سرشناسه:عیاشی، محمّد بن مسعود، 320 ق.
عنوان قراردادی:تفسیر العیاشی.
عنوان و نام پديدآور: التفسیر / ابی النضر محمدبن مسعود العیاشی؛ تحقیق قسم الدارسات الاسلامیه - موسسه البعثه.
مشخصات نشر: قم: موسسه البعثه، قسم الدراسات الاسلامیه، 1420ق. = 1378.
مشخصات ظاهری:3 ج. نمونه.
شابک:69000 ریال: دوره: 964-309-276-3 ؛ ج. 1: 964-309-273-9 ؛ ج. 2: 964-309-274-7 ؛ ج. 3: 964-309-275-5
يادداشت:عربی.
يادداشت:ج. 1 - 3 (چاپ اول: 1421 ق.= 1379).
يادداشت:ناشر جلد دوم این کتاب مرکز الطباعه و النشر فی موسس البعثه است.
یادداشت:کتابنامه.
موضوع: تفاسیر ماثوره.
تفاسیر شیعه - قرن 3ق.
شناسه افزوده: بنیاد بعثت. واحد تحقیقات اسلامی.
شناسه افزوده: بنیاد بعثت. مرکز چاپ و نشر.
رده بندی کنگره:BP93/ع 9ت 7 1378
رده بندی دیویی:297/1726
شماره کتابشناسی ملی:م 78-9666
محرر الرقمي: مرتضی حاتمی فرد
التفسير
للشيخ أبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي
المتوفى نحو 320 ه
الجزء الأول
تحقیق
قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم
محرر القلمی: محمد مبین روزبهانی
ص: 1
عیاشی، محمدبن مسعود 320. ق.
[تفسير العياشي]
التفسير / ابي نصر محمدین مسعود العباشي؛ تحقيق قسم الدراسات الاسلاميه مؤسسه البعثه.- قم: مؤسسه البعثه، قسم الدراسات الاسلاميه، 1420 ق. 1378. 3 ج . : نمونه .
ISBN 964-309-276-3 (دوره).-ISBN
2) 964-309-273-9 (1.ج) - ISBN 964-309-274-7
(ج.3). ISBN 964-309-275-5 - (ج.)
فهرستنویسی بر اساس اطلاعات فيها .
عربی. کتابنامه.
1- تفاسیر شیعه -- قرن 3 ق . 2- تفاسیر مائوره.
الف. بنیاد بعثت. واحد تحقیقات اسلامی - ب. عنوان عنوان . ج. عنوان: تفسیر العياشي .
کتابخانه ملی ایران 297/1776
مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة
اسم الكتاب : التفسير العياشي ج 2
تأليف : محمد بن مسعود العياشي
تحقيق : قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة - قم
الطبعة: الأولي 1421 ه_.ق
الكمية: 2000 نسخة
التوزيع : مؤسسه البعثة
طهران: شارع سمية - بين شارعي الشهيد مفتح و فرصت
هاتف: 8823244-8822374 فاكس 8831410 . ص.ب 1361-15815
بيروت- ص.ب : 24/124 ، تلكس 40512 كمك
جميع الحقوق محفوظة و مسجلة لمؤسسة البعثة
ISBN:964-309-274-7(vol.2)
ISBN:964-309-276-3(3vol-SET)
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1160 - عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قال علي بن أبي الله طالب صلوات الله عليه: نزلت المائدة قبل أن يُقبض النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) بشهرين أو ثلاثة.
وفي رواية أخرى: عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، مثله(1).
1161 / 2 - عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (علیه السّلام)، قال : كان القرآن يَنْسَخ بعضه بعضاً، وإنَّما كان يُؤخَذ من أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بآخره، فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة، فنَسَخت ما قبلها، ولم يَنْسَخها شيء، فلقد نزلت عليه وهو على بغلته الشهباء، وتَقُل عليها الوحي حتى وقفت(2) وتدلّى بطنها(3)، حتَّى رَأيتُ سُرَّتها تكادُ تَمَسَّ الأرض، وأغمي على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حتى وضع يده على ذُؤابة(4) شيبة بن وهب الجُمحي، ثمّ رُفع ذلك عن رسول
ص: 3
الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقرأ علينا سورة المائدة، فعيل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وعملنا(1).
1162 / 3 - عن أبي الجارود، عن محمد بن علي (علیهما السّلام)، قال : من قرأ سورة المائدة في كل يوم خميس، لم يُلبس إيمانه بظلم، ولم يُشرك أبداً(2).
1163 / 4 - عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (علیهما السّلام)، عن على (علیه السّلام)، قال : ليس فى القرآن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ [1] إلا وهي في التوراة: يا أيها المساكين(3).
1164 / 5 - عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، قال: العُهود(4).
عن ابن سنان، مثله.
6/1165 - عن عكرمة، أنّه قال: ما أنزل الله جل ذكره ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ إلا ورأسها علي بن أبي طالب (علیه السّلام)(5).
1166 / 7 - عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما نزلت آية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ إلا وعلى (علیه السّلام) شريفها وأميرُها: ولقد عاتب الله أصحاب محمّد عليه وآله
ص: 4
السلام في غير مكان، وما ذكر عليّاً (علیه السّلام) إلا بخير(1).
8/1167 - عن جعفر بن أحمد، عن العَمْرَكي بن علي، عن علي بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى (علیه السّلام)، عن على بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : ليس في القرآن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ إلا وهي في التوراة: يا أيها المساكين(2).
9/1168 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : في قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾ [1]، قال: هو الذي في البطن، تذبح أُمه فيكون في بطنها(3).
10/1169 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله تعالى ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةً الأَنْعَامِ﴾، قال: هي الأجنَّة التي في بُطُون الأنعام، وقد كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يأمر ببيع الأجنة(4).
11/1170 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: روى بعض صحابنا عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾، قال: الجنين في بطن أمه، إذا أشعر وأوبر، فذكاة أمه ذكاته(5).
12/1171 - عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام): أن عليّاً (علیه السّلام) سُئل عن أكل لحم الفيل والدُّبّ والقرد، فقال: ليس هذا من بهيمة الأنعام
ص: 5
التي تُؤكل(1).
13/1172- عن المُفضّل، قال: سألتُ الصادق (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾، قال: البهيمة هاهنا الولي، والأنعام: المؤمنون(2).
1173 / 14 - عن موسى بن بكر(3)، عن بعض رجاله: أن زيد بن علي دخل على أبي جعفر (علیه السّلام) ومعه كُتُب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم، ويُخبرونه باجتماعهم، ويأمرونه بالخروج إليهم.
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): إن الله تبارك وتعالى أحل حلالاً، وحرم حراماً، وضرب أمثالاً، وسنّ سُننا، ولم يجعل الإمام العالم بأمره في شبهة ممّا فرض الله من الطاعة، أن يسبقه بأمرٍ قبل محله، أو يُجاهد قبل حلوله، وقد قال الله تعالى في الصيد: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾(4) فقتل الصيد أعظم، أم قتل النفس الحرام؟ وجعل لكلِّ مَحِلاً، وقال: ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ ، وقال: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الحَرَامَ﴾ [2] فجَعَل الشُّهور عِدَّةً معلومةً، وجعل منها أربعةً حُرُماً، وقال: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللهِ﴾(5).
1174 / 15 - عن محمّد بن عبدالله، عن بعض أصحابه، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): جعلت فداك، لم حرّم الله الميتة والدم ولحم الخنزير ؟
ص: 6
فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يُحرّم ذلك على عباده، وأحل لهم ما سواه من رغبة منه تبارك وتعالى فيما حرَّم عليهم، ولا زهد فيما أحل لهم، ولكنَّه خلق الخلق وعلم ما يقوم به أبدانهم وما يُصلحهم، فأحلَّه وأباحه تفضّلاً منه عليهم لمصلحتهم، وعَلم ما يَضُرّهم فنهاهم عنه حرّمه عليهم، ثمّ أباحه للمُضطرّ، وأحلَّه لهم في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك.
ثمّ قال: أمّا المَيْتَة، فانّه لا يدنو منها أحد ولا يأكلها إلا ضَعُف بدنه، ونَحل چشمه، ووَهَنت قُوتُه، وانقطع نَسْلُه، ولا يموت أكل الميتة إلا فجأة.
وأمّا الدّم، فانّه يُورث الكلب(1) والقشوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة، لا يُوْمَن أن يَقْتُل ولده ووالديه، ولا يُؤمن على حميمه، ولا يُؤمن على من صحبه.
وأمّا لحم الخنزير ، فإِنَّ الله مَسَخ قوماً في صُور شتّى شبه الخنزير والقرد والدُّبّ، وما كان من الأمساخ، ثمّ نهى عن أكل مثله، لكي لا ينفع بها، ولا يُسْتَخَفْ بعقوبته.
وأما الخمر، فأنّه حرمها لفعلها وفسادها، وقال: إنَّ مُدمن الخمر كعابد وثن،ويورثه ارتعاشاً، ويذهب بنُوره، ويهدم ،مُروّته، ويحمله على أن يُكب(2) على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا، ولا يُؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يَعْقِل ذلك، والخمر لم يرد شاربها إلا على شرّ(3).
ص: 7
16/1175 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : [كُل](1) كل شيء من الحيوان غير الخنزير والنطيحة والمَوْقُوذة والمُتردّية وما أكل السبع، وهو قول الله(2) ﴿إلا مَا ذَكَيْتُمْ﴾ [3] فان أدركت شيئاً منها وعين تطرف، أو قائمة تركض، أو ذنب يَمْصَع(3)، فذبحت فقد أدركت ذكاته فكله.
قال: وإن ذبحت ذبيحة فأجَدْتَ الذَّبح، فوقعت في النار، أو في الماء، أو من فوق بيت، او من فوق جبل، إذا كنت قد أجَدْتَ الذَّبح فكُل(4).
17/1176 - عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال: سمعته يقول: المتردية والنطيحة وما أكل السبع، إذا أدركت ذكاته ، فكله(5).
18/1177 - عن عيوق بن قُرط(6)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿المُنْخَنِقَةُ﴾.
ص: 8
قال: التي تختنق في رباطها، ﴿وَالمَوْقُوذَةُ﴾ المريضة التي لا تجد ألم الذَّبح، ولا تضطرب، ولا يخرُج لها دم ﴿وَالمُتَرَدِّيَةُ﴾ التي تردّى من فوق بيت أو نحوه ﴿وَالنَّطِيحَةُ﴾ [3] التي تنطحها صاحبتها(1).
19/1178 - عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام) في هذه الآية ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَأَخْشَوْنِ﴾ [3] يوم يقوم القائم (علیه السّلام) ينس بنو اميّة، فهم الذين كفروا، يئسوا من آل محمّد (علیهم السّلام)(2).
1179 / 20 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: آخر فريضة أنزلها الله تعالى الولاية ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً﴾ [3] فلم يُنزل من الفرائض شيئاً بعدها حتى قبض الله رسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
21/1180 - عن جعفر بن محمّد الخُزاعي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: لما نزل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عرفات يوم الجمعة، أتاه جبرئيل (علیه السّلام) فقال له: يا محمد، إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك: قُل لأمتك: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ بولاية على بن أبي طالب ﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً﴾ ولست أنزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج، وهي الخامسة، ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها(4).
22/1181 - عن ابن أذينة، قال: سمعتُ زُرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام): أنَّ الفريضة كانت تنزل، ثمّ تنزل الفريضة الأخرى، فكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله تعالى ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ
ص: 9
دِيناً﴾ فقال أبو جعفر (علیه السّلام): يقول الله : لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة(1).
23/1182 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : تمام النعمة : دُخُول الجنَّة(2).
1183/24 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سُئل عن كلب المَجُوس يُكلبه(3) المسلم، ويُسمّي ويُرسله. قال: نعم، إنّه مُكَلَّب، إذا ذكر اسم الله عليه، فلا بأس(4).
25/1184 - عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال: لا تأكل من صيد شيءٍ منها إلا ما ذكيت إلا الكلاب.
قلت: فإن قتله؟ قال: كُل، فانَّ الله يقول: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الجَوَارِح مُكَذِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ﴾ (5)[4].
1185/26 - عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن الرجل سرّح الكلب الله المُعلّم ويسمّى إذا سرّحه، قال: يأكل ممّا أمسك عليه، وإن أدركه وقتله، وإن وُجد(6) معه كلب غير(7) مُعَلّم فلا يأكل منه .
ص: 10
قلت: فالصَّقر والعقاب والبازي؟ قال: إن أدركت ذكاته فكل منه، وإن لم تُدْرِك ذكاته فلا تأكل منه.
قلت: فالفهد ليس بمنزلة الكلب؟ قال: فقال: لا، ليس شيء مُكلَّب إلا الكلب(1).
27/1186 - عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ، قال : الفهد من الجوارح، والكلاب الكردية إذا عُلّمت فهي بمنزلة السلوقية(2).
28/1187 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: كان أبي (علیه السّلام) يُفتي، وكنا نُفتى(3)و نحن نخاف في صيد البازي والصقور، فأما الآن فانا لا نخاف، ولا يَحِلّ صيدها إلا أن تُدْرَك ذَكَاتُه، وإنَّه لفى كتاب على (علیه السّلام): إنَّ الله قال: ﴿مَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ فهي الكلاب(4).
29/1188 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما خلا الكلاب ممّا يصيد الفهود والصقور وأشباه ذلك، فلا تأكُلنَّ من صيده إلا ما أدركت ذكاته، لأنَّ الله قال: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يُؤكل إلا أن يُدرك ذكاته(5).
30/1189 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): أنَّ في كتاب علي (علیه السّلام) قال الله: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ﴾ فهي الكلاب(6).
ص: 11
1190/ 31 - عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه سُئل عن الصيد يأخُذه الكلب، فيتركه الرجل حتّى يموت؟ قال: نعم كُل، إنَّ الله يقول: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾(1).
32/1191 - عن أبي جميلة، عن ابن حنظلة، عنه (علیه السّلام)، في الصيد يأخُذه الكلب فيُدركه الرجل فيأخُذه، ثمَّ يموت في يده، أيأكُل؟ قال: نعم، إنَّ الله يقول: ﴿كُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾(2).
33/1192 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿مَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ﴾.
قال: لا بأس بأكل ما أمسك الكلب ممّا لم يأكل الكلب منه ، فاذا أكل الكلب منه قبل أن تُدركه فلا تأكله(3).
34/1193 - عن رفاعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : الفهد ممّا قال الله ﴿مُكَلِّبِينَ﴾(4).
35/1194 - عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : كُل ما(5) أمسك عليه الكلاب، وإن بقي ثلثه(6).
ص: 12
36/1195 - عن قتيبة الأعشى، قال: سأل الحسن بن المنذر أبا عبد الله (علیه السّلام): إن الرجل يبعث في غَنّمه رجلاً أميناً يكون فيها، نصرانياً أو يهودياً، فتقع العارضة فيذبحها ويبيعها؟
فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): لا تأكلها ولا تدخلها في مالك، فانّما هو الاسم، ولا يُؤمن عليه إلا المسلم.
فقال رجل لأبي عبد الله (علیه السّلام) وأنا أسمع: فأين قول الله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾[5] فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): كان أبي (علیه السّلام) يقول: إنَّما ذلك الحبوب وأشباهه(1).
1196 / 37 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾، قال : العدس والحبوب وأشباه ذلك، يعني [من] أهل الكتاب(2).
1197 / 38 - عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [5]، قال: هنّ المسلمات(3).
39/1198 - عن مَسْعَدة بن صدقة، قال: سُئل أبو جعفر (علیه السّلام) عن قول الله تعالى:﴿وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [5]، قال: نسختها ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ﴾(4).
ص: 13
40/1999- عن أبي جميلة، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، في ﴿المُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، قال : هُنَّ العَفائف(1).
1200 / 41 - عن العبد الصالح، قال: سألناه عن قوله: ﴿وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ ما هُنّ، وما معنى إحصانهنّ؟ قال: هُنَّ العفائف من نسائهم(2).
42/1201 - عن عُبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [5]، قال: ترك العمل الذي أقرّ به، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقمٍ ولا شُغل(3).
قال: قلت له : الكبائر اعظم الذنوب؟ قال: فقال: نعم.
قلت: هي أعظم من ترك الصلاة؟ قال: إذا ترك الصلاة تركاً ليس من أمره، كان داخلاً في واحدة من السبعة(4).
43/1202 - عن أبان بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : أدنى ما يخرُج به الرجل من الاسلام أن يرى الرأي بخلاف الحق فيقيم عليه، قال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾، وقال : الذي يكفر بالايمان الذي لا يعمل بما أمر الله به، ولا يرضى به(5).
1203 / 44 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، في قول الله : ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ
ص: 14
بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾، قال: هو ترك العمل حتّى يَدَعه أجمع، قال: منه الذي يدع الصلاة متعمداً، لا من شغل، ولا من شكر، يعني النوم(1).
1204 / 45 - عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سألته عن تفسير هذه الآية ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾. [فقال:] يعني بولاية علي (علیه السّلام) ﴿وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾(2).
46/1205 - عن هارون بن خارجة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾، قال : فقال: من ذلك ما اشتق فيه(3) زرارة ابن أعين وأبو حنيفة(4).
1206 / 47 - عن أبي بكر بن حزم، قال: توضأ رجل فمسح على خُفِّيه، فدخل المسجد فصلّى، فجاء علي (علیه السّلام) فوطى، على رقبته، فقال: ويلك تُصلّي على غير
ص: 15
وضوء؟ فقال: أمرني عمر بن الخطاب، قال: فأخذ بيده، فانتهى به إليه، فقال: انظر ما يروي هذا عليك؟ - ورفع صوته - فقال: نعم، أنا أمرته، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) مسح. قال: قبل المائدة أو بعدها؟ قال: لا أدري. قال : فلِمَ تُفتي وأنت لا تدري؟ سبق الكتاب الخُفّين(1).
1207 / 48 - عن المُيسّر بن ثوبان، قال: سَمِعت عليّاً (علیه السّلام) يقول : سَبَق الكتاب الخُفّين والخمار(2).
1208 /49 - عن بكير بن أعين، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام) : قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ﴾ [6] ما معنى إذا قمتم؟ قال: إذا قمتم من النوم.
قلت: وينقض النوم الوضوء؟ قال: نعم إذا كان نوم يغلب على السمع، فلا يسمع الصوت(3).
50/1209 - عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾ [6]، قال: قلت: ما عنى بها؟ قال: من النوم(4).
51/1210 - عن زرارة ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ ، قال: ليس له أن يدع شيئاً من وجهه إلا غسله، وليس له أن يَدَع شيئاً من يديه إلى المَرْفِقين إلا غسله.
ص: 16
ثمّ قال: ﴿أَمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾ فاذا مسح بشيءٍ من رأسه أو بشيءٍ من قدميه، ما بين كعبيه إلى أطراف أصابعه، فقد أجزاء.
قال فقلت: أصلحك الله ، أين الكعبين؟ قال: هاهنا، يعني المَفْصِل دون عظم الساق(1).
52/1211 - عن زرارة وبكير ابني أغين، قالا: سألنا أبا جعفر (علیه السّلام) عن وضوء رسول الله ، فدعا بطشت - أو تَوْر(2) - فيه ماء ، فغمس كفه اليمنى، فغرف بها غرفةً، فصبّها على جبهته، فغسل وجهه بها، ثمّ غمس كنَّه اليسرى، فأفرغ على يده اليمنى، فغسل بها ذراعه من المَرْفِق إلى الكَفِّ، لا يرُدّها إلى المَرْفِق، ثمّ غمس كفّه اليمنى، فأفرغ بها على ذراعه الأيسر من المرفق، وصنع بها كما صنع باليمنى، ومسح رأسه بفضل كفّيه وقدميه، لم يُحدث لها ماءً جديداً، ثمّ قال: ولا يُدخل أصابعه تحت الشّراك.
قالا: ثمَّ قال: إنَّ الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾ فليس له أن يَدَع شيئاً من وجهه إلا غسله، وأمر بغسل اليدين إلى المَرْفِقين، فليس ينبغي له أن يدع من يديه إلى المَرْفِقين شيئاً إلا غسله، لأنَّ الله يقول: ﴿أغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾ ثمَّ قال: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾ فإذا مسح بشيءٍ من رأسه أو بشيءٍ من قدميه ما بين أطراف الكعبين إلى أطراف الأصابع، فقد أجزاء.
قالا: قلنا: أصلحك الله أين الكعبان؟ قال هاهنا، يعني المَفْصِل دون عظم
ص: 17
الساق.
فقلنا : هذا ما هو ؟ قال: من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك.
فقلنا: أصلحك الله، فالغرفة الواحدة تُجزي الوجه، وغرفة للذراع؟ قال: نعم، إذا بالغت فيهما، والثنتان تأتيان على ذلك كله(1).
53/1212 - عن زرارة، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): أخبرني عن حدّ الوجه الذي ينبغي له أن يُوضًا، الذي قال الله ؟
فقال (علیه السّلام): الوجه الذي أمر الله بغسله، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه، إن زاد عليه لم يُؤجر، وإن نقص منه أثم: ما دارت السبابة والوسطى والابهام، من قصاص الشعر إلى الذقن، وما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديراً فهو من الوجه، وما سوى ذلك فليس من الوجه.
قلت: الصُّدغ(2) ليس من الوجه؟ قال: لا(3).
قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (علیه السّلام): ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إنَّ المسح ببعض الرأس وبعض الرّجلين ؟ فضحك (علیه السّلام) وقال : يا زرارة، قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وقد نزل به الكتاب من الله، لأنَّ الله قال: ﴿أغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ فعرفنا أن الوجه كله ينبغي له أن يُغْسَل، ثمّ قال: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾ فوصل اليدين إلى المَرْفقين بالوجه، فعرفنا أنّهما ينبغي أن يُغسلا إلى المرفقين، ثم فصل بين
ص: 18
الكلام، فقال: ﴿وَأَمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ فعَلِمنا حين قال: ﴿بِرُءُوسِكُمْ﴾ أنَّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثمّ وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾ فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما، ثمّ فسّر ذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) للناس فضيعوه.
ثمَّ قال: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ﴾، ثمَّ وصل بها ﴿وَأَيْدِيكُمْ﴾(1) فلمّا وضع الوضوء عمَّن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحاً، لأنه قال: ﴿بِوُجُوهِكُمْ﴾ ثمّ قال: ﴿مِنْهُ﴾ أي من ذلك التيمم ، لأنه عَلِم أنّ ذلك أجمع لا يجرى على الوجه، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكفّ، ولا يَعْلَق ببعضها(2).
54/1213 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت: كيف يُمسح الرأس؟ - قال: إنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَأَمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ فما مسحت من رأسك فهو كذا، ولو قال: امسحوا رؤسكم، فكان عليك المسح كُلّه(3).
1214 / 55 - عن صفوان، قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَأمْسَحُوا بِرُ، وسِكُمْ وَأَرْجُلَكُم إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾، فقال: قد سأل رجل أبا الحسن (علیه السّلام) عن ذلك؟ فقال: سيكفيك أو كفتك سورة المائدة، يعني المسح على الرأس والرّجلين.
قلت: فإنَّه قال: ﴿أغْسِلُوا ... أَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾ فكيف الغَسل؟ قال: هكذا أن يأخُذ الماء بيده اليمنى، فيصُبَّه في اليُسرى، ثمَّ يُفيضه على المَرْفق، ثمّ
ص: 19
يمسح إلى الكف.
قلت له: مرَّةً واحدةً؟ فقال: كان يفعل ذلك مرتين.
قلتُ: يَرُدّ الشعر ؟ قال : إذا كان عنده آخر فعل، وإلا فلا(1)
56/1215 - عن ميسر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : الوضوء واحدة، قال: ووصف الكعب في ظهر القدم(2).
1216 / 57 - عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال : ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ قلنا : بلى، فأخذ كفّاً من ماء، فصبّه على وجهه، ثمّ أخذ كفّاً آخر فصبَّه على ذراعه الأيمن، ثمّ أخذ كفّاً آخر فصبّه على ذراعه الأيسر، تم مسح رأسه وقدميه، ثمّ وضع يده على ظهر القدم، ثمّ قال: إنَّ هذا هو الكعب، وأشار بيده إلى العُرقُوب(3)، وليس بالكَعْب(4).
58/1217 - وفى رواية أخرى عنه، قال: إلى العَرقُوب فقال: إنّ هذا هو الظُّنُّبُوب(5)، وليس بالكَعْب(6).
59/1218 - عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾.
ص: 20
فقال: صدق الله.
قلت: جُعِلتُ فداك، كيف يتوضأ ؟ قال: مرَّتين مرَّتين.
قلت: يمسح؟ قال: مرّة مرّة. قلت: من الماء مرّة؟ قال: نعم.
قلت: جُعِلت فداك، فالقدمين؟ قال: اغسلهما غَسلاً(1).
60/1219 - عن محمّد بن أحمد الخُراساني، رفع الحديث، قال: أتى أمير المؤمنين (علیه السّلام) رجل، فسأله عن المسح على الخُفّين، فأطرق فى الأرض مَليّاً، ثمَّ لا رفع رأسه، فقال: يا هذا، إنَّ الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطَّهارة، وقسمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيباً، وجعل لليدين منه نصيباً، وجعل للرأس منه نصيباً، وجعل للرجلين منه نصيباً، فان كانتا خُنّاك من هذه الأجزاء، فامسح عليها(2).
1220 / 61 - عن غالب بن الهذيل، قال: سألتُ أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَأَمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ على الخفض هي أم على الرفع(3)؟ فقال:
ص: 21
بل هي على الخفض(1).
62/1221 - عن عبد الله بن خليفة أبي العريف(2) المكراني، قال: قام ابن الكواء إلى علي (علیه السّلام) فسأله عن المسح على الخُفّين؟ فقال: بعد كتاب الله تسألني ؟ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ فَاغْسِلُوا﴾ إلى قوله: ﴿الكَعْبَيْنِ﴾ ثم قام إليه ثانية فسأله، فقال له مثل ذلك ثلاث مرّات، كل ذلك يتلو عليه هذه الآية(3).
63/1222 - عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد (علیه السّلام)، أن علياً (علیه السّلام) خالف القوم في المسح على الخُفّين على عهد عمر بن الخطاب، قالوا: رأينا النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يمسح على الخُفّين، قال: فقال علي (علیه السّلام): قبل نزول المائدة أو بعدها؟ فقالوا: لا ندري. قال: ولكن أدري أنَّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ترك المسح على الخفين حين نزلت المائدة، ولأن أمسح على ظهر حمار أحب إلي من أن أمسح على الخُفّين؛ وتلا هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾(4).
1223/64 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن التيمم، فقال: إن عمار بن
ص: 22
ياسر أتى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال: أجنبت وليس معي ماء ؟ فقال كيف صنعت یا عمار؟ قال: نزعت ثيابي، ثمّ تمعَّكتُ(1) على الصعيد ؟ فقال : هكذا يصنع الحمار، إنَّما قال الله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنهُ﴾ ثم وضع يديه جميعاً على الصَّعيد، ثمّ مسحهما، ثمّ مسح من بين عينيه إلى أسفل حاجبيه، ثم دلك إحدى يديه بالأخرى على ظهر الكف بدءاً باليمنى(2).
65/1224 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : فرض الله الغسل على الوجه والذراعين، والمسح على الرأس والقدمين، فلمّا جاء حال السفر والمرض والضرورة، وضع الله الغسل، وأثبت الغسل مسحاً، فقال: ﴿وَإِنْ كُنتُمْ مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لَا مَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ إلى: ﴿وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ﴾(3)[6].
1225/66 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ﴾ في الدين ﴿مِّن حَرَجٍ﴾ [6] والحَرَج: الضيق(4).
1226 / 67 - عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): إنِّي عثرت فانقطع ظفري، فجعلتُ على إصبعي مرارة(5)، كيف أصنع بالوضوء للصلاة؟ قال : فقال لا تعرف هذا وأشباهه في كتاب الله تبارك وتعالى: ﴿مَا جَعَلَ﴾ الله ﴿عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَج﴾(6).
1227 / 68 - عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السّلام): أن رأس المهدي(7) يُهدى إلى
ص: 23
عيسى بن موسى(1) على طبقٍ. قلت: فقد مات هذا وهذا؟! قال: فقد قال الله: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ [21] فلم يَدْخُلوها، ودخلها الأبناء - أو قال: أبناء الأبناء - فكان ذلك دخولهم.
فقلت: أو(2) ترى أنَّ الذي قال في المهدي وفي عيسى يكون مثل هذا؟ فقال : يكون في أولادهم(3).
فقلت: ما تُنكر أن يكون ما قال في ابن الحسن(4) يكون في ولده؟ قال: ليس ذلك مثل ذا(5).
1228/69 - عن حريز، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): والذي نفسي بيده لتركبن سُنن من كان قبلكم، حذو النعل بالنعل،
ص: 24
والقذة بالقذة(1)، حتى لا تُخطئون طريقهم، ولا تخطئكم سُنَّة بني إسرائيل.
ثم قال أبو جعفر (علیه السّلام): قال موسى (علیه السّلام) لقومه: ﴿يَا قَوْم ادْخُلُوا الْأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ فردوا عليه، وكانوا ستمائة ألف فَقَالُوا: ﴿يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا﴾ ، أحدهما يُوشع بن نون، والآخر كالب بن يافنا - قال : وهما ابنا عمّه - فقالا: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ﴾ إلى قوله : ﴿إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ﴾.
قال: فعصى أربعون ألفاً - وسلم هارون وابناه ويُوشع بن نون، وكالب بن يافنا - فسمّاهم الله فاسقين. فقال: ﴿لَا تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الفَاسِقِينَ﴾ [22 - 26] فتاهوا أربعين سنة، لأنَّهم عَصَوا، فكان حذو النعل بالنعل ، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لما قبض، لم يكن على أمر الله إلا علي والحسن والحسين وسلمان والمقداد وأبو ذرّ، فمكثوا أربعين(2) حتى قام على (علیه السّلام) فقاتل من خالفه(3).
1229 / 70 - عن زرارة، وحُمران، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبدالله (علیهما السّلام)، عن قوله : ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾، قال (علیه السّلام): كتبها لهم، ثم محاها(4).
71/1230 - عن أبي بصير، قال: قال أبو عبدالله (علیه السّلام) لي : إنَّ بني إسرائيل قال
ص: 25
لهم: ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ﴾ فلم يدخلوها حتى حرمها عليهم(1) وعلى أبنائهم، وإنما دخلها أبناء الأبناء(2).
72/1231 - عن إسماعيل الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: أصلحك الله ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ أكان كتبها لهم؟
قال: إي والله، لقد كتبها لهم، ثم بدا له لا يَدْخُلوها. قال: ثم ابتدأ هو فقال: إنَّ الصلاة كانت رَكْعتين عند الله، فجعلهما(3) للمسافر ، وزاد للمقيم ركعتين، فجعلها أربعاً(4).
73/1232 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه سُئِل عن قول الله: عالا ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ ، قال : كتبها لهم ثم محاها، ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها، والله يمحو ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب(5).
1233 / 74 - عن علي بن أسباط ، عن الرضا (علیه السّلام)، قال : قلت له : إنَّ أهل مصر يَرْعُمون أن بلادهم مُقدَّسة؟ قال: وكيف ذاك ؟ قلت: جعلت فداك، يَزْعُمون أنَّه أنَّ يُحْشَر في جَبَلهم سبعون ألفاً يَدْخُلُون الجنَّة بغير حساب.
فقال: لا لعمري، ما ذاك كذلك، وما غضب الله على بني إسرائيل إلا أدخلهم مصراً، ولا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها، ولقد أوحى الله إلى موسى (علیه السّلام) أن يخرج عظام يوسف منها، فاستدل موسى (علیه السّلام) على من يعرف موضع القبر، فدل على امرأةٍ عمياء زَمِنة(6)، فسألها موسى (علیه السّلام) أن تَدلَّه، فأبت إلا على خَصْلَتين:
ص: 26
يدعو الله فيُذهِب بزَمَانَتِها، ويُصيّرها معه في الجنَّة في الدرجة التي هو بها، فأعظم ذلك موسى (علیه السّلام)، فأوحى الله إليه: وما يَعْظُم عليك من هذا؟ أعطها ما سألت؛ ففعل فوعدته طلوع القمر ، فحبس الله طلوع القمر، حتى جاء موسى لموعده، فأخرجته من النيل في سَفَط مَرْمَر فحمله موسى.
قال: ثمَّ قال إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : لا تأكلوا في فَخارِها، ولا تَغْسِلوا رؤوسكم بطينها، فانّه يُورث الذِلَّة، ويذهب بالغيرة(1).
75/1234 - عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: ذكر أهل مصر، وذكر قوم موسى (علیه السّلام) وقولهم: ﴿أذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ﴾ فحرّمها الله عليهم أربعين سنة، وتيّههم، فكان إذا كان العشاء وأخذوا في الرّحيل، نادوا: الرحيل الرحيل، الوحى الوحى(2)، فلم يزالوا كذلك حتى تغيب الشمس، حتّى إذا ارتحلوا واستوت بهم الأرض، قال الله تعالى للأرض: ديري بهم، فلم يزالوا كذلك حتى إذا أسحروا وقارب الصُّبح، قالوا: إن هذا الماء قد أتيتموه فانزلوا، فاذا أصبحوا، إذا أبنيتهم ومنازلهم التي كانوا فيها بالأمس، فيقول بعضهم لبعض: يا قوم، لقد ضللتم وأخطأتم الطريق، فلم يزالوا كذلك حتى أذن الله لهم فَدَخَلُوها، وقد كان كتبها لهم(3).
1235 / 76 - عن داود الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: كان أبو جعفر (علیه السّلام) يقول: نعم الأرض الشام، وبئس القوم أهلها، وبئس البلاد مصر، أما إنَّها
ص: 27
سجن من سخط الله عليه، ولم يكن دُخُول بنى إسرائيل مصر إلا من سَخَط ومعصية منهم الله، لأنَّ الله قال: ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾ يعني الشام، فأبوا أن يَدْخُلوها، فتاهوا في الأرض أربعين سنةً، في مصر وفَيَافِيها، ثمّ دَخَلُوها بعد(1) أربعين سنة.
قال: وما كان خُرُوجهم من مصر ودخولهم الشام إلا من بعد توبتهم، ورضى الله عنهم.
وقال (علیه السّلام): إنّي لأكره أن آكل من شيءٍ طبخ في فَخَارها، وما أحبّ أن أغسل رأسي من طينها مخافة أن تُورثني تُربتها الذُّلّ(2)، وتُذهب بغيرتي(3).
1236 / 77 - عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ﴾، قال: كان في عِلمه أنهم سيعصون ويتيهون أربعين سنة، ثمّ يَدْخُلونها بعد تحريمه إياها عليهم(4).
78/1237 - عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: لمّا قَرّب ابنا آدم القُربان، فتقبل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر - قال : تُقبل من هابيل ولم يُتَقَبَّل من قابيل - دخله من ذلك حَسَدٌ شديد، وبغى على هابيل، فلم يَزَل يَرْصُدُه ويتبع(5) خَلْوَته، حتى ظفر به متنحيّاً عن آدم فوتب عليه فقتله، فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله فى كتابه، ممّا كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله.
قال: فلما علم آدم بقتل هابيل جزع عليه جَزَعاً شديداً، ودخله حُزنٌ
ص: 28
شديد، قال: فشكا إلى الله ذلك، فأوحى الله إليه: أنى، واهب لك ذكراً يكون خَلَفاً لك من هابيل. قال: فولدت حوّاء غُلاماً زَكيّاً مباركاً، فلمّا كان يوم السابع سمّاه آدم شيت، فأوحى الله إلى آدم: إنّما هذا الغُلام هبة منّي لك، فسمه هبة الله، قال: فسمّاه هبة الله.
قال: فلما دنا أجل آدم (علیه السّلام) أوحى الله إليه: أن يا آدم، إنّي مُتوفّيك، ورافع روحك إليّ يوم كذا وكذا، فأوص إلى خير ولدك، وهو هبتي الذي وهبته لك، فأوص إليه، وسلّم إليه ما علمناك من الأسماء والاسم الأعظم، فاجعل ذلك في تابوت، فانّي أحبّ أن لا تخلو أرضي من عالمٍ يعلم علمي، ويقضي بحكمي، أجعله حُجّتى على خَلْقي.
قال: فجمع آدم إليه جميع ولده من الرجال والنساء، فقال لهم: يا ولدي، إنّ الله أوحى إلي أنه رافع إليه روحي، وأمرني أن أوصي إلى خير ولدي ، وأنَّه هِبة الله، وإنّ الله اختاره لي ولكم من بعدي، اسمعوا له وأطيعوا أمره، فانّه وصيّي وخليفتي عليكم، فقالوا جميعاً : نَسمع له، ونطيع أمره، ولا نخالفه.
قال: فأمر بالتابوت فعُمِل، ثمّ جعل فيه علمه والأسماء والوصيّة، ثم دفعه إلى هبة الله، وتقدّم إليه في ذلك وقال له: انظر يا هبة الله، إذا أنا مُتُّ فاغسِلني وكفّني، وصلّ عليّ، وأدخلني في حُفرتي، فإذا مضى بعد وفاتي أربعون يوماً، فأخرج عِظامي كُلَّها من حفرتي اجمعها جميعاً، ثم اجعلها في التابوت، واحتفظ به، ولا تأمَنَنَّ عليه أحداً غيرك، فاذا حضرت وفاتك، وأحسست(1) بذلك من نفسك، فالتمس خير ولدك ، وألزمهم لك صُحبةً، وأفضلهم عندك قبل ذلك، فأوص إليه بمثل ما أوصيتُ به إليك، ولا تَدَ عن الأرض بغير عالم منّا أهل البيت.
ص: 29
يا بنيَّ، إن الله تبارك وتعالى أهبطني إلى الأرض، وجعلني خليفته فيها، حُجَّةٌ له على خلقه، فقد أوصيت إليك بأمر الله، وجعلتك حُجَّةٌ الله على خَلْقه في أرضه بعدي، فلا تَخْرُج من الدنيا حتَّى تَدَع الله حُجَّةً ووصيّاً، وتُسلّم إليه التابوت وما فيه، كما سلّمتُه إليك، وأعلمه أنه سيكون من ذُريَّتي رجل اسمه نُوح، يكون في نُبوّته الطُّوفان والغرق، فمن رَكِب في فلكه نجا، ومن تخلف عن فُلْكه غَرَقِ، وأوص وصيّك أن يحتفظ بالتابوت وبما فيه، فاذا حضرت وفاته أن يُوصي إلى خير ولده، وألزمهم له، وأفضلهم عنده، وسلّم إليه التابوت وما فيه، وليضع كُلّ وصي وصيَّته في التابوت، وليُوصٍ بذلك بعضهم إلى بعض، فمن أدرك نبوّة نُوح فليَرْكب معه، وليحمل التابوت وجميع ما فيه في فلكه، ولا يتخلّف عنه أحد.
ويا هبة الله، وأنتم يا ولدي، إيّاكم الملعون قابيل وولده، فقد رأيتم ما فعل بأخيكم هابيل، فاحذروه وولده، ولا تُناكحوهم ولا تخالطوهم، وكُن أنت يا هبة الله وإخوتك وأخواتك في أعلى الجبل، واعزله وولده، ودع الملعون قابيل وولده في أسفل الجبل.
قال: فلمّا كان اليوم الذي أخبر الله أنه متوفّيه فيه، تهيأ آدم للموت ، وأذعن به. قال: وهَبَط عليه ملك الموت، فقال آدم: دعني يا ملك الموت حتى أتشهد، وأثني على ربي بما صنع عندي من قبل أن تقبض روحي.
فقال آدم: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّي عبدالله، وخليفته في أرضه، ابتدأني باحسانه، وخَلَقني بيده، ولم يَخْلُق خلقاً بيده سواي، ونَفَخَ في من روحه، ثمّ أجمل صُورتي ، ولم يَخْلُق على خَلْقي أحداً قبلي، ثمّ
أسجد لي ملائكته، وعلّمني الأسماء كلّها، ولم يُعلّمها ملائكته، ثمّ أسكنني جنته، ولم يكن جعلها دار قرار، ولا منزل استيطان، وإنما خلقني ليسكنني الأرض، للذي
ص: 30
أراد من التقدير والتدبير، وقدر ذلك كله من قبل أن يَخْلُقني، فمضيتُ في قَدَرهِ(1) وقضائه ونافذ أمره، ثمّ نهاني أن آكل من الشجرة، فعصيته وأكلتُ منها، فأقالني عثرتي، وصفح لي عن جُرمي، فله الحمد على جميع نعمه عندي حمداً يكمل به رضاه عنّي. قال: فقبض ملك الموت روحه صلوات الله عليه.
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): إنَّ جَبْرَئيل (علیه السّلام) نزل بكَفَن آدم وبحُنُوطه، وبالمسحاة معه، قال: ونزل مع جبرئيل سبعون ألف مَلَك ليَحْضُروا جنازة آدم (علیه السّلام)، قال : فغسله هبة الله، وجَبْرَئيل كفَّنه وحنّطه، ثمّ قال: يا هبة الله، تقدّم فصلِّ على أبيك، وكبر عليه خمساً وعشرين تكبيرة، فوضع سرير آدم، ثمّ قدّم هبة الله، وقام جبرئيل عن يمينه، والملائكة خلفهما، فصلّى عليه، وكبر عليه خمساً وعشرين تكبيرةً، وانصرف جبرئيل والملائكة، فحفروا له بالمسحاة، ثمّ أدخلوه في حفرته، ثم قال جبرئيل: يا هبة الله، هكذا فافعلوا بموتاكم، والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت.
فقال أبو جعفر (علیه السّلام) فقام هبة الله فى ولد أبيه بطاعة الله، وبما أوصاه أبوه، فاعتزل ولد الملعون قابيل، فلمّا حضرت وفاة هبة الله، أوصى إلى ابنه قينان، وسلّم إليه التابوت وما فيه، وعظام آدم، ووصيَّة آدم (علیه السّلام)، وقال له: إن أنت أدركت نبوّة نُوح فاتبعه، واحمل التابوت معك في فلكه، ولا تَخَلَّفَنَّ عنه، فإنّ في نبوّته يكون الطوفان والفرق، فمن رَكِب فى فلكه نجا، ومن تخلف عنه غرق.
قال: فقام قينان بوصيّة هبة الله في إخوته وولد أبيه بطاعة الله، قال: فلمّا حضرت قينان الوفاة أوصى إلى مهلائيل، وسلَّم إليه التابوت وما فيه والوصيّة، فقام مهلائيل بوصيَّة قينان، وسار بسيرته، فلما حضرت مهلائيل الوفاة أوصى إلى
ص: 31
ابنه يرد(1)، فسلَّم إليه التابوت وجميع مافيه والوصية، فتقدم إليه في نبوة نُوح، فلمّا حضرت وفاة يرد أوصى إلى ابنه أخنوخ - وهو إدريس - فسلم إليه التابوت وجميع ما فيه والوصيّة، فقام أخنوخ بوصيّة يرد، فلمّا قرب أجله أوحى الله إليه: أني رافعك إلى السماء، وقابض روحك في السماء، فأوص إلى ابنك خرقاسيل(2). فقام خر قاسيل بوصيَّة أخنوخ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نُوح، وسلَّم إليه التابوت وجميع ما فيه والوصيّة.
قال: فلم يزل التابوت عند نُوح حتى حمله معه في فلكه، فلما حضرت نوح الوفاة أوصى إلى ابنه سام، وسلَّم التابوت وجميع ما فيه والوصيّة.
قال حبيب السجستاني: ثم انقطع حديث أبي جعفر (علیه السّلام)عندها(3).
79/1238 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لما اكل آدم من الشجرة، أهبط إلى الأرض، فولد له هابيل وأخته توأم، ثم ولد قابيل وأخته توأم، ثمّ إنّ آدم (علیه السّلام) أمر هابيل و قابيل أن يُقرّبا قُرباناً، وكان هابيل صاحب غنم، وكان قابیل صاحب زَرْع، فقرّب ها بيل كَبْشاً من أفضل غَنّمه، وقرّب قابيل من زرعه ما لم يَكُن يُنَفّى، كما أدخل بيته فتقبل قربان هابيل ولم يُتقبل قُربان قابيل، وهو قول الله : ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَى ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّل مِنَ الآخَرِ﴾ [27] الآية، وكان القربان تاكله النار، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتاً، وهو أول من بنى بيوت النار، فقال: لأعبدنّ هذه النار حتى يُتَقَبَّل قُرباني.
ثمَّ إنَّ إبليس عدو الله أتاه وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق،
ص: 32
فقال له: يا قابيل، قد تقبل قربان هابيل، ولم يُتَقَبَّل قربانك، وإنك إن تركته يكون له عَقِب يفتخرون على عقبك، ويقولون: نحن أبناء الذي تُقبل قربانه، وأنتم أبناء الذي تُرِك قُربانه، فاقتله لكي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك، فقتله.
فلما رجع قابيل إلى آدم، قال له: يا قابیل، این هابیل؟ فقال: اطلبوه حيث قربنا القربان، فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلاً، فقال آدم: لعنتِ من أرض كما قبلتِ دم هابیل، فبکی آدم على هابيل أربعين ليلة.
ثمّ إنَّ آدم سأل ربَّه ولداً، فولد له غُلام فسمّاه هبة الله، لأنَّ الله وَهَبه له وأخته توأم، فلمّا انقضت نبوّة آدم (علیه السّلام)، وأستكمل أيامه، أوحى الله تعالى إليه أن يا آدم قد قضيت نَبوّتك، واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك، عند هبة الله ابنك، فانّي لم أقطع العلم والإيمان والاسم الأعظم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك إلى يوم القيامة، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالِمٌ يُعرف به ديني، وتُعرَف به طاعتي، ويكون نجاةً لمن يُولد فيما بينك وبين نُوح.
وبَشِّر آدم بنُوح، وقال (علیه السّلام): إنَّ الله باعث نبياً اسمه نُوح، فانه يدعو إلى الله، ويكذبه قومه، فيُهلكهم الله بالطُّوفان، فكان بين آدم ونوح عشرة آباء، كُلُّهم أنبياء، وأوصى آدم إلى هبة الله أن من أدركه منكم فليؤمن به، وليتبعه وليصدّق به، فانّه ينجو من الغرق.
ثمّ إنَّ آدم مرض المَرْضَة التي مات فيها، فأرسل هبة الله فقال له: إن لقيت جبرئيل ومن لقيت من الملائكة فاقرأه مني السلام، وقل له: يا جبرئيل، إن أبي يستهديك من ثمار الجنّة. فقال جبرئيل: يا هبة الله، إن أباك قد قبض صلوات الله عليه، وما نزلنا إلا للصلاة عليه فارجع، فرجع فوجد آدم قد قبض، فأراه
ص: 33
جَبْرَئيل (علیه السّلام)كيف يُغسله، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه، قال هبة الله: يا جَبْرَئيل، تقدّم فصلِّ على آدم، فقال له جبرئيل: إنَّ الله أمرنا أن نَسْجُد لأبيك آدم وهو في الجنّة، فليس لنا أن نوم شيئاً من ولده، فتقدَّم هبة الله فصلّى على أبيه آدم، وجَبْرَئيل خلفه وجُنُود الملائكة، وكبر عليه ثلاثين تكبيرةً، فأمره جَبْرَئيل فرفع من ذلك خمساً وعشرين تكبيرةً، والسُّنَّة اليوم فينا خمس تكبيرات، وقد كان يكبر على أهل بدر تسعاً وسيعاً.
ثمَّ إن هبة الله لمّا دَفَن آدم (علیه السّلام) أتاه قابيل، فقال: يا هبة الله، إنِّي قد رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخصُّ به أنا، وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتُقبل منه قُربانه، وإِنَّما قَتَلْتُه لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي، فيقولون: نحن أبناء الذي تُقبل منه قربانه، وأنتم أبناء الذي تُرِك قُربانه، وإنَّك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئاً، قَتَلْتُك كما قَتَلتُ أخاك هابيل.
فلَيتَ هبة الله والعَقِب من بعده مُسْتَخْفِين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار العلم والنبوّة، حتى بعث الله نُوحاً، وظهرت وصيّة هبة الله حين نظروا في وصية آدم، فوجدوا نُوحاً نبياً قد بشر به أبوهم آدم، فآمنوا به واتَّبعوه وصدقوه، وقد كان آدم أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كُلّ سنةٍ، فيكون يوم عيدهم، فيتعاهدون بعث نُوح وزمانه الذي يخرج فيه، وكذلك في وصيّة كلّ نبي حتّى بعث الله محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم)(1).
80/1239 - قال هشام بن الحكم: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): لما أمر الله آدم أن يوصي إلى هبة الله، أمره أن يَسْتُر(2) ذلك، فَجَرت السنة في ذلك بالكتمان، فأوصي
ص: 34
إليه وأسر ذلك(1).
1240 / 81- عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إنَّ قابيل ابن آدم مُعلَّق بقرونه في عين الشمس، تدور به حيث دارت في زمهريرها وحميمها إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة صيّره الله إلى النار(2).
1241 / 82- عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : ذكر ابن آدم القاتل، قال: فقلتُ له: ما حاله، أمن أهل النار هو ؟ فقال: سُبحان الله ! الله أعدل من ذلك أن يجمع عليه عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة(3).
83/1242- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (علیه السّلام)، قال: إن ابن آدم الذي قتل أخاه، كان قابيل الذي وُلد في الجنَّة(4).
1243 / 84 - عن سليمان بن خالد، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): جعلت فداك ، إنَّ الناس يَزْعُمون أن آدم زوج ابنته من ابنه؟
ص: 35
فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): قد قال الناس في ذلك، ولكن يا سليمان، أما علمت أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: لو علمت أنّ آدم زوج ابنته من ابنه، لزوجت زينب من القاسم، وما كنت لأرغب عن دين آدم.
فقلتُ: جعلت فداك، إنَّهم يَزْعُمون أنَّ قابيل إنَّما قَتل هابيل، لأنهما تَغَايرا على أختهما ؟
فقال له: يا سليمان، تقول هذا! أما تستحيي أن تروي هذا على نبي الله آدم؟
فقلتُ : جُعِلت فداك، ففيم قتل قابيل هابيل؟
فقال: في الوصيَّة، ثم قال لي: يا سليمان، إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم: أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغَضب، فقال: أنا أولى بالكرامة والوصيَّة، فأمرهما أن يُقرّبا قُرباناً بوحي من الله إليه ففعلا، فقبل الله قربان هابیل فحسَده قابیل فقتله.
فقلت له: جُعلتُ فداك، فممَّن تناسل ولد آدم، هل كانت أنثى غير حوّاء، وهل كان ذَكَرٌ غير آدم؟
فقال: يا سليمان، إنَّ الله تبارك وتعالى رَزَق آدم من حوّاء قابيل، وكان ذكر ولده من بعده هابيل، فلما أدرك قابيل ما يُدرك الرجال، أظهر الله له جنّيّة، وأحى إلى آدم أن يُزوّجها قابيل، ففعل ذلك آدم، و رضى بها قابيل وقنع، فلما أدرك هابيل ما يُدرك الرجال، أظهر الله له حوراء، وأوحى الله إلى آدم أن يُزوّجها من هابيل، ففعل ذلك، فقُتِل هابيل والحوراء حامل، فولدت غُلاماً، فسماه آدم (علیه السّلام) هبة الله، فأوحى الله إلى آدم (علیه السّلام) أن ادفع إليه الوصية واسم الله الأعظم، وولدت حوّاء غُلاماً فسماه آدم شيث بن آدم، فلما أدرك ما يُدرك الرجال، أهبط الله له حوراء، وأوحى إلى آدم أن يُزوّجها من شيث بن آدم، ففعل فولدت الحوراء
ص: 36
جارية، فسماها آدم حورة، فلما أدركت الجارية زوّج آدم حورة بنت شيث من هبة الله بن هابيل فنشل آدم منهما، فمات هبة الله بن هابيل، فأوحى الله إلى آدم أن ادفع الوصيَّة واسم الله الأعظم، وما أظهرتك عليه من علم النبوّة، وما علمتك من الأسماء إلى شيث بن آدم، فهذا حديثهم يا سليمان(1).
1244 / 85 - عن حُمران بن أعين، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام)، قول الله تعالى ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ إلى قوله: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾؟ [32].
قال: منزلةٌ في النّار، إليها انتهى شدة عذاب أهل النار جميعاً، فيُجْعَل فيها.
قلت: وإن كان قتل اثنين؟ قال: ألا ترى أنَّه ليس في النار منزلةٌ أشدّ عذاباً منها؟ قال: يكون يُضاعَف عليه بقدر ما عَمِل.
قلت: فَمَنْ أحياها؟ قال: نَجَاها من غَرَقٍ أو حَرقٍ أو سبع أو عدوا ثم سكت، ثم التفت إليّ، فقال: تأويلها الأعظم، دعاها فاستجابت له(2).
1245 / 86 - عن سماعة، قال: قلتُ: قول الله تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾؟
قال: من أخرجها من ضلالٍ إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها(3).
1246 / 87 - عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿مَن قَتَلَ ، نَفْساً... فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾ ، قال : وادٍ فى جهنَّم لو قتل الناس جميعاً كان
ص: 37
فيه، ولو قتل نفساً واحدةً كان فيه(1).
88/1247- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾.
فقال: له في النار مقعد، لو قتل الناس جميعاً لم يُزَد على ذلك العذاب.
قال : ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ لم يقتلها، أو أنجى من غرق أو حرق، وأعظم(2) من ذلك كلّه يُخْرِجها من ضلالةٍ إلى هدى(3).
89/1248 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا الله فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَميعاً﴾ ، قال : من استخرجها من الكفر إلى الإيمان(4).
1249 / 90 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه، ونفي من تلك البلدة، ومن شهر السلاح في غير الأمصار وضَرَب وعَقَر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب، جزاؤه جزاء المحارب، وأمره إلى الإمام، إن شاء قتله وصلبه، وإن شاء قطع يده ورجله.
قال: وإن حارب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمين بالسرقة، ثمّ يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثمّ يقتلونه.
فقال له أبو عبيدة: أصلحك الله، أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول ؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إن عفوا عنه فعلى الإمام أن يقتله، لأنه قد حارَبَ وقَتَل وسَرَق.
فقال له أبو عبيدة : فان أراد أولياء المقتول أن يأخُذوا منه الدِّيَة ويَدَعُونه،
ص: 38
ألهم ذلك؟ قال: لا، عليه القتل(1).
91/1250 - عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: قدم على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قوم من بنى ضَبَّة مرضى، فقال لهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أقيموا عندي ، فاذا قويتم بعثتكم فى سَريَّة.
فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، ويأكُلُون من ألبانها، فلمّا برئوا واشتدّوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الإبل، وساقوا الإبل، فبلغ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فبعث إليهم عليا (علیه السّلام)، وهم في وادٍ قد تحيّروا، ليس يَقْدِرون أن يَخْرُجوا عنه، قريب من أرض اليمن، فأخذهم فجاء بهم إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ونزلت عليه ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى قوله : ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [33]، فاختار رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف(2).
92/1251 - عن أحمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين، قال: قطع الطريق بجلولاء(3) على السابلة(4) من الحُجّاج وغيرهم، وأفلت القطاع، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب إلى العامل الذي كان بها: أتأمن الطريق بذلك، فقطع على طرف(5)
ص: 39
أذن أمير المؤمنين، ثمّ انفلت القطاع، فان أنت طلبت هؤلاء وظفرت بهم، وإلا أمرت بأن تُضْرَب ألف سوط، ثمّ تُصْلَب بحيث قُطع الطريق.
قال وطلبهم العامل حتى ظفر بهم، واستوثق منهم، ثم كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء وفيهم ابن أبي دؤاد(1)، ثمّ سأل الآخرين عن الحكم فيهم، وأبو جعفر محمد بن علي الرضا (علیه السّلام) حاضر ، فقالوا: قد سبق حكم الله فيهم في قوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَن يقتلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَو تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ ولأمير المؤمنين أن يحكم بأيّ ذلك شاء فيهم.
قال: فالتفت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) فقال له: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال: قد تكلَّم هؤلاء الفقهاء، والقاضي بما سمع أمير المؤمنين.
قال: وأخبرني بما عندك. قال: إنَّهم قد أضلوا فيما أفتوا به، والذي يجب في ذلك أن يَنظُر أمير المؤمنين فى هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فان كانوا أخافوا السبيل فقط، ولم يَقْتُلُوا أحداً، ولم يأخُذوا مالاً، أمر بإيداعهم الحبس، فانّ ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل. وإن كانوا أخافوا السبيل، وقتلوا النفس، أمر بقتلهم، وإن كانوا أخافوا السبيل، وقتلوا النفس، وأخذوا المال، أمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم بعد ذلك، قال: فكتب إلى العامل بان يُمثل(2) ذلك فيهم(3).
ص: 40
93/1252 - عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَساداً﴾، قال: ذلك إلى الإمام، يعمل فيه بما شاء.
قلت: ذلك مفوّض إلى الإمام؟ قال: لا، بحق الجناية(1).
1253 / 94 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ ، قال : الإمام في الحكم فيهم بالخيار، إن شاء قتل: وإن شاء صَلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى من الأرض(2).
95/1254 - عن زرارة ، عن أحدهما ، في قوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ الله ، يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى قوله : ﴿أَوْ يُصَلَّبُوا﴾ الآية، قال: لا يُبايع، ولا يُؤتى بطعام، ولا يُتَصَدِّق عليه(3).
96/1255 - عن جميل بن دَرّاج، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية إلى آخرها، أي شيءٍ عليهم من هذا الحد الذي سمّى ؟ قال : ذلك إلى الإمام، إن شاء قطع، وإن شاء صلب، وإن شاء قتل، وإن شاء نفي.
قلت: النفي إلى أين؟ قال: من مصر إلى مصرٍ آخر، وقال: إنَّ علياً (علیه السّلام) قد
ص: 41
نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة(1).
97/1256 - عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت : الرجل يخرج : من منزله إلى المسجد يُريد الصلاة ليلاً، فيستقبله رجل فيضربه بعصا، ويأخُذ ثوبه؟ قال: فما يقول فيه من قبلكم؟ قال: يقولون : إنَّ هذا ليس بمحارب، وإنَّما المحارب فى القُرى المُشركيّة، وإنَّما هي دَغارة(2).
قال: فأيهما أعظم حُرمة دار الإسلام، أو دار الشرك؟ قال: قلتُ: لابل دار الإسلام. فقال: هؤلاء من الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى آخر الآية(3).
98/1257 - وفى رواية سماعة، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : إذا زنى الرجل يُجلد، وينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جُلد بها إلى غيرها سَنَةً، وكذلك ينبغي للرجل(4) إذا سرق وقطعت يده(5).
1258 / 99 - عن أبي إسحاق(6) المدايني، قال: كنتُ عند أبي الحسن (علیه السّلام) إذ دخل(7) عليه رجل فقال له: جعلت فداك، إنَّ الله يقول: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى ﴿أَوْ يُنفَوْا﴾؟ فقال : هكذا قال الله تعالى.
فقال له: جُعِلتُ فِداك ، فأي شيءٍ الذي إذا فعله استحق واحدةً من هذه الأربع؟
ص: 42
قال: فقال له أبو الحسن (علیه السّلام): أربع، فخُذ أربعاً بأربع، إذا حارب الله ورسوله وسعى فى الأرض فساداً فقتل قتل، فان قتل وأخذ المال قُتِل وصلب، وإن أخذ المال ولم يَقْتُل قُطعت يده ورجله من خلاف، وإن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً ولم يقتل ولم يَأخُذ المال نفى من الأرض.
فقال له الرجل: جُعِلت فداك، وما حد نفيه ؟
قال: يُنفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى غيره، ثمّ يُكتب إلى أهل ذلك العصر أن يُنادى عليه بأنه منفى، فلا تُؤاكلوه، ولا تُشاربوه، ولا تناكحوه، فإذا خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك، فيفعل به ذلك سنة، فانّه سيتوب من السنة وهو صاغر.
فقال له الرجل: جُعِلت فداك، فإن أتى أرض الشِّرك فدخلها؟ قال : يُضْرَب عُنقه إن أراد الدخول في أرض الشِّرك(1).
100/1259 - وفي رواية أبي إسحاق المدايني، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قلت: فان توجّه إلى أرض الشِّرك فيَدْخُلها؟ قال: قُوتِل أهلها(2).
101/1260 - عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام)يقول : عدو علي (علیه السّلام) هم المُخَلّدون في النار، قال الله: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾(3)[37].
102/1261 - عن منصور بن حازم، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): (وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ من النار)؟ قال: أعداء على هم المخلدون في النار أبد الآبدين ودهر
ص: 43
الداهرين(1).
103/1262 - عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً﴾ [38]، وقال: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾(2)، قال: فامسح على كفيك من حيث موضع القطع، قال: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾(3).
104/1263 - قال(4): وكتب إلينا أبو محمد يذكر عن ابن أبي عمیر(5)، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عامة أصحابه، يرفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام)، أنه كان إذا قطع السارق، ترك له الإبهام والراحة.
فقيل له: يا أمير المؤمنين تركت عامة يده؟ قال: فقال لهم: فان تاب، فبأي شيءٍ يتوضّاً؟ لأنَّ الله يقول: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ الله... فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(6)[38 و 39].
105/1264 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، عن رجل سَرَق فقطعت يده
ص: 44
اليمنى، ثمّ سَرَق فقطعت رجله اليسرى، ثمّ سرق الثالثة، قال: كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يُخلّده فى السجن، ويقول: إنّي لاستحيي من ربي أن أدعه بلايد يستنظف بها، ولا رجل يمشي بها إلى حاجته، قال: وكان إذا قطع اليد قطعها دون المَفْصِل، وإذا قطع الرجل قطعها دون الكعبين، قال: وكان لا يرى أن يُغفل عن شيء من الحدود(1).
106/1265 - عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه قال: إذا أخذ السارق قطع ، من وسط الكفّ، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فان عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قُتِل(2).
107/1266 - عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (علیهم السّلام)، أنه أتي بسارق فقطع يده، ثمّ أتي به مرةً أخرى فقطعَ رجله اليسرى، ثمّ أتي به ثالثة، فقال: إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يداً يأكل بها، ويشرب بها، ويستنجي بها، ورجلاً يمشي عليها، فجلده و استودعه السجن، وأنفق عليه من بيت المال(3).
108/1267 - عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السّلام)، أنه قال: لا يُقْطَع السارق حتّى يُقرّ بالسرقة مرتين، فإن رجع ضَمِن السَّرقة، ولم يُقطَّع إذا لم يكن له شُهُود(4)
109/1268 - عن السكوني، عن جعفر ، عن أبيه (علیهم السّلام)، قال : لا يُقْطَع إلا من نَقَب بيتاً، أو كسر قفلاً(5)
ص: 45
110/1269 - عن زرقان(1) صاحب ابن أبي دؤاد(2)وصديقه بشدة، قال: رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددتُ اليوم أنّي قد مُتُ منذ عشرين سنة. قال: قلت له: ولم ذاك؟ قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم
قال: قلت له: وكيف كان ذلك؟ قال: إنَّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، وقد أحضر محمد ابن عليّ، فسألنا عن القطع، في أي موضع يجب أن يُقطَع. قال: فقلتُ: من الكرسوع(3).
قال: وما الحُجَّة فى ذلك؟ قال: قلتُ: لأنَّ اليد هي الأصابع والكف إلى الكُرسُوع، لقول الله تعالى في التيمم : ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾(4) واتَّفق : معي على ذلك قوم.
وقال آخرون: بل يجب القطع من المَرْفق(5)، قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنَّ الله لمّا قال: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾(6) في الغسل، دلّ ذلك على أن حد اليد هو المَرْفق.
ص: 46
قال: فالتفت إلى محمّد بن علي، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه، يا أمير المؤمنين. قال: دعني ممّا تكلموا به، أيّ شيءٍ عندك؟ قال: أعفني عن هذا، يا أمير المؤمنين.
قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه، فقال: أما إذا أقسمت عليّ بالله، إنّي أقول إنّهم أخطئوا فيه السُّنَّة، فانّ القطع يجب أن يكون من مَفْصِل أصول الأصابع، فيُترك الكَفِّ.
قال: وما الحُجَّة في ذلك ؟ قال : قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين» فاذا قطعت يده من الكُرْسُوع أو المَرْفِق ، لم يبقَ له يدٌ يَسْجُد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلهِ﴾ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يُسْجَد عليها ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً﴾(1)، وما كان الله لم يُقْطَع.
قال: فأعجب المعتصم ذلك، وأمر بقطع يد السارق من مَفْصِل الأصابع دون الكف. قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي وتمنيت أني لم أكُ حيّاً.
قال زرقان(2): إن ابن أبي دؤاد قال: صرتُ إلى المعتصم بعد ثلاثة، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة، وأنا أكلمه(3) بما أعلم أني أدخل به النار. قال: وما هو ؟
قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيَّنه وعلماءهم لأمرٍ واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك،
ص: 47
وقد حضر المجلس أهل بيته وقواده(1) ووزراؤه وكتابه، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثمّ يترك أقاويلهم كُلّهم لقول رجل يقول شَطر هذه الأمة بامامته، ويَدَّعون أنه أولى منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟!
قال: فتغيَّر لونه، وانتبه لما نبهته له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً.
قال: فأمر يوم الرابع فلاناً من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله، فدعاه فأبى أن يجيبه، وقال: قد علمت أنّي لا أحضر مجالسكم. فقال: إنّي إنَّما أدعوك إلى الطعام، وأحبُّ أن تطأ ثيابي(2)، وتدخل منزلى، فأتبرك بذلك، وقد أحب فلان ابن فلان من وزراء الخليفة لقاءك: فصار إليه فلمّا أطعم منها أحسّ السم، فدعا بدايته، فسأله ربَّ المنزل أن يُقيم، قال: خُروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك وليله في خِلْفَةٍ(3) حتى قبض (علیه السّلام)(4).
111/1270- عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنَّ الله إذا أراد بعبد خیراً نكت في قلبه نكتةً بيضاء، وفتح مسامع قلبه، ووكَّل به ملكاً يُسدّده، وإذا أراد الله بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه، ووکل به شيطاناً يُضِلُّه، ثم تلا هذه الآية ﴿فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾(5) الآية، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّت عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾(6) وقال: ﴿أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾
ص: 48
قُلُوبَهُمْ﴾(1)[41].
112/1271 - عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: ثَمَن الكَلْب سخت، والسُّحتُ في النار(2).
113/1272 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى (علیهما السّلام)، قال: السُّحْت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجّام(3)، وأجر الزانية، وثمن الخمر، فأما الرّشا في الحكم فهو الكفر بالله(4).
1273 / 114 - عن جراح المدايني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من أكل السُّحت: الرَّشوة في الحكم ، وعنه (علیه السّلام): ومهر البغي(5).
1274 / 115 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت، وقال: لا بأس بثمن الهرة(6).
116/1275 - عن عمّار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الغلول.
فقال: كلُّ شيءٍ غُلّ عن الإمام فهو السُّخت، وأكل مال اليتيم شبهه(7)، والسُّخت أنواع كثيرة، منها ما أصيب من أعمال الولاة الظُّلمة، ومنها أجور القضاة، وأجور الفواجر ، وثَمَن الخمر، والنبيذ المسكر ، والرّبا بعد البينة، فأما الرّشا في
ص: 49
الأحكام يا عمّار، فانّ ذلك الكفر بالله وبرسوله(1).
117/1276 - عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (علیهما السّلام) أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجيء به الصبيان من القمار أن يُؤكل، وقال: هو الشخت(2).
118/1277 و باسناده عن أبيه، عن علي (علیه السّلام)، أنه قال: إنَّ السُّحت ثَمَن الميتة. وثَمن الكلب، وثَمَن الخمر(3)، ومهر البغي، والرَّشوة في الحكم، وأجر الكاهن(4).
119/1278 - عن مالك الجهني، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورٌ﴾ إلى قوله : ﴿بِمَا أَسْتُحفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ﴾ [44]، قال: فينا نزلت(5).
120/1279 - عن أبي عمر والزبيري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): أَنَّ ممّا أَسْتُحِقَّت به الامامة: التطهير، والطهارة من الذنوب والمعاصي الموبقة التي توجب النار، ثمّ العِلم المُنوّر(6) بجميع ما تحتاج إليه الأمة من حلالها وحرامها، والعلم بكتابها خاصه وعامه، والمُحكم والمُتَشَابَه، ودقائق علمه، وغرائب تأويله، وناسخه و منسوخه.
قلت : وما الحُجَّة بأنَّ الإمام لا يكون إلا عالماً بهذه الأشياء الذي ذكرت؟
قال: قول الله في من أذن الله لهم في الحكومة وجعلهم أهلها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
ص: 50
وَالأَخْبَارُ﴾ فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يرثون(1) الناس بعلمهم، وأما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين، ثمّ أخبر فقال: ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ [44] ولم يقل بما حملوا منه(2).
121/1280 - عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله ، عن أبيه، عن آبائه (علیهم السّلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): من حكم في دِرْهَمين حكم جور ثم جبر(3) عليه، كان واله وسلم . من أهل هذه الآية ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾ [44].
فقلت: يا ابن رسول الله : وكيف : [يجبُرُ](4) عليه؟ قال: يكون له سوط وسجن فيحكم عليه، فإن رضي بحكومته، وإلا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه(5).
122/1281 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من حَكَم في دِرْهَمين بغير ما أنزل الله فقد كفر، ومن حكم في دِرْهَمين فأخطأ كفر(6).
123/1282- عن أبي بصير بن علي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سمعته يقول: من حكم في دِرْهَمين بغير ما أنزل الله، فهو كافر بالله العظيم(7).
1283 / 124 - عن بعض أصحابه ، قال : سَمِعتُ عمّاراً يقول على منبر الكوفة: ثلاثة يَشْهَدون على عُثمان أنه كافر، وأنا الرابع، وأنا أسمى الأربعة، ثم قرأ هؤلاء الآيات في المائدة ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾
ص: 51
و ﴿...الظَّالِمُونَ﴾(1) و ﴿... الفَاسِقُونَ﴾(2).
125/1284 - عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال علي (علیه السّلام): من قضى في دِرْهَمين بغير ما أنزل الله ، فقد كفر(3).
126/1285 عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في دِيَةِ الأنف إذا استؤصل مائة من الإبل: ثلاثون حقه، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، ودية العين إذا فُقِئت خمسون من الإبل، وديّة ذكر الرجل إذا قطع من الحشفة مائة من الإبل، على أسباب الخطأ دون العَمْد، وكذلك ديّة الرّجل، وكذلك دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، وكذلك دِيّة الأذن إذا قطعت فجُدِعت خمسون من الإبل.
قال: وما كان ذلك من جُرُوح أو تنكيل فيَحْكُم به ذو عدل منكم، يعني به الإمام، قال: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾(4).
127/1286 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : دية الأنف إذا استؤصل مائة من الإبل، والعين إذا فُقِئت خمسون من الإبل، واليد إذا قطعت خمسون من الإبل، وفي الذكر إذا قطع مائة من الإبل، وفي الأذن إذا جدعت خمسون من الإبل، وما كان من ذلك جروحاً دون المثلات(5)، والإصبع وشبهه، يحكم به ذو عدلٍ منكم ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾(6).
ص: 52
128/1287- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من حكم في دِرْهَمين بغير ما أنزل الله، فقد كفر.
قلت: كفر بما أنزل الله، أو بما أنزل على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ قال: ويلك إذا كفر بما أنزل على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، أليس قد كفر بما أنزل الله(1)؟
129/1288 - عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، قال : إنَّ الله بعث محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) بخمسة أسياف، سيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا، فأما السيف المغمود فهو الذي يُقام به القصاص، قال الله جل وجهه: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾[45] الآية، فسلّه إلى أولياء المقتول، وحكمه إلينا(2).
130/1289 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾؟ [45]. قال: يُكَفَّر عنه من ذُنُوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره(3).
131/1290 - عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : قد فرض الله في الخُمس نصيباً لآل محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حَسَداً ، وعداوة، وقد قال الله: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ [47] وكان أبو بكر أوّل من منع آل محمّد (علیهم السّلام) حقهم، وظلمهم، وحمل الناس على رقابهم، ولما قبض أبو بكر استخلف عمر على غير شورى من المسلمين، ولا رضا من آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فعاش عمر بذلك لم يُعط آل محمّد حقهم، وصنع ما صنع أبو بكر(4).
132/1291 - عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: لا يُحلّف
ص: 53
اليهودي، ولا النصراني، ولا المجوسي بغير الله، إنَّ الله يقول: ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ﴾(1) [48] .
133/1292 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إن الحكم حكمان: حكم الله ، وحكم الجاهلية، ثم قال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [50] ، قال: فأشهد أن زيداً(2) قد حَكَم بحكم الجاهلية، يعني في الفرايض(3).
1293 / 134 - عن داود الرقي، قال: سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) رجل وأنا حاضر، عن قول الله سبحانه وتعالى: ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [52].
فقال: أذن في هلاك بني أميَّة بعد إحراق زيد بسبعة أيام(4).
135/1294 - عن أبي بصير ، قال : أبو جعفر (علیه السّلام) يقول: إن الحكم بن عتيبة(5) وسلمة، وكثير النواء، وأبا المقدام، والتمار - يعني سالماً(6) - أضلُّوا كثيراً ممَّن ضَلَّ
ص: 54
من هؤلاء الناس، وإنَّهم ممَّن قال الله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾(1) وإنَّهم ممَّن قال الله: ﴿أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ يحلفون بالله ﴿إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾(2)[53].
1295 / 136 - عن سلیمان بن هارون قال : قلتُ له : إنَّ بعض هذه العِجَلَة(3) يقولون: إنَّ سيف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عند عبد الله بن الحسن ؟
فقال: والله ما رآه هو ولا أبوه بواحدةٍ من عينيه، إلا أن يكون رآه أبوه عند الحسين (علیه السّلام)، وإن صاحب هذا الأمر محفوظ له، فلا تذهبنَّ يميناً ولا شمالاً، فانَّ الأمر والله واضح، والله لو أنَّ أهل السماء والأرض اجتمعوا على أن يُحوّلوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا، ولو أنَّ الناس كفروا جميعاً حتّى لا يبقى أحدٌ لجاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون من أهله.
ثم قال: أما تسمع الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ﴾ ؟ [4] حتى فرغ من الآية - وقال في آية أخرى: ﴿فَإِن يَكْفُر بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾(4) ثم قال: إنَّ أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية(5).
ص: 55
1296 / 137 - عن بعض أصحابه، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن هذه الآية ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ﴾ قال: الموالي(1).
1297 / 138 - عن خالد بن يزيد عن المعمر بن المكي، عن إسحاق بن عبد الله ابن محمد بن علي بن الحسين (علیه السّلام)، عن الحسن بن زيد، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُ عمّار بن ياسر يقول: وقف لعلي بن أبي طالب (علیه السّلام) سائل وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه، فأعطاء السائل، فأتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأعلمه بذلك، فنزل على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) هذه الآية ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [55] فقرأها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) علينا ، ثم قال: «من كنت مولاه، فعلی مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه»(2).
139/1298 - عن ابن أبي يعفور ، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أعرض عليك ديني الذي أدينُ الله به؟ قال: هاته.
قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وأقرّ بما جاء به من عند الله، قال: ثمّ وصفت له الأئمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر (علیه السّلام)، قلت : وأقرّ بك ما أقول فيهم، فقال: أنهاك أن تذهب باسمي في الناس.
قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الكلام الأول: وأزعم أنهم الذين قال الله في القرآن ﴿أَطِيعُو اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنكُمْ﴾(3).
ص: 56
فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): والآية الأخرى فاقرأ .
قال: قلتُ له: جُعِلت فداك، أي آية؟
قال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ .
قال: فقال: رَحِمك الله. قال: قلت: تقول: رحمك الله على هذا الأمر؟ قال: فقال: رحمك الله على هذا الأمر(1).
140/1299 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : بينا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جالس في بيته، وعنده نفر من اليهود - أو قال: خمسة من اليهود - فيهم عبدالله بن سلام، فنزلت هذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(2) فتركهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في منزله، وخرج إلى المسجد، فإذا بسائل، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أصَّدَّق عليك أحدٌ بشيءٍ؟ قال: نعم، هو ذاك المُصلّى، فاذا هو على (علیه السّلام)(3).
141/1300 - عن المفضَّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال: إنه لما نزلت هذه الآية ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ شق ذلك على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، وخشي أن تُكذِّبه قريش، فأنزل الله ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾(4)الآية، فقام بذلك يوم غدير خم(5).
ص: 57
142/1301 - عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: إنَّ الله أوحى إلى أن أحبّ أربعة: علياً، وأباذر، وسلمان ، والمقداد.
فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس، أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟ فقال: بلى ثلاثة.
قلت: هذه الآيات التي أنزلت ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ وقوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنكُمْ﴾(1)، أما كان أحد يسأل فيمَ نزلت؟ فقال: من ثمَّ أتاهم، لم يكونوا يسألون(2).
143/1302 - عن المفضل، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ ، قال : هم الأئمة (علیهم السّلام)(3).
144/1303 - عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): لما نزلت هذه الآية بالولاية، أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بالدوحات، دوحات غدير خم، فقمت(4)، ثم نودي الصلاة جامعة.
ثمّ قال: أيُّها الناس، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى قال: فمن كنت مولاه فعلی مولاه، ربِّ وال من والاه، وعاد من عاداه.
ثم أمر الناس ببيعته، وبايعه الناس، لا يجيء أحد إلا بايعه، ولا يتكلَّم، حتّى جاء أبو بكر، فقال: يا أبا بكر بايع عليّاً بالولاية. فقال: من الله، أو من رسوله(5)؟
ص: 58
فقال: من الله ومن رسوله. ثمّ جاء عمر فقال: بايع علياً بالولاية. فقال: من الله، أومن(1) رسوله؟ فقال: من الله ومن رسوله. ثم تنّى عطفيه(2) فالتقيا(3)، فقال لأبي بكر: لشَدَّ ما يرفع بصبعي(4) ابن عمه !
ثمَّ خرج ها رباً من العسكر، فما لبث أن رجع إلى النبي عليه وآله السلام فقال: يا رسول الله، إني خرجت من العسكر لحاجة، فرأيتُ رجلاً عليه ثياب بيض لم أرَ أحسن منه، والرجل من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم ريحاً، فقال: لقد عقد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) علي عقداً لا يحله الا كافر.
فقال (صلی الله علیه و آله و سلم): يا عمر، أتدري من ذاك؟ قال: لا. قال: ذاك جبرئيل (علیه السّلام)، فاحذر أن تكون أوّل من تَحُلَّه فتَكفُر.
ثم قال أبو عبدالله (علیه السّلام) : لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل يشهدون لعليّ ابن أبي طالب (علیه السّلام)، فما قدر على أخذ حقه، وإن أحدكم يكون له المال، وله شاهدان، فيأخُذ حقه ﴿فَإِنَّ حَزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ﴾ [56] في علي (علیه السّلام)(5).
145/1304 - عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): إن عمر بن رياح زَعَم أنك قلت: لا طلاق إلا بينة؟
قال: فقال: ما أنا قلته بل الله تبارك وتعالى يقوله، إنا والله لو كُنا نُفتيكم
ص: 59
بالجور، لكنا أشدّ(1) منكم، إنَّ الله يقول: ﴿لَوْلَا يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَخْبَارُ﴾(2)[63].
146/1305 - عن هشام المشرقي، عن أبي الحسن الخراساني (علیه السّلام)، قال : إن الله كما وصف نفسه أحدٌ صَمَدٌ نورٌ، ثمّ قال: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [64].
فقلت له: أفله يدان هكذا - وأشرت بيدي إلى يده - فقال: لو كان هكذا، كان مخلوقاً(3).
147/1306 - عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام)عن قول الله : ﴿قَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [64].
قال: فقال: لا كذا - وقال بيده إلى عُنقه - ولكنَّهم يقولون ويعنون أنّ الله قد فرغ من الأشياء.
وفي رواية أُخرى عنه: يعنون أنه فرغ(4) من الأمر(5).
1307/148 - عن حماد، عنه، في قول الله : ﴿يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ﴾ يعنون أنه قد فرغ ممّا هو كائن ، لعنوا بما قالوا، قال الله عزّ وجلَّ ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾(6).
149/1308 - عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)(7) لها في قوله : ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً للْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله﴾ [64]، قال: كلَّما أراد جبار من الجبابرة هلكة آل محمد (علیهم السّلام)
ص: 60
قصمه الله(1).
1309 / 150 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِّنْ رَّبِّهِمْ﴾ [66] قال: الولاية(2).
151/1310 - عن أبي الصهباء البكري، قال: سمعت علي بن أبي طالب (علیه السّلام) دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى فقال: إني سائلكما عن أمرٍ، وأنا أعلم به منكما، فلا تكتماني. ثم دعا أسقف النصارى، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى، وجعل على رجله(3) البركة، وكان يُبرئ الأكمه والأبرص، وأزال ألم العين، وأحيى الميت، وصنع لكم من الطين طيوراً، وأنبأكم بما تأكلون وما تَدّخرون. فقال: دون هذا صدق.
فقال علي (علیه السّلام): بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟ فقال: لا والله إلا فرقة(4) واحدة.
قال علي (علیه السّلام): كذبت والله الذي لا إله إلا هو، لقد افترقت أُمة عيسى على اثنين وسبعين فرقة كُلّها في النار إلا فرقة واحدة، إنَّ الله يقول: ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا﴾ كانوا ﴿يَعْمَلُونَ﴾ [66] فهذه الَّتي تنجو(5).
152/1311 - عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول: تفرّقت أُمَّة موسى على إحدى وسبعين ملّة، سبعون منها في النار، وواحدة
ص: 61
في الجنَّة، وتفرقت أُمَّة عيسى على اثنين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون فرقة في النار، وواحدة في الجنَّة، وتعلو أُمّتي على الفرقتين جميعاً بملة، واحدة في الجنّة، وثنتان وسبعون في النار.
قالوا: مَنْ هم یا رسول الله ؟ قال : الجماعات الجماعات.
قال يعقوب بن زيد: كان علي بن أبي طالب (علیه السّلام) إذا حدث بهذا الحديث عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، تلا فيه قرآناً ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ ءَامَنُوا وَاتَّقُوا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾(1) وتلا أيضاً و ﴿مِمَّن خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ﴾(2) يعني أُمة محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
153/1312 - عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبدالله، قالا: أمر الله محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلم) أن ينصب عليّاً (علیه السّلام) للنّاس ليخبرهم بولايته، فتخوّف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أن يقولوا: جاء بابن عمه(4)، وأن يطغوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [67] فقام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بولايته يوم غدير خم(5).
1313 / 154 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لما نزل جبرئيل (علیه السّلام) على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلْعْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَّبِّكَ﴾ إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ثلاثاً حتى أتى الجحفة، فلم يأخُذ بيده فَرَقاً(6) من الناس.
ص: 62
فلما نزل الجُحفة يوم الغدير في مكان يقال له مَهْيعة(1)، نادى: الصَّلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجَهَر وا فقالوا: الله ورسوله. ثمّ قال لهم الثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثمّ قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي (علیه السّلام)، فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فانه منّي، وأنا منه، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي من بعدي(2).
155/1314 - عن عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) ابتداءً منه : العَجَبُ - يا أبا حَفْص - لما لقي علي بن أبي طالب (علیه السّلام)، أنه كان له عشرة آلاف شاهد، فلم يقدر على أخذ حقه، والرجل يأخُذ حقه بشاهدين، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) خرج من المدينة حاجاً، ومعه(3) خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة.
فلما انتهى إلى الجُحفة نزل جبرئيل (علیه السّلام) بولاية علي (علیه السّلام)، وقد كانت نزلت ولايته بمنيَّ، وامتنع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) من القيام بها لمكان الناس، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ ممّا كَرِهْتَ بینی، فأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فَقُمت السَّمرات(4) فقال رجلٌ من الناس: أما والله ليأتينكم بداهية.
ص: 63
فقلت لعمر(1): من الرجل؟ فقال: الحبشي(2).
156/1315 - عن زياد بن المنذر أبي الجارود، صاحب الدمدمة الجارودية(3)، قال: كنتُ عند أبي جعفر محمد بن علي (علیه السّلام) بالأبطح، وهو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة، يقال له عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يابن رسول الله ، جعلت فداك، إنّ الحسن البصري يُحدثنا حديثاً يَزْعُم أنّ هذه الآية نزلت في رجل، ولا يُخبرنا من الرجل ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس؟
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): ما له لا قضى الله دينه - يعني صلاته - أما إن لو شاء أن يُخبر به خبر به، إنَّ جَبْرَئيل (علیه السّلام) هبط على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال له: إن ربك تبارك وتعالى يأمرك أن تَدُلّ أمتك على صلاتهم، فدله على الصلاة، واحتج بها عليه، فدل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أمته عليه، واحتج بها عليهم.
ثمّ أتاه، فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تَدُلُّ أُمَّتك من زكاتهم على مثل ما دَلَلْتهم عليه من صلاتهم، فدله على الزكاة، واحتج بها عليه، فدل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أمته على الزكاة، واحتج بها عليهم.
ص: 64
ثم أتاه جبرئيل فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلُّ أُمّتك من صيامهم على مثل ما دَلَلْتهم عليه من صلاتهم وزكاتهم، شهر رمضان بين شعبان وشوال، يُؤتى فيه كذا، ويُجْتَنَب فيه كذا، فدله على الصيام، واحتج به عليه، فدل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أمته على الصيام، واحتج به عليهم.
ثم أتاه فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أُمتك في حجهم على مثل ما دلّلتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، فدله على الحج، واحتج به عليه، فدل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أمته على الحج، واحتج به عليهم. ثمّ أتاه فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تَدلُّ أُمتك من وليهم، على مثل ما دَلَلْتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم.
قال: فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): رب أمتي حديثو عهد بجاهلية، فأنزل الله له تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ تفسيرها: أتخشى الناس، فالله يعصمك من الناس.
فقام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأخذ بيد علي بن أبي طالب (علیه السّلام) فرفعها، فقال: من اللا كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذُل من خَذَله، وأحبّ من أحبه، وأبغض من أبغضه(1).
157/1316 - عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لما أنزل الله على نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِى القَوْمَ الكَافِرِينَ﴾، قال: فأخذ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بيد علي (علیه السّلام) فقال : يا أيُّها الناس، إنه لم يكن نبي من الأنبياء
ص: 65
ممّن كان قبل، إلا وقد عمّر ثم دعاء الله فأجابه، وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسؤول، وأنتم مسؤولون، فما أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك، فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين. فقال: اللهم أشهد.
ثم قال: يا معشر المسلمين، ليبلغ الشاهد الغائب، أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي (علیه السّلام)، ألا إن ولاية علي ولايتي(1) عَهْداً عهده إلي ربي، وأمرني أن أبلغكموه. ثمّ قال: هل سمعتم؟ - ثلاث مرات يقولها - فقال قائل: قد سَمِعنا يا رسول الله(2).
158/1317 - عن حُمران بن أغين، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُم عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَّبِكَ طُغْياناً وَكُفْراً﴾ [68]، قال: هو ولاية أمير المؤمنين (علیه السّلام)(3).
159/1318 - عن خالد بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [71]، قال: حيث كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بين أظهرهم ثمّ عَمُوا وصَمُّوا حيث قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم تاب الله عليهم حيث قام أمير المؤمنين (علیه السّلام)، قال : ثمّ عَمُوا وصَمّوا إلى الساعة(4).
160/1319 - عن زرارة، قال: كتبتُ إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، أنه «من أشرك بالله فقد وجبت له النار، ومن لم
ص: 66
يُشرك بالله فقد وجبت له الجنَّة».
قال: أما من أشرك بالله فهذا الشرك البين، وهو قول الله: ﴿مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [72]، وأما قوله: «من لم يُشرك بالله فقد وجبت له الجنَّة» قال أبو عبد الله (علیه السّلام): هاهنا النظر، هو من لم يعص الله(1).
1320/161 - عن أحمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، في قول الله: ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾ [75]، قال: كانا يَتَغَوَّطان(2).
162/1321- عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [78]، قال: الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى بن مريم (علیه السّلام)(3).
163/1322 - عن محمد بن الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [79].
قال: أما إنَّهم لم يَكُونوا يَدْخُلُون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وُجُوههم وأنسُوا بهم(4).
1323 / 164 - عن مروان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: ذكر النصارى وعداوتهم، فقال: قول الله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [82] .
قال: أولئك كانوا قوماً بين عيسى ومحمّد، ينتظرون مجي، محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(5).
ص: 67
165/1324 - عن عبد الله بن سنان، قال: سألته عن رجل قال: امرأته طالق، أو مماليكه أحرار، إن شربت(1) حراماً ولا حلالاً.
فقال: أما الحرام فلا يقربه حَلَف أو لم يَحْلِف، وأما الحلال فلا يتركه، فانّه ليس له أن يُحرّم ما أحل الله، لأنّ الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ﴾ [87] فليس عليه شيءٌ في يمينه من الحلال(2).
166/1325 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: قول الله: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [89] قال: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله، ولا يعقد قلبه على شيء(3).
167/1326 - وفي رواية أخرى عن محمد بن مسلم، قال: ولا يعقد عليها(4).
168/1327 - عن إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن إطعامِ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ، أو إطعام ستين مسكيناً، أيُجْمَع ذلك ؟ فقال : لا ، ولكن يُعطى إنسان إنسان، كما قال الله.
قال: قلتُ : فيُعطي الرجل قرابته، إذا كانوا محتاجين؟ قال: نعم.
قلت : فيُعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال: نعم، وأهل الولاية أحبّ إليّ(5).
1328/ 169 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال في اليمين في إطعام
ص: 68
عشرة مساكين: ألا ترى أنّه يقول : ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍ﴾ [89] فلعل أهلك أن يكون قُوتُهم لكُلّ إنسان دون المُد، ولكن يحسب في طحنه ومائه وعجينه، فاذا هو يُجزي لكُلِّ إنسانٍ مُد، وأمّا كُسوتهم فان وافقت به الشتاء فكسوته، وإن وافقت به الصيف فكسوته، لكُلِّ مسكين إزار ورداء، وللمرأة ما يُواري ما يَحْرُمُ منها: إزارٌ وخِمارٌ ودرع، وصوم ثلاثة أيام، إن شئت أن تصوم، إنّما الصوم من جَسَدك، ليس من مالك ولا غيره(1).
170/1329 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ في كَفَّارة اليمين. قال: ما يأكُل أهل البيت يُشبعهم(2) يوم، وكان يُعجبه مُدَّ لكلّ مسكين.
قلت: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾؟ قال : ثوبين لكل رجل(3).
171/1330- عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾، قال: قُوت عيالك، والقوت يومئذٍ مُد.
قلت: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ ، قال : ثوب(4).
172/1331 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام)، قال: سألته عن إطعام عشرة مساكين، أو ستين مسكيناً، أيُجمع ذلك لإنسانٍ واحد؟
قال: لا، أعطه واحداً واحداً، كما قال الله.
ص: 69
قال: قلت: أفيُعطيه الرجل قرابته؟ قال: نعم.
قال: قلت: أفيُعطيه الضُّعفاء من النساء من غير أهل الولاية؟ قال: أهل الولاية أحبُّ إليَّ(1).
173/1332 - عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال في كفارة اليمين : يُعطى كل مسكين مُدّاً، على قدر ما يقوت إنساناً من أهلك في كُلّ يوم، وقال: مُدّ من حنطة يكون فيه طَحنه وحَطَبه على كُلِّ مِسكين، أو كسوتهم ثوبين(2).
1333 / 174 - وفي رواية أخرى عنه: ثوبين لكُلِّ رجل، والرقبة تُعتق من المستضعفين في الذي يجب عليك فيه رَقَبة(3).
175/1334 - عن زرارة ، عن أبي عبد الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، قال في كفارة اليمين : عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، والإدام، والوسط(4): الخَلِّ والزيت وأرفعه: الخبز(5) واللحم، والصَّدقة مُدّ مُدّ لكل مسكين، والكسوة توبان، فمن لم يجد فعليه الصيام، يقول الله: ﴿فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍ﴾ ويصومهنَّ متتابعاً، ويجوز في عتق الكفّارة الولد(6)، ولا يجوز في عتق القتل إلا مُقرّة بالتوحيد(7)
176/1335 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في كفّارة اليمين : يُطعِم عَشَرة
ص: 70
مساكين، لكُلّ مسكين مُدَّ من حنطة(1)، ومُدّ(2) من دقيق، وحفنة(3)، أو كسوتهم، لكلّ إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، وهو في ذلك بالخيار، أي الثلاثة شاء صنع: فان لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه واجب، صيام ثلاثة أيام(4).
177/1336 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول : إن الله فوّض إلى الناس في كفّارة اليمين، كما فوَّض إلى الامام في المُحارب أن يصنع ما يشاء، وقال: كُلّ شيء في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار(5).
178/1337 - عن الزهري، عن علي بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : صيام ثلاثة أيام في لا كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الإطعام، قال الله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارة أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ كُلّ ذلك متتابع، ليس بمُتفرّق(6).
1338 / 179 - عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سُئل عن كفّارة اليمين في قول الله: ﴿فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّام﴾، ما حد من لم يجد، فهذا الرجل يسأل في كفّه وهو يجد؟
فقال: إذا لم يكن عنده فضل يومه(7) عن قوت عياله فهو لا يجد، وقال: الصيام ثلاثة أيام، لا يُفرّق بينهن(8).
ص: 71
1339 / 180 - عن أبي خالد القماط، أنه سمع أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في كفارة اليمين: من كان له ما يُطعم فليس له أن يصوم، أطعم عشرة مساكين مُدّاً مُداً، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام، أو عتق رقبة، أو كسوة، والكسوة ثوبان(1)، أي ذلك فعل أجزاً عنه(2).
181/1340 - قال علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات، وإطعام عشرة مساكين مد مد(3).
1341 / 182 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ، قال : صيام ثلاثة أيام في كَفَّارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهنَّ.
قال: وقال: كُلّ صيام يُفرّق إلا صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين، فإنّ الله يقول: ﴿صِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍ﴾ مُتَتابعات(4).
183/1342 - عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : يقول : الميسر : هو القمار(5).
1343 / 184 - عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُه يقول: إِنَّ الشَّطرنج والنَّرد وأربعة عشر(6) ، وكُل ما قُومِر عليه منها، فهو ميسر(7).
1344 / 185 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُه يقول: بينما
ص: 72
حمزة بن عبد المطلب (علیه السّلام) وأصحاب له على شراب لهم، يقال له السُّكْرُكَة(1)، قال : فتذاكروا السديف(2) فقال لهم حمزة: كيف لنا به؟ فقالوا: هذه ناقة أبن أخيك عليّ، فخرج إليها فَنَحَرها، ثمّ أخذ كَبِدها وسَنَامها، فأدخله عليهم.
قال: وأقبل علي (علیه السّلام) فأبصر ناقته، فدخله من ذلك، فقالوا له: عمّك حمزة صنع هذا، قال: فذهب إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فشكا ذلك إليه، قال: فأقبل معه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقيل لحمزة : هذا رسول الله بالباب. قال: فخرج حمزة وهو مُغضب، فلمّا رأى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الغضب في وجهه انصرف.
قال: فقال له حمزة: لو أراد ابن أبي طالب أن يقودك بزمام فَعَل، فدخل حمزة منزله، وانصرف النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، قال : وكان قبل أحد، قال: فأنزل الله تحريم الخمر، فأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بانيتهم فأكفئت.
قال: فنُودي في الناس بالخروج إلى أحد، فخرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وخرج الناس، وخرج حمزة، فوقف ناحيةً من النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، قال : فلمّا تصافُوا حَمَل حمزة في الناس حتى غاب(3) فيهم، ثم رجع إلى موقفه، فقال له الناس الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يا عمّ رسول الله، أن تذهب وفي نفس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عليك شيء، قال: ثم حمل الثانية حتّى غُيّب في الناس، ثم رجع إلى موقفه، فقالوا له: الله الله يا عم رسول الله، أن تذهب وفي نفس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عليك شيء. فأقبل إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فلما راه مقبلاً نحوه، أقبل إليه فعانقه، وقبل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ما بين عينيه، قال: ثمّ
ص: 73
حمل على الناس فاستشهد حمزة (رحمه الله علیه)، وكفنه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في نمرة(1).
ثم قال أبو عبدالله ال : نحو من ستر بابي هذا، فكان إذا غُطّي بها وجهه انكشف رجلاه، وإذا غُطّي رجلاه انكشف وجهه، قال: فغُطّي بها وجهه، وجُعِل على رجليه إذخر(2).
قال: فانهزم الناس وبقي علي (علیه السّلام)، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا علي، ما صنعت؟ قال: یا رسول الله، لزمت الأرض(3). فقال: ذلك الظن بك. قال: وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أنشدك يا ربّ ما وعدتني، فانك إن شئت لم تُعبد(4).
186/1345 - عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن النبيذ والخمر، بمنزلة واحدة هما ؟ قال : لا ، إنَّ النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إنَّ الله حرم الخمر قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) من الأشربة المُسكر ، وما حرّم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقد حرَّمه الله.
قلت: أرأيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: كان يضرب بالنعال، ويزيد كلَّما أتي بالشارب، ثمّ لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين، أشار بذلك على الله على عمر(5).
1346 / 187 - عن عبد الله بن جندب، عمَّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : الشَّطْرَنج مَيْسِر ، والنَّرْد مَيْسِر(6).
ص: 74
188/1347 - عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : الشطرنج والنَّرد منير(1).
189/1348 - عن ياسر الخادم، عن الرضا (علیه السّلام)، قال : سألته عن المَيْسِر ، قال : النّقل(2) من كُلِّ شيءٍ، قال الحسين(3): والنقل : ما يَخْرُج بين المُتَراهِنين من الدراهم وغيره(4).
190/1349 - عن هشام، عن الثقة، رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه قيل له : رُوي عنكم أنّ الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجال؟ فقال: ما كان الله ليُخاطب خَلْقه بما لا يعقلون(5).
191/1350 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مَظْعُون وقد شَرِب الخمر، وقامت عليه البينة، فسأل عليا (علیه السّلام)، فأمره أن يَجْلِده ثمانين.
فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، ليس عليَّ جلد، أنا من أهل هذه الآية ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [93] فقرأ الآية حتى استتمها . فقال له علي (علیه السّلام): كذبت، لست من أهل هذه الآية، ما طعم أهلها فهو لهم حلال، وليس يأكلون ولا يَشْرَبُون إلا ما يحل لهم.
ص: 75
192/1351 - عن ابن سنان عن أبي عبدالله (علیه السّلام) مثله، وزاد فيه: وليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحل الله لهم. ثمّ قال: إنَّ الشارب إذا ما شَرِب، لم يَدْرِ ما يأكل ولا ما يشرب، فاجْلِدُوه ثمانين جلدة(1).
193/1352 - عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في الخمر والنبيذ، قال: إنَّ النبيذ ليست بمزلة الخمر، إنَّ الله حرم الخمر بعينها، فقليلها وكثيرها حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الشَّراب من كُلِّ مُسكر، فما حرَّمه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقد حرمه الله .
قلت: فكيف كان ضرب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في الخمر ؟ فقال: كان يضرب بالنَّعل، ويزيد وينقص، وكان الناس بعد ذلك يزيدون وينقصون ليس بحد محدود حتى وقف عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) في شارب الخمر على ثمانين جلدة، حيث ضَرَب قُدامة بن مَظْعُون.
قال: فقال قدامة: ليس عليّ جلد، أنا من أهل هذه الآية ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّءَامَنُوا﴾ فقال له: كَذَّبت، ما أنت منهم، إن أولئك كانوا لا يشربون حراماً. ثمّ قال علي (علیه السّلام): إن الشارب إذا شرب فسكر لم يدر ما يقول وما يصنع وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إذا أتي بشارب الخمر ضربه، فاذا أتي به ثانيةً ضربه، فاذا أتي به ثالثةً ضرب عُنقه.
قلت: فإن أخذ شارب نبيذ مُسكر قد انتشى(2) منه؟ قال: يُضْرَب ثمانين جلدة، فان أخذ ثالثةً قُتِل كما يُقتل شارب الخمر.
ص: 76
قلت: إن أخذ شارب الخمر نبيذ مسكر سكر منه، أيُجلَد ثمانين؟ قال: لا، دون ذلك، كلّ ما أسكر كثيره، فقليله حرام(1).
1353 / 194 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إذا قتل الرجل المُحرم حمامةً ففيها شاة، فان قتل فرخاً ففيه حمل، فان وطئ بيضةً فَكَسَرها فعليه دِرْهَم، كلُّ هذا يتصدق بمكة ومنى، وهو قول الله في كتابه: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُه أَيْدِيكُمْ﴾ البيض والفراخ ﴿وَرِمَاحُكُمْ﴾ [94] الأمهات الكبار(2).
195/1354 - عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قول الله: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ﴾، قال: ابتلاهم الله بالوحش، فرَكِبهم من كُلِّ مكان(3).
196/1355 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُه أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾، قال: حشر لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لوحوش حتّى نالتها أيديهم ورماحهم في عُمرة الحديبية، ليبلوهم الله به(4).
197/1356 - وفي رواية الحلبي عنه : حُشر عليهم الصيد من كل مكان حتى دنا منهم، فنالته أيديهم ورماحهم، ليَبْلُونَّهم الله به(5).
198/1357 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مَّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [95].
قال: من أصاب نعامة فبدنة، ومن أصاب حماراً أو شبهه(6) فعليه بقرة، ومن
ص: 77
أصاب ظبياً فعليه شاة، بالغ الكعبة حقاً واجباً عليه أن يَنْحَر، إن كان في حجّ فيمنى حيث ينحر الناس، وإن كان في عُمرة نَحَر بمكة، وإن شاء تركه حتى يشتريه بعد ما يقدم فَيَنْحَره، فانّه يُجزي عنه(1).
199/1358 - عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَمَن قَتَلَهُ مِّنْكُمْ مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مَّثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾.
قال: في الظبي شاة، وفي الحمّامة وأشباهها، وإن كانت فراخاً فعدتها من الحملان، وفي حمار وحش بقرة، وفي النعامة جزور(2).
200/1359 - عن أيوب بن نُوح: وفي النعامة بدنة، وفي البقرة بقرة(3).
201/1360 - وفي رواية حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام)عن قول الله تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ﴾ [95]، قال: العدل: رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) والامام من بعده، ثمّ قال: وهذا ممّا أخطأت به الكتاب(4)
202/1361 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ﴾ يعني رجلاً واحداً، يعني الامام (علیه السّلام)(5)
203/1362- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في الديات ما كان من ذلك من جُروح أو تنكيل، فيحكُم به ذوا(6) عدل منكم،
ص: 78
يعني الامام(1).
204/1363 - عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ منْكُمْ﴾، قال: ذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) والإمام من بعده، فإذا حكم به الامام فَحَسْبُك(2).
205/1364 - عن الزهري، عن علي بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : صوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَن قَتَلَهُ مِّنْكُمْ مُّتَعَمِّداً فَجَزاءُ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً﴾ [95].
أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياماً، يا زُهري؟ فقلت: لا. قال: يُقوّم الصيد، قال: ثمّ يفضّ القيمة على البر(3)، ثمّ يُكال ذلك البر أصواعاً، فيصوم لكُلّ نصف صاع يوماً(4).
206/1365 - عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : مَن قتل مِن النَّعم وهو مُحرِم نعامة، فعليه بدنة، ومن حِمار وحش بقرة، ومن الظَّبي شاة، يحكم به ذوا عدل منكم.
وقال: عدله أن يحكم بما رأى من الحكم أو صيام، يقول الله: ﴿هَدْياً بالغ الكعبة﴾ والصيام لمن لم يجد الهدي، فصيام ثلاثة أيام قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة(5).
ص: 79
207/1366 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله - فيمن قتل صيداً متعمداً وهو مُحرِم: ﴿فَجَزَاءٌ مَّثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً﴾ ما هو؟
فقال: ينظر إلى الذي عليه بجزاء ما قتل، فإما أن يهديه، وإمّا أن يُقوّم فيشتري به طعاماً، فيُطعمه المساكين، يُطعم كُلّ مسكين مُدّاً، وإما أن يَنظُر كم يبلغ عدد ذلك من المساكين، فيصوم مكان كُلّ مسكين يوماً(1).
208/1367 - عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً﴾ . قال: يُقَوِّم ثمن الهدي طعاماً، ثمَّ يصوم (أَوْ لكلّ مُدّ يوماً، فإن زادت الأمداد على شهرين فليس عليه أكثر من ذلك(2).
209/1368 - وفي رواية محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام) ﴿أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً﴾ قال: عدل الهدي ما بَلَغ يتصدق به، فان لم يكُن عنده فليَهُم بقدر ما بَلَغ، لكُلِّ طعام مسكين يوماً(3).
1369 / 210 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال سألته عن قول الله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾ [95].
قال: إنَّ رجلاً أخذ ثعلباً وهو مُحرم فجعل يُقدِّم النار إلى أنف الثعلب، وجعل الثعلب يصيح ويُحدث من أسته، وجعل أصحابه يَنْهونه عمّا يصنع، ثمّ أرسله بعد ذلك، فبينا الرجل نائم إذ جاءت حيَّة، فدخلت في دبره، فجعل يُحدِث من أسته، كما عذَّب الثعلب، ثمّ خَلّته بعد فانطلق.
ص: 80
وفي رواية أخرى: ثمَّ خَلّت عنه(1).
211/1370 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : المُحرم إذا قتل الصيد في الله الحِلّ، فعليه جزاؤه، يتصدق بالصيد على مسكين، فان عاد وقتل صيداً لم يكن عليه جزاؤه، فينتقم الله منه(2).
212/1371 - وفي رواية أخرى، عن الحلبي، عنه: في محرم أصاب صيداً، قال: عليه الكفارة، فإن عاد فهو ممَّن قال الله: ﴿فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾ وليس عليه كفارة(3).
213/1372 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ﴾ [96] قال: مالحه الذي يأكلون.
وقال: فَضلُ ما بينهما: كُلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ، ويُفرخ في البرّ، فهو من صيد البرّ، وما كان من طيرٍ يكون في البرّ، ويبيض في البحر، ويفرخ في البحر ، فهو من صيد البحر(4).
1373/214- عن زيد الشَّحّام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله : ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾، قال: هي الحيتان المالح، وما تزوَّدت منه أيضاً، وإن لم يكن مالحاً فهو متاع(5).
1374 / 215 - عن أبان بن تغلب، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): ﴿جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ﴾ ؟ [97]، قال: جعلها الله لدينهم ومعايشهم(6).
ص: 81
1375/216 - عن أحمد بن محمد ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، وكتب في آخره: أولم تُنْهوا(1) عن كثرة المسائل؟ فأبيتم أن تنتهوا، إيّاكم وذاك، فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَسْتَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ إلى قوله : ﴿كَافِرینَ﴾(2) [101 و 102].
217/1376 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾ [103]، قال: وإن أهل الجاهلية كانوا إذا وَلَدَتِ الناقة ولدين في بطن قالوا: وَصَلَت، فلا يستحلُّون ذبحها، ولا أكلها، وإذا وَلَدَت عشراً جعلوها سائبةً، فلا يستحلُّون ظهرها ولا أكلها، والحام: فحل الإبل ، لم يَكُونوا يَسْتَحِلُّونه، فأنزل الله أنَّ الله لم يُحرم شيئاً من هذا(3).
218/1377 - عن أبي الربيع، قال: سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن السائبة؟ قال: هو الرجل يعيّقُ غُلامه، ثمّ يقول له: اذهب حيث شئت، وليس لي من ميراثك شيء، ولا عليّ من جريرتك(4) شيء، ويُشهد على ذلك شاهدا(5).
219/1378- عن عمّار بن أبي الأحوص، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن السائبة، قال: انظر في القرآن، فما كان منه ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾(6)، فتلك(7) يا عمّار السائبة التي لا ولاء لأحدٍ من الناس عليها إلا الله، فما كان ولاؤه الله فهو لرسول الله عليه
ص: 82
وآله السلام، وماكان ولاؤه الرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فان ولاءه للامام، وجنايته على الامام، وميراثه له (علیه السّلام)(1).
220/1379 - قال: وقال أبو عبدالله (علیه السّلام): البحيرة إذا وَلَدَتْ وَوَلَدَ وَلَدُها بحرت(2).
221/1380 - عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ إلى آخر الآية ﴿أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُم﴾، قال: هما كافران.
قلت: فيقول الله تعالى: ﴿ذَوَا عَدْلٍ مَّنْكُمْ﴾؟ [106]، قال: مسلمان(3).
222/1381 - عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ إلى: ﴿أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾، فقال: هما کافران(4).
223/1382- عن علي بن سالم، عن رجل، قال: سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ أَثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُم﴾.
فقال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فان لم تَجِدُوا من أهل الكتاب فمن المَجُوس، لأنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: «وسنوا في المَجُوس سُنَّة أهل الكتاب في الجزية».
ص: 83
قال: وذلك إذا مات الرجل بأرض غُربة، فلم يَجِد مُسْلِمَين، أشهد رجلين من أهل الكتاب، يُحْبَسان من بعد الصلاة، فيُقيمان بالله ﴿لَا نَشْتَرِى بِهِ ثَمَناً﴾ قليلاً ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ إِنَّا إِذا لَمِنَ الآثِمِينَ﴾ .
قال: وذلك إن ارتاب ولى الميت في شهادتهما ﴿فَإِنْ عُيْرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَنَّا إِثْماً﴾ يقول: شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجيء شاهدان فيقومان مقام الشاهدين الأولين ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا أَعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ فاذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين، وجازت شهادة الآخرين، يقول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِم﴾(1) [106 - 108].
1383/224 - عن ابن الفضيل، عن أبي الحسن (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ أَثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾.
قال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فان لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سُنّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب» وذلك إذا مات الرجل بأرض غربةٍ فلم يجد مُسْلِمَين يُشْهِدهما، فرجلين من أهل الكتاب(2).
قال حُمران: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): واللذان من غيركم من أهل الكتاب، وإنَّما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غُربة، فطلب رجلين مُسْلِمين يُشهدهما على وصيّته فلم يَجِد مُسْلِمين، فليشهد رجلين ذمتين من أهل الكتاب، مَرْضِيّين
ص: 84
عند أصحابهما(1).
225/1384- عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن هذه الآية ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَا ذَا أَجِبْتُمْ قَالُوا لاَ عِلْمَ لَنَا﴾ [109].
قال: يقول: ماذا أُجبتم في أوصيائكم الذين خلَّفتم على أُمّتكم؟ قال: فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا(2).
226/1385- عن محمد بن يوسف الصنعاني، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قوله تعالى: ﴿إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِیِينَ﴾ [111]، قال (علیه السّلام): أَلْهِمُوا(3).
227/1386 - عن يحيى الحلبي، في قوله تعالى : ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ [112] ، قال: قراءتها (هل تستطيع ربَّك) يعني : هل تستطيع أن تدعو ربَّك(4).
228/1387 - عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مُدلاة بسلاسل من ذَهَبٍ، عليها تسعة أخونة(5)، وتسعة أرغفة(6).
1388 / 229 - عن الفيض بن المُختار ، قال : سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لمّا أنزلت المائدة على عيسى (علیه السّلام) قال للحواريين: لا تأكلوا منها حتى آذَن لكم. فأكل منها رجلٌ منهم ، فقال بعض الحواريين: يا رُوح الله، أكل منها فلان. فقال له عيسى (علیه السّلام): أكلت منها ؟ قال له: لا. فقال الحواريون : بلى والله يا روح الله، لقد أكل
ص: 85
منها. فقال له عيسى (علیه السّلام): صَدّق أخاك، وكذَّب بَصَرك(1).
230/1389 - عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب، عليها تسعة ألوان وتسعة(2) أرغفة(3).
1390 / 231 - عن الفضيل بن يَسَار ، عن أبى الحسن (علیه السّلام)، قال : إن الخنازير من قوم عيسى (علیه السّلام) سألوا نُزُول المائدة، فلم يؤمنوا بها ، فمسخهم الله خَنَازِير(4).
232/1391 - عن عبد الصمد بن بندار ، قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول : كانت الخنازير قوم من القصارين، كَذَّبوا بالمائدة، فمُسِخوا خنازير(5).
1392 / 233 - عن ثَعْلَبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تبارك وتعالى لعيسى : ﴿أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ [116]، قال: لم يقله وسيقوله(6)، إنَّ الله إذا علم أنَّ شيئاً كائن، أخبر عنه خبر ما قد كان(7).
1393 / 234 - عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): قول الله لعيسى (علیه السّلام): ﴿أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ أَتَّخِذُونِي وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قال الله بهذا الكلام؟ فقال: إن الله إذا أراد أمراً أن يكون، قصه قبل أن يكون، كأن قد
ص: 86
كان(1).
235/1394 - عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في تفسير هذه الآية ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [116].
قال: إنَّ الاسم الأكبر ثلاثة وسبعون حرفاً، فاحتجب الرب تبارك وتعالى منها بحرف، فمن ثمَّ لا يعلم أحدٌ ما في نفسه عزّ وجلّ، أعطى آدم اثنين وسبعين حرفاً، فتوارثتها الأنبياء حتى صارت إلى عيسى (علیه السّلام)، فذلك قول عيسى (علیه السّلام) ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾ يعنى اثنين وسبعين حرفاً من الاسم الأكبر، يقول: أنت علَّمْتَنيها، فأنت تَعْلَمها ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ يقول: لأنك احتجبت من خلقك بذلك الحرف، فلا يعلم أحد ما في نفسك(2).
236/1395 - عن عبد الله بن بشير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : كان مع عيسى (علیه السّلام) حرفان يعمل بهما، وكان مع موسى أربعة، وكان مع إبراهيم سنة، وكان مع نُوح ثمانية، وكان مع آدم خمسة وعشرون، وجمع ذلك كله لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، إنّ اسم الله ثلاثة وسبعون حرفاً، كان مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)اثنان وسبعون حرفاً، وحُجب عنه واحد(3).
ص: 87
ص: 88
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1396 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إنَّ سورة الأنعام نَزَلَت جُملةً واحدةً، وشيعها سبعون ألف مَلَكٍ حين أُنزلت على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فَعَظْموها وبجلوها، فانَّ اسم الله تبارك وتعالى فيها في سبعين موضعاً، ولو يعلم الناس بما في قراءتها من الفضل ما تَرَكُوها.
ثمّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : من كان له إلى الله حاجةٌ يُريد قضاءها، فليصل أربع ركعات بفاتحة الكتاب والأنعام، فليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة «يا كَرِيمُ، يا کریمُ، یا کَرِیمُ، یا عَظِيمُ، يا عَظِيمُ، يا عَظِيمُ، يا أعْظَمَ مِن كُلِّ عَظيم، يا سَمِيع الدُّعاء، يا من لا تُغيّره الأيام والليالي، صَلِّ على مُحمدٍ وآل مُحمّد ، وأَرْحَمْ ضَعْفي وفَقْري، وفاقتي ومَسْكَنَتي، فانّك أعلمُ بها منّي، وأنت أعلم بحاجتي، يا مَن رَحِم الشيخ يَعْقُوبَ حِين رَدّ عليه يُوسُفَ قُرَّة عَينِهِ، يا مَن رَحِم أيُّوبَ بَعْد حُلُولٍ بَلائه، يا مَن رَحِمَ مُحمّداً (صلی الله علیه و آله و سلم)، و من الیتم آواه، ونَصَرَهُ على جَبَابِرةِ قُريش وطَوَاغيتها وأمكنه منهم، يا مُغِيتُ، يا مُغِيتُ، يا مغيث» يقوله مراراً.
فو الذي نفسي بيده، لو دعوت بها بعد ما تُصلّي هذه الصلاة في دبر هده
ص: 89
السورة ثمّ سألت الله جميع حوائجك ما بخل عليك، ولأعطاك ذلك إن شاء الله(1).
2/1397 - عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: من فرأ سورة الانعام في كُلّ ليلة، كان من الآمنين يوم القيامة، ولم ير النار بعينه أبداً(2).
3/1398 - وقال أبو عبد الله (علیه السّلام): نزلت سورة الأنعام جُملةً واحدةً، شيّعها سبعون ألف ملك حتّى أنزلت على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فعظموها وبجلوها، فانَّ اسم الله فيها في سبعين موضعاً، ولو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تَرَكُوها(3).
قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾(4) .
1399 / 4 - جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي، عن العبيدي، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عليّ بن جعفر، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام)، قال : لكُل صلاة وقتان، وقت يوم الجمعة زوال الشمس، ثم تلا هذه الآية ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [1] قال: تعدلُون بين الظُّلمات والنور، وبين الجور والعدل(5).
5/1400 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمّى عِنْدَهُ﴾ [2].
قال: الأجل الذي غير مُسمّى موقوفٌ، يُقدّم منه ما شاء، ويؤخر منه ما شاء، وأمّا الأجل المُسمّى فهو الذي ينزل ممّا يُريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل، فذلك قول الله: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾.
ص: 90
6/1401 - عن حُمران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمّى عِنْدَهُ﴾ .
قال: المسمّى ما سُمّي لملك الموت في تلك الليلة، وهو الذي قال الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾(1) وهو الذي سُمِّي لمَلكَ الموت في ليلة القدر، والآخر له فيه المشيّة، إن شاء قدمه وإن شاء أخره(2).
1402 / 7 - عن حُمران، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّى﴾ قال: فقال: هما أجلان: أجل موقوف يصنع الله ما يشاء، وأجل محتوم(3).
8/1403 - وفي رواية حُمران عنه: أما الأجل الذي غير مُسمّى عنده، فهو أجل موقوف، يُقدّم فيه ما يشاء، ويؤخر فيه ما يشاء، وأمّا الأجل المُسمّى، فهو الذي يُسمّى في ليلة القدر(4).
1404 / 9 - عن حصين، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله : ﴿قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ﴾، قال: الأجل الأول هو ما نبذه إلى الملائكة والرُّسل والأنبياء، والأجل المُسمّى عنده هو الذي ستره الله عن الخلائق(5).
1405 / 10 - عن عبد الله بن أبي يعفور(6)، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): لبسوا
ص: 91
عليهم لبس الله عليهم، فإِنَّ الله يقول: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلْبِسُونَ﴾(1) [9] .
11/1406 - عن هشام المِشْرَقي، قال: كتبت(2) إلى أبي الحسن الخراساني (علیه السّلام): رجل يسأل عن معانٍ في التوحيد. قال: فقال لي: ما تقول إذا قالوا لك: أخبرنا عن الله، شيء هو أم لا شيء؟
قال: فقلتُ: إن الله أثبت نفسه شيئاً، فقال: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةٌ قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [19] لا أقول شيئاً كالأشياء، أو نقول إنَّ الله جسم.
فقال: وما الذي يَضَعُف فيه من هذا، إنَّ الله جسم لا كالأجسام(3)، ولا يُشبهه شيء من المخلوقين.
قال: ثمّ قال: إنّ للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: مذهب نفي، ومذهب تشبيه، ومذهب إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، وذلك أنّ الله لا يُشبهه شيء، والسبيل في ذلك الطريقة الثالثة، وذلك أنّه مثبت لا يُشبهه شيء، وهو كما وصف نفسه أحدٌ صَمَدٌ نُورٌ(4).
12/1407 - عن زرارة وحُمران، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله :
ص: 92
﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لأُنْذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [19] يعني الأئمة من بعده، وهم يُنْذِرون به الناس(1).
13/1408 - عن أبي خالد الكابلي، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرانُ لأُنْذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ حقيقة أي شيء عنى بقوله: ﴿وَمَن بَلَغَ﴾؟
قال: فقال: من بلغ أن يكون إماماً من ذُريَّة الأوصياء، فهو يُنْذِر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(2).
1409 / 14 - عن عبد الله بن بكير، عن محمّد(3)، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿لأَنْذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾، قال : علي (علیه السّلام) ممن بلغ(4).
15/1410 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله يعفو يوم القيامة عفواً لا يخطر على بال أحد، حتى يقول أهل الشرك : ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾(5) [23].
1411 / 16 - عن أبي مَعْمَر السَّعدي، قال: أتى عليا (علیه السّلام) رجلٌ فقال : يا أمير المؤمنين، إنِّي شَكَكتُ في كتاب الله المُنْزَل، فقال له على (علیه السّلام): تكلتك أُمُّك، وكيف شككت في كتاب الله المُنْزَل ؟
فقال له الرجل: لأنّني وجدتُ الكتاب يُكذِّب بعضه بعضاً، وينقض بعضه بعضاً. قال: فهات الذي شككت فيه.
فقال: لأنَّ الله يقول: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلَئِكَةُ صَفاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ
ص: 93
أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً﴾(1) ويقول حيث استنطقوا، فقالوا(2): ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، فصواب ذلك(3) ويقول : ﴿يَوْمَ القِيَمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً﴾(4)، ويقول : ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقُّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾(5)، ويقول: ﴿وَلَا تَخْتَصِمُوا لَدَى﴾(6)، ويقول : ﴿اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(7) فمرَّةً يَتَكَلَّمون، ومرَّةً لا يَتَكَلَّمون، ومرّةً يُنْطِق الجُلُود والأيدي والأرجل، ومرَّةً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟
فقال له علي (علیه السّلام): إن ذلك ليس في موطن واحدٍ، هي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطنٍ يتعارفون فيه، فيكلم بعضهم بعضاً، ويستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرُّسل والأتباع، وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدُّنيا، ويَلْعَن أهل المعاصي بعضُهم بعضاً من(8) الذين بدت منهم المعاصي في دار الدُّنيا، وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدُّنيا والمُسْتَكبرون منهم، والمُسْتَضْعَفون يَلْعَن بعضهم بعضاً، ويُكفّر بعضهم بعضاً.
ص: 94
ثُمَّ يُجْمَعُون في موطن يفر بعضهم من بعض، وذلك قوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا ﴿لِكُلِّ أَمْرِي مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾(1).
ثمّ يُجْمَعُون في موطن يبكون فيه، فلو أنَّ تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معايشهم، وصَدَّعت الجبال، إلا ما شاء الله ، فلا يزالون يبكون حتّى يَبْكُون الدم.
ثمّ يَجْتَمِعون في موطن يُسْتَنْطَقُون فيه، فيقولون: ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ ولا يُقرون بما عَمِلوا، فيُختم على أفواههم، وتستنطق الأيدي والأرجل والجُلُود، فتنطق، فتشهد بكُلِّ معصيةٍ بَدَت منهم، ثمّ يُرْفَع الخاتم عن ألسنتهم، فيقولون لجُلُودهم وأيديهم وأرجلهم ﴿لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾؟ فتقول: ﴿أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيءٍ﴾(2).
ثمَّ يَجْتَمِعُون(3) في موطن يُسْتَنْطَق فيه جميع الخلائق، فلا يتكلّم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً.
ويَجْتَمِعُون في موطنٍ يَختصمون فيه، ويُدان لبعض الخلائق من بعض، وهو القول، وذلك كله قبل الحساب، فإذا أخذ بالحسابِ، شُغِل كُلٌّ بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم(4).
1412 / 17- عن محمد بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام)، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) فى خُطبته : فلمّا وَقَفُوا عليها قالوا: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِشَايَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾
ص: 95
إلى قوله : ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾(1) [27 و 28] .
1413 / 18 - عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه، عنه (علیه السّلام) ، قال : إنَّ الله تعالى قال للماء: كُن عَذباً فُراتاً، أخلق منك جنَّتي وأهل طاعتي، وقال للماء: كُن ملحاً أجاجاً، أخلق منك ناري وأهل معصيتي، فأجرى الماءين على الطين، ثمّ قبض قبضةً بهذه - وهي يمين - فخلقهم خَلْقاً كالذر، ثمّ أشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم وعليكم طاعتي؟ قالوا: بلى. فقال للنار: كُوني ناراً: فاذا نار تأجج، وقال لهم : قَعُوا(2) فيها، فمنهم من أسرع، ومنهم من أبطأ في السعي، ومنهم من لم يرم(3) مجلسه، فلما وجدوا حرّها رجعوا، فلم يَدْخُلها منهم أحد.
ثمّ قبض قبضةً بهذه، فخلقهم خلقاً مثل الذرّ، مثل أولئك، ثمّ أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين، ثمّ قال لهم : قَعُوا(4) في هذه النار، فمنهم من أبطأ ومنهم من أسرع، ومنهم من مرّ بطرف العين(5)، فوقعوا(6) فيها كُلّهم ، فقال : اخْرُجوا منها سالمين؛ فخرجوا لم يُصبهم شيء، وقال الآخرون: يا ربَّنا: أقِلْنا(7) نفعل كما فعلوا، قال: قد أقلتُكم؛ فمنهم من أسرع في السعي، ومنهم من أبطأ، ومنهم من لم يرم مجلسه، مثل ما صنعوا في المرة الأولى، فذلك قوله : ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾(8).
ص: 96
1414 / 19 - عن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ أَنَّهم مَلْعُونون في الأصل(1).
1415 / 20 - عن عمّار بن ميثم(2)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: قرأ رجل عند أمير المؤمنين (علیه السّلام) ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِشَايَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [33]، فقال: بلى، والله لقد كذبوه أشدّ التكذيب(3)، ولكنَّها مخفّفة: (لَا يَكْذِبُونَك) لا يأتون بباطل يُكذبون به حقك(4).
21/1416 - عن الحسين بن المُنذِر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ ، قال : لا يستطيعون إيطال قولك(5).
22/1417 - عن أبي الحسن علي بن محمد (علیه السّلام): أن قنبراً مولى أمير المؤمنين (علیه السّلام) أدخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال: كنتُ أو ضيه.
فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وُضُوئه؟ قال: كان يتلو هذه الآية ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ [44 و 45].
فقال الحجّاج: كان يتأوّلها علينا ؟ فقال : نعم. فقال: ما أنت صانع إذا ضَرَبتُ
ص: 97
عِلاوتك(1)؟ قال: إذاً أسعَدُ وتَشْقَى، فأمر به(2).
23/1418 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قول الله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ ، قال : لما تركوا ولاية علي (علیه السّلام) وقد أُمروا بها ﴿أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ * فَقَطعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ قال: نزلت في ولد العباس(3).
24/1419 - عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ إلى قوله : ﴿فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ﴾ ، قال : أَخَذَ(4) بني أُمَيَّة بَغْتَةً، ويُؤخَذُ بنو العباس جَهْرَة(5).
1420 / 25 - عن الفضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الورع من الناس.
فقال: الذي يتورع من محارم الله، ويجتنب هؤلاء، وإذا لم يتَّقِ الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى المُنكَر فلم يُنكره وهو يقدر عليه، فقد أحبّ أن يُعصى الله، ومن أحبّ أن يُعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالم فقد أحبّ أن يُعصى الله ، إنَّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين، فقال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾(6).
1421 / 26 - عن الأصبغ بن نباتة، قال: بينما على (علیه السّلام) يخطب يوم الجمعة على
ص: 98
المنبر، فجاء الأشعث بن قيس يتخطّى رقاب الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، حالت الحمراء(1) بيني وبين وجهك. قال: فقال علي (علیه السّلام): مالي وما للضَّياطِرة(2)، أطرُد قوماً غَدَوا أوّل النهار يطلبون رزق الله، وآخر النهار ذَكَرُوا الله، أفأطردهم فأكون من الظالمين(3)؟!
27/1422 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : رحم الله عبداً تاب إلى الله قبل الموت، فإنّ التوبة مُطهّرة من دَنَس الخطيئة، ومُنقذة من شَفَا الهَلَكة، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال: ﴿كَتَبَ رَبُّكُم عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رحيم﴾ [54] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾(4)
1423 / 28 - عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [59] قال: الورقة السقط، والحبَّة الولد، وظلمات الأرض: الأرحام، والرطب ما يحيا ، واليابس: ما يغيض، وكل ذلك في كتاب مبين(5).
29/1424 - عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن قول الله
ص: 99
جل وعزّ: ﴿مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ فقال : الورقة: السِّقط، يَسْقُطُ من بطن أمه من قبل أن يُهل الولد(1).
قال: فقلت: وقوله : ﴿وَلَا حَبَّةٍ﴾؟ قال: يعني الولد في بطن أمه إذا أهل،ويُسقط من قبل الولادة.
قال: قلت: قوله: ﴿وَلَا رَطْبٍ﴾؟ قال: يعني المُضْغَة إذا أسكنت في الرحم، قبل أن يتم خَلْقُها، قبل أن ينتقل.
قال: قلت قوله : ﴿ولا يابس﴾؟ قال: الولد التام. قال: قلت: ﴿فِي كَتَابٍ مُّبِينٍ﴾؟ قال: في إمام مبين(2).
30/1425 - عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: دخل مروان بن الحكم المدينة، قال: فاستلقى على السرير، وثمّ مولى للحسين (علیه السّلام): فقال: ﴿رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَهُمُ الحَقِّ ... وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ﴾ [62].
قال : فقال الحسين (علیه السّلام) لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل؟ قال: استلقى على السرير فقرأ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَهُمُ إلى قوله: ﴿الحاسِبين﴾. قال: فقال الحسين : نعم والله رُدِدتُ أنا وأصحابي إلى الجنَّة، ورُدَّ هو وأصحابه إلى النار(3).
31/1426 - عن ربعي بن عبدالله ، عمَّن ذكره، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ ، قال: الكلام في الله، والجدال في القرآن ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [68]، قال: منه
ص: 100
القصاص(1).
32/1427- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ازَرَ﴾ [74]، قال: كان اسم أبيه آزر(2).
1428 / 33 - عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله سبحانه وتعالى:
[75] وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ .
قال: كُشِطَ له عن الأرض حتى رآها وما فيها، والسماء وما فيها، والملك الذي يَحْمِلها، والعَرْش وما عليه(3).
1429 / 34 - عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾.
قال: كُشِطَ له السماوات السبع حتَّى نَظَر إلى السماء السابعة وما فيها، والأرضين السبع وما فيهن، وفعل بمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم) كما فعل بإبراهيم (علیه السّلام)، وإني لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك(4).
1430 / 35 - عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قول الله : ﴿وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ﴾ .
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): كُشِطَ له عن السماوات حتى نَظَرَ إلى العرش وما عليه، قال: والسماوات والأرض والعرش والكرسي(5).
ص: 101
فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): كُشِط له عن الأرض حتى رآها، وعن السماء وما فيها، والملك الذي يَحْمِلها، والكرسى وما عليه(1).
36/1431 وفي رواية أخرى، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام): ﴿وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ، قال : أعطي بَصَرُه من القوة ما نَفَذ(2) السماوات فرآى ما فيها، ورأى العرش وما فوقه، ورأى ما في الأرض وما تحتها(3).
37/1432- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن إبراهيم (علیه السّلام) لما رأى ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى رجلاً يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثةً فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله سبحانه إليه: أنْ يا إبراهيم، إنَّ دعوتك مُجابةٌ، فلا تدعُ على عبادي، فإنّي لو شئت لم أخْلُقُهُم، إنِّي خَلَقَتُ خَلْقي على ثلاثة أصناف: عبد يَعْبُدُني لا يُشرِك بي شيئاً فأُثيبه، وعبد يَعْبُدُ غيري فلن يفوتني، وعبد يَعْبُدُ غيري فأُخْرِجَ مِن صُلْبِهِ مَن يعبُدني(4).
1433 / 38 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال في إبراهيم (علیه السّلام)، إذ رأى كوكباً، قال: إنّما كان طالباً لربّه ولم يَبْلُغ كُفراً، وإنه من فَكَّر من الناس في مثل ذلك فانه بمنزلته(5).
ص: 102
1434 / 39 - عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول إبراهيم صلوات الله عليه: ﴿لَئِنْ لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ﴾ [77] أي ناس للميثاق(1).
40/1435 - عن أبان بن عثمان، عمَّن ذكره عنهم (علیهم السّلام)، أنه كان من حديث إبراهيم (علیه السّلام) أنَّه وُلد فى زمان نُمْرُود بن كَنْعان، وكان قد ملك الأرض أربعة، مؤمنان وكافران: سليمان بن داود، وذو القرنين، ونُمْرُود بن كَنْعان وبُخْت نصَّر، وأنه قيل لنُمْرُود: إنّه يُولَدُ العام غُلامٌ يكون هلاككم وهلاك دينكم وهلاك أصنامكم على يديه، وأنّه وَضَعَ القوابل على النساء، وأمر أن لا يُولد هذه السنة ذكر إلا قتلوه.
وإنَّ إبراهيم (علیه السّلام) حملته أمه في ظهرها، ولم تَحْمِله في بطنها، وأنَّه لمّا وضعته أدخلته سَرَباً (2) ووضعت عليه غطاءً، وإنه كان يشبّ شبّاً لا يشبه الصبيان، وكانت تعاهده.
فخرج إبراهيم (علیه السّلام) من السَّرب، فرأى الزُّهَرَةَ، ولم يَرَ كوكباً أحسن منها، فقال: هذا ربّي، فلم يلبث أن طَلَع القمر، فلمّا رآه، قال: هذا أعظم، هذا ربي، فلمّا أفل، قال: لا أحِبُّ الآفلين، فلما رأى النهار وطلعت الشمس، قال: هذا ربي، أكبر ما رأيت، فلمّا أفلت قالَ: ﴿لَئِنْ لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً﴾ مسلماً ﴿وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾(3) [79] .
41/1436 - عن حُجر، قال أرسل العلاء بن سَيّابة يسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿قال هَذَا رَبِّي﴾ [77] وقال: إنَّه من قال هذا اليوم فهو عندنا
ص: 103
مشرك ؟
فقال (علیه السّلام): لم يَكُن من إبراهيم شرك، إنما كان في طلب ربه وهو من غيره شرك(1).
42/1437 - عن محمد بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله فيما أخبر عن إبراهيم (علیه السّلام): ﴿هَذَا رَبِّي﴾ ، قال : لم يَبْلُغ به شيئاً، أراد غير الذي قال(2).
43/1438 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿الَّذِينَ امَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [82]، منه وما أحدث زرارة وأصحابه(3).
1439 / 44 - عن أبي بصير ، قال : قلتُ له: إنَّه قد ألح علي الشيطان عند كبر سنّي يقنطني.
قال: قل: كَذَّبت يا كافر يا مُشرِك ، إِنِّي أُؤْمِنُ بِربّي، وأصلي له، وأصوم، واثني عليه، ولا البِسُ إيماني بظلم(4).
ص: 104
1440 / 45 - عن جابر الجعفي، عمَّن حدّثه، قال: بینا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في مسير له إذ رأى سواداً من بعيد، فقال: هذا سوادٌ لا عَهْد له بأنيس، فلما دنا سلّم، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أين أراد الرجل؟ قال: أراد يثرب، قال: وما أردت بها؟ قال: أردتُ محمّداً. قال: فأنا محمد. قال: والذي بعثك بالحق، ما رأيت إنساناً مذ سبعة أيام، ولا طعمتُ طعاماً إلا ما تناول منه دابتي.
قال: فَعَرَض عليه الاسلام فأسلم، قال : فعضته(1) راحلته فمات، وأمر به فغُسل وكُفّن، ثمّ صلّى عليه النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، قال : فلمّا وُضِع في اللَّحْد قال: هذا من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(2).
46/1441 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلتُ له: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ الزنا منه؟ قال: أعوذ بالله من أولئك، لا ولكنَّه ذنب، إذا تاب تاب الله عليه.
وقال: مُدمن الزّنا والسَّرقة وشارب الخمر كعابد الوثن(3).
47/1442 - يعقوب بن شعيب، عنه (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بظلم﴾، قال: الضَّلال فما فوقه(4).
48/1443 - أبو بصير، عنه (علیه السّلام) ﴿بظلم﴾، قال: بشك(5).
49/1444 - عن عبدالرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلم﴾، قال: آمنوا بما جاء به
ص: 105
محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) من الولاية، ولم يَخْلِطُوها بولاية فلان وفلان، فهو اللَّبْس بظلم.
وقال: أمّا الايمان فليس يتبعض(1) كُلّه، ولكن يتبعض قليلاً قليلاً.
قلت: بين الضَّلال والكُفر منزلةٌ؟ قال: ما أكثر عُرى الايمان(2)!
50/1445 - عن أبي بصير، قال: سألته (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ الا يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾، قال: نَعوذُ بالله يا أبا بصير أن تكون ممَّن لَبَس إيمانه بظلم، ثمَّ قال: أولئك الخوارج وأصحابهم(3).
51/1446 - عن محمد بن الفضيل عن التمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلَّا هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ لنَجْعَلَها(4) في أهل بيته ﴿وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [84] لنَجْعَلها فى أهل بيته، فآمن العقب من ذُريَّة الأنبياء من كان قبل إبراهيم الابراهيم (علیه السّلام)(5).
52/1447 - عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : والله لقد نَسَب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم (علیه السّلام) من قبل النِّساء، ثم تلا (علیه السّلام) ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ﴾[84] إلى آخر الآيتين، وذكر عيسى (علیه السّلام)(6).
53/1448 - عن أبي حزب بن أبي الأسود، قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن
ص: 106
مَعْمَر، قال: بلغني أنك تَزْعُم أنّ الحسن والحسين من ذُريَّة النبي، تجده في كتاب الله ؟ وقد قرأتُ كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجده.
قال: أليس تقرأ سورة الأنعام ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ﴾ حتى بلغ ﴿وَيَحْيَى وَعِيسَى﴾ [85]، قال: أليس عيسى من ذُريَّة إبراهيم (علیه السّلام)، وليس له أب؟ قال: صدقت(1).
1449 / 54 - عن محمّد بن حُمران، قال: كنتُ عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فجاءه رجلٌ، وقال له: يا أبا عبدالله، ما يُتعجب من عيسى بن زيد بن علي(2)، يَزْعُم أَنَّه ما يتولّى عليا (علیه السّلام) إلا على الظاهر، وما يدري لعله كان يَعْبُد سبعين إلهاً من دون الله ! قال: فقال: وما أصنع ؟ قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [89] وأومأ بيده إلينا. فقلت: نَعْقِلها والله(3).
55/1450 - عن العباس بن هلال، عن الرضا (علیه السّلام): أنَّ رجلاً أتى عبد الله بن الحسن(4) وهو بالسَّبَالة(5)، فسأله عن الحج، فقال له: هذاك جعفر بن محمّد، قد
ص: 107
نصب نفسه لهذا فاسأله، فأقبل الرجل إلى جعفر (علیه السّلام) فسأله، فقال له: قد رأيتك واقفاً على عبد الله بن الحسن، فما قال لك.
قال: سألته فأمرني أن آتيك، وقال: هذاك جعفر بن محمد، قد نصب نفسه لهذا.
فقال جعفر (علیه السّلام): نعم، أنا من الذين قال الله تعالى في كتابه: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهُ﴾ [90] سَل عمّا شئت، فسأله الرجل، فأنبأه عن جميع ما سأله(1).
1451 / 56 - عن ابن سنان، عن سليمان بن هارون، قال: والله(2) لو أنَّ أهل السماء والأرض اجتمعوا على أن يُحوّلوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا، ولو أنَّ الناس كَفَرُوا جميعاً حتى لا يبقى أحد، لجاء [الله] لهذا الأمر بأهل يكونون هم أهله، ثمّ قال: أما تسمع الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾(3) الآية، وقال في آية أخرى: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ ؟ ثم قال: أما إنَّ أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية(4).
57/1452 - عن الثمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال الله تبارك وتعالى في كتابه: ﴿وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ﴾ إلى قوله: ﴿أَوْلَئِكَ الَّذِينَ اتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّة﴾ إلى قوله : ﴿بهَا بِكَافِرِينَ﴾(5) فإنّه من وكل
ص: 108
بالفضل من أهل بيته والاخوان والذُريَّة، وهو قول الله : إن يكفر به أمتك، يقول: فقد وكَّلت أهل بيتك بالايمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون به أبداً، ولا أضيع الايمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك بعدك، عُلماء أمتك، وولاة أمري بعدك وأهل استنباطِ عِلْمِ الدِّين، ليس فيه كَذِبٌ، ولا إثم، ولا وزر، ولا بَطَرٌ ، ولا رياء(1).
58/1453 - عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الكِتَابَ الَّذِى جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدى للنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا﴾ [91]، قال: كانوا يكتمون ما شاءوا ويُبدون ما شاء وا (2).
59/1454 - وفي رواية أخرى عنه (علیه السّلام)، قال : كانوا يكتبونه في القراطيس، ثمّ يبدون ما شاء وا، ويُخفون ما شاء وا، وقال: كُل كتاب أنزل، فهو عند أهل العلم(3).
1455 / 60 - عن الحسين بن سعيد ، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : سألته عن قول الله : ﴿أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ [93]، قال: نزلت في ابن أبي سرح، الذي كان عثمان بن عفان استعمله على مصر، وهو ممَّن كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم فتح مكة هدر دمه، وكان يكتب لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فاذا أنزل الله عليه ﴿فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ كتب: فانَّ الله عليم حكيم(4). وقد كان ابن أبي سَرْح يقول للمنافقين: إنّي لأقولُ الشيء(5) مثل ما يجيء به هو، فما يُغيّر عليَّ، فأنزل الله فيه الذي أنزل(6).
61/1456 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [93]،
ص: 109
قال: من ادعى الإمامة دون الامام (علیه السّلام)(1).
62/1457 - عن سلام، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿الْيَومَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُون﴾ [93] قال: العطش يوم القيامة(2).
63/1458 - عن الفضيل، قال: سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَومَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ﴾ . قال : العَطَش(3).
64/1459- عن صالح بن سهل، رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى﴾ [95] الحبُّ: ما أحبَّه ، والنَّوى: ما نأى عن الحق فلم يقبله(4).
65/1460 - عن المُفضّل، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قوله: ﴿فَالِقُ الحَب وَالنَّوَى﴾، قال الحبّ المؤمن، وذلك قوله : ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةٌ مِّنِّى﴾ (5)، والنّوى: هو الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله(6).
66/1461- عن عبد الله بن الفضل النوفلي ، عمَّن رفعه إلى أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها بالنهار، فانَّ الله جعل الحياء في العينين، وإذا تزوّجتم فتزوجوا بالليل، فأن الله جعل الليل سكناً(7).
1462 / 67 - عن الحسن بن علي ابن بنت إلياس، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) يقول: إن الله جعل الليل سكناً، وجعل النساء سكناً، ومن السُّنة التزويج
ص: 110
بالليل، وإطعام الطعام(1).
68/1463 - عن علىّ بن عُقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : تزوجوا بالليل، فانَّ الله جعله سَكَناً، ولا تطلبوا الحوائج بالليل ، فإِنَّه مُظلم(2).
1464 / 69 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت : ﴿هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ منْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَع﴾ [98]؟
قال: ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه؟ قال: قلت: يقولون: مُسْتَقَرٌّ في الرَّحِم، ومُسْتَودَع في الصُّلْب.
فقال: كَذَبوا المُسْتقر: ما استقر الايمان في قلبه، فلا يُنزع منه أبداً، والمُسْتَودَع: الذي يُسْتَودَع الايمان زماناً، ثمّ يُسْلَبه، وقد كان الزبير منهم(3).
1465 / 70 - عن جعفر بن مروان، قال: إنّ الزبير اخترط سيفه يوم قبض النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وقال : لا أعيده حتى أبايع لعلى (علیه السّلام)، ثم اخترط سيفه فضارب عليّاً (علیه السّلام)، فكان ممَّن أعير الإيمان، فمشى فى ضوء نُوره، ثُمَّ سَلَبه الله إياه(4).
71/1466 - عن سعيد بن أبي الأصبغ، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) وهو يسأل عن مُسْتَقَرٌ ومُسْتَودَع، قال: مُسْتَقر في الرَّحِم، ومُسْتَودَع في الصُّلْب، وقد يكون مُسْتَودَع الايمان ثُمَّ يُنْزَع منه، ولقد مشى الزبير في ضوء الايمان ونوره حين قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حتى مشى بالسيف وهو يقول: لا نبايع إلا عليا(5).
1467 / 72 - عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (علیه السّلام): ﴿هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ
ص: 111
مِّنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَع﴾، قال: ما كان من الايمان المُسْتَقَرٌ فَمُسْتَقر إلى يوم القيامة، أو أبداً، وما كان مُسْتَودَعاً سَلَبه الله قبل الممات(1).
73/1468 - عن صفوان، قال: سألني أبو الحسن (علیه السّلام) و محمد بن خلف جالس، فقال لي: مات يحيى بن القاسم الحذاء؟ فقلت له: نعم، ومات زرعة. فقال: كان جعفر (علیه السّلام) يقول: ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ فالمُسْتَقرّ : قوم يُعْطُون الايمان وتَسْتَقِرّ في قُلُوبهم، والمُسْتَودَع: قوم يُعْطُون الايمان ثمّ يُسْلَبونه(2).
1469 / 74 - عن أبي الحسن الأول (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله: ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعْ﴾ ، قال : المُسْتَقَر : الايمان الثابت، والمُسْتَوْدَع : المُعَار(3).
1470 / 75 - عن أحمد بن محمد، قال : وقف عليَّ أبو الحسن الثاني (علیه السّلام) في بني زريق، فقال لي وهو رافع صوته: يا أحمد. قلت: لبيك. قال: إنّه لما قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جهد الناس على إطفاء نُور الله، فأبى الله إلا أن يُتِمَّ نُوره بأمير المؤمنين (علیه السّلام) ، فلمّا توفّي أبو الحسن (علیه السّلام) جَهَد ابن أبي حمزة(4) وأصحابه على إطفاء نُور الله ، فأبى الله إلا أن يُتِمَّ نُوره.
وإنَّ أهل الحق إذا دخل فيهم داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج لم يَجْزَعُوا عليه، وذلك أنهم على يقين من أمرهم، وإن أهل الباطل إذا دخل فيهم
ص: 112
داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج جزعوا عليه، وذلك أنهم على شكٍّ من أمرهم، إنَّ الله يقول: ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعْ﴾ ، قال : ثمّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام): المُسْتَقَر : الثابت، والمستودع: المُعار(1).
76/1471 - عن محمّد بن مسلم، قال: سَمِعتُه يقول: إنَّ الله خَلَقَ خَلْقاً للايمان لا زوال له، وخَلَقَ خَلْقاً للكفر لا زوال له ، وخَلَقَ خَلْقاً(2) بين ذلك فاستودع بعضهم الإيمان، فإن شاء أن يتمّه لهم أتمه، وإن شاء أن يسلبهم إياه سلبهم(3).
1472 / 77 - عن سدير قال: سمعتُ حُمران يسأل أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [101]، فقال له أبو جعفر (علیه السّلام): ابتدع الأشياء كُلَّها بعلمه على غير مثال كان وأبتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهنَّ سماوات ولا أرَضُون، أما تسمع قوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ﴾(4)؟
78/1473 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن علي بن الحسين (علیهما السّلام)، قال سمعته يقول: لا يُوصَف الله بمحكم وحيه، عَظُم ربُّنا عن الصفة، كيف يُوصف من لا يُحَدُّ! وهو يُدرك الأبصار، ولا تُدركه الأبصار، وهو اللطيف الخبير(5).
1474 / 79 - عن الأشعث بن حاتم، قال: قال ذو الرياستين(6): قلت لأبي
ص: 113
الحسن الرضا (علیه السّلام): جعلت فداك، أخبرني عمّا اختلف فيه الناس من الرؤية، فقال بعضهم: لا يُرى.
فقال: يا أبا العباس، من وصف الله بخلاف ما وَصَف به نفسه فقد أعظم الفرية على الله، قال الله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [103] هذه الأبصار ليست هي الأغيُن، إنّما هي الأبصار التي في القلوب لا يقع عليه الأوهام، ولا يُدْرَك كيف هو(1).
1475 / 80 - عن عُمر الطيالسي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله : ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [108].
قال: فقال : يا عُمر، هل رأيت أحداً يَسُبّ الله؟ قال: فقلت: جعلني الله فداك، فكيف؟ قال: من سَبّ ولي الله فقد سب الله(2).
81/1476 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وابي عبد الله (علیهما السّلام)، عن قول الله تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ إلى آخر الآية: طلا أما قوله: [110] فانه حين أخذ عليهم الميثاق(3).
82/1477 - عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إن الامام إذا أراد الله أن يُحْمَل له بامام، أتي بسبع ورقات من الجنّة، فأكلهنَّ قبل أن يُواقِع، قال: فإذا وَقَع في الرَّحِم سَمِع الكلام في بطن أمه ، فإذا وضعته رفع له عمود من نُور
ص: 114
ما بين السماء والأرض، يرى ما بين المشرق والمغرب، وكُتب على عَضُدِه ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾ [115].
قال أبو عبدالل(1): قال الوشّاء حين مرّ هذا الحديث: لا أروي لكم هذا، لا تحدثوا عنّى(2).
1478 / 83 - عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إذا أراد الله أن يقبض روح إمام ويَخْلُق بعده إماماً، أنزل قطرةً من تحت العرش إلى الأرض، يُلقيها على ثمرة أو بقلةٍ، قال : فيأكُل تلك الثَّمرة، أو تلك البقلة الامام الذي يَخْلُق الله منه نطفة الامام الذي يقوم من بعده.
قال: فيَخْلُق الله من تلك القطرة نُطفةً في الصُّلب، ثمّ يصير إلى الرَّحِم، فيَمْكُث فيه أربعين يوماً، فاذا مضى له أربعون يوماً، سمع الصوت، فاذا مضى له أربعة أشهر كُتب على عضُدِه الأيمن ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ فاذا خرج إلى الأرض أوتي الحكمة، وزُيّن بالحلم والوقار، والبس الهيبة، وجُعِل له مصباح من نُور، فعرف به الضمير، ویری به أعمال العباد(3).
1479 / 84 - عن عمر بن حنظلة، في قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ آسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾ [118]، قال: أمّا المَجُوس فلا، فليسوا من أهل الكتاب، وأمّا اليهود والنصارى فلا بأس إذا سَمّوا(4).
ص: 115
1480 / 85 - عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يَذْبح الذبيحة فيُهَلّل، أو يُسبّح، أو يُحَمّد، أو يُكَبّر؟ قال: هذا كله من أسماء الله(1).
86/1481 - عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن ذبيحة المرأة والغُلام، هل تُؤكَل؟
قال: نعم، إذا كانت المرأة مسلمةً، وذكرت اسم الله حَلَّت ذَبِيحتها، وإذا كان الغُلام قوياً على الذبح وذكر اسم الله حلَّت ذبيحته، وإذا كان الرجُلُ مُسلماً فنسي أن يُسمّي فلا بأس بأكله، إذا لم تتهمه(2).
1482 / 87 - عن حُمران، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في ذبيحة الناصب واليهودي، قال: لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه . يُذكر اسم الله، أما سمعت قول الله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾(3)[121]؟
88/1483 - عن داود بن فَرْقَد قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام) : جعلت فداك، كنت أصلّي عند القبر، وإذا رجل خلفي يقول: ﴿أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله﴾(4) ﴿وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا﴾(5).
قال: فالتفت إليه، وقد تأوّل عليَّ هذه الآية، وما أدري من هو وأنا أقول: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [121] فاذا هو هارون بن سعد(6).
ص: 116
قال: فضحك أبو عبد الله (علیه السّلام)، ثم قال : إذا أصَبْتَ الجواب - أو قال: الكلام - باذن الله(1).
1484 / 89 - عن بريد العجلى، عن أبي جعفر ، قال: قال: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِى النَّاسِ﴾، قال : المَيْتُ الذي لا يعرف هذا الشأن.
قال: أتدري ما يعني مَيْتاً؟ قال: قلتُ : جُعِلت فداك، لا.
قال: الميت الذي لا يعرف شيئاً ﴿فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ بهذا الأمر ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِى النَّاسِ﴾، قال: إماماً يأتم به. قال: ﴿كَمَنْ مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ الله : بِخَارِج مِّنْهَا﴾ [122]، قال (علیه السّلام): كمَثَل هذا الخَلْق الذي لا يَعْرِفون الامام(2).
90/1485 - وفي رواية أخرى، عن بُريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾، قال: المَيْتُ الذي لا يعرف هذا الشأن، يعني هذا الأمر ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً﴾ إماماً يأتم به، يعني علي بن أبي طالب (علیه السّلام).
قلت: فقوله: ﴿كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ ؟ فقال بيده هكذا، هذا الخَلْق الذين لا يعرفون شيئاً(3).
91/1486 - عن صفوان، عن ابن سنان(4)، قال: سمعته يقول: أنتم أحق الناس
ص: 117
بالورع، عُودُوا المرضى، وشيّعوا الجنائز، إنّ الناس ذهبوا كذا وكذا وذهبتم حيث ذهب الله الله أعلم حيث يَجْعَل رِسالَتَهُ(1).
92/1487 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ نُوَلَّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(2)[129].
93/1488 - عن أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي جعفر(3)(علیه السّلام) ، عن أخيه (علیه السّلام)، قال: إنَّ للقلب تَلَجْلِجاً في الجوف يطلب الحق، فاذا أصابه اطمأنّ به، وقرأ ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾(4)[125].
94/1489 - عن سليمان بن خالد، قال : قد سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنَّ الله إذا أراد بعبد خيراً نَكَت في قلبه نكتةً بيضاء ، وفَتَح مسامع قلبه، ووَكّل به مَلَكاً يُسَدّده، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء، وسد عليه مسامع قلبه، ووكل به شيطاناً يُظلّه، ثم تلا هذه الآية ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾ الآية.
ورواه سليمان بن خالد عنه: نكتة من نُور، ولم يقل: بيضاء(5).
ص: 118
95/1490 - عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: إنَّ القلب ينقلب من لَدُن مَوْضِعه إلى حنجرته ما لم يُصب الحق، فاذا أصاب الحق قرّ، ثمَّ ضَمَّ أصابعه، ثم قرأ هذه الآية ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾(1).
قال: وقال أبو عبد الله (علیه السّلام) لموسى بن أشيم: أتدري ما الحَرَج؟ قال: قلت: لا. فقال بيده وضمّ أصابعه كالشيء المُصْعَت الذي لا يَدْخُل فيه شيء، ولا يَخْرُج منه شيء(2).
96/1491- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [125]، قال: هو الشَّك(3).
1492 / 97 - عن الحسن بن علي ، عن الرضا (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [141] . قال (علیه السّلام): الصغت(4) والاثنين، تُعطى من حضرك(5).
98/1493 - وقال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عن الحَصَاد بالليل(6)
99/1494 - عن هاشم بن المثنى، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): قوله : ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ ؟ قال: أعط من حَضَرك من مشرك أو غيره(7).
1495 / 100 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قوله:
ص: 119
﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، قال: أعط من حَضَرك من المسلمين، وإن لم يَحْضُرك إلا مُشرك فأعطه(1).
101/1496 - عن معاوية بن ميسرة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن في الزَّرع حَقَّين: حقٌّ تُؤخذ به، وحقٌّ تُعطيه، فأما الذي تُؤخذ به فالعُشر ونصف العُشر، وأمّا الحَقِّ الذي تُعطيه فإنّه يقول: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ فالضَّغْتَ تعطيه ثمّ الضّغت حتى تفرغ(2).
102/1497 وفي رواية عبد الله بن سنان عنه (علیه السّلام)، قال : تُعطى منه المساكين الذين يَحْضُرونك، ولو لم يَحْضُرك إلا مُشرك(3).
103/1498 - عن زرارة وحُمران بن أعين ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، قالا: تُعطي منه الضّغث(4)، تقبضُ من السنبل قبضة والقبضة(5).
1499 / 104 - عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ .
قال: هذا من غير الصدقة، يُعطى منه المسكين والمسكين القبضة بعد القبضة، ومن الجداد(6) الحَفْنَة ثمّ الحَفْنَة حتى يَفْرُغ، ويترك للخارص(7) أجراً
ص: 120
معلوماً، ويترك من النخل مُعافارة وأمّ جُعْرُور(1) لا يُخْرَصان، ويَتْرُك للحارس يكون في الحائط العذق والعِذْقان والثلاثة لنظره(2) وحفظه له(3).
105/1500 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لا يكون الحصاد والجداد بالليل، إنَّ الله يقول: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ﴾.
قال: كان فلان بن فلان الأنصاري - سمّاه - وكان له حَرْتُ، وكان إذا جَنَّهُ تَصَدِّق به، وبقي هو وعياله بغير شيءٍ، فجعل الله ذلك سَرَفاً(4).
106/1501 - عن أحمد بن محمّد(5)، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) [كان أبي (علیه السّلام)]، يقول: من الاسراف في الحصاد والجذاذ، أن يصدق الرجل بكفّيه جميعاً، وكان أبي (علیه السّلام) إذا حَضَر شيئاً من هذا فرأى أحداً من غلمانه تَصَدَّق بكفّيه صاح به أعط بيد واحدةٍ، القبضة بعد القبضة، والضّغت بعد الضغث من السنبل(6).
107/1502 - عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾.
قال: حقه يوم حصاده عليك واجب، وليس من الزكاة، تقبضُ منه القَبْضَة والضَّغْت من السنبل لمن يَحْضُرك من السؤال، لا يُحصَدُ بالليل، ولا يُجَدِّ بالليل، إنَّ الله يقول: ﴿يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ فاذا أنت حصدته بالليل لم يَحْضُرك سُوّال، ولا يُضَحى
ص: 121
بالليل(1).
108/1503 - عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبيه ، عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، أنه عبدالله كان يكره أن يُصْرَم النَّخل بالليل، وأن يُحْصد الزَّرع بالليل، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، قيل: يا نبي الله، وما حقه؟ قال: ناول منه المسكين والسائل(2).
109/1504 - عن جرّاح المدائني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، قال: تُعطي منه المساكين الذين يَحْضُرونك، تأخُذ بيدك القَبْضَة والقبضة حتى تفرغ(3).
110/1505 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لا يكون الجداد والحصاد بالليل، إنّ الله يقول: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ وحقه في شيءٍ ضِعْت، يعني من السنبل(4).
111/1506 - عن محمد الحلبي، عن أبي عبدالله، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليهم، أنه قال (علیه السّلام) لقهرمانه(5)، ووجده قد جَدّ نخلاً له من آخر الليل، فقال له: لا تفعل، ألم تعلم أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) نهى عن الجذاذ والحصاد بالليل، وكان يقول : الضّغث تُعطيه من يسأل(6) فذلك حقه يوم حصاده(7).
ص: 122
112/1507 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ كيف يُعطى ؟ قال : تَقبِض بيدك الضّغت، فسمّاه الله حقاً.
قال: قلت: وما حقه يوم حصاده؟ قال: الضَّغْت تُناوله من حَضَرك من أهل الخاصة(1).
113/1508 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ كيف يُعطى؟
قال: تَقْبِض بيدك الضَّغْت فتعطيه المسكين، ثمّ المسكين حتى تفرغ(2)، وعند الصِّرام الحفنة ثمّ الحفنة حتى تفرغ(3)منه(4).
1509/114 - عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام):
﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، قال: الضَّغْت من المكان بعد المكان تُعطي المسكين(5).
115/1510 - عن أيوب بن نوح بن دراج، قال: سألت أبا الحسن الثالث (علیه السّلام) عن الجاموس، وأعلمته أن أهل العراق يقولون: إنه مسخ، فقال (علیه السّلام): أو ما سَمِعتَ قول الله تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾(6) [143].
وكتبت(7) إلى أبى الحسن (علیه السّلام) بعد مقدمى من خُراسان، أسأله عما حدثني
ص: 123
به أيوب في الجاموس، فكتب (علیه السّلام): هو ما قال لك(1).
116/1511 - عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية في كتاب الله ﴿مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ الذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ ... * وَمِنَ الإِبِلِ ... وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ [143 و 144] ما الذي أحل الله من ذلك، وما الَّذي حرّم الله؟ فلم يكن عندي فيه شيء، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) وأنا حاج، فأخبرته بما كان.
فقال : إنَّ الله تبارك وتعالى أحلّ في الأضحية بمنى(2) الإبل العِراب، وحرَّم فيها البخاتي(3)، وأحلَّ البقرة الأهلية أن يُضحى بها، وحرم الجبلية، فانصرفت إلى الرجل، فأخبرته بهذا الجواب، فقال لي: هذا شيءٌ حَمَلَته الإبل من الحِجاز، عن رجل من البصريين من الشارية(4).
117/1512 - عن صفوان الجمال، قال: كان متجري إلى مصر، وكان لي بها صديق من الخوارج، فأتاني وقت خروجي إلى الحج، فقال لي: هل سمعت من جعفر بن محمد (علیهما السّلام) في قول الله عزّ وجلّ: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجِ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ الذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ ... وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ أيّاً أحل، وأيّاً حرّم؟
ص: 124
قلت: ما سمعت منه في هذا شيئاً، فقال لي: أنت على الخروج، فأُحبُّ أن تسأله عن ذلك.
قال: فحَجَجْتُ فدخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فسألته عن مسألة الخارجي، فقال (علیه السّلام) لي: حرّم من الضأن ومن المعز الجبلية، وأحلّ الاهلية - يعني في الأضاحي - وأحلّ من الابل العراب، ومن البقر الأهلية، وحرم من البقر الجبلية، ومن الإبل البخاتي - يعني في الأضاحي - قال: فلما انصرفتُ أخبرته، فقال: أمّا إنه لولا ما إهراق جَدُّه من الدّماء، ما اتَّخذت إماماً غيره(1).
118/1513 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سُئل عن سباع الطير والوَحْش، حتّى ذكر القنافذ، والوطواط(2)، والحمير، والبغال، والخيل.
فقال (علیه السّلام): ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه وقد(3) نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير، وإنّما نهاهم من أجل ظهرهم أن يُفنوه. وليس الحمير بحرام، وقال: قرأ هذه الآيات: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَى مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمِ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾(4) [145].
119/1514 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قد كان أصحاب المُغيرة يكتبون إلى أن أسأله عن الجري، والمارماهي(5)، والزمير، وما ليس له
ص: 125
قشر من السمك، أحرام هو أم لا؟
قال: فسألته عن ذلك، فقال: يا محمّد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام ﴿قُلْ لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خنزير﴾، قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: إنّما الحرام ما حرم الله في كتابه، ولكنّهم كانوا يعافُون أشياء، فنحن نعافُها(1).
1515 / 120 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الجري، فقال: وما الجري؟ فَنَعَتُه له، قال: فقال: ﴿لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ إلى آخر الآية.
ثمّ قال: لم يُحرّم الله شيئاً من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، ويُكْرَه كُلِّ شيءٍ من البحر ليس فيه قشر. قال: قلتُ: وما القشر؟ قال: الذي مثل الوَرّق، وليس هو بحرام، إنَّما هو مكروه(2).
121/1516 - عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : حرم على بني إسرائيل كلّ ذي ظُفُر والشُّحوم إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا(3) أو ما اختلط بعظم(4).
122/1517 - الحسين، قال: سمعت أبا طالب القمّي يروي عن سدير ، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : نحن الحُجَّة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض(5).
123/1518 - عن أبي بصير، قال: كنتُ جالساً عند أبي جعفر (علیه السّلام)، وهو متكئ على فراشه، إذ قرأ الآيات المُحكمات التى لم يَنْسَخهُنَّ شيءٌ من الأنعام، قال: شيعها
ص: 126
سبعون ألف ملك ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾(1)[151].
1519 / 124 - عن عمر و بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه، قال: ﴿الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [151]، قال: ما ظهر منها نكاح امرأة الأب، وما بطن الزنا(2).
125/1520 - عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [153]، قال: أتدري ما يعني ب_﴿صِرَاطِي مُسْتَقِيماً﴾ ؟ قلت: لا، قال: ولاية علي والأوصياء (علیهم السّلام).
قال: وتدري ما يعني ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾؟ قال: قلت: لا. قال: يعني علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
قال: وتدري ما يعني ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾؟ قلت : لا . قال: ولاية فلان وفلان والله.
قال: وتدري ما يعني ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِلهِ﴾ ؟ قلت: لا. قال: يعني سبيل على (علیه السّلام)(3).
126/1521 - عن سعد، عن أبي جعفر الا ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ﴾، قال: آل محمّد (علیهم السّلام) الصراط الذي دل عليه(4).
127/1522 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام)، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): إن الناس يُوشِكُون أن ينقطع بهم
ص: 127
العمل(1)، ويُسَدّ عليهم باب التوبة، فلا ينفع نفساً، إيمانها لم تكُن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً(2).
128/1523 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله : ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ايَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا﴾ [158].
قال: طلوع الشمس من المغرب، وخُروج الدابة والدجال(3)، والرجل يكون مُصِرّاً، ولم يَعْمَل على(4) الإيمان، ثم تجيء الآيات فلا يَنْفَعُه إيمانه(5).
1524 / 129 - عن حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، قال: سأل رجل أبي (علیه السّلام) عن الحروب أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، وكان السائل من محبّينا.
قال: فقال أبو جعفر (علیه السّلام): إن الله بعث محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تُغْمَد إلا(6) أن تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها، حتى تَطْلُع الشمس من مغربها، فاذا طلعت الشمس من مغربها، آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذٍ ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إيمَانِهَا خَيْراً﴾(7).
130/1525 عن عمر و بن شمر ، عن أحدهما (علیهما السّلام)، في قوله تعالى: ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْراً﴾، قال: المؤمن، حالت المعاصي بينه(8) وبين إيمانه، كثرت ذنوبه
ص: 128
وقلت حسناته، فلم يكسب في إيمانه خيراً(1).
131/1526 - عن كُليب الصيداوي، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً﴾ [159]، ثم قال: كان علي (علیه السّلام) يقرأها: (فارقوا دينهم)، ثمّ قال: فارق والله القوم دينهم(2).
132/1527 - عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): من صام ثلاثة أيام في الشهر ، فقيل له: أنت صائم الشهر كلّه؟ فقال: نعم، فقد صَدَق، لأنه تعالى قال: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾(3) [160].
133/1528 - عن زرارة وحُمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قالوا: سألناهما عن قوله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ أَهى الضعفاء المسلمين(4)؟ قالا: لا، ولكنها للمؤمنين، وإنه لحقِّ على الله تعالى أن يَرْحمهم(5).
1529 / 134 - عن الحسين بن سعيد، يرفعه، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)(6)، قال : صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في كلّ شهر، يُذهِبن بلابل الصُّدور(7)، وصيام ثلاثة أيام في كلّ شهر صيام الدهر ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾(8).
ص: 129
135/1530 - عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد، قال: سألته كيف يصنع في الصوم صوم السنّة ؟ فقال: صوم ثلاثة أيام في الشهر: خميس من عشر، وأربعاء من عشر، وخميس من عشر، الأربعاء بين خميسين، إنَّ الله تعالى يقول: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ ثلاثة أيام في الشهر صوم دهر(1).
136/1531 - عن علي بن عمّار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ من ذلك صيام ثلاثة أيام من كُلِّ شهر(2).
137/1532- قال محمد بن عيسى في رواية سُديف، عن محمد بن علي (علیهما السّلام) - وما رأيت محمّدياً مثله قط - : الحسنة التي عنى الله ولا يتنا أهل البيت، والسيئة عداوتنا أهل البيت(3).
138/1533 - عن محمد بن حكيم(4)، عن أبي جعفر الله ، قال : من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يُفْطِر عنده فليفطر، وليدخل عليه الشرور، فانّه يُحسب له بذلك اليوم عشرة أيام، وهو قول الله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾(5).
139/1534 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن الله تبارك و تعالى جعل لآدم (علیه السّلام)ثلاث خصال في ذُريَّته: جعل لهم أنَّ من هم منهم بحسنة ولم يعملها كُتِب له حسنة، ومن هَمَّ بحسنةٍ فعَمِلها كُتب له بها عشر حسنات، ومن هَمَّ بالسيئة ولم يعملها لا تُكتب عليه، ومن عَمِلها كُتبت عليه سيئة واحدة، وجعل لهم التوبة
ص: 130
حتّى يَبْلُغ النفس(1) حَنْجَرَة الرجل.
فقال إبليس: يا ربّ، جعلت لآدم ثلاث خصال، فاجعل لي مثل ما جعلت له.
فقال: قد جعلتُ لك لا يُولد له مولود إلا ولد لك مثله، وجعلتُ لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق، وجعلت لك أن جعلتُ صدورهم أوطاناً ومساكن لك. فقال إبليس : يا ربّ حسبي(2).
140/1535 - عن زرارة، عنه (علیه السّلام) ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾، قال : من ذكرهما فلعنهما كُلّ غَداةٍ، كتب الله له سبعين حسنة، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات(3).
141/1536 عن عبد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)، قال: صيام شهر الصبر، وثلاثة أيام في الشهر، يُذهِبُ بلابل الصدور، وصيام ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر، إنّ الله يقول: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾(4).
142/1537 - علي بن الحسن(5)، قال: وجدت في كتاب إسحاق بن عمر، [أو] في كتاب أبي - وما أدري - سمعه عن ابن يسار، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)،قال: یا يَسَار، تدري ما صيام ثلاثة أيام؟
قال: قلتُ : جُعِلت فداك، ما أدري.
ص: 131
قال: أتي بها(1) إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حين قبض، أوّل خميس من أول الشهر، وأربعاء في أوسطه، وخميس في آخره، ذلك قول الله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ هو الدهر صائم لا يُفطر.
ثم قال: ما أغبط عندي الصائم يَظَلُّ في طاعة الله، ويمسي يشتهي(2) الطعام والشراب، إن الصوم ناصر للجسد، حافظ وراع له(3).
143/1538 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام): ما أبقت الحنيفية شيئاً حتى إنَّ منها قص الشارب والأظفار، والأخذ من الشارب(4)، والختان(5).
1539/144 - عن جابر الجعفي، عن محمد بن علي (علیهما السّلام)، قال : ما من أحدٍ من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم (علیه السّلام) غيرنا وشيعتنا(6).
145/1540 - عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن على (علیهم السّلام)، قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إن الله عز وجل بعث خليله بالحنيفية، وأمره بأخذ الشارب، وقص الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، والختان(7).
146/1541 - عن عمران بن میثم(8)، قال: سمعتُ الحسين بن علي صلوات الله
ص: 132
عليه، يقول: ما أحدٌ على ملة إبراهيم (علیه السّلام) إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها براء(1).
ص: 134
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1543 - عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من قرأ سورة الأعراف في كُلِّ شهر، كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممَّن لا يُحاسب يوم القيامة.
ثم قال أبو عبد الله (علیه السّلام): أما إنَّ فيها آياً محكمة(1)، فلا تَدَعُوا قراءتها وتلاوتها والقيام بها ، فإنَّها تشهد يوم القيامة لمن قرأها عند ربّه(2).
2/1544- عن أبي جمعة رحمة بن صدقة، قال: أتى رجل من بني أمية - وكان زنديقاً - جعفر بن محمد (علیه السّلام)، فقال له : قول الله في كتابه: ﴿المص﴾ [1] أي شيءٍ أراد بهذا، وأيّ شيءٍ فيه من الحلال والحرام، وأيّ شيءٍ في ذا مما ينتفع به الناس؟
قال: فأغلظ ذلك جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، فقال : أمسك ويحك: الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، كم معك ؟ فقال الرجل: مائة وإحدى وستون. فقال له جعفر بن محمد (علیه السّلام): إذا انقضت سنة إحدى وستين ومائة
ص: 135
ينقضي ملك أصحابك(1).
قال: فنظرنا، فلمّا انقضت إحدى وستون ومائة يوم عاشوراء، دخل المُسوّدة(2) الكوفة، وذهب ملكهم(3).
1545 / 3 - خيثمة الجعفي، عن أبي لبيد المخزومي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): يا أبا لبيد، إنه يملِكُ من ولد العباس اثنا عشر يُقتل بعد الثامن منهم أربعة، فتصيب أحدهم الذُّبَحَة(4) فتذبحه هم فئة قصيرة أعمارهم، قليلةٌ مُدَّتهم، خَبيثَةٌ سِيرتهم، منهم الفويسق المُلقب بالهادي، والناطق، والغاوي.
يا أبا لبيد، إن في حروف القرآن المُقطَّعة لعلماً جماً، إن الله تبارك وتعالى أنزل ﴿الَمَ * ذَلِكَ الكِتَابُ﴾(5) فقام محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) حتى ظهر نُورُه، وثبتت كَلِمَتُهُ، ووُلد يوم ولد، وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلاث سنين.
ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المُقطَّعة إذا عددتها من غير تكرار، وليس من حروف مُقَطَّعة حرف ينقضى أيامه إلا وقائم من بنى هاشم عند انقضائه.
ثمّ قال: الألف واحد ، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فذلك مائة وإحدى وستون، ثمّ كان بدو خُروج الحسين بن علي (علیه السّلام)(6)
ص: 136
فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند ﴿المص﴾ ويقوم قائمنا (علیه السّلام) عند انقضائها ب_﴿الر﴾(1) فافهم ذلك وَعِه واكتُمه(2).
4/1546 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في خُطبته: قال الله: ﴿اتَّبِعُوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِّن رَّبِكُم وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أُولِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾[3] ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، وفي تركه الخطأ المُبين(3).
1547/ 5 - عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن الملائكة كانوا يَحسَبُون أنَّ إبليس منهم، وكان في علم الله أنَّه ليس منهم، فاستخرج الله ما في نفسه بالحميّة، فقال: ﴿خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طِينٍ﴾(4) [12].
6/1548 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : الصراط الذي قال إبليس: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُستَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَين أيديهم﴾ [16 و 17] الآية. وهو على (علیه السّلام)(5).
7/1549 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿لأقعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُسَتَقِيمَ﴾ إلى ﴿شَاكِرِينَ﴾، قال: يا زرارة، إنما صمد(6) لك ولأصحابك، وأما الآخرون فقد فرغ منهم(7).
ص: 137
8/1550 - عن موسى بن محمد بن عليّ، عن أخيه أبي الحسن الثالث (علیه السّلام)، قال: الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته أن يأكُلا منها شجَرَة الحَسَد، عهد إليهما أن لا ينظُرا إلى من فضَّل الله عليه وعلى خلائقه بعين الحَسَد، ولم يجد له عَزماً(1).
1/1551 - عن جميل بن دَرّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : سألتُهُ كيف أخذ الله آدم (علیه السّلام) بالنسيان؟
فقال: إنّه لم يُنسَ، وكيف ينسى وهو يُذَكِّرُه، ويقول له إيليس: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَن هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَين أو تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ﴾(2) [20].
10/1552 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، رفعه إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): أنَّ موسى (علیه السّلام) سأل ربه أن يجمع بينه وبين أبيه آدم (علیه السّلام) حيث عَرَج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل، فقال له موسى (علیه السّلام): يا آدم، أنت الذي خلقك الله بيده، ونَفَخ : فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأباح لك جَنَّته، وأسكنك جواره، وكلَّمك قبلاً، ثمَّ نهاك عن شجرةٍ واحدةٍ، فلم تصبر عنها، حتى أهبطت إلى الأرض بسببها، فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها، حتى أغراك إبليس فأطعته، فأنت الذي أخرجتنا من الجنَّة بمعصيتك.
فقال له آدم (علیه السّلام): ارفق بأبيك - أي بني - محنة ما لقي(3) في أمر هذه الشجرة، يا بُنيّ إنَّ عدوّي أتاني من وجه المكر والخديعة، فحلف لي بالله أنَّه في مشورته علي لمن الناصحين، وذلك أنه قال لي مُستَنصِحاً(4): إنّي لشأنك يا آدم لمَعْمُوم،
ص: 138
قلت: وكيف؟ قال: قد كنتُ أنستُ بك وبقربك مِنّي، وأنت تُخرج ممّا أنت فيه إلى ما سَتَكْرَهه. فقلت له: وما الحيلة؟ فقال: إنّ الحيلة هو ذا هو معك، أفلا أدلك على شجرة الخُلد وملك لا يبلى؟ فكلا منها أنت وزوجك فتصيرا معي في الجنة أبداً من الخالدين، وحلف لي بالله كاذباً أنَّه لمن الناصحين، ولم أظُنّ - يا موسى - أنَّ أحداً يحلف بالله كاذباً، فوثقتُ بيمينه، فهذا عُذري، فأخبرني يا بني هل تجد فيما أنزل الله إليك أنَّ خطيئتي كائنة من قبل أن أخلق؟ قال له موسى: بدهرٍ طويل.
قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): فحج آدم موسى، قال ذلك ثلاثاً(1).
11/1553 - عن عبد الله بن سنان، قال: سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) وأنا حاضر - كم لبث آدم وزوجه في الجنّة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما؟
فقال: إن الله تبارك وتعالى نفخ في آدم روحه بعد(2) زوال الشمس من يوم الجمعة، ثمّ بَرَأ زوجته من أسفل أضلاعه، ثم أسجد له ملائكته، وأسكنه جنَّته من يومه ذلك، فوالله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله ، فأخرَجَهما الله منها بعد غُروب الشمس، وما باتا فيها، وصيّرا بفناء الجنّة حتى أصبحا، فبدت لهما سوآتهما، وناداهما ربُّهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة؟! فاستحيا آدم من ربّه وخَضَع، وقال: ربَّنا ظَلَمنا أنفُسَنا، واعترفنا بذُنُوبنا، فاغفر لنا. قال الله لهما: اهبطا من سماواتي إلى الأرض، فإنَّه لا يُجاورني في جنتي عاص، ولا في سماواتي.
ثم قال أبو عبدالله (علیه السّلام): إن آدم لما أكل من الشجرة ذكر ما نهاه الله عنها فنَدِم، فذهب ليتنحى من الشجرة، فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها، وقالت له:
ص: 139
أفلا كان فرارك من قبل أن تأكل منّى(1).
12/1554 - عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) في قول الله تعالى: ﴿بَدَت لَهُمَا سَوءَاتُهُمَا﴾ [22]، قال: كانت سوآتهما لا تبدو لهما فبدت، يعني كانت من داخل(2).
13/1555 - عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (علیهما السّلام) عن قوله تعالى: ﴿يا بَنِي ءآدَمَ﴾ [27]، قالا: هي عامة(3).
1556 / 14 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من زَعَم أَنَّ الله أمر بالسُّوء والفحشاء فقد كَذَب على الله، ومن زَعَم أنَّ الخير والشر بغير مَشِيّة منه فقد أخرج الله من سُلطانه، ومن زَعَم أنّ المعاصي عُمِلت بغير قُوَّة الله فقد كَذَب على الله، ومن كَذَب على الله أدخله الله النار(4).
15/1557 - عن محمد بن منصور، عن عبد صالح (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ إلى قوله: ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالا تَعلَمُونَ﴾ [28].
فقال: أرأيت أحداً يزعم أنّ الله أمرنا بالزِّنا وشرب الخمر وشيءٍ من هذه المحارم؟ فقلت: لا.
فقال: ما هذه الفاحشة التى يدّعون أن الله أمر بها. فقلت: الله أعلم ووليه.
فقال: إن هذا من أئمة الجور، ادعوا أن الله أمرهم بالانتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، فأخبرنا أنّهم قد قالوا عليه الكذب، فسمّى ذلك منهم فاحشة(5).
ص: 140
16/1558 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال سَمِعتُه يقول : من زَعَمَ أَنَّ الله يأمر بالفحشاء، فقد كَذَب على الله، ومن زَعَم أنَّ الخير والشر إليه(1)، فقد كَذبَ على الله(2).
17/1559 - عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾ [29] قال: هو إلى القبلة(3).
1560 / 18 - عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله : ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾، قال: يعني الأئمة(4).
19/1561 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، عن قوله : ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾ . قال: مساجد مُحدثة، فأمروا أن يُقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام(5).
20/1562 - أبو بصير، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : هو إلى القبلة ليس فيها عبادة الأوثان، خالصاً مخلصاً(6).
21/1563 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، في قول الله:
ص: 141
﴿خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾ [31]، قال: هي الثياب(1).
22/1564 - عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾، قال: يعني الأئمة(2).
23/1565 - عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه، ومنع من منع من هوان به عليه؟ لا، ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوز لهم أن يأكلوا قصداً، ويشربوا قصداً، ويلبسوا قصداً، وينكحوا قصداً، ويَركَبُوا قصداً، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويَلُمّوا به شَعَتَهم، فمَن فعل ذلك كان ما يأكل حلالاً، ويشرب حلالاً، ويركب وينكح حلالاً، ومن عدا ذلك كان عليه حراماً.
ثمّ قال: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسرِفِينَ﴾ [31] أترى الله ائتمن رجُلاً على مالٍ، خَوَّل له أن يشتري فرساً بعشرة آلاف درهم، ويُجزيه فَرسُ بعشرين دِرهَماً؟! ويشترى جاريةٌ بألف دينار، ويجزيه جارية بعشرين ديناراً؟! وقال: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسرِفِينَ﴾(3).
24/1566 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾، قال: عَشِيَّة عَرَفَة(4).
25/1567 - عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: سألتُهُ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُم
ص: 142
عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾ ، قال : هو المِشط عند كُلّ صلاة فريضة ونافلة(1).
26/1568 - عن عمار النوفلي، عن أبيه، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول: المشط يذهب بالوباء، قال: وكان لأبي عبد الله (علیه السّلام) مشط في المسجد يَتَمشَط به إذا فرغ من صلاته(2).
27/1569 - عن المحاملي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله الله تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾، قال: الأردية في العيدين والجُمُعة(3).
28/1570 - عن هارون بن خارجة، قال: قال ابو عبد الله (علیه السّلام): من سأل الناس شيئاً وعنده ما يَقُوته يومه فهو مِن المُسرِفين(4).
29/1571 - عن خيثمة بن أبي خيثمة ، قال : كان الحسن بن علي (علیهما السّلام) إذا قام ما إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له: يابن رسول الله، لم تلبس أجود ثيابك؟ فقال (علیه السّلام): إنَّ الله تعالى جميلٌ يُحِبُّ الجمال، فأتجمل لربّي، وهو يقول: ﴿خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾ فأحب أن ألبس أجود ثيابي(5).
1572 / 30 - عن الحكم بن عتيبة ، قال : رأيتُ أبا جعفر (علیه السّلام) و عليه إزار أحمر، قال: فاحددتُ(6) النظر إليه، فقال: يا أبا محمد، إنَّ هذا ليس به بأس، ثم تلا: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾
ص: 143
مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾(1) [32].
31/1573 - عن الوساء، عن الرضا (علیه السّلام)، قال: كان علي بن الحسين (علیهما السّلام) يلبَس الجُبَّة والمطرف(2) الخَزّ، والقلنسوة(3) ويبيع المطرف، ويَتَصَدّق بثمنه، ويقول: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾(4).
32/1574 - عن يوسف بن إبراهيم، فال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) وعلي جُبَّة خَةٌ وطَيلَسَان خَزّ، فنظر إلي، فقلت: جُعِلتُ فداك، عليّ جُبَّةٍ خَةٌ وطَيلَسَان خَزّ، ما تقول فيه؟ فقال: وما بأس بالخَرّ.
قلت: وسَدَاه إبريسم؟ فقال: لا بأس به، فقد أصيب الحسين بن علي (علیه السّلام) وعليه جُيّة خَزْ.
ثمّ قال: إنّ عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلى الخوارج لَبِس أفضل ثيابه، وتَطَيَّب بأطيب طيبه، ورَكِب أفضل مراكبه، فخرج إليهم فواقفهم، فقالوا: يابن عباس، بينا أنت خير الناس، إذ أتيتنا في لباس من لباس الجبابرة ومراكبهم! فتلا هذه الآية: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ البَسُ وأتَجَمّلُ، فإنّ الله جميلٌ يُحِبّ الجمال، وليكن من خلال(5).
33/1575 - عن العباس بن هلال الشامي(6) ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال :
ص: 144
قلتُ : جُعِلتُ فداك، ما أعجَبَ إلى الناس من يأكل الجَشِب(1) ويَلبَس الخَشِن ويَتَخَشع !
قال: أما عَلِمتَ أنَّ يوسف بن يعقوب (علیهما السّلام) نبي ابن نبي، كان يلبس أقبية الدِّيباج مَزرُورةً بالذهب، ويجلس في مجالس آل فرعون يحكم؟ فلم يحتج الناسُ إلى لباسه، وإنَّما احتاجوا إلى قسطه، وإنّما يُحتاج من الإمام إلى أن إذا قال صَدَق، وإذا وعد أنجز، وإذا حَكَم عدل، إنَّ الله لم يُحرم طعاماً ولا شراباً من حلال، وإنما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرّزق﴾(2).
1576 / 34 - عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن (علیه السّلام)، قال: كان علي بن الحسين (علیهما السّلام) يلبس الثوب بخمسمائة دينار، والمطرف بخمسين ديناراً يشتو فيه، فاذا ذهب الشتاء باعه وتصدق بثمنه(3).
35/1577- وفي خبر عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (علیه السّلام)، أنَّه كان يشتري الكساء الخَزّ بخمسين ديناراً، فإذا صاف تَصَدِّق به، لا يَرَى بذلك بأساً ويقول: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾(4).
36/1578 - عن محمد بن منصور، قال: سألت عبداً صالحاً (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [33].
قال: إنَّ القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرَّم في الكتاب هو في الظاهر،
ص: 145
والباطن من ذلك أئمَّة الجَوْر، وجميع ما أحلّ في الكتاب هو في الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق(1).
37/1579 - عن عليّ بن أبي حمزة ، قال : سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): ما من أحد أغير من الله تبارك وتعالى، ومن أغير ممَّن حرّم لا : الفواحش ما ظهر منها وما بَطَن(2)؟
38/1580- عن علي بن يقطين، قال: سأل المهدي(3) أبا الحسن (علیه السّلام) عن الخمر، هل هي مُحرَّمة في كتاب الله، فإنّ الناس يعرفون النهي، ولا يعرفون التحريم؟ فقال له أبو الحسن (علیه السّلام): بل هي محرّمة.
قال: في أي موضع هي محرَّمة بكتاب الله، يا أبا الحسن؟ قال: قول الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّما حَرمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإِثْمَ وَالبَعْى بغَيرِ الحَقِّ﴾، فأما قوله: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ فيعني الزنا المعلن، ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر فى الجاهلية، وأما قوله: ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ يعنى ما الآباء، فإنّ الناس كانوا قبل أن يُبعث النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) إذا كان للرجل زوجة ومات عنها، تزوّجها ابنه من بعده، إذا لم تكن أمه، فحرم الله ذلك، وأما الإثم فإنّها الخمر بعينها، وقد قال الله في موضع آخر : ﴿يَستَلُونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾(4) فأما الإثم في كتاب الله فهي الخمر، والميسر فهي النَّرد، وإنمهما كبيرٌ كما قال الله، وأما قوله: ﴿البَغى﴾ فهو الزِّنا سِرّاً.
ص: 146
قال: فقال المهدى: هذه والله فتوى هاشميّة(1).
1581/ 39 - عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأْخِرُونَ ساعَةً وَلَا يَستَقدِمُونَ﴾ [34]، قال: هو الذي يُسمّى لملك الموت (علیه السّلام)(2).
1582 / 40 - عن منصور بن يُونُس، عن رجُل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِنَايَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُم أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ﴾ [40] نزلت في طلحة والزبير، والجَمَل جَمَلهم(3).
41/1583 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، في قوله: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَينَهُم أَن لَّعَنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [44]، قال: المُؤذن أمير المؤمنين (علیه السّلام)(4).
42/1584 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن على (علیهم السّلام)، قال : أنا يعسوب المؤمنين، وأنا أول السابقين، وخليفة رسول ربّ العالمين، وأنا قسيم الجنَّة والنار، وأنا صاحب الأعراف(5).
43/1585 - عن هلقام، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَعَلى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلَا بِسِيمَاهُم﴾ [46] ما يعني بقوله: ﴿وَعَلَى
ص: 147
الأعراف رجال﴾؟.
قال: ألستم تعرفون عليكم عُرفاء على قبائلكم، ليعرفوا من فيها من صالح أو طالح ؟ قلت: بلى، قال: فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلاً بسيماهم(1).
44/1586 - عن زاذان عن سلمان، قال: سَمِعتُ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول لعلى (علیه السّلام) أكثر من عشر مرات: يا على، إنك والأوصياء من بعدك أعراف بين الجنَّة والنار، لا يدخُل الجنَّة إلا من عرفكم وعرفتموه، ولا يَدخُل النار إلا من أنكركم وأنكر تُموه(2).
45/1587 - عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، فى هذه الآية ﴿وَعَلَى الأعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُم﴾، قال : يا سعد، هم آل محمد (علیهم السّلام)، لا يَدخُل الجنَّة إلا من عَرَفهم وعَرَّفوه، ولا يَدخُل النار إلا من أنكرهم وأنكروه(3).
46/1588 - عن الطيار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له : أي شيءٍ أصحاب الأعراف؟
قال: استوت الحسنات والسيئات، فان أدخلهم الجنّة فبرحمته، وإن عذَّبهم لم يظلمهم(4).
47/1589 - عن كَرّام، قال: سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) يقول: إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قباب من نُور يواقيت خُضر وبيض، في كُلِّ قبّة إمام دهره، قد احتف به أهل دهره بَرُّها وفاجِرُها حتى يقفوا بباب الجنَّة، فيَطَّلع أوّلُها صاحب قبّةٍ إطلاعةً فيُميّز(5) أهل ولايته وعدوّه، ثمّ يُقبل على عدوه فيقول: أنتم الذين أقسمتم لا
ص: 148
ينالهم الله برحمة ؟ ادخُلُوا الجنّة، لا خوف عليكم اليوم، يقول لأصحابه فتَسوَدٌ وجوه الظالمين(1)، فيميز(2) أصحابه إلى الجنَّة، وهم يقولون: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلنَا مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ﴾ [47].
فإذا نَظَر أهل القبة الثانية إلى قِلَّة من يَدخُل الجنَّة وكثرة من يدخُل النار، خافوا أن لا يَدخُلوها، وذلك قوله تعالى: ﴿لَم يَدخُلُوهَا وَهُم يَطْمَعُونَ﴾(3) [46].
1590 / 48 - عن الثَّمالي، قال: سُئل أبو جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَال يَعرِفُونَ كُلّا بِسيماهُم﴾.
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): نحن الأعراف الذين لا يُعرف الله إلا بسبب معرا معرفتنا، ونحن الأعراف الذين لا يدخُل الجنَّة إلا من عَرَفنا وعرفناه، ولا يَدخُل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، وذلك بأن الله لو شاء أن يُعرف الناس نفسه لعرّفهم، ولكنَّه جعلنا سببه وسبيله، وبابه الذي يُؤتى منه(4).
49/1591 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : إنَّ أهل النار يموتون عطاشى، ويدخلون قبورهم عطاشى ويُحْشَرون عطاشى، ويدخُلون جهنَّم عطاشى، فترفع لهم قراباتهم من الجنَّة، فيقولون: ﴿أفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ أو مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾(5)[50] .
ص: 149
50/1592 - عن الزهري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) يقول: يَومَ التَّنادِ يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء(1).
51/1593 - عن ميسر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿لَا تُفسدوا في الأَرضِ بَعدَ إِصَلَاحِهَا﴾ [56].
قال: إنّ الأرض كانت فاسدةً، فأصْلَحَها الله بنبيه (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال: ﴿لَا تُفْسِدُوا في الأرضِ بَعدَ إِصْلَاحِهَا﴾(2).
52/1594 - عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ! أما سمعت قول العبد الصالح: ﴿انتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّن المُنتَظِرِينَ﴾(3) [71].
53/1595 - عن يحيى بن المُساور الهمداني، عن أبيه : جاء رجل من أهل الشام إلى عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، فقال : أنت عليّ بن الحسين؟ قال: نعم. قال: أبوك الذي قَتَل المؤمنين؟ فبكى على بن الحسين (علیهما السّلام)، ثم مسح عينيه، فقال: ويلك! كيف قطعت على أبي أنّه قتل المؤمنين.
قال: قوله: «إخواننا قد بَغَوا علينا، فقاتلناهم على بغيهم».
فقال: ويلك أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: فقد قال الله: ﴿وَإِلَى مَديَنَ أخَاهُم شعيباً﴾(4)﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صالِحاً﴾(5) فكانوا إخوانهم في دينهم، أو في عشير تهم؟ قال له الرجل: لا، بل في عشيرتهم، قال: فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم،
ص: 150
وليسوا إخوانهم في دينهم.
قال فرَّجت عنِّي ، فرج الله عنك(1).
54/1596 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (علیهما السّلام)، قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سأل جبرئيل (علیه السّلام): كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال: يا محمّد، إنَّ صالحاً بُعث إلى قومه وهو ابن ست عشرة سنة، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة لا يجيبونه إلى خير.
قال: وكان لهم سبعون صنماً يعبدونها من دون الله، فلما رأى ذلك منهم قال : يا قوم، إنّي قد بعثت إليكم وأنا ابن ست عشرة سنة، وقد بلغت عشرين ومائة سنة، وأنا أعرض عليكم أمرين، إن شئتم فسلوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني، وإن شئتم سألتُ آلهتكم، فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم، فقد شنأتكم وشنأتموني.
فقالوا: قد أنصفت يا صالح، فاتَّعدوا ليوم يخَرُجون فيه.
قال: فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم(2)، ثم قربوا طعامهم وشرابهم، فأكلوا وشَرِبوا، فلمّا أن فَرغوا دعوه فقالوا: يا صالح، سل. فدعا صالح كبير أصنامهم، فقال: ما اسم هذا؟ فأخبروه باسمه، فناداه باسمه، فلم يُجب، فقال صالح: ما له لا يُجيب ؟ فقالوا له: ادع غيره، فدعاها كلها بأسمائها، فلم يُجبه واحد منهم.
فقال: يا قوم، قد ترون [أنّي] قد دعوتُ أصنامكم فلم تُجبني، فسلوني حتى أدعو إلهي فيُجيبكم الساعة، فأقبلوا على أصنامهم، فقالوا لها: ما بالكن لا تُجِبن صالحاً؟ فلم تُجب، فقالوا: يا صالح، تنح عنا، ودعنا وأصنامنا قليلاً، قال: فَرَمَوا
ص: 151
بتلك البسط التي بَسَطُوها، وبتلك الآنية، وتَمَرّغوا في التُّراب، وقالوا لها : لئن لم تُجبن صالحاً اليوم لنفضحن.
قال: ثمّ دَعَوه، فقالوا يا صالح، تعال فسلها؛ فعاد فسألها فلم تجبه، فقال: إنّما أراد صالح أن تُجيبه وتُكلّمه بالجواب. قال: فقال لهم: يا قوم، هو ذا ترون قد ذهب النهار، ولا أرى آلهتكم تجيبني، فسلوني حتى أدعو إلهي ، فيُجيبكم الساعة.
قال: فانتدب له منهم سبعون رجلاً من كبرائهم وعُظمائهم والمنظور إليهم منهم، فقالوا: يا صالح، نحن نسألك، قال: فكلُّ هؤلاء يرضُون بكم؟ قالوا: نعم، فإن أجابوك هؤلاء أجبناك. قالوا: يا صالح، نحن نسألك، فإن أجابك ربّك اتبعناك وأجبناك، وتابعك جميع أهل قريتنا. فقال لهم صالح: سلوني ما شئتم.
فقالوا: انطلق بنا إلى هذا الجبل - وكان الجبل قريباً منهم(1) - حتى نسألك عنده، قال: فانطلق فانطلقوا معه، فلما انتهوا إلى الجبل، قالوا: يا صالح، سَل ربّك أن يُخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقةً حمراء شقراء(2) وبراء عشراء(3) - وفي رواية محمّد بن نصير: حمراء شعراء، بين جنبيها ميل -.
قال: قد سألتموني شيئاً يعظم عليّ، ويهون على ربِّي، فسأل الله ذلك، فانصَدَع الجبل صدعاً كادت تطيرُ منه العقول لمّا سَمِعوا صوته، قال: واضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض، ثم لم يُعجلهم(4) إلا ورأسها قد طلع عليهم من من ذلك الصَّدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترت، ثم خرج سائر جسدها،
ص: 152
ثم استوت على الأرض قائمة، فلما رأوا ذلك قالوا: يا صالح، ما أسرع ما أجابك ربُّك ! فسَله أن يُخرج لنا فصيلها(1) قال: فسأل الله ذلك فَرَمَتْ به، فدبّ حولها، فقال لهم: يا قوم، أبَقِيَ شيءٌ؟ قالوا: لا، انطلق بنا إلى قومنا نُخبرهم ما رأينا ويؤمنوا بك.
قال: فرَجَعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتدّ منهم أربعة وستون رجلاً، وقالوا: سِحرٌ، وثبت السنة، وقالوا الحقُّ ما رأينا. قال: فكثر كلام القوم، ورجعوا مُكَذِّبين إلا السنّة، ثمّ ارتاب من السنّة واحدٌ، فكان فيمن عقرها .
وزاد محمد بن نصیر(2) في حديثه: قال [ابن محبوب: فحدثت بهذا الحديث رجلاً من أصحابنا، يقال له:] سعيد بن يزيد: فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام، فرأى جنبها قد حكَ الجبل، فأتّر جنبها فيه، وجبل آخر بينه وبين هذا ميل(3).
55/1597 - عن يزيد بن ثابت، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (علیه السّلام) أيوتى النساء في أدبارهنّ؟ فقال: سَفُلت سَفّل الله بك، أما سَمِعت الله يقول: ﴿أتأتونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِن أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ﴾(4)[80] .
56/1598 - عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبدالله (علیه السّلام) ذكر عنده إتيان النساء في أدبارهن، فقال: ما أعلم آية في القرآن أحلت ذلك إلا واحدة ﴿إِنَّكُم لتَأْتُونَ الرِّجَال شَهِوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ﴾ [81] الآية.(5)
ص: 153
57/1599 - عن الحسين بن عليّ(1)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: يا ويح هذه القدرية، إنما يقرءون هذه الآية ﴿إلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرنَاهَا مِنَ الغَابِرِينَ﴾(2) ويحهم من قدرها إلا الله تبارك وتعالى(3).
1600 / 58 - عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (علیه السّلام) فأطرق، ثمّ قال: اللهم لا تُؤْمِنّي مكرك، ثمّ جهر(4) فقال: ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخَاسِرُونَ﴾(5)[99] .
59/1601 - عن أبي ذرّ، قال: قال: والله ما صدق أحدٌ ممَّن أخذ الله ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم، وعصابة قليلة من شيعتهم، وذلك قول الله تعالى ﴿وَمَا وَجَدنًا لأكثرهم مِّن عَهدٍ وإن وجدنا أكثَرُهُم لَفَاسِقِينَ﴾ [102]، وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾(6).
1602 / 60 - قال: وقال الحسين بن الحكم الواسطي : كتبتُ إلى بعض الصالحين أشكو(7) الشَّك، فقال: إنَّما الشك فيما لا يُعرَف، فإذا جاء اليقين فلا شك، يقول الله: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لأكثَرِهِم مِّن عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكثَرَهُم لَفَاسِقِينَ﴾ نزلت في الشكاك(8)
1603 / 61 - عن عاصم المصري(9)، رفعه، قال: إنَّ فرعون بنى سبع مدائن
ص: 154
يتحصن فيها من موسى (علیه السّلام)، وجعل فيما بينها أجاماً وغياضاً(1)، وجعل فيها الأسد ليتحصن بها من موسى (علیه السّلام).
قال: فلمّا بعث الله موسى (علیه السّلام) إلى فرعون فدخل المدينة، فلمّا رآه الأسد تبصبصت(2) وولت مديرة، قال: ثمَّ لم يأتِ مدينة إلا انفتح له بابها، حتى انتهى إلى قصر فرعون الذي هو فيه، قال: فقعد على بابه وعليه مدرَعةٌ(3) من صُوف ومعه عصاه، فلما خرج الآذن قال له موسى (علیه السّلام): استأذن لي على فرعون. فلم يلتفت إليه، قال: فقال له موسى (علیه السّلام): إني رسول ربّ العالمين. قال فلم يلتفت إليه، قال: فمكث بذلك ما شاء الله يسأله أن يستأذن له، قال: فلمّا أكثر عليه، قال له: أما وَجَد ربّ العالمين من يُرسله غيرك؟
قال: فغضب موسى (علیه السّلام) وضرب الباب بعصاه، فلم يبق بينه وبين فرعون باب إلا انفتح، حتّى نظر إليه فرعون وهو في مجلسه، فقال: أدخلوه. قال: فَدَخَل عليه وهو في قبَّةٍ له مرتفعةٍ كثيرة(4) الارتفاع، ثمانون ذراعاً، قال: فقال: إنّي رسول رب العالمين إليك. قال: فقال: فأتِ بآيةٍ إن كُنتَ مِن الصادقين. قال: فألقى عصاه، وكان لها شعبتان. قال: فإذا هي حَيَّة، قد وقع إحدى الشعبتين في الأرض، والشعبة الأخرى في أعلى القبة، قال: فنظر فرعون إلى جوفها وهو يلتهب نيراناً، قال: وأهوت إليه، فأحدث وصاح: يا موسى، خُذها(5).
ص: 155
1604 / 62 - عن يونس بن ظبيان(1)، قال: قال (علیه السّلام): إن موسى وهارون حين دخلا على فرعون، لم يكن في جلسائه يومئذٍ ولد سفاح، كانوا ولد نكاح كلّهم، ولو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما، فقالوا: ﴿أرجه وَأَخَاهُ﴾ [111] وأمروه بالتأنّي والنظر، ثمّ وضع (علیه السّلام) يده على صدره، فقال: وكذلك نحن لا ينزع إلينا(2) إلا كُل خبيث الولادة(3).
63/1605 - عن موسى بن بكر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : أشهد أن المرجئة على دين الذين قالوا: ﴿أرجِه وَأَخَاهُ وَابعَث فِى المَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾(4).
1606 / 64 - عن محمد بن علي (علیه السّلام)، قال : كانت عصا موسى لآدم (علیهما السّلام)، فصارت إلى شعيب (علیه السّلام)، ثم صارت إلى موسى بن عمران (علیه السّلام)، وإنّها لتُروّع وتلقف ما يأفِكُون، وتصنع ما تُؤمَر، يُفتح لها شُعبتان(5)، إحداهما في الأرض، والأخرى في السقف، وبينهما أربعون ذراعاً، تلقف ما يأفِكُون بلسانها(6).
65/1607 - عن عمّار الساباطي، قال: سَمِعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن الأرض الله يُورثها من يشاء من عباده، قال: فما كان الله فهو لرسوله، وما كان لرسول الله فهو للإمام بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(7).
ص: 156
66/1608 - عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : وجدنا في كتاب على (علیه السّلام): ﴿إنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورَثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِه وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ﴾ [128] أنا وأهل بيتى الذين أورثنا الله الأرض، ونحن المُتقون، والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فعمّرها فليؤدٌ خَراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فان تَرَكها وأخربها بعدما عمّرها، فأخذها رجل من المسلمين بعده فعمَّرها وأحياها، فهو أحقُّ به من الذي تركها، فليؤدّ خَراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحوزها ويمنعها، ويُخرجهم عنها، كما حواها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ومنعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنّه يُقاطعهم ويترك الأرض في أيديهم(1).
67/1609- عن محمد بن قيس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: قلت: ما الطوفان؟ قال: هو طُوفان الماء والطاعون(2).
69/1611 - عن محمد الحلبي، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) في قوله: ﴿وَوَاعَدنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأتمَمنَاهَا بِعَشْرِ﴾ [142]، قال: بعشر ذي الحجة ناقصة حتّى انتهى إلى شعبان فقال: ناقص لا يَتِمٌ(1).
1612 / 70 - عن الفضيل بن يسار، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام) : جُعِلتُ فداك، وقت لنا وقتاً فيهم.
فقال : إنّ الله خالف علمه علم المُوقتين، أما سَمِعت الله يقول: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً﴾ إلى ﴿أربَعِينَ لَيْلَةً﴾؟ أما إن موسى لم يكن يعلم بتلك العشر، ولا بنو إسرائيل، فلمّا حدثهم(2) قالوا: كذب موسى، وأخْلَفَنا موسى؛ فإن حدثتُم به فقولوا: صَدَق الله ورسوله، تُؤجروا مرَّتين(3).
1613 / 71 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إن موسى (علیه السّلام) لما ، خرج وافداً(4) إلى ربّه وأعدهم ثلاثين يوماً، فلما زاده الله على الثلاثين عشراً قال قومه: أخْلَفنَا موسى، فصنعوا ما صَنَعوا(5).
عن محمّد بن على بن الحنفية، أنّه قال مثل ذلك(6).
72/1614 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قال : لما سأل موسى (علیه السّلام) ربه تبارك وتعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أنظُر إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُر إِلَى الجَبَل فَإن استَقَرٌ مَكَانَهُ فَسَوفَ تَرَانِي﴾، قال : فلما صَعِد موسى (علیه السّلام) على
ص: 158
الجبل، فُتحت أبواب السماء، وأقبلت الملائكة أفواجاً في أيديهم العمد، وفي رأسها النُّور، يَمُرُّون به فوجاً بعد فوج، يقولون: يابن عمران، اثبت فقد سألت عظيماً، قال: فلم يزل موسى (علیه السّلام) واقفاً حتى تجلّى ربنا جل جلاله، فجعل الجبل دَكّاً، وخَرّ موسى صَعِقاً، فلمّا أن ردّ الله إليه رُوحه أفاق ﴿قَالَ سُبحَانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنَا أوَّلُ المُؤمِنِينَ﴾(1) [143].
73/1615 - قال ابن أبي عُمير: وحدثني عدة من أصحابنا: أن النار أحاطت به حتى لا يهرب لهول ما رأى.
قال: وروى هذا الرجل عن بعض مواليه، قال: ينبغي أن يُنتَظَر بالمَصعُوق ثلاثاً، أو يتبيّن(2) قبل ذلك، لأنه ربما رُدّ عليه رُوحه(3).
1616 / 74 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن موسى بن عمران (علیه السّلام) لما سأل ربه النظر إليه وعده الله أن يقعد في موضع، ثمّ أمر الملائكة، أن تمُرّ عليه مَوكِباً مَوكِباً بالبرق والرعد والرّيح والصَّواعق، فكلما مر به مَوكبٌ من المواكب ارتعدت فرائصه، فيرفع رأسه، فيسأل: أفيكم ربي؟ فيجاب: هو آت، وقد سألت عظيماً يا بن عمران(4).
1617 / 75 - عن حفص بن غياث، قال : سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبَّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكَاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً﴾، قال : ساخَ الجبل في البحر، فهو يهوي حتى الساعة(5).
ص: 159
76/1618 - وفي رواية أخرى: أنّ النار أحاطت بموسى (علیه السّلام) لئلا يهرب لهول ما رأى، وقال: لمّا خرّ موسى ضيقاً مات، فلما أن ردّ الله رُوحه أفاق، فقال: سُبحانك تُبت إليك وأنا أوّل المؤمنين(1).
1619 / 77 - عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال في الجفر: إن الله تبارك وتعالى لما أنزل الألواح على موسى (علیه السّلام)، أنزلها عليه وفيها تبيان كُلّ شيءٍ كان أو هو كائن، إلى أن تقوم الساعة، فلمّا انقضت أيام موسى (علیه السّلام) أوحى الله إليه: أن استَودِع الألواح؛ وهي زَبَرجَدَةٌ من الجَنَّة، جبلاً يقال له زينة، فأتى موسى الجبل، فانشق له الجبل، فجعل فيه الألواح مَلفُوفةً، فلمّا جَعَلها فيه أنطَبق الجبل عليها، فلم تَزَل في الجبل حتى بعث الله نبيه محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأقبل ركب من اليمن يُريدون الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم)، فلما انتهوا إلى الجبل أنفَرَج الجبل وخرجت الألواح ملفوفةً كما قال وضعها موسى ، فأخذها القوم، فلما وقعت في أيديهم ألقى الله في قلوبهم أن لا الا يَنظُروا إليها، وها بوها حتّى يأتوا بها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وأنزل الله جبرئيل (علیه السّلام) قاله على نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأخبره بأمر القوم، وبالذي أصابوه.
فلمّا قَدِموا على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وسلّموا عليه ابتدأهم، فسألهم عما وجدوا والله فقالوا: وما علمك بما وجدنا ؟ قال : أخبرني به ربّي، وهو الألواح. قالوا: نشهد أنك الرسول الله، فأخرَجُوها فَوَضَعُوها إليه، فنظر إليها، وقولها وكتبها(2) بالعبراني، ثمّ دعا أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : دونك هذه ففيها علم الأولين وعلم الآخرين، وه
ص: 160
ألواح موسى (علیه السّلام)، وقد أمرني ربي أن أدفعها إليك.
فقال: لستُ أحسن قرائتها.
قال: إن جبرئيل، أمرني أن أمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه، فإنك تُصبح وقد علمت قرائتها، قال: فجعلها تحت رأسه، فأصبح وقد علَّمه الله كُلّ شيء فيها، فأمره رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بنسخها ، فنسخها في جلد وهو الجَفر، وفيه علم الأوّلين والآخرين، وهو عندنا، والألواح عندنا، وعصا موسى عندنا، ونحن ورثنا النبيين صلّى الله عليهم أجمعين.
قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في وادٍ يُعرف بكذا(1).
1620 / 78 - عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان ممّا قال هارون لأبي الحسن موسى (علیه السّلام) حين أدخل عليه : ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين. قال: وقرأ ﴿سَأصرِفُ عن ءَايَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُون فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ ... وإِنْ يَرُوا سَبِيل الغَى يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ [146] يعني وإن يَرَوا كُلِّ آيةٍ لا يُؤمنوا بها، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً.
فقال له هارون: فدارُ من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة(2)، ولغيرهم فتنة.
قال: فما بال صاحب الدار لا يأخُذها؟ قال: أخذت منهم عامرة، ولا يأخُذها إِلَّا مَعْمُورة(3).
79/1621 - عن محمد بن أبي حمزة ، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول
ص: 161
الله تعالى: ﴿اتَّخَذَ قَومُ مُوسَى مِن بَعدِهِ مِن حُليّهم عِجلاً جَسَداً لَّه خُوَارٌ﴾ [148] .
فقال موسى: يا ربّ ومن أخار الصَّنَم ؟ فقال الله : أنا يا موسى أخَرَتُهُ. فقال: موسى: ﴿إن هِيَ إِلَّا فِتنَتُكَ تُضِلُ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ﴾(1).
1622 / 80- عن ابن مسكان عن الوصاف(2)، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إن فيما ناجى الله موسى (علیه السّلام) أن قال: يا ربّ هذا السامري صنع العجل، فالخُوار مَن صنّعه؟ قال: فأوحى الله إليه: يا موسى، إن تلك فتنتي فلا تفحص(3) عنها(4).
1623 / 81 - عن إسماعيل بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : حيث قال موسى (علیه السّلام): أنت أبو الحكماء(5).
1624 / 82 - عن محمد بن أبي حمزة، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن الله تبارك وتعالى لما أخبر موسى (علیه السّلام) أن قومه اتخذوا عجلاً له خُوار، فلم يقع منه موقع العيان، فلمّا رآهم اشتد غضبه، فألقى الألواح من يده، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): وللرؤية فضل على الخَبَر(6).
83/1625 - عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): عَرَضَت لي إلى ربي
ص: 162
حاجة، فهجرت(1) فيها إلى المسجد، وكذلك أفعل إذا عرَضَت لي الحاجة، فبينا أنا أصلّي في الروضة إذا رجلٌ على رأسي، قال: فقلتُ: ممَّن الرجل؟ فقال: من أهل الكوفة. قال: قلت: ممّن الرجل؟ قال: من أسلم. قال: فقلت: ممّن الرجل؟ قال: من الزيدية.
قال: قلت: يا أخا أسلم، من تعرف منهم؟ قال: أعرف خيرهم وسيّدهم ورشيدهم وأفضلهم هارون بن سعد.
قلت: يا أخا أسلم، ذاك رأسُ العجلية(2)، أما سَمِعت الله يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجلَ سَيَنَالُهُم غَضَبٌ مِّن رَبِّهِم وَذِلَّةٌ فِى الحَياةِ الدُّنْيَا﴾ [152] وإنّما الزيدي حقاً محمّد بن سالم بياع القَصَب(3).
1626 / 84 - عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: إن عبدالله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه: إنّه لا يموت فمات، فقال: لا عرّفه الله(4) شيئاً من ذُنُوبه، أين(5) ذهب؟ إن موسى اختار سبعين رجلاً من قومه، فلمّا أخَذَتهم الرّجفة قال: ربّ أصحابي أصحابي. قال: إني أبدلك بهم من هو خيرٌ لكم منهم. فقال: إني عرفتهم ووجدتُ ريحهم، قال: فبعثهم الله له أنبياء(6).
ص: 163
1627 / 85 - عن أبان بن عثمان، عن الحارث: مثله، إلا أنه ذكر: فلما أخذتهم الصاعقة، ولم يذكر الرَّجفَة(1).
86/1628 - عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لما ناجى موسى ربَّه أوحى الله إليه: أن يا موسى قد فتنتُ قومك. قال: وبماذا ياربّ؟ قال: بالسامري، صاغ لهم من حُليّهم عجلاً، قال: ياربّ إنّ حُليّهم لا يُحتمل أن يُصاغ منه غزال وتمثال وعجل، فيكف فتنتهم؟ قال: صاغ لهم عجلاً فَخار، قال: يارب، ومن أخاره؟ قال: أنا. قال عندها موسى: ﴿إن هِيَ إِلَّا فتنتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِى مَن تَشَاءُ﴾(2) [155].
1629 / 87 - عن علي بن أسباط، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): لِمَ سمّي النبي الأمي؟ قال : نُسب إلى مكة، وذلك من قول الله: ﴿لِتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَن حَولَهَا﴾(3) وأُمّ القُرى مكّة، فقيل أُمّي لذلك(4).
88/1630 - عن المالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قوله: ﴿يَجِدُونَهُ مكتوباً عِندهُم فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجيل يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُم عَنِ المُنكَرِ﴾يعني اليهود والنصارى، صفة محمد واسمه (5) [157].
89/1631- عن أبي بصير، في قول الله: ﴿فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾ [157]، قال أبو جعفر (علیه السّلام): النُّور: علي (علیه السّلام)(6).
ص: 164
1632 / 10 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَمِن قَومِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [159]، فقال: قوم موسى هم أهل الإسلام(1).
91/1633 - عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إذا قام قائم آل محمّد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (علیه السّلام) الذين يقضُون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويُوشعَ وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دُجانة الأنصاري(2)، ومالك الأشتر(3).
92/1634 - عن أبي الصَّهباء البكري، قال: سمعتُ علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ودعا رأس الجالوت وأسقف النصارى، فقال: إنّي سائلكما عن أمرٍ، وأنا أعلم به منكما، فلا تكتماني يا رأس الجالوت بالذي أنزل التوراة على موسى، وأطعمكم المن والسلوى، وضرب لكم في البحر طريقاً يبساً، وفجَّر لكم من الحَجَر الطُّوري اثنتى عشرة عيناً، لكلِّ سبط من بنى إسرائيل عيناً، إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال: فرقة(4) واحدة.
فقال: كَذَبت، والذى لا إله غيره، لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كُلّها
ص: 165
في النار إلا واحدة، فانَّ الله يقول: ﴿وَمِن قَومِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ فهذه التي تنجو(1).
93/1635 - عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (علیه السّلام)، قال: كانت مدينة حاضرة البحر، فقالوا لنبيهم: إن كان صادقاً فليُحوّلنا ربَّنا جِرِّيثاً(2)، فإذا المدينة في وسط البحر قَدْ غَرِقت من الليل، وإذا كلّ رجلٍ منهم مسوداً(3) جريئاً يدخُل الراكب في فيها(4).
1636 / 94 - عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : وجدنا في كتاب أمير المؤمنين (علیه السّلام): أنَّ قوماً من أهل أيْلَة(5) من قوم ثمود، وأن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت، لِيَخْتَبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت(6) لهم يوم سبتهم في ناديهم وقُدّام أبوابهم، في أنهارهم وسواقيهم، فتبادروا، إليها، فأخذوا يصطادونها ويأكلونها، فلبثوا بذلك ما شاء الله، لا ينهاهم الأحبار ولا ينهاهم العلماء من صيدها.
ثمّ إنَّ الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنّما نُهِيتم عن أكلها يوم السبت، ولم تُنهوا عن صيدها، فاصطادوا يوم السبت وأكلوها فيما سوى ذلك من الأيام.
فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، وانحازت طائفة منهم ذات اليمين، وقالوا: الله الله، إنا نَهَيناكم عن عُقُوبة الله أن تعرضوا لخلاف أمره، واعتزلت طائفةٌ
ص: 166
منهم ذات اليسار، فسكتت فلم تعظهم، وقالت الطائفة التي لم تَعِظهم: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قوماً اللهُ مُهلِكُهُم أو مُعَذِّبُهُم عَذَاباً شَدِيداً﴾.
وقالت الطائفة التي وَعَظتُهُم: ﴿مَعذِرَةٌ إلى رَبِّكُم وَلَعَلَّهُم يَتَّقُونَ﴾، قال الله : ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [164 و 165] يعنى لمّا تَرَكُوا مَا وُعِظُوا به ومَضَوا على الخطيئة، قالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله، لا نجا معكم ولا نبايتكم الليل في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها، مخافة أن ينزل بكم البلاء، فنزلوا قريباً من المدينة، فباتوا تحت السماء.
فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله، غَدَوا ليَنظُروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة، فإذا هو مُصمَت، فَدَقوه فلم يُجابوا، ولم يسمعوا منها حِسٌ أحدٍ، فَوَضَعُوا سُلَّماً على سُور المدينة، ثمّ أصعدوا رجلاً منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردةً يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه: يا قوم، أرى والله عَجَباً. فقالوا: وما ترى؟ قال: أرى القوم قردة يتعاوون، لهم أذناب. قال: فكسروا الباب ودخلوا المدينة. قال: وعرفت القردة أنسابها من الإنس، ولم تعرف الإنس أنسابها من القردة، قال: فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟
قال: فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): والذي فَلَق الحَبَّة وبرأ النَّسمَة، إنِّي لأعرف أنسابها من هذه الأمة، لا يُنكرون ولا يُغيّرون، بل تركوا ما أمروا به، وقد قال الله تعالى: ﴿فَبُعداً لِّلقَومِ الظَّالِمِينَ﴾(1)، وقال الله: ﴿أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنهَونَ عَن السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾(2) [165].
ص: 167
95/1637 - عن عليّ بن عُقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة، فَتَرَكُوا يوم الجمعة، فأمسكوا يوم السبت(1).
96/1638 - عن الأصبغ، عن علي (علیه السّلام)، قال : أُمتان تابعنا(2) من بني إسرائيل: فأما التي أخذت البحر فهي الجراري(3)، وأما التي أخذت البر فهي الضباب(4).
97/1639 - عن هارون بن عبيد(5)، رفعه إلى أحدهم (علیهم السّلام)، قال : جاء قوم إلى السلام أمير المؤمنين (علیه السّلام) بالكوفة، وقالوا له: يا أمير المؤمنين، إن هذه الجراري تُباع في أسواقنا ؟
قال: فَتَبسَّم أمير المؤمنين (علیه السّلام) ضاحكاً، ثمّ قال: قوموا لأريكم عَجَباً، ولا تقولوا في وصيكم إلا خيراً، فقاموا معه، فأتوا شاطئ بحرٍ، فَتَقَل فيه تفلةً، وتَكَلَّم بكلماتٍ، فإذا بحرية رافعة رأسها، فاتحة فاها، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): من أنت؟ الويل لك ولقومك! فقالت: نحن من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يقول الله في كتابه: ﴿إذ تَأْتِيهِم حِيتَانُهُم يَومَ سَبتِهِم شُرَّعاً﴾(6) الآية، فعرض الله علينا ولا يتك فقعدنا عنها فمَسَخنا الله ، فبعضنا في البرّ، وبعضنا في البحر، فأما الذين في البحر فنحن الجراري ، وأما الذين في البر فالضَّبِّ واليربوع.
قال: ثم التفت أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلينا، فقال: أسمعتم مقالتها؟ قلنا: اللهم
ص: 168
نعم. قال: والذي بعث محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) بالنبوة لتحيض كما تحيض نساؤكم(1).
164 / 98 - عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام)، في قول الله : فلمّا جَاءَ أمرنا ﴿أنجينا الَّذينَ ينهون عن السوء﴾.
قال: افترق القوم ثلاث فرق، فرقة انتهت(2) واعتزلت، وفرقة أقامت ولم تقارف الذنوب، وفرقة أقترفت الذُّنوب، فلم تنتج من العذاب إلا من انتهت(3).
قال جعفر (علیه السّلام): قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): ما صنع بالذي أقاموا ولم يُقارفوا الذُّنوب؟ قال أبو جعفر (علیه السّلام): بلغني أنهم صاروا ذَراً(4).
99/1641- عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأول (علیه السّلام)، قال : إن الله خص عباده بآيتين من كتابه: أن لا يكذبوا بما لا يعلمون، أو يقولوا بما لا يعلمون، وقرأ: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ﴾(5)، وقال: ﴿أَلَم يُؤْخَذ عَلَيهِم مِّيثَاقُ الكِتابِ أن لَّا يَقُولوا عَلَى اللهِ إِلَّا الحَقَّ﴾(6)[169].
1642 / 100 - عن إسحاق، قال أبو عبد الله (علیه السّلام): خَص الله الخلق في آيتين من كتاب الله : أن لا يقولوا على الله إلا بعلم، ولا يَرُدُّوا إلَّا بعلم [قال الله عزّ وجلّ:] ﴿ألم يُؤخَذ عَلَيهِم مِّيثَاقُ الكِتَابِ أن لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحَقَّ﴾، وقال: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تَأْوِيلُهُ﴾(7).
ص: 169
101/1643 - عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلتُ له: أيضعَ الرجل يده على ذراعه في الصلاة؟
قال: لا بأس، إن بني إسرائيل كانوا إذا دخلوا في الصلاة دخلوا متماوتين(1) كأنّهم موتى، فأنزل الله على نبيه (علیه السّلام): خُذ ما آتيتك بقُوَّة، فإذا دخلت الصلاة فادخُل فيها بجَلَدٍ وقُوَّة، ثمّ ذكرها(2) في طلب الرزق، فاذا طلبت الرزق فاطلبه بقوة(3).
102/1644 - وفي رواية إسحاق بن عمار، عنه (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿خُذُوا مَا اتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ﴾ [171] أقوة في الأبدان، أم قوّة في القلوب؟ قال: فيهما جميعاً(4).
103/1645 - عن محمد بن حمزة، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿خُذوا مَا ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ﴾، قال: السُّجود ووضع اليدين على الركبتين في الصلاة(5).
104/1646 - عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام)عن قول الله تعالى : ﴿وَإِذ أخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم﴾ [172]، قال: نعم أخذ الله الحُجَّة على جميع خلقه يوم الميثاق هكذا، وقَبَض يده(6).
105/1647 - عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): كيف أجابوه وهم ذر؟
ص: 170
قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه، يعني في الميثاق(1).
106/1648 - عن عبيد الله الحلبي(2)، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قالا: حج عمر أول سنة حجّ وهو خليفة، فحج تلك السنة المهاجرون والأنصار، وكان علي (علیه السّلام) قد حجّ في تلك السنة بالحسن والحسين (علیهما السّلام) وبعبد الله بن جعفر.
قال: فلمّا أحرم عبد الله ليس إزاراً ورداء مُمَسِّقين(3) - مَصبُوغَين بطين المَشق - ثمّ أتى فنظر إليه عمر وهو يُلبّي وعليه الإزار والرداء، وهو يسير إلى جنب علي (علیه السّلام)، فقال عمر من خلفهم : ما هذه البدعة التي في الحَرَم؟ فالتفت إليه علي (علیه السّلام) فقال له: يا عمر، لا ينبغي لأحدٍ أن يُعلّمنا السُّنّة.
فقال عمر: صدقت يا أبا الحسن، لا والله ما عَلِمتُ أنّكم هم.
قال: فكانت تلك واحدة في سفرتهم تلك، فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت، فاستلم عمر الحجر، وقال: أما والله إني لأعلم أنك حَجَرٌ لا تَضُرّ ولا تنفع، ولو لا أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) استلمك ما استلمتك.
فقال له على (علیه السّلام): مه يا أبا حفص، لا تفعل فإنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لم يستلم إلا لأمر قد علمه، ولو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما عَلِم غيرك لعلمت أنه يَضُرّ وينفع، وله عينان و شفتان ولسان ذلِق(4) يشهد لمن وافاه بالموافاة.
قال: فقال له عمر: فأوجدني ذلك من كتاب الله، يا أبا الحسن.
فقال على (علیه السّلام): قوله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ َأخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن
ص: 171
ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأشْهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم ألستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلَى شَهِدنَا﴾ فلمّا أقرُّوا بالطاعة بأنّه الربّ وهم العباد ، أخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام، ثمّ خلق الله رَقّاً أرقّ من الماء، وقال للقلم: اكتب موافاة خلقي ببيتي الحرام، فكتب القلم موافاة بني آدم في الرق، ثمّ قيل للحَجَر افتح فاك، قال: ففتحه فالقمه الرَّقِّ، ثمّ قال للحَجَر : احفظ(1) واشهد لعبادي بالموافاة، فهَبَط الحَجَر مُطيعاً الله .
يا عمر، أوليس إذا استلمت الحَجّر قلت: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة ؟ فقال عمر : اللهم نعم. فقال له علي (علیه السّلام): من ذلك(2).
107/1649 - عن الحلبي، قال: سألته (علیه السّلام) لم جُعِل استلام الحجر ؟ قال : إِنَّ الله حيث أخذ الميثاق من بني آدم، دعا الحجر من الجنَّة، وأمره والتقم الميثاق، فهو يَشهَد لمن وافاه بالوفاء(3).
108/165 - عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ، قال : إنَّ بعض قريش قال الرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): بأي شيءٍ سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟
فقال: إنّي كنتُ أوّل من أقرّ بربّي، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنتُ أوّل من قال: بلى، فسبقتهم إلى الإقرار بالله(4).
ص: 172
109/1651 - عن زرارة، قال: سألت أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم﴾ إلى: ﴿قَالُوا بَلَى﴾، قال: كان محمّد عليه وآله السلام أوّل من قال: بلى.
قلت: كانت رُؤية مُعاينة؟ قال: أثبت المعرفة في قُلُوبهم، وأنسوا ذلك الميثاق، وسَيَذكُرونه بعد، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه، ولا مَن يَرزُقه(1).
110/1652 - عن زرارة: أنَّ رجلاً سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتهم﴾.
فقال (علیه السّلام)- وأبوه يسمع - : حدثني أبي أنّ الله تعالى قَبض قبضةً من تُراب التربة الَّتي خَلَق منها آدم (علیه السّلام)، فصب عليها الماء العذب الفرات، فتركها أربعين صباحاً، ثمّ صَبّ عليها الماء المالح الأجاج، فتركها أربعين صباحاً، فلما اختمرت الطينة أخذها تبارك وتعالى فَعَركها عَركاً شديداً، ثم هكذا - حكى بسط كفّيه - فخرجوا(2) كالذرّ من يمينه وشماله، فأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين، فصارت عليهم برداً وسلاماً، وأبى أصحاب الشمال أن يدخُلوها(3).
111/1653 - عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ألَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى﴾ قالوا بألسنتهم؟ قال: نعم، وقالوا بقلوبهم.
فقلت: وأي شيء كانوا يومئذ؟ قال: صنع منهم ما أكتفى بها(4).
112/1654 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ﴾ إلى ﴿أنفُسِهِم﴾.
ص: 173
قال: أخرج الله من ظهر آدم ذُرِّيته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم نفسه، وأراهم نفسه، ولو لا ذلك ما عَرَف أحد ربّه، وذلك قوله: ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم مَّن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ لَيَقُولُنَّ الله﴾(1).
113/1655 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت له: ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ﴾ إلى ﴿شَهِدنَا﴾، قال: ثم قال: ثبتت المعرفة، ونسوا الموقف وسَيَذكُرونه، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه، ولا من رازقه(2).
1656 / 114 - عن جابر ، قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): من(3) سمّى أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟ قال: قال: والله نزلت هذه الآية على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿وَأَشْهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم﴾ وأنّ محمداً رسول الله، وأن علياً أمير المؤمنين، فسماه الله - والله - أمير المؤمنين(4).
1657 / 115 - عن جابر، قال: قال لي أبو جعفر (علیه السّلام): يا جابر، لو يعلم الجمال متى سُمّي أمير المؤمنين علي (علیه السّلام) لم يُنكروا حقه.
قال: قلتُ : جُعِلت فداك، متى سمّي ؟ فقال لي: قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ﴾ إلى ﴿ألَستُ بِرَبِّكُم﴾ وأنّ محمّداً رَسُول الله، وأنّ عليّاً أمير المؤمنين. قال: ثم قال لي: يا جابر، هكذا والله جاء بها محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(5).
116/1658 - عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال :
ص: 174
قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إن أمتي عرضت على في الميثاق، فكان أوّل من آمن بي عليّ، وهو أوّل من صَدقني حين بعثت، وهو الصِّدِّيق الأكبر(1)، والفاروق يفرق بين الحق والباطل(2).
117/1659 - عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (علیه السّلام)، قال : أتاه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الله تبارك وتعالى، هل كلم أحداً من ولد آدم قبل موسی (علیه السّلام)؟
موسى فقال علي (علیه السّلام): قد كلَّم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم، ورَدُّوا عليه الجواب، فتَقُل ذلك على ابن الكواء ولم يَعرِفه.
فقال له: كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟
فقال له: أو ما نقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه (صلی الله علیه و آله و سلم): ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأشْهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى﴾؟ فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب، كما تسمع في قول الله يابن الكواء: ﴿قَالُوا بَلَى﴾ ، فقال لهم: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، وأنا الرَّحمن، فأقرواله بالطاعة والربوبية، وميّز(3) الرُّسل والأنبياء والأوصياء، وأمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك: شهدنا عليكم يا بني آدم أن تَقُولوا يوم القيامة: إنّا كُنَّا عن هذا غافلين(4).
118/1660 - قال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أخبرني عن الذرّ حيث أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى؛ وأسر بعضهم خلاف ما أظهر. قلت:
ص: 175
كيف علموا القول حيث قيل لهم : ألست بربكم؟ قال: إن الله جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه(1).
119/1661 - عن سليمان اللبان، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): أتدري ما مثل المغيرة ابن سعید(2)؟ قال: قلت: لا. قال: مثله مثل بلعم(3) الذي أوتى الاسم الاعظم الذي قال الله تعالى: ﴿ءاتَيْنَاهُ وَايَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنهَا فأتبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِن الغَاوِينَ﴾(4) [175].
1662 / 120 - عن محمد بن أبي زيد الرازي، عمَّن ذكره عن الرضا (علیه السّلام)، قال : إذا نزلت بكم شدّة، فاستعينوا بنا على الله، وهو قول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الحُسْنَى فادعُوه بهَا﴾ [180]، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يُقبل من أحدٍ إلا بمعرفتنا، قال: فادعوه بها(5).
121/1663 - عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَمِمَّن خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ﴾ [181]، قال: هم الأئمّة(6).
ص: 176
122/1664 - وقال محمّد بن عجلان، عنه الهلال : نحن هم(1).
123/1665 - عن أبي الصهباء(2) البكري، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول: والذي نفسي بيده، لتُفرّقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلُّها في النار إلا فرقة واحدة ﴿وَمِمَّن خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ فهذه التي تنجو من هذه الأمة(3).
124/1666 - عن يعقوب بن زيد(4)، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): ﴿وَمِمَّن خَلَقْنَا اُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ﴾ ، قال : يعنى أمة محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(5).
1667 / 125 - عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله يقول في كتابه: ﴿وَلَو كُنتُ أعلَمُ الغَيبَ لاستكثَرْتُ مِنَ الخَيرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ﴾ [188] يعنى الفقر(6).
126/1668 - عن زرراة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سَمِعتُه يقول: ﴿فَلَمَّا اتَاهُما صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا ءَاتَاهُمَا﴾ [190]، قال: هو آدم وحواء، إنما كان شركهما شرك طاعة، وليس شرك عبادة.
وفي رواية أخرى: ولم يكن شرك عبادة(7).
ص: 177
127/1669 - عن الحسن(1) بن عليّ بن النعمان، عن أبيه، عمَّن سَمِع أبا عبد الله (علیه السّلام) وهو يقول: إنَّ الله أدب رسوله الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال: يا محمّد ﴿خُذِ العفو وأمر بِالعُرفِ وَأعرِض عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [199] قال: خُذ منهم ما ظَهَر وما تيسر، والعفو: الوسط(2).
128/1670 - عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُر بِالعُرفِ﴾، قال : بالولاية ﴿وَأَعرِض عَنِ الجَاهِلِينَ﴾، قال: عنها يعني الولاية(3).
129/1671 - عن زيد أبي أسامة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله : ﴿إنَّ الَّذِينَ اتَّقُوا إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [201] ، قال: هو الذَّنب يهم به العبد فَيَتَذكَّر فَيدَعُه(4).
1672 / 130 - عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ ما ذلك الطائف؟ فقال: هو السيءُ يهم العبد به(5)، ثمَّ يذكر الله فيُبصِر ويُقصِر(6).
1673 / 131 - أبو بصير، عنه (علیه السّلام)، قال : هو الرجُل يَهُم بالذنب ثمَّ يَتَذكَّر فيَدَعه(7).
ص: 178
132/1674 - عن زرارة قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ﴾ فِي الفريضة خلف الإمام ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنصِتُوا لَعَلَّكُم تُرْحَمُونَ﴾(1) [204].
133/1675 - عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وفي غيرها، وإذا قُرى عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع(2).
1676 / 134 - عن أبي كَهْمَس(3)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قرأ ابن الكواء خلف ، أمير المؤمنين (علیه السّلام): ﴿لَئن أشرَكتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾(4) فأنصت له أمير المؤمنين (علیه السّلام)(5).
1677 / 135 - عن زرارة، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : لا يكتُبُ المَلك إلا ما أسمع نفسه، وقال الله: ﴿وَاذكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً﴾ [205] قال: لا يَعلَمُ ثواب ذلك الذكر فى نفس العبد لعظمته(6) إلا الله، وقال: إذا كنت خلف إمام تأتم به ، فأنصت وسبِّح في نفسك(7).
1678 / 136 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، يرفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
ص: 179
﴿وَاذكُر رَّبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعاً﴾ يعنى مستكيناً ﴿وَخِيفَةً﴾ يعنى خوفاً من عذابه ﴿وَدُونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ﴾ يعني دون الجهر من القراءة ﴿بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [205] يعني بالغداة والعشى(1).
1679 / 137 - عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَاذكُر رَّبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾.
قال: تقول عند المساء: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويميت، ويُميت ويُحيي، وهو على كُلِّ شيءٍ قدير».
قلت: «بيده الخير»؟ قال: إنّ بيده الخير، ولكن قل كما أقول لك عشر مرات «وأعوذُ بالله السميع العليم من همزات الشياطين، وأعوذُ بك ربّ(2) أن يحضرون، إنَّ الله هو السميع العليم» عشر مرات حين تطلع الشمس، وعشر مرات حين تغرب(3).
138/1680 - عن محمد بن مروان، عن بعض أصحابه، قال: قال جعفر بن محمد (علیهما السّلام): «أستعيذ(4) بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذُ بالله أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم» وقل: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويميت، ويُميت ويحيي، وهو على كُلّ شيءٍ قدير».
فقال له رجلٌ : مفروض هو ؟ قال : نعم مفروض، هو محدود، تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرّات، فإن فاتك شيءٌ منها فاقضه من الليل والنهار(5).
ص: 180
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1981 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: من قرأ الله سورة براءة والأنفال في كُلِّ شهرٍ، لم يَدخُله نفاق أبداً، وكان من شيعة أمير المؤمنين (علیه السّلام) حقاً، وأكل يوم القيامة من موائد الجنَّة مع شيعته حتى يَفرُعَ الناسُ من الحساب(1).
2/1682- وفي رواية أخرى عنه: ... في كُلّ شهرٍ، لم يدخله نفاق أبداً، وكان من شيعة أمير المؤمنين (علیه السّلام) حقاً(2).
1683 / 3 - عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: في سورة الأنفال جدع الأنوف(3).
4/1684 - عن حريز، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: سألته - أو سيل - عن
ص: 181
الأنفال، فقال: كلّ قرية يهلك أهلها، أو يجلون(1) عنها، فهى(2) نفل : نصفها يُقسم بين الناس، ونصفها للرسول(3).
5/1685 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: الأنفال ما لم يُوجَف عليه بخيل ولا ركاب(4).
1686 / 6 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن الأنفال:قال: هى القرى التى قد جلا أهلُها وهَلَكُوا فَخَربت، فهى لله وللرسول(5).
1687 /7 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال سَمِعتُه يقول: إن الفيء والأنفال: ما كان من أرض لم يكُن فيها هِراقة دم، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خَرِبةٍ أو بطون الأودية، فهذا كله من الفيء، فهذا الله وللرسول، فما كان الله فهو لرسوله يَضَعه حيث يشاء، وهو للإمام من بعد الرسول(6).
8/1988 - عن بشير الدهان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إِنَّ الله فَرَض طاعتنا في كتابه، فلا يسع الناس جهلنا(7)، لنا صفو المال، ولنا الأنفال، ولنا قرائن
ص: 182
القرآن(1).
9/1689 - عن أبى إبراهيم (علیه السّلام)، قال : سألته عن الأنفال؟ فقال: ما كان من أرض باد أهلها، فذلك الأنفال، فهو لنا(2).
1690 / 10 - عن أبي أسامة زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن الأنفال، فقال : هو كُلُّ أرض خَرِبةٍ، وكُلّ أرض لم يُوجَف عليها بخيل ولا ركاب.
وزاد في رواية أخرى عنه : عليها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
11/1691 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام): يقول: لنا الأنفال.
قلت: وما الأنفال ؟ قال : منها المعادن والآجام، وكُلّ أرض لا رَبِّ لها ، وكلّ أرض باد أهلها، فهو لنا(4).
12/1692 - وفي رواية أخرى، عن أحدهما، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : كلّ من مات لا مولى له ولا وَرَثة، فهو من أهل هذه الآية: ﴿يَستَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُول﴾(5) [1].
1693 /13 - وفي رواية ابن سنان، قال (علیه السّلام): هي القرية التي قد جلا أهلها وهَلكوا فخَرِبت، فهي الله وللرسول(6).
ص: 183
14/1694 - وفي رواية ابن سنان ومحمد الحلبي عنه (علیه السّلام)، قال: من مات وليس له مولى، فماله من الأنفال(1).
15/1695 - وفي رواية زرارة عنه (علیه السّلام)، قال : هي كُلِّ أرض جلا أهلُها من غير أن يحمل عليها بخيل ولا رجال ولا ركاب، فهي نقل الله وللرسول(2).
1696 / 16 - عن المالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول في الملوك الذين يقطعون الناس: هى من الفيء والأنفال وأشباه ذلك(3).
17/1697 وفي رواية أخرى، عن التمالي، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿يَستَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ﴾، قال: ما كان للملوك فهو للإمام(4).
1698 / 18 - عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الأنفال؟ قال: كُلّ أرضِ خَرِبة، وأشياء كانت تكون للملوك، فذلك خالص(5) للإمام، ليس للناس فيه سهم، قال: ومنها (البحرين) لم يُوجَف [عليها] بخَيلِ ولا رِكاب(6).
1699 / 19 - عن بشير الدهان، قال: كنا عند أبي عبد الله (علیه السّلام) والبيت غاص بأهله، فقال لنا: أحببتم وأبغض الناس، ووصلتم وقطع الناس، وعرفتم وأنكر الناس، وهو الحق، وإنّ الله اتَّخذ محمّداً عبداً قبل أن يتّخذه رسولاً ، وأن عليّاً عبدٌ نَصَح الله فنصحه، وأحب الله فأحبه، وحقنا(7) بين في كتاب الله، لنا صفو المال، ولنا
ص: 184
الأنفال، ونحن قوم فَرَضَ الله طاعتنا، وإنكم لتأتمُّون بمن لا يُعذَر الناسُ بجهالته، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «من مات وليس له إمام يأتمّ به، فميتته جاهلية»، فعليكم بالطاعة، فقد رأيتم أصحاب على (علیه السّلام)(1).
20/1700 - عن الثمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) ﴿يَستَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ ، قال : ما كان للملوك فهو للإمام.
قلت: فإنَّهم يُقطعون(2) ما فى أيديهم أولادهم ونساءهم وذوي قرابتهم وأشرافهم حتى بلغ ذكر من الخصيان، فجعلت لا أقول في ذلك شيئاً إلا قال: وذلك، حتى قال: يعطى منه ما بين الدرهم إلى المائة والألف، ثمّ قال: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامنن أو أمسِك بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(3).
21/1701 - عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): بلغنا أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أقطع عليا (علیه السّلام) ما سقى الفرات؟
قال: بطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام(4) والمعادن، وكُلّ أرض لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب، وكلّ أرض ميتةٍ قد جلا أهلها، وقطائع الملوك(5).
22/1702 - عن أبي مريم الأنصاري، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قوله : ﴿يَسْتَلُونَكَ عَن الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ، قال: سَهم الله ، وسَهم للرسول.
قال: قلت: فلمن سهم الله ؟ فقال : للمسلمين(6).
ص: 185
23/1703 - عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿وَإِذ يَعِدُكُم الله إحدَى الطَّائِفَتَينِ أنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّون أنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكة تَكُونُ لَكُم﴾ [7]. فقال (علیه السّلام): الشوكة التى فيها القتال(1).
24/1704 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن تفسير هذه الآية في قول الله : ﴿يُرِيدُ اللهُ أن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَّعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ﴾.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): تفسيرها في الباطن يُريد الله، فإنه شيء يُريده ولم يفعله بعد، وأما قوله: ﴿يُحِقَّ الحَقِّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ فإنّه يعنى يُحِق حق آل محمّد، وأما قوله: ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ قال: كلماته في الباطن عليّ، هو كلمة الله في الباطن.
وأما قوله: ﴿وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ﴾ فهم بنو أمية، هم الكافرون، يقطع الله دابرهم، وأما قوله: ﴿لِيُحِقَّ الحَقَّ﴾ فإنَّه يعني ليُحِقَّ حق آل محمّد حين يقوم القائم (علیه السّلام)، وأما قوله: ﴿وَيُبطِلَ البَاطِلَ﴾ يعني القائم، فإذا قام يُبطل باطل بني أميّة، وذلك ﴿ليُحقِّ الحَقَّ وَيُبطِلَ الباطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجْرِمُونَ﴾(2)[7 و 8].
25/1705 - عن جابر، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (علیه السّلام)، قال: سألته عن هذه الآية في البطن ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطَانِ وَلِيَربِطَ عَلَى قُلُوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدَامَ﴾ [11].
قال: السماء في الباطن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، والماء علي (علیه السّلام)، جعل الله عليّاً (علیه السّلام) من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فذلك قوله : ﴿مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ﴾ فذلك على يُطهِّر الله به قلب من والاه، وأما قوله: ﴿وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيْطَانِ﴾ من والى عليا (علیه السّلام) يُذهب الرّجز عنه(3)، ويُقوّي قلبه و ﴿يربط عَلَى قُلُوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾ فإنَّه
ص: 186
يعني علياً (علیه السّلام)، من والى عليّاً يربط الله على قلبه بعليّ، فيثبت على ولايته(1).
26/1706 - عن محمد بن يوسف، قال: أخبرني أبي، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) فقلت: ﴿إذ يُوحِى رَبُّكَ إِلى المَلائِكَةِ أَنِّى مَعَكُم﴾ [12] قال: إلهام(2).
27/1707 - عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَيُذْهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيْطَانِ﴾ [11]، قال: لا يدخلنا ما يدخُل الناس من الشك(3).
28/1708 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إشربوا ماء السماء، فإنّه يُطهر البدن، ويدفع الأسقام، قال الله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهَّرَكُم بِهِ﴾ إلى قوله : ﴿ويُثَبِّتَ بِهِ الأقدامَ ﴾(4) [11].
29/1709 - عن زرارة، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال: قلت: الزبير شهد بدراً؟ قال: نعم، ولكنَّه فَرّ يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هَلَك بقتاله إياهم، وإن كان قائل كُفّاراً فقد باء بغَضَب من الله حين ولاهم دبره(5).
30/1710 - عن أبي جعفر (علیه السّلام): ما شأن أمير المؤمنين (علیه السّلام) حين رُكب منه ما ركب لم يُقاتل؟
فقال: للذي سبق في علم الله أن يكون، ما كان الأمير المؤمنين (علیه السّلام) أن يُقاتل وليس معه إلا ثلاثة رَهْطٍ، فكيف يقاتل ؟ ألم تسمع قول الله جلّ وعزّ: ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذينَ كَفَرُوا زَحفاً﴾ إلى ﴿وَبِئسَ المَصِيرُ﴾ [15 و 16].
ص: 187
فكيف يُقاتل أمير المؤمنين بعد هذا؟ وإنَّما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة رهط(1).
31/1711 - عن أبي أسامة زيد الشحام، قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام): جعلت فداك، إنَّهم يقولون: ما منع عليّاً إن كان له حق أن يقوم بحقه؟
فقال: إن الله لم يُكلّف هذا أحداً إلا نبيه عليه وآله السلام قال: ﴿قَاتِل في سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفسَكَ﴾(2)، وقال لغيره: ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أو مُتَحَيّزاً إِلَى فِئَةٍ﴾ [16] فعلي (علیه السّلام) لم يجد فئةً، ولو وَجَد فِئَةً لقاتل.
ثم قال: لو كان(3) جعفر وحمزة حيّين، إنَّما بقى رجلان؛ قال مُنطرداً يُريد الكرة عليهم، أو متحيّزاً - يعنى متأخراً - إلى أصحابه من غير هزيمة، فمن أنهزم حتى يجوز صَفَّ أصحابه، فقد باء بغضبٍ من الله(4).
1712/ 32- عن محمّد بن كُليب الأسدي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَمَا رَميتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى﴾ [17]، قال: على (علیه السّلام) ناول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) القبضة التي رمى بها(5).
33/1713 - وفي خبر آخر، عنه: أن عليه (علیه السّلام) ناوله قبضةً من تُرابِ، فرمی بها(6).
1714 / 34 - عن عمر و بن أبي المقدام، عن علي بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : ناول
ص: 188
رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) علي بن أبي طالب كرم الله وجهه القبضة من التراب التي رمى بها في وجوه المشركين، فقال الله: ﴿وَمَا رَمَيتَ إذ رَمِّيتَ وَلَكِنَّ الله رَمَى﴾(1).
1715 / 35 - عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿يَحُولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبه﴾ [24].
قال: هو أن يشتهي الشيء بسمعه وببصره ولسانه ويده، أما إن هو غشي شيئاً مما يشتهي، فإنه لا يأتيه إلا وقلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق ليس فيه(2).
36/1716 - وفي خبر هشام، عنه (علیه السّلام)، قال: يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حق(3).
37/1717- عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿وأعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُبينَ المَرءِ وَقَلبِهِ﴾.
قال: هو أن يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده، أما إنّه لا يغشى شيئاً منها، وإن كان يشتهيه، فإنّه لا يأتيه إلا وقلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أنّ الحق ليس فيه(4).
38/1718 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: هذا الشيء يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه وبصره، لا تتوق(5) نفسه إلى غير ذلك، فقد حيل بينه وبين قلبه إلى ذلك الشيء(6).
ص: 189
1719/ 39 - وفي خبر يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لا يستيقن القلب أنّ الحق باطل أبداً، ولا يستيقن أنّ الباطل حق أبداً(1).
1720 / 40- عن عبد الرحمن بن سالم، عنه (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتَنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً﴾ [25].
قال: أصابت الناسُ فتنةً بعد ما قبض الله نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) حتى تَرَكُوا علياً (علیه السّلام) وبايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا بها، وقد أمرهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بإتباع علي والأوصياء من آل محمد (علیهم السّلام)(2).
1721 / 41 - عن إسماعيل السُّدِّي(3)، عن البهى(4) ﴿وَاتَّقُوا فِتنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الذَّينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً﴾، قال : أخبرت أنَّهم أصحاب الجَمَل(5).
42/1722 - عن زرارة وحُمران و محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام): أنَّ قريشاً اجتمعت فخرج من كُلِّ بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله عليه و آله السلام، فإذا هم بشيخ قائم على الباب، فإذا ذهبوا إليه ليَدخُلوا قال : أدخلوني معكم. قالوا: ومن أنت، يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من مُضَر، ولي رأي أشير به عليكم. فَدَخُلوا وجَلَسُوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا
ص: 190
أمرهم على أن يُخرجوه، فقال: ليس هذا لكم برأي، إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس(1) فقاتلوكم، قالوا: صَدَقت ما هذا برأي.
ثم تشاوروا، فأجمعوا أمرهم على أن يُوثقوه، قال: هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا - ومحمّد رجلٌ حُلو اللسان - أفسد عليكم أبناءكم وخَدَمكم، وما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه أو امرأته.
ثمّ تشاوروا، فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه، يُخرجُون من كُلِّ بطنِ منهم بشاب(2)، فيضربونه بأسيافهم جميعاً عند الكعبة، ثم قرأ الآية ﴿وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثبِتُوكَ أو يَقتُلُوكَ﴾ [30] إلى آخر الآية(3).
43/1723 - عن زرارة وحُمران، عن أبي جعفر (علیه السّلام) وأبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ﴾ [30].
قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قد كان لقى من قومه بلاءً شديداً، حتى أتوه ذات يوم وهو ساجد، حتّى طَرْحُوا عليه رَحِم شاةٍ، فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعته عنه ومسحته، ثمّ أراه الله بعد ذلك الذي يُحبّ، إنه كان ببدرٍ وليس معه غير فارس واحدٍ، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفاً، حتى جعل أبو سفيان والمشركون يستغيثون، ثم لقي أمير المؤمنين (علیه السّلام) من الشدّة والبلاء والتظاهر عليه، ولم يكن معه أحدٌ من قومه بمنزلنه، أما حمزة فقُتِل يوم أحد، وأما جعفر فقيل يوم مؤتة(4).
1724 / 44 - عن عبد الله بن محمّد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: سَمِعتُ
ص: 191
كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) والاستغفار حِصنين حَصِينين لكم من العذاب، فمضى أكبرُ الحصنين، وبقي الاستغفار ، فأكثروا منه ، فإِنَّه مَمْحاة(1) للذنوب، وإن شئتم فاقرأوا ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأنتَ فِيهِم وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغْفِرُونَ﴾(2) [33].
1725 / 45 - عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قال رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو في نفر من أصحابه: إنَّ مقامي بين أظهركم خيرٌ لكم، وإنَّ مفارقتى إيَّاكم خيرٌ لكم. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا خير لنا فقد عرفنا، فكيف يكون مفارقتك إيانا خيراً لنا؟
فقال: أما مقامي بين أظهركم، فإنّ الله يقول: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرُونَ﴾ فعذَّبهم بالسيف، وأما مفارقتى إيَّاكم فهو خيرٌ لكم، لأنّ أعمالكم تُعرَض عليّ كُلِّ اثنين وخميس(3)، فما كان من حسنٍ حمدت الله عليه، وما كان من سيء استغفرت الله لكم(4).
46/1726 - عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَهُم يَصُدُّونَ عَنِ المَسجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أُولِيَاءَهُ﴾ يعني أولياء البيت، يعني المشركين ﴿إن أولِيَاؤُهُ إِلَّا المُتَّقُونَ﴾ حيثما كانوا هم أولى به من المشركين ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُم عِندَ البَيتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصدِيَةٌ﴾ [34 و 35] قال: التّصفير والتّصفيق(5).
ص: 192
1727/47 - عن عليّ بن دَرّاج الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفر (علیه السّلام)، فقلت له: إني كنتُ عاملاً لبني أمية، فأصبت مالاً كثيراً، فظننت أنَّ ذلك لا يحل لي؟
قال: فسألت عن ذلك غيري؟ قال: قلتُ: قد سألتُ، فقيل لي: إنَّ أهلك ومالك وكُلّ شيءٍ لك حرام. قال: ليس كما قالوا لك. قلتُ: جعلت فداك، فليّ توبة؟ قال: نعم، توبتك في كتاب الله ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغفَر لَهُم مَّا قَد سَلَف﴾(1)[38].
1728 /48 - عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): سُئل أبي (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿قَاتِلُوا المُشرِكِينَ كافَة كَمَا يُقَاتِلُونَكُم كَافَةً﴾(2) حتّى لا يكون مشرك ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ﴾[39].
فقال: إنَّه(3) لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمُنا بعد سيرى من يُدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنَّ دين محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله(4).
49/1729 - عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): يكون لصاحب - هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب - ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طُوى - حتّى إذا كان قبل خُروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول : كم أنتم هاهنا ؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلاً. فيقول: كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو يأوى بنا الجبال لأويناها معه، ثم يأتيهم
ص: 193
من القابلة(1)، فيقول لهم: أشيروا إلى ذوي أسنانكم(2) وأخياركم عشرة(3)، فيُشيرون إليهم، فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم، ويعدهم إلى الليلة التي تليها .
ثمّ قال أبو جعفر (علیه السّلام): والله لكأني أنظر إليه ، وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ يُنشد الله حقه، ثمّ يقول: يا أيُّها الناس، من يُحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله، ومن يُحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم. يا أيُّها الناس، من يُحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح. يا أيُّها الناس، من يُحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم. يا أيها الناس، من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى. يا أيُّها الناس، من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى، يا أنها الناس، من يحاجني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، يا أيُّها الناس من يُحاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ثمّ ينتهى إلى المقام فيُصلي ركعتين، ثمّ يُنشِد الله حقه.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): هو والله المُضطر فى كتاب الله، وهو قول الله: ﴿أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُم خُلَفَاءَ الأَرضِ﴾(4) وجبرئيل على الميزاب(5) فى صورة طائر أبيض، فيكون أوّل خَلق الله يبايعه جبرئيل، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): فمن ابتلي في المسير ، وافاه في تلك الساعة، ومن لم يُبتل بالمسير فُقد عن فراشه، ثمّ قال: هو والله قول على بن أبي طالب (علیه السّلام): المفقودون عن فرشهم، وهو قول الله: ﴿فَاستَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَينَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
ص: 194
اللهُ جَمِيعاً﴾(1) أصحاب القائم الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً.
قال: هم والله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه: ﴿وَلَئِن أَخَرنَا عَنهُمُ العَذَابَ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾(2)، قال: يجمعون في ساعة واحدة قزعاً كقرع الخريف(3)، فيصبح بمكة، فيدعو الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم)، فيُجيبه نفر يسير، ويستعمل على مكة، ثمّ يسير فيبلغه أن قد قُتِل عامله، فيرجع إليهم فيقتل المُقاتلة، لا يزيد على ذلك شيئاً، يعني السبي.
ثم ينطلق فيدعو الناس إلى كتاب الله وسُنَّة نبيه عليه وآله السلام، والولاية لعلي بن أبي طالب (علیه السّلام)، والبراءة من عدوه، ولا يُسمّى أحداً حتى ينتهى إلى البيداء(4)، فيخرج إليه جيش السُّفياني، فيأمر الله الأرض، فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله: ﴿وَلَو تَرَى إِذ فَزِعُوا فَلَا فَوتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا ءَامَنَّا بِهِ﴾(5) يعني بقائم آل محمّد ﴿وَقَد كَفَرُوا بِهِ﴾(6) يعني بقائم آل محمّد إلى آخر السورة، ولا يبقى منهم إلا رجلان، يقال لهما: وتر ووتير(7) من مراد، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى(8)، يُخبران الناس بما فعل بأصحابهما.
ثمَّ يدخُل المدينة، فتغيب عنهم عند ذلك قريش، وهو قول عليّ بن أبي
ص: 195
طالب (علیه السّلام): والله لوَدّت قريش أن عندها موقفاً واحداً جزرٌ جَزُور بكُلِّ ما مَلَكت وكلّ ما طَلَعت عليه الشمس أو غربت.
ثمّ يُحدِث حَدَثاً، فإذا هو فعل ذلك، قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية، فوالله أن لو كان محمدياً ما فعل، ولو كان علوياً ما فعل، ولو كان فاطمياً ما فعل فيمنحه الله أكتافهم(1)، فيقتل المقاتلة ويسبي يسبي الذرية، ثمّ ينطلق حتّى ينزل الشَّقرة، فبلغه أنّهم قد قتلوا عامله، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتله ليس قتل الحرّة إليها بشيء.
ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله وسُنَّة نبيه، والولاية لعلي بن أبي طالب (علیه السّلام)، والبراءة من عدوه، حتى إذا بلغ إلى الثعلبية(2) قام إليه رجل من صلب أبيه، وهو من أشدّ الناس ببدنه، وأشجعهم بقلبه، ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع ؟ فوالله إنَّك لتجفل الناس إجفال النَّعم، أفبعهد من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، أم بماذا؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة: والله لتَسكُننّ أو لأضربن الذي فيه عيناك.
فيقول القائم (علیه السّلام): اسكت يا فلان، إي والله إن معي عهداً من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، هات لي يا فلان الغيبة - أو الطيبة، أو الزنفليجة(3) - فيأتيه بها، فيُقرنه و العهد من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فيقول: جعلني الله فداك، أعطنى رأسك أُقبله، فيُعطيه رأسه، فيُقبله بين عينيه، ثمَّ يقول: جعلني الله فداك، جدد لنا بيعةً، فيُجدّد لهم بيعةً.
ص: 196
قال أبو جعفر (علیه السّلام): لكأنّى أنظر إليهم مصعدين من تجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، كأنَّ قلوبهم زُبر الحديد، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، يسيرُ الرُّعب أمامه شهراً، وخلفه شهراً، أمدَّه الله بخمسة آلاف من الملائكة مُسوّمين، حتّى إذا صَعِد النجف، قال لأصحابه : تَعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع وساجدٍ، يَتَضَرَّعون إلى الله، حتى إذا أصبح قال: خُذوا بنا طريق النخيلة(1)، وعلى الكوفة جُندٌ مجنّد.
قلت: جند مجنّد ؟ قال : إي والله، حتى ينتهى إلى مسجد إبراهيم (علیه السّلام) بالنُّخيلة، فيُصلّي فيه ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مُرجئها وغيرهم من جيش السُّفياني، فيقول لأصحابه: استطردوا لهم، ثم يقول: كُرُّوا عليهم، قال أبو جعفر (علیه السّلام): ولا يجوز والله الخَندق منهم مُخبِرٌ .
ثم يدخُل الكوفة، فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها أو حنّ إليها، وهو قول أمير المؤمنين على (علیه السّلام) ، ثم يقول لأصحابه سيروا إلى هذه الطاغية، فيدعوه إلى كتاب الله وسُنَّة نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم)، فيُعطيه السُّفياني من البيعة سلماً، فيقول له كلب، وهم أخواله: ما هذا؟ ما صنعت ؟ والله ما نبايعك على هذا أبداً. فيقول: ما أصنع؟ فيقولون: استقبله فيستقبله، ثم يقول له القائم (علیه السّلام): خُذ حذرك، فإننى أديت إليك، وأنا مقاتلك. فيُصبح فيقاتلهم، فيمنحه الله أكتافهم، ويأخُذ السُّفياني أسيراً، فينطلق به ويذبحه بيده.
ثم يُرسل جريدة خَيلٍ(2) إلى الرُّوم، فيستحضرون بقيّة بني أمية، فإذا انتهوا إلى الرُّوم قالوا: اخرجوا إلينا أهل مِلّتنا عندكم؛ فيأبون ويقولون: والله لا نفعل.
ص: 197
فتقول الجريدة: والله لو أمرنا لقاتلناكم. ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم، فيعرضون ذلك عليه، فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم، فإنَّ هؤلاء قد أتوا بسُلطان عظيم، وهو قول الله: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بأسَنا إذَا هُم مِّنها يركُضُونَ * لَا تَركُضُوا وَارْجِعُوا إلى مَا أُترِفتُم فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُم تُستَلُونَ﴾(1)، قال: يعني الكنوز التي كنتم تكيزون ﴿قَالُوا يَاوَيلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَازَالت تِلكَ دَعوَاهُم حَتَّى جَعَلْنَاهُم حَصِيداً خَامِدِينَ﴾(2) لا يبقى منهم مخبر.
ثم يرجع إلى الكوفة، فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً إلى الآفاق كُلّها، فيمسح بين أكتافهم وعلى صُدورهم، فلا يتعايون(3) في قضاء، ولا تبقى أرض إلا نُودى فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، وهو :قوله : ﴿وَلَهُ أسلَمَ مَن فِي السَّمَواتِ وَالأَرضِ طَوعاً وَكَرهاً وإِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾(4) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وهو قول الله: ﴿وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لَا تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ﴾ [39] .
قال أبو جعفر (علیه السّلام): يُقاتلون والله حتى يُوحد الله ولا يُشرك به شيئاً، وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تُريد المغرب، ولا ينهاها أحد، ويُخرج الله من الأرض بذرها، وينزل من السماء قطرها، ويخرج النّاس خراجهم على رقابهم إلى المهدي (علیه السّلام)، ويُوسع الله على شيعتنا ولولا ما يُدركهم(5) من السعادة لبغوا، فبينا ، صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلَّم ببعض السنن، إذ خرجت
ص: 198
خارجة من المسجد يُريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: انطلقوا، فتلحقوا بهم في التمارين، فيأتونه بهم أسرى، ليأمر بهم فيُذبحون، وهي آخر خارجةٍ تخرج على قائم آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(1).
1730/ 50 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلَّرَسُولِ وَلِذِي القُربَى﴾ [41] قال: هم أهل قرابة رسول الله عليه و آله السلام.
فسألته: مِنْهُم اليتامى والمساكين وابن السبيل ؟ قال : نعم(2).
51/1731 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول في الغنيمة: يُخرج منها الخمس، ويُقسم ما بقي فيمن قاتل عليه وولي ذلك، فأما الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
52/1732 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته [يقول]: إنَّ نجدة الحَرُوري كتب إلى ابن عباس يسأله عن موضع الخمس، لمن هو ؟ فكتب إليه أمّا الخُمس فإنّا نزعُم أنّه لنا، ويزعم قومنا أنه ليس لنا، فصبرنا(4).
53/1733 - عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير، أنهم قالوا له: ما حقُ الإمام في أموال الناس؟
قال: الفيء والأنفال والخُمس، وكلّ ما دخل منه فيء أو أنفال أو خُمس أو غنيمة، فإن لهم خُمسه، فانّ الله يقول: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ﴾ وكُلّ شيء في الدنيا فإنَّ لهم
ص: 199
فيه نصيباً ، فمن وصلهم بشيءٍ، فممّا يَدَعُون له أكثر ممّا يأخُذون منه(1).
1734 / 54 - عن سماعة، عن أبي عبدالله وأبي الحسن (علیهما السّلام)، قال: سألتُ أحدهما عن الخُمس ؟ فقال: ليس الخُمس إلّا في الغنائم(2).
1735 / 55 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قول الله تعالى: ﴿وَأَعلَمُوا أَنَّمَا غَيْتُم مَّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى القُربى﴾، قال: هم أهل قرابة نبي (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
56/1736 - عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله: ﴿وَأعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى﴾، قال: الخُمس الله، وللرسول، وهو لنا(4).
57/1737 - عن سدير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال : يا أبا الفضل، لنا حق في كتاب الله في الخُمس، فلو محوه فقالوا: ليس من الله، أولم يَعلَمُوا به، لكان سواء(5).
58/1738 - عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : يُخرج خُمس الغنيمة، ثُم يُقسَّم أربعة أخماس، على من قاتل على ذلك ووليه(6).
59/1739 - عن فيض بن أبي شيبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنّ أشدّ ما يكون الناس حالاً يوم القيامة إذا قام صاحب الخُمس، فقال: يا ربّ خُمسي، وإنّ شيعتنا من ذلك لفي حِلّ(7).
ص: 200
1740 / 60 - عن إسحاق بن عمار ، قال : سمعته(1) يقول : لا يُعذَر عبد اشترى من الخُمس شيئاً أن يقول: يا ربّ اشتريته بمالي، حتى يأذن له أهل الخُمس(2).
1741 / 61 - عن إبراهيم بن محمد، قال: كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث (علیه السّلام) أسأله عمّا يجب في الضياع، فكتب: الخُمس بعد المُؤنة. قال: فناظرتُ أصحابنا، فقالوا: المُؤنة بعد ما يأخُذ السلطان، وبعد مؤنة الرجل.
فكتبت إليه : أنَّك قُلتَ: الخُمس بعد المُؤنة، وإنَّ أصحابنا اختلفوا في المُؤنة؟ فكتب : الخُمس بعد ما يأخُذ السُّلطان، وبعد مؤنة الرّجُل وعِياله(3).
1742 / 62- عن إسحاق، عن رجُل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن سَهم الصَّفوة. فقال: كان لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وأربعة أخماس للمجاهدين والقوام، وخُمْسٌ يُقسّم بين مقسم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(4) ، ونحن نقول: هو لنا، والنّاس،يقولون: ليس لكم، وسهم لذي القُربى وهو لنا، وثلاثة أسهام لليتامى والمساكين وأبناء السبيل، يُقسمه الإمام بينهم، فان أصابهم درهم درهم لكلِّ فِرقة منهم نَظَر الإمام بعد، فجعلها في ذي القُربي، قال: يَرُدّها(5) إلينا(6).
63/1743 - عن المنهال بن عمرو، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، قال : قال : ليتامانا، ومساكيننا، وأبناء سبيلنا(7).
ص: 201
1744 / 64 - عن زكريا بن مالك الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِتُم مِّن شَىءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ﴾.
قال: أمّا خُمس الله فالرسول (صلی الله علیه و آله و سلم)(1) یضعه في سبيل الله، ولنا خُمس الرسول ولأقاربه، وخُمس ذوي القُربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم، وأما المساكين وأبناء السبيل، فقد علمت أنا لا نأكل الصَّدقة، ولا تحل لنا، فهى للمساكين وأبناء السبيل(2).
1745 / 65 - عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد (علیهم السّلام)، قال: إنَّ الله لا إله إلا هو، لمّا حرّم علينا الصدقة، أنزل لنا الخُمس، والصدقة علينا حرام، والخُمس لنا فريضة، والكرامة أمر لنا خلال(3).
66/1746 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في الرجل من أصحابنا في لوائهم، فيكون معهم، فيصيب غنيمة ؟ قال : يُؤدّى خُمسنا، ويطيب له(4).
1747 / 67 - عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان، قلت: ما معنى قوله: يلتقي الجمعان؟ قال: يجمع(5) فيها ما يُريد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه(6).
ص: 202
1748 / 68 - عن عمرو بن سعيد، قال: خاصمني(1) رجل من أهل المدينة في ليلة الفرقان حين التقى الجمعان، فقال المدني: هي ليلة سَبْعَ عَشَرَةَ من رمضان، قال: فدخلتُ على أبي عبد الله (علیه السّلام): فقلت له وأخبرته، فقال لي: جَحَد المدني، أنت تُريد مُصاب أمير المؤمنين (علیه السّلام)، إنه أصيب ليلة تسع عشرة من رمضان، وهي الليلة التي رُفع فيها عيسى بن مريم(2).
1749 / 69 - عن محمد بن يحيى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَالرَّكب أسفل منکم﴾ [42]، قال: أبو سفيان وأصحابه(3).
1750 / 70 - عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (علیه السّلام)، قال: لمّا عَطش القوم يوم بدر، انطلق عليّ بالقربة يستقي، وهو على القليب(4)، إذ جاءت ريح شديدة ثمّ مَضَت، فليث ما بدا له، ثمّ جاءت ريحٌ أُخرى ثمّ مضت، ثمّ جاءته أخرى كادت أن تشغله وهو على القليب ثم جلس حتى مضى، فلمّا رَجَع إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أخبره بذلك، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أما الريح الأولى ففيها جبرئيل مع ألفٍ من الملائكة، والثانية فيها ميكائيل مع ألفٍ من الملائكة، والثالثة فيها إسرافيل مع ألفٍ من الملائكة، وقد سلّموا عليك(5) الملائكة، وقد سلّموا عليك(6) وهم مَدَدٌ لنا، وهم الذين راهم إبليس فنكص على عقبيه يمشى القهقرى حتى يقول: ﴿إِنِّى أَرى مَا لَا تَرَونَ إنِّي أَخَافُ الله وَاللهُ شَدِيدُ العِقَابِ﴾(7) [48].
ص: 203
1751 / 71 - أبو علي المحمودي، عن أبيه، رفعه، في قول الله: ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُم وَأدْبَارَهُم﴾ [50]، قال: إنّما أراد وأستاههم، إنَّ الله كريم يكنّي(1).
72/1752 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سألته عن هذه الآية ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُم لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [55]، قال: نزلت في بني أمیه، هم شرّ خلق الله، هم الذين كفروا في بطن القرآن، وهم الذين لا يؤمنون(2).
73/1753- عن محمد بن عیسی، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَأعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [60]، قال: سيفٌ وتُرس(3).
74/1754 - عن عبدالله بن المغيرة، رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾، قال: الرمي(4).
75/1755 - عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلمِ فَاجنَحْ لَهَا﴾ [61]، فسُئل ما السَّلم؟ قال: الدخول في أمرك(5).
76/1756- عن عمر و بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده: ما أتى عليَّ يومٌ قَطُّ أعظم من يومين أتيا عليّاً(6)، فأما اليوم الأول فيوم قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وأمَّا اليوم الثاني فوالله إنّي لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر، والناس يبايعونه، إذ قال له عمر: يا هذا، ليس في يديك شيء مهما لم(7) يبايعك عليّ،
ص: 204
فابعث إليه حتى يأتيك يُبا يعك، فإنّما هؤلاء رعاع، فبعث إليه قنفذ، فقال له: اذهب فقل لعليّ: أجب خليفة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فذهب قنفذ، فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: ما خلف رسول الله أحداً غيري.
قال: ارجع إليه فقل: أجب، فإنّ الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش، وإنَّما أنت رجل من المسلمين، لك ما لهم وعليك ما عليهم؛ فذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رَجَع فقال: قال لك: إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال لي وأوصاني أن إذا واريته في حُفرته لا أخرج من بيتي حتَّى أُولِّف كتاب الله، فإنّه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل.
قال عمر: قوموا بنا إليه ؛ فقام أبو بكر، وعمر، وعثمان وخالد بن الوليد، والمُغيرة بن شعبة، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة، وقُنفذ، وقُمتُ معهم، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة صلوات الله عليها، أغلقت الباب في وجوههم، وهي لا تشُكّ أن لا يُدخل عليها إلا بإذنها، فضَرَب عُمر الباب برجله فکسره، ثم دخلوا فأخرجوا عليّاً (علیه السّلام) مُليّباً(1)، فخرجت فاطمة (سلام الله علیها)، فقالت: يا أبا بكر، أتُريد أن تُرَملنى من زوجى، والله لئن لم تَكُفَّ عنه لأنشُرَنَّ شعري، ولأشفّنَّ جيبي، ولآتين قبر أبي، ولأصيحنَّ إلى ربّي، فأخذت بيد الحسن والحسين (علیهم السّلام)، و خرجت تُريد قبر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم).
فقال علي (علیه السّلام) لسلمان: أدرك ابنة محمد، فإنّي أرى جنبنى المدينة تكفيان، والله إن نَشَرت شعرها، وشقت جيبها، وأتت قبر أبيها، وصاحت إلى ربّها، لا يُناظر بالمدينة أن يُخسف بها وبمن فيها.
ص: 205
فأدركها سلمان (رضی الله عنه)، فقال : يا بنت محمد، إنَّ الله إِنَّما بعث أباك رحمة فارجعي. فقالت: يا سلمان، يُريدون قتل عليّ، ما على عليّ صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي، فأنشر شعري، وأشق جيبي، وأصيح إلى ربّي.
فقال سلمان: إني أخاف أن يُخسف بالمدينة، وعلي بعثني إليك يأمرك أن ترجعي إلى بيتك وتنصرفي.
فقالت: إذا أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع.
قال: فأخرجوه من منزله مُلبّباً، ومروا به على قبر النبي عليه وآله السلام، قال: فسَمِعتُهُ يقول: ﴿يا ابن أُمَّ إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي﴾(1) إلى آخر الآية، وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة، وقدم علي (علیه السّلام)، فقال له عمر: بايع. فقال له علي (علیه السّلام): فإن أنا لم أفعل فمه ؟ فقال له عمر: إذاً أضرِبُ والله عُنقك. فقال له علي (علیه السّلام): إذا والله أكونُ عبد الله المقتول، وأخا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). فقال عمر: أما عبدالله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله فلا - حتى قالها ثلاثاً-.
فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب، فأقبل مُسرعاً يُهرول، فسمعته يقول: أرفقوا بابن أخي، ولكم عليَّ أن يُبا يعكم. فأقبل العباس، وأخذ بيد علي (علیه السّلام)، فمسحها علي يد أبي بكر، ثمّ خَلّوه مُغضباً، فسمعته يقول: اللهم إنَّك تعلم أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قد قال لي: «إن تَمُّوا عشرين فجاهِدهم» وهو قولك في كتابك: ﴿إن والدر يَكُن مِّنكُم عِشرُونَ صَابِرُونَ يَعْلَبُوا مِأْتَينِ﴾ [65]، قال: وسَمِعتُه يقول: اللهم وإنَّهم لم يتمّوا عشرين؛ حتى قالها ثلاثاً، ثم انصرف(2).
77/1757 - عن فُرات بن أحنف، عن بعض أصحابه، عن على (علیه السّلام)، أنه قال:
ص: 206
ما نزل بالناس أزمة قَطُّ إلا كان شيعتي فيها أحسن حالاً، وهو قول الله: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُم وَعَلِمَ أنَّ فِيكُم ضعفاً﴾(1) [66].
78/1758 - عن حسین بن صالح قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام)يقول: كان على صلوات الله عليه يقول: من فرّ من رجلين في القتال من الزحف، فقد فر من الزَّحف، ومن فرّ من ثلاثة رجال فى القتال من الزَّحف فلم يفرّ(2).
1759 / 79 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول في هذه الآية ﴿يَا أَيُّها النَّبِيُّ قُل لِمَن فِى أيدِيكُم مِنَّ الأسرَى إِنْ يَعْلَمَ اللهُ فِي قُلُوبِكُم خَيْراً يُوْتِكُم خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُم﴾ [70] قال: نزلت في العبّاس وعقيل ونوفل.
وقال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) نهى يوم بدرٍ أن يُقتل أحد من بني هاشم أو أبو لا البختري(3)، فأسروا، فأرسل عليا (علیه السّلام)، فقال : انظر من هاهنا من بني هاشم، قال: فمر عليٌّ على عقيل بن أبي طالب، فحاد عنه، قال: فقال له: يابن أم على(4)، أما والله لقد رأيت مكاني، قال: فرجع إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال له: هذا أبو الفضل في يد فلان، وهذا عقيل في يد فلان، وهذا نوفل في يد فلان، يعني نوفل بن الحارث.
فقام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد، قُتِل أبو جهل، فقال: إذاً لا تُنازعون في تهامة، قال: إن كنتم أتخنتم القوم، وإلا فاركَبُوا
ص: 207
أكتافهم.
قال: فجيء بالعباس، فقيل له : افدِ نفسك، وافد ابني أخيك. فقال: يا محمّد، تركتني أسأل قريشاً في كفّي؟ قال: أعط مما خلفت عند أمّ الفضل، وقلت لها: إن أصابني شيءٌ في وجهي(1) فأنفقيه على ولدك ونفسك.
قال: يا ابن أخى، من خبرك بهذا؟ قال: أتانى به جبرئیل فقال: ومَحلُوفه(2) ما عَلم بهذا إلا أنا وهى، أشهدُ أنَّك رسول الله.
قال: فرَجَع الأسارى كُلّهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل بن الحارث، وفيهم نزلت هذه الآية ﴿قُل لِّمَن فِى أيدِيكُم مِنَ الأَسْرَى﴾ إلى آخرها(3).
1760 / 80 - عن عليّ بن أسباط: أنه سمع أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) يقول: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): أتي النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) بمال فقال للعباس: ابسُط رِداءك فخُذ من هذا المال طَرَفاً، قال: فبسط رداء، فأخذ طَرَفاً من ذلك المال، قال: ثُمَّ قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): هذا مما قال الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أيدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعلَم اللهُ فِي قُلُوبِكُم خَيراً يُؤْتِكُم خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُم﴾(4).
1761 / 81 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي
ص: 208
عبد الله (علیهما السّلام)، قالوا: سألناهما عن قوله: ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَم يُهَاجِرُوا مَالَكُم مِّن لا وَلَا يَتِهِم مِّن شَىءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [72]، قالا: إنَّ أهل مكة لا يَرِثُون أهل المدينة(1).
82/1762 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، قال: دخل علي (علیه السّلام) على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في مرضه، وقد أغمي عليه، ورأسه في حجر جبرئيل، وجبرئيل في صورة دحيّة الكلبي، فلما دخل علي (علیه السّلام) قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمّك، فأنت أحق به منِّى، لأنَّ الله يقول في كتابه: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ [75].
فجلس على (علیه السّلام)، وأخذ رأس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فوضعه في حجره، فلم يَزَل رأسُ رسول الله في حجره حتَّى غابت الشمس، وإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أفاق ، فرفع رأسه، ونظر إلى علي (علیه السّلام)، فقال : يا على، أين جبرئيل؟ فقال: يا رسول الله، ما رأيت إلّا دِحية الكلبي دفع إلي رأسك، وقال: يا علي، دونك رأس ابن عمّك، فأنت أحق به منّي، لأنَّ الله يقول في كتابه: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ فجلستُ وأخذتُ رأسك، فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس.
فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أفصليت العصر ؟ فقال: لا. قال: فما منعك أن تُصلّي؟ فقال: قد أغمي عليك، وكان رأسك في حجري، فكرهت أن أشق عليك يا رسول الله، وكرهت أن أقوم وأُصلي وأضع رأسك.
فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): اللهم إن عليّاً كان فى طاعتك وطاعة رسولك حتى فاتته صلاه العصر، اللهم فرُدّ عليه الشمس حتّى يُصلّي العصر في وقتها. قال: فطلعت الشمس، فصارت في وقت العصر بيضاء نقيَّة، ونظر إليها أهل المدينة، وإنّ
ص: 209
عليا (علیه السّلام) قام وصلّى، فلمّا أنصرف غابت الشمس، وصلّوا المغرب(1).
83/1763 - عن أبي بصير ، عن أبي جعفر الباقر (علیه السّلام)، قال : الخال والخالة ير ثان إذا لم يكن معهم أحدٌ غيرهم، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ فإذا التقت القرابات، فالسابق أحق بالميراث من قرابته(2).
1764 / 84 - عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما اختلف علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وعثمان بن عفان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه، وله ذو قرابة لا يرثونه ليس له سهم(3) مفروض، فقال علي (علیه السّلام) : ميراثه لذوي قرابته، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ ، وقال عثمان: اجعل ميراثه في بيت مال المسلمين، ولا يرثه أحدٌ من قرابته(4).
1765 / 85- عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: كان عليّ (علیه السّلام) لا يُعطي الموالي شيئاً مع ذي رحم، سُمّيت له فريضة أم لم تُسمَّ له فريضة، وكان يقول: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِن اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قد عليم مكانهم، فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام حيث قال: ﴿وَأُولُوا الأرحام بَعضُهُم أولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾(5).
86/1766 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ
ص: 210
بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتابِ اللهِ﴾ إن بعضهم أولى بالميراث من بعض، لأنّ أقربهم إليه رَحِماً أولى به.
ثم قال أبو جعفر (علیه السّلام): إنه(1) أولى بالميت وأقربهم إليه أمّه وأخوه وأخته لأمه وأبيه(2)، أليس الأمّ أقرب إلى الميت من إخوته وأخواته؟(3)
87/1767 - عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: أخبرني عن خُروج الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين، كيف ذلك، وما الحجّة فيه ؟
قال: لما حضر الحسين (علیه السّلام) ما حضره من أمر الله، لم يَجُز أن يَرُدّها إلى ولد أخيه، ولا يوصي بها فيهم، لقول الله: ﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ . فكان ولده أقرب رَحِماً إليه من ولد أخيه، وكانوا أولى بالإمامة، فأخرجت هذه الآية ولد الحسن (علیه السّلام) منها ، فصارت الإمامة إلى ولد الحسين (علیه السّلام)، وحكمت بها الآية لهم، فهي فيهم إلى يوم القيامة(4).
ص: 211
ص: 212
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1768 / 1 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: من قرأ سورة براءة والأنفال في كلّ شهرٍ لم يدخُله نفاق أبداً، وكان من شيعة أمير المؤمنين (علیه السّلام)(1) حقاً، وأكل يوم القيامة من موائد الجنّة مع شيعة علي (علیه السّلام)حتى يفرغ الناس من الحساب(2).
2/1769- عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : كان الفتح في سنة ثمان، وبراءة في سنة تسع، وحجّة الوداع في سنة عشر(3).
3/1770 - عن أبي العباس، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال: الأنفال وسورة براءة السلام واحدة(4).
1771 / 4 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بعث
ص: 213
أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل (علیه السّلام)، فقال : لا يُبلغ عنك إلا على (علیه السّلام)، فدعا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) علياً (علیه السّلام) ، فأمره أن تركب ناقته العضباء، وأمره أن يلحق أبا بكر، فيأخُذ منه براءة، ويقرأها على الناس بمكة، فقال أبو بكر: أسخطة ؟ فقال : لا ، إلا أنّه أنزل عليه أنه لا يُبلّغ إلا رجلٌ منك.
فلمّا قدم عليَّ مكّة، وكان يوم النحر بعد الظهر، وهو يوم الحج الأكبر، قام ثمَّ قال: إنّي رسولُ رسول الله إليكم؛ فقرأها عليهم : ﴿بَرَاءَةٌ مِنَّ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِنَ المُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِى الأرضِ أربَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [1 و 2] عشرين من ذي الحجة، والمحرم وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشراً من شهر ربيع الآخر.
وقال: لا يطوف بالبيت عُريان ولا عُريانة، ولا مُشرِك، إلا من كان(1) له عهد عند رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فمُدّته إلى هذه الأربعة الأشهر(2).
1772/ 5 - وفى خبر محمّد بن مسلم، فقال: يا علي، هل نزل في شيءٌ منذ فارقت رسول الله؟ قال: لا، ولكن أبى الله أن يُبلّغ عن محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) إلا رجل منه؛ قوافى الموسم، فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ويوم النحر عند الجمار، وفي أيام التشريق كلّها ينادي: ﴿بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الأرضِ أربَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ ولا يَطُوفنَّ بالبيت عُريان(3).
1773/6 - عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: لا والله ما بعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)أبا بكر ببراءة، أهو كان يبعث بها معه، ثمّ يأخُذها منه؟ ولكنَّه استعمله
ص: 214
على الموسم، وبعث بها عليّاً (علیه السّلام) بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم(1)، فقال العلي (علیه السّلام) حين بعثه: إنه لا يُؤدّي عنّي إلّا أنا وأنت(2).
1774 / 7 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : خَطَب علي (علیه السّلام) الناس، واخترط سيفه، وقال: لا يَطُوفنَّ بالبيت عُريان، ولا يَحُجنَّ بالبيت مشرك، ومن كانت له مُدّةٌ فهو إلى مُدّته، ومن لم يكن له مُدّة فمدَّته أربعة أشهر؛ وكان خَطب يوم النحر، وكانت عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر من شهر ربيع الآخر، وقال: يوم النحر يوم الحج الأكبر(3).
8/1775- وفى خبر أبي الصباح، عنه (علیه السّلام): فبلغ عن الله وعن رسوله الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بعرفة والمزدلفة، وعند الجمار، في أيام الموسم كُلُّها ينادي ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ ولا يَطُوفنَّ بالبيت عُريان، ولا يقربنَّ المسجد الحرام بعد عامنا هذا مُشرِك(4).
9/1776 - عن حنش(5) عن على (علیه السّلام): أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) حين بعثه ببراءة، والله عليه :وقال يا نبي الله ، إنِّي لستُ بكين ولا بخَطيب. قال: ما بُدّ أن(6) أذهب بها، أو تذهب
ص: 215
بها أنت. قال: فإن كان لا بد فسأذهب أنا. قال: فانطلق، فإن الله يُثبت لسانك ويهدي قلبك، ثمَّ وضع يده على فمه، وقال: انطلق فاقرأها على النّاس، وقال: إنّ النّاس سيتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقضين لواحدٍ حتّى تسمع الآخر، فإنّه أجدر أن تعلم الحقِّ(1).
1777/ 10 - عن زرارة وحُمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله تعالى: ﴿فَسِيحُوا في الأرضِ أربَعَةَ أَشْهُرٍ﴾، قال: عشرين من ذي الحجة، والمُحرّم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر من شهر ربيع الآخر(2).
11/1778 - جعفر بن أحمد، عن عليّ بن محمّد بن شجاع، قال: روی أصحابنا: قيل لأبي عبد الله (علیه السّلام): لم صار الحاج لا يُكتب عليه ذنب أربعة أشهر؟
قال: إنَّ الله جلّ ذِكرُه أَمَرَ المشركين فقال: ﴿فَسِيحُوا فِى الأَرضِ أربَعَةَ أشْهُرٍ﴾ ولم يكُن يقصُر بوفده عن ذلك(3).
12/1779 - عن حكيم بن جبير(4)، عن علي بن الحسين (علیه السّلام)، قال : والله إنّ لعلي (علیه السّلام) لاسماً في القرآن ما يعرفه الناس. قال: قلتُ: وأيّ شيء تقول: جعلت فداك؟
فقال لي: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلى النَّاسِ يَومَ الحَج الأكبَرِ﴾ [3] قال:
فبعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فكان علي (علیه السّلام) هو والله المؤذن،
ص: 216
فاذن بأذان الله ورسوله يوم الحج الأكبر في المواقف كلّها، فكان ما نادى به: أن لا يَطُوف بعد هذا العام عُريان، ولا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك(1).
13/1780 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال في الأذان: هو اسم في كتاب الله، لا يعلم ذلك أحدٌ غيرى(2).
1781 / 14 - عن حكيم بن جُبير، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَأذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾، قال : والأذان أمير المؤمنين على (علیه السّلام)(3).
1782/15 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)(4)، في قول الله تعالى : ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلى النَّاسِ يَومَ الحَجِّ الأكبَرِ﴾ ، قال(5): خُروجُ القائم (علیه السّلام)، وأذان دعوته إلى نفسه(6).
16/1783 - عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : يوم الحج الأكبر: يوم النحر، والحج الأصغر: العُمرة(7).
1784 /17 - وفي رواية ابن سرحان، عنه (علیه السّلام) ، قال : الحج الأكبر: يوم عرفة وجمع(8) ورمي الجمار بيني، والحج الأصغر: العُمرة(9)
ص: 217
18/1785 - وفي رواية ابن أذينة، عن زرارة، عنه (علیه السّلام)، قال : الحج الأكبر: الوقوف بعرفة وبجمع ورمي الجمار بينى، والحج الأصغر: العُمرة(1).
19/1786 - وفي رواية عبد الرحمن، عنه (علیه السّلام)، قال : يوم الحج الأكبر: يوم النحر، ويوم الحج الأصغر: يوم العمرة(2).
20/1787 - وفي رواية فضيل بن عياض، عنه (علیه السّلام): قال : سألته عن الحجّ الأكبر، فإنّ(3) ابن عباس كان يقول: عرفة.
[قال:] قال أمير المؤمنين (علیه السّلام)(4) الحج الأكبر يوم النحر، ويحتج بقول الله : ﴿فَسِيحُوا فِي الأرضِ أربَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ عشرون من ذي الحجة، والمُحرّم، وصَفَر، وشهر ربيع الأول، وعشر من شهر ربيع الآخر، ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان(5)أربعة أشهر ويوماً(6).
21/1788 - عن جعفر بن محمّد، عن أبي جعفر (علیهما السّلام): أن الله بعث الله محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) بخمسة أسياف، فسيف على مشركي العرب، قال الله جلّ وجهه: ﴿أقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم وَخُذُوهُم وَأحصُرُوهُم وَأقعُدُوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ فَإن تَابُوا﴾ [5] يعنى فإن آمنوا ﴿فَإخْوَانُكُم فِى الدِّين﴾(7)، لا يُقبل منهم إلا القتل
ص: 218
أو الدخول في الإسلام، ولا تُسبى لهم ذُريّة، وما لهم في(1).
22/1789 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿فَإِذَا أَنسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم﴾، قال: هي يوم النحر إلى عشر مضين من شهر ربيع الآخر(2).
23/1790 - عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول : دَخَل عليَّ أناس من أهل البصرة، فسألوني عن طلحة والزبير، فقلت لهم: كانا إمامين من أئمّة الكفر، إنّ عليّاً صلوات الله عليه يوم البصرة لما صفّ الخُيول(3) قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني وبين الله وبينهم، فقام إليهم، فقال: يا أهل البصرة، هل تجدون عليّ جوراً في الحكم؟ قالوا: لا. قال: فحيفاً في قسم(4)؟ قالوا: لا. قال: فرغبةً في دنيا أصبتها لي ولأهل بيتي دونكم، فنقمتم عليّ، فنكتتم عليّ بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فأقمت فيكم الحدود، وعطلتها عن غيركم؟ قالوا: لا.
قال: فما بال بيعتي تُنكث وبيعة غيري لا تُنكَت؟ إِنِّي ضَرَبت الأمر أنفَهُ وعينه، فلم أجد إلا الكُفر أو السيف: ثمَّ ثنى إلى أصحابه، فقال: إن الله يقول في كتابه: ﴿وإن نَكَثُوا أيمَانَهُم مِّن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم فَقَاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفر إنَّهم لا أيمَانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهُونَ﴾ [12] فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): والذي فلق الحبَّة، وبرأ النَّسمة، واصطفى محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) بالنبوة، إنَّكم لأصحاب هذه الآية، وما قُوتِلوا مُنذ نَزَلت(5).
ص: 219
1791 / 24 - عن أبي الطفيل ، قال : سَمِعتُ علياً صلى الله عليه يوم الجمل، وهو يُحَفِّضُ(1) الناس على قتالهم، ويقول: والله ما رمى أهل هذه الآية بكنانة قبل اليوم ﴿قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُم لَا أيمَانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهُونَ﴾.
فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة ؟ قال : السَّهم يكون موضع الحديد فيه عظم، يُسمّيه بعض العرب الكنانة(2).
25/1792 - عن الحسن البصري، قال: خَطَبنا عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه على هذا المنبر، وذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة، صعد المنبر فحَمِد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم قال: أيُّها الناس، والله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلا بآية تركتها في كتاب الله، إنَّ الله يقول: ﴿وَإِن نَّكَثُوا أيمَانَهُم مِّن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم فَقَاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُم لَا أَيمَانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهُونَ﴾ أما والله لقد عهد إلى رسول الله عليه وآله السلام، وقال لي: يا عليّ، لتُقاتِلَنَّ الفِئة الباغية، والفئة الناكثة، والفئة المارقة(3).
1793 / 26 - عن عمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : مَن طَعَن في دينكم هذا فقد كَفَر، قال الله : ﴿وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم﴾ إلى قوله : ﴿يَنتَهُونَ﴾(4).
1794 / 27 - عن الشَّعبى، قال: قرأ عبدالله ﴿وَإِن نَّكَثُوا أَيمَانَهُم مِّن بَعد عَهدِهِم﴾ إلى آخر الآية: ثمَّ قال: ما قُوتِل أهلها بعد، فلمّا كان يوم الجمل قرأها على (علیه السّلام)، ثم قال : ما قُوتِل أهلها منذ يوم نزلت حتى كان اليوم(5).
ص: 220
1795 /28 - عن أبي عثمان مولى(1) بني أفصى، قال: شَهِدتُ عليّاً صلّى الله عليه سنته(2) كُلَّها، فما سَمِعتُ منه ولايةً ولا براءةً، وقد سَمِعتُه يقول: عَذَرني الله من طلحة والزبير، بايعاني طائعين غير مُكرهين، ثمّ نَكَتا بيعتي من غير حَدَثٍ أحدثته، والله ما قُوتِل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم ﴿وَإِن نَّكَثُوا أيمَانَهُم مِن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم﴾ الآية(3).
1796 / 29 - عن علي بن عُقبة، عن أبيه، قال: دخلتُ أنا والمُعلّى على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال : أبشروا، إنّكم على إحدى الحسنيين: [إن بقيتم حتّى تَرَوا ما الله، تمدون إليه رقابكم](4) شفى الله صُدوركم، وأذهب غيظ قُلوبكم، وأدا لكم(5) على عدوّكم، وهو قول الله: ﴿وَيَشفِ صُدُورَ قَومٍ مَّوْمِنِينَ﴾ [14] ، وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك، مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه عليه وآله السلام ولعلي (علیه السّلام)(6).
30/1797- عن أبي الأغر التميمي، قال: إني لواقف يوم صفّين، إذ نظرتُ إلى العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب شاكٍ في السلاح(7)، على رأسه مغفر، وبيده صفيحة(8) يمانية، وهو على فرس له أدهم، وكأنّ عينيه عينا أفعى، فبينا هو
ص: 221
يمغته(1) ، ويُليّن من عَرِيكته(2)، إذ هتف به هاتف من أهل الشام، يقال له عرار بن أدهم: يا عباس هَكُم إلى البراز، قال: فالنزول إذاً ، فإنّه إياس من القُفُول، قال: فنزل الشامي ووجد(3)، وهو يقول:
إن تَرَكَبُوا فَرُكُوبُ الخيل عادتنا *** أو تَنزِلون فإنّا مَعشَرٌ نُزُل
قال: وثنى عباس رجله، وهو يقول:
وتَصُدّ عنك مَخِيلةَ الرَّجُل ال_ *** _عريض(4) موضحة عن العظمِ
بحُسام سيفك أو لسانك وال_ *** _كَلِمُ الأصيل كأرغَبِ الكَلم
قال: ثمّ عصَبَ فَضَلات درعه في حُجزَتِه(5)، ثمّ دفع فَرَسه إلى غُلامٍ له يُقال له أسلم، كأنّي أنظر إلى فلافل شعره، ودلف(6) كُلّ واحدٍ منهما إلى صاحبه.
قال: فذكرت قول أبي ذُؤيب(7):
فَتَنَازلا(8) وتَوَاقَفَت خَيلاهُما *** وكلاهما بَطَلُ اللقاءِ مُخَدّعُ(9)
قال ثمّ تكافحا بسيفهما مليّاً من نهارهما، لا يصل واحد منهما إلى صاحبه،
ص: 222
لكمال لأمته(1)، إلى أن لحظ العباس وهيا(2) في درع الشامي، فأهوى إليه بيده، فهتكه إلى تندوته(3)، ثم عاود المُجاولته، وقد أصحَرَ(4)له، مُفتق الدرع، فضربه العباس بالسيف، فانتظم به جوانح صدره ، وخَرّ الشامي صريعاً بخده، وأنْشَام(5) [العباس] في الناس، وكبَّر الناس تكبيرةً ارتجّت لها الأرض، فسَمِعتُ قائلاً يقول من ورائي: ﴿قَاتِلُوهُم يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيدِيكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدُورَ قَومٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذهِب غَيْظَ قُلُوبِهِم وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ﴾ [14 و 15]، فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين علي (علیه السّلام)، فقال : يا أبا الأغرّ، من المبارز لعدوّنا؟ قلت: هذا ابن شيخكم العباس بن ربيعة.
قال: يا عباس، قال: لبيك فال: ألم أنهك وحسناً وحسيناً وعبدالله بن جعفر أن تخلوا بمركز، أو تباشر وا حَدَثاً(6)؟ قال: إن ذلك لكذلك، قال: فما عدا ممّا بدا؟ قال: أفادعى إلى البراز يا أمير المؤمنين فلا أجيب، جعلني الله فداك.
قال: نعم، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوّك، وَدٌ مُعاوية أنَّه ما بقي من بني هاشم نافخ ضَرمةٍ إلا طين في نَبطِهِ(7)، إطفاء لنور الله، ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نُورَه ولو كره المشركون، أما والله لتملكنَّهم منا رجال ورجالٌ، يَسُومُونهم الخَسف. حتى يتكففوا(8) بأيديهم، ويحفروا الآبار، إن عادوا لك فعد لي.
ص: 223
قال : ونُمي(1) الخبر إلى معاوية، فقال: الله دم عرار، ألا رجل يطلب بدم عرار؟ قال: فانتدب له رجلان من لخم، فقالا: نحن له، قال: اذهبا، فأيكما قتل العباس برازاً فله كذا وكذا، فأتياه فدعواه إلى البراز، فقال: إنّ لي سيّداً أوامره(2).
قال: فأتى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فأخبره، فقال: ناقلني سلاحك بسلاحي، فناقله، قال: ورَكِب أمير المؤمنين (علیه السّلام) على فرس العباس، ودفع فرسه إلى العباس، وبرز إلى الشامتين، فلم يشكا أنه العباس، فقالا له: أذن لك سيدك؟ فحُرج أن يقول نعم، فقال: ﴿أذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بَأنَّهُم ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِم لَقَدِيرٌ﴾(3).
قال: فَبرز إليه أحدهما ، فكأنما اختطفه(4)، ثم برز إليه الثاني فألحقه بالأول، وانصرف وهو يقول: ﴿الشَّهِرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ والحُرُمَاتُ قِصَاصُ فَمَنِ أعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا أعتَدَى عَلَيكُم﴾(5)، ثم قال: يا عباس، خُذ سلاحك وهاتِ سلاحي.
قال: ونُمي الخبر إلى معاوية، فقال: قبَّح الله اللجاج، إنه لقَعُود، ما رَكِبتُه قط إلَّا خُذلت. فقال عمرو بن العاص : المَخذُول والله اللخميان لا أنت. قال: اسكت أيها الشيخ، فليس هذه من ساعاتك.
قال: فإن لم يكن رحم الله اللخميين، وما أراه يفعل! قال: ذلك والله أضيق لجُحْرِك، وأخسر لصفقتك. قال: أجل، ولو لا مصر لقد كانت المنجاة(6) منها. فقال:
ص: 224
هي والله أعمّتك، ولولاها لألفيت بصير(1).
31/1798 - عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: أتى رجل النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال : بايعني يا رسول الله. فقال: على أن تقتل أباك. قال: فقبض الرجلُ يده، ثمّ قال: با یعنى يا رسول الله. قال: على أن تقتل أباك، فقال الرجل: نعم، على أن أقتل أبي. فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): الآن لم تتخذ(2) من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً، إنا لا نأمرك أن تقتل والديك، ولكن نأمرك أن تكر مهما(3).
32/1799 - عن أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام)يقول: يا معشر الأحداث، اتَّقوا الله ، ولا تأتوا الرؤساء، دعوهم حتى يصيروا أذناباً، لا تتخذوا الرجال ولائج من دون الله، إنا والله خيرٌ لكم منهم؛ ثمّ ضرب بيده إلى صدره(4)
33/1800 - عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): يا أبا الصباح، إياكم والولائج، فانَّ كلّ وليجةٍ دوننا فهى طاغوت، أو قال: ند(5).
1801 / 34 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قيل له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بأفضل مناقبك؟ قال: نعم، كنتُ أنا وعباس وعثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، فقال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الخزانة، يعني مفاتيح الكعبة. وقال العباس: أعطاني
ص: 225
رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) السقاية، وهي زمزم، ولم يُعطيك شيئاً يا عليّ، قال: فأنزل الله: ﴿أجَعَلْتُم سِقَايَةَ الحَاجٌ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ كَمَن ءَامَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَستَووُنَ عِندَ اللهِ﴾(1) [19].
1802 / 35 - عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿أجَعَلْتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ﴾، قال: نزلت في علي (علیه السّلام) وحمزة وجعفر والعباس وشيبة، إنَّهم فَخَروا فى السِّقاية والحِجابة، فأنزل الله: ﴿أجَعَلْتُم سِقَايَةَ الحاج﴾ إلى قوله : ﴿وَاليَومِ الآخِرِ﴾ الآية، فكان علي وحمزة وجعفر (علیه السّلام) الذين آمنوا بالله واليوم الآخر، وجاهدوا في سبيل الله، لا يستوون عند الله(2).
1803/36 - عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن هذه الآية في قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُم وَإخْوَانَكُم أولِيَاءَ إلى قوله: ﴿الفَاسِقِينَ﴾ [23 و 24]، فأما ﴿لَا تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُم وَإخْوَانَكُم أولِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ﴾ فإنّ الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأول والثاني، وهو كُفر، وقوله: ﴿عَلَى الإِيمَانِ﴾ فالإيمان ولاية عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام)، قال: ﴿وَمَن يَتولَّهُم مِّنكُم فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾(3).
37/1804- يوسف بن السُّخت، قال: اشتكى المتوكل شكاة شديدة، فنذر الله إن شفاه الله يتصدق بمالٍ كثير، فعُوفي من علته، فسأله أصحابه عن ذلك، فأعلموه أن أباه تصدَّق بثمانية(4) ألف ألف درهم، وإن أراه تصدّق بخمسة ألف ألف درهم، فاستكثر ذلك. فقال أبو يحيى بن أبي منصور المُنجم: لو كتبت إلى ابن عمك - يعني
ص: 226
أبا الحسن (علیه السّلام)- فأمر أن يُكتب له فيسأله، فكتب إليه، فكتب أبو الحسن (علیه السّلام): تصدّق بثمانين درهماً، فقالوا: هذا غَلَطٌ ، سَلُوه من أين قال هذا؟ فكتب (علیه السّلام)، قال الله لرسوله: ﴿لَقَد نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَومَ حنين إذ أعجَبَتْكُم كَثرَتُكُم﴾ [25] والمواطن التي نصر الله رسوله عليه و آله السلام فيها ثمانون موطناً، فثمانون درهماً من جله مال كثير(1).
38/1805 - عن عجلان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: إلى ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدبِرِينَ﴾ [25]، فقال: أبو فلان(2).
1806 / 39 - عن الحسن بن علي بن فضال، قال: قال أبو الحسن علي الرضا (علیه السّلام) للحسن بن أحمد: أيّ شيءٍ السَّكينة عندكم؟ قال: لا أدري جعلت فداك أي شيءٍ هو ؟
فقال: رِيحٌ من الله تخرج طيِّبة، لها صُورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، وهي التي نزلت على إبراهيم خليل الرحمن حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخُذ كذا وكذا، فبنى الأساس عليها(3).
40/1807 - عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي، عن أبي عبد الله ، عن أبيه (علیهما السّلام)، قال: قال: من ضرب الناس بسيفه، ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضال متكلّف، قاله لعمر بن عبيد حيث سأله أن يُبايع [محمد بن](4) عبدالله ابن الحسن(5).
ص: 227
41/1808 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له : ما حد الجزية على أهل الكتاب، وهل عليهم في ذلك شيء موظف لا ينبغي أن يجاوزه إلى غيره.
قال: فقال: لا، ذاك إلى الإمام، يأخُذ منهم من كُلِّ إنسان ما شاء على قدر ماله وما يُطيق، إنَّما هم قوم فَدَوا أنفسهم من أن يُستعبدوا أو يُقتلوا، فالجزية تُؤخَذ منهم [على قدر] ما يطيقون له أن يأخُذهم بها حتى يسلموا، فإنَّ الله يقول: ﴿حَتَّى يُعطُوا الجزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ﴾ [29]، وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لما يُؤخَذ منه، لا حتَّى يَجِد ذلاً لما أخذ منه، فيالم لذلك فيُسلم(1).
42/1809- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام)، قال : إنَّ الله بعث محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) بخمسة أسياف، فسيف على أهل الذمة، قال الله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسناً﴾(2) نزلت في أهل الذمة، ثمّ نسختها أخرى، قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِاليَومِ الآخِرِ﴾ إلى: ﴿وَهُم صَاغِرُونَ﴾ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يُقبل منهم إلا أداء الجزية أو القتل، ويؤخذ مالهم وتُسبى ذراريهم ، فإذا قَبلوا الجزية حلّ لنا نكاحهم لا(3) ذبائحهم ، و [من كان منهم في دار الحرب، حل لنا سبيهم، ولم تحل لنا مناكحتهم] لا يُقبل منهم إلا أداء الجزية(4) أو القتل(5).
ص: 228
43/1810 - عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): اشتدَّ غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، واشتد غضب الله وَمَلَابِهِ : على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، واشتد غضب الله على من أراق دمي، و آذاني في عترتي(1).
44/1811 - عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّه لن يغضب لله شيء كغضب الطَّلح(2) والسدر، إن الطلح كانت كالأترج(3) والسدر كالبطيخ، فلمّا قالت اليهود: يد الله مَعْلُولة، نقصا حملهما فصَغُرَ فصار له عَجَم(4)، واشتدّ العجم، فلما أن قالت النصارى: المسيح ابن الله، أذعر تا فخرج لهما هذا الشوك، ونقصتا حملهما، وصار الشوك إلى هذا الحمل، وذهب حَمل الطّلح، فلا يحمِل حتى يقوم قائمنا أو(5) تقوم الساعة، ثمَّ قال: من سقى طلحةً أو سدرة، فكأنما سقى مؤمناً من ظماً(6).
45/1812 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أحبَارَهُم وَرُهْبَانَهُم أرباباً مِّن دونِ اللهِ﴾ [31] .
قال: أما والله ما صاموا لهم ولا صَلُّوا، ولكنهم أحلوا لهم حراماً، وحرَّموا
ص: 229
عليهم حلالاً فاتبعوهم(1).
1813 / 46 - وقال في خبر آخر عنه: ولكنَّهم أطاعوهم في معصية الله(2).
1814 / 47 - عن جابر ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألْتُهُ عن قول الله: ﴿اتَّخَذُوا الله أحبَارَهُم وَرُهْبَانَهُم أرباباً مِّن دُونِ اللهِ﴾.
قال: أما إنَّهم لم يتخذوهم آلهةً، إلا أنهم أحلُّوا لهم حراماً فأخَذُوا به، وحرموا عليهم حلالاً فأخذوا به، فكانوا أربابهم من دون الله(3).
1815 / 48 وقال أبو بصير: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): ما ادعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، ولكنَّهم أحلوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً، فكانوا يعبدونهم من حيث لا يَشعُرون(4).
1816 / 49- عن حذيفة، سُئل(5) عن قول الله: ﴿اتَّخَذُوا أحبَارَهُم وَرُهبَانَهُم أربَاباً مِّن دُونِ اللهِ﴾، فقال : لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا إذا أحلوا لهم أشياء استحلوها، وإذا حرَّموا عليهم حرَّموها(6).
50/1817 - عن أبي المقدام، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ [33] يكون أن لا يبقى أحد إلا أقرّ بمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(7).
ص: 230
51/1818 - وقال في خبر آخر، عنه (علیه السّلام): قال : ليظهره الله في الرَّجعة(1).
52/1819 - عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): ﴿هُوَ الَّذِى أرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾، قال: إذا خرج القائم (علیه السّلام)، لم يبق مُشرك بالله العظيم ولا كافر إلَّا كَرِه خُروجه(2).
53/182 - عن سعدان، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿الَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ﴾ [34] إِنَّما عنى بذلك ما جاوز ألفي درهم(3).
54/1821 - عن معاذ بن كَثير صاحب الأكسية ، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: موسع على شيعتنا أن يُنفِقُوا ممّا في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا (علیه السّلام) مُوسَّع حرّم على كل ذي كنز كنزه، حتى يأتيه فيستعين به على عَدُوّه، وذلك قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَكْذِرُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾(4).
1822 / 55 - عن الحسين بن علوان، عمَّن ذكره، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: المؤمن(5) إذا كان عنده من ذلك شيء يُنفقه على عياله ما شاء، ثمّ إذا قام القائم (علیه السّلام) فيحمل إليه ما عنده، وما بقى من ذلك يستعين به على أمره، فقد أدّى ما يَجبُ عليه(6).
1823/56 - عن أبي خالد الواسطى، قال: أتيتُ أبا جعفر (علیه السّلام) يوم شك فيه من رمضان، فإذا مائدة موضوعة وهو يأكل، ونحن نريد أن نسأله، فقال: ادنُوا الغداء،
ص: 231
إذا كان مثل هذا اليوم لم يَحكُم فيه سبب تَرَونه فلا تَصُوموا.
ثمّ قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، عن أمير المؤمنين (علیهم السّلام): أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لما تَقُل فِى مَرَضِهِ قال: يا أيها الناس، إنّ السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حُرُم، ثمّ قال بيده(1): رجب مُفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ثلاث متواليات، ألا وهذا الشهر المفروض رمضان، فَصُوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإذا خفي الشهر فأتموا العِدة، شعبان ثلاثين، وصوموا الواحد والثلاثين، وقال بيده: الواحد والاثنين والثلاثة، ثمّ ثنى إيهامه، ثمّ قال: أيها الناس، شهر كذا، وشهر كذا. وقال علي (علیه السّلام): صمنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) تسعاً وعشرين، ولم نقضه، ورآه تماماً(2).
57/1824 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : كنتُ عنده قاعداً خلف المقام، وهو مُحتَبٍ، مستقبل القبلة، فقال: أما النظر إليها عبادة، وما خلق الله بقعَةً في الأرض أحبُّ إليه منها - ثمَّ أهوى بيده إلى الكعبة - ولا أكرم عليه منها، لها حرّم الله الأشهر الحُرُم في كتابه يوم خلق السَّماواتِ والأرض ثلاثة أشهر متوالية، و شهر مفرد للعُمرة، قال أبو عبد الله (علیه السّلام): شوّال ، وذو القعدة، وذو الحجة، ورَجَب(3).
1825/ 58 - عن عبدالله بن محمّد الحَجّال، قال: كنتُ عند أبي الحسن الثاني (علیه السّلام) ومعي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن: إنَّهم يَحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى: ﴿ثَانِيَ أثنين إذ هُمَا فِي الغَارِ﴾ [40]، قال: وما لهم في ذلك ؟ فوالله
ص: 232
القد قال الله: (فأنزل اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِه) وما ذكره فيها بخير.
قال قلت له أنا: جعلت فداك، وهكذا تقرؤونها، قال: هكذا قرأتها(1).
1826 / 59 - قال زرارة : قال أبو جعفر (علیه السّلام): (فأنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِه) ألا ترى أنّ السَّكينة إنما نزلت على رسوله؟ ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفَلَى﴾ [40] فقال: هو الكلام الذي تَكلّم به عتیق. رواه الحلبي عنه(2).
1827 / 60 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام) ، في قول الله: ﴿لَو كَانَ عَرَضاً قَريباً وَسَفراً قَاصِداً لَّاتَّبَعُوكَ﴾ [42] الآية، إنَّهم يستطيعون، وقد كان في علم الله أنه لو كان عَرَضاً قريباً وسَفراً قاصداً لفَعَلُوا(3).
1828 / 61 - عن المغيرة ، قال : سمعته يقول في قول الله : ﴿وَلَو أَرَادُوا الخُروج لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ [46]، قال: يعني بالعُدة النية، يقول: لو كان لهم نِيَّةٌ لخَرَجُوا(4).
62/1829 - عن يوسف بن ثابت، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قيل له لما دخلنا عليه: إنا أحببناكم لقرابتكم من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ولما أوجب الله من حقكم، ما أحببناكم لدنياً نصيبها منكم إلا لوجه الله والدار الآخرة، وليُصلح أمرؤ مِنّا دينه .
فقال: أبو عبد الله (علیه السّلام): صَدَقتُم ، صَدَقتُم ، ومن أحبَّنا جاء معنا يوم القيامة هكذا - ثمّ جمع بين السبابتين - وقال: والله لو أنَّ رجلاً صام النهار وقام الليل، ثمّ لقي الله بغير ولا يتنا، لقيه غير راض - أو ساخطاً عليه - . ثمّ قال: وذلك قول الله : ﴿وَمَا مَنَعَهُم أن تُقَبلَ مِنهُم نَفَقَاتُهُم إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ﴾ إلى قوله : ﴿وَهُم
ص: 233
كَافِرونَ﴾ [55] ثمَّ قال: وكذلك الإيمان لا يَضُرّ معه عمل، وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل(1).
1830 / 63 - عن إسحاق بن غالب، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): يا إسحاق، كم ترى أهل هذه الآية ﴿إن أعطوا مِنهَا رَضُوا وَإِن لَّم يُعطوا مِنهَا إذَا هُم يَسخَطُونَ﴾ [58]؟ قال: هم أكثر من ثلثي الناس(2).
1831 / 64 - عن سماعة، قال: سألته عن الزَّكاة، لمن يَصلُح أن يأخُذها؟
فقال: هي للذين قال الله في كتابه: ﴿لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِى الرّقاب وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ الله﴾ [ 60] وقد تَحِلَّ الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً.
فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال : إذا كان صاحب الثَّلاثمائة درهم له عِيال كثير ، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف عنها نفسه، وليأخُذها لعياله، وأما صاحب الخمسين فإنها تحرم عليه إذا كان وحده، وهو محترف يعمل بها، وهو يُصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله(3).
1832/ 65 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن الفقير والمسكين ، قال: الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه الذى لا يسأل(4).
66/1833 - عن أبي بصير، قال: قلتُ لأبي عبد الله له : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِين﴾، قال : الفقير الذي يسأل، والمسكين اجهد منه، والبائس
ص: 234
أجهدهما(1).
67/1834 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (علیه السّلام)، قال : سألته عن رجلٍ أوصى بسهم من ماله، وليس يدري أي شيء هو ؟
الله قال: السهام ثمانية، وكذلك قسمها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم تلا ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾ إلى آخر الآية، ثمّ قال: إنّما السَّهم واحدٌ من ثمانية(2).
68/135 - عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ﴾ إلى آخر الآية ، قال (علیه السّلام): إن جعلتها فيهم جميعاً ، وإن جعلتها لواحدٍ أجزاً عنك(3).
1836 / 69 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلتُ: أرأيت قوله : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ﴾ إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يُعطى إن كان لا يعرف؟ قال: إنَّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يُقرون له بالطاعة.
قال: قلتُ له: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يُوجد لها موضع، وإنما كان يُعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف(4).
70/1837 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿والعاملين عَلَيها﴾، قال: هم السُّعاة(5).
71/1838 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قوله : ﴿وَالمُؤَلَّفَةِ
ص: 235
قُلُوبُهُم﴾.
قال: هم قوم وحدوا الله، وخَلَعُوا عِبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأمر الله عزّ وجلّ نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يَحسُن إسلامهم، ويثبتوا على دينهم الذي قد دَخَلُوا فيه، وأقروا به.
وإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم حنين تألف رؤوسهم من رؤوس العرب من قريش وسائر مضر، منهم أبو سفيان بن حرب، وعُيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس، فغضبت الأنصار، فاجتمعوا إلى سعد بن عبادة، فانطلق بهم إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بالجعرانة(1)، فقال : يا رسول الله، أتأذن لي في الكلام؟ قال: نعم. فقال: إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئاً أمرك الله به رضينا، وإن كان غير ذلك لم نرضَ ؟
قال زرارة فسَمِعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا معشر الأنصار، كلّكم على مثل قول سعد سيدكم؟ قالوا: الله سيّدنا ورسوله. فأعادها عليهم ثلاث مرّات، كلّ ذلك يقولون: الله سيّدنا ورسوله. ثم قالوا بعد الثالثة: نحنُ على مثل قوله ورأيه.
قال زرارة: سَمِعتُ أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: فحطّ الله نُورهم، وفرض للمُؤلّفة قلوبهم سَهماً في القرآن(2).
72/1839 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبى عبد الله (علیهما السّلام) ﴿وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم﴾، قال: قوم تألَّفهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وقسم فيهم
ص: 236
الفيء.
قال زرارة: قال أبو جعفر (علیه السّلام): فلما كان في قابل، جاءوا بضعف الذي أخذوا وأسلم ناس كثير، قال: فقام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) خطيباً، فقال: هذا خيرٌ أم الذي قلتم ؟ قد جاءوا من الإبل بكذا وكذا ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم الله عالمٌ و ناس كثير، والذي نفسي بيده، لوددتُ أنَّ عندي ما أُعطي كُلّ إنسانٍ دِيته على أن يُسلم الله ربِّ العالمين.
عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، نحوه(1).
73/1840 - قال الحسن بن موسى، ومن غير هذا الوجه أيضاً ، رفعه، قال : قال رجلٌ منهم حين قسم النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) غنائم حنين: إنّ هذه القسمة ما يُريد الله بها؟ فقال له بعضهم: يا عدو الله، تقول هذا الرسول الله ؟ ثم جاء إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فأخبره مقالته، فقال (صلی الله علیه و آله و سلم): قد أوذي أخي موسى (علیه السّلام) بأكثر من هذا فصبر. قال: وكان يعطي لكُلّ رجلٍ من المُؤلَّفة قلوبهم مائة راحلة(2).
1841 / 74 - عن سماعة، عن أبي عبد الله - أو أبي الحسن (علیهما السّلام)- قال: ذكر أحدهما أنَّ رجلاً دخل على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم غنيمة حسين، وكان يُعطي المُؤلَّفة قلوبهم، يُعطى الرجل منهم مائة راحلة ونحو ذلك، وقسم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حيث أمر، فأتاه ذلك الرجل، قد أزاغ الله قلبه، وران عليه، فقال له: ما عدلت حين قسمت. فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): ويلك ما تقول، ألم تَرَ قسمتُ الشياه حتّى لم يبق معي شاة؟ أولم أقسم البقر حتى لم يبق معي بقرة واحدة؟ أولم أقسم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد؟
ص: 237
فقال بعض أصحابه له: اتركنا - يا رسول الله - حتى نضرب عنق هذا الخبيث، فقال: لا، هذا يخرج في قوم يقرءون القرآن لا يجوز تراقيهم، بلى قاتلهم غيري(1).
75/1842 - عن زرارة، قال: دخلتُ أنا و حمران على أبي جعفر (علیه السّلام) فقلنا: إنا بهذا المطهر، فقال: وما المطهر ؟ قلنا: الدين، فمن(2) وافقنا من علويّ أو غيره توليناه، ومن خالفنا برثنا منه من علوى أو غيره.
قال: يا زرارة، قول الله أصدق من قولك، فأين الذين قال الله تعالى: ﴿إِلَّا المُستَضعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلدَانِ﴾ الذين لَا يَستَطِيعُونَ حِيلَةٌ وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً﴾(3)؟ أين المُرجَون لأمر الله ؟ أين الذين خَلطُوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ أين أصحاب الأعراف؟ أين المُؤلَّفة قُلُوبهم ؟
فقال زرارة: ارتفع صوت أبي جعفر (علیه السّلام) وصوتي حتى كان يسمعه من على باب الدار فلمّا كثر الكلام بيني وبينه قال لي: يا زرارة، حقاً على الله أن يُدخلك الجنة(4).
76/1843 - عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: إنَّ أناساً من بني هاشم أتوا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فسألوه أن يستعملهم على صَدَقة المواشي والنَّعَم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، فنحن أولى به.
ص: 238
فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تَحِلّ لي ولا لكم ولكن وُعِدت الشَّفاعة - ثمّ قال: أنا أشهد أنه قد وُعِدها - فما ظنكم - يا بني عبد المطلب - إذا أخذتُ بحلقة باب الجنَّة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم(1)؟
77/1844 - عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (علیه السّلام): قال: سأل مُكاتب عَجَز عن مُكاتبته، وقد أدّى بعضها؟ قال: يُؤدِّي من مال الصدقة، إنَّ عن الله يقول في كتابه: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾(2).
78/1845 - عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): عبد زني؟ قال: يُجلد نصف الحد.
قال: قلت: فإنَّه عاد؟ فقال: يُضرب مثل ذلك. قال: قلت: فإنَّه عاد؟ قال: لا يزاد على نصف الحد.
قال: قلتُ: فهل يجب عليه الرَّجم في شيءٍ من فعله؟ فقال: نعم، يُقتل في الثامنة، إن فعل ذلك ثمان مرات.
فقلتُ: فما الفرق بينه وبين الحرّ، وإِنَّما فعلهما واحد؟ فقال: إنَّ الله تعالى رَحِمه أن يَجمَع عليه ربق(3) الرّق وحَدَ الحُرّ، قال: ثم قال: وعلى إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب(4).
1846 / 79 - عن الصباح بن سيابة، قال(5): أيما مسلم مات وترك ديناً، لم يكن في فساد وعلى إسراف، فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك، إنَّ الله
ص: 239
تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدقَاتُ لِلْفُقَراءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُم ... والغَارِمِينَ﴾ فهو من الغارمين، وله سهم عند الإمام، فإن حبسه فإئمه عليه(1).
1847 / 80 - عن عبد الرحمن بن الحجاج: أنَّ محمّد بن خالد سأل أبا عبدالله الله عن الصدقات قال اقسمها فيمن قال الله، ولا يُعطى من سهم الغارمين الذين يُنادون نداء الجاهلية.
قلت: وما نداء الجاهلية؟ قال: الرجل يقول: يا آل بني فلان، فيقع فيهم القتل والدِّماء، فلا يُؤدّي ذلك من سَهم الغارمين، والذين يَعْرَمُون من مُهور النساء. قال: ولا أعلمه إلا قال: ولا الذين لا يبالون بما صَنَعُوا في أموال الناس(2).
1848 / 81 - عن محمّد القصري(3)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: نعم، اقسمها فيمن قال الله، ولا يُعطى من سهم الغارمين الذين يغرمون في مُهُور النّساء، ولا الذين يُنادون بنداء الجاهلية.
قال: قلتُ: وما نداء الجاهلية؟ قال: الرجل يقول: يا آل بني فلان، فيقع بينهم القتل، ولا يُؤدّى ذلك من سهم الغارمين، ولا الذين لا يبالون ما صنعوا بأموال الناس(4).
82/1849 - عن الحسن بن راشد، قال: سألتُ العسكري (علیه السّلام) بالمدينة عن رجل أوصى بمال في سبيل الله ، فقال: سبيل الله شيعتنا(5).
ص: 240
83/1850 - عن الحسن بن محمّد، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): إنَّ رجلاً أوصى إليّ في السبيل، قال: فقال لي: اصرف في الحج.
قال: قلتُ: إنه أوصى في السبيل؟ قال: اصرفه في الحج، فإنّي لا أعلم سبيلاً من سُبُله أفضل من الحج(1).
1851 / 84 - عن حماد بن عثمان(2)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إني أردتُ أن أستبضع فلاناً بضاعةً إلى اليمن فأتيت إلى أبي جعفر (علیه السّلام)، فقلتُ: إنِّي أُريد أن أستبضع فلاناً؟ فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلتُ: قد بلغني من المؤمنين أنَّهم يقولون ذلك، فقال: صَدقهم فإنَّ الله يقول: ﴿يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلمُؤمِنِينَ﴾ [61]، فقال: يعني يُصدق الله ويصدّق المؤمنين، لأنّه كان رؤوفاً رحيماً بالمؤمنين(3).
1852 / 85 - عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): نزلت هذه الآية: ﴿وَلَئِن سألتهُم لَيَفُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ إلى قوله: ﴿نُعَذِّب طَائِفَة﴾ [65 و 66] قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): ما تفسير هذه الآية؟
قال: والله ما نزلت آية قط إلا ولها تفسير، ثمّ قال: نعم، نزلت في عَدُوَّي الله(4) والعَشَرة معهما ، إنهم اجتمعوا اثنا عشر ، فكمنوا الرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في العقبة، وانتمروا بينهم ليقتلوه، فقال بعضهم لبعض: إن فَطِن نقول إنّما كُنَّا نَخُوض ونلعب، وإن لم يَفطَن لنقتُلنَّه، فأنزل الله هذه الآية ﴿وَلَئِن سَألَتَهُم لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
ص: 241
وَنَلْعَبُ﴾ فقال الله لنبيه: ﴿قُل أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ﴾ يعني محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿كُنتُم تَستَهْزِمُون * لَا تَعتَذِرُوا قَد كَفَرْتُم بَعدَ إِيمَانِكُم إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُم﴾ يعنى عليا (علیه السّلام) إن يعفُ عنهما في أن يلعنهما على المنابر، ويلعن غيرهما، فذلك قوله تعالى: ﴿إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُم نُعَذِّب طَائِفَةٌ﴾(1).
1853 / 86 - عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) ﴿نَسُوا الله﴾، قال: قال: تَرَكُوا طاعة الله ﴿فَنَسِيَهُم﴾ [67] قال: فَتَرَكَهُم(2).
87/1854 - عن أبي معمر السعدي، قال: قال على (علیه السّلام) : في قول الله : ﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم﴾ فإنَّما يعني أنّهم نَسُوا الله في دار الدنيا، فلم يعملوا له بالطاعة، ولم يؤمنوا به وبرسوله، فنسيهم في الآخرة ، أي لم يجعل لهم في ثوابه نصيباً، فصاروا مَنسيّين من الخير(3).
88/1855- عن صفوان الجمال، قال: قلت لأبي عبدالله (علیه السّلام): بأبي أنت وأمي، تأتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي، وعرفتها بإسلامها وحبها إياكم وولايتها لكم، وليس لها محرم.
قال: فإذا جاءتك المرأة المسلمة فاحملها، فإنّ المؤمن محرم المؤمنة، وتلا هذه الآية ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعضُهُم أولِيَاءُ بَعضٍ﴾(4) [71].
89/1856 - عن ثوير، عن علي بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : إذا صار أهل الجنَّة في الجنَّة، ودخل ولي الله إلى جنّاته ومساكنه، واتَّكاً كُلّ مؤمن منهم على أريكته، حقَّته خُدّامه ، وتَهَدَّلت عليه الثّمار، وتفجّرت حوله العُيون، وجَرَت من تحته
ص: 242
الأنهار ، وبسيطت له الزَّرابي، وصنفت له النمارق(1)، وأنته الخُدّام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك. قال : ويخرج عليهم الحور العين من الجنان، فيمكثون بذلك ما شاء الله، ثمّ إنَّ الجبار يُشرف عليهم فيقول لهم: أوليائي وأهل طاعتي، وشكان جنَّتي في جواري، ألا هل أنبئكم بخير ممّا أنتم فيه؟
فيقولون: ربنا وأي شيءٍ خيرٌ ممّا نحن فيه، نحن فيما اشتهت أنفُسنا، ولَذَّت أعيننا من النعم في جوار الكريم. قال: فيعود عليهم بالقول، فيقولون: ربَّنا نعم، فأتنا بخير مما نحن فيه. فيقول لهم تبارك وتعالى: رضاي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم ممّا أنتم فيه. قال: فيقولون: نعم يا ربَّنا، رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا.
ثم قرأ على بن الحسين (علیهما السّلام) هذه الآية ﴿وَعَدَ اللهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضوَانٌ مِّن الله أكبَرُ ذَلِكَ هُو الفَوزُ العَظِيمُ(2) [72].
90/1857 - عن جابر بن أرقم، قال: بينا نحنُ في مجلس لنا وأخي زيد بن أرقم يُحدّثنا، إذ أقبل رجل على فرسه، عليه هيئة السفر، فسلَّم علينا ثم وقف، فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد ؟ فقال الرجل: أتدري من أين جئتُ؟ قال: لا، قال: من فسطاط مصر، لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). فقال له :زيد وما هو ؟ قال : حديث غدير خُمّ في ولاية علي بن أبي طالب (علیه السّلام).
فقال: يابن أخي، إنَّ قبل غدير خُمّ ما أُحدثك به، إن جبرئيل الروح
ص: 243
الأمين (علیه السّلام) نزل على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). بولاية على بن أبي طالب (علیه السّلام)، فدعا قوماً أنا فيهم، فاستشارهم في ذلك، ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول له، وبكا (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال له جبرئيل: مالك يا محمد، أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل، ولكن قد عَلِم ربّي ما لقيت من قريش، إذ لم يُقروا بالرسالة حتى أمرني بجهادهم، وأهبط إلى جنوداً من السماء فنصروني، فكيف يُقرّوا لعلي من بعدي. فانصرف عنه جبرئيل، ثمّ نزل عليه: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعضَ مَا يُوحَى إِلَيكَ وَضَائِقُ بِهِ صَدرُكَ﴾(1).
فلما نزلنا الجُحفة(2) راجعين وضَرَبنا أخبيتنا ، نَزَلَ جَبرئيل (علیه السّلام) بهذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾(3) فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وهو ينادي: «أيها الناس، أجيبوا داعي الله، أنا رسول الله». فأتيناه مسرعين في شدة الحرّ، فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحرّ، وأمر بقم(4) ما تحت الدَّوح، فقُمَّ ما كان ثمَّة من الشوك والحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان، وهو يُريد أن يرحل من ساعته، ليأتينَّكم اليوم بداهية!
فلمّا فَرَغوا من القم، أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أن يُوتى بأحلاس(5) دَواتِنا وأثاث ايلنا وحقائبها، فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوباً، ثم صعد عليها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «أيّها الناس، إنه نزل على
ص: 244
عشيّة عرفة أمر ضقت به ذرعاً مخافة تكذيب أهل الإفك، حتى جاءني في هذا الموضع وعيد من ربّي إن لم أفعل، ألا وإنّي غير هائبٍ لقوم، ولا مُحابِ لقرابتي.
أيُّها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله ورسوله. قال: «اللهم اشهد، وأنت يا جبرئيل فاشهد حتى قالها ثلاثاً، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (علیه السّلام) فرفعه إليه، ثمّ قال: «اللَّهُم من كنت مولاه فعلی مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذُل من خذله». قالها ثلاثاً، ثمّ قال: «هل سمعتم؟» فقالوا: اللهم بلى. قال: «فأقررتم؟» قالوا: اللهم نعم. ثم قال: «اللَّهُم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد».
ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا، وكان إلى جانب خبائي خِباء نفرٍ من قريش وهم ثلاثة، ومعي حذيفة بن اليمان، فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول: والله إنَّ محمداً لأحمق، إن كان يرى أنّ الأمر يستقيم لعلى من بعده! وقال آخرون: أتجعله أحمق، ألم تعلم أنه مجنون، قد كاد أن يُصرع عند امرأة ابن أبي كبشة ؟ وقال الثالث: دعوه إن شاء أن يكون أحمق، وإن شاء أن يكون مجنوناً، والله ما يكون ما يقول أبداً! فغَضب حذيفة من مقالتهم، فرفع جانب الخِباء، فأدخل رأسه إليهم، وقال: فَعَلتُموها ورسول الله عليه وآله السلام بين أظهركم، ووحي الله ينزل عليكم، والله لأُخبرنه بكرةً بمقالتكم.
فقالوا له: يا أبا عبدالله، وإنك لها هنا وقد سمعت ما قلنا! اكتُم علينا، فإنَّ لكُلِّ جوار أمانة. فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة، ولا من مجالسها، ما نَصَحتُ الله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث.
فقالوا له: يا أبا عبدالله، فاصنع ما شئت، فوالله لتحلفنّ إنا لم نقل، وإنَّك قد كذبت علينا، أفتراء يُصدقك ويُكذِّبنا ونحن ثلاثة؟
ص: 245
فقال لهم: أما أنا فلا أبالي إذا أديت النصيحة إلى الله وإلى رسوله، فقولوا ما شئتم أن تقولوا.
ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، و علي (علیه السّلام) إلى جانبه محتب بحمائل سيفه، فأخبره بمقالة القوم، فبعث إليهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأتوه ، فقال لهم : ماذا قلتم ؟ فقالوا: والله ما قلنا شيئاً، فإن كنتَ أبلغت عنا شيئاً فمكذوبٌ علينا. فهَبَط جبرئيل بهذه الآية: ﴿يَحلِفُونَ باللهِ مَا قالُوا وَلَقَد قَالُوا كَلِمَةَ الكُفر وَكَفَرُوا بَعدَ إسلامِهِم وَهَمُّوا بِما لَم يَنَالُوا﴾ [74] وقال على (علیه السّلام) عند ذلك: ليقولوا ما شاءوا. والله إنَّ قلبي بين أضلاعي، وإنَّ سيفي لفي عُنقي، ولئن هَمّوا لأهمِّنَّ.
فقال جبرئيل للنبي (صلی الله علیه و آله و سلم): اصبر للأمر الذى هو كائن، فأخبر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عليّاً (علیه السّلام) بما أخبره به جبرئيل. فقال: إذا أصبر للمقادير.
قال أبو عبدالله (علیه السّلام): وقال رجل من الملأ شيخ: لئن كنّا بين أقوامنا كما يقول هذا، لنحن شرٌّ من الحمير. قال : وقال آخر شابّ إلى جنبه: لئن كنتَ صادقاً لنحنُ شرٌّ من الحَمير(1).
91/1858 - عن جعفر بن محمّد الخُزاعي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: لما قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ما قال في غدير خم، وصاروا بالأخبية، مَرّ المقداد بجماعة منهم، وهم يقولون: والله إن كنا(2) وقيصر لكنا في الخَز والوشي والديباج والنساجات، وإنا معه فى الأخشنين: نأكل الخَشِين، ونلبس الخشن، حتى إذا دنا موته، وفنيت أيامه، وحضر أجله، أراد أن يُولّيها عليّاً من بعده، أما والله ليعلمن.
ص: 246
قال: فمضى المقداد وأخبر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) به، فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد، فقوموا نحلف عليه، قال: فجاءوا حتى جَتَوا بين يديه، فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، لا والذي بعثك بالحق نبياً، والذي أكرمك بالنبوَّة، ما قلنا ما بَلَغك، لا والّذى أصطفاك على البشر.
قال: فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) : بسم الله الرّحمن الرّحِيمِ ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقد قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعدَ إِسلَامِهِم وَهَمُّوا﴾ بك يا محمّد ليلة العقبة ﴿وَمَا نَقَمُوا إلَّا إن أعْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضلِهِ﴾ [74] كان أحدهم يبيع الرؤوس، و آخر يبيع الكراع ويقتل القَرامِل(1)، فأغناهم الله برسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثمَّ جَعَلُوا حَدَّهم وحَدِيدَهم عليه(2).
92/1859 - قال أبان بن تغلب عنه (علیه السّلام): لمَّا نَصَب رسولُ الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عليّاً (علیه السّلام) يوم غدير خُمّ، فقال: «من كنت مولاه فعلى مولاه» ضَمَّ رجلان من قريش رؤوسهما، وقالا : والله لا تُسلم له ما قال أبداً، فأخبر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فسألهما عما قالا فكذَّبا وحلفا بالله ما قالا شيئاً، فنزل جبرئيل (علیه السّلام) على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿يُحلِفُونَ باللهِ مَا قَالُوا﴾ الآية، قال أبو عبد الله (علیه السّلام): لقد توليا وما تابا(3).
93/1860 - عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله تعالى قال لمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم): ﴿إن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مَرَّةً فَلَن يَعْفِر اللهُ لَهُم﴾ فاستغفر لهم مائة مرّة ليغفر لهم، فأنزل الله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيهِم أستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِرَ لَهُم لَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم﴾(4)، وقال: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنهُم مَّاتَ أبَداً وَلَا تَقُم عَلَى
ص: 247
قَبرِهِ﴾(1)فلم فلم يستغفر لهم بعد ذلك، ولم يقم على قبر أحدٍ منهم(2).
1861/94 - عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿الَّذِينَ يَلمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾.
قال: ذهب علي أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فآجر نفسه على أن يستقي كُلّ دلوِ بتمرةٍ يختارها، فجمع تمراً فأتى به النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، وعبد الرحمن بن عوف على الباب، فَلَمَزه - أي وقع فيه - فأنزلت هذه الآية: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوعِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ فِى الصَّدَقَاتِ﴾ إلى قوله : ﴿أستَغفِر لَهُم أو لا تَستَغفِرَ لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم ) سَبعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُم﴾(3) [79 و 80].
1862 / 95 - عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: إنَّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال لا بن عبدالله بن أبي : إذا فرغت من أبيك فأعلمني، وكان قد تُوفّى، فأتاه فأعلمه، فأخذ رسول الله عليه و آله السلام نعليه للقيام، فقال له عمر: أليس قد قال الله: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنهُم مَّاتَ أبَداً وَلَا تَقُم عَلَى قَبره﴾ [84]؟! فقال له: ويحك أو ويلك - إنما أقول: اللهم املأ قبره ناراً، واملأ جوفه ناراً، واصله يوم القيامة ناراً(4).
1863 / 96 - حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، تُوفّي رجلٌ من المنافقين، فأرسل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلى ابنه: إذا اردتُم أن تُخرِجوه فأعلموني؛ فلمّا حضر أمره أرسلوا إلى النبي عليه وآله السلام، فأقبل نحوهم، حتى أخذ بيد
ص: 248
ابنه في الجنازة فمضى، قال: فتصدى له عمر، ثم قال: يا رسول الله، أما نهاك ربّك عن هذا أن تُصلّي على أحدٍ منهم مات أبداً، أو تقوم على قبره؟! فلم يُجِبه النبي (صلی الله علیه و آله و سلم).
قال: فلمّا كان قبل أن ينتهوا به إلى القبر، قال عمر أيضاً لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أما نهاك الله عن أن تصلي على أحد منهم مات أبداً، أو تقوم على قبره؟! ذلك بأنهم كفروا بالله وبرسوله وماتوا وهم كافرون.
فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازة، ولا قمنا له على قبر، ثمّ قال: إن ابنه رجلٌ من المؤمنين، وكان يحق علينا أداء حقه.
فقال له عمر: أعوذُ بالله من سَخَط الله وسخطك يا رسول الله(1).
97/1864 - عن محمّد بن المهاجر، عن أمّه أم سلمة، قالت: دخلتُ على أبي عبد الله (علیه السّلام) فقلتُ له: أصلحك الله، صحبتني امرأةٌ من المُرجئة، فلمّا أتينا الرَّبَذة(2) أحرم الناس، فأحرمت معهم، وأخرت إحرامي إلى العقيق(3)، فقالت: يا معشر الشيعة، تُخالفون الناس في كلّ شيءٍ، يُحرم الناس من الرَّبَذَة وتُحرمون من العقيق، وكذلك تخالفون الناس في الصلاة على الميت، يُكبّر الناس أربعاً، وتُكبّرون خمساً، وهي تشهد بالله أنّ التكبير على الميت أربع.
فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و إذا صلّى على الميت كبر فتشهد، ثم كبر فصلى على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) و دعا، ثم كبر واستغفر للمؤمنين، ثم كبر
ص: 249
فدعا للميّت، ثمّ كبر وانصرف، فلمّا نهاه الله عن الصلاة(1) على المنافقين كبرٌ وتشهد، ثمّ كبَّر وصلّى على النبي، ثمّ كبّر فدعا للمؤمنين، ثمّ كبر فانصرف، ولم يدع للميت(2).
1865 / 98 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوالِفِ﴾ [87]، قال : مع النساء(3).
99/1866 - عن عبد الله الحلبي، قال: سألته عن قوله: ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوالِفِ﴾، فقال: النساء، إنهم قالوا: إنَّ بيوتنا عورة، وكانت بيوتهم في أطرافِ البيوت، حيث يتفرّد النّاس، فأكذبهم الله قال: ﴿وَمَا هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فراراً﴾(4) وهى رفيعة السمك حصينة(5).
100/1867 - عن عبدالرحمن بن حرب، قال: لما أقبل الناس مع أمير المؤمنين (علیه السّلام) من صفّين أقبلنا معه، فأخذ طريقاً غير طريقنا الذي أقبلنا فيه، حتّى إذا جُزنا النُّخيلة ورأينا أبيات الكوفة، إذا شيخ جالس في ظل بيتٍ وعلى وجهه أثر المرض، فأقبل إليه أمير المؤمنين (علیه السّلام)، ونحن معه، حتى سلم عليه وسلّمنا معه، فردّ ردّاً حَسَناً، فظننا أنه قد عَرَفه.
ص: 250
فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام): مالي أرى وجهك مُنكَسراً(1) مصفاراً ؟ فمم ذاك ، أمن مرض؟ فقال: نعم.
فقال: لعلك كرهته؟ فقال: ما أحب أنه يعترينی(2). قال: [أليس] احتساباً للخير فيما أصابك به؟ [قال: بلى].
قال: فابشر برحمة الله وغفران ذنبك، فمن أنت يا عبدالله؟ فقال: أنا صالح ابن سليم. فقال: ممَّن؟ قال: أمّا الأصل فمن سَلَامان بن طَيّئ، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور.
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): ما أحسن اسمك، واسم أبيك، واسم أجدادك، واسم من اعتزيت إليه! فهل شهدت معنا غَزاتنا هذه؟ فقال: لا، ولقد أردتُها، ولكن ما ترى من لَحَب الحُمّى(3) خَذلني عنها.
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): ﴿لَيسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ﴾ [91] إلى آخر الآية، ما قول الناس فيما بيننا وبين أهل الشام؟ قال: منهم المسرور والمحبور فيما كان بينك وبينهم، وأولئك أغش الناس لك. فقال له: صَدَقت، قال: ومنهم الكاسف الأسف لما كان من ذلك، وأولئك نصحاء الناس لك. فقال له: صدقت، جعل الله ما كان من شكواك حَطَّاً لسيئاتك، فإنّ المرض لا أجر فيه، ولكن لا يدع على العبد ذنباً إلا حطّه، وإنَّما الأجر فى القول باللسان والعمل باليد والرّجل، فإنّ الله ليُدخِل بصدق النيّة والسريرة الصالحة [عالماً] جماً من عباده الجنَّة(4).
ص: 251
101/1868 - عن الحلبي، عن زرارة وحُمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قال : إنَّ الله احتج على العباد بالذي أتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولاً ، ثمّ أنزل عليهم كتاباً فأمر فيه ونهى، وأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بالصلاة فنام عنها، فقال: أنا أنمتُك، وأنا أيقظتُك، فإذا قمت فصل، ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، وليس كما يقولون: إذا نام عنها هَلَك، وكذلك الصيام، أنا أمرضتك وأنا أصحك، فإذا شَفَيتُك فاقضه.
وكذلك إذا نظرت في جميع الأمور لم تجد أحداً في ضيق، ولم تجد أحداً إلّا والله عليه الحُجّة، وله فيه المشيّة، قال: فلا يقولون إنه ما شاء واصنعوا، وما شاء وا لم يصنعوا.
وقال: إنّ الله يُضِلَّ من يشاء، ويهدى من يشاء، وما أمر العباد إلا بدون سَعَتهم، وكلّ شيءٍ أمر الناس فأخذوا به فهم يسعون له، وما [لا] يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم، ثم تلا هذه الآية: ﴿لَيسَ عَلَى الضُّعَفاء وَلَا عَلَى المَرضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ﴾، قال: وُضِع عنهم ﴿مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلِ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوكَ لِتَحْمِلَهُم قُلتَ لا أجد ما أحمِلُكُم عَلَيْهِ تَوَلَّوا وأعيُنُهُم تَفِيضُ مِنَ الدَّمع حزناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ قال: وُضِع عنهم إذ لا يجدون ما يُنفقون.
وقال: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَستَمْذِنُونَكَ وَهُم أغنياء﴾ إلى قوله: ﴿لَا يَعلَمُونَ﴾ [91 - 93]، قال: وُضع عليهم لأنهم يُطيقون، ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَستَمْذِنُوكَ وَهُم أغنِيَاءُ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ﴾ فجعل السبيل عليهم لأنهم يُطيقون ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أتَوكَ لِتَحْمِلَهُم﴾ الآية، قال: عبد الله بن بديل(1) بن
ص: 252
وَرقاء الخُزاعي أحدهم(1).
102/1869 - عن عبد الرحمن بن كثير، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): يا عبد الرحمن، شيعتنا والله لا تتختم(2) الذنوب والخطايا، هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه، وهو قول الله: ﴿مَا عَلَى المُحسِنِينَ مِن سَبِيل﴾(3).
103/1870- عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قوله: ﴿ومِنَ الأعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللهِ﴾ [99] أيثيبهم عليه؟ قال: نعم(4).
104/1871 - وفي رواية أخرى عنه: يثابون عليه: قال: نعم(5).
105/1872 - عن أبي عمر والزبيري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إِنَّ الله عز وجل ، سَبَقَ بين المؤمنين كما سُبّق بين الخيل يوم الرّهان.
قلت: أخبرني عمّا نَدب الله المؤمن من الاستباق إلى الإيمان. قال (علیه السّلام): قول الله عزّ وجلّ: ﴿سَابِقُوا إلى مَغفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرضِ السَّماء والأرضِ أُعِدَّتِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾(6)، وقال: ﴿السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أولَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾(7)، وقال: ﴿السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ أتَّبَعُوهُم بِإِحسَانِ رَّضِى اللهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ﴾ [100] فبدأ بالمهاجرين الأولين
ص: 253
على درجة سبقهم، ثمّ ثنى بالأنصار، ثمّ ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كُلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده(1).
106/1873 - عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي، عن بعض أصحابه، رفع إلى خيثمة، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام) في قول الله: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَءَاخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أن يَتُوبَ عَلَيهِم﴾ [102] والعسى من الله واجبٌ، وإنّما نزلت في شعيتنا المُذنبين(2).
107/1874 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، رفعه إلى الشيخ(3)، في قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَاخَرَ سَيِّئَاً﴾، قال: قوم اجتَرَحُوا ذُنوباً مثل قتل حمزة وجعفر الطيار، ثم تابوا.
ثمّ قال: ومن قتل مؤمناً لم يُوفّق للتوبة، إلا أنَّ الله لا يقطعُ طَمَع العِباد فيه، ورجاء هم منه. وقال هو أو غيره: إن عسى من الله واجب(4).
108/1875 - عن الحلبي، عن زرارة وحُمران و محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : المُعترف بذنبه قوم اعترفوا بذنوبهم، خَلَطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً(5).
109/1876 - عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال محمد بن سعيد: اسأل أبا عبد الله (علیه السّلام)، فاعرض عليه كلامي، وقل له: إنى أتو لاكم، وأبرأ من عدوّكم، وأقول بالقدر، وقولى فيه قولك ؟
ص: 254
قال: فعرضت كلامه على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فحرك يده، ثم قال: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَمَاخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أن يَتُوبَ عَلَيهِم﴾، قال: ثم قال: ما أعرفه من موالى أمير المؤمنين (علیه السّلام).
قلت: يزعم أنَّ سلطان هشام ليس من الله . فقال : ويله ما له! أما علم أنَّ الله جعل لآدم دولة، ولإبليس دولة(1)؟
110/1877 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَءَاخَرُونَ أعتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَءَاخَرَ سَيِّئَاً﴾.
قال: أولئك قوم مُذنبون يُحدِثون في إيمانهم من الذُّنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهها، فأُولئك عسى الله أن يتوب عليهم(2).
111/1878 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قلت له: من وافقنا من علوي أو غيره تولّيناه، ومن خالفنا برثنا منه من علوي أو غيره.
قال يا زرارة، قول الله أصدق من قولك: أين الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً(3).
112/1879 - عن عليّ بن حسان الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ﴿خُذ مِن أموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [103] جاريةٌ هي في الإمام بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ قال : نعم(4).
113/1880 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: قوله : ﴿خُذ مِن
ص: 255
أمْوَالِهِم صَدَقَةٌ تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ أهو قوله: ﴿وَءَاتُوا الزَّكَاةَ﴾(1)؟
قال: قال: الصدقات في النبات والحيوان، والزكاة في الذهب والفضة، وزكاة الصوم(2).
1881 / 114 - عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): تصدقت يوماً بدينار فقال لى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أما علمت أنَّ صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتّى يُفَكّ بها عن لَحْيِي سبعين شيطاناً، وما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب تبارك وتعالى؟ ألم يقل هذه الآية: ﴿ألم تَعلَمُوا أَنَّ اللهَ هُو يَقبَلُ التّوبَةَ عَن عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ؟ [104] إلى آخر الآية(3)
1882 / 115 - عن مُعلّى بن خنيس، قال: خرج أبو عبد الله (علیه السّلام) في ليلة قد رَشَّت(4) وهو يُريد ظُلَّة بني ساعِدة ؟ فأتبعته فإذا هو قد سَقَط منه شيء، فقال: «بسم الله، اللهمّ اردده علينا» فأتيته وسلّمت عليه، فقال: مُعلّى؟ قلت: نعم، جُعِلت فداك. قال: التمس بيدك، فما وجدت من شيءٍ فادفعه إلي؛ فإذا أنا بخبز كثير منتشر، فجعلتُ أدفع إليه الرّغيف والرَّغيفين، وإذا معه جِرابٌ أعجز عن حمله، فقلت: جعلت فداك، أحمِلُه ؟ فقال: أنا أولى به منك، ولكن امض معي.
فأتينا ظُلة بني ساعدة، فإذا نحنُ بقوم نيام ، فَجَعَل يَدُسُ الرَّغيف والرَّغيفين، حتى أتى على آخره، حتى إذا انصرفنا قلت له: يعرف هؤلاء هذا الأمر؟ قال: لا، لو عَرَفوا كان الواجب علينا أن تُواسيهم بالدقة - وهو الملح - إنَّ الله لم يخلق شيئاً إلا وله خازن يَخزنه إلا الصدقة، فإنّ الرب تبارك وتعالى يليها بنفسه، وكان أبي إذا
ص: 256
تصدق بشيءٍ وضعه في يد السائل، ثمّ ارتجعه منه فقبله وشمَّه، ثمّ ردّه في يد السائل، وذلك أنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، فأحببت أن أقبلها إذ وليها الله ووليها أبي، إن صدقة الليل تُطفئ غضب الرب، وتمحو الذنب العظيم، وتُهوّن الحساب، وصدقة النهار تُنمي المال وتزيد في العمر(1).
1883 / 116 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال ما من شيء إلا وكل به ملك إلا الصدقة، فإنها تقع في يد الله تعالى(2).
1884 /117 - عن أبي بكر، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (علیهم السّلام)، قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): خَلتان(3) لا أُحبّ أن يُشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنَّه من صلاتي، وصَدَقتي من يدي إلى يد سائل، فإنَّها تقع في الرحمن(4).
118/1885 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال: كان على بن الحسين صلوات الله عليه إذا أعطى السائل قبل يد السائل، فقيل له: لم تفعل ذلك؟
قال: لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد. وقال: ليس من شيءٍ إِلَّا وُكِّل به مَلَك إلا الصدقة، فإنَّها تقع في يد الله، قال الفضل: أظنّه يُقبل الخبز أو الدرهم(5).
1886 / 119 - عن مالك بن عطية، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: قال علي بن الحسين صلوات الله عليه : ضَمِنتُ على ربِّي أنّ الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرّبِّ. وهو قوله تعالى: ﴿هُو يَقبَلُ التّوبَةَ عَن عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ
ص: 257
الصَّدَقَاتِ﴾(1).
120/1887 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : سُئل عن الأعمال ، هل تُعرّض على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ فقال: ما فيه شكٍّ.
قيل له: أرأيت قول الله: ﴿وَقُل أعمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ﴾؟ [105] قال: الله شهداء في أرضه(2).
121/1888 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿أعمَلُوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾؟ قال : تُريد أن ترووا عليّ، هو الذي في نفسك(3).
122/1889- عن يحيى بن مُساور(4)، قلت: حدثني في علي (علیه السّلام) حديثاً ، فقال: اسْرَحُه لك أم أجمَعُه؟ قلت: بل أجمَعهُ. فقال: علي باب هدى، من تقدمه كان كافراً، ومن تخلف عنه كان كافراً.
قلت: زدني. قال: إذا كان يوم القيامة نُصِب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة، فيأتى على (علیه السّلام) وبيده اللواء حتى يركبه ويُعرَض الخلق عليه، فمَن عَرَفه دخل الجنَّة، ومن أنكره دخل النار.
قلت له: تُوجدنيه من كتاب الله؟ قال: نعم، ما تقول هذه الآية؟ يقول تبارك وتعالى: ﴿فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾ هو والله عليّ بن أبي
ص: 258
طالب (علیه السّلام)(1).
123/1890 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): أنَّ أبا الخطاب كان يقول : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) تُعرّض عليه أعمال اُمَّته كُلّ خميس.
فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): ليس هو هكذا، ولكن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) تُعرض عليه أعمال أمّته كُلّ صباح أبرارها وفُجّارها فاحذروا، وهو قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾(2).
124/191 - عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾ .
قال: تُعرّض على رسول الله عليه و آله السلام أعمال أمته كُلّ صباح أبرارها وفُجارها فاحذروا(3).
125/1892 - عن بُريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : في قول الله تعالى: ﴿أعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ﴾.
فقال: ما من مؤمن يموت، ولا كافر يُوضع في قبره حتى يُعرض عمله على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و علي (علیه السّلام)، فهلم جرا إلى آخر من مرض الله طاعته على العباد(4).
126/1893 - وقال أبو عبدالله (علیه السّلام): ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ هم الأئمة(5).
1894 / 127 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿أعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾، قال: إنَّ لله شاهداً في أرضه،
ص: 259
وإن أعمال العباد تُعرّض على رسول الله عليه وآله السلام(1).
128/1895- عن محمد بن حسان الكوفي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه (علیهما السّلام)، قال : إذا كان يوم القيامة نُصِب مِنبَر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة، ويجيء علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وبيده لواء الحمد، فيرتقيه ويركبه، وتُعرَض الخلائق عليه، فمن عَرَفه دخل الجنَّة، ومن أنكره دخل النار، وتفسير ذلك في كتاب الله ﴿وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ﴾، قال: هو والله أمير المؤمنين على بن أبي طالب صلوات الله عليه(2).
129/1896 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَءَاخَرُونَ مُرجَونَ لأَمرِ اللهِ﴾ [106]، قال: هم قوم من المشركين أصابوا دماً من المسلمين ثمّ أسلموا، فهم المرجون لأمر الله(3).
130/1897 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قالا: المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر، وأحد ويوم حنين، وسلوا عن المشركين، ثمّ أسلموا بعد تأخّر، فإمّا يُعذِّبهم وإمّا يَتُوب عليهم(4).
131/1898 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَءَاخَرُونَ مُرجَونَ لأمر الله﴾.
قال: هم قوم مُشركون، فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثمّ أنّهم دخلوا في الإسلام فَوَحدوا الله وتَرَكُوا الشرك، ولم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة، ولم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال
ص: 260
مرجون لأمر الله(1).
132/1899 - قال حُمران: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المستضعفين. قال : هم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار، وهم المُرون لأمر الله(2).
133/1900 - عن ابن الطيار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): الناس على ست فرق، يُؤتون إلى ثلاث فرق: الإيمان، والكفر، والضلال، وهم أهل الوعد من(3) الذين وعد الله الجنّة والنّار، وهم المؤمنون والكافرون، والمستضعفون، والمُرْجون لأمر الله إمّا يُعَذِّبهم وإما يتوب عليهم، والمُعترفون بذنوبهم خَلَطوا عملاً صالحاً وآخر سيّاً، وأهل الأعراف(4).
134/1901 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : المُرْجَون لأمر الله : قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما، ثم دخلوا بعد في الإسلام، فوحدوا الله وتَرَكُوا الشّرك، ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنَّة ، ولم يَكُونوا على جُحُودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال إمّا يُعذِّبهم وإما يتوب عليهم(5).
قال أبو عبد الله (علیه السّلام): يرى فيهم رأيه.
قال: قلت: جُعِلت فداك، من أين يُرزَقون؟ قال: من حيث شاء الله.
وقال أبو إبراهيم (علیه السّلام): هؤلاء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه(6).
ص: 261
135/1902 - عن الحارث، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته بين الإيمان والكفر منزلة ؟
فقال: نعم، ومنازل لو يجحد شيئاً منها أكبه الله في النار، بينهما آخرون مُرجون لأمر الله، وبينهما المستضعفون، وبينهما آخرون خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً، وبينهما قوله: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾(1).
136/1903 - عن داود بن فرقد ، قال : قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): المُرجَون [قوم] ذكر لهم فضل علي (علیه السّلام) فقالوا: ما ندري لعله كذلك، وما ندري لعله ليس كذلك. قال: أرجه قال: ﴿وَءَاخَرُونَ مُرجَونَ لأمر الله﴾ الآية(2).
137/1904 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن المَسجِدِ الَّذِي أسس على التقوى مِن أَوَّل يَوم، فقال: مسجد قبا(3).
138/1905 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (علیهما السّلام)، عن قوله تعالى: ﴿لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِن أَوَّلِ يَومٍ أحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ﴾ قال: مسجد قبا.
وأما قوله : [108] قال: يعني من مسجد النفاق، وكان على طريقه إذا أتى مسجد قبا، فكان ينضح بالماء والسدر، ويرفع ثيابه عن ساقيه، ويمشي على حَجَرٍ في ناحية الطريق، ويُسرع المشي، ويكره أن يُصيب ثيابه منه شيء.
ص: 262
فسألته هل كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يُصلّي في مسجد قبا؟ قال: نعم، كان منزله(1) على سعد بن خيثمة الأنصاري.
فسألته هل كان لمسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سقف ؟ فقال: لا، وقد كان بعض أصحابه قال: ألا تسقف مسجدنا يا رسول الله؟ قال: عَريشٌ كَعَرَيش موسى(2).
1906/ 139 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطهَّرُوا﴾ [108] .
قال: الذين يُحبُّون أن يتطهر وانظف الوضوء(3)، وهو الاستنجاء بالماء.
وقال: قال (علیه السّلام): نزلت هذه الآية في أهل قبا(4).
140/197 - وفي رواية ابن سينان، عنه الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: ما ذلك الظهر ؟ قال : نظف الوضوء، إذا خرج أحدهم من الغائط، فمدحهم الله بتطهرهم(5).
141/1908 - عن زرارة، قال: كَرِهت أن أسأل أبا جعفر (علیه السّلام) في الرجعة، فاحتلت(6) مسألة(7) لطيفة أبلُغ فيها حاجتي. فقلت: جعلت فداك، أخبرني عمّن قُتِل مات؟ قال: لا، الموتُ موت، والقتل قتل.
قال: فقلتُ له: ما أحدٌ يُقتل إلا مات. قال: فقال: يا زرارة، قول الله أصدق
ص: 263
من قولك، قد فرّق بينهما في القرآن، قال: ﴿أفَإِن مَّاتَ أو قُتِلَ﴾(1)، وقال: ﴿وَلَئِن متُم أو قُتِلتُم لإلَى اللهِ تُحْشَرُونَ﴾(2)، ليس كما قلت يا زرارة، الموت موت، والقتل قتل، وقد قال الله: ﴿إنَّ الله أشتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأموَالَهُم بأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ [111] الآية.
قال: فقلت له: إن الله يقول: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ﴾(3) أفرأيت من قُتِل لم يدق الموت؟ قال: فقال: ليس من قُتِل بالسيف كمن مات على فراشه، إنَّ من قُتِل لا بد من أن يرجع إلى الدنيا حتى يذوق الموت(4).
142/1909 - عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله: ﴿إِنَّ الله أشتَرَى مِن المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ الآية، قال: يعني في الميثاق.
قال: ثم قرأت عليه: ﴿التَّائِبُونَ العَابِدُونَ﴾ [112]، فقال أبو جعفر (علیه السّلام): لا ، ولكن اقرأها (التَّائِبين العابدين) إلى آخر الآية؛ وقال: إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم، يعني في الرَّجعة(5).
1910/143 - محمد بن الحسن، عن الحسين بن خُرّزاد، عن البرقي - في هذا الحديث - ثمّ قال: ما من مؤمن إلا وله ميتة وقتلة، من مات بُعث حتَّى يُقتل، ومن قُتِل بُعِث حتّى يموت(6).
1911 / 144 - صباح بن سيابة، في قول الله: ﴿إِنَّ الله أَشتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
ص: 264
أنفُسَهُم وَأمْوَالَهُم﴾، قال : ثم قال: ثم وصفهم فقال: ﴿التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ﴾ الآية، قال: هم الأئمة (علیهم السّلام)(1).
145/1912 - عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : كان علي (علیه السّلام) إذا أراد القِتال قال هذه الدعوات: «اللّهُمّ إِنَّك أعلَمتَ سبيلاً من سُبلك، جعلت فيه رضاك، وندبتَ إليه أولياءك، وجَعَلته أشرف شبلك عندك ثواباً، وأكرمها إليك مآباً، وأحبَّها إليك مسلكاً، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة، يُقاتلون فى سبيل الله فيقتُلُون ويُقتلون، وعداً عليه حقاً، فاجعلني ممَّن اشتريت فيه منك نفسه، ثمّ وفي لك ببيعته التي بايعك عليها غير ناكت، ولا ناقض عهداً، ولا مبدلاً تبديلاً(2)، مختصر.
146/1913 - عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قرأ هذه الآية ﴿إنَّ الله أشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ فقال: هل تدري ما يعني؟ فقلت: يُقاتل المؤمنون فيَقتُلُون ويُقتَلُون.
قال: لا ولكن من مات من المؤمنين رُدّ حتّى يُقتل، ومَن قُتِل رُدّ حتّى يموت، وتلك القدرة فلا تُنكرها(3).
147/1914 - عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه قال: من أخذ سارقاً فعفا عنه [فذلك له](4)، فاذا رفع إلى الإمام قطعه، وإنما الهبة قبل أن يُرفع إلى الإمام، وذلك قول الله ﴿وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ﴾ [112] فإذا انتهى الحدّ إلى
ص: 265
الإمام، فليس لأحدٍ أن يتركه(1).
148/1915 - عن إبراهيم بن أبى البلاد، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبدالله (علیه السّلام): ما يقول الناس في قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَان استِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ﴾؟ [114].
قلت: يقولون : إن إبراهيم (علیه السّلام) وعد أباه ليستغفر له. قال: ليس هو هكذا، إن إبراهيم (علیه السّلام) وعده أن يُسلم فاستغفر له، فلمّا تبيَّن له أنه عدوّ الله تبرأ منه(2).
1916 / 149 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت : قوله : ﴿إنَّ إبْرَاهِيمَ لأَوَّاهُ حَلِيم﴾ [114]؟ قال: الأوّاه: الدعاء(3).
150/1917 - عن أبي إسحاق الهمداني، عن رجل، قال(4): صلّى رجل إلى جنبي، فاستغفر لأبويه، وكانا ماتا في الجاهليّة. فقلت: تستغفر لأبويك، وقد ماتا في الجاهلية؟ فقال: قد استغفر إبراهيم لأبيه ، فلم أدر ما أردّ عليه، فذكرت ذلك النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ استغفَارُ إبْرَاهِيمَ لأبيه إلا عن موعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ قال: لما مات تبيّن أنّه عدوّ الله ، فلم يستغفر له(5).
15/11 - عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام): إنَّ أباك أخبرنا بالخَلّف من بعده، فلو أخبرتنا به؟ قال: فأخذ بيدي فهزّها، ثمّ قال: ﴿مَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوماً بعد إذ هَداهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ﴾ [115] قال: فَخَفَقتُ(6)،
ص: 266
فقال لي: مه لا تُعود عينيك كثرة النوم، فإنَّها أقل شيءٍ فى الجسد شكراً(1).
152/1919 - عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿وما كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوماً بعد إذ هَداهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ﴾. قال: حتّى يُعرفهم ما يُرضيه وما يُسخطه.
ثمّ قال: أما إنا(2) أنكرنا لمؤمن بما(3)لا يعذر الله الناس بجهالته، والوقوف عند الشُّبهة خيرٌ من الاقتحام في الهلكة، وترك رواية حديث لم تحفظ خير لك من رواية حديث لم تُحصه، إنَّ على كُلّ حقٌّ حقيقة، وعلى كُلِّ صواب نُوراً، فما وافق كتاب الله فخُذوه، وما خالف كتاب الله فَدَعُوه، ولن يَدَعَهُ كَثيرٌ من أهل هذا العالم(4).
153/1920 - عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [118]، قال: كعب، ومُرارة بن الرَّبيع، وهلال ابن أمية(5)
154/1921 - عن فيض بن المختار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): كيف تقرأ هذه الآية في التوبة: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ ؟ قال: قلت: ﴿خُلِّفُوا﴾.
قال: لو خُلّفوا لكانوا في حال طاعة - وزاد الحسين بن المختار عنه: لو كانوا خُلّفوا ما كان عليهم من سبيل - ولكنهم خالفوا، عثمان وصاحباء، أما والله ما
ص: 267
سمعوا صوت حافر ولا قعقعة حَجَر إلا قالوا أتينا، فسلّط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا(1).
155/1922- قال صفوان: قال أبو عبدالله (علیه السّلام): كان أبو لبابة(2) أحدهم، يعني في آية ﴿وَعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾(3).
156/1923 - عن سلام، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قوله: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم لِيَتُوبُوا﴾ [118]، قال: أقالهم فوالله ما تابوا(4).
157/1924 - عن أبي حمزة الثمالى، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): يا أبا حمزة، إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالاً.
قلت: أصلحك الله، وما معرفة الله؟ قال: يُصَدِّق الله ويُصدِّق محمّداً رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في موالاة علي (علیه السّلام) والائتمام به وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله.
قال: قلت: أصلحك الله، أيّ شيءٍ إذا عَمِلته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال (علیه السّلام): توالي أولياء الله، وتُعادي أعداء الله، وتكون مع الصادقين كما أمرك الله.
قال: قلت: ومن أولياء الله، ومن أعداء الله ؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ثمّ انتهى الأمر إلينا، ثمّ ابني جعفر
ص: 268
- وأوماً إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء الله، وكان مع الصادقين كما أمره الله.
قلت: ومن أعداء الله، أصلحك الله ؟ قال: الأوثان الأربعة، قال: قلت: من هم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية، ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله(1).
158/1925 - وروى المُعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله : ﴿كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [119] بطاعتهم(2).
159/1926 - عن هشام بن عجلان، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أسألك عن شيءٍ لا أسأل عنه أحداً بعدك، أسألك عن الإيمان الذي لا يسع الناسَ جَهله؟
فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والاقرار بما جاء من عند الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا، والبراءة من عدوّنا، وتكون مع الصديقين(3).
1927 / 160 - عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قلت له : إذا حدث للإمام حَدَثُ ، كيف يصنع الناس؟ قال: يكونوا كما قال الله: ﴿فَلَو لَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِّنهُم طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الَّدِينَ﴾ إلى قوله: ﴿يَحذَرُونَ﴾ [122].
قال: قلتُ: فما حالهم؟ قال: هم في عُذر(4).
161/1928 - وعنه أيضاً، في رواية أخرى: ما تقول في قوم: هلك إمامهم، كيف يصنعون؟ قال: فقال لي : أما تقرأ كتاب الله ﴿فَلَو لَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ﴾ إلى
ص: 269
قوله: ﴿يَحذَرُونَ﴾؟
قلت: جعلت فداك، فما حال المُنتظرين حتّى يرجع المتفقهون؟ قال: فقال لي: رَحِمك الله، أما علمت أنه كان بين محمّد وعيسى صلى الله عليهما خمسون ومائتا سنة(1)؟ فمات قوم علی دین عیسی، انتظاراً لدين محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأتاهم الله أجرهم مرتين(2).
- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : كتب إلي : إنَّما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا، فإذا خفنا خاف، وإذا أمِنًا أمن، قال الله: ﴿فَسَتَلُوا أهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لَا تَعْلَمُونَ﴾(3)، ﴿فَلَولَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُم طَائِفَةٌ﴾ الآية، فقد فُرضت عليكم المسألة والردّ إلينا، ولم يُفرض علينا الجواب(4).
163/1930 - عن عبد الأعلى، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): [إنْ] بلغنا وفاة الإمام [كيف نصنع]؟ قال : عليكم النفر. قلت: جميعاً؟ قال: إنَّ الله يقول: ﴿فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِّنهُم طَائِفَةً لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ الآية.
قلت: نفرنا، فمات بعضنا في الطريق؟ قال: فقال: ﴿وَمَن يَخرُج مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلى اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ إلى قوله: ﴿أَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾(5).
قلت: فَقَدِمنا المدينة، فوجدنا صاحب هذا الأمر مُغلقاً عليه بابه، مُرخى عليه ستره؟ قال: إنّ هذا الأمر لا يكون إلا بأمر بين، هو الذي إذا دخلت المدينة قلت: إلى من أوصى فلان ؟ قالوا: إلى فلان(6).
ص: 270
164/1931 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: تفقهوا فإن من لم يتفقه منكم فإنَّه أعرابي، إن الله يقول في كتابه: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينَ﴾ إلى قوله: ﴿يَحذَرُونَ﴾(1).
1932 / 165 - عن عمران بن عبد الله القمي، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، في قول الله تبارك وتعالى: ﴿لقَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ﴾ [123] ، قال : الدَّيلم(2).
166/1933 - عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتهُم رجساً إلى رجسهم﴾ [125] يقول: شكاً إلى شكهم(3).
167/1934 - عن ثعلبة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قال الله تبارك وتعالى: ﴿لقد جَاءَكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُم﴾ قال: فينا ، قال: فينا، ﴿حَرِيصٌ عَلَيكُم﴾ قال: فينا، ﴿بالمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [128] قال: شَرَكنا المؤمنون في هذه الرابعة، وثلاثة لنا(4).
168/1935 - عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : تلا هذه الآية ﴿لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم﴾ قال: من أنفسنا، قال: ﴿عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُم﴾ قال: ما عَنتنا، قال: ﴿حَرِيصٌ عَلَيكُم﴾ قال : علينا، ﴿بِالمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ قال: بشيعتنا رؤوف رحيم، فلنا ثلاثة أرباعها، ولشيعتنا ربعها(5).
ص: 271
ص: 272
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1936 - عن أبان بن عثمان، عن محمّد، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): اقرأ. قلتُ: من أيّ شيءٍ أقرأ؟ قال: اقرأ من السورة السابعة(1)، قال: فجعلتُ ألتمسها، فقال: اقرأ سورة يونس؛ فقرأت حتى انتهيت إلى ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرهَقُ وُجُوهَهُم قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾(2) ثم قال : حَسبُك، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «إنِّي لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن»(3).
2/1937 - عن فضيل الرسان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من قرأ سورة يونس الله في كُلِّ شهرين أو ثلاثة، لم يخف أن يكون من الجاهلين، وكان يوم القيامة من المقربين(4).
ص: 273
3/1938- عن يونس، عمّن ذكره، في قول الله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا [2] إلى آخر الآية، قال (علیه السّلام): الولاية(1).
4/1939- عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم﴾، قال : الولاية(2).
5/1940- عن إبراهيم بن عمر، عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم﴾، قال: هو رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
1941 / 6 - عن أبي جعفر، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إِنَّ الله خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ فِي سَتَّةِ أَيَّامٍ، فالسَّنة تنقص ستَّة أيام(4).
7/1942 - عن الصباح بن سيابة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله خلق الله الشهور اثنا عشر شهراً، وهي ثلاثمائة وستون يوماً، فحجر(5) منها ستة أيام، خلق فيها السماوات والأرض، فمن ثمَّ تقاصرت الشهور(6).
8/1943- عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): إنَّ الله جل ذكره وتقدست أسماؤه خَلَق الأرض قبل السماء، ثم استوى على العرش لتدبير الأمور(7).
ص: 274
1944 / 9 - عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته عن التسبيح(1)، فقال: هو اسم من أسماء الله، ودعوى أهل الجنة(2).
1945 / 10 - عن التمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِم ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا أَنْتِ بِقُرءَانٍ غَيْرِ هَذَا أو بَدِّلهُ قُل مَا يَكُونُ لِي أَن أَبَدِّلَهُ مِن تِلقَايِ نَفْسِي إِن أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِليَّ﴾ [15] قالوا(3): لو بدل مكان عليّ أبو بكر أو عمر اتَّبعناه(4).
11/1946 - عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿آئتِ بِقُرءَ ان غَير هَذَا أو بَدلُه﴾ يعني أمير المؤمنين (علیه السّلام)(5).
12/1947 - عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : لم يَزَل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : ﴿إِنِّي أَخَافُ إِن عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ﴾ [15] حتى نزلت سورة الفتح ، فلم يعد إلى ذلك الكلام(6).
13/1948 - عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ثلاث يرجعن على صاحبهنَّ: النَّكث، والبغي، والمكر، قال الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَعْيُكُم عَلَى أنفُسِكُم﴾(7)[23] .
ص: 275
14/1949 - عن الفضيل بن يسار ، قال : قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): جعلت فداك، إنا نتحدث أنّ لآل جعفر راية، ولآل فلان راية، فهل في ذلك شيء؟
فقال: أمَّا لآل جعفر فلا، وأما راية بنى فلان، فإنّ لهم ملكاً مبطئاً، يُقربون فيه البعيد، ويُبعدون فيه القريب، وسُلطانهم عَسر ليس فيه يُسر، لا يعرفون في سلطانهم من أعلام الخير شيئاً، تصيبهم(1) فيه فَزعات، كل ذلك يتجلّى عنهم، حتّى إذا أمنوا مكر الله وأمنوا عذابه، وظنّوا أنهم قد استقروا، صبح فيهم صيحةً ، لم يَكُن لهم فيها منادٍ يسمعهم ولا يجمعهم، وذلك قول الله: ﴿حتَّى إذا أَخَذَتِ الأرضُ زُخْرُفَهَا﴾ إلى قوله: ﴿لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [24] ألا إنه ليس أحدٌ من الظُّلمة إلا ولهم بقيا إلا آل فلان، فإنّهم لا يُقيا لهم.
قال: جعلت فداك، أليس لهم بقيا؟ قال: بلى، ولكنَّهم يُصيبون منا دماً ، فيظلمهم نحن وشيعتنا، ومن يظلمه(2) نحن وشيعتنا فلا بقيا له(3).
15/1950 - عن الفضيل بن يسار، قال سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): ما من عبد اغرورقت عيناه بمائها إلا حرّم الله ذلك الجسد على النار، وما فاضت عين من خشية الله إلا لم يَرهَق ذلك الوجه قترٌ ولا ذِلَّة(4).
16/1951 - عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : ما من شيءٍ إلا وله وزر أو ثواب إلا الدموع، فإنّ القطرة تُطفئ البحار من النار، فإذا اغرورقت عيناه بمائها حرّم الله عزّ وجلّ سائر جسده على النار، وإن سالت
ص: 276
الدموع على خديه لم يرهق وجهَهُ قَتَرٌ ولا ذِلَّةٌ، ولو أنّ عبداً بكى في أُمَّةٍ لرحمها الله(1).
17/1952 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿كَأَنَّما أُغْشِيَت وُجُوهُهُم قِطَعاً من الَّيلِ مُظلماً﴾ [27]، قال: أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سواداً من خارج ؟ فكذلك وجوههم تزداد سواداً(2).
18/1953 - عن عمرو بن القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) وذكر أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم قرأ ﴿أفَمن يهدى إلى الحَقِّ أَحَقُّ أن يُتَّبَعَ﴾ إلى قوله: ﴿تَحكُمُونَ﴾ [35] فقلنا: من هو أصلحك الله ؟ فقال : بلغنا أن ذلك على (علیه السّلام)(3).
19/1954 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سُئل (علیه السّلام) عن الأمور العظام التي تكون ممّا لم يكُن ، فقال : لم يكن أوان كشفها بعد، وذلك قوله: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تأويلُهُ﴾(4) [39].
20/1955 - عن حُمران، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها؟ فقال: إنّ هذا الذي تسألوني عنه لم يأتِ أوانه، قال الله تعالى: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تَأْوِيلُهُ﴾(5).
1956/21 - عن أبي السفاتج، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): آيتان في كتاب الله حصر(6) الله الناس ألا يقولوا مالا يعلمون، قول الله: ﴿ألم يُؤخَذ عَلَيهِم مِيثَاقُ
ص: 277
الكِتَابِ أن لا يَقُولُوا عَلَى الله إِلَّا الحق﴾(1)، وقوله: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تَأْوِيلُهُ﴾(2).
22/1957 - عن إسحاق بن عبدالعزيز، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن الله خصّ هذه الأمة بآيتين من كتابه: ألا يقولوا ما لا يعلمون، وألا يَرُدُّوا ما لا يعلمون، ثم قرأ: ﴿ألم يُؤْخَذ عَلَيهِم مِّيثَاقُ الكِتَابِ﴾(3) الآية، وقوله: ﴿بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تَأْوِيلُهُ﴾ إلى قوله: ﴿الظَّالِمِينَ﴾(4).
23/1958 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُم قُضِي بَينَهُم بِالقِسطِ وَهُم لَا يُظْلَمُونَ﴾ [47].
قال: تفسيرها في الباطن أنّ لكلّ قرن من هذه الأمة رسولاً من آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) يخرج إلى القرن الذي هو إليهم رسول، وهم الأولياء، وهم الرُّسُل.
وأما قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُم قُضِيَ بَينَهُم بِالقِسطِ﴾ ، قال : معناه أن الرّسل يقضون بالقسط ﴿وَهُم لَا يُظْلَمُونَ﴾ كما قال الله(5).
24/1959 - عن حُمران، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله ﴿إِذَا جَاءَ أجَلُهُم فَلَا يَستَنخِرُونَ سَاعَةٌ وَلَا يَستَقدِمُونَ﴾ [49].
قال: هو الذي سُمّى لملك الموت (علیه السّلام) في ليلة القدر(6).
25/1960 - عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبيه، في قول الله :
ص: 278
قال : يستنبئك(1) - يا محمد - أهل مكة عن علي بن أبي طالب (علیه السّلام) إمام هو ؟ ﴿عَزيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُم قُل إِلى وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾(2) [53].
26/1961 - عن حماد بن عيسى عمَّن رواه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سئل (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوا العَذابَ﴾ [54]، قال: قيل له: وما ينفعهم إسرار الندامة وهم في العذاب؟ قال: كَرهوا شماتة الأعداء(3).
27/1962 - عن السكوني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبيه (علیه السّلام)، قال : شكا رجل الله إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وجعاً في صدره، فقال: استشف بالقرآن، لأنَّ الله يقول: ﴿وَشِفاءٌ لمَا فِي الصُّدُورِ﴾(4) [57].
1963 / 28 - عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿قُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [58].
قال: فليفرح شيعتنا هو خيرٌ ممّا أعطي عدوّنا من الذهب والفضة(5).
29/1964 - عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلتُ: ﴿وَقُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ ؟
فقال: الاقرار بنبوة محمّد عليه و آله السلام، والانتمام بأمير المؤمنين (علیه السّلام) هو خيرٌ ممّا يجمع هؤلاء في دنياهم(6).
ص: 279
30/1965 - عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن بعض الفقهاء، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): ﴿إنَّ أولِيَاءَ اللهِ لَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحْزَنُونَ﴾ [62]، ثمّ قال: تدرون من أولياء الله؟ قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال: هم نحن وأتباعنا، فمن تبعنا من بعدنا، طُوبى لنا، وطُوبى لهم أفضل من طُوبى لنا.
قيل يا أمير المؤمنين: ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن وهم على أمر ؟ قال : لا ، إنهم حُمّلوا ما لم تُحمَّلوا عليه وأطاقوا ما لم تُطيقوا(1).
31/1966 - عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : وجدنا في كتاب علي الله ابن الحسين (علیهما السّلام): ﴿ألَا إِنَّ أولِيَاء اللهِ لَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحْزَنُونَ﴾ إذا أدوا فرائض الله وأخذوا بسُنَن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وتورّعوا عن محارم الله ، وزَهَدوا في عاجل زَهرة الدنيا، ورغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يُريدون به التفاخُر والتكاثر، ثمّ أنفقوا فيما يَلزَمُهم من حُقُوقٍ واجبةٍ، فأُولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا، ويُتابون على ما قدموا لآخرتهم(2).
1967 / 32 - عن عبد الرحيم، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): إِنَّما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا، فينزل عليه ملك الموت، فيقول له: أما ما كنت ترجو فقد أعطيته، وأما ما كنت تخافه فقد أمِنتَ منه: ويُفتح له باب إلى منزله من الجنَّة، ويقال له: انظر إلى مسكنك من الجنَّة، وانظر هذا رسول الله وعلى والحسن والحسين (علیهم السّلام) رفقاؤك،وهو قول الله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البشرى فى الحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة﴾(3) [63 و 64].
ص: 280
1968 / 33 - عن عُقبة بن خالد، قال: دخلتُ أنا والمُعلّى على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال: يا عُقبة، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تَقَرُّ به عينيه إلا أن يبلغ نفسه إلى هذه، وأومأ بيده إلى الوريد ثم اتكاً.
وغَمَرْني المُعلّى أن سَله، فقلت: يابن رسول الله، إذا بلغت نفسه إلى هذه، فأي شيءٍ يرى؟ فقال: يرى، فقلت له بضع عشر مرة: أي شيءٍ يرى؟ فقال في آخرها: يا عُقبة. فقلت: لَبّيك وسعديك، فقال: أبيت إلا أن تعلم؟ فقلت: نعم يابن رسول الله، إنّما ديني مع دمي، فإذا ذهب ديني كان ذلك، فكيف بك يابن رسول الله كُلّ ساعة ؟ وبكيت فَرَقَ لي، فقال: يراهما والله . فقلت: بأبي وأمي، من هما؟ فقال: رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و على (علیه السّلام) يا عُقبة، لن تموت نفس مؤمنة أبداً حتى تراهما.
قلت: فإذا نظر إليهما المؤمن، أيرجع إلى الدنيا؟ قال: لا يمضي أمامه، إذا نظر إليهما مضى أمامه.
فقلت له: يقولان له شيئاً، جُعِلت فداك ؟ فقال: نعم، يدخلان جميعاً على المؤمن، فيجلس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عند رأسه، و علي (علیه السّلام) عند رجليه، فيُكبّ عليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيقول: يا ولي الله أبشر بأني رسول الله، إني خير لك مما تركت من الدنيا؛ ثمّ ينهض رسول الله عليه و آله السلام فيقوم على (علیه السّلام) حتى يُكِبّ عليه، فيقول: يا ولي الله، أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كُنتَ تُحبني، أما لأنفعنَّك. ثمّ قال: أما إنّ هذا في كتاب الله.
قلت: جعلت فداك، أين في كتاب الله؟ قال: في يونس: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشرى فِى الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ﴾ إلى قوله:
ص: 281
﴿العظيم﴾(1).
1969 / 34 - عن أبي حمزة التمالي، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): ما يُصنع بأحدٍ عند الموت؟ قال: أما والله يا أبا حمزة، ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منا إلا أن تبلغ نفسه هاهنا - ثم أهوى بيده إلى نحره - ألا أبشرك يا أبا حمزة، فقلت: بلى، جعلت فداك ؟
فقال: إذا كان ذلك أتاه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و على (علیه السّلام) معه، فقعدا عند رأسه، فقال له إذا كان ذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أما تعرفني؟ أنا رسول الله، هلم إلينا، فما أمامك خيرٌ لك ممّا خلّفت، أما ما كُنتَ تخاف فقد أمنته، وأما ما كُنتَ ترجو فقد هجمت عليه، أيتها الروح اخرجي إلى روح الله ورضوانه، ويقول له علي (علیه السّلام) مثل قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم قال : يا ابا حمزة، ألا أخبرك بذلك من كتاب الله؟ قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ الآية(2).
1970/ 35 - عن زرارة وحُمران، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قالا : إِنَّ الله خَلَقَ الخَلق وهم أظلّة، فأرسل رسوله محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم)، فمنهم من آمن به، ومنهم من كذَّبه، ثمَّ بعثه في الخَلق الآخر، فآمَنَ به من كان آمن به في الأظلَّة، وجَحَده من جَحَد به يومئذٍ، فقال: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِه مِن قَبْلُ﴾(3).
36/1971 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، فى قوله : ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعدِهِ الا ، رُسُلاً إلى قومِهِم﴾ إلى ﴿بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ﴾ [74]، قال: بعث الله الرُّسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فمن صدق حينئذٍ صدق بعد ذلك،
ص: 282
و من كَذَّب حينئذ كَذَّب بعد ذلك(1).
1972 / 37 - عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله خَلق الخلق، فَخَلَق من أحب مما أحبّ، وكان ما أحبّ أن خلقه من طينةٍ من الجنّة، وخَلَق من أبغض مما أبغض، وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظُّلال.
فقلت: وأيّ شيءٍ الظُّلال ؟ فقال: أما ترى ظِلك في الشمس شيء وليس بشيء، ثم بعث فيهم النبيين يدعونهم إلى الإقرار بالله، فأقرَّ بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب الله، وأنكرها من أبغض الله، وهو قوله: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ﴾ ثم قال أبو جعفر (علیه السّلام): كان التكذيب ثم(2).
1973 / 38 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تَجعلنا فتنةً لِّلقَومِ الظَّالِمِينَ﴾ [85]، قالا: لا الله تُسلّطهم علينا فتفتنّهم بنا(3).
1974 / 39 - عن أبي رافع، قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) خَطب الناس فقال : أَيُّهَا الناس، إنَّ الله أمر موسى وهارون (علیه السّلام) أن يبنيا لقومهما بمصر بيوتاً، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جُنُب، ولا يقرب فيه النساء إلا هارون وذُريَّته، وإنّ علياً منّي بمنزلة هارون وذُريّته من موسى، فلا يُحِلّ لأحد أن يقرب النساء في مسجدي، ولا يبيت فيه جُنُباً إلّا على وذُريّته ، فمَن ساءه ذلك فهاهنا، وأشار بيده نحو
ص: 283
الشام(1).
40/1975 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: كان بين قوله تعالى: ﴿قَد أُجِيبَت دعوتُكُمَا﴾ [89] وبين أن أخَذَ فرعون أربعون سنة(2).
41/1976 - عن ابن أبي عُمير(3)، عن بعض أصحابنا، يرفعه، قال: لما صار موسى في البحر أتبعه فرعون وجُنُوده، قال: فتهيَّب فرس فرعون أن يدخُل البحر فتمثَّل له جبرئيل (علیه السّلام) على رَمَكَة(4)، فلمّا رأى فَرس فرعون الرَّمَكة أتبعها، خل البحر هو وأصحابه فغرقوا(5).
42/1977 - عن محمد بن سعيد الأزدي(6): أن موسى بن محمد بن الرضا (علیه السّلام) أخبره أن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل: أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَإن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيكَ فَتَلِ الَّذِينَ يَقرءون الكِتاب من قبلِكَ﴾ [94] من المُخاطَب بالآية، فإن كان المُخاطب بها النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أليس قد شك فيما أنزل الله، وإن كان المُخاطب بها غيره فعلى غيره إذا أُنزِل الكتاب؟
قال موسی: فسألت أخي علي بن محمد (علیهما السّلام) عن ذلك، قال: فأما قوله: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَسَئَلِ الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ﴾ فَإِنَّ المخاطب بذاك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، و لم يك فى شك ممّا أنزل الله، ولكن قالت
ص: 284
الجهلة: كيف لم يبعث إلينا نبياً من الملائكة؟ إنه لم يُفرّق بين نبيه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشى في الأسواق. فأوحى الله إلى نبيه ﴿فَسْئَل الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِك﴾ بمَحضَر الجَهَلة: هل بعث الله رسولاً قبلك إلا وهو يأكل الطعام ويشرب ويمشي في الأسواق ؟ ولك بهم أسوة، وإنما قال: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ ولم يكن، ولكن ليتبعهم، كما قال له (صلی الله علیه و آله و سلم): ﴿قُل تَعَالَوا نَدعُ أَبْنَاءَنَا وَأبْنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأنفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهل فَنَجْعَل لَّعَنَتَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ﴾(1) ولو قال: تَعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم، لم يكونوا يجيئون للمباهلة، وقد عرف أن نبيه مؤد عنه رسالته، وما هو من الكاذبين، وكذلك عَرَف النبي الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه صادق فيما يقول: ولكن أحبّ أن يُنصف من نفسه(2).
43/1978 - عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿فَإن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَسَتَلِ الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ﴾.
قال: لمّا أسري بالنبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ففرغ من مناجاة ربِّه، رُدّ إلى البيت المعمور -وهو بيت في السماء الرابعة بحذاء الكعبة - فجمع الله النبيين والرُّسل والملائكة، وأمر جبرئيل فأذَّن وأقام، فتقدَّم فصلّى بهم، فلمّا فَرَغَ التفت إليه فقال: ﴿فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ﴾ إلى قوله : ﴿مِنَ المُمتَرِينَ﴾(3).
44/1979 - عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين (علیه السّلام)، قال : حدثني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنَّ جبرئيل (علیه السّلام) حدَّثه: أنَّ يونس بن متى (علیه السّلام) بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة،
ص: 285
وكان رجلاً تعتريه الحِدّة، وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم، عاجزاً عمّا حُمِّل من ثقل جمل أوقار النبوة وأعلامها، وأنه تفشخ(1) تحتها كما يتفسخ(2) الجذع(3) تحت حمله، وأنَّه أقام فيهم يدعوهم إلى الإيمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثاً وثلاثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه إلا رجلان، اسم أحدهما روبيل، واسم الآخر تنوخا.
وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوَّة والحكمة، وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلاً مستضعفاً عابداً زاهداً منهمكاً في العبادة وليس له علمٌ ولا حكم، وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوَّت منها، وكان تنوخا رجلاً حطّاباً يحتطب على رأسه، ويأكل من كَسبه، وكان لروبيل منزلةٌ من يونس (علیه السّلام) غير منزلة تنوخا، لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته.
فلما رأى يونس (علیه السّلام) أن قومه لا يُجيبونه ولا يُؤمنون ضجر، وعرف من نفسه قلة الصبر، فشكا ذلك إلى ربّه، وكان فيما شكا أن قال: «يا ربِّ، إنَّك بعثتني إلى قومي ولي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الإيمان بك والتصديق برسالاتك، وأخوِّفهم عذابك ونقمتك ثلاثاً وثلاثين سنة، فكذبونى ولم يُؤمنوا بي، وجحدوا نبوَّتي، واستخفوا برسالاتي، وقد تواعدوني، وخفتُ أن يقتلوني، فأنزل عليهم عذابك، فإنَّهم قوم لا يُؤمنون.
قال: فأوحى الله إلى يونس (علیه السّلام): أن فيهم الحمل والجنين والطفل، والشيخ
ص: 286
الكبير، والمرأة الضعيفة، والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي، لا أعذب الصغار بذُنُوب الكبار من قومك، وهم - يا يونس - عبادي وخَلقي وبَريَّتي في بلادي، وفي عيلتي، أحب أن أتأناهم وأرفق بهم، وانتظر توبتهم، وإنما بعثتك إلى قومك لتكون حفيظاً(1) عليهم، تعطف عليهم بسجال(2) الرّحمة(3) الماسة منهم، وتتأنّاهم برأفة النبوة، وتصبر معهم هم بأحلام الرساوتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي العالم بمداواة الدَّواء، فخَرقت(4) بهم ، ولم تستمل قلوبهم بالرفق، ولم تسسهم بسياسة المرسلين، ثمّ سألتني مع سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك، وعبدي نُوح كان أصبر منك على قومه، وأحسن صحبة، وأشدّ تأنياً في الصبر عندي، وأبلغ في العُذر، فغَضِبت له حين غَضِب لي، وأجبته حين دعاني.
فقال يونس (علیه السّلام): يا ربّ، إنما غضبت عليهم فيك، وإنما دعوتُ عليهم حين عَصَوكَ، فَوَعزتك لا أتعطف عليهم برأفةٍ أبداً، ولا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كُفرهم وتكذيبهم إياي، وجحدهم نبوّتي، فأنزل عليهم عذابك فإنَّهم لا يُؤمنون أبداً.
فقال الله تعالى: يا يونس، إنهم مائة ألف أو يزيدون(5) من خَلقي، يعمرون بلادي، ويلدون عبادي، ومحبتي أن أتاناهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك، وأنت المُرسَل وأنا الربّ الحكيم،
ص: 287
و علمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يُعلم ما منتهاه، وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له .
يا يونس، قد أجَبْتُك إلى ما سألت من إنزال العذاب عليهم، وما ذلك با يونس بأوفر لحظك عندي، ولا أجمل(1) لشأنك، وسيأتيهم العذاب في شوّال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فأعلمهم ذلك.
قال: فسَرّ ذلك يونس، ولم يَسُوه، ولم يدر ما عاقبته، وانطلق يونس (علیه السّلام) إلى تنوخا العابد، فأخبره بما أوحى الله تعالى إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم، وقال له: أنطلق حتى أعلمهم بما أوحى الله إلي من نزول العذاب.
فقال تنوخا: فَدعَهُم في غمرتهم ومَعصِيتهم حتَّى يُعَذِّبهم الله.
فقال له يونس (علیه السّلام): بل تلقی روبیل فنشاوره، فإنه رجل عالِمٌ حَكيمٌ من أهل بيت النبوَّة؛ فانطلقا إلى روبيل، فأخبره يونس (علیه السّلام) بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوّال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فقال له: ما ترى؟ انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك.
فقال له روبیل: ارجع إلى ربّك رجعة نبيّ حكيم ورسول كريم، واسأله أن يُصرف عنهم العذاب، فإنّه غني عن عذابهم، وهو يُحِبّ الرّفق بعباده وما ذلك بأضر لك عنده، ولا أسوأ لمنزلتك لديه، ولعلّ قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجُحودهم يُؤمنون يوماً، فصابرهم وتأنّهم.
فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل! ما أشرت على يونس وأمرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه، وتكذيبهم إياه، وإخراجهم إياه من مساكنه، وما هموا به من رَجمه.
ص: 288
فقال روبيل لتنوخا: اسكت فإنّك رجل عابد لا علم لك؛ ثم أقبل على يونس (علیه السّلام)، فقال: أرأيت يا يونس، إذا أنزل الله العذاب على قومك، أينزله فيُهلكهم جميعاً ، أو يُهلك بعضاً ويُبقي بعضاً؟ فقال له يونس (علیه السّلام): بل يُهلكهم الله جميعاً، وكذلك سألته، ما دخلتني لهم رحمةُ تَعطَّفٍ فأُراجع الله فيهم وأسأله أن يصرفه عنهم.
فقال له روبيل: أتدري يا يونس، لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به، أن يتوبوا إليه، ويستغفروه فيرحمهم، فإنّه أرحم الراحمين، ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله أنه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء، فتكون بذلك عندهم كذاباً.
فقال له تتوخا: ويحك يا روبيل، لقد قلت عظيماً، يُخبرك النبيِّ المُرسَل أن الله أوحى إليه بأنّ العذاب ينزل عليهم، فتَرُدّ قول الله، وتشكّ فيه وفي قول رسوله؟! اذهب فقد حَبِطَ عَمَلُك.
فقال روبيل لتنوخا: لقد فشل رأيك، ثم أقبل على يونس (علیه السّلام) فقال : إذا نزل الوحي والأمر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من إنزال العذاب عليهم، وقوله الحق، أرأيت إذا كان ذلك فهَلك قومُك كلهم وخربت قريتهم، أليس يمحو الله اسمك من النبوة، وتبطل رسالتك، وتكون كبعض ضعفاء الناس، ويهلك على يديك مائة ألف أو يزيدون من الناس؟
فأبى يونس أن يقبل وصيَّته، فأنطلق ومعه تنوخا من القرية، وتنحيا عنهم غير بعيد، ورجع يونس إلى قومه، فأخبرهم أنّ الله أوحى إليه أنه منزل العذاب عليكم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فردوا عليه قوله، وكذَّبوه وأخرجوه من قريتهم إخراجاً عنيفاً. فخرج يونس (علیه السّلام) ومعه تنوخا من
ص: 289
القرية، وتنحيا عنهم غير بعيد، وأقاما ينتظران العذاب.
وأقام روبيل مع قومه في قريتهم، حتى إذا دخل عليهم شوّال صَرّخ روبيل بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم: أنا روبيل، شفيق عليكم، رحيم بكم، هذا شوّال قد دخل عليكم، وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم أنّ الله أوحى إليه أنَّ العذاب ينزل عليكم فى شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس، ولن يُخلِف الله وعدَه رُسُلَه، فانظروا ما أنتم صانعون، فأفزعهم كلامه، ووقع في قُلوبهم تحقيق نُزُول العذاب، فأجفلوا(1) نحو روبيل، وقالوا له: ماذا أنت مشير به علينا يا روبيل؟ فانك رجل عالِمٌ حكيمٌ ، لم نَزَل نعرفك بالرقة علينا، والرحمة لنا، وقد بلغنا ما أشرت به على يونس فينا، فمُرنا بأمرك، وأثير علينا برأيك.
فقال لهم روبيل: فإنّي أرى لكم وأشير عليكم أن تنظروا وتعمدوا إذا طلع الفجر يوم الأربعاء في وسط الشهر أن تعزلوا الأطفال عن الأمهات في أسفل الجبل في طريق الأودية، وتوقفوا النساء في سفح الجبل، ويكون هذا كله قبل طلوع الشمس(2)، فإذا رأيتم ريحاً صفراء أقبلت من المشرق، فعجوا عجيجاً، الكبير منكم والصغير بالصُّراخ والبكاء، والتضرُّع إلى الله، والتوبة إليه، والاستغفار له، وأرفَعُوا رؤوسكم إلى السماء، وقولوا: «ربَّنا ظلمنا أنفسنا، وكَذَّبنا نبيّك، وتُبنا إليك من ذنوبنا، وإن لا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين المُعذَّبين، فاقبل توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين». ثم لا تَمَلّوا من البكاء والصراخ والتضرع إلى الله والتوبة إليه حتّى تُوارى الشمس بالحِجاب، أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك؛ فأجمع رأي القوم جميعاً على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل.
ص: 290
فلمّا كان يوم الأربعاء الذي توقعوا العذاب، تنحى روبيل عن القرية، حيث يسمع صراخهم، ويرى العذاب إذا نزل، فلمّا طلع الفجر يوم الأربعاء، فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به، فلما بزغت الشمس أقبلت ريح صفراء مُظلمةٌ مُسرعة، لها صرير وحفيفٌ وهدير ، فلما رأوها عَجُوا جميعاً بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله، وتابوا إليه ،واستغفروه، وصرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتها، وعجّت سخال(1) البهائم تطلب النَّدي، وعجَّت(2) الأنعام تطلب الرعي، فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان ضجيجهم(3) وصُراخهم، ويَدْعُوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم، وروبيل في موضعه يسمع، صراخهم وعجيجهم، ويرى ما نزل، وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم فلمّا أن زالت الشمس، وفُتحت أبواب السماء، وسكن غَضَب الربّ تعالى، رحمهم الرحمن، فاستجاب دعاءهم، وقبل توبتهم، وأقالهم عثرتهم، فأوحى الله إلى إسرافيل (علیه السّلام): أن اهبط إلى قوم يونس، فإنهم قد عَجَّوا إلى بالبكاء والتضرع، وتابوا إلي واستغفروني، فرحمتهم وثبت عليهم، وأنا الله التواب الرحيم، أسرع إلى قبول توبة عبدي التائب من الذنوب، وقد كان عبدي يونس ورسولي سألني نُزُول العذاب على قومه، وقد أنزلته عليهم، وأنا الله أحقُّ من وفي بعهده، وقد أنزلته عليهم، ولم يكن اشترط يونس حين سألني أن أنزل عليهم العذاب أن أهلكهم، فاهَبِط إليهم، فاصرف عنهم ما قد نزل بهم من عذابي.
ص: 291
فقال إسرافيل: يا ربّ، إنَّ عذابك قد بلغ أكتافهم، وكاد أن يهلكهم، وما أراه إلا وقد نزل بساحتهم، فإلى أين أصرفه؟
فقال الله : كلا إنّي قد أمرتُ ملائكتي أن يصرفوه، ولا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم وعزيمتي ، فاهيط - يا إسرافيل - عليهم وأصرفه عنهم، وأصرف به إلى الجبال بناحية مفائض العيون ومجاري السيول في الجبال العاتية(1) المستطيلة على الجبال، فأذ لها به ولينها حتى تصير ملتئمة(2) حديداً جامداً.
فَهَبط إسرافيل عليهم، فنشر أجنحته، فاستاق(3) بها ذلك العذاب، حتى ضَرَب بها تلك الجبال التي أوحى الله إليه أن يصرفه إليها - قال أبو جعفر (علیه السّلام): وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم - فصارت حديداً إلى يوم القيامة، فلمّا رأى قوم يونس أنَّ العذاب قد صُرف عنهم، هبطوا إلى منازلهم من رؤوس الجبال، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صَرَف عنهم.
وأصبح يونس وتتوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يَشُكّان أنّ العذاب قد نَزَل بهم وأهلكهم جميعاً، لمّا خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم، فلمّا دَنَوا من القوم واستقبلهم الحطابون والحمّارة(4) والرُّعاة بأغنامهم(5)، ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا، كذَّبني الوحي(6)، وكذبت وعدي
ص: 292
لقومي، لا وعزّة ربّي لا يرون لي وجهاً أبداً بعد ما كذبني الوحي.
فانطلق يونس هارباً على وجهه، مغاضباً لربه(1)، ناحية بحر أيلة مستنكراً،فراراً من أن يراه أحدٌ من قومه، فيقول له: يا كذاب، فلذلك قال الله: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيهِ﴾(2) الآية.
ورَجَع تنوخا إلى القرية، فلقي روبيل، فقال له: يا تنوخا، أيّ الرأيين كان أصوب وأحق أن يُتبع، رأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب، ولقد كنت أشرت برأي الحكماء والعلماء.
وقال له تنوخا: أما إني لم أزل أرى أني أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي، حتى استبان فضلك بفضل علمك، وما أعطاك الله ربّك من الحكمة مع التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم؛ فاصطحبا فلم يزالا مُقيمين مع قومهما، ومضى يونس (علیه السّلام) على وجهه مغاضباً لربه، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله : ﴿فَتَامَنُوا فَمَتَّعْنَاهُم إلى حين﴾(3).
قال أبو عبيدة : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): كم كان غاب يونس عن قومه حتّى رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال: أربعة أسابيع، سبعاً منها في ذهابه إلى البحر، وسبعاً منها في رُجُوعه إلى قومه.
فقلت له: وما هذا الأسابيع، شُهور، أو أيام، أو ساعات؟ فقال: يا أبا عبيدة، إنَّ العذاب أتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال، وصرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس مغاضباً، فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر، وسبعة
ص: 293
أيام في بطن الحوت، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء، وسبعة أيام في رُجُوعه إلى قومه، فكان ذهابه ورجوعه مسير ثمانية وعشرين يوماً، ثمّ أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتَّبعوه؛ فلذلك قال الله: ﴿فَلَو لَا كَانَت قَريَةٌ ءَامَنَت فَنَفَعَها إِيمَانُها إِلَّا قَوم يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفنَا عَنهُم عَذَابَ الخزى﴾(1)[98].
1980/ 45 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما أظل قوم يونس العذاب، دَعوا الله فَصَرفه عنهم. قلت: كيف ذلك؟ قال: كان في العلم أنَّه يُصْرَف عنهم(2).
46/1981- عن التمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: إنَّ يونس (علیه السّلام) لما آذاه قومه دعا الله عليهم، فأصبحوا أوّل يوم ووجوههم صفر، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال: وكان الله واعدهم أن يأتيهم العذاب، فأتاهم العذاب حتى نالوه برماحهم، فرَّقوا بين النساء وأولادهنَّ، والبقر وأولادها، ولبسوا المُشوح والصُّوف، ووضعوا الجبال فى أعناقهم، والرّماد على رؤسهم، وضحوا ضجَّةً واحدةً إلى ربِّهم؛ وقالوا: آمنا بإله يونس.
قال : فصَرَف الله عنهم عنهم العذاب إلى جبال آمد(3)، قال: وأصبح يونس (علیه السّلام) وهو يظُنّ أنّهم هَلَكوا، فوجدهم في عافية، فغَضِب وخَرَج، كما قال الله تعالى ﴿مُغَاضِباً﴾(4) حتّى رَكِب سفينةً فيها رجلان، فاضطربت السفينة، فقال الملاح: يا قوم، في سفينتي مطلوب، فقال يونس (علیه السّلام) : أنا هو ؛ وقام ليلقي نفسه، فأبصر السمكة وقد فتحت فاها فها بها، وتعلق به الرجلان، وقالا له: أنت وحدك ونحن
ص: 294
رجلان، فساهمهم فوقعت السِّهام عليه، فجرت السُّنَّة بأنَّ السِّهام إذا كانت ثلاث مرّات أنّها لا تُخطئ، فألقى نفسه فالتقمه الحوت، فطاف به البحار السبعة، حتى صار إلى البحر المسجور، وبه يُعَذِّب قارون، فسمع قارون دَويّاً، فسأل الملك عن ذلك فأخبره أنَّه يونس (علیه السّلام)، وأنَّ الله قد حبسه في بطن الحوت، فقال له قارون: أتأذن لي أن أكلمه؛ فإذن له، فسأله عن موسى (علیه السّلام) فأخبره أنه مات وبكا، ثم سأله عن هارون (علیه السّلام) فأخبره أنه مات، فيكا وجزع جَزَعاً شديداً، وسأله عن أخته كَلثَم -وكانت مسمّاة له - فأخبره أنها ماتت، فبكى وَجَزِعَ جَزَعاً شديداً، قال: فأوحى الله إلى المَلك المُوكَّل به: أن ارفع عنه العذاب بقية الدنيا، لرقته على قرابته(1).
1982 / 47 - عن معمر ، قال : قال أبو الحسن الرضا (علیه السّلام): إن يونس (علیه السّلام) لما أمره الله بما أمره، فأعلم قومه، فأظلهم العذاب، ففرّقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها، ثمّ عجوا إلى الله وضجّوا، فكفَّ الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضباً، فالتقمه الحوت، فطاف به سبعةً في البحر.
فقلت له: كم بقي في بطن الحوت؟ قال: ثلاثة أيام، ثمَّ لفظه الحوت، وقد ذهب جلده وشعره، فأنبت الله عليه شجرةً من يقطين فأضلَّته، فلما قوى أخذت في اليبس، فقال: يا ربّ شجرة أظلَّتني يبست، فأوحى الله إليه: يا يونس، تجزع لشجرة أظلَّتك، ولا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب(2)؟
48/1983 - عن على بن عُقبة، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: اجعلوا أمركم هذا الله، ولا تجعلوه للناس، فإنّه ما كان الله فهو الله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس بدينكم، فإنّ الخُصومة ممرضة للقلب، إنَّ الله
ص: 295
قال لنبيه (صلی الله علیه و آله و سلم): يا محمّد ﴿إِنَّكَ لَا تَهدِى مَن أحبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدِى مَن والله يَشَاءُ﴾(1) وقال: ﴿أفأنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [99] ذَرُوا الناس، فإنَّ الناس أخذوا من الناس، وإنَّكم أخذتُم من رسول الله وعلى (علیهما السّلام)، ولا سواء، إنِّي سَمِعتُ أبي (علیه السّلام) هو يقول: إنَّ الله إذا كتب إلى عبد أن يدخُل في هذا الأمر، كان أسرع إليه من الطير إلى وكره(2).
49/1984 - عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: لما أسري برسول الله عليه و آله السلام أتاه جبرئيل (علیه السّلام) بالبراق فَركِبها، فأتى بيت المقدس، فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء، ثم رجع فأصبح يُحدث أصحابه: إنّي أتيتُ بيت المقدِس الليلة، ولقيتُ إخواني من الأنبياء، فقالوا: يا رسول الله، وكيف أتيت بيت المقدس الليلة ؟ فقال: جاءني جبرئيل (علیه السّلام) بالبراق فركبتها، وآية ذلك أنّي مررتُ بعِير لأبي سفيان على ماء بني فلان، وقد أضلوا جملاً لهم، وهو في طلبه(3).
قال: فقال القوم بعضهم لبعض: إنَّما جاء راكباً سريعاً، ولكنَّكم قد أتيتم الشام وعرفتموها، فَسلُوه عن أسواقها وأبوابها وتُجارها، قال: فسألوه، فقالوا: يا رسول الله، كيف الشام وكيف أسواقها؟ وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إذا سُئِل عن الشيء لا يعرفه شَقّ عليه حتى يُرى ذلك في وجهه.
قال : فبينا هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (علیه السّلام)، فقال : يا رسول الله، هذه الشام قد رفعت لك: فالتفت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فإذا هو بالشام، وأبوابها، وتُجارها، فقال: أين
ص: 296
السائل عن الشام؟ فقالوا: أين بيت فلان ومكان فلان ؟ فأجابهم فى كُلّ ما سألوه عنه.
قال: فلم يؤمن منهم إلا قليل، وهو قول الله: ﴿وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ والنُّذُرُ عَن قوم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [101] فنعوذُ بالله أن لا تؤمن بالله ورسوله، آمنا بالله ورسوله، آمنا بالله وبرسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)(1).
50/1985- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : سألته عن شيءٍ في الفَرَج، فقال: أوليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج، إن الله يقول: ﴿انتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُم مِّنَ المُنتَظِرِينَ﴾(2) [102].
51/1986 - عن مصقلة الطَّحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما يمنعكم أن تشهدوا على من مات منكم على هذا الأمر أنّه من أهل الجنَّة، إنَّ الله يقول: ﴿َكذَلِكَ حقاً عَلَيْنَا تُنج المُؤْمِنِينَ﴾(3) [103].
ص: 297
ص: 298
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/1987 - عن ابن سنان، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : من قرأ سورة هود فى كُلّ جمعة بعثه الله يوم القيامة في زُمرة المؤمنين والنبيين، وحُوسِب حساباً يسيراً، ولم يُعْرَف [له] خطيئة عَمِلها يوم القيامة(1).
2/1988 - عن سدير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : أخبرني جابر بن عبدالله أنَّ : المشركين كانوا إذا مروا برسول الله هل طأطأ أحدهم رأسه وظهره هكذا وغطّى رأسه بثوبه، حتى لا يراه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فأنزل الله: ﴿ألا إِنَّهُم يَثْنُونَ صُدُورَهُم﴾ إلى : ﴿وَمَا يُعلِنُونَ﴾(2) [5].
1989 / 3 - عن محمد بن فضيل، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) رجل من أهل البادية، فقال: يا رسول الله، إنَّ لي بنين وبنات، وإخوة وأخوات، وبني بنين وبني بنات، وبني إخوة وبني أخوات، والمعيشة علينا
ص: 299
خفيفة، فإن رأيت يا رسول الله أن تدعو الله أن يُوسع علينا، قال: وبكى، فرقَ له المسلمون، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): ﴿مَا مِن دَابَّةٍ فِى الأرض إلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعلَمُ مُستَقَرَّهَا وَمُستَودَعَها كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [6]
من كَفَل بهذه الأفواء المضمونة على الله رزقها صبّ الله عليه الرزق صبّاً كالماء المُنهمر ، إن قليل فقليلاً، وإن كثير فكثيراً. قال: ثم دعا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأمَّن له المسلمون.
قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): فحدثني من رأى الرجل في زمن عُمر، فسأله عن حاله، فقال: من أحسن من حوله حلالاً، وأكثرهم مالاً(1).
1990 / 4 - عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير، وخلق يوم الأحد والاثنين الأرضين، وخلق يوم الثلاثاء أقواتها، وخلق يوم الأربعاء السماوات، وخلق يوم الخميس أقواتها والجمعة(2)، وذلك في قوله تعالى : ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ﴾ [7] فلذلك أمسكت اليهود يوم السبت(3).
1991/ 5 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : كان الله تبارك الله و تعالى كما وَصَف نفسه ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ﴾ [7] والماء على الهواء، والهواء لا يجرى(4).
6/1992 - قال محمّد بن عمران العجلي: قلتُ لأبي عبدالله (علیه السّلام): أيّ شيءٍ الله كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاء﴾ ؟
ص: 300
قال: كانت مهاة بيضاء، يعني دُرَّة(1).
7/1993 - عن أبان بن أبي مُسافر(2)، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) في قول الله : ﴿وَلَئِن أَخَّرنَا عَنهُمُ العَذَابَ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾ يعني عِدَّةٌ كَعِدّة بدرٍ ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحبِسُهُ أَلا يَومَ يَأْتِيهِم لَيسَ مَصرُوفاً عَنهُم﴾ [8]، قال: العذاب(3).
8/1994 - عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): أصحاب القائم (علیه السّلام) الثلاثمائة والبضعة عشر رجُلاً، هم والله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه: ﴿وَلَئِن أَخَّرْنَا عَنهُمُ العَذَابَ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾ قال: يُجمَعُون له في ساعةٍ واحدة قَزَعاً(4) كفَزَع الخريف(5).
1995/ 9 - عن الحسين، عن الخَرّاز ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): ﴿وَلَئِن أَخَرنَا عَنهُمُ العَذَابَ إلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾، قال (علیه السّلام): هو القائم وأصحابه(6).
1996 / 10 - عن جابر بن أرقم ، عن أخيه زيد بن أرقم، قال: إِنَّ جَبرئيل الرُّوح الأمين نزل على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بولاية علي بن أبي طالب (علیه السّلام) عشية عرفة، فضاق بذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق، فدعا قوماً أنا فيهم، فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول له، وبكى (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فقال له جبرئيل: مالك يا محمد، أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل، ولكن
ص: 301
قد علم ربّي ما لقيت من قريش، إذ لم يُقرّوا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم، وأهبط إلى جنوداً من السماء فنصروني، فكيف يُقِرُّون لعلي من بعدي؛ فانصرف عنه جبرئيل، فنزل عليه : ﴿فَلَعَّلَكَ تَارِكٌ بَعضَ مَا يُوحَى إِلَيكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدرُكَ﴾(1) [12].
11/1997 - عن عمار بن سويد، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في هذه الآية ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَصَائِقٌ بِه صَدرُكَ﴾ إلى قوله: ﴿أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكُ﴾ [12].
قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لما نزل قديدا(2) قال لعلي (علیه السّلام): إني سألت ربّي أن يوالى بينى وبينك ففعل، وسألت ربى أن يُؤاخى بيني وبينك ففعل، وسألت ربّى أن يجعلك وصيّي ففعل، فقال رجلان من قريش: والله لصاعٌ من تَمرٍ في شَنٍ(3) بال أحبّ إلينا ممّا سأل محمّد ربه، فهلا سأله ملكاً يعضُدُه على عدوه، أو كنزاً يستعين به على فاقته؟! والله ما دعاه(4) إلى باطل إلّا أجابه له، فأنزل الله عليه ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعضُ مَا يُوحَى إِلَيكَ﴾ إلى آخر الآية.
قال: ودعا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الأمير المؤمنين (علیه السّلام) في آخر صلاته رافعاً بها صوته يُسمع الناس يقول: «اللَّهُم هَب لعلّي المودة في صدور المؤمنين، والهيبة والعظمة في صُدُور المنافقين» فأنزل الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً * فَإِنَّمَا يَسَّرنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوماً
ص: 302
لدأ﴾(1) بني أمية.
فقال رمع: والله لصاعٌ من تمرٍ في شَنّ بالٍ أحبُّ إليَّ ممّا سأل محمد ربّه، أفلا سأله ملكاً يَعضُده، أو كنزاً يستظهر به على فاقته ؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعضَ مَا يُوحَى إِلَيكَ﴾ إلى: ﴿أم يَقُولُونَ أفتَرَاهُ﴾ ولاية علي (علیه السّلام) ﴿قُل فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفتَرَيَاتٍ﴾ إلى: ﴿فَإِن لَم يَستَجِيبُوا لَكُم﴾ في ولاية عليّ ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلمِ اللهِ وَأن لا إله إِلَّا هُوَ فَهَل أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ لعلي ولايته ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَها﴾ يعني فلاناً وفلاناً ﴿نُوَفِّ إليهم أعمَالَهُم فِيهَا﴾، ﴿أَفَمَن كان عَلَى بَيْنَةٍ مِنْ رَّبِّهِ﴾ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ﴿وَيَتلُوهُ شَاهِدٌ مِّنهُ﴾ أمير المؤمنين (علیه السّلام) ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتَابٌ مُوسى إمَاماً ورَحمَةً﴾، قال: كانت ولاية علي (علیه السّلام) في كتاب موسى ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُر بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فالنَّارُ مَوعِدُهُ فَلَا تَكُ فِى مِريَةٍ مِّنْهُ﴾ في ولاية عليّ ﴿إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ إلى قوله : ﴿وَيَقُولُ الأَشْهَادُ﴾ هم الأئمة (علیهم السّلام) ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِم﴾ إلى قوله: ﴿هَل يَستَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (2) [13 - 24].
12/1998 - عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : الذي على بينة من ربه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين (علیه السّلام)، ثمّ أوصياؤه واحد بعد واحد(3).
13/1999 - عن جابر ، عن عبد الله بن یحیی، قال: سمعتُ عليّاً (علیه السّلام) وهو يقول: ما من رجلٍ من قريش إلا وقد أنزلت فيه آيةً أو آيتان من كتاب الله.
ص: 303
فقال له رجل من القوم: فما نزل فيك يا أمير المؤمنين (علیه السّلام)؟ فقال لها : أما تقرأ الآية التي في هود ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ﴾ محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) على بينة من ربه، وأنا الشاهد(1).
2000/14 - عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَمَن أَظْلَمُ مِمَّن أفتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولَئِكَ يُعرَضُونَ عَلَى رَبِّهِم﴾ إلى قوله: ﴿وَيَبغُونَهَا عِوَجاً﴾، فقال: هم أربعة ملوك من قريش، يتبع بعضهم بعضاً(2).
15/2001 - عن أبي أسامة، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): إن عندنا رجلاً يسمّى كُليباً، لا يجيء عنكم شيء إلا قال: أنا أسلّم، فسميناه كليب تسليم؟ قال: فترحم عليه، ثمّ قال: أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا، فقال: هو والله الإخبات، قول الله: ﴿إنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخَبَتُوا إِلى رَبِّهِم﴾(3).
2002/ 16 - عن ابن أبي نصر البزنطي، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال: قال الله في قوم نوح: ﴿وَلَا يَنفَعُكُم نُصحِى إن أردتُ أن أنصَحَ لَكُم إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أن يُغوِيَكُم﴾ [34]، قال: الأمر إلى الله يهدي ويُضل(4).
17/2003 - عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن أبيه (علیهما السّلام)، في قول الله: ﴿وَلَا يَنفَعُكُم نُصحِى إن أردتُ أن أَنصَحَ لَكُم﴾، قال: نزلت في العباس(5).
18/2004 - عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : كانت شريعة نُوح أن يُعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخَلم الأنداد، وهى الفطرة التي فطر الناس
ص: 304
عليها، وأخذ ميثاقه على نُوح والنبيين أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، وأمره بالصلاة والأمر والنهي، والحرام والحلال، ولم يفرض(1) عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث، فهذه شريعته، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانيةً، فلمّا أبوا وعَتَوا قال ربّ إني مغلوب فانتصر، فأوحى الله إليه ﴿أنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلَّا مَن قَد ءَامَنَ فَلَا تَبَتَيْس بمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [36]، فلذلك قال نوح: ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّارا﴾(2) وأوحى الله إليه ﴿أن أصنَعِ الْفَلكَ﴾(3).
19/2005 - عن المفضّل بن عمر، قال: كنتُ مع أبي عبد الله (علیه السّلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس، فلما انتهينا إلى الكناسة فنظر عن يساره، ثمّ قال: يا مفضّل، ها هنا صُلب عمّي زيد (رحمه الله علیه)، ثم مضى حتى أتى طاق الزياتين، وهو آخر السراجين، فنزل فقال لي: انزل، فإنّ هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأوّل الذي خطه آدم (علیه السّلام)، وأنا أكره أن أدخله راكباً.
فقلت له: فمن غيره عن خُطَّته؟ فقال: أما أوّل ذلك فالطُّوفان في زمن نوح، ثم غيره بعد أصحاب كسرى والنُّعمان بن المنذر، ثمّ غيّره زياد بن أبي سفيان.
فقلت له: جُعِلت فداك، وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح (علیه السّلام)؟ فقال : نعم يا مفضل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات ممّا يلي غربي الكوفة.
قال: وكان نوح (علیه السّلام) رجلاً نجاراً، فانتباه(4) وانتجبه، ونوح أوّل من عَمِل سفينة تجري على ظهر الماء، وإنَّ نوحاً لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً،
ص: 305
يدعوهم إلى الهدى، فيمرون به ويَسخَرون منه، فلمّا رأى ذلك منهم دعا عليهم، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَر عَلَى الأَرضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ إلى قوله: ﴿إلَّا فَاجِراً كَفَّاراً﴾(1)، قال: فأوحى الله إليه : يا نوح ﴿أن أصنَعِ الفُلكَ﴾ وأوسعها وعجل عملها ﴿بأعيُنِنَا وَوَحينَا﴾(2) فعَمِل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده، يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ منها.
قال مفضّل : ثم انقطع حديث أبي عبد الله (علیه السّلام) عند ذلك، عند زوال الشمس، فقام فصلى الظهر ثمّ العصر، ثمّ أنصرف من المسجد، فالتفت عن يساره، وأشار بيده إلى موضع دار الداريين(3)، وهو في موضع دار ابن حكيم، وذلك فُرات اليوم ، فقال لي: يا مُفضّل، ها هنا نصبت أصنام قوم نوح، يغوث ويعوق ونسر، ثم مضى حتى رَكِب دابته.
فقلت له: جعلت فداك، في كم عمل نوح (علیه السّلام) سفينته حتى فرغ منها؟ قال: في الدورين. فقلت: وكم الدوران؟ قال: ثمانون سنة . قلت: فإنّ العامة تقول عملها في خمسمائة عام؟ قال: فقال: كلا كيف والله يقول: ﴿وَوَحينَا﴾(4)؟
20/2006 - عن عيسى بن عبدالله العلوي، عن أبيه، قال: كانت السفينة طُولها أربعين في أربعين سمكها، وكانت مُطبقة بطبقٍ، وكان معه خَرَزَتان، تُضيء إحداهما بالنهار ضوء الشمس، وتُضيءُ إحداهما بالليل ضوء القمر، وكانوا يعرفون وقت الصلاة، وكان عظام آدم معه في السفينة، فلما خرج من السفينة صير
ص: 306
قبره تحت المنارة التي بمسجد منى(1).
21/2007 - عن المفضّل، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): أرأيت قول الله: ﴿حَتَّى إذا جَاءَ أمرُنا وَفارَ التَّنُورُ﴾ [4] ما هذا التنُّور، وأين كان موضعه؟ وكيف كان؟ فقال: كان التنّور حيث وصفت لك.
فقلتُ: فكان بدء خُروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: نعم، إنَّ الله أحبَّ أن يُري قوم نوح الآية ، ثمَّ إنّ الله بعد أرسل عليهم مَطَراً يَفيض فيضاً، وفاض الفُرات فيضاً أيضاً، والعيون كُلُّهنَّ عليها، معه في وانجى نوحا (علیه السّلام) ومن معه في السفينة .
فقلت له: فكم ليث نوح ومن معه في السفينة حتى نضب الماء، وخرجوا منها؟ فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها، وطافت بالبيت ثم استوت على الجودي، وهو فُرات الكوفة.
فقلت له: إن مسجد الكوفة لقديم ؟ فقال : نعم. وهو مُصلّى الأنبياء، ولقد صلّى فيه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حيث انطلق به جبرئيل (علیه السّلام) على البراق، فلما انتهى به إلى دار السلام، وهو ظهر الكوفة، وهو يُريد بيت المقدس، قال له يا محمّد هذا امسجد أبيك آدم (علیه السّلام) ومُصلّى الأنبياء، فأنزل فصل فيه، فنزل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وصلّى، ثم انطلق به إلى بيت المَقدِس فصلّى، ثمَّ إن جبرئيل عرج به إلى السماء(2).
2008 / 22 - عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: جاءت امرأة نوح إليه وهو يعمل السفينة، فقالت له: إن التنور قد خرج منه
ص: 307
ماء، فقام إليه مسرعاً حتى جعل الطبق عليه فختمه بخاتمه، فقام الماء(1)، فلما فرغ نوح من السفينة جاء إلى خاتمه ففضّه، وكشف الطبق، ففار الماء(2).
23/2009 - أبو عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : مسجد كوفان فيه فار التنور، ونُجِرت السفينة، وهو سُرّة بابل ومجمع الأنبياء(3).
24/2010 - عن سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)- في حديث له في فضل مسجد الكوفة - : فيه نَجَر نوح سفينته، وفيه فار التنور، وبه كان بيت نوح و مسجده(4)، وفي زاويته اليمنى فار التنور، يعني مسجد الكوفة(5).
25/2011 - عن الأعمش، رفعه إلى علي (علیه السّلام)، في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ﴾، قال: أما والله ما هو تنور الخُبز، ثمّ أوماً بيده إلى الشمس، فقال: طلوعها(6).
26/2012 - عن إسماعيل بن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : صنعها في مائة سنة، ثمَّ أمره أن يحمل فيها من كُلِّ زوجين اثنين، الأزواج الثّمانية الحلال التي خرج بها آدم (علیه السّلام) من الجنَّة، لتكون معيشةً لعَقب نوح (علیه السّلام) في الأرض، كما عاش عقب آدم (علیه السّلام)، فإن الأرض تغرق وما فيها إلا ما كان معه في السفينة.
قال: فحمل نوح في السفينة من الأزواج الثمانية التي قال الله: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجِ﴾(7) ﴿مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعِزِ اثْنَيْنِ... وَمِنَ الإِبِلِ
ص: 308
آثنَينِ وَمِنَ البَقَرِ أثنين﴾(1) فكان زوجين من الضأن: زوج يُربّيها الناس ويقومون بأمرها، وزوج من الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحلّ لهم صيدها، ومن المعز اثنين: يكون زوج يُربّيه الناس، وزوج من الظباء، سمي الزوج الثاني، ومن البقر اثنين: زوج يُربّيه الناس، وزوج هو البقر الوحشي، ومن الإبل زوجين: وهي البخاتي، والعراب(2)، وكُلّ طير وحشيّ أو إنسي، ثمّ غرقت الأرض(3).
27/2013 - عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): أنَّ نوحاً (علیه السّلام) حَمَل الكلب في السَّفينة، ولم يحمِل وَلَد الزنا(4).
28/2014 - عن عبيد الله الحلبي، عنه (علیه السّلام)، قال: ينبغي لولد الزنا أن لا تجوز له شهادة، ولا يوم بالناس، لم يحمله نوح (علیه السّلام) في السفينة، وقد حمل فيها الكلب والخنزير(5).
29/2015 - عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَمَا ءَامَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [40]، قال: كانوا ثمانية(6).
30/2016 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابنه﴾ [40]، قال: إنَّما في لغة طَيّئ (أبنه) بنصب الألف، يعني أبن أمرأته(7).
31/2017 - 31/2017 - عن موسى عن العلاء بن سيابة، عن أبى عبد الله (علیه السّلام) في قول الله :
ص: 309
﴿وَنَادَى نُوحٌ أَبْنَهُ﴾ ، قال: ليس بابنه، إنَّما هو ابن أمرأته، وهو لغة طيّئ يقولون لا بن امرأته (أبنه)، قال نوح: ﴿رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ﴾ إلى ﴿الخَاسِرِينَ﴾(1) [47].
32/2018 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول نوح (علیه السّلام): ﴿يَا بُنَيَّ أركب مَعَنَا﴾(2)، قال: ليس بابنه قال: قلت: إنَّ نوحاً (علیه السّلام) قال: يا بني؟ قال: فإنَّ نوحاً قال ذلك وهو لا يعلم(3).
33/2019 - عن إبراهيم بن أبي العلاء، عن غير واحد، عن أحدهما (علیهما السّلام) قال: لمّا قال الله: ﴿يا أرضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أقلِعِي﴾ [44] قالت الأرض: إنَّما أمرت أن أبلع مائي أنا فقط، ولم أؤمر أن أبلع ماء السماء، قال: فبلعت الأرض ماءها، وبقي ماء السماء، فصُيّر بحراً حول الدنيا(4).
2020 / 34 - عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿يَا أَرضُ ابْلَعِي مَاءَكِ﴾ ، قال : نزلت بلغة الهند: اشربي(5).
2021/35 - وفى رواية عباد عنه (علیه السّلام): ﴿يَا أرضُ ابْلَعِى مَاءَكِ﴾ حبشية(6).
2022/ 36 - عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُ أبا الله جعفر (علیه السّلام) يُحدّث عطاء، قال: كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطُولها في السماء ثمانون ذراعاً، وطافت بالبيت سبعاً، وسعت بين الصَّفا والمروة سبعة أشواط، ثم استوت على الجودي(7).
ص: 310
2023 / 37 - عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: استوت على الجودي، هو فُرات الكوفة(1).
2024/ 38 - عن أبي بصير، عن أبي الحسن (علیه السّلام)، قال : قال : يا أبا محمد، إن الله أوحى إلى الجبال: أنِّي مُهرق(2) سفينة نوح على جبلٍ منكُن في الطُّوفان؛ فتطاولت وشَمَخت، وتواضع جبل عندكم بالموصل، يقال له الجُودي، فمرّت السفينة تدور في الطُّوفان على الجبال كُلّها حتى انتهت إلى الجودي، فوقعت عليه، فقال نوح (علیه السّلام): بارات قني بارات قني.
قال: قلت له: جعلت فداك، أيّ شيءٍ هذا الكلام؟ فقال: اللهم اصلح، اللّهُم أصلح(3)
2025/ 39 - عن أبي بصير، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام)، قال : كان نوح (علیه السّلام) في السفينة، فلبث فيها ما شاء الله ، وكانت مأمورةً ، فخلى سبيلها ، نوح، فأوحى الله إلى الجبال؟ أنّي واضع سفينة عبدي نوح على جبل منكم؛ فتطاولت الجبال وشَمَخت غير الجُوديّ، وهو جبل بالموصل، فضرب جُوجُو السفينة(4) الجبل، فقال نوح (علیه السّلام) عند ذلك: ربّ أتقن، وهو بالعربية: ربّ أصلح(5).
2026/ 40 - وروى كثير النوّاء، عن أبي جعفر (علیه السّلام) يقول: سَمِع نوح (علیه السّلام) صرير السَّفينة على الجودي فخاف عليها، فأخرج رأسه من كُوّةٍ كانت فيها، فرفع يده، وأشار بإصبعه، وهو يقول: ربعمان أتقن تأويلها: رَبِّ أحسن(6).
ص: 311
41/2027 - عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما ركب نوح (علیه السّلام) في السفينة قيل: بعداً للقوم الظالمين(1).
42/2028 - عن الحسن بن علي الوشاء ، قال : سمعت الرضا (علیه السّلام) يقول : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): إنَّ الله قال لنوح (علیه السّلام): ﴿إنَّهُ لَيسَ مِن أهلك﴾ لأنه كان مخالفاً له، وجَعَل من اتَّبعه من أهله.
قال: وسألني كيف يقرءون هذه الآية في نوح؟ قلت: يقرؤها الناس على وجهين: ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالح﴾ [46] (وإنَّه عَمِلَ غير صالح)، فقال كَذَّبوا هو أبنه، ولكن الله نفاه عنه حين خالفه في دينه(2).
43/2029 - عن أبي مَعْمَر السَّعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (علیه السّلام) : في قوله: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ﴾ [56] يعني أنه على حق، يجزي بالإحسان إحساناً، وبالسيء سيئاً، ويعفو عمن يشاء ويغفرُ سبحانه وتعالى(3).
44/2030 - عن مُفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن علي بن الحسين صلوات الله عليه كان في المسجد الحرام جالساً، فقال له رجل من أهل الكوفة: قال علي (علیه السّلام): إن إخواننا بغوا علينا؟ فقال له علي بن الحسين (علیهما السّلام): يا عبد الله، أما تقرأ كتاب الله ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُم هُوداً﴾ [65] فأهلك الله عاداً، وأنجى هوداً ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالِحاً﴾ [61] فأهلك الله ثموداً، وأنجى صالحاً(4).
45/201 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: إنَّ الله تبارك الله وتعالى لمّا قضى عذاب قوم لوط وقدّره، أحب أن يعوّض إبراهيم (علیه السّلام) من عذاب
ص: 312
قوم لوط بغلام عليم، ليُسلّي به مُصابه بهلاك قوم لوط، قال: فبعث الله رسلاً إلى إبراهيم (علیه السّلام) يبشرونه بإسماعيل، قال: فدخلوا عليه ليلاً، ففزع منهم، وخاف أن يكونوا سُرّاقاً، فلمّا رأته الرُّسل فَزِعاً مَدْعُوراً ﴿قَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ إِنَّا مِنكُم وَجِلُون * قَالُوا لَا تَوجَل إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيم﴾(1). قال أبو جعفر (علیه السّلام): والغلام العليم هو إسماعيل بن هاجر.
فقال إبراهيم (علیه السّلام) للرسل: ﴿أَبَشَّر تُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرنَاكَ بِالحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ القَانِطِينَ﴾(2) قال إبراهيم (علیه السّلام) للرسل: ﴿فَمَا خطبكُم﴾ ؟ بعد البشارة ﴿قَالُوا إِنَّا أرسلنا إلى قَومٍ مُّجْرِمِينَ﴾(3) قوم لوط، إنهم كانوا قوماً فاسقين لتنذرهم عذاب ربّ العالمين.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): قال إبراهيم (علیه السّلام): ﴿أإنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فيها لَنُنَجِّينَّهُ وَأَهلَهُ إِلَّا أَمرَأتَهُ﴾(4) ﴿أقَدَّرنَا إِنَّهَا لَمِنَ الغَابِرِينَ﴾(5).
فلمّا عذبهم الله أرسل الله إلى إبراهيم رُسلاً يُبشرونه باسحاق، ويُعزُّونه بهلاك قوم لوط، وذلك قوله : ﴿وَلَقَد جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالبُسْرَى قَالُوا سَلاماً قالَ سَلَامٌاً﴾ قوم منكرون ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجلٍ حَنِيذٍ﴾ يعني زكيّاً مشويّاً نَضيجاً ﴿فَلَمَّا رَءَا أيدِيَهُم لَا تَصِلُ إليهِ نَكِرَهُم وأو جَسَ مِنهُم خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرسِلنا إلى قوم لُوطٍ . وأمرَأتَهُ قَائِمَةٌ﴾ قال أبو جعفر (علیه السّلام): إنما عنى سارة قائمة، فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴿فَضَحِكَت﴾ يعني فعجبت من قولهم
ص: 313
وفي رواية أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿فَضَحِكَت﴾ قال: حاضت - و ﴿قَالَت يَا وَيْلَتَى أَلِدُ وَأَنا عَجُوزٌ وَهَذا بَعلِى شَيخاً إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عَجِيب﴾ إلى قوله : ﴿حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ .
فلما جاءت إبراهيم (علیه السّلام) البشارة باسحاق، فذهب عنه الروع، وأقبل يناجي ربَّه في قوم لوط، ويسأله كشف البلاء عنهم، فقال الله: ﴿يَا إِبْراهِيمُ أَعرِضْ عَن هَذَا إِنَّهُ قَد جَاءَ أمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم ءَاتِيهِم﴾ عذابي بعد طلوع الشمس من يومك محتوماً ﴿غَيْرُ مَردُودٍ﴾(1) [691-76].
46/2032 - عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله بعث أربعة أملاك باهلاك قوم لوط: جبرئيل، وميكائيل، وإسرافيل، وكروبيل، فمروا بإبراهيم (علیه السّلام) وهم مُتعمّمون، فسلّموا عليه فلم يعرفهم، ورأى هيئةً حسنةً، فقال: لا خدم هؤلاء إلّا أنا بنفسي، وكان صاحب أضياف، فشوى لهم عجلاً سميناً حتى أنضحه، ثمّ قرّبه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم ورأى أيديهم لا تصل إليهِ نَكِرَهم وأوجس منهم خيفة، فلمّا رأى ذلك جبرئيل (علیه السّلام) حَسَر العمامة عن وجهه، فعرفه إبراهيم فقال له: أنت هو ؟ قال: نعم. ومرت امرأته سارة، فبشرها باسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، قالت ما قال الله، وأجابوها بما في الكتاب.
فقال إبراهيم (علیه السّلام): فيما جئتم ؟ قالوا: في هلاك قوم لوط. فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم ؟ فقال له جبرئيل (علیه السّلام): لا. قال: فإن كانوا خمسین؟ قال: لا. قال: فان كانوا ثلاثين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا عشرين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا عشراً؟ قال: لا. قال: فإن كانوا خمسة؟ قال: لا. قال فإن كان واحداً؟ قال: لا. قال: إنَّ فيها لوطاً؟ قالوا: ﴿نَحنُ أعلَمُ بمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأهلَهُ إِلَّا أمَرأَتَهُ كَانَت مِن الغَابِرِينَ﴾(2).
ص: 314
قال: وقال الحسن بن علي: لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم، وهو قول الله تعالى: ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَومِ لُوط﴾(1).
47/2033 - عن عبد الله بن أبي هلال، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، مثله، وزاد فيه: فقال كُلوا، فقالوا: لا نأكل حتى تُخبرنا ما ثمنه؟ فقال: إذا أكلتُم فقولوا: بسم الله، وإذا فَرَغتم فقولوا: الحمد لله ، قال : فالتفت جبرئيل إلى أصحابه - وكانوا أربعة رئيسهم جبرئيل - فقال: حق الله أن يتَّخذ هذا خليلاً(2).
48/2034 - عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبدالله (علیه السّلام): ﴿جَاءَ بِعِجل حنيذ﴾؟ قال: مشويّاً نضيحاً(3).
49/2035- عن فضل بن أبي قرّة، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: أوحى الله إلى إبراهيم (علیه السّلام) أنه سيولد لك، فقال لسارة، فقالت: أألد وأنا عجوز؟ فأوحى الله إليه: أنَّها ستلد، ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردّها الكلام عليّ، قال: فلمّا طال على بني إسرائيل العذاب ضجّوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً، فأوحى الله إلى موسى وهارون (علیهما السّلام) أن يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائه سنة.
قال: وقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : وهكذا أنتم، لو فعلتم لفرج الله عنا، فأما إذا لم تكونوا، فإنّ الأمر ينتهى إلى منتهاه(4).
50/2036 - عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إن علي بن أبي
ص: 315
طالب (علیه السّلام) امر بقومٍ فسلم عليهم، فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه فقال لهم أمير المؤمنين (علیه السّلام): لا تجاوزوا بنا ما قالت الأنبياء لأبينا إبراهيم (علیه السّلام)، إنما قالوا: ﴿رَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُم أهلَ البَيتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾.
وروى الحسن بن محمّد مثله، غير أنّه قال: ما قالت الملائكة لأبينا (علیه السّلام)(1).
51/2037 - عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إنَّ إبْرَاهِيمَ لَعَلِيمٌ أَوَّاهُ مُنِيبٌ﴾، قال: دَعَاء.
عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، مثله(2).
52/2038 - عن أبي بصير ، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : إنَّ إبراهيم (علیه السّلام) جادل عن قوم لوط، وقال: ﴿إنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحنُ أعلَمُ بِمَن فِيهَا﴾(3) فزاد(4) إبراهيم (علیه السّلام). فقال جبرئيل: ﴿يَا إبْرَاهِيمُ أعرِض عَن هَذَا إِنَّهُ قَد جَاءَ أمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم ءَاتِيهم عَذَابٌ غير مَردُودٍ﴾(5).
53/2039 - عن أبي يزيد الحمار ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله تعالى بعث أربعة أملاك في هلاك قوم لوط: جبرئيل، وميكائيل، وإسرافيل، وكروبيل، فأتوا لوطاً وهو في زراعةٍ قُرب القرية، فسلَّموا عليه وهم متعممون، فلما رآهم رأى لهم هيئةً حَسَنةً، عليهم ثياب بيض، وعمائم بيض، فقال لهم: المنزل؟ فقالوا: نعم،
ص: 316
فتقدمهم ومشوا خلفه، فندم على عرضه المنزل عليهم، فقال: أيّ شيءٍ صنعت، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟! فالتفت إليهم، فقال: إنَّكم لتأتون شراراً من خلق الله.
وقال الله تعالى لجبرئيل (علیه السّلام): لا تعجل عليهم، حتّى يشهد عليهم ثلاث مرّات، فقال جبرئيل (علیه السّلام): هذه واحدة. ثم مضى ساعةً، ثمّ التفت إليهم، فقال: إنَّكم لتأتون شراراً من خلق الله. فقال جبرئيل : هذه اثنتين، ثم مشى، فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم ، فقال : إنَّكم لتأتون شراراً من خَلق الله . فقال جبرئيل (علیه السّلام): هذه الثالثة.
ثم دخل ودخلوا معه، حتى دخل منزله، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حَسَنَةً، فصعدت فوق السطح، فصعقت(1) فلم يسمعوا، فدخنت، فلمّا رأوا الدخان أقبلوا يُهرَعُون حتى جاءوا إلى الباب، فنزلت المرأة، فقالت: عنده قوم ما رأيتُ قوماً قط أحسن هيئة منهم؛ فجاءوا إلى الباب ليدخلوها، فلما رآهم لوط (علیه السّلام) قام إليهم، فقال لهم: يا قوم ﴿ياتَّقُوا الله وَلَا تُحْرُونِ فِى ضيفى اليسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ ؟ وقال: ﴿هَؤُلاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُم﴾ فدعاهم إلى الحلال، فقالوا: ﴿مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِن حَقٌّ وَإِنَّكَ لَتَعلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ قال لهم: ﴿لو أنَّ لِى بِكُم قُوَّةً أو عَاوِى إلى رُكنٍ شَديدٍ﴾ قال فقال جَبرئيل (علیه السّلام): لو يعلم أي قوَّةٍ له.
قال: فكاثروه حتى دخلوا البيت فصاح به جبرئيل (علیه السّلام)، فقال: يا لوط دعهم يدخُلون، فلمّا دَخَلُوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم، فذهبت أعينهم، وهو قول الله: ﴿فَطَمَنًا أعيُنَهُم﴾(2).
ثم ناداه جبرئيل : ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسرِ بِأَهْلِكَ بِقِطعٍ مِّنَ
ص: 317
اليل﴾، وقال له جبرئيل (علیه السّلام): إنا بعثنا في إهلاكهم. فقال: يا جبرئيل، عجل، فقال: ﴿إنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَرِيبٍ﴾ [78 - 81] فأمره فتحمّل ومن معه إلا امرأته، ثمّ اقتلعها - يعني المدينة - جبرئيل (علیه السّلام) بجناحه من سبع أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ الديوك، ثمّ قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل(1).
54/2040 - عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : إِنَّ جَبْرَئيل (علیه السّلام) لما أتى لوطاً (علیه السّلام) في هلاك قومه ودخلوا عليه وجاءه قومه يُهرعون إليه، قام فوضع يده على الباب، ثمّ ناشدهم، فقال: ﴿أتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخزُونِ فِي ضَيْفِي﴾ ﴿قَالُوا أَوَلَم نَنهَكَ عَنِ العَالَمِينَ﴾(2)، ثمّ عَرَض عليهم بناته بنكاح، فقالوا: ﴿مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِن حَقٌّ وإِنَّكَ لَتَعلَمُ مَا نُرِيدُ﴾، قال: فما منكم رجل رشيد ؟ قال: فأبوا، فقال: ﴿لو أنَّ لِي بِكُم قُوَّةً أو أوى إلى رُكن شَدِيدٍ﴾ قال : وجَبرئيل ينظر إليهم، فقال: لو يعلم أي قوةٍ له! ثم دعاه وأتاه، ففتحوا الباب ودخلوا، فأشار جبرئيل (علیه السّلام) بيده، فرجعوا عُميان يلمسون الجدار بأيديهم، يُعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحداً من آل لوط.
قال: فلمّا قال جبرئيل (علیه السّلام): ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ﴾ قال له لوط: يا جبرئيل، عجل قال: نعم، ثمّ قال: يا جبرئيل، عَجّل. قال: الصبحُ موعدهم، أليس الصبح بقريب؟
ثمّ قال جبرئيل: يا لوط، اخرج منها أنت وولدك حتّى تبلغ موضع كذا وكذا. قال: يا جبرئيل، إنَّ حُمُراتى حُمرات ضعاف. قال: ارتحل فاخرج منها.
فارتحل حتى إذا كان السَّحر نزل إليها جبرئيل (علیه السّلام)، فأدخل جناحه تحتها،
ص: 318
حتى إذا استقلت(1) قلبها عليهم، ورمى جبرئيل (علیه السّلام) المدينة بحجارة من سجيل، وسمعت امرأة لوط الهَدَة فَهَلكت منها(2).
55/2041 قال : ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُم﴾، قال أبو عبد الله (علیه السّلام): عَرَض عليهم التزويج(3).
56/2042 - عن صالح بن سعد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿لَو أَنَّ لِى بِكُم قُوَّةً أو اوِى إِلَى رُكنٍ شَدِيدٍ﴾، قال: قوة القائم، والركن الشديد الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه(4).
57/2043 - عن الحسين بن على بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها، قال: أحلَّتها آية في كتاب الله قول لوط (علیه السّلام) : ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُم﴾ وقد علم أنهم ليس الفرج يُريدون(5).
58/2044- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سأل جبرئيل (علیه السّلام): كيف كان مهلك قوم لوط ؟
فقال: يا محمد، إن قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط، ولا إنَّ يتطهَّرون من الجنابة، بخلاء، أشحّاء على الطعام، وإن لوطاً (علیه السّلام) لبث فيهم ثلاثين سنة، وإنما كان نازلاً عليهم، ولم يكن منهم، ولا عشيرة له فيهم ولا قوم، وإنه دعاهم إلى الإيمان بالله واتباعه، وكان ينهاهم عن الفواحش، ويحتّهم على طاعة الله، فلم يجيبوه ولم يتبعوه.
ص: 319
وإنَّ الله لما هم بعذابهم، بعث إليهم رُسُلاً منذرين عُذراً ونُذراً، فلمّا عَتَوا عن أمره، بعث الله إليه ملائكةٌ ليُخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيتٍ من المسلمين، فأخرجوهم منها، وقالوا للوط (علیه السّلام): ﴿أسرِ بِأهلك﴾ من هذه الليلة ﴿بقطع مِّنَ الَّيلِ... وَلَا يلتفت مِنكُم أَحَدٌ وَأمضُوا حَيثُ تُؤمَرُونَ﴾(1). قال: فلما انتصف الليل سار لوط (علیه السّلام) ببناته، وتولت امرأته مديرةً، فانطلقت إلى قومها تسعى بلوط، وتُخبرهم أن لوطاً قد سار بيناته.
وإنِّي نُوديتُ من تلقاء العرش لمّا طلع الفجر : يا جبرئيل، حقَّ القولُ من الله بحتم عذاب قوم لوط اليوم، فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت، فاقلعها من تحت سبع أرضين، ثمّ أعرج بها إلى السماء، فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها.
ودَع منها آيةً بينةً منزل لوط عبرةً للسيارة.
فهَبَطتُ على أهل القرية الظالمين، فضربتُ بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى غربها، فاقتلعتها - يا محمد - من تحت سبع أرضين إلا منزل لوط آية للسيّارة، ثم عرجت بها في جوافي(2) جناحي إلى السماء حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زُقاء(3) ديوكها ونباح كِلابها، فلمّا أن طلعت الشمسُ نُوديتُ من تلقاء العرش: يا جبرئيل، اقلب القرية على القوم المجرمين؛ فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها، وأمطر الله عليهم حجارة من سجل منضودٍ مُسوَّمةٌ عند ربك، وما هي - يا محمد - من الظالمين من أمتك ببعيد.
ص: 320
قال: فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا جبرئيل، وأين كانت قريتهم من البلاد؟ قال: كان موضع قريتهم إذ ذلك في موضع البحيرة - بحيرة الطبرية اليوم - في نواحي الشام.
فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا جبرئيل، أرأيت حيث قلبتها عليهم، في أيّ موضع من الأرض وقعت القرية وأهلها ؟ فقال : يا محمد، وقعت فيما بين الشام إلى مصر، فصارت، تلالاً في البحر(1).
59/2045 - عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قول الله: ﴿إنا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيكَ فأسرِ بِأهْلِكَ بقطع من اليل﴾ مظلماً، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): وهكذا قراءة أمير المؤمنين (علیه السّلام)(2).
2046/ 60 - عن ميمون اللبان، قال: كنتُ عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فقرأ عنده آيات من هود، فلمّا بَلَغ ﴿وَأمطَرنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِن سِجِّيلٍ مَنضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [82 و 83] فقال: من مات مُصِراً على اللواط لم يمت حتَّى يَرميه اللهُ بحَجَرٍ من تلك الحجارة، تكون فيه منينه ولا يراه أحدٌ(3).
61/2047 - عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (علیهما السّلام): قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): لما عَمِل قوم لوطٍ ما عَمِلوا، بكت الأرض إلى ربّها حتى بلغت دموعها إلى السماء، وبكت السماء حتى بلغت دموعها العرش، فأوحى الله إلى السماء: أن احصبيهم، وأوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم(4).
ص: 321
62/2048 - عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إنِّى أراكُم بِخَيرٍ﴾ [84]، قال: كان سعرهم رخيصاً(1).
63/2049 - عن محمد بن الفضيل، عن الرضا (علیه السّلام)، قال: سألته عن انتظار الفَرَج، فقال: أوليس تعلم أنَّ انتظار الفرج من الفرج؟ ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول : ﴿وَارتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُم رَقِيبٌ﴾(2) [93] .
64/2050- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه قرأ (فَمِنهَا قَائِماً وَحَصِيداً) بالنصب، ثمّ قال: يا أبا محمد، لا يكون حصيداً إلا بالحديد(3).
65/2051 - وفى رواية أخرى: (فمِنهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ) أيكون الحصيد إلا بالحديد(4).
66/2052- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال: في قول الله : ﴿ذَلِكَ يَومٌ مَّجمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَومٌ مَّشْهُودٌ﴾ [103] فذلك يوم القيامة، وهو اليوم الموعود(5).
2053/ 67 - عن مَسعدة بن صَدَقة، قال: قصّ أبو عبد الله (علیه السّلام) قصص أهل الميثاق من أهل الجنَّة وأهل النار؛ فقال في صفات أهل الجنَّة: فمنهم من لقي الله شهيداً لرُسله، ثمّ مرّ(6) في صفتهم حتى بلغ من قوله: ثمّ جاء الإستثناء من الله في
ص: 322
الفريقين جميعاً، فقال الجاهل بعلم التفسير: إنَّ هذا الإستثناء من الله إنَّما هو لمن دخل الجنة والنار، وذلك أنَّ الفريقين جميعاً يخرُجان منهما فيبقيان وليس فيهما أحدٌ وكَذَّبوا، لكن عنى بالاستثناء أن ولد آدم كلّهم وولد الجانّ معهم على الأرض والسماوات تُظِلّهم، فهو ينقل المؤمنين حتّى يُخرجهم إلى ولاية الشياطين وهي النار.
فذلك الذي عنى الله فى أهل الجنّة وأهل النار ﴿مَا دَامَتِ السَّمَاواتُ والأرضُ﴾ [107] يقول: في الدنيا، والله تبارك وتعالى ليس بمخرج أهل الجنة منها أبداً، ولا كُلّ أهل النار منها أبداً، وكيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه: ﴿مَاكِثِينَ فِيهِ أبَداً﴾(1) ليس فيها إستثناء؟
وكذلك قال أبو جعفر (علیه السّلام): من دخل في ولاية آل محمّد دخل الجنة، ومن دخل في ولاية عدوّهم دخل النار، وهذا الذي عنى الله من الإستثناء في الخروج من الجنة والنار والدخول(2).
68/2054 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الجَنَّةِ﴾ [108] إلى آخر الآيتين.
قال: هاتان الآيتان في غير أهل الخُلود من أهل الشقاوة والسَّعادة، إن شاء الله يجعلهم خارجين، ولا تزعُم يا زرارة أنّي أزعُم ذلك(3).
69/2055 - عن حُمران، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام): جعلت فداك، قول الله : ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَاتُ وَالأرضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [108] لأهل النار،
ص: 323
أفرأيت قوله لأهل الجنَّةِ : ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾؟ قال: نعم، إن شاء جعل لهم دنياً فردّهم، وما شاء.
وسألته عن قول الله : ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَادَامَت السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾، فقال: هذه في الذين يخرجون من النار(1).
70/2056 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قوله: ﴿فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾(2).
قال: في ذكر أهل النار استثنى، وليس في ذكر أهل الجنَّة استثناء ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلَّا مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجدُودٍ﴾(3).
71/2057 - وفي رواية حماد، عن حريز ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿عَطَاءٌ غَيرَ مَجذودٍ﴾ بالذال(4).
72/2058 - عن بعض أصحابنا، فقال أحدهم: إِنَّه سُئل عن قول الله: ﴿وَلَا تَرَكنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [113]، قال: هو الرجل من شيعتنا يقول بقول هؤلاء الجبارين(5).
73/2059 - عن عثمان بن عيسى، عن رجلٍ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): ﴿وَلَا تَرَكنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾، قال: أما إنه لم يجعلها خُلوداً، ولكن
ص: 324
تمسكم النار، فلا تركنوا إليهم(1).
74/2060 - عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَوَةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ الَّيلِ﴾وطَرَفاه: المغرب والغَداة [114] وهي صلاة العشاء الآخرة(2).
2061/ 75 - عن أبي حمزة الثمالي، قال: سَمِعتُ أحدهما (علیهما السّلام) يقول: إنّ عليا (علیه السّلام) أقبل على الناس فقال: أيّ آيةٍ في كتاب الله أرجى عندكم؟
فقال بعضهم: ﴿إنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾(3)، قال: حَسَنة، وليست إيّاها. فقال بعضهم : ﴿یَا عِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أنفُسِهِم لَا تَقنَطُوا مِن رَّحمَةِ اللهِ﴾(4)، قال: حَسَنة، وليست إيّاها. وقال بعضهم: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا الله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم﴾(5)، قال: حسنة، وليست إيّاها.
قال: ثمّ أحجم الناس، فقال: ما لكم يا معشر المسلمين ؟ قالوا: لا والله ما عندنا شيء. قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول: «أرجى آيةٍ في كتاب الله ﴿وَأَقِمِ الصَّلَوَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ الَّيلِ﴾» وقرأ الآية كُلّها.
وقال: «يا علي، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، إن أحدكم ليقوم إلى وضوئه فَتَسَّاقط عن جوارحه الذنوب، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه، لم ينفتل عن
ص: 325
صلاته(1) وعليه من ذُنوبه شيء، كما ولدته أمه، فإن أصاب شيئاً بين الصلاتين كان له مثل ذلك»، حتّى عدَّ الصلوات الخمس.
ثمّ قال: «يا عليّ، إنما منزلة الصلوات الخمس لأمتي كنهر جارٍ على باب أحدكم، فما ظنّ أحدكم لو كان في جسده دَرَن(2) ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات في اليوم، أكان يبقى في جسده دَرَن ؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لأمتي»(3).
76/2062 - عن إبراهيم الكرخي، قال: كنتُ عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فدخل عليه مولی له، فقال: يا فلان، متى جئت؟ فسكت، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): جئت من هاهنا ومن هاهنا، انظُر بما تقطع به يومك، فإنَّ معك ملكاً مُوكَّلاً يحفظ عليك ما تعمل، فلا تحتقر سيّةً وإن كانت صغيرة، فإنّها ستسوؤك يوماً، ولا تحتقر حسنةً فإنه ليس شيء أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً من الحسنة، إنَّها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به، وقد قال الله في كتابه ﴿إنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [114] قال:
قال: صلاة الليل تذهب بذُنُوب النهار، وقال: تذهب بما جَرَحتُم(4).
77/2063 - عن إبراهيم بن عمر، يرفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَوَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ إلى: ﴿السَّيِّئَاتِ﴾، فقال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عَمِل من ذَنب النهار(5).
ص: 326
78/2064 - عن سماعة بن مهران، قال: سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) رجل من أهل الجبال عن رجلٍ أصاب مالاً من أعمال السلطان، فهو يتصدق منه، ويصل قرابته، ويحُجّ ليُغفر له ما اكتسب، وهو يقول: ﴿إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾.
فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): إنَّ الخَطيئة لا تُكفّرُ الخَطيئة، ولكن الحَسَنة تُكفّر الخطيئة، ثمّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام): إن كان خَلَط الحرام حلالاً، فاختلط جميعاً، فلم يعرف الحلال من الحرام، فلا بأس(1).
79/2065 - وعنه في رواية المفضَّل بن مزيد(2)، أنه قال: انظر ما أصبت به فعد به على إخوانك، فإنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ﴾.
قال المُفضّل : كنت خليفة أخي على الديوان. قال: وقد قلتُ: جعلت فداك، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم وما ترى؟ قال: لو لم يكن كتب(3).
2066/ 80 - عن المفضّل بن مزيد الكاتب، قال: دخل عليّ أبو عبدالله (علیه السّلام)، وقد أمرت أن أخرج لبني هاشم جوائز، فلم أعلم إلا وهو على رأسي وأنا مستخل، فوثبت إليه، فسألني عمّا أمر لهم، فناولته الكتاب، فقال: ما أرى لإسماعيل هاهنا شيئاً؟ فقلت: هذا الذي خرج إلينا.
ص: 327
ثم قلت له: جعلت فداك، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم؟ فقال لي: انظر ما أصبت به، فعُد على أصحابك، فإنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ﴾(1).
81/2067 - عن إبراهيم الكرخي، قال: كنتُ عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام): من أين جئت؟ ثم قال له: جئت(2) من هاهنا وهاهنا لغير معاش تطلبه ولا لعمل آخرة، انظر بماذا تقطع يومك وليلتك، واعلم أن معك ملكاً كريماً موكلاً بك، يحفظ عليك ما تفعل، ويطلع على سرك الذي تخفيه من الناس، فاستحي ولا تحقرن سيتةً، فإنّها ستسوؤك يوماً، ولا تحقرن حسنةً وإن صَغُرت عندك، وقلّت في عينك، فإنَّها سَتَسُرك يوماً.
واعلم أنَّه ليس شيءٌ أضرّ عاقبةً ولا أسرع ندامةً من الخطيئة، وأنه ليس شيءٌ أشدّ طلباً ولا أسرع دَرَكاً للخطيئة من الحَسَنة، أما إنَّها لتُدرِك الذنب العظيم القديم المنسيّ عند عامله، فتجذبه وتُسقطه و تذهب به بعد إثباته، وذلك قول الله: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾(3).
82/2018 - وقرأ عن ابن خداش(4)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: ﴿إنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ﴾، قال : صلاة الليل تُكَفّر ما كان من ذُنوب النهار(5).
ص: 328
83/2069- عن عبد الله بن سنان، قال: سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ اُمَّةً واحِدَةً﴾ إلى: ﴿مَن رَّحِمَ رَبُّكَ﴾ [118 و 119]، قال: كانوا أمّةً واحدةً، فبعث الله النبيين ليتَّخذ عليهم الحُجّة(1).
2070 / 84 - عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن رجل، قال: سألتُ عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) عن قول الله: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ﴾، قال: عنى بذلك من خالفنا من هذه الأمة، وكُلّهم يخالف(2) بعضهم بعضاً في دينهم، وأما قوله: ﴿إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم﴾ فأولئك أولياؤنا من المؤمنين، ولذلك خلقهم من الطّينة الطَّيبة(3)، أما تسمع لقول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿رَبِّ أجعَل هَذَا بَلَداً وَامِناً وَارزُقَ أَهْلَهُ مِنَ الاله الثَّمَرَاتِ مَن ءَامَنَ مِنهُم باللهِ﴾، قال: إيَّانا عنى وأولياءه وشيعته وشيعة وصيّه.
قال: ﴿وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثم أضطَرُّهُ إلى عَذَابِ النَّارِ﴾(4)، قال: عنى بذلك من جحد وصيّه ولم يتبعه من أمته، وكذلك والله حال هذه الأمة(5).
85/2071- عن يعقوب بن شعيب(6)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله عزّ وجل: ﴿وَمَا خَلقتُ الجِنَّ والإنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(7)، قال: خَلقهم للعبادة.
قال: قلت: وقوله : ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم﴾ ؟ فقال : نزلت هذه الآية بعد تلك(8).
ص: 329
86/2072- عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم﴾ فأولئك هم أولياؤنا من المؤمنين، ولذلك خلقهم من الطينة الطيبة(1)، أما تسمع لقول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿رَبِّ أجعَل هَذَا بَلَداً وَامِناً وَارزُق أهلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَن ءَامَنَ مِنْهُم بِاللهِ﴾ ؟ إيَّانا عنى بذلك وأولياءه وشيعته وشيعة وصيّه ﴿وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعَهُ قليلاً ثُمَّ أَصْطَرُّهُ إِلى عَذَابِ النَّار﴾(2)، عنى بذلك والله من جَحَد وصيّه ولم يتبعه من أمته، وكذلك والله حال هذه الأمة(3).
ص: 330
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/2073 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُه يقول: من قرأ سورة يوسف (علیه السّلام) في كلّ يوم، أو في كلّ ليلةٍ، بعثه الله يوم القيامة وجماله كجمال یوسف (علیه السّلام)، ولا يُصيبه يوم القيامة ما يُصيب الناس من الفَزَع، وكان جيرانه من عباد الله الصالحين.
ثمّ قال: إنّ يوسف (علیه السّلام) كان من عباد الله الصالحين، وأومن في الدنيا أن يكون زانياً أو فحاشاً(1).
2/2074 - عن مَسعدة بن صَدَقة، قال: قال جعفر بن محمّد (علیهما السّلام): قال والدي (علیه السّلام) : والله إنّى لأصانع بعض ولدي، وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبَّة(2)، وأكثر له الشُّكر(3)، وإنّ الحق لغيره من ولدي، ولكن مخافة(4)عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته، وما أنزل الله سورة يوسف إلا
ص: 331
أمثالاً، لكي لا يحشد بعضنا بعضاً كما حَسَد يوسف إخوته وبقوا عليه، فجعلها حُجَّةً على من تولانا، ودان بحبّنا، وجَحَد أعداءنا(1): من نصب لنا الحرب والعداوة(2).
3/2075 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : الأنبياء على خمسة أنواع،منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة، فيعلم ما عُني به، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم، ومنهم من يعاين، ومنهم من يُنكَت في قلبه، ويُوقَر(3) في أذنه(4).
4/2076 - عن أبي خديجة، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إِنَّما أبتلي ، يعقوب بيوسف أنه ذبح كبشاً سميناً، ورجل من أصحابه يُدعى بقوم(5) محتاج لم يجد ما يُفطر عليه، فأغفله ولم يُطعمه، فابتلي بيوسف، وكان بعد ذلك كلّ صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائماً فليشهد غَداء يعقوب، فإذا كان المساء نادى: من كان صائماً فليشهد عشاء يعقوب(6).
2077/5 - عن أبي حمزة الثمالي، قال: صليت مع علي بن الحسين صلوات الله عليه الفجر بالمدينة في يوم الجمعة، فدعا مولاة له يقال لها وشيكة(7)، فقال: لا يقفن على بابي اليوم سائل إلا أعطيتموه، فإنّ اليوم الجمعة.
ص: 332
فقلت: ليس كل من يسأل مُحقِّ، جُعلت فداك؟ فقال: يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا مُحقاً فلا تطعمه ونردّه، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم، أطعموهم.
ثمّ قال: إنَّ يعقوب (علیه السّلام) كان كلّ يوم يذبح كبشاً يتصدّق منه، ويأكُل هو وعياله، وإنَّ سائلاً مؤمناً صواماً قواماً، له عند الله منزلةٌ، مجتازاً غريباً، اعتر(1) بیاب يعقوب (علیه السّلام) عشيّة جمعة عند أوان إفطاره، فهتف ببابه أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم؛ يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه، جَهلوا حقَّه، ولم يُصَدِّقوا قوله، فلمّا أيس منهم أن يُطعم وتغشاه الليل، استرجع واستعبر، وشكا جوعه إلى الله، وبات طاوياً، وأصبح صائماً جائعاً صابراً حامداً لله تعالى، وبات يعقوب وآله شباعاً بطاناً، وأصبحوا وعندهم فضلةً من طعامهم.
قال: فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد ذللت عبدي ذلّة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عُقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك يا يعقوب، أما علمت أنَّ أحبّ أنبيائي إلي وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي، وقربهم إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجاً؟
يا يعقوب، أما رحمت ذميال عبدي، المجتهد في عبادتي، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره؟ يهتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز؛ فلم تطعموه شيئاً، واسترجع واستعبر وشكا ما به إليّ، وبات طاوياً حامداً صابراً، وأصبح لى صائماً، وبتّ يا يعقوب وولدك ليلكم شباعاً، وأصبحتم وعندكم فضلةٌ من طَعامكم.
أو ما علمت يا يعقوب أنّي بالعقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منّي بها إلى
ص: 333
أعدائي، وذلك منّي حُسن نظر لأوليائي، واستدراج مني لأعدائي، أما وعزتي لأنزلن بك بلواي، ولأجعلنك وولدك غرضاً لمُصابي، ولأودبنك بعقوبتي، فاستعدوا البلائي، وارضُوا بقضائي، واصبروا للمصائب.
قال أبو حمزة : فقلت لعلي بن الحسين (علیهما السّلام): متى رأى يوسف (علیه السّلام) الرُّؤيا ؟ فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وولده شباعاً، وبات فيها ذميال جائعاً، رآها فأصبح فقصها على يعقوب (علیه السّلام) من الغد، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف الرُّوْيا مع ما أوحى الله إليه: أن استعد للبلاء؛ فقال ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك، فإنّي أخافُ أن يكيدوك، فلم يكتم يوسف رؤياه، وقصها على إخوته.
فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام): فكان أول بلوى نزلت بيعقوب وآله الحسد ليوسف (علیه السّلام) لما سمعوا منه الرُّؤيا التي رآها؛ قال: واشتدَّت رقة يعقوب على يوسف، وخاف أن يكون ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء إنما ذلك في يوسف (علیه السّلام)، فاشتدَّت رقّته عليه، وخاف أن ينزل به بلاء في يوسف (علیه السّلام) من بين ولده.
فلمّا أن رأوا إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من إكرامه وإيثاره إياه عليهم اشتدّ ذلك عليهم، وابتدأ البلاء فيهم، فتآمَرُوا(1)فيما بينهم، وقالوا: إنَّ يوسف وأخاه أحبُّ إلى أبينا منا ونحن عُصبة، اقتلوا يوسف أو ألقوه أرضاً يخلُ لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين، أى تتوبون، فعند ذلك قالوا: ﴿يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ... أرسلهُ مَعَنَا غَداً يرتع ويلعب﴾، قال يعقوب: ﴿إنى لَيَحزُنُنِى أَن تَذهَبُوا بِهِ وَأخَافُ أن يأكُلَهُ الذِئبُ وَأنتُم عَنهُ غَافِلُونَ﴾ [11 - 13].
ص: 334
حذراً منه عليه، وأن تكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف، وكان يعقوب (علیه السّلام)مستعداً للبلوى في يوسف خاصة، قال: فَغَلبت قدرة الله وقضاؤه ونافذ أمره فى يعقوب ويوسف وإخوته، فلم يقدر يعقوب (علیه السّلام) على دفع البلاء عن نفسه، ولا عن يوسف وإخوته، فدفعه إليهم، وهو لذلك كاره(1) ، متوقع للبلاء من الله في يوسف خاصة، لموقعه من قلبه وحبّه له.
فلمّا خَرَجُوا به من منزله لحقهم مسرعاً ، فانتزعه من أيديهم، فضمه إليه واعتنقه وبكى، ثمّ دفعه إليهم وهو كاره، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخُذه منهم ثمَّ لا يدفعه إليهم، فلمّا أمعنوا به(2) مالوا به إلى غيضة أشجارٍ، فقالوا: نَذبحه وتلقيه تحت هذه الشجرة فتأكله الذئاب الليلة، فقال كبيرهم: لا تقتلوا يوسف، ولكن القُوهُ في غَيابةِ الجُبِّ يلتَقِطه بَعضُ السَّيارة إن كنتم فاعلين، فانطلقوا به إلى الجُبِّ، فألقوه في غيابة الجُبِّ وهم يَظُنُّون أنَّه يغرق فيه، فلما صار إلى قعر الجُبّ ناداهم يا ولد رومين، أقرئوا يعقوب منّي السلام، فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تَفَرَّقوا من هاهنا حتى تعلموا أنه قد مات.
قال: فلم يَزالُوا بحضرته حتى أيسوا فرجعوا إلى أبيهم عشاء يبكون ، قالوا: يا أبانا، إنا ذهبنا نستبق، وتركنا يوسف عِند متاعِنا فأكله الذئبُ ، فلمّا سَمِع مقالتهم استرجع واستعبر، وذكر ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء، فصبر وأذعن البلوى، وقال لهم: بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل، وما كان الله ليُطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة.
قال أبو حمزة: ثمّ انقطع ما قال على بن الحسين (علیهما السّلام) عند هذا الموضع(3).
ص: 335
6/2078 - عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لمّا ألقي یوسف (علیه السّلام) فى الجُبِّ نزل عليه جبرئيل (علیه السّلام)، فقال له يا غلام ما تصنع هاهنا مَن طَرَحك فى هذا الجُبِّ؟ فقال: إخوتي لمنزلتي من أبي حسدوني، ولذلك في هذا الجبّ طَرَحُوني.
فقال له جبرئيل (علیه السّلام): أتُحِبّ أن تخرج من هذا الجُبِّ؟ فقال: ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
فقال له جبرئيل (علیه السّلام): إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك: قل «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، أن تُصلّي على محمدٍ وآل محمّدٍ، وأن تجعل لي من أمري فَرَجاً ومخرجاً، وتُرزُقني من حيث لا أحتسب».
فقالها يوسف، فجعل الله له من الجُبِّ يومئذٍ فَرَجاً، ومن كيد المرأة مخرجاً، وأناه مُلك مصر من حيث لم يحتسب(1).
7/2079- وفي رواية أخرى عنه: وترزقني من حيث أحتسب، ومن حيث لا أحتسب(2).
8/2080 - عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿لَتُنَبِئنَّهُم بِأَمرِهِم هَذَا وَهم لَا يَشْعُرُون﴾ [1]، قال: كان ابن سبع سنين(3).
9/2081 - عن جابر بن عبدالله الأنصاري في قول الله تعالى: ﴿إِنِّي رَأيتُ
ص: 336
أحَدَ عَشَرَ كَوكَباً والشَّمسَ والقَمَرَ رأيتُهُم لِي سَاجِدِينَ﴾(1).
قال في تسمية النّجوم: هو الطارق، وحوبان، والريان، وذو الكنفان ووابس، ووثاب، وعمروان، وفيلق، وفصيح، والصرح، والبدوع، والضياء، والنور - يعني الشمس والقمر - وكُلّ هذه النجوم محيطةٌ بالسماء(2).
10/2082 - عن أبي جميلة عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما أوتى بقميص يوسف إلى يعقوب ، فقال : اللّهُم لقد كان ذئباً رفيقاً حين لم يَشُق القميص، قال: وكان به نضح من دم(3).
11/2083 - عن أبي حمزة، قال: ثم انقطع ما قال علي بن الحسين (علیهما السّلام) عند هذا الموضع، فلمّا كان من غدٍ غدوت إليه، فقلت له: جُعلت فداك، إنك حدثتني أمس حديث يعقوب وولده، ثمّ قطعته، فما كان من قِصَّة يوسف بعد ذلك؟
فقال: إنّهم لمّا أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف، مات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجُب وجدوا بحضرة الحُب السيارة قد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه، فلمّا جَذَب دلوه إذا هم بغُلام مُتعلّق بدلوه، فقال لأصحابه: يا بشرى هذا غلام، فلما أخرجه أقبل إليه إخوة يوسف، فقالوا: هذا عبدنا سَقط منا أمس في هذا الجب، وجئنا اليوم لنخرجه. فانتزعوه من أيديهم، وتنحوا به ناحية، ثمّ قالوا له: إمّا أن تُقِرّ لنا بأنك عبد لنا، فنبيعك من بعض أهل هذه السيارة أو نقتلك. فقال لهم يوسف (علیه السّلام): لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم.
فأقبلوا به إلى السيّارة، فقالوا: هل منكم أحد يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهماً وكانوا فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه حتّى
ص: 337
أدخل مصر، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر، وذلك قول الله: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشتَرَاهُ مِن مُصرَ لامرَأتِهِ أكرِ مِي مَثَوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أو نَتَّخِذَهُ وَلَداً﴾(1) [21].
12/2084 - عن الحسن، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله : ﴿وَشَرَوْهُ الله بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [20]، قال: كانت عشرين درهماً(2).
13/2085 - عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، مثله وزاد فيه: البخس: النقص، وهي قيمة كلب الصيد إذا قُتِل كانت ديته عشرين دِر هَماً(3).
14/2086 - عن عبد الله بن سليمان، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، قال: قد كان يوسف بين أبويه مُكَرَماً، ثمّ صار عبداً حتى بيع بأخس وأوكس(4) الثَّمن، ثمَّ لم يمنع الله أن بلغ به حتى صار مَلِكاً(5).
15/2087 - عن ابن حصين، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بخسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾، قال : كانت الدراهم ثمانية عشر درهماً(6).
2088/16 - وبهذا الإسناد، عن الرضا (علیه السّلام)، قال : كانت الدراهم عشرين درهماً، وهي قيمة كلب الصيد إذا قُتِل ، والبَخس: النَّقص(7).
17/2089 - قال أبو حمزة: قلت لعلي بن الحسين (علیهما السّلام): ابن كم كان يوسف (علیه السّلام) يوم ألقى فى الجب؟ فقال: ابن سبع سنين.
ص: 338
قلت فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ قال: مسيرة ثمانية عشر يوماً.
قال: وكان يوسف (علیه السّلام) من أجمل أهل زمانه، فلمّا راهق(1) راودته امرأة المَلِك عن نفسه، فقال لها : معاذ الله إنا من أهل بيت لا يَرْنُون ، فعَلَّقت الأبواب عليها وعليه، وقالت: لا تخف، وألقت نفسها عليه، فأفلت منها هارباً إلى الباب، ففتحه ولحقته، فجذبت قميصه من خلفه، فأخرجته منه، وأفلت خلفه، فأخرجته منه، وأفلت يوسف (علیه السّلام) منها في ثيابه(2).
18/2090 - عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لمّا همَّت به وهم بها، قالت له: كما أنت. قال: ولم؟ قالت: حتى أغطّى وجه الصَّنم لا يرانا؛ فذكر الله عند ذلك، وقد عَلِم أن الله يراه، ففرّ منها(3).
19/2091 - عن محمد بن قيس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُه يقول: إنّ يوسف لمّا حلّ سراويله رأى مثال يعقوب عاضاً على إصبعه(4) وهو يقول له:
ص: 339
يا يوسف، قال: فَهَرب.
ثم قال أبو عبدالله (علیه السّلام): لكنّي والله ما رأيتُ عَورة أبي قط، ولا رأى أبي عورة جدّي قطّ، ولا رأى جَدّي عورة أبيه قطّ، قال: وهو عاض على إصبعه فوتب فخرج الماء من إيهام رجله(1).
20/2092 - عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : أي شيءٍ يقول الناس فى قول الله جل وعزّ ﴿لَو لَا أَن رَءًا بُرهَانَ رَبِّهِ﴾ [24]؟ قلتُ: يقولون رأى يعقوب عاضاً على إصبعه.
فقال: لا، ليس كما يقولون. فقلت: فأيّ شيءٍ رأى؟ قال: لمّا همّت به وهمّ بها، قامت إلى صنم معها في البيت، فألقت عليه ثوباً، فقال لها يوسف، ما صنعتِ؟ قالت: طَرَحتُ عليه ثوباً، استحيي أن يرانا. قال: فقال يوسف (علیه السّلام): فأنت تستحيين من صنمك وهو لا يسمع ولا يُبصر، ولا أستحي أنا من ربي ؟!(2).
21/2093 - عاد إلى حديث أبي حمزة: وأفلت يوسف منها في ثيابه ﴿وَألْفَيَا سَيْدَهَا لَدَا البَابِ قَالت مَا جَزاءُ مَن أرَادَ بِأهلِكَ سُوءاً إِلَّا أَن يُسجَنَ أَو عَذَابٌ ألِيمٌ﴾ [25] قال: فهم المَلِك بيوسف ليُعذِّبه، فقال له يوسف (علیه السّلام): وإله يعقوب ما أردتُ بأهلك سُوءاً، هي راودتني عن نفسي، فسل هذا الصبي، أينا راود صاحبه عن نفسه؟
قال: وكان عندها صبي من أهلها زائر لها، فأنطق الله الصبي بفصل القضاء، فقال للملك: أنظُر أيُّها المَلِك إلى القميص، فإن كان مقدوداً من قدامه فهو راودها،
ص: 340
وإن كان مقدُوداً من خلفه فهي التي راودته عن نفسه، وصدق وهي من الكاذبين.
فلمّا سَمِع المَلِك كلام الصبي، وما اقتص، أفزعه ذلك فَزَعاً شديداً، فدعا بالقميص فنظر إليه، فلمّا رأى القميص مقدوداً من خلفه قال لها : إنَّه من كيدكُن، إنَّ كيدكن عظيم، وقال ليوسف (علیه السّلام): أعرض عن هذا، فلا يسمعه منك أحدٌ واكتمه. فلم يكتمه يوسف، وأذاعه في المدينة، حتّى قال نسوة منهنّ: إمرأةُ العَزِيز تراودُ فتاها عن نفسه؛ فبلغها ذلك، فأرسلت إليهنّ، وهيّأت لهن طعاماً ومجلساً، ثم أتتهن بأترج، وآتت كُلّ واحدةٍ منهنَّ سكيناً، وقالت ليوسف (علیه السّلام): اخرج عليهن، فلمّا رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن، وقلن ما قلن.
فقالت لهنَّ : فهذا الذي لمتنني في حُبّه؟ قال: فخرج النسوة من عندها، فأرسلت كُلّ واحدة منهنّ إلى يوسف (علیه السّلام) سِراً من صواحبها تسأله الزيارة، فأبى عليهن، وقال: ربِّ إلا تصرف عنِّي كَيدَهُنّ أصبُ إليهنَّ وأكُن من الجاهلين.
فلمّا ذاع أمر يوسف (علیه السّلام) وأمر امرأة العزيز والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سَمِع من قول الصبي ما سَمِع ليسجنن يوسف، فحبسه في السجن، ودخل مع يوسف (علیه السّلام) في السجن فتيان، فكان من قِصَّتهما وقصة يوسف (علیه السّلام) ما قصه الله في كتابه، قال أبو حمزة ثمّ انقطع حديث عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) عند ذلك(1).
22/2094 - عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: إنّ يوسف خَطَب امرأةٌ جميلةً كانت فى زمانه، فردت عليه : إن عبد الملك إياي يطلب، قال: فطلبها إلى أبيها، فقال له أبوها: إنّ الأمر أمرها، قال: فطلبها إلى ربّه وبكى ، فأوحى الله إليه : أنّي قد زوّجتكها.
ثمّ أرسل إليها: أنّي أُريد أن أزوركم، فأرسلت إليه: أن تَعَالَ؛ فلمّا دَخَل
ص: 341
عليها أضاء البيت لنُوره، فقالت: ما هذا إلّا مَلَكٌ كريم؛ فاستسقى فقامت إلى الطاس لتسقيه، فجعل يتناول الطاس من يدها فتناوله فاها، فجعل يقول لها: انتظري ولا تعجلي، قال: فتزوجها(1).
23/2095 - عن العباس بن هلال، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) يقول: إنَّ يوسف النبي (علیه السّلام) قال له السجان: إني لأحبّك. فقال له يوسف: لا تقل هكذا، فإنَّ عمّتي أحبتني فسرقتني(2)، وإنّ أبي أحبّني فحسدني إخوتي فباعوني، وإنّ امرأة العزيز أحبتني فسُجنتُ(3).
24/2096 - عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: جاء جبرئيل (علیه السّلام) إلى يوسف (علیه السّلام) في السجن، فقال: قُل في دبر كل صلاة فريضة: «اللهم أجعل لى فَرَجاً ومخرجاً وارزقني من حيث لا أحتسب»(4).
25/2097 - عن طربال، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما أمر الملك بحبس يوسف الله في السجن ألهمه الله علم تأويل الرُّؤيا، فكان يُعبر لأهل السجن رُؤياهم، وإنّ فتيين أدخلا معه السِّجن يوم حبسه ، فلمّا باتا أصبحا فقالا له: إنا رأينا رُؤياً فعبرها لنا.
فقال: وما رأيتما؟ فقال أحدهما: إنّي أراني أحمل فوق رأسي خُبزاً تأكُلُ الطَّير منه. وقال الآخر: إني رأيت أني أسقي المَلِك خَمراً، ففسّر لهما رُؤياهما على ما في الكتاب، ثمَّ قال للذي ظنَّ أنه ناج منهما: اذكرني عند ربّك. قال: ولم يفزع
ص: 342
يوسف (علیه السّلام) في حاله إلى الله فيدعوه، فلذلك قال الله: ﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضعَ سِنِينَ﴾ [42].
قال: فأوحى الله إلى يوسف (علیه السّلام) في ساعته تلك: يا يوسف، من أراك الرؤيا التى رأيتها؟ فقال: أنت يا ربّي. قال: فمن حبّيك إلى أبيك ؟ قال : أنت يا ربّي. قال: فمن وجه السيّارة إليك ؟ فقال: أنت يا ربي. قال: فمن علمك الدُّعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجُبِّ فَرجاً؟ قال: أنت يا ربّي. قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجاً؟ قال: أنت يا ربي. قال: فمن أنطق لسان الصبي بعُذرك؟ قال: أنت يا ربي. قال: فمن صرف عنك كيد امرأة العزيز والنسوة؟ قال: أنت يا ربي. قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربّى.
قال: فكيف أستغثت بغیري، ولم تستغث بى، وتسألني أن أخرجك من السِّجن، وأستغئت وأمّلت عبداً من عبادي ليذكرك إلى مخلوقٍ من خلقي في قبضتي، ولم تفرّع إلي ؟ البث في السجن بذنبك يضع سنين بإرسالك عبداً إلى عبد.
قال ابن أبي عمير، قال ابن أبي حمزة: فمكث في السجن عشرين سنة(1).
2098 / 26 - سماعة، عن قول الله: ﴿أذكُرنِى عِندَ رَبِّكَ﴾ [42]، قال: هو العزيز(2).
27/2099 - ابن أبي يَعفُور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): ﴿قَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوقَ رَأْسِي خُبزاً﴾(3)، قال: أحمِل فوق رأسى جفئَةٌ فيها خُبر تأكُلُ الطيرُ منها(4).
28/2100 - عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قال الله تعالى
ص: 343
اليوسف (علیه السّلام): ألستُ الذي حبَّتُك إلى أبيك، وفضَّلتك على الناس بالحسن؟ أولستُ الذي سُقتُ إليك السيّارة، وأنقذتك، وأخرجتك من الجُبِّ؟ أولستُ الَّذي صرفتُ عنك كيد النسوة؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك، وتدعو مَخلُوقاً دُونِي؟ فالبث لما قلت في السِّجن بِضع سنين(1).
29/2101 - عن عبدالله بن عبد الرحمن عمَّن ذكره، عنه (علیه السّلام)، قال : لما قال للفتى : اذكرني عند ربّك، أتاه جبرئيل (علیه السّلام)، فضرب برجله، حتى كشط له عن الأرض السابعة، فقال له: يا يوسف، انظر ماذا ترى؟ قال: أرى حَجَراً صغيراً فَفَلَق الحَجَر، فقال: ماذا ترى؟ قال: أرى دُودةً صغيرةً، قال: فمن رازِقُها؟ قال: الله.
قال: فإنَّ ربَّك يقول : لم أنسَ هذه الدودة في ذلك الحجر، في قعر الأرض السابعة، أظننت أنّى أنساك حتى تقول للفتى: أذكرنى عند ربك؟ لتلبَيِّنَّ في السجن بمقالتك هذه بضع سنين.
قال: فبكى يوسف (علیه السّلام) عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان، قال: فتأذى به أهل السِّجن، فصالحهم على أن يبكى يوماً ويسكت يوماً، فكان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالاً(2).
30/2102 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما بكى أحد بكاء ثلاثة: آدم، ويوسف، وداود. فقلت: ما بلغ من بكائهم؟
قال: أما آدم (علیه السّلام) فبكى حين أخرج من الجنَّة، وكان رأسه في باب من أبواب السماء، فبكى حتّى تأذى به أهل السماء، فشكوا ذلك إلى الله فحَطّ من قامته، وأما داود (علیه السّلام) فإنَّه بكى حتى هاج العُشب من دموعه، وإنّه كان ليزفر
ص: 344
الزفرة فيُحرق ما نبت من دموعه، وأما يوسف (علیه السّلام) فإنّه كان يبكي على أبيه يعقوب (علیه السّلام) وهو في السجن، فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكى يوماً، ويسكت يوماً(1).
31/2103 - عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ يوسف (علیه السّلام)، أتاه جبرئيل (علیه السّلام)، فقال يا يوسف، إنَّ ربَّ العالمين يقرؤك السلام، ويقول لك: من جَعَلك أحسن خلقه؟ قال: فصاح ووضع خدّه على الأرض، ثمّ قال: أنت يا ربّ. قال: ثمّ قال له: ويقول لك: من حبَّبك إلى أبيك دون إخوتك ؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض، ثمّ قال: أنت يا ربّ. قال: ويقول لك: من أخرجك من الحُبّ بعد أن طُرحت فيها وأيقنت بالهَلَكة؟ قال: فصاح ووضع خدّه على الأرض ثمّ قال: أنت يا ربّ. قال: فإنَّ ربّك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك(2) بغيره، فالبث في السجن بضع سنين.
قال: فلما انقضت المُدّة أذن له فى دعاء الفرج، ووضع خدّه على الأرض، ثمَّ قال: «اللهم إن كانت ذُنُوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإنِّي أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين، إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب» قال: ففرج الله عنه.
قال: فقلت له: جعلت فداك، أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: ادعُ بمثله «اللّهُمّ إن كانت ذُنُوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإنّي أتوجه إليك بوجه نبيّك نبي الرحمة (صلی الله علیه و آله و سلم)، وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (علیهم السّلام)»(3).
2104 / 32 - عن يعقوب بن يزيد، رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله
ص: 345
تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجن بضع سنين﴾، قال: سبع سنين(1).
33/2105 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: رأت فاطمة (سلام الله علیها) في النوم كأنّ الحسن والحسين (علیهما السّلام) ذبحا أو قُتِلا، فأحزنها ذلك، فأخبرت به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال : يا رُؤيا، فتمثلت بين يديه، قال: أنتِ أريتِ فاطمة هذا البلاء؟ قالت: لا. فقال: يا أضغاث، أنتِ أريت فاطمة هذا البلاء؟ قالت: نعم يا رسول الله. قال: فما أردت بذلك؟ قالت: أردتُ أن أخزنها، فقال لفاطمة (علیه السّلام): اسمعي ليس هذا بشيء(2).
2106 / 34 - عن أبان، عن محمد بن مسلم، عنهما (علیهما السّلام)، قال : قالا: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: لو كنتُ بمنزلة يوسف حين أرسل إليه المَلِك يسأله عن رُؤياه، ما حدثته حتى اشترط عليه أن يُخرجني من السجن، وعجبتُ الصبره عن شأن امرأة الملك حتّى أظهر الله عُذره(3).
35/2107- عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقرأ (سبع سنابل خُضر)(4) [43].
36/2108 - عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : كان سنين(5) يوسف الغلاء الذي أصاب الناس، ولم يتمنّ الغلاء لأحدٍ قط، قال: فأتاه التجار فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا، فقالوا: نأخذ كذا بكذا ، فقال : خُذوا، وأمر(6) فكالوهم
ص: 346
فحَمَلوا، ومضوا حتى دخلوا المدينة، فلقيهم قوم تجار، فقالوا لهم: كيف أخذتم؟ :قالوا كذا بكذا، وأضعفوا الثمن، قال: فقدموا أولئك على يوسف (علیه السّلام)، فقالوا بعنا، فقال: اشتروا، كيف تأخُذون؟ قالوا: يعنا كما يعت كذا بكذا، فقال: ما هو كما تقولون، ولكن خُذوا، فأخذوا.
ثمَّ مَضَوا حتّى دَخَلُوا المدينة، فلَقِيهم آخرون، فقالوا: كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا، وأضعفوا الثمن، قال: فعظم الناس ذلك الغلاء، وقالوا: اذهبوا بنا حتى نشتري، قال: فذهبوا إلى يوسف (علیه السّلام) فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا، فقالوا: يعنا كما بعت، فقال: وكيف بعتُ؟ قالوا: كذا بكذا، فقال: ما هو كذلك، ولكن خُذوا.
قال: فأخذوا ورجعوا إلى المدينة، فأخبروا الناس، فقالوا فيما بينهم: تَعَالَوا حتى نكذب في الرُّخص كما كَذَّبنا في الغلاء، قال: فذهبوا إلى يوسف (علیه السّلام)، فقالوا له: بعنا، فقال: اشتروا، فقالوا: بعنا كما بعت، قال: وكيف بعتُ؟ قالوا: كذا بكذا، بالحطّ من السعر الأوّل، فقال: ما هو هكذا ولكن خُذوا. قال: فأخذوا وذهبوا إلى المدينة، فلقيهم الناس، فسألوهم بكم اشتريتم؟ فقالوا: كذا بكذا، بنصف الحطّ الأول.
فقال الآخرون: اذهبوا بنا حتى نشترى، فذهبوا إلى يوسف (علیه السّلام)، فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا، فقالوا: يعنا كما بعت، فقال: وكيف بعتُ؟ فقالوا: كذا بكذا، بأحطّ من النصف، فقال: ما هو كما تقولون، ولكن خُذوا، فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع السعر إلى الأمر الأوّل، كما أراد الله(1).
37/2109 - عن محمد بن علي الصيرفي، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿عام فيهِ يُغاتُ النّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُونَ﴾ [49] بضم الياء(2): يُعْطَرُون، ثمّ قال: أما
ص: 347
سَمِعت قوله : ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً تَجَاجاً﴾(1)؟
2110/ 38 - عن عليّ بن مَعْمَر ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله : (عام فيهِ يُغَاتُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُونَ) مضمومة، ثمّ قال: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَاجاً﴾(2).
2111/ 39 - عن سماعة، قال: سألته عن قول الله: ﴿أَرْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْئَلُهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ [50]، قال: يعنى العزيز(3).
2112 / 40 - عن الحسن بن موسى، قال: روى أصحابنا عن الرضا (علیه السّلام)، قال : قال له رجل: أصلحك الله، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ وكأنه أنكر ذلك عليه.
فقال له أبو الحسن (علیه السّلام): يا هذا، أيهما أفضل: النبي أو الوصي؟ فقال: لا بل النبي (علیه السّلام). قال : فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا بل مسلم. قال: فإنَّ العزيز عزيز مصر كان مشركاً، وكان يوسف (علیه السّلام) نبياً، وإن المأمون مسلم، وأنا وصيّ؟ ويوسف (علیه السّلام) سأل العزيز أن يوليه حتى قال: استعملني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليمٌ، والمأمون أجبرنى على ما أنا فيه.
قال: وقال في قوله: ﴿حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [55] قال: حافظ لِمَا في يدي، ﴿أعَلِيمٌ﴾ عالم بكل لسان(4).
41/2113 - قال سليمان: قال سفيان: قلتُ لأبي عبدالله (علیه السّلام): ما يجوز أن
ص: 348
يُزكّى الرجل نفسه؟ قال: نعم، إذا اضطر إليه، أما سمعت قول يوسف: ﴿أجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾، وقول العبد الصالح ﴿أنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾(1)؟.
2114 / 42 - عن الثمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : مَلَك يوسف (علیه السّلام) مصر وبراريها، لم يُجاوزها إلى غيرها(2).
43/2115 - عن أبي بصير، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (علیه السّلام)يُحدّث قال: لما فقد يعقوب يوسف اشتدّ حُزنه عليه وبكاؤه حتّى ابيضت عيناه من الحزن، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله.
قال: وكان يمتارُ القَمْح من مصر لعياله في السنة مرتين للشتاء والصيف، وإنه بعث عِدَّةٌ من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رِفْقَةٍ خَرَجت، فلمّا دَخَلُوا على يوسف (علیه السّلام)، وذلك بعدما ولاه العزيز مصر، فعرفهم يوسف (علیه السّلام) ولم يعرفه إخوته لهيبة المُلك وعزَّه، فقال لهم: هلموا بضاعتكم قبل الرّفاق، وقال لفتيانه: عَجّلوا لهؤلاء الكَيْل وأوفوهم، فاذا فَرَغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك، ففعلوا.
ثم قال لهم يوسف (علیه السّلام): قد بلغنى أنّه كان لكم أخوان لأبيكم، فما فعلا؟ قالوا: أما الكبير منهما فانّ الذئب أكله، وأما الصغير فخلَّفناه عند أبيه، وهو به ضَنين وعليه شفيق، قال: فإنّي أحبّ أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتارون، فان لم تَأْتُوني به، فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا: سَنُراوِد عَنه أباه، وإنا لفاعلون.
فلما رجعوا إلى أبيهم فتحوا متاعهم، فوجدوا بضاعتهم فيه، قالوا: يا أبانا، ما
ص: 349
نبغي؟ هذه بضاعتنا قد رُدّت إلينا، وكيل لنا كَيْل قد زاد حمل بعير، فأرسل معنا أخانا تكتل وإنَّا لَهُ لَحافِظُون. قالَ: هَل آمَنكُم عليه إلا كَما أمِنْتُكُم عَلى أخيه من قَبْلُ!
فلمّا احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر بعثهم يعقوب (علیه السّلام)، وبعث معهم بضاعةً يسيرةً، وبعث معهم ابن ياميل، وأخذ عليهم بذلك موثقاً من الله لتأتتني به إلا أن يُحاط بكم أجمعين، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف (علیه السّلام)، فقال لهم: معكم ابن ياميل؟ قالوا: نعم، هو في الرَّحل قال لهم: فأتوني [به]، فأتوه به، وهو في دار المُلك، قد خلا وحده فأدخلوه عليه، فضمه يوسف (علیه السّلام) إليه وبكى، وقال له: أنا أخوك يوسف، فلا تبتئس بما تراني أعمل، واكتُم ما أخبرتك به ولا تَحْزَن ولا تَخَف، ثمّ أخرجه إليهم، وأمر فتيته أن يأخُذوا بضاعتهم، ويُعجّلوا لهم الكَيْل، فاذا فرغوا جعلوا المكيال في رَحْل ابن ياميل، ففعلوا به ذلك.
وارتحل القومُ مع الرّفقة فَمَضَوا، فلحقهم يوسف (علیه السّلام) وفتيته، فنادوا فيهم: أيَّتُهَا العِيرُ، إِنَّكُمْ لسارِقُونَ. قالوا: وأقبلوا عَلَيهم ماذا تَفْقِدُونَ؟ قالوا: نفقد صُواعَ الملك، ولِمَنْ جاءَ بِه حِملُ بَعِيرٍ، وَأَنَا بِهِ زَعِيم. قالوا: تَاللهِ لقد علمتُم ما جئنا لنفسِدَ في الأرْضِ، وما كُنا سارقين. قالوا: فَما جَزاؤُهُ إنْ كُنتُم كَاذِبِينَ؟ قَالُوا: جزاؤه من وُجِدَ في رَحْلِهِ فَهُو جَزاؤُه؟ قال: فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثمّ استخرجها من وعاء أخيه، قالوا: إن يسرق فقد سَرَق أخٌ له من قبل.
فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا. قالوا: يا أيُّها العزيز، إنَّ له أباً شيخاً كبيراً، وقد أخذ علينا موثقاً من الله لنَرُدّ به إليه، فخُذ أحدنا مكانه، إنا نراك من المحسنين إن فعلت. قال: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده.
فقال كبيرهم: إني لستُ أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي، ومضى إخوة يوسف حتّى دَخَلُوا على يعقوب (علیه السّلام)، فقال لهم: فأين ابن ياميل؟
ص: 350
قالوا: ابن ياميل سَرَق مكيال المَلِك، فأخذه المَلِك بسرقته، فحبس عنده، فسل أهل القرية والعير حتّى يُخبروك بذلك، فاسترجع واستعبر، واشتدَّ حُزنه حتّى تَقوّس ظَهْرُهُ.
أبو حمزة، عن أبي بصير، عنه (علیه السّلام): ذكر فيه ابن يامين، ولم يذكر ابن ياميل(1).
44/2116 - عن أبان الأحمر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: لما دخل إخوة يوسف عليه، وقد جاءوا بأخيهم معهم، وضَعَ لهم الموائد، ثمّ قال: يمتاز كلّ واحدٍ منكم مع أخيه لأمه على الخوان(2)، فجلسوا، وبقي أخوه قائماً، فقال له: ما لك لا تجلس مع إخوتك؟ قال: ليس لي منهم أخ من أمّي. قال: فلك أخ من أُمّك زَعَم هؤلاء أنّ الذئب أكله؟ قال: نعم. قال: فاقعد و كُل معى.
قال: فترك إخوته الأكل، وقالوا: إنا نُريد أمراً، ويأبى الله إلا أن يرفع ولد يامين علينا.
قال: ثمَّ حين فَرَغوا من جهازهم، أمر أن يُوضع الصاع(3) في رَحْل أخيه، فَلَمّا فَصَلوا نادى منادٍ: ﴿أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ قال: فرجعوا فقالوا: ﴿مَا ذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ﴾ إلى قوله : ﴿جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾ يَعْنُون السُّنَّة التي تجري فيهم أن يَحْبِسه ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وَعَاءِ أَخِيهِ﴾ فقالوا: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [70-77].
ص: 351
قال الحسن بن علي الوساء: فسمعت الرّضا (علیه السّلام) يقول: يَعْنُونَ المِنْطَقة(1)، فلما فرغ من غدائه قال: ما بلغ من حُزنك على أخيك؟ قال: ولد لي عشرة أولاد، فكلّهم شَقَقت لهم اسماً من اسمه. قال: فقال له: ما أراك حزنت عليه حيث اتَّخذت النساء من بعده. قال: أيها العزيز، إنّ لي أباً شيخاً كبيراً صالحاً، فقال: يا بني تزوّج، لعلّك تُصيب ولداً يُنقل الأرض بشهاة أن لا إله إلا الله.
قال أبو محمّد عبد الله بن محمّد(2): هذا من رواية الرّضاع (علیه السّلام)(3).
45/2117 - عن عليّ بن مهزيار، عن بعض أصحابنا، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : وقد كان هيّأ لهم طعاماً ، فلما دخلوا إليه، قال: ليجلس كُلّ بني أُمّ على مائدة، قال: فجَلَسُوا وبقي ابن يامين قائماً، فقال له يوسف (علیه السّلام): مالك لا تجلس ؟ قال له: إنَّك قلت: ليجلس كُلّ بني أم على مائدة، وليس لي منهم ابن أمّ.
فقال يوسف (علیه السّلام): أما كان لك ابن أم ؟ قال له ابن یامین: بلی. قال يوسف (علیه السّلام): فما فعل؟ قال: زَعَم هؤلاء أن الذئب أكله، قال: فما بلغ من حُزنك عليه؟ قال: ولد لى أحد عشر ابناً كلّهم اشتق له اسماً من اسمه.
فقال له يوسف (علیه السّلام): أراك قد عانقت النساء، وشممت الولد من بعده؟ قال له
ص: 352
ابن يامين: إنّ لي أباً صالحاً، وإنّه قال: تزوّج لعلَّ الله أن يُخرج منك ذُريَّة تثقل الأرض بالتسبيح، فقال له: تعال فاجلس معي على مائدتي، فقال إخوة يوسف: لقد فضّل الله يوسف وأخاه، حتّى إنّ المَلِك قد أجلسه معه على مائدته(1).
46/2118- عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قلتُ جعلت فداك، لم سُمّى أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟ قال: لأنه يميرهم العِلم، أما سمعت كلام الله : ﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾(2).
47/2119 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: لا خير فيمن لا تقية له، ولقد قال يوسف (علیه السّلام) ﴿أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ وما سَرَقوا(3).
48/2120 - وفى رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : النقية من دين الله ، ولقد قال يوسف (علیه السّلام): ﴿أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ ووالله ما كانوا سَرَقوا شيئاً، وما كذب(4).
49/2121 - وفي رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قيل له وأنا عنده: إنَّ سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنَّك تكلّم على سبعين وجهاً لك منها المخرج؟
فقال: ما يُريد سالم منّي، أيُريد أن أجيء بالملائكة! فوالله ما جاء بهم
ص: 353
النبيُّون، ولقد قال إبراهيم (علیه السّلام) ﴿إنِّي سَقِيمٌ﴾(1) ووالله ما كان سقيماً، وما كذب، ولقد قال إبراهيم (علیه السّلام) ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾(2) وما فعله كبيرهم، وما كذب، ولقد قال يوسف : ﴿أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ والله ما كانوا سرقوا، وما كَذَب(3).
50/2122- عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن قول الله في يوسف (علیه السّلام): ﴿أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾.
قال: إنهم سَرّقوا يوسف (علیه السّلام) من أبيه، ألا ترى أنه قال لهم حين قالوا لهم: ماذا تفقدون؟ قالوا: نَفْقِدُ صُواعَ المَلِكِ، ولم يقولوا: سَرقتم صُواع الملك، إنَّما عنى سرقتم يوسف من أبيه(4).
51/2 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سمعته يقول: صُواع المَلِك : الطاس الذي يشرب فيه(5).
52/2124 - عن محمد بن أبي حمزة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله : ﴿صُوَاعَ المَلِكِ﴾، قال: كان قَدَحاً من ذَهَب، وقال: كان صُواع يوسف إذا گیل به قال: لَعَنَ الله الخَوَان، لا تخونوا به، بصوتٍ حَسَن(6).
ص: 354
53/2125 - عن إسماعيل بن همام، قال: قال الرضا (علیه السّلام): في قول الله: ﴿إن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِى نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾.
قال: كانت لاسحاق النبي (علیه السّلام) مِنْطَقَة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، فكانت عند عمَّة يوسف، وكان يوسف (علیه السّلام) عندها، وكانت تُحِبُّه، فبعث إليها أبوه: أن ابعثيه إليّ وأردّه إليك، فبعثت إليه : أن دَعْهُ عندي الليلة أشُمّه ثمّ أرسله إليك غُدوة؛ فلمّا أصبحَتْ أخذت المِنْطَقة، فربطتها في حقوه(1)، وألبسته قميصاً، وبعثت به إليه، وقالت: سُرقت المنطقة. فَوُجدت عليه، وكان إذا سرق أحدٌ في ذلك الزمان، دفع إلى صاحب السرقة، فأخذته فكان عندها(2).
54/2126 - عن الحسن بن على الوساء، قال: سمعت الرضا (علیه السّلام) يقول: كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئاً استُرِقَ به، وكان يوسف (علیه السّلام) عند عمَّته وهو صغير وكانت تُحِبّه ، وكانت الأسحاق (علیه السّلام) منطقة ألبسها يعقوب، وكانت عند أخته ، وإنّ يعقوب طلب يوسف أن يأخُذه من عمَّته، فاغتمت لذلك، وقالت له: دعه حتى أرسله إليك، فأرسلته وأخذت المنطقة فشدَّتها في وسطه تحت الثياب.
فلما أتى يوسف (علیه السّلام) أباه، جاءت فقالت: سُرقت المِنطَقة ؟ فَفَتَشتُه فوجدتها في وسطه، ولذلك قال إخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه، فقال لهم يوسف: ما جزاء من وجدنا في رحله؟ قالوا: جزاؤه بإجراء السُّنَّة التي تجري فيهم، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثمّ استخرجها من وعاء أخيه، فلذلك قال إخوة يوسف: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل، يعنون المنطقة، فأسرّها يوسف (علیه السّلام) في نفسه، ولم يُبدِها لهم.
ص: 355
عن الحسن بن علي الوشّاء عن الرضا (علیه السّلام)، وذكر مثله(1).
55/2127 - عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ذكر بني يعقوب، فقال: كانوا إذا غضبوا، اشتد غضبهم حتى تقطر جُلُودهم دماً أصفر، وهم يقولون : خُذ أحدنا مكانه، يعنى جزاءه، فأخذ الذي وُجد الصاع عنده(2).
56/2128 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : لما استيأس إخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا(3)، وكان أكبرهم: لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي، أو يحكم الله لي، وهو خير الحاكمين. قال: ورجع إلى يوسف يُكلِّمه في أخيه، فكلَّمه حتى ارتفع الكلام بينهما، حتّى غَضب يهودا، وكان إذا غَضِب قامت شعرة في كتفه، وخرج منها الدم.
قال: وكان بين يدي يوسف (علیه السّلام) ابن له صغير معه رمانة من ذهب، وكان الصبي يلعب بها. قال: فأخذها يوسف (علیه السّلام) من الصبي، فدحرجها نحو يهودا، قال، وحبا الصبي نحو يهودا ليأخُذها، فمس يهودا فسكن يهودا، ثم عاد إلى يوسف فكلّمه في أخيه، حتّى ارتفع الكلام بينهما، حتى غضب يهودا، وقامت الشعرة، وسال منها الدم، فأخذ يوسف (علیه السّلام) الرمانة من الصبي، فدحرجها نحو يهودا، وحبا الصبي نحو يهودا، فسكن يهودا ، فقال يهودا: إن في البيت معنا لبعض ولد يعقوب!
قال: فعند ذلك قال لهم يوسف (علیه السّلام): هل علمتم ما فعلتُم بُيُوسُفَ وأخيه إذ أنتُمْ جاهِلُونَ(4)؟
ص: 356
57/2129 - وفي رواية هشام بن سالم، عنه (علیه السّلام)، قال : لما أخذ يوسف (علیه السّلام) أخاه، اجتمع عليه إخوته، فقالوا له: خُذ أحدنا مكانه، وجُلُودهم تقطر دماً أصفر، وهم يقولون: خُذ أحدنا مكانه، قال: لما أن أبى عليهم وأخرجوا من عنده، قال لهم يهودا(1): قد علمتم ما فعلتم بيوسف، فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي، أو بحكم الله لى، وهو خير الحاكمين.
قال: فرجعوا إلى أبيهم، وتخلَّف يهودا، قال: فدخل على يوسف (علیه السّلام)، فكلمه في أخيه، حتى ارتفع الكلام بينه وبينه وغضب، وكان على كتفه شعرة إذا غَضب قامت الشعرة، فلا تزال تقذف بالدم حتّى يَمَسَّه بعض ولد يعقوب.
قال: فكان بين يدي يوسف ابن له صغير، في يده رمانة من ذهب يلعب بها، فلمّا رآه يوسف قد غَضِب وقامت الشعرة تقذف بالدم، أخذ الرمانة من يدي الصبي، ثمَّ دحرجها نحو يهودا، وأتبعها الصبي ليأخذها، فوقعت يده على يهودا، قال: فذهب غَضَبه.
قال: فارتاب یهودا، ورجع الصبي بالرمانة إلى يوسف (علیه السّلام)، ثم ارتفع الكلام بينهما حتَّى غَضب، وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدّم، فلمّا رآه يوسف دَخرَج الرمانة نحو يهودا، وأتبعها الصبي ليأخُذها، فوقعت يده على يهودا، فسكن غضبه، قال: فقال يهودا: إنّ في البيت لمن ولد يعقوب ! حتى صنع ذلك ثلاث مرّات(2).
58/2130 - عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): رحمك الله، ما الصبر الجميل؟
فقال: ذاك صبرٌ ليس فيه شكوى إلى الناس، إنّ إبراهيم (علیه السّلام) بعث يعقوب
ص: 357
إلى راهب من الرُّهبان، عابد من العباد في حاجة، فلمّا رآه الراهب حَسِبه إبراهيم فوتب إليه فاعتنقه، ثم قال: مرحباً بخليل الرحمن، قال يعقوب (علیه السّلام): إني لستُ بإبراهيم، ولكنّي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
فقال له الراهب: فما بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال: الهمّ والحُزن والسَّقم، فما جاوز صير الباب(1) حتّى أوحى الله إليه: أن يا يعقوب شكوتني إلى العباد! فخرّ ساجداً عند عتبة الباب يقول: ربّ لا أعود، فأوحى الله إليه: أني قد غَفَرْتُها لك، فلا تعود إلى مثلها، فما شكا شيئاً مما أصابه من نوائب الدنيا، إلا أنه قال يوماً: ﴿إِنَّمَا أَشْكُوا بَنِّى وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾(2) [86].
2131/59 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: قال له بعض أصحابنا ما بلغ من حُزن يعقوب على يوسف؟ قال: حُزن سبعين تكلى حَرّى(3).
2132 / 60 - وبهذا الاسناد، عنه (علیه السّلام)، قال : قيل له : كيف يَحْزَن يعقوب على يوسف، وقد أخبره جبرئيل أنَّه لم يمت، وأنه سيرجع إليه؟ فقال: إنه نسى ذلك(4).
61/2133 - عن محمد بن سهل البحراني، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : البكاء ون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد، و علي بن الحسين (علیهم السّلام)، وأما يعقوب فيكي على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل الحسين له: ﴿تالله تَفْتَوُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ﴾(5)[85] .
ص: 358
62/2134 - عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: إن يعقوب (علیه السّلام) أتى ملكاً بناحيتهم يسأله الحاجة، فقال له الملك: أنت إبراهيم؟ قال: لا. قال: فأنت إسحاق بن إبراهيم؟ قال: لا. قال: فمن أنت؟ قال: أنا يعقوب بن إسحاق.
قال: فما بلغ بك ما أرى مع حَدَاثة السن؟ قال: الحُزن على ابني يوسف. قال: لقد بلغ بك الحُزن يا يعقوب كُلّ مبلغ. فقال: إنا معشر الأنبياء أسرع شيء البلاء إلينا، ثمّ الأمثل فالأمثل من الناس، فقضى حاجته.
فلمّا جاوز صير(1) با به هبط عليه جبرئيل (علیه السّلام)، فقال له: يا يعقوب، ربّك يُقرئك السلام، ويقول لك: شكوتني إلى الناس، فعفّر وجهه في التراب، وقال: يا رب زلَّة أقلنيها، فلا أعود بعد هذا أبداً.
ثم عاد إليه جبرئيل، فقال: يا يعقوب، ارفع رأسك، ربك يقرئك السلام، ويقول لك: قد أقلتُك، فلا تعد تشكوني إلى خَلْقي، فما رُؤي ناطقاً بكلمةٍ ممّا كان فيه حتى أتاه بنوه، فصرف وجهه إلى الحائط، فقال: ﴿إِنَّمَا أَشْكُوا بَنِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾(2).
63/2135 - وفي حديث آخر عنه (علیه السّلام): جاء يعقوب (علیه السّلام) إلى نُمرود في حاجة، فلما دخل عليه - وكان أشبه الناس بإبراهيم - قال له: أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال: لا «الحديث»(3).
64/2136 - الفضيل بن يسار، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: ﴿إِنَّمَا أَشْكُوا بَنِّى وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾ منصوبة(4).
ص: 359
2137 / 65 - عن حنان بن سدير ، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): أخبرني عن يعقوب (علیه السّلام) حين قال: ﴿اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [87] أكان علم أنه حيّ وقد فارقه منذ عشرين سنة، وذهبت عيناه من الحُزن؟ قال: نعم، علم أنه حتي.
قال: وكيف علم؟ قال: إنّه دعا في السَّحَر أن يهبط عليه ملك الموت، فهبَطَ عليه تربال، وهو ملك الموت، فقال له تربال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال: أخبرني عن الأرواح، تقبضها مجتمعةً أو مُتفرّقةً؟ قال: بل متفرّقة رُوحاً روحاً. قال: فمرّ بك روح يوسف؟ قال: لا. قال: فعند ذلك عَلم أنه حيّ، فقال لولده: ﴿أَذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ﴾.
وفي خبر آخر: عزرائيل، وهو ملك الموت، وذكر نحوه عنه(1).
66/2138 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) عاد إلى الحديث الأول(2)، قال: واشتدّ حُزنه - يعني يعقوب (علیه السّلام)- حتى تقوس ظهره، وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجةً شديدة، وفنيت ميرتهم، فعند ذلك قال يعقوب (علیه السّلام) لولده: ﴿أذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَلَا تَايْنَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَايْنَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا القَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ فخرج منهم نفر، وبعث معهم ببضاعة يسيرة، وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده، وأوصى ولده أن
ص: 360
يبدءوا بدفع كتابه قبل البضاعة، فكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى عزيز مصر، ومُظهر العدل، ومُوفي الكيل، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله صاحب نُمرود الذي جَمَع لإبراهيم الخليل الخطب والنار ليُحرقه بها، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وأنجاه منها.
أخبرك - أيها العزيز - أنا أهل بيت قديم، لم يزل البلاء إلينا سريعاً من الله، ليَبْلُونا بذلك عند السراء والضراء، وأن مصائب تتابعت عليّ منذ عشرين سنة، أوّلها أنه كان لي ابن سمّيته يوسف، وكان سُروري من بين ولدي، وقُرّة عيني، وثَمرة فُؤادي، وأنّ إخوته من غير أمه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب، فبعثته معهم بكرةً، وأنهم جاءوني عشاء يبكون، وجاءوني على قميصه بدم كذب، فزَعَموا أنّ الذئب أكله، فاشتدّ لفقده حُزني، وكثر على فراقه بكائي، حتى أبيضت عيناي من الحزن.
وإنه كان له أخ من خالته(1)، وكنت به معجباً، وعليه رفيقاً، وكان لي أنيساً، وكنت إذا ذكرت يوسف ضَمَمْتُه إلى صدري، فيسكُن بعض ما أجِدُ في صدري، وإن إخوته ذكروا لي أنَّك - أيها العزيز - سألتهم عنه، وأمرتهم أن يأتوك به، وإن لم يأتوك به مَنَعْتهم الميرة لنا من القَمْح من مصر، فبعثته معهم ليَمْتَارُوا لنا قَمْحاً، فرَجَعُوا إليّ وليس هو معهم، وذكروا أنّه سَرَق مكيال الملك، ونحن أهل بيت لا نسرق، وقد حَبَسْتَه وفَجَعْتَني به، وقد اشتدّ لفراقه حُزني حتَّى تَقَوَّس لذلك ظهري، وعَظُمَت به مُصيبتي مع مصائب متتابعات عليّ، فمُنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه
ص: 361
من مَحْبِسه، وطيب لنا القمح، وأسمح لنا في السعر، وعَجِّل بسَراح آل يعقوب.
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه، نزل جَبْرَئيل على يعقوب (علیه السّلام)، فقال له: يا يعقوب، إنَّ ربَّك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر ؟ قال يعقوب (علیه السّلام): أنت بلوتني بها عُقوبةً منك وأدباً لي. قال الله: فهل كان يقدر على صَرْفها عنك أحدٌ غيري؟ قال يعقوب (علیه السّلام): اللهم لا . قال : أفما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري، ولم تَسْتَغِتْ بي وتشكو ما بك إلي ؟
فقال يعقوب: أستغفرُك يا إلهي وأتوب إليك، وأشكو بنّي وحزني إليك. فقال الله تبارك وتعالى: قد بلغتُ بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي، ولو كنتَ يا يعقوب شكوت مصائبك إليّ عند نزولها بك واستغفرت وتُبت إلي من ذنبك، لَصَرفتُها عنك بعد تقديري إيَّاها عليك، ولكنَّ الشيطان أنساك ذكري فصرت إلى القُنوط من رحمتي، وأنا الله الجواد الكريم أحِبّ عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلى فيما عندي.
يا يعقوب، أنا راتٌ إليك يوسف وأخاه، ومُعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك، وراد إليك بصرك، ومُقوّم لك ظهرك، وطب نفساً، وقَرّ عيناً، وإنّ الذي فعلته بك كان أدباً منّي لك، فاقبل أدبي.
قال: ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر ، حتى دَخَلُوا على يوسف (علیه السّلام) في دار المملكة، فقالُوا: أَيُّها العَزيزُ، مَسَّنا وأهلَنَا الضُّر وجئنا ببضاعة مُرْجاةٍ فَأَوْفِ لنَا الكَيل وتصدّق علينا بأخينا ابن يامين، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره، يسألك تخلية سَبيله، فامنن به عليه.
قال: فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله، ووضعه على عينيه، وبكى وانتحب حتى بلت دُمُوعُه القميص الذي عليه، ثم أقبل عليهم فقال: هل عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُم
ص: 362
بيوسُفَ من قبلُ وَأخِيهِ من بعد؟ قالوا: إِنَّكَ لأنتَ يُوسُفَ! قال: أنا يُوسُف، وهَذا أخي، قد قد مَنَّ الله علينا. قالوا: تالله لقد آثرك الله علينا، فلا تَفْضَحْنا ولا تُعاقِبْنا اليوم وأغْفِرْ لنا. قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكُمْ.
وفي رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، نحوه(1).
2139 / 67 - عن عمرو بن عثمان، عن بعض أصحابنا، قال: لمّا قال إخوة يوسف: يا أيها العزيز مَسَّنا وأهلنا الضُّر، قال: قال يوسف: لا صبر على ضُرّ آل يعقوب، فقال عند ذلك: ﴿هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [89] إلى آخر الآية(2).
68/2140 - عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال: سألته عن قوله: ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ﴾ [88] . قال : المُقْل(3).
وفي هذه الرواية ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ﴾، قال كانت المُقْل، وكانت بلادهم بلاد المقل، وهي البضاعة(4).
2141/ 69 - عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: كتب يعقوب النبي (علیه السّلام) إلى يوسف: من يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر .
أما بعد، فانا أهل بيت لم يزل البلاء سريعاً إلينا، ابتُلي جَدّي إبراهيم فألقي في النار، ثمّ ابتُلي أبي إسحاق بالذَّبح، فكان لي ابن، وكان قرة عيني وكُنتُ أُسَرُّ به، فابتليتُ بأن أكله الذئب، فَذَهَب بَصَرِي حُزناً عليه من البكاء، وكان له أخ، وكنت
ص: 363
أسَرٌ إليه بعده، فأخَذْتَه في سَرَقٍ(1) ، وإنا أهل بيت لم تشرق قط، ولا يُعرف لنا السرق، فإن رأيت أن تَمُنَّ عليَّ به فعلت.
قال: فلما أوتي يوسف (علیه السّلام) بالكتاب فتحه وقرأه فصاح ، ثم قام فدخل منزله، فقرأ وبكى، ثمّ غسل وجهه، ثمّ خرج إلى إخوته، ثم عاد فقرأه فصاح وبكى، ثمّ قام فدخل منزله، فقرأه وبكى، ثمّ غسل وجهه، وعاد إلى إخوته، فقال: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون؟ وأعطاهم قميصه، وهو قميص إبراهيم (علیه السّلام)، وكان يعقوب (علیه السّلام) بالرملة(2)، فلمّا فَصَلُّوا بالقميص من مصر، قال يعقوب: إنّي لأجِدُ ريحَ يُوسُفَ لَولا أن تُفَندونَ. قالوا: تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ القديم(3).
2142/ 70 - عن المُفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: ليس رجل من ولد فاطمة (سلام الله علیها) يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يُقرّ للامام بإمامته، كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف (علیه السّلام) حين قالوا تَاللهِ لَقَدْ آتَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا(4).
2144 / 72 - عن مُفضّل الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف؟ قال: قلت: لا. قال: إن إبراهيم (علیه السّلام) لما أوقدوا النار له أتاه جَبْرَئِيل (علیه السّلام) من ثِياب الجنّة فألبسه إيَّاه، فلم يَضُرّه معه حرّ ولا برد، فلمّا حضر إبراهيم (علیه السّلام) الموت جَعَله في تميمة(1) وعلقه على إسحاق (علیه السّلام)، وعلق إسحاق على يعقوب (علیه السّلام)، فلما ولد ليعقوب يوسف (علیه السّلام) علقه عليه، وكان في عَضُده حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرج يوسف (علیه السّلام) القميص من التّميمة وجد یعقوب (علیه السّلام) ريحه، وهو قوله: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ﴾ [94] فهو ذلك القميص الذي أُنزِل من الجنَّة.
قلت: جُعِلت فداك، فإلى من صار ذلك القميص ؟ فقال لى: إلى أهله. ثم قال: كُل نبي ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(2).
73/2145 - عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ، قال : كان القميص الذي أنزل به على إبراهيم (علیه السّلام) من الجنَّة في قَصَبةٍ من فِضَّة أو حديد، وكان إذا لبس كان واسعاً كبيراً، فلمّا فَصَلُّوا بالقميص ويعقوب الا بالرملة، قال يعقوب (علیه السّلام): إني لأجد ريح يوسف، عنى ريح الجنّة حتى فَصلوا بالقميص، لأنه كان في الجنة(3).
74/2146 - عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، رفعه، باسناد له، قال (علیه السّلام): إن يعقوب (علیه السّلام) وَجَد ريح قميص يوسف من مسيرة عَشرة ليال، وكان يعقوب ببيت المَقْدِس ويوسف بمصر، وهو القميص الذي نَزَل على إبراهيم (علیه السّلام) من الجنة،
ص: 365
فدفعه إبراهيم إلى إسحاق (علیه السّلام)، و إسحاق إلى يعقوب (علیه السّلام)، ودفعه يعقوب إلى يوسف (علیهم السّلام)(1).
75/2147 - عن نشيط بن صالح العجلی(2)، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أكان إخوة يوسف (علیه السّلام) أنبياء؟ قال: لا، ولا بَرَرة أتقياء، وكيف وهم يقولون لأبيهم يعقوب (علیه السّلام): تالله إنك لفي ضلالك القديم(3)؟!
76/2148 - عن سليمان بن عبد الله الطلحي، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): ما حال بني يعقوب، هل خَرَجُوا من الإيمان؟ فقال: نعم. قلتُ له: فما تقول في آدم؟ قال: دَع آدم(4).
2149 / 77 - عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ بني يعقوب بعد ما صَنَعُوا بيوسف (علیه السّلام)أذنبوا فكانوا أنبياء(5)؟!
78/2150 - عن نشيط ، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سألته أكان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا ولا برّرة أتقياء، كيف يكونون كذلك وهم يقولون ليعقوب (علیه السّلام): تالله إنك لفي ضلالك القديم(6)؟!
2151/ 79 - عن مُقَرّن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: كتب عزيز مصر إلى يعقوب (علیه السّلام): أما بعد، فهذا ابنك يوسف، اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة،
ص: 366
واتَّخذته عبداً، وهذا ابنك ابن يامين أخذته، قد سَرَق واتخذته عبداً.
قال: فما وَرَد على يعقوب (علیه السّلام) شيء أشدّ عليه من ذلك الكتاب، فقال للرسول: مكانك حتى أجيبه، فكتب إليه يعقوب (علیه السّلام): أما بعد، فقد فهمت كتابك أنَّك أخذت ابني بتمنٍ بَخْسٍ واتَّخذته عبداً، وأنَّك اتخذت ابني ابن يامين وقد سَرَق فاتخذته عبداً، فإنا أهل بيت لا نَسرِق، ولكنّا أهل بيت تُبتلى، وقد ابتلي أبونا إبراهيم بالنار، فوقاه الله، وابتلي أبو نا إسحاق بالذبح فَوَقاه الله، وإنّي قد ابتليت بذَهاب بَصَرِي وذَهاب ابني، وعسى الله أن يأتيني بهم جميعاً.
قال: فلما ولى الرسول عنه، رفع يده إلى السماء، ثمّ قال: يا حَسَنَ الصُّحبة، ياكريمَ المَعُونة، يا خيراً كلّه(1)، ائتني برَوْح وفَرَج من عندك.
قال: فَهَبط عليه جبرئيل (علیه السّلام)، فقال ليعقوب: ألا أعلمك دعوات يرد الله عليك بها بصرك، ويردّ عليك ابنك(2)؟ فقال: بلى. فقال: قُل: يا مَن لا يعلمُ أحدٌ كيف هو وحيث هو وقدرته إلا هو، يا من سد الهواء بالسماء، وكبس الأرض على الماء، واختار لنفسه أحسن الأسماء، ائتني بروح منك، وفَرّج من عندك. فما انفجر عمود الصبح حتى أتي بالقميص، فطرح على وجهه، فرَدَّ اللهُ عليه بَصَره، ورَدّ عليه ولده(3).
80/2152- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)- عاد إلى الحديث الأول الذي قطعناه(4) - قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم أذهبوا بقميصي هذا الَّذي بلَّته
ص: 367
دموع عيني، فألْقُوهُ على وَجْهِ أَبي يَرْتَدَّ بَصيراً، لو قد شَم ريحي، وأتُونِي بِأَهْلِكُمْ أجْمَعِينَ ، ورَدّهم إلى يعقوب (علیه السّلام) في ذلك اليوم، وجَهَّزهم بجميع ما يحتاجون إليه ، فلمّا فَصَلت عيرهم من مصر، وجد يعقوب (علیه السّلام) ريح يوسف، فقال لمن بحضرته من ولده: إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تُفَنِّدون.
قال: وأقبل ولده يحبّون السير بالقميص فَرَحاً وسُروراً بما رأوا من حال يوسف (علیه السّلام) والمُلْك الذي أعطاء الله، والعز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف، وكان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة أيام، فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه، فارتد بصيراً، وقال لهم: ما فعل ابن ياميل؟ قالوا: أخلفناه عند أخيه صالحاً.
قال: فحمد الله يعقوب عند ذلك، وسجد لربه سجدة الشكر، ورجع إليه بَصَرُه، وتقوم له ظَهْرُه، وقال لولده : تَحمّلوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم، فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب (علیه السّلام) وخالة يوسف ياميل(1)، فأحَتُوا السِّير فرحاً وسروراً، فساروا(2) تسعة أيام إلى مصر(3).
81/2153- عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ [98]، قال: أخرهم إلى السحر، قال: يا ربّ إنما ذنبهم فيما بيني وبينهم، فأوحى الله : أنَّي قد غَفَرتُ لهم(4).
ص: 368
82/2154- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى﴾، قال: أخَّرها(1) إلى الشحر ليلة الجمعة(2).
83/2155 - عن محمد بن سعيد الأزدي صاحب موسى بن محمد بن الرضا، عن موسى، قال لأخيه(3): إنَّ يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل، فقال: أخبرني عن قول الله: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً﴾ [100] أسجد يعقوب وولده ليوسف؟
قال: فسألت أخي عن ذلك، فقال: أما سُجود يعقوب وولده ليوسف فشكراً لله، لاجتماع شغلهم، ألا ترى أنه يقول في شكر ذلك الوقت: ﴿رَبِّ قَدْءَ اتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ؟ [101] الآية(4).
2156 / 84 - عاد إلى الحديث الأول(5) عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: فساروا تسعة أيام إلى مصر، فلما دخلوا على يوسف في دار المُلك، اعتنق أباه فقبَّله وبكى، ورفعه ورَفَع خالته على سرير المُلك، ثم دخل منزله فادّهن واكْتَحل، ولَبِس ثِياب العزّ والمُلك، ثمّ خَرَج إليهم، فلما رأوه سَجَدوا جميعاً له، إعظاماً له وشُكراً الله ، فعند ذلك قال: ﴿يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ إِلَى قوله: ﴿بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾.
ص: 369
قال: ولم يَكُن يوسف (علیه السّلام) في تلك العشرين سنة يدهن ولا يَكْتَحل ولا يتطيّب ولا يَضْحَك ولا يمس النساء حتّى جَمَع الله ليعقوب (علیه السّلام) شمله، وجمع بينه وبين يعقوب وإخوته(1).
85/2157 - عن الحسن بن أسباط، قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) في كم دَخَل يعقوب من ولده على يوسف؟ قال: في أحد عشر ابناً له. فقيل له: أسباط ؟ قال: نعم.
وسألته عن يوسف وأخيه، أكان أخاه لأمه أم ابن خالته؟ فقال: ابن خالته(2).
2158/ 86 - عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ﴾ ، قال: العَرشِ: السَّرير.
وفي قوله: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً﴾، قال: كان سُجُودهم ذلك عِبادة الله(3).
87/2159 - عن محمد بن بهروز، عن جعفر بن محمد (علیه السّلام)، قال: إن يعقوب قال ليوسف (علیه السّلام) حيث التقيا: أخبرني يا بني كيف صُنع بك ؟
فقال له يوسف (علیه السّلام) انطلق بي فأقعدت على رأس الجُب فقيل لى: انزع القميص، فقلت لهم: إنّي أسألكم بوجه أبي الصدّيق يعقوب لا تبدوا عورتي، ولا تسلبوني قميصي، قال: فأخرج عليّ فلان السِّكِّين، فغُشي على يعقوب (علیه السّلام)، فلمّا أفاق قال له يعقوب (علیه السّلام): حدثني كيف صنع بك ؟ فقال له يوسف (علیه السّلام): إني أطالب يا أبتاء لمّا كَفَفْت، فكَفِّ(4).
88/2160 - عن محمّد بن مسلم، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): كم عاش
ص: 370
يعقوب (علیه السّلام) مع يوسف بمصر بعد ما جَمَع الله ليعقوب شغله، وأراه تأويل رؤيا يوسف (علیه السّلام) الصادقة؟ قال: عاش حولين.
قلتُ: فمَن كان يومئذ الحُجَّة لله في الأرض، يعقوب أم يوسف؟ فقال: كان يعقوب (علیه السّلام) الحُجَّة، وكان المُلك ليوسف (علیه السّلام)، فلما مات يعقوب حَمَل يوسف عظام يعقوب فى تابوت إلى أرض الشام، فدفنه في بيت المَقْدِس، ثم كان يوسف ابن يعقوب الحُجّة(1).
89/2161 - عن إسحاق بن يَسَار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنَّه قال: إن الله بعث إلى يوسف (علیه السّلام) وهو في السجن: يا ابن يعقوب، ما أسكنك مع الخطائين؟ قال: جُرمي. قال: فأعترف بجُرمه فأخرج، فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجُل من أهله(2)، فقال له: ادعُ بهذا الدعاء: يا كبير، يا من لا شريك له ولا وزير، يا خالق الشمس والقمر المنير، يا عصمة المُضطر الضَّرير، يا قاصِمَ كُلِّ جَبّارٍ مُبير(3)، يا
ص: 371
مغني البائس الفقير، يا جابر العظم الكسير، يا مُطلق المُكَبّل الأسير، أسألك بحق محمدٍ وآل محمّد أن تجعل لي من أمري فَرَجاً ومَخْرَجاً، وتَرْزُقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب.
قال: فلما أصبح دعاء المَلِك فَخَلّى سبيله، وذلك قوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾(1).
2162 / 90 - عباس بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: بينا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جالسٌ في أهل بيته، إذ قال: أحَبَّ يوسف أن يستوثق لنفسه، قال: فقيل: بماذا(2)، یا رسول الله ؟
قال: لما عَجّل له عزيز مصر عن مصر لبِس ثوبين جديدين - أو قال: نظيفين(3) - وخَرَج إلى فَلاةٍ من الأرض، فصلى ركعات، فلمّا فَرَغ رفع يده إلى السماء، فقال: رَبِّ قَد آتَيْتَني مِنَ المُلْكَ، وَعَلَّمَتَني من تأويل الأحاديثِ، فاطِرَ السَّماواتِ والأَرضِ، أَنْتَ وَلِييّ في الدُّنيا والآخِرَة.
قال: فهبَطَ إِليه جَبْرَئيل (علیه السّلام)، فقال له: يا يوسف، ما حاجتك؟ فقال: رَبِّ تَوفَّني مُسلِماً والْحِقني بالصَّالِحِينَ. فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): خشي الفتن(4).
2163 / 91 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾ [106]، قال: من ذلك قول الرجل: لا وحياتك(5).
2164 / 92 - عن يعقوب بن شُعيب، قال: سألتُ أبا عبد الله (علیه السّلام): ﴿وَمَا يُؤْمِنُ
ص: 372
أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾ ؟
قال: كانوا يقولون: تُمْطَر بنوء(1) كذا ، وبنوء كذا لا نُمْطَر : ومنهم أنَّهم كانوا يأتون الكهان فيُصَدِّقُونهم بما يَقُولون(2).
2165 / 93 - عن محمّد بن الفضيل، عن الرضا (علیه السّلام)، قال: شرك لا يُبْلَغ به الكفر(3).
2166 / 94 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : شرك طاعة؟ قول الرجل: لا والله وفلان، ولولا الله لو كلت فلان ، والمعصية منه(4).
95/2167 وأبو بصير، عن أبي إسحاق، قال: هو قول الرجل: لولا الله وأنت ما فعل بي كذا وكذا، ولولا الله وأنت ما صُرِف عنّي كذا وكذا، وأشباه ذلك(5).
96/2168 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : شرك طاعة وليس بشيرك عبادة، والمعاصي التي ترتكبون(6) مما أوجب الله عليها النار شرك طاعة، أطاعوا الشيطان وأشركوا بالله في طاعته، ولم يكن بشرك عبادة، فيعبدون مع الله غيره(7).
ص: 373
97/2169 - عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قوله: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ ، أَكْثَرُهُم بِاللهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾، قال: هو قول الرجل: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان لأصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي: ألا ترى أنَّه قد جَعَل الله شريكاً في مُلكه يَرْزُقه ويدفع عنه.
قال: قلتُ: فيقول: لولا أنّ الله مَنْ عليّ بفلان لَهَلَكت؟ قال: نعم، لا بأس بهذا(1).
98/2170 - عن زرارة وحُمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (علیهما السّلام)، قالوا: سألناهما، فقالا: شيرك النعم(2).
19/2171 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : شرك طاعة وليس شرك عبادة في المعاصي التي يرتكبون، فهي شرك طاعة، أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في طاعة غيره، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله(3).
100/2172 - عن إسماعيل الجعفي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [108].
قال: فقال: علي بن أبي طالب (علیه السّلام) خاصة، وإلا فلا أصابني شفاعة محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(4).
101/217 - عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الثاني (علیه السّلام)، قال: قلت: جعلت فداك، إنَّهم يقولون فى الحداثة.
ص: 374
قال: وأي(1) شيء يقولون؟ إنّ الله تعالى يقول: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ فو الله ما كان اتِّبعه إلا علي وهو ابن سبع(2) سنين، وما مضى أبي إلا وأنا ابن سبع(3) سنين، فما عسى أن يقولوا؟
قال: ثم كانت أمارات فيها وقبلها أقوام، الطريقان في العاقبة سواء، الظاهر مختلف، هو رأس اليقين، إنَّ الله يقول في كتابه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ إلى قوله: ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾(4).
102/2174 - عن سَلام بن المُستنير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلى﴾إلى: ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ : قال : على (علیه السّلام)، وزاد قال: رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و عليّ والأوصياء من بعدهما(5).
103/2175 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْنَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ [110] مُخَفَّفة، قال: ظنّت الرُّسل أن الشياطين تُمثل لهم على صُورة الملائكة(6)
104/2176 - عن ابن شعيب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : وَكَلهم الله إلى أنفسهم أقل من طرفة عين(7).
2177/105 - عن يعقوب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : أما أهل الدنيا فقد أظهروا
ص: 375
الكَذِب، وما كانوا إلّا من الذين وَكَلهم الله إلى أنفسهم ليمن عليهم(1).
2178/106 - عن محمد بن هارون، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما علم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنَّ جَبْرَئيل من عند الله إلا بالتَّوفيق(2).
107/2179 - عن زرارة، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): كيف لم يخف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان.
قال: فقال: إنَّ الله إذا اتَّخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار، فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه(3).
ص: 376
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/2180 - عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : من أكثر قراءة سورة الرعد لم تُصِبْه صاعقة أبداً، وإن كان ناصبيّاً، فإنه لا يكون أشرّ من الناصب، وإن كان مؤمناً أدخله الله الجَنَّة بغير حساب، ويُشفّع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه من المؤمنين(1).
2/2181 - عن أبي لبيد، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: يا أبا لبيد، إن في حُرُوف القرآن لعِلماً جَمّاً، إنّ الله تبارك وتعالى أنزل ﴿الم * ذَلِكَ الكِتَابُ﴾(2) فقام محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) حتَّى ظَهَر نُورُه ، وثَبَت كَلِمَتُه ، ووُلد يوم ولد، وقد مضى من الألف السابع مائة وثلاث سنين.
ثمّ قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المُقطَّعة، إذا عَدَدْتَها من غير تكرار، وليس من حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ حَرفٌ تنقضي أيامه إلا وقائم من بني هاشم عند انقضائه.
ص: 377
ثمّ قال: الألف: واحد، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون، والصاد: تسعون، فذلك مائة وإحدى وستون، ثمّ كان بدو خُرُوج الحسين بن علي (علیهما السّلام) ﴿الم * الله﴾(1) فلمّا بَلَغت مُدّتها قام قائم من ولد العباس عند ﴿المص﴾(2) ويقوم قائمنا عند انقضائها ب_﴿آلر﴾(3) فانهم ذلك و عه واکتمه(4).
الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السّلام): أخبرني عن قول الله ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ﴾(5). قال: مَحْبوكة إلى الأرض - وشبَّك بين أصابعه -.
فقلتُ: فكيف تكون مَحْبوكةً إلى الأرض وهو يقول: ﴿رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [2]؟ فقال: سبحان الله ! أليس يقول: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾؟ فقلت: بلی فقال: فثمَّ عَمَدٌ ولكن لا تُرَى.
فقلت: كيف ذاك؟ فبَسطَ كَفَّه اليُسرى، ثمَّ وضع اليمنى عليها، فقال: هذه الأرض الدنيا، والسماء الدنيا عليها قُبَّة(6).
5/2184 - عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام)، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): فينا نزلت هذه الآية ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمِ هَادٍ﴾ [7] فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أنا المنذر وأنت الهادي يا علي، فمنا الهادي والنَّجاة والسَّعادة إلى يوم القيامة(1).
6/2185 - عن عبد الرحيم القصير، قال: كنتُ يوماً من الأيام عند أبى جعفر (علیه السّلام) فقال : يا عبد الرحيم، قلت: لبيك، قال: قول الله: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَادٍ﴾ إذ قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «أنا المنذر و علي الهادي» فمن الهادي اليوم؟
قال: فسكت طويلاً، ثمّ رفعتُ رأسي، فقلتُ: جعلت فداك، هي فيكم تَوارَتُونها رجُل فرجلٍ حتى انتهت إليك، فأنت جعلت فداك الهادي.
فال: صدقت يا عبد الرحيم، إنَّ القرآن حتى لا يموت، والآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا فمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين.
وقال عبد الرحيم : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): إن القرآن حتى لم يمت، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار ، وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أوّلنا(2).
7/2186 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): أنا المنذر وعلى الهادي، وكلّ إمام هاد للقرن الذي هو فيه(3).
ص: 379
8/2187 - عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «أنا المُنذِر» وفي كُلّ زمانٍ إمام منا يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، والهداة من بعده عليّ، ثمّ الأوصياء من بعده واحد بعد واحد، أما والله ما ذهبت منا ولا زالت فينا إلى الساعة رسول الله المُنذِر ، وبعليّ يهتدي المُهْتَدون(1).
9/2188 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): أنا المنذر ، وعلي الهادي إلى أمري(2).
2189 / 10 - عن حريز، رفعه إلى أحدهما (علیهما السّلام) في قول الله تبارك وتعالى: ﴿إاللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى﴾ وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ [8].
قال الغَيض : كُلِّ حَمْل دون تسعة أشهر ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ كلِّ شيءٍ يزداد على تسعة أشهر، وكُلّما رأت الدم في حملها من الحيض يزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم(3).
11/2190 - عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قوله تعالى: ﴿مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى﴾ يعني الذَّكر والأُنثى ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ قال: الغَيْض: ما كان أقل من الحَمْل، ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ ما زاد على الحَمْل، فهو مكان ما رأت(4) من الدم في حملها(5).
2191 / 12 - محمد بن مسلم وحُمران وزرارة، عنهما (علیهما السّلام). قال : ﴿مَا تَحْمِلُ
ص: 380
كُلُّ أُنثى﴾ [أنتى] أو ذَكَر، ﴿وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ﴾ التي لا تحمل ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ من أنثى أو ذكر(1).
2192/13 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ﴾، قال: ما لم يكن حَمْلاً ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾، قال : الذكر والأنثى جميعاً(2).
14/2193 - عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى﴾ قال: الذَّكَر والأنثى ﴿وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ﴾ قال: ما كان دون التسعة فهو غيض، ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ قال : ما رأت الدم في حال حملها ازداد به على التسعة الأشهر،إن كانت رأت الدم خمسة أيام أو أقل أو أكثر، زاد ذلك على التّسعة الأشهر(3).
2194 / 15 - عن بريد العجلي، قال: سَمِعني أبو عبد الله (علیه السّلام) وأنا أقرأ ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ [11] فقال: مه، وكيف تكون المُعَقِّبَات من بين يديه ؟ إنما تكون المُعَقِّبات من خلفه، إنما أنزلها الله (له رقيب من بين يديه ومُعقبات من خلفه يَحْفَظُونه بأمر الله)(4).
2195 / 16 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ الله﴾ قال: بأمر الله، ثمّ قال: ما من عبدٍ إلا ومعه ملكان يحفظانه، فاذا جاء الأمر من عند الله خَلّيا بينه وبين أمر الله(5).
2196 / 17 - عن فضيل بن عثمان سُكّرة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال في هذه
ص: 381
الآية ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ الآية، قال: هُنّ المُقدّمات المُؤخّرات المُعقبات الباقيات الصالحات(1).
2197 / 18 - عن سليمان بن عبدالله، قال: كنتُ عند أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قاعداً، فأُتي بامرأةٍ قد صار وجهها قفاها، فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى من خلف ذلك، ثمّ عصر وجهها عن اليمين، ثمّ قال: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [11] فَرَجَع وجهها، فقال: احذري أن تفعلي كما فعلت.
قالوا: يا ابن رسول الله، وما فعلت؟ فقال: ذلك مَسْتُورٌ إلا أن تَتَكلَّم به، فسألوها فقالت: كانت لي ضَرَّة، فقمتُ أصلي، فظننتُ أنّ زوجي معها، فالتفتُ إليها فرأيتها قاعدةً وليس هو معها، فَرَجَع وجهها على ما كان(2).
19/2198 - عن أبي عمرو المدايني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إن أبي (علیه السّلام) كان يقول: إنَّ الله قضى قضاءً حتماً لا يُنعم على عبده بنعمة فسلبها إياه قبل أن يُحدث العبد ذنباً يستوجب بذلك الذَّنب سلب تلك النعمة، وذلك قول الله: ﴿إنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾(3).
20/2199 - أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ فصار الأمر إلى الله تعالى(4).
21/20 - عن الحسين بن سعيد المكفوف، كتب إليه (علیه السّلام) في كتاب له :
ص: 382
جُعِلت فداك يا سيدي، علم مولاك ما لا يُقبل القائله دَعوة، وما لا يُؤخِّر لفاعله دعوة، وما حد الاستغفار الذي وعد عليه نوح، والاستغفار الذي لا يُعذِّب قائله؟ وكيف يُلفظ بهما، ومعنى قوله: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله﴾(1) ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾(2)وقوله: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ﴾(3) و ﴿مَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي﴾(4) و ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ وكيف تغيير القوم ما بأنفسهم؟
فكتب (صلوات الله عليه): كافأكم الله عنّي بتضعيف الثواب والجزاء الحَسَن الجميل، وعليكم جميعاً السلام ورحمة الله وبركاته؛ الاستغفار ألف، والتوكل من توكل على الله فهو حسبه، ومَن يَتَّقِ الله يجعل له مخرجاً ويَرْزُقه من حيث لا يَحْتَسب.
وأما قوله: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ﴾ أي من قال بالامامة واتبع أمرهم(5) بحُسن طاعتهم، وأما التغيّر فانه لا يسىء(6) إليهم حتى يتولوا ذلك بأنفسهم بخطاياهم، وارتكابهم ما نهى عنه، وكتب بخطه(7).
22/2201 - عن يونس بن عبد الرحمن: أنّ داود قال: كنا عنده فارتعدت السماء، فقال هو: سُبحان من يسبّح له الرّعد بحمده والملائكة من خيفته.
فقال له أبو بصير: جُعِلت فداك، إنّ للرعد كلاماً ؟ فقال : يا أبا محمد، سل عمّا يعنيك، ودَع ما لا يعنيك(8).
ص: 383
23/2202 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن الرّعد أي شيءٍ يقول ؟ قال : إنه بمنزلة الرجل يكون في الابل فيَزْجُرها هاي هاي، كهيئة ذلك.
قلتُ: فما البَرْق ؟ قال لي: تلك من مخاريق(1) الملائكة، تضرب السَّحاب إلى الموضع الذي قضى الله فيه المَطَر(2).
24/2203 - عن عبد الله بن میمون القداح ، قال : سمعتُ زيد بن علي (علیه السّلام) يقول: يا معشر من يُحبّنا، لا يَنْصُرنا(3) من الناس أحد، فان الناس لو يستطيعوا أن يُحبونا لأحبّونا، والله لأحبتنا أشدّ خزانة من الذهب والفضة، إنَّ الله خلق ما هو خالق ثمَّ جعلهم أظلّة، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿وَاللهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ [15] الآية، ثم أخذ ميثاقنا وميثاق شيعتنا، فلا ينقص منا واحد، ولا يزداد فينا واحد(4).
25/2204 - عن عُقبة بن خالد، قال: دخلتُ على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فاذن لي وليس هو في مجلسه، فخَرَج علينا من جانب البيت من عند نسائه، وليس عليه جِلْبَاب، فلمّا نَظَر إلينا قال: أحبُّ لقاءكم، ثمّ جَلَس ثمّ قال: أنتم أولوا الألباب في كتاب الله، قال الله: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾(5) [19].
26/2205 - عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: تَفَكَّر ساعةٍ خيرٌ من عبادة سنة، قال الله: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾(6).
ص: 384
27/2206 - عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) يقول: الرَّحِم مُعلّقةٌ بالعرش، تقول: اللهم صِلْ مَن وَصَلني، وأقطَع مَن قَطَعني، وهي رَحِم آل محمّد ورَحِم كُلّ مؤمن، وهو قول الله:
(1)[21].
28/2207 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): بر الوالدين وصلة الرَّحِم يُهوّن الحساب، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾(2).
29/2208 - عن محمّد بن الفضيل(3)، قال : سَمِعتُ العبد الصالح (علیه السّلام) يقول: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾، قال: هي رَحِم آل محمّد مُعلّقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني، وهي تجري في كُلّ رَحِم(4).
30/2209- عن عمر بن مريم، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ قال: من ذلك صلة الرحم، وغاية تأويلها صلتك إيانا(5).
2210 / 31 - عن صفوان بن مهران الجمال، قال: وَقَع بين عبد الله بن الحسن(6).
ص: 385
وبين أبي عبد الله (علیه السّلام) كلام حتى ارتفعت أصواتهما، واجتمع الناس، ثم افترقا تلك العَشيّة، فلمّا أصبحتُ غَدوتُ في حاجةٍ لي، فاذا أبو عبد الله (علیه السّلام) على باب عبدالله ابن الحسن، وهو يقول : قولي يا جارية لأبي محمد: هذا أبو عبدالله بالباب، فخَرَج عبدالله بن الحسن، وهو يقول: يا أبا عبدالله، ما بكر بك؟ قال: إني مررتُ البارحة بآيةٍ من كتاب الله فأقلقتني، قال: وما هي؟ قال: قوله عزّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾ قال: فاعتنقا وبَكَيًا جميعاً، ثمّ قال عبدالله بن الحسن: صدقت والله يا أبا عبدالله، كأني لم أقرأ هذه الآية قطّ ، كأني لم تمر بي هذه الآية قطُّ(1).
2211 / 32 - كتب إلينا الفضل بن شاذان، عن أبي عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم ابن عبدالحميد، عن سالمة - مولاة أم ولد كانت لأبي عبد الله (علیه السّلام)- ، قالت: كنتُ عند أبي عبد الله (علیه السّلام) حين حضرته الوفاة، فأغمي عليه، فلما أفاق قال: أعْطُوا الحسن بن علي بن الحسين - وهو الأفطس - سبعين ديناراً.
قلتُ: أتُعطى رجلاً حمّل عليك بالشَّفرة(2)؟ قال: ويحك، أما تقرئين القرآن؟ قلت: بلى، قال: أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾.
قال: وقال: ﴿يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾، قال: هو الإمام(3).
ص: 386
33/2212 - عن الحسن بن موسى، قال: روى أصحابنا أنه سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾.
قال: هو صلة الإمام فى كُلّ سنة بما قل أو كثر، ثم قال أبو عبد الله (علیه السّلام): وما أريدُ بذلك إلَّا تَزْكِيتكم(1).
34/2213 - عن سماعة، قال: سألته عن قول الله: ﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ ، فقال: هو ما أفترض الله في المال غير الزكاة، ومن أدى ما فَرَض الله عليه فقد قضى ما عليه(2).
2214/ 35 - عن سماعة، قال: إنَّ الله فَرضَ للفقراء في أموال الأغنياء فريضةً لا يُحْمَدون بأدائها، وهي الزكاة بها حقنوا دماءهم، وبها سُمّوا مسلمين، ولكنَّ الله فَرَض فى الأموال حقوقاً غير الزكاة، وممّا فَرضَ في المال غير الزكاة قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ ومَن أدّى ما فَرَض الله عليه فقد قضى ما عليه، وأدّى شُكر ما أنعم الله عليه من ماله، إذا هو حَمِده على ما أنعم عليه بما فضَّله به من الشعة على غيره، ولما وفقه لأداء ما أفترض الله وأعانه عليه(3).
36/2215- عن أبي إسحاق، قال: سمعته يقول: في ﴿سُوءَ الحِسَابِ﴾ لا يُقْبَل حسناتهم، ويُؤخَذُونَ بسَيّاتهم(4).
2216 / 37 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿يَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾، قال: تُحْسَب عليهم السيئات، ولا تُحْسَب لهم الحسنات، وهو
ص: 387
الاستقصاء(1).
38/2217 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾، قال: الاستقصاء والمُدَاقة(2)، وقال: تُحْسَب عليهم السيِّئات، ولا تُحْسَب لهم الحَسَنات(3).
39/2218 - عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه قال لرجل: يا فلان، ما لك ولأخيك؟ قال: جُعِلت فداك، كان لي عليه حق، فاستقصيتُ منه حقي.
قال أبو عبدالله (علیه السّلام): أخبرني عن قول الله: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ﴾؟ أتراهم خافُوا أن يَجُور عليهم أو يظلمهم ؟ لا والله خافوا الاستقصاء والمداقة(4).
2219 / 40 قال محمد بن عيسى: وبهذا الاسناد أن أبا عبدالله (علیه السّلام) قال لرجل شكاه بعض إخوانه: ما لأخيك فلان يَشْكُوك ؟ فقال: أيشكوني أن استقصيت حقي!
قال: فجلس مُغضباً ثمّ قال: كأنَّك إذا استقصيت لم تُسئ: أرأيت ما حكى الله تبارك وتعال: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَاب﴾ أخَافُوا أن يَجُور عليهم الله ؟ لا والله ما خَافُوا إلا الاستقصاء، فسمّاه الله سُوء الحساب، فمن استقصى فقد أساء(5).
2220 / 41 - عن الحسين بن عثمان، عمَّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إِنَّ صلة الرَّحِم تُزكّى الأعمال، وتُنمى الأموال، وتُيسّر الحساب، وتدفع البلوى، وتزيد في الأعمار(6).
ص: 388
42/2221 - عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): جعلت فداك، إنَّ رجلاً من أصحابنا ورعاً مسلماً كثير الصلاة، قد ابتُلي بحبّ اللهو، وهو يسمع الغناء؟
فقال: أيمنعه ذلك من الصلاة لوقتها، أو من صوم، أو من عيادة مريض، أو حضور جنازة، أو زيارة أخ؟
قال: قلت: لا، ليس يمنعه ذلك من شيءٍ من الخير والبر. قال: فقال: هذا من خُطُوات الشيطان، مغفور له ذلك إن شاء الله .
ثمَّ قال: إنَّ طائفةً من الملائكة عابوا ولد آدم في اللذات والشَّهوات، أعنى لكم الحلال ليس الحرام، قال: فأنف الله للمؤمنين من ولد آدم من تغيير الملائكة لهم، قال: فألقى الله في همم(1) أولئك الملائكة اللذات والشَّهوات كي لا يعيبوا المؤمنين. قال: فلما أحسوا ذلك من(2) هممهم، عبّوا إلى الله من ذلك، فقالوا: ربَّنا عفوك عفوك، رُدّنا إلى ما خَلَقتنا له(3)، واخترتنا عليه، فإنّا نخافُ أن نَصيرَ مریج(4).
قال: فَنَزَع الله ذلك من هممهم، قال: فاذا كان يوم القيامة وصار أهل الجنَّة في الجنَّة، استأذن أولئك الملائكة على أهل الجنَّة، فيُؤذن لهم، فيَدْخُلُون عليهم، فيسلمون عليهم، ويقولون لهم : ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [24] في الدنيا عن
اللذات والشهوات الحلال(5).
ص: 389
43/2222 - عن محمد بن الهيثم، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ على الفقر في الدنيا ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [24]، قال: يعني الشُّهداء(1).
44/2223 - عن خالد بن نجيح ، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، في قوله: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ [28] فقال بمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم) تطمئن القلوب، وهو ذكر الله وحجابه(2).
2224 / 45 - عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن عليّ، عن أبيه، عن آبائه (علیهم السّلام)، قال: بينما رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جالس ذات يوم، إذ دخلت أمّ الله أيمن وفى مِلْحَفتها(3) شيء، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): يا أم أيمن، أي شيءٍ في ملحفتك: فقالت: يا رسول الله، فلانة بنت فلانة أمْلَكُوها(4)، فنشروا عليها، فأخذتُ من نثارها شيئاً.
ثمَّ إنّ أمّ أيمن بَكَت، فقال لها رسول الله (علیه السّلام): ما يُبكيك؟ فقالت: فاطمة زوجتها فلم تنثر عليها شيئاً !
فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): لا تبكين، فوالذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، لقد شهد إملاك فاطمة جَبْرَئيل وميكائيل وإسرافيل في ألوف من الملائكة، ولقد أمر الله طُوبى فَتَتَرت عليهم من حُللها وسُندُسها وأستبرقها ودُرّها وزُمُردها وياقوتها وعِطرها، فأخذوا منه حتى ما دَرَوا ما يصنعون به، ولقد نَحَل الله طُوبي
ص: 390
في مهر فاطمة، فهي في دار علي بن أبي طالب(1).
46/2225 - عن أبان بن تغلب، قال: كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يُكثر تقبيل فاطمة ، قال : فعاتبته على ذلك عائشة، فقالت: يا رسول الله، إنَّك لتكثر تقبيل فاطمة؟ فقال لها: ويلك لمّا أن عُرج بي إلى السماء مرّ بي جبرئيل على شجرة طوبى، فناولني من تمرها فأكلتها، فحوّل الله ذلك إلى ظهري، فلمّا أن هَبَطتُ إلى الأرض واقعتُ خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتُ فاطمة إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها(2).
47/2226 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : طُوبى هي شجرة تخرج من جنَّةَ عَدنٍ، غرسها ربُّنا بيده(3).
48/2227 - عن أبي قتيبة تميم بن ثابت ، عن ابن سيرين، في قوله: ﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئَابِ﴾ [29] قال: طُوبى شجرةٌ في الجنَّة، أصْلُها في حُجرة عليّ، وليس في الجَنَّة حُجرةٌ إِلَّا فيها غُصن من أغصانها(4).
49/2228 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قال : إن المؤمن إذا لقي أخاه وتَصَافحا ، لم تَزَل الذُّنوب تتحات عنهما ما داما مُتَصَافِحَين، كَتَحاتٌ الوَرَقِ عن الشَّجر، فاذا أفترقا قال مَلَكاهما : جَزاكُما الله خيراً عن أنفسكما، فان التزم كُلّ واحدٍ منهما صاحبه، ناداهما منادٍ: طُوبى لكما وحُسن مآب، طُوبى شجرة في الجنَّة، أصلها فى دار أمير المؤمنين، وفَرْعُها فى منازل أهل الجنّة، فاذا أفترقا ناداهما ملكان كريمان، ابشرا يا ولتي الله بكرامة الله والجنَّة من ورائكما(5).
ص: 391
2229/ 50 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول: إن لأهل التقوى علامات يُعرَفُون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، ووفاء بالعَهْد، وقلّة العجز(1) والبخل، وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء، وقلة المواطاة(2) للنساء، وبذل المعروف، وحُسن الخُلق، وسعة الحِلم، واتباع العلم فيما يُقرّب إلى الله زلفى ﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئَابٍ﴾.
وطُوبى شجرة في الجنَّة، أصلها في دار رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فليس من مؤمن إلا وفي داره غُصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئاً إلا أتاه ذلك الغصن، ولو أنَّ راكباً مُجدّاً سار في ظلها مائة عام ما خَرَج منها، ولو أنَّ غُراباً طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتّى يبياضُ هَرَماً، ألا ففي هذا فارْغَبوا، إِنَّ للمؤمن في نفسه شُغلاً، والناس منه في راحة، إذا جَنّ عليه الليل فَرَش وَجْهه وسَجَد الله بمكارم بدنه، يناجي الذي خَلَقه فى فَكَاك رقبته، ألا فَهَكذا فَكُونوا(3).
51/2230 - عن مُعاوية بن وهب، قال: سمعته يقول: الحمد لله، نافع عبد آل عمر، كان في بيت حفصة، فيأتيه الناس وفوداً، فلا يُعاب ذلك عليهم، ولا يُقبّح عليهم، وإنَّ أقواماً يأتُونا صِلةً لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فيأتونا خائفين مُسْتَخفين، يعاب ذلك ويُقبح عليهم، ولقد قال الله في كتابه: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾ [38]، فما كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلا كأحد أولئك، جعل الله له أزواجاً، وجعل له ذُريَّة، ثمّ لم يُسلم مع أحدٍ من الأنبياء من أسلم مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) من أهل بيته، أكرم الله بذلك رسوله (صلی الله علیه و آله و سلم)(4).
ص: 392
52/2231 - عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما أتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلا وقد آتاه محمداً ، وقد آتی الله محمداً كما آتی المرسلين(1) من قبله، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةٌ﴾(2).
2232/53 - عن علي بن عمر بن أبان الكلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : أشهد على أبي أنَّه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يُغبَط أو يرى ما تَقَرَّبه عينه إلا أن يبلغ نفسه هذه - وأهوى إلى حَلْقه - قال الله في كتابه: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾ فنحن ذُريّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
2233/54 - عن المفضل بن صالح، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): خَلَقَ الله الخَلْق قسمين، فألقى قسماً، وأمك قسماً، ثم قسم ذلك القسم على ثلاثة أثلاث، فألقى تُلتين وأمسك تُلْثاً، ثم اختار من ذلك الثلث قريشاً، ثم اختار من قريش بني عبد المطلب، ثمّ اختار من بني عبد المطلب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): فنحن ذُريَّته، فان قلت للناس لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(4) ذُريَّة، جحدوا، ولقد قال الله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾ فنحن ذُريَّته.
قال: فقلتُ: أنا أشهد أنَّكم ذُريَّته، ثم قلت له: ادع الله لي - جُعلت فداك - أن يجعلني معك في الدنيا والآخرة، فدعا لي ذلك قال: وقبلت باطن يده(5).
ص: 393
55/2234 - وفي رواية شعيب عنه (علیه السّلام)، أنه قال: نحن ذُريَّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، والله ما أدرى على ما يُعادوننا إلا لقرابتنا من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(1).
56/2235 - عن علي بن عبد الله بن مروان، عن أيوب بن نُوح، قال: قال لي أبو الحسن العسكري (علیه السّلام) وأنا واقف بين يديه بالمدينة ابتداءً من غير مسألة: يا أيوب، إنّه ما نبأ الله من نبي إلا بعد أن يأخُذ عليه ثلاث خلال: شهادة أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد من دون الله، وأن لله المشيّة يُقدّم ما يشاء ويُؤخِّر ما يشاء، أما إنه إذا جرى الاختلاف بينهم لم يزل الاختلاف بينهم إلى أن يقوم صاحب هذا الأمر(2).
57/2236 - عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ما بعث الله نبياً الله ما حتى يأخُذ عليه ثلاث خلال: الاقرار الله بالعبوديّة، وخَلْع الأنداد، وأن الله يُقدّم ما يشاء ويُؤخِّر ما يشاء(3).
58/2237 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: سألته عن ليلة القَدْر، فقال: يَنزِل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من أمر السنة وما يُصيب العباد ، وأمر عنده موقوفٌ له فيه المشيّة، فيُقدّم منه ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، ويمحو ويثبت وعنده أمّ الكتاب(4).
59/2238 - عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : كان على بن الحسين (علیهما السّلام) يقول: لولا آية في كتاب الله لحدَّثتكم بما يكون إلى يوم القيامة، فقلت له: أية آية؟ قال: قول الله: ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُنْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾(5)[39].
ص: 394
2239 / 60 - عن جميل بن دَرّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله: ﴿يَمْحُوا الله مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾، قال: هل يُثبت إلا ما لم يكن، وهل يمحو إلا ما كان(1).
2240/ 61 - عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: إنَّ الله لم يَدَع شيئاً كان أو يكون إلا كتبه في كتاب، فهو موضوع بين يديه ينظر إليه، فما شاء منه قدم، وما شاء منه أخَّر، وما شاء منه محا، وما شاء منه كان، وما لم يشأ لم يكن(2).
62/2241 - عن حُمران، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام)عن قول الله تعالى ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾ فقال: يا حُمران، إنَّه إذا كان ليلة القدر، ونزلت الملائكة الكتبة إلى السماء الدُّنيا، فيكتبون ما يُقضى في تلك السنة من أمر، فاذا أراد الله أن يُقدّم شيئاً أو يُؤخِّره، أو يُنقص منه أو يزيد، أمَرَ المَلَك فمحا ما يشاء، ثمّ أثبت الذي أراد.
قال: فقلت له عند ذلك: فكُلّ شيءٍ يكون فهو عند الله في كتاب؟ قال: نعم.
قلت: فيكون كذا وكذا ثم كذا وكذا حتى ينتهى إلى آخره؟ قال: نعم.
قلت: فأيّ شيءٍ يكون بيده(3)؟ قال: سُبحان الله ! ثمّ يُحدِث الله أيضاً ما شاء تبارك وتعالى(4).
63/2242 - عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: العلم علمان، علم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه، وعلم عنده مخزون لم يَطَّلع عليه أحدٌ، يُحدِث فيه
ص: 395
ما يشاء(1).
2243 / 64 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إِنَّ الله كَتَب كتاباً فيه ما كان وما هو كائن، فوضعه بين يديه، فما شاء منه قدم، وما شاء منه أخر، وما شاء منه محا، وما شاء منه أثبت، وما شاء منه كان، وما لم يشأ منه لم يكن(2).
65/2244 - عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: من الأمور أمورٌ مَحْتُومةٌ كائنةٌ(3) لا محالة، ومن الأمور أمورٌ موقوفةٌ عند الله، يُقدّم فيها ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت منها ما يشاء، لم يُطلع على ذلك أحداً - يعني الموقوفة - فأما ما جاءت به الرُّسل فهي كائنةٌ لا يُكذِّب نفسه ولا نبيه ولا ملائكته(4).
66/2245 - عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام)وأبو عبدالله (علیه السّلام): يا أبا حمزة، إن حدثناك بأمرٍ أنّه يجيء من هاهنا، فجاء من هاهنا، فانّ الله ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه، فانَّ الله يمحو ما يشاء ویثبت(5).
2246/ 67 - عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: العلم علمان، فعلم عند الله مخزون لم يُطلع عليه أحداً من خلقه، وعِلم عَلَّمه ملائكته ورسله وأنبياءه، فأما علم ملائكته(6) فانّه سيكون، لا يُكذِّب نفسه ولا ملائكته ولا رُسُله، وعلم عنده مخزون يُقدّم فيه ما يشاء، ويؤخّر
ص: 396
ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويُثبت ما يشاء(1).
68/2247 - عن عمرو بن الحمق، قال: دخلت على أمير المؤمنين (علیه السّلام) حين ضُرب على قرنه، فقال لي: يا عمرو، إنّي مُفارقكم، ثمّ قال: سنة السبعين فيها بلاء، قالها ثلاثاً.
فقلت: فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يُجبني وأُغمي عليه، فبكت أُمّ كُلثوم فأفاق فقال: يا أمّ كُلثوم لا تُؤذيني، فانّك لو قد ترين ما أرى لم تبكي، إنَّ الملائكة في السماوات السبع بعضهم خلف بعضهم، والنبيون خلفهم، وهذا محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) آخذ بيدي، ويقول: انطلق يا عليّ، فما أمامك خير لك ممّا أنت فيه.
فقلت: بأبي أنت وأمي، قلت لي: في(2) السبعين بلاء، فهل بعد السبعين رخاء؟ فقال: نعم يا عمرو، إن بعد البلاء رخاء، ويمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب(3).
69/2248 - قال أبو حمزة: فقلت لأبي جعفر: إن عليا (علیه السّلام) كان يقول: إلى السبعين بلاء، وبعد السبعين رخاء، وقد مضت السبعون، ولم يرَوا رَخاءً؟
فقال لي أبو جعفر (علیه السّلام): يا ثابت، إنَّ الله كان قد وقت هذا الأمر في السبعين، فلمَّا قُتِل الحسين صلوات الله عليه اشتدّ غَضَب الله على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين ومائة سنة، فحدثناكم فأذَعْتُم الحديث، وكَشَفتم قناع السِّتر فأخَّره الله، ولم يجعل لذلك عندنا وقتاً، ثمّ قال: ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾(4).
ص: 397
2249 / 70 - عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إنَّ الله إذا أراد فَناء قوم أمَرَ الفلك فأسرع الدور بهم، فكان ما يُريد من النقصان، فاذا أراد بقاء قومٍ أمر الفَلَك فأبطأ الدَّور بهم، فكان ما يُريد من الزيادة فلا تُنكروا، فانّ الله يمحو ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب(1).
71/2250 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن الله يُقدّم ما يشاء ويُؤخِّر ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب. وقال: لكُلِّ أمر يُريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، وليس شيء يبدو له إلا وقد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل(2).
72/2251 - عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد (علیهما السّلام)، قال : ما من مولودٍ يُولَدُ إلا وإيليس من الأبالسة بحضرته، فان عَلِم الله أنَّه من شيعتنا حَجَبه عن ذلك الشيطان، وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه السبابة في دبره، فكان مأبوناً، وذلك أن الذكر يخرج للوجه ، فان كانت امرأة أثبت في فرجها، فكانت فاجرة، فعند ذلك يبكي الصبي بُكاء شديداً إذا هو خَرَج من بَطْن أُمه، والله بعد ذلك يمحو ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب(3).
73/2252 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: إنَّ الله تبارك وتعالى أهبط إلى الأرض ظُلَلاً من الملائكة على آدم، وهو بوادٍ، يقال له الرّوحاء، وهو واد بين الطائف ومكة. قال: فمسح على ظهر آدم، ثمّ صَرخ بذريّته وهم ذَرّ، قال: فخَرَجوا كما تخرج النحل من كُورها، فاجتمعوا على شفير الوادي. فقال الله
ص: 398
لآدم: انظر ماذا ترى؟ فقال آدم: ذَراً كثيراً على شفير الوادي.
فقال الله: یا آدم، هؤلاء ذُريّتك، أخرجتهم من ظهرك، لآخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية، ولمحمّد بالنبوة، كما أخذتُ عليهم في السماء.
قال آدم: يا ربّ، وكيف وسعتهم ظهري ؟ قال الله: يا آدم، بلطف صُنعي ونافذ قدرتي.
قال آدم: یا ربّ فما تُريد منهم في الميثاق؟ قال الله: أن لا يُشرِكُوا بي شيئاً . قال آدم: فمن أطاعك منهم يا ربّ، فما جزاؤه؟ قال الله: أسكنه جَنَّتي. قال آدم: فمن عصاك فما جزاؤه؟ قال: أسكنه ناري. قال آدم: ياربِّ، لقد عَدلت فيهم، وليعصينك أكثرهم إن لم تَعْصِمهم.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): ثم عَرضَ الله على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم، قال: فمرّ آدم باسم داود النبي (علیه السّلام)، فاذا عُمره أربعون سنة، فقال: يا ربّ، ما أقل عمر داود، وأكثر عُمري! يا ربّ، إن أنا زدتُ داود من عُمري ثَلاثين سنةً أَيُنفذ ذلك له؟ قال: نعم يا آدم. قال: فإنّي قد زدته من عُمري ثلاثين سنة، فأنْفِذ ذلك له، وأثبتها له عندك، وأطرحها من عمري.
قال: فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة، ولم يكن له عند الله مثبتاً، ومحا من عمر آدم ثلاثين سنة وكانت له عند الله مثبتةٌ.
فقال أبو جعفر : فذلك قول الله : ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ﴾، قال: فمحا الله ما كان عنده مثبتاً لآدم، وأثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتاً.
قال: فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت (علیه السّلام) ليقبض روحه، فقال له آدم (علیه السّلام): يا ملك الموت، قد بقي من عُمري ثلاثون سنة. فقال له ملك الموت: ألم
ص: 399
تجْعَلها لابنك داود النبي، وطرحتها من عمرك حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذُريَّتك، وعَرَض عليك أعمارهم، وأنت يومئذ بوادي الرّوحاء؟
فقال آدم؛ يا ملك الموت، ما أذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم، لا تَجْهَل، ألم تسأل الله أن يُثبتها لداود ويمحوها من عمرك، فأثبتها لداود في الزبور، ومحاها من عُمرك في الذكر؟ قال: فقال آدم: فأحضر الكتاب حتى أعلم ذلك.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): وكان آدم صادقاً لم يذكر ولم يجحد، قال أبو جعفر (علیه السّلام): فمن ذلك اليوم أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تَدايَنُوا وتَعامَلُوا إلى أجل مُسمّى، لنسيان آدم وجُحُوده ما جعل على نفسه(1).
74/2253 - عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، سُئل عن قول الله: ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾، قال: إنَّ ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويُثبت، فمن ذلك الذي يَرُدّ الدُّعاء القضاء، وذلك الدُّعاء مكتوب عليه: الذي يُردّ به القضاء، حتى إذا صار إلى أمّ الكتاب لم يُغْنِ الدُّعاء فيه شيئاً(2).
75/2254 - عن الحسين بن زيد بن على، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إن المرء ليصل رحمه وما بقي من عُمره إلا ثلاث سنين، فيمُدّها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة، وإن المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عُمره ثلاث وثلاثون سنة، فيقصرها الله إلى ثلاث سنين أو أدنى.
قال الحسين: وكان جعفر (علیه السّلام) يتلو هذه الآية ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾(3).
ص: 400
76/2255 - عن بريد بن معاوية، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ﴾؟ [43]، قال: إيَّانا عنى، و علي (علیه السّلام) أفضلُنا وأوّلنا وخيرُنا بعد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)(1).
77/2256 - عن عبد الله بن عطاء، قال: قلتُ لأبي جعفر (علیه السّلام): هذا ابن عبدالله ابن سلام بن عمران يزعم أنَّ أباه الذي يقول الله: ﴿قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ﴾؟ قال : كَذَب، هو على بن أبي طالب (علیه السّلام)(2).
78/2257 - عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سألته عن قوله: ﴿قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ﴾، فقال: نَزَلت في علي (علیه السّلام) بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وفي الأئمة بعده، و علي (علیه السّلام)عنده علم الكتاب(3).
79/2258 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله : ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ﴾ ، قال : نَزَلت في عليا (علیه السّلام)، إنه عالم هذه الأمة بعد النبي صلوات الله عليه و آله(4).
ص: 401
ص: 402
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/2259 - عن عَنبسة بن مُصعَب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: من قرأ سورة إبراهيم والحِجر في ركعتين جميعاً في كُلّ جمعة، لم يُصِبه فقر أبداً ولا جُنون ولا بلوى(1).
2/2260 - عن إبراهيم بن عمر، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [5]، قال: بآلاء الله، يعني نعمه(2).
3/2261 - عن أبي عمرو المدايني، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: أيما عبد أنعم الله عليه فعرفها بقلبه - وفي رواية أخرى: فأقرّ بها بقلبه - وحمد الله عليها بلسانه، لم يُنْفَد كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة - وفي رواية أبي إسحاق المدايني: حتى يأذن الله له بالزيادة - وهو قوله: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾(3) [7].
2262 / 4 - وعن أبي ولاد، قال: قلتُ لأبي عبد الله (علیه السّلام): أرايت هذه النعمة الظاهرة علينا من الله، أليس إن شكرناه عليها وحَمِدناه زادنا، كما قال الله في
ص: 403
كتابه: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾؟ فقال: نعم، مَن حَمِد الله على نِعَمِهِ وشَكَره وعَلِم أن ذلك منه لا من غيره(1).
2263/ 5 - عن الحسن بن ظريف، عن محمد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله سبحانه: ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكَّلُونَ﴾ [12]، قال: الزَّارعون(2).
6/2264 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام)، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): إنَّ أهل النار لما على الزَّقُومِ والضَّريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب، فأُتوا بشَرابِ غَسَّاقٍ وصَدِيدٍ ﴿يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [17] وحميم تغلي به جهنم منذ خُلِقَت ﴿كَالمُهْلِ يَشْوِى الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَسَاءَتْ من تفقاً﴾(3).
2265 / 7 - عن حريز، عمَّن ذكره، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ﴾ [22]، قال: هو الثانى، وليس في القرآن شيء ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ﴾ إلا وهو الثاني(4).
2266 / 8 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنه إذا كان يوم القيامة يؤتى بابليس في سبعين غُلا وسبعين كَبْلاً، فينظر الأول إلى زُفّر في عشرين ومائة كَبْلٍ و عشرين ومائة غل، فينظر إبليس فيقول : من هذا الذي أضعفه الله العذاب، وأنا أغويت هذا الخَلْق جميعاً؟ فيقال: هذا زُفَر، فيقول: بما حُدّد له(5) هذا العذاب؟
ص: 404
فيقال: يبغيه على على (علیه السّلام).
فيقول له إبليس: ويل لك، وتُبورٌ لك، أما عَلِمتَ أنَّ الله أمرني بالسُّجود لآدم فعصيته، وسألتُه أن يجعل لى سُلطاناً على محمّد وأهل بيته وشيعته فلم يُجبني إلى ذلك، وقال: ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ إِلَّا مَن اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ﴾(1)وما عرفتهم حين استثناهم إذ قلت: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾(2) فمَنّتك به نفسك غُروراً، فتوقف بين يدي الخلائق. فقال له: ما الَّذي كان منك إلى عليّ وإلى الخلق الذى اتَّبعوك على الخلاف؟ فيقول الشيطان - وهو زُفَر - لابليس: أنت أمرتني بذلك.
فيقول له إبليس : فلم عصيت ربَّك وأطعتني ؟ فيرُدّ زُفَرَ عليه ما قال الله: ﴿إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّنْ سُلْطَانٍ﴾ [22] إلى آخر الآية(3).
2267/ 9 - عن محمّد بن علي الحلبي، عن زرارة وحُمران، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، في قول الله: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ [24]، قال: يعني النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) والأئمة من بعده هم الأصل الثابت، والفرع الولاية لمن دخل فيها(4).
10/2268 - عن محمد بن يزيد(5)، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله : ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾، فقال: رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أصلها، وأمير المؤمنين (علیه السّلام) فَرْعها، والأئمة من ذُريَّتهما أغصانها، وعلم الأئمة تمرها، وشيعتهم ورقها، فهل
ص: 405
ترى فيها فضلاً؟ قلت: لا.
قال: والله إنّ المؤمن ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة، وإنَّه ليُولد فتُورِق ورقة فيها.
قال: قلت: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾؟ [25] قال: يعني ما يخرُج إلى الناس من علم الإمام في كُلِّ حينٍ يُسأل عنه(1).
11/2269 - عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (علیهما السّلام): أنَّ عليها (علیه السّلام) قال في رجُل نَذَر أن يصومَ زَماناً. قال: الزمان خمسة أشهر، والحين ستَّة أشهر، لأنَّ الله يقول: ﴿تُؤْتِي أكْلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾(2).
12/2270 - عن الحلبي، قال: سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجُل جَعَل الله عليه صوماً حيناً في شُكر. قال: فقال: قد سُئِل عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) عن هذا فقال: فليَهُم ستة أشهر، إنَّ الله يقول: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ والحِين ستَّة أشهر(3).
13/2271 - عن خالد بن جرير، قال: سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل قال: الله علي أن أصوم حيناً، وذلك في شُكر. فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): قد أتي علي (علیه السّلام) مثل هذا، فقال: صم ستَّة أشهر، فإنَّ الله يقول: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ يعني ستَّة أشهر(4).
2272/14 - عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةٌ طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ الآيتان، قال: هذا مَثَل ضَرَبه الله لأهل
ص: 406
بيت نبيه ولمن عاداهم، هو مثل كلمةٍ خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار(1).
15/2273 - عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : إنَّ الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا، فيأتيه عند موته، يأتيه عن يمينه وعن يساره، ليَصُدّه عما هو عليه، فيأبى الله له ذلك، وكذلك قال الله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾(2) [27].
2274 / 16 - عن زرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، قالا: إذا وُضِع الرجل في قبره أتاه ملكان: مَلَك عن يمينه، ومَلَك عن يساره، وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس، فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي خَرَج بين ظهرانيكم، يزعم أنه رسول الله ؟ فيَفْزَع لذلك فَرْعَة، ويقول إن كان مؤمناً: محمد رسول الله. فيقال له عند ذلك: نم نومةٌ لا حُلم فيها، ويُفسح له في قبره تسعة أذرع، ويرى مقعده من الجنّة، وهو قول الله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الحَيَوَةِ الدُّنْيَا﴾ وإن كان كافراً قالوا: من هذا الرجل الذي كان بين ظهرانيكم يقول إنَّه رسول الله ؟ فيقول: ما أدري، فيُخلّى بينه وبين الشيطان(3).
17/2275 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): إن الميت إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره، يترحمون عليه، حتّى إذا انتهى إلى قبره. قالت الأرض له: مرحباً بك وأهلاً، والله لقد كنتُ أحبُّ أن يمشي علي مثلك، لا جَرَم لَتَرين ما أصنع بك، فيُوسع له مدّ بصره.
ص: 407
ويدخُل عليه في قبره قعيدا القبر مُنكر ونكير، فيُلقى فيه الرُّوح إلى حقويه(1)، فيُقعدانه(2) ويسألانه فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: الله، فيقولان: وما دينك؟ فيقول: الإسلام. فيقولان: ومَن نبيّك ؟ فيقول: محمد (صلی الله علیه و آله و سلم). فيقولان : ومَن إمامك ؟ فيقول : علي (علیه السّلام)، فينادى مناد من السماء: صَدَق عبدي، افرشوا له في القبر من الجنّة، وألبسوه من ثياب الجنّة، وافتحوا له في قبره باباً إلى الجنة حتّى يأتينا وما عندنا خيرٌ له، ثم يقولان له: نَمْ نَوْمةً العَرُوس، نَم نَوْمةً لا حُلم فيها.
وإن كان كافراً أخرجت له ملائكة يُشيعونه إلى قبره يَلْعَنُونه، حتى إذا انتهى إلى الأرض قالت الأرض: لا مرحباً بك ولا أهلاً، أما والله لقد كنتُ أبغض أن يمشي علي مثلك، لا جَرَم لَتَرين ما أصنع بك اليوم، فتضايق عليه حتى تلتقى جوانحه، ويدخُل عليه مَلَكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال: قلت له: جُعِلت فداك، يدخُلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ فقال: لا، فيَقْعُدانه فيقولان له: من ربِّك ؟ فيقول: سَمِعتُ النّاس يقولون. فيقولان: لادريت(3)، فما دينك؟ فيقول : سَمِعتُ النّاس يقولون ويَتَلَجْلَج لسانه، فيقولان: لادريت، فمن نَبيّك ؟ فيقول : سَمِعتُ الناس يقولون ويتلجلج لسانه فيقولان: لادريت، فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار، وألبسوه من ثياب النار، وافتحوا له باباً إلى النار حتى يأتينا وماله عندنا شرّ له.
قال: ثمّ يضرِبانه بمِرْزبة(4) معهما ثلاث ضَرَبات ليس منها ضربة إلا يتطاير
ص: 408
قبره ناراً، ولو ضُربت تلك الضربة على جبال تهامة لكانت رميماً.
قال أبو عبد الله (علیه السّلام): ويُسلّط عليه في قبره الحيات والعقارب تَنْهَشُه نَهْشاً، والشياطين تغمّه غمّاً، يسمع عذابه من خَلَقَ الله إلا الجن والإنس، وإنّه ليسمع خَفْق نِعالهم، ونَفْضَ أيديهم، وهو قول الله : ﴿يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَوةِ الدُّنْيَا﴾ قال: عند موته ﴿وَفِي الآخِرَةِ﴾ قال: في قبره ﴿وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾(1).
18/2276 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان: مَلَك عن يمينه، ومَلَك عن شماله، وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نُحاس فيقال له: كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ قال: فيفزع لذلك فيقول إن كان مؤمناً: عن محمد تسألاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومةٌ لا حُلم فيها، ويُفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مَقْعَده من الجنَّة.
وإن كان كافراً قيل له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول: ما أدري، ويخلى بينه وبين الشيطان، ويُضرب بمِرْزَيَّةٍ من حديد يسمع صوته كُلّ شيءٍ، وهو قول الله: ﴿يُنَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾(2).
19/2277 - عن سويد بن غفلة عن عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام)، قال : إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنتُ عليك لحريصاً شحيحاً، فما عندك؟ فيقول: خذ منّي كفنك. فيلتفتُ إلى ولده فيقول: والله إني كنتُ لكم مُحبّاً، وإنِّي كنتُ عليكم
ص: 409
لمحامياً، فماذا عندكم؟ فيقولون: نُؤدِّيك إلى حُفرتك ونواريك فيها. فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إنّي كنتُ فيك لزاهداً، وكنتَ عليّ ثقيلاً، فما عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربِّك.
فان كان الله وليّاً أتاه أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم رياشاً(1)، فيقول: أبشر بروح وريحان وجنَّة نعيمٍ، قَدِمْت خيرَ مَقْدَم. فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عَمَلُك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنَّة، وإنَّه ليعرف غاسله، ويُناشد حامله أن يُعجله.
فاذا أدخل قبره أتاه اثنان هما فنّانا القبر، يَجُران أشعارهما، ويبحثان الأرض بأنيابهما ، أصواتهما كالرَّعْد القاصف(2)، وأبصارهما كالبرق الخاطف، ثمّ يقولان: مَن ربُّك، وما دينك، ومَن نبيُّك ؟ فيقول: ربّي الله، وديني الإسلام، ونبتي محمّد . فيقولان: ثبَّنك الله فيما تحبُّ وترضى، وهو قول الله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ ثمّ يَفْسَحان له في قبره مدّ بصره، ثمَّ يفتحان له باباً إلى الجنَّة، ثمّ يقولان له: نَم قرير العين نوم الشاب الناعم، فانه يقول الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾(3).
وأما إن كان لرَبِّه عدوّاً، فانه يأتيه أقبح مَن خَلَقَ الله رياشاً، وأنتنهم ريحاً، فيقول: أبشر بنُزُلٍ من حَمِيمٍ، وتصلية جحيم، وإنَّه ليَعْرِف عَاسِله ويُناشد حامِلَه أن يحبسه، فاذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه، ثمّ قالا له: مَن ربُّك، وما دينك، ومَن نبيُّك ؟ فيقول: لا أدري. فيقولان: لادريت ولا هديت، فيضربان يأفوخه بمِرْزَيَّةٍ ضَربة ما خَلَقَ الله من دابَّةٍ إِلَّا تَدْعَر لها، ما خلا الثقلين، ثمَّ يُفْتَح له باب إلى النار، ثمَّ يقولان له: نَم َبشَرٌ حالِ فانّه من الضّيق مثل ما فيه القناة من
ص: 410
الزُّج (1)، حتّى إن دِماغه ليخرُج ما بين ظُفْره ولحمه، ويُسلّط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهوامها، فتنهشه حتَّى يَبْعَثه الله من قبره، وإنَّه ليتمنّى قيام الساعة ممّا هو فيه من الشرّ(2).
قال جابر(3): قال أبو جعفر (علیه السّلام): قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): إني كنتُ لأنظر إلى الغنم والإبل وأنا أرعاها، وليس من نبي إلا قد رعى، فكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي مُتمكنة في المكينة(4) ماحولها شيءٌ ينشرها حتى تذعر فتطير. فأقول: ما هذا؟ وأعجب، حتى حدثني جَبْرَئِيل (علیه السّلام): إن الكافر يُضرب ضربة ما خلق الله شيئاً إِلَّا سَمِعها ويَدْعَر إلا الثَّقَلان، فعلمت أن ذلك إنَّما كان بضَرْبة الكافر، فنعوذُ بالله من عذاب القبر(5).
2278/20 - عن عمرو بن سعيد، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار﴾ [28]، قال: فقال: ما تقولون في ذلك؟ فقلت نقول: هما الأفجران من قريش: بنو أمية، وبنو المُغيرة.
فقال: بل هي قريش قاطبةً، إنّ الله خاطب نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : إني قد فضلتُ قريشاً على العرب، وأنعمت عليهم نعمتي، وبعثتُ إليهم رسولاً فبدلوا نعمتي،
ص: 411
وكَذَّبوا رسولي(1).
21/2279 - وفي رواية زيد الشحام عنه الله (علیه السّلام)، قال : قلت له: بلغني أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) سئل عنها، فقال: عنى بذلك الأفجرين من قريش: أُميّة ومَخْرُوم؛ فأما مَخْرُوم فقتلها الله يوم بدر، وأمّا أُميّة فمنعوا إلى حين.
فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): عنى الله والله بها قريشاً قاطبة الذين عادوا رسول الله، ونصبوا له الحرب(2).
22/2280 - عن الأصبغ بن نباتة، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في قول الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً﴾، قال: قال: نحن نعمة الله التي أنعم الله بها على العباد(3).
23/2281- عن ذُريح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين علي ، فسأله عن قول الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ ، قال تلك قُريش بدلوا نعمة الله كُفراً، وكذبوا نبيهم يوم بدر(4).
24/2282- عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى (علیه السّلام) حين أدخل عليه: ما هذه الدار، ودار من هي؟ قال: الشيعتنا فترة، ولغيرهم فتنة. قال: فما بال صاحب الدار لا يأخُذها؟ قال: أخذت منه عامرةً، ولا يأخُذها إلا معمورة.
فقال: أين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن (علیه السّلام): ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
ص: 412
الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَة﴾(1).
قال له: فنحن كفار؟ قال: لا، ولكن كما قال الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ فَغَضب عند ذلك، وغَلّظ عليه(2).
25/2283 - علي بن حاتم(3)، قال: وجدتُ في كتاب أبي، عن حمزة الزيات عن عمرو بن مرة، قال: قال ابن عباس لعمر : يا أمير المؤمنين، هذه الآية ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾؟
قال: هما الأفجران من قريش: أخوالي، وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين(4).
26/2284 - عن مسلم المشوب(5)، عن علي بن أبي طالب (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾، قال: هما الأفجران من قريش: بنو أمية، وبنو المغيرة(6).
27/2285 - عن زُرعة، عن سماعة، قال: إنَّ الله فَرَض للفقراء فى أموال الأغنياء فريضةً لا يُحْمَدون بأدائها، وهي الزكاة، بها حقنوا دماءهم، وبها سمّوا مُسلِمين، ولكنَّ الله فَرَض فى الأموال حُقُوقاً غير الزكاة، وقد قال الله تبارك وتعالى : ﴿وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَّةٌ﴾ [31].
ص: 413
2286 / 28 - عن حسين بن هارون شيخ من أصحاب أبي جعفر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سَمِعتُه يقرأ هذه الآية ﴿وَءَاتَاكُم مِّنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ [34]، قال: ثم قال أبو جعفر (علیه السّلام): الثوب، والشيء الذي لم تسأله إيَّاه أعطاك(1).
29/2287 - عن الزهري، قال: أتى رجل أبا عبد الله (علیه السّلام) فسأله عن شيءٍ فلم يُجبه، فقال له الرجل: فان كنت ابن أبيك، فإنّك من أبناء عَبَدة الأصنام.
فقال له : كَذبت، إنَّ الله أمر إبراهيم أن يُنزل إسماعيل بمكة ففعل، فقال إبراهيم: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِناً وَأَجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾ [35] فلم يعبد أحدٌ من ولد إسماعيل صَنَماً قَطّ، ولكن العرب عبدة الأصنام، وقالت بنو إسماعيل: هؤلاء شُفعاؤنا عِند الله، فكفرت ولم تعبد الأصنام(2).
30/2288 - عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : مَن أحبَّنا فهو مِنّا أهل البيت. قلت: جعلت فداك منكم؟ قال: مِنا والله، أما سمعت قول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾(3)؟ [36].
2289 / 31 - عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : مَن اتقى الله منكم وأصلح فهو منا أهل البيت، قال: منكم أهل البيت؟ قال: مِنّا أهل البيت، قال فيها إبراهيم (علیه السّلام): ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى﴾.
قال عمر بن یزید: قلتُ له: من آل محمّد ؟ قال: إي والله من آل محمد، إي والله من أنفسهم، أما تسمع الله يقول: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾(4).
ص: 414
وقول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى﴾(1)؟
32/2290 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : مَن تولى آل محمّد وقدّمهم على جميع الناس بما قدّمهم من قرابة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فهو من آل محمد لتوليه(2) آل محمّد، لا أنَّه من القوم بأعيانهم، وإنَّما هو منهم بتوليه إليهم واتباعه إياهم، وكذلك حَكَم الله في كتابه: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾(3). وقول إبراهيم : ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَن عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(4).
2291 / 33- عن رجل ذكره عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله : ﴿إِنَّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بَوَادٍ غَيْرَ ذِي زَرْعٍ﴾ إلى قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [37]، قال: فقال أبو جعفر (علیه السّلام): نحن ،هم، ونحن بقيّة تلك الذُّرّية(5).
34/2292- وفي رواية أخرى، عن حنان بن سدير، عنه (علیه السّلام): ونحن بقية تلك العترة(6).
35/2293 - عن الفضل بن موسى الكاتب، عن أبي الحسن من موسى بن جعفر (علیهما السّلام)، قال : إنَّ إبراهيم صلوات الله عليه لمّا أسكن إسماعيل صلوات الله عليه وهاجر مكة ودعهما لينصرف عنهما بكيا، فقال لها إبراهيم (علیه السّلام): ما يُبكيكما فقد خلّفتكما في أحبّ الأرض إلى الله، وفي حرم الله ؟ فقالت له هاجر: يا إبراهيم، ما كنت أرى أنَّ نبياً مثلك يفعل ما فعلت؟ قال: وما فعلت؟ فقالت: إنَّك خلفت امرأةً
ص: 415
ضعيفةً وغُلاماً ضعيفاً لا حيلة لهما، بلا أنيس من بَشَر ولا ماءٍ يظهر، ولا زَرع قد بَلَغ، ولا ضَرْعٍ يُحْلَب؟
قال: فرق إبراهيم (علیه السّلام)، ودمعت عيناه عندما سمع منها، فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام، فأخذ بعضادتي الكعبة، ثمّ قال: اللهم ﴿إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾.
قال أبو الحسن (علیه السّلام): فأوحى الله إلى إبراهيم (علیه السّلام) أن أصعد أبا قبيس(1) فنادِ فى الناس: يا معشر الخلائق، إنَّ الله يأمركم بحجّ هذا البيت الذى بمكة محرّماً من استطاع إليه سبيلاً، فريضةً من الله.
قال: فصَعِد إبراهيم (علیه السّلام) أبا قبيس، فنادى في الناس بأعلى صوته: يا معشر الخلائق، إنَّ الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة مُحرّماً من استطاع إليه سبيلاً، فريضةً من الله .
قال: فمد الله لإبراهيم (علیه السّلام) في صوته حتى أسمع به أهل المشرق والمغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في أصلاب الرجال من النطف، وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة، فهناك - يا فضل - وجب الحجّ على جميع الخلائق، فالتلبية من الحاج في أيام الحج هي إجابة لنداء إبراهيم (علیه السّلام) يومئذ بالحج عن الله(2).
36/2294 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) ، قال : سمعته يقول: إن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه سأل ربه حين أسكن
ص: 416
ذُريّته الحَرَم فقال: ربِّ ارزُقُهُم من الثَّمرات لعلهم يشكرون، فأمر الله تبارك وتعالى قطعة من الأردن حتى جاءت فطافت بالبيت سبعاً، ثم أمر الله أن تقول الطائف(1)، فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت(2).
2295/37 - عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوى إِلَيْهِمْ﴾ أما إنه لم يعن الناس كلهم، أنتم أولئك ونظراؤكم، أنَّما مثلكم الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض، ينبغي للناس أن يحبّوا هذا البيت ويُعظَّموه لتعظيم الله إيّاه، وأن يَلْقَونا حيث كنا، نحنُ الأدلاء على الله(3).
2296/ 38 - عن ثعلبة بن ميمون، عن مُيسّر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : إنَّ أبانا إبراهيم (علیه السّلام) كان ممّا اشترط على ربّه فقال: ربّ أجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم(4).
39/2297 - وفي رواية أخرى، عنه، قال: كنا في الفسطاط عند أبي جعفر (علیه السّلام) نحواً من خمسين رجلاً، قال: فجلس بعد سكوت كان منا طويل، فقال: ما لكم لا تَنْطِقون، لعلكم تَرَوْن أنّى نبي؟ لا والله ما أنا كذلك، ولكن لى قرابة من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قريبةٌ وولادةٌ، مَن وَصَلها وصله الله، ومَن أحبها أحبَّه الله، ومن أكرمها أكرمه الله، أتدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلةً؟ فلم يَتَكَلَّم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: تلك مكة الحرام التي رضيها لنفسه حَرَماً، وجعل بيته فيها.
ص: 417
ثم قال: أتدرون أي بقعة أفضل من مكة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ما بين الحَجَر الأسود إلى باب الكعبة ذلك حطيم إبراهيم نفسه، الذي كان يَذُود فيه غَنَمه ويُصلّي فيه، فو الله لو أنّ عبداً صف قدميه في ذلك المكان، قام النهار مصلّياً حتّى يَجُنّه(1) الليل، وقام الليل مصلّياً حتى يَجُنّه النهار، ثمّ لم يعرف لنا حقنا أهل البيت وحرمتنا، لم يقبل الله منه شيئاً أبداً.
إنَّ أبانا إبراهيم صلوات الله عليه كان فيما اشترط على ربِّه أن قال: ﴿أجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ﴾ أما إنَّه لم يَقُل: الناس كُلّهم: أنتم أولئك رَحِمكم الله ونظراؤكم، إنَّما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض، ينبغي للناس أن يَحُجّوا هذا البيت، وأن يُعَظَّموه لتعظيمالله إيّاه، وأن يلقونا أينما كنا، نحن الأدلاء على الله(2).
40/2298- وفي خبر آخر: أتدرون أي بقعةٍ أعظم حُرمةً عند الله ؟ فلم يتكلّم أحدٌ، وكان هو الراد على نفسه فقال: ذلك ما بين الرُّكن الأسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيم إسماعيل الذي كان يَذُود فيه غنمه، ثم ذكر الحديث(3).
41/2299 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يَطُوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يَطُوفوا ثمّ يَنْفِروا إلينا فيُعْلِمُونا ولا يتهم، ويَعْرِضون علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوى إِلَيْهِمْ﴾ ، فقال: آل محمد آل محمد، ثم قال: إلينا إلينا(4).
ص: 418
42/2300 - عن الشري، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا تُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [38] شأن إسماعيل، وما أخفى أهل البيت(1).
2301 / 43 - عن حريز بن عبد الله ، عمَّن ذكره، عن أحد هما (علیهما السّلام)، أنه كان يقرأ هذه الآية (رب اغفر لي ولوَلَدَيّ) [41] يعني إسماعيل وإسحاق(2).
44/2302- وفي رواية أخرى، عمَّن ذكره، عن أحدهما (علیهما السّلام) أنه قرأ ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾، قال: آدم وحواء(3).
45/2303 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾، قال: هذه كلمة صحفها الكتاب، إنما كان استغفار إبراهيم (علیه السّلام) لأبيه عن مَوْعِدَةٍ وَعَدها إيَّاه، وإنما قال: (رب اغفر لي ولولدي) يعني إسماعيل وإسحاق، والحسن والحسين والله ابنا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(4).
2304 / 46 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَتُوا الزَّكَوة﴾(5) إِنما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال، فلمّا كُتب عليهم القتال مع الحسين (علیه السّلام)، قالوا : ربَّنا لولا أخرتنا إلى أجل قريبٍ نُجِب دَعْوَتَكَ وَنَتَّبع الرُّسُل، أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (علیه السّلام)(6).
ص: 419
47/2305 - عن سعد بن عمر(1)، عن غير واحدٍ ممَّن حَضَر أبا عبد الله (علیه السّلام) ورجل يقول: قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن علي - ذكر دور العباسيين - فقال رجلٌ: أراناها الله خَرَاباً، أو خربها بأيدينا.
فقال له أبو عبدالله (علیه السّلام): لا تقل هكذا، بل يكون مساكن القائم وأصحابه، أما سَمِعتَ الله يقول: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾(2)؟ [45].
2306/ 48 - عن جميل بن دَرّاج، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : ﴿وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالَ﴾[46] وإن كان مكر ولد العباس(3) بالقائم لَتَزُول منه قُلُوب الرجال(4).
49/2307 - عن الحارث، عن علي بن أبي طالب (علیه السّلام)، قال : إن تُمْرُود أراد أن يَنظُر إلى مُلك السماء، فأخذ نُسُوراً أربعةً، فَرَيَّاهُنّ حتّى كُنَّ نِشاطاً، وجعل تابوتاً من خَشَبٍ، وأدخل فيه رجُلاً، ثمّ شدّ قوائم النسور بقوائم التابوت، ثمّ أطارهنَّ، ثم جعل في وسط التابوت عَمُوداً، وجعل في رأس العمود لحماً، فلما رأى النُّسُور اللحم طرن وطرن بالتابوت والرجُل، فارتفعن إلى السماء، فمكث ما شاء الله، ثمَّ إنَّ الرجل أخرج من التابوت رأسه، فنظر إلى السماء، فاذا هي على حالها، ونظر إلى الأرض، فاذا هو لا يرى الجبال إلا كالذَّر، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء. فاذا هي على حالها، ونظر إلى الأرض فاذا هو لا يرى إلا الماء، ثم مكث ساعةً فَنَظَر إلى السماء فاذا هى على حالها، ونظر إلى الأرض فاذا هو لا يرى شيئاً، فلما
ص: 420
نزل اللحم إلى سفل العمود(1)، وطلبت النُّسُورُ اللحم، وسمعت الجبالُ هَدَة(2) النسور، فخافت من أمر(3) السماء، وهو قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالَ﴾(4).
50/2308 - عن ثوير بن أبي فاختة، عن عليّ بن الحسين (علیهما السّلام)، قال : ﴿تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ﴾ [48] يعني بأرض لم تكتسب عليها الذُّنوب، بارزة، ليس عليها جبال ولا نبات كما دَحاها أول مرّة(5).
51/2309 - عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ﴾، قال: تبدّل خُبزةً نقية يأكُل الناس منها حتى يُفرغ من الحساب، قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾(6).
52/2310 - عن محمد بن هاشم، عمَّن أخبره، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قال له الأبرش الكلبي: بلغني أنك قلت في قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ أَنَّها تُبدَّل خُبزة؟
فقال أبو جعفر (علیه السّلام): صَدَقوا ، تُبدَّل الأرض خُبزةً نَقيةٌ في المَوقِف، يأكلون منها، فضحك الأبرش وقال: أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخُبز؟ فقال: ويحك، في أيّ المنزلتين هم أشدّ شُغلاً وأسوأ حالاً، إذا هم في الموقف، أو في النار
ص: 421
يُعذبون؟ فقال: لا، في النار. فقال: ويحك، وإن الله يقول: ﴿لا كِلُونَ مِن شَجَرٍ مِنْ زَقُومٍ * فَمَالِمُونَ مِنْهَا البُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم﴾(1)، قال : فسكت(2).
53/2311 - وفي خبر آخر، عنه (علیه السّلام)، فقال: وهم في النار لا يُشغلون عن أكل الضَّريع وشُرب الحميم وهم في العذاب، فكيف يُشْغَلُون عنه في الحساب(3)؟
54/2312 - عن عبدالله بن سنان، عن عبدالله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ﴾، قال: تُبَدِّل خُبزةً نقيّةً، يأكل الناس منها(4) حتى يُفرغ من الحساب.
فقال له قائل: إنَّهم يومئذٍ في شغل عن الأكل والشرب ؟ فقال له: ابن آدم خُلق أجوف، لا بد له من الطعام والشراب، أهم أشدّ شغلاً يومئذ، أم هم في النار وقد استغاثوا؟ فقال: ﴿وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهْل﴾(5).
2313/55- عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : لقد خلق الله في الأرض منذ خَلَقها سبعة عالمين، ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض فأسكنوها واحداً بعد واحدٍ مع عالمه، ثمّ خَلَقَ الله آدم أبا هذا البشر وخَلَقَ ذُريَّته منه، ولا والله ما خَلَت الجنَّة من أرواح المؤمنين منذ خَلَقها الله، ولا
ص: 422
خلت النار من أرواح الكافرين منذ خلقها الله
لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة، وصيَّر الله أبدان أهل الجنَّة مع أرواحهم في الجنّة، وصيَّر أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار، أنّ الله تبارك وتعالى لا يُعبد في بلاده، ولا يَخْلُق خَلْقاً يَعْبُدونه ويُوحدونه، بلى والله ليخلقنَّ الله خَلْقاً من غير فُحولة ولا إناث يَعْبُدونه ويُوحدونه ويعظمونه، ويَخْلُق لهم أرضاً تَحْمِلهم وسماءٌ تُظلّهم، أليس الله يقول: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ وقال الله: ﴿أَفَعَيِينَا بِالخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾(1).
ص: 423
ص: 424
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/2314 - عن عبد الله بن عطاء المكي، قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [2] قال: يُنادي مناد يوم القيامة، يُسمع الخلائق: أنه لا يدخُل الجنة إلا مسلم، ثمَّ يَوَدُّ سائر الخَلْق أنّهم كانوا مسلمين(1).
2/2315 - وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله (علیه السّلام): فثَمَّ يودَّ الخَلْق أنهم كانوا مسلمین(2).
2316 / 3 - عن بكر بن محمد الأزدي، عن عمه عبد السلام، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال: قال: یا عبد السلام، أحذر الناس ونفسك.
فقلت: بأبي أنت وأمّي، أما الناس فقد أقدر على أن أحذَرهم، فأما نفسي فكيف؟
قال: إن الخبيث المُسْتَرِق السمع يجيئك فَيَسْتَرق، ثمّ يخرُج في صُورة آدمي،
ص: 425
فيقول: قال عبد السلام، فقلت: بأبي أنت وأمي، هذا ما لا حيلة له. قال: هو ذاك(1).
2317 / 4 - عن ابن وكيع عن رجل، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)، قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): لا تسبوا الريح فانها بشرٌ(2) وإنّها نُذر، وإنّها لواقح، فاسألوا الله من له خيرها، وتعوّذوا به مِن شَرّها(3).
2318 / 5 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: الله رياح رحمةٍ لواقع، يَنْشُرها بين يدي رحمته(4).
2319/6 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرينَ﴾ [24]، قال: هم المؤمنون من هذه الأمة(5).
7/2320 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): قال الله تعالى للملائكة: ﴿إِنِّى خَالِقٌ بَشَراً مِّنْ صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَةٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [28 و 29].
قال: وكان من الله ذلك تَقْدِمةٌ منه إلى الملائكة احتجاجاً منه عليهم، وما كان الله يغير ما بقوم إلا بعد الحُجّة عُذراً أو نذراً، فاغترف الله غُرفةٌ بيمينه - وكلتا يديه يمين(6) - من الماء العذب الفُرات، فَصَلْصَلها في كفّه فَجَمَدت، ثمّ قال: منك
ص: 426
أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين، الأئمة المهديين، الدُّعاة إلى الجنَّة، وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالي ولا أسأل عما أفعل وهم يُسألون! ثمّ اغترف الله غُرفةً بكفّه الأخرى من الماء المِلْح الأجاج، فَصَلْصَلها في كَفَّه فَجَمَدت، ثمّ قال لها: منكِ أخلُق الجَبّارين والفراعنة والعتاة وإخوان الشياطين وأئمة الكفر، والدعاة إلى النار، وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالي، ولا أسأل عمّا أفعل، وهم يُسألون، واشترط في ذلك البداء فيهم، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء الله فيهم، ثُمّ خَلَط الماء ين فى كفه جميعاً فَصَلْصَلَهما، ثمّ أكفأهما قدام عرشه وهما بلَّة من طين(1).
8/2321 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، قال: رُوحٌ خَلَقَها الله ، فَنَفَخ في آدم منها(2).
2322/ 9 - عن محمّد بن أُوْرَمَة، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سألته عن الرُّوح التي في آدم لها في قوله: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ روحی﴾، قال: هذه رُوحٌ مَخْلُوقةٌ لله، والرُّوح التي في عيسى بن مريم مَخْلُوقةٌ لله(3).
10/2323 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
ص: 427
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُّوحِي﴾، قال: خَلَقَ خَلْقاً وخَلَق رُوحاً، ثمّ أمر المَلَك فَنَفَخ فيه، وليست بالّتي نَقصت من الله شيئاً، هي من قدرته تبارك وتعالى(1).
11/2324 - وفى رواية سماعة عنه (علیه السّلام): خَلَق آدم فَنَفَخ فيه. وسألته عن الرُّوح، قال: هي من قدرته مِن المَلَكُوت(2).
12/2325 - عن أبان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام): إنَّ عليَّ بن الحسين إذا أتى المُلْتَزم(3) قال: اللهم إنَّ عندي أفواجاً من ذُنُوبِ، وأفواجاً من خطايا، وعندك أفواج من رحمةٍ وأفواج من مَغْفرةٍ، يا من استجاب لأبغض خَلْقِهِ إليه إذ قال: ﴿أَنْظُرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [36] أسْتَجب لي، وأفعل بي كذا وكذا(4).
13/2326 - عن الحسن بن عطيَّة، قال: سَمِعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إن إبليس عبد الله في السّماء الرابعة في ركعتين سنة آلاف سنة، وكان إنظار الله إيَّاه إلى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة(5).
2327 / 14 - عن وهب بن جُميع مولى إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول إبليس: ﴿رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الله المُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ﴾ [36 - 38] قال له وهب: جعلت فداك، أيّ يوم هو ؟
قال: يا وهب، أتحسَبُ أنّه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إنَّ الله أنظره إلى يوم
ص: 428
يبعث فيه قائمنا، فاذا بَعَث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم، فيأخُذ بناصيته فيضرب عُنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم(1).
2328 / 15 - عن أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أخيه، عن قوله تعالى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [41] قال : هو أمير المؤمنين (علیه السّلام)(2).
2329 / 16 - عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قلت: أرأيت قول الله: ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ﴾ [42] ما تفسير هذه الآية؟ قال: قال الله : إِنَّكَ لا تملك أن تدخلهم جنَّةٌ ولا ناراً(3).
17/2330 - عن عليّ بن النعمان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ﴾، قال: ليس [له] على هذه العصابة خاصة سُلطان.
قال: قلتُ: وكيف - جُعلت فداك - وفيهم ما فيهم؟ قال: ليس حيث تذهب، إنّما قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ أن يُحبّب إليهم الكفر، ويُبغض إليهم الإيمان(4).
18/2331 - عن أبي بصير، قال: سمعت جعفر بن محمد (علیهما السّلام) وهو يقول: نحن أهل بيت الرحمة، وبيت النعمة، وبيت البركة، ونحن في الأرض بنيان، وشيعتنا عُرى(5) الإسلام، وما كانت دعوة إبراهيم (علیه السّلام) إلا لنا ولشيعتنا، ولقد استثنى الله إلى
ص: 429
يوم القيامة على إبليس، فقال: ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾(1).
19/2332 - عن أبي بصير، عنه (علیه السّلام)، قال : يؤتى بجهنَّم لها سبعة أبواب، بابها الأوّل للظالم وهو زُريق، وبابها الثاني لحبتر، والباب الثالث للثالث، والرابع لمعاوية، والباب الخامس لعبد الملك، والباب السادس لعسكر بن هوسر، والباب السابع لأبي سلامة ، فهم أبواب لمن اتبعهم(2).
20/2333 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال: سأله رجل عن الجُزء وجُزء الشيء، فقال: من سبعة، إنَّ الله يقول في كتابه: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾(3) [44] .
21/2334 - عن إسماعيل بن همام الكوفي، قال: قال الرضا (علیه السّلام) في رجل أوصى بجُزءٍ من ماله فقال: جُزء من سبعة، إنَّ الله يقول في كتابه: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾(4).
22/2335 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، في قوله تعالى: ﴿إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ [47]، قال: والله ما عنى غيركم(5).
23/2336 - عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال: سَمِعتُه يقول: أنتم والله الذين قال الله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين، عينين في الرأس، وعينين
ص: 430
في القلب، ألا والخلائق كُلّهم كذلك، إلا أنّ الله فَتَح أبصاركم وأعمى أبصارهم(1).
2337 / 24 - عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : ليس منكم رجل ولا امرأةٌ إلا ومَلائكة الله يأتونه بالسلام، وأنتم الذين قال الله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾(2).
2338/25 - عن محمّد بن القاسم، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) ، قال : إنَّ سارة قالت لإبراهيم (علیه السّلام): قد كَبِرتَ فلو دعوت الله أن يرزقك ولداً فَتَقَرّ أعيننا، فانّ الله قد اتَّخذك خليلاً، وهو مُجيب دَعْوَتك إن شاء الله، فسأل إبراهيم (علیه السّلام) ربَّه أن يَرْزُقه غُلاماً عَليماً، فأوحى الله إليه أنى واهب لك غُلاماً عَليماً، ثمّ أبلوك فيه بالطاعة لي.
قال أبو عبدالله (علیه السّلام): فمكث إبراهيم (علیه السّلام) بعد البشارة ثلاث سنين، ثمّ جاءته البشارة من الله باسماعيل مرَّةً أخرى بعد ثلاث سنين(3).
26/2339 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : قلت له : أصلحك الله ، أكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يتعوذ من البخل ؟ قال: نعم يا أبا محمد، في كُلّ صباح ومساء، ونحن نعوذ بالله من البُخْل، إن الله يقول في كتابه: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأَوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾(4) وسأنبتك عن عاقبة البُخْل ، إنَّ قوم لوط كانوا أهل قرية بخلاء أشِحّاء على الطعام، فأعقبهم الله داءً لا دواء له في فُرُوجهم.
قلت: وما أعقبهم؟ قال: إن قرية قوم لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام ومصر، فكانت المارة تنزل بهم فيُضيفونه، فلمّا أن كثر ذلك عليهم ضاقوا به
ص: 431
ذرعاً وبُخلاً ولُوْماً، فدعاهم البخل إلى أن كان إذا نزل بهم الصيف فَضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك، وإنَّما كانوا يفعلون ذلك بالضَّيف حتّى تنكل النازلة عليهم، فَشاع أمرُهم في القُرى، وحذرتهم المارّة، فأورثهم البخل بلاءً لا يَدْفَعُونه عن أنفسهم في شهوة بهم إليه، حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد، ويُعطونهم عليه الجُعل، فأيّ داءٍ أدأى من البخل، ولا أضرّ عاقبةً، ولا أفحش عند الله !
قال أبو بصير: فقلتُ له: أصلحك الله، هل كان أهل قرية لُوط كُلّهم هكذا مُبْتَلين؟ قال: نعم، إلا أهل بيت من المسلمين، أما تسمع لقوله: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ المُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المُسْلِمِينَ﴾(1)؟
ثمّ قال أبو جعفر (علیه السّلام): إن لُوطاً ليث مع قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الله ويُحَذِّرهم عقابه، قال: وكانوا قوماً لا يتنظّفون من الغائط، ولا يتطهرون من الجنابة، وكان لُوط وآله يتنظّفون من الغائط، ويتطهرون من الجنابة، وكان لُوط، ابن خالة إبراهيم، وإبراهيم ابن خالة لوط، وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان إبراهيم ولُوط نبيين (علیهما السّلام) مُرسَلين مُنذِرَين، وكان لُوط رجلاً سخياً كريماً يُقري الضيف إذا نزل به ويُحذِّره قومه.
قال: فلمّا أن رأى قوم لوط ذلك قالوا: إنا ننهاك عن العالمين، لا تُقرِ ضيفاً نزل بك، فانَّك إن فعلت فَضَحْنا ضَيفَك وأخزيناك فيه، وكان لُوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه، وذلك أن لُوطاً كان فيهم لا عشيرة له.
قال: وإن لُوطاً وإبراهيم لا(2) يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، وكانت لإبراهيم ولُوط منزلةٌ من الله شريفةٌ، وإنَّ الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم
ص: 432
لُوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخُلّته ومحبّة لُوط ، فيُراقبهم فيه، فيُؤخّر عذابهم.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): فلما اشتد أسف الله على قوم لوط، وقدر عذابهم وقضاء، أحب أن يُعوّض إبراهيم (علیه السّلام) من عذاب قوم لوط بغلام حليم، فيسلي به مُصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رُسلاً إلى إبراهيم (علیه السّلام) يُبشرونه باسماعيل، فدخلوا عليه ليلاً، فَفَزِعَ منهم، وخاف أن يكونوا سُرّاقاً.
قال: فلمّا أن رأته الرُّسل فَزِعاً وَجِلاً ، ﴿قالوا سلاماً قال سلام﴾(1)، ﴿قال إنَّا مِنكُم وَجِلُونَ * قَالُوا لا تَوْجَل إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عليمٍ﴾ . قال أبو جعفر (علیه السّلام): والغُلام الحليم هو إسماعيل من هاجر. فقال إبراهيم للرُّسل: ﴿أبَشَّرْتُمُونِي عَلى أنْ مَسَّنِي الكبرُ فَيمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرنَاكَ بالحَقِّ فَلا تَكُن مِن القانطين﴾.
فقال إبراهيم (علیه السّلام)اللرُّسل: (فما خَطْبُكم﴾ بعد البشارة؟ ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلنَا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ [52-58] قوم لُوطٍ، إنَّهم كانوا قوماً فاسقين، لتنذرهم عذاب رب العالمين.
قال أبو جعفر (علیه السّلام): فقال إبراهيم للرُّسُل : ﴿إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحُن أعلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهلَهُ إِلَّا أَمْرَأَتَهُ كَانَت مِنَ الغَابِرِينَ﴾(2). قال: ﴿فَلمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المُرسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُم قَومٌ مُنْكَرُونَ * قَالُوا بَلْ جِئْنَاك بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمتَرُونَ﴾. يقول: من عذاب الله، لننذر قومك العذاب(3)، ﴿فأسر بأهلك﴾ يا لوط، إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها ﴿بقطع مِّنَ الَّيلِ﴾ [61 - 65]، ﴿ولَا يَلتَفِت مِنْكُم
ص: 433
أَحَدٌ إِلَّا أَمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُم﴾(1)، قال أبو جعفر (علیه السّلام): فقضوا(2) إلى لوط ﴿ذَلِكَ الأَمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقطوع مُصْبِحِينَ﴾[66] .
قال أبو جعفر (علیه السّلام): فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر، قدّم الله رُسُلاً إلى الله إبراهيم يُبسّرونه باسحاق، ويُعزّونه بهلاك قوم لوط، وذلك قول الله في سورة هود: ﴿وَلَقَدْ جَائتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْل حنيذ﴾ يعني ذكيّاً مَشوِياً نَضيجاً ﴿فَلَمَّا رَءًا أَيْدِيَهُم لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَأَمْرَأَتَهُ قَائِمَةٌ﴾ قال أبو جعفر (علیه السّلام): إنَّما عنى امرأة إبراهيم سارة قائمة فبشّروها ﴿بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَلِدُ وَأَنَا عَجُوزُ إلى قوله: ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ مجِيدٌ﴾(3).
قال أبو جعفر (علیه السّلام): فلما أن جاءت البشارة باسحاق، ذهب عنه الرَّوْع، وأقبل يُناجي ربه في قوم لوط، ويسأله كشف العذاب عنهم، قال الله تعالى: ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ ءَاتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾(4) بعد طلوع الشمس من يومي هذا محتوم غير مردود(5).
2340 / 27 - عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (علیه السّلام) فأطرق ثمَّ :قال اللهم لا تُقْنِطني من رحمتك، ثمّ جَهَر فقال: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُونَ﴾(6) [56].
ص: 434
28/2341 - عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [75] قال: هم الأئمة، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): اتقوا فراسة المؤمن، فانه ينظر بنور الله، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾(1).
29/2342 - عن أسباط بن سالم، قال: سأل رجل من أهل هيت(2) أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمِ﴾ [75 و 76] قال: نحن المُتَوسّمون، والسبيل فينا مقيم(3).
2343 / 30 - عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، رفعه، في قوله: ﴿لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾، قال: هم آل محمّد الأوصياء (علیهم السّلام)(4).
31/2344 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): إن في الإمام آيةً للمتوسمين : وهو السبيل المقيم، ينظُرُ بنُور الله، وينطِقُ عن الله، لا يعزُبُ عنه شيءٌ مما أراد(5).
2345 / 32 - عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام): بينما أمير المؤمنين (علیه السّلام) جالس في مسجد الكوفة، قد أحتبى بسيفه، وألقى بُرْنُسه(6) وراء
ص: 435
ظهره، إذ أنته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة فغَضبت، فقالت: لا والله ما هو كما قضيت، لا والله ما تقضي بالسويَّة، ولا تعدِلُ في الرعيّة، ولا قضيّتك عند الله بالمرضيّة.
قال : فنَظَر إليها أمير المؤمنين (علیه السّلام) فتأمَّلها ، ثمّ قال لها: كَذَبَتِ يا جَريَة يا بذية يا سَلْسَع يا سَلْفَع(1)، أيا التي تحيضُ من حيث لا تحيض النساء، قال: فولت هاربةً وهي تُوَلُّول وتقول: يا ويلي يا ويلي يا ويلي ثلاثاً.
قال: فلحقها عمرو بن حريث، فقال لها : يا أمة الله أسألك. فقالت: ما للرجال وللنساء في الطرقات؟ فقال: إنَّك استقبلت أمير المؤمنين عليّاً بكلامٍ سَرَرتني به، ثمَّ قَرّعك أمير المؤمنين بكلمةٍ، فوليت مولولةً؟ فقالت: إن ابن أبي طالب والله استقبلني فأخبرني بما هو في وبما كَتَمتُه من بَعْلي منذ ولي عصمتي، لا والله ما رأيتُ طَمْناً قَطُّ من حيث تراه النساء.
قال فرَجَع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال له : والله يا أمير المؤمنين ما نَعْرِفك بالكهانة ؟ فقال له: وما ذلك يا بن حريث؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إن هذه المرأة ذكرت أنَّك أخبرتها بما هو فيها، وأنها لم تَرَ طَمْناً قَطُّ من
حيث تراه النساء.
فقال له: ويلك يا بن حريث، إنَّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، وركب الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها كافر ومؤمن، وما هي مبتلاة به إلى يوم القيامة، ثمّ أنزل بذلك قرآناً على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال: ﴿إِنَّ وله الله فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ فكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) المتوسم، ثم أنا من بعده، ثمّ الأوصياء من ذريتي من بعدي، إني لما رأيتها تأملتها، فأخبرتها بما هو فيها، ولم
ص: 436
أكذب(1).
2346 / 33 - عن سورة بن كُليب، قال : سَمِعتُ أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : نحن المثاني(2) التي أعطي نبينا(3).
2347 / 34 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام) ، قال : سألته عن قوله : ﴿وَلَقَدْ مَاتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي﴾ [87]، قال : فاتحة الكتاب يُثنى فيها القول(4).
35/2348 - عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله (علیه السّلام)، قال : قال : إذا كانت لك حاجةٌ فاقرأ المثاني وسورةً أخرى، وصَلِّ رَكْعتين، وأدعُ الله.
قلت: أصلحك الله، وما المثاني ؟ فقال : فاتحة الكتاب، ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾(5).
2349 / 36 - عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : سمعته يقول: نحن الله المثاني التي أعطي نبينا، ونحن وجه الله في الأرض، نتقلب بين أظهركم(6)، عَرَفنا من عرفنا، ومن أنكرنا فأمامه اليقين(7).
ص: 437
37/2350 - عن يونس بن عبد الرحمن، عمَّن ذكره، رفعه، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَانَ العَظِيمَ﴾، قال : إنَّ ظاهرها الحمد، وباطنها ولد الولد، والسابع منها القائم (علیه السّلام)(1).
2351/ 38 - قال حسان العامري: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله: ﴿وَلَقَدْ اتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَانَ العَظِيمَ﴾، قال: ليس هكذا تنزيلها(2)، إنما هي (ولقد آتيناك سبع مثانی) نحن هم (والقرآن العظيم) ولد الولد(3).
2352/ 39 - عن القاسم بن عُروة، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قول الله: ﴿وَلَقَدْ اتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَانَ العَظِيمَ﴾، قال: سبعة أئمة والقائم (علیه السّلام)(4).
40/2353 - عن السُّدي، عمَّن سَمِع عليّاً (علیه السّلام) يقول: ﴿سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي﴾ فاتحة الكتاب(5).
41/2354 - عن سماعة ، قال : قال أبو الحسن (علیه السّلام): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَانَ العَظِيمَ﴾، قال: لم يُعْطَ الأنبياء إلا محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم)، وهم السبعة الأئمة الذين يدور عليهم الفلك(6)، والقرآن العظيم محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)(7).
ص: 438
42/2355 - عن حماد، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السّلام)، في قول الله تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾ [88].
قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) نَزَل به ضيقة، فاستسلف من يهودي، فقال اليهودي: والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية(1)، فعلى ما أُسلفه؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إني لأمين الله في سمائه وأرضه، ولو اتمنني على شيء لأديته إليه، قال: فبعث بدَرَقةٍ(2) له فرهنها عنده، فنزلت عليه: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَوةِ الدُّنْيَا﴾(3).
43/2356 - عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السّلام)، قال : في قوله ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ﴾ [11]، قال: هم قریش(4).
44/2357 - عن زرارة وحُمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السّلام)، عن قوله: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ﴾، قال : هم قُريش(5).
45/2358 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾(6)، قال: نَسَخَتْها ﴿فَأَصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾(7)[94] .
46/2359 - عن أبان بن عثمان الأحمر، رفعه، قال: كان المستهزئون خمسة من قريش: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والحارث بن
ص: 439
حنظلة، والأسود بن عبد يغوث بن وهب الزهري، والأسود بن المطلب بن أسد فلمّا قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِمِينَ﴾ [95] علم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قد أخْزَاهم، فأماتهم اللهُ بشَرٌ مِيتات(1).
2360 / 47- عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : اكْتَتَم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بمكة سنين ليس يظهر، وعلي (علیه السّلام) معه وخديجة، ثمّ أمره الله أن يَصْدَع بما يُؤمَر فظهر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فإذا أتاهم قالوا: كذاب، امض عنّا(2).
تم بعون الله وحسن توفيقه الجزء الثاني من كتاب التفسير
لمحمّد بن مسعود العياشي، ويليه الجزء الثالث
ويبدأ بتفسير سورة النحل
ص: 440
من سورة المائدة ... 3
[1] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ... 4
[1] أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ ... 5
[2] لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الحَرام ... 6
[3] إلا مَا ذَكَّيْتُمْ ... 8
[3] المُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ ... 9
[3] اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَأَخْشَوْنِ ... 9
[3] اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً ... 9
[4] وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الجوارح مُكَذِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ ... 10
[5] وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ... 13
[5] وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ ... 13
[5] وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... 13
[5] وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ... 14
[6] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ... 16
[6] وَإِنْ كُنتُمْ مُرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لَا مَسْتُمُ النِّسَاءَ ... 23
ص: 441
[6] مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِّن حَرَج ... 23
[21] ادْخُلُوا الْأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ... 24
[22 - 26] قالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا ... 25
[27] وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا ... 32
[32] مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ... 37
[33] إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... 39
[3] وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ... 43
[28 و 39] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ... 44
[41] أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ... 49
[44] إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورُ ... 50
[44] إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ... 51
[44] وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ... 51
[45] فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةً لَّهُ ... 53
[47] وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ... 53
[48] فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله ... 54
[50] وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ... 54
[52] عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا ... 54
[53] أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ... 55
[54] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدُّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ... 55
[55] إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ ... 56
[56] فَإِنَّ حَزْبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُونَ ... 59
[63] لَوْلَا يَنْهَهُمُ الرَّيَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ ... 60
[64] بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ... 60
ص: 442
[64] قَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ... 60
[64] كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْب أَطْفَاهَا الله ... 60
[66] وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ والْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِّنْ رَّبِّهِمْ ... 61
[66] مِنْهُمْ أُمَّةً مُّقْتَصِدَةً وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ... 61
[67] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلْغْتَ رِسَالَتَهُ ... 62
[68] يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُم عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ... 66
[71] وَحَسِيبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ... 66
[72] مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ... 67
[75] وَأُمُّهُ صِدِّيقَةُ كَانَا يَأْكُلان الطعام ... 67
[78] لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ... 67
[79] كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ... 67
[82] ذَلِكَ بِأَنْ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ... 67
[87] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ... 68
[89] لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... 68
[89] مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ... 69
[93] لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ... 75
[94] لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُه أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ... 77
[95] لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنْتُمْ حُرُمُ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مَّتَعَمِّداً فَجَزَاءً مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَم ... 77
[95] يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ ... 78
[95] وَمَن قَتَلهُ مِّنْكُمْ مُّتَعَمِّداً فَجَزاءُ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ذَلِكَ صِيَاماً ... 79
[95] وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ... 80
[96] أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ ... 81
[97] جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ... 81
ص: 443
[101 و 102] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْتَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ ... 82
[103] مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ... 82
[106-108] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ ... 83
[109] يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلُ فَيَقُولُ مَا ذَا أُجِيتُمْ قَالُوا لا علم لنا ... 85
[111] إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّينَ ... 85
[112] هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ... 85
[116] أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ أَتَّخِذُونِي وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... 86
[116] تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوب ... 87
من سورة الأنعام ... 89
[1] الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور ... 90
[2] ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمّى عِنْدَهُ ... 90
[9] وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلْبِسُونَ ... 92
[19] قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ... 92
[19] وَأُوحِيَ إِلَى هَذَا الْقُرمَانُ لأُنْذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ... 93
[23] وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ... 93
[27و28] يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبُ بِايَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ... 96
[33] فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِايَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ... 97
[44 و 45] فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا ... 97
[54] كَتَبَ رَبُّكُم عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ ... 99
[59] وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ... 99
[62] رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَهُمُ الحَقِّ ... وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ... 100
[68] وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي مَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ... 100
ص: 444
[4] وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ ... 101
[75] وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَليَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ ... 101
[77] لَيْنْ لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ... 103
[79] إِنِّى وَجْهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً ... 103
[77] قال هَذَا رَبِّي ... 103
[82] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظلم ... 104
[84] وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلَّا هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ... 106
[84] وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ... 106
[80] وَيَحْيَى وَعِيسَى ... 107
[89] فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكُلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ... 107
[10] أَوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهدَ هُمُ اقْتَدِة ... 108
[11] قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الكِتَابَ الَّذِى جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ ... 109
[93] أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ... 109
[13] وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ أفتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَى وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ... 109
[93] اليَومَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ ... 110
[95] فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى ... 110
[98] هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِّنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعُ ... 111
[101] بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ... 113
[103] لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ... 114
[108] وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدُوا بِغَيْرِ عِلْمٍ ... 114
[110] وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ... 114
[115] وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ... 115
[118] فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ... 115
ص: 445
[121] وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ أَسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ... 116
[121] وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ... 116
[122] أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ... 117
[129] وَكَذلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ... 118
[125] فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ ... 118
[125] كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ... 119
[141] وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ... 119
[143] وَمِنَ الإِبِلِ أَثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ أَثْنَيْنِ ... 123
[143 و 144] مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ أَثْنَيْنِ قُلْ ءَ الذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ... 124
[145] قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَى مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةُ ... 125
[151] قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ... 127
[151] الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... 127
[153] وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ ... 127
[108] يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ايَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا ... 128
[159] إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً ... 129
[160] مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ... 129
[165] دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ... 133
من سورة الأعراف ... 135
[1] المص ... 135
[3] اتَّبِعُوا ما أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أُولِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ... 137
[12] خَلَقتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ... 137
[16 و 17] لأقعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُستَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَين أيديهم ... 137
ص: 446
[20] مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَن هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَو تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ ... 138
[22] بَدَت لَهُمَا سَوءَاتُهُمَا ... 140
[27] يا بَنِي آدَمُ ... 140
[28] وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ... 140
[29] وَأقِيمُوا وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِد ... 141
[31] خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ ... 142
[31] وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسرِفِينَ ... 142
[32] قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهُ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ... 144
[33] إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... 145
[34] إِذَا جَاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَستَقْدِمُونَ ... 147
[40] إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِنَايَاتِنَا واستَكبَرُوا عَنهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُم أبْوَابُ السَّمَاءِ ... 147
[44] فَأَذْنَ مُؤَذِّنُ بَينَهُم أَن لَّعَنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ... 147
[46] وعلى الأعْرَافِ رِجَالُ يَعرِفُونَ كُلَّا بِسِيمَاهُم ... 147
[47] رَبَّنَا لَا تَجْعَلنَا مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ ... 149
[46] لَم يَدخُلُوهَا وَهُم يَطْمَعُونَ ... 149
[50] أفيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ أو مِمَّا رَزَقَكُمُ الله ... 149
[56] لا تُفسدوا فِي الْأَرْضِ بَعدَ إِصْلَاحِهَا ... 150
[71] انتظرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّن المُنتَظِرِينَ ... 150
[80] أتأتونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِن أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ ... 153
[81] إنكم لتَأْتُونَ الرِّجَالِ شَهِوَةٌ مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ... 153
[99] فَلَا يَأْمَنُ مَكَرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخَاسِرُونَ ... 154
[102] وَمَا وَجَدنًا لأكثَرِهِم مِّن عَهْدٍ وإِن وَجَدَنَا أَكثَرَهُم لَفَاسِقِينَ ... 154
[111] أرجِه وَأَخَاهُ ... 156
ص: 447
[128] إِنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِه وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ... 157
[134] لَئِن كَشَفتَ عَنَّا الرّجزُ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ... 157
[142] وَواعَدنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيلَةٌ وأَتمَمنَاهَا بِعَشْرٍ ... 158
[143] قَالَ سُبحَانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ ... 159
[146] سَأَصْرِفُ عَن وَآيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ... 161
[148] اتَّخَذَ قَومُ مُوسَى مِن بَعدِهِ مِن حَلِيهِم عِجلاً جَسَداً له خُوَارٌ ... 163
[152] إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجْلَ سَيْنَا لَهُم غَضَبٌ مِّن رَبِّهِم وَذِلَّةٌ فِي الحَياةِ الدُّنْيَا .. 163
[155] إِن هِيَ إِلَّا فِتنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهدِى مَن تَشَاءُ ... 164
[157] يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِنَدهُم فِي الدُّورَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ ... 164
[157] فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزْرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ... 164
[109] وَمِن قوم مُوسى أُمَّةً يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ... 165
[164 و 165] لم تَعِظُونَ قوما الله مُهلِكُهُم أو مُعَذِّبُهُم عَذَاباً شَدِيداً ... 167
[169] أَلَم يُؤخَذ عَلَيهِم مِّيثَاقُ الكِتابِ أَن لَّا يَقُولوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحَقَّ ... 169
[171] خُذُوا مَا مَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ... 170
[172] وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم ... 170
[175] اتيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنهَا فأتبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ ... 176
[180] وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الحُسْنَى فَادعُوهُ بِهَا ... 176
[181] وَمِمَّن خَلَقنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ... 176
[188] وَلَو كُنتُ أعلمُ الغَيب لاستكثرتُ منَ الخَيرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ ... 177
[190] فَلَمَّا اتَاهُما صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا وَاتَاهُمَا ... 177
[199] خُذِ العفو وأمُر بِالعُرفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ ... 178
[201] إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسْهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ... 178
[204] وَإذا قُرِئ القُرانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنصِتُوا لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ ... 179
ص: 448
[205] وَاذكُر رَّبِّكَ في نَفسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ... 179
من سورة الأنفال ... 181
[1] يَستَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُول ... 183
[7 و 8] وَإِذ يَعِدُكُم الله إحدى الطابقتين أنَّهَا لَكُم ... 186
[11] وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ليُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطان ... 186
[12] إذ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُم ... 187
[11] وَيُذْهِبَ عَنكُم رِجْزَ الشَّيْطَانِ ... 187
[11] وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ ... 187
[15 و 16] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحفاً ... 187
[16] إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ ... 188
[17] وَمَا رَمَينَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ... 188
[24] واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ ... 189
[25] وَاتَّقُوا فِتنَةٌ لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً ... 190
[30] وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُنْبِتُوكَ أو يَقتُلُوك ... 191
[33] وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأنتَ فيهم وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم... 192
[34 و 35] وَهُم يَصُدُّونَ عَنِ المَسجِدِ الحَرَامِ وَما كَانُوا أُولِيَاءَهُ ... 192
[38] قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغفَر لَهُم مَّا قَد سَلَف ... 193
[39] وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ الله ... 193
[39] وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّه لله ... 193
[41] وأعلَمُوا أَنَّمَا غَيْمَتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمْسَهُ وَلِلْرَسُولِ وَلِذِي القُربَى ... 199
[42] وَالرُّكب أسفَلَ مِنكُم ... 203
[48] إنِّى أَرى مَا لا تَرُونَ إِنِّي أَخَافُ الله وَاللهُ شَدِيدُ العِقَابِ ... 203
ص: 449
[50] يضرِبُونَ وُجُوهَهُم وَأَدبَارَهُم ... 204
[55] إِنَّ شَرَّ الدَّوَابٌ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُم لَا يُؤْمِنُونَ ... 204
[60] وَأعِدُّوا لَهُم ما استطعتُم مِّن قُوَّة ... 204
[61] وَإِن جَنَحُوا لِلسّلمِ فَاجنَح لَهَا ... 204
[65] إن يَكُن مِّنكُم عِشرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِأْتَينِ ... 206
[66] الآنَ خَفِّفَ اللهُ عَنكُم وَعَلِمَ أَن فِيكُم ضعفاً ... 207
[70] يَا أَيُّها النَّبِيُّ قُل لِمَن فِى أيدِيكُم مِن الأسرَى إِنْ يَعلم اللهُ فِي قُلُوبِكُم خَيرًا ... 207
[72] وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَم يُهَاجِرُوا مَالَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ... 209
[75] وَأُولُوا الأرحَامِ بَعْضُهُم أُولَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ... 209
من سورة براءة ... 213
[1 و 2] بَرَاءَةُ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِنَ المُشرِكينَ ... 214
[3] وَأذَانُ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَومَ الحَجِّ الأَكْبَرِ ... 216
[5] أقتُلُوا المُشركينَ حَيثُ وَجَدتُّمُوهُم وَخُذُوهُم وَأَحصُرُوهُم وَأقعُدُوا لَهُم ... 218
[12] وإن نكثوا أيمَانَهُم مِّن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكفر ... 219
[14] وَيَشفِ صُدُورَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ ... 221
[14 و 15] قَاتِلُوهُم يُعَذِّبْهُمُ الله بأيدِيكُم وَيُخْزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم ... 223
[19] أجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ كَمَن ءَامَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ... 226
[23 و 24] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُم وَإِخْوَانَكُم أُولِيَاءَ ... 226
[25] لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَومَ حُنَيْنٍ إِذ أَعجَبَتِكُم كَثرَتُكُم ... 227
[29] حَتَّى يُعطوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ ... 228
[31] اتَّخَذُوا أحبَارَهُم وَرُهبَانَهُم أرباباً من دونِ الله ... 229
[33] لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ ... 230
ص: 450
[34] الَّذِينَ يَكْذِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ... 231
[40] ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ ... 232
[40] وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفلى ... 233
[42] لَو كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَّاتَّبَعُوكَ ... 233
[46] وَلَو أَرَادُوا الخُروج لأعَدُّوا لَهُ عُدة ... 233
[54] وَمَا مَنَعَهُم أن تُقَبلَ مِنهُم نَفَقَاتُهُم إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ... 234
[58] إن أُعطوا مِنهَا رَضُوا وَإن لم يُعطوا مِنْهَا إِذَا هُم يَسخَطُونَ ... 234
[ 60] لِلفُقَراءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤلفة قُلُوبُهُم وَفِي الرِّقاب ... 234
[61] يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلمُؤْمِنِينَ ... 241
[65 و 66] وَلَئِن سَألتَهُم لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ... 241
[67] نَسُوا الله فَنَسِيَهُم ... 242
[71] وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أولِيَاءُ بَعضٍ ... 242
[72] وَعَدَ اللهُ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ... 243
[74] يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقد قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعدَ إِسلَامِهِم ... 246
[79 و 80] الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطُوعِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ فِى الصَّدَقَاتِ ... 248
[85] وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنهُم مَّاتَ أبَداً وَلَا تَقُم عَلَى قَبْرِهِ ... 248
[87] رَضُوا بأن يَكُونُوا مَعَ الخَوالِفِ ... 250
[91] ليسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ... 251
[91 - 93] لَيسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرْضَى وَلَا عَلَى ... حَرَج ... 252
[99] و مِنَ الأعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ ... 253
[100] السَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم ... 253
[102] خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَمَاخَرَ سَيْناً عَسَى الله أن يَتُوبَ عَلَيهِم ... 254
[103] خُذ من أموالهم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بها ... 255
ص: 451
[104] ألَم تَعلَمُوا أَنَّ اللهَ هُو يَقبَلُ التّوبَةَ عَن عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ... 256
[105] وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ ... 258
[108] لَمَسجِدُ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِن أول يوم أحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ ... 262
[108] فِيهِ رِجَالُ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ... 263
[111] إِنَّ اللَّهَ أَشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ... 264
[112] التَّائِبُونَ العَابِدُونَ ... 264
[112] وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ ... 265
[114] وَمَا كَان استغفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلَّا عَن مُوعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ... 266
[114] إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهُ حَلِيم ... 266
[115] مَا كَانَ اللهُ لِيُضِلُّ قَوماً بعد إذ هَداهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ... 266
[118] وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ... 267
[118] ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم لِيَتُوبُوا ... 268
[119] كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ... 269
[122] فَلَو لَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِّنهُم طَائِفَةً لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الَّذِينَ ... 269
[123] قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكفار ... 271
[125] وَأمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتهُم رِجساً إلى رِجسهِم ... 271
[128] لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُم ... 271
من سورة يونس ... 273
[2] وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا ... 274
[15] وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِم وَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرجُونَ لِقَاءَنَا أَنتِ بِقُرهَانٍ ... 275
[15] إنِّي أَخَافُ إِن عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ ... 275
[23] يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَعْيُكُم عَلَى أنفُسِكُم ... 275
ص: 452
[24] حتّى إذا أَخَذَتِ الأرضُ زُخْرُفَهَا ... 276
[27] كَأَنَّما أُغشِيَت وُجُوهُهُم قِطَعاً من اليل مظلماً ... 277
[35] أفمن يهدى إلى الحَقِّ أَحَقُّ أن يُتَّبَعَ ... 277
[29] بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِم تأويله ... 277
[47] لِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولُ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُم قُضى بَينَهُم بِالقِسطِ وَهُم لَا يُظْلَمُونَ ... 278
[49] إِذَا جَاءَ أَجَلُهُم فَلَا يَستَدْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَستَقدِمُونَ ... 278
[53] وَيَستَنبِئُونَكَ أحَقُّ هُوَ قُل إِلى وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقُّ ... 279
[54] وَأسَرُّوا الندامة لما رأوا العذاب ... 279
[57] وَشِفاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ .... 279
[58] قُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ... 279
[62] إِنَّ أولِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ ... 280
[63 و 64] الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِى الحَياةِ الدُّنْيَا ... 280
[74] ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعدِهِ رُسُلاً إلى قَومِهِم ... 282
[80] رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلقَومِ الظَّالِمِينَ ... 283
[89] قد أجيبت دعوتُكُمَا ... 284
[94] فَإن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيكَ فَسئَلِ الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ... 284
[98] فَلَو لَا كَانَت قَرِيَةً ءَامَنَت فَنَفَعَها إِيمَانُها إِلَّا قَوم يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفْنَا ... 294
[99] أفأنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ... 296
[101] وَمَا تُعْنِي الآيَاتُ والنُّذُرُ عَن قَومٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ... 297
[102] انتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ المُنتَظِرِينَ ... 297
[103] كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا تُنجِ المُؤْمِنِينَ ... 297
ص: 453
من سورة هود ... 299
[5] ألا إنهم يثنونَ صُدُورَهُم ... 299
[6] مَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعلَمُ مُستَقَرَّهَا وَمُستَودَعَها ... 300
[7] خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ... 300
[7] وَكَانَ عَرِشُهُ عَلَى المَاءِ ... 300
[8] وَلَيْن أُخْرِنَا عَنهُمُ العَذَابَ إلى أُمَّةٍ مُعدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يحبسه ... 301
[12] فَلَعَلَكَ تَارِك بَعضَ مَا يُوحَى إِلَيكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدرُكَ ... 302
[13 - 24] هَل يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ... 303
[34] وَلَا يَنفَعُكُم نُصحِى إن أردتُّ أن أنصَحَ لَكُم إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُم ... 304
[36] أنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلَّا مَن قَد ءَامَنَ فَلَا تَبِتَيْس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ... 305
[40] حتى إذا جاءَ أمرُنا وَفارَ التَّنُّورُ ... 307
[40] وَمَا ءَامَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلُ ... 309
[42] وَنَادَى نُوحٌ أَبنَهُ ... 309
[47] رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ ... 310
[44] يا أرضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ... 310
[46] إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ... 312
[56] إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ... 312
[65] وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُم هُوداً ... 312
[61] وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالِحاً ... 312
[69 - 76] ولَقَد جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالبُشْرَى قَالُوا سَلاماً ... 314
[78 - 81] إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَرِيبٍ ... 318
[82 و 83] وَأمطَرنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِن سِجِّيلٍ مَنضُورٍ * مُسَوَّمَةٌ عِندَ رَبِّكَ ... 321
[84] إنِّي أراكُم بِخَيرٍ ... 322
ص: 454
[93] وَارتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُم رَقِيبٌ ... 322
[100] مِنْهَا قَائِم وَحَصِيدٌ ... 322
[103] ذَلِكَ يَوم مجموع لهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَومُ مشهود ... 322
[107] مَا دَامَتِ السَّمَاواتُ وَالأرضُ ... 323
[108] وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ ... 323
[108] خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاواتُ وَالأرضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ... 323
[113] وَلَا تَركَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسكُمُ النَّارُ ... 324
[114] أَقِمِ الصَّلَوَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ الَّيلِ ... 325
[114] إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ... 326
[118 و 119] وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً ... 329
من سورة يوسف ... 331
[11 - 13] يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأمَنًا عَلَى يُوسُفَ ... أرسلهُ مَعَنَا غَداً يَرتَعِ وَيَلْعَب ... 334
[15] لَتُنَبِئنَّهُم بِأَمرِهِم هَذَا وَهم لا يَشْعُرُون ... 336
[21] وَقَالَ الَّذِي أشْتَرَاهُ مِن مُصرَ لِامْرَأتِهِ أكرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا ... 338
[20] وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِيمَ مَعْدُودَةٍ ... 338
[24] لو لا أن رءًا بُرهَانَ رَبِّه ... 340
[25] وَألفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا البَابِ قَالت مَا جَزاءُ مَن أرَادَ بِأهلِكَ سُوءاً إِلَّا أَن يُسجَنَ أو ... 340
[42] فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجِنِ بِضَعَ سِنِينَ ... 343
[42] اذكُرنِي عِندَ رَبِّكَ ... 343
[43] سَبع سنابل خُضر ... 346
[49] عامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يعصرون ... 347
[50] أرجع إلى رَبِّكَ فَسْئَلُهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ ... 348
ص: 455
[55] حَفِيظٌ عَلِيمٌ ... 348
[77-70] أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ... 351
[86] إِنَّمَا أَشْكُوا بَنِّى وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وأَعْلَمُ من الله ما لا تَعْلَمُونَ ... 358
[80] تالله تَفْتَوا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ ... 358
[87] اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ... 360
[89] هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ... 363
[88] وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ ... 363
[94] وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ ... 364
[94] إِنِّى لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ ... 365
[98] سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ... 368
[100] وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ... 369
[11] رَبِّ قَدْهَاتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ... 369
[106] وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُونَ ... 372
[108] قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... 374
[110] حَتَّى إِذَا اسْتَيْتَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنْهُمْ قَدْ كُذِبُوا ... 375
من سورة الرعد ... 377
[2] رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ... 378
[4] فِي الأَرْضِ قِطَعُ مُتَجَاوِرَاتُ ... 378
[7] إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ... 379
[11] لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمر الله ... 381
[11] إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... 382
[15] وَاللَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ... 384
ص: 456
[19] إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَاب ... 384
[21] وَالَّذِينَ يَصلُونَ مَا أَمَرَ الله بهِ أَنْ يُوصَلَ ... 385
[24] سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ... 389
[28] أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ... 390
[29] طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئابٍ ... 391
[38] وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ... 392
[39] يَعْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ ... 394
[43] قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ ... 401
من سورة إبراهيم ... 403
[5] وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ ... 403
[7] لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ... 403
[12] وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكَّلُونَ ... 403
[17] يَتَجَرْعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّةٍ ... 404
[22] وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ... 404
[22] إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُم مِّنْ سُلْطَانٍ ... 405
[24] ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ... 405
[25] تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ... 406
[27] يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ... 407
[28] الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار ... 411
[31] وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًا وَعَلَانِيَّةٌ ... 413
[34] وَمَاتَاكُم مِّنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ... 414
[35] رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ امِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ... 414
ص: 457
[36] فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى ... 414
[37] إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بَوَادٍ غَيْرَ ذِي زَرْعٍ ... 415
[37] فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ ... 417
[3] رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا تُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ ... 419
[41] ربِّ اغفر لي ولوالدي ... 419
[45] وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ... 420
[46] وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالَ ... 420
[48] تُبَدِّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ... 421
من سورة الحجر ... 425
[2] رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ... 425
[24] وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرينَ ... 426
[28 و 29] إِنِّى خَالِقٌ بَشَراً مِّنْ صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَةٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوْيْتُهُ ... 426
[36] أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ... 428
[36 - 38] رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ... 428
[41] هَذَا صِرَاطٌ عَلَى مُسْتَقِيمُ ... 429
[42] إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ ... 429
[44] لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مُقْسُومٌ ... 430
[47] إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ... 430
[47] وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ... 430
[52 - 58] قال إِنَّا مِنكُم وَجِلُونَ * قَالُوا لَا تَوْجَل إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ... 433
[61-65] فَلمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المُرسَلُونَ . قَالَ إِنَّكُم قَومٌ مُنْكَرُونَ ... 433
[66] ذَلِك الأمر أَنْ دَابِرَ هَؤُلَاءَ مَقْطُوعُ مُصْبِعِينَ ... 434
ص: 458
[56] وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رُحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُونَ ... 434
[75] إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ... 435
[75 و 76] إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ... 435
[87] وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي ... 437
[88] لَا تَمُدُنُ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ... 439
[91] الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ ... 439
[94] فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ... 439
[95] إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِمِينَ ... 440
ص: 459