سرشناسه:عیاشی، محمّد بن مسعود، 320 ق.
عنوان قراردادی:تفسیر العیاشی.
عنوان و نام پديدآور: التفسیر / ابی النضر محمدبن مسعود العیاشی؛ تحقیق قسم الدارسات الاسلامیه - موسسه البعثه.
مشخصات نشر: قم: موسسه البعثه، قسم الدراسات الاسلامیه، 1420ق. = 1378.
مشخصات ظاهری:3 ج. نمونه.
شابک:69000 ریال: دوره: 964-309-276-3 ؛ ج. 1: 964-309-273-9 ؛ ج. 2: 964-309-274-7 ؛ ج. 3: 964-309-275-5
يادداشت:عربی.
يادداشت:ج. 1 - 3 (چاپ اول: 1421 ق.= 1379).
يادداشت:ناشر جلد دوم این کتاب مرکز الطباعه و النشر فی موسس البعثه است.
یادداشت:کتابنامه.
موضوع: تفاسیر ماثوره.
تفاسیر شیعه - قرن 3ق.
شناسه افزوده: بنیاد بعثت. واحد تحقیقات اسلامی.
شناسه افزوده: بنیاد بعثت. مرکز چاپ و نشر.
رده بندی کنگره:BP93/ع 9ت 7 1378
رده بندی دیویی:297/1726
شماره کتابشناسی ملی:م 78-9666
محرر الرقمي: مرتضی حاتمی فرد
التفسير
للشيخ أبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي
المتوفى نحو 320 ه
الجزء الأول
تحقیق
قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم
ص: 1
مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة
اسم الكتاب: التفسير العيّاشي ج 1
تأليف : محمّد بن مسعود العيّاشي
تحقیق : قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة - قم
الطبعة: الأولي 1421 ه.ق
الكمية: 2000 نسخة
التوزيع : مؤسسه البعثة
طهران: شارع سمية - بين شارعي الشهيد مفتح و فرصت
هاتف: 8823244 -8822374 فاكس 8831410. ص.ب 1361 -15815
بيروت- ص.ب : 24/124، تلكس 40512 كمك
جميع الحقوق محفوظة و سجلة لمؤسسة البعثة
ISBN:964-309-273-9(vol.1)
ISBN:964-309-276-3(3vol-SET)
قیمت دوره 3 جلدی
50/000 تومان
ص: 2
بِسْمِ اللّهِ الرّحمن الرّحيم
هو أبو النَّضْر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السَّمرقندي، المعروف بالعيّاشي (1).
والسُّلمي: نسبة إلى سُليم بن منصور، وهي قبيلة عظيمة من قيس عيلان، من العدنانية (2)، والظاهر كونه منسوباً إلى سُلمى وهم بطن من دارم، من تميم، من العدنانية (3)، بدليل نسبته إلى تميم أيضاً على ما سيأتي.
والعيّاشي: نسبة إلى جدّه عيّاش.
والسَّمرقندي: نسبة إلى سمرقند (4)، ومن بني دارم الذين سكنوا هذه المنطقة سورة بن أبجر - وقيل : ابن الحرّ - وكان أميراً على سمرقند، وأحد رؤساء تميم،
ص: 3
قُتِل سنة 112 ه (1)، وهو يدلّ على أن بني تميم قد توطنوا في سمرقند، بل وأصبحوا من أمرائها، وهو يساعد على صحة نسبة العيّاشي إلى قبيلة تميم.
وتردد محمّد بن إسحاق النديم في نسبته قال: من أهل سمرقند، وقيل: إنه من بني تميم (2)، وتابعه الشيخ الطوسي (3) وابن شهر آشوب(4) على ذلك.
قال الشيخ التستري: قول الشيخ في الفهرست (من أهل سمرقند، وقيل: من بني تميم) لا تصلح المقابلة، إلا إذا كان المراد عجمي سمرقندي، أو عربي تميمي، والنجاشي جعله عربياً سلميّاً، والظاهر أصحيّة قول النجاشي، حيث إن الشيخ في الفهرست استند إلى ابن النديم الذي قد عرفت في المقدمة كثرة أوهامه (5).
وفي الروضات: العراقي الكوفي (6)، ومثله في ريحانة الأدب (7)، ووردت النسبة الأولى في هدية العارفين (8). ولعل هذه النسبة لحقته خلال أسفاره إلى الكوفة وبغداد (9)، وقد نص النجاشي على سماعه من شيوخ الكوفيين والبغداديين والقمّيين (10).
ص: 4
لم تذكر مصادر ترجمة العيّاشي شيئاً عن تاريخ ولادته أو وفاته ولا مجمل تواريخه، لكن بعض المتأخرين حدد تاريخ وفاته بنحو سنة 320ه (1)، وهو تاريخ مقارب مع أنه مبني على الحدس والتخمين.
ويمكن القول من خلال قرينة طبقته والعلماء المعاصرين له أنه من أعلام الغيبة الصغرى (260 - 329) أي إنه عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، ولعله أدرك أوائل القرن الرابع(2).
وقال آقا بزرك: هو من طبقة ثقة الإسلام الكليني (3)، وتوفي الشيخ الكليني سنة 328ه، وقيل: 329ه.
ويبدو: من بعض التواريخ أن العيّاشي كان بعد سنة 260ه قد رحل إلى حواضر الإسلام في طلب العلم، فقد لقي علي بن الحسن بن علي بن فضال، المولود نحو سنة 206ه وروى عنه، ولم يلق أخاه أحمد بن الحسن المتوفى سنة 260ه (4) ولم يرو عنه.
وعاصر الشيخ العيّاشي المعمرين من أصحاب أبي الحسن على بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقد روى عن علي بن علي الخزاعي (172 - 283ه) أخي دعبل اللّه الخزاعي الشاعر.
ص: 5
وروى عن أصحاب الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (195 - 220 ه) ومنهم إسحاق بن محمّد البصري، ومحمد بن أبي نصر.
وروى عن أصحاب أبي الحسن الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (212 - 254ه) وأصحاب أبي محمّد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) (232 - (260ه) ومنهم إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، والحسين بن إشكيب وعبداللّه بن حمدويه البيهقي، وعلي بن جعفر ابن العبّاس الخزاعي، والفضل بن شاذان، ومحمد بن أحمد بن حماد المروزي ومحمد بن أحمد بن نعيم، ومحمد بن يزداد الرازي وغيرهم. وروى عن محمّد بن شاذان بن نعيم وهو من وكلاء القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذين رأوه ووقفوا على معجزته (1).
ترجم للشيخ محمّد بن مسعود العيّاشي أعلام الطائفة وأهل العلم الذين جاءوا بعده، متسالمين على أنه ثقة عين صدوق، ومن مشايخ الرواية، وأحد أساطين العلم في الطائفة المحقة، وأطرى علماء الرجال على جلالة قدره وعلوّ منزلته وسعة فضله وغزارة علمه.
قال النجاشي: ثقة صدوق، عين من عيون هذه الطائفة، وكان يروي عن الضعفاء كثيراً، وكان في أول أمره عامّي المذهب، وسمع حديث العامة، فأكثر منه ثم تبصر وعاد إلينا، وكان حديث السنّ (2).
وقال الشيخ الطوسي: أكثر أهل المشرق علماً وفضلاً وأدباً وفهماً ونبلاً في
ص: 6
زمانه (1).
وقال أيضاً: جليل القدر، واسع الأخبار، بصير بالروايات مطّلع عليها(2).
وقال العلامة: جليل القدر واسع الأخبار، بصير بالرواية، مضطلع بها (3).
وقال محمّد بن إسحاق النديم: من فقهاء الشيعة الإمامية، أوحد دهره و زمانه في غزارة العلم (4).
و جعل العيّاشي من داره مدرسة علمية تضمّ رجال العلم والثقافة وطلاب الفضيلة، وفي هذا السبيل أنفق كبير المدرسة محمّد بن مسعود العيّاشي سائر ما كان عنده من مال ورثه من أبيه، وكان (رَحمهُ اللّه) هذا جدّ بليغ في تجديد ما اندرس من رسوم العلم ورفع ما عفي من قواعده.
قال النجاشي: قال أبو عبداللّه الحسين بن عبيد اللّه: سمعت القاضي أبا الحسن علي بن محمّد قال لنا أبو جعفر الزاهد: أنفق أبو النضر على العلم والحديث تركة أبيه سائرها، وكانت ثلاثمائة ألف دينار، وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أو قاري أو معلّق مملوءة من الناس(5).
وقال أيضاً في ترجمة أبي عمرو الكشي: صحب العيّاشي. وأخذ عنه،
ص: 7
و تخرج عليه في داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم(1).
وقال الشيخ الطوسي: وكان له مجلس للخاص ومجلس للعام (رَحمهُ اللّه) (2).
و قال ابن داود كانت داره كالمدرسة للمشتغلين (3).
كان العيّاشي (رَحمهُ اللّه) عالماً مشاركاً في عدّة علوم (4)، فله تصنيف في الفقه والتفسير والحديث والسيرة والتاريخ والعقائد والطب والنجوم وغيرها من العلوم، كما هو بين من خلال قائمة تصانيفه، ولنأخذ من ذلك نماذج.
ففي مجال النجوم عدّه ابن طاوس في علماء النجوم من الأصحاب، وقال: ومن العارفين بالنجوم من الشيعة والمصنفين فيها الشيخ المعلّم عند كافّتهم، والمتفق على عدالته وجلالته عند خاصتهم وعامتهم محمّد بن مسعود بن محمّد بن عياش، وقد أثنى عليه محمّد بن إسحاق النديم، وشيخنا أبو جعفر الطوسي وأحمد بن العبّاس النجاشي، وبالغوا في الثناء عليه رضوان اللّه عليهم وعليه وذكر وا له كتاباً في النجوم (5).
وهو أيضاً من المصنفين في الرجال بتصريح النجاشي والشيخ في الفهرست بكتابه (معرفة الناقلين)، ويروي عنه كثيراً أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبدالعزیز
ص: 8
الكشي (1)، سيما في مجال التوثيقات والتجريحات الرجالية (2)، واعتمد النجاشي على روايته في بيان أحوال الرجال، كما في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني (3) وترجمة أيوب بن نوح (4)، واعتمد روايته وأقواله العلّامة وابن داود أيضاً في موارد كثيرة تضيق بذكرها هذه المقدمة.
وفي مجال التفسير، فقد ترجم له الاستاذ عادل نويهض في معجم المفسّرين، وعدّ له كتابين في التفسير، وقال: فقيه إمامي من كبارهم، مشارك في عدة علوم، من أهل سمرقند، اشتهرت كتبه في نواحي خراسان اشتهاراً عظيماً، وهي تزيد على مائتي كتاب، منها (تفسير القرآن) ويعرف بتفسير العيّاشي، موجود نصفه الأول و (فضائل القرآن) (5).
و ترجم له بروكلمان عند ذكره المفسرين قائلاً: كان شيخاً للكشي، أي حوالي 300ه / 923م، وكان إماماً لطائفة الإمامية في خراسان.
ثمّ قال: لم يصل إلينا من كتاباته الكثيرة إلا كتابه في التفسير الذي نقّحه إبراهيم بن علي القمّي (6). وهذا غير صحيح من جهتين:
الأولى: أن كتاب التفسير للعياشي غير كتاب التفسير للقمي، كما أن القمّي لم ينقّح كتاب العيّاشي، بل إنه يعد في طبقة مشايخ العيّاشي، فليت بروكلمان ذكر
ص: 9
المصدر الذي اعتمده ليؤيد مدّعاه.
والثانية: إن اسم القمّي صاحب التفسير علي بن إبراهيم القمّي، وليس إبراهيم بن علي القمّي، كما لم يذكر أحد أن تفسير العيّاشي نقّحه رجل اسمه إبراهيم بن علي القمّي أو علي بن إبراهيم غير بروكلمان، وهذا من جملة أوهامه الكثيرة حول رجال الإمامية وكتبهم.
لم تكن همّة الشيخ العيّاشي مقصورة على الأخذ من مشايخ بلده سمرقند وضواحيها فحسب، بل تعالت همته حتّى تحمّل وعثاء السفر طلباً للعلم، فغادر بيئته وطاف البلاد ورحل إلى الأمصار، وتتابعت أسفاره في أمهات الحواضر العلمية آنذاك، واجتمع في تلك الرحلات مع مشيخة العلم والحديث ممن كانت تُشدّ إليهم الرحال لتحمّل الرواية والعلم، كما قام بنسخ الكتب، كما هو واضح من بعض مروياته.
قال النجاشي: سمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال وعبداللّه بن محمّد ابن خالد الطيالسي وجماعة من شيوخ الكوفيين والبغداديين والقمّيين (1).
وقال العيّاشي في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن فضال: ما رأيت فيمن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من علي بن الحسن بالكوفة.
وقال في ترجمة أبي يعقوب إسحاق بن محمّد البصري: كان غالياً وصرت إليه إلى بغداد لأكتب عنه، وسألته كتاباً أنسخه، فأخرج إلي من أحاديث المفضل
ص: 10
ابن عمر في التفويض، فلم أرغب فيه، فأخرج إلي أحاديث منتسخة من الثقات (1). وواضح من خلال ذلك أنه (رَحمهُ اللّه) رحل في طلب العلم إلى خراسان ونواحيها، ثمّ إلى قم وبغداد والكوفة.
1 - طريق الشيخ الصدوق إلى محمّد بن مسعود العيّاشي:
عن المظفر بن جعفر بن مظفر العلوي العمري (رضیَ اللّهُ عنهُ)، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي (رَحمهُ اللّه) (2).
قال الشيخ في من لم يَرْوِ عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ): المظفر بن جعفر بن محمّد بن عبداللّه ابن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب الالا، روى عنه التلعكبري إجازة كتب العيّاشي محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السَّلمي، عن ابنه جعفر بن محمّد، عن أبيه أبي النّضر، يكنّى أبا طالب (3).
قال الشيخ النوري الطبرسي وبينه وبين ما في المشيخة مخالفة في والد جعفر،... فالظاهر وقوع التحريف في كلام الصدوق، والصحيح المظفّر بن جعفر بن محمّد (4).
ولكن في الامالي للشيخ المفيد: أخبرني الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين الجواني، قال: أخبرني أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي
ص: 11
العمري، عن جعفر بن محمّد بن مسعود (1)... إلى آخره.
وكيف كان فهو من مشايخ الصدوق والشيخ العديم النظير التلعكبري، وبتوسطه يرويان كتب العيّاشي ويعتمدان عليه - وقد مرّ استفادة الوثاقة من ذلك - والشريف أبو عبداللّه محمّد شيخ المفيد.
أو تقول كتب العيّاشي الجليل المعروف ما كانت تحتاج في صحة انتسابها إليه إلى الواسطة، فهو شيخ إجازة للرواية، فلا يضرّ الجهل بحاله كما عليه جماعة.
مع أنّ الراوي عن العيّاشي غير منحصر في ابنه، والراوي عن ابنه غير منحصر في العلوي العمري، ففي النجاشي بعد ذكر كتبه: أخبرني أبو عبداللّه ابن شاذان القزويني، قال: أخبرنا حيدر بن محمّد السمرقندي، قال: حدثني محمّد بن مسعود (2).
وفي الفهرست - بعد ذكر كتبه : أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي بجميع كتبه و روایاته (3).
وفي من لم يرو عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) : جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، فاضل روى عن أبيه جميع كتب أبيه، روى عنه أبو المفضل الشيباني(4).
ثم إنهم صرّحوا أنّ الكشي من غلمان العيّاشي، وأخذ عنه العلم (5).
وفي النجاشي في ترجمته أخبرنا أحمد بن [علي] بن نوح وغيره، عن
ص: 12
جعفر بن محمّد، عنه (1).
وفي الفهرست: أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن محمّد ابن عمر بن عبدالعزيز الكشي(2).
فانقدح من جميع ذلك استفاضة الطرق إلى كتبه وصحة بعضها، وأمّا العيّاشي فهو من عيون هذه الطائفة، ورئيسها وكبيرها، جليل القدر، عظيم الشأن، واسع الرواية، ونَقادُهَا، وَنَقادُ الرجال (3).
2 - طريق الشيخ النجاشي: أخبرنا أبو عبداللّه بن شاذان القزويني، قال: أخبرنا حيدر بن محمّد السمرقندي، قال: حدّثنا محمّد بن مسعود (4).
وفي ترجمة عبداللّه بن أبي عبداللّه محمّد بن خالد بن عمر الطيالسي، وهو من شيوخ العيّاشي:
أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه عن جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن عبداللّه (5).
3 - طريق الشيخ المفيد: أخبرني الشريف أبو عبداللّه محمّد بن الحسن الجواني، قال: أخبرني أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه (6).
وفي موضع آخر: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد (رَحمهُ اللّه)، قال: حدثني
ص: 13
جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العيّاشي (1).
4 - طريق الشيخ الطوسي: جماعة من أصحابنا، عن أبي المفضل، عن محمد جعفر بن بن مسعود العيّاشي، عن أبيه (2).
وفي الأمالي: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العيّاشي (3).
روى العيّاشي عن جملة من الأعلام المعروفين في زمانه، وتلمّذ لهم في سمرقند وكشّ وخراسان وقم وبغداد والكوفة.
قال النجاشي: سمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال وعبداللّه بن محمّد ابن خالد الطيالسي وجماعة من شيوخ الكوفيين والبغداديين والقمّيين (4).
ولا بد من التنبيه على أن قول النجاشي سمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال الظاهر وقع فيه تصحيف، ذلك لأن محمّد بن مسعود العيّاشي أدرك علي بن الحسن بن فضال وروى عنه، وقد بلغت مروياته عنه في رجال الكشي (71)، مورداً (5).
كما أنّ النجاشي في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، قال:
ص: 14
قال محمّد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فطعن عليه... الخ (1). مما يدل على أنه يروي عنه مباشرة.
وروى الكشي، عن محمّد بن مسعود قوله: ما رأيت فيمن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من على بن الحسن بالكوفة (2).
وكل ما تقدّم يدلّ على أن علي بن الحسن بن فضال من شيوخ العيّاشي، وقد سمع منه مباشرة، ولم يسمع أصحابه وحسب.
قال الشيخ آقا بزرك موجهاً قول النجاشي دالاً على موطن التصحيف: وفي عبارة نسخ النجاشي في ترجمة العيّاشي تصحيف، فإنّ العبارة هكذا سمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال، وصريحه أنه يروي عن علي بن الحسن بواسطة أصحابه، مع أنه خلاف رواياته الموجودة عنه، وتصريحه بأنه أفقه من رآه، والتصحيف وقع في التأخير والتقديم، والصحيح: سمع أصحاب الحسن بن علي بن فضال، يعني وَلَدَهُ عليّ، وغيره ممن أدركه وصحبه، فسمع العيّاشي عنهم (3).
وقد تقدم أنّ الشيخ النجاشي قال في ترجمة محمّد بن مسعود العيّاشي: وكان يروي عن الضعفاء كثيراً (4). ومن بين شيوخه الذين وفّقنا لجمعهم والذين يتجاوزون الستين تجد من الضعفاء أحمد بن علي بن كلثوم، وإسحاق بن محمّد البصري، وجعفر بن معروف ونصر بن الصباح وبالمقابل تجد منهم الثقات الذين
ص: 15
نصّ الشيخ النجاشي على توثيقهم كالحسين بن إشكيب وجعفر بن أحمد بن أيوب، أو نص غيره على توثيقهم كالشيخ الطوسي والعلامة وابن داود، وهم الفضل بن شاذان، وعبداللّه بن محمّد بن خالد الطيالسي وعلي بن الحسن بن فضال، ومحمد بن نصير وغيرهم.
وتجد العيّاشي أحياناً يتحرّج في الأخذ عن البعض، وذلك لعلمه ودرايته بمنازل الرجال، فهو تلميذ علي بن الحسن بن علي بن فضال وعبداللّه بن محمّد بن خالد الطيالسي في علم الرجال، بل وتخرّج عليه من أصحاب هذا الفن أبو عمرو الكشي الذي أكثر الرواية عنه في النقد والتجريح والتوثيق.
ومن شواهد تحرّجه في الأخذ عن بعض الضعفاء مع دقّة تمييزه الرجال، قال أبو عمر و الكشي: سألت أبا النضر محمّد بن مسعود عن أبي يعقوب إسحاق بن محمّد البصري، فقال: فأما أبو يعقوب فانه كان غالباً، وصرت إليه إلى بغداد لأكتب عنه، وسألته كتاباً أنسخه، فأخرج إلي من أحاديث المفضّل بن عمر في التفويض، فلم أرغب فيه، فأخرج إلي أحاديث منتسخة من الثقات.... إلى أن قال: وهو أحفظ من لقيته (1).
وفيما يلى قائمة بأسماء المشايخ الذين روى عنهم، وقد جمعناها من خلال تتّبع كتب الرجال وطرق الروايات في كتب الحديث، ورتبناها وفق تسلسل حروف الهجاء.
1 - آدم بن محمّد البلخي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (2).
ص: 16
2 - إبراهيم بن علي روى عنه محمّد بن مسعود العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (1).
3 - إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري: عدّه الشيخ من أصحاب الهادي والعسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، وفي الكشي نقلاً عن العيّاشي أنه قال فيه: فهو في نفسه لا بأس به، ولكن بعض من يروي عنه.
روى عنه العيّاشي (2)، وورد في إسناد الكشي رواية محمّد بن مسعود العيّاشي عنه (3).
4 - أحمد بن عبد اللّه (4) العلوي: روى عنه محمّد بن مسعود العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الصدوق والكشي(5).
5 - أحمد بن علي بن كلثوم من أهل، سرخس، متهم بالغلو (6)، روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق وعلي بن محمّد الخزاز القمّي (7).
6 - أحمد بن منصور الخزاعي روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والكشى (8).
ص: 17
7 - إسحاق بن محمّد البصري، أبو يعقوب: يُرمى بالغلو، من أصحاب الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1)
وفي رجال الكشي، قال أبو عمرو: إنه سأل أبا النضر محمّد بن مسعود عن جماعة، فقال : أما أبو يعقوب إسحاق بن محمّد البصري، فإنه كان غالياً، وصرت إليه إلى بغداد لأكتب عنه، وسألته كتاباً أنسخه، فأخرج إليّ من أحاديث المفضل ابن عمر في التفويض، فلم أرغب فيه، فأخرج إلي أحاديث منتسخة من الثقات (2)،... إلى آخر قوله، وقد تقدّم.
وروى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الحاكم الحسكاني والشيخ الصدوق والكشي (3).
8- جبريل بن أحمد الفاريابي: أبو محمّد كان مقيماً بكش كثير الرواية عن العلماء بالعراق وقم وخراسان (4).
وفي لسان الميزان: أبو محمّد الكشي، قال أبو عمرو الكشي: حدّثنا عنه محمّد بن مسعود وغيره، وكان مقيماً بكش، له حلقة كثير الرواية، وكان فاضلاً متحرّياً كثير الأفضال على الطلبة.
وقال ابن النجاشي: ما ذاكرته بشيء إلا مرّ فيه كأنما يقرأه من كتاب، وما رأيت أحفظ منه، وقال لي ما سمعت شيئاً فنسيته ذكراه في رجال الشيعة (5).
ص: 18
ووقعت رواية العيّاشي عنه في أسانيد الشيخ الصدوق والكشي وعلي بن محمد الخزاز القمّي (1).
9 - جعفر بن أحمد: روى عنه العيّاشي كما ورد في أسانيد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والكشي والسيد ابن طاؤس (2)، ويحتمل اتحاده مع الذي بعده.
10 - جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي: أبو سعيد، يقال له: ابن العاجز.
قال النجاشي: كان صحيح الحديث والمذهب، روى عنه محمّد بن مسعود العيّاشي ذكر أحمد بن الحسين (رَحمهُ اللّه)، أن له كتاب الرد على من زعم أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، كان على دين قومه قبل النبوة.
طريقنا إليه شيخنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن قولویه، عن محمّد بن عمر بن عبدالعزيز الكشي عنه (3).
11 - جعفر بن أحمد بن معروف روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد السيد ابن طاؤس (4)، ويحتمل كونه تصحيف جعفر بن أحمد بن أيوب المتقدم.
12 - جعفر بن محمد: روى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الصدوق والحاكم الحسكاني والسيد ابن طاؤس (5).
13 - جعفر بن معروف: قال ابن الغضائري (رَحمهُ اللّه)، جعفر بن معروف، أبو
ص: 19
الفضل السمرقندي، يروي عنه العيّاشي كثيراً، كان في مذهبه ارتفاع، وحديثه يعرف تارة وينكر أخرى (1).
14 - الحسين بن إشكيب: قال النجاشي: شيخ لنا خراساني ثقة مقدّم ذكره أبو عمرو في كتابه الرجال في أصحاب أبي الحسن صاحب العسكر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، روى عنه العيّاشي وأكثر، واعتمد حديثه، ثقة ثقة ثبت (2).
15 - الحسين بن عبيد اللّه: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (3).
16 - حمدان بن أحمد أبو جعفر: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (4) وهو محمّد بن أحمد بن خاقان، المعروف بحمدان النهدي القلانسي، قال النجاشي: كوفى مضطرب، له كتب (5).
وفي رجال الكشي، عن محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: وأما محمّد بن أحمد النهدي، وهو حمدان القلانسي، كوفي ثقة خَيّر (6).
17 - حمدان بن أحمد القلانسي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الكشي والحاكم الحسكاني (7). وهو محمّد بن أحمد بن خاقان، المعروف بحمدان، وقد تقدم آنفاً.
ص: 20
18 - حمدان بن أحمد الكوفي روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (1). وهو محمّد بن أحمد بن خاقان، المعروف بحمدان، وقد تقدم آنفاً.
19 - حمدان بن أحمد النهدي روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (2)، وهو المتقدّم آنفاً.
20 - حمدان النقاش روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ النجاشي، في ترجمة أيوب بن نوح (3).
ويحتمل اتحاده مع سابقه، لأنّ عين عبارة النجاشي المنقولة بالاسناد عن محمد بن مسعود في حمدان النقاش، نقلها الكشي بالاسناد عن محمّد بن مسعود عن حمدان القلانسي (4).
21 - حمدويه بن نصير: وهو من تلامذة العيّاشي والرواة عنه، وروى عنه العيّاشي أيضاً كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والكشي و الحاكم الحسكاني (5).
22 - خلف بن حماد: أبو صالح الكشي، روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (6). وفي رجال الشيخ: يكني أبا صالح من أهل كش (7).
ص: 21
23 - ابن ازداد بن المغيرة: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (1).
24 - سليمان بن حفص: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (2).
25 - سلمة بن محمد: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الحاكم الحسکانی (3).
26 - سهل بن بحر: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الحاكم الحسكاني (4).
وفي رجال الشيخ في من لم يرو عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كان مقيماً بكش (5).
27 - أبو العبّاس بن عبداللّه بن سهل البغدادي الواضحي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (6).
28 - العبّاس بن المغيرة : روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الطوسي (7).
وفي إسناد الحاكم الحسكاني والشيخ الطوسي في الاستبصار: أبو العبّاس
ص: 22
ابن المغيرة (1)، قال السيد الخوئي: وهو الصحيح الموافق لما رواه الشيخ في باب فضل المساجد والصلاة فيها من التهذيب 3: الحديث 766 (2).
29 - أبو العبّاس بن المغيرة : روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الطوسي، والحاكم الحسكاني (3)، وتقدمت الاشارة إليه في العبّاس بن المغيرة.
30 - عبداللّه بن حمدويه البيهقي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (4). وعدّه الشيخ في الرجال من أصحاب الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).
31 - عبداللّه بن محمّد بن خالد الطيالسي روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الطوسي والنجاشي والكشي (6).
وفي الخلاصة: أبو العبّاس، ويكنى أبوه أبا عبداللّه التميمي، رجل من أصحابنا، ثقة، سليم الجنبة.
وروى الكشي عن أبي النضر محمّد بن مسعود، قال: ما علمت عبداللّه بن محمد بن خالد الطيالسي إلا ثقة خيراً (7).
وفي هداية المحدثين: عبداللّه بن محمّد بن خالد الطيالسي الثقة في طبقة رجال العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعنه علي بن محمّد بن الزبير، وجعفر بن محمّد بن مسعود
ص: 23
عن أبيه، عنه (1).
32 - علي بن جعفر بن العبّاس الخزاعي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الحاكم الحسكاني (2).
وفي آخر رجال الكشي، عن محمّد بن مسعود، أنه قال: علي بن جعفر بن العبّاس الخزاعي كان واقفياً(3). وعده الشيخ في الرجال من أصحاب العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقال : واقفي مروزي (4).
33 - علي بن الحسن: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (5). ويحتمل اتحاده مع ابن فضال الآتي.
34 - علي بن الحسن بن علي بن فضال: روى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الصدوق والكشي (6).
و عن أبي عمر و الكشي: أنه سأل محمّد بن مسعود العيّاشي عن جماعة منهم علي بن الحسن، فقال: ما رأيت فيمن لقيت بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من علي بن الحسن بالكوفة، وكان أحفظ الناس، ولم يكن كتاب عن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من كلّ صنف إلا وقد كان عنده، غير أنه كان فطحياً، يقول بعبد اللّه بن
ص: 24
جعفر، ثمّ بأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان من الثقات (1).
35 - علي بن عبداللّه: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (2).
36 - علي بن علي الخزاعي: ويقال له علي بن أبي علي الخزاعي، كما في بعض نسخ الرجال للكشي، وهو أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان الخزاعي، أخو دعبل الشاعر، له كتاب كبير عن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولد سنة 172ه وتوفّى سنة 283 ه، فكان عمره 111 سنة، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).
وروى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الكشي والحاكم الحسکانی (4).
37 - علي بن قيس القومسي: روى عنه العيّاشي، كما وقع في إسناد الشيخ الكشي(5).
38 - علي بن محمّد روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والكشي والحاكم الحسكاني (6). ويحتمل اتحاده مع الذي بعده.
39 - علي بن محمّد بن شجاع: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ
ص: 25
الصدوق (1).
40 - علي بن محمّد بن عيسى: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشى (2).
41 - علي بن محمّد بن فيروزان القمّي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (3)، ويحتمل اتحاده مع علي بن محمّد بن يزيد الآتي.
وفي رجال الشيخ في من لم يرو عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : كثير الرواية، يكنى أبا الحسن، كان مقيماً بكش (4).
42 - علي بن محمّد القمّي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والكشي(5). ويحتمل اتحاده مع علي بن محمّد بن يزيد، أو ابن فيروزان الآتيين بقرينة التقييد بالقمّي، ورواية محمّد بن مسعود عنه، وروايته عن أحمد بن محمّد ومحمد بن أحمد وبنان بن محمّد، كما في رجال الكشي.
43 - علي بن محمّد بن يزيد الفيروزاني القمّي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (6)، ويحتمل اتحاده مع علي بن محمّد بن فيروزان المتقدم وعلي بن محمّد بن يزيد القمّي الآتي.
44 - علي بن محمّد بن يزيد القمّي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد
ص: 26
الشيخ الكشي (1). ويحتمل اتحاده مع سابقه.
45 - الفتح بن محمد: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الحاكم الحسكاني(2).
46 - الفضل بن شاذان أبو محمّد النيسابوري، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي والعسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، وقال : كان متكلماً ثقةً جليل القدر (3).
روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (4)، وللفضل ابن شاذان مكاتبة مع العيّاشي كما في الحديث (1263) من هذا التفسير.
47 - القاسم بن محمد: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الطوسى (5) ولعله القاسم بن محمّد الأزدي الذي هو من أصحاب العيّاشي، كما صرح به الشيخ في الرجال (6)، وسيأتي في تلامذته.
48 - محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن فارس: روى عنه العيّاشي: كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (7).
49 - محمّد بن إبراهيم الوراق: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (8). وعده الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وقال : من أهل
ص: 27
سمرقند (1).
50 - محمّد بن أحمد: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (2). ويحتمل اتحاده مع من بعده.
51 - محمّد بن أحمد بن حماد المروزي: أبو علي المحمودي، عده الشيخ من أصحاب الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3)، وروى عنه العيّاشي، كما ورد في أسانيد الشيخ الكشي (4).
52 - محمّد بن أحمد بن نعيم : أبو عبداللّه الشاذاني، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5)، وروى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (6).
53 - محمّد بن أحمد النهدي الكوفي: روى عنه العيّاشي كما ورد في أسانيد الشيخ الطوسى والكشى (7). وقد تقدم ذكره فى حمدان بن أحمد.
54 - محمّد بن جعفر: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الكشي وكتاب الاختصاص (8).
55 - محمّد بن حاتم: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق
ص: 28
والشيخ المفيد (1)، ولعلّه محمّد بن حاتم القطان الذي ذكره الشيخ الصدوق في المشيخة في طريقه إلى حماد بن عمرو (2).
56 - محمّد بن شاذان بن نعيم: روى عنه محمّد بن مسعود، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (3). وعدّه الشيخ الصدوق من وكلاء الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذين رأوه ووقفوا على معجزته (4). ويحتمل أن يكون هذا هو محمّد ابن أحمد بن نعيم أبو عبداللّه الشاذاني الذي تقدم.
57 - محمّد بن علي بن خلف العطار: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الحاكم الحسكاني (5)، ويحتمل كونه محمّد بن علي بن خالد العطار الواقع في إسناد الكشي في ترجمة صعصعة بن صوحان لاتحاد المروي عنه (6)، على أن العيّاشي روى عنه بالواسطة كما في الكشي.
58 - محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين العبيدي البغدادي: أبو جعفر روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (7).
59 - محمّد بن أبي نصر: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (8)، ولعله من أصحاب الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كما ذكره البرقى في رجاله (9)
ص: 29
60 - محمّد بن نصير من أهل كش ثقة جليل القدر كثير العلم، روى عنه أبو عمرو الكشي (1) ومحمد بن مسعود العيّاشي في موارد كثيرة من أسانيد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والكشي (2).
61 - محمّد بن يزداد الرازي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الكشي والحاكم الحسكاني (3). وعده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
وفي من لم يرو عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : محمّد بن يزداد، يروي عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (5).
62 - ابن المغيرة: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الكشي (6)، ولعله ابن أزداد بن المغيرة المتقدم لروايته عن الفضل بن شاذان في الموردين (7).
63 - نصر بن أحمد البغدادي: روى عنه العيّاشي، كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والحاكم الحسكاني (8).
ص: 30
64 - نصر بن الصباح: روى عنه العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق (1).
وقال النجاشي: نصر بن صباح أبو القاسم البلخي غال المذهب. روى عنه الكشي، له كتب، منها: كتاب معرفة الناقلين كتاب فرق الشيعة. أخبرنا الحسين بن أحمد بن هدية، قال حدّثنا جعفر بن محمّد قال حدّثنا محمّد بن عمر بن عبدالعزيز الكشى عنه (2).
65 - يوسف بن السُّخت: روى عنه محمّد بن مسعود العيّاشي كما ورد في إسناد الشيخ الصدوق والكشي وعلي بن محمّد الخزاز القمّي (3).
روى عن العيّاشي جمع غفير من العلماء والرواة، تخرجوا عليه في داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم ومدرسة للخاص والعام، أو خلال ترحاله في طلب العلم في نواحي خراسان وقم وبغداد والكوفة وغيرها، وتجد من بين أصحابه وغلمانه الفقهاء الأجلّة والمؤلفين الفضلاء والرواة الثقات والحفاظ الأخيار والزهاد الأتقياء الذين تلمذوا له وتخرجوا على يده.
فمن الفقهاء أحمد بن عيسى العلوي، الذي كان يفتي كل فرقة بفتياها، ومن المؤلفين أبو الحسين بن أبي طاهر الطبري وأبو عمرو الكشي، ومن الرواة الثقات
ص: 31
عبداللّه بن طاهر النقّار، وحمدويه بن نصير وحيدر بن محمّد بن نعيم السمر قندي الذي كان يروي جميع مصنفات الشيعة وأصولهم بقراءة وإجازة وله كتب، ومن الحفاظ الأخيار محمّد بن نعيم الخياط الذي كان حافظاً رغم كونه أمياً، ومن الزهّاد الأتقياء علي بن إسماعيل الدهقان، ومحمد بن يوسف الجعفري.
وفيما يلى قائمة بأسماء تلامذته وأصحابه الرواة عنه مرتبةً وفق التسلسل الهجائي للحروف، وهي تشتمل على ما تسنّى لنا جمعه من كتب الرجال وطرق الروايات:
1 - إبراهيم الحبوبي، قال الشيخ: من غلمان (1) العيّاشي(2).
2 - أحمد بن الصفار، قال الشيخ من غلمان العيّاشي (3).
3 - أحمد بن عيسى بن جعفر العلوي العمري:
قال النجاشي في ترجمة علي بن محمّد بن عبداللّه: أبو الحسن القزويني القاضي، وجه من أصحابنا، ثقة في الحديث قدم بغداد سنة ست وخمسين وثلاثمائة ومعه كتب العيّاشي قطعة، وهو أول من أوردها الى بغداد، ورواها عن أبي جعفر أحمد بن عيسى العلوي الزاهد، عن العيّاشي (4).
وفي رجال الشيخ : ثقة، من أصحاب العيّاشي (5).
ص: 32
4 - أحمد بن محمّد بن الحسين الأزدي، قال الشيخ: من غلمان العيّاشي (1).
5 - أحمد بن يحيى، يكنى أبا نصر قال الشيخ: من غلمان العيّاشي (2).
وقال في الكنى: أبو نصر، يحيى الفقيه من أهل سمرقند، ثقة خيّر فاضل، كان يفتي العامة بفتياهم، والحشوية بفتياهم، والشيعة بفتياهم (3).
6 - أحمد بن يعقوب بن السنائي، أبو نصر، قال الشيخ: من غلمان العيّاشي (4).
7 - أبو بكر القناني، قال الشيخ: زاهد، من أصحاب العيّاشي (5).
بكر الكرماني، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (6).
9 - جعفر بن أبي جعفر السمرقندي، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (7).
10 - أبو جعفر بن أبي عوف، قال الشيخ نجاري، من أصحاب العيّاشي (8).
11 - جعفر بن محمّد أبو القاسم الشاشي، قال الشيخ من غلمان العيّاشي(9).
12 - جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، قال الشيخ: فاضل، روى عن أبيه
ص: 33
جميع كتبه، روى عنه أبو المفضل الشيباني (1).
13 - حسن الكرماني، قال الشيخ: روى عن العيّاشي (2).
14 - أبو الحسين بن أبي طاهر الطبري:
قال الشيخ: وقيل: اسمه علي بن الحسين، روى عن أبي جعفر الأسدي، وعن جعفر بن محمّد بن مالك، من غلمان العيّاشي (3).
وزاد في الفهرست له كتاب مداواة الجسد لحياة الأبد (4).
و ترجم له في موضع آخر قائلاً: علي بن الحسين بن علي، يكنى أبا الحسن ابن أبي طاهر الطبري من أهل سمرقند، ثقة، وكيل، يروي عن جعفر بن محمّد بن مالك وعن أبي الحسين الأسدي (5).
15 - الحسين الغزال الكنتجي، قال الشيخ: يروي عن العيّاشي (6).
16 - الحسين بن نعيم قال الشيخ يروي عن العيّاشي (7).
17 - حمدويه بن نصير بن شاهي:
قال الشيخ: سمع يعقوب بن يزيد، روى عن العيّاشي يكنى أبا الحسن عديم النظير في زمانه كثير العلم والرواية، ثقة، حسن المذهب (8).
ص: 34
18 - حيدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي:
قال الشيخ عالم جليل يكنى أبا أحمد، يروي جميع مصنفات الشيعة وأصولهم عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمّي، وعن أبي عبداللّه الحسين بن أحمد بن إدريس القمّي، وعن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي، وعن أبيه، روى عن الكشي عن العيّاشي جميع مصنفاته، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة أربعين وثلثمائة، وله منه إجازة، وله كتب ذكرناها في الفهرست (1).
وقال في الفهرست: فاضل جليل القدر من غلمان محمّد بن مسعود العيّاشي، وقد روى جميع مصنفاته وقرأها عليه، وروى ألف كتاب من كتب الشيعة بقراءة وإجازة، وهو يشارك محمّد بن مسعود في روايات كثيرة، ويتساويان فيها، وروى عن أبي القسم العلوي وأبي القسم جعفر بن محمّد بن قولويه، وعن محمّد ابن عمر بن عبدالعزيز الكشي، وعن زيد بن محمّد الحلقي، وله مصنفات، منها تنبيه عالم قتله علمه الذي هو معه، وكتاب النور لمن تدبره، أخبرنا بهما جماعة من أصحابنا، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري، عن حيدر (2).
وقال العلامة: عالم جليل القدر، ثقة، فاضل، من غلمان محمّد بن مسعود العيّاشي، يكنى أبا أحمد، يروي جميع مصنفات الشيعة وأصولهم، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة أربعين وثلاثمائة، وله منه إجازة (3).
ص: 35
19 - زيد بن أحمد الخلقي، قال الشيخ: يزدكي، من أصحاب العيّاشي (1).
20 - سعد الصفار، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (2).
21 - أبو عبداللّه البقال، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (3).
22 - عبد اللّه بن طاهر النقار، قال الشيخ: ثقة، حلواني، صالح، ورع، يكنى أبا القاسم، من أصحاب العيّاشي (4).
23 - عبداللّه الصيدلاني، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (5).
24 - علي بن إسماعيل الدهقان، قال الشيخ زاهد، خیر، فاضل، من أصحاب العيّاشي (6).
25 - علي بن حسنويه الكرماني، قال الشيخ: من تلامذة أبي النضر محمّد ابن مسعود العیاشی (7).
26 - علي بن موسى بن إسحاق، روى عن محمّد بن مسعود بن محمّد العيّاشي، كما في أسانيد الحاكم الحسكاني (8).
27 - أبو علي الوارثي، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (9).
ص: 36
28 - عمرو الخياط، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي(1).
29 - أبو عمرو الخياط، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (2).
30 - القاسم بن محمّد الأزدي، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (3).
31 - أبو القاسم الهاشمي (4)، روى عن أبي النضر العيّاشي، كما في إسناد الحاكم الحسكاني (5).
32 - الليث بن نصر، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (6).
33 - محمد بن بلال المعلم، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (7).
34 - محمّد بن شعيب البوجاكني، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (8).
35 - محمّد بن طاهر بن جمهور، قال الشيخ: من غلمان العيّاشي (9).
36 - محمّد بن عمر بن عبدالعزيز الكشي.
قال النجاشي: أبو عمرو، كان ثقةً، عيناً، وروى عن الضعفاء كثيراً، وصحب العيّاشي وأخذ عنه، وتخرّج عليه وفى داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم (10).
ص: 37
وفي رجال الشيخ: محمّد بن عمر الكشي، من غلمان العيّاشي (1).
37 - محمّد بن فتح المعلم، قال الشيخ من أصحاب العيّاشي (2).
38 - محمّد بن نعيم الخياط، قال الشيخ: أُمّي إلا أنه كان حافظاً، يروي عن العيّاشي (3).
39 - محمّد بن يحيى الضرير المؤدب قال الشيخ: من غلمان العيّاشي (4).
40 - محمّد بن يوسف بن يعقوب الجعفري، قال الشيخ: الدين الزاهد من أصحاب العيّاشي (5).
41 - أبو نصر الخلقاني، قال الشيخ: من أصحاب العيّاشي (6).
كان العيّاشي عالماً كثير التصانيف، فقد اشتغل منذ نعومة أظفاره في تحصيل العلم وترويجه، ولم يلبث كثيراً حتّى برع في علوم كثيرة كالفقه والتفسير والحديث والسيرة والتاريخ والعقائد والطب والنجوم والقيافة وغيرها، كما هو واضح من القائمة التي سنوردها من مؤلفاته.
وقد وفق لتأليفات جمّة صرّح أغلب المترجمين له أنها تزيد على مائتي
ص: 38
مصنف (1)، وقال ابن النديم: ذكر حيدر بن محمّد بن نعيم (2) أن كتبه مائتان وثمانية كتب، وأنّه ضلّ عنه من جميعها سبعة وعشرون كتاباً (3)، وقال أيضاً: ولكتبه، بنواحي خراسان شأن من الشأن (4).
ولم تقتصر شهرة كتبه في سمرقند ونواحي خراسان، بل وصلت إلى بغداد أيضاً، ففي ترجمة على بن محمّد القزويني القاضي في رجال النجاشي، قال: وجه من أصحابنا، ثقة في الحديث قدم بغداد سنة 356 ومعه من كتب العيّاشي قطعة، وهو أول من أوردها إلى بغداد، ورواها عن أبي جعفر أحمد بن عيسى العلوي الزاهد، عن العيّاشي (5).
وقد عدّ ابن النديم من كتب العيّاشي 175 كتاباً، وقال: كتب حيدر بن محمّد ابن نعيم ويكني أبا أحمد، إلى أبي الحسن علي بن محمّد العلوي كتاباً في آخره: نسخة ما صنفه العيّاشي، وقد ذكرته على ما رتبه صاحبه هذا (6)، وذكر الكتب.
وعدّ النجاشي من كتبه 157 كتاباً، وقال بعد إيرادها: أخبرني أبو عبداللّه بن شاذان القزويني، قال: أخبرنا حيدر بن محمّد السمرقندي، قال: حدّثنا محمّد بن مسعود (7).
ص: 39
وقال الشيخ الطوسي: له كتب كثيرة تزيد على مائتي مصنف، ذكر فهرست كتبه أبو إسحاق النديم.... وعدّ منها 182 كتاباً، وقال بعد إيرادها: أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، عن أبيه (1).
وعد ابن شهر آشوب في المعالم 81 كتاباً من كتب العيّاشي (2)، وقد رتّبنا مجموع ما ذكره المشايخ من كتبه وفق تسلسل حروف الهجاء، فكانت 195 كتاباً، وهي كما يلي:
1 - كتاب ابتداء فرض الصلاة.
2 - كتاب إثبات إمامة علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
3 - كتاب إثبات المسح على القدمين.
4 - كتاب الاجارات.
5 - كتاب الاجازات.
6 - كتاب الاجوبة المسكتة.
7 - کتاب احتجاج المعجز (3).
8 - كتاب الأخماس.
9 - كتاب الأذان.
10 - كتاب الاسارئ والغلول.
11 - كتاب الاستبراء.
12 - كتاب الاستخارة.
13 - كتاب الاستنجاء.
14 - كتاب الاستيذان.
15 - كتاب الأشربة.
16 - كتاب الأضاحي.
17 - كتاب الاقامة في الصلاة.
18 - کتاب الأكفاء والأولياء والشهادات في النكاح.
19 - كتاب الأنبياء والأئمّة.
20 - كتاب الأوصياء.
ص: 40
21 - كتاب باطن القراءات.
22 - كتاب البداء.
23 - كتاب البر والصلة.
24 - كتاب البشارات.
25 - كتاب البيوع.
26 - كتاب الثياب.
27 - کتاب التجارة والكسب.
28 - كتاب تطهير الثياب.
29 - كتاب التفسير، وهو هذا الكتاب الذي نحن بصدد تحقيقه.
30 - كتاب التقية.
31 - كتاب التنزيل.
32 - كتاب التيمم.
33 - کتاب التوحيد والصفة.
34 - كتاب جراحات (1) الخطأ.
35 - كتاب جزاء المحارب.
36 - كتاب الجزية والخراج.
37 - كتاب جلد الشارب.
38 - کتاب الجمع بين الصلاتين.
39 - كتاب الجنائز.
40 - كتاب الجنائز الكبير.
41 - كتاب جناية العبيد.
42 - كتاب جناية العجم (2).
43 - كتاب الجنّة والنار.
44 - كتاب جوابات مسائل وردت من عدة بلدان
45 - كتاب الجهاد.
46 - كتاب الحث على النكاح.
47 - كتاب حد الزنا.
48 - كتاب حد الشارب.
49 - كتاب حد القاذف.
50 - كتاب الحدود.
51 - كتاب الحدود في السرقة.
52 - كتاب حدود الصلاة.
53 - کتاب حقوق الاخوان
54 - كتاب الحيض.
55 - كتاب الخمس.
56 - كتاب الخيار والتخيير.
ص: 41
57 - كتاب الدعاء.
58 - كتاب الدعوات.
59 - كتاب دلائل الأئمّة.
60 - كتاب الديات.
61 - كتاب الدين والحوالة والحمالة.
62 - كتاب دية الجنين.
63 - كتاب الذبائح.
64 - كتاب الرؤيا.
65 - كتاب الرجعة.
66 - كتاب الرد على من صام أو أفطر قبل رؤيته.
67 - كتاب الرضاع.
68 - كتاب الرهن.
69 - كتاب الزكاة.
70 - كتاب زكاة الفطرة
71 - كتاب الزنا والاحصان.
72 - كتاب الزهد.
73 - كتاب السبق والرمي (1).
74 - كتاب سجود القرآن.
75 - كتاب السفر.
76 - كتاب سنة الصلاة.
77 - كتاب السهو.
78 - كتاب سيرة أبي بكر.
79 - كتاب سيرة عثمان.
80 - كتاب سيرة عمر.
81 - كتاب سيرة معاوية.
82 - كتاب الشركة.
83 - كتاب الشروط.
84 - كتاب الشفعة.
85 - كتاب الشهادات.
86 - كتاب الصداق.
87 - كتاب الصدقة غير الواجية.
88 - كتاب الصرف.
89- کتاب صفة الجنّة والنار.
90 - كتاب الصفة والتوحيد.
91 - كتاب الصلاة.
92 - كتاب الصلاة على الأئمّة.
93 - كتاب صلاة الاستسقاء.
94 - كتاب صلاة الحضر.
95 - كتاب صلاة الحوائج والتطوع.
ص: 42
96 - كتاب صلاة الخسوف والكسوف.
97 - كتاب صلاة الخوف.
98 - كتاب صلاة السفر.
99 - كتاب صلاة السفينة.
100 - كتاب الصلاة على الجنائز.
101 - كتاب صلاة العليل.
102 - كتاب صلاة العيدين.
103 - كتاب صلاة الغدير.
104 - كتاب صلاة الكسوف.
105 - كتاب صلاة نوافل النهار.
106 - كتاب صلاة يوم الجمعة.
107 - كتاب صنائع المعروف.
108 - كتاب الصوم.
109 - کتاب صوم السنة والنافلة.
110 - كتاب صوم الكفارات.
111 - كتاب الصيد.
112 - كتاب الطاعة.
113 - كتاب الطب.
114 - كتاب الطلاق.
115 - كتاب الطهارات الكبير.
116 - كتاب الظهار.
117 - كتاب العالم والمتعلم.
118 - كتاب العتق والكتابة.
119 - كتاب العدة.
120 - كتاب العدد.
121 - كتاب عشرة النساء.
122 - كتاب العقيقة.
123 - كتاب العمرة.
124 - كتاب الغسل.
125 - كتاب غسل الميت.
126 - كتاب الغيبة.
127 - كتاب فداء الأسارى.
128 - کتاب فرض طاعة العلماء.
129 - کتاب الفرق (1) بين حل المأكول وحرامه.
130 - کتاب فروع فرض الصوم.
131 - كتاب فضائل القرآن.
132 - كتاب القبالات والمزارعات.
133 - كتاب القبلة.
134 - كتاب قتل (2) المشركين.
ص: 43
135 - كتاب القرعة.
136 - كتاب القسامة.
137 - كتاب قسمة الزكوات.
138 - کتاب قسمة الغنيمة والفيء.
139 - کتاب القضاء وآداب الحكم.
140 - كتاب القطع والسرقة.
141 - كتاب القول بين القولين.
142 - كتاب الكتابة والعتق والتدبير.
143 - كتاب الكعبة.
144 - كتاب اللباس (1).
145 - كتاب لبسة الصلاة.
146 - كتاب اللعان.
147 - كتاب المآتم.
148 - كتاب ما أُبيح قتله في الحرم.
149 - كتاب ما يكره من الجمع بينهم.
150 - كتاب المتعة.
151 - كتاب محاسن الأخلاق.
152 - كتاب محبة الأوصياء.
153 - كتاب مختصر الجنائز.
154 - كتاب مختصر الحيض.
155 - كتاب مختصر الصلاة.
156 - كتاب مختصر الصوم.
157 - کتاب مختصر الطهارات.
158 - كتاب مختصر المناسك.
159 - کتاب مختصر يوم وليلة.
160 - كتاب المداراة.
161 - كتاب المروة.
162 - كتاب المزار.
163 - كتاب المساجد.
164 - كتاب المسح على القدمين.
165 - كتاب المضاربة.
166 - كتاب معاريض الشعر.
167 - كتاب المعاقل.
168 - كتاب معرفة البيان.
169 - كتاب معرفة الناقلين.
170 - كتاب معيار الأخبار.
171 - كتاب مكّة والحرم.
172 - كتاب الملاحم.
ص: 44
173 - كتاب الملاهي.
174 - كتاب المناسك.
175 - كتاب من يكره مناكحته.
176 - كتاب المواريث.
177 - کتاب مواقيت الظهر والعصر.
178 - کتاب الموضع تذكر فيه الشرائع.
179 - کتاب النجوم والقيافة (1).
180 - كتاب النذور.
181 - کتاب النسا والولاء.
182 - كتاب النسية.
183 - كتاب النشوز والخلع والمباراة.
184 - كتاب النكاح.
185 - كتاب نكاح المماليك.
186 - كتاب النوادر
187 - كتاب الهبة.
188 - کتاب الوتر وصلاة الليل.
189 - كتاب وجوب الحجّ.
190 - كتاب الوصايا.
191 - كتاب الوضوء.
192 - كتاب الوطئ بملك اليمين.
193 - كتاب اليمين مع الشاهد.
194 - كتاب يوم وليلة.
195 - كتب الصلاة.
تنبيه
ذكر ابن النديم بعد إيراد قائمة كتب العيّاشي بعض الكتب التي صنفها من رواية العامة، قال: وممّا صنفه من رواية العامة:
1 - كتاب سيرة أبي بكر.
2 - كتاب سيرة عمر.
3 - كتاب سيرة عثمان.
4 - كتاب سيرة معاوية.
5 - كتاب معيار الأخيار.
ص: 45
6 - كتاب الموضع (1).
وقد ذكرناها في محلها من قائمة مصنفاته المتقدّمة.
بقي كتاب التفسير من بين كتب العيّاشي التي تجاوزت المائتين يتيماً ناقصاً، فلم يصل إلينا من كتبه غيره، وقد ذكره جميع المترجمين له، ولم يتردّدوا في نسبته إليه، وقد أصيب هذا التفسير من جانبين:
1 - إنه كان مسنداً فاختصره بعض النساخ وحذف أسانيده وأبقى المتون، فالموجود منه هو مختصر التفسير.
قال العلامة المجلسي: لكن بعض الناسخين حذف أسانيده للاختصار، وذكر في أوله عذراً هو أشنع من جرمه (2).
وكان عذره أنه لم يجد في دياره من كان عنده سماع أو إجازة من المصنف، فحذف الاسناد ريثما يتهيأ له ذلك.
ومن بين الأسانيد الباقية فى هذا التفسير سند الأحاديث 415 و 416 و 572 من تفسير سورة البقرة، وسند الحديث 2561 في تفسير سورة الاسراء، وممّا نود التنويه عليه هنا هو أنّ أغلب الأحاديث التي خرجناها في هذا التفسير من مجمع البيان للطبرسي ومن مصنفات الشيخ الصدوق ومن شواهد التنزيل للحسكاني، وردت باسناد كامل من المؤلفين المذكورين إلى العيّاشي، ومن العيّاشي إلى الرواة والأصحاب، فالأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).
ص: 46
2 - إن الجزء الثاني منه مفقود، والموجود منه هو جزءه الأول الذي ينتهى بأواخر تفسير سورة الكهف، ولم ينقل المحدثون وأرباب التفاسير الروائية - سيما المتأخرون منهم - إلّا من جزئه الأول، كالبحراني والحويزي والحر العاملي والعلامة المجلسي والفيض الكاشاني وغيرهم.
وقد كانت نسخة التفسير الكاملة مع إسنادها عند بعض المتقدّمين كالحافظ عبیداللّه بن عبداللّه المعروف بالحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامس، فقد نقل عن تفسير العيّاشي في كتابه (شواهد التنزيل)، والشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي واللّه المتوفى نحو سنة 548ه، نقل عن تفسير العيّاشي في تفسيره (مجمع البيان)، وكلاهما نقلا عنه مصرحين باسم الكتاب ومؤلفه (1) وباسناد تام في بعض الموارد من مجمع البيان، وفي كثير من الموارد من كتاب شواهد التنزيل.
ودليل كونه كاملاً عندهما هو نقلهما من الجزء المفقود في موارد كثيرة يمكن ملاحظتها في المستدرك الذي أعددناه في آخر هذا الكتاب.
ويبدو لنا أن النسخة الكاملة كانت عند السيد علي بن موسى بن طاؤس (رَحمهُ اللّه) المتوفّى سنة 664 ه أيضاً، حيث نقل في (سعد السعود) من تفسير العيّاشي، عند تفسيره الآية 32 من سورة فاطر (2)، أي من الجزء المفقود من الكتاب.
تفسير العيّاشي هو أحد أركان كتب التفسير المأثور عن أئمة الهدى أهل
ص: 47
بيت النبيّ المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وذلك لقدمه وجلالته وثقة مؤلفه، وقد أعتمده أغلب المتأخرين في تفاسيرهم ومجامعهم الحديثية. وقد ذكرنا بعضهم آنفاً.
وليس من شك أن حديث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) من أهم مفاتيح فهم كتاب اللّه تعالى، ولا يَتَيَسَّر للمفسّر أن يفهم كتاب اللّه إذا لم يضع أمامه الخطوط الأساسية التي رسمها أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لفهم كتاب اللّه، وإذا لم يستعن بأحاديثهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) في فهم دقائق القرآن ورقائق معانيه، وذلك من خلال هذا التفسير وغيره من مصادر التفسير الأثري المعروفة عند الإمامية.
ومما لا ريب فيه أنّ الدعائم الأساسية والخطوط الرئيسية في منهج أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) في تفسير القرآن الكريم هي:
1 - تنزيه الخالق تعالى عن التجسيم.
2 - تنزيه الأنبياء عن المعاصي.
3 - تنزيه القرآن وسلامته من التحريف.
4 - نفي الغلو ومحاربة الغلاة، هذا فضلاً عن منهج مدرسة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) المعروف في تفسير القرآن بالقرآن، وآرائهم وعقائدهم في استحالة الرؤية وفي مسألة الهداية والضلالة والجبر والتفويض وغيرها من المسائل المبثوثة في كتب العقائد والكلام، ولسنا هنا بصدد إيضاحها وبيانها، ولكننا نود الاشارة هنا إلى أنه كل ماورد في هذا التفسير أو في غيره من كتب التفسير أو الرواية عند الإمامية مخالفاً لعقائد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) المشار إليها سيما ما يشم منه رائحة الغلوّ أو القول بالتحريف، فالأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) منه براء.
روى الشيخ الصدوق باسناده عن الإمام الرضاء (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إنّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا، وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها الغلو، وثانيها
ص: 48
التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فاذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا، ونسبوهم إلى القول بربو بيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا (1).
يمكن تلخيص موارد عملنا في هذا الكتاب إلى ثلاث نقاط رئيسية:
1 - التحقيق.
2 - إعداد المستدرك.
3 - إثبات أسانيد العيّاشي.
عمد قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة إلى تحقيق كتاب التفسير لمحمد ابن مسعود العيّاشي، ذلك لما يحظى به الكتاب من أهمية بكونه من المصادر الأولية للتفسير الأثري عنه الإمامية، كما أنه لم يحظ بما يستحقه من التصيح والضبط على نسخه المخطوطة، فبقي الكتاب يعاني في كثير من مواضعه من مشكلات الأوهام والتصحيف والتحريف في أسماء الرواة ومتون الأحاديث وغيرها (2)، على الرغم من أن تحقيقه الأول 1380 ه قد بذل فيه محقّقه مزيداً من الجهد في المقابلة بنسختين مخطوطتين وببعض المصادر التي نقلت عنه، لذا فقد بذلنا أقصى
ص: 49
ما يسعنا من الجهد في سبيل تنقيته وتصحيحه وإخراجه بطبعة جديدة محققة.
اعتمدنا في تحقيقنا هذا على النسخ التالية.
1 - النسخة المخطوطة المودعة في مكتبة دستغيب في شيراز، مكتوبة سنة 1091 ه، ورمزنا لها بالحرف (أ).
2 - النسخة المخطوطة المودعة في مكتبة آستان قدس رضوي في مشهد، رقمها 180، كتبها عبدالرزاق الرهابادي الاردكاني اليزدي سنة 1301ه، ورمزنا لها بالحرف (ب).
3 - النسخة المخطوطة المودعة في مكتبة آستان قدس رضوي في مشهد رقمها 7513، كتبها محمّد حسين بن زین العابدين الارموي الرضائي في سنة 1353ه في النجف، ورمزنا لها بالحرف (ج) وهي منسوخة من نسخة قديمة و مصححة على نقول صاحب تفسير البرهان والصافي من العيّاشي كما صرح ناسخها في صفحتها الأخيره.
4 - النسخة المخطوطة المودعة في مكتبة آستان قدس رضوي في مشهد، رقمها 1490، كتبها حسن بن محمّد عربشاه العلوي الحسيني في سنة 1348ه.ش و رمزنا لها بالحرف (د).
5 - الطبعة الحروفية المطبوعة بتحقيق السيّد هاشم الرسولي المحلاتي و رمزنا لها بالحرف (ه).
ص: 50
كان عملنا في تحقيق هذا الكتاب وفق المنهج الذي يتبناه قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة في التحقيق الجماعي، وتبعاً للمراحل التالية:
1 - مقابلة النسخة المطبوعة بالنسخ الأربع، وتثبيت كافة الاختلافات الموجودة بينها.
2 - تخریج نصوص الكتاب من الآيات القرآنية والأحاديث وضبطها.
3 - مقابلة الكتاب بالمصادر التي نقلت عنه كالبحار للعلامة المجلسي والوسائل للحر العاملي، وتفسير البرهان للسيد البحراني، ومستدرك الوسائل للمحدث النوري، والصافي للفيض الكاشاني وغيرها.
4 - تقويم النص بتخليصه من التصحيف والتحريف والسقط، والنظر في اختلافات النسخ، وانتخاب الأمثل منها لمتن الكتاب، وإثبات الموارد الأخرى ذات الوجوه المحتملة في الهامش، وتكميل بعض الموارد الناقصة من المصادر بوضعها بين معقوفتين [ ].
5 - شرح المفردات الصعبة أو الغريبة الواردة في الحديث، وكذا أسماء البلدان وبعض الأعلام.
6 - تثبيت الهوامش وتنظيمها وفق أسلوب علمي متناسق.
7 - المراجعة النهائية التي تتضمن متابعة وتدقيق جميع الفقرات المتقدمة، للتحقق من سلامة العمل في كل مراحله وتدارك السهو والسقط والخطأ، ليكون المتن بعد ذلك معداً للطبع.
8 - تدقيق الكتاب بعد الطباعة ومقابلته بالأصل لتلافي القدر الأكبر من أخطاء الطباعة المحتملة.
ص: 51
9 - ترقيم أحاديث التفسير برقم مسلسل عام من أول التفسير إلى آخره ورقم آخر خاص لكل باب من أبواب المقدمة أو لكل سورة من سور التفسير، وتثبيت رقم الآيات المفسّرة في المتن بوضعها بين معقوفتين لتكون أسهل تناولاً.
10 - إعداد فهارس مختلفة تكشف عن مضامين التفسير.
سبق أن ذكرنا بأن هذا الكتاب وصل إلينا ناقصاً، فقد سقط نصفه الثاني الذي يبدأ من سورة مريم إلى آخر التفسير، ولهذا فقد عمدنا إلى اعداد مستدرك للكتاب، يعتمد الكتب التي نقلت عن النسخة الكاملة له، فكان جلّ اعتمادنا في ذلك على تفسير مجمع البيان للطبرسي، وكتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، و بعض نقول الشيخ ابن شهر آشوب والسيد ابن طاؤس.
كما واعتمدنا على مرويات رجال الكشي وكتب الشيخ الصدوق وغيرها عن العيّاشي في مجال التفسير، وذلك لأننا وجدنا قسماً من هذه المرويات تطابق ما رواه العيّاشي في النصف الموجود من تفسيره، وذلك واضح لمن تأمل تخريجات النصف الأول من كتب الشيخ الصدوق ورجال الكشي، حيث يلاحظ المطابقة التامة في سند الحديث ومتنه، مع تمام السند من المصنف وإلى العيّاشي فالرواة في بعضها، لذلك اعتمدنا ما نقله الشيخ الصدوق والكشي من مرويات العيّاشي في التفسير في قسمه المفقود.
وكان حصيلة هذا المستدرك (116) حديثاً موزّعة على (49) سورة من السور التي لم ترد في النصف الأول من التفسير، وقد أثبتناها في قسم الأول من ملحقات الكتاب، فكان هذا المستدرك ذا أهمية فائقة للمعنيين بالتحقيق في تراث
ص: 52
أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولإحياء هذا الأثر المهم وتقديمه بشكل أتم وأكمل للباحثين والمحققين الكرام.
ذكرنا أن الخلل الثاني الذي لحق بهذا الكتاب بعد فقدان نصفه الثاني، هو إسقاط الاسناد، ولذلك فقد تتبعنا أسانيد العيّاشي الواردة في مجمع البيان للعلامة الطبرسي وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، والظاهر أنها عين أسانيد التفسير، كما قمنا بجرد لكافة المصنفات المتوفرة لدينا من كتب الإمامية، فأثبتنا السند حيثما وجدنا اسم محمّد بن مسعود العيّاشي واقعاً فيه، فكان حصيلة ذلك (333) إسناداً، و (228) راوياً، على أن هذه الأسانيد لا تغطّي جميع مساحة التفسير أولاً، ولا تعني بالضرورة أن يكون كل حديث في هذا التفسير مسنداً وفق الطرق التي أثبتناها، والذي يمكن الاطمئنان إليه هو أنّ هذه الأسانيد هي أسانيد العيّاشي إلى الرواة، وقسمها الأعظم تشكّل أسانيده في هذا التفسير سيما المنقول عن شواهد التنزيل ومجمع البيان، قد رتّبناها وفق التسلسل الحروفي لأسماء الرواة وأثبتناها في القسم الثانى من ملحقات الكتاب بعد المستدرك، نرجو أن تكون معيناً لمن يهمه البحث في الاسناد وطرق الحديث، وباعثاً لازدياد الثقة بهذا الكتاب وبجلالة مؤلّفه (رَحمهُ اللّه).
أخيراً نقدّم مزيداً من الثناء والتقدير للأخ الأعزّ علي الكعبي على الجهود المخلصة التي بذلها في تحقيق هذا الكتاب، ولكافة الأخوة الذين ساهموا في
ص: 53
تحقيق هذا الأثر المهم الذي يسدي خدمةً جليلةً لكتاب اللّه المجيد وسنة نبيه المصطفى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحججه المطهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).
و نخصّ بالذكر منهم السيّد عبد الحميد الرضوي والسيّد إسماعيل الموسوي، والأخ عصام البدري، والأخ أمجد الأنصاري. راجين أن نكون قد وفّقنا فى إحياء هذا الأثر المهم، واللّه المنّة وهو ولي التوفيق.
قسم الدراسات الإسلامية
مؤسسة البعثة - قم
ص: 54
فيما يلي مصادر ترجمة المؤلف مرتبة وفقاً لتسلسل الحروف:
1 - الاعلام للزركلي 7 : 95، دارالعلم للملايين، بيروت.
2 - أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين، 10 : 756، دار التعارف للمطبوعات بيروت.
3 - بحار الأنوار للمجلسي، 1: 26، المكتبة الإسلامية، طهران.
4 - تاريخ الأدب العربي لبرو كلمان القسم الثاني: 402، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
5 - تاريخ التراث العربي لسزكين، المجلد الأول 1: 98 مكتبة آية اللّه المرعشي قم.
6 - تنقيح المقال للمامقاني، 3: 183.
7 - جامع الرواة للأردبيلي: 192/2، مكتبة آية اللّه المرعشي، قم.
8 - خاتمة مستدرك الوسائل للشيخ النوري الطبرسي 23 : 201، 24: 303، مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لاحياء التراث، قم.
ص: 55
9 - خاتمة وسائل الشيعة للحر العاملي 30: 485، مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لأحياء التراث، قم.
10 - الخلاصة للعلامة الحلي : 37/145، منشورات الرّضي، قم.
11 - الذريعة لآقا بزرك الطهراني، 4 : 295، دار الأضواء، بيروت.
12 - رجال ابن داود 184، منشورات الرضي، قم.
13 - رجال الطوسي، 32/497، منشورات المكتبة والمطبعة الحيدرية في النجف.
14 - رجال النجاشي، 944/350، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم.
15 - روضات الجنات للعلامة محمّد باقر الموسوي الخوانساري، 6: 129، مكتبة إسماعيليان، قم.
16 - ريحانة الأدب، لميرزا محمّد علي مدرس، 6 : 220، مكتبة الخيام، طهران.
17 - سفينة البحار، للشيخ عباس القمّي 2 : 301 مؤسسة انتشارات فراهاني طهران.
18 - الفهرست لابن النديم 274، دار المعرفة بيروت.
19 - الفهرست للشيخ الطوسي 593/136، منشورات المكتبة المرتضوية، النجف.
20 - الفوائد الرضوية للشيخ عباس القمّي 642 ايران.
21 - قاموس الرجال للشيخ التستري : 375، المطبعة العلمية، قم.
22 - الكنى والألقاب، للشيخ عباس القمى 2: 490، مكتبة الصدر، طهران.
23 - مجالس المؤمنين، للعلامة الشوشتري 1 437، المطبعة الإسلامية، طهران.
24 - مجمع الرجال للقهبائي 6: 41، مؤسسة إسماعيليان، قم.
25 - معالم العلماء لابن شهر آشوب 99 منشورات المطبعة الحيدرية، النجف.
26 - معجم رجال الحديث للسيد الخوئي 17: 224، دارالزهراء، بيروت.
ص: 56
27 - معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة 12: 2، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
28 - معجم المفسرين لعادل نويهض 2: 636، مؤسسة نويهض الثقافية، بيروت.
29 - منتهى المقال للشيخ أبي علي الحائري 6: 195، مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قم.
30 - نوابغ الرواة في رابعة المئات للشيخ آقا بزرك الطهراني 305 دار الكتاب العربي.
31 - هدية الأحباب للشيخ عباس القمّي 204 مكتبة الصدوق، طهران.
32 - هدية العارفين، لإسماعيل باشا البغدادي 2: 32، مكتبة المثنى بغداد.
ص: 57
نماذج من أوهام التحقيق الأول سنة (1380ه) (1)
الجزء الصفحة السطر / الخطأ / الصواب
1 / 41 / 8 سقط قسم من الحديث (25)
1 / 52 / آخر الصفحة سقط قسم من الحديث (75)
1 / 151 / بعد السطر 2 سقط حديث بعد رقم 496
1 / 188 / 6 يؤخذ ولا يمس لا يؤخذ ولا يمس
1 / 212 / 5 سقط قسم من الحديث (178)
ص: 58
1 / 218 / 15 سقط قسم من الحديث (15)
1 / 276 / بعد السطر 9 سقط حديث بعد الرقم 275
1 / 296 / 7 الحديث (38) هو بالأصل حديثان وقد سقط آخر الحديث الأول وبداية الحديث الثاني.
1 / 371 / 13 سلبه اياه سلبه اللّه اياه
1 / 372 / 12 إذا دخل فيهم سرّوا إذا دخل فيهم داخل سرّوا
2 / 18 / 18 قيل للحجر افتح قيل للحجر افتح فاك
2 / 75 / 9 وقال الناس وقال إن الناس
2 / 204 الأخير (ما تحمل كل أنثى) أو ذكر (ما) تحمل كل أنثى) انثى أو ذكر
2 / 228 / 12 يبعثه من قبره يبعثه اللّه من قبره
2 / 227 / 3 عنه لما عنه قال: لما
2 / 278 / 2 محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد شكي محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد شكا
2 / 324 / 10 عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه علي بن أبي طالب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه عن علي بن أبي طالب
ص: 59
الجزء الصفحة السطر / الخطأ / الصواب
1 / 73 / 1 لمن هو يعمل (هو) زائدة
1 / 125 / 11 الأخ والموصى إليه (و) زائدة
1 / 337 / 4 صوم ثلاثة أيّام وإن شئت (الواو) زائدة
1 / 340 / 1 لو أراد... أن يقودك بزمام [ما] فعل (ما) زائدة
2 / 97 / 16 فكيف يقروا لي لعلي (لي) زائدة
2 / 242 / 1 وكان من انظار اللّه (من) زائدة
2 / 244 / 9 شيعتنا لا أصحاب الاربعة (لا) زائدة
2 / 278 الأخير غداً هذا مع الشمس (هذا) زائدة
2 / 290 / 5 عن جابر بن عن أبي جعفر (بن) زائدة
2 / 341 / 9 فرجع إلى أصحابه (إلى) زائدة
1 / 18 / 7 المعمر بن سليمان القاسم بن سليمان
1 / 62 / 13 عمر بن عبدالرحمن بن كثير عبدالرحمن بن كثير
1 / 139 / 19 أبان بن حجر أبان، عن حجر
1 / 146 / 10 عمر بن يونس عمر بن یزید
1 / 211 / 17 عمر بن عبدالرحمن بن كثير عبد الرّحمن بن كثير
1 / 232 2 عيسى بن أبي عبداللّه عيسى بن عبداللّه
1 / 292 / 6 عيوق بن قسوط عيوق بن قرط
ص: 60
1 / 376 / 15 عبداللّه بن جعفر عبداللّه بن أبي جعفر
2 / 32 / 6 أبي الصهبان أبي الصهباء
2 / 42 / 7 المغيرة بن شعبة المغيرة بن سعيد
2 / 43 / 11 الحسين بن على بن النعمان الحسن بن على بن النعمان
2 / 47 / 17 عن أبي أسامة بن زيد عن أبي أسامة زيد
2 / 53 / 7 السري عن البهي السدّي عن البهي
2 / 75 / 6 عن حبش عن حنش
2 / 76 / 1 حكيم بن الحسين حكيم بن جبير
2 / 163 / 1 المفضل بن سويد المفضل بن مزيد
2 / 270 / 15 محمّد بن عرامة محمد بن عذافر
2 / 398 / 18 یونس بن عبدالرحمن الأشلّ يونس عن عبدالرحمن الأشل
1 / 95 / 3 لا جدال في الحجّ ولا رفت... فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج
1 / 117 / 8 فلا تأخذوا ولا يحل لكم أن تأخذوا
1 / 343 /2 ليبلونكم بشيء ليبلونكم اللّه بشيء
2 / 108 / 14 وهو الذي يقبل التوبة هو يقبل التوبة
2 128 الأخير من المهتدين من الممترين
2 / 324 / 17 لشيء انه فاعل لشيء اني فاعل
ص: 61
الجزء الصفحة السطر / الخطأ / الصواب
1 / 345 / 12 يقوم ثمن الهدي طعام يقوم ثمن الهدى طعاماً
1 / 348 / 1 سئل أبا سئل أبو
1 / 378 / 3 إن في الزرع حقان أن في الزرع حقين
2 / 55 / 8 يعني المشركون يعني المشركين
2 / 56 / 12 حتى يأتون حتى يأتوا
2 / 66 14 وهؤلاء المهاجرين وهؤلاء المهاجرون
2 / 127 / 15 إن علي مني إن علياً مني
2 / 127 / 11 أربعين سنة اربعون سنة
2 / 153 / 3 أبي يزيد عن أبي يزيد
2 / 252 / 5 كان المستهزئين كان المستهزئون
2 / 334 / 2 بينما موسى قاعداً بينما موسی قاعد
1 / 30 / 14 فأمروهم فأمرهم
1 / 53 / 22 ما أصل إلى أن تقرباني لا تصلان إلي، ولا تقربان
1 / 115 / 5 بين كل حيضة بين كل حيضتين
1 / 125 / 16 في ماله بقيمة في مال بقيمته
1 / 150 / 14 ما أراك عليك عدوك ما أدال عليك عدوك
1 / 339 / 14 فتذاكروا الشريف فتذاكروا السديف
ص: 62
1 / 348 / 3 / من حديوتك من جريرتك
1 / 374 / 10 قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال الوشاء الصواب حذف التحية لانه ليس الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)
2 / 27 / 4 ينبغي أن ينظرها بالمصعوق ينبغي أن ينظر بالمصعوق
2 / 38 / 8 في سفر لهم في سفر تهم تلك
2 / 48 / 5 كل مال لا مولى له كل من مات لا مولى له
2 / 79 / 13 أنا لكم على عدوكم أدا لكم على عدوكم
2 / 109 / 4 توجد فيه من كتاب اللّه توجدنيه من كتاب اللّه
2 / 114 / 6 انتهى بالحلال إلى الإمام انتهى الحد إلى الإمام
2 / 121 / 6 إن لهم ملكاً مبطئاً إن لهم ملكان مبطناً
2 / 166 / 10 حسد يوسف اخوته حسد بیوسف اخوته
2 / 196 / 3 لو قد شم بريحي لو قد شم ريحي
2 / 198 / 8 جمع اللّه يعقوب جمع اللّه ليعقوب
2 / 227 / 21 كالرعد العاصف كالرعد القاصف
2 / 235 الأخير أراد أن ينشر أراد أن ينظر
2 / 336 / 4 خشي ان أدركه الغلام خشي ان أدرك الغلام
1 - في ج 1، أيضاً جعل عبارة في الحديث اللاحق وهي تابعة إلى الحديث السابق، ففي ص 366، السطر 1 - 2، (منه وما أحدث 44 - ورواه وأصحابه عن أبي بصير) والصواب أن عبارة (ورواه وأصحابه) قد تصحفت أولاً ووضعت في غير موضعها ثانياً، وصوابها (منه وما أحدث زُرارة وأصحابه 44 - عن أبي بصير).
ص: 63
2 - وفي الجزء الثاني ص 303 (ح 117 - عن جعفر بن أحمد، عن الفضل ابن شاذان، انه وجد مكتوباً بخط أبيه مثله ح 118 - عن أبي بصير...) والصواب أنهما حديث واحد هكذا نصه في النسخ (عن جعفر بن أحمد، عن الفضل بن شاذان أنه وجد مكتوباً بخط أبيه عن أبي بصير)... وكلمة (مثله) لم ترد في النسخ.
في ج 1، ص 204 ح 147 أورده بعد الحديث 164 واستمر الخطأ إلى آخر السورة
في ج 1، ص 266 ح 233، أورده بعده الحديث 235.
في ج 1، ص 332 ح 154، أورده بعده الحديث 154
في ج 1، ص 336 - 163، أورده بعده الحديث 165.
وكلّ هذه الموارد هي عبارة عن أمثلة قليلة من أوهام التحقيق الأول للكتاب، وقد أصلحناها وفقاً لنسخ الكتاب والمتصفح للطبعة الجديدة يدرك بسهولة حجم الأوهام التي كانت في طبعته الأولى، نرجو أن نكون قد أفلحنا في إحياء هذا الأثر المهم من تراث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
ومنه نستمدّ العون والتسديد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ص: 64
65jpg^
صورة الصفحة الأولى من نسخة - أ -
ص: 65
66jpg^
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة - أ -
ص: 66
67jpg^
صورة الصفحة الأولى من نسخة - ب -
ص: 67
68jpg^
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة - ب -
ص: 68
69jpg^
صورة الصفحة الأولى من نسخة - ج -
ص: 69
70jpg^
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة - ج -
ص: 70
71jpg^
صورة الصفحة الأولى من نسخة - د -
ص: 71
72jpg^
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة - د -
ص: 72
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمدُ للّه على افْضَاله، والصلاة على محمّد وآله:
قال العبد الفقير إلى رحمة اللّه : إنّي أمْعَنْتُ النَّظَر (1) التفسير الذي صنّفه أبو النّضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عياش السلمي (رَحمهُ اللّه) باسناده، ورغبت بانتساخه (2)، وطلبت من عنده سَمَاعٌ من المصنّف أو غيره، فلم أجد في ديارنا مَن كان عنده سَمَاع أو إجازة منه، فحينئذٍ حَذَفَتُ منه الإسناد، وكتبت الباقي على وجهه، ليكون أسهل على الكاتب والناظر فيه، فان وَجَدتُ بعد ذلك من عنده سَمَاعٌ أو إجازة من المُصنِّف أتبعت الأسانيد، وكَتَبْتُها على ما ذكره (3) المصنّف، أسأل اللّه تعالى التوفيق لاتمامه، وما توفيقي الا باللّه عليه توكّلت وإليه أنيب.
ص: 73
1/1 - روى جعفر بن محمّد بن مسعود بأسانيد عن أبيه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أيّها الناس، إنّكم في زمان هُدْنَة، وأنتم على ظهر السَّفر، والسير بكم سريعٌ، فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر، يُبليان كل جديد ويُقرّبان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدوا الجَهَاز لبعد المَجَاز (1).
فقام المقداد فقال يا رسول اللّه، مادار الهدنة؟
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): دار بلاءٍ وانقطاعٍ، فإذا التبست عليكم الفِتَن كقطع اللّيل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنّه شافِعٌ مُشَفّع، وما حِلٌ (2) مُصدَّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار.
وهو الدليل يَدلُّ على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل،
وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمة، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نُجُومٌ وعلى نُجُومه نُجُومٌ (3)، لا تُحصى عجائبه، ولا تبلى
ص: 74
غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنازل الحكمة ودليل على المعروف لمن عرفه (1).
2/2 - عن يوسف بن عبدالرّحمن رفعه إلى الحارث الأعور، قال: دخلتُ على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّا إذا كنّا عندك سَمِعنا الذي نَسِدّ به ديننا، وإذا خرجنا من عندك سَمِعنا أشياء مختلفةً مغموسةً، لاندري ما هي؟
قال: أو قد فعلوها؟ قال: قلت نعم قال سَمِعتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمّد، سيكون في أُمتك فتنة، قلت: فما المخرج منها؟ فقال: كتاب اللّه، فيه بيان ماقبلكم من خبر و خبر ما بعد كم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل مَن وليه (2) مِن جبّار فعَمِل بغيره قصمه اللّه، ومن التمس الهدى في غيره أضله اللّه.
وهو حبل اللّه المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا تزيغه الأهواء (3)، ولا تُليسه الألسنة، ولا يَخْلَق على الردّ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء.
هو الذي لم تكنّه الجنّ إذا سمعته أن قالوا: «إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَاناً عَجَباً * يَهْدِى إلى الرشد» (4).
ص: 75
من قال به صَدَق، ومن عَمِل به أُجر، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم، هو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد (1).
3/3 - عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، قال: [لمّا] خَطب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم الجُحْفَة بعد صلاة الظهر، انصرف على النّاس، فقال: يا أيّها النّاس، إنّي قد نبَّأني اللطيف الخبير أنه لن يُعمَّر من نبيّ إلّا نصف عُمر الذي يليه من قبله، وإنّي لأظنّني أُوشك أن أدعى فأجيب، وإنّي مسؤول وانكم مسؤولون فهل بلّغْتُكُم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نَشْهَد بأنّك قد بلغت ونَصَحْتَ وجَاهدت، فجزاك اللّه عنا خيراً. قال: اللّهم اشْهد.
ثمّ قال: يا ايّها النّاس، ألم تَشْهَدوا أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً عبده ورسوله، وأنّ الجنّة حقٌّ، وأن النار حقٌّ، وأن البعث حقٌّ من بعد الموت؟ قالوا: نعم. قال: اللّهم أَشْهَد.
ثمّ قال: يا أيّها النّاس إن اللّه مولاى، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ألا من كنت مولاه فعلی مولاه اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
ثم قال: أيّها الناس إنِّي فَرَطكم (2)، وأنتم واردون عليَّ الحوض، وحوضي أعرض ما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضّة، ألا وإنّي سائلكم - حين تَرِدُون عليَّ - عن التقلين، فانظُروا كيف تخلفوني فيهما حتّى تلقوني.
ص: 76
قالوا: وما الثَّقَلان، يا رسول اللّه ؟
قال: الثّقل الأكبر : كتاب اللّه، سبب طَرَفه بيدي اللّه وطَرَف في أيديكم فاسْتَمْسِكوا به ولا تَضِلُّوا ولا تذلُّوا، ألا وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا حتّى يلقياني وسألت اللّه لهما ذلك فأعطانيه، فلا تَسْبِقوهم فتضِلُّوا، ولا تُقصروا عنهم فتَهْلِكوا، ولا تُعلّموهم فهم أعلم منكم (1).
4/4 - عن أبي عبداللّه مولى بني هاشم، عن أبي سُخَيلة. قال: حججت أنا وسلمان الفارسي من الكوفة، فمررتُ بأبي ذرّ، فقال: انظروا إذا كانت بعدي فتنةٌ - وهي كائنة - فعليكم بخصلتين: بكتاب اللّه، وبعلي بن أبي طالب، فإنّي سَمِعتُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يُصافحني يوم القيامة، وهو الصِّدِّيق الأكبر، وهو الفاروق، يَفْرُقُ بين الحق والباطل، وهو يَعَسُوب (2) المؤمنين، والمال يَعسُوب المنافقين (3).
5/5 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : خَطب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالمدينة، فكان فيما قال لهم «الحديث» (4).
6/6 - عن داود بن فَرْقَد قال: سَمِعتُ أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، يقول : عليكم بالقرآن، فما وَجَدتُّم آية نجا بها من كان قبلكم فاعملوا بها، وما وجدتموه مما هلك به من كان قبلكم فاجتنبوه (5).
ص: 77
7/7 - عن الحسن بن موسى الخشاب، رفعه، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يُرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر أبداً، ولا إلى آل عُمر، ولا إلى آل بني أمية ولا في ولد طلحة والزبير أبداً، وذلك أنّهم تتروا القرآن، وأبطلوا السُّنن، وعطّلوا الأحكام.
وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : القرآن هُدىً من الضلالة، وتبيانٌ من العمى واستقالةٌ من العشرة، ونُورٌ من الظُّلمة، وضياء من الأحزان، وعِصمةٌ من الهَلَكة ورُشد من الغواية، وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة، وفيه كمال دينكم. فهذه صفة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) للقرآن، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار (1).
8/8 - عن مَسعدة بن صَدَقة، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ اللّه جعل ولا يتنا أهل البيت قُطب القرآن، وقُطب جميع الكُتُب عليها يستدير مُحكم القرآن، وبها نَوَّهت (2) الكتب ويستبين الايمان.
وقد أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يُقتدى بالقرآن وآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وذلك حيث قال في آخر خُطبةٍ خَطَبها : إني تارك فيكم الثَّقَلين: الثّقَل الأكبر، والثَّقل الأصغر، فأما الأكبر فكتاب ربّي، وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي، فاحفظوني فيهما، فلن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكتم بهما (3).
9/9 - عن فضيل بن يسار، قال: سألتُ الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القرآن ؟ فقال لي: هو كلامُ اللّه (4).
ص: 78
10/10 - عن الحسن بن عليّ، قال: قيل لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إنّ أُمّتك واللّه ستفتتن فسُئل ما المخرج من ذلك؟ فقال: كتاب اللّه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، من ابتغى العلم في غيره أضلَّه اللّه، ومَن ولي هذا الأمر من جبّارٍ فعَمِل بغيره قصمه اللّه، وهو الذكر الحكيم، والنور المبين والصراط المستقيم.
فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفَضل ليس بالهزل وهو الذي سمعته الجن فلم تناها أن قالوا: «إنّا سَمِعْنَا قُرْءَاناً عَجَباً * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ» (1) لا يَخْلَق على طول الرّد، ولا تنقضي عِبَرُه، ولا تفنى عجائبه (2).
11/11 - عن محمّد بن حُمران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ اللّه لما خَلَقَ الخلق فجعله فرقتين، فجعل خِيرَتَهُ في إحدى الفرقتين، ثم جعلهم أثلاثاً، فجعل خِيَرَتَهُ في إحدى الأثلاث، ثمّ لم يزل يختار حتّى اختار عبد مناف، ثمّ اختار من عبد مناف هاشماً، ثمّ اختار من هاشم عبد المطلب، ثم اختار من عبدالمطلب عبداللّه، واختار من عبداللّه محمداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فكان أطيب النّاس ولادةً وأطهرها، فبعثه اللّه بالحق بشيراً ونذيراً، وأنزل عليه الكتاب، فليس من شيءٍ إلّا في الكتاب تبيانه (3).
12/12 - عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سَمِعتُه يقول: إن اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه، وبيّنه لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وجعل لكلّ شيءٍ حداً، وجعل دليلاً يدلّ عليه، وجعل على
ص: 79
من تعدى ذلك الحدّ حدّاً (1).
13/13 - عن زُرارة، قال سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القرآن، فقال لي: لا خالق ولا مخلوق، ولكنّه كلام الخالق (2).
14/14 - عن زُرارة، قال سألته عن القرآن أخالق هو ؟ قال: لا، قلت: أمخلوق؟ قال: لا، ولكنّه كلام الخالق يعني أّنه كلام الخالق بالفعل (3).
15/15 - عن مَسْعَدَة بن صَدَقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه، عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال: خَطَبنا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خُطْبَةً فقال فيها : نَشْهَدُ أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بكتابٍ فَصَّله وأحكمه وأعزَّه، وحَفِظَه بعلمه، وأحكمه بنُوره، وأيَّده بسلطانه، وكلأه من لم يتنزَّه هوىً (4) أو تميل به شهوةً، لا (5) يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولا يَخْلَقهُ طُول الردّ، ولا تفنى عجائبه.
من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن خاصم به فلج (6)، ومن قاتل به نصر، ومن قام به هدى إلى صراط مستقيم، فيه نبأ من كان قبلكم والحكم فيما بينكم، وخبر (7) معادكم.
ص: 80
أنزله يعلمه، وأشهد الملائكة بتصديقه، قال اللّه جلّ وجهه: «لَكِنِ اللّه يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ المَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّه شَهيداً» (1) فجعله اللّه نُوراً يهدي للتى هى أقوم، وقال: «فَإِذَا قَرَأناهُ فَاتَّبِع قُرْءَانَهُ» (2)، وقال: «أَتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَليلاً مَّا تَذَكَّرُونَ» (3)، وقال: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (4)، ففي اتِّباع ما جاءكم من اللّه الفوز العظيم، وفي تركه الخطأ المبين، قال: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدى فَمَن اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى» (5) فجعل في اتباعه كل خير يُرجى في الدنيا والأخرة.
فالقرآن آمر و زاجرٌ، حدّ فيه الحدود، وسنّ فيه السُّنن، وضرب فيه الأمثال، وشرّع فيه الدِّين، إعذاراً من (6) نفسه، وحُجّة على خلقه، أخذ على ذلك ميثاقهم، وارتهن عليه أنفسهم ليبُيّن لهم ما يأتُون وما يتّقُون، ليُهْلِكَ من هلك عن بيّنة. ويحيا من حبي عن بينة، وإنَّ اللّه سميعٌ عليمٌ (7).
16/16 - عن ياسر الخادم، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه سُئل عن القرآن فقال: لعن اللّه المُرْجِئة (8)، ولعن اللّه أبا حنيفة، إنه كلام اللّه غير مخلوق حيثما تكلّمتَ به
ص: 81
وحيثما قرأتَ ونَطَقْتَ، فهو كلامٌ وخبرٌ وقَصَص (1).
17/17 - عن سماعة، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه أنزل عليكم كتابه، وهو الصّادق البرّ، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم، وخبر السّماء والأرض، ولو أتاكم من يُخبركم (2) عن ذلك لتعجّبتم من ذلك (3).
1/18 - عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى خُطبة بمنیً أو بمكّة: يا أيّها الناس، ما جاء كم عنّى يُوافق القرآن فأنا قُلتُه، وما جاء كم عنّى لا يُوافق القرآن فلم أقُله (4).
ص: 82
2/19 - عن إسماعيل بن أبي زياد السّكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ صلوات اللّه عليه، قال: الوقوف عند الشُّبهة خيرٌ من الاقتحام في الهَلَكة، وتركُكَ حديثاً لم تروه خيرٌ من روايتك حديثاً لم تُخصه، إنّ على كُلّ حقٌّ (1) حقيقةً، وعلى كلّ صواب نُوراً، فما وافق كتاب اللّه فخُذُوا به، وما خالف كتاب اللّه فدَعُوه (2).
3/20 - عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد، ما جاءك في روايةٍ من بَر أو فاجر يُوافق القرآن فخُذ به، وما جاءك في رواية من بر أو فاجرٍ يُخالف القرآن فلا تأخذ به (3).
21 / 4 - عن أيوب بن حُرّ، قال: سمعت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلُّ شيءٍ مردودٌ إلى الكتاب والسُّنّة، وكلُّ حديث لا يُوافق كتاب اللّه فهو زُخرُف (4).
22/ 5 - عن كُليب الأسدي، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما أتاكم عنّا من حديثٍ لا يُصدقه كتاب اللّه فهو باطل (5).
6/23 - عن سَدِير قال: كان أبو جعفر وأبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقولان: لا تصدق علينا إلّا بما يُوافق كتاب اللّه وسنة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (6)
7/24 - عن الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا كان جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب اللّه وعلى أحاديثنا، فإن أشبههما فهو
ص: 83
حقّ، وإن لم يُشبههما فهو باطل (1).
1/25 - عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: نزل القرآن على أربعة أرباع ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع في فرائض وأحكام، وربع سُنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن (2).
2/26 - عن عبداللّه بن سنان قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القرآن والفُرقان قال: القرآن: جملة الكتاب وأخبار ما يكون، والفرقان: المحكم الذي يُعمَل به، وكُلّ محكم فهو فُرقان (3).
3/27 - عن الأصبغ بن نباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفى عدوّنا، وثلث سُنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام (4).
28 / 4 - عن عبداللّه بن بكير، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نزل القرآن (إيّاك أعنى و اسمعي يا جارة) (5).
5/29 - عن ابن أبي عمير، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ما اللّه، عاتب اللّه نبيه فهو يعني به من قد مضى في القرآن، مثل قوله: «وَلَوْ لَا أَن ثَبِّتْنَاكَ
ص: 84
لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً» (1) عنى بذلك غيره (2).
6/30 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن القرآن زاجر وآمر، يأمُرُ بالجنّة، ويَزْجُر عن النار (3).
7/31 - عن محمّد بن خالد بن الحجّاج الكَرْخي، عن بعض أصحابه رفعه إلى خَيْتَمَة، قال: قال أبو جعفر : يا خَيْثَمَة، القرآن نزل أثلاثاً: ثلث فينا وفي أحبّائنا، وثُلُث فى أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سُنّة ومثل، ولو أنّ الآية إذا نزلت في قومٍ ثمّ مات أُولئك القوم ماتت الآية، لما بقي من القرآن شيء، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض، ولكل قوم آيةٌ يتلونها، هم منها من خير أو شر (4).
1/32 - عن أبي محمّد الهمداني، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، قال: الناسخ: الثابت، والمنسوخ: ما مضى والمحكم : ما يُعمل به، والمتشابه: الذي يُشبه بعضه بعضاً (5).
ص: 85
2/33 - عن جابر، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) یا جابر، إنّ للقرآن بطناً، وللبطن ظهراً، ثمّ قال: يا جابر، وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه، إن الآية لينزل أوّلها في شيءٍ، وأوسطها في شيءٍ، وآخرها في شيءٍ، وهو كلامٌ متصل (1) متصرّف (2) على وجوه (3).
3/34 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نَزَل القرآن ناسخاً الا ومنسوخاً (4).
4/35 - عن حُمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: ظهر القرآن الذين نزل فيهم، وبطنه الذين عَمِلوا بمثل أعمالهم (5).
5/36 - عن الفُضيل بن يسار، قال: سألتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الرواية: ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، وما فيه حرفٌ إلا وله حد، ولكلّ حدّ مُطَّلع (6)، يعني بقوله : لها ظهرُ وبَطن ؟
قال: ظَهْره وبَطْنه تأويله، منه ما مضى، ومنه مالم يكن بعد، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلّما جاء منه شيءٌ وقع، قال اللّه تعالى: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ
ص: 86
إِلَّا اللّه وَالراسِخُونَ فِى العِلْمِ» (1) نحن نَعْلَمُه (2).
6/37 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنّ القرآن فيه محكمٌ ومتشابه، فأما المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به، وأما المتشابه فنؤ من به ولا نعمل به (3).
7/38 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، قال: سألتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الناسخ والمنسوخ و المحكم والمتشابه؟ قال: الناسخ الثابت المعمول به والمنسوخ ما قد كان يُعْمَل به ثمّ جاء ما نسخه، والمتشابه ما اشتبه على جاهله (4).
8/39 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شيءٍ في تفسير القرآن فأجابني، ثمّ سألته ثانيةً فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت: فداك، كنت أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لي: يا جابر، إنّ للقرآن بطناً، وللبطن بطن وظهر، وللظهر ظهر. يا جابر، وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية ليكون أوّلها في شيء، وآخرها في شيء، وهو كلام متصل يتصرف على وجوه (5).
9/40 - عن أبي عبد الرّحمن السلمي، أنَّ عليّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مرَّ على قاضٍ فقال: هل تعرف الناسخ من المنسوخ ؟ فقال: لا. فقال: هلكت وأهلكت (6).
ص: 87
1/41 - عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ في القرآن ما مضى وما يَحْدُث وما هو كائن كانت فيه أسماء الرّجال فألقيت، وإنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة (1).
2/42 - عن حمّاد بن عُثمان قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن الأحاديث تختلف عنكم؟ قال: فقال : إن القرآن نزل على سبعة أحرف، وأدنى ما للإمام أن يُفتي على سبعة وجوه، ثمّ قال: «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (2).
1/43 - عن ابن مسكان قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من لم يَعْرِف أمرنا من : من القرآن لم يَتَنَكَّب (3) الفِتَن (4).
2/44 - عن حنان بن سَدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا الفضل، لناحقُ فى كتاب اللّه المحكم من اللّه لو محوه فقالوا: ليس من عند اللّه أولم يعلموا، لكان سواء (5).
ص: 88
3/45 - عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد، إذا سَمِعتُ اللّه ذكر أحداً من هذه الأمة بخير، فنحنُ هُم، وإذا سَمِعت اللّه ذكر قوماً بسوءٍ ممّن مضى، فهم عَدُوّنا (1).
4/46 - عن داود بن فَرْقَد عمّن أخبره، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لو قد قرئ القرآن كما أنزل، لألْفَيْتَنا فيه مُسَمِّين (2).
5/47 - وقال سعيد بن الحسين الكندي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بعد مُسمّين - كما سُمِّي مَن قَبْلنا (3).
6/48 - عن مُيَسَّر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لولا أنه زيد في كتاب اللّه ونُقص منه، ما خَفِى حقنا على ذي حِجا (4)، ولو قد قام قائمنا فنَطَقَ صَدّقه القرآن (5).
ص: 89
7/49 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سموهم بأحسن أمثال القرآن - يعني عترة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ فاشْرَبُوا، وهذا مِلحٌ أُجَاجٌ فَاجْتَنِبُوا (1).
8/50 - عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألت عن قول اللّه : «قُلْ كَفَى بِاللّه شَهيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ» (2)، فلمّا رآني أتتبَّع هذا وأشباهه من الكتاب، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): حسبك كلّ شيءٍ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا، فهو في الأئمّة عنى به (3).
1/51 - عن الأصبغ بن نباتة، قال: لمّا قَدِم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الكوفة، صلّى بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم: «سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلى» (4)، قال: فقال المنافقون: لا واللّه ما يُحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، ولو أحسن أن يقرأ
ص: 90
القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة.
قال: فَبَلّغه ذلك، فقال: ويلٌ لهم إنّي لأعرف ناسخه من منسوخه ومحكمه من متشابهه، وفصله من فِصاله وحروفه من معانيه واللّه ما من حرف نزل على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا وأنا أعرف فيمن أُنزِل، وفي أي يوم، وفي أيّ موضع.
ويلٌ لهم، أما يقرءون: «إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى» (1)؟ واللّه عندي ورثتها من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وورثها (2) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من إبراهيم وموسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
ويل لهم، واللّه أنا الذي أنزل اللّه فيّ «وَتَعِيَها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» (3)، فإِنَّمَا كُنَّا عند رسول اللّه و فيُخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفاً ؟ (4).
2/52 - عن سُليم بن قَيس الهلالي، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما نزلت آية على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا أقرأنيها، وأملاها عليَّ، فأكتبها بخطّي، وعلَّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا اللّه لي أن يُعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آيةً من كتاب اللّه، ولا علماً أملاه عليَّ فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما ترك شيئاً علّمه اللّه من حلال ولاحرام، ولا أمرٍ ولانهي كان أولا يكون من طاعةٍ أو معصية، إلّا علَّمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً.
ص: 91
ثمّ وضع يده على صدري، ودعا اللّه أن يملأ قلبي علماً وفَهْماً وحكمةً ونُوراً، ولم أنسَ شيئاً، ولم يقتنى شيءٌ لم أكتبه فقلت: يا رسول اللّه، أو تخوَّفتَ عليَّ النسيان فيما بعد ؟ فقال: لستُ أتخوّفُ عليك نسياناً ولا جَهلاً، وقد أخبرني ربّي أنه قد استجاب لي فيك، وفي شُركائك الذين يكونون من بعدك.
فقلت: يا رسول اللّه، ومن شُركائي من بعدي؟ قال: الذين قَرَنَهم اللّه بنفسه وبي، فقال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليَّ الحوض، كلُّهم هادٍ مُهتد، لا يَضُرّهم من خَذَلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يُفارقهم ولا يُفارقونه بهم تُنْصَر أمّتي وبهم يُمْطَرون، وبهم يُدْفَع عنهم، وبهم اسْتَجَابَ دُعاءهم.
فقلت: يا رسول اللّه، سمّهم لي؟ فقال: ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) -. ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) -. ثم ابن له يقال : عليّ، وسَيُولد في حياتك، فأقرئه مني السلام [ثُم] (1) تَكْمِلَة اثني عشر من ولد محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فقلت له: بأبى أنت، فسمِّهم لي ؟ فسمّاهم رجلاً رجلاً، فيهم - واللّه يا أخا بني هلال - مهدي أُمَّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما مُلئت جوراً وظُلماً، واللّه إني لأعرف من يُبايعه بين الرُّكن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم (2).
3/53 - عن سلمة بن كهيل، عمَّن حدثه، عن على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: لو استقامت لي الإمرة وكُسرت - أو ثُنيت - لي الوِسادة، لحَكَمْتُ لأهل التوراة بما أنزل اللّه في
ص: 92
التوراة، حتّى تذهب إلى اللّه أنّي قد حَكَمْتُ بما أنزل اللّه فيها، ولَحَكَمْتُ لأهل الإنجيل بما أنزل اللّه في الإنجيل، حتّى يذهب إلى اللّه أنّى قد حكمت بما أنزل اللّه ولَحَكَمْتُ في أهل القرآن بما أنزل اللّه في القرآن، حتّى يذهب إلى اللّه أنّي قد حَكَمْتُ بما أنزل اللّه فيه (1).
4/54 - عن أيوب بن حُرّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قلت له: الأئمّة بعضهم أعلم من بعض؟ قال: نعم، وعلمهم بالحلال والحرام وتفسير القرآن واحد (2).
55/ 5 - عن حَفْص بن قُرط الجُهَنِيِّ، عن جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سمعته يقول: كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب حلال و حرام وعلم بالقرآن، ونحن على مِنهاجه (3).
6/56 - عن السَّكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّ فيكم من يُقاتِل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله، وهو على بن أبي طالب (4).
7/57 - عن بشير الدّهان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن اللّه فَرَض طاعتنا في كتابه، فلا يسع الناس جهلاً، لنا صفو المال، ولنا الأنفال، ولنا كرائم القرآن، ولا أقول لكم إنا أصحاب الغيب ونعلم كتاب اللّه وكتاب اللّه يحتمل كلّ شيء، إنَّ اللّه أعلمنا عِلماً لا يَعْلَمُه أحدٌ غيره، وعِلماً قد أعلمه ملائكته ورسله، فما
ص: 93
عَلِمته ملائكته ورُسُله فنحن نعلمه (1).
8/58 – عن مُرازم، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنا أهل بيت لم يَزَل اللّه يبعث فينا من يعلم كتابه من أوّله إلى آخره، وإنَّ عندنا من حلال اللّه وحرامه ما يسعنا (2) كتمانه، ما نستطيع أن نُحدِّث به أحداً (3).
9/59 - عن الحكم بن عتيبة، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لرجل من أهل الكوفة - وسأله عن شيء - : لو لَقِيتُك بالمدينة لأريتُك أثر جبرئيل في دورنا، ونُزُوله على جدّي بالوحي والقرآن والعلم، أفيستقي الناس العلم من عندنا فيُهدون هم، وضَلَلْنا نحن؟! هذا محال (4).
60 / 10 - عن يوسف بن السُّخت البصريّ، قال: رأيتُ التوقيع بخطّ محمّد بن محمّد بن عليّ (5) فكان فيه: الذي يجب عليكم ولكم أن تقولوا: إنّا قدوة اللّه وأئمّته، وخُلفاء اللّه في أرضه، وأمناؤه على خَلقه، وحججه في بلاده، نعرف الحلال والحرام ونعرف تأويل الكتاب وفصل الخطاب (6).
11/61 - عن توير بن أبي فاختة عن أبيه قال: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما بين اللَّوحين شيءٌ إلّا وأنا أعلمه (7).
ص: 94
12/12 - عن سليمان الأعمش، عن أبيه قال: قال علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما نزلت آيةٌ إلّا وأنا عَلِمتُ فيمن أُنزلت، وأين أُنزلت، وعلى من نزلت، إن ربّي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً طلقاً (1).
13/63 - عن أبي الصَّباح قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه علم نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) التنزيل والتأويل، فعلّمه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).
1/64 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ليس شيءٌ أبعد من عُقُول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية ينزل أوّلها في شيء، وأسطها في شيء، وآخرها في شيءٍ، ثمّ قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (3)، من ميلاد الجاهليّة (4).
2/65 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)(5)، قال: من فسَّر القرآن برأيه فأصاب لم يُؤجَر، وإن أخطأ كان إثمه عليه (6).
3/66 - عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما علمتم فقولوا، وما لم
ص: 95
تعلموا فقولوا: اللّه أعلم، فإنّ الرجل ينزع بالآية فيخرُّبها أبعد ما بين السماء والأرض (1).
4/67 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: من فسّر القرآن برأيه، إن أصاب لم يُؤجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السّماء (2).
5/68 - عن عبد الرّحمن بن الحجاج، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ليس أبعد من عُقُول الرجال من القرآن (3).
6/69 - عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سُئل عن الحكومة؟ قال: من حَكّم برأيه بين اثنين فقد كَفّر، ومن فسّر آية (4) من كتاب اللّه فقد كفر (5).
2/71 - عن القاسم (1) بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلّا كفر (2).
3/72 - عن يعقوب بن يزيد عن ياسر عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: المراء (3) فى كتاب اللّه كُفر (4).
4/73 - عن داود بن فَرْقَد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا تقولوا لكلّ آية هذه رجل وهذه رجل، إن من القرآن حلالاً ومنه حراماً، وفيه نبأ من قبلكم، وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم، فهكذا هو، كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مفوّضٌ فيه، إن شاء فعل الشّيء، وإن شاء تذكّر، حتّى إذا فرضت فرائضه، وخُمّست أخماسه، حقٌّ على النّاس أن يأخُذُوا به، لأنَّ اللّه قال: «مَا أَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (5).
ص: 97
ص: 98
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
1/74 - بأسانيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبيه، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اسم اللّه الأعظم مُقَطَّع في أُمّ الكتاب (1).
2/75 - عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : قال لأبي حنيفة: ما سورة أوّلها تحميد، وأوسطها إخلاص، وآخرها دعاء؟ فبقى مُتحيّراً، ثمّ قال: لا أدرى.
فقال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): السُّورة التى أولها تحميد، وأوسطها إخلاص، و آخرها دُعاء، سورة الحمد (2).
3/76 - عن يُونُس بن عبد الرحمن، عمّن رفعه، قال سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَان العظيم» ؟(3) قال: هي
ص: 99
سورة الحمد، وهي سبع آيات منها «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» [1] وإنّما سُمِّيت المثاني لأنها تُثنى في الرّكعتين (1).
4/77 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سَرّقوا أكرم آيةٍ في كتاب اللّه «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» (2).
78/5 - عن صفوان الجمّال قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أنزل اللّه من السّماء كتاباً إلا وفاتحته «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ»، وإنما كان يُعرف انقضاء السورة بنزول «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» ابتداءً للأخرى (3).
6/79 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يَجْهَر ب«بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» ويَرْفَع صوته بها، فإذا سمعها المشركون ولّوا مُدبرين، فأنزل اللّه «وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى القُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً» (4).
7/80 - قال الحسن بن خُرَّزَاد : ورُوي عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إِذا أَمَّ اللّه الرجل القوم، جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قَرين (5) الإمام، فيقول: هل ذكر اللّه ؟ يعني هل قرأ «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» ؟ فإن قال: نعم، هرب منه، وإن قال: لا، رَكِب عُنق الإمام، ودلّى رجليه في صدره، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتّى يَفْرَغُوا من صلاتهم (6).
ص: 100
8/81 - عن عبدالملك بن عُمر، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إن إبليس رَنَّ (1) أربع رنّات أولهنّ يوم لُعِن، وحين هَبَط إلى الأرض، وحين بُعث محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على فَتْرةٍ من الرُّسُل، وحين أُنزلت أُمّ الكتاب «الحَمْدُ للّه رَبِّ العَالَمِينَ»، ونخر (2) نَخْرَتين: حين أكل آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الشجرة، وحين أُهبط آدم إلى الأرض. قال: ولُعِن من فعل ذلك (3).
9/82 - عن إسماعيل بن أبان، يرفعه إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الجابر بن عبد اللّه: يا جابر ألا أعلّمُك أفضل سورة أنزلها اللّه في كتابه؟ قال: فقال جابر: بلى - بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه - علِّمنيها، قال: فعلَّمَه «الحَمْدُ للّه» أُمّ الكتاب.
قال: ثم قال له: يا جابر ألا أُخبِرُك عنها؟ قال: بلى - بأبي أنت وأُمّي - فأخبرني. قال: هي شِفَاء من كلّ داء إلّا السام، يعني الموت (4).
10/83 - عن سَلَمة بن مُحْرِز. قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: من لم تُبرِئه الحمد لم يُبرئه شيء (5).
11/84 - عن أبي بكر الحَضْرمي، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كانت لك حاجة، فاقرأ المثاني وسورة أُخرى، وصَلِّ رَكْعتين، وأدْعُ اللّه.
قلت: أصلحك اللّه، وما المثاني ؟ قال : فاتحة الكتاب «بِسْمِ اللّه الرّحمن
ص: 101
الرَّحِيمِ * الحَمْدُ للّه رَبِّ العَالَمِينَ» [2] (1).
12/85 - عن عيسى بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: بلغه أنّ أُناساً يَنْزِعون «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ»، فقال: هي آيةٌ من كتاب اللّه، أنساهم إيّاها الشيطان»(2).
13/86 - عن إسماعيل بن مهران قال: قال أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بیاضها (3).
14/87 - عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا أتى أحدكم أهله، فليكن قبل ذلك مُلاطَفَةٌ، فإنه أبر(4) لقلبها، وأسلّ لسَخِيْمَتها (5)، فإذا أفضى إلى حاجته قال: «بِسْم اللّه» ثلاثاً، فإن قدر أن يقرأ أي آيةٍ حَضَرتْهُ من القرآن فعل، وإلّا قد كَفَتْه التسمية، فقال له رجل في المجلس فإن قرأ «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» أُجِرَ به؟ فقال: وأيُّ آيةٍ في كتاب اللّه أكرم من «بسم اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» (6).
ص: 102
15/88 - عن الحسن بن خُرَّزَاد قال كتبتُ إلى الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسألُ عن معنى اللّه، فقال: استولى على مادَقَ وجَلَّ (1).
16/89 - عن خالد بن المُخْتَار قال: سَمِعتُ جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول: ما لهم - قاتلهم اللّه - عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه، فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها، وهي «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ» (2).
17/90 - عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلَّ «وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْءَانَ العَظِيمَ» (3)، فقال: فاتحة الكتاب [يُثنّى فيها القول.
قال: وقال رسول اللّه : إنَّ اللّه من على بفاتحة الكتاب] (4) من كنز الجنّة، فيها : «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ»، الآية التي يقول فيها : «وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى القُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً» (5)، «الحَمْدُ للّه رَبِّ العَالَمِينَ». دعوى أهل الجنّة، حين شَكَرُوا اللّه حُسن الثواب و «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» [4] قال جَبْرَئيل ما قالها مسلم قط إلا صدقه اللّه وأهل سماواتهِ «إيّاك نَعْبُدُ» إخلاص العبادة «وَإيّاك نَسْتَعِينُ» [5] أفضل ما طلب به العباد حوائجهم «اهْدِنَا الصِّرَاط المُسْتَقِيم» [6] صراط الأنبياء، وهم الذين أنعم اللّه عليهم «غَيْرِ المَغْضُوبِ
ص: 103
عَلَيْهِمْ» اليهود «وَغَيْرِ الضَّالِّين» [7] النصارى(1).
18/91 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في تفسير «بِسْمِ اللّه الرّحمن الرَّحِيمِ»، فقال : الباء بهاء اللّه، والسين سناء اللّه، والميم مجد اللّه (2).
19/92 - وروى غيره عنه : مُلكُ اللّه، اللّه إله الخلق، الرّحمن بجميع العالم، الرّحيم بالمؤمنين خاصَّة (3).
20/93 - وروى غيره عنه : واللّه إله كلّ شيء (4).
21/94 - عن محمّد بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه كان يقرأ: «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» (5).
22/95 - عن داود بن فَرْقَد، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ ما لا أُحصي: «مَلِكِ (6) يَوْمِ الدِّينِ» (7).
ص: 104
23/96 - عن الزُّهريّ، قال: قال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): لو مات ما بين المشرق والمغرب لما استوحشتُ بعد أن يكون القرآن معي؛ وكان إذا قرأ «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» يُكرّرها، ويكاد أن يموت (1).
24/97 - عن الحسن بن محمّد الجمّال عن بعض أصحابنا، قال: بعث عبدالملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجّه إليَّ محمّد بن علي بن الحسين ولا تُهيّجه، ولا تروّعه واقض له حوائجه، وقد كان وَرَد على عبدالملك رجل من القدرية (2)، فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعاً، فقال: ما لهذا إلا محمّد بن عليّ، فكتب إلى صاحب المدينة أن يَحْمِل محمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إليه، فأتاه صاحب المدينة بكتابه، فقال له أبو جعفر اللّه : إني شيخ كبير، لا أقوى على الخروج، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي، فوجهه إليه، فلما قدم على الأموي از دراه (3) لصغره، وكَرِه أن يجمع بينه وبين القدري، مخافة أن يغلبه، وتسامع النّاس بالسّام بقدوم جعفر المخاصمة القَدَريّ.
فلمّا كان من الغد اجتمع النّاس لخُصومتهما. فقال الأموي لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّه قد أعيانا أمر هذا القدري، وإنما كتبتُ إليك لأجمع بينك وبينه لم يَدَع عندنا أحداً إلا خَصمه، فقال: إن اللّه يكفيناه.
قال: فلما اجتمعوا، قال القَدَريُّ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سَل عمّا شِئْتَ. فقال له: اقرأ سورة الحمد قال: فقرأها، وقال الأُمويُّ - وأنا معه - : ما في سورة الحمد علينا، إنا للّه وإنا إليه راجعون
ص: 105
فجعل القدريُّ يقرأ سورة الحمد حتّى بلغ قول اللّه تبارك وتعالى: «إيّاك نَعْبُدُ وَإيّاك نَسْتَعِينُ»، فقال له جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قف، مَنْ تستعين، وما حاجتك إلى المعونة، إن الأمر إليك؟! فبُهت الذى كفر، واللّه لا يهدى القوم الظالمين (1).
25/98 - عن داود بن فَرْقَد، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم» يعني أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه (2).
26/99 - قال محمّد بن علي الحلبي: سمعته ما لا أحصي وأنا أُصلّي خلفه يقرأ «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم» (3).
27/100 - عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى: «غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» ؟ قال : هم اليهود والنصارى (4).
28/101 - عن رجل، عن ابن أبي عُمير رفعه في قوله: «غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّالّين» هكذا نزلت قال المغضوب عليهم: فلان وفلان وفلان والنصّاب والضّالّين: الشكاك الذين لا يعرفون الإمام (5).
ص: 106
بسم اللّه الرّحمن الرحيم
1/102 - عن سعد الإسكاف، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قال رسول اللّه : أعطيت الطوال (1) مكان التوراة، وأُعطيت المِئين (2) مكان الإنجيل، الاول وأُعطيت المثاني (3) مكان الزَّبُور، وفُضّلت بالمفصّل (4) سبع وستّين سورة (5).
2/103 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: من قرأ البقرة وآل عِمْران، جاء يوم القيامة تُظلّانه على رأسه مثل الغَمَامَتين، أو غَيَابتَين (6).
ص: 107
3/104 - عن عمر بن جُميع، رفعه إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من قرأ أربع آيات من أوّل البقرة، وآية الكرسي، وآيتين بعدها، وثلاث آيات من آخرها لم يرفي نفسه وأهله وماله شيئاً يَكْرَهه، ولم يَقْرَبه الشيطان ولم ينس القرآن (1).
قوله تعالى : «المَ * ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ» [21] الآية.
4/105 - عن سَعدان بن مسلم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في، :قوله «المَ ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيه»، قال: كتاب عليّ لا ريب فيه «هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ» قال : المُتَّقون شيعتنا «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنفِقُونَ» [3] ومما علمناهم يبثّون (2).
106 / 5 - عن محمّد بن قيس، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُحدّث، قال: أن حُيِّباً وأبا ياسر ابنى أخطب، ونفراً من اليهود أهل خير، أتوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما أنزل عليك «الم» (3)؟ قال: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند اللّه ؟ قال: نعم، قالوا: لقد بعثت أنبياء قبلك، ما نعلم نبيّاً منهم أخبر ما مدّة مُلكه، وما أجل أُمَّته غيرك فأقبل حُبي على أصحابه، فقال لهم: الألف واحدٌ، واللام ثَلاثون والميم أربعون، فهي إحدى وسبعون سنةً، فَعَجَبٌ ممّن يَدْخُلُ في دين مدة ملكه وأجل أُمَّته إحدى وسبعون سنة!
ص: 108
ثم أقبل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال له : يا محمّد، هل مع هذا غيره؟ فقال: نعم قال: «المص» (1) قال : هذه أثقل وأطول، الألف واحدٌ، واللّام ثلاثون [والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه مائة وإحدى وستّون سنة!
ثم قال لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هَاتِه، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الر» (2)، قال: هذه أثقل وأطول الألف واحدٌ، واللام ثلاثون، والرّاء مائتان.
ثم قال لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : فهل مع هذا غيره ؟ قال: نعم. قال: هَاتِهِ، قال: «المر» (3) قال: هذه أثقل وأطول، الألف واحد، واللّام ثلاثون، والميم أربعون، والرّاء مائتان! ثمّ قال له : هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قالوا: قد التبس علينا أمرك، فما ندري ما أعطيت! ثم قاموا عنه، ثمّ قال أبو ياسر لحتى أخيه: ما يُدريك لعلّ محمّداً قد جُمع له هذا كُلّه وأكثر منه. قال: فذكر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أن هذه الآيات أُنزلت فيهم «مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتُ» (4)، قال: وهي تجري في وجهٍ آخر على غير تأويل حُيي وأبي ياسر وأصحابهما ] (5).
6/107 - [ عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه تبارك وتعالى لما أحبّ أن
ص: 109
يخلُق خَلقاً بيده، وذلك بعد ما مضى من الجِنِّ والنَّسْنَاس (1) في الأرض سبعة آلاف سنة، قال: ولمّا كان من شأن اللّه أن يخلق آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) للذي أراد من التدبير والتقدير لما هو مكوّنه في السماوات والأرض وعلمه لما أراد من ذلك كله، كَشَط (2) عن أطباق السّماوات، ثمّ قال للملائكة: انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجِنِّ والنَّسْنَاس، فلمّا رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق، عظم ذلك عليهم، وغَضِبوا اللّه، وأسفوا على الأرض، ولم يملكوا غضبهم أن قالوا: يارب أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن، وهذا خلقك الضعيف الذليل في أرضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك، ويستمتعون بعافيتك، وهم يعْصُونك بمثل هذه الذنوب العظام، لا تأسف ولا تَغْضَب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى، وقد عَظُم ذلك علينا وأكبرناه فيك!
فلمّا سَمِع اللّه عزّ وجلّ ذلك من الملائكة قال: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً» لي عليهم، فيكون حُجّةً لي في أرضي على خلقي. فقالت الملائكة: سبحانك «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ»، وقالوا: فاجعله منا، فإنّا لا تُفسد في الأرض ولا نَسْفك الدماء.
قال جلّ جلاله: يا ملائكتي «إنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» [30] إِنِّي أريد أن أخلُق خَلقاً بيدي، أجعل ذُرِّيته أنبياء مرسلين وعباداً صالحين وأئمّةً مهتدين، أجعلهم خُلفائي على خَلقي في أرضي يَنْهَونَهم عن المعاصي، ويُنذرونهم عذابي،
ص: 110
ويهدونهم إلى طاعتي، ويَسْلُكون بهم طريق سبيلي، وأجعلهم حُجّةً لي عُذراً أونُذراً، وأُبين (1) النشنَاس من أرضى، فأُطّهرها منهم، وأنقل مَرَدَةَ الجِنِّ العصاة عن بريّتي وخَلقي وخبرتي، وأسكنهم في الهواء وفى أقطار الأرض، لا يجاورون نسل خَلقي، وأجعل بين الجن وبين خَلقي حِجاباً، ولا يرى نسل خلقي الجن ولا يُؤانسونهم ولا يُخالطونهم ولا يُجالسونهم، فمن عصاني من نسل خَلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم مساكن العصاة، وأوردتهم مواردهم ولا أبالي.
فقالت الملائكة: يا ربّنا إفعل ماشئت «لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ العليم الحكيمُ» (2)، فقال اللّه جل جلاله للملائكة: «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ» (3)، وكان ذلك من أمر اللّه عزّ وجلّ تقدّم إلى الملائكة فى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قبل أن يخلقه احتجاجاً منه عليهم.
قال: فاغترف تبارك وتعالى غُرفةٌ من الماء العذب الفرات فَصَلْصَلها (4) فجَمَدَت، ثمّ قال لها: منك أخلُقُ النبيّين والمرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمّة المهتدين الدعاة إلى الجنّة وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالى ولا أسأل عمّا أفعل وهم يُسألون - يعنى بذلك خَلقه -.
ثم اغترف غُرفة ] (5) من الماء الملح الأجاج، فَضْلصَلها في كفّه فَجْمَدَت، ثمّ
ص: 111
قال لها: منك أخلُقُ الجبّارين والفراعنة والعُتاة إخوان الشياطين، وأئمّة الكفر، والدعاة إلى النار وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالي، ولا أُسأل عما أفعل وهم يُسألون، وأشترط في ذلك البَدَاء (1) فيهم، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء اللّه فيهم، ثمّ خلط الماءين في كفّه (2) جميعاً فَصَلْصَلَهما ثمّ اكفأهما قُدّام عرشه، وهم بلّة (3) من طين.
ثم أمر الملائكة الأربعة: الشّمال، والدَّبُور، والصَّبا، والجنوب أن جولوها (4) على هذه البَلّة الطين، فأبْرِئوها وأنشئوها ثمّ جَزَّئوها وفصّلوها، وأجروا فيها الطبائع الأربع: الريح، والبلغم، والمِرَّة، والدّم، قال: فجالت عليها الملائكة الشِّمال والجنوب، والدَّبور، والصَّبَا، وأجروا فيها الطبائع، فالريح في الطبائع الأربع من قبل الشمال والبَلْغَم في الطبائع الأربع في البدن من ناحية الصبا، قال: والمرة في الطبائع الأربع من ناحية الدبور، قال: والدم في الطبائع الأربع من ناحية الجنوب.
قال: فاستعلت (5) النَّسمة (6) وكَمَلَ البدن، قال: فلزمها من ناحية الريح: حبُّ الحياة، وطول الأمل والحِرص، ولزمها من ناحية البلغم: حبُّ الطعام والشراب
ص: 112
واللباس واللين والحلم والرفق، ولزمها من ناحية المرّة: الغضب والسَفَه والشَّيطنة والتجبّر والتمرّد والعَجَلة، ولَزِمها من ناحية الدم: الشَّهوة للنساء واللَّذات ورُكُوب المحارم في الشهوات.
قال أبو علي الحسن بن محبوب وأخبرني عمرو، عن جابر أنَّ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخبره أنّه قال: وجدنا هذا الكلام مكتوباً في كتاب من كتب عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
7/108 - قال: قال هشام بن سالم، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما علم الملائكة بقولهم: «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ» (2) لولا أنّهم قد كانوا رأوا من يُفسد فيها ويَسْفك الدماء (3).
8/109 - عن محمّد بن مروان عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : إنّي لأطوف بالبيت مع أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إذ أقبل رجل طُوّال (4) جُعشُم (5) مُتعمِّم بعمامةٍ، فقال: السلام عليك يابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : فردَّ عليه أبي، فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها، ما بقى أحدٌ يعلمها إلّا رجل أو رجلان.
قال: فلمّا قضى أبي الطواف دخل الحجر (6) فصلي ركعتين، ثمّ قال: هاهنا يا جعفر، ثم أقبل على الرجل، فقال له أبي: كأنَّك غريب؟ فقال: أجل، فأخبرني
ص: 113
عن هذا الطُّواف، كيف كان؟ ولم كان؟
قال: إن اللّه لما قال للملائكة: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا» (1) إلى آخر الآية، كان ذلك من يعصي منهم، فاحتجب عنهم سبع سنين فلا ذوا بالعرش يلوذون، يقولون: لبَّيك ذا المعارج لبيك؛ حتّى تاب عليهم، فلمّا أصاب آدم الذَّنْب طاف بالبيت حتّى قبل اللّه منه، قال: فقال: صَدَّقت، فعَجِب أبي من قوله: صدقت.
قال: فأخبرني عن: «نَ وَالقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» (2)، قال: نون نهرٌ في الجنّة أشدُّ بياضاً من اللّبن، قال: فَأمَرَ اللّه القلم، فجرى بما هو كائن وما يكون، فهو بين يديه موضوعٌ ماشاء منه زاد فيه، وماشاء نقص منه، وماشاء كان، ومالا يشاء لا يكون. قال: صَدَقت، فعجب أبي من قوله صدقت.
قال: فأخبرني عن قوله : «فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ» (3)، ما هذا الحق المعلوم؟ قال: هو الشّيء يُخْرِجه الرجل من ماله ليس من الزكاة، فيكون للنائبة والصلة، قال: صدقت. قال: فعجب أبي من قوله صَدَقت. قال: ثمّ قام الرجل، فقال أبي على بالرجل، قال: فطَلَبته فلم أجده (4).
110/ 9 - عن محمّد بن مَرْوان، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كنتُ مع أبي في الحِجْر، فبينا هو قائم يصلّي إذ أتاه رجل فجلس إليه، فلمّا انصرف سلّم عليه، قال: إنّي أسألك عن ثلاثة أشياء، لا يعلمها إلا أنت ورجل آخر، قال: ماهي؟
ص: 114
قال: أخبرني أيّ شيء كان سبب الطُّواف بهذا البيت؟
فقال: إن اللّه تبارك وتعالى لما أمر الملائكة أن يَسْجُدُوا لآدم، ردت الملائكة فقالت: «أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فيها وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أعْلَمُ مالا تُعْلَمُونَ» (1)، فغَضِب عليهم، ثمّ سألوه التوبة فأمرهم أن يطوفوا بالضُّرَاح (2)، - وهو البيت المعمور - فمكثوا به يطوفون به سبع سنين، يستغفرون اللّه ممّا قالوا، ثمّ تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم، فكان هذا أصل الطَّواف. ثمَّ جعل اللّه البيت الحرام حذاء الفُرَاح، توبةً لمن أذنب من بني آدم وطَهُوراً لهم، فقال: صدقت.
ثم ذكر المسألتين نحو الحديث الأول، ثمّ قام الرجل، فقلت: من هذا الرجل يا أبه؟ فقال: يا بنى هذا الخِضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).
111 / 10 - علي بن الحسين في قوله: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء» (4) ردّوا على اللّه فقالوا: «أَتْجعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ»، وإنّما قالوا ذلك بخلق مضى. يعني الجانّ بن الجِنِّ «وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ» (5) فمَنوا على اللّه بعبادتهم إيّاه، فأعرض عنهم.
ثمّ علَّم آدم الأسماء كلّها، ثم قال للملائكة: «أنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ» [31] قالوا: لا علم لنا، قال: «يَا ءَادَمُ أَنْبِنهُم بأَسمَائِهِم» (6)، فأنبأهم، ثمّ قال لهم:
ص: 115
«أسْجُدُوا لآدَمَ» (1) فسجدوا، وقالوا في سُجُودهم في أنفسهم - : ما كُنَّا نَظُنّ أن يَخْلُق اللّه خَلقاً أكرم عليه منّا، نحن خُزّان اللّه وجيرانه، وأقرب الخلق إليه! فلمّا رفعوا رؤوسهم، قال: اللّه يعلم ما تبدون من ردّكم عليَّ وما كنتم تَكْتُمُون، ظننا أن لا يخلُق خَلقاً أكرم عليه منّا.
فلمّا عرفت الملائكة أنَّها وقعت فى خطيئةٍ لاذوا بالعرش، وإنّها كانت عصابة من الملائكة، وهم الذين كانوا حول العرش، لم يكُن جميع الملائكة الذين قالوا: ما ظننا أن يخلُقَ خَلقاً أكرم عليه منا، وهم الذين أمروا بالسجود، فلاذوا بالعرش وقالوا بأيديهم - وأشار باصبعه يديرها - فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة، فلما أصاب آدم الخطيئة، جعل اللّه هذا البيت لمن أصاب من ولده خطيئةً أتاه فلاذ به من وُلد آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما لاذ أولئك بالعرش.
فلمّا هَبَط آدم إلى الأرض طاف بالبيت، فلمّا كان عند المُسْتَجار دنا من البيت، فرفع يديه إلى السماء، فقال: يا ربّ اغفر لي، فنُودي: إنّي قد غفرت لك، قال: يا ربّ ولولدي قال فنُودي يا آدم من جاء نى من ولدك فباء بذنبه (2) بهذا المكان، غفرت له (3).
11/112 - عن عيسى بن حمزة (4)، قال: قال رجل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلت فداك، إنَّ النَّاسِ يَزْعُمُون أنَّ الدنيا عُمرها سبعة آلاف سنةٍ! فقال: ليس كما يقولون، إنَّ اللّه خلق لها خمسين ألف عام فَترَكَها قاعاً قفراء خاويةً عشرة آلاف
ص: 116
عام، ثمَّ بدا اللّه بَداء، فخلق فيها خَلقاً ليس من الجِنّ ولا من الملائكة ولا من الإنس، وقدَّر لهم عشرة آلاف عام، فلمّا قَرُبت آجالهم أفسدوا فيها، فدمّر اللّه عليهم تدميراً، ثم تركها قاعاً قفراء خاويةٌ (1) عشرة آلاف عام.
ثمّ خلق فيها الجِنَّ، وقدَّر لهم عشرة آلاف عام، فلمّا قَرُبت آجالهم أفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، وهو قول الملائكة: «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ» (2) كما سَفَكت بنو الجانّ، فأهلكهم اللّه، ثم بدا للّه فخلق آدم، وقرّر له عشرة آلاف عامٍ، وقد مضى من ذلك سبعة آلاف عامٍ ومائتان، وأنتم في آخر الزمان (3).
12/113 - قال: قال زُرارة: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أيُّ شيءٍ عندك من أحاديث الشيعة؟ فقلت: إنَّ عندي منها شيئاً كثيراً، قد هَمَمتُ أن أُوقد لها ناراً، ثمّ أحرقها، فقال: أرها وبيّنّا (4) ما أنكرت منها. فخَطَر على بالي الآدميّون (5)، فقال لي: ما كان علم الملائكة حيث قالوا «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ» (6). قال: وكان يقول أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا حدث بهذا الحديث هو كسرٌ على
ص: 117
القَدَريَّة.
13/114 - ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ آدم كان له في السماء خليلٌ من الملائكة، فلمّا هَبَطَ آدم من السّماء إلى الأرض استوحش المَلَك، وشكا إلى اللّه، وسأله أن يأذن له فيهبط عليه، فأذن له فَهَبِطَ عليه، فوجده قاعداً في قفرة من الأرض، فلمّا رآه آدم وضع يده على رأسه وصاح صيحةً، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يروون أنّه أسمع عامّة الخَلق.
فقال له المَلَك: يا آدم ما أراك إلّا قد عَصَيتَ ربَّك، وحملت على نفسك ما لا تُطيق، أتدري ما قال اللّه لنا فيك فرددنا عليه؟ قال: لا. قال: قال: «إِنِّي جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً»، قلنا: «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ» (1)، فهو خَلقك أن تكون في الأرض، يستقيم أن تكون في السماء؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه عزّى بها آدم ثلاثاً (2).
115 / 14 - عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، سألته عن قول اللّه: «وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا» [31] ماذا عَلّمه؟ قال : الأرضين، والجبال، والشعاب (3)، والأودية. ثمّ نظر إلى بساط تحته، فقال : وهذا البساط ممّا علّمه (4).
15/116 - عن الفضل بن عباس (5)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا» (6)، ماهى؟ قال: أسماء الأودية، والنبات
ص: 118
والشجر، والجبال من الأرض (1).
16/117 - عن داود بن سرحان العطّار، قال: كنتُ عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فدعا بالخِوَان (2) فتغدّينا، ثم جاءوا بالطَّشت والدَّست سنانه (3)، فقلت: جعلت فداك قوله: «وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا» (4)، الطَشت والدست سنانه منه؟ فقال: والفُجاج (5) والأودية. وأهوى بيده، كذا وكذا (6).
17/118 - عن حَرِيز (7)، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لمّا أن خلق اللّه آدم، أمر الملائكة أن يَسْجُدواله. فقالت الملائكة في أنفسها: ما كنا نظن أنّ اللّه خَلق خَلْقاً أكرم عليه منّا، فنحن جيرانه ونحن أقرب خلقه إليه. فقال اللّه: «أَلَمْ أقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ... مَا تُبْدُونَ وَما... تَكْتُمُونَ» [33] فيما أبدوا من أمر بني الجانّ، وكَتَمُوا ما في أنفسهم، فَلاذَت الملائكة الذين قالوا ماقالوا بالعرش (8).
18/119 - عن جميل بن دَرّاج، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن إبليس، أكان من الملائكة، أو كان يلي شيئاً من أمر السّماء؟ فقال: لم يَكُن من الملائكة، وكانت الملائكة ترى أنّه منها، وكان اللّه يعلم أنه ليس منها، ولم يكن يلى شيئاً من أمر
ص: 119
السماء، ولا كرامة.
فأتيت الطيّار (1)، فأخبرته بما سَمِعت فأنكر، وقال: كيف لا يكون من الملائكة واللّه يقول للملائكة: «أُسْجُدُوا لأَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ» ؟ [34] فدخل عليه الطيّار فسأله - وأنا عنده - فقال له: جعلت فداك، قول اللّه جلّ وعزّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِين امَنُوا» (2) فى غير مكان فى مخاطبة المؤمنين أيدخُل في هذه المنافقون؟ فقال: نعم يَدْخُلُ فى هذه المنافقون والضَّلال وكلّ من أقرّ بالدعوة الظاهرة (3).
19/120 - عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن إبليس، أكان من الملائكة، أو هل كان يلي شيئاً من أمر السماء؟ قال: لم يكن من الملائكة، ولم يكن يلي شيئاً من أمر السماء، وكان من الجِنِّ، وكان مع الملائكة، وكانت الملائكة ترى أنّه منها، وكان اللّه يعلم أنه ليس منها، فلما أمر بالسُّجود كان منه الذي كان (4).
20/121 - عن أبي بصير، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إِنَّ أوّل كُفْرٍ كُفِر باللّه - حيث خلق اللّه آدم - كُفر إبليس، حيث ردّ على اللّه أمره، وأوّل الحسد حيث حَسَد ابن آدم أخاه، وأوّل الحرص حرص آدم، نُهي عن الشجرة فأكل منها، فأخرجه حرصه من الجنّة (5).
21/122 - عن بدر بن خليل الأسديّ، عن رجل من أهل الشّام، قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: أوّل بُقعةٍ عُبد اللّه عليها ظَهر الكُوفة، لما أمر اللّه
ص: 120
الملائكة أن يَسْجُدُوا لآدم، سجدوا على ظهر الكوفة (1).
22/123 - عن موسى بن بكر (2) الواسطي، قال: سألت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكفر والشرك، أيُّهما أقدم ؟ فقال : ما عهدي بك تُخاصم النّاس.
قلت: أمرني هشام بن الحكم أن أسالك عن ذلك، فقال لي: الكُفر أقدم - وهو الجحود - قال اللّه عزّ وجل: «إلَّا إبليس أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ» [34] (3).
23/124 - عن سلّام بن المُسْتَنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة» [35] يعني لا تأكُلا منها (4).
125 / 24 - عن عطاء، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال: إنَّما كان لبث آدم وحواء في الجنّة حتّى خرجا منها سبع ساعات من أيّام الدنيا حتّى أكلا من الشجرة، فأهبطهما اللّه إلى الأرض من يومهما ذلك.
قال: فحاجَّ آدم ربّه، فقال: يا ربّ، أرأيتك قبل أن تخلقني كُنتَ قدّرت عليَّ هذا الذنب وكُلّ ما صرتُ وأنا صائرٌ إليه، أو هذا شيءٌ فعلته أنا من قبل أن (5) تُقدّره عليَّ، غَلَبت عليَّ شِقْوَتي، فكان ذلك منّي وفعلي، لامنك ولا من فعلك؟
قال له: يا آدم أنا خَلَقْتُك، وعلمتك أنّى أسكنتك (6) وزَوْجَتَكَ الجنّة،
ص: 121
وبنعمتي وما جعلت فيك من قوّتي، قويت بجوارحك على معصيتي، ولم تَغِب عن عيني، ولم يَخْلُ علمي من فعلك، ولا ممّا أنت فاعله.
قال :آدم يا ربّ الحجّة لك عليَّ. يا ربّ، فحين خلقتني وصوَّرتني ونَفَخت فيَّ من روحك! قال اللّه تعالى يا آدم، إني أسجدتُ (1) لك ملائكتي، ونوَّهت باسمك في سماواتي، وابتدأتك بكرامتي، وأسكنتك جنَّتي، ولم أفعل ذلك إلّا برضاً منّي عليك، أبْلُوك (2) بذلك من غير أن يكون عملت لي عملاً تستوجب به عندي ما فعلتُ بك؟ قال :آدم يا ربّ، الخير منك، والشرُّ منّي.
قال اللّه تعالى: يا آدم، أنا اللّه الكريم، خلقتُ الخير قبل الشرّ، وخلقتُ رحمتي قبل غضبي، وقدّمت بكرامتي قبل هواني، وقدّمت باحتجاجي قبل عذابي.
يا آدم، ألم أنّهَكَ عن الشجرة ؟ وأخبركَ أنّ الشيطان عَدُوٌّ لكَ ولزوجتك؟ وأحذّركما قبل أن تصيرا إلى الجنّة ؟ وأعَلِّمُكُما أنَّكما إن أكلتما من الشجرة، كنتما ظالمين لأنفسكما عاصيين لي؟ يا آدم، لا يجاورني في جنَّتي ظالم عاص لي.
قال: فقال: بلى ياربِّ ؟ الحجّة لك علينا ظلمنا أنفسنا وعَصَينا، وإن لم (3) تَغْفِر لنا وتَرْحَمنا نكن من الخاسرين. قال: فلمّا أقرا لربّهما بذنبهما، وأنّ الحجّة من اللّه لهما، تَدَارَكَتْهُما رحمة الرّحمن الرحيم، فتاب عليهما ربُّهما، إنّه هو التّواب الرّحيم.
قال اللّه: يا آدم، اهبط أنت وزوجك إلى الأرض، فإذا أصلحتما أصلحتكما، وإن عَمِلتما لي قويتكما، وإن تعرّضتما لرضاي تسارعتُ إلى رضا كما، وإن خفتما
ص: 122
منّي آمنتكما من سخطي. قال: فبكيا عند ذلك، وقالا : ربَّنا، فأعنا على صلاح (1) أنفسنا وعلى العمل بما يُرضيك عنا. قال اللّه تعالى لهما: إذا عَمِلْتُما سُوءاً فتوبا إليَّ منه أتب عليكما وأنا (2) التّوّاب الرّحيم.
قالا: فأهبطنا برحمتك إلى أحبّ البقاع إليك. قال: فأوحى اللّه إلى جَبْرَئِيل أن أهبطهُما إلى البلدة المباركة مكّة قال: فهَبَط بهما جبرئيل، فألقى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الصّفا، وألقى حوّاء على المروة (3)، فلمّا أُلقيا قاما على أرجلهما، ورفعا رؤوسهما إلى السماء، وضجّا (4) بأصواتهما بالبكاء إلى اللّه تعالى، وخضعا بأعناقهما. قال: فهتف اللّه بهما : ما يُبكيكما بعد رضاي عنكما؟ قال: فقالا: ربَّنا أبكتنا خَطيئَتنا، وهي أخرجتنا من جوار ربّنا، وقد خفي علينا تقديس ملائكتك لك، ربّنا وبدت لنا عَوْرَاتُنا، واضطرنا ذنبنا إلى حزت الدنيا ومطعمها ومشربها، ودخلتنا وَحْشَةٌ شديدةٌ لتفريقك بيننا.
قال: فرَحِمَهُما الرّحمن الرّحيم عند ذلك، وأوحى إلى جبرئيل: أنا اللّه الرّحمن الرّحيم، وإنِّي قد رَحِمت آدم وحواء لما شكيا إليَّ، فاهبِط عليهما بخَيمةٍ مِن خِيام الجنّة، وعَزّهما عني بفراق الجنّة، واجمع بينهما في الخيمة، فإنّي قد رحمتهما لبكائهما ووَحْشتهما ووَحْدَتهما، وانصب لهما الخيمة على التُّرْعَة التي بين جبال مكّة، قال والتُرعَة مكان البيت وقواعده التي رفعتها الملائكة قبل ذلك، فهَبَط جَبْرَئِيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) - على آدم بالخيمة على مكان (5) أركان البيت وقواعده فنصبها.
ص: 123
قال: وأنزل جَبْرَئيل آدم من الصّفا، وأنزل حوّاء من المَرْوة، وجمع بينهما في الخيمة، قال: وكان عَمُود الخَيمة قضيب ياقوت أحمر، فأضاء نُوره وضوؤه جبال مكّة وما حولها، قال: وامتدَّ ضوء العمود، فجعله اللّه حَرَماً، فهو مواضع الحَرَم اليوم، كلّ ناحية من حيث بلغ ضوء العمود، فجعله اللّه حَرَماً لحُرْمَة الخَيمة والعمُود، لأنَّهنَّ من الجنّة. قال: ولذلك جعل اللّه الحسنات في الحَرَم مضاعفةً، والسيِّئات فيه مضاعفة.
قال: ومدّت أطناب الخيمة حولها (1)، فمنتهى أوتادها ماحول المسجد الحرام، قال: وكانت أوتادها من غُصون الجنّة، وأطنابها من ضفائر الأُرجوان (2). قال: فأوحى اللّه إلى جبرئيل: أهْبِط على الخيمة سبعين ألف مَلَك يَحْرُسونها (3) من مَرَدَة الجنّ، ويُؤنسون آدم وحوّاء، ويطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت والخيمة. قال: فَهَبَطت الملائكة، فكانوا بحضرة الخيمة يَحْرُسونها من مَرَدَة الشياطين والعُتاة، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كلّ يوم وليلة، كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المَعْمُور، وأركان البيت الحرام في الأرض حيال (4) البيت المَعْمُور الذي في السّماء.
قال: ثمّ إنّ اللّه أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحوّاء، فنحِّهما عن مواضع قواعد بيتي، فإنّي أريد أن اهبِط (5) في ظلالٍ من ملائكتي إلى
ص: 124
أرضي، فأرفع أركان بيتي لملائكتي ولِخَلقي من ولد آدم. قال: فهبط جبرئيل على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة، ونحّاهما (1) عن تُرْعَة البيت الحرام، ونحى الخيمة عن موضع التزعة، قال: ووضع آدم على الصفا، ووضع حوّاء على المَرْوة، ورفع الخَيمة إلى السماء.
فقال آدم وحَوّاء: يا جَبْرَئِيل، أبسَخَط من اللّه حوّلتنا وفرقت بيننا، أم برضاً تقديراً من اللّه علينا ؟ فقال لهما لم يكن ذلك سَخَطاً من اللّه عليكما، ولكن اللّه لا يُسأل عمّا يفعل. يا آدم، إنّ السبعين ألف ملك الذين أنزلهم اللّه إلى الأرض ليؤنسوك وبَطُوفوا حول أركان البيت والخيمة، سألوا اللّه أن يبنى لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع التُرْعَة المباركة حيال البيت المَعْمُور، فيَطُوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، فأوحى اللّه إليَّ أن أُنحيك وحوّاء وأرفع الخيمة إلى السماء. فقال آدم: رضينا بتقدير اللّه ونافذ أمره فينا، فكان آدم على الصّفا وحوّاء على المَرْوة.
قال: فدخل آدم لفراق حوّاء وحشةٌ شديدةٌ وحزن، قال: فهَبَط من الصّفا يُريد المروة شوقاً إلى حوّاء وليسلّم عليها، وكان فيما بين الصّفا والمروة وادٍ، وكان آدم يرى المَرْوة من فوق الصّفا، فلمّا انتهى إلى موضع الوادي غابت عنه المَرْوة، فسعى فى الوادي حذراً لما لم يرَ المَرْوة، مخافة أن يكون قدضل عن طريقه، فلمّا أن جاز الوادي وارتفع عنه نظر إلى المَرْوة، فمشى حتّى انتهى إلى المَرْوة، فصَعِد عليها، فسلّم على حوّاء، ثمّ أقبلا بوجههما نحو موضع التُرْعَة يَنْظُران هل رفع
ص: 125
قواعد البيت، ويسألان اللّه أن يَرُدّهما إلى مكانهما، حتّى هَبَط من المَرْوة، فرجع إلى الصّفا فقام عليه، وأقبل بوجهه نحو موضع التُرْعَة فدعا اللّه، ثمّ إنّه اشتاق إلى حوّاء، فَهَبَط من الصّفا يُريد المَرْوة، ففعل مثل ما فعله في المرّة الأولى، ثم رجع إلى الصّفا ففعل عليه مثل ما فعل فى المرّة الأولى، ثمّ إنّه هَبَطَ من الصّفا إلى المَرْوة ففعل مثل ما فعل في المرتين الأوليين.
ثم رجع إلى الصّفا فقام عليه، ودعا اللّه أن يجمع بينه وبين زوجته حوّاء، قال: فكان ذهاب آدم من الصّفا إلى المروة ثلاث مرّات، ورجوعه ثلاث مرات فذلك ستة أشواط، فلمّا أن دعيا اللّه وبكيا إليه وسألاء أن يجمع بينهما، استجاب اللّه لهما من ساعتهما من يومهما ذلك مع زوال الشمس.
فأتاه جبرئيل وهو على الصّفا واقف يدعو اللّه مقبلاً بوجهه نحو الترعة، فقال له :جَبْرَئیل انزل يا آدم من الصّفا فالْحَق بحوّاء، فنزل آدم من الصّفا إلى المَرْوة، ففعل مثل ما فعل في الثلاث المرّات حتّى انتهى إلى المَرْوة، فصَعِد عليها وأخبر حوّاء بما أخبره جبرئيل، ففرحا بذلك فرحاً شديداً، وحَمِدا اللّه وشكراه فلذلك جَرَت السُّنة بالسعي بين الصّفا والمروة، ولذلك قال اللّه: «إنَّ الصّفا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّه فَمَنْ حَجَ الْبَيْتَ أَو أَعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا» (1).
قال: ثمَّ إن جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة، وأخبرهما أن الجبار تبارك وتعالى قد هَبَط إلى الأرض، فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، وحجر من المَرْوة، وحَجَر من طور سيناء (2)، وحَجَر من جبل السَّلام، وهو ظهر الكوفة،
ص: 126
فأوحى اللّه إلى جَبْرَئيل أن ابْنِهِ وأتمه، قال: فاقتلع جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأحجار الأربعة بأمر اللّه من مواضعهنَّ بجناحيه، فوضعها حيث أمره اللّه في أركان البيت على قواعده (1) التي قدّرها الجبّار، ونصب أعلامها (2).
ثم أوحى اللّه إلى جَبْرَئيل أن ابنه وأتممه بحجارة من أبي قُبيس(3)، واجعل له بابين: باب شرقي، وباب غربي، قال: فأتَمَّه جبرئيل، فلمّا أن فَرَغ منه طافت الملائكة حوله، فلمّا نظر آدم وحواء إلى الملائكة يَطُوفون حول البيت، انطلقا فطافا بالبيت سبعة أشواط، ثم خرجا يَطلُبان ما يأكُلان، وذلك من يومهما الذي هُبط بهما فيه (4).
126 / 25 - عن جابر الجُعفي، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: إنّ للام اللّه اختار من الأرض جميعاً مكّة، وأختار من مكّة بكّة (5)، فأنزل في بَكة سُرادِقاً (6) من نُور محفوفاً بالدُّرِّ والياقوت، ثمّ أنزل فى وسط السُّرادق عمّداً أربعة وجعل بين العمّد الأربعة لؤلؤةً بيضاء، وكان طُولها سبعة أذرع في ترابيع البيت، وجعل فيها نُوراً من نُور السُّرادق بمنزلة القناديل (7)، وكانت العمد أصلها في الثّرى
ص: 127
والرؤوس تحت العرش. وكان الربع الأوّل من زُمُرُّد أخضر، والربع الثاني من ياقوتٍ أحمر، والربع الثالث من لؤلؤ أبيض، والربع الرابع من نور ساطع، وكان البيت يَنْزِل فيما بينهم مرتفعاً من الأرض، وكان نُور القناديل يَبْلُغ إلى موضع الحَرَم، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيم فكانت القناديل ثلاثمائة وستّين قِنديلاً. فالرُكن الأسود باب الرّحمة، إلى رُكن الشّاميّ، فهو باب الإنابة، وباب الركن الشّاميّ باب التوسل، وباب الرُكن اليماني باب التّوبة، وهو باب آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم إلى الحجر، فهذا البيت حُجَّة اللّه في أرضه على خَلْقه.
فلمّا هَبَط آدم إلى الأرض هَبَط على الصفا، ولذلك اشتقّ اللّه له اسماً من اسم آدم، لقول اللّه: «إِنَّ اللّه أصْطَفَى ءَادَمَ» (1)، ونزلت حوّاء على المَرْوة، فاشتقَّ اللّه لها اسماً من اسم المرأة، وكان آدم نزل بمرآة من الجنّة، فلما لم يخلق آدم المرآة إلى جنب المقام (2)، وكان يَرْكَن إليه، سأل ربّه أن يُهبط البيت إلى الأرض، فأهبط فصار على وجه الأرض، فكان آدم يَرْكَن إليه، وكان ارتفاعها (3) من الأرض سبعة أذرع، وكانت له أربعة أبواب، وكان عرضها خمسة وعشرين ذراعاً في خمسة وعشرين ذراعاً ترابيعة، وكان السُّرادق مائتي ذراع في مائتي ذراع (4).
127/26 - عن جابر بن عبد اللّه، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : كان إبليس أوّل من لا اللّه تغنّى، وأوّل من ناح، وأوّل من حدا (5)، لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى، فلمّا هَبَط
ص: 128
حدا، فلمّا استقر على الأرض ناح يُذكّره (1) ما في الجنّة (2).
27/128 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن اللّه له حين أهبط آدم إلى الأرض، أمره أن يَحْرُث بيده فيأكل من كدِّه بعد الجنّة ونعيمها، فلبِث يجأر (3) ويبكي على الجنّة مائتي سنة، ثمّ إنّه سَجَد اللّه سجدةً فلم يَرْفَع رأسه ثلاثة أيّام ولياليها، ثم قال: أي ربِّ أَلَمْ تَخْلُقني ؟ فقال اللّه : قد فعلت. فقال: ألم تَنْفُخ في من رُوحك؟ قال: قد فعلت، قال: ألم تُسكنّي جنّتك؟ قال: قد فعلت، قال: ألم تسبق لي رحمتك غضبك ؟ قال اللّه : قد فعلت، فهل صبرت أو شكرت؟
قال: آدم: لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي، فاغفر لي إنَّك أنت الغفور الرّحيم، فرَحِمه اللّه بذلك (4) و تاب عليه، إنّه هو التّواب الرّحيم (5).
28/129 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال: الكلمات التي تلقّاهنّ آدم من ربّه فتاب عليه وهدى، قال: سُبحانك اللّهم وبحمدك إنِّي عملت سُوءاً وظَلَمت نفسى، فاغفِر لى إنّك أنت الغفور الرحيم، اللّهم إنّه لا إله إلّا أنت سُبحانك وبحمدك، إنّي عَمِلت سُوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي إنّك خير الغافرين. اللّهم إنّه لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك، إنّى عملت سُوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنَّك أنت الغفور الرّحيم (6).
ص: 129
29/1 - وقال الحسن بن راشد: إذا استيقظت من منامك، فقل الكلمات التي تلقّى بها (1) آدم من ربّه: سُبّوح قدوس ربّ الملائكة والرُوح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلّا أنت سبحانك (2) إِنِّي ظلمت نفسي، فاغفر لي وارحمني، إنَّك أنت التوّاب الرّحيم الغفور (3).
30/131 - عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه تبارك اللّه وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذُرِّيَّته، فمرَّ به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو متكىء على عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفاطمة صلوات اللّه عليها تتلوهما، والحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يتلوان فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فقال اللّه : يا آدم، إيّاك أن تنظر إليهم بحسد، أهبطك من جواري.
فلمّا أسكنه اللّه الجنّة مثل له النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم، فنظر إليهم بحَسَدٍ، ثمّ عُرضت عليه الولاية فأنكرها، فَرمَتْهُ الجنّة بأوراقها، فلمّا تاب إلى اللّه من حسده، وأقرّ بالولاية، ودعا بحق الخمسة محمّد وعليّ، وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم، غَفَر اللّه له، وذلك قوله: «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن ربّه كَلِمَاتٍ» [37] الآية (4).
132 / 31 - عن محمّد بن عيسى بن عبداللّه العلوي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه، قال يا ربِّ أسألك بحقّ محمّد لمّا تُبت عليَّ، قال: وما علمك بمحمد ؟ قال: رأيتُهُ في سُرادِقك الأعظم مكتوباً وأنا في الجنّة (5).
ص: 130
133/ 32 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» [38].
قال: تفسيرها عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الهدى، قال اللّه فيه: «فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (1).
134 / 33 - عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «أَوْفُوا بِعَهْدِى أوفِ بِعَهْدِكُمْ» [40] قال: أوفوا بولاية عليّ فرضاً من اللّه اوفِ لكم الجنّة (2).
135 / 34 - عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن: «وَءَامِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ» [41] يعنى فلاناً وصاحبه ومن تبعهم ودان بدينهم قال اللّه يعنيهم: «وَلَا تَكُونُوا أَوّلَ كَافِرٍ بِه» يعني علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).
35/136 - عن إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَأَقِيمُوا الصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا الزَّكَوَة» [43] قال: هي الفطرة التي افترض اللّه على المؤمنين (4).
137 / 36 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُه عن صدقة الفِطر، أواجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال: هي ممّا قال اللّه: «وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ
ص: 131
وءَأتُوا الزَّكوة» (1) هي واجبة (2).
138 / 37 - عن زُرارة، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وليس عنده غير ابنه جعفر - عن زكاة الفطرة (3)؟ فقال: يؤدّي الرجل عن نفسه وعياله، وعن رقيقه الذَّكر منهم والأنثى، والصغير منهم والكبير، صاعاً من تمرٍ عن كل إنسان، أو نصف صاعٍ من حِنطة، وهي الزكاة التي فرضها اللّه على المؤمنين مع الصلاة على الغني والفقير منهم، وهم جُلّ الناس، وأصحاب الأموال أجل النّاس (4).
قال: قلت: وعلى الفقير الذي يُتَصَدِّق عليه ؟ قال نعم يُعطي ما يُتَصَدِّق به عليه (5).
139/ 38 - عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نزلت الزكاة وليس للنّاس الأموال، وإنما كانت الفِطرة (6).
140/ 39 - عن سالم بن مُكَرَّم الجمّال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: أعطِ القِطرة قبل الصّلاة، وهو قول اللّه: «وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَآتُوا الزَّكوة» (7) والذي يأخُذ الفطرة عليه أن يُؤدِّي عن نفسه وعن عياله، وإن لم يُعطيها حتّى يَنْصَرِف من صلاته فلا تُعدّ فطرة (8).
ص: 132
141 / 40 - عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت قوله تعالى: «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبَرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ» ؟ [44] قال: فوضع يده على حلقه، قال: كالذابح نفسه (1).
142 / 41 - وقال الحجّال، عن أبي(2) إسحاق، عمّن ذكره: «وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ» (3)، أي تَتْرُكون (4).
143 / 42 - عن مسْمع، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا مسْمع، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمٌّ من عُموم الدنيا أن يتوضّأ، ثمّ يدخُل مسجده فيركع ركعتين فيدعو اللّه فيهما ؟ أما سَمِعت اللّه يقول: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوَةِ» ؟ [45](5).
43/144 - عن عبداللّه بن طلحة، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، [في قوله تعالى]: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوَةِ» (6) قال: الصبر هو الصوم (7).
44/145 - عن سليمان الفرّاء، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوَة» (8)، قال : الصبر: الصوم، إذا نزلت بالرجل الشدّة أو النازلة فَليَصُم، فإنّ اللّه يقول: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوَةِ» الصبر: الصوم (9).
ص: 133
45/146 - وعن أبي معمر، عن علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فى قوله: «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُوا رَبِّهِمْ» [46]، يقول (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يُوقنون أنهم مبعوثون، والظن منهم يقين (1).
46/147 - عن هارون بن محمّد الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «يَا بَنِي إِسْرَاءِيل» [47]، قال: هم نحن خاصّة (2).
47/148 - عن محمّد بن عليّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قوله تعالى «يَا بَنِي إِسْرَاءِيل» (3)، قال: هي خاصّة بآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).
149 / 48 - عن أبي داود، عمّن سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: أنا عبداللّه (5) اسمي أحمد، وأنا عبداللّه اسمي إسرائيل، فما أمره فقد أمرني وما عناه فقد عناني (6).
150 / 49 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» [51]، قال: كان في العِلم (7) والتقدير ثلاثين ليلةً، ثمّ بدا للّه فزاد عشراً، فتَمَّ مِيقات ربّه للأوّل والآخر أربعين ليلةً (8).
ص: 134
151 / 50 - عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَإيّاكمْ» [8]، قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن باب حطّتكم (1).
51/152 - عن أبي إسحاق، عمّن ذكره: «وَقُولُوا حِطَّةٌ» (2) مغفرة، حُطّ عنا: أي اغفر لنا (3).
52/153 - عن زيد الشحام، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : نزل جبرئيل بهذه الآية: «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا آلَ محمّد حَقَهُمْ غَيْر الذى قيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الذِينَ ظَلَمُوا آلَ محمّد حَقَّهُمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ» [59](4).
154 / 53 - عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال اللّه تعالى لقوم :موسى: «ادْخُلُوا البَابَ سُجداً وَقُولُوا حِطَّةٌ... فَبَدَّل الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ» (5) الآية (6).
54/155 - عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه تلا هذه الآية: «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِئَايَاتِ اللّه وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ» [61]، فقال: واللّه ما ضربوهم بأيديهم، ولا قتلوهم بأسيافهم، ولكن سَمِعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقتلوا، فصار قتلاً واعتداءً ومعصيةً (7).
ص: 135
156 / 55 - عن إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ» [63]، أقوّة في الأبدان، أم قوة في القلوب؟ قال: فيهما جميعاً (1).
56/157 - عن عبد اللّه الحلبي، قال: قال: «أَذْكُرُوا مَا فِيهِ» [63] واذكروا ما في تَرْكه من العُقُوبة (2).
57/158 - عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: «خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ» (3)، قال: السُّجود (4)، ووضع اليدين على الرُّكبتين في الصلاة وأنت راكع (5).
58/159 - عن عبد الصمد بن برار (6)، قال: سَمِعتُ أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: كانت القِرَدَة وهم اليهود الذين اعتدوا (7) في السبت، فمسخهم اللّه قُرُوداً (8).
59/160 - عن زُرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله: «فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ» [66]، قال: لما معها ينظر إليها
ص: 136
من أهل القُرى ولما خلفها قال: ونحن، ولنا فيها موعظة (1).
161 / 60 - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البَزَنْطِي، قال: سَمِعتُ أبا الحسن الرضاء (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قرابةً له، ثم أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل، ثمّ جاء يطلُب بدمه.
فقالوا لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن سبط آل فلان قتل فلاناً، فأخبرنا من قتله؟ فقال: أنتوني ببقرة. «قَالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قَلَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ» [67] قال: ولو عمدوا إلى بقرة أجزأتهم، ولكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم «قالوا أَدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ» [68] لا صغيرة ولا كبيرة، ولو أنَّهم عمدوا إلى بقرة (2) الأجزأتهم، ولكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم.
«قالوا أَدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَونُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لونُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ» [69] ولو أنَّهم عمدوا إلى بقرة لأجزأتهم، ولكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم. «قَالُوا أَدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لنا ما هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللّه لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّاشِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ» [70 و 71].
فطلبوها، فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل، فقال: لا أبيعها إلّا بملء مَسكِها (3) ذهباً، فجاءوا إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقالوا له: قال: فاشتروها.
قال : وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) البعض أصحابه (4): إنّ هذه البقرة لها نباً. فقال:
ص: 137
وما هو ؟ قال: إنّ فتىً من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنه اشترى تبيعاً (1)، فجاء إلى أبيه والإقليد (2) تحت رأسه، فكره أن يُوقظه، فترك ذلك، فاستيقظ أبوه، فأخبره، فقال له: أحسنت، فخُذ هذه البقرة فهى لك عوضٌ لما فاتك. قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : انظروا إلى البر ما بلغ بأهله (3)!.
61/162 - عن الحسن بن علی بن فضال، قال: سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنّ اللّه أمر بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، وإنما كانوا يحتاجون إلى ذنبها، فشدّد اللّه عليهم (4).
62/163 - عن الفضل بن شاذان، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي عبداللّه، أنه قال: من ليس نعلاً صفراء لم يَزَل مسروراً حتّى يبليها، كما قال اللّه : «صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ» (5).
63/164 - وقال: من لبس نعلاً صفراء لم يبلها حتّى يستفيد عِلماً أو مالاً (6).
165 / 64 - عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن أهل مكّة يذبحون البقرة في اللَّبَب (7)، فما ترى في أكل لُحُومها؟ قال: فسكت هُنيئة، ثمّ قال: قال اللّه: «فَذَبَحُوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ» [71] لا تأكل إلا ماذبح من مَذبَحه (8).
ص: 138
166 / 65 - عن محمّد بن سالم، عن أبي بصير، قال : قال جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : خرج عبداللّه بن عمرو بن العاص من عند عُثمان، فلقي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فقال له: يا عليّ، بيّتنا الليلة في أمرٍ، نرجو أن يُثبّت اللّه هذه الأمة.
فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لن يخفى عليّ ما بيَّتم فيه، حَرَّفتم وغيَّرتم وبَدَّلتم تسعمائة حرف: ثلاثمائة حَّرفتم، وثلاثمائة غيَّرتم، وثلاثمائة بدَّلتم «فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتاب بأيديهمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّه» إلى آخر الآية «مِمَّا يَكْسِبُونَ» [79] (1).
66/167 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله : «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» [83]، قال: قولوا للنّاس أحسن ما تُحبّون أن يُقال لكم، فإنّ اللّه يُبْغِض اللعّان السبّاب الطعّان على المؤمنين، المُتَفَحِّش، السائل (2) المُلْحِف، ويُحبُّ الحَييَّ الحليم، العفيف المتعفّف (3).
67/16 - عن حريز، عن بُريد (4)، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أُطعِم رجلاً - سائلاً لا أعرفه مسلماً؟ قال: نعم أطعمه ما لم تَعْرفه بولاية ولا بعداوة، إن اللّه تعالى يقول: «وَقولوا لِلنَّاسِ حُسْناً» (5) ولا تُطعم مَن يَنْصِب لشيءٍ من الحق، أو دعا إلى شيءٍ من الباطل (6).
ص: 139
68/169 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته يقول: اتقوا اللّه ولا تَحْمِلُوا الناس على أكتافكم، إنَّ اللّه تعالى يقول في كتابه: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» (1)، قال لا : وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم، وصلوا معهم في مساجدهم حتّى النَّفَس (2)، وحتى تكون (3) المباينة (4).
170 / 69 - عن حَفص بن غِياث، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : إن اللّه بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بخمسة أسياف، فسَيف على أهل الذمة، قال اللّه «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» (5) نزلت فى أهل الذمة، ثمّ نَسَخَتها أُخرى، قوله: «قَاتِلُوا الدِّينَ لَا يُؤْمِنُونَ باللّه» الآية (6).
70/171 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الكُفر في كتاب اللّه على خمسة أوجه: فمنها كُفر البراءة، وكفر النّعم، والكفر بترك أمر اللّه، فالكفر بما نقول (7) من أمر اللّه فهو كُفر المعاصى (8)، وترك ما أمر اللّه عزّ وجلّ، وذلك قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ» [84] إلى قوله: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ» فَكفّرهم بتركهم ما أمر اللّه، ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم، ولم ينفعهم عنده، فقال: «فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ»
ص: 140
الآية إلى قوله: «عَمَّا تَعْمَلُونَ» (1) [85].
71/172 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أما قوله: «أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولُ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسِكُمْ» [87] الآية، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ذلك مثل موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) والرُّسل من بعده وعيسى صلوات اللّه عليه ضُرب مثلاً لأُمّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال اللّه لهم: فإن جاء كم محمّد بمالا تهوى أنفسكم بموالاة عليّ استكبرتم (2)، ففريقاً من آل محمّد كذّبتم، وفريقاً تقتلون، فذلك تفسيرها في الباطن (3).
72/173 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا»، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما بين عَير (4) وأحد، فخرجوا يطلبُون الموضع، فمرّوا بجبلٍ يسمى حداداً، فقالوا حداد (5) وأحد سواء، فتفرّقوا عنده، فنزل بعضهم بفَدك، وبعضهم بخيبر، وبعضهم بتَيماء (6)، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم، فمرّ بهم أعرابيٌّ قيس فَتَكارَوا (7) منه، وقال لهم: أمرٌ بكم ما بين غير وأُحد؟ فقالوا له: إذا مررت بهما فأرناهما، فلمّا توسط بهم أرض المدينة، قال لهم: ذاك غير وهذا أُحد، فنزلوا عن ظهر إبله، فقالوا له: قد أصبنا بغيتنا، فلا حاجة لنا في إيلك، فاذهب حيث شئت.
ص: 141
وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفَدَك وخَيبر: إنا قد أصبنا الموضع، فهلمّوا إلينا. فكتبوا إليهم: إنّا قد استقرّت بنا الدار، واتَّخذنا الأموال، وما أقربنا منكم، وإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم!
فاتَّخذوا بأرض المدينة الأموال، فلمّا كثرت أموالهم بلغ تُبَّع (1) فغزاهم. فتحصّنوا منه فحاصرهم، فكانوا يرِقّون لضعفى أصحاب تُبع فَيَلْقُونَ إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تبع فَرَقَّ لهم وآمنهم، فنزلوا إليه، فقال لهم: إنّي قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيماً فيكم.
فقالوا له: إنّه ليس ذلك لك، إنّها مهاجر نبي، وليس ذلك لأحدٍ حتّى يكون ذلك.
فقال لهم: فإنّي مخلّف فيكم من أُسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره. فخلّف فيهم حَيّين: الأوس والخزرج، فلمّا كثرُوا بها كانوا يتناولون أموال اليهود، فكانت اليهود تقول لهم: أما لو بعث محمّد (2) لنخر جنّكم من ديارنا وأموالنا، فلمّا بعث اللّه محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آمنت به الأنصار، وكفرت به اليهود، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: «وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا» إلى «فَلَعْنَةُ اللّه عَلى الكَافِرِينَ» (3) [89].
73/174 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية من قول اللّه : «لَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا به».
قال: تفسيرها في الباطن لمّا جاءهم ما عَرَفوا في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كفروا به، فقال
ص: 142
اللّه [فيهم «فَلَعْنَةُ اللّه عَلَى الكَافِرِينَ» ] (1) يعني بني أُميّة، هم الكافرون في باطن القرآن (2).
74/175 - قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) لها : نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا: «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللّه» في عَليّ «بَغْياً»، وقال اللّه في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أن يُنَزِّلَ اللّه مِن فَضْلِهِ عَلَى مِن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» يعني عليّاً، قال اللّه: «فَبَاءُ وبِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ» يعني بني أُميّة «وَلِلكَافِرِينَ» يعني بني أُميّة «عَذَابٌ مُّهِينٌ» (3) [90].
176 / 75 - وقال جابر: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نزلت هذه الآية على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا واللّه (وَإِذَا قِيلَ لَهُم ماذا أنزل ربُّكم في عَليٍّ) يعني بني أُمّية «قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا» يعني في قلوبهم بما أنزل اللّه عليه «وَيَكْفُرُونَ بمَاوَرَاءَهُ» بما أنزل اللّه فى عليّ «وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ» [11] يعنى عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
76/177 - عن أبي عمر و الزُّبيري، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال اللّه تعالى في كتابه يحكي قول اليهود: «إِنَّ اللّه عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حتّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانِ» (5) الآية، فقال: «فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللّه مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» [91] وإنّما نزل هذا في قومٍ [من ] (6) اليهود، وكانوا على عهد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يقتُلوا
ص: 143
الأنبياء بأيديهم ولا كانوا في زمانهم، وإنّما قتل أوائلهم الذين كانوا من قبلهم، فنزّلوا بهم أُولئك القتلة، فجعلهم اللّه منهم وأضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولّو هم (1).
77/178 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ» [93].
قال: لمّا ناجى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربّه أوحى اللّه إليه أن يا موسى، قد فتنتُ قومك. قال: بماذا، يارب ؟ قال : بالسامريّ قال: وما فعل السامريّ؟ قال: صاغ لهم من حُليّهم عجلاً.
قال: ياربِّ، إنّ حُليّهم لتحتمل أن يُصاغ منه غزال أو تمثال أو عجل، فكيف فتنتهم؟ قال: إنّه صاغ لهم عجلاً فخار (2) قال : ياربّ، ومن أخاره؟ قال: أنا. فقال عندها موسى: «إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِى مَن تَشَاءُ» (3).
قال: فلمّا انتهى موسى إلى قومه ورآهم يعبدون العجل، ألقى الألواح من يده فتكسّرت. فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان ينبغي أن يكون ذلك عند إخبار اللّه إيّاه.
قال: فعَمَدَ موسى قبرد العجل (4) من أنفه إلى طَرَف ذَنّبه، ثمّ أحرقه بالنّار. (5) فذَرّه في اليمّ، قال: فكان أحدهم ليقع في الماء وما به إليه من حاجة، فيتعرّض لذلك الرماد فيشربه، وهو قول اللّه تعالى: «وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفرِهِم» (2.)
ص: 144
78/179 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما هلك سُليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) وضع إبليس السِّحر، ثمّ كتبه في كتابٍ فطواه، وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا من مُلك سليمان بن داود (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) من ذخائر كُنُوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استبانه فقرأه لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سُليمان إّلا بهذا. وقال المؤمنون: هو عبد اللّه ونبيه. فقال اللّه في كتابه «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطين عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ» [102] أى (1) السحر (2).
79/180 - عن محمّد بن قيس، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسأله عطاء - ونحن بمكّة - عن هاروت وماروت، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض في كل يوم وليلةٍ، يَحْفَظون أعمال أهل أوساط الأرض من ولد آدم والجنّ، فيكتبون أعمالهم ويَعْرُجون بها إلى السماء، قال: فضح أهل السماء من معاصى أهل أوساط الأرض، فتآمروا (3) بينهم بما يسمعون ويرون من افترائهم (4) الكَذِب على اللّه وجُرأتهم عليه، ونزَّهوا اللّه ممّا يقول فيه خلقه ويصفون.
قال: فقالت طائفةٌ من الملائكة: يا ربّنا ما تَغْضَب ممّا يعمل خلقك في أرضك، ممّا يفترون (5) عليك الكذب، ويقولون الزُور، ويرتكبون (6) المعاصي وقد نهيتهم عنها، ثمّ أنت تَحْلُم عنهم، وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك!
ص: 145
قال: أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأحبَّ اللّه أن يُري الملائكة قدرته ونافذ أمره في جميع خلقه، ويعرف الملائكة ما منّ به عليهم ممّا عَدَله عنهم من جميع خلقه، وماطبعهم عليه من الطاعة، وعصمهم به من الذنوب.
قال: فأوحى اللّه إلى الملائكة: أن الدبوا منكم ملكين حتّى أُهْبِطهما إلى الأرض، ثمّ أجعل فيهما من طبائع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلت (1) في ولد آدم، ثمّ أختبرهما في الطاعة لى.
قال: فندبوا لذلك هاروت وماروت، وكانا من أشدّ الملائكة قولاً في العيب لولد آدم، واستئثار غضب اللّه عليهم.
قال: فأوحى اللّه إليهما أن اهبطا إلى الأرض، وقد جعلتُ فيكما من طبائع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلتُ في ولد آدم.
قال: ثم أوحى اللّه إليهما: انظرا أن لا تُشرِكا بي شيئاً، ولا تقتلا النفس التي حرّمت، ولا تَزْنِيا ولا تَشْرَبا الخمر.
قال: ثمّ كَشَط (2) عن السماوات السبع ليريهما قدرته، ثمّ أهبطهما إلى الأرض في صورة البشر ولباسهم، فهبطا برخبة بابل مهرود (3)، فرفع لهما بناء مشرف فأقبلا نحوه، فإذا بحضرته (4) امرأة جميلة حسناء مزيّنة مُعَطَّرة مسفرة مقبلة (5) نحوهما، فلمّا نظرا إليها وناطقاها وتأملاها، وقعت في قلوبهما موقعاً شديداً لموضع الشهوة التي جُعِلت فيهما، ثمّ أنهما أنتمرا بينهما، وذكرا مانُهِيا عنه
ص: 146
من الزنا فمضيا.
ثمّ حرّكتهما الشّهوة التي جُعِلت فيهما، فرجعا إليها رُجُوع فتنةٍ وخذلان فراوداها عن نفسها. فقالت لهما: إنّ لي ديناً أدين به، ولستُ أقدر في دِيني الذي أدين به على أن أجيبكما إلى ما تُريدان إلا أن تَدْخُلا في ديني الذي أدين به.
فقالا لها: وما دينك ؟ فقالت لي إله مَن عَيّدَه وسَجَد له كان لي السبيل إلى أن أجيبه إلى كلّ ما سألني. فقالا لها وما إلهك؟ قالت: إلهي هذا الصنم.
قال: فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقالا: هاتان الخصلتان ممّا نُهينا عنه: الشّرك، والزنا، لأنا إن سجدنا لهذا الصنم وعبدناه أشركنا باللّه، وإنّما نُشرك باللّه لنصل إلى الزنا، وهو ذا نحن نَطْلُبُ الزّنا فليس نعطاه إلّا بالشرك. قال: فأتمرا بينهما فغلبتهما الشّهوة الّتي جُعِلت فيهما، فقالا لها: نُجيبك إلى ما سألت قالت: فدونكما، فاشر با هذا (1) الخمر فإنّه قُربان لكما عنده وبه تصلان إلى ما تُريدان.
قال: فأتمرا بينهما فقالا: هذه ثَلاث خصال ممّا قد نهانا ربُّنا عنه الشرك، والزنا، وشُرب الخمر، وإنّما ندخل فى شُرب الخمر حتّى نصل إلى الزنا. فأتمرا بينهما، ثمّ قالا لها ما أعظم البليّة بك! قد أجبناك إلى ما سألت قالت: فدونكما فاشر با من هذا الخمر واعْبُدا الصَّنم، واسْجُدا له.
قال: فشربا الخمر، وسجدا له، ثمّ راوداها عن نفسها، فلما تهيّأت لهما وتهيّئا لها دخل عليهما سائلٌ يسأل، فلمّا أن رأياه ذعرا منه، فقال لهما (2): إنّكما لمريبان ذَعِران، قد خَلَوتُما بهذه المرأة المعطّرة (3) الحسناء، إنكما لرجلا سُوء، وخرج عنهما.
ص: 147
فقالت لهما : لا وإلهي لا تصلان إليّ، ولا تقربان، وقد اطلع هذا الرجل على حالكما وعرف مكانكما، خرج الآن فيُخبر بخبركما، ولكن بادرا إلى هذا الرجل فاقتلاه قبل أن يَفْضَحَكما ويَفْضَحني، ثمّ دُونكما فاقضيا حاجتكما وأنتما مطمئنّان آمنان.
قال: فقاما إلى الرجل فأدركاه فقتلاه، ثم رجعا إليها، فلم يرياها، وبدت لهما سوآتهما، ونُزع عنهما رياشهما، وأُسْقِطا في أيديهما (1).
قال: فأوحى اللّه إليهما: إنّما أهبطتكما إلى الأرض مع خلقى ساعةً من نهار. فعصيتماني بأربع معاص كُلّها قد نهيتكما عنها، وتقدمت إليكما فيها، فلم تُراقباني، ولم تستحيا منّي، وقد كُنتما أشدّ من نَقَم على أهل الأرض من المعاصي، وأسجر سعير غَضَبي (2) عليهم، لما جعلت فيكما من طبع (3) خلقي وعصمتي (4) إيّاكما من المعاصي، فكيف رأيتما موضع خذلاني فيكما؟ اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة.
فقال أحدهما: نتمتّع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة. وقال الآخر: إنّ عذاب الدّنيا له مدَّة وانقطاع، وعذاب الآخرة دائم لا انقطاع له، فلسنا نختارُ عذاب الآخرة الدائم الشّديد على عذاب الدنيا الفاني المنقطع.
قال: فاختارا عذاب الدنيا، فكانا يُعلّمان السحر بأرض بابل، ثمّ لمّا علّما الناس رُفِعا من الأرض إلى الهواء، فهما معذبان منكّسان (5) معلّقان فى الهواء إلى
ص: 148
يوم القيامة (1).
80/181 - عن زُرارة، عن أبي الطفيل، قال: كنتُ في مسجد الكوفة، فسَمِعتُ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو على المِنبَر وناداه ابن الكوّاء وهو في آخر (2) المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما الهدى ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لعنك اللّه - ولم يسمعه - ما الهدى تُريد ولكن العمى تُريد. ثمّ قال له: ادنُ. فدنا منه، فسأله عن أشياء فأخبره، فقال: أخبرني عن هذه الكوكبة الحمراء - يعنى الزُّهَرَة -.
قال: إنّ اللّه اطّلع ملائكته على خلقه، وهم على معصيةٍ من معاصيه، فقال المَلَكان هاروت وماروت: هؤلاء الذين خَلَقتَ أباهم بيدك، وأسجدت له ملائكتك يَعْصُونك ! قال: فلعلّكم لو ابتُلِيتُم بمثل الذي ابتليتهم به عصيتموني كما عصونى قالا: لا وعزّتك.
قال: فابتلاهما بمثل الذي ابتلى به بني آدم من الشهوة، ثمّ أمرهما أن لا يُشركا به شيئاً، ولا يَقْتُلا النفس التي حرم اللّه، ولا يزنيا ولا يشربا الخمر؛ ثم أهبطهما إلى الأرض، فكانا يقضيان بين الناس، هذا في ناحية، وهذا في ناحية، فكانا بذلك حتّى أتت أحدهما هذه الكوكبة تُخاصم إليه، وكانت من أجمل الناس. فأعْجَبَتْهُ، فقال لها: الحقُّ لك ولا أقضي لك حتّى تمكّنيني من نفسك. فواعدت يوماً، ثمّ أتت الآخر، فلمّا خاصمت إليه وقعت في نفسه، وأعجبته، كما أعجبت الآخر، فقال لها مثل مقالة صاحبه، فواعدته الساعة التي واعدت صاحبه، فاتّفقا جميعاً عندها في تلك الساعة، فاستحيا كلّ واحدٍ من صاحبه حيث رآه وطأطأ رؤوسهما ونكّسا، ثمّ نُزع الحَياء عنهما، فقال أحدهما لصاحبه: يا هذا جاء بي
ص: 149
الّذي جاء بك.
قال: ثمّ أعلماها (1) وراوداها عن نفسها، فأبت عليهما حتّى يَسْجُدا لوثنها. ويَشْرَبا من شرابها، فأبيا عليها وسألاها، فأبت إلّا أن يَشْرَبا من شرابها، فلمّا شَرِبا صلّيا لوَتَنِها، ودخل مسكينٌ فرآهما، فقالت لهما: يَخْرُج هذا فيُخبر عنكما. فقاما إليه فقتلاه، ثم راوداها عن نفسها فأبت حتّى يُخيراها بما يضعدان به إلى السماء، وكانا يقضيان بالنهار، فإذا كان الليل صَعِدا إلى السماء، فأبيا عليها وأبت أن تفعل فأخبراها، فقالت ذلك لتجرّب مقالتهما وصعدت، فرفعا أبصارهما إليها، فرأيا أهل السماء مشرفين عليهما ينظرون إليهما، وتناهت إلى السماء فمُسِخت، فهي الكوكبة التي ترى (2).
182 / 81 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «ما نَنْسَخ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا» [106].
قال: الناسخ: ما حوّل، وما ينساها: مثل الغيب الذي لم يكن بعد، كقوله: «يَمْحُوا اللّه مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» (3)، قال: يفعل اللّه ما يشاء، ويُحوّل ما يشاء، مثل قوم يُونُس إذ بدا له فرجمهم، ومثل قوله: «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُوم» (4). قال: ادركتهم رَحْمَتُه (5).
82/183 - عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه: «ما نَنْسَحْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ تُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا» (6)، فقال: كَذَّبوا ما هكذا هي إذا
ص: 150
كان ينسخها ويأتى بمثلها لم ينسخها.
قلت: هكذا قال اللّه قال: ليس هكذا قال تبارك وتعالى (1).
قلت: فكيف؟ قال: قال: ليس فيها ألف ولا واو، قال: «ما نَنْسَخ من آيةٍ أو نُنسها نأْتِ بخيرٍ مِنها مثلها» يقول: ما نُميت من إمامٍ أُونُنْسِ ذِكرَه نأتِ بخير منه من صُلبه مثله (2).
184 / 83 - عن محمّد بن يحيى، في قوله تعالى: «مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ» [114] يعنى الإيمان لا يقبلونه إلّا والسيف على رُؤوسهم (3).
185 / 84 - عن حريز، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنزل اللّه هذه الآية في التطوّع خاصّة «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ» [115] وصلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إيماءً على راحلته أينما توجّهت به حيث خرج إلى خيبر، وحين رَجَع من مكّة، وجعل الكعبة خلف ظهره (4).
186 / 85 - قال زُرارة: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الصّلاة في السفر في السفينة والمَحْمِل (5) سواء؟
قال: النافلة كلُّها سواء، تُو من إيماءً أينما توجهت دابّتك وسفينتك، والفريضة تنزل لها من المَحْمِل إلى الأرض إلّا من خوف، فإن خفت أومأت وأمّا السفينة فصل فيها قائماً وتوخّ (6) القبلة بجهدك، فإنّ نُوحاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد صلّى الفريضة
ص: 151
فيها قائماً متوجها إلى القبلة وهي مُطبقة عليهم.
قال: قلتُ وما كان علمه بالقبلة فيتوجّهها وهي مطبقة عليهم؟ قال: كان جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقومه نحوها.
قال: قلت فأتوجه (1) نحوها في كلّ تكبيرة؟ قال: أما في النافلة فلا، إنَّما يُكَبّر في النافلة على غير القبلة أكثر، ثمّ قال: كلّ ذلك قبلة للمتنفّل، إنّه قال: «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (2).
86/187 - عن حمّاد بن عُثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن رجلٍ يقرأ السجدة وهو على ظهر دابته قال: يَسْجُد حيث توجهت به فإن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يُصلّي على ناقته النافلة وهو مستقبل المدينة، يقول: «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (3).
87/188 - عن أبي ولاد، قال: سألت أبا عبداللّه، عن قوله تعالى: «الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلِئِكَ يُؤْمِنُونَ بِه» [121]، قال: فقال: هم الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
88/189- عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ» (5)، فقال: الوقوف عند ذكر الجنّة والنّار (6).
ص: 152
190/ 89 - عن يعقوب الأحمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : العدل: الفريضة (1).
90/191 - عن إبراهيم بن الفُضيل (2)، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: العَدْل في قول أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الفِداء (3).
91/192 - قال: ورواه أسباط الرُّطَّى، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه : «لَا يَقْبَلُ اللّه مِنْهُ صَرْفاً وَلا عَدْلاً» قال الصَرْفُ : النافلة، والعدل: الفريضة (4).
193/ 92 - رواه بأسانيد عن صفوان الجمال، قال: كنا بمكّة فجرى الحديث في قول اللّه تبارك وتعالى: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ ربّه بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ» [124]. قال: أتمهنّ بمحمّدٍ وعلي والأئمّة من ولد علي صلى اللّه عليهم، في قول اللّه : «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (5)، ثمّ قال: «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ» [124] قال: ياربّ، ويكون من ذُريَّتي ظالم؟ قال: نعم فُلان وفُلان وفُلان ومن اتَّبعهُم.
قال: ياربّ، فعجّل لمحمّد وعلي ما وعدتني فيهما، وعجّل نَصْرَك لهما، وإليه أشار بقوله (6) تعالى : «مَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ أصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لِمِنَ الصَّالِحِينَ» (7) فالملّة : الإمامة.
فلمّا أسكن ذرّيته بمكّة قال: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً ءَامِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ
ص: 153
الثَّمَراتِ مَنْ ءَامَنَ» (1) فاستثنى «مَنْ ءَامَنَ» خوفاً أن يقول له: لا، كما قال له في الدعوة الأولى: «وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»، فلمّا قال اللّه: «وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ» (2) قال: ياربِّ، وَمَن الَّذين متَّعتهم؟ قال: الذين كفروا بآیاتی فُلان وفُلان وفُلان (3).
93/194 - عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «لَا يَنَالُ عَهْدي الظَّالِمِينَ» (4) أي لا يكون إماماً ظالماً (5).
195 / 94 - عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلناسِ إماماً» (6)، قال: فقال: لو علم اللّه أنّ اسماً أفضل منه لسمّانا به (7).
196 / 95 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبَّاح، قال: سُئل أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رَجُلٍ نَسِي أن يُصَلِّي الركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الطَّواف في الحجّ أو العمرة.
فقال: إن كان بالبلد صَلّى ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن اللّه يقول: «وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْراهِيمَ مُصَلَّى» [125]، وإن كان ارتَحَل وسار، فلا آمُرُه أن يَرجع (8).
96/197 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن رجُلٍ طاف
ص: 154
بالبيت طواف الفَريضَة في حَجّ كان أو عُمرَةٍ، وجَهِلَ أن يصلّي رَكْعَتَينِ عند مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : يُصلّيهما (1) ولو بعد أيّام، لأن اللّه يقول: «وَأَتَّخِذُوا مِن مَّقَام إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى» (2).
97/198 - عن المُنذر الثَّوريّ، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن الحَجَر، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت ثلاثة أحجارٍ من الجنّة: الحجر الأسود استَودعه إبراهيم، ومقام إبراهيم، وحَجَر بني إسرائيل.
قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه تعالى استودع إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحجر الأبيض، وكان أشدّ بياضاً من القراطيس، فاسوَدَّ من خطايا بني آدم (3).
98/199 - عن جابر الجعفي، قال: قال محمّد بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : يا جابر، ما أعظم فِرْيَة أهل الشام على اللّه يزعمون أنّ اللّه تبارك وتعالى حيث صَعِد على السماء وضع قدمه على صَخْرَةٍ بيت المَقْدِس، ولقد وضع عبد من عباد اللّه قدمَه على حَجَرٍ، فأمرنا اللّه تبارك وتعالى أن نتخِذَها مُصلّى.
يا جابر، إنّ اللّه تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه تعالى عن صِفَةِ الواصفين، وجلّ عن أوهام المُتَوهّمين، واحتجب عن أعين الناظرين، لا يزول مع الزائلين، ولا يأفُلُ مع الآفلين، ليس كمثله شيء، وهو السميع العليم (4).
99/200 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ: أَتَغْتَسِلُ النِّساء اذ أتين البيت؟ قال: نعم، إن اللّه يقول: «طهَّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» [125] ينبغي للعبد أن لا يدخُل إلّا وهو طاهر، قد غسل عنه العرق
ص: 155
والأذى وتطهّر (1).
100/201 - عن عبداللّه بن غالب عن أبيه، عن رجل، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قول إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً امِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم باللّه» إيانا عنى بذلك وأولياءه وشيعة وصيّه، «قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ» [126] قال: عنى بذلك مَن جَحَد وَصِيَّه ولم يتَّبعه من أُمته، وكذلك واللّه حال (2) هذه الأُمَّة (3).
101/202 - عن أحمد بن محمّد، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما أن دعا ربّه أن يَرْزُقَ أهله من الثَّمرات قطع قطعةً من الأردُنّ، فأقبلت حتّى طافت بالبيت سبعاً، ثمّ أقرَّها (4) اللّه في مَوضِعِها، وإنّما سُمّيت الطائف للطواف بالبيت (5). 102/203 - عن أبي سلمة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّ اللّه أنزل الحجر الأسود من الجنّة لآدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان البيتُ دُرّةً بيضاء فرفعه اللّه إلى السماء وبقى أساسه، فهو حِيال هذا البيت.
وقال: يَدْخُله كلّ يوم سبعون ألف مَلَكٍ لا يرجعون إليه أبداً، فأمر اللّه إبراهيم وإسماعيل (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أن يبنيا البيت على القواعد (6).
103/204 - قال الحلبي : سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن البيت، أكان يُحجّ (7) قبل أن
ص: 156
يُبعث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال: نعم، وتصديقه في القرآن قول شعيب (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قال لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث تزوّج: «عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ» (1) ولم يَقُل ثماني سنين، وإنّ آدم ونوحاً (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حجّا، وسليمان بن داود (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قد حَجَّ البيت بالجنّ والإنس والطير والريح، وحجّ موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) على جَمَل أَحْمَر، يقول: لبّيك، لبّيك، وإنّه كما قال اللّه تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِّلْعَالَمِينَ» (2)، وقال: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ» [127]. وقال: «أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلَّطَائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» (3) وَإِنَّ اللّه أنزل الحجر لآدم وكان البيت (4).
104/205 - عن أبي الورقاء، قال: قلتُ لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوّل شيء نزل من السماء ماهو؟ قال: أوّل شيء نزل من السماء إلى الأرض فهو البيت الذي بمكة، أنزله اللّه ياقوتةً حمراء، ففَسَق قوم نوح في الأرض، فرفعه حيث يقول: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ» (5).
105/206 - عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : أخبرني عن أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من هم؟ قال: أمة محمّد بنوهاشم خاصّة.
قلت: فما الحجّة فى أمَّة محمّد أنّهم أهل بيته الذين ذَكَرتَ دونَ غيرهم؟ قال: قول اللّه: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتنا أُمَّةٌ مُسْلِمَةٌ لَّكَ وَأَرِنَا
ص: 157
مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» [128] فلمّا أجاب اللّه إبراهيم وإسماعيل، وجعل من ذُرِّيَّتهما أُمَّةً مسلمةً، وبعث فيها رسولاً منها - يعنى من تلك الأُمّة - يتلو عليهم آياته ويُزَكِّيهم ويُعلّمهم الكتاب والحكمة، ردف إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعوته الأولى بدعوةٍ أخرى، فسأل لهم تطهيراً من الشرك ومن عبادة الأصنام ليصحّ أمره فيهم ولا يتبعوا غيرهم، فقال: «وَأَجْنُبْنِي وَبَنِي أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّن النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (1) فهذه دلالة (2) على أنّه لا يكون الأئمّة والأُمّة المُسلمة التي بعث فيها محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا من ذُريَّة إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لقوله: «وَأَجْنُنى وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ» (3).
106/207 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن تفسير هذه الآية من قول اللّه تعالى: «إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهِ ءَابَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَها وَاحِداً» [133] قال: جرت في القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
107/208 - عن الوليد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ الحنيفيّة هي الإسلام (5).
108/209 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أبقت الحنيفية شيئاً حتّى إنّ منها قصّ الشارب وقلم الأظفار والختان (6).
109/210 - عن المُفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، في قوله تعالى: «قُولُوا
ص: 158
امَنَّا بِاللّه وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاط» [136]، أما قوله: «قُولُوا» فهم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقوله: «فَإِن ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَاءَ امَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوَا» [137] سائر الناس(1).
110/211 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ له : كان وُلد يعقوب أنبياء؟ قال: لا، ولكنّهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء، ولم يكونوا يُفارقوا الدنيا إلّا سُعداء، تابوا وتذكروا ما صَنَعوا (2).
111/212 - عن سَلّام، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «ءَامَنَّا بِاللّه وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا» (3). قال: عنى بذلك عليّاً والحسن والحسين وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وجرت بعد هم في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : ثم رجع القول من اللّه عزّ وجلّ في النّاس، فقال: «فَإِنْ ءَامَنُوا» يعني الناس «بِمِثْلِ مَا ءَامَنتُم بِهِ» يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من بعدهم «فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقاق» [137] (4).
عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «صِبْغَةَ اللّه وَمَنْ أَحسَنُ مِنَ اللّه صِبْغَةً» [138]، قال: الصِّبغة معرفة (1) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالولاية في الميثاق (2).
215 / 114 - عن بُريد بن مُعاوية العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : قوله: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» [143]، قال: نحن الأُمّة الوُسطى، ونحن شُهداء اللّه على خَلْقه، وحجته (3) في أرضه (4).
216 / 115 - عن أبي بصير، قال سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: نحنُ نَمَط الحِجاز (5)، فقلتُ : وما نَمَط الحجاز ؟ قال : أوسَط الأنماط، إن اللّه تعالى يقول: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً» [143]، قال: ثم قال: إلينا يَرْجِعُ الغالي، وبنا يلحَقُ المُقَصِّر (6).
217 / 116 - وروى عمر بن حَنْظَلَة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : هم الأئمّة (7).
ص: 160
117/218 - وقال أبو بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «لتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى اللّه النَّاسِ» [143]، قال: بما عندنا من الحلال والحرام، وبما ضَيَّعوا منه (1).
118/219 - عن أبي عَمْرو الزُّبَيْرِيّ، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال اللّه: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» (2) فإن ظَنَنْتَ أنّ اللّه عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من المُوَحّدين، أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تَمْرٍ، يَطلُبُ اللّه شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرَةِ جميع الأُمم الماضية ؟ كلّا، لم يَعْنِ اللّه مثل هذا من خَلْقِه، يعني الأمة التي وجَبَتْ لها دعوة إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ): «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» (3) وهم الأُمَّة الوُسطى، وهم خير أُمَّةٍ أُخرجت للناس (4).
119/220 - قال أبو عَمْر و الزبيري: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألا تُخبرني عن الإيمان، أقول هو وعمل، أم قول بلا عمل؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الإيمان عَمَل كلُّه، والقولُ بعض ذلك العمل، مفترضٌ من اللّه مبيّنٌ في كتابه واضح نُورُه، ثابتةٌ حُجَّتُه، يشهد له بها الكتاب ويدعو إليه.
ولمّا أن صَرَف نبيَّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الكعبة عن بَيْتِ المَقْدِس، قال المسلمون للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أرأيت صلاتنا التي كنّا نُصلّى إلى بيت المَقْدِس ما حالنا فيها، وما حالُ من مضى من أمواتِنَا وهم يُصَلُّون إلى بيت المقدس؟ فأنزل اللّه: «وَمَا كَانَ اللّه لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّه بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ» [143] فسمّى الصَّلاةَ إيماناً، فمَن
ص: 161
لقى (1) اللّه حافظاً لجوارحه موفياً كلَّ جارحةٍ من جَوارحِه ما فَرض اللّه عليه، لقي اللّه مستَكْمِلاً لإيمانه (2) من أهل الجنّة، ومن خان في شيءٍ منها، أو تعدّى ما أمر اللّه فيها، لَقِيَ اللّه ناقص الإيمان (3).
120/221 - عن حريز، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : استَقْبِلِ القِبْلَة بِوَجْهك، ولا تقلب وجهك من القِبْلَة فتُفسد صلاتك، فإن اللّه يقول لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الفريضة: «فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» [144] (4).
121/222 - عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول الزمِ الأرض لا تُحرِّكَنَّ (5) يدَكَ ولا رجلك أبداً حتّى ترى علاماتٍ أذكُرُها لك في سنة، وترى رِجْلَكَ مُنادياً يُنادى بدمشق، وخَسفاً بقريةٍ من قراها، وتسقط طائِفَةٌ من مَسْجِدِها، فإذا رأيتَ التُرك جازوها، فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة (6)، وأقبَلَتِ الرّومُ حتّى نزلت الرَّملَة (7)، وهى سنة اختلاف فى كلّ أرض من أرض العَرَب.
وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث راياتٍ: الأصهَب (8)، والأبقع (9)، والسُّفيانيّ، مع بَني ذَنبِ الحِمار مُضَر، ومع السُّفيانيّ أخوالُه من كَلب،
ص: 162
فَيَظْهَر السُّفيانيّ ومَن مَعَهُ على بَني ذَنبِ الحِمار، حتّى يُقتلوا قتلاً لم يُقْتَلُهُ شَيءٌ قطّ.
ويَحْضُر رَجُلٌ بدمشق، فيُقْتَل هو ومن معه قتلاً لم يُقْتَلُهُ شَيءٌ قطّ، وهو من بني ذنب الحمار، وهي الآية التي يقول اللّه تبارك وتعالى: «فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَّ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ» (1).
ويظهر السُّفيانيّ ومن معه حتّى لا يَكونُ لَهُ هِمَّة إِلَّا آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وشيعتهم، فيبعثُ - واللّه - بعثاً إلى الكوفة، فيُصاب بأناس من شيعة آل محمّد بالكوفة قتلاً وصَلْباً، وتُقبِل رايةٌ من خُراسان حتّى تَنْزِل ساحِلَ الدَّجْلَةَ، يَخْرُج رجُل من الموالي ضعيف ومن تبعه، فيُصاب بظهر الكوفة، ويبعث بعثا إلى المدينة فيَقْتُل بها رجلاً، وَيَهْرُب المَهْدِيّ والمَنْصور منها، ويُؤخذ آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صغيرهم وكبيرهم، لا يُترك منهم أحد إلا حبس، ويَخْرُج الجيش في طَلَبِ الرَّجُلَين.
ويخرج المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) منها على سنَّة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) خائفاً يترقب حتّى يَقْدِم مكّة ويُقبلُ الجيش حتّى إذا نَزَل (2) البيداء (3) - وهو جَيْشُ الهملاتِ (4) - خُسف بهم، فلا يَفْلِتُ منهم إلا مُخْبِر، فيقوم القائم بين الرُّكن والمقام فيُصلّي وَينْصَرف، ومعه وزيره، فيقول: يا أيّها الناس، إنّا نستَنصر اللّه على من ظَلَمنا وَسَلَبَ حقنا، من يُحاجنا في اللّه فإنَّا أُولى باللّه، ومَن يُحاجنا في آدم فإنا أُولى الناس بآدم، ومن حاجَّنا في نوح فإنّا أولى الناس بنوح، ومن حاجنا في إبراهيم فإنّا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجّنا بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فإنّا أولى الناس بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ومن حاجّنا في النبيّين فنحن أولى الناس بالنبيّين، ومن حاجّنا في كتاب اللّه فنحن أولى الناس
ص: 163
بكتاب اللّه، إنَّا نَشْهَد (1) وكلَّ مسلم اليوم أنا قد ظلمنا وطُردنا وبغي علينا، وأخرجنا من ديارِنا وأموالِنا وأهلينا وقهرنا، إلّا إنّا نستَنْصِر اللّه اليوم وكلّ مسلم.
ويجيءُ (2) - واللّه - ثَلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكّة على غير ميعادٍ قَزَعاً كَفَزَع الخريف (3) يَتْبَعُ بعضُهم بعضاً، وهي الآية التي قال اللّه تبارك وتعالى: «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّه جميعاً إِنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» [148] فيقول رجل من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : وهى القرية الظّالمة أهلُها.
ثمّ يَخْرُج من مكّة هو ومن معه الثّلاثمائة وبضعة عشر، يُبايعونه بين الرُكن والمقام، ومعه عهد نبيّ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رايته، وسلاحه، ووزيرهُ معه، فيُنادي المُنادي بمكّة باسمه وأمره من السَّماء، حتّى يسمعه أهلُ الأرض كلُّهم: اسمه اسم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ما أشكل عليكم فَلَم يُشكل عليكم عهد نبيّ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ورايتُه وسلاحُهُ، والنَّفسُ الزكية من وُلدِ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن أشكل عليكم هذا فلا يُشكل عليكم الصّوتُ من السَّماء باسمه وأمره.
وإيّاك وشُذاذاً من آلِ محمّد، فإن لآلِ محمّد وعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رايةً، ولغيرهم راياتٍ، فالْزَم الأرض ولا تتّبع منهم رجُلًا أبداً حتّى ترى رجُلا من وُلدِ الحسين، معه عهد نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و رايتُه، وسلاحُه، فإنّ عَهِدَ نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صار عند عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم صار عند محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويفعَلُ اللّه ما يشاء، فالْزَم هؤلاء أبداً وإيّاك ومن ذكرتُ لك.
ص: 164
فإذا خرج رجُلٌ منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و عامداً إلى المدينة حتّى يَمُرّ بالبيداء، حتّى يقول: هنا (1) مكان القوم الذين يُخْسَفُ بهم، وهي الآية التي قال اللّه: «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّه بهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُم بِمُعجزِينَ» (2).
فإذا قَدِم المدينة أخرج محمّد بن الشَّجَري (3) على سُنّة يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ يأتى الكوفة فيُطيل بها المكث ماشاء اللّه أن يَمَكُتَ حتّى يَظْهَرَ عليها، ثمّ يسير حتّى يأتى العذراء (4) هو ومن معه وقد لحق به ناسٌ كثير، والسُّفيانيّ يومئذٍ بوادي الرّملة، حتّى إذا التقوا - وهو (5) يوم الأبدال - يَخْرُج أناس كانوا مع السُّفيانيّ من شيعة آل محمّد إلى آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ويخرج ناس كانوا مع آلِ محمّد إلى السُّفيانيّ، فهم من شيعته حتّى يلحقوا بهم، ويخرج كلُّ ناس إلى رايتهم، وهو يوم الأبدال.
قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ويُقتل يَومَئِذٍ السُّفيانيّ ومن معه حتّى لا يُترك منهم مخبر، والخائبُ يومَئِذٍ مِن خاب من غنيمة كلب، ثمّ يُقبل إلى الكوفة فيكون منزِله بها، فلا يترك عبداً مسلماً إلا اشتراه وأعتقه، ولا غارِماً إِلَّا قَضى دَيْنَه، ولا مظلمة لأحدٍ من الناس الأردّها، ولا يُقتَلُ منهم (6) عَبْدُ إلّا أدّى ثَمَنَهُ، دِية مُسَلّمة إلى أهلها (7)، ولا يُقتل قتيل إلا قضى عنه دَينَه، وألحق عياله في العطاء، حتّى يملأ
ص: 165
الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئِتْ ظُلماً وجَوراً وعُدواناً.
ويَشكُن هو وأهل بيته الرُّحْبة (1)، والرُّحْبة إنما كانت مسكن نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي أرض طيّبة، ولا يَسْكُن رجل من آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولا يُقتل (2) إلّا بأرضٍ طيّبةٍ زاكيةٍ، فهم الأوصياء الطيّبون (3).
122/223 - عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ: «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّه جَمِيعاً» (4)، قال: وذلك - واللّه - أن لو قد قام قائمنا يجمع اللّه إليه شيعتنا من جميع البُلدان (5). 123/224 - عن المُفضّل بن عُمَر، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أُذن (6) الإمام دعا اللّه باسمه العبرانيّ الأكبر فانتجب (7) له أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر، قَزَعاً كَقَزع الخَريف، وهم أصحاب الولاية، ومنهم من يُفْتَقَد من (8) فراشه ليلاً فيُصبح بمكة، ومنهم من يُرى يسير في السَّحاب نَهاراً، يُعْرَف باسمه واسم أبيه وحَسَبهِ ونَسَبِه.
قلتُ : جُعِلتُ فداك أنهم أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السَّحاب نهاراً،
ص: 166
وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية: «أيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّه جَمِيعاً» (1).
225 / 124 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن المَلَك يُنزل الصحيفة أوّل النهار وأوّل الليل، يكتُبُ فيها عمل ابن آدم، فأملوا في أوّلها خيراً، وفي آخرها خيراً، فإنَّ اللّه يغفر لكم ما بين ذلك إن شاء اللّه، فإنَّ اللّه يقول: «أذْكُرُونى أَذْكُرْكُمْ» (2).
125/226 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ له: للشُّكرِ حَدٌ إِذا فَعَلهُ الرجل كان شاكراً؟ قال: نعم، قلت: ما هو ؟ قال: الحمد للّه على كلِّ نِعْمَةٍ أنعمها على وإن كان لكم فيما أنعم عليه حق أدّاه، قال: ومنه قول اللّه تعالى: (الحمدُ للّه الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا) (3) : حتّى عدّ آياتٍ (4).
227/ 126 - عن أبي عَمْر والزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الكُفر في كتاب اللّه على خمسة أوجُه، فمنها: كُفر النعم، وذلك قول اللّه تعالى يحكي قول سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ): «هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ» (5) الآية، وقال اللّه: «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» (6)، وقال: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَأَشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونَ» (7) [152].
ص: 167
127/228 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : تسبيح فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) من ذِكْرِ اللّه الكثير الذي قال تعالى: «اَذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ» (1).
128/229 - عن الفضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال: يا فُضيل، بلِّغ مَن لَقِيتَ من موالينا عنّا السلام، وقُل لهم: إنّي أقولُ إِنِّي لا أُغني عنكم من اللّه شيئاً إِلَّا بِوَرَعٍ، فاحْفَظُوا ألسِنَتَكم، وكُفُّوا أيديكم، وعليكم بالصَّبر والصَّلاة، إنّ اللّه مع الصابرين (2).
129/230 - عن عبد اللّه بن طَلْحَة، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الصَّبْرُ هو الصوم (3).
130/231 - عن الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ» [155].
قال: ذلك جُوع خاصٍّ، وجوع عامّ، فأما بالشام فإنّه عامٌّ، وأمّا الخاصّ فهو بالكوفة يَخُصّ ولا يَعُمّ، ولكنّه يَخُصّ بالكوفة أعداء آل محمّد عليه الصلاة والسلام، فيُهلِكُهم اللّه بالجوع، وأمّا الخوف فإنّه عامٌّ بالشّام، وذاك الخوف إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأما الجوع فقبل قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذلك قوله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ»(4).
232 / 131 - عن إسحاق بن عمّار، قال : لما قبض أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) جعلنا نُعزيّ أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال بعض من كان مَعَنا في المجلس: رحمه اللّه عبداً وصلّى عليه، كان اذا حدّثنا قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : فَسَكت أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) طويلاً ونَكَت (5) فى الأرض، قال: ثم التفت إلينا، فقال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): قال اللّه
ص: 168
تبارك وتعالى: إنّي أعْطَيتُ الدُّنيا بين عبادي قيضاً (1)، فمن أقرضنى منها قرضاً أعطيته لكلّ واحدةٍ منهنّ عشراً إلى سبعمائة ضعف، وما شئت، ومن لم يُفرضني منها قرضاً فأخذتُها (2) منه قَسْراً (3)، أعطيته ثلاث خصال، لو أعطيتُ واحدةً منهنَّ ملائكتي لرضُوا بها عنِّي (4)، ثمّ قال: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» إلى قوله : «وَأَوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» [156، 157] (5).
132/233 - عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أربع من كُنَّ فيه كتبه (6) اللّه من أهل : الجنّة: من كانت عضمته شهادة أن لا إله إلّا اللّه، ومن إذا أنعم اللّه عليه النعمة، قال: الحمد للّه، ومن إذا أصاب ذنباً، قال: اسْتَغْفِرُ اللّه، ومن إذا أصابته مُصيبةٌ، قال: إِنَّا اللّه وإنّا إليه راجعون (7).
234 / 133 - عن أبي عليّ اللّهبي، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أربعٌ من كُنَّ فيه كان في نُور اللّه الأعظم: من كان عضمة أمره شهادة أن
ص: 169
لا إله إلّا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، ومن إذا أصابته مُصيبةٌ، قال: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ومن إذا أصاب خيراً، قال: الحَمْدُ للّه، ومن إذا أصاب خطيئةً، قال: اسْتَغْفِرُ اللّه وأتوب إليه (1).
235 / 134 - عن عبد اللّه بن صالح الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): قال اللّه تعالى: عبدي المؤمن، إن حوّلته وأعطَيْتُه ورزَقُتُه استَفْرَضْتُهُ، فإن أَقْرَضَني عفواً أعطيتُه مكان الواحد مائة ألف فما زاد، وإن لا يفعل أخذتُه قسراً بالمصائب في ماله، فإن يَصْبر أعطيتُه ثلاث خصال، إن أخيّر (2) الواحدة منهنَّ ملائكتي اختاروها، ثم تلا هذه الآية: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ» إلى قوله : «هُمُ المُهْتَدُونَ» (3).
135/236 - قال إسحاق بن عمار، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا إن أخذ اللّه منه شيئاً فَصبر واستَرْجَع (4).
136/237 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «إِنَّ الصّفا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّه فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بهِمَا» [158] أي لا حرج عليه أن بَطَّوّف بهما (5).
137/238-عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إِنَّ الصّفا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّه» يقول: لا حرج عليه أن يَطَّوّف بهما، فنزلت هذه الآية.
ص: 170
فقلت: هي خاصّة أو عامّة ؟ قال : هي بمنزلة قوله: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ أصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» (1)، فمن دخل فيهم من الناس كان يمنزِلَتِهم، يقول اللّه (2) تعالى: «وَمَن يُطع اللّه والرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصَّدِّيقِينَ َوالشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً» (3).
138/239 - عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن السّعى بين الصّفا والمَرْوَة فَريضة هو أو سُنّة؟ قال: فَريضة.
قال: قلتُ: أليس اللّه يقول: «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا» ؟ قال: كان ذلك في عُمْرَة القضاء، وذلك أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان شَرْطُهُ عليهم أن يَرْفَعُوا الأصنام، فتَشَاغَلَ رجلٌ من أصحابه حتّى أُعيدت الأصنام. فجاءوا إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسألوه، وقيل له: إنَّ فلاناً لم يطف (4)، وقد أُعيدت الأصنام، قال: فأنزل و اللّه : «إِنَّ الصّفا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّه فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو أَعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا» أي والأصنام عليهما (5).
240/ 139 و عن ابن مسكان، عن الحَلَبيّ، قال: سألتُهُ فقلت: وَلمَ جُعِل السَّعي بین الصّفا والمَرْوَة؟ قال: إنّ إبليس تراءى لإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الوادي، فسعى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) منه كراهيّة أن يُكَلِّمه، وكان مَنازِل الشياطين.
241 / 140 - وقال: قال أبو عبد اللّه في خَبر حمّاد بن عثمان: إنّه كان على الصّفا
ص: 171
والمَرْوَة أصنام، فلمّا أن حَجّ الناس لم يَدْرُوا كيف يَصْنَعون، فأنزل اللّه هذه الآية، فكان الناس يَسْعَون والأصنام على حالها، فلمّا حجّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رمی بها (1).
242 / 141 - عن ابن أبي عُمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُون مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى» [159] فى عليّ (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ).
142/243 - عن حُمران (3)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِى الكِتَابِ» (4). يعني بذلك نحن واللّه المُسْتَعان (5).
143/244 - عن زيد الشحام، قال: سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن عذاب القبر؟ قال: إن أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) حدّثنا أنّ رجلاً أتى سلمان الفارسي، فقال: حدثني، فسكت عنه ثم عاد فسكت، فأدْبَر الرجل وهو يقول، ويتلو هذه الآية: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فى الكِتَابِ» (6).
فقال له: أقبل، إنّا لو وجدنا أميناً لحدّثناه، ولكن أعِدَّ (7) لمُنكَرٍ ونكيرٍ إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فإن شكَكَتَ أو التوَيت (8) ضَرَبَاكَ،
ص: 172
على رأسك بمطرقة معهما تصير منها رَماداً، فقلتُ: ثم مه؟ قال: تعود، ثمّ تُعذَّب.
قلتُ : وما مُنكَر ونَكير ؟ قال : هما قعيدا القبر. قلتُ: أَمَلَكان يُعَذِّبان الناس في قُبورهم؟ فقال: نعم (1).
144/245 - عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قلتُ له: أخبرني اللّه، عن قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِى الكِتَابِ». قال: نحنُ يعني بها واللّه المُسْتَعان: إنّ الرجل منّا إذا صارت إليه، لم يكن له - أولم يسعه - إلا أن يبين للناس من يكون بعده (2).
145/246 - ورواه محمّد بن مسلم قال: هم أهل الكتاب (3).
146/247 - عن عبد اللّه بن بكير، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «أَوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّه ويَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» [159]، قال: نحنُ هم، وقد قالوا: هوامّ الأرض (4).
147/248 - عن جابر، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّه أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّه».
قال: فقال: هم أولياء فُلانٍ وفُلانٍ وفُلانِ، اتّخذوهم أئمّةً من (5) دون الإمام
ص: 173
الذي جَعَلَهُ اللّه للناس إماماً، فلذلك قال اللّه تبارك وتعالى: «وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للّه جَمِيعاً وَأَنَّ اللّه شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّهَ الَّذِينَ أتَّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا» إلى قوله : «مِنَ النَّارِ» [165 - 167].
قال: ثم قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه - يا جابر - هم أئمّة الظُّلم وأشياعهم (1).
148/249 - عن زُرارة، وحُمران (2)، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قوله: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّه أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّه وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبّاً للّه» (3) قالا: هم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (4).
149/250 - عن عُثمان بن عيسى، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّه أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ» (5)، قال: هو الرجُل يَدَعُ المال لا يُنفِقُه في طاعة اللّه بُخلاً، ثمّ يموت فيدَعُه لِمَن (6) يعمل به في طاعة اللّه، أو في مَعْصِيَتِه، فإن عَمِل به في طاعة اللّه رآه في ميزان غيره، فزادَهُ حَسْرَةً وقد كان المالُ له، وإن عَمِلَ به في معصية اللّه قوّاه بذلك المال حتّى عَمِل به في معاصي اللّه (7).
251 / 150 - عن مَنْصُور بن حَازِم، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ» (8) ؟ قال: أعداء علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هم المُخلّدون في النار أبد الآبدين
ص: 174
ودَهْر الدَّاهِرين (1).
151/252 - عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنّه سُئِل عن امرأةٍ جَعَلت مالَها هَدياً، وكُلّ مملوك لها حُرّاً، إن كلّمت اُخْتَها أبداً (2)؟ قال: تُكَلِّمُها وليس هذا بشيء، إنّما هذا وأشباهه من خُطوات الشيطان (3).
152/253 - عن محمّد بن مُسلم: أن امرأة من آل المُختار حلفت على أُختِها. أو ذات قرابةٍ لها، قالت ادني يا فلانة، فكلي معي فقالت: لا آكُل [قالت ] فحَلَفتُ عليها بالمشي إلى بيت اللّه، وعنق ما تملك إن لم تدني فتأكُلى معى أن لا أُظِلُّ (4) وإيّاك سقف بيت أو أكلتُ مَعَكِ على خوان أبدأ؟ قال: فقالت الأخرى مثل ذلك.
فحمل عُمر بن حنظلة إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مقالتهما، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا أقضي في ذا، قل لها: فلتأكُل وليُظِلّها وإيَّاها سقف بيت ولا تمشى ولا تعتق ولتتَّق اللّه ربها ولا تعود إلى ذلك، فإن هذا من خُطُوات الشيطان (5).
153/254 - عن مَنْصُور بن حازم، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما سَمِعتَ بطارق ؟ إن طارقاً كان نخاساً بالمدينة فأتى أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: يا أبا جعفر، إنّي هالك، إنِّي حَلَفتُ بالطّلاق والعتاق والنُذور، فقال له: يا طارق، إنّ هذه من خُطوات الشيطان (6).
ص: 175
255 / 154 - عن عبدالرحمن بن أبي عبداللّه، قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجلٍ حَلفَ أن يَنْحَرَ (1) وَلَده. فقال: ذلك من خُطوات الشَّيطان (2).
256/ 155 - عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ» [168]، قال: كلّ يمين بغير (3) اللّه فهي من خُطُوات الشَّيطان (4).
156/257 - عن محمّد بن إسماعيل، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغِ وَلا عَادٍ» [173]، قال: الباغي: الظالم، والعادي: الغاصب (5).
157/258 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المُضطَرَ لا يَشْربُ الخَمْرَ، لأنّها لا تَزيدُه إِلا شَرّاً، فإن شَرِبهَا قَتلتُه (6)، فلا يَشْرَين منها قَطرَة (7).
158/259 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في المرأة أو الرّجُل يذهَبُ بصَره، فيأتيه الأطباء، فيقولون: نُداويك شهراً أو أربعين ليلةٌ مُستلقياً، كذلك يُصلّي ؟ فرجعت إليه له (8)، فقال: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاعٍ وَلَا عَادٍ» (9).
ص: 176
159/260 - عن حماد بن عُثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغِ وَلَا عَادٍ» (1)، قال: الباغي الخارج على الإمام، والعادي: اللّصّ (2).
261 / 160 - عن بعض أصحابنا، قال: أنت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين، إنّى فَجَرتُ، فأقم فى حدّ اللّه، فأمر برجمها، وكان على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حاضراً، قال: فقال له: سَلها كيف فَجَرَت؟
قالت: كنتُ في فَلاةٍ من الأرض، أصابني عَطَش شديد، فرفعت لي خيمة فأتَيْتُها، فأصَبْتُ فيها رجُلاً أعرابياً، فسألته الماء فأبى على أن يَسْقِيني إلا أن أُمكنه من نفسي، فولّيتُ عنه هاربةً، فاشتدّ بي العَطَش حتّى غارت عيناي (3) وذهب لساني، فلما بلغ ذلك منّي أتيتُه فَسقاني ووقع عليّ.
فقال له عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذه التي قال اللّه: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغِ وَلَا عَادٍ» (4) وهذه غير باغية ولا عاديةٍ (5)، فخل سبيلها.
فقال عمر : لولا عليّ لهلك عُمر (6).
161/262 - عن حماد بن عُثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَمَنِ أضْطُرَّ غَيْرَ بَاغِ وَلَا عَادٍ» (7)، قال: الباغي: طالب الصيد، والعادي: السّارق، ليس لهما أن يُقصِّرا من الصَّلاة، وليس لهما إذا اضطرًا إلى المَيتَة أن يأكُلاها، ولا يَحِلّ
ص: 177
لهما ما يحل للناس إذا اضطُرّوا (1).
162/263 - عن ابن مسكان رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَمَا أَصْبَرهُمْ عَلَى النَّارِ» [175]، قال: ما أصبرهم على فعل ما يعلمون (2) أنّه يُصيّرهم إلى النار (3).
163/264 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بالأنثى» [178]، قال: لا يُقْتَل حُرٌّ بِعَبْد، ولكن يُضَرَبُ ضَرباً شديداً، ويُغرّم ديّة العبد، وإن قتل رجل امرأةً، فأراد أولياء المقتول أن يَقْتُلوا أدوا نصف ديته إلى أهل الرّجل (4).
265/ 164 - محمّد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ» [178] هي الجماعة المسلمين، ما هي للمؤمنين خاصّة (5).
165/266 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «فَمَنْ الحَلَبِيِّ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتَّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ» [178]، قال : ينبغي للذي له الحَقِّ أن لا يَعْسُر (6) أخاه إذا كان قادراً على ديةٍ، وينبغي للذي عليه الحقّ أن لا يَعْطل (7) أخاه إذا قدر على ما يُعطيه، ويُؤدّي إليه بإحسانٍ.
ص: 178
قال: يعني إذا وَهَب القود (1) أتبعوه بالدِّية إلى أولياء المقتول، لكي لا يبطل دمُ امریءٍ و مسلم (2).
166/267 - عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَمَنْ عُفِى لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ» ما ذلك؟
قال: هو الرجل يقبل الدِّية، فأمر اللّه الذي له الحق أن يتبعه بمعروفٍ ولا يَعْسُره، وأمر اللّه الذي عليه الدية أن لا يمْطُله، وأن يؤدّي إليه باحسانٍ إذا أيسر (3).
167/268 - عن الحَلَبَي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «فَمَنِ أعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (4) قال: هو الرجل يقبل الديّة، أو يعفو، أو يُصالح، ثمّ يَعتدي فيقتُل «فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
وفي نُسخةٍ أُخرى: فيلقى (5) صاحبه بعد الصلح فيُمثل به «فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(6).
269 / 168 - عن عمار بن مروان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «إن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ» [180]، قال: حقّ جعله اللّه في أموال الناس الصاحب هذا الأمر.
قال: قلت: لذلك حدٌّ محدود؟ قال: نعم. قال: قالت: كم؟ قال: أدناه السُّدُس،
ص: 179
وأكثره الثَّلث (1).
270/ 169 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن الوصيّة، تجوز للوارث؟ قال: نعم، ثمّ تلاهذه الآية: «إن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ» (2).
170/271 - عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من أوصى بوصيّة لغير (3) الوارثِ من صغير أو كبير بالمعروف غير المُنْكَر، فقد جازت وصيّته (4).
171/272 - عن السَّكُونيّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من لم يُوص عند موته لذوي قرابته ممّن لا يرثِ، فقد ختم عمله بمعصية (5).
172/273 - عن ابن مُسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المُوتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْن والأقربينَ» (6).
قال: هي منسوخة، نَسَختها آية الفرائض التي هي المواريث «فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» [181] يعني بذلك الوصيّ (7).
173/274 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِن تَرَكَ خَيْراً الوصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقربِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقَّاً عَلَى المُتَّقِينَ» (8) قال: شيءٌ جعله اللّه
ص: 180
لصاحب هذا الأمر.
قال: قلت: فهل لذلك حدّ ؟ قال : نعم قلت: وما هو ؟ قال: أدنى ما يكون ثُلثُ الثُلُث (1).
275/ 174 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُه عن رجل أوصى بماله في سبيل اللّه.
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أعطيه لمن أوصى له، وإن كان يهوديّاً أو نَصرانياً، لأنّ اللّه يقول: «فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» (2).
175/276 - عن أبي سعيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه سُئِل عن رجُلٌ أوصى في، حجّةٍ، فجعلها وصيُّه في نَسمةٍ (3).
قال: يَغْرَمُها وصيّه، ويجعلها في حجة كما أوصى، إن اللّه تعالى يقول: «فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَاسَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» (4).
176/277 - عن مُثنّى بن عبد السلام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن رجلٍ أُوصي له بوصيةٍ، فمات قبل أن يقبضها، ولم يترك عَقِياً.
قال اطلب له وارِثاً أو مَوْلى، فادفعها إليه، فإنّ اللّه تعالى يقول: «فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ».
قلت: إنّ الرَّجُل كان من أهل فارس، دخل في الإسلام، لم يُسم، ولا يُعرف له ولىّ؟ قال: اجْهَد أن تَقْدِر له على وَليّ، فإن لم تجده وعلم اللّه منك الجهد تتصدَّق
ص: 181
بها (1).
177/278 - عن محمّد بن سُوقة، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَاسَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» (2) قال: نَسَختها التي بعدها: «فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفَاً أَوْ إِثْماً» [182] يعني الموصى إليه إن خاف جَنَفاً (3) من المُوصي إليه في ثُلثه جميعاً (4)، فيما أوصى به إليه، ممّا لا يرضى اللّه به من (5) خلاف الحقّ، فلا إثم على المُوصي إليه أن يُبدّله إلى الحقّ، وإلى ما يرضى اللّه به من سبيل الخير (6).
178/279 - عن يُونُس رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفَاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»(7)، قال: يعني إذا ما اعتدى في الوصيّة وزاد فى الثُلُث (8).
179/280 - عن البرقيّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام» [183]، قال: هي للمؤمنين خاصّة (9).
180/281 - عن جميل بن دَرَّاج، قال: سألتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه
ص: 182
تبارك وتعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتال» (1) و «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ» (2)، قال: فقال: هذه كلَّها تَجْمَعِ الضَّلال والمُنافقين وكُلَّ من أقرّ بالدَّعْوَةِ الظاهرة (3).
181/282 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدِيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» [184]، قال: الشيخ الكبير، والذي يأخُذُهُ العُطاش (4).
182/283 - عن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألته عن قول اللّه: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، قال: هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع، والمريض (5).
183/284 - عن أبي بصير قال: سألتُهُ بصير، قال: سألته عن رجل مَرِض من رمضان إلى رمضان قابل، ولم يَصِحٌ بينهما، ولم يُطقِ الصوم.
قال: يتصدّق مكان كلَّ يومٍ أفطر على مسكينٍ مدّاً من طعام، وإن لم يكن حنطة فبعد من تمر، وهو قول اللّه: «فِدِيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، فإن استطاع أن يصوم رمضان الذي يستقبل، وإلّا فليتربَّص إلى رمضان قابل فيقضيه، فإن لم يصحّ حتّى جاء رمضان قابل، فليتصدّق كما تصدّق مكان كُلّ يوم أفطر مُدّاً، وإن
ص: 183
صحّ فيما بين الرمضانين فتوانى أن يقضيه حتّى جاء الرمضان الآخر، فإنَّ عليه الصوم والصدقة جميعاً، يقضي الصوم ويتصدّق، من أجل أنه ضيّع ذلك الصّيام (1).
285 / 184 - عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ». قال: الشيخ الكبير، والذي يأخُذُه العطاش (2).
185/286 - عن رفاعة، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ اللّه فِدِيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، قال: المرأةُ َتخَافُ على وَلَدِها، والشيخ الكبير (3).
186/287 - عن محمّد بن مسلم، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الشيخ الكبير، والذي به العُطاش، لا حرج عليهما أن يُفطرا في رمضان، وتصدَّق كلُّ واحدٍ منهما في كلّ يومٍ بمُدَّ من (4) طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شيء عليهما (5).
187/288 - عن الحارث البصري (6)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال في آخر شَعبان: إنّ هذا الشهر المُبارَك الذي أنْزَلتَ فيه القُرآن، وجعلته هدى للناسِ وبَيِّنَاتٍ من الهدى والفرقان قد حضر، فسلّمنا فيه، وسلّمه لنا، وسلّمه منا في يُسرٍ منك
ص: 184
وعافيةٍ (1).
188/289 - عن عبدوس العطّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا حضَر شَهرُ رَمَضان، فقُل: اللّهم قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه وأنزَلْتَ فيه القُرآن هدى للنّاسِ، وبيِّنات من الهُدى والفُرقان، اللّهم أعِنّا على صيامه وتَقَبَّله منا، وسلَّمنا فيه، وسلّمه منا، وسلّمنا له في يسر منك وعافية، إنّك على كلّ شيءٍ قدير، يا أرحم الراحمين (2).
189/290 - عن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قوله تبارك وتعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ» [185] كيف أنزل فيه القرآن، وإنّما أُنزل القُرآنُ في عشرين سنةً من أوله إلى آخره؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزل القُرآنُ، جملةً واحدةً في شَهْرِ رَمَضان إلى البيت المعمور، ثمّ أُنزِلَ من البيت المعمور في طول عشرين سنةً.
ثمّ قال: قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): نزلت صُحف إبراهيم في أول ليلةٍ من شهرٍ رَمَضان، وأنزِلَتِ التوراة لستّ مَضَينَ من شَهرِ رَمَضان، وأُنزِلَ الإنجيل لثلاث عشر ليلةٍ خَلَت مِن شَهرٍ رَمَضان، وأُنزِلَ الزَّبور لثماني عشرة مَن رَمَضان، وأُنزِلَ القُرآن لأربع وعشرين من رمضان (3).
291 / 190 - عن ابن سنان عمّن ذكره، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القُرآن والفرقان، أهما شيئان، أو شيء واحد؟
قال: فقال القُرآن: جُملة الكتاب والفُرقان المُحكم الواجب العمل به (4).
ص: 185
19/22 - عن الصَّباح بن سيابة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن ابن أبي يعفور أمرني أن اسألك عن مسائل، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما هي؟
قال : يقول لك: إذا دخل شهر رمضان وأنا في منزلي، إلى أن أسافر؟
قال: إن اللّه يقول: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» [185] فمن دخل عليه شَهرُ رَمَضان وهو في أهله، فليس له أن يُسافر إلَّا لحجّ (1) أو عُمرة، أو في طلب مال يخاف تلفه (2).
192/29 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»، قال: فقال: ما أبينها لمن عقلها قال: من شَهِد رَمَضان فليَصُمهُ، ومن سافر فيه فليفطر (3).
193/294 - وقال أبو عبد اللّه: «فَلْيَصُمه»، قال : الصوم فوه لا يتكلم إلّا بالخير (4).
295 / 194 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار كما يجب عليه في السفر، في قوله: «وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرِ» [185].
قال: هو مؤتَمَنٌ عليه، مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليُفطِر، وإن وجد قُوَّةً فليصُم، كان المريض على ما كان (5).
296 / 195 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لم يَكُن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يصوم فى السفر تطوّعاً ولا فريضةً، يُكذبون على رسول اللّهز(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )،
ص: 186
نزلت هذه الآية ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بكُراع الغَمِيم (1) عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بإناءٍ فشَرِب، وأمر الناس أن يُفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار (2) ولو صُمنا يومنا هذا فسمّاهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، العُصاة، فلم يزالوا يُسمّون بذلك الاسم حتّى قُبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3).
297 / 196 - عن الثَّمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يُرِيدُ اللّه بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ» [185] قال اليُسر: عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفُلان وفُلان العُسر، فمن كان من وُلدِ آدم لم (4) يدخل فى ولاية فُلان وفُلان (5).
197/298 - عن الزُّهريّ، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: صوم السفر والمَرَض، إنّ العامة اختَلَفَت في ذلك، فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم، وقال قوم إن شاء صام، وإن شاء أفطر.
وأما نحن فنقول: يُفطر في الحالين جميعاً، فإن صامَ في السَّفر أو في حالِ المرض فعليه القضاء، ذلك بإن اللّه يقول: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أيّام أُخَرَ» (6) إلى آخر قوله تعالى: «يُرِيدُ اللّه بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ» (7).
198/299 - عن سعيد النقاش، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ في الفِطرِ
ص: 187
لتكبيراً، ولكنّه مَسْتُور (1)، يكبِّر في المغرب ليلة الفطر، وفي العَتَمة والفَجر، وفي صلاة العيد، وهو قول اللّه تبارك وتعالى: «وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ» [185] والتكبير أن تقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر لا إله إلّا اللّه، واللّه أكبر، اللّه أكبر وللّه الحمد.
قال: في رواية أبي عمرو: التكبير الأخير أربع مرّات (2).
199/300 - عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : جُعِلت فداك، ما يُتَحَدّث به عندنا أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صام تسعة وعشرين أكثر ممّا صام ثلاثين، أحقٌ هذا؟
قال: ما خَلَق اللّه من هذا حَرْفاً، ما صامَه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا ثلاثين، لأنَّ اللّه تعالى يقول: «وَلِتُكْمِلُوا العِدَّة» فكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يُنقصِه (3).
200/301 - عن سعيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ في الفطر تكبيراً. قال: قلتُ: ما تكبيرٌ (4) إلّا في يوم النحر. قال فيه تكبيرٌ ولكنّه مستور (5)، في المغرب : والعشاء والفجر والظهر والعصر ورَكعَتَى العيد (6).
201/302 - عن ابن أبي يعفُور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تبارك وتعالى: «فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي» [186] يعلمون أنّي أقدر على أن أُعطيهم ما
ص: 188
يسألون (1).
202/303 - عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2)، قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجل: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ» إِلَى «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا».
قال: نَزَلت في خَوَات بن جُبَير، وكان مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الخَنْدَقِ وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تَنزِلَ هذه الآية، إذا نام أحدهُم حُرّم عليه الطَّعام، فَرَجَعَ خَوَّات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام؟ فقالوا: لا تنم حتّى نَصْنَعَ لك طعاماً، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت؟ قال: نعم. فبات على ذلك وأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يُغشَى عليه، فمرّ به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلمّا رأى الذي به سأله، فأخبره كيف كان أمره، فنرلت هذه الآية: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ» إلى «كُلُوا وَاشْرَبُوا حتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ» [187] (3).
203/304 - عن سعد، عن بعض أصحابه، عنهما اللّه، في رَجُل تسخَّر وهو شاكّ في الفجر؟ قال: لا بأس «كُلُوا وَاشْرَبُوا حتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ» وأرى أن يَسْتَظهر (4) في رَمَضان، ويتَسَخَّر قبل ذلك (5).
204/305 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجُلين قاما في شهر رمضان، فقال أحدُهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئاً.
ص: 189
قال: ليأكُل الذي لم يستيقن (1) الفجر، وقد حُرّم الأكل على الذي زعم قد رأى، إن اللّه يقول: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ» (2).
205/306 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أُناسٍ صاموا في شهر رمضان، فَغَشِيَهُم سَحاب أسود عند مغرب الشَّمس، فظنوا أنّه اللّيل، فأفطروا أو أفطر بعضهم، ثمّ إنّ السّحاب فَصَل عن السّماء، فإذا الشمس لم تَغِب.
قال: على الذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إن اللّه يقول: «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ»، فمن أكل قبل أن يَدْخُل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل مُتعمداً (3).
206/307 - عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قول اللّه تعالى: «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ» يعني صيام رمضان، فمن رأى الهلال (4) بالنهار فليُتِمَّ صِيَامَه (5).
207/308 - عن سماعة، قال: على الذي أفطر القضاء، لأنّ اللّه تعالى يقول:«ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْل» فمن أكل قبل أن يَدْخُل الليل، فعليه قضاؤه، لأنّه أكل متعمّداً (6).
208/309 - عن عبد اللّه (7) الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن الخَيْطِ
ص: 190
الأَبْيَض وعن (1) الخَيْطِ الأَسْوَدِ. فقال: بياض النّهار من سواد اللّيل (2).
209/310 - عن زياد بن عيسى قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ» [188]، قال: كانت قريش تُقامِرُ الرجل في أهله وماله، فنهاهم اللّه (3).
210/311 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : قول اللّه تبارك وتعالى: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ» ؟
فقال: يا أبا بصير، إنّ اللّه قد علم أن فى الأمة حُكّاماً يَجُورون، أمّا إنّه لم يَعْنِ حُكّام أهل العدل، ولكنّه عنى حُكّام أهل الجور.
يا أبا محمّد، أمّا إنّه لو كان لك على رجُلٍ حق، فدعوته إلى حُكّام أهل العدل فأبى عليك إلّا أن يُرافعك إلى أهل الجور ليقضُوا له، كان ممَّن يُحاكم إلى الطاغوت (4).
211/312 - عن الحسن بن عليّ، قال: قرأتُ في كتاب أبي الأسد (5) إلى أبي الحسن الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجوابه بخَطِّه، سأل ما تفسير قوله تعالى: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ» ؟
قال: فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه : الحُكّام القضاة، قال: ثم كتب تحته: هو أن يعلم الرجُل أنه ظالم عاص، هو غير مَعْذُورٍ في أخذه ذلك الذي حكم له به، إذا كان قد علم أنّه
ص: 191
ظالم (1).
212/313 - عن سماعة، قال: قلتُ لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الرجل يكون عنده الشيء يَتَبَلّغ به (2) وعليه الدين، أيُطعمه عياله حتّى يأتيه اللّه بميسرة فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره؟
فقال : يقضي بما عنده دينه ولا يأكُلُوا أموال الناس إلا وعنده ما يؤدّي إليهم حُقوقهم، إن اللّه تعالى يقول: «لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ» (3).
213/31 - عن زيد أبي أسامة، قال: سُئل أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الأهلّة؟ قال: هي الشهور، فإذا رأيت الهلال فَصُم، وإذا رأيته فأفطر.
قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين أيقضى ذلك اليوم؟ قال: لا، إلّا أن يَشْهَد ثلاثة عُدول، فإنّهم إن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك، فإنّه يُقضى ذلك اليوم (4).
214/315 - عن زياد بن المنذر، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: صم حين يَصومُ الناس، وأفطر حين يُفطِرُ الناس، فإنّ اللّه جعل الأهلة مواقيت (5).
316 / 215 - عن سعد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن هذه الآية: «لَيْسَ البريان تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وأُتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا» [189].
فقال : آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبواب اللّه وسبيله، والدُّعاة إلى الجنّة، والقادَة إليها، والأدلّاء عليها إلى يوم القيامة (6).
ص: 192
317/216 - عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «لَيْسَ البربان تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا» الآية، قال: يعني أن تأتى الأمور من وجهها، أيّ الأُمور كان (1).
217/318 - قال: وروى سعيد بن مُنَخَّل في حديث رفعه، قال: البيوت الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والأبواب أبوابها (2).
218/31 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وأتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا»، قال : ائتوا الأمور من وجهها (3).
219/320 - عن الحسن بياع الهروي، يرفعه، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله: «لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» [193]، قال: إلّا على ذُريَّة قتلة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
220/321 - عن العلاء بن الفُضيل، قال: سألته عن المُشركين، أيبتدئهم المُسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟
فقال: إذا كان المُشركون ابتدءُ وهم باستحلالهم، ورأى المُسلمون أنّهم يظهرون عليهم فيه، وذلك قوله سبحانه: «الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالحُرُمَاتُ قصاص» [194] (5).
221/322 - عن إبراهيم، قال: أخبرني من رواه عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : قلت: «فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» قال : لا يعتدي اللّه على أحدٍ إلّا على نسلِ ولد
ص: 193
قتلة الحسين الإعلان (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
222/323 - عن حمّاد اللّحّام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لو أن رجلاً أنفق ما في يَدَيه في سبيل من سُبُل اللّه ما كان أحسَنَ ولا وُفِّق، أليس اللّه يقول: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللّه يُحِبُّ المُحْسِنِين» [195] يعني المُقْتَصِدين (2).
223/324 - عن حذيفة، قال: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، قال: هذا في النفقة (3).
325 / 224 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ العُمرة واجبة بمنزلة الحج، لأنَّ اللّه تعالى يقول: «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالْعُمْرَةَ للّه» [196] ما ذلك؟ هي واجبة مثل الحَج، ومن تمتَّع أجزأته، والعُمرة في أشهر الحجّ مُتعةٌ (4).
225/326 - عن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فى قوله تعالى: «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالعُمْرَةَ للّه»، قال : إتمامهما إذا أدّاهُما، يتّقى ما يتقي المحرم فيهما (5).
226/327 - عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه : «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالعُمْرَةَ للّه»، قال : الحجّ جَميع المناسك، والعُمرة لا يجاوز بها مكّة (6).
227/328 - عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالعُمْرَةَ للّه»، قُلتُ: يَكتفي الرجل إذا تمتع بالعُمرة إلى الحجّ مكان ذلك العُمرة
ص: 194
المفردة (1)؟
قال: نعم، كذلك أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2).
228/329 - عن معاوية بن عمّار الدُّهني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ العُمرَة واجبة على الخَلق بمنزلة الحَجّ، لأنّ اللّه تعالى يقول: «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالْعُمْرَةَ للّه» وإنّما نزَلَتِ العُمرَةُ بالمدينة، وأفضَل العُمرَة عُمرَة رَجَب (3).
229/330 - عن أبان عن الفضل أبي العبّاس (4) فى قول اللّه تعالى: «وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للّه» قال: هما مفروضان (5).
230/331 - عن زُرارة وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قالوا: سألناهما عن قوله تعالى: «وَأَتِمُّوا الحجّ وَالعُمْرَةَ للّه».
قالا : فإنّ تمام الحجّ والعُمرة أن لا يُرفت، ولا يفسق، ولا يجادل (6).
332 / 231 - عن عبد اللّه بن فَرْقَد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الهدي من الابل والبَقَر والغَنَم، ولا يَجِبُ حتّى يُعَلَّقَ عليه - يعني إذا قَلّده فقد وجب - وقال: «فَمَا أَسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْى» [196] شاة (7).
ص: 195
232/332 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا أَسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْى»، قال: يُجزيه شاة، والبدنة (1) والبقرة أفضل(2).
334 / 233 - عن زيد أبي أسامة، قال: سُئل أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجل بعث بهَدْي مع قومٍ يُساق، فواعَدَهم يوم يُقلّدون فيه هديهم ويُحرمون فيه؟
قال: يُحرّم عليه ما يُحرَّم على المُحرم في اليوم الذي واعَدَهم حتّى يَبْلُغ الهدى مَحِلّه.
قلت: أرأيت إن اختلفوا في ميعادهم، أو أبطئُوا (3) في السَّير، عليه جُناح أن يُحِلّ في اليوم الذي واعدهم؟ قال: لا (4).
234/335 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين حجّ حجّة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتّى أتى الشجرة (5) فصلّى، ثمّ قادَ راحلته، حتّى أتى البيداء (6) فأحرم منها، وأهلّ بالحجّ، وساق مائة بَدَنة، وأحرم الناس كلهم بالحجّ، لايُريدون عُمرةً، ولا يدرون ما المتعة، حتّى إذا قدم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مكّة، طاف بالبيت، وطاف الناسُ معه، ثمّ صلّى عند مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستلم الحجر، ثمّ قال أبدأ بما بدأ اللّه به ثمّ أتى الصّفا فبدأ بها، ثمّ
ص: 196
طاف بين الصّفا والمَرْوَة، فلمّا قضى طوافه ختم بالمروة، قام يَخْطُبُ أصحابه، وأمرهم أن يُحِلُّوا ويجعلوها عُمرةً، وهو شيء أمر اللّه به، فأحَلّ الناس.
وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لو كنتُ استقبلت من أمري ما استدبرتُ لفعلتُ ما أمرتكُم، ولم يكُن يستطيع أن يُحِلّ من أجل الهدي الذي معه، لأنّ اللّه يقول: «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ».
فقال سُرَاقة بن جُعْشُم الكنانّي (1): يا رسول اللّه، علّمنا (2) ديننا كأنّما خُلقنا اليوم، أرأيت لهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أولِكُلِّ عام؟
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لا بل (3) لأبد الأبد (4).
336/ 235 - عن حريز، عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تبارك وتعالى: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِّن رَّأْسِهِ».
قال: مر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على كعب بن عُجْرَة (5)، والقَملُ يَتَناثر من رأسه وهو مُحرم، فقال له: أتؤذيك هَوامُّك؟ قال: نعم، فأنزلت هذه الآية: «فَمَن كَانَ
ص: 197
مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَدَى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْنُسُكٍ» [196] فأمره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يحلق رأسه، وجعل الصيام ثلاثة أيّام، والصدقة على ستة مساكين، مُدَّين لكلّ مسكين، والنُّسك شاة.
قال: وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): كلّ شيءٍ في القرآن (أو) فصاحبه بالخيار يختار ما يشاء، وكلّ شيءٍ في القرآن (فإن لم يجد) فعليه ذلك (1).
236/337 - عن أبي بصير، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن استمتعت بالعُمرة إلى الحجّ، فإنّ اللّه عليك الهدى «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدى» إمّا جَزُور (2)، وإما بقرة، وإمّا شاة، فإن لم تقدر فعليكَ الصِّيام كما قال اللّه (3).
237/338 - وذكر أبو بصير، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : نزلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المتعة وهو على المَروة بعد فراغه من السّعى (4).
238/339 - عن مغاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله: «فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحجّ فَمَا أَسْتَيْسَرَ مِن الهَدَى» [196] قال: ليَكُن كَبشاً سميناً، فإن لم يجد فعجلاً من البقر، والكبش أفضل، فإن لم يجد فمُوجَا (5) من الضأن، وإلّا ما استَيْسَرَ من الهَدي شاة (6).
ص: 198
239 /340- عن عبد الرّحمن بن الحجاج، قال: كنت قائماً أُصلّي، وأبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قاعداً قدّامي، وأنا لا أعلم، قال: فجاء عبّاد البصري، فسلّم عليه، وجَلَس وقال: يا أبا الحسن، ما تقول في رجُل تمتَّع ولم يكن له هَدْي؟ قال: يصوم الأيّام التي قال اللّه.
قال: فجعلتُ سمعي إليهما، قال عبّاد: وأي أيّام هي؟ قال: قبل التَّرويَة و يوم التَّرويَة (1)، ويوم عرفة.
قال: فان فاته؟ قال: يصوم صبيحة الحصبة (2) ويومين بعده.
قال: أفلا تقول كما قال عبد اللّه بن الحسن؟ قال: قال: يصوم أيّام التشريق (3).
قال: إن جعفراً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول: إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر بلالاً ينادي: أن هذه أيّام أكلٍ وشرب، فلا يَصومَنَّ أحد.
فقال: يا أبا الحسن، إن اللّه قال: «فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيّام فِي الحجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ» [196] قال: كان جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ذو القعدة وذو الحجّة كلتين أشهر الحجّ (4).
240/341 - عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا تمتَّع بالعمرة إلى الحجّ ولم يكن معه هَدي، صام قبل التَّرويَة، ويوم التَّرويَة ويوم عَرَفَة، فإن لم يَصُم هذه الأيّام صام بمكّة، فإن أعجلوا صام في الطريق، وإن أقام بمكّة قدر مسيره إلى منزله فشاء أن يصوم السبعة الأيّام فعل (5).
ص: 199
241/342 - عن ربعي بن عبد اللّه بن الجارود، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيّام فِي الحَجِّ».
قال: قبل التَّرويَة يصوم ويوم التَّرويَة، ويوم عرفة، فَمَن فاته ذلك فليقض ذلك في بقيّة ذي الحجّة، فإنَّ اللّه تعالى يقول في كتابه: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ» (1).
242/343 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فى قول اللّه: «فَصِيَامُ اللّه، ثَلَاثَةِ أيّام فِي الحجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ، قَالَ: إِذَا رَجَعتَ إِلَى أَهْلِكَ» (2).
243/344 - عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فيمَن لَم يَصُم الثلاثة الأيّام في ذي الحجّة حتّى يهلّ الهلال ؟ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عليه دَم، لأن اللّه سبحانه وتعالى يقول: «فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيّام فِى الحجّ» في ذي الحجّة.
قال ابن أبي عُمير: وسقط (3) عنه السبعة الأيّام (4).
345 / 244 - عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الحجّ والسبعة، أيصومها متوالية، أم يفرّق بينهما؟
قال: يصوم الثلاثة لا يُفرّق بينها، ولا يجمع الثلاثة والسبعة جميعاً (5).
245/346 - عن علىّ بن جعفر، عن أخيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُه عن صوم الثلاثة الأيّام فى الحجّ والسبعة أيصومُها متوالية أو يُفرّق بينهما ؟
ص: 200
قال: يصوم الثلاثة والسبعة لا يُفرّق بينها ولا يجمع السبعة والثلاثة جميعاً (1).
246/347 - عن عبد الرّحمن بن محمّد العززميّ، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن علىّ (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فى صيام ثلاثة أيّام فى الحجّ، قال: قبل التَّرويَة بيوم، ويوم التَّرويَة ويوم عَرَفة، فإن فاته ذلك تسحر ليلة الحصبة (2).
247/348 - عن غياث بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : صيام ثلاثة أيّام في الحجّ قبل التَّرويَة بيوم (3)، ويوم التَّرويَة، ويوم عَرَفَة، فإن فاته ذلك (4) تَسحَّر ليلة الحصبة، فصيام ثلاثة أيّام، وسبعة إذا رجع (5).
349/ 248 - وقال : قال على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا فات الرجل الصيام، فليبدأ صيامه من ليلة النفر (6).
249/350 - عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : يصوم المتمتّع قبل التَّرويَة بيوم ويوم التَّرويَة، ويوم عَرَفَة، فإن فاته أن يصوم ثلاثة أيّام فى الحجّ ولم يكن عنده دَمٌ، صام إذا انقضت أيّام التّشرِيق، يتسّحر ليلة الحصبة ثمّ يُصبحُ صائماً (7).
250/351 - عن حريز عن زُرارة، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه، تعالى: «ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرَامِ» [196]؟ قال: هؤلاء
ص: 201
أهل (1) مكّة، ليست لهم مُتعَةٌ، ولا عليهم عُمرة.
قلت : فما حَدُّ ذلك؟ قال: ثمانية وأربعين ميلاً من نواحي مكّة، كل شيء دون عُسفان (2) دون ذات عرق (3) فهو من حاضري المسجد الحرام (4).
251/352 - عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حَاضِرِى المَسْجِدِ : (الحَرَامِ)، قال: دون المواقيت إلى مكّة، فهم من حاضري المسجد الحرام، وليس لهم مُتعة (5).
252/353 - عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُه عن أهل مكّة، هل يَصلُحُ لهم أن يتمتعوا في العُمرة إلى الحجّ؟
قال: لا يَصلُحُ لأهل مكّة المُتعة، وذلك قول اللّه تعالى: «ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَام» (6).
253/354 - عن سعيد الأعرج، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ليس لأهل سَرِف (7)، ولا لأهل مر (8)، ولا لأهل مكّة مُتعة، يقول اللّه تعالى: «ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرَام» (9).
ص: 202
254/355- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى : «الحَ جُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ» [197] هو شوّال، وذو القَعدة، وذو الحجّة (1).
255/356 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «الحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ»، قال: شوال، وذو القعدة، وذو الحجّة، وليس لأحدٍ أن يُحرم بالحج فيما سواهنّ (2).
256/357 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «الحَج أَشْهُرُ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ»، قال : الأهلّة (3).
257/358 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال في قول اللّه تعالى: «الحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ»، والفرض فَرضُ الحجّ: التلبية، والإشعار، والتقليد، فأي ذلك فعل (4) فقد فَرَض الحجّ، ولا يُفرض الحجّ إلّا في هذه الشهور التي قال اللّه تعالى: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ»، وهي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجّة (5).
258/359 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من جادل في الحجّ فعليه إطعام ستّة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، إن كان صادقاً أو كاذباً، فإن عاد مرّتين، فعلى الصادق شاة، وعلى الكاذب بَقَرة، لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «فَلا رَفَتْ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحجّ» [197] (6) والرَّفث: الجماع، والفسوق الكذب، والجدال: قول الرجل: لا واللّه، وبلى واللّه، والمُفاخَرَة (7).
ص: 203
259/360 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قول اللّه: «الحجَّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ» والرّفث هو الجماع، والفسوق: الكذب والسباب (1)، والجدال : قول الرجل : لا واللّه، وبلى واللّه والمفاخرة (2).
260/361 - عن محمّد بن مُسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ». قال: يا محمّد إنّ اللّه اشترط على النّاس شرطاً، وشَرط لهم شرطاً، فمن وَفَى اللّه وفَى اللّه له.
قلت: فما الذي اشترط عليهم، وما الذي شرط لهم؟
قال: أمّا الذي اشترط عليهم فإنَّه قال: «الحَجَّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ» وأمّا ما شَرَط لهم، فإنّه قال: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى» (3)، قال: يَرْجِع لا ذنب له (4).
261/362 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا حَلَفَ ثَلاث أيمانٍ مُتَتابعاتٍ صادقاً فقد جادَل، فعليه دَمٌ، وإذا حلف بواحدةٍ كاذباً فقد جا دل، فعليه دمٌ (5).
262/363 - عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن رجلٍ مُحرِم قال
ص: 204
لرجل : لا، لَعَمْرِي، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس ذلك بجدال، إنما الجدال: لا واللّه، وبلى واللّه (1).
263/364 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الحَجِّ»، فقال : يا محمّد إنّ اللّه اشترط على الناس، وَشَرَط لهم، فمن وفى اللّه وفي اللّه له.
قال: قلت: ما الذي اشترط عليهم، وشرط لهم؟
قال: أمّا الذي اشترط في الحج، فإنّه قال: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثْ وَلَا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجّ» وأمّا الذى شَرَطَ لهم، فإنّه قال: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى» (2) يرجع لا ذنب له.
قلت: أرأيت من أبتلى بالرّفث، والرَّفث هو الجماع ما عليه؟ قال: يسوق الهَدْيَ، ويُفرّق ما بينه وبين أهله حتّى يقضيا المناسك، وحتّى يعودا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا.
قلت: أرأيت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطريق الذي أبتليا فيه؟ قال: فليجتمعا، إذا قضيا المناسك.
قلت: فمن ابتُلي بالفسوق - والفسوق: الكذب - فلم يُجْعَل له حَدٌ؟ قال: يستغفر اللّه ويُلبّي.
قلت: فمن ابتُلي بالجدال - والجدال قول الرجل: لا واللّه، وبلى واللّه - ما عليه؟ قال: إذا جَادل قوماً مرتين، فعلى المُصيب دَمُ شاةٍ، وعلى المُخطي دمُ
ص: 205
بقرةٍ (1).
365 / 264 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن الرجل المحرم قال لأخيه : لا لَعَمْرِي قال: ليس هذا بجدال. إنّما الجدال: لا واللّه، وبلى واللّه (2).
366/ 265 - عن عمر بن يزيد بياع السَّابِري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ» [198] يعني الرّزق، إذا أحل الرجُلُ من إحرامه وقَضَى نُسُكه، فليشتر ولتبغ في الموسم (3).
266/367 - عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «أَفيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» [199].
قال: أولئك قريش كانوا يقولون: نحن أولى الناس بالبيت، ولا يفيضون إلّا من المُزدَلِفَة، فأمرهم اللّه أن يفيضوا من عرفة (4).
368/ 267 - عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه تعالى: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ».
قال: إنّ أهل الحرم كانوا يقفون على المَشْعَر الحرام، ويقف الناس بعرفة، ولا يُفيضون حتّى يَطلُعَ عليهم أهلُ عَرَفة، وكان رجُل يُكنى أبا سَيّار، وكان له حمارٌ فارةٌ (5)، وكان يسبق أهل عَرَفة، فإذا طلع عليهم، قالوا: هذا أبو سَيّار، ثمّ أفاضوا، فأمرهم اللّه أن يقفوا بعرفة وأن يفيضوا منه (6).
ص: 206
268/369 - عن مُعاوية بن عَمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «ثُمَّ، أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ» قال: يعني إبراهيم وإسماعيل (1).
269/370 - عن عليّ، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ».
قال: كانت قريش تُفيض من المُزدَلِفَة فى الجاهلية، يقولون: نحن أولى بالبيت من الناس، فأمرهم اللّه أن يُفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفة (2).
270/371 - وفي رواية أخرى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن قريشاً كانت تُفيض (3) من جمع (4)، ومُضر وربيعة من عرفات (5).
271/372 - عن أبي الصَّبَّاح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخرج إسماعيل إلى المَوقِف فأفاضا منه، ثمّ إنّ الناس كانوا يُفيضون منه، حتّى إذا كثرت قريش قالوا: لا تفيض من حيث أفاض الناس، وكانت قريش تفيض من المُزدَلِفَة. ومنعوا الناس أن يُفيضوا معهم إلّا من عرفات، فلمّا بعث اللّه محمداً عليه الصلاة والسلام أمَرَهُ أن يُفيض من حيث أفاض الناس، وعنى بذلك إبراهيم وإسماعيل (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (6).
373/ 272 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ
ص: 207
حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ»، قال: هم أهل اليمن (1).
374 / 273 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى: «اذْكُرُوا اللّه كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً» [20]، قال: كان الرجل في الجاهليّة يقول: كان أبي، وكان أبي، فأُنزلت هذه الآية في ذلك (2).
375 / 274 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). والحسين، عن فضالة ابن أيوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى مثله سواء.
أي كانوا يفتخرون بآبائهم يقولون أبي الذي حمل الديات، والذي قاتل كذا وكذا، إذا قاموا بمنى بعد النحر، وكانوا يقولون أيضاً - يحلفون بآبائهم - : لا وأبي لا وأبي (3).
376/ 275 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قوله تعالى: «اذْكُرُوا اللّه كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً». قال : إن أهل الجاهلية كان من قولهم: كلّا وأبيك، بلى وأبيك، فأمروا أن يقولوا: لا واللّه، وبلى واللّه (4).
276/377 - وروى محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «اذْكُرُوا اللّه كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً». قال: كان الرجل يقول: كان أبي، وكان أبي، فنزلت عليهم في ذلك (5).
277/378 - عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ
ص: 208
وجلّ: «رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» [201] قال : رضوان اللّه والجنّة في الآخرة، والسَّعة في المَعِيشة وحُسن الخُلُق في الدنيا (1).
379/ 278 - عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : رضوان اللّه، والتوسعة في المعيشة، وحُسن الصحبة، وفي الآخرة الجنّة (2).
279/380 - عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن الأيّام المعدودات، قال: هي أيّام التشريق (3).
280/381 - عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: المعدودات والمعلومات هي واحدة، أيّام التشريق (4).
281/382 - عن حمّاد بن عيسى قال: سمعت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، يقول: قال: عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى: «اذْكُرُوا اللّه فِي أيّام مَّعْدُودَاتٍ» [203] قال: أيّام التشريق (5).
282/383 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه سبحانه: «اذْكُرُوا اللّه فِي أيّام مَّعْدُودات». قال: التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلاة (6).
ص: 209
283/384 - عن سلام بن المُستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى» [203] منهم الصيد، واتقى الرَّفَثَ والفسوق والجدال وما حرم اللّه عليه في إحرامه (1).
385 / 284 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، قال: يَرجع معْفُوراً له، لا ذنب له (2).
285/386 - عن أبي أيوب الخزاز، قال : قلت لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّا نُريد أن نتعجّل ؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تنفروا في اليوم الثاني حتّى تزول الشمس، فأمّا اليوم الثالث، فإذا انتصف فانفروا، فإنَّ اللّه تعالى يقول: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، ولكنه قال جل وعزّ: «وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» (3).
286/387 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ العبد المؤمن حين يخرج من بيته حاجاً لا يخطو خُطوةً ولا تخطو به راحِلتُه إلّا كتب اللّه له بها حسنةً، ومحا عنه سيئةً، ورفع له بها درجةً، فإذا وقف بعرفات، فلو كانت له ذُنُوبٌ عدد الثرى، رجع كما ولدته أمه، يقال له: استأنف العمل، يقول اللّه: «فَمَن تَعَجّل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى» (4).
287/388 - عن أبي بصير، في رواية أخرى عنه الا نحوه، وزاد فيه: فإذا حلق رأسه لم تَسْقُط شَعرَةٌ إِلّا جَعَل اللّه له بها نوراً يوم القيامة، وما انفق من نَفَقَهٍ
ص: 210
كتبت له، فإذا طاف بالبيت رجع كما وَلَدتُه أُمّه (1).
288/389 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَمَن تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» الآية، قال: أنتم - واللّه - هم، إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : لا يثبتُ على ولاية على اللّه إلّا المتقون (2).
289/390 - عن حمّاد، عنه، في قوله : «لِمَنْ أتَّقَى» الصيد، فإن ابتلي بشيءٍ من الصيد فقداه، فليس له أن يَنْفِرَ في يومين (3).
290/391 - عن الحسين بن بشار، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الحَيَوةِ الدُّنْيَا» [204]. قال: فلان وفلان وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ [205] النَّسل : هم الذُريّة، والحَرث: الزرع (4).
291/392 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهما عن قوله سبحانه: «وَإِذَا تَوَلَّى فِى الأَرْضِ» إلى آخر الآية.
فقالا :النَّسل الولد والحرث الأرض (5).
393 /292 - وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): الحرث : الذرّيّة (6).
293/394 - عن أبي إسحاق السبيعي، عن أمير المؤمنين علي اللّه، في قوله تبارك وتعالى: «وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ»
ص: 211
بِظُلمه وسُوء سيرته «وَاللّه لَا يُحِبُّ الفَسَادَ» (1).
395 / 294 - عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إنَّ اللّه يقول في كتابه: «وَهُوَ الدُّ الخِصَامِ» بل هم يختصمون. قال: قلت: ما الد؟ قال: شديد الخصومة (2).
295/396 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أما قوله: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه وَاللّه رَءُوفٌ بِالعِبَادِ» [207] فَإِنَّها أُنزلت في عليّ ابن أبي طالب اللّه حين بذل نفسه اللّه ولرسوله ليلة اضطَجَع على فراش رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما طلبته كُفّار قريش (3).
296/397 - عن ابن عباس، قال : شرى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) نفسه، لبس ثوب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمّ نام مكانه، فكان المُشركون يرمون رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
قال: فجاء أبو بكر، وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) نائم، وأبو بكر يَحْسَبُ أنّه نبي اللّه، فقال: أين نبي اللّه؟ فقال علي: إن نبي اللّه قد انطلق نحو بئر ميمون (4) فأدرك.
قال : فانطلق أبو بكر، فدخل معه الغار، وجعل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُرمَى بالحجارة كما كان ير مى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وهو يتصوّر (5)، قد لفَّ رأسه، فقالوا إِنَّك (6)! لكنّه كان
ص: 212
صاحبك لا يتضوّر، قد استنكرنا ذلك (1).
297/398 - عن أبي بصير، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ» [208] قال: أتدري ما السِّلم؟ قال: قلت: أنت أعلم (2).
قال: ولاية عليّ والأئمّة الأوصياء من بعده، قال: وخُطُوات الشيطان واللّه ولاية فلان وفلان (3).
399/ 298 - عن زُرارة، وحُمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قالوا: سألناهما عن قول اللّه جل وعزّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِى السّلْم كَافَّةً»، قال: أمروا بمعرفتنا (4).
299/400 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ»، قال: السّلم: هم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، أمر اللّه بالدخول فيه (5).
300/401 - عن أبي بكر الكلبي، عن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «أدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً» هو ولايتنا (6).
301/402 - وروى جابر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : السلم: هو آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، أمر اللّه بالدخول فيه، وهم حبل اللّه الذي أمر بالاعتصام به قال اللّه
ص: 213
تعالى: «وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا» (1).
302/403 - وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله : «وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ»، قال : هي ولاية الثاني والأوّل (2).
303/404 - عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألا إنّ العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فُضّلت به النبيون إلى خاتم النبيّين والمرسلين في عِترة خاتم النبيين والمرسلين، فأين يناه بكم؟ وأين تذهبون؟ يا معاشر من نُسخ (3) من أصاب السفينة (4)، فهذا مثل ما فيكم فكما نجا في هاتيك منهم من نجا، وكذلك ينجو في هذه منكم من نجا، ورهن ذمّتي، وويل لمن تخلّف عنهم، إنهم فيكم كأصحاب الكهف، ومثلهم باب حطّة، وهم باب السِّلم، فادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان (5).
304/405 - عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَام وَالمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ» [210]، قال: ينزل في سبع قباب من نُور، لا يعلم في أيها هو حين ينزل فى ظهر الكوفة، فهذا حين ينزل (6).
305/406 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال : يا أبا حمزة، كأنّي بقائم أهل بيتى قد علا نجفكم، فإذا عَلا فوق نَجَفكُم نشر راية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فإذا نشَرَها أنحَطَّت عليه ملائكة بدر (7).
ص: 214
407 / 306 - وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنه نازل في قبابِ من نورٍ، حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق (1)، فهذا حين ينزل، وأمّا قوله : «قُضِيَ الأَمْرُ» فهو الوسم (2) على الخرطوم، يوم يوسم (3) الكافر (4).
307/408- عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله:«سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ ءَاتَيْنَاهُم مِّن ءَايَةٍ بَيِّنَةٍ» [211] فمنهم من آمن ومنهم من جَحَد، ومنهم من أقرّ، ومنهم من أنكر، ومنهم من يُبدل نعمة اللّه (5).
308/409 - عن زُرارة، وحُمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن قوله تعالى: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّه النَّبِيِّينَ» [213].
قال: كانوا ضُلالاً، فبعث اللّه فيهم أنبياء، ولو سألت الناس لقالوا: قد فرغ من الأمر (6).
309/410 - عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةٌ»، قال: كان هذا قبل نُوح لا أُمة واحدة، فبدا للّه فأرسل الرسل قبل نوح.
قلت: أعلى هُدى كانوا أم ضَلالة ؟ قال بل كانوا ضلالاً، كانوا لامؤمنين،
ص: 215
ولا كافرين، ولا مشرکین (1).
310/411 - عن يعقوب بن شعیب، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن هذه الآية: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً»، قال: بعد آدم و بعد نُوح (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (2) ضُلّالاً، فبدا اللّه فبعث النبيين مبشِّرين ومنذرين، أمّا إنّك إن لقيت هؤلاء، قالوا: إنّ ذلك لم يزل، وكذبوا إنما هو شيءٌ بدا للّه فيه (3).
311/412 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «كَانَ الناسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ»، فقال (4): كان هذا قبل نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانوا ضُلّالاً، فبعث اللّه النبيين مُبشِّرين ومنذرين (5).
413 / 312 - عن مَسْعَدة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «كَانَ الناسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ»، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان ذلك قبل نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قيل: فعلى هدى كانوا؟
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): بل كانوا ضلالاً، وذلك أنه لما انقرض آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصالح ذريته بقي شيث وصيّه لا يقدر على إظهار دين اللّه الذي كان عليه آدم وصالِحُ ذُرِّيَّته، وذلك أنّ قابيل تواعده بالقتل، كما قتل أخاه هابيل، فسار فيهم بالتقية والكتمان، فازدادوا كلّ يوم ضَلَالاً حتّى لم يَبْقَ على الأرض معهم إلا من هو سلف، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد اللّه، فبدا للّه تبارك وتعالى أن يبعث الرُّسُل، ولو سُئل
ص: 216
هؤلاء الجُهّال لقالوا: قد فرغ من الأمر، وكذبوا، إنّما شيء يحكم به اللّه في كُلّ عام، ثم قرأ: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» (1) فيحكم اللّه تبارك وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدّة أورخاءٍ أو مطر أو غير ذلك.
قلت: أفضُلّالاً كانوا قبل النبيين، أم على هدى؟
قال: لم يكونوا على هدى كانوا على فِطرة اللّه التي فطرهم عليها، لا تبديل لخلق اللّه، ولم يكونوا ليهتدوا حتّى يهدِيَهُمُ اللّه، أما تسمع بقول إبراهيم: «لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ» (2) أي ناسياً للميثاق (3).
313/414 - عن محمّد بن سنان قال: حدّثني المُعافى بن إسماعيل، قال : لمّا قتل الوليد، خرج من هذه العصابة نفرٌ بحيث أحدث (4) القوم، قال: فدخلنا على أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : ما الذي أخرجكم من غير الحجّ والعمرة؟
قال: فقال القائل منهم: الذي شتّت اللّه من كلمة أهل الشام، وقتلهم خليفتهم، واختلافهم فيما بينهم.
قال: قال ما تجدون أعينكم إليهم ؟ - فأقبل (5) يذكر حالاتهم - أليس الرجل منكم يخرج من بيته إلى سوقه فيقضي حوائجه، ثمَّ يرجع لم يختلف، إن كان لمن كان (6) قبلكم أتى هو على مثل ما أنتم عليه، ليأخُذ الرجل منهم فيقطع يديه
ص: 217
ورجلبه ويُنشر بالمناشير (1) ويُطلب على جذع النخلة، ولا يَدَع ما كان عليه.
ثم ترك هذا الكلام، ثم انصرف إلى آية من كتاب اللّه: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجنّة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللّه قريب» [214] (2).
314/415 - عن حَمْد ويه، عن محمّد بن عیسی، قال: سمعته يقول (3) : كتب إليه إبراهيم بن عنبسة (4) - يعنى إلى على بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): إن رأى سيّدي ومولاي أن يُخبرني عن قول اللّه تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ» [219] الآية، فما الميْسِر (5)، جُعلت فداك؟ فكتب: كل ما قومر به فهو المَيْسِر، وكلّ مُسْكر حرام (6).
315/416 - عن الحسين، عن موسى بن القاسم البَجَليّ (7)، عن محمّد بن عليّ ابن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن أخيه موسى، عن أبيه جعفر الالام، قال : النَّرد والشطرنج من الميسر (8).
316/417 - عن عامر بن السمط، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، فال : الخَمْر من ستّة أشياء: التَّمر، والزبيب، والحِنْطَة، والشَّعير، والعسل، والذُّرة (9).
ص: 218
317/418- عن جميل بن دَرّاج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قوله: «يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ» [219]، قال: العَفْو : الوَسَط (1).
318/419 - عن عبد الرّحمن قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْو»، قال: «الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً» (2)، قال: نزلت هذه بعد هذه هي الوسط (3).
319/420- عن يوسف، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أو أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - في قول اللّه تعالى: «يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ» قال : الكَفاف (4).
320/421 - وفي رواية أبي بصير القصد : (5).
422 / 321 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه تبارك وتعالى: «وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ» [220]. قال : تُخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، وتُخْرِج من مالك قدر ما يكفيك.
قال: قلتُ: أرأيت أيتاماً صغاراً وكباراً، وبعضُهم أعلى في الكُسوة من بعض؟ فقال: أمّا الكسوة فعلى كلّ إنسان من كُسوته، وأما الطعام فاجعله جميعاً، فأما الصغير فإنّه أوشك أن يأكل كما يأكل الكبير (6).
322/423- عن سماعة، عن أبي عبد اللّه أو (7) أبي الحسن (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : سألته
ص: 219
عن قول اللّه تعالى: «وَإِن تُخَالِطُوهُمْ».
قال: يعني اليتامى، يقول: إذا كان الرجُل يلي يتامى وهم في حجره، فليُخرج من ماله على قدر ما يُخرج لكلّ إنسان منهم، فيُخالطهم، فيأكلون جميعاً، ولا يرزأنّ (1) من أموالهم شيئاً، فإنَّما هو نار (2).
323/424- عن الكاهلي، قال: كُنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فسأله رجُلٌ ضَرِيرُ البصر، فقال: إنّا ندخُل على أخ لنا في بيت أيتام معهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم ونَشْرَب من مائهم، ويخدِمُنا خادِمُهم، وربما أطعمنا (3) فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم، فما ترى أصلحك اللّه ؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): قد قال اللّه: «بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَة» (4) فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال اللّه تعالى: «وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُم» إلى قوله «لَأَعْنَتَكُمْ» [220] ثمّ قال: إن يكُن دخولكم عليهم فيه منفعةٌ لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضَرَرٌ فلا (5). 324/425 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: جاء رجلٌ إلى اللّه، النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : يا رسول اللّه إن أخي هَلَك، وترك أيتاماً ولهم ماشية، فما يحل لي منها ؟
فقال: رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إن كنت تليط حوضها (6)، وتَرُدّ نادّتها (7)، وتقوم
ص: 220
على رعيتها، فاشرب من ألبانها غير مجتهد للحلب، ولا ضار بالولد «وَاللّه يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصلح» (1).
325/426- عن محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل بيده الماشية لابن أخٍ له يتيم في حجره، أتخلط أمرها بأمر ماشيته؟
قال: فإن كان يَليط حَوْضها، ويقوم على هَنائها (2)، ويَرُدّ نادتها، فليشرب من ألبانها، غير مجتهد للحلاب ولا مضر بالولد، ثمّ قال: «مَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ» (3) «واللّه يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ» (4).
326/427 - عن محمّد الحلبي، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قول اللّه تعالى: «وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّه يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلح»، قال: تُخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، وتُخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثمّ تُنفقه.
عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله (5).
327/428- عن علي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه تعالى في اللّه اليتامى: «وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ» ؟
قال: يكون لهم التّمر و اللّبن، ويكون لك مثله، على قدر ما يكفيك ويكفيهم، ولا يخفى على اللّه المُفسد من المُصلح (6).
429 / 328 - عن عبد الرّحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال :
ص: 221
قلتُ له: يكون لليتيم عندي الشيء وهو في حجري أنفق عليه منه، وربما أُصيب ممّا يكون له من الطعام، وما يكون منّي إليه أكثر؟
فقال : لا بأس بذلك، إنّ اللّه يعلم المُفسد من المُصلح (1).
329/430 - عن جميل، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، يقول : كان الناس يستَنْجُون بالحجار والكرسُف (2)، ثمّ أُحدث الوضوء، وهو خُلق حسن، فأمر به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأنزله اللّه في كتاب: «إنَّ اللّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ» [ 222] (3).
330/431 - عن سلّام، قال: كنتُ عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فَدَخَل عليه حمران بن أعين، فسأله عن أشياء، فلمّا هَمَّ حُمران بالقيام، قال لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أُخْبِرُك - أطال اللّه بقاك، وأمتعنا بك - أنا نأتيك فما نخرُج من عندك حتّى ترق قلوبنا. وتسلو (4) أنفسنا عن الدنيا، ويَهُون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثمّ نَخْرُج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتُجّار أحببنا الدنيا.
قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما هى القلوب مرّةً يَصْعُب عليها الأمر ومرّةً يَسْهُل.
ثم قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما إن أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قالوا: يا رسول اللّه، نخاف علينا النّفاق، قال: فقال لهم: ولم تخافون ذلك؟
قالوا: إنّا إذا كنا عندك فذكرتنا، رُوِّعنا (5) ووجلنا، ونَسِينا الدنيا، وزَهِدنا
ص: 222
فيها، حتّى كأنّا نُعاين الآخرة والجنّة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، ودخلنا هذه البيوت وشَمَمنا الأولاد، ورأينا العيال والأهل والمال يكاد أن تحوّل عن الحال التي كنا عليها عندك، وحتى كأنا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون هذا النّفاق؟
فقال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): كلّا، هذا من خُطُوات الشيطان ليُرغبكم في الدنيا، واللّه لو أنّكم تَدُومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها، لَصَافَحَتْكم الملائكة، ومشيتم على الماء، ولولا أنّكم تُذيبون فتستغفرون اللّه لَخَلَقَ اللّه خَلْقاً لكي يُذنبوا ثم يستغفروا فيغفر لهم، إنّ المؤمن مُفَتَّن (1) تَوَّاب، أما تسمع لقوله تعالى: «إِنَّ اللّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ». «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ» ؟(2).
331/432 - عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: كانوا يستنجون بثلاثة أحجار، لأنّهم كانوا يأكلون البُسر (3)، وكانوا يبعرون بَعْراً، فأكل رجل من الأنصار الدُّبّاء (4)، فَلان بطنه واستنجى بالماء، فبعث إليه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : فجاء الرجلُ وهو خائفٌ أن يكون قد نزل فيه أمرُ يَسُوءُه في استنجائه بالماء.
قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): هل عملت في يومك هذا شيئاً؟ فقال: نعم يا رسول اللّه، إنّي واللّه ما حملني على الاستنجاء بالماء إلّا أنّي أكلتُ طعاماً فلان بطني، فلم تُغْنِ عنّي الحجارة، فاستنجيت بالماء.
ص: 223
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هنيئاً لك، فإن اللّه عزّ وجلّ قد أنزل فيك آية: «إنَّ اللّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ» فكنت أوّل من صنع ذا أوّل التوابين، وأوّل المتطهرين (1).
433 / 332 - عن عيسى بن عبداللّه، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المرأة تحيض يَحْرُم على زوجها أن يأتيها في فرجها، لقول اللّه تعالى: «وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حتّى يَطْهُرْنَ» [222] فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته وهي حائض فيما دون الفرج (2).
333/434 - عن عبد اللّه بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عن إتيان النساء في أعجازهنّ، قال: لا بأس، ثم تلا هذه الآية: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» (3) [223].
334/435 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»، قال : حيث شاء (4).
335/436 - عن صفوان بن يحيى، عن بعض أصحابنا، قال: سألتُ أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»، فقال: من قدّامها ومن خلفها في القُبل (5).
437 / 336- عن مَعْمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه قال: أيّ شيءٍ يقولون في إتيان النساء في أعجازهنَّ؟ قلت: بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأساً.
قال: إنّ اليهود كانت تقول: إذا أتى الرجل من خلفها خرج ولده أحول
ص: 224
فأنزل اللّه: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» يعني من خلف أو قدّام خلافاً لقول اليهود، ولم يَعْنِ في أدبارهنّ.
عن الحسن بن عليّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله (1).
337/438 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»، قال : من قبل (2).
338/439 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن الرجل يأتي أهله في دبرها، فكره ذلك، وقال: وإيّاكم ومَحَاشَ النساء (3). وقال: إنّما معنى «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» أي ساعةٍ شئتم (4).
339/440- عن الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: كتبتُ إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مثله، فورد منه الجواب سألت عمّن أتى جاريته في دُبُرها، والمرأة لُعبةٌ لا تُؤذى، وهي حرثٌ كما قال اللّه تعالى(5).
340/441- عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تبارك وتعالى ولا إله غيره: «وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا» [224]، قال: هو قول الرجل: لا واللّه، وبلى واللّه (6).
341/442 - عن زُرارة، وحُمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي
ص: 225
عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): «وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ»، قالا: هو الرجل يُصلح بين الرجلين، فيَحْمِل ما بينهما من الإثم (1).
443 / 342 - عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ»، قال: يعني الرجل يحلف أن لا يُكلّم أخاه، وما أشبه ذلك، أولا يُكلّم أُمّه (2) .
343/444 - عن أيوب، قال: سمعته يقول: لا تحلفوا باللّه صادقين ولا كاذبين، فإنّ اللّه يقول: «وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةٌ لأَيْمَانِكُمْ»، قال: إذا استعان رجل برجلٍ على صُلح بينه وبين رجل فلا يقولن إنّ عليَّ يميناً أن لا أفعل، وهو قول اللّه: «وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ» (3).
344/445 - عن أبي الصَّباح، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «لَا يُؤَاخِذُكُم اللّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُم» [225]، قال: هو (لا واللّه)، (وبلى واللّه) (وكلّا واللّه)، لا يعقد عليها، أو لا يعقد على شيء (4).
446 / 345- عن بريد بن معاوية، قال : سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في الإيلاء: إذا آلى الرجُل من امرأته، لا يقرَبُها، ولا يَمَسُّها، ولا يجمع رأسه ورأسها، فهو في سَعَةٍ ما لم يمض الأربعة الأشهر، فإذا مضى الأربعة الأشهر فهو في حلّ ما سكنت عنه، فإذا طلبت حقّها بعد الأربعة الأشهر وقف فإمّا أن يفى فَيَمسّها، وإمّا أن يَعْزِمَ على الطَّلاق فيُخلّى عنها، حتّى إذا حاضت وتطهَّرت من محيضها طلّقها تطليقةً
ص: 226
من قبل أن يُجامعها بشهادة عدلين، ثم هو أحقُّ برجعتها مالم يمضِ الثّلاثة الأقراء (1).
346/447 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أيما رجُلٍ آلى من امرأته والإيلاء أن يقول الرجل : واللّه لا أجامِعُكِ كذا وكذا أو يقول: واللّه، لأغيظنّك، ثم يُغا يظها، ولأسؤنّك، ثمّ يهجرها فلا يجامعها - فإنّه يتربص بها أربعة أشهر، فإن فاء - والايفاء: أن يُصالح - «فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ» [226]، وإن لم يفى جُبر على الطَّلاق فهى تطليقة (2).
347/448 - عن أبي بصير، في رجل آلى من امرأته حتّى مضت أربعة أشهر. قال: يُوقف، فإن عزم الطَّلاق اعتدّت امرأته كما تعتد المُطَلَّقة، وإن أمسك فلا بأس (3).
348/449 - عن منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجلٍ آلى من امرأته، فمضت أربعة أشهر، قال: يُوقف، فإن عزم الطَّلاق بانت منه، وعليها عِدّة المُطَلَّقة، وإلّا كفّر يمينه وأمسكها (4).
349/450 - عن العبّاس بن هلال، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه ذكر لنا أنّ أجل الإيلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان. فإذا مَضَت الأربعة الأشهر، فإن شاء أمسك وإن شاء طلّق، والإمساك المسيس (5).
350/451 - سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا بانتِ المرأة من الرجُل، هل يخطُبها مع
ص: 227
الخُطاب؟ قال: يخطبها على تطليقتين، ولا يقربها حتّى يُكفِّر يمينه (1).
351/452 - عن صفوان عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في المولي إذا أبى أن يُطَلّق، قال: كان علىٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجعل له حظيرة قصب، ويُحْبِسُه فيها، ويمنعه من الطَّعام والشراب حتّى يُطلّق (2).
352/453 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في الرجل إذا آلى من امرأته، فمضت أربعة أشهر ولم يفى، فهي مطلقةٌ، ثمّ يُوقف، فإن فاء فهي عنده على تطليقتين، وإن عَزَم فهي بائنةٌ منه (3).
353/454 - عن محمّد بن مسلم، وعن زُرارة، قالا: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): القُرء: ما بين الحَيْضَتَيْن (4).
354/455 - عن زُرارة، قال: سَمِعتُ ربيعة الرأي (5) وهو يقول: إنَّ الأقراء التي سمّى اللّه في القرآن إنّما هي الطّهر فيما بين الحَيْضتين وليس بالحيض.
قال: فدخَلتُ على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحدّثته بما قال ربيعة، فقال: كَذَب ولم يَقُل برأيه، وإنما بلغه عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ص: 228
فقلت : أصلحك اللّه، أكان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ذلك؟ قال: نعم، كان يقول: «إنّما القُرء الطّهر، تقرأ فيه الدّم فتجمعه، فإذا جاءت (1) قذفته».
قلت: أصلحك اللّه، رجل طلق امرأته طاهراً من غير جماع بشهادة عدلين؟ قال: إذا دخلت في الحيضة الثالثة، فقد انقضت عدتها، وحلّت للأزواج.
قال: قلت: إن أهل العراق يروون عن العلالي لا لا لا أنه كان يقول: هو أحقُّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ؟ فقال : كذبوا، قال : وكان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة، فقد انقضت عدّتها».
وفي رواية ربيعة الرأي ولا سبيل له عليها، وإنّما القُرء ما بين الحَيْضَتَين، وليس لها أن تتزوّج حتّى تغتسل من الحيضة الثالثة، فإنّك إذا نظرت في ذلك لم تجد الأقراء إلا ثلاثة أشهر، فإذا كانت لا تستقيم، ممّا تحيض في الشهر مراراً وفي الشهر مرّة، كان عِدّتها عِدّة المُستَحاضة ثلاثة أشهر، وإن كانت تحيض حيضاً مستقيماً، فهو في كلّ شهر حيضة بين كل حيضتين شهر، وذلك القُرء (2).
355/456 - قال ابن مُسكان عن أبي بصير، قال: عِدة الّتي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة أقراء، وهي ثلاث حيض (3).
356/457 - وقال أحمد بن محمّد : القُرء: هو الطُّهر، إنّما تقرأ فيه الدم حتّى إذا جاء الحيض دفعتها (4).
357/458 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجلٍ طلّق
ص: 229
امرأته متى تبين منه؟ قال حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة (1).
358/459 - عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّه فِي أَرْحَامِهِنَّ» [228] يعني لا يُحِلُّ لها أن تكتم الحَمْل إذا طلِّقت وهي حُبلى، والزوج لا يعلم بالحُمل، فلا يَحِلّ لها أن تكتُم حَمْلها، وهو أحق بها في ذلك الحَمْل ما لم تَضَع (2).
359/460 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : المُطَلَّقة تبين عند أوّل قطرةٍ من الحيضة الثالثة (3).
360/461 - عن عبد الرّحمن بن أبي عبداللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في المرأة إذا طلَّقها زوجها، متى تكون أملك بنفسها ؟ قال : إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت (4).
361/462 قال زُرارة : قال : أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأقراء: هي الأطهار، وقال: القُرء ما بين الحَيْضَتين (5).
463 / 362 - عن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في الرجل إذا تزوَّج المرأة، قال: أقررتُ بالميثاق الذي أخذ اللّه: «إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفِ أَوْ تَسْرِيحٌ بإِحْسَانٍ» (6) [229].
363/464 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : المرأة التي لا تَحِلّ
ص: 230
لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره التي تُطلّق، ثمّ تُراجع، ثمّ تُطلق، ثمّ تُراجع، ثمّ تُطَّلق الثالثة، فلا تَحِلّ له حتّى تَنكِح زوجاً غيره إن اللّه جل وعزّ يقول: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحَ بِإِحْسَانٍ» والتسريح: هو التطليقة الثالثة (1).
364/465- قال: قال أبو عبد اللّه، في قوله تعالى: «فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حتّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» (2) هاهنا التطليقة الثالثة، فإن طلَّقها الأخير فلا جناح عليهما أن يتراجعا بتزويجٍ جديدٍ (3).
365/466 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إنّ اللّه تعالى يقول: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» والتسريح بالإحسان: هي التطليقة الثالثة (4).
366/467 - عن سماعة بن مهران قال: سألته عن المرأة التى لا تحلّ لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره.
قال: هي التي تُطلّق ثم تراجع، ثمّ تُطلّق، ثمّ تُراجع، ثمّ تُطلق الثالثة، فهى التى لا تَحِلّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره، وتذوق عسيلته، ويذوق عسيلتها (5). وهو قول اللّه: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ» أن تُسَرّح (6) بالتطليقة الثالثة (7).
ص: 231
367/468 - عن أبي القاسم الفارسي، قال: قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعلتُ فداك، إن اللّه تعالى يقول في كتابه: «فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» وما يعني بذلك؟
قال: أمّا الإمساك بالمعروف فكفُّ الأذى وإحباء (1) النفقة، وأمّا التسريح بإحسان فالطلاق على ما نزل به الكتاب (2).
469 / 368 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا ينبغي لمن أعطى اللّه شيئاً أن يرجع فيه، ومالم يُعطِ اللّه وفي اللّه، فله أن يَرْجِع فيه، نحلة (3) كانت أو هبةً، جَرَتْ أولم تَجْرِ (4)، أليس اللّه يقول: «وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أن تأخُذُوا مِمَّا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً» [229]، وقال: «إن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً» (5).
369/470 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن المُختَلَعَة، كيف، يكون خُلعها؟
فقال: لا يحلّ خُلعها حتّى تقول: واللّه لا أبر لك قَسَماً، ولا أُطيع لك أمراً، ولأُوطِئن فراشك، ولأُدْخِلَنَّ عليك بغير إذنك، فإذا هي قالت ذلك حلّ خُلعها، وحَلّ له ما أخذ منها من مهرها ومازاد، وهو قول اللّه تعالى: «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا أفْتَدَتْ بِهِ) [229] وإذا فعل ذلك فقد بانت منه بتطليقة، وهي أملكُ بنفسها، إن شاءت نَكَحْتُه، وإن شاءت فلا، فإن نَكَحتُه فهى عنده على ثِنتَين (6).
370/471 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تبارك وتعالى:
ص: 232
«تِلْكَ حُدُودُ اللّه فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّه فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» [229].
فقال: إنّ اللّه غَضِبَ على الزاني فجعل له جلد مائة، فمن غَضِبَ عليه فزاد فأنا إلى اللّه منه بريء، فذلك قوله : «تِلْكَ حُدُودُ اللّه فَلَا تَعْتَدُوهَا» (1).
371/472- عن عبد اللّه بن فضالة، عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن رجلٍ طلق امرأته عند قُرئها تطليقةً، ثمّ لم يُراجعها، ثمّ طلّقها عند قُرئها الثالثة، فبانت منه ألهُ أن يُراجعها؟ قال: نعم.
قلت: قبل ان تتزوّج زوجا غيره؟ قال: نعم.
قلت له: فرجلٌ طلّق امرأته تطليقةً، ثمّ راجعها، ثمّ طلّقها، ثمّ راجعها، ثمّ طلّقها؟ قال: لا تَحِلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره (2).
473 / 372- عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الطلاق التي لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره؟
قال لي: أخبرك بما صنعتُ أنا بامرأةٍ كانت عندي، فأردتُ أن أطلّقها، فتركتها حتّى إذا طَمَثَت ثُمَّ طَهُرَت، طَلّقتها من غير جماع بشاهدين، ثم تركتها حتّى طمثت وطهُرت، ثمّ طلّقتها بغير جماع بشاهدين، ثمّ تركتها حتّى إذا كادت أن تنقضي عدتها، راجعتها ودخلتُ بها ومَسَسْتُها، ثم تركتها حتّى طَمَثت وطهرت، ثمّ طلّقتها بشهودٍ من غير جماع، وإنما فعلتُ ذلك بها، لأنّه (3) لم يكن لى بها حاجة (4).
373/474 - عن الحسن بن زياد، قال: سألته عن رجُلٍ طلّق امرأته فتزوجت بالمُتعة، أتحل لزوجها الأول؟
ص: 233
قال: لا، لا تحل له حتّى تدخُل في مثل الذي خرجت من عنده، وذلك قوله تعالى: «فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حتّى تَنكِحَ زَوجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّه» [230] والمُتْعَة ليس فيها طلاق (1).
374/475 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن الطلاق الذي لا تحِلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره.
قال: هو الذي يُطلّق، ثمّ يُراجع - والرَّجعة: هي الجِماع - ثمّ يُطلق، ثمّ يراجع، ثمّ يطلّق الثالثة، فلا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، وقال: الرَّجعة: الجماع، وإلّا فهى واحدة (2).
375/476 - عن عمر بن حَنْظَلَة، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا قال الرجل لامرأته: أنتِ طالقة، ثمّ راجعها، ثمّ قال: أنتِ طالقة. ثمّ راجعها، ثمّ قال : أنتِ طالقة. لم تحِلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره فإن طلّقها ولم يُشهد فهو يتزوجّها إذا شاء (3).
376/477 - محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في رجل طلّق امرأته، ثم تركها حتّى أنقضت عدتها، ثم تزوجّها، ثم طلّقها من غير أن يدخل بها حتّى فعل ذلك بها ثلاثاً، قال: لا تَحِلُّ له حتّى تَنْكِح زوجاً غيره (4).
377/478- عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجلٍ طلّق امرأته طلاقاً لا تَحِلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، فتزوّجها عبد، ثمّ طلّقها، هل يهدم الطلاق؟ قال: نعم، لقول اللّه تعالى: «حتّى تَنكِحَ زَوجاً غَيْرَهُ» وهو أحد الأزواج (5).
ص: 234
378/479 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: إذا أراد الرجل الطّلاق طلقها من (1) قبل عِدَّتها في غير جماع، فإنّه إذا طلقها واحدةً، ثمّ تركها حتّى يخلو أجلها، وشاء أن يخطب مع الخُطاب فعل، فإن راجعها قبل أن يخلو الأجل أو العدّة فهى عنده على تطليقة، فإن طلّقها الثانية، فشاء أيضاً أن يخطب مع الخُطّاب، إن كان تركها حتّى يخلو أجلها، وإن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها، فإن فعل فهي عنده على تطليقتين، فإن طلّقها ثلاثاً فلا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، وهي ترث وتُورث ما كانت في الدم في التطليقتين الأوّلتين (2).
379/480 - عن زُرارة وحُمران ابني أعين، و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قالوا: سألناهما عن قوله تعالى: «وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لتَعْتَدُوا» [231] فقالا: هو الرجل يُطلّق المرأة تطليقه واحده، ثم يدعها حتّى إذا كان آخر عدتها راجعها، ثمّ يُطلقها أُخرى، فيتركُها مثل ذلك، فنهي عن ذلك (3).
380/481 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُهُ عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُوا». قال الرجل يُطلّق، حتّى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها، ثمّ طلّقها ثم راجعها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى اللّه عنه (4).
381/482 - عن عَمْرو بن جُمَيْع رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه قال: اللّه مكتوبٌ في التّوراة: من أصبح على الدنيا حَزيناً، فقد أصبح لقضاء اللّه ساخطاً، من أصبح يشكو مُصيبةً نزلت به فقد أصبح يشكو اللّه، ومن أتى غنيّاً فتواضع لغنائه، ذهب اللّه بثُلثُي دينه، ومن قرأ القرآن من هذه الأُمّة ثم دخل النار، فهو ممَّن
ص: 235
كان يتّخذ آيات اللّه هُزُواً، ومن لم يَسْتَشِر يَنْدَم، والفَقْرُ الموتُ الأكبر (1).
483 / 382 - عن داود بن الحصين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «وَالوَالدِاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ» [233].
قال: مادام الولد في الرّضاع فهو بين الأبوين بالسّويّة، فإذا فُطِم فالأب أحقُّ من الأُمّ، فإذا مات الأب فالأم أحقُّ به من العصبة، وإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم، وقالت الأم : لا أرضعه إلّا بخمسة دراهم، فإنّ له أن ينزعه منها، إلّا أنّ ذلك خير (2) له وأقدم (3) وأرفق (4) به أن يُترك مع أُمّه (5).
383/484 - عن جميل بن دَرّاج، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى: «لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِدِ» [233]، قال: الجماع (6).
384/485 - عن الحَلَبَى. قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِدِ»، قال: كانت المرأة ممّن ترفع يدها إلى الرجل إذا أراد مُجامعتها، فتقول: لا أَدْعُك إنِّى أخاف أن أحْمِل على ولدي. ويقول الرجل للمرأة: لا أجامِعُكِ، إنّي أخاف أن تَعْلَقي، فأقتل ولدي فنهى اللّه عن أن يُضار الرجُل المرأة، والمرأةُ الرجل (7).
385/486 - عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : سألته
ص: 236
عن قوله تعالى: «وَعَلَى الوَارِثِ مَثْلُ ذَلِكَ» [233]، قال: هو في النَّفقة، على الوارث مثل ما على الوالد.
وعن جميل، عن سَوْرَة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله (1).
487 / 386 - عن أبي الصَّبَّاح قال : سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَعلَى الوَارِثِ مَثْلُ ذَلِكَ». قال : لا ينبغي للوارث أن يُضارّ المرأة، فيقول: لا أدَعُ ولدها يأتيها، ويُضارٌ ولدها إن كان لهم عنده شيء، ولا ينبغي له أن يُقَتّر عليه (2).
387/488 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : المُطلقة يُنفق عليها حتّى تَضَع حَمْلها، وهي أحقُّ بولدها أن تُرضعه مما تقبله امرأة أخرى، إنّ اللّه يقول: «لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مَثْلُ ذَلِكَ» إِنّه نهى أن يُضارٌ بالصبيّ، أو يُضارّ بأُمّه في رضاعه، وليس لها أن تأخُذ في رضاعه فوق حولين كاملين، فإن أرادا الفِصال (3) قبل ذلك عن تراض منهما كان حَسَناً، والفصال (4): هو الفطام (5).
388/489 - عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما نزلت هذه الآية: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْن مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً» [234] جئن النساء يُخاصمن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقلن: لا نصير. فقال لهنّ رسول اللّه : كانت إحداكنّ إذا مات زوجها، أخذت بعرةً فألقتها خلفها فى دويرها في خدرها، ثمّ قعدت فإذا كان مثل ذلك اليوم من الحول، أخذتها
ص: 237
فَفَتَتها (1)، ثم اكتحلت بها، ثم تزوجت، فوضع اللّه عنكنّ ثمانية أشهر (2).
389/490 - عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته يقول: في امرأةٍ تُوفّي عنها زوجها لم يمسها. قال: لا تنكح حتّى تعتد أربعة أشهر وعشراً، عدّة المُتَوفّى عنها زوجها (3).
390/491 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قوله تعالى: «مَتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاج» (4)، قال: منسوخة، نسختها: «يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً» ونسختها آية الميراث (5).
391/492 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6)، قال : قلتُ له : جعلتُ فداك، كيف صارت عِدّة المُطلّقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، وصارت عدّة المُتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً؟
فقال: أمّا عدّة المُطلّقة ثلاثة قُرُوء، فلاستبراء الرَّحِم من الولد، وأمّا عِدّة المُتوفّى عنها زوجها، فإنّ اللّه تعالى شَرَط للنساء شرطاً، وشرط عليهنّ شرطاً، فلم يجُر (7) فيما شرط لهنّ، ولم يَجُر (8) فيما شرط عليهنّ.
أمّا ما شرط لهنّ، ففي الإيلاء أربعة أشهر، إذ يقول تعالى: «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ» (9) فلن يجوز لأحدٍ أكثر من أربعة أشهر في
ص: 238
الإيلاء، لعلمه تبارك وتعالى أنها غاية صبر المرأة من الرجل.
وأمّا ما شرط عليهنّ، فإنّه أمرها أن تعتد إذا مات زوجها أربعة أشهر وعشراً، فأخذ له منها عند موته ما أخذ لها منه في حياته (1).
493 / 392- عن عبد اللّه بن سنان، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً».
قال: هو طلبُ الحَلَال : «وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحَ حتّى يَبْلُغَ الكِتابُ أَجَلَهُ» أليس يقول الرجل للمرأة قبل أن تنقضى عدتها: موعِدُك بيت آل فلان، ثم يطلُب إليها أن لا تشبقه بنفسها إذا انقضت عدّتُها؟!
قلت: فقوله: «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً» ؟ [235] قال: هو طلب الحلال في غير أن يَعْزِم عُقدة النكاح حتّى يبلُغَ الكتابُ أجله (2).
393/494 - وفي خبر رفاعة، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «قَوْلاً مَّعْرُوفاً»، قال : يقول خيراً (3).
394/495 - وفي رواية أبي بصير، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِراً»، قال : هو الرجل يقولُ للمرأة قبل أن تنقضي عدّتها : أُوعِدُك (4) بيت آل فلان لتَرفُثَ ويَرْفُث معها (5).
395/496- وفي رواية عبداللّه بن سنان، قال : أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو قول الرجل للمرأة قبل أن تنقضى عدّتها: موعدك بيت آل فلان، ثم يطلُب إليها أن لا تسْبقه بنفسها إذا انقضت عِدَّتُها (6).
ص: 239
497 / 396 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً»، قال: المرأة في عدتها تقول لها قولاً جميلاً، تُرغّبها في نفسك، ولا تقول: إنّي أصنع كذا، وأصنع كذا القبيح من الأمر في البُضع (1)، وكلّ أمرٍ قبيح(2).
397/498 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تبارك وتعالى: «إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفا»، قال: يقول الرجل للمرأة وهي في عدّتها: يا هذه، ما أحبّ إليّ ما أسرّك ! ولو قد مضى عدتك لا تفوتيني إن شاء اللّه، فلا تسْبِقيني (3) بنفسك، وهذا كله من غير أن يعزموا عُقدة النكاح (4).
499 / 398 - عن حفص بن البَخْتَرِي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في الرجل يُطلق امرأته أيمتعها؟ فقال: نعم، أما تُحِبّ أن تكون من المحسنين، أما تُحب أن تكون من المتّقين؟ (5).
399/500 - عن أبي الصَّباح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فلها نصف مَهْرها، وإن لم يَكُن سَمَّى لها مَهْراً، فمتاع بالمعروف على المُوسِع قدره، وعلى المُفتر قَدرُه، وليس لها عدّة، وتزوَّج مَن شاءت في ساعتها (6).
400/501- عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : المُوسِع يُمنع بالعبد والأمَة،
ص: 240
ويُمنع المُعير بالحِنْطة والزبيب والثّوب والدراهم (1).
401/502 - وقال : إنّ الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (2) متّع امرأةً طلّقها أمَةً، ولم يَكُن يُطلّق امرأة إلّا متّعها بشي (3).
402/503 - عن ابن بُكَير، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ» [236] ما قَدَر المُوسِع والمُقْتِر؟
قال: كان علىّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يمتّع براحلته (4)، يعنى جملها الذي عليها (5).
403/504 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يُريد أن يُطلّق امرأته.
قال : يُمتعها قبل أن يُطلقها، قال اللّه تعالى في كتابه: «وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ» (6).
404/505 - عن أسامة بن حفص، قيم موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : قلتُ له (7): سَلْهُ عن رجُل يتزوّج المرأة ولم يُسمّ لها مَهْراً؟
قال: لها الميراث، وعليها العِدّة ولا مهر لها، وقال: أما تقرأ ما قال اللّه في كتابه: «إن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ» (8) [237].
ص: 241
405/506 - عن مَنْصُور بن حازم، قال: قُلتُ: رجل تزوج امرأة، وسمّى لها صداقاً، ثمّ مات عنها ولم يدخل بها ؟ قال لها المهر كَمَلاً، ولها الميراث.
قلت: فإنّهم رَوَوا عنك أنّ لها نِصْفَ المَهر؟ قال: لا يحفظون عنِّي، إنّما ذاك المُطَلّقة (1).
406/507 - عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: الذي بيده عُقدة النكاح هو وليّ أمره (2).
407/508 - عن زُرارة، وحُمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَو يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح» [237]. اللام، قال: هو الوليّ والذين يعفُون عن الصَّداق، أو يَحُطُون عنه، بعضه أو كُلّه (3).
408/509 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بَيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ»، قال : هو الأب والأخ الموصى (4) إليه، والذي يجوز أمره في مال المرأة، فيبتاع لها ويشتري فأي هؤلاء عنا فقد جاز (5).
409/510- عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ» وهو الوليّ الذي أنكَحَ، يأخُذ بعضاً وَيَدَع بعضاً، وليس له أن يدع كلّه (6).
511/410 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه : «أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح»، قال : هو الأخ والأب والرجل يُوصى إليه، والذي يجوز أمره
ص: 242
في مالٍ بقيمته (1).
قلتُ: أرأيت إن قالت: لا أجيز ما يصنع؟ قال: ليس ذلك لها، أتجيز بيعه في مالها، ولا تُجيز هذا؟! (2).
411/512 - عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن الذي بيده عُقدة النكاح، فقال: هو الذي يُزوّج، يأخذ بعضاً ويترك بعضاً، وليس له أن يترك كُلَّه (3).
412/513 - عن إسحاق بن عمّار، قال: سألتُ جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «إِلّا أن يَعْفُونَ»، قال: المرأة تعفو عن نصف الصَّداق.
قلت: «أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح» ؟ قال: أبوها إذا عفا جازله، وأخوها إذا كان يُقيم بها، وهو القائم عليها، فهو بمنزلة الأب يجوز له، وإذا كان الأخ لا يُقيم (4) بها، ولا يقوم (5) عليها، لم يَجُز عليها أمره (6).
413/514 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح»، قال: الذي يعفو عن الصداق، أو يَحُطّ بعضه أو كُله (7).
414/515 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةً له النِّكَاح». قال : هو الأب والأخ والرجل الذي يُوصى إليه، والذي يجوز أمره في
ص: 243
مال المرأة، فيبتاع لها ويشتري، فأي هؤلاء عفا فقد جاز.
قلت: أرأيت إن قالت: لا أجيز ما يصنع؟ قال: ليس لها ذلك، أتُجيز بيعه في مالها، ولا تجيز هذا (1).
415/516 - عن بعض بني عطية، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في مال اليتيم يعمل به الرجل. قال: يُنيله (2) من الربح شيئاً، إن اللّه يقول: «وَلَا تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ» (3) [237].
416/517 - عن ابن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يأتى على الناس زمان عَضُوض (4) يَعضُّ كلُّ امرىءٍ على ما في يديه، ويَنْسَون الفضل بينهم قال اللّه: «وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ» (5).
417/518 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قلت له: الصلاة الوسطى؟، فقال : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَةِ الوُسْطَى وصَلاةُ العَصر وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ) والوسطى هي الظهر، وكذلك كان يقرؤها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (6).
519 / 418 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَةِ الوُسْطَى» [238] الوسطى (7): وهى أول صلاة صلّاها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وهي وَسَط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة، وصلاة العصر «قُومُو اللّه قَانِتِينَ» في
ص: 244
الصلاة الوسطى.
وقال: نزلت هذه الآية يوم الجمعة، ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فِي سَفَرٍ، فَقَنت فيها وتركها على حالها في السَّفَر والحَضَر، وأضاف لمقامه رَكْعَتين، وإنّما وُضِعت الرَّكعتان اللتان أضافهما يوم الجمعة للمقيم لمكان الخُطبتين مع الإمام، فمن صَلّى الجمعة في غير الجماعة، فليصلها أربعاً كصلاة الظهر في سائر الأيّام.
قال: قوله تعالى: «وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ» قال: مُطيعين راغبين (1).
419/520 - عن زُرارة، ومحمد بن مسلم، أنهما سألا أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَةِ الْوُسْطَى»، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صلاة الظُهر، وفيها فَرَضَ اللّه الجمعة، وفيها الساعة التي لا يوافقها عبدٌ مسلم فيسأل خيراً إلّا أعطاء اللّه إيّاه (2).
420/521 - عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الصلاة الوسطى الظهر، «وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ» إقبال الرجل على صلاته، ومُحافظته على وقتها، حتّى لا يلهيه عنها ولا يشغله شي (3).
421/522 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : صلاة الوسطى: هي الوسطى من صلاة النهار، وهى الظُهر، وإنّما يُحافظ أصحابنا على الزَّوال من أجلها (4).
422/523 - وفي رواية سماعة: «وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ»، قال: هو الدُّعاء (5).
ص: 245
524 / 423 - عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ». قال: الصلوات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ): والوسطى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ» طائعين للأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1)؟
424/525 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : صلاة المُواقفة (2).
فقال: إذا لم يكن النّصفُ (3) من عدوّك صليت إيماء، را جلا كنت أو راكباً، فإنّ اللّه تعالى يقول: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً» [239] تقول في الرُّكوع: لك ركعتُ وأنت ربي. وفي السُجود: لك سجدتُ وأنت ربيّ. أينما توجّهت بك دابّتك، غير أنّكَ تَوَجّه حين تُكبّر أوّل تكبيرة (4).
425/526 - عن أبان بن مَنْصُور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: فات أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والناس يوماً - يعني في صفّين (5) - صلاة الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، فأمرهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يُسبّحوا ويُكبّروا ويُهلّلوا، قال: وقال اللّه تعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً» فأمرهم على اللّه، فصنعوا ذلك رُكباناً ورجالاً (6).
ورواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: فات الناس الصلاة مع علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم صفّين إلى آخره (7).
ص: 246
426/527 - عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُهُ، عن قول اللّه تعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً»، كيف يفعل، وما يقول؟ ومن يخاف سبعاً أو لِصاً كيف يُصلّي ؟ قال لها : يكبر ويومئ إيماءً برأسه (1).
27/528 - عن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في صلاة الزَّحف، قال: يكبر و يهلّل، يقول: اللّه أكبر، يقول (2) اللّه تعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً» (3).
428/529 ۔ عن ابن أبي عمير، عن معاوية، قال: سألتُه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأزوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ» [240] قال: منسوخة، نسختها آية: «يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً» (4) ونسختها آية الميراث (5).
530/429 - عن أبي بصير، قال: سألتُه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ».
قال: هي منسوخة.
قلت: وكيف كانت؟ قال: كان الرجُلُ إذا مات أُنفِق على امرأته من صُلب المال حولاً، ثمّ أخرجت بلا ميراث، ثم نسختها آية الرُّبع والثُّمن، فالمرأة يُنفق عليها من نصيبها (6).
430/531 - عن أبي بصير، قال: قلتُ لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وَللمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ
ص: 247
بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ» [241] ما أدنى ذلك المتاع، إذا كان الرجل مُغسِراً لا يجد ؟ قال : الخِمار وشبهه (1).
431/532 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَالْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقَّاً عَلَى المُتَّقِينَ».
قال: متاعُها بعدما تنقضي عدّتها على المُوسع قدرُه، وعلى المُقتر قدره، فأما في عِدّتها، فكيف يُمتعها وهي ترجوه وهو يَرجُوها، ويُجري اللّه بينهما ما شاء ؟ أما إنّ الرجل المُوسِر يُمتّع المرأة العبد والأمة، ويمتع الفقير بالحنطة والزَّبيب والثوب والدَّراهم، وإنّ الحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) متَّع امرأةً كانت له بأمةٍ، ولم يُطلق امرأة إلّا متّعها (2).
432/533 - قال: وقال : الحلبيّ : مَتَاعُها بعدما تنقضي عدّتها، على المُوسع قدرُه، وعلى المُقْتِر قَدرُه (3).
433/534 - عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن موسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: سألتُ أحدهما عن المُطلقة ما لها من المُتعة؟ قال : على قَدرِ مال زَوْجِها (4).
434/535 - عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن رجلٍ طلّق امرأته قبل أن يدخل بها، قال: فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن كان سمّى لها مهراً، فلها نصفُ المهر، ولا عِدّة عليها، وإن لم يَكُن سمّى لها مهراً فلا مهر لها، ولكن يُمتِّعُها، فإنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: «وَللْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ» (5).
ص: 248
435/536 - قال أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا : إن مُتْعَة المُطلّقة فَرِيضةٌ (1).
436/537 - عن حُمْران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : حدّثني عن قول اللّه تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللّه مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ» [243] قلتُ: أحياهُم حتّى نظر الناس إليهم، ثم أماتهم من يومهم أوردهم إلى الدنيا حتّى سكنوا الدور، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء؟
قال: بل ردّ هم اللّه حتّى سكنوا الدُّور، وأكلوا الطعام، ونَكَحُوا النساء، ولَبِثُوا بذلك ماشاء اللّه، ثم ماتوا بآجالهم (2).
437/538 - عن عليّ بن عمّار، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لما نزلت هذه الآية : «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا» (3)، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ربّ زدني، فأنزل اللّه : «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» (4)، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): رب زدني، فأنزل اللّه تعالى: «مَنَ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً» [245] والكثير عند اللّه لا يُحصى (5).
438/539 - عن إسحاق بن عمّار، قال: قلتُ لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله تعالى: «مَنَ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حَسَنا»ً ؟ قال : هي صلة الإمام (6).
439/540 - عن محمّد بن عیسی بن زیاد، قال: كنتُ في ديوان ابن عَبَّاد (7)،
ص: 249
فرأيت كتاباً يُنْسَخ فسألت عنه ؟ فقالوا: كتاب الرضا إلى ابنه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) من خُراسان، فسألتهم أن يدفعوه إلىّ، فدفعوه إلىّ (1)، فإذا فيه: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، أبقاك اللّه طويلاً، وأعاذك من عدوّك يا ولدي، فداك أبوك، قد فسَّرتُ لك مالي وأناحيّ سويّ، رجاء أن يُنميك (2) اللّه بالصّلة لقرابتك، ولموالي موسى وجعفر رضى اللّه عنهما، فأمّا سَعِيدة (3) فإنّها امرأة قويّة الجزم في النحل، والصواب في دقّة النّظر (4)، وليس ذلك كذلك، قال اللّه تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً» وقال: «لِيُنفِقْ ذُوسَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ اللّه» (5) وقد أوسع اللّه عليك كثيراً. يا بني، فداك أبوك لا تستردني (6) الأموربحسبها (7) فتحظى (8) حظّك، والسلام (9).
440/541 - عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ
ص: 250
إِلَى المَلَا مِن بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٌّ لَّهُمْ أَبْعَثْ لَنَا مَلِكاً تُقَاتِلْ فِي سَبيل اللّه».
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكان المَلِك في ذلك الزمان هو الذي يسير بالجنود، والنبيّ يُقيم له أمره، ويُنَبِّئه بالخبر من عند ربّه، فلمّا قالوا ذلك لنبيّهم، قال لهم: إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد فقالوا: إنا كنا نَهابُ الجهاد، فإذا أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلا بد لنا من الجهاد، وتطيع ربّنا في جهاد عدوّنا.
قال:«فإن اللّه قَدْ بَعَثَ لَكُم طَالُوت مُلِكاً» فقالت عُظماء بني إسرائيل: وما شأن طالُوت (1) يُملك علينا، وليس في بيت النُبوة والمملكة، وقد عرفت أنّ النبوّة والمملكة، في آل لاوي (2) ويهودا، وطالُوت من سبط بنيامين بن يعقوب. فقال لهم: «إِنَّ اللّه قَد أَصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ» والمُلك بيداللّه يجعله حيث يشاء، ليس لكم أن تختاروا و «إِنَّ ايَةَ مُلْكِهِ أن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ» من قبل اللّه تحْمِلهُ الملائكة «فيه سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ وَال مُوسَى وَ ءَالُ هَارُونَ» (3) [246 - 248] وهو الذي كنتم تَهْزِمون به من لقيتم، فقالوا: إن جاء التابوت رضينا وسلّمنا (4).
542 / 441 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوا إِلَّا قَلِيلاً مِّنْهُمْ»، قال : كان القليل ستين ألفاً (5).
ص: 251
442/543 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «إِنَّ اللّه قَدْ، بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَليْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ».
قال : لم يَكُن من سبط النبوة، ولا من سبط المَمْلَكَة «قَالَ إِنَّ اللّه اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ» قال: «إِنَّ ايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ وَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلَائِكَةُ» فجاءت به الملائكة تَحْمِلُه (1).
443/544 - عن حَرِيز، عن رَجُل، عن أبي جعفر، في قول اللّه تعالى: «يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلَائِكَةُ». قال: رُضَاض (2) الألواح فيها العلم والحكمة، العلم جاء من السَّماء فكُتِب في الألواح وجُعِل في التابوت (3).
444/545 - عن أبي المُحسن (4)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه سُئِل عن قول اللّه تعالى: «وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ وَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلَائِكَةُ»، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ذُرِّيَّة الأنبياء (5).
445/546 - عن العبّاس بن هلال، عن أبي الحسن الرضاء (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته وهو يقول للحسن: أيّ شيءٍ السَّكينة عند كم؟ وقرأ: «فَأَنزَلَ اللّه سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ» (6) فقال له الحسن: جعلت فداك، لا أدري فأيّ شيءٍ هي (7)؟
ص: 252
قال: ريحٌ تخرُج من الجنّة طيّبة لها صُورة كصُورة وجه الإنسان، قال: فتكون مع الأنبياء.
فقال له عليّ بن أسباط : تَنزِل (1) على الأنبياء والأوصياء؟ فقال: تنزل على الأنبياء (2). قال: وهي التي نزلت على إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخُذ كذا وكذا، وبنى الأساس عليها.
فقال له محمّد بن عليّ: قول اللّه تعالى: «فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُم» ؟ قال: هي من هذا.
ثم أقبل على الحسن، فقال: أيّ شيءٍ التابوت فيكم؟ فقال: السِّلاح. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم، هو تابوتكم.
فقال: فأيّ شيء في التابوت الذي كان في بني إسرائيل؟ قال: كان فيه ألواح موسى التي تكسّرت، والطَّست التي تُغسل فيها قلوب الأنبياء (3).
446/547 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «إِنَّ اللّه مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى» فَشَربوا منه إلّا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، منهم من اغترف ومنهم من لم يَشْرَب، فلمّا برزوا، قال الذين أغتَرَفوا: «لَا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ» وقال الذين لم يَغْتَرِفوا: «كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّه وَاللّه مَعَ الصَّابِرِينَ» (4) [249].
447/548 - عن حماد بن عُثمان قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يَخْرُج
ص: 253
القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فى أقلّ من الفئة، ولا تكون الفئة أقل من عشرة آلاف (1).
448/549 - عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كان داود وإخوة له أربعة ومعهم أبو هم شيخ كبير، وتخلّف داود في غنمٍ لأبيه، فَفَصَل طالُوت بالجنود. فدعا أبو داود [داود ] (2) وهو أصغرهم، فقال: يا بنيّ، إذهب إلى إخوتك بهذا الذي قد صنعناه لهم يتقوّون به على عدوّهم، وكان رجلاً قصيراً أزرق قليل الشّعر طاهر القلب، فخرج وقد تقارب القوم بعضهم من بعض.
فذكر عن أبي بصير، قال: سمعته يقول: فمرّ داود على حَجَر، فقال الحَجَر: يا داود خُذني فاقتل بي جالوت فإنّي إنّما خُلِقتُ لقتله، فأخذه فوضعه في مِخْلاته (3) التي تكون فيها حجارته التي كان يرمي بها عن غنمه بمِقْذافه (4).
فلمّا دخل العسكر سمعهم يتعظّمون أمر جالوت فقال لهم :داود ما تُعظَّمون من أمره؟ فواللّه لئن عاينتُه لأقتلنَّه، فتحدّثوا بخبره حتّى أُدخل على طالوت فقال: يافتى، وما عندك من القوة وما جرَّبت من نفسك؟ قال: كان الأسد يعدو على الشاة من غَنّمي فأُدركُه فآخذ برأسه، فأفُكَ لَحْييه عنها، فآخُذها من فيه، قال: فقال: ادعُ لي بدرع سَابِغَة (5)، قال: فأُتي بدرع فقذفها في عُنقه، فتملّا (6) منها حتّى راع طالُوت من حضره من بني إسرائيل. فقال طالُوت: واللّه لعسى اللّه أن يَقتُله به.
ص: 254
قال: فلما أن أصبحوا ورجعوا الى طالوت والتقى الناس قال داود: أرونى جالُوت، فلمّا رآه أخذ الحجر فجعله في مِقْذَافِه (1) فرماه فصكَّ به بین عَيْنَيْه فَدَمَعَه ونُكِّس عن دابّته. وقال الناس: قتل داود جالوت، وملكه الناس حتّى لم يكن يُسْمَع لطالُوت ذكر، واجتمعت بنو إسرائيل على داود، وأنزل اللّه عليه الزَّبُور، وعلّمه صنعة الحديد فلَيّنه له، وأمر الجبال والطير يُسَبِّحن معه، قال: ولم يُعطَ أحدٌ مثل صوته، فأقام داود في بني إسرائيل مستخفياً، وأعطي قوّةً في عبادته (2).
449/550 - عن يُونُس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه يدفع بمن يُصلّي من شيعتنا عمّن لا يُصلّي من شيعتنا، ولو أجمعوا على ترك الصلاة لَهَلَكُوا، وإنّ اللّه يدفع بمن يصوم منهم عمّن لا يصوم من شيعتنا، ولو أجمعوا على ترك الصِّيام لهَلَكوا، وإنّ اللّه يدفع بمن يُزكّي من شيعتنا عمّن لا يُزكّي من شيعتنا، ولو أجمعوا على ترك الزكاة لَهَلَكُوا، وإن اللّه ليدفع بمن يَحُجّ من شيعتنا عمّن لا يَحُجّ من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الحجّ لَهَلَكُوا، وهو قول اللّه تعالى: «وَلَوْ لا دَفْعُ اللّه النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّه ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ» [251] فواللّه ما أنزلت إلّا فيكم ولا عنى بها غيركم (3).
450/551 - عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: بالزيادة اللّه بالإيمان تفاضل (4) المؤمنون بالدرجات عند اللّه. قلت: وإن للإيمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند اللّه؟ قال: نعم.
قلت: صف لي ذلك - رحمك اللّه – حتّى أفهمه، قال: ما فضل اللّه به أولياءه
ص: 255
بعضهم على بعض، فقال: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّه وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ» [253] الآية، وقال: «وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّنَ عَلَى بعضٍ» (1)، وقال: «أنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ» (2) وقال: «هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّه» (3) فهذا ذكرُ (4) درجات الإيمان ومنازله عند اللّه (5).
451/552 - عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنتُ واقفاً مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الجمل، فجاء رجل حتّى وقف بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين، كبَّر القومُ وكبَّرنا، وهلَّل القوم وهَلَّلنا، وصلّى القوم وصلّينا، فعلام تقاتلهم؟
فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): على هذه الآية: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّه وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللّه مَا أَقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم» فنحن الذين من بعدهم «مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللّه مَا أقتَلُوا وَلَكِنَّ اللّه يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ» [253] فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا.
فقال الرجل : كَفَر القوم وربِّ الكعبة، ثمّ حَمَل فقاتل حتّى قُتِل (رَحمهُ اللّه) (6).
452/553 - عن عبد الحميد بن فَرْقَد، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قالت
ص: 256
الجنّ (1): إنّ لكلّ شيءٍ ذُروة (2)، وَذُرْوَةُ القرآن آية الكرسى (3).
453/554 - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت: «مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِاذْنِهِ» ؟ [255] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن أُولئك الشافعون (4).
454/555 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه قال: إن الشياطين يقولون (5): لكلّ شيءٍ ذُروة، وذُروة القرآن آية الكرسي: من قرأ آية الكرسي مرّةً صَرَفَ اللّه عنه ألف مَكْرُوهٍ من مكاره الدنيا، وألف مكروه من مكاره الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، وإني لأستعين بها على صُعود الدَّرَجَة (6).
556/ 455- عن حمّاد، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : رأيتُه جالساً متورّكاً برجله على فَخِذِه، فقال له رجل عنده: جُعلت فِداك، هذه جلسةٌ مكروهة؟ فقال: لا، إن اليهود قالت: إنّ الربّ لمّا فَرّغ من خلق السماوات والأرض جلس على الكرسي هذه الجلسة ليستريح، فأنزل اللّه: «اللّه لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحى القيوم لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» [255] لم يَكُن مُتورّكاً كما كان (7).
456/557- عن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» [255]، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السماوات والأرض وجميع
ص: 257
ما خلق اللّه في الكرسيّ (1).
457/558 - عن زُرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ» وَسَع الكرسيّ السماوات والأرض، أم السماوات والأرضُ وَسِعْنَ الكُرسيّ ؟ فقال : إن كلّ شيءٍ في الكرسي (2).
458/559 - عن محسن المثنّى (3)، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال أبوذرّ: يا رسول اللّه ما أفضل ما أنزل عليك؟ قال: آية الكرسيّ، ما السماوات السبع والأرضون السبع في الكُرسيّ إلّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرض فَلَاةٍ(4)، وإنّ فضله على العرش كفضل الفَلاة على الحَلقة (5).
459/560 - عن زُرارة، قال: سألتُ أحدُهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ» أيّهُما وَسِع الآخر؟ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأرضون كلّها، والسّماوات كلّها، وجميع ما خلق اللّه في الكُرسيّ (6).
460/561 - عن زُرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ» السَّماوات والأرضُ وَسِعْنَ الكُرسيّ، أو الكرسي وسع السماوات والأرض؟ قال: لا، بل الكُرسيّ وسع السّماوات والأرض، والعرش وكلّ شيءٍ خَلَقَ اللّه في الكُرسىّ (7).
ص: 258
461/562 - عن الأصبغ بن نباتة، قال: سُئل أمير المؤمنين الا عن قول اللّه تعالى: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ»، فقال : إن السماء والأرض وما فيهما من خَلقٍ مخلوقٍ في جوف الكُرسيّ، وله أربعة أملاك يَحْمِلونه بإذن اللّه (1).
462/563 - عن زُرارة، وحُمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه، في قول اللّه تعالى: «العُرْوَةِ الوُثْقَى» [256]، قال: هي الإيمان باللّه، يؤمن باللّه وحده (2).
463/564 - عن عبد اللّه بن أبي يعفور، قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي أُخالط الناس، فيكثُّر عَجَبي من أقوامٍ لا يتولّونكم، ويتولون فُلاناً وفُلاناً، لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولّونكم، ليس لهم تلك الأمانة، ولا الوفاء، ولا الصدق!
فال: فاستوى أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً، وأقبل على كالغضبان، ثمّ قال: لادين لمن دان بولاية إمام جائرٍ ليس من اللّه، ولا عتب على من دان بولاية إمام عدلٍ من اللّه.
قال: قلت: لادين لأوُلئك، ولا عتب على هؤلاء؟ فقال: نعم، لادين لأُولئك، ولا عتب على هؤلاء.
ثم قال: أما تسمع لقول اللّه تعالى: «اللّه وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ» ؟ يُخرجهم من ظُلمات الذنوب إلى نُور التوبة والمغفرة، لو لا يتهم كلّ إمام عادل من اللّه، وقال اللّه : «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ».
قال: قلت: أليس اللّه عنى بها الكفّار حين قال: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا» ؟
قال: فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وأي نورٍ للكافر وهو كافر، فأخرج منه إلى الظُّلمات؟ إنّما
ص: 259
عنى اللّه بهذا أنهم كانوا على نُور الإسلام، فلما أن تولّوا كل إمام جائرٍ ليس من اللّه. خرجوا بولا يتهم إيَّاهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفّار، فقال: «أوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» (1) [257].
464/565 - عن مَسْعَدَة بن صَدَقَة، قال: قَص أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قصة الفريقين جميعاً في الميثاق، حتّى بلغ الاستثناء من اللّه في الفريقين، فقال: إنّ الخير والشرّ خَلقان من خَلق اللّه، له فيهما المشيئة في تحويل ما يشاء (2) فيما قدر فيها حال عن حالٍ، والمشيئة فيما خَلَق لها من خَلْق في منتهى ما قسّم لهم من الخير والشرّ، وذلك أنّ اللّه تعالى قال في كتابه: «اللّه وَليُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّن الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ» فالنور هم آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) والظُّلمات عدّوهم (3).
566/ 465 - عن مهزم الأسديّ، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قال اللّه تبارك وتعالى: لاُعذبن كلّ رَعِيَّةٍ دانت بإمامٍ ليس من اللّه، وإن كانت الرّعيّة في أعمالها بَرَّةً نقية، ولأعْفونّ (4) عن كُلّ رَعِيَّةٍ دانت بكُلّ إمامٍ من اللّه وإن كانت الرّعيّة في أعمالها سيئة.
قلت: فيعفو عن هؤلاء، ويعذب هؤلاء؟ قال: نعم، إنّ اللّه يقول: «اللّه وَليُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّن الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ».
ص: 260
ثم ذكر الحديث الأول حديث ابن أبي يعفور (1)، رواية محمّد بن الحسين، وزاد فيه: فأعداء عليّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هم الخالدون في النّار، وإن كانوا في أديانهم على غاية الورع والزهد والعبادة، والمؤمنون بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هم الخالدون في الجنّة وإن كانوا فى أعمالهم على ضدّ ذلك (2).
466/567- عن أبي بصير، قال : لما دخل يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الملك، قال له : كيف أنت يا إبراهيم؟ قال: إنّي لستُ بإبراهيم أنا يُوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
قال: وهو صاحب إبراهيم، الذي حاجّ إبراهيم في ربّه. قال: وكان أربعمائة سنة شابّاً (3).
467/568 - عن أبان عن حُجر (4)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : خالف لا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قومه، وعاب آلهتهم حتّى أدخل على نَمْرُود فَخَاصَمَه، فقال إبراهيم : «رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّه يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّه لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ» (5) [258].
468/569 - وعن حنان بن سَدِير، عن رجل من أصحاب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سمِعتُه يقول: إنّ أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة لسبعة نفر : أوّلهم ابن آدم الذي
ص: 261
قتل أخاه، ونَمْرُود بن كَنْعان الذي حاج إبراهيم في ربّه (1).
469/570 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللّه بَعْدَ مَوْتِهَا».
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن اللّه بعث إلى بني إسرائيل نبيّاً يقال له إرميا، فقال اللّه تعالى: قل لهم: ما بلد تَنقَّيتُهُ من كرائم البلدان، وغرستُ (2) فيه من كرائم الغَرْس، ونَقَّيتُه من كل غريبةٍ، فأخلف فأنبت خُرنُوباً (3).
قال: فَضَحِكُوا واسْتَهْزَءُوا به، فشكاهم إلى اللّه، قال: فأوحى اللّه إليه: أن قل لهم: إنّ البلد بيت المَقدِس، والغَرْس بنو إسرائيل، تنقيته من كلّ غريبة، ونحيّت عنهم كلّ جبّارٍ، فأخلفوا فعمِلُوا بمعاصي اللّه، فلأسلطنَّ عليهم في بلدهم من يَسْفِك دماءَهُم، ويأخُذ أموالهم، فإن بكوا إلى فلم أرْحَم بُكاءَهُم، وإن دَعَوا لم أَسْتَجِب دعاءهم (4)، تُم لأُخربنَّها مائة عام، ثُمّ لأُعمّرنَّها.
فلمّا حدّثهم جزعت العلماء فقالوا: يا رسول اللّه، ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم ؟ فَعَاوِد لنا ربّك، فصام سبعاً، فلم يُوح إليه شيء، فأكَلَ أكلةً ثمّ صام سبعاً فلم يُوح إليه شيء، فأكل أكلةً ثمّ صام سبعاً، فلمّا أن كان يوم الواحد والعشرين أوحى اللّه إليه لترجعنّ عمّا تصنع أتُراجعني في أمرٍ قضيتُه؟ أو لأرُدّنّ وجهك على دُبُرك. ثم أوحى إليه : قل لهم : لأنّكم رأيتم المُنكر فلم تُنكروه، فسلّط اللّه عليهم بخت نَصَّر، فصنع بهم ما قد بلغك، ثم بعث بخت نَصَّر إلى النبيّ فقال: إنك قد نُبنت عن ربّك وحدثتهم بما أصنع بهم، فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت، وإن
ص: 262
شِئْتَ فَاخْرج.
فقال: لا، بل أخرُج، فتزوّد عصيراً وتيناً وخَرَج، فلمّا أن غاب (1) مدّ البصر التفت إليها، فقال: «أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللّه بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّه مِائَةَ عَامٍ» أماته غُدوةً، وبعثه عَشيّةً قبل أن تغيب الشمس، وكان أول شيءٍ خُلق منه عيناه في مثل غرقى البيض (2)، ثم قيل له: «كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً» فلما نظر إلى الشمس لم تغب، قال: «أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهُ وَأَنْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ وَأَنْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً».
قال: فجعل يَنْظُر إلى عظامه، كيف يَصِل بعضُها إلى بعض، ويرى العروق كيف تجري، فلمّا استوى قائماً، قال: «أَعْلَمُ أَنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [259].
وفي رواية هارون: فتزوّد عصيراً ولبناً (3).
470/571 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا: «ألم تر إلى العظام كيف تُنشرها ثم نكسوها لحماً فلما تبيّن له» قال: ما تبين لرسول اللّه أنها في السماوات. قال رسول اللّه: أعلم أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قدير سلّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لربّ، وآمن بقول اللّه: «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (4).
471/572 - أبو طاهر العَلَوي، عن عليّ بن محمّد العلوي، عن عليّ بن مرزوق، عن إبراهيم بن محمّد، قال: ذكر جماعة من أهل العلم أنّ ابن الكوباء قال
ص: 263
لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أمير المؤمنين ما وَلَدٌ أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟ قال: نعم، أولئك وُلد عُزير، حيث مرّ على قريةٍ خَرِبةٍ، وقد جاء من ضَيعةٍ له تحته حمار، ومعه شَنَّة (1) فيها تين، وكُوز فيه عصيرٌ، فمرّ على قرية خربة فقال: «أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللّه بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّه مِائَةَ عَامٍ» فتوالد ولده وتَناسَلُوا، ثمّ بعث اللّه إليه فأحياه في المَوْلِد الذي أماته فيه، فأولئك ولده أكبر من أبيهم (2).
472/573 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول إبراهيم 22 : «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى».
قال: أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما أُري (3) إبراهيم ملكُوت السماوات والأرض، رأى : رجُلاً يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتّى رأى ثَلاثةً، فدعا عليهم فماتوا، فأوحى اللّه إليه أن يا إبراهيم، إنَّ دَعْوَتَكَ مُجابَةٌ، فلا تَدْعُ على عبادي، فإنّي لو شئتُ لم أخْلُقهم، إنِّي خَلَقْتُ خَلقي على ثلاثة أصناف: عبد يَعْبُدني لا يُشْرِك بي شيئاً فأُتيبه، وعبد يَعْبُدُ غيري فلن يفوتني، وعبد يَعبُدُ غيري فأُخرج من صلبه من يَعْبُدني.
ثم التفت إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرأى جيفةً على ساحل، بعضها في الماء وبعضها في البر، تجيء (4) سباع البرّ فتأكل بعضها بعضاً، فيشد بعضها على بعض، فيأكل بعضها بعضاً.
فعند ذلك تعجب إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) مما رأى وقال: «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى» كيف تُخرج ما تَنَاسَخ هذه أُممٌ أكل بعضها بعضاً «قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ
ص: 264
بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» يعني حتّى أرى هذا كما أراني (1) اللّه الأشياء كلّها، قال: «خُذْ أربَعَةً مِّنَ الطَّيرِ فَصُرهُنَّ إِلَيكَ» ثم أجعل على كلّ جبل منهنَّ جُزءاً و تقطّعهنّ و تخلطهنّ كما أختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكلت بعضها بعضاً ثُمَّ «أَجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً» [260] فلما دعاهنَّ أجبنه، وكانت الجبال عَشَرة (2).
473/574 - وروى أبو بصير، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكانت الجبال عشرة وكانت الطيور: الديِّك، والحمامة والطاوُس، والغُراب. وقال: فخُذ أربعةً من الطير فقطعهنّ بلحمهنّ وعظامهنّ وريشهنّ ثمّ أمْسِكْ رؤوسهنّ، ثمّ فرّقهُنَّ على عَشَرة جبال على كلّ جَبلٍ مِنْهُنّ جزء، فجعل ما كان في هذا الجبل يذهب إلى هذا الجبل بريشه ولحمه ودمه، ثم يأتيه حتّى يضع رأسه فى عُنقه حتّى فرغ من أربعتهن (3).
474/575 - عن مَعْرُوف بن خَرَّبُود، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه لما أوحى إلى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن خُذ أربعة من الطير، عمد إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ النَّعامة والطاوُس والوَزَّة والدِّيك، فتتف ريشهُنَّ بعد الذّبح، ثم جعلهنّ (4) في مهراسةٍ (5) فَهَرَسَهُنَّ، ثمّ فرّقهنَّ على جبال الأردنّ، وكانت يومئذٍ عشرة أجبال، فوضع على كلّ جبل منهنّ جُزءاً، ثم دعاهنَّ بأسمائهن، فأقبلن إليه سعياً - يعني مسرعات - فقال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند ذلك: أعلم أنّ اللّه على كُلّ شيءٍ قدير (6).
ص: 265
475/576 - عن على بن أسباط : أنَّ أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) سُئل عن قول اللّه تعالى: «قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» أكان في قلبه شكّ؟ قال: لا، ولكنّه أراد من اللّه الزيادة في يقينه قال : والجُزء واحد من عَشَرة (1).
476/577 - عن عبد الصَّمَد بن بشير، قال : جُمِعَ لأبي جعفر المنصور القُضاة، فقال لهم: رجُلٌ أوصى بجُزءٍ من ماله، فكم الجزء؟ فلم يعلمواكم الجزء، أشكلوه فيه(2).
فأبرد بريداً إلى صاحب المدينة أن يسأل جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : رجُلٌ أوصى بجزءٍ من ماله، فكم الجزء؟ فقد أشكل ذلك على القُضاة، فلم يعلموا كم الجزء، فإن هو أخبرك به وإلا فاحمله على البريد ووجّهه إليّ.
فأتى صاحب المدينة أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له: إن أبا جعفر بَعَثَ إلي أن اسألك عن رجلٍ أوصى بجُزءٍ من ماله، وسأل مَن قِبْلَه مِن القُضاة فلم يُخبروه ما هو، وقد كتب إلى أنْ إنْ فسّرت ذلك له وإلا حملتك على البريد إليه.
فقال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا في كتاب اللّه بين، إن اللّه تعالى يقول: لمّا قال إبراهيم : «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى» إلى قوله: «كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً»فكانت الطير أربعة، والجبال عَشَرَة يُخرج الرجل من كلّ عَشَرَة أجزاءٍ جُزءاً واحداً.
وإنّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعا بمهراس فدق فيه الطيور جميعاً، وحَبَسَ الرؤوس عنده، ثمّ إنّه دعا بالذي أمر به فجعل ينظر إلى الرِّيش كيف يَخْرُج، وإلى العُرُوق عِرقاً عِرْقاً حتّى تَمَّ جَنَاحُه مُستوياً، فأهوى نحو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال (3) إبراهيم ببعض الرؤوس فاستقبله به فلم يكن الرأس الذي استقبله به لذلك البدن حتّى
ص: 266
انتقل إليه غيره، فكان موافقاً للرأس، فتمت العدة وتمت الأبدان (1).
477/578 - عن عبد الرّحمن بن سيابة، قال: إنّ امرأة أوصت إلي، وقالت لي: ثُلُثي تقضي به دين ابن أخي، وجزء منه لفلانة، فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى، فقال: ما أرى لها شيئاً، وما أدري ما الجزء.
فسألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأخبرته كيف قالت المرأة، وما قال ابن أبي ليلى، فقال: كَذَّب ابن أبي ليلى، لها عُشر الثلث، إن اللّه أمر إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: «أجْعَلْ عَلَى كُلّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً» وكانت الجبال يومئذٍ عَشَرَة، وهو العُشر من الشيء (2).
478/579 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عالم، في رجل أوصى بجُزءٍ من ماله، فقال: جُزءٌ من عَشَرَةٍ، كانت الجبال عَشَرةً، وكان الطير: الطاوُس، والحمامة، والدِّيك، والهُدهُد، فأمره اللّه أن يُقَطَّعهنَّ ويَخْلُطَهُنَّ، وأن يَضَعَ على كلّ جَبَلٍ منهنَّ جزءاً، وأن يأخُذَ رأس كُلّ طير منها بيده، قال : فكان إذا أخذ رأس الطير منها بيده، تطاير إليه ما كان منه حتّى يعود كما كان (3).
479/580 - عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن عبداللّه، قال: جاءني أبو جعفر بن سليمان الخُراسانيّ، وقال: نَزَل بى رجلٌ من خُراسان من الحُجّاج، فتذاكرنا الحديث، فقال: مات لنا أخٌ بِمَرو، وأوصى إليّ بمائة ألف درهم، وأمرني أن أعطى أبا حنيفة منها جزءاً، ولم أعرف الجُزء كم هو مما ترك؟ فلما قَدِمتُ الكوفة أتيت أبا حنيفة، فسألته عن الجزء، فقال لي: الربع، فأبى قلبي ذلك، فقلت: لا أفعل حتّى أحُجّ وأستقصي المسألة، فلما رأيت أهل الكوفة قد أجمعوا على
ص: 267
الرُّبع، قلت لأبي حنيفة: لا سوءة (1) بذلك، لك أوصى بها يا أبا حنيفة، ولكن أحُجّ وأستقصي المسألة، فقال أبو حنيفة: وأنا أُريدُ الحجّ.
فلمّا أتينا مكّة، وكنا في الطَّواف، فإذا نحن برجل شيخ قاعد، قد فرغ من طوافه، وهو يَدْعُو ويُسبِّح، إذ التفت أبو حنيفة، فلمّا رآه قال: إن أردت أن تسأل غاية الناس، فسَل هذا، فلا أحد بعده قلت ومن هذا؟ قال: جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
فلمّا قعدتُ واستمكنتُ، إذ استدار أبو حنيفة خلف ظهر جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، فقعد قريباً منّي، فسلّم عليه وعظّمه، وجاء غير واحد مُزْدَلِفين (2) مُسلّمين عليه وقعدوا، فلمّا رأيتُ ذلك من تعظيمهم له اشتدّ ظهري، فغمزني (3) أبو حنيفة أن تَكلَّم. فقلت: جعلت فداك، إنِّي رجل من أهل خُراسان، وإنّ رجلاً مات وأوصى إلي بمائة ألف درهم، وأمرني أن أعطي منها جزءاً، وسميّ لي الرجل، فكم الجُزء، جُعلتُ فداك ؟
فقال جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : يا أبا حنيفة، لك أوصى، قُل فيها؟ فقال: الرُّبع. فقال لابن أبي ليلى: قُل فيها ؟ فقال : الرُّبع.
فقال جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ومن أين قُلتُم الربع ؟ قالوا: لقول اللّه: «فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً».
فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهم - وأنا أسمع هذا - : قد علمت الطير أربعة، فكم كانت الجبال؟ إنّما الأجزاء للجبال ليس للطير، فقالوا ظننا أنها أربعة. فقال أبو
ص: 268
عبداللّه : ولكن الجبال عَشَرَة (1).
480/581 - عن صالح بن سَهْل الهَمْداني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَخُذْ أَرْبَعَةٌ مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً» الآية.
فقال: أخذ الهُدهُد والصُّرَد (2) والطاؤس والغُراب، فَذَبحهنَّ وعزل رُؤوسهنّ، ثم نَحْزَ أبدا نهنّ بالمنحاز (3) بريشهنَّ ولحومهنَّ وعظامهنّ حتّى اخْتَلَط، ثمّ جزأهنّ عَشَرَة أجزاءٍ على عَشَرَة جبالٍ، ثمّ وضع عنده حبّاً وماء (4)، ثم جعل مناقير هن بين أصابعه، ثمّ قال: انتين سعياً بإذن اللّه، فتطايرت بعضهنّ إلى بعض اللحوم والريش والعظام حتّى استوت بالأبدان كما كانت، وجاء كلُّ بدن حتّى التزق برقبته التي فيها المِنْقار، فخلّى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مناقيرها فوقعن(5) وشربن من ذلك الماء، والتَقَطْن من ذلك الحبّ، ثمّ قُلن: يا نبي اللّه، أحييتنا أحياك اللّه، فقال: بل اللّه يُحيي ویمیت.
فهذا تفسيره في الظاهر، وأما تفسيره في باطن القرآن، قال: خُذ أربعة (6) ممّن يحتمل الكلام فاستودعهم علمك، ثمّ أبعثهم في أطراف الأرض حججاً لك على الناس، فاذا أَرَدْتَ أن يأتوك دعوتهم بالاسم الأكبر، يأتونك سعياً باذن اللّه (7).
ص: 269
481/582 - عن عُمر بن يزيد (1)، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إذا أحسَنَ المؤمن عَمَلَه ضاعف اللّه له عَمَله بكل حسنة سبعمائة ضعف، فذلك قول اللّه: «وَاللّه يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ» [261] فأحْسِنُوا أعمالكم التى تَعْمَلُونها لثواب اللّه.
قلت: وما الإحسان؟ قال: إذا صَلّيت فأحْسِن رُكُوعك وسُجُودك، وإذا صُمْت فَتَوقَ كُلّ ما فيه فساد صَوْمك، وإذا حَجَجَتَ فَتَوق كلّ ما يَحْرُم عليك في حجتك وعُمرتك. قال: وكُلّ عملٍ تَعْمَلُه فَلْيَكُن نقيّاً من الدَّنَس (2).
482/583 - عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ له: أرأيت المؤمن له فضل على المُسلم في شيءٍ من المواريث والقضايا والأحكام حتّى يكون للمؤمن أكثر مما يكون للمسلم في المواريث أو غير ذلك؟
قال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحداً، إذا حكم الإمام عليهما، ولكنّ للمؤمن فضلاً على المُسلم في أعمالهما (3)، يتقربان به إلى اللّه.
قال: فقلت: أليس اللّه يقول: «مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» (4)؟ وزعمت أنّهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن؟
قال: فقال أليس اللّه قد قال: «اللّه يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ» أضعافاً كثيرة؟ فالمؤمنون هم الذين يُضاعِفُ اللّه لهم الحسنات، لكُلِّ حَسَنةٍ سبعين ضعفاً، فهذا من فَضلهم، ويزيد اللّه المُؤمن في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافاً مضاعفةً كثيرةً، ويَفْعَلُ اللّه بالمؤمنين ما يشاء (5).
ص: 270
483/584 - عن المُفَضَّل بن محمّد الجعفي (1)، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ» قال: الحبَّة فاطمة (صلى اللّه عليها)، والسّبع السَّنابل سبعةٌ (2) من وُلدِها سابِعُهم قائمهم.
قلت: الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال : إن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) امامٌ من اللّه مفترضٌ طاعتُه، ولكن ليس من السّنابل السّبعة أوّلهم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وآخرهم القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
فقلت: قوله: «فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ»؟ [261] قال: يُولد للرجلُ منهم في الكرّة (3) مائة من صُلبه، وليس ذلك (4) إلّا هؤلاء السبعة (5).
484/585 - عن محمّد الوابشيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا أحسن العبد المؤمن (6)، ضَاعَفَ اللّه له عمله، لكُلِّ حسنةٍ سبعمائة ضِعْفٍ، وذلك قول اللّه تبارك وتعالى: «وَاللّه يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ» (7).
485/586 - عن المُفَضَّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن جعفر بن محمّد، وأبي جعفر، في قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى» [264] إلى آخر الآية، قال: نزلت في عُثمان، وجَرَت في مُعاوية
ص: 271
وأتباعهما (1).
587 / 486 - عن سَلام بن المُستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى» لمحمدٍ وآل محمّد عليه الصلاة والسلام، هذا تأويل قال: أُنزلت في عُثمان (2).
487/588 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى» إلى قوله: «لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا» قال: صفوان، أي حَجَر (3) «وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النّاسِ» [264] فلان وفلان وفلان، ومُعاوية، وأشياعهم (4).
488/589 - عن سَلام بن المُستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: في قوله تعالى: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه» [265]، قال: أنزلت في علي (5).
489/590 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه»، قال (6): على أمير المؤمنين لا أَفَضَلُهم، وهو مِمَّن يُنفِقُ ماله ابتغاء مرضات اللّه (7).
490/591 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ» [266].
ص: 272
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): ريحٌ (1).
491/592- عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ» [267].
قال: كان أُناس على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يتصدّقون بشر ما عندهم من التَمر الرقيق القِشر الكبير النَّوى، يقال له: المُعافارة، ففي ذلك أنزل اللّه: «وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ» (2).
492/593 - عن أبي بصير، قال سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ»؟
قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا أمر بالنخل أن يُزكّى، يجيء قوم بألوان من التمر، هو من أردأ التمر يُؤدّونه عن زكاتهم تمراً، يقال: له: الجُعرور والمُعافارة، قليلة اللَّحاء عظيمة النَّوى، فكان بعضهم يجيء بها عن التمر الجيّد، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا تخرصوا (3) هاتين، ولا تجيئوا منها بشيء، وفي ذلك أنزل اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ» إلى قوله: «إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فيهِ» [267] والإغماض : أن يأخُذ هاتين التّمرتين من التّمر (4).
وقال: لا يصل إلى اللّه صدقةٌ من كسْبٍ حرام (5).
ص: 273
493/594 - عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فيه»، فقال: بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عبداللّه بن رواحة، فقال: لا تَخْرِصوا جُعْرُوراً ولا مُعافارةً؛ وكان أناسٌ يَجيئون بتمرسوء، فأنزل اللّه جل ذكره: «وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ» وذكر أنّ عبداللّه خَرَص عليهم تمرسوء، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يا عبداللّه، لا تَخرِص جُعْرُوراً ولا مُعافارة (1).
494/595 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) اللّه، في قول اللّه تعالى : «وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ»، قال: كانت بقايا في أموال الناس أصابوها من الرّبا أو من [المكاسب ] (2) الخبيثة قبل ذلك، فكان أحدهم يتيممها فينفقها ويتصدّق بها، فنهاهم اللّه عن ذلك (3).
495/596 - عن أبي الصَّباح، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه تعالى: «وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ». قال: كان الناس حين أسلموا عندهم مكاسب من الرِّبا، ومن أموال خبيثة، فكان الرجُل يتعمدها من بين ماله فيتصدق بها، فنهاهم اللّه عن ذلك، وإنَّ الصَّدقة لا تَصْلُح إلا من كسب طيب (4).
496/597 - عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : كان أهل المدينة يأتون بصدقة الفطر إلى مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفيه عِذق يُسمّى الجُعرور، وعِذق يُسمّى مُعافارة كانا عظيماً نواهما، رقيقاً لحاؤهما، في طعمهما مرارة، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) للخارص: لا تخرص عليهم هذين اللَّونَين، لعلهم
ص: 274
يستحيون لا يأتون بهما، فأنزل اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ» إلى قوله : «تُنفِقُونَ» (1).
497/598 - عن محمّد بن خالد الضَّبِّي قال: مرّ إبراهيم النَّخَعِي على امرأة وهي جالسة على باب دارها بكرة، وكان يقال لها: أُمّ بكر، وفي يدها مِغْزَل تَغْزِل به، فقال: يا أُمّ بكر، أما كبرت ألم يأن لكِ أن تضعي هذا المغزل؟ فقالت: وكيف أضعه وَسمِعتُ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: هو من طيّبات الكسْب (2).
599 / 498 - عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قلت له: إنِّي أفْرَحُ من غير فَرّح أراه في نفسي، ولا في مالي، ولا في صديقي، وأحْزَنُ من غير حزنٍ أراه في نفسي ولافي مالي، ولافي صديقي.
قال: نعم، إنّ الشيطان يُلِمُّ بالقلب (3)، فيقول لوكان لك عند اللّه خير ما أدالَ (4) عليك عدوّك، ولا جعل بك إليه حاجة هل تنتظر إلّا مثل الذي انتظر الذين من قبلك، فهل قالوا شيئاً؟ فذاك الذي يُحْزِن من غير حُزن.
وأمّا الفرح، فإنّ المَلَك يُلِمُّ بالقلب فيقول: إن كان اللّه أدالَ عليك عدوك، وجعل بك إليه حاجةٌ، فإنّما هي أيّام قلائل، أبشر بمَغْفِرَةٍ من اللّه وفَضْلٍ، وهو قول اللّه تعالى: «الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالفَحْشاءِ وَاللّه يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً» (5) [268].
ص: 275
499/600 - عن أبي بصير، قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً» [269]، قال: هي طاعة اللّه، ومعرفة الإمام (1).
601 / 500 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»، قال : المعرفة (2).
501/602 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر لا يقول: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): معرفة الإمام، واجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار (3).
502/603 - عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً». فقال اللّه : إن الحكمة: المعرفة والتفقُّه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيمٌ، وما من أحدٍ يموت من المؤمنين أحبُّ إلى إبليس من فقيه (4).
503/604 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه تعالى: «وَإِن تُخْفُوها وَتُؤْتُوها الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ» [271]، قال: ليس تلك الزكاة، ولكنّه الرجُل يَتَصدَّق لنفسه، الزكاة علانية ليس بسرّ(5).
504/605 - عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إن اللّه يبغض المُلْحِف (6).
ص: 276
505/606 - عن أبي بصير، قال : قلتُ لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قوله تعالى: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً» [274]؟ قال: ليس من الزكاة (1).
506/607 - عن أبي إسحاق، قال: كان لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعة دراهم، لم يَمْلِك غيرها، فتصدَّق بدِرهَم ليلاً، وبدِرْهَم نهاراً، وبدِرْهَم سِرّاً، وبدِرْهَم عَلانيةٌ، فبلغ ذلك النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا علي ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنجاز موعود اللّه، فأنزل اللّه تعالى: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً» الآية (2).
507/608 - عن شهاب بن عبد ربّه، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: آكِلُ الرّبا لا يخرج من الدنيا حتّى يَتَخَبَّطه الشَّيطان (3).
508/609 - عن زُرارة، قال : أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يكون الرّبا إلّا فيما يُوزَن ويُكال (4).
509/610 - عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن ربّه فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلى اللّه» [275]، قال: المَوْعِظَة: التّوبة (5).
611 / 510 - عن محمّد بن مُسلم: إنّ رجلاً سأل أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد عمل بالرّبا حتّى كثر ماله، بعد أن سأل غيره من الفُقهاء، فقالوا له: ليس يُقبل منك شيء إلّا أن تَرُدّه إلى أصحابه، فلمّا قصّ على أبى (6) جعفر، قال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
ص: 277
مخرجك في (1) كتاب اللّه قوله : «فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن ربّه فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلى اللّه» والمَوْعِظَة: التَّوبة (2).
511/612 - عن سالم بن أبي حَفْصَة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه يقول: ليس من شيءٍ إلّا وكَّلتُ به من يَقْبِضُه غيري، إلّا الصدقة فإنِّي أتلقفها بيدي تلقفاً حتّى إن الرجل والمرأة يتصدّق بالتَّمرة وبشقّ (3) تَمْرة، فأُربيها له كما يُربى الرجل فِلْوَه (4) وفَصِيلَه (5)، فيلقاني (6) يوم القيامة وهى مثل أحد وأعظم من أُحُد (7).
512/613 - عن محمّد القمام، عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال: إنّ اللّه ليُربى لأحدكم الصَّدقة كما يُربى أحدكم ولده، حتّى يَلْقاه يوم القيامة وهو مثل أُحد (8).
513/614 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال اللّه تبارك وتعالى: أنا خالق كلّ شيء، وكلت بالأشياء غيري إلّا الصّدقة، فإنّي أقْبِضُها بيدي، حتّى إنّ الرجل أو المرأة يصدّق بشقّة التمرة فأُربيها له كما يُربي الرجل منكم فَصيله وفِلْوَه، حتى أتركه يوم القيامة أعظم من أُحد (9).
ص: 278
514/615 - عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه : إنّه ليس شيء إلّا وقدو كلّ به مَلَكٌ غير الصّدقة، فإن اللّه يأخُذه (1) بيده ويُربيه كما يُربى أحدكم ولده، حتّى يلقاه يوم القيامة وهو مثل أُحُد (2).
515/616 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن الرجل يكونُ عليه الدين إلى أجلٍ مسمّى، فيأتيه غَريمُه فيقول: أنقِد لي. فقال: لا أرى به بأساً، لأنّه لم يزد على رأس ماله، وقال اللّه تعالى: «فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ» (3) [279].
516/617 - عن أبي عمر و الزُّبيريّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إِنَّ التَّوبة مُطَهَّرة من دَنّس الخطيئة، قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللّه وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» إلى قوله: «لَا تُظْلَمُونَ»، فهذا ما دعا اللّه إليه عباده من التّوبة، ووعَدَ عليها من ثوابه، فمن خالف ما أمر اللّه به من التّوبة سَخط اللّه عليه، وكانت النّار أولى به وأحقّ (4).
517/618 - عن معاوية بن عمار الدُّهنيّ، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من أراد أن يُظلَّه اللّه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظِلُّه، فلينظر مُعِسراً، أولِيَدع له من حَقِّه (5).
ص: 279
518/619 - عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من سَرَّه أن يَقيهُ اللّه من نَفَحاتِ جَهَنَّم، فليُنظر مُعسِراً، أولبَدَعَ له من حقِّه (1).
519/620 - عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ أبا اليَسَر (2) رجلٌ من الأنصار من بنى سَلَمَة (3)، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أيكم يُحِبّ أن يستظلّ (4) من فور جهنّم (5) ؟ فقال القوم: نحن يا رسول اللّه. فقال: من أنظر غريماً، أو وَضَع لمُغسِير (6).
520/621 - عن إسحاق بن عمّار، قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما للرّجل أن يبلُغَ من غريمه؟ قال: لا يبلُغ به شيئاً، اللّه أنظَره (7).
521/622 - عن أبان عمّن أخبره عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال رسول
ص: 280
اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في يوم حار من سره أن يُظلُّه اللّه (1) يوم لا ظِلَّ إلّا ظلُّه، فليُنظِر غَريماً أو ليدع المُعير (2).
522/623 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: يَبْعَثُ اللّه قوماً من تحت العرش يوم القيامة، وُجُوهُهم من نُورٍ، ولباسهم من نُورٍ، ورياشُهم من نُورٍ، جُلوساً على كراسيّ من نُور.
قال: فيُشرِف اللّه لهم الخَلْقَ فيقولون: هؤلاء الأنبياء؟ فينادي مُنادٍ من تحت العرش ليسوا بأنبياء. قال: فيقولون هؤلاء شهداء؟ قال: فينادي مناد من تحت العرش ليس هؤلاء شهداء، ولكن هؤلاء قومٌ يُيَسِّرون على المؤمنين، ويُنظرُون المُغير حتّى تشير(3).
523/624 - عن ابن سنان، عن أبي حمزة، قال: ثلاثة يُظلّهم اللّه يوم القيامة يوم لا ظلّ إلّا ظِلُّه : رجُلٌ دَعَته امرأةٌ ذاتُ حُسنٍ (4) إلى نفسها فتركها، وقال: إنّي أخافُ اللّه ربَّ العالمين، ورجُلٌ أنْظَر مُعسِراً أو تَرَك له من حقِّه، ورجُلٌ مُعلَّق قلبُهُ بحُبِّ المساجد «وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ» [280] يعني أن تصدّقوا بمالكم عليه فهو خيرٌ لكم، فَلْيَدَع مُعْسِراً أو لِيَدَع لَهُ مِن حَقَّهُ نَظَراً.
قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من أنظر مُغسِراً كان له على اللّه في كلّ يومٍ صَدَقَةٌ بمثل ما له عليه، حتّى يستوفي حقُّه (5).
524/625 - عن عُمر بن سليمان، عن رجلٍ من أهل الجزيرة، قال: سأل
ص: 281
الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجُلٌ، فقال له: جُعِلتُ فداك، إنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: «فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ» [280] فأخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها اللّه، لها حَدٌ يُعْرَف إذا صار هذا المُغسِر لابد له من أن يُنْظَر، وقد أخذ مال هذا الرجل، وأنفق على عياله، وليس له غَلَّة (1) ينتظر إدراكها، ولا دين ينتظر محلّه، ولا مال غائب ينتظر قدومه؟
قال: نعم، يُنتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين، إذا كان أنفقه في طاعة اللّه، فإن كان أنفقه في معصية اللّه فلا شيء له على الإمام.
قلت : فما لهذا الرجل الذي ائتمنه، وهو لا يعلم فيم أنْفَقَهُ في طاعة اللّه، أو مَعْصِيَنِهِ ؟ قال : يَسْعى له فى ماله فَيَرُدّه وهو صاغر (2).
525/626 - عن ابن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : متى يُدفع إلى الغُلام ماله؟ قال: إذا بلغ وأُونس منه رشد، ولم يكن سفيها أو ضعيفاً.
قال: قلت: فإنّ منهم من يَبْلُغ خمس عشرة سنة وست عشرة سنة، ولم يبلغ ؟ قال: إذا بلغ ثلاث عشرة سنة جاز أمره، إلا أن يكون سفيهاً أو ضعيفاً.
قال: قلتُ وما السّفيه والضعيف؟ قال: السّفيه شارب الخمر والضّعيف: الذي يأخُذ واحداً باثنين (3).
526/627 - عن يزيد أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول (4)،
ص: 282
اللّه عزّ وجلّ: «وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُوا» [282]، قال(عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا ينبغي لأحد إذا ما دعي إلى الشهادة ليشهد عليها، أن يقول: لا أشهد لكم (1).
527/628 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا»، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إذا دعاك الرجُل لتشهد (2) على دين أو حقّ لا ينبغي لأحدٍ أن يتقاعس عنه (3).
528/629 - عن أبي الصَّباح، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا»، قال: قبل الشهادة، قال: لا ينبغي لأحدٍ إذا ما دعي للشهادة أن يَشْهَد عليها، أن يقول : لا أشْهَد لكم، وذلك قبل الكتاب (4).
529/630 - عن محمّد بن عيسى، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا رَهْنَ إِلَّا مقبوض (5).
530/631 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ: «وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ» [ 283]، قال: بعد الشّهادة (6).
531/632 - عن هشام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ» (7)، قال : قبل الشهادة (8).
ص: 283
532/633 - عن سعدان عن رجُلٍ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُم بِهِ اللّه فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ» [284]، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حقيقٌ على اللّه تعالى أن لا يُدخِلَ الجنّة من كان في قلبه مثقال حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ من حُبّهما (1).
533/634 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها وفرّقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وُكِّلت من الإيمان بغير ما وُكِّلت به أختها، فمنها قَلْبُهُ الذي به يَعْقِل ويَفْقَه ويفهم، وهو أمير بَدَنِهِ الذي لا تَرِدُ الجوارح ولا تَصْدر إلا عن رأيه وأمره.
فأمّا ما فرضَ على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة، والعقد، والرضا، والتسليم بأن لا إله إلّا (2) هو وحده لا شريك له إلها واحداً، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله والإقرار بماجاء من عند اللّه من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض اللّه على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عَمَلُه، وهو قول اللّه تعالى: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْراً» (3)، وقال: «أَلا بِذِكْرِ اللّه تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ» (4)، وقال: «الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفَوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ» (5)، وقال: «إن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّه فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ»، فذلك ما فرض اللّه على القلب من الإقرار والمعرفة، وهو عَمَلُه، وهو رأس الإيمان (6).
ص: 284
534/635 - عن عبد الصمد بن بشير (1)، قال: ذكر عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بدء الأذان، فقال: إنّ رجلاً من الأنصار رأى في منامه الأذان، فقصه على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأمره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يُعلمه بلالاً.
فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): كَذبوا، إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان نائماً في ظلّ الكعبة، فأتاه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه طاسٌ فيه ماءٌ من الجنّة، فأيقظه وأمره أن يغتسل به، ثمّ وضعه في مَحْمِل له ألف ألف لون من نُورٍ، ثمّ صَعِد به حتّى انتهى إلى أبواب السماء، فلمّا رأته الملائكة نَفَرت عن أبواب السّماء، وقالت: إلهين: إله في الأرض، وإله في السّماء ؟!
قال محمّد بن الحسن في حديثه: نفرت عن أبواب السماء، فقالت: إلهنا.
فأمر اللّه تعالى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: اللّه أكبر، اللّه أكبر، فتراجعت (2) الملائكة نحو أبواب السماء وعَلِمت أنه مخلوقٌ، ففتحت الباب، فدخل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى انتهى إلى السماء الثانية، فنفرَت الملائكة عن أبواب السماء، فقالت: إلهين إله في الأرض، وإله في السماء ؟ فقال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ): أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه، فتراجعت الملائكة وعَلِمَت أنّه مَخْلُوق.
ثم فتح الباب، فدخل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ومرّ حتّى انتهى إلى السماء الثالثة، فنَفَرت الملائكة عن أبواب السماء، فقال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه فتراجعت الملائكة وفتح الباب.
ومر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى انتهى إلى السماء الرابعة، فإذا هو بمَلَك مُتَّكيٍ (3)
ص: 285
على سرير، تحت يده ثلاثمائة ألف ملك تحت كلّ مَلَك ثَلاثمائة ألف مَلَك، فهَمَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالسُّجُود ظَن أنّه، فنُودي : أن قم، قال: فقام الملك على رجليه، قال: فعلم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه عبدٌ مخلوقٌ، قال: فلا يزال قائماً إلى يوم القيامة.
قال: وفتح الباب، ومرّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى انتهى إلى السماء السابعة، قال: وانتهى إلى سدرة المنتهى، قال: فقالت السِّدرة: ما جاوزني مَخْلُوق قبلك، قال: ثمّ مضى فدنا (1) فتدلّى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، قال: فدفع إليه كتابين؛ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وكتاب أصحاب الشِّمال بشِماله، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه، وفَتَحَه فَنَظَر فيه، فإذا فيه أسماء أهل الجنّة وأسماء آبائهم وقبائلهم.
قال: فقال اللّه تعالى: «ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ» فقال رسول اللّه : «كُلُّ ءَامَنَ بِاللّه وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ» فقال اللّه: «وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير» [285]، قال اللّه : «لا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ».
قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا»، قال: فقال اللّه تعالى: قد فعلت.
فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا»، فقال: قد فعلت.
فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَة لَنَا بِهِ وَأعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْلَنَا وأَرْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الْكَافِرِينَ» [286] كلُّ ذلك يقول اللّه: قد
ص: 286
فعلت.
ثم طوى الصّحيفة فأمسكها بيمينه، وفتح الأُخرى، صحيفة أصحاب الشِمال، فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فقال اللّه تعالى: يا محمّد «فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» (1).
قال: فلمّا فرغ من مُناجاة ربّه، رُدّ إلى البيت المَعْمُور، وهو في السّماء السابعة بحِذاء الكعبة، قال: فجمع له النبيين والمُرسلين والملائكة، ثمّ أمر جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتم الأذان، وأقام الصلاة، وتقدّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فصلّى بهم، فلمّا فَرّغ التفت إليهم، فقال اللّه تعالى له: «فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءوُنَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ» (2) فسألهم يومنذ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمّ نزل ومعه صحيفتان، فدفعهما إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فهذا كان بدء الأذان (3).
535/636 - عن عبد الصمَد بن بشير، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: أتى (4)، جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو بالأبطح بالبُراق، أصغر من البغل، وأكبر من الحِمار، عليه ألف ألف مِحَفّةٍ (5) من نُور، فشَمَسَ (6) البراق حين أدناه منه ليركَبَه. فلَطَمه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أطْمَة عَرق البراق منها، ثمّ قال: اسكُنْ، فإنّه محمّد، ثم زَفٌ (7)
ص: 287
به من بيت المَقْدِس إلى السّماء، فتطايرت الملائكة من أبواب السماء، فقال جبرئيل: اللّه أكبر، اللّه أكبر، فقالت الملائكة: عبد مخلوق. قال: ثمّ لَقُوا جَبْرَئيل، فقالوا: يا جبرئيل من هذا؟
قال: هذا محمّد، فسلَّموا عليه.
ثمّ زَفّ به إلى السّماء الثانية، فتطايرت الملائكة، فقال جبرئيل: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه، فقالت الملائكة: عبد مخلوق، فَلَقُوا جَبْرَئِيل فقالوا: من هذا؟ فقال: محمّد، فسلّموا عليه.
فلم يزل كذلك في سَماء سَماء، ثمّ أتمَّ الأذان، ثمَّ صلى بهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )في السماء السابعة، وأمَّهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثم مضى به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى انتهى به إلى موضع فوضع إصْبَعَهُ على مَنْكِبه ثم رفعه (1)، فقال له: امض، يا محمّد، فقال له: يا جبرئيل، تدعني في هذا الموضع ؟ قال: فقال له: يا محمّد، ليس لي أن أجوز هذا المقام، ولقد وطئت موضعاً ما وطئه أحَدٌ قبلك، ولا يَطَوْهُ أحدٌ بعدك.
قال: ففتح اللّه له من العظيم ماشاء اللّه، قال : فكلّمه اللّه تعالى: «ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ». قال: نعم يا ربِّ «وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللّه وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ».
قال اللّه تبارك وتعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إلّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» قال محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا. وَأَعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ».
ص: 288
قال: قال اللّه : يا محمّد، من لأمتك بعدك؟ فقال: اللّه أعلم، قال: علي أمير المؤمنين.
قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه ما كانت ولايتُه إِلَّا من اللّه تعالى مُشافَهَةً لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1).
536/637 - عن قتادة، قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا قرأ هذه الآية: «ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ» حتّى يَخْتِمها، قال: وحق اللّه، إن اللّه كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفى سنة، فوضعه عنده فوق العرش، فأنزل آيتين فَخَتم بهما البقرة، فأيما بيت قُرئنا فيه لَم يَدْخُلهُ شيطان (2).
537/638 - عن زُرارة وحُمران و محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : في آخر البقرة لمّا دَعوا أجيبوا: «لَا يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا»، قال: ما افترض اللّه عليها «لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ»، وقوله: «لَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا» (3).
538/639 - عن عمر و بن مروان الخزاز، قال: سَمِعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): رفعت عن أُمتي أربع خصال: ما أخطأوا، وما نسوا، وما أُكْرِهُوا عليه، وما لم يُطيقوا، وذلك في كتاب اللّه قول اللّه تبارك وتعالى: «رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا ولا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَابِهِ» وقول اللّه تعالى: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ» (4).
ص: 289
ص: 290
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/640 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سَمِعتُه يقول : من قرأ سورة البقرة وآل عمران، جاء يوم القيامة تُظلّانه على رأسه، مثل الغَمَامَتَين أو الغَيَابَتين (1).
2/641 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «الم * اللّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدىً لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ» [1 - 4].
قال: هو كُلّ أمرٍ محكم، والكتاب هو جُملة القرآن الذي يُصدِّق فيه من كان (2) قبله من الأنبياء (3).
3/642 - عن عبد الرّحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول
ص: 291
اللّه: «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ»، قال: أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، «وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ» فُلان وفُلان، «فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ» أصحابهم وأهل ولايتهم «فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ» (1) [7].
4/643 - وسُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن المحكم والمُتَشابه، قال المُحكم ما يُعمل به والمُتشابه ما اشتبه على جاهله (2).
5/644 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، يقول: إن القرآن محكم اللّه ومُتشابه، فأمّا المُحكم فنؤمن به ونعمل به وندین به، وأمّا المُتشابه فنؤمن به ولا تعمل به، وهو قول اللّه: «فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّه وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا» والراسخون في العلم هم آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).
6/645 - عن مَسْعَدَة بن صَدَقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، أنّ رجلاً قال لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل تصف لنا ربّنا نزداد له حُبّاً وبه معرفةً؟ فغَضِبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخطب الناس، فقال فيما قال عليك - يا عبداللّه - بمادلّك عليه القُرآن من صِفَتِه، وتَقَدَّمَكَ فيه الرسول من مَعْرِفَتِه، فأتم به واستَضِي، بنُور هدايته فإنّما هي نعمةٌ وحكمةٌ أوتيتها، فُخذ ما أُوتيت وكُن من الشاكرين، وما كلّفك الشيطان عليه (4) ممّا ليس عليك في الكتاب فَرْضُه، ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهداة أثره، فَكِلْ عِلْمَهُ إلى اللّه، ولا تُقدِّر عَظَمَة اللّه (5).
ص: 292
واعلم - يا عبداللّه - أنّ الرّاسخين في العلم هم الذين أغناهُم اللّه عن الاقتحام على السُّدَد (1) المَضَروبة دون الغُيوب، إقراراً بجَهْل (2) ما جَهلوا تفسيره من الغَيب المَحجوب، فقالوا: آمنّا به كلُّ من عند ربّنا، وقد مَدحَ اللّه اعترافهم بالعجز عن تَناوُل مالم يُحيطوا به عِلماً، وسمّى تَرْكَهم التَعمُّق فيما لم يُكَلِّفهم البحث عنه رُسُوخاً (3).
7/646 - عن بُريد بن معاوية، قال: قلتُ لأبي جعفر اللّه : قول اللّه تعالى: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّه وَالراسِخُونَ فِي العِلمِ».
قال: يعني تأويل القرآن كله إلّا اللّه والراسخون في العلم، فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أفضلَ الراسخين، قد عَلَّمه اللّه جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان اللّه مُنزلاً عليه شيئاً لم يُعلّمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يَعْلَمُونه كُلَّه، فقال الذين لا يعلمون: ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم اللّه: «يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلُّ مِّنْ عِندِ رَبِّنا»، والقرآن له خاصٌّ وعامٌّ، وناسخٌ ومنسوخٌ، ومُحكمٌ ومتشابهٌ، فالراسخون في العلم يعلمونه (4).
8/647 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّه وَالرَّاسِخُونَ فِى العِلْم» نحن نَعْلَمُه (5).
9/648 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نحن الراسخون في
ص: 293
العلم، فنحن نعلم تأويله (1).
649 / 10 - عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكثرُوا من أن تقولوا: «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا» [8] ولا تأمَنُوا الزَّيغ (2).
11/650 - عن جميل بن درّاج، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما يتلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكثر لهم من لذّة (3) النساء، وهو قول اللّه تبارك وتعالى: «زُيِّنَ لِلناسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ» [14 ] إلى آخر الآية، ثمّ قال: إنّ أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيءٍ في الجنّة أشهى عندهم من النكاح، لاطعام ولا شراب (4).
12/651 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه عزّ وجلّ: «فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ» (5)، قال: لا يَحِضن ولا يُحدِثنَ (6).
13/652 - عن زُرارة، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من داوم (7) على صلاة الليل والوِتر، واستغفر اللّه في كلّ وِترٍ سبعين مرّةً، ثمّ واظب على ذلك سَنةً، كُتب من المُستغفرين بالأسحار (8).
14/653 - عن أبي بصير، قال: قلتُ لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): قول اللّه تبارك
ص: 294
وتعالى: «وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ» [17] قال: استغفر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في وِتْرِه سبعين مرّةً (1).
15/654 - عن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من قال في آخر الوِتر في السَّحر أستغفر اللّه وأتوب إليه سبعين مرّةً، ودام على ذلك سنةً، كتبه اللّه من المستغفرين بالأسحار (2).
16/655 - وفي رواية أخرى عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وجَبَت له المَغْفِرَة (3).
17/656 - عن عُمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: من استغفر اللّه سبعين مرّةً في الوِتْرِ بعد الركوع، فدام على ذلك سنةً، كان من المستَغْفِرِينَ بالأسحار (4).
18/657 - عن مُفَضّل بن عُمر، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك، تفوتني صلاةُ الليل فأُصلّي الفجر، فليّ أن أصلّي بعد صلاة الفجر ما فاتني من صلاة وأنا في صلاةٍ (5) قبل طلوع الشمس؟
فقال: نعم، ولكن لا تُعلّم به أهلك فيتّخذونه سُنّة، فيُبْطِل قول اللّه جلّ وعزّ: «وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ» (6).
19/658 - عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية: «شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ» [18].
ص: 295
قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» فإنّ اللّه تبارك وتعالى يَشْهَد بها لنفسه، وهو كما قال.
فأما قوله : (وَالمَلَائِكَةُ) فإنّه أكرم الملائكة بالتسليم لربهم، وصدّقوا وشَهِدُوا كما شَهِدَ لنفسه.
وأما قوله: «وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسطِ» فإنّ أُولي العلم الأنبياء والأوصياء، وهم قيام بالقِسط، والقِسط : هو العَدْل فى الظاهر، والعَدْل في الباطن: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
20/659 - عن مَرْزُبان القُمىّ، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسطِ»، قال: هو الإمام (2).
21/660 - عن إسماعيل، رفعه إلى سعيد بن جَبَير، قال: كان على الكعبة ثَلاثمائة وستّون صَنّماً، لكلِّ حيٍّ من أحياء العرب الواحد والاثنان، فلمّا نزلت هذه الآية: «شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» إلى قوله: «العَزِيزُ الحَكِيمُ» خرَّت الأصنامُ في الكعبة سُجَّداً (3).
23/662 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّه الإِسْلامُ»، قال: يعني الدين فيه الإيمان (1).
24/663 - عن داود بن فَرْقَد قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه سبحانه وتعالى: «قُلْ اللّهمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ» [26] فقد آتى اللّه بني أُميّة المُلك!
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): ليس حيث يذهب الناس إليه، إن اللّه آتانا الملك وأخذه بنو أُميّة، بمنزلة الرجل يكون له الثوب ويأخُذُهُ الآخر، فليس هو للّذي أخذه (2).
25/664 - عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: لا إيمان لمن لا تقيَّة له ويقول: قال اللّه تعالى «إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً» (3) [28].
26/665 - عن زياد أبي عُبيدة الحذاء، قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلتُ : بأبي أنت وأُمّي، ربّما خلا بي الشيطان فخبُثت نفسي، ثم ذكرتُ حبّي إيّاكم، و انقطاعي إليكم فطابت نفسي؟
فقال: یا زیاد، ويحك وما الدين إلّا الحُبّ، ألا ترى إلى قول اللّه تعالى: «إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه» (4) [31].
27/666 - عن بشير الدهان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قد عرفتم فيَّ منكرين كثيراً، وأحببتم فيَّ مبغضين كثيراً، وقد يكون حُبّاً اللّه في اللّه ورسوله،
ص: 297
وحُبّاً في الدنيا، فما كان في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه، وما كان في الدنيا فليس في شيءٍ، ثم نفض يده، ثمّ قال: إنّ هذه المُرجئة، وهذه القَدَرية، وهذه الخوارج ليس منهم أحدٌ إلا يرى أنّه على الحق وإنّكم إنّما أحببتمونا في اللّه، ثم تلا «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ» (1)، «وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (2)، و مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه (3)، «إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه» (4).
28/667 - عن بريد بن معاوية العجلي، قال: كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه قادِمٌ من خُراسان ماشيئاً، فأخرج رجليه وقد تورّمتا (5)، وقال: أما واللّه ما جاءني من حيث جِئتُ إِلَّا حُبّكم أهل البيت.
فقال : أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه لو أحبَّنا حجرٌ حشره اللّه معنا وهل الدِّين إلّا الحُبّ، إنّ اللّه تعالى يقول: «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه»، وقال: «يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ» (6) وهل الدين إلّا الحُبّ (7).
668 / 29 - عن ربعي بن عبد اللّه، قال: قيل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلتُ فِداك، إنّا نُسمّي بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟
فقال: إي واللّه، وهل الدِّين إلّا الحُبّ، قال اللّه تعالى: «إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللّه
ص: 298
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» (1).
30/669 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «إِنَّ اللّه أصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ» [33 و 34]، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن منهم، ونحن بقية تلك العترة (2).
31/670 - عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «إِنَّ اللّه اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً»، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو آل إبراهيم وآل محمّدٍ على العالمين، فَوَضَعُوا اسماً مكان اسمٍ (3).
32/671 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما قضى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نبوّته واستُكملت أيّامه، أوحى اللّه يا محمّد، قد قضيت نبوّتك، واستكملت أيّامك، فاجعل العلم الذي عندك من الإيمان، والاسم الأكبر، وميراث العلم و آثار علم النبوّة في (4) العقب في ذُرِّيَّتك، فإنّي لم أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم و آثار علم النبوّة من العقب من ذُرِّيّتك، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، وذلك قول اللّه تعالى: «إِنَّ اللّه اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
وإنّ اللّه جل وتعالى لم يجعل العِلم جَهْلاً، ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه، إلى مَلَكٍ مُقَرَّبِ ولا إلى نبيّ مُرسل، ولكنّه أرسل رُسُلاً من ملائكته، فقال لهم:
ص: 299
كذا وكذا، فأمرهم بما يُحِبّ، ونهاهم عمّا يكره، فقَصّ (1) عليه أمر خلْقِهِ بعلم، فعلّم ذلك العلم، وعلّم أنبياءه وأصفياءه من الأنبياء والأعوان والذُرّية التي بعضها من بعض، فذلك قوله تعالى: «فَقَدْ آتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وءَاتَيْنَاهُمْ مُلكاً عظيماً» (2).
فأمّا الكتاب فهو النُبوّة وأمّا الحكمة فهم الحُكماء من الأنبياء في الصفوة، وأمّا المُلك العظيم فهم الأئمّة الهداة في الصّفوة، وكلّ هؤلاء من الذُريّة التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقيّة، وفيهم العاقبة، وحفظ الميثاق حتّى تنقضي الدنيا وللعلماء ولولاة الأمر الاستنباط للعلم والهداية (3).
33/672 - عن أحمد بن محمّد، عن الرضا، عن أبي جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : من زعم أنّه قد فَرَغ من الأمر فقد كَذَب. لأنّ المشيئة اللّه في خَلْقه، يُريدُ ما يشاء، ويفعلُ ما يُريد، قال اللّه: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» آخرها من أوّلها، وأوّلها من آخرها، فإذا أُخبرتم بشيءٍ منها بعينه أنّه كائنٌ وكان في غيره منه، فقد وقع الخبر على ما أُخبرتُم عنه (4).
34/673 - عن أبي عبد الرحمن، عن أبي كَلَدة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : فال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): الرُّوح والراحة والرَّحمة والنُّصرة، واليسر واليسار، والرضا والرّضوان، والمَخْرَج والفَلْج (5)، والقُرب والمحبّة من اللّه ومن رسوله لمن أحب
ص: 300
عليّاً وانتم بالأوصياء من بعده، حقٌّ عليّ أن أُدخلهم في شفاعتي، وحق على ربّي أن يستجيب لي فيهم لأنهم أتباعي، ومن تبعني فإنّه منّي، مَثَلُ إبراهيم جرى في ولايته (1) منّي، وأنا منه دينه ديني، وديني دينه، وسُنّته سُنّتي، وسُنّتي سُنّته، وفضلي فضله، وأنا أفضل منه؟ وفضلي له فضل، وذلك تصديق قول ربّي: «ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (2).
35/674 - عن أيوب، قال: سمعنى أبو عبد اللّه، وأنا أقرأ: «إنَّ اللّه أصْطَفى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَعَالَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ»، فقال لي: وآل محمّد كانت فتحوها، وتَرَكُوا آل إبراهيم و آل عمران (3).
36/675 - عن أبي عمرو الزُّبَيْرِي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: ما الحجّة في كتاب اللّه أن آل محمّد هم أهل بيته ؟
قال: قول اللّه تبارك وتعالى: «إِنَّ اللّه اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ» وآل محمّدٍ، هكذا نزلت «عَلَى العَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ولا تكون الذُرِّيَّة من القوم إلا نسلهم من أصلابهم.
وقال تعالى: «أعْمَلُوا ءَالَ دَاوُد شُكراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِى الشَّكُورُ» (4) وآل عمران و آل محمّدٍ. في (5) رواية أبي خالد القمَّاط عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).
37/676 - عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: إن امرأة عمران
ص: 301
لمّا نَذَرَت ما فى بطنها مُحرّراً، قال: والمُحرّر للمسجد إذا وضعته أو دخل المسجد فلم يَخْرُج من المسجد أبداً، فلما ولدت مريم «قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثى وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ» [36] فَسَاهَمَ عليها النبيِّون، فأصابت القرعة زكريا ليلا وهو زوج أختها، وكفلها وأدخلها المسجد، فلمّا بَلَغَتْ ما تَبْلُغ النساء من الطمث وكانت أجمل النساء، وكانت تُصلّي فيضيء المحراب لنورها، فدخل عليها زكريا، فإذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، فقال: «أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّه» [37] فهنالك دعا زكريا ربّه قال: «إِنِّى خِفْتُ المَوَالِيَ مِن وَرَاءِى» (1) إلى ما ذَكَر اللّه من قصة زكريا ويحيى (2).
677 / 38 - عن حفص بن البَخْتَري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تبارك وتعالى: «إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً» (3) المُحرَّر؛ يكون في الكنيسة، لا يخرج منها، فلما وضعتها أُثنى «قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى» إنّ الأُنثى تحيض فتخرج من المسجد، والمُحرّر لا يخرج من المسجد (4).
39/678 - وفى رواية حريز عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: نَذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدُم العُبّاد، وليس الذَّكر كالأُنثى في الخدمة، قال: فشبَّت وكانت تخدُمهم وتُناولهم حتّى بَلَغَت فأمر زكريّا أن يتخذ لها حجاباً دون العُبّاد، فكان
ص: 302
يَدْخُل عليها فيرى عندها ثَمَرة الشتاء في الصيف، وثمرة الصّيف في الشتاء، فهُنالك دعا وسأل ربّه أن يَهَبْ له ذكراً، فَوَهب له يحيى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
40/679 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال سَمِعتُه يقول: أوحى اللّه تعالى اللّه إلى عمران أنّي واهبٌ لك ذكراً، يُبرئ الأكمه والأبرص، ويحيى الموتى بإذن اللّه ورسولاً إلى بني إسرائيل، قال: فأخبر بذلك امرأته حَنّة، فحملت فَوَضَعت مريم؛ فقالت: ربّ إنّي وضعتها أنثى، والأنثى لا تكون رسولاً، وقال لها عمران: إنه ذكر يكون منهما نبيّاً، فلما رأت ذلك قالت ما قالت، فقال اللّه وقوله الحق: «وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ».
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فكان ذلك عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإن قلنا لكم: إنّ الأمر يكون في أحدنا، فكان في ابنه (2) وابن ابنه، أو ابن ابن ابنه، فقد كان فيه، فلا تُنكروا ذلك (3).
41/680 - عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: لقي أبليس عيسى ابن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : هل نالني من حَبائِلِك شيء؟ قال: جَدِّتُك التي قالت: «رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى» إلى «الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ» (4).
42/681 - عن سَيف، عن نجم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن فاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ضمِنَت لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَمَل البيت والعَجين والخُبز وقَمَّ البيت (5)، وضمِنَ لها عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)
ص: 303
ما كان خلف الباب من نَقْل الحَطَب، وأن يجيء بالطعام، فقال لها يوماً: يا فاطمة، هل عندك شيء؟ قالت: لا، والذي عظَّم حقَّك، ما كان عندنا منذ ثلاثه أيّام شيءٌ نُقريك (1) به. قال: أفلا أخبرتني ؟ قالت: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نَهاني أن أسألك شيئاً، فقال: لا، تسألي ابن عمِّك شيئاً، إن جاءك بشيءٍ عفواً، وإلّا فلا تسأليه.
قال: فَخَرَج الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلقي رجُلاً فاستقرض منه ديناراً، ثمّ أقبل به وقد أمسى، فلقي المِقداد بن الأسود، فقال للمِقداد: ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: الجُوع، والذي عظَّم حقَّك يا أمير المؤمنين.
قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حيّ ؟ قال : ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حيّ.
قال: فهو أخرجني، وقد استقرضتُ ديناراً، وسأوثِرك به فدفعه إليه، فأقبل فوجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جالساً، وفاطمة تُصلّي، وبينهما شيءٌ مُغطّى، فلمّا فَرَعْت أجترّت (2) ذلك الشيء، فإذا جَفْنَة من خُبز ولَحْم، قال: يا فاطمة أنّى لك هذا؟ قالت: «هُوَ مِنْ عِندِ اللّه إِنَّ اللّه يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» [37].
فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ألا أحدِّثُك بمثلك ومثلها؟ قال: بلى، قال: مثل زكريّا إذ دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقاً، قال: «يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّه إِنَّ اللّه يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب» فأكَلُوا منها شهراً، وهي الجَفْنَة التي يأكل منها القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهي عندنا (3).
43/682 - عن إسماعيل بن عبد الرّحمن الُجعفي، قال: قلتُ لأبي
ص: 304
عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول (1) المغيرة بن سعيد (2): إنّ الحائِض تقضي الصّوم؟ فقال: مالَهُ! لا وفّقه اللّه، إنّ امرأة عمران نَذرت ما فى بطنها مُحرّراً، والمحرّر للمسجد لا يخرج منه أبداً، فلمّا وَضَعَت مريم قالتْ: رَبِّ إِنِّي وضعتها أُنثى، وليس الذكر كالأُنثى.
فلمّا وضعتها أدخلت المسجد (3)، فلما بلغت مَبْلَغ النساء أخرجت من المسجد، فما تجد أيّاماً تقضيه، وهى عليها أن تكون الدهر في المسجد (4).
44/683 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ زكريا لما دعا ربّه أن تهب له ذكراً، فنادته الملائكة بما (5) نادَتْهُ به، أحبّ أن يعلم أن ذلك الصوت من اللّه، أوحى إليه: أنّ آية ذلك أن يُمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيّام. قال: فلمّا أمْسَك لسانه، ولم يَتَكلّم، عَلِم أنَّه لا يَقْدِر على ذلك إلّا اللّه، وذلك قول اللّه: «رَبِّ اجْعَل لَّى ءَايَةً قَالَ ايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أيّام إِلَّا رَمْزاً» (6) [41].
45/684 - عن حمّاد، عمَّن حدَّثه، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : لمّا سأل زكريّا ربّه أن يَهبَ له ذكراً، فوهب اللّه له يحيى، فدخله من ذلك (7)، فقال: «رَبِّ اجْعَل لِّي
ص: 305
ءَايَةٌ قَالَ ايْتُكَ أَلَّا تُكَلَّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أيّام إِلَّا رَمْزاً» فكان يُومى، برأسه، وهو الرَّمز (1).
46/685 - عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَسَيِّداً وَحَصُوراً»والحَصُور : الذي يأبى (2) النساء «وَنَبياً مِنَ الصَّالِحِينَ» (3) [39].
47/686 - عن حسين بن أحمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته يقول: إنَّ طاعة اللّه خِدمته في الأرض، فليس شيءٌ من خدمته تَعْدِل الصلاة، فمن ثم نادت الملائكة زكريا وهو قائم يصلّي في المحراب (4).
48/687 - عن الحكم بن عتيبة (5)، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه في الكتاب: «إِذْ قَالَتِ المَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّه اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَأَصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ» اصطفاها مرَّتين والاصطفاء إنّما هو مرَّة واحدة.
قال: فقال لي: يا حَكَم إنّ لهذا تأويلاً وتفسيراً. فقلت له: ففسّره لنا أبقاك اللّه.
قال: یعنی اصطفاه (6) إيَّاها أوَّلاً من ذُريَّة الأنبياء المُصْطَفين المرسلين، وطهرها من أن يكون في ولادتها من أبائها وأُمَّهاتها سِفاحٌ، وأصطفاها بهذا في القرآن «يَا مَرْيَمُ أقْنَتِي لِرَبِّكَ وَأَسْجُدِى وَأَرْكَعِى مَعَ الرَّاكِعِينَ» شكراً اللّه.
ثمّ قال لنبيه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يُخبره بما غاب عنه من خَبَر مريم وعيسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ):
ص: 306
يا محمّد «ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ» في مريم وابنها، وبما خَصَّهما اللّه به وفضَّلهما وأكرمهما حيث قال: «وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ» يا محمّد، يعني بذلك الرب (1) الملائكة «إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ» [42 - 44] حين أُيْتِمَت من أبيها (2).
وفي رواية أُخرى، عن (3) ابن خُرّزاد «أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ» حين أُيْتِمت من أبويها «وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ» يا محمّد «إِذْ يَخْتَصِمُونَ» [44] في مريم عند ولادتها بعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيّهم يكفُلها ويكفُل ولدها.
قال: فقلتُ له: أبقاك اللّه، فمن كَفَّلها ؟ فقال : أما تَسْمَع لقوله تعالى؟ الآية (4).
وزاد علي بن مهزيار في حديثه «فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها انثى وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمِّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيدُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» (5)، قال: قلتُ: أكان يُصيب مريم ما يُصيب النساء من الطَّمَث؟ قال: نعم، ما كانت إلّا امرأة من النساء (6).
وفي رواية أُخرى «إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرَيَمَ»، قال: اسْتَهَمُوا عليها، فَخَرَجَ سَهْم زكريا، فكفَّل بها.
وقال يزيد (7) بن رُكانة : اخْتَصَمُوا في بنت حمزة، كما اخْتَصَمُوا في مريم.
ص: 307
قال: قلتُ له: جعلت فداك، حمزة استنَّ السُّنن والأمثال، كما اخْتَصَمُوا في مریم اخْتَصَمُوا في بنت حمزة؟ قال: نعم.
«وَأَصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ»، قال: نساء عالَميها (1).
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكانت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) سيّدة نساء العالمين (2).
49/688 - عن الهُذَلي، عن رجل قال: مَكَث عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى بلغ سبع سنين، أو ثمان سنين، فجعل يُخبرهم بما يأكُلُون وما يَدَّخِرون في بيوتهم، فأقام بين أظهرهم يُحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويُعَلِّمهم التوراة، وأنزل اللّه عليه الإنجيل، لما (3) أراد اللّه عليهم حُجَّة (4).
689 / 50 - عن محمّد بن ابي عمير، عمّن ذكره، رفعه، قال: إِنَّ أصحاب عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) سألوه أن يُحيي لهم ميتاً، قال: فأتى بهم إلى قبر سام بن نُوح، فقال له: باذن اللّه يا سام بن نُوح. قال: فانشق القبر، ثمّ أعاد الكلام فتحرَّك، ثم أعاد الكلام فخرج سام بن نُوح.
فقال له عيسى: (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيُّهما أحبُّ إليك تبقى أو تعود؟ قال: فقال: يا رُوح اللّه، بل أعود، إني لأجد حزقة الموت - أو قال: لَذعَة (5) الموت - في جوفي إلى يومى هذا (6).
51/690 - عن أبان بن تغلب قال: سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل كان عيسى بن
ص: 308
مريم أحيا أحداً بعد موته حتّى كان له أكل ورِزْقٌ ومُدَّةٌ وولد؟
قال: فقال: نعم، إنه كان له صديق مؤاخِ له في اللّه، كان عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يمُرّ به فيَنْزِل عليه، وإنَّ عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) غاب عنه حيناً، ثمّ مرّ به ليُسلّم عليه، فخَرَجَتْ إليه أُمّه لتُسلّم، فسألها عنه، فقالت أُمُّه: مات يا رسول اللّه. فقال لها: أتحبّين أن تريه؟ قالت: نعم قال لها : إذا كان غداً أتيتك حتّى أُحييه لك باذن اللّه.
فلمّا كان من الغد أتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره، فانطلقا حتّى أتيا قبره، فوقف عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ دعا اللّه، فانفرج القبر، وخرج ابنها حيّاً، فلما رأته أمه ورآها بكيا، فرحمهما (1) عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال له: أتُحِبّ أن تبقى مع أُمّك في الدنيا؟ للّهلال قال: يا رسول اللّه، بأكل وبرِزْقٍ ومُدّة، أو بغير مدةٍ ولا رِزْقٍ ولا أكل؟ فقال له عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ): بل (2) برِزْقٍ وأكل ومُدَّة، تُعمّر عشرين سنة، وتُزوّج ويُولد لك، قال: فنعم إذاً، قال: فدفعه (3) عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أُمّه، فعاش عشرين سنة، وولد له (4).
52/691 - عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: كان بين داود اللّه وعيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعمائة سنة، وكان شريعة عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه بُعِث بالتوحيد والاخلاص، وبما أوصى به نوح وإبراهيم وموسى (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وأُنزِل عليه الانجيل، وأُخِذ عليه الميثاق الذي أُخذ على النبيين، وشُرّع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريم الحرام، وتحليل الحلال، وأُنزِل عليه في الانجيل مواعظ و أمثال وحدود ليس فيها قصاص ولا أحكام
ص: 309
حُدود، ولا فرض مواريث، وأنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في التوراة، وهو قول اللّه تعالى في الذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل: «وَلاحِل لَكُم بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» [5] وأمَرَ عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَن معه ممّن أتَّبعه من المؤمنين أن يُؤمنوا بشريعة التوراة والانجيل (1).
53/692 - عن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن رجل حدثه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : رُفع عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمِدرَعة (2) صُوفٍ من غزل مريم (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، ومن نَسْج مريم، ومن خياطة مریم، فلما انتهى إلى السماءِ نُودي: يا عيسى، ألق عنك زينة الدُّنيا (3).
54/693 - عن حريز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سُئِل عن فضائله، فذكر بعضها، ثمّ قالوا له: زِدنا. فقال : إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أتاه حَبران من أحبار النصارى، من أهل نجران، فتكلَّما في أمر عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّه كَمَثَلِ ءَادَمَ» [59] إلى آخر الآية، فدخل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأخذ بيد علىّ والحسن والحسين وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ثم خرج ورفع كَفَّه إلى السماء، وفرَّج بين أصابعه، ودعاهم إلى المُباهلة.
قال: وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكذلك المُبَاهَلة، يُشبّك يده في يده يرفعهما إلى السماء فَلَمّا رآه الحَبْران قال أحدهما لصاحبه واللّه لئن كان نبياً لنَهْلِكنّ، وإن كان غير نبىّ كفانا قومه، فكفّا وانْصَرَفا (4).
ص: 310
55/694 - عن محمّد بن سعيد الأزدي (1)، عن موسى بن محمّد بن الرضا، عن أخيه أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه قال في هذه الآية «قُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّه عَلَى الْكَاذِبِينَ» [61] ولو قال: تَعَالُوا نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَعْنَة اللّه عليكم، لم يَكُونوا يُجيبون للمُبَاهَلَة، وقد عَلِم أن نبيه مُؤدَّ عنه رسالته (2)، وماهو من الكاذبين (3).
56/695- عن أبي جعفر الأحول، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول قريش : في الخُمس؟ قال: قلت: تَزْعُم أنَّه لها. قال: ما أنصفونا، واللّه لو كان مُباهلة ليُباهلنّ (4) بنا، ولئن كان مُبارزةً ليُبَارِزنّ (5) بنا، ثمّ نكون وهم على سواء (6)؟!
57/696 - عن الأحول، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له (عَلَيهِ السَّلَامُ) شيئاً (7) ممّا اللّه أنكرته (8) الناس، فقال: قل لهم: إن قريشاً قالوا: نحنُ أُولوا القُربى الذين هم لهم الغَنيمة. فقل لهم: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يدعُ للبراز يوم بدرٍ غير أهل بيته، وعند المُباهلة جاء بعلي والحسن والحسين وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أفيكون لنا المُرّ، ولهم الحُلو (9)؟!
ص: 311
58/697 - عن المنذر، قال : حدّثنا عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما نزلت هذه الآية «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» الآية، قال: أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فقال رجل من اليهود لا تَفْعَلُوا فيُصيبكم عَنّت (1) فلم يراعوه (2).
698 / 59 - عن عامر بن سعد، قال: قال معاوية لأبي: ما يمنعك أن تَسُبَّ أبا تراب؟
قال: لِثَلاثٍ رويتهنَّ (3) عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لما نزلت آية المُباهلة «تَعَالَوْا نَدْعُ، أَبْنَاءَنا وَأَبْنَاءَكُمْ» الآية، أخذ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: هؤلاء أهلي (4).
699 / 60 - عن عبيد اللّه الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال أمير اللّه، المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًا وَلَا نَصْرَانِياً» لا يهودياً يُصلّي إلى المغرب، ولا نصرانيّاً يُصلّي إلى المشرق «وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُسلِماً» [67] يقول: كان (5) علی دین محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (6).
700/61 - عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال : أنتم واللّه من آل محمّد.. قال: فقلت: جُعِلت فداك، من أنفسهم؟
قال: من أنفسهم واللّه - قالها ثلاثاً - ثم نظر إليّ فقال لي: يا عمر، إنّ اللّه
ص: 312
يقول: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِابْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذا النبيّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاللّه وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ» (1) [68].
62/701 - عن على بن النعمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِابْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النبيّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاللّه وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ»، قال: هم الأئمّة وأتباعهم (2).
63/702 - عن أبي الصبّاح الكناني، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول اللّه تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِابْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النبيّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاللّه وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ»، ثم قال: عليّ واللّه (3) على دين إبراهيم ومنهاجه، وأنتم أولى الناس به (4).
64/703- عن علي بن ميمون الصائغ أبي الأكراد، عن عبد اللّه بن أبي يَعْفُور، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم من ادَّعى إمامةً من اللّه ليست له ومن جَحَد إماماً من اللّه، ومن قال: إن لفلان وفلان فى الاسلام نصيباً (5).
65/704 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)ا، قال: ثلاثة
ص: 313
لا يُكلّمهم اللّه يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من جحد إماماً من اللّه، أو ادّعى إماماً من غير اللّه، أو زَعَم أنَّ لفلان وفلان في الإسلام نصيباً (1).
66/705 - عن إسحاق بن أبي هلال، قال: قال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): ألا أُخبركم بأكبر الزنا؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين قال: هي المرأة تَفجُر ولها زوج، فتأتي بولدٍ فتُلْزِمه زوجها، فتلك التي لا يُكَلّمها اللّه، ولا ينظر إليها، ولا يزكيها، ولها عذاب أليم (2).
67/706 - عن محمّد الحلبي، قال: قال أبو عبد اللّه عالم الام : ثلاثة لا يَنْظُر اللّه إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليم الدَّيُّوث (3) من الرجال والفاحش : المُتَفَحّش (4)، والذي يسأل الناس وفي يده ظهر غنى (5).
68/707 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ثلاثة لا يُكلّمهم اللّه يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم: شيخٌ زانٍ، ومُقَلٌ مُخْتَالٌ (6)، ومَلِكُ جَبّار (7).
69/708 - عن السَّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم:
ص: 314
المُرخي ذَيْلَه من العَظَمة، والمُزَكِّي سِلعَتَه بالكَذِب، ورجلٌ استقبلك بودِّ صدره فيُواري قلبه (1) مُمتلىء غِشاً (2).
70/709 - عن أبي ذر (رَحمهُ اللّه)، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنه قال: ثلاثة لا يُكلّمهم اللّه يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم. قلت: من هم خابوا وخسروا؟ قال: المُسْبِل (3) والمَنّان، والمُنْفِق سِلعَته بالحَلْف الكاذب، أعادها ثَلاثاً (4).
71/710 - عن سلمان اللّه، قال : ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة : الأشمط (5) الزَّان، ورجُل مُفْلِسٌ مَرحٌ (6) مُخْتَالُ، ورجل اتَّخذيمينه بضاعةً، فلا يشتري إلّا بيمينٍ، ولا يبيع (7) إلّا ييمين (8).
72/711 - عن أبي مَعْمَر السَّعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَة» [77] يعني لا ينظر إليهم بخير، لمن لا يرحمهم، وقد يقول العرب للرجل السيد أو للملك: لا تنظر إلينا، يعني أنّكلا تُصيبنا بخَيرٍ، وذلك النَّظر من اللّه إلى خَلْقِهِ (9).
73/712 - عن حبيب السِّجستاني، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
ص: 315
مُّصَدِّق لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ» [81] فكيف يُؤْمِن موسى بعيسى ويَنْصُره ولم يُدركه، وكيف يُؤمِن عيسى بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويَنْصُره ولم يُدركه ؟
فقال: يا حبيب، إن القرآن قد طرح منه أي كثيرة (1)، ولم يُزَد فيه إِلَّا حُرُوف أخطأت بها الكتبة وتَوَهَّمَتها (2) الرجال، وهذا وَهُمْ، فاقرأها «وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ – أُمم (3) - النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلتَنصُرُنَّهُ» هكذا أنزلها اللّه يا حبيب.
فواللّه ما وقتَ أُمّةٌ من الأمم التي كانت قبل موسى بما أخذ اللّه عليها من الميثاق لكُلِّ نبيٍّ بعثه اللّه بعد نبيها ولقد كذَّبت الُأمّة التي جاءها موسى لمّا جاءها موسى، ولم يؤمنوا به، ولا نَصَرُوه إلا القليل منهم، ولقد كذَّبت أُمَّة عيسى بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولم يؤمنوا به، ولا نصروه لمّا جاءها إلّا القليل منهم.
ولقد جَحَدت هذه الأُمَّة بما أخَذَ عليها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الميثاق لعليّ ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم أقامه للناس ونصبه لهم ودعاهم إلى ولايته وطاعته في
ص: 316
حياته وأشهدهم بذلك على أنفسهم، فأيّ ميثاق أوكد من قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ فواللّه ما وَفَوا به، بل جَحَدُوا وكَذَّبوا (1).
713 / 74 - عن بكير، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذرّ، يوم أخذ الميثاق على الذرّ بالإقرار له بالربوبية، ولمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة، وعَرَض اللّه على محمّد وآله السلام أئمَّته (2) الطيّبين وهم أظلّة، قال: وخلقهم من الطينة التي خَلَق منها آدم، قال: وخلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام، وعرض (3) عليهم، وعرفهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ونحن اللّه نَعْرِفهم في لَحْن القول (4).
75/714 - عن زُرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أرأيت حين أخذ اللّه الميثاق على الذَّرِّ في صُلب آدم فعرضهم على نفسهم، كانت معاينةً منهم له؟
قال: نعم يا زُرارة وهم ذرّ بين يديه وأخذ عليهم بذلك الميثاق بالربوبيّة له، ولمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة، ثمّ كفل لهم بالأرزاق، وأنساهم رؤيته (5)، وأثبت (6) في قلوبهم معرفته، فلابد من أن يُخْرِج اللّه إلى الدنيا كُلِّ مَن أخَذَ عليه الميثاق، فمن ججَحَد ممّا أخذ عليه الميثاق لمحمّد عليه السلام وآله، لم ينفعه إقراره لربّه بالميثاق، ومَن لم يَجْحَد ميثاق محمّد وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ) نَفَعَه الميثاق لرّبه (7).
ص: 317
76/715 - عن فيض بن أبي شيبة، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: وتلا هذه الآية «وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا اتَيْتُكُمْ مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ» إلى آخر الآية، قال: لتُؤمنن برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولتَنْصُرُنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قلت : ولتَنْصُرُنَّ أمير المؤمنين!
قال: نعم، من آدم فَهَلُمَّ جرّاً، ولا يبعث اللّه نبياً ولا رسولاً إِلَّا رُدّ إلى الدنيا حتى يُقاتل بين يدي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
77/716 - عن سلّام بن المُستنير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لقد تَسَمَّوا باسم ماسمّى اللّه به أحداً، إلا عليّ بن أبي طالب، وما جاء تأويله.
قلت: جُعِلت فداك، متى يجيى تاويله؟
قال: إذا جاء جمع اللّه أمامه النبيين والمؤمنين حتّى يَنْصُروه، وهو قول اللّه تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ» إلى قوله: «وَأَنَا مَعَكُم مِّن الشَّاهِدِينَ» فيومئذٍ تُدْفَع راية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اللَّواء إلى عليّ ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فيكون أمير الخلائق كُلِّهم أجمعين، يكون الخلائق كُلّهم تحت لوائه، ويكون هو أميرهم، فهذا تأويله (2).
78/717 - عن عمّار بن أبي الأحوص عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أن اللّه تبارك وتعالى خلق في مُبتدأ الخَلْق بَحْرين ؟ أحدهما عذب فُرات، والآخر ملح تاج (3)، ثمّ خَلَقَ تُربة آدم من البحر العذب الفرات، ثمّ أجراه على البحر الأجاج. فجعله حَمَةً مَسْنُوناً (4) وهو خَلَق آدم، ثمّ قَبَضَ قَبْضَةً من كَيْف آدم الايمن، فَذَرَأها
ص: 318
في صُلب آدم، فقال: هؤلاء في الجنّة ولا أبالي، ثمّ قَبَض قَبْضَةٌ من كَيف آدم الأيسر، فَذَرَأها في صُلب آدم، فقال: هؤلاء في النار ولا أُبالي، ولا أُسأل عمّا أفعل، ولي في هؤلاء البداء بعد وفي هؤلاء، وهؤلاء سَيُبْتَلُون.
قال: أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فاحتج يومئذٍ أصحاب الشِّمال وهم ذرّ على خالقهم، فقالوا: يا ربَّنا، لم (1) أوجبت لنا النّار وأنت الحَكَم العدل من قبل أن تَحْتَجَّ علينا وتَبْلُونا بالرُّسل وتَعْلَم طاعتنا لك ومَعْصِيتنا؟
فقال اللّه تبارك وتعالى: فأنا أخبركم بالحجّة عليكم الآن في الطاعة والمعصية، والإعذار بعد الإخبار (2).
قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأوحى اللّه إلى مالك خازن النّار: أنْ مُر النّار تَشْهَق ثُمَّ تُخْرِج عُنقاً منها، فَخَرَجت لهم، ثمّ قال اللّه لهم : ادْخُلُوها طائعين، فقالوا: لا نَدْخُلها طائعين. ثمّ قال: ادْخُلُوها طائعين أو لأعذبنّكم بها كارهين. قالوا: إنَّما هَرَبنا إليك منها، وحَاجَجْنَاك فيها حيث أوْجَبْتَها علينا، وصَيَّرتنا من أصحاب الشمال، فكيف نَدْخُلها طائعين؟ ولكن ابدأ بأصحاب (3) اليمين في دخولها كي تكون قد عدَلْتَ فينا وفيهم.
قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأمر أصحاب اليمين وهم ذَرّ بين يديه، فقال: ادْخُلُوا هذه النار طائعين. قال: فَطَفِقُوا يَتَبَادَرُون في دُخُولها، فَوَلَجُوا فيها جميعاً، فصيَّرها اللّه عليهم بَرْداً وَسَلاماً، ثُمّ أخرجهم منها، ثُمَّ إنَّ اللّه تبارك وتعالى نادى في أصحاب اليمين وأصحاب الشمال : ألست بربكم؟ فقال أصحاب اليمين بلى يا
ص: 319
ربَّنا، نحن بَريّتُك وخَلْقُك مُقرّين طائعين، وقال أصحاب الشمال: بلى يا ربَّنا، نحن بريّتك وخَلْقُك،كارهين، وذلك قول اللّه تعالى: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» [83]، قال: توحيدهم اللّه تعالى(1).
79/718 - عن عباية الأسدي، أنه سمع أمير المؤمنين لا يقول: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» أكان ذلك بعد؟ قلتُ: نعم يا أمير المؤمنين. قال: كلا والذي نفسي بيده حتّى تدخُل المرأة بمن عذب آمنين لا يخاف حَيَّة ولا عقرباً (2) فما سوى ذلك (3).
80/719 - عن صالح بن ميثم قال: سالتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً»، قال : ذلك حين يقول عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا أولى الناس بهذه الآية «وَأَقْسَمُوا بِاللّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّه مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» إلى قوله: «كَاذِبِينَ» (4).
81/720- عن رفاعة بن موسى قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «وَلَهُ سَمِعتُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً»، قال : إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا تبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا اللّه وأن محمداً رسول اللّه (5).
82/721 - عن ابن بكير، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «وَلَهُ
ص: 320
أَسْلَمَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً».
قال: أنزلت في القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا خرج باليهود والنَّصارى والصَّابئين والزَّنادِقة وأهل الرَّدَّة والكفّار في شرق الأرض وغَرْبها، فَعَرَض عليهم الاسلام، فمن أسلم طَوعاً أمره بالصلاة والزكاة، وما يُؤمر به المسلم ويجب اللّه عليه، ومَنْ لم يُسلم ضَرَب عُنقه حتّى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحد اللّه تعالى.
قلت له: جُعلت فداك، إنَّ الخلق أكثر من ذلك ؟ فقال: إن اللّه إذا أراد أمراً قلَّل الكثير وكثر القليل (1).
83/722 - عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل كان وُلد يعقوب أنبياء؟ قال: لا، ولكنَّهم كانوا أسباطاً، أولاد الأنبياء، لم يكونوا يُفارقون الدنيا إلّا سُعداء، تَابُوا وتَذَكَّروا ما صَنَعُوا (2).
723 / 84 - عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: «لَن تَنالُوا الْبِرَّ حتى تُنفِقُوا ما تُحِبُّونَ» [92] هكذا قرأها (3).
724 / 85 - عن مُفضَّل بن عمر، قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوماً ومعي شيْ فَوَضَعْتُهُ بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلتُ: هذه صِلَة مواليك وعبيدك؛ قال: فقال لي: يا مُفَضَّل، إِنِّي لأقبل (4) ذلك، وما أقبله من حاجتي إليه (5)، وما أقبله إلّا ليزَكّوا به.
ثم قال: سمعت أبي يقول : مَن مَضَت له سنة لم يَصِلْنا من ماله قلَّ أو كثُر، لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، إلا أن يعفو اللّه عنه.
ص: 321
ثمّ قال: يا مُفضَّل إنّها فريضةٌ فرضها اللّه على شيعتنا في كتابه، إذ يقول: «لَن تَنالُوا البرَّ حتّى تُنفِقُوا مما تُحِبُّونَ» فنحن البِرَّ والتقوى، وسبيل الهدى، وباب التقوى، لا يُحْجَب دعاؤنا عن اللّه، اقْتَصِرُوا على حَلَالكم وحرامكم فاسألوا عنه، وإيّاكم أن تسألوا أحداً من الفقهاء عمّا لا يغنيكم وعَمَّا ستّر اللّه عنكم (1).
86/725- عن عبد اللّه بن أبي يَعْفُور، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلَّاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ» [93].
قال: إنّ إسرائيل كان إذا أكل لُحُوم الإبل هيَّج عليه وجع الخَاصِرة، فَحَرَّم على نفسه لَحْم الإبل، وذلك من قبل أن تنزل التوراة، فلما أنزلت التوراة لم يُحرّمه ولم يأكُله (2).
726/87- عن عمر بن يزيد، قال: كتبت الى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن رجلٍ دبَّر مَمْلُوكه، هل له أن يبيع (3) عِتقه (4)؟ قال: كتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) «كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاً لِّبَنِي کل إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ» (5).
88/727 - عن حَبّابة الوَالبِيَّة، قال: سَمِعتُ الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول: ما أعلم أحداً على ملّة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا (6). قال صالح: ما أحد على ملَّة إبراهيم... قال :جابر ما أعلم أحداً على مِلَّة إبراهيم (7).
ص: 322
89/728- عن عبد الصمد بن سعد، قال: طلب أبو جعفر (1) أن يشترى من أهل مكّة بُيُوتهم ليزيد في المسجد فأبوا، فأرْغَبهم فامْتَنَعُوا، فضاق بذلك، فأتى أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له: إني سألتُ هؤلاء شيئاً من منازلهم وأفنيتهم لتزيد في المسجد، وقد منعوني ذلك، فقد غَمَّني غَمّاً شديداً.
فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). لِمَ يَعُمّك (2) ذلك، وحُجَّتك عليهم فيه ظاهرة؟ فقال: وبما احتجُّ عليهم؟ فقال: بكتاب اللّه. فقال: في أيِّ موضع ؟
فقال: قول اللّه تعالى: «إِنَّ أَوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلناسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ» [96] قد أخبرك اللّه أنّ أوّل بيتٍ وُضِع للناس لَلَّذِي (3) ببَكَّة، فان كانوا هم نَزلوا قبل البيت فَلَهُم أفنِيَتُهم، وإن كان البيت قديماً قَبْلَهم فَلَه فناؤه.
فَدَعَاهم أبو جعفر، فاحتج عليهم بهذا، فقالوا له: اصْنَع ما أحْبَبْت (4).
90/729 - عن الحسن بن عليّ بن النُّعمان، قال: لما بنى المهديّ (5) في المسجد الحرام، بقيت دار في تربيع المسجد، فَطَلَبها من أربابها فامتنعوا، فسأل عن ذلك الفُقهاء، فكُلُّ قال له: إنه لا ينبغي أن يُدْخِل شيئاً في المسجد الحرام غصباً.
فقال له على بن يَقْطِين: يا أمير المؤمنين لو كتبت إلى موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) لأخبرك بوجه الأمر في ذلك؟
فكتب إلى والي المدينة أن يسأل موسى بن جعفر عن دارٍ أردنا أن نُدْخِلها في المسجد الحرام، فامتنع علينا صاحِبُها، فكيف المَخْرَج من ذلك؟ فقال ذلك
ص: 323
لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ولابدّ من الجواب في هذا؟ فقال له: الأمر لا بدَّ منه.
فقال له: اكتُب (بسم اللّه الرّحمن الرحيم: إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس، فالناس أولى بفنائها، وإن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة، فالكعبة أولى بفنائها) فلمّا أتى الكتاب إلى المهديّ أخذ الكتاب فَقَبَّله، ثم أمر بِهَدم الدار، فأتى أهل الدّار أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فسألوه أن يكتُب لهم إلى المهديّ كتاباً في ثَمَن دَارِهم، فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه : أن ارْضِح لهم (1) شيئاً، فأرضاهم (2).
91/730 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: كان اللّه تبارك اللّه وتعالى كما وصف نفسه، «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء» (3)، والماء على الهواء، والهواء لا يجري، ولم يكن غير الماء خَلَق، والماء يومئذٍ عَذَبٌ فُرات، فلمّا أراد اللّه أن يَخْلُق الأرض أمَرَ الرياح الأربع، فضر بن الماء حتّى صار موجاً، ثم أزيد زَيْدَةً واحدةً، فجعمه في موضع البيت، فأمر اللّه فصار جبلاً من زَبَدٍ، ثمّ دحا الأرض من تحته، ثمّ قال : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ» (4) [96].
92/731 - عن زُرارة، قال : سُئل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن البيت، أكان يُحجُّ إليه قبل أن يُبعث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟
قال: نعم، لا يَعْلَمُون أنَّ الناس قد كانوا يَحُجُون، ونُخْبِركم أنّ آدم ونُوحاً و سليمان قد حَجُّوا البيت بالجن والإنس والطَّير، ولقد حَجَّه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) على جَمَلٍ أحمر، يقول: لبّيك لبّيك، فإنَّه كما قال اللّه تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى
ص: 324
بِمَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِّلْعَالَمِينَ» (1).
93/732 - عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : مكّة : جُملة القرية، وبَكَّة : موضع الحجر الذي يبكُّ الناس بعضهم بعضاً (2).
733 / 94 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنّ بَكَّة موضع البيت، وإن مكّة الحَرَم، وذلك قوله تعالى: (فَمَن دَخَلَهُ كانَ ءَامِناً) (3) [97].
95/734 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ لِمَ سُمِّيت مكّة بكَّة ؟ قال: لأنَّ الناس يبكُ بعضهم بعضاً بالأيدى (4).
96/735 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إِنّ بَكَّة موضع البيت، وإنّ مكّة جميع ما اكتنفه الحرم (5).
97/736 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّه وُجد في حجر من (6) حَجَرات البيت مكتوباً: إنّي أنا اللّه ذو مكّة (7)، خلقتها يوم خَلَقْتُ السماوات والأرض، ويوم خَلَقْتُ الشمس والقمر، وخلقتُ الجبلين، وحَفَفْتُها (8) بسبعة أملاك حقّاً.
وفي حجر آخر: هذا بيتُ اللّه الحرام ببَكَّة، تكفّل اللّه برِزْق أهله من ثَلاثة سُبل، مبارك لهم في اللحم والماء، أوَّل من نُحِلّه إبراهيم (9).
ص: 325
98/737 - عن علىّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن مكَّة، لِمَ سُمِّيت بكة؟
قال: لأنَّ الناس يبكُ بعضهم بعضاً بالأيدي، يعني يَدْفَعُ بعضهم بعضاً بالأيدي في المسجد حول الكعبة (1).
99/738 - عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ» [97] فما هذه الآيات البيّنات؟ قال: مقام إبراهيم حين قام عليه فأثَّرت قدماه فيه، والحَجّر ومنزل إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).
100/739 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قوله سبحانه: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً»، قال : يأْمَنُ فيه كُلُّ خائفٍ، مالم يكن عليه حَدٌ من حدود اللّه ينبغي أن يُؤخَذَ به.
قلت: فيأْمَنُ فيه من حارب اللّه ورسوله، وسعى فى الأرض فساداً؟ قال: هو مثل الذي يكنّ (3) بالطريق، فيأخُذ الشاة أو الشيء، فيصنع به الامام ماشاء.
قال: وسألتُهُ عن طائر (4) يَدْخُل الحَرَم؟ قال: لا يُؤخَذُ ولا يُمسُّ، لأنّ اللّه يقول: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً» (5).
101/740 - عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ: أرأيت قوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً» البيت عنى، أو الحَرَم؟ قال: مَن دَخَل الحَرَم من الناس مُستجيراً به فهو آمِنٌ، ومَن دَخَل البيت من المؤمنين مُستجيراً به فهو
ص: 326
آمِنٌ من سَخَط اللّه ومن دَخَل الحَرَم من الوَحْش والسِّباع والطَّير فهو آمن من أن يُهَاج أو يُؤذى حتّى يَخْرُج من الحَرَم (1).
102/741 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : مَن دَخَل مكّة اللّه المسجد الحرام يعرف من حقّنا وحُرمتنا، ما عرف من حقّها وحُرمتها، غَفَر اللّه له ذنبه وكَفَاهُ ما أهَمَّه من أمر الدنيا والآخرة، وهو قوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامناً» (2).
103/742 - عن المثنى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً»، قال : إذا أحدث السارق في غير الحَرَم، ثمّ دخل الحَرَم لم يَنْبَغِ لأحدٍ أن يأخُذه، ولكن يُمنع من السُّوق، ولا يُبايع ولا يُكَلَّم، فإنَّه إِذا فُعِل ذلك به، أوشك أن يَخْرُج فيُؤخَذ، وإذا أُخِذ أُقيم عليه الحَدُّ، فإن أحْدَثَ في الحَرَم أُخِذ وأُقيم عليه الحَدُّ في الحرم، لأنّه من جنّى في الحَرَم أُقيم عليه الحَدُّ في الحرم (3).
104/743 - وقال عبد اللّه بن سنان: سَمِعتُهُ يقول فيما أدخل الحرم ممّا صيد في الحِلّ، قال: إذا دَخَل الحَرَم فلا يُذْبَح إِنَّ اللّه يقول: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً» (4).
105/744 - عن عمران الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله : «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً».
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إذا أحدث العبد في غير الحَرَم ثمّ فَرَّ إِلى الحَرَم، لم يَنْبَغِ أَن يُؤخَذ، ولكن يُمنع منه الشوق ولا يُبايع ولا يُطعم، ولا يُسقى ولا يُكَلَّم، فانّه إذا فعل ذلك
ص: 327
به يُوشك أن يَخْرُجَ فيُؤخَذ، وإن كان إحداثه في الحرم أُخِذ في الحرم (1).
106/745 - عن عبد الخالق الصَّيقل، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً».
فقال: لقد سألتني عن شيءٍ ما سألني عنه (2) إلّا ماشاء اللّه، ثمّ قال: إنّ من أمَّ هذا البيت وهو يعلمُ أنَّه البيت الذي أمَرَ اللّه به، وعَرَفنا أهل البيت حَقٌّ مَعْرِفتنا، كان آمناً في الدُّنيا والآخرة (3).
107/746 - عن علي بن عبد العزيز، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك قول اللّه تعالى: «ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً» وقد يَدْخُلُه المرجي (4) والقَدَري والحَرُوري (5) والزِّنديق الذي لا يُؤمن باللّه؟ قال: لا ولا كرامة.
قلت : فمن (6) جُعِلت فداك؟ قال : ومَنَ دَخَلَهُ وهو عارِفٌ بحقِّنا كما هو عارِفٌ له خَرّج من ذُنُوبه، وكُفي هم الدنيا والآخرة (7).
108/747 - عن إبراهيم بن علي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن الحسن بن محبوب، عن
ص: 328
معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً».
قال: هذا لمن كان عنده مالٌ وصحّة، فإن سَوَّفَهُ للتِّجارة فلا يسعه ذلك، وإن مات على ذلك فقد تَرَكَ شريعةً من شرائع الإسلام، إذا تَرَك الحجّ وهو يَجدُ ما يَحُجُ به، وإن دعاه أحد، إلى أن يَحْمِله فاستحيى (1) فلا يفعل، فانّه لا يسعه إلا أن يَخْرُج ولو على حِمارٍ أجْدَع أبتر، وهو قول اللّه: «وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ» [97].
قال: ومَن تَرَكَ. قلت: كفر؟ قال: ولم لا يكفر وقد ترك شريعة من شرايع الإسلام؟ يقول اللّه: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جدال فِى الحَجّ» (2) فالفريضةُ التَّلبية والإشعار والتقليد، فأي ذلك فعل فقد فرض الحجّ، ولا فَرْض إلّا في هذه الشهور الّتي قال اللّه: «الحَجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَات» (3).
109/748 - عن زُرارة، قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية.
قال: قلتُ: فأيّ ذلك أفضل ؟ قال : الولاية أفضلهنَّ، لأنَّها مِفْتَاحُهنَّ، والوالي هو الدليل عليهنَّ.
قال: قلتُ: ثمّ الذي يلي من الفَضْل ؟ قال : الصلاة، إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال:
ص: 329
الصلاة عَمُودُ دينكم.
قال: قلتُ: الذي يليها في الفضل ؟ قال الزكاة، لأنَّه قرنها بها، وبدأ بالصلاة قبلها وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الزكاة تُذهِبُ الذُّنوب.
قال: قلتُ: فالذي يليها في الفضل ؟ قال : الحج، لأنَّ اللّه يقول: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ».
وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لَحِجَّةٌ متقبلة خَيرٌ من عشرين صلاة نافلة، ومن طاف بهذا البيت طَوَافاً أحصى فيه سُبُوعه (1) وأحسن رَكْعتيه غُفِرله، وقال يوم عرفة ويوم المُزْدَلِفَة ما قال.
قال: قلتُ: ثمَّ ماذا يَتْبَعُه ؟ قال : ثمَّ الصَّوم. قال: قلت: ما بال الصوم آخر ذلك أجمع ؟ فقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الصَّومُ جُنَّة من النار.
قال : ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ أفضلَ الأشياء ما إذا كان فاتك لم يَكُن لك منه التّوبة دون أن ترجع إليه فتؤدّيه بعينه، إنَّ الصلاة والزكاة والحج والولاية ليس ينفع شيءٌ مكانها دون أدائها، وإنّ الصّوم إذا فاتك أو أقطَرْت أو سافرت فيه أدَّيت مكانه أيّاماً غيرها، وفَدَيت ذلك الذَّنب بفدية، ولاقضاء عليك، وليس مثل تلك الأربعة شيءٌ يُجزيك مكانها غيرها (2).
110/749 - عن عمر بن أُذينة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» يعني به الحجّ دون العُمرة؟ قال: لا ولكنَّه الحجّ والعُمرة جميعاً، لأنَّهما مفروضان (3).
ص: 330
111/750 - عن عبد الرّحمن بن سَيّابة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، قال: مَن كان صَحِيحاً فِي بَدَنه، مُخلّى سَرْبه (1) له زادٌ وَرَاحِلةٌ، فهو مُستطيعٌ للحجّ (2).
112/751 وفي حديث الكناني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: وإن كان يَقْدِر أن يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليفعل «وَمَنْ كَفَر» قال : تَرَك (3).
113/752 - عن أبي الربيع الشامي، قال: سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، فقال: ما يقول الناس؟ فقيل له: الزاد والرَّاحلة.
قال: فقال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): سئل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذا؟ فقال: لقد هَلَك الناسُ إذاً، لئن كان من كان له زادٌ وراحِلةٌ قدر ما يَقُوت به عياله، ويستغني به عن الناس، يَنْطَلِق إليهم فيسألهم إيَّاه، ويَحُجّ به، لقد هَلَكُوا إذاً.
فقيل له: فما السبيل؟ قال: فقال: السَّعة في المال، إذا كان يَحُجّ ببعضٍ ويُبقي ببعضٍ يَقُوتُ به عياله، أليس اللّه قد فَرَض الزكاة، فلم يجعلها إلا على من يَمْلِك مائتي درهم (4)؟
ص: 331
114/753 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : رجلٌ عُرِض عليه الحجّ فاستحيى أن يقبله، أهو ممَّن يستطيع الحج؟ قال: نعم، مُره فلا يستحيي، ولو على حمارٍ أبتر، وإن كان يستطيع أن يمشي بعضاً ويَرْكَب بعضاً فليفعل (1).
115/754 - عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، قال: سألته ما السبيل؟ قال: يَكُونُ له ما يَحُجّ به.
قلت: أرأيت إن عُرض عليه مال يَحُجّ به فاستحيى من ذلك؟ قال: هو ممن استطاع إليه سبيلاً، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وإن كان يُطيق المشي بعضاً والرُّكُوب بعضاً فليفعل. قلت: أرأيت قول اللّه: «وَمَن كَفَرَ» أهو في الحج؟ قال: نعم. قال: هو كُفر النِّعَم. وقال: من تَرَك، في خبر آخر(2).
116/755 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه تعالى: «مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ؟ قال : تَخْرُج، إذا لم يكن عندك تمشي.
قال: قلت: لا يَقْدِر على ذلك؟ قال: يمشي ويَرْكَب أحياناً.
قلت: لا يَقْدِر على ذلك ؟ قال : يَخْدِمُ قوماً، ويَخْرُج معهم (3).
117/756 - عن عبد الرّحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، قال: الصحة في بَدَنه والقدرة في ماله (4).
ص: 332
118/757 - وفي رواية حفص الأعور، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : القُوَّة في البَدَن، واليَسَار في المال (1).
119/758 - عن الحسين بن خالد، قال: قال أبو الحسن الأول (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف تقرأ هذه الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسَلِّمُونَ» [102] ماذا؟ قلت: مُسْلِمُون.
فقال: سُبحان اللّه ! يُوقع (2) عليهم الإيمان، فيُسَمَّيهم (3) مؤمنين، ثمّ يسألهم الاسلام والايمان فوق الاسلام!
قلت: هكذا تُقرأ في قراءة زيد قال: إِنَّما هي في قراءة عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو التنزيل الذي نَزَل به جبرئيل على محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (إِلَّا وَأَنتُم مُسلّمون) لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ الامام من بعده (4).
120/759 - عن أبي بصير، قال سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ»، قال: يُطَاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكّر فلا يُكفر(5).
121/760 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ»، قال منسوخة. قلت : وما نسختها؟ قال: قول اللّه تعالى: «اتَّقُوا اللّه مَا اسْتَطَعْتُمْ» (6).
761 / 122 - عن ابن يزيد قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى:
ص: 333
«وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً» [103]، قال: عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَبْلُ اللّه المتين (1).
123/762 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم حَبْل اللّه الذي أمر (2) بالاعتصام به فقال : «وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا» (3).
124/763 - عن محمّد بن سُليمان البصري الدَّيلمي، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، «وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِّنْهَا» [103] محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (4).
125/764 - عن أبي الحسن علي بن محمّد بن ميثم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : اللّه أبْشِرُوا بأعظم المِنّن عليكم قول اللّه: (وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِّنْهَا فالإنقاذ من اللّه هبةٌ، واللّه لا يَرْجِع من هِبَتِهِ(5).
126/765 - عن ابن هارون (6)، قال: كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا ذكر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال: بأبي وأُمّي ونفسي وقومي وعترتي (7)، عجب للعرب كيف لا تحمِلنا على عَجَبٌ رؤوسها، واللّه يقول في كتابه: «وَكُنتُم عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا» فبرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واللّه أُنْقِذُوا (8).
ص: 334
127/766 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال في قوله تعالى: «وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» [104] قال: في هذه الآية تكفير أهل القبلة بالمعاصي، لأنَّه مَن لم يَكُن يَدعو إلى الخيرات، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من المسلمين، فليس من الأُمة التي وَصَفها اللّه، لأنَّكم تَزْعُمُونَ أَنَّ جميع المُسلمين من أُمَّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد بدت هذه الآية، وقد وصفتْ أُمَّة محمّد بالدعاء إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن لم يُوجد فيه الصفة التي وصفت بها، فكيف يكون من الأمة، وهو على خِلاف ما شَرَطه اللّه على الأمة ووصفها به (1) ؟!
128/767 - عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال (2): في قراءة علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) (كُنتُمْ خَيْرَ أتَمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [110]، قال: هم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3).
129/768 - وأبو بصير، عنه، قال: قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما أُنزلت هذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيه وفي الأوصياء خاصة، فقال: (أَنتُمْ خَيْرَ أَنمَّةَ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ) هكذا واللّه نَزَل بها جَبْرَئِيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما عنى بها إلّا محمّداً وأوصياءه (صلوات اللّه عليهم) (4).
130/769 - عن أبي عمر و الزَّييري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ»، قال: يعني الأُمَّة التي وَجَبَت لها دَعْوَة إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فهم الأُمَّة التي بعث اللّه فيها ومنها
ص: 335
وإليها، وهم الأمة الوسطى، وهم خير أُمَّةٍ أُخرجت للناس (1).
131/770 - عن يُونس بن عبدالرحمن، عن عدة من أصحابنا، ورفعوه إلى أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللّه وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ» [112]، قال: الحَبْلُ من اللّه كتاب اللّه، والحبل من الناس هو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).
132/771 - عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وتلا هذه الآية «ذلك بأنَّهُم كَانُوا يَكْفُرُونَ بِثَايَاتِ اللّه وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٌّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ» [112]، قال : واللّه ما ضَرَبُوهم بأيديهم، ولاقتلوهم بأسيافهم ولكن سَمِعُوا أحاديثهم وأسرارهم فأذاعوها، فأخِذُوا عليها فقُتِلُوا، فصار قَتْلاً واعتداءً ومَعْصيةٌ (3).
133/772 - عن أبي بصير، قال: قرأتُ عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَلَقَدْ نَصَرَ كُمُ اللّه بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ» [123]، قال: مه، ليس هكذا أنزله اللّه، إنَّما أُنزلت (وأنتم قليل) (4).
134/773 - عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سأله أبي عن هذه الآية «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّه بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ»، قال: ليس هكذا أنزله اللّه، ما أذلَّ اللّه رَسُوله قطّ، إِنَّما أنزلت (وأنتم قليل).
عن عيسى، عن صفوان، عن ابن سِنان، مثله (5).
135/774 - عن ربعي بن (6) حَرِيز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه قرأ «وَلَقَدْ نَصَرَكُم
ص: 336
اللّه بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ ضُعَفَاء) وما كانوا أَذِلَّة ورسول اللّه فيهم عليه وعلى آله السلام (1).
136/775 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كانت على الملائكة العمائم البيض المُرْسَلة يوم بدر (2).
137/776 - عن إسماعيل بن هَمّام، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه : «مُسَوَّمِينَ» [125]، قال: العمائم، اعتم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فَسَدَلها (3) من بين يديه ومن خلفه (4).
138/777 - عن ضُريس بن عبد الملك، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ الملائكة الذين نَصَرُوا محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم بدر في الأرض، ما صعدوا بعدُ، ولا يَصْعَدُون حتّى يَنْصُروا صاحب هذا الأمر (5)، وهم خمسة آلاف (6).
139/778 - عن جابر الجُعفي، قال: قرأتُ عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه عزّ وجلّ: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ» [128].
قال: بلى واللّه إنَّ له من الأمر شيئاً وشيئاً وشيئاً، وليس حيثُ ذهبت، ولكنّي أُخبرك أنَّ اللّه تبارك وتعالى لمّا أمر نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يُظهر ولاية عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَّر في عَدَاوة قومه له ومعرفته بهم، وذلك للّذي فضّله اللّه به عليهم في جميع خصاله، كان أوّل من آمن برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبمن أرسله، وكان أنْصَر الناس للّه ولرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأقتلهم لعدوّهما، وأشَدَّهم بغضاً لمن خالفهما، وفضل علمه الذي
ص: 337
لم يُساوه أحد، ومناقبه التي لا تُحصى شَرَفاً.
فلما فكر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في عداوة قومه له في هذه الخصال، وحسدهم له عليها، ضاق عن ذلك، فأخبر اللّه أنه ليس له من هذا الأمر شيء، إنما الأمر فيه إلى اللّه أن يُصيّر عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصيّه وولى الأمر بعده، فهذا عنى اللّه تعالى، وكيف لا يكون له من الأمر شيء وقد فوَّض اللّه إليه أن جعل ما أحل فهو حلال، وما حرَّم فهو حرام قوله : «مَا ءَاتَنكُمُ الرَّسُولَ فَخُذُوهُ وَمَانَهَكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (1)؟
140/779 - عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قوله لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ» فسِّره لي. قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لشيء قاله اللّه، ولشيء أراده اللّه.
يا جابر، إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان حريصاً على أن يكون عليٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بعده على الناس (2)، وكان عند اللّه خلاف ما أراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
قال: قلت: فما معنى ذلك؟ قال: نعم، عنى بذلك قول اللّه لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ» يا محمّد في عليّ، الأمر إليَّ في عليّ، وفي غيره، ألم أتلُ عليك يا محمّد فيما أنزلت من كتابي إليك «الَمَ * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ» إلى قوله : «فَلَيَعْلَمَنَّ» (3) قال: فَوَّض رسول
ص: 338
اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الأمر إليه (1).
141/780 - عن الجَرمي (2) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه قرأ (ليس لك من الأمر اللّه، شيءٌ إن يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (3).
142/781 - عن داود بن سرحان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَسَارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ» [133] قال : إذا وضعوها (4) كذا، وبسط يديه إحداهما مع الأخرى (5).
143/782 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : رحم اللّه عبداً اللّه لم يرضَ من نفسه أن يكون إيليس نظيراً له في دينه، وفي كتاب اللّه نجاة من الرّدى، وبصيرةٌ من العَمَى، ودليلٌ إلى الهُدى، وشفاء لما في الصُّدور، فيما أمركم اللّه به من الاستغفار مع التّوبة، قال اللّه: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّه فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللّه وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» [135] وقال: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّه يَجِدِ اللّه غَفُوراً رَحِيماً» (6) فهذا ما أمر اللّه به من الاستغفار، واشترط معه التّوبة، والاقلاع عمّا حرَّم اللّه، فأنَّه يقول: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» (7)
ص: 339
وهذه الآية تَدُلُّ على أنّ الاستغفار لا يَرْفَعه إلى اللّه إلّا العمل الصالح والتّوبة (1).
144/783 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللّه وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»، قال: الإصرار أن يُذنِب العبد ولا يستغفر، ولا يُحدّث نفسه بالتّوبة، فذلك الإصرار (2).
145/784 - عن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وتلك الأيّام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» [140]، قال: ما زال مذ خَلَقَ اللّه آدم دَولة للّه ودولة لابليس، فأين دولة اللّه، أما هو إلّا قائمٌ واحدٌ (3)؟
146/785 - عن الحسن بن علي الوشّاء، باسناد له يرسله إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: واللّه لتُمَحَّصُنَّ واللّه لتُمَيَّزُنَّ واللّه لتُغَرْبَلُنَّ حتّى لا يبقى منكم إلّا الأنْدَر.
قلت: وما الأنْدَر ؟ قال : البَيْدَر، وهو أن يُدْخِل الرَّجُل فيه الطَّعام يُطيّن عليه. ثمّ يُخرجه قد أكل بعضُه بعضاً، فلا يزال يُنقيه، ثمّ يكن عليه، ثمّ يُخْرِجه، حتّى يفعل ذلك ثلاث مرّات، حتّى يبقى ما لا يَضُرُّه شيء (4).
147/786 - عن داود الرقى، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجنّة وَلَمَّا يَعْلَمُ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ» [142]. قال: إنَّ اللّه هو أعلم بما هو مُكَوِّنه قبل أن يُكَوِّنه، وهم ذَرّ، وعلم من يُجاهد مِمَّن لا يُجاهد، كما عَلِم أنّه يُميت خَلْقَه قبل أن يُميتهم، ولم يُرِهم مَوْتَهم وهم أحياء (5).
ص: 340
148/787 - عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كان الناسُ أهل رِدَّةٍ بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا ثلاثة. فقلت : ومن الَثلاثة؟ قال: المقداد، وأبو ذَرّ وسلمان الفارسي، ثمّ عَرَف أُناس بعد يسير. فقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرّحا، وأبوا أن يُبَايعوا حتّى جاءوا بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُكْرَها فَبَايَعَ، وذلك قول اللّه: «وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّه شَيْئاً وَسَيَجْزِى اللّه الشَّاكِرِينَ» [144] (1).
149/788 - عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لمّا قُبِض، صار الناس كلُّهم أهل جاهلية إلّا أربعة: علي، والِمقداد، وسلمان، وأبوذرّ، فقلت: فعمار ؟ فقال : إن كنت تُريد الذين لم يُدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة (2).
150/789 - عن الأصبغ بن نُباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في كلامٍ له يوم الجمل: يا أيُّها الناس إنَّ اللّه (تبارك اسمُه وعَزَّ جُنده)، لم يَقْبِض نبيّاً قط حتّى يكون له في أُمّته من يهدي بهداه (3) ويَقْصِد سيرته ويَدُلُّ على مَعالِم سَبيل الحَقِّ الذي فَرَض اللّه على عِباده، ثم قرأ «وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ» الآية (4).
151/790 - عن عمر و بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ العامة تَزْعُم أنَّ بيعة أبي بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضاً اللّه، وما كان اللّه ليَفتِن أُمة محمّد من بعده.
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما يقرءون كتاب اللّه ؟ أليس اللّه يقول: «وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينَ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ» الآية؟
ص: 341
قال: فقلت له: إنّهم يُفَسِّرون هذا على وجهٍ آخر قال: فقال: أو ليس قد أخبر اللّه عن الذين من قبلهم من الأُمم أنّهم اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات حين قال:«وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بُروح القُدْسِ» إلى قوله: «فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ» (1) الآية؟ ففى هذا ما يُسْتَدَلُّ به على أنَّ أصحاب محمّد عليه الصلاة والسلام قد اختلفوا من بعده، فمنهم من آمن ومنهم من كفر (2).
152/791 - عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أَتَدْرُون مات النبيّ أو قتل، إنَّ اللّه يقول: «أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ» فَسُمْ قبل الموت إنهما سَفَتاه، فقلنا إنّهما وأبوهما شَرٌ مَن خَلق اللّه (3).
153/792- عن الحسين بن المنذر، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ» القتل، أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فَعلوا ما فَعَلوا (4).
793 / 154 - عن مَنْصُور بن الوليد الصَّيقل، أنه سمع أبا عبداللّه جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قرأ: «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبِيٌّ قُتِلَ (5) مَعَهُ رِبِيُّونَ كَثيرٌ» [146]، قال: ألوف وألوف، ثمّ قال: إي واللّه يُقْتَلُون (6).
155/794 - عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذَكَر يوم أحد اللّه
ص: 342
قال: إنَّ رَسُول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كسرت رباعيته (1)، وإن الناس وَلَوْا مُصْعِدين في الوادي. والرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يدعوهم في أُخراهم، فأثابهم غمّاً بغَم، ثمّ أنزل عليهم النُّعاس.
فقلت: النُّعاس ما هو ؟ قال الهم، فلما أسْتَيْقَظُوا قالوا: كفرنا (2)، وجاء أبو سفيان فَعَلا فوق الجَبَل بالهه هُبل فقال: أعْلُ هُبل. فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذٍ: اللّه أعلى وأجلّ، فكسرت رباعية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، واشتَكَت (3) لثّته، وقال: نَشَدْتُك ياربّ ما وعدتني، فإنَّك إن شئت لم تُعبد.
وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يا عليّ، أين كنت ؟ فقال: يا رسول اللّه، لَزِقَتُ بالأرض (4)، فقال: ذاك الظنُّ بك. فقال: يا علي ائتني بماء أغسل فمي (5)، فأتاه في صَحْفَةٍ، فاذا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد عافه، وقال: ائتني في يدك؛ فأتاه بماءٍ في كفّه، فَغَسَل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن لحيته (6).
156/795 - عن زُرارة، وحُمران، و محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضٍ مَا كَسَبُوا» [155] فهو في عُقبة بن عثمان، وسعد بن عُثمان (7).
ص: 343
157/796 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لمّا انهزَم الناس عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم أحد، نادى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إِنَّ اللّه قَد وَعَدني أَن يُظْهِرَني على الدين كُلّه، فقال له بعض المنافقين وسمّاهما: فقد هزمنا وتَسْخَر بنا (1).
158/797 - عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضٍ مَا كَسَبُوا»، قال: هم أصحاب العقبة (2).
159/798 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُه عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّه أَوْ مُتُّمْ» [157]، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا جابر، أتدري ما سبيل اللّه؟ قُلت: لا أعلم إلّا أن أسمعه منك. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سبيل اللّه عليّ وذُريَّته (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ومَن قُتِل في ولايتهم قُتِل في سبيل اللّه، ومن مات في ولايتهم مات في سبيل اللّه (3).
160/799 - عن زُرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرَّجعة واسْتَخْفَيتُ ذلك. قلتُ: لأسألنَّ مسألة لطيفةً أبلُغ فيها حاجتي. فقلت: أخبرني عمَّن قُتل أمات؟ قال: لا الموت موتٌ، والقُتل قتلُ.
قلت ما أحدٌ يُقْتَل إلا وقد مات ؟ فقال : قول اللّه أصدق من قولك، فرّق بينهما في القرآن فقال: «أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ» (4) وقال: «لَئِن مُّتُمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللّه
ص: 344
تُحْشَرُونَ» [158] وليس كما قُلتَ يا زُرارة، المَوْتَ مَوْت والقَتْل قتل.
قلت: فإنّ اللّه يقول: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ» (1)؟ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): مَن قُتِل لم يُذق الموت، ثمّ قال: لا بُدَّ من (2) أن يَرْجِع حتّى يَذُوقَ الموت (3).
161/800 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «وَلَئِن متُمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللّه تُحْشَرُونَ» وقد (4) قال اللّه : «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ» (5)؟
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قد فَرَّق اللّه بينهما.
ثم ّقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): أكنت قاتلاً رجلاً لو قتل أخاك ؟ قلت: نعم. قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): فلومات موتاً، أكنتَ قاتلاً به أحداً؟ قلت: لا. قال: ألا ترى كيف فَرّق اللّه بينهما (6).
162/801 - عن عبد اللّه بن المغيرة، عمَّن حدّثه عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سُئل عن قول اللّه: «وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّه أَمومُتُّم»، قال: أتدري يا جابر ما سبيل اللّه ؟ فقلت: لا واللّه إلّا أن أسمعه منك.
قال: سبيل اللّه عليّ وذُريَّته، فمن قُتِل في ولايته قُتِل في سبيل اللّه، ومن مات في ولايته مات في سبيل اللّه، ليس مَن يُؤمن من هذه الأُمّة إلّا وله قَتْلة ٌوميتهٌ. قال: إنّه من قُتِل يُنشَر حتّى يَمُوت، ومن مات يُنشَر حتّى يُقْتَل (7).
163/802 - عن صفوان، قال: استأذنت لمحمد بن خالد على الرضا أبي
ص: 345
الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأخبرته أنَّه ليس يقول بهذا القول، وأنّه قال: واللّه لا أُريدُ بلقائه إلا لأنتهي إلى قوله. فقال: أدْخِله فَدَخَل فقال له: جُعِلتُ فداك، إنّه كان فَرَطَ منّي شيء، وأسْرَفتُ على نفسي، وكان فيما يَزْعُمون أنه كان يُعيبه، فقال: وأَنا أستغفرُ اللّه ممّا كان مِنّي، فأحبُّ أن تَقْبَل عُذري، وتغفر لي ما كان منّي.
فقال: نَعم أقبلُ، إن لم أقبل كان إيطال ما يقول هذا وأصحابه - وإشار إليّ بيده - ومصداق ما يقول الآخرون - يعني المخالفين - قال اللّه لنبيّه عليه وآله السلام: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ» [159] ثمّ سأله عن أبيه، فأخبره أنه قد مضى، واسْتَغْفَر له (1).
164/803 - في رواية صَفوان الجمال، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: جاء أعرابيّ - أحد بني عامر - فسأل عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلم يجده، فقالوا هو بقُزَح (2)، فطلبه فلم يجده، قالوا: هو بمنى، قال: فطَلَبه فلم يجده، فقالوا: هو بعرفة، فطلبه فلم يجده، فقالوا: هو بالمَشْعَر قال: فَوَجَده في الموقف، قال: حَلُّوا (3) لي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فقال الناس : يا أعرابيّ، ما اللّه أنكرك ! إذا وجدت النبيّ وسط القوم وَجَدْته مُفخّماً. قال: بل حَلُّوه لي حتّى لا أسأل عنه أحداً.
قالوا: فانّ نبي اللّه أطول من الرَّبْعَة (4)، وأقصر من الطويل الفاحش، كأنَّ لونَهُ
ص: 346
فِضَّة وذَهَب، أرْجَل (1) الناس جُمَّةٌ (2)، وأوسع الناس جبهةً، بين عينيه غُرَّة، أقنى الأنف (3) واسع الجبين، كثّ (4) اللّحية، مُفلَّج الاسنان، على شفته السُّفلى خَالٌ، كأنّ كنّ رقبته إيريق فِضَّة، بعيد ما بين مُشَاشَة (5) المَنْكِبين، كأَنَّ بَطْنَه وصَدْرَه سواء (6)، سَبْط البنان، عظيم البَراثن (7)، إذا مشى مشى مُتَكَفّياً (8)، وإذا التفت التفت بأجمعه، كأنّ يده من لينها مَتْنُ أرنب، إذا قام مع إنسان لم يَنْقَتِل (9) حتّى يَنْقَتِل صاحبه، وإذا جلس لم يَحْلُل حَبْوَتَه (10) حتّى يَقُوم جليسه.
فجاء الأعرابي، فلما نظر إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وعرفه، قال بمِحْجَيْهِ (11)، فإنَّه أديب (12).
ص: 347
ثم قال : ما حاجتك؟
قال: جاءتنا رُسُلُك أن تُقيموا الصلاة، وتُؤتوا الزكاة، وتَحُجُّوا البيت، وتغتسلوا من الجنابة، وبعثني قومي إليك رائداً أبغي أن أسْتَخْلِفَك وأخشى أن تغضب.
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لا أغضب، إنِّي أنا الذي سمّاني اللّه في التوراة والانجيل محمّد رسول اللّه المجتبى المصطفى ليس بفاحش، ولا سخّاب (1) في الأسواق ولا يتبع السيئة السيئة، ولكن يتبع السيئة الحسنة، فسلني عمّا شِئت، وأنا الذي سمّاني اللّه في القرآن «وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» فَسَل عَمّاشئت.
قال: إنَّ اللّه الذي رفع السماوات بغير عَمَدٍ، هو أرسلك؟ قال: نعم هو أرسلني. قال: باللّه الذي قامت السماوات بأمره، هو الذي أنزل عليك الكتاب، وأرسلك بالصلاة المفروضة، والزكاة المعقولة؟ قال: نعم. قال: وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة، وبالحدود كُلّها ؟ قال نعم قال: فانا آمنا باللّه ورسله وكتابه، واليوم الآخر، والبعث و الميزان والموقف، والحلال والحرام، صغيره وكبيره، قال: فاستغفر له النبيّ ودعا له (2).
165/804- أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مَهزیار، قال : كتب إلي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أن سل فلاناً أن يُشير عليَّ ويتخيّر لنفسه، فهو يعلم ما يجوز في بلده، وكيف يُعامل السَّلاطين، فانّ المَشُورة مباركة، قال اللّه لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في محكم كتابه: «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه إِنَّ اللّه يُحِبُّ المُتَوَكَّلينَ» فان كان ما يَقُولُ ممَّا يَجُوز كتبت (3) أُصوب رأيه، وإن كان غير ذلك
ص: 348
رَجَوتُ أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء اللّه «وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ» قال: يعني الاستخارة (1).
166/805 - عن سماعة، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الغُلول: كلّ شيء غُلَّ عن الإمام، وأكل مال اليتيم شُبهة، والسُّحت شبهة (2).
167/806 - عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّه كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ» [162].
فقال: «هم» الأئمّة (3) واللّه يا عمّار، «دَرَجات» للمؤمنين «عِندَ اللّه» [163]، وبموالاتهم وبمعرفتهم (4) إيَّانا يضاعف (5) اللّه للمؤمنين حسناتهم، ويرفع لهم الدرجات العُلى (6).
وأما قوله يا عمّار: «كَمَنَ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللّه» إلى قوله : «المَصِيرُ» فهم واللّه الذين جَحَدوا حق علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحقّ الأئمّة منا أهل البيت، فباءوا لذلك بسَخَطٍ من اللّه (7).
ص: 349
168/807 - عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه ذكر قول اللّه تعالى: «هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْد اللّه»، قال: الدَّرَجة ما بين السماء إلى الأرض (1).
169/808 - عن محمّد بن أبي حمزة، عمَّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا» [165].
قال: كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلاً قتلوا سبعين رجلاً، وأسروا سبعين، فلمّا كان يوم أحد أُصيب من المسلمين سبعون رجلاً، قال: فاغتمُّوا بذلك، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مثْلَيْهَا» (2).
170/809 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أتى رجل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فقال: إنّي راغِبٌ نَشِيطٌ في الجهاد، قال: فَجَاهد في سبيل اللّه، فإِنَّكَ إِن تُقْتَل كُنت حيّاً عند اللّه تُرْزَق، وإن مُتَّ فقد وقع أجْرُك على اللّه، وإن رَجَعْتَ خَرَجتَ من الذُّنوب إلى اللّه (3)، هذا تفسير «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه أَمْوَاتاً» [169] الآية (4).
171/810 - عن سالم بن أبي مريم، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فى عشرة «اسْتَجَابُوا للّه وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ اللّه القَرْحُ» إلى «أَجْرٌ عَظِيمٌ» [172] إنّما نَزَلت فى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).
172/811 - عن جابر، عن محمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : لما وجّه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )
ص: 350
أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعمّار بن ياسر إلى أهل مكّة، قالوا: بعث (1) هذا الصبيّ، ولو بَعَث غيره إلى أهل مكّة، وفي مكّة صناديد قُريش ورجالها واللّه الكفر أولى بنا مما نحن فيه فساروا وقالوا لهما، وخَوَّفوهما بأهل مكّة، وغَلّظوا عليهما الأمر.
فقال على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حسبُنا اللّه ونعم الوكيل ومضيا، فلمّا دخلا مكّة، أخبر اللّه نبيَّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقولهم لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبقول علىّ لهم، فأنزل اللّه بأسمائهم في كتابه، وذلك قول اللّه تعالى: ألم تر إلى «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَأَخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسُبُنَا اللّه وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّه وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللّه وَاللّه ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ» [173 و 174]. وإنّما نَزَلت ألم تر إلى فلان وفلان لَقُوا عليّاً وعماراً، فقالا: إن أبا سفيان وعبداللّه بن عامر وأهل مكّة، قد جَمَعُوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً، وقالوا: حَسْبُنا اللّه ونعم الوكيل (2).
173/812 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له: أخبرني عن الكافر الموت خيرٌ له أم الحياة؟ فقال: الموتُ خَيرٌ للمؤمن والكافر.
قلت: ولم؟ قال: لأنّ اللّه يقول: «وَمَا عِنْدَ اللّه خَيْرٌ لِّلْأَبْرارِ» (3) ويقول: «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزُدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ» (4) [178].
174/813 - عن يونس، رفعه، قال: قلتُ له: زَوّج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ابتنه فلاناً ؟ قال: نعم. قلت: فكيف زوجه الأخرى؟ قال: قد فعل، فأنزل اللّه «وَلَا يَحْسَبَنَّ
ص: 351
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ» إلى «عَذَابٌ مُّهِينٌ» (1).
175/814 - عن عجلان أبي (2) صالح، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: لا تمضي الأيّام والليالي حتّى ينادي منادٍ من السماء: يا أهل الحق اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا، فيُعْزَل هؤلاء من هؤلاء؛ ويُعْزَل هؤلاء من هؤلاء.
قال: قلتُ: أصلحك اللّه يُخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال: كلّا، إنّه يقول في الكتاب: «مَا كَانَ اللّه لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتّى يَمِيزَ الخَبِيثُ مِنَ الطَّيِّبِ» [179] (3).
176/815 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه: «سَيُطَّوَقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ وَللّه مِيرَاتُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» [180].
قال: ما من عبدٍ منَعَ زكاة ماله إلّا جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثُعباناً من نار مُطوّقاً في عُنقه، يَنهَش من لَحْمِهِ حتّى يفرغ من الحساب (4)، وهو قول اللّه «سَيُطَّوَقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ»، قال : ما بَخِلُوا من الزكاة (5).
177/816 - عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما من ذي زكاة مالٍ: إبل، ولا بقر، ولا غنم، يمنع زكاة ماله، إلّا أُقيم يوم القيامة بقاع قَفْرٍ ينطحه كلُّ ذات قَرْنٍ بقرنها، ويَنْهَشه كُلُّ ذاتِ ناب بأنيابها، ويطأه كُلُّ ذاتِ ظِلْفٍ بظلفها حتّى يفرغ اللّه من حساب خَلْقه، وما من ذي
ص: 352
زكاة مال نخل، ولا زرع، ولا كرم، يمنع زكاة ماله، إلا قلِّدَت أرضه في سبعة أرضين، يُطَوَّق بها إلى يوم القيامة (1).
178/817 - عن يوسف الطاطري، أنّه (2) سمع أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول وذكر الزكاة فقال: الذي يمنع الزكاة يُحوّل اللّه ماله يوم القيامة شجاعاً (3) من نارٍ له ريمتان (4). فيطوّقه إياه، ثمّ يقال له: الزمه كما لَزِمَك في الدنيا، وهو قول اللّه تعالى: «سَيُطوَّقُونَ مَا يَخِلُوا بِهِ» الآية (5).
179/818- و عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : مانع الزكاة يُطوّق بشجاع أقْرَع يأكُلُ من لحمه، وهو قوله تعالى: «سَيُطوَّقُونَ مَا يَخِلُوا بِهِ» الآية (6).
180/819 - عن سماعة، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول اللّه تعالى: «قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِى بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْمُوهُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ» [183] وقد عَلِم أنّ هؤلاء لم يَقْتُلُوا، ولكن قد كان هواهم مع الذين قتَلُوا، فسمّاهم اللّه قاتلين لمتابعة هواهم ورضاهم لذلك الفعل (7).
181/820 - عن عمر بن مَعْمَر قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لعن اللّه القدرية، لعن اللّه الحَرُوريّة، لعن اللّه المُرجئة، لعن اللّه المُرجئة.
ص: 353
قلتُ له: جعلت فداك، كيف لعنت هؤلاء مرَّةً، ولعنت هؤلاء مرتين؟ فقال: إنَّ هؤلاء زَعَمُوا أنّ الّذين قَتَلُونا مؤمنين، فثيابهم ملطَّخة بدمائنا إلى يوم القيامة، أما تسمع لقول اللّه: «الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّه عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حتّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِى بِالْبَيِّنَاتِ» إلى قوله: «صَادِقِينَ»؟ قال: فكان بين الذين خُوطِبُوا بهذا القول وبين القاتلين خمسمائة عام، فسمّاهم اللّه قاتلين برضاهم بما صَنَع أُولئك (1).
182/821 - عن محمّد بن هاشم، عمَّن حدثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما نزلت هذه الآية «قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِى قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» وقد علم أن (2) قالوا: واللّه ماقتلنا ولا شهدنا، قال: وإنّما قيل لهم ابرءُوا من قتلتهم (3) فأبوا (4).
183/822 - عن محمّد بن الأرقط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال لي: تنزل الكوفة؟ قلت: نعم. قال: فَتَرُون قَتَلَة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين أظهركم؟ قال: قلت: جُعلت فداك ما أحد. قال: فإذن أنت لاترى القاتل إلا من قتل أو من ولي القتل، ألم تَسْمَع إلى قول اللّه: «قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالبَيِّنَات وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» فأي رسول قَتَل الذين كان محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بين أظهرهم؟ ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، إنّما رَضُوا قَتْلَ أُولئك فسُمّوا قاتلين (5).
184/823 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا غَمّض رسول
ص: 354
اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : إنّا للّه وإنا إليه راجعون، يالها من مُصيبةٍ خَصّت الأقربين، وعمّت المؤمنين، لم يُصابوا بمثلها قَطُّ، ولا عاينوا مثلها. فلمّا قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سَمِعوا منادياً ينادي من سقف البيت: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً» (1) والسلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّونَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجنّة فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَوةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ» [185] إِنَّ في اللّه خَلَفاً من كُلّ ذاهب، وعَزاء من كُلِّ مُصيبة، ودَرَكاً من كُلّ مافات، فباللّه فَتِقُوا، وعليه فَتَوكَّلوا، وإيّاه فارْجُوا، إِنَّمَا المُصاب من حُرِم الثَّواب (2).
185/824 - عن الحسين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جاء هم جبرئيل والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مُسَجِّى، وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ» إلى «مَتَاعُ الْغُرُورِ» إِنَّ في اللّه عزاءً من كُلِّ مُصيبةً، ودَرَكاً من كُل مافات، وخَلَفاً من كُلّ هالك، فباللّه فَيَقُوا، وإيَّاه فارْجُوا إِنَّمَا المُصاب من حُرِم الثّواب، هذا آخر وطنى من الدنيا، قال: قالوا: فسمعنا صوتاً، فلم نَرَ شخصاً (3).
186/825 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سَمِعُوا صوتاً من جانب البيت، ولم يروا شخصاً، يقول: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ» إلى قوله: «فَقَدْ فَازَ». ثمّ قال: إنَّ فى اللّه خَلَفاً وعزاءً من كُلِّ مُصيبةٍ، ودَرَكاً لما فات فباللّه فَثِقُوا وإيَّاه فارْجُوا، وإنما المَحرُوم من حرم الثّواب،
ص: 355
واشتروا عَوْرَة نبيّكم. فلمّا وَضَعه على السَّرير نُودي: يا علي، لا تخلع القمّيص، قال: فَغَسله عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قميصه (1).
187/826 - عن محمّد بن (2) يونس، عن بعض أصحابنا، قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «كُلُّ نفس ذائقة الموت أو منشورة (3)» [كذا ] (4) نزل بها على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إنّه ليس أحدٌ من هذه الأُمّة إلّا سيُنْشَرُون، فأما المؤمنون فيُنْشَرُون إلى قُرَّة عَين وأمّا الفُجّار فيُنْشَرُون إلى خزي اللّه إيّاهم (5).
188/827 - عن زُرارة، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ» لم يَذُق الموت من قُتِل، وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لابدَّ من أن يَرجِع حتّى يَذُوق الموت (6).
189/828 - عن أبي خالد الكابُلي، قال: قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : لَوَدَدْتُ أنّه أُذن لي فَكَلّمت الناس ثلاثاً، ثمّ صَنَع اللّه بي ما أُحبّ، قال (7) بيده على صدره، ثمّ قال: ولكنَّها عَزْمةٌ من اللّه أن نَصْبِر، ثم تلا هذه الآية «ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» [186] وأقبل يرفع يده ويضعها على صدره (8).
190/829 - عن أبي حمزة الثُّمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: لا يزال المؤمن
ص: 356
في صلاةٍ ما كان في ذكر اللّه، إن كان قائماً أو جالساً أو مُضطجعاً، لأنّ اللّه يقول: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ» [191] الآية.
وفي رواية أُخرى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله (1).
191/830 - وفي رواية عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته يقول في قول اللّه: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَاماً» الأصحاء «وَقَعُوداً» يعني المرضى «وَعَلَى جُنُوبِهِمْ» قال: أعَلُّ ممَّن يُصلّي جالساً وأوجع (2).
192/831 - وفي رواية أخرى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَاماً وَقعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ»، قال : الصَّحيح يُصلّي قائماً وقعوداً، والمريض يُصلّي جالساً، وعلى جُنُوبهم: أضعف من المريض الذي يُصلّي جالساً (3).
193/832 - عن يُونس بن ظبيان قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارِ» [192]، قال: مالهم من أئمّةٍ يُسمُّونهم بأسمائهم (4).
194/833 - عن عبد الرّحمن (5) بن كَثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى لِلْإِيمَانِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فَئَامَنَّا» [193]، قال: هو
ص: 357
أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، نُودي من السماء أن آمن بالرسول، فآمن به (1).
195/834 - عن الأصبغ بن نُباتة، عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، في قوله : «ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللّه [195] وَمَا عِنْدَ اللّه خَيْرٌ لِلأَبْرارِ» [198] قال: أنت الثواب، وأنصارك الأبرار (2).
196/835 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الموتُ خيرٌ للمؤمن، لأنّ اللّه يقول : «وَمَا عِندَ اللّه خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ»، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنت الثواب، وأصحابك الأبرار (3).
197/836 - عن مَسْعَدة بن صَدَقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تبارك وتعالى: «اصْبِرُوا» يقول: عن المعاصى «وَصَابِرُوا» على الفرائض، «وَاتَّقُوا اللّه» يقول : آمروا بالمعروف وأنهوا عن المُنْكَر.
ثمّ قال: وأيّ مُنكرٍ أنكر من ظُلم الأُمَّة لنا، وقتلهم إيّانا! «وَرَابِطُوا» يقول: في سبيل اللّه، ونحن السبيل فيما بين اللّه وخَلْقه، ونحن الرّباط الأدنى، فمن جاهَدَ عنا فقد جاهَدَ عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما جاء به من عند اللّه «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [200] لعلَّ الجنّة تُوجب لكم إن فَعَلْتُم ذلك، ونظيرها من قول اللّه: «وَمَن أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللّه وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ» (4) ولو كانت هذه الآية في المؤذّنين - كما فسرها المُفسّرون (5) - لفاز القَدرَيّة وأهل البدع معهم (6).
198/837 - عن ابن أبي يَعْفُور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَا
ص: 358
أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا»، قال: اصبروا على الفرائض، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمّة (1).
199/838 - عن يعقوب السّراج، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تبقى الأرض يوماً بغير عالم منكم، يَفْزَع الناس إليه؟
قال: فقال لي: إذاً لا يُعبد اللّه. يا أبا يوسف، لا تَخْلُو الأرض من عالم منّا ظاهر يَفْزَع الناس إليه في حلالهم وحرامهم، وإنَّ ذلك لمبيَّن في كتاب اللّه، قال اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا» على دينكم «وَصَابِرُوا» عدوّكم ممَّن يُخالفكم «وَرَابِطُوا» إمامكم «وَاتَّقُو اللّه» فيما أمركم به وافترض عليكم (2).
200/839 - وفي رواية أخرى عنه: «أصْبِرُوا» على الأذى فينا. قلت: «وَصَابِرُوا» ؟ قال : على عدوّكم مع وليكم. قلت «وَرَابِطُوا»؟ قال: المقام مع إمامكم. «وَاتَّقُوا اللّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قلت: تنزيل ؟ قال : نعم (3).
201/840 - عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في هذه الآية، قال: نزلت فينا، ولم يكن الرّباط الذي أمرنا به بعد، وسيكون ذلك، يكون من نسلنا المُرابط، ومن نسل ابن نائل (4) المُرابط (5).
ص: 359
202/841 - عن بريد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «أصْبِرُوا» يعني بذلك عن المعاصي «وَصَابِرُوا» يعني التقيَّة «وَرَابِطُوا» يعنى الأئمّة.
ثم قال: تدري ما يعني البُدُوا ما لَبَدْنا، فاذا تحرّكنا فتحرَّكوا «وَاتَّقُوا اللّه» ما لبَدْنا «ربِّكُم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
قال: قلت جُعِلتُ فِداك، إنما نقرؤها «وَاتَّقُوا اللّه» قال: أنتم تقرونها كذا، ونحن نقرؤها كذا (1).
203/842 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللّه، إن كان قائماً أو جالساً أو مضطجعاً، لأن اللّه تعالى يقول: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ» (2).
ص: 360
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1/843 - عن زرّ بن حُبيش، عن أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قرأ سورة النساء في كُلّ جمعة أو مِن (1) من ضَغطةَ القَبْر (2).
2/844 - عن محمّد بن عيسى، عن عيسى بن عبداللّه العلوي، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : خُلِقَت حَوّاء من قُصَيْرى جنب آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - والقُصَيْرى هو الضلع الأصغر - وأبدل اللّه مكانه لحماً (3).
3/845 - و باسناده عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : خُلقت حوّاء من جَنْب آدم وهو راقد (4).
4/846 - عن أبي علي الواسطي، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن اللّه تعالى اللّه خلق آدم من الماء والطين، فهمَّة ابن آدم في الماء والطين، وإن اللّه خَلَق حوّاء من
ص: 361
آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فهمَّة النساء الرجال، فحصّنوهنّ في البيوت (1).
5/847 - عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ آدم ولد أربعة ذُكور، فأهبط اللّه إليهم أربعة من الحُور العين فرّوّج كُلّ واحدٍ منهم واحدةً فتوالدوا، ثمّ إنَّ اللّه رَفَعَهنّ، وزوّج هؤلاء الأربعة أربعةً من الجنّ، فصار النَّسل فيهم، فما كان من حلم فمن آدم، وما كان من جمالٍ من قبل (2) الحُور العين، وما كان من قُبحٍ أو سُوءٍ خُلق فمن الجِنِّ (3).
6/848 - عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال لي: ما يقول الناس في تزويجٍ آدم ولده؟ قال: قلت: يقولون: إنّ حَوّاء كانت تَلِد لآدم في كلِّ بطنٍ غُلاماً وجاريةً، فتزوّج الغُلام الجارية التي من البطن الآخر الثاني، وتزوَّج الجارية الغُلام الذي من البطن الآخر الثاني حتّى توالدوا.
فقال: أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس هذا كذلك، يحُجّكم (4) المَجُوس، ولكنَّه لما ولد آدم هِبَة اللّه وكبُر، سأل اللّه أن يُزوّجه، فأنزل اللّه له حوراء من الجنّة فزوَّجها إيّاه، فولدت له أربعة بنين، ثم ولد آدم ابناً آخر، فلما كبر أمره فتزوّج إلى الجانّ، فولد له أربع بنات، فتزوَّج بنو هذا بنات هذا، فما كان من جمال فمن قبل الحُور العين (5). وما كان من حِلم (6) فمن قبل آدم وماكان من حِقدٍ فمن قبل الجان، فلمّا تَوَالدوا
ص: 362
صَعِدت الحوراء إلى السماء (1).
7/849 - عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أي شيء خَلَقَ اللّه حواء؟ فقال: أيّ شيءٍ يقول هذا الخلق؟ قلت: يقولون: إنّ اللّه خَلَقَها من ضلع مِن أضلاع آدم فقال: كذبوا، أكان يُعْجِزه أن يَخْلُقها من غير ضِلعه؟
فقلت: جُعلت فداك، يا بن رسول اللّه من أيّ شيءٍ خَلَقها؟ فقال أخبرني أبي عن آبائه، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن اللّه تبارك وتعالى قَبَض قَبْضةً من طين، فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين (2) - فَخَلق منها آدم، وفضلت فَضْلَةٌ من الطِّين، فَخَلَق منها حوّاء (3).
8/850 - عن الأصبغ بن نُباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّ أحدكم ليَغضَب فما يرضى حتّى يَدْخُل به النار، فأيّما رجلٌ منكم غَضِب على ذي رَحِمه فليدنُ منه، فانّ الرَّحِم إذا مسَّتها الرَّحِم استقرّت، وإنّها مُتعلّقة بالعَرْش تنتقضه انتقاض الحديد، فينادي: اللّهم صِلْ من وَصَلَني، واقْطَع من قَطَعني، وذلك قول اللّه في كتابه: «وَاتَّقُوا اللّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» [1] وأيَّما رجل غَضب وهو قائم فليلزم الأرض من فَوره، فإنَّه يُذهِب رِجْزَ الشيطان (4).
ص: 363
9/851 - عن عمر بن حَنْظَلة، عنه، عن قول اللّه تعالى: «اتَّقُوا اللّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ»، قال: هي أرحام الناس، إنَّ اللّه أمَرَ بِصَلَتِها وعَظَّمها. ألا ترى أنّه جعلها معه (1).
10/852 - عن جميل بن دَرّاج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه تعالى: «اتَّقُوا اللّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ»م، قال : هي أرحام الناس، أمر اللّه تبارك وتعالى بصِلَتها وعظّمها، ألا ترى أنّه جعلها معه (2)؟
11/853 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه قال: «حُوباً كَبِيراً» [2] قال: هو مِمّا تُخرِج الأرض من أثقالها (3).
12/854 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن رجل أكل مال اليتيم، هل له توبة؟ فقال: يُؤدى إلى أهله، لأن اللّه تعالى يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (4)، وقال: «إِنَّه كَانَ حُوباً كَبِيراً» (5).
13/855 - عن يونس بن عبدالرحمن، عمَّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: في كلّ شيء إسراف إلّا في النساء، قال اللّه تعالى: «فانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّساءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ» [3]، وقال: وَأُحِلَّ لَكُم «مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (6)
ص: 364
14/856 - عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا يَحِلّ لماء الرجل أن يجري فى أكثر من أربعة أرحام من الحرائر (1).
15/857 - عن عبد اللّه بن القدّاح، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : يا أمير المؤمنين، بي وجعٌ في بطنی (2) فقال له. أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ألك زوجة؟ قال: نعم. قال: استوهب منها شيئاً طيّبة به نفسها من مالها، ثمّ اشترِ به عسلاً، ثمّ اسكب عليه من ماء السماء، ثم اشرَبه، فانّي أسمع اللّه يقول في كتابه: «وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً» (3)، وقال: «يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ» (4)، وقال: «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَّرِيباً» [4] فإذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمَريء(5) شُفيت إن شاء اللّه، قال : ففعل ذلك فشُفي (6).
16/858 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُه عن قول اللّه تعالى: «فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيباً»، قال: يعني بذلك أموالهنَّ التي في أيديهنّ ممّا مَلَكْنَ (7).
17/859 - عن سعيد بن يسار، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك امرأة دفعت إلى زوجها مالاً ليعمل به وقالت له حين دَفَعته إليه: أنْفِق منه، فان
ص: 365
حدث بي حَدَث فما أنفقت منه فَلَكَ حلالٌ طيّبٌ، وإن حَدَثَ بك حدثٌ فما انفقت منه فلك حلالٌ طيبٌ ؟
قال: أعد يا سعيد المسألة. فلمّا ذهبت أعرض عليه المسألة، عرض فيها صاحبها، وكان معي، فأعاد عليه مثل ذلك، فلمّا فَرّغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة فقال: يا هذا، إن كُنتَ تعلم أنّها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك وبينها وبين اللّه، فحلال طيّب. ثلاث مرات، ثمّ قال: يقول اللّه تبارك وتعالى: «فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكَلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيباً» (1).
18/860 - عن حُمران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : اشتكى رجلٌ إلى أمير اللّه المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له سل من امرأتك دِرْهَماً من صداقها، فاشتر به عَسَلاً، فاشربه بماء السماء؛ ففعل ما أمر به فَبِرئ، فسُئِل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك، أشيء سَمِعتَه من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال : لا، ولكنّي سَمِعتُ اللّه عزّ وجلّ يقول في كتابه: «فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئاً»، وقال: «يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاس» (2)، وقال: «وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً» (3) فاجتمع الهَنيء والمريء والبَرَكة والشِّفاء، فرجوت بذلك البُرْء (4).
19/861 - عن عليّ بن رِئاب، عن زُرارة، قال: لا تَرْجِع المرأة فيما تَهَب لزوجها، حيزت أولم تَحِز، أليس اللّه يقول: «فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً» (5).
ص: 366
20/862 - عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم» [5]، قال: من لا تثق به (1).
21/863 - عن حمّاد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فيمن شَرِب الخَمْر بعد أن حرّمها اللّه على لسان نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : ليس بأهل أن يُزوّج إذا خَطَب، وأن يُصَدَّق إذا حَدَّث، ولا يُشَفّع إذا شَفَع، ولا يُؤتمن على أمانةٍ، فمن ائتمنه على أمانةٍ فأهلكها أو ضيَّعها، فليس للذي ائتمنه أن يأجره اللّه ولا يُخْلِف عليه.
قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني أرَدْتُ أن اسْتَبْضِع بِضاعةً إلى اليمن فأتيتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: إنى أرَدْتُ أن اسْتَبْضع فلاناً، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخَمْر ؟ فقلت : قد بَلَغَني عن المؤمنين أنَّهم يقولون ذلك. فقال: صَدِّقهم لأنَّ اللّه يقول: «يُؤْمِنُ بِاللّه وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» (2).
ثمّ قال: إنك إن اسْتَبْضَعْتَه فهَلَكَت أو ضَاعَت، فليس على اللّه أن يأجُرَك ولا يُخلف عليك. فقلت: ولم؟ قال: لأنّ اللّه تعالى يقول: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِيَاماً» فهل سفيهٌ أسفه من شارب الخمر؟ إنَّ العبد لا يزال في فُسحةٍ من ربّه مالم يشرب الخَمْر، فاذا شربها خَرَق اللّه عليه سرباله (3)، فكان ولده وأخوه وسمعه وبصره ويده ورجله إبليس، يسوقه إلى كُلِّ شَرّ، ويَصْرِفه عن كُلِّ خیر (4).
ص: 367
22/864 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ»، قال: كُلُّ من يَشْرَب المُسْكِر فهو سَفيه (1).
23/865 - عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُهُ عن قول اللّه: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ»، قال: هم اليتامى، لا تُعطوهم أموالهم حتّى تَعْرِفوا منهم الرُّشد.
قلتُ: فكيف يكون أموالهم أموالنا ؟ فقال : إذا كنت أنت الوارث لهم (2).
24/866 - وفي رواية عبداللّه بن سنان عنه قال: لا تُؤْتوها شُرَّابَ الخمر والنساء (3).
25/867 - عن عبد اللّه بن أسباط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سَمِعتُه يقول: إنّ نجدة الحَرُوري (4) كتب إلى ابن عباس يسأله عن اليتيم متى ينقضي يُتمُه؟ فكتب إليه : أمّا اليتيم فانقطاع يُتْمِهِ أَشُدُّه - وهو الاحتلام - إلّا أن لا يُؤنَس منه رُشدٌ بعد ذلك، فيكون سفيهاً، أو ضعيفاً، فليسند عليه (5).
26/868 - عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه تعالى: «فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ» [6] أي شيءٍ الرُّشد الذي يُؤنَس
ص: 368
منهم؟ قال: حفظ ماله (1).
27/869 - عن عبد اللّه بن المُغيرة، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قول اللّه : «فَإِن ءَانَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ»، قال: فقال: إذا رأيتموهم يُحبّون آل محمّد فارفعوهم درجةً (2).
28/870 - عن محمّد بن مسلم، قال: سألتُهُ عن رجل بيده ماشيةٌ لابن أخٍ يتيم في حِجره، أيَخْلُط أمرها بأمر ماشيته؟ فقال: إن كان يُليط حياضها (3)، ويقوم على هنائها (4)، ويَرُدّ شاردها (5)، فليشرب من ألبانها غير مجتهدٍ للحِلاب، ولا مُضرّ بالولد، ثمّ قال: «وَمَنْ كَان غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» (6).
29/871 - أبو أسامة، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ». فقال: ذلك رجلٌ يَحْبِس نفسه على أموال اليتامى، فيقوم لهم فيها، ويقوم لهم عليها، فقد شَغَل نفسه عن طَلَب المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف، إذا كان يُصلح أموالهم، وإن كان المال قليلاً، فلا يأكل منه شيئاً (7).
30/872 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن قوله تعالى: «وَمَنْ كَان غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ».
ص: 369
قال: بلى، من كان يلي شيئاً لليتامى، وهو مُحتاج، وليس له شيءٌ، وهو يتقاضى أموالهم، ويقوم في ضيعتهم، فلياً كُل بقدرٍ ولا يُسْرِف، وإن كان ضيعتهم لا تَشْغَلُه عمّا يُعالج لنفسه، فلا يَرْزَأنّ (1) من أموالهم شيئاً (2).
31/873- عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَمَنْ كَان غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ».
فقال: هذا رجلٌ يَحْبس نفسه لليتيم على حَرْثٍ أو ماشية، ويشغل فيها نفسه، فليأكل منه بالمعروف، وليس ذلك له في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة (3).
32/874 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن قول اللّه تعالى: «وَمَنْ كَان فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ».
قال: ذلك إذا حَبس نفسه في أموالهم، فلا يحترف لنفسه (4)، فليأكل بالمعروف من مالهم (5).
33/875 - عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»، قال: كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّها منسوخة (6).
34/876 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُربى واليتامى وَالمَسَاكِينَ فَارْزُقُوهُمْ مِّنْهُ» [8].
ص: 370
قال: نسختها آية الفرائض (1).
877/35- وفي رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُوْلُوا القُرْبَى وَاليَتامى وَالمَسَاكِينَ فَارْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً»، قلت: أمنسوخة هي؟ قال: لا، إذا حضرك فأعطهم (2).
36/878 - وفي رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن قول اللّه: «وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُوْلُوا القُرْبى»، قال: نَسَخَتها آية الفرائض (3).
37/879 - عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبتدئاً : من ظَلَم سلّط اللّه عليه من يَظْلِمه أو على عقبه أو على عَقِب عقبه، قال: فذكرتُ في نفسي فقلت: فقلت: يَظْلِم هو فيسلط (4) على عَقِبه، أو عَقِب عقبه؟ فقال لي قبل أن أتكلّم: إنَّ اللّه يقول: «وَليَخْشَ الَّذِينَ لَوْتَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّه وَلْيَقُولوا قَوْلاً سَدِيداً» (5) [9].
38/880 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو (6) أبى الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ اللّه أوعد في مال اليتيم عُقوبتين اثنتين (7): أما إحداهما فعقوبة الآخرة النّار، وأما. الأخرى فعقوبة الدنيا، قوله: «وَليَخْشَ الَّذِينَ لَوْتَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ ذُرِّيَةً ضِعَافاً
ص: 371
خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّه وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً»، قال: يعني بذلك ليخش أن أُخْلِفه في ذُرِّيَّته كما صنع هو بهؤلاء اليتامى (1).
39/881 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنَّ في كتاب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنَّ آكل مال اليتيم ظُلماً سيُدركه وبال ذلك في عقبه من بعده، ويَلْحَقه وبال ذلك [في الآخرة]. أما في الدنيا فإنَّ اللّه تعالى قال: «وَليَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ» الآية، وأما في الآخرة فإنَّ اللّه تعالى يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (2) [10].
882 / 40 - عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : قلت: في كم يجب الأكل مال اليتيم النار؟ قال: في دِرْهَمين (3).
41/883 - عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن رجل أكل مال اليتيم، هل له توبة؟ قال: بردّه إلى (4) أهله. قال: ذلك بأن اللّه يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (5).
42/884 - عن أحمد بن محمّد، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرجل يكون
ص: 372
فى يده مال لأيتام، فيحتاج فيمدّيده، فيُنفق منه عليه وعلى عياله، وهو ينوي أن يَرُدُّه إليهم، أهو ممَّن قال اللّه: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً» الآية؟ قال: لا، ولكن ينبغي له ألا يأكُل إلا بقصد ولا يُشرف.
قلت له: كم أدنى ما يكون من مال اليتيم إذا هو أكله وهو لا ينوي ردّه حتّى يكون يأكل في بطنه ناراً؟ قال: قليله وكثيره واحد، إذا كان من نفسه ونيته أن لا يُردَّه إليهم (1).
43/885 - عن زُرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه قال: مال اليتيم إن عَمِل به من وُضع على يديه ضمنه، ولليتيم ربحه.
قال: قلنا له: قوله: «وَمَن كَانَ فَقِيراً فلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ» (2)؟ قال: إنّما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في أموالهم، فلم يتَّخذ لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم (3).
44/886 - عن عَجلان، قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أكل مال اليتيم؟ فقال: هو كما قال اللّه تعالى: «إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».
[ثم ] قال هو من غير أن أسأله: من ءال يتيماً حتّى ينقضي يتمه، أو يستغني بنفسه، أوجب اللّه له الجنّة، كما أوجب لأكل مال اليتيم النار (4).
45/887 - عن أبي إبراهيم، قال: سألتُهُ عن الرجل يكون للرجل عنده المال، إمّا ببيع أو بقرض، فيموت ولم يَقضِه إيَّاه، فيترُك أيتاماً صِغاراً، فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم، أيكون ممَّن يأكُلُ مال اليتيم ظُلماً ؟ قال : إذا كان ينوي أن يُؤدّي إليهم فلا.
ص: 373
قال الأحول: سألت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنما هو الذي يأكله ولا يُريد أداءه، من الذين يأكُلون أموال اليتامى؟ قال: نعم (1).
46/888 - عن عبيد (2) بن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألتُهُ عن الكبائر، فقال: منها أكل مال اليتيم ظُلماً، وليس في هذا بين (3) أصحابنا اختلاف والحمد للّه (4).
47/889 - عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يُبْعَث أُناس (5) من قبورهم يوم القيامة، تُؤجَّج أفواههم ناراً، فقيل له: يا رسول اللّه، من هؤلاء؟ قال: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (6).
48/890 - عن أبي بصير، قال: قلتُ لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أصلحك اللّه ما أيسر ما يَدْخُل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم دِرْهَماً، ونحن اليتيم (7).
49/891 - عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : إنَّ فاطمة صلوات اللّه عليها انطلقت إلى أبي بكر فطلبت ميراثها من نبيّ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : إنَّ نبيّ اللّه لا يُورث، فقالت: أكفرت باللّه وكذّبت بكتابه،
ص: 374
قال اللّه تعالى: «يُوصِيكُمُ اللّه فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (1) [11].
50/892 - عن سالم الأشلّ، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّ اللّه تبارك وتعالى أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث، فلم يُنقصهما من السُّدس (2).
51/893 - عن بكير بن أعين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الولد والإخوة هُم الذين يُزادون ويُنْقَصُون (3).
52/894 - عن أبي العبّاس، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: لا يَحْجُب عن الثُّلث الأخ والأُخت حتّى يكونا أخوين أو أخاً وأُختين (4)، فانَّ اللّه تعالى يقول: «فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ» (5) [11].
53/895 - عن الفضل بن عبد الملك، قال: سألتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أُمّ وأُختين، قال لها : للأُمّ الثُّلُث، لأنَّ اللّه تعالى يقول: «فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ» ولم يَقُل: فان كان له أخوات (6).
54/896 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ» يعني إخوةً لأٍب وأُمّ وإخوةَ لأب (7).
55/897 - عن محمّد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في الدَّين والوصيّة، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن الدين قبل الوَصيَّة، ثمّ الوَصيَّة على أثر الدين، ثمّ الميراث،
ص: 375
ولا وصيَّة لوارث (1).
56/898 - عن سالم الأشل، قال: سَمِعتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن اللّه أدخل الزوج والمرأة على جميع أهل المواريث فلم يُنقصهما من الرُّبع والثُّمن (2).
57/899 - عن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لو أنَّ امرأة تركت زوجها وأباها وأولاداً ذُكوراً وإناثاً، كان للزوج الرُّبع في كتاب اللّه، وللأبوين السُّدسان، وما بقي فللّذكر مثل حَظّ الأُنثيين (3).
900 / 58 - عن بكير بن أعين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: الذي عنى اللّه في قوله: «وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو أَمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلٍّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثَّلْثِ» [12] إِنَّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأُمّ خاصّة (4).
59/901 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له: ما تقول في امرأةٍ ماتت وتركت زوجها وإخوتها لأمها، وإخوة وأخوات لأبيها؟
قال: للزّوج النصف ثلاثة أشهم، ولإخوتها من الأمّ الثلث سلمان، الذكر والأُنثى فيه سواء، وبقي سَهم للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظّ الأنثين، لأنّ السّهام لا تَعُول (5)، ولأنّ الزّوج لا ينقص (6) من النصف، ولا الإخوة من الأُمّ من ثُلثُهم، فإن كانوا أكثر من ذلك، فهم شُركاء فى الثُّلُث، وإن كان واحِداً
ص: 376
فله السُّدس، وأمّا الذي عنى اللّه تعالى في قوله: «وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةٌ أو أمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثّلْثِ» إِنَّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأُمّ خاصّة (1).
60/902 - عن جابر، عن أبي جعفر، في قول اللّه: «وَاللَّاتِي يَأْتِينَ اللّه الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ» إلى «سَبِيلاً» [15]، قال : منسوخة، والسبيل هو الحدود (2).
61/903 - عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن هذه الآية: «وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُم» إلى «سَبِيلاً» قال: هذه منسوخة.
قال: قلت: كيف كانت؟ قال: كانت المرأة إذا فجرت فقام عليها أربعة شهود أُدْخِلَت بيتاً، ولم تُحدَّث، ولم تُكلّم، ولم تُجالَس، وأُتيت فيه بطعامها وشرابها حتّى تموت.
قلت: فقوله: «أَوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنَّ سَبِيلاً» ؟ قال : جَعَل السبيل الجَلْد والرَّجم والإمساك في البيوت.
قال: قلت قوله: «وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ»؟ قال: يعني البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب «فَئَاذُوهُمَا» قال: تُحْبَس «فَإِنْ تَابًا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللّه كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً» (3) [16].
62/904 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدى» (4).
ص: 377
قال: لهذه الآية تفسير، يَدُلُّ ذلك التفسير على أنَّ اللّه لا يقبل من عمل عملاً إلّا ممَّن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير، وما اشترط فيه على المؤمنين، وقال: «إنَّمَا التّوبَةُ عَلَى اللّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ» [17] يعني كل ذنبٍ عَمِله العبد، وإن كان به عالماً، فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربّه، وقد قال في ذلك تبارك وتعالى يحكي قول يوسف لإخوته : «هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ» (1) فنسبهم إلى الجَهْل لمُخَاطرتهم بأنفسهم في معصية اللّه (2).
63/905 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ» [18]. قال : هو الفَرّار تاب حين لم يَنْفَعه التوبة ولم تُقبل منه (3).
64/906 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا بلغت النفس هذه - وأهوى بيده إلى حنجرته - لم يكن للعالم توبة، وكانت للجاهل توبة (4).
65/907 - عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: «لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضٍ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ» [19]. قال: الرجل تكون فى حجره اليتيمة، فيمنعها من التزويج، ليرثها بما (5)، تكون قريبةً له.
قلت: «وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضٍ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ» ؟ قال: الرجل تكون له
ص: 378
المرأة، فيضُرّ بها حتّى تفتدي منه، فنهى اللّه عن ذلك (1).
66/908 - عن هاشم بن عبداللّه بن السري البجلي، قال: سألته عن قوله تعالى: «وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضٍ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ»، قال : فحكى كلاماً، ثمّ قال: كما يقولون بالنَّبَطيَّة (2)، إذا طرح عليها الثوب عَضَلها، فلا تستطيع تزويج (3) غيره، وكان هذا في الجاهلية (4).
67/909 - عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عمَّن تَزَوَّج على أكثر من مهر السُّنّة، أيجوز له ذلك ؟
قال: إذا جاز مَهْر السُّنة فليس هذا مهراً، إنما هو نحل (5)، لأن اللّه يقول: «فَإِنْ ءاتيْتُمْ (6) إحداهُنَّ قِنْطاراً فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً» [20] إنّما عنى النحل ولم يعنِ المَهْر، ألا ترى أنَّها إذا أمهرها مهراً ثمّ اختلعت كان لها أن تأخُذ المَهْر كَمَلاً (7)؟ فما زاد على مَهْر السُّنَّة فإنَّما هو نحل كما أخبرتك، فمِن ثَمَّ وجب لها مهر نسائها لعلّة من العلل.
قلت: كيف يعطى وكم مهر نسائها؟
قال: إنّ مَهْر المؤمنات خمسمائة، وهو مهر السُّنّة، وقد يكون أقل من خمسمائة، ولا يكون أكثر من ذلك، ومن كان مهرها ومهر نسائها أقلّ من
ص: 379
خمسمائة أعطي ذلك الشيء، ومن فَخَر وبذخ بالمَهْر، فازداد على خمسمائة، ثمَّ وجب لها مَهْر نسائها في عِلَّة من العِلل، لم (1) يَزِد على مَهْر السُّنّة خمسمائة درهم (2).
68/910 - عن يوسف (3) العِجْلي، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً» [21]، قال: الميثاق الكلمة التي عُقد بها النّكاح، وأما قوله: «غليظاً» فهو ماء الرجل الذي يُفضيه إلى المرأة (4).
69/911 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول اللّه تعالى: «وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ» [22] فلا يَصْلُح للرجل أن ينكح امرأة جَدّه (5).
70912 - عن الحسين بن زيد (6)، قال : سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن اللّه حرَّم علينا نساء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول اللّه: «وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ» (7).
71/913 - عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال قلت له: أرأيت قول
ص: 380
اللّه: «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءَ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجِ» (1)؟
قال: إنّما عنى به التي حرم عليه في هذه الآية «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ» [23] (2).
72/914- عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن رجل كانت له جارية يطؤها، قد باعها من رجلٍ، فأعتقها فتزوَّجت فولدت، يَصْلُح لمولاها الأوّل أن يتزوج ابنتها؟
قال: لا، هي عليه حرام وهي ربيبته، والحُرَّة والمملوكة في هذا سَواء، ثمّ قرأ هذه الآية «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّنْ نِّسَائِكُمْ» (3) [23].
73/915 - عن أبي العبّاس في الرجل تكون له الجارية، يُصيب منها ثمّ يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟
قال: لا، هي كما قال اللّه تعالى «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ» (4).
74/916 - عن أبي حمزة، قال سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجل تزوَّج امرأةً وطلَّقها قبل أن يدخل بها، أتحلّ له ابنتها؟
قال: فقال قد قضى فى هذا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لا بأس به، إنّ اللّه يقول:«وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ» ولو تزوّج الابنة ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها لم تَحِلّ
ص: 381
له أُمُّها.
قال: قلت: أليس هما سواء؟ قال: فقال: لا، ليس هذه مثل هذه إنّ اللّه يقول: «وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ» [23] لم يستثن في هذه كما اشترط في تلك، هذه هنا مبهمةٌ ليس فيها شرطٌ، وتلك فيها شرط (1).
75/917 - عن منصور بن حازم، قال: قلتُ لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): رجل تزوَّج اللّه امرأةً ولم يدخل بها، تَحِلّ له أمها؟ قال: فقال: قد فعل ذلك رجل منّا فلم ير به بأساً.
قال: فقلتُ له: واللّه ما تفخر الشيعة على الناس إلّا بهذا، إنَّ ابن مسعود أفتى فى هذه الشخينة (2)، أنه لا بأس بذلك. فقال له علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ومن أين أخذتها؟ قال: من قول اللّه تعالى: «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ» قال: فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ هذه مُستثناة، وتلك مرسلةٌ.
قال: فسكتُّ، فندمتُ على قولي فقلت: أصلحك اللّه، فما تقول فيها؟ قال: فقال: یا شیخ، تُخبرني أنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد قضى فيها، وتقول لي: ما تقول فيها(3)؟!
76/918 - عن عبيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في الرجل يكون له الجارية، فيصيب منها ثمّ يبيعها، هل له أن يَنْكِح ابنتها؟ قال: لا، هي مثل قول اللّه:
ص: 382
«وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ» (1).
77/919 - عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنَّ عليّاً كان يقول : الربائبُ عليكم حرامٌ مع الأُمّهات اللّاتي دَخَلتم بهنّ في الحُجُور أو غير الحُجُور، والأُمّهات مبهمات دُخِل بالبنات أو لم يُدْخَل بهنّ، فَحَرَّموا وأَبْهمُوا ما أيهم اللّه (2).
78/920 - عن عيسى بن عبداللّه (3) قال: سُئِل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أختين مملوكتين ينكح إحداهما أتحلُّ له الأخرى؟
فقال: ليس ينكح الأخرى إلّا دون الفرج، وإن لم يفعل فهو خيُر له، نظير تلك المرأة تحيض فتَحْرُم على زوجها أن يأتيها في فرجها، لقول اللّه: «وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حتّى يَطْهُرْنَ» (4)، قال: «وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ» [23] يعني في النكاح، فيستقيم للرجل (5) أن يأتي امرأته وهي حائض فيما دون الفرج (6).
79/921 - عن أبي عون، قال: سمعت أبا صالح الحنفي، قال: قال عليّ ذات يوم: سلوني، فقال ابن الكوّاء: أخبرني عن بنت الأخ من الرَّضاعة، وعن
ص: 383
المملوكتين الأُختين؟
فقال: إِنَّكَ لذاهب في التِّيه (1)، سَل ما يعنيك أو ما ينفع. فقال ابن الكوّاء: إنما نسألك عمّا لا نعلم، فأمّا ما نعلم فلا نسألك عنه.
ثمّ قال: أمّا الأختان المملوكتان أحلَّتهما آية وحرمتهما آية، ولا أُحلّه ولا أحرّمه، ولا أفعله أنا ولا واحدٌ من أهل بيتي (2).
80/922 - عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» [24].
قال: هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته فيقول له: اعتزلها فلا تقربها، ثمَّ يَحْبِسها عنه حتّى تحيض، ثمَّ يَمَسَّها، فاذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردَّها عليه بغير نكاح (3).
81/923 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فِي «المُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، قال : هُنّ ذوات الأزواج (4).
82/924 - عن عبد اللّه بن سِنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في «المُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، قال: سَمِعته يقول: تأمر عبدك وتحته أمتك. فيعتزلها حتّى تحيض فتُصيب منها (5).
83/925 - عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قول اللّه
ص: 384
تعالى: «وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، قال: هُنّ ذوات الأزواج «إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» إِن كُنتَ زوَّجت أمتك غُلامك، نَزَعْتها منه إذا شئت.
فقلت: أرأيت إن زَوّج (1) غير غُلامه؟ قال: ليس له أن ينزع حتّى تُباع، فإن باعها صار بُضْعُها في يد غيره، وإن شاء المشتري فرَّق، وإن شاء أقرَّ (2).
926 / 84 - عن ابن خُرّزاد، عمَّن رواه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَالمُحْصَنَاتُ مِن النِّسَاءِ»، قال: كُلّ ذوات الأزواج (3).
85/927 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: قال جابر بن اللّه عبداللّه، عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أَنَّهم غَزَوا معه، فأحَلَّ لهم المُتعة ولم يُحَرِّمها، وكان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطّاب - يعني عمر - ما زنى إلّا شقىّ (4).
وكان ابن عباس يقول: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ» إلى أجل مسمّى «فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً» [24] وَهُؤُلاءِ يَكْفُرون بها، ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحَلَّها ولم يُحَرِّمها (5).
86/928 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في المُتعة، قال: نزلت هذه الآية: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَتَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ»، قال: لا بأس بأن تَزيدها وتَزيدك، إذا انقطع الأجل فيما بينكما، يقول: اسْتَحْلَلْتُك (6) بأجل آخر، برضى منها، ولا تَحِلَّ لغيرك حتّى
ص: 385
تنقضي عِدَّتها، وعِدَّتها حيضتان (1).
87/929 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر ال، قال : كان يقرأ «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجلٍ مُسمّى فَتَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ»، فقال: هو أن يَتَزَوّجها إلى أجلِ مُسمّى، ثمَّ يُحْدِث شيئاً بعد الأجل (2).
88/930 - عن عبد السلام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: قول اللّه: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَتَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً» إِلى أجل مسمّى «وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ».
قال: قلتُ جعلت فداك أهي من الأربع: قال: ليست من الأربع، إنما هي إجارة (3).
فقلتُ: إن أراد أن يزداد وتزداد قبل انقضاء الأجل الذي أُجِّل؟ قال: لا بأس أن يكون ذلك برضىَّ منه ومنها، بالأجل والوقت، وقال: يزيدها (4) بعدما يمضي الأجل (5).
89/931 - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألتُ الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يُتَمَتَّع بالأمة بإذن أهلها؟ قال: نعم، إنَّ اللّه يقول: «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ» (6) [25].
ص: 386
90/932 - وقال محمّد بن صَدَقة البصري: صدقة البصري: سألته عن المتعة، أليس هي (1) بمنزلة الإماء؟ قال: نعم، أما تقرأ قول اللّه: «وَمَنْ لَّم يَسْتَطِعْ مِنْكُم طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ» إلى قوله: «وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ» ؟ [25] فكما لا يَسع الرجل أن يَتَزوَّج الأمة وهو يستطيع أن يَتَزوَّج بالحُرَّة، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتّع بالأمة وهو يستطيع أن يَتَزوَّج بالحُرَّة (2).
91/933 - عن أبي العبّاس قال: قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يَتَزَوَّج الرجل بالأمة بغير إذن أهلها ؟ قال : هو زنا، إنَّ اللّه يقول: «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ» (3).
92/934 - عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن المُحْصَنات من الإماء، قال: هُنَّ المسلمات (4).
93/935 - عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه تعالى في الاماء: «إِذَا أُحْصِنَّ» [25] ما إحصانُهنّ؟ قال: يُدْخَل بِهِنّ.
قلت: فان لم يُدْخَل بهنَّ، ما عليهنَّ حدّ؟ قال: بلى (5).
94/936 - عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى في الإماء «إِذَا أُحْصِنَّ»، قال: إحصانُهنَّ أَن يُدْخَلَ بِهِنَّ.
قلت: فان لم يُدْخَل بهنّ، فأخد ثن حَدَثاً، هل عليهنّ حدّ؟ قال: نعم، نصف
ص: 387
الحُرّ(1)، فان زَنَت وهي مُحْصَنة فالرَّجُم (2).
95/937 - عن حريز، قال: سألته عن المُحْصَن، فقال: الذي عنده ما يُغنيه (3).
96/938 - عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه : «فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ» [25]، قال: يعني نكاحهنَّ إذا أتين بفاحشة (4).
97/939 - عن عباد بن صهيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: لا ينبغي للرجل المسلم أن يتزوَّج من الإماء، إلّا من خشي العَنَت، ولا يَحِلُّ له من الإماء إلّا واحدة (5)
98/940 - عن أسباط بن سالم، قال: كنتُ عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجاءه رجلٌ، فقال له: أخبرني عن قول اللّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ».
قال عنى بذلك القمار، وأما قوله: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ» [29] عنى بذلك الرجل من المسلمين يشدّ على المشركين في منازلهم فيُقتل، فنهاهم اللّه عن ذلك (6).
99/941 - وقال : في رواية أخرى عن أبى على رفعه، قال: كان الرجل يحمل على المشركين وحده حتّى يَقْتُل، أو يُقتل، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّه كَانَ بِكُمْ رَحِيماً» (7) [29].
ص: 388
942 / 100 - عن أسباط، قال: سألت أبا عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ»، قال : هو القِمار (1).
942 /101 - عن سَمَاعة، قال: سألته عن الرجل يكون عنده شيء يتبلّغ به وعليه دين، أيُطعمه عياله حتّى يأتيه اللّه تبارك وتعالى بميسرة، أو يقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خُبث الزمان وشدّة المكاسب (2)، أو يقبل الصدقة ويقضي بما كان عنده دينه؟
قال: يقضي بما كان عنده دينه ويقبل الصَّدَقة، ولا يأخُذ أموال النّاس إلّا وعنده وفاء بما يأخُذ منهم، أو يفرضونه إلى ميسرة، فانّ اللّه يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُون تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ» فلا يستقرض على ظهره إلّا وعنده وفاء، ولو طاف على أبواب الناس فزودوه باللقمة واللقمتين والتّمرة والتمرتين، إلّا أن يكون له وليّ يقضي دينه من بعده، إنَّه ليس منّا من ميّت يَمُوت إلّا جعل اللّه له وليّاً يقوم في عِدَتِهِ ودَينه (3).
102/944 - عن إسحاق بن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : حدَّثني الحسن بن زيد، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن الجبائر تكون على الكسير، كيف يتوضأ صاحبها، وكيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يُجزيه المسح بالماء عليها فى الجنابة والوُضُوء.
ص: 389
قلت: فإن كانَ في بَرْدٍ يُخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده؟ فقرأ رسول اللّه «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّه كَانَ بِكُمْ رَحِيماً» (1).
103/945 - عن محمّد بن على، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ»، قال: نهى عن القِمار، وكانت قريش تُقامر الرجل بأهله وماله، فنهاهم اللّه عن ذلك.
وقرأ قوله: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّه كَانَ بِكُمْ رَحِيماً»، قال: كان المسلمون يَدْخُلُون على عدوّهم في المغارات، فيتمكّن منهم عدوهم، فيقتلهم كيف شاء، فنهاهم اللّه أن يَدْخُلوا عليهم فى المغارات (2).
104/946 - عن ميسر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: كنتُ أنا وعَلْقَمة الحضرمي، وأبو حسان العجلي وعبداللّه بن عجلان، ننتظر أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فخرج علينا، فقال: مرحباً وأهلاً، واللّه إنّي لأحبّ ريحكم وأرواحكم، وإنَّكم لعلى دين اللّه.
فقال عَلْقَمة: فمن كان على دين اللّه تَشْهَد أنَّه من أهل الجنّة؟ قال: فمكث هُنَيهةً (3)، قال: نَوّروا أنفسكم، فان لم تكونوا اقترفتم (4) الكبائر فأنا أشهد.
قلنا وما الكبائر؟ قال: هي في كتاب اللّه علي سبع.
قلنا : فعُدّها علينا جَعَلنا اللّه فداك. قال : الشِّرك باللّه العظيم، وأكل مال اليتيم وأكل الربا بعد البيّنة، وعُقُوق الوالدين والفرار من الزَّحف، وقتل المؤمن، وقذف المُحْصَنة.
ص: 390
قلنا: ما منا أحدٌ أصاب من هذه شيئاً. قال: فأنتم إذن (1).
105/947 - عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : يا مُعاذ، الكبائر سبع، فينا أنزلت، ومنّا اسْتُخِفّت، وأكبر الكبائر: الشّرك باللّه، وقتل النفس التي حرم اللّه، وعُقوق الوالدين، وقَذف المُحصَنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزَّحف، وإنكار حقّنا أهل البيت.
فأمّا الشّرك باللّه، فإنّ اللّه قال فينا ما قال وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما قال، فكذّبوا اللّه وكذَّبوا رسوله، وأما قتل النفس التي حرَّم اللّه، فقد قتلوا الحسين بن على (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وأصحابه، وأمّا عُقوق الوالدين، فإنَّ اللّه قال في كتابه «النبيّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ» (2) وهو أب لهم، فقد عقّوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في ذُريَّته وأهل بيته وأمّا قَذف المحصنات، فقد قَذَفُوا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) على مَنابِرِهم، وأمّا أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب اللّه، وأمّا الفِرار من الزَّحف، فقد أعطوا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيعتهم غير كارهين ثم فرّوا عنه وخَذَلوه، وأمّا إنكار حقّنا، فهذا ممّا لا يَتَعاجمون (3) فيه (4).
106/948 - وفي خبر آخر : والتَّعرُّب بعد (5) الهجرة (6).
ص: 391
107/949 - عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الكَذِب على اللّه وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) من الكبائر (1).
108/950 - عن العبّاس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنه ذكر قول اللّه: «إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ» [31] عبادة الأوثان، وشرب الخمر، وقتل النَّفس، وعُقوق الوالدين، وقَذف المُحْصَنات والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم (2).
109/951 - وفي رواية أخرى عنه: أكل مال اليتيم ظُلماً، وكُلّ (3) ما أوجب اللّه عليه النار (4).
110/952 - عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في رواية أخرى عنه: وإنكار ما أنزل اللّه، أنكروا حقَّنا وجَحَدُونا، وهذا لا يُتعاجم فيه أحد (5).
111/953 - عن سليمان الجعفري، قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما تقول أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان الدُّخول في في أعمالهم، والعَون لهم، والسعي في حوائجهم عديل الكُفر، والنَّظر إليهم على العَمد من الكبائر التي يُستَحقُ بها النار (6).
112/954 - عن السَّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال :
ص: 392
السُّكر من الكبائر، والحيف (1) في الوصيّة من الكبائر (2).
113/955 - عن محمّد بن الفضيل عن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «إن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ»، قال: من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار، إذا كان مؤمناً، كفّر اللّه عنه سيّئاته (3).
114/956 - وقال أبو عبد اللّه فى آخر ما فسّر : فاتّقوا اللّه ولا تَجْتَرُوا (4).
115/957 - عن كثير النوّاء، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكبائر؟ قال: كلُّ شيءٍ أوعد (5) اللّه عليه النار (6).
116/958 - عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ» [32]، قال: لا يتمنّى الرجل امرأة الرجل ولا ابنته، ولكن يتمنّى مثلهما (7).
117/959 - عن إسماعيل بن كثير، رفع الحديث إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : لمّا نزلت هذه الآية «وَسْئَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ» [32]، قال: فقال أصحاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما هذا الفضل، أيكم يسأل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن ذلك؟ قال: فقال علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا أسأله عنه، فسأله عن ذلك الفضل ما هو ؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :
ص: 393
إنَّ اللّه خَلَق خَلْقَه وقَسَّم لهم أرزاقهم من حِلّها وعَرَض لهم بالحرام، فمن أنْتَهَكَ حراماً، نقص له من الحلال بقدر ما أنتهك من الحرام، وحوسب به (1).
118/960 - عن ابن الهذيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ اللّه قسم الأرزاق بين عباده، وأفضل فضلاً كثيراً لم يُقسمه بين أحد، قال اللّه: «وَسْئَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ» (2).
119/961 - عن إبراهيم بن أبى البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه قال: ليس من نفسٍ إلّا وقد فرض اللّه لها رزقها حلالاً يأتيها في عافية، وعرض لها بالحرام من وجه آخر، فان هي تناولت من الحرام شيئاً، قاصها به (3) من الحلال الذي فَرَض اللّه لها، وعند اللّه سواهما فضل كثير (4).
120/962 - عن الحسين بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ له: جُعِلت فداك، إنَّهم يقولونَ إِنَّ النوم بعد الفجر مكروهٌ، لأنَّ الأرزاق تقسم في ذلك الوقت؟
فقال : الأرزاق مَوْظُوفة (5) مَقْسُومة، واللّه فضل يُقسمه ما بين (6) طُلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وذلك قوله: «وَسْئَلُوا اللّه مِن فَضْلِهِ»، ثمّ قال: وذكر اللّه بعد طُلُوع الفجر، أبلغ في طَلَب الرزق من الضَّرب في الأرض (7).
ص: 394
121/963 - عن الحسن بن محبوب، قال: كتبتُ إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وسألته عن قول اللّه تعالى: «وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ» [33]، قال: إنَّما عنى بذلك الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، بهم عقد اللّه أيمانكم (1).
122/964 - عن ابن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قضى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في امرأة تزوجها رجلٌ وشَرَط عليها وعلى أهلها إن تَزَوَّج عليها امرأةً وهجرها، أو أتى عليها سُرِّيَّة (2)، فإنّها طالق.
فقال: شَرط اللّه قبل شرطكم، إن شاء وفي بشرطه، وإن شاء أمسك امرأته، ونكح عليها، وتسرّى عليها وهجرها، إن أنت سبيل ذلك، قال اللّه تعالى في كتابه: «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» (3)، وقال: أُحل لكم «مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (4)، وقال: «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وأَهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّه كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً» (5) [34].
123/965 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا نشرت المرأة على الرجل فهي الخُلْعَة (6)، فليأخُذ منها ما قدر عليه، وإذا نَشَز (7) الرجل مع نُشُوز المرأة فهو الشِّقاق (8).
ص: 395
124/966 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه تعالى: «فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا» [35]. قال: ليس للمُصْلِحَين أن يُفَرِّقا حتّى يَسْتامِرا (1).
125/967 - عن زيد الشحام، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه «فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا»، قال : ليس للحَكَمين أن يُفرّقا حتّى يستأمر (2) الرجل والمرأة (3).
126/968 - وفي خبر آخر، عن الحلبي، عنه ويشترط عليهما إن شاء اجمعا، وإن شاء افرقا، فان جمعا فجائز، وإن فرقا فجائز (4).
127/969 - وفي رواية فضالة: فان رضيا وقلَّداهما الفُرقة ففرّقا (5)، فهو جائز (6).
128/970 - عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة، قال: أتى عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجل وامرأة، مع كلّ واحدٍ منهما فِئام (7) من الناس، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ابعثوا حكماً من أهله، وحَكَماً من أهلها.
ثمّ قال للحَكَمين: هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تُفرّقا فرَّقتما.
ص: 396
فقالت المرأة: رَضِيتُ بكتاب اللّه عليَّ ولي. فقال الرجل: أمّا في الفرقة فلا. فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تبرح حتّى تُقرَّ بما أقرَّت به (1).
129/971 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحد الوالدين، وعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الآخر، فقلت: این موضع ذلك في كتاب اللّه؟ قال: اقرأ (2) «اعْبُدُوا اللّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً» (3) [36].
130/972 - عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، قال: إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحد الوالدين، وعلي ال الآخر، وذكر أنَّها الآية التي في النساء (4).
131/973 - عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قول اللّه تعالى: «وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى»، قال: ذو القربى «وَالْجَارِ الْجُنُبِ»، قال: الذي ليس بينك وبينه قرابة «وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ» [36]، قال: الصّاحب في السفر (5).
132/974 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى «يَوْمَ نَأْتِي مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً» (6) [41]، قال: يُؤتى النبيّ يوم القيامة من كُلّ أُمَّةٍ بشهيد بوصي نبيّها، وأوتي بك يا علي شهيداً على أُمّتي يوم القيامة (7).
ص: 397
133/975 - عن أبي مَعْمَر (1) السَّعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صفة يوم القيامة : يجتمعون في موطن يُسْتَنْطَقُ فيه جميع الخَلْق، فلا يتكلَّم أحدٌ إلّا من أذن له الرّحمن وقال صواباً، فتقام الرسل فتُسأل، فذلك قوله لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً» وهو الشهيد على الشهداء والشُّهداء هم الرُّسل (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).
134/976 - عن مَسْعدة بن صَدَقة، عن جعفر بن محمّد، عن جدّه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبته يَصِف هَول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا تكلَّم، فتكلّمت الأيدي، وشهدت الأرْجُل، ونَطَقت الجلود بما عَمِلوا، فلا يكتمون اللّه حديثاً (3).
135/977 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا تقُم إلى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً، فانّها من خلل النّفاق، وإنَّ اللّه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم شكارى يعني من النوم (4).
978/136 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «لَا تَقْرَبُوا الصَّلَوَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» [43]، قال: هذا قبل أن يُحرم الخمر (5).
137/979 - وعن الحلبي عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: يعني سُكر النوم (6).
ص: 398
138/980 و عن الحلبي، قال: سألته (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَوَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ».
قال: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، يعني سُكر النوم، يقول: وبكم نُعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم، وليس كما يصف كثير من الناس يَزْعُمُون أن المؤمنين يَسْكَرون (1) من الشراب، والمؤمن لا يشرب مسكراً ولا يشكر (2).
139/981 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلتُ له: الحائض والجُنبُ يَدْخُلان المسجد أم لا؟ فقال: لا يَدْخُلان المسجد إلا مُجتازين، إنَّ اللّه تعالى يقول: «وَلَا جُنُباً إِلَّا عَابِرِى سَبِيلٍ حتّى تَغْتَسِلُوا» [43] و(3) يأخُذان من المسجد الشيء، ولا يضعان فيه شيئاً (4).
140/982 - عن أبي مريم، قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول في الرجل يتوضّأ ثم يدعو جاريته، فتأخُذ بيده حتّى ينتهى إلى المسجد، فإنّ من عندنا يَزْعُمون أنها المُلامسة؟
فقال: لا واللّه، ما بذاك بأس، وربما فعلته، وما يعني بهذا - أي «لَا مَسْتُمُ النِّسَاءَ» (5) [43] - إلّا المُواقعة دون الفَرْج (6).
141/983 - عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: اللّمس
ص: 399
الجماع (1).
142/984 - عن الحلبي، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : هو الجماع، ولكن اللّه ستير يُحِبّ السّتر، فلم يُسمّ كما تُسمّون (2).
143/985 - عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سأله قيس بن رُمّانة، قال: أتوضّأ ثمَّ أدعو الجارية فتمسك بيدي، فأقوم وأُصلّي، أعليَّ وضوء؟ فقال: لا. قال: فانّهم يَزْعُمون أنَّه اللَّمس؟ قال: لا واللّه، ما اللَّمس إلّا الوقاع يعني الجماع. ثمّ قال: قد كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ما كبر يتوضّأ ثم يدعو الجارية، فتأخُذ بيده فيقوم فيصلي (3).
144/986 - عن أبي أيوب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : التيمّم بالصَّعيد لمن لم يجد الماء، كمن توضّأ من غديرٍ من ماء، أليس اللّه تعالى يقول: «فَتَيَمَّمُوا صَعِيد طيِّباً» [43]؟
قال: قلتُ: فان أصاب الماء وهو في آخر الوقت؟ قال: فقال: قد مضت صلاته.
قال: قلت له: فيُصلّى بالتيمم صلاةً أخرى؟ قال: إذا رأى الماء، وكان يقدر عليه، انتقض التيمّم (4).
145/987 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عمّار ابن یاسر، فقال: يا رسول اللّه أجنبت اللّيلة، ولم يكن معي ماءٌ، قال: كيف صنعت؟
ص: 400
قال: طرحت ثيابي، ثم قمت على الصَّعيد فَتَمَعَّكت (1). فقال: هكذا يصنع الحمار، إنما قال اللّه: «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً»، قال: فَضَرَب بيده الأرض، ثمّ مسح إحداهما على الأخرى، ثم مسح يديه بجبينه، ثم مسح كفّيه كل واحدة منهما على الأخرى (2).
146/988 - وفي رواية أخرى، عنه، قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): صنعتَ كما يَصْنَع الحِمار، إنّ ربَّ الماء هو ربُّ الصَّعيد، إنَّما يُجزيك أن تضرب بكفيك ثمّ تنفضهما، ثمّ تمسح بوجهك ويديك كما أمرك اللّه (3).
989 / 147 - عن الحسين بن أبي طلحة، قال: سألتُ عبداً صالحاً في قوله: «أَوْ لَا مَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» ما حَدُّ ذلك؟ فان لم تَجِدُوا بشراء أو بغير شراء، إن وجد قدر وضوئه بمائة ألف، أو بألف و كم بلغ؟ قال: ذلك على قدر جِدته (4).
990 / 148 - عن جابر الجعفي، قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - في حديث له طويل -: يا جابر، أوّل أرض المغرب تَخْرَب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على رايات ثلاث راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السُّفياني، فيلقى السُّفياني الأبقع فيقتله ومن معه، ويقتل الأصهب، ثمّ لا يكون له همٌّ إلّا الإقبال نحو العراق، ومرّ جيش (5) بقرقيسا (6)، فيقتُلون بها مائة ألف من الجبّارين.
ص: 401
ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة، وعدتهم سبعون ألفاً، فيُصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصَلْباً وسَبياً، فبينا هم كذلك إذ أقبلت راياتٌ من ناحية خُراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاً، ومعهم نَفَر من أصحاب القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، [ثمّ] يَخْرُج رجلٌ من موالي أهل الكوفة في ضُعفاء (1)، فيقتله أمير جيش السُّفياني بين الحيرة والكوفة.
ويبعث السُّفياني بعثاً إلى المدينة، فيفرُّ (2) المهديّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) منها إلى مكّة، فيبلُغ أمير جيش السُّفياني أنّ المهدي قد خرج من المدينة، فيبعث جيشاً على أثره، فلا يُدركه حتّى يَدْخُل مكّة خائفاً يترقب على سُنّة موسى بن عمران.
قال: وينزل جيش أمير السُّفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي (3) بالقوم: فيخسف بهم البيداء، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نَفرٍ يُحوّل اللّه وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب وفيهم أنزلت هذه الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَامِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم» يعنى القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «مِّنْ قَبْلِ أَنْ نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا» (4) [47].
149/991 - وروى عمر و بن شمر عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نزلت هذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ ءَامِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ في عليّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُم مِن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَتَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أو نَلْعَنَهم» إلى قوله : «مَفْعُولاً».
ص: 402
وأما قوله: «مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم» يعني مُصدّقاً برسول (1) اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2).
150/992 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أمّا قوله: «إِنَّ اللّه لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ» يعني أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ). وأمّا قوله: «وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ» [48] يعني لمن والى عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).
151/993 - عن أبي العبّاس، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أدنى ما يكون به الانسان مُشرِكاً؟ قال: من ابتدع رأياً، فأحبَّ عليه، أو أبغض (4).
152/994 - عن قُتيبة الأعشى، قال: سألتُ الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «إِنَّ اللّه لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ»، قال: دخل في الاستثناء كُلُّ شيءٍ (5).
153/995 - وفي رواية أُخرى، عنه: دخل الكبائر في الاستثناء (6).
154/996 - عن بُريد بن مُعاوية، قال: كنتُ عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألته عن قول اللّه تعالى: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ»، قال: فكان جوابه أن قال: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ» فلان وفلان «وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا سَبِيلاً» الأئمّة الضالة والدعاة إلى النار، هؤلاء أهدى من آل محمّد وأوليائهم سبيلاً «أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّه وَمَن يَلْعَنِ اللّه فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ» يعني الامامة والخلافة «فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً» نحن الناس الذين عنى اللّه،
ص: 403
والنَّقير: النُّقطة التي رأيت في وسط النّواة «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ» فنحن المَحْسُودون على ما أتانا اللّه من الامامة دون خلق اللّه جميعاً «فَقَدْ آتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً» فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة، فكيف يُقرون بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً» إلى قوله : «وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاً ظَلِيلاً».
قال: قلت: قوله : في آل إبراهيم «وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً» ما المُلك العظيم ؟ قال: أن جَعَل منهم أئمَّةًمن أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصى اللّه، فهو المُلك العظيم.
قال: ثم قال: «إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا» إلى: «سَمِيعاً بَصِيراً» قال: إيانا عنى أن يُؤدّي الأول منا إلى الامام الذي بعده الكتب والعلم والسَّلاح «وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» الذي في أيديكم، ثم قال للناس: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ» [51 - 59] إيانا عنى خاصَّة، فان خفتم تنازعاً في الأمر، فارجعوا إلى اللّه، وإلى الرسول وأولي الأمر منكم. هكذا نزلت وكيف يأمرهم بطاعة أولى الأمر، ويرخص لهم فى منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ» (1).
155/997 - بريد العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - مثله سواء - وزاد فيه «أن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» إذا ظهرتم «أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» إذا بَدَت في أيديكم (2).
ص: 404
156/998 - عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبداللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا أبا الصباح، نحن قوم فَرَض اللّه طاعتنا لنا الأنفال، ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم ونحن المَحْسُودون الذين قال اللّه في كتابه: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ» (1).
157/999 - عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بينما موسى بن عمران اللّه يناجي ربّه ويُكلّمه، إذ رأى رجلاً تحت ظل العرش، فقال: يا ربّ، من هذا الذي قد أظله عرشك، فقال يا موسى هذا مِمَّن لم يَحْسُد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله (2).
158/1000 - عن أبي سعيد المُؤدِّب، عن ابن عباس، في قوله «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ»، قال: نحن الناس، وفضله النبوّة (3).
159/1001 - عن أبي خالد الكابُلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «مُلْكاً عَظِيماً» أن جعل فيهم أئمَّةً، من أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصى اللّه، فهذا مُلكٌ عظيمٌ «وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً» (4).
160/1002 - وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : في رواية أخرى، قال: الطاعة المفروضة (5).
161/1003 - حمران، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «فَقَدْ آتَيْنَاءَ الَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ»، قال : النبوّة
ص: 405
«وَالْحِكْمَةَ»، قال : الفَهم والقضاء، «ومُلْكاً عَظِيماً»، قال : الطاعة (1).
162/1004 - عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «فَقَدْ آتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ» فهو النبوّة «وَالْحِكْمَةَ» فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، وأما الملك العظيم فهم الأئمّة الهداة من الصَّفوة (2).
163/1005 - عن داود بن فَرقَد قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده إسماعيل ابنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ» الآية، قال: فقال : المُلك العظيم: افتراض الطاعة.
قال: «فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ» قال: فقلت: أستغفر اللّه. فقال لي إسماعيل: لِمَ يا داود؟ قلتُ لأني كثيراً قرأتها (وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِن بِهِ وَمِنْهُم مَن صدَّ عَنْهُ). قال: فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما هو (3)، فمن هؤلاء ولد إبراهيم - من آمن بهذا، ومنهم من صدّ عنه (4).
164/1006 - عن زُرارة، وحُمران، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : الامام يُعْرَف بثلاث خصال: إنَّه أولى (5) الناس بالذي كان قبله وإنَّ عنده سلاح النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعنده الوصيَّة، وهي التي قال اللّه في كتابه: «ِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا».
وقال: إن السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل، يدَور المُلك حيث
ص: 406
دار السِّلاح كما كان يدُور حيث دار التابوت (1).
165/1007 - عن الحلبي، عن زُرارة «أن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا» يقول: أدُّوا الولاية إلى أهلها «وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»، قال: هم آل محمّد عليه و آله السلام (2).
166/1008 - في رواية محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هم الأئمّة من آل محمّد يؤدّي الامام الإمامة (3) إلى إمام بعده، ولا يَخُصُّ بها غيره، ولا يَزْويها عنه (4).
16/100 - أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «إِنَّ اللّه نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ»، قال : فينا نزلت واللّه المستعان (5).
168/1010 - وفي رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» قال: أمر اللّه الامام أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده، وأمر الأئمّة أن يحكموا بالعدل، وأمر الناس أن يُطيعوهم (6).
169/1011 - عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية
ص: 407
«أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ». قال : الأوصياء (1).
170/1012 - وفي رواية أبي بصير، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: نزلت في عليّ بن أبي اللّه طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قلت له: إنَّ الناس يقولون لنا: فما منعه أن يُسمّي عليّاً وأهل بيته في كتابه؟
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قولوا لهم: إنَّ اللّه أنزل على رسوله الصلاة، ولم يُسمّ ثلاثاً ولا أربعاً حتّى كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الذي فسر ذلك، وأنزل الحجّ فلم يُنزل طُوفوا أسبوعاً حتّى فسّر ذلك لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأنزل «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ» فنزلت في علي والحسن والحسين.
وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في عليّ «من كنت مولاه فعلي مولاه». وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي إني سألت اللّه أن لا يُفرّق بينهما حتّى يُوردهما عليَّ الحوض، فأعطاني ذلك، فلا تعلموهم فانّي أعلم منكم، إنهم لن يُخرجوكم من باب هُدى، ولن يُدْخِلوكم فى باب ضَلال».
ولو سَكَتَ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولم يُبيّن أهلها، لا دعاها آل عباس و آل عقيل و آل فلان وآل فلان، ولكن أنزل اللّه في كتابه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) تأويل هذه الآية، فأخَذَ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فأدخلهم تحت الكساء في بيت أمّ سَلَمة، وقال: «اللّهم إنّ لكُلِّ نبي ثَقَلاً وأهلاً، فهؤلاء ثَقَلي وأهلي».
فقالت أمّ سَلَمة ألستُ من أهلك؟ قال: «إنَّك إلى خير، ولكن هؤلاء تَقَلي
ص: 408
وأهلي».
فلمّا قُبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان علي أولى (1) الناس بها لكبره، ولمّا بلّغ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأقامه وأخذ بيده، فلمّا حُضِر (2) علي لم يستطع ولم يكُن ليفعل اللّه أن يُدْخِل محمّد بن عليّ ولا العبّاس بن علي ولا أحداً من ولده، إذاً لقال الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنزل اللّه فينا كما أنزل فيك، وأمر بطاعتنا (3) كما أمر بطاعتك، وبلّغ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فينا كما بلّغ فيك، وأذهب عنا الرجس، كما أذهبه عنك.
فلمّا مضى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولى بها لكبره، فلمّا حضر الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) لم يستطع ولم يكن ليفعل أن يقول: «أُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى يبغض» (4) فيجعلها لولده، إذاً لقال الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنزل اللّه في كما أنزل فيك وفي أبيك، وأمر بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وأذهب الرجس عنّي كما أذهب عنك وعن أبيك.
فلمّا أن صارت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يبق أحد يستطيع أن يُدعى كم يدّعي هو على أبيه وعلى أخيه، فلما أن صارت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) جرى [تأويل قوله تعالى] (6) : «أُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه» ثمّ صارت من بعد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى عليّ بن الحسين، ثمّ من بعد عليّ بن الحسين إلى محمّد بن علي عليهم الصلاة والسلام.
ص: 409
ثم قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الرّجس هو الشك واللّه لا نَشُكُّ في ديننا أبداً (1).
171/1013 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى، فذكر نحو هذا الحديث، وقال فيه زيادة: فنزلت عليه الزكاة فلم يُسم اللّه من كل أربعين دِرْهَماً دِرْهَماً حتّى كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الذي فَسّر ذلك لهم.
وذكر في آخره: فلما أن صارت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لم يكُن أحدٌ من أهله يستطيع أن يَدّعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، لو أرادا أن يَصْرِفا الأمر عنه، ولم يكونا ليفعلا، ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، فجرى تأويل هذه الآية «وَأَوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه» (2) ثمّ صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثمّ صارت من بعد عليّ بن الحسين إلى محمّد بن عليّ (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).
172/1014 - عن أبان أنه دخل على أبى الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : فسألته عن قول اللّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ».
فقال: ذلك عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ سكت، قال: فلمّا طال سُكُوته، قلت: ثمّ من؟ قال: ثمّ الحسن. ثم سكت. فلمّا طال سكوته قلت: ثم من؟ قال: الحسين. قلت: ثم من؟ قال: ثمَّ عليّ بن الحسين وسكت فلم يزل يَسكُت عند كلّ واحدٍ حتّى أُعيد المسألة، فيقول، حتّى سمّاهم إلى آخر هم (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).
173/1015 - عن عمران الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّكم
ص: 410
أخذتم هذا الأمر من جَذوه - يعنى من أصله - عن قول اللّه تعالى: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ» ومن قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ما إن تمسكتم به لن تَضِلّوا» لا من قول فلان، ولا من قول فلان (1).
1016 / 174 - عن عبد اللّه بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ»، قال: هي في عليّ وفي الأئمّة السلام، جعلهم اللّه مواضع الأنبياء، غير أنَّهم لا يُحلون شيئاً، ولا يُحرّمونه (2).
175/1017 - عن حكيم (3)، قال: قلتُ لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك، أخبرني من أولي الأمر الذين أمر اللّه بطاعتهم؟
فقال لى: أولئك على بن أبي طالب والحسن والحسين، وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر أنا، فاحْمَدُوا اللّه الذي عَرّفكم أئمتكم وقادتكم حين جَحَدَهُم الناس (4).
176/1018 - عن يحيى بن السري، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني بدعائم الاسلام التي بُني عليها الدين لا يسع أحداً التقصير في شيءٍ منها، التي من قصر عن معرفة شيءٍ منها فَسَد عليه دينه، ولم يُقبل منه عَمَلُه، ومن عَرَفها وعَمِل بها صَلَح له دينه، وقبل منه عَمَلُه، ولم يضُرّه ما هو فيه بجهل شيءٍ من الأُمور إن جهله؟
فقال نعم شهادة أن لا إله إلّا اللّه، والايمان برسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والإقرار بما
ص: 411
جاء من عند اللّه، وحق من الأموال الزكاة (1)، والولاية التي أمر اللّه بها ولاية آل محمّد.
قال: وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «مَن مات ولا يعرف إمامه مات ميتةً جاهلية». فكان الإمام عليّ بن أبي طالب، ثمّ كان الحسن بن عليّ، ثمَّ كان الحسين بن عليّ، ثمّ كان عليّ بن الحسين، ثمّ كان (2) محمّد بن علي أبو جعفر (3).
وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر، وهم لا يعرفون مناسك حجّهم، ولا حلالهم، ولا حرامهم، حتّى كان أبو جعفر، فنَهَج (4) لهم وبيّن مناسك حجّهم، وحلالهم وحرامهم، حتّى استغنوا عن الناس، وصار الناس يتعلمون منهم بعد ما كانوا يتعلّمون من الناس، وهكذا يكون الأمر، والأرض لا تكون إلّا بإمام (5).
177/1019 - عن عمرو بن سعيد (6)، قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنْكُمْ»، قال: قال علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأوصياء من بعده (7).
178/1020 - عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سَمِعتُ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما نزلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آية من القرآن إلّا أقرأنيها، واملاها عليّ، فأكتبها بخطّي،
ص: 412
وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا اللّه لي أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آيةً من كتاب اللّه، ولا علماً أملاه علي فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما نزل شيء (1) علمه اللّه من حلالٍ ولا حرام، أمر ولا نهي، كان أو يكون من طاعةٍ أو معصية، إلا علَّمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا اللّه لي أن يملأ قلبي عِلماً وفهماً وحكمة ونُوراً، لم أنس شيئاً، ولم يفتني شيء لم أكتبه.
فقلت: يا رسول اللّه، وتَخَوَّفت عليّ النسيان فيما بعد؟ فقال: لستُ أتخوَّف عليك نسياناً ولا جهلاً، وقد أخبرني ربّي أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.
فقلت: يا رسول اللّه، ومن شركائى من بعدى؟ قال: الذين قرنهم اللّه بنفسه وبي. فقال: «أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنْكُمْ» الأئمّة.
فقلت يا رسول اللّه، ومن هم؟ فقال: الأوصياء منّي إلى أن يَرِدُوا عليَّ الحوض، كلّهم هادٍ مُهتَدٍ لا يَضُرُّهم من خَذَلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يُفارقهم ولا يُفارقونه بهم تُنصر أمتي، وبهم يُمْطَرون، وبهم يُدْفَع عنهم، وبهم يُسْتَجاب دعاؤهم.
قلت: یا رسول اللّه، سنّهم لي. فقال: ابني هذا ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له عليّ، وسيُولد في حياتك، فاقرأه مني السلام، ثمّ تكمّله إلى اثني عشر من ولد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
فقلت له: بأبي أنت وأمي سنّهم فسمّاهم لي رجلاً رجلاً، فيهم واللّه - يا أخا بني هلال - مهديّ أُمة محمّد، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً
ص: 413
وظُلماً، واللّه إني لأعرف من يُبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم (1).
179/1021 - عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَارْجِعُوهُ إِلَى اللّه وَإِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (2).
180/1022 - وفي رواية عامر بن سعيد الجُهني، عن جابر، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَأُولى الأمر» من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3).
181/1023 - عن يونس مولى عليّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من كانت بينه وبين أخيه منازعةٌ، فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما، فأبى إلا أن يرافعه (4) إلى السلطان، فهو كمن حاكم إلى الجِبت والطَّاغُوت، وقد قال اللّه تعالى: «يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ» إلى قوله «بَعِيداً» (5) [60].
182/1024 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ».
فقال: يا أبا محمّد، إنه لو كان لك على رجل حقّ، فدعوته إلى حُكّام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حُكّام أهل الجَور ليقضوا له، كان ممَّن حَاكَمَ إلى الطاغوت (6).
ص: 414
183/1025 - عن منصور بن بُزُرج، عمَّن حدثه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ» [62]، قال: الخَسْفُ واللّه عند الحوض بالفاسقين.
عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله (1).
1026/ 184 عن عبد اللّه النجاشي، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بليغاً» يعني واللّه فلاناً وفلاناً «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّه» إِلَى :قوله «تَوَّاباً رَّحِيماً» یعنی واللّه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بما صنعوا، أي لو جاء وك بها يا عليّ فاستغفروا ممّا (2) صنعوا «وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّه تَوَّاباً رَحِيماً * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ».
ثم قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو واللّه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعينه «ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ» على لسانك يا رسول اللّه، يعني به ولاية عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» [ 63- 65] لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).
1027 / 185 - عن محمّد بن عليّ، عن أبي جُنادة الحصين بن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حُبشي (4) بن جُنادة السلولي، عن أبي الحسن الأول، عن أبيه «أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» فقد سبقت عليهم كلمة الشقاوة، وسبق لهم العذاب «وَقُلْ لَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً» (5).
ص: 415
1028/186 - عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته - :يقول: واللّه لو أنَّ قوماً عبدوا اللّه وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجّوا البيت وصاموا رمضان، ثمّ لم يسلموا إلينا، لكانوا بذلك مشركين فعليهم بالتسليم.
ولو أنَّ قوماً عبدوا اللّه، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وحجّوا البيت، وصاموا رمضان، ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لو صنع كذا وكذا، خلاف الذي صنع، لكانوا بذلك مشركين.
ولو أنَّ قوماً عبدوا اللّه ووحدوه، ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول اللّه : لم قال لِمَ صنع كذا وكذا، ووجدوا ذلك في أنفسهم، لكانوا بذلك مشركين، ثمّ قرأ «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ» إلى قوله : «يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (1).
187/1029 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (2).
188/1030 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَى محمّد وآل محمّد اللّه وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (3).
189/1031 - عن أيوب بن الحرّ، قال: سَمِعتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : في قوله
ص: 416
تعالى: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ» إلى «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» فحلف ثلاثة أيمان متتابعاً، لا يكون ذلك حتّى تكون تلك النُّكتة السوداء في القلب، وإن صام وصلّى (1).
190/1032 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» وسَلِّمُوا للإمام تسليماً «أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ» رضاً له «مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ» أنَّ أهل الخلاف «فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ» [66] يعني في عليّ (2).
191/1033 - عن عبد اللّه بن جندب، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : حقّ على اللّه أن يجعل وليَّنا رفيقاً للنبيّين والصدّيقين والشُّهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً (3).
1034/192 - عن أبي بصير، قال: قال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا محمّد، لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: «أَولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِمْ مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ» [69] الآية، فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في هذا الموضع النبيّ ونحن الصدّيقون والشُّهداء، وأنتم الصالحون، فتسمّوا بالصَّلاح كما سمّاكم اللّه (4).
193/1035 - عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» فسمّاهم مُؤمنين وليسوا (5) هم بمؤمنين ولا كرامة، قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا تُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً» إلى قوله: «فَأَفُوزَ فَوْزاً
ص: 417
عَظِيماً» [71-73] ولو أنَّ أهل السماء والأرض قالوا: قد أنعم اللّه عليَّ إذ لم أكن مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لكانوا بذلك مشركين، وإذا أصابَهُمْ فَضْلُ مِنَ اللّه، قال: يا ليتني كُنتُ معهم فأقاتل في سبيل اللّه (1).
194/1036 - عن سعيد بن المسيب، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : كانت اللّه خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة، ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة (2)، فلمّا فقدهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شنأ (3) المقام بمكة، ودخله حزنٌ شديدٌ، وأشفق على نفسه من كُفّار قريش، فشكا إلى جبرئيل ذلك، فأوحى اللّه إليه : يا محمّد، اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكّة ناصر، وانصب للمشركين حرباً؛ فعند ذلك توجه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى المدينة (4).
195/1037 - عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا» إلى: «نَصِيراً» [75] قال: نحن أولئك (5).
196/1038 - عن سماعة، قال: سألتُ (6) أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المستضعفين؟ قال: هم أهل الولاية.
ص: 418
قلت: أيّ ولاية تعني؟ قال: ليست ولاية، ولكنَّها في المناكحة والمواريث والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا الكفّار، ومنهم المُرْجَون لأمر اللّه، فأما قوله: «وَالْمُسْتَضْعَفِينَ.. الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا» إلى «نَصِيراً» فأُولئك نحن (1).
19/139 - عن إدريس مولى لعبد اللّه بن جعفر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في تفسير هذه الآية «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» مع الحسن اللّه «وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ» مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كتبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلِ قَرِيبٍ» إلى خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فانّ معه النَّصر والظَّفر، قال اللّه تعالى: «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى» [77] الآية (2).
198/104 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : واللّه الذي صنعه الحسن بن على (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) كان خيراً لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس، واللّه لفيه نزلت هذه الآية «ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَءَاتُوا الزَّكَوة» إنّما هي طاعة الإمام، فطلبوا القتال «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ» وقوله: «رَبَّنَا أَخْرَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ تُجِب دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ» (3) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).
199/1041 - الحلبي، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «كُفُوا أَيْدِيَكُمْ» قال: يعني ألسنتكم (5).
ص: 419
200/1042- وفي رواية الحسن بن زياد العطّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَوَة»، قال: نزلت في الحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، أمره اللّه بالكفِّ «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» قال: نزلت في الحسين بن عليّ، كتب اللّه عليه وعلى أهل الأرض أن يُقَاتِلوا معه (1).
201/10 - عن علي بن أسباط، يرفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لو قاتل معه أهل الأرض، لقُتِلُوا كُلّهم (2).
202/1044 - عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال اللّه تبارك و تعالی: یا ابن آدم بمشيَّتي كنت أنت الذي تشاء وتقول، وبقوَّتي أديتَ إليَّ فريضتي، وبنعمتي قَوِيتَ على معصيتي «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَّفْسِكَ» [79] وذاك أنّى أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك منّي، وذاك أني لا أسأل عمّا أفعل وهم يُسألون (3).
203/1045- وفي رواية الحسن بن علي الوساء، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأنت أولى بسيئاتك منّي، عَمِلت المعاصي بقوَّتي التي جعلت فيك (4).
204/1046 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: ذَروة الأمر وسَنَامه ومفتاحه، وباب الأنبياء، ورضا الرّحمن الطاعة للامام (5) بعد معرفته.
ثمّ قال: إنَّ اللّه تعالى يقول: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه» إلى
ص: 420
«حفيظاً» (1) [80] أما لو أنَّ رجلاً قام ليله، وصام نهاره، وتصدَّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي اللّه فيواليه، ويكون جميع أعماله بولاية منه إليه، ما كان له على اللّه حق في ثوابه، ولا كان من أهل الايمان.
ثمّ قال: أولئك المُحسن منهم يُدخله اللّه بفضله ورحمته (2).
205/1047 - عن أبي إسحاق النحوي، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّ اللّه سَمِعتُ أدّب نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على محبته فقال : «إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (3). قال: ثمّ فوّض إليه الأمر فقال: «مَا ءَاتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا» (4) وقال: «مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه».
وإنَّ رسول اللّه عليه وآله السلام فوَّض إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وائتمنه، فسلَّمتم وجَحَد الناس، فواللّه لنُحبُّكم (5) أن تقولوا إذا قلنا، وأن تَصْمُتوا إذا صَمَتنا، ونحن فيما بينكم وبين اللّه واللّه ما جعل لأحدٍ من خير في خلاف أمره (6).
206/1048 - عن محمّد بن عجلان قال سَمِعتُه يقول: إن اللّه عيّر قوماً بالإذاعة، فقال: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» [83] فإيّاكم والإذاعة (7).
207/1049 - عن عبد اللّه بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَلَوْ
ص: 421
رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الأَمْرِ مِنْهُمْ» [83]، قال: هم الأئمّة علي (1).
208/1050 - عن عبد اللّه بن جُندب، قال: كتب إلى أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذكرت رحمك اللّه هؤلاء القوم الذين وصفت أنهم كانوا بالأمس لكم إخواناً، والَّذي صاروا إليه من الخلاف لكم، والعداوة لكم، والبراءة منكم والذين تأفكوا به من حياة أبي صلوات اللّه عليه ورحمته.
وذكر في آخر الكتاب: أنَّ هؤلاء القوم سَنّح لهم شيطان اغترهم بالشُّبهة، ولَبّس عليهم أمر دينهم، وذلك لما ظهرت فريتهم، واتَّفقت كلمتهم، وكذبوا على عالمهم، وأرادوا الهُدى من تلقاء أنفسهم، فقالوا لم، ومن، وكيف، فأتاهم الهلك من مأمن احتياطهم، وذلك بما كسبت أيديهم وما ربُّك بظلام للعبيد، ولم يكن ذلك لهم ولا عليهم، بل كان الفرض عليهم، والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر، وردّ ما جَهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه، لأنَّ اللّه يقول في محكم كتابه: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ» يعني آل محمّد، وهم الذين يستنبطون من القرآن، ويعرفون الحلال والحرام، وهم الحجّة اللّه على خلقه (2).
209/1051 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و حمران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «لَوْ لَا فَضْلُ اللّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ» [83] قال: فضل اللّه رسوله ورحمته: ولاية الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).
210/1052 - عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله : «وَلَوْ لَا
ص: 422
فَضْلُ اللّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ»، قال : الفضل: رسول اللّه عليه وآله السلام ورحمته: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
211/1053- ومحمّد بن الفضيل عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الرحمة : رسول اللّه عليه وآله السلام، والفضل: علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).
212/1054 - عن ابن مسكان، عمَّن رواه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَلَوْ لَا فَضْلُ اللّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً»، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّك لتسأل عن كلام القدر وما هو من ديني، ولا دين آبائي، ولا وجدتُ أحداً من أهل بيتي يقول به (3).
213/1055 - عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول الناس لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن كان له حقّ فما منعه أن يقوم به؟
قال: فقال: إنَّ اللّه لم يكلّف هذا إلا إنساناً واحداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : «فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ» [84] فليس هذا إلّا للرسول، وقال لغيره: «إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ» (4) فلم يكن يومئذٍ فئةٌ يُعينونه على أمره (5).
214/1056 - عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : ما سُئل رسول اللّه عليه و آله السلام شيئاً قطّ فقال لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكُن عنده قال: يكون إن شاء اللّه، ولا كافاً بالسيئة قطُّ، وما لقي (6) سَرِيّة من نزلت عليه «فَقَاتِلُ فِي
ص: 423
سَبِيلِ اللّه لَا تُكَلِّفُ إِلَّا نَفْسَكَ» إِلَّا ولي بنفسه (1).
215/1057 - أبان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لمّا نزلت على رسول اللّه عليه وآله الا لسلام «لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ»، قال: كان أشجع الناس من لاذَ برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2).
216/1058 - عن الثَّمالي عن عيص، عن أبي عبداللّه، قال: رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - كُلِّف ما لم يُكلّف أحدٌ - أن يُقاتل في سبيل اللّه وحده، وقال: «حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتالِ» (3) وقال : إنّما كُلّفتم اليسير من الأمر، أن تذكروا اللّه (4).
217/1059-عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن رجلٍ، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إنّ لِكلِ كَلباً يبغي الشّر فاجتنبوه، يُكفكم اللّه بغيركم، إِنَّ اللّه يقول: «وَاللّه أَشَد بأساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً» [84] لا تعلموا بالشرّ (5).
218/1060- عن سيف بن عميرة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ» [10]، قال: كان أبي يقول: نزلت في بني مدلج اعتزلوا فلم يقاتلوا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولم يكونوا مع قومهم.
قلت: فما صنع بهم؟ قال: لم يقاتلهم النبيّ عليه و آله السلام حتّى فرغ من
ص: 424
عدوّه، ثمّ نبذ إليهم على سواء.
قال: «حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» هو الضيق (1).
219/1061- عن مَسْعَدة بن صَدَقة، قال : سُئِل جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَنَا وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئَاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ».
قال: أمّا تحرير رقبة مؤمنة ففيما بينه وبين اللّه، وأمّا الدِّيَة المُسَلَّمة إلى أولياء المقتول «فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٌّ لَّكُمْ» قال: وإن كان من أهل الشرك الذين ليس لهم فى (2) الصُّلح «وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ» فيما بينه وبين اللّه، وليس عليه الدِّيَة. «وَإِنْ كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاق» [92] وهو مؤمن، فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين اللّه، ودِيَة مُسلَّمة إلى أهله (3).
220/1062 - عن حفص بن البختري، عمَّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَئَاً» إلى قوله: «فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٌّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ».
قال: إذا كان من أهل الشرك «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» فيما بينه وبين اللّه وليس عليه دِيَة «وَإِنْ كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ» قال : قال : تحرير رقبةٍ مؤمنةٍ فيما بينه وبين اللّه، ودِيَة مُسَلَّمة إلى أوليائه (4).
ص: 425
221/1063 - عن معمر بن يحيى، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرجل يُظاهر امرأته يجوز عنق المولود في الكفارة؟
فقال: كلّ العتق يجوز فيه المولود إلا فى كفّارة القتل فان اللّه يقول: «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ» يعني مُقرّة، وقد بَلَغَتِ الحِنْث (1).
222/1064 - عن كُردویه الهمداني، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه: «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةٍ» وكيف تُعْرَف المؤمنة؟ قال: على الفِطرة (2).
223/1065 - عن السَّكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : الرَّقبة المُؤمنة التى ذكرها اللّه إذا عقلت والنَّسَمة التي لا تعلم إلّا ما قلته، وهى صغيرة (3).
224/1066 - عن عامر بن [أبي] الأحوص (4)، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن السائبة. فقال: انظُر فى القرآن، فما كان فيه «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» فذلك - يا عامر - السائبة التي لا ولاء لأحدٍ من الناس عليها إلا اللّه، فما كان ولاءه للّه فللّه، وما كان ولاءه لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فإن ولاءه للامام، وجنايته على الامام، وميراثه له (5).
225/1067- عن ابن أبي عُمير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : كلّ ما أُريد به ففيه القود، وإنّما الخطأ أن يُريد الشيء فيُصيب غيره (6).
ص: 426
226/1068 - عن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الخطأ أن تعيده ولا تريد قتله بما لا يقتل مثله، والخطأ الذي ليس فيه شكٍّ أن تعمد شيئاً آخر فتصيبه (1).
227/1069 - عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سألني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن يحيى بن سعيد: هل يخالف قضإيّاكم؟ قلت: نعم، اقتتل غلامان بالرَّحبة، فعضّ أحدهما على يد الآخر، فرفع المعضوض حَجَراً فشَجّ يد العاضُ، فكَزّ (2) من البرد فمات، فرُفعِ إلى يحيى بن سعيد فأقاد من الضارب بحَجَر (3).
فقال ابن شُبرمة وابن أبي ليلى لعيسى بن موسى: إنَّ هذا أمرٌ لم يكن عندنا لا يُقاد عنه بالحَجَر ولا بالسوط، فلم يزالوا حتّى وداه عيسى بن موسى.
فقال : إِنَّ مَن عندنا يُقيدون بالوكزة.
قلت: يَزْعُمون أنَّه خطأ، وأن العمد لا يكون إلا بالحديد؟ فقال: إنَّما الخطأ أن يُريد شيئاً فيُصيب غيره، فأما كُلّ شيءٍ قَصَدتَ إِليه فأصَبْتَه فهو العَمْد (4).
228/1070- عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قضى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فى أبواب الدِّيات فى الخطأ شيبه العَمد، إذا قتل بالعصا، أو بالسَّوط، أو بالحجارة، يُغلّط ديته، وهو مائة من الابل: أربعون خَلِفة بين ثنيّة إلى بازل عامها، وثَلاثون حقّة، وثَلاثون بنت لَبُون (5).
ص: 427
وقال فى الخطأ دون العَمْد: يكون فيه ثلاثون حِقَّة، وثَلاثون بنت لَبُون، وعشرون بنت مَخَاض، وعشرون ابن لَبُون ذكر، وقيمة كلّ بعير من الورق مائة دِرْهَم وعشرة دنانير، ومن الغَنَم إذا لم يكن بقيمة ناب الإبل لكُل بعير عشرون شاة (1).
229/1071 - عن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في الخطأ خمسة وعشرون بنت لبُون، وخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون حقّة، وخمس وعشرون جذَعة. وقال في شبه العَمْد: ثَلاثة وثلاثون جذعة بين ثنية (2) إلى بازل عامها كُلّها خَلفِة، وأربع وثلاثون ثَنِيَّة (3).
230/1072 - عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : دِيَة الخطأ إذا لم يُرد الرجل (4)، مائة من الإبل، أو عشرة آلاف من الوَرق، أو ألف من الشاة.
وقال: دِيَة المُغلَّظة التي شبه العَمْد وليس بعَمْد، أفضل من دية الخطأ، بأسنان الإبل ثلاث وثلاثون حِقّة، وثلاث وثلاثون جَذَعة، وأربع وثلاثون ثنية، كُلّها طروقة الفَحْل (5).
231/1073 - عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُهُ عن الخطأ الذي فيه الدِّيَة والكفَّارة، أهو الرجل يضرب الرجل، ولا يتعمّد قتله؟ قال: نعم.
ص: 428
قلت: فاذا رمى شيئاً فأصاب رجلاً؟ قال: ذاك الخطأ الذي لا شكّ فيه، وعليه الكفارة والدِّية (1).
232/1074 - عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في رجلٍ مسلم كان في أرض الشِّرك، فقتله المسلمون، ثمّ علم به الامام بعد؟
قال: يُعتق مكانه رقبةً مؤمنةً، وذلك في قول اللّه: «فَإِنْ كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُةٍ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ» (2).
233/1075 - عن الزُّهريّ، عن على بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال: صيام شهرین متتابعين من قتل خطأ (3) لمن لم يجد العتق واجب، قال اللّه: «وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتتَابِعَيْنِ» (4).
1076 / 234 - عن المفضّل بن عمر، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: صوم شعبان وصوم شهر رمضان متتابعين «تَوْبَةً مِنَ اللّه» (5).
235/1077 - وفي رواية إسماعيل بن عبد الخالق عنه : «تَوْبَةً مِنَ اللّه» واللّه من القتل والظِّهار، والكَفَّارة (6).
ص: 429
236/1078 - وفي رواية أبي الصباح الكناني، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ): صوم شعبان، وشهر رَمَضان «تَوْبَةً» واللّه «مِنَ اللّه» (1).
1079 / 237 - عن سماعة، قال: قلتُ له: قول اللّه تبارك وتعالى: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ» [93]؟ قال: المُتعمّد الذي يقتله على دينه، فذاك التعمّد الذي ذكر اللّه.
قال: قلت فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتّى قتله لغضب، لا لعيب على دينه، قتله (2) وهو يقول بقوله؟ قال: ليس هذا الذي ذكر في الكتاب ولكن يُقاد به والدِّية إن قبلت.
قلت: فله توبة؟ قال: نعم، يُعتق رقبةً، ويصوم شهرين متتابعين، ويُطعم ستّين مسكيناً، ويتوب ويتضرَّع، فأرجو أن يتاب عليه (3).
1080 / 238 - عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أو أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قال: سألتُ أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عمَّن قتل مؤمناً، هل له توبة؟ قال: لا حتّى يُؤدِّي دِيَته إلى أهله، ويُعتق رقبةً مؤمنةً، ويصوم شهرين متتابعين، ويستغفر ربّه ويتضرَّع إليه، فأرجو أن يُتاب عليه إذا هو فعل ذلك.
قلت: إن لم يكن له ما يؤدي ديته؟ قال: يسأل المسلمين حتّى يؤدّي ديته إلى أهله (4).
ص: 430
239/1081 - قال سماعة: سألته عن قوله: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً». قال: من قتل مؤمناً متعمداً على دينه، فذلك التعمّد الذي قال اللّه في كتابه: «وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً».
قلت: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضر به بسيفه فيقتله؟ قال: ليس ذاك التعمّد الذي قال اللّه تبارك وتعالى.
عن سماعة، قال: سألته «الحديث» (1).
240/1082 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا يزال المؤمن في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً، وقال: لا يُوفّق قاتل المؤمن مُتعمّداً للتوبة (2).
241/1083 - عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سُئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمّداً، له توبة؟
قال: إن كان قتله لا يمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو بسبب شيءٍ من أمر الدنيا، فانّ توبته أن يُقاد منه، وإن لم يَكُن عَلم به أحد، انطلق إلى أولياء المقتول، فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدِّيَة، وأعتق نَسَمةً، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستّين مسكيناً توبةً إلى اللّه (3).
242/1084 - عن زُرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : العمد أن تعيده فتقتله بما
ص: 431
243/108 - عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألتُه عن رجلٍ قتل مملوكه. قال: عليه عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، ثمّ تكون التوبة بعد ذلك (3).
1086 / 244 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ (4) لَسْتَ مُؤْمِناً» (5) [94].
245/1087 عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في «المُسْتَضْعَفِينَ... لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً» [98]، قال: «لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً» [إلى] الإيمان، ولا يكفرون الصبيان وأشباه عُقُول الصبيان من النساء والرجال (6).
1088/246 - عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف (7).
247/1089 - عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنِّسَاء... لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً».
ص: 432
قال: «لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً» [إلى] سبيل أهل الحق فيدخُلون فيه، ولا يستطيعون حيلة أهل النَّصب (1) فينصبون.
قال: هؤلاء يَدْخُلُون الجنّة بأعمالٍ حسنةٍ، وباجتناب المحارم الّتي نهى اللّه عنها، ولا ينالون منازل الأبرار (2).
248/109- عن زُرارة، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا أُكلّمه في المستضعفين: أين أصحاب الأعراف؟ اين المُرجَون لأمر اللّه ؟ أين الذين خَلَطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً؟ أين المؤلّفة قلوبهم ؟ أين أهل تبيان اللّه؟ أين «المُسْتَضْعَفِينَ مِن الرّجالِ وَالنِّسَاء وَالوِلدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةٌ ولَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّه أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّه عَفُواً غَفُوراً» (3) [98 و 99 ].
249/1091 - عن زُرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتزوّج المرجئة، أو الحَرُورية (4)، أو القدرية ؟ قال : لا، عليك بالبُله (5) من النساء.
قال زُرارة: فقلت ما هو (6) إلا مؤمنة أو كافرة ؟ فقال أبو عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأين أهل استثناء (7) اللّه ؟ قول اللّه أصدق من قولك: «إلَّا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
ص: 433
وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ» إلى قوله : «سَبِيلاً» (1).
250/1092 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «إِلَّا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ».
فقال: هو الذي لا يستطيع الكفر فيكُفر، ولا يهتدي سبيل الايمان، لا يستطيع أن يُؤمن، ولا يستطيع أن يكفر، الصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عُقُول الصبيان مرفوع عنهم القلم (2).
251/1093 - عن حُمران، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى «إِلَّا المُسْتَضْعَفِينَ»، قال: هم أهل الولاية.
فقلتُ: أىّ ولاية؟ فقال: أما إنها ليست بولاية في الدين، ولكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين، ولا بالكفّار، وهم المُرْجون لأمر اللّه (3).
252/1094 - عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: «إِلَّا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ... ولَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً».
قال: یا سلیمان من هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبةً منك المستضعفون قوم يَصُومون ويُصلّون تعِفٌ بُطُونهم وفُرُوجهم، لا يرون أنَّ الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة، فقال: «فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ» [99]
ص: 434
[إذ ] إذ كانوا آخذين بالأغصان، و[إن] لم يعرفوا أُولئك، فإن عفا عنهم فيرحمهم اللّه (1)، وإن عذبهم فبضلالتهم عمّا عرَّفهم (2).
253/1095 - عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته عن المستضعفين فقال: البَلهاء في خدرها، والخادم تقول لها: صلّي، فتصلّي، لا تدري إلّا ما قلت لها، والجليب (3) الذي لا يدري إلّا ما قلت له، والكبير الفاني، والصبيّ، والصغير، هؤلاء المستضعفون، فأما رجل شديدُ العُنق جَدِل، خَصم، يتولّى الشّراء والبيع، لا تستطيع أن تغينه في شيء تقول هذا المستضعف ؟ لا، ولا كرامة (4).
254/1096 - عن أبي الصباح، قال : قلتُ لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول في رجل دُعي إلى هذا الأمر فعرفه، وهو في أرضٍ منقطعةٍ، إذ جاءه موت الامام، فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت؟
فقال: هو واللّه بمنزلة من هاجر إلى اللّه ورسوله فمات، فقد وقع أجره على اللّه (5).
255/1097 - عن ابن أبي عمير، قال : وجّه زُرارة ابنه عبيداً إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) و عبد اللّه (6)، فمات قبل أن يرجع إليه ابنه.
ص: 435
قال محمّد بن أبي عُمير: حدَّثني محمّد بن حكيم، قال: قلتُ لأبي الحسن الأول، فذكرت له زُرارة وتوجيهه ابنه عبيداً إلى المدينة ؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنِّي لأرجو أن يكون زُرارة ممَّن قال اللّه تعالى: «وَمَنْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّه وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّه» (1) [100].
256/1098 - عن حَريز، قال : قال زُرارة ومحمد بن مسلم : قلنا لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول في الصلاة في السفر ؟ كيف هي، وكم هي ؟
قال: إن اللّه يقول: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَوَةِ» [101] فصار التقصير في السفر واجباً، كوجوب التمام في الحضر.
قالا: قلنا: إنما قال: «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ» ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر ؟
قال: أو ليس قد قال اللّه في الصّفا والمَرْوَة: «فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا» (2) ألا ترى أن الطواف بهما واجبٌ مفروض، لأنَّ اللّه ذكره في كتابه، وصنعه نبيَّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ وكذلك التقصير في السفر شيءٌ صنعه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فذكره اللّه في الكتاب.
قالا: قلنا فمن صلى فى السفر أربعاً، أيُعيد أم لا؟ قال: إن كان [قد] قرنت عليه آية التقصير وفُسّرت له فصلّى أربعاً أعاد، وإن لم يَكُن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه، والصلاة في السفر كلّها الفريضة ركعتان كُلّ صلاة إلا المغرب.
ص: 436
فانّها ثلاث ليس فيها تقصير، تركها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في السَّفر والحَضَر ثَلاث ركعاتٍ (1).
257/1099 - عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: فرض اللّه على المقيم خمس صلوات، وفرض على المسافر رَكعتين تمام، وفرض على الخائف ركعة، وهو قول اللّه: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (2) أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَوَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يقول : من الرَّكْعتين فتصير ركعة (3).
258/1100 - عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : صلاة المغرب في الخوف أن يجعل أصحابه طائفتين بإزاء العدوّ واحدة، والأخرى خلفه، فيُصلّي بهم، ثمّ ينصِب قائماً، ويصلّون هم تمام ركعتين، ثمّ يُسلّم بعضهم على بعض، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلى بهم رَكْعتين، فيصلون هم ركعة (4)، فيكون للأولين قراءة، وللآخرين قراءة (5).
259/1101 عن زُرارة و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا حضرت الصلاة في الخوف، فَرَّقهم الامام فرقتين، فرقة مقبلة على عدوّهم، وفرقة خلفه؛ كما قال اللّه تبارك وتعالى، فيُكبّر بهم، ثمّ يصلّي بهم رَكْعَة، ثمّ يقوم بعدما يرفع رأسه من السُّجود، فيمثل قائماً، ويقوم الذين صلّوا خلفه ركعة، فيصلّي كلّ إنسانٍ منهم لنفسه ركعة، ثمّ يسلّم بعضهم على بعض.
ص: 437
ثم يذهبون إلى أصحابهم فيقومون مقامهم، ويجيء الآخرون، والامام قائم فيكبرون ويدخلون فى الصلاة خلفه، فيصلى بهم رَكْعَةً، ثمّ يسلّم، فيكون للأولين استفتاح الصلاة بالتكبير، وللآخرين التسليم من الامام، فإذا سَلّم الامام قام كُلّ انسانٍ من الطائفة الأخيرة، فيصلّي لنفسه رَكْعَةً واحدةً، فتمت للامام ركعتان، ولكلّ إنسان من القوم رَكْعَتَان واحدة فى جماعة، والأخرى وخداناً.
وإذا كان الخوف أشدّ من ذلك مثل المضاربة والمناوشة والمعانقة وتلاحم القتال، فإنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليلة صفّين - وهي ليلة الهَرِير - لم يَكُن صلّى بهم - الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كلّ صلاة إلّا بالتهليل والتسبيح والتحميد (1) والدُّعاء، فكانت تلك صلاتهم، لم يأمرهم باعادة الصلاة.
وإذا كانت المغرب في الخوف فرَّقهم فرقتين، فصلّى بفرقة ركعتين ثمّ جلس، ثمّ أشار إليهم بيده، فقام كُلّ إنسان منهم فصلى ركعة، ثمّ سلّموا، وقاموا مقام أصحابهم، وجاءت الطائفة الأخرى، فكبروا ودخلوا في الصلاة، وقام الإمام فصلّى بهم رَكْعَةً، ثمّ سلّم، ثمّ قام كلّ إنسان منهم فصلّى رَكْعَةً فشفعها بالتي صلّى مع الامام، ثمّ قام فصلّى رَكْعَةً ليس فيها قراءة فتمت للامام ثلاث ركعات وللأولين ثلاث ركعات: رَكْعَتين فى جماعةٍ، وركعة وخداناً، وللآخرين ثلاث ركعات: رَكْعَة جماعة، ورَكْعَتين وخداناً، فصار للأولين افتتاح التكبير وافتتاح الصلاة، وللآخرين التسليم (2).
260/1102 - عن محمّد بن مسلم، عن أحد هما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال في صلاة المغرب في السفر : لا يَضُرّك أن تؤخّر ساعة ثمّ تصلّيها، إن أحببت أن تُصلّى العشاء الآخرة
ص: 438
وإن شئت مشيت ساعة إلى أن يغيب الشَّفق، إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صلّى صلاة الهاجرة والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء الآخرة جميعاً، وكان يُؤخّر ويقدم، إن اللّه تعالى قال: «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً» [103] إِنَّما عنى وجوبها على المؤمنين لم يعن غيره، إنه لو كان كما يقولون لم يصل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا، وكان أعلم وأخبر، ولو كان خيراً لأمر به محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد فات الناس مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم صفّين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، فأمرهم علي أمير المؤمنين فكبّروا وهلّلوا وسبَّحوا رجالاً ورُكباناً، لقول اللّه: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً» (1) فأمرهم علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَصَنَعوا ذلك (2).
261/1103 - عن زُرارة، قال: قلتُ لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه : «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً» ؟
قال: یعنی کتاباً مفروضاً، وليس يعنى وقتاً وقتها، إن جاز ذلك الوقت ثمَّ صلّاها لم تكن صلاته مؤدّاة، لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود حين صلّاها بغير وقتها، ولكنَّه متى ما ذكرها صلّاها (3).
262/1104 - عن منصور بن خالد، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول: «إنَّ الصَّلَوَة كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً».
قال: لو كانت موقوتاً كما يقولون لهلك الناس، ولكان الأمر ضيّقاً، ولكنها
ص: 439
كانت على المؤمنين كتاباً موجوباً (1).
263/1105 - عن زُرارة، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً».
فقال: إنّ للصلاة وقتاً، والأمر فيه واسع، يُقدَّم مرّة ويُؤخّر مرّة إلّا الجمعة، فانَّما هو وقتٌ واحدٌ، وإنّما عنى اللّه كتاباً موقوتاً أي واجباً، يعنى بها أنَّها الفريضة (2).
1106 / 264 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً»، قال: لو عنى أنّها (3) في وقت لا تُقبل إلّا فيه، كانت مُصيبةً، ولكن متى أدّيتها فقد أدّيتها (4).
265/1107 - وفي رواية أخرى عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سمعته يقول في قول اللّه: «إِنَّ الصَّلَوٰةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً».
قال: إنّما يعني وجوبها على المؤمنين، ولو كان كما يقولون إذاً لهلك سليمان ابن داود (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حين قال: «حَتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ» (5) لأنه لو صلّاها قبل ذلك كانت في وقت وليس صلاةٌ أطول وقتاً من صلاة العصر (6).
266/1108 - وفي رواية أخرى عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه : «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً».
ص: 440
فقال: يعني بذلك وُجُوبَها على المؤمنين، وليس لها وقت من تركه أفرط الصلاة، ولكن لها تضييع (1).
267/1109 - عن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه قال: «إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً»، قال: إنَّما عنى وجوبها على المؤمنين، ولم يعن غيره (2).
268/1110 - عن عُبيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أو أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قال: سألتُهُ عن قول اللّه عزّ وجلّ:«إِنَّ الصَّلَوَة كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً».
قال كتابٌ واجبٌ، أما إنه ليس مثل الوقت للحجّ ولا رمضان، إذا فاتك فقد فانّك، وإن الصلاة إذا صلّيت فقد صلّيت (3).
269/1111 - عن عامر بن كثير السَّراج وكان داعية الحسين بن عليّ (4)، عن
ص: 441
عطاء الهمداني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى «إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ» [108] قال: فلان وفلان وفلان (1) وأبو عبيدة بن الجرّاح (2).
270/1112 و في رواية عمر بن سعيد (3)، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : هما وأبو عبيدة بن الجرّاح (4).
271/1113 - وفي رواية عمر بن صالح، قال: الأول والثاني وأبو عبيدة بن الجرّاح (5).
1114 / 272 - عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن عبد اللّه بن سنان، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد سَتَره اللّه عليه، فأما إذا قلت ما ليس فيه، فذلك قول اللّه: «فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» (6) [112].
273/1115 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض القمّيين، عن أبي
ص: 442
عبد اللّه، في قوله تعالى: «لَا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّنْ نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ اللّه مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ» [114] يعني بالمعروف القَرْض(1).
1116 / 274 - عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال : لما كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الكوفة أتاه الناس، فقالوا: اجعل لنا إماماً يَؤُمّنا (2) في شهر رمضان. فقال: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا في رمضان، وارمضاناه، فأتاه الحارث الأعور في أُناس، فقال: يا أمير المؤمنين، ضجّ الناس وكرهوا قولك، فقال عند ذلك: دَعُوهم وما يُريدون، ليصلّى بهم من شاءوا، ثمَّ قال: «وَمَنْ... يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَائَتْ مصيراً» (3) [115].
275/1117 - عن عمر و بن أبي المقدام، عن أبيه، عن رجلٍ من الأنصار، قال: خرجتُ أنا والأشعث الكندي وجرير البَجَلي حتّى إذا كنّا بظهر الكوفة بالفِرس (4)، مرَّ بنا ضَبٌ فقال الأشعث وجرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين خِلافاً على علىّ ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلمّا خرج الأنصاري قال لعلىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : دعهما فهو إما مهما يوم القيامة، أما تسمع إلى اللّه وهو يقول: «نُوَلِّهِ مَا تَولَّى» (5).
276/1118 - عن محمّد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سمّاه، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : دخل رجل على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: السلام عليك يا أمير
ص: 443
المؤمنين، فقام على قدميه فقال مه هدا اسم لا يَصْلُح إلا لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، اللّه سمّاه به، ولم يُسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحاً، وإن لم يكن به ابتلي به وهو قول اللّه في كتابه: «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مريداً» [117].
قال :قلت فماذا يُدعى به قائمكم، قال يقال له: السلام عليك يا بقيَّة اللّه، السلام عليك يا بن رسول اللّه (1).
277/1119-عن محمّد بن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه تعالى: «وَلَأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّه» [119]، قال: أمر اللّه بما أمر به (2).
1120/ 278 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه «وَلَأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ، خَلْقَ اللّه»، قال : أمر اللّه بما أمر به (3).
279/1121 - عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَلا مُرَنَّهُمْفَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّه»، قال: دين اللّه (4).
280/1122 - عن جابر، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : كان إبليس أوَّل من ناح، وأوَّل من تغنّى، وأوَّل من حدا، قال: لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى، فلما أهبط حدا به فلمّا استقرّ على الأرض ناح، فأذكره ما في الجنّة.
فقال آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ): ربّ هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة، لم أقوَ عليه وأنا في الجنّة، وإن لم تعنّي عليه لم أقوَ عليه فقال اللّه : السيئة بالسيئة، والحسنة بعشر
ص: 444
أمثالها إلى سبعمائة.
قال: ربّ زدني، قال: لا يُولد لك ولد إلا جعلت معه مَلكين يَحْفَظانه. قال: ربّ زدني، قال: التوبةُ معروضةٌ في الجسد مادام فيه الروح. قال: رب زدني، قال: أغفر الذنوب ولا أُبالي. قال: حسبي.
قال: فقال إبليس؛ ربّ هذا الذي كرَّمت عليّ وفضّلته، وإن لم تُفضّل عليَّ لم أقوَ عليه قال: لا يُولد له ولد إلّا ولد لك ولدان. قال: رب زدني. قال: تجري منه مجرى الدم في العُرُوق. قال: ربّ زدني. قال: تتخذ أنت وذُريّتك في صدورهم مساكن. قال: رب زدني قال: تعدهم وتُمنّيهم «وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً» (1) [120].
281/1123 - عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما نزلت هذه الآية «مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ» [123] قال بعض أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما أشدُّها من آية !
فقال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أما تبتلون في أموالكم وأنفسكم وذراريكم؟ قالوا: بلى. قال: هذا ممّا يكتب اللّه لكم به الحسنات، ويمحو به السيئات (2).
1124 / 282 - عن ابن سنان، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : إذا سافر أحدكم، فقدم من سفره، فليأتِ أهله بما تيسر ولو بحَجَرٍ، فان إبراهيم صلوات اللّه عليه كان إذا ضاق أتى قومه، وإنه ضاق ضيقة فأتى قومه، فوافق منهم أزمة (3)، فرجع كما ذهب، فلمّا قَرُب من منزله نزل عن حماره، فملأ خُرْجَه رملاً، إرادة أن يُسكّن به
ص: 445
من روح سارة، فلما دخل منزله حطّ الخُرْج عن الحمار، وافتتح الصلاة، فجاءت سارة، ففتحت الخُرْج، فوجدته مملوّاً دقيقاً، فاعتجنت منه واختبزت، ثمّ قالت لا براهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : انفتل من صلاتك (1) فكل. فقال لها : أنّى لك هذا؟ قالت من الدقيق الذي في الخُرْج، فرفع رأسه إلى السماء فقال : أشهد أنَّك الخليل(2).
1125 / 283 - عن سليمان الفراء، عمَّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعن محمّد بن هارون، عمَّن رواه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما اتَّخذ اللّه إبراهيم خليلاً أتاه ببشارة الخُلَّة مَلَك الموت فى صورة شابّ أبيض، عليه ثوبان أبيضان، يقطر رأسه ماءً ودهناً، فدخل إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الدار، فاستقبله خارجاً من الدار، وكان إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجلاً غيوراً، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه، وأخذ مفتاحه معه.
فخرج ذات يوم في حاجةٍ، وأغلق بابه، ثم رجع فتح بابه، فاذا هو برجلٍ قائم كأحسن ما يكون من الرجال فأخذه، وقال يا عبداللّه، ما أدخلك داري؟ فقال: ربُّها أدخلنيها، فقال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ): ربُّها أحق بها منّى، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت.
قال: ففزع إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: جئتني لتَسْلُبني رُوحي؟ فقال: لا، ولكن اللّه اتَّخذ عبداً خليلاً فجئته ببشارة. فقال إبراهيم: فمن هذا النبيّ لعلّي أخدمه حتّى أموت ؟ فقال : أنت هو. قال: فدخل على سارة، فقال: إنّ اللّه اتَّخذني خليلا (3).
1126 / 284 - عن أحمد بن محمّد، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه : «وإن أمْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوراً أَوْ إِعْرَاضاً» [128].
ص: 446
قال: النشوز (1) الرجل يهُمّ بطلاق امرأته، فتقول له: ادع ما على ظهرك وأعطيك كذا وكذا، وأحلّلك من يومي وليلتي، على ما اصطلحا، فهو جائز (2).
285/1127 - عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : سألته عن قول اللّه: «وإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوراً أَوْ إِعْرَاضاً».
قال: إذا كان كذلك فهمّ بطلاقها، قالت له: أمسكني وأدع لك بعض ما عليك، وأُحلّلك من يومي وليلتي، كل ذلك له، فلا جُناح عليهما (3).
1128/286 - عن زُرارة، قال : سُئل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن النهاريّة يشترط عليها عند عقد (4) النكاح أن يأتيها ما شاء نهاراً، أو من (5) كلّ جمعةٍ أو شهرٍ يوماً، ومن النفقة كذا وكذا.
قال: فليس ذلك الشرط بشيء من تزوَّج امرأة فلها ما للمرأةً من النَّفَقة والقِسمة، ولكنَّه إن تَزَوَّج امرأةً خافت منه نُشُوزاً، أو خافت أن يَتَزوَّج عليها، فصالحت من حقها على شيءٍ من قسمتها (6) أو بعضها، فانّ ذلك جائز لا بأس به (7).
287/1129 - عن الحلبي، عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله: «وإن أمْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوراً أَوْ إِعْرَاضاً».
ص: 447
قال: هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول: إنّي أريد أن أطلّقك فتقول: لا تفعل فإنّي أكره أن يُشمتَ بي، ولكن انظُر ليلتي فاصنَع ما شئت، وما كان من سوى ذلك فهو لك، فدعني على حالي، فهو قوله «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ» [128] فهو هذا الصُّلح (1).
288/1130 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ» [129]، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): في المودَّة (2).
289/1131 - عن جابر، قال : قلت لمحمد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): قول اللّه تعالى في كتابه «الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا» ؟ [137]، قال: هما والثالث والرابع وعبد الرّحمن وطلحة، وكانوا سبعة عشر رجلاً.
قال: لمّا وجه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعمار بن ياسر (رَحمهُ اللّه) إلى أهل مكّة، قالوا: بعث هذا الصبيّ، ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكّة، وفي مكّة صناديدها - وكانوا يسمّون عليّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصبيّ، لأنَّه كان اسمه في كتاب اللّه الصبي لقول اللّه تعالى: «وَمَن أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللّه وَعَمِلَ صَالِحاً» وهو صبي «وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ» (3) - واللّه الكفر بنا أولى مما نحن فيه، فساروا فقالوا لهما، وخوَّفوهما بأهل مكّة، فعرضوا لهما (4)، وغلَّظوا عليهما الأمر. فقال على صلوات اللّه عليه حسبنا اللّه ونعم والوكيل، ومضى، فلما دخلا مكّة أخبر اللّه نبيّه بقولهم لعليّ، وبقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهم، فأنزل اللّه بأسمائهم في كتابه، وذلك
ص: 448
قول اللّه: ألم تر إلى «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّه وَنِعْمَ الوَكِيل» إلى قوله: «وَاللّه ذُو فَضْلٍ عظیم» (1).
وإنما نزلت (ألم تر إلى فلان وفلان لَقيا علياً وعماراً فقالا: إنَّ أبا سفيان وعبد اللّه بن عامر وأهل مكّة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا: حسبنا اللّه ونعم الوكيل وهما اللذان قال اللّه: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا» إلى آخر الآية، فهذا أوّل كفرهم.
والكفر الثاني قول النبيّ عليه و آله السلام: «يَطْلُع عليكم من هذا الشِّعب رجلٌ، فيطلُع عليكم بوجهه، فمثله عند اللّه كمثل عيسى». لم يبق منهم أحدٌ إلّا تمنّى أن يكون بعض أهله، فإذا بعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) اللّه قد خرج، وطلع بوجهه، قال: قال: هو هذا فخرجوا غضاباً وقالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبياً، واللّه الرجوع إلى آلهتنا خيرٌ ممّا نسمع منه في ابن عمّه، وليَصُدّنا عليّ إن دام هذا، فأنزل اللّه «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ» (2) إلى آخر الآية، فهذا الكفر الثاني.
وزاد الكفر (3) حين قال اللّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ» (4)، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يا عليٌّ، أصبحت وأمسيت خير البريَّة». فقال له الناس هو خيرٌ من آدم ونوح، ومن إبراهيم، ومن الأنبياء! فأنزل اللّه «إِنَّ اللّه اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَ عَالَ إِبْرَاهِيمَ» إلى «سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (5).
ص: 449
قالوا: فهو خير منك يا محمد؟ قال اللّه: «قُلْ.. إِنِّى رَسُولُ اللّه إِلَيْكُمْ جَمِيعاً» (1) ولكنَّه خيرٌ منكم، وذُريَّته خيرٌ من ذُريّتكم، ومن اتَّبعه خيرٌ ممَّن اتّبعكم. فقاموا غضاباً وقالوا زيادة: الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه، وذلك قول اللّه «ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً» (2).
290/1132 - عن زُرارة وحُمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه، في قول اللّه: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً» [137].
قال: نزلت في عبداللّه بن أبي سَرْح (3)، الذي بعثه عثمان إلى مصر، قال: وازدادوا كُفراً حين لم يبق فيه من الايمان شيء (4) .
ص: 450
291/11 - عن أبي بصير، قال: سمعته يقول: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا... ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً» من زَعَم أن الخمر حرام ثمَّ شَرِبها، ومن زَعَم أنَّ الزنا حرام ثمَّ زني، ومن زَعَم أن الزكاة حق ولم يُؤدّها (1).
292/1134 - عن عبد الرّحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً».
قال: نزلت في فلان وفلان، آمنوا برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في أوّل الأمر، ثم كفروا حين عُرضت عليهم الولاية، حيث قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ثمّ آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث قالوا له: بأمر اللّه وأمر رسوله، فبايعوه، ثمَّ كفروا حين مضى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلم يُقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شيء (2).
293/1135 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّه» إلى قوله: «إِنَّكُمْ إذاً مِّثْلُهُمْ» [140]، قال: إذا سمعت الرجل يَجْحَد الحق ويكذب به ويقع في أهله (3)، فقُم من عنده ولا تُقاعِده (4).
1136 / 294 - عن شعيب العَقَرْقُوفى، قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه : «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الكِتاب» إلى قوله : «إِنَّكُمْ إذاً مِّثْلُهُمْ».
فقال: إنَّما عنى اللّه بهذا إذا سَمِعت الرجل يَجْحَد الحق ويكذّب به ويَقَع في
ص: 451
الأئمّة، فقُم من عنده ولا تقاعده، كائناً من كان (1).
295/1137 - عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إن اللّه تبارك وتعالى فرض الايمان على جَوارح بني آدم، وقسمه عليها، فليس من جوارحه جارحةٌ إلّا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت أُختها، فمنها أذناه اللتان يسمع بهما، ففرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم اللّه، وأن يُعرض عمّا لا يَحِلُّ له فيما نهى اللّه عنه، والاصغاء إلى ما أسخط اللّه تعالى، فقال في ذلك: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الكِتَابِ» إلى قوله: «حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»، ثم استثنى موضع النسيان فقال : «وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ» (2) وقال: «فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ» إلى قوله: «أُولُوا الْأَلْبَابِ» (3)، وقال: «قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَوَتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» (4)، وقال: «وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ» (5). وقال: «وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً» (6) فهذا ما فرض اللّه على السمع من الايمان، ولا يُصغي إلى ما لا يحِلُّ، وهو عمله، وهو من الايمان (7).
296/1138 - عن زُرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لا تَقُم إلى الصلاة متكاسلاً،
ص: 452
ولا متناعساً ولا متناقلاً، فانّها من خلال (1) النِّفاق، قال للمنافقين: «وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَوَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللّه إِلَّا قَلِيلاً» (2) [142].
297/1139 - عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كتبتُ إليه أسأله عن مسألة، فكتب إلى أنَّ اللّه يقول: «إنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّه وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَوَةِ» إلى قوله: «سَبِيلاً» [142 و 143] ليسوا من عترة رسول اللّه، وليسوا من المؤمنين وليسوا من المسلمين، يُظهرون الايمان ويُسرون الكفر والتكذيب، لعنهم اللّه (3).
1140 / 298 - عن مَسْعَدة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سُئِل فيما النجاة غداً ؟ فقال قال : النجاة أن لا تخادعوا اللّه فيَخدعكم، فإنَّه من يُخادع اللّه يَخْدَعه، ويَخْلَع منه الايمان، ونفسه يَخْدَع لو يَشْعُر.
فقيل: فكيف يُخادع اللّه ؟ قال: يعمل بما أمره اللّه، ثمّ يُريد به غيره، فاتقوا الرياء فانَّه شرك باللّه، إن المرائى يُدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر، حبط عَمَلُك، وبطل أجْرُك، ولا خَلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممَّن كُنتُ تعمل له (4).
299/1141 - عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى : «لَا يُحِبُّ اللّه الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ» [148].
قال من أضاف قوماً فأساء ضيافتهم، فهو ممن ظلم، فلا جناح عليهم فيما
ص: 453
قالوا فيه (1).
1142 / 300 - وأبو الجارود، عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : الجهر بالسُّوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه (2).
301/1143 - عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال : إن تقرأ هذه الآية، «قَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ» (3) يكتبها إلى أدبارها (4).
302/1144 - عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه تعالى: «وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَمَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهيداً» [159]، قال: هو رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (5).
303/1145 - عن المُفضّل بن محمّد قال: سألتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه : «وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ».
فقال: هذه نزلت فينا خاصَّة، إنَّه ليس رجل من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) يموت ولا يَخْرُج من الدنيا حتّى يُقرّ للامام بامامته (6)، كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حسين قالوا: «تَاللّه لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللّه عَلَيْنَا» (7).
304/1146 - عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قول اللّه في عيسى : «وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَمَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
ص: 454
شَهِيداً»، فقال: إيمان أهْلِ الكتاب، إِنَّما هو بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1).
305/1147- عن المشرقي، عن غير واحدٍ، في قوله: «وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ» يعني بذلك محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إنه لا يموت يهوديّ ولا نصرانيّ أبداً حتّى يعرف أنه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأنّه قد كان به كافراً (2).
306/1148 عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله : «وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيِّمَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً».
قال: ليس من أحدٍ من جميع الأديان يموت إلا رأى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حقّاً من الأوّلين والآخرين (3).
307/1149- عن عبد اللّه بن أبي يَعْفُور، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من زرع حنطة في أرض فلم يَزْكُ (4) زَرْعَه، أو خرج زَرْعُه كثير الشعير، فبظُلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظُلم لمزارعيه (5) وأكَرَته، لأنَّ اللّه تعالى يقول: «فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ» [160] يعني لحوم الابل والبقر والغنم.
وقال: إنَّ إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل (6) هيَّج عليه وَجَع الخاصرة، فحرّم على نفسه لحم الإبل، وذلك من قبل أن تنزل التوراة، فلمّا أنزلت التوراة لم
ص: 455
يُحرمه ولم يأكله (1).
308/1150 - عن زُرارة وحُمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال اللّه: (إنِّى أَوْحَيْتُ إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْتُ (2) إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) [163] فجمع له كلَّ وحى (3).
309/1151- عن الثُّمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : كان ما بين آدم وبين نوح من الأنبياء مُسْتَخْفِين، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سُمّي من استعلن من الأنبياء، وهو قول اللّه: «وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» [164] يعني لم أسمّ المُسْتَخفين كما سَمّيت المُسْتَعلنين من الأنبياء (4).
310/1152 - عن أبي حمزة الثُّمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «لَكن اللّه يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ» في عليّ «أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّه شَهيداً».
قال: وسمعته يقول: نَزَل جبرئيل اللّه بهذه الآية هكذا «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وظَلَمُوا» آل محمّد حقَّهم «لَمْ يَكُن اللّه لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً» إلى قوله: «يسيراً».
ثمّ قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ» في ولاية عليّ «فئَامِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا» بولايته «فَإِنَّ اللّه مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللّه عَلِيماً حَكِيماً» (5) [166 - 170].
ص: 456
311/1153 - عن عبد اللّه بن سليمان، قال: قلت لأبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قوله «قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً» ؟ قال: البرهان محمّد عليه وآله السلام، والنُّور علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قال: قلتُ له: «صِرَاطاً مُسْتَقِيماً» ؟ [ 174 و 175]، قال: الصراط المستقيم علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
1154 / 312 - عن بكير بن أعين قال: كنتُ عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فدخل عليه اللّه رجلٌ، فقال: ما تقول في أختين وزوج ؟ قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) للزوج النصف، وللأُختين ما بقى.
قال فقال الرجل : ليس هكذا يقول الناس. قال: فما يقولون؟ قال: يقولون للأختين الثُّلثان، وللزوج النصف، ويقسمون على سبعة.
قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ولِمَ قالوا ذلك ؟ قال : لأنَّ اللّه سمّى للأختين الثُّلثين، وللزَّوج النصف.
قال: فما يقولون لو كان مكان الأُختين أخ؟ قال: يقولون للزوج النصف، وما بقى فللاخ. فقال له: فيُعطون من أمر اللّه له بالكُلِّ النصف، ومن أمر اللّه بالثُّلثين أربعة من سبعة.
قال: وأين سمّى اللّه له ذلك؟ قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اقرأ الآية التي في آخر السورة «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّه يُفْتِيكُمْ فِى الكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهَا وَلَدٌ» [176].
قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فإنما كان ينبغي لهم أن يجعلوا لهذا المال (2) للزوج
ص: 457
النصف، ثمّ يقسّموا على تسعة (1).
قال : فقال الرجل: هكذا يقولون. قال: فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فهكذا يقولون. ثم أقبل عليّ فقال: يا بكير، نظرت في الفرائض؟ قال: قلتُ وما أصنع بشيءٍ هو عندي باطل؟ قال: فقال: انظر فيها، فانّه إذا جاءت تلك كان أقوى لك عليها (2).
313/1155 - عن حمزة بن حُمران، قال: سألتُ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكلالة، قال: ما لم يكن له والد ولا ولد (3).
1156 / 314 - عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : إذا ترك الرجل أُمَّه وأباه وابنته أو ابنه، فاذا ترك واحداً من هؤلاء الأربعة، فليس هو من الذي عنى اللّه تعالى في قوله: «قُلِ اللّه يُفْتِيكُمْ فِي الكَلَالَةِ» ليس يرث مع الأُمّ ولا مع الأب ولا مع الابن ولا مع البنتُ إلّا زوج أو زوجة، فانَّ الزوج لا ينقص من النصف شيئاً، إذا لم يكن معه ولد، ولا تنقص الزوجة من الربع شيئاً إذا لم يكن معها ولد (4).
315/1157- عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ، اللّه يُفْتِيكُمْ فِي الكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ» إِنَّما عنى اللّه الأُخت من الأب والأُمّ، أو أخت لأب، فلها النصف ممّا ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً، فللذكر مثل حظّ الأُنثيين، فهم الذين يزدادون وينقصون، وكذلك أولادهم يزدادون وينقصون (5).
ص: 458
316/1158 - عن زُرارة، قال: سأخبرك ولا أزوي لك شيئاً (1)، والذي أقول لك هو واللّه الحقّ.
قال: فاذا ترك أُمّه أو أباه أو ابنه أو ابنته، فاذا ترك واحداً من هذه الأربعة. فليس الذي عنى اللّه في كتابه «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّه يُفْتِيكُمْ فِي الكَلَالَةِ» ولا يرث مع الأب ولا مع الأمّ ولا مع الابنة أحد من الخلق غير الزوج والزوجة، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، يعني جميع مالها (2).
317/1159- عن بكير، قال: دَخَل رجل على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فسأله عن امرأةٍ تركت زوجها، وإخوتها لأُمّها وأُختاً لأب.
قال: للزوج النصف ثلاثة أشهم، وللإخوة من الأمّ الثُلث سَهْمان، وللأخت للأب سهم.
فقال له الرجل: فإنّ فرائض زید و ابن مسعود و فرائض العامة والقُضاة على غير ذا، يا أبا جعفر، يقولون : للأُخت للأب والأُمّ ثلاثة أسهُم، نصيب من ستَّة، تَعُول (3) إلى ثمانية ؟
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ولِمَ قالوا ذلك؟ قال: لأنّ اللّه تعالى قال: «وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ».
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجّون بأمر اللّه؟ فانَّ اللّه سمّى لها النصف، وإنَّ اللّه سمّى للأخ الكلّ، فالكلُّ أكثر من النصف، فانّه قال: «فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك» وقال للأخ: «وَهُوَ يَرِثُهَا» يعني جميع المال، إن لم يكن لها ولدٌ،
ص: 459
فلا تُعطون الذي جعل اللّه له الجميع في بعض فرائضكم شيئاً، وتُعطون الذي جعل اللّه له النصف تامّاً (1)؟!
تمّ بعون اللّه وحسن توفيقه الجزء الأول من كتاب
التفسير لمحمد بن مسعود العيّاشي،
ويليه الجزء الثاني ويبدأ بتفسير
سورة المائدة
ص: 460
ترجمة المؤلف... 3
الاسم والنسب والألقاب... 3
عصره وطبقته... 5
توثيقه... 6
مدرسته العلمية...7
علومه ومعارفه... 8
رحلته... 10
طرق المشايخ إليه... 11
مشایخه...14
تلامذته وأصحابه... 31
مصنفاته... 38
تفسير العيّاشي... 46
أهمية التفسير... 47
عملنا في الكتاب... 49
التحقيق... 49
النسخ المعتمدة... 50
ص: 461
مراحل التحقيق... 51
المستدرك... 52
أسانيد العيّاشي... 53
شكر وتقدير... 53
مصادر ترجمة المؤلف... 55
نماذج من أوهام التحقيق الأول سنة 1380 ه...58
1 - السقط ...58
2 - الزيادة... 60
3 - في الرجال...
4 - في الآيات... 61
5 - في القواعد... 62
6 - في التصحيف والتحريف... 62
7 - في تقطيع الأحاديث... 63
8 - في الترقيم... 64
صور النسخ الخطّية... 65
مقدمة التفسير... 73
في فضل القرآن... 74
باب ترك الرواية التي بخلاف القرآن... 882
في ما أنزل القرآن... 84
تفسير الناسخ والمنسوخ والظاهر والباطن والمحكم والمتشابه... 85
تأويل كلِّ حرفٍ من القرآن على وجوه... 88
ما عنى به الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من القرآن... 88
علم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بالتأويل... 90
ص: 462
في من فسر القرآن برأيه... 95
كراهية الجدال في القرآن... 96
من سورة أُمّ الكتاب...99
[1] بِسْمِ اللّه الرّحمن الرّحيم... 99
[2] الحَمْدُ للّه رَبِّ العَالَمِينَ...100
[4] مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ... 102
[5] إيّاك نَعبُدُ وَإيّاك نَسْتَعِينُ...103
[6] اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم... 103
[7] غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ... 103
من سورة البقرة... 107
[ 1 و 2] الم * ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ... 108
[3] الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلوةَ... 108
[20] إنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُون... 110
[31] أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ... 115
[31] وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسْمَاء كُلُّها... 118
[33] ألَمْ أقُل لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ.. ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ... 119
[34] أُسْجُدُوا الأَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ...120
[34] إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ... 121
[35] وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ... 121
[37] فَتَلَقَّى عَادَمُ مِن ربّه كَلِمَاتٍ... 130
[38] فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ... 131
[40] أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ... 131
ص: 463
[41] وَمَا مِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ... 131
[43] وَأَقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَمَاتُوا الزَّكَوَةَ... 131
[44] أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبَرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ... 133
[45] وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوَةِ...133
[46] الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُوا رَبِّهِمْ... 134
[47] يَا بَنِي إِسْرَائِيل... 134
[51] وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةٌ... 134
[58] وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَا كُمْ... 135
[59] فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ... 135
[61] ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِثَايَاتِ اللّه وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ... 135
[63] خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ... 136
[66] فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ... 136
[ 67] قَالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُوا قَالَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ... 137
[68] قَالُوا أَدْعُ لَنَا رَبُّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ... 137
[69] قَالُوا أَدْعُ لَنَا رَبُّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا... 137
[ 70 و 71] قَالُوا أَدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ... 137
[ 79] فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ... 139
[83] وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً... 139
[84] وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ... 140
[85] عَمَّا تَعْمَلُونَ... 141
[87] أَفَكُلْمَا جَاءَكُمْ رَسُولُ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ... 141
[89] وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا... 142
[90] بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بما أنزل اللّه... 143
[91] وَهُو الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ...143
ص: 464
[93] وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ... 144
[102] وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطين عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ... 145
[106] مَا نَنْسَخُ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسبها نأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا... 150
[114] مَا كَانَ لَهُم أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ... 151
[115] فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ... 151
[121] الَّذِينَ اتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ... 152
[124] وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ ربّه بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ... 153
[125] وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى... 154
[126] قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ... 156
[ 127 - 128 ] وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ... 157
[133] إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ... 158
[136] قُولُوا ءَامَنَّا بِاللّه وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ... 159
[17] فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ ماءَ امَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا...159
[138] صِبْغَةَ اللّه وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّه صِبْغَةً...160
[143] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ...160
[144] فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا...162
[ 148] أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّه جَمِيعاً إِنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ...164
[152] فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَأَشْكُرُوا لِي... 167
[155] وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ... 168
[ 156 و 157] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ... 169
[158] إِنَّ الصّفا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّه... 170
[159] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى...172
[165 - 167] وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للّه جَمِيعاً...174
[168] لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ...176
ص: 465
[173] فَمَنِ أَضْطُرُ غَيْرَ بَاغِ وَلَا عَادٍ...176
[175] فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ... 178
[178] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ... 178
[180] إن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ...179
[181] فَمَن بَدلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ...180
[182] فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنفاً أَوْ إِثْماً...180
[183] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ...182
[184] وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ...183
[185] شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ...185
[186] فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي..188
[187] أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةُ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ...189
[188] وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ...191
[ 189] لَيْسَ البِرُّ بأن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى...192
[193] لا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ...193
[194] الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالحُرُمَاتُ قِصَاصُ...193
[195] وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللّه يُحِبُّ المُحْسِنِينَ...194
[196] وَأَتِمُّوا الحجّ وَالعُمْرَةَ للّه...194
[197] الحَجّ أَشْهُرُ مَّعْلُومَاتٌ... 203
[198] لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ...206
[199] أفيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ...206
[200] اذْكُرُوا اللّه كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً...208
[201] رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ...209
[203] أَذْكُرُوا اللّه فِي أيّام مَّعْدُودَاتٍ...209
[204] وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجبك قوله في الحيوة الدُّنْيا...211
ص: 466
[205] وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ...211
[207] وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه وَاللّه رَءُوفٌ بِالعِبَادِ...212
[208] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْم كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ... 213
[210] في ظللٍ مِّنَ الغَمَام وَالمَلائِكَةُ وَقُضي الأمر...214
[211] سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُمْ وَآتَيْنَاهُم مِّن ءَايَةٍ بَيِّنَةٍ...215
[213] كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّه النَّبِيِّينَ...215
[214] أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجنّة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ...218
[219] يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ...218
[ 220] وَإِن تَخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ...219
[222] وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حتّى يَطْهُرْنَ...224
[223] نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ...224
[224] وَلَا تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا...225
[225] لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ... 226
[226] فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ...227
[228] وَالمُطلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أن... 230
[229] إِمْسَاكُ بِمَعْرُوفِ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ...230
[ 230] فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حتّى تَنكِحَ زَوجًا غَيْرَهُ...234
[231] وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لتَعْتَدُوا... 235
[233] وَالوَلِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ...236
[234] وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ...237
[235] إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً... 239
[236] وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسع قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ... 241
[237] إِن طلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة...241
[238] حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَةِ الوُسْطَى...244
ص: 467
[ 239] فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً...246
[ 240] وَالَّذِينَ يُتَوَفُونَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةَ لأَزْوَاجِهِم...247
[241] وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ...248
[ 243] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرْجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ...249
[245] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَة...249
[246 - 248] أَلَمْ تَرَ إِلَى المَلَا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى... 251
[ 249] إِنَّ اللّه مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي... 253
[251] وَلَوْلا دَفْعُ اللّه النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ...255
[ 253] تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّه... 256
[255] اللّه لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم إِلَهَ إِلَّا هُوَ تَأْخُذه سِنَةٌ نَوْمٌ...257
[256] العُرْوَةِ الوُثْقَى...259
[257] أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ...260
[208] رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ...261
[ 259] أَعْلَمُ أَنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ...263
[ 260] رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَال بَلَى وَلَكِن...265
[261] وَاللّه يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ...270
[ 261] فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ...271
[264] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى... 2771
[265] الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه... 272
[266] إِعْصَارُ فِيهِ نَارُ... 272
[ 267] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ... 273
[268] الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالفَحْشاءِ وَاللّه يَعِدُكُم... 275
[269] وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً... 276
[271] وَإِن تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ...276
ص: 468
[274] الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالْيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً...277
[275] فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن ربّه فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلى اللّه... 277
[279] فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ... 279
[ 280] وأن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ... 281
[282] وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا...283
[284] وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّه...284
[285] امَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن ربّه... 286
[286] رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا...286
من سورة آل عمران... 291
[1-4] الم اللّه لا إله إلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ... 291
[7] فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ... 292
[8] رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا... 294
[14] زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ... 294
[17] وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ... 295
[18] شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسطِ... 295
[19] إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّه الإِسْلَامُ... 296
[26] قُلِ اللّهمُ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ... 297
[28] إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً...297
[31] إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه...297
[ 33 و 34 ] إِنَّ اللّه أَصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ...299
[36] قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ... 302
[3] أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّه... 302
[41] رَبِّ اجْعَل لى ءَايَةً قَالَ ايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أيّام...305
ص: 469
[ 39 ] وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ... 306
[42 - 44] إذ يلقون أفلامهم أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مريم... 307
[44] وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ... 307
[50] وَلا حِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ... 310
[59] إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّه كَمَثَلِ ءَادَمَ... 310
[61] قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا...311
[ 67] وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُسلِماً...312
[68] إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النبيّ وَالَّذِينَ ...313
[77] وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَة... 315
[81] وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ... 316
[83] وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً... 320
[92] لَن تَنَالُوا البِرَّ حتّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ... 321
[93] كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلّاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ... 322
[96] إنّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكةَ مُبَارَكاً وَهُدى... 323
[97] فَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنَا...325
[97] فِيهِ ءَايَاتٌ بِيِّنَاتُ... 326
[97] وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً...329
[102] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ... 333
[103] وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً... 334
[104] وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةً يَدْعُونَ إلَى الْخَيْر وَيَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ... 335
[110] كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...335
[112] إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللّه وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ...336
[123] وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّه بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ...336
[125] مُسَؤْمِينَ...337
ص: 470
[128] لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ...337
[133] وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ...339
[135] وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّه...339
[140] وَتِلْكَ الأيّام نُدَاوِلُها بَيْنَ النَّاسِ... 340
[ 142] أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجنّة وَلَمَّا يَعْلَمُ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ... 340
[144] وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ... 341
[146] وَكأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِيُّونَ كَثِيرُ...342
[155] إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا...343
[ 157] وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّه أَوْ مُتُّمْ... 344
[158] لَئِن متُّم أَوْ قُتِلْتُمْ لإلَى اللّه تُحْشَرُونَ...345
[159] فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ...346
[162] أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّه كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِّنَ اللّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ...349
[ 163] هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّه...349
[165] أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا...350
[169] وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه أَمْوَاتاً...350
[172] اسْتَجَابُوا للّه وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ...350
[ 173 و 174] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ...351
[178] وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ...351
[179] مَا كَانَ اللّه لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ...352
[180] سَيُطْوَقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَللّه مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ...352
[183] قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلُ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ...353
[185] كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَومَ القِيَامَةِ...355
[186] وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ...356
[ 191] الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قياماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ...357
ص: 471
[192] وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ...357
[193] رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ عَامِنُوا بِرَبِّكُمْ...357
[195] ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللّه...358
[198] وَمَا عِنْدَ اللّه خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ...358
[ 200] لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ...358
من سورة النساء...291
[1] وَاتَّقُوا اللّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً...363
[2] حوباً كَبِيراً...364
[3] فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ...364
[4] فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَّرِيئاً...365
[5] وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم...367
[6] فَإِنْ انَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ...368
[8] وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ...370
[9] وَليَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ...371
[10] إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً...372
[11] يُوصِيكُمُ اللّه فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْن...375
[12] وَإِنْ كَانَ رَجُلُ يُورَثُ كَلَالَةٌ أَوْ أَمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتُ فَلِكُلِّ ...376
[15] وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ...377
[16] واللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَاذُوهُمَا فَإِنْ تَابًا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا...377
[17] إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ...378
[18] وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ...378
[19] لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ... 378
[20] فَإِنْ ءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطاراً فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً...379
ص: 472
[21] وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِّيثَاقًا غَلِيظًا... 380
[22] وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ مَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ...380
[23] حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ...381
[24] وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ...384
[25] فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ... 386
[25] وَمَنْ يَسْتَطِعْ مِنْكُم طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ... 387
[29] وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّه كَانَ بِكُمْ رَحِيماً...388
[31] إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ...392
[32] وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ...393
[33] وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ...395
[34] وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ...395
[30] فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا...396
[36] اعْبُدُوا اللّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوَلِدَيْنِ إِحْسَاناً...397
[41] يَوْمَ نَأْتِي مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ...397
[43] لَا تَقْرَبُوا الصَّلَوَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ...398
[47] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ امِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لما مَعَكُم...402
[48] إِنَّ اللّه لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ...403
[51-59] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصيباً مِّنَ الْكِتَابِ...404
[60] يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلى الطَّاغُوتِ... بعيداً... 414
[62] فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ... 415
[ 63- 65] أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه مَا فِي قُلُوبِهِمْ...415
[66] وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ...417
[ 69] أُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِمْ مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ... 417
[71 - 73] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ...418
ص: 473
[75] الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ...418
[77] قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى...419
[79] مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَّفْسِكَ... 420
[80] مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه...421
[83] وَإِذَا جَاءَهُمْ أمْرُ منَ الأمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ...421
[84] فَقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّه لَا تُكَلِّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ...423
[90] أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللّه لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ...424
[92] وَإِنْ كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقُ...425
[93] وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّه عَلَيْهِ...430
[94] وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً...432
[98] المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ...432
[99] فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّه أَنْ يَعْفُو عَنْهُمْ...434
[010] وَمَنْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّه وَرَسُولِهِ...436
[101] وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلوة.... 436
[103] إِنَّ الصَّلَوَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتاباً موقوتاً...439
[108] إذ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ...442
[ 112] فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً...442
[114] لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّنْ نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ... 443
[115 ] وَمَن... يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى...443
[117] إِنْ يَدْعُونَ مَنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مُريداً...444
[119] وَلَأمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّه...444
[120] وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً...445
[123] مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ... 445
[128] وإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوراً أَوْ إِعْرَاضاً...446
ص: 474
[129] وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ...448
[137] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ امَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا...448
[ 140] وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّه...451
[142] وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَوَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ...453
[142 و 143 ] إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّه وَهُوَ خَادِعُهُمْ...453
[ 148] لَا يُحِبُّ اللّه الْجَهْرَ بالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ... 453
[159] وَإِنْ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ... 454
[ 160] فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ...455
[ 163] إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ... 456
[164] وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ... 456
[166 - 170] لَكِنِ اللّه يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ...456
[ 174 و 175 ] قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانُ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً...457
[176] يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّه يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ إِن أَمْرُقُ هَلَكَ...457
ص: 475