو و السيد محمّد- يعني صاحب المدارك- أكثر العلوم التي


1- في المخطوطة و الحجريّة: زين الدين أحمد.
2- رياض العلماء 3: 416.
3- انظر رياض العلماء 3: 330، 416.
4- أربعين المجلسي: 5.

ص: 87

استفاداه من والده من معقول و منقول، و فروع و أصول، و عربية و رياضي.

انتهى (1).

و فيه عن ابن العودي في رسالته في أحوال الشهيد، قال في الفصل الثالث المعقود لذكر تلامذته: و منهم السيد الجليل، الفاضل العالم الكامل فخر السادة و الأعلام، و أعلم العلماء الفخام، و أفضل الفضلاء في الأنام، السيد علي بن السيد الجليل النبيل حسين الصائغ العاملي- أدام اللّه توفيقه- قرأ عليه و سمع جملة نافعة من العلوم في المعقول و المنقول و الأدب، و غير ذلك. و كان- قدّس اللّه لطيفته- له به خصاصة تامة (2).

الرابع: العالم الرباني و الفقيه المحقق الصمداني، المولى أحمد بن محمّد الأردبيلي، المتوفى سنة 993. الذي غشي شجرة علمه و تحقيقاته أنوار قدسه و زهده و خلوصه و كراماته.

و في الأنوار النعمانية للسيد نعمة اللّه الجزائري: إنه (رحمه اللّه) كان في عام الغلاء يقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة و يبقى لنفسه مثل سهم واحد منهم، و قد اتفق أنّه فعل في بعض السنين الغالية ذلك فغضبت عليه زوجته، و قالت: تركت أولادنا في مثل هذه السنة يتكفّفون الناس. فتركها و مضى عنها إلى مسجد الكوفة للاعتكاف، فلمّا كان اليوم الثاني جاء رجل مع دواب حملها الطعام الطيب من الحنطة الصافية و الطحين الجيد الناعم، فقال: هذا بعثه إليكم صاحب المنزل و هو معتكف في مسجد الكوفة، فلمّا أن جاء المولى من الاعتكاف أخبرته زوجته بأن الطعام الذي بعثته مع الأعرابي طعام حسن، فحمد اللّه تعالى، و ما كان له خبر منه (3).


1- الدر المنثور 2: 200.
2- الدر المنثور 2: 192.
3- الأنوار النعمانيّة 2: 302.

ص: 88

و فيها و في الروضات عن حدائق المقربين للأمير محمّد صالح الخاتون آبادي: أنّه كان كثيرا يخرج من النجف الأشرف إلى زيارة الكاظمين عليهما السلام على دابّة الكراء، فاتفق أنّه خرج في بعض أسفاره و لم يكن معه مكاري الدابّة، فلمّا أراد أن يخرج من الكاظمين أعطاه بعض أهل بغداد رقيمة يوصلها إلى بعض أهل النجف الأشرف، فأخذها و ضبطها في جيبه، ثم لم يركب بعد على الدابّة فكانت تمشي هي قدّامه إلى النجف، و يقول: أنا لم أؤذن من المكاري في حمل هذه الرقيمة. (1).

قلت: أخذ (رحمه اللّه) هذه السنّة من الشيخ الأقدم صفوان بن يحيى، قال النجاشي: حكى أصحابنا أنّ إنسانا كلّفه حمل دينارين إلى أهله إلى الكوفة، فقال: إنّ جمالي مكرية و استأذن الأجراء، و كان من الورع و العبادة على ما لم يكن عليه أحد في طبقته (2).

و في فهرست الشيخ: قال له بعض جيرانه من أهل الكوفة و هو بمكة:

يا أبا محمّد، احمل لي إلى المنزل دينارين، فقال له: إنّ جمالي مكراة قف حتى استأذن من جمّالي (3).

قال (رحمه اللّه): و حكوا أيضا أنّه كان إذا أراد الحركة إلى الحائر المقدّس لأجل الزيارات المخصوصة يحتاط في صلاته بالجمع بين القصر و الإتمام، و يقول: إنّ طلب العلم فريضة و زيارة الحسين عليه السلام سنّة، فإذا زاحمت السنّة الفريضة يحتمل تعلّق النهي عن ضد الفريضة بها و صيرورتها من أجل ذلك سفر معصية، مع أنه كان في الذهاب و الإياب لا يدع مهما استطاع


1- روضات الجنات 1: 81 عن حدائق المقربين: مخطوط، و الأنوار النعمانيّة 2: 302.
2- رجال النجاشي: 140.
3- فهرست الشيخ: 83/ 346.

ص: 89

مطالعة الكتب و التفكّر في مشكلات العلوم (1).

و في الثاني (2): و حكى أيضا أنّ بعض زوّار النجف أصابه في الطريق فلم يعرفه لرثاثة أثوابه، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره و قال: أريد أن تزيح عنها درن الطريق فتقبّل منه ذلك، و باشر بنفسه قصارتها و تبييضها إلى أن فرغ منها، فجاء بها إلى الرجل ليسلّمها فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة، و جعل الناس يوبّخونه على هذا العمل و هو يمنعهم عن الملامة و يقول: إنّ حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل ثياب.

قال: و كان يلبس ما يصل إليه بطريق الحلال رديا كان أم سنيّا، و يقول: إنّ المستفاد من الأحاديث الكثيرة، و طريقة الجمع بين الأخبار، أنّ اللّه يحب أن يرى أثر ما ينعمه على عباده عند السعة، كما يحب الصبر على القناعة عند الضيق، فكان لا يردّ من أحد شيئا، و متى التمس أحد منه أن يلبسه شيئا من الأثواب النفيسة يلبسها، و تكرّر أنه يهدى إليه شي ء من العمامات الغالية التي تعادل قيمتها ما يكون من الذهب الخالص فيخرج به إلى الزيارة، ثم إذا طلب أحد من السائلين شيئا منه يخرق قطعة منه لأجله، و هكذا إلى أن يبقى إلى رأسه ذراعا من ذلك الثوب النفيس عند وروده إلى بيته (3)، و ذكر ما يقرب منه في الأنوار أيضا (4).

و قال السيد نعمة اللّه الجزائري في المقامات (5): إنّ المولى أحمد الأردبيلي


1- روضات الجنات 1: 81.
2- أي حدائق المقربين.
3- روضات الجنات 1: 82.
4- الأنوار النعمانية 2: 302.
5- و هي مقامات النجاة مرتب على 99 مقاما.

ص: 90

- عطّر اللّه ضريحه- كان له من العلم رتبة قاصية، و من الزهد و التقوى و الورع درجة اقصى، و كان من سكّان حرم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، و قد اطلع عليه أفضل تلاميذه و أتقاهم، أنّه كان يراجع في الليل ضريح الإمام عليه السلام فيما اشتبه عليه من المسائل و يسمع الجواب، و ربّما يحيله في المسائل على مولانا صاحب الدار عليه السلام إذا كان في مسجد الكوفة.

و مع تلك الأعمال الخالصة من أعراض الدنيا رآه بعض المجتهدين بعد موته في هيئة حسنة و زيّ عجيب و هو يخرج من الروضة العلوية على مشرفها السلام، فسأله أي الأعمال بلغ بك إلى هذه الحال لنتعاطاه؟ فأجابه: أنّ سوق الأعمال رأيناه كاسدا و لا نفعنا إلّا ولاية صاحب هذا القبر و محبته.

قال: و كتب كتابا إلى الشاة طهماسب على يد رجل سيد لإعانته، فلمّا وصلت الكتابة إليه قام تعظيما لها و قرأها، فإذا فيها وصفه بالاخوة، فقال: عليّ بكفني، فاحضر كفنه و وضع الكتاب فيه، و أوصى إذا دفنتموني فضعوا الكتاب تحت رأسي أحتج به على منكر و نكير بأنّ المولى أحمد الأردبيلي سمّاني أخا له.

و له كتابة مختصرة إلى الشاة عباس الأول على يدي رجل- كان مقصرا في الخدمة- التجأ إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و طلب من الأردبيلي- نوّر اللّه ضريحه- أن يكتب إلى السلطان المذكور أن لا يؤذيه، و الكتابة بالفارسية هكذا:

بانى ملك عاريت عباس بداند اگر چه اين مرد اوّل ظالم بود اكنون مظلوم مى نمايد چنانچه از تقصير او بگذرى شايد حق سبحانه و تعالى از پاره اى از تقصيرات تو بگذرد.

كتبه بنده شاه ولايت أحمد الأردبيلي (1).


1- و هذه ترجمة ما ورد بالفارسيّة:

ص: 91

جواب: به عرض مى رساند عباس كه خدماتيكه فرموده بوديد به جان منّت داشته بتقديم رسانيد اميد كه اين محب را از دعاى خير فراموش نكنند.

كتبه كلب آستان على عباس (1). انتهى.

و كان الشاه عباس الماضي يبالغ في تعظيمه، و يرسل إليه بكل جميل من المرسول، و يستدعي من جنابه التوجّه إلى إيران، و هو (رحمه اللّه) يكتب إليه في الجواب التحاشي الشديد عن قبول ذلك، و الرضا بما أنعم اللّه عليه من التوفيق للمقام هنالك.

و مما يناسب هذا المقام- بل يجب التعرض له- بيان صحة نسبة كتاب حديقة الشيعة إليه- كما هو المشهور- و صرّح به في أمل الآمل (2)، و أكثر النقل عنه في رسالته التي ردّ فيها على الصوفية معبّرا عنه بقوله: أورد مولانا الفاضل الكامل العامل المولى أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة. إلى آخره (3).

و المحدّث البحراني في اللؤلؤة، و نقله أيضا عن شيخنا المحدّث الصالح عبد اللّه بن صالح، و الشيخ العلّامة الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني.

و غيرهم، قال: فلا يلتفت إلى إنكار بعض أبناء هذا الوقت أنّ الكتاب ليس له و أنّه مكذوب عليه، و نقل ذلك عن الآخوند المجلسي و لم يثبت. انتهى (4).


1- الجواب: يبلغكم عباس أنّ ما أمرتمونا به امتثلناه مع الامتنان من صميم القلب، راجيا أن لا ينسى هذا المحب من دعواته الصالحة.
2- أمل الآمل 2: 23.
3- الاثنا عشريّة: 17.
4- لؤلؤة البحرين: 150.

ص: 92

و النقّاد الخبير صاحب رياض العلماء كما يأتي (1).

و هؤلاء الخمسة (2) من أساتيذ هذا الفن و كفى بهم شاهدا، و يؤيد ما ذكروه ما في الكتاب من الحوالة إلى كتابه زبدة البيان في شرح آيات أحكام القرآن.

قال في طيّ أحوال الصادق عليه السلام: و در باب ابو هاشم كوفى كه واضع اين مذهب است، احاديث وارد است، از آنها يكى اين است كه على ابن الحسين بن موسى بن بابويه قمى (رضوان اللّه عليه) در كتاب قرب الاسناد خود روايت مى كند از سعد بن عبد اللّه از محمّد بن عبد الجبار از حضرت امام حسن عسكرى عليه السلام، كه آن حضرت فرمود، كه پرسيدند از حضرت ابى عبد اللّه- يعنى امام جعفر صادق عليه السلام- حال ابو هاشم صوفى كوفى را، آن حضرت فرمود كه: (إنّه كان فاسد العقيدة جدّا، و هو الذي ابتدع مذهبا يقال له: التصوف، و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة) در بعضى از روايات است كه از على بن الحسين مذكور هم بسند ديگر روايت كرده كه آن حضرت فرمود:

(و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة لنفسه و أكثر الملاحدة، و جنّة لعقائدهم الباطلة) (3).

و اين كتاب شريف بخط مصنف به دست اين فقير افتاده در آن حديثى ديگر در باب اين گروه مسطور است كه در آن نماز جمعه از معصوم سؤال كرده اند كه اگر بيشتر آن را ديده بودم در كتاب زبدة البيان روشن تر از آن سخن


1- يأتي في صفحة: 101.
2- أي: الشيخ الحر العاملي، و الشيخ يوسف البحراني، و الشيخ عبد اللّه بن صالح، و الشيخ سليمان البحراني، و الميرزا عبد اللّه الأفندي صاحب الرياض.
3- قرب الاسناد (لعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي) انظر الذريعة 17: 69/ 364.

ص: 93

مى گفتم (1).

و قال (رحمه اللّه) في شرح الآية الشريفة إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ. الآية (2)


1- حديقة الشيعة: 564.
2- في هامش الحجري ما نصّه:

ص: 94

بعد كلام طويل و اختيار وجوب الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله في التشهد ما لفظه: اما در غير نماز خلاف است بعضى گويند در هر مجلسى يك بار واجبست و بعضى برآنند كه در مدت عمر يك بار واجبست و مذهب ابن بابويه آن است كه هرگاه در نماز آن حضرت مذكور شود صلوات فرستادن بر او واجبست، و اين أصحّ است، چه اين دلالت بر رفعت شأن و احسان او مى كند، و ما به آن مأموريم، و اگر چنين نباشد مثل ذكر بعض از ما بعض را خواهد بود و اين منهى است و حقتعالى فرموده لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً يعنى مگردانيد خواندن رسول را چون خواندن بعضى از شماها بعضى را.

مرويست كه پرسيدند: يا رسول اللّه چگونه است قول حقتعالى كه مى فرمايد: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ؟ يعنى سرّ اين چيست كه حقتعالى گفته بدرستيكه خداى تعالى

ص: 95

و ملائكه او صلوات بر پيغمبر مى فرستند؟ آن حضرت در جواب فرمود: كه اين از علم مكنون است، يعنى پوشيده از خلائق، و اگر سؤال نمى كرديد از آن خبر نميدادم! حقتعالى دو فرشته را بر من موكل گردانيده، و نام برده نمى شوم من نزد بنده مؤمنى كه بر من صلوات بفرستد مگر آن كه آن دو فرشته مى گويند، حقتعالى تو را بيامرزد، پس حقتعالى و ملائكه در جواب آن دو ملك مى گويند:

آمين، و ذكر كرده نمى شوم نزد مسلمانان كه صلوات بر من نفرستند الا انكه آن دو ملك گويند: نيامرزد خداى تعالى تو را، و خدا و ملائكه در جواب ايشان.

آمين گويند (1)، انتهى (2).


1- جاء في هامش المخطوطة:
2- حديقة الشيعة: 81. و انظر زبدة البيان 1: 86 بتصرف، و ترجمة العبارة الفارسية هي:

ص: 96

و هذه العبارة كالترجمة لعبارته في زبدة البيان فراجع.

و مثله في التأييد الحوالة في الكتاب إلى شرح الإرشاد، قال (رحمه اللّه) في شرح نزول سورة هل أتى (1) في أهل البيت عليهم السلام ما لفظه: و بايد دانستكه ايثار حضرت امير المؤمنين عليه السلام اقوى دليل است بر آن كه هر چند كسى صرف مال خود را در خيرات و تصدقات كند اسرافش نتوان گفت، چه برغبتى كه در آن فعل از آن حضرت واقع شده بر نفقه كردن و تصدق نمودن زياده از حدّ حصر است، و كدام ترغيب زياده بر اين تواند بود كه آن چهار برگزيده كردكار و خادمه ايشان سه روز متصل روزه دارند و بغير قرص جوى از براى افطار ايشان چيزى نباشد و آن را هم قرض كرده باشند و باز ايشان را روزه بايد گرفت و در روز دراز و هواى گرم مدينه در آن حالت كه ايشانرا بغير از براى افطار و سحور چيزى نباشد بر آن بى چيزى صبر كنند و از سر آن جو نيز گذشته آن را بفقير و محتاج دهند و باب افطار نمايند چنانكه در شرح ارشاد فقه اين فقير نوشته، بتقريب مذكور كشته، در كتاب زكاة در تحت آية يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (2)، انتهى (3).


1- الدهر 76: 1.
2- البقرة 2: 219.
3- حديقة الشيعة: 58.

ص: 97

و الظاهر انه (رحمه اللّه) كتبه في كتاب الصدقة، و هو من جملة ما ضاع من شرح الإرشاد كما صرّح به السيد الجليل السيد حسين القزويني في مقدمات جامع الشرائع، قال (رحمه اللّه): له تأليفات حسنة منها شرح الإرشاد، و قد ظفرت بأكثره و لم أظفر بشرح كتاب النكاح و الطلاق و العتق إلى كتاب المواريث إلّا المأكل و المشارب في البين.

و الظاهر انه (رحمه اللّه) أتمه- و لكن ضاع من حوادث الزمان- على ما يظهر من بعض كلماته في شرح آيات الاحكام. انتهى.

قلت: و كذا كتاب العطايا و الوصايا إلّا قليلا من كتاب الهبة.

و قال (رحمه اللّه) في أواخر أحوال الحجة عليه السلام: و در رساله فارسيه اين فقير نوشته كه اعتقاد بايد كرد كه صاحب الزمان پسر امام حسن عسكرى عليهما السلام است، و امام بحقّ از روزى كه پدرش دنيا را وداع نمود تا آن روز كه ظاهر شود و تا آن روز كه رحلت فرمايد. و اجماع اصحاب ما بر اين منعقد است و اخبار بر اين متواتر (1). انتهى.


1- حديقة الشيعة: 764.

ص: 98

و هذه الرسالة في أصول الدين له (رحمه اللّه) نقل عنه الخاتون آبادي في تاريخه، و ستعلم انّها هي التي أشار إليها.

و قال في الأصل الأول من مقدمة الكتاب: و در رساله اثبات واجب ياد كرده ايم كه امام آن شخصى است كه حاكم باشد بر خلق از جانب حقتعالى بواسطه آدمى در امور دين و دنياى ايشان (1). إلى آخره.

و قال في آخر هذا الأصل: و ما در رساله اثبات واجب در باب اجماع چند كلمه سودمند ياد كرديم هر كه را انصاف باشد همان او را كافى است (2). إلى آخره، و هذه الرسالة كالتي تقدمت كما ستعرف.

ثم إنّ من عجيب السرقة التي وقعت لبعض من لم يجد بزعمه وسيلة إلى جلب الحطام إلّا التدثر بجلباب التأليف، و إن لم يكن له حظ في الكلام، أنّه سافر إلى الهند و سكن بلدة حيدرآباد في عهد السلطان عبد اللّه قطبشاه الإمامي، و صار من خدمه و أعوانه على ما صرّح به نفسه، ثم عمد إلى كتاب حديقة الشيعة فأسقط الخطبة و ثلاثة أسطر تقريبا من بعدها، ثم كتب خطبة و ذكر بعدها ما حاصله: إنّ الإمامة من أهم أمور الدين، فوقع في خاطري أن


1- حديقة الشيعة: 3.
2- حديقة الشيعة: 7.

ص: 99

أكتب رسالة على حدة في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، و نفي الخلافة عن أعدائه بالفارسية- ثم جعلها هدية إلى السلطان المذكور أداء لبعض حقوقه عليه و على ولده و من يتعلق به- ثم قال: رتّبتها على مقدمة و باب و خاتمة.

ذكر في المقدمة أصلين، و في الباب اثنى عشر فصلا، و في الخاتمة نكتا متفرقة، و ذكر فهرست ما في الفصول، ثم شرع في السرقة من دون تعب و مشقة في تلخيص أو إيجاز أو تغيير عبارة، إلّا في مواضع قليلة أسقط بعض الكلمات أو زاده، و أدرج فيه بعض الأشعار.

نعم أسقط في أحوال الصادق عليه السلام تمام ما يتعلق بأحوال الصوفية و ذمّهم لميل السلطان إليهم. ثم انّه لمّا وصل إلى المواضع التي أشرنا إليها أنّ المولى الأردبيلي أحال المطلب إلى بعض مؤلفاته، رأى أنّ في إسقاطه إخلالا بالكلام، و في إبقائه خوف الافتضاح، فلعلّ الناظر يسأله عن تلك المؤلّفات.

فقال في الأصل الأول: مولانا احمد اردبيلى در رساله اثبات واجب فرموده كه امام شخصى است. إلى (1) آخر ما في الحديقة.

و قال في شرح سورة هل أتى: و ملا احمد اردبيلى در شرحى كه بر ارشاد فقه نوشته گفته است كه ايثار حضرت امير عليه السلام. إلى آخر ما في الحديقة (2).

و قال في أحوال الحجة عليه السلام: علامه اردبيلى در اعتقادات خود


1- ترجمة ما أورده:
2- الإنسان 76: 1، ترجمة ما ذكره:

ص: 100

نوشته كه اعتقاد بايد كرد. إلى آخر ما مرّ و آخر ما في الحديقة (1).

ثم أسقط من آخر الحديقة أسطرا، و شرع في مدح السلطان شاه إسماعيل أول السلاطين الصفوية و السلطان المذكور، و أنشأ أبياتا أوّله:

شكر حق را كه اين خجسته كتاب كه در او نيست غير صدق و صواب

.

إلى أن قال:

بود پنجاه و هشت بعد هزاركه بپايان رسيد اين گفتار

(2) انتهى ما أردنا نقله من هذا الكتاب المسروق الذي من تأمّله لا يرتاب في كون الحديقة للمولى المذكور.

و عندي رسالة بالفارسية ألّفت في حياة المولى المزبور و أوّلها- بعد الحمد و الصلاة-: أمّا بعد: بدان اى ولىّ مؤمن كه چون اين فقير از مطالعه كتاب حديقة الشيعة كه از مصنفات علامة اردبيلى است فارغ گرديد جمعى از دوستان التماس نمودند كه بابى را كه در بيان مذاهب و عقائد صوفيه است از آن كتاب انتخاب نمايد إيجابا لملتمسهم بترقيم آن پرداخت و آن را رساله منفرده ساخت پس بايد دانست كه علامه زمانه و متبحر يگانه مولانا احمد اردبيلى خلّد اللّه تعالى أيام إفاداته و أيّد أوقات إفاضاته در آن كتاب در ضمن حالات حضرت امام جعفر صادق عليه السلام بتقريبى مى فرمايد. إلى آخره.


1- ترجمة ما ذكره:
2- ترجمة ما أورده نثرا.

ص: 101

و ذكر الكاتب في آخر الرسالة: از فضل ايزد متعال بتاريخ بيست و هشتم شهر شوال اين رساله متبركه باتمام رسيد سنة 1169 يك هزار و يك صد و شصت و نهم از هجرت نقل از كتاب خطّ تقوى شعارى ميرزا احمد شيرازى سلّمه اللّه الغنى مطابق سنه سيّم از جلوس عالم گير شاهى (1). انتهى.

مع أنّه يكفي في هذا المقام تصريح أستاذ هذا الفن العالم المتبحّر الخبير البارع الآميرزا عبد اللّه الأصفهاني، قال في رياض العلماء في ترجمة العطّار (2) المعروف: قال محمّد بن غياث الدين محمّد المشهور بجلال الدين أمير سيد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولى أحمد الأردبيلي بالفارسية (3) إلى أخره.


1- ترجمة ما أورده:
2- العطار المعروف هو: فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن إسحاق عطار النيشابوري، شاعر و صوفي ايراني مشهور، يقال أنّ والده كان عطّارا (أي: بياع العطر) و الأدوية، كانت ولادته سنة 540، و وفاته سنة 618 ه. ق، و مقبرته موجودة الآن قرب نيشابور و له آثار منها: تذكرة الأولياء، ديوان شعره، منطق الطير. و غيرها. انظر لغتنامه دهخدا (ع- عتك): 310 عطار، و الذريعة القسم الثالث من المجلّد التاسع/ 729/ 5020، و كذلك طبقات اعلام الشيعة في المائة السابعة: 147 مع اختلاف في تاريخ الولادة، مقدّمة كتبه.
3- رياض العلماء: 383 (القسم الثاني- مخطوط)

ص: 102

و قال أيضا في ترجمة الشيخ الجليل نصير الدين عبد اللّه بن حمزة الطوسي: و من مؤلفات هذا الشيخ كتاب إيجاز المطالب في إبراز المذاهب، نسبه إليه السيد جلال الدين محمّد بن غياث الدين محمّد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولى أحمد الأردبيلي، و ينقل (1) عنه: إلى آخره و فيه قرينة أخرى على صحة النسبة كما لا يخفى.

فمن الغريب بعد ذلك كلّه ما في الروضات بعد نقل صحة النسبة عن المشايخ الأربعة المتقدمة: و قد نفاها بعضهم- و نقل ذلك عن سميّنا المجلسي و لم يثبت عنه- لفقد الدليل عليها، و لكثرة نقله عن الضعاف التي لا أثر لها من الكتب المعتمدة، أو لوجود مضمون الكتاب بعينه في بعض كتب الشيعة الأعاجم المتقدّمين- إلّا قليلا من ديباجته كما قيل- أو لبعد التأليف بهذا السوق و اللسان من مثله، و في مثل الغري السري العربي (2). انتهى.

قلت: أمّا النقل عن الضعاف فهو كلام صادر عمّن لم ينظر إلى الكتاب، و لا عهد له بمؤلفات الأصحاب في هذا الباب، أو لا معرفة له بالسليم و السقيم، و الضعيف و الصحيح، فإنّهم في مقام الرّد على العامة و الطعن على أئمتهم، ينقلون عن كتب المخالفين من صحاحهم و تفاسيرهم، و إن كان جميعها عندنا من أضعف الضعاف، و في مقام ذكر الفضائل و المعاجز يتساهلون في طرقها، و يتسامحون في النقل و الأسانيد، غير أنّهم يلاحظون الكتب المنقولة فلا يخرجونهما إلّا عن المعتبرة منها بالاعتماد على مؤلفها. و من تأمّل في الكتاب المذكور لا يرى فرقا بينه و بين ما تقدّمه من مؤلفات العلّامة و ابن شهرآشوب و غيرهما في هذا الباب. مع أنّ جلّ ما ينقل عنه ممّا نقله عنه بعده


1- رياض العلماء 3: 216.
2- روضات الجنات 1: 83.

ص: 103

الأصحاب كصاحب البحار و الوسائل، و الباقي أيضا من الكتب المعتبرة و إن لم يصل إليهم كمؤلّفات عماد الدين حسن بن علي الطبرسي صاحب كامل البهائي و أسرار الإمامة و غيرها.

و أمّا وجود مضمونه في كتاب آخر، فقد عرفت حقيقة الحال، و البعد الذي ذكره أشبه بكلام الأطفال.

فظهر ممّا ذكرناه من شهادة هؤلاء المشايخ الذين هم المرجع في أمثال هذا المقام خصوصا صاحب الرياض.

و كذا شيخنا صاحب الوسائل مع ما عرفت من طريقته من شدة تحرّزه عن النقل عن الكتب التي لم يعرف مؤلفها، و جزمه بالنسبة، و نقله منه، مع قرب عهده بالمولى المذكور.

و كذا الشيخ سليمان الذي يعبّر عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة بالمحقق البحراني (1) مضافا إلى بعد الوضع لعدم الدواعي، بل و عدم إمكان النسبة عادة إلى مثل المولى المزبور الذي هو في عصره من رؤساء المذهب و أساتيذ العلماء، و لم تكن تشتبه مؤلّفاته عليهم خصوصا مثل هذا الكتاب الكبير.

و قد كان المعروفون من تلامذته في قرب عصرهم كالعالمين الجليلين النبيلين الأمير فضل اللّه التفريشي و الأمير علام، و لما سئل المولى المقدّس عند وفاته عمّن يستحق أن يرجع إليه بعده؟ قال: أمّا في الشرعيّات فإلى الأمير علام، و أمّا في العقليات فإلى الأمير فضل اللّه. و غير ذلك من القرائن أنه لا ينبغي التردّد في كونه من مؤلفاته.

و سمعت من بعض المشايخ: أنّ أصل هذه الشبهة من بعض من انتحل التصوّف من ضعفاء الإيمان لمّا رأوا في الكتاب من ذكر قبائح القوم و مفاسدهم،


1- المقدمة الثالثة من التعليقة (المطبوعة مع رجال الخاقاني): 45. أو المطبوعة مع منهج المقال: 9.

ص: 104

مع ما عليه مؤلفه من القدس و التقوى و المقبولية عند الكافة، فدعاهم ذلك إلى إنكار كونه منه تشبّثا منهم بما هو أوهن و أوهى من بيت العنكبوت.

الخامس- من مشايخهما (1)-: الشيخ الجليل الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد شيخنا البهائي، الآتي ذكره (2).

و هؤلاء المشايخ يروون عن شيخنا الشهيد الثاني، غير المولى المقدّس المحقّق الأردبيلي فإنّه يروي عن السيد علي الصائغ- المتقدّم عنه- و لم أعثر له على شيخ غيره.

(حيلولة):

و عن شيخنا صاحب اللؤلؤة.

3- عن المولى الجليل رفيع الدين بن فرج الجيلاني الرشتي (3)- المجاور لمشهد الرضا عليه السلام- قال الشيخ المذكور في إجازته للعلّامة الطباطبائي:

و هذا الطريق أعلى طرقي لقلّة الوسائط فيها. انتهى.

و ذلك لأنه يروي عن العلّامة المجلسي بلا واسطة، و العجب أنّه مع ذلك لم يترجم له في اللؤلؤة.

و في تتميم أمل الآمل بعد الترجمة: طلع شارق فضيلته فاستضاء منه جملة من بني آدم، و أضاء بارق تحقيقه فاستنار منه العالم. و ساق شطرا من مراتبه في العلوم العقلية و النقلية، قال: و أمّا القوة العملية ففي الأخلاق الحسنة لم يكن له نظير و لا عديل، و في أعمال العبادات الشرعية لم يوجد له مثيل و لا بديل. إلى آخر ما ذكره في كلام طويل (4).


1- أي: صاحب المعالم و صاحب المدارك رحمهما اللّه.
2- يأتي في صفحة: 232.
3- ذكره في المشجرة بعنوان: المشهدي ملّا رفيع (صاحب نان و پنير)
4- تتميم أمل الآمل: 159/ 111.

ص: 105

و ذكره في الرياض (1)، و السيد الجليل السيد عبد اللّه الجزائري في إجازته الكبيرة (2)، ذكرنا كلامهم في شرح حاله و مؤلفاته في رسالتنا (الفيض القدسي في شرح حال المجلسي (3)) فإنه كان أحد أصهارهم، فانّ زوجته بنت العالم النحرير الأمير أبو المعالي الكبير، و أمها بنت العالم المولى محمّد صالح المازندراني، و أمها العالمة الجليلة بنت المجلسي الأول. توفي في عشر سنين بعد المائة و الألف و عمره- كما في التتميم (4)- قريب من مائة.

عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه) (5).

(حيلولة):

و عن آية اللّه بحر العلوم (6).

[الثامن الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي]

ح: [ثامنهم] عن العالم المتبحّر الجليل الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي- صاحب تتميم الأمل- و هو أيضا يروي عن بحر العلوم، بل صنّف التتميم بأمره، قال في أوّل الكتاب بعد كلام طويل: كنت أتردّد أرفع رجلا و أضع أخرى، و أتحيّر أقدّم قدما و أؤخر غير الأولى، إلى أن وقع أمر من امتثاله من أفيد الأمور في اقتناء الثواب، و الإقبال إلى خطابه و تلقّيه بالقبول من أصوب الصواب، و هو السيد الأجل الفاضل إلى (7) آخر ما عدّ من مناقبه غير الوافية. و قد ذكر السيد في ظهر هذا الكتاب- بخطه- شطرا من فضائل المولى المزبور، و مدائح الكتاب، و في آخره إجازته له، و قبله إجازة المولى له، كلّ ذلك


1- رياض العلماء: لم نعثر عليه.
2- الإجازة الكبيرة: 138/ 20.
3- بحار الأنوار 105: 141.
4- تتميم أمل الآمل: 161.
5- لقلّة الوسائط بين الميرزا النوري و العلّامة المجلسي يعد هذا الطريق من أعلى طرقه قدّس سرّه.
6- هذا الطريق لم يتعرض له في المشجرة، فلا حظ.
7- تتميم أمل الآمل: 46.

ص: 106

موجود بخطهما في مجموعة شريفة.

1- عن السيد الفاضل الأمير إبراهيم القزويني، المتقدّم ذكره (1).

2- و ابنه العالم الكامل الأمير محمد مهدي، و قد وصفه في الإجازة بقوله:

آية اللّه في الفضل و العلم، و حجة اللّه على أرباب النهي و الحلم.

3- و السيد الفاضل الأمير محمد صالح القزويني.

4- و الفاضل العلّام المولى علي أصغر المشهدي الرضوي (قدّس اللّه تعالى أرواحهم).

1- عن العلّامة المجلسي (2).

2- و العلامة الخوانساري (3).

3- و العلامة الخراساني، بأسانيدهم التي تقدّم بعضها و نشير إن شاء اللّه إلى باقيها (4).

(حيلولة):

و عن المولى الجليل صاحب المستند و العوائد.

[الثاني من مشايخ المولى أحمد النراقي والده المولى مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي]

[2] عن والده النحرير العالم الخبير المولى مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي، صاحب كتاب اللوامع- الذي ينقل عنه في الفقه- و مشكلات العلوم المنبئ عن فضله و تبحّره في أنواع العلوم، و غيرهما من المؤلفات.


1- تقدم في صحيفة: 50.
2- تأتي طرق العلّامة المجلسي من صفحة 176 إلى صفحة 235.
3- تقدم في صحيفة: 51.
4- تقدم في صحيفة: 56.

ص: 107

قال في الروضة البهية: سمعت من بعض المعتمدين أنّه كان في أيام التحصيل في نهاية الفقر و الفاقة، حتى أنّه في بعض الأوقات ليس له القدرة على تحصيل السراج، و يستضي ء بسراج (بيت الخلاء) و يطالع هناك (1)، و كلّما جاء أحد يتنحنح لئلا يطّلع عليه أحد.

قال: و بعد المراجعة و الفراغ من التحصيل توطّن في بلدة كاشان، و كان خاليا من العلماء و ببركة أنفاسه الشريفة صار مملوءا من العلماء و الفضلاء الكاملين، و صار مرجعا و محلا للمشتغلين، و برز من مجلسه جمع من العلماء الأعلام (2). انتهى. توفي سنة 1209.

عن مشايخه العظام:

أولهم: الأستاذ الأكبر البهبهاني (3).

و ثانيهم: المحدّث الجليل البحراني صاحب الحدائق، بطرقهما (4) المتقدمة.

و ثالثهم: النحرير المحقّق الفقيه الجامع الحاج شيخ محمّد بن الحاج محمّد زمان الكاشاني، بطرقه المتقدّمة في مشايخ الفريد آغا باقر الهزارجريبي (5).

و رابعهم: الشيخ محمّد مهدي الفتوني، الذي مرّ ذكره في مشايخ بحر العلوم.

و خامسهم: العلم العلّامة المولى محمّد إسماعيل بن محمّد حسين بن


1- في الحجريّة: هنا.
2- الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة: غير متوفرة لدينا.
3- و طرق البهبهاني تبدأ من ص 49.
4- تقدمت في صحيفة: 66 و 74.
5- تقدم في صحيفة: 64.

ص: 108

محمّد رضا بن علاء الدين محمّد المازندراني، الساكن في محلة خاجو من محلات أصبهان، الشهير بالمولى إسماعيل الخواجوئي، المتوفى سنة 1177- كما في التتميم (1)- أو في حادي عشر شعبان سنة 1173- كما في الروضات (2)-.

و في الأول: كان من العلماء الغائصين في الأغوار، و المتعمقين في العلوم بالاسبار، و اشتهر بالفضل و عرفه كل ذكي و غبي، و ملك التحقيق الكامل حتى اعترف به كل فاضل زكي، و كان من فرسان الكلام و من فحول أهل العلم.

إلى أن ذكر تبحّره في الحكمة و الكلام، قال: و كان (رحمه اللّه) مع ذلك ذا بسطة كثيرة في الفقه و التفسير و الحديث مع كمال التحقيق فيها.

و بالجملة كان آية عظيمة من آيات اللّه، و حجة بالغة من حجج اللّه، و كان ذا عبادة كثيرة، و زهادة خطيرة، معتزلا عن الناس، مبغضا لمن كان يحصّل العلم للدنيا، عاملا بسنن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و في نهاية الإخلاص لأئمة الهدى عليهم السلام، و ذا شدّة عظيمة في تسديد العقائد الحقة و تشديدها، ذا همّة جسيمة في إجراء أمور الدين مجراها و تأييدها (3).

و أثنى عليه في الروضات بما لا مزيد عليه، و عدّ في خلال مناقبه: أنّه كان مستجاب الدعوة، مسلوب الادّعاء، معظّما في أعين الملوك و الأعيان، مفخّما عند أولي الجلالة و السلطان، حتى أنّ النادر شاه- مع سطوته المعروفة و صولته الموصوفة- كان لا يعتني من بين علماء زمانه إلّا به، و لا يقوم إلّا بأدبه (4)، و لا يقبل إلّا قوله، و لا يمتثل إلّا أمره، و لا يحقق إلّا رجاه، و لا يسمع إلّا دعاه، و ذلك لاستغنائه الجميل عمّا في أيدي الناس، و اكتفائه بالقليل من الأكل


1- تتميم أمل الآمل: 67/ 19.
2- روضات الجنات 1: 114.
3- تتميم أمل الآمل: 67/ 19.
4- كذا، و لعلّها: بآربه، أي: مراده.

ص: 109

و الشرب و اللباس (1). إلى آخر ما ذكره. و عدّ له مؤلفات عديدة رأينا منها رسائل متعدّدة كاشفة عن صدق كلّ ما قالوا فيه.

و هذا المولى الجليل يروي عن العالم الجليل الشيخ حسين الماحوزي- المتقدّم (2)- عن مشايخه.

و سادسهم: الفاضل الأوحد، و العالم المؤيد، المولى محمّد مهدي الهرندي الأصفهاني، المتوفى في جمادى الأولى سنة 1180، المدفون في المسجد الجامع (3).

عن الشيخ حسين الماحوزي (4).

و الأمير محمّد حسين الخواتون آبادي. بطرقهما المتقدمة (5).

(حيلولة):

و عن المحقق صاحب المستند.

[الثالث من مشايخ المولى النراقي السيد الميرزا محمد مهدي الشهرستاني]

[3] عن السيد المتبحّر الجليل الرباني الآميرزا محمّد مهدي الشهرستاني، المجاور للمشهد الحسيني على مشرفه السلام، المتوفى سنة 1216.

حدّثني العالم المحقّق السيد علي- سبط العلامة الطباطبائي- مؤلف البرهان القاطع في شرح النافع في الفقه، عن العالم الرباني صاحب الكرامات


1- روضات الجنّات 1: 114/ 32.
2- تقدم في: 66.
3- لم يتعرض له و لا لطرقه في المشجرة.
4- ذكره في المشجرة من مشايخ الشيخ يوسف البحراني. تقدمت طرق الماحوزي في 64 و 67.
5- تقدم في: 57، 58.

ص: 110

الباهرة المولى زين العابدين السلماسي، قال: لمّا اشتدّ المرض بالسيد الجليل بحر العلوم طاب ثراه قال لنا- و كنا جماعة-: أحبّ أن يصلي عليّ الشيخ الجليل الشيخ حسين نجف- المضروب بكثرة زهده و عبادته المثل- و لكن لا يصلّي عليّ إلّا جناب العالم الرباني الآميرزا مهدي الشهرستاني، و كان له صداقة تامة مع السيد رحمه اللّه، فتعجبنا من هذا الإخبار لأنّ الآميرزا المذكور كان حينئذ في كربلاء.

و توفي بعد هذا الإخبار بزمان قليل، فأخذنا في تجهيزه و ليس عن الآميرزا المزبور خبر و لا أثر، و كنت متفكرا لأني لم أسمع مدة مصاحبتي معه- قدّس سره- كلاما غير محقق، و لا خبرا غير مطابق للواقع- و كان رحمه اللّه من خواص أصحابه و حامل إسراره- قال: فتحيّرت في وجه المخالفة إلى أن غسلناه و كفّناه و حملناه و أتينا به إلى الصحن الشريف للصلاة و الطواف و معنا وجوه المشايخ و أجلّة الفقهاء، كالبدر الأزهر الشيخ جعفر، و الشيخ حسين نجف و غيرهما.

و حان وقت الصلاة فضاق صدري بما سمعت منه، فبينا نحن كذلك و إذا بالناس ينفرجون عن الباب الشرقي فنظرت فإذا بالسيد الأجل الشهرستاني و قد دخل الصحن الشريف، و عليه ثياب السفر و آثار تعب المسير، فلمّا وافى الجنازة قدّمه المشايخ لاجتماع أسبابه (1) فيه. فصلّى عليه و صلينا معه و أنا مسرور الخاطر منشرح الصدر، شاكرا للّه تعالى بإزالة الريب عن قلوبنا.

ثم ذكر لنا: أنه صلّى الظهر في مسجده في كربلاء، و في رجوعه إلى بيته في وقت الظهيرة وصل إليه مكتوب من النجف الأشرف، و فيه يأس الناس عن السيد، قال: فدخلت البيت و ركبت بغلة كانت لي من غير مكث فيه و في الطريق، و صادف دخولي في البلد حمل جنازته رحمهما اللّه تعالى.

و حدثني بذلك أيضا الأخ الصفي، العالم الزكي الرباني آغا علي رضا


1- أي: أسباب التقدم فيه.

ص: 111

الأصفهاني عن المولى المذكور مثله.

عن شيخه المحدّث المحقّق صاحب الحدائق.

(حيلولة):

و عن صاحب المستند.

[الرابع من مشايخ المولى النراقي الشيخ جعفر كاشف الغطاء]

[4] عن شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء (1)، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالى (2).

(حيلولة):

و عن شيخنا (3) الأعظم و الطود الأشمّ الشيخ مرتضى الأنصاري، قدّس اللّه تربته الزكيّة.

[الثاني من مشايخ الأنصاري السيد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي]

ب- عن السيد الجليل و الحبر النبيل السيد صدر الدين محمّد بن السيد صالح بن السيد محمّد بن السيد إبراهيم بن السيد زين العابدين بن نور الدين (4) علي بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الحسن


1- لم يذكر هذا الطريق في المشجرة، و تعرض للطرق الثلاثة المارّة للمولى النراقي، فراجع.
2- يأتي في صحيفة: 117.
3- من هنا يبدأ الطريق الثاني للشيخ الأنصاري (رحمه اللّه)
4- يذهب البعض إلى ان العمود النسبي الصحيح هو:.

ص: 112

عباس بن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن حمزة الصغير بن سعد اللّه بن حمزة الكبير ابن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن محمّد بن طاهر بن الحسين القطعي بن أبي سبحة موسى بن إبراهيم الصغير المرتضى بن الامام الكاظم عليه السلام الموسوي العاملي، البغدادي المنشأ، الأصفهاني المسكن، النجفي الخاتمة و المدفن.

و كانت امه بنت الشيخ علي بن محيي الدين بن الشيخ علي بن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم.

كان من أفاضل علماء وقته في الفقه و الأصول و الحديث و الرجال و فنون الأدب و العروض.

و عندي رجال الشيخ أبي علي عليه حواش بخطه الشريف يظهر منها طول باعه، و سعة اطلاعه، و دقة نظره، و قد دوّنها ابن ابن أخيه السيد البارع في العلوم الحسن بن الهادي الموسوي الكاظمي، أدام اللّه تعالى بقاه.

و له كتاب مجال الرجال أيضا و له مؤلفات رائقة في الفقه و غيره فصلها مع شرح حاله تلميذه في الروضات (1).

و كان صهر الشيخ الأكبر (2) على بنته، مقيما بأصبهان، شديدا في ذات اللّه، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، ملجأ للعلماء و الأفاضل، إلى أن سافر في آخر عمره إلى العراق.

و توفّي في النجف الأشرف سنة 1264.

عن والده السيد الأيّد السيد صالح.


1- روضات الجنّات 4: 126.
2- أي: الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

ص: 113

عن والده السيد المؤيد السيد محمّد.

عن شيخه و أستاذه الشيخ محمّد بن الحسن الحر صاحب الوسائل (1).


1- هذا أقصر طرق الميرزا النوري إلى المحدث الحر العاملي صاحب الوسائل، و هو مثبت في المشجرة.

ص: 114

[الثاني من مشايخ المحدث النوري صاحب المستدرك الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني]
اشارة

و منها ما أخبرني به إجازة شيخي و أستاذي، و من إليه في العلوم الشرعية استنادي، أفقه الفقهاء، و أفضل العلماء، العالم العلم الرباني:

2- الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني (1)، أسكنه اللّه تعالى بحبوحة جنته.

كان نادرة الدهر و أعجوبة الزمان، في الدقة و التحقيق و جودة الفهم، و سرعة الانتقال و حسن الضبط و الإتقان، و كثرة الحفظ في الفقه و الحديث و الرجال و اللغة، حامي الدين و دافع شبه الملحدين، و جاهد في اللّه في محو صولة المبتدعين، أقام أعلام الشعائر في العتبات العاليات، و بالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات، صاحبته زمانا طويلا إلى أن نعق بيني و بينه الغراب، و اتخذ المضجع تحت التراب، في اليوم الثاني و العشرين من شهر رمضان سنة 1286 (2). له كتاب في طبقات الرواة، في جدول لطيف، غير أنّه ناقص.

[في ذكر مشايخ العلامة الطهراني]
[الأول الشيخ محمّد حسن بن الشيخ باقر النجفي صاحب كتاب جواهر الكلام]
اشارة

[1] عن مربّي العلماء، و شيخ الفقهاء، المنتهى إليه رئاسة الإمامية في


1- ذكر في المشجرة له أربعة طرق، و هذا هو الطريق الثاني للميرزا النوري قدس سره.
2- نقل عن خط لشيخنا الطهراني صاحب الذريعة في نسخته الخاصة من المستدرك هنا حاشية هي:

ص: 115

عصره، الشيخ محمّد حسن بن الشيخ باقر النجفي (1)، صاحب كتاب جواهر الكلام الذي لم يصنّف في الإسلام مثله في الحلال و الحرام.

حدّثني الشيخ المتقدّم عن بعض العلماء أنه قال: لو أراد مؤرّخ زمانه أن يثبت الحوادث العجيبة في أيامه ما يجد حادثة بأعجب من تصنيف هذا الكتاب في عصره، و هذا من الظهور بمكان لا يحتاج إلى الشرح و البيان. توفي- رحمه اللّه- غرّة شعبان سنة 1264.

[في ذكر مشايخ صاحب الجواهر]
[الأول الشيخ جعفر كاشف الغطاء]

(أ)- عن علم الأعلام، و سيف الإسلام، خرّيت طريق التحقيق و التدقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق، الشيخ الأعظم الأعلم الأعصم، الشيخ جعفر بن المرحوم الشيخ خضر من أهل جناجية من العشيرة المعروفة بآل علي، و هي طائفة كبيرة، بعضهم الآن في نواحي الشامية، و بعضهم في نواحي الحلّة، و هي من الموالك، و هم طوائف من سكان البوادي يرجعون إلى مالك الأشتر رضي اللّه عنه بالنسب.

و قد أشار إلى ذلك العالم النحرير الأجلّ السيد صادق الفحام- الذي هو من العلماء الأعلام- في قصيدته التي يرثي بها الشيخ حسين بن الشيخ خضر- أخا الشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء- و هو من المجتهدين المعروفين في عصره، أوّلها:

يا أيّها الزائر قبرا حوى من كان للعلياء إنسان عين


1- الشيخ عبد الحسين الطهراني يروي عن صاحب الجواهر و يروي الأخير عنه بطريق التدبيج، فكلّ شيخ الآخر، لاحظ المشجرة.

ص: 116

إلى أن قال:

يا منتمي فخرا إلى مالك (1)ما مالكي إلّاك في المعنيين

و قال مادح أهل البيت الشيخ صالح التميمي الحلّي في قصيدته التي يهنئ بها الشيخ محمّد- سبط الشيخ الأكبر- بزواجه بامرأة من شيوخ آل مالك و رؤسائهم الذين كانوا في الدغارة:

رأى درّة بيضاء في آل مالك تضي ء لغوّاص البحار ركوب

رأى أنه أولى بها لقرابةتضمّنها أصلا لخير نجيب

و بالجملة، فالشيخ خضر كان من الفقهاء المتبتّلين و الزهاد المعروفين، و علماء عصره كانوا يزدحمون على الصلاة خلفه.

قال ولده الشيخ الأكبر في كشف الغطاء في بحث التشهّد: و ان يضيف بعد الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله في التشهّد الأوسط قول: و تقبّل شفاعته في أمته و ارفع درجته، و الأقوى استحبابه في التشهّد الأخير بقصد الخصوصية لما يظهر من بعض الأخبار من تساوي التشهّدين، و للتفويض، و إفتاء بعض العلماء، و حديث المعراج. و قد رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله في عالم الرؤيا فأمرني أن أضيف إليها قول: و قرّب وسيلته. و كان الوالد- رحمه اللّه محافظا على ذلك في التشهد الأوسط، و لم أزل اتي بها سرّا لئلا يتوهم ورودها قاصدا أنّها من أحسن الدعاء. انتهى (2).

و في دلالته على عظم شأنه ما لا يخفى. توفي في رجب سنة 1180 تقريبا.


1- المقصود مالك الأشتر رضوان اللّه عليه.
2- كشف الغطاء: 245.

ص: 117

و أمّا ولده الشيخ الأكبر فهو من آيات اللّه العجيبة التي تقصر عن دركها العقول، و عن وصفها الألسن، فإن نظرت إلى علمه فكتابه كشف الغطاء- الذي ألّفه في سفره- ينبئك عن أمر عظيم، و مقام عليّ في مراتب العلوم الدينية، أصولا و فروعا. و كان الشيخ الأعظم الأنصاري- رحمه اللّه- يقول ما معناه: من أتقن القواعد الأصولية التي أودعها الشيخ في كشفه، فهو عندي مجتهد.

و حدّثني الشيخ الأستاذ- رحمه اللّه- قال: قلت لشيخي صاحب جواهر الكلام: لم أعرضت عن شرح كشف الغطاء، و لم تؤد حق صاحبه و هو شيخك و أستادك، و في كتابه من المطالب العويصة و العبارات المشكلة ما لا يحصى؟

فقال: يا ولدي أنا عجزان من أووات الشيخ، أي لا أقدر على استنباط مدارك الفروع المذكورة فيه بقوله: أو كذا أو كذا.

و إن تأمّلت في مواظبته للسنن و الآداب، و عباداته و مناجاته في الأسحار، و مخاطبته نفسه بقوله: كنت جعيفرا، ثم صرت جعفرا، ثم الشيخ جعفر، ثم شيخ العراق، ثم رئيس الإسلام، و بكائه و تذلّله، لرأيته من الذين وصفهم أمير المؤمنين (عليه السلام) من أصحابه للأحنف بن قيس، مع ما اشتهر من كثرة أكله، و ان كان (رحمه اللّه) ما كان يأكل إلّا الجشب و لا يلبس إلّا الخشن، فلا تورثه الملل و الكسل عمّا كان عليه من التضرع و الإنابة و السهر.

و إن تفكرت في بذله الجاه العظيم الذي أعطاه اللّه تعالى من بين أقرانه، و المهابة و المقبولية عند الناس على طبقاتهم من الملوك و التجار و السوقة للفقراء و الضعفاء من المؤمنين و حضه على طعام المسكين، لرأيت شيئا عجيبا، و قد نقل عنه في ذلك مقامات و حكايات لو جمعت لكانت رسالة طريفة نافعة.

و من طريف ما سمعناه و نتبرك به في هذه الأوراق، ما حدّثني به الثقة العدل الصفي السيد مرتضى النجفي- و كان ممن أدركه في أوائل عمره- قال:

ص: 118

أبطأ الشيخ في بعض الأيام عن صلاة الظهر، و كان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلمّا استيأسوا منه قاموا إلى صلاتهم فرادى و إذا بالشيخ قد دخل المسجد فرآهم يصلّون فرادى، فجعل يوبخهم و ينكر عليهم ذلك و يقول: أما فيكم من تثقون به و تصلون خلفه؟! و وقع نظره من بينهم إلى رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة و الديانة يصلّي في جنب سارية من سواري المسجد، فقام الشيخ خلفه و اقتدى به.

و لما رأى الناس ذلك اصطفوا خلفه و انعقدت الصفوف وراءه فلمّا أحسّ التاجر بذلك اضطرب و أستحيي و لا يقدر على قطع الصلاة و لا يتمكن من إتمامها، كيف و قد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلا عن العوام، و لم يكن له عهد بالإمامة سيّما التقدّم على مثل هؤلاء المأمومين، و لمّا لم يكن له بدّ من الإتمام، أتّمها و العرق يسيل من جوانبه حياء، و لما سلّم قام فأخذ الشيخ بعضده و أجلسه قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء! ما لي و لمقام الإمامة؟! فقال الشيخ: لا بدّ لك من أن تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع و يقول: تريد تقتلني لا قوة لي على ذلك. و أمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إمّا أن تصلي أو تعطيني مائتي شاميّ- أو أزيد، و الترديد مني- فقال:

بل أعطيك و لا أصلي، فقال الشيخ: لا بدّ من إحضارها قبل الصلاة، فبعث من أحضرها ففرّقها على الفقراء، ثم قام إلى المحراب و صلّى بهم العصر. و كم له- رحمه اللّه- من أمثال هذه القضية جزاه اللّه تعالى عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.

توفي- رحمه اللّه- في شهر رجب من سنة 1228. و كان له- مع ما هو عليه من الكمالات المعنوية و الصفات الإلهية- قوّة الشعر و النظم، و نقلوا عنه أبياتا رائقة نتبرك بقليل منها، إذ كتابنا هذا غير موضوع لمثلها.

ص: 119

فمن قصيدته (1) التي يرثي بها ناموس الدهر و نائب إمام العصر عليه السلام، العلّامة الطباطبائي:

ثلم الدين ثلمة مالها سدّو أولى العلوم جرحا جبارا

لمصاب العلامة العلم المهدي من بحر علمه لا يجارى

خلف الأنبياء زبدة كل الأصفياء الذي سما أن يبارى

واحد الدهر صاحب العصر ماضي الأمر في كنه ذاته الفكر حارا

كيف يسلوه خاطري و به قمت مقامي و [فيه] ذكري طارا

كيف ينفك مدحه عن لساني و هو لولاه في فمي ما دارا

و ارتضاني أخا له منّة منه و الرق شأني إذا أردت اعتبارا

خصني بالجميل من بعد أن عمّ البرايا و طبق الأقطار

أو حباني عزّا به بعد ذل و كسانى جلالة و وقارا

(القصيدة).

عن شيخيه العلمين البحرين الزخارين: الأستاذ الأكبر البهبهاني، و بحر العلوم العلامة الطباطبائي، بأسانيدهما المتقدمة (2).

(حيلولة):

و عن الجليل صاحب جواهر الكلام (3).

[الثاني السيد محمّد الحسيني العاملي صاحب مفتاح الكرامة]

(ب)- عن السيد السند و العالم المؤيد السيد جواد بن السيد محمّد الحسيني العاملي، المتوطّن في الغري، صاحب مفتاح الكرامة- في مجلدات كبار-


1- هنا حاشية للمصنّف غير معلّمة، قال: أوّلها [أي: القصيدة]:
2- تقدمت في صحيفة: 47، 49، 105.
3- لصاحب الجواهر أربعة طرق في المشجرة، هذا و روايته عن الشيخ عبد الحسين الطهراني تدبيجا.

ص: 120

و شرح طهارة الوافي- و هو تقريرات بحث أستاذه الأجل بحر العلوم- على نهج تفسير مجمع البيان، فيه تحقيقات رجالية و إفادات بديعة في شرح متون الأخبار.

المتوفى في حدود سنة 1226.

عن مشايخه الثلاثة.

1- الأستاذ الأكبر.

2- و بحر العلوم- رحمهما اللّه-.

3- و السيد الأجل الأكمل الأمير سيد علي بن السيد محمّد علي بن السيد أبي المعالي الصغير بن العالم النحرير السيد أبي المعالي الكبير الطباطبائي.

قال تلميذه- المتقدّم (1)- في إجازته للعالم الغطريف آغا محمد علي بن الجليل آغا باقر الهزارجريبي: فأجزت له أن يروي عني ما استجزته و قرأته و سمعته من السيد الأستاذ و رحمة اللّه سبحانه في البلاد و العباد، الإمام العلّامة، و مشكاة البركة و الكرامة، صاحب الكرامات أبو الفضائل، مصنّف الكتاب المسمى برياض المسائل، الذي عليه المدار في هذه الأعصار، النور الساطع المضي ء، و الصراط الواضح السوي، سيدنا و أستاذنا الأمير الكبير السيد علي أعلى اللّه شأنه، و شأن من شانه.

و من حسن نيته، و صفاء طويته، منّ اللّه سبحانه و تعالى عليه بتصنيف الرياض، الذي شاع و ذاع، و طبّق الآفاق في جميع الأقطار، و هو ممّا يبقى إلى أن يقوم صاحب الدار جعلنا اللّه فداه و منّ علينا بقاه.

و هو عالم ربّاني، و مخبت صمداني، رسخ في التقوى قدمه، و سبط (2) باللّه لحمه و دمه، زهد في دنياه فقرّبه اللّه و أدناه، و هو أوّل من علّم العبد و ربّاه.


1- السيد جواد بن السيد محمد الحسيني صاحب مفتاح الكرامة الذي تقدم في صفحة: 119.
2- كذا.

ص: 121

انتهى (1).

و كانت امه أخت الأستاذ الأكبر، و زوجته بنته، و هي أم ولده السيدين العالمين الجليلين:

السيد محمّد، صاحب المناهل و المفاتيح، و كان تحته بنت العلّامة الطباطبائي- رحمه اللّه- و السيد الزاهد السيد مهدي- رحمه اللّه- تولّد- رحمه اللّه- في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1161، و توفي سنة 1231.

عن خاله (2) المعظّم الأستاذ الأكبر (3) (رحمه اللّه).

(حيلولة):

و عن شيخ الفقهاء صاحب الجواهر (رحمه اللّه).

[الثالث الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي]

(ج)- عن العالم العارف الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي، المتوفى سنة 1241.

عن المشايخ الأجلّة، و نواميس الملّة:

أوّلهم: العلّامة الطباطبائي بحر العلوم.

و ثانيهم: كشّاف الحقائق صاحب كشف الغطاء.

و ثالثهم: العلّامة الحائري صاحب الرياض.

و رابعهم: العالم الرباني الآميرزا مهدي الشهرستاني.


1- مخطوطة.
2- أي: خال صاحب الرياض.
3- لا ينحصر طريق السيد الجواد العاملي بهذا بل يروي عن الوحيد تارة بواسطة السيد بحر العلوم، و اخرى بلا واسطة.

ص: 122

و خامسهم: العالم الجليل الشيخ أحمد بن العالم الشيخ حسن البحريني عن والده الشيخ حسن.

عن الشيخ عبد اللّه البلادي، من مشايخ صاحب الحدائق، كما تقدم (1).

و سادسهم: العالم الجليل الشيخ أحمد بن الشيخ محمّد من آل عصفور (2).

1- عن صاحب الحدائق.

2- و عن أبيه الشيخ محمّد.

عن الجليل المتبحّر الشيخ حسين الماحوزي المتقدم (3).

3- و عن العالم الفاضل- أخي صاحب الحدائق- الشيخ عبد العلي البحريني.

عن مشايخه الثلاثة.

الشيخ حسين.

و الشيخ سليمان الماحوزيين.

و الشيخ عبد اللّه البلادي، بطرقهم المتقدّمة (4).

(حيلولة):

و عن الشيخ الأستاذ علامة عصره الشيخ عبد الحسين الطهراني طاب ثراه.


1- تقدم في صحيفة: 67.
2- ذكر في المشجرة الشيخ محمد بن الشيخ حسين آل عصفور الذي يروي عن والده الشيخ حسين آل عصفور عن صاحب الحدائق، و للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي في المشجرة طريق إلى والد الشيخ محمد- الشيخ حسين- بلا واسطة، و هو طريق غير طريق الشيخ أحمد بن الشيخ محمّد آل عصفور. و عليه ففي المشجرة ثمان طرق للشيخ أحمد الأحسائي، تعرض لستة منها هنا.
3- تقدّم في صحيفة: 66.
4- تقدّمت طرقهم في: 67، 68، 74.

ص: 123

عن العالمين العلمين:

[الثاني من مشايخ الطهراني السيد محمّد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهيّة في الإجازات]

[2] عن السيد محمّد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهيّة في الإجازات، المتوفى سنة 1280.

[الثالث من مشايخ الطهراني المولى محمّد رفيع الجيلاني]

[3] و المولى محمّد رفيع الجيلاني.

عن سيد الفقهاء الأعلام، المدعو بحجة الإسلام، السيد محمّد باقر بن السيد محمّد تقي الموسوي الجيلاني، المتوطّن في أصبهان، المتوفى سنة 1260.

و قد جمع اللّه فيه من الخصال النفسانية من العلم و الفضل و التقوى، و الخشية و القوة في الدين و السخاء، و الاهتمام بأمور المسلمين، و الجاه العظيم، و نشر الشرائع و الأحكام، و تعظيم شعائر الإسلام، و إجراء الحدود الإلهية في الأنام، و الهيبة في قلوب السلاطين و الحكام، ما لم يجتمع في أحد من أقرانه.

له مؤلّفات حسنة تنبئ عن طول باعه، و رسائل عديدة في مطالب رجالية تظهر منها دقة نظره، و كثرة اطلاعه.

عن العالم المحقّق الناقد الزاهد، السيد محسن بن السيد حسن الحسيني الأعرجي الكاظمي البغدادي، صاحب كتاب الوسائل في الفقه في عدّة مجلدات، و هو من الكتب النفيسة الحاوية الجامعة. و كان الشيخ الأستاذ (1)- رحمه اللّه- يقول: إن كتاب القضاء من وسائل السيد أحسن ما كتب في هذا الباب.

و المحصول، و الوافي، و شرح مقدّمات الحدائق و جرحها. و غير ذلك.

المتوفى سنة 1240.

و كان من الزّهاد الناسكين، حدّثني الأخ الصفي الروحاني جامع الكمالات آغا علي رضا الأصفهاني، عن العالم الجليل صاحب الكرامات الباهرة المولى زين العابدين السلماسي، قال: رأيت في الطيف بيتا عاليا رفيعا


1- يعني الشيخ عبد الحسين الطهراني.

ص: 124

منيعا، له باب كبير واسع، و عليه و على جدران الدار مسامير من الذهب تسرّ الناظرين، فسألت عن صاحب الدار؟ فقيل له: إنّه للسيد محسن الكاظمي، فتعجّبت من ذلك و قلت: كانت داره التي في مشهد الكاظمين عليهما السلام صغيرة حقيرة، ضيّقة الباب و الفناء، فمن أين أوتي هذا البناء؟ فقالوا: لمّا دخل من ذلك الباب الحقير أعطاه اللّه تعالى هذا الباب العالي الكبير. و كان بيته رحمه اللّه- كما ذكره المولى في المنام- في غاية الحقارة.

و بلغ من زهده- على ما حدّثني به جماعة- أنّه لم يكن له من المتاع ما يضع سراجه فيه، و كان يوقد الشمعة على الطابوق و المدر، شكر اللّه تعالى سعيه.

أ- عن العالم النبيل الشيخ سليمان بن معتوق العاملي.

عن شيخنا صاحب الحدائق.

(حيلولة):

و عن السيد المحقّق الكاظمي.

ب- عن العالم الكامل المحقّق الجليل الآميرزا أبي القاسم بن المولى محمّد حسن الجيلاني، المتوطّن في دار الإيمان حرم الأئمة عليهم السلام قم، صاحب الغنائم و القوانين. المتولّد سنة 1152 (1)، المتوفى سنة 1231.

و قد أذعن ببلوغه الغاية في الدقة و التحقيق في الفقه و الأصول من عاصره و تأخّر عنه من المشايخ و الفحول.

و كان مؤيّدا مسدّدا كيّسا في دينه، فطنا في أمور آخرته، شديدا في ذات اللّه، مجانبا لهواه، مع ما كان عليه من الرئاسة و خضوع ملك عصره و أعوانه له، فما زاده إقبالهم إليه إلّا إدبارا، و لا توجّههم إليه إلّا فرارا.


1- في الحجريّة: 1151.

ص: 125

عن جماعة من المشايخ، قال في بعض إجازاته: نذكرهم على ترتيب أيام التحصيل عندهم:

أوّلهم: السيد السند السيد حسين الخوانساري، و قد تقدّم (1) في مشايخ العلّامة الطباطبائي.

و ثانيهم: الأستاذ الأكبر البهبهاني (2).

و ثالثهم: شيخه و أستاذه العالم النحرير الهزارجريبي (3).

و رابعهم: الفقيه النبيه الشيخ مهدي الفتوني (4). بطرقهم المتقدمة.

(حيلولة):

و عن الشيخ الأجل الأستاذ- رحمه اللّه-.

[الرابع من مشايخ الطهراني المولى حسين علي الملايري التويسركاني صاحب كتاب كشف الأسرار في شرح الشرائع و المقاصد العليّة]

[4] عن العالم العيلم و الفقيه المسلّم، الحبر الصمداني، المولى حسين علي الملايري التويسركاني، المتوفى سنة 1296، صاحب كتاب كشف الأسرار في شرح الشرائع، و المقاصد العليّة- حاشية على القوانين في مجلدين- و غيرها.

أ- عن قدوة المحقّقين، و ترجمان الأصوليين، الشيخ محمّد تقي بن عبد الرحيم الطهراني، المتوطّن في أصفهان، المتوفى سنة 1248، صاحب التعليقة الكبيرة على المعالم التي هي بين كتب الأصول كالربيع من الفصول، و غيرها من الرسائل في الأصول و الفقه، و قد رأينا منها رسالة في فساد الشرط الشائع درجة في صكاك المبايعات من ضمان البائع لو ظهر كون المبيع مستحقا للغير لردّ الثمن أو تخليص المثمن للترديد و التعليق.


1- تقدم في صفحة 56، و انّ الطريق الثالث للعلّامة بحر العلوم مبدوء به.
2- تقدم في صفحة: 49.
3- تقدم في صفحة: 63.
4- عبّر عنه في المشجرة بالشيخ محمد مهدي النجفي و هما واحد، و قد تقدمت طرقه في صفحة 64.

ص: 126

عن شيخه و أستاذه، و جدّ أولاده و أحفاده، الشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء.

ب- و عن الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (1)، بطرقهما.


1- لم يورده في المشجرة بل أورد بدله شيخه صاحب مفتاح الكرامة السيد محمد جواد العاملي.

ص: 127

[الثالث من مشايخ المحدث النوري صاحب المستدرك السيد محمد مهدي القزويني]

و منها (1): ما أخبرني به إجازة سيد الفقهاء الكاملين، و سند العلماء الراسخين، أفضل المتأخرين و أكمل المتبحّرين، نادرة الخلف و بقية السلف، فخر الشيعة و تاج الشريعة، المؤيّد بالألطاف الجليّة و الخفيّة.

3- السيد محمد مهدي (2) القزويني الأصل المتوطّن في الحلّة السيفية. و هو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمدّ الأعناق- صلوات اللّه و سلامه عليه- ثلاث مرات، و شاهد الآيات البيّنات، و المعجزات الباهرات.

و ذكرنا في رسالة جنة المأوى (3) بعد ذكر هذه الحكايات التي له فيها كرامات أنّها ليست منه ببعيد، فإنّه ورث العلم و العمل عن عمّه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني- الآتي (4)- صاحب سرّ خاله الطود الأشم و السيد الأعظم بحر العلوم و كان عمه أدّبه و ربّاه، و أطلعه على الخفايا و الاسرار حتى بلغ مقاما لا تحوم حوله الأفكار، و حاز من الفضائل و الخصائص ما لم يجتمع في غيره من العلماء الأبرار.


1- الطريق الثالث للميرزا النوري.
2- ابن السيد حسن القزويني كما يظهر من آخر مناسكه. (حاشية للشيخ الطهراني).
3- المذكورة ضمن بحار الأنوار 53: 282.
4- يأتي في: 131.

ص: 128

منها: الحكايات الثلاث التي لم يتفق لأحد قبله بهذه الكيفيّة و الخصوصية و الوضوح.

و منها: أنّه بعد ما هاجر إلى الحلّة و استقر فيها، و شرع في هداية الناس و إيضاح الحق و إبطال الباطل، صار ببركة دعوته من داخل الحلّة و أطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا، مواليا لأولياء اللّه و معاديا لأعداء اللّه، بل حدّثني- طاب ثراه- أنّه لمّا ورد الحلّة لم يكن في الذين يدّعون التشيع من علائم الإمامية و شعارهم إلّا حمل موتاهم إلى النجف الأشرف، و لا يعرفون من أحكامهم شيئا حتى البراءة من أعداء اللّه، و صاروا بهدايته صلحاء أبرارا أتقياء علماء، و هذه منقبة اختص بها بين من تقدّم عليه أو تأخر.

و منها: الكمالات النفسانية من الصبر و التقوى، و تحمّل أعباء العبادة، و سكون النفس، و الاشتغال بذكر اللّه تعالى، و كان رحمه اللّه لا يسأل في بيته عن أحد من أهله و أولاده و خدمه ما يحتاج إليه من الغذاء و العشاء و القهوة و القليان و غيرها، و لا يأمرهم بشي ء منها، و لولا التفاتهم و مواظبتهم لمرّ عليه اليوم و الليلة من غير أن يتناول شيئا منها، مع ما كان عليه من التمكّن و الثروة و السلطنة الظاهرة، و كان كجدّه الأكرم صلى اللّه عليه و آله يجيب الدعوة، و لكن يحمل معه (1) كتبا فيقعد في ناحية و يشتغل بالتصنيف، و لا علم له بما فيه أهل المجلس، و لا يخوض معهم في حديثهم، إلّا أن يسأل عن أمر ديني فيجيبهم.

و كان دأبه في شهر الصيام أن يصلي [المغرب] (2) بالناس في المسجد،


1- في الحجريّة: له، و ما أثبتناه من المصدر.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

ص: 129

و يصلّي بعده النوافل المرتّبة في شهر رمضان، ثم يأتي منزله فيفطر و يرجع إليه و يصلّي العشاء بهم، ثم يأتي بنوافلها المرتّبة، ثم يرجع إلى منزله و معه خلق كثير فيجلس و يجلسون، فيشرع واحد من الحفّاظ فيتلو بصوت حسن رفيع آيات من كتاب اللّه في التحذير و الترغيب و الوعد و الوعيد، ثم يقرأ آخر خطبة من خطب نهج البلاغة، ثم يقرأ آخر بعض مصائب أهل البيت عليهم السلام، ثم يشرع واحد من الصلحاء في قراءة أدعية شهر رمضان، و يتابعه الآخرون إلى وقت السحور فيتفرقون.

و بالجملة فقد كان في مراقبة النفس، و مواظبة الأوقات و النوافل، و السنن و القراءة- مع كونه طاعنا في السن- آية في عصره، و قد كنت (1) معه في طريق الحج ذهابا و إيابا، و صلّينا معه في مسجد الغدير و الجحفة. و توفي- رحمه اللّه- في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 1300، قبل الوصول إلى السماوة بخمس فراسخ تقريبا، و قد ظهر منه عند الاحتضار من قوّة الإيمان و الطمأنينة و الإقبال و اليقين الثابت ما يقضى منه العجب، و ظهر منه حينئذ كرامة باهرة (2) بمحضر من جماعة من الموافق و المخالف.

و منها: التصانيف (3) الرائقة في الفقه و الأصول و التوحيد و الكلام و غيرها،


1- في المصدر: كنا.
2- في هامش المخطوط ما يلي:
3- في هامش الحجريّة و بتوقيع «منه» ما يلي:

ص: 130

ص: 131

منها كتاب في إثبات كون الفرقة الناجية هي الإمامية من أحسن و أنفع ما كتب في هذا الباب، طوبى له و حسن مآب (1).

عن عمه العالم العلم العلّامة، صاحب المقامات العالية، و الكرامات الباهرة، السيد محمّد باقر نجل المرحوم السيد أحمد القزويني، المتوفى ليلة عرفة بعد المغرب سنة 1246، بسبب الطاعون الكبير الذي عمّ العراق، و قد أخبر به، و بوفاته به، و أنّه آخر من يبتلى به، قبل نزوله بسنتين، على ما حدّثني به ابن أخيه السيد الجليل المتقدم (2)، و أنّ عمّه الأجلّ حدّثه بذلك، و أنّ جدّه المعظّم أمير المؤمنين عليه السلام أخبره بذلك في المنام، و قال له: و بك يختم يا ولدي.


1- بحار الأنوار 53: 291.
2- و هو السيّد محمّد مهدي القزويني الذي تقدم في صحيفة: 127.

ص: 132

و كان يبشّر بذلك أصحابه في أيام الطاعون.

قال- رحمه اللّه-: و أعطاني و أهل بيته و من يلوذ به، دعاء للحفظ من الطاعون قبل نزوله، فلمّا نزل هذا البلاء العظيم في الوقت الذي أخبره به، و تفرّق من تمكن منه، بقي السيد في المشهد الشريف كالطود الباذخ، و الجبل الراسخ، و ظهر منه في تلك الأيام من قوّة القلب و علوّ الهمة و الجدّ و الاجتهاد و القيام بأمور المسلمين و تجهيز الأموات الذين جاوزوا حدّ الإحصاء- و قد بلغ عددهم في أسبوع كل يوم ألف نفس- ما تحير فيه العقول و الأفكار، و لم يوفّق لذلك الأمر العظيم أحد من العلماء الذين سار ذكرهم في الأقطار، و كان- رحمه اللّه- هو القائم بتجهيز الجميع و قد نافوا على أربعين ألف.

و كان- رحمه اللّه- يجي ء أول الصبح إلى الحضرة الشريفة العلوية و يزور زيارة مخفّفة، ثم يخرج و يقعد في إيوان الحجرة المتصلة بالباب الشرقي على يمين الداخل إلى الصحن الشريف، فيجتمع عنده الذين عين كل طائفة منهم لأمر من أمور التجهيز، فمنهم لرفع الجنائز و منهم للتغسيل، و منهم للدفن، و منهم للطواف بهم، و غير ذلك، فيرسلهم إلى مشاغلهم، و عيّن نفسه الشريفة للصلاة على جميعهم.

و كان في أول مجيئه قد اصطف الأموات بين يديه ما بين عشرين إلى ثلاثين- و قد بلغ عددهم في يوم واحد للصلاة إلى ألف- كلّ على الترتيب المقرّر في الشرع من غير إخلال بمستحب و أدب فيه و لا في أمور التجهيز، فيصلّي عليهم صلاة واحدة، فيؤتى بطائفة أخرى حين الصلاة، فإذا فرغ منها و رفعت الجنائز وضعت مكانها الأخرى، و هكذا. و هو واقف على قدميه إلى الزوال.

و إذا شاهد من أحد الفتور في رفع جنازة بعد الصلاة وضع عبائه على

ص: 133

كتفه و شالها (1) بنفسه وحدها و يأتي بها إلى الإيوان الشريف. فإذا حان الزوال دخل الحجرة ليتغدى فينوب عنه- في هذه المدة القليلة- للصلاة السيد الصالح السيد علي العاملي، ثم يخرج مشتغلا بالصلاة إلى الغروب لا يفتر عن دقيقة، فإذا ذهب النهار طاف في أطراف الصحن و جاس خلال الحجرات لئلا يبقى ميت في الليل غير مدفون.

و في هذه الأيام كان الناس يأتون إليه بالأموال الموصى بها إليه ما لا يحصى كثرة، و كان يصرفها في مواردها بحيث لا يضع حبة منها في غير محلها مع ما هو عليه من المشاغل العظيمة، و هذا يحتاج إلى قوة ربانية، و تسديدات إلهية، و توفيقات سماوية و فقاهة أحمدية، و همّة علوية، و لا يلقّاها إلّا ذو حظ عظيم.

و لقد حدثني بهذه الأمور السيد الجليل المتقدّم (2)، و السيد الأيّد الثقة الصالح السيد مرتضى النجفي- و كان مرضيا عند جميع العلماء الأعلام المجاورين في المشهد الغروي- و كان من الحاضرين المشاهدين لها، و من عجيب ما حدّثنا به قال: كنت واقفا بجنب السيد المؤيد العلّامة في تلك الأيام، و إذا برجل عجمي شائب (3)- من خيار المجاورين- واقف خلف الجماعة ينظر إلى السيد و يبكي كأنّه يريد حاجة لا يصل إليها، فالتفت إليه السيد، و قال لي: اذهب إليه و اسأله عن حاجته، فدنوت منه و سألته عن حاجته، فقال: إن متّ في هذه الأيام أحب أن يصلّي عليّ السيد صلاة منفردة، فذكرت للسيد فأجابه إلى ذلك.

فلما كان في الغد و السيد في الصحن الشريف على شغله المعهود فإذا


1- أي: رفعها. شالت الناقة بذنبها أي: رفعته. انظر (لسان العرب- شول- 11: 374)
2- و هو السيد محمّد مهدي القزويني المتقدم في صحيفة: 127.
3- أي: كبير السن. انظر (تاج العروس- شيب- 1: 328، و لسان العرب 1: 513)

ص: 134

بشاب واقف قدامه و هو يبكي، فسألناه عن سببه، قال: أنا ابن من سأل بالأمس من جناب السيد ما سأل، و قد نزل به البلاء المبرم، و قد أرسلني إلى جنابه مستدعيا ذهابه إلى عيادته، فأجابه: و استناب السيد المتقدم (1) للصلاة، و عمد إلى بيت الرجل فمشينا معه و نحن جماعة، فوافانا في الطريق رجل صالح و قد خرج من بيته يريد حاجة فلمّا رأى السيد و الجماعة قاصدين إلى مكان وقف و قال لي: هل إلى ضيافة؟ قلت: لا، بل إلى عيادة، فقال: فنتبعكم لنفوز بتلك السعادة.

فلما دخلنا بيت الرجل و كان السيد هو المتقدم ثم واحد بعد واحد إلى أن دخل الجميع و أخذ كلّ واحد منّا مجلسه، و للرجل شعور و معرفة فأظهر المحبة و الرسوم المتعارفة للتحية مع كل واحد، فلما دخل ذلك الرجل الصالح و سلّم تغيّر (2) وجهه و أشار بيده و رأسه أن يرجع و يخرج من بيته، و أشار إلى ولده أن يخرجه، و اضطربت حاله بحيث تعجّب الجميع و تحيّروا من ذلك، و لم يكن بينهما سابقه معرفة فضلا عن العداوة، فخرج الرجل و بقينا عنده إلى أن مضى مقدار ساعة، فرجع الرجل و دخل و سلّم و جلس، و نظر إليه المريض، و فعل به ما فعل بنا، فزاد تعجّبنا، فلمّا خرجنا سألنا الرجل عن سرّ هذا الأمر، قال:

كنت جنبا و ضاق بي الوقت عن الاغتسال و المصاحبة معكم، فلما صنع بي ما رأيتم علمت أنّ انفرادي من بينكم بهذا التبعيد و النفرة ليس إلّا لخباثة الجنابة، فأردت زيادة الاطمئنان بذلك فاغتسلت و رجعت فعلمت يقينا أنّه عرف ما كنت عليه من الحالة التي تتنفّر منها الملائكة.

و في هذه القضية تصديق وجداني لما جاء به صاحب الرسالة من الأسرار


1- و هو السيد الصالح السيد علي العاملي المتقدم في صحيفة: 133.
2- في الحجرية: تغيّرت.

ص: 135

الغيبية، و أمره بعدم حضور الحائض و الجنب لدى المريض عند احتضاره لئلا يتنفر عنه ما ينزل عليه- حينئذ- من الملائكة.

و حدثني ابن أخيه السيد (1) الجليل المتقدم: أنّ عمّه الأكرم كان يكره تقبيل الناس يده، و يمتنع منه أشدّ الامتناع، و كان الناس يترقّبون دخوله في الحضرة الشريفة الغروية لتمكّنهم من تقبيل يده فيها لأنّه كان فيها في حال لا يشعر بنفسه، و لا يغيّره شي ء، لاستغراقه في بحار عظمة الرب الجليل، برؤية آثار أعظم آياته، عليه سلامه و سلام الملائكة جيلا بعد جيل.

و حدّثني- طاب ثراه- قال: كنت معه- رحمه اللّه- في السفينة مع جماعة من الصلحاء و أهل العلم قافلين من زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام فهبّت ريح شديدة اضطربت بها السفينة، و كان فينا رجل جبان فاضطرب اضطربا شديدا فتغيّرت حاله و ارتعدت فرائصه، فجعل يبكي تارة و يتوسل بأبي الأئمة عليهم السلام أخرى، و السيد قاعد كالجبل لا تحركه العواصف، فلمّا رأى ما نزل به من الخوف و الجزع قال: يا فلان ممّ تخاف؟ إنّ الريح و الرعد و البرق كلها منقادة لأمر اللّه تعالى، ثم جمع طرف عباية و أشار به إلى الريح كأنّه يطرد ذبابا، و قال: قري، فسكنت من حينه حتى وقفت السفينة كأنها رأسيه في الوحل.

و غير ذلك من الكرامات أشرنا إلى بعضها في كتابنا دار السلام.

عن خاله (2) المعظّم بحر العلوم، طاب ثراه.


1- أي: السيد محمد مهدي القزويني المتقدّم في صحيفة: 127.
2- في هامش الحجري ما يلي:

ص: 136

ص: 137

[الرابع من مشايخ المحدث النوري صاحب المستدرك علي بن الصالح الصفي الحاج ميرزا خليل الطهراني]

و منها (1): ما أخبرني به إجازة فخر الشيعة، و ذخر الشريعة، أنموذج السلف، و بقية الخلف، العالم الزاهد المجاهد الرباني، شيخنا الأجلّ الحاج المولى:

4- علي بن الصالح الصفي الحاج ميرزا خليل الطهراني المتوطّن في أرض الغريّ، المتوفى في شهر صفر سنة 1290.

و كان فقيها رجاليا مضطلعا بالأخبار، و قد بلغ من الزهد و الإعراض عن زخارف الدنيا مقاما لا يحوم حومه (2) الخيال، كان لباسه الخشن، و أكله الجشب من الشعير. و كان يزور أبا عبد اللّه الحسين عليه السلام- في الزيارات المخصوصة- ماشيا إلى أن طعن في السن و فارقته القوة. و له نوادر كرامات أشرنا إلى بعضها في الكتاب المذكور (3).

1- عن شيخه (4) و أستاذه صاحب جواهر الكلام رحمه اللّه.

2- و عن العالم العامل التقي الشيخ عبد العلي الرشتي.

عن العالم الفاضل أبي علي محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن سعد الدين، صاحب منتهى المقال في علم الرجال. و كان أصله من طبرستان، كما نصّ عليه في الروضات (5)، و ميلاده في كربلاء سنة 1159، و وفاته- كما فيها- سنة 1215.


1- الطريق الرابع للمولى النوري.
2- في الأصل: لا يحوم حرمه، و ما أثبتناه من أعيان الشيعة 8: 240.
3- دار السلام 2: 99- 200، و كذلك انظر بحار الأنوار 53: 257.
4- لم يذكر طريقه إلى صاحب الجواهر في المشجرة، و اقتصر على الثاني فلا حظ.
5- روضات الجنات: 4/ 404 و فيه: مازندراني الأصل.

ص: 138

و كتابه هذا لاشتماله على تمام التعليقة لأستاذه الأستاذ الأكبر البهبهاني صار معروفا و مرجعا للعلماء، و إلّا ففيه من الأغلاط ما لا يخفى على نقدة هذا الفن مع أنّه أسقط عن الكتاب ذكر المجاهيل، قال: لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم (1)، و كذا ذكر مؤلفات الرواة من الأصول و الكتاب، و بذلك بدا النقص في كتابه مضافا إلى سقطاته، و مع ذلك قال في جملة كلامه: لئلا يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى كتاب آخر من كتب الفن (2).

و سنشير- إن شاء اللّه تعالى- في بعض الفوائد الآتية إلى بعض ما ذكر في الكتب و المجاهيل من الفوائد، و له مؤلفات غيره رأيت منها النقض على نواقض الروافض- في مجلدين- في غاية الجودة.

عن الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني.

و لعلّه يروي عن سائر اساتيذه و معاصريه كالعلامة الطباطبائي، و صاحب الرياض، و غيرهما.


1- منتهى المقال: 2.
2- منتهى المقال: 2.

ص: 139

[الخامس من مشايخ المحدث النوري صاحب المستدرك الآميرزا هاشم الخوانساري]
اشارة

و منها (1) ما أخبرني به إجازة العالم الجامع الكامل، المتتبع الماهر المؤيّد:

5- الآميرزا هاشم الخوانساري المتوطّن في أصبهان، أدام اللّه تعالى تأييده.

[في ذكر مشجرة مشايخ الآميرزا هاشم الخوانساري]
[الأول والده السيد الآميرزا زين العابدين]

أ- عن والده العالم الجليل و السيد النبيل الآميرزا زين العابدين (2)، المتولّد في سنة 1192، المتوفى سنة [1275] (3).

1- عن أبيه السيد العالم الزاهد المجاهد أبي القاسم جعفر الموسوي الخوانساري.

عن والده فخر المجتهدين السيد حسين (4) بن العالم العلامة أبي القاسم جعفر الكبير المشتهر بالميرزا ابن الحسين بن قاسم بن محبّ اللّه بن قاسم بن المهدي الموسوي، المتقدّم (5) ذكره في مشايخ صاحب القوانين.

(حيلولة):

و عن والده.


1- الطريق الخامس للمحدث النوري.
2- الطريق الثاني لوالد الميرزا هاشم ميرزا زين العابدين.
3- هنا ورد بياض في المخطوطة و الحجريّة، و قال شيخنا الطهراني في الكرام البررة 2:
4- لم يذكر في المشجرة رواية الابن عن الأب- أي: السيد جعفر عن والده السيد حسين الموسوي الخوانساري- بل روايته عن الشيخ عبد العلي الرشتي. فلاحظ.
5- تقدم في صفحة: 56.

ص: 140

2- عن السيد المؤيد الفاضل إمام الجمعة الأمير محمّد حسين.

عن والده السيد الجليل الأمير عبد الباقي، بطرقه المتقدّمة (1).

(حيلولة):

و عن والده المبرور (2).

3- عن الفقيه النبيه السيد محمّد الرضوي المشهدي (3).

عن شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء.

(حيلولة):

و عن والده المرحوم (4).

4- عن السيد السند حجة الإسلام السيد محمّد باقر، المتقدم ذكره (5).

(حيلولة):

و عن والده السعيد (6).

5- عن والده (7).

عن العلامة الطباطبائي (رحمه اللّه) (8).


1- تقدمت في صفحة: 57.
2- الطريق الثالث لوالد الميرزا هاشم ميرزا زين العابدين.
3- لم يذكر له في المشجرة شيخا.
4- الطريق الرابع للمولى ميرزا زين العابدين الخوانساري والد الميرزا هاشم.
5- تقدم في صفحة: 123.
6- الطريق الخامس للميرزا زين العابدين الخوانساري والد الميرزا هاشم.
7- أبو القاسم السيد جعفر الخوانساري، و الظاهر إنّه في مقام عدّ الطريق الخامس للمولى زين العابدين والد الميرزا هاشم الخوانساري، إلّا إنّ هذا الطريق لوالد والده- أعني السيد أبي القاسم جعفر الموسوي الخوانساري- إذ ذاك يروي عن السيد بحر العلوم و غيره.
8- هذا و يروي الابن- أعني السيد زين العابدين الخوانساري والد الميرزا هاشم الخوانساري- عن العلامة بحر العلوم بلا واسطة كما ذكره في المشجرة، و لم يذكر له روايته بواسطة والده المولى السيد جعفر الموسوي الخوانساري، و لكن قد صرح حفيد السيد جعفر- أعني السيد محمد باقر صاحب الروضات- بإجازة بحر العلوم لجده السيد جعفر (روضات الجنات 2: 105).

ص: 141

(حيلولة):

و عن سيدنا الأجل الآميرزا هاشم (1).

[الثاني السيد الأمير سيد حسن الواعظ الحسيني الأصبهاني]

ب- عن السيد الجليل و العالم النبيل الأمير سيد حسن (2) بن الأمير سيد علي ابن الأمير محمّد باقر بن الأمير إسماعيل الواعظ الحسيني الأصبهاني، الذي إليه انتهت رئاسة التدريس في الفقه و الأصول في أصفهان. و كان يشدّ إليه الرواحل لاستفادة العلوم الشرعية من أطراف البلدان، و ما كانت الهجرة إلى العراق لتحصيل العلوم الدينية متعارفا في طلبة أصفهان و فضلائهم قبل وفاته كتعارفها في غيرهم، و قد برز من مجلسه علماء فضلاء، و فقهاء نبلاء، جزاه اللّه تعالى عن الإسلام خير الجزاء.

عن والد (3) المجاز الآميرزا زين العابدين، بطرقه المتقدّمة (4).


1- الطريق الثاني للميرزا هاشم الخوانساري.
2- ورد في المشجرة باسم الأمير سيد حسن المدرس، و هنا وردت حاشية في المخطوطة هي:
3- أي والد الآميرزا هاشم.
4- تقدمت طرقه في: 139 و 140.

ص: 142

(حيلولة):

و عن السيد الأيّد الآميرزا (1) هاشم، سلمه اللّه تعالى.

[الثالث الشيخ مهدي النجفي]

ج- عن الفقيه الوجيه و العالم النبيه المسدّد، الصفي الشيخ مهدي النجفي، المتوفى سنة [1289] (2).

عن عمه الأكمل الأفقه الزاهد الصالح الكامل الشيخ حسن، صاحب كتاب أنوار الفقه (3) الذي هو من الكتب النفيسة في هذا الفن، إلّا أنّه لم يخرج منه الصيد و الذباحة و السبق و الرماية و الحدود و الديات، و له شرح مقدّمات كشف الغطاء، و رسائل اخرى. تولّد سنة 1201 (4)، و توفي سنة 1262.

و كان رحمه اللّه من العلماء الراسخين الزاهدين المواظبين على السنن و الآداب، و معظّمي الشعائر، الداعين إلى اللّه تعالى بالأقوال و الأفعال. و له في المجلس الذي انعقد في دار الإمارة ببغداد- و اجتمع فيه علماء الشيعة من أهل المشهدين و هو مقدّمهم و رئيسهم، و علماء أهل السنة، بأمر الوالي لتحقيق حال الملحد الذي أرسله علي محمّد الشيرازي الملقب بالباب ليدعو الناس إلى


1- الطريق الثالث للميرزا هاشم الخوانساري، وردت هنا في المخطوطة حاشية هي:
2- لم ترد سنة الوفاة في الأصل و الحجري و أثبتناها من المشجرة.
3- المعروف: بأنوار الفقاهة.
4- جاء في هامش الحجري:

ص: 143

مزخرفاته و ملفّقاته- مقام محمود و يوم مشهود، بيّض به وجوه الشيعة، و أقام به أعلام الشريعة، من أراد شرح ذلك، و معرفة جملة من حالاته و عباداته و نوادره و كراماته، فعليه برسالة بعض فضلاء الطائفة الجعفرية في شرح حال آل جعفر (1)- كثّرهم اللّه تعالى-.

عن والده شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء (2).


1- إشارة إلى النفحات العنبرية في الطبقات الجعفريّة تأليف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (قدّس سرّه)
2- إلى هنا تنتهي طرق المشايخ الخمسة للميرزا النوري رحمه اللّه.

ص: 144

[في ذكر طرق مشايخ مشايخ المحدث النوري صاحب المستدرك]

[المرحلة الأولى من المحدث النوري إلى المحدث المجلسي]
[الأول من مشايخ المشايخ الآقا باقر الهزارجريبي]

(حيلولة):

و عن العالم الأجلّ آغا باقر الهزارجريبي (1).

عن الفاضل الآميرزا إبراهيم القاضي (2).

عن السيد المحقّق الفاضل الأمير ناصر الدين أحمد بن المرحوم السيد محمّد بن الفاضل المشهور الأمير روح الأمين الحسيني المختاري السبزواري (3).

عن تاج الفقهاء و المحقّقين، و فخر العلماء المدقّقين، بهاء الدين محمّد بن تاج الدين حسن بن محمّد الأصفهاني، الملقّب بالفاضل الهندي لمسافرته إلى الهند قبل بلوغه وجوبا- على ما صرّح به نفسه- و نصّ على عدم ارتضائه به، و كأنه لمشاركته للفاضل الهندي من العامة. المتولّد في سنة 1062 المتوفى في شهر


1- من هنا تبدأ طرق مشايخ مشايخه (اي النوري) فيبدأ بذكر الشيخ الخامس من مشايخ العلامة بحر العلوم ثم بعده الشيخ الثاني و هو السيد حسين القزويني كما سيأتي.
2- في المشجرة: ذكر ان له الرواية عن الأمير محمد حسين بن مير محمد صالح، عن جماعة.
3- أسقطه في المشجرة و لم يرد له ذكر أصلا، هذا و قد ذكر صاحب الذريعة (قدس سره) في:

ص: 145

رمضان سنة 1137.

صاحب الكرامة الباهرة التي أشار إليها المحقق النحرير الشيخ أسد اللّه التستري في المقابيس- بعد ذكره بأوصاف جميلة و مدائح عظيمة- بقوله: و نشوه في بدء أمره في حال صغره في بلاد الهند، و لذا نسب إليها، و جرت له فيها مع المخالفين مناظرة في الإمامة معروفة على الألسنة، و قصة عجيبة مع قرد لبعضهم، أسطع من الأدلّة و أقطع من الأسنّة، و صنّف من أوائل دخوله في العشر الثاني كتبا و رسائل، و تعليقات في العلوم الأدبية (1)، و الأصول الدينية أو الفقهية أيضا، منها: ملخص التلخيص و شرحه كلاهما في مجلّد صغير جدا، و هو عندي، و لعلّه أوّل مصنفاته. و فرغ من المعقول و المنقول و لم يكمل ثلاث عشرة سنة كما صرّح نفسه به، و هو صاحب المناهج السوية في شرح الروضة البهية، رأيت جملة من مجلداتها في العبادات و هي مبسوطة مشحونة بالفوائد و التحقيقات، و تاريخ ختام كتاب الصلاة منها سنة الثماني و الثمانين بعد الألف، فيكون عمره حينئذ خمسا و عشرين سنة، و له أيضا كتاب كشف اللثام عن قواعد الأحكام. انتهى (2).

قلت: و كان للشيخ الفقيه صاحب الجواهر (رحمه اللّه) اعتماد عجيب فيه (3) و في فقه مؤلفه، و كان لا يكتب من الجواهر شيئا لو لم يحضره كشف


1- و عندي نسخة من شرح الرضي (رحمه اللّه) في الصرف، قد صححه بنفسه لنفسه عليها خطوطه، و ارّخ الفراغ منها بقوله: و نجز الفراغ غرّة ربّي سادس الخامسة و الثمانين بعد الألف.
2- مقابس الأنوار: 18.
3- أي: في كتاب كشف اللثام.

ص: 146

اللثام (1)، حدثني بذلك الشيخ الأستاذ الشيخ عبد الحسين (رحمه اللّه) (2) قال:

و كان يقول: لو لم يكن الفاضل في العجم ما ظننت أنّ الفقه صار إليه. و صرّح (رحمه اللّه) في بعض رسائله انّ مؤلفاته بلغت إلى الثمانين.

عن والده العلامة تاج أرباب العمامة، تاج الدين حسن- المعروف بملإ تاجا- المتوفى سنة 1085 (3).

عن العالم الحبر الجليل المولى حسن علي (4)، الآتي ذكره في مشايخ العلّامة المجلسي (رحمه اللّه).

[الثاني من مشايخ المشايخ السيد حسين القزويني]

(حيلولة):

بالأسانيد السابقة (5) عن العلّامة بحر العلوم.

عن الجليل السيد حسين القزويني.

[الثالث من مشايخ المشايخ السيد نصر اللّه الحائري]

عن السعيد الشهيد السيد نصر اللّه الحائري (6).

[الرابع من مشايخ المشايخ السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري]
اشارة

عن العالم المتبحر النقّاد السيد عبد اللّه بن العالم السيد نور الدين بن المحدّث النبيل السيد نعمة اللّه الجزائري هو من أجلّاء هذه الطائفة، و عينها


1- جاء في هامش الأصل.
2- أي: الطهراني شيخ الميرزا النوري.
3- في الأصل و الحجري: المتوفى سنه 1058، و لا يمكن المساعدة عليه لما تقدم من أنّ ولادة ولده كانت سنة 1062، و لعلّه تصحيف.
4- أي: التستري، المتوفّى سنة 1075، و سيأتي في صفحة: 201.
5- التي تقدمت في الصفحات: 44، 119، 135، 140.
6- مرّ الطريق الأوّل للسيد الحائري و هذا هو الطريق الثاني له.

ص: 147

و وجهها، و ممّن اجتمع فيه جودة الفهم، و حسن السليقة، و كثرة الاطلاع، و استقامة الطريقة، كما يظهر من مؤلفاته الشريفة: كشرح النخبة، و أجوبة المسائل النهاوندية، و غيرها. و له إجازة كبيرة فيها فوائد طريفة، و نكات لطيفة.

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد عبد الله الجزائري]
اشارة

عن جماعة من المشايخ (1):

[الأول السيد نصر اللّه الحائري]
اشارة

أ- أولهم: السيد نصر اللّه- المتقدم ذكره- و هذا يسمّى في علم الدراية بالوجادة (2)، بأن يروي كلّ واحد من الشيخين عن الآخر و نظيره في الأصحاب كثير: كرواية المجلسي عن السيد علي خان- شارح الصحيفة- و روايته عنه، و رواية الشيخ الحرّ عن المجلسي و روايته عنه.

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد نصر الله الحائري]
[الأول المحدث محمّد باقر المكي]

1- عن المحدث الجليل محمّد باقر المكي.

عن الفاضل الجامع السيد علي خان، شارح الصحيفة.

عن الجليل الشيخ جعفر البحريني، المتقدم ذكره (3).

عن الشيخ حسام الدين محمود بن درويش علي الحلي.

عن الشيخ البهائي.

(حيلولة):

و عن السيد الشهيد (4).

[الثاني الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري]

2- عن الأستاذ الفاضل خاتمة المجتهدين الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري المجاور بالغري، صاحب كتاب آيات الأحكام و غيره، المتوفى سنة 1150.


1- ذكر المحدّث النوري قدس سره للسيد عبد اللّه الجزائري هنا خمسة شيوخ، و كذلك في المشجرة عدا السيد رضي الدين بن محمد بن علي بن حيدر العاملي المكّي فذكر غيره.
2- كذا، و الصحيح كما يدل عليه التعريف: بالتدبيج.
3- تقدّم في: 71.
4- أي: السيد نصر اللّه الحائري- المتقدّم.

ص: 148

أ- عن المولى الفاضل محمّد نصير (1).

عن المولى محمّد تقي المجلسي.

ب- و عن أستاذه (2) الفاضل المحقق الزاهد الشيخ حسين بن الفاضل العلّامة عبد علي الخمايسي النجفي.

عن والده.

و الشيخ عبد الواحد بن أحمد البوراني النجفي (3).

عن فخر الدين الطريحي (4)، بسنده المتقدم (5).

و يروي الشيخ أحمد (6) أيضا.

ج- عن الأجل الشيخ أحمد بن محمّد بن يوسف (7).

د- و الأمير محمّد مؤمن الحسيني الأسترآبادي (8).


1- لم يرد في المشجرة رواية السيد الحائري عن الفاضل محمد نصير، بل لا ذكر له و لا اسم، نعم روى الشيخ أحمد الجزائري، عن المولى محمد تقي المجلسي بواسطة نجله المولى محمد باقر، فلا حظ.
2- الضمير هنا يرجع إلى الشيخ أحمد الجزائري.
3- و يروي عن الشيخ حسام الدين المتقدم أيضا. (منه قدس سره).
4- أثبته في المشجرة- أي: رواية الشيخ عبد الواحد، عن فخر الدين الطريحي-.
5- تقدّم في صفحة: 75.
6- أي: الجزائري، و تقدم في صفحة: 68.
7- أي: البحراني.
8- تقدم في صفحة: 69، لم يرو في المشجرة الشيخ أحمد الجزائري عن الأمير محمد مؤمن الحسيني الأسترآبادي بلا واسطة، بل طريقه إليه بتوسط الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف البحراني.

ص: 149

ه- و الأمير محمّد صالح الخاتون آبادي (1)، و قد تقدّم ذكر طرقهم (2).

و يروي عن الشيخ أحمد، السيد الجليل عبد اللّه بن السيد علوي البلادي البحراني، من (3) مشايخ صاحب الحدائق.

(حيلولة):

و عن السيد الشهيد (4).

[الثالث الشيخ محمّد حسين الطوسي البغجمي]

3- عن المولى المتبحّر في الأحاديث المعصومية المولى محمّد حسين الطوسي البغجمي (5).

أ- عن الشيخ محمّد الحر (6).

ب- و العلامة المجلسي.

ج- و العالم الفاضل المولى محمّد أمين بن المولى محمّد علي الكاظمي، صاحب هداية المحدثين إلى طريقة المحمدين- المعروف بمشتركات الكاظمي- و هو ثاني ما ألّف في هذا الباب، و قد تعرّض فيه لما صدر من شيخه من الأغلاط، و لذا عبّر عنه في أمل الآمل: بشرح جامع المقال فيما يتعلق بالأحاديث و الرجال (7).


1- طريق الشيخ أحمد الجزائري في المشجرة إلى الأمير محمد صالح الخاتون آبادي بتوسط الشيخ أبو الحسن الشريف.
2- تقدم طريقه في صفحة: 57 و 58.
3- في الحجرية: عن، و هو خطأ.
4- أي السيد نصر اللّه الحائري المتقدم، و هذا هو الطريق الخامس له هنا.
5- هذا الطريق غير مذكور في المشجرة، نعم حكاه في الأعيان [10: 214] عن كتاب السيد نصر اللّه الموسوم بسلاسل الذهب، و قد ذكر شيخنا الطهراني في الذريعة: [1: 130/ 618] اثني عشر شيخا للسيد نصر اللّه الحائري و حكاه من كتاب إجازات، و قال: المظنون أنّه سلاسل الذهب.
6- أي: الحر العاملي صاحب الوسائل، و ليس له طريق في المشجرة بهذه الوسائط و لا للعلّامة المجلسي الآتي.
7- أمل الآمل 2: 246.

ص: 150

قال في أول الكتاب: إنّي نظرت في الكتاب المسمى بجامع المقال فيما يتعلّق بأحوال الحديث و الرجال، الذي هو من مؤلفات شيخنا (1) الأجلّ الورع الزاهد المتفّرد في زماننا هذا بالأخلاق الفاضلة و المحامد، فرأيت في الباب الثاني عشر منه أغلاطا كثيرة، فتقرّبت إلى اللّه بإصلاح ما فيه من الغلط. إلى أن قال: ثمّ إنّي أفردت بعد ذلك هذا الكتاب، و أضفت إليه شيئا كثيرا مما روي عن الراوي (2). إلى أخر ما ذكره.

عن شيخه المذكور صاحب جامع المقال فخر الدين الطريحي.

(حيلولة):

و عن السيد الشهيد (3).

[الرابع الشيخ علي بن جعفر بن علي بن سليمان البحريني]

4- عن الفاضل المحقق الشيخ علي بن جعفر بن علي بن سليمان البحريني (4).

عن أبيه.

عن أبيه.

عن الشيخ البهائي.

(حيلولة):

و عن السيد الشهيد (5).

[الخامس أبو الحسن الشريف العاملي الغروي]

5- عن المتبحر الجليل المولى أبي الحسن الشريف العاملي الغروي.


1- هو الشيخ فخر الدين الطريحي قدّس سرّه المتوفّى سنة 1085.
2- هداية المحدثين: 3.
3- الطريق السادس للسيد نصر اللّه الحائري.
4- لم يرد في المشجرة، أما والده الشيخ جعفر فقد ورد و كذلك طريقه إلى الشيخ البهائي بتوسط والده، هذا و يروي في المشجرة عن الشيخ جعفر اثنان فقط هما:
5- هذا الطريق قد مرّ اعتباره الطريق الأول للسيد الحائري فلا حظ.

ص: 151

أ- عن خاله الفاضل السيد محمّد صالح الخاتون آبادي- صهر المجلسي- و قد تقدم (1).

ب- و عن المحدّث الكاشاني، الآتي ذكره (2).

ج- و عن أستاذه المحدث الفاضل الشيخ محمّد حسين بن الحسن الميسي الحائري.

عن الشيخ الأجلّ عبد اللّه بن محمّد العاملي.

عن العالم الجليل الشيخ علي سبط الشهيد الثاني (3).

د- و عن الفاضل الشيخ صفي الدين بن الشيخ فخر الدين الطريحي.

عن والده (4).

ه- و عن الأمير شرف الدين علي الشولستاني، الآتي ذكره (5).

و- و عن الشيخ أحمد بن محمّد بن يوسف (6)، المتقدم في مشايخ العلامة الشيخ سليمان الماحوزي (7).

ز- و عن الواعظ الزاهد العابد الصالح التقي الورع الزكي الحاج محمود الميمندي.

عن المحدث الجليل صاحب الوسائل.

ح- و عن المحدث الجزائري السيد نعمة اللّه.


1- تقدم في صفحة: 57.
2- يأتي في صفحة: 235.
3- في المشجرة طريق أبو الحسن الشريف إلى الشيخ علي سبط الشهيد الثاني بتوسط مير محمد صالح الخاتون آبادي.
4- هذا الطريق في المشجرة يعود إلى الشيخ أحمد الجزائري.
5- يأتي في صفحة: 180.
6- الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف تقدم في المشجرة كونه شيخ للشيخ أحمد الجزائري.
7- تقدم في صفحة 68.

ص: 152

ط- و عن العلامة المجلسي، كما تقدم (1).

فهذه ثمانية (2) طرق للمولى الشريف المحدث المحقق الغروي.

[الثاني الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي (سبط المجلسي)]

ب- و الثاني من مشايخ السيد عبد اللّه: السيد الأيّد (3) الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي- سبط المجلسي- بطرقه المتقدمة (4).

[الثالث السيد رضي الدين العاملي المكي]

ج- و ثالثهم: السيد الجليل الفقيه السيد (5) رضي الدين بن محمّد بن علي بن حيدر العاملي المكي، قال- رحمه اللّه- في إجازته الكبيرة: أجازني بالمشافهة في مكّة- شرّفها اللّه تعالى- لمّا استجزته، ثم كتب لي إجازة مبسوطة مشتملة على جميع طرقه و طرق أبيه و أسانيدهما، و قد ذهبت في أثناء الطريق و لم أحفظ منها إلّا روايته (6).

عن والده، المذكور.

عن العلّامة المحقّق محمّد شفيع بن محمّد علي الأسترآبادي.


1- تقدم في صفحة: 56.
2- في المخطوط و الحجري و الإجازة الكبيرة للجزائري ثمانية و المعدود هنا تسعة.
3- الأيّد: القوي.
4- تقدمت في الصفحات: 57 و 58 و 64 و 109.
5- تعرض في المشجرة لأربعة طرق، و ذكر هنا خمسة بإضافة السيد المذكور- السيد رضي الدين ابن محمد العاملي المكي- فراجع.
6- الإجازة الكبيرة: لم نعثر عليه فيه.

ص: 153

عن والده.

عن المولى محمّد تقي المجلسي.

و كان السيد رضي الدين متهذبا أديبا شاعرا فصيحا حسن السيرة، مرجوعا إليه في أحكام الحج و غيره. و سمعت والدي- طاب ثراه- يصف أباه السيد محمّد بغاية الفضل و التحقيق، و جودة الذهن، و استقامة السليقة، و كثرة التتبع لكتب الخاصة و العامة، و التبحّر في أحاديث الفريقين، و يطري في الثناء عليه لما اجتمع معه في مكة. و الذي وقفت عليه من مصنّفاته في الكلام و الفقه يدلّ على فضل غزير و علم كثير.

[الرابع السيد صدر الدين الرضوي القمي]

د- و رابعهم: السيد الجليل المتكلم الحسيب صدر الدين بن محمد (1) باقر الرضوي القمي، المجاور بالغري.

عن الشريف أبي الحسن (2).

و الشيخ أحمد (3) المتقدّم ذكرهما.

قال (رحمه اللّه) (4): و هو أفضل من رأيتهم بالعراق، و أعمّهم نفعا، و أجمعهم للمعقول و المنقول. أخذ العقليات من علماء أصبهان، ثم لما كثرت الفتن في عراق العجم بسبب استيلاء الأغيار عليها، و اختلال الدول القديمة، انتقل إلى (المشهد) و عظم موقعه في نفوس أهلها، و كان الزوار يقصدونه و يتبركون بلقائه، و يستفتونه في مسائلهم.

له كتاب الطهارة، استقصى فيه المسائل، و نصر مذهب ابن أبي عقيل في الماء القليل، ناولني منه نسخة.


1- في الحجرية: بن حمد.
2- تقدم في الصفحة: 54.
3- أي: الجزائري، و قد تقدم في: 147، و لم يورده هنا في المشجرة.
4- القائل: السيد الجزائري، و الضمير يعود إلى الرضوي القمي.

ص: 154

و له حاشية على المختلف، و رسائل عديدة منها رسالة في حديث الثقلين و أن أحدهما أكبر من الآخر، أطال الكلام في تعيين الأكبر، و جرى بينه و بين المولى إسماعيل الخاتون آبادي (1)- الساكن بمحلّة خاجو من محلات أصبهان- مراسلات في ذلك يردّ أحدهما على الآخر، ناولني السيد منها نسخة و لم أرتضها منه، و قلت له: أيّ ضرورة بنا إلى معرفة أن الأئمّة عليهم السلام أفضل أم القرآن؟ و ما معنى هذا التفضيل؟ و إن المخاير بين شيئين- المفضل أحدهما على الآخر- لا بدّ له أن يطلب للمفضّل وجوه التفضيل و الشرف، و للمفضّل عليه وجوه المنقصة و القصور، حتى يتم له ما هو بصدده، و هذا سوء أدب منّا بالنسبة إلى القرآن و الأئمة عليهم السلام، و هل هذا إلّا الخوض فيما لا يعني؟ و إنّ علينا من الأمور التي يجب تحصيل العلم بها ما هو أهمّ من هذا، و أولى بالنظر.

فاستحسن- رحمه اللّه- هذا الكلام و أثنى عليّ، و استردّ الرسالة، و قال:

سأغمسها في الماء لئلا تشتهر مني. توفي- رحمه اللّه- عشر الستين بعد المائة و الألف، و هو ابن خمس و ستين.

قلت: و هو شارح الوافية، و عليه تلمّذ الأستاذ الأكبر البهبهاني، و يعبّر عنه في رسائله بالسيد السند الأستاد (رحمه اللّه) و في رسالة الاجتهاد و الأخبار:

السيد السند الأستاد و من عليه الاستناد، دام ظله (2).


1- في هامش الحجري:
2- رسالة الاجتهاد و الأخبار: لم نعثر عليها.

ص: 155

[الخامس والده السيد نور الدين الجزائري]
اشارة

ه- و خامسهم (1): والده العالم الجليل السيد نور الدين، المتوفى في ذي الحجة سنة 1158، صاحب الرسائل المتعدّدة التي منها فروق اللغات في الفرق بين المتقاربات، و استطرد فيه فوائد كثيرة لغوية و أدبية، و هي رسالة حسنة و ادّعى في أولها: إنّي لم أجد من تصدى لجمع ذلك في كتاب، أو نظمه في فصل، أو أفرزه في باب، و إنّما يوجد منها بعض في بعض الكتب تفاريق، أو نزر متشتت في بعض التعاليق. إلى آخره.

و قد أفرده بالتأليف قبله الشيخ إبراهيم الكفعمي و سمّاه لمع البرق في معرفة الفرق، و ينقل عنه في حواشي الجنّة، فراجع.

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد نور الدين الجزائري]
[الأول الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي]

1- عن الشيخ الجليل محمّد بن الحسن الحر العاملي (رحمه اللّه).

[الثاني والده السيد نعمة اللّه الجزائري]
اشارة

2- و عن والده الحبر النبيل و المحدث الجليل السيد نعمة اللّه (2) بن عبد اللّه بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن محمود بن غياث الدين بن مجد الدين بن نور الدين بن سعد الدين عيسى بن موسى بن عبد اللّه بن موسى الكاظم عليه السلام، صاحب التصانيف الرائقة الدائرة، المتوفى في سنة 1112 في شهر شوال.

و كان بعض أجداده يلقّب بشمس الدين، قال السيد في المقامات: و أمّا جدّنا صاحب الكرامات السيد شمس الدين- قدس اللّه روحه- فكان له ثور يرعى بعيدا من البيوت و أتاه السبع و افترسه، لكنه وقف عنده و لم يأكل منه شيئا، فأخبروا جدّنا، فأخذ الحبل الذي كان يربط به الثور و أتى- و الناس معه- إلى الأسد، فقصده و وضع الحبل في رقبته و قاده إلى منزله و الناس متحيرون،


1- أي: خامس طرق السيد عبد اللّه الجزائري.
2- لم يذكر في المشجرة رواية الابن- نور الدين- عن الأب- نعمة اللّه الجزائري- و حصر روايته بالحرّ العاملي.

ص: 156

و ربطه عنده تلك الليلة و قال: أتخذه للحرث عوضا عن ثوري، فقال له الجيران: هذا لا يصير لأنّا نخاف منه، فحينئذ أرسله من يده. حتى قال بعض الشعراء في مدح أولاده:

سادة حسينيين أهل التقى و الدين

أولاد شمس الدين جاب السبع ثورة

الثور يا سادةالسبع ما رواه

و الناس شهادةغياب و حضوره

(1)

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد نعمة الله الجزائري]
اشارة

عن عدّة من المشايخ و هم تسعة (2):

[الأول السيد فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي]

الأوّل: السيد السند الأمير فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي.

عن العالم الجليل السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، المتقدّم ذكره في شرح حال الرضوي (3).

عن الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه.

عن السيّد العالم و النجيب اللبيب محمّد مهدي بن السيد محسن


1- المقامات: غير موجود.
2- هذا و في المشجرة ذكر له ستة مشايخ هم:
3- تقدم في: 297، من الجزء الأول.

ص: 157

الرضوي المشهدي، الذي قال في حقه المحقق الثاني في إجازته له:

و بعد، فإنّ السيد السند الأوحد، شرف أولاد الرسول، خلاصة سلالة الزهراء البتول، أنموذج أسلافه الطاهرين، نتيجة السادات المبجّلين، ذي النسب الطّاهر، و الحسب الفاخر، جامع الكمالات الإنسية، صاحب النفس القدسية، الفاضل الكامل، العلامة شمس الملّة و الدين محمّد الملقب بما يشعر (1) بالسيد العلامة (2) بالمهدي بن المرحوم المبرور المتوّج المحبور، شرف السادات النقباء، قدوة الأجلاء الفضلاء الأتقياء، كمال السيادة و الدين، محسن الرضوي المشهدي- قدّس اللّه روح السلف و أدام أيام الخلف- صحبني عند توجهي إلى خراسان في سنة ست و ثلاثين و تسعمائة، و عند عودي متوجها إلى بلدة الإيمان قاشان. إلى آخر ما قال عنه (3).

و عن (4) أبيه العالم الفاضل، الذي قال فيه ابن أبي جمهور الأحسائي في رسالة مناظرته مع الهروي العامي: إنني كنت في سنة ثمان و سبعين و ثمانمائة مجاورا لمشهد الرضا عليه السلام، و كان منزلي بمنزل السيد الأجلّ و الكهف الأظل محسن بن محمّد الرضوي القمي، و كان من أعيان أهل المشهد و أشرافهم، بارزا على أقرانه بالعلم و العمل، و كان هو و كثير من أهل المشهد يشتغلون معي في علم الكلام و الفقه. إلى آخر ما قال (5).

و قال أيضا في إجازته له بعد الخطبة: و بعد فقد سمع مني مؤلفي هذا- و هو كتاب عوالي اللآلي العزيزيّة في الأحاديث الدينية- من أوّله إلى آخره، السيد


1- في الحجريّة وردت (كذا) فوق كلمة يشعر.
2- كذا في المخطوطة و الحجريّة، و الجملة مشوشة، و هكذا في بحار الأنوار 108: 81.
3- بحار الأنوار 108: 81.
4- كذا، و الظاهر زيادة الواو، انظر الإجازة الكبيرة للسيد عبد اللّه الجزائري: 80.
5- انظر روضات الجنّات 7: 27/ 594، و مجالس المؤمنين 1: 582.

ص: 158

الحسيب النسيب النقيب الطاهر، العلوي الحسيني الرضوي، خلاصة السادات و الأشراف، و مفخر آل عبد مناف، ذو النسب الصريح العالي، و الحسب الكامل المتعالي، المستغني عن الإطناب في الألقاب، لظهور شموس الفضائل و الفواضل و الأحساب، العالم بمعالم فقه آل طه و يس، و القائم بمراضي ربّ العالمين، مكمّل علوم المتقدّمين و المتأخرين، و إنسان عين الفضلاء و الحكماء المحققين، و الراقي بعلوّ هممه على معالي السادات الأعظمين، غياث الإسلام و المسلمين، السيد محسن بن المرحوم المغفور السيد العالم العامل الفاضل المجوّد، صدر الزهاد و زين العباد، رضي الملة و الدين، محمّد بن ناد شاه الرضوي المشهدي، أدام اللّه تعالى معالي سيادته، و ربط بالخلود اطناب دولته، و لا زالت أيامه الزاهرة تميس و تختال، في حلل البهاء و الكمال، بحق محمّد المفضال، و آله الأطهار خير آل صلوات اللّه عليهم.

إلى آخره (1).

عن الشيخ الجليل الفقيه العارف النبيل محمّد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي- الذي مرّ شرح (2) حاله في شرح حال كتابه المعروف بعوالي اللآلي- يروي عن جماعة ذكرهم في أول العوالي، أصحها و أتقنها ما رواه:

عن الشيخ الأجلّ الأعظم علي بن هلال الجزائري (3)، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالى.

[الثاني السيد شرف الدين علي بن حجة الله الحسني الشولستاني]

الثاني: السيد الجليل الشريف الفاضل الأمير شرف الدين علي بن


1- بحار الأنوار 108: 4.
2- تقدم في: 331 من الجزء الأول.
3- الطريق الأول مع كل طبقاته و تشعباته لم يرد في المشجرة، و كذا الطريق الثاني، فلا حظ. و يأتي في: 217، 291.

ص: 159

حجة اللّه الحسني الشولستاني- الآتي ذكره (1) في مشايخ المجلسي-.

[الثالث الشيخ علي بن جمعة العروسي الحويزي]

الثالث: العالم المفسّر الجليل الشيخ علي (2) بن جمعة العروسي الحويزي، الساكن بشيراز، صاحب تفسير نور الثقلين- في أربع مجلدات-.

عن شيخه الجليل العالم قاضي القضاة عزّ الدين، المولى علي نقي بن الشيخ أبي العلاء محمّد هاشم الطغائي الكمرئي الفراهاني الشيرازي الأصفهاني، المتوفى سنة 1060، صاحب المؤلفات العديدة التي منها جامع الصفوي- في مجلدين- في الإمامة، في جواب ما كتبه نوح أفندي الحنفي المفتي في وجوب مقاتلة الشيعة و قتلهم، و نهب أموالهم، و سبي نسائهم و ذراريهم و سبب كفرهم و ارتدادهم، سنة ورود السلطان مراد لمحاصرة بغداد، أرسل إليه صورة ذلك الأمير شرف الدين الشولستاني من النجف الأشرف، و هو كتاب حسن لطيف.

قال في الرياض في ترجمته: فاضل عالم عامل متدين متصلّب في الدين، شاعر (3) فقيه محدّث جليل، ورع زاهد تقي عابد نقي كاسمه، قرأ على السيد ماجد البحراني الكبير، و على جماعة من الفضلاء بشيراز (و قد قرأ عليه جماعة من العلماء أيضا) (4) و كان في ناحية كمره من محال فراهان، ثم طلبه الحاكم الجلي إمام قلي خان- حاكم فارس في زمن شاه سلطان صفي الصفوي- إلى شيراز، و جعله قاضيا بها، ثم بعد ما صار السيد الكبير الوزير خليفة سلطان وزير السلطان شاه عباس الثاني طلبه من شيراز إلى أصفهان، و جعله بعد عزل الآميرزا قاضي شيخ الإسلام بأصبهان، و هو تصدى لهذا المنصب إلى


1- يأتي في: 180.
2- ذكره في المشجرة باسم عبد علي بن جمعة الحويزي الشيرازي صاحب تفسير الثقلين.
3- في هامش المخطوط: المتخلص بنقي.
4- ما بين القوسين لم يرد في الرياض.

ص: 160

أن توفي (1).

عن الشيخ الأجل بهاء الدين العاملي.

[الرابع جعفر بن كمال الدين البحراني]

الرابع: الشيخ المحدث القاري الرجالي جعفر بن كمال الدين البحراني، المتقدم ذكره في مشايخ صاحب الحدائق (2).

عن شيخه الفقيه العالم علي بن نصر اللّه الجزائري.

عن الشيخ الصالح يونس الجزائري، الذي قال في حقه في الأمل:

فاضل عابد، من تلامذة الشيخ عبد العالي (3).

عن العالم الجليل الشيخ عبد العالي.

عن والده المحقق الثاني.

و في الإجازة الكبيرة المتقدمة: عن الشيخ الصالح الإمام يونس الجزائري، عن المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (4).

و هو خلاف ما صرّح به النقاد الخبير صاحب الرياض و الشيخ فرج اللّه الحويزاوي في رجاله: من روايته عنه بتوسط الشيخ عبد العالي ولده الأرشد (5).

[الخامس السيد ميرزا محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الجزائري]

الخامس: الأستاذ المدقق المحدث السيد ميرزا محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الجزائري، الآتي ذكره في مشايخ المجلسي مع بعض مشايخه (6).

عن العالم المحقق الفقيه المتبحّر في فن الحديث و الرجال الشيخ عبد


1- رياض العلماء 4: 271.
2- تقدم في: 71.
3- أمل الآمل 2: 350/ 1084.
4- الإجازة الكبيرة: 81.
5- رياض العلماء 5: 400، عن الشيخ فرج اللّه الحويزاوي، و هذا الطريق مع كل فروعه لم يرد في المشجرة.
6- يأتي في: 178.

ص: 161

النبي بن الشيخ سعد الجزائري الغروي الحائري، صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها كتاب حاوي الأقوال في معرفة الرجال، و هو كتاب شريف متين، و قد أكثر النقل عنه الشيخ أبو علي في رجاله (1).

عن سيد المحققين صاحب المدارك.

و صرّح في أمل الآمل: أنّ الشيخ عبد النبي قرأ على المحقق الثاني (2)، بل ذكر في آخر الوسائل في ذكر طرقه: إنّه يروي عنه (3). و لا يخفى ما فيه من الاشتباه على ما نبّه عليه صاحب الرياض (4)، و يأتي تتمة الكلام (5).

[السادس السيد هاشم بن الحسين بن عبد الرؤوف الأحسائي]

السادس: السيد العالم بالأصولين هاشم بن الحسين بن عبد الرؤوف الأحسائي (6).

1- عن المؤيّد السيد نور الدين، أخي صاحب المدارك لأبيه.

2- و عن الشيخ العالم المتبحّر الجليل جواد بن سعد اللّه بن جواد البغدادي الكاظمي، شارح الجعفرية و الخلاصة و الدروس، و صاحب آيات الأحكام- المسمّى بمسالك الأفهام- و هو أكبر و أتمّ و أنفع ما ألّف في هذا الباب، كما قيل.

و الظاهر أنّ أحسن ما الّف فيه (7) كتاب معارج السؤول و مدارج المأمول، للعالم المحقّق الجامع كمال الدين الحسن بن محمّد بن الحسن الأسترابادي


1- كذا وجدنا في الإجازة الكبيرة للسيد الأيد السيد عبد اللّه الجزائري من أنّه يروي عن صاحب الحاوي بلا واسطة، و يأتي أنّه يروي عنه بتوسط والده، فتأمّل. (منه قدّس سرّه)
2- أمل الآمل 2: 165.
3- وسائل الشيعة 20: 52.
4- رياض العلماء 3: 273.
5- هذا الطريق لم يرد في المشجرة، نعم ذكر رواية الشيخ عبد النبي، عن صاحب المدارك.
6- عدّ السيد هاشم الأحسائي في المشجرة من مشايخ السيد نعمة اللّه الجزائري إلّا أنّه لم يذكر طريقه إلى السيد نور الدين- أخي صاحب المدارك- و لا الشيخ جواد البغدادي، كما لم يذكر لهما طريقا إلى الشيخ البهائي، فراجع.
7- أي: في كتاب آيات الأحكام.

ص: 162

النجفي- المشتهر بكتاب اللباب- و هو شارح فصول الخواجه نصير الدين، شرحها شرحا مزجيّا، لطيفا، بليغا، موجزا، فيه من الفوائد و النكات ما لا يوجد إلّا فيه، و تأريخ فراغه من تأليف المعارج سنة 891، و من شرح الفصول سنة 870.

فما ذكره ابن العودي في ترجمة أستاذه شيخ الفقهاء الشهيد الثاني، بعد ذكر جملة من شروحه المزجية كالروضة، و الروض، و غيرها: و أمّا رغبته في شروح المزج، فإنّه لمّا رآها للعامة، و ليس لأصحابنا منها، حملته الحميّة على ذلك، و مع ذلك فهي في نفسها شي ء حسن (1). إلى آخر ما قال.

ناشئ من قصور الباع، فإنّ تأريخ الفراغ من الروضة سنة 957، و بينه و بين تأريخ شرح الفصول سبعة و ثمانون سنة.

عن شيخه الأجل بهاء الدين العاملي.

(حيلولة):

و عن السيد هاشم الأحسائي (2).

3- عن الشيخ محمّد بن علي بن محمد (3) الحرفوشي الحريري العاملي الكركي، المتوفّى سنة 1059 (4) و في تاريخ الخاتون آبادي: سنة 1050 (5)،


1- رسالة ابن العودي (المطبوعة ضمن الدر المنثور) 2: 185.
2- الطريق الثاني للسيد هاشم الأحسائي ذكره في المشجرة بعينه و حصر طريقه به.
3- في الحجريّة: هكذا، و في بعض المصادر: محمد بن علي بن أحمد. انظر سلافة العصر:
4- في الأصل و الحجرية: سنة 1159، و الظاهر انّها من سهو النساخ، انظر أمل الآمل 1:
5- تاريخ الخاتون آبادي: 517.

ص: 163

صاحب المؤلّفات الكثيرة، التي منها شرح قواعد الشهيد.

قال في أمل الآمل: كان عالما فاضلا، أديبا ماهرا، محقّقا مدقّقا، شاعرا منشئا محافظا، أعرف أهل عصره بعلوم العربية (1).

عن علي بن عثمان بن خطاب بن مرّة بن مؤيد الهمداني، المعروف بابن أبي الدنيا المعمر المغربي، الذي أدرك أمير المؤمنين عليه السلام و من بعده من الأئمة عليهم السلام، و العلماء رحمهم اللّه، و له قصص و حكايات ذكرها في البحار، و فيها اختلافات شرحناها في كتابنا المسمّى بالنجم الثاقب، و كيفية ملاقاة الشيخ الحرفوشي له متكررة في الكتب.

[السابع الشيخ حسين بن محيي الدين]

السابع: الشيخ الوحيد الجليل حسين بن محيي الدين، الذي قال في حقّه في الأمل: فاضل عالم فقيه، و عدّ من كتبه شرح القواعد (2).

[1] عن والده الفاضل العالم العابد الورع- كما في الأمل- محيي الدين ابن عبد اللطيف (3).

عن والده العالم الجليل الشيخ عبد اللطيف.

قال في الرياض: كان من أفاضل علمائنا المقاربين لعصرنا (4).

و في الأمل: كان فاضلا عالما، محقّقا صالحا فقيها، قرأ عند شيخنا البهائي، و عند الشيخ حسن بن الشهيد الثاني، و السيد محمّد بن علي بن أبي الحسن العاملي، و غيرهم، و أجازوه، له مصنّفات منها كتاب الرجال، لطيف (5).


1- أمل الآمل 1: 162/ 167.
2- أمل الآمل 1: 80/ 74.
3- أمل الآمل 1: 185/ 195.
4- رياض العلماء 3: 256.
5- أمل الآمل 1: 111/ 103.

ص: 164

قلت: قد عثرت عليه، و اقتصر فيه على ذكر رجال أحاديث الكتب الأربعة، و قد جعله بمنزلة المقدّمة لشرحه على الاستبصار، و هو كتاب صغير الحجم، كثير النفع، و هو أوّل من أشار إلى طبقات الرواة في أصحابنا.

قال- رحمه اللّه-: و حيث إنّ معرفة الراوي ضرورية جعلت الطبقات ستة:

1- طبقة الشيخ المفيد.

2- طبقة الصدوق.

3- طبقة الكليني.

4- طبقة سعد بن عبد اللّه.

5- أحمد بن محمّد بن عيسى.

6- ابن أبي عمير و ما بعده، ليتضح الحال في أول وهلة فأشير في الأغلب إلى طبقة الراوي، إما بروايته عن الإمام عليه السلام، أو بنسبته إلى أحد المشاهير من أعلى أو من أسفل، أو بكونه في إحدى الطبقات المذكورة (1).

انتهى.

و تبعه بعده التقي المجلسي في شرح الفقيه، لكنه جعلها اثني عشر:

1- للشيخ الطوسي، و النجاشي، و أضرابهما.

2- للشيخ المفيد، و ابن الغضائري، و أمثالهما.

3- للصدوق، و أحمد بن محمّد بن يحيى. و أشباههما.

4- للكليني، و أمثاله.

5- لمحمّد بن يحيى، و أحمد بن إدريس، و علي بن إبراهيم.

6- لأحمد بن محمّد بن عيسى، و محمّد بن عبد الجبار، و أحمد بن محمّد


1- رجال عبد اللطيف: مخطوط.

ص: 165

ابن خالد، و أضرابهم.

7- للحسين بن سعيد، و الحسن بن علي الوشاء، و أمثالهما.

8- لمحمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحيى، و النضر بن سويد، و أمثالهم.

9- لأصحاب الصادق عليه السلام.

10- لأصحاب الباقر عليه السلام.

11- لأصحاب علي بن الحسين عليهما السلام.

12- لأصحاب أمير المؤمنين، و الحسن، و الحسين عليهم السلام (1).

و ابن حجر العسقلاني من العامة أيضا جعل في التقريب رواتهم من الصحابة و التابعين و من تلاهم اثني عشر طبقة (2)، إلّا أنّ ميزانه فيها غير ميزان أصحابنا، و لا داعي لنا في نقله.

أ- عن شيخنا البهائي.

ب و ج- و صاحبي المعالم و المدارك، كما مرّ عن الأمل (3).

د- و عن والده (4) نور الدين علي.

عن والده شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي، العالم العامل، الورع الثقة.

عن المحقق الثاني، قال في إجازته له: فإنّ الولد الصالح الفاضل الكامل، التقي النقي الأريحي، قدوة الفضلاء في الزمان، الشيخ جمال الدين


1- روضة المتقين 14: 323.
2- انظر تقريب التهذيب 1: 6.
3- انظر أمل الآمل 1: 111/ 103.
4- في المشجرة ذكر للشيخ عبد اللطيف أربعة طرق، و ذكر بدلا من صاحب المدارك: علي بن علي الموسوي، و للأخير طريق بواسطة محمد أمين الأسترآبادي إلى صاحب المدارك، فلا حظ.

ص: 166

أحمد بن الشيخ الصالح الشهير بابن أبي جامع العاملي، أدام اللّه تعالى توفيقه و تسديده، و أجزل من كلّ عارفة حظّه و مزيده ورد إلينا إلى المشهد المقدس الغرويّ على مشرّفه الصلاة و السلام، و انتظم في سلك المجاورين بتلك البقعة المقدسة برهة من الزمان، و في خلال ذلك قرأ على هذا الضعيف الكاتب لهذه الأحرف، الرسالة المشهورة بالألفيّة في فقه الصلاة الواجبة من مصنّفات شيخنا الأعظم شيخ الطائفة المحقة في زمانه، علّامة المتقدمين و علم المتأخرين، خاتمة المجتهدين، شمس الملّة و الحق و الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن مكي قدّس اللّه روحه الطاهرة الزكيّة، و أفاض على تربته المراحم القدسيّة، من أوّلها إلى آخرها، مع نبذة من الحواشي التي جرى بها قلم هذا الضعيف، في خلال مذاكرة بعض الطلبة، قراءة شهدت بفضله، و آذنت بنبله و جودة استعداده، و قد أجزت له روايتها، و رواية غيرها من مصنّفات مؤلفها بالأسانيد التي لي إليه (1). إلى آخر ما قال (رحمه اللّه).

(حيلولة):

و عن الشيخ حسين بن محي الدين (2).

[2] عن السيد الجليل، و الفاضل النبيل، السيد علي خان بن السيد خلف بن السيد عبد المطلب بن السيد حيدر بن السيد محسن بن السيد محمّد الملقب بالمهدي ابن فلاح بن محمّد بن أحمد بن علي بن أحمد بن رضا بن إبراهيم ابن هبة اللّه بن الطيب بن أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي الطحان بن غياث ابن أحمد بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، الموسوي الحسيني المشعشعي


1- بحار الأنوار 108: 60/ 38.
2- هذا الإسناد للشيخ حسين بن محيي الدين موجود بعينه في المشجرة من مشايخ السيد نعمة اللّه الجزائري، أما الطريق الآتي فلا أثر له في المشجرة.

ص: 167

الحويزي- والي الحويزة- و صاحب المؤلفات الكثيرة الرائقة النافعة، حتى قال صاحب الرياض بعد ذكرها و تفصيلها: و أظن أن أكثر فوائد كتب السيد نعمة اللّه الشوشتري المعاصر- قدس سرّه- مأخوذة من تصانيف هذا السيد العالي، و إنّما اختصه بذلك لما كان بينهما من الألفة و قرب الجوار (1).

قال في الأنوار النعمانية في بيان ما قيل في حلّ الأبيات المعروفة:

رأت قمر السماء. إلى آخره.

و ثانيها: ما قاله الوالي- تغمّده اللّه برحمته- و كان عالما شاعرا، أديبا صالحا أريبا عابدا، و كان حاكما على بلاد العرب كالحويزة و ما والاها، و كنّا نحن بشوشتر، فكان كل سنة يرسل إلينا المكاتيب و الرسائل، و يرغبنا و يحثّنا على الوصول إلى حضرته. إلى أن قال: و قد أكثر من المصنفات في فنون العلم، و كان يحفظ من القصائد- مع كبر سنه- ما لا يعدّ، و كان يحفظ أكثر الدواوين على خاطره، و له ديوان نفيس، و ما كنّا نسمع في مجلسه شيئا سوى:

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري.

و قد انتقل إلى جوار اللّه و رحمته في السنة الثانية (2) و الخمسين بعد الألف، و جلس في الملك بعده ابنه الكبير وفّقه اللّه تعالى.

و الاسم الشريف لذلك المرحوم هو السيد علي خان بن السيد خلف بن السيد مطلب الذي أسلمت الكفار على أيديهم، و استبصر المخالفون (3)، انتهى.

و لا يخفى ما في التأريخ المذكور من الاشتباه (4)، فإن فراغه من تأليف


1- رياض العلماء 4: 80.
2- نسخة بدل: الثامنة (منه قدّس سرّه)
3- الأنوار النعمانية 3: 169.
4- اختلف في ضبط تاريخ وفاته بين سنة 1052 و 1058 و 1088. و الذي يبدو أن الأخير هو الصحيح لما ذكره الشيخ الطهراني من تاريخ لمؤلفاته آخرها أنّه شرع في منتخب التفاسير سنة 1087، أضف إلى ذلك أن بداية حكمه كانت سنة 1060 و حكم 28 سنة.

ص: 168

نكت البيان كما في الرياض سنة 1084، و من التفسير المسمى بمنتخب التفاسير كما فيه سنة 1087 (1)، مع أن سن صاحب الأنوار في التأريخ المذكور سنتان.

و بالجملة، فهذا السيد الجليل و آباؤه من الذين قال فيهم أمير المؤمنين عليه السلام كما في النهج (2).

و قال الصادق عليه السلام مشيرا إلى إسحاق بن عمّار و أخيه إسماعيل- كما رواه الكشي-: و قد يجمعهما اللّه لأقوام، يعنى الدنيا و الآخرة (3). فإنّه و آبائه مع ما هم عليه من الرئاسة و السلطنة فاقوا الأعلام من العلماء في التأليف و العمل و النسك و الزهادة، هذا أبوه السيد خلف قال في الأمل بعد الترجمة: حاكم الحويزة، كان عالما فاضلا محققا، جليل القدر، شاعرا أديبا، له كتب منها:

سيف الشيعة. إلى آخره (4).

و في الرياض- نقلا عن مجموعة ولده التي أرسلها إلى الشيخ علي السبط بعد ذكر شطر من أحوال والده الجليل و مؤلّفاته و عدد أبيات آحادها و أملاكه و مزارعه-: ثم إنّه كان مدّة حياته يصرف محاصيله منها بهذه الطريقة، و هو أنّه نوى فيما يصرفه للقربة، فما كان للزكاة فيكتب عليه بالدفتر بالزاي، و أمّا ما كان من الصدقة المستحبّة فيكتب عليه (ق) يريد بها القربة، و ما كان للرحم فيكتب


1- انظر رياض العلماء 4: 79.
2- نهج البلاغة (شرح الشيخ محمد عبده) 1: 115/ 23، و هي تشتمل على تهذيب الفقراء بالزهد و تأديب الأغنياء بالشفقة، هذا و قد ورد فيها ما قاله الصادق عليه السلام: «و قد يجمعها اللّه لأقوام.» على اعتبار أنّ من أفضل مصاديق الأقوام هو السيد الجليل و آباؤه.
3- رجال الكشي 2: 705/ 752.
4- أمل الآمل 2: 111/ 312.

ص: 169

عليه (ص) يريد به صلة الرحم، و ما كان يعطيه للوفود و الشعراء و مخالفي المذهب فيكتب عليه (س) يريد به ستر العرض، و كانت هذه مصارفه، و كان يؤثر على نفسه، و لم يرض في جمع المال، فإذا رأى شيئا فاضلا على ما أنفقه يقول: يا ربّ لا تجعلني من الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل اللّه.

و كان رضي اللّه عنه زاهدا مرتاضا، يأكل الجشب، و يلبس الخشن، اقتداء بسيرة آبائه عليهم السلام و كانت عبادته يضرب بها المثل، حتى أنه لمّا كان بصره عليه كان أكثر ليالي الجمع يختم بها القرآن، و لا تفوت عليه النوافل، و كان كثير الصيام، لم يفته صوم سنة (1)، إلّا أنه كان تارة يصوم رجب و يفطر في شعبان أيّاما، و مع ما كان عليه من الزهد و التقوى فكانت شجاعته أيضا تضرب بها الأمثال. إلى آخر ما قال.

قال صاحب الرياض: أمّا كثرة أولاده و بركة نسله فهي على حدّ قد بلغ في عصرنا هذا أنّه إذا ركب الوالي يركب معه أزيد من خمسمائة من أقربائه و عشائره، مع قتل جمّ غفير منهم في عصرنا هذا دفعة في واقعة، و من قتل منهم في المعارك سابقا. انتهى (2).

و قد عثرنا من مؤلفاته النفيسة على كتاب مظهر الغرائب، و هو عشرة آلاف بيت في شرح دعاء عرفة لأبي عبد اللّه الحسين عليه السلام، و هو شاهد صدق على ما قالوا فيه من العلم و الفضل و التبحر، بل و حسن السليقة.

قال في أوّله- بعد ما ذكر أنّه سمع بهذا الدعاء و لم يظفر به بعد الجدّ في الطلب و السعي في تحصيله- قال: حتى وفقني اللّه للحجّ الذي هو أسنى


1- أي: مستحب.
2- رياض العلماء 2: 246.

ص: 170

المآرب، و شهدنا ذلك الموقف الكريم، و وفّق اللّه أن ضربنا خباءنا في ذلك المحل العظيم، فكان بحسب التوفيق بإزاء قبة العالم الرباني صاحب النفس الروحاني علامة العصر و نادرة الدهر، الميرزا محمّد الأسترآبادي (1) مدّ اللّه تعالى أيام بقائه، و كبت أعدائه، فجلسنا معه للتبرك بأنفاسه الطاهرة، و استماع ادعيته الشريفة الزاهرة، فإذا بالدعاء المطلوب بين يديه، فابتهجنا بحمد اللّه تعالى و الثناء عليه بعد أن قضينا منه أوطارا لا يسع وصفها المقام، و نلنا أسرارا لا يقوم بحدّها الكلام، إذا بمولانا الميرزا محمّد أدامه اللّه تعالى يشير إلى الفقير بشرح الدعاء العالي، و كشف النقاب عن أنوار تلك اللآلي، فكان أمره علينا من المحتوم، فامتثلنا الأمر بإجابة ذلك المرسوم. إلى آخره.

و من بديع صنيعه في هذا الشرح أنه وضعه على طريقة (قال، أقول) و عبّر عن صاحب الدعاء صلوات اللّه عليه بعد قوله: قال، بمديح و وصف و فضل في كلّ موضع بكلام لا يشابه الآخر، ثم شرح تلك الأوصاف بعد فراغه من الشرح.

و من عجيب ما ذكره في شرح قوله عليه السلام: «و نومي و يقظتي» بعد كلام له في حقيقة الرؤيا و أن مدارها على تزكية النفس، و صفاء السر، و الصدق في القول و العمل، فهناك تحصل المكاشفة بالرؤيا الصالحة، قال: و أنا العبد المذنب قد صدرت عليّ حكايتان في نوادر رؤيا سأنقلها:

الاولى: إني قد بعثت مرّة إلى رامهرمز رجلا اعتمدت عليه بدراهم ليشتري لي كيلا بقيمة ألف درهم، و قد أوصيته أن لا يشتري من أرباب الديوان هربا من الشبهة، فمضى أياما، فرأيت في المنام كأن قد قدم و سألته عن شراء الطعام؟ قال: اشتريته، فقلت: لعلك لم تشتر من أرباب الديوان شيئا؟ قال:


1- صاحب كتاب الرجال (منه قدّس سرّه)

ص: 171

قد اختلف (1) عليّ الأمر في منّين قد اختلطا مع الطعام من حيث لا أعلم، ثمّ قلت له: و ما حالك في نفسك؟ فقال: قد أضرّني وجع في بطني، و كويته في النار كيّا منكرا، فلمّا أصبحت قدم الرجل فسألته عن صورة الحال، فأخبر بما رأيته في المنام من جهة الطعام و الألم الذي في بطنه.

و الثانية: قد كان لي معتمد عندي و والدي في الحويزة، و كنت في نواحي أرض فارس، فرأيت كأن الرجل قد قدم و معه قيمة ألفين درهما من الوالد قد بعثها إليّ صلة منه، فقلت له: إنّي أخشى أنّها تكون من أعمال الديوان! فقال:

ليست منه، فقلت: إني أحلفك باللّه عنه، فسكت، فأعدت القسم عليه، فقال: حيث أحلفتني فهي من أعمال الديوان، إلّا أنّي قد أوصيت بأن لا أخبرك بها، و بأن أصرفها في بعض المهام الخارجة عنك، فقلت: ارجعها إليه، فإذا به قد قدم فأخبرت به قبل قدومه، فلمّا جاء و معه الدراهم و هي العدد المذكور فسألته عنها، فقال ما قال في المنام، حتى ألححت عليه و أقسمت عليه، فأقرّ بها، فقلت: اللّه أكبر، إن اللّه قد حمانا من هذه، فأرجعناها في الحال، فعوض اللّه عنها بمنّه و طوله بعد مدّة يسيرة بعشرين ألف درهم، و ذلك من فضل اللّه علينا و على الناس. انتهى (2).

و أمّا جده السيد عبد المطلب، فهو أيضا من أكابر الفضلاء، و قد كتب أفضل أهل عصره الشيخ حسن بن محمّد الأسترآبادي شرحه على فصول نصير الدين- الذي هو أحسن الشروح- بأمره و اسمه قال في أوّله: فخالج فكري مع كثرة الهموم، و تفاقم الأحزان و الغموم، أن أزبر له شرحا يذلّل صعابه، و يفتح بابه، و أكّد ما خالج إشارة صدرت من حضرة من إطاعته حتم، و إجابته غنم،


1- في هامش الحجرية، لعلها: اختلط.
2- مظهر الغرائب: مخطوط.

ص: 172

غرّة جبهة النقابة، و واسطة عقد السادة، ذي الأخلاق الملكيّة، و الأنفس القدسية، جامع الفضائل و الفواضل، جيّد الخصال و حسن الشمائل ذي الذهن النقّاد، و الرأي الوقاد، المستغني عن الإطناب في الأوصاف و الألقاب، المخصوص بعناية الملك الرب العلي الأمير كمال الملّة و السيادة و النقابة و الدنيا و الدين، السلطان عبد المطلب الموسوي. إلى آخر (1) ما قال.

و في الرياض: و اعلم أنّ جده الأعلى- و هو السيد محمّد بن فلاح- قد كان من تلامذة الشيخ أحمد بن فهد الحلي، و قد ألّف ابن فهد له رسالة، و ذكر فيها وصايا له، و من جملة ذلك أنّه ذكر فيه أنّه سيظهر الشاه إسماعيل الماضي، حيث أخبر أمير المؤمنين عليه السلام يوم حرب صفين بعد ما قتل عمّار بن ياسر ببعض الملاحم من ظهور جنكيزخان، و ظهور الشاه إسماعيل الماضي، و لذلك قد وصّى ابن فهد في تلك الرسالة بلزوم إطاعة ولاة حويزة ممن أدرك زمان شاه إسماعيل المذكور لذلك السلطان لظهور حقّيته و بهور غلبته. و نحن قد أوردنا


1- شرح الفصول: مخطوط.

ص: 173

شرح تلك الرواية و هذه الوصيّة في كتاب ترجمة جاماسبنامه- بالفارسية- فمن رام تفصيل ذلك فليراجع إليه. انتهى (1).

و السيد الوالي المذكور يروي.

عن الشيخ علي سبط الشهيد الثاني، بسنده المتقدم (2).

[الثامن الآغا حسين بن جمال الدين محمّد الخوانساري]

الثامن: من مشايخ المحدث الجزائري، أستاذ الحكماء و المتكلمين، و مربّي الفقهاء و المحدثين، محطّ رحال أفاضل الزمان، آغا حسين ابن الفاضل الكامل آغا جمال الدين محمّد الخوانساري المحقق المدقق، شارح الدروس، المتوفى سنة 1058، مقامه أعلى من أن يسطر، و فضائله أشهر من أن تذكر، أخذ الحكمة عن النحرير المحقق الأمير أبي القاسم الفندرسكي، و يروي:

عن تاج المحدثين المولى محمّد تقي المجلسي، و عليه قرأ المنقول (3).

[التاسع محمّد باقر بن محمّد تقي بن مقصود علي و هو المحدث المجلسي]

التاسع: من مشايخه، شيخه و أستاذه البحر المتلاطم، و فخر الأعاظم، محيي السنة، و ناشر الآثار، العلامة المؤيّد المسدد الرباني المولى محمّد باقر ابن العالم الجليل المولى محمّد تقي ابن الورع البصير المولى مقصود علي المتخلّص في إشعاره بالمجلسي، فصار لقبا لذريّته و سلسلته العلية، و كانت زوجته أمّ المولى التقي المجلسي عارفة مقدّسة صالحة، و من تقواها و صلاحها أنّه عرض لزوجها المولى مقصود علي سفر، فجاء بولدية المولى محمّد تقي و المولى محمّد صادق إلى العلامة المقدّس الورع المولى عبد اللّه الشوشتري لتحصيل العلوم الشرعية، و سأله أن يواظب في تعليمهما ثم سافر فصادف في هذه الأيام عيد فأعطى المولى عبد اللّه (قدس سره) المولى محمّد تقي ثلاثة توامين، و قال:


1- رياض العلماء 4: 80.
2- تقدم في: 58، 151.
3- هذا الطريق و الذي يليه موجود بعينه في المشجرة.

ص: 174

أنفقوه (1) في ضروريات معاشكم فقال له: إنّا لا نقدر على صرفها (2) بدون رضى الوالدة و إجازتها.

فلمّا استجاز منها قالت له: إنّ لوالد كما دكّانا غلّته أربعة عشر غازبيكي (3) و هي تساوي مخارجكم على حسب ما عيّنته و قسمته، و صار ذلك عادة لكم في مدّة من الزمان، فلو أخذت هذا المبلغ تصير حالكم في سعة، و هذا المبلغ ينقطع عن آخره يقينا، و أنتم تنسون العادة الأولى، فلا بد لي أن أشكو حالكم في غالب الأوقات إلى جناب المولى و غيره، و هذا لا يصلح بنا.

فلمّا سمع المولى الجليل هذه المعذرة دعا في حقّهم فاستجاب اللّه تعالى دعاءه، فجعل هذه السلسلة العليّة من حماة الدين و مروجي شريعة خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله، و أخرج منهم هذا البحر الموّاج، و السراج الوهّاج.

و صادفه أيضا بعد هذا الدعاء العام دعاء والده المعظم، كما في مرآة الأحوال للعالم المتبحر آغا أحمد ابن الأستاذ الأكبر البهبهاني، قال: حدثني بعض الثقات عن والده الجليل المولى محمّد تقي أنه قال: إن في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من اللّه تعالى شيئا حينئذ إلّا استجباب لي، و كنت أتفكر فيما أسأله تعالى من الأمور الأخرويّة و الدنيوية، و إذا بصوت بكاء محمّد باقر في المهد. فقلت: إلهي بحقّ محمّد و آل محمّد عليهم السلام اجعل هذا الطفل مروّج دينك، و ناشر أحكام سيّد رسلك صلّى اللّه عليه و آله، و وفّقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.

قال: و خوارق العادات التي ظهرت منه لا شك أنّها من آثار هذا الدعاء، فإنه كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في بلد مثل أصفهان، و كان


1- أي: المال.
2- أي: صرف الثلاثة توامين.
3- و هي: سكة تعادل جزء من أجزاء القران القديم. انظر لغتنامه دهخدا (غاز 21)

ص: 175

يباشر بنفسه جميع المرافعات و طيّ الدعاوي، و لا تفوته الصلاة على الأموات و الجماعات و الضيافات و العيادات، و بلغ كثرة ضيافته أن رجلا كان يكتب أسامي من إضافة، فإذا فرغ من صلاة العشاء يعرض عليه اسمه و أنّه ضيف عنده، فيذهب إليه. و كان له شوق شديد في التدريس، و خرج من مجلسه جماعة كثيرة (1).

و في الرياض: إنّهم بلغوا ألف نفس، و زار بيت اللّه الحرام، و أئمة العراق عليهم السلام مكرّرا، و كان يوجه أمور معاشه و حوائج دنياه في غاية الانضباط، و مع ذلك بلغ تحريره ما بلغ، و بلغ من ترويجه أن عبد العزيز الناصبي الدهلوي ذكر في التحفة: إنه لو سمّي دين الشيعة بدين المجلسي لكان في محلّه، لأن رونقه منه، و لم يكن له عظم قبله. و هذا كلام متين (2).

و قد شرحناه في رسالتنا الفيض القدسي في ترجمة هذا المولى الجليل، و ذكرنا فيها جملا من مناقبه و فضائله و مشايخه و تلامذته و ذرّيته و ذرّية والده المعظم ذكورا و إناثا، فمن أرادها راجع إليها (3).

تولّد في سنة 1037 و توفي في السابع و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1111، و دفن في الباب القبلي من الجامع الأعظم بأصبهان، و من المجربات استجابة الدعوات عند مرقده الشريف و تحت قبّته المنيفة.

[المرحلة الثانية من المحدث المجلسي إلى الشهيد الثاني]
[في ذكر مشجرة مشايخ العلامة المجلسي]
اشارة

و هذا المولى يروي عن جماعة من نواميس الملّة، و المشايخ الأجلّة، و هم عشرون (4):


1- مرآة الأحوال: مخطوط.
2- لم نعثر عليه في النسخة التي بأيدينا من الرياض.
3- بحار الأنوار 105: 2- 165.
4- ذكر منهم أربعة عشر في المشجرة، و ثمانية عشر في رسالة الفيض القدسي، و في مقدّمة البحار واحد و عشرون شيخا.

ص: 176

[الأول الشيخ علي بن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم]

الأول: الشيخ الجليل علي (1) بن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم بطرقه المتقدمة (2).

[الثاني رفيع الدين محمّد الطباطبائي النائيني]

الثاني: سيّد الحكماء و المتألّهين، النحرير الأفخم الآميرزا رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني، صاحب الرسائل و الحواشي الكثيرة، التي منها حواشيه على أصول الكافي في غاية الجودة. و صرّح المولى الأردبيلي في جامع الرواة: أنّه كان أفضل أهل عصره، توفي سنة 1099 (3).

عن الجليلين مربيي العلماء المولى عبد اللّه التستري.

و بهاء الدين محمّد العاملي (4)، بطرقهما الآتية (5).

[الثالث السيد محمّد قاسم الطباطبائي القهبائي]

الثالث: السيد الخبير الفاضل الأمير محمّد قاسم بن الأمير محمّد الطباطبائي القهبائي (6).

عن شيخ الإسلام شيخنا البهائي (7).

[الرابع المولى محمّد شريف بن شمس الدين محمد الرويدشتي الأصفهاني]

الرابع: العالم الفاضل الصالح المولى محمّد شريف بن شمس الدين


1- هذا الطريق لم يذكره في المشجرة، و قد ورد في رسالة الفيض القدسي، و كذلك في مقدّمة البحار.
2- انظر الطريق الخامس للسيد نصر اللّه الحائري، و قد تقدمت طرقه في الصفحات: 58، 151، 173.
3- جامع الرواة 1: 321.
4- كذا ذكره في المشجرة مع طرقه بعينها.
5- تأتي طرق المولى التستري في الصفحات: 184، 208 و 209 و 210 و 214، و طرق العاملي في الصفحات: 185، 193، 198، 200، 218، 232.
6- هذا و قد ورد ضمن طرق العلّامة المجلسي إلى مشايخه الكرام في استجازة المولى الأردبيلي منه، انظر جامع الرواة 2: 550.
7- لا يوجد هذا الطريق في المشجرة. نعم ورد في جامع الرواة 2: 550.

ص: 177

محمّد الرويدشتي الأصفهاني، و هو والد العالمة المحدثة حميدة.

قال في الرياض: إنّها كانت فاضلة عالمة عارفة معلّمة لنساء عصرنا، بصيرة بعلم الرجال، نقيّة الكلام، بقيّة الفضلاء الأعلام، تقيّة من بين الأنام، لها حواش و تدقيقات على كتب الحديث كالاستبصار و غيره تدلّ على غاية فهمها و دقّتها و اطلاعها، و خاصة فيما يتعلق بعلم الرجال. إلى أن قال: و كان والدها يسمّيها (بعلامتة) بالتائين و يقول: ان إحدى التائين للتأنيث، و الأخرى للمبالغة. إلى آخر ما ذكره. توفيت سنة 1087 (1).

عن الأجلّ البهائي (رحمه اللّه) (2).

[الخامس المولى محمّد محسن بن محمّد مؤمن الأسترآبادي]

الخامس: العالم الصالح الفاضل المولى محمّد محسن بن محمّد مؤمن الأسترآبادي (3).

عن السيد نور الدين أخو صاحب المدارك، المتقدم ذكره (4).

[السادس الشيخ الحرّ العاملي صاحب الوسائل]

السادس: شيخ المحدثين الشيخ الحرّ (5) العاملي صاحب الوسائل، و قد تقدّم ذكره (6).

[السابع السيد علي خان الشيرازي المدني الهندي شارح الصحيفة]

السابع: الفاضل النحرير السيد علي خان الشيرازي المدني الهندي، شارح الصحيفة، بطرقه المتقدمة (7).


1- رياض العلماء 5: 404.
2- موجود في المشجرة، و يروي أيضا عن المولى عبد اللّه التستري كالميرزا رفيع النائيني المذكور.
3- لم يذكره و لا طريقه في المشجرة. و قد ورد في مقدمة البحار و كذلك في رسالة الفيض القدسي، و انظر جامع الرواة 2: 550.
4- تقدم في صفحة: 70.
5- و يروي عنه مدبّجا.
6- تقدّم في صفحة: 77.
7- تقدم في صفحة: 147.

ص: 178

[الثامن السيّد محمّد- المشتهر بسيد ميرزا الجزائري]

الثامن: السيّد السند المحدث النحرير، السيد محمّد- المشتهر بسيد ميرزا الجزائري- بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي (1) المتوفى سنة 1098.

صاحب جوامع الكلم، و هو كتاب كبير في الحديث جمع فيه أحاديث الكتب الأربعة و غيرها، و له رموز مخصوصة للكتب التي ينقل عنها رأيت مجلّدا منه في كرمانشاه، و هو كتاب شريف نافع.

قال في الأمل: كان من فضلاء المعاصرين، عالما فقيها، محدّثا حافظا عابدا، من تلامذة الشيخ محمّد بن خواتون العاملي ساكن حيدرآباد، و صرّح بأنّه يروي عنه (2).

عن والده كما في إجازته للعلامة المجلسي، و نقلها عن خطّه في البحار، قال فيها بعد المقدمة: فالتمس منّي أدام اللّه أيّامه، و قرن بالسعود شهوره و أيامه (3) إجازة بعض ما صحّ لي روايته عن مشايخي العظام، و أسلافي الكرام، و هو ما حدّثني به أجازه في الصغر أبي السيّد الأوحد، و الشريف الأمجد شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي نوّر اللّه تربته، بحق روايته:

عن رئيس الإسلام و المسلمين، و سلطان المحققين و المدققّين، الشيخ عبد النبيّ بن سعد الجزائري، سقى اللّه تربته صوب الرضوان، و فسح له في درجات الجنان، بحق روايته إجازة:

عن الشيخ الأعظم الأفخم، نادرة الزمان، و نتيجة الدوران العلامة الفهّامة نور الدين علي بن عبد العالي الكركي، و هذا أقصر طرقي في الرواية (4). انتهى.


1- لم يرد له ذكر في المشجرة. و لكن نصّ عليه المصنّف في الفيض القدسي (ضمن البحار):
2- أمل الآمل: 2: 275/ 812.
3- في المصدر: و أعوامه.
4- بحار الأنوار 110: 136.

ص: 179

و قال المجلسي في إجازته لبعض تلامذته، و ذكرها في البحار:

و منها: ما أخبرني به إجازة السيد العالم الفاضل، المحدّث البارع، محمّد الشهير بسيّد ميرزا أدام اللّه فضله، عن والده السيّد الأمجد شرف الدين علي ابن نعمة اللّه الموسوي طاب ثراه، عن شيخ المحققين الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري أفاض اللّه على تربته الزكيّة، عن الشيخ الأعظم الافخم مروّج المذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي نوّر اللّه مرقده. إلى آخره (1).

و بعد تصريح السيد الأيّد الجزائري، و العلامة المجلسي، و الشيخ الحر في الأمل (2) و في آخر الوسائل (3)، لا يصغى إلى استبعاد صاحب الرياض (4) رواية الشيخ عبد النبي عن المحقق الكركي، خصوصا لو كانت الإجازة في أوائل سنّه، و لا ينافيها روايته عن سيد المدارك المتأخر عنه بطبقة، كما لا يخفى على من لا حظ تواريخهم.

ثم إن في إجازة السيد الجزائري- كما عرفت- روايته عن الشيخ عبد النبي بتوسّط أبيه، و مرّ عن الإجازة الكبيرة للسيد عبد اللّه أنّه يروي عنه بلا واسطة (5). و لعلّه اشتباه، أو سقط (عن أبيه) عن قلم الناسخ.

و صرّح في الروضات أنه يروي أيضا عن السيد أمير فيض اللّه التفريشي، و عن السيد الميرزا محمّد الأسترآبادي الرجالي (6).


1- بحار الأنوار 110: 159.
2- أمل الآمل 2: 165.
3- وسائل الشيعة 20: 52.
4- رياض العلماء 3: 273.
5- الإجازة الكبيرة: 81.
6- روضات الجنات 7: 92.

ص: 180

[التاسع المولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي القمي]

التاسع: العالم الجليل النبيل عين الطائفة و وجهها، المولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي (1) القمي صاحب المؤلّفات الرشيقة النافعة كشرحه على التهذيب، و حكمة العارفين، و الأربعين في الإمامة، و تحفة الأخيار بالفارسية في فضائح الصوفية و غيرها، المتوفى سنة 1098.

عن السيد السند العالم الفاضل السيد نور الدين أخو صاحب المدارك، و قد مرّ ذكر طرقه (2).

[العاشر السيد شرف الدين علي الطباطبائي الحسني الحسيني الشولستاني]

العاشر: السيد الجليل الشريف، الأمير شرف الدين علي بن حجّة اللّه بن شرف الدين علي بن عبد اللّه بن الحسين بن محمّد بن عبد الملك الطباطبائي الحسني الحسيني الشولستاني، المتوطن في أرض الغري، الفقيه المحقق التقي، مؤلّف كتاب توضيح المقال في شرح الاثني عشرية في الصلاة لصاحب المعالم في مجلّدين- رأيته، و يظهر منه غاية فضله و تبحره- و غيره، و نقل عنه في مزار البحار فائدة حسنة فيما يتعلق بالقبلة في الحرم المطهر الغروي و في مسجد الكوفة ينبغي النظر فيها (3)، توفّي سنة 1060.

عن جمّ غفير من حملة العلم و سدنة الدين:

أوّلهم: السيد الجليل المعظم الأمير فيض اللّه ابن الأمير عبد القاهر (4) الحسيني التفريشي، صاحب الحاشية على المختلف، و شارح الاثني عشرية في الصلاة لصاحب المعالم.


1- ذكره في المشجرة مع طريقه.
2- مرّت طرقه في الصفحات: 70، 73، 161، 177.
3- بحار الأنوار 100: 431.
4- في المشجرة لم يذكره من مشايخ السيد شرف الدين، و لم يتعرض لطريقة، و كذا الذي يليه مع متفرعاته، هذا و قد أورد المولى الأردبيلي في جامعه 2: 551 هذا الطريق عند ذكره لطرق العلّامة المجلسي.

ص: 181

1- عن المحقق الشيخ محمّد بن صاحب المعالم.

2- و عن صاحب المعالم- أيضا- كما نقله صاحب الرياض عن مواضع متعدّدة (1).

3- و عن السيد الجليل أبي الحسن علي بن الحسين الحسيني الشهير بابن الصائغ، و قد مرّ ذكر طرقهم (2).

ثانيهم: العالم المحقق المتبحر الآميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الأسترآبادي أستاذ أئمة الرجال، و صاحب المنهج و التلخيص و مختصره و آيات الأحكام.

قال السيد التفريشي في نقد الرجال في ترجمته: فقيه متكلّم، ثقة من ثقات هذه الطائفة و عبّادها و زهّادها، حقق الرجال و الرواية و التفسير تحقيقا لا مزيد عليه (3). إلى آخره، و لإتقان كتابه و حسن نظمه و ترتيبه جعل الأستاذ الأكبر البهبهاني تحقيقاته في الرجال تعليقة على كتابه، و اختاره من بين أقرانه و أترابه. توفي في ذي القعدة سنة 1028 بمكة المعظمة.

قال المجلسي في إجازته لبعض تلامذته المدرجة في البحار: و عن السيد شرف الدين- يعني الشولستاني- عن قدوة العلماء المتبحرين السيد السند ميرزا محمّد ابن الأمير علي الأسترآبادي صاحب كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال. إلى آخره (4).

و قال في ثالث عشر بحاره: أخبرني جماعة عن السيد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأسترآبادي نوّر اللّه مرقده أنه قال: كنت ذات ليلة أطوف


1- رياض العلماء 4: 388.
2- مرت طرقهم في: 71، 82، 86، 165.
3- نقد الرجال: 324/ 581.
4- بحار الأنوار 110: 158.

ص: 182

حول بيت اللّه الحرام. إلى آخر ما تقدم (1).

و قال في أول البحار: و كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال، المشتهر بالكبير و الوسيط و الصغير، و كتاب تفسير آيات الأحكام، كلّها للسيد الأجل الأفضل مولانا ميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الأسترآبادي (2).

و قال الأستاذ الأكبر في أوّل التعليقة: و لذا جعلت تدويني تعليقة، و علّقت على منهج المقال من تصنيفات الفاضل الباذل، العالم الكامل، السيد الأوحد الأمجد، مولانا ميرزا محمّد قدّس سرّه لما وجدت من كماله، و كثرة فوائده، و نهاية شهرته (3).

و قال الفاضل المتبحر الجليل المولى حاجي محمّد في جامع الرواة: و دأب هذا الضعيف في تحرير هذا التأليف أنه كتب الرجال الوسيط الذي ألفه السيد الجليل الفاضل الزكي ميرزا محمّد الأسترآبادي. إلى آخره (4).

و وصفه- تلميذ الآميرزا محمّد- المولى محمّد أمين الأسترابادي في الفوائد المدنية بقوله- كما يأتي (5)-: سيّدنا الإمام العلامة (6). إلى آخره.

و قال في موضع: و ذكر السيد السند العلامة الأوحد، السيد جمال الدين محمد الأسترابادي قدس سرّه في شرحه. إلى أن قال: انتهى كلام السيد السند العلّامة أعلى اللّه مقامه (7).


1- بحار الأنوار 52: 176. و تقدم في: 80.
2- بحار الأنوار 1: 22.
3- تعليقة الوحيد (ضمن المنهج): 2، و رجال الخاقاني: 1.
4- جامع الرواة 1: 5.
5- يأتي في صفحة: 193.
6- الفوائد المدنية: 185.
7- الفوائد المدنية: 11.

ص: 183

و في أواخر الكتاب أيضا مثله (1).

بل في المعراج للمحقق الشيخ سليمان البحراني، في جملة كلام له: و بما ذكرناه يظهر أن ما ذكره صاحب التلخيص قدّس سره. إلى آخره (2).

قال في الحاشية: هو مولانا خاتمة المحدثين ميرزا محمّد بن علي الأسترآبادي الحسيني قدّس سرّه، صاحب الكتب الثلاثة في علم الرجال، و له كتاب آيات الأحكام، ثقة ثقة. انتهى (3). إلى غير ذلك من العبائر الصريحة في كونه من السادة الكرام، و سلالة ائمة الأنام عليهم السلام.

فمن الغريب ما في روضات السيد الفاضل المعاصر- بعد أن ساق نسبه- قال: كان من شرفاء علماء وقته، الموصوف في كلمات بعضهم بالسيادة و كأنه من جهة انتسابه بالأم إلى موالينا السادة، كما يشعر به أيضا دعاء سيدنا الأمير مصطفى الحسيني التفريشي- و ساق ما ذكره في النقد- و هذا دعاؤه له: مدّ اللّه تعالى في عمره و زاد اللّه تعالى في شرفه فقيه متكلم. إلى آخره (4).

و فيه أنه لم يعهد من أصاغر أهل العلم فضلا عن العلماء الأعلام التعبير عن المنتسب بالأم إلى بني هاشم بالسيد، خصوصا في أمثال المقام، و الإشعار الذي أشار إليه من الوهن بمكان، فإن المراد من الشرف العلوّ، إذ السيادة غير قابلة للنقيصة و الزيادة، مع أن التعبير عن المنتسب بالأم إليهم بالشريف من مصطلحات العوام، هؤلاء شرفاء مكّة و المدينة- زادهما اللّه تعالى شرفا- من السادة المعروفة، و يعرف صغيرهم و كبيرهم بالشريف، مع أن التعبير عنه بالميرزا كاف في الدلالة على السيادة، فإن ميرزا- كما صرح في البرهان- مخفف


1- الفوائد المدنيّة: 278.
2- المعراج: 45.
3- المعراج: لم نعثر على هذه الحاشية.
4- روضات الجنات 7: 36، و نقد الرجال: 324.

ص: 184

أمير زائيده (1)، كما أنّ الأمير مخفف عنه، بل و مير أيضا، و لذا يعبّرون عن السادات في كتب الأنساب كثيرا بالأمير فلان أو مير فلان، و كلّها إشارة إلى أنّه من أولاد أمير المؤمنين عليه السلام، و إلى الآن بقي هذا الرسم في علماء الهند فلا يطلقون الميرزا على غير السيد، حتى أنهم يعبّرون عن الأجل صاحب القوانين بملإ أبو القاسم، نعم أختل هذا المرسوم في سائر البلاد في خصوص هذا اللفظ، و بقي من خصائص ألقابهم السيد و الأمير و مير.

عن ظهير الدين أبي إسحاق إبراهيم بن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي.

قال في الأمل: كان عالما فاضلا حييا زاهدا، عابدا ورعا، محقّقا مدققا فقيها محدثا، ثقة، جامعا للمحاسن، كان يفضل على أبيه في الزهد و العبادة (2).

1- عن والده الجليل (3).

2- و عن المحقق الثاني، الآتي ذكرهما الشريف إن شاء اللّه تعالى (4).

ثالثهم: المدقق الشيخ محمّد بن المحقق صاحب المعالم، على ما صرّح به في الرياض (5).

رابعهم: ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي، المتقدم (6).

خامسهم: مربي العلماء المولى عبد اللّه التستري.


1- الطبقة المتوفرة خالية منه. و انظر لغتنامه دهخدا حرف الميم: 282 «مادّة ميرزا».
2- أمل الآمل 1: 29/ 7.
3- يأتي في الصفحة: 272.
4- يأتي في الصفحة: 278.
5- رياض العلماء 5: 58.
6- المتقدم في نفس الصفحة.

ص: 185

سادسهم: شيخ الإسلام بهاء الدين العاملي (1).

[الحادي عشر الأمير محمّد مؤمن بن دوست محمّد الأسترآبادي]

الحادي عشر: من مشايخ العلامة المجلسي (رحمه اللّه): العالم الصالح الشهيد، الذي مرّ ذكره، الأمير محمّد مؤمن بن دوست محمّد الأسترآبادي (2)، نزيل مكّة المعظمة.

1- عن السيد نور الدين العاملي، كما تقدم (3) 2- و عن العالم الفاضل- الشهيد بأيدي أهل السنة- السيد السند الأمير زين العابدين بن نور الدين مراد (4) بن علي بن مرتضى الحسيني الكاشاني نزيل


1- من الجمع بين المتن و المشجرة يظهر ان للسيد الشريف الشولستاني تسعة مشايخ و هم.
2- و يروي الشيخ المجلسي عنه بتوسط محمد قاسم الأسترآبادي كما في المشجرة. و قد مرّ ذكره في:
3- أخ صاحب المدارك المتوفّى سنة 1061 ه، و تقدم في: 70.
4- اختلف في ضبطه، ففي نجوم السماء: 97، و الصدرية في الإجازات العليّة: 17 مخطوطة هكذا: نور الدين مراد. و في رياض العلماء 2: 399، و أعيان الشيعة 7: 168 و شهداء الفضيلة: 180 هكذا:. نور الدين بن مراد.

ص: 186

مكة المعظمة.

وصفه في الرياض بقوله: السيد الأجل، الموفّق الفاضل العالم الكامل، الفقيه المحدّث، كان من أجلّ تلامذة المولى محمّد أمين الأسترآبادي في علم الحديث، و قد قتل لأجل تشيّعه شهيدا في مكّة المعظمة، إلى أن قال: و دفن في القبر الذي هيّأه لنفسه في حال حياته في مقابر عبد المطلب و أبي طالب عليهما السلام، المعروف بالمعلّى، عند مقابر ميرزا محمّد الأسترآبادي، و مولانا محمّد أمين الأسترآبادي، و الشيخ محمّد سبط الشهيد الثاني.

و نقل عن معاصره المولى فتح اللّه بن المولى مسيح اللّه، أنه وصفه في رسالته بقوله: السيد الجليل العالم العامل قدوة المحققين زبدة المدققين، مجتهد زمانه، الشريف المقتول الشهيد، مؤسس بيت اللّه الحرام، العالم الرباني الأمير زين العابدين بن السيد نور الدين بن الأمير مراد بن السيد علي بن الأمير مرتضى الحسيني القاساني طاب ثراه، و جعل الجنّة مثواه. انتهى (1).

و أشار بقوله مؤسّس بيت اللّه الحرام إلى الفضيلة الجميلة التي امتاز بها من بين العلماء، و هي من فضل اللّه الذي يؤتيه من يشاء، و قد ألف في ذلك رسالتين إحداهما بالعربية، و الأخرى بالفارسية سمّاها بمفرّحة الأنام في تأسيس بيت اللّه الحرام.

و خلاصة ذلك: إن يوم الأربعاء تاسع شهر شعبان سنة ألف و تسع و ثلاثين دخل المسجد الحرام سيل عظيم من أبوابه، ثم دخل جوف الكعبة و ارتفع فيها بقدر قامة و شبر و إصبعين مضمومتين، و مات بمكة المعظمة بسببه أربعة آلاف و اثنان، منهم معلّم و ثلاثون طفلا كانوا في المسجد. و في يوم الخميس انهدم تمام طرف عرض البيت الذي فيه الميزاب، و من طرف الطول


1- رياض العلماء 2: 399.

ص: 187

الذي فيه الباب من الركن الشامي إلى الباب، و من الطول الذي فيه المستجار نصفه تخمينا.

قال (رحمه اللّه): و كنت متفكّرا في أنّه لو وضع المخالفون أساس البيت لذهب ما كان يفتخر به الشيعة من أن أساسه كان أوّلا من خليل الرحمن (عليه السلام) ثم من حبيبه صلّى اللّه عليه و آله، ثم من سيدنا الإمام زين العابدين عليه السلام في عهد الحجاج، كما في حجّ الكافي (1).

فتذاكرت مع الشريف في ذلك، و أن البناء يكون بمال أهل الحق و مباشرتهم، و ينتسب في الظاهر إلى سلطان الروم فقبل ذلك، ثمّ خوّفه الناس فأعرض عنه، فكنت أتضرّع إلى اللّه تعالى أن لا يحرم أهل الإيمان من تلك السعادة، فرأى في تلك الأيام رجل مسكين في المنام أنّه وضعت جنازة الإمام أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام في قبال الكعبة، و صلى عليه خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله مع جميع الأنبياء عليهم السلام، و أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال لي:

خذ التابوت و ادفنه في جوف الكعبة، فلمّا قص عليّ عبرته بأن الإمام لا يدفنه إلّا الإمام، و منصب دفن أبي عبد اللّه عليه السلام كان للإمام زين العابدين عليه السلام فهو إشارة إلى أن وضع الأساس الذي كان من مناصبه قد حوّل إليّ فاطمأن قلبي.

و في يوم الثلاثاء ثالث جمادى الثانية سنة 1040 شرعوا في هدم تتمة البناء، و كنت اشتغل مع المشتغلين، و من عجيب الألطاف أن جميعهم مع الوكيل و المباشر اللذين بعثهما سلطان الروم صاروا مريدين لي بحيث كلّما قلت لهم في أمر البيت شيئا لم يتخلّفوا عني، إلى أن هدموا أطرافه إلّا الركن الذي فيه الحجر، فأبقوا حجرا فوقه، و حجرا تحته، فقلت لهم: لا بدّ من حفظه عن


1- الكافي 4: 222/ 8.

ص: 188

وطئ الأقدام، فصنعوا من ألواح الخشب شيئا لحفظه.

و في ليلة الأحد الثاني و العشرين من الشهر المذكور استقر الأمر على وضع الأساس في صبيحتها، فتضرّعت إلى اللّه تعالى، و سألت اللّه تعالى أن يجعلني مؤسّس بيته، و كنت متفكرا في أن مع حضور الشريف، و شيخ الحرم، و القاضي، و الوكيل و علماء مكّة، و خدّام البيت كيف أصنع مع ضعفي؟! و اغتسلت وقت السحر و دخلت المسجد، و لمّا كان وقت صلاة الصبح لم يحضر- من الأمر الإلهي و إعجاز الأئمة المعصومين عليهم السلام- إلّا المباشر و بعض العملة، فلمّا رآني المباشر قال: يا سيد زين العابدين اقرإ الفاتحة، فقرأتها، و دعوت بعدها بالدعاء الموسوم بدعاء سريع الإجابة المروي في الكافي أوّله:

(اللّهمّ إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الأكرم المخزون المكنون) (1).

إلى أخره، و دعوت للسلطان ظاهرا، و نويت به الحجّة عجّل اللّه تعالى فرجه، و أخذت الحجر المبارك للركن الغربي، و ناولني محمّد حسين الأبرقوئي- و هو من الصلحاء- أوّل طاس فيه الساروج، فطرحته في زاوية الركن الغربي و نشرته و قلت: بسم اللّه الرحمن الرحيم، و وضعت الحجر عليه في موضع أساس إبراهيم عليه السلام.

قال: و قد باشرت بنفسي مقدار ثلاثة أذرع من جهة الارتفاع من تمام العرض الذي فيه الميزاب و الحمد للّه. إلى آخر ما ذكره من كيفيّة البناء، ثم تشريحه و تشريح المسجد بما لا يوجد في غيرها، و ذكرت ملخصها في كتابنا دار السلام (2).

3- و الشيخ إبراهيم بن عبد اللّه الخطيب المازندراني.


1- الكافي 2: 424/ 17.
2- دار السلام 2: 113، و انظر شهداء الفضيلة: 184 عنه.

ص: 189

عن شيخيهما: المحدّث الفاضل العالم المولى محمّد أمين بن محمّد الأسترآبادي، نزيل مكّة المعظمة.

قال الفاضل المعاصر في الروضات: كان في مبادي أمره داخلا في دائرة أهل الاجتهاد، و سالكا مسالك أساتيذه الأمجاد، بذهنه الوقّاد، و فهمه النقّاد، بحيث قد أجازه صاحبا المدارك و المعالم رحمهما اللّه تعالى بصريح هذا المفاد، و صريح هذا المراد، و قد رأيت نسختي إجازتيهما المنبئتين عن غاية فضيلة الرجل و نبالته، بخطّهما الشريف المعروف لدى الضعيف (1).

ثم شرع في ذكر انحرافه، و أطال الكلام في الطعن عليه و على من تبعه، و صوب طريقته حتى على المجلسي الأول، و لم يقنع بذكر مطالبه و الردّ عليه و بيان خطئه على ما هو طريقة العلماء الطالبين لإحقاق الحق للحق، بل فتح أبوابا من الشتم و السب.

بل قال في عنوان ترجمته: الفاضل الفضولي و مناصل المجتهد و الأصولي، صاحب القلم العاري و القلب المبادي ابن محمّد شريف محمّد أمين الأخباري الأسترآبادي. إلى آخره (2).

ليت شعري لو جمع اللّه تعالى بينهما يوم الجمع فقال له الأمين: إنك قد ذكرت في كتابك جمعا كثيرا من أعداء الدين، و المتجاهرين في النصب و العداوة لأمير المؤمنين و أهل بيته الطاهرين عليهم السلام بألقاب جميلة، و أوصاف حميدة، حتى ابن خلّكان الناصبي المؤرّخ، المعروف عندهم بحب الغلمان، فقلت في حقّه: الشيخ المقتدى الإمام و العالم العلم العلام، قاضي القضاة، وزين الحكام، شمس الدين أبو العباس أحمد (3). إلى آخره، فما كان ضرّك


1- روضات الجنات 1: 120.
2- روضات الجنات 1: 120/ 33.
3- روضات الجنات 1: 320/ 113.

ص: 190

أن تغمض عن خطئي بصدق الولاء! أو سلكت بي سيرتك بالأعداء!.

فما عذره (رحمه اللّه) في الجواب؟.

و أخرج الصدوق في العيون بإسناده عن عمّ محمّد بن يحيى بن أبي عباد قال: سمعت الرضا عليه السلام يوما ينشد شعرا:

كلّنا نأمل مدّا في الأجل و المنايا هن آفات الأمل

لا تغرّنك أباطيل المنى و الزم القصد ودع عنك العلل

إنّما الدنيا كظل زائل حلّ فيها راكب ثم رحل

فقلت: لمن هذا أعزّ اللّه الأمير؟ فقال عليه السلام: لعراقي لكم، قلت: أنشدنيه أبو العتاهية (1) لنفسه، فقال: هات اسمه ودع عنك هذا، إنّ


1- في تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين لبعض علماء الزيدية من معاصري ابن شهرآشوب و أضرابه نقلا عن السيد أبي طالب من علمائنا، و الظاهر أنه من أماليه بإسناده إلى أبي العتاهية قال: لمّا امتنعت من قول الشعر و تركته أمر المهدي بحبسي في سجن الجرائم، فأخرجت من بين يديه إلى الحبس، فلمّا دخلته دهشت و ذهل عقلي، و رأيت منه منظرا هالني، فرميت بطرفي أطلب موضعا آوي إليه، و رجلا آنس به و بمجالسته، فإذا كهل حسن السمت، نظيف الثوب، بين عينيه سيماء الخير، فقصدته و جلست إليه من غير أن أسلم عليه أو أسأله عن شي ء من أمره لما أنا فيه من الجزع و الحيرة، فمكث كذلك مليّا و أنا مطرق و مفكر في حالي فأنشد الرجل هذين البيتين:

ص: 191

اللّه سبحانه و تعالى يقول: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ (1) و لعلّ الرجل يكره (2)


1- الحجرات 49: 11.
2- في الحجرية: و لعل يكره الرجل، و ما أثبتناه من العيون.

ص: 192

هذا (1).

و اسم الرجل إسماعيل بن القاسم بن المؤيّد، الشاعر المعروف المعاصر لأبي نؤاس الباطل، صاحب بعض الأفعال الشنيعة المذكورة في الروضات (2).

و العجب أنه (رحمه اللّه) ذكر في آخر ترجمته الخبر المذكور و قال بعده: و في هذه الرواية من الإشارة إلى حسن حال الرجل، و الدلالة على عدم جواز غيبة الفاسق، و لا ذكر أحد بالسوء و لا سيّما في محضر أعاظم أهل الدين ما لا يخفى (3). انتهى.

و قد نسي رحمه اللّه العمل به في ترجمة صاحب العنوان و أضرابه، و إحقاق الحق في المسائل المتنازع فيها غير متوقف على السوء في الكلام، و الفحش في القول، مع أن وضع كتب التراجم على غير هذا، أ لا ترى الشيخ المحدث الحرّ مع أنّه من عمد المحدثين لم يفرّق في أمل الآمل بين المجتهد و الأخباري، و المحدث و الأصولي، في المدح و الإطراء و التزكية و الثناء، فذكر في ترجمة كل واحد منهم ما حواه من العلم، و العمل و التقوى و الزهد، و غيرها.

توفي الفاضل المذكور سنة 1033 بمكّة المشرفة.

عن مشايخه العظام، و هم:

صاحب المدارك.

و صاحب المعالم.

و الآميرزا محمّد الأسترآبادي، بطرقهم المتقدمة (4).


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 177.
2- روضات الجنات 3: 38/ 235.
3- روضات الجنات 2: 15.
4- طرقهم على التوالي تقدمت في: 71، 85، 161، 165 و 71، 82، 165، 181، 181.

ص: 193

قال في الفوائد المدنية: فإنّي قد قرأت أصول الكافي، و كتاب تهذيب الحديث، و غيرهما، على أعلم المتأخرين بعلم الحديث و الرجال و أورعهم، سيّدنا الإمام العلامة، و القدوة الإمام (1) الفهامة، قدوة المقدمين، أعظم المحققين ميرزا محمّد الأسترآبادي، و هو قرأ على شيخه. إلى أن قال: ولي طرق أخرى من مشايخ أخر قدّس اللّه أرواحهم، منهم: السيد السند و العلامة الأوحد صاحب المدارك قدس سره (2).

[الثاني عشر السيد فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي القهپائي]

الثاني عشر: السيد الفاضل الأجل الأكمل الأمير فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي القهپائي (3).

عن العالم الجليل عزّ الدين أبي عبد اللّه السيد حسين (4) بن السيد حيدر ابن قمر الحسيني الكركي العاملي المفتي بأصفهان.

عن جمّ غفير من العلماء الأعلام:

أولهم: شيخنا البهائي.

ثانيهم: المحقق الداماد.

ثالثهم: المدقق الشيخ محمّد الشهيدي.


1- في المصدر: الهمام بدل الامام. و في المخطوط: المقدسين بدل المقدمين.
2- الفوائد المدنية: 185.
3- لم يتعرض لهذا الطريق في المشجرة، بل ورد في الفيض القدسي و مقدمة البحار، فلا حظ.
4- ذكره في المشجرة، و أورد طريق الرواية عنه منحصرا بالتقي المجلسي مدبّجا. هذا و قد ذكر له هنا خمسة مشايخ، أمّا في المشجرة فقد ذكر له ستّة مشايخ، ثلاثة منهم ذكرهم هنا وهم:

ص: 194

رابعهم الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه، بسنده إلى صاحب العوالي، كما تقدم (1).

خامسهم: الشيخ المحدث المتكلم الفقيه نجيب الدين علي بن الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي بن عيسى بن حسن بن جمال الدين عيسى الشامي العاملي الجبلي، ثم الجبعي، صاحب الشرح المزجي للاثني عشرية في الصلاة لأستاذه المحقق صاحب المعالم، و جامع ديوانه.

1- عن الشيخ البهائي (2).

2 و 3 و صاحبي المدارك و المعالم.

4- و عن أبيه.

أ- عن جدّه.

عن ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي (3)، المتقدم ذكره (4).

و شيخ الفقهاء الشهيد الثاني.

و عن أبيه (5).

ب- عن جده لأمّه: محيي الدين الميسي.


1- تقدم في 156، و هذا الطريق- أي: الرابع- لم يرد في المخطوطة.
2- المراد هنا رواية الأخير عن الشيخ البهائي، هذا و لم ترد في المشجرة روايته عن الشيخ البهائي بل وردت روايته عن صاحبي المدارك و المعالم فقط، عن أبيه، و الطريق إلى الفقيه نجيب الدين علي بن الشيخ شمس الدين محمد بن مكي منحصر برواية حسين بن حسن العاملي عنه، فلا حظ.
3- لم يرد في المشجرة رواية الشيخ مكّي، عن الشيخ إبراهيم الميسي، بل يروي عن الشهيد الثاني فقط لا غير.
4- تقدم ذكره في: 184.
5- الظاهر أنّه الشيخ شمس الدين محمد بن مكي.

ص: 195

عن الحبر الجليل الشيخ علي (1) بن عبد العالي الميسي.

[الثالث عشر القاضي أمير حسين]

الثالث عشر: العالم الفاضل الجليل النبيل، القاضي أمير حسين (2)، كذا وصفه في رياض العلماء. و قال: هو من مشايخ إجازة الأستاذ الاستناد أدام اللّه فيضه، و عليه اعتمد في صحة كتاب فقه الرضا عليه السلام.

انتهى (3). و قد مرّ في حال الرضوي (4) ما ينفع المقام.

[الرابع عشر المولى محمّد صالح بن المولى أحمد السروي الطبرسي]

الرابع عشر: العالم العلام، و المولى المعظم القمقام، فخر المحققين، الصالح الزاهد المجاهد، المولى محمّد صالح بن المولى أحمد السروي الطبرسي، المدقق المحقق، الجامع الماهر في المعقول و المنقول، الناقد في أخبار آل الرسول عليهم السلام، شارح أصول الكافي و روضته شرحا لطيفا نافعا، خارجا عن الحدين الإفراط و التفريط، و هو أحسن الشروح التي عثرنا عليها، و لم نعثر على شرح فروعه منه.

بل قال الأستاذ الأكبر البهبهاني في رسالة الاجتهاد: يا أخي، حال المجتهدين المحتاطين حال جدّي العالم الرباني، و الفاضل الصمداني، مولانا محمّد صالح المازندراني، فإني سمعت أبي (رحمه اللّه) أنه بعد فراغه من شرح أصول الكافي أراد أن يشرح فروعه أيضا فقيل له يحتمل أن لا يكون لك رتبة الاجتهاد، فترك لأجل ذلك شرح الفروع، و من لا حظ شرح أصوله عرف أنه كان في غاية مرتبة من العلم و الفقه، و في صغر سنه شرح معالم الأصول، و من لا حظ شرح معالم الأصول علم مهارته في قواعد المجتهدين في ذلك السن.

انتهى (5).


1- هذا الطريق لم يرد في المشجرة.
2- لم يرد في المشجرة، بل ورد في رسالة الفيض القدسي و كذلك مقدمة البحار.
3- رياض العلماء 2: 30.
4- انظر الجزء الأول من الخاتمة صفحة: 298.
5- رسالة الاجتهاد 11 آخر الفصل الثالث في وجوب الفحص عن الطرق الموصلة.

ص: 196

و لكن العالم الحبر الجليل، سيف اللّه المسلول على أهل الإلحاد و التضليل، السيد السند المولى حامد حسين الهندي طاب ثراه ذكر في بعض مكاتيبه إليّ من بلدة لكهنو أنّه عثر على مجلّد من مجلّدات شرحه على الفروع، و عزم على استنساخه و إرساله فلم يمهله الأجل.

و بالجملة، كان والده المولى أحمد (1) في غاية من الفقر و الفاقة، فقال يوما لولده الفاضل المذكور: إنّي عاجز عن تحمّل مؤنتك، و لا بدّ لك من السعي للمعاش، فاطلب لنفسك ما تريد. فهاجر إلى أصبهان و سكن بعض مدارسه، و كان لأهله (2) وظائف معيّنة يعطى كل على حسب رتبته في العلم، و حيث إن المولى كان مبتدئا في التحصيل كان سهمه منها في كل يوم غازين (3) و هي غير وافية لضروري أكله فضلا عن سائر مصارفه، فكان يستعين في مدّة طويلة بضوء بيت الخلاء للمطالعة، و هو فيها واقف على قدميه إلى أن صار قابلا للتلقي من التقي المجلسي (رحمه اللّه)، فحضر في محفل إفادته في عداد العلماء الأعلام، إلى أن فاق عليهم، و صار معتمدا عند أستاذه في الجرح و التعديل في المسائل، ذا منزلة عظيمة لديه.

و لمّا حصل له رغبة في التزويج عرف ذلك منه المولى الأستاذ، فاستأذن منه يوما أن يزوج منه امرأة فاستحيى، ثم أذن له فدخل المولى بيته فطلب بنته آمنة الفاضلة المقدسة البالغة في العلوم حدّ الكمال، فقال لها: عيّنت لك زوجا في غاية من الفقر، و منتهى من الفضل و الصلاح و الكمال، و هو موقوف على


1- والد المولى محمد صالح «منه قدّس سرّه».
2- أي: لأهل المدرسة.
3- هي عملة تعادل جزء من أجزاء القران القديم، و في بعض المدن (خصوصا خراسان) كل قران يعادل 20 شاهي، و كل شاهي يعادل 2 پول، و كل پول يعادل 2 جندك و كل جندك بعادل 2 غاز. انظر لغتنامه دهخدا (غ- غبغب): 21، العقد المنير في الدراهم و الدنانير: 1.

ص: 197

رضاك، فقالت الصالحة: ليس الفقر عيبا في الرجال.

فهيّأ والدها المعظم مجلسا و زوّجها منه، فلمّا كانت ليلة الزفاف و دخل عليها، و رفع البرقع عن وجهها، و نظر إلى جمالها، عمد إلى زاوية و حمد اللّه تعالى و اشتغل بالمطالعة، و اتفق أنّه ورد على مسألة عويصة لم يقدر على حلّها، و عرفت ذلك منه الفاضلة آمنة بيكم بحسن فراستها، فلما خرج المولى من الدار للبحث و التدريس عمدت إلى تلك المسألة و كتبتها مشروحة مبسوطة، و وضعتها في مقامه، فلما دخل الليل و صار وقت المطالعة و عثر المولى على المكتوب و حلّ له ما أشكل عليه سجد للّه شكرا، و اشتغل بالعبادة إلى الفجر، و طالت مقدمة الزفاف إلى ثلاثة أيّام، و اطلع على ذلك والدها المعظم فقال له: إن لم تكن هذه الزوجة مرضية لك أزوجك غيرها، فقال: ليس الأمر كما توهم، بل كان همّي أداء الشكر، و كلّما اجهد في العبادة لا أراني أبلغ شكر أقل قليل من هذه العناية، فقال (رحمه اللّه): الإقرار بالعجز غاية شكر العباد.

و كان رحمه اللّه يقول: أنا حجة على الطلاب من جانب ربّ الأرباب، لأنه لم يكن في الفقر أحد أفقر مني، و قد مضى عليّ برهة لم أقدر على ضوء غير ضوء المستراح.

و أمّا في الحافظة و الذهن فلم يكن أسوأ منى، إذا خرجت من الدار كنت أضلّ عنها، و أنسى أسامي ولدي، و ابتدأت بتعلّم حروف التهجي بعد الثلاثين من عمري، فبذلت مجهودي حتى منّ اللّه تعالى عليّ بما قسمه لي.

و ممّا منّ اللّه تعالى عليه و على زوجته الفاضلة الذريّة الطيبة و فيهم من العلماء الأبرار، و الصلحاء الأخيار جمع كثير، قد شرحنا أساميهم الشريفة و نزر من أحوالهم في رسالتنا الفيض القدسي (1)، من أرادهم راجعها.


1- انظر بحار الأنوار 105: 124.

ص: 198

توفي سنة 1081 (1) و دفن في قبة المجلسي (رحمه اللّه) بأصبهان.

عن الأجل شيخنا البهائي، بطريقه الآتي (2).

[الخامس عشر المولى خليل بن الغازي القزويني]

الخامس عشر: العالم المتبحر الجليل المولى خليل (3) بن الغازي القزويني، المتولّد سنة 1001، المتوفى سنة 1089، شارح تمام الكافي بالفارسية المسمّى بالصافي، و إلى أواسط كتاب الطهارة بالعربية بأمر السيد الأجل خليفة سلطان المسمى: بالشافي.

و في الرياض: كان (رحمه اللّه) دقيق النظر، قويّ الفكر، حسن التقرير، جيّد التحبير من أجلّ مشاهير علماء عصرنا، و أكمل نحارير فضلاء دهرنا. إلى آخر ما ذكره (4).

و في الروضات: لاقاه يوما في بعض زقاق قزوين واحد من الجنديين بيده برأت حوالة شعير إلى بعض الرعية، فأعطاها الجندي إيّاه ليقرأها عليه فيعرف أنّها مكتوبة باسم أي رجل منهم، فلمّا قرأها قال: إن هذه المكتوبة باسم هذا العبد، و ذهب به إلى المنزل و سلمه الشعير المقدر فيها بأشدّ الطوع، و ذهب الرجل، ثم لما جاء الليل و عرضوا ذلك الشعير على خيول الملك لم يتفوّه به واحد منها، فتعجب المطلعون على ذلك غايته، و أسمعوه السلطان، فلمّا استكشف عن حقيقة الأمر و عرف المولى المذكور زاد في تحنّنه و إكرامه.

و من جملة ما يحكى من مكارم أخلاقه، أنه اتّفقت بينه و بين صاحب الوافي مناظرة طويلة في مسألة، فظهر له فساد رأيه بعد زمن طويل و هو بقزوين، فتوجه راجلا من فوره لخصوص الاعتراف بتقصيره في الأمر، و الاعتذار من


1- في المشجرة: سنة 1086 ه.
2- يأتي في الصفحة 232.
3- ورد في المشجرة و مقدمة البحار و لم يرد في رسالة الفيض القدسي.
4- رياض العلماء 2: 261.

ص: 199

الفيض المرحوم إلى بلدة قاشان، فلمّا وصل إلى باب داره جعل يناديه من خلف الباب: يا محسن قد أتاك المسي ء، إلى أن عرف صوته فخرج الفيض إليه مبتدرا و أخذا يتعانقان و يتعاطفان بما لا مزيد عليه، ثم لم يلبث بعد ذلك ساعة في البلد مهما أصرّ عليه الفيض، حذرا عن تخلّل شائبة في إخلاصه (1).

و أعلم أنه كان في قزوين جماعة من العلماء مشتركين معه في الاسم، فقد يشتبه به بعضهم.

منهم: النحرير النقّاد المولى خليل بن محمّد زمان القزويني، صاحب رسالة إثبات حدوث الإرادة بالبرهان العقلي، و فيها شرح حديث عمران الصابي و حديث سليمان المروزي بما لا يوجد في غيرها، و تاريخ فراغه منها سنة 1148.

و منهم: الفاضل الحاج خليل بن الحاجي بابا القزويني المعروف بزركش.

ذكره صاحب تتميم أمل الآمل قال: كان فاضلا نبيلا، و عالما جليلا، ذا أفكار دقيقة، و أنظار رقيقة، قال: و كان صالحا عابدا. و ذكر من مؤلفاته شرح حديث عمران الصابي (2).

و منهم: العالم الجليل آقا خليل بن محمّد أشرف القائني الأصبهاني، الساكن بقزوين بعد المحاصرة الأفغانية.

و بالغ في التتميم (3) في المدح و الثناء عليه، و ذكر من مؤلفاته أيضا شرح الحديث المذكور، و رسالة في شرح رسالة الإمام الهادي عليه السلام في إبطال الجبر و التفويض.


1- روضات الجنات 3: 271.
2- تتميم أمل الآمل: 146/ 97.
3- تتميم أمل الآمل: 142/ 96.

ص: 200

عن شيخ الإسلام بهاء الدين العاملي.

[السادس عشر الشيخ القاضي أبو الشرف الأصفهاني]

السادس عشر: الشيخ العالم الفاضل القاضي أبو الشرف الأصفهاني (1).

قال في الأمل: كان عالما فاضلا نروي عن مولانا محمّد باقر المجلسي عنه (2).

و تأمّل فيه في الرياض، و قال: إن المولى الأستاذ الاستناد (3) قدس سره إنّما يروي عن والده عنه، كما صرّح بذلك الشيخ المعاصر نفسه في آخر وسائل الشيعة (4).

و بالجملة، هذا القاضي يروي:

عن المولى درويش محمد (5)، الاتي (6) ذكره (7).


1- في البحار 110: 51 ت 41 نقل العلامة المجلسي الطرق التي صرح بها المولى الشيخ محمد تقي في روايته الصحيفة السجادية حيث يصرح فيها ان القاضي أبو الشرف الأصفهاني من مشايخه- التقي المجلسي- و هكذا في 110: 68 ت 92 في إجازة المولى محمد تقي للميرزا إبراهيم اليزدي و كذلك في 110: 155 في اجازة المولى محمد باقر لبعض تلامذته.
2- أمل الآمل 2: 353/ 1096.
3- أي المولى محمد باقر المجلسي.
4- وسائل الشيعة 20: 52.
5- المولى درويش محمد بن الحسن العاملي، جد التقي المجلسي لامّه.
6- رياض العلماء 5: 463.
7- يأتي في: 210.

ص: 201

[السابع عشر أبو الحسن المولى حسن علي التستري الأصبهاني]

السابع عشر: العالم النحرير، الفقيه أبو الحسن المولى حسن علي التستري الأصبهاني الفاضل الكامل العالم الفقيه المعروف في عصر السلطان شاه صفي الصفوي، و السلطان شاه عباس الثاني، مؤلّف كتاب التبيان في الفقه، و رسالة حسنة في حرمة صلاة الجمعة في الغيبة، المتوفى- كما في تاريخ الأمير إسماعيل الخاتون آبادي المعاصر له- سنة 1075، و ذكر في تاريخ وفاته هذا المصرع:

علم علم بر زمين افتاد. (1).

و أيضا:

وفاة مجتهد الزمان. (2).

فما في الأمل من أنه توفي سنة 1029 خطأ (3)، و قد صرّح به في الرياض أيضا (4).

عن مروّج الملّة و الدين، و مربّي الفقهاء و المحدثين، و تاج الزهاد و الناسكين، والده المعظم المولى عزّ الدين عبد اللّه بن الحسين التستري.

قال المجلسي الأول في شرح مشيخة الفقيه بعد الترجمة: رضي اللّه تعالى عنه كان شيخنا و شيخ الطائفة الإمامية في عصره، العلامة المحقق المدقق، الزاهد العابد الورع، و أكثر فوائد هذا الكتاب من إفاداته رضي اللّه عنه، حقّق الأخبار و الرجال و الأصول بما لا مزيد عليه، و له تصانيف منها التتميم (5) لشرح


1- أي سقط علم العلم على الأرض.
2- تاريخ الخاتون آبادي: 523.
3- في الأمل 2: 74/ 199: وفاته سنة 1069، و ما أسنده المصنف إلى الأمل فهو في الحجرية منه، انظر الأمل المطبوع مع منهج المقال: 468.
4- رياض العلماء 1: 263.
5- و اسمه جامع الفوائد. انظر الذريعة 5: 65 ت 260.

ص: 202

الشيخ نور الدين علي على قواعد الحلي سبعة مجلّدات، منها يعرف فضله و تحقيقه و تدقيقه، و كان لي بمنزلة الأب الشفيق، بل بالنسبة إلى كافّة المؤمنين، و توفي رحمه اللّه في العشر الأول من محرم الحرام، و كان يوم وفاته بمنزلة العاشوراء، و صلّى عليه قريب من مائة ألف، و لم نر هذا الاجتماع على غيره من الفضلاء، و دفن في جوار إسماعيل بن زيد بن الحسن، ثم نقل إلى مشهد أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام بعد سنة، و لم يتغيّر حين اخرج، و كان صاحب الكرامات الكثيرة ممّا رأيت و سمعت.

و كان قرأ على شيخ الطائفة أزهد الناس في عهده مولانا أحمد الأردبيلي رحمه اللّه، و على الشيخ الأجلّ أحمد بن نعمة اللّه بن أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي رحمهم اللّه، و على أبيه نعمة اللّه، و كان له عنهما الإجازة للأخبار، و أجاز لي كما ذكرته في أوائل الكتاب (1)، و يمكن أن يقال: إنّ انتشار الفقه و الحديث كان منه، و إن كان غيره موجودا، لكن كان لهم الأشغال الكثيرة، و كان مدّة درسهم قليلا بخلافه- رحمه اللّه- فإنّه كان مدّة إقامته في أصبهان قريبا من أربع عشرة سنة بعد الهرب من كربلاء المعلّى إليها، و عند ما جاء بأصبهان لم يكن فيه من الطلبة الداخلة و الخارجة خمسون، و كان عند وفاته أزيد من الألف من الفضلاء و غيرهم من الطالبين، و لا يمكن عدّ مدائحه في المختصرات رضي اللّه تعالى عنه (2).

و قال فيه السيد الأمير مصطفى التفريشي في نقد الرجال: شيخنا و أستاذنا العلامة المحقق المدقق، جليل القدر عظيم المنزلة، وحيد عصره، أورع أهل زمانه، ما رأيت أحدا أوثق منه، لا تحصى مناقبه و فضائله، صائم


1- روضة المتقين 1: 21.
2- روضه المتقين 14: 382.

ص: 203

النهار، قائم الليل، و أكثر فوائد هذا الكتاب و تحقيقاته منه (1). انتهى.

قلت: الإجازتان اللتان إليهما في شرح المشيخة موجودتان عندي بخط الشيخين الجليلين.

قال الأول في أولاهما: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ (2) الحمد للّه مبيّن طريق الحق. إلى أن قال: و لمّا كان الأخ الأعزّ الأجل الأوحد، المحقق المدقق، إنسان عين الأصحاب المتقين، و عين إنسان الأصحاب على اليقين، مولانا الملإ عبد اللّه بن حسين الششتري رفع اللّه قدره، و أجزل ذكره، ممّن حصل منها أوفر سهم و أولاه، و حصل على أكبر قسم و أعلاه، بعد أن ذاق مرارة الاغتراب عن وطنه، و ذاق غمرات الأهوال في سفره، حزنه و سهلة، و منّ اللّه عليه بحج بيته الحرام، و زيارة قبر رسوله عليه و آله الصلاة و السلام، و الحلول ببلدتنا عيناثا- حرسها اللّه- من قرى الشام، التمس من أخيه و محبة الفقير المعترف بالقصور و التقصير، أحمد بن نعمة اللّه بن أحمد أن أجيز له ما أجيز لي روايته، فامتثلت أمره طاعة و برّا، و إن كان أدام اللّه ضلاله أرفع رتبه و أجلّ قدرا، و أجزت له أن يروي عني. إلى آخره (و تاريخ الإجازة يوم الجمعة 17 شهر محرم الحرام سنة 988) (3).

و قال الثاني- بعد خطبة مليحة غرّاء-: و بعد، فيقول أفقر عباد مولاه إلى كرم اللّه العلي نعمة اللّه علي بن أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي، عامله اللّه بالصفح عن زلله، و العفو عن خطله: إن أنفس الرغائب، و أعلى المطالب هو: التوصل للوصول (4) إلى معرفة شريعة الحيّ القيوم، و هو مما يتعذّر بدون


1- نقد الرجال: 197/ 92.
2- مريم 19: 30.
3- بحار الأنوار 109: 88، و ما بين القوسين لم يرد في المخطوطة.
4- في البحار: هو الوصول.

ص: 204

الرواية كما هو مقرر عند أهل الدراية، و كان من جملة من هاجر إلى اللّه في تحصيل هذا المعنى، و تاجر للّه حتى حلّ لدينا في المغني (1)، المولى الفاضل، و الأولى الكامل، ذو المناقب و الفواضل، الجامع بحسن أخلاقه الخليقة بين الشريعة و الحقيقة، مولانا ملا عبد اللّه بن عزّ الدين الحسين الششتري، أصلح اللّه أحواله، و كثر في العلماء أمثاله، فشرف الأسماع برائق لفظه، و شرف الأصقاع بحلو القول في وعظه، و طلب من هذا العبد الضعيف، و الجرم النحيف، أن يجيزه بما وصل إليه، و عوّل في الرواية عليه (2). إلى آخر ما ذكره (رحمه اللّه).

و في آخر هذه الإجازة بخط المولى الجليل المجاز له: يقول الفقير إلى اللّه تعالى الغني، عبد اللّه بن حسين الشوشتري: إنه أمرني الأخ العزيز الفاضل، ذو الصفاة الجميلة، و الأخلاق الجليلة، المدعو بقاضي عبد المؤمن، سلمه اللّه تعالى و أبقاه، و يبلغه ما يتمنّاه، أن أجيز له أن يروي عنّي ما يجوز لي روايته عن المشايخ الذين صرت بسببهم من المسندين للأخبار، المجتنبين من قطع السند و الإرسال، فأجزت له أن يروي عنّي جميع الكتب و الأصول المذكورة في كلام الشيخين اللذين سبق ذكرهما في هذه الأوراق، عن الشيخين المذكورين رحمهما اللّه تعالى، عمّن أسندا عنه، إلى أن ينتهي إلى أرباب الأصول، أو إلى أئمة الهدى، و مصابيح الدجى، و أن يجيز ذلك لمن شاء، و كيف شاء، و نسأل اللّه جلّ شأنه أن يجعل ذلك وسيلة إلى رضوانه، و ذريعة إلى جنانه، و لا يكلنا إلى أنفسنا الداعية إلى تمحيص الأفعال، للترفع عند الجهال، و التقرب من الدنيا التي هي مطمح أنظار الأرذال، و صلى اللّه على محمّد و آله الأخيار الأطهار،


1- في البحار: حتّى جلّ لدينا في المعنى.
2- بحار الأنوار 109: 94.

ص: 205

و كتب العبد المذنب الخاطى عبد اللّه عفى اللّه تعالى عنه. انتهى.

و في الروضات: وجدت بخط جدّي المتبحر المبرور السيد أبي القاسم جعفر، على حاشية أربعين العلامة المجلسي (رحمه اللّه)، أن المولى الفاضل التقي، و الورع المتقي، مولانا عبد اللّه التستري قدّس اللّه لطيفته، كان يقول لابنه و هو يعظه: يا بني، إني بعد ما أمرني مشايخي رضوان اللّه عليهم بجبل عامل بالعمل برأيي، ما ارتكبت مباحا بل و لا مندوبا إلى الآن، حتى الأكل و الشرب و النوم و النكاح أو الجماع، و كان يعد ذلك بأصابعه، و كان لفظ النكاح أو لفظ الجماع رابع ما عدّه بإصبعه، و هو (رحمه اللّه) أصدق من أن يتوهم في مقاله غير مخّ الحقيقة، أو محض الحقّية.

و قال المولى محمّد تقي المجلسي (رحمه اللّه) في شرح الفقيه: إن شيخنا المذكور من شدّة احتياطه كان يقص ظفره في جميع أيام الأسبوع، قال: فرأيته في يوم الثلاثاء يقلم أظفاره فقلت: يا شيخنا؛ تقليم الأظفار في يوم الثلاثاء مذموم، قال: بل يستحب التقليم متى طال الظفر، فقلت له: و أين الطول؟

ثم أين الظفر؟

و قال صاحب حدائق المقربين (1): نقل أنه جاء يوما إلى زيارة شيخنا البهائي، فجلس عنده ساعة إلى أن أذّن المؤذّن، فقال الشيخ: صلّ صلاتك هاهنا لأن نقتدي بك، و نفوز بفوز الجماعة، فتأمّل ساعة ثم قام و رجع إلى المنزل، و لم يرض بالصلاة في جماعة هناك.

فسأله بعض أحبته عن ذلك و قال: مع غاية اهتمامك في الصلاة في أول الوقت، كيف لم تجب الشيخ الكذائي إلى مسئوله؟ فقال: راجعت إلى نفسي سويعة فلم أر نفسي لا تتغير بإمامتي لمثله، فلم أرض بها!!.


1- و هو العالم الجليل الأمير محمد صالح الخاتون آبادي صهر العلّامة المجلسي. (منه قدس سرّه)

ص: 206

و نقل عنه أيضا: أنه كان يجب ولده المولى حسن علي كثيرا، فاتفق أنّه مرض شديدا، فحضر المسجد لأداء صلاة الجمعة مع تفرقة حواسه، فلمّا بلغ في سورة المنافقين إلى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (1) جعل يكرّر ذلك، فلمّا فرغ سألوه عن ذلك، فقال: إني لمّا بلغت هذا الموضع، تذكرت ولدي، فجاهدت مع النفس بتكرار هذه الآية إلى أن فرضته ميّتا، و جعلت جنازته نصب عيني، فانصرفت عن الآية.

قال: و كان من عبادته أنّه لا يفوت منه شي ء من النوافل، و كان يصوم الدهر، و يحضر عنده في جميع الليالي جماعة من أهل العلم و الصلاح، و كان مأكوله و ملبوسه على أيسر وجه من القناعة، و كان مع صومه الدهر كان في الأغلب يأكل مطبوخ غير اللحم.

و نقل: أنه اشترى عمامة بأربعة عشر شاهيّا (2)، و تعمّم بها أربع عشرة سنة.

و نقل المولى محمّد تقي المجلسي (رحمه اللّه) قال: خرجنا يوما في خدمته إلى زيارة الشيخ أبي البركات الواعظ في الجامع العتيق بأصبهان، و كان معمّرا في حدود المائة، فلمّا ورد جناب المولى مجلسه، و تكلّم معه في أشياء قال له الشيخ: أنا أروي عن الشيخ علي المحقق من غير واسطة، و أجزت لك روايتي


1- المنافقون 63: 9.
2- نقد نحاسي ايراني يشبه البارة التركيّة أو الفلس العراقي، و الكلمة أسپانية الأصل، و كانت اسما لمسكوك من الفضّة الرائجة في تلك الديار، و معناها بالفارسيّة شاهي نحو كلمة ركاليس في اللاتين و يكون أصلها من ركس «شاه». انظر العقد المنير 1: 147.

ص: 207

عنه، ثم أمر بأن يوضع عنده قصعة من ماء القند، فلما رآها المولى قال: لا يشرب هذه الشربة إلّا المريض، فقرأ الشيخ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (1) ثم قال: و أنت رئيس المؤمنين، و إنّما خلق أمثال ذلك لأجل أمثالك من المؤمنين، فقال: أعذرني في ذلك، فإنّي إلى الآن كنت أزعم أن ماء القند لا يشربه إلّا المريض (2).

و في الرياض: قال صاحب تاريخ عالم آراء في المجلّد الآخر منه بالفارسية ما معناه: إن المولى (3) عبد اللّه المذكور مرض يوم الجمعة الرابع و العشرين من شهر محرم الحرام سنة إحدى و عشرين و ألف، و عاده يوم السبت السيد الداماد، و الشيخ لطف اللّه الميسي العاملي، اللذين كانا يناقشانه في المباحث العلمية، و المسائل الاجتهادية، و لمّا عاداه عانقهما، و عاشرهما في غاية الفرح و السرور، ثم في ليلة الأحد السادس و العشرين من الشهر المذكور قريبا من الصبح بعد ما أقام صلاة الليل و النوافل خرج من البيت ليلا حظ الوقت فلمّا رجع سقط، و لم يمهله الأجل للمكالمة، و اتصل روحه بالملأ الأعلى.


1- الأعراف 7: 32.
2- روضات الجنّات 4: 238.
3- جاء في هامش المخطوط:

ص: 208

و كان رحمه اللّه في الكمالات النفسانية و التقوى، و ترك المستلذات الدنيوية على الدرجة العليا، و كان يكتفي في المأكول و المشروب بسدّ الرمق، و كان في أكثر أيامه صائما، و يفطر على الطبيخ الشوربا بلا لحم، و قد سكن في مشهد عليّ و الحسين عليهما السلام قريبا من ثلاثين سنة، في خدمة المولى المجتهد المغفور مولانا أحمد الأردبيلي رضي اللّه عنه، و كان يستفيد من خدمته العلوم و الفضائل و المسائل، و يقال أنّه أجاز له في إقامة الجمعة و الجماعة و تلقين المسائل الاجتهادية أيضا.

ثم إن يوم وفاته قدس سرّه كانت نوحة الناس عليه كثيرة شديدة، و كانت الأشراف و الأعيان يسعون في وصول أيديهم إلى تحت جنازته تيمّنا و تبرّكا به، و لا يتيسر لهم لغلوّ (1) الناس و ازدحامهم، و جاءوا بجنازته إلى المسجد الجامع العتيق بأصبهان، و غسلوه فيه بماء البئر، و صلّى عليه السيد الداماد في جماعة من العلماء، و أودعوا جنازته في مقبرة إمام زاده إسماعيل، ثم نقلوها إلى مشهد الحسين عليه السلام (2). انتهى.

قال صاحب الرياض: أقول: استفادته من المولى أحمد الأردبيلي و لا سيّما قريبا من ثلاثين سنة، بل في إقامته في تلك الأماكن المشرفة في تلك المدة غير مستقيم، فلا حظ. انتهى (3).

و قد ظهر مما مرّ أنه رحمه اللّه يروي:

1- عن المولى أحمد الأردبيلي.

2- و عن الشيخ الجليل أحمد بن نعمة اللّه، صاحب القيود و الحواشي


1- الغلو: تصلّب و تشدد حتى تجاوز الحد و المقدار، قاله الطريحي في مجمع البحرين- غلا- 1:
2- تاريخ عالم آرا 2: 859.
3- رياض العلماء 3: 203.

ص: 209

و المؤلفات التي منها مقتل الحسين عليه السلام، و في الأمل: كان عالما فاضلا زاهدا عابدا شاعرا أديبا (1).

عن والده المعظم الشيخ الأجلّ الفرد العلم نعمة اللّه بن العالم الجليل الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن البحر القمقام شمس الدين محمّد ابن خاتون العاملي العيناثي.

في الرياض: هو من أجلّة علماء الإمامية و فقهائها، و أحد الفقهاء المعروف: بابن خاتون، و كان هو و والده و جدّه و سائر سلسلته أهل بيت العلم، و لم يعثر على مؤلفاته إلّا على رسالة مختصرة في العدالة (2).

3- و قد عرفت أن المولى الجليل المتقدم (3) يروي عنه بلا واسطة أيضا.

عن والده المعظم أبي العباس أحمد.

4- و عن أبي الحسن علي بن عبد العالي الكركي المحقق، الآتي (4) ذكره الشريف.

قال سبطه في إجازته المتقدمة للمولى عبد اللّه (5): و هما يرويان عن الجدّ الأكمل الأفضل، المحقق المدقق، شمس الدين محمّد بن خاتون.

و تأتي تتمة الطريق في ترجمة المحقق الثاني (6)، إن شاء اللّه تعالى.

و نقل في الرياض عن معاصره صاحب الأمل أن الشيخ نعمة اللّه يروي عن الشهيد الثاني (7)، مع أنه صرح في ترجمته بأنّه كان من تلامذة الشيخ علي


1- أمل الآمل 1: 40.
2- رياض العلماء 5: 247.
3- تقدم في صفحة: 201، و هو: المولى عز الدين عبد اللّه بن الحسين التستري.
4- يأتي في صفحة: 277 و 278.
5- هو عبد اللّه بن حسين بن حسين الششتري، و قد تقدمت الإجازة في صفحة: 203، و انظر كذلك البحار 109: 95.
6- تأتي ترجمته في صفحة: 277 إلى 291.
7- أمل الآمل 2: 70/ 193.

ص: 210

الكركي (1)، فاستشكل بأنّ الشهيد يروي عن المحقق الكركي بواسطة و تارة بواسطتين، قال: و لكن بالبال أن هذا الشيخ عمّر عمرا طويلا فلا إشكال.

انتهى (2).

و يأتي أن عدم رواية الشهيد عن المحقق الثاني لم تكن لتأخّر زمانه، بل لعدم ملاقاته، كيف و هو يروي عن شيخه الجليل علي بن عبد العالي الميسي المعاصر لسميه الكركي، و كان بين وفاتيهما أربع سنين؟ و يأتي أيضا أن الشهيد يروي عن والد الشيخ نعمة اللّه: أبي العباس أحمد، فالإشكال ساقط من أصله.

[الثامن عشر ابن عمة والده الشيخ عبد اللّه بن جابر العاملي]

الثامن عشر: من مشايخ العلامة المجلسي، الفاضل الصالح ابن عمة والده الشيخ عبد اللّه بن العالم الشيخ جابر العاملي.

في الأمل: كان عالما عاملا، عابدا، فقيها (3).

1- عن والده الجليل الشيخ جابر (4).

عن المحقق الثاني (رحمه اللّه) (5).

(حيلولة):

و عن الشيخ عبد اللّه.

2- عن جدّ والد المجلسي من قبل امه العالم الجليل المولى كمال الدين درويش محمّد بن العالم الصالح الشيخ حسن العاملي النطنزي، ثم


1- أمل الآمل 1: 189/ 204.
2- رياض العلماء 5: 248.
3- أمل الآمل 1: 112/ 105.
4- لم يرد لهذا الطريق ذكر في المشجرة بل ورد الطريق التالي فقط و هو: الشيخ عبد اللّه العاملي، عن المولى درويش عن المحقق الثاني.
5- هذا أقصر طرق الميرزا النوري (رحمه اللّه) و أعلاه إلى المحقّق الثاني الكركي، فلاحظ.

ص: 211

الأصفهاني، كان- كما في الرياض- من أكابر ثقات العلماء (1).

و في اللؤلؤة: هو أوّل من نشر الحديث في الدولة الصفوية بأصبهان (2).

و في الأمل: كان فاضلا صالحا زاهدا، من المشايخ و الأجلاء (3).

و في مناقب الفضلاء للأمير محمّد حسين سبط العلامة المجلسي: كانت أم المولى محمّد تقي بنتا للمولى كمال الدين، و هذا المولى كمال الدين في الزهد و العبادة، و هو مدفون في نطنز، و له قبّة معروفة (4).

و في صلاة البحار بعد ذكر دعاء الصباح المعروف لأمير المؤمنين عليه السلام: و لم أجده في الكتب المعتبرة إلّا مصباح السيد ابن الباقي، و وجدت منه نسخة: قرأ المولى الفاضل مولانا درويش محمّد الأصفهاني- جدّ والدي من قبل أمّه رحمة اللّه عليهما- على العلامة مروّج المذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدّس اللّه روحه فأجازه، و هذه صورتها: الحمد للّه، قرأ عليّ هذا الدعاء و الذي قبله، عمدة الفضلاء الأخيار الصلحاء، مولانا كمال الدين درويش محمّد الأصبهاني- بلّغه اللّه تعالى ذروة الأماني- قراءة تصحيح.

كتبه الفقير علي بن عبد العالي في سنة تسع و ثلاثين و تسعمائة حامدا مصليّا (5). انتهى.

عن المحقق الثاني بطرقه الآتية (6).

و هذا السند من أعلى طرق المجلسي، حيث يروي عن المحقق بواسطتين.


1- رياض العلماء 2: 271.
2- لؤلؤة البحرين: 150، و فيه:. بعد الدولة.
3- أمل الآمل 1: 141/ 153.
4- مناقب الفضلاء: مخطوط.
5- بحار الأنوار 94: 246.
6- تأتي في صفحة: 291.

ص: 212

[التاسع عشر والده المولى محمّد تقي المجلسي]

التاسع عشر من مشايخه: والده المعظم، و البحر الخضم، المولى محمّد تقي المستغني عن الإطراء و المدح، غير أنّا نذكر بعض عبارات الأجلّاء الكرام، أداء لبعض حقوقه على الإسلام.

قال النقّاد الخبير الحاج محمّد الأردبيلي في جامع الرواة: محمّد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي، وحيد عصره، فريد دهره، أمره في الجلالة و الثقة و الأمانة، و علوّ القدر و عظم الشأن و سموّ الرتبة، و التبحر في العلوم أشهر من أن يذكر، و فوق ما تحوم حوله العبارة، أورع أهل زمانه و أزهدهم، و أتقاهم و أعبدهم، بلغ فيضه دينا و دنيا بأكثر أهل زمانه من العوام و الخواص، و نشر أخبار الأئمة عليهم السلام بأصبهان.

قال: توفي قدس اللّه روحه الشريف سنة 1070، و له نحو من سبع و ستين سنة (1).

و قال صاحب مرآة الأحوال، في طيّ أحواله: و أساس فضله و كماله أعلى من أن يحكيه لسان القلم، و بعد فراغه من التحصيل أتى إلى النجف الأشرف، و اشتغل بالرياضات و تهذيب الأخلاق و تصفية الباطن، حتى صار متّهما بالتصوف، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا، و يستفاد من شرحه للجامعة الكبيرة أنّه فاز بسعادة لقاء صاحب الأمر عليه السلام في اليقظة و المنام (2).

و قال المحقق الكاظمي في أوّل المقابيس: و منها: المقدسي، للشيخ الأجل الأكمل الأفضل الأوحد الأعلم، الأعبد الأزهد الأسعد، جامع الفنون العقلية و النقلية، حاوي الفضائل العلمية و العملية، صاحب النفس القدسيّة، و السمات الملكوتيّة، و الكرامات السنّية، و المقامات العليّة، ناشر


1- جامع الرواة 2: 82.
2- مرآة الأحوال: غير متوفرة لدينا.

ص: 213

الأخبار الدينيّة، و الآثار اللدنيّة، و الأحكام النبويّة، و الأعلام الإماميّة، العالم العلم الرباني، المؤيد بالتأييد السبحاني، المولى محمّد تقي بن مجلسي الأصبهاني. إلى آخره (1).

و قال صاحب «حدائق المقربين» كما في الروضات: إنه كان تلميذا للمولى عبد اللّه الشوشتري، و الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي، و كان في علوم الفقه و التفسير و الحديث و الرجال فائق أهل الدهر، و في الزهد و التقوى و العبادة و الورع و ترك الدنيا تاليا تلو أستاذه الأول، مشتغلا طول حياته بالرياضات و المجاهدات، و تهذيب الأخلاق و العبادات، و ترويج الأحاديث، و السعي في حوائج المؤمنين، و هداية الخلق، و انتشر بيمن همّته أحاديث أهل البيت عليهم السلام، و اهتدى بنور هدايته الجمّ الغفير (2).

و نقل في بعض مؤلفاته الرائقة قال: اتفق لي التشرّف بزيارة العتبات العاليات، فلمّا وردت النجف الأشرف أخذني الشتاء، فعزمت على الإقامة هناك طول الفصل، و رددت دابة الكراء. فرأيت ليلة في الطيف إذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام يلاطفني كثيرا و يقول لي: لا تقم بعد ذلك هاهنا، و اخرج إلى بلدك أصفهان، فإنّ وجودك في ذلك المكان أنفع و أبرّ. و لما كان اشتياقي في التشرف بخدمته المقدّسة كثيرا، بالغت في استدعاء الرخصة منه في التوقف، فلم يقبل من ذلك شيئا، و قال: إنّ الشاه عباس قد توفي في هذه السنة، و إنّما يجلس مجلسه الشاه صفي الصفوي، و يحدث في بلادكم الفتن الشديدة، و اللّه تبارك و تعالى يريد أن تكون في مثل هذه النائرة بأصبهان باذلا جهدك في هداية الخلق، أنت تريد أن تجي ء إلى باب اللّه وحدك، و اللّه يريد أن تجي ء إليه- بيمن


1- مقابس الأنوار: 17.
2- روضات الجنات 2: 120.

ص: 214

هدايتك- سبعون ألفا، فارجع إليهم فإنّه لا بدّ لك من الرجوع.

فرجعت بعد هذه الواقعة إلى أصفهان، و قصصت ما رأيته لبعض خواصي، و هو عرضها بخدمة النواب الرضوان مكان (1) يريد به الشاه صفيّ المذكور، و كان في تلك الأيام في المدرسة الصفوية، فلم يمض إلّا قليل حتى ورد الخبر بأن النواب الخاقان المتقدم قد قبض إلى رحمة اللّه في سفر مازندران، و جلس النواب الشاه صفيّ مكانه.

و كان ينقل عنه أستاذنا المولى محمّد باقر المجلسي (رحمه اللّه) كرامات عديدة و أمورا عجيبة، و منامات غريبة، و مرائي صادقة (2). انتهى ما أردنا نقله.

و قد ذكرنا بعض مناماته الصادقة العجيبة في رسالتنا الفيض القدسي (3)، و ذكرنا فيها نبذة من أحوال ذريّته المباركة الأبرار الأخيار، العلماء النجباء، الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت، و فرعها في السماء.

و هذا المولى الجليل يروي:

عن جمّ من حملة الشريعة و عيون الشيعة.

أوّلهم: الشيخ الأجل المولى عبد اللّه الشوشتري، المتقدم (4) ذكره.

ثانيهم: المحقق الداماد، الآتي ذكره (5).

ثالثهم: الشيخ الفاضل العابد الشيخ يونس الجزائري.

عن الشيخ الجليل عبد العالي.


1- كلمة فارسية بمعنى: ساكن الجنان.
2- روضات الجنات 2: 121.
3- راجع بحار الأنوار 105: 112
4- تقدم في: صفحة: 201، و لقب فيها بالتستري و هو واحد.
5- يأتي في صفحة: 248.

ص: 215

عن والده المحقق الثاني.

رابعهم: السيد السند السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، و قد تقدم (1).

خامسهم: القاضي أبو الشرف الأصفهاني، و قد تقدم في مشايخ ولده المعظم (2).

سادسهم: الشيخ عبد اللّه بن جابر، كما يظهر من آخر الوسائل (3)، و هو أيضا من مشايخ ولده الجليل، كما تقدم (4).

سابعهم: الفاضل الصالح الشيخ جابر بن عباس النجفي (5).

عن العالم الفاضل الجليل الشيخ عبد النّبي بن الشيخ سعد الجزائري النجفي الحائري، صاحب كتاب حاوي الأقوال في معرفة الرجال، الذي قسمه على أربعة أقسام، و قد تقدم ذكره في مشايخ ولده و مشايخ المحدث الجزائري (6).

ثامنهم: المحقق النحرير القاضي (7) معزّ الدين محمّد بن تقي الدين


1- تقدم في: الجزء الأول صفحة: 298، و في الفائدة الثالثة: 193.
2- انظر صفحة: 200.
3- وسائل الشيعة 20: 52.
4- تقدم في: 210.
5- سقط من المشجرة الطريق السابع هذا، و الذي فيه رواية الشيخ جابر النجفي، عن الشيخ عبد النبي الجزائري، عن الشيخ علي الميسي فقط من دون ذكر لرواية أحد عنه- الشيخ جابر النجفي-.
6- تقدم في: 160، 161، 178.
7- قال العلّامة المجلسي في إجازته لبعض تلامذته المسطورة صورتها في آخر إجازات البحار عن ذكره لمشايخ والده المولى محمد تقي [انظر البحار 110: 75] ما لفظه:

ص: 216

الأصفهاني القاضي بأصفهان في عصر السلطان الشاه عباس الماضي.

و في الرياض: كان من الفقهاء و المتكلمين، و الماهرين في العلوم الرياضيّة (1). و وصفه التقي المجلسي في إجازته بقوله: العلّامة الفهّامة (2).

و ولده في إجازات البحار بقوله: سلطان الحكماء، و برهان العلماء، معزّ الدولة القاضي معزّ الدين (3). إلى آخره.

1- عن العالم الجليل الشيخ عبد العالي ابن المحقق الكركي، الآتي ذكره (4).

2- و عن الأجل الأكمل النقاد الورع الخبير أبي إسماعيل الشيخ إبراهيم ابن سليمان القطيفي البحراني الخطي الغروي، هو العالم الفاضل الصالح المحقق المعاصر للمحقق الثاني، صاحب التصانيف الرائقة، و الإجازات النافعة، و المقامات العالية.

و في اللؤلؤة: إن القائم عليه السلام دخل عليه في صورة رجل كان يعرفه و سأله عن أبلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (5) فقال له الامام عليه السلام: صدقت يا شيخ،


1- رياض العلماء 5: 47.
2- بحار الأنوار 110: 75.
3- بحار الأنوار 110: 22.
4- يأتي في: صفحة: 251.
5- فصلت 41: 40.

ص: 217

ثم خرج. فسأل عنه أهل بيته، فقالوا: ما رأينا داخلا و لا خارجا (1). انتهى.

عن مروّج الملة و المذهب و الدين المحقق الثاني.

3- و عن شيخه الذي قال- في حقّه-: المحقق المدقق أفضل عصره، و زبدة دهره، المعتمد على اللّه الخلّاق، إبراهيم بن حسن الدرّاق (2).

عن العالم الجليل علي بن هلال الجزائري، أستاذ المحقق الثاني، الآتي (3) ذكره، إن شاء اللّه تعالى.

تاسعهم: الشيخ الأعظم و الواعظ المعظم، الشيخ أبو البركات (4).

عن المحقق الثاني (رحمه اللّه).

عاشرهم: السيد النحرير المدقق المبرّز في فنون العلوم، ظهير الدين إبراهيم بن الحسين الحسيني الهمداني (5)، كذا وصفه في مناقب الفضلاء و قال:

هو المعروف بميرزا إبراهيم الهمداني، كان فاضلا حكيما، له تأليفات، منها حاشية على إلهيّات الشفاء، و كان مخلوطا مربوطا مع شيخنا البهائي طاب ثراه، و بينهما مكاتبات لطيفة (6).

عن شيخه الجليل محمّد بن أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون العاملي.

عن والده المحقق شهاب الدين أحمد.

و جدّه العلامة الشيخ نعمة اللّه. إلى آخر ما تقدّم (7).


1- لؤلؤة البحرين: 160.
2- في المشجرة: إبراهيم بن أبي الوراق. و ما هنا أصح.
3- يأتي في: 291.
4- لم يرد في المشجرة.
5- لم يرد في المشجرة.
6- مناقب الفضلاء: مخطوط.
7- تقدم في: 209.

ص: 218

حادي عشرهم (1): العالم النحرير، المتبحر البصير، الجامع الخبير، حاوي فنون الفضائل، شيخ الإسلام و المسلمين، بهاء الملّة و الحق و الدين، محمّد ابن العالم الجليل حسين بن عبد الصمد ابن العالم الرباني صاحب الكرامات الباهرة، شمس الدين محمّد بن علي بن حسن بن محمّد بن صالح الجبعي اللويزاني الحارثي، لانتهاء (2) نسبه الشريف إلى الحارث بن عبد اللّه الأعور الهمداني- بسكون الميم- الحوتي، بضم المهملة و بالمثناة فوق، الكوفي، أبو زهير صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، و من أوليائه، و هو المخاطب في قوله (عليه السلام):

يا حار همدان من يمت يرني.

الأبيات المعروفة المنسوبة إليه في كلمات جماعة حتى الشيخ المفيد في كتاب المقالات (3). إلّا أنّه رحمه اللّه أخرج في أماليه خبرا مسندا عن الأصبغ بن


1- ذكر الميرزا النوري (رحمه اللّه) هنا للمولى المجلسي الكبير أحد عشر طريقا، لم يتعرض لثلاثة منهم في المشجرة و هم:
2- كما صرّح به الشهيد الثاني في إجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد والد صاحب الترجمة (آقا بزرك)
3- أوائل المقالات: 85.

ص: 219

نباتة قال: دخل الحارث الأعور على أمير المؤمنين عليه السلام في نفر من الشيعة و كنت فيهم، فجعل الحارث يتئد في مشيته و يخبط الأرض بمحجنه (1)، و كان مريضا فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام و كانت له منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟

فقال: نال الدهر- يا أمير المؤمنين- مني، و زادني أوارا (2) و غليلا اختصام أصحابك ببابك.

قال: و فيم خصومتهم؟

قال: فيك و في الثلاثة من قبلك، فمن مفرّط منهم غال، و مقتصد قال، و من متردد مرتاب لا يدري أ يقدم أم يحجم.

فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي، و بهم يلحق التالي.

فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي و أمي الرين عن قلوبنا، و جعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا؟

قال: قدك (3)، فإنّك امرؤ ملبوس عليك، إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.

يا حارث، إن الحق أحسن الحديث، و الصادع به مجاهد، و بالحق


1- يخبط الأرض: أي: يطؤها بشدّة، و هو مستعمل أصلا لمشي البعير، لأنّه يضرب الأرض بشدّة.
2- الأوار: شدّة حر الشمس، و لفح النار و وهجها، و العطش، و من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام: فإن طاعة اللّه حرز من أوار نيران موقدة. انظر (لسان العرب- أور- 4: 35)
3- في المخطوطة و الحجرية: ندل. و المثبت من المصدر و معناه ان أخذت اسم فعل: يكفي.

ص: 220

أخبرك، فأرعني سمعك، ثم خبّر به من كان له حصافة من أصحابك.

ألا إنّي عبد اللّه و أخو رسوله و صدّيقه الأول في أمتكم (1) حقّا، فنحن الأولون، و نحن الآخرون، و نحن خاصّته- يا حارث- و خالصته.

و أنا صنوه و وصيّه و وليّه و صاحب نجواه و سرّه، أوتيت فهم الكتاب، و فصل الخطاب، و علم القرون و الأسباب، و استودعت ألف مفتاح، كلّ مفتاح يفتح ألف باب، يفضى كلّ باب إلى ألف (2) عهد، و أيدت و اتّخذت، و أمددت بليلة القدر نفلا، و إن ذلك يجري لي و لمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل و النهار، حتى يرث الأرض و من عليها.

و أبشرك- يا حارث- لتعرفني عند الممات، و عند الصراط، و عند الحوض، و عند المقاسمة.

قال الحارث و ما المقاسمة؟.

قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا ولييّ فاتركيه، و هذا عدوّي فخذيه.

ثمّ أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بيدي فقال لي- و قد شكوت إليه حسد قريش و المنافقين لي-: إنّه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل اللّه و حجزته- يعني عصمته- من ذي العرش تعالى، و أخذت يا علي أنت بحجزتي، و أخذت ذريّتك بحجزتك، و أخذ شيعتكم بحجزتكم، فما ذا يصنع اللّه بنبيّه، و ما يصنع نبيّه بوصيّة! خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، و لك ما اكتسبت (يقولها ثلاثا).


1- في المصدر: صديقه الأول صدقته و آدم بين الروح و الجسد ثم انّي صديقه الأول في امّتكم.
2- ورد في المصدر: ألف ألف.

ص: 221

فقام الحارث يجرّ رداءه و هو يقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.

قال جميل بن صالح (1): و أنشدني أبو هاشم السيد الحميري (رحمه اللّه) فيما تضمّنه هذا الخبر:

قول علي لحارث عجب كم ثمّ أعجوبة له حملا

يا حار همدان من يمت يرني (2) و ساق الأبيات الدائرة، و هذا الخبر صريح في أن الأبيات للسيد، و إنّما نظم مضمون كلامه عليه السلام، و اللّه العالم.

و هذا الشيخ (3) أحد أعيان الطائفة الإماميّة و وجهها، و من كان تشدّ إليه الرحال، و قد جمع فيه من العلوم و الفنون و الفضائل و الخصال و المقبوليّة عند الكافّة على اختلاف مشاربهم و آرائهم و عقائدهم ما لم يجتمع في غيره، و قد أكثر المترجمون من ذكر فضائله و مناقبه، و نحن نقتصر على نقل ما ذكره بعض علماء السنة في ترجمته، و منه يظهر مقامه عند الأصحاب.

قال المولى محمّد المحبّي في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر:

محمّد بن حسين بن عبد الصمد، الملقب ببهاء الدين بن عزّ الدين الحارثي العاملي الهمداني، صاحب التصانيف و التحقيقات، و هو أحقّ من كلّ حقيق بذكر أخباره و نشر مزاياه، و إتحاف العالم بفضائله و بدائعه، و كان أمّة مستقلة في الأخذ بأطراف العلوم، و التضلّع بدقائق الفنون، و ما أضنّ الزمان سمح بمثله


1- هو أحد رجال سند الخبر، يروي عن أبي خالد الكابلي عن الأصبغ. إلى آخره. (منه قدس سرّه)
2- أمالي المفيد: 3/ 3.
3- أي: الشيخ البهائي.

ص: 222

و لا جاد بندّه، و بالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من أخباره (1).

و قد ذكره الشهاب في كتابه (2)، و بالغ في الثناء عليه.

و ذكره السيد علي بن معصوم و قال: ولد ببعلبك عند غروب شمس يوم الأربعاء لثلاث عشر بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة، و انتقل به أبوه إلى بلاد العجم، و أخذ عن والده و غيره من الجهابذة، كالعلّامة عبد اللّه اليزدي، حتى أذعن له كلّ مناظر و منابذ، فلمّا اشتدّ كاهله و صفت له من العلم مناهله، ولّي بها شيخوخة الإسلام، ثم رغب في الفقر و السياحة، و استهب من مهاب التوفيق رياحه، فترك المناصب و مال لما هو لحاله مناسب، فحج بيت اللّه الحرام، و زار النبي عليه الصلاة و السلام، ثمّ أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة، و اجتمع في أثناء ذلك بكثير من أهل الفضل.

ثم عاد و قطن بأرض العجم، و هناك همي غيث فضله و انسجم، فألّف و صنّف، و قرط المسامع و شنّف، و قصدته علماء تلك الأمصار، و اتفقت على فضله إسماعهم و الأبصار، و غالت تلك الدولة في قيمته، و استمطرت غيث الفضل من ديمته، فوضعته على مفرقها تاجا، و أطلعته في مشرقها سراجا وهّاجا، و تبسمت به دولة سلطانها شاه عباس، و استنارت بشموس رأيه عند اعتكار حنادس البأس، فكان لا يفارقه سفرا و حضرا و لا يعدل عنه سماعا و نظرا، إلى أخلاق لو مزج بها البحر لعذب طعما، و آراء لو كحلت بها الجفون لم يلف أعمى، و شيم هي في المكارم غرر و أوضاح، و كرم بارق جوده لشائمه لا مع وضّاح، تنفجر ينابيع السماح من نواله، و يضحك ربيع الافضال من بكاء عيون آماله.


1- خلاصة الأثر 3: 440.
2- ريحانة الألبّاء 1: 702/ 32.

ص: 223

و كانت له دار مشيّدة البناء، رحبة الفناء، يلجأ إليها الأيتام و الأرامل، و يغدو عليها الراجي و الآمل، فكم مهد بها وضع، و كم طفل بها رضع، و هو يقوم بنفقتهم بكرة و عشيّا، و يوسعهم من جاهه جنابا مغشيّا، مع تمسك من التقي بالعروة الوثقى، و إيثار الآخرة على الدنيا، و الآخرة خير و أبقى، و لم يزل آنفا من الانحياز إلى السلطان، راغبا في الغربة عن الأوطان، يؤمل العود إلى السياحة، و يرجو الإقلاع عن تلك الساحة، فلم يقدر له حتى وافاه حمامه، و ترنّم على أفنان الجنان حمامه (1).

و قد أطال أبو المعالي الطالوي (2) في الثناء عليه، و كذلك البديعي (3)، ثم نقل عن الطالوي أنّه ولد بقزوين، و أخذ عن علماء تلك الدائرة، ثم خرج من بلده و تنقلت به الأسفار إلى أن وصل إلى أصفهان، فوصل خبره إلى سلطانها شاه عباس، فطلبه لرئاسة علمائها، فوليها و عظم قدره، و ارتفع شأنه، إلّا إنّه (4) لم يكن على مذهب الشاة في زندقته، لانتشار صيته في سداد دينه، إلّا أنّه غالى في حبّ آل البيت، و ألّف المؤلّفات الجليلة، منها: التفسير المسمى بالعروة الوثقى، و الصراط المستقيم، و التفسير المسمّى بعين الحياة، و التفسير المسمّى بحبل المتين في مزايا الفرقان المبين، و مشرق الشمسين، و شرح الأربعين، و الجامع العباسي فارسي، و مفتاح الفلاح، و الزبدة في الأصول، و التهذيب في النحو، و الملخّص في الهيئة، و الرسالة الهلاليّة، و الاثنا عشريّات الخمس،


1- سلافة العصر: 290.
2- هو درويش محمد بن احمد الطالوي الأرنقي، المتوفّى عام 1014، له سانحات دمي القصر في مطارحات بني العصر.
3- يوسف البديعي الدمشقي الحلبي، المتوفّى عام 1073، له مؤلّفات، و لعلّ ذلك في الحدائق في الأدب.
4- قول العالم العامي (انّه) يعني شيخنا البهائي و إن كان مذهبه التشيع إلّا انّه ليس على مذهب الشاة في زندقته. (حاشية المخطوطة)

ص: 224

و خلاصة الحساب، و المخلاة، و تشريح الأفلاك، و الرسالة الاسطرلابية، و حواشي الكشّاف، و حواشي البيضاوي، و حاشية على خلاصة الرجال، و دراية الحديث، و الفوائد الصمدية في علم العربية، و حاشية الفقيه. و غير ذلك من الرسائل المختصرة، و الفوائد المحرّرة.

و أمّا إشعاره فسأورد لك منها ما يعظم عندك موقعه، و تقف أمانيك عنده و لا تتجاوزه. قال: ثم خرج سائحا فجاب البلاد، و دخل مصر و ألّف بها كتابا سمّاه الكشكول، جمع فيه كلّ نادرة من علوم شتى.

قلت: و قد رأيته و طالعته مرّتين، مرّة بالروم و مرّة بمكة، و نقلت منه أشياء غريبة، و كان يجتمع مدّة إقامته بمصر بالأستاذ محمّد بن أبي الحسن البكري، و كان الأستاذ يبالغ في تعظيمه، فقال له مرّة: يا مولانا، أنا درويش فقير كيف تعظمني هذا التعظيم؟ قال: شممت منك رائحة الفضل.

قال: ثم قدم القدس، و حكى الرضي ابن أبي اللطف القدسي قال:

ورد علينا من مصر رجل من مهابته محترم، فنزل من بيت المقدس بفناء (1) الحرم (عليه سيماء الصلاح، و قد اتسم بلباس السياح، و قد تجنّب الناس، و أنس بالوحشة دون الإيناس، و كان يألف من الحرم) (2) فناء المسجد الأقصى، و لم يسند إليه أحد مدة الإقامة إليه نقصا، فألقي في روعي انّه من كبار العلماء الأعظم، و أجلّه أفاضل الأعاجم، فما زلت لخاطره أتقرّب، و لما لا يرضيه (3) أ تجنب (4) فإذا هو ممن يرحل إليه للأخذ عنه، و تشد له الرحال للرواية عنه،


1- في المصدر: ببناء.
2- ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
3- في المصدر: و لما يرتضيه أتحبب.
4- في المصدر زيادة: حتى آنس بي و اطمأن إلى، و ظهر من حاله لدي.

ص: 225

يسمّى بهاء الدين محمّد الهمداني الحارثي (1)، فسألته عند ذلك القراءة في بعض العلوم فقال: بشرط أن يكون ذلك مكتوم [فأجبته لسؤاله] (2) و قرأت عليه شيئا من الهيئة و الهندسة، ثم سار إلى الشام قاصدا بلاد العجم، و قد خفي عنّي أمره و استعجم (3).

قلت (4): و لما ورد دمشق نزل بمحلة الخراب عند بعض تجارها الكبار، و اجتمع به الحافظ الحسين الكربلائي القزويني أو التبريزي نزيل دمشق صاحب الروضات الذي صنّفه في مزارات تبريز، فاستنشده شيئا من شعره، و كثيرا ما سمعت أنه كان يطلب الاجتماع بالحسن البوريني، فأحضره له التاجر الذي كان عنده بدعوة و تأنّق في الضيافة، و دعا غالب فضلاء محلّتهم، فلمّا حضر البوريني إلى المجلس رأى فيه صاحب الترجمة بهيئة السياح، و هو في صدر المجلس، و الجماعة محدقون به، و هم متأدّبون غاية التأدب، فعجب البوريني و كان لا يعرفه، و لم يسمع به، فلم يعبأ به و نحّاه عن مجلسه و جلس غير ملتفت إليه، و شرع على عادته في بثّ رقائقه و معارفه إلى أن صلّوا العشاء ثم جلسوا، فابتدر البهائي في نقل بعض المناسبات، و انجرّ إلى الأبحاث، فأورد بحثا في التفسير عويصا فتكلّم عليه بعبارة سهلة فهمها الجماعة كلّهم، ثم دقق في التعبير حتى لم يبق يفهم ما يقول إلّا البوريني، ثم أغمض العبارة فبقي الجماعة


1- في المصدر: يسمى بالشيخ بهاء الدين الحارثي القزويني.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
3- سانحات دمي القصر 2: 127، انظر كذلك أعيان الشيعة 9: 241.
4- في الأعيان: قال المنيني، و هو أحمد بن علي بن عمر بن صالح بن أحمد بن سليمان بن إدريس ابن إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم، الطرابلسي الأصل، المنيني المولد، الدمشقي المنشأ، ولد في 12 محرم 1292 ه بمنين من قرى دمشق و توفي بدمشق في 19 جمادى الثانية 1357 ه، من تآليفه: الاعلام بفضائل الشام و غيرها. انظر معجم المؤلفين 2: 15.

ص: 226

كلّهم و البوريني معهم صموتا جمودا لا يدرون ما يقول، غير أنّهم يسمعون تراكيب و اعتراضات و أجوبة تأخذ بالألباب، فعندها نهض البوريني واقفا على قدميه و قال: إن كان و لا بد فأنت البهائي الحارثي، إذ لا أجد في هذه المثابة إلا ذاك و اعتنقا، و أخذا بعد ذلك في إيراد أنفس ما يحفظان، و سأل البهائي من البوريني كتمان أمره، و افترقا تلك الليلة، ثم لم يقم البهائي فأقلع إلى حلب.

و ذكر الشيخ أبو الوفاء العرضي في ترجمته قال: قدم حلب مستخفيا في زمن السلطان مراد بن سليم، مغيّرا صورته بصورة رجل درويش، فحضر دروس الوالد- يعني الشيخ عمر- و هو لا يظهر أنه طالب علم، فسأله عن أدلّة تفضيل الصدّيق على المرتضى عليه السلام، فذكر حديث: ما طلعت شمس و لا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر (1)، و أحاديث مثل ذلك كثيرة، فردّ عليه (2)، ثم أخذ يذكر أشياء كثيرة تقتضي تفضيل المرتضى عليه السلام، فشتمه الوالد و قال: رافضي شيعي! و سبّه، فسكت.

ثم إن صاحب الترجمة أمر بعض تجار العجم أن يصنع وليمة، و يجمع فيها بين الوالد و بينه، فاتخذ التاجر (3) وليمة و جمع بينهما، فأخبره أن هذا هو الملّا بهاء الدين عالم بلاد العجم. فقال للوالد: شتمتمونا. فقال له: ما علمت أنّك الملّا بهاء الدين، و لكن إيراد مثل هذا الكلام بحضور العوام لا يليق (4).

ثم ساق بعض ألغازه، و جملة من إشعاره، و قال: و كانت وفاته لاثنتي عشر خلون من شوال سنة إحدى و ثلاثين و ألف بأصبهان (5)، و نقل إلى طوس


1- انظر كنز العمال 11: 557/ 32622.
2- في المصدر: فردّ على الشيخ الوالد.
3- في المصدر: الخوجة فتحي.
4- وردت هنا زيادة في الحجرية: ثم قال: أنا سنّي أحبّ الصحابة، و لكن كيف أفعل؟ سلطاننا شيعي يقتل العالم السنّي!؟ و لعلّها من الزيادات الغير مألوفة.
5- معادن الذهب: 287/ 54، و انظر كذلك أعيان الشيعة 9: 237.

ص: 227

قبل دفنه، فدفن بها في داره قريبا من الحضرة الرضوية.

و حكى بعض الثقات أنّه قصد قبيل وفاته زيارة القبور في جمع من الإخلاء الأكابر، فما استقرّ بهم الجلوس حتى قال لمن معه: إنّي سمعت شيئا فهل منكم من سمعه؟

فأنكروا سؤاله و استغربوا مقاله و سألوه عمّا سمع، فأوهم و عمّى في جوابه و أبهم.

ثم رجع إلى داره و أغلق بابه، فلم يلبث أن إهاب داعي الردى فأجابه.

قلت: و يؤيد ما حكاه بعض الثقات، ما ذكره التقي المجلسي في ترجمته في شرح مشيخة الفقيه، قال- بعد ذكر نسبه-: شيخنا و أستاذنا، و من استفدنا منه، بل كان الوالد المعظّم، شيخ الطائفة، جليل القدر، عظيم الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه، و وفور فضله، و علوّ مرتبته أحدا. إلى أن قال:

و كان عمره بضعا و ثمانين سنة- امّا واحد أو اثنين- فإنّي سألت عن عمره فقال:

ثمانون أو أنقص بواحدة. ثم توفي بعده بسنين، و سمع قبل وفاته بستّة أشهر صوتا من قبر بابا ركن الدين رضي اللّه عنه، و كنت قريبا منه فنظر إلينا و قال:

سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا: لا. فاشتغل بالبكاء و التضرع، و التوجه إلى الآخرة، و بعد المبالغة العظيمة قال: إنّي أخبرت بالاستعداد للموت، و بعد ذلك بستّة أشهر تقريبا توفّي، و تشرّفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة و الفضلاء و كثير من الناس يقربون من خمسين ألفا (1). انتهى.

و سمعت مذاكرة من بعض المشايخ المتبحرين أن الكلام الذي سمعه هو هذا (شيخنا در فكر خود باش) (2).


1- روضة المتقين 14: 434.
2- و ترجمته: يا شيخنا فكر في نفسك.

ص: 228

و قال تلميذه الأرشد السيد حسين بن السيد حيدر الكركي في بعض إجازاته، بعد ذكره شيخه هذا في جملة مشايخه: و شيخنا هذا- طاب ثراه- قد كان أفضل أهل زمانه، بل كان متفردا بمعرفة بعض العلوم الذي لم يحم حوله أحد من أهل زمانه و لا قبله على ما أظنّ من علماء العامة و الخاصة، يميل إلى التصوف كثيرا، و كان منصفا في البحث، كنت في خدمته منذ أربعين سنة في الحضر و السفر، و كان له معي محبّة و صداقة عظيمة، قال: و كنت في خدمته في زيارة الرضا عليه السلام في السفر الذي توجّه النواب الأعلى- خلّد اللّه ملكه أبدا- ماشيا حافيا من أصفهان إلى زيارته عليه السلام. إلى آخر ما قال (1).

و قوله (رحمه اللّه): كان متفردا بمعرفة بعض العلوم. إلى آخره. كأنّه إشارة إلى ما كان يبرز عنه في بعض الأحيان من الغرائب التي هي من آثار تلك العلوم.

و آل الأمر في الناس حتى ظلوا ينمون (2) إليه كل نادرة و غريبة أكثرها من الأكاذيب، و لا مستند لها، بل أغرب بعض المؤلّفين من المعاصرين فنسب إليه كتاب الأسرار القاسمي المعروف أنّه أملاه على رجل اسمه قاسم، فنسب المسكين إلى هذا الحبر العظيم تجويز العمل بالكبائر الموبقة التي في هذا الكتاب، كحبس بقرة في مطمورة، و الجماع معها، ثم صب بعض الأدوية المخصوصة في فرجها (3). إلى آخر المزخرفات، و هذا هو العمل الكبير المسمّى عندهم بالناموس الأكبر، و يزعمون أن من آثار أجزاء هذه البقرة من الإنسان عمل الخفاء و غيره.


1- انظر أعيان الشيعة 9: 234.
2- في الحجريّة: ظلموا ينتمون.
3- أسرار قاسمي: غير موجود.

ص: 229

و بالجملة علمه (رحمه اللّه) ببعض العلوم السرية ممّا لا ينكر، و لنذكر غريبتين صدرتا منه ممّا وصل إلينا بالطرق المعتبرة:

الأولى: قال العلامة النحرير الشيخ سليمان الماحوزي فيما ألحقه بكتاب البلغة في الرجال في ترجمة علماء البحرين، في ترجمة العالم الجليل السيد ماجد البحريني قال: و اجتمع بالشيخ العلامة البهائي في دار السلطنة أصفهان المحروسة، فأعجب به شيخنا البهائي. إلى أن قال: و حدثني الشيخ العلامة أن السيد لمّا اجتمع بالشيخ البهائي كان في يد الشيخ سبحة من التربة الحسينية- سلام اللّه على مشرّفها- فتلا الشيخ على السبحة فقطر منه ماء على طريقة ما تستعمله أهل الشعابذة و العلوم الغريبة، فسأل السيد (رحمه اللّه) أ يجوز التوضّأ به؟ فقال السيد: لا يجوز، و علّله بأنّه ماء خيالي لا حقيقي، و ليس من المياه المتأصّلة المنزلة من السماء، أو النابعة من الأرض، فاستحسنه الشيخ (رحمه اللّه).

الثانية: قال الفاضل المتبحر قطب الدين الاشكوري- و هو تلميذ المحقق الداماد- في محبوب القلوب، في ترجمة كمال الدين بن يونس: حكى لي والدي (رحمه اللّه) ناقلا عن الشيخ الفاضل الشيخ عبد الصمد أخي الشيخ الجليل النبيل خاتمة المجتهدين في عصره بهاء الدين العاملي عامله اللّه بغفرانه الخفي و الجلي، إن أخي شيخنا البهائي ورد يوما في مجلس شاهنشاه الأعظم مروّج المذهب الحق الإمامي صاحب إيران شاه عباس الصفوي الحسيني أسكن اللّه لطيفته في الجنان، فقال له الملك: أيّها الشيخ استمع ما يقول رسول ملك الروم، و الرسول أيضا جالس في المجلس.

فحكى الرسول أن في بلادنا جماعة من العلماء العارفين للعلوم الغريبة، و الأعمال العجيبة، و قد عدّ بعض أعمالهم ثم قال: و ليس من العارفين لهذه

ص: 230

العلوم من بين علمائكم في إيران.

فلمّا رأى الشيخ أن كلام الرسول قد أثر في مزاجه الأشرف، و انزجر من حكايته، فقال الشيخ بحضرته: ليس لتلك العلوم التي عدّها الرسول وقر و اعتبار عند أصحاب الكمال، و الشيخ في أثناء الكلام قد حلّ شدّ چاقشوره (1).

الذي لبس، و أنا أنظر إليه و أتعجب من حركة يد الشيخ في هذا المجلس، و الملك الأعظم ناظر له، فبعد لحظة قد أطال الشيخ الشدّ في تلقاء وجه الرسول، ماسكا رأس الشد بيده، فاستحال الشدّ في الحال بالتنين العظيم، فاستوحش الرسول و كل أهالي المجلس، و قاموا و أرادوا الفرار من المجلس، فجذب (2) الشيخ رأسه بجانبه، فعاد الشدّ كما كان، فعرض الشيخ بخدمته الشريفة (3) أن تلك الأعمال ليس لها اعتبار عند ذوي الأبصار، و قد تعلمت هذا العمل في بعض هذه الأيام عن بعض أرباب المعارك في ميدان أصفهان، و هذا من أعمال اليد و النيرنجات (4)، و قد تعلمها أصحاب المعارك (5) لاستجلاب الدرهم و الدينار من العوام للحاجات. فأفحم الرسول و رجع عن المجلس الأرفع نادما للتكلّم عند الملوك و الأفاضل بأمثال تلك الحكايات، و تعيير العلماء بهذه الخرافات (6).


1- نوع من اللباس يغطّي الجسم من رؤوس أصابع القدم حتى البطن، انظر لغتنامه دهخدا صفحة 45 حرف چ تسلسل 41.
2- في المخطوطة و الحجريّة: فانجذب.
3- في المخطوطة و الحجريّة: بخدمته الأشرف.
4- و معناها المكر و الحيلة و السحر. انظر البرهان القاطع: 1162، نيرنك.
5- التعبير هنا فارسي و المراد: ان المشعوذين و أهل الحيل يصنعون بعض الحركات السريعة، و أصله كان مصارعة بين الأفراد أو مع الحيوانات ثم انتقل إلى هذه الأمور. راجع لغتنامه دهخدا صفحة 718 تسلسل 214 حرف معد- مغروس.
6- محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.

ص: 231

و قال رحمه اللّه في ترجمة الشيخ (رحمه اللّه): و حكى لي بعض الأعلام أنه سمع من المولى الفاضل، و الحبر الكامل، قاضي معزّ الدين محمّد أقضى القضاة في مدينة أصفهان، أنه قال: رأيت ليلة من الليالي في المنام أحد أئمتنا عليهم السلام فقال لي: اكتب كتاب مفتاح الفلاح و داوم العمل بما فيه، فلمّا استيقظت و لم أسمع اسم الكتاب قطّ من أحد، فتصفّحت من علماء أصفهان فقالوا: لم نسمع اسم هذا الكتاب، و في هذا الوقت [كان] الشيخ الجليل مع معسكر السلطان في بعض نواحي إيران فلمّا قدم الشيخ (رحمه اللّه) بعد مدّة في أصفهان تفحصت منه أيضا عن هذا الكتاب، فقال: صنّفت في هذا السفر كتاب دعاء، و وسمته بمفتاح الفلاح (1)، إلّا أنّي لم أذكر اسمه لواحد من الأصحاب، و لا أعطيت نسخته للانتساخ لأحد من الأحباب، فذكرت للشيخ المنام، فبكى الشيخ، و ناولني النسخة التي بخطه، و أنا أوّل من أنتسخ ذلك الكتاب من خطه طاب ثراه (2).

و من تمام نعم اللّه تعالى على هذا الشيخ الذي أسبغ عليه نعمة الظاهرة و الباطنة و الدنيا و الآخرة، أن رزقه اللّه تعالى زوجة عالمة صالحة، قال في الرياض: بنت الشيخ علي المنشار فاضلة عالمة فقيهة- و لم أعلم اسمها- محدّثة، و كانت زوجة شيخنا البهائي، و قد قرأت على والدها، و قد سمعنا من بعض المعمرين الثقات الذي شاهدها في حياتها أنّها كانت تدرّس في الفقه و الحديث و نحوهما، و كانت النسوان يقرأن عليها، و قد ورثت من أبيها أربعة آلاف مجلّد


1- في آخر مفتاح الفلاح: فرغت من تأليفه مع تراكم أفواج العلائق و تلاطم أمواج العوائق و توزع البال بالحلّ و الترحال في أوائل العشر الثاني من الشهر الثاني من السنة الخامسة من العشر الثاني بعد الألف ببلدة كنجه، و أنا أقل الأنام محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي. إلى آخره. (منه قدّس سرّه)
2- محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.

ص: 232

من الكتب، و ذكر لنا بعض الأفاضل أنّها وافرة العلم، كثيرة الفضل، و قد بقيت بعد وفاة الشيخ البهائي (1).

و قال في ترجمة والدها الشيخ الجليل زين الدين علي المعروف بمنشار العاملي: كان من أجلّة الفضلاء المعاصرين للسلطان شاه طهماسب الصفوي، و هو أبو زوجة الشيخ البهائي، و كان له كتب كثيرة وافرة جاء بها من الهند، و سماعي أنّها كانت بقدر أربعة آلاف مجلّد، و يقال: كان يسكن بالديار الهندية في أكثر عمره، و لمّا توفي ورثتها بنته زوجة الشيخ البهائي إذ لم يكن له غير بنت واحدة، و كانت تلك الكتب في جملة الكتب الموقوفة التي وقفها البهائي، فلمّا توفي البهائي ضاع أكثر تلك الكتب لأسباب منها عدم اهتمام المتولّي لها، و قد كانت هذه البنت أيضا فاضلة عالمة فقيهة مدرّسة. انتهى (2).

و يظهر منه و ممّا نقله من تاريخ عالم آرا أن الشيخ علي المذكور كان شيخ الإسلام بأصفهان في زمان السلطان شاه طهماسب، و بعد وفاته انتقل المنصب المذكور إلى صهره الشيخ البهائي (3).

و هذا الشيخ العظيم الشأن يروي عن والده المعظم، الشيخ الجليل عزّ الدين حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين الجبعي، صاحب التصانيف الرائقة، تلميذ الشهيد الثاني و مصاحبة في السفر و الحضر، الذي كتب له الإجازة المبسوطة التي مدحه فيها بقوله: ثم إنّ الأخ في اللّه، المصطفى في الإخوة، المختار في الدين، المترقي عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين، الشيخ الامام العالم الأوحد ذا النفس الطاهرة الزكية، و ألهمه الباهرة العلية، و الأخلاق الزاهرة الإنسية، عضد الإسلام و المسلمين، عزّ الدنيا و الدين، حسين ابن


1- رياض العلماء 5: 407.
2- رياض العلماء 4: 267.
3- تاريخ عالم آرا 1: 154.

ص: 233

الشيخ الصالح العالم العامل، المتقن المتفنن، خلاصة الأخيار، الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمّد الشهير بالجبعي (1). إلى آخره.

كان شيخ الإسلام بقزوين، ثم بالمشهد الرضوي، ثم بهرات، كل ذلك كان بأمر السلطان شاه طهماسب، و توسّط الشيخ علي المنشار الذي كان شيخ الإسلام بأصفهان.

و في الرياض: لمّا كان أكثر أهل هراة في تلك الأوقات عارين عن معرفة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، و عن التدين بمذهب أهل البيت عليهم السلام، أمره (2) السلطان المزبور بالتوجه إلى بلدة هراة و الإقامة بها، لإرشاد ضلال تلك الناحية، و أعطاه ثلاث قرايا من قرى تلك البلدة، و قد أمر السلطان المذكور الأمير شاه قلي سلطان يكان أغلي حاكم بلاد خراسان، بأن يحضر كلّ جمعة بعد الصلاتين السلطان محمّد خدا بنده ميرزا ولد السلطان المزبور في المسجد الجامع الكبير بهرات إلى خدمة هذا الشيخ، لاستماع الحديث، و ينقاد لأوامر هذا الشيخ و نواهيه بحيث لا يخالف أحد هذا الشيخ.

فأقام الشيخ بهرات ثماني سنين على هذا المنوال، بإفادة العلوم الدينية، و إجراء الأحكام الشرعية فيها، و إظهار الأوامر المليّة (3)، فتشيّع لذلك خلق كثير ببركة أنفاسه- قدس سره- بهرات و نواحيها، دخلوا في مذهب الإمامية، حتى تطهّر تلك الناحية عن لوث المخالفين، و قد توجّه إلى حضرته الطلبة، بل العلماء و الفقهاء من الأطراف و الأكناف من أهل إيران و توران لأجل مقابلة الحديث و أخذ العلوم الدينية، و تحقيق المعارف الشرعية.


1- بحار الأنوار 108: 148.
2- في المخطوطة و الحجريّة: أمر، و ما أثبتناه من الرياض.
3- أي: الأمور الشرعيّة، انظر (المعجم الوسيط- الملّة- 2- 887)

ص: 234

ثمّ توجّه هذا الشيخ من هراة إلى قزوين لإدراك خدمة السلطان المذكور ثانيا، و استرخص من السلطان لزيارة بيت اللّه الحرام لنفسه و لولده الشيخ البهائي، فرخص هذا الشيخ لزيارة البيت و لم يرخص ولده، و أمره بإقامته هناك و اشتغاله بتدريس العلوم الدينية بها.

فتوجّه هذا الشيخ لزيارة البيت، و لمّا تشرف بزيارة البيت و زيارة المدينة، رجع من طريق البحرين و أقام بتلك البلدة و توطّن بها (1).

و في اللؤلؤة: أخبرني والدي أن الشيخ المزبور كان في مكّة المشرفة قاصدا الجوار فيها إلى أن يموت، و أنه رأى في المنام أن القيامة قد قامت و جاء الأمر من اللّه سبحانه بان ترفع أرض البحرين بما فيها إلى الجنّة، فلمّا رأى هذه الرؤيا آثر الجوار فيها و الموت في أرضها، و رجع من مكّة المشرفّة و جاء البحرين.

قال: و أقام الشيخ المزبور في البلاد المذكورة، و كانت وفاته لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة 984، و كانت ولادته أوّل يوم من المحرم سنة 918 (2).

عن العالم الجليل بدر الدين السيد حسن بن السيد جعفر بن فخر الدين حسن بن أيوب بن نجم الدين الأعرجي الحسيني العاملي الكركي، والد خاتمة المجتهدين السيد حسين المجتهد المفتي، و ابن خالة الشيخ الجليل المحقق الكركي، و شيخ شيخنا الشهيد الثاني، الذي وصفه في إجازته الكبيرة بقوله في موضع: و أرويها- أيضا- عن شيخنا الأجل الأعلم الأكمل ذي النفس الطاهرة الزكية، أفضل المتأخرين في قوّتيه العلمية و العمليّة (3).

و في موضع بقوله: شيخنا الكبير الفقيه العالم، فخر السيادة و بدرها، و رئيس الفقهاء و أبو عذرها (4). إلى آخره.


1- رياض العلماء 2: 120.
2- لؤلؤة البحرين: 26.
3- بحار الأنوار 108: 150.
4- بحار الأنوار 108: 156.

ص: 235

صاحب كتاب المحجّة البيضاء و الحجّة الغراء، جمع فيه بين فروع الشيعة و الحديث، و التفسير للآيات الفقهية، و غير ذلك من المؤلفات الجليلة، المتوفى سنة 933.

عن شيخيه الجليلين المحقق الثاني و سميه الميسي (1) طاب ثراهما، بطرقهما الآتية (2).

(حيلولة):

و عن والده الشيخ حسين (3).

عن شيخه و أستاذه، و من في جميع العلوم الشرعية و المقامات العالية النفسانية استناده، الشهيد الثاني (قدّس سرّه).

[العشرون المولى محسن بن الشاه مرتضى بن الشاه محمود المشتهر بالفيض الكاشاني]
اشارة

العشرون من مشايخ العلامة المجلسي: العالم الفاضل المتبحر المحدث العارف الحكيم المولى محسن بن الشاه مرتضى بن الشاه محمود، المشتهر بالفيض الكاشاني، صاحب الوافي و الصافي و المفاتيح، و غيرها ممّا كتبه في الحكمة و التصوف و الأخلاق و الآداب، المتوفى سنة 1091 و هو ابن أربع و ثمانين (4).

[في ذكر مشجرة مشايخ الفيض الكاشاني]
اشارة

يروي عن جماعة من المشايخ (5):


1- في المشجرة هكذا: السيد حسن بن السيد جعفر الأعرجي، عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، عن المحقق الثاني.
2- على التوالي، انظر: 277- 278.
3- أي والد الشيخ البهائي.
4- عد الشيخ المصنّف (قدّس سرّه) هنا عشرين شيخا للمولى محمد باقر المجلسي.
5- ذكر هنا من مشايخ الفيض الكاشاني سبعة، و عدّ منهم في المشجرة أربعة، بحذف الثاني و الثالث و الخامس

ص: 236

أوّلهم: الشيخ البهائي
ثانيهم: المولى محمّد طاهر القمي
ثالثهم: المولى خليل القزويني
رابعهم: المحقق الشيخ محمّد بن الشيخ حسن بن الشهيد
خامسهم: المولى محمّد صالح المازندراني.
[سادسهم السيد ماجد بن السيد العالم هاشم بن علي بن مرتضى بن علي بن ماجد الحسيني]

سادسهم: السيد الجليل النبيل، السيد ماجد بن السيد العالم هاشم بن علي بن مرتضى بن علي بن ماجد الحسيني.

قال المحقق الشيخ سليمان الماحوزي في الفصل الذي ألحقه بالبلغة في ذكر علماء البحرين: السيد العلامة الفهامة، محرز قصبات السبق في جميع الفضائل، و الفائز بالرقيب و المعلّى من قداح الكمالات الكسبيّة و الموهوبيّة من بين فحول الأواخر و الأوائل، السيد أبو علي ماجد بن السيد العالم هاشم بن علي العريضي البحراني.

و كان أوحد زمانه في العلوم، و أحفظ أهل عصره، نادرة في الذكاء و الفطنة، و هو أوّل من نشر الحديث في دار العلم شيراز المحروسة، و له مع علمائها مجالس عديدة، و مقامات مشهودة، أخبرني شيخنا الفقيه ببعضها.

و أقبل عليه أهلها إقبالا، و تلمّذ عليه أعيان العلماء مثل:

مولانا العلامة محمّد محسن الكاشاني صاحب الوافي.

و الشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل و الكمال الشيخ محمّد بن حسن بن رجب البحراني.

و الشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمّد بن علي البحراني.

و الشيخ زين الدين علي بن سليمان البحراني.

ص: 237

و الشيخ العلامة الخطيب الشيخ أحمد بن عبد السلام.

و السيد العلامة السيد عبد الرضا.

و الشيخ الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني. و غيرهم.

و خطب على منبر شيراز خطبتي الجمعة بديهة، لما نسي تلميذه الفاضل السيد عبد الرضا الخطبتين اللتين أنشأهما، و القصّة مذكورة في سلافة العصر (1).

قال (رحمه اللّه): و لو لم يكن إلّا هذه النادرة لكفته فضيلة.

و له ديوان شعر رأيته بخطّ السيد الأديب اللغوي علي ابن خالنا العلامة السيد حسين التلكاني، و شعره في غاية البلاغة و الجزالة، و كان شيخنا العلامة معجبا بقصيدته الرائية التي في مرثية الحسين الشهيد عليه السلام، التي مطلعها:

بكى و ليس على صبر بمعذورمن قد أظلّ عليه يوم عاشوراء

و اجتمع بالشيخ العلامة البهائي (قدس سره) في دار السلطنة أصفهان المحروسة، فأعجب به شيخنا البهائي.

حكى بعض مشايخنا أنه سئل السيد (رحمه اللّه) في محضر الشيخ (قدّس سرّه) عن مسألة فأوجز السيد الجواب تأدبا مع الشيخ، فأنشد الشيخ (رحمه اللّه):

حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي فأنت بمرأى من سعاد و مسمع

(2) فأطال الكلام في ذلك، فاستحسنه، ثم نقل ما تقدم (3) من قصّة ماء


1- سلافة العصر: 492.
2- من قصيدة لابن بابك، عبد الصمد بن منصور بن الحسن، المتوفّى سنة 411 ببغداد. انظر معاهد التنصيص 1: 59.
3- تقدم في صفحة: 229.

ص: 238

السبحة.

قال (رحمه اللّه): و استجاز من الشيخ فكتب له إجازة طويلة تشتمل على تأدب عظيم في حقّه، و ثناء جميل، و قد وجدت الإجازة في خزانة كتب بعض الأعيان، و لولا ضيق المقام لنقلتها.

و للسيد الرسالة اليوسفية جيّدة جدا، و عليها له حواشي مفيدة، و رأيتها بخط تلميذه الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر.

و له رسالة في مقدمة الواجب، مليحة كثيرة الفوائد.

و له حواش مليحة متفرّقة على المعالم.

و حواش متفرّقة على خلاصة الرجال، رأيتها بخطّه عند بعض الإخوان.

و له حواش على الشرائع.

و على اثني عشرية شيخنا البهائي.

و حواش على كتابي الحديث (1)، و في نسخة التهذيب التي عندي جملة منها.

و له فتاوى متفرّقة جمعها بعض تلامذته، و هي عندي.

و له رسالة سمّاها سلاسل الحديد في تقييد (أهل التقليد (2)، و منه أخذ السيد العلامة السيد هاشم البحراني هذا الاسم، فانتخب من شرح عزّ الدين عبد الحميد بن أبي الحديد كتابا مليحا سمّاه سلاسل الحديد من كلام) (3) ابن أبي الحديد.


1- المراد هنا التهذيب و الاستبصار.
2- في الحجريّة: التقييد، و استظهر المصنّف المثبت في المتن، و انظر الذريعة 12: 210 ت 1393.
3- بين القوسين ساقط من المخطوطة.

ص: 239

(قلت: و منها أخذ المحدث المحقق صاحب الحدائق، فألّف كتابا سمّاه سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد) (1) ذكر في أوّله مقدمة في الإمامة، ثم نقل من شرحه ما يتعلّق بالإمامة و أحوال الخلفاء و الصحابة، و ما يناسب ذلك، و ما فيه من الخلل و المفاسد الظاهرة. انتهى.

قال (رحمه اللّه): و رأيت له وقفنامه، تتضمن وقف الخان الأفخم إمام قلي خان للمدرسة التي في دار العلم شيراز المعروفة بمدرسة الخان، و موقوفاتها، في غاية البلاغة، و نهاية البراعة.

و بالجملة فمحاسنه كثيرة، و علومه غزيرة، روّح اللّه روحه، و تابع فتوحه.

توفي في الليلة الحادية و العشرين من شهر رمضان بدار العلم شيراز سنة 1028. انتهى (2)، و دفن في مشهد السيد أحمد بن الامام مولانا الكاظم عليه السلام.

[سابعهم الحكيم محمّد بن إبراهيم الشيرازي الشهير بملا صدرا]
اشارة

و سابعهم: الحكيم المتألّه الفاضل محمّد بن إبراهيم الشيرازي، الشهير بملا صدرا، محقق مطالب الحكمة، و مروّج دعاوي الصوفية بما لا مزيد عليه، صاحب التصانيف الشائعة التي عكف عليها من صدّقه في آرائه و أقواله، و نسج على منواله، و قد أكثر فيها من الطعن على الفقهاء حملة الدين، و تجهيلهم و خروجهم من زمرة العلماء، و عكس الأمر في حال ابن العربي صاحب الفتوحات فمدحه و وصفه في كلماته بأوصاف لا تنبغي إلّا للأوحدي من العلماء الراسخين، مع أنّه لم ير في علماء العامة و نواصبهم أشدّ نصبا منه أ ليس هو القائل في الفتوحات في ذكر بعض حالات الأقطاب ما لفظه: و منهم


1- بين القوسين ساقط من المخطوطة.
2- البلغة: انظر فهرست آل بابويه: 72.

ص: 240

من يكون ظاهر الحكم، و يجوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة من جهة المقام، كأبي بكر و عمر و عثمان و علي و حسن و معاوية بن يزيد و عمر بن عبد العزيز و المتوكل (1).

و هذا المتوكل الذي عدّه من الأقطاب، و ممن حاز الخلافة الظاهرة و الباطنة، هو الذي صرّح السيوطي الذي هو أيضا من المتعصبين- في تاريخ الخلفاء- بأنّه في سنة ست و ثلاثين أمر بهدم قبر الحسين عليه السلام، و هدم ما حوله من الدور، و أن يعمل مزارع، و منع الناس من زيارته، و خرب و بقي صحراء، و كان المتوكل معروفا بالتعصب فتألّم المسلمون من ذلك، و كتب أهل بغداد شتمه على الحيطان، و هجاه الشعراء، و مما قيل في ذلك:

باللّه إن كانت أميّة قد أتت قتل ابن بنت نبيّها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمري قبره مهدوما

أسفوا على ان لا يكونوا شاركوافي قتله فتتبعوه رميما (2)

و صرّح أيضا فيه بأن أصل الضلالات من الشيعة (3).

و صرّح في مسامرة الأبرار بأن الرجبيّين جماعة لهم رياضة، من آثارها أنّهم يرون الروافض بصورة الخنزير (4).

و صرّح في الفتوحات بعصمة ابن الخطاب (5)، و غير ذلك ممّا هو نصّ على كونه من نواصبهم.


1- الفتوحات المكيّة: لم نعثر عليه فيه.
2- تاريخ الخلفاء: 277.
3- تاريخ الخلفاء: 6.
4- مسامرة الأبرار: غير متوفر لدينا.
5- الفتوحات المكية 3: 327.

ص: 241

و تصريحه بكون المهدي الموعود صلوات اللّه عليه هو الحجة بن الحسن العسكري عليهما السلام، كما عليه الإمامية، لا ينافي النصب فضلا عن التسنن، كما أوضحناه في كتابنا النجم الثاقب (1). و له في هذا الاعتقاد شركاء من علمائهم، ذكرنا أساميهم في الكتاب المذكور، و مع ذلك كلّه كيف يقول الإمامي في حقّه: المحقّق العارف باللّه، و من لا يجازف في القول. و أمثال ذلك فيه و في أضرابه.

و من تصانيفه شرح أصول الكافي، شرحه على مذاقه و عقائده و أصوله و مطالبه، فاستحسنه من استصوبها، و استحقره من استضعفها، بل في الروضات: فمنهم من ذكر في وصف شرحه على الأصول:

شروح الكافي كثيرة جليلة قدراو أوّل من شرحه بالكفر صدرا

انتهى (2).

و فيه منه أوهام عجيبة، بل في كتاب التوحيد منه و هم لم يسبقه إلى مثله أحد، و لم يلحقه أحد.

ففي أوّل باب جوامع التوحيد: محمّد بن أبي عبد اللّه و محمّد بن يحيى جميعا رفعا إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، أن أمير المؤمنين عليه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلمّا حشر (3) الناس قام خطيبا فقال:

الحمد للّه الواحد الأحد، الصمد المتفرد، الذي لا من شي ء كان، و لا من شي ء خلق ما كان قدرة بان بها من الأشياء، و بانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال، و لا حدّ تضرب له فيه الأمثال. الخطبة (4).


1- انظر النجم الثاقب آخر الباب الرابع و الباب الخامس.
2- روضات الجنات 4: 121/ 356.
3- ظاهرا حشد. (منه قدس سره)
4- شرح الأصول من الكافي لملّا صدرا: 329.

ص: 242

و المضبوط فيما رأينا من النسخ الصحيحة، و عليه مبني شروح الكافي من غيره: القدرة- بالقاف- بمعناها المعروف المناسب في المقام.

قال تلميذه في الوافي في البيان: (و لا من شي ء خلق ما كان) تحقيق لمعنى الإبداع الذي هو تأييس الآيس من الليس المطلق، لا من مادة و لا بمدّة، و هذا في كل الوجود، أو على ما هو التحقيق عند العارفين، و إن كان في الكائنات تكوين من موادها المخلوقة إبداعا لا من شي ء عند الجماهير. قدرة- منصوب على التمييز، أو نزع الخافض- يعني و لكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة، أو مرفوع، أي له قدرة أو هو قدرة فإنّ صفته عين ذاته (1). انتهى.

و قال الحكيم المتألّه الآميرزا رفيع الدين النائيني في شرحه: و قوله عليه السلام: (قدرة بان بها من الأشياء) أي: له قدرة بان بهذه القدرة من الأشياء، فلا يحتاج أن يكون الصدور و الحدوث عنه في مادّة، بأن يؤثر في مادة فينقلها من حالة إلى حالة كغيره سبحانه، فإن التأثير من غيره لا يكون إلّا في مادة، بل إيجادا لا من شي ء بأمر (كن). و بانت الأشياء منه سبحانه بعجزها عن التأثير لا في مادّة، فليست له صفة تنال (2).

و قال المولى محمّد صالح الطبرسي في شرحه: «و لا من شي ء خلق ما كان قدرة» الظاهر أن كان تامّة، بمعنى: وجد، و قدرة بالنصب على التمييز، أو بنزع الخافض و إن كان شاذّا في مثله، و في بعض نسخ هذا الكتاب و في كتاب التوحيد للصدوق (بقدرة) (3) و هو يؤيد الثاني، أي لم يخلق ما وجد من الممكنات بقدرته الكاملة من مثال سابق يكون أصلا له، و دليلا عليه، لا من مادة أزليّة


1- الوافي 1: 93.
2- شرح الكافي للنائيني: غير موجود.
3- في توحيد الصدوق: 41/ 3: قدرته.

ص: 243

كما زعمت الفلاسفة من أن الأجسام لها أصل أزلي هي المادة، بل هو المخترع للممكنات بما فيها من المقادير و الأشكال و النهايات، و المبتدع للمخلوقات بما لها من الهيئات و الآجال و الغايات بمحض القدرة على وفق الإرادة و الحكمة.

و يحتمل أن يقرأ: قدرة- بالرفع على الابتداء- أي له قدرة بان بها- أي بتلك القدرة الكاملة التي لا يتأبّي منها شي ء- من الأشياء، و بانت الأشياء منه، لتحقّق تلك القدرة له لا لغيره. انتهى (1).

و قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) في مرآة العقول: قوله عليه السلام:

(قدرة)- أي له قدرة- أو هو عين القدرة، بناء على عينيّة الصفاة. و قيل: نصب على التمييز، أو على أنّها منزوع الخافض، أي و لكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة. و في التوحيد: قدرته، فهو مبتدأ، و بان بها خبره، أو خبره كافية، فكانت جملة استئنافية فكأنّ سائلا سأل و قال: كيف خلق لا من شي ء؟

فأجاب: بأن قدرته كافية (2).

إلى غير ذلك من كلماتهم التي يشبه بعضها بعضاً في شرح الفقرة المذكورة، و اتفاقهم على كون الكلمة قدرة- بالقاف-.

و أمّا المولى المذكور فقرأها فدرة- بالفاء- و هي- كما في القاموس و غيره- قطعة من اللحم، و من الليل، و من الجبل (3)، و لم يقنع بذلك حتى جعلها أصلا، و رتّب عليه ما لا ربط له بالفقرة المذكورة، فقال بعد مدح الخطبة و توصيفها بما هي أهلها: فلنعقد لبيانها و شرحها عدّة فصول. إلى أن قال:

الفصل الثالث: في نفي التركيب عنه تعالى، قوله عليه السلام: (ما كان فدرة


1- شرح الكافي للطبرسي 4: 168.
2- مرآة العقول 2: 85.
3- القاموس المحيط- فدرة- 2: 108.

ص: 244

بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه) يعني أنه بسيط الذات، أحدي الحقيقة بذاته، يمتاز عن الأشياء، و تمتاز الأشياء عنه بذواتها لا ببعض من الذات، و إنما يقع الامتياز بفصل ذاتي بين الأمور التي كان اشتراكها بالذات، أو بأمر مقوّم للذات كالإنسان و الفرس، فإنّهما لمّا اشتركا في أمر ذاتي كالحيوانية فلا بد أن يفترقا أيضا بأمر ذاتي، و بعض من الذات سواء كان محسوسا أو معقولا.

ففي الإنسان بعض به امتاز عن الفرس و بان منه، و هو معنى الناطقيّة، و كذا الفرس بان من الإنسان ببعض منه كالصاهليّة، أو بسلب النطق كالعجم.

و الخطّ الطويل و الخط الصغير مثلا تقع البينونة بينهما بعد اشتراكهما في طبيعة الخطيّة بقطعة من الخط بان بها الطويل من القصير، و بان القصير من الطويل بوجودها في أحدهما، و عدمها في الآخر.

فعبّر عن الفصل المميّز للشي ء عمّا عداه من الأشياء بالفدرة و هي القطعة تمثيلا و تشبيها لمطلق الفصل الذاتي سواء كان في المعاني و المعقولات أو في الصور و المحسوسات، و سواء كان في المقادير أو في غيرها بالقطعة المتكمّمة التي تقع بها البينونة، و الاختلاف بينه و بين متكمّم آخر من جنسه، فالباري جلّ اسمه إذ ليس في ذاته تركيب بوجه من الوجوه سواء كان عقليّا أو خارجيا، و لا أيضا موصوف بالتقدير و الكمّية، فليس امتيازه عن الأشياء و امتياز الأشياء عنه إلّا بنفس ذاته المقدسة، و ليس كمثله شي ء بوجه من الوجوه. انتهى (1).

و أنت خبير بأنّ (ما) موصولة، و جملة (ما كان) متعلّقة بخلق، و (لا) نافية كما عليه بناء كلامه، و يكون ابتداء الجملة و يصير قوله عليه السلام: (خلق) بلا متعلّق، ثم إن استعمال هذه الكلمة الغريبة الوحشيّة الغير المعهودة في كلماتهم (عليهم السلام) خصوصا في هذه الخطبة البليغة التي صرّح بأنّها في


1- شرح الكافي لملّا صدرا: 331.

ص: 245

أعلى درجة الفصاحة، ما لا يخفى. مع أنّ في التعبير عن الفصل المميّز بقطعة من اللحم من البرودة و البشاعة ما لا يحصى، بل على ما فسره فاللازم أن يكون الكلام هكذا: ما كان له فدرة أي فصل يميّزه عمّا عداه، و على ما ذكره في آخر كلامه من أن امتيازه عن الأشياء و امتيازها عنه تعالى بنفس ذاته المقدسة، فالمناسب حينئذ أن يكون (ما كان) متعلقا بالسابق، أو يكون القدرة خبرا للمحذوف، أي هو تعالى فدرة بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه، و هذا أحسن من نفيها عنه، كما لا يخفى.

و قريب من هذا في الغرابة ما ذكره في كتاب الحجّة، في شرح الخبر الرابع من باب الاضطرار إلى الحجّة.

ففيه بالإسناد عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه و فرائض، و قد جئت لمناظرة أصحابك. إلى أن قال: ثم قال (عليه السلام) لي: اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلّمين فأدخله، قال: فأدخلت حمران بن أعين و كان يحسن الكلام، و أدخلت الأحول و كان يحسن الكلام، و أدخلت هشام بن سالم و كان يحسن الكلام، و أدخلت قيس بن الماصر و كان عندي أحسنهم كلاما، و كان قد تعلّم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام. فلمّا استقر بنا المجلس و كان أبو عبد اللّه عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة (1) له مضروبة.

قال: فأخرج أبو عبد اللّه عليه السلام رأسه من فازته، فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام و ربّ الكعبة.

قال: فظننت أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبّة له، قال:


1- فازة: مظلّة تمد بعمود. انظر (لسان العرب- فوز- 5: 393)

ص: 246

فورد هشام بن الحكم و هو أول ما اختطت لحيته، و ليس فينا إلّا من هو أكبر سنّا منه، قال: فوسع له أبو عبد اللّه عليه السلام و قال: ناصرنا بقلبه و لسانه و يده (1)، انتهى موضع الحاجة.

و صريح هذا الخبر- الذي لا أظن أحدا يحتمل غيره- أن الإمام عليه السلام كان جالسا في الفازة، و كان يونس عنده، و دخل عليه السلام فيها الشامي، و أمر عليه السلام حينئذ يونس بأن يدخل عليه من ذكرهم، و أنه عليه السلام بعد دخولهم عليه أخرج رأسه الشريف من الفازة، و أن هشام بن الحكم هو الذي كان يخب به البعير، و أنه عليه السلام لما رآه قال:

«هشام» أي جاء هشام، أو هو، أو هذا هشام، مستبشرا به، فظنّوا أنّه عليه السلام يبشرهم بهشام العقيلي لشدّة محبّته له، إذ ورد هشام بن الحكم، و هذا من الوضوح بمكان.

و قال المولى المذكور في الشرح: كأنّه عليه السلام بعد ما لاقاه الرجل الشامي، و أمر يونس بإحضار جماعة من متكلّمي أصحابه، كان في منزل آخر بعيد عن منزل الفازة، فدخل إلى تلك الفازة لشغله من عبادة أو صحبة مع أهله، حتى إذا حضرت الجماعة و استقرّ بهم المجلس خرج عليه السلام من الفازة راكبا بعيره، جائيا إليهم مخبّأ. فقال هشام: و ربّ الكعبة- أي أقسم باللّه أن الذي يجي ء هو- هو عليه السلام.

و قوله: (فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل) أي لشدة محبّته إياه، فعلّل ذلك الظنّ. بقوله: كان شديد المحبّة له، أي كما يحب قرابته من أولاد عقيل ابن أبي طالب، و المراد منه هشام بن سالم دون ابن الحكم، لأن وروده بعد ذلك، و كلا الهشامين كانا محبوبين له وجيهين عنده، بل الثاني أحبّ إليه و أوجه


1- شرح الكافي لملّا صدرا: 443، و انظر مرآة العقول 2: 268، و الكافي: 130/ 4.

ص: 247

عنده، لما ظهر من صنيعه لأجله من التوسيع له في المجلس، و القول بأنّه ناصرنا بقلبه و لسانه و يده. انتهى (1).

و عدد مواقع الأوهام في هذه الكلمات غير خفي على الناظر.

و له في شرح حال مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه عند قوله عليه السلام: «إذا قام قائمنا وضع اللّه يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم» كلام ينبئ عن اعتقاد له فيه عليه السلام غير ما عليه معاشر الإمامية. فراجع و تأمّل.

و من عادته في مؤلفاته نقل مطالب القوم في الحكمة و المعارف و الأخلاق بعباراتهم كثيرا من غير نسبتها إليهم، خصوصا من كتب الغزالي و ابن عربي.

و عندنا رسالة من الفخر الرازي في تفسير أربع سور، قال في أوّلها: هذه رسالة عملتها في التنبيه على بعض الأسرار المودوعة في بعض سور القرآن العظيم، و الفرقان الكريم، تنبيها على أن أكثر المفسرين كانوا محرومين عن الفوز بالمقصد القويم، غير واصلين إلى الصراط المستقيم (2).

ثم رتّبها على أربعة فصول:

الأول: في الإلهيات، و فسر فيه سورة الإخلاص.

الثاني: في تفسير سورة مشتملة على الإلهيات و النبوات و المعاد، و هي سورة سبّح اسم ربّك الأعلى (3) و فسرها بترتيب لطيف.

و للمولى المتقدم رسالة في تفسير هذه السورة المباركة، و لمّا عرضناها على تفسير الرازي لم نجد بينهما فرقا إلّا في بعض كلمات زائدة لا يضرّ إسقاطها في


1- شرح الكافي لملّا صدرا: 443.
2- رسالة الفخر الرازي: غير متوفر لدينا.
3- الأعلى 87: 1

ص: 248

أصل المطالب.

توفي بالبصرة و هو متوجّه إلى الحجّ سنة 1050، و هذا المولى يروي:

[في ذكر مشجرة مشايخ الملإ صدرا الشيرازي]
[الأول الشيخ البهائي]

1- عن شيخنا البهائي طاب ثراه.

[الثاني السيد مير محمد باقر الملقب بالداماد]
اشارة

2- و عن العالم المحقق النحرير السيد السند النقاد الخبير مير محمّد باقر ابن السيد الفاضل الأمير شمس الدين محمّد الحسيني الأسترآبادي الملقب بالداماد، لأنّ أباه كان صهرا للشيخ الأجلّ المحقق الثاني على بنته، فافتخر بهذا اللقب، و ورثه منه ولده (1).

ذكر الفاضل علي قلي خان الداغستاني، المعروف بشش انگشتى (2)، المتخلّص بواله، في رياض الشعراء، على ما نقله عنه الفاضل المعاصر الكشميري في كتاب نجوم السماء:

إن الشيخ الأجل علي بن عبد العالي رأى في المنام أمير المؤمنين عليه السلام، و أنه عليه السلام يقول له: تزوج بنتك من مير شمس الدين يخرج منها ولد يكون وارثا لعلوم الأنبياء و الأوصياء، فزوّج الشيخ بنته منه، و توفيت بعد مدّة قبل أن تلد ولدا، فتحيّر الشيخ من ذلك، و أنه لم يظهر لمنامه أثر، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام مرّة أخرى في المنام و هو عليه السلام يقول له: ما أردنا هذه الصبيّة بل البنت الفلانية، فزوّجها إيّاه، فولدت السيد المحقق المذكور.

انتهى (3).

قال تلميذه الفاضل العارف قطب الدين الاشكوري في محبوب القلوب: السيد السند المحقق في المعقول و المحقق في المنقول، سمّي خامس


1- انظر رياض العلماء 5: 42.
2- أي: ذو الأصابع الستة.
3- نجوم السماء: 47.

ص: 249

أجداده المعصومين، مير محمّد باقر الداماد، لا زال سعيه في كشف معضلات المسائل مشكورا، و اسمه في صدر جريدة أهل الفضل مسطورا:

علم عروس همه استاد شدفطرت أو بود كه داماد شد

(1) ثم ذكر وجه التسمية و قال: و كان شكر اللّه سعيه، و رفع درجته، تصرّح النجابة بذكره، و تخطب المعارف بشكره، و لم يزل يطالع كتب الأوائل متفهّما، و يلقى الشيوخ متعلّما، حتى فاق في أقصر مدة في كل فن من فنون العلم على أوحدي أخصّ، و صار في كل مآثر كالواسطة في النص:

عقليش از قياس عقل برون نقليش از قياس نقل فزون

(2) يخبر عن معضلات المسائل فيصيب، و يضرب في كل ما ينتحله من التعاليم بأوفى نصيب، توحّد بإبداع دقائق العلوم و العرفان، و تفرّد بفرائد أبكار لم يكشف قناع الإجمال عن جمال حقائقها إلى الآن، فلقد صدق ما أنشد بعض الشعراء في شأنه:

بتخميرش يد اللّه چون فروشدنم فيض آن چه بد در كار أو شد

(3) انتهى (4).

و نقل في النجوم عن محمّد طاهر نصرآبادي أنّه ذكر في ترجمته: أنّه (رحمه اللّه) كان مجدّا ساعيا في تزكيته لنفسه النفيسة، و تصفية باطنه الشريف، حتى


1- ترجمته:
2- ترجمته:
3- ترجمته:
4- محبوب القلوب: غير موجود.

ص: 250

اشتهر أنّه لم يضع جنبه على فراشه بالليل في مدة أربعين سنة، و لم تفته نوافل الليل و النهار في مدة عمره (1).

و في محبوب القلوب: و له برد اللّه مضجعه:

از خوان فلك قرص جوى بيش مخورانگشت عسل مخواه و صد نيش مخور

از نعمة ألوان شهان دست بدارخون دل صد هزار درويش مخور

(2) قال في الحاشية: إن المشهور أنّ هذه الرباعية تعريض منه بمعاصرة شيخنا البهائي طاب ثراه، و قد أنشد الشيخ في جوابه هذه الرباعية:

زاهد به تو تقوى و ريا ارزانى من دانم بي ديني و بى ايمانى

تو باش چنين و طعنه مى زن بر من من كافر و من يهود و من نصراني

(3) (4) و عن حدائق المقربين للأمير محمّد صالح: إنّه كان متعبدا في الغاية، مكثارا لتلاوة كتاب اللّه المجيد، بحيث ذكر لي بعض الثقات أنه كان يقرأ كل ليلة خمسة عشر جزءا من القرآن، و كان مقرّبا عند السلطان شاه عباس الماضي الصفوي كثيرا، و كذلك من بعده عند خليفته الشاه صفي.

و ذكر جماعة أنه ذهب في آخر عمره الشريف من أصفهان بمرافقة السلطان شاه صفي المرحوم إلى زيارة العتبات العاليات، فمات هناك في سنة إحدى و أربعين و ألف، كما نصّ عليه الخواتون آبادي، في تاريخ وقائع


1- نجوم السماء: 49.
2- ترجمته:
3- و ترجمته:
4- محبوب القلوب: لم نعثر عليه فيه.

ص: 251

السنين (1). و دفن في النجف الأشرف، و العراق يومئذ كان في تصرّف السلاطين الصفوية، و أخذه من يدهم السلطان مراد في سنة ألف و ثمانية و أربعين (2).

و هذا السيد الجليل يروي عن جماعة من المشايخ (3):

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد محمد باقر الداماد]
[الأول السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي]

أوّلهم: السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي، المتقدم (4) ذكره.

[الثاني خاله الشيخ عبد العالي ابن المحقق الثاني]

ثانيهم: خاله المعظم العالم الجليل الشيخ عبد العالي ابن المحقق الثاني، و هو كما في الرياض: العالم الفاضل الجليل، و قد كان ظهر الشيعة و ظهيرها بعد أبيه، و رأس الإمامية أثر والده، قال: و كان معاصرا لا ميرزا مخدوم الشريفي السني، صاحب كتاب نواقض الروافض، و بينهما مناظرات و مباحثات في الإمامة و غيرها.

و قال صاحب تاريخ عالم آرا ما معناه: إن الشيخ عبد العالي المجتهد كان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب، و بقي بعده أيضا، و كان في العلوم العقلية و النقلية رئيس أهل عصره، و كان حسن النظر، جيد المحاورة، و صاحب الأخلاق الحسنة، و جلس على مسند الاجتهاد بالاستقلال، و كان أغلب إقامته بكاشان، و يشتغل فيها بالتدريس و إفادة العلوم، و يعيّن جماعة فيها لفصل القضايا الشرعية، و الإصلاح بين الناس، و يتوجّه بنفسه أحيانا لذلك، و إذا جاء إلى معسكر الشاه طهماسب يبالغ في تعظيمه و تكريمه، و كان بابه (قدّس سرّه) مرجعا للفضلاء و العلماء، و أكثر علماء عصره أذعن لاجتهاده،


1- وقائع السنين و الأعوام: 510.
2- حدائق المقربين: غير موجود.
3- ذكر هنا ثلاثة طرق، و في المشجرة اثنين، و لم يتعرض إلى ذكر السيد نور الدين علي العاملي، فراجع.
4- تقدم ذكره في: 85.

ص: 252

و يعمل على قوله في الفروع و الأصول، و هو في الحقيقة زينة لبلاد إيران (1).

و ذكر في الرياض له مؤلفات كثيرة.

و في نقد التفريشي في ترجمته: جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، نقي الكلام، كثير الحفظ، من تلامذة أبيه، تشرّفت بخدمته (2).

و في أول المقابيس في ذكر ما اصطلحه فيه: و منها العلائي لولده و تلميذه الفاضل السديد، الفقيه العابد السعيد، المحدث الحفظة الرشيد، المحقق المدقق المتكلم المجيد، صاحب المفاخر و المعالي، الشيخ عبد العالي، بلّغه اللّه في الجنان إلى منتهى الأماني و الأعالي، و قد أدركه و نال صحبته، و أطرى في مدحه، و روى عنه السيد السند المؤيد المرتضى، صاحب نقد الرجال الأمير مصطفى التفريشي، و أجاز لابن أخته المحقق الداماد، و روى عن أبيه و غيره من المشايخ الأمجاد. انتهى (3).

و في الرياض: و يروي عنه الشيخ يونس الجزائري، و القاضي معزّ الدين حسين الأصفهاني، و الشيخ البهائي.

قال: و لمّا توفي قيل بالفارسية: (ابن مقتداى شيعة)، و قد كان تاريخ وفاة والده (مقتداى شيعة) (4).

يروي عن والده الأجل الأكمل، المحقق الثاني (رحمه اللّه).

[الثالث عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني]
اشارة

ثالثهم: العالم الجليل عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني.

[في ذكر مشجرة مشايخ الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني]
[الأول السيد حسن بن السيد جعفر]

أ- عن السيد الأجل السيد حسن بن السيد جعفر المتقدم (5) ذكره.


1- تاريخ عالم آرا 1: 154، رياض العلماء 3: 131.
2- نقد الرجال: 188، رياض العلماء 3: 131.
3- مقابس الأنوار: 14.
4- رياض العلماء 3: 131.
5- تقدم في: 234.

ص: 253

[الثاني الشيخ زين الدين الجبعي العاملي الملقب بالشهيد الثاني]

ب- و عن أفضل المتأخرين، و أكمل المتبحرين، نادرة الخلف، و بقيّة السلف، مفتي طوائف الأمم، و المرشد إلى التي هي أحقّ و أقوم، قدوة الشيعة، و نور الشريعة، الجامع في معارج الفضل و الكمال و السعادة، بين مراتب العلم و العمل و الجلالة و الكرامة و الشهادة، الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمّد بن جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف الجبعي العاملي.

و كان والده الشيخ نور الدين علي المعروف بابن الحجة أو الحاجة، من كبار أفاضل عصره، و قد قرأ عليه ولده الشهيد جملة من كتب العربية و الفقه، و كان قد جعل له راتبا من الدراهم بإزاء ما كان يحفظه من العلم، و كذلك جميع أجداده كانوا أفاضل أتقياء، وجده الأعلى الشيخ صالح بن مشرف الطوسي العاملي كان من تلامذة العلامة.

تولد (رحمه اللّه) ثالث عشر شوال سنة 911، و ختم القرآن و عمره تسع سنين، و قرأ على والده العربية، و توفي والده سنة 925 و عمره إذ ذاك أربع عشرة سنة، و ارتحل إلى ميس و هي أوّل رحلته، فقرأ على الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي الشرائع و الإرشاد و أكثر القواعد، و كان هذا الشيخ زوج خالته، و والد زوجته الكبرى.

ثم ارتحل إلى كرك نوح و قرأ على السيد المعظم السيد حسن بن السيد جعفر الكركي الموسوي- صاحب كتاب المحجّة البيضاء- قواعد ميثم البحراني، و التهذيب و العمدة كلاهما في أصول الفقه من مصنّفات السيد المذكور، و الكافية في النحو. و غير ذلك.

ثم ارتحل إلى جبع سنة 934، و أقام بها مشتغلا بمطالعة العلم و المذاكرة إلى سنة 937.

ثم ارتحل إلى دمشق و قرأ على الشيخ الفاضل الفيلسوف شمس الدين

ص: 254

محمّد بن مكّي (1)، من كتب الطب: الموجز النفيسي، و غاية القصد في معرفة الفصد من تصانيفه، و فصول الفرعاتي في الهيئة، و بعض حكمة الإشراق.

و قرأ على الشيخ المرحوم أحمد بن جابر الشاطبية في علم القراءات.

ثم رجع إلى جبع سنة 938، ثم ارتحل إلى دمشق يريد مصر، و اجتمع في تلك السفرة مع الشيخ الفاضل شمس الدين بن طولون الدمشقي، و قرأ عليه جملة من الصحيحين في الصالحية بالمدرسة السليميّة و أجيز منه روايتهما.

و كان القائم بإمداده و تجهيزه في هذه السفرة الحاج شمس الدين محمّد ابن هلال، و قام بكلّ ما احتاج إليه مضافا إلى ما أسدى إليه من المعروف، و أجرى عليه من الخيرات في مدة طلبه للعلم قبل سفره هذا. و أصبح هذا الحاج مقتولا في بيته هو و زوجته و ولدان له أحدهما رضيع سنة 952.

و سافر من دمشق إلى مصر يوم الأحد منتصف ربيع الأول سنة 942، و اتفق له في الطريق ألطاف خفيّة و كرامات جليّة.

منها: برواية تلميذه الشيخ محمّد بن علي بن الحسن العودي العاملي عنه- و كان معه إلى دمشق- قال: أخبرني ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة 950 أنّه في منزل الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء عليهم السلام الذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا و ليس في المسجد أحد، فوضع يده على القفل و جذبه فانفتح، فنزل إلى الغار فاشتغل بالصلاة و الدعاء، و حصل له إقبال إلى اللّه بحيث ذهل عن انتقال القافلة و سيرها، ثم جلس طويلا و دخل المدينة بعد ذلك و مضى إلى مكان القافلة فوجدها قد ارتحلت و لم يبق منها أحد، فبقي متحيّرا في أمره مع عجزه عن المشي، فأخذ يمشي على أثرها وحده، فمشى حتى أعياه التعب، فبينما هو في هذا الضيق إذ


1- و هذا غير الشهيد الأوّل (قدس سره) و ان اتحد معه في الاسم.

ص: 255

أقبل عليه رجل لا حق به و هو راكب بغلا فلمّا وصل إليه قال له: اركب خلفي، فردفه و مضى كالبرق، فما كان إلّا قليلا حتى لحق بالقافلة و أنزله و قال له:

اذهب إلى رفقتك، و دخل هو في القافلة، فتحريته مدّة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته أصلا و لا قبل ذلك.

و منها: لمّا وصل إلى غزّة، و اجتمع بالشيخ محي الدين عبد القادر بن أبي الخير الغزيّ، و جرت بينه و بينه احتجاجات و مباحثات، و أجازه إجازة عامة، و صارت بينهما مودّة زائدة، و أدخله إلى خزانة كتبه فقلب الكتب، و تفرّج في الخزانة، فلما أراد الخروج قال له: أختر لنفسك كتابا من هذه الكتب، فوضع يده على كتاب من غير تأمّل و لا انتخاب فظهر كتاب لا يحضرني اسمه من كتب الشيعة من مصنفات المرحوم الشيخ جمال الدين بن المطهر (1).

و دخل مصر بعد شهر من خروجه، و اشتغل على جماعة:

1- الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي: قرأ عليه منهاج النّووي، و أكثر مختصر ابن الحاجب في الأصول، و شرح العضدي، و سمع عنه كتبا كثيرة في الفنون العربية و غيرها.

2- المولى حسين الجرجاني: قرأ عليه شرح التجريد مع حاشية الدواني، و شرح أشكال التأسيس في الهندسة، و شرح الجغميني، كلاهما للقاضي زاده.

3- المولى محمّد الأسترآبادي: قرأ عليه جملة من المطوّل مع حاشية المير، و شرح الجامي على الكافية.

4- المولى محمّد الگيلاني: قرأ عليه جملة من المعاني و المنطق.

5- الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي: قرأ عليه جميع شرح الشافية للجاربردي، و جميع شرح الخزرجية في العروض و القوافي.


1- الدر المنثور 2: 161.

ص: 256

6- الشيخ الجليل أبو الحسن البكري، صاحب كتاب الأنوار في مولد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و مقتل أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السلام: قرأ عليه جملة من الكتب في الفقه و التفسير، و بعض شرحه على المنهاج.

7- الشيخ زين الدين الجرمي المالكي: قرأ عليه الفية ابن مالك.

8- الشيخ ناصر الدين الملقاني المالكي: قال الشهيد: لم أر في الديار المصرية أفضل منه في العلوم العقلية و النقلية، قرأ عليه البيضاوي في التفسير، و غيره من الفنون.

9- الشيخ ناصر الدين الطيلاوي الشافعي.

10- الشيخ شمس الدين محمّد النّحاس.

11- الشيخ عبد الحميد السمهودي.

12- الشيخ شمس الدين محمّد بن عبد القادر العرضي.

13- الشيخ عميرة.

14- الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق 15- الشيخ شهاب الدين البلقيني.

16- الشيخ شمس الدين الديروطي. و غيرهم.

ثم ارتحل إلى الحجاز في شوال سنة 943، و لما قضى مناسكه زار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد وعده بالخير في المنام بمصر فلمّا رأى القبر الشريف خاطبه صلّى اللّه عليه و آله و أنشد:

صلاة و تسليم على أشرف الورى إلى آخر الأبيات، و فيها:

و من عادة العرب الكرام بوفدهم إعادته بالخير و الحبر و الوفر

و ان يك وفد قد وفوا لنزيلهم فكيف و قد أوعدتني الخير في مصر

ص: 257

و العجب ما في أمل الآمل حيث قال: ما رأيت له شعرا إلّا بيتين رأيتهما بخطّه و نسبهما إلى نفسه:

لقد جاء في القرآن آية حكمةتدمّر آيات الضلال و من يجبر

و تخبر أنّ الاختيار بايدناو من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر

(1) مع أن القطعة المذكورة موجودة في رسالة ابن العودي، و كانت عنده.

ثم ارتحل إلى بلدة جبع في صفر سنة 944، و أقام بها إلى سنة 946 و توشح ببرد الاجتهاد، إلّا أنه بالغ في كتمان أمره.

ثم سافر إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام في ربيع الآخر من السنة المذكورة، و رجع في خامس شعبان منها، و أقام في جبع إلى سنة 948، ثم سافر إلى بيت المقدس في ذي الحجة، و اجتمع بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطيف المقدسي، و قرأ عليه بعض صحيح البخاري، و بعض صحيح مسلم، و أجازه إجازة عامة، ثم رجع إلى وطنه و اشتغل بمطالعة العلوم و مذاكرتها مستفرغا وسعه إلى أواخر سنة 951، ثم جرى القضاء و أبان من أمر اللّه و مشورته أن يسافر إلى جهة الروم، و يجتمع مع فضلائها، و يتعلّق بسلطان الوقت السلطان سليمان بن عثمان، و كان ذلك على خلاف مقتضى طبعه، و لكن ليطيع من هو عالم بعواقب الأمور، فخرج في ذي الحجة من السنة المذكورة و أقام بدمشق.

ثم ارتحل إلى حلب، و دخل في 16 محرّم، و خرج منها 7 صفر سنة 952، و دخل القسطنطينية 17 ربيع الأول، و لم يجتمع مع أحد من الأعيان إلى ثمانية عشر يوما، و كتب في خلالها رسالة في عشرة مباحث من عشرة علوم و أوصلها إلى قاضي العسكر محمّد بن محمّد بن قاضي زاده الرومي، فوقعت منه موقعا حسنا، و كان رجلا فاضلا، و اتفق بينهما مباحثات في مسائل كثيرة.


1- أمل الآمل 1: 89/ 81.

ص: 258

و كان من قواعد الروم أن كلّ طالب علم منهم لا بدّ و أن يكون معه عرض من قاضي بلده، فيه جهة تعريفه، و أنه أهل لما طلب، إلّا الشهيد فإنّه حين الخروج استخار اللّه تعالى أن يأخذ من قاضي صيدا- و هو المعروف الشامي- عرضا فلم يظهر خيرة، و قد سأله بعض الفضلاء في قسطنطنية هل معك عرض من القاضي؟ فقال: لا، فقال: إذن أمرك مشكل، فأخرج له الرسالة المذكورة، و قال: هذا عرضي، فقال: لا تحتاج معه شيئا.

ثم إن قاضي العسكر بعث إليه بعد اثني عشر يوما من اجتماعه به الدفتر المشتمل على الوظائف و المدارس، و بذل له ما اختاره، و أكد كون ذلك في الشام أو حلب، فاختار منه بعد الاستخارة المدرسة النوريّة ببعلبك التي وقفها السلطان نور الدين فأعرضها إلى السلطان، و كتب بها برأت (1)، و جعل له في كل شهر ما شرطه واقفها، و أقام بها بعد ذلك قليلا، و اجتمع فيها بالسيد عبد الرحيم العباسي صاحب معاهد التنصيص، و أخذ منه شطرا.

و خرج منها في 11 رجب متوجّها نحو العراق، و بعد زيارة أئمتها عليهم السلام رجع إلى جبع في صفر سنة 953، و قد تفأل بكتاب اللّه في المشهد الغروي في عاقبة أمره بعد هذه السفرة مع الأعداء و الحساد، فظهر في أول الصفحة فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ (2)، الآية.

و أقام ببعلبك يدرس في المذاهب الخمسة، و اشتهر أمره، و صار مرجع الأنام و مفتي كلّ فرقة بما يوافق مذهبها، و صار أهل البلد كلّهم في انقياده، و رجعت إليه الفضلاء من أقاصي البلاد.

ثم انتقل بعد خمس سنين إلى بلده بنيّة المفارقة، و أقام في بلده مشتغلا


1- مصطلح يراد به ما يقابل (المرسوم) في هذا العصر عندنا و (الفرمان) سابقا. انظر لغتنامه دهخدا مادة برأت.
2- الشعراء 26: 21.

ص: 259

بالتدريس و التصنيف، و أوّل مصنفاته الروض و آخرها الروضة ألّفها في ستة أشهر و ستة أيام، و كان غالب الأيام يكتب كرّاسا، و من عجيب أمره أنّه كان يكتب بغمسة واحدة في الدواة عشرين أو ثلاثين سطرا، و خلّف ألفي كتاب، منها مائتا كتاب كانت بخطه الشريف من مؤلفاته و غيرها.

مع أنه ذكر تلميذه الفاضل ابن العودي في رسالة بغية المريد: و لقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنّه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله، و يصلّي الصبح في المسجد، و يشتغل بالتدريس بقيّة نهاره، فلما شعرت بذلك كنت أذهب معه بغير اختياره، و كان رحمه اللّه يصلي العشاء جماعة و يذهب لحفظ الكرم، و يصلّي الصبح في المسجد، و يجلس للتدريس و البحث كالبحر الزاخر، و يأتي بمباحث غفل عنها الأوائل و الأواخر.

و لعمري لقد اشتمل على فضيلة جميلة، و منقبة جليلة، تفرّد بها عن أبناء جنسه، و حباه اللّه بها تزكية لنفسه، و هو أنه من المعلوم البيّن أنّ العلماء رحمهم اللّه لم يقدروا على أن يروّجوا أمور العلم، و ينظموا أحواله، و يفرغوه في قالب التصنيف و الترصيف حتى يتفق لهم من يقوم بجميع المهمات و يكفيهم كلما يحتاجون من التعلّقات، و يقطع عنهم جميع العلائق، و يزيل عنهم جميع الموانع و العوائق، أمّا من ذي سلطان يسخّره اللّه لهم، أو من ذي مروّة و أهل خير يلقى اللّه في قلبه قضاء مهمّاتهم، و مع ذلك كانوا في راحة من الخوف بالأمان، و في دعة من حوادث الزمان، و لكلّ منهم و كلاء قوّامون بمصالح معيشتهم، و نظام دنياهم، بحيث لا يعرفون إلّا العلم و ممارسته، و لم يبرز منهم من المصنّفات في الزمان الطويل إلّا القليل، و من التحقيقات إلّا اليسير.

و كان شيخنا المذكور- روّح اللّه روحه- مع ما عرفت يتعاطى جميع مهمّاته بقلبه و بدنه، حتى لو لم يكن إلّا مهمّات الواردين عليه، و مصالح الضيوف المترددين إليه، مضافا إلى القيام بأحوال الأهل و العيال، و نظام المعيشة و إتقان

ص: 260

أسبابها، من غير وكيل و لا مساعد يقوم بها، حتى أنه ما كان يعجبه تدبير أحد من أموره، و لا يقع على خاطره ترتيب مرتّب لقصوره عمّا في ضميره، و مع ذلك كلّه فقد كان غالب الزمان في الخوف الموجب لإتلاف النفس، و التستر و الاختفاء الذي لا يسع الإنسان أن يفكّر معه في مسألة من الضروريات البديهية، و لا يحسن أن يعلّق شيئا يقف عليه من بعده، و قد برز منه مع ذلك من التصنيفات، و الأبحاث و الكتابات و التحقيقات و التعليقات ما هو ناش عن فكر صاف، و غارف من بحار علم واف (1). إلى آخر ما ذكره.

ثم لمّا كان في سنة خمس و ستين بعد التسعمائة و هو (رحمه اللّه) في سن أربع و خمسين، ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الآخر، فذهب المحكوم عليه و ذهب إلى قاضي صيدا- اسمه معروف، و كان الشيخ مشغولا بتأليف شرح


1- بغية المريد المطبوع ضمن الدر المنثور 2: 155.

ص: 261

اللمعة- فأرسل القاضي إلى جبع من يطلبه، و كان مقيما في كرم له مدّة منفردا عن البلد، متفرّغا للتأليف، فقال بعض أهل البلد: قد سافر عنّا منذ مدة.

قال: فخطر ببال الشيخ أن يسافر إلى الحج، و كان قد حج مرارا لكنه قصد الاختفاء، فسافر في محمل مغطى، و كتب القاضي إلى السلطان: إنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة، فأرسل السلطان سليمان رستم باشا في طلب الشيخ، و قال له: ائتني به حيّا حتى أجمع بينه و بين علماء بلادي فيبحثوا معه، و يطّلعوا على مذهبه و يخبروني، فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي.

فجاء الرجل فأخبر أن الشيخ توجه إلى مكّة المشرفة، فذهب في طلبه، فاجتمع به في طريق مكّة، فقال له: تكون معي حتى نحج بيت اللّه ثم افعل ما تريد، فرضي بذلك.

فلمّا فرغ من الحج سافر معه إلى بلاد الروم، فلمّا وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشيخ؟ فقال: هذا رجل من علماء الشيعة أريد أن أوصله إلى السلطان، فقال: أو ما تخاف أن يخبر السلطان بأنّك قد قصرت في خدمته و آذيته، و له هناك أصحاب يساعدونه فيكون سببا لهلاكك؟ بل الرأي أن تقتله و تأخذ برأسه إلى السلطان، فقتله في مكان من ساحل البحر.

و كان هناك جماعة من التركمان، فرأوا في تلك الليلة أنوارا تنزل من السماء و تصعد، فدفنوه هناك و بنوا عليه قبّة، و أخذ الرجل رأسه إلى السلطان فأنكر عليه و قال: إنّي أمرتك أن تأتيني به حيّا فقتلته.

و سعى السيد عبد الرحيم العباسي (1) في قتل ذلك الرجل، فقتله


1- عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد أبو الفتح العباسي، له معاهد التنصيص على شواهد التلخيص مطبوع، توفّي سنة 963.

ص: 262

السلطان.

و في رواية: أن القبض عليه كان في المسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر، و أخرجوه إلى بعض دور مكّة، و بقي هناك محبوسا شهرا و عشرة أيّام، ثم ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطنيّة، و قتلوه بها في تلك السنة، و بقي مطروحا ثلاثة أيّام، ثم ألقوا جسده الشريف في البحر.

و حدث الشيخ البهائي قال: أخبرني والدي قدس سره أنه دخل في صبيحة بعض الأيام على شيخنا الشهيد المعظم فوجده متفكرا، فسأله عن سبب تفكّره، فقال: يا أخي، أظن أن أكون ثاني الشهيدين، و في رواية: ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة، لأنّي رأيت البارحة في المنام أن السيد المرتضى علم الهدى عمل ضيافة جمع فيها العلماء الإمامية بأجمعهم في بيت، فلمّا دخلت عليهم قام السيد المرتضى و رحّب بي و قال لي: يا فلان، أجلس بجنب الشيخ الشهيد، فجلست بجنبه، فلمّا استوى بنا المجلس انتبهت. و منامي هذا دليل ظاهر على أنّي أكون تاليا له في الشهادة.

و في الدرّ المنثور لسبطه الشيخ علي: و مما سمعت في بلادنا مشهورا، و رأيته أيضا مشهورا في غيرها: أنّه قدّس سرّه لمّا سافر السفر الأول إلى اسطنبول، و وصل الى المكان الذي قتل به تغيّر لونه، فسأله أصحابه عن ذلك، فقال ما معناه: إنه يقتل في هذا المكان رجل كبير أو عظيم الشأن، فلمّا أخذ قتل في ذلك المكان.

و قال في الحاشية: وجدت بخطّ المرحوم المبرور الشيخ حسين بن عبد الصمد رحمه اللّه بعد سؤاله.

و صورة السؤال و الجواب: سئل الشيخ حسين بن عبد الصمد: ما يقول شيخ الإسلام فيما روي عن الشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني أنّه مرّ بموضع

ص: 263

في اسطنبول، و مولانا الشيخ سلّمه اللّه معه فقال: يوشك أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن، أو قال شيئا قريبا من ذلك، ثم إنّه رحمه اللّه استشهد في ذلك الموضع، و لا ريب أن ذلك من كراماته رحمه اللّه، و أسكنه جنان الخلد؟!!.

[الجواب]: نعم هكذا وقع منه قدس سره، و كان الخطاب للفقير، و بلغنا أنّه استشهد في ذلك الموضع، و ذلك ممّا كشف لنفسه الزكية حشره اللّه مع الأئمة الطاهرين عليهم السلام.

كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي، ثامن عشر ذي الحجة سنة 983 في مكّة المشرفة زادها اللّه شرفا و تعظيما (1).

و كذا نقله السيد نعمة اللّه في كتاب المقامات قال: وجد بخطّ المرحوم الشيخ حسين. إلى آخره (2).

و فيه و في آخر المجلّد الثالث من شرح الشرائع، بخط السيد علي الصائغ رحمه اللّه ما صورته: هذا آخر كلامه- بلّغه اللّه أعلى مرامه، و حشره مع نبيّه و إمامه، صلوات اللّه عليهم، و انتقم ممّن كان سببا في سفك دمائه، و لا جعل له نصيبا في ذمامه، فإنه (رحمه اللّه) كان قابضا بالحق آخذا بزمامه، و لم يعطفه عنه خوف ملامة، و ناهيك بكيفيّة شهادته دلالة على فضله و إعظامه، و تبجيله و إكرامه- فإنه أسر و هو طائف حول البيت، و استشهد يوم الجمعة في رجب، تاليا للقرآن على محبّة أهل البيت عليهم السلام، و الحال أنّه غريب و مهاجر إلى اللّه سبحانه الذي هو على كل شي ء رقيب، و ختم له بحج بيت اللّه الحرام


1- الدر المنثور 2: 189.
2- المقامات: مخطوط.

ص: 264

و زيارة النبيّ عليه أفضل الصلاة و السلام (1). انتهى.

و هذا السيد الجليل من أفاضل تلامذته و الرواة عنه، كما تقدم (2).

تنبيه: اعلم أنّه قد سبق الشهيدين جماعة من العلماء فازوا بدرجة الشهادة، و لحقهما- أو الأول منهما- جمع من الفقهاء نالوا فيض هذه السعادة، إلّا أنه لم يتيسر لهم التشرف بهذا اللقب الشريف، في جميع الآفاق و الأعصار، غير بعضهم في بعض البلاد في بعض الأعصار، و ينبئك هذا عن كونه لقبا سماويا، و تشريفا إلهيا، كنظائره من القاب بعض الأعلام، كالصدوق، و المفيد، و علم الهدى، و المحقق الأول، و الثاني، و العلامة. و غيرها لأربابها الذين بهم تدور رحى الشيعة، و قامت أعلام الشريعة.

فممن تقدمهما: فخر الدين أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد ابن محمّد الطبري الروياني، شيخ الأجل السيد فضل اللّه الراوندي، كما تقدم في حال نوادره (3).

و الشيخ الجليل أبو علي محمّد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري الواعظ المعروف بابن الفارسي، صاحب كتاب روضة الواعظين، وصفه الشيخ منتجب الدين بالشهادة، قال: الشيخ الشهيد محمّد بن أحمد. إلى آخره (4).

و قال ابن داود: قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الإسلام، لعنه اللّه (5).

و الشيخ نصير الدين أبو عبد اللّه الحسين ابن الشيخ الإمام قطب الدين


1- لم نعثر عليه.
2- تقدم في صحيفة: 86.
3- تقدم في الجزء الأول صفحة: 175.
4- فهرست منتجب الدين: 191/ 511.
5- رجال ابن داود: 163/ 1298

ص: 265

أبو الحسين الراوندي. قال منتجب الدين: عالم صالح شهيد (1).

و قال: الشيخ الإمام جمال الدين أحمد بن الحسين بن محمّد بن حمدان الحمداني، عالم ورع شهيد (2).

و في الرياض في ترجمة ابن بطريق في ذكر من يروي عنه: و منهم الشهيد النقيب مجد الدين أبو عبد اللّه أحمد بن أبي الحسين بن علي بن أبي الغنائم المعمّر ابن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه الحسيني (3).

و الجليل السيد تاج الدين الآوي الشهيد. في الرياض: كان من أجلة علماء الإمامية، و كان معاصرا للعلامة، و لم أعلم اسمه (4)، فلاحظ.

و قال القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين: إن السيد تاج الدين الآوي كان سيّدا فاضلا عظيما، ذا همّة عالية، و اقتدار و أهبه وافية، و لمّا رجع السلطان أولجايتو (5) من مذهب أهل السنة و صار شيعيا طلب هذا السيد إلى حضرته، و كان من مقرّبي مجلسه الخاص، و ظهر من هذا السيد آثار عظيمة في تعصبه للدين المبين، و اغتاظ جماعة كثيرة من أمراء تلك الدولة و وزرائها- الذين كانوا من أهل السنة- من جهة إبطاله لمذهبهم، إلى أن مات السلطان و اغتنموا الفرصة و اتّهموا هذا السيد بمخالفته مع المخالفين لتلك الدولة فقصدوا قتله، و استشهدوه قدس اللّه روحه و كمّل فتوحه (6). انتهى.

قلت: هو السيد تاج الدين أبو الفضل محمّد بن مجد الدين الحسين بن


1- فهرست منتجب الدين: 56/ 111.
2- فهرست منتجب الدين: 20/ 29.
3- رياض العلماء 5: 358، و فيه: مجد الدين أبو المكارم أحمد بن الحسين.
4- رياض العلماء (القسم الثاني المخطوط): 448.
5- في المصدر: السلطان خدابنده، و الظاهر هو نفسه.
6- مجالس المؤمنين 1: 518.

ص: 266

علي بن زيد بن الداعي، جدّ السيد رضي الدين الآوي الآتي (1)، صديق علي ابن طاوس، كان أوّل أمره واعظا، و اعتقده السلطان أو لجايتو محمّد و ولاه نقابة نقباء الممالك بأسرها: العراق، و الري، و خراسان، و فارس و سائر ممالكه.

و عانده الوزير رشيد الدين الطبيب.

و ذكر في عمدة الطالب شرحا طويلا في كيفيّة معاندته، و ترتيبه مقدمات شهادته، إلا أنّه سلّم تاج الدين و ولديه شمس الدين حسين و شرف الدين علي إلى من يقتلهم، فأخرجهم إلى شاطئ دجلة، و قدّم قتل ابني السيد تاج الدين قبله، و كان ذلك في ذي القعدة سنة 711، و أظهر عوام بغداد و الحنابلة التشفّي بالسيد تاج الدين، و قطّعوه قطعا، و أكلوا لحمه، و نتفوا شعره، و بيعت الطاقة من شعر لحيته بدينار (2) إلى آخر ما ذكره.

و من الشهداء: الشيخ الشهيد حسن بن محمّد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمداني الدمشقي السكاكيني. كان هو و أبوه من أكابر علماء الشيعة، كما في الرياض.

و قال ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة:

حسن بن محمّد بن أبي بكر السكاكيني، كان أبوه فاضلا في عدّة علوم، متشيعا من غير سبّ و لا غلوّ- و ستأتي ترجمته- فنشأ ولده هذا غاليا في الرفض، فثبت عليه ذلك عند القاضي شرف الدين المالكي بدمشق، و ثبت عليه أنه كفّر الشيخين، و قذف ابنتيهما، و نسب جبرئيل إلى الغلط في الرسالة إلى غير ذلك، فحكم بزندقته و بضرب عنقه، فضرب بسوق الخيل حادي عشر من جمادى الأولى سنة أربع و أربعين و سبعمائة (3). انتهى.


1- يأتي في صفحة: 333.
2- عمدة الطالب: 341.
3- الدرر الكامنة 2: 34/ 1551.

ص: 267

و لا يخفى أن نسبة القول بغلط جبرئيل إلى السكاكيني و غيره من مفتريات الشهود و أكاذيبهم الشائعة بينهم (1).

و منهم: الشيخ زين الدين محمّد بن أبي جعفر بن الفقيه أميركا الصدري (2) ببرخة من ولاية قزوين، قال في المنتجب: فقيه صالح شهيد (3).

و فيه: الأمير الشهيد كيكاوس بن دشمن ديار بن كيكاوس الديلمي الطبري، زاهد فاضل، له كتب في النجوم، و كتاب في الصلوات الخمس، لي عنه إجازة (4).

و ممن قارب عصر هما أو تأخّر عنهما، المحقق الثاني، كما يأتي (5).

و المولى الجليل شهاب الدين عبد اللّه التستري.

و الأمير محمّد مؤمن الأسترآبادي، الشهيد في المسجد الحرام، كما تقدم (6).

و الحبر النبيل قاضي نور اللّه التستري، صاحب إحقاق الحق و المجالس.

و السيد الشهيد السيد نصر اللّه الحائري المقتول في قسطنطنيّة، كما مرّ (7).

و الشيخ فضل اللّه، كان من خيار علماء دولة السلطان الشاه طهماسب الصفوي، و من صلحائهم و أتقيائهم، و كان يسكن بمشهد الرضا عليه


1- رياض العلماء 1: 304.
2- في المصدر: المصدري.
3- فهرست منتجب الدين: 187/ 488.
4- فهرست منتجب الدين: 148/ 345.
5- يأتي في: 269.
6- تقدم في: 69.
7- تقدم في صفحة: 54.

ص: 268

السلام، و له وظائف من أوقاف الحضرة الشريفة، و كان في غاية التقوى و الورع، و كان يؤمّ الناس في المسجد الجامع بالمشهد المقدس الرضوي، و يأتم به خلق كثير، و قد استشهد في قضيّة غلبة الطائفة الأوزبكيّة على تلك البلاد مع سائر أهل تلك الروضة المنورة في أوائل دولة السلطان الشاه عباس الماضي، كذا في الرياض نقلا عن تاريخ عالم آرا (1) و السيد العالم الجليل الشهيد خان ميرزا ابن الوزير الكبير معصوم بيك الشهيد، كان من مشاهير علماء عصر السلطان شاه إسماعيل، و شاه طهماسب أيضا. و كان والده المذكور وزير السلطان المذكور و أميرا لديوانه أيضا، و لمّا وقع الصلح بين السلطان المزبور و بين السلطان سليم بن السلطان مراد ملك الروم- و كان يتردّد الحجاج من بلاد العجم إلى بلاد الروم- ترخّص الوزير معصوم بيك من ملك العجم و ملك الروم المزبورين، و توجّه مع ولده خان ميرزا هذا إلى بيت اللّه الحرام، فغدر به الرومية في حالة الإحرام، و أغاروا عليهم بزيّ أعراب البادية في الليل، فقتلوا الوالد و الولد مع جماعة أخرى من رفقائهم. كذا في الرياض نقلا عن التاريخ المذكور (2).

و الفقيه النبيه الشهيد الآميرزا إبراهيم بن الآميرزا غياث الدين محمّد الأصفهاني القاضي، من مشايخ العالم الجليل آغا باقر الهزارجريبي، المتقدم (3) ذكره.

و السيد السند العلامة الآميرزا محمّد مهدي ابن الآميرزا هداية اللّه الموسوي الأصبهاني، المجاور في المشهد الرضوي الذي يروي عن الأستاذ الأكبر آغا باقر البهبهاني، و العالم الكامل الشيخ مهدي الفتوني. و غيرهما،


1- تاريخ عالم آرا 1: 158، رياض العلماء 4: 362.
2- تاريخ عالم آرا 1: 161، رياض العلماء 2: 234.
3- تقدم في: 144.

ص: 269

صاحب المؤلفات الرائقة التي منها شرحه على الدروس، و رسالة لطيفة في صلاة الليل و آدابها، كثيرة الفوائد، قتله الظالم نادر ميرزا سبط السلطان الغازي نادر شاة، في قصة مذكورة في التواريخ، و كان ذلك في سنة 1217، و له ذرية طيبة، فيها علماء فقهاء أدباء، ائمة للجمعة و الجماعة، و عليهم تدور رحى أغلب أمور الناس في الدين و الدنيا، في المشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام.

و غيرهم.

قال في الرياض في باب الألقاب: الشهيدان هما الشيخ الشهيد محمّد ابن مكي بن حامد العاملي الجزيني.

و الشيخ الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الجبعي.

الشهيد الثالث: هو المولى الجليل شهاب الدين عبد اللّه بن محمود بن سعيد التستري ثم المشهدي الخراساني المعروف بالعقاب، المقتول بجور الطائفة الأوزبكية ببخارى بعد غلبتهم على مشهد الرضا عليه السلام في أوائل دولة السلطان شاه عباس الماضي الصفوي.

و قال- بعد جملة من الألقاب-: الشهداء الثلاثة هم على المشهور:

الشيخ محمّد بن مكي الشهيد الأول.

و الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.

و المولى عبد اللّه الخراساني الشهيد ببخارى.

و باصطلاح الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي: هما الأولان مع الشيخ علي بن عبد العالي الكركي.

فالمولى عبد اللّه الخراساني المذكور على هذا يكون الشهيد الرابع.

و القاضي نور اللّه التستري الشهيد ببلاد الهند هو الشهيد الخامس (1)،


1- رياض العلماء (القسم الثاني مخطوط): 458.

ص: 270

انتهى.

قلت: في كثير من الإجازات توصيف المولى المذكور بالشهيد الثالث، إلّا أنّه مع ذلك لم يستقر الاصطلاح إلّا فيهما، و ما ذلك إلّا لما ذكرناه، مع أن المولى المذكور من أعلام العلماء، و فضل القاضي و ترويجه المذهب غير خفي على أحد، و قد قتلا قتلا فظيعا.

أما الأول (1)، ففي الرياض بعد توصيفه بالعالم الفاضل المتكلم الفقيه الجامع، و أنه أقام برهة من الزمان في المشهد الرضوي، و اشتغل بالإفادة و الهداية، و إرشاد الخلائق، و ترويج الشريعة الغراء، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و كان يعظ الناس به في بعض الجمعات و يجتمع إليه خلق كثير، و هدى به جماعة غفيرة، و كانت أطواره محمودة عند الأكابر و الأصاغر، و كان يناصح السلطان شاه عباس الماضي الصفوي في أكثر أوقات إقامة السلطان بتلك الروضة المقدسة في أوائل جلوسه، و كان مكرّما عنده إلى أن غلبت الطائفة الاوزبكيّة على ذلك المشهد، سنة سبع و تسعين و تسعمائة، فأخذوا المولى الجليل المذكور فذهبوا به إلى عبد المؤمن خان و قالوا: هذا رئيس الرافضة فأمنه الخان المذكور، و أرسله إلى والده عبد اللّه خان ببخارى، و بعد ما وصل إلى بخارى باحث مع علماء بخارى في المذهب فعجزوا عن معارضته، و قالوا لعبد اللّه خان: إنه ليس لكم شكّ في حقيّة مذهبكم، فما الباعث على مباحثة هذا الرجل؟! و لا بدّ أن يقتل من كان مخالفا لمذهبنا!! و يجتنب عن مباحثته لئلا يصير باعثا على إخلال العوام! و قيل: إنه ادعى أنه شافعي فلم ينفع، و قالوا:

إنّه قال ذلك تقيّة، و إلّا فهو رافضي، فاستشهد بتعصب الحنفيّة و قتلوه بالخنجر و الألماس و نحوهما، و لم يكتفوا بذلك، بل أحرقوا جسده الشريف في ميدان


1- المقصود هنا: المولى عبد اللّه الخراساني.

ص: 271

بخارى، هذا خلاصة ما في الرياض (1).

و أمّا القاضي التستري رحمه اللّه، ففي التذكرة (2) للفاضل الشيخ علي الملقب بحزين، المعاصر للعلامة المجلسي، و هو من علماء الهند، ما خلاصته:

إن السيد الجليل المذكور كان يخفي مذهبه، و يتقي عن المخالفين و كان ماهرا في المسائل الفقهية للمذاهب الأربعة، و لهذا كان السلطان أكبر شاه و أكثر الناس يعتقدون تسننه، و لمّا رأى السلطان علمه و فضله و لياقته جعله قاضي القضاة، و قبل السيد على شرط أن يقضي في الموارد على طبق أحد المذاهب الأربعة بما يقتضي اجتهاده و قال له: لمّا كان لي قوّة النظر و الاستدلال لست مقيّدا بأحدها و لا أخرج من جميعها، فقبل السلطان شرطه.

و كان يقضي على مذهب الإمامية فإذا اعترض عليه في مورد يلزمهم أنه على مذهب أحد الأربعة، و كان يقضي كذلك و يشتغل في الخفية بتصانيفه إلى أن هلك السلطان و قام بعده ابنه جهانكير شاه، و السيد على شغله، إلى أن تفطّن بعض علماء المخالفين المقربين عند السلطان أنه على مذهب الإمامية، فسعى إلى السلطان، و استشهد على إماميته بعدم التزامه بأحد المذاهب الأربعة، و فتواه في كلّ مسألة بمذهب من كان فتواه مطابقا للإمامية، فأعرض السلطان عنه و قال: لا يثبت تشيّعه بهذا، فإنه اشترط ذلك في أول قضاوته.

فالتمسوا الحيلة في إثبات تشيّعه، و أخذ حكم قتله من السلطان، و رغّبوا واحدا في أن يتلمّذ عنده، و يظهر تشيّعه، و يقف على تصانيفه، فالتزمه مدّة و أظهر التشيع إلى أن اطمأن به، و وقف على كتابه مجالس المؤمنين، و بعد الإلحاح أخذه و استنسخه و عرضه على طواغيته، فجعلوه وسيلة لإثبات تشيّعه.


1- رياض العلماء 3: 250.
2- التذكرة: مخطوط.

ص: 272

و قالوا للسلطان: إنه ذكر في كتابه كذا و كذا، و استحق لإجراء الحد عليه. فقال: ما جزاؤه؟ فقالوا: أن يضرب بالدرّة العدد الفلاني. فقال: الأمر إليكم فقاموا و أسرعوا في إجراء هذه العقوبة عليه، فمات رحمه اللّه شهيدا، و كان ذلك في أكبرآباد من أعاظم بلاد الهند و مرقده هناك يزار و يتبرك به، و كان عمره قريبا من سبعين.

[المرحلة الثالثة من الشهيد الثاني إلى المحقق الحلي]
[في ذكر مشجرة مشايخ الشهيد الثاني]
اشارة

ثم إن شيخنا الأجلّ الرباني الشهيد الثاني، يروي عن جماعة:

[الأول السيد حسن بن السيد جعفر الأعرج الحسيني]

1- أولهم: العالم الجليل السيد حسن بن السيد جعفر الأعرج الحسيني، و قد مرّ ذكره (1).

[الثاني الشيخ أحمد بن محمّد بن خواتون العاملي العيناثي]

2- ثانيهم: الشيخ النبيل أحمد بن محمّد بن خواتون العاملي العيناثي.

عن أبيه، بطريقه الآتي في ترجمة المحقق الثاني (2).

[الثالث الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي]
اشارة

3- ثالثهم: الشيخ الأجل الأعظم نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي، زوج خالته، و والد زوجته الكبرى.

قال الشهيد الثاني (رحمه اللّه) في إجازته الكبيرة- بعد عدّ مؤلّفات الشهيد الأول-: أرويها عن عدّة مشايخ بطرق عديدة، أعلاها سندا عن شيخنا الإمام الأعظم، بل الوالد المعظم، شيخ فضلاء الزمان، و مربّي العلماء الأعيان، الشيخ الجليل الواعظ، المحقق العابد الزاهد، الورع التقي، نور الدين علي ابن عبد العالي الميسي (3). إلى آخره.

و في الأمل: له شرح رسالة صيغ العقود و الإيقاعات، و شرح الجعفرية، و رسائل متعددة (4).


1- مرّ في صفحة: 234.
2- يأتي في صفحة: 291.
3- انظر بحار الأنوار 108: 149.
4- أمل الآمل 1: 123.

ص: 273

و في الرياض: رأيت بهرات بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد- والد الشيخ البهائي- في مجموعة هكذا: توفي شيخنا الإمام العلامة، التقي الورع، الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، أعلى اللّه نفسه الزكيّة، ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل، و دخل قبره الشريف بجبل صديق النبيّ ليلة الخميس الخامس- أو السادس- و العشرين من شهر جمادى الأولى سنة ثمان و ثلاثين و تسعمائة، و ظهر له كرامات كثيرة قبل موته و بعده، و هو ممّن عاصرته و شاهدته، و لم أقرأ عليه شيئا لانقطاعه و كبره (1).

و في الآمل نقل صورة إجازة المحقق الكركي له، أو فيها عند ذكره: سيدنا الشيخ الأجل العالم الفاضل الكامل، علامة العلماء، و مرجع الفضلاء، جامع الكمالات النفسانية، حاوي محاسن الصفات الكاملة العليّة، متنسم ذرى المعالي بفضائله الباهرة، ممتطي صهوات المجد بمناقبه السنيّة الزاهرة، زين الملّة و الحق و الدين، أبي القاسم علي ابن المبرور المرحوم المقدس المتوّج المحبور الشيخ الأجل العالم الكامل تاج الحق و الدين عبد العالي الميسي، أدام اللّه تعالى ميامن أنفاسه الزكية بين الأنام، و أعاد على المسلمين من بركات علومه الشافية. إلى آخره (2).

[في ذكر مشجرة مشايخ الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي]
اشارة

و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من المشايخ العظام:

الأول: الشيخ محمّد بن محمّد بن محمّد بن داود المؤذّن العاملي الجزيني

ابن عم الشهيد الأول: في الأمل: كان عالما، فاضلا، جليلا، نبيلا، شاعرا (3).

1- عن الشيخ الجليل ضياء الدين علي، الفاضل الفقيه الجليل


1- رياض العلماء 4: 121.
2- أمل الآمل 1: 123.
3- أمل الآمل 1: 179.

ص: 274

المعروف.

عن والده الأجل شمس الدين أبي عبد اللّه الشهيد الأول.

و عن شمس الدين ابن المؤذن الجزيني.

2- عن السيد الأجل علي بن دقماق (1)، مؤلف كتاب نزهة العشّاق، في الأدب. و في بعض الإجازات: علي بن محمّد، و في الرياض: دقماق معرّب طخماق (2).

عن الشيخ شمس الدين محمّد بن شجاع القطان الأنصاري الحلي، العالم العامل الكامل، صاحب كتاب معالم الدين في فقه آل ياسين عليهم السلام، المعروف: بابن القطان، المنقول فتاويه في كتب الأصحاب.

عن الشيخ الفاضل الفقيه، المتكلّم المحقق الوجيه، جمال الدين أبي عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه بن محمّد بن الحسين بن محمّد السيوري الأسدي الحلي الغروي، صاحب التنقيح و كنز العرفان، و غيرهما.

عن شمس الفقهاء الشهيد.

و عن ابن المؤذن الجزيني.

3- عن جدّه لأمّه أبي القاسم علي بن علي بن جمال الدين محمّد بن طيّ العاملي الفقعاني، العالم الفاضل، الأديب المعروف، صاحب الكتاب المعروف بمسائل ابن طيّ، المتوفى سنة 855.

عن شمس الدين محمّد بن محمّد بن عبد اللّه العريضي.

في الأمل: كان من العلماء الصلحاء (3).


1- نسخة بدل: دقمان. (منه قدّس سرّه).
2- رياض العلماء 4: 82.
3- أمل الآمل 2: 302.

ص: 275

و الشيخ زين الدين (1) جعفر بن الحسام العاملي العيناثي، الفاضل الزاهد.

عن السيد عزّ الدين الحسن بن أيّوب بن نجم الدين الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي.

كان كما في الرياض من أجلّة العلماء، و أكابر الفقهاء (2).

عن أربعة من أساطين الشريعة و هم:

1- فخر المحققين.

2- و السيد عميد الدين.

3- و أخوه السيد ضياء الدين.

4- و الشهيد الأول.

و عن شمس الدين ابن المؤذن الجزيني.

4- عن عز الدين أبي المكارم الحسن بن احمد بن يوسف بن علي الكركي، المعروف بابن العشرة.

هو الفقيه العالم الفاضل الكامل الزاهد، الذي يعبّر عنه تارة بعزّ الدين، و أخرى بابن العشرة.

و في مجموعة الشهيد: و كان من العلماء العقلاء، و أولاد المشايخ الأجلاء، و حج بيت اللّه كثيرا نحو أربعين حجّة، و كان له على الناس مبارّ و منافع، و قرأ على السيد حسن بن نجم الدين الأعرج- من تلامذة الشهيد- و غيره، في حدود سنة 862، و مات بكرك نوح من قرى جبل عامل بعد أن حفر


1- الرواية عن الشيخ جعفر بن الحسام- في المشجرة- منحصرة بأحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي.
2- رياض العلماء 1: 162.

ص: 276

لنفسه قبرا، و كان كثير الورع و الدعاء (1).

قال السيد الفاضل في الروضات- بعد نقل ما نقلناه- و في الآمل: إنه كان فاضلا زاهدا فقيها، و كانت أمّه ولدت في بطن واحد عشرة أولاد في غشاء من جلد رقيق، فعاش منهم واحد و مات الباقي، فلذلك سمّي ابن العشرة، يروى عن ابن فهد (2). انتهى.

و لم نجد ما نقله عن الأمل من قصّة أمّه فيه، و قد استنسخته من نسخة الأصل، و هي موجودة في المشهد الرضوي في هذا التاريخ، و لا نقله عنه في اللؤلؤة، و لا صاحب الرياض المعاصر له، بل فيه في آخر الترجمة: و اعلم أن الظاهر كون العشرة بكسر العين المهملة، ثم سكون الشين المعجمة، ثم الراء المهملة المفتوحة ثم الهاء (3). انتهى، مع ما في الحكاية من الغرابة ما لا يخفى.

عن جماعة من الأعلام.

1- منهم: رضي الدين أبو طالب محمّد ابن الشهيد الأول، الذي قال في حقّه صاحب الأمل: كان عالما فاضلا جليل القدر (4).

عن والده المعظم.

و عن السيد ابن معيّة، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالى (5).

2- و منهم العالم الزاهد ابن فهد الحلي، الآتي ذكره (6).

3- و منهم الشهيد الأول، كما نص عليه ابن أبي جمهور في أول عوالي


1- مجموعة الشهيد (مخطوط): 354.
2- روضات الجنات 1: 73. و في الأمل 2: 75/ 202 إلى قوله: فقيها.
3- رياض العلماء 1: 266.
4- أمل الآمل 1: 179.
5- يأتي في صفحة: 312.
6- يأتي ذكره في صفحة: 292 و 293.

ص: 277

اللآلي (1).

4- و منهم الشيخ شمس الدين محمّد بن نجدة، الشهير بابن عبد العالي- كما في الرياض (2)، و إجازة الشهيد الثاني (3)- أو ابن عبد العلي، كما في الأمل (4).

عن شيخه الشهيد الأول (5).

الثاني من مشايخه- الميسي-: الشيخ محمّد بن أحمد بن محمّد الصهيوني العاملي

الثاني من مشايخه- الميسي-: الشيخ محمّد بن أحمد بن محمّد الصهيوني (6) العاملي

، الفاضل، العالم، الورع، المحقق، كما في الأمل (7).

عن الشيخ عزّ الدين حسن بن العشرة، بطرقه المتقدمة (8).

و عن أحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي.

في الأمل: من المشايخ الأجلاء، كان صالحا، عابدا، فاضلا، محدّثا (9).

عن الشيخ زين الدين جعفر بن حسام العاملي، المتقدم ذكره (10).

[الثالث نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي]
اشارة

الثالث من مشايخه: مروّج المذهب و الملّة، و شيخ المشايخ الأجلّة، محيي مراسم المذهب الأنور، و مروّض رياض الدين الأزهر، مسهّل سبل النظر


1- عوالي اللآلي 1: 9، و فيه: تأمّل.
2- رياض العلماء 5: 194، و فيه: ابن عبد العلي.
3- بحار الأنوار 108: 150.
4- أمل الآمل 2: 309.
5- لم يعد في المشجرة من الشيوخ أعلاه إلّا الشهيد الأوّل.
6- في المشجرة: محمد بن أحمد الصهبان.
7- أمل الآمل 1: 137.
8- تقدمت في صفحة: 275 و 276.
9- أمل الآمل 1: 34.
10- تقدم في صفحة: 275.

ص: 278

و التحقيق، و مفتح أبواب الفكر و التدقيق، شيخ الطائفة في زمانه، و علامة عصره و أوانه، نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي، الفقيه المجتهد الكبير، الملقب تارة بالشيخ العلائي، و اخرى بالمحقق الثاني، الأجل من أن يوصف و يمدح.

و كان فقيه عصره صاحب جواهر الكلام يقول: من كان عنده جامع المقاصد و الوسائل و الجواهر- يعني مؤلفه- لا يحتاج بعدها إلى كتاب آخر للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية (1).

سافر في أوائل أمره- كما تقدم في فوائد الإجازة (2)- إلى بلاد مصر، و أخذ من علمائها بعد الأخذ من علماء الشام، و سافر إلى عراق العرب و أقام بها زمانا طويلا، ثم سافر إلى بلاد العجم في زمن سلطنة الشاه إسماعيل سنة غلبة السلطان على شاه بيك خان- ملك الأوزبك- و ذلك بعد ظهور دولته بعشر سنين، و بعد دخوله هراة دخل عليه الشيخ بها، و اتصل بصحبته، و كان المولى سيف الدين أحمد بن يحيى بن محمّد بن المولى سعد الدين التفتازاني- المعروف- يومئذ شيخ الإسلام بها.

قال الميرزا بيك المنشئ الجنابذي المعاصر للشاة عباس الماضي في تاريخه (3) كما في الرياض: إن المولى سيف الدين المذكور قد كان في جملة علماء السنة الذين جمعوا في دار الإمارة بهرات، لتعيين المنزل لحضرة الشاه إسماعيل الماضي الصفوي يوم وصل خبر فتحه إلى الهرات، و غلبته على شاه بيك خان ملك الأوزبك، و قهره و قتله. ثم قال: إن السلطان شاه إسماعيل أمر بقتل المولى


1- جواهر الكلام 1: 14.
2- انظر صفحة: 19.
3- فيما يختص بالتاريخ المذكور انظر الذريعة 3: 249/ 923.

ص: 279

سيف الدين أحمد بن يحيى المذكور لأجل تعصبه في مذهب التسنّن فقتل.

و قد دخل على الهرات خاتم المجتهدين الشيخ علي بن عبد العالي الكركي، و اعترض عليهم في قتلهم إياه، و خطئهم في ذلك، و قال: لو لم يقتل لأمكن أن يتم عليه بالحجج و البراهين العقلية و النقلية حقيّة مذهب الإمامية، و بطلان مذهب أهل السنة و الجماعة، و يردع عن مذهبه الباطل، و يلزم بذلك و يسكت، و يذعن من إلزامه جميع أهل ما وراء النهر و خراسان بحقّية مذهب الشيعة الاثنى عشرية، و لذلك كان الشيخ المذكور متأسّفا دائما (1). انتهى.

و بالجملة: و كان له عند السلطان المذكور و الشاه طهماسب منزلة عظيمة، و عيّن له وظائف و إدارات كثيرة ببلاد عراق العرب، و نصبه الشاه طهماسب حاكما في الأمور الشرعية لجميع بلاد إيران، و أعطاه في ذلك حكما و كتابا يقضى منه العجب (2).

و في الرياض- نقلا عن حسن بيك روملو المعاصر للشيخ في تاريخه- أن بعد الخواجه نصير الدين في الحقيقة لم يسع أحد أزيد مما سعى الشيخ علي الكركي هذا في إعلاء أعلام المذهب الحق الجعفري، و دين الأئمة الاثنى عشر، و كان له في منع الفجرة و الفسقة و زجرهم، و قلع قوانين المبتدعة و قمعها، و في إزالة الفجور و المنكرات، و إراقة الخمور و المسكرات، و إجراء الحدود و التعزيرات، و إقامة الفرائض و الواجبات، و المحافظة على أوقات الجمعة و الجماعات، و بيان أحكام الصيام و الصلوات، و الفحص عن أحوال الأئمة و المؤذنين، و دفع شرور المفسدين و المؤذين، و زجر مرتكبي الفسوق و الفجور، حسب المقدور، مساعي جميلة، و رغب عامة العوام في تعليم الشرائع و أحكام


1- رياض العلماء (القسم الثاني مخطوط): 122.
2- انظر رياض العلماء 3: 455.

ص: 280

الإسلام، و كلّفهم بها.

قال: من جملة الكرامات التي ظهرت في شأن الشيخ علي أن محمود بيك مهردار- كان من ألدّ الخصام و أشدّ الأعداء للشيخ علي- و كان يوما بتبريز في ميدان صاحب آباد يلاعب بالصولجان بحضرة ذلك السلطان، يوم الجمعة وقت العصر، و كان الشيخ في ذلك العصر- حيث أن الدعاء فيه مستجاب- يشتغل لدفع شرّه و فتنته و فساده بالدعاء السيفي، و دعاء انتصاف المظلوم من الظالم المنسوب إلى الحسين عليه السلام، و لم يتمّ الدعاء الثاني بعد و كان على لسانه قوله (عليه السلام): قرّب أجله و أيتم ولده حتى وقع محمود بيك المذكور عن فرسه في أثناء ملاعبته بالصولجان، و اضمحل رأسه بعون اللّه تعالى (1).

انتهى.

قال: و رأيت في بعض التواريخ الفارسية المؤلّفة في ذلك العصر أن محمود بيك المخذول المذكور، كان قد خمر في خاطره الميشوم في عصر ذلك اليوم أن يذهب إلى بيت الشيخ علي بعد ما فرغ السلطان من لعب الصولجان، و يقتل الشيخ بسيفه في ذلك الوقت بعينه، و واضع في ذلك مع جماعة من الأمراء المعادين للشيخ، فاتفق بكرامة الشيخ أن ذهبت يد فرس محمود بيك في بئر كانت في عرض الطريق بعد الفراغ من تلك الملاعبة و التوجه إلى جانب بيت الشيخ، فطاح هو مع فرسه في تلك البئر، و انكسر رأسه و عنقه و مات في ساعته.

و نقل أيضا عن بعض التواريخ أنه رحمه اللّه كان أزهد عصره، و قد أوصى بجميع صلاته و صيامه، و بقضاء حجة الإسلام- أيضا- مع أنه قد حجّ.


1- لم نعثر عليها في الرياض.

ص: 281

و لما كان في نشر الحكم الصادر من السلطان المذكور فوائد جميلة، تقرّبنا بنقله بتمامه:

ص: 282

(بسم اللّه الرحمن الرحيم) يا محمّد يا على فرمان همايون، شرف نفاذ يافت آن كه چون از بدو طلوع تباشير صبح دولت ابد پيوند و ظهور رايات سعادت آيات شوكت ارجمند، كه بدون توافق آن رقم سعادتمندى دست قضا بر صحيفه احوال سعداء نمى كشيد، اعلاء اعلام شريعت غرّاى نبوى را كه آثار ظلام جهالت از فضاى عالم و عالميان از ظهور خورشيد تأثير آن زوال پذير شود، از مستمدّات اركان سلطنت و قواعد كامكارى مى دانيم، و احياى مراسم شرع سيد المرسلين، و اظهار طريقه حقّه أئمه معصومين صلوات اللّه عليهم كه چون صبح صادق غبار ظلمت آثار بدع مخالفان مرتفع گرداند، از جملة مقدّمات ظهور آفتاب معدلت گسترى و دين پرورى صاحب الأمر عليه السلام مى شماريم، و بى شائبه منشأ حصول اين امنيّت، و مناط وصول بدين نيّت، متابعت و انقياد و پيروى علماى دين است، كه بدستيارى دانشورى و دين گسترى ايشان صيانت و حفظ شرع سيد المرسلين نموده، بواسطه هدايت و ارشاد شأن كافّه انام از مضيق ضلالت و گمراهى بساحت اهتداء توانند رسيد، و از يمن افادات كثير البركاتشان كدورت و تيرگى جهل از صحائف خواطر اهل تقليد زدوده شود، سيّما در اين زمان كثير الفيضان عالى شأن كه به رتبه أئمه هدى عليهم السلام و الثناء اختصاص دارد، و متعالى رتبت، خاتم المجتهدين وارث علوم سيّد المرسلين، حارس دين امير المؤمنين، قبلة الأتقياء المخلصين، قدوة العلماء الراسخين، حجة الإسلام و المسلمين هادي الخلائق إلى الطريق المستقيم المبين، ناصب اعلام الشرع المتين، متبوع أعاظم الولاة في الأوان، مقتدى كافّه اهل

ص: 283

زمان، مبين الحلال و الحرام، نائب الإمام عليه السلام- لا زال كاسمه العالي عليا حاليا- كه بقوّة قدسيه ايضاح مشكلات قواعد ملّت و شرائع حقّه نموده، علماى رفيع المكان اقطار و امصار روى عجز بر آستانه علوّش نهاده، باستفاده علوم از مقتبسان انوار مشكاة فيض آثارش سر افرازند، و اكابر و اشراف روزگار سر اطاعت و انقياد از اوامر و نواهى آن هدايت پناه نپيچيده، پيروى احكامش را موجب نجات مى دانند، همگى همّت بلند و نيّت ارجمند مصروف اعتلاء شأن و ارتقاء مكان و ازدياد مراتب آن عالى شأن است، مقرّر فرموديم كه سادات عظام و اكابر و اشراف فخام، و امراء و وزراء و سائر اركان دولت قدسى صفات موصى اليه را مقتدا و پيشواى خود دانسته، در جميع امور اطاعت و انقياد بتقديم رسانيده، آن چه امر نمايد بدان مأمور، و آن چه نهى نمايد منهىّ بوده، هر كس را از متصديان امور شرعيه ممالك محروسه و عساكر منصوره عزل نمايد معزول، و هر كه را نصب نمايد منصوب دانسته، در عزل و نصب مذكورين بسند ديگرى محتاج ندانند.

و هر كس را عزل نمايد ما دام كه از جانب آن متعالى منقبت منصوب نشود نصب نكنند.

و همچنين مقرّر فرموديم كه چون مزرعة كبيسه و دواليب كه در اراضى آنجا واقع است، در نهر نجف اشرف و نهر جديد موسوم براقبة از شتوى و صيفى، و مزرعه شويحيات و لرم زيب از اعمال دار الزبيد بحدودها المذكورة في الوثيقة الملّيّة، مع أراضي مزرعة أم الغرمات، و أراضي كاهن الوعد رماحية، كه احيا كرده مومى اليه است بر مشار اليه وقف صحيح شرعى فرموديم، و بعد از آن بر اولاد او ما تعاقبوا و تناسلوا به موجبى كه در وقفيه مسطور است، و حكم جهانمطاع صادر شده كه بر افاضت پناه مومى اليه مسلّم و مرفوع القلم دانسته، از حشو جميع حوزه عراق عرب بصيغه مفروزى وقفى افاضت دستگاه مومى اليه وضع نموده، داخل جمع و خرج حوزى مى نمايند و در مفروزيات بلا مبلغ برقبه دانسته، و در نسبت مفروزى وقفى قدسى صفات مومى اليه شناسند، چنانچه اگر حكمى در

ص: 284

باب استرداد و افراد و تبديل و تغيير سيور غالات و مسلميات و مفروزيّات واقع شود آن را مستثنى شناسند، و مبلغ ده تومان تبريزى از دار الضرب حلّه كه عوض قيرحار هيت و حله كه مبلغ هشتصد تومان در وجه سيورغال عالى رتبت مشار اليه مقرّر بوده بواسطه تعذّر نقل برضا و رغبت ترك كرده در وجه سيور غال آن عالى منقبت مقرّر است، مذكورات را به همان دستور بر قرار دانسته اصلا تغيير و تبديل بقواعد آن راه ندهند، و ما دام كه وجه مذكور از دار الضرب بوكلاء مومى اليه واصل نشود يك دينار باحدى ندهند، و آن وجه را بر جميع حوالات و مطالبات مقدم دارند، و چون در اين ولا التماس نمود كه موضع بهيلل (1) كه عوض؟ سعيد بركه؟ مبلغ هفتاد و دو تومان در وجه سيورغال آن قدسى مرتبت مقرر بوده تغيير داده، عوض آن موضع برقانيّه و توابع سيّما حاجى دحيه كه ماليت آن بمبلغ هفتاد تومان مقرر است بر آن افاضت دستگاه شفقت فرمائيم، ايجابا لمسؤوله فرموديم كه موضع برقانيه و توابع را در وجه سيورغال خاتم المجتهدين مومى اليه از ابتداء ئيلان ئيل مقرّر دانسته بتصرف وكلاء مشار اليه دهند، و تمامى محصولات آن را در سنه مزبوره به گماشتگان او جواب گويند، و چيزى قاصر و منكسر نگردانند، و به هيچ عذر موقوف ندارند، و چون بموجب حكم فردوس مكان علّيّين آشيان دوازده خانوار از طائفه زبيد- كه از رعاياى شويحيات اند- مالا و وجوها تا بدان افاضت دستگاه مسلّم است به همان دستور مقرّر دانسته، مضمون حكم مزبور را كه در اين باب صادر شده معتبر شناخته، از آن تجاوز ننمايند مستوفيان كرام و عمّال و ديوانيان بايد كه تمامى مزبورات را از بنيچه اخراجات حكمى و غير حكمى بهر اسم و رسم كه باشد سيما ساوى روده يك و ده يك و نيم و چريك و رسم المهر و رسم الوزارة و رسم الصداره و حق الكالح (2) و حيازة و امثال آن از مطالبات به همه ابواب سوى و مستثنى دانند،


1- ورد في الحجرية فوق هذه الكلمة: كذا.
2- وردت فوقها كلمة: كذا.

ص: 285

متصديان اشغال ديوانى عراق عرب حسب المسطور مقرّر دانسته قلم و قدم كوتاه و كشيده داشته در ضرر و مساحت و باز ديدن از سركار مدخل ننمايند، و به علّت تفاوت و قرض غلّه و رسول داروغگى و سائر شناقص اصلا طلب نكنند، و در يرغو و سور غوى آن سركار مدخل نسازند، و جريمه نگيرند، و اگر جريمه صادر شود گذارند كه گماشتگان مومى اليه رفع نمايند، و اگر بسهو از بابت اخراجات سيّما مذكورات فوق يا آن چه بعد از اين سانح شود چيزى بر آن سر كار حواله ننمايند تحصيلداران نطلبند، و تن را بديوان آورند كه محسوبست، و چون الوس حورائى كه مزارع و روامس برقانيه اند به زراعت و حواشى آنجا قيام نمايند، هيچ آفريده ايشانرا تكليف بردن بمحل ديگر ننمايد، و گذارند كه به زراعت و حواشى آنجا قيام نمايند، مال وجهات (1) الوس مزبوره را بر شيخ الإسلام مومى اليه مسلّم و حرّ و مرفوع القلم دانسته، به دستور سائر محال سيورغال مومى اليه عمل نمايند، و چون حكم جهانمطاع صادر شده كه چنانچه از باب دوشلكات ديوان اعلى از گرفتن دوشلكات آن سر كار ممنوع اند، ارباب دوشلكات عراق عرب نيز خود را ممنوع شناسند، و به هيچ عذر و بهانه در آنجا مدخل نسازند.

چون هدايت پناه مومى اليه جهت هدايت خلائق احيانا از نجف أشرف متوجّه بعضى از ممالك محروسه مى شوند سيما رماحيه و جوائز در ذهاب و اياب كمال تعظيم بتقديم رسانند، و سر كار مومى اليه و متعلّقان او را در غيبت به دستور حضور بر قرار دانسته از حوالات و مطالبات مستثنى شناسند، و چون در پايه سرير فلك مصير كه مجمع اكابر و اشراف و امراء و حكّام و اعيان ممالك محروسه است كائنا من كان ملازمت مقتدى الأنام مومى اليه نموده، مشار اليه بديدن احدى نرفته، حكام عراق عرب حفظ اين قاعده مرعى داشته، وظائف ملازمت بتقديم رسانيده


1- جاء في حاشية الحجريّة: نسخة الأصل: مال و جهات الوس. إلى آخره.

ص: 286

طمع استقبال و رفتن شيخ الإسلام موصى اليه بديدن ايشان ننمايند، فكيف كه تكليف حضور مجلس خود نمايند، و در جميع ابواب بنوعى رعايت ادب نمايند كه مزيدى بر آن متصور نباشد، و مقرّر است كه آن چه از مقرّرى سنوات سابقه از دار الضرب باقى مانده باشد بلا تعلل رسانيده، و سكه مدينة المؤمنين حلّه را نزد وكلاء عالى رتبت مومى اليه سپرده بى حضور ايشان سكه ننمايند، و از مخالفت محترز باشند، و چون حسب الحكم جميع محصولات برقانيه و توابع عن حصّه ارباب و ديوان در وجه قدسى سمات مومى اليه مقرّر است، حسب المسطور مقرّر دانسته عوض تخم طلب نمايند، و در عهده دانند، و بسند بقبض بهر عبارت و تاريخ كه باشد مستند نگردند، و تقدم و تأخّر تاريخ را اصلا معوّل عليه نشمرند، و افاضت پناه مومى اليه را در عدم تمكين حكم نقيض و تعزير هر كس كه مخالفت اين حكم نمايد مرخّص دانسته نهايت امداد نمايند، و از مخالفت كه موجب مؤاخذه است انديشه نمايند، أحكام مذكوره را به همان دستور مقرّر دانسته، از مضامين حكم جهانمطاع كه بتاريخ شهر محرم سنه ست و ثلاثين و تسعمائة صادر شده در جميع اين ابواب به تمامى قيود در نگذرند، و از آن عدول نجويند و خلاف كننده را ملعون و مطرود دانسته به مقتضاى آيه كريمه أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ (1) از مردودان اين دودمان شمرند، در اين ابواب قدغن دانسته تقصير ننمايند، و در عهده شناسند، و هر ساله در اين باب پرداخته و شأن مجدّد نطلبند، و شكر و شكايت وكلاء و گماشتگان ايشانرا عظيم مؤثّر شمرند.

تحريرا في سادس عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة 939.

در كنار اين رقم نوّاب شاه طهماسب أنار اللّه برهانه بخطّ شريف خود، بطريق و آداب شهادت باين عبارت نوشته، كه احكام مسطوره را و جميع احكام


1- البقرة 2: 161

ص: 287

كه در باره مقتدى الأنام مومى اليه صادر شده ممضى و منفذ دانسته، خلاف كننده را ملعون و مطرود دانند، كتبه طهماسب، انتهى [1].

ص: 288

ص: 289

ص: 290

و في تاريخ وقائع السنين، للأمير إسماعيل خاتون آبادي: إن في سنة 939 صدر الرقم، و أشار إلى الرقم المذكور قال: و إني قرأته من أوّله إلى آخره قال: و في سنة 940 كان وفاة الشيخ المحقق المدقق، مروّج مذهب أهل البيت

ص: 291

عليهم السلام، الشيخ علي بن عبد العالي، في يوم الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة (1).

فما في أمل الآمل من أن الوفاة كانت في سنة 937 من سهو القلم (2).

و في الرياض عن تاريخ عالم آرا (3): إنّه قدّس سره مات في مشهد علي عليه السلام، في ثامن عشر شهر ذي الحجة، و هو يوم الغدير، سنة أربعين و تسعمائة، في زمن السلطان شاه طهماسب المذكور.

و قال في موضع آخر: و قد صرّح الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي، والد شيخنا البهائي، بأن الشيخ علي الكركي قد قتل شهيدا (4)، و الظاهر أنه قد كان بالسم المستند إلى بعض أمناء الدولة المذكورين.

[في ذكر مشجرة مشايخ المحقق الكركي]
اشارة

هذا و يروي هذا الشيخ العظيم الشأن:

[الأول محمّد بن خاتون]

عن العالم الجليل شمس الدين محمّد بن خاتون، المتقدم ذكره في مشايخ المولى عبد اللّه التستري (5).

[الثاني الشيخ أحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي]

عن الشيخ أحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي.

عن زين الدين جعفر بن حسام العاملي.

إلى آخر ما تقدم في مشايخ سميّه الميسي (6).

[الثالث زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري]

و يروي (7) أيضا عن الطود الأعظم، و البحر الخضم، زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري، شيخ مشايخ الإمامية في عصره.


1- تاريخ وقائع السنين و الأعوام: 461.
2- أمل الآمل 1: 122.
3- في الرياض 3: 448 نقله عن تاريخ جهان آرا و هو غير عالم آرا.
4- رياض العلماء 3: 442.
5- تقدم في: 209.
6- تقدم في: 277.
7- أي: المحقق الكركي.

ص: 292

قال تلميذه المحقق الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين بن عيسى الذي كان صدرا في أيام بعض سلاطين المخالفين: فممّن قرأت عليه، و أخذت عنه، و اتصلت روايتي به، و لازمته دهرا طويلا، و أزمنة كثيرة، و هو أجلّ أشياخي و أشهرهم، و هو شيخ الشيعة الإمامية في زماننا غير منازع، شيخنا الشيخ الإمام السعيد، علّامة العلماء في المعقول و المنقول، المعمّر الأوحد الفاضل، ملحق الأحفاد بالأجداد، قدوة أهل العصر قاطبة، زين الملّة و الحق و الدين، أبو الحسن علي بن هلال قدس اللّه نفسه الزكية، و أفاض على مرقده المراحم الربانية. إلى أن قال: و كثيرا ما أقتصر على ذكره في أسانيدي- مع كثرة مشايخي- نظرا إلى جلالة قدره و إسناده (1).

و قال ابن أبي جمهور الأحسائي في أول عوالي اللآلي:

الطريق السادس عن شيخي- أيضا- و الأستاذ المرشد لي و لعامة الأصحاب إلى مناهج الصواب، أعني الشيخ الفاضل الكامل، الزاهد العابد، العلامة الشائع ذكره في جميع الأقطار، و المعلوم فضله و علمه في سائر الأمصار، زين الملّة و الحق و الدين، علي بن هلال الجزائري (2). إلى آخره.

و قال المحدث الجزائري في المقامات- في كلام له في تسبيح الزهراء عليها السلام-: و حكى لي من أثق به أن الشيخ العالم علي بن هلال الجزائري كان يتأنّى في أذكار هذه التسبيحة أكثر من ساعة، لأن كل لفظة من أذكارها تجري على لسانه تتقاطر دموعه معها.

عن صاحب المقامات العالية في العلم و العمل، و الخصال النفسانية التي لا توجد إلّا في الأقلّ، جمال الدين أبي العباس أحمد بن شمس الدين محمّد


1- انظر بحار الأنوار 108: 70.
2- عوالي اللآلي 1: 9.

ص: 293

ابن فهد الأسدي الحلي (1)، المتولد في سنة 757، المتوفى في سنة 841، المدفون في البستان المتصل بالمكان المعروف بخيمكاه في الحائر الحسيني، المتبرك بمزاره، صاحب التصانيف الرائقة الشائعة كالمهذب، و عدّة الداعي، و التحصين في العزلة، و غيرها.

و قد تقدم في ترجمة السيد علي خان الحويزاوي ذكر رسالة له فيها كرامة باهرة له، فراجع (2).

و قال النقاد الخبير الشيخ عبد النبي الكاظمي في ترجمته في تكملة الرجال: كان زاهدا مرتاضا عابدا، يميل إلى التصوف، و قد ناظر في زمان ميرزا اسبند (3) التركمان والي العراق من علماء المخالفين فأعجزهم، فصار ذلك سببا لتشيّع الوالي، و زين الخطبة و السكة بأسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام.

و من تصانيفه المشهورة كتاب المهذب، و الموجز، و التحرير، و عدة الداعي، و التحصين، و رسالة اللمعة الجلية في معرفة النيّة.

و يروى أنه رأى في الطيف أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه آخذا بيد السيد المرتضى رضي اللّه عنه يتماشيان في الروضة المطهرة الغروية، و ثيابهما من الحرير الأخضر، و تقدم الشيخ أحمد بن فهد و سلّم عليهما، فأجاباه. فقال السيد له: أهلا بناصرنا أهل البيت. ثم سأله السيد عن أسماء تصانيفه، فلمّا ذكرها له قال السيد: صنّف كتابا مشتملا على تحرير المسائل، و تسهيل الطرق و الدلائل، و اجعل مفتتح ذلك الكتاب: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه


1- للمحقق الكركي مشايخ عدة، ذكر هنا و في المشجرة اثنين. و من الباقين الشيخ محمد بن داود، عن ابن الشهيد، عن أبيه. و الشيخ أحمد العيناثي. و الشيخ جعفر بن حسام العاملي و غيرهم.
2- تقدم في صفحة: 172.
3- في المخطوطة: سنبيد، و في الحجريّة: اسيند، و الذي أثبتناه من المصدر، انظر كذلك مجالس المؤمنين 1: 580.

ص: 294

المقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات. فلمّا انتبه الشيخ الأجل شرع في تصنيف كتاب التحرير، و افتتحه بما ذكره السيد (1). إلى آخره.

[الرابع جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الأسدي الحلي]
اشارة

قال المحقق الكركي في الإجازة السابقة، بعد ذكر شيخه علي بن هلال:

و أجل أشياخه الذين قرأ عليهم و أخذ عنهم، و أفقههم و أزهدهم و أعبدهم و أتقاهم، الشيخ الأجل الزاهد العابد الورع، العلامة الأوحد، جمال الدين أبو العباس. إلى آخره (2).

[في ذكر مشجرة مشايخ ابن فهد الحلي]
اشارة

و هذا الشيخ (3) الجليل يروي:

عن جماعة من الأساطين، من أجلاء تلامذة الشهيد الأول و فخر المحققين:

الأول: الشيخ مقداد السيوري

و قد مرّ ذكره (4).

[الثاني الشيخ أبو الحسن علي الخازن الحائري، المعروف بعلي بن الخازن]

الثاني: الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أبي محمّد الحسن ابن الشيخ شمس الدين بن الحسن الخازن الحائري، المعروف بعلي بن الخازن، الفقيه الفاضل العالم الكامل.

قال الشهيد في إجازته له: و لما كان المولى الشيخ العالم التقي، المحصل الورع القائم بأعباء العلوم، الفائق أولي الفضائل و الفهوم، زين الدين أبي الحسن علي بن المرحوم السعيد الصدر (5) الكبير العالم عزّ الدين أبي محمّد الحسن ابن المرحوم المغفور سيّد الأمناء شمس الدين محمّد- الخازن بالحضرة الشريفة


1- تكملة الرجال 1: 144.
2- بحار الأنوار 108: 70.
3- أي الشيخ جمال الدين أبي العباس أحمد ابن شمس الدين محمّد بن فهد الأسدي الحلي.
4- تقدم في: 274.
5- في الحجريّة الصدق.

ص: 295

المقدسة المطهرة، مهبط ملائكة اللّه، و معدن رضوان اللّه، التي هي من أعظم رياض الجنة، المستقر بها سيد الإنس و الجنّة، إمام المتقين، و سيد الشهداء في العالمين، ريحانة رسول اللّه و سبطه و ولده أبي عبد اللّه الحسين ابن سيد العالمين أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب، صلوات اللّه عليهم أجمعين- ممّن رغب في اقتناء العلوم العقلية و النقلية، و الأدبية و الشرعية.

إلى أن قال: فليرو مولانا زين الدين علي بن الخازن- أدام اللّه تعالى بركته- جميع ذلك إن شاء بهذه الطرق و غيرها مما يزيد على الألف، و الضابط أن يصحّ عنده السند في ذلك- بعد الاحتياط التام- لي و له، و عليه أن يذكرني في حرم السبط الشهيد و حضرته المقدسة مدّة حياتي و بعد وفاتي، و يهدي إليّ دعواته المبرورة في الحضرة المشهورة الحائرية، صلوات اللّه على مشرفها و سلامه.

و كتب العبد الفقير إلى عفو ربّه و كرمه محمّد بن محمّد (1) بن أبي حامد بن مكّي، بدمشق المحروسة، منتصف نهار الأربعاء المعرب عن ثاني عشر شهر رمضان المبارك عمّت بركته، سنة أربع و ثمانين و سبعمائة (2). انتهى.

و هذه الإجازة طويلة، و قد ذكرها بتمامها الشيخ المجاز له أيضا في إجازته لأبي العباس بن فهد و قال في آخره: إلى هنا انتهى صورة ما حرّره و إجازة ما كتبه، عظّم اللّه أجره، و عوّضه عمّا وصله، بمحمّد و عترته، و المجاز له- علي ابن الحسن الخازن المذكور- قد أجاز للشيخ الفقيه جمال الدين أحمد- المشار إليه- جميع ما أجازه الشيخ شمس الدين محمّد و ذكره، و صورة ما كتبه:

فلينعم مولانا الشيخ جمال الدين أحمد أدام اللّه بركاته، و ليرو جميع ذلك لمن شاء متى شاء بهذه (3) الطرق بالشرائط المعتبرة بين أهل العلم قدس اللّه


1- نسخة بدل: محمد بن مكي بن محمد بن حامد بن. إلى آخره. (منه قدّس سرّه)
2- انظر بحار الأنوار 107: 187.
3- كذا في الحجرية، و في المصدر: بهذا الطريق.

ص: 296

أرواح السلف و وقّف ما فيه رضاء الخلف، و ليمهد الناظر في ذلك عذري، فإني لست من هذا المقام، و لا دونه و لا قريبا منه (1). إلى آخره.

عن شيخه الشهيد كما عرفت.

الثالث: الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المتوّج، المعروف بابن المتوّج البحراني

الثالث (2): الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المتوّج، المعروف بابن المتوّج البحراني

صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها النهاية في تفسير خمسمائة آية (في آيات الأحكام) (3).

و في الرياض في ترجمة والده: فاضل عالم فقيه، جليل أديب شاعر نبيل، و كان من أكابر العلماء و الفقهاء المتأخرين، و هو يعرف أيضا: بابن المتوّج، و الأشهر بهذه الكنية ولده، أعني الشيخ أحمد فخر الدين (4)، انتهى.

و في أول عوالي اللآلي، عند ذكر طرقه بعد ذكر الشيخ الجليل ابن فهد الأحسائي: عن شيخه العلامة خاتمة المجتهدين المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر الدين أحمد (5). إلى آخره.

عن شيخه الأجل فخر المحققين.

[الرابع السيد بهاء الدين علي بن السيد غياث الدين]
اشارة

الرابع: السيد الأجل الأكمل، الأرشد المؤيّد، العلّامة النحرير، بهاء الدين علي (6) بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد بن عبد اللّه ابن أحمد بن حسن بن علي بن محمّد بن علي غياث الدين- الذي خرج عليه جماعة من العرب بشط سوراء بالعراق، و حملوا عليه و سلبوه، فمانعهم عن سلب


1- انظر بحار الأنوار 107: 217.
2- من مشايخ أبو العباس بن فهد.
3- ما بين القوسين لم يرد في الحجرية.
4- رياض العلماء 3: 220.
5- عوالي اللآلي 1: 6.
6- في المشجرة: نسبه إلى جدّه، و لقبه: النشلي، و عدّ مشايخه كما هنا، و عدّه من مشايخ ابن فهد و لكن نسب كتاب الأنوار المضيئة إلى ابن فخار شيخ ابن معيّة، لا ابن عبد الحميد.

ص: 297

سراويله فضربه أحدهم فقتله. و كان عالما تقيا- ابن السيد جلال الدين عبد الحميد، الذي يروي عنه محمّد بن جعفر المشهدي في المزار الكبير، و قال فيه:

أخبرني السيد الأجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد اللّه بن أسامة العلوي الحسيني رضي اللّه عنه، في ذي القعدة من سنة ثمانين و خمسمائة قراءة عليه بحلّة الجامعين (1)، ابن عبد اللّه بن أسامة- المتولّي للنقابة بالعراق- ابن أحمد بن علي ابن محمّد بن عمر، الرئيس الجليل الذي ردّ اللّه على يده الحجر الأسود، لمّا نهبت القرامطة مكّة في سنة ثلاث و عشرين و ثلاثمائة، و أخذوا الحجر، و أتوا به إلى الكوفة، و علّقوه في السارية السابعة من المسجد التي كان ذكرها أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه قال ذات يوم بالكوفة: لا بدّ أن يصلب في هذه السارية (2)، و أومأ إلى السارية السابعة. و القصة طويلة (3). و بنى قبّة جده أمير المؤمنين عليه السلام من خالص ماله، ابن يحيى القائم بالكوفة ابن الحسين النقيب الطاهر ابن أبي عانقة أحمد الشاعر المحدث بن أبي علي عمر بن أبي الحسين يحيى- من أصحاب الكاظم عليه السلام، المقتول سنة خمسين و مائتين، الذي حمل رأسه في قوصرة إلى المستعين- بن أبي عبد اللّه الزاهد العابد الحسين الملقب بذي الدمعة، الذي ربّاه الصادق عليه السلام و أورثه علما جمّا، ابن زيد الشهيد بن السجاد عليه السلام النيلي النجفي النسابة.

و هو كما في الرياض: الفقيه الشاعر الماهر، العالم الفاضل الكامل، صاحب المقامات و الكرامات العظيمة، قدس اللّه روحه الشريفة، كان من أفاضل عصره و أعالم دهره، و كذا جدّه السيد عبد الحميد.

قال: و لعل السيد عبد الحميد جدّ هذا السيد، هو السيد جلال الدين


1- المزار الكبير (مخطوط): 147، و انظر كذلك بحار الأنوار 100: 394/ 27
2- انظر شرح ابن أبي الحديد على النهج 10: 14.
3- راجع معجم البلدان 2: 223- 224، و انظر كذلك البداية و النهاية 11: 160.

ص: 298

عبد الحميد بن عبد اللّه التقي الحسيني النسابة، الذي يروي عنه السيد شمس الدين فخار بن معد بن فخار الموسوي النسابة (1).

و بالجملة، فله مؤلفات شريفة قد أكثر من النقل عنها نقدة الأخبار و سدنة الآثار، أحسنها كتاب الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعية في مجلدات عديدة، قيل انها خمسة، و قد عثرنا بحمد اللّه تعالى على المجلّد الأول منه، و هو في الأصول الخمسة، و في ظهره فهرست جميع ما في هذه المجلّدات بترتيب بديع، و أسلوب عجيب، بخطّ كاتب الكتاب، و قد سقط من آخر الكتاب أوراق، و تاريخ الفهرست يوم الأحد 17 جمادى الأولى بالمشهد الشريف الغروي سلام اللّه على مشرفه سنة 777.

و يظهر من قرائن كثيرة أنّها نسخة الأصل، و يظهر من الفهرست أن في هذه المجلدات ما تشتهيه الأنفس من الحكمة الشرعية العلمية و العملية، و أبواب الفقه المحمدي، و الآداب و السنن و الأدعية المستخرجة من القرآن المجيد، و قد صرّح في أوائله أنه أورد على الكشاف ثمانمائة إيراد، و جمعها في مجلّدين: أحدهما خاص سمّاه: تبيان انحراف صاحب الكشاف، و الآخر عام سمّاه: النكت اللطاف الواردة على صاحب الكشاف.

و من بديع ما صنعه في هذا الكتاب ما ذكره في أوّله قال: دقيقة لطيفة عجيبة نشير إليها ليطلع الناظر فيه عليها، و هي أن جميع الآيات المذكورة في كتابنا هذا عدا ما شذّ عن النظر منها، إن شئت قرأت الآيات المذكورة في الكتاب بانفرادها من غير توقّف على شي ء مما هو مذكور من الكلام في أثنائها، و إن شئت قرأت الكلام بانفراده- كما بيّنا- تجده كما قلنا، و إن شئت فامزج الآيات و الكلام تجد المعنى على النظام.


1- رياض العلماء 4: 124.

ص: 299

و من طرائفه ما ذكره في أبواب معاجز النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: و أنا أقول: أقسم باللّه ربي، لقد كنت في أثناء كتابتي لهذه الفضائل العظيمة، و جمعي لهذه المعجزات الكريمة، عرض لي عارض لم أطق معه حمل رأسي، فكنت إذا رفعته صرعني، و إذا قمت أقعدني، و ضاق صدري، و خفت أن أغلب على إتمام ما أنا بصدده، فألهمت أن قلت: اللهم بحق محمّد عبدك و نبيك صاحب هذه الفضائل، و بحقّ آله المعصومين، صلّ عليهم أجمعين، و اصرف عنّي ما بي من هذه العلّة. فو اللّه العظيم لم يستتم كلامي حتى ذهب ذلك العارض كأنّه لم يكن، و قمت (كأنّما نشطت من عقال).

و من عجيب ما أدرجه فيه في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة قال: حكاية عجيبة حكاها والدي رحمه اللّه و وافقه عليها جماعة من أصحابنا، أن رجلا كان يقال له: محمّد بن أبي أذينة، كان تولّى مسبحة قرية لنا تسمى قرية نيلة، انقطع يوما في بيته فاستحضروه فلم يتمكن من الحضور، فسألوه عن السبب فكشف لهم عن بدنه، فإذا هو إلى وسطه ما عدا جانبي وركيه إلى طرفي ركبته محرق بالنار، و قد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار، فقالوا له: متى حصل لك ذلك؟.

قال: اعلموا أنّي رأيت في نومي كأن الساعة قد قامت، و الناس في حرج عظيم، و أكثرهم يساق إلى النار، و الأقل إلى الجنة، فكنت مع من سيق إلى الجنّة، فانتهى بنا المسير إلى قنطرة عظيمة في العرض و الطول فقيل: «هذا الصراط» فسرنا عليها، فإذا هي كلّ ما سلكنا فيها قل عرضها، و بعد طولها، فلم نبرح كذلك و نحن نسري عليها، حتى عادت كحدّ السيف، و إذا تحتها واد عظيم أوسع ما يكون من الأودية تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال، و الناس ما بين ناج و ساقط، فلم أزل أميل من جهة إلى أخرى حتى انتهيت إلى قريب من آخر القنطرة، فلم أتمالك حتى سقطت من عليها،

ص: 300

فخضت في تلك النار حتى انتهيت إلى الجرف، فجعلت كلّما نتشبث به لم يتماسك منه شي ء في يدي، و النار تحدرني بقوّة جريانها، و أنا أستغيث، و قد انذهلت و طار عقلي، و ذهب لبّي، فألهمت فقلت: يا علي بن أبي طالب، فنظرت فإذا رجل واقف على شفير الوادي، فوقع في روعي أنه الإمام علي عليه السلام فقلت: يا سيدي يا أمير المؤمنين. فقال: هات يدك، فمددت يدي، فقبض عليها و جذبني و ألقاني على الجرف، ثم أماط النار عن وركي بيده الشريفة، فانتبهت مرعوبا، و أنا كما ترون.

فإذا هو لم يسلم من النار إلّا ما مسّه الإمام عليه السلام، ثم مكث في منزله ثلاث أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتى بري ء، و كان بعد ذلك قلّ أن يذكر هذه الحكاية لأحد إلّا أصابته الحمى.

و أعجب من ذلك ما ذكره في البحث الأول من الباب الخامس، في بيان حقيقة النفس و بقائها بعد الموت و تجردها- بعد ذكر نبذة من الأدلّة العقلية و النقلية ما لفظه-: و يعضد صحّة هذا الخبر ما حكى لي أحد مشايخي عن شيخه، أنّه حكى له أحد طلبة العلم من العجم، أنه مات شخص من الأعاجم، و خرج الناس يصلّون عليه، و خرج معهم، فكشف له عن بصيرته فرأى مثالا على قدر النعش من أوّله إلى آخره مرتفعا عنه يسير بسيرة لا يفارقه، و هو يقول:

سألها جام جم به دست تو بودجون تو نشناختى كسى چه كند

برده بودى مرادت (1) أمده بودجون تو كج بأختي كسى چه كند

معناه: إن قدح الملك كان بيدك مدّة، لكن أنت ما عرفته، فما حيلة الغير؟ و قد كنت قاربت أن تغلب و تفوز بالغلبة، لكنك أفسدت ذلك بسوء


1- في الحجرية: داوت، هذا و الظاهر أنّ معنى البيت يستقيم مع ما أثبتناه.

ص: 301

تدبيرك، فما حيلة الغير (1)؟ انتهى.

و قال رحمه اللّه في ضمن أحوال الحجة عليه السلام، بعد نقل خبر علي ابن إبراهيم بن مهزيار و لقائه الإمام عليه السلام بقرب الطائف، ما لفظه: و أمّا الحمرة التي ذكرها صلّى اللّه عليه و على آبائه الطاهرين، فقد ظهر ليلة الاثنين خامس جمادى الأولى سنة اثنتين و سبعين و سبعمائة بعد العشاء الآخرة حمرة عظيمة أضاءت لها أقطار السماء، و كان خروجها من المغرب، و انتشرت حتى ملكت نصف الأفق، و شاهدها كثير من الناس بالمشهد الشريف الغروي سلام اللّه على مشرّفه.

و حكى لي الشيخ الصالح حسن بن عبد اللّه أنّه كان تلك الليلة بعذار زبيد (2) فلمّا ظهرت هذه الحمرة، و علا صوتها، توهم أهل العذار أنّ ذلك حريق عظيم وقع في بعض جمايعهم، فقاموا فزعين يتعرّفون ذلك، فشاهدوا الحمرة و فيها أعمدة بيض، عدّها جماعة منهم فكانت خمسة و عشرين عمودا، و للّه عاقبة الأمور (3).

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد بهاء الدين علي بن السيد غياث الدين]
اشارة

هذا، و يروي هذا السيد الجليل الهمام عن أربعة من المشايخ العظام:

الأول: فخر المحققين.
الثاني: السيد الأجل عميد الدين.
الثالث: أخوه الأرشد السيد ضياء الدين

قدس اللّه أرواحهم، بطرقهم الاتية (4).


1- الأنوار المضيئة:
2- عذار زبيد: عذار: اسم موضع بين الكوفة و البصرة على طريق الطفوف. انظر (معجم البلدان 4: 91)
3- الأنوار المضيئة: القسم المطبوع منه يخلو من هذا.
4- انظر طرقهم في: 399، 401.

ص: 302

[الرابع أبو عبد اللّه محمّد بن جمال الدين مكّي النبطي العاملي الجزيني الملقب بالشهيد الأول]
اشارة

الرابع: تاج الشريعة، و فخر الشيعة، شمس الملة و الدين، أبو عبد اللّه محمّد ابن الشيخ جمال الدين مكّي ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن حامد ابن أحمد النبطي العاملي الجزيني، أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيذ، جامع فنون الفضائل، و حاوي صنوف المعالي، و صاحب النفس الزكية القدسيّة القوية، التي ينبئ عنها ما ذكره السيد الجليل السيد حسين القزويني- المتقدم ذكره في مشايخ بحر العلوم (1)- في مقدمات شرحه على الشرائع قال: وجدت بخط الشيخ السيد السعيد صاحب حدائق الأبرار، من أحفاد الشارح الفاضل الشهيد الثاني، قال: وجدت بخط الشيخ ناصر البويهي، و هو من الفقهاء المتبحرين، و العلماء المتقين، ما هذا لفظه: إنه رأى في منامه كأنّه في قرية جزين، التي هي قرية الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي الشهير بالشهيد الأول، في سنة خمس و خمسين و تسعمائة، قال: ذهبت إلى باب بيت الشيخ الشهيد فطرقته فخرج الشيخ إليّ، فطلبت منه الكتاب الذي صنفه الشيخ جمال الدين بن المطهر في الاجتهاد، فدخل بيته و أتاني بالكتاب و معه كتاب آخر- و أظنّه في الروايات- فناولنيهما و استيقظت و هما معي (2) انتهى.

ولد رحمه اللّه سنة (734) أربع و ثلاثين و سبعمائة و استشهد في سنة 786 (3)، فكان عمره الشريف اثنتين و خمسين سنة.

و صرّح في أربعينه، أن فخر المحققين أجازه في داره بالحلة سنة 751 (4)، و كذا السيد عميد الدين في الحضرة (5) الحائرية، و ابن نما بعد هذا التاريخ (6)


1- تقدم في: 146.
2- شرح الشرائع: مخطوط.
3- في المشجرة: 795، و هو اشتباه.
4- الأربعون حديثا للشهيد الأول: 21/ 2.
5- الأربعون حديثا للشهيد الأول: 17.
6- الأربعون حديثا للشهيد الأول: 23/ 3.

ص: 303

بسنة، و كذا ابن معيّة بعده (1) بسنة، و المطارآبادي بعده (2) بسنة، فعلم أنه (رحمه اللّه) ارتحل إلى العراق و تلمّذ على تلامذة العلامة رحمه اللّه أوائل بلوغه، و هم جماعة كثيرة نشير إلى أساميهم الشريفة.

و قال (رحمه اللّه) في إجازته لابن الخازن: و أمّا مصنفات العامة و مرويّاتهم، فإنّي أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم، بمكة و المدينة و دار السلام بغداد و مصر و دمشق و بيت المقدس و مقام الخليل إبراهيم عليه السلام (3).

و من تأمل في مدّة عمره الشريف، و مسافرته إلى تلك البلاد، و تصانيفه الرائقة في الفنون الشرعية، و إنظاره الدقيقة، و تبحّره في الفنون العربية و الأشعار و القصص النافعة- كما يظهر من مجاميعه- يعلم أنه من الذين اختارهم اللّه تعالى لتكميل عباده و عمارة بلاده، و أن كلّ ما قيل أو يقال في حقّه فهو دون مقامه و مرتبته.

قال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى: و مرويّات شيخنا الشيخ الإمام شيخ الإسلام علامة المتقدمين، و رئيس المتأخرين، حلّال المشكلات، و كشّاف المعضلات، صاحب التحقيقات الفائقة و التدقيقات الرائقة، حبر العلماء، و علم الفقهاء، شمس الملة و الحق و الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن مكي الملقب بالشهيد، رفع اللّه درجته في عليين، و حشره في زمرة أئمته الطاهرين [صلوات اللّه عليهم أجمعين] (4) ثم ساق سنده إليه و قال: و لنا إلى شيخنا هذا عدّة أسانيد أخر، و لنا به مزيد اختصاص، لأنّه شيخ


1- الأربعون حديثا للشهيد الأول: 26/ 5.
2- الأربعون حديثا للشهيد الأول: 24/ 4.
3- انظر بحار الأنوار 107: 190.
4- ما بين المعقوفين من المصدر.

ص: 304

أسلافنا، و اختصاصهم به أمر مشهور، إلّا أنّ هذا الإسناد أجلّها (1).

و قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة: و أمّا مصنفات شيخنا الإمام الأعظم، محيي ما درس من سنن المرسلين، و محقق حقائق الأولين و الآخرين، الإمام السعيد أبي عبد اللّه الشهيد (2).

و في أول المقابيس: و منها الشهيد الشيخ الهمام، قدوة الأنام و فريدة الأيام، علامة العلماء العظام، مفتي طوائف الإسلام، ملاذ الفضلاء الكرام، خرّيت طريق التحقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق، مهذّب مسائل الدين الوثيق، مقرّب مقاصد الشريعة من كلّ فج عميق، السارح في مسارح العرفاء و المتألّهين، العارج إلى أعلا مراتب العلماء الفقهاء المتبحرين، و أقصى منازل الشهداء السعداء المنتجبين (3). إلى آخره.

و قوله (رحمه اللّه): و أقصى منازل الشهداء، إشارة إلى كيفيّة شهادته، و أنه (رحمه اللّه) قتل بأفظع أقسام القتل و أشدّه، و أحرقه لقلوب المؤمنين.

قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) في البحار: وجدت في بعض المواضع ما هذه صورته: قال السيد عزّ الدين بن حمزة بن محسن الحسيني رحمه اللّه وجدت بخطّ شيخنا المرحوم المغفور، العالم العابد، أبي عبد اللّه المقداد السيوري ما هذا صورته: كانت وفاة شيخنا الأعظم، الشهيد الأكرم- أعني شمس الدين محمّد بن مكّي قدّس في حظيرة القدس سرّه- تاسع عشر (4) جمادى الأولى سنة ست و ثمانين و سبعمائة، قتل بالسيف، ثم صلب، ثم رجم، ثم أحرق ببلدة دمشق، لعن اللّه الفاعلين لذلك، و الراضين به، في دولة بيدمر


1- بحار الأنوار 108: 70.
2- بحار الأنوار 108: 149.
3- مقابس الأنوار: 13.
4- في البحار: تاسع جمادى الأولى.

ص: 305

و سلطنة برقوق، بفتوى المالكي يسمى: برهان الدين، و عباد بن جماعة الشافعي، و تعصّب عليه في ذلك جماعة كثيرة بعد أن حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة.

و كان سبب حبسه أن وشى به تقي الدين (الجبلي أو) (1) الخيامي بعد ظهور أمارة الارتداد منه، و أنّه كان عاملا. ثم بعد وفاة هذا الواشي (2) قام على طريقته شخص اسمه يوسف بن يحيى و ارتدّ عن مذهب الإمامية، و كتب محضرا شنّع فيه على الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي ما قالته الشيعة و معتقداتهم، و أنّه كان أفتى بها الشيخ ابن مكي، و كتب في ذلك المحضر سبعون نفسا من أهل الجبل ممّن يقول بالإمامة و التشيّع، و ارتدوا عن ذلك، و كتبوا خطوطهم تعصبّا مع يوسف بن يحيى في هذا الشأن، و كتب في هذا ما يزيد على ألف من أهل السواحل من المتسنّين، و أثبتوا ذلك عند قاضي بيروت- و قيل: قاضي صيدا- و أتوا بالمحضر إلى القاضي ابن جماعة لعنه اللّه بدمشق فنفذه إلى القاضي المالكي و قال له: تحكم فيه بمذهبك و إلّا عزلتك.

فجمع الملك بيدمر الأمراء و القضاة و الشيوخ لعنهم اللّه جميعا، و أحضروا الشيخ رحمه اللّه و أحضروا المحضر و قرئ عليه فأنكر ذلك، و ذكر أنّه غير معتقد له- مراعيا للتقية الواجبة- فلم يقبل ذلك منه، و قيل له:

قد ثبت ذلك شرعا، و لا ينتقض حكم القاضي.

فقال الشيخ للقاضي ابن جماعة: إني شافعي المذهب، و أنت إمام المذهب و قاضيه، فاحكم في بمذهبك. و إنّما قال الشيخ ذلك لأن الشافعي يجوّز توبة المرتد عنده.


1- ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
2- نسخة بدل: الفاجر (منه قدس سرّه)

ص: 306

فقال ابن جماعة: على مذهبي يجب حبسك سنة كاملة، ثم استتابتك، أمّا الحبس فقد حبست، و لكن أنت استغفر اللّه حتى أحكم بإسلامك. فقال الشيخ: ما فعلت ما يوجب الاستغفار، خوفا من أن يستغفر فيثبت عليه الذنب. فاستغلظه ابن جماعة لعنه اللّه و أكّد عليه، فأبى عن الاستغفار، فسارّه ساعة ثم قال: استغفرت، فثبت الذنب.

ثم قال- للمالكي- (1): الآن ما عاد الحكم إليّ، غدرا (2) منه و عنادا لأهل البيت عليهم السلام. ثم قال عباد: الحكم عاد إلى المالكي.

فقام المالكي و توضأ و صلّى ركعتين ثم قال: حكمت بإهراق دمك، فألبسوه اللباس، و فعل به ما قلناه من القتل و الصلب و الرجم و الإحراق، و ساعد في إحراقه شخص يقال له: محمّد بن الترمذي (3)، و كان تاجرا فاجرا، لعنة اللّه عليهم أجمعين (4). انتهى.

قال المجلسي (رحمه اللّه): وجد بخطّ ولد الشيخ الشهيد علي، إجازة والده الشهيد للشيخ ابن الخازن الحائري، التي كانت بخطّ أبيه. الشهيد المجيز المذكور، ما هذه صورته: استشهد والدي الإمام العلامة كاتب الخط الشريف شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن مكي بن محمّد بن حامد، شهيدا حريقا بعده بالنار، يوم الخميس تاسع جمادى الأولى، سنة ست و ثمانين و سبعمائة، و كلّ ذلك فعل برحبة قلعة دمشق (5). انتهى.

و اعلم أنه (رحمه اللّه) أوّل من لقب بالشهيد، و أوّل من هذّب كتاب


1- لم يرد في المصدر.
2- في المخطوطة: عذرا، و ما أثبتناه من المصدر.
3- في المصدر: الترمذي.
4- بحار الأنوار 107: 185.
5- بحار الأنوار 107: 186.

ص: 307

الفقه عن نقل أقاويل المخالفين، و ذكر آراء المبدعين، و قد أكمل اللّه تعالى له النعمة، و جعل العلم و الفضل و التقوى فيه و في ولده و أهل بيته.

أمّا زوجته ففي الأمل: أم علي زوجة الشيخ الشهيد كانت فاضلة، تقيّة، فقيهة، عابدة، و كان الشهيد (رحمه اللّه) يثني عليها، و يأمر النساء بالرجوع إليها (1).

و أمّا ولده: فمن الذكور:

الشيخ رضي الدين أبو طالب محمّد.

و الشيخ ضياء الدين أبو القاسم- أو أبو الحسن- علي، و قد مرّ (2) ذكرهما، و أنّهما من الفقهاء المشايخ الأجلاء.

و الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن. في الأمل: فاضل محقق فقيه، يروي عن أبيه. و قد أجاز له، و لأخيه رضي الدين أبي طالب محمّد، و لأخيه ضياء الدين أبي القاسم علي (3).

و من أحفاد الشيخ ضياء الدين الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق بن مكّي بن عبد الرزاق بن ضياء الدين علي.

في الرياض: هو من أجلّة أحفاد شيخنا الشهيد قدس سره فاضل عالم، فقيه متكلّم، محقق مدقق، جامع للعلوم العقلية و النقلية و الأدبية و الرياضية، و كان معاصرا للشيخ (البهائي و هو) (4) قد سكن بشيراز مدة طويلة، و قد نقل أنه لمّا ألّف البهائي كتاب الحبل المتين أرسله إليه بشيراز ليطالع فيه و يستحسنه، و كان البهائي يعتقده و يمدحه، و بعد ما طالعة كتب عليه التعليقات، و حواشي


1- أمل الآمل 1: 193/ 214.
2- تقدم ذكرهما- على التوالي-: 276، 273.
3- أمل الآمل 1: 67/ 58.
4- ما بين القوسين لم يرد في المصدر.

ص: 308

و تحقيقات، بل مؤاخذات أيضا.

و لهذا الشيخ أولاد و أحفاد، و هم إلى الآن موجودون يسكنون في بلدة طهران، و منهم الشيخ خير الدين المعاصر لنا، و هو أيضا رجل مؤمن صالح فاضل خير لا بأس به.

و بالجملة سلسلته خلف عن سلف كانوا أهل الخير و البركة اسما و رسما، و له من المؤلفات كتب في الفقه و الرياضي، و غيرهما (1). انتهى.

و من الإناث: أم الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ، في الأمل: إنّها قد كانت عالمة فاضلة فقيهة، صالحة عابدة، سمعت من المشايخ مدحها و الثناء عليها، تروي عن أبيها و عن ابن معية شيخ والدها- إجازة- و كان أبوها يثني عليها، و يأمر النساء بالاقتداء بها و الرجوع إليها في أحكام الحيض و الصلاة و نحوها (2). انتهى.

قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة: و رأيت خطّ هذا السيّد المعظم- يعني تاج الدين بن معيّة- بالإجازة لشيخنا الشهيد شمس الدين محمّد بن مكّي، و لولديه محمّد و علي، و لأختهما أم الحسن فاطمة المدعوّة بست المشايخ (3).

هذا، و أمّا والده، فقال المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم في إجازته الكبيرة:

و وجدت بخطّ شيخنا الشهيد في آخر الإجازة السابقة، تحت خط شيخ محمّد ابن صالح كاتبها، ما هذا لفظه: أروي جميع هذه عن الشيخ العلامة الأديب، رضي الحق و الدين، أبي الحسن علي ابن المرحوم المغفور العالم الشيخ السعيد جمال الدين أحمد الحلي المعروف: بابن المزيدي، عن المجيز المرحوم بلا


1- رياض العلماء 2: 260.
2- أمل الآمل 1: 193/ 213.
3- انظر بحار الأنوار 108: 152.

ص: 309

واسطة. فقد أجزت روايتها و رواية جميع ما صنّفته و ألّفته و رويته لأولادي الثلاثة: رضي الدين أبي طالب محمّد، و ضياء الدين أبي القاسم علي، و جمال الدين أبي منصور الحسن، أسأل اللّه جلّ جلاله أن يصلّى على محمّد و آل محمّد، و أن يبلغني فيهم أملي من كلّ خير، و أن يجعلهم أولياء للّه مطيعين له، و أن يجعل لهم ذرية صالحة عالمين عاملين، انه أرحم الراحمين.

و قد كان والدي جمال الدين أبو محمّد مكي رحمه اللّه من تلامذة المجاز له الشيخ العلامة الفاضل نجم الدين طومان، و المترددين إليه إلى حين سفره إلى الحجاز الشريف، و وفاته بطيبة في نحو سنة ثمان و عشرين و سبعمائة أو ما قاربها، رحمة اللّه عليهم أجمعين، انتهى (1).

و مما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام، أن كتابه الشريف المسمّى بالدروس غير تام، لا يوجد فيه من أبواب الفقه: الضمان، العارية، الوديعة، المضاربة، الإجارة، الوكالة، السبق و الرماية، النكاح، الطلاق، الخلع، المبارأة، الإيلاء، الظهار، العهد، الحدود، القصاص، الديات. و نهض لإكماله و إتمامه العالم الجليل السيد جعفر الملحوس، و ذكر في آخره: أنه لما رآه حسرة بين العلماء ندبت نفسي على قلّة البضاعة و عدم الفراغ و كؤد الزمان وجور أهله، أطمعت نفسي في إكماله، فنفذ ما أطمعت نفسي فيه. إلى أن ذكر بعض الوصايا لولده.

منها: عليك- يا بني- بإجلال العلماء العاملين الذين لم يتخذوا العلم بضاعة للدنيا، الذين شروا أنفسهم للّه، الذين مدحهم اللّه في محكم كتابه بقوله سبحانه وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (2).


1- انظر كذلك بحار الأنوار 109: 20.
2- العنكبوت 29. 69.

ص: 310

و تدبّر ما قلت لك، و تحفظ عني ما أوصيتك به هنا، و في كتابنا الموسوم بالمنتخب، تكن من الفائزين، فهناك قد بسطت لك قولي فيما أردتك به.

إلى أن قال: و وافق الفراغ من جمعه و كتابته آخر نهار العصر، سادس عشرين شهر رجب الأصبّ المبارك سنة ست و ثلاثين و ثمانمائة هجرية نبويّة، على يد العبد الضعيف جعفر بن أحمد الملحوس الحسني (1) انتهى.

و هذا الكتاب الشريف موجود الآن في مدرسة فاضل خان المتصلة بالحرم الشريف الرضوي على مشرّفه السلام، و لم أجد للسيد المذكور ترجمة فيما عندي من تراجم العلماء، إلّا أنّه يظهر من هذا الكتاب علوّ فهمه، و تبحّره و استقامته.

و في آخر بلدة الحلّة صحن وسيع و قبّة عالية تعرف هناك بقبّة الشيخ منتجب الدين يحيى بن سعيد ابن عمّ المحقق.

و يقال: في القبّة المذكورة قبر سيف الدولة ابن دبيس ممصرّ الحلّة، و ليس لهما أثر محرّر أو صخرة أو تاريخ، و على الصخرة الكاشي المثبتة على باب القبة منقوش بخط قديم: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (2). هذا قبر العالم العامل الفاضل الكامل قدوة العارفين، و عمدة العاملين، سرّ علوم أهل البيت، المنزّه في فتواه عن عسى و لعل و ليت، مشيّد قواعد الإرشاد، و ممهد شرائع السداد، مالك أزمّة الفضل بتقريره، و سالك مسالك العدل بتهذيبه و تحريره، جامع ما تفرق من الأوصاف، حاوي ما تعجز عن شرح منهاجه ألسن الوصّاف، تذكرة الفقهاء، و تبصرة العلماء، و لمعة يستغنى بها لاقتباس العلوم، و ذكري يتوصّل بها إلى إثبات كلّ منطوق و مفهوم، كاشف مشكلات الدروس، شمس الملة و الحق


1- إكمال الدروس: مخطوط.
2- الزمر 39: 9.

ص: 311

و الدنيا و الدين، السيد محمّد جلال الدين بن جعفر ملحوس، أسكنه اللّه فسيح الجنان، و جاد على ذلك الوجه الجميل بالعارض الهتان. انتهى.

فهو ابن صاحب التكملة، و لعلّه مدفون مع والده، و اللّه العالم.

تنبيه: عدّ المجلسي من جملة كتب الشهيد كتاب الاستدراك، في الفصل الأول من أول بحاره (1).

و قال في الفصل الثاني: و مؤلّفات الشهيد مشهورة كمؤلّفها العلامة، إلّا كتاب الاستدراك، فانّي لم أظفر بأصل الكتاب، و وجدت أخبارا مأخوذة منه بخطّ الشيخ الفاضل محمّد بن علي الجبعي، و ذكر أنّه نقلها من خطّ الشهيد رفع اللّه درجته (2) انتهى.

و هذه غفلة عجيبة منه، فإن الشهيد ينقل عن الاستدراك في المأخذ الذي ذكره و وصل إلينا بحمد اللّه تعالى، و صرّح بأنّه من القدماء.

قال في موضع من تلك المجموعة: هذه من دعوات مولانا الإمام أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في دخلاته على المنصور، و قد ذكر صاحب الاستدراك منها ثلاثا و عشرين، و هو يروي عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه و طبقته، و عن جماعة بمصر و خراسان (3). انتهى، فعدّ الاستدراك من كتبه سهو ظاهر.

و اعلم أن طرق إجازات علمائنا على كثرتها و تشتّتها تنتهي إلى هذا الشيخ العظيم الشأن، و لم أعثر على طريق لا تمرّ عليه إلّا على قليل أشار إليها صاحب المعالم في إجازته (4).


1- بحار الأنوار 1: 10.
2- بحار الأنوار 1: 29.
3- مجموعة الشهيد: 147.
4- بحار الأنوار 109: 1.

ص: 312

[في ذكر مشجرة مشايخ الشهيد الأول]
اشارة

و يروي قدس اللّه سره: عن جم غفير من حفّاظ الدين، و حرّاس الشرع المبين، جلّهم من تلامذة آية اللّه في العالمين (1).

[الأول السيد تاج الدين أبو عبد اللّه محمّد بن جلال الدين أبي جعفر القاسم العلوي الحسني الديباجي المعروف بابن معية]
اشارة

أولهم: السيد الجليل العالم النسابة، تاج الدين أبو عبد اللّه محمّد ابن السيد جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن المحسن بن الحسين بن محمّد بن الحسين القصري ابن أبي الطيب محمّد بن الحسين القيومي ابن أبي القاسم علي ابن أبي عبد اللّه الحسين الخطيب بالكوفة ابن أبي القاسم علي- المعروف بابن معيّة- بن الحسن (بن الحسن) (2) بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الإمام السبط أبي محمّد الحسن عليه السلام، العلوي الحسني الديباجي.

قال الشهيد (رحمه اللّه) في مجموعته: مات السيد المذكور ثامن ربيع الآخر سنة ستّ و سبعين و سبعمائة بالحلة، و حمل إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام.

قال (رحمه اللّه): قد أجاز لي هذا السيد مرارا، و أجاز لولديّ أبي طالب محمّد و أبي القاسم علي، في سنة ست و سبعين و سبعمائة قبل موته، و خطّه عندي شاهدا (3). انتهى.

و هذا السيد جليل القدر، عظيم الشأن، واسع الرواية، كثير المشايخ.

قال تلميذه في كتاب عمدة الطالب، في ترجمة والده: و له ابنان أحدهما:

زكي الدين مات عن بنت و انقرض، و الآخر: شيخي المولى السيد العالم، الفاضل الفقيه، الحاسب النسابة، المصنّف، اليه انتهى علم النسب في زمانه،


1- انظر بحار الأنوار 107: 186- 201.
2- ما بين القوسين لم يرد في المخطوطة، انظر عمدة الطالب: 162.
3- مجموعة الشهيد: المجموعة التي بأيدينا لم يرد فيها ذلك.

ص: 313

و له الإسناد العالية و السماعات الشريفة. إلى آخر ما قال (1).

و في الأمل: فاضل عالم، جليل القدر، شاعر أديب، يروي عنه الشهيد، و ذكر في بعض إجازاته أنه أعجوبة الزمان في جميع الفضائل و المآثر (2).

انتهى.

قال الشهيد في مجموعته- التي كلّها بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي-:

قال القاضي تاج الدين: لمّا أذن لي والدي بالفتياء ناولني رقعة، قال: اكتب عليها، فلمّا أمسكت القلم قبض على يدي و قال: أمسك فإنّك لا تدري أين يؤدّيك قلمك، ثم قال: هكذا فعل معي شيخي لمّا أذن لي، و قال لي شيخي:

هكذا فعل معي شيخي (3).

و من كلام القاضي تاج الدين دام ظلّه: إن القول في الدين، و الإقدام على مخالفة ما استقرت عليه فتوى الأكثرين ليس بإلهين، إنّما هي دماء تسفك و تسفح، و أعراض تهتك و تفضح، و فروج تحلّل و تفتح، و صدور تضيق أو تشرح، و قلوب تكسر أو تجبر أو تفسح، و أموال تباذل بها و تسمح، و نظام وجود يفسد أو يصلح، و أمانات تنزع أو تودع، و مقادير ترفع أو توضع، و أعمال تشهد على اللّه أنّها صالحة أو طالحة، و كرة يحكم بأنها خاسرة أو رابحة، و إن ذلك في الحقيقة منسوب إلى اللّه، إليه يعزوه، و عنه يقوله، و على نفسه ينادي بأنّه الشرع الذي جاء به عن اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله (4). انتهى.

و قد مرّ في أول هذه الفائدة (5)، إنّ المحقق صاحب المعالم قال في إجازته


1- عمدة الطالب: 169.
2- أمل الآمل 2: 294.
3- مجموعة الشهيد:
4- لم نعثر عليه.
5- مرّ في صفحة. 12.

ص: 314

الكبيرة: إن السيد الأجل، العلامة النسابة، تاج الدين أبا عبد اللّه محمّد بن السيد أبي القاسم بن معيّة الديباجي الحسني، يروي عن جمّ غفير من علمائنا الذين كانوا في عصره، و أسماؤهم مسطورة بخطّه في إجازته لشيخنا الشهيد الأول و هي عندي (1). ثم أوردها، و هم ثلاثون من أعاظم العلماء كما عرفت، إلّا أنّا عثرنا على إسناد له عال إلى الإمام العسكري عليه السلام و هو من خصائصه.

ففي المجموعة المتقدمة قال الشيخ الجباعي: قال السيد تاج الدين محمّد ابن معيّة الحسني- أحسن اللّه إليه- حدثني والدي القاسم بن الحسين بن معيّة الحسني- تجاوز اللّه عن سيئاته- إن المعمّر بن غوث السنبسي ورد إلى الحلة مرتين: إحداهما قديمة لا أحقّق تاريخها، و الأخرى قبل فتح بغداد بسنتين.

قال والدي: و كنت حينئذ ابن ثمان سنوات، و نزل على الفقيه مفيد بن جهم، و تردّد إليه الناس، و زاره خالي السعيد تاج الدين بن معيّة و أنا معه طفل ابن ثمان سنوات، و رأيته و كان شيخا طوالا من الرجال يعدّ في الكهول، و كان ذراعه كأنّه الخشبة الملحدة، و يركب الخيل العتاق، و أقام أياما بالحلة، و كان يحكي أنه كان أحد غلمان الإمام أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، و أنه شاهد ولادة القائم عليه السلام.

قال والدي رحمه اللّه: و سمعت الشيخ مفيد الدين بن جهم يحكي بعد مفارقته و سفره عن الحلة أنه قال: أخبرنا بشي ء لا يمكننا الآن إشاعته، و كانوا يقولون أنه أخبره بزوال ملك بني العباس، فلمّا مضى لذلك سنتان أو ما يقاربهما أخذت بغداد، و قتل المستعصم، و انقرض ملك بني العباس، فسبحان من له الدوام و البقاء.


1- انظر بحار الأنوار 109: 8.

ص: 315

و كتب ذلك محمّد بن علي الجباعي، من خطّ السيد تاج الدين، يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع و خمسين و ثمانمائة (1).

و نقل الجباعي من خطّ السيد خبرين بهذا الإسناد:

أحدهما: بالإسناد عن المعمّر بن غوث السنبسي، عن أبي الحسن الراعي، عن نوفل السلمي قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

إن اللّه خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته، و هم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن (2).

و الثاني: بالإسناد عنه، عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، أنه قال: أحسن ظنّك و لو بحجر يطرح اللّه شرّه فيه فتتناول حظّك منه، فقلت: أيّدك اللّه، حتى بحجر؟ قال: أ فلا ترى الحجر الأسود (3)؟

انتهى.

قال ابن أبي جمهور في أوائل عوالي اللآلي: و حدثني المولى العالم الواعظ وجيه الدين عبد اللّه ابن المولى علاء الدين فتح اللّه بن عبد الملك بن فتحان الواعظ- القمي الأصل القاشاني المسكن- عن جدّه عبد الملك، عن الشيخ الكامل العلامة خاتمة المجتهدين أبي العباس احمد بن فهد قال: حدثني المولى السيد العلامة أبو العز جلال الدين عبد اللّه بن سعيد المرحوم شرف شاه الحسيني (رضي اللّه عنه) قال: حدثني شيخي الإمام العلامة مولانا نصير الدين علي بن محمّد القاشاني قدس اللّه نفسه قال: حدثني السيد جلال الدين بن دار الصخر قال: حدثني الشيخ الفقيه نجم الدين أبو القاسم بن سعيد قال:

حدثني الشيخ الفقيه مفيد الدين محمّد بن الجهم قال: حدثني المعمر السنبسي


1- مجموعة الشهيد: لم نعثر على ذلك في ما بأيدينا.
2- مجموعة الشهيد: لم نعثر على ذلك في ما بأيدينا.
3- مجموعة الشهيد: لم نعثر على ذلك في ما بأيدينا.

ص: 316

قال: سمعت من مولاي أبي محمّد الحسن العسكري عليه و على آبائه و ولده أفضل الصلاة و السلام يقول: أحسن ظنّك. إلى آخره، و فيه: يطرح اللّه فيه سرّه- بالسين المهملة (1)-.

و لا يخفى أن رواية مثل المحقق هذا الخبر بهذا السند من الشواهد الجزميّة على صحّة الحكاية المذكورة، و العجب أن السيد المحدث السيد نعمة اللّه الجزائري في شرحه (2) على العوالي أشار إلى المتن و لم يلتفت إلى سنده، و أن ابن جهم الفقيه كيف يروي عن الإمام العسكري عليه السلام بواسطة واحدة و بينهما قريب من أربعمائة سنة: فهو إما مرسل يبعّده قوله: حدثني و سمعت، أو مشتمل على أمر غريب لا بدّ من الإشارة إليه، و قد أوضحناه بحمد اللّه تعالى.

و اعلم أنّ الشهيد (رحمه اللّه) يشارك شيخه هذا في الرواية عن كثير من مشايخه، فإنّهما متقاربا العصر، إذ بين وفاتيهما عشر سنين، فلذا أعرضنا عن ذكرهم و طرقهم حذرا من التكرار، و بقي جمع لم نعثر على رواية الشهيد عنهم، فلا بد من الإشارة إلى بعضهم:

[في ذكر مشجرة مشايخ السيد تاج الدين الديباجي ابن معية]
[الأول السيد علم الدين المرتضى علي بن جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد]

الأول: العالم الجليل السيد علم الدين المرتضى علي ابن السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد ابن السيد النسابة شيخ الشرف فخار بن معد ابن فخار بن أحمد بن محمّد بن أبي الغنائم محمّد بن الحسين بن محمّد الحائري ابن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام.

قال صاحب عمدة الطالب- في ذكر أبي الغنائم محمّد-: فمن عقب أبي


1- عوالي اللآلي 1: 24.
2- شرح عوالي اللآلي: غير متوفر لدينا.

ص: 317

الغنائم: آل شتى، و آل فخار، منهم شيخنا علم الدين المرتضى علي ابن شيخنا جلال الدين عبد الحميد بن شيخنا شمس الدين فخار بن معد (1).

إلى آخره.

و السيد تاج الدين لم يعبر عن أحد مشايخه الذين ذكر أساميهم بقوله:

شيخي، إلّا هذا السيد فقال: و شيخي السعيد المرحوم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي. و منه يعلم مزيد اختصاصه به و أخذه عنه.

و في الأمل- بعد الترجمة-: فاضل فقيه، يروي ابن معيّة، عنه [عن أبيه] (2) عن جده فخّار. له كتاب الأنوار المضيئة في أحوال المهدي عليه السلام (3)، انتهى.

و فيه و هم من جهتين، فإنّ الأنوار المضيئة (4)- كما مرّ- لسميّه النيلي المتأخّر عنه و ليس في أحوال المهدي عليه السلام و إن ذكر حاله فيه.

و لصاحب الرياض و الروضات (5) هنا أوهام و اختلاط لم نر فائدة في التعرّض لها.

عن والده السيد النسابة. و زين مسند النقابة، جلال الدين عبد الحميد.

في الأمل: كان فاضلا محدّثا راويا عن تلامذة ابن شهرآشوب، عنه.

له كتاب ينقل عنه الحسن بن سليمان بن خالد الحلّي في مختصر البصائر (6)،


1- عمدة الطالب: 216.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، و كذلك انظر رياض العلماء 4: 90.
3- أمل الآمل 2: 191.
4- نسب الوهم للآخرين، و هو قد و هم في المشجرة في نسبته.
5- انظر رياض العلماء 4: 90 و روضات الجنات 5: 348.
6- أمل الآمل 2: 145.

ص: 318

انتهى.

و فيه أوهام:

الأول: إنه لا يروي عن تلامذة السروي، و هو ظاهر لمن عرف طبقاتهم.

الثاني: أن الحسن بن سليمان لم يذكر له كتابا، و إنّما قال في المختصر هكذا: و ممّا رواه لي و رويته عنه (1). إلى آخره. و هو أعمّ من نقله عن كتابه أو جعله شيخا لإجازة الرواية عن كتب من تقدم عليه.

الثالث: أن المذكور في المختصر هكذا: و مما رواه لي، و رويته عن السيد الجليل السعيد بهاء الدين علي بن السيد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني (2). إلى آخره. و أنت خبير بأن المراد منه السيد علي صاحب الأنوار المضيئة، الذي يروي عن الشهيد، الراوي عن السيد تاج الدين، الراوي (عن السيد علي الراوي) (3) عن أبيه عبد الحميد. فكيف يروي عنه صاحب المختصر و هو متأخر عنه بطبقات؟

الرابع: أن الموجود في المختصر الابن لا الأب، فلا ربط له بالترجمة.

عن والده الأرشد الأسعد فخار بن معد، الآتي في مشايخ المحقق الحلي (رحمه اللّه) (4).

الثاني: ظهير الدين محمّد بن فخر المحققين

الثاني: ظهير الدين محمّد بن فخر المحققين (5)

في الأمل: كان


1- مختصر بصائر الدرجات: 50.
2- مختصر بصائر الدرجات: 50.
3- ما بين القوسين لم يرد في المخطوطة.
4- يأتي في: 409 و 419.
5- ذكره في المشجرة، و هو من مشايخ ابن معيّة، هذا و يروي عن والده فخر المحققين، عن جدّه العلامة.

ص: 319

فاضلا فقيها وجيها، يروي عنه ابن معيّة، و يروي عن أبيه، عن جدّه العلامة (1).

الثالث: السيّد السعيد مجد الدين محمّد بن علي الأعرج الحسيني

الثالث: السيّد السعيد مجد الدين محمّد بن علي الأعرج الحسيني (2)

العالم الفاضل الفقيه، والد السيدين الجليلين: ضياء الدين عبد اللّه، و عميد الدين عبد المطلب. يروي عن العلامة (رحمه اللّه).

الرابع: السيد أبو القاسم علي ابن السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس

الرابع: السيد أبو القاسم علي (3) ابن السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس

في الأمل: كان فاضلا صدوقا (4).

و في الرياض: رأيت بخطّ ابن داود على آخر نسخة من كتاب الفصيح المنظوم لثعلب، نظم ابن أبي الحديد المعتزلي، بهذه العبارة: بلغت المعارضة بخطّ المصنّف مع مولانا النقيب الطاهر العلّامة مالك الرق رضي الملّة و الحق و الدين، جلال الإسلام و المسلمين، أبي القاسم علي ابن مولانا الطاهر السعيد الإمام غياث الحق و الدين عبد الكريم ابن الطاوس العلوي الحسني، عزّ نصره، و زيدت فضائله.

كتبه مملوكه حقّا حسن بن علي بن داود- غفر اللّه له- في ثالث عشر من شهر رمضان المبارك من سنة إحدى و سبعمائة حامدا مصليا مستغفرا (5).

1- عن السيد عبد الحميد (6) بن فخار، المتقدم (7)- ذكره.


1- أمل الآمل 2: 300.
2- ذكره في المشجرة و قال: السيد مجد الدين أبي الفوارس محمد، و يروي الشهيد الأول عنه بواسطة ولده السيد عميد الدين بن أبي الفوارس صاحب منية اللبيب.
3- أورده في المشجرة ضمن مشايخ ابن معيّة، و هو يروي عن والده.
4- أمل الآمل 2: 193/ 578.
5- رياض العلماء 4: 123.
6- يبدو أنّ طريق السيد علي بن طاوس منحصرة بأبيه السيد عبد الكريم. و لم يورد في المشجرة روايته عن السيد عبد الحميد.
7- تقدم في: 316.

ص: 320

قال في الرياض: رأيت على ظهر نسخة من كتاب المجدي في أنساب الطالبيين، تأليف الشريف أبي الحسن علي بن محمّد بن علي العلوي (1) العمري النسابة، صورة إجازة من السيد عبد الحميد بن فخار الموسوي لوالد هذا السيد، أعني عبد الكريم- المذكور- و له أيضا، و هذه صورتها: قرأ عليّ السيد الإمام العلّامة البارع القدوة المحقق المدقق، الحسيب النسيب، الفقيه الكامل، النقيب الطاهر، غياث الدين، جلال الملة، ملك السادة، مفتي الفرق، علم الهدى، ذو الحسبين و النسبين، أبو المظفر عبد الكريم بن المولى السيد السعيد، الإمام العلّامة، فقيه أهل البيت عليهم السلام جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد طاوس (2) العلوي الحسني- زاد اللّه في شرفه، و أحيى بفضائله ذكر سلفه- هذا الكتاب المجدي من أوّله إلى آخره، قراءة مهذّبة مؤذنة بعزيز فضائله، دالّة على ما خصّه اللّه به ممّا هو غني عن دلائله، و نقب من مشكلاته، و استشرح عن دقائق محسناته أيضا.

و كان في جملته هذه العبارة: و أجزت له و لولده السيد المطهر المبارك المعظم رضي الدين أبي القاسم عليّ، أمتعة اللّه بطول حياته (3).

2- و عن والده الجليل غياث الدين عبد الكريم بن جلال الدين أحمد ابن طاوس، نادرة الزمان، و أعجوبة الدهر الخوّان، صاحب المقامات و الكرامات، كما أشار إليه الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة (4).

قال تلميذه الأرشد تقي الدين الحسن بن داود في رجاله: سيّدنا الإمام


1- ورد لفظ العلوي في الحجريّة فوق لفظ العمري.
2- في الرياض: محمد بن طاوس.
3- رياض العلماء 4: 123 و 3: 166.
4- انظر بحار الأنوار 109: 9.

ص: 321

المعظّم غياث الدين الفقيه، النسابة النحوي العروضي، الزاهد العابد، أبو المظفر قدّس اللّه روحه انتهت رئاسة السادات و ذوي النواميس إليه، و كان أوحد زمانه، حائري المولد، حلّي المنشأ، بغدادي التحصيل، كاظمي الخاتمة، ولد في شعبان سنة 648، و توفي في شوّال سنة 693، و كان عمره خمسا و أربعين سنة (1) و أياما، كنت قرينه طفلين إلى أن توفي، ما رأيت قبله و لا بعده بخلقه، و جميل قاعدته، و حلو معاشرته ثانيا، و لا لذكائه و قوّة حافظته مماثلا، ما دخل ذهنه شي ء قطّ فكاد ينساه، حفظ القرآن في مدّة يسيرة و له إحدى عشرة سنة، اشتغل بالكتابة و استغنى عن المعلم في أربعين يوما و عمره إذ ذاك أربع سنين، و لا تحصى مناقبه و فضائله، و له كتب.

منها: الشمل المنظوم في مصنفي العلوم، ما لأصحابنا مثله.

و منها كتاب: فرحة الغري بصرحة الغري، و غير ذلك (2).

و في الرياض: و قد لخّص بعض العلماء كتابه هذا- يعني الفرحة- و سمّاه: الدلائل البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية رأيته بطهران و لم أعرف مؤلّفه (3).

قلت: و ترجمة العلامة المجلسي (رحمه اللّه) بالفارسية.

و هو كتاب حسن كثير الفوائد.

و يظهر من قول ابن داود: كاظمي الخاتمة، أنه (رحمه اللّه) توفي في بلد الكاظم عليه السلام. و في الحلّة السيفية مزار شريف ينسب إليه، يزار و يتبرّك به، و نقله منها إليها بعيد في الغاية، و مثل هذا الإشكال يأتي في ترجمة عمّه


1- ورد هنا زيادة: و شهرين.
2- رجال ابن داود: 130.
3- رياض العلماء 3: 166.

ص: 322

الأجل رضي الدين علي ابن طاوس (رحمه اللّه).

و هذا السيد الجليل يروي عن جماعة من المشايخ الأجلّة:

الأول: نجم الدين المحقق، صاحب الشرائع (1).

الثاني: والده الأجل، أبو الفضائل أحمد (2).

الثالث: عمه الأكمل، رضي الدين علي (3).

الرابع: الوزير الأعظم، الخواجه نصير الملّة و الدين (4).

الخامس: الشيخ مفيد الدين بن جهم (5).

السادس: ابن عم المحقق، نجيب الدين يحيى بن سعيد (6).

السابع: السيد عبد الحميد بن فخار، المتقدم (7) ذكره.

الثامن: الحكيم المحقق الشيخ ميثم شارح النهج (8)، و تأتي إن شاء اللّه تعالى ترجمتهم و طرقهم في طيّ ذكر مشايخ العلامة.

و في روضات السيد الفاضل المعاصر- في ذكر مشايخه بعد عدّ أكثر ما عددناه-: و الشريف أبي الحسن علي بن محمد بن علي العلوي العمري،


1- تأتي ترجمته في: 466.
2- ورد في المشجرة رواية تقي الدين حسين بن داود عنه و عن ابنه السيد عبد الكريم.
3- تأتي ترجمته في: 439.
4- تأتي ترجمته في: 422.
5- يأتي في: 409.
6- يأتي في: 414.
7- تقدم في: 317.
8- يأتي في: 409.

ص: 323

النسابة مؤلف كتاب المجدي في أنساب الطالبيين (1). و نسب كلّ ذلك إلى كتاب الرياض، و ليس فيه منه أثر، و كيف يذكره من مشايخه و هذا الشريف صاحب المجدي كان من معاصري السيد المرتضى و أضرابه، و لو كان فيه لكان عليه أن يستدركه عليه، فإنّه من الأوهام الظاهرة.

و الظاهر أنه اشتبه عليه صورة الإجازة، التي كتبها السيد عبد الحميد لغياث الدين السيد عبد الكريم، على ظهر كتاب المجدي، الذي قرأه عليه كما نقلناه (2) فلا حظ، و اللّه العاصم.

[الخامس السيد جلال الدين جعفر بن علي]

الخامس (3): السيد الجليل جلال الدين جعفر بن علي ابن صاحب دار الصخر الحسيني.

عن المحقق (4).

السادس: نصير الدين علي بن محمّد بن علي القاشي

العالم المدقق الفهامة. في الرياض: هو من أجلّة متأخري متكلّمي أصحابنا، و كبار فقهائهم.

و في مجالس القاضي: كان مولد هذا المولى بكاشان، و قد نشأ بالحلّة، و كان معاصرا للقطب الراوندي، و كان معروفا بدقّة الطبع و حدّة الفهم، وفاق على حكماء عصره و فقهاء دهره، و كان دائما يشتغل بالحلّة و بغداد بإفادة العلوم الدينية، و المعارف اليقينية.

ثم عدّ بعض مؤلّفاته، قال: و قال السيد حيدر الآملي في كتاب منبع


1- روضات الجنات 4: 223.
2- تقدم في: 420.
3- من مشايخ السيد أبي عبد اللّه ابن معيّة الحسني، شيخ الشهيد الأول، بطرقه التي لم يثبت رواية الشهيد عنها كما مرّ.
4- لم يذكر هذا الطريق في المشجرة.

ص: 324

الأنوار (1) في مقام نقل اعتراضات أرباب الاستدلال بعجزهم عن الوصول إلى مرتبة تحقيق الحال: إني سمعت هذا الكلام مرارا من العليم العامل، و الحكيم الفاضل، نصير الدين الكاشي، و كان يقول: غاية ما علمت في مدّة ثمانين سنة من عمري أن هذا المصنوع يحتاج إلى صانع، و مع هذا يقين عجائز أهل الكوفة أكثر من يقيني. فعليكم بالأعمال الصالحة، و لا تفارقوا طريقة الأئمة المعصومين عليهم السلام، فإنّ كل ما سواه فهو هوى و وسوسة، و مآله الحسرة و الندامة، و التوفيق من الصمد المعبود (2). انتهى.

و في مجموعة الشهيد: توفي الشيخ الإمام العلامة المحقق، أستاذ الفضلاء، نصير الدين علي بن محمّد القاشي، بالمشهد المقدس الغروي سنة خمس و خمسين و سبعمائة (3). انتهى.

و لم أعثر على مشايخه إلّا على السيد جلال الدين- المتقدم (4)- كما في أول عوالي اللآلي (5).

هذا و معرفة طرق سائر مشايخ السيد تاج الدين (6) موقوفة إلى مزيد تتبّع و تدبّر، لا أجد إليهما سبيلا، فلنرجع إلى ذكر مشايخ شيخنا الشهيد.


1- منبع الأنوار: مخطوط.
2- مجالس المؤمنين 2: 216، رياض العلماء 4: 181.
3- مجموعة الشهيد: 137.
4- تقدم في صفحة: 323.
5- عوالي اللآلي 1: 24/ 7.
6- ذكر للشيخ ابن معيّة هنا ستة طرق، و قد أورد في المشجرة الأربعة الأول منهم بالإضافة إلى ثلاثة هم:

ص: 325

ثانيهم: رضي الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي الحلّي

ثانيهم (1): رضي الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي الحلّي

الفقيه المعروف.

قال الشهيد في أربعينه: أخبرنا الشيخ الفقيه العلامة رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي (2). إلى آخره.

و قال في إجازته لابن الخازن: و أرويها مع مرويات ابني سعيد، عن الشيخ الإمام ملك الأدباء و العلماء رضي الدين. إلى آخره.

و وصفه في إجازته لتاج الدين أبي محمّد عبد العلي بن نجدة بقوله:

الشيخ الإمام العلامة ملك الأدباء، عين الفضلاء، رضي الدين (3). إلى آخره.

توفي- كما في مجموعة الشهيد (رحمه اللّه)- غروب عرفة سنة سبع و خمسين و سبعمائة، و دفن بالغري (4).

و هذا الشيخ يروي عن ثمانية من المشايخ:

الأول: آية اللّه العلامة الحلي (5) (رحمه اللّه).

الثاني: العالم الفاضل الأديب، تقي الدين الحسن (6) بن علي بن داود الحلي، المعروف بابن داود، المتولّد في سنة 647، صاحب التصانيف الكثيرة التي منها كتاب الرجال الذي هو أول كتاب رتّب فيه الآباء و الأبناء على ترتيب الحروف، و أوّل من جعل لأصول الكتب الرجالية و الحجج عليهم السلام رموزا تلقاها الأصحاب بالأخذ و العمل بهما في كتبهم الرجالية، إلّا أنّهم


1- أولهم السيد ابن معيّة.
2- أربعين الشهيد: 19/ 28.
3- انظر لهما بحار الأنوار 107: 189 و 196.
4- مجموعة الشهيد: 137.
5- تبدأ طرق العلّامة من صفحة 409.
6- تأتي طرقه في: 327.

ص: 326

في الاعتماد و المراجعة إلى كتابه هذا بين غال و مفرّط و مقتصد.

فمن الأول: العالم الصمداني الشيخ حسين- والد شيخنا البهائي- فقال في درايته الموسومة بوصول الأخيار: و كتاب ابن داود (رحمه اللّه) في الرجال مغن لنا عن جميع ما صنّف في هذا الفن، و إنّما اعتمادنا الآن في ذلك عليه (1).

و من الثاني: شيخنا الأجل المولى عبد اللّه التستري، فقال في شرحه على التهذيب، في شرح سند الحديث الأول منه في جملة كلام له: و لا يعتمد على ما ذكره ابن داود في باب محمّد بن أورمة (2)، لأن كتاب ابن داود ممّا لم أجده صالحا للاعتماد، لما ظفرنا عليه من الخلل الكثير، في النقل عن المتقدمين، و في تنقيد الرجال و التمييز بينهم، و يظهر ذلك بأدنى تتبّع للموارد التي نقل ما في كتابه منها (3).

و من الثالث: جلّ الأصحاب، فتراهم يسلكون بكتابه سلوكهم بنظائره، و وصفوا مؤلّفه بمدائح جليلة، فقال المحقق الكركي- في إجازته للقاضي الصفي الحلي-: و عن الشيخ الإمام سلطان الأدباء و البلغاء، تاج المحدثين و الفقهاء، تقي الدين (4). إلى آخره.

و قال الشهيد في إجازته الكبيرة: الشيخ الفقيه الأديب النحوي العروضي، ملك العلماء و الأدباء و الشعراء، تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي، صاحب التصانيف الغزيرة، و التحقيقات الكثيرة، التي من جملتها كتاب الرجال، سلك فيه مسلكا لم يسبقه أحد من الأصحاب، و من وقف عليه علم جليّة الحال فيما أشرنا إليه. و له من التصانيف في الفقه- نظما و نثرا، مختصرا


1- وصول الأخيار: 117.
2- رجال ابن داود: 270/ 431.
3- شرح التهذيب: مخطوط.
4- حكاه في البحار 108: 72.

ص: 327

و مطوّلا- و في المنطق، و العربية، و العروض، نحو من ثلاثين مصنّفا كلّها في غاية الجودة (1)، انتهى.

و عندي كتاب نقض العثمانية للسيد الأجل أحمد بن طاوس، بخطّ هذا الشيخ، و خطّه كاسمه حسن جيّد، و قد قرأ عليه، و تاريخ الكتابة 665.

و هذا الشيخ يروي عن السيد الأجل المذكور.

و ولده- المتقدم ذكره- عبد الكريم ابن طاوس.

و الشيخ نجم الدين المحقق الحلّي- رحمهم اللّه- بطرقهم الآتية (2).

الثالث: نجيب الدين محمّد بن جعفر بن محمّد بن نما الحلي، الفقيه الجليل، شيخ المحقق الآتي ذكره في جملة مشايخه (3).

الرابع: الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح، الآتي ذكره عن قريب (4).

الخامس: الشيخ العالم صفي الدين محمّد بن نجيب الدين يحيى ابن سعيد صاحب الجامع (5).

السادس: الشيخ الإمام الأعلم، شيخ الطائفة و ملاذها شمس الدين محمّد بن جعفر بن نماء الحلّي، المعروف: بابن الابريسمي، كذا في إجازة الشهيد الثاني (6).

السابع: السيد رضي الدين بن معيّة الحسني.


1- الإجازة الكبيرة للشهيد الثاني، ضمن بحار الأنوار 108: 152.
2- انظر طرقهم في: 432 و 320 و 466.
3- يأتي ذكره في: الجزء الثالث: 18.
4- يأتي ذكره في: 332.
5- يأتي في: 328.
6- بحار الأنوار 108: 155.

ص: 328

الثامن: والده السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي (1). و طرق هؤلاء مرّ بعضها، و يأتي باقيها.

[ثالثهم أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي]

ثالثهم:- أي: مشايخ الشهيد- الشيخ الفاضل الفقيه المحقق زين الملة و الدين، أبي الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي (2).

قال الشهيد في أربعينه: الحديث الرابع: ما أخبرني به الشيخ الإمام العلّامة المحقّق، زين الملّة و الدين، أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي، في سادس شهر ربيع الآخر سنة أربع و خمسين و سبعمائة بالحلّة. إلى آخره.

و في مجموعته: توفي شيخنا زين الدين علي بن أحمد بن طراد، يوم الجمعة أوّل رجب سنة اثنتين و ستين و سبعمائة بالحلّة (رحمه اللّه) (3).

و يظهر من أربعينه- و غيرها- أنّه يروي عن جماعة.

الأول: العلامة الحلي (رحمه اللّه).

الثاني: تقي الدين الحسن بن داود (4).

الثالث: الشيخ صفي الدين محمّد.

قال الشهيد في الأربعين: الحديث الثالث و الثلاثون: أخبرنا الشيخ زين الدين في تاريخه قال: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه محمّد ابن الشيخ الامام شيخ الطائفة نجيب الدين أبي أحمد يحيى بن أحمد بن سعيد الحلي. إلى آخره (5).


1- ذكر في المشجرة لعلي بن أحمد المزيدي أربعة مشايخ، و هم الأربعة الأول، و لم يتعرّض للأربعة الآخرين، فراجع.
2- سماه في المشجرة:. طراز المطارآبادي.
3- مجموعة الشهيد: 137.
4- اقتصر في المشجرة عليها فقط.
5- أربعين الشهيد: 23.

ص: 329

عن والده نجيب الدين (1)، و هو ابن عمّ المحقق، و يأتي في مشايخ العلامة إن شاء اللّه (2).

[رابعهم الشيخ جلال الدين أبو محمّد الحسن بن نظام الدين أحمد الملقب بابن نما]

رابعهم (3): الشيخ الأجل الأكمل، جلال الدين أبو محمّد الحسن ابن الشيخ نظام الدين أحمد ابن الشيخ نجيب الدين أبي إبراهيم- أو أبي عبد اللّه- محمد بن نما، العالم الفاضل، الفقيه الكامل، أحد الفقهاء المعروفين بابن نما.

قال الشهيد في الأربعين: الحديث الثالث: ما أخبرني به الشيخ الفقيه العالم الصالح الدين، جلال الدين أبو محمّد الحسن بن أحمد ابن الشيخ السعيد شيخ الشيعة و رئيسهم في زمانه نجيب الدين أبي عبد اللّه محمّد بن نما الحلي الربعي، في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و خمسين و سبعمائة بالحلة. إلى آخره (4).

و هذا الشيخ يروي:

أ- عن المزيدي، و قد تقدم (5).

ب- و عن نجيب الدين يحيى بن سعيد، ابن عمّ المحقق، و يأتي (6).

ج- و عن والده نظام الدين أحمد.

1- عن والده نجيب الدين أبي عبد اللّه محمّد بن نما، الآتي ذكره في


1- ورد في المشجرة هكذا: نجيب الدين يحيى بن سعيد صاحب الجامع و سنة وفاته 689، و لكن برواية الشيخ حسن بن أحمد بن نما، و كذلك العلّامة عنه فقط، و لم يرد لابنه ذكر فيها.
2- يأتي في: 414.
3- أي: مشايخ الشهيد الأول.
4- أربعين الشهيد: 3.
5- تقدم في: 325.
6- يأتي في: 414.

ص: 330

مشايخ المحقق (رحمه اللّه) (1) 2- و عن أخيه نجم الملّة و الدين، جعفر بن محمّد (2)، العالم الفاضل، صاحب كتاب مثير الأحزان في مصائب يوم الطف، و شرح الثأر في أحوال المختار.

عن والده نجيب الدين محمّد.

خامسهم: السيد علاء الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن الحسن ابن زهرة الحسيني الحلبي

خامسهم (3): السيد علاء الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن الحسن ابن زهرة الحسيني الحلبي (4)

في الرياض: هو من أجلّاء العلماء و الفقهاء (5).

و في الأمل: فاضل، فقيه، جليل القدر (6).

و قال العلامة (رحمه اللّه) في إجازته الكبيرة التي كتبها له و لولده و لأخيه:

و بلغنا في هذا العصر ورود الأمر الصادر من المولى الكبير، و السيد الجليل الحسيب النسيب، نسل العترة الطاهرة، و سلالة الأنجم الزاهرة، المخصوص بالنفس القدسيّة، و الرئاسة الإنسيّة، الجامع بين مكارم الأخلاق و طيب الأعراق، أفضل أهل عصره على الإطلاق، علاء الملّة و الحقّ و الدين، أبي


1- يأتي ذكره في: الجزء الثالث: 18، و كنّاه فيه بأبي إبراهيم، أو أبي جعفر. و هنا و قبل أسطر بأبي عبد اللّه.
2- وصفه في المشجرة بالأب- أي: جعفر بن محمد والد أحمد بن محمد- و هو خطأ، و الصحيح وصفه بأخيه إذ أنّ أحمد و جعفر ولدا محمد بن نما، و أحمد يروي عن أخيه جعفر، عن والدهما محمد بن نما.
3- أي من مشايخ الشهيد الأول.
4- في المخطوط و الحجري: الحسني الحلّي، و ما أثبتناه من الرياض و الأمل، و أمّا في البحار فنسبه يرجع إلى السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام.
5- رياض العلماء 4: 195.
6- أمل الآمل 2: 200/ 605.

ص: 331

الحسن عليّ بن أبي إبراهيم محمّد بن أبي علي الحسن بن أبي المحاسن زهرة بن أبي المواهب عليّ بن أبي سالم محمّد بن أبي إبراهيم محمّد النقيب بن أبي علي أحمد ابن أبي جعفر محمّد بن أبي عبد اللّه الحسين بن أبي إبراهيم إسحاق المؤتمن بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام (1). إلى آخره.

1- عن آية اللّه العلامة.

2- و عن العالم الجليل الشيخ نجم الدين طومان (2) بن أحمد العاملي.

قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة: إنّ عندي بخطّ الشيخ شمس الدين محمّد بن صالح إجازة للشيخ الفاضل نجم الدين طومان (3)، بن أحمد.

إلى أن قال: و في كلام الشيخ محمّد بن صالح دلالة على جلالة قدر الشيخ طمان (4)، و صورة لفظه في إجازته له هكذا: قرأ عليّ الشيخ الأجل، العالم الفاضل، الفقيه المجتهد، نجم الدين، طمان (5) بن أحمد الشامّي العاملي، كتاب النهاية في الفقه، تأليف شيخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قراءة حسنة تدلّ على فضله و معرفته.

قال: و وجدت في عدّة مواضع غير هذه الإجازة ثناء على هذا الرجل، و مدحا له.

و قال في الحاشية: وجدت بخطّ شيخنا الشهيد في غير موضع: طومان.

و في خطّ الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح: طمان، مكرّرا. و كذا في خطّ جماعة من العلماء. ثم رأيت على ظهر كتاب ما هذه صورته: يثق باللّه


1- انظر بحار الأنوار 107: 61.
2- نسخة بدل: طامان. (منه قدّس سرّه)، هذا و في المشجرة: ظمّان.
3- نسخة بدل: طامان. (منه قدّس سرّه)
4- نسخة بدل: طامان. (منه قدّس سرّه)
5- نسخة بدل: طامان. (منه قدّس سرّه)

ص: 332

الصمد طومان بن أحمد، و هو يقتضي ترجيح ما ذكره الشهيد (1). انتهى.

و قد تقدم عن الشهيد أنّه قال: و قد كان والدي جمال الدين أبو محمّد مكي رحمه اللّه من تلامذة المجاز له الشيخ العلامة الفاضل نجم الدين طومان، و المترددين إليه إلى حين سفره إلى الحجاز الشريف، و وفاته بطيبة في نحو سنة ثمان و عشرين و سبعمائة أو ما قاربها (2).

عن العالم الجليل شمس الدين أبي جعفر محمّد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني (3)، الفقيه، الفاضل المعروف الذي يروي عن جماعة كثيرة:

الأول: العالم الجليل السيد فخار بن معد الموسوي.

الثاني: نجيب الدين محمّد بن نما.

الثالث: المحقّق نجم الدين صاحب الشرائع.

الرابع: السيد رضي الدين علي بن طاوس.

الخامس: أبي الفضائل أحمد بن طاوس (4).

الآتي ذكر طرقهم (5) عند ذكر مشايخ العلامة، و المحقق رحمه اللّه.

و نقل صاحب المعالم عن خطّ الشيخ محمّد بن صالح أنه قال: أذن لي


1- انظر بحار الأنوار 109: 17- 21.
2- بحار الأنوار 109: 20.
3- السيبي:- بالكسر و السكون- كورة من سواد الكوفة، و هما سيبان، أعلى و أسفل.
4- ذكر في المشجرة للشيخ شمس الدين ثمانية مشايخ و هنا أورد له تسعة مشايخ، إذ أسقط في المشجرة من مشايخه هذا أي: أبو الفضائل أحمد بن طاوس، فلا حظ.
5- تأتي طرقهم على التوالي في: الجزء الثالث: 32 و 18، هذا الجزء: 466 و 439 و 432.

ص: 333

السيد شمس الدين فخار (1) بن معدّ الموسوي رضي اللّه عنه في الرواية عنه سنة ثلاثين و ستمائة، لأنّه رضي اللّه عنه جاء إلى بلادنا و خدمناه، و كنت- و انا صبي- أتولّى خدمته.

قال: و لمّا أجاز لي قال لي: ستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به (2).

السادس: السيّد الجليل صاحب المقامات العالية، و الكرامات الباهرة، رضيّ الدين محمّد بن محمّد بن محمّد بن زيد بن الداعي الحسيني الأفطسي الآوي، النقيب، الصديق لعديله في الدرجات السامية السيد رضي الدين علي بن طاوس، و يعبّر عنه كثيرا في كتبه: بالأخ الصالح.

قال في المهج: دعاء حدّثني به صديقي، و المؤاخي لي، محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي، ضاعف اللّه جلّ جلاله سعادته، و شرّف خاتمته. و ذكر له حديثا عجيبا، و سببا غريبا، و هو أنّه كان قد حدثت له حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه، فنسخ منه نسخة فلمّا نسخه فقد الأصل الذي كان وجده (3). إلى آخره.

و قال في رسالة المواسعة و المضايقة: كنت قد توجّهت أنا و أخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي- ضاعف اللّه سعادته، و شرف خاتمته- من الحلّة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه. إلى أن قال: و تجدّدت لي في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، و بشارات جميلة، و حدّثني


1- في المخطوط و الحجري: شمس الدين بن فخار. و هو خطأ، و الصحيح المثبت، علما أن ذريته محصورة فقط بولده عبد الحميد.
2- انظر بحار الأنوار 109: 20.
3- مهج الدعوات: 338.

ص: 334

أخي الصالح محمّد بن محمّد الآوي القاضي- ضاعف اللّه سعادته- بعدّة بشارات رآها لي (1). و ساق بعضها، و الحكاية طويلة ذكرناها في دار السلام (2).

و قال العلامة في منهاج الصلاح: نوع آخر من الاستخارة، رويته عن والدي الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر رحمه اللّه، عن السيد رضي الدين محمّد الآوي الحسيني، عن صاحب الأمر عليه السلام، و هو أن يقرأ (3). إلى آخر ما مرّ في كتاب الصلاة (4).

و قال الشهيد في الذكرى: و منها الاستخارة بالعدد، و لم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية، قبل زمان السيد الكبير العابد، رضي اللّه الدين محمّد ابن محمّد بن محمّد الآوي الحسيني، المجاور بالمشهد المقدس الغروي رضي اللّه عنه و قد رويناها، و جميع مروياته عن عدّة من مشايخنا، عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهّر، عن والده رضي اللّه عنه عن السيد رضيّ الدين، عن صاحب الأمر عليه السلام (5). إلى آخره.

و ظاهر الكتابين الشريفين أن السيد (رحمه اللّه) تلقّاها من الحجة عليه السلام مشافهة بلا واسطة، و هذه في الغيبة الكبرى منقبة عظيمة لا تحوم حولها فضيلة.

و في مجموعة الشهيد: توفي السيد رضي الدين محمّد الآوي ليلة الجمعة رابع صفر سنة أربع و خمسين و ستمائة (6).


1- رسالة المواسعة و المضايقة: لم نجدها.
2- دار السلام 1: 325.
3- منهاج الصلاح: مخطوط.
4- مرّ في: الجزء السادس: 263 حديث 1.
5- ذكري الشيعة: 252.
6- مجموعة الشهيد: 201.

ص: 335

1- عن أخيه الروحاني علي بن طاوس (1).

2- و عن والده فخر الدين محمّد.

عن والده رضيّ الدين محمّد.

عن والده زيد (2).

عن والده الداعي (3) ابن زيد بن علي بن الحسين بن الحسن بن أبي الحسن علي بن أبي محمّد الحسن النقيب الرئيس ابن علي بن محمّد بن علي بن علي المعروف بالجزري (4)- الذي قتله الرشيد- ابن أبي محمّد الحسن الأفطس- صاحب راية محمّد بن عبد اللّه بن الحسن حين خرج في المدينة- ابن أبي الحسن عليّ الأصغر ابن الإمام السجاد عليه السلام.

و نقل صاحب المعالم في إجازته عن رضيّ الدين الآوي، إن جدّه الداعي عمّر عمرا طويلا (5).

عن السيد المرتضى، و الشيخ أبي جعفر الطوسي، و سلّار، و ابن البراج، و أبي الصلاح التقي (6) الحلبي، جميع ما صنفوه و رووه، و أجيز لهم روايته و سمعوه (7).

و قد أغرب الفاضل المعاصر في الروضات، فقال في ترجمة السيد رضي


1- لم يذكر في المشجرة روايته عن علي بن طاوس و ذكر طريقه الآخر بجميع طرقه الآتية.
2- في المشجرة: يزيد، و هو غير صحيح.
3- سماه في المشجرة: الداعي الحسن.
4- نسخة بدل: بالحوري. (منه قدس سره)
5- انظر بحار الأنوار 109: 47.
6- في المخطوط و الحجريّة: و التقى، و الواو زائدة حيث إنّ أبي الصلاح هو: التقي الحلبي.
7- هذا و في المشجرة ذكر روايته عن السيد الرضي و لم يذكر السيد المرتضى، و في اجازة صاحب المعالم المحكيّة في البحار 109: 29 هكذا: عن الشيخ أبي الصلاح و القاضي عبد العزيز بن البراج، و الشيخ سلّار، و أمّا ما في اللؤلؤة: 310 فهو مطابق لما نقله المحدّث النوري.

ص: 336

الدين: كان من أجلّاء العلماء و السادات، و أفاضل المحدّثين الثقات، و أعاظم مشايخ الإجازات، و كذلك ولده العظيم الشأن، و والده و جدّه المحمدان المتقدّمان، بل جدّ أبيه الملقب بزين الفريد- و المصحف في بعض المواضع بمزيد- و جدّ جده المشتهر بالسيد داعي الحسيني (1).

و كأنّه المترجم في فهرست الشيخ منتجب الدين القمي بعنوان: السيد أبي الخير داعي بن الرضا بن محمّد العلوي الحسني (2) مع قوله في وصفه:

فاضل، محدّث، واعظ، له كتاب آثار الأبرار و أنوار الأخيار في الأحاديث.

أخبرنا به السيد الأصيل المرتضى بن المجتبى بن العلوي العمري عنه. إلى آخر ما ذكره (3).

و نقله من الأمل (4) و اللؤلؤة (5) من نسخة سقيمة، و فيه مواقع للنظر للاشتباه.

فان نسب السيد رضي الدين مضبوط في كتب الأنساب من غير اختلاف، و صرّحوا جميعا بأنه حسيني من ولد علي الأصغر بن الإمام السجاد عليه السلام، و ساقوا نسبه كما أوردناه. و المذكور في المنتجب حسني (6)، فلا حظ و المقام لا يقتضي أكثر من هذا.

السابع: من مشايخ شمس الدين محمّد: أبوه العالم أحمد بن صالح،


1- في الروضات: الداعي الحسني.
2- في الروضات و بعض نسخ فهرست منتجب الدين: الحسيني.
3- فهرست منتجب الدين: 71/ 153، روضات الجنات 6: 320/ 589.
4- أمل الآمل 2: 113/ 315.
5- انظر لؤلؤة البحرين: 310.
6- كذا، و في بعض نسخ المنتجب: حسيني كما أشرنا سابقا.

ص: 337

أجازه في سنة 635، و هو يروي عن ثلاثة (1) من المشايخ:

أ- نصير الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البحراني.

الذي وصفه الشهيد في أربعينه بقوله: الفقيه العالم المتكلم الأديب اللغوي (2).

و في المنتجب: فقيه ديّن، قرأها هنا على مشايخ العراق، و اقام مدّة (3).

و في إجازة صاحب المعالم أنه أجاز أحمد سنة 588 (4).

و في إجازة المحقق الشيخ يوسف للعلامة الطباطبائي: و كان هذا الشيخ فقيها، أديبا، متكلّما، لغويّا، قرأ على مشايخ العراق، و أقام بها مدة، و قبره إلى الآن معروف في جزيرة النبي الصالح عليه السلام، من قرى البحرين، مع قبر الشيخ أحمد بن المتوج.

عن القاضي أبي الحسن علي بن عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي المقري، الرازي الفقيه الصالح.

عن والده القاضي عبد الجبار الملقّب بالمفيد، الآتي (5) ذكره في مشايخ جماعة.

و عن العالمين الجليلين السيد فضل اللّه الراوندي، و القطب (6)


1- في المشجرة: اثنين.
2- أربعين الشهيد: 5/ 6.
3- فهرست منتجب الدين: 77/ 166.
4- انظر بحار الأنوار 109: 19، و فيه: و ذكر- أي: شمس الدين محمد- أن الفقيه راشد ابن إبراهيم روى لوالده- أي: أحمد بن صالح- في سنة خمس و ستمائة قبل وفاته بشهور قليلة، و انّ قوام الدين روى له- أي: لأحمد بن صالح- في سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة.
5- يأتي في: 462 و الجزء الثالث: 11 و 62 و 70 و 74 و 116.
6- في المشجرة لم يذكر القطب الراوندي ضمن مشايخه.

ص: 338

الراوندي.

و يروي الفقيه الراشد (1) عن السيد الراوندي، بلا واسطة أيضا.

ب- الشيخ الفقيه قوام الدين محمّد بن محمّد البحراني.

عن السيد فضل اللّه الراوندي (2).

ج- الشيخ الفقيه الفاضل علي بن محمّد بن فرج السوراوي (3).

عن العالم الجليل الحسين بن رطبة، الآتي ذكر طرقه إن شاء اللّه تعالى (4).

الثامن: من مشايخ الشيخ شمس الدين: علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي، الفاضل الفقيه، الجليل.

عن الشيخ عربي بن مسافر، الآتي في ذكر مشايخ المحقق (5).

التاسع: الشيخ محمّد بن أبي البركات الصنعاني اليماني، أجازه في سنة 636.

عن الشيخ عربي بن مسافر، بطرقه.

سادسهم: السيد الجليل أبو طالب أحمد بن أبي إبراهيم محمّد بن زهرة الحسيني

سادسهم (6): السيد الجليل أبو طالب أحمد بن أبي إبراهيم محمّد بن زهرة الحسيني


1- أي: نصير الدين راشد بن إبراهيم البحراني.
2- لم يرد في المشجرة روايته عن السيد فضل اللّه الراوندي، بل فيه: انّ شيخوخته محصورة بمحمّد بن أبي القاسم الطبري صاحب بشارة المصطفى.
3- لم يرد له ذكر في المشجرة، نعم ورد الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي الذي يروي عن ابن رطبة و الظاهر أنّه والده، و لكنّه ليس من مشايخ أحمد بن صالح، فلاحظ.
4- تأتي طرقه في: 421، و الجزء الثالث: 7، 19، 26، 46، 55.
5- يأتي في: الجزء الثالث: 6.
6- أي: سادس مشايخ الشهيد الأول. علما أنه لم يرد له أيّ ذكر في المشجرة.

ص: 339

عن العلامة الحلي.

و عن عمّه علاء الملّة و الدين أبي الحسن علي بن زهرة، المتقدم ذكره (1).

[سابعهم السيد مهنّا بن سنان بن عبد الوهاب]

سابعهم: السيد العالم الجليل الكبير العظيم الشأن، مهنّا ابن الجليل سنان القاضي بالمدينة ابن عبد الوهاب قاضيها ابن غيلة قاضيها ابن محمّد قاضيها ابن إبراهيم قاضيها ابن عبد الوهاب قاضيها ابن الأمير أبي غمارة المهنّا الأكبر ابن الأمير أبي هاشم داود ابن الأمير شمس الدين أبي أحمد القاسم ابن أبي علي عبيد اللّه (2) ابن أبي الحسن طاهر.

الذي (3) قالوا في حقّه: كان عالما عاملا، فاضلا كاملا، حاويا جامعا، ورعا زاهدا، صالحا عابدا، تقيّا نقيّا ميمونا، جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، عالي الهمة، بحيث أن بني إخوته يعرف كلّ منهم بابن أخي طاهر، و أحدهم ممدوح المتنبي (4).

قال السيد الأجل العالم السيد ضامن ابن العالم السيد شدقم المدني في كتاب تحفة الأزهار: كان بينه و بين رجل من أهل خراسان صحبة و محبّة و مودة، و كان الخراساني يحج و يزور النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كل زمن، و يأتيه بمائتي دينار، و هذه معينة له من عنده كلّ سنة، فاعترض الخراساني رجل من الناس و قال: يا هذا، إنك لقد ضيّعت مالك في غير محلّه، فإن طاهرا يصرفه في غير طاعة اللّه و رسوله. فأثر عليه الكلام، فانصرف الخراساني، و صرف المال على غيره و لم يواجهه، و كذا في السنة الثانية.

فلما آن وقت السفر للحج في السنة الثالثة رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله


1- تقدم ذكره في: 330.
2- في المخطوطة: عبد اللّه، و ما في الحجرية موافق لما في العمدة.
3- من هنا بداية الجملة المعترضة.
4- عمدة الطالب: 334.

ص: 340

في منامه و هو يقول له: يا فلان ويحك! قبلت في ولدي طاهر كلام الأعداء، و قطعت عنه صلتك و ما كنت تبرّه به! لا تقطع صلتك عنه و برّك، أعطه جميع ما فاته منك ما استطعت.

فانتبه من منامه فرحا مسرورا بهذا المنام، و تجهّز للحج و أخذ معه المبلغ كما أمره النبي صلّى اللّه عليه و آله، و كذا الهدايا، فلمّا حجّ و زار النبي صلّى اللّه عليه و آله مضى إلى طاهر، و دخل عليه، و قبّل يديه و قدميه، و جلس في المجلس مع السادة الأشراف و الفضلاء و الأعيان.

فقال طاهر له ابتداء: يا فلان، سمعت فينا كلام الأعداء، فرأيت جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام فأمرك بإيصال الستمائة دينار المنقطعة ثلاث سنين مع الهدايا، فلو لم يأمرك ما جئت بها، و قد عزلتها عن مالك من بلادك، ناشدتك هل كان ذلك كذلك؟

قال: هكذا القصة- و اللّه- يا ابن رسول اللّه، لم يعلم بذلك أحد إلّا اللّه عزّ و جل.

قال: إنّ معي خبرك من السنة الأولى، و الثانية، و في الثالثة ضاق صدري فرأيت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامي و هو يقول لي: لا تغتم فإنّي أتيت فلان من قبلك، و أمرته أن يعطيك ما فاتك، و أن لا يقطع عنك صلته ما استطاع، فحمدت اللّه عزّ و جلّ، و شكرته على نعمه و إحسانه، فلمّا رأيتك علمت ما جاء بك إلّا ما رأيت في منامك.

فقام الخراساني ثانيا و قبّل يديه و قدميه، ملتمسا منه أن يبرئ ذمته فيما صغى به لكلام ذلك العدو، و قد دفع إليه المال (1).

ابن أبي (2) الحسين يحيى النسّابة، المتولّد في المدينة سنة 214، المتوفى


1- تحفة الأزهار: غير متوفر لدينا.
2- اي طاهر ابن أبي الحسين.

ص: 341

بمكة سنة 277.

قال في تحفة الأزهار: كان عالما فاضلا، ورعا زاهدا. إلى أن قال: عارفا بأصول العرب و فروعها و قصصها، حافظا لأنسابها و وقائع الحرمين و أخبارها، و لهذا لقّب بالنسّابة (1).

ابن أبي محمّد الحسن بن أبي الحسن جعفر الحجّة.

قال في التحفة: قال جدي حسن- المؤلف طاب ثراه (2)-: إنه كان سيّدا شريفا عفيفا، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، جليل القدر، عالي الهمة، عالما عاملا. إلى أن قال: قائما ليله، صائما نهاره، و كان أبو القاسم طباطبا يعظّمه و يجلّه و يقول: جعفر هو الحجة من آل محمّد عليهم السلام، فلقّب بذلك، فعظّمه الناس، و مالوا إليه، فبلغ خبره إلى وهب بن وهب البختري والي المدينة من قبل هارون الرشيد فحبسه ثمانية عشر شهرا، و لم يزل بالحبس إلى أن مات (3)، و هو صائم نهاره، قائم ليله لم يفطر غير عيده، و في ولده الإمرة بالمدينة إلى عامنا هذا سنة 992.

قلت: بل الحق إمارتهم إلى عامنا هذا سنة 1088 (4). انتهى.

ابن أبي علي عبيد اللّه الأعرج- لنقص بأحد رجليه- و كان سيدا جليلا، وصفوه في الكتب بكلّ جميل، تخلّف عن بيعة النفس الزكيّة محمّد بن عبد اللّه فأتي به إليه فغمض عينيه عنه فحبسه، فلم يزل به إلى أن قتل محمّد فوفد على السفاح فأقطعه بالمدائن ضيعة تغل في السنة ثمانين ألف (5) أو مائة ألف أو مائتي


1- تحفة الأزهار: غير متوفر لدينا.
2- كذا، و لا يخفى أن تحفة الأزهار هو للسيد ضامن بن زين الدين علي بن السيد حسن النقيب.، فالمراد أن القائل هو السيد حسن النقيب جد المؤلف.
3- وضع المحدث النوري (رحمه اللّه) علامة الاستظهار هنا.
4- تحفة الأزهار: غير متوفر لدينا.
5- المجدي: 195.

ص: 342

ألف دينار، ثم رحل إلى خراسان (1). و توفي في ضيعة ذي أمران- أو ذي أمان- في حياة أبيه، و عمره سبع و ثلاثون سنة، و قيل: ست و أربعون (2).

ابن أبي عبد اللّه الحسين الأصغر المحدّث، الزاهد العفيف، الفاضل الجواد، الراوي عن أبيه السّجاد عليه السلام، و عن أخيه- لأبيه و امّه- أبي جعفر الباقر عليه السلام (3)، و عن عمّته فاطمة و كانت تحدث بفضله، و كان الصادق عليه السلام يقول: عمّي الحسين من الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (4).

و روى المفيد في الإرشاد و غيره له فضائل جليلة (5).

توفي بالمدينة سنة 157 (6) و له سبع و خمسون سنة، و قيل: سنة 64، و قيل: سنة 76 (7).

هذا، و السيد مهنّا هو صاحب المسائل عن العلامة، و وصفه في الأجوبة عنها بقوله: السيد الكبير، النقيب الحسيب النسيب المرتضى، مفخر السادة، و زين السيادة، معدن المجد و الفخار، و الحكم و الآثار، الجامع للقسط (8) الأوفى من فضائل الأخلاق، الفاضل بالسهم المعلّى من طيب الأعراق، مزيّن ديوان القضاء بإظهار الحق على المحجة البيضاء عند ترافع


1- أعيان الشيعة 8: 136.
2- عمدة الطالب: 318.
3- رجال الشيخ: 86/ 5 و 113/ 8 و 168/ 54 و فيه روايته عن الإمام الصادق عليه السلام أيضا.
4- الفرقان 25: 63.
5- إرشاد المفيد: 269.
6- عمدة الطالب: 311.
7- أي: سنة 164 و سنة 176.
8- في الأعيان: للحظ.

ص: 343

الخصماء، نجم الملّة و الحق و الدين، مهنّا بن سنان الحسيني القاطن بمدينة جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، الساكن مهبط وحي اللّه، سيّد القضاة و الحكام بين (1) الخاص و العام، شرّف أصغر خدمه و أقلّ خدّامه برسائل في ضمنها مسائل. إلى آخره، و قال في آخر أجوبة جملة من المسائل: لمّا كان امتثال أمر من تجب طاعته و تحرم مخالفته من الأمور الواجبة، و التكاليف اللازمة، سارع العبد الضعيف حسن بن يوسف بن مطهّر الحلي إلى إجابة التماس مولانا السيد الكبير، الحسيب النسيب، المرتضى الأعظم، الكامل المعظّم، مفخر العترة العلوية، سيّد الأسرة الهاشمية، أوحد الدهر و أفضل العصر، الجامع لكمالات النفس، و المولى بنظره الثاقب إلى حظيرة القدس، نجم الملّة و الحق و الدين، أعاد اللّه على المستعدين (2) بركة أنفاسه الشريفة، و أدام عليهم نتائج مباحثه الدقيقة (3). إلى آخره.

و يعبّر عنه في كثير من الأسئلة بقوله: قال سيدنا الإمام العلامة (4).

هذا، و قال السيد الجليل في تحفة الأزهار: كان (رحمه اللّه) سيدا جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، حسن الشمائل، جمّ الفضائل، كريم الأخلاق، زكي الأعراق، عالي الهمّة، وافر الحرمة، تقيّا نقيّا، ميمونا عالما، عاملا فاضلا، كاملا فصيحا بليغا، أديبا جامعا، حاويا محقّقا مدقّقا، يعرف بصاحب المسائل المدنيات (5).


1- في الأعيان: زين.
2- في الأعيان: المسلمين المستعدين.
3- أجوبة المسائل المهنائيّة: غير متوفرة لدينا.
4- أعيان الشيعة 10: 168.
5- جاء في هامش المخطوطة:

ص: 344

و ناهيك بفضله تعريف العلامة (قدّس سرّه) له (1).

قال السيد علي بن داود الحسيني السمهودي في جواهر العقدين، بسنده المتصل إلى الشيخ شهاب الدين أحمد بن يونس القسطيني المغربي، عن بعض مشايخه قال: إن رجلا من أعيان المغاربة عزم من بلاده الحج و الزيارة، فدفع إليه رجل من أهل الخير و الصلاح مائة دينار، و قال له: خذ هذا المبلغ و أوصله إلى المدينة المنورة، ثم أدفعه لأحد السادة الأشراف بني الحسين صحيحي النسب، فيكون لي به صلة بجدّهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الفزع الأكبر يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (2).

فأخذ المال، فلمّا ورد المدينة سأل عن السادة بني حسين و صحّة نسبهم، فقيل له: لا شبهة في صحة نسبهم، غير أنّهم من الشيعة الرافضة حمير اليهود يبغضون أهل السنة، و يتظاهرون بالسب علانية، و القاضي و الخطيب و إمام المسلمين منهم، و أمر البلاد بيدهم، ليس لأحد في ذلك مدخل أبدا.

قال: فكرهت دفع المال إليهم، فمكثت مفكرا في أمري و ما أوصاني به صاحب المال، فاجتمعت بأحدهم و سألته عن مذهبه فقال: نعم صدق القائل، و كنّا شيعة على مذهب آبائنا و أجدادنا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال: فتيقن ذلك عندي، فبقيت واقفا باهتا متفكّرا، فقلت له:

يا سيدي لو كنت من أهل السنة لدفعت إليك ما معي من المبلغ، و قدره كذا و كذا. فشكا إليّ شدّة فاقته، و كثرة اضطراره، و التمس منّي بعضه، فقلت:

حاشا.


1- تحفة الأزهار: غير متوفرة لدينا.
2- الشعراء 26: 88- 89.

ص: 345

قال: كلا لن أبيع مذهبي- و الحق لي- بدنيا دنيّة، ولي ربّ غني يكفيني.

فمضيت عنه فرأيت في منامي تلك الليلة كأنّ القيامة قد قامت، و الناس يجوزون على الصراط، فأردت الجواز فأمرت سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام بمنعي فمنعت، و استغثت فلم أجد لي مغيثا، فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقبلا فاستغثت به و قلت: يا رسول اللّه، إنّي من أمتك و بنتك منعتني من الجواز.

فقال صلّى اللّه عليه و آله: لم منعته؟

قالت: لأنّه منع ابني رزقه.

فالتفت إليّ و قال صلّى اللّه عليه و آله: لم منعت ابنها رزقه.

قلت: لأنه شيعي المذهب، مبغض لأهل سنتك، متظاهر بسب أصحابك.

قال صلّى اللّه عليه و آله: و ما أدخلك بين ولدي و أصحابي؟

فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا، فأخذت جميع المبلغ المودوع عندي و أضفت إليه من مالي مائة دينار، و مضيت بذلك كلّه إلى سيّدي و مولاي مهنّا ابن سنان، فقبّلت يديه، فحمد اللّه عزّ و جلّ و شكره و أثنى عليه بما هو أهله ثم قال لي: يا هذا، العجب منك، إني قد التمست منك بالأمس منه يسيرا فأصررت بالمنع، و الآن أتيتني بالجميع و زيادة عليه، إن هذا لشي ء عجيب، ناشدتك هل رأيت في منامك جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و جدتي فاطمة الزهراء عليها السلام؟! فأمراك بدفعه إليّ بعد أن منعاك من الجواز على الصراط؟

فقلت: نعم و اللّه هكذا يا بن رسول اللّه.

فقال مهنّا: لو لم ترهما لما أتيتني، و لو لم تأتني لشككت في صحة نسبي

ص: 346

بهما، و مذهبي كمذهبهما (1).

و في أمل الآمل في ترجمته: فاضل، فقيه، محقق. قال: و له كتاب المعجزات، جمعه، و هو قريب من الخرائج و الجرائح للراوندي، و فيه زيادات كثيرة عليه (2). انتهى.

و هذا السيد الجليل يروي عن آية اللّه العلامة الحلّي طاب ثراه.

و عن ولده فخر المحققين.

ثامنهم: السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي

ثامنهم (3): السيد جلال الدين (4) عبد الحميد بن فخار الموسوي

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (5).

تاسعهم: السيد الأجل شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد ابن أبي المعالي العلوي الموسوي

و في مجموعة الشهيد: توفي السيد الفقيه شمس الدين محمّد بن أحمد بن


1- جواهر العقدين: غير متوفر لدينا.
2- أمل الآمل 2: 329/ 1020.
3- أي: من مشايخ الشهيد الأوّل.
4- ظاهر السياق أنّه ثامن مشايخ الشيخ الشهيد المتوفى في سنة 786، و جلال الدين عبد الحميد بن فخار المذكور ليس إلّا والد السيد علم الدين المرتضى علي الذي هو من مشايخ السيد ابن معيّة أستاذ الشهيد، فكيف روى الشهيد عن والد علم الدين الذي هو شيخ شيخه؟! فلعل في المقام سهو القلم الذي هو لازم الإنسان. (آقا بزرك الطهراني).
5- تقدم ذكره في 317.

ص: 347

أبي المعالي الموسوي، في شهر رمضان سنة تسع و ستين و سبعمائة (1)، و هو يروي:

1- عن السيد الجليل محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي، قال في إجازته له- و هي كبيرة-: استخرت اللّه تعالى و أجزت للسيد الكبير المعظم الفاضل الفقيه، الحامل لكتاب اللّه، شرف العترة الطاهرة مفخر الأسرة النبوية، شمس الدين محمّد ابن السيد الكريم المعظم الحسيب النسيب جمال الدين أحمد ابن أبي المعالي جعفر (2) بن علي أبي القاسم بن علي أبي الحسن بن علي أبي القاسم ابن محمّد أبي النجم ابن علي أبي القاسم ابن علي أبي الحسن (3) الحائري ابن محمّد أبي جعفر الحائري ابن إبراهيم المجاب الصهر العمري ابن محمّد الصالح ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام (4). إلى آخره.

عن نجيب الدين يحيى بن سعيد- ابن عمّ المحقق- بطرقه (5).

2- و عن الشيخ الإمام العلامة الزاهد الورع الحافظ، كمال الدين (6) علي ابن الشيخ شرف الدين الحسين بن حماد الواسطي.

قال الشهيد في أربعينه: الحديث السادس: ما أخبرني به السيد الفقيه المحقق، الأديب الأريب، الصالح الحافظ المتقن، شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي، قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الفقيه الصدوق الزاهد، كمال الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن حمّاد الليثي


1- مجموعة الشهيد: 137، و هذا السيد لم يرد في المشجرة.
2- في البحار: ابن جعفر.
3- في البحار زيادة: بن الحسن.
4- بحار الأنوار 107: 153.
5- انظر طرقه في ص 348 و 414، هذا و قد ذكر في المشجرة روايته عن السيّد محيي الدين الحسيني صاحب الأربعين فقط.
6- لم يرد في المشجرة للشيخ كمال الدين علي الواسطي ذكر و لا لطرقه.

ص: 348

الواسطي (1). إلى آخره.

و قال السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس في إجازته- على ما نقله صاحب المعالم-: استخرت اللّه و أجزت للأخ في اللّه تعالى، العالم الفاضل، الصالح الأوحد، الحافظ المتقن، الفقيه المحقق، البارع المرتضى، كمال الدين فخر الطائفة علي ابن الشيخ الإمام الزاهد بقيّة المشيخة شرف الدين الحسين ابن حماد بن أبي الخير الليثي نسبا الواسطي مولدا (2). إلى آخره.

و هذا الشيخ يروي عن جماعة:

أ- السيد عبد الكريم ابن طاوس، كما عرفت.

ب- الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن أحمد بن صالح، الذي مرّ ذكره و طرقه (3).

ج- الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد- ابن عمّ المحقق- و يأتي ذكره (4).

د- نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما، صاحب كتاب مثير الأحزان، و قد مرّ ذكره (5).

ه- الشيخ كمال الدين ميثم البحراني، شارح النهج، و يأتي في مشايخ العلامة (6).

و- الشيخ شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح بن محمّد.


1- أربعين الشهيد: 5/ 6.
2- بحار الأنوار 109: 13.
3- تقدم في: 327، 332.
4- يأتي في: 414.
5- مرّ في: 330.
6- يأتي في: 409.

ص: 349

قال صاحب المعالم في إجازته: و كان هذا الشيخ من أعيان علماء عصره، و رأيت بخط شيخنا الشهيد الأول، في بعض مجاميعه، حكاية أمور تتعلّق بهذا الشيخ، و فيها تنبيه على ما قلنا، فمنها: أنّه كتب إلى الشيخ المحقق نجم الدين ابن سعيد أبياتا من جملتها:

أغيب عنك و أشواقي تجاذبني. الأبيات فأجابه المحقق بهذه الأبيات:

لقد وافت فضائلك العوالي. إلى آخره.

و كتب بعدها نثرا من جملته: و لست أدري كيف سوّغ لنفسه الكريمة- مع حنوه على إخوانه، و شفقته على أوليائه و خلّانه- إثقال كاهلي بما لا يطيق الرجال حمله، بل تضعف الجبال أن تقلّه، حتى صيرني بالعجز عن مجازاته أسيرا، و وقفني في ميدان محاوراته حسيرا (1). إلى آخره.

و قال شارح القصائد السبع العلويات- لابن أبي الحديد، المسمّى شرحه بغرر الدلائل- في أوّل الشرح: و كنت قرأت هذه القصائد على شيخي الإمام العالم الفقيه المحقق، شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح قدس اللّه روحه و ذلك بداره بالحلّة، في صفر من سنة ثمانين و ستمائة، و رواها لي عن ناظمها و راقم علمها (2).

عن المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد.

ز- المحدّث الجليل الشيخ محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري، صاحب المزار الكبير، بطرقه الآتية (3).


1- بحار الأنوار 109: 14- 16.
2- غرر الدلائل: مخطوط.
3- تأتي طرقه في الجزء الثالث: 19.

ص: 350

هذا و يروي السيد شمس الدين محمّد بن أحمد بن أبي المعالي أيضا:

3- عن خاله السيد السعيد صفي الدين العلامة أبي عبد اللّه محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي، كذا في إجازة صاحب المعالم (1).

و في الأمل: السيد الجليل صفي الدين محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي، كان من الفضلاء الفقهاء الأدباء الصلحاء الشعراء، يروي عنه ابن معية و الشهيد، و من شعره قوله في قصيدة يرثي بها الشيخ محفوظ ابن وشاح:

مصاب أصاب القلب منه وجيب. الأبيات (2).

عن السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي (3).

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (4).

[عاشرهم الشيخ جلال الدين محمّد بن شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري]

عاشرهم (5): الشيخ الإمام البليغ جلال الدين محمّد ابن الشيخ الإمام ملك الأدباء شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري، كذا ترجمه صاحب المعالم (6).

و في الأمل ذكره تارة بعنوان: الشيخ جلال الدين محمّد بن محمّد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحارثي، كان عالما صالحا فاضلا، من تلامذة المحقق، يروي عنه ابن معيّة (7). و تارة بعنوان: الشيخ جلال الدين محمّد بن الشيخ شمس الدين محمّد ابن الكوفي، عالم جليل، يروي الشهيد عنه عن المحقق (8).

انتهى.


1- انظر بحار الأنوار 109: 9.
2- أمل الآمل 2: 254.
3- الطريق التاسع هذا مع كل تفرعاته لم يرد في المشجرة.
4- حكاه في بحار الأنوار 109: 16.
5- من مشايخ الشهيد الأوّل.
6- حكاه في بحار الأنوار 109: 16.
7- أمل الآمل 2: 298.
8- أمل الآمل 2: 303.

ص: 351

و الظاهر أنّهما واحد، و ذكر أنّه يروي عن المحقق (رحمه اللّه).

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (5).

حادي عشرهم: الشيخ قطب الدين أبو جعفر محمّد بن محمّد الرازي البويهي

الحكيم الفقيه، المتألّه المشهور، صاحب شرح الشمسية و المطالع، و غيرهما.

قال الشيخ محمّد بن علي الجباعي في مجموعته المنقولة عن خطّ شيخنا الشهيد رحمه اللّه ما لفظه: وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي على كتاب قواعد جمال الدين ما صورته: من خطّ مصنف الكتاب إجازة للعلامة قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي، صاحب شرح المطالع و الشمسية، و شرح الشرح، على ظهر القواعد بخط قطب الدين و عليها البلاغ إلى حساب الوصايا من الجزء الأول، و البلاغ- على بعض كتاب النكاح (1) من الثاني-:

قرأ علي هذا الكتاب الشيخ العالم الكبير، الفقيه الفاضل، المحقق المدقق، ملك العلماء و الأفاضل، قطب الملّة و الدين، محمّد بن محمّد الرازي- أدام اللّه أيامه- قراءة بحث و تدقيق، و تحرير و تحقيق، و سأل عن مشكلاته، و استوضح معظم مشتبهاته، فبينت له ذلك بيانا شافيا، و قد أجزت له رواية هذا الكتاب بأجمعه، و رواية جميع مصنفاتي و رواياتي، و ما أجيز لي روايته، و جميع كتب أصحابنا السالفين- رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين- بالطرق المتصلة منّي إليهم، فليرو ذلك لمن شاء و أحبّ على الشروط المعتبرة في الإجازة، فهو أهل لذلك، أحسن اللّه عاقبته. و كتب العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر الحلي مصنف الكتاب، في ثالث شعبان المبارك من سنة ثلاث عشرة و سبعمائة بناحية ورامين، و الحمد للّه وحده و صلّى اللّه على محمّد النبيّ و آله الطاهرين.


1- ورد في الحجريّة هنا رمز الاستظهار: ظ.

ص: 352

و بخط قطب الدين في آخر الجزء الأول:

انتظم الجزء الأول من هذا الكتاب في سلك التحرير، بعون الملك المعين القدير، و بيوم الجمعة كاد أن ينطوي نشره، و شهر شوال ضوّع نشره، و تمام سبعمائة انظمّ إليه عشرة انتظاما أحدب أطرافه، و نوع أصنافه، العبد المحتاج إلى الصمد محمّد بن محمّد الرازي، سهل اللّه مآربه، و حصّل مطالبه بمحمّد و آله الطاهرين الأخيار (1).

قال الشيخ ابن مكي: اتفق اجتماعي به بدمشق أخريات شعبان سنة ست و سبعين و سبعمائة (2)، فإذا [هو] (3) بحر لا ينزف، و أجازني جميع ما تجوز عنه روايته، ثم توفي في ثاني عشر ذي القعدة من السنة المذكورة بدمشق، و دفن بالصالحية، ثم نقل إلى موضع آخر، و صلّي عليه برحبة القلعة، و حضر الأكثر من معتبري دمشق للصلاة عليه رحمه اللّه و قدس روحه.

و كان إمامي المذهب بغير شكّ و ريبة، صرّح بذلك و سمعته منه، و انقطاعه إلى بقيّة أهل البيت عليهم السلام معلوم.

قال ابن مكّي: و قد نقلت عن هذا الكتاب شيئا من خطه من حواشي الكتاب الذي قرأه على المصنف، و فيه حزاز (4) بخطه أيام اشتغاله عليه علامتها: قط (5).


1- مجموعة الشهيد: 399.
2- التاريخ هذا هنا و فيما سيأتي بعد أسطر لا يتفق مع ما اتفقت المصادر التالية عليه و ما سيأتي أيضا من أنّ وفاته كانت سنة 766.
3- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
4- ورد في الحجرية هنا: كذا، و الحزة: القطعة، يعني فيه أماكن مقطعة متفرّقة بخطه، انظر (الصحاح- حزاز- 3: 873)
5- أي: إنّه قرأ عليه كتاب فيه حواشي، و ذلك الكتاب بخط مصنفه، و قد حشاه أيام اشتغاله و رمز عليه برمز قط.

ص: 353

و بخط ابن مكّي، و حكاية خطّه في آخره: فرغ من تحرير هذا الكتاب بعون الملك الوهاب، العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة اللّه تعالى، محمّد بن محمّد بن أبي جعفر بابويه، في خامس ذي القعدة سنة ثمان و سبعمائة، قال الشيخ محمّد بن مكي: و هذا يشعر انّه من ذرية الصدوق ابن بابويه رحمهم اللّه تعالى (1). انتهى ما في المجموعة.

و قال الشهيد أيضا في إجازته لابن الخازن: و منهم الإمام العلامة سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، الحبر البحر، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، فإنّي حضرت في خدمته- قدس اللّه لطيفته- بدمشق عام ثمانية و ستين و سبعمائة، و استفدت من أنفاسه، و أجاز لي جميع مصنّفاته في المعقول و المنقول، أن أرويها عنه و جميع مرويّاته، و كان تلميذا خاصّا للشيخ الإمام جمال الدين المشار إليه (2). انتهى.

و قال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين: و يرويها شيخنا السعيد الشهيد، عن الإمام المحقق المتبحر، جامع المعقول و المنقول، قطب الملّة و الحق و الدين، أبي جعفر البويهي الرازي، شارح الشمسية و المطالع في المنطق، عن الإمام جمال الدين بلا واسطة، فإنّه من أجلّ تلامذته، و من أعيان أصحابنا الإماميّة، قدس اللّه أرواحهم و رضي عنهم أجمعين (3).

و في إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين والد البهائي، عند تعداد تلامذة العلامة الذين روى عنهم الشهيد: و الشيخ الإمام العلامة ملك العلماء، سلطان المحققين، و أكمل المدققين، قطب الملّة و الدين، محمّد بن محمّد


1- مجموعة الشهيد: 399.
2- انظر بحار الأنوار 107: 188.
3- بحار الأنوار 108: 71.

ص: 354

الرازي (1). إلى آخره.

و قال شيخنا البهائي في حاشية الأربعين- عند ذكر اسمه في سنده إلى العلامة-: هو صاحب المحاكمات، و شرح المطالع، و هو من تلامذة شيخنا العلامة، و قرأ عنده كتاب قواعد الأحكام، و له عليه قيود و حواش نقلها والدي طاب ثراه في قواعده من قواعد شيخنا الشهيد قدس اللّه روحه (2). انتهى.

و قال الآميرزا عبد اللّه في الرياض في باب الألقاب: الشيخ قطب الدين يطلق على جماعة كثيرة، و من هذه الحيثيّة قد يشتبه في كثير من الأوقات بعضهم ببعض:

الأول: على الشيخ المتقدم قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي، صاحب كتاب الخرائج و الجرائح و غيره.

الثاني: على الشيخ أبي الحسن قطب الدين محمّد بن الحسن بن الحسين الكيدري السبزواري، صاحب مناهج النهج بالفارسية و غيره.

الثالث: على المولى قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، صاحب شرح المطالع و المحاكمات و غيرهما، الفاضل المعروف الذي هو من أولاد ابن بابويه القمي.

الرابع: على قطب الدين محمود بن مسعود الكازروني، المعروف بالعلّامة الشيرازي، تلميذ الخواجه نصير الدين الطوسي، و شارح القسم الثالث من المفتاح، و شارح المختصر الحاجبي و غيرهما.

الخامس: على قطب الدين- المشهور بقطب المحيي- أستاذ مولانا جلال الدواني، و هو أحد مشايخ الصوفية، و صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات


1- بحار الأنوار 108: 14 و 152.
2- الأربعين حديث: لم ترد هذه الحاشية فيه.

ص: 355

القطب المحيي بالفارسية- المشهورة- و هو قطب الدين محمّد بن الكوشكناري.

و الثلاثة الأول من علماء الخاصة، و الاثنان الأخيران من علماء أهل السنة و الجماعة (1). انتهى.

إلى غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من أصحابنا الإمامية.

و قد ذكره القاضي في المجالس (2)، و الشيخ الحرّ في الأمل (3)، و لم نقف على من احتمل فيه غير ذلك، و كفى بشيخنا الشهيد الناص على إماميته بالمعاشرة و المصاحبة و السماع منه صريحا شاهدا.

و لم يكن لإظهاره الإمامية بالقول و الفعل داع غير الصدق و كشف الحقّ، فإن بلدة الشام قاعدة بلاد المخالفين، و سلطانها و واليها و قضاتها و مفتيها منهم، و الأرزاق و المناصب و الحكم و الحدود بيدهم، فكيف يظهر للشهيد المقهور في تحت سلطانهم إماميته و هو منهم، مع ما هو عليه من العزّة و الرفعة و الأبهة و الجلالة، مع حرمة التقيّة عندهم.

و بالجملة لم نجد لاحتمال غير الإمامية فيه سبيلا، و لم نقف على من أشار إليه إلى أن وصلت النوبة إلى السيد الفاضل المعاصر طاب ثراه فأدرجه في كتاب الروضات- أوّلا- في سلك علماء المخالفين، و أصرّ- ثانيا- بكونه منهم، متشبّثا بقرائن أوهن من بيت العنكبوت، و نحن نتقرّب إلى اللّه تعالى في نصرة هذا المظلوم، و كشف فساد ما أوقعه في هذا المكان السحيق، فنقول و باللّه التوفيق:

قال في الروضات- في باب القاف-: الشيخ العالم الأمين، و الحبر الفاضل المتين، أبو جعفر قطب الدين الرازي البويهي، الحكيم الإلهي،


1- رياض العلماء (القسم الثاني): 442 مخطوط.
2- مجالس المؤمنين 2: 213.
3- أمل الآمل 2: 300.

ص: 356

الفهيم المنطقي، المتقدم المشهور بين علماء الدهور، و فضلاء الجمهور، اسمه محمّد بن محمّد، و نسبته إلى ورامين الري من جهة المولد و البلد.

و ينتهي نسبه إلى آل بويه الذين هم سلاطين الديالمة المشهورون، كما عن تصريح الشيخ علي بن عبد العالي. أو إلى بابويه القمي الذي هو جدّ شيخنا الصدوق المحدّث، كما عن بعض إجازات شيخنا الشهيد الثاني. (أ) (1) و كأنه من جهة ظهور هذه النسبة في الشيعيّة زعمه جماعة من القاصرين الناظرين إلى ظواهر كلمات الأشخاص من جملة علمائنا الخواص، مع أنه كان أرضى فضلاء زمانه في أرض المخالفين. (ب) و أكثرهم حرمة عند المصاحبين له منهم و المؤالفين. (ج) و انتهت إليه رئاستهم في دمشق الشام. (د) و الحال أنه كان من علماء الأعجام. (ه) و لم تنقل رئاسته على أحد من خواص هذه الطائفة و لا العوام، مثل سائر علمائنا الأعلام. (و) بل و لم يعهد منه كلام تام و لا غير التام في الثناء على أهل بيت العصمة. (ز) و لا عرفت منه مقالة في أصول هذا المذهب و لا فروعه سواء كان من مقولة مقولة أو مسموعة.

(ح) و لم يشك أحد من المتعرضين لأحوال علمائهم في كونه من كبرائهم، مع أنهم كثيرا ما يظهرون الشبهة بالنسبة إلى كثير من علمائهم (2) و شعرائهم.

(ط) مضافا إلى أن كتب إجازات أولئك مشحونة بذكر محامد صفاته، و بيان طرق رواياته عنهم، و الطرق منهم إلى رواياته. (ي) بخلاف كتب هذه الطائفة فإنّها خالية عن ذكره. (يا) فضلا عن ذكر جلالة قدره.

(يب) و يمكن أن يكون مرجع هذا التوهم المنتهى إلى مرتبة التحكم،


1- الرموز الابجديّة وضعت من قبل المؤلف للدلالة على مواقع النظر و الردّ عليها فيها بعد صفحة: 363.
2- في المخطوط و الحجريّة: علمائنا، و ما أثبتناه من المصدر.

ص: 357

تصريح شيخنا الشهيد (1) به فيما وجد بخطه الشريف على ظهر كتاب قواعد العلامة أعلى اللّه مقامه، رعاية بذلك لغاية مصلحة التقية، أو (يج) استصلاحا لحال علمائنا الإمامية، و إظهارا لبراءتهم عن شيمة النفاق، و السلوك بعصبيات الجاهلية. (يد) و ذلك لغاية مطبوعيته و متبوعيته عند سائر الطوائف الإسلامية. (يه) و كذلك تصريح شيخنا المحقق الثاني علي بن عبد العالي الكركي العاملي في بعض إجازاته حيث (2) يقول- و ساق ما نقلناه عنه- ثم قال: و الظاهر أن ما ذكره منوط بتصريح الشهيد المرحوم. (يو) و إلّا فهو غير متمهر في أمثال هذه الرسوم، و قد عرفت الوجه في تصريح الشهيد- أيضا- و لو فرضنا كون ذلك من جهة إجازة العلامة له، و أنّه لو كان من غير الثقات المرضيين لما أجازه لرواية أحاديث الطاهرين؟ فكيف به إن كان من علماء المخالفين؟ ففيه منع الملازمة أولا، و منع بطلان التالي ثانيا. (يز) لعدم ثبوت نقل هذه الإجازة إلّا من كلام صاحب مجالس المؤمنين، و هو في أمثال هذه المراحل من المتهمين.

(يح) و لو سلّم، فإنه قد كان ذلك في مبدأ أمر الرجل، و زمانه كونه في ديار العجم، و انعكاس أمر التقية هناك، و غاية ارتفاع أمر الشيعة الإمامية باعتبار شيوع تشيّع سلطانهم السلطان محمّد شاه خدابنده، و أخذه بأنفاس جماعة العامة كما يشعر بهذه الدقيقة.

أولا: عدم إشعار كلمات العلامة في تلك الإجازة بشي ء من التمجيد لغير فهمه و فضيلته، فضلا عن التصريح بعدله و وثاقته. (يط) و ثانيا: دعاؤه له في آخر الإجازة بأن يحسن اللّه عاقبته، مع أنه يجوز لنا مثل هذا الدعاء في حق


1- انظر بحار الأنوار 107: 140.
2- راجع بحار الأنوار 108: 71.

ص: 358

جميع الأشقياء و الأقسياء، بل لو سلّم كون الرجل يومئذ من الشيعة حقيقة- أيضا-. (ك) لا ينافي أخذ حبّ رئاسته العامة بعد ذلك بنور بصيرته. (كا) و تأثير معاشرة نصاب دمشق الشام في تقلب قلبه و فطرته، و تبدّل نيته و سريرته، كما أنّ ذلك غير عزيز بالنسبة إلى كثير (كب) من أمثال ذلك. أمثال: الكاتبي القزويني، و الميرزا مخدوم الشريفي، و المولى رفيع الدين الجيلاني- فيما يقال- و غيرهم [من] المذكورين في تضاعيف كتابنا هذا، فليلاحظ.

مع أنه (كج) لو سلّم شهادة الرجلين الجليلين ببقاء شيعية الرجل إلى زمان رحلته، فلا يخفى أن مرجع هذه الشهادة بالأمور الباطنية- التي لا يعلمها إلّا علّام الغيوب- إلى نفي عروض سبب من أسباب الانحراف عن مذهب الحق طول هذه المدة عليه، فهو غير مسموع جدّا.

(كد) و لو سلّم فهي معارضة بتصريحات من هو أضبط لهذه الأمور، و أنظم و أبصر بهذه الشؤون و أعلم، و لا أقل (كه) من عدم حصول ظن حينئذ بمؤداها، بل حصول الظن بخلافها، كما لا يخفى، فلا تبقى لها بعد ذلك حجّية أصلا (كو) و تبقى أصالة عدم استبصار الرجل بحالته الأولى، كما بقيت بالنسبة إلى غير هذا من الذين اشتبه أمرهم على صاحب المجالس، بطريق أولى. فليست هذه الماجرا بأول قارورة كسرت في الإسلام، بل اتفق مثل هذا الاشتباه من كثير من علمائنا الأعلام بالنسبة إلى من هو أرجس من الأنصاب و الأزلام، و من الناصبين للعداوة- بلا كلام- مع أهل بيت العصمة عليهم السلام.

و إذا فليست شهادة الشهيد، و المحقق الشيخ عليّ، بسعادة مولانا المحقق القطبي، بأعجب من شهادة مولانا المجلسي بسعادة عبد الرحمن

ص: 359

الجامي، بل العلامة الشيرازي (1)، (كز) و شهادة شيخنا الحرّ بشيعيّة أبي الفرج الأموي الأصفهاني، و شهادة كثير من الإمامية بإمامية أمثال السعدي و النظامي و الشيخ العطار و الشبستري و المولوي الرومي، و شهادة صاحب المجالس بحقيّة كثير من العامة و أساطين مذهبهم، و رؤساء بلادهم، و المصنفين في أصولهم و فروعهم، بمحض أن كان يرون في كتبهم أو يسمعون من قبلهم شيئا من مدائح أهل البيت عليهم السلام، أو إطراء في الثناء على الأئمة المعصومين عليهم السلام، مع أن هذه الشيمة كانت قديمة فيهم، و منقولة عن أئمتهم الأربعة، و لم تكن فضائل ساداتنا الأبرار الأطهار إلّا مثل الشمس في رابعة النهار غير قابلة للإغماض و الإنكار.

و أنى هو من الدلالة على حقيّة الرجل في باب الاعتقاد، و موافقته للإمامية الحقة في أمور المبدأ و المعاد؟ و هل هو إلّا قصور في النظر، أو تقصير في تحصيل علوم الأخبار و السّير؟ مع عدم الأمن فيه من الضرر، و الكون فيه على موضع الخطر. (كح) فإيّاك و الركون إلى الظالمين، و السكون إلى تقليد السالفين، و ان تحسن الظن بالموافقين مع المخالفين، و المداهنين مع المنافقين، و لا تتبع غير الحق حتى يأتيك اليقين.

ثم ليعلم أن هذا (كط) الرجل مذكور في تراجم كثير من علماء الجمهور، (ل) من الذين لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا الصدور، (لا) و منهم السيوطي في كتابه الموسوم في طبقات النحاة الموسوم (2): ببغية الوعاة، إلّا (لب) انه ذكره في باب المحمودين دون المحمّدين، و هو أبصر بالمشاركين له في الدين.

قال (لج): و إن شئت عين عبارة البغية فهي هكذا: قطب الدين محمود


1- في الروضات: الزمخشري.
2- نسخة بدل: المرسوم. (منه قدس سره)

ص: 360

بن محمّد الرازي، المعروف بالقطب التحتاني، تمييزا له عن قطب آخر كان ساكنا معه بأعلى مدرسة الظاهرية، كان أحد أئمة المعقول، أخذ عن العضد (1)، و قدم دمشق، و شرح الحاوي و المطالع و الإشارات، و كتب على الكشّاف حاشية، و شرح الشمسية في المنطق، و كان لطيف العبارة.

سأل السبكي عن حديث «كلّ مولود يولد على الفطرة» فأجابه السبكي، فنقض هو ذلك الجواب و بالغ في التحقيق، فأجابه السبكي، و أطلق لسانه فيه، و نسبه إلى عدم فهم مقاصد الشرع و الوقوف مع ظواهر قواعد المنطق.

و سبق في ترجمة السيد عن شيخنا الكافيجي أنه قال: السيد و القطب التحتاني لم يذوقا علم العربية، بل كانا حكيمين، و مات القطب الرازي في ذي القعدة سنة 766 (2)، انتهى (3).

و ذكره أيضا جماعة من علمائنا الرجاليين في ذيل تراجمهم للإماميين، باعتبار ذكر الرجلين المتقدمين إياه في ذلك العداد، و شهادتيهما الصريحتين على كونه من علمائنا الأمجاد، مثل شيخنا الحرّ العاملي عليه الرضوان، حيث ذكره في أمل الآمل بهذا العنوان: قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، فاضل جليل محقق، من تلامذة العلامة، روى عنه الشهيد، و هو من أولاد أبي جعفر بن بابويه، كما ذكره الشهيد الثاني في بعض إجازاته (4) و غيره. و قد نقل القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين صورة إجازة العلامة له، و ذكر أنّها كانت على ظهر كتاب القواعد، فقال (5) فيها. إلى آخر ما نقلناه سابقا.


1- يعني به: القاضي عضد الإيجي.
2- ذكرنا في صفحة 352 أنّ في سنة وفاته اضطراب، و إن كان الأرجح ما ذكر و كذا فيما سيأتي.
3- بغية الوعاة 2: 281/ 981.
4- انظر بحار الأنوار 108: 148.
5- مجالس المؤمنين 2: 213.

ص: 361

و قال السيد مصطفى في رجاله: محمّد بن محمّد بن أبي جعفر الرازي، قطب الدين، وجه من وجوه الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، من تلامذة الإمام العلامة الحلي. يروي عنه شيخنا الشهيد، له كتب منها كتاب المحاكمات، و هو دليل و برهان قاطع على كمال فضله و وفور علمه (1). انتهى.

و قال الشيخ حسن عند الرواية عنه: الشيخ الإمام العلامة، ملك العلماء المحققين، قطب الملة و الدين، محمّد بن محمّد الرازي، صاحب شرحي المطالع و الشمسية. انتهى.

و من مؤلفاته أيضا: حاشية الكشّاف، و حاشية أخرى للكشّاف، و شرح القواعد، و شرح المفتاح، و رسالة في تحقيق الكليات، و رسالة في تحقيق التصور و التصديق، و قد تقدم محمّد البويهي. انتهى كلام صاحب الأمل (2).

و قال صاحب اللؤلؤة- بعد عدّه من جملة مشايخ الشهيد، و الإشارة إلى أحوال جملة منهم-: و أمّا الشيخ قطب الدين- المذكور- ففضله و جلالته و عظم منزلته أشهر من أن ينكر، و أظهر من أن تعثر به الغير. إلى أن قال: و قال في كتاب مجالس المؤمنين: المحقق العلامة قطب الدين محمّد بن محمّد البويهي الرازي، ثم قال- ما هذه ترجمته- بعد أن أثنى عليه ثناء جميلا جليلا، و نسبه على ما ذكره عمدة المجتهدين الشيخ علي بن عبد العالي قدس سره في إجازة كتبها لعمي يشعر بأنه ينتهي إلى السلسلة الشريفة سلاطين آل بويه، و منشؤه و مولده في دار المؤمنين ورامين من أعمال الري، و هو بعد تلمّذه لجمع من العلماء تشرّف بتلمّذه على علّامة الزمان الشيخ جمال الدين حسن بن مطهّر الحلي، و كتب بيده قواعد العلامة و قرأ عليه قدس سره، و على ظهر تلك النسخة


1- نقد الرجال: 335/ 687.
2- أمل الآمل 2: 300/ 908.

ص: 362

الموجودة الآن في بلاد الشام عند بعض الفضلاء صورة الإجازة بخطّ العلامة لتلميذه القطب رحمهما اللّه: قرأ عليّ أكثر هذا الكتاب الشيخ العالم الفقيه.

إلى آخر ما مرّ (1).

ثم قال: ثم إن العلامة القطب بعد أن توفي السلطان أبو سعيد- أنار اللّه برهانه- و استشهد خواجه غياث الدين و غيره من الوزراء انتقل إلى بلاد الشام، و على ما ذكره صاحب طبقات النحاة: أن تقي الدين السبكي- من فقهاء الشافعية- نازعه في العلوم، و قابله بالمعارضة في الرسوم (2) ثم ساق الكلام إلى أن قال: و كتب الشهيد قدس سره بخطّه على ظهر كتاب القواعد، ما معناه: إنّي تشرّفت في دمشق برؤية العلامة القطبي فوجدته بحرا زاخرا، فاستجزت منه فأجاز لي، و ليس عندي شبهة في كونه من العلماء الإمامية، و كفى تلمّذه و انقطاعه إلى العلامة الذي هو من فقهاء أهل البيت عليهم السلام، و خلوص عقيدته و تشيّعه شاهدا.

توفي سنة ست و ستين و سبعمائة في دمشق، و صلّي عليه في الحصن، و حضر صلاته أكثر أعيان البلد، و دفن في الصالحية، ثم نقل إلى مكان آخر.

و من تصانيفه المشهورة: شرح الشمسية، و شرح المطالع، صنّفهما بإشارة خواجه غياث الدين المذكور آنفا، فإنه كان مربّي أهل الفضل في ذلك الزمان.

و منها المحاكمات بين شارحي الإشارات، و رسالة في تحقيق التصور و التصديق، و حاشية على القواعد الذي قرأه على مصنفه العلامة- أنار اللّه برهانه- كتب على حاشية- الكتاب، و دوّنه بعض فضلاء الإمامية في الشام، و سمّاها بالحواشي القطبية (3)، انتهى.


1- تقدم في: 351.
2- بغية الوعاة 2: 282/ 1981.
3- مجالس المؤمنين 2: 212.

ص: 363

و أقول: ما نقلته هنا عن الشهيد (رحمه اللّه) من قوله: و ليس عندي شبهة في كونه من العلماء الإمامية، لا يخلو عن غرابة كما لا يخفى، و الحمل على رفع توهم كونه ليس كذلك باعتبار إظهاره مذهب أهل السنة في الشام بعيد غاية البعد، فإن الشام مملوة من فضلاء الإمامية المظهرين للتقية (1). انتهى كلام شيخنا صاحب اللؤلؤة.

و أقول: إن ما ذكره من الاستغراب لنفي الشهيد (رحمه اللّه) عنه شبهة السنية في غاية الغرابة، إذ قد (لد) عرفت من تضاعيف ما سبق و بيان غاية اشتهاره في زمانه بكونه منهم، بل (له) ظهور عدم خلاف ذلك من كلمات الفريقين، أن الغرابة إن كانت في كلام الشهيد، فإنّما هي من جهة كونه في مقام دفع هذه التهمة عنه، لا من جهة كون كلامه موهما لكون الرجل من أهل هذه التهمة. (لو) و حسب الدلالة على كون الرجل من كبار السنيّة ذكرهم إيّاه مع تمام الاحترام و الاسترحام، حيث يذكرونه، و ليس ذلك من عملهم بالنسبة إلى أحد من علماء الشيعة، لغاية ما وجد فيهم من شيمة العصبية، كما ترى أن التفتازاني يقول في مفتتح شرحه على الشمسية: و بعد فقد سألني فرقة من خلاني. إلى أن قال: و أجيل النظر في شرح الفاضل المحقق، و النحرير المدقق، قطب الملّة و الدين، شكر اللّه مساعيه، و قرن بالإفاضة أيّامه و لياليه (2). إلى آخر ما ذكره.

(لز) مع ان القطب المذكور لم يهمل أيضا في شي ء من مؤلفاته الصلاة على الصحابة في ضمن إهداء الصلاة على النبي و آله الطاهرين، كما هو شأن المتعصبين من هذه الطائفة (3).


1- لؤلؤة البحرين: 194/ 74.
2- شرح الشمسيّة: غير متوفر لدينا.
3- روضات الجنات 6: 41- 45.

ص: 364

انتهى كلام صاحب الروضات بطوله، الذي لا يوجد فيه بعد إسقاط ما هو من غيره كلمة حقّ و قول صدق أصلا، و لو لا انتشار كتابه، و خوف دخول شبهة في قلوب بعض غير المتمهرين في هذه الصناعة، لأعرضنا عنه و أخذنا فيما هو الأهم، و لكن اللّه تعالى أوجب نصرة المظلومين من المؤمنين حيّهم و ميّتهم، و أيّ ظلم أشنع و أفظع من هذا الافتراء العظيم على هذا العالم الجليل؟! فنقول مستمدا من آل الرسول عليهم السلام:

في كلماته مواقع للنظر:

أ- قوله: و كان من جهة ظهور هذه النسبة. إلى آخره، مراده ان القاصرين، كالشهيد الأول، و المحقق الثاني، و الشهيد الثاني، و ولده صاحب المعالم، و صاحبي الأمل و اللؤلؤة، و القاضي، و أستاذ هذا الفن صاحب الرياض، و غيرهم ممّن عدوه من علمائنا الإمامية؛ ليس لهم مستند لذلك سوى كونه من أحفاد الصدوق، و شيوع التشيع في بني بويه، فإنّهم ممّن يحكمون بمجرّد بعض الظواهر من غير تأمّل و تفحص. و هذا افتراء على هؤلاء النواميس، و نسبة سوء إليهم تكاد السموات يتفطرن منها، فإنّهم شكر اللّه تعالى سعيهم لا يحكمون في كتبهم الرجالية بإمامية أولاد الأئمة عليهم السلام لمجرد كونه ولد إمام، فضلا عن تعديله و تبجيله، إلّا بعد تصريح أئمة الفن أو قرائن اخرى، فكيف يحكمون بإمامية من هو من أحفاد الصدوق لمجرد الانتساب؟! و ليس في كلام أحد منهم ما يوهم ذلك، أمّا غير الشهيد فذكروه في إجازاتهم و فهارسهم كغيره من أصحابنا، و أمّا الشهيد فصرح بإماميّته بالمعاشرة و التلمّذ عنده (1). و تصريح القطب بذلك- أيضا- كما عرفت.


1- انظر بحار الأنوار 107: 188.

ص: 365

وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً (1).

ب- قوله: و أكثرهم حرمة عند المصاحبين. إلى آخره، دعوى لم يذكر لها شاهدا و لا قرينة.

ج- قوله: و انتهت إليه رئاستهم. إلى آخره، كذب صريح (2)، فإنه لم يكن قاضيا و لا مفتيا في الشام لأحد من المذاهب الأربعة فضلا عن كونه قاضي القضاة، و إنّما ذكر السيوطي أنه كان ساكنا في المدرسة الظاهرية (3)، و هذا حال ضعفاء أهل العلم، و إنّما كان قاضي القضاة في عصره تقي الدين السبكي، كما صرّح هو في ترجمته و ولده عبد الوهاب (4).

قال ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمته: و انتهت إليه رئاسة القضاء و المناصب بالشام، و حصل له بسبب القضاء محنة شديدة (5). إلى آخره.

و مثله ما في طبقات الشافعية لابن القاضي و فيهما: أنّه توفي سنة 771 (6)، و قد مرّ في كلام السيوطي ما فعل السبكي بالقطب من الإهانة الكاشفة عن عدم قدر و منزلة له عندهم.

د- قوله: و الحال إلى آخره، و هو فرع الكذب السابق.

ه- قوله: و لم تنقل رئاسته الى آخره، رئاسة علمائنا في بلاد المخالفين منحصرة في التدريس مع نهاية التحفظ، و أخذ بعض الحقوق سرّا، و غيرها من


1- النساء 4: 94.
2- هذا التعبير يورده المحدث النوري قدس اللّه سرّه الشريف فيما بعد أيضا، و لا يخلو عن غرابة من مثله لمثل صاحب الروضات عصمنا اللّه من الزلل في القول و العمل.
3- بغية الوعاة 2: 281/ 1981.
4- بغية الوعاة 2: 177.
5- الدرر الكامنة 1: 210/ 544.
6- طبقات الشافعية 3: 79، هذا و في الدرر و الطبقات ذكر تاريخ وفاته سنة 773، فلاحظ.

ص: 366

الأمور الجزئية غير القابلة للذكر في الكتب، و لم يكن لهم حظّ في القضاوة و الحكم و إجراء الحدود و أخذ الحقوق قهرا و غيرها من آثار الرئاسة الظاهرة التي يذكر بعض نوادرها في التراجم، و كان له (رحمه اللّه) ما كان لأقرانه، و كفى بتلمّذ الشهيد الكاشف عن تلمّذ أهل عصره عنده رئاسة، بل و فخرا و ذكرا.

و- قوله: بل لم يعهد. إلى آخره، أكذب كسابقه، فإن كتبه الشائعة، كشرحي الشمسية و المطالع، و المحاكمات، غير موضوعة لذلك، و امّا ما صنفه في المنقول الموضوع لذلك الذي صرح الشهيد في إجازة ابن الخازن انه أجازه (1) له فليس بأيدينا. فكيف ينفيه عنه؟! و قد مرّ في كلام الشهيد قوله في حقّه:

و انقطاعه إلى بقيّة أهل البيت عليهم السلام معلوم. و كذا ما نقله عن خطّه في آخر الجزء الأول من القواعد: العبد المحتاج إلى الصمد محمّد بن محمّد الرازي، سهّل اللّه مآربه، و حصّل مطالبه، بمحمّد و آله الطاهرين الأخيار.

انتهى.

و هذا كلام لا يصدر من أحد من المخالفين.

و نسب الفاضل المتبحر قطب الدين الإشكوري في محبوب القلوب هذا الرباعي إليه:

روز حبّ (2) طلب ساقي كوثر كش وز كوثر كثرت مي وحدت دركش

لا يظمأ أصلا أبدا شاربهارمزيست در اين مى ار توانى دركش

(3)


1- انظر بحار الأنوار 107: 188.
2- في المخطوطة: روز جزا.
3- محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.

ص: 367

ز- قوله: و لا عرفت. إلى آخره، فيه:

أوّلا: النقض بكثير من العلماء الأجلاء المذكورين في الفهارست و الإجازات، ليس لهم ذكر و مقالة في الكتب العلمية، أصولا و فروعا.

و ثانيا: إن عدم النقل عنه في الأصول، فلعلّه لم يكن له مقالة خاصّة قابلة للنقل كأكثر علمائنا، و أمّا في الفروع فمع أنّه لم يكن من فرسانها، فكثيرا ما ينقل فقهاؤنا عنه، و الظاهر أنه من حواشيه على القواعد المعروفة بالحواشي القطبية.

قال الشهيد الثاني في روض الجنان، في مسألة كفاية الحجر ذي الجهات الثلاث في الاستجمار، بعد اختيار العدم ما لفظه: و الفرق بين استجمار كل واحد بالحجر، و استجمار الواحد به واضح، لصدق العدد في كلّ واحد. فأمتثل الأمر الوارد بالثلاثة المقتضي للإجزاء، بخلاف الواحد لعدم صدق العدد عليه، كما قال العلامة قطب الدين الرازي تلميذ المصنف: أيّ عاقل يحكم على الحجر الواحد أنه ثلاثة (1).

و قال الشيخ الأعظم الأنصاري في المكاسب: و لكن الذي يظهر من جماعة منهم قطب الدين، و الشهيد في باب بيع الغاصب، أن تسليط المشتري للبائع الغاصب على الثمن، و الإذن في إتلافه، يوجب جواز شراء الغاصب به شيئا، و أنه يملك بدفعه إليه، فليس للمالك إجازة هذا الشراء (2). انتهى.

و في رسالة الاستصحاب في فروع مسائل أصالة الصحة- بعد نقل كلام جماعة فيما لو ادّعى الضامن الصغر عند الضمان- و قال: و حكي عن قطب الدين أنّه اعترض على شيخه العلامة- في مسألة الضامن- بأصالة الصحة،


1- روض الجنان: 24.
2- المكاسب: 130.

ص: 368

فعارضها بأصالة عدم البلوغ، و بقيت أصالة البراءة سليمة عن المعارض (1).

و قال الشهيد الثاني في روض الجنان: و أورد العلامة قطب الدين الرازي على المصنّف، أن قوله: و لصوم الجنب، يدل على أنّ غسل الجنابة واجب لغيره و هو لا يقول به، و أجاب المصنف بأن المراد تضييق الوجوب، و معناه أن الصوم ليس موجبا للغسل بل يتضيّق وجوبه بسببه، و إنّما الموجب له الجنابة، فذكره لبيان كيفيّة الوجوب لا لبيان ماهيّته (2)، كذا قرّره الشهيد و أقرّه. إلى آخره.

و في المسالك، في مسألة ما يندرج في المبيع: و قد حقّق العلامة قطب الدين الرازي رحمه اللّه بأنّ المراد تناول اللفظ بالدلالة المطابقية و التضمنية لا الالتزامية، فلا يدخل الحائط لو باع السقف. و هو حسن (3).

ح- قوله: و لم يشكّ أحد. إلى آخره، كذب واضح، و الشاهد على ذلك أنّه لم ينقل كلام أحد منهم في حقّه، مع شدّة حرصه على إثبات هذه الدعوى الباطلة، و لم يقف على ترجمته في كتبهم إلّا على ما ذكره السيوطي في الطبقات، و يأتي إن شاء اللّه تعالى عدم دلالته على مطلوبه، بل دلالته على عكس مراده.

ط- قوله: مضافا إلى أن كتب إجازات أولئك. إلى آخره، لا أصل له، و لو كان صادقا لأشار إلى بعضها و لو بالإجمال و الاختصار، بأن فلانا ذكره في إجازته، و ليس بناؤه في هذا الكتاب على الإيجاز و الاختصار، فإنه ذكر في تراجم جماعة من العامة من الحكايات المضحكة، و كرامات أوليائهم المجعولة، و الأشعار الباطلة في المدائح و المراثي، ممّا هو إزهاق للحق، و ترويج للباطل، ما لا يحصى. فكيف يعرض عمّا يثبت دعواه في قبال كلّ من تقدمه من العلماء.


1- فرائد الأصول: 418.
2- روض الجنان: 17.
3- مسالك الافهام 1: 146.

ص: 369

هذا، و قد ذكر السيوطي في آخر الطبقات أخبارا كثيرة معنعنة متصلة مسلسلة منه إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله بطرق مختلفة، و ليس للقطب فيها ذكر أصلا، مع أنه بزعمه من كبارهم.

ي- قوله: بخلاف كتب هذه الطائفة إلى آخره، كذب عجيب، يوضحه ما ذكره هو فيما يأتي من كلامه، مضافا إلى ما لم يذكره فنقول:

أما الكتب الموضوعة لتراجم العلماء ممّا ألف بعده، فهو مذكور في جميعها، كالأمل (1)، و الرياض (2)، و مجالس المؤمنين (3)، و محبوب القلوب لقطب الدين الاشكوري (4)، و اللؤلؤة (5). و كذا في جملة من الكتب الرجالية التي لا يذكرون فيها من العلماء المتأخرين عن الشيخ إلّا بعض كبرائهم، فذكره السيد مصطفى في نقد الرجال (6)، و المولى حاج محمّد في جامع الرواة (7)، و أبو علي في منتهى المقال (8).

و أمّا الإجازات:

فمنها ما كان غرض المجيز مجرّد اتصال السند، يقتصر فيها على طريق واحد، فهي خالية عن ذكر جلّ العلماء، فلا دلالة فيها على شي ء.

و منها: ما بني على البسط و التفصيل، بل الاستقصاء على حسب وسع صاحبها، و القطب مذكور في جميعها، كإجازة شيخنا الشهيد الثاني لعزّ الدين


1- أمل الآمل 2: 250 و 301.
2- رياض العلماء 5: 168.
3- مجالس المؤمنين 2: 212.
4- محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.
5- لؤلؤة البحرين: 194.
6- نقد الرجال: 330/ 687.
7- جامع الرواة 2: 187.
8- منتهى المقال: 291.

ص: 370

الشيخ حسين بن عبد الصمد (1)، و إجازة ولده المحقق صاحب المعالم للسيد نجم الدين (2) و لولديه، و إجازة الشهيد الأول لأبي الحسن علي ابن الخازن (3)، و إجازة المحقق الثاني لصفي الدين الحلي (4)، و إجازة الجليل الأمير شرف الدين الشولستاني للمولى محمّد تقي المجلسي (5) و رواية المجلسي الأول للصحيفة الكاملة الموجودة في إجازات البحار (6)، و إجازته لآميرزا إبراهيم بن كاشف الدين اليزدي (7)، و إجازته للمولى محمّد صادق الكرباسي (8)، و إجازة العلامة آغا حسين الخوانساري لتلميذه الأمير ذو الفقار (9)، و إجازة المجلسي الأول لولده العلامة المجلسي (10) (رحمه اللّه)، و إجازة صاحب اللؤلؤة لبحر العلوم (11)، و إجازة المحقق الثاني لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي (12)، هذا ما عثرت عليه وقتئذ، و ما لم نعثر عليه أكثر.

يا- قوله: فضلا عن ذكر جلالة قدره، أعجب من سابقه، فإنّه مذكور فيها بالجلالة و العظمة، و بما يوصف به أعاظم العلماء، و قد ذكر هو


1- بحار الأنوار 108: 148.
2- بحار الأنوار 109: 8.
3- بحار الأنوار 107: 188.
4- بحار الأنوار 108: 71.
5- بحار الأنوار 110: 36.
6- بحار الأنوار 110: 43.
7- بحار الأنوار 110: 69.
8- بحار الأنوار 110: 81، هذا و في المخطوط و الحجرية سمّاه: الكرماني، و الظاهر كونه اشتباها.
9- بحار الأنوار 110: 88.
10- لم نعثر عليه.
11- لم نعثر عليه.
12- بحار الأنوار 108: 40.

ص: 371

بعض ما قالوا فيه بعد صفحة، فكيف ينفيه هنا؟!! و لنعم ما قيل: حبّ الشي ء يعمي و يصمّ، و لنذكر بعض ما قالوا فيه، غير ما قدمناه، و يأتي في كلامه.

ففي إجازة الشولستاني: و المولى الفاضل ملك العلماء قطب الدين محمّد الرازي (1).

و في سند الصحيفة للمجلسي (رحمه اللّه): و الشيخ العلامة قطب الدين محمّد الرازي (2).

و في إجازته للفاضل اليزدي: و الشيخ الأجلّ العلامة مولانا قطب الدين (3).

و في إجازته للكرباسي (4): و الشيخ العلامة الفهامة مولانا قطب الدين (5). إلى آخره.

و قال السيد الجليل بدر الدين الحسن بن علي بن الحسن الحسيني المدني، في كتاب الجواهر النظامية من كلام خير البريّة، على ما نقله عنه في الرياض، في ذكر مشايخ الشهيد: منهم السادة الفضلاء و الأشراف النبلاء. فذكر السادة ثم قال: و الشيخ العلامة سلطان المحققين، قطب الملّة و الدين، محمّد الرازي (6). إلى آخره.

و في إجازة العلامة الخوانساري: و الشيخ العلامة قطب المحققين، و إمام


1- بحار الأنوار 110: 36.
2- بحار الأنوار 110: 52.
3- بحار الأنوار 110: 69.
4- في المخطوطة و الحجريّة: للكرماني، و هو تصحيف كما أشرنا إليه سابقا.
5- بحار الأنوار 110: 81.
6- رياض العلماء 1: 241.

ص: 372

المدققين، قطب الملّة و الدين محمد بن محمّد الرازي (1).

و في إجازة التقي المجلسي لولده: عن الشهيد (رحمه اللّه) عن جمّ كثير من الفضلاء الأخيار، و العلماء الأبرار، و منهم الشيخ الأعظم. إلى أن قال:

و الشيخ المحقق العلامة، قطب العلماء و الفضلاء، مولانا قطب الدين (2). إلى آخره.

و في إجازة المحقق الكركي لسميه الميسي (رحمه اللّه): و يرويها- أي مصنفات العلامة- أيضا: شيخنا الإمام السعيد الشهيد عن جماعة منهم. إلى أن قال: و منهم سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، بحر التحقيق و طوده، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي (3). إلى آخره.

و هذه الإجازات كلّها موجودة في إجازات البحار، و كانت موجودة عند صاحب الروضات، و مع ذلك يقول: كتب الطائفة خالية عن ذكره فضلا عن ذكر جلالة قدره (4)، فهل تجد في كتبهم- بعد معدود من الرؤساء كالشيخ، و العلامة، و المحقق، و أضرابهم- أكثر ذكرا و أعظم قدرا و أجلّ رتبة، و أرفع مقاما منه؟! و قد تقدم قول الشهيد في حقّه في إجازته لابن الخازن: الإمام العلامة سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، الحبر البحر، قطب الدين (5). إلى آخره.

و قد قال صاحب الروضات: في ترجمة فخر المحققين مضافا إلى ما رفع


1- بحار الأنوار 110: 88.
2- لم نعثر على هذه الإجازة.
3- بحار الأنوار 108: 43.
4- روضات الجنات 6: 39.
5- تقدم في: 353، و انظر بحار الأنوار 107: 188.

ص: 373

في وصفه شيخنا الشهيد، و تلميذه الرشيد، من القصر المشيد، و القول السديد، مع عدم معهودية المبالغة منه و التأكيد، في مقام التزكية و التمجيد، إلى أن ذكر ما وصفه به و هو قوله: و منهم الشيخ الإمام سلطان العلماء، و منتهى الفضلاء و النبلاء، خاتمة المجتهدين، فخر الملّة و الدين، أبو طالب محمد (1). إلى آخره.

و لك أن تتأمّل في المنقبتين، و التفاضل المشاهد في البين، ممّن نزّه كلامه عن الكذب و المين.

و في محبوب القلوب: المولى العلامة البهيّ الألمعي، قطب الدين محمّد الرازي، شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع، و محكمات حكمية عن أفق المحاكمات ساطع (2). إلى آخره.

و أنت بعد ملاحظة هذه، و ما نقلناه سابقا و مرّ في كلامه، تعلم بصدق كذب ما ادّعاه.

يب- قوله: و يمكن أن يكون مرجع هذا التوهم- إلى قوله- رعاية لغاية مصلحة التقية.

لا يخفى ما في نسبة التوهم و التحكم إلى هؤلاء الأعلام من إساءة الأدب، و إن رعاية التقية تقتضي عد الإمامي مخالفا لا عدّ العالم الرئيس منهم على ما زعمه في بلد رئاسته موافقا. هذا إن كان مراده الشهيد في تصريحه بإماميته، كما يظهر من كلامه بعد ذلك، و قد عرفت الوجه إلى آخره.

و إن كان المراد العلامة (رحمه اللّه) في إجازته له، فهو من السخافة بمكان، و أيّ طلبة عامي فضلا عن عالمهم يقرأ كتاب القواعد الذي فيه ممّا يخالف


1- روضات الجنات 6: 330.
2- محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.

ص: 374

مذهبهم ما لا يحصى، و يكتبه بخطّه و يجيزه من مؤلّفه، و كيف يبيّن العلامة له تلك المسائل المخالفة لضروري مذهبهم، ثم يجيزه رعاية للتقية؟ هذا مما تضحك منه الثكلى.

و من ذلك يظهر ما في (يج) قوله: استصلاحا. إلى آخره.

يد- قوله: و ذلك لغاية مطبوعيته إلى آخره، إن كان المراد سبب إجازة العلامة، ففيه أنه لم يكن له هذا الاشتهار في وقت الإجازة، فإنه بقي بعد الإجازة- على ما يظهر من تاريخها و تاريخ وفاته بنص الشهيد- خمسة و خمسين سنة، فكيف يتصوّر أنّه وقت الإجازة كان متبوعا عند سائر الطوائف الإسلامية؟! و إن كان الغرض علّة تصريح الشهيد، ففيه ما تقدم من أنّها تقتضي عكس مراده.

يه- قوله: و كذلك تصريح شيخنا إلى آخره، فإنه تخرّص من غير أدنى مستند، و ليس في كلامه- هنا و في غير المقام- إشارة إلى ذلك، و لا يزال علماؤنا الأعلام يوثّقون و يضعّفون و يقدحون و يمدحون، بنصّ أحد منهم على أحد، من غير استناد إلى غيره، من غير فحص و سؤال عن مأخذه و مستنده. هذا المحقق صاحب المعالم يقول في حقّ والده الشهيد- لمّا رآه وثق عمر بن حنظلة لرواية له في الوقت-: إنه لو لم يذكر مستند التوثيق لأخذنا منه توثيقه إياه، و لكن الخبر لا دلالة فيه على مراده (1). و على ما ذكره لا بدّ من سدّ هذه الأبواب التي فتحها الأصحاب، و لا يبالي بذلك من نسبهم كافّة إلى القصور و التوهم.

يو- قوله: و إلّا فهو. إلى آخره.

قال المحقق الثاني في إجازته لصفي الدين: و قد اتفق لي في الأزمنة السابقة بذل الجهد، و استفراغ الوسع، مدّة طويلة، في تتبع مشاهير مصنفاتهم


1- منتقى الجمان 1: 19.

ص: 375

في الفنون، خصوصا العلوم النقليّة من الفقه و الحديث و ما يتبعه، و التفسير و ما جرى مجراه كاللغة و فنون العربية، فثبت لي حقّ الرواية القراءة لجملة كثيرة من المصنفات الجليلة المعتبرة، و كذا ثبت لي حقّ الرواية لجملة أخرى، و كذا في المناولة. و أمّا الإجازة فقد ثبت لي بها حقّ الرواية لما لا يكاد يحصى و لا يحصر من مصنفاتهم في العلوم الإسلامية، إجازة خاصة و عامة من علمائنا رضوان اللّه عليهم، و من علمائهم الذين عاصرتهم و أدركت زمانهم، فأخذت عنهم، و أكثرت الملازمة لهم، و التردد إليهم، بدمشق و بيت المقدس شرّفه اللّه تعالى و عظّمه، و بمصر و بمكة زادها اللّه شرفا و تعظيما. و صرفت في ذلك سنين متعددة، و أزمنة متطاولة. و جمعت أسانيد ذلك و أثبته في مواضع (1). إلى أخر ما مرّ في (2) أوائل هذه الفائدة.

فلينظر المنصف إلى من نسب هذا الشخص المعظم مع هذا الجد و الجهد في هذا الفن في بلد القطب و حواليه إلى عدم التمهر، و إخفاء حال القطب عليه، مع قرب عصره إليه، و يزعم لنفسه التمهر فيه بعد قرون و أعصار، و لما خرج عن مقرّه، و لم يلق أساتيذ قرنه، و مشايخ عصره، و لم يذق مرارة سيره و سفره، و لذا هوت به الريح إلى مكان سحيق.

يز- قوله: لعدم ثبوت نقل هذه الإجازة- إلى قوله- من المتهمين.

فيه:

أولا: أن القاضي- نور اللّه قبره- من علمائنا الأبرار المجاهدين في سبيل اللّه، المرابطين في ثغور ديار المخالفين، الباذلين أنفسهم في تدميغ أباطيل الضالين، و هو الثقة الثبت الصادق الصالح عند كافة أصحابنا، غير متهم في


1- انظر بحار الأنوار 108: 79.
2- تقدم في صفحة: 20.

ص: 376

منقولاته، و إنّما اتهمه الأصحاب في بعض دراياته و استنباطاته من كلام أحد- في منظومة أو منثوره- ما يدلّ أو يشير إلى كونه من أهل الحق، مع عدم دلالته أو إشارة فيه، أو معارضته بما هو أقوى منه من وجوه، و حاشاه أن يكذب في نقله، و يتهم في روايته.

و ثانيا: أن سند إجازة العلامة للقطب غير منحصر بالقاضي.

قال العلامة المجلسي- في الفائدة الثالثة (1) عشر من الجزء الأول من إجازات البحار-: فائدة في ذكر إجازة العلامة للمولى قطب الدين الرازي على ظهر القواعد للعلامة المذكور، و غير ذلك من الفوائد المتعلّقة بالقطب المذكور:

و وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي قال: وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي رحمه اللّه على كتاب قواعد الأحكام ما صورته (2). إلى آخر ما نقلناه (3) عن هذه المجموعة الشريفة التي عثرنا عليها بحمد اللّه تعالى من غير زيادة و لا نقصان.

و كانت وفاة هذا الشيخ سنة 886، فالظاهر أنه قبل ولادة والد القاضي فلاحظ.

و ثالثا: أن نصّ الشهيد غير منحصر في المقام المذكور، بل صرّح بأحسن منه في إجازته لابن الخازن كما مرّ (4)، و هي من الإجازات المعروفة الموجودة في البحار و مواضع اخرى، و نقل هو عنها أيضا في ترجمة الشهيد (رحمه اللّه) و غيره.

يح- قوله: و لو سلّم فإنه قد كان ذلك. إلى آخره، يعني أن القطب كان عامّيا، و لكن كان يتقي و يظهر التشيع لكون السلطان مروّجا للشيعة.


1- في المخطوطة و الحجريّة: التاسعة عشر.
2- بحار الأنوار 107: 138.
3- انظر صفحة: 351.
4- مرّ في صفحة: 353.

ص: 377

و أنت خبير بأن علماء العامة لا يجوزون التقية، و ينكرون على الشيعة قولهم بها، حتى قال رازيهم في المحصّل حاكيا عن سليمان بن جرير: إن أئمة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم، لا يظفر معهما أحد عليهم: الاولى: القول بالبداء. إلى أن قال: الثانية: القول بالتقية (1). إلى آخره.

يط- قوله: و ثانيا: دعاؤه له في آخر الإجازة. إلى آخره، تمويه عجيب، فإن العلامة قال- بعد ذكر اسمه-: أدام اللّه أيامه (2)، و كان قاهرا على القطب الذي كان يتقي منه على ما زعمه، فكيف يدعو له بطول بقاء من لا يحبّ اللّه و رسوله و خلفاءه عليهم السلام بقاءه من غير ضرورة؟! و قد قال الكاظم عليه السلام لصفوان الجمال- كما رواه الكشّي-: كلّ شي ء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا.

قال: قلت: جعلت فداك أي شي ء؟

قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل- يعني هارون-.

قلت: و اللّه ما أكريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو، و لكن أكريته لهذا لطريق- يعني طريق مكّة- و لا أتولاه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.

فقال: يا صفوان، أ يقع كراك عليهم؟

قلت: نعم، جعلت فداك.

فقال لي: أ تحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟

قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار (3). الخبر.


1- المحصل: 365.
2- انظر بحار الأنوار 107: 140.
3- رجال الكشي 2: 720/ 828.

ص: 378

هذا حكم حبّ بقائهم، فكيف بدعاء بقائهم؟! و هذا حكم خليفتهم، فكيف بعلمائهم الذين هم أضرّ من جيش يزيد على الحسين عليه السلام و أصحابه كما نصّ عليه الإمام العسكري عليه السلام (1).

ثم نقول: إن في كلام الشهيد في إجازته لابن الخازن- و قد كتبها بعد وفاة القطب بثمان سنين كما يظهر من تاريخها- ما هو صريح في جلالة قدره كقوله- بعد ذكر اسمه-: قدس اللّه لطيفته (2).

و هذا دعاء لا يجوز لغير أهل الحق، بل لم يعهد منهم إلّا للعلماء خاصة.

و قوله: و استفدت من أنفاسه (3). و هذا نص على كونه صاحب مقامات عالية نفسانية، و درجات رفيعة روحانية، بعد طي مرحلتي الإيمان و العلم، كما هو ظاهر على من له أدنى ذوق و درية.

ك- قوله: لا ينافي أخذ حبّ الرئاسة. إلى آخره. فيه:

أولا: أنه ما عهدنا أحدا من علمائنا بعد وصولهم إلى الدرجات العالية من العلم خرج من النور إلى الظلمات، لمجرد جلب الحطام، و حبّ رئاسة العوام، نعم قد يتفق منهم ممّن لم يستحكم أساس التقوى قد صدر منهم بعض ما هو من ثمرة شجرة حبّ الدنيا، و أين هذا من التمسك بعرى اللات و العزى؟! و ثانيا: أي رئاسة كانت له في الشام؟ في أي كتاب ذكر ذلك؟ و أي مؤرخ و مترجم نقلها؟ ما هذا شبيه بفعال أهل العلم، يبني الكلام على مالا أصل له أصلا، ثم يتفرّع عليه ما يريده و يهواه، و يعارض به أساطين العلماء، و أبطال الصفا.


1- انظر الاحتجاج: 458، و التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام: 301/ 143.
2- راجع بحار الأنوار 107: 188.
3- راجع بحار الأنوار 107: 188.

ص: 379

و مما يوضح لك كذب هذه الدعوى مضافا إلى عدم ذكرها في مقام، أن محمّد بن شاكر بن أحمد الكتبي المتوفى سنة 764- كما في كشف الظنون- لم يذكر القطب أصلا في كتاب فوات الوفيات- أي وفيات ابن خلكان التاريخ المعروف- و قد جمع فيه خمسمائة و اثنين و سبعين ترجمة من الذين فأتوا عن ابن خلكان أو كانوا بعده إلى تاريخ سنة 754، و أغلب ما فيه علماء مصر و الشام، و قضاتهم و أدبائهم و أمرائهم (1)، و كان هو في تلك البلاد.

و كذا لم يذكره- أيضا- ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، و لا معاصره قاضي القضاة بالشام تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية، و لم نعثر على الكتابين، لكن لو كان له ترجمة في أحدهما لذكره السيوطي في الطبقات، كما هو دأبه في سائر التراجم.

و لا ذكره الصفدي الشامي في كتاب الوافي بالوفيات، الذي جمع فيه تراجم أعيان الصحابة و التابعين، و الملوك و الأمراء و القضاة و العمال، و القراء و المحدثين و الفقهاء، و المشايخ و الأولياء و الصلحاء، و النحاة و الأدباء و الشعراء، و الأطباء و الحكماء، و أعيان كل فنّ، إلى سنة 760 قبل وفاته بأربع سنين، و قبل وفاة القطب بست أو ثمان سنين، و إلّا لنقل عنه لوجود النسخة عنده على ما يظهر من تراجم جماعة، و مع هذا الخمول عندهم كيف يجوز نسبة الرئاسة فيهم إليه؟! كا- قوله: و تأثير معاشرة نصاب الشام. إلى آخره، هو الوجه الثاني الخيالي لخروج القطب من مذهبه، و أنت خبير بأن الشام حينئذ- كما صرّح به في اللؤلؤة- كانت مملوءة من فضلاء الإمامية (2)، و هذا ظاهر لمن راجع الإجازات


1- كشف الظنون 2: 2019.
2- لؤلؤة البحرين: 199.

ص: 380

و الفهارس، خصوصا الأمل، فإن كانت معاشرة النصاب مزلّة للقدم، كانت مخالطة أهل الحق تمسكا بالعروة التي لا تنفصم.

كب- قوله: من أمثال الكاتبي. إلى آخره. لم يحتمل أحد في الكاتبي و هو من مشاهير أئمة الشافعية- و ميرزا مخدوم، ما نسبه إليهما، نعم يوجد في الرياض نقلا عن بعضهم: نسبة الأخير إلى عكس مراده، و أنه في آخر عمره أظهر الحق، و شهد أن ما قاله و كتبه كان لحبّ الدنيا (1). و اللّه العالم.

و أما المولى رفيع الدين الجيلاني- شيخ صاحب الحدائق و صهر المجلسي على بعض أقربائه- فقد مرّ (2) ذكره، فلا حظ و تأمل فيما صنعه جناب السيد الجارح بعلمائنا الأعلام.

كج- قوله: مع أنه لو سلّم شهادة الرجلين إلى آخره. كلام من لا عهد له أصلا بكتب الفقه و الأصول و الرجال، و طريقة الأصحاب في الجرح و التعديل، فإنهم- كثّر اللّه تعالى أمثالهم- كافّة على اختلاف مشاربهم إذا اشترطوا في حجية قول الراوي اتصافه بالعدالة أو الإمامية أو الصلاح و الحسن، ثم وجدوا أحد أئمة الفن- كالشيخ، و النجاشي و أمثالهما- شهدوا بما فيه، تلقوه بالقبول من غير نكير.

و على ما أسسه ينسد باب القبول مطلقا، إذ ما من أحد شهد عليه بالتشيع- مثلا- إلّا و يأتي عليه ما احتمله، مع ان استصحاب ما علم منه يقينا من المذهب أو الحالة أو الصفة كاف لنفي احتمال عروض ما ينافيه.

و على ما ذكره ينسد- أيضا- باب جواز الطعن و السب و اللعن على من شهدوا عليه بالنصب و الخلاف، و ما به يستحق ذلك، لأن جوازه متوقف على


1- رياض العلماء (القسم الثاني المخطوط): 391.
2- تقدم في صفحة: 104.

ص: 381

عدم عروض سبب من أسباب الرجوع إلى مذهب الحق إلى قبيل خروج روحه، و المعهود من الأصحاب كافة عدم الاعتناء بالاحتمال في المقامين، و ترتيب الآثار فيهما إلى أن يعلم أو تقوم البينة على خلافه.

ثم نقول: إن الشهيد صرّح بأنه تشرف بخدمة القطب في أخريات شعبان، و استفاد منه، و أخذ منه الإجازة، و توفي القطب بعد ذلك بأقلّ من ثلاثة أشهر، و كان حاضرا في جنازته- كما تقدم (1) في صريح كلامه- فإذا بنى تفضلا على قبول شهادته فأيّ عاقل يحتمل أنّه عرض له في هذه المدة القليلة سبب صار به سنيّا من غير أن يقف عليه الشهيد (رحمه اللّه) مع حضوره عنده، و حشره معه، و استفادته من أنفاسه، و قوله بعد ذكر الصلاة عليه: رحمه اللّه و قدس روحه.

كد- قوله: و لو سلّم. فهي معارضة بتصريحات من هو أضبط لهذه الأمور، و أنظم و أبصر بهذه الشؤون و أعلم.

هذا مقام العائذ باللّه و رسوله و خلفائه صلوات اللّه عليهم، و الاستغاثة بخلفائهم رضوان اللّه عليهم.

فنقول: يا عصابة حملة الدين، و يا معاشر سدنة شريعة سيّد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله، هلموا إلى مأتم أبي عبد اللّه المظلوم الشهيد، فقد استشهد قديما بالسيف و السنان، و استشهد حديثا بالقلم و البنان، و تأمّلوا في مفاد هذا الكلام، فإن حاصله أن الشهيد و إن شهد بإمامية القطب بالمعاشرة و السماع، و كان معه في بلده إلى حين الوفاة، لكن شهد بتسننه من هو أعلم و أنظم و أضبط و أبصر في هذه الأمور منه، بل و من المحقق الثاني- كما هو صريح قوله-: و لو سلّم شهادة الرجلين. إلى آخره. فلا بد من طرح قولهما و الأخذ بقول هذا


1- تقدم في صفحة: 352.

ص: 382

الأعلم الأبصر الأنظم، الذي هو كالعنقاء في هذا العالم. أو ليس هذا الكلام بالنسبة إليهما رزيّة هائلة تحرق بها القلوب في الصدور، و تسيل بها الدموع من العيون؟! ثم نقول: هذا الأعلم المقدّم قوله على الشهيد و المحقق من أصحابنا أو من العامة، أمّا من الأصحاب، فلم نجد من احتمل فيه غير الإمامية فضلا عن التصريح به، و كلّ من تأخر عنهما تلقوا قولهما فيه بالقبول كما عرفت، و لا ادّعاه هذا الجارح أيضا، و لو فرض وجوده في كلام أحد، و فرض أعلميته في هذا الفن على الشهيد (رحمه اللّه) فالواجب تقديم قوله أيضا، لأنه (رحمه اللّه) شهد بإماميّته بالحس و العيان، و سمع منه ذلك أيضا، و صاحبه بعد ذلك إلى حين وفاته، و كلّ من نسب إليه غير ذلك فإنّما استظهره من بعض أفعاله و أقواله و كلماته، ممّا هو مشابه لمذاهبهم، و كثيرا ما يصدر من أعاظم العلماء تقيّة و مماشاة و تحبيبا مثل ذلك.

و من هنا قلنا في مسألة تقديم الجرح على التعديل المعنونة في الأصول و كتاب القضاء في الفقه: إن ما ذكروه في وجه تقديم الجرح على التعديل في غير صورة التكاذب من أنّ الإخبار بالعدالة- من حيث هو مع قطع النظر عن فرض بعض الخصوصيات- إخبار بأمر وجودي، هو: الملكة و عدمي، هو:

عدم صدور الكبيرة مثلا، و لا ريب أن الإخبار بالأمر العدمي مستنده عدم العلم أو الأصل، فلا يعارض به ما هو بمنزلة الدليل بالنسبة إليه- أعني أخبار الجارح بالموجود- فالجارح مقدّم على المعدّل لعدم المعارضة بينهما كالأصل و الدليل، فلا يلزم به تكذيب المعدّل، بخلاف تقديم المعدّل، فإن لازمه تكذيب الجارح، و مقتضى وجوب تصديق العادل هو الجمع.

و من هنا قال في الشرائع: و لو اختلف الشهود بالجرح و التعديل قدّم

ص: 383

الجرح، لأنه شهادة بما يخفى (1).

فقلنا: إن هذا الوجه لا يأتي في الجرح بالمذهب إذا كان بناء مذهب الحق على السرّ و الخفاء، و الباطل على الإذاعة و الإفشاء، كما هو كذلك بالنسبة إلى الإمامية و العاميّة في غالب الأعصار، خصوصا في سالف الزمان، فإن الوجه المذكور ينعكس حينئذ فإن الأخبار بالعامية إخبار بأمر أو أمور وجودية من الأفعال و الأقوال المطابقة لمذهبهم، و تولّي القضاء من قبلهم و غيرها. و أمر عدمي، هو عدم صدور فعل أو قول في الباطن يدلّ على خلاف ذلك، و أن ما صدر منه في الظاهر صدر تقيّة أو تحبيبا لا اعتقادا و ديانة، و المزكي المخبر بإماميّته يخبر عن صدور قول أو فعل عنه في السرّ يدل على اعتقاده الحق و إنكاره ما يخالفه، و لذا لم ينقل من عالم أنه كان إماميا في الظاهر عاميّا في الباطن و الاعتقاد، و أمّا العكس فكثير، و صرّح به العلامة (رحمه اللّه) في بعض كتبه.

و أما العامّة، فلم نجد أيضا من أشار إلى تسننه، و لا نقله هو، مع ولوعه به و حرصه عليه، فضلا عن التصريح و التصريحات من أصاغر علمائهم فضلا عن أكابرهم فضلا عمّن هو أعلم و أبصر من الشهيد (رحمه اللّه).

نعم، هو في طول تعبه، و طول كلامه، ذكر لإثبات دعواه في قبال هؤلاء الأعلام ثلاثة قرائن:

ذكره السيوطي في طبقات النحاة من غير تعرض لمذهبه (2).

و مدحه التفتازاني في أول شرحه على الشمسية بقوله: الفاضل المحقق، و النحرير المدقق، قطب الملّة و الدين، شكر اللّه مساعيه، و قرن بالإفاضة أيامه و لياليه (3).


1- شرائع الإسلام 4: 77.
2- بغية الوعاة 2: 281.
3- شرح الشمسيّة: غير متوفر لدينا.

ص: 384

و رواية السيد شريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين محمّد بن أحمد الحنفي، على ما حكاه ميرزا محمّد الاخباري المقتول، المعلوم حاله و منقولاته عند العلماء في كتاب رجاله المتروك عند الأصحاب كافّة.

فلينظر المنصف و يتأمّل: أن القاصر الناظر إلى ظواهر كلمات الأشخاص هو أو الشهيد و المحقق و أتباعهما، على ما نسبه إليهم في صدر كلامه.

كه- قوله: و لا أقلّ من عدم حصول الظن. إلى آخره، يعني ذكره [من قبل] السيوطي، و مدحه [من قبل] التفتازاني، يوجب عدم حصول الظن بشهادة الشهيد بإماميّته، و بإخباره عن إقراره بها.

و فيه- بعد الإعراض عن جواب هذا التجرّي- أنّه لا يشترط في حجية البينة و الخبر حصول الظن الفعلي بمفادهما، كما هو المحقق عند المحققين.

كو- قوله: و تبقى أصالة عدم استبصار الرجل بحالته الاولى.

كلام غريب فإنه سلّم بعد الإغماض بتشيّعه في العجم، و ادعى تبديله مذهبه بعد توطّنه في الشام لحبّ الرئاسة. فشهادة الشهيد و المحقق مطابق للأصل، و لم يعلم منه حالة عدم استبصار بعد ذلك حتى تستصحب، و إن رجع إلى زعمه الأول من عدم استبصاره من أول الأمر و حين ما أجازه العلامة تقيّة منه.

ففيه: أنّه دعوى تفرّد هو بها لا شاهد لها و لا مستند، بل كاذبة، على ما ذهب إليه أصحابنا كافّة، و لا أقلّ من الشك و الجهل بحاله، فكيف يتمسك بالأصل المحتاج إلى يقين سابق؟!.

كز- قوله: و شهادة شيخنا الحرّ بشيعية أبي الفرج (1). إلى آخره.


1- أمل الآمل 2: 181/ 548.

ص: 385

عجيب، فإنه شيعي باتفاق كلّ من تعرّض لترجمته، و كفى في هذا المقام كلام العلامة في الخلاصة (1)، و كأنه زعم ترادف الشيعي و الإمامي، و لم يفرق بينهما، فأنكر ذلك، و هذا أعجب؟!.

كح- قوله: فإيّاك و الركون إلى الظالمين و السكون إلى تقليد السالفين.

إلى آخره.

أعجب من سابقه، فإن طريقة الأصحاب قد استقرت قديما و حديثا على مراجعة كتب أئمة هذا الفن، و تعيين عدالة الرجل و فسقه و حسنه و ذمّه و مذهبه و دينه، و غير ذلك من الحالات و الصفات، بكلماتهم و تصريحاتهم و إشاراتهم، سواء كان المزكى و المجروح من القدماء أو المتأخرين.

نعم اختلفوا في وجه المراجعة، و قبول قولهم، هل هو من باب حجيّة البينة أو حجية خبر العادل، أو لحصول الظن بالعدالة و الفسق فيهم بقولهم، و حجيّته لسد باب العلم بأوصافهم، أو لحصول الظن بصدور الخبر و عدمه بتزكيتهم و جرحهم، فيكون حجّة لحجية الخبر المظنون الصدور أو لغير ذلك من الوجوه المذكورة في محلّها، و ليس ذلك من باب التقليد الذي نهي عنه.

ثم نقول بعد الغض عن ذلك: إن تقليد الشهيد، و المحقق و الشهيد الثانيين، و صاحب المعالم و الرياض، و غيرهم، مع تصريحهم، أحسن من تقليد السيوطي توهما، لما ستعرف من عدم دلالة كلامه على ما يدّعيه، و تقليد التفتازاني تخيلا، لأنه مدحه ففيه إشارة إلى تسننه، و كلامه حجّة، و هو كما ترى، و لنعم ما قيل:


1- رجال العلّامة: 267/ 10.

ص: 386

ببين تفاوت ره از كجاست تا به كجا (1).

كط- قوله: هذا الرجل مذكور في تراجم كثير. إلى آخره. كذب صريح، أو حدس غير صائب، و لا شاهد أقوى من عدم نقله كلماتهم، و لو وجده في تراجمهم لنقله يقينا، لما ترى من تشبّثه لإثبات دعواه بأوهام لا منشأ لها.

ل- قوله: من الذين لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا الصدور. من غرائب الكلام، فإنّ كتبهم في تراجم العلماء على أصناف.

منها: ما وضعوه لعلماء مذاهبهم، كطبقات الشافعية و الحنفية و اخويهما، ففيها لا يذكرون غير الذين وضع الكتاب لأجلهم، و لو كان من أعاظم غيرهم.

و منها: ما وضعوه لعلماء القرون، كالدرر الكامنة لأعيان المائة الثامنة لابن حجر، و الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (2) لشمس الدين السخاوي، و النور السافر عن أخبار القرن العاشر للشيخ عبد القادر بن الشيخ عبد اللّه، و خلاصة الأثر في علماء القرن الحادي عشر، و سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لأبي الفضل محمّد خليل المرادي، و هكذا.

أو لصنف من العلماء كالنحاة و اللغويين، أو لعلماء بلد مخصوص، أو لمطلق الأعيان من العلماء و غيرهم كتاريخ ابن خلّكان و تذييلاته، و وافي الصفدي و أمثالهما. ففي هذه الكتب كثيرا ما يذكرون أعيان علمائنا فراجع و لا حظ يظهر لك صدق ما ادعيناه.

و العجب أنه نقل في ترجمة علم الهدى السيد المرتضى ترجمته و مدحه عن


1- و ترجمته:
2- في المخطوطة و الحجرية: السابع.

ص: 387

ابن الأثير الجزري في مختصر ابن خلّكان، و عن الصفدي في الوافي بمقدار خمسين بيتا مع إسقاطه جملة من عباراته، ثم يقول هذا الكلام في هذا المقام، و لو لا خوف الإطالة لأشرت إلى ما عثرت عليه من هذا الباب.

لا- و منهم السيوطي في كتابه (1). إلى أخره.

يعني هو من الذين ترجموا القطب، و ممن لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا، و هذا أغرب من سابقه، فإن في الطبقات ترجمة جماعة من أصحابنا و مدحهم و الثناء عليهم لا بدّ لنا من ذكر بعضهم، و بعض ما قال فيهم:

فقال فيها: أبان بن تغلب بن رباح الجريري أبو سعيد البكري، مولى ابن جرير بن عباد، قال ياقوت: كان قارئا فقيها لغويّا إماميا، ثقة عظيم المنزلة، جليل القدر، روى عن علي بن الحسين، و أبي جعفر، و أبي عبد اللّه عليهم السلام، و سمع العرب، و صنّف غريب القرآن و غيره (2). إلى آخره.

و قال: علي بن الحسين بن موسى- إلى آخر النسب- نقيب العلويين، أبو القاسم الملقب بالمرتضى علم الهدى أخو الرضي. قال ياقوت: قال أبو جعفر (3) الطوسي: توحّد في علوم كثيرة، مجمع على فضله مثل الكلام و الفقه و أصول الفقه، و الأدب من النحو و الشعر و معانيه و اللغة، و غير ذلك، و له تصانيف (4). إلى آخره.


1- بغية الوعاة 2: 281.
2- بغية الوعاة 1: 404، و معجم الأدباء 1: 108، هذا و لفظ: إماميا لم يرد في المعجم، فلاحظ.
3- في المخطوط و الحجرية: أبو القاسم، و ما أثبتناه من المصدر. و هو الشيخ الطوسي في الفهرست: 98/ 431.
4- بغية الوعاة 2: 162/ 1699، و معجم الأدباء 13/ 147.

ص: 388

و قال: محمّد بن علي بن شهرآشوب، أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين الشيعي، قال الصفدي: كان متقدما في علم القرآن، و الغريب، و النحو، واسع العلم، كثير العبادة و الخشوع، ألّف الفصول في النحو، أسباب نزول القرآن، متشابه القرآن، مناقب آل أبي طالب، المكنون، المائدة و الفائدة في النوادر و الفوائد. مات سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة (1).

و قال: علي بن محمّد بن علي أبو الحسن بن أبي زيد الأسترآبادي الفصيحي- لتكراره على فصيح تغلب- قرأ النحو على عبد القاهر الجرجاني، و قرأ عليه ملك النحاة، و درّس النحو بالنظامية بعد الخطيب التبريزي، ثم اتهم بالتشيع فقيل له في ذلك فقال: لا أجحد، أنا متشيع من الفرق إلى القدم (2)،.

إلى آخره.

و قال: علي بن محمّد بن محمّد بن علي بن السكون الحلبي (3) أبو الحسن قال ياقوت: كان عارفا بالنحو و اللغة، حسن الفهم، جيد النقل، حريصا على تصحيح الكتب، لم يضع قط في طرسه (4) إلّا ما وعاه قلبه، و فهمه لبّه (5)، و له تصانيف، مات في حدود سنة 606، و تفقه على مذهب الشيعة و برع فيه و درسه، و كان متدينا مصليا بالليل، سخيا ذا مروّة، ثم سافر إلى مدينة النبي صلّى اللّه عليه و آله و أقام بها، و صار كاتبا لأميرها، ثم قدم الشام (6).

و قال: معاذ بن مسلم الهرّاء أبو مسلم، و قيل: أبو علي، مولى محمّد بن


1- بغية الوعاة 1: 181/ 304، و الوافي بالوفيات 4: 164/ 1702.
2- بغية الوعاة 2: 197/ 1778.
3- في المصدر: الحلّي.
4- طرسه: أي: في صحائفه. انظر (لسان العرب 6: 121)
5- هنا زيادة في المصدر: و كان يجيد قول الشعر، و كان نصرانيّا.
6- بغية الوعاة 2: 199/ 1784، و انظر معجم الأدباء 15: 75/ 15 و فيه: مات في حدود سنة 600.

ص: 389

كعب القرظي، من قدماء النحويين. إلى أن ذكر أنه أول من وضع علم الصرف، قال: و كان معاذ شيعيا، مات سنة 187.

و في تذكرة اليغموري: معاذ بن مسلم بن رجاء، روى عن جعفر الصادق عليه السلام، و له كتب في النحو (1).

و نقل مثله عن تاريخ بغداد لابن النجّار.

و قال: هبة اللّه بن علي بن محمّد- إلى آخر النسب- أبو السعادات المعروف: بابن الشجري. إلى أن قال: كان أوحد زمانه، و فرد أوانه في علم العربية و معرفة اللغة و أشعار العربية و أيامها و أحوالها، متضلعا من الأدب، كامل الفضل. إلى أن قال: مات سنة 542 (2).

قلت: قال في الرياض: هو من أكابر علماء الإمامية، و من جملة مشاهير مشايخ أصحابنا (3). و بسط في ترجمته، و ذكره صاحب المنتجب (4)، و يروي عنه القطب الراوندي و غيره.

و قال: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون النديم أبو عبد اللّه، قال ياقوت: ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الإمامية، و قال: هو شيخ هل اللغة و وجههم، و أستاذ أبي العباس ثعلب (5). إلى آخره.

و قال: الحسن بن أحمد بن نجار الإربلي النحوي، عزّ الدين الضرير الفيلسوف الرافضي، قال الذهبي: كان بارعا في العربية و الأدب، رأسا في علوم الأوائل، و كان في منزله بدمشق يقري المسلمين و أهل الذمة و الفلاسفة،


1- بغية الوعاة 2: 290.
2- بغية الوعاة 2: 324.
3- رياض العلماء 5: 318.
4- فهرس منتجب الدين: 197/ 529.
5- بغيه الوعاة 1: 291/ 531، و معجم الأدباء 2: 204/ 22، و الفهرست: 27/ 83.

ص: 390

و له حرمة وافرة إلّا أنه كان رافضيا (1). إلى آخره.

و قال: الرضي، الإمام المشهور، صاحب شرح الكافية لابن الحاجب، الذي لم يؤلف [مثلها] (2) بل و لا في غالب كتب النحو مثله جمعا و تحقيقا، و حسن تعليل، و قد أكب الناس عليه و تداولوه، و اعتمده شيوخ هذا العصر فمن قبلهم في مصنفاتهم و دروسهم، و له فيه أبحاث كثيرة مع النحاة، و اختيارات و مذاهب تفرّد بها، و لقبه نجم الأئمة (3). إلى آخره.

و قال: زيد الموصلي النحوي، قال الصفدي: كان نحويا شاعرا (4) أديبا رافضيا (5). إلى آخره.

و قال: سلار- بالتشديد و بالراء- ابن عبد العزيز أبو يعلى النحوي، صاحب المرتضى أبي القاسم الموسوي (6). إلى آخره.

و قال- أيضا- يحيى بن أحمد بن سعيد الفاضل نجيب الدين الهذلي الحلي الشيعي، قال الذهبي: لغوي أديب، حافظ للأحاديث، بصير باللغة و الأدب، من كبار الرافضة، سمع من ابن الأخضر، ولد بالكوفة سنة إحدى و ستمائة، و مات ليلة عرفة سنة تسع و ثمانين (7). انتهى.

و هذا هو الشيخ نجيب الدين ابن عمّ المحقق، و صاحب الجامع في الفقه.

و هذا المقدار كاف في تزييف قوله: لا يذكرون أحدا من علمائنا أبدا.


1- بغية الوعاة 1: 518/ 1074.
2- في الأصل: عليها، و ما أثبتناه بين المعقوفتين هو الصحيح لموافقته المعنى.
3- بغية الوعاة 1: 567/ 1188.
4- في المخطوطة و الحجريّة: شاكرا.
5- بغية الوعاة 1: 574/ 1199، و الوافي بالوفيات 15: 58/ 66.
6- بغية الوعاة 1: 594/ 1255.
7- بغية الوعاة 2: 331/ 2108.

ص: 391

و ذكر السيوطي في هذا الكتاب أيضا جماعة أخرى معدودين في الإمامية، مذكورين في الرجال و تراجم العلماء، كالخليل (1)، و المازني (2)، و ابن السكيت (3)، و ابن جنّي (4).

لب- قوله: إلّا أنه ذكره في باب المحمودين، و هو أبصر بالمشاركين له في الدين.

كلام يورث في العين قذى، و في القلب شجى، فسبحان اللّه، ما أوحشه عن علمائنا الصادقين، و آنسه بأعدائهم المبتدعين، فلو سلّمنا أن القطب كان سنيا جزما، لكنه قرأ على العلامة مدّة مديدة، و صرّح في إجازته له بأن اسمه محمّد، و الشهيد كان في بلده، و قرأ عليه و صاحبه و صرّح في مواضع بان اسمه محمّد، و هكذا سائر مشايخنا. و السيوطي كان من أهل أندلس مقيما بالديار المصرية، بعد القطب بأزيد من مائة و خمسين سنة، متفرّدا في هذا القول.

فكان الواجب نسبة الاشتباه إلى السيوطي، و تقديم قول أصحابنا بحسب الصناعة من غير نظر إلى علو مقامهم، و مع ذلك يقول: هو أبصر.

بل هو أعمى و اشرّ. هذا صاحب كشف الظنون، المتبحر في هذا الفن، ذكره في مواضع عديدة منها فيما يتعلّق بإشارات ابن سينا قال: و المحاكمة بين الشارحين الفاضلين للمحقق قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي المعروف:

بالتحتاني، المتوفى سنة 766 (5)، و هكذا في ذكر المطالع و الشمسية (6).


1- بغية الوعاة 1: 557/ 1172.
2- بغية الوعاة 1: 463/ 953.
3- بغية الوعاة 2: 349/ 2159.
4- بغية الوعاة 2: 132/ 1625.
5- كشف الظنون 1: 95.
6- كشف الظنون 2: 1063.

ص: 392

لج- قوله: و إن شئت عين عبارة صاحب البغية فهي هكذا: إلى آخره.

لا يخفى على الناظر المتأمّل في تمام كلامه، أن عمدة ما أوقعه في هذه المهالك العظيمة، و بعثه لمخالفة كافّة علماء الإمامية هذه الترجمة، و أنت خبير بأنّه ما أشار فيه إلى مذهبه، و مجرّد ذكره في هذا الكتاب لا يدلّ بل و لا إشارة فيه و لو ضعيفة على مطلوبه، بعد ما عرفت أن غرضه جمع النحاة من أي مذهب كانوا، و لذا ذكر فيه الذين أشرنا إليهم من أصحابنا، بل المتأمل يجد قرائن تورث الظن بأنّه لم يكن معتقدا لتسنّنه.

منها: أنه غالبا يتعرض في التراجم لذكر المذهب، و إنّما يهمله في المعروفين غالبا، و قد نص على القطب الشيرازي- المعاصر له المذكور بعده بفاصلة ترجمة- أنه كان شافعيا (1)، و عدم تعرضه في هذه الترجمة لعدم اعتقاده فيه ذلك، و قد أهمل ذكر مذهب التشيع في ترجمة الرضي و سلّار، بل و المازني و أضرابه.

و منها: ما عرفت من اشتباهه في اسمه، الكاشف عن عدم استيناسهم به، و عدم اهتمامهم بمعرفة حاله، كما هو سيرتهم بالنسبة إلى علمائنا، و قد صرّح السيوطي في ترجمة الرضي النحوي، بأني لم أقف على اسمه و لا على شي ء من ترجمته (2). إلى آخره.

و هذا ابن حجر العسقلاني، ذكر العلامة في كتاب الدرر الكامنة، مرّة في أثناء أسامي الحسن- مكبرا- فقال: الحسن بن يوسف بن المطهّر جمال الدين الشهير: بابن المطهّر الأسدي، يأتي في الحسين. ثم في باب الحسين قال:

الحسين بن يوسف بن المطهّر (3). إلى آخر الترجمة.


1- بغية الوعاة 2: 282/ 1983.
2- بغية الوعاة 1: 567/ 1188.
3- الدرر الكامنة 2: 71/ 1618 و 49/ 1578.

ص: 393

و لهم في هذا الباب أوهام كثيرة لا منشأ لها إلّا عدم اعتنائهم بمعرفة حال أصحابنا إلّا في وقت الحاجة، أو لإظهار الفضيلة كالسيوطي في هذا الكتاب الموضوع لجمع النحاة، فذكر فيه من يعانده إظهارا لطول الباع و كثرة الاطلاع.

و مما يقلع أساس ما بناه أن متبحر أهل السنة في هذا الفن، ملّا كاتب چلبي، طريقته في كشف الظنون في ذكر صاحب كلّ كتاب خصوصا المعروفين غالبا التعرض لمذهبه، و تاريخ وفاته، و قد ذكر هذا القطب في مواضع عديدة، و لم يتعرض لمذهبه، كما لم يتعرض لمذهب الخواجه نصير الدين الطوسي (1) (رحمه اللّه).

لد- قوله: إذ قد عرفت من تضاعيف ما سبق. إلى قوله: بكونه منهم.

و نحن كلما نظرنا في طول كلامه لم نجد شاهدا ضعيفا لجواز احتمال ذلك، فضلا عن غاية الاشتهار.

له- قوله: بل ظهور عدم احتمال خلاف في ذلك من كلمات الفريقين.

سبحان اللّه، ما أجرأه على هذا الكذب الواضح الصريح، و الافتراء على المحق البري ء الصحيح، انظروا- يا معاشر أهل العلم- من أول الترجمة إلى هنا من كتابه، فهل تجدون فيه نقل احتمال تسنّنه عن متعلم فضلا عن عالم فضلا عن جميعهم، فضلا عن نصّهم عليه من فريقنا أو فريقهم.

نعم يوجد فيه نقل النص على إماميته عن الشهيدين، و المحقق الثاني، و صاحب المعالم، و القاضي نور اللّه، و المحدّث البحراني، و السيد مصطفى التفريشي. و مع ذلك يدّعي ظهور عدم احتمال خلاف ذلك من كلمات الفريقين، إن هو إلّا إفك افتراه، لا تكاد تجده في مؤلفات إحدى الطائفتين.


1- كشف الظنون 1: 346.

ص: 394

لو- قوله: و حسب الدلالة على كونه من كبار السنيّة. إلى آخره.

هو كسابقه، هذا المولى علي القوشجي يقول في مفتتح شرحه على التجريد: و إن كتاب التجريد الذي صنفه في هذا الفن المولى الأعظم، و الحبر المعظم، قدوة العلماء الراسخين، أسوة الحكماء المتألّهين، نصير الحق و الدين، محمّد بن محمّد الطوسي قدس اللّه نفسه، و روّح رمسه، تصنيف مخزون بالعجائب، و تأليف مشحون بالغرائب (1).

و أنت خبير بأن القوشجي من المتعصبين المعروفين، و المولى الأولى نصير الدين أبغض العلماء في قلوبهم، و أشدّهم عليهم، و أضرّهم بهم علما و عملا، و قتلا و نهبا، و به قطع اللّه تعالى دابر خلفائهم العباسيين، و مع ذلك يمدحه بما ترى، و يترحم عليه، و القطب في الغرب في بلد المخالفين، مشتغل بالعلوم العقلية، و التفتازاني المعاصر له في الشرق لم يظهر له منه ما يوجب تنفره منه، ففعل به ما يعامل به أهل كلّ فن بمشاركيهم فيه، و إن سرحت بريد الطرف في مسارح الصحف رأيت للقوشجي فيما فعله نظائر كثيرة.

لز- قوله: مع أن القطب المذكور. إلى آخره.

أمّا كتبه في المنقول فما عثر عليها، و أمّا في المعقول فقال في أوّل شرح المطالع: و الصلاة على خير بريّته، و خليفته في خليفته، محمّد و آله خير آل ما ظهر لا مع آل، و خطر معنى ببال (2).

و عثرت على جلد الإلهيات من المحاكمات ليس لأوّلها خطبة، و قال في آخره: وفقنا اللّه و جميع طالبي الحكمة لدرك الحقّ، و وقفنا على مقامات الصدق، إنه على كل شي ء قدير، و بالإجابة جدير، و صلى اللّه على سيّدنا محمّد


1- شرح تجديد العقائد: 2.
2- شرح الشمسية: غير متوفر لدينا.

ص: 395

أشرف الأخيار و آله المعصومين الأئمة الأبرار، و شيعته المنتجبين الأبرار، و سلّم تسليما (1).

و لا يخفى على البصير اختصاص هذه الكلمات بمؤلّفي الإمامية. نعم في خطبة شرح الشمسية عطف أصحابه المنتجبين بالآل عليهم السلام، و هذا الموضع الواحد كيف صار سببا لحكمه بأنّه لم يهمل أيضا في شي ء من مؤلّفاته؟

و هل هذا إلّا إغراق، و لا ينبغي صدوره عن العالم؟ مع أن القيد احترازي، و الصلاة على المنتجبين منهم جائز وارد في جملة من الأدعية، خصوصا الدعاء الرابع من الصحيفة الكاملة (2) مع أن هذا المقدار من التجنب في بلاد المخالفين لمن كان مدرسا في مدرستهم مطلوب محبوب.

و لذا قال الشهيد الثاني في أول رسالة منية المريد: و على آله و أصحابه المتأدّبين بآدابه (3).

و في أول رسالة أسرار الصلاة: و على آله الأئمة الأبرار و صحبه الأخيار صلاة دائمة بدوام الليل و النهار (4).

و في أول شرح النفليّة: و على أصحابه و أزواجه و أتباعه المرضية (5).

و في أول شرح اللمعة: و على آله الأئمة النجباء، و أصحابه الأجلّة الأتقياء، خير آل و أصحاب (6).

و في أول شرح الدراية: و على آله الأطهار و أصحابه الأخيار (7).


1- المحاكمات: غير موجود لدينا.
2- الدعاء الرابع من الصحيفة الكاملة السجادية: في الصلاة.
3- منية المريد: 17.
4- أسرار الصلاة: 1، ضمن مجموعة رسائل: 101.
5- شرح النفليّة: 1، و التسلسل العام: 222.
6- الروضة البهيّة: 4.
7- الدراية: 5.

ص: 396

و نظائره كثيرة يوجب نقل عبائرهم الملالة.

ثم إنه بعد كلماته السابقة نقل ترجمة القطب عن رجال ميرزا محمّد الاخباري المعروف، و ليس فيها شي ء قابل للذكر إلّا أنه ذكر أنّه يروي عنه جماعة منهم الشهيد الأول، و السيد الشريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين محمّد بن أحمد الحنفي. إلى آخره.

فوقع نظره على حشيش كالمرعى الوبيل، فتشبّث به بيديه، و قام مبتهجا كأنّه وحي أوحى إليه فقال:

لح- و منه ظهر أيضا حقيّة ما حققناه في حقّ الرجل، حيث لم نر أحدا من أهل السنة من نهاية تعصبهم في أمر المذهب يروي عن أحد من علماء الشيعة، و يدخلهم في جريدة مشايخه فضلا عن مثل هذين المتعصبين في مذهبهما: السيد الشريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين الحنفي. انتهى.

و أنت خبير- بعد الغضّ عن صحة نقل هذا الرجل المطعون في نقله و رأيه و عقائده و أعماله، عند كافّة أصحابنا المعاصرين له. و المتأخرين عنه- أنه يكفي في تكذيب قوله: لم نره. إلى آخره. ما ذكره هو بنفسه في ترجمة الحموئي حيث قال: الإمام الهمام، و شيخ المسلمين و الإسلام، إبراهيم بن الشيخ سعد الدين محمّد بن المؤيّد أبي بكر ابن الشيخ الإمام العارف جمال السنة أبي عبد اللّه محمّد بن حمويه بن محمّد الجويني المعروف: بالحموئي، و ابن حمويه جميعا، كان من عظماء علماء العامة و محدثيهم الحفّاظ، و كذا أبوه وجده.

إلى أن قال: و لهذا الشيخ من الكتب المشهورة بين الفريقين كتابه المسمى: بفرائد السمطين.

إلى أن قال: و كان في طبقة العلامة و من عاصره من أجلّاء علمائنا رضوان اللّه تعالى عليهم، بل و له الرواية في ذلك الكتاب- و غيره أيضا- عن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهّر والد العلامة، و عن المحقق الحلّي، و ابن عمه

ص: 397

يحيى بن سعيد، و عن ابني طاوس، و الشيخ مفيد الدين بن جهم، من كبراء أصحابنا الحليين. و كذا عن الخواجه نصير الدين الطوسي، و السيد عبد الحميد ابن فخار بن معد الموسوي، بحق رواياتهم جميعا عن مشايخهم الثقات الأجلّة من فقهاء الشيعة.

و لهذا اشتبه الأمر على صاحب الرياض حيث ذهب إلى تشيعه، أو لما ظفر به في تضاعيف كتابه من أحاديث الوصيّة و التفضيل و سائر أخبار الارتفاع التي قلّ ما يوجد مثلها في شي ء من كتب العامة، غافلا عمّا اشتمل عليه و تضمنه أيضا من النص على خلافة الثلاثة، و الإشارة إلى فضائلهم. هذا و له الرواية أيضا- أو لأبيه الشيخ سعد الدين- عن الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست (1). انتهى.

و قال العالم الجليل السيد جواد في إجازته للمولى آغا محمّد علي الهزارجريبي ما لفظه: و ناهيك بما ينقل عن أحمد بن حنبل، فإنه لم يسمع منه في بغداد و لم يقبل حتى رحل إلى الكوفة و استجاز من علمائنا، مع أن حالته في التعصب معروفة (2). انتهى.

و قد روى السمعاني، و الحافظ محمّد بن أبي الفوارس عن السيد فضل اللّه الراوندي (3)، و الرافعي عن الشيخ منتجب الدين (4).

و صرّح السيوطي في الطبقات أنه يروي عن ابان بن تغلب: شعبة، و سفيان بن عيينة، و حماد بن زيد، و هارون بن موسى (5).


1- روضات الجنات 1: 176.
2- لم نعثر على هذه الإجازة.
3- أنساب السمعاني 10: 18.
4- التدوين في اخبار قزوين 3: 372.
5- بغية الوعاة 1: 404/ 803.

ص: 398

و صرّح ابن الأثير الجزري في جامع الأصول: أن الخطيب التبريزي يروي عن السيد المرتضى (1).

و هذا ما حضرني عاجلا، و المتتبع يجد من هذا الباب نظائر كثيرة.

طريفة: قال الفاضل المذكور- في باب السين في ترجمة سعد التفتازاني-:

قال ابن الحجر العسقلاني- كما في بغية الوعاة-: إنه ولد سنة اثنتي عشرة و سبعمائة و أخذ عن القطب (2). و الظاهر أنّ المراد هو قطب الدين الرازي الإمامي دون الشيرازي العامي (3). انتهى.

فكأني بالمولى المحقق قطب الملّة و الدين يوم العرصات يخاطب معاتبا صاحب الروضات، الذي أتعب نفسه في إخراجه من النور إلى الظلمات، و افترى عليه بما هو أثقل من الجبال الراسيات، فيقول له: عرفتني في باب السين و أنكرتني في باب القاف؟ فما عدا مما بدا؟ و ما دعاك إلى شقّ العصا، و مجانبة العلماء، و محوي عن دفتر السعداء، و عدي في عداد الأعداء؟! فهل رأيتني أتوضأ بالمسكر من الشراب، أو أسجد على خرء الكلاب، أو أسقط من السور التسمية، أو اكتفى من القراءة بالترجمة، أو نقلت هجر نبيّنا عند الأجل، أو رويت توبة أصحاب الجمل؟ فهلا فعلت بي ما فعلت بطاوس اليمن فنظمته في سلك فقهاء الزمن، و اكتفيت منه بأدنى الوهم الذي أورثك حسن الظن، من غير شهادة أحد بحسن حاله، و ظهور جملة من النصوص بسوء اعتقاده و قبح فعاله، و شيوع فتاويه المنكرة، و انقطاعه عن الأئمة الغرّ البررة؟! فإن كان إثبات الإيمان لأحد بالإقرار، فقد اعترفت لشمس الفقهاء


1- جامع الأصول: لم نعثر عليه فيه.
2- بغية الوعاة 2: 285/ 1992، و الدرر الكامنة 4: 350/ 953.
3- روضات الجنات 4: 34.

ص: 399

الشهيد الأول و إن كان بالشهادة، فقد شهد لي بالإيمان جمّ غفير لا يدانى أحد منهم في العلم و العمل. و إن كان بالشهرة، فما ذكرني أحد من الأعلام إلّا و وصفني بالإيمان.

فما هذه الغميضة عن حقّي الواضح لمن كان له عينان؟! و إنك و إن فضحتني في الدنيا بعد طول السنين بين العلماء الراسخين، و افتريت عليّ بما هو أثقل من السموات و الأرضين، لكني لا اؤاخذك بحقّي في هذا المشهد العظيم، و أعفو عنك رجاء أن يصفح عنا ربّنا بعفوه الجسيم.

هذا آخر ما وعدنا من نصرة قطب الملّة و الدين، فخذه و كن من الشاكرين، و الحمد للّه ربّ العالمين.

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (5).

[ثاني عشرهم السيد عميد الدين عبد المطلب بن مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن أبي الحسن علي فخر الدين]

ثاني عشرهم- يعني مشايخ الشهيد الأول-: السيد العالم الجليل المرتضى عميد الدين عبد المطلب ابن السيد الأجل مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن أبي الحسن علي فخر الدين، العالم الفاضل. الأديب الشاعر، النسابة ابن محمّد بن أحمد بن علي الأعرج بن سالم بن بركات بن أبي البركات محمّد بن أبي الأعزّ محمد ابن أبي عبد اللّه الحسين النقيب بالحائر بن علي بن أبي محمد الحسن ابن محمّد الأعزّ ابن أبي محمّد أحمد الزائر بن أبي أحمد علي بن أبي الحسين يحيى النسابة. إلى آخر ما تقدم (1) في نسب السيد مهنّا المدني. و أمّه بنت الشيخ سديد الدين والد العلامة.

قال السيد ضامن في تحفة الأزهار: كان سيّدا جليل القدر، رفيع المنزلة، عظيم الشأن، حسن الشمائل، جمّ الفضائل، عالي الهمة، وافر الحرمة، كريم الأخلاق، زكي الأعراق، عمدة السادة الأشراف بالعراق، عالما عاملا فاضلا كاملا، فقيها محدّثا مدرسا بتحقيق و تدقيق، فصيحا بليغا أديبا مهذبا (2).


1- تقدم في صفحة: 340 و 341.
2- تحفة الأزهار: غير موجود لدينا.

ص: 400

انتهى.

و مصنفاته مشهورة معروفة، ولد ليلة النصف من شعبان سنة 681 و توفي ليلة الاثنين عاشر شعبان سنة 754.

و في مجموعة الشهيد بخط الشيخ الجبعي: أجاز عميد الدين لابن مكّي لمّا قرأ عليه الجزء الأول من تذكرة الفقهاء، و أجاز له باقي الأجزاء سنة اثنتين و خمسين و سبعمائة بالحلة السيفية، و ولد عميد الدين عبد المطلب، و ذكر تاريخ الولادة و الوفاة، و أنه (رحمه اللّه) توفي ببغداد، و حمل إلى المشهد المقدس الغروي بعد أن صلّى عليه بالحلة في يوم الثلاثاء بمقام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، انتهى.

و هو يروي عن جماعة:

الأول: والده: مجد الدين أبو الفوارس محمّد، العالم الجليل، و قد بالغ في الثناء عليه في تحفة الأزهار، قال: و اسمه مرقوم في حائر الحسين عليه السلام، و مساجد الحلّة، و يقال لولده بنو الفوارس (2).

عن آية اللّه العلامة.

الثاني: جدّه: فخر الدين علي المتوفى سنة اثنتين و سبعمائة، كما في مجموعة الشهيد (3).

عن السيد الجليل عبد الحميد بن فخار.

الثالث: آية اللّه العلامة.

الرابع: الشيخ مفيد الدين جهم (4)، الآتي ذكره (5).


1- مجموعة الشهيد: لم نعثر عليه فيه.
2- تحفة الأزهار: غير متوفر لدينا.
3- مجموعة الشهيد: لم نعثر عليه فيه.
4- في المخطوطة و الحجريّة: جهيم، و المراد به: محمد بن جهم.
5- يأتي ذكره في صفحة: 409.

ص: 401

الخامس: العالم الفاضل، رضي الدين علي بن الشيخ سديد الدين يوسف- أخو العلامة- صاحب كتاب العدد القوية، الذي قد أكثر في البحار النقل عن المجلد الثاني منه الذي وصل إليه، و يظهر منه أنه كتاب نافع جامع، توفي في حياة والده.

عن والده سديد الدين يوسف (1).

و عن المحقق نجم الدين (2)، و يأتي ذكر طرقهما (3).

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (4).

[ثالث عشرهم السيد ضياء الدين عبد اللّه بن أبي الفوارس]

ثالث عشرهم: العالم الجليل السيد ضياء الدين عبد اللّه بن أبي الفوارس، أخو السيد عميد الدين صاحب منية اللبيب في شرح التهذيب.

و في الرياض: هو الفقيه الجليل، الأعظم الأكمل الأعلم الأفضل، الكامل المعروف بالسيد ضياء الدين الأعرج الحسيني (5).

عن خاله الأعظم و الطود الأشم العلامة (رحمه اللّه)

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (6).

[رابع عشرهم أبو طالب محمّد العلامة الحلي الملقب بفخر المحققين]
اشارة

رابع عشرهم: أجلّ مشايخه (7) و أعظم أساتيذه، العالم المحقق، النقاد الفقيه، فخر الملّة و الدين، أبو طالب محمّد ابن آية اللّه العلامة، المعبّر عنه في الكتب الفقهية: بفخر الدين، و فخر الإسلام، و فخر المحققين،


1- يأتي في صفحة: 417.
2- أورد جميع هذه الطرق الخمس في المشجرة.
3- يأتي في صفحة: 416 و 466.
4- إلى هنا انتهى تعداد مشايخ الشهيد الأول. و قد أضاف لهم في المشجرة الخامس عشر و هو الشيخ شهاب الدين و هو من علماء العامة. و ترك ذكر ثلاثة و هم:
5- رياض العلماء 3: 240.
6- إلى هنا انتهى تعداد مشايخ الشهيد الأول. و قد أضاف لهم في المشجرة الخامس عشر و هو الشيخ شهاب الدين و هو من علماء العامة. و ترك ذكر ثلاثة و هم:
7- إلى هنا انتهى تعداد مشايخ الشهيد الأول. و قد أضاف لهم في المشجرة الخامس عشر و هو الشيخ شهاب الدين و هو من علماء العامة. و ترك ذكر ثلاثة و هم:

ص: 402

و الفخر. المتولد في ليلة الاثنين العشرين من جمادى الأولى سنة 682 المتوفى ليلة الجمعة الخامس و العشرين من جمادى الآخرة سنة 771 صاحب التحقيقات الشائعة، و التصانيف الرائقة، و منها المسائل الحيدرية، و هي مسائل سأله عنها تلميذه الأجل السيد حيدر الآملي- صاحب: الكشكول، و منبع الاسرار- و هي موجودة عندي بخط السيد و الأجوبة بخط الفخر، بين السطور و بعضها في الحاشية.

قال السيد بعد الحمد و الصلاة: هذه مسائل سألتها عن جناب الشيخ الأعظم سلطان العلماء في العالم، مفخر العرب و العجم، قدوة المحققين، مقتدى الخلائق أجمعين، أفضل المتأخرين و المتقدمين، المخصوص بعناية ربّ العالمين، الإمام العلامة في الملّة و الحق و الدين، ابن المطهّر مدّ اللّه ظلال إفضاله، و شيّد أركان الدين ببقائه، مشافهة في مجالس متفرقة على سبيل الفتوى. و كان ابتداء ذلك في سلخ رجب المرجب سنة تسع و خمسين و سبعمائة هجرية نبويّة هلالية، ببلدة الحلة السيفية حماها اللّه عن الحدثان، و أنا العبد الفقير حيدر بن علي بن حيدر العلوي العلوي الحسيني الآملي، أصلح اللّه حاله، و جعل الجنّة مآله، ما يقول شيخنا. إلى آخره. و بخطه الشريف في الحاشية متصلا بقوله هذه مسائل: هذا صحيح (1)، قرأ عليّ أطال اللّه عمره، و رزقنا بركته و شفاعته عند أجداده الطاهرين، و أجزت له رواية الأجوبة عنّي، و كتب محمّد بن المطهّر.

و تقدم في أول الفائدة ما يناسب المقام (2).


1- في الحاشية كتب المصنف: ظاهرا، و الكلمة مشتبهة جدّا. (منه قدّس سرّه)
2- تقدم في صفحة 17- 19.

ص: 403

المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (5).

[في ذكر مشجرة مشايخ فخر المحققين ولد العلامة]
[الأول رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف أخ العلامة]

عن عمه (1) الأجل المتقدم ذكره (2).

[الثاني والده العلامة الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن مطهّر الحليّ]
اشارة

و عن والده: الشيخ الأجل الأعظم، بحر العلوم و الفضائل و الحكم، حافظ ناموس الهداية، كاسر ناقوس الغواية، حامي بيضة الدين، ماحي آثار المفسدين، الذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النجوم، و على المعاندين الأشقياء أشد من عذاب السموم، و أحدّ من الصارم المسموم، صاحب المقامات الفاخرة، و الكرامات الباهرة، و العبادات الزاهرة، و السعادات الظاهرة، لسان الفقهاء و المتكلمين، و المحدثين و المفسرين، ترجمان الحكماء و العارفين، و السالكين المتبحرين، الناطق عن مشكاة الحق المبين، الكاشف عن أسرار الدين المتين، آية اللّه التامة العامة، و حجة الخاصة على العامة، علامة المشارق و المغارب، و شمس سماء المفاخر و المناقب، و المكارم و المآرب، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن مطهّر الحليّ، أفاض اللّه تعالى على مرقده شآبيب الرحمة و الرضوان، و أسكنه أعلى غرف الجنان.

أمه أخت نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد المحقق.

تولّد في التاسع و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة 648، و توفي في يوم السبت الحادي و العشرين من محرم الحرام سنة 726.

و كان آية اللّه لأهل الأرض، و له حقوق عظيمة على زمرة الإمامية، و الطائفة الحقة الاثنى عشرية، لسانا و بيانا، تدريسا و تأليفا، و كفاه فخرا على من سبقه و لحقه مقامه المحمود في اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين فأفحمهم، و صار سببا لتشيع السلطان محمّد الملقب بشاة خدابنده الجايتوخان


1- من هنا بدأ بتعداد مشايخ فخر المحققين، و عمه هو: رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف أخ العلّامة.
2- تقدم في صفحة: 401

ص: 404

ابن ارغون خان بن اباقا خان بن هولاكو خان بن تولى خان بن چنگيزخان، و صارت السكة و الخطب في البلاد بأسامي الأئمة عليهم السلام.

فإن السلطان غازان خان في سنة اثنتين و سبعمائة كان في بغداد، فاتفق أن سيدا علويا صلّى الجمعة في يوم الجمعة في الجامع ببغداد مع أهل السنة، ثم قام و صلّى الظهر منفردا، فتفطنوا منه ذلك، فقتلوه فشكا أقاربه إلى السلطان، فانكسر خاطره و أظهر الملالة من أنّه لمجرّد إعادة الصلاة يقتل رجلا من أولاد الرسول صلى اللّه عليه و آله، و لم يكن له علم بالمذاهب الإسلامية، فقام يتفحص عنها.

و كان في أمرائه جماعة متشيّعون منهم: أمير طرمطار بن مانجوبخشى بخشى، و كان في خدمة السلطان من صغره، و كان له وجه عنده، و كان يستنصر مذهب التشيع، و لمّا رآه مغضبا على أهل السنة، انتهز الفرصة و رغّبه في مذهب التشيع، فمال إليه، و قام في تربية السادة، و عمارة مشاهد الأئمة عليهم السلام إلى أن توفي.

و قام بالسلطنة أخوه السلطان محمّد، و صار مائلا إلى الحنفية بإغواء جمع من علمائهم، فكان يكرمهم و يوقّرهم، فكانوا يتعصبون لمذهبهم، و كان وزيره خواجه رشيد الدين الشافعي ملولا من ذلك، و لكن لم يكن قادرا على التكلم بشي ء من جهة السلطان، إلى أن جاء القاضي نظام الدين عبد الملك من مراغة إلى خدمة السلطان، و كان ماهرا في المعقول و المنقول، فجعله قاضي القضاة لتمام ممالكه، فجعل يناظر مع علماء الحنفية في محضر السلطان في مجالس عديدة فيعجزهم، فمال السلطان إلى مذهب الشافعية، و الحكاية المشهورة في الصلاة وقعت في محضره، فسأل العلامة قطب الدين الشيرازي إن أراد الحنفي أن يصير شافعيا فماله أن يفعل؟ فقال: هذا سهل يقول: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه.

ص: 405

و في سنة تسع و سبعمائة أتى ابن صدرجهان الحنفي من بخارى إلى خدمة السلطان، فشكا إليه الحنفية من القاضي نظام الدين، و أنه أذلّنا عند السلطان و أمرائه، فألطف بهم و وعدهم إلى أن كان في يوم الجمعة في محضر السلطان، سأل القاضي مستهزئا عن جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزنا على مذهب الشافعي فقرره القاضي، و قال: هو معارض بمسألة نكاح الأخت و الأم في مذهب الحنفية، فطال بحثهما و آل إلى الافتضاح، و أنكر ابن صدر الحنفي ذلك، فقرأ القاضي من منظومة أبي حنيفة:

و ليس في لواطة من حدّو لا بوطء الأخت بعد عقد

فأفحموا و سكتوا و ملّ السلطان و أمراؤه، و ندموا على أخذهم مذهب الإسلامية (1)، و قام السلطان مغضبا، و كانت الأمراء يقول بعضهم لبعض: ما فعلنا بأنفسنا؟! تركنا مذهب آبائنا و أخذنا دين العرب المنشعب إلى مذاهب، و فيها نكاح الأم و الأخت و البنت، فكان لنا أن نرجع إلى دين أسلافنا. و انتشر الخبر في ممالك السلطان، و كانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منهم و يستهزئون بهم، و يسألونهم عن هذه المسائل.

و في هذه الأيام وصل السلطان في مراجعته إلى كلستاني، و كان فيه قصر بناه أخوه السلطان غازان خان فنزل السلطان مع خاصته فيه.

فلمّا كان الليل أخذهم رعد و برق و مطر عظيم في غير وقته بغتة، و هلك جماعة من مقرّبي السلطان بالصاعقة، ففزع السلطان و أمراؤه و خافوا، فرحلوا منه على سرعة. فقال له بعض أمرائه: إنّ على قاعدة المغول لا بدّ أن يمرّ السلطان على النار، فأمر بإحضار أساتيذ هذا الفن فقالوا: إنّ هذه الواقعة من


1- كذا، و لعل الصحيح: بالمذاهب الإسلامية.

ص: 406

شؤم الإسلام، فلو تركه السلطان تصلح الأمور.

فبقي السلطان و أمراؤه متذبذبين في مدّة ثلاثة أشهر في تركهم دين الإسلام، و كان السلطان متحيرا متفكرا و يقول: أنا نشأت مدّة في دين الإسلام، و تكلّفت بالطاعات و العبادات فكيف أترك دين الإسلام؟

فلما رأى أمير طرمطار تحيّره في أمره قال له: إن السلطان غازان خان كان أعقل الناس و أكملهم، و لمّا وقف على قبائح أهل السنة مال إلى مذهب التشيّع، و لا بدّ أن يختاره السلطان.

فقال: ما مذهب الشيعة؟

قال أمير طرمطار: المذهب المشهور بالرفض.

فصاح عليه السلطان: يا شقي، تريد أن تجعلني رافضيا. فأقبل الأمير يزين مذهب الشيعة و يذكر محاسنه له.

و قال: تقول الشيعة: إن الملك يصير بعد السلطان إلى ولده، و تقول أهل السنة: إنه ينتقل إلى الأمراء. فمال السلطان إلى التشيع.

و في هذه الأيام ورد على السلطان السيد تاج الدين الآوي الإمامي مع جماعة من الشيعة، و كانوا يناظرون مع القاضي نظام الدين في محضر السلطان في مباحث كثيرة، فعزم السلطان الرواح إلى بغداد و زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا ورد رأى بعض ما قوى به دين الشيعة، فعرض السلطان صورة الواقعة على الأمراء، فحرّضه عليه من كان منهم في مذهب الشيعة، فصدر الأمر بإحضار أئمة الشيعة. فطلبوا جمال الدين العلامة، و ولده فخر المحققين، و كان مع العلامة من تأليفاته كتاب نهج الحق و كشف الصدق، و كتاب منهاج الكرامة، فأهداهما إلى السلطان، و صار موردا للإلطاف و المراحم.

فأمر السلطان قاضي القضاة نظام الدين عبد الملك- و هو أفضل علماء

ص: 407

زمانهم- أن يناظر مع آية اللّه العلامة، و هيّأ مجلسا عظيما مشحونا بالعلماء و الفضلاء، فأثبت العلامة- رفع اللّه تعالى أعلامه- بالبراهين القاطعة، و الدلائل الساطعة، خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل، و أبطل خلافة الثلاثة، بحيث لم يبق للقاضي مجال مدافعة و إنكار، بل شرع في مدح العلامة و استحسن أدلّته.

قال: غير أنّه لمّا سلك السلف سبيلا فاللازم على الخلف أن يسلكوا سبيلهم، لإلجام العوام، و دفع تفرّق كلمة الإسلام، و يستر زلّاتهم، و يسكت في الظاهر عن الطعن عليهم. و دخل السلطان و أكثر أمرائه في ذلك المجلس في مذهب الإمامية- كثرهم اللّه تعالى- و تابوا من البدع التي كانوا عليها، و أمر السلطان في تمام ممالكه بتغيير الخطبة، و إسقاط أسامي الثلاثة عنها، و بذكر أسامي أمير المؤمنين و سائر الأئمة عليهم السلام على المنابر، و بذكر (حي على خير العمل) في الأذان، و بتغيير السكة و نقش الأسامي المباركة عليها.

و لمّا انقضى مجلس المناظرة خطب العلامة خطبة بليغة شافية، و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه، و صلّى على النبي صلّى اللّه عليه و على آله.

فقال السيد ركن الدين الموصلي الذي كان ينتظر عثرة منه- و لم يعثر عليها-:

ما الدليل على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهم السلام. فقرأ العلامة (رحمه اللّه) قوله تعالى: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ (1).

فقال الموصلي: ما الذي أصاب عليا و أولاده عليهم السلام من المصيبة حتى استوجبوا الصلاة عليهم؟

فعدّ الشيخ بعض مصائبهم، ثم قال: أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن


1- البقرة 2: 156- 157.

ص: 408

يكون مثلك تدّعي أنّك من أولادهم ثم تسلك سبيل مخالفيهم، و تفضل بعض المنافقين عليهم، و تزعم الكمال في شرذمة من الجهال؟! فاستحسنه الحاضرون، و ضحكوا على السيد المطعون، فأنشد بعض من حضر:

إذا العلوي تابع ناصبيالمذهبه فما هو من أبيه

و كان الكلب خيرا منه طبعالأن الكلب طبع أبيه فيه

و جعل السلطان بعد ذلك السيد تاج الدين محمّد الآوي- المتقدم ذكره (1)- و هو من أقارب السيد الجليل رضيّ الدين محمّد بن محمد الآوي، نقيب الممالك، و له و لأولاده شرح يطول.

هذا، و لآية اللّه العلامة بعد ذلك من المناقب و الفضائل ما لا يحصى.

أمّا درجاته في العلوم و مؤلّفاته فيها فقد ملأت الصحف، و ضاق عنها الدفتر، و كلّما أتعب نفسي فحالي كناقل التمر إلى هجر، فالأولى تبعا لجمع من الأعلام الإعراض عن هذا المقام.

و في الرياض: إنه كان من أزهد الناس و أتقاهم، و من زهده ما حكاه السيد حسين المجتهد في رسالة النفحات القدسية عنه، أنه قدس سره أوصى بجميع صلواته و صيامه مدّة عمره و بالحج عنه- مع أنه كان قد حجّ- كما نقله في شأن الشيخ علي الكركي أيضا (2).

و ذكر القاضي في المجالس و بعض فضلاء عصر شيخنا البهائي (3) حكاية له (رحمه اللّه) مع اختلاف يسير بينهما، و نحن نسوقها بلفظ الثاني، قال:


1- تقدم في صفحة: 406.
2- رياض العلماء 1: 365.
3- في الحجري زيادة: في كشكوله. و لا مورد لها.

ص: 409

و قيل: إنه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه، و كان يأبى عليه، و كان كتابا كبيرا جدّا، فاتفق أنه أخذه منه مشترطا بأنه لا يبقى عنده غير ليلة واحدة، و هذا كتاب لا يمكن نسخة إلّا في سنة أو أكثر، فأتى به الشيخ رحمه اللّه و شرع في كتابته في تلك الليلة، فكتب منه صفحات و ملّ، و إذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز، فسلّم و جلس ثم قال: أيّها الشيخ، تمسطر لي الأوراق و أنا أكتب، فكان الشيخ يمسطر له الورق و ذلك الرجل يكتب، و كان لا يلحق المسطر بسرعة كتابته، فلمّا نقر ديك الصباح و صاح، و إذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.

و قد قيل: إن الشيخ لمّا ملّ الكتابة نام، فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا، و صرّح في المجالس بأنه كان هو الحجة عليه السلام (1).

و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من النواميس العظام، و حفّاظ شريعة خير الأنام عليه و آله الصلاة و السلام.

[في ذكر مشجرة مشايخ العلامة الحليّ]
الأول: الشيخ الجليل مفيد الدين محمّد بن علي بن محمد بن جهم الأسدي

أحد المشايخ الفقهاء الأجلّة، و هو الذي لمّا سأل الشيخ الأعظم الخواجه نصير الدين عن المحقق نجم الدين، لمّا حضر عنده بالحلة، و اجتمع عنده فقهاؤها: من أعلم الجماعة بالأصولين؟ فأشار في الجواب إليه و إلى والد العلامة، و قال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام و أصول الفقه.

عن السيد المؤيد فخار بن معد.

[الثاني كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني]

الثاني: الحكيم المتألّه كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة، و شارح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام، قد أفرد في شرح حاله بالتأليف المحقق البحراني الشيخ


1- مجالس المؤمنين 1: 573.

ص: 410

سليمان و سمّاه: السلافة البهية.

و قال- أيضا- في الفصل الذي ألحقه ببلغته في الرجال في ذكر علماء البحرين: و منهم العالم الرباني، و العارف الصمداني، كمال الدين ميثم بن علي ابن ميثم البحراني، و هو المشهور في لسان الأصحاب بالعالم الرباني، و المشار إليه في تحقيق الحقائق، و تشييد المباني.

ثم ذكر بعض مناقبه و فضائله و مؤلفاته. إلى أن قال: و قبره متردد بين بقعتين كلتاهما مشهورة بأنها مشهده، إحداهما: في صيانة الدويخ، و الأخرى:

في هلتا (1) من الماحوز، و أنا أزوره فيهما احتياطا، و إن كان الغالب على الظن أنه في هلتا، لوفور القرائن على ذلك من ظهور آثار الدعوات، و توافر المنامات.

و من غريب ما اتفق من المنامات في ذلك أن بعض المؤمنين من أهل الماحوز ممّن لا سواد له، و هو متمسك بظاهر الخبر، رأى في المنام أن الشيخ كمال الدين مضطجع فوق ساجة قبره الذي في هلتا، مسجى بثوب، و قد كشف الثوب عن وجهه قال: فشكوت إليه ما نلقى من الأعراب، فأجابني بقوله تعالى: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2) ثم سألته عن قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (3) الآية.

فقال: إن النواصب و من يشاكلهم في عقائدهم الفاسدة ينطلقون إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد كطمهم العطش و الحرّ، فيطلبون منه السقيا و الاستظلال، فيقول لهم: انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون- يعني عليا عليه السلام- فينطلقون إلى علي عليه السلام فيقول لهم: انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث


1- الدويخ و الهلتا: قريتين من قرى البحرين.
2- الشعراء 26: 227.
3- المرسلات 77: 29- 30.

ص: 411

شعب، يعني به الثلاثة المتلصصة خذلهم اللّه. و كان ذلك في سنة 1102.

ثم إن الرجل سألني عن هذه الآية، و لم يكن يحضرني ما ورد من أهل البيت عليهم السلام فيها، فأخبرته بتفاسير، فقال: أ لها تفسير غير هذا؟ ففتشنا تفسير الشيخ الثقة الجليل أبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم، فوجدت التفسير الذي حكاه عن منامه مرويّا فيه عنهم عليهم السلام، و هو من أغرب المنامات (1).

قلت: الظاهر أن قوله: أبي الحسن إلى آخره من سهو قلمه الشريف، إذ ليس في تفسير القمي ما نسبه إليه، و لا نقله أحد عنه، و الذي فيه ما رواه في ذلك تفسير الثقة محمّد بن العباس بن الماهيار، رواه فيه مسندا عن الصادق عليه السلام، على ما نقله عنه الشيخ شرف الدين في كتاب تأويل الآيات (2).

توفي رحمه اللّه تعالى سنة 679.

و قد ذكرنا في الفائدة السابقة (3) شرح حال كتاب الاستغاثة، و أن نسبته إليه من الأغلاط الظاهرة، فلاحظ.

و هذا الشيخ يروي عن جماعة عثرنا على اثنين منهم.

الأول: الفيلسوف الأعظم الخواجه نصير الدين، الآتي ذكره (4).

و قال الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين، في ترجمته في مادة مثم: إنه شيخ نصير الدين في الفقه (5).

و في اللؤلؤة، عن الرسالة المسمّاة بالسلافة البهيّة، للشيخ سليمان


1- بلغة الرجال. غير متوفر لدينا.
2- تأويل الايات 2: 755.
3- تقدم في الجزء الأول: 169- 171.
4- يأتي في صفحة: 422.
5- مجمع البحرين 6: 172.

ص: 412

البحراني: وجدت بخط بعض الأفاضل المعتمدين أن الخواجه تلمذ على الشيخ كمال الدين ميثم في الفقه، و الشيخ كمال الدين تلمّذ على الخواجه في الحكمة (1).

الثاني: الشيخ الجليل جمال الدين- أو كمال الدين- علي بن سليمان البحراني (2)، الفاضل الجليل الصمداني، الحكيم العالم الرباني.

في الخلاصة: كان عالما بالعلوم العقلية و النقلية، عارفا بقواعد الحكماء، له مصنفات حسنة (3).

و قال صاحب المعالم: رأيت منها كتاب مفتاح الخير في شرح رسالة الطير للشيخ أبي علي ابن سينا، و شرح قصيدة ابن سينا في النفس، و فيها دلالة واضحة على ما وصفه به العلامة و زيادة (4). انتهى.

و هو الذي أرسل إلى الخواجه نصير الدين رسالة العلم و توابعها لأستاذه الشيخ كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني، و التمس منه شرح تلك الرسالة، فقال الخواجه في أوّل شرحه عليها:

أتاني كتاب في البلاغة منته إلى غاية ليست تقارب بالوصف

و ذكر أبياتا ثم قال: وردت رسالة شريفة، و مقالة لطيفة، مشحونة بفرائد الفوائد، مشتملة على صحائف اللطائف، مستجمعة لعرائس النفائس، مملوّة


1- لؤلؤة البحرين: 247.
2- اقتصر في المشجرة على ذكر هذا الطريق و لم يورد الأول.
3- لم يرد له ذكر في المطبوعة من الخلاصة و لا المخطوطة التي عليها تعليقات الشهيد.
4- بحار الأنوار 109: 26، كذلك انظر أمل الآمل 2: 189/ 560.

ص: 413

من زواهر الجواهر، من الجناب الكريم السيد السندي، العالمي العاملي، الفاضلي المفضلي، المحققي المدققي، الجمالي الكمالي، أدام اللّه جماله، و حرس كماله، إلى الداعي الضعيف، المحروم اللهيف، محمّد الطوسي. إلى آخره.

و هو موجود عندي بخط العالم المتألّه السيد حيدر الآملي.

و في اللؤلؤة: و قبره الآن في قرية سترة من قرايا بلادنا البحرين، إلى جنب قبر شيخه ابن سعادة (1).

عن الشيخ المحقق المتكلم النحرير، كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي ابن سعيد بن سعادة.

قال المحقق الشيخ سليمان: له رسالة العلم التي شرحها سلطان المحققين خواجة نصير الملة و الدين الطوسي، و هي رسالة جيدة تشعر بفضل غزير، و قد أثنى عليه الخواجه في ديباجة شرحه ثناء عظيما.

قلت: قال بعد قوله المتقدم و شطر من وصف الرسالة: و هي أوراق مشتملة على رسائل في ضمنها مسائل، أرسلها و سأل عنها من كان أفضل زمانه، و أوحد أقرانه، الذي نطق الحق على لسانه، و لوح الحقيقة في بيانه، و رأيت المولى أدام اللّه فضائله قد سألني الكلام فيها، و كشف القناع عن مطاويها، و أين أنا من المبارزة مع فرسان الكلام، و المعارضة مع البدر التمام؟

و كيف يصل الأعرج إلى قلة الجبل المنيع، و أنى يدرك الظالع شأو الضليع (2). إلى آخره.

عن الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي الآتي ذكره في مشايخ ابني طاوس (3).


1- لؤلؤة البحرين: 265.
2- فهرست آل بابويه و علماء البحرين: 68 و 92.
3- يأتي في صفحة: 465.

ص: 414

[الثالث الحسن بن الشيخ كمال الدين علي بن سليمان]

الثالث- من مشايخ آية اللّه العلّامة-: العالم الفاضل الحسن (1) بن الشيخ كمال الدين علي بن سليمان، المتقدم ذكره (2).

عن والده، صرّح بذلك في إجازته الكبيرة (3).

الرابع: الشيخ نجيب الدين أبو أحمد- أو أبو زكريا- يحيى بن أحمد ابن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي الهذلي

الفاضل العالم الفقيه، الأديب النحوي، المعروف: بالشيخ نجيب الدين، ابن عم المحقق، و صاحب كتاب الجامع، و كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه و النظائر.

المتولّد سنة 601، و امه بنت الفقيه محمّد بن إدريس صاحب السرائر.

قال ابن داود في ترجمته: شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة، كان جامعا لفنون العلوم الأدبية و الفقهية و الأصولية، كان أورع الفضلاء و أزهدهم.

إلى أن قال: مات في ذي الحجة سنة 690 (4).

و في الرياض، عن الكفعمي في حواشي فرج الكرب، بعد ذكره، و ذكر بعض مؤلفاته. و مدحه بعض الفضلاء:

ليس في الناس فقيه مثل يحيى بن سعيد.

صنّف الجامع فقهاقد حوى كلّ شريد.

و مدحه بعض الفضلاء بقوله:

يا سعيد الجدود يا بن سعيدأنت يحيى و العلم باسمك يحيى


1- هذا و في أمل الآمل 2: 99/ 268 و 189/ 560، و بحار الأنوار 107: 65، و لؤلؤة البحرين: 264/ 91: الحسين.
2- أي ذكر الشيخ كمال الدين الذي تقدم في صفحة: 412.
3- انظر بحار الأنوار 107: 65.
4- رجال ابن داود: 202، و قد ذكر وفاته في المشجرة سنة 689.

ص: 415

ما رأينا كمثل بحثك بحثاظنّه العالم المحقق وحيا

و ذكر في الرياض: أنه رأى خطّ غياث الدين عبد الكريم بن طاوس، على هامش معالم العلماء، هكذا: بلغ قراءة على شيخنا العلامة بقيّة المشيخة نجيب الدين يحيى بن سعيد أدام اللّه تعالى بركته (1) إلى آخره.

و بالجملة فهو من الفقهاء المعروفين المنقول فتاويه في كتب الأصحاب، صاحب التصانيف الكثيرة التي أهمل ذكرها المترجمون سوى خرّيت هذه الصناعة صاحب الرياض، فرأيت ذكرها أداء لبعض حقوقه، و إن بنينا على عدم ذكر المؤلفات في التراجم، لوجودها في أغلب الفهارس، و هذه صورتها:

كتاب الجامع للشرائع في الفقه.

كتاب نزهة الناظر في الفقه.

كتاب المدخل في أصول الفقه.

كتاب الفحص و البيان عن أسرار القرآن، نسبه إليه الشيخ زين الدين البياضي في كتابه الصراط المستقيم، و قال: إنه قد قابل ذلك الكتاب الآيات الدالة على اختيار العبد بالآيات الدالّة على الجبر، فوجد آيات العدل تزيد على آيات الجبر بسبعين آية (2).

كتاب معالم الدين في الفقه، نسبه إليه سبط الشيخ على الكركي في رسالة اللمعة في مسألة صلاة الجمعة.

و كتاب كشف الالتباس عن نجاسة الأرجاس (3)، نسبه إليه الكفعمي في بعض مجاميعه.


1- رياض العلماء 5: 337.
2- الصراط المستقيم 1: 23.
3- في الحجريّة: كشف الالتباس عن مجانبة الأرجاس.

ص: 416

مسألة في نجاسة المشركين.

كتاب في السفر، نسبه إليه الشهيد في الذكرى (1).

مسألة في البحث عن قضاء الصلوات الفائتة، نسبها إليه الشهيد في شرح الإرشاد (2).

فمن الغريب- بعد ذلك- ما في الروضات، في ترجمة المحقق، بعد ذكر اسم الشيخ المذكور في سلك تلامذة المحقق، ما لفظه: و ظني أن معظم تسلّط الشيخ نجيب الدين المذكور كان في فنون العربية و الأخبار، لما نقله صاحب البغية- يعني السيوطي- بعد الترجمة له بعنوان: يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد، الفاضل نجيب الدين الهذلي الشيعي، عن الفاضل الذهبي إنه لغوي أديب، حافظ للأحاديث، بصير باللغة و الأدب، من كبار الرافضة (3). إلى آخره.

و هذا الذهبي من النصاب المعروفين عند أصحابنا، فكيف ظن بقوله و لم يظن بقول تلميذه الأجل ابن داود، و غيره من مترجمي أصحابنا، أنه من كبار فقهائنا؟! و يروي هذا الشيخ عن جماعة:

(أ)- أبو حامد السيد محيي الدين الحسيني، الآتي ذكره في مشايخ المحقق (4).

(ب)- نجم الدين ابن عمه المحقق، صرّح بذلك الشيخ حسين بن علي ابن حماد الليثي في إجازته للشيخ نجم الدين خضر بن محمّد.


1- ذكري الشيعة: 256.
2- غاية المراد و نكت الإرشاد: مخطوط.
3- بغية الوعاة 2: 331/ 2108، روضات الجنات 2: 187.
4- يأتي في الجزء الثالث: 7، أورده في المشجرة و ترك الباقي.

ص: 417

(ج)- نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نما، و يأتي في مشايخ المحقق أيضا (1).

(د)- شمس الدين أبو علي فخار بن معد، شيخ المحقق.

(ه)- الشيخ محمّد بن أبي البركات، و قد تقدم ذكره (2).

[الخامس والده سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن المطهّر الحلي]

الخامس- من مشايخه-: والده الأجل الأكمل سديد الدين أبو يعقوب- و يقال أبو المظفر- يوسف بن زين الدين علي بن المطهّر الحلي، الفقيه المتكلم الأصولي.

قال الشهيد في إجازته لابن الخازن، في أثناء ذكر العلامة: و منهم:

الحسن ابن الإمام الأعظم الحجة أفضل المجتهدين، السعيد الفقيه سديد الدين أبو المظفر ابن الإمام المرحوم زين الدين علي بن المطهّر، أفاض اللّه على ضرائحهم المراحم الربانية، و حباهم بالنعم الهنيئة (3)، انتهى.

و منه يظهر أن زين الدين علي- جدّ العلامة- كان أيضا من العلماء المبرزين.

و قال العلامة (رحمه اللّه) في كشف اليقين، في باب أخبار مغيبات أمير المؤمنين عليه السلام: و من ذلك إخباره عليه السلام بعمارة بغداد، و ملك بني العباس و أحوالهم، و أخذ المغول الملك منهم، رواه والدي (رحمه اللّه) و كان ذلك سبب سلامة أهل الكوفة و الحلة و المشهدين الشريفين من القتل. لانه لمّا وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر الحلة إلى البطائح إلا القليل، فكان من جملة القليل والدي (رحمه اللّه) و السيد مجد الدين بن


1- يأتي في الجزء الثالث: 18.
2- تقدم في صفحة: 338.
3- انظر بحار الأنوار 107: 188، و رياض العلماء 5: 395.

ص: 418

طاوس (1)، و الفقيه بن أبي الغزّ، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيليّة، و أنفذوا به شخصا أعجميا.

فأنفذ السلطان إليهم فرمانا مع شخصين أحدهما يقال له: نكله، و الآخر يقال له: علاء الدين، و قال لهما: قولا لهم: إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم تحضرون إلينا.

فجاء الأميران، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه، فقال والدي (رحمه اللّه): إن جئت وحدي كفى؟ فقالا: نعم، فأصعد معهما.

فلمّا حضر بين يديه، و كان ذلك قبل فتح بغداد، و قبل قتل الخليفة، قال له: كيف قدمتم على مكاتبتي و الحضور عندي قبل أن تعلموا بما ينتهي إليه أمري و أمر صاحبكم؟! و كيف تأمنون أن يصالحني و رحلت عنه؟! فقال والدي (رحمه اللّه): إنّما أقدمنا على ذلك لأنّا روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال في خطبة:

الزوراء و ما أدراك ما الزوراء! أرض ذات أثل، يشيّد فيها البنيان، و تكثر فيها السكان، و يكون فيها محارم و خزّان، يتخذها ولد العباس موطنا، و لزخرفهم مسكنا، تكون لهم دار لهو و لعب، يكون بها الجور الجائر، و الخوف المخيف، و الأئمة الفجرة، و الأمراء الفسقة، و الوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس و الروم، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، و لا يتناهون عن منكر إذا نكروه،


1- قال صاحب عمدة الطالب: [190] إن السيد الزاهد موسى بن جعفر من آل طاوس كان له أربع بنين: شرف الدين محمد، و عز الدين الحسن، و جمال الدين أبو الفضائل أحمد العالم الزاهد، و رضي الدين أبو القاسم علي السيد الزاهد صاحب الكرامات نقيب النقباء بالعراق.

ص: 419

تكتفي الرجال منهم بالرجال، و النساء بالنساء. فعند ذلك الغمّ العميم، و البكاء الطويل، و الويل و العويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، و هم قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطرقة، لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم، جهوري الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلّا فتحها، و لا ترفع عليه رأيه إلّا نكسها، الويل الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر (1).

فلما وصف لنا ذلك، و وجدنا الصفات فيكم، رجوناك فقصدناك.

فطيّب قلوبهم، و كتب لهم فرمانا باسم والدي (رحمه اللّه) يطيب فيه قلوب أهل الحلة و أعمالها (2). انتهى.

و هذا الشيخ يروي عن جماعة:

أ- المحقق خواجة نصير الدين الطوسي، كما يظهر من إجازة الشيخ محمّد بن احمد الصهيوني للشيخ علي بن عبد العالي الميسي (3).

ب- السيد العلامة النسابة فخار بن معد الموسوي، صرح بذلك الشهيد الثاني في أخر كشف الريبة، و المحقق الثاني في إجازته لسميّه (4).

ج- نجيب الدين أبي إبراهيم محمّد بن نما، كما يظهر من الإجازة المذكورة. (5) د- الشيخ الإمام مهذب الدين الحسين (6) بن أبي الفرج ابن ردة النيلي،


1- نهج السعادة 3: 433/ 115.
2- كشف اليقين: 10.
3- بحار الأنوار 108: 38.
4- كشف الريبة: 119/ 7، و بحار الأنوار 108: 44.
5- انظر بحار الأنوار 108: 44.
6- عبّر عنه في المشجرة: بالشيخ حسن بن ردة و هو اشتباه، انظر رياض العلماء 2: 8، و أمل الآمل 2: 92/ 250، و كذلك أعيان الشيعة 5: 417 و 6: 14.

ص: 420

العالم المحقق الجليل.

1- عن رضى الدين أبي نصر الحسن ابن أمين الدين أبي علي الفضل ابن الحسن الطبرسي، الفاضل الكامل، الفقيه النبيه، المحدث الجليل، صاحب كتاب مكارم الأخلاق، الجامع لمحاسن الأفعال و الآداب، الشائع بين الأصحاب.

عن والده (1) الجليل صاحب مجمع البيان، الاتي (2) ذكره إن شاء اللّه تعالى.

و يروي مهذب الدين الحسين بن ردة أيضا:

2- عن الشيخ الجليل أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي القاضي.

في الأمل: كان عالما فاضلا فقيها (3).

عن الإمام قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي، الآتي ذكره في مشايخ ابن شهرآشوب (4).

ه- الفاضل الفقيه الصالح السيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني.

عن برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني، الآتي في مشايخ الخواجه نصير الدين (5).

و- الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني، المتقدم ذكره في مشايخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح السيبي (6).


1- لم يرد في المشجرة طريق لرواية الابن عن والده.
2- يأتي في الجزء الثالث: 32، 69.
3- أمل الآمل 2: 19/ 43.
4- يأتي في الجزء الثالث: 79.
5- يأتي في صفحة: 428.
6- تقدم في صفحة: 337.

ص: 421

ز- الشيخ يحيى بن محمّد بن يحيى بن الفرج السوراوي، الفاضل الصالح.

عن رشيد الدين ابن شهرآشوب (1).

و عن الحسين بن هبة اللّه بن رطبة، و يأتي ذكر طرقهما (2).

ح- السيد عزّ الدين بن أبي الحارث محمّد الحسيني، عدّه في الرياض من مشايخ إجازته (3)، و لم أقف على طريقه.

ط- السيد صفي الدين أبو جعفر محمّد بن معد (4) بن علي بن رافع بن أبي الفضائل معد بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن علي بن أحمد بن موسى ابن إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السلام، العالم، الفاضل، المحدّث.

عن برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني، الآتي ذكره (5).

و عن الشيخ أبي الحسن (6) علي بن يحيى الخيّاط، الآتي ذكره في مشايخ السيد علي بن طاوس (7).

ي- الشيخ الجليل علي بن ثابت السورائي (8)، و قد تقدم في مشايخ شمس الدين السيبي (9).

يا- السيد رضيّ الدين علي بن طاوس، كما صرّح به الشهيد في الحديث


1- يأتي في الجزء الثالث: 8، 29، 57.
2- يأتي في الجزء الثالث: 7، 19.
3- رياض العلماء 5: 395.
4- في المشجرة: محمد بن سعد الموسوي.
5- يأتي في صفحة: 428.
6- اقتصر في المشجّرة على الأوّل و لم يذكر هذا في عداد مشايخ السيد محمد الموسوي.
7- يأتي في صفحة: 460.
8- في المشجرة: السورادي، و هو خطأ لأنّ نسبه إلى بلدة سوراء.
9- تقدم في صفحة: 338.

ص: 422

التاسع و الثلاثين من أربعينه (1).

يب- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ، الآتي ذكره (2)، ذكر ذلك صاحب المعالم في إجازته الكبيرة (3) (4).

[السادس الخواجه نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي]

السادس (5): ناموس دهره، و فيلسوف عصره، و عزيز مصره، سلطان المحققين الخواجه نصير الملة و الدين، الوزير الأعظم، محمّد بن محمّد ابن الحسن الطوسي، الحكيم المحقق الجليل، الذي شهد بعلوّ مقامه في مراتب العلوم المخالف فضلا عن المؤالف.

قال الفاضل المتبحر الچلبي، في مقدمات كشف الظنون: اعلم أن المؤلفين المعتبرة تصانيفهم فريقان:

الأول: من له في العلم ملكة تامّة، و درية كافية، و تجارب وثيقة، و حدس صائب، و فهم ثاقب، فتصانيفهم عن قوة تبصرة، و نفاذ فكر، و سداد رأي، كالنصير، و العضد، و السيد (6). إلى آخره.

و قال محمّد بن شاكر في فوات الوفيات: محمّد بن محمّد بن الحسن نصير الدين الطوسي، الفيلسوف، صاحب علم الرياضي، كان رأسا في علم


1- أربعين الشهيد: 26.
2- يأتي في صفحة: 464.
3- انظر بحار الأنوار 109: 25.
4- ذكر للشيخ سديد الدين أبي يعقوب يوسف الحلّي- والد العلامة- هنا اثنى عشر شيخا، إلّا أنّه في المشجرة لم يتعرض إلا لأربعة منهم و هم:
5- من مشايخ العلّامة الحلّي.
6- كشف الظنون 1: تسلسل 38 من المقدمة.

ص: 423

الأوائل، لا سيما في الإرصاد و المجسطي، فإنه فاق الكبار، قرأ على المعين سالم ابن بدران المعتزلي الرافضي و غيره. و كان ذا حرمة وافرة عند هولاكو، و كان يطيعه فيما يشير به عليه، و الأموال في تصرفه، و ابتنى بمراغة قبّة و رصدا عظيما، و اتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الإرجاء، و ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد و الشام و الجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلّد. و قرر بالرصد المنجمين و الفلاسفة، و جعل له الأوقاف و كان حسن الصورة، سمحا كريما جوادا حليما، حسن العشرة، عزيز الفضل.

إلى أن قال: و ممّا وقف له عليه أن ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها: يا كلب بن كلب.

فكان الجواب: أمّا قولك (يا كذا) فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع، و هو نابح طويل الأظفار، و أمّا أنا فمنتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول و الخواص غير تلك الفصول و الخواص. و أطال في نقض كلما قاله. هكذا ردّ عليه بحسن طويّة و تأنّ غير منزعج، و لم يقل في الجواب كلمة قبيحة.

إلى أن قال: و كان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة و العلويين و الحكماء و غيرهم، و كان يبرهم و يقضي أشغالهم، و يحمي أوقافهم، و كان مع هذا كلّه فيه تواضع و حسن ملتقى. إلى أخر ما قال (1).

هذا و قال الفاضل النقاد قطب الدين الاشكوري اللاهيجي، في كتاب محبوب القلوب، في ترجمته: كان فاضلا محققا، ذلّت رقاب الأفاضل من المخالف و المؤالف في خدمته لدرك المطالب المعقولة و المنقولة، و خضعت جباه الفحول في عتبته لأخذ المسائل الفروعية و الأصولية، و صنّف كتبا و رسائل نافعة


1- فوات الوفيات 3: 246/ 414.

ص: 424

نفيسة في فنون العلم خصوصا قد بذل مجهوده لهدم بنيان الشبهات الفخرية في شرحه للإشارات:

تا طلسم سحرهاى شبهه را باطل كنداز عصاى كلك او آثار ثعبان آمده

(1) قال: و كان مولده بمشهد طوس، في يوم السبت الحادي عشر من شهر جمادى الاولى، وقت طلوع الشمس بطالع الحوت، سنة سبع و تسعين و خمسمائة. و نشأ بها.

و اشتغل بالتحصيل في العلوم المعقولة عند خاله، ثم انتقل إلى نيشابور و بحث مع فريد الدين الداماد و قطب الدين المصري، و غيرهما من الأفاضل الأماجد.

و في المنقول: تلميذ والده، و والده تلميذ السيد فضل اللّه الراوندي، و هو تلميذ السيد المرتضى علم الهدى رضي اللّه عنه.

ثم اختلج في خاطره الخطير ترويج مذهب أهل البيت عليهم السلام، فلمّا انزجر خاطره بسبب خروج المخالفين في بلاد الخراسان و العراق توارى في الأطراف متفكرا متحزّنا، حتى استطلبه ناصر الدين محتشم حاكم قوهستان من قبل علاء الدين ملك الإسماعيلية، فاتصل المحقق به فاغتنم المحتشم صحبته، و استفاد منه عدّة فوائد، و صنّف المحقق الأخلاق الناصري باسمه، و مكث عنده زمانا.

فلما كان مؤيّد الدين العلقمي القمي الذي هو من أكابر فضلاء الشيعة في ذلك الزمان وزير المستعصم الخليفة العباسي في بغداد، أراد المحقق دخول


1- و ترجمته:

ص: 425

بغداد بمعاونته حتى يوفّق بما اختلج في خاطره من ترويج المذهب الحق بمعاونة الوزير المذكور، فأنشد قصيدة باللسان العربي في مدح الخليفة المستعصم، و كتب كتابا إلى العلقمي الوزير و أرسل إلى بغداد حتى يعرض الوزير القصيدة على الخليفة و يستطلبه.

و لمّا علم العلقمي فضله و نبله و رشده خاف انكسار سوقه لقربه بالخليفة، فكتب سرّا عند (1) المحتشم أن نصير الدين الطوسي قد ابتدأ بإرسال المراسلات و المكاتبات عند (2) الخليفة، و أنشد قصيدة في مدحه، و أرسل إليّ حتى أعرضها على الخليفة، و أراد الخروج من عندك، و هذا لا يوافق الرأي فلا تغفل عن هذا.

فلما قرأ المحتشم كتابه حبس المحقق، و قد صحبه محبوسا حتى ورد قلعة الموت عند ملك الإسماعيلية، فمكث المحقق عند الملك، و صنّف هناك عدّة من الكتب منها تحرير المجسطي، و فيه حلّ عدة من المسائل الهندسية، ثم لمّا قرب إيلخان المشهور بهولاكو خان من قلاع الإسماعيلية لفتح تلك البلاد، خرج ولد الملك علاء الدين عن القلعة بإشارة المحقق سرا، و اتصل بخدمة هولاكو خان، فلما استشعر هولاكو أنه جاء عنده بإجازة المحقق و مشاورته، و افتتح القلعة و دخل بها، أكرم المحقق غاية الإكرام و الإعزاز، و صحبه، و ارتكب الأمور الكلية حسب رأيه و إجازته، فأرغبه المحقق لتسخير عراق العرب، فعزم هولاكو خان [على فتح] بغداد، و سخر تلك البلاد و النواحي، و استأصل الخليفة العباسي.

ثم نقل ما حكاه العلامة من دخول والده عليه قال: و بعد تسخير تلك


1- كذا، و لعلّ الصحيح: إلى، أو للمحتشم.
2- كذا، و لعلّ الصحيح: إلى.

ص: 426

البلاد، و استئصال الخليفة أمر هولاكو خان المحقق الطوسي بالرصد. إلى أن قال: و توفي المحقق سنة اثنتين و سبعين و ستمائة، و كان مدّة عمره خمسة و سبعين سنة و سبعة أشهر و سبعة أيام، و دفن في مشهد مولانا الكاظم عليه السلام.

و من الاتفاقات الحسنة أنهم لمّا احتفروا الأرض المقدسة لدفنه فيها وجدوا قبرا مرتبا مصنوعا لأجل دفن الناصر العباسي، و لم يوفق الناصر للدفن فيه، و دفنوه في الرصافة، فوجدوا تاريخ إتمامه المنقوشة في أحد أحجار القبر موافقا ليوم تولّد المحقق المذكور طاب ثراه، فلقد صدق من قال:

دهقان بباغ بهر كفن پنبه كاشته مسكين پدر زادن فرزند شادمان

(1) انتهى.

و ذكر في الحاشية عن تاريخ نگارستان أنّ أصل المحقق نصير الدين كان من چه رود المعروف الآن بجيرود، و لمّا تولّد في طوس و نشأ فيه اشتهر بالطوسي (2). انتهى.

و في الرياض في ترجمة بدر الدين الحسن بن علي: إن دستجرد من بلوك جهرود من ولاية قم، و دستجرد هذه هي التي كان أصل خواجة نصير الدين من بعض مواضعها، و يقال له: و رشاه (3).

و ذكر بعضهم أن وفاته كانت في آخر نهار يوم الاثنين يوم الغدير في التاريخ المتقدم.

و قال العلامة في إجازته الكبيرة: و كان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في


1- ترجمة الشعر:
2- تاريخ نكارستان: 244/ 434، محبوب القلوب: غير متوفر لدينا.
3- رياض العلماء 1: 235.

ص: 427

العلوم العقليّة و النقلية، و له مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية و الشرعية على مذهب الإمامية، و كان أشرف من شاهدناه في الأخلاق نوّر اللّه ضريحه، قرأت عليه إلهيات الشفاء لأبي علي بن سينا، و التذكرة في الهيئة تصنيفه، ثم أدركه المحتوم قدس اللّه روحه (1).

و هذا النحرير المعظّم يروي عن جماعة:

أ- والده الجليل محمّد الطوسي.

عن السيد الجليل السيد فضل اللّه الراوندي، الآتي في مشايخ ابن شهرآشوب (2).

ب- العالم الفقيه الجليل معين الدين سالم بن بدران بن علي المصري المازني (3)، المذكورة فتاواه في كتاب المواريث.

و قال تلميذه الخواجه في رسالة الفرائض، في فصل نصيب ذي القرابتين: و لنورد المثال الذي ذكره شيخنا الإمام السعيد معين الدين سالم بن بدران المصري في كتابه الموسوم بالتحرير (4). إلى آخره.

و قال (رحمه اللّه) في إجازته لتلميذه المذكور: قرأ عليّ جميع الجزء الثالث من كتاب غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع، من أوّله إلى آخره قراءة تفهّم و تبيّن و تأمّل، متبحث عن غوامضه، عالم بفنون جوامعه. و أكثر الجزء الثاني من هذا الكتاب، و هو الكلام في أصول الفقه، الإمام الأجل، العالم الأفضل الأكمل، البارع المتقن، المحقق نصير الملّة و الدين، وجيه الإسلام و المسلمين، سند الأئمة و الأفاضل، مفخر العلماء و الأكابر، محمّد بن محمّد بن


1- انظر بحار الأنوار 107: 62.
2- يأتي في الجزء الثالث: 104.
3- لم يذكره في المشجرة و لا طرقه.
4- الفرائض النصيرية: مخطوط.

ص: 428

الحسن الطوسي، زاد اللّه في علائه، و أحسن الدفاع عن حوبائه، و أذنت له في رواية جميعه عني، عن السيد الأجل العالم الأوحد الطاهر الزاهد عزّ الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قدّس اللّه روحه و نوّر ضريحه، و جميع تصانيفه، و جميع تصانيفي و مسموعاتي و قراءاتي و إجازاتي عن مشايخي، ما أذكر أسانيده و ما لم أذكر، إذا ثبت ذلك عنده، و ما لعلّي أن اصنفه. و هذا خطّ أضعف خلق اللّه و أفقرهم إلى عفوه سالم بن بدران بن علي المازني المصري.

كتبه ثامن عشر جمادى الآخرة سنة تسع عشر و ستمائة، حامدا للّه مصليا على خير خلقه محمّد و آله الطاهرين (1). انتهى.

و إذا نظرت إلى تاريخ ولادة المحقق يظهر لك أن عمره وقت هذه الإجازة كان ستة (2) و عشرين سنة، و بلغ في هذه المدة إلى مقام يكتب في حقّه ما رأيت، و ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ*.

عن السيد الجليل ابن (3) زهرة صاحب الغنية، الآتي ذكره في مشايخ المحقق إن شاء اللّه (4).

ج- الشيخ برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني نزيل الري، الفاضل المحدث الجليل، الذي اعتمد عليه المشايخ الأجلّة و أساطين الملّة في الرواية.

عن الشيخ الجليل سديد الدين محمود الحمصي (5)، الآتي ذكره (6).


1- حكاه في بحار الأنوار 107: 31.
2- كذا، و الصحيح: اثنين و عشرين سنة حيث ان ولادته كانت سنة 597.
3- ذكر في المشجرة الشيخ معين الدين المصري و شيخه السيد أبو المكارم حمزة بن زهرة الحلبي، و لم يذكر من أخذ عنه.
4- يأتي في الجزء الثالث: 11.
5- لم يذكره في المشجرة شيخا للشيخ برهان الدين القزويني، و اقتصر على الثاني.
6- يأتي في الجزء الثالث. 22

ص: 429

و عن الشيخ الجليل النبيل الأصيل، منتجب الدين أبي الحسن علي ابن الشيخ أبي القاسم عبيد اللّه ابن الشيخ أبي محمّد الحسن الملقب: بحسكا الرازي ابن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن موسى بن بابويه القمي، صاحب كتاب الفهرست- المعروف، الذي جمع فيه علماءنا من عصر الشيخ الطوسي إلى عصره، و صار بمنزلة التذييل لفهرست الشيخ المسمّى بلقبه المنتجب،- و الأربعين عن الأربعين الدائر بين المحدثين.

قال الشهيد الثاني في شرح الدراية: و كان هذا الشيخ كثير الرواية، واسع الطرق عن آبائه و أقاربه و أسلافه، و يروي عن ابن عمه الشيخ بابويه بن سعد بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن بابويه بغير واسطة (1)، و كان حسن الضبط، كثير الرواية عن مشايخه.

و في الرياض، عن كتاب ضيافة الإخوان للفاضل آغا رضي، نقلا عن كتاب التدوين للرافعي الشافعي العامي، عند ترجمة الشيخ المذكور: شيخ ريّان من علم الحديث سماعا و ضبطا و حفظا و جمعا، يكتب ما يجد و يسمع ممّن يجد، و يقلّ من يدانيه في هذه الأعصار في كثرة الجمع و السماع. إلى أن ذكر ولادته في سنة أربع و خمسمائة، و وفاته بعد سنة خمس و ثمانين و خمسمائة، و ختم الكلام بقوله: و لئن أطلت عند ذكره بعض الإطالة، فقد كثر انتفاعي بمكتوباته و تعاليقه، فقضيت بعض حقه بإشاعة ذكره و أحواله (2). انتهى.

و أمّا مشايخه الذين يروي عنهم على ما يظهر من فهرسته و أربعينه فكثيرون يزيدون على مائة (3)، لا يسع هذا المختصر لضبطهم غير أنّا نشير إلى بعضهم:


1- شرح الدراية: 125.
2- التدوين في أخبار قزوين 3: 372، ضيافة الاخوان: 27، رياض العلماء 4: 141.
3- ذكر في المشجرة للشيخ منتجب الدين منهم خمسة هم الأربعة الأوائل مع والده فقط.

ص: 430

أ- الشيخ المفسّر الجليل أبو الفتوح الرازي، صاحب التفسير (1).

ب- أمين الإسلام أبو علي الطبرسي (2)، صاحب مجمع البيان، و يأتي ذكر طرقهما في مشايخ ابن شهرآشوب.

ج- السيد أبو تراب مقدم السادات المرتضى (3)، العالم الجليل مؤلف كتاب تبصرة العوام في المذاهب بالفارسية، و هو كتاب شريف عديم النظير كثير الفائدة، و كتاب الفصول.

يروي عن سلّار بن عبد العزيز.

د- شيخ السّادة أبو حرب المجتبى (4)، ابنا (5) الداعي ابن القاسم الحسني، المحدثان العالمان الصالحان كلاهما.

عن الشيخ الجليل المفيد عبد الرحمن النيسابوري (6)، عمّ الشيخ أبي الفتوح الرازي، الآتي ذكره في ترجمته (7).

ه- الشيخ الجليل ابن عمّه بابويه (8).

عن أبيه الفقيه الصالح الثقة أبي المعالي سعد (9).

عن أبيه الفقيه أبي جعفر محمد (10).


1- فهرس منتجب الدين: 7/ 1، و يأتي في الجزء الثالث: 72.
2- فهرس منتجب الدين: 144/ 336، الجزء الثالث: 69.
3- فهرس منتجب الدين: 163/ 385.
4- فهرس منتجب الدين: 163/ 386.
5- ذكرهما في المشجرة إلّا أنّهما يرويان عن الشيخ الطوسي خاصة و ليس لهما شيخ آخر.
6- فهرس منتجب الدين: 108/ 219.
7- يأتي في الجزء الثالث: 78.
8- فهرس منتجب الدين: 28/ 55.
9- فهرس منتجب الدين: 90/ 187.
10- فهرس منتجب الدين: 44/ 77.

ص: 431

عن أبيه الصالح الفقيه ثقة الدين الحسن (1).

عن أبيه الجليل الفقيه العظيم الشأن أبي عبد اللّه الحسين (2).

عن والده شيخ الشيعة، و عين الإمامية، علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (رحمهم اللّه).

و- و الشيخ الإمام قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي (3)، الآتي ذكره ان شاء اللّه تعالى (4).

ز- السيد الإمام أبو الرضا فضل اللّه بن علي الحسني الراوندي (5)، الآتي في مشايخ ابن شهرآشوب (6).

ح- والده الشيخ الجليل الإمام الفقيه موفق الدين أبو القاسم عبيد اللّه (7).

عن والده الشيخ شمس الإسلام، أو شمس الدين، أبي محمد الحسن المعروف بحسكا (8)، الفقيه الجليل المعروف، الذي يروي عنه عماد الدين الطبري في كتاب بشارة المصطفى معبّرا عنه فيه بقوله: الشيخ الإمام الفقيه، الرئيس الزاهد العالم، أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن (9). إلى آخره.

و يظهر منه كثرة مشايخه، و أنه صاحب تصنيف، و ذكر في المنتجب جملة


1- فهرس منتجب الدين: 44/ 76.
2- فهرس منتجب الدين: 44/ 75.
3- فهرس منتجب الدين: 87/ 186.
4- يأتي في الجزء الثالث: 79.
5- فهرس منتجب الدين: 143/ 334.
6- يأتي في الجزء الثالث: 104.
7- فهرس منتجب الدين: 111/ 228.
8- فهرس منتجب الدين: 42/ 72.
9- بشارة المصطفى: 7.

ص: 432

من تصانيفه.

و في الرياض: حسكا: بفتح الحاء المهملة، و فتح السين المهملة، و الكاف المفتوحة، و بعدها ألف لينة، مخفف حسن كيا، و الكيا لقب له، و معناه بلغة دار المرز من جيلان و مازندران و الريّ: الرئيس، أو نحوه من كلمات التعظيم، و يستعمل في مقام المدح (1).

1- عن أبيه الفقيه الصالح الحسين (2).

عن والده ثقة الدين الحسن. إلى آخر ما مرّ.

2- و عن عمه (3) أبي جعفر محمّد، جد بابويه، المتقدم ذكره (4).

3- و عن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي.

4- و عن الشيخ الجليل سلّار بن عبد العزيز.

5- و عن الفقيه النبيل القاضي ابن البراج.

[السابع جمال الدين أحمد بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر (صهر الشيخ الطوسي)]

السابع من مشايخ العلامة: جمال الدين أبو الفضائل و المناقب، و المآثر و المكارم، السيد الجليل أحمد بن السيد الزاهد سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر- الذي هو صهر الشيخ الطوسي على بنته كما يأتي (5)- ابن محمّد ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد ابن أبي عبد اللّه محمّد الملقّب بالطاوس، لحسن وجهه و جماله.

و في مجموعة الشهيد: كان هو أول من ولي النقابة بسوراء، و إنّما لقّب بالطاوس لأنه كان مليح الصورة، و قدماه غير مناسبة لحسن صورته، و هو


1- رياض العلماء 1: 172.
2- ذكر الطريق في المشجرة و لم يربط بين الأب و الابن مع ربطه مع الجد و العم، فلاحظ.
3- أي: عم شمس الدين المعروف بحسكا.
4- تقدم ذكره برمز: ه.
5- يأتي في صفحة: 457.

ص: 433

ابن إسحاق الذي كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، خمسمائة عن نفسه، و خمسمائة عن والده، كما في مجموعة الشهيد (1).

ابن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود- رضيع أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام- ابن الحسن المثنى ابن الإمام الهمام الحسن السبط الزكي عليه السلام.

فقيه أهل البيت عليهم السلام، و شيخ الفقهاء و ملاذهم، صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود الثمانين، التي منها: كتاب البشرى في الفقه في ست مجلدات، و الملاذ فيه في أربع، و لم يبق منها أثر- لقلّة الهمم- سوى بعض الرسائل: كعين العبرة في غبن العترة، عثرت منها على نسخة عليها خطّ شيخنا الحرّ (رحمه اللّه) و كتاب بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ، و عندنا منه نسخة بخط تلميذه الأرشد تقيّ الدين حسن بن داود، و قرأه عليه، و فيه بعض التبليغات بخط المصنّف، قال ابن داود في آخره: كتبه العبد الفقير إلى اللّه تعالى حسن بن علي بن داود ربيب صدقات مولانا المصنّف ضاعف اللّه مجده، أمتعة اللّه بطول حياته، و صلواته على سيدنا محمّد النبي و آله و سلامه. و كان نسخ الكتاب في شوال من سنة خمس و ستين و ستمائة.

و قال بعد ذلك: وجدت على نسخة مولانا المصنف جمال الدنيا و الدين- أعزّ اللّه الإسلام و المسلمين بطول بقائه- صورة هذا النثر و النظم. أقول: و قد رأيت أن أنشد في مقابله شي ء ممّا تضمنته مقاصد أبي عثمان ما يرد عليه ورود السيل الرفيع على الغيطان:

و من عجب أن يهزأ اللّيل بالضحى و يهزأ بالأسد الغضاب الفراعل

(2)


1- مجموعة الشهيد: لم نعثر عليه فيه.
2- الفراعل: جمع فرعل، و هو ولد الضبع. (الصحاح- فرعل- 5: 1790)

ص: 434

و يسطو على البيض الرقاق ثمامة (1)و يعلو على الرأس الرفيع الأسافل

إلى آخر الأبيات.

قال: و رأيت في آخر الكتاب المشار إليه بخطّ مولانا الإمام المصنّف- ضاعف اللّه إجلاله، و أدام أيامه- ما صورته: و سطرت خلف جزارة جعلتها منذ زمن في مطاوي كتاب الجاحظ معتذرا عن الإيراد عليه، و القصد بالردّ إليه:

و لم يعدنا التوفيق بعد و لم نخم وصلنا بأطراف اليراع القواطع

الأبيات.

قال: و لمّا قابلناه بين يديه- أدام اللّه علوّه- سطّر هذه الأبيات على آخر نسخته:

بلغنا قبالا للبناء و لم ندع لشانئنا في القول جدا و لا هزلا

الأبيات، و هي كثيرة.

قال: و قال مولانا المصنّف عند عزمه على التوجه إلى مشهد أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) لعرض الكتاب الميمون عليه، مستجديا سيب يديه:

أتينا تباري الريح منّا عزائم إلى ملك يستثمر الغوث آمله

كريم المحيا ما أظلّ سحابةفأقشع حتى يعقب الخصب هاطله

الأبيات.

قال: و قال و قد تأخر حصول سفينة يتوجه فيها إلى الحضرة المقدسة


1- الثمام: نبت ضعيف، واحدته ثمامة. (الصحاح- ثمم- 5: 1881)

ص: 435

العلوية صلى اللّه على مشرفّها:

لئن عاقني عن قصد ربعك عائق فوجدي لأنفاسي إليك طريق

الأبيات.

قال: و مما سطره- أجل اللّه به أولياءه- عند قراءتنا هذا الكتاب لدى الضريح المقدس عند الرأس الشريف صلى اللّه عليه لمّا قصدنا مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه إبّان الزيارة الرجبيّة النبويّة، عرضنا هذا الكتاب قارئين له بخدمته، لائذين بحر رأفته، مستهطلين سحاب إغاثته، في خلوة من الجماعات المتكاثرات الشاغلات، و أنشد عنده بعض من كان معنا ما اتفق من مخاطباتنا و منافثاتنا، و غير ذلك من كلام له يناسب حالنا في مقام حاثّين عزائمه على مبرّاتنا، و إجابة دعواتنا، و لجأنا إليه التجاء الجدب الداثر إلى السحاب، و المسافر المبعد إلى الاقتراب، و المريض إلى زوال الأوصاب، و ذي الجريض إلى إماطة مخاطر الغنا و الذهاب، و من فعل ذلك من بعض أتباع مولانا صلوات اللّه عليه خليق باقتطاف ثمرات البغية من دوح يديه، فكيف منه و هو الأصل الباذخ، و الملك العدل السامق الشامخ، غير مستغش في خيبة سائليه، و إرجاء رجاء آمليه، بل البناء على أن المسائل ناجحة و إن تأخرت، و الفواضل سانحة لديه و إن تبعدت:

يلوح بآفاق المناجح سعدهاو إن قذفت بالبعد عنها العوائق

كما الغيث يرجى في زمان و تارةتخاف عزاليه الدواني الدوافق

(1) و قال طاب ثراه في أوائل الكتاب، و قد سقط من هذه النسخة الشريفة منها و من عدة مواضع منه أوراق: و قد كانت هذه الرسالة وصلت إليّ قبل هذه


1- بناء المقالة الفاطميّة: 443.

ص: 436

الأوقات، و صدفتني عن الإيراد عليها حواجز المعارضات. إلى أن قال: و بعد ذلك أحضر الولد عبد الكريم- أبقاه اللّه- النسخة بعينها، و شرع يقرأ عليّ شيئا منها، فأجج منّي نارا أخمدتها الحوائل، و أنهج عيون قول أجمدتها القواطع النوازل:

عزائم منّا لا يبوخ اضطرامهاإذا البغي سلّت للقاء مضاربه

تجلّى بها من كل خطب ظلامه و يشقى بها نجد نجيب نحاربه

فكيف إذا لم نلق خصما تهزّه عزائم في أقصى الحضيض كواكبه

هذا و إن كانت حدود المزاج منوطة بالكلال، و فجاج الفراغ مربوطة بحرج المجال، لكن الصانع إذا اهتمّ كاد يجعل آثاره في أعضاء مهجته، و زائل الإغضاء عن رحمة نقيبته، و بتلك المواد الضعيفة قد عزمت على رمي عمرو (1) بنبال الصواب، و إن كان بناؤه ملتحفا لذاته بالخراب، فليس للراد عليه فضيلة استنباط عيون الألباب، بل العاجز مشكور على النهوض إلى مبارزة ضعيف الذباب.

و أقول: إنه عرض لي مع صاحب الرسالة نوع كلفة، قد لا يحصل مثلها لنقض نقض كتاب «المشجر» مع عظماء المعتزلة كالجبّائي و أعيان من جماعته، و أبي الحسين البصري في الردّ على السيد المرتضى، و هو الحاذق المبرز في صناعته، إذ هاتيك المباحث يجتمع لها العقل فيصادمها صدام الكتائب، و يصارمها صرام فوارس المقانب (2)، و هذه المباحث مهينة، فإن أهملها الباحث استظهرت عليه، و إن صمد لها رآها دون العزم الناهض فيما يقصد إليه، تهوين


1- يقصد به: عمرو بن عثمان الجاحظ.
2- المقانب: مفردها مقنب، جماعة من الخيل تجتمع للغارة. (المنجد)

ص: 437

منعت منه الحكمة و الاعتبار، و استعداد يخالطه التصغير و الاحتقار، فالقريحة معه إذن بين متجاذبين ضدّين، و متداعيين حربين، و ذلك مادة العناء و جادة الشقاء:

و ليس العلى في منهل لذّ شربه و لكن بتتويج الجباة المتاعبا

مزايا لها في الهاشميّين منزل يجاوز معناها النجوم الثواقبا

إذا ما امتطى بطن اليراع أكفّهم كفى غربه سمر القنا و القواضبا

(1) انتهى ما أردنا نقله، ليعلم وضع الكتاب، و مقام صاحبه في البلاغة التي هي قطرة من بحار فضائله.

و هو رحمه اللّه أوّل من نظر في الرجال، و تعرّض لكلمات أربابها في الجرح و التعديل، و ما فيها من التعارض، و كيفية الجمع في بعضها ورد بعضها و قبول الأخرى في بعضها، و فتح هذا الباب لمن تلاه من الأصحاب، و كلّما أطلق في مباحث الفقه و الرجال ابن طاوس فهو المراد منه، توفّي رحمه اللّه سنة 673.

و يروي عن جماعة من المشايخ العظام الذين يروي عن أكثرهم أخوه السيد الأجل رضي الدين علي أيضا، و هم على ما عثرنا عليه سبعة:

(أ)- السيد الجليل فخار بن معد الموسوي (2).

(ب)- الحسين بن أحمد السورائي (3).

(ج)- السيد صفيّ الدين محمّد بن معد الموسوي، المتقدم (4) ذكره


1- بناء المقالة الفاطمية: 54.
2- يأتي في الجزء الثالث: 32.
3- يأتي في الصفحة: 460.
4- تقدم في صفحة: 421

ص: 438

في مشايخ والد العلّامة (1).

(د)- الشيخ نجيب الدين محمد بن نما (2).

(ه)- السيد محي الدين (3) ابن أخي ابن زهرة صاحب الغنية.

(و)- أبو علي الحسين بن خشرم.

قال النقاد الخبير صاحب المعالم: و يروي- يعني العلامة- عن السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاوس، عن الشيخ السعيد أبي علي الحسين بن خشرم، جميع كتب أصحابنا السالفين، و رواياتهم و إجازاتهم و مصنّفاتهم (4).

(ز)- الفقيه محمّد بن غالب (5). في الأمل: نجيب الدين محمّد بن غالب، عالم فاضل، فقيه جليل، ذكره الشهيد في أول شرح الإرشاد، و ذكر أنه عرف الطهارة في كتاب المنهج الأقصد بتعريف ذكره، و ذكر ما فيه (6).

انتهى.

و في فرحة الغري لولده غياث الدين: و أخبرني والدي قدس سرّه عن الفقيه محمّد ابن أبي غالب (رحمه اللّه) عن الفقيه الصفي محمد بن معد الموسوي (7). إلى آخره. و يأتي ان شاء اللّه تعالى ذكر طرقهم في مشايخ أخيه


1- تقدم في صفحة: 421.
2- يأتي في الجزء الثالث: 18.
3- يأتي في الجزء الثالث: 7.
4- انظر بحار الأنوار 109/ 27.
5- في المشجرة لم يذكر من مشايخ ابن طاوس إلّا:
6- أمل الآمل: لم نعثر عليه فيه.
7- فرحة الغري: 52.

ص: 439

و المحقق.

[الثامن السيد رضي الدين أبو القاسم (أبو الحسن) علي بن سعد الدين موسى بن جعفر آل طاوس]

الثامن (1): السيد الأجل الأكمل، الأسعد الأورع الأزهد، صاحب الكرامات الباهرة، رضي الدين أبو القاسم و أبو الحسن علي بن سعد الدين موسى بن جعفر آل طاوس، الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب- على اختلاف مشاربهم و طريقتهم- على صدور الكرامات عن أحد ممّن تقدمه، أو تأخر عنه، غيره.

قال العلامة في إجازته الكبيرة: و من ذلك جميع ما صنّفه السيدان الكبيران السعيدان رضي الدين علي، و جمال الدين أحمد، ابنا موسى بن طاوس، الحسنيان قدس اللّه روحيهما، و هذان السيدان زاهدان عابدان ورعان، و كان رضي الدين عليّ رحمه اللّه صاحب كرامات، حكى لي بعضها، و روى لي والدي- رحمه اللّه عليه- البعض الآخر (2) انتهى.

و لنتبرك بذكر بعض كراماته (3) أداء لبعض حقوقه على الإسلام.


1- من مشايخ العلامة. (منه قدّس سرّه)
2- انظر بحار الأنوار 107: 63.
3- جاء في هامش المخطوط:

ص: 440

فمن ذلك ما ذكره في كتاب أمان الأخطار ما لفظه: إن بعض الجوار و العيال جاؤني ليلة و هم منزعجون، و كنت إذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا علي عليه السلام فقالوا: قد رأينا مسلخ الحمّام تطوى الحصر الذي كان فيه و تنشر، و ما نبصر من يفعل ذلك، فحضرت عند باب المسلخ، و قلت: سلام عليكم، قد بلغني عنكم ما قد فعلتم، و نحن جيران مولانا علي عليه السلام و أولاده و ضيفانه، و ما أسأنا مجاورتكم، فلا تكدروا علينا مجاورته، و متى فعلتم شيئا من ذلك شكوناكم إليه. فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمّام بعد ذلك أبدا.

و من ذلك ما فيه قال: إن ابنتي الحافظة الكاتبة شرف الأشراف، كمّل اللّه تعالى لها تحف الألطاف، عرّفتني أنّها تسمع سلاما عليها ممّن لا تراه، فوقفت في الموضع فقلت: سلام عليكم أيّها الروحانيون، فقد عرّفتني ابنتي شرف الأشراف بالتعرض لها بالسلام، و هذا الإنعام مكدّر علينا، و نحن نخاف منه أن ينفر بعض العيال منه، و نسأل أن لا تتعرضوا لنا بشي ء من المكدرات، و تكونوا معنا على جميل العادات. فلم يتعرض لها أحد بعد ذلك بكلام جميل.

و من ذلك ما فيه قال: و كنت مرّة قد توجّهت من بغداد إلى الحلّة على طريق المدائن، فلمّا حصلنا في موضع بعيد من القرايا جاءت الغيوم و الرعود، و استوى الغمام و المطر، و عجزنا عن احتماله، فألهمني اللّه جلّ جلاله أن أقول: يا من يمسك السموات و الأرض أن تزولا، أمسك عنّا مطره و خطره و كدره و ضرره بقدرتك القاهرة، و قوّتك الباهرة. و كرّرت ذلك و أمثاله كثيرا، و هو متماسك باللّه

ص: 441

جلّ جلاله، حتى وصلنا إلى قرية فيها مسجد فدخلته، و جاء الغيث شيئا عظيما في اللحظة التي دخلت فيها المسجد، و سلمنا منه.

و ذكر بعد ذلك قصّة أخرى تقرب منها (1).

و من ذلك ما ذكره في مهج الدعوات قال: و كنت أنا بسرّ من رأى فسمعت سحرا دعاء القائم صلوات اللّه عليه، فحفظت منه الدعاء لمن ذكره: الأحياء و الأموات، و أبقهم- أو قال: و أحيهم- في عزنا و ملكنا. أو سلطاننا و دولتنا.

و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة (2). انتهى.

و يظهر من مواضع من كتبه خصوصا كتاب كشف المحجّة أنّ باب لقائه إيّاه صلوات اللّه عليه كان له مفتوحا (3)، قد ذكرنا بعض كلماته فيها في رسالتنا جنّة المأوى (4).

و من ذلك ما ذكره في رسالة المواسعة و المضايقة، في قصّة طويلة، و فيها:

و توجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلّة، فوصلنا ليلة الجمعة سابع و عشرين جمادى الآخرة سنة 641، بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له (عبد المحسن) من أهل السواد قد حضر بالحلّة، و ذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي صلوات اللّه عليه ظاهرا في اليقظة، و أنه أرسله إلى عندي برسالة.

فنفدت قاصدا و هو محفوظ بن قرأ، فحضر ليلة السبت ثامن و عشرين شهر جمادى الآخرة، فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرفته، و هو رجل


1- الأمان من إخطار الأسفار و الأزمان: 128.
2- مهج الدعوات: 296.
3- كشف المحجّة: 151.
4- جنة المأوى (ضمن بحار الأنوار) 53: 302.

ص: 442

صالح لا تشكّ النفس في حديثه، و مستغن عنّا، و سألته فذكر أن أصله من حصن بشر، و أنه انتقل إلى الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، و يعرف الدولاب بابن أبي الحسن، و أنه مقيم هناك، و ليس له عمل بالدولاب و لا زرع، و لكنّه تاجر في شراء غليلات و غيرها، و أنه كان قد ابتاع غلّة من ديوان السرائر، و جاء ليقبضها، و بات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر.

فلمّا كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية فخرج يقصد النهر، و النهر في جهة المشرق فما أحسن بنفسه إلّا و هو في تل السلام في طريق مشهد الحسين عليه السلام في جهة المغرب، و كان ذلك ليلة تاسع عشر (1) من شهر جمادى الآخرة من سنة إحدى و أربعين و ستمائة-، التي تقدم شرح بعض ما تفضّل اللّه عليّ فيها، و في نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام- فجلست أريق ماء، و إذا فارس عندي ما سمعت له حسا، و لا وجدت لفرسه حركة و لا صوتا، و كان القمر طالعا، و لكن كان الضباب كثيرا.

فسألته عن الفارس و فرسه، فقال: كان لون فرسه صديا، و عليه ثياب بيض، و هو متحنك بعمامة، و متقلد بسيف.

فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟

قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت، فقلت: الدنيا عليها ضباب و غبرة.

فقال: ما سألتك عن هذا، أنا سألتك عن حال الناس.

قال فقلت: الناس طيّبين مرخّصين، آمنين في أوطانهم و على أموالهم.

فقال: تمضي إلى ابن طاوس و تقول له كذا و كذا.

و ذكر لي ما قال صلوات اللّه عليه، ثم قال عنه عليه السلام: فالوقت قد


1- في المخطوطة و الحجريّة: تاسع عشرين.

ص: 443

دنا، فالوقت قد دنا.

قال عبد المحسن: فوقع في قلبي و عرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه، فوقعت على وجهي، و بقيت كذلك مغشيا عليّ إلى أن طلع الصبح.

قلت له: فمن أين عرفت أنه قصد (1) ابن طاوس عنّي؟

قال: ما أعرف من بني طاوس إلا أنت، و ما [وقع] (2) في قلبي إلّا أنه قصدني بالرسالة إليك.

قلت: أي شي ء فهمت بقوله: فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا، هل قصد وفاتي قد دنت، أم قد دنا وقت ظهوره صلوات اللّه و سلامه عليه؟

فقال: بل قد دنا وقت ظهوره صلوات اللّه عليه.

قال: فتوجهت ذلك اليوم إلى مشهد الحسين عليه السلام، و عزمت أنّني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد اللّه تعالى، و ندمت كيف ما سألته صلوات اللّه عليه عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها.

قلت له: هل عرفت بذلك أحدا؟

قال: نعم عرّفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية، و توهّموا أنّي قد ضللت و هلكت بتأخري عنهم، و اشتغالي بالغشية التي وجدتها، و لأنّهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه عليه السلام.

فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا، و عرضت عليه شيئا فقال: أنا مستغن عن الناس، و بخير كثير.


1- قصدني عن ظاهرا (منه قدس سره) هامش الحجرية.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

ص: 444

فقمت أنا و هو، فلمّا قام عنّي نفذت له غطاء، و بات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلّة.

فقمت و كنت أنا و هو في الروشن في خلوة، فنزلت لأنام، فسألت اللّه تعالى زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا، فرأيت كأن مولانا الصادق عليه السلام قد جائني بهدية عظيمة، و هي عندي، و كأنّني ما أعرف قدرها.

فاستيقظت فحمدت اللّه، و صعدت الروشن لصلاة نافلة الليل، و هي ليلة السبت ثامن و عشرين جمادى الآخرة.

فأصعد فتح (1) الإبريق إلى عندي، فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفّي فأمسك ماسك فم الإبريق و إدارة عنّي، و منعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة. فقلت: لعلّ الماء نجس، فأراد اللّه جلّ جلاله أن يصونني عنه، فإن للّه عزّ و جلّ عليّ عوائد كثيرة، أحدها مثل هذا، و أعرفها.

فناديت إلى فتح و قلت: من أين ملأت الإبريق؟

قال: من المسبّبة (2).

فقلت: هذا لعلّه نجس فاقلبه و طهره (3) و أملاه من الشط.

فمضى و قلبه، و أنا أسمع صوت الإبريق، و شطفه و ملأه من الشط، و جاء به، فلزمت عروته، و شرعت أقلب منه على كفّي، فأمسك ماسك فم الإبريق و إدارة عنّي، و منعني منه، فعدت و صبرت و دعوت بدعوات، و عاودت الإبريق، و جرى مثل ذلك.

فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، و قلت في خاطري:

لعلّ اللّه يريد أن يجري عليّ حكما و ابتلاء غدا، و لا يريد أن أدعو الليل في


1- فتح: اسم غلامه. (منه رحمه اللّه) كما في هامش البحار.
2- في المصدر: المسيبة.
3- نسخة بدل: و اشطفه. (منه قدس سره)

ص: 445

السلامة من ذلك، و جلست لا يخطر بقلبي غير ذلك، فنمت و أنا جالس، و إذا برجل يقول لي- يعني عبد المحسن- الذي جاء بالرسالة: كان ينبغي أن تمشي بين يديه.

فاستيقظت و وقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه و إكرامه، فتبت إلى اللّه جلّ جلاله، و اعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، و شرعت في الطهارة و لم يمسك أحد الإبريق، و تركت على عادتي، فتطهرت و صلّيت ركعتين فطلع الفجر، فقضيت نافلة الليل.

و فهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة، فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن و تلقيته و أكرمته، و أخذت له من خاصتي ستة (1) دنانير، و من غير خاصتي خمسة عشر دينارا ممّا كنت أحكم فيه كما لي، و خلوت به في الروشن و عرضت ذلك عليه، و اعتذرت إليه، فامتنع من قبول شي ء أصلا، و قال: إن معي نحو مائة دينار ما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير. و امتنع غاية الامتناع، فقلت: إنّ رسول مثله صلوات اللّه عليه يعطى لأجل الإكرام لمن أرسله، لا لأجل فقره و غناه، فامتنع. فقلت له: مبارك، أمّا الخمسة عشر فهي من غير خاصّتي فلا أكرهك على قبولها، و أمّا هذه الستّة دنانير فهي من خاصّتي فلا بدّ أن تقبلها منّي، فكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها، و عاد و تركها فألزمته، فأخذها، و تغديت أنا و هو، و مشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار، و أوصيته بالكتمان، و الحمد للّه، و صلى اللّه على سيد المرسلين محمد و آله الطاهرين (2).

انتهى.

و كان رحمه اللّه من عظماء المعظمين لشعائر اللّه تعالى، لا يذكر في أحد


1- في المخطوط و الحجرية: ستا سير، و ما أثبتناه هو نسخة بدل (منه قدّس سرّه) و من المصدر. و تأتي الإشارة إليه بعد أسطر.
2- رسالة المواسعة و المضايقة المنشورة ضمن مجلّة تراثنا 7- 8: 349.

ص: 446

من تصانيفه الاسم المبارك (اللّه) إلّا و يعقّبه بقوله: جلّ جلاله.

و قال العلامة في منهاج الصلاح في مبحث الاستخارة: و رويت عن السيد السند السعيد رضي الدين علي بن موسى بن طاوس، و كان أعبد من رأيناه من أهل زمانه (1). انتهى.

و كان دأبه في زكاة غلاته- كما ذكره في كتاب كشف المحجة- أن يأخذ العشر منها، و يعطي الفقراء الباقي منها (2). و كتابه هذا مغن عن شرح حاله، و علوّ مقامه، و عظم شأنه، فلنذكر في ترجمته مطالب اخرى نافعة مهمّة:

الأول: عدّ العلامة المجلسي في أول البحار من كتبه، كتاب (ربيع الشيعة) (3) و قال بعد ذلك: و كتب السادة الأعلام أبناء طاوس كلّها معروفة، و تركنا منها كتاب ربيع الشيعة، لموافقته لكتاب أعلام الورى في جميع الأبواب و الترتيب، و هذا ممّا يقضي منه العجب (4).


1- منهاج الصلاح: لم نعثر عليه فيه.
2- كشف المحجّة: 143.
3- بحار الأنوار 1: 12.
4- العجب منهم كيف نسبوا إلى مثل السيد الأجل علي بن طاوس هذا الكتاب و نتعوذ في هذه النسبة بمحض الشهرة فإنه رحمه اللّه عدّ مصنفاته في مواضع متعددة من تصنيفاته و لم يعد منها كتابا موسوما بربيع الشيعة.

ص: 447

و قال العالم الجليل المولى عبد النبيّ الكاظمي في حاشية كتابه تكملة الرجال: قد وقفت على اعلام الورى للطبرسي، و ربيع الشيعة لابن طاوس، و تتبعتهما من أولهما إلى آخرهما، فوجدتهما واحدا من غير زيادة و لا نقصان، و لا تقديم و لا تأخير أبدا إلّا الخطبة، و هو عجيب من ابن طاوس على جلالته و قدرته على هذا العمل، و لتعجبي و استغرابي صرت احتمل احتمالات، فتارة أقول: لعلّ ربيع الشيعة غيره، و نحو هذا. حتى رأيت المجلسي (رحمه اللّه) في البحار ذكر الكتابين، و نسبهما إليهما، ثم قال: هما واحد (1) و هو عجيب (2).

و قال في حاشية أخرى: كنت أنقل عن ربيع الشيعة، لابن طاوس و اعلام الورى، فرأيتهما من أوّلهما إلى آخرهما متحدين لا ينقصان شيئا، و لا يتغيّران لا عنوانا و لا ترتيبا و لا غير ذلك إلّا خطبتهما، فأخذ في العجب


1- بحار الأنوار 1: 31.
2- تكملة الرجال 1: 11 هامش 2.

ص: 448

العجاب، و حدست أن لا يكونا كتابين، و احتملت أن يكون اشتباها من الناس تسمية أحدهما ربيع الشيعة، فتتبّعت كتب الرجال فلم أجد أحدا ذكر اتّحادهما، حتى وقفت على البحار، فوجدت ذكر كتاب ربيع الشيعة أنه هو بعينه اعلام الورى، و تعجّب هو من اتحادهما (1). انتهى.

قلت: هذا الكتاب غير مذكور في فهرست كتبه في كتاب إجازاته، و لا في كشف المحجّة، و ما عثرت على محلّ أشار إليه و أحال عليه كما هو دأبه غالبا في مؤلفاته بالنسبة إليها، و هذان الجليلان مع عثورهما على الاتحاد و استغرابهما لم يذكرا له وجها، و قد ذاكرت في ذلك مع شيخنا الأستاذ (2) طاب ثراه، فقال- و أصاب في حدسه-: إنّ الظاهر أنّ السيد عثر على نسخة من الاعلام لم يكن لها خطبة فأعجبه فكتبه بخطّه، و لم يعرفه، و بعد موته وجدوه في كتبه بخطّه،


1- و اللّه الخالق جل جلاله شاهد اني لما رأيت المجلسي رحمه اللّه في أول البحار يقول ما معناه ان كتاب ربيع الشيعة و كتاب إعلام الورى قريبان فتصفحتهما و تتبعتهما و رأيت أنهما واحد سوى الخطبة فرجعت إلى كلمات السيد الأجل ابن طاوس في تعداد مصنفاته فلم أجده يسمي ربيع الشيعة، نعم قال: ربيع الألباب، و هو مشتمل على أربعة أجزاء كل واحد مخصوص بخطبة و ظن أنه في احوالات العلماء و بعض المواعظ فحصل لي القطع بأن ربيع الشيعة لم يكن من علي ابن طاوس، و خطبته غير سياق خطب ابن طاوس في خطبه و لم يسم نفسه في أوله كما هو عادته في عامة كتبه فظننت انه وجد بعض الطلاب هذا الكتاب بلا أوّل و هو إعلام الورى فظنه كتاب الربيع لابن طاوس فظنه ربيع الشيعة بدل ربيع الألباب، و ألحق به خطبة مختصرة فنسخ الناسخون عنه و اشتهر بين العلماء يستعين من مثل المير الداماد في الرواشح و غيره و كتبت ذلك في حواشي نسختي من البحار و غيره، و ذكرته للأصحاب مرارا و ما كنت عثرت على كلام الشيخ عبد النبي هذا كما نقله في المتن و الحاصل ان ربيع الشيعة لم يكن من مصنفات علي بن طاوس و لم يعده من مصنفاته نفسه و هذا المشهور هو بعينه إعلام الورى سوى الخطبة المختصرة و الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا اللّه. لمحرره يحيى بن محمد شفيع عفي عنهما في الدارين.
2- الشيخ عبد الحسين. (هامش المخطوط)

ص: 449

و لم يكن له (1) علم بإعلام الورى، فحسبوا أنه من مؤلفاته فجعلوا له خطبة على طريقة السيد في مؤلفاته، و نسبوه إليه. و لقد أجاد فيما أفاد.

الثاني: أغرب السيد الفاضل المعاصر (رحمه اللّه) في الروضات في ترجمة هذا السيد الجليل، فأراد مدحه و تبجيله فقدحه، و أخرج كتابه الشريف مصباح الزائر عن الاعتبار، و أخرج جملة من الأدعية و الزيارات عن حريم ساحة الأخبار، لمجرد الخرص و التخمين، و متابعة ما دار في أفواه القاصرين.

فقال- في مقام ذكر مناقب السيد و فضائله-: و منها كونه في فصاحة المنطق، و بلاغة الكلام، بحيث تشتبه كثيرا ما عبارات دعواته الملهمة، و زياراته الملقمة بعبارات أهل بيت العصمة عليهم السلام، بل أراه في كتاب مصباح الزائر- و أمثاله- كأنه يرى نفسه مأذونا في (2) جعل وظائف مقرّرة لمواضع مكرمة و مواقف صالحة، كما ترى أنه يذكر أعمالا من عند نفسه ظاهرا لمسجد الكوفة و أمثالها غير مأثورة في شي ء من كتب أصحابنا المستوفين لوظائف الشريعة في مؤلفاتهم، و لا منسوبة في كلمات نفسه إلى أحد من المعصومين عليهم السلام، مع أنّ ديدنه المعروف ذكر السند المتصل إليهم في كلّ ما يجده من الجليل و الحقير، و لا ينبّئك مثل خبير (3)، انتهى.


1- في الحجرية: لهم، و كلاهما يصح.
2- جاء في هامش المخطوط:
3- روضات الجنات 4: 330/ 405.

ص: 450

و فيه أولا: أنّ ديدن السيد في بعض مؤلفاته كالأمان (1) و المهج (2) و الدروع (3)، أنه إذا أراد ذكر دعاء أنشأه بنفسه التصريح به، فلا حظ حتى يظهر لك صدق ما ادّعيناه، و لولا خوف الإطالة لأشرت إلى مواضعه.

و ثانيا: أنه صرّح في كتاب مصباح الزائر بأنّ كلّما فيه مما رواه أو رآه، قال- بعد ذكر الزيارة المختصة بأبي عبد اللّه عليه السلام في أوّل رجب، و زيارة الشهداء بأساميهم بعدها ما لفظه-: قد تقدم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان، و تختلف في أسمائهم أيضا، و في الزيادة و النقصان، و ينبغي أن تعرف- أيدك اللّه جلّ جلاله- بتقواه إنّنا تبعنا في ذلك ما رأيناه أو رويناه، و نقلنا في كل موضع كما وجدناه (4).

و قال في آخر الكتاب: هذا آخر ما وقع اختيارنا عليه، و انصرفت الهمّة إليه، قد وصل على الوجه الذي استحسنّاه و اعتمدنا فيه على ما رويناه، أو نظرناه (5). انتهى.

فكيف ينسب إليه مع ذلك أنه أنشأ بنفسه تلك الدعوات الكثيرة؟!.

و ثالثا: أن السيد ذكر في جملة من تلك المواضع و المواقف- غير الدعاء- آدابا مخصوصة، و وظائف معيّنة، و لو لا أنّها واردة مأثورة لكان ذكرها و الأمر بالعمل بها غير مشروع، فإنّها بدعة محرّمة، و تشريع غير جائز، و نسبته إلى مثل هذا السيّد الجليل قبيح في الغاية.

و رابعا: إنّ ما ذكره السيد من الآداب و الأعمال المتعلّقة بالمسجد، ذكره


1- الأمان من الاخطار: 20، 99، 117.
2- مهج الدعوات: 336، 337.
3- الدروع الواقية: 3، 57، 60 و غيرها.
4- مصباح الزائر: 109 ب.
5- مصباح الزائر: آخر النسخة المخطوطة.

ص: 451

قبله الشيخ محمّد بن المشهدي في مزاره (1)، و ذكره قبله الشيخ الجليل المفيد (رحمه اللّه) في مزاره (2)، و العجب من قوله: في شي ء من كتب أصحابنا. إلى آخره. فهب أنه ما عثر على المزارين، فهلا نظر إلى مزار البحار؟

و قوله فيه: و لمّا استوفينا الأخبار التي وصلت إلينا في أعمال هذا المسجد، فلنذكر ما أورده الشيخ المفيد، و السيد ابن طاوس، و مؤلف المزار الكبير، و الشيخ الشهيد رضي اللّه عنه، في كتبهم مرتّبا، و إن لم يصل في بعضها إلينا الخبر، و اللّفظ للسيد (رحمه اللّه) قال (3):. إلى آخره.

و أورد تلك الأعمال- أيضا- قبل السيد مؤلف المزار القديم، الذي أشرنا إليه في ضمن حال مزار المشهدي، في الفائدة السابقة، و كأنه للقطب الراوندي، أو صاحب الاحتجاج.

و خامسا: إنّ السيد و من قبله و بعده، و إن لم يصرحوا عند إيراد تلك الأعمال بكونها مأثورة مرويّة عن الحجج عليهم السلام، و لذا لم يذكرها العلامة المجلسي في كتاب تحفته، لبنائه فيه على إيراد ما وقف على كونه مرويّا، إلا أنّ هنا قرائن و شواهد تدلّ على أنّها مأثورة.

منها: قول الشيخ الجليل محمّد بن المشهدي في أوّل مزاره ما لفظه: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد، و ما ورد في الترغيب في المساجد المباركات، و الأدعية المختارات، و ما يدعى به عقيب الصلوات، و ما يناجي به القديم تعالى من لذيذ الدعوات في الخلوات، و ما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات، ممّا اتصلت به من ثقات الرواة إلى السادات عليهم


1- مزار المشهدي: 201، 232.
2- مزار المفيد: 23/ 1- 2.
3- بحار الأنوار 100: 407.

ص: 452

السلام (1). إلى آخره.

و منها: ما في المزار القديم، فإنه أورد أولا أعمالا مرتّبة، و أدعية طويلة، للمواقف الشريفة من المسجد، غير الشائعة الدائرة، و بعد الفراغ منها، قال:

أعمال الكوفة برواية أخرى (2)، ثم ساق الأعمال على ما هو الموجود في تلك الكتب، فيظهر منه أنّ كليهما مرويّان مأثوران.

و منها: ما أشرنا إليه سابقا أنّ هذه الأعمال بهذا الترتيب و الآداب كيف يجوز نسبة جعلها إلى مثل الشيخ المفيد في عصر زيّنه اللّه تعالى بوجود أعلام للدين في بلد مملوء من الرواة و المحدثين؟ ثم يتلقّاها الأصحاب مثل الشهيد بالقبول، و يوردونها في زبرهم كسائر المنقول، و هذا واضح بحمد اللّه تعالى لمن عدّ من ذوي النهي و العقول.

و سادسا: قوله: مع أنّ ديدنه. إلى آخره.

صحيح في غير هذا الكتاب و كتابه اللّهوف، فإنه ما أسند فيهما شيئا من الأخبار و القصص، و الأعمال و الأدعية و الزيارات إلى مأخذ، و فيها ما هو مأثور بسند أو أسانيد متعددة، ألّفهما في عنفوان عمره- كما يأتي (3)- ثم غيّر طريقته في سائر مؤلفاته، و بنى على ذكر المأخذ و لو لدعاء صغير، و عمل حقير.

و سابعا: ما في قوله: و زياراته الملقمة، فإنه ظنّ- كبعض من أهل العلم الغير الباحثين عن مآخذ السنن- أنّ هذه الزيارات المخصوصة بالأيام الشريفة، كأول الرجب و نصفه و نصف شعبان و ليالي القدر و العيدين و عرفة، المختصة بأبي عبد اللّه عليه السلام، غير مأثورة، و إن كان في المصباح زيارات مطلقة غير مسندة، إلّا أنّ المهم في بيان أنّها مأثورة، لكثرة الحاجة إليها.


1- مزار المشهدي: 3.
2- المزار القديم: لم نعثر عليه فيه.
3- يأتي في صفحة: 456.

ص: 453

فنقول: إن هنا أيضا شواهد تدل على أنها مأثورة عن الحجج عليهم السلام، بعضها يتعلق بجميعها، و اخرى ببعضها.

منها: أنه قال السيد في المصباح في شرح زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام في أول يوم من رجب، بعد ذكر ثوابه ما لفظه: شرح زيارته في ذلك اليوم، و يزار بها ليلة النصف من شعبان أيضا، إذا أردت ذلك فاغتسل (1). إلى آخره.

ثم قال في فضل زيارته ليلة النصف من شعبان ما لفظه: و أما الزيارة في هذه الليلة، فقد روي أنه يزار فيها بالزيارة التي قدمناها في أول رجب، فتؤخذ من هناك (2).

و منها: قوله في زيارة النصف من رجب بعد ذكر فضلها: فأمّا كيفيّة زيارته عليه السلام في هذا الوقت، فينبغي أن يزار بالزيارة الجامعة في أيام رجب، أو بما تقدم من الزيارات المنقولة لسائر الشهور، فإني لم أقف على زيارة مختصّة بهذا الوقت المذكور (3). انتهى.

و قال في الإقبال- بعد ذكر فضل زيارته عليه السلام في النصف من رجب- أقول: و أمّا ما يزار به الحسين صلوات اللّه عليه في هذا النصف من رجب المشار إليه، فإني لم أقف على لفظ متعيّن له إلى الآن، فيزار بالزيارة المختصّة بشهر رجب (4)،. إلى آخره.

و الظاهر أنه لم يكن عنده مزار المفيد (رحمه اللّه)، كما ستعرف.

و منها: قوله (رحمه اللّه)- في زيارة ليلة القدر-: شرح الزيارة، و هي مختصة


1- مصباح الزائر: 107- أ-.
2- مصباح الزائر: 114- أ-.
3- مصباح الزائر: 111- أ-.
4- الإقبال: 657.

ص: 454

بهذه الليلة، و يزار بها في العيدين إذا أردت ذلك (1). إلى آخره.

و قال محمّد بن المشهدي في مزاره: زيارة الحسين بن علي عليهما السلام أيضا مختصرة، يزار بها في ليلة القدر، و في العيدين، و بالإسناد عن أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: إذا أردت (2). و ساق الزيارة كما ساقها السيد، و الشيخ المفيد (3).

و قال السيد في الإقبال: و منها زيارة الحسين عليه السلام في ليلة عيد الفطر، و قد ذكرنا في الجزء الثاني من كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر بعض فضلها، و ما اخترناه من الرواية ألفاظ الزيارة المختصة، فإن لم يكن كتابنا عنده موجودا في مثل هذا الميقات فليزر الحسين عليه أفضل الصلوات بغير تلك الزيارة من الزيارات المرويّات (4).

و قال في ذكر أعمال يوم الأضحى: و أمّا لفظ ما نذكره في هذا اليوم في زيارته عليه السلام، فقد كنّا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر زيارتين تختصّ بهذا الميقات، و ليس هذا الكتاب ممّا نقصد به ذكر الزيارات، فإن وجد تلك الزيارتين، و إلّا فزر الحسين عليه السلام، ليلة الأضحى و يوم الأضحى، بما ذكرناه في هذا الكتاب من الزيارة ليوم عرفة (5).

و قال في الإقبال أيضا: فصل فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصّة بالحسين عليه السلام يوم عرفة. اعلم أنه سيأتي في بعض ما نذكره من الدعوات يوم عرفة زيارة النبيّ و الأئمة عليهم أفضل الصلوات، و إنّما نذكر في


1- مصباح الزائر: 120- أ-.
2- مزار المشهدي: 590.
3- مزار المفيد: 61، و فيه: فضل زيارته عليه السلام ليلة القدر فقط.
4- الإقبال: 274.
5- الإقبال: 422.

ص: 455

هذا الفصل زيارة تختصّ بهذا اليوم غير داخلة في دعواته. و ذكر هذه الزيارة (1)، و ساق ما ساقه في مصباحه (2)، و قبله الشيخ المفيد في مزاره (3)، و الشيخ المشهدي في مزاره (4)، باختلاف يسير.

و قال فيه أيضا: فصل فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في نصف شعبان. أقول: إنّ هذه الزيارة ممّا يزار بها الحسين عليه السلام في أوّل رجب أيضا، و إنّما أخّرنا ذكرها في هذه الليلة لأنّها أعظم (5)، فذكرناها في الأشرف من المكان. و ساق ما ساقه في المصباح في زيارة أوّل رجب.

و منها ما تقدم (6) ذكره من عبارة خطبة مزار المشهدي، من التصريح بأنّ كلّما فيه من الدعوات و الزيارات ممّا رواها عن الثقات متّصلة إلى الأئمة الهداة عليهم السلام.

و منها: أن الشيخ الكفعمي (رحمه اللّه) ذكر في كتابه البلد الأمين في أعمال شهر ربيع الأول بعض ما ورد في ثواب زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام في كل شهر، ثم قال: قلت: فلهذين الحديثين أوردنا في كتابنا هذا للحسين عليه السلام في أول كل شهر زيارة مفردة، إلّا أن يكون في الشهر زيارة موظفة، فنكتفي بذكرها (7). انتهى.

و ذكر في الأيام المتقدمة الزيارات المعروفة المختصة بها التي صرّح بأنها موظفة، و كأن عنده عدة مزارات من الأقدمين لم تصل إلينا. و لعلّ المنصف إذا


1- الإقبال: 332.
2- مصباح الزائر: 260.
3- مزار المفيد: لم نعثر عليه فيه.
4- مزار المشهدي: لم نعثر عليه فيه.
5- الإقبال: 712.
6- تقدم في صفحة: 451.
7- البلد الأمين: 275.

ص: 456

تأمل في هذه القرائن تطمئن نفسه بكونها مأثورة، و تستبعد أن يكون مثل الشيخ المفيد أو من قبله يخترع زيارة بكيفيّة مخصوصة، و يصرّح باختصاصها بيوم مخصوص من دون ورود أثر، ثمّ يتلقاها العلماء مصرحّين باختصاصها به، هذا ممّا لا يناسب نسبته إلى أصاغر أهل العلم فضلا عن إعلامهم.

و من الغريب- بعد ذلك كله- ما ذكره المحقق المحدث البحراني في الدرّة الرابعة و الثلاثين من كتابه الدرة النجفيّة، حيث قال: و منها: ما ذكره في مزار البحار- أيضا- عن السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين ابن طاوس رضي اللّه عنه، في كتاب مصباح الزائر في زيارة طويلة حيث قال فيها: ثم أعدل إلى موضع الرأس، و استقبل القبلة، وصل ركعتين صلاة الزيارة، تقرأ في الأولى: الحمد و سورة الأنبياء، و في الثانية: الحمد و سورة الحشر، أو ما تهيأ لك. إلى آخره.

أقول: و هذه الزيارة إمّا أن تكون من مرويّات السيّد قدس سرّه فيكون سبيلها سبيل الروايات المتقدمة، أو تكون من إنشائه كما يقع منه كثيرا، فيكون فيه تأييد لما ذكرناه لدلالته على كون ذلك هو المختار عنده، و الأفضل لديه، أو المتيقّن (1) انتهى.

و قد عرفت تصريح السيد في المصباح بأن كلّ ما فيه ممّا رواه أو رآه، و ليس فيه من منشآته شي ء فضلا عن الكثرة، و ليس له كتاب مزار غيره، و هذا من إتقان المحدث المذكور و تثبته عجيب بأن يذكر ما لا أصل له أصلا.

و ثامنا: إن السيد ألف المصباح في أول تكليفه، قال (رحمه اللّه) في كتاب الإجازات: فصل: ممّا ألفته في بداية التكليف من غير ذكر الأسرار


1- الدرة النجفيّة: 159.

ص: 457

و التكشيف: كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر، ثلاث مجلّدات (1)، انتهى.

و إنشاؤه في هذا السنّ هذه الأدعية يعدّ من خوارق العادة، و منه يظهر وجه عدم مشابهته- كاللّهوف- لسائر مؤلفاته من ذكر الأسانيد و بيان الأسرار.

الثالث: قال في اللّؤلؤة: و أمّهما- أي السيد رضي الدين علي و جمال الدين أحمد- على ما ذكره بعض علمائنا- بنت الشيخ المسعود الورّام بن أبي الفوارس ابن فراس بن حمدان. و أمّ أمّهما بنت الشيخ الطوسي، و أجاز لها و لأختها أمّ الشيخ محمّد بن إدريس جميع مصنّفاته، و مصنفات الأصحاب (2)، و نقله صاحب الروضات أيضا معتمدا عليه، و زاد: و وقع النصّ على جدتيهما له من جهة الأم في مواضع كثيرة من مصنّفات نفسه، فليلاحظ (3). انتهى.

و لا يخفى أنّ الذي يظهر من مؤلفات السيد أن أمّه بنت الشيخ ورّام الزاهد، و أنه ينتهي نسبه من طرف الأب إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه، و لذا يعبّر عنه أيضا بالجدّ، و أمّا كيفيّة الانتساب إليه فقال السيد في الإقبال: فمن ذلك ما رويته عن والدي- قدس اللّه روحه، و نوّر ضريحه- فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة (رحمه اللّه) عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمّد، عن والده محمّد بن الحسن الطوسي- جدّ والدي من قبل أمه- عن الشيخ المفيد (4). إلى آخره فظهر أنّ انتساب السيّد إلى الشيخ من طرف والده أبي إبراهيم موسى الذي أمّه بنت الشيخ، لا من طرف أمّه بنت الشيخ ورّام.

و ما ذكروه من أنّ أمّ أمّ السيّد- يعني زوجة ورّام- بنت الشيخ، فباطل


1- بحار الأنوار 107: 39.
2- لؤلؤة البحرين: 236.
3- روضات الجنات 4: 325.
4- الإقبال: 87.

ص: 458

من وجوه:

أمّا أولا: فلأن وفاة ورّام في سنة 605، و وفاة الشيخ في سنة 460 فبين الوفاتين مائة و خمسة و أربعون سنة، فكيف يتصوّر كونه صهرا للشيخ على بنته؟ و إن فرضت ولادة هذه البنت بعد وفاة الشيخ، مع أنهم ذكروا أن الشيخ أجازها.

و أمّا ثانيا: فلأنّه لو كان كذلك لأشار السيد في موضع من مؤلفاته، لشدة حرصه على ضبط هذه الأمور.

و أمّا ثالثا: فلعدم تعرّض أحد من أرباب الإجازات و أصحاب التراجم لذلك، فإنّ صهريّة الشيخ من المفاخر التي يشيرون إليها، كما تعرضوا في ترجمة ابن شهريار الخازن و غيره.

و يتلو ما ذكروه هنا في الغرابة ما في اللّؤلؤة (1) و غيرها أنّ أمّ ابن إدريس بنت شيخ الطائفة، فإنه في الغرابة بمكان يكاد يلحق بالمحال في العادة. فإنّ وفاه الشيخ في سنة ستّين بعد الأربعمائة، و ولادة ابن إدريس كما ذكروه في سنة ثلاث و أربعين بعد خمسمائة، فبين الوفاة و الولادة ثلاثة و ثمانون سنة. و لو كانت أمّ ابن إدريس في وقت إجازة والدها لها في حدود سبعة عشر سنة مثلا كانت بنت الشيخ ولدت ابن إدريس في سنّ مائة سنة تقريبا، و هذه من الخوارق التي لا بدّ أن تكون في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار.

و العجب من هؤلاء الأعلام كيف يدرجون في مؤلفاتهم أمثال هذه الأكاذيب، بمجرّد أن رأوها مكتوبة في موضع من غير تأمّل و نظر.

ثم إن تعبيرهما عن الشيخ ورّام بالمسعود الورّام أو مسعود بن ورّام اشتباه


1- لؤلؤة البحرين: 278.

ص: 459

آخر، لعلّنا نشير إليه فيما بعد إن شاء اللّه، فإنّ المسعود الورّام أو مسعود بن ورّام غير الشيخ ورّام الزاهد صاحب تنبيه الخاطر، فلا تغفل.

الرابع: في مجموعة الشهيد: تولّى السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطاوس العلوي الحسني، صاحب المقامات و الكرامات و المصنّفات، نقابة العلويّين من قبل هولاكو خان، و ذكر أنّه كان قد عرضت عليه في زمان المستنصر، و كان بينه و بين الوزير مؤيد الدين محمّد بن أحمد بن العلقمي و بين أخيه و ولده عزّ الدين أبي الفضل محمّد بن محمّد صاحب المخزن صداقة متأكدة، أقام ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة، ثم رجع إلى الحلّة، ثم سكن بالمشهد الشريف برهة، ثم عاد في دولة المغول إلى بغداد، و لم يزل على قدم الخير و الآداب و التنزّه عن الدنيّات، إلى أن توفّي بكرة الاثنين خامس ذي القعدة من سنة أربع و ستين و ستمائة، و كان مولده يوم الخميس منتصف محرّم سنة تسع و ثمانين و خمسمائة، و كانت مدة ولايته النقابة ثلاث سنين و أحد عشر شهرا (1). انتهى. و ظاهر هذه العبارة أنه توفّي ببغداد.

و قال السيد (رحمه اللّه) في كتابه فلاح السائل: ذكر صفة القبر، ينبغي أن يكون القبر قدر قامة إلى الترقوة، و يكون فيه لحد من جهة القبلة بمقدار ما يجلس الجالس فيه، فإنه منزل الخلوة و الوحدة، فيوسع بحسب ما أمر اللّه جلّ جلاله ممّا يقرب إلى مراضيه، و قد كنت مضيت بنفسي، و أشرت إلى من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار جدي و مولاي علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه، متضيفا و مستجيرا و رافدا و سائلا و آملا، و متوسلا بكل ما توسّل به أحد من الخلائق إليه، و جعلته تحت قدمي والديّ رضوان اللّه جلّ جلاله عليهما، لأنّي


1- مجموعة الشهيد: 143.

ص: 460

وجدت اللّه جلّ جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما، و يوصيني بالإحسان إليهما، فأردت أن يكون رأسي مهما بقيت تحت القبور تحت قدميهما (1). انتهى.

و مقتضى ما ذكره هنا أنه أوصى بحمله إليه و دفنه فيه، و إلّا فلا بدّ أن يكون قبره في جوار الكاظمين عليهما السلام. و لكن في الحلّة في خارج البلد قبّة عالية في بستان تنسب إليه، و يزار قبره و يتبرّك فيها، و لا يخفى بعده لو كان الوفاة ببغداد، و اللّه العالم.

الخامس: في مشايخه، و هم جماعة، صرّح بهم متفرقا في مؤلفاته و غيره في إجازاتهم:

أ- العالم الصالح الشيخ حسين بن محمّد (2) السوراوي. قال في الفلاح:

أجازني في جمادى الآخرة سنة تسع و ستمائة (3).

عن الشيخ الجليل عماد الدين الطبري، صاحب بشارة المصطفى، الآتي في مشايخ شاذان بن جبرئيل القمّي (4).

ب- أبو الحسن علي (5) بن يحيى بن علي، الفقيه الجليل الحنّاط- بالحاء المهملة، و النون المشددة- كما هو المضبوط في نسخ جمال الأسبوع (6)، و فلاح السائل (7)، و أربعين الشهيد (8)، نسبة إلى بيع الحنطة. أو الخياط كما هو


1- فلاح السائل: 73.
2- كذا، و لعل الصحيح: احمد، و قد تقدّم، و يؤيّده ما في الفلاح.
3- فلاح السائل: 14، و في كشف اليقين: 79 تاريخ الإجازة سنة 607.
4- يأتي في الجزء الثالث: 13.
5- لا يوجد له ذكر في المشجرة و لا لمشايخه الثمان كرواة عنه، نعم يوجد بعضهم كما سنذكر.
6- جمال الأسبوع: 23، و فيه: الخياط.
7- فلاح السائل: 14، و فيه: الخياط.
8- أربعين الشهيد: 3، و فيه: الخياط.

ص: 461

المضبوط في كتابه فتح الأبواب (1)، نسبته إلى عمل الخياطة.

و قال رحمه اللّه في كتاب كشف اليقين: أخبرني بذلك- يعني بكتاب تفسير محمّد بن العباس الماهيار- الشيخ علي بن يحيى الحافظ (2)، و لعلّه تصحيف الحناط أو الخيّاط، أو هو لقب مخصوص. و صرّح في الفلاح (3) و الفتح (4) و اليقين (5) و الجمال (6) أنه أجازه سنة تسع و ستمائة.

عن جماعة:

1- منهم: الشيخ عربي بن مسافر، الآتي في مشايخ مشايخ المحقق (7).

2- و منهم: نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن الطوسي، في الأمل:

فاضل جليل، له مصنّفات يرويها علي بن يحيى الخيّاط (8).

3- و منهم: الشيخ علي بن نصر اللّه بن هارون- المعروف جدّه بالكمال- الحلّي، صرح بهما في الرياض (9)، و صاحب المعالم في إجازته الكبيرة (10). لم أعثر على طريقيهما.

4- و منهم: الشيخ المحقق محمّد بن إدريس الحلّي (11).


1- فتح الأبواب: 51- أ-، و فيه: الحنّاط، و في الطبعة المحقّقة: 264: الحافظ، و في الهامش عن نسخة: الخياط و لعلها التي كانت لدى الشيخ المصنف.
2- كشف اليقين: 79.
3- فلاح السائل: 15.
4- فتح الأبواب: 51- أ-، و لم يرد فيه ذكر لتاريخ الإجازة.
5- كشف اليقين: 80.
6- جمال الأسبوع: 23.
7- يأتي في الجزء الثالث: 31.
8- أمل الآمل 2: 186/ 552.
9- رياض العلماء 4: 287.
10- انظر بحار الأنوار 109: 47- 67.
11- يأتي في الجزء الثالث: 18 و 40.

ص: 462

5- و منهم: العالم النحرير ابن بطريق الحلي، و يأتي ذكر طرقهما (1).

6- و منهم: برهان الدين الحمداني القزويني، الذي مرّ ذكره (2).

7- و منهم: الشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل محمّد بن محمّد بن شعرة الجامعي.

8- و منهم: الشيخ الفقيه العالم أبو طالب نصير الدين عبد اللّه بن حمزة ابن عبد اللّه بن حمزة بن الحسن بن علي بن نصير الطوسي، صرّح بجميع ذلك صاحب المعالم في الإجازة الكبيرة (3). و هذا الشيخ عظيم الشأن، جليل القدر، من أعيان علماء الإماميّة.

قال محمّد بن الحسين القطب الكيدري- تلميذه- في كتاب كفاية البرايا في معرفة الأنبياء و الأوصياء: حدثني مولاي و سيدي الشيخ الأفضل العلامة، قطب الملّة و الدين، نصير الإسلام و المسلمين، مفخر العلماء، و مرجع الفضلاء، عمدة الخلق، ثمال الأفاضل، عبد اللّه بن حمزة بن عبد اللّه بن حمزة الطوسي، أدام اللّه تعالى ظلّ سموه و فضله للأنام و أهله ممدودا، و شرع نكتة و فوائده لعلماء العصر مشهودا، قراءة عليه بساتروار بهق (4) في شهور سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة.

عن الشيخ الإمام عفيف الدين محمّد بن الحسين الشوهاني.

عن شيخه الفقيه علي بن محمد القمي.

عن شيخه المفيد عبد الجبار بن عبد اللّه المقري.

عن شيخ الطائفة (5). انتهى.


1- يأتي في الجزء الثالث: 13، 20.
2- تقدم في صفحة: 420، 428.
3- انظر بحار الأنوار 109: 21.
4- كذا في الحجرية: و لعلّ الصواب: بسابزوار بيهق كما في معجم البلدان 1: 537.
5- كفاية البرايا: غير متوفر لدينا، و لا يوجد هذا الطريق في المشجرة.

ص: 463

و في المنتجب: الشيخ الإمام نصير الدين أبو طالب عبد اللّه بن حمزة بن عبد اللّه الطوسي المشهدي المشارحي، فقيه ثقة وجه (1).

و قال في الرياض: رأيت من مؤلفاته: الوافي بكلام المثبت و النافي، و هو مختصر، و هو غير ابن حمزة صاحب الوسيلة (2).

ج- الشيخ الفاضل الجليل أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني، العالم الفاضل المعروف، صاحب كتاب رشح الولاء في شرح دعاء صنمي قريش، الذي نقل عنه الشيخ إبراهيم الكفعمي في حواشي جنته و غيرها.

قال في الفلاح: أخبرني في مسكني بالجانب الشرقي من بغداد الذي أسكنني به الخليفة المستنصر جزاه اللّه جلّ جلاله عنّا جزاء المحسنين، في صفر سنة خمس و ثلاثين و ستمائة (3).

و في الأمل: قرأ عليه الخواجه نصير الدين و ابن ميثم (4).

عن الشيخ الإمام عماد الدين أبي الفرج علي ابن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين الراوندي، الفقيه الثقة، كما في المنتجب (5).

عن والده قطب الدين الراوندي، الآتي ذكره (6).

و عن جماعة كثيرة نذكرهم في مشايخ نجيب الدين ابن نما.

د- الشيخ نجيب الدين ابن نما.


1- فهرس منتجب الدين: 125/ 272.
2- رياض العلماء 3: 215.
3- فلاح السائل: 15.
4- أمل الآمل 2: 33/ 89.
5- فهرس منتجب الدين: 127/ 275.
6- يأتي في الجزء الثالث: 79.

ص: 464

قال السيد في الدروع الواقية: و أخبرني شيخي الفقيه محمّد بن نما، فيما أجازه لي من كلّ ما رواه، لما كنت أقرأ عليه في الفقه (1). و يأتي في مشايخ المحقق (رحمه اللّه) (2).

ه- السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي، الآتي ذكره (3).

و- الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي.

قال في الدروع: و أخبرني الشيخ الزاهد حسن بن الدربي، فيما أجازه لي من كل ما رواه، أو سمعه أو أنشأه، أو قرأه (4). و يأتي طريقه في مشايخ المحقق (5).

ز- الشيخ صفي الدين محمّد بن معد الموسوي، الذي مرّ ذكره في مشايخ والد العلامة (6).

ح- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلّي، الفقيه العالم الفاضل، صاحب المنهاج في الكلام، الذي قرأ عليه المحقق علم الكلام و شيئا من علم الأوائل:

قال الشهيد- في الحديث التاسع من أربعينه-: أخبرنا السيد الإمام شيخنا عميد الدين أيضا قال: أخبرني خالي الإمام السعيد الحجّة شيخ الإسلام جمال الدين، قال: أخبرنا السيد الإمام العالم الطاهر أزهد أهل زمانه، ذو الكرامات رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد


1- الدروع الواقية: لم نعثر عليه في النسخة التي بأيدينا.
2- يأتي في الجزء الثالث: 18.
3- يأتي في الجزء الثالث: 32.
4- الدروع الواقية: 78.
5- يأتي في الجزء الثالث: 56.
6- مرّ في صفحة: 421.

ص: 465

ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمد الطاوس، عن الشيخ الإمام العلامة رئيس المتكلّمين، سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الأكبر (1). إلى آخره و هو جد المحقق، و يأتي ذكره (2).

ط- السيد أبو حامد محي الدين محمّد بن عبد اللّه بن زهرة الحسيني الإسحاقي، ابن أخي ابن زهرة الحلبي، صاحب الغنية، كما صرّح به الشهيد في الحديث الثاني و الثلاثين من أربعينه (3).

ي- نجيب الدين محمّد السوراوي (4)، كما في بعض الإجازات، و لكن في الرياض: الشيخ يحيى بن محمّد بن يحيى بن الفرج السوراوي، كان فاضلا صالحا، يروي عن ابن شهرآشوب، و يروي العلامة عن أبيه عنه. كذا أفاد الشيخ المعاصر في أمل الأمل (5).

و أقول: يروي العلامة عن هذا الشيخ بتوسّط جماعة أخرى أيضا، منهم: الشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد المحقق الحلّي، و السيد جمال الدين بن طاوس، و غيرهما، كلّهم عن هذا الشيخ. و هو يروي عن الشيخ الفقيه الحسين بن هبة اللّه بن رطبة أيضا، عن ولد الشيخ الطوسي.

ثم قد وقع في أوائل عوالي اللآلي لابن جمهور الأحسائي، أنّ والد العلامة يروي عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي، عن الشيخ هبة اللّه


1- أربعين الشهيد: 7.
2- يأتي في الجزء الثالث: 5.
3- أربعين الشهيد: 74/ 32.
4- و ذكر هنا للسيد ابن طاوس (رحمه اللّه) عشرة مشايخ مع طرقهم، و لم يذكر في المشجرة سوى: الشيخ صفي الدين محمّد بن الموسوي (ز) بعنوان محمّد بن سعد الموسوي، و الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي، و انظر صحيفة: 438، هامش: 5.
5- أمل الآمل 2: 349/ 1075، رياض العلماء 5: 375.

ص: 466

ابن رطبة، عن الشيخ أبي علي [ابن] الشيخ الطوسي (1). و هو سهو في سهو، إذ الصواب: يحيى بن محمّد السوراوي، عن الحسين بن هبة اللّه بن رطبة، اللهم إلّا أن يقال: إنّ والد العلامة يروي عن الوالد و الولد معا، و كذا الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي أيضا يروي عن الوالد و الولد جميعا، فلا حظ، و تأمّل، انتهى.

[التاسع خاله الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلّي الملقب بالمحقق الحلي]

التاسع:- من مشايخ آية اللّه العلّامة (2)- خاله الأكرم و أستاذه الأعظم، الرفيع الشأن، اللّامع البرهان، كشاف حقائق الشريعة بطرائف من البيان، لم يطمثهن قبله إنس و لا جان، رئيس العلماء، فقيه الحكماء، شمس الفضلاء، بدر العرفاء، المنوّه باسمه و علمه في قصّة الجزيرة الخضراء، الوارث لعلوم الأئمة المعصومين عليهم السلام، و حجّتهم على العالمين، الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلّي، الملقب:

بالمحقق على الإطلاق، الرافع أعلام تحقيقاته في الآفاق، أفاض اللّه على روضته شآبيب لطفه الخفي و الجلي، و أحلّه في الجنان المقام السنّي و المكان العليّ، و هو أعلى و أجلّ من أن يصفه و يعدّد مناقبه و فضائله مثلي، فالأولى في المقام الإعراض عنه، و التعرّض لبعض مستطرفات حاله.

ذكر شيخنا البهائي في مجموعة شيخنا الشهيد- التي كانت بخطّ جدّه الشيخ محمّد بن علي الجباعي، و أدرج فيها- و من خطّه نقلت قال: من خطّ الكفعمي: قال الشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلّي قدس اللّه روحه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، لما وقفت على ما أمر به الصاحب الصدر الكبير، العالم


1- عوالي اللآلي 1: 11.
2- عدّ له في المشجرة أحد عشر شيخا، بإضافة اثنان من علماء العامة هما:

ص: 467

الكامل، العارف المحقق، بهاء الدنيا و الدين، غياث الإسلام و المسلمين، أدام اللّه أيامه في عزّ مؤبد، و فخر ممهد، و مجد مجدد، و نعمة قارة العيون، باسقة الغصون، دارّة الحلب، حميدة المنقلب، محروسة الجوانب، مصونة من الشوائب.

و تأمّلت ما برز عنه من الألفاظ التي هي أنور من الماء الزلال، و أطيب من الغنى بعد الإقلال، فهي يعجز الطامع ببديعها، و يعجب السامع حنين جمعها و ترصيفها، فكأن الشاعر عناه بقوله:

و لا ذنب للأفكار أنت تركتهاإذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها

تنوب بإيراد المعاني و ألّفت خواطرك الألفاظ بعد شرادها

فإن نحن حاولنا اختراع بديعةحصلنا على مسروقها أو معادها

و ليس بمستغرب نوره ببديع النثر و النظم، مع ما وهبه اللّه سبحانه من جودة القريحة و قوّة الفهم، نسأل اللّه أن يديم لفضلاء الآداب، و رؤساء الكتّاب، ما كنفهم من طلبه، و شملهم من فضله، و أباحهم من مشاربه، و سوغهم من شرائعه، ليتم نفاق (1) سوقهم، و ليشمّروا للاجتهاد فيه عن سوقهم، دلّت ألفاظه الكريمة على استدعاء ما يكون تذكرة لأهل الوداد، و عهدا يجدّد به ما أخلقته يد العباد، فعند ذلك أحببت أن أدخل فيمن سارع في امتثال أوامره، لأكون من جملة من شرفه بذكره، و يخطره بخاطره.

فأقول: إنّ الشعر من أفضل مشاعر الأدب، و أجمل مفاخر العرب، به تستماح المكارم، و تستعطف الطباع الغواشم، و تشحذ الأذهان و تسل


1- النفاق: بفتح النون و الفاء، هو ما يقابل الكساد، يقال: نفقت السوق نفاقا، أي: قامت و راجت تجارتها. (المنجد- نفق-)

ص: 468

الأضغان، و يستصلح الرأي الفاسد و تستثار الهمم الجوامد، لكنه عسر المطلب، خطر المركب، لافتقاره إلى أمور غريزية، و اخرى كسبيّة، و هي شديدة الامتناع، بعيدة الاجتماع، فالمعتذر عن التعرض له معذور، و المعترف بالقصور عنه مشكور، و قد كنت زمن الحداثة أتعرض لشي ء منه ليس بالمرضي، فكتبت أبياتا إلى والدي رحمه اللّه أثني فيها على نفسي بجهل الصبوة، و هي:

ليهنك أني كل يوم إلى العلى أقدم رجلا لن تزل به النعل

و غير بعيد أن تراني مقدماعلى الناس حتى قيل: ليس له مثل

تطاوعني بكر المعاني و عونهاو تقتادني حتّى كأنّي لها بعل

و يشهد لي بالفضل كلّ مبرّزو لا فاضل إلّا ولي فوقه فضل

فكتب رحمه اللّه فوق هذه الأبيات ما صورته:

لئن أحسنت في شعرك لقد أسأت في حق نفسك، أما علمت أنّ الشعر صناعة من خلع العفّة، و لبس الحرفة، و الشاعر ملعون و إن أصاب، و منقوص و إن أتى بالشي ء العجاب، و كأنّي بك قد أوهمك الشيطان بفضيلة الشعر، فجعلت تنفق ما تلفق بين جماعة لم يعرفوا لك فضيلة غيره، فسمّوك به، و قد كان ذلك وصمة عليك آخر الدهر. أما تسمع:

و لست أرضى أن يقال شاعرتبا لها من عدد الفضائل

.

فوقف خاطري عند ذلك حتّى كأنّي لم أقرع له بابا، و لم أرفع له حجابا، و أكد ذلك عندي ما رويته بإسناد متصل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل المسجد و به رجل قد أطاف به جماعة، فقال: ما هذا؟

قالوا: علّامة.

فقال: ما العلّامة؟

ص: 469

قالوا: عالم بوقائع العرب، و أنسابها، و إشعارها.

فقال (صلّى اللّه عليه و آله): ذاك علم لا يضرّ من جهله، و لا ينفع من علمه (1).

و من البيّن أن الإجادة فيه تفتقر إلى تمرين الطبع، و صرف الهمّة إلى الفكر في تناسب معناه، و رشاقة ألفاظه، و جودة سبكه، و حسن حشوه، تمرينا متكررا حتى يصير خلقا و شيما، إنّ ذلك سبب الاستكمال فيه، فالإهمال سبب القصور عنه، و إلى هذا المعنى أشرت في جملة أبيات هي:

هجرت صوغ قوافي الشعر مذ زمن هيهات يرضى و قد أغضبته زمنا

و عدت أوقظ أفكاري و قد هجعت عنفا و أزعج عزمي بعد ما سكنا

إنّ الخواطر كالآبار إن نزحت طابت و إن يبق فيها ماؤها أجنا

فأصبح شكورا أياديك التي سلفت ما كنت أظهر عيبي بعد ما كمنا

و لمكان إضرابي عنه و إعراضي حتى عفى ذكر اسمه، لم يبق إلّا ما هو حقيق أن يرفض و لا يعرض، و يضمر و لا يظهر، و لكن مع ذلك أورد ما أدخل في حيز الامتثال، و إن كان ستره أنسب بالحال، فمنه:

و ما الإسراف من خلقي و إنّي لأجزأ بالقليل عن الكثير

و ما أعطي المطامع لي قياداو لو خودعت بالمال الخطير

و أغمض عن عيوب الناس حتّى إخال و إن تناجيني ضميري

و احتمل الأذى في كل حال على مضض و أعفو عن كثير

و من كان الإله له حسيباأراه النجح في كل الأمور


1- الكافي 1: 24/ 1.

ص: 470

و منه:

يا راقدا و المنايا غير راقدةو غافلا و سهام الدهر ترميه

بم اغترارك و الأيام مرصدةو الدهر قد ملأ الأسماع داعيه

أما أرتك اللّيالي قبح دخلتهاو غدرها بالذي كانت تصافيه

رفقا بنفسك يا مغرور إنّ لهايوما تشيب النواصي من دواهيه

و حسب تحصيل الغرض بهذا القدر، فنحن نقتصر عليه، و نستغفر اللّه سبحانه و تعالى من فرطات الزلل، و ورطات الخلل، و نستكفيه زوال النعم، و حلول النقم، و نستعتبه محلّ العثار و سوء المرجع في القرار، و من أفضل ما يفتتح به النظام، و يختم به الكلام، ما نقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سلك طريقا إلى العلم سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة (1).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): لا خير في الحياة إلّا لعالم مطاع، أو مستمع واع (2).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): تلاقوا و تذاكروا و تحدّثوا، فإن الحديث جلاء القلوب، إنّ القلوب ترين كما ترين السيف (3).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): لا يزيد في العمر مثل الصدقة، و لا يردّ البلاء مثل الدعاء، و لا ينور العبد مثل الخلق الحسن، و لا يذهب الذنوب إلّا الاستغفار، و الصدقة ستر من النار، و جواز على الصراط، و أمان من العذاب.

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): صلوا الأرحام يغفر لكم، و تعامد


1- أمالي الصدوق: 58/ 9، ثواب الأعمال: 159/ 1.
2- الكافي 1: 25/ 7، و فيه بدل الحياة: العيش.
3- الكافي 1: 32/ 8، و الرين: الصداء.

ص: 471

المساكين يبارك لكم في أموالكم، و يزاد في حسناتكم.

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): إن اللّه سبحانه يقول: اطلبوا الحوائج عند ذوي الرحمة من عبادي، فإن رحمتي لهم، و لا تطلبوها عند القاسية قلوبهم، فإن غضبي فيهم (1).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): اصطناع المعروف تقي مصارع السوء (2).

و قال (صلّى اللّه عليه و آله): من اقتصر من الدنيا على ما أحل له سلم، و من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا، و من أراد به الدنيا فهو حظّه.

و كتب جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّي (3). انتهى.

توفي رحمه اللّه- كما في رجال ابن داود تلميذه- في شهر ربيع الآخر سنة ست و سبعين و ستمائة (4). و قبره الشريف بالحلّة السيفيّة، عليه قبّة عالية، يزار و يتبرّك به.


1- تنبيه الخواطر (ابن ورام): 9.
2- الكافي 4: 28/ 1، مستدرك الوسائل 12: 343 عن كتاب الأخلاق.
3- مجموعة الشهيد: لم نعثر عليه فيه.
4- رجال ابن داود: 62/ 304.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.