الكافي المجلد 8

اشارة

سرشناسه : كليني ، محمد بن يعقوب ، ‫ - 329ق.

عنوان قراردادي : اصول الكافي

عنوان و نام پديدآور : اصول الكافي / محمد بن يعقوب الكليني ؛ ضبطه و صححه و علق عليه محمدجعفر شمس الدين .

مشخصات نشر :بيروت : دارالتعارف للمطبوعات ‫ ، 1411ق. ‫ = 1990م. ‫ = 1369.

مشخصات ظاهري : ‫ 1ج.

فروست : موسوعه الكتب الاربعه في احاديث النبي (ص ) و العتره ؛1 ‫،2.

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتاب حاضر در سالهاي مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

يادداشت : كتابنامه .

موضوع : احاديث شيعه -- ‫قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدين ، محمدجعفر

رده بندي كنگره : ‫ BP129 ‫ /ك 8ك 22 1369

رده بندي ديويي : ‫ 297/212

شماره كتابشناسي ملي : م 81-8050

ص: 1

كِتَابُ الرَّوْضَةِ

اشارة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُ (1) قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَفْصٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ كَتَبَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِمُدَارَسَتِهَا وَ النَّظَرِ فِيهَا وَ تَعَاهُدِهَا وَ الْعَمَلِ بِهَا فَكَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ نَظَرُوا فِيهَا قَالَ وَ حَدَّثَنِي (3) الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ الصَّحَّافِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ خَرَجَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى أَصْحَابِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَمَّا بَعْدُ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِيَةَ وَ عَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ (4) وَ الْوَقَارِ وَ السَّكِينَةِ وَ عَلَيْكُمْ بِالْحَيَاءِ وَ التَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ قَبْلَكُمْ وَ عَلَيْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ تَحَمَّلُوا الضَّيْمَ مِنْهُمْ وَ إِيَّاكُمْ وَ مُمَاظَّتَهُمْ (5) دِينُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ وَ خَالَطْتُمُوهُمْ وَ نَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلَامَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَ مُخَالَطَتِهِمْ وَ مُنَازَعَتِهِمُ الْكَلَامَ بِالتَّقِيَّةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَأْخُذُوا بِهَا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ فَإِذَا ابْتُلِيتُمْ


1- هذا قول أحد رواة الكافي، النعمانيّ أو الصفوانى أو غيرهما.
2- معطوف على ابن فضال لان إبراهيم بن هاشم من رواته. «آت»
3- أي قال إبراهيم بن هاشم: و حدّثني ... الخ.
4- الدعة: الخفض و الطمأنينة.
5- المجاملة: المعاملة بالجميل. و الضيم: الظلم. و المماظة- بالمعجمة-: شدة المنازعة و المخاصمة مع طول اللزوم. و قوله: «بالتقية» متعلق «بدينوا» و ما بينهما معترض. «فى»

ص: 3

بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيُؤْذُونَكُمْ وَ تَعْرِفُونَ فِي وُجُوهِهِمُ الْمُنْكَرَ وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ (1) وَ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا يُبْدُونَ لَكُمْ مَجَالِسُكُمْ وَ مَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ أَرْوَاحُكُمْ وَ أَرْوَاحُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لَا تَأْتَلِفُ لَا تُحِبُّونَهُمْ أَبَداً وَ لَا يُحِبُّونَكُمْ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَكُمْ بِالْحَقِّ وَ بَصَّرَكُمُوهُ وَ لَمْ يَجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَتُجَامِلُونَهُمْ وَ تَصْبِرُونَ عَلَيْهِمْ وَ هُمْ لَا مُجَامَلَةَ لَهُمْ وَ لَا صَبْرَ لَهُمْ عَلَى شَيْ ءٍ (2) وَ حِيَلُهُمْ وَسْوَاسُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا صَدُّوكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَيَعْصِمُكُمْ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ (3) بِقَوْلِ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ وَ الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنَّكُمْ إِنْ كَفَفْتُمْ أَلْسِنَتَكُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ كَانَ خَيْراً لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِهِ فَإِنَّ زَلَقَ اللِّسَانِ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ وَ مَا يَنْهَى عَنْهُ مَرْدَاةٌ (4) لِلْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ وَ مَقْتٌ مِنَ اللَّهِ وَ صَمٌّ وَ عَمًى وَ بَكَمٌ يُورِثُهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَصِيرُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ- صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (5) يَعْنِي لَا يَنْطِقُونَ وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (6)


1- السطو: القهر أي وثبوا عليكم و قهروكم.
2- قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: اعلم أنّه يظهر من بعض النسخ المصحّحة أنّه قد اختل نظم هذا الحديث و ترتيبه بسبب تقديم بعض الورقات و تأخير بعضها و فيها قوله: «و لا صبر لهم» متصل بقوله فيما بعد: «من اموركم» هكذا: «و لا صبر لهم على شي ء من أموركم تدفعون أنتم السيئة- الى آخر ما سيأتي-» و هو الصواب و سيظهر لك ممّا سنشير إليه في كل موضع من مواضع الاختلاف صحة تلك النسخة و اختلال النسخ المشهورة اه. أقول: نقل هذه الرسالة صاحب الوافي- رحمه اللّه- عن الكافي في روضة الوافي عن مثل تلك النسخة التي أشار إليها العلّامة المجلسيّ و لكن لم نعثر عليها مع كثرة ما لدينا من النسخ و لا يسعنا تغييرها عن هذه الصورة المشوشة فأثبتناها هكذا و أوردناها بتمامها عن الوافي في آخر هذا المجلد مشفوعة بتفسير غريبها و توضيح مشكلها.
3- «أن تزلقوا» بالزاى المعجمة- بمعنى النصر و الفرح. و في بعض النسخ بالذال المعجمة اخت الدال و المعنى ظاهر.
4- في بعض النسخ [و فيما ينهى] و المرداة بغير الهمزة مفعلة من الردى بمعنى الهلاك.
5- في بعض النسخ [لا يعقلون] و كلاهما في سورة البقرة: 18 و 171.
6- المرسلات: 36.

ص: 4

وَ إِيَّاكُمْ وَ مَا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ تَرْكَبُوهُ وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ إِلَّا فِيمَا يَنْفَعُكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِكُمْ وَ يَأْجُرُكُمْ عَلَيْهِ وَ أَكْثِرُوا مِنَ التَّهْلِيلِ وَ التَّقْدِيسِ وَ التَّسْبِيحِ وَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَيْهِ وَ الرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ قَدْرَهُ وَ لَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ أَحَدٌ فَاشْغَلُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِذَلِكَ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَقَاوِيلِ الْبَاطِلِ الَّتِي تُعْقِبُ أَهْلَهَا خُلُوداً فِي النَّارِ مَنْ مَاتَ عَلَيْهَا وَ لَمْ يَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَ لَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا وَ عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُدْرِكُوا نَجَاحَ الْحَوَائِجِ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِأَفْضَلَ مِنَ الدُّعَاءِ وَ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ وَ الْمَسْأَلَةِ لَهُ فَارْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهِ وَ أَجِيبُوا اللَّهَ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ لِتُفْلِحُوا وَ تَنْجُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ أَنْفُسُكُمْ (1) إِلَى شَيْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا فِي الدُّنْيَا حَالَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ نَعِيمِهَا وَ لَذَّتِهَا وَ كَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ بِئْسَ الْحَظُّ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللَّهَ بِتَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَ رُكُوبِ مَعْصِيَتِهِ فَاخْتَارَ أَنْ يَنْتَهِكَ مَحَارِمَ اللَّهِ فِي لَذَّاتِ دُنْيَا مُنْقَطِعَةٍ زَائِلَةٍ عَنْ أَهْلِهَا عَلَى خُلُودِ نَعِيمٍ فِي الْجَنَّةِ وَ لَذَّاتِهَا وَ كَرَامَةِ أَهْلِهَا وَيْلٌ لِأُولَئِكَ مَا أَخْيَبَ حَظَّهُمْ وَ أَخْسَرَ كَرَّتَهُمْ وَ أَسْوَأَ حَالَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اسْتَجِيرُوا اللَّهَ أَنْ يُجِيرَكُمْ (2) فِي مِثَالِهِمْ أَبَداً وَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِمَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا وَ لَكُمْ إِلَّا بِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ النَّاجِيَةُ إِنْ أَتَمَّ اللَّهُ لَكُمْ مَا أَعْطَاكُمْ بِهِ (3) فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ الْأَمْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَى الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَ حَتَّى تُبْتَلَوْا فِي أَنْفُسِكُمْ


1- في بعض النسخ [لتفلحوا و تنجحوا من عذاب اللّه إلخ]. و شره- كفرح-: غلبه حرصه.
2- أي استعيذوا باللّه من أن يكون إجارته تعالى إيّاكم على مثال إجارته لهم فانه لا يجيرهم من عذابه في الآخرة و انما أجارهم في الدنيا. و في بعض النسخ [أن يجريكم] و في بعضها [من مثالهم] فالمراد استجيروا باللّه لان يجيركم من مثالهم أي من أن تكونوا مثلهم. «آت»
3- لعل المراد: اتقوا اللّه و لا تتركوا التقوى عن الشرك و المعاصى عند إرادة اللّه اتمام ما أعطاكم من دين الحق، ثمّ بين عليه السلام الاتمام بانه انما يكون بالابتلاء و الافتتان و تسليط من يؤذيكم عليكم. فالمراد الامر بالتقوى عند الابتلاء بالفتن و ذكر فائدة الابتلاء بأنّه سبب لتمام الايمان فلذا يبتليكم. «آت»

ص: 5

وَ أَمْوَالِكُمْ وَ حَتَّى تَسْمَعُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَذىً كَثِيراً فَتَصْبِرُوا وَ تَعْرُكُوا (1) بِجُنُوبِكُمْ وَ حَتَّى يَسْتَذِلُّوكُمْ وَ يُبْغِضُوكُمْ وَ حَتَّى يُحَمِّلُوا عَلَيْكُمُ الضَّيْمَ فَتَحَمَّلُوا مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ حَتَّى تَكْظِمُوا الْغَيْظَ الشَّدِيدَ فِي الْأَذَى فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَجْتَرِمُونَهُ (2) إِلَيْكُمْ وَ حَتَّى يُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ وَ يُعَادُوكُمْ فِيهِ وَ يُبْغِضُوكُمْ عَلَيْهِ فَتَصْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ وَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى نَبِيِّكُمْ ص سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّكُمْ ص- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (3) ثُمَّ قَالَ وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ... فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا (4) فَقَدْ كُذِّبَ نَبِيُّ اللَّهِ وَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ وَ أُوذُوا مَعَ التَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ فَإِنْ سَرَّكُمْ أَمْرُ اللَّهِ (5) فِيهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ لَهُ فِي الْأَصْلِ [أَصْلِ الْخَلْقِ] مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَخْلُقَهُمْ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَ مِنَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ- وَ جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ (6) فَتَدَبَّرُوا هَذَا وَ اعْقِلُوهُ وَ لَا تَجْهَلُوهُ فَإِنَّهُ مَنْ يَجْهَلْ هَذَا وَ أَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ نَهَى عَنْهُ تَرَكَ دِينَ اللَّهِ وَ رَكِبَ مَعَاصِيَهُ فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللَّهِ فَأَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَ قَالَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَ لَا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي دِينِهِ بِهَوًى وَ لَا رَأْيٍ وَ لَا مَقَايِيسَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ وَ جَعَلَ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ جَعَلَ لِلْقُرْآنِ وَ لِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا لَا يَسَعُ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِيهِ بِهَوًى وَ لَا رَأْيٍ وَ لَا مَقَايِيسَ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَ خَصَّهُمْ بِهِ وَ وَضَعَهُ عِنْدَهُمْ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ أَكْرَمَهُمْ


1- يقال: عرك الاذى بجنبه أي احتمله.
2- في القاموس: اجترم عليهم و إليهم جريمة: جنى جناية.
3- الأحقاف: 35.
4- الأنعام: 34. و فيها «وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ .. الخ».
5- في النسخة المصحّحة التي أومأنا إليها قوله: «أن سركم» متصل بما سيأتي في آخر الرسالة: «أن تكونوا مع نبى اللّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله» إلى آخر الرسالة و هو الاصوب. «آت»
6- القصص: 41. و فيها «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ ... الخ».

ص: 6

بِهَا وَ هُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ وَ هُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَ يَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوهُ وَ أَعْطَوْهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ إِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ وَ هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ عَنْهُمْ وَ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَ عَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ جَعَلَهُ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الْأَظِلَّةِ (1) فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ وَ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَ الْقُرْآنِ وَ وَضَعَهُ عِنْدَهُمْ وَ أَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ وَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ وَ مَقَايِيسِهِمْ حَتَّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الْإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ كَافِرِينَ وَ جَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنِينَ وَ حَتَّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَرَاماً وَ جَعَلُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَلَالًا فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ وَ قَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالُوا نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ ص وَ بَعْدَ عَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنَا وَ أَمَرَنَا بِهِ مُخَالِفاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ص فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ وَ لَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ وَ اللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَ يَتَّبِعُوا أَمْرَهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ ص وَ بَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَداً مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ ص أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَ رَأْيِهِ وَ مَقَايِيسِهِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً* وَ إِنْ قَالَ لَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِهِ وَ هَوَاهُ وَ مَقَايِيسِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَى نَفْسِهِ وَ هُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُطَاعُ وَ يُتَّبَعُ أَمْرُهُ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (2) وَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُطَاعُ وَ يُتَّبَعُ أَمْرُهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ ص وَ بَعْدَ قَبْضِ اللَّهِ مُحَمَّداً ص وَ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ ص أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَ لَا رَأْيِهِ وَ لَا مَقَايِيسِهِ خِلَافاً لِأَمْرِ مُحَمَّدٍ ص فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَ لَا رَأْيِهِ وَ لَا مَقَايِيسِهِ-


1- أي عالم الأرواح. «آت»
2- آل عمران: 144

ص: 7

وَ قَالَ دَعُوا رَفْعَ أَيْدِيكُمْ فِي الصَّلَاةِ (1) إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوكُمْ بِذَلِكَ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ أَكْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُ وَ قَدْ وَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالاسْتِجَابَةِ وَ اللَّهُ مُصَيِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ عَمَلًا يَزِيدُهُمْ بِهِ فِي الْجَنَّةِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ وَ اللَّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ فَأَعْطُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الِاجْتِهَادَ فِي طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ شَيْ ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ اجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَ بَاطِنِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ وَ قَوْلُهُ الْحَقُ وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ (2) وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ وَ اتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ سُنَّتَهُ فَخُذُوا بِهَا وَ لَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ وَ آرَاءَكُمْ فَتَضِلُّوا فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ رَأْيَهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ وَ أَحْسِنُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها وَ جَامِلُوا النَّاسَ وَ لَا تَحْمِلُوهُمْ عَلَى رِقَابِكُمْ تَجْمَعُوا (3) مَعَ ذَلِكَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ وَ إِيَّاكُمْ وَ سَبَّ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَيْثُ يَسْمَعُونَكُمْ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ قَدْ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ لِلَّهِ كَيْفَ هُوَ إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدِ انْتَهَكَ سَبَ


1- اعلم أن رفع اليدين في تكبير الافتتاح لا خلاف في أنّه مطلوب للشارع بين العامّة و الخاصّة و المشهور بين الاصحاب الاستحباب و ذهب السيّد- ره- من علمائنا إلى الوجوب و أمّا الرفع في سائر التكبيرات فالمشهور بين الفريقين أيضا استحبابه و قال الثوري و أبو حنيفة و إبراهيم النخعيّ: لا رفع إلّا عند الافتتاح و ذهب السيّد- ره- إلى الوجوب في جميع التكبيرات و لما كان في زمانه عليه السلام عدم استحباب الرفع أشهر بين العامّة فلذا منع الشيعة عن ذلك لئلا يشهروا بذلك فيعرفونهم. «آت»
2- الأنعام: 120.
3- جواب للامر أي انكم إذا جاملتم الناس عشتم مع الامن و عدم حمل الناس على رقابكم بالعمل بطاعة ربكم فيما أمركم به من التقية. و في بعض النسخ [تجمعون] فيكون حالا عن ضميرى الخطاب أي إن اجمعوا طاعة اللّه مع المجاملة، لا بأن تتابعوهم في المعاصى و تشاركوهم في دينهم بل بالعمل بالتقية فيما أمركم اللّه فيه بالتقية. «آت»

ص: 8

اللَّهِ وَ مَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ لِلَّهِ وَ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَمَهْلًا مَهْلًا فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللَّهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ عَلَيْكُمْ بِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ سُنَّتِهِ وَ آثَارِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ بَعْدِهِ وَ سُنَّتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَدَى وَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَ رَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَ وَلَايَتِهِمْ وَ قَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَمَلِ فِي اتِّبَاعِ الْآثَارِ وَ السُّنَنِ وَ إِنْ قَلَّ أَرْضَى لِلَّهِ وَ أَنْفَعُ عِنْدَهُ فِي الْعَاقِبَةِ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْبِدَعِ وَ اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ أَلَا إِنَّ اتِّبَاعَ الْأَهْوَاءِ وَ اتِّبَاعَ الْبِدَعِ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ضَلَالٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ فِي النَّارِ وَ لَنْ يُنَالَ شَيْ ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ الصَّبْرِ وَ الرِّضَا لِأَنَّ الصَّبْرَ وَ الرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنِ اللَّهِ فِيمَا صَنَعَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ صَنَعَ بِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ وَ كَرِهَ وَ لَنْ يَصْنَعَ اللَّهُ بِمَنْ صَبَرَ وَ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ إِلَّا مَا هُوَ أَهْلُهُ وَ هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَ كَرِهَ وَ عَلَيْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ (1) وَ عَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَ تَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَ اللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ وَ قَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَ الْمَحْقَرَةَ حَتَّى يَمْقُتَهُ النَّاسُ وَ اللَّهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ ص بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ وَ هُوَ مِنَ الْغَاوِينَ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْعَظَمَةَ وَ الْكِبْرَ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ خَصَمَهُ اللَّهُ وَ أَذَلَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَى صَيَّرَ اللَّهُ بَغْيَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَ صَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ وَ مَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ وَ أَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ يَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلَى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَيَدْعُوَ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَ يُسْتَجَابَ لَهُ فِيكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ


1- «إيّاكم» عطف على المؤمنين.

ص: 9

ص كَانَ يَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَ لْيُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ إِنَّ مَعُونَةَ الْمُسْلِمِ خَيْرٌ وَ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَ اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ إِيَّاكُمْ وَ إِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُعْسِرُوهُ (1) بِالشَّيْ ءِ يَكُونُ لَكُمْ قِبَلَهُ وَ هُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْسِرَ مُسْلِماً وَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ إِيَّاكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلَى مَنْ سِوَاهَا وَ حَبْسَ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ وَ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَى التَّعْجِيلِ لَهُ إِلَى مُضَاعَفَةِ الْخَيْرِ فِي الْعَاجِلِ وَ الْآجِلِ وَ إِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَى تَأْخِيرِ رِزْقِهِ وَ مَنْ حَبَسَ اللَّهُ رِزْقَهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْزُقَ نَفْسَهُ فَأَدُّوا إِلَى اللَّهِ حَقَّ مَا رَزَقَكُمْ يُطَيِّبِ اللَّهُ لَكُمْ بَقِيَّتَهُ وَ يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَكُمُ الْأَضْعَافَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَا يَعْلَمُ عَدَدَهَا وَ لَا كُنْهَ فَضْلِهَا إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الْإِمَامِ فَإِنَّ مُحْرِجَ الْإِمَامِ هُوَ الَّذِي يَسْعَى بِأَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِينَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِينَ لِحُرْمَتِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْإِمَامِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْرَجَ الْإِمَامَ إِلَى أَنْ يَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِينَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ فَإِذَا لَعَنَهُمْ لِإِحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْإِمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ صَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ رُسُلِهِ عَلَى أُولَئِكَ (2)-


1- عسر الغريم يعسره: طلب منه على عسرته كأعسره. «القاموس»
2- «محرج الامام» فى الصحاح: أحرجه إليه ألجأه. و فيه: سعى به إلى الوالى إذا وشى به يعنى نمّه و ذمّه عنده. أقول: الظاهر أن المراد لا تكونوا محرج الامام أي بأن تجعلوه مضطرا إلى شي ء لا يرضى به، ثمّ بين عليه السلام بأن المحرج هو الذي يذم أهل الصلاح عند الامام و يشهد عليهم بفساد و هو كاذب في ذلك فيثبت ذلك بظاهر حكم الشريعة عند الامام فيلزم الامام أن يلعنهم فاذا لعنهم و هم غير مستحقين لذلك تصير اللعنة عليهم رحمة و ترجع اللعنة إلى الواشى الكاذب الذي ألجأ الامام إلى ذلك. أو المراد أنّه ينسب الواشى إلى أهل الصلاح عند الامام شيئا بمحضر جماعة يتقى منهم الامام فيضطر الامام إلى أن يلعن من نسب إليه ذلك تقية. و يحتمل أن يكون المراد أن محرج الامام هو من يسمى بأهل الصلاح إلى أئمة الجور و يجعلهم معروفين عند أئمة الجور بالتشيع فيلزم أئمة الحق لرفع الضرر عن أنفسهم و عن أهل الصلاح أن يلعنوهم و يتبرءوا منهم فيصير اللعنة إلى الساعين و أئمة الجور معا و على هذا المراد باعداء اللّه أئمة الجور و قوله: «إذا فعل ذلك عند الامام» يؤيد المعنى الأول. هذه من الوجوه التي خطر بالبال و اللّه أعلم و من صدر عنه صلوات اللّه عليه. «آت»

ص: 10

وَ اعْلَمُوا أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللَّهِ قَدْ جَرَتْ فِي الصَّالِحِينَ قَبْلُ وَ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً حَقّاً فَلْيَتَوَلَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لْيَبْرَأْ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَ يُسَلِّمُ لِمَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِهِمْ لِأَنَّ فَضْلَهُمْ لَا يَبْلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ- أَ لَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (1) فَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ بِهِمْ وَ فَضْلِهِمْ وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُتِمَّ اللَّهُ لَهُ إِيمَانَهُ حَتَّى يَكُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً فَلْيَفِ لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلَايَتِهِ وَ وَلَايَةِ رَسُولِهِ وَ وَلَايَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ إِقْرَاضَ اللَّهِ قَرْضاً حَسَناً* وَ اجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ* فَلَمْ يَبْقَ شَيْ ءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا وَ قَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ (2) فَمَنْ دَانَ اللَّهَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ مُخْلِصاً لِلَّهِ وَ لَمْ يُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِ شَيْ ءٍ مِنْ هَذَا- فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ فِي حِزْبِهِ الْغَالِبِينَ- وَ هُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً- وَ إِيَّاكُمْ وَ الْإِصْرَارَ عَلَى شَيْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فِي ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَ بَطْنِهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (3) إِلَى هَاهُنَا رِوَايَةُ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعٍ (4) يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ إِذَا نَسُوا شَيْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِي تَرْكِهِمْ ذَلِكَ الشَّيْ ءَ فَاسْتَغْفَرُوا وَ لَمْ يَعُودُوا إِلَى تَرْكِهِ فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ- وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ


1- النساء: 69.
2- أي في الفواحش، فقوله تعالى اجتناب الفواحش يشمل اجتناب جميع المحرمات. و قوله: «فمن دان اللّه» أي عبد اللّه فيما بينه و بين ربّه أي مختفيا و لا ينظر إلى غيره و لا يلتفت إلى من سواء.
3- آل عمران: 135.
4- أي ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في رواية حفص و إسماعيل.

ص: 11

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَ نَهَى لِيُطَاعَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَ لِيُنْتَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَ قَدْ أَدْرَكَ كُلَّ شَيْ ءٍ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ وَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ فَإِنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إِلَّا طَاعَتُهُمْ لَهُ فَاجْتَهِدُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ (1) إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقّاً حَقّاً وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ وَ عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ رَبِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ التَّسْلِيمُ وَ التَّسْلِيمَ هُوَ الْإِسْلَامُ فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ وَ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَلَا إِسْلَامَ لَهُ وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْلِغَ إِلَى نَفْسِهِ فِي الْإِحْسَانِ فَلْيُطِعِ اللَّهَ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلَى نَفْسِهِ فِي الْإِحْسَانِ وَ إِيَّاكُمْ وَ مَعَاصِيَ اللَّهِ أَنْ تَرْكَبُوهَا فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِيَ اللَّهِ فَرَكِبَهَا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الْإِسَاءَةِ إِلَى نَفْسِهِ وَ لَيْسَ بَيْنَ الْإِحْسَانِ وَ الْإِسَاءَةِ مَنْزِلَةٌ فَلِأَهْلِ الْإِحْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِمُ الْجَنَّةُ وَ لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عِنْدَ رَبِّهِمُ النَّارُ فَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ اجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ يُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَيْئاً لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ تَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَطْلُبْ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَرْضَى عَنْهُ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ يُصِبْ رِضَا اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ طَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص وَ مَعْصِيَتُهُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ لَمْ يُنْكِرْ لَهُمْ فَضْلًا عَظُمَ أَوْ صَغُرَ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمُنْكِرِينَ هُمُ الْمُكَذِّبُونَ وَ أَنَّ الْمُكَذِّبِينَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ وَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِلْمُنَافِقِينَ وَ قَوْلُهُ الْحَقُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (2) وَ لَا يَفْرَقَنَ (3) أَحَدٌ مِنْكُمْ أَلْزَمَ اللَّهُ قَلْبَهُ طَاعَتَهُ وَ خَشْيَتَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ صِفَةِ الْحَقِّ وَ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الْحَقِّ فَأُولَئِكَ هُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ- وَ إِنَّ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ حِيلَةً وَ مَكْراً وَ خَدَائِعَ وَ وَسْوَسَةً بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ يُرِيدُونَ إِنِ اسْتَطَاعُوا أَنْ يَرُدُّوا أَهْلَ الْحَقِّ عَمَّا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ فِي دِينِ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ مِنْ أَهْلِهِ إِرَادَةَ أَنْ يَسْتَوِيَ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ أَهْلُ الْحَقِّ-


1- في بعض النسخ [فجدوا] و في بعضها [فخذوا].
2- النساء: 145.
3- الفرق: الخوف. أى و لا يخافن. و في بعض النسخ [لا يعرفن]

ص: 12

فِي الشَّكِّ وَ الْإِنْكَارِ وَ التَّكْذِيبِ فَيَكُونُونَ سَوَاءً كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ- وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً (1) ثُمَّ نَهَى اللَّهُ أَهْلَ النَّصْرِ بِالْحَقِّ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَلِيّاً وَ لَا نَصِيراً فَلَا يُهَوِّلَنَّكُمْ وَ لَا يَرُدَّنَّكُمْ عَنِ النَّصْرِ بِالْحَقِّ الَّذِي خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِيلَةِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَ مَكْرِهِمْ مِنْ أُمُورِكُمْ تَدْفَعُونَ أَنْتُمُ السَّيِّئَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ رَبِّكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ هُمْ لَا خَيْرَ عِنْدَهُمْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلَى أُصُولِ دِينِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا مِنْكُمْ فِيهِ شَيْئاً عَادَوْكُمْ عَلَيْهِ وَ رَفَعُوهُ عَلَيْكُمْ- وَ جَهَدُوا عَلَى هَلَاكِكُمْ وَ اسْتَقْبَلُوكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ وَ لَمْ يَكُنْ لَكُمُ النَّصَفَةُ مِنْهُمْ فِي دُوَلِ الْفُجَّارِ فَاعْرِفُوا مَنْزِلَتَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ- فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْحَقِّ أَنْ يُنْزِلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ- لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ أَ لَمْ يَعْرِفُوا وَجْهَ قَوْلِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (2) أَكْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى- وَ إِمَامَكُمْ وَ دِينَكُمُ الَّذِي تَدِينُونَ بِهِ عُرْضَةً لِأَهْلِ الْبَاطِلِ (3) فَتُغْضِبُوا اللَّهَ عَلَيْكُمْ فَتَهْلِكُوا فَمَهْلًا مَهْلًا يَا أَهْلَ الصَّلَاحِ لَا تَتْرُكُوا أَمْرَ اللَّهِ وَ أَمْرَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِطَاعَتِهِ فَيُغَيِّرَ اللَّهُ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَحِبُّوا فِي اللَّهِ مَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ وَ أَبْغِضُوا فِي اللَّهِ مَنْ خَالَفَكُمْ وَ ابْذُلُوا مَوَدَّتَكُمْ وَ نَصِيحَتَكُمْ [لِمَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ] وَ لَا تَبْتَذِلُوهَا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ صِفَتِكُمْ وَ عَادَاكُمْ عَلَيْهَا وَ بَغَى لَكُمُ الْغَوَائِلَ هَذَا أَدَبُنَا أَدَبُ اللَّهِ فَخُذُوا بِهِ وَ تَفَهَّمُوهُ وَ اعْقِلُوهُ وَ لَا تَنْبِذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ مَا وَافَقَ هُدَاكُمْ أَخَذْتُمْ بِهِ وَ مَا وَافَقَ هَوَاكُمْ طَرَحْتُمُوهُ وَ لَمْ تَأْخُذُوا بِهِ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّجَبُّرَ عَلَى اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ عَبْداً لَمْ يُبْتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلَى اللَّهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلَى دِينِ اللَّهِ فَاسْتَقِيمُوا لِلَّهِ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ أَجَارَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِنَ التَّجَبُّرِ عَلَى اللَّهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا وَ لَكُمْ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ ع إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُكَرِّهَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَ يُبَاعِدَهُ عَنْهُ وَ مَنْ كَرَّهَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَ بَاعَدَهُ عَنْهُ (4) عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ


1- النساء: 88.
2- ص: 28.
3- العرضة: الحيلة.
4- في بعض النسخ [منه] فى الموضعين.

ص: 13

أَنْ يَدْخُلَهُ وَ الْجَبَرِيَّةِ فَلَانَتْ عَرِيكَتُهُ (1)وَ حَسُنَ خُلُقُهُ وَ طَلُقَ وَجْهُهُ وَ صَارَ عَلَيْهِ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَ سَكِينَتُهُ وَ تَخَشُّعُهُ وَ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ اجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ وَ رَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَ مُجَامَلَتَهُمْ وَ تَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَ الْخُصُومَاتِ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَ لَا مِنْ أَهْلِهَا فِي شَيْ ءٍ وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِي الْأَصْلِ [أَصْلِ الْخَلْقِ] كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُحَبِّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَ يُقَرِّبَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَبَّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِيَ بِالْكِبْرِ وَ الْجَبَرِيَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَ سَاءَ خُلُقُهُ وَ غَلُظَ وَجْهُهُ وَ ظَهَرَ فُحْشُهُ وَ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَ كَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ وَ رَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا وَ رَكِبَ مَعَاصِيَ اللَّهِ وَ أَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَ أَهْلَهَا فَبُعْدٌ مَا بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَ حَالِ الْكَافِرِ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَ اطْلُبُوهَا إِلَيْهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَى الْبَلَاءِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلَاءِ فِيهَا وَ الشِّدَّةَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ وَلَايَتِهِ وَ وَلَايَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلَايَتِهِ خَيْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا وَ إِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِيمِهَا وَ زَهْرَتِهَا وَ غَضَارَةُ عَيْشِهَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ وَلَايَةِ مَنْ نَهَى اللَّهُ عَنْ وَلَايَتِهِ وَ طَاعَتِهِ- فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِوَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (2) وَ هُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَلَايَتِهِمْ وَ طَاعَتِهِمْ وَ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ عَنْ وَلَايَتِهِمْ وَ طَاعَتِهِمْ وَ هُمْ أَئِمَّةُ الضَّلَالَةِ الَّذِينَ قَضَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ دُوَلٌ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يَعْمَلُونَ فِي دُولَتِهِمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ مَعْصِيَةِ رَسُولِهِ ص لِيَحِقَّ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَ لِيَتِمَّ أَنْ تَكُونُوا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ مُحَمَّدٍ ص وَ الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلَى بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَ أَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْبَلَاءِ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِي أَعْطَاهُمْ وَ إِيَّاكُمْ وَ مُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ عَلَيْكُمْ بِهُدَى الصَّالِحِينَ وَ وَقَارِهِمْ وَ سَكِينَتِهِمْ وَ حِلْمِهِمْ وَ تَخَشُّعِهِمْ وَ وَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ صِدْقِهِمْ وَ وَفَائِهِمْ وَ اجْتِهَادِهِمْ لِلَّهِ فِي الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَإِذَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ أَنْطَقَ


1- الجبريّة- بكسر الجيم و الراء و سكون الباء و بكسر الباء أيضا و بفتح الجيم و سكون الباء-: التكبر. و العريكة الطبيعة.
2- الأنبياء: 73.

ص: 14

لِسَانَهُ بِالْحَقِّ وَ عَقَدَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ فَعَمِلَ بِهِ فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ تَمَّ لَهُ إِسْلَامُهُ وَ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَقّاً وَ إِذَا لَمْ يُرِدِ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَ كَانَ صَدْرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً فَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ وَ إِذَا لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعْطِهِ اللَّهُ الْعَمَلَ بِهِ فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (1) حَتَّى يَمُوتَ وَ هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَ صَارَ مَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ اللَّهُ أَنْ يُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَيْهِ وَ لَمْ يُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ سَلُوهُ أَنْ يَشْرَحَ صُدُورَكُمْ لِلْإِسْلَامِ وَ أَنْ يَجْعَلَ أَلْسِنَتَكُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ حَتَّى يَتَوَفَّيكُمْ وَ أَنْتُمْ عَلَى ذَلِكَ وَ أَنْ يَجْعَلَ مُنْقَلَبَكُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .. وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ لْيَتَّبِعْنَا أَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ ص قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهِ لَا يُطِيعُ اللَّهَ عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إِلَّا أَبْغَضَنَا وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إِلَّا عَصَى اللَّهَ وَ مَنْ مَاتَ عَاصِياً لِلَّهِ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَ أَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*.

صَحِيفَةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَلَامُهُ فِي الزُّهْدِ

2- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَزْهَدَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع إِلَّا مَا بَلَغَنِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ أَبُو حَمْزَةَ كَانَ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا تَكَلَّمَ فِي الزُّهْدِ وَ وَعَظَ أَبْكَى مَنْ بِحَضْرَتِهِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ وَ قَرَأْتُ صَحِيفَةً فِيهَا كَلَامُ زُهْدٍ مِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَتَبْتُ مَا فِيهَا ثُمَّ أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ص فَعَرَضْتُ مَا فِيهَا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُ وَ صَحَّحَهُ وَ كَانَ مَا فِيهَا


1- آل عمران: 31.

ص: 15

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كَفَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ كَيْدَ الظَّالِمِينَ وَ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَ بَطْشَ الْجَبَّارِينَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الطَّوَاغِيتُ وَ أَتْبَاعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْمَائِلُونَ إِلَيْهَا الْمُفْتَتِنُونَ بِهَا الْمُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَ عَلَى حُطَامِهَا الْهَامِدِ وَ هَشِيمِهَا الْبَائِدِ (1) غَداً وَ احْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْهَا وَ ازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ فِيهِ مِنْهَا وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَ مَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ وَ اللَّهِ إِنَّ لَكُمْ مِمَّا فِيهَا عَلَيْهَا لَدَلِيلًا وَ تَنْبِيهاً مِنْ تَصْرِيفِ أَيَّامِهَا وَ تَغَيُّرِ انْقِلَابِهَا وَ مَثُلَاتِهَا (2) وَ تَلَاعُبِهَا بِأَهْلِهَا إِنَّهَا لَتَرْفَعُ الْخَمِيلَ (3) وَ تَضَعُ الشَّرِيفَ وَ تُورِدُ أَقْوَاماً إِلَى النَّارِ غَداً فَفِي هَذَا مُعْتَبَرٌ وَ مُخْتَبَرٌ وَ زَاجِرٌ لِمُنْتَبِهٍ إِنَّ الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ مِنْ مُظْلِمَاتِ الْفِتَنِ (4) وَ حَوَادِثِ الْبِدَعِ وَ سُنَنِ الْجَوْرِ وَ بَوَائِقِ الزَّمَانِ وَ هَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ لَتُثَبِّطُ الْقُلُوبَ (5) عَنْ تَنَبُّهِهَا وَ تُذْهِلُهَا عَنْ مَوْجُودِ الْهُدَى وَ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ عَصَمَ اللَّهُ فَلَيْسَ يَعْرِفُ تَصَرُّفَ أَيَّامِهَا وَ تَقَلُّبَ حَالاتِهَا وَ عَاقِبَةَ ضَرَرِ فِتْنَتِهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ وَ نَهَجَ سَبِيلَ الرُّشْدِ وَ سَلَكَ طَرِيقَ الْقَصْدِ ثُمَّ اسْتَعَانَ عَلَى ذَلِكَ بِالزُّهْدِ- فَكَرَّرَ الْفِكْرَ وَ اتَّعَظَ بِالصَّبْرِ فَازْدَجَرَ وَ زَهِدَ فِي عَاجِلِ بَهْجَةِ الدُّنْيَا وَ تَجَافَى عَنْ لَذَّاتِهَا وَ رَغِبَ فِي دَائِمِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَ سَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَ رَاقَبَ الْمَوْتَ وَ شَنَأَ الْحَيَاةَ (6) مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ نَظَرَ إِلَى مَا فِي الدُّنْيَا بِعَيْنٍ نَيِّرَةٍ حَدِيدَةَ الْبَصَرِ (7) وَ أَبْصَرَ حَوَادِثَ الْفِتَنِ وَ ضَلَالَ الْبِدَعِ وَ جَوْرَ الْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ فَلَقَدْ لَعَمْرِي اسْتَدْبَرْتُمُ الْأُمُورَ الْمَاضِيَةَ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَ الِانْهِمَاكِ (8) فِيمَا تَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى تَجَنُّبِ الْغُوَاةِ وَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَ الْبَغْيِ وَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ ارْجِعُوا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِمَّنِ اتُّبِعَ فَأُطِيعَ-


1- الحطام: ما يكسر من اليبس. و الهامد: البالى المسود المتغير، و اليابس من النبات و الهشيم من النبات: اليابس المتكسّر. و البائد: الذاهب المنقطع أو الهالك.
2- المثلات: العقوبات.
3- الخامل: الساقط الذي لا نباهة له.
4- في بعض النسخ [ملمات].
5- التثبيط: التعويق و الشغل عن المراد.
6- الشناءة: البغض و شنأه: أبغضه.
7- في بعض النسخ [حديدة النظر].
8- الانهماك: التمادى في الشي ء و اللجاج فيه.

ص: 16

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ قَبْلِ النَّدَامَةِ وَ الْحَسْرَةِ وَ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ وَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَاللَّهِ مَا صَدَرَ قَوْمٌ قَطُّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا إِلَى عَذَابِهِ وَ مَا آثَرَ قَوْمٌ قَطُّ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ إِلَّا سَاءَ مُنْقَلَبُهُمْ وَ سَاءَ مَصِيرُهُمْ وَ مَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ الْعَمَلُ إِلَّا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ (1) فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَهُ وَ حَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ إِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَ أَتْبَاعَهُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا اللَّهَ فَعَمِلُوا لَهُ وَ رَغِبُوا إِلَيْهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ- إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (2) فَلَا تَلْتَمِسُوا شَيْئاً مِمَّا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ اشْتَغِلُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ اغْتَنِمُوا أَيَّامَهَا وَ اسْعَوْا لِمَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ غَداً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِلتَّبِعَةِ وَ أَدْنَى مِنَ الْعُذْرِ وَ أَرْجَى لِلنَّجَاةِ فَقَدِّمُوا أَمْرَ اللَّهِ وَ طَاعَةَ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَ لَا تُقَدِّمُوا الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَةِ الطَّوَاغِيتِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَ نَحْنُ مَعَكُمْ يَحْكُمُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ سَيِّدٌ حَاكِمٌ غَداً وَ هُوَ مُوقِفُكُمْ وَ مُسَائِلُكُمْ فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَ الْمُسَاءَلَةِ وَ الْعَرْضِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَئِذٍ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُصَدِّقُ يَوْمَئِذٍ كَاذِباً وَ لَا يُكَذِّبُ صَادِقاً وَ لَا يَرُدُّ عُذْرَ مُسْتَحِقٍّ وَ لَا يَعْذِرُ غَيْرَ مَعْذُورٍ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرُّسُلِ وَ الْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الرُّسُلِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ اسْتَقْبِلُوا فِي إِصْلَاحِ أَنْفُسِكُمْ وَ طَاعَةِ اللَّهِ (3) وَ طَاعَةِ مَنْ تَوَلَّوْنَهُ فِيهَا لَعَلَّ نَادِماً قَدْ نَدِمَ فِيمَا فَرَّطَ بِالْأَمْسِ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ ضَيَّعَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ* وَ تُوبُوا إِلَيْهِ* فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ يَعْفُو عَنِ السَّيِّئَةِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَ إِيَّاكُمْ وَ صُحْبَةَ الْعَاصِينَ وَ مَعُونَةَ الظَّالِمِينَ وَ مُجَاوَرَةَ الْفَاسِقِينَ احْذَرُوا فِتْنَتَهُمْ وَ تَبَاعَدُوا مِنْ سَاحَتِهِمْ (4) وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَ دَانَ بِغَيْرِ دِينِ اللَّهِ وَ اسْتَبَدَّ بِأَمْرِهِ دُونَ أَمْرِ وَلِيِّ اللَّهِ كَانَ فِي نَارٍ تَلْتَهِبُ تَأْكُلُ أَبْدَاناً قَدْ غَابَتْ عَنْهَا أَرْوَاحُهَا وَ غَلَبَتْ عَلَيْهَا شِقْوَتُهَا فَهُمْ مَوْتَى لَا يَجِدُونَ حَرَّ النَّارِ وَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَوَجَدُوا مَضَضَ (5) حَرِّ النَّارِ-


1- الالف: الاليف.
2- فاطر: 28.
3- في بعض النسخ [فى اصلاح أنفسكم في طاعة اللّه].
4- الساحة: الناحية.
5- «مضض» كفرح: ألم. و المضض- محركة- وجع المصيبة.

ص: 17

وَ اعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ إِلَى غَيْرِ قُدْرَتِهِ وَ سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ* فَانْتَفِعُوا بِالْعِظَةِ وَ تَأَدَّبُوا بِآدَابِ الصَّالِحِينَ.

3- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ وَ هُوَ الْعَاصِمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الصَّوَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُوصِي أَصْحَابَهُ وَ يَقُولُ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجِي وَ ثِقَةُ الْهَارِبِ اللَّاجِي وَ اسْتَشْعِرُوا التَّقْوَى شِعَاراً بَاطِناً وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً- تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ وَ تَسْلُكُوا بِهِ طَرِيقَ النَّجَاةِ- انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ لَهَا فَإِنَّهَا تُزِيلُ الثَّاوِيَ (1) السَّاكِنَ وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الْآمِنَ- لَا يُرْجَى مِنْهَا مَا تَوَلَّى فَأَدْبَرَ وَ لَا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرَ وُصِلَ الْبَلَاءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ وَ الْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَى فَنَاءٍ فَسُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَ الْبَقَاءُ فِيهَا إِلَى الضَّعْفِ وَ الْوَهْنِ فَهِيَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا (2) وَ أَعْجَبَتْ مَنْ يَرَاهَا- عَذْبٌ شُرْبُهَا طَيِّبٌ تُرْبُهَا تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّرَى (3) وَ تَنْطُفُ فُرُوعُهَا النَّدَى حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ وَ اسْتَوَى بَنَانُهُ (4) هَاجَتْ رِيحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ وَ تُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ فَأَصْبَحَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ- هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقْتَدِراً (5) انْظُرُوا فِي الدُّنْيَا فِي كَثْرَةِ مَا يُعْجِبُكُمْ وَ قِلَّةِ مَا يَنْفَعُكُمْ.


1- الثاوى: القائم. و المترف الطاغى، أترفته النعمة: أطغته.
2- اعتم النبت أي اكتهل و اكتهل النبات أي تمّ طوله و ظهر نوره.
3- في المصباح: مج الرجل الماء من فيه من باب قتل: رمى به. و قال: الثرى- و زان الحصا: ندى الأرض انتهى. و نطف الماء ينطف- بكسر و ضم-: إذا قطر قليل قليل.
4- العشب: الكلاء الرطب: و إبّان الشي ء حينه أو أوله.
5- الكهف: 46.

ص: 18

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هِيَ خُطْبَةُ الْوَسِيلَةِ

4- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُكَايَةَ التَّمِيمِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ النَّضْرِ الْفِهْرِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ أَرْمَضَنِي (1) اخْتِلَافُ الشِّيعَةِ فِي مَذَاهِبِهَا فَقَالَ يَا جَابِرُ أَ لَمْ أَقِفْكَ عَلَى مَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ مِنْ أَيْنَ اخْتَلَفُوا وَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَفَرَّقُوا قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَلَا تَخْتَلِفْ إِذَا اخْتَلَفُوا يَا جَابِرُ إِنَّ الْجَاحِدَ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ كَالْجَاحِدِ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِي أَيَّامِهِ يَا جَابِرُ اسْمَعْ وَ عِ قُلْتُ إِذَا شِئْتَ (2) قَالَ اسْمَعْ وَ عِ وَ بَلِّغْ حَيْثُ انْتَهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ ذَلِكَ حِينَ فَرَغَ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ وَ تَأْلِيفِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَعَ الْأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلَّا وُجُودَهُ وَ حَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَيَّلَ ذَاتَهُ لِامْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَ التَّشَاكُلِ بَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهِ وَ لَا يَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِي كَمَالِهِ فَارَقَ الْأَشْيَاءَ لَا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَ يَكُونُ فِيهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْمُمُازَجَةِ وَ عَلِمَهَا لَا بِأَدَاةٍ لَا يَكُونُ الْعِلْمُ إِلَّا بِهَا وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَعْلُومِهِ عِلْمُ غَيْرِهِ بِهِ كَانَ عَالِماً بِمَعْلُومِهِ إِنْ قِيلَ كَانَ فَعَلَى تَأْوِيلِ أَزَلِيَّةِ الْوُجُودِ وَ إِنْ قِيلَ لَمْ يَزَلْ فَعَلَى تَأْوِيلِ نَفْيِ الْعَدَمِ فَسُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ وَ اتَّخَذَ إِلَهاً غَيْرَهُ عُلُوّاً كَبِيراً نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِي ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَ تُضَاعِفَانِ


1- ارمضنى أي أحرقنى و أوجعنى.
2- أي إذا شئت يا ابن رسول اللّه سمعت منك و وعيت و ما أخبرت أحدا من الناس، فحسب جابر أن مراد الإمام عليه السلام بقوله: «و ع» يعنى لا تخبر أحدا من الناس فأجابه عليه السلام بأن قال: اسمع و ع إلى أن تبلغ بلادك فإذا انتهت بك راحلتك إلى بلادك فبلغ شيعتنا.

ص: 19

الْعَمَلَ- خَفَّ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَ ثَقُلَ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ وَ بِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ وَ بِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ- أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّكُمْ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِيَةِ وَ لَا وِقَايَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلَامَةِ وَ لَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقَنَاعَةِ وَ لَا كَنْزَ أَغْنَى مِنَ الْقُنُوعِ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ (1) وَ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَ الِاحْتِكَارُ مَطِيَّةُ النَّصَبِ وَ الْحَسَدُ آفَةُ الدِّينِ وَ الْحِرْصُ دَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ (2) فِي الذُّنُوبِ وَ هُوَ دَاعِي الْحِرْمَانِ وَ الْبَغْيُ سَائِقٌ إِلَى الْحَيْنِ وَ الشَّرَهُ (3) جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٍ وَ أَمَلٍ كَاذِبٍ وَ رَجَاءٍ يُؤَدِّي إِلَى الْحِرْمَانِ وَ تِجَارَةٍ تَئُولُ إِلَى الْخُسْرَانِ أَلَا وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ غَيْرَ نَاظِرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْضِحَاتِ النَّوَائِبِ (4) وَ بِئْسَتِ الْقِلَادَةُ الذَّنْبُ لِلْمُؤْمِنِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَ لَا عِزَّ أَرْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَ لَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ وَ لَا نَصَبَ أَوْضَعُ مِنَ الْغَضَبِ وَ لَا جَمَالَ أَزْيَنُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا سَوْأَةَ أَسْوَأُ مِنَ الْكَذِبِ (5) وَ لَا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ وَ لَا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ وَ مَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللَّهِ لَمْ يَأْسَفْ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَ مَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ (6) وَ مَنْ نَسِيَ زَلَلَهُ اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَيْرِهِ وَ مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَ مَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ-


1- أي تمكن و استقر في متسع الراحة. و الاحتكار: الجمع و الامساك. «فى»
2- التقحم: الدخول في الامر من غير روية.
3- الحين- بالفتح-: الهلاك و الشره: الحرص.
4- في بعض النسخ [مفظعات].
5- السوءة: الخصلة القبيحة.
6- في بعض النسخ [انهتك حجاب بيته].

ص: 20

وَ مَنْ سَفِهَ عَلَى النَّاسِ شُتِمَ وَ مَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حُقِّرَ (1) وَ مَنْ حَمَلَ مَا لَا يُطِيقُ عَجَزَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَالَ هُوَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ (2) وَ لَا فَقْرَ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا وَاعِظَ هُوَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَ لَا وَحْشَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ لَا حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَ الصَّمْتِ أَيُّهَا النَّاسُ فِي الْإِنْسَانِ عَشْرُ خِصَالٍ يُظْهِرُهَا لِسَانُهُ شَاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّمِيرِ حَاكِمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخِطَابِ وَ نَاطِقٌ يُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ وَ شَافِعٌ يُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ وَ وَاصِفٌ يُعْرَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَ أَمِيرٌ يَأْمُرُ بِالْحَسَنِ وَ وَاعِظٌ يَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ وَ مُعَزٍّ تُسَكَّنُ بِهِ الْأَحْزَانُ (3) وَ حَاضِرٌ تُجْلَى بِهِ الضَّغَائِنُ (4) وَ مُونِقٌ تَلْتَذُّ بِهِ الْأَسْمَاعُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ (5) كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ وَ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ وَ مَنْ لَا يَعْلَمْ يَجْهَلْ وَ مَنْ لَا يَتَحَلَّمْ لَا يَحْلُمْ وَ مَنْ لَا يَرْتَدِعْ لَا يَعْقِلْ وَ مَنْ لَا يَعْلَمْ يُهَنْ وَ مَنْ يُهَنْ لَا يُوَقَّرْ وَ مَنْ لَا يُوَقَّرْ يَتَوَبَّخْ (6) وَ مَنْ يَكْتَسِبْ مَالًا مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِ أَجْرِهِ وَ مَنْ لَا يَدَعْ وَ هُوَ مَحْمُودٌ يَدَعْ وَ هُوَ مَذْمُومٌ (7) وَ مَنْ لَمْ يُعْطِ قَاعِداً مُنِعَ قَائِماً (8) وَ مَنْ يَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَيْرِ حَقٍّ يَذِلَّ وَ مَنْ يَغْلِبْ بِالْجَوْرِ يُغْلَبْ وَ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ وَ مَنْ تَفَقَّهَ وُقِّرَ وَ مَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ وَ مَنْ لَا يُحْسِنْ لَا يُحْمَدْ-


1- الانذال: السفهاء و الاخسّاء.
2- الاعود: الانفع.
3- «معز» من التعزية بمعنى التسلية.
4- في تحف العقول «و حامد تجلى به الضغائن» و الضغينة: الحقد و المونق: المعجب و في بعض النسخ [تلهى به الاسماع] و في بعضها [يلهى الاسماع].
5- الحكم- بالضم-: الحكمة.
6- في بعض النسخ «و من يتّق ينج» موضع «و من لا يوقر يتوبّخ».
7- يعني من لا يدع الشر و ما لا ينبغي على اختيار يدعه على اضطرار. «فى»
8- يعني ان الرزق قد قسّمه اللّه فمن لم يرزق قاعدا لم يجدّ له القيام و الحركة. «فى»

ص: 21

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الدَّنِيَّةِ وَ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ (1) وَ الْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ وَ الْقَبْرَ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ وَ غَضَّ الْبَصَرِ (2) خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّظَرِ وَ الدَّهْرَ يَوْمٌ لَكَ وَ يَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ (3) وَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ فَبِكِلَيْهِمَا تُمْتَحَنُ (4) [وَ فِي نُسْخَةٍ وَ كِلَاهُمَا سَيُخْتَبَرُ] أَيُّهَا النَّاسُ أَعْجَبُ مَا فِي الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ وَ لَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَ إِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَ إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ وَ إِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ وَ إِنْ أُسْعِدَ بِالرِّضَى نَسِيَ التَّحَفُّظَ (5) وَ إِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ وَ إِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْعِزَّةُ (6) [وَ فِي نُسْخَةٍ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ] وَ إِنْ جُدِّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ وَ إِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَ إِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ (7) [وَ فِي نُسْخَةٍ جَهَدَهُ الْبُكَاءُ] وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَ إِنْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَ إِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ (8) فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَ كُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ فَلَّ ذَلَ (9) وَ مَنْ جَادَ سَادَ وَ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ رَأَسَ وَ مَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ


1- يعني ان الموت خير من الذلة فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف و في نهج البلاغة: «المنية و لا الدنية و التقلل و لا التوسل و هو أوضح و على هذا يكون معنى «و الحساب قبل العقاب» أن محاسبة النفس في الدنيا خير من التعرض للعقاب في الأخرى و التجلد: تكلف الشدة و القوّة و التبلد ضده. «فى»
2- في بعض النسخ [عمى البصر] و لعله أظهر. «آت»
3- البطر: شدة الفرح.
4- في بعض النسخ [سيخسر] و في بعضها [سيحسر]- بالمهملات- بمعنى الكشف.
5- لعل المراد أنّه إذا اعين بالرضا و سرّ لم يتحفظ عما يوجب شينه من قول و فعل. «فى»
6- كانها بالاهمال و الزاى و يحتمل الاعجام و الراء و كذا في اختها الا أنّه ينبغي أن تكون الثالثة على خلاف الأوليين أو إحداهما. «فى»
7- عضه: أمسكه باسنانه.
8- أي ملاءته حتّى لا يطيق النفس.
9- فل- بالفاء- أى كسر «فى». و في بعض النسخ بالقاف أي من قل في الاحسان و الجود في كل ما هو كمال إمّا في الآخرة أو في الدنيا فهو ذليل أو من أعوانه ذل. «مأخوذ من آت»

ص: 22

نَبُلَ وَ مَنْ أَفْكَرَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَزَنْدَقَ (1)وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْ ءٍ عُرِفَ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ اسْتُخِفَّ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ ضِحْكُهُ ذَهَبَتْ هَيْبَتُهُ فَسَدَ حَسَبُ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَدَبٌ إِنَّ أَفْضَلَ الْفِعَالِ صِيَانَةُ الْعِرْضِ بِالْمَالِ لَيْسَ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ بِذِي مَعْقُولٍ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ فَلْيَسْتَعِدَّ لِقِيلٍ وَ قَالٍ لَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَ لَا فَقِيرٌ لِإِقْلَالِهِ أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ أَنَّ الْمَوْتَ يُشْتَرَى لَاشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا الْكَرِيمُ الْأَبْلَجُ وَ اللَّئِيمُ الْمَلْهُوجُ (2) أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَوَاهِدَ تُجْرِي الْأَنْفُسَ عَنْ مَدْرَجَةِ أَهْلِ التَّفْرِيطِ وَ فِطْنَةُ الْفَهْمِ (3) لِلْمَوَاعِظِ مَا يَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْحَذَرِ مِنَ الْخَطَرِ وَ لِلْقُلُوبِ خَوَاطِرَ لِلْهَوَى وَ الْعُقُولُ تَزْجُرُ وَ تَنْهَى وَ فِي التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَ الِاعْتِبَارُ يَقُودُ إِلَى الرَّشَادِ وَ كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ مَا تَكْرَهُهُ لِغَيْرِكَ وَ عَلَيْكَ لِأَخِيكَ الْمُؤْمِنِ مِثْلُ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ لَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَ التَّدَبُّرُ (4) قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يُؤْمِنُكَ مِنَ النَّدَمِ وَ مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ (5) وَ مَنْ أَمْسَكَ عَنِ الْفُضُولِ عَدَلَتْ رَأْيَهُ الْعُقُولُ (6) وَ مَنْ حَصَّنَ


1- النبالة: الفضل و الشرف و الفعل بضم الباء. و قوله: «أفكر» أفكر في الشي ء و فكّر و تفكّر بمعنى واحد. و تزندق أي صار زنديقا. «آت»
2- الملهوج هو الحريص- مفعول بمعنى الفاعل- كمسعود و وجه اشترائهما الموت رضائهما به لان الكريم إذا اشتهر توجّه الناس إليه بما عجز عن قدر اشتهاره و علو همته و خجل ممّا نسب إليه فرضى بالموت. و أمّا الحريص فلانه لم يبلغ ما حرص عليه فلا يزال يتعب نفسه و يزيد حرصه فيتمنى بذلك الموت. «فى» و قال العلّامة المجلسيّ «ره»: الكريم يتمنى الموت لشدة حرصه في الكرم و قلة بضاعته و اللئيم يشتراه لانه لا يحصل له ما هو مقتضى حرصه و ينقص من ماله شي ء بالضرورة و هو مخالف لسجيته و يرى الناس في نعمة فيحسدهم عليها فهو في شدة لازمة لا ينفك عنها بدون الموت فيتمناه.
3- في الوافي [و تفطنه الفهم] و قال الفيض- رحمه اللّه- تذكير البارز باعتبار المرء و ما يدعو بدل من المواعظ.
4- في بعض النسخ [و التدبير].
5- استقبال وجوه الآراء ملاحظتها واحدا واحدا. «فى»
6- عدلت من التعديل و يحتمل أن يكون بالتخفيف بمعنى المعادلة أي بمفرده يعدله ساير العقول. «فى» و في بعض النسخ [و من حصر شهوته].

ص: 23

شَهْوَتَهُ فَقَدْ صَانَ قَدْرَهُ وَ مَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ قَوْمُهُ وَ نَالَ حَاجَتَهُ وَ فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ وَ الْأَيَّامُ تُوضِحُ لَكَ السَّرَائِرَ الْكَامِنَةَ وَ لَيْسَ فِي الْبَرْقِ الْخَاطِفِ مُسْتَمْتَعٌ لِمَنْ يَخُوضُ فِي الظُّلْمَةِ (1) وَ مَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُيُونُ بِالْوَقَارِ وَ الْهَيْبَةِ وَ أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى وَ الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ وَ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ وَصُولٌ مُعْدِمٌ (2) خَيْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ وَ الْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا وَ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ (3) وَ قَدْ أَوْجَبَ الدَّهْرُ شُكْرَهُ عَلَى مَنْ نَالَ سُؤْلَهُ وَ قَلَّ مَا يُنْصِفُكَ اللِّسَانُ فِي نَشْرِ قَبِيحٍ أَوْ إِحْسَانٍ (4) وَ مَنْ ضَاقَ خُلُقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ وَ مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ وَ قَلَّ مَا تَصْدُقُكَ الْأُمْنِيَّةُ وَ التَّوَاضُعُ يَكْسُوكَ الْمَهَابَةَ وَ فِي سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ كَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَى ذَنْبِهِ فِي آخِرِ أَيَّامِ عُمُرِهِ (5) وَ مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ عَيْبُهُ وَ انْحُ الْقَصْدَ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنَّ مَنْ تَحَرَّى الْقَصْدَ خَفَّتْ عَلَيْهِ الْمُؤَنُ (6) وَ فِي خِلَافِ النَّفْسِ رُشْدُكَ مَنْ عَرَفَ الْأَيَّامَ لَمْ يَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ أَلَا وَ إِنَّ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقاً وَ إِنَّ فِي كُلِّ أُكْلَةٍ غَصَصاً- لَا تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلَّا بِزَوَالِ أُخْرَى وَ لِكُلِّ ذِي رَمَقٍ قُوتٌ وَ لِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ وَ أَنْتَ قُوتُ الْمَوْتِ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ مَشَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بَطْنِهَا وَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ يَتَنَازَعَانِ [يَتَسَارَعَانِ (7)] فِي هَدْمِ الْأَعْمَارِ-


1- لعل المراد أنّه لا ينفعك ما يقرع سمعك من العلوم النادرة كالبرق الخاطف بل ينبغي أن تواظب على سماع المواعظ و تستضي ء دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلم الجهالات و يحتمل أن يكون المراد لا ينفع سماع العلم مع الانغماس في ظلمات المعاصى و الذنوب. «آت»
2- بفتح الواو أي البار و المعدم: الفقير لانه أعدم المال كما أن المكثر أكثره. «فى»
3- أي من أطلق عينه و نظره كثر أسفه لانه ربما يتعلق بقلبه ممّا نظر إليه ما يلهيه عن المهمات أو يوقعه في الآفات. «فى»
4- يعني يحملك في الاكثر على المبالغة و الزيادة في القول. «فى»
5- يعني و هو في آخر عمره و لا يدرى به و الغرض من الترغيب في الانتهاء عن الذنب و المبادرة إلى التوبة منه. «فى»
6- أي اقصد الوسط العدل من القول و جانب التعدى و الافراط و التفريط ليخف عليك المؤن فان من قال جورا او ادعى أمرا باطلا يشتد عليه الامر لعدم امكانه اثباته. «آت»
7- في بعض النسخ [و الليل و النهار يتسارعان- و في نسخة اخرى- يتنازعان في هدم الاعمار].

ص: 24

يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَ صُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ إِنَّ مِنَ الْكَرَمِ لِينَ الْكَلَامِ وَ مِنَ الْعِبَادَةِ إِظْهَارَ اللِّسَانِ وَ إِفْشَاءَ السَّلَامِ إِيَّاكَ وَ الْخَدِيعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلُقِ اللَّئِيمِ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَ لَا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ لَا تَرْغَبْ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ رُبَّ بَعِيدٍ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ أَلَا وَ مَنْ أَسْرَعَ فِي الْمَسِيرِ أَدْرَكَهُ الْمَقِيلُ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخِيكَ كَمَا تَعْلَمُهَا فِيكَ (1) اغْتَفِرْ زَلَّةَ صَدِيقِكَ لِيَوْمِ يَرْكَبُكَ عَدُوُّكَ مَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَرِّهِ طَالَ حُزْنُهُ وَ عَذَّبَ نَفْسَهُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ [مَنْ خَافَ رَبَّهُ كُفِيَ عَذَابَهُ] وَ مَنْ لَمْ يَزِغْ (2) فِي كَلَامِهِ أَظْهَرَ فَخْرَهُ وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ إِنَّ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةَ الزَّادِ مَا أَصْغَرَ الْمُصِيبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ وَ مَا تَنَاكَرْتُمْ إِلَّا لِمَا فِيكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَ مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَ كُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ وَ عِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ تُبْدُو الْكَبَائِرُ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَ تَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنَ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ هَيْهَاتَ لَوْ لَا التُّقَى لَكُنْتُ أَدْهَى الْعَرَبِ (3) أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً ص الْوَسِيلَةَ وَ وَعْدُهُ الْحَقُ وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ أَلَا وَ إِنَّ الْوَسِيلَةَ عَلَى دَرَجِ الْجَنَّةِ وَ ذِرْوَةِ ذَوَائِبِ الزُّلْفَةِ (4) وَ نِهَايَةِ غَايَةِ الْأُمْنِيَّةِ لَهَا أَلْفُ مِرْقَاةٍ مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ حُضْرُ الْفَرَسِ الْجَوَادِ مِائَةَ عَامٍ (5) وَ هُوَ مَا بَيْنَ مِرْقَاةِ دُرَّةٍ


1- في بعض النسخ [لما تعلمها]. و المقيل من القيلولة.
2- أي من لم يمل في كلامه عن الحق. و في بعض النسخ بالمهملة من رعى يرعى أي عدم الرعاية في الكلام يوجب اظهار الفخر و يمكن أن يكون بضم الراء من الروع بمعنى الخوف و في بعض النسخ بالمعجمة يقال: كلام مرغ إذا لم يفصح عن المعنى فالمراد أن انتظام الكلام و الفصاحة فيه اظهار للفخر و الكمال فيكون مدحا لازما و في أمالي الصدوق [و الفقيه] و من لم يرع في كلامه أظهر هجره و الهجر: الفحش و كثرة الكلام في ما لا ينبغي و لعله أظهر. «مأخوذ من آت»
3- الدهاء: جودة الرأى و الفطنة.
4- أي اعلاها و الزلفة: القرب و لا يخفى لطف الاستعارة. «فى»
5- حضر الفرس- بالضم- عدوه. و زاد في بعض النسخ [و في نسخة ألف عام].

ص: 25

إِلَى مِرْقَاةِ جَوْهَرَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ زَبَرْجَدَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ لُؤْلُؤَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ يَاقُوتَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ زُمُرُّدَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ مَرْجَانَةٍ إِلَى مِرْقَاةِ كَافُورٍ إِلَى مِرْقَاةِ عَنْبَرٍ إِلَى مِرْقَاةِ يَلَنْجُوجٍ (1) إِلَى مِرْقَاةِ ذَهَبٍ إِلَى مِرْقَاةِ غَمَامٍ إِلَى مِرْقَاةِ هَوَاءٍ إِلَى مِرْقَاةِ نُورٍ (2) قَدْ أَنَافَتْ عَلَى كُلِّ الْجِنَانِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْمَئِذٍ قَاعِدٌ عَلَيْهَا مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ (3) رَيْطَةٍ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ رَيْطَةٍ مِنْ نُورِ اللَّهِ عَلَيْهِ تَاجُ النُّبُوَّةِ وَ إِكْلِيلُ الرِّسَالَةِ (4) قَدْ أَشْرَقَ بِنُورِهِ الْمَوْقِفُ وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَ هِيَ دُونَ دَرَجَتِهِ وَ عَلَيَّ رَيْطَتَانِ رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ (5) وَ رَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ وَ الرُّسُلُ وَ الْأَنْبِيَاءُ قَدْ وَقَفُوا عَلَى الْمَرَاقِي وَ أَعْلَامُ الْأَزْمِنَةِ وَ حُجَجُ الدُّهُورِ (6) عَنْ أَيْمَانِنَا وَ قَدْ تَجَلَّلَهُمْ حُلَلُ النُّورِ وَ الْكَرَامَةِ لَا يَرَانَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا بُهِتَ بِأَنْوَارِنَا وَ عَجِبَ مِنْ ضِيَائِنَا وَ جَلَالَتِنَا وَ عَنْ يَمِينِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّسُولِ ص غَمَامَةٌ بَسْطَةَ الْبَصَرِ (7) يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ وَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ وَ مَنْ كَفَرَ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ وَ عَنْ يَسَارِ الْوَسِيلَةِ عَنْ يَسَارِ الرَّسُولِ ص ظُلَّةٌ (8) يَأْتِي مِنْهَا النِّدَاءُ يَا أَهْلَ الْمَوْقِفِ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّ الْوَصِيَّ وَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَ الَّذِي لَهُ الْمُلْكُ الْأَعْلَى لَا فَازَ أَحَدٌ وَ لَا نَالَ الرَّوْحَ وَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ لَقِيَ خَالِقَهُ بِالْإِخْلَاصِ لَهُمَا وَ الِاقْتِدَارِ بِنُجُومِهِمَا- فَأَيْقِنُوا يَا أَهْلَ وَلَايَةِ اللَّهِ بِبَيَاضِ وُجُوهِكُمْ وَ شَرَفِ مَقْعَدِكُمْ وَ كَرَمِ مَآبِكُمْ وَ بِفَوْزِكُمُ الْيَوْمَ عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ* وَ يَا أَهْلَ الِانْحِرَافِ وَ الصُّدُودِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ رَسُولِهِ وَ صِرَاطِهِ وَ أَعْلَامِ الْأَزْمِنَةِ أَيْقِنُوا بِسَوَادِ وُجُوهِكُمْ وَ غَضَبِ رَبِّكُمْ جَزَاءً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ مَا مِنْ رَسُولٍ سَلَفَ وَ لَا نَبِيٍّ مَضَى إِلَّا وَ قَدْ كَانَ مُخْبِراً أُمَّتَهُ بِالْمُرْسَلِ الْوَارِدِ مِنْ بَعْدِهِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولِ اللَّهِ


1- يلنجوج: عود البخور.
2- تشبيه المراقى بالجواهر إشارة إلى اختلاف الدرجات في الشرف و الفضل. «فى». و قوله: «قد أنافت» أي ارتفعت و اشرفت.
3- الريطة: كل ثوب رقيق لين.
4- الاكليل: التاج.
5- أي ثياب حمر و شجر له ورد.
6- أي الأوصياء و سائر الائمّة عليهم السلام.
7- أي قدر مدّ البصر.
8- في بعض النسخ [ظلمة].

ص: 26

ص- وَ مُوصِياً قَوْمَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَ مُحَلِّيَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ لِيَعْرِفُوهُ بِصِفَتِهِ وَ لِيَتَّبِعُوهُ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ لِئَلَّا يَضِلُّوا فِيهِ مِنْ بَعْدِهِ فَيَكُونَ مَنْ هَلَكَ أَوْ ضَلَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ تَعْيِينِ حُجَّةٍ فَكَانَتِ الْأُمَمُ فِي رَجَاءٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ وُرُودٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَئِنْ أُصِيبَتْ بِفَقْدِ نَبِيٍّ بَعْدَ نَبِيٍّ عَلَى عِظَمِ مَصَائِبِهِمْ وَ فَجَائِعِهَا بِهِمْ (1) فَقَدْ كَانَتْ عَلَى سَعَةٍ مِنَ الْأَمَلِ وَ لَا مُصِيبَةٌ عَظُمَتْ وَ لَا رَزِيَّةٌ جَلَّتْ كَالْمُصِيبَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ ص لِأَنَّ اللَّهَ خَتَمَ بِهِ الْإِنْذَارَ (2) وَ الْإِعْذَارَ وَ قَطَعَ بِهِ الِاحْتِجَاجَ وَ الْعُذْرَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُ بَابَهُ الَّذِي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِبَادِهِ وَ مُهَيْمِنَهُ (3) الَّذِي لَا يَقْبَلُ إِلَّا بِهِ- وَ لَا قُرْبَةَ إِلَيْهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (4) فَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ وَ مَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَا فَوَّضَ إِلَيْهِ وَ شَاهِداً لَهُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ وَ عَصَاهُ وَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي التَّحْرِيضِ عَلَى اتَّبَاعِهِ وَ التَّرْغِيبِ فِي تَصْدِيقِهِ وَ الْقَبُولِ بِدَعْوَتِهِ- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (5) فَاتِّبَاعُهُ ص مَحَبَّةُ اللَّهِ وَ رِضَاهُ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَ كَمَالُ الْفَوْزِ وَ وُجُوبُ الْجَنَّةِ وَ فِي التَّوَلِّي عَنْهُ وَ الْإِعْرَاضِ مُحَادَّةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ وَ سَخَطُهُ وَ الْبُعْدُ مِنْهُ مُسْكِنُ النَّارِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ (6) يَعْنِي الْجُحُودَ بِهِ وَ الْعِصْيَانَ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ امْتَحَنَ بِي عِبَادَهُ وَ قَتَلَ بِيَدِي أَضْدَادَهُ وَ أَفْنَى بِسَيْفِي جُحَّادَهُ وَ جَعَلَنِي زُلْفَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ حِيَاضَ مَوْتٍ عَلَى الْجَبَّارِينَ وَ سَيْفَهُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ وَ شَدَّ بِي أَزْرَ رَسُولِهِ وَ أَكْرَمَنِي بِنَصْرِهِ وَ شَرَّفَنِي بِعِلْمِهِ وَ حَبَانِي بِأَحْكَامِهِ وَ اخْتَصَّنِي بِوَصِيَّتِهِ وَ اصْطَفَانِي بِخِلَافَتِهِ فِي أُمَّتِهِ فَقَالَ ص وَ قَدْ حَشَدَهُ (7) الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ انْغَصَّتْ (8) بِهِمُ الْمَحَافِلُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي- كَهَارُونَ (9)مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي فَعَقَلَ الْمُؤْمِنُونَ


1- في بعض النسخ [و فجائعهم].
2- في بعض النسخ [حسم] أى قطع.
3- المهيمن: القائم الحافظ و المشاهد و المؤتمن.
4- النساء: 80.
5- آل عمران: 31.
6- هود: 17.
7- حشد القوم أي اجتمعوا.
8- أي تضيقت بهم المحافل.
9- في بعض النسخ [بمنزلة هارون].

ص: 27

عَنِ اللَّهِ نَطَقَ الرَّسُولُ إِذْ عَرَفُونِي أَنِّي لَسْتُ بِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ كَمَا كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَى لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ وَ لَا كُنْتُ نَبِيّاً فَاقْتَضَى نُبُوَّةً وَ لَكِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِخْلَافاً لِي كَمَا اسْتَخْلَفَ مُوسَى هَارُونَ ع حَيْثُ يَقُولُ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (1) وَ قَوْلُهُ ع حِينَ تَكَلَّمَتْ طَائِفَةٌ فَقَالَتْ نَحْنُ مَوَالِي رَسُولِ اللَّهِ ص فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ صَارَ إِلَى غَدِيرِ خُمٍّ فَأَمَرَ فَأُصْلِحَ لَهُ شِبْهُ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَلَاهُ وَ أَخَذَ بِعَضُدِي حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ رَافِعاً صَوْتَهُ قَائِلًا فِي مَحْفِلِهِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ فَكَانَتْ عَلَى وَلَايَتِي وَلَايَةُ اللَّهِ وَ عَلَى عَدَاوَتِي عَدَاوَةُ اللَّهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ- الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (2) فَكَانَتْ وَلَايَتِي كَمَالَ الدِّينِ وَ رِضَا الرَّبِّ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اخْتِصَاصاً لِي وَ تَكَرُّماً نَحَلَنِيهِ وَ إِعْظَاماً وَ تَفْصِيلًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص مَنَحَنِيهِ (3) وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى- ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (4) فِيَّ مَنَاقِبُ لَوْ ذَكَرْتُهَا لَعَظُمَ بِهَا الِارْتِفَاعُ فَطَالَ لَهَا الِاسْتِمَاعُ وَ لَئِنْ تَقَمَّصَهَا دُونِيَ الْأَشْقَيَانِ وَ نَازَعَانِي فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا بِحَقٍّ وَ رَكِبَاهَا ضَلَالَةً وَ اعْتَقَدَاهَا جَهَالَةً فَلَبِئْسَ مَا عَلَيْهِ وَرَدَا وَ لَبِئْسَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا مَهَّدَا يَتَلَاعَنَانِ (5) فِي دُورِهِمَا وَ يَتَبَرَّأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ يَقُولُ لِقَرِينِهِ إِذَا الْتَقَيَا يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ فَيُجِيبُهُ الْأَشْقَى عَلَى رُثُوثَةٍ (6) يَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْكَ خَلِيلًا لَقَدْ


1- الأعراف: 142.
2- المائدة: 3.
3- قوله عليه السلام: «أنزل اللّه تعالى اختصاصا لي و تكريما نحلنيه» لعل مراده عليه السلام أن اللّه سبحانه سمى نفسه بمولى الناس و كذلك سمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم نفسه به، ثمّ نحلانى و منحانى و اختصانى من بين الأمة بهذه التسمية تكريما منهما لي و تفضيلا و إعظاما. أو أراد عليه السلام أن رد الأمة إليه بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ردّ إلى اللّه عزّ و جلّ و ان هذه الآية إنّما نزلت بهذا المعنى كما نبّه عليه بقوله: «و كانت على ولايتى ولاية اللّه» و ذلك لانه به كمل الدين و تمت النعمة و دام من رجع إليه من الأمة واحدا بعد واحد إلى يوم القيامة. أو أراد عليه السلام أن المراد بالمولى في هذه الآية نفسه عليه السلام و أنّه مولاهم الحق لان ردهم إليه ردّ إلى اللّه تعالى. «فى»
4- الأنعام: 62.
5- ظاهر الفقرات أن هذه الخطبة كانت بعد انقضاء دولتهما و هو ينافى ما مر في أول الخبر من أنّها كانت بعد سبعة أيّام من وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لعله اخبار عمّا سيكون.
6- الرثاثة: البذاذة و من اللباس: البالى. و في الوافي «على و ثوبه».

ص: 28

أَضْلَلْتَنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ وَ السَّبِيلُ الَّذِي عَنْهُ مَالَ وَ الْإِيمَانُ الَّذِي بِهِ كَفَرَ وَ الْقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ وَ الدِّينُ الَّذِي بِهِ كَذَّبَ وَ الصِّرَاطُ الَّذِي عَنْهُ نَكَبَ وَ لَئِنْ رَتَعَا فِي الْحُطَامِ الْمُنْصَرِمِ (1) وَ الْغُرُورِ الْمُنْقَطِعِ وَ كَانَا مِنْهُ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ لَهُمَا عَلَى شَرِّ وُرُودٍ فِي أَخْيَبِ وُفُودٍ وَ أَلْعَنِ مَوْرُودٍ يَتَصَارَخَانِ بِاللَّعْنَةِ وَ يَتَنَاعَقَانِ بِالْحَسْرَةِ (2) مَا لَهُمَا مِنْ رَاحَةٍ وَ لَا عَنْ عَذَابِهِمَا مِنْ مَنْدُوحَةٍ إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَزَالُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ وَ سَدَنَةَ أَوْثَانٍ يُقِيمُونَ لَهَا الْمَنَاسِكَ وَ يَنْصِبُونَ لَهَا الْعَتَائِرَ وَ يَتَّخِذُونَ لَهَا الْقُرْبَانَ وَ يَجْعَلُونَ لَهَا الْبَحِيرَةَ وَ الْوَصِيلَةَ وَ السَّائِبَةَ وَ الْحَامَ وَ يَسْتَقْسِمُونَ بِالْأَزْلَامِ (3) عَامِهِينَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حَائِرِينَ عَنِ الرَّشَادِ مُهْطِعِينَ إِلَى الْبِعَادِ (4) وَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ وَ غَمَرَتْهُمْ سَوْدَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ وَ رَضَعُوهَا جَهَالَةً وَ انْفَطَمُوهَا ضَلَالَةً (5) فَأَخْرَجَنَا اللَّهُ إِلَيْهِمْ رَحْمَةً وَ أَطْلَعَنَا عَلَيْهِمْ رَأْفَةً وَ أَسْفَرَ بِنَا عَنِ الْحُجُبِ نُوراً لِمَنِ اقْتَبَسَهُ وَ فَضْلًا لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَ تَأْيِيداً لِمَنْ صَدَّقَهُ فَتَبَوَّءُوا الْعِزَّ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَ الْكَثْرَةَ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَ هَابَتْهُمُ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصَارُ وَ أَذْعَنَتْ لَهُمُ الْجَبَابِرَةُ وَ طَوَائِفُهَا وَ صَارُوا أَهْلَ نِعْمَةٍ مَذْكُورَةٍ وَ كَرَامَةٍ مَيْسُورَةٍ وَ أَمْنٍ بَعْدَ خَوْفٍ وَ جَمْعٍ بَعْدَ كَوْفٍ (6) وَ أَضَاءَتْ بِنَا مَفَاخِرُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَ أَوْلَجْنَاهُمْ (7) بَابَ الْهُدَى وَ أَدْخَلْنَاهُمْ دَارَ السَّلَامِ وَ أَشْمَلْنَاهُمْ ثَوْبَ الْإِيمَانِ وَ فَلَجُوا بِنَا فِي الْعَالَمِينَ وَ أَبْدَتْ لَهُمْ أَيَّامُ الرَّسُولِ آثَارَ الصَّالِحِينَ مِنْ حَامٍ مُجَاهِدٍ وَ مُصَلٍ


1- الرتع: التنعم. و الحطام: الهشيم و من الدنيا كل ما فيها يفنى و يبقى. و المنصرم: المنقطع.
2- نعق بغنمه: صاح.
3- العتائر: جمع العتيرة و هي شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم. و البحيرة و السائبة: ناقتان مخصوصتان كانوا يحرمون الانتفاع بهما. و الوصيلة: شاة مخصوصة يذبحونها على بعض الوجوه و يحرمونها على بعض. و الحام: الفحل من الامل الذي طال مكثه عندهم فلا يركب و لا يمنع من كلاء و ماء. و الاستقسام بالازلام: طلب معرفة ما قسم لهم ممّا لم يقسم بالاقداح. و العمه: التحير و التردد. «فى»
4- المندوحة: السعة. و الاهطاع: الاسراع. و في بعض النسخ [جائزين عن الرشاد]. و الاستحواذ: الاستيلاء.
5- في بعض النسخ [رضعوا جهالة و انفطموا ضلالة]. و الانفطام: الفصل عن الرضاع أي كانوا في صغرهم و كبرهم في الجهالة و الضلالة و في بعض النسخ [و انتظموها ضلالة] فالضمير راجع إلى الجهالة أي انتظموها مع الجهالة في سلك و لعله تصحيف. «آت»
6- أي تفرق و تقطع. و في بعض النسخ [حوب]. و هو الوحشة و الحزن.
7- أي أدخلناهم.

ص: 29

قَانِتٍ وَ مُعْتَكِفٍ زَاهِدٍ يُظْهِرُونَ الْأَمَانَةَ وَ يَأْتُونَ الْمَثَابَةَ حَتَّى إِذَا دَعَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيَّهُ ص وَ رَفَعَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَكُ ذَلِكَ بَعْدَهُ إِلَّا كَلَمْحَةٍ مِنْ خَفْقَةٍ (1) أَوْ وَمِيضٍ مِنْ بَرْقَةٍ إِلَى أَنْ رَجَعُوا عَلَى الْأَعْقَابِ وَ انْتَكَصُوا عَلَى الْأَدْبَارِ وَ طَلَبُوا بِالْأَوْتَارِ وَ أَظْهَرُوا الْكَتَائِبَ وَ رَدَمُوا الْبَابَ وَ فَلُّوا (2) الدِّيَارَ وَ غَيَّرُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ رَغِبُوا عَنْ أَحْكَامِهِ وَ بَعُدُوا مِنْ أَنْوَارِهِ وَ اسْتَبْدَلُوا بِمُسْتَخْلَفِهِ بَدِيلًا اتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِينَ وَ زَعَمُوا أَنَّ مَنِ اخْتَارُوا مِنْ آلِ أَبِي قُحَافَةَ أَوْلَى بِمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِمَّنِ اخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِمَقَامِهِ وَ أَنَّ مُهَاجِرَ آلِ أَبِي قُحَافَةَ خَيْرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الرَّبَّانِيِّ نَامُوسِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ شَهَادَةِ زُورٍ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَامِ شَهَادَتُهُمْ أَنَّ صَاحِبَهُمْ مُسْتَخْلَفُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَا كَانَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَضَى وَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص الطَّيِّبُ الْمُبَارَكُ أَوَّلَ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ بِالزُّورِ فِي الْإِسْلَامِ وَ عَنْ قَلِيلٍ يَجِدُونَ غِبَّ مَا [يَعْلَمُونَ وَ سَيَجِدُونَ التَّالُونَ غِبَّ مَا أَسَّسَهُ الْأَوَّلُونَ (3) وَ لَئِنْ كَانُوا فِي مَنْدُوحَةٍ مِنَ الْمَهْلِ (4) وَ شِفَاءٍ مِنَ الْأَجَلِ وَ سَعَةٍ مِنَ الْمُنْقَلَبِ وَ اسْتِدْرَاجٍ مِنَ الْغُرُورِ وَ سُكُونٍ مِنَ الْحَالِ وَ إِدْرَاكٍ مِنَ الْأَمَلِ فَقَدْ أَمْهَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَدَّادَ بْنَ عَادٍ وَ ثَمُودَ بْنَ عَبُّودٍ (5) وَ بَلْعَمَ بْنَ بَاعُورٍ وَ أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً وَ أَمَدَّهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ الْأَعْمَارِ وَ أَتَتْهُمُ الْأَرْضُ بِبَرَكَاتِهَا لِيَذَّكَّرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَ لِيَعْرِفُوا الْإِهَابَةَ لَهُ (6) وَ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ وَ لِيَنْتَهُوا عَنِ الِاسْتِكْبَارِ فَلَمَّا بَلَغُوا الْمُدَّةَ وَ اسْتَتَمُّوا الْأُكْلَةَ أَخَذَهُمُ


1- الفلج: الفوز و الظفر. و المثابة: موضع الثواب و مجتمع الناس بعد تفرقهم. و الخفقة: النعاس. و الوميض: اللمع الخفى.
2- و الانتكاس: الرجوع. و الردم: السد. و «فلوا» بالفاء و اللام المشددة أي كسروا و لعله كناية عن السعى في تزلزل بنيانهم و بذل الجهد في خذلانهم و في بعض النسخ [و قلوا] بالقاف أي أبغضوا داره و اظهروا عداوة البيت. «آت»
3- الغب- بتشديد الباء-: العاقبة.
4- أي كانوا في سعة من المهلة. و الشفا- مقصورا-: الطرف. أراد عليه السلام به طول العمر فكأنهم في طرف و الأجل في طرف آخر. «فى»
5- ثمود بن عبود كتنور و ثمود: اسم قوم صالح النبيّ عليه السلام. «آت»
6- في بعض النسخ [ليعترفوا الاهابة له] و في بعضها [ليقترفوا] و الاهابة بمعنى الزجر يقال: أهاب إهابة الراعي بغنمه: صاح لتقف او لترجع بالابل و أيضا زجرها بقوله: «هاب».

ص: 30

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اصْطَلَمَهُمْ (1) فَمِنْهُمْ مَنْ حُصِبَ (2) وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَحْرَقَتْهُ الظُّلَّةُ (3) وَ مِنْهُمْ مَنْ أَوْدَتْهُ الرَّجْفَةُ (4) وَ مِنْهُمْ مَنْ أَرْدَتْهُ الْخَسْفَةُ (5)- فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً فَإِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ لَوْ كُشِفَ لَكَ عَمَّا هَوَى إِلَيْهِ الظَّالِمُونَ وَ آلَ إِلَيْهِ الْأَخْسَرُونَ لَهَرَبْتَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ وَ إِلَيْهِ صَائِرُونَ أَلَا وَ إِنِّي فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ كَهَارُونَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَ كَبَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَسَفِينَةِ نُوحٍ فِي قَوْمِ نُوحٍ إِنِّي النَّبَأُ الْعَظِيمُ وَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَ عَنْ قَلِيلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُونَ وَ هَلْ هِيَ إِلَّا كَلُعْقَةِ الْآكِلِ وَ مَذْقَةِ الشَّارِبِ (6) وَ خَفْقَةِ الْوَسْنَانِ ثُمَّ تُلْزِمُهُمُ الْمَعَرَّاتُ (7) خِزْياً فِي الدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ ... وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَنَكَّبَ مَحَجَّتَهُ وَ أَنْكَرَ حُجَّتَهُ وَ خَالَفَ هُدَاتَهُ وَ حَادَّ عَنْ نُورِهِ وَ اقْتَحَمَ فِي ظُلَمِهِ وَ اسْتَبْدَلَ بِالْمَاءِ السَّرَابَ وَ بِالنَّعِيمِ الْعَذَابَ وَ بِالْفَوْزِ الشَّقَاءَ وَ بِالسَّرَّاءِ الضَّرَّاءَ وَ بِالسَّعَةِ الضَّنْكَ إِلَّا جَزَاءُ اقْتِرَافِهِ (8) وَ سُوءُ خِلَافِهِ- فَلْيُوقِنُوا بِالْوَعْدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَ لْيَسْتَيْقِنُوا بِمَا يُوعَدُونَ يَوْمَ تَأْتِي الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً إِلَى آخِرِ السُّورَةِ (9).


1- الاصطلام: الاستيصال.
2- على بناء المفعول أي رمى بالحصباء و هي الحصى من السماء.
3- الظلة: السحاب. و في بعض النسخ [الظلمة].
4- أي أهلكته الزلزلة.
5- أي أهلكته الخسف و السوخ في الأرض كقارون. «آت»
6- اللعقة- بضم اللام- مصدر: ما تأخذ باصبعك أو في الملعقة و أيضا: القليل ممّا يلعق. و بالفتح: المرة. و الوسنان: من أخذته السنة و هو النائم الذي لم يستغرق في النوم.
7- المعرة: الاثم و الغرم و الاذى. و مكان «خزيا» فى بعض النسخ [جزاء].
8- استثناء من النفي المفهوم من قوله: «فما جزاء». «آت»
9- سورة ق و فيها: «يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ» و تمام السورة «يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ* نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ».

ص: 31

خُطْبَةُ الطَّالُوتِيَّةِ

5- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَانَ حَيّاً بِلَا كَيْفٍ (1) وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَانٌ وَ لَا كَانَ لِكَانِهِ كَيْفٌ وَ لَا كَانَ لَهُ أَيْنٌ وَ لَا كَانَ فِي شَيْ ءٍ وَ لَا كَانَ عَلَى شَيْ ءٍ وَ لَا ابْتَدَعَ لِكَانِهِ مَكَاناً وَ لَا قَوِيَ بَعْدَ مَا كَوَّنَ شَيْئاً وَ لَا كَانَ ضَعِيفاً قَبْلَ أَنْ يُكَوِّنَ شَيْئاً وَ لَا كَانَ مُسْتَوْحِشاً قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِعَ شَيْئاً وَ لَا يُشْبِهُ شَيْئاً وَ لَا كَانَ خِلْواً عَنِ الْمُلْكِ قَبْلَ إِنْشَائِهِ وَ لَا يَكُونُ خِلْواً مِنْهُ بَعْدَ ذَهَابِهِ كَانَ إِلَهاً حَيّاً بِلَا حَيَاةٍ وَ مَالِكاً قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَ شَيْئاً وَ مَالِكاً بَعْدَ إِنْشَائِهِ لِلْكَوْنِ وَ لَيْسَ يَكُونُ لِلَّهِ كَيْفٌ وَ لَا أَيْنٌ وَ لَا حَدٌّ يُعْرَفُ وَ لَا شَيْ ءٌ يُشْبِهُهُ وَ لَا يَهْرَمُ لِطُولِ بَقَائِهِ وَ لَا يَضْعُفُ لِذُعْرَةٍ (2) وَ لَا يَخَافُ كَمَا تَخَافُ خَلِيقَتُهُ مِنْ شَيْ ءٍ وَ لَكِنْ سَمِيعٌ بِغَيْرِ سَمْعٍ وَ بَصِيرٌ بِغَيْرِ بَصَرٍ وَ قَوِيٌّ بِغَيْرِ قُوَّةٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا تُدْرِكُهُ حَدَقُ النَّاظِرِينَ وَ لَا يُحِيطُ بِسَمْعِهِ سَمْعُ السَّامِعِينَ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً كَانَ بِلَا مَشُورَةٍ وَ لَا مُظَاهَرَةٍ وَ لَا مُخَابَرَةٍ وَ لَا يَسْأَلُ أَحَداً عَنْ شَيْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَرَادَهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَ أَنْهَجَ الدَّلَالَةَ ص-


1- أي بلا حياة زائدة يتكيّف بها و لا كيفية من الكيفيات التي تتبع الحياة في المخلوقين، بل حياته علمه و قدرته و هما غير زائدتين على ذاته. و قوله: «و لم يكن له كان» الظاهر أن «كان» اسم «لم يكن» لانه لما قال عليه السلام: «كان» أوهم العبارة زمانا، فنفى عليه السلام ذلك بأنّه كان بلا زمان. أولان الكون يتبادر منه الحدوث عرفا و يخترع الوهم للكون مبدءا فنفى عليه السلام ذلك بان وجوده تعالى أزليّ لا يمكن أن يقال: حدث في ذلك الزمان فالمراد: ب «كان» على التقديرين ما يفهم و يتبادر أو يتوهم منه.
2- في بعض النسخ [لا يصعق]. و الذعرة- بالضم-: الخوف و بالتحريك: الدهش.

ص: 32

أَيُّهَا الْأُمَّةُ الَّتِي خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ وَ عَرَفَتْ خَدِيعَةَ مَنْ خَدَعَهَا فَأَصَرَّتْ عَلَى مَا عَرَفَتْ وَ اتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا وَ ضَرَبَتْ فِي عَشْوَاءِ غَوَايَتِهَا وَ قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ فَصَدَّتْ عَنْهُ (1) وَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ وَ شَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ وَ ادَّخَرْتُمُ الْخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَ أَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ وَاضِحِهِ وَ سَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ لَنَهَجَتْ (2) بِكُمُ السُّبُلُ وَ بَدَتْ لَكُمُ الْأَعْلَامُ وَ أَضَاءَ لَكُمُ الْإِسْلَامُ فَأَكَلْتُمْ رَغَداً (3) وَ مَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ وَ لَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَ لَا مُعَاهَدٌ وَ لَكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلَامِ فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا (4) وَ سُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ وَ اخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ فَأَفْتَيْتُمْ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ اتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ وَ تَرَكْتُمُ الْأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ إِذَا ذُكِرَ الْأَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ هُوَ الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ فَكَيْفَ وَ قَدْ تَرَكْتُمُوهُ- وَ نَبَذْتُمُوهُ وَ خَالَفْتُمُوهُ (5) رُوَيْداً عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ وَ تَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ (6) وَ مَا اجْتَلَبْتُمْ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي صَاحِبُكُمْ وَ الَّذِي بِهِ أُمِرْتُمْ وَ أَنِّي عَالِمُكُمْ وَ الَّذِي بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ وَ وَصِيُّ نَبِيِّكُمْ وَ خِيَرَةُ رَبِّكُمْ وَ لِسَانُ نُورِكُمْ وَ الْعَالِمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ فَعَنْ قَلِيلٍ رُوَيْداً يَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ وَ مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ وَ سَيَسْأَلُكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ وَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَداً تَصِيرُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُمْ أَعْدَاؤُكُمْ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَئُولُوا إِلَى الْحَقِّ وَ تُنِيبُوا لِلصِّدْقِ فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ وَ آخَذَ بِالرِّفْقِ اللَّهُمَّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ-


1- في بعض النسخ [صدعت].
2- في بعض النسخ [لتنهّجت] و في بعضها [لابتهجت] و الابتهاج: السرور و نهج أي وضح و تنهّج قريب منه.
3- أي واسعة طيبة.
4- الرحب- بالضم-: السعة، أي مع سعتها.
5- أي كيف ينفعكم هذا الإقرار و الاذعان و قد تركتم متابعة قائله أو كيف تقولون هذا مع أنه مخالف لافعالكم. «آت»
6- الاجترام: الاكتساب. و الاجتلاب: جلب الشي ء إلى النفس. و في بعض النسخ [اجتنيتم] من اجتناء الثمرة أو بمعنى كسب الجرم.

ص: 33

قَالَ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَرَّ بِصِيرَةٍ (1) فِيهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ شَاةً فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي رِجَالًا يَنْصَحُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ بِعَدَدِ هَذِهِ الشِّيَاهِ لَأَزَلْتُ ابْنَ آكِلَةِ الذِّبَّانِ (2) عَنْ مُلْكِهِ قَالَ فَلَمَّا أَمْسَى بَايَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ رَجُلًا عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اغْدُوا بِنَا إِلَى أَحْجَارِ الزَّيْتِ (3) مُحَلِّقِينَ وَ حَلَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَمَا وَافَى مِنَ الْقَوْمِ مُحَلِّقاً إِلَّا أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ جَاءَ سَلْمَانُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ- اللَّهُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي كَمَا اسْتَضْعَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ هَارُونَ اللَّهُمَّ فَ إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى عَلَيْكَ شَيْ ءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ ... تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ أَمَا وَ الْبَيْتِ وَ الْمُفْضِي (4) إِلَى الْبَيْتِ- [وَ فِي نُسْخَةٍ وَ الْمُزْدَلِفَةِ] وَ الْخِفَافِ إِلَى التَّجْمِيرِ- لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ ص لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ وَ لَأَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ شَآبِيبَ (5) صَوَاعِقِ الْمَوْتِ وَ عَنْ قَلِيلٍ سَيَعْلَمُونَ.

6- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَصِيرٍ وَ قَدْ خَفَرَهُ النَّفَسُ (6) فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا هَذَا النَّفَسُ الْعَالِي فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَبِرَ سِنِّي وَ دَقَّ عَظْمِي وَ اقْتَرَبَ أَجَلِي مَعَ أَنَّنِي لَسْتُ أَدْرِي مَا أَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ إِنَّكَ لَتَقُولُ هَذَا قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَيْفَ لَا أَقُولُ هَذَا فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكْرِمُ الشَّبَابَ مِنْكُمْ-


1- الصيرة: حظيرة تتخذ من الحجارة و أغصان الشجرة للغنم و البقر.
2- الذبّان- بالكسر و التشديد-: جمع ذباب و كنّى بابن آكلتها عن سلطان الوقت فانهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه. «فى»
3- أحجار الزيت: موضع داخل المدينة.
4- المفضى إلى البيت: ماسه بيده. و الخفاف: سرعة الحركة. و لعلّ المراد بالتجمير رمى الجمار. و الخليج: النهر. «فى»
5- شآبيب: جمع شؤبوب- بالضم مهموزا- و هو الدفعة من المطر. «آت»
6- الخفر: الحث و الاعجال.

ص: 34

وَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ يُكْرِمُ الشَّبَابَ وَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ فَقَالَ يُكْرِمُ اللَّهُ الشَّبَابَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْكُهُولِ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ قَالَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا لَكُمْ خَاصَّةً دُونَ الْعَالَمِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنَّا قَدْ نُبِزْنَا نَبْزاً (1) انْكَسَرَتْ لَهُ ظُهُورُنَا وَ مَاتَتْ لَهُ أَفْئِدَتُنَا وَ اسْتَحَلَّتْ لَهُ الْوُلَاةُ دِمَاءَنَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ لَهُمْ فُقَهَاؤُهُمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّافِضَةُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا هُمْ سَمَّوْكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سَمَّاكُمْ بِهِ (2) أَ مَا عَلِمْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنَّ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ ضَلَالُهُمْ فَلَحِقُوا بِمُوسَى ع لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ هُدَاهُ فَسُمُّوا فِي عَسْكَرِ مُوسَى الرَّافِضَةَ لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَ كَانُوا أَشَدَّ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَسْكَرِ عِبَادَةً وَ أَشَدَّهُمْ حُبّاً لِمُوسَى وَ هَارُونَ وَ ذُرِّيَّتِهِمَا ع فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى ع أَنْ أَثْبِتْ لَهُمْ هَذَا الِاسْمَ فِي التَّوْرَاةِ فَإِنِّي قَدْ سَمَّيْتُهُمْ بِهِ وَ نَحَلْتُهُمْ إِيَّاهُ فَأَثْبَتَ مُوسَى ع الِاسْمَ لَهُمْ ثُمَّ ذَخَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَكُمْ هَذَا الِاسْمَ حَتَّى نَحَلَكُمُوهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَفَضُوا الْخَيْرَ وَ رَفَضْتُمُ الشَّرَّ افْتَرَقَ النَّاسُ كُلَّ فُرْقَةٍ وَ تَشَعَّبُوا كُلَّ شُعْبَةٍ فَانْشَعَبْتُمْ مَعَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ ص وَ ذَهَبْتُمْ حَيْثُ ذَهَبُوا وَ اخْتَرْتُمْ مَنِ اخْتَارَ اللَّهُ لَكُمْ وَ أَرَدْتُمْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا فَأَنْتُمْ وَ اللَّهِ الْمَرْحُومُونَ الْمُتَقَبَّلُ مِنْ مُحْسِنِكُمْ وَ الْمُتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِكُمْ مَنْ لَمْ يَأْتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ حَسَنَةٌ وَ لَمْ يُتَجَاوَزْ لَهُ عَنْ سَيِّئَةٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي- فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَةً يُسْقِطُونَ الذُّنُوبَ عَنْ ظُهُورِ شِيعَتِنَا كَمَا يُسْقِطُ الرِّيحُ الْوَرَقَ فِي أَوَانِ سُقُوطِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (3) اسْتِغْفَارُهُمْ وَ اللَّهِ لَكُمْ دُونَ هَذَا الْخَلْقِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا


1- النبز- بالتحريك-: اللقب.
2- في بعض النسخ [بل اللّه سماكم به].
3- المؤمن: 7.

ص: 35

اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (1) إِنَّكُمْ وَفَيْتُمْ بِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِيثَاقَكُمْ مِنْ وَلَايَتِنَا وَ إِنَّكُمْ لَمْ تُبَدِّلُوا بِنَا غَيْرَنَا وَ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَعَيَّرَكُمُ اللَّهُ كَمَا عَيَّرَهُمْ حَيْثُ يَقُولُ جَلَّ ذِكْرُهُ- وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (2) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (3) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ- الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (4) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ شِيعَتَنَا وَ عَدُوَّنَا فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (5) فَنَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ عَدُوُّنَا الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وَ شِيعَتُنَا هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ مَا اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَا أَتْبَاعِهِمْ مَا خَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ شِيعَتَهُ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ (6) يَعْنِي بِذَلِكَ عَلِيّاً ع وَ شِيعَتَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ- يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (7) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (8) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا إِلَّا الْأَئِمَّةَ ع وَ شِيعَتَهُمْ فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ


1- الأحزاب: 23.
2- الأعراف: 102.
3- الحجر: 47.
4- الزخرف: 67.
5- الزمر: 9.
6- الدخان: 42 و 43.
7- الزمر: 53.
8- الحجر: 42.

ص: 36

أُولئِكَ رَفِيقاً (1) فَرَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْآيَةِ النَّبِيُّونَ وَ نَحْنُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ أَنْتُمُ الصَّالِحُونَ فَتَسَمَّوْا بِالصَّلَاحِ كَمَا سَمَّاكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَدْ ذَكَرَكُمُ اللَّهُ إِذْ حَكَى عَنْ عَدُوِّكُمْ فِي النَّارِ بِقَوْلِهِ- وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (2) وَ اللَّهِ مَا عَنَى وَ لَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ صِرْتُمْ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْعَالَمِ شِرَارَ النَّاسِ وَ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ تُحْبَرُونَ (3) وَ فِي النَّارِ تُطْلَبُونَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ تَقُودُ إِلَى الْجَنَّةِ وَ لَا تَذْكُرُ أَهْلَهَا بِخَيْرٍ إِلَّا وَ هِيَ فِينَا وَ فِي شِيعَتِنَا وَ مَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ تَذْكُرُ أَهْلَهَا بِشَرٍّ وَ لَا تَسُوقُ إِلَى النَّارِ إِلَّا وَ هِيَ فِي عَدُوِّنَا وَ مَنْ خَالَفَنَا فَهَلْ سَرَرْتُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْنِي فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَيْسَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ بُرَآءُ (4) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَهَلْ سَرَرْتُكَ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَقَالَ حَسْبِي.

حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَعَ الْمَنْصُورِ فِي مَوْكِبِهِ

7- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ ذُكِرَ هَؤُلَاءِ عِنْدَهُ وَ سُوءُ حَالِ الشِّيعَةِ عِنْدَهُمْ فَقَالَ إِنِّي سِرْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ (5) وَ هُوَ فِي مَوْكِبِهِ وَ هُوَ عَلَى فَرَسٍ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلٌ وَ مِنْ خَلْفِهِ خَيْلٌ وَ أَنَا عَلَى حِمَارٍ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ كَانَ فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْرَحَ بِمَا أَعْطَانَا اللَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ وَ فَتَحَ لَنَا مِنَ الْعِزِّ-


1- النساء: 69.
2- ص: 62 و 63.
3- أي تكرمون و تنعمون و تسرون.
4- براء- ككرام- و في بعض النسخ [برآء] كفقهاء و كلاهما جمع بري ء.
5- يعني الدوانيقي.

ص: 37

وَ لَا تُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنَّا وَ أَهْلَ بَيْتِكَ فَتُغْرِيَنَا بِكَ وَ بِهِمْ (1) قَالَ فَقُلْتُ وَ مَنْ رَفَعَ هَذَا إِلَيْكَ عَنِّي فَقَدْ كَذَبَ فَقَالَ لِي أَ تَحْلِفُ عَلَى مَا تَقُولُ قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ سَحَرَةٌ (2) يَعْنِي يُحِبُّونَ أَنْ يُفْسِدُوا قَلْبَكَ عَلَيَّ فَلَا تُمَكِّنْهُمْ مِنْ سَمْعِكَ فَإِنَّا إِلَيْكَ أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَيْنَا فَقَالَ لِي تَذْكُرُ يَوْمَ سَأَلْتُكَ هَلْ لَنَا مُلْكٌ فَقُلْتَ نَعَمْ طَوِيلٌ عَرِيضٌ شَدِيدٌ فَلَا تَزَالُونَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ أَمْرِكُمْ وَ فُسْحَةٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ حَتَّى تُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ الْحَدِيثَ فَقُلْتُ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكْفِيَكَ (3) فَإِنِّي لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا وَ إِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَيْتُهُ ثُمَّ لَعَلَّ غَيْرَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي أَتَانِي بَعْضُ مَوَالِينَا فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ فِي مَوْكِبِ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَنْتَ عَلَى حِمَارٍ وَ هُوَ عَلَى فَرَسٍ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْكَ يُكَلِّمُكَ كَأَنَّكَ تَحْتَهُ فَقُلْتُ بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ وَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وَ هَذَا الْآخَرُ يَعْمَلُ بِالْجَوْرِ وَ يَقْتُلُ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ فِي الْأَرْضِ بِمَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ وَ هُوَ فِي مَوْكِبِهِ وَ أَنْتَ عَلَى حِمَارٍ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ حَتَّى خِفْتُ عَلَى دِينِي وَ نَفْسِي قَالَ فَقُلْتُ لَوْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ حَوْلِي وَ بَيْنَ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَاحْتَقَرْتَهُ وَ احْتَقَرْتَ مَا هُوَ فِيهِ فَقَالَ الْآنَ سَكَنَ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ إِلَى مَتَى هَؤُلَاءِ يَمْلِكُونَ أَوْ مَتَى الرَّاحَةُ مِنْهُمْ فَقُلْتُ أَ لَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ مُدَّةً قَالَ بَلَى فَقُلْتُ هَلْ يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِذَا جَاءَ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ حَالَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَيْفَ هِيَ كُنْتَ لَهُمْ أَشَدَّ بُغْضاً وَ لَوْ جَهَدْتَ أَوْ جَهَدَ أَهْلُ الْأَرْضِ أَنْ يُدْخِلُوهُمْ فِي أَشَدِّ مَا هُمْ فِيهِمْ مِنَ الْإِثْمِ لَمْ يَقْدِرُوا فَلَا يَسْتَفِزَّنَّكَ الشَّيْطَانُ (4) فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ أَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ مَنِ انْتَظَرَ أَمْرَنَا وَ صَبَرَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ الْأَذَى وَ الْخَوْفِ هُوَ غَداً فِي زُمْرَتِنَا فَإِذَا رَأَيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَ ذَهَبَ أَهْلُهُ وَ رَأَيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلَادَ وَ رَأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ وَ أُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَ وُجِّهَ عَلَى الْأَهْوَاءِ وَ رَأَيْتَ الدِّينَ قَدِ انْكَفَأَ كَمَا يَنْكَفِئُ


1- «تغرينا» فى بعض النسخ [تعزينا] و الاغراء: التحريص على الشر.
2- في بعض النسخ [شجرة] و لعله تصحيف. و السحر في كلامهم صرف الشي ء عن وجهه.
3- أي يصونك من أن يقع منك هذا الامر.
4- أي لا يستخفنك الشيطان.

ص: 38

الْمَاءُ (1) وَ رَأَيْتَ أَهْلَ الْبَاطِلِ قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ وَ رَأَيْتَ الشَّرَّ ظَاهِراً لَا يُنْهَى عَنْهُ وَ يُعْذَرُ أَصْحَابُهُ وَ رَأَيْتَ الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ وَ اكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَ رَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ صَامِتاً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَ رَأَيْتَ الْفَاسِقَ يَكْذِبُ وَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ فِرْيَتُهُ (2) وَ رَأَيْتَ الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ بِالْكَبِيرِ وَ رَأَيْتَ الْأَرْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ وَ رَأَيْتَ مَنْ يَمْتَدِحُ بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ وَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَ رَأَيْتَ الْغُلَامَ يُعْطِي مَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ وَ رَأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النِّسَاءَ وَ رَأَيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ (3) وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ فَلَا يُنْهَى وَ لَا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ وَ رَأَيْتَ النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِمَّا يَرَى الْمُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَ رَأَيْتَ الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وَ لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ وَ رَأَيْتَ الْكَافِرَ فَرِحاً لِمَا يَرَى فِي الْمُؤْمِنِ مَرِحاً لِمَا يَرَى فِي الْأَرْضِ مِنَ الْفَسَادِ (4) وَ رَأَيْتَ الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلَانِيَةً وَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَأَيْتَ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِيلًا وَ رَأَيْتَ الْفَاسِقَ فِيمَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ قَوِيّاً مَحْمُوداً وَ رَأَيْتَ أَصْحَابَ الْآيَاتِ يُحْتَقَرُونَ وَ يُحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ (5) وَ رَأَيْتَ سَبِيلَ الْخَيْرِ مُنْقَطِعاً وَ سَبِيلَ الشَّرِّ مَسْلُوكاً وَ رَأَيْتَ بَيْتَ اللَّهِ قَدْ عُطِّلَ وَ يُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُهُ وَ رَأَيْتَ الرِّجَالَ يَتَسَمَّنُونَ (6) لِلرِّجَالِ وَ النِّسَاءَ لِلنِّسَاءِ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ دُبُرِهِ وَ مَعِيشَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ فَرْجِهَا وَ رَأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَّخِذْنَ الْمَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرِّجَالُ وَ رَأَيْتَ التَّأْنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاسِ قَدْ ظَهَرَ وَ أَظْهَرُوا الْخِضَابَ وَ امْتَشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا وَ أَعْطَوُا


1- أي انقلب، كفأت الاناء أي قلبته.
2- الفرية: الكذب و البهتان.
3- في بعض النسخ [رأيت البناء قد كثر].
4- المرح- بالتحريك-: شدة الفرح و النشاط.
5- اصحاب الآيات أي أصحاب العلامات و المعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات و هم الأئمّة أو المفسرون. و في بعض النسخ [أصحاب الآثار] و هم المحدّثون. «آت»
6- أي يستعملون الأغذية و الأدوية للسمن ليعمل معهم القبيح، قال في النهاية: فيه: «يكون في آخر الزمان قوم يتسمّنون» أي يتكثرون بما ليس فيهم و يدّعون ما ليس لهم من الشرف، و قيل: أراد جمعهم الأموال، و قيل: يحبون التوسع في المآكل و المشارب و هي أسباب السمن، و منه الحديث الآخر «و يظهر فيهم السمن» و فيه: «ويل للمسمّنات يوم القيامة من فترة في العظام» أي اللاتى يستعملن السمنة و هو دواء يتسمّن به النساء انتهى. «آت»

ص: 39

الرِّجَالَ الْأَمْوَالَ عَلَى فُرُوجِهِمْ وَ تُنُوفِسَ فِي الرَّجُلِ (1) وَ تَغَايَرَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ أَعَزَّ مِنَ الْمُؤْمِنِ وَ كَانَ الرِّبَا ظَاهِراً لَا يُعَيَّرُ وَ كَانَ الزِّنَا تُمْتَدَحُ بِهِ النِّسَاءُ وَ رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تُصَانِعُ زَوْجَهَا (2) عَلَى نِكَاحِ الرِّجَالِ وَ رَأَيْتَ أَكْثَرَ النَّاسِ وَ خَيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النِّسَاءَ عَلَى فِسْقِهِنَّ وَ رَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلًا وَ رَأَيْتَ الْبِدَعَ وَ الزِّنَا قَدْ ظَهَرَ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَعْتَدُّونَ بِشَاهِدِ الزُّورِ وَ رَأَيْتَ الْحَرَامَ يُحَلَّلُ وَ رَأَيْتَ الْحَلَالَ يُحَرَّمُ وَ رَأَيْتَ الدِّينِ بِالرَّأْيِ وَ عُطِّلَ الْكِتَابُ وَ أَحْكَامُهُ وَ رَأَيْتَ اللَّيْلَ لَا يُسْتَخْفَى بِهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ (3) وَ رَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ إِلَّا بِقَلْبِهِ وَ رَأَيْتَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمَالِ يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَأَيْتَ الْوُلَاةَ يُقَرِّبُونَ أَهْلَ الْكُفْرِ وَ يُبَاعِدُونَ أَهْلَ الْخَيْرِ وَ رَأَيْتَ الْوُلَاةَ يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْمِ وَ رَأَيْتَ الْوِلَايَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ وَ رَأَيْتَ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ يُنْكَحْنَ وَ يُكْتَفَى بِهِنَّ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عَلَى التُّهَمَةِ وَ عَلَى الظِّنَّةِ وَ يَتَغَايَرُ عَلَى الرَّجُلِ الذَّكَرِ فَيَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ وَ مَالَهُ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعَيَّرُ عَلَى إِتْيَانِ النِّسَاءِ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ امْرَأَتِهِ مِنَ الْفُجُورِ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَ يُقِيمُ عَلَيْهِ وَ رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا وَ تَعْمَلُ مَا لَا يَشْتَهِي وَ تُنْفِقُ عَلَى زَوْجِهَا وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُكْرِي امْرَأَتَهُ وَ جَارِيَتَهُ وَ يَرْضَى بِالدَّنِيِّ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ رَأَيْتَ الْأَيْمَانَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَثِيرَةً عَلَى الزُّورِ وَ رَأَيْتَ الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ وَ رَأَيْتَ الشَّرَابَ يُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ وَ رَأَيْتَ النِّسَاءَ يَبْذُلْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِأَهْلِ الْكُفْرِ وَ رَأَيْتَ الْمَلَاهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لَا يَمْنَعُهَا أَحَدٌ أَحَداً وَ لَا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ عَلَى مَنْعِهَا وَ رَأَيْتَ الشَّرِيفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ وَ رَأَيْتَ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ الْوُلَاةِ مَنْ يَمْتَدِحُ بِشَتْمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ رَأَيْتَ مَنْ يُحِبُّنَا يُزَوَّرُ وَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ رَأَيْتَ الزُّورَ مِنَ الْقَوْلِ يُتَنَافَسُ فِيهِ وَ رَأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُهُ وَ خَفَّ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُ


1- أي فروج نسائهم للدياثة و يمكن أن يقرأ الرجال بالرفع و اعطوا على المعلوم أو المجهول من باب أكلوني البراغيث و الأول أظهر. و التنافس: الرغبة في الشي ء و الافراد به و المنافسة: المغالبة على الشي ء و هي المراد هاهنا. «آت» و في بعض النسخ [و تغار عليه الرجال].
2- المصانعة: الرشوة و المداهنة.
3- أي لا ينتظرون دخول الليل ليستتروا به المعاصى بل يعملونها في النهار علانية. «آت»

ص: 40

الْبَاطِلِ وَ رَأَيْتَ الْجَارَ يُكْرِمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ وَ رَأَيْتَ الْحُدُودَ قَدْ عُطِّلَتْ وَ عُمِلَ فِيهَا بِالْأَهْوَاءِ وَ رَأَيْتَ الْمَسَاجِدَ قَدْ زُخْرِفَتْ وَ رَأَيْتَ أَصْدَقَ النَّاسِ عِنْدَ النَّاسِ الْمُفْتَرِيَ الْكَذِبَ وَ رَأَيْتَ الشَّرَّ قَدْ ظَهَرَ وَ السَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ وَ رَأَيْتَ الْبَغْيَ قَدْ فَشَا وَ رَأَيْتَ الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ (1) وَ يُبَشِّرُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ رَأَيْتَ طَلَبَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَ رَأَيْتَ السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِرِ الْمُؤْمِنَ وَ رَأَيْتَ الْخَرَابَ قَدْ أُدِيلَ مِنَ الْعُمْرَانِ (2) وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ بَخْسِ الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ وَ رَأَيْتَ سَفْكَ الدِّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ لِعَرَضِ الدُّنْيَا وَ يَشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللِّسَانِ لِيُتَّقَى وَ تُسْنَدَ إِلَيْهِ الْأُمُورُ وَ رَأَيْتَ الصَّلَاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ ثُمَّ لَمْ يُزَكِّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ وَ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ يُنْبَشُ مِنْ قَبْرِهِ (3) وَ يُؤْذَى وَ تُبَاعُ أَكْفَانُهُ وَ رَأَيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ (4) وَ يُصْبِحُ سَكْرَانَ لَا يَهْتَمُّ بِمَا النَّاسُ فِيهِ وَ رَأَيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ وَ رَأَيْتَ الْبَهَائِمَ يَفْرِسُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلَّاهُ وَ يَرْجِعُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَ رَأَيْتَ قُلُوبَ النَّاسِ قَدْ قَسَتْ وَ جَمَدَتْ أَعْيُنُهُمْ وَ ثَقُلَ الذِّكْرُ عَلَيْهِمْ وَ رَأَيْتَ السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ يُتَنَافَسُ فِيهِ وَ رَأَيْتَ الْمُصَلِّيَ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَرَاهُ النَّاسُ وَ رَأَيْتَ الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْرِ الدِّينِ يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَ الرِّئَاسَةَ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ وَ رَأَيْتَ طَالِبَ الْحَلَالِ يُذَمُّ وَ يُعَيَّرُ وَ طَالِبَ الْحَرَامِ يُمْدَحُ وَ يُعَظَّمُ وَ رَأَيْتَ الْحَرَمَيْنِ يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ لَا يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ وَ لَا يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْعَمَلِ الْقَبِيحِ أَحَدٌ وَ رَأَيْتَ الْمَعَازِفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْنِ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ وَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ فَيَقُولُ هَذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ يَقْتَدُونَ بِأَهْلِ الشُّرُورِ وَ رَأَيْتَ مَسْلَكَ الْخَيْرِ وَ طَرِيقَهُ خَالِياً لَا يَسْلُكُهُ أَحَدٌ وَ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ يُهْزَأُ بِهِ فَلَا يَفْزَعُ لَهُ أَحَدٌ وَ رَأَيْتَ كُلَّ عَامٍ يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ وَ الْبِدْعَةِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ وَ رَأَيْتَ الْخَلْقَ وَ الْمَجَالِسَ لَا يُتَابِعُونَ إِلَّا الْأَغْنِيَاءَ وَ رَأَيْتَ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى عَلَى الضَّحِكِ بِهِ وَ يُرْحَمُ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ وَ رَأَيْتَ الْآيَاتِ فِي السَّمَاءِ لَا يَفْزَعُ لَهَا أَحَدٌ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَتَسَافَدُونَ (5) كَمَا يَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ لَا يُنْكِرُ أَحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ


1- استملحه أي عده مليحا.
2- الادالة: الغلبة.
3- في بعض النسخ [ينشر من قبره].
4- نشوان أي سكران.
5- السفاد: نزو الذكر على الأنثى. أى جهرة في الطرق و الشوارع.

ص: 41

النَّاسِ وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَ يَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ رَأَيْتَ الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ وَ اسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْنِ وَ كَانَا مِنْ أَسْوَإِ النَّاسِ حَالًا عِنْدَ الْوَلَدِ وَ يَفْرَحُ بِأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِمَا وَ رَأَيْتَ النِّسَاءَ وَ قَدْ غَلَبْنَ عَلَى الْمُلْكِ وَ غَلَبْنَ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ لَا يُؤْتَى إِلَّا مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى وَ رَأَيْتَ ابْنَ الرَّجُلِ يَفْتَرِي عَلَى أَبِيهِ وَ يَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ وَ يَفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا وَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ وَ لَمْ يَكْسِبْ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ مِنْ فُجُورٍ أَوْ بَخْسِ مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ أَوْ غِشْيَانِ حَرَامٍ أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً حَزِيناً يَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضِيعَةٌ (1) مِنْ عُمُرِهِ وَ رَأَيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ وَ رَأَيْتَ أَمْوَالَ ذَوِي الْقُرْبَى تُقْسَمُ فِي الزُّورِ وَ يُتَقَامَرُ بِهَا وَ تُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ وَ رَأَيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا وَ يُوصَفُ لِلْمَرِيضِ وَ يُسْتَشْفَى بِهَا وَ رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تَرْكِ التَّدَيُّنِ بِهِ وَ رَأَيْتَ رِيَاحَ الْمُنَافِقِينَ (2) وَ أَهْلِ النِّفَاقِ قَائِمَةً وَ رِيَاحَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا تَحَرَّكُ وَ رَأَيْتَ الْأَذَانَ بِالْأَجْرِ وَ الصَّلَاةَ بِالْأَجْرِ وَ رَأَيْتَ الْمَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ- مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ وَ أَكْلِ لُحُومِ أَهْلِ الْحَقِّ وَ يَتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ الْمُسْكِرِ وَ رَأَيْتَ السَّكْرَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَ هُوَ لَا يَعْقِلُ وَ لَا يُشَانُ (3) بِالسُّكْرِ وَ إِذَا سَكِرَ أُكْرِمَ وَ اتُّقِيَ وَ خِيفَ وَ تُرِكَ لَا يُعَاقَبُ وَ يُعْذَرُ بِسُكْرِهِ وَ رَأَيْتَ مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى يُحْمَدُ بِصَلَاحِهِ وَ رَأَيْتَ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ رَأَيْتَ الْوُلَاةَ يَأْتَمِنُونَ الْخَوَنَةَ لِلطَّمَعِ وَ رَأَيْتَ الْمِيرَاثَ قَدْ وَضَعَتْهُ الْوُلَاةُ لِأَهْلِ الْفُسُوقِ وَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ (4) يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ وَ يُخَلُّونَهُمْ وَ مَا يَشْتَهُونَ وَ رَأَيْتَ الْمَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى وَ لَا يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأْمُرُ وَ رَأَيْتَ الصَّلَاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأَوْقَاتِهَا وَ رَأَيْتَ الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ (5) لَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَ يُعْطَى لِطَلَبِ النَّاسِ وَ رَأَيْتَ


1- أي خسران و نقص.
2- تطلق الريح على الغلبة و القوّة و الرحمة و النصرة و الدولة و النفس و الكل محتمل و الأخير أظهر. «آت»
3- من الشين أي العيب.
4- أي ميراث اليتيم بان تولوا عليها خائنا يأكل بعضها و يعطيهم بعضها. أو يحكمون لكل ميراث للفاسق من الورثة لما يأخذون منه من الرشوة. «آت»
5- أي لا يتصدقون إلّا لمن يشفع له شفيع فيعطون لوجه الشفيع لا لوجه اللّه. أو يعطون لطلب الناس و إبرامهم. «آت»

ص: 42

النَّاسَ هَمُّهُمْ بُطُونُهُمْ وَ فُرُوجُهُمْ لَا يُبَالُونَ بِمَا أَكَلُوا وَ مَا نَكَحُوا وَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ وَ رَأَيْتَ أَعْلَامَ الْحَقِّ قَدْ دَرَسَتْ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ وَ اطْلُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ النَّجَاةَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا يُمْهِلُهُمْ لِأَمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ فَكُنْ مُتَرَقِّباً وَ اجْتَهِدْ لِيَرَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي خِلَافِ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَإِنْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ وَ كُنْتَ فِيهِمْ عَجَّلْتَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ أُخِّرْتَ ابْتُلُوا وَ كُنْتَ قَدْ خَرَجْتَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمْ أَنَ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَ أَنَ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

حَدِيثُ مُوسَى ع

8- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى رَفَعَهُ قَالَ (1): إِنَّ مُوسَى ع نَاجَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ فِي مُنَاجَاتِهِ يَا مُوسَى لَا يَطُولُ فِي الدُّنْيَا أَمَلُكَ فَيَقْسُوَ لِذَلِكَ قَلْبُكَ وَ قَاسِي الْقَلْبِ مِنِّي بَعِيدٌ- يَا مُوسَى كُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ (2) فَإِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَى فَأَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ وَ كُنْ خَلَقَ الثِّيَابِ (3) جَدِيدَ الْقَلْبِ تُخْفَى عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَ تُعْرَفُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ حِلْسَ الْبُيُوتِ (4) مِصْبَاحَ اللَّيْلِ وَ اقْنُتْ بَيْنَ يَدَيَّ قُنُوتَ الصَّابِرِينَ وَ صِحْ إِلَيَّ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ صِيَاحَ الْمُذْنِبِ الْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ وَ اسْتَعِنْ بِي عَلَى ذَلِكَ فَإِنِّي نِعْمَ الْعَوْنُ وَ نِعْمَ الْمُسْتَعَانُ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ فَوْقَ الْعِبَادِ وَ الْعِبَادُ دُونِي وَ كُلٌّ لِي دَاخِرُونَ (5) فَاتَّهِمْ نَفْسَكَ عَلَى نَفْسِكَ وَ لَا تَأْتَمِنْ وَلَدَكَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُكَ مِثْلَكَ يُحِبُّ الصَّالِحِينَ-


1- كذا مرفوعا، مجهولا، موقوفا.
2- هذا تشبيه للمبالغة و حاصله: كن على حال أكون مسرورا بفعالك فكانك تكون مسرورا.
3- الخلق- محركة-: البالى.
4- الحلس: بساط يبسط في البيت.
5- أي صاغرون: عاجزون.

ص: 43

يَا مُوسَى اغْسِلْ وَ اغْتَسِلْ وَ اقْتَرِبْ مِنْ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ يَا مُوسَى كُنْ إِمَامَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَ إِمَامَهُمْ فِيمَا يَتَشَاجَرُونَ (1) وَ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ فَقَدْ أَنْزَلْتُهُ حُكْماً بَيِّناً وَ بُرْهَاناً نَيِّراً وَ نُوراً يَنْطِقُ بِمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ وَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي الْآخِرِينَ أُوصِيكَ يَا مُوسَى وَصِيَّةَ الشَّفِيقِ الْمُشْفِقِ- بِابْنِ الْبَتُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَاحِبِ الْأَتَانِ وَ الْبُرْنُسِ وَ الزَّيْتِ وَ الزَّيْتُونِ وَ الْمِحْرَابِ (2) وَ مِنْ بَعْدِهِ بِصَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ فَمَثَلُهُ فِي كِتَابِكَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُهَيْمِنٌ (3) عَلَى الْكُتُبِ كُلِّهَا وَ أَنَّهُ رَاكِعٌ سَاجِدٌ رَاغِبٌ رَاهِبٌ إِخْوَانُهُ الْمَسَاكِينُ وَ أَنْصَارُهُ قَوْمٌ آخَرُونَ (4) وَ يَكُونُ فِي زَمَانِهِ أَزْلٌ وَ زِلْزَالٌ (5) وَ قَتْلٌ وَ قِلَّةٌ مِنَ الْمَالِ اسْمُهُ أَحْمَدُ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ مِنَ الْبَاقِينَ مِنْ ثُلَّةِ الْأَوَّلِينَ الْمَاضِينَ يُؤْمِنُ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا وَ يُصَدِّقُ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ وَ يَشْهَدُ بِالْإِخْلَاصِ لِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ مُبَارَكَةٌ- مَا بَقُوا فِي الدِّينِ عَلَى حَقَائِقِهِ لَهُمْ سَاعَاتٌ مُوَقَّتَاتٌ يُؤَدُّونَ فِيهَا الصَّلَوَاتِ أَدَاءَ الْعَبْدِ إِلَى سَيِّدِهِ نَافِلَتَهُ فَبِهِ فَصَدِّقْ وَ مِنْهَاجَهُ فَاتَّبِعْ فَإِنَّهُ أَخُوكَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أُمِّيٌّ وَ هُوَ عَبْدٌ صِدْقٌ يُبَارَكُ لَهُ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَ يُبَارَكُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كَانَ فِي عِلْمِي وَ كَذَلِكَ خَلَقْتُهُ بِهِ أَفْتَحُ السَّاعَةَ وَ بِأُمَّتِهِ أَخْتِمُ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا (6) فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ لَا يَدْرُسُوا اسْمَهُ وَ لَا يَخْذُلُوهُ وَ إِنَّهُمْ لَفَاعِلُونَ وَ حُبُّهُ لِي حَسَنَةٌ فَأَنَا مَعَهُ


1- التشاجر: التنازع و التخاصم.
2- الاتان- بالفتح-: الحمارة. و البرنس- بالضم-: قلنسوة طويلة و كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام. و المراد بالزيتون و الزيت: الثمرة المعروفة و دهنها لانه عليه السلام كان يأكلهما أو نزلتا له في المائدة من السماء أو المراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام كما ذكره الفيروزآبادي أى أعطاه اللّه بلاد الشام. و بالزيت الدهن الذي روى أنّه كان في بني إسرائيل و كان غليانها من علامات النبوّة. و المحراب لزومه و كثرة العبادة فيه. «آت»
3- المهيمن هنا: المشاهد و المؤتمن.
4- أي ليسوا من قومه و عشيرته.
5- الازل: الضيق و الشدة.
6- «به أفتح» الباء للملابسة و الغرض اتصال امته و دولته و نبوّته بقيام الساعة. «آت»

ص: 44

وَ أَنَا مِنْ حِزْبِهِ (1) وَ هُوَ مِنْ حِزْبِي وَ حِزْبُهُمُ الْغَالِبُونَ فَتَمَّتْ كَلِمَاتِي لَأُظْهِرَنَّ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَ لَأُعْبَدَنَّ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ لَأُنْزِلَنَّ عَلَيْهِ قُرْآناً فُرْقَاناً شِفَاءً لِما فِي الصُّدُورِ مِنْ نَفْثِ الشَّيْطَانِ فَصَلِّ عَلَيْهِ يَا ابْنَ عِمْرَانَ فَإِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ وَ مَلَائِكَتِي يَا مُوسَى أَنْتَ عَبْدِي وَ أَنَا إِلَهُكَ لَا تَسْتَذِلَّ الْحَقِيرَ الْفَقِيرَ وَ لَا تَغْبِطِ الْغَنِيَّ بِشَيْ ءٍ يَسِيرٍ وَ كُنْ عِنْدَ ذِكْرِي خَاشِعاً وَ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ بِرَحْمَتِي طَامِعاً وَ أَسْمِعْنِي لَذَاذَةَ التَّوْرَاةِ بِصَوْتٍ خَاشِعٍ حَزِينٍ اطْمَئِنَّ عِنْدَ ذِكْرِي وَ ذَكِّرْ بِي مَنْ يَطْمَئِنُّ إِلَيَّ وَ اعْبُدْنِي وَ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ تَحَرَّ مَسَرَّتِي (2) إِنِّي أَنَا السَّيِّدُ الْكَبِيرُ إِنِّي خَلَقْتُكَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (3) مِنْ طِينَةٍ أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَرْضٍ ذَلِيلَةٍ مَمْشُوجَةٍ (4) فَكَانَتْ بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلْقاً فَتَبَارَكَ وَجْهِي وَ تَقَدَّسَ صَنِيعِي (5) لَيْسَ كَمِثْلِي شَيْ ءٌ وَ أَنَا الْحَيُّ الدَّائِمُ الَّذِي لَا أَزُولُ يَا مُوسَى كُنْ إِذَا دَعَوْتَنِي خَائِفاً مُشْفِقاً وَجِلًا عَفِّرْ وَجْهَكَ لِي فِي التُّرَابِ وَ اسْجُدْ لِي بِمَكَارِمِ بَدَنِكَ وَ اقْنُتْ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْقِيَامِ وَ نَاجِنِي حِينَ تُنَاجِينِي بِخَشْيَةٍ مِنْ قَلْبٍ وَجِلٍ وَ احْيَ بِتَوْرَاتِي أَيَّامَ الْحَيَاةِ وَ عَلِّمِ الْجُهَّالَ مَحَامِدِي وَ ذَكِّرْهُمْ آلَائِي وَ نِعْمَتِي وَ قُلْ لَهُمْ لَا يَتَمَادَوْنَ فِي غَيِّ مَا هُمْ فِيهِ فَإِنَّ أَخْذِي أَلِيمٌ شَدِيدٌ يَا مُوسَى إِذَا انْقَطَعَ حَبْلُكَ مِنِّي لَمْ يَتَّصِلْ بِحَبْلِ غَيْرِي فَاعْبُدْنِي وَ قُمْ بَيْنَ يَدَيَّ مَقَامَ الْعَبْدِ الْحَقِيرِ الْفَقِيرِ ذُمَّ نَفْسَكَ فَهِيَ أَوْلَى بِالذَّمِّ وَ لَا تَتَطَاوَلْ بِكِتَابِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَفَى بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ وَ مُنِيراً وَ هُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ وَ تَعَالَى يَا مُوسَى مَتَى مَا دَعَوْتَنِي وَ رَجَوْتَنِي فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ السَّمَاءُ تُسَبِّحُ لِي وَجَلًا وَ الْمَلَائِكَةُ مِنْ مَخَافَتِي مُشْفِقُونَ وَ الْأَرْضُ تُسَبِّحُ لِي طَمَعاً وَ كُلُّ الْخَلْقِ


1- أي أنصره و أعينه. «آت»
2- التحرّي. الطلب.
3- المهين: الحقير و القليل و الضعيف.
4- أي مخلوطة من أنواع و المراد: أنى خلقتك من نطفة و أصل تلك النطفة حصل من شخص خلقته من طينة الأرض و هو آدم عليه السلام و اخذت طينته من جميع وجه الأرض المشتملة على ألوان و أنواع مختلفة. «آت»
5- في بعض النسخ [صنعى].

ص: 45

يُسَبِّحُونَ لِي دَاخِرُونَ (1) ثُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّلَاةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنِّي بِمَكَانٍ وَ لَهَا عِنْدِي عَهْدٌ وَثِيقٌ وَ أَلْحِقْ بِهَا مَا هُوَ مِنْهَا زَكَاةَ الْقُرْبَانِ مِنْ طَيِّبِ الْمَالِ وَ الطَّعَامِ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ يُرَادُ بِهِ وَجْهِي وَ اقْرُنْ مَعَ ذَلِكَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَ الرَّحِمُ أَنَا خَلَقْتُهَا فَضْلًا مِنْ رَحْمَتِي لِيَتَعَاطَفَ بِهَا الْعِبَادُ وَ لَهَا عِنْدِي سُلْطَانٌ فِي مَعَادِ الْآخِرَةِ وَ أَنَا قَاطِعٌ مَنْ قَطَعَهَا وَ وَاصِلٌ مَنْ وَصَلَهَا وَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ ضَيَّعَ أَمْرِي يَا مُوسَى أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا أَتَاكَ بِرَدٍّ جَمِيلٍ أَوْ إِعْطَاءٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ يَبْلُونَكَ كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِيمَا أَوْلَيْتُكَ وَ كَيْفَ مُوَاسَاتُكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ (2) وَ اخْشَعْ لِي بِالتَّضَرُّعِ وَ اهْتِفْ لِي بِوَلْوَلَةِ الْكِتَابِ (3) وَ اعْلَمْ أَنِّي أَدْعُوكَ دُعَاءَ السَّيِّدِ مَمْلُوكَهُ لِيَبْلُغَ بِهِ شَرَفَ الْمَنَازِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ الْأَوَّلِينَ يَا مُوسَى لَا تَنْسَنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ نِسْيَانِي يُقْسِي الْقُلُوبَ وَ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ الْأَرْضُ مُطِيعَةٌ وَ السَّمَاءُ مُطِيعَةٌ وَ الْبِحَارُ مُطِيعَةٌ وَ عِصْيَانِي شَقَاءُ الثَّقَلَيْنِ وَ أَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحْمَانُ كُلِّ زَمَانٍ آتِي بِالشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ وَ بِالرَّخَاءِ بَعْدَ الشِّدَّةِ وَ بِالْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ وَ مُلْكِي دَائِمٌ قَائِمٌ لَا يَزُولُ وَ لَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْ ءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَ كَيْفَ يَخْفَى عَلَيَّ مَا مِنِّي مُبْتَدَؤُهُ وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ هَمُّكَ فِيمَا عِنْدِي وَ إِلَيَّ تَرْجِعُ لَا مَحَالَةَ يَا مُوسَى اجْعَلْنِي حِرْزَكَ وَ ضَعْ عِنْدِي كَنْزَكَ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَ خَفْنِي وَ لَا تَخَفْ غَيْرِي إِلَيَّ الْمَصِيرُ يَا مُوسَى ارْحَمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ فِي الْخَلْقِ وَ لَا تَحْسُدْ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ-


1- في بعض النسخ [داخرين] و هو حال عن الضمير في يسبحون.
2- التخويل: التمليك.
3- الولولة: صوت متتابع بالويل و الاستغاثة، و رفع الصوت بالبكاء و الصياح.

ص: 46

يَا مُوسَى إِنَّ ابْنَيْ آدَمَ تَوَاضَعَا فِي مَنْزِلَةٍ لِيَنَالا بِهَا مِنْ فَضْلِي وَ رَحْمَتِي فَ قَرَّبا قُرْباناً وَ لَا أَقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُتَّقِينَ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَكَيْفَ تَثِقُ بِالصَّاحِبِ بَعْدَ الْأَخِ وَ الْوَزِيرِ يَا مُوسَى ضَعِ الْكِبْرَ وَ دَعِ الْفَخْرَ وَ اذْكُرْ أَنَّكَ سَاكِنُ الْقَبْرِ فَلْيَمْنَعْكَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهَوَاتِ يَا مُوسَى عَجِّلِ التَّوْبَةَ وَ أَخِّرِ الذَّنْبَ وَ تَأَنَّ فِي الْمَكْثِ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الصَّلَاةِ وَ لَا تَرْجُ غَيْرِي اتَّخِذْنِي جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ وَ حِصْناً لِمُلِمَّاتِ الْأُمُورِ يَا مُوسَى كَيْفَ تَخْشَعُ لِي خَلِيقَةٌ لَا تَعْرِفُ فَضْلِي عَلَيْهَا وَ كَيْفَ تَعْرِفُ فَضْلِي عَلَيْهَا وَ هِيَ لَا تَنْظُرُ فِيهِ وَ كَيْفَ تَنْظُرُ فِيهِ وَ هِيَ لَا تُؤْمِنُ بِهِ وَ كَيْفَ تُؤْمِنُ بِهِ وَ هِيَ لَا تَرْجُو ثَوَاباً وَ كَيْفَ تَرْجُو ثَوَاباً وَ هِيَ قَدْ قَنِعَتْ بِالدُّنْيَا وَ اتَّخَذَتْهَا مَأْوًى وَ رَكَنَتْ إِلَيْهَا رُكُونَ الظَّالِمِينَ يَا مُوسَى نَافِسْ فِي الْخَيْرِ أَهْلَهُ فَإِنَّ الْخَيْرَ كَاسْمِهِ وَ دَعِ الشَّرَّ لِكُلِّ مَفْتُونٍ يَا مُوسَى اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ وَ أَكْثِرْ ذِكْرِي بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ تَغْنَمْ وَ لَا تَتَّبِعِ الْخَطَايَا فَتَنْدَمَ فَإِنَّ الْخَطَايَا مَوْعِدُهَا النَّارُ (1) يَا مُوسَى أَطِبِ الْكَلَامَ لِأَهْلِ التَّرْكِ لِلذُّنُوبِ وَ كُنْ لَهُمْ جَلِيساً وَ اتَّخِذْهُمْ لِغَيْبِكَ إِخْوَاناً وَ جِدَّ مَعَهُمْ يَجِدُّونَ مَعَكَ (2) يَا مُوسَى الْمَوْتُ يَأْتِيكَ لَا مَحَالَةَ فَتَزَوَّدْ زَادَ مَنْ هُوَ عَلَى مَا يَتَزَوَّدُ وَارِدٌ عَلَى الْيَقِينِ يَا مُوسَى مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهِي فَكَثِيرٌ قَلِيلُهُ وَ مَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرِي فَقَلِيلٌ كَثِيرُهُ وَ إِنَّ أَصْلَحَ أَيَّامِكَ الَّذِي هُوَ أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ فَأَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَ أَهْلِهِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِيلُهُ قَصِيرٌ وَ قَصِيرُهُ طَوِيلٌ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ فَانٍ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَى ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكَيْ يَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِي الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا كَمَا وَلَّى مِنْهَا وَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَ مِثَالٍ فَكُنْ مُرْتَاداً لِنَفْسِكَ (3) يَا ابْنَ عِمْرَانَ لَعَلَّكَ تَفُوزُ غَداً يَوْمَ السُّؤَالِ فَهُنَالِكَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ يَا مُوسَى أَلْقِ كَفَّيْكَ ذُلًّا بَيْنَ يَدَيَّ كَفِعْلِ الْعَبْدِ الْمُسْتَصْرِخِ إِلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ رُحِمْتَ وَ أَنَا أَكْرَمُ الْقَادِرِينَ-


1- يعني إذا أردت الكلام فابدأ باستعمال قلبك و عقلك.
2- في بعض النسخ [يجودون معك].
3- الارتياد: الطلب.

ص: 47

يَا مُوسَى سَلْنِي مِنْ فَضْلِي وَ رَحْمَتِي فَإِنَّهُمَا بِيَدِي لَا يَمْلِكُهُمَا أَحَدٌ غَيْرِي وَ انْظُرْ حِينَ تَسْأَلُنِي كَيْفَ رَغْبَتَكَ فِيمَا عِنْدِي لِكُلِّ عَامِلٍ جَزَاءٌ وَ قَدْ يُجْزَى الْكَفُورُ بِمَا سَعَى يَا مُوسَى طِبْ نَفْساً عَنِ الدُّنْيَا وَ انْطَوِ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ وَ لَسْتَ لَهَا مَا لَكَ وَ لِدَارِ الظَّالِمِينَ إِلَّا لِعَامِلٍ فِيهَا بِالْخَيْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَ الدَّارُ يَا مُوسَى مَا آمُرُكَ بِهِ فَاسْمَعْ وَ مَهْمَا أَرَاهُ فَاصْنَعْ خُذْ حَقَائِقَ التَّوْرَاةِ إِلَى صَدْرِكَ وَ تَيَقَّظْ بِهَا فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ لَا تُمَكِّنْ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا مِنْ صَدْرِكَ فَيَجْعَلُونَهُ وَكْراً كَوَكْرِ الطَّيْرِ (1) يَا مُوسَى أَبْنَاءُ الدُّنْيَا وَ أَهْلُهَا فِتَنٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَكُلٌّ مُزَيَّنٌ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ وَ الْمُؤْمِنُ مَنْ زُيِّنَتْ لَهُ الْآخِرَةُ فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا يَفْتُرُ قَدْ حَالَتْ شَهْوَتُهَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ لَذَّةِ الْعَيْشِ فَادَّلَجَتْهُ بِالْأَسْحَارِ (2) كَفِعْلِ الرَّاكِبِ السَّائِقِ إِلَى غَايَتِهِ يَظَلُّ كَئِيباً وَ يُمْسِي حَزِيناً (3) فَطُوبَى لَهُ لَوْ قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ذَا يُعَايِنُ مِنَ السُّرُورِ يَا مُوسَى الدُّنْيَا نُطْفَةٌ (4) لَيْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنْ فَاجِرٍ فَالْوَيْلُ الطَّوِيلُ لِمَنْ بَاعَ ثَوَابَ مَعَادِهِ بِلَعْقَةٍ لَمْ تَبْقَ وَ بِلَعْسَةٍ لَمْ تَدُمْ (5) وَ كَذَلِكَ فَكُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ وَ كُلُّ أَمْرِي رَشَادٌ-


1- الوكر و الوكرة: عش الطائر.
2- الادلاج: السير بالليل و ظاهر العبارة أنّه استعمل هنا متعديا بمعنى التسيير بالليل و لم يأت فيما عندنا من كتب اللغة قال الفيروزآبادي: الدلج- محركة- و الدلجة- بالضم و الفتح-: السير من أول الليل و قد أدلجوا، فان ساروا من آخره فادّلجوا- بالتشديد- انتهى و يمكن أن يكون على الحذف و الايصال أن ادلجت الشهوة معه و سيرته بالاسحار كالراكب الذي يسابق قرينه إلى الغاية التي يتسابقان إليها و الغاية هنا الجنة و الفوز بالكرامة و القرب و الحب و الوصال أو الموت و هو الأظهر. «آت» و قال الفيض- رحمه اللّه-: هو كناية عن عبادته و اجتهاده.
3- الكأبة: الغم و سوء الحال و الانكسار من الحزن و المعنى أنّه يكون في نهاره مغموما و في ليله محزونا لطلب الآخرة و لكن لو كشف الغطاء حتّى يرى ما له في الآخرة يحصل له السرور ما لا يخفى. «آت»
4- النطفة: ما يبقى في الدلو أو القربة من الماء، كنّى بها عن قلتها. «فى»
5- اللعقة: القليل ممّا يلعق و اللعس- بالفتح-: العض و المراد هنا ما يقطعه باسنانه و في بعض النسخ [بلعقة لم تبق و بلعة لم تدم].

ص: 48

يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عَجِلَتْ لِي عُقُوبَتُهُ وَ إِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً ظَلُوماً وَ لَا تَكُنْ لِلظَّالِمِينَ قَرِيناً يَا مُوسَى مَا عُمُرٌ وَ إِنْ طَالَ يُذَمُّ آخِرُهُ وَ مَا ضَرَّكَ مَا زُوِيَ عَنْكَ إِذَا حُمِدَتْ مَغَبَّتُهُ (1) يَا مُوسَى صَرَخَ الْكِتَابُ إِلَيْكَ صُرَاخاً بِمَا أَنْتَ إِلَيْهِ صَائِرٌ فَكَيْفَ تَرْقُدُ عَلَى هَذَا الْعُيُونُ أَمْ كَيْفَ يَجِدُ قَوْمٌ لَذَّةَ الْعَيْشِ لَوْ لَا التَّمَادِي فِي الْغَفْلَةِ وَ الِاتِّبَاعُ لِلشِّقْوَةِ وَ التَّتَابُعُ لِلشَّهْوَةِ وَ مِنْ دُونِ هَذَا يَجْزَعُ الصِّدِّيقُونَ يَا مُوسَى مُرْ عِبَادِي يَدْعُونِي عَلَى مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يُقِرُّوا لِي أَنِّي أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ مُجِيبُ الْمُضْطَرِّينَ وَ أَكْشِفُ السُّوءَ وَ أُبَدِّلُ الزَّمَانَ وَ آتِي بِالرَّخَاءِ وَ أَشْكُرُ الْيَسِيرَ وَ أُثِيبُ الْكَثِيرَ وَ أُغْنِي الْفَقِيرَ وَ أَنَا الدَّائِمُ الْعَزِيزُ الْقَدِيرُ فَمَنْ لَجَأَ إِلَيْكَ وَ انْضَوَى إِلَيْكَ (2) مِنَ الْخَاطِئِينَ فَقُلْ أَهْلًا وَ سَهْلًا يَا رَحْبَ (3) الْفِنَاءِ بِفِنَاءِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ كُنْ لَهُمْ كَأَحَدِهِمْ وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنَا أَعْطَيْتُكَ فَضْلَهُ وَ قُلْ لَهُمْ فَلْيَسْأَلُونِي مِنْ فَضْلِي وَ رَحْمَتِي فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَيْرِي وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ طُوبَى لَكَ يَا مُوسَى كَهْفُ الْخَاطِئِينَ وَ جَلِيسُ الْمُضْطَرِّينَ وَ مُسْتَغْفَرٌ لِلْمُذْنِبِينَ إِنَّكَ مِنِّي بِالْمَكَانِ الرَّضِيِّ فَادْعُنِي بِالْقَلْبِ النَّقِيِّ وَ اللِّسَانِ الصَّادِقِ وَ كُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ أَطِعْ أَمْرِي وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَى عِبَادِي بِمَا لَيْسَ مِنْكَ مُبْتَدَاهُ وَ تَقَرَّبْ إِلَيَّ فَإِنِّي مِنْكَ قَرِيبٌ فَإِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ مَا يُؤْذِيكَ ثِقَلُهُ وَ لَا حَمْلُهُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ أَنْ تَدْعُوَنِي فَأُجِيبَكَ وَ أَنْ تَسْأَلَنِي فَأُعْطِيَكَ وَ أَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيَّ بِمَا مِنِّي أَخَذْتَ تَأْوِيلَهُ وَ عَلَيَّ تَمَامُ تَنْزِيلِهِ يَا مُوسَى انْظُرْ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهَا عَنْ قَرِيبٍ قَبْرُكَ وَ ارْفَعْ عَيْنَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ فَوْقَكَ فِيهَا مُلْكاً عَظِيماً وَ ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ مَا دُمْتَ فِي الدُّنْيَا وَ تَخَوَّفِ الْعَطَبَ (4) وَ


1- زوى عنك أي بعد عنك: و المغبّة: العاقبة.
2- انضوى إليه: انضمّ، و في بعض النسخ [و انطوى].
3- الرحب- بالضم-: السعة. و بالفتح-: الواسع. و لعلّ المراد أن من لجأ إليك يا موسى من عبادى الخاطئين لتستغفر له و تدخل باستشفاعك في زمرة الساكنين في جوار قبولى فلا ترد مسألته فان رحمتى قد سبقت غضبى، فقل له: أهلا و سهلا و مرحبا فانّك رحب الفناء بسبب كونك في فناء قبولى و رحمتى الواسعة، فآمنه من سخطى و أسكنه باستغفارك و شفاعتك المقبولة في فناء فضلى و مغفرتى. «كذا وجدته في هامش بعض النسخ المخطوطة» و قد يقرأ في بعض نسخ الحديث «بأرحب لفناء» و الظاهر هو الأصحّ
4- العطب- بالتحريك-: الهلاك.

ص: 49

الْمَهَالِكَ وَ لَا تَغُرَّنَّكَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَ زَهْرَتُهَا وَ لَا تَرْضَ بِالظُّلْمِ وَ لَا تَكُنْ ظَالِماً فَإِنِّي لِلظَّالِمِ رَصِيدٌ (1) حَتَّى أُدِيلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ يَا مُوسَى إِنَّ الْحَسَنَةَ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ وَ مِنَ السَّيِّئَةِ الْوَاحِدَةِ الْهَلَاكُ لَا تُشْرِكْ بِي لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُشْرِكَ بِي قَارِبْ وَ سَدِّدْ (2) وَ ادْعُ دُعَاءَ الطَّامِعِ الرَّاغِبِ فِيمَا عِنْدِي النَّادِمِ عَلَى مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ فَإِنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ وَ كَذَلِكَ السَّيِّئَةُ تَمْحُوهَا الْحَسَنَةُ وَ عَشْوَةُ (3) اللَّيْلِ تَأْتِي عَلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَ كَذَلِكَ السَّيِّئَةُ تَأْتِي عَلَى الْحَسَنَةِ الْجَلِيلَةِ فَتُسَوِّدُهَا.

9- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَرَأْتُ جَوَاباً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُ وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ يَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

10- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَيْثَمِ بْنِ أَشْيَمَ (4) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ص ذَاتَ يَوْمٍ وَ هُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً فَقَالَ لَهُ النَّاسُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ زَادَكَ سُرُوراً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ وَ لَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَ لِيَ فِيهِمَا تُحْفَةٌ مِنَ اللَّهِ أَلَا وَ إِنَّ رَبِّي أَتْحَفَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضَى إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ سَبْعَةً لَمْ يَخْلُقْ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضَى وَ لَا يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيُّكَ سَيِّدُ


1- أي رقيب، منتظر لجزائه و في تحف العقول [بمرصد] و اديل أي اغلب المظلوم عليه. «آت»
2- «قارب و سدد» قال في النهاية: و فيه سددوا و قاربوا أي اقتصدوا في الأمور كلها و اتركوا العلو فيها و التقصير، يقال: قارب فلان في الأمور إذا اقتصد. و قال في السين و الدال: فيه: قاربوا و سددوا أي اطلبوا باعمالكم السداد و الاستقامة و هو القصد في الامر و العدل فيه. «آت»
3- عشوة الليل: ظلمته.
4- في بعض النسخ [عثيم] و لعله الأظهر.

ص: 50

الْوَصِيِّينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيِّدَا الْأَسْبَاطِ وَ حَمْزَةُ عَمُّكَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ جَعْفَرٌ ابْنُ عَمِّكَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَ مِنْكُمُ الْقَائِمُ يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ع.

11- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ الْمِصْرِيِ (1) عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ (2) قَالَ فَقَالَ إِنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْطِقْ وَ لَنْ يَنْطِقَ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص هُوَ النَّاطِقُ بِالْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- هَذَا كِتَابُنَا يُنْطَقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا لَا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا فَقَالَ هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَ لَكِنَّهُ فِيمَا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.

12- جَمَاعَةٌ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها (3) قَالَ الشَّمْسُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِهِ أَوْضَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ قَالَ قُلْتُ الْقَمَرِ إِذا تَلاها قَالَ ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع تَلَا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ نَفَثَهُ بِالْعِلْمِ نَفْثاً قَالَ قُلْتُ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها قَالَ ذَاكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ الَّذِينَ اسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ دُونَ آلِ الرَّسُولِ ص وَ جَلَسُوا مَجْلِساً كَانَ آلُ الرَّسُولِ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ فَغَشُوا دِينَ اللَّهِ بِالظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ فَحَكَى اللَّهُ فِعْلَهُمْ فَقَالَ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها قَالَ قُلْتُ وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ ع يُسْأَلُ عَنْ دِينِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَيُجَلِّيهِ لِمَنْ سَأَلَهُ فَحَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَهُ فَقَالَ وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها.

13- سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قَالَ يَغْشَاهُمُ الْقَائِمُ بِالسَّيْفِ قَالَ قُلْتُ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ قَالَ خَاضِعَةٌ لَا تُطِيقُ الِامْتِنَاعَ قَالَ قُلْتُ عامِلَةٌ قَالَ عَمِلَتْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ ناصِبَةٌ قَالَ نَصَبَتْ غَيْرَ وُلَاةِ الْأَمْرِ قَالَ قُلْتُ تَصْلى ناراً حامِيَةً قَالَ تَصْلَى نَارَ الْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَهْدِ الْقَائِمِ وَ فِي الْآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ.

14- سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع


1- في رجال الشيخ «البصرى» و ذكر ابن داود «النصرى» بالنون. «آت»
2- الجاثية: 28.
3- الشمس: 1 إلى 4.

ص: 51

قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (1) قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ مَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ قُلْتُ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَزْعُمُونَ وَ يَحْلِفُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ الْمَوْتَى قَالَ فَقَالَ تَبّاً لِمَنْ قَالَ هَذَا سَلْهُمْ هَلْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أَمْ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَوْجِدْنِيهِ قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ قَوْماً مِنْ شِيعَتِنَا قِبَاعُ سُيُوفِهِمْ (2) عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ شِيعَتِنَا لَمْ يَمُوتُوا فَيَقُولُونَ بُعِثَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ مِنْ قُبُورِهِمْ وَ هُمْ مَعَ الْقَائِمِ فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ عَدُوِّنَا فَيَقُولُونَ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ مَا أَكْذَبَكُمْ هَذِهِ دَوْلَتُكُمْ وَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا الْكَذِبَ لَا وَ اللَّهِ مَا عَاشَ هَؤُلَاءِ وَ لَا يَعِيشُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَحَكَى اللَّهُ قَوْلَهُمْ فَقَالَ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ.

15- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْخَلِيلِ الْأَسَدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (3) قَالَ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ فَهَرَبُوا إِلَى الرُّومِ


1- النحل: 41.
2- قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد.
3- الأنبياء: 12. أى فلما أدركوا شدة عذابنا ادراك المشاهد المحسوس إذا هم منها يركضون أى يهربون مسرعين، راكضين دوابهم و مشبهين بهم من فرط إسراعهم. «لا تَرْكُضُوا» على ارادة القول أي قيل لهم استهزاء: لا تركضوا إمّا بلسان الحال أو المقال و القائل ملك أو من مضى من المؤمنين، «وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ من التنعم و التلذذ أو الاتراف إبطار النعمة، «وَ مَساكِنِكُمْ» التي كانت لكم. «لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ» غدا عن أعمالكم أو تعذبون فان السؤال من مقدمات العذاب او تقصدون للسؤال و التشاور في المهام و النوازل «قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ» لما رأوا العذاب او تقصدون للسؤال و التشاور في المهام و النوازل «قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ» لما رأوا العذاب و لم يروا وجه النجاة فلذلك لم ينفعهم «فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ» فما زالوا يرددون ذلك و إنّما سماه دعوى لان المولول كانه يدعو الويل و يقول: يا ويل تعال فهذا أوانك. و كل من «تلك» و «دعواهم» يحتمل الاسمية و الخبرية «حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً» مثل الحصيد و هو النبت المحصود و لذلك لم يجمع. «خامدين» ميتين من خمدت النار و هو مع «حصيدا» بمنزلة المفعول الثاني كقولك: جعلته حلوا حامضا إذ المعنى جعلناهم جامعين لمماثلة الحصد و الخمود أو صفة له أو حال من ضميره «آت عن البيضاوى».

ص: 52

فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ لَا نُدْخِلَنَّكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا فَيُعَلِّقُونَ فِي أَعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ فَيُدْخِلُونَهُمْ فَإِذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أَصْحَابُ الْقَائِمِ طَلَبُوا الْأَمَانَ وَ الصُّلْحَ فَيَقُولُ أَصْحَابُ الْقَائِمِ لَا نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا قَالَ فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ- لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قَالَ يَسْأَلُهُمُ الْكُنُوزَ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهَا قَالَ فَيَقُولُونَ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (1) بِالسَّيْفِ.

رِسَالَةُ أَبِي جَعْفَرٍ ع إِلَى سَعْدٍ الْخَيْرِ

رِسَالَةُ أَبِي جَعْفَرٍ ع إِلَى سَعْدٍ الْخَيْرِ (2)

16- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَى سَعْدٍ الْخَيْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ فِيهَا السَّلَامَةَ مِنَ التَّلَفِ وَ الْغَنِيمَةَ فِي الْمُنْقَلَبِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقِي بِالتَّقْوَى عَنِ الْعَبْدِ مَا عَزَبَ عَنْهُ عَقْلُهُ (3) وَ يُجْلِي بِالتَّقْوَى عَنْهُ عَمَاهُ وَ جَهْلَهُ وَ بِالتَّقْوَى نَجَا نُوحٌ وَ مَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَ صَالِحٌ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّاعِقَةِ وَ بِالتَّقْوَى فَازَ الصَّابِرُونَ وَ نَجَتْ تِلْكَ الْعُصَبُ (4) مِنَ الْمَهَالِكِ وَ لَهُمْ إِخْوَانٌ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ يَلْتَمِسُونَ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ نَبَذُوا طُغْيَانَهُمْ مِنَ الْإِيرَادِ بِالشَّهَوَاتِ لِمَا بَلَغَهُمْ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْمَثُلَاتِ حَمِدُوا رَبَّهُمْ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ وَ هُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ وَ ذَمُّوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا فَرَّطُوا وَ هُمْ أَهْلُ الذَّمِّ وَ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْحَلِيمَ الْعَلِيمَ إِنَّمَا غَضَبُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ رِضَاهُ وَ إِنَّمَا يَمْنَعُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ عَطَاهُ وَ إِنَّمَا


1- الأنبياء: 14 و 15.
2- في هامش غير واحد من النسخ: «و هو سعد بن عبد الملك الاموى صاحب نهر السعيد بالرحبة» و كانه من المؤلّف- رحمه اللّه- كما يظهر من بعض النسخ حيث جعلها في المتن قبل ذكر الرسالة.
3- عزب أي بعد، و في بعض النسخ [نفى بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله].
4- العصب: جمع العصبة او هي من الرجال و الخيل و الطير ما بين العشرة إلى الأربعين. «آت»

ص: 53

يُضِلُّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ هُدَاهُ ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ السَّيِّئَاتِ مِنَ التَّوْبَةِ بِتَبْدِيلِ الْحَسَنَاتِ دَعَا عِبَادَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَى ذَلِكَ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ لَمْ يَنْقَطِعْ وَ لَمْ يَمْنَعْ دُعَاءَ عِبَادِهِ- فَلَعَنَ اللَّهُ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فَسَبَقَتْ قَبْلَ الْغَضَبِ فَتَمَّتْ صِدْقاً وَ عَدْلًا فَلَيْسَ يَبْتَدِئُ الْعِبَادَ بِالْغَضَبِ قَبْلَ أَنْ يُغْضِبُوهُ وَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ وَ عِلْمِ التَّقْوَى وَ كُلُّ أُمَّةٍ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِلْمَ الْكِتَابِ حِينَ نَبَذُوهُ وَ وَلَّاهُمْ عَدُوَّهُمْ حِينَ تَوَلَّوْهُ وَ كَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ أَقَامُوا حُرُوفَهُ وَ حَرَّفُوا حُدُودَهُ فَهُمْ يَرْوُونَهُ وَ لَا يَرْعَوْنَهُ وَ الْجُهَّالُ يُعْجِبُهُمْ حِفْظُهُمْ لِلرِّوَايَةِ وَ الْعُلَمَاءُ يَحْزُنُهُمْ تَرْكُهُمْ لِلرِّعَايَةِ وَ كَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ وَلَّوْهُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (1) فَأَوْرَدُوهُمُ الْهَوَى وَ أَصْدَرُوهُمْ إِلَى الرَّدَى وَ غَيَّرُوا عُرَى الدِّينِ ثُمَّ وَرَّثُوهُ فِي السَّفَهِ وَ الصِّبَا (2) فَالْأُمَّةُ يَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِ النَّاسِ بَعْدَ أَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ عَلَيْهِ يُرَدُّونَ فَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَلَايَةُ النَّاسِ بَعْدَ وَلَايَةِ اللَّهِ (3) وَ ثَوَابُ النَّاسِ بَعْدَ ثَوَابِ اللَّهِ وَ رِضَا النَّاسِ بَعْدَ رِضَا اللَّهِ فَأَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ كَذَلِكَ وَ فِيهِمُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى تِلْكَ الضَّلَالَةِ مُعْجَبُونَ مَفْتُونُونَ فَعِبَادَتُهُمْ فِتْنَةٌ لَهُمْ وَ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِمْ وَ قَدْ كَانَ فِي الرُّسُلِ ذِكْرى لِلْعابِدِينَ إِنَّ نَبِيّاً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ يَسْتَكْمِلُ الطَّاعَةَ (4) ثُمَّ يَعْصِي اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي الْبَابِ الْوَاحِدِ فَخَرَجَ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ (5) وَ يُنْبَذُ بِهِ فِي بَطْنِ


1- أي جعلوا ولى الكتاب و القيم عليه و الحاكم به الذين لا يعلمونه و جعلوهم رؤساء على أنفسهم يتبعونهم في الفتاوي و غيرها. «آت»
2- أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل او صبى غير عاقل و قوله: «بعد أمر اللّه» أي صدوره او الاطلاع عليه أو تركه، و الورود و الصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال و الاخذ و الرجوع بالقبول. «آت»
3- «ولاية الناس» هو المخصوص بالذم.
4- أشار به إلى يونس عليه السلام. و المراد بعصيانه غضبه على قومه و هربه منهم بغير اذن ربّه، روى أنّه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره اللّه تعالى. و اعلم أن العصيان هنا ترك الافضل و الأولى و ذلك لانه لم يكن هناك أمر من اللّه تعالى حتّى عصاه بترك الإتيان به أو نهى منه حتّى خالفه بارتكابه فاطلاق لفظ العصيان مجاز عن ترك الأولى و الافضل و ذلك بالنسبة إلى درجات كمالهم بمنزلة العصيان.
5- إطلاق الجنة على الدنيا لعلّ بالإضافة إلى بطن الحوت. كما قاله الفيض- رحمه اللّه-.

ص: 54

الْحُوتِ ثُمَّ لَا يُنَجِّيهِ إِلَّا الِاعْتِرَافُ وَ التَّوْبَةُ فَاعْرِفْ أَشْبَاهَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ الَّذِينَ سَارُوا بِكِتْمَانِ الْكِتَابِ وَ تَحْرِيفِهِ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ ثُمَّ اعْرِفْ أَشْبَاهَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ أَقَامُوا حُرُوفَ الْكِتَابِ وَ حَرَّفُوا حُدُودَهُ (1) فَهُمْ مَعَ السَّادَةِ وَ الْكُبُرَّةِ (2)- فَإِذَا تَفَرَّقَتْ قَادَةُ الْأَهْوَاءِ- كَانُوا مَعَ أَكْثَرِهِمْ دُنْيَا وَ ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (3)- لَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ فِي طَبَعٍ وَ طَمَعٍ لَا يَزَالُ يُسْمَعُ صَوْتُ إِبْلِيسَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ بِبَاطِلٍ كَثِيرٍ يَصْبِرُ مِنْهُمُ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْأَذَى وَ التَّعْنِيفِ وَ يَعِيبُونَ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِالتَّكْلِيفِ (4) وَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنْفُسِهِمْ خَانَةٌ إِنْ كَتَمُوا النَّصِيحَةَ إِنْ رَأَوْا تَائِهاً ضَالًّا لَا يَهْدُونَهُ أَوْ مَيِّتاً لَا يُحْيُونَهُ فَبِئْسَ مَا يَصْنَعُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ وَ أَنْ يَنْهَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ وَ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لَا يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ فَالْعُلَمَاءُ مِنَ الْجُهَّالِ فِي جَهْدٍ وَ جِهَادٍ إِنْ وَعَظَتْ قَالُوا طَغَتْ- وَ إِنْ عَلَّمُوا الْحَقَ (5) الَّذِي تَرَكُوا قَالُوا خَالَفَتْ وَ إِنِ اعْتَزَلُوهُمْ قَالُوا فَارَقَتْ وَ إِنْ قَالُوا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى مَا تُحَدِّثُونَ قَالُوا نَافَقَتْ وَ إِنْ أَطَاعُوهُمْ قَالُوا عَصَتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَهَلَكَ جُهَّالٌ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ أُمِّيُّونَ فِيمَا يَتْلُونَ يُصَدِّقُونَ بِالْكِتَابِ عِنْدَ التَّعْرِيفِ (6) وَ يُكَذِّبُونَ بِهِ عِنْدَ التَّحْرِيفِ فَلَا يُنْكِرُونَ أُولَئِكَ أَشْبَاهُ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ قَادَةٌ فِي الْهَوَى سَادَةٌ فِي الرَّدَى وَ آخَرُونَ مِنْهُمْ جُلُوسٌ بَيْنَ الضَّلَالَةِ وَ الْهُدَى لَا يَعْرِفُونَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الْأُخْرَى يَقُولُونَ مَا كَانَ النَّاسُ يَعْرِفُونَ هَذَا وَ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ وَ صَدَّقُوا تَرْكَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ


1- إنّما شبّه هؤلاء العباد و علماء العوام المفتونين بالحطام بالاحبار و الرهبان لشرائهم الدنيا بالآخرة بكتمانهم العلم و تحريفهم الكلم عن مواضعها و أكلهم أموال الناس بالباطل و صدهم عن سبيل اللّه كما أنهم كانوا كذلك على ما وصفهم اللّه في القرآن في عدة مواضع و المراد بالسادة و الكثرة السلاطين و الحكام و أعوانهم الظلمة. «فى»
2- في بعض النسخ [و الكثرة].
3- إشارة إلى الآية 31 من سورة النجم. و الطبع- بالتحريك-: الرين و- بالسكون-: الختم.
4- «منهم» أي من اشباه الاحبار و الرهبان «العلماء» يعنى العلماء باللّه الربانيين «بالتكليف» يعنى تكليفهم بالحق «فى»
5- في بعض النسخ [عملوا الحق].
6- في بعض النسخ [عند التحريف].

ص: 55

ص عَلَى الْبَيْضَاءِ (1) لَيْلُهَا مِنْ نَهَارِهَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ بِدْعَةٌ وَ لَمْ يُبَدَّلْ فِيهِمْ سُنَّةٌ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ وَ لَا اخْتِلَافَ فَلَمَّا غَشِيَ النَّاسَ ظُلْمَةُ خَطَايَاهُمْ صَارُوا إِمَامَيْنِ دَاعٍ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ دَاعٍ إِلَى النَّارِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَطَقَ الشَّيْطَانُ فَعَلَا صَوْتُهُ عَلَى لِسَانِ أَوْلِيَائِهِ وَ كَثُرَ خَيْلُهُ وَ رَجْلُهُ (2) وَ شَارَكَ فِي الْمَالِ وَ الْوَلَدِ مَنْ أَشْرَكَهُ فَعُمِلَ بِالْبِدْعَةِ وَ تُرِكَ الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ وَ نَطَقَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ بِالْحُجَّةِ وَ أَخَذُوا بِالْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ فَتَفَرَّقَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَهْلُ الْحَقِّ وَ أَهْلُ الْبَاطِلِ وَ تَخَاذَلَ (3) وَ تَهَادَنَ أَهْلُ الْهُدَى وَ تَعَاوَنَ أَهْلُ الضَّلَالَةِ حَتَّى كَانَتِ الْجَمَاعَةُ مَعَ فُلَانٍ وَ أَشْبَاهِهِ فَاعْرِفْ هَذَا الصِّنْفَ وَ صِنْفٌ آخَرُ فَأَبْصِرْهُمْ رَأْيَ الْعَيْنِ نُجَبَاءُ (4) وَ الْزَمْهُمْ حَتَّى تَرِدَ أَهْلَكَ فَ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [إِلَى هَاهُنَا رِوَايَةُ الْحُسَيْنِ وَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى زِيَادَةٌ لَهُمْ عِلْمٌ بِالطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ بَلَاءٌ فَلَا تَنْظُرْ إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ (5) عَسْفٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْفِ وَ خَسْفٌ (6) وَ دُونَهُمْ بَلَايَا تَنْقَضِي- ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى رَخَاءٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ إِخْوَانَ الثِّقَةِ ذَخَائِرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ لَوْ لَا أَنْ تَذْهَبَ بِكَ الظُّنُونُ عَنِّي (7) لَجَلَيْتُ لَكَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْحَقِّ غَطَّيْتُهَا وَ لَنَشَرْتُ لَكَ أَشْيَاءَ مِنَ الْحَقِّ كَتَمْتُهَا وَ لَكِنِّي أَتَّقِيكَ وَ أَسْتَبْقِيكَ وَ لَيْسَ الْحَلِيمُ الَّذِي لَا يَتَّقِي أَحَداً فِي مَكَانِ التَّقْوَى وَ الْحِلْمُ لِبَاسُ الْعَالِمِ فَلَا تَعْرَيَنَّ مِنْهُ وَ السَّلَامُ.


1- يعني الشريعة الواضح مجهولها عن معلومها و عالمها عن جاهلها.
2- الخيل: جماعة الفرسان و الرجل: جماعة المشاة أي أعوانه القوية و الضعيفة. «آت»
3- أي تركوا نصرة الحق. و في بعض النسخ [تخادن] من الخدن و هو الصديق. و تهادن من المهادنة بمعنى المصالحة و في بعض النسخ [تهاون] أى عن نصرة الحق و هذا أنسب بالتخاذل كما أن التهادن أنسب بالتخادن. «آت»
4- بالنون و الجيم و الباء الموحدة و في بعض النسخ [تحيا] من الحياة. «فى»
5- في بعض النسخ [إليه فان دونهم] و هو الصواب أي فلا ينظرون إلى البلاء لانه ينقضى و لا يبقى.
6- العسف: الجور و الظلم و هو في الأصل أن يأخذ المسافر على غير طريق و لا جادة و لا علم و قيل: هو ركوب الامر من غير روية. و الخسف: النقصان و الهوان. و قوله: «ينقضى» جزاء الشرط. «فى»
7- أي يصير ظنك السيئ بى سببا لانحرافك عنى و عدم اصغائك إلى بعد ذلك. «آت»

ص: 56

رِسَالَةٌ مِنْهُ ع إِلَيْهِ أَيْضاً

17- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَى سَعْدٍ الْخَيْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ مَعْرِفَةَ مَا لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَ طَاعَةَ مَنْ رِضَا اللَّهِ رِضَاهُ فَقُلْتَ مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِكَ مَا كَانَتْ نَفْسُكَ مُرْتَهَنَةً لَوْ تَرَكْتَهُ تَعْجَبُ (1) أَنَّ رِضَا اللَّهِ وَ طَاعَتَهُ وَ نَصِيحَتَهُ لَا تُقْبَلُ وَ لَا تُوجَدُ وَ لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي عِبَادٍ غُرَبَاءَ أَخْلَاءً مِنَ النَّاسِ قَدِ اتَّخَذَهُمُ النَّاسُ سِخْرِيّاً لِمَا يَرْمُونَهُمْ بِهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَ كَانَ يُقَالُ لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ أَبْغَضَ إِلَى النَّاسِ مِنْ جِيفَةِ الْحِمَارِ (2) وَ لَوْ لَا أَنْ يُصِيبَكَ مِنَ الْبَلَاءِ مِثْلُ الَّذِي أَصَابَنَا فَتَجْعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ وَ إِيَّانَا مِنْ ذَلِكَ لَقَرُبْتَ عَلَى بُعْدِ مَنْزِلَتِكَ وَ اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا تُنَالُ مَحَبَّةُ اللَّهِ إِلَّا بِبُغْضِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَ لَا وَلَايَتُهُ إِلَّا بِمُعَادَاتِهِمْ وَ فَوْتُ ذَلِكَ قَلِيلٌ يَسِيرٌ لِدَرْكِ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يَا أَخِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ فِي كُلٍّ مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى وَ يَصْبِرُونَ مَعَهُمْ عَلَى الْأَذَى يُجِيبُونَ دَاعِيَ اللَّهِ وَ يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ فَأَبْصِرْهُمْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنَّهُمْ فِي مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ وَ إِنْ أَصَابَتْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَضِيعَةٌ إِنَّهُمْ يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى وَ يُبَصِّرُنَّ بِنُورِ اللَّهِ مِنَ الْعَمَى كَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ وَ كَمْ مِنْ تَائِهٍ ضَالٍ


1- في بعض النسخ [فعجب].
2- المستفاد من قوله عليه السلام: «تذكر فيه- إلى آخره-» أن سعدا ذكر في كتابه أنه عرف كذا و أنّه قبل منه لنفسه كذا و أنّه تعجب من كذا بأن يكون إلى قوله: «و من جيفة الحمار» من كلام سعد و يحتمل أن يكون فعجب أو تعجب على اختلاف النسختين من كلام الإمام عليه السلام. «فى» و قوله: «أخلاء». جمع خلو- بالكسر- و هو الخالى عن الشي ء و يكون بمعنى المنفرد و يقال: اخلاء إذا انفرد اي هم أخلاء عن اخلاق عامة الناس و اطوارهم الباطلة أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم. «آت».

ص: 57

قَدْ هَدَوْهُ يَبْذُلُونَ دِمَاءَهُمْ دُونَ هَلَكَةِ الْعِبَادِ وَ مَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى الْعِبَادِ وَ أَقْبَحَ آثَارَ الْعِبَادِ عَلَيْهِمْ.

18- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ (1) وَ لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ قَالَ فَغَضِبَ الْأَعْرَابِيَّانِ وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ عِدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَهُمْ فَقَالُوا مَا رَضِيَ أَنْ يَضْرِبَ لِابْنِ عَمِّهِ مَثَلًا إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ص فَقَالَ- وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يَعْنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ- مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (2) قَالَ فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ فَقَالَ اللَّهُمَ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلًا بَعْدَ هِرَقْلٍ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ وَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ- وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (3) ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَمْرٍو إِمَّا تُبْتَ وَ إِمَّا رَحَلْتَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ بَلْ تَجْعَلُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ شَيْئاً مِمَّا فِي يَدَيْكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكْرُمَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قَلْبِي مَا يُتَابِعُنِي عَلَى التَّوْبَةِ وَ لَكِنْ أَرْحَلُ عَنْكَ فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا فَلَمَّا صَارَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَتَتْهُ جَنْدَلَةٌ (4) فَرَضَخَتْ هَامَتَهُ ثُمَّ أَتَى الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍ (5) لَيْسَ لَهُ دافِعٌ


1- أي لزهده و عبادته و افتراق الناس فيه ثلاث فرق. «آت»
2- الزخرف: 56 الى 59.
3- الأنفال: 33.
4- الجندل- كجعفر-: ما يعمله الرجل من الحجارة «فرضخت» أي كسرت و في بعض النسخ «فرضت» أي دقت. و الهامة: وسط الرأس.
5- ليست جملة «بولاية على» فى بعض النسخ في المتن بل تكون في الهامش.

ص: 58

مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ (1) قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا لَا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا فَقَالَ هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَ هَكَذَا هُوَ وَ اللَّهِ مُثْبَتٌ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ ع فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ انْطَلِقُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقَدْ أَتَاهُ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (2).

19- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (3) قَالَ ذَاكَ وَ اللَّهِ حِينَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ- مِنَّا أَمِيرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِيرٌ.

20 وَ- عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُيَسِّرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (4) قَالَ فَقَالَ يَا مُيَسِّرُ إِنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ فَاسِدَةً فَأَصْلَحَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَبِيِّهِ ص فَقَالَ وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

21- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ص ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ خَلَّتَانِ (5) اتِّبَاعُ الْهَوَى وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا- فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ إِنَّ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ وَ إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ مِنْ أَهْوَاءٍ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٍ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالًا أَلَا إِنَّ الْحَقَّ لَوْ خَلَصَ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ وَ لَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي حِجًى (6) لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ


1- المعارج: 1 إلى 3.
2- إبراهيم: 15.
3- الروم: 41.
4- الأعراف: 55 و 84.
5- أي خصلتان.
6- الحجى- بالكسر-: العقل.

ص: 59

مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ (1) فَيُمْزَجَانِ فَيُجَلَّلَانِ (2) مَعاً فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ نَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبَسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ (3) وَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ يَجْرِي النَّاسُ عَلَيْهَا وَ يَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَ مِنْهَا شَيْ ءٌ قِيلَ قَدْ غُيِّرَتِ السُّنَّةُ وَ قَدْ أَتَى النَّاسُ مُنْكَراً ثُمَّ تَشْتَدُّ الْبَلِيَّةُ وَ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَ تَدُقُّهُمُ الْفِتْنَةُ كَمَا تَدُقُّ النَّارُ الْحَطَبَ وَ كَمَا تَدُقُّ الرَّحَى بِثِفَالِهَا (4) وَ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَ يَتَعَلَّمُونَ لِغَيْرِ الْعَمَلِ وَ يَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِأَعْمَالِ الْآخِرَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ وَ حَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ فَقَالَ قَدْ عَمِلَتِ الْوُلَاةُ قَبْلِي أَعْمَالًا خَالَفُوا فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ ص مُتَعَمِّدِينَ لِخِلَافِهِ نَاقِضِينَ لِعَهْدِهِ مُغَيِّرِينِ لِسُنَّتِهِ وَ لَوْ حَمَلْتُ النَّاسَ عَلَى تَرْكِهَا وَ حَوَّلْتُهَا إِلَى مَوَاضِعِهَا وَ إِلَى مَا كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَتَفَرَّقَ عَنِّي جُنْدِي حَتَّى أَبْقَى وَحْدِي أَوْ قَلِيلٌ مِنْ شِيعَتِيَ الَّذِينَ عَرَفُوا فَضْلِي وَ فَرْضَ إِمَامَتِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَمَرْتُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ع (5) فَرَدَدْتُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ رَدَدْتُ فَدَكاً إِلَى وَرَثَةِ فَاطِمَةَ ع (6) وَ رَدَدْتُ صَاعَ رَسُولِ اللَّهِ ص كَمَا كَانَ (7) وَ أَمْضَيْتُ قَطَائِعَ أَقْطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص-


1- الضغث- بالكسر-: قبضة من حشيش مخالطة الرطب باليابس.
2- جللت الشي ء: إذا غطيته. و في بعض النسخ [فيجتمعان] و في بعضها [فيجلبان].
3- أي يكبر و هو كناية عن امتدادها.
4- بالمثلثة و الفاء في النهاية: فى حديث عليّ عليه السلام: «و تدقّهم الفتن دقّ الرحا بثفالها» الثفال- بالكسر-: جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق، و يسمى الحجر الاسفل: ثفالا بها و المعنى أنّها تدقهم دق الرحا للحب إذا كانت مثفّلة و لا تثفل الا عند الطحن.
5- إشارة إلى ما فعله عمر من تغيير المقام عن الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى موضع كان فيه في الجاهلية رواه الخاصّة و العامّة. راجع كتاب النصّ و الاجتهاد للعلامة الجليل سماحة السيّد شرف الدين العاملى- مد ظله-.
6- قصة فدك مشهورة لا تحتاج إلى البيان.
7- الصاع في النهاية هو مكيال يسع أربعة أمداد و المد عند الشافعى و فقهاء الحجاز رطل و ثلث بالعراقى و عند أبو حنيفة المد رطلان و به أخذ فقهاء العراق فيكون الصاع خمسة أرطال و ثلثا أو ثمانية أرطال و عند الشيعة على ما في كتاب الخلاف في حديث زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: كان رسول صلى عليه و سلم يتوضا بمد و يغتسل بصاع و المد رطل و نصف و الصاع ستة أرطال يعنى رطل المدينة اه. و هو تسعة بالعراقى.

ص: 60

لِأَقْوَامٍ لَمْ تُمْضَ لَهُمْ وَ لَمْ تُنْفَذْ (1) وَ رَدَدْتُ دَارَ جَعْفَرٍ إِلَى وَرَثَتِهِ وَ هَدَمْتُهَا مِنَ الْمَسْجِدِ (2) وَ رَدَدْتُ قَضَايَا مِنَ الْجَوْرِ قُضِيَ بِهَا (3) وَ نَزَعْتُ نِسَاءً تَحْتَ رِجَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَرَدَدْتُهُنَّ إِلَى أَزْوَاجِهِنَ (4) وَ اسْتَقْبَلْتُ بِهِنَّ الْحُكْمَ فِي الْفُرُوجِ وَ الْأَحْكَامِ وَ سَبَيْتُ ذَرَارِيَّ بَنِي تَغْلِبَ (5) وَ رَدَدْتُ مَا قُسِمَ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَ مَحَوْتُ دَوَاوِينَ الْعَطَايَا (6) وَ أَعْطَيْتُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص (7)-


1- القطيعة: طائفة من أرض الخراج «أقطعها» أي عينها و عزلها. «فى»
2- كأنهم غصبوها و ادخلوها في المسجد. «فى»
3- ذلك كقضاء عمر بالعول و التعصيب في الارث و كقضائه بقطع السارق من معصم الكف و مفصل ساق الرجل خلافا لما امر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم من ترك الكف و العقب و انفاذه في الطلاق الثلاث المرسلة و منعه من بيع أمّهات الاولاد و إن مات الولد و قال: هذا رأى رأيته فأمضاه على الناس إلى غير ذلك من قضاياه و قضايا الآخرين. «فى»
4- كمن طلقت بغير شهود و على غير طهر كما ابدعوه و نفذوه و غير ذلك. «فى»
5- لان عمر رفع عنهم الجزية فيهم ليسوا باهل ذمّة فيحل سبى ذراريهم كما روى عن الرضا عليه السلام أنّه قال: إن بنى تغلب من نصارى العرب أنفوا و استنكفوا من قبول الجزية و سألوا عمر أن يعفيهم عن الجزية و يؤدوا الزكاة مضاعفا فخشى أن يلحقوا بالروم فصالحهم على أن صرف ذلك عن رءوسهم و ضاعف عليهم الصدقة فرضوا بذلك و قال محيى السنة «البغوى» روى أن عمر بن الخطاب رام نصارى العرب على الجزية فقالوا: نحن عرب لا نؤدى ما يؤدى العجم و لكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر: هذا فرض اللّه على المسلمين قالوا: فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية فراضاهم على أن ضعف عليهم الصدقة. «آت».
6- اشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر في عهده من وضعه الخراج على أرباب الزراعات و الصناعات و التجارات لاهل العلم و أصحاب الولايات و الرئاسات و الجند و جعل ذلك عليهم بمنزلة الزكاة المفروضة و دون دواوين و أثبت فيها أسماء هؤلاء و أسماء هؤلاء و أثبت لكل رجل من الاصناف الأربعة ما يعطى من الخراج الذي وضعه على الاصناف الثلاثة و فضل في الاعطاء بعضهم على بعض و وضع الدواوين على يد شخص سماه صاحب الديوان و أثبت له اجرة من ذلك الخراج و على هذه البدعة جرت سلاطين الجور و حكامهم إلى الآن و لم يكن شي ء من ذلك على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و لا على عهد أبى بكر و انما الخراج للامام فيما يختص به من الاراضى خاصّة يصنع به ما يشاء. «فى»
7- أي لا أجعله لقوم دون قوم حتّى يتداولوه بينهم و يحرموا الفقراء.

ص: 61

يُعْطِي بِالسَّوِيَّةِ وَ لَمْ أَجْعَلْهَا دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَ أَلْقَيْتُ الْمِسَاحَةَ (1) وَ سَوَّيْتُ بَيْنَ الْمَنَاكِحِ (2) وَ أَنْفَذْتُ خُمُسَ الرَّسُولِ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فَرَضَهُ (3) وَ رَدَدْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (4) وَ سَدَدْتُ مَا فُتِحَ فِيهِ مِنَ الْأَبْوَابِ وَ فَتَحْتُ مَا سُدَّ مِنْهُ وَ حَرَّمْتُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَ حَدَدْتُ عَلَى النَّبِيذِ (5) وَ أَمَرْتُ بِإِحْلَالِ الْمُتْعَتَيْنِ (6) وَ أَمَرْتُ بِالتَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ (7) وَ أَلْزَمْتُ النَّاسَ الْجَهْرَ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (8)*-


1- إشارة الى ما عدّه الخاصّة و العامّة من بدع عمر أنّه قال: ينبغي مكان هذا العشر و نصف العشر دراهم نأخذها من أرباب الاملاك فبعث إلى البلدان من مسح على أهلها فألزمهم الخراج فأخذ من العراق يوما يليها ما كان أخذه منهم ملوك الفرس على كل جريب درهما واحدا و قفيزا من أصناف الحبوب و أخذ من مصر و نواحيها دينارا و إردبا عن مساحة جريب كما كان يأخذ منهم ملوك الاسكندرية و قد روى محيى السنة و غيره عن علمائهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «منعت العراق درهمها و قفيزها و منعت الشام مدها و دينارها و منعت مصر إردبها و دينارها» و الاردب لاهل مصر أربعة و ستون منّا و فسره أكثرهم بأنّه قد محى ذلك شريعة الإسلام و كان أول بلد مسحه عمر بلد الكوفة و تفصيل الكلام في ذكر هذه البدع موكول إلى الكتب المبسوطة التي دونها أصحابنا لذلك كالشافى للسيّد المرتضى. «آت»
2- بأن يزوج الشريف و الوضيع كما فعله رسول اللّه صلى عليه و آله و زوج بنت عمه مقدادا «آت». أو إشارة الى ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش أن يتزوج في قريش و منعه العجم من التزويج في العرب. «فى»
3- إشارة إلى منع عمر أهل البيت خمسهم كما يأتي بيانه في آخر هذه الخطبة. «فى»
4- يعني أخرجت منه ما زادوه فيه. «و سددت ما فتح فيه من الأبواب» اشارة الى ما نزل به جبرئيل عليه السلام من اللّه سبحانه من أمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم بسد الأبواب من مسجده إلا باب على و كانهم قد عكسوا الامر بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم «فى».
5- إشارة إلى ما ابتدعه عمر من اجازته المسح على الخفين في الوضوء ثلاثا للمسافر و يوما و ليلة للمقيم و قد روت عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال: «اشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. «و حددت على النبيذ» و ذلك أنهم استحلوه. «فى»
6- يعني متعة النساء و متعة الحجّ، قال عمر: «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أنا أحرمهما و اعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحجّ». «فى»
7- و ذلك أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يكبر على الجنائز خمسا، لكن الخليفة الثاني راقه أن يكون التكبير في الصلاة عليها أربعا فجمع الناس على الاربع، نص على ذلك جماعة من أعلام الأمة كالسيوطي «نقلا عن العسكريّ» حيث ذكر أوليات عمر من كتابه «تاريخ الخلفاء» و ابن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر سنة 23 من كتابه «روضة المناظر» المطبوع في هامش تاريخ ابن الأثير و غيرهما من أثبات المتتبعين. «نقل عن كتاب النصّ و الاجتهاد ص 152».
8- و ذلك انهم يتخافتون بها أو يسقطونها في الصلاة. «فى»

ص: 62

وَ أَخْرَجْتُ مَنْ أُدْخِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَسْجِدِهِ مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَخْرَجَهُ وَ أَدْخَلْتُ مَنْ أُخْرِجَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَدْخَلَهُ (1) وَ حَمَلْتُ النَّاسَ عَلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ عَلَى الطَّلَاقِ عَلَى السُّنَّةِ (2)- وَ أَخَذْتُ الصَّدَقَاتِ عَلَى أَصْنَافِهَا وَ حُدُودِهَا (3) وَ رَدَدْتُ الْوُضُوءَ وَ الْغُسْلَ وَ الصَّلَاةَ إِلَى مَوَاقِيتِهَا وَ شَرَائِعِهَا وَ مَوَاضِعِهَا (4) وَ رَدَدْتُ أَهْلَ نَجْرَانَ إِلَى مَوَاضِعِهِمْ (5) وَ رَدَدْتُ سَبَايَا فَارِسَ وَ سَائِرِ الْأُمَمِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص إِذاً لَتَفَرَّقُوا عَنِّي وَ اللَّهِ لَقَدْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ لَا يَجْتَمِعُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا فِي


1- لعل المراد اخراجهما حيث دفنا و المراد بإخراج الرسول اياهما سد بابهما عن المسجد. «و أدخلت من أخرج» لعل المراد به نفسه عليه السلام و باخراجه سد بابه و بادخاله فتحه. «فى»
2- و ذلك أنهم خالفوا القرآن في كثير من الاحكام منها وجوب الاشهاد على الطلاق و عدم وجوبه على النكاح فانهم عكسوا الامر في ذلك و أبطلوا عدة من أحكام الطلاق و ابدعوا فيه بآرائهم. «فى»
3- أي أخذتها من أجناسها التسعة و هي الدنانير و الدراهم و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الإبل و الغنم و البقر فانهم أوجبوها في غير ذلك و تفصيل الكلام توجد في كتب القوم. و قوله عليه السلام: «و حدودها» أي نصابها.
4- ذلك أنهم خالفوا في كثير منها كإبداعهم في الوضوء مسح الأذنين و غسل الرجلين و المسح على العمامة و الخفين و انتقاضه بملامسة النساء و مس الذكر و أكل ما مسته النار و غير ذلك ممّا لا ينقضه و كإبداعهم الوضوء مع غسل الجنابة و اسقاط الغسل في التقاء الختانين من غير انزال و اسقاطهم من الاذان «حى على خير العمل» و زيادتهم فيه «الصلاة خير من النوم» و تقديمهم التسليم على التشهد الأول في الصلاة مع أن الفرض من وضعه التحليل منها و ابداعهم وضع اليمين على الشمال فيها و حملهم الناس على الجماعة في النافلة و على صلاة الضحى و غير ذلك. «فى» اقول: راجع في اثبات كل ذلك كتاب الشافي للسيّد المرتضى- رحمه اللّه- و كتاب النصّ و الاجتهاد للعلامة العاملى.
5- نجران- بالفتح ثمّ السكون و آخره نون- و هو في عدة مواضع: منها نجران من مخاليف اليمن من ناحية مكّة و بها كان خبر الاخدود و إليها تنسب كعبة نجران و كانت ربيعة بها أساقفة مقيمون منهم السيّد و العاقب اللذين جاءا الى النبيّ عليه السلام في أصحابهما و دعاهم الى المباهلة و بقوا بها حتى أجلاهم عمر و نجران أيضا موضع على يومين من الكوفة- الى آخر ما قاله الحموى في مراصد الاطلاع ج 3 ص 1359- و في كيفية اجلاء عمر إياهم و سببه راجع فتوح البلدان للبلاذري ص 70 الى ص 75.

ص: 63

فَرِيضَةٍ وَ أَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي النَّوَافِلِ بِدْعَةٌ فَتَنَادَى بَعْضُ أَهْلِ عَسْكَرِي مِمَّنْ يُقَاتِلُ مَعِي يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ غُيِّرَتْ سُنَّةُ عُمَرَ يَنْهَانَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً وَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَثُورُوا فِي نَاحِيَةِ جَانِبِ عَسْكَرِي (1) مَا لَقِيتُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْفُرْقَةِ وَ طَاعَةِ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ وَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ وَ أَعْطَيْتُ (2) مِنْ ذَلِكَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ (3) فَنَحْنُ وَ اللَّهِ عَنَى بِذِي الْقُرْبَى الَّذِي قَرَنَنَا اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ بِرَسُولِهِ ص (4) فَقَالَ تَعَالَى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فِينَا خَاصَّةً- كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ فِي ظُلْمِ آلِ مُحَمَّدٍ- إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (5) لِمَنْ ظَلَمَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَنَا وَ غِنًى أَغْنَانَا اللَّهُ بِهِ وَ وَصَّى بِهِ نَبِيَّهُ ص وَ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِي سَهْمِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً أَكْرَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ ص وَ أَكْرَمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ يُطْعِمَنَا مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ فَكَذَّبُوا اللَّهَ وَ كَذَّبُوا رَسُولَهُ وَ جَحَدُوا كِتَابَ اللَّهِ النَّاطِقَ بِحَقِّنَا وَ مَنَعُونَا فَرْضاً فَرَضَهُ اللَّهُ لَنَا مَا لَقِيَ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيٍّ مِنْ أُمَّتِهِ مَا لَقِينَا بَعْدَ نَبِيِّنَا ص وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

22- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ عَنْ أَبِي رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى


1- يثوروا أي يهيجوا. و قوله: «ما لقيت من هذه الأمة» كلام مستأنف للتعجب.
2- رجوع إلى الكلام السابق و لعلّ التأخير من الرواة. «آت».
3- الأنفال: 41. و صدر الآية: «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ .. إلخ».
4- لان سهمهم دائم قائم لهم إلى يوم القيامة كما كان للّه و لرسوله و أمّا اليتيم إذا انقطع يتمه ليس له سهم و كذلك أخويه.
5- الحشر: 7. و صدر الآية: «ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ .. إلخ».

ص: 64

لَمْ يَقْصِمْ جَبَّارِي دَهْرٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِيلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ يَجْبُرْ كَسْرَ عَظْمٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ (1) أَيُّهَا النَّاسُ فِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطَبٍ وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ (2) وَ مَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ وَ لَا كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ وَ لَا كُلُّ ذِي نَاظِرِ عَيْنٍ بِبَصِيرٍ عِبَادَ اللَّهِ أَحْسِنُوا فِيمَا يَعْنِيكُمُ النَّظَرُ فِيهِ (3) ثُمَّ انْظُرُوا إِلَى عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَقَادَهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ (4) كَانُوا عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِي الْجِنَانِ وَ اللَّهِ مُخَلَّدُونَ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فَيَا عَجَباً وَ مَا لِي لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا لَا يَقْتَصُّونَ (5) أَثَرَ نَبِيٍّ وَ لَا يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ وَ لَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ وَ لَا يَعْفُونَ عَنْ عَيْبٍ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا وَ الْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا- وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ آخِذٌ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى وَثِيقَاتٍ وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ فَلَا يَزَالُونَ بِجَوْرٍ وَ لَنْ يَزْدَادُوا إِلَّا خَطَأً لَا يَنَالُونَ تَقَرُّباً وَ لَنْ يَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَ تَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ كُلُّ ذَلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ ص وَ نُفُوراً مِمَّا أَدَّى إِلَيْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أَهْلُ حَسَرَاتٍ وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ (6) وَ أَهْلُ عَشَوَاتٍ وَ ضَلَالَةٍ وَ رِيبَةٍ مَنْ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَ رَأْيِهِ فَهُوَ مَأْمُونٌ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُهُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ بِأَنْعَامٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا وَ وَا أَسَفَى مِنْ فَعَلَاتِ شِيعَتِي مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْيَوْمَ كَيْفَ يَسْتَذِلُّ بَعْدِي بَعْضُهَا بَعْضاً وَ كَيْفَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً الْمُتَشَتِّتَةِ غَداً عَنِ الْأَصْلِ النَّازِلَةِ بِالْفَرْعِ الْمُؤَمِّلَةِ الْفَتْحَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ أَيْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ سَيَجْمَعُ هَؤُلَاءِ لِشَرِّ يَوْمٍ لِبَنِي أُمَيَّةَ كَمَا يَجْمَعُ


1- الازل: الشدة و الضيق.
2- الخطب: الشأن و الامر. و في بعض النسخ [ما استقبلتم من خطب و استدبرتم من خطب].
3- أي فيما يهمّكم. و في بعض النسخ باعجام الغين و هو تصحيف. «فى»
4- من القود فانهم قد أصابوا دماء بغير حق. «فى»
5- في بعض النسخ [لا يقتفون] و هو بمعناه.
6- في بعض النسخ [أهل خسران و كفر و شبهات]. و العشوة- بالتثليث: ركوب الامر على غير بيان.

ص: 65

قَزَعَ الْخَرِيفِ (1) يُؤَلِّفُ اللَّهُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ (2) ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ (3) كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ سَيْلَ الْعَرِمِ حَيْثُ بَعَثَ عَلَيْهِ قَارَةً فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ وَ لَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْدٍ يُذَعْذِعُهُمُ اللَّهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَةٍ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ يَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَ يُمَكِّنُ بِهِمْ قَوْماً فِي دِيَارِ قَوْمٍ تَشْرِيداً لِبَنِي أُمَيَّةَ (4) وَ لِكَيْلَا يَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا يُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً وَ يَنْقُضُ بِهِمْ طَيَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ وَ يَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّيْتُونِ (5) فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ وَ كَأَنِّي


1- القزع- بالقاف و الزاى ثمّ العين المهملة-: قطع السحاب المتفرقة و إنّما خصّ الخريف لانه أول الشتاء و السحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم و لا مطبق ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك «كذا في النهاية».
2- الركام: المتراكب بعضه فوق بعض و نسبة هذا التأليف إليه تعالى مع أنّه لم يكن برضاه على سبيل المجاز تشبيها لعدم منعهم عن ذلك و تمكينهم من اسبابه و تركهم و اختيارهم بتأليفهم و حثهم عليه و مثل هذا كثير في الآيات و الاخبار. «آت»
3- أي محل انبعاثهم و تهييجهم و كانه أشار عليه السلام بذلك إلى فتن أبى مسلم المروزى و استئصالهم لبني أميّة و إنّما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد و أهلها الذين كانوا في خفض و دعة و أريد بالجنتين جماعتان من البساتين جماعة عن يمين بلدتهم و جماعة عن شمالها، روى أنّها كانت أخصب البلاد و أطيبها، لم تكن فيها عاهة و لا هامة. و فسر العرم تارة بالصعب و اخرى بالمطر الشديد و اخرى بالجرذ و اخرى بالوادى و اخرى بالاحباس التي تبنى في الاودية. و منه قيل: إنّه اصطرخ أهل سبأ، قيل: إنّما اضيف السيل إلى الجرذ لانه نقب عليهم سدا ضربته لهم بلقيس فحقنت به الماء و تركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون إليه أو المسناة التي عقدت سدا على أنّه جمع عرمة و هي الحجارة لمركومة و كان ذلك بين عيسى و محمّد صلّى اللّه عليه و آله. «فى»
4- الاكمة: التل. و الرض: الدق الجريش. و الطود: الجبل. و في بعض النسخ [ر ص طود] بالصاد المهملة فيكون بمعنى الالزاق و الضم و الشد و لعله الصواب و المجرور في «سننه» يرجع إلى السيل أو إلى اللّه تعالى. و الذعذعة- بالذالين المعجمتين و العينين المهملتين-: التفريق. و التشريد: التنفير. «فى». و في بعض النسخ [يدغدغهم].
5- التضعضع: الهدم. و الجنادل جمع جندل و هو الصخر العظيم أي ينقض اللّه و يكسر بهم البنيان التي طويت و بنيت بالجنادل و الاحجار من بلاد إرم و هي دمشق و الشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر الازمان تلك البلاد لا سيما زمانه صلّى اللّه عليه و آله «قاله المجلسيّ- رحمه اللّه-» و المراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام أو بلد بالصين كما في القاموس.

ص: 66

أَسْمَعُ صَهِيلَ خَيْلِهِمْ وَ طَمْطَمَةَ رِجَالِهِمْ (1) وَ ايْمُ اللَّهِ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَ التَّمْكِينِ فِي الْبِلَادِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْيَةُ عَلَى النَّارِ (2) مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالًّا وَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُفْضِي مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ (3) وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَنْ تَابَ وَ لَعَلَّ اللَّهَ يَجْمَعُ شِيعَتِي بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ يَوْمٍ لِهَؤُلَاءِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِيَرَةُ بَلْ لِلَّهِ الْخِيَرَةُ وَ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمُنْتَحِلِينَ لِلْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا كَثِيرٌ وَ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرِّ الْحَقِّ وَ لَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ لَمْ يَتَشَجَّعْ (4) عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَ لَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى هَضْمِ الطَّاعَةِ وَ إِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا (5) لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع وَ لَعَمْرِي لَيُضَاعَفَنَّ عَلَيْكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ لَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى السُّلْطَانِ الدَّاعِي إِلَى الضَّلَالَةِ وَ أَحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وَ خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ قَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ وَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ- لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ لَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَ قَرُبَ الْوَعْدُ وَ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَ بَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَ لَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ ص فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى وَ الصَّمَمِ وَ الْبَكَمِ وَ كُفِيتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ التَّعَسُّفِ وَ نَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ (6) عَنِ الْأَعْنَاقِ وَ لَا يُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ أَبَى وَ ظَلَمَ وَ اعْتَسَفَ وَ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.


1- الصهيل- كامير-: صوت الفرس. و الطمطمة في الكلام أن يكون فيه عجمة. «فى»
2- الالية: الشحمة.
3- أي يرجع من مات. «فى» و في بعض النسخ [يقضى].
4- في بعض النسخ [يتجشع]
5- الازواء: الصرف
6- أي طريق الديون المثقلة و مظالم العباد أو طاعة أهل الجور و ظلمهم عليكم عن أعناقكم و قوله: «و لا يبعد اللّه» أي في ذلك الزمان أو مطلقا. «آت» و الفادح: الصعب المثقل.

ص: 67

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

23- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ وَ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا بُويِعَ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فَاسْتَعْلَى وَ دَنَا فَتَعَالَى وَ ارْتَفَعَ فَوْقَ كُلِّ مَنْظَرٍ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ مُصَدِّقاً لِلرُّسُلِ الْأَوَّلِينَ وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفاً رَحِيماً فَصَلَّى اللَّهُ وَ مَلَائِكَتُهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ الْبَغْيَ يَقُودُ أَصْحَابَهُ إِلَى النَّارِ وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَغَى عَلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ- عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ وَ أَوَّلَ قَتِيلٍ قَتَلَهُ اللَّهُ عَنَاقُ وَ كَانَ مَجْلِسُهَا جَرِيباً [مِنَ الْأَرْضِ] فِي جَرِيبٍ وَ كَانَ لَهَا عِشْرُونَ إِصْبَعاً فِي كُلِّ إِصْبَعٍ ظُفُرَانِ مِثْلُ الْمِنْجَلَيْنِ (1) فَسَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا أَسَداً كَالْفِيلِ وَ ذِئْباً كَالْبَعِيرِ وَ نَسْراً مِثْلَ الْبَغْلِ فَقَتَلُوهَا وَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْجَبَابِرَةَ عَلَى أَفْضَلِ أَحْوَالِهِمْ وَ آمَنِ مَا كَانُوا وَ أَمَاتَ هَامَانَ- وَ أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ أَلَا وَ إِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ص وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً وَ لَتُسَاطُنَّ سَوْطَةَ الْقِدْرِ (2) حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَيُقَصِّرَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً (3) وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْيَوْمِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ (4) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ أُعْطُوا


1- المنجل- كمنبر-: ما يحصد به.
2- لتبلبلن أي لتخلطن، تبلبلت الألسن أي اختلطت و البلبلة أيضا الهم و الحزن و وسوسة الصدر. و لتغربلن من الغربال الذي يغربل به الدقيق و الغربلة أيضا: القتل. و السوط: التخليط و المسوط و المسواط: خشبة يحرك بها ما في القدر ليختلط.
3- الوشمة: المرة، يقال: ما عصيت فلانا و شمة أي طرفة عين و في بعض النسخ بالمهملة و هى العلامة.
4- خيل الشمس- بالضم- جمع شموس و هي الدابّة التي تمنع ظهرها و لا تطيع راكبها و هو مقابل الذلول.

ص: 68

أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ وَ فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُهَا وَ وَجَدُوا رِيحَهَا وَ طِيبَهَا وَ قِيلَ لَهُمْ ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ أَلَا وَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ أُشْرِكْهُ فِيهِ وَ مَنْ لَمْ أَهَبْهُ لَهُ وَ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مِنْهُ نَوْبَةٌ (1) إِلَّا بِنَبِيٍّ يُبْعَثُ أَلَا وَ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص أَشْرَفَ مِنْهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ (2) وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ لَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ أَنَّكُمْ سُعَدَاءُ وَ مَا عَلَيَّ إِلَّا الْجُهْدُ وَ إِنِّي لَأَخْشَى أَنْ تَكُونُوا عَلَى فَتْرَةٍ مِلْتُمْ عَنِّي مَيْلَةً كُنْتُمْ فِيهَا عِنْدِي غَيْرَ مَحْمُودِي الرَّأْيِ وَ لَوْ أَشَاءُ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هَمُّهُ بَطْنُهُ وَيْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَيْراً لَهُ شُغِلَ عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارُ أَمَامَهُ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ خَمْسَةٌ لَيْسَ لَهُمْ سَادِسٌ مَلَكٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ وَ نَبِيٌّ أَخَذَ اللَّهُ بِضَبْعَيْهِ (3) وَ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ يَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِي النَّارِ الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا يَأْتِي (4) الْكِتَابُ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَى وَ خابَ مَنِ افْتَرى إِنَّ اللَّهَ أَدَّبَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّيْفِ وَ السَّوْطِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَ الْإِمَامِ فِيهِمَا هَوَادَةٌ (5) فَاسْتَتِرُوا فِي بُيُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ (6).

حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع

24- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَطِيَّةَ (7) عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَحْسَنُكُمْ عَمَلًا وَ إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَمَلًا أَعْظَمُكُمْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَةً


1- في بعض النسخ [توبة].
2- أمر- كفرح- أمرا و أمرة: كثر.
3- أي عضديه. يعنى أن عباد اللّه المكلفين على خمسة أقسام: ملك يطير ... إلخ.
4- في بعض النسخ [باقي الكتاب] و في بعضها [ما في الكتاب].
5- الهوادة: السكون و الرخصة و المحاباة.
6- صفحة كل شي ء وجهه، يعنى من كاشف الحق مخاصما له هلك هلاكا أخرويّا و هي كلمة جارية مجرى المثل. «فى»
7- في الفقيه «مالك بن عطية» و هو الظاهر. «آت»

ص: 69

وَ إِنَّ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ خَشْيَةً لِلَّهِ وَ إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنَ اللَّهِ أَوْسَعُكُمْ خُلُقاً وَ إِنَّ أَرْضَاكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَسْبَغُكُمْ عَلَى عِيَالِهِ وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَى اللَّهِ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ.

25- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ الصَّيْقَلِ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الْمَحَامِلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُظَرَّفُ فِيهِ الْفَاجِرُ وَ يُقَرَّبُ فِيهِ الْمَاجِنُ (1) وَ يُضَعَّفُ فِيهِ الْمُنْصِفُ قَالَ فَقِيلَ لَهُ مَتَى ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ إِذَا اتُّخِذَتِ الْأَمَانَةُ مَغْنَماً وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً وَ الْعِبَادَةُ اسْتِطَالَةً وَ الصِّلَةُ مَنّاً قَالَ فَقِيلَ مَتَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ إِذَا تَسَلَّطْنَ النِّسَاءُ وَ سُلِّطْنَ الْإِمَاءُ وَ أُمِّرَ الصِّبْيَانُ.

26- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَقَبِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ آدَمَ لَمْ يَلِدْ عَبْداً وَ لَا أَمَةً وَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَحْرَارٌ وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَوَّلَ بَعْضَكُمْ بَعْضاً فَمَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَصَبَرَ فِي الْخَيْرِ فَلَا يَمُنَّ بِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَلَا وَ قَدْ حَضَرَ شَيْ ءٌ وَ نَحْنُ مُسَوُّونَ فِيهِ بَيْنَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَحْمَرِ فَقَالَ مَرْوَانُ لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ- مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمَا قَالَ فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَ أَعْطَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَ جَاءَ بَعْدُ غُلَامٌ أَسْوَدُ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا غُلَامٌ أَعْتَقْتُهُ بِالْأَمْسِ تَجْعَلُنِي وَ إِيَّاهُ سَوَاءً فَقَالَ إِنِّي نَظَرْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَمْ أَجِدْ لِوُلْدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَى وُلْدِ إِسْحَاقَ فَضْلًا.

حَدِيثُ النَّبِيِّ ص حِينَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْخَيْلُ

27- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ جَمِيعاً عَنْ عَمْرِو بْنِ


1- «يظرف» فى بعض النسخ بالمهملة و كذا في بعض نسخ النهج و الطريف ضد التالد و هو الامر المستطرف الذي يعده الناس حسنا لانهم يرغبون إلى الأمور المحدثة و الظريف من الظرافة بمعنى الفطنة و الكياسة. و المجون أن لا يبالى الإنسان ما صنع و قد مجن يمجن فهو ماجن. «مأخوذ من آت»

ص: 70

شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَرْضِ الْخَيْلِ فَمَرَّ بِقَبْرِ أَبِي أُحَيْحَةَ (1) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَعَنَ اللَّهُ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ فَوَ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَيَصُدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يُكَذِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ خَالِدٌ ابْنُهُ بَلْ لَعَنَ اللَّهُ أَبَا قُحَافَةَ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ يَقْرِي الضَّيْفَ (2) وَ لَا يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فَلَعَنَ اللَّهُ أَهْوَنَهُمَا عَلَى الْعَشِيرَةِ فَقْداً فَأَلْقَى رَسُولُ اللَّهِ ص خِطَامَ رَاحِلَتِهِ (3) عَلَى غَارِبِهَا- ثُمَّ قَالَ إِذَا أَنْتُمْ تَنَاوَلْتُمُ الْمُشْرِكِينَ فَعُمُّوا وَ لَا تَخُصُّوا فَيَغْضَبَ وُلْدُهُ ثُمَّ وَقَفَ فَعُرِضَتْ عَلَيْهِ الْخَيْلُ فَمَرَّ بِهِ فَرَسٌ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ إِنَّ مِنْ أَمْرِ هَذَا الْفَرَسِ كَيْتَ وَ كَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَرْنَا فَأَنَا أَعْلَمُ بِالْخَيْلِ مِنْكَ فَقَالَ عُيَيْنَةُ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى ظَهَرَ الدَّمُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ فَأَيُّ الرِّجَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ رِجَالٌ يَكُونُونَ بِنَجْدٍ يَضَعُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَ رِمَاحَهُمْ عَلَى كَوَاثِبِ خَيْلِهِمْ (4) ثُمَّ يَضْرِبُونَ بِهَا قُدُماً قُدُماً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَذَبْتَ بَلْ رِجَالُ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفْضَلُ الْإِيمَانُ يَمَانِيٌّ وَ الْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ (5) وَ لَوْ لَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ الْجَفَاءُ وَ الْقَسْوَةُ فِي الْفَدَّادِينَ (6) أَصْحَابِ الْوَبَرِ- رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّمْسِ (7) وَ مَذْحِجُ أَكْثَرُ قَبِيلٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ حَضْرَمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَ


1- بضم الهمزة و المهملتين بينهما مثناة تحتانية مصغر يسمى بها و يكنى «فى».
2- إقراء الضيف: إكرامه.
3- -بالخاء المعجمة المكسورة- زمام البعير. و الغارب ما بين السنام و العنق.
4- في النهاية: الكواثب جمع كاثبة و هي من الفرس مجتمع كنفيه فدام السرج.
5- في النهاية: الايمان يمان، الحكمة يمانية، إنّما قال عليه السلام ذلك لان الايمان بدأ من مكّة و هي من تهامة و تهامة من ارض اليمن و لهذا يقال: الكعبة اليمانية.
6- في النهاية. إن الجفاء و القسوة في الفدادين، الفدادون- بالتشديد-: الذين تعلوا أصواتهم في حروثهم و مواشيهم واحدهم فدّاد، يقال: فدّ الرجل يفدّ فديدا إذا اشتد صوته و قيل: هم المكثرون من الإبل و قيل: هم الجمّالون و البقّارون و الحمّارون و الرعيان و قيل: إنّما هم الفدادين- مخففا- واحدها فدان- مشددا- و هي البقر التي يحرث بها و أهلها أهل جفاء و قسوة. «انتهى» و أصحاب الوبر هم الذين يتخذون بيوتهم منه.
7- قال الجوهريّ: قرن الشمس: أعلاها و أول ما يبدوا منها في الطلوع لعلّ المراد أهل البوادي من هاتين القبيلتين الكائنتين في مطلع الشمس أي في شرقيّ المدينة. «آت». و ربيعة و مضر أبو قبيلتين و كانا أخوين. و مذحج- بالمعجمة ثمّ المهملة ثمّ الجيم على وزن مسجد أبو قبيلة باليمن. و حضر موت اسم قبيلة اسمان جعلا واحدا و قد جاء اسم بلد أيضا. «فى»

ص: 71

رَوَى بَعْضُهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ بَجِيلَةُ خَيْرٌ مِنْ رِعْلٍ وَ ذَكْوَانَ وَ إِنْ يَهْلِكْ لِحْيَانُ (1) فَلَا أُبَالِي ثُمَّ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ- جَمَداً وَ مَخْوَساً وَ مَشْرَحاً وَ أَبْضَعَةَ وَ أُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَ الْمُحَلَّلَ لَهُ (2) وَ مَنْ يُوَالِي غَيْرَ مَوَالِيهِ وَ مَنِ ادَّعَى نَسَباً لَا يُعْرَفُ وَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً فِي الْإِسْلَامِ أَوْ آوَى مُحْدِثاً وَ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ- أَوْ ضَرَبَ غَيْرَ ضَارِبِهِ وَ مَنْ لَعَنَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ يُوجَدُ رَجُلٌ يَلْعَنُ أَبَوَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ يَلْعَنُ آبَاءَ الرِّجَالِ وَ أُمَّهَاتِهِمْ فَيَلْعَنُونَ أَبَوَيْهِ لَعَنَ


1- في القاموس بجيلة- كسفينة-: حى باليمن من معد. و رعل و ذكوان قبيلتان من سليم اه. و لحيان أبو قبيلة و هو لحيان بن هذيل بن مدركة. «الصحاح»، و في الوافي [أن يهلك الحيان] و قال الفيض- رحمه اللّه- في بيانه: الحيان تثنية الحى يعنى القبيلتين المذكورتين و حيان أبو قبيلة أيضا.
2- في القاموس: مخوس- كمنبر- و مشرح و جمد و أبضعة: بنو معديكرب الملوك الأربعة الذين لعنهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لعن اختهم العمردة و فدوا مع الاشعث فأسلموا ثمّ ارتدوا فقتلوا يوم النجير. فى النهاية: لعن اللّه المحلل و المحلل له و في رواية المحلّ و المحل له و في حديث بعض الصحابة لا اوتى بحال و لا محلل إلّا رحمتها، جعل الزمخشريّ هذا الأخير حديثا لا أثرا و في هذه اللفظة ثلاث لغات: حللت- بتشديد اللام- و أحللت و حللت- مخففا- فعلى الأولى جاء الحديث الأول يقال: حلل فهو محلل و محلل له و على الثانية جاء الثاني تقول: أحل فهو محل له و على الثالثة جاء الثالث تقول: حللت فانا حال و هو محلول له، و قيل: أراد بقوله: «لا أوتى بحال» أي بذى إحلال مثل قولهم: ريح لاقح أي ذات إلقاح و المعنى في الجميع هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لتحل لزوجها الأول، و قيل: سمى محللا بقصده إلى التحليل كما يسمى مشتريا إذا قصد الشراء انتهى. و قال المجلسيّ- ره-: يمكن أن يكون المراد: النسى ء في الأشهر الحرم قال الزمخشريّ كان جنادة بن عوف الكنانيّ مطاعا في الجاهلية و كان يقوم على جمل في الموسم فيقول بأعلى صوته: إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه ثمّ يقوم في القابل فيقول: إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه. و قال عليّ بن إبراهيم: كان رجل من بني كنانة يقف في الموسم فيقول: قد أحللت دماء المحللين طى و خثعم في شهر المحرم و أنسأته و حرمت بدله صفر فإذا كان العام المقبل يقول: قد أحللت صفر و أنسأته و حرمت بدله شهر المحرم انتهى. و لعلّ هذا أوفق بروايات أصحابنا و اصولهم. و يحتمل أن يكون المراد مطلق تحليل ما حرم اللّه انتهى.

ص: 72

اللَّهُ رِعْلًا وَ ذَكْوَانَ وَ عَضَلًا وَ لِحْيَانَ وَ الْمُجْذَمِينَ مِنْ أَسَدٍ وَ غَطَفَانَ (1) وَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَ شَهْبَلًا ذَا الْأَسْنَانِ وَ ابْنَيْ مُلَيْكَةَ بْنِ جَزِيمٍ (2) وَ مَرْوَانَ وَ هَوْذَةَ وَ هَوْنَةَ.

28- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مَوْلًى لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع سَأَلَهُ مَالًا فَقَالَ يَخْرُجُ عَطَائِي فَأُقَاسِمُكَ هُوَ فَقَالَ لَا أَكْتَفِي وَ خَرَجَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَصَلَهُ فَكَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يُخْبِرُهُ بِمَا أَصَابَ مِنَ الْمَالِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا فِي يَدِكَ مِنَ الْمَالِ قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَكَ وَ إِنَّمَا لَكَ مِنْهُ مَا مَهَّدْتَ لِنَفْسِكَ فَآثِرْ نَفْسَكَ عَلَى صَلَاحِ وُلْدِكَ فَإِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ وَ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ وَ لَيْسَ مِنْ هَذَيْنِ أَحَدٌ بِأَهْلٍ أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَ لَا تُبَرِّدَ (3) لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ فَارْجُ لِمَنْ مَضَى رَحْمَةَ اللَّهِ وَ ثِقْ لِمَنْ بَقِيَ بِرِزْقِ اللَّهِ.

كَلَامُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع

29- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَعِظُ النَّاسَ وَ يُزَهِّدُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ يُرَغِّبُهُمْ فِي أَعْمَالِ الْآخِرَةِ بِهَذَا الْكَلَامِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حُفِظَ عَنْهُ وَ كُتِبَ كَانَ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* فَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ الْغَافِلَ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ-


1- «عضلا»- بالتحريك-: أبو قبيلة. «و المجذمين» لعل المراد المنسوبين إلى الجذيمة و لعلّ أسدا و غطفان كلاهما منسوبتان إليها. قال الجوهريّ: جذيمة: قبيلة من عبد القيس ينسب إليهم جذمى- بالتحريك- و كذلك إلى جذيمة أسد. و قال الفيروزآبادي: غطفان- محركة-: حى من قيس. و شهيلا- بالشين المعجمة و الباء الموحدة و في بعض النسخ- بالسين المهملة و الياء المثناة و لعله اسم رجل و كذا ما ذكر بعده إلى آخر الخبر. «آت»
2- في بعض النسخ [جريم ... الخ] و في بعضها [و هودة].
3- أي لا تثبت له وزرا على ظهرك. «آت» و في النهج [تحمل] و في بعض نسخه [تحتمل].

ص: 73

يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّ أَجَلَكَ أَسْرَعُ شَيْ ءٍ إِلَيْكَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ حَثِيثاً يَطْلُبُكَ (1) وَ يُوشِكُ أَنْ يُدْرِكَكَ وَ كَأَنْ قَدْ أَوْفَيْتَ أَجَلَكَ وَ قَبَضَ الْمَلَكُ رُوحَكَ وَ صِرْتَ إِلَى قَبْرِكَ وَحِيداً فَرَدَّ إِلَيْكَ فِيهِ رُوحَكَ وَ اقْتَحَمَ عَلَيْكَ فِيهِ مَلَكَانِ- نَاكِرٌ وَ نَكِيرٌ لِمُسَاءَلَتِكَ وَ شَدِيدِ امْتِحَانِكَ أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يَسْأَلَانِكَ عَنْ رَبِّكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْبُدُهُ وَ عَنْ نَبِيِّكَ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكَ و عَنْ دِينِكَ الَّذِي كُنْتَ تَدِينُ بِهِ وَ عَنْ كِتَابِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتْلُوهُ وَ عَنْ إِمَامِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ ثُمَّ عَنْ عُمُرِكَ فِيمَا كُنْتَ أَفْنَيْتَهُ وَ مَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَ فِيمَا أَنْتَ أَنْفَقْتَهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ أَعِدَّ الْجَوَابَ قَبْلَ الِامْتِحَانِ وَ الْمُسَاءَلَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فَإِنْ تَكُ مُؤْمِناً عَارِفاً بِدِينِكَ مُتَّبِعاً لِلصَّادِقِينَ مُوَالِياً لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَقَّاكَ اللَّهُ حُجَّتَكَ وَ أَنْطَقَ لِسَانَكَ (2) بِالصَّوَابِ وَ أَحْسَنْتَ الْجَوَابَ وَ بُشِّرْتَ بِالرِّضْوَانِ وَ الْجَنَّةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ تَلَجْلَجَ لِسَانُكَ وَ دَحَضَتْ حُجَّتُكَ وَ عَيِيتَ عَنِ الْجَوَابِ (3) وَ بُشِّرْتَ بِالنَّارِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةِ جَحِيمٍ وَ اعْلَمْ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّ مِنْ وَرَاءِ هَذَا أَعْظَمَ وَ أَفْظَعَ وَ أَوْجَعَ لِلْقُلُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ يَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ذَلِكَ يَوْمٌ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ* وَ تُبَعْثَرُ فِيهِ الْقُبُورُ (4) وَ ذَلِكَ يَوْمُ الْآزِفَةِ- إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ وَ ذَلِكَ يَوْمٌ لَا تُقَالُ فِيهِ عَثْرَةٌ (5) وَ لَا يُؤْخَذُ مِنْ أَحَدٍ فِدْيَةٌ وَ لَا تُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ مَعْذِرَةٌ وَ لَا لِأَحَدٍ فِيهِ مُسْتَقْبَلُ تَوْبَةٍ لَيْسَ إِلَّا الْجَزَاءَ بِالْحَسَنَاتِ وَ الْجَزَاءَ بِالسَّيِّئَاتِ فَمَنْ كَانَ مِنَ


1- أي مسرعا، حريصا.
2- في بعض النسخ [انطلق لسانك].
3- التلجج: التردد في الكلام. و دحضت حجته دحوضا أي بطلت. و عييت عن الجواب أي عجزت عنه.
4- بعثرت الشي ء إذا استخرجته و كشفته و بعثرت حوضى أي هدمته و جعلت أسفله أعلاه و سميت القيامة بالآزفة لازوفتها أي لقربها إذا القلوب لدى الحناجر فانها ترتفع عن أماكنها فتلتصق بحلوقهم فلا تعود، فيتروحوا فلا تخرج فيستريحوا. «آت»
5- من الإقالة و هي نقض البيع. و العثرة: الزلة.

ص: 74

الْمُؤْمِنِينَ عَمِلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَجَدَهُ وَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَمِلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ وَجَدَهُ- فَاحْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْمَعَاصِي مَا قَدْ نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهَا وَ حَذَّرَكُمُوهَا فِي كِتَابِهِ الصَّادِقِ وَ الْبَيَانِ النَّاطِقِ وَ لَا تَأْمَنُوا مَكْرَ اللَّهِ وَ تَحْذِيرَهُ وَ تَهْدِيدَهُ عِنْدَ مَا يَدْعُوكُمُ الشَّيْطَانُ اللَّعِينُ إِلَيْهِ مِنْ عَاجِلِ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (1) وَ أَشْعِرُوا قُلُوبَكُمْ خَوْفَ اللَّهِ (2) وَ تَذَكَّرُوا مَا قَدْ وَعَدَكُمُ اللَّهُ فِي مَرْجِعِكُمْ إِلَيْهِ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِهِ كَمَا قَدْ خَوَّفَكُمْ مِنْ شَدِيدِ الْعِقَابِ فَإِنَّهُ مَنْ خَافَ شَيْئاً حَذِرَهُ وَ مَنْ حَذِرَ شَيْئاً تَرَكَهُ وَ لَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِينَ الْمَائِلِينَ إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ- فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ- أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ (3) فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ بِمَا فَعَلَ بِالظَّلَمَةِ فِي كِتَابِهِ وَ لَا تَأْمَنُوا أَنْ يُنْزِلَ بِكُمْ بَعْضَ مَا تَوَاعَدَ بِهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فِي الْكِتَابِ وَ اللَّهِ لَقَدْ وَعَظَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِغَيْرِكُمْ فَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَ لَقَدْ أَسْمَعَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا قَدْ فَعَلَ بِالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى قَبْلَكُمْ حَيْثُ قَالَ وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ إِنَّمَا عَنَى بِالْقَرْيَةِ أَهْلَهَا حَيْثُ يَقُولُ وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يَعْنِي يَهْرُبُونَ قَالَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (4) وَ ايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ عِظَةٌ لَكُمْ وَ تَخْوِيفٌ إِنِ اتَّعَظْتُمْ وَ خِفْتُمْ ثُمَّ رَجَعَ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ فِي الْكِتَابِ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ


1- الأعراف: 201، أي لمم من الشيطان و طائف فاعل منه، يقال طاف يطيف طيفا فهو طائف.
2- أي اجعلوا خوف اللّه شعار قلوبكم ملازما لها غير مفارق عنها.
3- النحل: 44 إلى 47. و «تخوف» أي تنقص.
4- الأنبياء: 11 إلى 15. و مضى بيان ما فيه ص 51 من هذا المجلد.

ص: 75

وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (1) فَإِنْ قُلْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَهْلَ الشِّرْكِ فَكَيْفَ ذَلِكَ وَ هُوَ يَقُولُ وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ (2) اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ لَا يُنْصَبُ لَهُمُ الْمَوَازِينُ وَ لَا يُنْشَرُ لَهُمُ الدَّوَاوِينُ وَ إِنَّمَا يُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً وَ إِنَّمَا نَصْبُ الْمَوَازِينِ وَ نَشْرُ الدَّوَاوِينِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يُحِبَّ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَ عَاجِلَهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَ لَمْ يُرَغِّبْهُمْ فِيهَا وَ فِي عَاجِلِ زَهْرَتِهَا وَ ظَاهِرِ بَهْجَتِهَا وَ إِنَّمَا خَلَقَ الدُّنْيَا وَ خَلَقَ أَهْلَهَا لِيَبْلُوَهُمْ فِيهَا أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا لآِخِرَتِهِ وَ ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ ضَرَبَ لَكُمْ فِيهِ الْأَمْثَالَ وَ صَرَّفَ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَازْهَدُوا فِيمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ مِنْ عَاجِلِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) فَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِمُحَمَّدٍ ص- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ (4) وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَ مَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ فَإِنَّهَا دَارُ بُلْغَةٍ وَ مَنْزِلُ قُلْعَةٍ (5) وَ دَارُ عَمَلٍ فَتَزَوَّدُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِيهَا قَبْلَ تَفَرُّقِ أَيَّامِهَا وَ قَبْلَ الْإِذْنِ مِنَ اللَّهِ فِي خَرَابِهَا فَكَانَ قَدْ أَخْرَبَهَا الَّذِي عَمَرَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ ابْتَدَأَهَا وَ هُوَ وَلِيُّ مِيرَاثِهَا فَأَسْأَلُ اللَّهَ الْعَوْنَ لَنَا وَ لَكُمْ عَلَى تَزَوُّدِ التَّقْوَى


1- الأنبياء: 46. و النفحة: الدفعة من الشي ء دون معظمه.
2- الأنبياء: 47.
3- يونس: 24. و أخذت الأرض زخرفها أي زينتها بالنبات.
4- هود: 113. أى تطمئنوا إليهم و تسكنوا إلى قولهم.
5- أي ليس بمستوطن.

ص: 76

وَ الزُّهْدِ فِيهَا جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي عَاجِلِ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ لآِجِلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

حَدِيثُ الشَّيْخِ مَعَ الْبَاقِرِ ع

30- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ الْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَنَزَةٍ لَهُ (1) حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ الشَّيْخُ بِوَجْهِهِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ سَكَتَ حَتَّى أَجَابَهُ الْقَوْمُ جَمِيعاً وَ رَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَدْنِنِي مِنْكَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكُمْ وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكُمْ وَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّكُمْ وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكُمْ لِطَمَعٍ فِي دُنْيَا وَ [اللَّهِ] إِنِّي لَأُبْغِضُ عَدُوَّكُمْ وَ أَبْرَأُ مِنْهُ وَ وَ اللَّهِ مَا أُبْغِضُهُ وَ أَبْرَأُ مِنْهُ لِوَتْرٍ كَانَ (2) بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِلُّ حَلَالَكُمْ وَ أُحَرِّمُ حَرَامَكُمْ وَ أَنْتَظِرُ أَمْرَكُمْ فَهَلْ تَرْجُو لِي جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَيَّ إِلَيَّ حَتَّى أَقْعَدَهُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا الشَّيْخُ إِنَّ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي ع إِنْ تَمُتْ تَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلَى عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ يَثْلَجُ قَلْبُكَ وَ يَبْرُدُ فُؤَادُكَ وَ تَقَرُّ عَيْنُكَ وَ تُسْتَقْبَلُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ مَعَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ لَوْ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَاهُنَا وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَ إِنْ تَعِشْ تَرَى مَا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ عَيْنَكَ وَ تَكُونُ مَعَنَا فِي السَّنَامِ الْأَعْلَى فَقَالَ الشَّيْخُ كَيْفَ قُلْتَ يَا


1- العنزة عصا في رأسها حديد. و هي بالتحريك اطول من العصا و أقصر من الرمح.
2- الوتر: الذحل و هو: الحقد و العداوة. و أيضا: الجناية.

ص: 77

أَبَا جَعْفَرٍ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَقَالَ الشَّيْخُ اللَّهُ أَكْبَرُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنْ أَنَا مِتُّ أَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلَى عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ تَقَرُّ عَيْنِي وَ يَثْلَجُ قَلْبِي وَ يَبْرُدُ فُؤَادِي وَ أُسْتَقْبَلُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ مَعَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ لَوْ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسِي إِلَى هَاهُنَا وَ إِنْ أَعِشْ أَرَى مَا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ عَيْنِي فَأَكُونُ مَعَكُمْ فِي السَّنَامِ الْأَعْلَى ثُمَّ أَقْبَلَ الشَّيْخُ يَنْتَحِبُ يَنْشِجُ (1) هَا هَا هَا حَتَّى لَصِقَ بِالْأَرْضِ وَ أَقْبَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَنْتَحِبُونَ وَ يَنْشِجُونَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ حَالِ الشَّيْخِ وَ أَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَمْسَحُ بِإِصْبَعِهِ الدُّمُوعَ مِنْ حَمَالِيقِ عَيْنَيْهِ وَ يَنْفُضُهَا (2) ثُمَّ رَفَعَ الشَّيْخُ رَأْسَهُ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ نَاوِلْنِي يَدَكَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَقَبَّلَهَا وَ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَ خَدِّهِ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ بَطْنِهِ (3) وَ صَدْرِهِ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- وَ أَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَنْظُرُ فِي قَفَاهُ وَ هُوَ مُدْبِرٌ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا فَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ لَمْ أَرَ مَأْتَماً قَطُّ يُشْبِهُ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ.

قِصَّةُ صَاحِبِ الزَّيْتِ

31- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَبِيعُ الزَّيْتَ وَ كَانَ يُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ ص حُبّاً شَدِيداً كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ فِي حَاجَتِهِ لَمْ يَمْضِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِذَا جَاءَ تَطَاوَلَ لَهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَانَتْ ذَاتُ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فَتَطَاوَلَ لَهُ رَسُولُ


1- النحب و النحيب و الانتحاب: البكاء بصوت طويل. و النشج: صوت معه توجّع و بكاء كما يردد الصبى بكاءه في صدره. «النهاية».
2- حملاق العين- بالكسر و الضم- و كعصفور: باطن أجفانها الذي يسود بالكحلة أو ما غطته الاجفان من بياض المقلة أو باطن الجفن الأحمر الذي إذا قلب للكحل رأيت حمرته أو ما لزق بالعين من موضع الكحل من باطن جمع حماليق. «القاموس»
3- أي كشف.

ص: 78

اللَّهِ ص حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ مَضَى فِي حَاجَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ رَجَعَ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ اجْلِسْ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا لَكَ فَعَلْتَ الْيَوْمَ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَغَشِيَ قَلْبِي شَيْ ءٌ مِنْ ذِكْرِكَ حَتَّى مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ فِي حَاجَتِي حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْكَ فَدَعَا لَهُ وَ قَالَ لَهُ خَيْراً ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيَّاماً لَا يَرَاهُ فَلَمَّا فَقَدَهُ سَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَاهُ مُنْذُ أَيَّامٍ فَانْتَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ انْتَعَلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ وَ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَوْا سُوقَ الزَّيْتِ فَإِذَا دُكَّانُ الرَّجُلِ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَسَأَلَ عَنْهُ جِيرَتَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَ وَ لَقَدْ كَانَ عِنْدَنَا أَمِيناً صَدُوقاً إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ قَالَ وَ مَا هِيَ قَالُوا كَانَ يَرْهَقُ (1) يَعْنُونَ يَتْبَعُ النِّسَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَحِمَهُ اللَّهُ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ يُحِبُّنِي حُبّاً لَوْ كَانَ نَخَّاساً (2) لَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ.

32- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ مُيَسِّرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ كَيْفَ أَصْحَابُكَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَنَحْنُ عِنْدَهُمْ أَشَرُّ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قَالَ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَنَحْنُ عِنْدَهُمْ أَشَرُّ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَا تَدْخُلُ النَّارَ مِنْكُمُ اثْنَانِ لَا وَ اللَّهِ وَ لَا وَاحِدٌ وَ اللَّهِ إِنَّكُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (3) ثُمَّ قَالَ طَلَبُوكُمْ وَ اللَّهِ فِي النَّارِ فَمَا وَجَدُوا مِنْكُمْ أَحَداً.


1- الرهق- محركة-: ركوب الشر و الظلم و غشيان المحارم.
2- لعل المراد من يبيع الاحرار عمدا. «آت»
3- ص: 61 إلى 64.

ص: 79

وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

33- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ ص لِعَلِيٍّ ع أَنْ قَالَ يَا عَلِيُّ أُوصِيكَ فِي نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا عَنِّي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ أَمَّا الْأُولَى فَالصِّدْقُ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِيكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَ الثَّانِيَةُ الْوَرَعُ وَ لَا تَجْتَرِئْ عَلَى خِيَانَةٍ أَبَداً وَ الثَّالِثَةُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ الرَّابِعَةُ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ يُبْنَى لَكَ بِكُلِّ دَمْعَةٍ أَلْفُ بَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ وَ الْخَامِسَةُ بَذْلُكَ مَالَكَ وَ دَمَكَ دُونَ دِينِكَ وَ السَّادِسَةُ الْأَخْذُ بِسُنَّتِي فِي صَلَاتِي وَ صَوْمِي وَ صَدَقَتِي أَمَّا الصَّلَاةُ فَالْخَمْسُونَ رَكْعَةً وَ أَمَّا الصِّيَامُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ- الْخَمِيسُ فِي أَوَّلِهِ وَ الْأَرْبِعَاءُ فِي وَسَطِهِ وَ الْخَمِيسُ فِي آخِرِهِ وَ أَمَّا الصَّدَقَةُ فَجُهْدَكَ حَتَّى تَقُولَ قَدْ أَسْرَفْتُ وَ لَمْ تُسْرِفْ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ عَلَيْكَ بِرَفْعِ يَدَيْكَ فِي صَلَاتِكَ وَ تَقْلِيبِهِمَا وَ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَ عَلَيْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْكَبْهَا وَ مَسَاوِي الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ.

34- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَسَبُ الْمَرْءِ دِينُهُ وَ مُرُوءَتُهُ وَ عَقْلُهُ وَ شَرَفُهُ وَ جَمَالُهُ وَ كَرَمُهُ تَقْوَاهُ.

35- عَنْهُمْ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ وَ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ وَ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي فُسْطَاطٍ لَهُ بِمِنًى فَنَظَرَ إِلَى زِيَادٍ الْأَسْوَدِ مُنْقَلِعَ الرِّجْلِ

ص: 80

فَرَثَى لَهُ (1) فَقَالَ لَهُ مَا لِرِجْلَيْكَ هَكَذَا قَالَ جِئْتُ عَلَى بَكْرٍ لِي نِضْوٍ فَكُنْتُ (2) أَمْشِي عَنْهُ عَامَّةَ الطَّرِيقِ فَرَثَى لَهُ وَ قَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ زِيَادٌ إِنِّي أُلِمُّ بِالذُّنُوبِ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ هَلَكْتُ ذَكَرْتُ حُبَّكُمْ فَرَجَوْتُ النَّجَاةَ وَ تَجَلَّى عَنِّي- فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (3) وَ قَالَ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (4) وَ قَالَ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ (5) إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّ الْمُصَلِّينَ وَ لَا أُصَلِّي (6) وَ أُحِبُّ الصَّوَّامِينَ وَ لَا أَصُومُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكَ مَا اكْتَسَبْتَ وَ قَالَ مَا تَبْغُونَ وَ مَا تُرِيدُونَ أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَ فَزْعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَزِعَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَأْمَنِهِمْ وَ فَزِعْنَا إِلَى نَبِيِّنَا وَ فَزِعْتُمْ إِلَيْنَا.

36- سَهْلٌ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ صَارَتْ فِرْقَةٌ مُرْجِئَةً وَ صَارَتْ فِرْقَةٌ حَرُورِيَّةً وَ صَارَتْ فِرْقَةٌ قَدَرِيَّةً وَ سُمِّيتُمُ التُّرَابِيَّةَ وَ شِيعَةَ عَلِيٍّ أَمَا وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ رَسُولُهُ ص وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ ع وَ شِيعَةُ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا النَّاسُ إِلَّا هُمْ كَانَ عَلِيٌّ ع أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثاً.

37- عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ لَقَدْ تَرَكْنَا أَسْوَاقَنَا انْتِظَاراً لِهَذَا الْأَمْرِ حَتَّى لَيُوشِكُ الرَّجُلُ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ فِي يَدِهِ فَقَالَ يَا [أَبَا] عَبْدِ الْحَمِيدِ أَ تَرَى مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجاً بَلَى وَ اللَّهِ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجاً رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً أَحْيَا أَمْرَنَا قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةَ يَقُولُونَ مَا عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ


1- انقلع المال إلى مالكه: وصل إليه من يد المستعير و انقلع البعير: انخرع أي كان صحيحا فوقع ميتا. و في بعض النسخ [منقطع الرجلين]. و قوله: «رثا له» أي رق و توجع.
2- النضو: الدابّة التي هزلتها الاسفار.
3- الحجرات: 7.
4- آل عمران: 31.
5- الحشر: 9.
6- المراد بها النوافل و كذا في اختها المراد بها التطوع كما يشعر بها لفظة «الصوامين».

ص: 81

حَتَّى إِذَا جَاءَ مَا تَقُولُونَ كُنَّا نَحْنُ وَ أَنْتُمْ سَوَاءً فَقَالَ يَا عَبْدَ الْحَمِيدِ صَدَقُوا مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ مَنْ أَسَرَّ نِفَاقاً فَلَا يُرْغِمُ اللَّهُ إِلَّا بِأَنْفِهِ وَ مَنْ أَظْهَرَ أَمْرَنَا أَهْرَقَ اللَّهُ دَمَهُ (1) يَذْبَحُهُمُ اللَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا يَذْبَحُ الْقَصَّابُ شَاتَهُ قَالَ قُلْتُ فَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ وَ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ لَا أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ سَنَامُ الْأَرْضِ وَ حُكَّامُهَا (2) لَا يَسَعُنَا فِي دِينِنَا إِلَّا ذَلِكَ قُلْتُ فَإِنْ مِتُّ قَبْلَ أَنْ أُدْرِكَ الْقَائِمَ ع قَالَ إِنَّ الْقَائِلَ مِنْكُمْ إِذَا قَالَ إِنْ أَدْرَكْتُ قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ نَصَرْتُهُ كَالْمُقَارِعِ (3) مَعَهُ بِسَيْفِهِ وَ الشَّهَادَةُ (4) مَعَهُ شَهَادَتَانِ.

38- عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي زَمَنِ مَرْوَانَ فَقَالَ مَنْ أَنْتُمْ فَقُلْنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ مَا مِنْ بَلْدَةٍ مِنَ الْبُلْدَانِ أَكْثَرَ مُحِبّاً لَنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَا سِيَّمَا هَذِهِ الْعِصَابَةِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ هَدَاكُمْ لِأَمْرٍ جَهِلَهُ النَّاسُ وَ أَحْبَبْتُمُونَا وَ أَبْغَضَنَا النَّاسُ وَ اتَّبَعْتُمُونَا وَ خَالَفَنَا النَّاسُ وَ صَدَّقْتُمُونَا وَ كَذَّبَنَا النَّاسُ فَأَحْيَاكُمُ اللَّهُ مَحْيَانَا وَ أَمَاتَكُمُ [اللَّهُ] مَمَاتَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَرَى مَا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ عَيْنَهُ وَ أَنْ يَغْتَبِطَ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً (5) فَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ص.

39- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُدَيْسٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ كَلَاماً يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ص وَ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَعَرَضْتُهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص أَعْرِفُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَ أَكْيَسُ الْكَيْسِ التُّقَى وَ أَحْمَقُ الْحُمْقِ الْفُجُورُ وَ شَرُّ الرَّوِيِّ رَوِيُّ الْكَذِبِ (6) وَ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ أَعْمَى الْعَمَى


1- كذا.
2- أي مرتفع الأرض و المراد هنا عزتهم و رفعتهم و دولتهم.
3- قارع و تقارع القوم بعضهم بعضا: ضاربوا، و بالرماح: تطاعنوا.
4- أي لمتمنى الشهادة معه أجر شهيد و للشهادة معه أجر شهيدين.
5- الرعد: 38.
6- رواه الصدوق في الفقيه و الأمالي بسند حسن و فيهما «و شر الرواية رواية الكذب» و الروى من الرويّة و هو النظر و التفكر في الأمور، أو من الرواية أو من روى الماء و الثاني أظهر.

ص: 82

عَمَى الْقَلْبِ وَ شَرُّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَعْظَمُ الْخَطَايَا عِنْدَ اللَّهِ لِسَانُ الْكَذَّابِ وَ شَرُّ الْكَسْبِ كَسْبُ الرِّبَا وَ شَرُّ الْمَآكِلِ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَ أَحْسَنُ الزِّينَةِ زِينَةِ الرَّجُلِ (1) هَدْيٌ حَسَنٌ مَعَ إِيمَانٍ وَ أَمْلَكُ أَمْرِهِ بِهِ وَ قِوَامُ خَوَاتِيمِهِ وَ مَنْ يَتَّبِعِ السُّمْعَةَ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ (2) الْكَذِبَةَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ الدُّنْيَا يَعْجِزْ عَنْهَا وَ مَنْ يَعْرِفِ الْبَلَاءَ يَصْبِرْ عَلَيْهِ وَ مَنْ لَا يَعْرِفْهُ يَنْكُلْ (3) وَ الرَّيْبُ كُفْرٌ وَ مَنْ يَسْتَكْبِرْ يَضَعْهُ اللَّهُ وَ مَنْ يُطِعِ الشَّيْطَانَ يَعْصِ اللَّهَ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ وَ مَنْ يَشْكُرْ يَزِيدُهُ اللَّهُ وَ مَنْ يَصْبِرْ عَلَى الرَّزِيَّةِ يُعِنْهُ اللَّهُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَحَسْبُهُ اللَّهُ لَا تُسْخِطُوا اللَّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا تَقَرَّبُوا إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ تَتَبَاعَدُوا مِنَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ شَيْ ءٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْراً وَ لَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْهُ شَرّاً إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَرْضَاتِهِ وَ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ نَجَاحٌ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ يُبْتَغَى وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُتَّقَى- وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ يَعْصِمُ مَنْ أَطَاعَهُ وَ لَا يَعْتَصِمُ بِهِ مَنْ عَصَاهُ وَ لَا يَجِدُ الْهَارِبُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَهْرَباً وَ إِنَّ أَمْرَ اللَّهِ نَازِلٌ وَ لَوْ كَرِهَ الْخَلَائِقُ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ- مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

40 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً (4) فَقَالَ كَانَ النَّاسُ قَبْلَ نُوحٍ أُمَّةَ ضَلَالٍ فَبَدَا لِلَّهِ فَبَعَثَ الْمُرْسَلِينَ وَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَزَلْ (5) وَ كَذَبُوا يَفْرُقُ اللَّهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءٍ أَوْ مَطَرٍ بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُقَدِّرَ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ.


1- «زينة الرجل» عطف بيان أو بدل للزينة و «أملك أمره به» معطوف على أحسن الزينة.
2- أي أظهره و في بعض النسخ [يبتغ] و هو الاصوب.
3- النكول: الجبن و الامتناع و في الكتابين «ينكر».
4- البقرة: 213.
5- أي ليس كما يقولون: «إن اللّه تعالى قدر الامر في الازل و قد فرغ منها فلا يتغير تقديراته تعالى» بل للّه البداء فيما كتب في لوح المحو و الاثبات. «آت»

ص: 83

حَدِيثُ الْبَحْرِ مَعَ الشَّمْسِ

41- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ (1) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّ مِنَ الْأَقْوَاتِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ الْبَحْرَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَدَّرَ فِيهَا مَجَارِيَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ وَ قَدَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الْفَلَكِ ثُمَّ وَكَّلَ بِالْفَلَكِ مَلَكاً وَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَهُمْ يُدِيرُونَ الْفَلَكَ فَإِذَا أَدَارُوهُ دَارَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْكَوَاكِبُ مَعَهُ فَنَزَلَتْ فِي مَنَازِلِهَا الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا لِيَوْمِهَا وَ لَيْلَتِهَا فَإِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعِبَادِ وَ أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَعْتِبَهُمْ بِآيَةٍ مِنْ آيَاتِهِ أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ يُزِيلَ الْفَلَكَ الَّذِي عَلَيْهِ مَجَارِي الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ فَيَأْمُرُ الْمَلَكُ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ أَنْ يُزِيلُوهُ عَنْ مَجَارِيهِ قَالَ فَيُزِيلُونَهُ فَتَصِيرُ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ الَّذِي يَجْرِي فِي الْفَلَكِ- قَالَ فَيَطْمِسُ ضَوْؤُهَا وَ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَظِّمَ الْآيَةَ طَمَسَتِ الشَّمْسُ فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يُخَوِّفَ خَلْقَهُ بِالْآيَةِ قَالَ وَ ذَلِكَ عِنْدَ انْكِسَافِ الشَّمْسِ قَالَ وَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْقَمَرِ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُجَلِّيَهَا أَوْ يَرُدَّهَا إِلَى مَجْرَاهَا أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ يَرُدَّ الْفَلَكَ إِلَى مَجْرَاهُ فَيَرُدُّ الْفَلَكَ فَتَرْجِعُ الشَّمْسُ إِلَى مَجْرَاهَا قَالَ فَتَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ وَ هِيَ كَدِرَةٌ قَالَ وَ الْقَمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَمَا إِنَّهُ لَا يَفْزَعُ لَهُمَا وَ لَا يَرْهَبُ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ.

42- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا أَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مِنِ


1- هذا الخبر مجهول بحكم بن مستورد و لم اظفر في المعاجم بهذا العنوان الا ان صاحب جامع الرواة ذكره بعنوان حكم بن مستور و قال: معروف بن خربوذ عنه عن عليّ بن الحسين عليهما السلام في حديث البحر مع الشمس في الروضة من الكافي.

ص: 84

اسْتِخْفَافِهِمْ بِالدِّينِ فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ لَا تُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ حُجَّةً يَحْتَجُّ بِهَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فِي الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ أَ لَمْ تَرَوْا فُلَاناً فِيكُمْ أَ لَمْ تَرَوْا هَدْيَهُ فِيكُمْ (1) أَ لَمْ تَرَوْا صَلَاتَهُ فِيكُمْ أَ لَمْ تَرَوْا دِينَهُ فَهَلَّا اقْتَدَيْتُمْ بِهِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي الْقِيَامَةِ.

43- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثَيْمٍ النَّخَّاسِ (2) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَكُونُ فِي الْمَحَلَّةِ فَيَحْتَجُّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِيرَانِهِ [بِهِ] فَيُقَالُ لَهُمْ أَ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ بَيْنَكُمْ أَ لَمْ تَسْمَعُوا كَلَامَهُ أَ لَمْ تَسْمَعُوا بُكَاءَهُ فِي اللَّيْلِ فَيَكُونُ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (3).

44- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) قَالَ كَانَ طَيْرٌ سَافٌ (5) جَاءَهُمْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ رُءُوسُهَا كَأَمْثَالِ رُءُوسِ السِّبَاعِ وَ أَظْفَارُهَا كَأَظْفَارِ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ فِي رِجْلَيْهِ حَجَرَانِ وَ فِي مِنْقَارِهِ حَجَرٌ فَجَعَلَتْ تَرْمِيهِمْ بِهَا حَتَّى جُدِّرَتْ أَجْسَادُهُمْ فَقَتَلَهُمْ بِهَا وَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رُئِيَ شَيْ ءٌ مِنَ الْجُدَرِيِ (6) وَ لَا رَأَوْا ذَلِكَ مِنَ الطَّيْرِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَا بَعْدَهُ قَالَ وَ مَنْ أَفْلَتَ (7) مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ انْطَلَقَ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا حَضْرَمَوْتَ وَ هُوَ وَادٍ دُونَ الْيَمَنِ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلًا فَغَرَّقَهُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ وَ مَا رُئِيَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي مَاءٌ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ حَضْرَمَوْتَ حِينَ مَاتُوا فِيهِ.

45- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ وَ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: وَقَعَ بَيْنَ


1- الهدى: الطريقة.
2- في بعض النسخ [النحاس].
3- في بعض النسخ [عليكم].
4- الفيل: 3 و 4.
5- سف الطائر: إذا دنا من الأرض.
6- الجدر- بالضم و الفتح و فتح الدال في كلاهما-: البثور الناتئة على الجسم. و أيضا آثار ضرب او جرح مرتفعة على الجلد.
7- أي هربت.

ص: 85

أَبِي جَعْفَرٍ وَ بَيْنَ وَلَدِ الْحَسَنِ ع كَلَامٌ فَبَلَغَنِي ذَلِكَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَذَهَبْتُ أَتَكَلَّمُ فَقَالَ لِي مَهْ لَا تَدْخُلْ فِيمَا بَيْنَنَا فَإِنَّمَا مَثَلُنَا وَ مَثَلُ بَنِي عَمِّنَا كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ لَهُ ابْنَتَانِ فَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مِنْ رَجُلٍ زَرَّاعٍ وَ زَوَّجَ الْأُخْرَى مِنْ رَجُلٍ فَخَّارٍ ثُمَّ زَارَهُمَا فَبَدَأَ بِامْرَأَةِ الزَّرَّاعِ فَقَالَ لَهَا كَيْفَ حَالُكُمْ فَقَالَتْ قَدْ زَرَعَ زَوْجِي زَرْعاً كَثِيراً فَإِنْ أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَالًا ثُمَّ مَضَى إِلَى امْرَأَةِ الْفَخَّارِ فَقَالَ لَهَا كَيْفَ حَالُكُمْ فَقَالَتْ قَدْ عَمِلَ زَوْجِي فَخَّاراً كَثِيراً فَإِنْ أَمْسَكَ اللَّهُ السَّمَاءَ فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَالًا فَانْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ لَهُمَا وَ كَذَلِكَ نَحْنُ (1).

46- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ ذَرِيحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يُعَوِّذُ بَعْضَ وُلْدِهِ وَ يَقُولُ عَزَمْتُ عَلَيْكِ (2) يَا رِيحُ وَ يَا وَجَعُ كَائِناً مَا كُنْتِ بِالْعَزِيمَةِ الَّتِي عَزَمَ بِهَا- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى جِنِّ وَادِي الصَّبْرَةِ (3) فَأَجَابُوا وَ أَطَاعُوا لَمَّا أَجَبْتِ وَ أَطَعْتِ وَ خَرَجْتِ عَنِ ابْنِي فُلَانٍ ابْنِ ابْنَتِي فُلَانَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ.


1- «أنت لهما» أي المقدر لهما، تختار لكل منهما ما يصلحها و لا اشفع لأحدهما لانك اعلم بصلاحهما او لا ارجح احدهما على الآخر. و قوله: «و كذلك نحن» أي ليس لكم ان تحاكموا بيننا لان الخصمين كلاهما من أولاد الرسول و يلزمكما احترامهما لذلك. «آت»
2- قال الجوهريّ: «عزمت عليك» أي اقسمت عليك.
3- كذا. و لعلّ هذا إشارة الى ما رواه الشيخ المفيد «ره» في ارشاده بإسناده عن ابن عبّاس قال: لما خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الى بنى المصطلق جنّب عن الطريق فأدركه الليل و نزل بقرب واد وعر فلما كان في آخر الليل هبط جبرئيل عليه يخبره ان طائفة من كفّار الجن قد استبطنوا الوادى يريدون كيده عليه السلام و ايقاع الشر باصحابه عند سلوكهم إيّاه فدعا أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: اذهب الى هذا الوادى فسيعرض لك من اعداء اللّه الجن من يريدك فادفعه بالقوة التي اعطاك اللّه عزّ و جلّ اياها و تحصن منهم باسماء اللّه عزّ و جلّ التي خصك بها و بعلمها و انفذ معه مائة رجل من اخلاط الناس و قال لهم: كونوا معه و امتثلوا امره، فتوجه أمير المؤمنين عليه السلام الى الوادى فلما قرب من شفيره أمر المائة الذين صحبوا أن يقفوا بقرب الشفير و لا يحدثوا شيئا حتّى يؤذن لهم، ثمّ تقدم فوقف على شفير الوادى و تعوذ باللّه من اعدائه و سمى اللّه عزّ اسمه و اومأ الى القوم الذين اتبعوه ان يقربوا منه و كان بينه و بينهم فرجة مسافتها غلوة ثمّ رام الهبوط الى الوادى فاعترضت ريح عاصف كاد ان تقع القوم على وجوههم لشدتها و لم تثبت اقدامهم على الأرض من هول الخصم و من هول ما لحقهم، فصاح أمير المؤمنين عليه السلام انا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب وصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ابن عمه، اثبتوا ان شئتم فظهر للقوم اشخاص على صور الزط يخيل في ايديهم شعل النيران قد اطمأنوا و اطافوا بجنبات الوادى فتوغل أمير المؤمنين عليه السلام بطن الوادى و هو يتلوا القرآن و يومى بسيفه يمينا و شمالا فما لبثت الاشخاص حتّى صارت كالدخان الأسود و كبر أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ سعد من حيث هبط فقام مع القوم الذين اتبعوه حتّى اسفر الموضع عما اعتراه فقال له أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما لقيت يا ابا الحسن فلقد كدنا ان نهلك خوفا و اشفقنا عليك أكثر ممّا لحقنا؟ فقال عليه السلام لهم: انه لما تراءى لي العدو جهرت فيهم باسماء اللّه تعالى فتضاءلوا و علمت ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادى غير خائف منهم و لو بقوا على هيئاتهم لاتيت على آخرهم و قد كفى اللّه كيدهم و كفى المسلمين شرهم و ستسبقنى بقيتهم الى رسول صلّى اللّه عليه و آله يؤمنون به و انصرف أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و اخبره الخبر فسرى عنه و دعا له بخير و قال له: قد سبقك يا على الى من اخافه اللّه بك فأسلم و قبلت إسلامه، ثمّ ارتحل بجماعة المسلمين حتّى قطعوا الوادى آمنين غير خائفين و هذا الحديث قد روته العامّة كما روته الخاصّة و لم يتناكروا شيئا. انتهى «آت»

ص: 86

47- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ وَ مَنْ لَا يُعِدَّ الصَّبْرَ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ يَعْجِزْ وَ مَنْ قَرَضَ النَّاسَ قَرَضُوهُ (1) وَ مَنْ تَرَكَهُمْ لَمْ يَتْرُكُوهُ قِيلَ فَأَصْنَعُ مَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَقْرِضْهُمْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ.

48- عَنْهُ (2) عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: بَيْنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْمَسْعَى يُشْرِفُ عَلَى الْمَسْعَى إِذْ رَأَى أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى


1- قال الجزريّ: فى حديث أبى الدرداء: «من يتفقّد يفقد» أي من يتفقد أحوال الناس و يتعرفها فانه لا يجد ما يرضيه لان الخير في الناس قليل. و قال: و فيه أيضا: إن قارضت الناس قارضوك أي إن سابيتهم و نلت منهم سبوك و نالوا منك و منه الحديث الآخر: «اقرض من عرضك ليوم فقرك» أي إذا نال أحد من عرضك فلا تجازه و لكن اجعله قرضا في ذمته لتأخذه منه يوم حاجتك إليه، يعنى يوم القيامة.
2- أي عن محمّد بن يحيى العطّار و الآتي هو محمّد بن يحيى الصيرفى الذي روى عنه أبو عبد اللّه البرقي و العباس بن معرف و عليّ بن إسماعيل و عبد اللّه جبلة و أيوب بن نوح و محمّد بن عمرو بن سعيد و روى عن حماد بن عثمان و محمّد بن سفيان كما في جامع الرواة.

ص: 87

ع مُقْبِلًا مِنَ الْمَرْوَةِ عَلَى بَغْلَةٍ فَأَمَرَ ابْنَ هَيَّاجٍ رَجُلًا مِنْ هَمْدَانَ مُنْقَطِعاً إِلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِلِجَامِهِ وَ يَدَّعِيَ الْبَغْلَةَ فَأَتَاهُ فَتَعَلَّقَ بِاللِّجَامِ وَ ادَّعَى الْبَغْلَةَ فَثَنَى أَبُو الْحَسَنِ ع رِجْلَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَ قَالَ لِغِلْمَانِهِ خُذُوا سَرْجَهَا وَ ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ فَقَالَ وَ السَّرْجُ أَيْضاً لِي فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع كَذَبْتَ عِنْدَنَا الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ سَرْجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَمَّا الْبَغْلَةُ فَإِنَّا اشْتَرَيْنَاهَا مُنْذُ قَرِيبٍ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ وَ مَا قُلْتَ (1).

49- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع حَيْثُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ مِنَ الْحِيرَةِ فَخَرَجَ سَاعَةَ أُذِنَ لَهُ وَ انْتَهَى إِلَى السَّالِحِينَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَعَرَضَ لَهُ عَاشِرٌ كَانَ يَكُونُ فِي السَّالِحِينَ (2) فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ لَا أَدَعُكَ أَنْ تَجُوزَ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ وَ طَلَبَ إِلَيْهِ فَأَبَى إِبَاءً وَ أَنَا وَ مُصَادِفٌ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ مُصَادِفٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا هَذَا كَلْبٌ قَدْ آذَاكَ وَ أَخَافُ أَنْ يَرُدَّكَ وَ مَا أَدْرِي مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِ أَبِي جَعْفَرٍ (3) وَ أَنَا وَ مُرَازِمٌ (4) أَ تَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَضْرِبَ عُنُقَهُ ثُمَّ نَطْرَحَهُ فِي النَّهَرِ فَقَالَ كُفَ (5) يَا مُصَادِفُ فَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ أَكْثَرُهُ فَأَذِنَ لَهُ فَمَضَى فَقَالَ يَا مُرَازِمُ هَذَا خَيْرٌ أَمِ الَّذِي قُلْتُمَاهُ قُلْتُ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ يَخْرُجُ مِنَ الذُّلِّ الصَّغِيرِ فَيُدْخِلُهُ ذَلِكَ فِي الذُّلِّ الْكَبِيرِ.

50- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ حَفْصِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: بَعَثَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع غُلَاماً لَهُ فِي حَاجَةٍ فَأَبْطَأَ فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَلَى أَثَرِهِ لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ نَائِماً فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ يُرَوِّحُهُ حَتَّى انْتَبَهَ فَلَمَّا انْتَبَهَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا فُلَانُ وَ اللَّهِ مَا ذَاكَ لَكَ تَنَامُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ لَكَ اللَّيْلُ وَ لَنَا مِنْكَ النَّهَارُ.

51- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ حَسَّانَ عَنْ أَبِي عَلِيٍ (6)


1- لعله عليه السلام سلم البغلة مع علمه بكذب المدعى اما صونا لعرضه عن الترافع إلى الوالى او دفعا لليمين أو تعليما ليتأسى به الناس فيما لم يعلموا كذب المدعى احتياطا و استحبابا. «آت»
2- السالحون موضع على أربع فراسخ من بغداد إلى المغرب. «كذا في المغرب»
3- أي المنصور.
4- أي نكون معك.
5- في بعض النسخ [كيف].
6- كذا في غير واحد من النسخ و الظاهر أنّه حسان بن المعلم، من أصحاب الصادق عليه السلام لرواية على بن الحكم عنه و أبو عليّ. لم نقف عليه في أحد من المعاجم و في بعض النسخ [عن حسان بن أبي على] و لعله هو كنية لمعلم أبى حسّان أو لحسان كما في بعض النسخ [حسان أبى على].

ص: 88

قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا تَذْكُرُوا سِرَّنَا بِخِلَافِ عَلَانِيَتِنَا وَ لَا عَلَانِيَتَنَا بِخِلَافِ سِرِّنَا حَسْبُكُمْ أَنْ تَقُولُوا مَا نَقُولُ وَ تَصْمُتُوا عَمَّا نَصْمُتُ إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِي خِلَافِنَا خَيْراً إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1).

حَدِيثُ الطَّبِيبِ

52- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْحَلَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ مُوسَى ع يَا رَبِّ مِنْ أَيْنَ الدَّاءُ قَالَ مِنِّي قَالَ فَالشِّفَاءُ قَالَ مِنِّي قَالَ فَمَا يَصْنَعُ عِبَادُكَ بِالْمُعَالِجِ قَالَ يَطِيبُ بِأَنْفُسِهِمْ فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ الْمُعَالِجُ الطَّبِيبَ (2).

53- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ هُوَ سَارِعٌ إِلَى الْجَسَدِ (3)- يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بِهِ فَيَأْخُذَهُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَّا الْحُمَّى فَإِنَّهَا تَرِدُ وُرُوداً.

54- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِيٍّ قَالَ: مَرِضْتُ بِالْمَدِينَةِ مَرَضاً شَدِيداً فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَكَتَبَ إِلَيَّ قَدْ بَلَغَنِي عِلَّتُكَ فَاشْتَرِ صَاعاً مِنْ بُرٍّ ثُمَّ اسْتَلْقِ عَلَى قَفَاكَ (4) وَ انْثُرْهُ عَلَى صَدْرِكَ كَيْفَمَا انْتَثَرَ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذَا سَأَلَكَ بِهِ الْمُضْطَرُّ كَشَفْتَ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ مَكَّنْتَ لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْتَهُ خَلِيفَتَكَ عَلَى خَلْقِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ (5)-


1- النور: 63.
2- الطبيب في الأصل الحاذق بالامور و العارف بها. «النهاية»
3- أي له طريق إليه و المراد أن غالب الادواء لها مادة في الجسد تشتد ذلك حتّى ترد عليه باذن اللّه. «آت» و في بعض النسخ [يسارع].
4- أي نم على قفاك.
5- قد مضى في كتاب الدعاء من المجلد الثاني ص 564 و فيه. [أن تصلى على محمّد و آل محمد].

ص: 89

وَ أَنْ تُعَافِيَنِي مِنْ عِلَّتِي ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَ اجْمَعِ الْبُرَّ مِنْ حَوْلِكَ وَ قُلْ مِثْلَ ذَلِكَ وَ اقْسِمْهُ مُدّاً مُدّاً لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَ قُلْ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ فَفَعَلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا نَشِطْتُ مِنْ عِقَالٍ (1) وَ قَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَانْتَفَعَ بِهِ.

حَدِيثُ الْحُوتِ عَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ هُوَ

55- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَرْضِ عَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ هِيَ قَالَ هِيَ عَلَى حُوتٍ قُلْتُ فَالْحُوتُ عَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَى الْمَاءِ قُلْتُ فَالْمَاءُ عَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَى صَخْرَةٍ قُلْتُ فَعَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ الصَّخْرَةُ قَالَ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ أَمْلَسَ (2) قُلْتُ فَعَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ الثَّوْرُ قَالَ عَلَى الثَّرَى قُلْتُ فَعَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ الثَّرَى فَقَالَ هَيْهَاتَ عِنْدَ ذَلِكَ ضَلَّ عِلْمُ الْعُلَمَاءِ (3).

56- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْأَرْضَ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْمَالِحَ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ الْمَاءَ الْعَذْبَ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً حَتَّى إِذَا الْتَقَتْ وَ اخْتَلَطَتْ أَخَذَ بِيَدِهِ قَبْضَةً فَعَرَكَهَا عَرْكاً شَدِيداً جَمِيعاً ثُمَّ فَرَّقَهَا فِرْقَتَيْنِ فَخَرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُنُقٌ مِثْلُ (4) عُنُقِ الذَّرِّ فَأَخَذَ عُنُقٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَ عُنُقٌ إِلَى النَّارِ.


1- نشط الدلو: نزعها و أنشطته أي حللته، يقال: كما أنشط من عقال و انتشطت الحبل اي مددته حتّى ينحل.
2- أي صحيح الظهر.
3- في هذا الحديث رموز إنّما يحلها من كان من أهلها. «فى» و ذلك لان حديثهم صعب مستصعب.
4- العنق: الجماعة من الناس.

ص: 90

حَدِيثُ الْأَحْلَامِ وَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ

57- بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ (1) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: إِنَّ الْأَحْلَامَ لَمْ تَكُنْ فِيمَا مَضَى فِي أَوَّلِ الْخَلْقِ وَ إِنَّمَا حَدَثَتْ فَقُلْتُ وَ مَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ بَعَثَ رَسُولًا إِلَى أَهْلِ زَمَانِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَقَالُوا إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَا لَنَا فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَكْثَرِنَا مَالًا وَ لَا بِأَعَزِّنَا عَشِيرَةً فَقَالَ إِنْ أَطَعْتُمُونِي أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ عَصَيْتُمُونِي أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ النَّارَ فَقَالُوا وَ مَا الْجَنَّةُ وَ النَّارُ فَوَصَفَ لَهُمْ ذَلِكَ فَقَالُوا مَتَى نَصِيرُ إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا مِتُّمْ فَقَالُوا لَقَدْ رَأَيْنَا أَمْوَاتَنَا صَارُوا عِظَاماً وَ رُفَاتاً فَازْدَادُوا لَهُ تَكْذِيباً وَ بِهِ اسْتِخْفَافاً فَأَحْدَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمُ الْأَحْلَامَ فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا وَ مَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَرَادَ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْكُمْ بِهَذَا هَكَذَا تَكُونُ أَرْوَاحُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَ إِنْ بُلِيَتْ أَبْدَانُكُمْ تَصِيرُ الْأَرْوَاحُ إِلَى عِقَابٍ حَتَّى تُبْعَثَ الْأَبْدَانُ.

58- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ رَأْيُ الْمُؤْمِنِ وَ رُؤْيَاهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ.

59- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ مِنْ مُبَشِّرَاتٍ يَعْنِي بِهِ الرُّؤْيَا.

60- عَنْهُمْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا (2) قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ يَرَى الْمُؤْمِنُ فَيُبَشَّرُ بِهَا فِي دُنْيَاهُ.

61- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الرُّؤْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ بِشَارَةٍ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ وَ تَحْذِيرٍ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ أَضْغَاثِ أَحْلَامٍ.


1- رمى بالغلو و غمز عليه، ضعيف جدا «صه، جش».
2- يونس: 65.

ص: 91

62- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَ الْكَاذِبَةُ مَخْرَجُهُمَا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَ صَدَقْتَ أَمَّا الْكَاذِبَةُ الْمُخْتَلِفَةُ فَإِنَّ الرَّجُلَ يَرَاهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ فِي سُلْطَانِ الْمَرَدَةِ الْفَسَقَةِ وَ إِنَّمَا هِيَ شَيْ ءٌ يُخَيَّلُ إِلَى الرَّجُلِ وَ هِيَ كَاذِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لَا خَيْرَ فِيهَا وَ أَمَّا الصَّادِقَةُ إِذَا رَآهَا بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ مِنَ اللَّيْلِ مَعَ حُلُولِ الْمَلَائِكَةِ وَ ذَلِكَ قَبْلَ السَّحَرِ فَهِيَ صَادِقَةٌ لَا تَخَلَّفُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُباً أَوْ يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ وَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَقِيقَةَ ذِكْرِهِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ وَ تُبْطِئُ عَلَى صَاحِبِهَا.

حَدِيثُ الرِّيَاحِ

63- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنِ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ الشَّمَالِ وَ الْجَنُوبِ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورِ وَ قُلْتُ إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِيَاحٍ يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا قَالَ فَيَأْمُرُهَا الْمَلَكُ فَيَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ قَالَ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهُنَّ اسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى- كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (1) وَ قَالَ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (2) وَ قَالَ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (3) وَ قَالَ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ (4) وَ مَا ذُكِرَ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ قَالَ وَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ رِيَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ يَنْشُرُهَا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ مِنْهَا مَا يُهَيِّجُ السَّحَابَ لِلْمَطَرِ وَ مِنْهَا رِيَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ


1- القمر: 18 و 19.
2- الذاريات: 41.
3- الأحقاف: 24.
4- البقرة: 266.

ص: 92

رِيَاحٌ تَعْصِرُ السَّحَابَ فَتَمْطُرُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مِنْهَا رِيَاحٌ مِمَّا عَدَّدَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ فَأَمَّا الرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ الشَّمَالُ وَ الْجَنُوبُ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورُ فَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهِبَّ شَمَالًا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الشَّمَالُ فَيَهْبِطُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ جَنُوباً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الْجَنُوبُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الْجَنُوبِ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ رِيحَ الصَّبَا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الصَّبَا فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الصَّبَا حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ دَبُوراً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِي اسْمُهُ الدَّبُورُ فَهَبَطَ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرَّقَتْ رِيحُ الدَّبُورِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ (1) رِيحُ الشَّمَالِ وَ رِيحُ الْجَنُوبِ وَ رِيحُ الدَّبُورِ وَ رِيحُ الصَّبَا إِنَّمَا تُضَافُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا.

64- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِيَاحَ رَحْمَةٍ وَ رِيَاحَ عَذَابٍ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ الْعَذَابَ مِنَ الرِّيَاحِ رَحْمَةً (2) فَعَلَ قَالَ وَ لَنْ يَجْعَلَ الرَّحْمَةَ مِنَ الرِّيحِ عَذَاباً قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرْحَمْ قَوْماً قَطُّ أَطَاعُوهُ وَ كَانَتْ طَاعَتُهُمْ إِيَّاهُ وَبَالًا عَلَيْهِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَحَوُّلِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ (3) قَالَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِقَوْمِ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ مَا كَانَ قَدَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ وَ قَضَاهُ ثُمَّ تَدَارَكَهُمْ بِرَحْمَتِهِ فَجَعَلَ الْعَذَابَ الْمُقَدَّرَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً فَصَرَفَهُ عَنْهُمْ وَ قَدْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ وَ غَشِيَهُمْ وَ ذَلِكَ لَمَّا آمَنُوا- بِهِ وَ تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ قَالَ وَ أَمَّا الرِّيحُ الْعَقِيمُ فَإِنَّهَا رِيحُ عَذَابٍ لَا تُلْقِحُ شَيْئاً مِنَ الْأَرْحَامِ وَ لَا شَيْئاً مِنَ النَّبَاتِ وَ هِيَ رِيحٌ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا خَرَجَتْ مِنْهَا رِيحٌ قَطُّ إِلَّا عَلَى قَوْمِ عَادٍ حِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَأَمَرَ الْخُزَّانَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْهَا عَلَى مِقْدَارِ سَعَةِ الْخَاتَمِ قَالَ فَعَتَتْ (4) عَلَى الْخُزَّانِ فَخَرَجَ


1- أي لقول القائل.
2- في بعض النسخ [أن يجعل الرياح من العذاب رحمة].
3- كذا.
4- في بعض النسخ [فعلت على الخزان] من على يعلو أي ترفعت و ما في المتن أظهر.

ص: 93

مِنْهَا عَلَى مِقْدَارِ مَنْخِرِ الثَّوْرِ تَغَيُّظاً مِنْهَا عَلَى قَوْمِ عَادٍ قَالَ فَضَجَّ الْخُزَّانُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّهَا قَدْ عَتَتْ عَنْ أَمْرِنَا إِنَّا نَخَافُ أَنْ تُهْلِكَ مَنْ لَمْ يَعْصِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ عُمَّارِ بِلَادِكَ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا جَبْرَئِيلَ ع فَاسْتَقْبَلَهَا بِجَنَاحَيْهِ فَرَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا وَ قَالَ لَهَا اخْرُجِي عَلَى مَا أُمِرْتِ بِهِ قَالَ فَخَرَجَتْ عَلَى مَا أُمِرَتْ بِهِ وَ أَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ.

65- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَنْ كَثُرَتْ هُمُومُهُ فَعَلَيْهِ بِالاسْتِغْفَارِ وَ مَنْ أَلَحَّ عَلَيْهِ الْفَقْرُ فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ يَنْفِي عَنْهُ الْفَقْرَ وَ قَالَ فَقَدَ النَّبِيُّ ص رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا غَيَّبَكَ عَنَّا فَقَالَ الْفَقْرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ طُولُ السُّقْمِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلَاماً إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ الْفَقْرُ وَ السُّقْمُ فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِذَا أَصْبَحْتَ وَ أَمْسَيْتَ فَقُلْ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ [الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ] تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (1) فَقَالَ الرَّجُلُ فَوَ اللَّهِ مَا قُلْتُهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى ذَهَبَ عَنِّي الْفَقْرُ وَ السُّقْمُ.

66- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ وَ أَنَا أَسْمَعُ أَتَيْتَ الْبَصْرَةَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ كَيْفَ رَأَيْتَ مُسَارَعَةَ النَّاسِ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ وَ دُخُولَهُمْ فِيهِ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَقَلِيلٌ وَ لَقَدْ فَعَلُوا وَ إِنَّ ذَلِكَ لَقَلِيلٌ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالْأَحْدَاثِ فَإِنَّهُمْ أَسْرَعُ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ- ثُمَّ قَالَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (2) قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهَا لِأَقَارِبِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ كَذَبُوا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا خَاصَّةً فِي أَهْلِ الْبَيْتِ فِي عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ ع.


1- لا يبعد أن يكون في الأصل «و أكبره تكبيرا». «آت»
2- الشورى: 23.

ص: 94

حَدِيثُ أَهْلِ الشَّامِ

67- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَدْ أَعْيَتْ عَلَيَّ أَنْ أَجِدَ أَحَداً يُفَسِّرُهَا وَ قَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئاً غَيْرَ الَّذِي قَالَ الصِّنْفُ الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا ذَاكَ قَالَ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ سَأَلْتُهُ قَالَ الْقَدَرُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْقَلَمُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الرُّوحُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا قَالُوا شَيْئاً- أُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ وَ لَا شَيْ ءَ غَيْرُهُ وَ كَانَ عَزِيزاً وَ لَا أَحَدَ كَانَ قَبْلَ عِزِّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (1) وَ كَانَ الْخَالِقُ قَبْلَ الْمَخْلُوقِ وَ لَوْ كَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ الشَّيْ ءَ مِنَ الشَّيْ ءِ إِذاً لَمْ يَكُنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ إِذاً وَ مَعَهُ شَيْ ءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ وَ لَكِنَّهُ كَانَ إِذْ لَا شَيْ ءَ غَيْرُهُ وَ خَلَقَ الشَّيْ ءَ الَّذِي جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ وَ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ فَجَعَلَ نَسَبَ كُلِّ شَيْ ءٍ إِلَى الْمَاءِ وَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَاءِ نَسَباً يُضَافُ إِلَيْهِ وَ خَلَقَ الرِّيحَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ سَلَّطَ الرِّيحَ عَلَى الْمَاءِ فَشَقَّقَتِ الرِّيحُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ زَبَدٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ أَنْ يَثُورَ (2) فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الزَّبَدِ أَرْضاً بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ (3) وَ لَا ثَقْبٌ وَ لَا صُعُودٌ وَ لَا هُبُوطٌ وَ لَا شَجَرَةٌ ثُمَّ طَوَاهَا (4) فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ مِنَ الْمَاءِ فَشَقَّقَتِ النَّارُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَثُورَ فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَ لَا ثَقْبٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ- السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها (5) قَالَ وَ لَا شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نُجُومٌ وَ لَا سَحَابٌ ثُمَّ طَوَاهَا


1- الصافّات: 180.
2- ثار يثور ثورا: هاج و منه ثارث القتنة بينهم. و ثارت الدخان أو الغبار: ارتفع.
3- الصدع: الشق. و في بعض النسخ [نقب] مكان «ثقت» و كذا ما يأتي.
4- طواها أي جمعها.
5- النازعات: 27 الى 29. و فيها «أ أنتم أشدّ خلقا أم السماء بناها».

ص: 95

فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ ثُمَّ نَسَبَ الْخَلِيقَتَيْنِ (1) فَرَفَعَ السَّمَاءَ قَبْلَ الْأَرْضِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ- وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها يَقُولُ بَسَطَهَا فَقَالَ لَهُ الشَّامِيُّ يَا أَبَا جَعْفَرٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (2) فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَلَعَلَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهُمَا كَانَتَا رَتْقاً مُلْتَزِقَتَيْنِ مُلْتَصِقَتَيْنِ فَفُتِقَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ فَإِنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ كانَتا رَتْقاً يَقُولُ كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقاً لَا تُنْزِلُ الْمَطَرَ وَ كَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقاً لَا تُنْبِتُ الْحَبَّ فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلْقَ وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ* فَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَ الْأَرْضَ بِنَبَاتِ الْحَبِّ فَقَالَ الشَّامِيُّ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَنَّ عِلْمَكَ عِلْمُهُمْ.

68- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ الْحَجَّالِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع كَانَ كُلُّ شَيْ ءٍ مَاءً وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ الْمَاءَ فَاضْطَرَمَ نَاراً (3) ثُمَّ أَمَرَ النَّارَ فَخَمَدَتْ فَارْتَفَعَ مِنْ خُمُودِهَا دُخَانٌ فَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ وَ خَلَقَ الْأَرْضَ مِنَ الرَّمَادِ ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمَاءُ وَ النَّارُ وَ الرِّيحُ فَقَالَ الْمَاءُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَ قَالَتِ الرِّيحُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَ قَالَتِ النَّارُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الرِّيحِ أَنْتِ جُنْدِيَ الْأَكْبَرُ.

حَدِيثُ الْجِنَانِ وَ النُّوقِ

69- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (4) فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ الْوَفْدَ لَا يَكُونُونَ إِلَّا رُكْبَاناً أُولَئِكَ رِجَالٌ اتَّقَوُا اللَّهَ فَأَحَبَّهُمُ اللَّهُ وَ اخْتَصَّهُمْ وَ رَضِيَ أَعْمَالَهُمْ فَسَمَّاهُمُ الْمُتَّقِينَ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ


1- في بعض النسخ [الخلقتين].
2- الأنبياء: 29.
3- اضطرمت النار و تضرمت: اشتعلت.
4- مريم: 85.

ص: 96

الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُمْ لَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَقْبِلُهُمْ بِنُوقٍ مِنْ نُوقِ الْعِزِّ عَلَيْهَا رَحَائِلُ الذَّهَبِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ (1) وَ جَلَائِلُهَا الْإِسْتَبْرَقُ وَ السُّنْدُسُ وَ خُطُمُهَا جُدُلُ الْأُرْجُوَانِ تَطِيرُ بِهِمْ إِلَى الْمَحْشَرِ (2) مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ مِنْ قُدَّامِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ يَزُفُّونَهُمْ زَفّاً حَتَّى (3) يَنْتَهُوا بِهِمْ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ الْأَعْظَمِ وَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا لَيَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ النَّاسِ وَ عَنْ يَمِينِ الشَّجَرَةِ عَيْنٌ مُطَهِّرَةٌ مُزَكِّيَةٌ قَالَ فَيُسْقَوْنَ مِنْهَا شَرْبَةً فَيُطَهِّرُ اللَّهُ بِهَا قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَسَدِ وَ يُسْقِطُ مِنْ أَبْشَارِهِمُ الشَّعْرَ (4) وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (5) مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمُطَهِّرَةِ قَالَ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى عَيْنٍ أُخْرَى عَنْ يَسَارِ الشَّجَرَةِ فَيَغْتَسِلُونَ فِيهَا وَ هِيَ عَيْنُ الْحَيَاةِ فَلَا يَمُوتُونَ أَبَداً قَالَ ثُمَّ يُوقَفُ بِهِمْ قُدَّامَ الْعَرْشِ (6) وَ قَدْ سَلِمُوا مِنَ الْآفَاتِ وَ الْأَسْقَامِ وَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ أَبَداً قَالَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ احْشُرُوا أَوْلِيَائِي إِلَى الْجَنَّةِ وَ لَا تُوقِفُوهُمْ مَعَ الْخَلَائِقِ فَقَدْ سَبَقَ رِضَايَ عَنْهُمْ وَ وَجَبَتْ رَحْمَتِي لَهُمْ وَ كَيْفَ أُرِيدُ أَنْ أُوقِفَهُمْ مَعَ أَصْحَابِ الْحَسَنَاتِ وَ السَّيِّئَاتِ قَالَ فَتَسُوقُهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِمْ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ الْأَعْظَمِ ضَرَبَ الْمَلَائِكَةُ الْحَلْقَةَ ضَرْبَةً فَتَصِرُّ صَرِيراً (7) يَبْلُغُ صَوْتُ صَرِيرِهَا كُلَّ حَوْرَاءَ أَعَدَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجِنَانِ فَيَتَبَاشَرْنَ بِهِمْ إِذَا سَمِعْنَ صَرِيرَ الْحَلْقَةِ فَيَقُولُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ قَدْ جَاءَنَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ فَيُفْتَحُ لَهُمُ الْبَابُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ تُشْرِفُ عَلَيْهِمْ أَزْوَاجُهُمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَ الْآدَمِيِّينَ فَيَقُلْنَ


1- «مكللة» أي محفوفة، مزينة. و قوله: «جلائلها» كذا في جميع النسخ التي بأيدينا و في تفسير على بن إبراهيم «جلالها» و هو- بالكسر-: جمع جل- بالضم- و هو للدابّة كالثوب للإنسان تصان به جمعه جلال و أجلال.
2- استبرق: الديباج الغليظ و السندس الديباج الرقيق، و الخطم: اللجام: و الجذل- بالكسر و الفتح-: اصل الشجرة يقطع و قد يجعل العود جذلا. و الارجوان معرب ارغوان.
3- أي يذهبون بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس زوجها، أو يسرعون بهم. «آت»
4- جمع بشرة.
5- الإنسان: 21.
6- ظاهره أنهم يردون اولا باب الجنة ثمّ إلى الموقف ثمّ يرجعون إلى الجنة. «آت»
7- صر يصرّ صرّا و صريرا: صوت و صاح شديدا.

ص: 97

مَرْحَباً بِكُمْ فَمَا كَانَ أَشَدَّ شَوْقَنَا إِلَيْكُمْ وَ يَقُولُ لَهُنَّ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ- فَقَالَ عَلِيٌّ ع يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ (1) مَبْنِيَّةٌ بِمَا ذَا بُنِيَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا عَلِيُّ تِلْكَ غُرَفٌ بَنَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَوْلِيَائِهِ بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ سُقُوفُهَا الذَّهَبُ مَحْبُوكَةٌ بِالْفِضَّةِ (2) لِكُلِّ غُرْفَةٍ مِنْهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ حَشْوُهَا الْمِسْكُ وَ الْكَافُورُ وَ الْعَنْبَرُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (3) إِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ إِلَى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ وَ وُضِعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْمُلْكِ وَ الْكَرَامَةِ أُلْبِسَ حُلَلَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الدُّرِّ الْمَنْظُومِ فِي الْإِكْلِيلِ (4) تَحْتَ التَّاجِ قَالَ وَ أُلْبِسَ سَبْعِينَ حُلَّةَ حَرِيرٍ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ ضُرُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (5) فَإِذَا جَلَسَ الْمُؤْمِنُ عَلَى سَرِيرِهِ اهْتَزَّ سَرِيرُهُ فَرَحاً فَإِذَا اسْتَقَرَّ لِوَلِيِّ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ مَنَازِلُهُ فِي الْجِنَانِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِجِنَانِهِ لِيُهَنِّئَهُ بِكَرَامَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهُ فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْوُصَفَاءِ وَ الْوَصَائِفِ (6) مَكَانَكَ فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ قَدِ اتَّكَأَ عَلَى أَرِيكَتِهِ (7) وَ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ تَهَيَّأُ لَهُ فَاصْبِرْ لِوَلِيِّ اللَّهِ قَالَ فَتَخْرُجُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ مِنْ خَيْمَةٍ لَهَا تَمْشِي مُقْبِلَةً وَ حَوْلَهَا وَصَائِفُهَا وَ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالْيَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ هِيَ مِنْ مِسْكٍ وَ عَنْبَرٍ وَ عَلَى رَأْسِهَا تَاجُ الْكَرَامَةِ وَ عَلَيْهَا نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَتَانِ بِالْيَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ شِرَاكُهُمَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وَلِيِّ اللَّهِ فَهَمَّ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا شَوْقاً فَتَقُولُ لَهُ يَا وَلِيَّ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا يَوْمَ تَعَبٍ وَ لَا نَصَبٍ فَلَا تَقُمْ


1- الزمر: 20. و فيها «غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ».
2- الحبك: الشد و الاحكام و تحسين أثر الصنعة في الثوب. و التحبيك: التوثيق و التخطيط.
3- الواقعة: 34.
4- الاكليل: التاج و شبه العصابة تزيّن بالجواهر.
5- الحجّ: 22.
6- الوصفاء جمع الوصيف و هو كامير: الخادم و الخادمة.
7- الأريكة- كسفينة-: السرير.

ص: 98

أَنَا لَكَ وَ أَنْتَ لِي قَالَ فَيَعْتَنِقَانِ مِقْدَارَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ الدُّنْيَا لَا يُمِلُّهَا وَ لَا تُمِلُّهُ قَالَ فَإِذَا فَتَرَ بَعْضَ الْفُتُورِ مِنْ غَيْرِ مَلَالَةٍ نَظَرَ إِلَى عُنُقِهَا فَإِذَا عَلَيْهَا قَلَائِدُ مِنْ قَصَبٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَسَطُهَا لَوْحٌ صَفْحَتُهُ دُرَّةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنْتَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ حَبِيبِي وَ أَنَا الْحَوْرَاءُ حَبِيبَتُكَ إِلَيْكَ تَنَاهَتْ نَفْسِي وَ إِلَيَّ تَنَاهَتْ نَفْسُكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُهَنِّئُونَهُ بِالْجَنَّةِ وَ يُزَوِّجُونَهُ بِالْحَوْرَاءِ قَالَ فَيَنْتَهُونَ إِلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ جِنَانِهِ فَيَقُولُونَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَبْوَابِ جِنَانِهِ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَنَا إِلَيْهِ نُهَنِّئُهُ فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلَكُ حَتَّى أَقُولَ لِلْحَاجِبِ فَيُعْلِمَهُ بِمَكَانِكُمْ قَالَ فَيَدْخُلُ الْمَلَكُ إِلَى الْحَاجِبِ وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحَاجِبِ ثَلَاثُ جِنَانٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَوَّلِ بَابٍ فَيَقُولُ لِلْحَاجِبِ إِنَّ عَلَى بَابِ الْعَرْصَةِ (1) أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِيُهَنِّئُوا وَلِيَّ اللَّهِ وَ قَدْ سَأَلُونِي أَنْ آذَنَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَيَقُولُ الْحَاجِبُ إِنَّهُ لَيَعْظُمُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَ زَوْجَتِهِ الْحَوْرَاءِ قَالَ وَ بَيْنَ الْحَاجِبِ وَ بَيْنَ وَلِيِّ اللَّهِ جَنَّتَانِ قَالَ فَيَدْخُلُ الْحَاجِبُ إِلَى الْقَيِّمِ فَيَقُولُ لَهُ إِنَّ عَلَى بَابِ الْعَرْصَةِ أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعِزَّةِ يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللَّهِ فَاسْتَأْذِنْ لَهُمْ فَيَتَقَدَّمُ الْقَيِّمُ إِلَى الْخُدَّامِ فَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّ رُسُلَ الْجَبَّارِ عَلَى بَابِ الْعَرْصَةِ وَ هُمْ أَلْفُ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللَّهِ فَأَعْلِمُوهُ بِمَكَانِهِمْ قَالَ فَيُعْلِمُونَهُ فَيُؤْذَنُ لِلْمَلَائِكَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ هُوَ فِي الْغُرْفَةِ وَ لَهَا أَلْفُ بَابٍ وَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ- فَإِذَا أُذِنَ لِلْمَلَائِكَةِ بِالدُّخُولِ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ فَتَحَ كُلُّ مَلَكٍ بَابَهُ الْمُوَكَّلَ بِهِ قَالَ فَيُدْخِلُ الْقَيِّمُ كُلَّ مَلَكٍ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ قَالَ فَيُبَلِّغُونَهُ رِسَالَةَ الْجَبَّارِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ- سَلامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (2) قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَ عَزَّ- وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً (3) يَعْنِي بِذَلِكَ وَلِيَّ اللَّهِ وَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ النَّعِيمِ وَ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ الْكَبِيرِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ يَسْتَأْذِنُونَ [فِي الدُّخُولِ] عَلَيْهِ فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَلِذَلِكَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ قَالَ وَ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ مَسَاكِنِهِمْ وَ ذَلِكَ


1- العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شي ء من بناء.
2- الرعد: 23.
3- الإنسان: 20.

ص: 99

قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ (1) وَ الثِّمَارُ دَانِيَةٌ مِنْهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا (2) مِنْ قُرْبِهَا مِنْهُمْ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْمِنُ مِنَ النَّوْعِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ مِنَ الثِّمَارِ بِفِيهِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ وَ إِنَّ الْأَنْوَاعَ مِنَ الْفَاكِهَةِ لَيَقُلْنَ لِوَلِيِّ اللَّهِ يَا وَلِيَّ اللَّهِ كُلْنِي قَبْلَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا قَبْلِي قَالَ وَ لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا وَ لَهُ جِنَانٌ كَثِيرَةٌ مَعْرُوشَاتٌ وَ غَيْرُ مَعْرُوشَاتٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ وَ أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ فَإِذَا دَعَا وَلِيُّ اللَّهِ بِغِذَائِهِ أُتِيَ بِمَا تَشْتَهِي نَفْسُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ الْغِذَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ شَهْوَتَهُ قَالَ ثُمَّ يَتَخَلَّى مَعَ إِخْوَانِهِ وَ يَزُورُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يَتَنَعَّمُونَ فِي جَنَّاتِهِمْ فِي ظِلٍّ مَمْدُودٍ فِي مِثْلِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ أَطْيَبُ مِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً حَوْرَاءَ وَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَ الْمُؤْمِنُ سَاعَةً مَعَ الْحَوْرَاءِ وَ سَاعَةً مَعَ الْآدَمِيَّةِ وَ سَاعَةً يَخْلُو بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئاً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَغْشَاهُ شُعَاعُ نُورٍ وَ هُوَ عَلَى أَرِيكَتِهِ وَ يَقُولُ لِخُدَّامِهِ مَا هَذَا الشُّعَاعُ اللَّامِعُ لَعَلَّ الْجَبَّارَ لَحَظَنِي (3) فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُهُ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ جَلَّ جَلَالُ اللَّهِ بَلْ هَذِهِ حَوْرَاءُ مِنْ نِسَائِكَ مِمَّنْ لَمْ تَدْخُلْ بِهَا بَعْدُ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَيْكَ مِنْ خَيْمَتِهَا شَوْقاً إِلَيْكَ وَ قَدْ تَعَرَّضَتْ لَكَ وَ أَحَبَّتْ لِقَاءَكَ فَلَمَّا أَنْ رَأَتْكَ مُتَّكِئاً عَلَى سَرِيرِكَ تَبَسَّمَتْ نَحْوَكَ شَوْقاً إِلَيْكَ فَالشُّعَاعُ الَّذِي رَأَيْتَ وَ النُّورُ الَّذِي غَشِيَكَ هُوَ مِنْ بَيَاضِ ثَغْرِهَا (4) وَ صَفَائِهِ وَ نَقَائِهِ وَ رِقَّتِهِ قَالَ فَيَقُولُ وَلِيُّ اللَّهِ ائْذَنُوا لَهَا فَتَنْزِلَ إِلَيَّ فَيَبْتَدِرُ إِلَيْهَا أَلْفُ وَصِيفٍ وَ أَلْفُ وَصِيفَةٍ يُبَشِّرُونَهَا بِذَلِكَ فَتَنْزِلُ إِلَيْهِ مِنْ خَيْمَتِهَا وَ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ صِبْغُهُنَّ الْمِسْكُ وَ الْعَنْبَرُ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَ عَرْضُ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وَلِيِّ اللَّهِ أَقْبَلَ الْخُدَّامُ بِصَحَائِفِ


1- الكهف: 31.
2- الإنسان: 14.
3- لعل مراده أنّه أفاض على من أنواره فتقدس الخدام لما يوهمه ظاهر كلامه، أو أنّه أراد نوعا من اللحظ المعنوى لا يناسب رفعة شأنه تعالى. «آت»
4- الثغر: مقدم الأسنان.

ص: 100

الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فِيهَا الدُّرُّ وَ الْيَاقُوتُ وَ الزَّبَرْجَدُ فَيَنْثُرُونَهَا عَلَيْهَا ثُمَّ يُعَانِقُهَا وَ تُعَانِقُهُ فَلَا يَمَلُّ وَ لَا تَمَلُّ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَمَّا الْجِنَانُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُنَّ جَنَّةُ عَدْنٍ وَ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ جَنَّةُ الْمَأْوَى قَالَ وَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جِنَاناً مَحْفُوفَةً بِهَذِهِ الْجِنَانِ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْجِنَانِ مَا أَحَبَّ وَ اشْتَهَى يَتَنَعَّمُ فِيهِنَّ كَيْفَ يَشَاءُ وَ إِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ شَيْئاً أَوِ اشْتَهَى إِنَّمَا دَعْوَاهُ فِيهَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ فَإِذَا قَالَهَا تَبَادَرَتْ إِلَيْهِ الْخَدَمُ بِمَا اشْتَهَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ طَلَبَهُ مِنْهُمْ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ «1» يَعْنِي الْخُدَّامَ قَالَ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1) يَعْنِي بِذَلِكَ عِنْدَ مَا يَقْضُونَ مِنْ لَذَّاتِهِمْ مِنَ الْجِمَاعِ وَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ فَرَاغَتِهِمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (2) قَالَ يَعْلَمُهُ الْخُدَّامُ فَيَأْتُونَ بِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلُوهُمْ إِيَّاهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ (3) قَالَ فَإِنَّهُمْ لَا يَشْتَهُونَ شَيْئاً فِي الْجَنَّةِ إِلَّا أُكْرِمُوا بِهِ.

70- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ إِنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ وَ أَصْحَابَهُ يَرْوُونَ عَنْكَ أَنَّكَ تَكَلَّمُ عَلَى سَبْعِينَ وَجْهاً لَكَ مِنْهَا الْمَخْرَجُ فَقَالَ مَا يُرِيدُ سَالِمٌ مِنِّي أَ يُرِيدُ أَنْ أَجِي ءَ بِالْمَلَائِكَةِ وَ اللَّهِ مَا جَاءَتْ بِهَذَا النَّبِيُّونَ وَ لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ع- إِنِّي سَقِيمٌ (4) وَ مَا كَانَ سَقِيماً وَ مَا كَذَبَ وَ لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ع بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا (5) وَ مَا فَعَلَهُ وَ مَا كَذَبَ وَ لَقَدْ قَالَ يُوسُفُ ع- أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (6) وَ اللَّهِ مَا كَانُوا سَارِقِينَ وَ مَا كَذَبَ.


1- يونس: 11.
2- الصافّات: 41.
3- الصافّات: 42.
4- الصافّات: 88.
5- الأنبياء: 63.
6- يوسف: 70.

ص: 101

حَدِيثُ أَبِي بَصِيرٍ مَعَ الْمَرْأَةِ

71- أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا أُمُّ خَالِدٍ الَّتِي كَانَ قَطَعَهَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَسُرُّكَ أَنْ تَسْمَعَ كَلَامَهَا قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَ أَجْلَسَنِي مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ (1) قَالَ ثُمَّ دَخَلَتْ فَتَكَلَّمَتْ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَلِيغَةٌ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهَا تَوَلَّيْهِمَا قَالَتْ فَأَقُولُ لِرَبِّي إِذَا لَقِيتُهُ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِوَلَايَتِهِمَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي مَعَكَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ يَأْمُرُنِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا وَ كَثِيرٌ النَّوَّاءُ يَأْمُرُنِي بِوَلَايَتِهِمَا فَأَيُّهُمَا خَيْرٌ وَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ وَ أَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا تَخَاصَمَ فَيَقُولُ وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (2) وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (3) وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (4).

72- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَابِشِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ لَنَا جَاراً يَنْتَهِكُ الْمَحَارِمَ كُلَّهَا حَتَّى إِنَّهُ لَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ أَعْظَمَ ذَلِكَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ قُلْتُ بَلَى قَالَ النَّاصِبُ لَنَا شَرٌّ مِنْهُ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يُذْكَرُ عِنْدَهُ أَهْلُ الْبَيْتِ فَيَرِقُّ لِذِكْرِنَا إِلَّا مَسَحَتِ الْمَلَائِكَةُ ظَهْرَهُ وَ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا إِلَّا أَنْ يَجِي ءَ بِذَنْبٍ يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ إِنَّ الشَّفَاعَةَ لَمَقْبُولَةٌ وَ مَا تُقُبِّلَ فِي نَاصِبٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَشْفَعُ لِجَارِهِ وَ مَا لَهُ حَسَنَةٌ فَيَقُولُ يَا رَبِّ جَارِي كَانَ يَكُفُّ عَنِّي الْأَذَى فَيُشَفَّعُ فِيهِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنَا رَبُّكَ وَ أَنَا أَحَقُّ مَنْ كَافَى عَنْكَ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَ مَا لَهُ مِنْ حَسَنَةٍ- وَ إِنَّ أَدْنَى الْمُؤْمِنِينَ شَفَاعَةً لَيَشْفَعُ لِثَلَاثِينَ إِنْسَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (5).


1- في النهاية: الطنفسة هي بكسر الطاء و الفاء و بضمهما و بكسر الطاء و فتح الفاء-: البساط الذي له خمل رقيق.
2- المائدة: 44.
3- المائدة: 45.
4- المائدة: 47.
5- الشعراء: 100 و 101.

ص: 102

73- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي هَارُونَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِنَفَرٍ عِنْدَهُ وَ أَنَا حَاضِرٌ مَا لَكُمْ تَسْتَخِفُّونَ بِنَا قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ فَقَالَ مَعَاذٌ لِوَجْهِ اللَّهِ أَنْ نَسْتَخِفَّ بِكَ أَوْ بِشَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ (1) فَقَالَ بَلَى إِنَّكَ أَحَدُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِي فَقَالَ مَعَاذٌ لِوَجْهِ اللَّهِ أَنْ أَسْتَخِفَّ بِكَ فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ أَ وَ لَمْ تَسْمَعْ فُلَاناً وَ نَحْنُ بِقُرْبِ الْجُحْفَةِ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ احْمِلْنِي قَدْرَ مِيلٍ فَقَدْ وَ اللَّهِ أَعْيَيْتُ وَ اللَّهِ مَا رَفَعْتَ بِهِ رَأْساً وَ لَقَدِ اسْتَخْفَفْتَ بِهِ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِمُؤْمِنٍ فِينَا اسْتَخَفَّ وَ ضَيَّعَ حُرْمَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

74- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ عَرَّفَنَا تَوْحِيدَهُ ثُمَّ مَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ أَقْرَرْنَا- بِمُحَمَّدٍ ص بِالرِّسَالَةِ ثُمَّ اخْتَصَّنَا بِحُبِّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ نَتَوَلَّاكُمْ وَ نَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ إِنَّمَا نُرِيدُ بِذَلِكَ خَلَاصَ أَنْفُسِنَا مِنَ النَّارِ قَالَ وَ رَقَقْتُ فَبَكَيْتُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع سَلْنِي فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ مَا سَمِعْتُهُ قَالَهَا لِمَخْلُوقٍ قَبْلَكَ قَالَ قُلْتُ خَبِّرْنِي عَنِ الرَّجُلَيْنِ قَالَ ظَلَمَانَا حَقَّنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنَعَا فَاطِمَةَ ص مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا وَ جَرَى ظُلْمُهُمَا إِلَى الْيَوْمِ قَالَ وَ أَشَارَ إِلَى خَلْفِهِ وَ نَبَذَا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمَا.

75 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَسَدِيِّ عَنِ الْكُمَيْتِ بْنِ زَيْدٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ وَ اللَّهِ يَا كُمَيْتُ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مَالٌ لَأَعْطَيْنَاكَ مِنْهُ وَ لَكِنْ لَكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ رُوحُ الْقُدُسِ مَا ذَبَبْتَ عَنَّا (2) قَالَ قُلْتُ خَبِّرْنِي عَنِ الرَّجُلَيْنِ قَالَ فَأَخَذَ الْوِسَادَةَ فَكَسَرَهَا


1- «معاذ لوجه اللّه»: المعاذ- بفتح الميم-: مصدر بمعنى التعوذ و الالتجاء أي أمرنا و شأننا تعوذ باللّه من هذا فاللام بمعنى الباء و يحتمل أن يكون في الكلام تقدير أي نتعوذ باللّه خالصا لوجهه من أن نستخف بك. «آت»
2- أي رفعت بمدحك عنا استخفاف الجاحدين و فيه اشعار برجوع حسان عن ذلك كما نقل عنه. «آت»

ص: 103

فِي صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ يَا كُمَيْتُ مَا أُهَرِيقَ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ وَ لَا أُخِذَ مَالٌ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَ لَا قُلِبَ حَجَرٌ عَنْ حَجَرٍ إِلَّا ذَاكَ فِي أَعْنَاقِهِمَا.

76 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ عَلِيّاً ص فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ- بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (1) وَ تُعَرِّضُ بِي وَ بِصَاحِبِي قَالَ فَقَالَ لَهُ أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآيَةٍ نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (2) فَقَالَ كَذَبْتَ بَنُو أُمَيَّةَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ مِنْكَ وَ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِي تَيْمٍ وَ بَنِي عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ.

77 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَارِثِ النَّصْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً (3) قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي ذَلِكَ قُلْتُ نَقُولُ هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ- بَنُو أُمَيَّةَ وَ بَنُو الْمُغِيرَةِ قَالَ ثُمَّ قَالَ هِيَ وَ اللَّهِ قُرَيْشٌ قَاطِبَةً إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَاطَبَ نَبِيَّهُ ص فَقَالَ إِنِّي فَضَّلْتُ قُرَيْشاً عَلَى الْعَرَبِ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْهِمْ نِعْمَتِي وَ بَعَثْتُ إِلَيْهِمْ رَسُولِي فَبَدَّلُوا نِعْمَتِي كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (4).

78 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُمَا قَالا إِنَّ النَّاسَ لَمَّا كَذَّبُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ص هَمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهَلَاكِ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا عَلِيّاً فَمَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (5) ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَحِمَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ ص- وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (6).


1- القلم: 8 و «المفتون» بمعنى الفتنة كما تقول: ليس له معقول أي عقل و قوله تعالى: «بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ» أى بأى الفريقين منكم الجنون بفريق المؤمنين أو الكافرين، و تعريضه عليه السلام بهما لنزول الآية فيهما حيث نسبا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الجنون كما ذكروه في نزول الآية. فراجع.محمّد: 22.
2- محمّد: 22.
3- إبراهيم: 28.
4- البوار: الهلاك.
5- الذاريات: 54.
6- الذاريات: 55.

ص: 104

79- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص- قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع يُحَدِّثُ النَّاسَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى النَّاسَ مِنْ حُفَرِهِمْ عُزْلًا بُهْماً جُرْداً مُرْداً فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ (1) يَسُوقُهُمُ النُّورُ وَ تَجْمَعُهُمُ الظُّلْمَةُ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى عَقَبَةِ الْمَحْشَرِ فَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يَزْدَحِمُونَ دُونَهَا فَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُضِيِّ فَتَشْتَدُّ أَنْفَاسُهُمْ وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ وَ تَضِيقُ بِهِمْ أُمُورُهُمْ وَ يَشْتَدُّ ضَجِيجُهُمْ (2) وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ قَالَ وَ هُوَ أَوَّلُ هَوْلٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فِي ظِلَالٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (3) فَيَأْمُرُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُنَادِي فِيهِمْ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا وَ اسْتَمِعُوا مُنَادِيَ الْجَبَّارِ قَالَ فَيَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ قَالَ فَتَنْكَسِرُ أَصْوَاتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَ تَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ وَ تَضْطَرِبُ فَرَائِصُهُمْ (4) وَ تَفْزَعُ قُلُوبُهُمْ وَ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَى نَاحِيَةِ الصَّوْتِ- مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ (5) قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ- هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (6)


1- عزلا: لا سلاح لهم- بضم العين و سكون الزاى- جمع أعزل و كذلك أخواته، «بهما» أي ليس معهم شي ء و قيل: يعنى أصحاء لا آفة بهم و لا عاهة و ليس بشي ء، «جردا» لا ثياب لهم، «مردا» ليس لهم لحية و هذه كلها كناية عن تجردهم عما يباينهم و يغطيهم و يخفى حقائقهم ممّا كان معهم في الدنيا، «يسوقهم النور» أي نور الايمان و الشرع فانه سبب ترقيهم طورا بعد طور و في بعض النسخ [بالنار] أى نار التكاليف فان التكليف بالنسبة إلى بعض المكلفين نار و بالإضافة إلى آخرين نور «يجمعهم الظلمة» أي ما يمنعهم من تمام النور و الايقان فانه سبب تباينهم الموجب لكثرتهم التي يتفرع عليها الجمعية و يحتمل أن يكون المراد كلما أضاء لهم مشوا فيه و إذا اظلم عليهم قاموا و المعنيان متقاربان. و هذا كلام الفيض- رحمه اللّه- في الوافي. و اللّه العالم بحقائق الأمور.
2- أي صياحهم و اصواتهم.
3- يمكن أن يكون إشراف اللّه تعالى كناية عن توجهه إلى محاسبتهم فالاشراف في حقه مجاز و في الملائكة حقيقة. «آت»
4- أي أوداج أعناقهم، قال الفيروزآبادي: الفريص: أوداج العنق و الفريصة واحدته و اللحمة بين الجنب و الكتف التي لا تزال ترعد.
5- أي يمدون اعناقهم لسماع صوته. مهطعين أي مسرعين. و اهطع؟ إذا مد عنقه.
6- القمر: 8.

ص: 105

قَالَ فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَكَمُ الْعَدْلُ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ الْيَوْمَ أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِي وَ قِسْطِي لَا يُظْلَمُ الْيَوْمَ عِنْدِي أَحَدٌ الْيَوْمَ آخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ بِحَقِّهِ وَ لِصَاحِبِ الْمَظْلِمَةِ بِالْمَظْلِمَةِ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ السَّيِّئَاتِ وَ أُثِيبُ عَلَى الْهِبَاتِ (1) وَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ الْعَقَبَةَ الْيَوْمَ عِنْدِي ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ إِلَّا مَظْلِمَةً يَهَبُهَا صَاحِبُهَا وَ أُثِيبُهُ عَلَيْهَا وَ آخُذُ لَهُ بِهَا عِنْدَ الْحِسَابِ فَتَلَازَمُوا أَيُّهَا الْخَلَائِقُ وَ اطْلُبُوا مَظَالِمَكُمْ عِنْدَ مَنْ ظَلَمَكُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ وَ كَفَى بِي شَهِيداً قَالَ فَيَتَعَارَفُونَ وَ يَتَلَازَمُونَ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ أَوْ حَقٌّ إِلَّا لَزِمَهُ بِهَا قَالَ فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَيَشْتَدُّ حَالُهُمْ وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ (2) وَ يَشْتَدُّ غَمُّهُمْ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ فَيَتَمَنَّوْنَ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لِأَهْلِهَا قَالَ وَ يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى جَهْدِهِمْ (3) فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ اسْمَعُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ [لَكُمْ] أَنَا الْوَهَّابُ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا فَتَوَاهَبُوا وَ إِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ قَالَ فَيَفْرَحُونَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ وَ ضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَ تَزَاحُمِهِمْ قَالَ فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ وَ يَبْقَى بَعْضُهُمْ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ أَيْنَ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ قَالَ فَيَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُطْلِعَ (4) مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْراً مِنْ فِضَّةٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ (5) وَ الْخَدَمِ قَالَ فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ وَ الْخَدَمُ (6) قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ


1- أي هبات المظالم و إبراء الذمم. «فى»
2- لما رأوا من شغل ذممهم بالمظالم و ترددهم في إبراء خصمائهم من مظالمهم أو أخذهم بها لجهلهم. «فى»
3- يعني أنهم يطلعون وقتئذ على اطلاع اللّه على مشقتهم و إلّا فان اللّه سبحانه لم يزل مطلعا على السرائر و العلن. «فى»
4- من باب الافعال أي يظهره لهم.
5- في غير واحد من النسخ [من الآنية].
6- «حفافة القصر» أي جوانبه. و الوصائف و الخدم من باب عطف أحد المترادفين على الآخر و الخدم أعم من الأثاث. «فى»

ص: 106

وَ تَعَالَى يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَانْظُرُوا إِلَى هَذَا الْقَصْرِ قَالَ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَكُلُّهُمْ يَتَمَنَّاهُ قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ هَذَا لِكُلِّ مَنْ عَفَا عَنْ مُؤْمِنٍ قَالَ فَيَعْفُونَ كُلُّهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَجُوزُ إِلَى جَنَّتِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ وَ لَا يَجُوزُ إِلَى نَارِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ عِنْدَ الْحِسَابِ أَيُّهَا الْخَلَائِقُ اسْتَعِدُّوا لِلْحِسَابِ قَالَ ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُمْ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْعَقَبَةِ يَكْرُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً (1) حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْصَةِ وَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ (2) قَدْ نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ وَ أُحْضِرَ النَّبِيُّونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ يَشْهَدُ كُلُّ إِمَامٍ عَلَى أَهْلِ عَالَمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ دَعَاهُمْ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ مَظْلِمَةٌ أَيَّ شَيْ ءٍ يَأْخُذُ مِنَ الْكَافِرِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يُطْرَحُ عَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْكَافِرِ فَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ بِهَا مَعَ عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ عَذَاباً بِقَدْرِ مَا لِلْمُسْلِمِ قِبَلَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ فَإِذَا كَانَتِ الْمَظْلِمَةُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَيْفَ تُؤْخَذُ مَظْلِمَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِ قَالَ يُؤْخَذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ حَقِّ الْمَظْلُومِ فَتُزَادُ عَلَى حَسَنَاتِ الْمَظْلُومِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ قَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ سَيِّئَاتٍ يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَتُزَادُ عَلَى سَيِّئَاتِ الظَّالِمِ.

80- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ يُوسُفَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي سَعِيدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُمْ قَالُوا حِينَ دَخَلُوا عَلَيْهِ إِنَّمَا أَحْبَبْنَاكُمْ لِقَرَابَتِكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حَقِّكُمْ مَا أَحْبَبْنَاكُمْ لِلدُّنْيَا نُصِيبُهَا مِنْكُمْ إِلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ وَ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَ لِيَصْلُحَ لِامْرِئٍ مِنَّا دِينُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع صَدَقْتُمْ صَدَقْتُمْ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّنَا كَانَ مَعَنَا-


1- الكرد: الطرد و الدفع.
2- أي مستولى على العرش يأتي أمره من قبل العرش. «آت»

ص: 107

أَوْ جَاءَ مَعَنَا (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ السَّبَّابَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ النَّهَارَ وَ قَامَ اللَّيْلَ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَيْرِ وَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَلَقِيَهُ وَ هُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ أَوْ سَاخِطٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ (2) ثُمَّ قَالَ وَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَضُرُّ مَعَهُ الْعَمَلُ وَ كَذَلِكَ الْكُفْرُ لَا يَنْفَعُ مَعَهُ الْعَمَلُ ثُمَّ قَالَ إِنْ تَكُونُوا وَحْدَانِيِّينَ فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَحْدَانِيّاً يَدْعُو النَّاسَ فَلَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.

81- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ يُونُسَ (3) قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الْبَصْرِيِّ الصُّوفِيِّ وَيْحَكَ يَا عَبَّادُ غَرَّكَ أَنْ عَفَّ بَطْنُكَ وَ فَرْجُكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ (4) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْكَ شَيْئاً حَتَّى تَقُولَ قَوْلًا عَدْلًا.

82- يُونُسُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي بِلَادِهِ خَمْسُ حُرَمٍ (5) حُرْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حُرْمَةُ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حُرْمَةُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حُرْمَةُ كَعْبَةِ اللَّهِ وَ حُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ.

83- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ الْمُؤْمِنُ (6) أَرْبَعِينَ سَنَةً آمَنَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ الْبَرَصِ وَ الْجُذَامِ وَ الْجُنُونِ فَإِذَا بَلَغَ الْخَمْسِينَ خَفَّفَ


1- الترديد من الراوي. «آت»
2- التوبة: 54 و 55. و قوله: «تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ» أى تهلك و تبطل.
3- الظاهر أنّه يونس بن عبد الرحمن و لم تعهد روايته عن الصادق عليه السلام و يحتمل على بعد أن يكون ابن يعقوب فيكون الخبر موثقا لكن رواية محمّد بن عيسى عنه غير معهود. «آت»
4- الأحزاب: 70 و 71.
5- الحرمة ما يجب احترامه و إكرامه على الخلق لوجهه تعالى. «آت»
6- محمول على الغالب أو مخصوص بالمؤمن الكامل. «آت»

ص: 108

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِسَابَهُ فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ فَإِذَا بَلَغَ السَّبْعِينَ أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِإِثْبَاتِ حَسَنَاتِهِ وَ إِلْقَاءِ سَيِّئَاتِهِ فَإِذَا بَلَغَ التِّسْعِينَ غَفَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ (1) وَ كُتِبَ أَسِيرَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَإِذَا بَلَغَ الْمِائَةَ فَذَلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ.

84- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دَاوُدَ عَنْ سَيْفٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْعَبْدَ لَفِي فُسْحَةٍ مِنْ أَمْرِهِ (2) مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَلَكَيْهِ قَدْ عَمَّرْتُ عَبْدِي هَذَا عُمُراً فَغَلِّظَا وَ شَدِّدَا وَ تَحَفَّظَا وَ اكْتُبَا عَلَيْهِ قَلِيلَ عَمَلِهِ وَ كَثِيرَهُ وَ صَغِيرَهُ وَ كَبِيرَهُ.

85- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْوَبَاءِ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْمِصْرِ فَيَتَحَوَّلُ الرَّجُلُ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَوْ يَكُونُ فِي مِصْرٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ رَبِيئَةٍ كَانَتْ بِحِيَالِ الْعَدُوِّ (3) فَوَقَعَ فِيهِمُ الْوَبَاءُ فَهَرَبُوا مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْفَارُّ مِنْهُ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْلُوَ مَرَاكِزُهُمْ.

86- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا نَبِيٌّ فَمَنْ دُونَهُ التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ (4) وَ الطِّيَرَةُ وَ الْحَسَدُ إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَعْمِلُ حَسَدَهُ.


1- أي القديم و الحديث لا ما يأتي لانه ينافى الغفران الذي هو بمعنى التجافى عن الذنب فإذا لم يذنب العبد ذنبا فلا مورد للغفران. و الدليل على أن المراد بهما القديم و الحديث قوله تعالى: «إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ». و يمكن أن يكون الغفران بمعنى ان اللّه يصونه من ان يمسه العذاب.
2- أي في وسعة من عفو اللّه و غفرانه.
3- ربيئة على وزن فعيلة بالهمز و هي العين و الطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو. «آت»
4- الظاهر أن المراد التفكر فيما يحصل في نفس الإنسان من الوساوس في خالق الأشياء و كيفية خلقها و خلق أعمال العباد و التفكر في الحكمة في خلق بعض الشرور في العالم من غير استقرار في النفس و حصول شك بسببها كما رواه المؤلّف عن محمّد بن حمران قال سألت أبا عبد اللّه عن الوسوسة فقال: لا شي ء فيها تقول: لا إله إلّا اللّه. «آت»

ص: 109

87- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع قَالَ: قَالَ لِي إِنِّي لَمَوْعُوكٌ (1) مُنْذُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَ لَقَدْ وُعِكَ ابْنِي اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً وَ هِيَ تَضَاعَفُ عَلَيْنَا أَ شَعَرْتَ (2) أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ فِي الْجَسَدِ كُلِّهِ وَ رُبَّمَا أَخَذَتْ فِي أَعْلَى الْجَسَدِ وَ لَمْ تَأْخُذْ فِي أَسْفَلِهِ وَ رُبَّمَا أَخَذَتْ فِي أَسْفَلِهِ وَ لَمْ تَأْخُذْ فِي أَعْلَى الْجَسَدِ كُلِّهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ أَذِنْتَ لِي حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ جَدِّكَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا وُعِكَ اسْتَعَانَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَيَكُونُ لَهُ ثَوْبَانِ ثَوْبٌ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ وَ ثَوْبٌ عَلَى جَسَدِهِ يُرَاوِحُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يُنَادِي حَتَّى يُسْمَعَ صَوْتُهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ (3) يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ صَدَقْتَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا وَجَدْتُمْ لِلْحُمَّى عِنْدَكُمْ دَوَاءً فَقَالَ مَا وَجَدْنَا لَهَا عِنْدَنَا دَوَاءً إِلَّا الدُّعَاءَ وَ الْمَاءَ الْبَارِدَ إِنِّي اشْتَكَيْتُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِطَبِيبٍ لَهُ فَجَاءَنِي بِدَوَاءٍ فِيهِ قَيْ ءٌ فَأَبَيْتُ أَنْ أَشْرَبَهُ لِأَنِّي إِذَا قُيِّئْتُ زَالَ كُلُّ مَفْصِلٍ مِنِّي.

88- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حُمَّ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَعَوَّذَهُ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ يَا مُحَمَّدُ وَ بِسْمِ اللَّهِ أَشْفِيكَ وَ بِسْمِ اللَّهِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُعْيِيكَ بِسْمِ اللَّهِ وَ اللَّهُ شَافِيكَ بِسْمِ اللَّهِ خُذْهَا فَلْتَهْنِيكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ لَتَبْرَأَنَّ بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ بَكْرٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رُقْيَةِ الْحُمَّى فَحَدَّثَنِي بِهَذَا.

89- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ أَيْسَرُهُنَّ الْخَنْقُ.


1- الوعك: الحمى.
2- أشعرت على البناء للمجهول أو على صيغة الخطاب المعلوم مع همزة الاستفهام أي هل أحسست بذلك و لعلّ مراده عليه السلام: أن الحرارة قد تظهر آثارها في أعالي الجسد و قد تظهر في أسافلها. «آت»
3- لعل نداؤه كان للاستشفاء بها. «آت»

ص: 110

90- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً قَالَ وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ انْحَدَرَ عَنْ جَبِينِهِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ مِنَ الْعَرَقِ قَالَ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيٌّ ع إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ لَهُ الْحَقْ بِبَنِي أَبِيكَ مَعَ مَنِ انْهَزَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي بِكَ أُسْوَةٌ قَالَ فَاكْفِنِي هَؤُلَاءِ فَحَمَلَ فَضَرَبَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ (1) مِنْهُمْ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الْمُوَاسَاةُ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ إِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع وَ أَنَا مِنْكُمَا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى جَبْرَئِيلَ ع عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ يَقُولُ لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ.

91- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عِيسَى بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي فُضَيْلٌ


1- مضمون تلك الرواية من المشهورات بين الخاصّة و العامّة قال ابن أبي الحديد: روى ابو عمرو محمّد بن عبد الواحد الزاهد اللغوى غلام ثعلب و رواه أيضا محمّد بن حبيب في أماليه أن رسول اللّه لما فرّ معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين و قصدته كتيبة من بني كنانة ثمّ من بنى عبد مناف بن كنانة فيها بنو سفيان بن عوف و هم عوف خالد بن ثعلب و أبو الشعثاء بن سفيان و أبو الحمراء بن سفيان و غراب بن سفيان فقال رسول اللّه: يا على اكفنى هذه الكتيبة فحمل عليها و إنها لتقارب خمسين فارسا و هو عليه السلام راجل فما زال يضربها بالسيف فتفرق عنه ثمّ تجتمع عليه هكذا مرارا حتّى قتل بنى سفيان بن عوف الأربعة و تمام العشرة منها ممن لا يعرف باسمائهم، فقال جبرئيل عليه السلام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن هذه للمواساة لقد عجبت الملائكة من مؤاساة هذا الفتى فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و ما يمنعه و هو منى و أنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام و أنا منكما، قال: و سمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء لا يرى شخص الصارخ به، ينادى مرارا «لا سيف إلّا ذو الفقار و لا فتى إلّا على» فسئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنه فقال: جبرئيل عليه السلام، قلت: و قد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين و هو من الاخبار المشهورة و وقفت عليه عن بعض مغازى محمّد بن إسحاق و رأيت بعضها خاليا عنه و سألت شيخي عبد الوهاب بن سكينة عن هذا الخبر فقال: خبر صحيح، فقلت له: فما بال الصحاح لم تشتمل عليه؟ قال: و كلما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح، كم قد اهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة انتهى كلامه. «آت»

ص: 111

الْبُرْجُمِيُّ قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرٌ وَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ زَمْزَمَ فَقَالَ ادْعُوا لِي قَتَادَةَ (1) قَالَ فَجَاءَ شَيْخٌ أَحْمَرُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ فَدَنَوْتُ لِأَسْمَعَ فَقَالَ خَالِدٌ يَا قَتَادَةُ أَخْبِرْنِي بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ وَ أَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ وَ أَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أُخْبِرُكَ بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ وَ أَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ وَ أَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ وَاحِدَةٌ قَالَ خَالِدٌ وَيْحَكَ وَاحِدَةٌ قَالَ نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ قَالَ أَخْبِرْنِي قَالَ بَدْرٌ قَالَ وَ كَيْفَ ذَا قَالَ إِنَّ بَدْراً أَكْرَمُ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ بِهَا أَكْرَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ هِيَ أَعَزُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ بِهَا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ هِيَ أَذَلُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ فَلَمَّا قُتِلَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ ذَلَّتِ الْعَرَبُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِنْ كَانَ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْهُمْ (2) وَيْلَكَ يَا قَتَادَةُ أَخْبِرْنِي بِبَعْضِ أَشْعَارِهِمْ قَالَ خَرَجَ أَبُو جَهْلٍ يَوْمَئِذٍ وَ قَدْ أَعْلَمَ لِيُرَى مَكَانُهُ (3) وَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ حَمْرَاءُ وَ بِيَدِهِ تُرْسٌ مُذَهَّبٌ وَ هُوَ يَقُولُ

مَا تَنْقِمُ الْحَرْبُ الشَّمُوسُ مِنِّي-بَازِلُ عَامَيْنِ حَدِيثُ السِّنِ

لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِي أُمِّي

(4)-


1- قتادة هو من أكابر محدثى العامّة، من تابعي العامّة البصرة، روى عن أنس و أبى الطفيل و سعد بن المسيب و الحسن البصرى. «آت»
2- لعله لعنه اللّه حملته الحمية و الكفر على أن يتعصب للمشركين بأنهم لم يذلوا بقتل هؤلاء بل كان فيهم أعز منهم أو عرضه الحمية لابى سفيان و سائر بني أميّة و خالد بن الوليد فانهم كانوا يومئذ بين المشركين و يحتمل أن يكون مراده أن غلبة رسول اللّه و هو سيد العرب كان يكفى لعزهم و لم يذلوا بفقد هؤلاء.
3- أعلم الفرس أي علق عليه صوفا ملونا في الحرب، و نفسه: و سمها بسيماء الحرب. لعلمها «القاموس» و قال الجوهريّ: أعلم الفارس: جعل لنفسه علامة الشجعان.
4- «ما تنقم» قال الجوهريّ: نقمت على الرجل أنقم- بالكسر- فأنا ناقم إذا عتبت عليه، يقال: ما نقمت منه إلّا الاحسان. و قال الكسائى: نقمت- بالكسر- لغة و نقمت الامر أيضا و نقمته إذا كرهته و انتقم اللّه منه أي عاقبه. و قال: شمس الفرس شموسا و شماسا أي منع ظهره و هو فرس شموس و به شماس و رجل شموس: صعب الخلق و قال الفيروزآبادي: نقم منه- كضرب و علم- و انتقم عاقبه. أقول: الظاهر أن كلمة «ما» للاستفهام و يحتمل على بعد أن تكون نافية و مآلهما واحد أي لا يقدر الحرب التي لا يقدر عليها بسهولة و لا تطيع المرء فيما يريد منها أن تنتقم منى أو أن تعيبنى أو تظهر عيبى قوله: «بازل عامين حديث السن» الظاهر انهما حالان عن الضمير المجرور في قوله: «منى» و قد روى هذا عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضا هكذا: قد عرف الحرب العوان أنى بازل عامين حديث السن سنحنح الليل كأنى جنى استقبل الحرب بكل فن معى سلاحى و معى مجنى و صارم يذهب كل ضغن امض به كل عدوّ عنى لمثل هذا ولدتنى امى قال الجزريّ: و منه حديث عليّ بن أبي طالب «بازل عامين حديث السن» البازل من الإبل الذي تمّ لها ثمان سنين و دخل في التاسعة و حينئذ يطلع نابه و تكمل قوته ثمّ يقال له بعد ذلك: بازل عام و بازل عامين يقول: أنا مستجمع الشباب، مستكمل القوّة. «آت»

ص: 112

فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي لَأَفْرَسَ مِنْهُ يَعْنِي خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَ كَانَتْ أُمُّهُ قُشَيْرِيَّةً (1)وَيْلَكَ يَا قَتَادَةُ مَنِ الَّذِي يَقُولُ أُوفِي بِمِيعَادِي وَ أَحْمِي عَنْ حَسَبْ فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ لَيْسَ هَذَا يَوْمَئِذٍ هَذَا يَوْمُ أُحُدٍ خَرَجَ طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَ هُوَ يُنَادِي مَنْ يُبَارِزُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُجَهِّزُونَّا بِأَسْيَافِكُمْ إِلَى النَّارِ (2) وَ نَحْنُ نُجَهِّزُكُمْ بِأَسْيَافِنَا إِلَى الْجَنَّةِ فَلْيَبْرُزَنَّ إِلَيَّ رَجُلٌ يُجَهِّزُنِي بِسَيْفِهِ إِلَى النَّارِ وَ أُجَهِّزُهُ بِسَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ يَقُولُ

أَنَا ابْنُ ذِي الْحَوْضَيْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ وَ هَاشِمِ المُطْعِمِ فِي الْعَامِ السَّغِبْ (3)

أُوفِي بِمِيعَادِي وَ أَحْمِي عَنْ حَسَبْ (4)

-


1- أي لذلك قال ابن اخى لان خالدا كانت أمه من قبيلته و الاصوب ما في بعض النسخ قسرية لان خالد بن عبد اللّه مشهور بالقسرى. «آت»
2- التجهيز اعداد ما يحتاج إليه المسافر أو العروس أو الميت و يحتمل أن يكون من قولهم: أجهز على الجريح أي أثبت قتله و أسرعه و تمّ عليه.
3- «ابن الحوضين» أي اللتين صنعهما عبد المطلب عند زمزم لسقاية الحاجّ. و «العام السغب» الظاهر أنّه بكسر الغين أي عام القحط و المجاعة. «آت»
4- أي مع الرسول في نصره. و «أحمى» أي أدفع العار عن أحسابى و أحساب آبائى و يحتمل على بعد أن يقرأ بكسر السين أي عن ذى حسب هو الرسول صلّى اللّه عليه و آله. «آت»

ص: 113

فَقَالَ خَالِدٌ لَعَنَهُ اللَّهُ كَذَبَ لَعَمْرِي وَ اللَّهِ أَبُو تُرَابٍ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ ائْذَنْ لِي فِي الِانْصِرَافِ قَالَ فَقَامَ الشَّيْخُ يُفَرِّجُ النَّاسَ بِيَدِهِ وَ خَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ زِنْدِيقٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ زِنْدِيقٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

حَدِيثُ آدَمَ ع مَعَ الشَّجَرَةِ

92- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَى آدَمَ ع أَنْ لَا يَقْرَبَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَلَمَّا بَلَغَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا نَسِيَ فَأَكَلَ مِنْهَا وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (1) فَلَمَّا أَكَلَ آدَمُ ع مِنَ الشَّجَرَةِ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ فَوُلِدَ لَهُ هَابِيلُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ وَ وُلِدَ لَهُ قَابِيلُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ ثُمَّ إِنَّ آدَمَ ع أَمَرَ هَابِيلَ وَ قَابِيلَ أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَاناً وَ كَانَ هَابِيلُ صَاحِبَ غَنَمٍ وَ كَانَ قَابِيلُ صَاحِبَ زَرْعٍ فَقَرَّبَ هَابِيلُ كَبْشاً مِنْ أَفَاضِلِ غَنَمِهِ وَ قَرَّبَ قَابِيلُ مِنْ زَرْعِهِ مَا لَمْ يُنَقَّ فَتُقُبِّلَ قُرْبَانُ هَابِيلَ وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُ قَابِيلَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (2) وَ كَانَ الْقُرْبَانُ تَأْكُلُهُ النَّارُ فَعَمَدَ قَابِيلُ إِلَى النَّارِ فَبَنَى لَهَا بَيْتاً وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى بُيُوتَ النَّارِ فَقَالَ لَأَعْبُدَنَّ هَذِهِ النَّارَ حَتَّى تَتَقَبَّلَ مِنِّي قُرْبَانِي ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَتَاهُ وَ هُوَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ فَقَالَ لَهُ يَا قَابِيلُ قَدْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُ هَابِيلَ وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُكَ وَ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَهُ يَكُونُ لَهُ عَقِبٌ يَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِكَ وَ يَقُولُونَ نَحْنُ أَبْنَاءُ الَّذِي تُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ فَاقْتُلْهُ كَيْلَا يَكُونَ لَهُ عَقِبٌ يَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِكَ فَقَتَلَهُ فَلَمَّا رَجَعَ قَابِيلُ إِلَى آدَمَ ع قَالَ


1- طه: 115، و النهى ارشادى و ليس بتحريمى و معنى النسيان في الآية الترك كما ذكره جماعة من المفسرين و قد ورد في كثير من الاخبار منها ما رواه عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه تعالى: «وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ- الآية-» قال عهد إليه في محمّد و الأئمّة من بعده فترك و لم يكن له عزم إلخ. و لا يخفى أن محمّد بن الفضيل يرمى بالغلو و ضعّفه غير واحد من الاصحاب.
2- المائدة: 27.

ص: 114

لَهُ يَا قَابِيلُ أَيْنَ هَابِيلُ فَقَالَ اطْلُبْهُ حَيْثُ قَرَّبْنَا الْقُرْبَانَ فَانْطَلَقَ آدَمُ ع فَوَجَدَ هَابِيلَ قَتِيلًا فَقَالَ آدَمُ ع لُعِنْتِ مِنْ أَرْضٍ كَمَا قَبِلْتِ دَمَ هَابِيلَ وَ بَكَى آدَمُ ع عَلَى هَابِيلَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ وَلَداً فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ فَسَمَّاهُ هِبَةَ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَهَبَهُ لَهُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ فَلَمَّا انْقَضَتْ نُبُوَّةُ آدَمَ ع وَ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَا آدَمُ قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ وَ اسْتَكْمَلْتَ أَيَّامَكَ فَاجْعَلِ الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَكَ وَ الْإِيمَانَ وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فِي الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ عِنْدَ هِبَةِ اللَّهِ فَإِنِّي لَنْ أَقْطَعَ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ آثَارَ النُّبُوَّةِ مِنَ الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ لَنْ أَدَعَ الْأَرْضَ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ يُعْرَفُ بِهِ دِينِي وَ يُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ يَكُونُ نَجَاةً لِمَنْ يُولَدُ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ نُوحٍ وَ بَشَّرَ آدَمَ بِنُوحٍ ع فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَاعِثٌ نَبِيّاً اسْمُهُ نُوحٌ وَ إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ يُكَذِّبُهُ قَوْمُهُ فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ وَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَ بَيْنَ نُوحٍ ع عَشَرَةُ آبَاءٍ أَنْبِيَاءُ وَ أَوْصِيَاءُ كُلُّهُمْ وَ أَوْصَى آدَمُ ع إِلَى هِبَةِ اللَّهِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيُؤْمِنْ بِهِ وَ لْيَتَّبِعْهُ وَ لْيُصَدِّقْ بِهِ فَإِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْغَرَقِ ثُمَّ إِنَّ آدَمَ ع مَرِضَ الْمَرْضَةَ الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَأَرْسَلَ هِبَةَ اللَّهِ وَ قَالَ لَهُ إِنْ لَقِيتَ جَبْرَئِيلَ أَوْ مَنْ لَقِيتَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ أَبِي يَسْتَهْدِيكَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا هِبَةَ اللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ قَدْ قُبِضَ وَ إِنَّا نَزَلْنَا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَارْجِعْ فَرَجَعَ فَوَجَدَ آدَمَ ع قَدْ قُبِضَ فَأَرَاهُ جَبْرَئِيلُ كَيْفَ يُغَسِّلُهُ فَغَسَّلَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قَالَ هِبَةُ اللَّهِ يَا جَبْرَئِيلُ تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى آدَمَ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنَا أَنْ نَسْجُدَ لِأَبِيكَ آدَمَ وَ هُوَ فِي الْجَنَّةِ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَؤُمَّ شَيْئاً مِنْ وُلْدِهِ فَتَقَدَّمَ هِبَةُ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ وَ جَبْرَئِيلُ خَلْفَهُ وَ جُنُودُ الْمَلَائِكَةِ وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً فَأَمَرَ جَبْرَئِيلُ ع فَرَفَعَ خَمْساً وَ عِشْرِينَ تَكْبِيرَةً وَ السُّنَّةُ الْيَوْمَ فِينَا خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ وَ قَدْ كَانَ يُكَبَّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ تِسْعاً وَ سَبْعاً ثُمَّ إِنَّ هِبَةَ اللَّهِ لَمَّا دَفَنَ أَبَاهُ أَتَاهُ قَابِيلُ فَقَالَ يَا هِبَةَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَبِي آدَمَ قَدْ خَصَّكَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَا لَمْ أُخَصَّ بِهِ أَنَا وَ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي دَعَا بِهِ أَخُوكَ هَابِيلُ فَتُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ وَ إِنَّمَا قَتَلْتُهُ لِكَيْلَا يَكُونَ لَهُ عَقِبٌ فَيَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِي فَيَقُولُونَ نَحْنُ أَبْنَاءُ الَّذِي تُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ وَ أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الَّذِي تُرِكَ قُرْبَانُهُ فَإِنَّكَ إِنْ أَظْهَرْتَ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي اخْتَصَّكَ بِهِ

ص: 115

أَبُوكَ شَيْئاً قَتَلْتُكَ كَمَا قَتَلْتُ أَخَاكَ هَابِيلَ فَلَبِثَ هِبَةُ اللَّهِ وَ الْعَقِبُ مِنْهُ مُسْتَخْفِينَ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْإِيمَانِ وَ الِاسْمِ الْأَكْبَرِ وَ مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ وَ آثَارِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نُوحاً ع وَ ظَهَرَتْ وَصِيَّةُ هِبَةِ اللَّهِ حِينَ نَظَرُوا فِي وَصِيَّةِ آدَمَ ع فَوَجَدُوا نُوحاً ع نَبِيّاً قَدْ بَشَّرَ بِهِ آدَمُ ع فَآمَنُوا بِهِ وَ اتَّبَعُوهُ وَ صَدَّقُوهُ وَ قَدْ كَانَ آدَمُ ع وَصَّى هِبَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَاهَدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ فَيَكُونَ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَيَتَعَاهَدُونَ نُوحاً وَ زَمَانَهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ وَ كَذَلِكَ جَاءَ فِي وَصِيَّةِ كُلِّ نَبِيٍّ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً ص- وَ إِنَّمَا عَرَفُوا نُوحاً بِالْعِلْمِ الَّذِي عِنْدَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (1) وَ كَانَ مَنْ بَيْنَ آدَمَ وَ نُوحٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَخْفِينَ وَ لِذَلِكَ خَفِيَ ذِكْرُهُمْ فِي الْقُرْآنِ فَلَمْ يُسَمَّوْا كَمَا سُمِّيَ مَنِ اسْتَعْلَنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ (2) يَعْنِي لَمْ أُسَمِّ الْمُسْتَخْفِينَ كَمَا سَمَّيْتُ الْمُسْتَعْلِنِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع فَمَكَثَ نُوحٌ ع فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً لَمْ يُشَارِكْهُ فِي نُبُوَّتِهِ أَحَدٌ وَ لَكِنَّهُ قَدِمَ عَلَى قَوْمٍ مُكَذِّبِينَ لِلْأَنْبِيَاءِ ع الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ آدَمَ ع وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (3) يَعْنِي مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ آدَمَ ع إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (4) ثُمَّ إِنَّ نُوحاً ع لَمَّا انْقَضَتْ نُبُوَّتُهُ وَ اسْتُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَا نُوحُ قَدْ قَضَيْتَ نُبُوَّتَكَ وَ اسْتَكْمَلْتَ أَيَّامَكَ فَاجْعَلِ الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَكَ وَ الْإِيمَانَ وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فِي الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فَإِنِّي لَنْ أَقْطَعَهَا كَمَا لَمْ أَقْطَعْهَا مِنْ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ع الَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ آدَمَ ع وَ لَنْ أَدَعَ الْأَرْضَ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ يُعْرَفُ بِهِ دِينِي وَ تُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ يَكُونُ نَجَاةً لِمَنْ يُولَدُ فِيمَا بَيْنَ قَبْضِ النَّبِيِّ إِلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ الْآخَرِ وَ بَشَّرَ نُوحٌ سَاماً بِهُودٍ ع وَ كَانَ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وَ هُودٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع (5) وَ قَالَ نُوحٌ إِنَّ اللَّهَ بَاعِثٌ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ هُودٌ وَ إِنَّهُ يَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُكَذِّبُونَهُ


1- الأعراف: 58. هود: 25. العنكبوت: 14.
2- النساء: 163.
3- الشعراء: 105.
4- الشعراء: 191.
5- أي كثير منهم أو جماعة منهم. «آت»

ص: 116

وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُهْلِكُهُمْ بِالرِّيحِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيُؤْمِنْ بِهِ وَ لْيَتَّبِعْهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الرِّيحِ وَ أَمَرَ نُوحٌ ع ابْنَهُ سَاماً أَنْ يَتَعَاهَدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ فَيَكُونَ يَوْمُئِذٍ عِيداً لَهُمْ فَيَتَعَاهَدُونَ فِيهِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْإِيمَانِ وَ الِاسْمِ الْأَكْبَرِ وَ مَوَارِيثِ الْعِلْمِ وَ آثَارِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ- فَوَجَدُوا هُوداً نَبِيّاً ع وَ قَدْ بَشَّرَ بِهِ أَبُوهُمْ نُوحٌ ع فَآمَنُوا بِهِ وَ اتَّبَعُوهُ وَ صَدَّقُوهُ فَنَجَوْا مِنْ عَذَابِ الرِّيحِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً (1) وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ (2) وَ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ (3) وَ قَوْلُهُ وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا لِنَجْعَلَهَا فِي أَهْلِ بَيْتِهِ- وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ (4) لِنَجْعَلَهَا فِي أَهْلِ بَيْتِهِ فَآمَنَ الْعَقِبُ (5) مِنْ ذُرِّيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ ع مَنْ كَانَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ لِإِبْرَاهِيمَ ع وَ كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ هُودٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ص وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (6) وَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ- فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي (7) وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ (8) إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَجَرَى بَيْنَ كُلِّ نَبِيَّيْنِ عَشَرَةُ أَنْبِيَاءَ وَ تِسْعَةُ وَ ثَمَانِيَةُ أَنْبِيَاءَ كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءُ وَ جَرَى لِكُلِّ نَبِيٍّ مَا جَرَى لِنُوحٍ ص وَ كَمَا جَرَى لآِدَمَ وَ هُودٍ وَ صَالِحٍ وَ شُعَيْبٍ وَ إِبْرَاهِيمَ ص حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ ع ثُمَّ صَارَتْ مِنْ بَعْدِ يُوسُفَ فِي أَسْبَاطِ إِخْوَتِهِ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مُوسَى ع فَكَانَ بَيْنَ يُوسُفَ وَ بَيْنَ مُوسَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع فَأَرْسَلَ اللَّهُ مُوسَى وَ هَارُونَ ع إِلَى فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ قَارُونَ ثُمَّ أَرْسَلَ الرُّسُلَ تَتْرا (9) كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ (10) وَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْتُلُ نَبِيّاً وَ اثْنَانِ قَائِمَانِ وَ يَقْتُلُونَ اثْنَيْنِ وَ أَرْبَعَةٌ قِيَامٌ حَتَّى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا قَتَلُوا فِي الْيَوْمِ


1- الأعراف: 64.
2- الشعراء: 123 و 124.
3- البقرة: 132.
4- الأنعام: 84.
5- في بعض النسخ [أمن].
6- هود: 89.
7- العنكبوت: 26.
8- العنكبوت: 16.
9- أي متواترا.
10- المؤمنون: 45 و فيها «رَسُولُها».

ص: 117

الْوَاحِدِ سَبْعِينَ نَبِيّاً وَ يَقُومُ سُوقُ قَتْلِهِمْ (1) آخِرَ النَّهَارِ فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى ع بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كَانَ بَيْنَ يُوسُفَ وَ مُوسَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ كَانَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعَ بْنَ نُونٍ ع وَ هُوَ فَتَاهُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ فَلَمْ تَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ تُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍ ص حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَبَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ ص وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى- يَجِدُونَهُ يَعْنِي الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى- مَكْتُوباً يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ ص عِنْدَهُمْ يَعْنِي فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ (2) وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُخْبِرُ عَنْ عِيسَى- وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (3) وَ بَشَّرَ مُوسَى وَ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ ص كَمَا بَشَّرَ الْأَنْبِيَاءُ ع بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى بَلَغَتْ مُحَمَّداً ص فَلَمَّا قَضَى مُحَمَّدٌ ص نُبُوَّتَهُ وَ اسْتُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ قَدْ قَضَيْتَ نُبُوَّتَكَ وَ اسْتَكْمَلْتَ أَيَّامَكَ فَاجْعَلِ الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَكَ وَ الْإِيمَانَ وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَإِنِّي لَمْ أَقْطَعِ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ وَ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ مِنَ الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ كَمَا لَمْ أَقْطَعْهَا مِنْ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ أَبِيكَ آدَمَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (4) وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلِ الْعِلْمَ جَهْلًا (5) وَ لَمْ يَكِلْ أَمْرَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا إِلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ لَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ-


1- الظاهر «سوق بقلهم» كما روى في غيره أي كانوا لا يبالون بذلك بحيث كان يقوم بعد قتل سبعين نبيّا جميع أسواقهم حتّى سوق بقلهم إلى آخر النهار لعدم اعتنائهم بذلك أو المراد أنّه ربما كان يمتد زمان قتلهم إلى آخر النهار أو ربما يأخذون في قتلهم آخر النهار فيقتلون في هذا الزمان القليل مثل هذا العدد الكثير و على آخرين يكون سوق القتل كناية عن المعركة التي أقاموها لقتلهم و لا يخفى بعدهما. «آت»
2- الأعراف: 156.
3- الصف: 6.
4- آل عمران: 33 و 34.
5- أي لم يجعل العلم مبنيا على الجهل بأن يكون أمر الحجة مجهولا، لا يعلمه الناس و لا بيّنة لهم. أو لم يجعل العلم مخلوطا بالجهل بل لا بدّ أن يكون العالم عالما بجميع ما يحتاج إليه الخلق و لا يكون اختيار مثله إلّا منه تعالى. «آت»

ص: 118

وَ لَكِنَّهُ أَرْسَلَ رَسُولًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ كَذَا وَ كَذَا فَأَمَرَهُمْ بِمَا يُحِبُّ وَ نَهَاهُمْ عَمَّا يَكْرَهُ فَقَصَّ إِلَيْهِمْ أَمْرَ خَلْقِهِ بِعِلْمٍ فَعَلِمَ ذَلِكَ الْعِلْمَ وَ عَلَّمَ أَنْبِيَاءَهُ وَ أَصْفِيَاءَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَ عَزَّ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (1) فَأَمَّا الْكِتَابُ فَهُوَ النُّبُوَّةُ وَ أَمَّا الْحِكْمَةُ فَهُمُ الْحُكَمَاءُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الصَّفْوَةِ وَ أَمَّا الْمُلْكُ الْعَظِيمُ فَهُمُ الْأَئِمَّةُ [الْهُدَاةُ] مِنَ الصَّفْوَةِ وَ كُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمُ الْبَقِيَّةَ وَ فِيهِمُ الْعَاقِبَةَ (2) وَ حِفْظَ الْمِيثَاقِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا وَ الْعُلَمَاءَ وَ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ اسْتِنْبَاطُ الْعِلْمِ وَ لِلْهُدَاةِ (3) فَهَذَا شَأْنُ الْفُضَّلِ (4) مِنَ الصَّفْوَةِ وَ الرُّسُلِ وَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَ الْخُلَفَاءِ الَّذِينَ هُمْ وُلَاةُ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِ اللَّهِ وَ أَهْلُ آثَارِ عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ مِنَ الصَّفْوَةِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ ع مِنَ الْآبَاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الذُّرِّيَّةِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَمَنِ اعْتَصَمَ بِالْفُضَّلِ انْتَهَى بِعِلْمِهِمْ وَ نَجَا بِنُصْرَتِهِمْ وَ مَنْ وَضَعَ وُلَاةَ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَهْلَ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِهِ فِي غَيْرِ الصَّفْوَةِ مِنْ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ع فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ


1- النساء: 54. و فيها «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ» و لعله من النسّاخ.
2- أي بقية علوم الأنبياء و آثارهم و يحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى: «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ» و فسرت في الاخبار الكثيرة بالائمة عليهم السلام. قوله: و فيهم العاقبة كما قال: «وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»*. «آت» و في هامش بعض النسخ قوله عليه السلام: «جعل اللّه فيهم البقية» لعل المراد بالبقية بقية احكام الدين التي يستنبطها الأئمّة عليهم السلام من الآيات الفرقانية و ما وصل إليهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الأصول الكلية و بالعاقبة النجاة فان شيعة الأئمّة الاثنى عشرية عليهم السلام و العارفين بحقهم من الأمة هم الناجون لا غير بالروايات المتفق عليها المجمع على صحتها بين أكثر الأمة من المؤالف و المخالف مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خلفائى اثنى عشر». و «بحفظ الميثاق»: هو عبادة العباد اللّه عزّ و جلّ حيث عاهد بحكم قابليتهم الفطرية لعبادة خالقهم و ربهم أن يقبلوا تكليفه و إطاعته و السعى إلى مراضيه و لا يحفظ هذا العهد و الميثاق إلّا بمعرفة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و معرفة حفظة دينه و علمه و إطاعتهم كما قال: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» انتهى.
3- قوله: «و العلماء» معطوف على العاقبة و قوله: «للهداة» معطوف على قوله: «لولاة الامر». «مأخوذ من آت»
4- بضم الفاء و تشديد الضاد المفتوحة جمع فاضل كخلص و غيّب. «آت»

ص: 119

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلَ الْجُهَّالَ وُلَاةَ أَمْرِ اللَّهِ وَ الْمُتَكَلِّفِينَ بِغَيْرِ هُدىً (1) مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَهْلُ اسْتِنْبَاطِ عِلْمِ اللَّهِ فَقَدْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ رَغِبُوا عَنْ وَصِيِّهِ ع وَ طَاعَتِهِ وَ لَمْ يَضَعُوا فَضْلَ اللَّهِ حَيْثُ وَضَعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا أَتْبَاعَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ ع لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (2) فَالْحُجَّةُ الْأَنْبِيَاءُ ع وَ أَهْلُ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ع حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَنْطِقُ بِذَلِكَ وَصِيَّةُ اللَّهِ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ الَّتِي وَضَعَهَا عَلَى النَّاسِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ (3) وَ هِيَ بُيُوتَاتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى فَهَذَا بَيَانُ عُرْوَةِ الْإِيمَانِ الَّتِي نَجَا بِهَا مَنْ نَجَا قَبْلَكُمْ وَ بِهَا يَنْجُو مَنْ يَتَّبِعُ الْأَئِمَّةَ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (4) فَإِنَّهُ وَكَّلَ بِالْفُضَّلِ (5) مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ- وَ الْإِخْوَانِ وَ الذُّرِّيَّةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنْ تَكْفُرْ بِهِ أُمَّتُكَ (6) فَقَدْ وَكَّلْتُ أَهْلَ بَيْتِكَ بِالْإِيمَانِ الَّذِي أَرْسَلْتُكَ بِهِ فَلَا يَكْفُرُونَ بِهِ أَبَداً وَ لَا أُضِيعُ الْإِيمَانَ الَّذِي أَرْسَلْتُكَ بِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ بَعْدِكَ عُلَمَاءِ أُمَّتِكَ وَ وُلَاةِ أَمْرِي بَعْدَكَ وَ أَهْلِ اسْتِنْبَاطِ الْعِلْمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ كَذِبٌ وَ لَا إِثْمٌ وَ لَا زُورٌ وَ لَا بَطَرٌ وَ لَا رِيَاءٌ فَهَذَا بَيَانُ مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ أَمْرُ هَذِهِ


1- «متكلفين» عطف على الجهال أي جعل المتكلفين ولاة أمر اللّه «آت»
2- مضمون مأخوذ من القرآن.
3- النور: 36. أي هذه الأمور المذكورة سابقا وصية من اللّه أخذها كل امام و نبى عمن قبله و وجب على الناس قبولها. «آت»
4- الأنعام: 84 الى 87.
5- لعل الباء زائد من النسّاخ. «آت»
6- إشارة إلى قوله تعالى: «إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ» سورة الزمر: 7.

ص: 120

الْأُمَّةِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ طَهَّرَ- أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهِ ع وَ سَأَلَهُمْ (1) أَجْرَ الْمَوَدَّةِ وَ أَجْرَى لَهُمُ الْوَلَايَةَ وَ جَعَلَهُمْ أَوْصِيَاءَهُ وَ أَحِبَّاءَهُ ثَابِتَةً بَعْدَهُ فِي أُمَّتِهِ فَاعْتَبِرُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا قُلْتُ حَيْثُ وَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَلَايَتَهُ وَ طَاعَتَهُ وَ مَوَدَّتَهُ وَ اسْتِنْبَاطَ عِلْمِهِ وَ حُجَجَهُ فَإِيَّاهُ فَتَقَبَّلُوا وَ بِهِ فَاسْتَمْسِكُوا تَنْجُوا بِهِ وَ تَكُونُ لَكُمُ الْحُجَّةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ طَرِيقُ رَبِّكُمْ (2) جَلَّ وَ عَزَّ وَ لَا تَصِلُ وَلَايَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا بِهِمْ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَهُ وَ لَا يُعَذِّبَهُ وَ مَنْ يَأْتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَيْرِ مَا أَمَرَهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُذِلَّهُ وَ أَنْ يُعَذِّبَهُ.

93- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ الثُّمَالِيِّ وَ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي السَّنَةِ الَّتِي كَانَ حَجَّ فِيهَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَ كَانَ مَعَهُ نَافِعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (3) فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي رُكْنِ الْبَيْتِ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ نَافِعٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ تَدَاكَّ عَلَيْهِ النَّاسُ (4) فَقَالَ هَذَا نَبِيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ اشْهَدْ لآَتِيَنَّهُ فَلَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ مَسَائِلَ لَا يُجِيبُنِي فِيهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوِ ابْنُ نَبِيٍّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وَ سَلْهُ لَعَلَّكَ تُخْجِلُهُ فَجَاءَ نَافِعٌ حَتَّى اتَّكَأَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ إِنِّي قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ وَ قَدْ عَرَفْتُ حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا وَ قَدْ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسَائِلَ لَا يُجِيبُ فِيهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ أَوِ ابْنُ نَبِيٍّ قَالَ فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ ع رَأْسَهُ فَقَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ أَخْبِرْنِي كَمْ بَيْنَ عِيسَى وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ ص مِنْ سَنَةٍ قَالَ أُخْبِرُكَ بِقَوْلِي أَوْ بِقَوْلِكَ قَالَ أَخْبِرْنِي بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعاً قَالَ


1- كان فيه حذفا و إيصالا أي سأل لهم. «آت»
2- كانه معطوف على الحجة أي يكون لكم طريق إلى ربكم في الدنيا أو الطريق الموصل إلى الجنة في الآخرة و يحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هم طريق ربكم. «آت»
3- هو نافع بن سرجس مولى عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب كان ذميا و هو من التابعين المدينين و العامّة رووا عنه اخبارا كثيرة و معظم رواياته عن ابن عمر و هو من الثقات عندهم و كان ناصبيا خبيثا معاندا لاهل البيت عليهم السلام و يظهر من اخبارنا أنّه كان يميل إلى رأى الخوارج كما يدلّ عليه هذا الخبر «آت»
4- أي ازدحموا عليه.

ص: 121

أَمَّا فِي قَوْلِي فَخَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ (1) وَ أَمَّا فِي قَوْلِكَ فَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ- وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (2) مَنِ الَّذِي سَأَلَ مُحَمَّدٌ ص وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِيسَى خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَتَلَا أَبُو جَعْفَرٍ ع هَذِهِ الْآيَةَ سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا (3) فَكَانَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَرَاهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- مُحَمَّداً ص حَيْثُ أَسْرَى بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنْ حَشَرَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ ثُمَّ أَمَرَ جَبْرَئِيلَ ع فَأَذَّنَ شَفْعاً وَ أَقَامَ شَفْعاً وَ قَالَ فِي أَذَانِهِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ ص فَصَلَّى بِالْقَوْمِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ عَلَى مَا تَشْهَدُونَ وَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَ مَوَاثِيقَنَا فَقَالَ نَافِعٌ صَدَقْتَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (4) قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ رَتْقاً لَا تَمْطُرُ شَيْئاً وَ كَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقاً لَا تُنْبِتُ شَيْئاً فَلَمَّا أَنْ تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى آدَمَ ع أَمَرَ السَّمَاءَ فَتَقَطَّرَتْ بِالْغَمَامِ ثُمَّ أَمَرَهَا فَأَرْخَتْ عَزَالِيَهَا (5) ثُمَّ أَمَرَ الْأَرْضَ فَأَنْبَتَتِ الْأَشْجَارَ وَ أَثْمَرَتِ الثِّمَارَ وَ تَفَهَّقَتْ بِالْأَنْهَارِ (6) فَكَانَ ذَلِكَ رَتْقَهَا وَ هَذَا فَتْقَهَا قَالَ نَافِعٌ صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ (7) أَيُّ أَرْضٍ تُبَدَّلُ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَرْضٌ تَبْقَى خُبْزَةً (8) يَأْكُلُونَ مِنْهَا


1- هو الذي دلت عليه اخبارنا في قدر زمان الفترة و قد روى الصدوق- رحمه اللّه- في كتاب كمال الدين بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بين عيسى و بين محمّد صلّى اللّه عليه و آله خمسمائة عام و هذا هو الصحيح. «آت»
2- الزخرف: 45. و فيها «مِنْ قَبْلِكَ».
3- الإسراء: 2.
4- الأنبياء: 30.
5- العزالى جمع العزلاء و هو فم المزادة.
6- فهق الاناء- كفرج- فهقا: امتلاء. و في أكثر النسخ تفيهت أي انها فتحت افواهها و لكن كان القياس تفوهت و يحتمل كونه [تفتقت] فصحّف.
7- إبراهيم: 48.
8- رواه على ابن إبراهيم في تفسيره و فيه فقال أبو جعفر عليه السلام: «بخبزة بيضاء يأكلون منها حتّى يفرغ اللّه من حساب الخلائق».

ص: 122

حَتَّى يَفْرُغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْحِسَابِ فَقَالَ نَافِعٌ إِنَّهُمْ عَنِ الْأَكْلِ لَمَشْغُولُونَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَشْغَلُ أَمْ إِذْ هُمْ فِي النَّارِ فَقَالَ نَافِعٌ بَلْ إِذْ هُمْ فِي النَّارِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا شَغَلَهُمْ إِذْ دَعَوْا بِالطَّعَامِ فَأُطْعِمُوا الزَّقُّومَ وَ دَعَوْا بِالشَّرَابِ فَسُقُوا الْحَمِيمَ قَالَ صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَقَدْ بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ وَ مَا هِيَ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَتَى كَانَ قَالَ وَيْلَكَ مَتَى لَمْ يَكُنْ حَتَّى أُخْبِرَكَ مَتَى كَانَ سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ فَرْداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً ثُمَّ قَالَ يَا نَافِعُ أَخْبِرْنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ مَا تَقُولُ فِي أَصْحَابِ النَّهْرَوَانِ فَإِنْ قُلْتَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَتَلَهُمْ بِحَقٍّ فَقَدِ ارْتَدَدْتَ (1) وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّهُ قَتَلَهُمْ بَاطِلًا فَقَدْ كَفَرْتَ قَالَ فَوَلَّى مِنْ عِنْدِهِ وَ هُوَ يَقُولُ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ النَّاسِ حَقّاً حَقّاً فَأَتَى هِشَاماً فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْتَ قَالَ دَعْنِي مِنْ كَلَامِكَ هَذَا وَ اللَّهِ أَعْلَمُ النَّاسِ حَقّاً حَقّاً وَ هُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص حَقّاً وَ يَحِقُّ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَتَّخِذُوهُ نَبِيّاً.

حَدِيثُ نَصْرَانِيِّ الشَّامِ مَعَ الْبَاقِرِ ع

94- عَنْهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: أَخْرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَا جَعْفَرٍ ع مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ فَأَنْزَلَهُ مِنْهُ وَ كَانَ يَقْعُدُ مَعَ النَّاسِ فِي مَجَالِسِهِمْ فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ يَسْأَلُونَهُ إِذْ نَظَرَ إِلَى النَّصَارَى يَدْخُلُونَ فِي جَبَلٍ هُنَاكَ فَقَالَ مَا لِهَؤُلَاءِ أَ لَهُمْ عِيدٌ الْيَوْمَ فَقَالُوا لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَكِنَّهُمْ يَأْتُونَ عَالِماً لَهُمْ فِي هَذَا الْجَبَلِ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيُخْرِجُونَهُ فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا يُرِيدُونَ وَ عَمَّا يَكُونُ فِي عَامِهِمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ لَهُ عِلْمٌ فَقَالُوا هُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ الْحَوَارِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى ع قَالَ فَهَلْ نَذْهَبُ إِلَيْهِ قَالُوا ذَاكَ إِلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَقَنَّعَ أَبُو جَعْفَرٍ ع رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ وَ مَضَى هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَاخْتَلَطُوا بِالنَّاسِ حَتَّى أَتَوُا الْجَبَلَ فَقَعَدَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَسْطَ النَّصَارَى هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ أَخْرَجَ النَّصَارَى بِسَاطاً ثُمَّ وَضَعُوا الْوَسَائِدَ ثُمَّ دَخَلُوا فَأَخْرَجُوهُ ثُمَّ رَبَطُوا عَيْنَيْهِ فَقَلَّبَ عَيْنَيْهِ كَأَنَّهُمَا عَيْنَا أَفْعًى ثُمَّ قَصَدَ


1- أي ارتددت و رجعت عن مذهبك. أراد عليه السلام الاحتجاج عليه فيما كان يعتقده من رأى الخوارج.

ص: 123

إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ يَا شَيْخُ أَ مِنَّا أَنْتَ أَمْ مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع بَلْ مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ فَقَالَ أَ فَمِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنْتَ أَمْ مِنْ جُهَّالِهِمْ فَقَالَ لَسْتُ مِنْ جُهَّالِهِمْ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ أَسْأَلُكَ أَمْ تَسْأَلُنِي فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع سَلْنِي فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى رَجُلٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ يَقُولُ سَلْنِي إِنَّ هَذَا لَمَلِي ءٌ (1) بِالْمَسَائِلِ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ سَاعَةٍ مَا هِيَ مِنَ اللَّيْلِ وَ لَا مِنَ النَّهَارِ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ لَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَمِنْ أَيِّ السَّاعَاتِ هِيَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مِنْ سَاعَاتِ الْجَنَّةِ وَ فِيهَا تُفِيقُ مَرْضَانَا (2) فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فَأَسْأَلُكَ أَمْ تَسْأَلُنِي فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع سَلْنِي فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى إِنَّ هَذَا لَمَلِي ءٌ بِالْمَسَائِلِ أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَيْفَ صَارُوا يَأْكُلُونَ وَ لَا يَتَغَوَّطُونَ أَعْطِنِي مَثَلَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع هَذَا الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُ أُمُّهُ وَ لَا يَتَغَوَّطُ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ أَ لَمْ تَقُلْ مَا أَنَا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّمَا قُلْتُ لَكَ مَا أَنَا مِنْ جُهَّالِهِمْ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فَأَسْأَلُكَ أَوْ تَسْأَلُنِي فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع سَلْنِي فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَرْتَطِمُ فِيهَا كَمَا يَرْتَطِمُ الْحِمَارُ فِي الْوَحَلِ (3) فَقَالَ لَهُ سَلْ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ دَنَا مِنِ امْرَأَتِهِ فَحَمَلَتْ بِاثْنَيْنِ حَمَلَتْهُمَا جَمِيعاً فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ وَلَدَتْهُمَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَاتَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ دُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ عَاشَ أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ وَ عَاشَ الْآخَرُ خَمْسِينَ سَنَةً مَنْ هُمَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع عُزَيْرٌ وَ عَزْرَةُ كَانَا حَمَلَتْ أُمُّهُمَا بِهِمَا عَلَى مَا وَصَفْتَ وَ وَضَعَتْهُمَا عَلَى مَا وَصَفْتَ وَ عَاشَ عُزَيْرٌ وَ عَزْرَةُ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً ثُمَّ أَمَاتَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُزَيْراً مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ بُعِثَ وَ عَاشَ مَعَ عَزْرَةَ هَذِهِ الْخَمْسِينَ سَنَةً وَ مَاتَا كِلَاهُمَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى مَا رَأَيْتُ بِعَيْنِي قَطُّ أَعْلَمَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ حَرْفٍ وَ هَذَا بِالشَّامِ رُدُّونِي قَالَ فَرَدُّوهُ إِلَى كَهْفِهِ وَ رَجَعَ النَّصَارَى مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع.


1- أي جدير بان يسأل عنه.
2- أفاق من مرضه: رجعت الصحة إليه.
3- رطمته في الوحل فارتطم هو أي ارتبك فيه و لم يكد يتخلص.

ص: 124

حَدِيثُ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع

95- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ كِتَاباً أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ وَ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ فَاحْتَبَسَ الْجَوَابُ عَلَيَّ أَشْهُراً ثُمَّ أَجَابَنِي بِجَوَابٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الَّذِي بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابْتَغَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَدْيَانِ الْمُتَضَادَّةِ فَمُصِيبٌ وَ مُخْطِئٌ وَ ضَالٌّ وَ مُهْتَدٍ وَ سَمِيعٌ وَ أَصَمُّ وَ بَصِيرٌ وَ أَعْمَى حَيْرَانُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَفَ وَ وَصَفَ دِينَهُ مُحَمَّدٌ ص أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ امْرُؤٌ أَنْزَلَكَ اللَّهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بِمَنْزِلَةٍ خَاصَّةٍ وَ حَفِظَ مَوَدَّةَ مَا اسْتَرْعَاكَ مِنْ دِينِهِ وَ مَا أَلْهَمَكَ مِنْ رُشْدِكَ وَ بَصَّرَكَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ بِتَفْضِيلِكَ إِيَّاهُمْ وَ بِرَدِّكَ الْأُمُورَ إِلَيْهِمْ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ أُمُورٍ كُنْتُ مِنْهَا فِي تَقِيَّةٍ وَ مِنْ كِتْمَانِهَا فِي سَعَةٍ فَلَمَّا انْقَضَى سُلْطَانُ الْجَبَابِرَةِ وَ جَاءَ سُلْطَانُ ذِي السُّلْطَانِ الْعَظِيمِ بِفِرَاقِ الدُّنْيَا الْمَذْمُومَةِ إِلَى أَهْلِهَا الْعُتَاةِ عَلَى خَالِقِهِمْ رَأَيْتُ أَنْ أُفَسِّرَ لَكَ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَدْخُلَ الْحَيْرَةُ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا مِنْ قِبَلِ جَهَالَتِهِمْ فَاتَّقِ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ خُصَّ لِذَلِكَ الْأَمْرِ أَهْلَهُ وَ احْذَرْ أَنْ تَكُونَ سَبَبَ بَلِيَّةٍ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ أَوْ حَارِشاً عَلَيْهِمْ (1) بِإِفْشَاءِ مَا اسْتَوْدَعْتُكَ وَ إِظْهَارِ مَا اسْتَكْتَمْتُكَ وَ لَنْ تَفْعَلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنَّ أَوَّلَ مَا أُنْهِي إِلَيْكَ أَنِّي أَنْعَى إِلَيْكَ نَفْسِي فِي لَيَالِيَّ هَذِهِ غَيْرَ جَازِعٍ وَ لَا نَادِمٍ وَ لَا شَاكٍّ فِيمَا هُوَ كَائِنٌ مِمَّا قَدْ قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَتَمَ فَاسْتَمْسِكْ بِعُرْوَةِ الدِّينِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الْوَصِيِّ بَعْدَ الْوَصِيِّ وَ الْمُسَالَمَةِ لَهُمْ وَ الرِّضَا بِمَا قَالُوا وَ لَا تَلْتَمِسْ دِينَ مَنْ


1- التحريش بين البهائم هو الاغراء و تهيج بعضها على بعض. «النهاية»

ص: 125

لَيْسَ مِنْ شِيعَتِكَ وَ لَا تُحِبَّنَّ دِينَهُمْ فَإِنَّهُمُ الْخَائِنُونَ الَّذِينَ خَانُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ خَانُوا أَمَانَاتِهِمْ وَ تَدْرِي مَا خَانُوا أَمَانَاتِهِمُ ائْتُمِنُوا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَحَرَّفُوهُ وَ بَدَّلُوهُ وَ دُلُّوا عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ مِنْهُمْ فَانْصَرَفُوا عَنْهُمْ فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وَ سَأَلْتَ عَنْ رَجُلَيْنِ اغْتَصَبَا رَجُلًا مَالًا كَانَ يُنْفِقُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَمَّا اغْتَصَبَاهُ ذَلِكَ لَمْ يَرْضَيَا حَيْثُ غَصَبَاهُ حَتَّى حَمَّلَاهُ إِيَّاهُ كُرْهاً فَوْقَ رَقَبَتِهِ إِلَى مَنَازِلِهِمَا فَلَمَّا أَحْرَزَاهُ تَوَلَّيَا إِنْفَاقَهُ أَ يَبْلُغَانِ بِذَلِكَ كُفْراً فَلَعَمْرِي لَقَدْ نَافَقَا قَبْلَ ذَلِكَ وَ رَدَّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَامَهُ وَ هَزِئَا بِرَسُولِهِ ص وَ هُمَا الْكَافِرَانِ عَلَيْهِمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* وَ اللَّهِ مَا دَخَلَ قَلْبَ أَحَدٍ مِنْهُمَا شَيْ ءٌ مِنَ الْإِيمَانِ مُنْذُ خُرُوجِهِمَا مِنْ حَالَتَيْهِمَا وَ مَا ازْدَادَا إِلَّا شَكّاً كَانَا خَدَّاعَيْنِ مُرْتَابَيْنِ مُنَافِقَيْنِ حَتَّى تَوَفَّتْهُمَا مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِلَى مَحَلِّ الْخِزْيِ فِي دَارِ الْمُقَامِ وَ سَأَلْتَ عَمَّنْ حَضَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَ هُوَ يُغْصَبُ مَالَهُ وَ يُوضَعُ عَلَى رَقَبَتِهِ مِنْهُمْ عَارِفٌ وَ مُنْكِرٌ فَأُولَئِكَ أَهْلُ الرِّدَّةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* وَ سَأَلْتَ عَنْ مَبْلَغِ عِلْمِنَا وَ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مَاضٍ وَ غَابِرٌ وَ حَادِثٌ- فَأَمَّا الْمَاضِي فَمُفَسَّرٌ وَ أَمَّا الْغَابِرُ فَمَزْبُورٌ (1) وَ أَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِي الْقُلُوبِ وَ نَقْرٌ فِي الْأَسْمَاعِ وَ هُوَ أَفْضَلُ عِلْمِنَا وَ لَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ص وَ سَأَلْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَ عَنْ نِكَاحِهِمْ وَ عَنْ طَلَاقِهِمْ فَأَمَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَهُنَّ عَوَاهِرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَ طَلَاقٌ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ وَ أَمَّا مَنْ دَخَلَ فِي دَعْوَتِنَا فَقَدْ هَدَمَ إِيمَانُهُ ضَلَالَهُ وَ يَقِينُهُ شَكَّهُ وَ سَأَلْتَ عَنِ الزَّكَاةِ فِيهِمْ فَمَا كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّا قَدْ حَلَّلْنَا ذَلِكَ لَكُمْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ وَ أَيْنَ كَانَ وَ سَأَلْتَ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَالضَّعِيفُ مَنْ لَمْ يُرْفَعْ إِلَيْهِ حُجَّةٌ وَ لَمْ يَعْرِفِ الِاخْتِلَافَ فَإِذَا عَرَفَ الِاخْتِلَافَ فَلَيْسَ بِضَعِيفٍ وَ سَأَلْتَ عَنِ الشَّهَادَاتِ لَهُمْ فَأَقِمِ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ عَلَى نَفْسِكَ وَ الْوَالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ خِفْتَ عَلَى أَخِيكَ ضَيْماً (2) فَلَا وَ ادْعُ إِلَى شَرَائِطِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمَعْرِفَتِنَا مَنْ رَجَوْتَ إِجَابَتَهُ وَ لَا تَحَصَّنْ بِحِصْنِ رِيَاءٍ (3) وَ وَالِ آلَ مُحَمَّدٍ وَ لَا تَقُلْ لِمَا بَلَغَكَ عَنَّا وَ نُسِبَ إِلَيْنَا هَذَا بَاطِلٌ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ مِنَّا خِلَافَهُ-


1- في بعض النسخ [فمرموز].
2- الضيم: الظلم.
3- في بعض النسخ [و لا تحضر حصن زنا].

ص: 126

فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لِمَا قُلْنَاهُ وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَصَفْنَاهُ آمِنْ بِمَا أُخْبِرُكَ وَ لَا تُفْشِ مَا اسْتَكْتَمْنَاكَ مِنْ خَبَرِكَ إِنَّ مِنْ وَاجِبِ حَقِّ أَخِيكَ أَنْ لَا تَكْتُمَهُ شَيْئاً تَنْفَعُهُ بِهِ لِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ لَا تَحْقِدَ عَلَيْهِ وَ إِنْ أَسَاءَ وَ أَجِبْ دَعْوَتَهُ إِذَا دَعَاكَ وَ لَا تُخَلِّ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَدُوِّهِ مِنَ النَّاسِ وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْكَ وَ عُدْهُ فِي مَرَضِهِ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ الْغِشُّ وَ لَا الْأَذَى وَ لَا الْخِيَانَةُ وَ لَا الْكِبْرُ وَ لَا الْخَنَا وَ لَا الْفُحْشُ وَ لَا الْأَمْرُ بِهِ (1) فَإِذَا رَأَيْتَ الْمُشَوَّهَ الْأَعْرَابِيَّ فِي جَحْفَلٍ (2) جَرَّارٍ فَانْتَظِرْ فَرَجَكَ وَ لِشِيعَتِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ انْظُرْ مَا فَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْمُجْرِمِينَ فَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ جُمَلًا مُجْمَلًا وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الْأَخْيَارِ.

حَدِيثٌ نَادِرٌ

96- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى أَبُو ذَرٍّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدِ اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ (3) أَ فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَخْرُجَ أَنَا وَ ابْنُ أَخِي إِلَى مُزَيْنَةَ فَنَكُونَ بِهَا فَقَالَ إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُغِيرَ (4) عَلَيْكَ خَيْلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَيُقْتَلَ ابْنُ أَخِيكَ فَتَأْتِيَنِي شَعِثاً (5) فَتَقُومَ بَيْنَ يَدَيَّ مُتَّكِئاً عَلَى عَصَاكَ فَتَقُولَ قُتِلَ ابْنُ أَخِي وَ أُخِذَ السَّرْحُ (6) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ لَا يَكُونُ إِلَّا خَيْراً إِنْ شَاءَ اللَّهُ (7) فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَخَرَجَ هُوَ وَ ابْنُ أَخِيهِ وَ امْرَأَتُهُ فَلَمْ يَلْبَثْ هُنَاكَ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى غَارَتْ خَيْلٌ لِبَنِي فَزَارَةَ فِيهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فَأُخِذَتِ السَّرْحُ وَ قُتِلَ


1- في بعض النسخ [أمر به].
2- كجعفر: الجيش الكبير و الرجل العظيم و السيّد الكريم و كأنّه إشارة إلى جيش سفيانى و فتنته.
3- أي كرهت المقام فيها.
4- من الغارة.
5- الشعث- محركة-: انتشار الامر.
6- السرح- بالفتح-: الماشية. و المال السائم من الغنم و البقر و غير ذلك.
7- لعل صلّى اللّه عليه و آله لم ينهه عن الخروج و إنّما أخبره بوقوع ذلك.

ص: 127

ابْنُ أَخِيهِ وَ أُخِذَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَ أَقْبَلَ أَبُو ذَرٍّ يَشْتَدُّ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بِهِ طَعْنَةٌ جَائِفَةٌ (1) فَاعْتَمَدَ عَلَى عَصَاهُ وَ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أُخِذَ السَّرْحُ وَ قُتِلَ ابْنُ أَخِي وَ قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ عَلَى عَصَايَ فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْمُسْلِمِينَ فَخَرَجُوا فِي الطَّلَبِ فَرَدُّوا السَّرْحَ وَ قَتَلُوا نَفَراً مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

97- أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ تَحْتَ شَجَرَةٍ عَلَى شَفِيرِ وَادٍ فَأَقْبَلَ سَيْلٌ فَحَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُسْلِمُونَ قِيَامٌ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي يَنْتَظِرُونَ مَتَى يَنْقَطِعُ السَّيْلُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِقَوْمِهِ أَنَا أَقْتُلُ مُحَمَّداً فَجَاءَ وَ شَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بِالسَّيْفِ ثُمَّ قَالَ مَنْ يُنْجِيكَ مِنِّي يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ رَبِّي وَ رَبُّكَ فَنَسَفَهُ (2) جَبْرَئِيلُ ع عَنْ فَرَسِهِ فَسَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَخَذَ السَّيْفَ وَ جَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ وَ قَالَ مَنْ يُنْجِيكَ مِنِّي يَا غَوْرَثُ فَقَالَ جُودُكَ وَ كَرَمُكَ يَا مُحَمَّدُ فَتَرَكَهُ فَقَامَ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي وَ أَكْرَمُ (3).


1- الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف.
2- نسف البناء: قلعه من أصله.
3- رواه الواقدى في تفسير قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» إن رسول اللّه غزا جمعا من بنى ذبيان و محارب بذى أمر فتحصنوا برءوس الجبال و نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحيث يراهم فذهب لحاجته فأصابه مطر قبل ثوبه فنشره على شجرة و اضطجع تحته و الاعراب ينظرون إليه فجاء سيدهم دعثور بن الحرث حتّى وقف على رأسه بالسيف مشهورا فقال: يا محمّد من يمنعك منى اليوم؟ فقال: اللّه، فدفع جبرئيل عليه السلام في صدره و وقع السيف من يده فأخذه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قام على رأسه و قال: من يمنعك منى اليوم؟ فقال: لا أحد و أنا اشهد ان لا إله إلّا اللّه و أن محمّدا رسول اللّه فنزلت الآية. و روى ابن شهرآشوب عن الثمالى نحوا من ذلك و قال في آخره: فسئل بعد انصرافه عن حاله فقال: نظرت إلى رجل طويل ابيض دفع في صدرى فعرفت أنّه ملك و يقال: إنّه اسلم و جعل يدعو قومه إلى الإسلام. «آت»

ص: 128

98- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ [وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تُعْرَفُوا فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَيْكَ إِنْ لَمْ يُثْنِ النَّاسُ عَلَيْكَ وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ مَحْمُوداً عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ رَجُلٍ يَزْدَادُ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ إِحْسَاناً وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ أَنَّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ فَوَ اللَّهِ أَنْ لَوْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ عَمَلًا إِلَّا بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا أَوْ رَجَا الثَّوَابَ بِنَا وَ رَضِيَ بِقُوتِهِ نِصْفَ مُدٍّ كُلَّ يَوْمٍ وَ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَ مَا أَكَنَّ بِهِ رَأْسَهُ وَ هُمْ مَعَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ خَائِفُونَ وَجِلُونَ وَدُّوا أَنَّهُ حَظُّهُمْ (1) مِنَ الدُّنْيَا وَ كَذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ يَقُولُ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ (2) مَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ أَتَوْا وَ اللَّهِ بِالطَّاعَةِ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَ الْوَلَايَةِ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ وَ لَيْسَ وَ اللَّهِ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّينِ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا ثُمَّ قَالَ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ عَلَيْكَ فِي خُرُوجِكَ أَنْ لَا تَغْتَابَ وَ لَا تَكْذِبَ وَ لَا تَحْسُدَ وَ لَا تُرَائِيَ وَ لَا تَتَصَنَّعَ وَ لَا تُدَاهِنَ ثُمَّ قَالَ نِعْمَ صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ يَكُفُّ فِيهِ بَصَرَهُ وَ لِسَانَهُ وَ نَفْسَهُ وَ فَرْجَهُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِقَلْبِهِ اسْتَوْجَبَ الْمَزِيدَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ شُكْرَهَا عَلَى لِسَانِهِ وَ مَنْ ذَهَبَ يَرَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَضْلًا فَهُوَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّمَا يَرَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلًا بِالْعَافِيَةِ إِذَا رَآهُ مُرْتَكِباً لِلْمَعَاصِي فَقَالَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا أَتَى وَ أَنْتَ مَوْقُوفٌ مُحَاسَبٌ أَ مَا تَلَوْتَ قِصَّةَ سَحَرَةِ مُوسَى ع ثُمَّ قَالَ كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِمَا قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِسَتْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًى وَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ-


1- أي هم راضون بما قدر لهم من التقية في الدنيا و لا يريدون أكثر من ذلك حذرا من أن يصير سببا لطغيانهم. «آت»
2- المؤمنون: 60.

ص: 129

ثُمَّ تَلَا قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (1) ثُمَّ قَالَ يَا حَفْصُ الْحُبُّ أَفْضَلُ مِنَ الْخَوْفِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّ اللَّهَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَ وَالَى غَيْرَنَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ أَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَبَكَى رَجُلٌ فَقَالَ أَ تَبْكِي لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّهُمُ اجْتَمَعُوا يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُنْجِيَكَ مِنَ النَّارِ وَ يُدْخِلَكَ الْجَنَّةَ لَمْ يُشَفَّعُوا فِيكَ [ثُمَّ كَانَ لَكَ قَلْبٌ حَيٌّ لَكُنْتَ أَخْوَفَ النَّاسِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ] ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا حَفْصُ كُنْ ذَنَباً وَ لَا تَكُنْ رَأْساً يَا حَفْصُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ خَافَ اللَّهَ كَلَّ لِسَانُهُ ثُمَّ قَالَ بَيْنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع يَعِظُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَشَقَّ قَمِيصَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى قُلْ لَهُ لَا تَشُقَّ قَمِيصَكَ وَ لَكِنِ اشْرَحْ لِي عَنْ قَلْبِكَ ثُمَّ قَالَ مَرَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَانْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَى ع لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِيَدِي لَقَضَيْتُهَا لَكَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَوْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلْتُهُ حَتَّى يَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَهُ إِلَى مَا أُحِبُّ.

حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ص

99- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا كَانَ شَيْ ءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ أَنْ يَظَلَ (2) جَائِعاً خَائِفاً فِي اللَّهِ.

100- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْجُعْفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع ذَاتَ يَوْمٍ وَ هُوَ يَأْكُلُ مُتَّكِئاً (3)- قَالَ وَ قَدْ كَانَ يَبْلُغُنَا أَنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَدَعَانِي إِلَى طَعَامِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ لَعَلَّكَ تَرَى


1- آل عمران: 31.
2- في بعض النسخ [يصل].
3- لعله كان فعله عليه السلام لبيان الجواز او لعذر الضعف. «آت»

ص: 130

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَا رَأَتْهُ عَيْنٌ وَ هُوَ يَأْكُلُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ مِنْ أَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ قَالَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا رَأَتْهُ عَيْنٌ يَأْكُلُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ مِنْ أَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّهُ شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ- مِنْ أَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ إِنَّهُ كَانَ لَا يَجِدُ لَقَدْ كَانَ يُجِيزُ الرَّجُلَ (1) الْوَاحِدَ بِالْمِائَةِ مِنَ الْإِبِلِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ لَأَكَلَ وَ لَقَدْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُخَيِّرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئاً فَيَخْتَارُ التَّوَاضُعَ لِرَبِّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ مَا سُئِلَ شَيْئاً قَطُّ فَيَقُولَ لَا إِنْ كَانَ أَعْطَى وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ يَكُونُ (2) وَ مَا أَعْطَى عَلَى اللَّهِ شَيْئاً قَطُّ إِلَّا سَلَّمَ ذَلِكَ إِلَيْهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُعْطِي الرَّجُلَ الْجَنَّةَ فَيُسَلِّمُ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ تَنَاوَلَنِي بِيَدِهِ (3) وَ قَالَ وَ إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ (4) لَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ يَأْكُلُ إِكْلَةَ الْعَبْدِ وَ يُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمَ وَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَأْكُلُ الْخُبْزَ وَ الزَّيْتَ وَ إِنْ كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَ السُّنْبُلَانِيَّ ثُمَّ يُخَيِّرُ غُلَامَهُ خَيْرَهُمَا (5) ثُمَّ يَلْبَسُ الْبَاقِيَ فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ وَ إِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ وَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لِلَّهِ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ وَ لَقَدْ وُلِّيَ النَّاسَ خَمْسَ سِنِينَ فَمَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ وَ لَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ لَا أَقْطَعَ قَطِيعَةً وَ لَا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَ لَا حَمْرَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَايَاهُ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ لِأَهْلِهِ بِهَا خَادِماً وَ مَا أَطَاقَ أَحَدٌ عَمَلَهُ وَ إِنْ كَانَ


1- من الجائزة بمعنى العطية «آت».
2- أي يحصل بعد ذلك فنعطيك و قوله: «ما أعطى على اللّه» أي معتمدا و متوكلا على اللّه و يحتمل أن يكون «على» بمعنى «عن» أي عنه و من قبله تعالى. «آت»
3- في كثير من النسخ [من يناوله بيده] فلعله بيان و تفسير أو بدل لقوله ذلك أو الباء السببية فيه مقدرة أي يسلم ذلك له بأن يبعث إليه من يعطيه بيده و لعله تصحيف. «آت»
4- «و إن كان صاحبكم» يعنى أمير المؤمنين و «ان» مخففة. «آت»
5- «القميص السنبلانى» قال الفيروزآبادي قميص سنبلانى: سابغ الطول او منسوب إلى بلد بالروم و في أمالي الصدوق: «القميصين سنبلانيين».

ص: 131

عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع لَيَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ مِنْ كُتُبِ عَلِيٍّ ع فَيَضْرِبُ بِهِ الْأَرْضَ وَ يَقُولُ مَنْ يُطِيقُ هَذَا.

101- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَخَيَّرَهُ وَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالتَّوَاضُعِ وَ كَانَ لَهُ نَاصِحاً فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَأْكُلُ إِكْلَةَ الْعَبْدِ وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ تَوَاضُعاً لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ أَتَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الدُّنْيَا فَقَالَ هَذِهِ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الدُّنْيَا بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ رَبُّكَ لِيَكُونَ لَكَ مَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ (1) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَكَ شَيْئاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى.

102- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عُرِضَتْ عَلَيَّ بَطْحَاءُ مَكَّةَ ذَهَباً فَقُلْتُ يَا رَبِّ لَا وَ لَكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً وَ أَجُوعُ يَوْماً فَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَ شَكَرْتُكَ وَ إِذَا جُعْتُ دَعَوْتُكَ وَ ذَكَرْتُكَ.

حَدِيثُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع

103- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْهُمْ ع قَالَ فِيمَا وَعَظَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عِيسَى ع يَا عِيسَى أَنَا رَبُّكَ وَ رَبُّ آبَائِكَ اسْمِي وَاحِدٌ وَ أَنَا الْأَحَدُ الْمُتَفَرِّدُ بِخَلْقِ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ مِنْ صُنْعِي وَ كُلٌّ إِلَيَّ رَاجِعُونَ يَا عِيسَى أَنْتَ الْمَسِيحُ بِأَمْرِي وَ أَنْتَ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي وَ أَنْتَ تُحْيِي الْمَوْتَى بِكَلَامِي فَكُنْ إِلَيَّ رَاغِباً وَ مِنِّي رَاهِباً وَ لَنْ تَجِدَ مِنِّي مَلْجَأً إِلَّا إِلَيَّ يَا عِيسَى أُوصِيكَ وَصِيَّةَ الْمُتَحَنِّنِ عَلَيْكَ بِالرَّحْمَةِ (2) حَتَّى حَقَّتْ لَكَ مِنِّي الْوَلَايَةُ


1- أي حملت الأرض.
2- المتحنّن: المترحّم.

ص: 132

بِتَحَرِّيكَ مِنِّي الْمَسَرَّةَ (1) فَبُورِكْتَ كَبِيراً وَ بُورِكْتَ صَغِيراً حَيْثُ مَا كُنْتَ أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدِي ابْنُ أَمَتِي أَنْزِلْنِي مِنْ نَفْسِكَ كَهَمِّكَ وَ اجْعَلْ ذِكْرِي لِمَعَادِكَ وَ تَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ وَ تَوَكَّلْ عَلَيَّ أَكْفِكَ وَ لَا تَوَكَّلْ عَلَى غَيْرِي فَآخُذَ لَكَ يَا عِيسَى اصْبِرْ عَلَى الْبَلَاءِ وَ ارْضَ بِالْقَضَاءِ وَ كُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ فَإِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَى يَا عِيسَى أَحْيِ ذِكْرِي بِلِسَانِكَ وَ لْيَكُنْ وُدِّي فِي قَلْبِكَ يَا عِيسَى تَيَقَّظْ فِي سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ وَ احْكُمْ لِي لَطِيفَ الْحِكْمَةِ يَا عِيسَى كُنْ رَاغِباً رَاهِباً وَ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ يَا عِيسَى رَاعِ اللَّيْلَ لِتَحَرِّي مَسَرَّتِي وَ أَظْمِئْ نَهَارَكَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ عِنْدِي يَا عِيسَى نَافِسْ فِي الْخَيْرِ جُهْدَكَ- تُعْرَفْ بِالْخَيْرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ يَا عِيسَى احْكُمْ فِي عِبَادِي بِنُصْحِي وَ قُمْ فِيهِمْ بِعَدْلِي فَقَدْ أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ مِنْ مَرَضِ الشَّيْطَانِ يَا عِيسَى لَا تَكُنْ جَلِيساً لِكُلِّ مَفْتُونٍ يَا عِيسَى حَقّاً أَقُولُ مَا آمَنَتْ بِي خَلِيقَةٌ إِلَّا خَشَعَتْ لِي وَ لَا خَشَعَتْ لِي إِلَّا رَجَتْ ثَوَابِي فَأَشْهَدُ أَنَّهَا آمِنَةٌ مِنْ عِقَابِي مَا لَمْ تُبَدِّلْ أَوْ تُغَيِّرْ سُنَّتِي يَا عِيسَى ابْنَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ بُكَاءَ مَنْ وَدَّعَ الْأَهْلَ وَ قَلَى الدُّنْيَا (2) وَ تَرَكَهَا لِأَهْلِهَا وَ صَارَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ إِلَهِهِ يَا عِيسَى كُنْ مَعَ ذَلِكَ تُلِينُ الْكَلَامَ وَ تُفْشِي السَّلَامَ يَقْظَانَ إِذَا نَامَتْ عُيُونُ الْأَبْرَارِ حَذَراً لِلْمَعَادِ وَ الزَّلَازِلِ الشِّدَادِ وَ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ أَهْلٌ وَ لَا وَلَدٌ وَ لَا مَالٌ يَا عِيسَى اكْحُلْ عَيْنَكَ بِمِيلِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ يَا عِيسَى كُنْ خَاشِعاً صَابِراً فَطُوبَى لَكَ إِنْ نَالَكَ مَا وُعِدَ الصَّابِرُونَ يَا عِيسَى رُحْ مِنَ الدُّنْيَا يَوْماً فَيَوْماً وَ ذُقْ لِمَا قَدْ ذَهَبَ طَعْمُهُ فَحَقّاً أَقُولُ مَا أَنْتَ


1- التحرّي: الطلب.
2- أي ابغضها.

ص: 133

إِلَّا بِسَاعَتِكَ وَ يَوْمِكَ فَرُحْ مِنَ الدُّنْيَا بِبُلْغَةٍ وَ لْيَكْفِكَ الْخَشِنُ الْجَشِبُ (1) فَقَدْ رَأَيْتَ إِلَى مَا تَصِيرُ وَ مَكْتُوبٌ مَا أَخَذْتَ وَ كَيْفَ أَتْلَفْتَ يَا عِيسَى إِنَّكَ مَسْئُولٌ فَارْحَمِ الضَّعِيفَ كَرَحْمَتِي إِيَّاكَ وَ لَا تَقْهَرِ الْيَتِيمَ يَا عِيسَى ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ فِي الْخَلَوَاتِ وَ انْقُلْ قَدَمَيْكَ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ (2) وَ أَسْمِعْنِي لَذَاذَةَ نُطْقِكَ بِذِكْرِي فَإِنَّ صَنِيعِي إِلَيْكَ حَسَنٌ يَا عِيسَى كَمْ مِنْ أُمَّةٍ قَدْ أَهْلَكْتُهَا بِسَالِفِ ذُنُوبٍ قَدْ عَصَمْتُكَ مِنْهَا يَا عِيسَى ارْفُقْ بِالضَّعِيفِ وَ ارْفَعْ طَرْفَكَ الْكَلِيلَ إِلَى السَّمَاءِ (3) وَ ادْعُنِي فَإِنِّي مِنْكَ قَرِيبٌ وَ لَا تَدْعُنِي إِلَّا مُتَضَرِّعاً إِلَيَّ وَ هَمَّكَ هَمّاً وَاحِداً فَإِنَّكَ مَتَى تَدْعُنِي كَذَلِكَ أُجِبْكَ يَا عِيسَى إِنِّي لَمْ أَرْضَ بِالدُّنْيَا ثَوَاباً لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ لَا عِقَاباً لِمَنِ انْتَقَمْتُ مِنْهُ يَا عِيسَى إِنَّكَ تَفْنَى وَ أَنَا أَبْقَى وَ مِنِّي رِزْقُكَ وَ عِنْدِي مِيقَاتُ أَجَلِكَ وَ إِلَيَّ إِيَابُكَ وَ عَلَيَّ حِسَابُكَ فَسَلْنِي وَ لَا تَسْأَلْ غَيْرِي فَيَحْسُنَ مِنْكَ الدُّعَاءُ وَ مِنِّي الْإِجَابَةُ يَا عِيسَى مَا أَكْثَرَ الْبَشَرَ وَ أَقَلَّ عَدَدَ مَنْ صَبَرَ الْأَشْجَارُ كَثِيرَةٌ وَ طَيِّبُهَا قَلِيلٌ فَلَا يَغُرَّنَّكَ حُسْنُ شَجَرَةٍ حَتَّى تَذُوقَ ثَمَرَهَا يَا عِيسَى لَا يَغُرَّنَّكَ الْمُتَمَرِّدُ عَلَيَّ بِالْعِصْيَانِ يَأْكُلُ رِزْقِي وَ يَعْبُدُ غَيْرِي ثُمَّ يَدْعُونِي عِنْدَ الْكَرْبِ فَأُجِيبُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَعَلَيَّ يَتَمَرَّدُ أَمْ بِسَخَطِي يَتَعَرَّضُ فَبِي حَلَفْتُ لآَخُذَنَّهُ أَخْذَةً لَيْسَ لَهُ مِنْهَا مَنْجًى وَ لَا دُونِي مَلْجَأٌ أَيْنَ يَهْرُبُ مِنْ سَمَائِي وَ أَرْضِي يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَدْعُونِي وَ السُّحْتُ تَحْتَ أَحْضَانِكُمْ- وَ الْأَصْنَامُ فِي بُيُوتِكُمْ (4) فَإِنِّي آلَيْتُ أَنْ أُجِيبَ مَنْ دَعَانِي وَ أَنْ أَجْعَلَ إِجَابَتِي إِيَّاهُمْ لَعْناً عَلَيْهِمْ حَتَّى يَتَفَرَّقُوا-


1- الجشب: الغليظ.
2- أي مواضعها و في الأمالي مواضع الصلوات. «آت»
3- الكليل: الكال، يقال: «بصر كليل» أي ضعيف و «سيف كليل» أي لا يقطع و الجمع كلال.
4- الاحضان جمع الحضن و هو ما دون الابط إلى الكشح. و هو كناية عن ضبط الحرام و حفظه و عدم رده إلى أهله. «آت» و قوله: «آليت» أي حلفت.

ص: 134

يَا عِيسَى كَمْ أُطِيلُ النَّظَرَ وَ أُحْسِنُ الطَّلَبَ وَ الْقَوْمُ فِي غَفْلَةٍ لَا يَرْجِعُونَ تَخْرُجُ الْكَلِمَةُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لَا تَعِيهَا قُلُوبُهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِمَقْتِي وَ يَتَحَبَّبُونَ بِقُرْبِي إِلَى الْمُؤْمِنِينَ (1) يَا عِيسَى لِيَكُنْ لِسَانُكَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَاحِداً وَ كَذَلِكَ فَلْيَكُنْ قَلْبُكَ وَ بَصَرُكَ وَ اطْوِ قَلْبَكَ وَ لِسَانَكَ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ كُفَّ بَصَرَكَ عَمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ فَكَمْ مِنْ نَاظِرٍ نَظْرَةً قَدْ زَرَعَتْ فِي قَلْبِهِ شَهْوَةً وَ وَرَدَتْ بِهِ مَوَارِدَ حِيَاضِ الْهَلَكَةِ يَا عِيسَى كُنْ رَحِيماً مُتَرَحِّماً وَ كُنْ كَمَا تَشَاءُ أَنْ يَكُونَ الْعِبَادُ لَكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَكَ الْمَوْتَ وَ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِينَ وَ لَا تَلْهُ فَإِنَّ اللَّهْوَ يُفْسِدُ صَاحِبَهُ وَ لَا تَغْفُلْ فَإِنَّ الْغَافِلَ مِنِّي بَعِيدٌ وَ اذْكُرْنِي بِالصَّالِحَاتِ حَتَّى أَذْكُرَكَ يَا عِيسَى تُبْ إِلَيَّ بَعْدَ الذَّنْبِ وَ ذَكِّرْ بِيَ الْأَوَّابِينَ وَ آمِنْ بِي وَ تَقَرَّبْ بِي إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ مُرْهُمْ يَدْعُونِي مَعَكَ وَ إِيَّاكَ وَ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَفْتَحَ لَهَا بَاباً مِنَ السَّمَاءِ بِالْقَبُولِ وَ أَنْ أُجِيبَهُ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ يَا عِيسَى اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ السَّوْءِ يُعْدِي وَ قَرِينَ السَّوْءِ يُرْدِي وَ اعْلَمْ مَنْ تُقَارِنُ وَ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِخْوَاناً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَا عِيسَى تُبْ إِلَيَّ فَإِنِّي لَا يَتَعَاظَمُنِي ذَنْبٌ أَنْ أَغْفِرَهُ وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اعْمَلْ لِنَفْسِكَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ أَجَلِكَ قَبْلَ أَنْ لَا يَعْمَلَ لَهَا غَيْرُكَ وَ اعْبُدْنِي لِيَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فِيهِ أَجْزِي بِالْحَسَنَةِ أَضْعَافَهَا وَ إِنَّ السَّيِّئَةَ تُوبِقُ صَاحِبَهَا (2) فَامْهَدْ لِنَفْسِكَ فِي مُهْلَةٍ وَ نَافِسْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَكَمْ مِنْ مَجْلِسٍ قَدْ نَهَضَ أَهْلُهُ وَ هُمْ مُجَارُونَ مِنَ النَّارِ يَا عِيسَى ازْهَدْ فِي الْفَانِي الْمُنْقَطِعِ وَ طَأْ رُسُومَ مَنَازِلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَادْعُهُمْ وَ نَاجِهِمْ هَلْ تُحِسُ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنْهُمْ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَلْحَقُهُمْ فِي اللَّاحِقِينَ يَا عِيسَى قُلْ لِمَنْ تَمَرَّدَ عَلَيَّ بِالْعِصْيَانِ وَ عَمِلَ بِالْإِدْهَانِ (3) لِيَتَوَقَّعْ عُقُوبَتِي وَ يَنْتَظِرُ إِهْلَاكِي إِيَّاهُ سَيُصْطَلَمُ مَعَ الْهَالِكِينَ (4) طُوبَى لَكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ ثُمَّ طُوبَى لَكَ إِنْ أَخَذْتَ


1- في بعض النسخ [يتحببون بى إلى المؤمنين].
2- أوبقه أي أهلكه.
3- من المداهنة. و هي اظهار خلاف ما تضمر.
4- اصطلمه أي استأصله.

ص: 135

بِأَدَبِ إِلَهِكَ الَّذِي يَتَحَنَّنُ عَلَيْكَ تَرَحُّماً (1) وَ بَدَأَكَ بِالنِّعَمِ مِنْهُ تَكَرُّماً وَ كَانَ لَكَ فِي الشَّدَائِدِ لَا تَعْصِهِ يَا عِيسَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ عِصْيَانُهُ قَدْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ كَمَا عَهِدْتُ إِلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ أَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ يَا عِيسَى مَا أَكْرَمْتُ خَلِيقَةً بِمِثْلِ دِينِي (2) وَ لَا أَنْعَمْتُ عَلَيْهَا بِمِثْلِ رَحْمَتِي- يَا عِيسَى اغْسِلْ بِالْمَاءِ مِنْكَ مَا ظَهَرَ وَ دَاوِ بِالْحَسَنَاتِ مِنْكَ مَا بَطَنَ فَإِنَّكَ إِلَيَّ رَاجِعٌ يَا عِيسَى أَعْطَيْتُكَ مَا أَنْعَمْتُ بِهِ عَلَيْكَ فَيْضاً مِنْ غَيْرِ تَكْدِيرٍ وَ طَلَبْتُ مِنْكَ قَرْضاً لِنَفْسِكَ فَبَخِلْتَ بِهِ عَلَيْهَا لِتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (3) يَا عِيسَى تَزَيَّنْ بِالدِّينِ (4) وَ حُبِّ الْمَسَاكِينِ وَ امْشِ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ صَلِّ عَلَى الْبِقَاعِ فَكُلُّهَا طَاهِرٌ (5) يَا عِيسَى شَمِّرْ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ (6) وَ اقْرَأْ كِتَابِي وَ أَنْتَ طَاهِرٌ وَ أَسْمِعْنِي مِنْكَ صَوْتاً حَزِيناً يَا عِيسَى لَا خَيْرَ فِي لَذَاذَةٍ لَا تَدُومُ وَ عَيْشٍ مِنْ صَاحِبِهِ يَزُولُ يَا ابْنَ مَرْيَمَ لَوْ رَأَتْ عَيْنُكَ مَا أَعْدَدْتُ لِأَوْلِيَائِيَ الصَّالِحِينَ ذَابَ قَلْبُكَ وَ زَهَقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهِ فَلَيْسَ كَدَارِ


1- الحنان: الرحمة.
2- أي بشي ء مثل دينى و ضمير «عليها» راجع إلى الخليقة. «آت»
3- قوله تعالى: «فيضا» أي كثيرا واسعا و فيه استعارة مكنيّة و التكدير الترشيح إذ الفيض يطلق على كثرة الماء و سيلانه و الظاهر أن الغرض بهذا الخطاب امة عيسى عليه السلام كما ورد في القرآن آيات كثيرة المخاطب بها الرسول و المراد بها امته كقوله تعالى: «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ» و أضرابها. «آت»
4- أي بآثاره و أعماله و أخلاقه فانها زينة المتقين و من أحسن زينتهم حبّ المساكين و المعاشرة معهم. و قوله: «هونا» قال الجوهريّ: الهون: الوقار و السكينة و فلان يمشى على الأرض هونا. «آت»
5- هذا خلاف المشهور من أن جواز الصلاة في كل البقاع من خصائص نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله بل كان يلزمهم الصلاة في بيعهم و كنائسهم فيمكن أن يكون هذا الحكم فيهم مختصا بالفرائض. «آت»
6- «شمّر» أي هيئ.

ص: 136

الْآخِرَةِ دَارٌ تَجَاوَرَ فِيهَا الطَّيِّبُونَ وَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ هُمْ مِمَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا آمِنُونَ دَارٌ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا النَّعِيمُ وَ لَا يَزُولُ عَنْ أَهْلِهَا يَا ابْنَ مَرْيَمَ نَافِسْ فِيهَا مَعَ الْمُتَنَافِسِينَ فَإِنَّهَا أُمْنِيَّةُ الْمُتَمَنِّينَ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ طُوبَى لَكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ إِنْ كُنْتَ لَهَا مِنَ الْعَامِلِينَ مَعَ آبَائِكَ آدَمَ وَ إِبْرَاهِيمَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَعِيمٍ لَا تَبْغِي بِهَا بَدَلًا وَ لَا تَحْوِيلًا كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِالْمُتَّقِينَ يَا عِيسَى اهْرُبْ إِلَيَّ مَعَ مَنْ يَهْرُبُ مِنْ نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ وَ نَارٍ ذَاتِ أَغْلَالٍ وَ أَنْكَالٍ (1) لَا يَدْخُلُهَا رَوْحٌ وَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا غَمٌّ أَبَداً قِطَعٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ مَنْ يَنْجُ مِنْهَا يَفُزْ وَ لَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا مَنْ كَانَ مِنَ الْهَالِكِينَ هِيَ دَارُ الْجَبَّارِينَ وَ الْعُتَاةِ الظَّالِمِينَ وَ كُلِّ فَظٍّ غَلِيظٍ وَ كُلِّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ يَا عِيسَى بِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ رَكِنَ إِلَيْهَا وَ بِئْسَ الْقَرَارُ دَارُ الظَّالِمِينَ إِنِّي أُحَذِّرُكَ نَفْسَكَ فَكُنْ بِي خَبِيراً يَا عِيسَى كُنْ حَيْثُ مَا كُنْتَ مُرَاقِباً لِي وَ اشْهَدْ عَلَى أَنِّي خَلَقْتُكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي وَ أَنِّي صَوَّرْتُكَ وَ إِلَى الْأَرْضِ أَهْبَطْتُكَ يَا عِيسَى لَا يَصْلُحُ لِسَانَانِ فِي فَمٍ وَاحِدٍ وَ لَا قَلْبَانِ فِي صَدْرٍ وَاحِدٍ وَ كَذَلِكَ الْأَذْهَانُ يَا عِيسَى لَا تَسْتَيْقِظَنَّ عَاصِياً وَ لَا تَسْتَنْبِهَنَّ لَاهِياً (2) وَ افْطِمْ نَفْسَكَ عَنِ الشَّهَوَاتِ الْمُوبِقَاتِ وَ كُلُّ شَهْوَةٍ تُبَاعِدُكَ مِنِّي فَاهْجُرْهَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي بِمَكَانِ الرَّسُولِ الْأَمِينِ فَكُنْ مِنِّي عَلَى حَذَرٍ وَ اعْلَمْ أَنَّ دُنْيَاكَ مُؤَدِّيَتُكَ إِلَيَّ وَ أَنِّي آخُذُكَ بِعِلْمِي فَكُنْ ذَلِيلَ النَّفْسِ عِنْدَ ذِكْرِي خَاشِعَ الْقَلْبِ حِينَ تَذْكُرُنِي يَقْظَانَ عِنْدَ نَوْمِ الْغَافِلِينَ يَا عِيسَى هَذِهِ نَصِيحَتِي إِيَّاكَ وَ مَوْعِظَتِي لَكَ فَخُذْهَا مِنِّي وَ إِنِّي رَبُّ الْعَالَمِينَ يَا عِيسَى إِذَا صَبَرَ عَبْدِي فِي جَنْبِي كَانَ ثَوَابُ عَمَلِهِ عَلَيَّ وَ كُنْتُ عِنْدَهُ حِينَ يَدْعُونِي وَ كَفَى بِي مُنْتَقِماً مِمَّنْ عَصَانِي أَيْنَ يَهْرُبُ مِنِّي الظَّالِمُونَ


1- النكل: القيد الشديد و الجمع أنكال أو قيد من نار. «القاموس»
2- «عاصيا» نصب على الحال و كذا «لاهيا» و في بعض النسخ [و لا تسترحن لاهيا] و قوله: «افطم» أي اقطع. و الموبقات: المهلكات.

ص: 137

يَا عِيسَى أَطِبِ الْكَلَامَ وَ كُنْ حَيْثُمَا كُنْتَ عَالِماً مُتَعَلِّماً يَا عِيسَى أَفِضْ بِالْحَسَنَاتِ إِلَيَّ حَتَّى يَكُونَ لَكَ ذِكْرُهَا عِنْدِي وَ تَمَسَّكْ بِوَصِيَّتِي فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً لِلْقُلُوبِ يَا عِيسَى لَا تَأْمَنْ إِذَا مَكَرْتَ مَكْرِي وَ لَا تَنْسَ عِنْدَ خَلَوَاتِ الدُّنْيَا ذِكْرِي يَا عِيسَى حَاسِبْ نَفْسَكَ بِالرُّجُوعِ إِلَيَّ حَتَّى تَتَنَجَّزَ ثَوَابَ مَا عَمِلَهُ الْعَامِلُونَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ وَ أَنَا خَيْرُ الْمُؤْتِينَ يَا عِيسَى كُنْتَ خَلْقاً بِكَلَامِي (1) وَلَدَتْكَ مَرْيَمُ بِأَمْرِيَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهَا رُوحِي جَبْرَئِيلُ الْأَمِينُ مِنْ مَلَائِكَتِي حَتَّى قُمْتَ عَلَى الْأَرْضِ حَيّاً تَمْشِي كُلُّ ذَلِكَ فِي سَابِقِ عِلْمِي يَا عِيسَى زَكَرِيَّا بِمَنْزِلَةِ أَبِيكَ وَ كَفِيلُ أُمِّكَ إِذْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْمِحْرَابَ فَيَجِدُ عِنْدَهَا رِزْقاً وَ نَظِيرُكَ يَحْيَى (2) مِنْ خَلْقِي وَهَبْتُهُ لِأُمِّهِ بَعْدَ الْكِبَرِ مِنْ غَيْرِ قُوَّةٍ بِهَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ أَنْ يَظْهَرَ لَهَا سُلْطَانِي وَ يَظْهَرَ فِيكَ قُدْرَتِي أَحَبُّكُمْ إِلَيَّ أَطْوَعُكُمْ لِي وَ أَشَدُّكُمْ خَوْفاً مِنِّي يَا عِيسَى تَيَقَّظْ وَ لَا تَيْأَسْ مِنْ رَوْحِي وَ سَبِّحْنِي مَعَ مَنْ يُسَبِّحُنِي وَ بِطَيِّبِ الْكَلَامِ فَقَدِّسْنِي يَا عِيسَى كَيْفَ يَكْفُرُ الْعِبَادُ بِي وَ نَوَاصِيهِمْ فِي قَبْضَتِي وَ تَقَلُّبُهُمْ فِي أَرْضِي يَجْهَلُونَ نِعْمَتِي وَ يَتَوَلَّوْنَ عَدُوِّي وَ كَذَلِكَ يَهْلِكُ الْكَافِرُونَ يَا عِيسَى إِنَّ الدُّنْيَا سِجْنٌ مُنْتِنُ الرِّيحِ وَ حَسُنَ فِيهَا مَا قَدْ تَرَى مِمَّا قَدْ تَذَابَحَ عَلَيْهِ الْجَبَّارُونَ (3) وَ إِيَّاكَ وَ الدُّنْيَا فَكُلُّ نَعِيمِهَا يَزُولُ وَ مَا نَعِيمُهَا إِلَّا قَلِيلٌ يَا عِيسَى ابْغِنِي عِنْدَ وِسَادِكَ (4) تَجِدْنِي وَ ادْعُنِي وَ أَنْتَ لِي مُحِبٌّ فَإِنِّي أَسْمَعُ السَّامِعِينَ أَسْتَجِيبُ لِلدَّاعِينَ إِذَا دَعَوْنِي-


1- أي بلفظ «كن» من غير والد. «آت»
2- أي في الزهد و العبادة و سائر الكمالات. «آت»
3- «حسن فيها» أي زين للناس فيها ما قد ترى من زخارفها التي اقتتل عليها الجبارون و ذبح بعضهم بعضا لاجلها. «آت»
4- أي اطلبنى و تقرب بى عند ما تتكئ عند وسادك للنوم بذكرى تجدنى لك حافظا في نومك مجيبا في تلك الحال أيضا. «آت»

ص: 138

يَا عِيسَى خَفْنِي وَ خَوِّفْ بِي عِبَادِي لَعَلَّ الْمُذْنِبِينَ أَنْ يُمْسِكُوا عَمَّا هُمْ عَامِلُونَ بِهِ فَلَا يَهْلِكُوا إِلَّا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (1) يَا عِيسَى ارْهَبْنِي رَهْبَتَكَ مِنَ السَّبُعِ وَ الْمَوْتِ الَّذِي أَنْتَ لَاقِيهِ فَكُلُّ هَذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ يَا عِيسَى إِنَّ الْمُلْكَ لِي وَ بِيَدِي وَ أَنَا الْمَلِكُ فَإِنْ تُطِعْنِي أَدْخَلْتُكَ جَنَّتِي فِي جِوَارِ الصَّالِحِينَ يَا عِيسَى إِنِّي إِذَا غَضِبْتُ عَلَيْكَ لَمْ يَنْفَعْكَ رِضَا مَنْ رَضِيَ عَنْكَ وَ إِنْ رَضِيتُ عَنْكَ لَمْ يَضُرَّكَ غَضَبُ الْمُغْضَبِينَ يَا عِيسَى اذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي (2) وَ اذْكُرْنِي فِي مَلَئِكَ أَذْكُرْكَ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْ مَلَإِ الْآدَمِيِّينَ يَا عِيسَى ادْعُنِي دُعَاءَ الْغَرِيقِ الْحَزِينِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُغِيثٌ يَا عِيسَى لَا تَحْلِفْ بِي كَاذِباً فَيَهْتَزَّ عَرْشِي غَضَباً الدُّنْيَا قَصِيرَةُ الْعُمُرِ طَوِيلَةُ الْأَمَلِ وَ عِنْدِي دَارٌ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ يَا عِيسَى كَيْفَ أَنْتُمْ صَانِعُونَ إِذَا أَخْرَجْتُ لَكُمْ كِتَاباً يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ بِسَرَائِرَ قَدْ كَتَمْتُمُوهَا وَ أَعْمَالٍ كُنْتُمْ بِهَا عَامِلِينَ يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَسَلْتُمْ وُجُوهَكُمْ وَ دَنَّسْتُمْ قُلُوبَكُمْ أَ بِي تَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِءُونَ تَطَيَّبُونَ بِالطِّيبِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا وَ أَجْوَافُكُمْ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْجِيَفِ الْمُنْتِنَةِ كَأَنَّكُمْ أَقْوَامٌ مَيِّتُونَ يَا عِيسَى قُلْ لَهُمْ قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَرَامِ وَ أَصِمُّوا أَسْمَاعَكُمْ عَنْ ذِكْرِ الْخَنَا وَ أَقْبِلُوا عَلَيَّ بِقُلُوبِكُمْ فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ صُوَرَكُمْ يَا عِيسَى افْرَحْ بِالْحَسَنَةِ فَإِنَّهَا لِي رِضًا وَ ابْكِ عَلَى السَّيِّئَةِ فَإِنَّهَا شَيْنٌ وَ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُصْنَعَ بِكَ فَلَا تَصْنَعْهُ بِغَيْرِكَ وَ إِنْ لَطَمَ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ فَأَعْطِهِ الْأَيْسَرَ وَ تَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالْمَوَدَّةِ جُهْدَكَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ-


1- أي إن هلكوا و ضلوا و أصروا على المعاصى يكون بعد اتمام الحجة عليهم. «آت»
2- أي أفيض عليك من رحماتى الخاصّة من غير أن يطلع عليها غيرى. «آت»

ص: 139

يَا عِيسَى ذِلَّ لِأَهْلِ الْحَسَنَةِ وَ شَارِكْهُمْ فِيهَا وَ كُنْ عَلَيْهِمْ شَهِيداً وَ قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَا أَخْدَانَ السَّوْءِ (1) وَ الْجُلَسَاءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أَمْسَخْكُمْ قِرَدَةً وَ خَنَازِيرَ يَا عِيسَى قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْحِكْمَةُ تَبْكِي فَرَقاً مِنِّي (2) وَ أَنْتُمْ بِالضَّحِكِ تَهْجُرُونَ أَتَتْكُمْ بَرَاءَتِي أَمْ لَدَيْكُمْ أَمَانٌ مِنْ عَذَابِي أَمْ تَعَرَّضُونَ لِعُقُوبَتِي فَبِي حَلَفْتُ لَأَتْرُكَنَّكُمْ مَثَلًا لِلْغَابِرِينَ ثُمَّ أُوصِيكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ حَبِيبِي فَهُوَ أَحْمَدُ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ وَ الْوَجْهِ الْأَقْمَرِ الْمُشْرِقِ بِالنُّورِ الطَّاهِرِ الْقَلْبِ الشَّدِيدِ الْبَأْسِ الْحَيِيِّ الْمُتَكَرِّمِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ وَ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ يَوْمَ يَلْقَانِي أَكْرَمُ السَّابِقِينَ عَلَيَّ وَ أَقْرَبُ الْمُرْسَلِينَ مِنِّي الْعَرَبِيُّ الْأَمِينُ الدَّيَّانُ بِدِينِي الصَّابِرُ فِي ذَاتِي الْمُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ بِيَدِهِ عَنْ دِينِي أَنْ تُخْبِرَ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ تَأْمُرَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوا بِهِ وَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَ أَنْ يَتَّبِعُوهُ وَ أَنْ يَنْصُرُوهُ قَالَ عِيسَى ع إِلَهِي مَنْ هُوَ حَتَّى أُرْضِيَهُ فَلَكَ الرِّضَا قَالَ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً أَقْرَبُهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً وَ أَحْضَرُهُمْ شَفَاعَةً طُوبَى لَهُ مِنْ نَبِيٍّ وَ طُوبَى لِأُمَّتِهِ إِنْ هُمْ (3) لَقُونِي عَلَى سَبِيلِهِ يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ أَمِينٌ مَيْمُونٌ طَيِّبٌ مُطَيَّبٌ خَيْرُ الْبَاقِينَ عِنْدِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِذَا خَرَجَ أَرْخَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا (4) وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ زَهْرَتَهَا حَتَّى يَرَوُا الْبَرَكَةَ وَ أُبَارِكُ لَهُمْ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ كَثِيرُ الْأَزْوَاجِ قَلِيلُ الْأَوْلَادِ يَسْكُنُ بَكَّةَ مَوْضِعَ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ يَا عِيسَى دِينُهُ الْحَنِيفِيَّةُ وَ قِبْلَتُهُ يَمَانِيَّةٌ وَ هُوَ مِنْ حِزْبِي وَ أَنَا مَعَهُ فَطُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ لَهُ الْكَوْثَرُ وَ الْمَقَامُ الْأَكْبَرُ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ يَعِيشُ أَكْرَمَ مَنْ عَاشَ وَ يُقْبَضُ شَهِيداً لَهُ حَوْضٌ أَكْبَرُ مِنْ بَكَّةَ إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ فِيهِ آنِيَةٌ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ وَ أَكْوَابٌ مِثْلُ مَدَرِ الْأَرْضِ عَذْبٍ فِيهِ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ وَ طَعْمِ كُلِّ ثِمَارٍ فِي الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ


1- الخدن و الخدين: الصديق. و في بعض النسخ [إخوان].
2- الفرق- بالتحريك-: الخوف.
3- في بعض النسخ [إذ هم].
4- العزالى جمع العزل و هو فم المزادة.

ص: 140

مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً وَ ذَلِكَ مِنْ قَسْمِي لَهُ وَ تَفْضِيلِي إِيَّاهُ عَلَى فَتْرَةٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ يُوَافِقُ سِرُّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ لَا يَأْمُرُ النَّاسَ إِلَّا بِمَا يَبْدَأُهُمْ بِهِ دِينُهُ الْجِهَادُ فِي عُسْرٍ وَ يُسْرٍ تَنْقَادُ لَهُ الْبِلَادُ وَ يَخْضَعُ لَهُ صَاحِبُ الرُّومِ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ يُسَمِّي عِنْدَ الطَّعَامِ (1) وَ يُفْشِي السَّلَامَ وَ يُصَلِّي وَ النَّاسُ نِيَامٌ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ يُنَادِي إِلَى الصَّلَاةِ كَنِدَاءِ الْجَيْشِ بِالشِّعَارِ وَ يَفْتَتِحُ بِالتَّكْبِيرِ وَ يَخْتَتِمُ بِالتَّسْلِيمِ وَ يَصُفُّ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ أَقْدَامَهَا وَ يَخْشَعُ لِي قَلْبُهُ وَ رَأْسُهُ النُّورُ فِي صَدْرِهِ وَ الْحَقُّ عَلَى لِسَانِهِ وَ هُوَ عَلَى الْحَقِّ حَيْثُمَا كَانَ أَصْلُهُ يَتِيمٌ ضَالٌّ بُرْهَةً مِنْ زَمَانِهِ عَمَّا يُرَادُ بِهِ (2) تَنَامُ عَيْنَاهُ وَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَ عَلَى أُمَّتِهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَ يَدِي فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهِ أَوْفَيْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا يَدْرُسُوا كُتُبَهُ وَ لَا يُحَرِّفُوا سُنَّتَهُ وَ أَنْ يُقْرِءُوهُ السَّلَامَ فَإِنَّ لَهُ فِي الْمَقَامِ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ يَا عِيسَى كُلُّ مَا يُقَرِّبُكَ مِنِّي فَقَدْ دَلَلْتُكَ عَلَيْهِ وَ كُلُّ مَا يُبَاعِدُكَ مِنِّي فَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْهُ فَارْتَدْ (3) لِنَفْسِكَ يَا عِيسَى إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ وَ إِنَّمَا اسْتَعْمَلْتُكَ فِيهَا فَجَانِبْ مِنْهَا مَا حَذَّرْتُكَ وَ خُذْ مِنْهَا مَا أَعْطَيْتُكَ عَفْواً (4) يَا عِيسَى انْظُرْ فِي عَمَلِكَ نَظَرَ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ الْخَاطِئِ وَ لَا تَنْظُرْ فِي عَمَلِ غَيْرِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِّ كُنْ فِيهَا زَاهِداً وَ لَا تَرْغَبْ فِيهَا فَتَعْطَبَ يَا عِيسَى اعْقِلْ وَ تَفَكَّرْ وَ انْظُرْ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ يَا عِيسَى كُلُّ وَصْفِي لَكَ نَصِيحَةٌ وَ كُلُّ قَوْلِي لَكَ حَقٌّ وَ أَنَا الْحَقُّ الْمُبِينُ فَحَقّاً أَقُولُ لَئِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِي بَعْدَ أَنْ أَنْبَأْتُكَ مَا لَكَ مِنْ دُونِي وَلِيٌّ وَ لَا نَصِيرٌ يَا عِيسَى أَذِلَّ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ وَ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ


1- أي يقول: بسم اللّه الرحمن الرحيم.
2- «يتيم» أي بلا أب أو بلا نظير أو متفرد عن الخلق «ضال برهة» أي طائفة من زمانه عما يراد به أي الوحى و البعثة أو ضال بين قومه لا يعرفونه بالنبوة فكأنّه ضل عنهم ثمّ وجدوه. «آت»
3- أي فاطلب.
4- أي فضلا و إحسانا، أو حلالا طيبا. «آت»

ص: 141

فَوْقَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَ ذَنْبٍ هُوَ حُبُّ الدُّنْيَا فَلَا تُحِبَّهَا فَإِنِّي لَا أُحِبُّهَا يَا عِيسَى أَطِبْ لِي قَلْبَكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرِي فِي الْخَلَوَاتِ وَ اعْلَمْ أَنَّ سُرُورِي أَنْ تُبَصْبِصَ إِلَيَّ كُنْ فِي ذَلِكَ حَيّاً وَ لَا تَكُنْ مَيِّتاً يَا عِيسَى لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ كُنْ مِنِّي عَلَى حَذَرٍ وَ لَا تَغْتَرَّ بِالصِّحَّةِ (1) وَ تُغَبِّطْ نَفْسَكَ فَإِنَّ الدُّنْيَا كَفَيْ ءٍ زَائِلٍ وَ مَا أَقْبَلَ مِنْهَا كَمَا أَدْبَرَ فَنَافِسْ فِي الصَّالِحَاتِ جُهْدَكَ وَ كُنْ مَعَ الْحَقِّ حَيْثُمَا كَانَ وَ إِنْ قُطِعْتَ وَ أُحْرِقْتَ بِالنَّارِ فَلَا تَكْفُرْ بِي بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ فَإِنَّ الشَّيْ ءَ يَكُونُ مَعَ الشَّيْ ءِ يَا عِيسَى صُبَّ لِيَ الدُّمُوعَ مِنْ عَيْنَيْكَ وَ اخْشَعْ لِي بِقَلْبِكَ يَا عِيسَى اسْتَغِثْ بِي فِي حَالاتِ الشِّدَّةِ فَإِنِّي أُغِيثُ الْمَكْرُوبِينَ وَ أُجِيبُ الْمُضْطَرِّينَ وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

104- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا اسْتَقَرَّ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ يَفْقِدُونَكُمْ فَلَا يَرَوْنَ مِنْكُمْ أَحَداً فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (2) قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (3) يَتَخَاصَمُونَ فِيكُمْ فِيمَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي الدُّنْيَا.

حَدِيثُ إِبْلِيسَ

105- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمْ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كُلٌّ قَالَ أَ تَدْرِي مِمَّ ذَاكَ يَا يَعْقُوبُ قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَ أَمَرَهُمْ فَأَطَاعُوهُ وَ دَعَاكُمْ فَلَمْ تُجِيبُوهُ وَ أَمَرَكُمْ فَلَمْ تُطِيعُوهُ فَأَغْرَى بِكُمُ النَّاسَ (4).


1- في بعض النسخ [بالنصيحة].
2- ص: 61 و 62.
3- ص: 63.
4- اغريت الكلب بالصيد و غرى به اي أولع به.

ص: 142

106- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا رَأَى الرَّجُلُ مَا يَكْرَهُ فِي مَنَامِهِ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ شِقِّهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ نَائِماً وَ لْيَقُلْ إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (1) ثُمَّ لْيَقُلْ عُذْتُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ وَ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

107- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي الْوَرْدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِفَاطِمَةَ ع فِي رُؤْيَاهَا الَّتِي رَأَتْهَا (2) قُولِي أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ


1- المجادلة: 9.
2- إشارة إلى ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة عليها السلام رأت في منامها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هم أن يخرج هو و فاطمة و على و الحسن و الحسين عليهم السلام من المدينة فخرجوا حتّى جاوزوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات اليمين حتّى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل و ماء فاشترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شاة كنزا و هي التي في أحد اذنيها نقط بيض فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بذلك فلما أصبحت جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحمار معه فاركب عليه فاطمة عليها السلام و أمر أن يخرج أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام الى المدينة كما رأت فاطمة عليها السلام حتّى انتهوا إلى موضع فيه نخل و ماء فاشترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شاة كنزا كما رأت فاطمة فأمر بذبحها فذبحت و شويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة و تنحت ناحية منهم تبكى مخافة ان يموتوا فطلبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى وقع عليها و هي تبكى فقال: ما شأنك يا بنية؟ قالت: يا رسول اللّه إنّي رايت البارحة كذا و كذا في نومى و فعلت انت كما رأيته فتنحيت عنكم لان لا اراكم تموتون فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلى ركعتين ثمّ ناجى ربّه فنزل جبرئيل فقال: يا رسول اللّه هذا شيطان يقال له: الزها [الدهان] و هو الذي ارى فاطمة هذا الرؤيا و يؤذى المؤمنين في نومهم ما يغتمون به فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول اللّه فقال له: انت الذي ارى فاطمة هذه الرؤيا قال: نعم يا محمّد فبصق عليه ثلاث بصقات فشجه في ثلاث مواضع ثمّ قال جبرئيل: قل يا رسول اللّه إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه او رأى أحد من المؤمنين فليقل: «أعوذ بما عاذت به ملائكة اللّه المقربون و انبياؤه المرسلون و عباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياى» و تقرأ الحمد للّه و المعوذتين و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و تنفل عن يسارك ثلاث تفلات فانه لا يضرّه ما رأى؛ فأنزل اللّه على رسوله «إنّما النجوى من الشيطان». «آت»

ص: 143

مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ سُوءٌ أَوْ شَيْ ءٌ أَكْرَهُهُ ثُمَّ انْقَلِبِي عَنْ يَسَارِكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1).

حَدِيثُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ

108- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ لَا يَسْأَلَ رَبَّهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ فَلْيَيْأَسْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ لَا يَكُونُ لَهُ رَجَاءٌ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ فَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ- فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا عَلَيْهَا فَإِنَّ لِلْقِيَامَةِ خَمْسِينَ مَوْقِفاً كُلُّ مَوْقِفٍ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ ثُمَّ تَلَا فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (2).

109 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَفْصٍ (3) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ كَانَ مُسَافِراً فَلْيُسَافِرْ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَوْ أَنَّ حَجَراً زَالَ عَنْ جَبَلٍ يَوْمَ السَّبْتِ لَرَدَّهُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَ مَنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْحَوَائِجُ فَلْيَلْتَمِسْ طَلَبَهَا يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي أَلَانَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدِيدَ لِدَاوُدَ ع.

110 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَثَلُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامُوا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مَثَلُ السَّهْمِ فِي الْقُرْبِ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمِهِ كَالسَّهْمِ فِي الْكِنَانَةِ (4) لَا يَقْدِرُ أَنْ يَزُولَ هَاهُنَا وَ لَا هَاهُنَا.

111 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَفْصٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَتَخَلَّلُ بَسَاتِينَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَ سَجَدَ فَأَحْصَيْتُ فِي سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا حَفْصٍ إِنَّهَا وَ اللَّهِ النَّخْلَةُ الَّتِي


1- استظهر المجلسيّ- رحمه اللّه- أنه «ثم اتفلى عن يسارك ثلاث مرّات» كما يدلّ عليه خبر رؤيا فاطمة عليها السلام.
2- التنزيل: 7
3- حفص بن غياث كان عاميا.
4- الكنانة: جعبة من جلد لا خشب فيها او بالعكس. «القاموس»

ص: 144

قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ لِمَرْيَمَ ع وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (1).

112- حَفْصٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ عِيسَى ع اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ الدُّنْيَا وَ مَئُونَةُ الْآخِرَةِ أَمَّا مَئُونَةُ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لَا تَمُدُّ يَدَكَ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ فَاجِراً قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهَا وَ أَمَّا مَئُونَةُ الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَاناً يُعِينُونَكَ عَلَيْهَا.

113- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ شَكَا حَاجَتَهُ وَ ضُرَّهُ إِلَى كَافِرٍ أَوْ إِلَى مَنْ يُخَالِفُهُ عَلَى دِينِهِ فَكَأَنَّمَا شَكَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَيُّمَا رَجُلٍ مُؤْمِنٍ شَكَا حَاجَتَهُ وَ ضُرَّهُ إِلَى مُؤْمِنٍ مِثْلِهِ كَانَتْ شَكْوَاهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

114- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع أَنَّ آيَةَ مَوْتِكَ أَنَّ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يُقَالُ لَهَا الْخُرْنُوبَةُ (2) قَالَ فَنَظَرَ سُلَيْمَانُ يَوْماً فَإِذَا الشَّجَرَةُ الْخُرْنُوبَةُ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ لَهَا مَا اسْمُكِ قَالَتِ الْخُرْنُوبَةُ قَالَ فَوَلَّى سُلَيْمَانُ مُدْبِراً إِلَى مِحْرَابِهِ فَقَامَ فِيهِ مُتَّكِئاً عَلَى عَصَاهُ فَقُبِضَ رُوحُهُ مِنْ سَاعَتِهِ قَالَ فَجَعَلَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ يَخْدُمُونَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي أَمْرِهِ كَمَا كَانُوا وَ هُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ- يَغْدُونَ وَ يَرُوحُونَ وَ هُوَ قَائِمٌ ثَابِتٌ حَتَّى دَبَّتِ الْأَرَضَةُ مِنْ عَصَاهُ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ (3) فَانْكَسَرَتْ وَ خَرَّ سُلَيْمَانُ إِلَى الْأَرْضِ أَ فَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (4).

17- 115- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا إِذَا مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ حَوْلَ الْبَيْتِ طَأْطَأَ أَحَدُهُمْ ظَهْرَهُ وَ رَأْسَهُ هَكَذَا وَ غَطَّى رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ لَا يَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ (5).


1- مريم: 25.
2- الخرنوب: نبت.
3- المنسأة: العصا. و الأرضة: دويبة معروفة.
4- سبأ: 14.
5- هود: 5.

ص: 145

116- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ وَ خَلَقَ الطَّاعَةَ (1) قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْمَعْصِيَةَ وَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ قَبْلَ الْغَضَبِ وَ خَلَقَ الْخَيْرَ قَبْلَ الشَّرِّ وَ خَلَقَ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ وَ خَلَقَ الْحَيَاةَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَ خَلَقَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ وَ خَلَقَ النُّورَ قَبْلَ الظُّلْمَةِ.

117- عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَ مَا كَانَ لِيَخْلُقَ الشَّرَّ قَبْلَ الْخَيْرِ وَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَ الْإِثْنَيْنِ خَلَقَ الْأَرَضِينَ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ (2).

118- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانٍ وَ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (3) قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا زُرَارَةُ إِنَّهُ إِنَّمَا صَمَدَ لَكَ (4) وَ لِأَصْحَابِكَ فَأَمَّا الْآخَرُونَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ.

119- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعاً عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: دَخَلَ يَحْيَى بْنُ سَابُورَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِيُوَدِّعَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى الْحَقِّ وَ إِنَّ مَنْ خَالَفَكُمْ لَعَلَى غَيْرِ الْحَقِّ وَ اللَّهِ مَا أَشُكُّ لَكُمْ فِي الْجَنَّةِ وَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُقِرَّ اللَّهُ لِأَعْيُنِكُمْ عَنْ قَرِيبٍ (5).


1- «و خلق الطاعة» أي قدرها قبل المعصية و تقديرها و كذا في الفقرتين بعدها و الخلق بمعنى التقدير شائع و لعلّ المراد بخلق الشر خلق ما يترتب عليه شر و إن كان ايجاده خيرا و صلاحا. «آت»
2- السجدة: 4.
3- الأعراف: 17. و قوله: «لَأَقْعُدَنَّ» أى لاحبس. و نصب الصراط على الطرف.
4- أي معظم ترصده إنّما هو لمن تبع دين الحق لعلمه بأنهم ينتفعون باعمالهم و أديانهم فيريد أن يضلهم إمّا عن دينهم و إمّا عن أعمالهم فاما الآخرون أي المخالفون فلا ترصد لهم لانه أضلهم عن دينهم فقد فرغ عن أمرهم لانهم لضلالتهم لا ينتفعون بما يعملون من الطاعات بل هي موجبة لشدة نصبهم و تعبهم في الدنيا و وفور عذابهم في الآخرة. «آت»
5- في بعض النسخ [بأعينكم إلى قريب].

ص: 146

120- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَيْتَ الرَّادَّ عَلَيَّ هَذَا الْأَمْرَ فَهُوَ كَالرَّادِّ عَلَيْكُمْ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرَ فَهُوَ كَالرَّادِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ الْمَيِّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ شَهِيدٌ قَالَ قُلْتُ وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ إِي وَ اللَّهِ وَ إِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّهِ يُرْزَقُ.

121- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكُمْ وَ إِنَّ النَّاسَ سَلَكُوا سُبُلًا شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِرَأْيِهِ وَ مِنْهُمْ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ مِنْهُمْ مَنِ اتَّبَعَ الرِّوَايَةَ وَ إِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرٍ لَهُ أَصْلٌ فَعَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اشْهَدُوا الْجَنَائِزَ وَ عُودُوا الْمَرْضَى وَ احْضُرُوا مَعَ قَوْمِكُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ لِلصَّلَاةِ أَ مَا يَسْتَحْيِي الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَنْ يَعْرِفَ جَارُهُ حَقَّهُ وَ لَا يَعْرِفَ حَقَّ جَارِهِ.

122- عَنْهُ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا مَالِكُ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ تُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَ تَكُفُّوا (1) وَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ يَا مَالِكُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ائْتَمُّوا بِإِمَامٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَلْعَنُهُمْ وَ يَلْعَنُونَهُ إِلَّا أَنْتُمْ وَ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِكُمْ يَا مَالِكُ إِنَّ الْمَيِّتَ وَ اللَّهِ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لَشَهِيدٌ بِمَنْزِلَةِ الضَّارِبِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

123- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنْ بَشِيرٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وَصَلْتُمْ وَ قَطَعَ النَّاسُ وَ أَحْبَبْتُمْ وَ أَبْغَضَ النَّاسُ وَ عَرَفْتُمْ وَ أَنْكَرَ النَّاسُ وَ هُوَ الْحَقُّ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ مُحَمَّداً ص عَبْداً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَهُ نَبِيّاً وَ إِنَّ عَلِيّاً ع كَانَ عَبْداً نَاصِحاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَصَحَهُ وَ أَحَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَحَبَّهُ إِنَّ حَقَّنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ بَيِّنٌ لَنَا صَفْوُ الْأَمْوَالِ وَ لَنَا الْأَنْفَالُ وَ إِنَّا قَوْمٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ طَاعَتَنَا وَ إِنَّكُمْ تَأْتَمُّونَ بِمَنْ لَا يُعْذَرُ النَّاسُ بِجَهَالَتِهِ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ فَقَدْ رَأَيْتُمْ أَصْحَابَ عَلِيٍّ ع ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ


1- أي عن المعاصى أو عن الناس بالتقية. «آت»

ص: 147

ادْعُوا لِي خَلِيلِي فَأَرْسَلَتَا إِلَى أَبَوَيْهِمَا فَلَمَّا جَاءَا أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِي خَلِيلِي فَقَالا قَدْ رَآنَا لَوْ أَرَادَنَا لَكَلَّمَنَا فَأَرْسَلَتَا إِلَى عَلِيٍّ ع فَلَمَّا جَاءَ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُحَدِّثُهُ وَ يُحَدِّثُهُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ لَقِيَاهُ فَقَالا مَا حَدَّثَكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي بِأَلْفِ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ يُفْتَحُ كُلُّ بَابٍ إِلَى أَلْفِ بَابٍ (1).

124- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ النَّهْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع إِنَّ النَّاسَ رَوَوْا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ إِذَا أَخَذَ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ فَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ فَأَنَا أَفْعَلُهُ كَثِيراً فَافْعَلْهُ ثُمَّ قَالَ لِي أَمَا إِنَّهُ أَرْزَقُ لَكَ.

125- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ الرَّجُلُ مِنْ إِخْوَانِي يَبْلُغُنِي عَنْهُ الشَّيْ ءُ الَّذِي أَكْرَهُهُ فَأَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُنْكِرُ ذَلِكَ وَ قَدْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ قَوْمٌ ثِقَاتٌ فَقَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ كَذِّبْ سَمْعَكَ وَ بَصَرَكَ عَنْ أَخِيكَ فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَكَ خَمْسُونَ قَسَامَةً (2) وَ قَالَ لَكَ قَوْلًا فَصَدِّقْهُ وَ كَذِّبْهُمْ لَا تُذِيعَنَّ عَلَيْهِ (3) شَيْئاً تَشِينُهُ (4) بِهِ وَ تَهْدِمُ بِهِ مُرُوءَتَهُ- فَتَكُونَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ- إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (5).


1- أي ألف نوع أو الف قاعدة من القواعد الكلية التي تستنبط من كل قاعدة منها ألف قاعدة اخرى و الأول أظهر. «آت»
2- أي خمسون رجلا يشهدون و يقسمون عليه و لعلّ هذا مختص بما إذا كان فيما يتعلق بنفسه من غيبته او الأرزاء به و نحو ذلك فإذا أنكرها و اعتذر إليه يلزمه أن يقبل عذره و لا يؤاخذه بما بلغه عنه و يحتمل التعميم أيضا فان الثبوت عند الحاكم بعدلين أو أربعة و اجراء الحدّ عليه لا ينافى أن يكون غير الحاكم مكلفا باستتار ما ثبت عنده من أخيه من الفسوق التي كان مستترا بها. «آت»
3- الإذاعة: الافشاء. و في بعض النسخ [تدعين عليه].
4- الشين: العيب.
5- النور: 18.

ص: 148

حَدِيثُ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ

126- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنِ الْحُبَابِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ حُرّاً فَهُوَ عَرَبِيٌّ وَ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَخُفِرَ فِي عَهْدِهِ (1) فَهُوَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ طَوْعاً فَهُوَ مُهَاجِرٌ (2).

127- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَى وَ عِنْدَهُ ثَلَاثٌ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ فِي الدُّنْيَا مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَى مُعَافًى فِي بَدَنِهِ آمِناً فِي سَرْبِهِ (3) عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ الرَّابِعَةُ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْإِسْلَامُ.

128- عَنْهُ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع [عَنْ أَبِيهِ ع] أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ وَ قَدْ كَلَّمَهُ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ فَقَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ تَحْتَقِرُ الْكَلَامَ وَ تَسْتَصْغِرُهُ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَبْعَثْ رُسُلَهُ حَيْثُ بَعَثَهَا وَ مَعَهَا ذَهَبٌ وَ لَا فِضَّةٌ وَ لَكِنْ بَعَثَهَا بِالْكَلَامِ وَ إِنَّمَا عَرَّفَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ نَفْسَهُ إِلَى خَلْقِهِ بِالْكَلَامِ وَ الدَّلَالاتِ عَلَيْهِ وَ الْأَعْلَامِ.

129 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَا خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ خَلْقاً إِلَّا وَ قَدْ أَمَّرَ عَلَيْهِ آخَرَ يَغْلِبُهُ فِيهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْبِحَارَ السُّفْلَى فَخَرَتْ وَ زَخَرَتْ (4) وَ قَالَتْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْأَرْضَ فَسَطَحَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ قَالَ


1- يقال: خفر به خفرا و خفورا أي نقض عهده و الخفر أيضا الاجارة و المنع و حفظ الأمان و على التقديرين اقيم علة الجزاء هنا مقامه أي من كان له عهد و أمان و ذمّة من قبل أحد من المسلمين فروعى أمانه فقد روعى أمان حليف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أي معتقه أو من آمنه لانه صلّى اللّه عليه و آله حكم بحفظ أمانه و اعتقه من القتل فهو مولاه و إن نقض عهده فقد نقض عهد مولى الرسول صلّى اللّه عليه و آله لانه مولاه. «آت»
2- أي في هذا الزمان الذي ارتفع حكم الهجرة. «آت»
3- في سربه- بالكسر- أى في نفسه.
4- زخر البحر أي مد و كثر ماؤه و ارتفعت أمواجه.

ص: 149

إِنَّ الْأَرْضَ فَخَرَتْ وَ قَالَتْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَأَثْبَتَهَا عَلَى ظَهْرِهَا أَوْتَاداً مِنْ أَنْ تَمِيدَ (1) بِمَا عَلَيْهَا فَذَلَّتِ الْأَرْضُ وَ اسْتَقَرَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْجِبَالَ فَخَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَشَمَخَتْ (2) وَ اسْتَطَالَتْ وَ قَالَتْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْحَدِيدَ فَقَطَعَهَا فَقَرَّتِ الْجِبَالُ وَ ذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيدَ فَخَرَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَ قَالَ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ النَّارَ فَأَذَابَتِ الْحَدِيدَ فَذَلَّ الْحَدِيدُ ثُمَّ إِنَّ النَّارَ زَفَرَتْ وَ شَهَقَتْ (3) وَ فَخَرَتْ وَ قَالَتْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْمَاءَ فَأَطْفَأَهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْمَاءَ فَخَرَ وَ زَخَرَ وَ قَالَ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الرِّيحَ فَحَرَّكَتْ أَمْوَاجَهُ وَ أَثَارَتْ مَا فِي قَعْرِهِ (4) وَ حَبَسَتْهُ عَنْ مَجَارِيهِ فَذَلَّ الْمَاءُ ثُمَّ إِنَّ الرِّيحَ فَخَرَتْ وَ عَصَفَتْ وَ أَرْخَتْ أَذْيَالَهَا (5) وَ قَالَتْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَغْلِبُنِي فَخَلَقَ الْإِنْسَانَ فَبَنَى وَ احْتَالَ وَ اتَّخَذَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ الرِّيحِ وَ غَيْرِهَا فَذَلَّتِ الرِّيحُ ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ طَغَى وَ قَالَ مَنْ أَشَدُّ مِنِّي قُوَّةً فَخَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْمَوْتَ فَقَهَرَهُ فَذَلَّ الْإِنْسَانُ ثُمَّ إِنَّ الْمَوْتَ فَخَرَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا تَفْخَرْ فَإِنِّي ذَابِحُكَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ لَا أُحْيِيكَ أَبَداً فَتُرْجَى أَوْ تُخَافَ (6) وَ قَالَ أَيْضاً وَ الْحِلْمُ يَغْلِبُ الْغَضَبَ وَ الرَّحْمَةُ تَغْلِبُ السُّخْطَ وَ الصَّدَقَةُ تَغْلِبُ الْخَطِيئَةَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا قَدْ يَغْلِبُ غَيْرَهُ.

130- عَنْهُ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع


1- ماد الشي ء يميد ميدا: تحرك.
2- شمخ شموخا أي ارتفعت، و شمخ بأنفه تكبر.
3- الزفير: اغتراق النفس للشدة و أيضا أول صوت الحمار و الشهيق آخره لان الزفير ادخال النفس و الشهيق إخراجه. و زفر النار: سمع لتوقدها صوت.
4- أثارت أي هاجت.
5- عصفت أي اشتدت. و أرخت أي وسعت و في بعض النسخ [لوّحت أذيالها] أى رفعتها و حركتها تبخترا و تكبرا و هذا من أحسن الاستعارات. «آت»
6- أي لا احييك فتكون حياتك رجاء لاهل النار و خوفا لاهل الجنّة و ذبح الموت لعلّ المراد به ذبح شي ء مسمى بهذا الاسم ليعرف الفريقان رفع الموت عنهما على المشاهدة و العيان إن لم نقل بتجسم الاعراض في تلك النشأة لبعده عن طور العقل. «آت»

ص: 150

قَالَ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَهَلْ أَنْتَ مُسْتَوْصٍ (1) إِنْ أَنَا أَوْصَيْتُكَ حَتَّى قَالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثاً وَ فِي كُلِّهَا يَقُولُ لَهُ الرَّجُلُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنِّي أُوصِيكَ إِذَا أَنْتَ هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عَاقِبَتَهُ فَإِنْ يَكُ رُشْداً فَامْضِهِ وَ إِنْ يَكُ غَيّاً فَانْتَهِ عَنْهُ.

131 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: ارْحَمُوا عَزِيزاً ذَلَّ وَ غَنِيّاً افْتَقَرَ وَ عَالِماً ضَاعَ فِي زَمَانِ جُهَّالٍ (2).

132 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ يَوْماً لَا تَطْعُنُوا (3) فِي عُيُوبِ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ بِمَوَدَّتِهِ وَ لَا تُوَقِّفُوهُ عَلَى سَيِّئَةٍ يَخْضَعُ لَهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ لَا مِنْ أَخْلَاقِ أَوْلِيَائِهِ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ خَيْرَ مَا وَرَّثَ الْآبَاءُ لِأَبْنَائِهِمُ الْأَدَبُ لَا الْمَالُ فَإِنَّ الْمَالَ يَذْهَبُ وَ الْأَدَبَ يَبْقَى قَالَ مَسْعَدَةُ يَعْنِي بِالْأَدَبِ الْعِلْمَ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنْ أُجِّلْتَ فِي عُمُرِكَ يَوْمَيْنِ فَاجْعَلْ أَحَدَهُمَا لِأَدَبِكَ لِتَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى يَوْمِ مَوْتِكَ فَقِيلَ لَهُ وَ مَا تِلْكَ الِاسْتِعَانَةُ قَالَ تُحْسِنُ تَدْبِيرَ مَا تُخَلِّفُ وَ تُحْكِمُهُ قَالَ وَ كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى رَجُلٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَمَّا بَعْدُ فَإِنَ


1- أي متقبل وصيتي و عامل بها.
2- نظمه بعض شعراء الفرس و أجاد بقوله: گفت پيغمبر كه رحم آريد برحال من كان غنيا فافتقر و الذي كان عزيزا فاحتقرأو صفيا عالما بين المضر اى مهان يعنى كه بر اين سه گروه رحم آريد ار ز سنگيد ار ز كوه آنكه او بعد از عزيزى خوار شدوانكه بد با مال بى اموال شد وان سوم آن عالمى كاندر جهان مبتلا گشته ميان ابلهان
3- أي لا تجسسوا عيوب من أقبل عليكم بمودته و أظهر محبته لكم و لا تفشوها، قال الجزريّ: فيه «لا يكون المؤمن طعّانا» أي وقاعا في اعراض الناس بالذم و الغيبة و نحوهما و هو فعال من طعن فيه و عليه بالقول يطعن- بالضم و الفتح- إذا عابه «و لا توقفوه» أي لا تطلعوه على سيئة اطلعتم عليها منه فيعلم اطلاعكم عليها فيخضع و يذل لها. «آت»

ص: 151

الْمُنَافِقَ لَا يَرْغَبُ فِيمَا قَدْ سَعِدَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَ السَّعِيدُ يَتَّعِظُ بِمَوْعِظَةِ التَّقْوَى وَ إِنْ كَانَ يُرَادُ بِالْمَوْعِظَةِ غَيْرُهُ.

133- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ مُسْلِمٍ النَّاسُ أَهْلُ رِيَاءٍ غَيْرَكُمْ وَ ذَلِكُمْ أَنَّكُمْ أَخْفَيْتُمْ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَظْهَرْتُمْ مَا يُحِبُّ النَّاسُ وَ النَّاسُ أَظْهَرُوا مَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَخْفَوْا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ (1) يَا ابْنَ مُسْلِمٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَأَفَ بِكُمْ فَجَعَلَ الْمُتْعَةَ عِوَضاً لَكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ (2).

134- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ لِيَ الْمَأْمُونُ يَا أَبَا الْحَسَنِ لَوْ كَتَبْتَ إِلَى بَعْضِ مَنْ يُطِيعُكَ فِي هَذِهِ النَّوَاحِي الَّتِي قَدْ فَسَدَتْ عَلَيْنَا (3) قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ وَفَيْتَ لِي وَفَيْتُ لَكَ إِنَّمَا دَخَلْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي دَخَلْتُ فِيهِ (4) عَلَى أَنْ لَا آمُرَ وَ لَا أَنْهَى وَ لَا أُوَلِّيَ وَ لَا أَعْزِلَ وَ مَا زَادَنِي هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي دَخَلْتُ فِيهِ فِي النِّعْمَةِ عِنْدِي شَيْئاً وَ لَقَدْ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ وَ كِتَابِي يَنْفُذُ فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَرْكَبُ حِمَارِي وَ أَمُرُّ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ (5) وَ مَا بِهَا أَعَزُّ مِنِّي وَ مَا كَانَ بِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يَسْأَلُنِي حَاجَةً يُمْكِنُنِي قَضَاؤُهَا لَهُ إِلَّا قَضَيْتُهَا لَهُ قَالَ فَقَالَ لِي أَفِي لَكَ.

135- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ


1- أي اخفوا ما يحب اللّه اظهاره.
2- أي كما أنهم يتلذذون بالفقاع و الانبذة التي هم يستحلونها و أنتم تحرمونها و لا تنتفعون بها فكذلك المتعة أنتم تتلذذون بها و هم لاعتقادهم حرمتها لا ينتفعون و لا يتلذذون بها و في بعض النسخ صحف بالاسرية- بالسين المهملة و الياء المثناة من تحت- جمع السرية أي انكم لفقركم لا تقدرون على التسرى فجعل اللّه لكم المتعة عوضا عنهن و في سائر كتب الحديث كما ذكرنا اولا و هو الظاهر من وجوه كما لا يخفى. «آت»
3- «لو كتبت» للتمنى.
4- أي ولاية العهد.
5- أي طرقها.

ص: 152

ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا أَرَادَ سَفَراً أَنْ يُعْلِمَ إِخْوَانَهُ وَ حَقٌّ عَلَى إِخْوَانِهِ إِذَا قَدِمَ أَنْ يَأْتُوهُ.

136 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص خَلَّتَانِ (1) كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيهِمَا مَفْتُونٌ الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ.

137 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ.

138- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ شَاذَانَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ قَالَ لِي أَبِي إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهَراً يُقَالُ لَهُ جَعْفَرٌ عَلَى شَاطِئِهِ الْأَيْمَنِ (2) دُرَّةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا أَلْفُ قَصْرٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ قَصْرٍ- لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ص وَ عَلَى شَاطِئِهِ الْأَيْسَرِ دُرَّةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا أَلْفُ قَصْرٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ قَصْرٍ- لِإِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ ع.

139- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ إِلَّا كَانَ النَّصْرُ مَعَ أَحْسَنِهِمَا بَقِيَّةً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ (3).

140- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ يَنْفَعُهَا وَ بُغْضِ مَنْ أَضَرَّ بِهَا (4).

141- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (5) عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: أَخَذَ أَبِي بِيَدِي ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ أَبِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ع أَخَذَ بِيَدِي كَمَا أَخَذْتُ بِيَدِكَ وَ قَالَ إِنَّ أَبِي


1- أي خصلتان.
2- شاطئ النهر: جانبه و طرفه.
3- أي أحسنهما رعاية و حفظا للإسلام. من قولك: أبقيت على فلان إذا رعيت عليه و رحمته. و منه قوله تعالى: «أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ» و الحاصل أن رعاية الدين و الإسلام سبب للنصرة و الغلبة. «آت»
4- الغرض التحريص على ايصال النفع إلى الناس لجلب مودتهم و التخدير عن الإضرار لدفع بغضهم. «آت»
5- هو محمّد بن جعفر بن عون الأسدى كما يظهر من تبتع كتب الصدوق و غيرها. «آت»

ص: 153

عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع أَخَذَ بِيَدِي وَ قَالَ يَا بُنَيَّ افْعَلِ الْخَيْرَ إِلَى كُلِّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَقَدْ أَصَبْتَ مَوْضِعَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ كُنْتَ أَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ إِنْ شَتَمَكَ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى يَسَارِكَ فَاعْتَذَرَ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ عُذْرَهُ.

142- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ الْحَجَّالِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع كَانَ كُلُّ شَيْ ءٍ مَاءً وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ الْمَاءَ فَاضْطَرَمَ نَاراً ثُمَّ أَمَرَ النَّارَ فَخَمَدَتْ فَارْتَفَعَ مِنْ خُمُودِهَا دُخَانٌ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاوَاتِ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ وَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرْضَ مِنَ الرَّمَادِ ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمَاءُ وَ النَّارُ وَ الرِّيحُ فَقَالَ الْمَاءُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَ قَالَتِ النَّارُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ وَ قَالَتِ الرِّيحُ أَنَا جُنْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى الرِّيحِ أَنْتِ جُنْدِيَ الْأَكْبَرُ (1).

حَدِيثُ زَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ

143- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَاءَتْ زَيْنَبُ الْعَطَّارَةُ الْحَوْلَاءُ إِلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ص وَ بَنَاتِهِ وَ كَانَتْ تَبِيعُ مِنْهُنَّ الْعِطْرَ فَجَاءَ النَّبِيُّ ص وَ هِيَ عِنْدَهُنَّ فَقَالَ إِذَا أَتَيْتِنَا طَابَتْ بُيُوتُنَا فَقَالَتْ بُيُوتُكَ بِرِيحِكَ أَطْيَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا بِعْتِ فَأَحْسِنِي وَ لَا تَغُشِّي فَإِنَّهُ أَتْقَى وَ أَبْقَى لِلْمَالِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَتَيْتُ بِشَيْ ءٍ مِنْ بَيْعِي وَ إِنَّمَا أَتَيْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ جَلَّ جَلَالُ اللَّهِ سَأُحَدِّثُكِ عَنْ بَعْضِ ذَلِكِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ بِمَنْ عَلَيْهَا عِنْدَ الَّتِي تَحْتَهَا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍ (2) وَ هَاتَانِ بِمَنْ فِيهِمَا وَ مَنْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الَّتِي تَحْتَهَا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ الثَّالِثَةُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّابِعَةِ وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ خَلَقَ


1- قد مر بعينه سندا و متنا تحت رقم 68.
2- القى- بالكسر و التشديد- فعل من القواء و هي الأرض القفر الخالية.

ص: 154

سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ (1) وَ السَّبْعُ الْأَرَضِينَ بِمَنْ فِيهِنَّ وَ مَنْ عَلَيْهِنَّ عَلَى ظَهْرِ الدِّيكِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ الدِّيكُ لَهُ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ فِي الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ فِي الْمَغْرِبِ وَ رِجْلَاهُ فِي التُّخُومِ وَ السَّبْعُ وَ الدِّيكُ بِمَنْ فِيهِ وَ مَنْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّخْرَةِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ الصَّخْرَةُ بِمَنْ فِيهَا وَ مَنْ عَلَيْهَا عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّيكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ بِمَنْ فِيهِ وَ مَنْ عَلَيْهِ عَلَى الْبَحْرِ الْمُظْلِمِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّيكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ عَلَى الْهَوَاءِ الذَّاهِبِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّيكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ وَ الْهَوَاءُ عَلَى الثَّرَى كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى (2) ثُمَّ انْقَطَعَ الْخَبَرُ عِنْدَ الثَّرَى وَ السَّبْعُ وَ الدِّيكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ وَ الْهَوَاءُ وَ الثَّرَى بِمَنْ فِيهِ وَ مَنْ عَلَيْهِ عِنْدَ السَّمَاءِ الْأُولَى كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَذَا كُلُّهُ وَ سَمَاءُ الدُّنْيَا بِمَنْ عَلَيْهَا وَ مَنْ فِيهَا عِنْدَ الَّتِي فَوْقَهَا كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَاتَانِ السَّمَاءَانِ وَ مَنْ فِيهِمَا وَ مَنْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الَّتِي فَوْقَهُمَا كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَذِهِ الثَّلَاثُ بِمَنْ فِيهِنَّ وَ مَنْ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الرَّابِعَةِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّابِعَةِ وَ هُنَّ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ مَنْ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الْبَحْرِ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ عِنْدَ جِبَالِ الْبَرَدِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ (3) وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ عِنْدَ الْهَوَاءِ الَّذِي تَحَارُ فِيهِ الْقُلُوبُ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ عِنْدَ حُجُبِ النُّورِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ حُجُبُ النُّورِ عِنْدَ الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ حُجُبُ النُّورِ وَ الْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ قِيٍّ وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- الرَّحْمنُ


1- الطلاق: 12.
2- طه: 6. و الثرى: التراب الندى و هو الذي تحت ظاهر وجه الأرض.
3- النور: 43.
4- البقرة: 255.

ص: 155

عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (1) [وَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ] (2) الْحُجُبُ قَبْلَ الْهَوَاءِ الَّذِي تَحَارُ فِيهِ الْقُلُوبُ.

حَدِيثُ الَّذِي أَضَافَ رَسُولَ اللَّهِ ص بِالطَّائِفِ

144- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ الْكُنَاسِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ بِالطَّائِفِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً ص إِلَى النَّاسِ قِيلَ لِلرَّجُلِ أَ تَدْرِي مَنِ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى النَّاسِ قَالَ لَا قَالُوا لَهُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ الَّذِي كَانَ نَزَلَ بِكَ بِالطَّائِفِ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَأَكْرَمْتَهُ قَالَ فَقَدِمَ الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ أَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَ تَعْرِفُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَبُّ الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلْتَ بِهِ بِالطَّائِفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَأَكْرَمْتُكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَرْحَباً بِكَ سَلْ حَاجَتَكَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ مِائَتَيْ شَاةٍ بِرُعَاتِهَا فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَا سَأَلَ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا كَانَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَسْأَلَنِي سُؤَالَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى ع فَقَالُوا وَ مَا سَأَلَتْ عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنِ احْمِلْ عِظَامَ يُوسُفَ مِنْ مِصْرَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ بِالشَّامِ فَسَأَلَ مُوسَى عَنْ قَبْرِ يُوسُفَ ع فَجَاءَهُ شَيْخٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَعْرِفُ قَبْرَهُ فَفُلَانَةُ فَأَرْسَلَ مُوسَى ع إِلَيْهَا فَلَمَّا جَاءَتْهُ قَالَ تَعْلَمِينَ مَوْضِعَ قَبْرِ يُوسُفَ ع قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَدُلِّينِي عَلَيْهِ وَ لَكِ مَا سَأَلْتِ قَالَ لَا أَدُلُّكَ عَلَيْهِ إِلَّا بِحُكْمِي قَالَ فَلَكِ الْجَنَّةُ قَالَتْ لَا إِلَّا بِحُكْمِي عَلَيْكَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى لَا يَكْبُرُ عَلَيْكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهَا حُكْمَهَا فَقَالَ لَهَا مُوسَى فَلَكِ حُكْمُكِ قَالَتْ فَإِنَّ حُكْمِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي دَرَجَتِكَ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا- يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا كَانَ عَلَى هَذَا لَوْ سَأَلَنِي مَا سَأَلَتْ عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.


1- طه: 5. أى استولى.
2- لعله ابن محبوب، يعنى ان هذا الخبر كان في كتابه كذلك. «آت»

ص: 156

145- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ تَوَدُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ تُكْثِرُ التَّعَاهُدَ لَنَا وَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَقِيَهَا ذَاتَ يَوْمٍ وَ هِيَ تُرِيدُنَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ تَذْهَبِينَ يَا عَجُوزَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ أَذْهَبُ إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ أُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَ أُجَدِّدُ بِهِمْ عَهْداً وَ أَقْضِي حَقَّهُمْ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ وَيْلَكِ لَيْسَ لَهُمُ الْيَوْمَ حَقٌّ عَلَيْكِ وَ لَا عَلَيْنَا إِنَّمَا كَانَ لَهُمْ حَقٌّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فَانْصَرِفِي فَانْصَرَفَتْ حَتَّى أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ مَا ذَا أَبْطَأَ بِكِ عَنَّا فَقَالَتْ إِنِّي لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ أَخْبَرَتْهَا بِمَا قَالَتْ لِعُمَرَ وَ مَا قَالَ لَهَا عُمَرُ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ كَذَبَ لَا يَزَالُ حَقُّ آلِ مُحَمَّدٍ ص وَاجِباً عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

146- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (1) قَالَ هُمْ وَ اللَّهِ شِيعَتُنَا حِينَ صَارَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَ اسْتَقْبَلُوا الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلِمُوا وَ اسْتَيْقَنُوا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ وَ عَلَى دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَبْشَرُوا بِمَنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

147- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (2) قَالَ هُنَّ صَوَالِحُ الْمُؤْمِنَاتِ الْعَارِفَاتِ قَالَ قُلْتُ حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (3) قَالَ الْحُورُ هُنَّ الْبِيضُ الْمَضْمُومَاتُ (4) الْمُخَدَّرَاتُ فِي خِيَامِ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الْمَرْجَانِ لِكُلِّ خَيْمَةٍ أَرْبَعَةُ


1- آل عمران: 170.
2- الرحمن: 70. و «خَيْراتٌ» يريد خيّرات فخفّف.
3- الرحمن: 72. «حُورٌ» جمع حوراء و هي الشديدة البياض بياض العين في شدة سوادها. و المقصورات: المخدّرات.
4- المضمومات اي اللاتى ضممن إلى خدورهن لا يفارقنه و في بعض النسخ [المضمرات] و قال الجزريّ: تضمير الخيل هو أن تضامر عليها بالعلف حتّى تسمن. «آت»

ص: 157

أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ سَبْعُونَ كَاعِباً (1) حُجَّاباً لَهُنَّ وَ يَأْتِيهِنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ لِيُبَشِّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ الْمُؤْمِنِينَ.

148- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِ (2) عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ بُرْجاً كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مِثْلُ جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْعَرَبِ فَتَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى بُرْجٍ مِنْهَا فَإِذَا غَابَتِ انْتَهَتْ إِلَى حَدِّ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَلَمْ تَزَلْ سَاجِدَةً إِلَى الْغَدِ ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا وَ مَعَهَا مَلَكَانِ يَهْتِفَانِ مَعَهَا وَ إِنَّ وَجْهَهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ قَفَاهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ كَانَ وَجْهُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ لَاحْتَرَقَتِ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ حَرِّهَا وَ مَعْنَى سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ (3).

149- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع سَبْعِينَ حَدِيثاً لَمْ أُحَدِّثْ بِهَا أَحَداً قَطُّ وَ لَا أُحَدِّثُ بِهَا أَحَداً أَبَداً فَلَمَّا مَضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع ثَقُلَتْ عَلَى عُنُقِي وَ ضَاقَ بِهَا صَدْرِي فَأَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أَبَاكَ حَدَّثَنِي سَبْعِينَ حَدِيثاً لَمْ يَخْرُجْ مِنِّي شَيْ ءٌ مِنْهَا وَ لَا يَخْرُجُ شَيْ ءٌ مِنْهَا إِلَى أَحَدٍ وَ أَمَرَنِي بِسَتْرِهَا وَ قَدْ ثَقُلَتْ عَلَى عُنُقِي وَ ضَاقَ بِهَا صَدْرِي فَمَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ يَا جَابِرُ إِذَا ضَاقَ بِكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْ ءٌ فَاخْرُجْ إِلَى الْجَبَّانَةِ (4) وَ احْتَفِرْ حَفِيرَةً ثُمَّ دَلِّ رَأْسَكَ فِيهَا وَ قُلْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِكَذَا وَ كَذَا ثُمَّ طُمَّهُ (5) فَإِنَّ الْأَرْضَ تَسْتُرُ عَلَيْكَ قَالَ جَابِرٌ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَخَفَّ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُهُ.


1- الكاعب: الجارية حين تبدو ثديها للنهود أي الارتفاع عن الصدر.
2- رواية الكنانيّ عن الأصبغ بلا واسطة بعيد.
3- الحجّ: 18.
4- الجبّانة: الصحراء.
5- طم الاناء: ملأه، و الركية يطمّها و يطمّها: دفنها و سوّاها.

ص: 158

- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ مِثْلَهُ.

150- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لآَخُذَنَّ الْبَرِي ءَ مِنْكُمْ بِذَنْبِ السَّقِيمِ (1) وَ لِمَ لَا أَفْعَلُ وَ يَبْلُغُكُمْ عَنِ الرَّجُلِ مَا يَشِينُكُمْ وَ يَشِينُنِي فَتُجَالِسُونَهُمْ وَ تُحَدِّثُونَهُمْ فَيَمُرُّ بِكُمُ الْمَارُّ فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْ هَذَا (2) فَلَوْ أَنَّكُمْ إِذَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ مَا تَكْرَهُونَ زَبَرْتُمُوهُمْ (3) وَ نَهَيْتُمُوهُمْ كَانَ أَبَرَّ بِكُمْ وَ بِي.

151- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ (4) قَالَ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ أَمَرُوا فَنَجَوْا وَ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ لَمْ يَأْمُرُوا فَمُسِخُوا ذَرّاً وَ صِنْفٌ لَمْ يَأْتَمِرُوا وَ لَمْ يَأْمُرُوا فَهَلَكُوا.

152- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَى الشِّيعَةِ لَيَعْطِفَنَّ ذَوُو السِّنِّ مِنْكُمْ وَ النُّهَى عَلَى ذَوِي الْجَهْلِ وَ طُلَّابِ الرِّئَاسَةِ أَوْ لَتُصِيبَنَّكُمْ لَعْنَتِي أَجْمَعِينَ (5).

153- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَمِيعاً عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْكُوفِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الدِّينَ دَوْلَتَيْنِ دَوْلَةً لآِدَمَ ع وَ دَوْلَةً لِإِبْلِيسَ فَدَوْلَةُ آدَمَ هِيَ دَوْلَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعْبَدَ عَلَانِيَةً أَظْهَرَ دَوْلَةَ آدَمَ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعْبَدَ سِرّاً كَانَتْ دَوْلَةُ إِبْلِيسَ فَالْمُذِيعُ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ سَتْرَهُ مَارِقٌ مِنَ الدِّينِ (6).


1- انما سمى عليه السلام تارك النهى عن المنكر بريئا بحسب ظنه أنّه برى ء من الذنب أو البراءة من الذنوب التي يرتكبها غيره.
2- أي هؤلاء الذين يجالسون هذا الفاسق و لا يزبرونه و لا ينهونه شر منه. «آت»
3- قال الجزريّ: فيه «فلا عليك أن تزبره» أي تنهره و تغلظه في القول.
4- الأعراف: 164.
5- «ليعطفن» من العطف بمعنى الميل و الشفقة أي ليترحموا و يعطفوا على ذوى الجهل بأن ينهونهم عما ارتكبوه من المنكرات و في بعض النسخ [عن ذوى الجهل] فالمراد هجرانهم و اعراضهم عنهم. «آت»
6- أي خارج عن كمال الدين.

ص: 159

حَدِيثُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

154- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ: يَا جَابِرُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لِفَصْلِ الْخِطَابِ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ دُعِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَيُكْسَى رَسُولُ اللَّهِ ص حُلَّةً خَضْرَاءَ تُضِي ءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ يُكْسَى عَلِيٌّ ع مِثْلَهَا وَ يُكْسَى رَسُولُ اللَّهِ ص حُلَّةً وَرْدِيَّةً يُضِي ءُ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ يُكْسَى عَلِيٌّ ع مِثْلَهَا ثُمَّ يَصْعَدَانِ عِنْدَهَا ثُمَّ يُدْعَى بِنَا فَيُدْفَعُ إِلَيْنَا حِسَابُ النَّاسِ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ نُدْخِلُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ ع فَيُقَامُونَ صَفَّيْنِ عِنْدَ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى نَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ فَإِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ بَعَثَ رَبُّ الْعِزَّةِ عَلِيّاً ع فَأَنْزَلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَ زَوَّجَهُمْ- فَعَلِيٌّ وَ اللَّهِ الَّذِي يُزَوِّجُ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَ مَا ذَاكَ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ فَضْلًا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَ مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ وَ هُوَ وَ اللَّهِ يُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ وَ هُوَ الَّذِي يُغْلِقُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوا فِيهَا أَبْوَابَهَا لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ إِلَيْهِ وَ أَبْوَابَ النَّارِ إِلَيْهِ.

155- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ خَالِطُوا النَّاسَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ حُبُّ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ ع فِي السِّرِّ لَمْ يَنْفَعْكُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ.

156- جَعْفَرٌ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِيَّاكُمْ وَ ذِكْرَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ ع (1) فَإِنَّ النَّاسَ لَيْسَ شَيْ ءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِمْ مِنْ ذِكْرِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ ع.

157- جَعْفَرٌ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ إِذَا أَرَادَ فَنَاءَ دَوْلَةِ قَوْمٍ أَمَرَ الْفَلَكَ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ فَكَانَتْ عَلَى مِقْدَارِ مَا يُرِيدُ (2).

158- جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي شِبْلٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ


1- أي عند المخالفين النواصب. «آت»
2- لعل المراد تسبيب أسباب زوال دولتهم على الاستعارة التمثيلية. «آت»

ص: 160

سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ إِنَّ الزَّيْدِيَّةَ قَوْمٌ قَدْ عُرِفُوا وَ جُرِّبُوا وَ شَهَرَهُمُ النَّاسُ وَ مَا فِي الْأَرْضِ مُحَمَّدِيٌّ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُدْنِيَهُمْ وَ تُقَرِّبَهُمْ مِنْكَ فَافْعَلْ فَقَالَ يَا سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ إِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءُ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنْ عِلْمِنَا إِلَى جَهْلِهِمْ (1) فَلَا مَرْحَباً بِهِمْ وَ لَا أَهْلًا وَ إِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ قَوْلَنَا وَ يَنْتَظِرُونَ أَمْرَنَا فَلَا بَأْسَ.

159- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ فِي جَنَازَةٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِسْعِهِ لِيُنَاوِلَهُ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ شِسْعَكَ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُصِيبَةِ (2) أَوْلَى بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا.

160- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحِجَامَةُ فِي الرَّأْسِ هِيَ الْمُغِيثَةُ تَنْفَعُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ (3) وَ شَبَرَ مِنَ الْحَاجِبَيْنِ إِلَى حَيْثُ بَلَغَ إِبْهَامُهُ ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا (4).

161- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ أَ تَدْرِي يَا رِفَاعَةُ لِمَ سُمِّيَ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ لِأَنَّهُ يُؤْمِنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُجِيزُ [اللَّهُ] لَهُ أَمَانَهُ.

162- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا يُبَالِي النَّاصِبُ صَلَّى أَمْ زَنَى (5) وَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِمْ-


1- أي يريدون أن نتبعهم على جهالتهم بما يرون من الخروج بالسيف في غير أوانه. «آت»
2- المصيبة هنا انقطاع شسع النعل.
3- «هى المغيثة» يعنى يغيث الإنسان من الادواء. و السام: الموت. «آت»
4- «و شبر من الحاجبين» أي من منتهى الحاجبين من يمين الرأس و شماله حتّى انتهى الشبران إلى النقرة خلف الرأس أو من بين الحاجبين إلى حيث انتهت من مقدم الرأس كما رواه الصدوق بإسناده عن ابى خديجة عن أبي عبد اللّه (4) قال: الحجامة على الرأس على شبر من طرف الانف و فتر من بين الحاجبين و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسميها بالمنقذة و في حديث آخر قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحتجم على رأسه و يسميه المغيثة او المنقذة. «آت»
5- إذ هو معاقب بأعماله الباطلة لاخلاله بما هو من أعظم شروطها و هو الولاية فهو كمن صلى بغير وضوء. «آت»

ص: 161

عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً (1).

163- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَازِمٍ وَ يَزِيدَ بْنِ حَمَّادٍ جَمِيعاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا أَظُنُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ غَيْرَ وَلِيِّ عَلِيٍّ ع أَتَى الْفُرَاتَ وَ قَدْ أَشْرَفَ مَاؤُهُ عَلَى جَنْبَيْهِ وَ هُوَ يَزُخُّ زَخِيخاً (2) فَتَنَاوَلَ بِكَفِّهِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَانَ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ.

164- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ صَنَعْتُمْ بِعَمِّي زَيْدٍ قُلْتُ إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْرُسُونَهُ فَلَمَّا شَفَ (3) النَّاسُ أَخَذْنَا جُثَّتَهُ فَدَفَنَّاهُ فِي جُرُفٍ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ (4) فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَالَتِ الْخَيْلُ يَطْلُبُونَهُ فَوَجَدُوهُ فَأَحْرَقُوهُ فَقَالَ أَ فَلَا أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ أَلْقَيْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ. (5)

165- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ أَذِنَ فِي هَلَاكِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعْدَ إِحْرَاقِهِمْ زَيْداً بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ (6).


1- الغاشية: الظاهر أنّه عليه السلام فسّر الناصبة بنصب العداوة لاهل البيت عليه السلام و يحتمل أن يكون عليه السلام فسر النصب بمعنى التعب اي يتعب في مشاق الاعمال و لا ينفعه. «آت»
2- بيان لوفور الماء و عدم احتياج الناس إليه و عدم توهم ضرر على أحد في شربه ليظهر ان الحرمة عليه ليس إلّا لعقيدته الفاسدة و قد خلق اللّه تعالى نعم الدارين للمؤمنين و هما حرامان على الكافرين. «و هو يزخ زخيخا» أي يبرق بريقا لصفائه او لوفوره او يدفع ماؤه إلى الساحل. و قال الفيروزآبادي: زخّه: رفعه في وهدة. و زيد: اغتاظ و وثب. و ببوله: رماه. و الحادي: سار سيرا عنيفا و زخ الجمر يزخ زخّا و زخيخا: برق. «آت»
3- أي رقوا و نقصوا.
4- الجرف: الجانب الذي اكله الماء من حاشية النهر.
5- يدل على جواز ترك الدفن و التثقيل و الالقاء في البحر عند الضرورة. «آت»
6- لعل هذا العمل كان من متممات أسباب نزول النقمة و العذاب عليهم و إلّا فهم فعلوا أشد و أقبح من ذلك كقتل الحسين عليه السلام و يدلّ هذا الخبر كسابقه على كون زيد مشكورا في جهاده مأجورا و لم يكن مدعيا للخلافة و الإمامة بل كان غرضه طلب ثار الحسين عليه السلام و ردّ الحق إلى مستحقّه كما يدلّ عليه أخبار كثيرة. «آت»

ص: 162

166- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ لَيَحْفَظُ مَنْ يَحْفَظُ صَدِيقَهُ.

167- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ (1) عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً مَعَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع وَ النَّاسُ فِي الطَّوَافِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ يَا سَمَاعَةُ إِلَيْنَا إِيَابُ هَذَا الْخَلْقِ وَ عَلَيْنَا حِسَابُهُمْ فَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ ذَنْبٍ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَمْنَا عَلَى اللَّهِ فِي تَرْكِهِ لَنَا فَأَجَابَنَا إِلَى ذَلِكَ وَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ النَّاسِ اسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْهُمْ وَ أَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ وَ عَوَّضَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

168- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ سُلَيْمَانَ الْمُسْتَرِقِّ عَنْ صَالِحٍ الْأَحْوَلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ آخَى رَسُولُ اللَّهِ ص بَيْنَ سَلْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ اشْتَرَطَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ أَنْ لَا يَعْصِيَ سَلْمَانَ.

169- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ خَطَّابِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَنْ ذَا أَ حَارِثٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا لَأَحْمِلَنَّ ذُنُوبَ سُفَهَائِكُمْ عَلَى عُلَمَائِكُمْ ثُمَّ مَضَى فَأَتَيْتُهُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ لَقِيتَنِي فَقُلْتَ لَأَحْمِلَنَّ ذُنُوبَ سُفَهَائِكُمْ عَلَى عُلَمَائِكُمْ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَقَالَ نَعَمْ مَا يَمْنَعُكُمْ إِذَا بَلَغَكُمْ عَنِ الرَّجُلِ مِنْكُمْ مَا تَكْرَهُونَ وَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهِ الْأَذَى أَنْ تَأْتُوهُ فَتُؤَنِّبُوهُ وَ تُعَذِّلُوهُ (2) وَ تَقُولُوا لَهُ قَوْلًا بَلِيغاً فَقُلْتُ [لَهُ] جُعِلْتُ فِدَاكَ إِذاً لَا يُطِيعُونَّا وَ لَا يَقْبَلُونَ مِنَّا فَقَالَ اهْجُرُوهُمْ وَ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَهُمْ (3).

170- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَيَابَةَ بْنِ أَيُّوبَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ يَرْفَعُونَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ السِّتَّةَ


1- سهل بن زياد ضعيف في الحديث غير معتمد عليه فيه و كان أحمد بن عيسى شهد عليه بالغلو و الكذب و أخرجه من قم إلى الرى و كان يسكنها. «نقله العلامة في القسم الثاني من الخلاصة عن النجاشيّ».
2- التأنيب: المبالغة في التوبيخ و التعيف و العذل: الملامة.
3- يدل على وجوب النهى عن المنكر و على وجوب الهجران عن أهل المعاصى و ترك مجالستهم إن لم يأتمروا و لم يتعظوا. «آت»

ص: 163

بِالسِّتَّةِ- الْعَرَبَ بِالْعَصَبِيَّةِ وَ الدَّهَاقِينَ بِالْكِبْرِ وَ الْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَ الْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ وَ التُّجَّارَ بِالْخِيَانَةِ وَ أَهْلَ الرَّسَاتِيقِ بِالْجَهْلِ.

171- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا كَانَ شَيْ ءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ أَنْ يُظِلَ (1) خَائِفاً جَائِعاً فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

172- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ سَلَمَةَ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا أَخَذَ كِتَابَ عَلِيٍّ ع فَنَظَرَ فِيهِ قَالَ مَنْ يُطِيقُ هَذَا مَنْ يُطِيقُ ذَا قَالَ ثُمَّ يَعْمَلُ بِهِ وَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَ مَا أَطَاقَ أَحَدٌ عَمَلَ عَلِيٍّ ع مِنْ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع.

173- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ وَلِيَّ عَلِيٍّ ع لَا يَأْكُلُ إِلَّا الْحَلَالَ (2) لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ كَذَلِكَ وَ إِنَّ وَلِيَّ عُثْمَانَ لَا يُبَالِي أَ حَلَالًا أَكَلَ أَوْ حَرَاماً لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَذَلِكَ قَالَ ثُمَّ عَادَ إِلَى ذِكْرِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ أَمَا وَ الَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ مَا أَكَلَ مِنَ الدُّنْيَا حَرَاماً قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً حَتَّى فَارَقَهَا وَ لَا عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ طَاعَةٌ إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ وَ لَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ص شَدِيدَةٌ قَطُّ إِلَّا وَجَّهَهُ فِيهَا ثِقَةً بِهِ وَ لَا أَطَاقَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ ص بَعْدَهُ غَيْرُهُ وَ لَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ عَمَلَ رَجُلٍ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ كُلُّ ذَلِكَ تَحَفَّى فِيهِ يَدَاهُ (3) وَ تَعْرَقُ جَبِينُهُ الْتِمَاسَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْخَلَاصِ مِنَ النَّارِ وَ مَا كَانَ قُوتُهُ إِلَّا الْخَلَّ وَ الزَّيْتَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرُ إِذَا وَجَدَهُ وَ مَلْبُوسُهُ الْكَرَابِيسُ فَإِذَا


1- أي يجعله في حفظه صباحا و مساء.
2- يفهم منه أن من يأكل الحرام فهو ليس من أوليائه و شيعته عليه السلام. «آت»
3- حفى من كثرة المشى حتّى رقّت قدمه من باب تعب. «المصباح» و تحفّى في الشي ء: اجتهد.

ص: 164

فَضَلَ عَنْ ثِيَابِهِ شَيْ ءٌ دَعَا بِالْجَلَمِ فَجَزَّهُ (1).

174- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَامِلٍ كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: حَضَرْتُ عَشَاءَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فِي الصَّيْفِ فَأُتِيَ بِخِوَانٍ عَلَيْهِ خُبْزٌ وَ أُتِيَ بِجَفْنَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ وَ لَحْمٌ تَفُورُ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهَا فَوَجَدَهَا حَارَّةً ثُمَّ رَفَعَهَا وَ هُوَ يَقُولُ نَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ نَحْنُ لَا نَقْوَى عَلَى هَذَا فَكَيْفَ النَّارُ وَ جَعَلَ يُكَرِّرُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى أَمْكَنَتِ الْقَصْعَةُ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهَا وَ وَضَعْنَا أَيْدِيَنَا حِينَ أَمْكَنَتْنَا فَأَكَلَ وَ أَكَلْنَا مَعَهُ ثُمَّ إِنَّ الْخِوَانَ رُفِعَ فَقَالَ يَا غُلَامُ ائْتِنَا بِشَيْ ءٍ فَأُتِيَ بِتَمْرٍ فِي طَبَقٍ فَمَدَدْتُ يَدِي فَإِذَا هُوَ تَمْرٌ فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ هَذَا زَمَانُ الْأَعْنَابِ وَ الْفَاكِهَةِ قَالَ إِنَّهُ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَ ارْفَعْ هَذَا وَ ائْتِنَا بِشَيْ ءٍ فَأُتِيَ بِتَمْرٍ فَمَدَدْتُ يَدِي فَقُلْتُ هَذَا تَمْرٌ فَقَالَ إِنَّهُ طَيِّبٌ.

175- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مُتَّكِئاً مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ تَوَاضُعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا رَأَى رُكْبَتَيْهِ (2) أَمَامَ جَلِيسِهِ فِي مَجْلِسٍ قَطُّ وَ لَا صَافَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَجُلًا قَطُّ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ وَ لَا كَافَأَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِسَيِّئَةٍ قَطُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ- ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ (3) فَفَعَلَ وَ مَا مَنَعَ سَائِلًا قَطُّ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَعْطَى وَ إِلَّا قَالَ يَأْتِي اللَّهُ بِهِ وَ لَا أَعْطَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً قَطُّ إِلَّا أَجَازَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ لَيُعْطِي الْجَنَّةَ فَيُجِيزُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ وَ كَانَ أَخُوهُ مِنْ بَعْدِهِ (4) وَ الَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ مَا أَكَلَ مِنَ الدُّنْيَا حَرَاماً قَطُّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَيَعْرِضُ لَهُ الْأَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ طَاعَةٌ فَيَأْخُذُ بِأَشَدِّهِمَا


1- الجلم: المقراض.
2- أي إن احتاج لعلة إلى كشف ركبتيه ليراه لم يفعل ذلك عند جليسه حياء منه و في بعض النسخ [ارى ركبتيه] أى لم يكشفها عند جليس و على النسختين يحتمل أن يكون المراد لم يكن يتقدمهم في الجلوس بأن تسبق ركبتاه إلى ركبهم. «آت» و في بعض النسخ [ما زوى ركبتيه].
3- المؤمنون: 96.
4- يعني أمير المؤمنين عليه السلام.

ص: 165

عَلَى بَدَنِهِ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دَبِرَتْ فِيهِمْ يَدَاهُ (1) وَ اللَّهِ مَا أَطَاقَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ بَعْدِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ص نَازِلَةٌ قَطُّ إِلَّا قَدَّمَهُ فِيهَا ثِقَةً مِنْهُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيَبْعَثُهُ بِرَايَتِهِ فَيُقَاتِلُ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَ مِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ مَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ.

176- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ عَلِيٌّ ع أَشْبَهَ النَّاسِ طِعْمَةً وَ سِيرَةً بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ يَأْكُلُ الْخُبْزَ وَ الزَّيْتَ وَ يُطْعِمُ النَّاسَ الْخُبْزَ وَ اللَّحْمَ قَالَ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَسْتَقِي وَ يَحْتَطِبُ وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ ع تَطْحَنُ وَ تَعْجِنُ وَ تَخْبِزُ وَ تَرْقَعُ وَ كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً كَأَنَّ وَجْنَتَيْهَا وَرْدَتَانِ (2) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ وُلْدِهَا الطَّاهِرِينَ.

177- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ يُونُسَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا صَاحِبَ مِرَّةٍ سَوْدَاءَ صَافِيَةٍ (3) وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً قَطُّ حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِالْبَدَاءِ.

178- سَهْلٌ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا نَفَّرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ص نَاقَتَهُ قَالَتْ لَهُ النَّاقَةُ وَ اللَّهِ لَا أَزَلْتُ خُفّاً عَنْ خُفٍّ وَ لَوْ قُطِّعْتُ إِرْباً إِرْباً (4).

179- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع


1- قال الجزريّ: الدبر- بالتحريك-: الجرح الذي يكون في ظهر البعير.
2- الوجنة: ما ارتفع من الخدين.
3- لعله كناية عن شدة غضبهم فيما يسخط اللّه و تنمّرهم في ذات اللّه وحدة ذهنهم و فهمهم، و توصيفها بالصفاء لبيان خلوصها عما يلزم تلك المرة غالبا من الأخلاق الذميمة و الخيالات الفاسدة
4- إشارة إلى ليلة العقبة و ما فعله المنافقون في تلك الليلة.

ص: 166

أَنَّهُ قَالَ: يَا لَيْتَنَا سَيَّارَةٌ مِثْلُ آلِ يَعْقُوبَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ خَلْقِهِ (1).

180- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ هَوَاهُ وَ هَمَّهُ فَإِنْ كَانَ هَوَاهُ وَ هَمُّهُ فِي رِضَايَ جَعَلْتُ هَمَّهُ تَقْدِيساً وَ تَسْبِيحاً (2).

181- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ (3) قَالَ خَسْفٌ وَ مَسْخٌ وَ قَذْفٌ قَالَ قُلْتُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ قَالَ دَعْ ذَا ذَاكَ قِيَامُ الْقَائِمِ.

182- سَهْلٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَ ابْنِ سِنَانٍ وَ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص طَاعَةُ عَلِيٍّ ذُلٌّ وَ مَعْصِيَتُهُ كُفْرٌ بِاللَّهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَكُونُ طَاعَةُ عَلِيٍّ ذُلًّا وَ مَعْصِيَتُهُ كُفْراً بِاللَّهِ فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً يَحْمِلُكُمْ عَلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَطَعْتُمُوهُ ذَلَلْتُمْ وَ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ كَفَرْتُمْ بِاللَّهِ.

183- عَنْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع نَحْنُ بَنُو هَاشِمٍ وَ شِيعَتُنَا الْعَرَبُ وَ سَائِرُ النَّاسِ الْأَعْرَابُ.

184- سَهْلٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع نَحْنُ قُرَيْشٌ وَ شِيعَتُنَا الْعَرَبُ وَ سَائِرُ النَّاسِ عُلُوجُ الرُّومِ (4).


1- «يا ليتنا» على الحذف و الايصال أي يا ليت لنا. و في بعض النسخ [يا ليتنا سائرة].
2- «هواه و همه» أي ما يحبه و يعزم عليه من النيات الحسنة و الحاصل أن اللّه تعالى لا يقبل كلام حكيم لا يعقد قلبه على نية صادقة في العمل بما يتكلم به و أمّا مع النية الحسنة و اليقين الكامل فيكتب له ثواب التسبيح و التقديس و إن لم يأت بها. «آت»
3- فصّلت: 53.
4- العلج: الرجل القوى الضخم و الرجل من كفّار العجم و الاعلاج جمعه و يجمع على علوج أيضا. «النهاية»

ص: 167

185- سَهْلٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: كَأَنِّي بِالْقَائِمِ ع عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ قَبَاءٌ فَيُخْرِجُ مِنْ وَرَيَانِ قَبَائِهِ (1) كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَفُكُّهُ فَيَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَمِ (2) فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا النُّقَبَاءُ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ فَلَا يَلْحَقُونَ مَلْجَأً حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْكَلَامَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ.

186- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُمَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ضَالَّتَهُ فَلْيَأْخُذْهَا.

187- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ كَاتِبِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ شَرِكَ فِي دَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ ع وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِي دَمِ الْحُسَيْنِ ع.

188- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: زَامَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ فَقَالَ لِيَ اقْرَأْ قَالَ فَافْتَتَحْتُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَقَرَأْتُهَا فَرَقَّ وَ بَكَى ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا أُسَامَةَ ارْعَوْا قُلُوبَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3) وَ احْذَرُوا النَّكْتَ فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْقَلْبِ تَارَاتٌ أَوْ سَاعَاتٌ الشَّكُّ مِنْ صَبَّاحٍ لَيْسَ فِيهِ إِيمَانٌ وَ لَا كُفْرٌ شِبْهَ الْخِرْقَةِ الْبَالِيَةِ أَوِ الْعَظْمِ النَّخِرِ (4) يَا أَبَا أُسَامَةَ أَ لَيْسَ رُبَّمَا تَفَقَّدْتَ قَلْبَكَ فَلَا تَذْكُرُ بِهِ خَيْراً وَ لَا شَرّاً وَ لَا تَدْرِي أَيْنَ هُوَ قَالَ قُلْتُ لَهُ بَلَى


1- «من وريان قبائه» أي من جيبه كما ذكره المطرزى. «آت»
2- الجفل: النفر و الشرد. و اجفلوا أي هربوا مسرعين. و قوله: «إلا النقباء» قال الجوهريّ: النقيب: العريف و هو شاهد على القوم و ضمينهم و الجمع: النقباء.
3- من الرعاية أي احفظوها بذكره تعالى من وساوس الشيطان. و النكت ما يلقيه الشيطان في القلب من الوسواس و الشبهات. «آت»
4- في القاموس: النخر- ككتف- و الناخر: البالى المتفتت.

ص: 168

إِنَّهُ لَيُصِيبُنِي وَ أَرَاهُ يُصِيبُ النَّاسَ قَالَ أَجَلْ لَيْسَ يَعْرَى مِنْهُ أَحَدٌ قَالَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ احْذَرُوا النَّكْتَ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً نَكَتَ إِيمَاناً وَ إِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ نَكَتَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ مَا غَيْرُ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ [مَا هُوَ] قَالَ إِذَا أَرَادَ كُفْراً نَكَتَ كُفْراً.

189- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي لَا أَكَادُ أَلْقَاكَ إِلَّا فِي السِّنِينَ فَأَوْصِنِي بِشَيْ ءٍ آخُذُ بِهِ قَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ مَعَهُ وَ إِيَّاكَ أَنْ تُطْمِحَ نَفْسَكَ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ (1) وَ كَفَى بِمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَسُولِهِ ص- فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (2) وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَسُولِهِ- وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا (3) فَإِنْ خِفْتَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَاذْكُرْ عَيْشَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّمَا كَانَ قُوتُهُ الشَّعِيرَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ إِذَا وَجَدَهُ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِيبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّ الْخَلْقَ لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِهِ ع قَطُّ.

190- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَرَّ بِنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَ نَحْنُ فِي نَادِينَا وَ هُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَ ذَلِكَ حِينَ رَجَعَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ (4) فَوَقَفَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا لِي أَرَى حُبَّ الدُّنْيَا قَدْ غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّ الْمَوْتَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِهِمْ كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ


1- طمح بصره إليه ارتفع. و «أن تطمح نفسك» أي ترفعها إلى حال من هو فوقك و تتمنى حاله.
2- التوبة: 55.
3- طه: 131. و الزهرة: الزينة. و الزهرة- بفتح الهاء و الزاى- نور النبات و الزهرة- بضم الزاى و فتح الهاء-: النجم و بنو زهرة باسكان الهاء.
4- قد ذكر السيّد في باب الحكم من النهج بعض فقرات هذا الخبر مع اختلاف و نسبها إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قالها حين تبع جنازة فسمع رجلا يضحك و قال في آخره: «و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله». و رواه عليّ بن إبراهيم أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ص: 169

الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِهِمْ وَجَبَ وَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَسْمَعُوا وَ يَرَوْا مِنْ خَبَرِ الْأَمْوَاتِ قَبْلَهُمْ سَبِيلُهُمْ سَبِيلُ قَوْمٍ سَفْرٍ (1) عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْهِمْ رَاجِعُونَ بُيُوتُهُمْ أَجْدَاثُهُمْ وَ يَأْكُلُونَ تُرَاثَهُمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ (2) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ [أَ] مَا يَتَّعِظُ آخِرُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ لَقَدْ جَهِلُوا وَ نَسُوا كُلَّ وَاعِظٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ آمَنُوا شَرَّ كُلِّ عَاقِبَةِ سُوءٍ وَ لَمْ يَخَافُوا نُزُولَ فَادِحَةٍ (3) وَ بَوَائِقَ حَادِثَةٍ طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ طُوبَى لِمَنْ مَنَعَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ إِخْوَانِهِ طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ زَهِدَ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ عَنْ سِيرَتِي وَ رَفَضَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ تَحَوُّلٍ عَنْ سُنَّتِي (4) وَ اتَّبَعَ الْأَخْيَارَ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ بَعْدِي وَ جَانَبَ أَهْلَ الْخُيَلَاءِ وَ التَّفَاخُرِ وَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا الْمُبْتَدِعِينَ خِلَافَ سُنَّتِي الْعَامِلِينَ بِغَيْرِ سِيرَتِي طُوبَى لِمَنِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَالًا مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَ عَادَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ طُوبَى لِمَنْ حَسُنَ مَعَ النَّاسِ خُلُقُهُ وَ بَذَلَ لَهُمْ مَعُونَتَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُمْ شَرَّهُ طُوبَى لِمَنْ أَنْفَقَ الْقَصْدَ وَ بَذَلَ الْفَضْلَ وَ أَمْسَكَ قَوْلَهُ عَنِ الْفُضُولِ وَ قَبِيحِ الْفِعْلِ.


1- السفر جمع مسافر فيحتمل ارجاع الضمير في قوله: «سبيلهم» إلى الاحياء و في قوله: «إليهم» إلى الأموات أي هؤلاء الاحياء مسافرون يقطعون منازل أعمارهم من السنين و الشهور حتّى يلحقوا بهؤلاء الأموات و يحتمل العكس في إرجاع الضميرين فالمراد أن سبيل هؤلاء الأموات عند هؤلاء الاحياء لعدم اتعاظهم بموتهم و عدم مبالاتهم كانوا ذهبوا إلى سفر و عن قريب يرجعون إليهم و يؤيده ما في النهج و التفسير: و كان الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون.
2- الاجداث جمع الجدث و هو القبر أي يرون أن بيوت هؤلاء الأموات أجداثهم و مع ذلك يأكلون تراثهم او يرون أن تراث هؤلاء قد زالت عنهم و بقى في أيديهم و مع ذلك لا يتعظون و يظنون أنهم مخلدون بعدهم. و التراث: ما يخلفه الرجل لورثته. و الظاهر أنّه وقع في نسخ الكتاب تصحيف و الأظهر ما في النهج نبوئهم اجداثهم و نأكل تراثهم و في التفسير: تنزلهم أجداثهم. «آت»
3- الفادحة: النازلة و البلية يثقل حملها.
4- في بعض النسخ [عن نفسى].

ص: 170

191- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ (1) قَالَ: إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى الْغِنَى لِلنَّاسِ أَهْلُ الْبُخْلِ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا اسْتَغْنَوْا كَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى صَلَاحَ النَّاسِ أَهْلُ الْعُيُوبِ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا صَلَحُوا كَفُّوا عَنْ تَتَبُّعِ عُيُوبِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى حِلْمَ النَّاسِ أَهْلُ السَّفَهِ الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ أَنْ يُعْفَى عَنْ سَفَهِهِمْ فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْبُخْلِ يَتَمَنَّوْنَ فَقْرَ النَّاسِ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ الْعُيُوبِ يَتَمَنَّوْنَ فِسْقَهُمْ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ الذُّنُوبِ يَتَمَنَّوْنَ سَفَهَهُمْ وَ فِي الْفَقْرِ الْحَاجَةُ إِلَى الْبَخِيلِ وَ فِي الْفَسَادِ طَلَبُ عَوْرَةِ أَهْلِ الْعُيُوبِ وَ فِي السَّفَهِ الْمُكَافَأَةُ بِالذُّنُوبِ.

192- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا حَسَنُ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ وَ لَكِنِ اذْكُرْهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِكَ فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ إِمَّا كِفَايَةً بِمَالٍ وَ إِمَّا مَعُونَةً بِجَاهٍ أَوْ دَعْوَةً فَتُسْتَجَابُ أَوْ مَشُورَةً بِرَأْيٍ.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

193- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُؤَدِّبُ وَ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَافِضِ الرَّافِعِ- الضَّارِّ النَّافِعِ الْجَوَادِ الْوَاسِعِ الْجَلِيلِ ثَنَاؤُهُ الصَّادِقَةِ أَسْمَاؤُهُ الْمُحِيطِ بِالْغُيُوبِ وَ مَا يَخْطُرُ عَلَى الْقُلُوبِ الَّذِي جَعَلَ الْمَوْتَ بَيْنَ خَلْقِهِ عَدْلًا وَ أَنْعَمَ بِالْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ فَضْلًا فَأَحْيَا وَ أَمَاتَ وَ قَدَّرَ الْأَقْوَاتَ أَحْكَمَهَا بِعِلْمِهِ تَقْدِيراً وَ أَتْقَنَهَا بِحِكْمَتِهِ تَدْبِيراً إِنَّهُ كَانَ خَبِيراً بَصِيراً هُوَ الدَّائِمُ بِلَا فَنَاءٍ وَ الْبَاقِي إِلَى غَيْرِ مُنْتَهًى يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ وَ مَا فِي السَّمَاءِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى-


1- أي الأئمّة إذ قد روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام مع أنّه ليس من دأبهم الرواية عن غير المعصوم. «آت»

ص: 171

أَحْمَدُهُ بِخَالِصِ حَمْدِهِ الْمَخْزُونِ بِمَا حَمِدَهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ النَّبِيُّونَ حَمْداً لَا يُحْصَى لَهُ عَدَدٌ وَ لَا يَتَقَدَّمُهُ أَمَدٌ (1) وَ لَا يَأْتِي بِمِثْلِهِ أَحَدٌ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ أَسْتَهْدِيهِ وَ أَسْتَكْفِيهِ وَ أَسْتَقْضِيهِ بِخَيْرٍ وَ أَسْتَرْضِيهِ (2) وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَكُمْ بِدَارٍ وَ لَا قَرَارٍ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا فَأَنَاخُوا (3) ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا دَخَلُوا خِفَافاً وَ رَاحُوا خِفَافاً (4) لَمْ يَجِدُوا عَنْ مُضِيٍّ نُزُوعاً (5) وَ لَا إِلَى مَا تَرَكُوا رُجُوعاً جُدَّ بِهِمْ فَجَدُّوا وَ رَكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا فَمَا اسْتَعَدُّوا حَتَّى إِذَا أُخِذَ بِكَظَمِهِمْ وَ خَلَصُوا إِلَى دَارِ قَوْمٍ جَفَّتْ أَقْلَامُهُمْ (6) لَمْ يَبْقَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ خَبَرٌ وَ لَا أَثَرٌ قَلَّ فِي الدُّنْيَا لَبْثُهُمْ وَ عُجِّلَ إِلَى الْآخِرَةِ بَعْثُهُمْ فَأَصْبَحْتُمْ حُلُولًا فِي دِيَارِهِمْ ظَاعِنِينَ عَلَى آثَارِهِمْ وَ الْمَطَايَا بِكُمْ تَسِيرُ سَيْراً مَا فِيهِ أَيْنٌ وَ لَا تَفْتِيرٌ نَهَارُكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دَءُوبٌ وَ لَيْلُكُمْ بِأَرْوَاحِكُمْ ذَهُوبٌ (7) فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُونَ مِنْ حَالِهِمْ حَالًا وَ تَحْتَذُونَ مِنْ مَسْلَكِهِمْ


1- في بعض النسخ [أحد] أى بالتقدم المعنوى بأن يحمد أفضل منه أو بالتقدم الزمانى بأن يكون حمده أحد قبل ذلك. «آت»
2- «استقصاه» بالصاد المهملة من قولهم: استقصى في المسألة و تقصّى إذا بلغ الغاية أو بالضاد المعجمة كما في بعض النسخ من قولهم: استقضى فلان أي طلب إليه أن يقضيه. و قوله: «بخير» أي بسبب طلب الخير. «آت»
3- الركب جمع راكب. و التعريس: نزول القوم في السفر في آخر الليل نزلة للنوم و الاستراحة. «آت» و قوله: «أناخوا» أي أقاموا. و «استقلوا» أي مضوا و ارتحلوا.
4- أي دخلوا في الدنيا عند ولادتهم خفافا بلا زاد و لا مال و راحوا عند الموت كذلك و يحتمل أن يكون كناية عن الاسراع. «آت»
5- نزع عن الشي ء نزوعا: كف و قلع عنه أي لم يقدروا على الكف عن المضى و الظرفان متعلقان بالنزوع و الرجوع. «آت»
6- أي جفت أقلام الناس عن كتابة آثارهم لبعد عهدهم و محو ذكرهم. «آت»
7- «حلولا» جمع حال. و «ظاعنين» أي سائرين. و الاين: الاعياء. «و لا تفتير» أي ليست تلك الحركة موجبة لفتور تلك المطايا فتسكن عن السير زمانا و «نهاركم بانفسكم دءوب» أي نهاركم يسرع و يجد و يتعب بسبب أنفسكم ليذهبها و يحتمل أن يكون الباء للتعدية أي نهاركم يتعبكم في أعمالكم و حركاتكم و ذلك سبب لفناء أجسادكم. «آت»

ص: 172

مِثَالًا (1) فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا* فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا سَفْرٌ حُلُولٌ (2) الْمَوْتُ بِكُمْ نُزُولٌ تَنْتَضِلُ فِيكُمْ مَنَايَاهُ (3) وَ تَمْضِي بِأَخْبَارِكُمْ مَطَايَاهُ إِلَى دَارِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَاقَبَ رَبَّهُ وَ تَنَكَّبَ ذَنْبَهُ (4) وَ كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ امْرَأً زَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوَى بِزِمَامٍ وَ أَلْجَمَهَا مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ فَقَادَهَا إِلَى الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَا وَ قَدَعَهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ بِلِجَامِهَا (5) رَافِعاً إِلَى الْمَعَادِ طَرْفَهُ (6) مُتَوَقِّعاً فِي كُلِّ أَوَانٍ حَتْفَهُ (7) دَائِمَ الْفِكْرِ طَوِيلَ السَّهَرِ عَزُوفاً (8) عَنِ الدُّنْيَا سَأَماً (9) كَدُوحاً لآِخِرَتِهِ مُتَحَافِظاً امْرَأً جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ وَ دَوَاءَ أَجْوَائِهِ فَاعْتَبَرَ وَ قَاسَ وَ تَرَكَ الدُّنْيَا وَ النَّاسَ يَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَ السَّدَادِ وَ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرُ الْمَعَادِ وَ طَوَى مِهَادَهُ وَ هَجَرَ وِسَادَهُ (10) مُنْتَصِباً عَلَى أَطْرَافِهِ دَاخِلًا فِي أَعْطَافِهِ خَاشِعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُرَاوِحُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَ الْكَفَّيْنِ (11) خَشُوعٌ فِي السِّرِّ لِرَبِّهِ لَدَمْعُهُ صَبِيبٌ وَ لَقَلْبُهُ وَجِيبٌ (12) شَدِيدَةٌ أَسْبَالُهُ


1- «تحكمون» أي أحوالكم تحكى و تخبر عن أحوالهم. و الاحتذاء: الاقتداء. «آت»
2- هما جمعان أي مسافرون حللتم بالدنيا و النزول- بفتح النون- اى نازل. «آت»
3- الانتضال: رمى السهام للسبق. و المنايا جمع المنية و هي الموت و لعلّ الضمير راجع إلى الدنيا بتأويل الدهر أو بتشبيهها بالرجل الرامى أي ترمى إليكم المنايا في الدنيا سهاما فتهلككم و السهام الأمراض و البلايا الموجبة للموت و يحتمل أن يكون فاعل تنتضل الضمير الراجع إلى الدنيا و يكون المرمى المنايا. «آت»
4- تنكب أي تجنب. و كابر أي خالف و غالب و في بعض النسخ [كابد] أن قاساه و تحمل المشاق في فعله.
5- فدعه كمنعه-: كفّه. و في بعض النسخ [و قرعها].
6- طرفه أي عينه.
7- الحتف: الموت.
8- عزفت عن كذا أي زهدت فيه و انصرفت عنه.
9- أي ملولا. و الكدح: السعى و الاهتمام.
10- «طوى مهاده» أي على أقدامه و أعطافه جمع عطاف و هو الرداء.
11- أي يضع جبهته تارة للسجود و يرفع بدنه تارة في الدعاء ففى اعمال كل واحد منهما راحة للاخرى. «آت»
12- أي هو صاب كثير الصب و لقلبه اضطراب. و اسبال جمع سبل- بالتحريك-: المطر و الدمع اذا اهطل.

ص: 173

تَرْتَعِدُ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْصَالُهُ (1) قَدْ عَظُمَتْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَتُهُ وَ اشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ رَاضِياً بِالْكَفَافِ مِنْ أَمْرِهِ (2) يُظْهِرُ دُونَ مَا يَكْتُمُ وَ يَكْتَفِي بِأَقَلَّ مِمَّا يَعْلَمُ أُولَئِكَ وَدَائِعُ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لَأَبَرَّهُ أَوْ دَعَا عَلَى أَحَدٍ نَصَرَهُ اللَّهُ يَسْمَعُ إِذَا نَاجَاهُ وَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِذَا دَعَاهُ جَعَلَ اللَّهُ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى وَ الْجَنَّةَ لِأَهْلِهَا مَأْوًى دُعَاؤُهُمْ فِيهَا أَحْسَنُ الدُّعَاءِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ دَعَاهُمُ الْمَوْلَى عَلَى مَا آتَاهُمْ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

194- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ- لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَ وَلِيِّهِ وَ مُنْتَهَى الْحَمْدِ وَ مَحَلِّهِ الْبَدِي ءِ الْبَدِيعِ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْكِبْرِيَاءِ وَ الْمُتَفَرِّدِ بِالْآلَاءِ الْقَاهِرِ بِعِزِّهِ وَ الْمُسَلِّطِ بِقَهْرِهِ الْمُمْتَنِعِ بِقُوَّتِهِ الْمُهَيْمِنِ بِقُدْرَتِهِ وَ الْمُتَعَالِي فَوْقَ كُلِّ شَيْ ءٍ بِجَبَرُوتِهِ الْمَحْمُودِ بِامْتِنَانِهِ وَ بِإِحْسَانِهِ الْمُتَفَضِّلِ بِعَطَائِهِ وَ جَزِيلِ فَوَائِدِهِ الْمُوَسِّعِ بِرِزْقِهِ الْمُسْبِغِ بِنِعَمِهِ- نَحْمَدُهُ عَلَى آلَائِهِ وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ حَمْداً يَزِنُ عَظَمَةَ جَلَالِهِ وَ يَمْلَأُ قَدْرَ آلَائِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّذِي كَانَ فِي أَوَّلِيَّتِهِ مُتَقَادِماً وَ فِي دَيْمُومِيَّتِهِ مُتَسَيْطِراً (3)- خَضَعَ الْخَلَائِقُ لِوَحْدَانِيَّتِهِ وَ رُبُوبِيَّتِهِ وَ قَدِيمِ أَزَلِيَّتِهِ وَ دَانُوا لِدَوَامِ أَبَدِيَّتِهِ (4) وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ وَ اصْطَفَاهُ لِوَحْيِهِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى سِرِّهِ وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ وَ انْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ وَ لِضِيَاءِ مَعَالِمِ دِينِهِ وَ مَنَاهِجِ سَبِيلِهِ-


1- الاوصال: المفاصل.
2- في الوافي زاد [و إن أحسن طول عمره].
3- أي هو في دوامه مسلط على جميع خلقه.
4- أي أقروا و اذعنوا بدوام أبديته أو أطاعوا و خضعوا و ذلوا لكونه دائم الابديّة. «آت»

ص: 174

وَ مِفْتَاحِ وَحْيِهِ وَ سَبَباً لِبَابِ رَحْمَتِهِ ابْتَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ (1) وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ وَ ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعْدِ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ بِكِتَابٍ كَرِيمٍ قَدْ فَضَّلَهُ وَ فَصَّلَهُ وَ بَيَّنَهُ وَ أَوْضَحَهُ وَ أَعَزَّهُ وَ حَفِظَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ضَرَبَ لِلنَّاسِ فِيهِ الْأَمْثَالَ وَ صَرَّفَ فِيهِ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ أَحَلَّ فِيهِ الْحَلَالَ وَ حَرَّمَ فِيهِ الْحَرَامَ وَ شَرَعَ فِيهِ الدِّينَ لِعِبَادِهِ عُذْراً وَ نُذْراً لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَ يَكُونَ بَلَاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ فَبَلَّغَ رِسَالَتَهُ وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ وَ عَبَدَهُ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَ أُوصِي نَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي ابْتَدَأَ الْأُمُورَ بِعِلْمِهِ وَ إِلَيْهِ يَصِيرُ غَداً مِيعَادُهَا وَ بِيَدِهِ فَنَاؤُهَا وَ فَنَاؤُكُمْ وَ تَصَرُّمُ أَيَّامِكُمْ وَ فَنَاءُ آجَالِكُمْ وَ انْقِطَاعُ مُدَّتِكُمْ فَكَأَنْ قَدْ زَالَتْ عَنْ قَلِيلٍ عَنَّا وَ عَنْكُمْ كَمَا زَالَتْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- فَاجْعَلُوا عِبَادَ اللَّهِ اجْتِهَادَكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا التَّزَوُّدَ مِنْ يَوْمِهَا الْقَصِيرِ لِيَوْمِ الْآخِرَةِ الطَّوِيلِ- فَإِنَّهَا دَارُ عَمَلٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ الْقَرَارِ وَ الْجَزَاءِ فَتَجَافَوْا عَنْهَا فَإِنَّ الْمُغْتَرَّ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا لَنْ تَعْدُوَ الدُّنْيَا إِذَا تَنَاهَتْ إِلَيْهَا أُمْنِيَّةُ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا الْمُحِبِّينَ لَهَا الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَيْهَا الْمَفْتُونِينَ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ (2) الْآيَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبِ امْرُؤٌ مِنْكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَبْرَةً إِلَّا أَوْرَثَتْهُ عَبْرَةً وَ لَا يُصْبِحُ فِيهَا فِي جَنَاحٍ آمِنٍ إِلَّا وَ هُوَ يَخَافُ فِيهَا نُزُولَ جَائِحَةٍ (3) أَوْ تَغَيُّرَ نِعْمَةٍ أَوْ زَوَالَ عَافِيَةٍ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ وَ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا عَمِلَتْ- لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ سَارِعُوا إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا فِيهِ الرِّضَا فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَعْمَلُ بِمَحَابِّهِ وَ يَجْتَنِبُ سَخَطَهُ-


1- الهدأة- بفتح الهاء و سكون الدال-: السكون عن الحركات. «آت»
2- يونس: 24.
3- الجائحة: الآفة التي تهلك الثمار و الأموال. و كل مصيبة عظيمة.

ص: 175

ثُمَّ إِنَّ أَحْسَنَ الْقَصَصِ وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ وَ أَنْفَعَ التَّذَكُّرِ كِتَابُ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (1) أَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ (2) إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (3) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَحَنَّنْ (4) عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ تَحَنَّنْتَ وَ سَلَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَ الشَّرَفَ وَ الْفَضِيلَةَ وَ الْمَنْزِلَةَ الْكَرِيمَةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً وَ أَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاهاً وَ أَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ نَصِيباً اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ الْمَقَامِ وَ حِبَاءَ السَّلَامِ (5) وَ شَفَاعَةَ الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ وَ أَلْحِقْنَا بِهِ غَيْرَ خَزَايَا وَ لَا نَاكِبِينَ (6) وَ لَا نَادِمِينَ وَ لَا مُبَدِّلِينَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ ثُمَّ جَلَسَ قَلِيلًا ثُمَّ قَامَ فَقَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحَقَّ مَنْ خُشِيَ وَ حُمِدَ وَ أَفْضَلَ مَنِ اتُّقِيَ وَ عُبِدَ وَ أَوْلَى مَنْ عُظِّمَ وَ مُجِّدَ نَحْمَدُهُ لِعَظِيمِ غَنَائِهِ وَ جَزِيلِ عَطَائِهِ وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ وَ حُسْنِ بَلَائِهِ وَ نُؤْمِنُ بِهُدَاهُ الَّذِي لَا يَخْبُو ضِيَاؤُهُ وَ لَا يَتَمَهَّدُ سَنَاؤُهُ (7) وَ لَا يُوهَنُ عُرَاهُ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ كُلِّ الرَّيْبِ (8) وَ ظُلَمِ الْفِتَنِ وَ نَسْتَغْفِرُهُ مِنْ مَكَاسِبِ الذُّنُوبِ وَ نَسْتَعْصِمُهُ مِنْ مَسَاوِي الْأَعْمَالِ وَ مَكَارِهِ الْآمَالِ


1- الأعراف: 203.
2- العصر: 1 إلى 3.
3- الأحزاب: 56.
4- التحنّن: الترحم.
5- الحباء: العطاء أي أعطه عطية سلامتك بأن يكون سالما عن جميع ما يوجب نقصا أو خزيا. «آت»
6- في بعض النسخ [و لا ناكثين].
7- في بعض النسخ [لا يهد] و السنا مقصورا ضوء البرق و ممدودا: الرفعة.
8- أي من شر كل شك و شبهة يعترى في الدين. «آت»

ص: 176

وَ الْهُجُومِ فِي الْأَهْوَالِ وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الرَّيْبِ (1) وَ الرِّضَا بِمَا يَعْمَلُ الْفُجَّارُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ الَّذِينَ تَوَفَّيْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ وَ مِلَّةِ نَبِيِّكَ ص اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَاتِهِمْ وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَ أَدْخِلْ عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ وَ الرِّضْوَانَ وَ اغْفِرْ لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الَّذِينَ وَحَّدُوكَ وَ صَدَّقُوا رَسُولَكَ وَ تَمَسَّكُوا بِدِينِكَ وَ عَمِلُوا بِفَرَائِضِكَ وَ اقْتَدَوْا بِنَبِيِّكَ وَ سَنُّوا سُنَّتَكَ وَ أَحَلُّوا حَلَالَكَ وَ حَرَّمُوا حَرَامَكَ وَ خَافُوا عِقَابَكَ وَ رَجَوْا ثَوَابَكَ وَ وَالَوْا أَوْلِيَاءَكَ وَ عَادَوْا أَعْدَاءَكَ اللَّهُمَّ اقْبَلْ حَسَنَاتِهِمْ وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَ أَدْخِلْهُمْ بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ.

195- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ حَافِظٌ وَ سَائِبٌ قُلْتُ وَ مَا الْحَافِظُ وَ مَا السَّائِبُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ الْحَافِظُ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَافِظٌ مِنَ الْوَلَايَةِ (2) يَحْفَظُ بِهِ الْمُؤْمِنَ أَيْنَمَا كَانَ وَ أَمَّا السَّائِبُ فَبِشَارَةُ مُحَمَّدٍ ص يُبَشِّرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهَا الْمُؤْمِنَ أَيْنَمَا كَانَ وَ حَيْثُمَا كَانَ.

196- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَالِطِ النَّاسَ تَخْبُرْهُمْ وَ مَتَى تَخْبُرْهُمْ تَقْلِهِمْ (3).


1- أي الذين يشكون و يرتابون في الدين أو الذين يريبون الناس فيهم بالخيانة و السرقة. «آت»
2- كلمة «من» إما تعليلة أي له حافظ من البلايا بسبب ولاية أئمة الحق أوله حافظ بسبب الولاية لتحرس ولايته لئلا تضيع و تذهب بتشكيلات أهل الباطل أو صلة للحفظ إمّا بتقدير مضاف أي يحفظه من ضياع الولاية و ذهابها أو بأن يكون المراد ولاية غير أئمة الحق أو بيانيّة أى الحافظ هي الولاية عن البلايا و الفتن. قوله «و أمّا السائب» لعله من السيب بمعنى العطاء أو بمعنى الجريان أي جارية من الدهور أو من السائبة التي لا مالك لها بخصوصه أي سيب بجميع المؤمنين. «قوله فبشارة محمّد صلّى اللّه عليه و آله» أي البشارة عند الموت بالسعادة الا بدية و يحتمل على بعد أن يكون المراد القرآن أو الرؤيا الحسنة. «آت»
3- قلى- كرضى-: أبغضه و كرهه غاية الكراهة. قال الجزريّ: فى حديث أبى الدرداء «وجدت الناس أخبر تقله» القلى: البغض، يقال: قلاه يقليه قلى و قلى إذا أبغضه. و قال الجوهريّ: إذا فتحت مددت و يقلاه لغة طى، يقول: جرب الناس فانّك إذا جربتهم قليتهم و تركتهم لما يظهر لك من بواطن سرائرهم، لفظه لفظ الامر و معناه معنى الخبر أي جربهم و خبرهم أبغضهم و تركهم و الهاء في «ثقله» للسكت و معنى نظم الحديث وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول انتهى. أقول: الظاهر أن الامر الوارد في هذا الخبر أيضا كذلك أي متى خالطت الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم فلا تخالطهم مخالطة شديدة تكون موجبة لقلاك لهم. «آت»

ص: 177

197- سَهْلٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَمَنْ كَانَ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَصْلٌ فَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ (1) أَصْلٌ.

198- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: تَمَثَّلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِبَيْتِ شِعْرٍ لِابْنِ أَبِي عَقِبٍ وَ يُنْحَرُ بِالزَّوْرَاءِ مِنْهُمْ لَدَى الضُّحَى ثَمَانُونَ أَلْفاً مِثْلُ مَا تُنْحَرُ الْبُدْنُ [وَ رَوَى غَيْرُهُ الْبُزَّلُ] ثُمَّ قَالَ لِي تَعْرِفُ الزَّوْرَاءَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَقُولُونَ إِنَّهَا بَغْدَادُ قَالَ لَا ثُمَّ قَالَ ع دَخَلْتَ الرَّيَّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَتَيْتَ سُوقَ الدَّوَابِّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ رَأَيْتَ الْجَبَلَ الْأَسْوَدَ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ تِلْكَ الزَّوْرَاءُ يُقْتَلُ فِيهَا ثَمَانُونَ أَلْفاً مِنْهُمْ ثَمَانُونَ رَجُلًا (2) مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ قُلْتُ وَ مَنْ يَقْتُلُهُمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَادُ الْعَجَمِ (3).


1- روى العامّة هذا الخبر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا «الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا تفقهوا» و يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد أن الناس مختلفون بحسب استعداداتهم و قابلياتهم و أخلاقهم و عقولهم كاختلاف المعادن فان بعضها ذهب و بعضها فضة فمن كان في الجاهلية خيّرا حسن الخلق عاقلا فهما ففى الإسلام أيضا يسرع إلى قبول الحق و يتصف بمعالى الأخلاق و يجتنب مساوى الاعمال بعد العلم بها و الثاني أن يكون المراد أن الناس مختلفون في شرافة النسب و الحسب كاختلاف المعادن فمن كان في الجاهلية من أهل بيت شرف و رفعة فهو في الإسلام أيضا يصير من أهل الشرف بمتابعة الدين و انقياد الحق و الاتصاف بمكارم الأخلاق، فشبههم عليه السلام عند كونهم في الجاهلية بما يكون في المعدن قبل استخراجه و عند دخولهم في الإسلام بما يظهر من كمال ما يخرج من المعدن و نقصه بعد العمل فيه. «آت»
2- في بعض النسخ [يقتل فيها ثمانون ألفا من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة].
3- في القاموس: الزوراء ما كان لاحيحة و البئر البعيدة و القدح و إناء من فضة و القوس و دجلة و بغداد لان أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة، و موضع بالمدينة قرب المسجد و دار كانت بالحيرة و البعيدة من الاراضى و أرض عند ذى خيم انتهى. و احتمل المجلسيّ- ره- أن يكون الزوراء في الخبر اسما لموضع بالرى و أن يكون زوراء بغداد الجديد و قال: إنّما نفى عليه السلام بغداد القديم و لعله كان هناك موضع يسمى بالرى و يكون إشارة إلى المقاتلة التي وقعت في زمان مأمون هناك و قتل فيها كثير من ولد العباس و على الأول يكون إشارة إلى واقعة تكون في زمن القائم عليه السلام أو في قريب منه و ابن أبي عقب لعله كان سمع هذا من المعصوم فنظمه. «آت»

ص: 178

199- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً (1) قَالَ مُسْتَبْصِرِينَ لَيْسُوا بِشُكَّاكٍ.

200- عَنْهُ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ (2) عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (3) فَقَالَ اللَّهُ أَجَلُّ وَ أَعْدَلُ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِعَبْدِهِ عُذْرٌ لَا يَدَعُهُ يَعْتَذِرُ بِهِ وَ لَكِنَّهُ فُلِجَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ (4).

201- عَلِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ- وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (5) قَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ شِيعَتِنَا ضُعَفَاءُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَحَمَّلُونَ بِهِ إِلَيْنَا فَيَسْمَعُونَ حَدِيثَنَا وَ يَقْتَبِسُونَ مِنْ عِلْمِنَا فَيَرْحَلُ قَوْمٌ فَوْقَهُمْ (6) وَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ يُتْعِبُونَ أَبْدَانَهُمْ حَتَّى


1- قال الزمخشريّ: ليس بنفى للخرور و إنّما هو إثبات له و نفى للصمم و العمى كما تقول: لا يلقانى زيد مسلما هو نفى للسلام لا للقاء و المعنى أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصا على استماعها و أقبلوا على المذكر بها و هم في إكبابهم عليها سامعون بآذان واعية مبصرون بعيون راعية لا كالذين يذكرون بها فتراهم مكبين عليها مقبلين على من يذكر بها مظهرين الحرص الشديد على استماعها و هم كالصم العميان حيث لا يعونها و لا يتبصرون ما فيها كالمنافقين و اشباههم. و قوله: «مُسْتَبْصِرِينَ» أى أكبّوا و أقبلوا مستبصرين. «آت» و الآية في سورة الفرقان: 73.
2- في بعض النسخ كذا [عن على عن إسماعيل] و هو الظاهر و في بعضها [عن عليّ بن إسماعيل] فهو مجهول. «آت»
3- المرسلات: 36.
4- يقال: فلج أصحابه و على أصحابه إذا غلبهم أي صار مغلوبا بالحجة فليس له عذر فالمراد أنه ليس لهم عذر حتّى يؤذن لهم فيعتذروا قال البيضاوى: عطف فيعتذرون على يؤذن ليدل على نفى الاذن و الاعتذار عقيبه مطلقا و لو جعله جوابا لدل على عدم اعتذارهم لعدم الاذن و أوهم ذلك أن لهم غدرا لكن لم يؤذن لهم فيه. «آت»
5- الطلاق: 3.
6- أي في القدرة و المال.

ص: 179

يَدْخُلُوا عَلَيْنَا فَيَسْمَعُوا حَدِيثَنَا فَيَنْقُلُونَهُ إِلَيْهِمْ فَيَعِيهِ هَؤُلَاءِ (1) وَ تُضَيِّعُهُ هَؤُلَاءِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ لَهُمْ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ وَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (2) قَالَ الَّذِينَ يَغْشَوْنَ الْإِمَامَ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ قَالَ لَا يَنْفَعُهُمْ وَ لَا يُغْنِيهِمْ لَا يَنْفَعُهُمُ الدُّخُولُ وَ لَا يُغْنِيهِمُ الْقُعُودُ.

202- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (3) قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ أَبِي عُبَيْدَةَ الْجَرَّاحِ وَ


1- أي الفقراء و الحاصل أن البدن كما يتقوى بالرزق الجسماني و تبقى حياته به فكذلك الروح يتقوى و تحيى بالاغذية الروحانية من العلم و الايمان و الهداية و الحكمة و بدونها ميت في لباس الاحياء فمراده عليه السلام أن الآية كما تدلّ على أن التقوى سبب لتيسّر الرزق الجسماني و حصوله من غير احتساب فكذلك تدلّ على انها تصير سببا لتيسّر الرزق الروحانى الذي هو العلم و الحكمة من غير احتساب و هي تشتملهما معا. «آت»
2- الغاشية: 2. و قال البيضاوى: الداهية التي تغشى الناس بشدائدها يعنى يوم القيامة أو النار من قوله: «وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ» انتهى و قوله: «الذين يغشون الامام» فسّرها عليه السلام بالجماعة فالمراد على هذا البطن الطعام الروحانى أي ليس غذاؤهم الروحانى الا الشكوك و الشبهات و الآراء الفاسدة التي هي كالضريع في عدم النفع و الإضرار بالروح. «آت»
3- من نجوى ثلاثة قال البيضاوى: ما يقع من تناجى ثلاثة و يجوز أن يقدر مضاف أو يؤول نجوى بمتناجين و يجعل ثلاثة صفة لها و اشتقاقها من النجوة و هي ما ارتفع من الأرض فان السر أمر مرفوع إلى الذهن لا يتيسر لكل أحد أن يطلع عليه؛ «إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ» إلا اللّه يجعلهم أربعة من حيث أنّه يشاركهم في الاطلاع عليها و الاستثناء من أعمّ الأحوال؛ «وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ» و تخصيص العددين اما لخصوص الواقعة فان الآية نزلت في تناجى المنافقين أو لأن اللّه وتر يحب الوتر و الثلاثة أول الاوتار أو لأن التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين و ثالث يتوسط بينهما؛ «وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ» و لا أقل ممّا ذكر كالواحد و الاثنين؛ «وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ» يعلم ما يجرى بينهم «أَيْنَ ما كانُوا» فان علمه بالاشياء ليس لقرب مكانى حتّى يتفاوت باختلاف الامكنة «ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» تفضيحا لهم و تقريرا لما يستحقونه من الجزاء؛ «إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ» لان نسبة ذاته المقتضية للعلم الى الكل سواء. انتهى. و الآية في سورة المجادلة آية 7.

ص: 180

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ حَيْثُ كَتَبُوا الْكِتَابَ بَيْنَهُمْ وَ تَعَاهَدُوا وَ تَوَافَقُوا لَئِنْ مَضَى مُحَمَّدٌ لَا تَكُونُ الْخِلَافَةُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَ لَا النُّبُوَّةُ أَبَداً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (1) قَالَ وَ هَاتَانِ الْآيَتَانِ نَزَلَتَا فِيهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّهُ كَانَ يَوْمٌ يُشْبِهُ يَوْمَ كَتْبِ الْكِتَابِ إِلَّا يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع وَ هَكَذَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي أَعْلَمَهُ رَسُولَ اللَّهِ ص أَنْ إِذَا كُتِبَ الْكِتَابُ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ خَرَجَ الْمُلْكُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ قُلْتُ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ قَالَ الْفِئَتَانِ (2) إِنَّمَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ يَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ وَ هُمُ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ وَ قَتْلُهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَ لَوْ لَمْ يَفِيئُوا لَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لَا يَرْفَعَ السَّيْفَ عَنْهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا وَ يَرْجِعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ (3) وَ هِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْ يَعْدِلَ فِيهِمْ حَيْثُ كَانَ ظَفِرَ بِهِمْ كَمَا عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِنَّمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَ عَفَا وَ كَذَلِكَ صَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِمْ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ ص- بِأَهْلِ مَكَّةَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ قَالَ قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (4) قَالَ هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ هِيَ


1- الزخرف: 79 و 80 و قوله: «أَبْرَمُوا» أى احكموا.
2- الفئتان تفسير للطائفتين. «آت» و الآية في سورة الحجرات: 9. و قوله: «تَفِي ءَ» أى ترجع.
3- هذا لبيان كفرهم و بغيهم على جميع المذاهب فان مذهب المخالفين ان مدار وجوب الإطاعة على البيعة فهم بايعوا طائعين غير مكرهين فإذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين. «آت»
4- النجم: 53. و المؤتفكة فسر بالقرى المخسوف بها و قوله: «أَهْوى» أى جعلها تهوى. و هي قرى قوم لوط و فسرها عليه السلام بالبصرة و قد ورد في اخبار الفريقين أنّها احدى المؤتفكات و في تفسير عليّ بن إبراهيم انها ائتفكت باهلها مرتين و على اللّه تمام الثالثة و تمام الثالثة في الرجعة و في النهاية: فى حديث أنس: «البصرة إحدى المؤتفكات» يعنى أنّها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها انتهى. و لا استبعاد في حملها على الحقيقة. «من آت»

ص: 181

الْمُؤْتَفِكَةُ قُلْتُ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ (1) قَالَ أُولَئِكَ قَوْمُ لُوطٍ ائْتَفَكَتْ عَلَيْهِمُ انْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ.

203- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ حَنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَرْوِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ جَالِساً مَعَ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا سَلْمَانَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخْبِرْنِي مَنْ أَنْتَ وَ مَنْ أَبُوكَ وَ مَا أَصْلُكَ فَقَالَ أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِي اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ص هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَلِّمُهُمْ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَلَسْتُ مَعَهُمْ فَأَخَذُوا يَنْتَسِبُونَ وَ يَرْفَعُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا إِلَيَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْ أَنْتَ وَ مَا أَصْلُكَ وَ مَا حَسَبُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص فَمَا قُلْتَ لَهُ يَا سَلْمَانُ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كُنْتُ ضَالًّا فَهَدَانِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كُنْتُ عَائِلًا فَأَغْنَانِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ ص وَ كُنْتُ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِمُحَمَّدٍ ص هَذَا نَسَبِي وَ هَذَا حَسَبِي- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ حَسَبَ الرَّجُلِ دِينُهُ (2) وَ مُرُوءَتَهُ خُلُقُهُ وَ أَصْلَهُ عَقْلُهُ (3) وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (4) ثُمَّ قَالَ النَّبِيُ


1- التوبة: 70.
2- الحسب: الشرافة و يطلق غالبا على الشرافة الحاصلة من جهة الآباء. «آت»
3- المروءة- مهموزة-: الانسانية، مشتقة من المرء و قد تخفّف بالقلب و الادغام.
4- الحجرات: 11. و قوله تعالى: «مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى» أى من آدم و حواء أو خلقنا كل واحد منكم من أب و أم فالكل سواء في ذلك فلا وجه للتفاخر بالنسب و يجور أن يكون: تقريرا للاخوة المانعة عن الاغتياب: «وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ» الشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد و هو يجمع القبائل و القبيلة تجمع العمائر و العمارة تجمع البطون و البطن يجمع على الافخاذ و الفخذ يجمع الفصائل فخزيمة شعب و كنانة قبيلة و قريش عمارة و قصى بطن و هاشم فخذ و عبّاس فصيلة؛ «لتعارفوا» أي ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالآباء و القبائل؛ «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» فان التقوى بها تكمل النفوس و يتفاضل الاشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس منها. «البيضاوى»

ص: 182

ص لِسَلْمَانَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَيْكَ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ كَانَ التَّقْوَى لَكَ عَلَيْهِمْ فَأَنْتَ أَفْضَلُ.

204- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عَلِيٌّ ع صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَا أَرْزَؤُكُمْ مِنْ فَيْئِكُمْ دِرْهَماً (1) مَا قَامَ لِي عِذْقٌ بِيَثْرِبَ فَلْيَصْدُقْكُمْ أَنْفُسُكُمْ (2) أَ فَتَرَوْنِي مَانِعاً نَفْسِي وَ مُعْطِيَكُمْ قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ عَقِيلٌ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لَتَجْعَلَنِّي وَ أَسْوَدَ بِالْمَدِينَةِ سَوَاءً فَقَالَ اجْلِسْ أَ مَا كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ غَيْرُكَ وَ مَا فَضْلُكَ عَلَيْهِ إِلَّا بِسَابِقَةٍ أَوْ بِتَقْوَى.

205- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الصَّفَا فَقَالَ يَا بَنِي هَاشِمٍ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ وَ إِنِّي شَفِيقٌ عَلَيْكُمْ وَ إِنَّ لِي عَمَلِي وَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَمَلَهُ لَا تَقُولُوا إِنَّ مُحَمَّداً مِنَّا وَ سَنَدْخُلُ مَدْخَلَهُ فَلَا وَ اللَّهِ مَا أَوْلِيَائِي مِنْكُمْ وَ لَا مِنْ غَيْرِكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أَلَا فَلَا أَعْرِفُكُمْ (3) يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَأْتُونَ تَحْمِلُونَ الدُّنْيَا عَلَى ظُهُورِكُمْ وَ يَأْتُونَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ الْآخِرَةَ أَلَا إِنِّي قَدْ أَعْذَرْتُ إِلَيْكُمْ (4) فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيكُمْ.

206- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي


1- قال الجوهريّ: يقال: ما رزأته ماله أي ما نقصته. انتهى. و الفي ء: الغنيمة و الخراج. و اليثرب مدينة الرسول أي ما أنقصكم من غنائمكم و خراجكم ما بقى لي عذق- بالفتح- اى نخلة بالمدينة. «آت»
2- أي ارجعوا إلى أنفسكم و انصفوا و ليقل أنفسكم لكم صدقا في ذلك. «آت»
3- أي لا تكونوا كذلك حتّى أعرفكم في ذلك اليوم هكذا و في بعض النسخ [أ فلا أعرفكم] استفهام انكارى أي بلى أعرفكم كذلك. «آت»
4- يقال: أعذر إليه أي أبدى عذره و أثبته. «آت»

ص: 183

عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَ النَّاسُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى إِذَا كَثُرُوا عَلَيْهِ تَطَاوَلَ بِهِمْ فِي السَّمَاءِ وَ جَعَلَ النَّاسُ يَتَسَاقَطُونَ عَنْهُ (1) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا عِصَابَةٌ يَسِيرَةٌ فَفُعِلَ ذَلِكَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَتَسَاقَطُ عَنْهُ النَّاسُ وَ يَبْقَى تِلْكَ الْعِصَابَةُ أَمَا إِنَّ قَيْسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَجْلَانَ (2) فِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ قَالَ فَمَا مَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا نَحْواً مِنْ خَمْسٍ (3) حَتَّى هَلَكَ.

207- عَنْهُ (4) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ انْطَلِقْ فَصَلِّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ فِي الْبَقِيعِ فَجَاءَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ أَبَا جَعْفَرٍ ع قَدْ تُوُفِّيَ.

208- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ (5) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَوْلُهُ تَعَالَى وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها بِمُحَمَّدٍ (6) هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا- جَبْرَئِيلُ ع عَلَى مُحَمَّدٍ ص.

209- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (7) هَكَذَا فَاقْرَأْهَا.


1- لعله إشارة إلى الفتن التي حدثت بعده صلوات اللّه عليه في الشيعة فارتدوا. «آت»
2- رواه الكشّيّ ص 158 من رجاله عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن النضر مثله إلا أن فيه «أما إن ميسر بن عبد العزيز و عبد اللّه بن عجلان في تلك العصابة فما مكث بعد ذلك إلّا نحوا من سنتين حتى هلك صلوات اللّه عليه». انتهى. و في نسخة من الروضة [ميسر و عبد اللّه بن عجلان] و هو الصحيح.
3- في نسخة [سنتين] و هو الصواب.
4- ضمير «عنه» راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد.
5- فيه إرسال و رواه العيّاشيّ عن محمّد بن سليمان الديلميّ عن أبيه و لعلهما سقطا في هذا السند و في بعض النسخ هكذا و هو الظاهر. «آت» و محمّد بن سليمان كان غاليا كذابا و كذا ابوه.
6- آل عمران: 103. و قوله تعالى: «عَلى شَفا حُفْرَةٍ» أى طرفها و مشرفا على السقوط فيها بسبب الكفر و المعاصى. قوله: «بمحمد» يعنى أنقذكم اللّه بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله. و قوله: «هكذا و اللّه نزل بها جبرئيل» أي بهذا المعنى.
7- كذا في أكثر النسخ و في سورة آل عمران آية 92. و لعله في الحديث «حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» كما يقرأ في بعض النسخ أي جميع ما تحبون.

ص: 184

210- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَ سَلِّمُوا لِلْإِمَامِ تَسْلِيماً- أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ رِضًا لَهُ- ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْخِلَافِ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً (1) وَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ- ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ مِنْ أَمْرِ الْوَالِي وَ يُسَلِّمُوا لِلَّهِ الطَّاعَةَ تَسْلِيماً (2).

211- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي جُنَادَةَ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَرْقَاءَ بْنِ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ السَّلُولِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ص عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (3) فَقَدْ سَبَقَتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الشَّقَاءِ وَ سَبَقَ لَهُمُ الْعَذَابُ (4)- وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً (5).

212- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: تَلَا أَبُو جَعْفَرٍ ع- أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (6) فَإِنْ خِفْتُمْ تَنَازُعاً فِي الْأَمْرِ فَأَرْجِعُوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ


1- «أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» أى عرضوا أنفسكم للقتل بالجهاد أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل و ان مصدرية أو مفسرة لان كتبنا في معنى أمرنا. و قوله: «وَ سَلِّمُوا» يحتمل أن يكون من كلامه عليه السلام إضافة للتفسير أي المراد بالقتل القتل الذي يكون في أمر التسليم للامام عليه السلام و كذا فيما يذكر بعد ذلك و قوله: «رضى» أي يكون خروجكم لرضا الامام أو على وفق رضاه. «آت» و الآية في سورة النساء: 66.
2- إشارة إلى الآية الواردة في سورة النساء آية 64. و هذا أحد بطون الآية الكريمة.
3- النساء: 63. قوله: «ما فِي قُلُوبِهِمْ» أى من النفاق فلا يغنى عنهم الكتمان و الحلف الكاذب من العقاب؛ «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» أى عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم كما قيل. «آت»
4- أوردهما عليه السلام للتفسير أي إنّما أمر تعالى بالاعراض عنهم لسبق كلمة الشقاء عليهم أي علمه تعالى بشقائهم و سبق تقدير العذاب لهم لعلمه بانهم يصيرون اشقياء بسوء اختيارهم و لعلّ الامر بالاعراض لعدم المبالغة و الاهتمام في دعوتهم و الحزن على عدم قبولهم أو جبرهم على الإسلام. «آت»
5- في المصحف: «وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً» و تركه في الخبر إمّا من النسّاخ أو لظهوره.
6- النساء: 59.

ص: 185

مِنْكُمْ (1) ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَأْمُرُ بِطَاعَتِهِمْ وَ يُرَخِّصُ فِي مُنَازَعَتِهِمْ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلْمَأْمُورِينَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ- أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ.

حَدِيثُ قَوْمِ صَالِحٍ ع

213- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص سَأَلَ جَبْرَئِيلَ ع كَيْفَ كَانَ مَهْلَكُ قَوْمِ صَالِحٍ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ صَالِحاً بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ وَ هُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَبِثَ فِيهِمْ حَتَّى بَلَغَ عِشْرِينَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ لَا يُجِيبُونَهُ إِلَى خَيْرٍ قَالَ وَ كَانَ لَهُمْ سَبْعُونَ صَنَماً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَ يَا قَوْمِ بُعِثْتُ إِلَيْكُمْ وَ أَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَ قَدْ بَلَغْتُ عِشْرِينَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ وَ أَنَا أَعْرِضُ عَلَيْكُمْ أَمْرَيْنِ إِنْ شِئْتُمْ فَاسْأَلُونِي حَتَّى أَسْأَلَ إِلَهِي فَيُجِيبَكُمْ فِيمَا سَأَلْتُمُونِي السَّاعَةَ وَ إِنْ شِئْتُمْ سَأَلْتُ آلِهَتَكُمْ فَإِنْ أَجَابَتْنِي بِالَّذِي أَسْأَلُهَا خَرَجْتُ عَنْكُمْ فَقَدْ سَئِمْتُكُمْ وَ سَئِمْتُمُونِي (2) قَالُوا قَدْ أَنْصَفْتَ يَا صَالِحُ فَاتَّعَدُوا لِيَوْمٍ يَخْرُجُونَ فِيهِ قَالَ فَخَرَجُوا بِأَصْنَامِهِمْ إِلَى ظَهْرِهِمْ (3) ثُمَّ قَرَّبُوا طَعَامَهُمْ وَ شَرَابَهُمْ فَأَكَلُوا وَ شَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ فَرَغُوا دَعَوْهُ فَقَالُوا يَا صَالِحُ سَلْ فَقَالَ لِكَبِيرِهِمْ (4) مَا اسْمُ هَذَا قَالُوا فُلَانٌ فَقَالَ لَهُ صَالِحٌ يَا فُلَانُ أَجِبْ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ صَالِحُ مَا لَهُ لَا يُجِيبُ قَالُوا ادْعُ غَيْرَهُ قَالَ فَدَعَاهَا كُلَّهَا بِأَسْمَائِهَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنْهَا شَيْ ءٌ فَأَقْبَلُوا عَلَى أَصْنَامِهِمْ فَقَالُوا لَهَا مَا لَكِ لَا تُجِيبِينَ (5) صَالِحاً فَلَمْ تُجِبْ فَقَالُوا تَنَحَّ عَنَّا وَ دَعْنَا وَ آلِهَتَنَا سَاعَةً ثُمَّ نَحَّوْا بُسُطَهُمْ وَ فُرُشَهُمْ وَ نَحَّوْا ثِيَابَهُمْ وَ تَمَرَّغُوا عَلَى التُّرَابِ (6) وَ طَرَحُوا التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ قَالُوا لِأَصْنَامِهِمْ


1- مأخوذ من تتمة الآية السابقة. و الغرض أنّه ليس المراد تنازع الرعية و أولى الامر كما ذهب إليه أكثر المفسرين بل هو خطاب للمأمورين الذين قيل لهم: «أطيعوا اللّه» أي إن اشتبه عليكم أمر و خضتم فيه تنازعا له لعدم علمكم فردوه إلى اللّه- الخ. «آت»
2- أي مللتكم و مللتموني.
3- أي إلى ظهر بلدهم. «آت» و في بعض النسخ [ظهورهم].
4- أي لكبير الأصنام بناء على زعمهم حيث يعدونها من ذوى العقول. «آت»
5- كذا و في تفسير العيّاشيّ [ما بالكن لا تجبن].
6- تمرغ في التراب: تقلب.

ص: 186

لَئِنْ لَمْ تُجِبْنَ صَالِحاً الْيَوْمَ لَتُفْضَحْنَ قَالَ ثُمَّ دَعَوْهُ فَقَالُوا يَا صَالِحُ ادْعُهَا فَدَعَاهَا فَلَمْ تُجِبْهُ فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ قَدْ ذَهَبَ صَدْرُ النَّهَارِ وَ لَا أَرَى آلِهَتَكُمْ تُجِيبُونِي فَاسْأَلُونِي حَتَّى أَدْعُوَ إِلَهِي فَيُجِيبَكُمُ السَّاعَةَ فَانْتَدَبَ لَهُ (1) مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ فَقَالُوا يَا صَالِحُ نَحْنُ نَسْأَلُكَ فَإِنْ أَجَابَكَ رَبُّكَ اتَّبَعْنَاكَ وَ أَجَبْنَاكَ وَ يُبَايِعُكَ جَمِيعُ أَهْلِ قَرْيَتِنَا فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ ع سَلُونِي مَا شِئْتُمْ فَقَالُوا تَقَدَّمْ بِنَا إِلَى هَذَا الْجَبَلِ وَ كَانَ الْجَبَلُ قَرِيباً مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ مَعَهُمْ صَالِحٌ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْجَبَلِ قَالُوا يَا صَالِحُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِنْ هَذَا الْجَبَلِ السَّاعَةَ نَاقَةً حَمْرَاءَ شَقْرَاءَ وَبْرَاءَ عُشَرَاءَ (2) بَيْنَ جَنْبَيْهَا مِيلٌ فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ لَقَدْ سَأَلْتُمُونِي شَيْئاً يَعْظُمُ عَلَيَّ وَ يَهُونُ عَلَى رَبِّي جَلَّ وَ عَزَّ قَالَ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى صَالِحٌ ذَلِكَ فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ صَدْعاً (3) كَادَتْ تَطِيرُ مِنْهُ عُقُولُهُمْ لَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ ثُمَّ اضْطَرَبَ ذَلِكَ الْجَبَلُ اضْطِرَاباً شَدِيداً كَالْمَرْأَةِ إِذَا أَخَذَهَا الْمَخَاضُ ثُمَّ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَأْسُهَا (4) قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الصَّدْعِ فَمَا اسْتُتِمَّتْ رَقَبَتُهَا حَتَّى اجْتَرَّتْ (5)- ثُمَّ خَرَجَ سَائِرُ جَسَدِهَا ثُمَّ اسْتَوَتْ قَائِمَةً عَلَى الْأَرْضِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا يَا صَالِحُ مَا أَسْرَعَ مَا أَجَابَكَ رَبُّكَ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا فَصِيلَهَا (6) فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فَرَمَتْ بِهِ فَدَبَّ حَوْلَهَا فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ أَ بَقِيَ شَيْ ءٌ قَالُوا لَا انْطَلِقْ بِنَا إِلَى قَوْمِنَا نُخْبِرُهُمْ بِمَا رَأَيْنَا وَ يُؤْمِنُونَ بِكَ قَالَ فَرَجَعُوا فَلَمْ يَبْلُغِ السَّبْعُونَ إِلَيْهِمْ حَتَّى ارْتَدَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَ سِتُّونَ رَجُلًا وَ قَالُوا سِحْرٌ وَ كَذِبٌ قَالُوا فَانْتَهُوا إِلَى الْجَمِيعِ (7) فَقَالَ السِّتَّةُ حَقٌّ وَ قَالَ الْجَمِيعُ كَذِبٌ وَ سِحْرٌ قَالَ فَانْصَرَفُوا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ارْتَابَ مِنَ السِّتَّةِ وَاحِدٌ فَكَانَ فِيمَنْ عَقَرَهَا.


1- قال الجوهريّ: ندبه للامر فانتدب له أي دعاه له فأجاب.
2- شقراء أي شديد الحمرة. و براء أي كثير الوبر. عشراء أي أتى على حملها عشرة أشهر. و قوله: «بين جنبيها ميل» أي يكون عرضها قدر ميل. «آت»
3- أي انشق الجبل شقا.
4- أي لم يظهر لهم فجأة شي ء إلّا رأسها. «آت»
5- الاجترار هو ما يفعله بعض الدوابّ من إخراجها ما في بطنها مضغة و ابتلاعه ثانيا. «آت»
6- الفصيل: ولد الناقة.
7- قال الجوهريّ: الجميع ضد المتفرق، و الجميع: الجيش، و الجميع: الحى المجتمع. «آت»

ص: 187

قَالَ ابْنُ مَحْبُوبٍ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا يُقَالُ لَهُ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رَأَى الْجَبَلَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ بِالشَّامِ قَالَ فَرَأَيْتُ جَنْبَهَا قَدْ حَكَّ الْجَبَلَ فَأَثَّرَ جَنْبُهَا فِيهِ وَ جَبَلٍ آخَرَ (1) بَيْنَهُ وَ بَيْنَ هَذَا مِيلٌ.

214- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ- كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (2) قَالَ هَذَا كَانَ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ صَالِحاً وَ مَا أَهْلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً قَطُّ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ الرُّسُلَ فَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ صَالِحاً فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَلَمْ يُجِيبُوا وَ عَتَوْا عَلَيْهِ وَ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ نَاقَةً عُشَرَاءَ وَ كَانَتِ الصَّخْرَةُ يُعَظِّمُونَهَا وَ يَعْبُدُونَهَا وَ يُذَبِّحُونَ عِنْدَهَا فِي رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ وَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهَا فَقَالُوا لَهُ إِنْ كُنْتَ كَمَا تَزْعُمُ نَبِيّاً رَسُولًا فَادْعُ لَنَا إِلَهَكَ حَتَّى تُخْرَجَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ نَاقَةٌ عُشَرَاءُ فَأَخْرَجَهَا اللَّهُ كَمَا طَلَبُوا مِنْهُ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ يَا صَالِحُ قُلْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِهَذِهِ النَّاقَةِ [مِنَ الْمَاءِ] شِرْبَ يَوْمٍ (3) وَ لَكُمْ شِرْبَ يَوْمٍ وَ كَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهَا شَرِبَتِ الْمَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيَحْلُبُونَهَا فَلَا يَبْقَى صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلَّا شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَ أَصْبَحُوا غَدَوْا إِلَى مَائِهِمْ فَشَرِبُوا مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ لَمْ تَشْرَبِ النَّاقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ-


1- الحاصل أنّها رأى جبلين بينهما قدر ميل بقدر عرض البعير و كان في كل من الجانبين أثر جنبها. و في تفسير المجمع عن ابن محبوب عن الرجل الذي رأى ارض ثمود و الجبلين أنّه قال وجدته ثمانين ذراعا.
2- القمر: 24 إلى 26. و قوله: «مِنَّا» أى من جنسنا و جملتنا، لا فضل له علينا، و انتصابه يفعل يفسره ما بعده، واحدا منفردا لا تبع له من آحادهم دون أشرافهم، «نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ» كانهم عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إيّاه ما رتّبه على ترك اتباعهم له. و قيل: السعر: الجنون و منه: ناقة مسعورة، «أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ» الكتاب و الوحى عليه «مِنْ بَيْنِنا» و فينا من هو أحق منه بذلك «بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ» حمله بطره على الترفع علينا بادعائه. «آت»
3- الشرب- بالكسر-: النصيب من الماء.

ص: 188

ثُمَّ إِنَّهُمْ عَتَوْا عَلَى اللَّهِ وَ مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا اعْقِرُوا هَذِهِ النَّاقَةَ وَ اسْتَرِيحُوا مِنْهَا لَا نَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَنَا شِرْبُ يَوْمٍ وَ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ ثُمَّ قَالُوا مَنِ الَّذِي يَلِي قَتْلَهَا وَ نَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا مَا أَحَبَّ فَجَاءَهُمْ رَجُلٌ أَحْمَرُ أَشْقَرُ أَزْرَقُ (1) وَلَدُ زِنًى لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ يُقَالُ لَهُ قُدَارٌ شَقِيٌّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ (2) مَشْئُومٌ عَلَيْهِمْ فَجَعَلُوا لَهُ جُعْلًا فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ النَّاقَةُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَتْ تَرِدُهُ تَرَكَهَا حَتَّى شَرِبَتِ الْمَاءَ وَ أَقْبَلَتْ رَاجِعَةً فَقَعَدَ لَهَا فِي طَرِيقِهَا فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئاً فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَتَلَهَا وَ خَرَّتْ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى جَنْبِهَا وَ هَرَبَ فَصِيلُهَا حَتَّى صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَرَغَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (3) إِلَى السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَ قَوْمُ صَالِحٍ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا شَرِكَهُ فِي ضَرْبَتِهِ وَ اقْتَسَمُوا لَحْمَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلَّا أَكَلَ مِنْهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ صَالِحٌ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ يَا قَوْمِ مَا دَعَاكُمْ إِلَى مَا صَنَعْتُمْ أَ عَصَيْتُمْ رَبَّكُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى صَالِحٍ ع أَنَّ قَوْمَكَ قَدْ طَغَوْا وَ بَغَوْا وَ قَتَلُوا نَاقَةً بَعَثْتُهَا إِلَيْهِمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَ كَانَ لَهُمْ مِنْهَا أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي مُرْسِلٌ عَلَيْكُمْ عَذَابِي إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ هُمْ تَابُوا وَ رَجَعُوا قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ وَ صَدَدْتُ عَنْهُمْ وَ إِنْ هُمْ لَمْ يَتُوبُوا وَ لَمْ يَرْجِعُوا بَعَثْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَتَاهُمْ صَالِحٌ ع فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ إِنِّي رَسُولُ رَبِّكُمْ إِلَيْكُمْ وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ تُبْتُمْ وَ رَجَعْتُمْ وَ اسْتَغْفَرْتُمْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَ تُبْتُ عَلَيْكُمْ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ كَانُوا أَعْتَى مَا كَانُوا وَ أَخْبَثَ وَ قَالُوا- يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [الصَّادِقِينَ] (4) قَالَ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ تُصْبِحُونَ غَداً وَ وُجُوهُكُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وُجُوهُكُمْ مُحْمَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وُجُوهُكُمْ مُسْوَدَّةٌ فَلَمَّا أَنْ كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ أَصْبَحُوا وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ لَا نَسْمَعُ قَوْلَ صَالِحٍ-


1- في القاموس: الاشقر من الناس من تعلو بياضه حمرة.
2- «قدار» قال الجوهريّ: قدار- بضم القاف و تخفيف الدال- يقال له: أحمر ثمود و عاقر ناقة صالح.
3- «فرغى» قال في القاموس: رغى البعير: صوّت و ضج.
4- الأعراف: 77، و فيها «إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» و لعلها نقل بالمعنى، أو من النسّاخ، أو مأخوذة من الآية لا لفظها.

ص: 189

وَ لَا نَقْبَلُ قَوْلَهُ وَ إِنْ كَانَ عَظِيماً فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَصْبَحَتْ وُجُوهُهُمْ مُحْمَرَّةً فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا يَا قَوْمِ قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ لَوْ أُهْلِكْنَا جَمِيعاً مَا سَمِعْنَا قَوْلَ صَالِحٍ وَ لَا تَرَكْنَا آلِهَتَنَا الَّتِي كَانَ آبَاؤُنَا يَعْبُدُونَهَا وَ لَمْ يَتُوبُوا وَ لَمْ يَرْجِعُوا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَصْبَحُوا وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا يَا قَوْمِ أَتَاكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ قَدْ أَتَانَا مَا قَالَ لَنَا صَالِحٌ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَتَاهُمْ جَبْرَئِيلُ ع فَصَرَخَ بِهِمْ صَرْخَةً خَرَقَتْ تِلْكَ الصَّرْخَةُ أَسْمَاعَهُمْ وَ فَلَقَتْ قُلُوبَهُمْ وَ صَدَعَتْ أَكْبَادَهُمْ وَ قَدْ كَانُوا فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قَدْ تَحَنَّطُوا وَ تَكَفَّنُوا وَ عَلِمُوا أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهِمْ فَمَاتُوا أَجْمَعُونَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ صَغِيرُهُمْ وَ كَبِيرُهُمْ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَاعِقَةٌ وَ لَا رَاغِيَةٌ وَ لَا شَيْ ءٌ إِلَّا أَهْلَكَهُ اللَّهُ (1) فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ وَ مَضَاجِعِهِمْ مَوْتَى أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَعَ الصَّيْحَةِ النَّارَ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُمْ أَجْمَعِينَ وَ كَانَتْ هَذِهِ قِصَّتَهُمْ.

215- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنِي فَرْوَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: ذَاكَرْتُهُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِمَا فَقَالَ ضَرَبُوكُمْ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ ثَمَانِينَ سَنَةً (2) وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ ظَالِماً فَكَيْفَ يَا فَرْوَةُ إِذَا ذَكَرْتُمْ صَنَمَيْهِمْ.

216- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَذَكَرْنَا مَا أَحْدَثَ النَّاسُ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ص وَ اسْتِذْلَالَهُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَأَيْنَ كَانَ عِزُّ بَنِي هَاشِمٍ وَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْعَدَدِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ مَنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ


1- النعيق و هو صوت الراعي بغنمه أي لم تبق منهم جماعة يتأتى منهم النعيق و الرعى و في بعض النسخ [فلم يبق لهم ثاغية و لا راغية] قال الجوهريّ: الثغاء: صوت الشاة و المعز و ما شاكلهما و الثاغية: الشاة و الراغية: البعير، و ما بالدار ثاغ و لا راغ أي أحد و قال: قولهم: ما له ثاغية و لا راغية أى ما له شاة و لا ناقة انتهى. و هو الأظهر. و هو الموجود في روايات العامّة أيضا في تلك القصة. «من آت»
2- لعله كان هذا الكلام في قرب وفاته عليه السلام اذ كان مقتل عثمان إلى وفاته صلوات اللّه عليه نحو من ثمانين سنة لانه كان وفاته عليه السلام سنة أربع عشر و مائة «آت»

ص: 190

بَنِي هَاشِمٍ إِنَّمَا كَانَ جَعْفَرٌ وَ حَمْزَةُ فَمَضَيَا وَ بَقِيَ مَعَهُ رَجُلَانِ ضَعِيفَانِ ذَلِيلَانِ حَدِيثَا عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ عَبَّاسٌ وَ عَقِيلٌ وَ كَانَا مِنَ الطُّلَقَاءِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ حَمْزَةَ وَ جَعْفَراً كَانَا بِحَضْرَتِهِمَا مَا وَصَلَا إِلَى مَا وَصَلَا إِلَيْهِ وَ لَوْ كَانَا شَاهِدَيْهِمَا لَأَتْلَفَا نَفْسَيْهِمَا (1).

217- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنِ اشْتَكَى الْوَاهِنَةَ أَوْ كَانَ بِهِ صُدَاعٌ أَوْ غَمْرَةُ بَوْلٍ (2) فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ لْيَقُلْ اسْكُنْ سَكَّنْتُكَ بِالَّذِي سَكَنَ لَهُ مَا فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

218- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ (3) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحَزْمُ فِي الْقَلْبِ (4) وَ الرَّحْمَةُ وَ الْغِلْظَةُ فِي الْكَبِدِ وَ الْحَيَاءُ فِي الرِّيَةِ.

وَ

- فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِأَبِي جَمِيلَةَ الْعَقْلُ مَسْكَنُهُ فِي الْقَلْبِ

. 219- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ: اشْتَكَى غُلَامٌ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ إِنَّهُ بِهِ طُحَالًا (5) فَقَالَ


1- أي لقتلهما.
2- الواهنة: الضعف. و العضد. و فقرة في القفا. و ريح تأخذ في المنكبين أو في العضد أو في الاخدعين و «هما عرقان» و يكون ذلك عند الكبر. و اسفل الاضلاع يقال: إنّه لشديد الواهنتين أى شديد الصدر «المنجد» و قوله: «غمرة بول» بالراء المهملة و في بعضها [بوله]. و في بعض النسخ بالزاى المعجمة. و غمرة الشي ء شدته و مزدحمه و الغمز بالزاى: العصر و على تقادير الظاهر احتباس البول. «آت» و في بعض النسخ [غمرة تؤلمه].
3- أبو جميلة هو مفضل بن صالح الأسدى النخاس مولاهم ضعيف كذاب يضع الحديث روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن موسى عليهما السلام و مات في حياة الرضا عليه السلام «قاله العلامة في خلاصة».
4- الحزم: ضبط الامر و الاخذ فيه بالثقة.
5- الطحال- بكسر الطاء-: غدة اسفنجية في يسار جوف الإنسان و غيره من الحيوانات لازقة بالجنب و الجمع: أطحلة و طحل و طحالات. و الطحال- بضم الطاء-: داء يصيب الطحال- بكسر الطاء-.

ص: 191

أَطْعِمُوهُ الْكُرَّاثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَطْعَمْنَاهُ إِيَّاهُ (1) فَقَعَدَ الدَّمُ ثُمَّ بَرَأَ.

220- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع وَ شَكَوْتُ إِلَيْهِ ضَعْفَ مَعِدَتِي فَقَالَ اشْرَبِ الْحَزَاءَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ (2) فَفَعَلْتُ فَوَجَدْتُ مِنْهُ مَا أُحِبُّ.

221- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع يَقُولُ مِنَ الرِّيحِ الشَّابِكَةِ وَ الْحَامِ وَ الْإِبْرِدَةِ فِي الْمَفَاصِلِ (3) تَأْخُذُ كَفَّ حُلْبَةٍ وَ كَفَّ تِينٍ يَابِسٍ تَغْمُرُهُمَا بِالْمَاءِ وَ تَطْبُخُهُمَا فِي قِدْرٍ نَظِيفَةٍ ثُمَّ تُصَفِّي ثُمَّ تُبَرِّدُ ثُمَّ تَشْرَبُهُ يَوْماً وَ تَغِبُّ يَوْماً حَتَّى تَشْرَبَ مِنْهُ تَمَامَ أَيَّامِكَ قَدْرَ قَدَحٍ رَوِيٍّ.

222- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: مَنْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ مَاءُ الظَّهْرِ (4) فَلْيَنْفَعْ لَهُ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ وَ الْعَسَلُ (5).

223- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ (6) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِيمَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ قُلْتُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحِجَامَةَ فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ أَصْلَحُ


1- في بعض النسخ [فأطعموه إياه]. و قوله: «فقعد الدم» أي سكن و لعله كان طحاله من غليان الدم فقد يكون منه نادرا أو انهم ظنوا أنّه الطحال فأخطئوا و يحتمل أن يكون المراد أنه انفصل عنه الدم. «آت»
2- الحزاء نبت بالبادية يشبه الكرفس إلّا أنّه أعرض ورقا منه. «آت»
3- الريح الشابكة: لعل المراد الريح التي تحدث في الجلد فتشبك بين اللحم و الجلد و الحام لم نعرف له معنى و لعله من حام الطير على الشي ء اي دوم أي الريح اللازمة «آت». و الابردة- بكسر الهمزة و الراء-: علة معروفة من غلبة البرد و الرطوبة يفتر عن الجماع «الصحاح». و الحلبة- بالضم-: نبت نافع للصدر و السعال و الربو و البلغم و البواسير و الظهر و الكبد و المثانة و الباءة. «القاموس»
4- أي لم ينعقد الولد من مائه و يحتمل أن يكون المراد قلة الباه. «آت»
5- اللبن الحليب هو الذي لم يغير و لم يصنع منه شي ء آخر و إنّما وصف به إذ قد يطلق اللبن على الماست. «آت»
6- معلى بن محمّد هذا هو أبو الحسن البصرى مضطرب الحديث و المذهب «قاله العلامة في الخلاصة» و في بعض النسخ [عن عليّ بن محمّد].

ص: 192

قَالَ فَقَالَ لِي وَ إِلَى مَا يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ قُلْتُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَوْمُ الدَّمِ قَالَ فَقَالَ صَدَقُوا فَأَحْرَى أَنْ لَا يُهَيِّجُوهُ فِي يَوْمِهِ أَمَا عَلِمُوا أَنَّ فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ سَاعَةً مَنْ وَافَقَهَا لَمْ يَرْقَأْ دَمُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ.

224- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَنْ أَبِي عُرْوَةَ أَخِي شُعَيْبٍ أَوْ عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع وَ هُوَ يَحْتَجِمُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِي الْحَبْسِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يَقُولُ النَّاسُ إِنَّ مَنِ احْتَجَمَ فِيهِ أَصَابَهُ الْبَرَصُ فَقَالَ إِنَّمَا يُخَافُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ فِي حَيْضِهَا.

225- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ (1) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا تَحْتَجِمُوا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ الزَّوَالِ فَإِنَّ مَنِ احْتَجَمَ مَعَ الزَّوَالِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ شَيْ ءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

226- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍ (2) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الدَّوَاءُ أَرْبَعَةٌ السَّعُوطُ وَ الْحِجَامَةُ وَ النُّورَةُ وَ الْحُقْنَةُ (3).

227- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: شَكَا رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع السُّعَالَ وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ فِي رَاحَتِكَ شَيْئاً مِنْ كَاشِمٍ (4)


1- صالح بن عقبة يرمى بالغلو و لا يلتفت إليه. على ما في الخلاصة.
2- هو الحسن بن عليّ الوشاء و أبو سلمة هو سالم بن المكرم أبو خديجة ثقة على ما ذكره النجاشيّ فعلى هذا فالسند صحيح لان معتب مولى أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام ثقة و هو من أفضل مواليه و خيرهم.
3- أي معظم الأدوية و غيرها لقلة نفعها ليست بدواء.
4- الكاشم: الانجدان الرومى. و اعلم أن ما ورد في معالجة الأمراض في الروايات ينبغي في استعماله مراعاة الاهوية و الأزمنة و الامكنة و الامزجة و غيرها قال الصدوق- رحمه اللّه- اعتقادنا في الاخبار الواردة في الطبّ أنّها على وجوه منها ما قيل على هواء مكّة و المدينة و لا يجوز استعماله في سائر الاهوية و منها ما أخبر به العالم على ما عرف من طبع السائل و لم يعتبر بوصفه إذا كان اعرف بطبعه منه و منها ما دله المخالفون في الكتب لتقبيح صورة المذهب عند الناس و منها ما وقع فيه سهو من ناقله و منها ما حفظ بعضه و نسى بعضه و ما روى في العسل أنّه شفاء من كل داء فهو صحيح و معناه أنّه شفاء من كل داء بارد و ما روى في الاستنجاء بالماء البارد لصاحب البواسير فان ذلك إذا كان بواسيره من الحرارة- الخ. راجع سفينة البحار ج 2 عنوان «طبب».

ص: 193

وَ مِثْلَهُ مِنْ سُكَّرٍ فَاسْتَفَّهُ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ ابْنُ أُذَيْنَةَ فَلَقِيتُ الرَّجُلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ مَا فَعَلْتُهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى ذَهَبَ.

228- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع شَكَا إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى الْبِلَّةَ وَ الرُّطُوبَةَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَأْخُذَ الْهَلِيلَجَ وَ الْبَلِيلَجَ وَ الْأَمْلَجَ (1) فَيَعْجِنَهُ بِالْعَسَلِ وَ يَأْخُذَهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ عِنْدَكُمُ الطَّرِيفَلَ.

229- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَخِيهِ الْعَلَاءِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُتَطَبِّبِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ وَ لِيَ بِالطِّبِّ بَصَرٌ وَ طِبِّي طِبٌّ عَرَبِيٌّ وَ لَسْتُ آخُذُ عَلَيْهِ صَفَداً (2) فَقَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ إِنَّا نَبُطُّ الْجُرْحَ (3) وَ نَكْوِي بِالنَّارِ قَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ وَ نَسْقِي هَذِهِ السُّمُومَ الْأَسْمَحِيقُونَ وَ الْغَارِيقُونَ (4) قَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ إِنَّهُ رُبَّمَا مَاتَ قَالَ وَ إِنْ مَاتَ قُلْتُ نَسْقِي عَلَيْهِ النَّبِيذَ قَالَ لَيْسَ فِي حَرَامٍ شِفَاءٌ (5)- قَدِ اشْتَكَى


1- الهليلج: ثمر منه أصفر و منه أسود و منه كابلى له نفع و يحفظ العقل و يزيل الصدع. و البليلج:- بكسر الباء و اللام الأولى و فتح الثانية-: دواء هندى معروف يتداوى به «مجمع البحرين» و الاملج ثمر شجر يكثر في الهند و هو نوع من الأدوية يتداوى به و يسمونه الطريفل.
2- الصفد: العطاء.
3- البطّ: الشق، و بطّ الدمل و الجرح و الصرة و نحوهما: شقّه.
4- «الاسمحيقون» قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: لم نجده في كتب الطبّ و اللغة و الذي وجدته هو اسطمخيقون و هو حبّ مسهل للسوداء و البلغم و لعلّ ما في النسخ تصحيف هذا. و في مجمع البحرين: الاسمحيقون- بالسين و الحاء المهملتين بينهما ميم و القاف بعد الياء المثناة من تحتها كما صحت به النسخ ثمّ الواو و النون-: نوع من الأدوية يتداوى به و منه الحديث نسقى هذه السموم الاسمحيقون و الغاريقون. انتهى.
5- يدل على عدم جواز التداوي بالحرام مطلقا كما هو ظاهر أكثر الاخبار و إن كان خلاف المشهور و حمل على ما إذا لم يضطر إليه- و لا اضطرار إليه- و قوله عليه السلام: «قد اشتكى» لعله استشهاد للتداوى بالدواء المرّ. «آت».

ص: 194

رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ فَقَالَ أَنَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1) مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَنِي بِذَاتِ الْجَنْبِ قَالَ فَأَمَرَ فَلُدَّ بِصَبِرٍ (2).

230- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ يَشْرَبُ الدَّوَاءَ وَ يَقْطَعُ الْعِرْقَ وَ رُبَّمَا انْتَفَعَ بِهِ وَ رُبَّمَا قَتَلَهُ قَالَ يَقْطَعُ وَ يَشْرَبُ (3).

231- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ (4) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع فَرَآنِي أَتَأَوَّهُ فَقَالَ مَا لَكَ قُلْتُ ضِرْسِي فَقَالَ لَوِ احْتَجَمْتَ (5) فَاحْتَجَمْتُ فَسَكَنَ فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ لِي مَا تَدَاوَى النَّاسُ بِشَيْ ءٍ خَيْرٍ مِنْ مَصَّةِ دَمٍ أَمْ مُزْعَةِ عَسَلٍ (6) قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْمُزْعَةُ عَسَلٍ [عَسَلًا] قَالَ لَعْقَةُ عَسَلٍ (7).

232- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى ع يَقُولُ دَوَاءُ الضِّرْسِ تَأْخُذُ حَنْظَلَةً فَتُقَشِّرُهَا ثُمَّ تَسْتَخْرِجُ دُهْنَهَا فَإِنْ كَانَ الضِّرْسُ مَأْكُولًا مُنْحَفِراً تُقَطِّرُ فِيهِ قَطَرَاتٍ وَ تَجْعَلُ مِنْهُ فِي قُطْنَةٍ شَيْئاً وَ تَجْعَلُ فِي جَوْفِ الضِّرْسِ وَ يَنَامُ صَاحِبُهُ مُسْتَلْقِياً يَأْخُذُهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ كَانَ الضِّرْسُ لَا أَكْلَ فِيهِ وَ كَانَتْ رِيحاً قَطِّرْ فِي الْأُذُنِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ الضِّرْسَ


1- لعله لاستلزام ذلك المرض اختلال العقل و تشويش الدماغ غالبا. «آت»
2- في القاموس: اللدود- كصبور-: ما يصب بالمسعط من الدواء في أحد شقى الفم و قد لده لدّا و لدودا و لدّه إياه و لده و ألدّه و لدّ فهو ملدود.
3- يدل على جواز التداوي بالادوية و الاعمال خطيرة. «آت»
4- حمزة بن الطيار مات في حياة الصادق عليه السلام و ترحّم عليه فروايته عن أبي الحسن عليه السلام لعلها كانت في حياة ابيه عليهما السلام. «آت»
5- «لو» للتمنى.
6- «مزعة عسل» بالزاى المعجمة و العين المهملة- قال الجوهريّ: المزعة- بالضم و الكسر-: قطعة لحم يقال: ما عليه مزعة لحم و ما في الاناء مزعة من الماء اي جرعة «آت»
7- اللعقة- بضم اللام- مصدر: ما تأخذه في الملعقة أو باصبعك؛ و القليل ممّا يعلق.

ص: 195

لَيَالِيَ كُلَّ لَيْلَةٍ قَطْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ قَطَرَاتٍ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِوَجَعِ الْفَمِ وَ الدَّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْأَسْنَانِ وَ الضَّرَبَانِ وَ الْحُمْرَةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْفَمِ تَأْخُذُ حَنْظَلَةً رَطْبَةً قَدِ اصْفَرَّتْ فَتَجْعَلُ عَلَيْهَا قَالَباً مِنْ طِينٍ (1) ثُمَّ تَثْقُبُ رَأْسَهَا وَ تُدْخِلُ سِكِّيناً جَوْفَهَا فَتَحُكُّ جَوَانِبَهَا بِرِفْقٍ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا خَلَّ تَمْرٍ (2) حَامِضاً شَدِيدَ الْحُمُوضَةِ ثُمَّ تَضَعُهَا عَلَى النَّارِ فَتُغْلِيهَا غَلَيَاناً شَدِيداً ثُمَّ يَأْخُذُ صَاحِبُهُ مِنْهُ كُلَّمَا احْتَمَلَ ظُفُرُهُ فَيَدْلُكُ بِهِ فِيهِ وَ يَتَمَضْمَضُ بِخَلٍّ وَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُحَوِّلَ مَا فِي الْحَنْظَلَةِ فِي زُجَاجَةٍ أَوْ بَسْتُوقَةٍ (3) فَعَلَ وَ كُلَّمَا فَنِيَ خَلُّهُ أَعَادَ مَكَانَهُ وَ كُلَّمَا عَتَقَ كَانَ خَيْراً لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (4).

233- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ النُّجُومَ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ فِيهَا وَ هِيَ تُعْجِبُنِي فَإِنْ كَانَتْ تُضِرُّ بِدِينِي فَلَا حَاجَةَ لِي فِي شَيْ ءٍ يُضِرُّ بِدِينِي وَ إِنْ كَانَتْ لَا تُضِرُّ بِدِينِي فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَشْتَهِيهَا وَ أَشْتَهِي النَّظَرَ فِيهَا فَقَالَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ لَا تُضِرُّ بِدِينِكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ تَنْظُرُونَ فِي شَيْ ءٍ مِنْهَا كَثِيرُهُ لَا يُدْرَكُ وَ قَلِيلُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ تَحْسُبُونَ عَلَى طَالِعِ الْقَمَرِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي كَمْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَ الزُّهَرَةِ مِنْ دَقِيقَةٍ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَ فَتَدْرِي كَمْ بَيْنَ الزُّهَرَةِ وَ بَيْنَ الْقَمَرِ مِنْ دَقِيقَةٍ قُلْتُ لَا قَالَ أَ فَتَدْرِي كَمْ بَيْنَ الشَّمْسِ وَ بَيْنَ السُّنْبُلَةِ (5) مِنْ دَقِيقَةٍ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُنَجِّمِينَ قَطُّ قَالَ أَ فَتَدْرِي كَمْ بَيْنَ السُّنْبُلَةِ وَ بَيْنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ دَقِيقَةٍ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُهُ مِنَ مُنَجِّمٍ قَطُّ قَالَ مَا بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ دَقِيقَةً [شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا حِسَابٌ إِذَا حَسَبَهُ الرَّجُلُ وَ وَقَعَ عَلَيْهِ عَرَفَ الْقَصَبَةَ الَّتِي فِي وَسَطِ الْأَجَمَةِ-


1- أي يطلى جميعها بالطين لئلا يفسدها النار إذا وضعت عليها و لا يخرج منها شي ء إذا حصل خرق أو ثقب. «آت»
2- في بعض النسخ [خل خمر] أى صار بالعلاج خلا. «آت»
3- معرب بستو.
4- عتق الخمر قدمت و حسنت.
5- في بعض النسخ [السكينة] فتكون اسم كوكب غير معروف و هذا أنسب بقوله: «ما سمعته من منجم». «آت»

ص: 196

وَ عَدَدَ مَا عَنْ يَمِينِهَا وَ عَدَدَ مَا عَنْ يَسَارِهَا وَ عَدَدَ مَا خَلْفَهَا وَ عَدَدَ مَا أَمَامَهَا حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ قَصَبِ الْأَجَمَةِ وَاحِدَةٌ.

234- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ قِرْوَاشٍ الْجَمَّالُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْجِمَالِ يَكُونُ بِهَا الْجَرَبُ أَعْزِلُهَا مِنْ إِبِلِي مَخَافَةَ أَنْ يُعْدِيَهَا جَرَبُهَا وَ الدَّابَّةُ رُبَّمَا صَفَرْتُ (1) لَهَا حَتَّى تَشْرَبَ الْمَاءَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ أَعْرَابِيّاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصِيبُ الشَّاةَ وَ الْبَقَرَةَ وَ النَّاقَةَ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ وَ بِهَا جَرَبٌ فَأَكْرَهُ شِرَاءَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُعْدِيَ ذَلِكَ الْجَرَبُ إِبِلِي وَ غَنَمِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَعْرَابِيُّ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا عَدْوَى وَ لَا طِيَرَةَ وَ لَا هَامَةَ وَ لَا شُؤْمَ وَ لَا صَفَرَ وَ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ هِجْرَةٍ وَ لَا صَمْتَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ وَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَ لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَ لَا يُتْمَ بَعْدَ إِدْرَاكٍ (2).


1- من الصفير.
2- قال الجزريّ: العدوى: اسم من الاعداء كالرعوى و البقوى من الارعاء و الابقاء، يقال: أعداه الداء يعديه إعداء و هو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء و ذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بابل اخرى حذار أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه و قد أبطله الإسلام لانهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى فأعلمهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه ليس الامر كذلك و انما اللّه تعالى هو الذي يمرض و ينزل الداء و لهذا قال في بعض الأحاديث «فمن أعدى البعير الأول» أى من أين صار فيه الجرب انتهى. أقول: يمكن أن يكون المراد نفى استقلال العدوى بدون مدخلية مشيئة اللّه تعالى بل مع الاستعاذة باللّه يصرفه عنه فلا ينافى الامر بالفرار من المجذوم و أمثاله لعامة الناس الذين لضعف يقينهم لا يستعيذون به تعالى و تتأثر نفوسهم بأمثاله و قد روى أن عليّ بن الحسين عليهما السلام أكل مع المجذومين و دعاهم إلى طعامه و شاركهم في الاكل. و قيل: الجذام مستثنى من هذه الكلية و قال الطيبى العدوى مجاوزة العلة او الخلق إلى الغير و هو يزعم الطبّ في سبع: الجذام و الجرب و الجدرى و الحصبة و النجر و الرمد و الأمراض الوبائية. «فأبطله الشرع» أي لا تسرى علة إلى شخص و قيل: بل نفى استقلال تأثيره بل هو متعلق بمشيئة اللّه و لذا منع مقاربته كمقاربة الجدار المائل و السفينة المعيبة و أجاب الاولون بان النهى عنها للشفقة خشية أن يعتقد حقيته إن اتفق اصابة عاهة و أرى هذا القول أولى لما فيه من التوفيق بين الأحاديث و الأصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها على وجه لا يناقض أصول التوحيد. و قوله: «و لا طيرة» هذا أيضا مثل السابق و المراد أنّه لا يجوز التطيّر و التشؤم بالامور أو لا تأثير للطيرة على الاستقلال بل مع قوة النفس و عدم التأثر بها و التوكل على اللّه تعالى ترتفع تأثيرها و يؤيده ما ورد في بعض الأخبار من الدلالة على تأثيرها في الجملة و ما ورد في بعض الأدعية من الاستعاذة منها، قال الجزريّ: فيه لا عدوى و لا طيرة. الطيرة بكسر الطاء و فتح الياء و قد يسكن هى التشؤم بالشي ء و هو مصدر تطيّر يقال: التطير بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و غيرهما و كان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع و أبطله و نهى عنه و أخبر أنّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر. قوله: «و لا هامة» قال الجزريّ: فيه لا عدوى و لا هامة. الهامة: الرأس و اسم طائر و هو المراد في الحديث و ذلك أنهم كانوا يتشأمون بها و هي من طير الليل و قيل: هى البومة و قيل: كانت العرب نزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثاره تصير هامة فتقول: أسفونى أسفونى فإذا أدرك بثاره طارت و قيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت- و قيل: روحه- تصير هامة فتطير و يسمونه الصدى فنفاه الإسلام و نهاهم عنه و ذكره الهروى في الهاء و الواو و ذكره الجوهريّ في الهاء و الياء. قوله صلّى اللّه عليه و آله: «و لا صفر» قال الجزريّ: فيه لا عدوى و لا هامة و لا صفر. كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها: الصفر تصيب الإنسان إذا جاع و تؤذيه و أنّها تعدى فأبطل الإسلام ذلك. و قيل: اراد به النسي ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و هو تأخير المحرم الى صفر و يجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله. انتهى. و قيل: هو الشهر المعروف زعموا أنّه يكثر فيه الدواهى و الفتن فنفاه الشارع و يحتمل أن يكون المراد هنا النهى عن الصفير بقرينة انه عليه السلام لم يذكر الجواب عنه و هو بعيد و الظاهر أن الراوي ترك جواب الصفير و يظهر من بعض الأخبار كراهته. قوله: «و لا رضاع بعد فصال» أي لا حكم للرضاع بعد الزمان الذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد اي بعد الحولين فلا ينشر الحرمة. قوله: «و لا تعرب بعد هجرة» أي لا يجوز اللحوق بالاعراب و ترك الهجرة بعدها و عد في كثير من الاخبار من الكبائر. قوله: «و لا صمت يوما إلى الليل» أي لا يجوز التعبد بصوم الصمت الذي كان في الأمم السابقة فانه منسوخ في هذا الشرع. قوله: «و لا طلاق قبل نكاح» كان يقول: إذا تزوجت فلانة فهي طالق. فلا يتحقّق هذا الطلاق و كذا قوله: «لا عتق قبل ملك». قوله صلّى اللّه عليه و آله: «و لا يتم بعد إدراك» أي يرفع حكم اليتيم من حجره و ولاية الولى عليه و حرمة أكل ماله بغير اذن وليه و غيرها بعد بلوغه. «آت»

ص: 197

235- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الطِّيَرَةُ عَلَى مَا تَجْعَلُهَا إِنْ هَوَّنْتَهَا تَهَوَّنَتْ وَ إِنْ شَدَّدْتَهَا

ص: 198

تَشَدَّدَتْ وَ إِنْ لَمْ تَجْعَلْهَا شَيْئاً لَمْ تَكُنْ شَيْئاً (1).

236- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَفَّارَةُ الطِّيَرَةِ التَّوَكُّلُ.

237- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ وَ غَيْرِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (2) فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ وَ كَانُوا سَبْعِينَ أَلْفَ بَيْتٍ وَ كَانَ الطَّاعُونُ يَقَعُ فِيهِمْ فِي كُلِّ أَوَانٍ فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْأَغْنِيَاءُ لِقُوَّتِهِمْ وَ بَقِيَ فِيهَا الْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ فَكَانَ الْمَوْتُ يَكْثُرُ فِي الَّذِينَ أَقَامُوا وَ يَقِلُّ فِي الَّذِينَ خَرَجُوا فَيَقُولُ الَّذِينَ خَرَجُوا لَوْ كُنَّا أَقَمْنَا لَكَثُرَ فِينَا الْمَوْتُ وَ يَقُولُ الَّذِينَ أَقَامُوا لَوْ كُنَّا خَرَجْنَا لَقَلَّ فِينَا الْمَوْتُ قَالَ فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ جَمِيعاً أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ فِيهِمْ وَ أَحَسُّوا بِهِ خَرَجُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِالطَّاعُونِ خَرَجُوا جَمِيعاً وَ تَنَحَّوْا عَنِ الطَّاعُونِ حَذَرَ الْمَوْتِ فَسَارُوا فِي الْبِلَادِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِمَدِينَةٍ خَرِبَةٍ قَدْ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ أَفْنَاهُمُ الطَّاعُونُ فَنَزَلُوا بِهَا فَلَمَّا حَطُّوا رِحَالَهُمْ وَ اطْمَأَنُّوا بِهَا قَالَ لَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوتُوا جَمِيعاً فَمَاتُوا


1- يدل على أن تأثير الطيرة ينتفى بعدم الاعتناء بالتوكل على اللّه تعالى. «آت»
2- البقرة: 243.

ص: 199

مِنْ سَاعَتِهِمْ وَ صَارُوا رَمِيماً يَلُوحُ (1) وَ كَانُوا عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ فَكَنَسَتْهُمُ الْمَارَّةُ فَنَحَّوْهُمْ وَ جَمَعُوهُمْ فِي مَوْضِعٍ فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ فَلَمَّا رَأَى تِلْكَ الْعِظَامَ بَكَى وَ اسْتَعْبَرَ وَ قَالَ يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ لَأَحْيَيْتَهُمُ السَّاعَةَ كَمَا أَمَتَّهُمْ فَعَمَرُوا بِلَادَكَ وَ وَلَدُوا عِبَادَكَ وَ عَبَدُوكَ مَعَ مَنْ يَعْبُدُكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَ فَتُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ فَأَحْيِهِمْ (2) قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنْ قُلْ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَقُولَهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فَلَمَّا قَالَ حِزْقِيلُ ذَلِكَ الْكَلَامَ نَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ يَطِيرُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَعَادُوا أَحْيَاءً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ يُكَبِّرُونَهُ وَ يُهَلِّلُونَهُ فَقَالَ حِزْقِيلُ عِنْدَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

238- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ ع لِبَنِيهِ- اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ (3) أَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَيٌّ وَ قَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ عَلِمَ قَالَ إِنَّهُ دَعَا فِي السَّحَرِ وَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَهْبِطَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ بريالُ وَ هُوَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ بريالُ مَا حَاجَتُكَ يَا يَعْقُوبُ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً قَالَ بَلْ أَقْبِضُهَا مُتَفَرِّقَةً رُوحاً رُوحاً قَالَ لَهُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ مَرَّ بِكَ رُوحُ يُوسُفَ فِيمَا مَرَّ بِكَ قَالَ لَا فَعَلِمَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ حَيٌّ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لِوُلْدِهِ- اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ.

239- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْقُمِّيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع


1- أي يظهر للناس عظامهم المدرسة من غير جلد و لحم. «آت»
2- في بعض النسخ [فأحياهم اللّه] فيكون قوله: «فاوحى اللّه» تفصيلا و تفسيرا للاحياء. «آت»
3- يوسف: 87. و التحسس: طلب الاحساس أي تعرفوا منها و تفحصوا عن حالهما. «آت»

ص: 200

فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (1) قَالَ حَيْثُ كَانَ النَّبِيُّ ص بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَعَمُوا وَ صَمُّوا حَيْثُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ قَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا إِلَى السَّاعَةِ.

240- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ (2) قَالَ الْخَنَازِيرُ عَلَى لِسَانَ دَاوُدَ وَ الْقِرَدَةُ عَلَى لِسَانَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع (3).

241- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع- فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (4) فَقَالَ بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ التَّكْذِيبِ وَ لَكِنَّهَا مُخَفَّفَةٌ لا يُكَذِّبُونَكَ لَا يَأْتُونَ بِبَاطِلٍ يُكَذِّبُونَ بِهِ حَقَّكَ.

242- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ


1- المائدة: 71. و تمام الآية: «وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ». و المشهور بين المفسرين أنّها لبيان حال بنى إسرائيل اي حسبت بنو إسرائيل ألا يصيبهم بلاء و عذاب بقتل الأنبياء و تكذيبهم و على تفسيره عليه السلام المراد الفتنة التي حدثت بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من غصب الخلافة و عماهم عن دين الحق و صممهم عن استماعه و قبوله. «آت»
2- المائدة: 78.
3- المشهور بين المفسرين و المؤرخين و ظاهر الآية الكريمة بل صريحها حيث قال في قصة أصحاب السبت: «فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ» عكس ذلك و قد ورد في أكثر رواياتنا أيضا كذلك أى مسخهم قردة كان في زمان داود و مسخهم خنازير في زمان عيسى عليهما السلام و لعله من النسّاخ لكن في تفسيرى العيّاشيّ و عليّ بن إبراهيم في هذا المقام كما في الكتاب. «آت»
4- الأنعام: 33. قال الطبرسيّ: قرأ نافع و الكسائى و الاعشى عن أبي بكر «لا يكذبونك» بالتخفيف و هو قراءة عليّ عليه السلام و المروى عن جعفر الصادق عليهما السلام و الباقون: بفتح الكاف و التشديد.

ص: 201

ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ (1) قَالَ نَزَلَتْ فِي ابْنِ أَبِي سَرْحٍ الَّذِي كَانَ عُثْمَانُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مِصْرَ وَ هُوَ مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ هَدَرَ دَمَهُ (2) وَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَإِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كَتَبَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص دَعْهَا (3) فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ كَانَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ يَقُولُ لِلْمُنَافِقِينَ إِنِّي لَأَقُولُ مِنْ نَفْسِي مِثْلَ مَا يَجِي ءُ بِهِ فَمَا يُغَيِّرُ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ الَّذِي أَنْزَلَ.

243- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (4) فَقَالَ لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص رَخَّصَ لَهُمْ (5) لِحَاجَتِهِ وَ حَاجَةِ أَصْحَابِهِ فَلَوْ قَدْ جَاءَ تَأْوِيلُهَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ لَكِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَتَّى يُوَحَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ.


1- الأنعام: 93.
2- ذلك قبل أن يحاميه عثمان و يحسر على رسول اللّه في أخذ الأمان له. «آت»
3- أي اتركها كما نزلت و لا تغيرها و ان ما كتبت و إن كان حقا لا يجوز تغيير ما نزل من القرآن فقوله: «فما يغير على» اما افتراء منه على الرسول او هو إشارة إلى ما جرى على لسانه و نزل الوحى مطابقا له. «آت»
4- الأنفال: 39. قال الطبرسيّ- رحمه اللّه-: هذا خطاب للنبى صلّى اللّه عليه و آله و المؤمنين أن يقاتلوا الكفّار حتّى لا تكون فتنة أي شرك عن ابن عبّاس و الحسن و معناه حتّى لا يكون كافرا بغير عهد لان الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزا في قومه و يدعو الناس إلى دينه فتكون الفتنة في الدين. و قيل: حتى لا يكون يفتن مؤمن عن دينه و يكون الدين كله للّه اي و يجمع أهل الحق و أهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه و يعملون به فيكون الدين حينئذ كله للّه باجتماع الناس عليه و روى زرارة و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لم يجئ تأويل هذه الآية و لو قد قام قائمنا بعد و سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية و ليبلغن دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله ما بلغ الليل حتّى لا يكون شرك على ظهر الأرض.
5- أي بقبول الجزية من أهل الكتاب و الفداء من المشركين و اظهار الإسلام من المنافقين مع علمه بكفرهم. «آت»

ص: 202

244- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ (1) قَالَ نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ وَ عَقِيلٍ وَ نَوْفَلٍ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ فَأُسِرُوا فَأَرْسَلَ عَلِيّاً ع فَقَالَ انْظُرْ مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ فَمَرَّ عَلِيٌّ ع عَلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَحَادَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ عَقِيلٌ يَا ابْنَ أُمِّ عَلَيَ (2) أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَ مَكَانِي قَالَ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ هَذَا أَبُو الْفَضْلِ (3) فِي يَدِ فُلَانٍ وَ هَذَا عَقِيلٌ فِي يَدِ فُلَانٍ وَ هَذَا نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ فِي يَدِ فُلَانٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَقِيلٍ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا يَزِيدَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ إِذاً لَا تُنَازَعُونَ فِي تِهَامَةَ فَقَالَ إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمُ (4) الْقَوْمَ وَ إِلَّا فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ (5) فَقَالَ فَجِي ءَ بِالْعَبَّاسِ فَقِيلَ لَهُ افْدِ نَفْسَكَ وَ افْدِ ابْنَ أَخِيكَ (6) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ تَتْرُكُنِي أَسْأَلُ قُرَيْشاً فِي كَفِّي فَقَالَ أَعْطِ مِمَّا خَلَّفْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ وَ قُلْتَ لَهَا إِنْ أَصَابَنِي فِي وَجْهِي هَذَا شَيْ ءٌ فَأَنْفِقِيهِ عَلَى وُلْدِكِ وَ نَفْسِكِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا فَقَالَ أَتَانِي بِهِ جَبْرَئِيلُ ع مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ وَ مَحْلُوفِهِ (7) مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ إِلَّا أَنَا وَ هِيَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَرَجَعَ الْأَسْرَى كُلُّهُمْ مُشْرِكِينَ إِلَّا الْعَبَّاسُ وَ عَقِيلٌ وَ نَوْفَلٌ كَرَّمَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى (8) إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.


1- الأنفال: 70.
2- أي ارحم عليّ أو أقبل عليّ.
3- هو كنية عبّاس بن عبد المطلب.
4- «فقال» أي عقيل و قال الجوهريّ: أثخنه أي أوهنه بالجراحة و أضعفه. «آت»
5- أي اتبعوهم و شدوا خلفهم و إن اثخنتموهم فخلوهم. و قيل: القائل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ركوب الاكتاف كناية عن شد وثاقهم أي إن ضعفوا بالجراحات فلا يقدرون على الهرب فخلوهم و إلّا فشدوهم لئلا يهربوا و تكونوا راكبين على اكتافهم أي مسلطين عليهم. «آت»
6- في بعض النسخ [ابنى أخيك] أى نوفلا و عقيلا.
7- أي بالذى حلف به.
8- قال الطبرسيّ- رحمه اللّه- إنّما ذكر الأيدي لان من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في أيدهم لاستيلائهم عليه؛ «من الاسرى» يعنى اسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء؛ «إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً» أى اسلاما و اخلاصا أو رغبة في الايمان و صحة نية؛ «يؤتكم خيرا» أي يعطكم خيرا «مما أخذ منكم» من الفداء أما في الدنيا و الآخرة و إمّا في الآخرة؛ «وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» روى عن العباس ابن عبد المطلب إنّه قال: نزلت هذه الآية فيّ و في أصحابى كان معى عشرون أوقية ذهبا فأخذت منى فأعطانى اللّه مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير و أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية و أعطانى زمزم و ما أحبّ أن لي بها جميع أموال أهل مكّة و أنا انتظر المغفرة من ربى، قال قتادة: ذكر لنا أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا و قد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتّى فرقه و أمر العباس أن يأخذ منه يحثى فأخذ فكان العباس يقول: هذا خير ممّا أخذ منى و أرجو المغفرة. انتهى. و أبو البحترى هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد و لم يقبل أمان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك اليوم و قتل فالضمير في قوله «ع»: «اسروا» راجع الى بنى هاشم و أبو البخترى معطوف على أحد لانه لم يكن من بنى هاشم و قد كان نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن قتله أيضا قال: ابن أبي الحديد قال: الواقدى نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قتل أبى البخترى و كان قد لبس السلاح بمكّة يوما قبل الهجرة في بعض ما كان ينال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الاذى و قال: لا يعرض اليوم أحد لمحمّد بأذى إلّا وضعت فيه السلاح فشكر ذلك له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال أبو داود المازنى: فلحقته يوم بدر فقلت له: إن رسول اللّه نهى عن قتلك أن اعطيت بيدك قال: و ما تريد إلى أن كان قد نهى عن قتلى فقد كنت أبليته ذلك فاما أن اعطى بيدى فو اللات و العزى لقد علمت نسوة بمكّة أنى لا أعطى بيدى و قد عرفت أنك لا تدعنى فافعل الذي تريد فرماه أبو داود بسهم و قال: اللّهمّ سهمك و أبو البخترى عبدك فضعه في مقتله و أبو البخترى دارع ففتق السهم الدرع فقتله قال الواقدى: و يقال أن المجذر بن زياد قتل أبا البخترى و لا يعرفه فقال المجذر في ذلك شعرا عرف منه انه قاتله. و في رواية محمّد بن إسحاق أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى يوم بدر عن قتل أبى البخترى و اسمه الوليد بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى لانه كان أكف الناس عن رسول اللّه بمكّة كان لا يؤديه و لا يبلغه عنى شي ء يكرهه و كان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش عليّ بن هاشم فلقيه المجذر بن زياد البلوى حليف الأنصار فقال له: إن رسول اللّه نهانا عن قتلك و مع أبى البخترى زميل له خرج معه من مكّة يقال له: جنادة بن مليحة فقال أبو البخترى: و زميلى قال المجذر: و اللّه ما نحن بتاركى زميلك ما نهانا رسول اللّه إلّا عنك وحدك قال: إذا و اللّه لأموتن أنا و هو جميعا لا تتحدث عنى نساء أهل مكّة إنّي تركت زميلى حرصا على الحياة فنازله المجذر و ارتجز أبو البخترى فقال: لن يسلم ابن حرة زميله حتى يموت او يرى سبيله ثمّ اقتتلا فقتله المجذر و جاء إلى رسول اللّه فأخبره و قال: و الذي بعثك بالحق لقد جهدت أن يستأسر فآتيك به فأبى إلّا القتال فقاتلته فقتلته ثمّ قال: قال: محمّد بن إسحاق: و قد كان رسول اللّه في أول الواقعة نهى أن يقتل أحد من بنى هاشم و روى بإسناده عن ابن عبّاس أنّه قال: قال النبيّ لاصحابه: إنى قد عرفت أن رجالا من بنى هاشم و غيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقى منكم أحدا من بنى هاشم فلا يقتله و من لقى أبا البخترى فلا يقتله و من لقى العباس بن عبد المطلب عم رسول اللّه فلا يقتله فانه انما اخرج مستكرها. «آت»

ص: 203

245- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ

ص: 204

وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ (1) نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرٍ وَ الْعَبَّاسِ وَ شَيْبَةَ إِنَّهُمْ فَخَرُوا بِالسِّقَايَةِ وَ الْحِجَابَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ- أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ كَانَ عَلِيٌّ وَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ.

246- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى- وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ (2) قَالَ نَزَلَتْ فِي أَبِي الْفَصِيلِ إِنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص عِنْدَهُ سَاحِراً فَكَانَ إِذَا مَسَّهُ الضُّرُّ يَعْنِي السُّقْمَ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ يَعْنِي تَائِباً إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص مَا يَقُولُ- ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ يَعْنِي الْعَافِيَةَ- نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ يَعْنِي نَسِيَ التَّوْبَةَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا كَانَ يَقُولُ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُ سَاحِرٌ وَ لِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (3) يَعْنِي إِمْرَتَكَ عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ رَسُولِهِ ص قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثُمَّ عَطَفَ الْقَوْلَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عَلِيٍّ ع يُخْبِرُ بِحَالِهِ وَ فَضْلِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ


1- التوبة: 19. قال الطبرسيّ: قيل: إنها نزلت في عليّ عليه السلام و عبّاس بن عبد المطلب و طلحة بن شيبة و ذلك أنهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت و بيدى مفتاحه و لو أشاء بت فيه، و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، و قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: لا أدرى ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس و أنا صاحب الجهاد، عن الحسن و الشعبى و محمّد بن كعب القرظى. انتهى
2- الزمر: 8. و قوله: «مُنِيباً» أى لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على أن مبدأ الكل منه؛ «ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ» أى أعطاه من الخول و هو التعهد أو الخول و هو الافتخار؛ «نِعْمَةً مِنْهُ» أى من اللّه «نَسِيَ» اى الضر الذي كان يدعو اللّه إلى كشفه أو ربّه الذي كان يتضرع إليه. «البيضاوى» و اعلم أن ما ذكره عليه السلام في معنى الآية هو التأويل كما صرّح به.
3- الزمر: 8.

ص: 205

الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ- وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أَنْ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّهُ سَاحِرٌ كَذَّابٌ- إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (1) قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَذَا تَأْوِيلُهُ يَا عَمَّارُ.

247- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: تَلَوْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2) فَقَالَ ذُو عَدْلٍ مِنْكُمْ هَذَا مِمَّا أَخْطَأَتْ فِيهِ الْكُتَّابُ.

248- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ لَمْ تُبْدَ لَكُمْ- إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (3).

249- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى صِدْقاً


1- الزمر: 9.
2- المائدة: 95. و هذا ورد في جزاء الصيد حيث قال تعالى: «وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» و المشهور بين المفسرين و ما دلت عليه أخبار أهل البيت عليهم السلام و انعقد عليه إجماع الاصحاب هو أن المماثلة معتبرة في الخلقة، ففي النعامة بدنة و في حمار الوحش شبه البقرة و في الظبى شاة. و قال إبراهيم النخعيّ: يقوم الصيد قيمة عادلة ثمّ يشترى بثمنه مثله من النعم؛ «يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ» ذهب المفسرون إلى أن المراد أنّه يحكم في التقويم و المماثلة في الخلقة العدلان لأنّهما يحتاجان إلى نظر و اجتهاد، هذا مبنى على القراءة المشهورة من لفظ التثنية و قد اشتهر بين المفسرين أن قراءة أهل البيت عليهم السلام بلفظ المفرد و قال الشيخ الطبرسيّ- رحمه اللّه-: قراءة محمّد بن على الباقر و جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام: «يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ» و قال البيضاوى و قرئ «ذو عدل» على إرادة الجنس. و المعنى على هذه القراءة أنّه يحكم بالمماثلة النبيّ أو الامام الموصوفان بالعدل و الاستقامة في جميع الأقوال و الافعال و قد حكموا بما و ردّ في أخبارهم من بيان المماثلة و على قراءة التثنية أيضا يحتمل أن يكون المعنى ذلك بأن يكون المراد النبيّ و الامام عليهما السلام. «آت»
3- المائدة: 100 «إِنْ تُبْدَ لَكُمْ» ذكره عليه السلام تفسيرا للآية الكريمة.

ص: 206

وَ عَدْلًا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا نَقْرَؤُهَا- وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا (1) فَقَالَ إِنَّ فِيهَا الْحُسْنَى.

250- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَطَلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى- وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ (2) قَالَ قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ طَعْنُ الْحَسَنِ ع- وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً قَالَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ ع- فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما فَإِذَا جَاءَ نَصْرُ دَمِ الْحُسَيْنِ ع بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ ع فَلَا يَدَعُونَ وَتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ (3) إِلَّا قَتَلُوهُ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا خُرُوجُ الْقَائِمِ ع- ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ خُرُوجُ الْحُسَيْنِ ع فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِمُ الْبَيْضُ الْمُذَهَّبُ لِكُلِّ بَيْضَةٍ وَجْهَانِ (4) الْمُؤَدُّونَ إِلَى النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ حَتَّى لَا يَشُكَّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ وَ أَنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَ لَا شَيْطَانٍ وَ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ- فَإِذَا اسْتَقَرَّتِ الْمَعْرِفَةُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ ع جَاءَ الْحُجَّةَ الْمَوْتُ فَيَكُونُ الَّذِي يُغَسِّلُهُ وَ يُكَفِّنُهُ وَ يُحَنِّطُهُ وَ يَلْحَدُهُ فِي حُفْرَتِهِ- الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع (5)- وَ لَا يَلِي الْوَصِيَّ إِلَّا الْوَصِيُّ.

251- سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْخَثْعَمِيُ (6) قَالَ: قَالَ لَمَّا سَيَّرَ عُثْمَانُ أَبَا ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ (7) شَيَّعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَقِيلٌ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْوَدَاعِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ


1- الأنعام: 115. «فيها الحسنى» أي تمة كلمته الحسنى و هو بيان الآية.
2- الإسراء: 4. و ما ذكره عليه السلام هو التأويل.
3- الوتر- بالكسر-: الجناية أي صاحب وتر و جناية على آل محمّد عليهم السلام. «آت»
4- لعل المراد أنّها صقلت و ذهبت في موضعين: أمامها و خلفها. و قوله: «المؤدون» أي هم المؤدون. «آت»
5- إنّما يغسله عليه السلام لانه من بين الأئمّة عليهم السلام شهيد في المعركة و لا يجب عليه الغسل و ان مات بعد الرجعة. «آت»
6- الظاهر أنّه محمّد بن حكيم من أصحاب أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام و الخبر مضمر أو موقوف.
7- هى مدفن أبى ذر قرب المدينة.

ص: 207

ع يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ إِنَّمَا غَضِبْتَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وَ خِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ فَأَرْحَلُوكَ عَنِ الْفِنَاءِ (1) وَ امْتَحَنُوكَ بِالْبَلَاءِ وَ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ عَلَى عَبْدٍ رَتْقاً ثُمَّ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لَهُ مِنْهَا مَخْرَجاً فَلَا يُؤْنِسْكَ إِلَّا الْحَقُّ وَ لَا يُوحِشْكَ إِلَّا الْبَاطِلُ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَقِيلٌ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّا نُحِبُّكَ وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ تُحِبُّنَا وَ أَنْتَ قَدْ حَفِظْتَ فِينَا مَا ضَيَّعَ النَّاسُ إِلَّا الْقَلِيلَ فَثَوَابُكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِذَلِكَ أَخْرَجَكَ الْمُخْرِجُونَ وَ سَيَّرَكَ الْمُسَيِّرُونَ فَثَوَابُكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْفَاءَكَ الْبَلَاءَ مِنَ الْجَزَعِ وَ اسْتِبْطَاءَكَ الْعَافِيَةَ مِنَ الْيَأْسِ فَدَعِ الْيَأْسَ وَ الْجَزَعَ وَ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَسَنُ ع فَقَالَ يَا عَمَّاهْ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَتَوْا إِلَيْكَ مَا قَدْ تَرَى وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى (2) فَدَعْ عَنْكَ ذِكْرَ الدُّنْيَا بِذِكْرِ فِرَاقِهَا وَ شِدَّةِ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ لِرَخَاءِ مَا بَعْدَهَا وَ اصْبِرْ حَتَّى تَلْقَى نَبِيَّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحُسَيْنُ ع فَقَالَ يَا عَمَّاهْ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَادِرٌ أَنْ يُغَيِّرَ مَا تَرَى وَ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ (3) إِنَّ الْقَوْمَ مَنَعُوكَ دُنْيَاهُمْ وَ مَنَعْتَهُمْ دِينَكَ فَمَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ وَ مَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ فَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِي الصَّبْرِ وَ الصَّبْرَ مِنَ الْكَرَمِ وَ دَعِ الْجَزَعَ فَإِنَّ الْجَزَعَ لَا يُغْنِيكَ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَمَّارٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَوْحَشَ اللَّهُ مَنْ أَوْحَشَكَ وَ أَخَافَ مَنْ أَخَافَكَ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا الْحَقَّ إِلَّا الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا وَ الْحُبُّ لَهَا أَلَا


1- فناء الدار: ما امتد من جوانبها و المراد إمّا فناء دارهم أو دارك أو دار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. «آت»
2- أي مشرف على جميع الخلق و هو كناية عن علمه بما يصدر عنهم و أنّه لا يعزب عن علمه شي ء من أمورهم. «آت»
3- أي في خلق و تقدير و تغيير و قضاء حاجة و دفع كربة و رفع قوم و وضع آخرين و رزق و تربية و سائر ما يتعلق بقدرته و حكمته تعالى و الغرض تسلية أبى ذر بأنّه يمكن أن يتغير الحال. «آت»

ص: 208

إِنَّمَا الطَّاعَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ (1) وَ الْمُلْكُ لِمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ وَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى دُنْيَاهُمْ فَأَجَابُوهُمْ إِلَيْهَا وَ وَهَبُوا لَهُمْ دِينَهُمْ فَخَسِرُوا الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ وَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ بِأَبِي وَ أُمِّي هَذِهِ الْوُجُوهُ فَإِنِّي إِذَا رَأَيْتُكُمْ ذَكَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص بِكُمْ وَ مَا لِي بِالْمَدِينَةِ شَجَنٌ (2) لِأَسْكُنَ غَيْرُكُمْ وَ إِنَّهُ ثَقُلَ عَلَى عُثْمَانَ جِوَارِي بِالْمَدِينَةِ كَمَا ثَقُلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ فَآلَى أَنْ يُسَيِّرَنِي إِلَى بَلْدَةٍ (3) فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى الْكُوفَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ أُفْسِدَ عَلَى أَخِيهِ (4) النَّاسَ بِالْكُوفَةِ وَ آلَى بِاللَّهِ لَيُسَيِّرُنِي إِلَى بَلْدَةٍ لَا أَرَى فِيهَا أَنِيساً وَ لَا أَسْمَعُ بِهَا حَسِيساً (5) وَ إِنِّي وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَاحِباً وَ مَا لِي مَعَ اللَّهِ وَحْشَةٌ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ.

252- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَ الْحَجَّالِ جَمِيعاً عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْجَرِيرِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يُوَبِّخُونَّا وَ يُكَذِّبُونَّا أَنَّا نَقُولُ إِنَّ صَيْحَتَيْنِ تَكُونَانِ (6) يَقُولُونَ مِنْ أَيْنَ تُعْرَفُ الْمُحِقَّةُ مِنَ الْمُبْطِلَةِ إِذَا كَانَتَا قَالَ فَمَا ذَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ قُلْتُ مَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً قَالَ قُولُوا يُصَدِّقُ بِهَا إِذَا كَانَ مَنْ يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ قَبْلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (7).


1- أكثر الناس يتبعون الجماعات و إن كانوا على الباطل؛ على وفق الفقرة التالية. «آت»
2- الشجن- بالتحريك-: الحاجة.
3- «فآلى» أي حلف.
4- يعني الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه و كان عثمان ولاه الكوفة و ذكر الزمخشريّ و غيره أنه صلى بالناس و هو سكران صلاة الفجر أربعا و قال: هل أزيدكم. «آت»
5- الحسيس: الصوت الخفى.
6- أي التي كانت في أول النهار و هي الحق و التي كانت في آخره و هي الباطل و ذلك عند قيام القائم.
7- يونس: 35 و قوله: «يهدّى» أصله يهتدى فادغمت التاء في الدال.

ص: 209

253- عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَ الْحَجَّالِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: سَمِعَ رَجُلٌ مِنَ الْعِجْلِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثَ قَوْلَهُ (1) يُنَادِي مُنَادٍ أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَ يُنَادِي آخِرَ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ وَ يُنَادِي أَوَّلَ النَّهَارِ مُنَادَى آخِرِ النَّهَارِ (2) فَقَالَ الرَّجُلُ فَمَا يُدْرِينَا أَيُّمَا الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبَ فَقَالَ يُصَدِّقُهُ (3) عَلَيْهَا مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُنَادِيَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى الْآيَةَ.

254- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلَانٍ (4) فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَ تَفَرَّقَتِ الْكَلِمَةُ وَ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ.

حَدِيثُ الصَّيْحَةِ

255- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ وَ غَيْرِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الدَّوَانِيقِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لَا بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْمِ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أَبِي طَالِبٍ قُلْتُ يَرْوِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَالَ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَتْ أُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْمِ رَجُلٍ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ


1- هذا الخبر مضمر أو موقوف و قوله: من العجلية كأنها نسبة إلى قبيلة؛ و في بعض النسخ [العجيلية]. «آت»
2- «منادى آخر النهار» بصيغة المجهول أي يخبر منادى أول النهار عن منادى آخر النهار و يقول: إنّه شيطان فلا تتّبعوه. «آت»
3- أي قال الإمام أو الراوي الذي يناظر الرجل العجليّ. «آت»
4- أي بنو العباس و هذا أحد أسباب خروج القائم عليه السلام و إن تأخّر، قال الفاضل الاسترآبادي المراد أن بني العباس لم يتفق الملوك على خليفة و هذا معنى تفرق الكلمة ثمّ تمضى بعد ذلك مدة مديدة إلى خروج السفيانى ثمّ إلى ظهور القائم. «آت»

ص: 210

قَطُّ فَقَالَ لِي يَا سَيْفُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ أَمَا إِنَّهُ أَحَدُ بَنِي عَمِّنَا قُلْتُ أَيُّ بَنِي عَمِّكُمْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ ع ثُمَّ قَالَ يَا سَيْفُ لَوْ لَا أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ مَا قَبِلْتُهُ مِنْهُمْ وَ لَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع.

256- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَقْبَلَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ وَ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الدَّوَانِيقِ فَقَعَدُوا نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُمْ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ جَالِسٌ فَقَامَ إِلَيْهِ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ (1) وَ قَعَدَ أَبُو الدَّوَانِيقِ مَكَانَهُ حَتَّى سَلَّمُوا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ لَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا مَنَعَ جَبَّارَكُمْ مِنْ أَنْ يَأْتِيَنِي فَعَذَّرُوهُ عِنْدَهُ (2) فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع أَمَا وَ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامُ حَتَّى يَمْلِكَ مَا بَيْنَ قُطْرَيْهَا (3) ثُمَّ لَيَطَأَنَّ الرِّجَالُ عَقِبَهُ ثُمَّ لَتَذِلَّنَّ لَهُ رِقَابُ الرِّجَالِ ثُمَّ لَيَمْلِكَنَّ مُلْكاً شَدِيداً فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ إِنَّ مُلْكَنَا قَبْلَ مُلْكِكُمْ قَالَ نَعَمْ يَا دَاوُدُ إِنَّ مُلْكَكُمْ قَبْلَ مُلْكِنَا وَ سُلْطَانَكُمْ قَبْلَ سُلْطَانِنَا فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَهَلْ لَهُ مِنْ مُدَّةٍ فَقَالَ نَعَمْ يَا دَاوُدُ وَ اللَّهِ لَا يَمْلِكُ بَنُو أُمَيَّةَ يَوْماً إِلَّا مَلَكْتُمْ مِثْلَيْهِ وَ لَا سَنَةً إِلَّا مَلَكْتُمْ مِثْلَيْهَا (4) وَ لَيَتَلَقَّفُهَا الصِّبْيَانُ مِنْكُمْ كَمَا تَلَقَّفُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ-


1- داود بن على هو عم السفاح و سليمان بن خالد في بعض النسخ [سليمان بن مخالد] و في بعضها [مجالد] و في بعضها [مخلد].
2- بالتخفيف أي أظهر و اعذره و بالتشديد أي ذكروا في العذر أشياء لا حقيقة لها فان المعذر- بالتشديد- هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر كما ذكره الجوهريّ. «آت»
3- أي الأرض المعلومة بقرينة المقام.
4- لعل المراد أصل الكثرة و الزيادة لا الضعف الحقيقي كما يقال في كرتين و لبيك إذ كان ملكهم أضعاف ملك بني أميّة و في هذا الإبهام حكم كثيرة منها عدم طغيانهم و منها عدم يأس أهل الحق. و تلقّف الشى: تناوله بسرعة أي يسهل لهم تناول الخلافة بحيث يتيسر لصبيانهم من غير منازع. «آت»

ص: 211

فَقَامَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عِنْدِ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَرِحاً يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ أَبَا الدَّوَانِيقِ بِذَلِكَ فَلَمَّا نَهَضَا جَمِيعاً هُوَ وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ نَادَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع مِنْ خَلْفِهِ يَا سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ لَا يَزَالُ الْقَوْمُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ مُلْكِهِمْ مَا لَمْ يُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ فَإِذَا أَصَابُوا ذَلِكَ الدَّمَ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ ظَهْرِهَا فَيَوْمَئِذٍ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ وَ لَا فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ ثُمَّ انْطَلَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ فَأَخْبَرَ أَبَا الدَّوَانِيقِ فَجَاءَ أَبُو الدَّوَانِيقِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ يَا أَبَا جَعْفَرٍ دَوْلَتُكُمْ قَبْلَ دَوْلَتِنَا وَ سُلْطَانُكُمْ قَبْلَ سُلْطَانِنَا سُلْطَانُكُمْ شَدِيدٌ عَسِرٌ لَا يُسْرَ فِيهِ وَ لَهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ وَ اللَّهِ لَا يَمْلِكُ بَنُو أُمَيَّةَ يَوْماً إِلَّا مَلَكْتُمْ مِثْلَيْهِ وَ لَا سَنَةً إِلَّا مَلَكْتُمْ مِثْلَيْهَا وَ لَيَتَلَقَّفُهَا صِبْيَانٌ مِنْكُمْ فَضْلًا عَنْ رِجَالِكُمْ كَمَا يَتَلَقَّفُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ أَ فَهِمْتَ ثُمَّ قَالَ لَا تَزَالُونَ فِي عُنْفُوَانِ الْمُلْكِ تَرْغُدُونَ فِيهِ مَا لَمْ تُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً (1) فَإِذَا أَصَبْتُمْ ذَلِكَ الدَّمَ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ فَذَهَبَ بِمُلْكِكُمْ وَ سُلْطَانِكُمْ وَ ذَهَبَ بِرِيحِكُمْ (2) وَ سَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ أَعْوَرَ (3) وَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ مِنْ آلِ


1- «عنفوان»- بضم العين و الفاء- أى أوله. و قوله: «ترغدون» يقال: رغد أي واسعة طيبة. و قوله: «ما لم تصيبوا منادما حراما» المراد قتل أهل البيت عليهم السلام و لو كان بالسم مجازا و يكون قتل الأئمّة عليهم السلام سببا لسرعة زوال ملك كل واحد منهم فعل ذلك أو قتل السادات الذين قتلوا في زمان أبى جعفر الدوانيقي و في زمان الرشيد على ما ذكره الصدوق في العيون و كذا ما قتلوا في الفخ من السادات و يحتمل أن يكون إشارة إلى قتل رجل من العلويين قتلوه مقارنا لانقضاء دولتهم. «آت»
2- الريح قد تكون بمعنى الغلبة و القوّة و منه قوله تعالى: «وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ» «الصحاح».
3- «أعور» أي الدنى الأصل، السيئ الخلق و هو إشارة إلى هلاكوخان. قال الجزريّ: فيه: لما اعترض أبو لهب على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عند اظهاره الدعوة قال له أبو طالب: يا أعور ما أنت و هذا لم يكن أبو لهب أعور لكن العرب تقول لمن ليس له أخ من أبيه و أمه: أعور و قيل: إنهم يقولون للردى من كل شي ء من الأمور و الأخلاق: أعور و للمؤنث عوراء. و قوله: «ليس بأعور من آل أبي سفيان» أي ليس ذلك الأعور من آل أبي سفيان بل من طائفة الترك. «آت»

ص: 212

أَبِي سُفْيَانَ يَكُونُ اسْتِيصَالُكُمْ عَلَى يَدَيْهِ وَ أَيْدِي أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ.

257- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ مَزْيَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍ (1)- قَدِ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَالَ دَعْ ذَا عَنْكَ إِنَّمَا يَجِي ءُ فَسَادُ أَمْرِهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَا صَلَاحُهُمْ (2).

258- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْخَلِيلِ الْأَزْدِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ آيَتَانِ تَكُونَانِ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ ع لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ إِلَى الْأَرْضِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْقَمَرُ فِي آخِرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَ الْقَمَرُ فِي النِّصْفِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنِّي أَعْلَمُ مَا تَقُولُ (3) وَ لَكِنَّهُمَا آيَتَانِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ ع.

259- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ خَرَجْتُ أَنَا وَ أَبِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ إِذَا هُوَ بِأُنَاسٍ مِنَ الشِّيعَةِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَأُحِبُّ رِيَاحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ (4) فَأَعِينُونِي عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ (5) وَ اعْلَمُوا أَنَّ وَلَايَتَنَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ


1- لعل المراد عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس ثاني خلفاء بني العباس نسب إلى جده. «آت»
2- أي كما أنّه ظهرت دولتهم على يد رجل جاء من قبل المشرق و هو أبو مسلم المروزى كذلك يكون انقراض دولتهم على يد رجل يخرج من هذه الناحية و هو هلاكو. «آت» هذا من اخبار الغيب.
3- أي أنت تقول: ان هذا خلاف المعهود و ما يحكم به المنجمون و لقد قلت: انهما من الآيات الغريبة التي لم يعهد وقوعها؛ و على مثل هذا حمل الصدوق- رحمه اللّه- ما ورد من ادخالهما في البحر عند الانكساف و الانخساف. «آت»
4- الرياح جمع الريح و المراد هنا الريح الطيب و الغلبة أو القوّة أو النصرة أو الدولة. و الأرواح اما جمع الروح- بالضم- أو- بالفتح- بمعنى نسيم الريح و الراحة. «آت»
5- أي على ما هو لازم الحب من الشفاعة. «آت»

ص: 213

وَ مَنِ ائْتَمَّ مِنْكُمْ بِعَبْدٍ فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِهِ أَنْتُمْ شِيعَةُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ وَ أَنْتُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ وَ السَّابِقُونَ الْآخِرُونَ وَ السَّابِقُونَ فِي الدُّنْيَا وَ السَّابِقُونَ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ قَدْ ضَمِنَّا لَكُمُ الْجَنَّةَ بِضَمَانِ اللَّهِ (1) عَزَّ وَ جَلَّ وَ ضَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ اللَّهِ مَا عَلَى دَرَجَةِ الْجَنَّةِ أَكْثَرُ أَرْوَاحاً مِنْكُمْ فَتَنَافَسُوا فِي فَضَائِلِ الدَّرَجَاتِ أَنْتُمُ الطَّيِّبُونَ وَ نِسَاؤُكُمُ الطَّيِّبَاتُ كُلُّ مُؤْمِنَةٍ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ (2) وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ صِدِّيقٌ وَ لَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- لِقَنْبَرٍ يَا قَنْبَرُ أَبْشِرْ وَ بَشِّرْ وَ اسْتَبْشِرْ (3) فَوَ اللَّهِ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ عَلَى أُمَّتِهِ سَاخِطٌ إِلَّا الشِّيعَةَ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ عِزّاً وَ عِزُّ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ دِعَامَةً وَ دِعَامَةُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ (4) أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ ذِرْوَةً وَ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ (5) أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ شَرَفاً وَ شَرَفُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ سَيِّداً وَ سَيِّدُ الْمَجَالِسِ مَجَالِسُ الشِّيعَةِ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ إِمَاماً وَ إِمَامُ الْأَرْضِ أَرْضٌ تَسْكُنُهَا الشِّيعَةُ وَ اللَّهِ لَوْ لَا مَا فِي الْأَرْضِ مِنْكُمْ مَا رَأَيْتَ بِعَيْنٍ عُشْباً أَبَداً وَ اللَّهِ لَوْ لَا مَا فِي الْأَرْضِ مِنْكُمْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ خِلَافِكُمْ وَ لَا أَصَابُوا الطَّيِّبَاتِ مَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ لَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ كُلُّ نَاصِبٍ وَ إِنْ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ مَنْسُوبٌ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ- عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً (6) فَكُلُّ نَاصِبٍ مُجْتَهِدٍ فَعَمَلُهُ هَبَاءٌ شِيعَتُنَا يَنْطِقُونَ بِنُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (7) وَ مَنْ يُخَالِفُهُمْ يَنْطِقُونَ بِتَفَلُّتٍ (8) وَ اللَّهِ مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ شِيعَتِنَا يَنَامُ إِلَّا أَصْعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُوحَهُ إِلَى السَّمَاءِ


1- أي بسبب ان اللّه ضمّن لكم الجنة او ضمناها لكم من قبل اللّه و بأمره و يحتمل أن يكون الباء بمعنى مع. «آت»
2- أي في الجنّة على صفة الحورية في الحسن و الجمال. «آت»
3- أي خذ هذه البشارة و «بشّر» أي غيرك و «استبشر» أي افرح و سر بذلك. «آت»
4- الدعامة- بالكسر-: عماد البيت.
5- الذروة من كل شي ء أعلاه.
6- الغاشية: 3 و 4.
7- في بعض النسخ [بامر اللّه عزّ و جلّ].
8- أي يصدر عنهم فلتة من غير تفكر و رويّة و أخذ عن صادق. «آت»

ص: 214

فَيُبَارِكُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى عَلَيْهَا أَجَلُهَا جَعَلَهَا فِي كُنُوزِ رَحْمَتِهِ وَ فِي رِيَاضِ جَنَّةٍ وَ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ وَ إِنْ كَانَ أَجَلُهَا مُتَأَخِّراً بَعَثَ بِهَا مَعَ أَمَنَتِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِيَرُدُّوهَا إِلَى الْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ لِتَسْكُنَ فِيهِ وَ اللَّهِ إِنَّ حَاجَّكُمْ وَ عُمَّارَكُمْ لَخَاصَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ فُقَرَاءَكُمْ لَأَهْلُ الْغِنَى (1) وَ إِنَّ أَغْنِيَاءَكُمْ لَأَهْلُ الْقَنَاعَةِ وَ إِنَّكُمْ كُلَّكُمْ لَأَهْلُ دَعْوَتِهِ وَ أَهْلُ إِجَابَتِهِ (2).

260- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ وَ زَادَ فِيهِ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ جَوْهَراً وَ جَوْهَرُ وُلْدِ آدَمَ مُحَمَّدٌ ص (3) وَ نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا بَعْدَنَا حَبَّذَا شِيعَتُنَا مَا أَقْرَبَهُمْ مِنْ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحْسَنَ صُنْعَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ يَتَعَاظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ (4) أَوْ يَدْخُلَهُمْ زَهْوٌ (5) لَسَلَّمَتْ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ قُبُلًا وَ اللَّهِ مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ شِيعَتِنَا يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي صَلَاتِهِ قَائِماً إِلَّا وَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَ لَا قَرَأَ فِي صَلَوَاتِهِ جَالِساً إِلَّا وَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ خَمْسُونَ حَسَنَةً وَ لَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ إِلَّا وَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَ إِنَّ لِلصَّامِتِ مِنْ شِيعَتِنَا لَأَجْرُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ مِمَّنْ خَالَفَهُ (6) أَنْتُمْ وَ اللَّهِ عَلَى فُرُشِكُمْ نِيَامٌ لَكُمْ أَجْرُ الْمُجَاهِدِينَ (7) وَ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ فِي صَلَاتِكُمْ لَكُمْ أَجْرُ الصَّافِّينَ فِي سَبِيلِهِ- أَنْتُمْ وَ اللَّهِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى


1- أي غنى النفس و الاستغناء عن الخلق بتوكلهم على ربهم. «آت»
2- أي دعاكم اللّه الى دينه و طاعته فأجبتموه إليها. «آت»
3- أي كما أن الجواهر ممتازة من سائر أجزاء الأرض بالحسن و البهاء و النفاسة و الندرة فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم عليه السلام. «آت»
4- أي لو لا أن يعدوه عظيما و يصير سببا لغلوهم فيهم. «آت»
5- و الزهو. الكبر و الفخر و قوله: «قبلا» أي عيانا و مقابلة.
6- أي أجره التقديري أي لو كان له أجر مع قطع النظر عمّا يتفضّل به على الشيعة كأنّه له اجر واحد فهذا ثابت للساكت من الشيعة. «آت»
7- أي في سائر أحوالهم غير حالة المصافّة مع العدد. «آت»

ص: 215

سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (1) إِنَّمَا شِيعَتُنَا أَصْحَابُ الْأَرْبَعَةِ الْأَعْيُنِ عَيْنَانِ فِي الرَّأْسِ وَ عَيْنَانِ فِي الْقَلْبِ أَلَا وَ الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَحَ أَبْصَارَكُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ.

261- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَحْدَتِي وَ تَقَلْقُلِي (2) بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَتَّى تَقْدَمُوا وَ أَرَاكُمْ وَ آنَسَ بِكُمْ فَلَيْتَ هَذِهِ الطَّاغِيَةَ أَذِنَ لِي فَأَتَّخِذَ قَصْراً فِي الطَّائِفِ فَسَكَنْتُهُ وَ أَسْكَنْتُكُمْ مَعِيَ وَ أَضْمَنَ لَهُ أَنْ لَا يَجِي ءَ مِنْ نَاحِيَتِنَا مَكْرُوهٌ أَبَداً.

262- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: أَنْشَدَ الْكُمَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع شِعْراً فَقَالَ

أَخْلَصَ اللَّهُ لِي هَوَايَ فَمَا أُغْرِقُ نَزْعاً وَ لَا تَطِيشُ سِهَامِي

(3) فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا تَقُلْ هَكَذَا فَمَا أُغْرِقُ نَزْعاً وَ لَكِنْ قُلْ فَقَدْ أُغْرِقَ نَزْعاً وَ لَا تَطِيشُ سِهَامِي (4).

263- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ


1- الحجر: 47. و الغل: العداوة و الشحناء و يقال: الغل: الحسد.
2- التقلقل: التحرك و الاضطراب و في بعض النسخ [تقلقى] و القلق الانزعاج.
3- أي جعل اللّه محبّتي خالصة لكم فصار تأييده تعالى سببا لان لا أخطئ الهدف و أصيب كلما اريده من مدحكم و ان لم أبالغ فيه. يقال: أغرق النازع في القوس إذا استوفى مدّها ثمّ استعير لمن بالغ في كل شي ء و يقال: طاش السهم عن الهدف أي عدل. «آت»
4- لعله عليه السلام نهاه عن ذلك لإيهامه تقصير أو عدم اعتناء في مدحهم عليهم السلام و هذا لا يناسب مقام المدح، أو لان الاغراق في النزع لا مدخل له في اصابة الهدف بل الامر بالعكس مع أن فيما ذكره معنى لطيفا كاملا و هو أن المداحون إذا بالغوا في مدح ممدوحهم خرجوا عن الحق و كذبوا فيما أثبتوا للممدوح كما أن الرامى إذا اغرق نزعا أخطأ الهدف، و انى في مدحكم كلما أبالغ في المدح لا يخرج سهمى عن هدف الحق و الصدق و يكون مطابقا للواقع. و يحتمل على بعد أن يكون غرضه عليه السلام مدحه و تحسينه بانك لا تقصر في مدحنا بل تبذل جهدك فيه. «آت»

ص: 216

مُصْعَبٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ قُولُوا لِأُمِّ فَرْوَةَ تَجِي ءُ (1) فَتَسْمَعُ مَا صُنِعَ بِجَدِّهَا قَالَ فَجَاءَتْ فَقَعَدَتْ خَلْفَ السِّتْرِ ثُمَّ قَالَ أَنْشِدْنَا قَالَ فَقُلْتُ

فَرْوُ جُودِي بِدَمْعِكِ الْمَسْكُوبِ

(2) قَالَ فَصَاحَتْ وَ صِحْنَ النِّسَاءُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْبَابَ الْبَابَ (3) فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى الْبَابِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع صَبِيٌّ لَنَا غُشِيَ عَلَيْهِ فَصِحْنَ النِّسَاءُ.

264- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا حَفَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْخَنْدَقَ مَرُّوا بِكُدْيَةٍ (4) فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمِعْوَلَ مِنْ يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَوْ مِنْ يَدِ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (5) فَضَرَبَ بِهَا ضَرْبَةً فَتَفَرَّقَتْ بِثَلَاثِ فِرَقٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَقَدْ فُتِحَ عَلَيَّ فِي ضَرْبَتِي هَذِهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَ قَيْصَرَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ يَعِدُنَا بِكُنُوزِ كِسْرَى وَ قَيْصَرَ وَ مَا يَقْدِرُ أَحَدُنَا أَنْ يَخْرُجَ يَتَخَلَّى (6).


1- أمّ فروة هي كنية لام الصادق عليه السلام بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر و لبنته عليه السلام على ما ذكره الشيخ الطبرسيّ- رحمه اللّه- في إعلام الورى و المراد هنا الثانية و المراد بجدها الحسين ابن على عليهما السلام. «آت»
2- قوله: «فرو جودى» خطاب لام فروة فاختصر من اوله و أخره ضرورة و ترخيما و يدل على عدم حرمة سماع صوت الرجال على النساء. «آت»
3- أي راقبوا الباب و واظبوه لئلا يطلع علينا المخالفون.
4- قال الجزريّ: الكدية- بالضم-: قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيه الفاس.
5- الترديد من الراوي و يحتمل أن يكون من الامام إشارة بذلك إلى اختلاف روايات العامّة و هو بعيد. «آت»
6- خبر الصخرة من المتواترات قد رواه الخاصّة و العامّة بأسانيد كثيرة فقد روى الصدوق بإسناده إلى البراء بن عازب قال. لما أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحفر الخندق عرض له صخرة عظيمه شديدة في عرض الخندق لا تأخذ منها المعاول فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلما رآها وضع ثوبه و أخذ المعول قال: بسم اللّه و ضرب ضربة فكسر ثلثها و قال: اللّه أكبر اعطيت مفاتيح الشام و اللّه إنّي لا بصر قصورها الحمراء الساعة ثمّ ضرب الثانية فقال: بسم اللّه ففلق ثلثا آخر فقال: اللّه أكبر اعطيت مفاتيح فارس و اللّه إنّي لا بصر قصر المدائن الابيض، ثمّ ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر و قال: اللّه أكبر اعطيت مفاتيح اليمن و اللّه لا بصر أبواب الصنعاء مكانى هذا. و قال عليّ بن إبراهيم: فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر و قعد رسول اللّه في مسجد الفتح فبينا المهاجرون يحفرون إذ عرض لهم جبل لم يعمل المعاول فيه فبعثوا جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ إلى رسول اللّه يعلمه ذلك قال جابر: فجئت إلى المسجد و رسول اللّه مستلق على قفاه و رداءه تحت رأسه و قد شد على بطنه حجرا فقلت: يا رسول اللّه إنّه قد عرض لنا جبل لا يعمل المعاول فيه فقام مسرعا حتّى جاءه ثمّ دعا بماء في إناه و غسل وجهه و ذراعيه و مسح على رأسه و رجليه ثمّ شرب و مج ذلك الماء في فيه ثمّ صبه على ذلك الحجر ثمّ أخذ معولا فضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن ثمّ ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما انه سيفتح عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثمّ انهاك علينا الجبل كما ينهاك الرمل. «آت»

ص: 217

265- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رِيحاً يُقَالُ لَهَا الْأَزْيَبُ (1) لَوْ أَرْسَلَ مِنْهَا مِقْدَارَ مَنْخِرِ ثَوْرٍ (2) لَأَثَارَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ هِيَ الْجَنُوبُ.

266- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رُزَيْقٍ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى قَوْمٌ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِلَادَنَا قَدْ قُحِطَتْ وَ تَوَالَتِ السِّنُونَ عَلَيْنَا فَادْعُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْمِنْبَرِ فَأُخْرِجَ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ دَعَا وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُؤَمِّنُوا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ رَبَّكَ قَدْ وَعَدَهُمْ أَنْ يُمْطَرُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا وَ سَاعَةَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ تِلْكَ السَّاعَةَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ أَهَاجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِيحاً فَأَثَارَتْ سَحَاباً وَ جَلَّلَتِ السَّمَاءَ وَ أَرْخَتْ عَزَالِيَهَا فَجَاءَ أُولَئِكَ النَّفَرُ بِأَعْيَانِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ


1- في القاموس: الازيب كأحمر-: الجنوب و النكباء تجرى بينها و بين الصبا.
2- المنخر- بفتح الميم و الخاء و بكسرهما و بضمتين و كمجلس-: الانف.

ص: 218

ادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَكُفَّ السَّمَاءَ (1) عَنَّا فَإِنَّا كِدْنَا أَنْ نَغْرَقَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ دَعَا النَّبِيُّ ص وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُؤَمِّنُوا عَلَى دُعَائِهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمِعْنَا فَإِنَّ كُلَّ مَا تَقُولُ لَيْسَ نَسْمَعُ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَ لَا عَلَيْنَا (2) اللَّهُمَّ صُبَّهَا فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَ فِي نَبَاتِ الشَّجَرِ وَ حَيْثُ يَرْعَى أَهْلُ الْوَبَرِ (3) اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَ لَا تَجْعَلْهَا عَذَاباً.

267- جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا أَبْرَقَتْ (4) قَطُّ فِي ظُلْمَةِ لَيْلٍ وَ لَا ضَوْءِ نَهَارٍ إِلَّا وَ هِيَ مَاطِرَةٌ.

268- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْعَزْرَمِيِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ سُئِلَ عَنِ السَّحَابِ أَيْنَ يَكُونُ قَالَ يَكُونُ عَلَى شَجَرٍ عَلَى كَثِيبٍ (5) عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ يَأْوِي إِلَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُرْسِلَهُ أَرْسَلَ رِيحاً فَأَثَارَتْهُ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَائِكَةً يَضْرِبُوهُ بِالْمَخَارِيقِ (6) وَ هُوَ الْبَرْقُ فَيَرْتَفِعُ ثُمَ


1- أي يمنع المطر عنّا.
2- قال الجزريّ: فى حديث الاستسقاء: اللّهمّ حوالينا و لا علينا يقال: رأيت الناس حوله و حواليه أي مطيفين من جوانبه؛ يريد اللّهمّ أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الابنية. و قال الجوهريّ: يقال: قعدوا حوله و حواله و حواليه و حوليه و لا تقل: حواليه- بكسر اللام-.
3- أي حيث يرعى سكان البادية إنعامهم فانهم يسكنون في خيام الوبر لا بيوت المدر و لا يضرهم كثرة المطر. «آت»
4- أي أبرقت السماء، و قال الفيروزآبادي: برقت السماء بروقا لمعت أو جاءت برق. و البرق بدا. و الرجل تهدد و توعد كأبرق. و الحاصل أن البرق يلزمه المطر و ان لم يمطر في كل موضع يظهر فيه البرق. «آت»
5- «على شجرة» يحتمل أن يكون نوع من السحاب كذلك و أن يكون كناية عن انبعاثه عن البحر و حواليه. «آت» و الكثيف: الرمل المستطيل، التل.
6- قال الجزريّ: فى حديث عليّ عليه السلام: البرق مخاريق الملائكة. هى جمع مخراق و هو في الأصل ثوب يلف به الصيبان بعضهم بعضا أراد أنّها آلة تزجر بها الملائكة السحاب و تسوقه و يفسّره حديث ابن عبّاس: «البرق سوط من نور تزجر بها الملائكة السحاب». «آت»

ص: 219

قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ- اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ الْآيَةَ (1) وَ الْمَلَكُ اسْمُهُ الرَّعْدُ.

269- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زَادَ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ.

270- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى (2) قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِابْنِ آدَمَ إِنْ نَازَعَكَ بَصَرُكَ إِلَى بَعْضِ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ فَقَدْ أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَيْنِ فَأَطْبِقْ وَ لَا تَنْظُرْ وَ إِنْ نَازَعَكَ لِسَانُكَ إِلَى بَعْضِ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ فَقَدْ أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَيْنِ فَأَطْبِقْ وَ لَا تَكَلَّمْ وَ إِنْ نَازَعَكَ فَرْجُكَ إِلَى بَعْضِ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ فَقَدْ أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَيْنِ فَأَطْبِقْ وَ لَا تَأْتِ حَرَاماً.

271- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَلَا يُرْجَ خَيْرُهُ مَنْ لَمْ يَسْتَحِ مِنَ الْعَيْبِ وَ يَخْشَ اللَّهَ بِالْغَيْبِ (3)وَ يَرْعَوِ عِنْدَ الشَّيْبِ.

272- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَجَّالِ قَالَ: قُلْتُ لِجَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَتَاكُمْ شَرِيفُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَهُ


1- فاطر: 9.
2- استظهر المجلسيّ- رحمه اللّه- أنه زيد «أحمد بن محمّد بن عيسى» هنا من النسّاخ.
3- أي متلبسا بالغيب أي غائبا عن الخلق أو بسبب الامر المغيب عنه من النار و بسبب ايمانه به باخبار الرسل و الأول أظهر إذ أكثر الخلق يظهرون خشية اللّه بمحضر الناس رياء و لا يبالون بارتكاب المحرمات في الخلوات. قوله: «يرعو عند الشيب» قال الجزريّ: فيه شر الناس رجل يقرأ كتاب اللّه لا يرعوى الى شي ء منه. أى لا ينكف و لا ينزجر من رعى يرعو إذا كف عن الأمور و قد ارعوى عن القبيح يرعوى ارعواء؛ و قيل: الارعواء: الندم على الشي ء و الانصراف عنه. «آت»

ص: 220

وَ مَا الشَّرِيفُ قَالَ قَدْ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّرِيفُ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (1) قَالَ قُلْتُ فَمَا الْحَسِيبُ قَالَ الَّذِي يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الْحَسَنَةَ بِمَالِهِ وَ غَيْرِ مَالِهِ قُلْتُ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ التَّقْوَى.

273- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَشَدَّ حُزْنَ النِّسَاءِ وَ أَبْعَدَ فِرَاقَ الْمَوْتِ (2) وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقْرٌ يَتَمَلَّقُ صَاحِبُهُ ثُمَّ لَا يُعْطَى شَيْئاً.

حَدِيثُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ

274- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنِ الْخَلْقِ فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ أَلْفاً وَ مِائَتَيْنِ فِي الْبَرِّ وَ أَلْفاً وَ مِائَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ وَ أَجْنَاسُ بَنِي آدَمَ سَبْعُونَ جِنْساً وَ النَّاسُ وُلْدُ آدَمَ مَا خَلَا يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ (3).

275- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ مُثَنًّى عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: [إِنَ] النَّاسَ طَبَقَاتٌ ثَلَاثٌ طَبَقَةٌ هُمْ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ وَ طَبَقَةٌ يَتَزَيَّنُونَ بِنَا (4) وَ طَبَقَةٌ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً [بِنَا] (5).


1- أي بحسب الدنيا. «آت»
2- أي المفارقة الواقعة بالموت بعيدة عن المواصلة. «آت»
3- سند الخبر ضعيف و يدلّ على أن يأجوج و مأجوج ليسوا من ولد آدم عليه السلام و روى الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسنى عن عليّ بن محمّد العسكريّ أن جميع الترك و الصقالبة و يأجوج و مأجوج و الصين من ولد يافث و الحديث كبير و هذا الخبر عندي أقوى سندا من خبر المتن فيمكن حمله على أن المراد أنّهم ليسوا من الناس و ان كان من ولد آدم. «آت»
4- أن يجعلون حبّنا و ما وصل إليهم من علومنا زينة لهم عند الناس و وسيلة لتحصيل الجاه و ليس توسلهم بالائمة عليهم السلام خالصا لوجه اللّه. «آت»
5- أي يأخذ بعضهم اموال بعضهم و يأكلونها باظهار مودتنا و مدحنا و علومنا. «آت»

ص: 221

276- عَنْهُ عَنْ مُعَلًّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِذَا رَأَيْتَ الْفَاقَةَ وَ الْحَاجَةَ قَدْ كَثُرَتْ وَ أَنْكَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً (1) فَعِنْدَ ذَلِكَ فَانْتَظِرْ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2) قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذِهِ الْفَاقَةُ وَ الْحَاجَةُ قَدْ عَرَفْتُهُمَا فَمَا إِنْكَارُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَالَ يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ فَيَسْأَلُهُ الْحَاجَةَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ يُكَلِّمُهُ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ بِهِ.

277- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع (3) وُكِلَ الرِّزْقُ بِالْحُمْقِ وَ وُكِلَ الْحِرْمَانُ بِالْعَقْلِ وَ وُكِلَ الْبَلَاءُ بِالصَّبْرِ (4).

278- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْعَطَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عُمَرَ أَخِي عُذَافِرٍ قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ إِنْسَانٌ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَكَانَتْ فِي جُوَالِقِي فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْحَفِيرَةِ (5) شُقَّ جُوَالِقِي وَ ذُهِبَ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ وَ وَافَقْتُ (6) عَامِلَ الْمَدِينَةِ بِهَا فَقَالَ أَنْتَ الَّذِي شُقَّتْ زَامِلَتُكَ (7) وَ ذُهِبَ بِمَتَاعِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إِذَا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَأْتِنَا حَتَّى أُعَوِّضَكَ قَالَ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ يَا عُمَرُ شُقَّتْ زَامِلَتُكَ وَ ذُهِبَ بِمَتَاعِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ (8) خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنْكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص


1- الانكار استعمل هنا مقابل المعرفة. «آت»
2- أي خروج القائم عليه السلام. «آت»
3- أي قال عليّ بن الحسين عليه السلام: قال أمير المؤمنين و لعله «قال: قال» زيد من النسّاخ.
4- قوله: «وكل الرزق بالحمق» أي الاحمق في غالب أحوال مرزوق موسع عليه و العاقل محروم مقتر عليه. «آت»
5- الحفيرة موضع بالعراق.
6- أي صادفت و في بعض النسخ [واقفت] بتقديم القاف من المواقفة.
7- الزميل: الرفيق و الزاملة: بعير يستظهر به الرجل، يحمل متاعه و طعامه عليه.
8- أي من دين الحق و ولاية أهل البيت عليهم السلام. «آت»

ص: 222

ضَلَّتْ نَاقَتُهُ (1) فَقَالَ النَّاسُ فِيهَا يُخْبِرُنَا عَنِ السَّمَاءِ وَ لَا يُخْبِرُنَا عَنْ نَاقَتِهِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نَاقَتُكَ فِي وَادِي كَذَا وَ كَذَا مَلْفُوفٌ خِطَامُهَا بِشَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ فِي نَاقَتِي أَلَا وَ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ (2) خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي أَلَا وَ إِنَّ نَاقَتِي فِي وَادِي كَذَا وَ كَذَا مَلْفُوفٌ خِطَامُهَا بِشَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا فَابْتَدَرَهَا النَّاسُ (3) فَوَجَدُوهَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ ثُمَّ قَالَ ائْتِ عَامِلَ الْمَدِينَةِ فَتَنَجَّزْ مِنْهُ مَا وَعَدَكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْ ءٌ دَعَاكَ اللَّهُ إِلَيْهِ- لَمْ تَطْلُبْهُ مِنْهُ (4).

279- سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يُونُسَ عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع شَيْ ءٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ثَلَاثٌ يُبْغِضُهَا النَّاسُ وَ أَنَا أُحِبُّهَا أُحِبُّ الْمَوْتَ وَ أُحِبُّ الْفَقْرَ وَ أُحِبُّ الْبَلَاءَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى مَا يَرْوُونَ إِنَّمَا عَنَى الْمَوْتُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَيَاةِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ الْبَلَاءُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّحَّةِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ الْفَقْرُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْغِنَى فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

280- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْقَمَّاطِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَئِيبٌ حَزِينٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا قَالَ وَ مَا الَّذِي رَأَيْتَ قَالَ رَأَيْتُ بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ الْمَنَابِرَ وَ يَنْزِلُونَ مِنْهَا قَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا عَلِمْتُ بِشَيْ ءٍ مِنْ هَذَا وَ صَعِدَ جَبْرَئِيلُ ع إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَهْبَطَهُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ بِآيٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُعَزِّيهِ (5) بِهَا قَوْلِهِ أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا


1- هذه المعجزة من المعجزات المشهورات رواها الخاصّة و العامّة بطرق كثيرة.
2- أي من النبوّة و القرب و الكمال. «آت»
3- أي يسرعون إليه.
4- أي يسّره اللّه لك من غير طلب. «آت»
5- أي يسليه.

ص: 223

يُمَتَّعُونَ (1) وَ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ- إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (2) لِلْقَوْمِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِرَسُولِهِ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

281- سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (3) قَالَ فِتْنَةٌ فِي دِينِهِ أَوْ جِرَاحَةٌ (4)- لَا يَأْجُرُهُ اللَّهُ عَلَيْهَا.

282- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ شِيعَتَكَ قَدْ تَبَاغَضُوا وَ شَنِئَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَلَوْ نَظَرْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ كِتَاباً لَا يَخْتَلِفُ عَلَيَّ مِنْهُمُ اثْنَانِ قَالَ فَقُلْتُ مَا كُنَّا قَطُّ أَحْوَجَ إِلَى ذَلِكَ مِنَّا الْيَوْمَ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَنَّى هَذَا وَ مَرْوَانُ وَ ابْنُ ذَرٍّ قَالَ (5) فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ مَنَعَنِي ذَلِكَ قَالَ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَدَخَلْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي ذَكَرْتُ لِأَبِيكَ اخْتِلَافَ شِيعَتِهِ وَ تَبَاغُضَهُمْ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ كِتَاباً لَا يَخْتَلِفُ عَلَيَّ مِنْهُمُ اثْنَانِ قَالَ فَقَالَ (6) مَا قَالَ مَرْوَانُ وَ ابْنُ ذَرٍّ قُلْتُ بَلَى قَالَ يَا عَبْدَ


1- الشعراء: 206 إلى 208. و قوله: «ما كانُوا يُوعَدُونَ» فسّره الاكثر بقيام الساعة و فسّر في أكثر اخبارنا بقيام القائم عليه السلام و هذا أنسب بالتسلية. «آت»
2- القدر: 2 إلى 5.
3- النور: 63.
4- اما تفسير للفتنة أيضا أو للعذاب.
5- أي لا ينفع هذا في رفع منازعة مروان و المراد به أحد أصحابه عليه السلام و ابن ذر رجل آخر من أصحابه و لعله كان بينهما منازعة شديدة لتفاوت درجتهما و اختلاف فهمهما فافاد عليه السلام أن الكتاب لا يرفع النزاع الذي منشؤه سوء الفهم و اختلاف مراتب الفضل. و يحتمل أن يكون المراد بابن ذر عمر بن ذر القاضي العامى، و قد روى أنّه دخل على الصادق عليه السلام و ناظره فالمراد أن هذا لا يرفع النزاع بين الاصحاب و المخالفين بل يصير النزاع بذلك أشدّ و يصير سببا لتضرر الشيعة بذلك كما ورد في كثير من الاخبار ذلك لبيان سبب اختلاف الاخبار فظن عبد الأعلى عند سماع هذا الكلام أنه عليه السلام لا يجيبه إلى كتابه هذا الكتاب فآيس و قام و دخل على إسماعيل ابنه عليه السلام و ذكر ما جرى بينه و بينه عليه السلام.
6- أي قال عبد الأعلى فقال الصادق عليه السلام و ذكر ما جرى بين مروان و ابن ذر من المخاصمة فصدقه الراوي على ذلك و قال: بلى جرى ذلك بينهم و هذا يحتمل أن يكون في وقت آخر أتاه عليه السلام أو في هذا الوقت الذي كان يتكلم إسماعيل سمع كلامه عليه السلام فأجابه. و يحتمل أن يكون فاعل «فقال» إسماعيل أي قال عبد الأعلى: قال إسماعيل عند ما ذكرت بعض كلام أبيه عليه السلام مبادرا: ما قال أبى في جوابك قصة مروان و ابن ذر قال عبد الأعلى: بلى قال أبوك ذلك فيكون إلى آخر الخبر كلام إسماعيل حيث كان سمع من أبيه عليه السلام علة ذلك فأفاده و هذا أظهر لفظا و الأول معنى. «آت»

ص: 224

الْأَعْلَى إِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا لَحَقّاً كَحَقِّنَا عَلَيْكُمْ وَ اللَّهِ مَا أَنْتُمْ إِلَيْنَا بِحُقُوقِنَا أَسْرَعَ مِنَّا إِلَيْكُمْ ثُمَّ قَالَ سَأَنْظُرُ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ الْأَعْلَى مَا عَلَى قَوْمٍ إِذَا كَانَ أَمْرُهُمْ أَمْراً وَاحِداً مُتَوَجِّهِينَ إِلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يَأْخُذُونَ عَنْهُ أَلَّا يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَ يُسْنِدُوا أَمْرَهُمْ إِلَيْهِ يَا عَبْدَ الْأَعْلَى إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ وَ قَدْ سَبَقَهُ أَخُوهُ إِلَى دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ أَنْ يَجْذِبَهُ عَنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ وَ لَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَدْفَعَ فِي صَدْرِ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَ لَكِنْ يَسْتَلْحِقُ إِلَيْهِ وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

283- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا (1) قَالَ أَمَّا الَّذِي فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ فُلَانٌ الْأَوَّلُ يُجْمِعُ الْمُتَفَرِّقُونَ وِلَايَتَهُ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا رَجُلٌ سَلَمُ رَجُلٍ فَإِنَّهُ الْأَوَّلُ حَقّاً وَ شِيعَتُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِ مُوسَى ع عَلَى إِحْدَى وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً مِنْهَا فِرْقَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ وَ تَفَرَّقَتِ النَّصَارَى بَعْدَ عِيسَى ع عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ وَ إِحْدَى وَ سَبْعُونَ فِي النَّارِ وَ تَفَرَّقَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا ص عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ مِنَ الثَّلَاثِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً تَنْتَحِلُ وَلَايَتَنَا وَ مَوَدَّتَنَا اثْنَتَا عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنْهَا فِي النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ سِتُّونَ فِرْقَةً مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فِي النَّارِ.

284 وَ- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ تَزَلْ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ طَوِيلَةً وَ دَوْلَةُ الْحَقِّ قَصِيرَةً.

285 وَ- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ قَالَ فَقَالَ إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ وَ وَهَى سُلْطَانُهُمْ


1- الزمر: 30.

ص: 225

وَ طَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ فِيهِمْ وَ خَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا (1)- وَ رَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ (2) وَ ظَهَرَ الشَّامِيُّ وَ أَقْبَلَ الْيَمَانِيُّ وَ تَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ وَ خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْتُ مَا تُرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ وَ دِرْعُهُ وَ عِمَامَتُهُ وَ بُرْدُهُ وَ قَضِيبُهُ وَ رَايَتُهُ وَ لَامَتُهُ (3) وَ سَرْجُهُ حَتَّى يَنْزِلَ مَكَّةَ فَيُخْرِجَ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ وَ يَلْبَسَ الدِّرْعَ وَ يَنْشُرَ الرَّايَةَ وَ الْبُرْدَةَ وَ الْعِمَامَةَ وَ يَتَنَاوَلَ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ وَ يَسْتَأْذِنَ اللَّهَ فِي ظُهُورِهِ فَيَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ فَيَأْتِي الْحَسَنِيَّ فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ فَيَبْتَدِرُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوجِ فَيَثِبُ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ وَ يَبْعَثُونَ بِرَأْسِهِ إِلَى الشَّامِيِّ فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَ يَتَّبِعُونَهُ وَ يَبْعَثُ الشَّامِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دُونَهَا (4) وَ يَهْرُبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ ع إِلَى مَكَّةَ فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ وَ يُقْبِلُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ نَحْوَ الْعِرَاقِ وَ يَبْعَثُ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَأْمَنُ أَهْلُهَا وَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا (5).

286- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ آنِفاً فِي حَاجَةٍ فَتَعَرَّضَ لِي بَعْضُ سُودَانِ الْمَدِينَةِ فَهَتَفَ بِي لَبَّيْكَ يَا


1- العنان- ككتاب-: سير اللجام الذي يمسك به الدابّة و الجمع أعنّة.
2- شوكة الحائك و كل شي ء تحصن به فهو صيصية أي أظهر كل ذى قدرة قدرته و قوته.
3- اللأمة- مهموزة-: الدرع، و قيل: السلاح. «النهاية»
4- أي قبل الوصول إلى المدينة بالبيداء يخسف اللّه به و بجيشه الأرض كما وردت به الاخبار المتظافرة. «آت»
5- أي يبذل القائم عليه السلام لاهل المدينة الأمان فيرجعون إلى المدينة مستأمنين. «آت»

ص: 226

جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَبَّيْكَ فَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي (1) إِلَى مَنْزِلِي خَائِفاً ذَعِراً مِمَّا قَالَ حَتَّى سَجَدْتُ فِي مَسْجِدِي لِرَبِّي وَ عَفَّرْتُ لَهُ وَجْهِي وَ ذَلَّلْتُ لَهُ نَفْسِي وَ بَرِئْتُ إِلَيْهِ مِمَّا هَتَفَ بِي وَ لَوْ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَدَا مَا قَالَ اللَّهُ فِيهِ (2) إِذاً لَصَمَّ صَمّاً لَا يَسْمَعُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ عَمِيَ عَمًى لَا يُبْصِرُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ خَرِسَ خَرْساً لَا يَتَكَلَّمُ بَعْدَهُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ أَبَا الْخَطَّابِ وَ قَتَلَهُ بِالْحَدِيدِ (3).

287- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جُهَيْمَةَ عَنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَعَلَ يَذْكُرُ قُرَيْشاً وَ الْعَرَبَ (4) فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ ع عِنْدَ ذَلِكَ دَعْ هَذَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ عَرَبِيٌّ وَ مَوْلًى وَ عِلْجٌ فَنَحْنُ الْعَرَبُ وَ شِيعَتُنَا الْمَوَالِي (5) وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ


1- «لبيك يا جعفر بن محمّد» الظاهر أن هذا الكافر من أصحاب أبى الخطاب [محمّد بن مقلاص الأسدى] و كان يعتقد ربوبيته عليه السلام كاعتقاد أبى الخطاب فانه أثبت ذلك له عليه السلام و ادعى النبوّة من قبله عليه السلام على أهل الكوفة فناداه عليه السلام هذا الكافر بما ينادى به اللّه في الحجّ و قال ذلك على هذا الوجه، فذعر من ذلك لعظيم ما نسب إليه و سجد لربه و برأ نفسه عند اللّه ممّا قال و لعن أبا الخطاب لانه كان مخترع هذا المذهب الفاسد و قوله: «رجعت عودى على بدئى» قال الجوهريّ: رجع عودا على بدء و عوده على بدئه أي لم ينفع ذهابه حتّى وصله برجوعه. «آت»
2- أي جاوز ما قال اللّه فيه.
3- هذا دعاء عليه و استجيب دعاؤه عليه السلام فيه ذكر الكشّيّ أنّه بعث عيسى بن موسى بن على ابن عبد اللّه بن العباس و كان عامل المنصور على الكوفة إلى أبى الخطاب و أصحابه لما بلغه أنهم قد أظهروا الاباحات و دعوا الناس إلى نبوة أبى الخطاب فانهم مجتمعون في المسجد لزموا الاساطين يروون الناس أنهم لزموها للجادة و بعث إليهم رجلا فقتلهم جميعا فلم يفلت منهم إلّا رجل واحد أصابته جراحات فسقط بين القتلى يعد فيهم فلما جنه الليل خرج من بينهم فتخلص و هو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمال و روى أنهم كانوا سبعين رجلا. «آت»
4- أي كان يذكر فضائلهم و يفتخر بالانتساب بهم. «آت»
5- الموالى هنا غير العربى الصليب الذي صار حليفا لهم و دخل بينهم و صار في حكمهم و و ليس منهم. «آت»

ص: 227

عَلَيْهِ فَهُوَ عِلْجٌ (1) فَقَالَ الْقُرَشِيُّ تَقُولُ هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ فَأَيْنَ أَفْخَاذُ قُرَيْشٍ وَ الْعَرَبِ (2) فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع هُوَ مَا قُلْتُ لَكَ.

288- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يُحَدِّثُ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عَرَضَ الْإِيمَانَ عَلَى كُلِّ نَاصِبٍ فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ بِحَقِيقَةٍ وَ إِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ (3) كَمَا يُؤَدِّيهَا الْيَوْمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَ يَشُدُّ عَلَى وَسَطِهِ الْهِمْيَانَ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الْأَمْصَارِ إِلَى السَّوَادِ. (4)

289- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ (5) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُنَانٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ أَبِي يَوْماً وَ عِنْدَهُ أَصْحَابُهُ مَنْ مِنْكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمْرَةً فِي كَفِّهِ فَيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْفَأَ قَالَ فَكَاعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَ نَكَلُوا (6) فَقُمْتُ وَ قُلْتُ يَا أَبَتِ أَ تَأْمُرُ أَنْ أَفْعَلَ فَقَالَ لَيْسَ إِيَّاكَ عَنَيْتُ إِنَّمَا أَنْتَ مِنِّي وَ أَنَا مِنْكَ بَلْ إِيَّاهُمْ أَرَدْتُ قَالَ وَ كَرَّرَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ مَا أَكْثَرَ الْوَصْفَ وَ أَقَلَّ الْفِعْلَ إِنَّ أَهْلَ الْفِعْلِ قَلِيلٌ إِنَّ أَهْلَ الْفِعْلِ قَلِيلٌ أَلَا وَ إِنَّا لَنَعْرِفُ أَهْلَ الْفِعْلِ وَ الْوَصْفِ مَعاً وَ مَا كَانَ هَذَا مِنَّا


1- أي رجل من كفّار العجم و إن كان صليبا كما مر. «آت»
2- مر معنى الفخذ ص 181 من هذا المجلد.
3- لعل هذا في أوائل زمانه عليه السلام و إلّا فالظاهر من الاخبار أنّه لا يقبل منهم إلّا الايمان أو القتل. «آت»
4- الهميان- بالكسر-: التكة و المنطقة و كيس للنفقة. و لعله كناية عن علامة جعلها لهم ليعرفوا بها مثل الزنّار.
5- الظاهر هو محمّد بن سالم أبى سلمة الآتي تحت رقم 314 و قال الشيخ في الفهرست محمّد بن سالم بن أبي سلمة، له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيّد عن ابن الوليد عن عليّ بن محمّد بن أبي سعيد القيروانيّ عن محمّد بن سالم بن أبي سلمة السجستانيّ. انتهى أقول: محمّد بن مسلم كان تصحيف محمّد سالم و ذلك نشأ من اختلاف الكتابة في سالم و سلم و عثمان و عثمن و سفيان و سفين و نظائرها و هذا كثير في كتب القدماء. و عليّ بن محمّد بن سعيد غير موجود في كتب الرجال و الظاهر أنه عليّ بن محمّد بن أبي سعيد المذكور و لكن ذكر الشيخ في الرجال عليّ بن محمّد بن سعد الأشعريّ و قال: له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن عليّ بن محمّد عن رجاله.
6- كعت عنه أكيع إذا هبته و جبنت عنه. «القاموس»

ص: 228

تَعَامِياً عَلَيْكُمْ بَلْ لِنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ وَ نَكْتُبَ آثَارَكُمْ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّمَا مَادَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ حَيَاءً مِمَّا قَالَ (1) حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ يَرْفَضُّ عَرَقاً (2) مَا يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمَا أَرَدْتُ إِلَّا خَيْراً إِنَّ الْجَنَّةَ دَرَجَاتٌ فَدَرَجَةُ أَهْلِ الْفِعْلِ لَا يُدْرِكُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ وَ دَرَجَةُ أَهْلِ الْقَوْلِ لَا يُدْرِكُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عِقَالٍ (3).

290 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ (4) عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ ع لَوْ مَيَّزْتُ شِيعَتِي لَمْ أَجِدْهُمْ إِلَّا وَاصِفَةً (5) وَ لَوِ امْتَحَنْتُهُمْ لَمَا وَجَدْتُهُمْ إِلَّا مُرْتَدِّينَ وَ لَوْ تَمَحَّصْتُهُمْ (6) لَمَا خَلَصَ مِنَ الْأَلْفِ وَاحِدٌ وَ لَوْ غَرْبَلْتُهُمْ غَرْبَلَةً لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مَا كَانَ لِي إِنَّهُمْ طَالَ مَا اتَّكَوْا عَلَى الْأَرَائِكِ فَقَالُوا نَحْنُ شِيعَةُ عَلِيٍّ إِنَّمَا شِيعَةُ عَلِيٍّ مَنْ صَدَّقَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ.

291- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّتِي قَدِ افْتُتِنَتْ فِي حُسْنِهَا فَتَقُولُ يَا رَبِّ حَسَّنْتَ خَلْقِي حَتَّى لَقِيتُ مَا لَقِيتُ فَيُجَاءُ بِمَرْيَمَ ع فَيُقَالُ أَنْتِ أَحْسَنُ أَوْ هَذِهِ قَدْ حَسَّنَّاهَا فَلَمْ تُفْتَتَنْ وَ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ الْحَسَنِ الَّذِي قَدِ افْتُتِنَ فِي حُسْنِهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَسَّنْتَ خَلْقِي حَتَّى لَقِيتُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَقِيتُ فَيُجَاءُ بِيُوسُفَ ع فَيُقَالُ أَنْتَ أَحْسَنُ أَوْ هَذَا قَدْ حَسَّنَّاهُ فَلَمْ يُفْتَتَنْ وَ يُجَاءُ بِصَاحِبِ الْبَلَاءِ الَّذِي قَدْ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ فِي بَلَائِهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ شَدَّدْتَ عَلَيَ


1- ماد الشى يميد ميدا: تحرك. و مادت الاغصان: تمايلت. «الصحاح» و هو كناية عن اضطرابهم و شدة حالهم.
2- أي جرى و سال عرقه. «النهاية»
3- أي حلت عقالهم.
4- في بعض النسخ [محمّد بن مسلم] و لعله أظهر. «آت»
5- في بعض النسخ [ما وجدتهم إلّا واصفة].
6- كذا. و المحص: التصفية و التخليص من الغش و التمحيص: الاختبار و الابتلاء.

ص: 229

الْبَلَاءَ حَتَّى افْتُتِنْتُ فَيُؤْتَى بِأَيُّوبَ ع فَيُقَالُ أَ بَلِيَّتُكَ أَشَدُّ أَوْ بَلِيَّةُ هَذَا فَقَدِ ابْتُلِيَ فَلَمْ يُفْتَتَنْ.

292 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيِ (1) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ تَقْعُدُونَ فِي الْمَكَانِ فَتُحَدِّثُونَ وَ تَقُولُونَ مَا شِئْتُمْ وَ تَتَبَرَّءُونَ مِمَّنْ شِئْتُمْ وَ تَوَلَّوْنَ مَنْ شِئْتُمْ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ هَلِ الْعَيْشُ إِلَّا هَكَذَا.

293- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً حَبَّبَنَا إِلَى النَّاسِ وَ لَمْ يُبَغِّضْنَا إِلَيْهِمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ يَرْوُونَ (2) مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَكَانُوا بِهِ أَعَزَّ وَ مَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِمْ بِشَيْ ءٍ وَ لَكِنْ أَحَدُهُمْ يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيَحُطُّ إِلَيْهَا عَشْراً (3).

294- وُهَيْبٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ (4) قَالَ هِيَ شَفَاعَتُهُمْ (5) وَ رَجَاؤُهُمْ يَخَافُونَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ إِنْ لَمْ يُطِيعُوا اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ يَرْجُونَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ.

295- وُهَيْبُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ إِلَّا وَجَدَ مَنْ يُتَابِعُهُ.


1- الظاهر أنّه إسماعيل بن الفضل. «آت»
2- «لو يروون» هذا على مذهب من لا يجزم ب «لو» و إن دخلت على المضارع لغلبة دخولها على الماضى اي لو لم يغيروا كلامنا و لم يزيدوا فيها لكانوا بذلك اعز عند الناس اما لانهم كانوا يؤدون الكلام على وجه لا يترتب عليه فساد أولان كلامهم لبلاغته يوجب حبّ الناس لهم و علم الناس بفضلهم إذا لم يغير فيكون قوله: «و ما استطاع» بيان فائدة اخرى لعدم التغيير يرجع إلى المعنى الأول و على الأول يكون تفسيرا للسابق. «آت»
3- أي ينزل عليها و يضم بعضها معها عشرا من عند نفسه فيفسد كلامنا و يصير ذلك سببا لاضرار الناس لهم. «آت» و في بعض النسخ [لها عشرا].
4- المؤمنون: 60.
5- لعل المراد دعاؤهم و تضرعهم كانهم شفعوا لانفسهم او طلب الشفاعة من غيرهم او تضاعف حسناتهم و لعله تصحيف شفقتهم. «من آت»

ص: 230

296- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الرِّضَا ع فِي سَفَرِهِ إِلَى خُرَاسَانَ فَدَعَا يَوْماً بِمَائِدَةٍ (1) لَهُ فَجَمَعَ عَلَيْهَا مَوَالِيَهُ مِنَ السُّودَانِ وَ غَيْرِهِمْ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَوْ عَزَلْتَ لِهَؤُلَاءِ مَائِدَةً فَقَالَ مَهْ إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَاحِدٌ وَ الْأُمَّ وَاحِدَةٌ وَ الْأَبَ وَاحِدٌ وَ الْجَزَاءَ بِالْأَعْمَالِ.

297- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ طَبَائِعُ الْجِسْمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَمِنْهَا الْهَوَاءُ الَّذِي لَا تَحْيَا النَّفْسُ إِلَّا بِهِ وَ بِنَسِيمِهِ وَ يُخْرِجُ مَا فِي الْجِسْمِ مِنْ دَاءٍ وَ عُفُونَةٍ وَ الْأَرْضُ (2) الَّتِي قَدْ تُوَلِّدُ الْيُبْسَ وَ الْحَرَارَةَ وَ الطَّعَامُ (3) وَ مِنْهُ يَتَوَلَّدُ الدَّمُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْمَعِدَةِ فَتُغَذِّيهِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يَصْفُوَ فَتَأْخُذُ الطَّبِيعَةُ صَفْوَهُ دَماً ثُمَّ يَنْحَدِرُ الثُّفْلُ وَ الْمَاءُ وَ هُوَ يُوَلِّدُ الْبَلْغَمَ.

298- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَعْيَنَ أَخُو مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً مَا يَعْنِي بِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ خَيْراً نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ (4) مَخْرَجُهُ مِنَ الْكَوْثَرِ وَ الْكَوْثَرَ مَخْرَجُهُ مِنْ سَاقِ الْعَرْشِ عَلَيْهِ مَنَازِلُ الْأَوْصِيَاءِ وَ شِيعَتِهِمْ عَلَى حَافَتَيْ ذَلِكَ النَّهَرِ جَوَارِي نَابِتَاتٌ كُلَّمَا قُلِعَتْ وَاحِدَةٌ نَبَتَتْ أُخْرَى سُمِّيَ (5) بِذَلِكَ النَّهَرُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى


1- «لو» للتمنى. و قوله: «عزلت» أي جعلت لهم مائدة غير هذه.
2- أي الثانية منها الأرض و هي تولد اليبس بطبعها و الحرارة بانعكاس اشعة الشمس عنها فلها مدخل في تولد المرة الصفراء و السوداء. «آت»
3- أي الثالثة و انما نسب الدم فقط إليها لأنّها ادخل في دوام البدن من سائر الاخلاط مع عدم مدخلية الأشياء الخارجة كثيرا فيها. «آت»
4- يحتمل أن يكون أصل استعمال هذه الكلمة كان ممن عرف هذا المعنى و إرادة من لا يعرف غيره لا ينافيه على أنّه يحتمل أن يكون المراد أن الجزاء الخير هو هذا و ينصرف واقعا إليه و إن لم يعرف ذلك من يتكلم بهذه الكلمة. «آت»
5- كذا في أكثر النسخ و الظاهر سمين و يمكن ان يقرأ على البناء للمعلوم اي سماهن اللّه بها في قوله: «خيرات» و يحتمل أن يكون المشار إليه النابت اي سمى النهر باسم ذلك النابت اي الجواري لان اللّه سماهن خيرات. «آت»

ص: 231

- فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (1) فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً فَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ تِلْكَ الْمَنَازِلَ الَّتِي قَدْ أَعَدَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَفْوَتِهِ وَ خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ.

299 وَ- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهَراً حَافَتَاهُ حُورٌ نَابِتَاتٌ فَإِذَا مَرَّ الْمُؤْمِنُ بِإِحْدَيهُنَّ فَأَعْجَبَتْهُ اقْتَلَعَهَا فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَكَانَهَا.

حَدِيثُ الْقِبَابِ

300- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع لَيْلَةً وَ أَنَا عِنْدَهُ وَ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَذِهِ قُبَّةُ أَبِينَا آدَمَ ع وَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سِوَاهَا تِسْعاً وَ ثَلَاثِينَ قُبَّةً فِيهَا خَلْقٌ مَا عَصَوُا اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ.

301- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذِهِ قُبَّةُ آدَمَ ع قَالَ نَعَمْ وَ لِلَّهِ قِبَابٌ كَثِيرَةٌ أَلَا إِنَّ خَلْفَ مَغْرِبِكُمْ هَذَا تِسْعَةٌ وَ ثَلَاثُونَ مَغْرِباً أَرْضاً بَيْضَاءَ مَمْلُوَّةً خَلْقاً يَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِ لَمْ يَعْصُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ طَرْفَةَ عَيْنٍ مَا يَدْرُونَ خُلِقَ آدَمُ أَمْ لَمْ يُخْلَقْ يَبْرَءُونَ مِنْ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ.

302- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ خَصَفَ نَعْلَهُ وَ رَقَّعَ ثَوْبَهُ وَ حَمَلَ سِلْعَتَهُ (2) فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ.

303- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ الْقَاسِمُ شَرِيكِي وَ نَجْمُ بْنُ حُطَيْمٍ وَ صَالِحُ بْنُ سَهْلٍ بِالْمَدِينَةِ فَتَنَاظَرْنَا فِي


1- الرحمن: 70.
2- السلعة- بكسر السين-: المتاع و ما يشترى الإنسان لاهله.

ص: 232

الرُّبُوبِيَّةِ قَالَ (1) فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ مَا تَصْنَعُونَ بِهَذَا نَحْنُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ (2) وَ لَيْسَ مِنَّا فِي تَقِيَّةٍ قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ قَالَ فَقُمْنَا فَوَ اللَّهِ مَا بَلَغْنَا الْبَابَ إِلَّا وَ قَدْ خَرَجَ عَلَيْنَا بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ قَدْ قَامَ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِهِ مِنْهُ وَ هُوَ يَقُولُ لَا لَا يَا مُفَضَّلُ وَ يَا قَاسِمُ وَ يَا نَجْمُ لَا لَا بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ.

304- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِإِبْلِيسَ عَوْناً يُقَالُ لَهُ تَمْرِيحٌ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ (3).

305- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ كَرَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْوَزَغِ فَقَالَ رِجْسٌ وَ هُوَ مَسْخٌ كُلُّهُ فَإِذَا قَتَلْتَهُ فَاغْتَسِلْ (4) فَقَالَ إِنَّ أَبِي كَانَ قَاعِداً فِي الْحِجْرِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ يُحَدِّثُهُ فَإِذَا هُوَ بِوَزَغٍ يُوَلْوِلُ بِلِسَانِهِ فَقَالَ أَبِي لِلرَّجُلِ أَ تَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الْوَزَغُ قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِمَا يَقُولُ قَالَ فَإِنَّهُ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَئِنْ ذَكَرْتُمْ عُثْمَانَ بِشَتِيمَةٍ لَأَشْتِمَنَّ عَلِيّاً حَتَّى يَقُومَ مِنْ هَاهُنَا قَالَ وَ قَالَ أَبِي لَيْسَ يَمُوتُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ مَيِّتٌ إِلَّا مُسِخَ وَزَغاً قَالَ وَ قَالَ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ مُسِخَ وَزَغاً فَذَهَبَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَ كَانَ عِنْدَهُ وُلْدُهُ فَلَمَّا أَنْ فَقَدُوهُ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَدْرُوا كَيْفَ يَصْنَعُونَ ثُمَّ اجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا جِذْعاً فَيَصْنَعُوهُ كَهَيْئَةِ


1- أي في ربوبية الصادق عليه السلام او جميع الأئمّة عليهم السلام و لعله كان غرضهم ما نسب اليهم من انه تعالى لما خلق أنوار الأئمّة عليهم السلام فوض إليهم أمر خلق العالم فهم خلقوا جميع العالم و قد نفوا عليهم السلام ذلك و تبرءوا منه و لعنوا من قال به و قد وضعوا الغلاة أخبارا في ذلك و يحتمل ان يكونوا توهموا حلولا او اتّحادا كالنصارى في عيسى عليه السلام.
2- يعني الصادق عليه السلام.
3- أي لاضلال الناس و اضرارهم او للوساوس في المنام كما رواه الصدوق- رحمه اللّه- في اماليه عن أبيه بإسناده عن ابى جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ان لابليس شيطانا يقال له: هزع يملأ المشرق و المغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام و لعله هذا الخبر فسقط عنه بعض الكلمات في المتن و السند و وقع فيه بعض التصحيف. «آت» و في بعض النسخ [تمريخ].
4- المشهور بين الاصحاب استحباب ذلك الغسل. «آت»

ص: 233

الرَّجُلِ قَالَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَلْبَسُوا الْجِذْعَ دِرْعَ حَدِيدٍ (1) ثُمَّ لَفُّوهُ فِي الْأَكْفَانِ فَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَنَا وَ وُلْدُهُ.

306- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْقَائِمَ فَلْيَتَمَنَّهُ فِي عَافِيَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً ص رَحْمَةً وَ يَبْعَثُ الْقَائِمَ نَقِمَةً (2).

307- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ ع أَشْبَهَ النَّاسِ بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ مَا بَيْنَ رَأْسِهِ إِلَى سُرَّتِهِ وَ إِنَّ الْحُسَيْنَ ع أَشْبَهُ النَّاسِ- بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إِلَى قَدَمِهِ.

308- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ (3) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَمْ كَانَ طُولُ آدَمَ ع حِينَ هُبِطَ بِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَمْ كَانَ طُولُ حَوَّاءَ قَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ وَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ ع إِلَى الْأَرْضِ كَانَتْ رِجْلَاهُ بِثَنِيَّةِ الصَّفَا (4) وَ رَأْسُهُ دُونَ أُفُقِ السَّمَاءِ وَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى اللَّهِ مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى جَبْرَئِيلَ ع أَنَّ آدَمَ قَدْ شَكَا مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَاغْمِزْهُ غَمْزَةً وَ صَيِّرْ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ اغْمِزْ حَوَّاءَ غَمْزَةً فَيَصِيرَ طُولُهَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا.


1- لعلهم انها فعلوا ذلك ليصير ثقيلا او لانه ان مسّه أحد فوق الكفن لا يحسس بانه خشب. «آت»
2- أي على الكافرين.
3- مقاتل بن سليمان رجل عامى ضعيف ضعّفه الفريقان نقل ابن داود في الباب الثاني من رجاله عن البرقي انه عامى و هو مذكور في الحاوى في فصل الضعفاء. و في تنقيح المقال عن ملحقات الصراح في ذكر معارف أهل التفسير من التابعين و من تبعهم: الإمام أبو الحسن مقاتل بن سليمان تفسيره مجلدان، و قال: لما قيل: لابى حنيفة: قدم مقاتل بن سليمان قال: إذا يجيئك بكذب كثير.- الى آخر ما قال- و قال ابن حجر: مقاتل بن سليمان بن بشير البجليّ الأزديّ الخراسانيّ أبو الحسن البلخيّ، نزيل مرو و يقال له: ابن دوال دوز البصرى المفسر، عن مجاهد و ضحاك و عنه عليّ بن الجعد و ابن عيينة، اجمعوا على تضعيفه «لسان الميزان ج 6 ص 728» فعلى هذا لم نتعرض لما قالوا ائمة الحديث في توجيه هذا الخبر لانه لم يثبت عندنا صدوره عنهم عليهم السلام.
4- الثنية في الجبل كالعقبة فيه و قيل: هو الطريق العالى فيه و قيل: أعلى الميل في رأسه. «النهاية»

ص: 234

309- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَبَاهُ سَبْيٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ أَصَابَ أَبَاهُ سَبْيٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بَعْدَ مَا تَوَالَدَتْهُ الْعَبِيدُ فِي الْإِسْلَامِ وَ أُعْتِقَ قَالَ فَقَالَ فَلْيُنْسَبْ إِلَى آبَائِهِ الْعَبِيدِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ هُوَ يُعَدُّ مِنَ الْقَبِيلَةِ الَّتِي كَانَ أَبُوهُ سُبِيَ فِيهَا إِنْ كَانَ [أَبُوهُ] مَعْرُوفاً فِيهِمْ وَ يَرِثُهُمْ وَ يَرِثُونَهُ.

310- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَعْطَى الْمُؤْمِنَ ثَلَاثَ خِصَالٍ الْعِزَّ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ- وَ الْفَلْجَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ الْمَهَابَةَ فِي صُدُورِ الظَّالِمِينَ.

311- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ ثَلَاثٌ هُنَّ فَخْرُ الْمُؤْمِنِ وَ زَيْنُهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ الصَّلَاةُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَ يَأْسُهُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ وَلَايَتُهُ الْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ وَ ثَلَاثَةٌ هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ ابْتُلِيَ بِهِمْ خِيَارُ الْخَلْقِ- أَبُو سُفْيَانَ أَحَدُهُمْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ عَادَاهُ وَ مُعَاوِيَةُ قَاتَلَ عَلِيّاً ع وَ عَادَاهُ وَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللَّهُ قَاتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع وَ عَادَاهُ حَتَّى قَتَلَهُ.

312- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: لَا حَسَبَ لِقُرَشِيٍّ وَ لَا لِعَرَبِيٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَى وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِالنِّيَّةِ (1) وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِالتَّفَقُّهِ أَلَا وَ إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ مَنْ يَقْتَدِي بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَ لَا يَقْتَدِي بِأَعْمَالِهِ.

313- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَ هُوَ يُرِيدُ الْحَجَ (2) فَبَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ


1- أي لا يكون العمل مقبولا الا مع الإخلاص في النية و ترك شوائب الرياء.
2- هذا غريب اذ المعروف بين أهل السير أن هذا الملعون بعد الخلافة لم يأت المدينة بل لم يخرج من الشام حتّى مات و دخل النار و لعلّ هذا كان من مسلم بن عقبة والى هذا الملعون حيث بعثه لقتل أهل المدينة فجرى منه ما في قتل الحرة ما جرى و قد نقل أنّه جرى بينه و بين على بن الحسين عليهما السلام قريب من ذلك فاشتبه على بعض الرواة. «آت» هذا الاحتمال في غاية البعد فان مسلم بن عقبة لم يكن قرشيا. ثم ان المسعوديّ روى عكس ذلك قال ان مسلم بن عقبة لما نظر الى عليّ بن الحسين عليه السلام سقط في يديه و قام و اعتذر منه، فقيل له في ذلك فقال قد ملاء قلبى منه رعبا.

ص: 235

قُرَيْشٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ أَ تُقِرُّ لِي أَنَّكَ عَبْدٌ لِي إِنْ شِئْتُ بِعْتُكَ وَ إِنْ شِئْتُ اسْتَرْقَيْتُكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ يَا يَزِيدُ مَا أَنْتَ بِأَكْرَمَ مِنِّي فِي قُرَيْشٍ حَسَباً وَ لَا كَانَ أَبُوكَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ مَا أَنْتَ بِأَفْضَلَ مِنِّي فِي الدِّينِ وَ لَا بِخَيْرٍ مِنِّي فَكَيْفَ أُقِرُّ لَكَ بِمَا سَأَلْتَ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ إِنْ لَمْ تُقِرَّ لِي وَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَيْسَ قَتْلُكَ إِيَّايَ بِأَعْظَمَ مِنْ قَتْلِكَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع مَعَ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ لِلْقُرَشِيِّ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَ رَأَيْتَ إِنْ لَمْ أُقِرَّ لَكَ أَ لَيْسَ تَقْتُلُنِي كَمَا قَتَلْتَ الرَّجُلَ بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ بَلَى فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع قَدْ أَقْرَرْتُ لَكَ بِمَا سَأَلْتَ أَنَا عَبْدٌ مُكْرَهٌ فَإِنْ شِئْتَ فَأَمْسِكْ وَ إِنْ شِئْتَ فَبِعْ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَوْلَى لَكَ (1) حَقَنْتَ دَمَكَ وَ لَمْ يَنْقُصْكَ ذَلِكَ مِنْ شَرَفِكَ.

314- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع إِنَّ لِي جَارَيْنِ أَحَدُهُمَا نَاصِبٌ (3) وَ الْآخَرُ زَيْدِيٌّ وَ لَا بُدَّ مِنْ مُعَاشَرَتِهِمَا فَمَنْ أُعَاشِرُ فَقَالَ هُمَا سِيَّانِ (4) مَنْ كَذَّبَ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَ هُوَ الْمُكَذِّبُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا نَصَبَ لَكَ وَ هَذَا الزَّيْدِيُّ نَصَبَ لَنَا.

315- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ


1- أي الشر قريب بك، و في المرآة «قال الجوهريّ: قولهم: اولى لك تهدد و وعيد و قال الأصمعى: معناه قاربه ما يهلكه اي نزل به انتهى و هذا لا يناسب المقام و أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد و لم يرض بذلك عنه عليه السلام و يحتمل أن يكون مراده أن هذا أولى لك و احرى مما صنع القرشيّ».
2- كذا في أكثر النسخ و قال المجلسيّ- رحمه اللّه- الظاهر إمّا سعد أو عليّ بن محمّد بن أبي سعيد. و قد مر الكلام فيه ص 227. تحت رقم 5 في الهامش.
3- لعل مراد الراوي بالناصب المخالف كما هو المصطلح في الاخبار و انهم لا يبغضون اهل البيت و لكنهم يبغضون من قال بامامتهم بخلاف الزيدية فانهم كانوا يعاندون أهل البيت و يحكمون بفسقهم لعدم خروجهم بالسيف. «آت»
4- أي مثلان.

ص: 236

أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ يُسَبُّ فِيهِ إِمَامٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِصَافِ (1) فَلَمْ يَفْعَلْ أَلْبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الذُّلَّ فِي الدُّنْيَا وَ عَذَّبَهُ فِي الْآخِرَةِ وَ سَلَبَهُ صَالِحَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِنَا.

316- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ أَخِي أَبِي شِبْلٍ عَنْ أَبِي شِبْلٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ابْتِدَاءً مِنْهُ أَحْبَبْتُمُونَا وَ أَبْغَضَنَا النَّاسُ وَ صَدَّقْتُمُونَا وَ كَذَّبَنَا النَّاسُ وَ وَصَلْتُمُونَا وَ جَفَانَا النَّاسُ فَجَعَلَ اللَّهُ مَحْيَاكُمْ مَحْيَانَا وَ مَمَاتَكُمْ مَمَاتَنَا (2)- أَمَا وَ اللَّهِ مَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ (3) إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذَا الْمَكَانَ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ فَمَدَّ الْجِلْدَةَ ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ مَا رَضِيَ حَتَّى حَلَفَ لِي فَقَالَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَحَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع بِذَلِكَ يَا أَبَا شِبْلٍ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُصَلُّوا وَ يُصَلُّوا فَيُقْبَلَ مِنْكُمْ وَ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُزَكُّوا وَ يُزَكُّوا فَيُقْبَلَ مِنْكُمْ وَ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَحُجُّوا وَ يَحُجُّوا فَيَقْبَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ مِنْكُمْ وَ لَا يَقْبَلَ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ مَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْكُمْ وَ لَا الزَّكَاةُ إِلَّا مِنْكُمْ وَ لَا الْحَجُّ إِلَّا مِنْكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّكُمْ فِي هُدْنَةٍ (4) وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ فَإِذَا تَمَيَّزَ النَّاسُ فَعِنْدَ ذَلِكَ ذَهَبَ كُلُّ قَوْمٍ بِهَوَاهُمْ وَ ذَهَبْتُمْ بِالْحَقِّ مَا أَطَعْتُمُونَا (5) أَ لَيْسَ الْقُضَاةُ وَ الْأُمَرَاءُ وَ أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ مِنْهُمْ قُلْتُ بَلَى قَالَ ع فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِنَّ النَّاسَ أَخَذُوا هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ إِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَ مِنْ عِبَادِهِ مُحَمَّداً ص فَاخْتَرْتُمْ خِيَرَةَ اللَّهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى الْأَسْوَدِ وَ الْأَبْيَضِ وَ إِنْ كَانَ حَرُورِيّاً وَ إِنْ كَانَ شَامِيّاً (6).


1- الانتصاف: الانتقام.
2- أي كمحيانا في التوفيق و الهداية و الرحمة و مماتكم كمماتنا في الوصول الى السعادة الابدية. «آت»
3- برؤية مكانه في الجنة و مشاهدة النبيّ و الأئمّة صلوات اللّه عليهم و سماع البشارات منهم رزقنا اللّه و سائر المؤمنين. «آت»
4- «هدنة» أي مصالحة مع المخالفين و المنافقين، لا يجوز لكم الآن منازعتهم. «آت»
5- أي ما دمتم مطيعين لنا. «آت»
6- «ان كان حروريا» أي من خوارج العراق. «و ان كان شاميا» أي من نواصب الشام.

ص: 237

317- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ أَخِي أَبِي شِبْلٍ عَنْ أَبِي شِبْلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ (1).

318- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الْمَوْقِفِ وَ النَّاسُ فِيهِ كَثِيرٌ فَدَنَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَهْلَ الْمَوْقِفِ لَكَثِيرٌ قَالَ فَصَرَفَ بِبَصَرِهِ فَأَدَارَهُ فِيهِمْ ثُمَّ قَالَ ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ غُثَاءٌ (2) يَأْتِي بِهِ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ لَا وَ اللَّهِ مَا الْحَجُّ إِلَّا لَكُمْ لَا وَ اللَّهِ مَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِلَّا مِنْكُمْ.

319- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ أُمُّ خَالِدٍ الَّتِي كَانَ قَطَعَهَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَسُرُّكَ أَنْ تَسْمَعَ كَلَامَهَا فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ أَمَّا الْآنَ فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَ أَجْلَسَنِي مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ (3) ثُمَّ دَخَلَتْ فَتَكَلَّمَتْ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَلِيغَةٌ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهَا تَوَلَّيْهِمَا قَالَتْ فَأَقُولُ لِرَبِّي إِذَا لَقِيتُهُ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِوَلَايَتِهِمَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي مَعَكَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ يَأْمُرُنِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا وَ كَثِيرٌ النَّوَّاءُ يَأْمُرُنِي بِوَلَايَتِهِمَا فَأَيُّهُمَا خَيْرٌ وَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ وَ أَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا يُخَاصِمُ فَيَقُولُ- وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (4) وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (5) وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (6).

320- عَنْهُ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ


1- رقمه المجلسيّ- رحمه اللّه- سهوا من قلمه الشريف و لا يكون لنا بد إلّا أن نرقمه لئلا نوقع في التكلف لدى التطبيق.
2- الغثاء- بالضم و المد-: ما يجيى ء فوق السيل ممّا يحتمله من الزبد و الوسخ و غيره.
3- هى البساط الذي له حمل رقيق.
4- المائدة: 44.
5- المائدة: 45.
6- المائدة: 47 و قد مضى بعينه سندا و متنا تحت رقم 71.

ص: 238

بِعَلِيٍّ ع (1) خَرَجَتْ فَاطِمَةُ ع وَاضِعَةً قَمِيصَ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى رَأْسِهَا آخِذَةً بِيَدَيِ ابْنَيْهَا فَقَالَتْ مَا لِي وَ مَا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ تُرِيدُ أَنْ تُؤْتِمَ ابْنَيَّ وَ تُرْمِلَنِي مِنْ زَوْجِي (2) وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَكُونَ سَيِّئَةٌ لَنَشَرْتُ شَعْرِي وَ لَصَرَخْتُ إِلَى رَبِّي فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا تُرِيدُ إِلَى (3) هَذَا ثُمَّ أَخَذَتْ بِيَدِهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ.

321- أَبَانٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَ اللَّهِ لَوْ نَشَرَتْ شَعْرَهَا مَاتُوا طُرّاً (4).

322- أَبَانٌ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ وَلَدَ الزِّنَا يُسْتَعْمَلُ إِنْ عَمِلَ خَيْراً جُزِئَ بِهِ وَ إِنْ عَمِلَ شَرّاً جُزِئَ بِهِ.

323- أَبَانٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ حُجْرَتِهِ وَ مَرْوَانُ وَ أَبُوهُ يَسْتَمِعَانِ إِلَى حَدِيثِهِ (5) فَقَالَ لَهُ الْوَزَغُ ابْنُ الْوَزَغِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَمِنْ يَوْمِئِذٍ يَرَوْنَ أَنَّ الْوَزَغَ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ.

324- أَبَانٌ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ لَمَّا وُلِدَ مَرْوَانُ عَرَضُوا بِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَأَرْسَلُوا بِهِ إِلَى عَائِشَةَ لِيَدْعُوَ لَهُ فَلَمَّا قَرَّبَتْهُ مِنْهُ قَالَ أَخْرِجُوا عَنِّي الْوَزَغَ ابْنَ الْوَزَغِ قَالَ زُرَارَةُ وَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ لَعَنَهُ.


1- مضمرا و موقوف.
2- المشهور في كتب اللغة ان الايتام ينسب إلى المرأة يقال: أيتمت المرأة أي صار أولادها يتامى. و قولها عليها السلام: «ترملنى» الارملة: المرأة التي لا زوج لها و قولها سلام اللّه عليها: «أن يكون سيئة» أي مكافأة السيئة بالسيئة و ليست من دأب الكرام فيكون اطلاق السيئة عليها مجازا أو المراد مطلق الإضرار و يحتمل أن يكون المراد المعصية أي فنهيت عن ذلك و لا يجوز لي فعله. «آت» أقول: اي لو لا أن يكون هذا العمل سيئة لفعلت.
3- لعل فيه تضمين معنى القصد أي قال مخاطبا لابى بكر او عمر: ما تريد بقصدك إلى هذا الفعل أ تريد أن تنزل عذاب اللّه على هذه الأمة. «آت»
4- «طرا» أي جميعا، نصبه على المصدر أو على الحال.
5- أي كانا يسترقان السمع ليسمعا ما يخبر به و يحكيه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مع أهل بيته و ازواجه و يخبرا به المنافقين و انما سماهما وزغا لما مرّ أن بني أميّة يمسخون بعد الموت وزغا لان الوزغ يستمع الحديث فشبههما لذلك به. «آت» أقول: لا يبعد كونهما جاسوسين مبعوثين من قبل حزبهم الاموى لذلك و قوله «يرون» أي يعلمون.

ص: 239

325- أَبَانٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ عُمَرَ لَقِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ أَنْتَ الَّذِي تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ- بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (1) تَعَرُّضاً بِي وَ بِصَاحِبِي قَالَ أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآيَةٍ نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (2) فَقَالَ كَذَبْتَ بَنُو أُمَيَّةَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ مِنْكَ وَ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِي تَيْمٍ وَ عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ (3).

326- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ (4) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُومُ فِي الْمَطَرِ أَوَّلَ مَا يَمْطُرُ حَتَّى يَبْتَلَّ رَأْسُهُ وَ لِحْيَتُهُ وَ ثِيَابُهُ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْكِنَّ الْكِنَ (5) فَقَالَ إِنَّ هَذَا مَاءٌ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْعَرْشِ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ فَقَالَ إِنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ بَحْراً فِيهِ مَاءٌ يُنْبِتُ أَرْزَاقَ الْحَيَوَانَاتِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يُنْبِتَ بِهِ مَا يَشَاءُ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَمَطَرَ مَا شَاءَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِيمَا أَظُنُ (6) فَيُلْقِيَهُ إِلَى السَّحَابِ وَ السَّحَابُ بِمَنْزِلَةِ الْغِرْبَالِ ثُمَّ يُوحِي اللَّهُ إِلَى الرِّيحِ أَنِ اطْحَنِيهِ وَ أَذِيبِيهِ ذَوَبَانَ الْمَاءِ ثُمَّ انْطَلِقِي بِهِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَامْطُرِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونَ كَذَا وَ كَذَا عُبَاباً (7) وَ غَيْرَ ذَلِكَ فَتَقْطُرُ عَلَيْهِمْ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يَأْمُرُهَا بِهِ فَلَيْسَ مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ إِلَّا وَ مَعَهَا مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَ لَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ إِلَّا بِعَدَدٍ مَعْدُودٍ وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ يَوْمِ الطُّوفَانِ


1- القلم: 6.
2- محمّد: 22.
3- قد مر بعينه تحت رقم. 76.
4- مسعدة ابن صدقة على ما ذكره الشيخ في رجاله رجل عامى بترى له كتاب. ضعّفه غير واحد من الاعلام، و قال ابن الحجر بعد عنوانه في لسان الميزان: عن مالك و عنه سعيد بن عمرو، قال الدارقطنى: متروك- الى آخر ما قال-.
5- بالنصب أي أدخل الكن أو أطلبه. و الكن- بالكسر-: و قاء كل شي ء و ما يستتر به من بناء و نحوه.
6- هذا كلام الراوي.
7- العباب: معظم السيل و ارتفاعه.

ص: 240

عَلَى عَهْدِ نُوحٍ ع فَإِنَّهُ نَزَلَ مَاءٌ مُنْهَمِرٌ (1) بِلَا وَزْنٍ وَ لَا عَدَدٍ قَالَ وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ لِيَ أَبِي ع قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ السَّحَابَ غَرَابِيلَ لِلْمَطَرِ هِيَ تُذِيبُ الْبَرَدَ حَتَّى يَصِيرَ مَاءً لِكَيْ لَا يُضِرَّ بِهِ شَيْئاً يُصِيبُهُ الَّذِي تَرَوْنَ فِيهِ مِنَ الْبَرَدِ وَ الصَّوَاعِقِ نَقِمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تُشِيرُوا إِلَى الْمَطَرِ وَ لَا إِلَى الْهِلَالِ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ ذَلِكَ.

327- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ رَفَعَهُ قَالَ: كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ يَسُرُّ الْمَرْءَ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَ يَحْزُنُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ أَبَداً وَ إِنْ جَهَدَ فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ حُكْمٍ (2) أَوْ قَوْلٍ وَ لْيَكُنْ أَسَفُكَ فِيمَا فَرَّطْتَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَ دَعْ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَا تُكْثِرْ عَلَيْهِ حَزَناً وَ مَا أَصَابَكَ مِنْهَا فَلَا تَنْعَمْ بِهِ سُرُوراً (3) وَ لْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ السَّلَامُ.

328- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ كَرَّامٍ عَنْ أَبِي الصَّامِتِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَرَرْتُ أَنَا وَ أَبُو جَعْفَرٍ ع عَلَى الشِّيعَةِ وَ هُمْ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع شِيعَتُكَ وَ مَوَالِيكَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ أَيْنَ هُمْ فَقُلْتُ أَرَاهُمْ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ فَقَالَ اذْهَبْ بِي إِلَيْهِمْ فَذَهَبَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ رِيحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ فَأَعِينُوا مَعَ هَذَا بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ إِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ إِذَا ائْتَمَمْتُمْ بِعَبْدٍ فَاقْتَدُوا بِهِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى دِينِي وَ دِينِ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى دِينِ أُولَئِكَ فَأَعِينُوا عَلَى هَذَا بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ (4).

329- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ


1- أي منصب سائل من غير تقاطر أو كثير من غير أن يعلم و زنها و عددها الملائكة. «آت»
2- أي حكمة أو قضاء حقّ قضى به على نفسه أو غيره. «آت»
3- أي لا تزد في السرور و لا تبالغ فيه.
4- قد مر مثله تحت رقم 259.

ص: 241

عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ مَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِشِيعَتِنَا فِي أَسْمَاعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقَائِمِ بَرِيدٌ (1) يُكَلِّمُهُمُ فَيَسْمَعُونَ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ هُوَ فِي مَكَانِهِ.

330- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنِ اسْتَخَارَ اللَّهَ رَاضِياً بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ خَارَ اللَّهُ لَهُ حَتْماً (2).

331- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ: اشْتَدَدْتُ خَلْفَ (3) أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لِي يَا جُوَيْرِيَةُ إِنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ هَؤُلَاءِ الْحَمْقَى إِلَّا بِخَفْقِ النِّعَالِ خَلْفَهُمْ (4) مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الشَّرَفِ وَ عَنِ الْمُرُوءَةِ وَ عَنِ الْعَقْلِ قَالَ أَمَّا الشَّرَفُ فَمَنْ شَرَّفَهُ السُّلْطَانُ شَرُفَ وَ أَمَّا الْمُرُوءَةُ فَإِصْلَاحُ الْمَعِيشَةِ وَ أَمَّا الْعَقْلُ فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَقَلَ.

332- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ (5) عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي النَّوَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ لِأَيِّ شَيْ ءٍ صَارَتِ الشَّمْسُ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّى إِذَا كَانَتْ سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ نَارٍ فَمِنْ ثَمَّ صَارَتْ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ الْقَمَرُ قَالَ إِنَّ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ خَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ ضَوْءِ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّى إِذَا كَانَتْ سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ مَاءٍ فَمِنْ ثَمَّ صَارَ الْقَمَرُ أَبْرَدَ مِنَ الشَّمْسِ.


1- البريد: أربع فراسخ و في بعض النسخ [لا يكون] فالمراد بالبريد الرسول أي يكلمهم في المسافات البعيدة بلا رسول و بريد. «آت»
2- أي طلب في كل أمر يريده و يأخذ فيه أن يتيسر اللّه له ما هو خير له في دنياه و آخرته ثمّ يكون راضيا بما صنع اللّه له يأت اللّه بخيره البتة. «آت»
3- الاشتداد و الشد: العدو.
4- خفق النعل: صوتت. و خفق النعال: صوتها.
5- سهل بن زياد هو أبو سعيد الأدمي الرازيّ كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه. «قاله النجاشيّ»

ص: 242

333- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ (1) لَمْ يَقُمْ عَلَى شُبْهَةٍ هَامِدَةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَ يَطْلُبَ الْحَادِثَ مِنَ النَّاطِقِ عَنِ الْوَارِثِ وَ بِأَيِّ شَيْ ءٍ جَهِلْتُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ (2) وَ بِأَيِّ شَيْ ءٍ عَرَفْتُمْ مَا أَبْصَرْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

334- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَيْسَ مِنْ بَاطِلٍ يَقُومُ بِإِزَاءِ الْحَقِّ إِلَّا غَلَبَ الْحَقُّ الْبَاطِلَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ (3).

335- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيجَةً (4) فَلَا تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فَإِنَّ كُلَّ سَبَبٍ وَ نَسَبٍ وَ قَرَابَةٍ وَ وَلِيجَةٍ وَ بِدْعَةٍ وَ شُبْهَةٍ مُنْقَطِعٌ مُضْمَحِلٌّ كَمَا يَضْمَحِلُّ الْغُبَارُ (5) الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْحَجَرِ الصَّلْدِ إِذَا أَصَابَهُ الْمَطَرُ الْجَوْدُ (6) إِلَّا مَا أَثْبَتَهُ الْقُرْآنُ.

336- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: نَحْنُ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ وَ مِنْ فُرُوعِنَا كُلُّ بِرٍّ فَمِنَ الْبِرِّ التَّوْحِيدُ وَ الصَّلَاةُ وَ الصِّيَامُ وَ كَظْمُ الْغَيْظِ وَ الْعَفْوُ عَنِ الْمُسِي ءِ وَ رَحْمَةُ الْفَقِيرِ وَ تَعَهُّدُ


1- أي حقيقة ثابتة من الايمان و هي خالصه و محضه و ما يحق أن يقال: أنه ايمان ثابت لا يتغير من الفتن و الشبهات. و قوله: «لم يقم على شبهة هامدة» أي على امر مشتبه باطل في دينه لم يعلم حقيقته بل يطلب اليقين حتّى يصل إلى غاية ذلك الامر او غاية امتداد ذلك الامر. «آت»
2- أي فارجعوا إلى أنفسكم و تفكروا في أن ما جهلتموه لاى شي ء جهلتموه، ليس جهلكم إلا من تقصيركم في الرجوع إلى ائمتكم و في أن ما عرفتموه لان كل شي ء عرفتموه لم تعرفوه إلّا بما وصل إليكم عن علومهم إن كنتم مؤمنين بهم عرفتم ذلك. «آت»
3- الأنبياء: 18.
4- وليجة الرجل: بطانته و اخلاءه و خاصته.
5- في بعض النسخ [كالغبار].
6- الجود- بالفتح-: المطر الواسع الغزير.

ص: 243

الْجَارِ وَ الْإِقْرَارُ بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ وَ عَدُوُّنَا أَصْلُ كُلِّ شَرٍّ وَ مِنْ فُرُوعِهِمْ كُلُّ قَبِيحٍ وَ فَاحِشَةٍ فَمِنْهُمُ الْكَذِبُ وَ الْبُخْلُ وَ النَّمِيمَةُ وَ الْقَطِيعَةُ وَ أَكْلُ الرِّبَا وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقِّهِ وَ تَعَدِّي الْحُدُودِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ وَ رُكُوبُ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ* وَ الزِّنَا وَ السَّرِقَةُ وَ كُلُّ مَا وَافَقَ ذَلِكَ مِنَ الْقَبِيحِ فَكَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَعَنَا وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِفُرُوعِ غَيْرِنَا.

337- عَنْهُ وَ عَنْ غَيْرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِرَجُلٍ اقْنَعْ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِكَ وَ لَا تَتَمَنَّ مَا لَسْتَ نَائِلَهُ فَإِنَّهُ مَنْ قَنِعَ شَبِعَ وَ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ لَمْ يَشْبَعْ وَ خُذْ حَظَّكَ مِنْ آخِرَتِكَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَنْفَعُ الْأَشْيَاءِ لِلْمَرْءِ سَبْقُهُ النَّاسَ إِلَى عَيْبِ نَفْسِهِ وَ أَشَدُّ شَيْ ءٍ مَئُونَةً إِخْفَاءُ الْفَاقَةِ وَ أَقَلُّ الْأَشْيَاءِ غَنَاءً (1) النَّصِيحَةُ لِمَنْ لَا يَقْبَلُهَا وَ مُجَاوَرَةُ الْحَرِيصِ وَ أَرْوَحُ الرَّوْحِ الْيَأْسُ مِنَ النَّاسِ (2) وَ قَالَ لَا تَكُنْ ضَجِراً وَ لَا غَلِقاً (3) وَ ذَلِّلْ نَفْسَكَ بِاحْتِمَالِ مَنْ خَالَفَكَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ عَلَيْكَ (4) فَإِنَّمَا أَقْرَرْتَ بِفَضْلِهِ لِئَلَّا تُخَالِفَهُ وَ مَنْ لَا يَعْرِفْ لِأَحَدٍ الْفَضْلَ فَهُوَ الْمُعْجَبُ بِرَأْيِهِ (5) وَ قَالَ لِرَجُلٍ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِزَّ لِمَنْ لَا يَتَذَلَّلُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ لَا رِفْعَةَ لِمَنْ لَمْ يَتَوَاضَعْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ لِرَجُلٍ أَحْكِمْ أَمْرَ دِينِكَ كَمَا أَحْكَمَ أَهْلُ الدُّنْيَا أَمْرَ دُنْيَاهُمْ فَإِنَّمَا جُعِلَتِ


1- الغناء- بالفتح و المد-: النفع.
2- أي أكثر الأشياء راحة.
3- «ضجرا» أي تبرما عند البلايا. و قوله: «غلقا»- بكسر اللام-: أى سيئ الخلق قال الجزريّ: الغلق- بالتحريك-: ضيق الصدر و قلة الصبر. و رجل غلق أي: سيئ الخلق.
4- الظاهر أن المراد بمن خالفه من كان فوقه في العلم و الكمال من الأئمّة عليهم السلام و العلماء من أتباعهم و ما يأمرون به غالبا مخالف لشهوات الخلق فالمراد بالاحتمال قبول قولهم و ترك الإنكار لهم و إن خالف عقله و هواه و يمكن أن يكون المراد بمن خالفه سلاطين الجور و بمن له الفضل الأئمّة العدل فالمراد احتمال أذاهم و مخالفتهم. «آت»
5- «المعجب»- بفتح الجيم- أى عدّ رأيه حسنا و نفسه كاملا.

ص: 244

الدُّنْيَا شَاهِداً يُعْرَفُ بِهَا مَا غَابَ عَنْهَا مِنَ الْآخِرَةِ فَاعْرِفِ الْآخِرَةَ بِهَا وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى الدُّنْيَا إِلَّا بِالاعْتِبَارِ (1).

338- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ يَا حُمْرَانُ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قُسِمَ لَكَ وَ أَحْرَى أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ مِنْ رَبِّكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ (2) وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ اغْتِيَابِهِمْ وَ لَا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ بِالْيَسِيرِ الْمُجْزِي وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ (3).

339- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ أَخْبِرْنِي إِنْ كُنْتَ عَالِماً عَنِ النَّاسِ وَ عَنْ أَشْبَاهِ النَّاسِ وَ عَنِ النَّسْنَاسِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا حُسَيْنُ أَجِبِ الرَّجُلَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع أَمَّا قَوْلُكَ أَخْبِرْنِي عَنِ النَّاسِ فَنَحْنُ النَّاسُ وَ لِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ- ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ (4) فَرَسُولُ اللَّهِ ص الَّذِي أَفَاضَ بِالنَّاسِ-


1- أي كما أن أهل الدنيا بذلوا جهدهم في تحصيل دنياهم الفانية فابذل أنت جهدك في تعمير النشأة الباقية و انظر إلى نعم الدنيا و لذاتها و اعرف بها فضل الآخرة التي ليس فيها شي ء منها. «آت»
2- أي هذا الورع انفع من ورع من تجنب المكروهات و الشبهات و لا يبالى بارتكاب المحرمات. «آت»
3- لانه ينشأ من الجهل بعيوب النفس و جهالاتها و نقائصها. «آت»
4- البقرة: 199.

ص: 245

وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَشْبَاهُ النَّاسِ فَهُمْ شِيعَتُنَا وَ هُمْ مَوَالِينَا وَ هُمْ مِنَّا وَ لِذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ع- فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي (1) وَ أَمَّا قَوْلُكَ النَّسْنَاسُ فَهُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَمَاعَةِ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (2).

340- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْهُمَا (3) فَقَالَ يَا أَبَا الْفَضْلِ مَا تَسْأَلُنِي عَنْهُمَا فَوَ اللَّهِ مَا مَاتَ مِنَّا مَيِّتٌ قَطُّ إِلَّا سَاخِطاً عَلَيْهِمَا وَ مَا مِنَّا الْيَوْمَ إِلَّا سَاخِطاً عَلَيْهِمَا يُوصِي بِذَلِكَ الْكَبِيرُ مِنَّا الصَّغِيرَ إِنَّهُمَا ظَلَمَانَا حَقَّنَا وَ مَنَعَانَا فَيْئَنَا وَ كَانَا أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ أَعْنَاقَنَا وَ بَثَقَا عَلَيْنَا بَثْقاً (4) فِي الْإِسْلَامِ لَا يُسْكَرُ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أَوْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُنَا (5) ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا أَوْ تَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُنَا لَأَبْدَى مِنْ أُمُورِهِمَا مَا كَانَ يُكْتَمُ وَ لَكَتَمَ مِنْ أُمُورِهِمَا مَا كَانَ يُظْهَرُ وَ اللَّهِ مَا أُسِّسَتْ مِنْ بَلِيَّةٍ وَ لَا قَضِيَّةٍ تَجْرِي عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَّا هُمَا أَسَّسَا أَوَّلَهَا فَعَلَيْهِمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ*.

341- حَنَانٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ النَّاسُ أَهْلَ رِدَّةٍ بَعْدَ النَّبِيِّ ص (6) إِلَّا ثَلَاثَةً فَقُلْتُ وَ مَنِ الثَّلَاثَةُ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَرَفَ أُنَاسٌ بَعْدَ يَسِيرٍ وَ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ


1- إبراهيم: 36.
2- الفرقان: 44.
3- هما رجلان معروفان عند الراوي.
4- بثق السيل موضع كذا يبثق بثقا- بفتح الباء- و بثقا- بكسرها- عن يعقوب أي خرقه و بثقه اى انفجر. «الصحاح» و قوله: «لا يسكر» أي لا يسدّ.
5- لعل كلمة «أو» بمعنى الواو كما يدلّ عليه ذكره ثانيا بالواو و يحتمل أن يكون الترديد من الراوي و يحتمل أن يكون المراد بالقائم الإمام الثاني عشر عليه السلام كما هو المتبادر و بالمتكلم من تصدى لذلك قبله عليه السلام.
6- «أهل رده»- بالكسر- أى ارتداد.

ص: 246

دَارَتْ عَلَيْهِمُ الرَّحَى وَ أَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوا حَتَّى جَاءُوا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مُكْرَهاً فَبَايَعَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى- وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (1).

342- حَنَانٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمِنْبَرَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَ تَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا أَلَا إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ ع وَ آدَمُ مِنْ طِينٍ أَلَا إِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ عَبْدٌ اتَّقَاهُ إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ لَكِنَّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ قَصُرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُبْلِغْهُ حَسَبُهُ (2) أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ إِحْنَةٍ وَ الْإِحْنَةُ الشَّحْنَاءُ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

343- حَنَانٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا كَانَ وُلْدُ يَعْقُوبَ أَنْبِيَاءَ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أَسْبَاطَ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ (3) وَ لَمْ يَكُنْ يُفَارِقُوا الدُّنْيَا إِلَّا سُعَدَاءَ تَابُوا وَ تَذَكَّرُوا مَا صَنَعُوا وَ إِنَّ الشَّيْخَيْنِ (4) فَارَقَا الدُّنْيَا وَ لَمْ يَتُوبَا وَ لَمْ يَتَذَكَّرَا مَا صَنَعَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَعَلَيْهِمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ*.

344- حَنَانٌ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدٍ صَالِحٍ ع قَالَ: إِنَّ النَّاسَ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَ طَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ إِذَا صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَضَيْتُ فَلَمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ مَضَى وَ مَضَوْا فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ يَدَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَاضِعَةٍ قَدَمَيْهَا إِلَى الْأَرْضِ وَ هِيَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ وَ لَا غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ قَالَ فَقَالَ سُلَيْمَانُ ع ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِغَيْرِكُمْ قَالَ فَسُقُوا فِي ذَلِكَ الْعَامِ مَا لَمْ يُسْقَوْا مِثْلَهُ قَطُّ.

345- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ


1- آل عمران: 144.
2- في بعض النسخ [لم يبلغ حسبه].
3- فيه ردّ على بعض المخالفين الذين قالوا بنبوتهم و ما ورد في أخبارنا موافقا لهم محمول على التقية. «آت»
4- هما رجلان معلومان عند الراوي.

ص: 247

سَعِيدٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَاداً مَيَامِينَ مَيَاسِيرَ يَعِيشُونَ وَ يَعِيشُ النَّاسُ فِي أَكْنَافِهِمْ (1) وَ هُمْ فِي عِبَادِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْرِ وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادٌ مَلَاعِينُ مَنَاكِيرُ لَا يَعِيشُونَ وَ لَا يَعِيشُ النَّاسُ فِي أَكْنَافِهِمْ وَ هُمْ فِي عِبَادِهِ بِمَنْزِلَةِ الْجَرَادِ لَا يَقَعُونَ عَلَى شَيْ ءٍ إِلَّا أَتَوْا عَلَيْهِ (2).

346- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ (3) بْنِ شَاذَانَ الْوَاسِطِيِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَشْكُو جَفَاءَ أَهْلِ وَاسِطٍ وَ حَمْلَهُمْ عَلَيَّ وَ كَانَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْعُثْمَانِيَّةِ تُؤْذِينِي فَوَقَّعَ بِخَطِّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخَذَ مِيثَاقَ أَوْلِيَائِنَا عَلَى الصَّبْرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَلَوْ قَدْ قَامَ سَيِّدُ الْخَلْقِ (4) لَقَالُوا- يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (5).

347- مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي فَضْلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا مَدُّوا أَعْيُنَهُمْ إِلَى مَا مَتَّعَ اللَّهُ بِهِ الْأَعْدَاءَ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ نَعِيمِهَا وَ كَانَتْ دُنْيَاهُمْ أَقَلَّ عِنْدَهُمْ مِمَّا يَطَئُونَهُ بِأَرْجُلِهِمْ وَ لَنُعِّمُوا بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ تَلَذَّذُوا بِهَا تَلَذُّذَ مَنْ لَمْ يَزَلْ فِي رَوْضَاتِ الْجِنَانِ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ إِنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آنِسٌ مِنْ كُلِّ وَحْشَةٍ وَ صَاحِبٌ مِنْ كُلِّ وَحْدَةٍ وَ نُورٌ مِنْ كُلِّ ظُلْمَةٍ وَ قُوَّةٌ مِنْ كُلِّ ضَعْفٍ وَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ


1- الكنف: الجانب، الظل، جناح الطائر و الجمع أكناف و كنف الإنسان: حضنه أو العضدان و الصدر و يقال: انت في كنف اللّه اي في حرزه و رحمته. قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: الحاصل أن الناس مختلفون في اليمن و اليسر و البركة و نفع الخلق و أضدادها فمنهم نفّاعون كقطر المطر يوسّع اللّه عليهم و يوسّعون على الناس و يعيش الناس في ظل حمايتهم و حفظهم و نفعهم و منهم من هو بضد ذلك «ملاعين» أي مبعّدون من رحمة اللّه، «مناكير» جمع منكر أي لا يتأتى منهم المعروف.
2- قال الجوهريّ: أتى عليه أي أهلكه.
3- في بعض النسخ [الحسين].
4- أي المهدى عليه السلام.
5- يس: 51.

ص: 248

ثُمَّ قَالَ ع وَ قَدْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَوْمٌ يُقْتَلُونَ وَ يُحْرَقُونَ وَ يُنْشَرُونَ بِالْمَنَاشِيرِ وَ تَضِيقُ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا فَمَا يَرُدُّهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ (1) شَيْ ءٌ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تِرَةٍ وَتَرُوا (2) مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ وَ لَا أَذًى بَلْ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ دَرَجَاتِهِمْ وَ اصْبِرُوا عَلَى نَوَائِبِ دَهْرِكُمْ تُدْرِكُوا سَعْيَهُمْ.

348- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَصْغَرَ مِنَ الْبَعُوضِ (3) وَ الْجِرْجِسُ أَصْغَرُ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الَّذِي نُسَمِّيهِ نَحْنُ الْوَلَعَ أَصْغَرُ مِنَ الْجِرْجِسِ (4) وَ مَا فِي الْفِيلِ شَيْ ءٌ إِلَّا وَ فِيهِ مِثْلُهُ وَ فُضِّلَ عَلَى الْفِيلِ بِالْجَنَاحَيْنِ.

349- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعاً عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ (5) قَالَ نَزَلَتْ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ ع قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي


1- «مناشير» جمع منشار: آلة ذات اسنان ينشر به الخشب. و قوله: «عما هم عليه» أي من دينهم الحق.
2- أي مكروه أو جناية أصابوا منهم قال الفيروزآبادي: وتر الرجل أفزعه و أدركه بمكروه و وتره ماله نقصه إياه و قال الجزريّ: الترة: النقص و قيل التبعة و الهاء فيه عوض الواو المحذوفة. «آت»
3- لعل مراده عليه السلام أي من سائر انواعه ليستقيم. «آت» و الجرجس- بالكسر-: البعوض الصغار.
4- يحتمل أن يكون الحصر في الأول اضافيا كما أن الظاهر أنّه لا بدّ من تخصيصه بالطيور إذ قد يحس من الحيوانات ما هو أصغر من البعوض إلّا أن يقال: يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار و لا يكون شي ء من الحيوان أصغر منها. و الولع غير مذكور في كتب اللغة و الظاهر أنّه أيضا من البعوض أي من سائر أنواعه. «آت»
5- الأنفال: 24.

ص: 249

ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (1) قَالَ فَقَالَ الْوَرَقَةُ السِّقْطُ وَ الْحَبَّةُ الْوَلَدُ وَ ظُلُمَاتُ الْأَرْضِ الْأَرْحَامُ وَ الرَّطْبُ مَا يَحْيَى مِنَ النَّاسِ وَ الْيَابِسُ مَا يُقْبَضُ وَ كُلُّ ذَلِكَ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (2)- قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَ عَنَى بِذَلِكَ أَيِ انْظُرُوا فِي الْقُرْآنِ فَاعْلَمُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (3) وَ مَا أَخْبَرَكُمْ عَنْهُ قَالَ فَقُلْتُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (4) قَالَ تَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ إِذَا قَرَأْتُمُ الْقُرْآنَ تَقْرَأُ مَا قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ مِنْ خَبَرِهِمْ.

350- عَنْهُ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ لَمْ يُسَمِّهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَلَيْكَ بِالتِّلَادِ (5) وَ إِيَّاكَ وَ كُلَّ مُحْدَثٍ لَا عَهْدَ لَهُ وَ لَا أَمَانَةَ وَ لَا ذِمَّةَ وَ لَا مِيثَاقَ وَ كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ فِي نَفْسِكَ فَإِنَّ النَّاسَ أَعْدَاءُ النِّعَمِ (6).


1- الأنعام: 59.
2- يعني في اللوح المحفوظ و هذا كقوله سبحانه: «وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ» و هو تفسير للكتاب المبين و لعله انما سمى بالامام لتقدمه على سائر الكتب و انما فسر السير في الأرض بالنظر في القرآن لمشاركتها في كونهما طريقا الى معرفة أحوالهم. «وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ» أى حين دخولكم في الصباح، نزلت في قوم لوط يعنى انكم يا أهل مكّة لتمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام فان سدوم التي هي بلدتهم في طريقه. «فى»
3- الروم: 42. و فيها «كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ».
4- الصافّات: 1374، 138.
5- بكسر التاء و قال الجوهريّ: التالد: المال القديم الاصلى الذي ولد عندك و هو نقيض الطارف و كذلك التلاد و الاتلاد و أصل التاء فيه واو. أقول: الأظهر أن المراد عليك بمصاحبة الصاحب القديم الذي جربته و بينك و بينه ذمم و عهود و احذر عن مصاحبة كل صاحب محدث جديد لا عهد له معك و لم تعرف له أمانة و لم يحصل بينك و بينه ذمّة و عهد و ميثاق. «آت»
6- أي يريدون زوالها عن صاحبها حسدا أو يفعلون ما يوجب زوال النعمة و إن كان بجهالتهم. «آت»

ص: 250

351- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي الْمُسْتَهِلِ (1) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع (2) فَقَالَ مَا دَعَاكُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُمْ فِيهِ زَيْداً قَالَ قُلْتُ


1- الظاهر أنّه هو الكميت. «آت»
2- إنّما سأله عليه السلام ذلك لانه كان خرج مع زيد و لم يخرج من أصحاب أبى جعفر عليه السلام معه غيره و لنذكر بعض أخبار زيد ليتضح مفاد هذا الخبر. روى السدى عن أشياخه أن زيد بن عليّ و محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب و داود بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس دخلوا على خالد بن عبد اللّه القسرى و هو وال على العراق فاكرمهم و أجازهم و رجعوا إلى المدينة فلما ولى يوسف عمر العراق و عزل خالد كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بقدومهم على خالد و أنّه أحسن جوارهم و ابتاع من زيد بن عليّ أرضا بعشرة آلاف دينار ثمّ ردّ الأرض إليه فكتب هشام إلى واليه بالمدينة أن يسرحهم إليه ففعل فلما دخلوا عليه سألهم عن القصة فقالوا: أما الجوائز فنعم و أمّا الأرض فلا فأحلفهم فحلفوا له فصدقهم و ردهم مكرمين و قال وهب بن منبّه: جرت بين زيد بن عليّ و بين عبد اللّه ابن الحسن بن الحسن خشونة تسابّا فيها و ذكرا أمّهات الاولاد فقدم زيد على هشام بهذا السبب فقال له هشام: بلغني أنك تذكر الخلافة و لست هناك فقال: و لم؟ فقال: لانك ابن امة، فقال: قد كان إسماعيل عليه السلام ابن امة فضربه هشام ثمانين سوطا. و ذكر ابن سعد عن الواقدى أن زيد بن قدم على هشام، رفع إليه دينا كثيرا و حوائج فلم يقض منها شيئا فاسمعه هشام كلاما غليظا فخرج من عند هشام و قال: ما أحبّ أحد الحياة إلّا ذل ثمّ مضى إلى الكوفة و بها يوسف بن عمر عامل هشام. قال الواقدى: و كان دينه خمسمائة آلاف درهم، فلما قتل قال هشام: ليتنا قضيناها و كان أهون ممّا صار إليه. قال الواقدى: و بلغ هشام بن عبد الملك مقام زيد بالكوفة فكتب إلى يوسف بن عمر أن أشخص زيدا إلى المدينة فانى أخاف أن يخرجه أهل الكوفة لانه حلو الكلام لسن مع ما فيه من قرابة رسول اللّه، فبعث يوسف بن عمر إلى زيد يأمره بالخروج إلى المدينة و هو يتعلل عليه و الشيعة تتردد إليه فأقام زيد بالكوفة خمسة أشهر و يوسف بن عمر مقيم بالحيرة فبعث إليه يقول: لا بدّ من اشخاصك، فخرج زيد المدينة و تبعة الشيعة يقولون: أين تذهب و معك منّا مائة ألف يضربون دونك بسيوفهم و لم يزالوا به حتّى رجع إلى الكوفة فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل و منصور بن حزيمة في آخرين فقال له داود بن على: يا ابن أم لا يغرنك هؤلاء من نفسك ففى أهل بيتك لك أتم العبرة و في خذلانهم إياهم كفاية و لم يزل به حتّى شخص إلى القادسية فتبعه جماعة يقولون له: ارجع فأنت المهدى و داود يقول: لا تفعل فهؤلاء قتلوا أخاك و اخوتك و فعلوا ما فعلوا فبايعه منهم خمسة عشر ألفا على نصر كتاب اللّه و سنة رسوله و جهاد الظالمين و نصر المظلومين و اعطاء المحرومين و نصرة أهل البيت على عدوهم فأقام مختفيا على هذا سبعة عشر شهرا و الناس يتناوبونه من الامصار و القرى ثمّ اذن للناس بالخروج فتقاعد عنه جماعة ممن بايعه و قالوا: إن الإمام جعفر بن محمّد بن على فواعد من وافقه على الخروج في اول ليلة من صفر سنة اثنتين و عشرين و مائة فخرج فوفى إليه مائتا رجل و عشرين رجلا فقال: سبحان اللّه أين القوم؟ فقالوا: فى المسجد محسورون و جاء يوسف بن عمر في جموع أهل الشام فاقتتلوا فهزمهم زيد و من معه فجاء سهم في جبهته فوقع فادخلوه بيتا و نزعوا السهم من وجهه فمات و جاءوا به إلى نهر فاسكروا الماء و حفروا له و دفنوه و اجروا عليه الماء و تفرق الناس و توارى ولده يحيى بن زيد فلما سكن الطلب خرج في نفر من الزيدية الى الخراسان و جاء واحد ممن حضر دفن زيد إلى يوسف بن عمر فدله على قبره فتبشه و قطع رأسه و بعث إلى هشام فنصبه على باب دمشق ثمّ اعاده إلى المدينة فنصبه بها و نصب يوسف بدنه بالكوفة حتّى مات هشام بن عبد الملك و قام الوليد فأمر به فاحرق. و قيل: إن هشاما أحرقه فلما ظهر بنو العباس على بني أميّة نبش عبد الصمد ابن على و قيل: عبد اللّه على هشام بن عبد الملك فوجده صحيحا فضربه ثمانين سوطا و أحرقه بالنار كما فعل يزيد و كان سنة يوم قتل اثنين و عشرين و مائة. و قال الواقدى: سنة ثلاث و عشرين و مائة يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر. و قيل: سنة عشرين و قيل: سنة إحدى و عشرين. «آت»

ص: 251

خِصَالٌ ثَلَاثٌ أَمَّا إِحْدَاهُنَّ فَقِلَّةُ مَنْ تَخَلَّفَ مَعَنَا (1) إِنَّمَا كُنَّا ثَمَانِيَةَ نَفَرٍ وَ أَمَّا الْأُخْرَى فَالَّذِي تَخَوَّفْنَا مِنَ الصُّبْحِ أَنْ يَفْضَحَنَا وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنَّهُ كَانَ مَضْجَعَهُ الَّذِي كَانَ سَبَقَ إِلَيْهِ (2) فَقَالَ كَمْ إِلَى الْفُرَاتِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُمُوهُ فِيهِ قُلْتُ قَذْفَةُ حَجَرٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فَلَا كُنْتُمْ أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ قَذَفْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ وَ كَانَ أَفْضَلَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا وَ اللَّهِ مَا طُقْنَا لِهَذَا (3) فَقَالَ أَيَّ شَيْ ءٍ كُنْتُمْ يَوْمَ خَرَجْتُمْ مَعَ زَيْدٍ قُلْتُ مُؤْمِنِينَ قَالَ فَمَا كَانَ عَدُوُّكُمْ قُلْتُ كُفَّاراً قَالَ فَإِنِّي أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (4) فَابْتَدَأْتُمْ أَنْتُمْ بِتَخْلِيَةِ مَنْ


1- أي من أتباع زيد فان بعضهم قتل و بعضهم هرب. «آت»
2- أي كان نزل فيه أولا أو كان سبق في علم اللّه. «آت»
3- كذا في أكثر النسخ و الظاهر أطقنا. «آت»
4- محمّد: 4. «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»* ليست من القرآن.

ص: 252

أَسَرْتُمْ (1) سُبْحَانَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَسِيرُوا بِالْعَدْلِ سَاعَةً.

352- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْخَارِجَةِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْفَى نَبِيَّكُمْ (2) أَنْ يَلْقَى مِنْ أُمَّتِهِ مَا لَقِيَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ أُمَمِهَا وَ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْنَا.

353- يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ ضُرَيْسٍ قَالَ: تَمَارَى النَّاسُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ بَعْضُهُمْ حَرْبُ عَلِيٍّ شَرٌّ (3) مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ بَعْضُهُمْ حَرْبُ رَسُولِ اللَّهِ ص شَرٌّ مِنْ حَرْبِ عَلِيٍّ ع قَالَ فَسَمِعَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فَقَالُوا أَصْلَحَكَ اللَّهُ تَمَارَيْنَا فِي حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ فِي حَرْبِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ بَعْضُنَا حَرْبُ عَلِيٍّ ع شَرٌّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ بَعْضُنَا حَرْبُ رَسُولِ اللَّهِ ص شَرٌّ مِنْ حَرْبِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَا بَلْ حَرْبُ عَلِيٍّ ع شَرٌّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ حَرْبُ عَلِيٍّ ع شَرٌّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ نَعَمْ وَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ حَرْبَ رَسُولِ اللَّهِ ص لَمْ يُقِرُّوا بِالْإِسْلَامِ وَ إِنَّ حَرْبَ عَلِيٍّ ع أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ جَحَدُوهُ.

354- يَحْيَى بْنُ عِمْرَانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ (4) قُلْتُ وُلْدُهُ كَيْفَ أُوتِيَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قَالَ أَحْيَا لَهُ مِنْ وُلْدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ مِثْلَ الَّذِينَ هَلَكُوا يَوْمَئِذٍ.

355- يَحْيَى الْحَلَبِيُّ عَنِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ


1- أي كان الحكم أن تقتلوا من أسرتم في أثناء الحرب فخليتموهم و لم تقتلوهم فإذا ظفروا عليكم فما استطعتم أن تسيروا بالعدل اي بالحق ساعة و يحتمل أن يكون غرضه بيان انهم لم يكونوا مستأهلين لجهلهم كما ورد في اخبار آخر. «آت»
2- أي وهب اللّه له العافية. «آت»
3- أي محاربوه عليه السلام.
4- الأنبياء: 84. و الضمير راجع إلى أيّوب عليه السلام.

ص: 253

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً (1) قَالَ أَ مَا تَرَى الْبَيْتَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ كَانَ أَشَدَّ سَوَاداً مِنْ خَارِجٍ فَلِذَلِكَ هُمْ يَزْدَادُونَ سَوَاداً.

356- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَعْيَنَ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمْ يَزَلْ يُسَائِلُهُ حَتَّى قَالَ فَهَلَكَ النَّاسُ إِذاً قَالَ إِي وَ اللَّهِ يَا ابْنَ أَعْيَنَ فَهَلَكَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ قُلْتُ مَنْ فِي الْمَشْرِقِ وَ مَنْ فِي الْمَغْرِبِ قَالَ إِنَّهَا فُتِحَتْ بِضَلَالٍ إِي وَ اللَّهِ لَهَلَكُوا إِلَّا ثَلَاثَةً.

357- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مِهْرَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ وَ عِدَّةٍ قَالُوا كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُلُوساً فَقَالَ ع لَا يَسْتَحِقُّ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْحَيَاةِ وَ يَكُونَ الْمَرَضُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الصِّحَّةِ وَ يَكُونَ الْفَقْرُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى فَأَنْتُمْ كَذَا فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ وَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ (2) وَ وَقَعَ الْيَأْسُ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَمَّا رَأَى مَا دَاخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَ يَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنَّهُ عُمِّرَ مَا عُمِّرَ ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْأَمْرِ أَوْ يَمُوتُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ قَالُوا بَلْ يَمُوتُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ السَّاعَةَ قَالَ فَأَرَى الْمَوْتَ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الْحَيَاةِ ثُمَّ قَالَ أَ يَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنْ بَقِيَ مَا بَقِيَ لَا يُصِيبُهُ شَيْ ءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَمْرَاضِ وَ الْأَوْجَاعِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْأَمْرِ قَالُوا لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَرَى الْمَرَضَ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الصِّحَّةِ ثُمَّ قَالَ أَ يَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنَّ لَهُ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْأَمْرِ قَالُوا لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَرَى الْفَقْرَ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الْغِنَى.

358- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَمَّادٍ اللَّحَّامِ


1- يونس: 28. «قطعا» جمع قطعة.
2- قال الزمخشريّ في تفسير قوله تعالى: «وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ» أى لما اشتد ندمهم و حسرتهم على عبادتهم العجل لان من شأن من اشتد ندمه و حسرته أن يعض يده غما فيصير يده مسقوطا فيها لان فاه قد وقع فيها و سقط مسند الى في أيديهم و هو من باب الكناية. «آت»

ص: 254

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ أَبَاهُ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ إِنْ خَالَفْتَنِي فِي الْعَمَلِ لَمْ تَنْزِلْ مَعِيَ غَداً فِي الْمَنْزِلِ ثُمَّ قَالَ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَتَوَلَّى قَوْمٌ قَوْماً يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ يَنْزِلُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلَّا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

359- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ مَا أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَدِينُ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ع إِلَّا نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا وَ لَا هُدِيَ مَنْ هُدِيَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِنَا وَ لَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِنَا.

360- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ يَجِي ءُ مِنْهُ الشَّيْ ءُ عَلَى حَدِّ الْغَضَبِ يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَسْتَغْلِقَ عَبْدَهُ (1) وَ فِي نُسْخَةِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع يَسْتَقْلِقَ عَبْدَهُ (2).

361- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ لَكُمْ فِي حَيَاتِي خَيْراً وَ فِي مَمَاتِي خَيْراً قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا حَيَاتَكَ فَقَدْ عَلِمْنَا فَمَا لَنَا فِي وَفَاتِكَ فَقَالَ أَمَّا فِي حَيَاتِي فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ- وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ (3) وَ أَمَّا فِي مَمَاتِي فَتُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَأَسْتَغْفِرُ لَكُمْ.

362- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ هَذَا الْأَمْرَ (4) لَيَكْذِبُ حَتَّى إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَحْتَاجُ إِلَى كَذِبِهِ 77(5).


1- أي يكلفه و يجبره فيما لم يكن له فيه اختيار: قال الفيروزآبادي استغلقنى في بيعته: لم يجعل لي خيارا في رده. «آت». و في بعض النسخ [ان يستغلق عليه].
2- لعله كان الحديث في بعض كتب الأصول مرويا عن ابى الحسن عليه السلام و فيه كان يستقلق- بالقافين- من القلق بمعنى الانزعاج و الاضطراب و يرجع إلى الأول بتكلف. «آت»
3- الأنفال: 33.
4- أي يدعيه من غير أنّ يتصف به واقعا او من يدعى الإمامة بغير حق. «آت»
5- أي هم أعوان الشيطان بل هم أشدّ اضلالا منه. «آت»

ص: 255

363- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا عَرَفْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع أَنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا دَخَلَ مِنْ بَابِ الْفِيلِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ (1) فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى بِئْرَ الزَّكَاةِ وَ هِيَ عِنْدَ دَارِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ وَ إِذَا بِنَاقَتَيْنِ مَعْقُولَتَيْنِ وَ مَعَهُمَا غُلَامٌ أَسْوَدُ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ قُلْتُ لَهُ مَا أَقْدَمَكَ بِلَاداً قُتِلَ فِيهَا أَبُوكَ وَ جَدُّكَ فَقَالَ زُرْتُ أَبِي وَ صَلَّيْتُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ هَا هُوَ ذَا وَجْهِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (2).

364- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (3) قَالَ نَزَلَتْ فِي الْحُسَيْنِ ع لَوْ قُتِلَ أَهْلُ الْأَرْضِ بِهِ مَا كَانَ سَرَفاً.

365- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ (4) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحُوتَ الَّذِي يَحْمِلُ الْأَرْضَ أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمِلُ الْأَرْضَ بِقُوَّتِهِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ حُوتاً أَصْغَرَ مِنْ شِبْرٍ وَ أَكْبَرَ مِنْ فِتْرٍ (5) فَدَخَلَتْ فِي خَيَاشِيمِهِ فَصَعِقَ فَمَكَثَ بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَءُوفَ بِهِ وَ رَحِمَهُ وَ خَرَجَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ بِأَرْضٍ زَلْزَلَةً بَعَثَ ذَلِكَ الْحُوتَ إِلَى ذَلِكَ الْحُوتِ فَإِذَا رَآهُ اضْطَرَبَ فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ.

366- عَنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِ


1- كان هذا الباب مشتهرا بباب الثعبان لدخول ثعبان الذي كلم أمير المؤمنين عليه السلام منه و حكايته مشهورة بين الخاصّة و العامّة مسطورة في كتب الفريقين ثمّ إن بني أميّة لعنهم اللّه لاخفاء معجزته عليه السلام ربطوا هناك فيلا فاشتهر بذلك. «آت» و في بعض النسخ [بئر الركوة].
2- الوجه مستقبل كل شي ء أن أتوجه الساعة إلى المدينة و لا أقف هناك فلا تخف على. «آت» اقول: لعل المعنى أن هذا سبب قدومى.
3- الإسراء: 33.
4- قال النجاشيّ: انه كان ملتبسا يعرف و ينكر و قال ابن الغضائري: ضعيف.
5- الفتر- بالكسر-: ما بين طرف الإبهام و طرف السبابة إذا فتحها.

ص: 256

عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَاضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ فَوَحَاهَا بِيَدِهِ (1) ثُمَّ قَالَ لَهَا اسْكُنِي مَا لَكِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا وَ قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَجَابَتْنِي (2) وَ لَكِنْ لَيْسَتْ بِتِلْكَ.

367- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْيَسَعِ عَنْ أَبِي شِبْلٍ قَالَ صَفْوَانُ وَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي شِبْلٍ (3) قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ أَحَبَّكُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ- دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ إِنْ لَمْ يَقُلْ كَمَا تَقُولُونَ.

368- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا انْقَضَتِ الْقِصَّةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ عَائِشَةَ- بِالْبَصْرَةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ع ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ (4) تَفْتِنُ النَّاسَ بِالشَّهَوَاتِ وَ تُزَيِّنُ لَهُمْ بِعَاجِلِهَا وَ ايْمُ اللَّهِ إِنَّهَا لَتَغُرُّ مَنْ أَمَّلَهَا وَ تُخْلِفُ مَنْ رَجَاهَا وَ سَتُورِثُ أَقْوَاماً النَّدَامَةَ وَ الْحَسْرَةَ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَيْهَا وَ تَنَافُسِهِمْ فِيهَا وَ حَسَدِهِمْ وَ بَغْيِهِمْ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ وَ الْفَضْلِ فِيهَا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ بَغْياً وَ أَشَراً وَ بَطَراً (5) وَ بِاللَّهِ إِنَّهُ مَا عَاشَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضَارَةٍ مِنْ كَرَامَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِي مَعَاشِ دُنْيَا وَ لَا دَائِمِ تَقْوَى فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ الشُّكْرِ لِنِعَمِهِ فَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَغْيِيرٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ تَحْوِيلٍ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَادِثِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ قِلَّةِ مُحَافَظَةٍ وَ تَرْكِ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ تَهَاوُنٍ بِشُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ- إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (6) وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي وَ كَسَبَةَ الذُّنُوبِ إِذَا هُمْ حُذِّرُوا زَوَالَ نِعَمِ اللَّهِ وَ حُلُولَ نَقِمَتِهِ وَ تَحْوِيلَ عَافِيَتِهِ أَيْقَنُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ فَأَقْلَعُوا وَ


1- أي لو كانت زلزلة القيامة التي ذكرها اللّه في سورة الزلزال لاجابتنى عند ما سألت عنها مالك لقوله تعالى: «يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها». «آت»
2- الوحى: الإشارة.
3- الظاهر أن أبا شبل هو عبد اللّه بن سعيد الثقة. «آت»
4- أي غضة ناعمة طرية.
5- الاشر: شدة الفرح و النشاط. و البطر: قلة احتمال النعمة و السعة.
6- الرعد: 11.

ص: 257

تَابُوا وَ فَزِعُوا إِلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ إِقْرَارٍ مِنْهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ إِسَاءَتِهِمْ لَصَفَحَ لَهُمْ عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ إِذاً لَأَقَالَهُمْ كُلَّ عَثْرَةٍ وَ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ كَرَامَةِ نِعْمَةٍ ثُمَّ أَعَادَ لَهُمْ مِنْ صَلَاحِ أَمْرِهِمْ وَ مِمَّا كَانَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ كُلَّ مَا زَالَ عَنْهُمْ وَ أُفْسِدَ عَلَيْهِمْ فَ اتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقاتِهِ وَ اسْتَشْعِرُوا خَوْفَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ أَخْلِصُوا الْيَقِينَ (1) وَ تُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبِيحِ مَا اسْتَفَزَّكُمُ (2) الشَّيْطَانُ مِنْ قِتَالِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا تَعَاوَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ وَ فَسَادِ صَلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ.

369- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ نَجْماً فِي الْفَلَكِ السَّابِعِ فَخَلَقَهُ مِنْ مَاءٍ بَارِدٍ وَ سَائِرَ النُّجُومِ السِّتَّةِ الْجَارِيَاتِ مِنْ مَاءٍ حَارٍّ وَ هُوَ نَجْمُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ وَ هُوَ نَجْمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَأْمُرُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الدُّنْيَا وَ الزُّهْدِ فِيهَا وَ يَأْمُرُ بِافْتِرَاشِ التُّرَابِ وَ تَوَسُّدِ اللَّبِنِ وَ لِبَاسِ الْخَشِنِ وَ أَكْلِ الْجَشِبِ (3) وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ نَجْماً أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ.

370- الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ (4) عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَفَصاً فِيهِ سَبْعَ عَشْرَةَ قَارُورَةً إِذْ وَقَعَ الْقَفَصُ فَتَكَسَّرَتِ الْقَوَارِيرُ فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلِكُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً ثُمَّ يَمُوتُ فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُوفَةِ مَعَ أَبِي السَّرَايَا فَمَكَثَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً ثُمَّ مَاتَ (5).

371- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي أَيَّامِ هَارُونَ إِنَّكَ قَدْ شَهَرْتَ نَفْسَكَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَ أَبِيكَ وَ سَيْفُ هَارُونَ يُقَطِّرُ الدَّمَ فَقَالَ جَرَّأَنِي عَلَى هَذَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ أَخَذَ أَبُو جَهْلٍ مِنْ


1- في بعض النسخ [اخلصوا النفس].
2- أي استخفكم و وجدكم مسرعين إلى ما دعاكم إليه. «آت»
3- الجشب من الطعام ما غلظ و لا أدم معه.
4- الظاهر الصواب: الحسين عن أحمد بن هلال كما في بعض النسخ و كما يدلّ عليه سند الخبر الذي بعده. و الحسين هو ابن محمّد الأشعريّ و يحتمل ابن أحمد أيضا كما في المرآة.
5- ابو السرايا اسمه سرى بن منصور و كان من امراء المأمون ثمّ بايع محمّد بن إبراهيم طباطبا ثمّ محمّد بن محمّد بن زيد ثمّ اسر و قتل. راجع مقاتل الطالبين 518 إلى 550. ط 1368 قاهرة.

ص: 258

رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِنَبِيٍّ وَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ إِنْ أَخَذَ هَارُونُ مِنْ رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِإِمَامٍ.

372- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: تَعَرَّضَ رَجُلٌ (1) مِنْ وُلْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِجَارِيَةِ رَجُلٍ عَقِيلِيٍّ فَقَالَتْ لَهُ (2) إِنَّ هَذَا الْعُمَرِيَّ قَدْ آذَانِي فَقَالَ لَهَا عِدِيهِ وَ أَدْخِلِيهِ الدِّهْلِيزَ فَأَدْخَلَتْهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ (3) فَقَتَلَهُ وَ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ فَاجْتَمَعَ الْبَكْرِيُّونَ وَ الْعُمَرِيُّونَ وَ الْعُثْمَانِيُّونَ وَ قَالُوا مَا لِصَاحِبِنَا كُفْوٌ لَنْ نَقْتُلَ بِهِ إِلَّا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَ مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا غَيْرُهُ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَدْ مَضَى نَحْوَ قُبَا فَلَقِيتُهُ بِمَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ (4) عَلَيْهِ فَقَالَ دَعْهُمْ قَالَ فَلَمَّا جَاءَ وَ رَأَوْهُ وَثَبُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا أَحَدٌ غَيْرُكَ وَ مَا نَقْتُلُ بِهِ أَحَداً غَيْرَكَ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِي مِنْكُمْ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمْ فَأَدْخَلَهُمُ الْمَسْجِدَ فَخَرَجُوا وَ هُمْ يَقُولُونَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَفْعَلُ هَذَا وَ لَا يَأْمُرُ بِهِ انْصَرِفُوا قَالَ فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا كَانَ أَقْرَبَ رِضَاهُمْ مِنْ سَخَطِهِمْ قَالَ نَعَمْ دَعَوْتُهُمْ فَقُلْتُ أَمْسِكُوا وَ إِلَّا أَخْرَجْتُ الصَّحِيفَةَ فَقُلْتُ وَ مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنَّ أُمَّ الْخَطَّابِ كَانَتْ أَمَةً لِلزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَسَطَّرَ بِهَا نُفَيْلٌ (5) فَأَحْبَلَهَا فَطَلَبَهُ الزُّبَيْرُ فَخَرَجَ هَارِباً إِلَى الطَّائِفِ فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ خَلْفَهُ فَبَصُرَتْ بِهِ ثَقِيفٌ فَقَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَعْمَلُ هَاهُنَا قَالَ جَارِيَتِي سَطَّرَ بِهَا نُفَيْلُكُمْ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى الشَّامِ وَ خَرَجَ الزُّبَيْرُ فِي تِجَارَةٍ لَهُ إِلَى الشَّامِ فَدَخَلَ عَلَى مَلِكِ الدُّومَةِ (6) فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِكَ قَدْ أَخَذْتَ وَلَدَهُ فَأُحِبُّ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ لِيَظْهَرْ لِي حَتَّى


1- أي أراد الفجور معها و مراودتها. «آت»
2- الخبر موضوع جدا و الواضع أحمد بن هلال الملعون على لسان العسكريّ عليه السلام.
3- أي حمل عليه و قد كان كمن له في الدهليز. «آت»
4- أي قال سماعة: ذهبت إليه عليه السلام و أخبرته بالواقعة.
5- بالسين المهملة أي زخرف لها الكلام و خدعها. و في بعض النسخ بالشين المعجمة [شطر بها] أى قصدها.
6- أي دومة الجندل و هى- بالضم-: حصن بين المدينة و بين الشام و منهم من بفتح الدال. «آت»

ص: 259

أَعْرِفَهُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَلَمَّا رَآهُ الْمَلِكُ ضَحِكَ فَقَالَ مَا يُضْحِكُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَ مَا أَظُنُّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَدَتْهُ عَرَبِيَّةٌ لَمَّا رَآكَ قَدْ دَخَلْتَ لَمْ يَمْلِكِ اسْتَهُ أَنْ جَعَلَ يَضْرِطُ فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِذَا صِرْتُ إِلَى مَكَّةَ قَضَيْتُ حَاجَتَكَ فَلَمَّا قَدِمَ الزُّبَيْرُ تَحَمَّلَ عَلَيْهِ بِبُطُونِ قُرَيْشٍ (1) كُلِّهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ ابْنَهُ فَأَبَى ثُمَّ تَحَمَّلَ عَلَيْهِ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ عَمَلٌ أَ مَا عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ فِي ابْنِي فُلَانٍ وَ لَكِنِ امْضُوا أَنْتُمْ إِلَيْهِ فَقَصَدُوهُ وَ كَلَّمُوهُ فَقَالَ لَهُمُ الزُّبَيْرُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَهُ دَوْلَةٌ وَ إِنَّ ابْنَ هَذَا ابْنُ الشَّيْطَانِ وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَيْنَا وَ لَكِنْ أَدْخِلُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَيَّ عَلَى أَنْ أُحْمِيَ لَهُ حَدِيدَةً وَ أَخُطَّ فِي وَجْهِهِ خُطُوطاً وَ أَكْتُبَ عَلَيْهِ وَ عَلَى ابْنِهِ أَلَّا يَتَصَدَّرَ (2) فِي مَجْلِسٍ وَ لَا يَتَأَمَّرَ عَلَى أَوْلَادِنَا وَ لَا يَضْرِبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ (3) قَالَ فَفَعَلُوا وَ خَطَّ وَجْهَهُ بِالْحَدِيدَةِ وَ كَتَبَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَ ذَلِكَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا فَقُلْتُ لَهُمْ إِنْ أَمْسَكْتُمْ وَ إِلَّا أَخْرَجْتُ الْكِتَابَ فَفِيهِ فَضِيحَتُكُمْ فَأَمْسَكُوا وَ تُوُفِّيَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ ص لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثاً فَخَاصَمَ فِيهِ وُلْدُ الْعَبَّاسِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ كَانَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدْ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَجَلَسَ لَهُمْ فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَلَاءُ لَنَا وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بَلِ الْوَلَاءُ لِي فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍ (4) إِنَّ أَبَاكَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَبِي قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ فَقَدْ كَانَ حَظُّ أَبِيكَ فِيهِ الْأَوْفَرَ (5) ثُمَّ فَرَّ بِخِيَانَتِهِ وَ قَالَ-


1- أي كلفهم الشفاعة عند الزبير ليدفع إليه الخطاب ثمّ انه لما يئس من تأثير شفاعة قريش عنده ذهب إلى عبد المطلب ليتحمل على زبير بعبد المطلب مضافا إلى بطون قريش فقال عبد المطلب لنفيل: ما بينى و بينه عمل إلّا معاملة و ألفة و قوله: «اما علمتم» أنه يعنى زبيرا ما فعل بى في ابني فلان و أشار بذلك إلى ما سيأتي من قصة العباس في آخر الخبر و قال: و لكن امضوا أنتم يعنى نفيلا مع بطون قريش إلى الزبير. «آت»
2- أي لا يجلس في صدر المجلس. «آت»
3- أي لا يشرك معنا في قسمة شي ء لا ميراث و لا غيره. «آت»
4- داود بن علي من بني العباس عم السفاح و المنصور صار أميرا على الحجاز في صدر دولتهم سنة 132 و حج هشام بن عبد الملك الأموي سنة 106؟؟؟ و هذا من علامة كذب الخبر.
5- أي حظ جدك عبد اللّه بن العباس فيه الاوفر أي أخذ حظا وافرا من غنائم تلك الغزوة و كان من شركائنا و اعوانه عليه السلام عليها. و قوله: «ثم فر بخيانته» اشارة الى خيانة عبد اللّه في بيت مال البصرة كما رواه الكشّيّ [40] بإسناده عن الزهرى قال: سمعت الحرث يقول: استعمل على عليه السلام على البصرة عبد اللّه بن عبّاس فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة و لحق بمكّة و ترك عليا عليه السلام و كان مبلغه ألفى ألف درهم فصعد عليّ عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال: هذا ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في علمه و قدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه اللّهمّ انى قد مللتهم فأرحنى منهم و اقبضنى إليك غير عاجز و لا ملول. و فيه ما فيه

ص: 260

وَ اللَّهِ لَأُطَوِّقَنَّكَ غَداً طَوْقَ الْحَمَامَةِ (1) فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ كَلَامُكَ هَذَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ بَعْرَةٍ فِي وَادِي الْأَزْرَقِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ وَادٍ لَيْسَ لَكَ وَ لَا لِأَبِيكَ فِيهِ حَقٌ (2) قَالَ فَقَالَ هِشَامٌ إِذَا كَانَ غَداً جَلَسْتُ لَكُمْ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ مَعَهُ كِتَابٌ فِي كِرْبَاسَةٍ وَ جَلَسَ لَهُمْ هِشَامٌ فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْكِتَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا أَنْ قَرَأَهُ قَالَ ادْعُوا لِي جَنْدَلَ الْخُزَاعِيَّ وَ عُكَّاشَةَ الضَّمْرِيَّ وَ كَانَا شَيْخَيْنِ قَدْ أَدْرَكَا الْجَاهِلِيَّةَ فَرَمَى بِالْكِتَابِ إِلَيْهِمَا فَقَالَ تَعْرِفَانِ هَذِهِ الْخُطُوطَ قَالا نَعَمْ هَذَا خَطُّ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَ هَذَا خَطُّ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ هِشَامٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَرَى خُطُوطَ أَجْدَادِي عِنْدَكُمْ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ قَضَيْتُ بِالْوَلَاءِ لَكَ قَالَ فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ-

إِنْ عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَاوَ كَانَتِ النَّعْلُ لَهَا حَاضِرَهْ

قَالَ فَقُلْتُ مَا هَذَا الْكِتَابُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَإِنَّ نُتَيْلَةَ كَانَتْ أَمَةً لِأُمِّ الزُّبَيْرِ وَ لِأَبِي طَالِبٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَوْلَدَهَا فُلَاناً (3) فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ وَرِثْنَاهَا مِنْ أُمِّنَا وَ ابْنُكَ هَذَا عَبْدٌ لَنَا فَتَحَمَّلَ عَلَيْهِ (4) بِبُطُونِ قُرَيْشٍ قَالَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكَ عَلَى خَلَّةٍ عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّرَ ابْنُكَ هَذَا فِي مَجْلِسٍ وَ لَا يَضْرِبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ فَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَاباً وَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَهُوَ هَذَا الْكِتَابُ.

373- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (5) فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع هُمْ شِيعَتُكَ فَسَلِمَ وُلْدُكَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ.


1- أي طوقا لازما لا يفارقك عاره و شناره كما لا يفارق عنق الحمامة طوقها. «آت»
2- أي و إلّا ادعيت بعرة ذلك الوادى و أخذتها و لم تتركها و يحتمل أن يكون اسما لواد كان بينه عليه السلام و بينه فيه أيضا منازعة فأجاب عليه السلام عن سفهه بكلام حقّ مفيد في الحجاج «آت»
3- «فأولدها فلانا» يعنى العباس. و هذا أيضا من علائم كذب الخبر حيث نسب الزنا الى عبد المطلب.
4- أي عبد المطلب على الزبير. «آت»
5- الواقعة: 90، 91.

ص: 261

374- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كُنْتُ أُبَايِعُ (1) لِرَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ وَ الْبَسْطِ وَ الْكُرْهِ إِلَى أَنْ كَثُرَ الْإِسْلَامُ وَ كَثُفَ (2) قَالَ وَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ ع (3) أَنْ يَمْنَعُوا مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَهُمْ وَ ذَرَارِيَّهُمْ فَأَخَذْتُهَا عَلَيْهِمْ نَجَا مَنْ نَجَا وَ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ.

375- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْيَمَنِ وَادِياً يُقَالُ لَهُ- وَادِي بَرَهُوتَ وَ لَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ الْوَادِيَ إِلَّا الْحَيَّاتُ السُّودُ وَ الْبُومُ مِنَ الطُّيُورِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا بَلَهُوتُ يُغْدَى وَ يُرَاحُ إِلَيْهَا بِأَرْوَاحِ الْمُشْرِكِينَ (4) يُسْقَوْنَ مِنْ مَاءِ الصَّدِيدِ (5) خَلْفَ ذَلِكَ الْوَادِي قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمُ الذَّرِيحُ (6)- لَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّداً ص صَاحَ عِجْلٌ لَهُمْ فِيهِمْ وَ ضَرَبَ بِذَنَبِهِ فَنَادَى فِيهِمْ يَا آلَ الذَّرِيحِ بِصَوْتٍ فَصِيحٍ أَتَى رَجُلٌ بِتِهَامَةَ يَدْعُو إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا لِأَمْرٍ مَا أَنْطَقَ اللَّهُ هَذَا الْعِجْلَ قَالَ فَنَادَى فِيهِمْ ثَانِيَةً فَعَزَمُوا عَلَى أَنْ يَبْنُوا سَفِينَةً فَبَنَوْهَا وَ نَزَلَ فِيهَا سَبْعَةٌ مِنْهُمْ وَ حَمَلُوا مِنَ الزَّادِ مَا قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ ثُمَّ رَفَعُوا شِرَاعَهَا وَ سَيَّبُوهَا (7) فِي الْبَحْرِ فَمَا زَالَتْ تَسِيرُ بِهِمْ حَتَّى رَمَتْ بِهِمْ بِجُدَّةَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ ص فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ص أَنْتُمْ أَهْلُ الذَّرِيحِ نَادَى فِيكُمُ الْعِجْلُ قَالُوا نَعَمْ قَالُوا اعْرِضْ عَلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الدِّينَ وَ الْكِتَابَ فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص الدِّينَ وَ الْكِتَابَ


1- في بعض النسخ [كنت أنا مع رسول اللّه]
2- الكثف: الجماعة و الكثرة.
3- أي اخذ على الشيعة عند بيعتهم له فقوله: «فأخذتها» كلام الصادق عليه السلام اي و أنا ايضا اخذت على شيعتى هذا العهد. و لعله كان في الأصل: قال: خذ عليهم أن يمنعوا فصحف الى ما ترى فقوله: «فأخذتها» من كلام امير المؤمنين عليه السلام «آت»
4- أي إذا ماتوا يؤتى بارواحهم الى ذلك البئر كل صباح و مساء و ان ماتوا صباحا يؤتى بهم صباحا و ان ماتوا مساء يؤتى بهم مساء ثمّ يكونون دائما في ذلك الوادى. «آت»
5- الصديد: ماء الجرح الرقيق.
6- ذريح: أبو حي. «القاموس»
7- أي أجروها، يقال: ساب الماء و أنساب إذا جرى. و شراع السفينة: ما يرفع فوقها من ثوب لتدخل فيه الريح فتجريها.

ص: 262

وَ السُّنَنَ وَ الْفَرَائِضَ وَ الشَّرَائِعَ كَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ وَلَّى عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ سَيَّرَهُ مَعَهُمْ فَمَا بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ حَتَّى السَّاعَةِ (1).

376- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حَدِيدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص أَصْبَحَ فَقَعَدَ فَحَدَّثَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ صِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ فَوَصَفَ لَهُمْ وَ إِنَّمَا دَخَلَهُ لَيْلًا فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ النَّعْتُ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ انْظُرْ هَاهُنَا فَنَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَوَصَفَهُ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَعَتَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ عِيرٍ لَهُمْ (2) فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ عِيرُ بَنِي فُلَانٍ تَقْدَمُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَتَقَدَّمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ (3) أَوْ أَحْمَرُ قَالَ وَ بَعَثَ قُرَيْشٌ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ لِيَرُدَّهَا قَالَ وَ بَلَغَ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ قُرْطَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو يَا لَهْفاً أَلَّا أَكُونَ لَكَ جَذَعاً حِينَ تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ رَجَعْتَ مِنْ لَيْلَتِكَ (4).

377- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَقْبَلَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ اسْكُنْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وَ قَدْ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ وَ هُوَ لَا يَسْكُنُ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ص حَالَهُ قَالَ لَهُ تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ أَصْحَابِي مِنَ الْأَنْصَارِ فِي مَجَالِسِهِمْ يَتَحَدَّثُونَ فَأُرِيَكَ جَعْفَراً وَ أَصْحَابَهُ فِي الْبَحْرِ يَغُوصُونَ قَالَ


1- لعل المراد من الخبر أنّه إذا كان الحكم في يد بنى هاشم لما اختلف اثنان، و هذا الاختلاف الموجود بين الأمة نشأ من جهل الحكام و عدم قابليّتهم.
2- العير- بالكسر-: الإبل تحمل الميرة ثمّ غلب على كل قافلة.
3- الاورق: الاسمر يقال: جمل أورق و ناقة ورقاء. و هو الذي في لونه بياض الى السواد. و الترديد من الراوي.
4- قال الجزريّ في حديث المبعث: ان ورقة بن نوقل قال: يا ليتنى فيها جذعا. الضمير في قوله: «فيها» للنبوة أي ليتنى كنت شابا عند ظهورها حتّى أبالغ في نصرتها و حمايتها. انتهى أقول: يحتمل أن يكون كلامه جاريا على سبيل الاستهزاء، و يكون مراده ليتنى كنت شابا قويا على نصرتك حين ظهر لي انك اتيت بيت المقدس و رجعت من ليلتك و يحتمل أن يكون مراده: يا لهفا على ان كبرت و ضعفت و لا أقدر على اضرارك حين سمعتك تقول هذا. «آت»

ص: 263

نَعَمْ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَنَظَرَ إِلَى الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ وَ نَظَرَ إِلَى جَعْفَرٍ ع وَ أَصْحَابِهِ فِي الْبَحْرِ يَغُوصُونَ فَأَضْمَرَ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنَّهُ سَاحِرٌ.

378- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْغَارِ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْمَدِينَةِ وَ قَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ جَعَلَتْ لِمَنْ أَخَذَهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَخَرَجَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فِيمَنْ يَطْلُبُ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرَّ سُرَاقَةَ بِمَا شِئْتَ فَسَاخَتْ (1) قَوَائِمُ فَرَسِهِ فَثَنَى رِجْلَهُ ثُمَّ اشْتَدَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِي أَصَابَ قَوَائِمَ فَرَسِي إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ لِي فَرَسِي فَلَعَمْرِي إِنْ لَمْ يُصِبْكُمْ (2) مِنِّي خَيْرٌ لَمْ يُصِبْكُمْ مِنِّي شَرٌّ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَطْلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَسَهُ فَعَادَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَدْعُو رَسُولُ اللَّهِ ص فَتَأْخُذُ الْأَرْضُ قَوَائِمَ فَرَسِهِ فَلَمَّا أَطْلَقَهُ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ إِبِلِي بَيْنَ يَدَيْكَ فِيهَا غُلَامِي فَإِنِ احْتَجْتَ إِلَى ظَهْرٍ أَوْ لَبَنٍ فَخُذْ مِنْهُ وَ هَذَا سَهْمٌ مِنْ كِنَانَتِي عَلَامَةً وَ أَنَا أَرْجِعُ فَأَرُدُّ عَنْكَ الطَّلَبَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا عِنْدَكَ.

379- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا تَرَوْنَ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمِعْزَى (3) الْمَوَاتِ الَّتِي لَا يُبَالِي الْخَابِسُ أَيْنَ يَضَعُ يَدَهُ فِيهَا (4) لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تَرْقَوْنَهُ وَ لَا سِنَادٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أَمْرَكُمْ (5).

380- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ مِثْلَهُ


1- في النهاية في حديث سراقة: «فساخت يد فرسى» أي غاصت في الأرض.
2- في بعض النسخ [يصيبك].
3- المعز خلاف الضأن.
4- في القاموس خبس الشي ء بكفه أخذه، و فلانا حقه: ظلمه و غشمه و التبس الأسد كالخابس انتهى. أى حتّى تكونوا في الذلة و الصغار و استيلاء الظلمة عليكم كالمعز الميت التي لا يبالى الأسد من افتراس أي عضو من اعضائه أراد. و في بعض النسخ [الجاس] من جسّه بيده أي مسّه و في بعض النسخ [أن يضع].
5- ترقونه أي تعلونه. و الشرف: العلو و المكان العالى. و السناد ما يعتمد عليه.

ص: 264

قَالَ قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ مَا الْمَوَاتُ مِنَ الْمَعْزِ قَالَ الَّتِي قَدِ اسْتَوَتْ لَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

381- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ انْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَوَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ فِيهَا الرَّاعِي فَإِذَا وَجَدَ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي هُوَ فِيهَا يُخْرِجُهُ وَ يَجِي ءُ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي كَانَ فِيهَا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ لِأَحَدِكُمْ نَفْسَانِ يُقَاتِلُ بِوَاحِدَةٍ يُجَرِّبُ بِهَا ثُمَّ كَانَتِ الْأُخْرَى بَاقِيَةً فَعَمِلَ عَلَى مَا قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا وَ لَكِنْ لَهُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَ اللَّهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ آتٍ مِنَّا (1) فَانْظُرُوا عَلَى أَيِّ شَيْ ءٍ تَخْرُجُونَ وَ لَا تَقُولُوا خَرَجَ زَيْدٌ فَإِنَّ زَيْداً كَانَ عَالِماً وَ كَانَ صَدُوقاً وَ لَمْ يَدْعُكُمْ إِلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا دَعَاكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع وَ لَوْ ظَهَرَ لَوَفَى بِمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى سُلْطَانٍ مُجْتَمِعٍ لِيَنْقُضَهُ فَالْخَارِجُ مِنَّا الْيَوْمَ إِلَى أَيِّ شَيْ ءٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع فَنَحْنُ نُشْهِدُكُمْ أَنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِهِ وَ هُوَ يَعْصِينَا الْيَوْمَ وَ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَ هُوَ إِذَا كَانَتِ الرَّايَاتُ وَ الْأَلْوِيَةُ أَجْدَرُ أَنْ لَا يَسْمَعَ مِنَّا إِلَّا مَعَ مَنِ اجْتَمَعَتْ بَنُو فَاطِمَةَ مَعَهُ فَوَ اللَّهِ مَا صَاحِبُكُمْ إِلَّا مَنِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ رَجَبٌ فَأَقْبِلُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَتَأَخَّرُوا إِلَى شَعْبَانَ فَلَا ضَيْرَ (2) وَ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَصُومُوا فِي أَهَالِيكُمْ فَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى لَكُمْ وَ كَفَاكُمْ بِالسُّفْيَانِيِّ عَلَامَةً.

382- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ رَفَعَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: وَ اللَّهِ لَا يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَّا قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ ع إِلَّا كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ فَرْخٍ طَارَ مِنْ وَكْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَويَ جَنَاحَاهُ فَأَخَذَهُ الصِّبْيَانُ فَعَبِثُوا بِهِ.

383- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَ كُنْ حِلْساً مِنْ


1- أي خرج أحد من الهاشمين أو العلويين. «آت»
2- ظاهره أن خروج القائم عليه السلام في رجب و يحتمل أن يكون المراد أنّه مبدأ ظهور علامات خروجه فأقبلوا إلى مكّة في ذلك الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه. «آت»

ص: 265

أَحْلَاسِهِ (1) وَ اسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ فَإِذَا بَلَغَكَ أَنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ إِلَيْنَا وَ لَوْ عَلَى رِجْلِكَ.

384- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ كَامِلِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُعْفِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ سَاهِمَ الْوَجْهِ (2) فَقُلْتُ إِنَّ بِي حُمَّى الرِّبْعِ فَقَالَ مَا [ذَا] يَمْنَعُكَ مِنَ الْمُبَارَكِ الطَّيِّبِ اسْحَقِ السُّكَّرَ ثُمَّ امْخُضْهُ (3) بِالْمَاءِ وَ اشْرَبْهُ عَلَى الرِّيقِ وَ عِنْدَ الْمَسَاءِ قَالَ فَفَعَلْتُ فَمَا عَادَتْ إِلَيَّ.

385- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْوَجَعَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَكُلْ سُكَّرَتَيْنِ قَالَ فَفَعَلْتُ فَبَرَأْتُ وَ أَخْبَرْتُ بِهِ بَعْضَ الْمُتَطَبِّبِينَ وَ كَانَ أَفْرَهَ أَهْلِ (4) بِلَادِنَا فَقَالَ مِنْ أَيْنَ عَرَفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَذَا هَذَا مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِنَا أَمَا إِنَّهُ صَاحِبُ كُتُبٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ.

386- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى الْخُزَاعِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِرَجُلٍ بِأَيِّ شَيْ ءٍ تُعَالِجُونَ مَحْمُومَكُمْ إِذَا حُمَّ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَدْوِيَةِ الْمُرَّةِ بَسْفَايَجٍ وَ الْغَافِثِ (5) وَ مَا أَشْبَهَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُبْرِئَ بِالْمُرِّ يَقْدِرُ أَنْ يُبْرِئَ بِالْحُلْوِ ثُمَّ قَالَ إِذَا حُمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْخُذْ إِنَاءً نَظِيفاً فَيَجْعَلَ فِيهِ سُكَّرَةً وَ نِصْفاً ثُمَّ يَقْرَأَ عَلَيْهِ مَا حَضَرَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَضَعَهَا تَحْتَ النُّجُومِ وَ يَجْعَلَ عَلَيْهَا حَدِيدَةً فَإِذَا كَانَ فِي الْغَدَاةِ صَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَ مَرَسَ (6) هُ بِيَدِهِ ثُمَّ شَرِبَهُ فَإِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ زَادَهُ سُكَّرَةً أُخْرَى فَصَارَتْ سُكَّرَتَيْنِ


1- أي لا تبرح قال الجوهريّ: أحلاس البيوت: ما يبسط تحت حر الثياب.
2- السهوم: العبوس، المتغير.
3- السكر معرب شكر و الواحدة بهاء و رطب طيب، و الظاهر هذا الأول بقرينة السحق. و امخضه أي حركه تحريكا شديدا.
4- يدل على أنّه كان معموله في ذلك الزمان مقدار صغير معلوم. و الفاره: الحاذق.
5- في هامش بعض النسخ نقلا عن مجمع البحرين البسفايج دواء معروف مسهل السوداء و الغافث أيضا معروف عند الاطباء هو من الخشائش الشائكة له ورق كورق الشهد انج.
6- مرست التمر و غيره في الماء إذا أنقعته.

ص: 266

وَ نِصْفاً فَإِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ زَادَهُ سُكَّرَةً أُخْرَى فَصَارَتْ ثَلَاثَ سُكَّرَاتٍ وَ نِصْفاً.

387- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُ (1) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ هَارُونَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ لِي كَتَمُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) فَنِعْمَ وَ اللَّهِ الْأَسْمَاءُ كَتَمُوهَا- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ يَجْهَرُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وَ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ فَتُوَلِّي قُرَيْشٌ فِرَاراً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ- وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (3).

388- عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ (4): كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ بِأَبِي وَ أُمِّي وَ قَوْمِي وَ عَشِيرَتِي عَجَبٌ لِلْعَرَبِ كَيْفَ لَا تَحْمِلُنَا عَلَى رُءُوسِهَا وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ- وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها (5) فَبِرَسُولِ اللَّهِ ص أُنْقِذُوا.

389- عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَمَّاكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ (6) أَ لَيْسَ قَدْ آتَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- بَنِي أُمَيَّةَ الْمُلْكَ قَالَ لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ إِلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آتَانَا الْمُلْكَ وَ أَخَذَتْهُ بَنُو أُمَيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الثَّوْبُ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ فَلَيْسَ هُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ.


1- الظاهر أنّه العاصمي. و عليّ بن الحسن هو ابن فضال و في أكثر النسخ [على بن الحسين] و هو تصحيف.
2- «كتموا» استفهام على التفريع و التوبيخ أو اخبار و المراد بكتمانها تركها في السور و القول بعدم جزئيتها لها. «آت»
3- الإسراء: 46. «وَحْدَهُ» أى واحدا وحده و هو مصدر وقع موقع الحال. «البيضاوى»
4- أي قال المكفوف: كان إلخ.
5- آل عمران: 103. و شفا الحفرة: طرفها الذي يشرف على السقوط فيها من كان به.
6- آل عمران: 26. و التعليق على المشيئة في أفعاله تعالى ليس معناه وقوع الفعل جزافا تعالى عن ذلك بل المراد عدم كونه تعالى مجبرا في فعله ملزما عليه فهو تعالى يفعل ما يفعل بمشيئته المطلقة من غير أن يجبره أحد أو يكرهه و أن جرى فعله على المصلحة دائما. «الميزان في تفسير القرآن».

ص: 267

390- مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (1) قَالَ الْعَدْلَ بَعْدَ الْجَوْرِ.

391- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْيَمَ (2) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنْ ذِي الْفَقَارِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَتْ حَلْقَتُهُ فِضَّةً (3).

حَدِيثُ نُوحٍ ع يَوْمَ الْقِيَامَةِ

392- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ (4) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لِي إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَ جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلَائِقَ كَانَ نُوحٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى بِهِ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ص قَالَ فَيَخْرُجُ نُوحٌ ع فَيَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى يَجِي ءَ إِلَى مُحَمَّدٍ ص وَ هُوَ عَلَى كَثِيبِ الْمِسْكِ (5) وَ مَعَهُ عَلِيٌّ ع وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا (6) فَيَقُولُ نُوحٌ لِمُحَمَّدٍ ص يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَأَلَنِي هَلْ بَلَّغْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَقُلْتُ مُحَمَّدٌ ص فَيَقُولُ يَا جَعْفَرُ يَا حَمْزَةُ اذْهَبَا وَ اشْهَدَا لَهُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- فَجَعْفَرٌ وَ حَمْزَةُ هُمَا الشَّاهِدَانِ لِلْأَنْبِيَاءِ ع بِمَا بَلَّغُوا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ- فَعَلِيٌّ ع أَيْنَ هُوَ فَقَالَ هُوَ أَعْظَمُ مَنْزِلَةً مِنْ ذَلِكَ.


1- الحديد: 17.
2- كذا في أكثر النسخ و الظاهر عليّ بن أحمد. «آت»
3- يدل على جواز كون حلقة السيف على ما في بعض النسخ و حليته على ما في بعضها من فضة. «آت» اقول يعنى وصول السيف الى عليّ عليه السلام كان بامر اللّه و تقديره لاتفاقهم ان السيف كان لعاص بن منية.
4- يوسف بن أبي سعيد غير مذكور في كتب الرجال و لعله يوسف بن ثابت بن أبي سعد أو أبى سعيدة أبو اميّة الكوفيّ الثقة الذي روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- الكثيب: التل من الرمل.
6- الملك: 27، أي ساءتها رؤيته عليه السلام.

ص: 268

393- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقْسِمُ لَحَظَاتِهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ يَنْظُرُ إِلَى ذَا وَ يَنْظُرُ إِلَى ذَا بِالسَّوِيَّةِ.

394- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْعِبَادَ بِكُنْهِ عَقْلِهِ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ. (1)

395- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ وَ أَنَا أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَنَّكُمْ مَوَالِيَّ وَ قَدْ يَسْأَلُنِي بَعْضُ مَنْ لَا يَعْرِفُنِي فَيَقُولُ لِي مِمَّنِ الرَّجُلُ فَأَقُولُ لَهُ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ ثُمَّ مِنْ بَجِيلَةَ فَعَلَيَّ فِي هَذَا إِثْمٌ حَيْثُ لَمْ أَقُلْ إِنِّي مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ لَا أَ لَيْسَ قَلْبُكَ وَ هَوَاكَ مُنْعَقِداً (2) عَلَى أَنَّكَ مِنْ مَوَالِينَا فَقُلْتُ بَلَى وَ اللَّهِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ فِي أَنْ تَقُولَ أَنَا مِنَ الْعَرَبِ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْعَرَبِ فِي النَّسَبِ وَ الْعَطَاءِ وَ الْعَدَدِ (3) وَ الْحَسَبِ فَأَنْتَ فِي الدِّينِ وَ مَا حَوَى الدِّينُ بِمَا تَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مِنْ طَاعَتِنَا وَ الْأَخْذِ بِهِ مِنَّا مِنْ مَوَالِينَا وَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا.

396- حَدَّثَنَا ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى كَوْكَبِ الدَّمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ حَوَارِيَّ عِيسَى ع كَانُوا شِيعَتَهُ وَ إِنَّ شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا وَ مَا كَانَ حَوَارِيُّ عِيسَى بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِيِّنَا لَنَا وَ إِنَّمَا قَالَ عِيسَى ع لِلْحَوَارِيِّينَ- مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ (4) فَلَا وَ اللَّهِ مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْيَهُودِ وَ لَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ وَ شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ رَسُولَهُ ص يَنْصُرُونَّا وَ يُقَاتِلُونَ دُونَنَا وَ يُحْرَقُونَ وَ يُعَذَّبُونَ وَ يُشَرَّدُونَ فِي الْبُلْدَانِ جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً وَ قَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ مُحِبِّينَا بِالسَّيْفِ مَا أَبْغَضُونَا-


1- قد مر الحديث في المجلد الأول ص 21 من هذا الكتاب.
2- كذا.
3- أي أنت من عدادهم أو في الاعوان و اتباع.
4- الصف: 14 و «إِلَى اللَّهِ» أى متوجّها إليه.

ص: 269

وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَدْنَيْتُ إِلَى مُبْغِضِينَا وَ حَثَوْتُ لَهُمْ (1) مِنَ الْمَالِ مَا أَحَبُّونَا.

397- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ (2) قَالَ فَقَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِنَّ لِهَذَا تَأْوِيلًا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ كَتَبَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ كِتَاباً وَ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولٍ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ كَتَبَ إِلَى مَلِكِ فَارِسَ كِتَاباً يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ بَعَثَهُ إِلَيْهِ مَعَ رَسُولِهِ فَأَمَّا مَلِكُ الرُّومِ فَعَظَّمَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَكْرَمَ رَسُولَهُ وَ أَمَّا مَلِكُ فَارِسَ فَإِنَّهُ اسْتَخَفَّ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَزَّقَهُ وَ اسْتَخَفَّ بِرَسُولِهِ وَ كَانَ مَلِكُ فَارِسَ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلُ مَلِكَ الرُّومِ وَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَهْوَوْنَ (3) أَنْ يَغْلِبَ مَلِكُ الرُّومِ مَلِكَ فَارِسَ وَ كَانُوا لِنَاحِيَتِهِ أَرْجَى مِنْهُمْ لِمَلِكِ فَارِسَ فَلَمَّا غَلَبَ مَلِكُ فَارِسَ مَلِكَ الرُّومِ كَرِهَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَ اغْتَمُّوا بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ كِتَاباً قُرْآناً- الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يَعْنِي غَلَبَتْهَا فَارِسُ- فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هِيَ الشَّامَاتُ وَ مَا حَوْلَهَا- وَ هُمْ يَعْنِي وَ فَارِسُ- مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ الرُّومَ سَيَغْلِبُونَ يَعْنِي يَغْلِبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فَارِسَ وَ افْتَتَحُوهَا فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ قُلْتُ أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- فِي بِضْعِ سِنِينَ (4) وَ قَدْ مَضَى لِلْمُؤْمِنِينَ سِنُونَ كَثِيرَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ فِي إِمَارَةِ


1- كناية عن كثرة العطاء. فى القاموس: حثوت له أي أعطيته كثيرا.
2- سورة الروم من السور التي نزلت قبل الهجرة بالاتفاق و الاخبار بغلبة الروم على الفارس في مكّة.
3- أي يحبّون. و كتابه «ص» الى ملوك الأرض كان بعد الهجرة و كان رجوع دحية من رسالته بعد وفاة الرسول «صلّى اللّه عليه و آله».
4- كل ما دون العشرة بضع إلى الثلاثة. و قال المفسرون: غلبت فارس الروم و ظهروا عليهم على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فرح بذلك كفّار قريش من حيث أن أهل فارس لم يكونوا أهل كتاب و ساء ذلك المسلمين و كان بيت المقدس لاهل الروم كالكعبة للمسلمين فدفعهم فارس عنه في ادنى الأرض من ارض العرب و قيل: من ارض الشام إلى ارض فارس يريد الجزيرة و هى أقرب ارض الروم إلى فارس و هم يعنى الروم من بعد أن غلبت فارس إياهم يستغلبون فارس و هذه الآية دالة على أن القرآن من عند اللّه تعالى لان فيه انباء ما سيكون. «مجمع البيان»

ص: 270

أَبِي بَكْرٍ وَ إِنَّمَا غَلَبَ الْمُؤْمِنُونَ فَارِسَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ فَقَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ لِهَذَا تَأْوِيلًا وَ تَفْسِيراً وَ الْقُرْآنُ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَاسِخٌ وَ مَنْسُوخٌ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ يَعْنِي إِلَيْهِ الْمَشِيئَةُ فِي الْقَوْلِ أَنْ يُؤَخِّرَ مَا قَدَّمَ وَ يُقَدِّمَ مَا أَخَّرَ فِي الْقَوْلِ إِلَى يَوْمٍ يَحْتِمُ الْقَضَاءَ بِنُزُولِ النَّصْرِ فِيهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ أَيْ يَوْمَ يَحْتِمُ الْقَضَاءَ بِالنَّصْرِ.

398- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّ الْعَامَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ كَانَتْ رِضًا لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْتِنَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ص مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ وَ مَا يَقْرَءُونَ كِتَابَ اللَّهِ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ- وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (1) قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ أَ وَ لَيْسَ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ حَيْثُ قَالَ- وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (2) وَ فِي هَذَا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ص قَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ.

399- عَنْهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَرَأَيْتُ مَوْلًى لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَمِلْتُ إِلَيْهِ لِأَسْأَلَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَإِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع سَاجِداً فَانْتَظَرْتُهُ طَوِيلًا فَطَالَ سُجُودُهُ عَلَيَّ فَقُمْتُ وَ صَلَّيْتُ رَكَعَاتٍ وَ انْصَرَفْتُ وَ هُوَ بَعْدُ سَاجِدٌ فَسَأَلْتُ مَوْلَاهُ مَتَى سَجَدَ فَقَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِي رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ أَبَا مُحَمَّدٍ ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَسَمِعَ صَوْتاً خَلْفَهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ فَقُلْتُ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَ الْقَدَرِيَّةِ وَ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَالَ إِنَّ الْقَوْمَ يُرِيدُونِّي فَقُمْ بِنَا فَقُمْتُ مَعَهُ فَلَمَّا أَنْ رَأَوْهُ نَهَضُوا نَحْوَهُ فَقَالَ لَهُمْ كُفُّوا


1- آل عمران: 144. «يَنْقَلِبْ» أى يرتدد.
2- البقرة: 253. فى القاموس تقاتلوا و اقتتلوا بمعنى.

ص: 271

أَنْفُسَكُمْ عَنِّي وَ لَا تُؤْذُونِي وَ تَعْرِضُونِي لِلسُّلْطَانِ (1) فَإِنِّي لَسْتُ بِمُفْتٍ لَكُمْ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي وَ تَرَكَهُمْ وَ مَضَى فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ سَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْيَا مَا نَفَعَهُ ذَلِكَ وَ لَا قَبِلَهُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ مَا لَمْ يَسْجُدْ لآِدَمَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ وَ كَذَلِكَ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْعَاصِيَةُ الْمَفْتُونَةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا ص وَ بَعْدَ تَرْكِهِمُ الْإِمَامَ الَّذِي نَصَبَهُ نَبِيُّهُمْ ص لَهُمْ فَلَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُمْ عَمَلًا وَ لَنْ يَرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً حَتَّى يَأْتُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ وَ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَ الَّذِي أُمِرُوا بِوَلَايَتِهِ وَ يَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ لَهُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص خَمْسَ فَرَائِضَ الصَّلَاةَ وَ الزَّكَاةَ وَ الصِّيَامَ وَ الْحَجَّ وَ وَلَايَتَنَا فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفَرَائِضِ الْأَرْبَعَةِ (2) وَ لَمْ يُرَخِّصْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تَرْكِ وَلَايَتِنَا لَا وَ اللَّهِ مَا فِيهَا رُخْصَةٌ.

400- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِمَنْ جَعَلَ لَهُ سُلْطَاناً أَجَلًا وَ مُدَّةً مِنْ لَيَالٍ وَ أَيَّامٍ وَ سِنِينَ وَ شُهُورٍ فَإِنْ عَدَلُوا فِي النَّاسِ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَاحِبَ الْفَلَكِ أَنْ يُبْطِئَ بِإِدَارَتِهِ فَطَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَ لَيَالِيهِمْ وَ سِنِينُهُمْ وَ شُهُورُهُمْ وَ إِنْ جَارُوا فِي النَّاسِ وَ لَمْ يَعْدِلُوا أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى صَاحِبَ الْفَلَكِ فَأَسْرَعَ بِإِدَارَتِهِ فَقَصُرَتْ لَيَالِيهِمْ وَ أَيَّامُهُمْ وَ سِنِينُهُمْ وَ شُهُورُهُمْ وَ قَدْ وَفَى لَهُمْ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَدَدِ اللَّيَالِي وَ الشُّهُورِ. (3)

401- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنِ الْعَرْزَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَالِساً فِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَ رَجُلٌ يُخَاصِمُ رَجُلًا وَ أَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ وَ اللَّهِ مَا تَدْرِي مِنْ أَيْنَ تَهُبُّ الرِّيحُ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَهَلْ تَدْرِي أَنْتَ قَالَ لَا وَ لَكِنِّي أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ أَنَا


1- أي لا تجعلونى عرضة لايذاء الخليفة و اضرارة باجتماعكم على و سؤالكم عنى. «آت»
2- كقصر الصلاة و تركها لفاقد الطهورين على القول به و للحائض و النفساء و ترك كثير من اركانها في حال الضرورة و الخوف و القتال و كترك الصيام في السفر و المرض و الكبر و كترك الحجّ و الزكاة مع عدم الاستطاعة و المال و لم يرخص في ترك الولاية في حال من الأحوال. «آت»
3- قد مر نحوه تحت رقم 157. ص مع توجيهه.

ص: 272

لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنْ أَيْنَ تَهُبُّ الرِّيحُ فَقَالَ إِنَّ الرِّيحَ مَسْجُونَةٌ تَحْتَ هَذَا الرُّكْنِ الشَّامِيِ (1) فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا شَيْئاً أَخْرَجَهُ إِمَّا جُنُوباً فَجَنُوبٌ وَ إِمَّا شِمَالًا فَشَمَالٌ وَ صَبًا فَصَبًا وَ دَبُوراً فَدَبُورٌ ثُمَّ قَالَ مِنْ آيَةِ ذَلِكَ أَنَّكَ لَا تَزَالُ تَرَى هَذَا الرُّكْنَ مُتَحَرِّكاً أَبَداً فِي الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ وَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ.

402- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ [أَبِيهِ] جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَيْسَ خَلْقٌ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَّهُ لَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيَطَّوَّفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ لَيْلَتَهُمْ وَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ (2).

403- حَدَّثَنَا ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص الْمَلَائِكَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ جُزْءٌ لَهُ جَنَاحَانِ وَ جُزْءٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَجْنِحَةٍ وَ جُزْءٌ لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ.

404- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهَراً يَغْتَمِسُ فِيهِ جَبْرَئِيلُ ع كُلَّ غَدَاةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ فَيَنْتَفِضُ فَيَخْلُقُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ تَقَطَّرُ مِنْهُ مَلَكاً.

405- عَنْهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ خَفَقَانِ الطَّيْرِ (3).

406- الْحُسَيْنُ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دِيكاً رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ عُنُقُهُ مُثْبَتَةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ جَنَاحَاهُ فِي الْهَوَى إِذَا كَانَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَوِ الثُّلُثِ الثَّانِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ


1- يحتمل أن يكون كناية عن قيام الملائكة الذين بهم تهب تلك الرياح فوقه عند ارادة ذلك كما مر. «آت» أقول: هذا الخبر على فرض صحة صدوره عنهم صلوات اللّه عليهم من الاخبار التي امرنا أن نرد علمه إليهم عليهم السلام.
2- الظاهر عدم تكررهم في كل يوم و كل ليلة كما يدلّ عليه أخبار أخر. «آت»
3- خفق الطائر خفوقا: طار.

ص: 273

ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ وَ صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّنَا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ (1) فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ فَتَضْرِبُ الدِّيَكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا وَ تَصِيحُ (2).

407- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا يَقُولُ مَنْ قِبَلَكُمْ فِي الْحِجَامَةِ قُلْتُ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا عَلَى الرِّيقِ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الطَّعَامِ قَالَ لَا هِيَ عَلَى الطَّعَامِ أَدَرُّ لِلْعُرُوقِ وَ أَقْوَى لِلْبَدَنِ (3).

408- عَنْهُ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ احْتَجِمْ أَيَّ يَوْمٍ شِئْتَ وَ تَصَدَّقْ وَ اخْرُجْ أَيَّ يَوْمٍ شِئْتَ.

409- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ الْأَحْوَلِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ لَيْسَ مِنْ دَوَاءٍ إِلَّا وَ هُوَ يُهَيِّجُ دَاءً وَ لَيْسَ شَيْ ءٌ فِي الْبَدَنِ أَنْفَعَ مِنْ إِمْسَاكِ الْيَدِ إِلَّا عَمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

410- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحُمَّى تَخْرُجُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْعَرَقِ وَ الْبَطَنِ وَ الْقَيْ ءِ.

411- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ سَيْفٍ التَّمَّارِ عَنْ أَبِي الْمُرْهِفِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْغَبَرَةُ عَلَى مَنْ أَثَارَهَا هَلَكَ الْمَحَاضِيرُ (4) قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الْمَحَاضِيرُ قَالَ الْمُسْتَعْجِلُونَ أَمَا إِنَّهُمْ لَنْ يُرِيدُوا إِلَّا مَنْ يَعْرِضُ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الْمُرْهِفِ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوكُمْ بِمُجْحِفَةٍ (5) إِلَّا عَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ بِشَاغِلٍ ثُمَّ نَكَتَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي الْأَرْضِ ثُمَ


1- «المبين» أي مظهر الأشياء بخلقها و المعارف بافاضتها. «آت»
2- الديكة جمع الديك. «آت»
3- أي يمتلئ العروق و يخرج منها الدم أكثر ممّا إذا كان على الريق. «آت»
4- «الغبرة على من أثارها» الغبرة- بالضم و بالتحريك-: الغبار أي يعود ضرر الغبار على من اثاره و هذه تشبيه و تمثيل لبيان أن مثير الفتنة يعود ضررها إليه أكثر من غيره. و قوله: «هلك المحاضير» أي المستعجلون في ظهور دولة الحق قبل أوانها.
5- بتقديم الجيم اي الداهية.

ص: 274

قَالَ يَا أَبَا الْمُرْهِفِ قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ أَ تَرَى قَوْماً حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُمْ فَرَجاً بَلَى وَ اللَّهِ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ لَهُمْ فَرَجاً.

412- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ عَنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِي مُسْلِمٍ فَقَالَ لَيْسَ لِكِتَابِكَ جَوَابٌ اخْرُجْ عَنَّا فَجَعَلْنَا يُسَارُّ بَعْضُنَا بَعْضاً (1) فَقَالَ أَيَّ شَيْ ءٍ تُسَارُّونَ يَا فَضْلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ لَا يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ وَ لَإِزَالَةُ جَبَلٍ عَنْ مَوْضِعِهِ أَيْسَرُ مِنْ زَوَالِ مُلْكٍ لَمْ يَنْقَضِ أَجَلُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حَتَّى بَلَغَ السَّابِعَ مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ قُلْتُ فَمَا الْعَلَامَةُ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ لَا تَبْرَحِ الْأَرْضَ يَا فَضْلُ حَتَّى يَخْرُجَ السُّفْيَانِيُّ فَإِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَأَجِيبُوا إِلَيْنَا يَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ هُوَ مِنَ الْمَحْتُومِ.

413- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ إِبْلِيسَ أَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَمْ كَانَ يَلِي شَيْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَمْ يَكُنْ يَلِي شَيْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ وَ لَا كَرَامَةَ فَأَتَيْتُ الطَّيَّارَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ فَأَنْكَرَهُ وَ قَالَ وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ (2) فَدَخَلَ عَلَيْهِ الطَّيَّارُ فَسَأَلَهُ وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَأَيْتَ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ قَالَ نَعَمْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُنَافِقُونَ وَ الضُّلَّالُ وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ.

414- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصَلِّي فَأَجْعَلُ بَعْضَ صَلَاتِي لَكَ فَقَالَ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَجْعَلُ نِصْفَ صَلَاتِي لَكَ فَقَالَ ذَلِكَ أَفْضَلُ لَكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أُصَلِّي فَأَجْعَلُ كُلَّ صَلَاتِي لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذاً يَكْفِيَكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتِكَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ اللَّهَ كَلَّفَ رَسُولَ اللَّهِ ص مَا لَمْ


1- سر الحديث: اصغاؤه و سار مسارة و سرارا.
2- الكهف: 49.

ص: 275

يُكَلِّفْهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ كَلَّفَهُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَحْدَهُ بِنَفْسِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْ فِئَةً تُقَاتِلُ مَعَهُ وَ لَمْ يُكَلِّفْ هَذَا أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ (1) ثُمَّ قَالَ وَ جَعَلَ اللَّهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ (2) فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (3) وَ جُعِلَتِ الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ. (4)

415- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ رَوْحٍ عَنْ فُضَيْلٍ الصَّائِغِ (5) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ نُورٌ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ لَيَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ كَمَا تَنْظُرُونَ أَنْتُمْ إِلَى الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي السَّمَاءِ وَ إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَقُولُ لِبَعْضٍ يَا فُلَانُ عَجَباً لِفُلَانٍ كَيْفَ أَصَابَ هَذَا الْأَمْرَ وَ هُوَ قَوْلُ أَبِي ع وَ اللَّهِ مَا أَعْجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ (6) كَيْفَ هَلَكَ وَ لَكِنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا.

416- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ سَافَرَ أَوْ تَزَوَّجَ وَ الْقَمَرُ فِي الْعَقْرَبِ لَمْ يَرَ الْحُسْنَى (7).


1- النساء: 83.
2- أي يأخذ بالعهد من الخلق في مضاعفة الاعمال له صلّى اللّه عليه و آله مثل ما أخذ في المضاعفة لنفسه أو يأخذ العهد بتعظيمه مثل ما أخذ لنفسه.
3- الأنعام: 159.
4- «جعلت الصلاة» يحتمل وجهين: الأول أن يكون المراد أنّه جعل تعظيمه و الصلاة عليه من طاعاته التي يضاعف لها الثواب عشرة أضعافها. و الثاني أن يكون المراد أنّه ضاعف لنفسه الصلاة لكونها عبادة له عشرة أضعاف ثمّ ضاعفها له صلّى اللّه عليه و آله لكونها متعلقة به لكل حسنة عشرة أضعافها فصارت للصلاة مائة حسنة. «آت»
5- استظهر الأردبيليّ- رحمه اللّه- في جامع الرواة أنّه هو فصل بن عثمان المرادى.
6- ذلك لكون أكثر الخلق كذلك و دواعى الهلاك و الضلال كثيرة. «آت»
7- ذلك أي في بروجها أو محاذاة كواكبها. «آت»

ص: 276

417- عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع قُمْ فَأَسْرِجْ دَابَّتَيْنِ حِمَاراً وَ بَغْلًا فَأَسْرَجْتُ حِمَاراً وَ بَغْلًا فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ الْبَغْلَ وَ رَأَيْتُ أَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُقَدِّمَ إِلَيَّ هَذَا الْبَغْلَ قُلْتُ اخْتَرْتُهُ لَكَ قَالَ وَ أَمَرْتُكَ أَنْ تَخْتَارَ لِي ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَحَبَّ الْمَطَايَا إِلَيَّ الْحُمُرُ قَالَ فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ الْحِمَارَ وَ أَمْسَكْتُ لَهُ بِالرِّكَابِ فَرَكِبَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا بِالْإِسْلَامِ وَ عَلَّمَنَا الْقُرْآنَ وَ مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ ص- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (1) وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَ سَارَ وَ سِرْتُ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا مَوْضِعاً آخَرَ قُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ هَذَا وَادِي النَّمْلِ لَا يُصَلَّى فِيهِ (2) حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا مَوْضِعاً آخَرَ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ مَالِحَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهَا قَالَ حَتَّى نَزَلَ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَقَالَ لِي صَلَّيْتَ أَوْ تُصَلِّي سُبْحَتَكَ (3) قُلْتُ هَذِهِ صَلَاةٌ تُسَمِّيهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ الزَّوَالَ فَقَالَ أَمَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ هُمْ شِيعَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ فَصَلَّى وَ صَلَّيْتُ ثُمَّ أَمْسَكْتُ لَهُ بِالرِّكَابِ ثُمَّ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ فِي بِدَايَتِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنِ الْمُرْجِئَةَ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُنَا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَقُلْتُ لَهُ مَا ذَكَّرَكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ الْمُرْجِئَةَ فَقَالَ خَطَرُوا عَلَى بَالِي.

418- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ قَتْلَ النَّبِيِّ ص قَالَتْ كَيْفَ لَنَا بِأَبِي لَهَبٍ فَقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ أَنَا أَقُولُ لَهُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَقْعُدَ الْيَوْمَ فِي الْبَيْتِ نَصْطَبِحُ (4) فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ وَ تَهَيَّأَ


1- أي مطيقين من أقرن الشي ء إذا أطاقه و أصله وجد قرينة إذ الصعب لا يكون قرينة الضعيف. و قوله: «منقلبون» أي راجعون. «آت»
2- يدل على كراهة الصلاة في الوادى التي تكون فيها قرى النمل كما ذكره الاصحاب و كذا يدل على كراهة الصلاة في الأرض السبحة. «آت»
3- الترديد من الراوي. و السبحة: صلاة النافلة. «آت»
4- يقال: اصطبح الرجل اي شرب صبوحا.

ص: 277

الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ ص قَعَدَ أَبُو لَهَبٍ وَ امْرَأَتُهُ يَشْرَبَانِ فَدَعَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيّاً ع فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ اذْهَبْ إِلَى عَمِّكَ أَبِي لَهَبٍ فَاسْتَفْتِحْ عَلَيْهِ فَإِنْ فُتِحَ لَكَ فَادْخُلْ وَ إِنْ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ فَتَحَامَلْ عَلَى الْبَابِ وَ اكْسِرْهُ وَ ادْخُلْ عَلَيْهِ فَإِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبِي إِنَّ امْرَأً عَمُّهُ عَيْنُهُ فِي الْقَوْمِ (1) فَلَيْسَ بِذَلِيلٍ قَالَ فَذَهَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَوَجَدَ الْبَابَ مُغْلَقاً فَاسْتَفْتَحَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فَتَحَامَلَ عَلَى الْبَابِ وَ كَسَرَهُ وَ دَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو لَهَبٍ قَالَ لَهُ مَا لَكَ يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبِي يَقُولُ لَكَ إِنَّ امْرَأً عَمُّهُ عَيْنُهُ فِي الْقَوْمِ لَيْسَ بِذَلِيلٍ فَقَالَ لَهُ صَدَقَ أَبُوكَ فَمَا ذَلِكَ يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ لَهُ يُقْتَلُ ابْنُ أَخِيكَ وَ أَنْتَ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ فَوَثَبَ وَ أَخَذَ سَيْفَهُ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ أُمُّ جَمِيلٍ فَرَفَعَ يَدَهُ وَ لَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا فَمَاتَتْ وَ هِيَ عَوْرَاءُ وَ خَرَجَ أَبُو لَهَبٍ وَ مَعَهُ السَّيْفُ فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ عَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ مَا لَكَ يَا أَبَا لَهَبٍ فَقَالَ أُبَايِعُكُمْ عَلَى ابْنِ أَخِي (2) ثُمَّ تُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُسْلِمَ ثُمَّ تَنْظُرُونَ مَا أَصْنَعُ فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَ رَجَعَ.

419- عَنْهُ (3) عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَلِّلُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْيُنِ الْكُفَّارِ وَ يُكَثِّرُ الْكُفَّارَ فِي أَعْيُنِ الْمُسْلِمِينَ فَشَدَّ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع بِالسَّيْفِ فَهَرَبَ مِنْهُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا جَبْرَئِيلُ إِنِّي مُؤَجَّلٌ إِنِّي مُؤَجَّلٌ حَتَّى وَقَعَ فِي الْبَحْرِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع لِأَيِّ شَيْ ءٍ كَانَ يَخَافُ وَ هُوَ مُؤَجَّلٌ قَالَ يَقْطَعُ بَعْضَ أَطْرَافِهِ.

420- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ


1- المراد بالعم اما أبو لهب أو نفسه و الأول أظهر اذ الظاهر أن الغرض حمله على الحمية. و المراد بالعين السيّد و الرقيب و الحافظ و الحاصل أن من كان عمه مثلك سيد القوم و زعيمهم لا ينبغي أن يكون ذليلا بينهم. «آت»
2- أي على ايذائه و أنتم تفرطون في ذلك و تريدون قتله أو على محافظته و ترك إيذائه و الأول أظهر. «آت»
3- الضمير راجع إلى ابن أبي عمير.

ص: 278

ص عَلَى التَّلِّ الَّذِي عَلَيْهِ مَسْجِدُ الْفَتْحِ فِي غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ قَرَّةٍ (1) فَقَالَ مَنْ يَذْهَبُ فَيَأْتِيَنَا بِخَبَرِهِمْ وَ لَهُ الْجَنَّةُ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ثُمَّ أَعَادَهَا فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِيَدِهِ (2) وَ مَا أَرَادَ الْقَوْمُ أَرَادُوا أَفْضَلَ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ حُذَيْفَةُ فَقَالَ أَ مَا تَسْمَعُ كَلَامِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ وَ لَا تَكَلَّمُ أَ قُبِرْتَ فَقَامَ حُذَيْفَةُ وَ هُوَ يَقُولُ الْقُرُّ وَ الضُّرُّ (3) جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ مَنَعَنِي أَنْ أُجِيبَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص انْطَلِقْ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَهُمْ وَ تَأْتِيَنِي بِخَبَرِهِمْ فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ حَتَّى تَرُدَّهُ وَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا حُذَيْفَةُ لَا تُحْدِثْ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَ قَوْسَهُ وَ حَجَفَتَهُ (4) قَالَ حُذَيْفَةُ فَخَرَجْتُ وَ مَا بِي مِنْ ضُرٍّ وَ لَا قُرٍّ فَمَرَرْتُ عَلَى بَابِ الْخَنْدَقِ وَ قَدِ اعْتَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ (5) وَ الْكُفَّارُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ حُذَيْفَةُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَادَى- يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ (6) وَ يَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ اكْشِفْ هَمِّي وَ غَمِّي وَ كَرْبِي فَقَدْ تَرَى حَالِي وَ حَالَ أَصْحَابِي فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ قَدْ سَمِعَ مَقَالَتَكَ وَ دُعَاءَكَ وَ قَدْ أَجَابَكَ وَ كَفَاكَ هَوْلَ عَدُوِّكَ فَجَثَا رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ وَ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ شُكْراً شُكْراً كَمَا رَحِمْتَنِي وَ رَحِمْتَ أَصْحَابِي ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ رِيحاً مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِيهَا حَصًى وَ رِيحاً مِنَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فِيهَا جَنْدَلٌ (7) قَالَ حُذَيْفَةُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا بِنِيرَانِ الْقَوْمِ وَ أَقْبَلَ جُنْدُ اللَّهِ الْأَوَّلُ رِيحٌ فِيهَا حَصًى فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ نَاراً إِلَّا أَذْرَتْهَا وَ لَا خِبَاءً (8) إِلَّا طَرَحَتْهُ وَ لَا رُمْحاً إِلَّا أَلْقَتْهُ حَتَّى جَعَلُوا


1- أي باردة.
2- أي أشار أو حرك يده على وجه التعجب. «آت»
3- «أقبرت» فى بعض النسخ [اقترب] و قوله: «القرّ»- بالضم-: البرد. و الضرّ: سوء الحال.
4- يقال للترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب و لا عقب: حجفة و درقة. «الصحاح»
5- عراه: أتاه و اعتراه مثله.
6- أي أرسل ماءهما بالبكاء.
7- الجندل: الحجارة و هي أكبر من الحصى.
8- ذرت الحب و الملح و الدواء أذره ذرا: فرقته. و اذريت الشي ء إذا ألقيته كالقائك الحب للزرع. و الخباء واحد الاخبية من وبر أو صوف و لا يكون من شعر و هو على عمودين أو ثلاثة و ما فوق ذلك فهو بيت. «الصحاح»

ص: 279

يَتَتَرَّسُونَ (1) مِنَ الْحَصَى فَجَعَلْنَا نَسْمَعُ وَقْعَ الْحَصَى فِي الْأَتْرِسَةِ فَجَلَسَ حُذَيْفَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَامَ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مُطَاعٍ فِي الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ قَدْ نَزَلْتُمْ بِسَاحَةِ هَذَا السَّاحِرِ الْكَذَّابِ أَلَا وَ إِنَّهُ لَنْ يَفُوتَكُمْ مِنْ أَمْرِهِ شَيْ ءٌ (2) فَإِنَّهُ لَيْسَ سَنَةَ مُقَامٍ قَدْ هَلَكَ الْخُفُّ وَ الْحَافِرُ فَارْجِعُوا وَ لْيَنْظُرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَنْ جَلِيسُهُ (3) قَالَ حُذَيْفَةُ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَضَرَبْتُ بِيَدِي فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ يَسَارِي مَنْ أَنْتَ فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حُذَيْفَةُ وَ أَقْبَلَ جُنْدُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ صَاحَ فِي قُرَيْشٍ النَّجَاءَ النَّجَاءَ (4) وَ قَالَ طَلْحَةُ الْأَزْدِيُّ لَقَدْ زَادَكُمْ مُحَمَّدٌ بِشَرٍّ (5) ثُمَّ قَامَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَ صَاحَ فِي بَنِي أَشْجَعَ النَّجَاءَ النَّجَاءَ وَ فَعَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ مِثْلَهَا ثُمَّ فَعَلَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ مِثْلَهَا ثُمَّ فَعَلَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ مِثْلَهَا وَ ذَهَبَ الْأَحْزَابُ وَ رَجَعَ حُذَيْفَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُ كَانَ لَيُشْبِهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (6).

421- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِالْكُوفَةِ أَيَّامَ قَدِمَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ (7)-


1- الترس من جلد و يقال: لهذا الترس: الدرقة أيضا.
2- أي لا تيأسوا منه و لا تعجلوا في أمره فانه لن يفوتكم من أمر قتاله و قمعه و استيصاله شي ء و الوقت واسع. «آت»
3- إنّما قال ذلك ليعلم القوم بعد السؤال هل بينهم عين فتنبّه حذيفة و بادر إلى السؤال لكى يظنوا انه من أهلهم و لا يسأل عنه أحد. «آت»
4- أي أسرع أسرع، قال الجزريّ: فيه و انا النذير العريان فالنجاء النجاء أي انجوا بأنفسكم و هو مصدر منصوب بفعل مضمر أي انجوا النجاء و تكراره للتأكيد و قد تكرر في الحديث. و النجاء: السرعة، يقال: نجا ينجو نجاء إذا أسرع و نجا من الامر إذا خلص و أنجى غيره.
5- في بعض النسخ [رادكم محمّد بشر] و راده أي طلبه.
6- أي ليلة الكفّار من هبوب الرياح عليهم و اضطرابهم و حيرتهم و خوفهم و يحتمل أن يكون الغرض بيان شدة حال المسلمين قبل نزول هذا الظفر من البرد و الخوف و الجوع. «آت»
7- يعني السفاح أول خلفاء بني العباس.

ص: 280

فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْكُنَاسَةِ (1) قَالَ هَاهُنَا صُلِبَ عَمِّي زَيْدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ مَضَى حَتَّى انْتَهَى إِلَى طَاقِ الزَّيَّاتِينَ وَ هُوَ آخِرُ السَّرَّاجِينَ فَنَزَلَ وَ قَالَ انْزِلْ فَإِنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ كَانَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ الْأَوَّلَ الَّذِي خَطَّهُ آدَمُ ع وَ أَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَدْخُلَهُ رَاكِباً قَالَ قُلْتُ فَمَنْ غَيَّرَهُ عَنْ خِطَّتِهِ قَالَ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ الطُّوفَانُ فِي زَمَنِ نُوحٍ ع ثُمَّ غَيَّرَهُ أَصْحَابُ كِسْرَى وَ نُعْمَانَ (2) ثُمَّ غَيَّرَهُ بَعْدُ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ- فَقُلْتُ وَ كَانَتِ الْكُوفَةُ وَ مَسْجِدُهَا فِي زَمَنِ نُوحٍ ع فَقَالَ لِي نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ وَ كَانَ مَنْزِلُ نُوحٍ وَ قَوْمِهِ فِي قَرْيَةٍ عَلَى مَنْزِلٍ مِنَ الْفُرَاتِ مِمَّا يَلِي غَرْبِيَّ الْكُوفَةِ قَالَ وَ كَانَ نُوحٌ ع رَجُلًا نَجَّاراً فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيّاً وَ انْتَجَبَهُ وَ نُوحٌ ع أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ سَفِينَةً تَجْرِي عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ قَالَ وَ لَبِثَ نُوحٌ ع فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَهْزَءُونَ بِهِ وَ يَسْخَرُونَ مِنْهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً (3) فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نُوحٍ أَنِ اصْنَعْ سَفِينَةً وَ أَوْسِعْهَا وَ عَجِّلْ عَمَلَهَا فَعَمِلَ نُوحٌ سَفِينَةً فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِيَدِهِ فَأَتَى بِالْخَشَبِ مِنْ بُعْدٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ الْمُفَضَّلُ ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَصَلَّى الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَالْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعِ دَارِ الدَّارِيِّينَ (4) وَ هُوَ مَوْضِعُ دَارِ ابْنِ حَكِيمٍ وَ ذَاكَ فُرَاتٌ الْيَوْمَ فَقَالَ لِي يَا مُفَضَّلُ وَ هَاهُنَا نُصِبَتْ أَصْنَامُ قَوْمِ نُوحٍ ع- يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً ثُمَّ مَضَى حَتَّى رَكِبَ دَابَّتَهُ- فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي كَمْ عَمِلَ نُوحٌ سَفِينَتَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ فِي دَوْرَيْنِ قُلْتُ وَ كَمِ الدَّوْرَيْنِ قَالَ ثَمَانِينَ سَنَةً-


1- هى- بالضم-: محلة بالكوفة مشهورة.
2- يعني النعمان بن المنذر أحد ملوك العرب. «آت»
3- نوح: 25 و 26، «فاجِراً» اى مائلا عن الحق.
4- بالياءين أي العطارين.

ص: 281

قُلْتُ وَ إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ عَمِلَهَا فِي خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَقَالَ كَلَّا كَيْفَ وَ اللَّهُ يَقُولُ- وَ وَحْيِنا (1) قَالَ قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ (2) فَأَيْنَ كَانَ مَوْضِعُهُ وَ كَيْفَ كَانَ فَقَالَ كَانَ التَّنُّورُ فِي بَيْتِ عَجُوزٍ مُؤْمِنَةٍ فِي دُبُرِ قِبْلَةِ مَيْمَنَةِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ زَاوِيَةِ بَابِ الْفِيلِ الْيَوْمَ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ وَ كَانَ بَدْءُ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ ذَلِكَ التَّنُّورِ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَ قَوْمَ نُوحٍ آيَةً ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ يَفِيضُ فَيْضاً وَ فَاضَ الْفُرَاتُ فَيْضاً وَ الْعُيُونُ كُلُّهُنَّ فَيْضاً فَغَرَّقَهُمُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ أَنْجَى نُوحاً وَ مَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ فَقُلْتُ لَهُ كَمْ لَبِثَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ حَتَّى نَضَبَ الْمَاءُ (3) وَ خَرَجُوا مِنْهَا فَقَالَ لَبِثُوا فِيهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيَهَا وَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً ثُمَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ وَ هُوَ فُرَاتُ الْكُوفَةِ (4) فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ قَدِيمٌ فَقَالَ نَعَمْ وَ هُوَ مُصَلَّى الْأَنْبِيَاءِ ع وَ لَقَدْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص حِينَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ ع يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَسْجِدُ أَبِيكَ آدَمَ ع وَ مُصَلَّى الْأَنْبِيَاءِ ع فَانْزِلْ فَصَلِّ فِيهِ فَنَزَلَ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ.

422- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ نُوحاً ص لَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّفِينَةِ وَ كَانَ مِيعَادُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَبِّهِ فِي إِهْلَاكِ


1- هود: 36 و مؤمنون: 27. و لعلّ المراد أن ما أوحاه اللّه تعالى و أمره لا يناسب هذا التأخير.
2- هود: 39 و مؤمنون 27.
3- نضب الماء نضوبا أي غار فى الأرض.
4- لعل المراد قريب من الفرات و يحتمل أن يكون في الأصل قريب الكوفة فصحف إذا قد ورد في الاخبار أنّه نجف الكوفة. «آت»

ص: 282

قَوْمِهِ أَنْ يَفُورَ التَّنُّورُ فَفَارَ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ إِنَّ التَّنُّورَ قَدْ فَارَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَخَتَمَهُ فَقَامَ الْمَاءُ (1) وَ أَدْخَلَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ وَ أَخْرَجَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى خَاتَمِهِ فَنَزَعَهُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (2) قَالَ وَ كَانَ نَجَرَهَا فِي وَسَطِ مَسْجِدِكُمْ وَ لَقَدْ نَقَصَ عَنْ (3) ذَرْعِهِ سَبْعُمِائَةِ ذِرَاعٍ.

423- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ ع وَ هُوَ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ التَّنُّورَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ فَقَامَ إِلَيْهِ مُسْرِعاً حَتَّى جَعَلَ الطَّبَقَ عَلَيْهِ (4) وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ فَقَامَ الْمَاءُ (5) فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّفِينَةِ جَاءَ إِلَى الْخَاتَمِ فَفَضَّهُ وَ كَشَفَ الطَّبَقَ فَفَارَ الْمَاءُ.

424- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَتْ شَرِيعَةُ نُوحٍ ع أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ بِالتَّوْحِيدِ وَ الْإِخْلَاصِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ وَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها وَ أَخَذَ


1- قام الماء: جمد.
2- القمر: 11 الى 13 و قوله تعالى: «فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ» قال البيضاوى: منصب و هو مبالغة و تمثيل كثرة الامطار و شدة انصبابها و قرأ ابن عامر و يعقوب- ففتحنا- بالتشديد لكثرة الأبواب «وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً» و جعلنا الأرض كلها كأنّها عيون منفجرة و اصله و فجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة «فالتقى الماء» ماء السماء و ماء الأرض و قرئ الماءان لاختلاف النوعين و الماوان يقلب الهمزة واوا «على امر قد قدر» على حال قدرها اللّه في الازل من غير تفاوت او على حال قدرت و سويت و هو أن قدر ما انزل على قدر ما اخرج او على امر قدره اللّه و هو هلاك قوم نوح بالطوفان «و حملناه على ذات الواح» ذات اخشاب عريضة «و دسر» و مسامير جمع دسار من الدسر و هو الدفع الشديد و هى صفة للسفينة اقيمت مقامها من حيث انها شرح لها يؤدى مؤداها.
3- لعل الغرض رفع الاستبعاد عن عمل السفينة في المسجد مع ما اشتهر من عظمها أي نقصوا المسجد عما كان عليه في زمن نوح سبعمائة ذراع و يدلّ على أصل النقص أخبار أخر. «آت»
4- أي شيئا ينطبق عليه أو الطبق الذي يؤكل فيه أو الاجر. قال الفيروزآبادي: الطبق- محركة-: غطاء كل شي ء و الطبق أيضا من كل شي ء ما ساواه و الذي يؤكل عليه، و الطابق كهاجر و صاحب الاجر الكبير. «آت»
5- قام الماء: جمد.

ص: 283

اللَّهُ مِيثَاقَهُ عَلَى نُوحٍ ع وَ عَلَى النَّبِيِّينَ ع أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِ أَحْكَامَ حُدُودٍ وَ لَا فَرَضَ مَوَارِيثَ فَهَذِهِ شَرِيعَتُهُ فَلَبِثَ فِيهِمْ نُوحٌ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً يَدْعُوهُمْ سِرّاً وَ عَلَانِيَةً فَلَمَّا أَبَوْا وَ عَتَوْا قَالَ رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (1) فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ إِلَيْهِ- أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ [يَعْمَلُونَ] (2) فَلِذَلِكَ قَالَ نُوحٌ ع- وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً (3) فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ- أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ (4).

425- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ نُوحاً ع لَمَّا غَرَسَ النَّوَى مَرَّ عَلَيْهِ قَوْمُهُ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَ يَسْخَرُونَ وَ يَقُولُونَ قَدْ قَعَدَ غَرَّاساً (5) حَتَّى إِذَا طَالَ النَّخْلُ وَ كَانَ جَبَّاراً طُوَالًا (6) قَطَعَهُ ثُمَّ نَحَتَهُ فَقَالُوا قَدْ قَعَدَ نَجَّاراً ثُمَّ أَلَّفَهُ فَجَعَلَهُ سَفِينَةً فَمَرُّوا عَلَيْهِ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَ يَسْخَرُونَ وَ يَقُولُونَ قَدْ قَعَدَ مَلَّاحاً فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا.

426- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ طُولُ سَفِينَةِ نُوحٍ ع أَلْفَ ذِرَاعٍ وَ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهَا ثَمَانُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَمَانِينَ ذِرَاعاً وَ سَعَتْ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ.

427- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (7) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ


1- مأخوذ من سورة القمر: 10 أي فانتقم لي منهم.
2- هود: 36. و في المصحف «بِما كانُوا يَفْعَلُونَ» و هو من النسّاخ. و قوله تعالى: «فَلا تَبْتَئِسْ» أى لا تغتم و لا تحزن.
3- نوح: 27. «فاجِراً» أى مائلا عن الحق.
4- مؤمنون: 26.
5- لعله بمعنى صار نحو قولهم: جدد شفرته حتّى قعدت كأنّها حربة أي صارت. «آت»
6- الجبار من النخل ما طال. و الطوال- بالضم-: الطويل. «آت» و نحت العود: براه. و الحجر سواه.
7- هو محمّد بن جعفر الأسدى.

ص: 284

الْجُعْفِيِّ وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو وَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: حَمَلَ نُوحٌ ع فِي السَّفِينَةِ الْأَزْوَاجَ الثَّمَانِيَةَ (1) الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ (2) فَكَانَ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ يُرَبِّيهَا النَّاسُ (3) وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الضَّأْنُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْجِبَالِ الْوَحْشِيَّةُ أُحِلَّ لَهُمْ صَيْدُهَا وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ يُرَبِّيهَا النَّاسُ وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الظَّبْيُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَفَاوِزِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ الْبَخَاتِيُّ وَ الْعِرَابُ (4) وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ لِلنَّاسِ وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الْبَقَرُ الْوَحْشِيَّةُ وَ كُلُّ طَيْرٍ طَيِّبٍ وَحْشِيٍّ أَوْ إِنْسِيٍّ ثُمَّ غَرِقَتِ الْأَرْضُ.

428- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ وَ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً.

429- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: عَاشَ نُوحٌ ع أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا ثَمَانُمِائَةٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً (5) قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَ أَلْفُ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً وَ هُوَ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ وَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ بَعْدَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ وَ نَضَبَ الْمَاءُ فَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ وَ أَسْكَنَ وُلْدَهُ الْبُلْدَانَ ثُمَّ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ جَاءَهُ وَ هُوَ فِي الشَّمْسِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ فَرَدَّ عَلَيْهِ نُوحٌ ع قَالَ مَا جَاءَ بِكَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَالَ جِئْتُكَ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ قَالَ دَعْنِي أَدْخُلْ مِنَ الشَّمْسِ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَتَحَوَّلَ ثُمَّ قَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ كُلُّ مَا مَرَّ بِي مِنَ الدُّنْيَا مِثْلُ تَحْوِيلِي (6) مِنَ الشَّمْسِ إِلَى الظِّلِّ فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَقَبَضَ رُوحَهُ ع.


1- قال اللّه تعالى: «قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ» و قرأ حفص «من كل» بالتنوين و الباقون أضافوا و فسرهما المفسرون بالذكر و الأنثى و قالوا على قراءة الثانية: معناه احمل اثنين من كل زوجين أي كل صنف ذكر و صنف انثى و لا يخفى أن تفسيره عليه السلام ينطبق على القراءتين من غير تكلف. «آت»
2- انعام: 143.
3- أي مقيمة عند الناس أهلية غير وحشيّة.
4- البخاتى: الإبل الخراسانيّ و العراب خلافه و الخيل العراب خلاف البراذين.
5- كذا. و الظاهر خمسون.
6- في بعض النسخ [مثل تحولى].

ص: 285

430- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو وَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: عَاشَ نُوحٌ ع بَعْدَ الطُّوفَانِ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ وَ اسْتَكْمَلْتَ أَيَّامَكَ فَانْظُرْ إِلَى الِاسْمِ الْأَكْبَرِ وَ مِيرَاثِ الْعِلْمِ وَ آثَارِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ الَّتِي مَعَكَ فَادْفَعْهَا إِلَى ابْنِكَ سَامٍ فَإِنِّي لَا أَتْرُكُ الْأَرْضَ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ تُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ يُعْرَفُ بِهِ هُدَايَ (1) وَ يَكُونُ نَجَاةً فِيمَا بَيْنَ مَقْبِضِ النَّبِيِّ وَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ الْآخَرِ وَ لَمْ أَكُنْ أَتْرُكُ النَّاسَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لِي وَ دَاعٍ إِلَيَّ وَ هَادٍ إِلَى سَبِيلِي وَ عَارِفٍ بِأَمْرِي فَإِنِّي قَدْ قَضَيْتُ أَنْ أَجْعَلَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِياً أَهْدِي بِهِ السُّعَدَاءَ وَ يَكُونُ حُجَّةً لِي عَلَى الْأَشْقِيَاءِ قَالَ فَدَفَعَ نُوحٌ ع الِاسْمَ الْأَكْبَرَ وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ إِلَى سَامٍ وَ أَمَّا حَامٌ وَ يَافِثُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا عِلْمٌ يَنْتَفِعَانِ بِهِ قَالَ وَ بَشَّرَهُمْ نُوحٌ ع بِهُودٍ ع وَ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْتَحُوا الْوَصِيَّةَ فِي كُلِّ عَامٍ وَ يَنْظُرُوا فِيهَا وَ يَكُونَ عِيداً لَهُمْ (2).

431- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَفْتَرُونَ وَ يَقْذِفُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ (3) فَقَالَ لِي الْكَفُّ عَنْهُمْ أَجْمَلُ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَوْلَادُ بَغَايَا مَا خَلَا شِيعَتَنَا قُلْتُ كَيْفَ لِي بِالْمَخْرَجِ مِنْ هَذَا فَقَالَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ كِتَابُ اللَّهِ الْمُنْزَلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا- أَهْلَ الْبَيْتِ سِهَاماً ثَلَاثَةً فِي جَمِيعِ الْفَيْ ءِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ (4) فَنَحْنُ أَصْحَابُ الْخُمُسِ


1- في بعض النسخ [هواى] أى ما أهواه و أحبّه من الطاعات. «آت»
2- رواه الصدوق في كتاب كمال الدين عن محمّد بن عليّ بن ماجيلويه و محمّد بن موسى بن المتوكل و أحمد بن محمّد بن يحيى جميعا عن محمّد بن يحيى العطّار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمّد بن اورمة عن محمّد بن سنان عن إسماعيل و عبد الكريم معا عن عبد الحميد.
3- أي يقذفونهم بالزنا فأجاب عليه السلام بانه لا ينبغي لهم ترك التقية لكن لكلامهم محمل صدق. قوله: «كيف لي بالمخرج» أي بم أستدل و أحتج على من أنكر هذا. «آت»
4- الأنفال: 40.

ص: 286

وَ الْفَيْ ءِ وَ قَدْ حَرَّمْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مَا خَلَا شِيعَتَنَا وَ اللَّهِ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا مِنْ أَرْضٍ تُفْتَحُ وَ لَا خُمُسٍ يُخْمَسُ فَيُضْرَبُ عَلَى شَيْ ءٍ مِنْهُ إِلَّا كَانَ حَرَاماً عَلَى مَنْ يُصِيبُهُ فَرْجاً كَانَ أَوْ مَالًا وَ لَوْ قَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ لَقَدْ بِيعَ الرَّجُلُ الْكَرِيمَةُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَنْ لَا يَزِيدُ (1) حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَفْتَدِي بِجَمِيعِ مَالِهِ (2) وَ يَطْلُبُ النَّجَاةَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ أَخْرَجُونَا وَ شِيعَتَنَا مِنْ حَقِّنَا ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ وَ لَا حَقٍّ وَ لَا حُجَّةٍ قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (3) قَالَ إِمَّا مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ إِدْرَاكُ ظُهُورِ إِمَامٍ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِهِمْ مَعَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ أَنْ يُصِيبَهُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ هُوَ الْمَسْخُ أَوْ بِأَيْدِينَا وَ هُوَ الْقَتْلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ


1- قال الفاضل الأسترآبادي: المراد أن ما يؤخذ باسم الخراج أو المقاسمة أو الخمس او الضريبة حرام على آخذيه و لو قد ظهر الحق لقد باع الرجل نفسه العزيزة عليه فيمن لا يريد- بالراء بدون نقطة- و في ذكر «لا» هنا مبالغة لطيفة و في اختيار لفظ بيع من باب التفعيل على باع مبالغة اخرى لطيفة انتهى. أقول: لعله قرأ «الكريمة» بالنصب ليكون مفعولا لبيع و جعل «نفسه» عطف بيان للكريمة أو بدلا عنها. و الأظهر أن يقرأ «بيع» على بناء المجهول فالرجل مرفوع به و «الكريمة عليه نفسه» صفة للرجل أي يبيع الامام أو من باذن له الامام أو من أصحاب الخمس و الخراج و الغنائم المخالف الذي تولد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما و في سوق المراد و لا يزيد أحد على ثمنه لهوانه و حقارتهم عندهم. هذا إذا قرئ بالزاء المعجمة كما في أكثر النسخ و بالمهملة أيضا يؤول الى هذا المعنى. «آت»
2- أي ليفك من قيد الرقية فلا يتيسر له ذلك اذ لا يقبل الامام منه ذلك. «آت»
3- التوبة: 52. «تَرَبَّصُونَ» أصله تتربصون حذفت احدى التاءين أي تنتظرون و قوله: «إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ» أى إلّا إحدى العاقبتين اللتين كل منها حسنى العواقب و ذكر المفسرون أن المراد النصرة و الشهادة و لعلّ الخبر محمول على ان ظاهر الآية متوجه الى هولاء و باطنها متوجه الى الشيعة في زمان عدم استيلاء الحق فانهم أيضا بين احدى الحسنيين اما موت على دين الحق و في طاعة اللّه او ادراك ظهور امام و يحتمل أن يكون المراد ان نظير مورد الآية و شبيهه جار في حال الشيعة و ما يقاسون من الشدائد من المخالفين. قوله تعالى: «وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ» اى نحن ننتظر فيكم احدى السوءين ان يصيبكم اللّه بعذاب من عنده اي بقارعة و نازلة من السماء و على تفسيره عليه السلام المسخ او بعذاب بأيدينا و هو القتل في زمن استيلاء الحق فتربصوا ما هو عاقبتنا انا معكم متربصون ما هو عاقبتكم. «آت» و في المصحف «أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ».

ص: 287

لِنَبِيِّهِ ص قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ وَ التَّرَبُّصُ انْتِظَارُ وُقُوعِ الْبَلَاءِ بِأَعْدَائِهِمْ.

432 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قَالَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (1) قَالَ عِنْدَ خُرُوجِ الْقَائِمِ ع وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ (2) قَالَ اخْتَلَفُوا كَمَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي الْكِتَابِ وَ سَيَخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الْقَائِمِ الَّذِي يَأْتِيهِمْ بِهِ حَتَّى يُنْكِرُهُ نَاسٌ كَثِيرٌ فَيُقَدِّمُهُمْ فَيَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (3) قَالَ لَوْ لَا مَا تَقَدَّمَ فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا أَبْقَى الْقَائِمُ ع مِنْهُمْ وَاحِداً (4) وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (5) قَالَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ ع وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (6) قَالَ يَعْنُونَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ (7) قَالَ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ ع ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ.


1- ص: 86 الى 88. قوله: «متكلفين» أي متصنعين.
2- هود: 111. أى فآمن به قوم و كفر به قوم كما في القرآن.
3- الشورى: 21.
4- «لو لا ما تقدم فيهم» أي بأنّه سيجزيهم يوم القيامة أو يولد منهم أولاد مؤمنون لقتلهم القائم عليه السلام أجمعين و يحتمل أن يكون «ما أبقى القائم عليه السلام» بيانا لما تقدم فيهم أي لو لا أن قدر اللّه أن يكون قتلهم على يد القائم عليه السلام لاهلكهم اللّه و عذبهم قبل ذلك و لم يمهلهم و لكن لا تخلو من بعد. «آت»
5- المعارج: 26. يوم الدين أي يوم الجزاء.
6- أنعام: 22.
7- الإسراء: 81. و الزهوق: البطلان.

ص: 288

433- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (1) فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يُسَلَّطُ وَ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَى بَدَنِهِ وَ لَا يُسَلَّطُ عَلَى دِينِهِ قَدْ سُلِّطَ عَلَى أَيُّوبَ ع فَشَوَّهَ خَلْقَهُ وَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى دِينِهِ وَ قَدْ يُسَلَّطُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ وَ لَا يُسَلَّطُ عَلَى دِينِهِمْ قُلْتُ قَوْلُهُ تَعَالَى- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (2) قَالَ الَّذِينَ هُمْ بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ يُسَلَّطُ عَلَى أَبْدَانِهِمْ وَ عَلَى أَدْيَانِهِمْ.

434- عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع- الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَ نَحْنُ عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَقَالَ يَا فُضَيْلُ هَكَذَا كَانَ يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَعْرِفُونَ حَقّاً وَ لَا يَدِينُونَ دِيناً يَا فُضَيْلُ انْظُرْ إِلَيْهِمْ مُكِبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقٍ مَسْخُورٍ بِهِمْ مُكِبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ (3) ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) يَعْنِي وَ اللَّهِ عَلِيّاً ع وَ الْأَوْصِيَاءَ ع ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (5) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا فُضَيْلُ لَمْ يَتَسَمَّ بِهَذَا الِاسْمِ غَيْرُ عَلِيٍّ ع إِلَّا مُفْتَرٍ كَذَّابٌ إِلَى يَوْمِ الْبَأْسِ هَذَا أَمَا وَ اللَّهِ يَا فُضَيْلُ مَا لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ حَاجٌّ غَيْرَكُمْ وَ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا لَكُمْ وَ لَا يَتَقَبَّلُ إِلَّا مِنْكُمْ وَ إِنَّكُمْ لَأَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ


1- النحل: 98، 99. أى أنّه لا يقدر على إكراه المؤمنين على الكفر و المعاصى.
2- النحل: 100. قيل: الضمير راجع إلى الرب و قيل: إلى الشيطان أي بسببه و الأول أظهر. «آت»النحل: 100. قيل: الضمير راجع إلى الرب و قيل: إلى الشيطان أي بسببه و الأول أظهر. «آت»
3- «مسخور بهم» أي مسخّرون كالبهائم، مستعمرون للاجانب و لا يدرون ما بهم و لا يشعرون. «مكبين على وجوههم» أي يعثرون كل ساعة على وجوههم و هو كناية عن شدة تحيرهم و ترددهم و غفلتهم و عدم ثباتهم. و في بعض النسخ [مسخوا بهم].
4- الملك: 23. «سَوِيًّا» أى سالما من العثار.
5- الملك: 28 «زُلْفَةً» أى ذا زلفة و قرب.

ص: 289

ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (1) يَا فُضَيْلُ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ تُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَ تَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ثُمَّ قَرَأَ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (2) أَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ.

435- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ بِظُلْمِهِ وَ سُوءِ سِيرَتِهِ- وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (3).

436- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّوَاغِيتُ. (4)

437- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ (5)


1- النساء: 31. «مُدْخَلًا» اسم مكان اي الجنّة أو مصدر أي إدخالا مع كرامة.
2- النساء: 77. «كُفُّوا» أى امسكوا عن قتال الكفّار فانى لم آمر بقتالهم.
3- البقرة: 205. و في بعض النسخ [بظلمه و سوء سريرته].
4- البقرة: 257. و سهل بن زياد ضعيف ضعّفه جماعة من الاصحاب.
5- محمّد بن سنان أبو جعفر الزاهري من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعيّ و كان أبو عبد اللّه بن عيّاش يقول: حدّثنا أبو عيسى محمّد بن أحمد بن سنان قال: هو محمّد بن الحسن بن سنان مولى زاهر توفى أبوه الحسن و هو طفل و كفله جده سنان فنسب إليه و قال ابن الغضائري: أبو جعفر الهمدانيّ مولاهم هذا أصح ما نسب إليه. و في «صه» و اختلف علماؤنا في شأنه فالمفيد- ره- قال: إنّه ثقة و اما الشيخ الطوسيّ- ره- ضعّفه و كذا النجاشيّ و قال ابن الغضائري: انه ضعيف غال لا يلتفت إليه إلخ و في «جش» و ذكر أبو عمرو في رجاله قال أبو الحسن عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ: قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان: لا أحبّ لكم أن ترووا أحاديث محمّد بن سنان و ذكر أيضا أنه وجد بخط أبي عبد اللّه الشاذاني إنّي سمعت العاصمي يقول: إن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى الأسدى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمّد ابن سنان فقال صفوان: هذا ابن سنان لقد هم ان يطير غير مرة فقصصناه حتّى ثبت معنا و هذا يدلّ على اضطراب كان و زال انتهى و قد مر أن ابن الغضائري قال: إنّه ضعيف غال لا يلتفت إليه و في «صه» و الوجه عندي التوقف فيما يرويه فان الفضل بن شاذان رحمه اللّه تعالى قال في بعض كتبه: أن من الكذابين المشهورين ابن سنان و ليس بعبد اللّه و دفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان فقال: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمّد بن سنان و لكن لا أروى لكم عنه شيئا فانه قال قبل موته: كلما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية و إنّما وجدته و نقل عنه أشياء أخر رديّة ذكرناها في كتابنا الكبير و مات سنة عشرين و مائتين انتهى.

ص: 290

عَنْ أَبِي جَرِيرٍ الْقُمِّيِّ وَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ فِي نُسْخَةٍ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ ...

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ- مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

438- مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَ آخِرُهَا وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ آيَتَيْنِ بَعْدَهَا (1).

439- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (2) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقْرَأُ- وَ زُلْزِلُوا ثُمَّ زُلْزِلُوا- حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ (3).

440- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ بِوَلَايَةِ الشَّيَاطِينِ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ (4) وَ يَقْرَأُ أَيْضاً- سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ


1- أي ذكر آيتين بعدها و عدهما من آية الكرسيّ فاطلاق آية الكرسيّ عليها على إرادة الجنس و تكون ثلاث آيات كما يدلّ عليه بعض الأخبار. «آت»
2- الظاهر أنّه كان عن بكر بن محمّد فزيد فيه «أبى» من النسّاخ «آت» و السند مجهول.
3- البقرة: 214.
4- البقرة: 102.

ص: 291

مَنْ جَحَدَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ وَ مِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ- وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (1).

441- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَيْضِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَمْرَضُ مِنَّا الْمَرِيضُ فَيَأْمُرُ الْمُعَالِجُونَ بِالْحِمْيَةِ (2) فَقَالَ لَكِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَحْتَمِي إِلَّا مِنَ التَّمْرِ وَ نَتَدَاوَى بِالتُّفَّاحِ وَ الْمَاءِ الْبَارِدِ قُلْتُ وَ لِمَ تَحْتَمُونَ مِنَ التَّمْرِ قَالَ لِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ حَمَى عَلِيّاً ع مِنْهُ فِي مَرَضِهِ.

442- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا تَنْفَعُ الْحِمْيَةُ لِمَرِيضٍ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ.

443- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: لَيْسَ الْحِمْيَةَ أَنْ تَدَعَ الشَّيْ ءَ أَصْلًا لَا تَأْكُلَهُ وَ لَكِنَّ الْحِمْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ الشَّيْ ءِ وَ تُخَفِّفَ.

444- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْمَشْيَ لِلْمَرِيضِ نُكْسٌ (3) إِنَّ أَبِي ع كَانَ إِذَا اعْتَلَّ جُعِلَ فِي ثَوْبٍ فَحُمِلَ لِحَاجَتِهِ يَعْنِي الْوُضُوءَ وَ ذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الْمَشْيَ لِلْمَرِيضِ نُكْسٌ.

445- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ الشَّمْسَ طَالِعَةٌ عَلَى رَأْسِي دُونَ جَسَدِي فَقَالَ تَنَالُ أَمْراً جَسِيماً وَ نُوراً سَاطِعاً وَ دِيناً شَامِلًا فَلَوْ غَطَّتْكَ لَانْغَمَسْتَ فِيهِ وَ لَكِنَّهَا غَطَّتْ رَأْسَكَ أَ مَا قَرَأْتَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَتْ (4)


1- البقرة: 211. و قوله عليه السلام: «فمنهم من آمن إلخ» ذكره توضيحا و تفسيرا للآية.
2- الحمية- بالكسر-: ما حمى من الشي ء و منع المريض عما يضرّه. يقال: المعدة بيت الداء و الحمية رأس كل دواء.
3- نكس المريض: عاوده المرض.
4- أنعام: 78. و بزغت الشمس بزغا و بزوغا: شرقت. و بازغة أي طالعة.

ص: 292

تَبَرَّأَ مِنْهَا إِبْرَاهِيمُ ع قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الشَّمْسَ خَلِيفَةٌ أَوْ مُلْكٌ فَقَالَ مَا أَرَاكَ تَنَالُ الْخِلَافَةَ وَ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِكَ وَ أَجْدَادِكَ مُلْكٌ (1) وَ أَيُّ خِلَافَةٍ وَ مُلُوكِيَّةٍ أَكْبَرُ مِنَ الدِّينِ وَ النُّورِ تَرْجُو بِهِ دُخُولَ الْجَنَّةِ إِنَّهُمْ يَغْلَطُونَ قُلْتُ صَدَقْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ.

446- عَنْهُ (2) عَنْ رَجُلٍ رَأَى كَأَنَّ الشَّمْسَ طَالِعَةٌ عَلَى قَدَمَيْهِ دُونَ جَسَدِهِ قَالَ مَالٌ يَنَالُهُ نَبَاتٌ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ بُرٍّ أَوْ تَمْرٍ يَطَؤُهُ بِقَدَمَيْهِ وَ يَتَّسِعُ فِيهِ وَ هُوَ حَلَالٌ إِلَّا أَنَّهُ يَكُدُّ فِيهِ كَمَا كَدَّ آدَمُ ع (3).

447- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّائِغِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ عِنْدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَجِيبَةً فَقَالَ لِي يَا ابْنَ مُسْلِمٍ هَاتِهَا فَإِنَّ الْعَالِمَ بِهَا جَالِسٌ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فَقُلْتُ رَأَيْتُ كَأَنِّي دَخَلْتُ دَارِي وَ إِذَا أَهْلِي قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ فَكَسَّرَتْ جَوْزاً كَثِيراً وَ نَثَرَتْهُ عَلَيَّ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْتَ رَجُلٌ تُخَاصِمُ وَ تُجَادِلُ لِئَاماً (4) فِي مَوَارِيثِ أَهْلِكَ فَبَعْدَ نَصَبٍ شَدِيدٍ تَنَالُ حَاجَتَكَ مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَصَبْتَ وَ اللَّهِ يَا أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ عِنْدِهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي كَرِهْتُ تَعْبِيرَ هَذَا النَّاصِبِ فَقَالَ يَا ابْنَ مُسْلِمٍ لَا يَسُؤْكَ اللَّهُ فَمَا يُوَاطِي تَعْبِيرُهُمْ تَعْبِيرَنَا وَ لَا تَعْبِيرُنَا تَعْبِيرَهُمْ وَ لَيْسَ التَّعْبِيرُ كَمَا عَبَّرَهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَوْلُكَ أَصَبْتَ وَ تَحْلِفُ عَلَيْهِ وَ هُوَ مُخْطِئٌ قَالَ نَعَمْ حَلَفْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَصَابَ الْخَطَأَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَمَا تَأْوِيلُهَا قَالَ يَا ابْنَ مُسْلِمٍ إِنَّكَ تَتَمَتَّعُ بِامْرَأَةٍ فَتَعْلَمُ بِهَا أَهْلُكَ فَتُمَزِّقُ عَلَيْكَ ثِيَاباً جُدُداً فَإِنَّ الْقِشْرَ كِسْوَةُ اللُّبِّ قَالَ ابْنُ مُسْلِمٍ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَ تَعْبِيرِهِ وَ تَصْحِيحِ الرُّؤْيَا إِلَّا صَبِيحَةُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا كَانَ غَدَاةُ الْجُمُعَةِ أَنَا جَالِسٌ بِالْبَابِ إِذْ مَرَّتْ بِي جَارِيَةٌ


1- يظهر منه أن تعبير الرؤيا يختلف باختلاف الاشخاص و يحتمل أن يكون الغرض بيان خطاء أصل تعبيرهم بان ذلك غير محتمل لا أن هذا غير مستقيم في خصوص تلك المادة. «آت»
2- الضمير راجع إلى ابن أذينة و يحتمل الإرسال. «آت»
3- الكد: الشدة و الالحاح و الطلب.
4- في بعض النسخ [أياما].

ص: 293

فَأَعْجَبَتْنِي فَأَمَرْتُ غُلَامِي فَرَدَّهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا دَارِي فَتَمَتَّعْتُ بِهَا فَأَحَسَّتْ بِي وَ بِهَا أَهْلِي فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا الْبَيْتَ فَبَادَرَتِ الْجَارِيَةُ نَحْوَ الْبَابِ وَ بَقِيتُ أَنَا فَمَزَّقَتْ عَلَيَّ ثِيَاباً جُدُداً كُنْتُ أَلْبَسُهَا فِي الْأَعْيَادِ وَ جَاءَ مُوسَى الزَّوَّارُ الْعَطَّارُ (1) إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي رَأَيْتُ صِهْراً لِي مَيِّتاً وَ قَدْ عَانَقَنِي وَ قَدْ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَدِ اقْتَرَبَ فَقَالَ يَا مُوسَى تَوَقَّعِ الْمَوْتَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَإِنَّهُ مُلَاقِينَا وَ مُعَانَقَةُ الْأَمْوَاتِ لِلْأَحْيَاءِ أَطْوَلُ لِأَعْمَارِهِمْ فَمَا كَانَ اسْمُ صِهْرِكَ قَالَ حُسَيْنٌ فَقَالَ أَمَا إِنَّ رُؤْيَاكَ تَدُلُّ عَلَى بَقَائِكَ وَ زِيَارَتِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عَانَقَ سَمِيَّ الْحُسَيْنِ يَزُورُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

448- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَتَى إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي خَارِجٌ مِنْ مَدِينَةِ الْكُوفَةِ فِي مَوْضِعٍ أَعْرِفُهُ وَ كَأَنَّ شَبَحاً مِنْ خَشَبٍ أَوْ رَجُلًا مَنْحُوتاً (2) مِنْ خَشَبٍ عَلَى فَرَسٍ مِنْ خَشَبٍ يُلَوِّحُ بِسَيْفِهِ (3) وَ أَنَا أُشَاهِدُهُ فَزِعاً مَرْعُوباً فَقَالَ لَهُ ع أَنْتَ رَجُلٌ تُرِيدُ اغْتِيَالَ رَجُلٍ فِي مَعِيشَتِهِ (4) فَاتَّقِ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَكَ ثُمَّ يُمِيتُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أُوتِيتَ عِلْماً وَ اسْتَنْبَطْتَهُ مِنْ مَعْدِنِهِ أُخْبِرُكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَمَّا [قَدْ] فَسَّرْتَ لِي إِنَّ رَجُلًا مِنْ جِيرَانِي جَاءَنِي وَ عَرَضَ عَلَيَّ ضَيْعَتَهُ فَهَمَمْتُ أَنْ أَمْلِكَهَا بِوَكْسٍ كَثِيرٍ (5) لِمَا عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ غَيْرِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ صَاحِبُكَ يَتَوَلَّانَا وَ يَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّنَا فَقَالَ نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ رَجُلٌ جَيِّدُ الْبَصِيرَةِ مُسْتَحْكِمُ الدِّينِ وَ أَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَيْكَ مِمَّا هَمَمْتُ بِهِ وَ نَوَيْتُهُ فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ كَانَ نَاصِباً حَلَّ لِي اغْتِيَالُهُ فَقَالَ أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَ أَرَادَ مِنْكَ النَّصِيحَةَ وَ لَوْ إِلَى قَاتِلِ الْحُسَيْنِ ع.


1- الظاهر أنّه أيضا من كلام محمّد بن مسلم و كأنّ الزوار كان لقب موسى «آت»
2- الترديد من الراوي. «آت» و قوله: «رجلا منحوتا» من النحت يعنى تراشيده شده از چوب.
3- يقال: لوح بسيفه- على بناء التفعيل- أى لمع به. «آت»
4- أي إهلاكه خدعة بسبب سلب معيشته.
5- الوكس- كالوعد-: النقصان.

ص: 294

449- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: قُمْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَاعْتَمَدْتُ عَلَى يَدِي فَبَكَيْتُ فَقَالَ مَا لَكَ فَقُلْتُ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُدْرِكَ هَذَا الْأَمْرَ وَ بِيَ قُوَّةٌ فَقَالَ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنَّ عَدُوَّكُمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ أَنْتُمْ آمِنُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّهُ لَوْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ أُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَ جُعِلَتْ قُلُوبُكُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ (1) لَوْ قُذِفَ بِهَا الْجِبَالَ لَقَلَعَتْهَا وَ كُنْتُمْ قُوَّامَ الْأَرْضِ وَ خُزَّانَهَا (2).

450- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ سُفْيَانَ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ هُوَ يَقُولُ وَ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ تَفَرَّجِي تَضَيَّقِي وَ تَضَيَّقِي تَفَرَّجِي (3) ثُمَّ قَالَ هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ وَ نَجَا الْمُقَرَّبُونَ وَ ثَبَتَ الْحَصَى عَلَى أَوْتَادِهِمْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً حَقّاً إِنَّ بَعْدَ الْغَمِّ فَتْحاً عَجَباً.


1- قال الجوهريّ: الزبرة: القطعة من الحديد و الجمع زبر- بالضم-.
2- «قوام الخلق» أي القائمين بأمور الخلق و الحكام عليهم في الأرض. و قوله: «و خزانها» أى يجعل الامام ضبط أموال المسلمين في أيديكم. و في بعض النسخ [و جيرانها] أى تجيرون الناس من الظلم و تنصرونهم. «آت»
3- «و شبك بين أصابعه» بأن أدخل أصابع إحدى اليدين في الآخر و كان يدخلها إلى أصول الأصابع ثمّ يخرجها إلى رءوسها تشبيها لتضييق الدنيا و تفرجها بهاتين الحالتين «آت». و قوله عليه السلام: «تفرجى تضيقى و تضيقى تفرجى» يعنى من كان في الدنيا يختلف عليه الأحوال فربما يكون في فرج و ربما يكون في ضيق قال اللّه سبحانه: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» فالحزم أن لا يستعجل الفرج من كان في الضيق بل يصبر حتّى يأتي اللّه له بالفرج لانه في الضيق يتوقع الفرج و في الفرج يخاف الضيق. قوله: «و المقربون» على صيغة الفاعل من التقريب هم الذين يعدون الفرج قريبا كما قال اللّه سبحانه: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً» و إنّما نجوا لتيقنهم بمجيئه و انشراح صدورهم بنور اليقين و قوله: «و ثبت الحصى على أوتادهم كأنّه كناية عن استقامة امرهم و ثباته. «فى» و قوله: «هلكت المحاضير» أي المستعجلون للفرج قبل أوانه و قد مر تفسيره. «آت»

ص: 295

451- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُيَسِّرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَا مُيَسِّرُ كَمْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ قِرْقِيسَا (1) قُلْتُ هِيَ قَرِيبٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بِهَا وَقْعَةٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ مَأْدُبَةٌ لِلطَّيْرِ (2) تَشْبَعُ مِنْهَا سِبَاعُ الْأَرْضِ وَ طُيُورُ السَّمَاءِ يُهْلَكُ فِيهَا قَيْسٌ وَ لَا يَدَّعِي لَهَا دَاعِيَةٌ (3) قَالَ وَ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ وَ زَادَ فِيهِ وَ يُنَادِي مُنَادٍ هَلُمُّوا إِلَى لُحُومِ الْجَبَّارِينَ (4).

452- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

453- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا شِهَابُ يَكْثُرُ الْقَتْلُ فِي أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى يُدْعَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِلَى الْخِلَافَةِ فَيَأْبَاهَا ثُمَّ قَالَ يَا شِهَابُ وَ لَا تَقُلْ إِنِّي عَنَيْتُ بَنِي عَمِّي (5) هَؤُلَاءِ قَالَ شِهَابٌ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ عَنَاهُمْ.

454- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمَّا صَنَعُوا مَا صَنَعُوا إِذْ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ لَمْ يُمْنَعْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى نَفْسِهِ إِلَّا نَظَراً لِلنَّاسِ وَ


1- في بعض النسخ [قرقيسيا].
2- أي تكون هذه البلدة لكثرة لحوم القتلى فيها مأدبة للطيور.
3- «يهلك فيها قيس» أي قبيلة بنى قيس و هي بطن من أسد. «و لا تدعى» على بناء المجهول أي لا يدعو أحد لنصر تلك القبيلة نفسا أو فئة تدعو الناس إلى نصرهم أو تشفع عند القاتلين و تدعوهم إلى رفع القتل عنهم و يمكن أن يقرأ بتشديد الدال على بناء المعلوم أي لا تدعى بعد قتلهم فئة تقوم و تطلب ثارهم و تدعوا الناس إلى ذلك. «آت»
4- هلموا نداء للطيور و السباع. «آت»
5- أي بنى الحسن او بني العباس و ما حمل شهاب كلامه عليه من التقية يؤيد الثاني و لكن ما ذكره عليه السلام من كثرة القتل كان في بنى الحسن أظهر و إن كان وقع في بني العباس أيضا في أواخر دولتهم. «آت»

ص: 296

تَخَوُّفاً عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ (1) فَيَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ وَ لَا يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص وَ كَانَ الْأَحَبَّ إِلَيْهِ أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى مَا صَنَعُوا مِنْ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنْ جَمِيعِ الْإِسْلَامِ وَ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ رَكِبُوا مَا رَكِبُوا فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَصْنَعْ ذَلِكَ وَ دَخَلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ وَ لَا عَدَاوَةٍ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُكْفِرُهُ وَ لَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ- وَ لِذَلِكَ كَتَمَ عَلِيٌّ ع أَمْرَهُ وَ بَايَعَ مُكْرَهاً حَيْثُ لَمْ يَجِدْ أَعْوَاناً.

455- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّ النَّاسَ يَفْزَعُونَ إِذَا قُلْنَا إِنَّ النَّاسَ ارْتَدُّوا فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ إِنَّ النَّاسَ عَادُوا بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ إِنَّ الْأَنْصَارَ اعْتَزَلَتْ فَلَمْ تَعْتَزِلْ بِخَيْرٍ (2) جَعَلُوا يُبَايِعُونَ سَعْداً وَ هُمْ يَرْتَجِزُونَ ارْتِجَازَ الْجَاهِلِيَّةِ (3) يَا سَعْدُ أَنْتَ الْمُرَجَّى وَ شَعْرُكَ الْمُرَجَّلُ وَ فَحْلُكَ الْمُرَجَّمُ.

456- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ وَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَكَرِيَّا النَّقَّاضِ (4) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ النَّاسُ صَارُوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَنْزِلَةِ مَنِ اتَّبَعَ هَارُونَ ع وَ مَنِ اتَّبَعَ الْعِجْلَ وَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَعَا فَأَبَى عَلِيٌّ ع (5) إِلَّا الْقُرْآنَ


1- أي عن ظاهر الإسلام و التكلم بالشهادتين فابقاؤهم على ظاهر الإسلام كان صلاحا للامة ليكون لهم طريق إلى قبول الحق و إلى الدخول في الايمان. «آت»
2- أي لم يكن اعتزالهم لاختيار الحق او لترك الباطل بل اختاروا باطلا مكان باطل آخر للحمية و العصبيّة. «آت»
3- قال الفيروزآبادي: الرجز- بالتحريك-: ضرب من الشعر وزنه مستفعلن ست مرات سمى به لتقارب أجزائه و قلة حروفه و زعم الخليل أنّه ليس بشعر و انما هو أنصاف أبيات و أثلاث. و قوله: «انت المرجى»- بالتشديد- من الرجاء. قوله: «و فحلك المرجم» أي خصمك مرجوم مطرود. «آت»
4- هو زكريا بن عبد اللّه النقاض أبو يحيى.
5- كذا. أى دعا عليّا عليه السلام إلى موافقته أو جميع الناس إلى بيعته و متابعته و موافقته فلم يعمل أمير المؤمنين في زمانه الا بالقرآن و لم يوافقه. «آت»

ص: 297

وَ إِنَّ عُمَرَ دَعَا فَأَبَى عَلِيٌّ ع إِلَّا الْقُرْآنَ وَ إِنَّ عُثْمَانَ دَعَا فَأَبَى عَلِيٌّ ع إِلَّا الْقُرْآنَ وَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ إِلَّا سَيَجِدُ مَنْ يُبَايِعُهُ وَ مَنْ رَفَعَ رَايَةَ ضَلَالَةٍ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ.

حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

457- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلَمَةَ اللُّؤْلُؤِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامُ سَلْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ أَخْطَأَ أَمَّا إِسْلَامُ سَلْمَانَ فَقَدْ عَرَفْتُهُ فَأَخْبِرْنِي بِإِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ فِي بَطْنِ مَرٍّ (1) يَرْعَى غَنَماً لَهُ فَأَتَى ذِئْبٌ عَنْ يَمِينِ غَنَمِهِ فَهَشَّ بِعَصَاهُ عَلَى الذِّئْبِ فَجَاءَ الذِّئْبُ عَنْ شِمَالِهِ فَهَشَّ عَلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ مَا رَأَيْتُ ذِئْباً أَخْبَثَ مِنْكَ وَ لَا شَرّاً فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ شَرٌّ وَ اللَّهِ مِنِّي أَهْلُ مَكَّةَ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِمْ نَبِيّاً فَكَذَّبُوهُ وَ شَتَمُوهُ فَوَقَعَ فِي أُذُنِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَلُمِّي مِزْوَدِي (2) وَ إِدَاوَتِي وَ عَصَايَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَى رِجْلَيْهِ يُرِيدُ مَكَّةَ لِيَعْلَمَ خَبَرَ الذِّئْبِ وَ مَا أَتَاهُ بِهِ حَتَّى بَلَغَ مَكَّةَ فَدَخَلَهَا فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ وَ قَدْ تَعِبَ وَ نَصِبَ فَأَتَى زَمْزَمَ وَ قَدْ عَطِشَ فَاغْتَرَفَ دَلْواً فَخَرَجَ لَبَنٌ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ هَذَا وَ اللَّهِ يَدُلُّنِي عَلَى أَنَّ مَا خَبَّرَنِي الذِّئْبُ وَ مَا جِئْتُ لَهُ حَقٌّ فَشَرِبَ وَ جَاءَ إِلَى جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَرَآهُمْ يَشْتِمُونَ النَّبِيَّ ص كَمَا قَالَ الذِّئْبُ فَمَا زَالُوا فِي ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ النَّبِيِّ ص وَ الشَّتْمِ لَهُ حَتَّى جَاءَ أَبُو طَالِبٍ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كُفُّوا فَقَدْ جَاءَ عَمُّهُ قَالَ فَكَفُّوا فَمَا زَالَ يُحَدِّثُهُمْ وَ يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى كَانَ آخِرُ النَّهَارِ ثُمَّ قَامَ وَ قُمْتُ عَلَى أَثَرِهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ اذْكُرْ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ هَذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ أُومِنُ


1- «بطن مر» هو- بفتح الميم و تشديد الراء- موضع على مرحلة من مكّة. «آت»
2- هلم بمعنى تعال و يستوى فيه الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث و أهل نجد يصرفونها فتقولون: هلما و هلموا و هلمى. و المزود: ما يجعل فيه الزاد. «القاموس»

ص: 298

بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ أَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ فَقَالَ وَ تَفْعَلُ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَتَعَالَ غَداً فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَيَّ حَتَّى أَدْفَعَكَ إِلَيْهِ قَالَ بِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ جَلَسْتُ مَعَهُمْ فَمَا زَالُوا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ ص وَ شَتْمِهِ حَتَّى إِذَا طَلَعَ أَبُو طَالِبٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمْسِكُوا فَقَدْ جَاءَ عَمُّهُ فَأَمْسَكُوا فَمَا زَالَ يُحَدِّثُهُمْ حَتَّى قَامَ فَتَبِعْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ اذْكُرْ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْتُ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ أَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ قَالَ وَ تَفْعَلُ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ قُمْ مَعِي فَتَبِعْتُهُ فَدَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ حَمْزَةُ ع فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ لِي مَا حَاجَتُكَ فَقُلْتُ هَذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ فَقَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ قُلْتُ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ أَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ فَقَالَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَشَهِدْتُ قَالَ فَدَفَعَنِي حَمْزَةُ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ جَعْفَرٌ ع فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ ع مَا حَاجَتُكَ فَقُلْتُ هَذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ فَقُلْتُ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ أَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ فَقَالَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَشَهِدْتُ فَدَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ عَلِيٌّ ع فَسَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَقُلْتُ هَذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ قُلْتُ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ أَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ فَقَالَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَشَهِدْتُ فَدَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَسَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص مَا حَاجَتُكَ قُلْتُ النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ قُلْتُ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ وَ لَا يَأْمُرُنِي بِشَيْ ءٍ إِلَّا أَطَعْتُهُ فَقَالَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَبَا ذَرٍّ انْطَلِقْ إِلَى بِلَادِكَ فَإِنَّكَ تَجِدُ ابْنَ عَمٍّ لَكَ قَدْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُكَ فَخُذْ مَالَهُ وَ أَقِمْ عِنْدَ أَهْلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُنَا قَالَ فَرَجَعَ أَبُو ذَرٍّ فَأَخَذَ الْمَالَ وَ أَقَامَ عِنْدَ أَهْلِهِ حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَذَا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَ إِسْلَامِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَمَّا حَدِيثُ

ص: 299

سَلْمَانَ (1) فَقَدْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ سَلْمَانَ فَقَالَ قَدْ سَمِعْتَهُ وَ لَمْ يُحَدِّثْهُ لِسُوءِ أَدَبِهِ.

458- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ (2) أَسَرَتْهُ خَيْلُ النَّبِيِّ ص وَ قَدْ


1- حديث إسلام سلمان- رضي اللّه عنه- رواه الصدوق- رحمه اللّه- في كتاب كمال الدين مفصلا عن موسى بن جعفر عليه السلام و أورده صاحب الوافي في روضة الوافي أبواب القصص باب قصة سلمان- رضي اللّه عنه- فليراجع.
2- قال ابن عبد البرّ القرطبيّ في الاستيعاب: ثمامة بن أثال الحنفيّ سيد أهل اليمامة روى حديثه أبو هريرة، ذكره عبد الرزاق عن عبيد اللّه ابني عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن ثمامة الحنفيّ اسر، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم: ما عندك يا ثمامة؟ قال: إن تقتل تقتل ذا دم و إن تمنن تمنن على شاكر و إن ترد المال تعط ما شئت، قال: فغدا عليه يوما فقال له مثل ذلك و أسلم فأمره النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم أن يغتسل؛ و روى عمارة بن غزية عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: خرج ثمامة بن أثال الحنفيّ معتمرا فظفرت به خيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بنجد فجاءوا به فأصبح مربوطا باسطوانة عند باب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فرآه فعرفه فقال: ما تقول يا ثمام؟ قال: إن تسأل مالا تعطه و إن تقتل تقتل ذا دم و إن تنعم تنعم على شاكر فمضى عنه و هو يقول: اللّهمّ إن أكلة من لحم جزور أحبّ إلى من دم ثمامة ثمّ كرّ عليه فقال: ما تقول يا تمام؟ فقال ان تسأل مالا تعطه و ان تقتل تقتل ذا دم و ان تنعم تنعم على شاكر فدخل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم و هو يقول: اللّهمّ ان أكلة من لحم جزور أحبّ الى من دم ثمامة، ثمّ خرج فقال: ما تقول يا ثمام؟ قال: ان تسأل مالا تعطه و ان تقتل تقتل ذا دم و ان تنعم تنعم على شاكر قال اللّهمّ ان أكلة من لحم جزور أحبّ الى من دم ثمامة، ثمّ أمر به فأطلق فذهب ثمامة الى المصانع فغسل ثيابه و اغتسل، ثمّ جاء الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فأسلم و شهد شهادة الحق و قال: يا رسول اللّه ان خيلك أخذتنى و أنا أريد العمرة فمر من يسيرنى الى الطريق فأمر من يسيره فخرج حتى إذا قدم مكّة فلما سمع به المشركون جاءوه فقالوا: يا ثمامة صبوت و تركت دين آبائك؟ قال لا أدرى ما تقولون الا أنى أقسمت برب هذه البنية لا يصل اليكم من اليمامة شى ء ممّا تنتفعون به حتى تتبعوا محمّدا من آخركم قال: و كانت ميرة قريش و منافعهم من اليمامة، ثمّ خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم و منافعهم فلما أضربهم كتبوا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ان عهدنا بك و أنت تأمر بصلة الرحم و تحض عليها و ان ثمامة قد قطع عنا ميرتنا و أضربنا فان رأيت أن تكتب إليه ان يخلى بيننا و بين ميرتنا فافعل فكتب إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أن خل بين قومي و بين ميرتهم. و كان ثمامة حين أسلم قال: يا رسول اللّه و اللّه لقد قدمت عليك و ما على الأرض وجه أبغض الى من وجهك و لا دين أبغض الى من دينك و لا بلد أبغض الى من بلدك و ما أصبح على الأرض وجه أحبّ الى من وجهك و لا دين أحبّ الى من دينك و لا بلد أحب الى من بلدك، و قال محمّد بن إسحاق ارتد أهل اليمامة عن الإسلام غير ثمامة بن أثال و من اتبعه من قومه فكان مقيما باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة و تصديقه و يقول إيّاكم و أمرا مظلما لا نور فيه و انه لشقاء كتبه اللّه عزّ و جلّ على من اخذ به منكم و بلاء على من لم يأخذ به منكم يا بنى حنيفة فلما عصوه و رأى أنهم قد اصفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم و مر العلاء بن الحضرمى و من معه على جانب اليمامة فلما بلغه ذلك قال لاصحابه من المسلمين: انى و اللّه ما أرى أن أقيم مع هؤلاء مع ما قد احدثوا و ان اللّه تعالى لضاربهم ببلية لا يقومون بها و لا يقعدون و ما نرى أن نتخلف عن هؤلاء و هم مسلمون و قد عرفنا الذي يريدون و قد مروا قريبا و لا أرى الا الخروج اليهم فمن أراد الخروج منكم فليخرج فخرج ممدا للعلاء بن الحضرمى و معه أصحابه من المسلمين فكان ذلك قد فت في أعضاد عدوهم حين بلغهم مدد بنى حنيفة و قال ثمامة بن أثال في ذلك: دعانا إلى ترك الديانة و الهدى مسيلمة الكذاب إذ جاء يسجع فيا عجبا من معشر قد تتابعواله في سبيل الغى و الغى أشنع في أبيات كثيرة ذكرها ابن إسحاق في الردة و آخرها: و في البعد عن دار و قد ضل أهلهاهدى و اجتماع كل ذلك مهيع و روى ابن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة نحو حديث عمارة بن غزية و لم يذكر الشعر و بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فرات بن حيان الى ثمامة بن أثال في قتال مسيلمة و قتله. انتهى.

ص: 300

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُمَّ أَمْكِنِّي مِنْ ثُمَامَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّي مُخَيِّرُكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ أَقْتُلُكَ قَالَ إِذاً تَقْتُلَ عَظِيماً أَوْ أُفَادِيكَ قَالَ إِذاً تَجِدَنِي غَالِياً أَوْ أَمُنُّ عَلَيْكَ قَالَ إِذاً تَجِدَنِي شَاكِراً قَالَ فَإِنِّي قَدْ مَنَنْتُ عَلَيْكَ قَالَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ قَدْ وَ اللَّهِ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَيْثُ رَأَيْتُكَ وَ مَا كُنْتُ لِأَشْهَدَ بِهَا وَ أَنَا فِي الْوَثَاقِ.

459- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ ص جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ الْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ وَ أَبُو وَجْزَةَ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ

ص: 301

أَ وُلِدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ اللَّيْلَةَ فَقَالُوا لَا قَالَ فَوُلِدَ إِذاً بِفِلَسْطِينَ (1) غُلَامٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَوْنِ الْخَزِّ الْأَدْكَنِ (2) وَ يَكُونُ هَلَاكُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ الْيَهُودِ عَلَى يَدَيْهِ قَدْ أَخْطَأَكُمْ وَ اللَّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (3) فَتَفَرَّقُوا وَ سَأَلُوا فَأُخْبِرُوا أَنَّهُ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامٌ فَطَلَبُوا الرَّجُلَ فَلَقُوهُ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ وُلِدَ فِينَا وَ اللَّهِ غُلَامٌ قَالَ قَبْلَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ أَوْ بَعْدَ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالُوا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لَنَا قَالَ فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا أُمَّهُ فَقَالُوا أَخْرِجِي ابْنَكَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنِي وَ اللَّهِ لَقَدْ سَقَطَ وَ مَا سَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ الصِّبْيَانُ لَقَدِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ نُورٌ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى قُصُورِ بُصْرَى (4) وَ سَمِعْتُ هَاتِفاً فِي الْجَوِّ يَقُولُ لَقَدْ وَلَدْتِيهِ سَيِّدَ الْأُمَّةِ فَإِذَا وَضَعْتِيهِ فَقُولِي- أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وَ سَمِّيهِ مُحَمَّداً قَالَ الرَّجُلُ فَأَخْرِجِيهِ فَأَخْرَجَتْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَلَّبَهُ وَ نَظَرَ إِلَى الشَّامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَأَخَذُوا الْغُلَامَ فَأَدْخَلُوهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ فَلَمَّا خَرَجُوا أَفَاقَ فَقَالُوا لَهُ مَا لَكَ وَيْلَكَ قَالَ ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَذَا وَ اللَّهِ مَنْ يُبِيرُهُمْ (5) فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ بِذَلِكَ فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ فَرِحُوا قَالَ قَدْ فَرِحْتُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً (6) يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ يَسْطُو بِمِصْرِهِ (7).


1- فلسطين: كورة بالشام و قرية بالعراق، «القاموس»
2- «شامة» أي خال و علامة و المراد خاتم النبوّة. و قوله: «كلون الخز الادكن» قال الجوهريّ: الدكنة: لون يضرب إلى السواد و الشي ء أدكن.
3- الظاهر: أخطأتم كما في تفسير عليّ بن إبراهيم و على ما في أكثر نسخ الكتاب يمكن أن يقرأ بالهمزة و غيره و على التقديرين يكون المراد جاوزكم خبره و لم يصل بعد إليكم أو جاوزكم أمره و لا محيص لكم عنه. «آت»
4- بصرى- بالضم و القصر-: بلد بالشام و هي التي وصل إليها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للتجارة و هي المشهورة عند العرب و الأخرى قرية من قرى بغداد قرب عكبر. «المراصد»
5- أباره: أهلكه.
6- السطو: القهر بالبطش، يقال: سطا به، و السطوة المرة الواحدة قوله: «يسطو بمصره» الظاهر أنّه قاله على الهزء و الإنكار أي كيف يقدر على أن يسطو بمصره أو كيف يسطو بقومه و عشيرته. «آت»
7- في خرائج الراونديّ و بعض نسخ الكتاب [يسطو بمضره].

ص: 302

460- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ حَيْثُ طُلِقَتْ آمِنَةُ (1) بِنْتُ وَهْبٍ وَ أَخَذَهَا الْمَخَاضُ بِالنَّبِيِّ ص حَضَرَتْهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ امْرَأَةُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمْ تَزَلْ مَعَهَا حَتَّى وَضَعَتْ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى هَلْ تَرَيْنَ مَا أَرَى فَقَالَتْ وَ مَا تَرَيْنَ قَالَتْ هَذَا النُّورَ الَّذِي قَدْ سَطَعَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ تَعْجَبَانِ فَأَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ بِالنُّورِ الَّذِي قَدْ رَأَتْ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ أَ لَا أُبَشِّرُكِ فَقَالَتْ بَلَى فَقَالَ أَمَا إِنَّكِ سَتَلِدِينَ غُلَاماً يَكُونُ وَصِيَّ هَذَا الْمَوْلُودِ (2).

461- مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ (3) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ يُونُسَ وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى- مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (4) قَالَ صِلَةُ الْإِمَامِ فِي دَوْلَةِ الْفَسَقَةِ (5).

462- يُونُسُ عَنْ سِنَانِ بْنِ طَرِيفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَوْفاً كَأَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى النَّارِ وَ يَرْجُوَهُ رَجَاءً كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً.

463- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِمَكَّةَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ مَنْ صَحِبْتَ قَالَ مَا صَحِبْتُ أَحَداً فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَمَا لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ (6) لَأَحْسَنْتُ أَدَبَكَ ثُمَّ قَالَ وَاحِدٌ شَيْطَانٌ وَ اثْنَانِ شَيْطَانَانِ وَ ثَلَاثٌ صَحْبٌ وَ أَرْبَعَةٌ رُفَقَاءُ.


1- طلقت- بكسر اللام-: أى اخذها الطلق و هو وجع المخاض.
2- روى الصدوق بإسناده عن عبد اللّه بن مسكان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبى طالب تبشره بمولد النبيّ فقال لها أبو طالب: اصبرى لي سبتا آتيك بمثله الا النبوّة و قال: السبت ثلاثون سنة و كان بين رسول اللّه و أمير المؤمنين ثلاثون سنة. «آت»
3- الظاهر أنّه محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت القمّيّ روى عن عبد اللّه بن الصلت كما مرّ و يأتي.
4- الحديد: 11.
5- أي هي أفضل أفراده و يحتمل اختصاصه بها. «آت»
6- أي لو كنت ادركتك عند خروجك من المدينة لعلمتك أن لا تفعل ما فعلت، او المراد لو كنت نصحتك و اوصيت إليك قبل هذا و علمت انه لا ينبغي ذلك ثمّ فعلت ما فعلت لضربتك و أدبتك. «آت»

ص: 303

464- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَحَبُّ الصَّحَابَةِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعَةٌ وَ مَا زَادَ قَوْمٌ عَلَى سَبْعَةٍ إِلَّا كَثُرَ لَغَطُهُمْ (1).

465- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع فِي وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع لَا تَخْرُجْ فِي سَفَرٍ وَحْدَكَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَ هُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ يَا عَلِيُّ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَافَرَ وَحْدَهُ فَهُوَ غَاوٍ (2) وَ الِاثْنَانِ غَاوِيَانِ وَ الثَّلَاثَةُ نَفَرٌ قَالَ وَ رَوَى بَعْضُهُمْ سَفْرٌ.

466- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ سَافِرْ بِسَيْفِكَ وَ خُفِّكَ وَ عِمَامَتِكَ وَ خِبَائِكَ وَ سِقَائِكَ وَ إِبْرَتِكَ وَ خُيُوطِكَ وَ مِخْرَزِكَ (3) وَ تَزَوَّدْ مَعَكَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ مَا تَنْتَفِعُ بِهَا أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ وَ كُنْ لِأَصْحَابِكَ مُوَافِقاً إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

467- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ شَرَفِ الرَّجُلِ أَنْ يُطَيِّبَ زَادَهُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرِهِ.

468- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا سَافَرَ إِلَى الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ تَزَوَّدَ مِنْ أَطْيَبِ الزَّادِ مِنَ اللَّوْزِ وَ السُّكَّرِ وَ السَّوِيقِ الْمُحَمَّصِ وَ الْمُحَلَّى.


1- اللغط: صوت و ضجة لا يفهم معناه. «النهاية»
2- أي ضال عن طريق الحق أو يضل في سفره و الأول أظهر و قوله: «و الثلاثة نفر» اى جماعة يصحّ أن بجتزئ بهم في السفر ثمّ اعلم أن ظاهر بعض الأخبار أن المراد رفيق الزاد و ظاهر بعضها رفيق السير فلا تغفل. «آت»
3- «و خبائك» هى- ككتاب-: الخيمة و المخرز: ما يخرز به الخف و نحوه. «آت»

ص: 304

469- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً فَأَلْقَى إِلَيَّ ثِيَاباً وَ قَالَ يَا وَلِيدُ رُدَّهَا عَلَى مَطَاوِيهَا فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع رَحِمَ اللَّهُ الْمُعَلَّى بْنَ خُنَيْسٍ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ شَبَّهَ قِيَامِي بَيْنَ يَدَيْهِ بِقِيَامِ الْمُعَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ أُفٍّ لِلدُّنْيَا أُفٍّ لِلدُّنْيَا إِنَّمَا الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ يُسَلِّطُ اللَّهُ فِيهَا عَدُوَّهُ عَلَى وَلِيِّهِ وَ إِنَّ بَعْدَهَا دَاراً لَيْسَتْ هَكَذَا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ أَيْنَ تِلْكَ الدَّارُ فَقَالَ هَاهُنَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ (1).

470- مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ يُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَةً يُسْقِطُونَ الذُّنُوبَ (2)عَنْ ظُهُورِ شِيعَتِنَا كَمَا تُسْقِطُ الرِّيحُ الْوَرَقَ مِنَ الشَّجَرِ فِي أَوَانِ سُقُوطِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (3) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَيْرَكُمْ.

471- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ فِي أَحْسَنِ مَا يَكُونُ حَالًا قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فَقَالَ وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ بِطَاعَةِ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ- اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (4).

472- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبِ الشَّعِيرِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَلْثَمَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (5) قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ


1- أي القبر او الجنة الدنيا و نارها اللتان تكون فيهما ارواح المؤمنين و الكفّار في البرزخ أو الأرض في زمن القائم او ارض القيامة و لا يخفى بعد الاولين. «آت»
2- أي بالاستغفار لهم كما يشهد به استشهاده بالآية. «آت»
3- المؤمن: 7.
4- الزمر: 45. لما كان ترك طاعة من أمر اللّه تعالى بطاعته بمنزلة الشرك باللّه حيث لم يطع اللّه في ذلك و أطاع شياطين الجن و الانس فلذا عبر عن طاعة أولى الامر بذكر اللّه وحده، أو لأن توحيده تعالى لما لم يعلم إلّا بالاخذ عنهم سمى و لا يتهم توحيدا. و الاشمئزاز: الانقباض و الإنكار «آت»
5- البقرة: 37.

ص: 305

نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قَالَ سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ فَاطِمَةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

473- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا رَأَى إِبْرَاهِيمُ ع مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (1) الْتَفَتَ فَرَأَى رَجُلًا يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ ثُمَّ رَأَى آخَرَ فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ حَتَّى رَأَى ثَلَاثَةً فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَمَاتُوا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِلَيْهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ دَعْوَتَكَ مُجَابَةٌ فَلَا تَدْعُ عَلَى عِبَادِي فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ لَمْ أَخْلُقْهُمْ إِنِّي خَلَقْتُ خَلْقِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ عَبْداً يَعْبُدُنِي لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئاً فَأُثِيبُهُ وَ عَبْداً يَعْبُدُ غَيْرِي فَلَنْ يَفُوتَنِي وَ عَبْداً عَبَدَ غَيْرِي فَأُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَعْبُدُنِي ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأَى جِيفَةً عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ نِصْفُهَا فِي الْمَاءِ وَ نِصْفُهَا فِي الْبِرِّ تَجِي ءُ سِبَاعُ الْبَحْرِ فَتَأْكُلُ مَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ تَجِي ءُ سِبَاعُ الْبَرِّ فَتَأْكُلُ مِنْهَا فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ ع مِمَّا رَأَى وَ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى (2) قَالَ كَيْفَ تُخْرِجُ مَا تَنَاسَلَ الَّتِي أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً (3)- قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي يَعْنِي حَتَّى أَرَى هَذَا كَمَا رَأَيْتُ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا- قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً فَقَطِّعْهُنَّ وَ اخْلِطْهُنَّ كَمَا اخْتَلَطَتْ هَذِهِ الْجِيفَةُ فِي هَذِهِ السِّبَاعِ الَّتِي أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً فَخَلَّطَ ثُمَّ جَعَلَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً- ثُمَّ ادْعُهُنَ يَأْتِينَكَ سَعْياً فَلَمَّا دَعَاهُنَّ أَجَبْنَهُ وَ كَانَتِ الْجِبَالُ عَشَرَةً.


1- إشارة إلى قوله تعالى: «وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» و الملكوت هو الملك و التاء للمبالغة كالرغبوت من الرغبة و الرهبوت من الرهبة. و الآية في سورة الأنعام: 75.
2- البقرة: 260.
3- هذا تفسير لقوله: «كيف تحيى الموتى».

ص: 306

474- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنِ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ مِمَّا يَكُونَانِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا أَيُّوبَ (1) إِنَّ الْمِرِّيخَ كَوْكَبٌ حَارٌّ وَ زُحَلَ كَوْكَبٌ بَارِدٌ فَإِذَا بَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الِارْتِفَاعِ انْحَطَّ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ فَلَا يَزَالانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً انْحَطَّ زُحَلُ دَرَجَةً ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الِارْتِفَاعِ وَ يَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الْهُبُوطِ فَيَجْلُوَ الْمِرِّيخُ فَلِذَلِكَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الصَّيْفِ وَ أَوَّلِ الْخَرِيفِ بَدَأَ زُحَلُ فِي الِارْتِفَاعِ وَ بَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ فَلَا يَزَالانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ زُحَلُ دَرَجَةً انْحَطَّ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ وَ يَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الِارْتِفَاعِ فَيَجْلُوَ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ وَ آخِرِ الْخَرِيفِ فَلِذَلِكَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ وَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ هَذَا هَبَطَ هَذَا وَ كُلَّمَا هَبَطَ هَذَا ارْتَفَعَ هَذَا فَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ يَوْمٌ بَارِدٌ فَالْفِعْلُ فِي ذَلِكَ لِلْقَمَرِ وَ إِذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ يَوْمٌ حَارٌّ فَالْفِعْلُ فِي ذَلِكَ لِلشَّمْسِ هَذَا تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَ أَنَا عَبْدُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2).

475- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ مَنْ أَحَبَّكَ ثُمَّ مَاتَ فَقَدْ قَضى نَحْبَهُ (3) وَ مَنْ أَحَبَّكَ وَ لَمْ يَمُتْ فَهُوَ يَنْتَظِرُ وَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ لَا غَرَبَتْ إِلَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ بِرِزْقٍ وَ إِيمَانٍ وَ فِي نُسْخَةٍ نُورٍ.

476- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ وَ تَحْسُنُ فِيهِ عَلَانِيَتُهُمْ طَمَعاً فِي الدُّنْيَا وَ لَا يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ رَبِّهِمْ يَكُونُ دِينُهُمْ رِيَاءً لَا


1- لم يكن سليمان معروفا بهذه الكنية في كتب الرجال بل يكنّى بابى الربيع.
2- لعله كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة أو علم عليه السلام أن في قلب الراوي شيئا من ذلك فنفاه و أذعن بعبودية نفسه و أن اللّه ربّ العالمين. «آت». و لا ينافى هذا الحديث حدوث الحرارة في الصيف بارتفاع الشمس و البرودة في الشتاء بانخفاضها لجواز أن يكون لكلا الامرين مدخل في ذلك احدهما يكون خفيا و الآخر جليا. «فى»
3- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا». و قال الطبرسيّ: «مَنْ قَضى نَحْبَهُ» أى مات أو قتل في سبيل اللّه فأدرك ما تمنى فذلك قضاء النحب و قيل: «قَضى نَحْبَهُ» أى فرغ من عمله و رجع إلى ربّه.

ص: 307

يُخَالِطُهُمْ خَوْفٌ يَعُمُّهُمُ اللَّهُ (1) مِنْهُ بِعِقَابٍ فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَرِيقِ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ.

حَدِيثُ الْفُقَهَاءِ وَ الْعُلَمَاءِ

477- عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ إِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ كَتَبُوا بِثَلَاثَةٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ آخِرَتَهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ (2) أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّاسِ.

478- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يَدْخُلُ مَسْجِدَ الرَّسُولِ ص فَقَالَ اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي وَ صِلْ وَحْدَتِي وَ ارْزُقْنِي جَلِيساً صَالِحاً فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وَ لِمَ تُكَبِّرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُؤْنِسَ وَحْشَتِي وَ أَنْ يَصِلَ وَحْدَتِي وَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيساً صَالِحاً فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ أَنَا أَحَقُّ بِالتَّكْبِيرِ مِنْكَ إِذَا كُنْتُ ذَلِكَ الْجَلِيسَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَنَا وَ أَنْتُمْ عَلَى تُرْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ قُمْ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَدْ نَهَى السُّلْطَانُ (4) عَنْ مُجَالَسَتِي.

479- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ


1- كاستيلاء الظلمة و أهل الجور و غير ذلك ممّا ابتلى به الناس.
2- أي قلبه و نيته.
3- الترعة: الباب، يقال: «فتح ترعة الدار» و الروضة و مسيل الماء إلى الروضة و نهر عميق مصنوع بين نهرين أو بحرين أو قطع أخرى من الماء، جمع ترع. و قال: ذلك مخاطبا لقوم كان أبو ذرّ فيهم و انما ذكر ذلك لتأييد كلام الرجل.
4- أراد بالسلطان عثمان بن عفان.

ص: 308

ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ وَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ يُسَمَّوْنَ بِهِ وَ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَ هِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَ إِلَيْهِمْ تَعُودُ.

480- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع بِخُرَاسَانَ وَ هُوَ يَقُولُ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ وَرِثْنَا الْعَفْوَ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ وَرِثْنَا الشُّكْرَ مِنْ آلِ دَاوُدَ وَ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ كَلِمَةً أُخْرَى وَ نَسِيَهَا مُحَمَّدٌ فَقُلْتُ لَهُ لَعَلَّهُ قَالَ وَ وَرِثْنَا الصَّبْرَ مِنْ آلِ أَيُّوبَ فَقَالَ يَنْبَغِي.

- قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ وَ إِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنِّي سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ يَقْطِينٍ يُحَدِّثُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ- الْمَدِينَةَ سَنَةَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ وَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْتَفَتَ إِلَى عَمِّهِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَأَى أَنْ يَعْضِدَ شَجَرَ الْمَدِينَةِ (1) وَ أَنْ يُعَوِّرَ عُيُونَهَا وَ أَنْ يَجْعَلَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْحَضْرَةِ فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَسَلْهُ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ عِيسَى فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ دَاوُدَ ع أُعْطِيَ فَشَكَرَ وَ إِنَّ أَيُّوبَ ع ابْتُلِيَ فَصَبَرَ وَ إِنَّ يُوسُفَ ع عَفَا بَعْدَ مَا قَدَرَ فَاعْفُ فَإِنَّكَ مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ

. 481- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا (2) فَقَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَجِدُ فِي كُتُبِهَا


1- أراد بأمير المؤمنين نفسه الخبيثة و يريد بقوله: «يعضد شجرا لمدينة» قطعها و بقوله: «يعور عيونها» سد أعينها التي ينبع منها الماء. «آت»
2- البقرة: 89. و قوله: «يَسْتَفْتِحُونَ» في المجمع عن ابن عبّاس و العيّاشيّ كانت اليهود يستفتحون أي يستنصرون على الاوس و الخزرج برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل مبعثه فلما بعثه اللّه تعالى من العرب و لم يكن من بني إسرائيل كفروا به و جحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن البراء: يا معشر اليهود اتقوا اللّه و اسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و نحن أهل الشرك و تصفونه و تذكرونه أنّه مبعوث فقال سلام بن مشكم أخو بنى النضير: ما جاءنا بشي ء تعرفه و ما هو بالذى كنا نذكره لكم فأنزل اللّه تبارك و تعالى هذه الآية.

ص: 309

أَنَّ مُهَاجَرَ مُحَمَّدٍ ص مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَ أُحُدٍ (1) فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ الْمَوْضِعَ فَمَرُّوا بِجَبَلٍ يُسَمَّى حَدَاداً فَقَالُوا حَدَادٌ (2) وَ أُحُدٌ سَوَاءٌ فَتَفَرَّقُوا عِنْدَهُ فَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بِتَيْمَاءَ وَ بَعْضُهُمْ بِفَدَكَ وَ بَعْضُهُمْ بِخَيْبَرَ فَاشْتَاقَ الَّذِينَ بِتَيْمَاءَ إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِمْ فَمَرَّ بِهِمْ أَعْرَابِيٌّ مِنْ قَيْسٍ فَتَكَارَوْا (3) مِنْهُ وَ قَالَ لَهُمْ أَمُرُّ بِكُمْ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَ أُحُدٍ فَقَالُوا لَهُ إِذَا مَرَرْتَ بِهِمَا فَآذِنَّا بِهِمَا فَلَمَّا تَوَسَّطَ بِهِمْ أَرْضَ الْمَدِينَةِ قَالَ لَهُمْ ذَاكَ عَيْرٌ وَ هَذَا أُحُدٌ فَنَزَلُوا عَنْ ظَهْرِ إِبِلِهِ وَ قَالُوا قَدْ أَصَبْنَا بُغْيَتَنَا (4) فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ وَ كَتَبُوا إِلَى إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ بِفَدَكَ وَ خَيْبَرَ أَنَّا قَدْ أَصَبْنَا الْمَوْضِعَ فَهَلُمُّوا إِلَيْنَا فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ أَنَّا قَدِ اسْتَقَرَّتْ بِنَا الدَّارُ وَ اتَّخَذْنَا الْأَمْوَالَ وَ مَا أَقْرَبَنَا مِنْكُمْ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَا أَسْرَعَنَا إِلَيْكُمْ فَاتَّخَذُوا بِأَرْضِ الْمَدِينَةِ الْأَمْوَالَ فَلَمَّا كَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ بَلَغَ تُبَّعَ فَغَزَاهُمْ فَتَحَصَّنُوا مِنْهُ فَحَاصَرَهُمْ وَ كَانُوا يَرِقُّونَ لِضُعَفَاءِ أَصْحَابِ تُبَّعٍ (5) فَيُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ التَّمْرَ وَ الشَّعِيرَ فَبَلَغَ ذَلِكَ تُبَّعَ فَرَقَّ لَهُمْ وَ آمَنَهُمْ فَنَزَلُوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّي قَدِ اسْتَطَبْتُ بِلَادَكُمْ وَ لَا أَرَانِي إِلَّا مُقِيماً فِيكُمْ فَقَالُوا لَهُ إِنَّهُ لَيْسَ ذَاكَ لَكَ إِنَّهَا مُهَاجَرُ نَبِيٍّ وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ (6) حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مِنْ أُسْرَتِي (7) مَنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ سَاعَدَهُ وَ نَصَرَهُ فَخَلَّفَ حَيَّيْنِ الْأَوْسَ وَ الْخَزْرَجَ فَلَمَّا كَثُرُوا بِهَا كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ أَمْوَالَ الْيَهُودِ وَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ لَهُمْ أَمَا لَوْ قَدْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ لَيُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ دِيَارِنَا وَ أَمْوَالِنَا فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً ص آمَنَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ وَ كَفَرَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ كانُوا


1- عير: جبل بالمدينة. «الصحاح»
2- حدد- محركة-: جبل بتيماء و تيماء اسم موضع قريب من المدينة «القاموس» و قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: لعله زيد ألف حداد من النسّاخ أو كان جبل يسمى بكل منها.
3- من الكراء أي استأجروا منه.
4- أي حاجتنا. و مطلوبنا.
5- «تبّع»- كسكر-: واحد التبايعة من ملوك حمير سمى تبعا لكثرة أتباعه و قيل: سموا تبايعة لان الأخير يتبع الأول في الملك و هم سبعون تبعا ملكوا جميع الأرض و من فيها من العرب و العجم. «مجمع البحرين»
6- أي السلطنة في المدينة لان نزوله فيها كان على جهة السلطنة. «آت»
7- الاسرة- بالضم- من الرجل: الرهط الادنون. «القاموس»

ص: 310

مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

482- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ قَالَ كَانَ قَوْمٌ فِيمَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ كَانُوا يَتَوَعَّدُونَ أَهْلَ الْأَصْنَامِ بِالنَّبِيِّ ص وَ يَقُولُونَ لَيَخْرُجَنَّ نَبِيٌّ فَلَيُكَسِّرَنَّ أَصْنَامَكُمْ وَ لَيَفْعَلَنَّ بِكُمْ [وَ لَيَفْعَلَنَ] فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَفَرُوا بِهِ.

483- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ خَمْسُ عَلَامَاتٍ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ- الصَّيْحَةُ (1) وَ السُّفْيَانِيُّ وَ الْخَسْفُ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَ الْيَمَانِيُّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ أَ نَخْرُجُ مَعَهُ قَالَ لَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَلَوْتُ هَذِهِ الْآيَةَ- إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (2) فَقُلْتُ لَهُ أَ هِيَ الصَّيْحَةُ فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَتْ خَضَعَتْ أَعْنَاقُ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).

484- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ اخْتِلَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْمَحْتُومِ وَ النِّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُومِ وَ خُرُوجُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَحْتُومِ قُلْتُ وَ كَيْفَ النِّدَاءُ قَالَ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوَّلَ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عَلِيّاً وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ وَ يُنَادِي مُنَادٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ (4).


1- أي النداء الذي يأتي ذكره في الخبر الآتي. و الخسف هي خسف جيش السفيانى بالبيداء. «آت»
2- الشعراء: 4 اي منزل من السماء علامة تلجئهم و تضطرهم إلى الايمان. «فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ» اى جماعاتهم و رؤساؤهم كما تقول: أتانى عنق من الناس، أي جماعة و يقال: ظلت اعناقهم أضاف الاعناق اليهم، يريد الرقاب ثمّ جعل الخبر عنهم لان خضوعهم بخضوع الاعناق. و قيل: أصله فظلوا خاضعين فأقحمت الاعناق لبيان موضع الخضوع و ترك الخبر على أصله.
3- الظاهر أنّه عليه السلام قرره على أن المراد بها الصيحة و بين أن الصيحة تصير سببا لخضوع أعناق أعداء اللّه. «آت»
4- قد مر مثله مع بيانه.

ص: 311

485- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: دَخَلَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ (1) عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ يَا قَتَادَةُ أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ هَكَذَا يَزْعُمُونَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ قَتَادَةُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع بِعِلْمٍ تُفَسِّرُهُ أَمْ بِجَهْلٍ قَالَ لَا بِعِلْمٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَإِنْ كُنْتَ تُفَسِّرُهُ بِعِلْمٍ فَأَنْتَ أَنْتَ (2) وَ أَنَا أَسْأَلُكَ قَالَ قَتَادَةُ سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي سَبَإٍ وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ (3) فَقَالَ قَتَادَةُ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَ رَاحِلَةٍ وَ كِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ كَانَ آمِناً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا قَتَادَةُ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَ رَاحِلَةٍ وَ كِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ فَيُقْطَعُ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ فَتُذْهَبُ نَفَقَتُهُ وَ يُضْرَبُ مَعَ ذَلِكَ ضَرْبَةً فِيهَا اجْتِيَاحُهُ (4) قَالَ قَتَادَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا فَسَّرْتَ الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ فَقَدْ هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَدْ هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ وَ رَاحِلَةٍ وَ كِرَاءٍ حَلَالٍ يَرُومُ هَذَا الْبَيْتَ عَارِفاً بِحَقِّنَا يَهْوَانَا قَلْبُهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (5) وَ لَمْ يَعْنِ الْبَيْتَ


1- هو من مشاهير محدثى العامّة و مفسّريهم روى عن أنس بن مالك و أبى الطفيل و سعيد بن المسيب و الحسن البصرى. «آت»
2- أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج الى المدح و الوصف و ينبغي أن يرجع إليك في العلوم. «آت»
3- و اعلم أن المشهور بين المفسرين أن هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ أي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم و مبيتهم لا يحتاجون الى ماء و لا زاد لقرب المنازل و الامر في قوله: «سيروا» متوجه اليهم على إرادة القول بلسان الحال أو المقال و يظهر من كثير من أخبارنا أن الامر متوجه الى هذه الأمة أو خطاب عام يشملهم أيضا. «آت»
4- الاجتياح: الاهلاك.
5- إبراهيم: 37 «تَهْوِي إِلَيْهِمْ»- بكسر الواو- أى تقصدهم و تهوى اليهم- بفتح الواو- على قراءة أمير المؤمنين و أبى جعفر الباقر و جعفر بن محمّد عليهم السلام بمعنى يحبهم و يهواهم و يميل إليهم. من هويت الشي ء إذا أحببته و جاء تعديته بالى لان معنى هويت: ملت إليه.

ص: 312

فَيَقُولَ إِلَيْهِ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ع الَّتِي مَنْ هَوَانَا قَلْبُهُ قُبِلَتْ حَجَّتُهُ وَ إِلَّا فَلَا يَا قَتَادَةُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ آمِناً مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ قَتَادَةُ لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَا فَسَّرْتُهَا إِلَّا هَكَذَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ مَنْ خُوطِبَ بِهِ.

486- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِذَا وَقَفَ الْخَلَائِقَ وَ جَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ وَ لَهَا هَدَّةٌ وَ تَحَطُّمٌ (1) وَ زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ وَ إِنَّهَا لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَلَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلَائِقِ الْبَرِّ مِنْهُمْ وَ الْفَاجِرِ فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ مَلَكٍ وَ لَا نَبِيٍّ إِلَّا وَ يُنَادِي يَا رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي وَ أَنْتَ تَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا صِرَاطٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ وَ أَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ عَلَيْهِ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ الْأُولَى عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَ الرَّحْمَةُ (2) وَ الثَّانِيَةُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَ الثَّالِثَةُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (3) لَا إِلَهَ غَيْرُهُ فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَيْهَا فَتَحْبِسُهُمُ الرَّحْمَةُ وَ الْأَمَانَةُ فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا حَبَسَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا كَانَ الْمُنْتَهَى إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (4) وَ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ فَمُتَعَلِّقٌ تَزِلُّ قَدَمُهُ وَ تَثْبُتُ قَدَمُهُ وَ الْمَلَائِكَةُ حَوْلَهَا يُنَادُونَ يَا كَرِيمُ يَا حَلِيمُ اعْفُ وَ اصْفَحْ وَ عُدْ بِفَضْلِكَ وَ سَلِّمْ وَ النَّاسُ يَتَهَافَتُونَ (5) فِيهَا كَالْفَرَاشِ-


1- الهدة: صوت وقع الحائط و نحوه و التحطّم: التلظى، و يقال: تحطم الرجل غيظا أي تلظى.
2- رواه عليّ بن إبراهيم في التفسير و الصدوق في الأمالي و فيهما «الأمانة و الرحم» و الرحمة هنا بمعنى الرحم و ترك ظلم العباد و على روايتى الصدوق و عليّ بن إبراهيم يمكن أن يقرأ «الرحم»- بكسر الحاء- بمعنى صلة الرحم.
3- كذا في التفسير و لكن في الأمالي «عليها عدل ربّ العالمين».
4- الفجر: 14. و المرصاد: الطريق و المكان يرصد فيه العدو.
5- التهافت: التساقط قطعة قطعة.

ص: 313

فَإِذَا نَجَا نَاجٍ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ بَعْدَ يَأْسٍ بِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ.

487- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً (1) قَالَ الْخَيْرَاتُ الْوَلَايَةُ وَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً يَعْنِي أَصْحَابَ الْقَائِمِ الثَّلَاثَمِائَةِ وَ الْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا قَالَ وَ هُمْ وَ اللَّهِ الْأُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ قَالَ يَجْتَمِعُونَ وَ اللَّهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِيفِ (2).

488- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ جَيْفَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ سِيرُوا الْبَرْدَيْنِ (3) قُلْتُ إِنَّا نَتَخَوَّفُ مِنَ الْهَوَامِّ فَقَالَ إِنْ أَصَابَكُمْ شَيْ ءٌ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مَعَ أَنَّكُمْ مَضْمُونُونَ (4).


1- البقرة: 148.
2- «الأمة المعدودة» أي الذين ذكرهم اللّه في قوله: «و لئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ليقولن ما نحبسه» و قال الطبرسيّ- رحمه اللّه- معناه و لئن أخرنا عن هؤلاء الكفّار و عذاب استيصال إلى أجل مسمى و وقت معلوم. و الأمة: الحين و قيل: إلى امة أي إلى جماعة يتعاقبون فيصيرون على الكفر و لا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح و قيل: معناه إلى امة بعد هؤلاء نكلفهم فيعصون فيقتضى الحكمة إهلاكهم و اقامة القيامة و قيل: إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدى في آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف و هو المروى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام. انتهى، و قزع الخريف أي قطع السحاب المتفرقة و انما خص الخريف لانه اول الشتاء و السحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم و لا مطبق ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. «آت»
3- أي الغداة و العشى. و قوله: «انا نتخوف الهوام» هى جمع هامة و هي الدابّة أو كل ذات سم يقتل و الأول اظهر و يمكن أن يقرأ بتشديد الواو و تخفيف الميم قال الفيروزآبادي: الهوام- كشداد-: الأسد.
4- أي أنتم معشر الشيعة ضمن اللّه لكم حفظكم، أي غالبا او مع التوكل و التفويض التام. «آت» و يحتمل أن يكون المراد ما في قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ».

ص: 314

489- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَيْكُمْ بِالسَّفَرِ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ (1).

490- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع يَقُولُ النَّاسُ تُطْوَى لَنَا الْأَرْضُ بِاللَّيْلِ كَيْفَ تُطْوَى قَالَ هَكَذَا ثُمَّ عَطَفَ ثَوْبَهُ (2).

491- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْأَرْضُ تُطْوَى فِي آخِرِ اللَّيْلِ. (3)

492- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ قَالَ: أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَجِئْنَا نُسَلِّمُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ كَأَنَّكُمْ طَلَبْتُمْ بَرَكَةَ الْإِثْنَيْنِ فَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ وَ أَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ شُؤْماً مِنْ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ يَوْمٍ فَقَدْنَا فِيهِ نَبِيَّنَا وَ ارْتَفَعَ الْوَحْيُ عَنَّا لَا تَخْرُجُوا وَ اخْرُجُوا يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ.

493- عَنْهُ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ (4) عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: الشُّؤْمُ (5) لِلْمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ (6) الْغُرَابُ النَّاعِقُ عَنْ يَمِينِهِ وَ النَّاشِرُ لِذَنَبِهِ (7) وَ الذِّئْبُ الْعَاوِي الَّذِي يَعْوِي فِي وَجْهِ الرَّجُلِ وَ هُوَ مُقْعٍ عَلَى


1- هذا كناية عن سهولة السير.
2- قال الجزريّ: فى حديث السفر: أطولنا الأرض أي قربها و سهل السير فيها حتّى لا تطول علينا فكأنها قد طويت و منه الحديث أن الأرض لتطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار أي يقطع مسافتها لان الإنسان فيه أنشط من النهار و أقدر على المشى و السير لعدم الحرّ و غيره.
3- يدل على أن السير في آخر الليل أسهل من سائره. «آت»
4- هو بكر بن صالح الرازيّ الضبى مولى بنى ضبة روى عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام ضعيف جدا كثير التفرد بالغرائب. «صه عن جش»
5- أي ما يتشأم به الناس و ربما تؤثّر بتأثر النفس بها و يرتفع تأثيرها بالتوكل و بالدعاء المذكور في هذا الخبر و غيره. «آت»
6- الظاهر سبعة كما في بعض نسخ الفقيه و في بعضها ستة. و لكن في المحاسن كما في الكتاب.
7- في الفقيه «الكلب الناشر لذنبه» و في الخصال «الناشر» و كذا في المحاسن بدون الواو و المعنى الغراب الناشر لذنبه.

ص: 315

ذَنَبِهِ يَعْوِي (1) ثُمَّ يَرْتَفِعُ ثُمَّ يَنْخَفِضُ ثَلَاثاً وَ الظَّبْيُ السَّانِحُ مِنْ يَمِينٍ إِلَى شِمَالٍ وَ الْبُومَةُ الصَّارِخَةُ وَ الْمَرْأَةُ الشَّمْطَاءُ تِلْقَاءَ فَرْجِهَا (2) وَ الْأَتَانُ الْعَضْبَاءُ يَعْنِي الْجَدْعَاءَ فَمَنْ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُنَّ شَيْئاً فَلْيَقُلْ- اعْتَصَمْتُ بِكَ يَا رَبِّ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي قَالَ فَيُعْصَمُ مِنْ ذَلِكَ.

494- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى زَيَّنَ شِيعَتَنَا بِالْحِلْمِ وَ غَشَّاهُمْ بِالْعِلْمِ لِعِلْمِهِ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ ع.

495- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّكُمْ وَ مَا يَدْرِي مَا تَقُولُونَ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْغِضُكُمْ وَ مَا يَدْرِي مَا تَقُولُونَ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَتُمْلَأُ صَحِيفَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ قُلْتُ وَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ يَنَالُونَ مِنَّا (4) فَإِذَا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كُفُّوا فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِهِمْ وَ يَمُرُّ بِهِمُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا فَيَهْمِزُونَهُ (5) وَ يَقُولُونَ فِيهِ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ حَسَنَاتٍ حَتَّى يَمْلَأَ صَحِيفَتَهُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ.

496- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْبَصْرَةِ قُلْتُ فِي الْمَاءِ خَمْسٌ إِذَا طَابَتِ الرِّيحُ وَ عَلَى الظَّهْرِ ثَمَانٍ وَ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا أَقْرَبَ هَذَا تَزَاوَرُوا


1- اقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه و ناصبا يديه.
2- السانح ما مر من الطير و الوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك. و الشمطاء: قال الجوهريّ: الشمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده و الرجل أشمط و المرأة شمطاء. و قوله: «تلقاء فرجها» كذا في الأربعة و لعله تصحيف «تلقاء وجهها» أي شعر ناصيتها بياض مخلوط بالسواد و قيل: الظاهر أنه كناية عن استقبالها إياك و مجيئها من قبل وجهك فان فرجها من قدامها و قيل فيه وجوه أخر لا يخلو الجميع عن الركاكة. و قوله: «و الاتان العضباء» أي المقطوعة الاذن و قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: فسره بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الاذن.
3- كذا. و لعله هو عبد اللّه بن الصلت.
4- أي يسبوننا و يعادوننا.
5- أي يعيبونه.

ص: 316

وَ يَتَعَاهَدُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّهُ لَا بُدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى دِينِهِ وَ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا رَأَى أَخَاهُ كَانَ حَيَاةً لِدِينِهِ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

497- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَ اللَّهِ لَا يُحِبُّنَا مِنَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ إِلَّا أَهْلُ الْبُيُوتَاتِ وَ الشَّرَفِ وَ الْمَعْدِنِ (1) وَ لَا يُبْغِضُنَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ إِلَّا كُلُّ دَنَسٍ مُلْصَقٍ (2).

498- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ مِنْ سِبْطِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ سِبْطِ الْمَمْلَكَةِ- قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ قَالَ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ فَجَاءَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُهُ وَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ- إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ مَنِ اغْتَرَفَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرَبْ فَلَمَّا بَرَزُوا قَالَ الَّذِينَ اغْتَرَفُوا- لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ قَالَ الَّذِينَ لَمْ يَغْتَرِفُوا- كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (3).


1- «أهل البيوتات» أي ذوى الأنساب و الاحساب الشريفة و البيت يكون بمعنى الشرف و «المعدن» قال الجزريّ: المعدن مركز كل شي ء و منه الحديث: «فعن معادن العرب تسألونى قالوا: نعم» أي اصولها التي ينسبون إليها و يتفاخرون بها. «آت»
2- «من هؤلاء و هؤلاء» أي العرب و العجم. و الدنس- محركة-: الوسخ و ينسب إلى الثوب و العرض و النسب و الخلق أي ذى النسب أو الأخلاق. و «الملصق»- بتشديد الصاد و يخفف- الدعى المتهم في نسبه و الرجل المقيم في الحى و ليس منهم بنسب و وردت الاخبار المتواترة على أن حبّ أهل البيت علامة طيب الولادة و بغضهم علامة خبثها. «آت»
3- الآيات في سورة البقرة: 246 إلى 249.

ص: 317

499- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَرَأَ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ فِي صُورَةِ الْبَقَرَةِ.

500- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ رَضْرَاضُ الْأَلْوَاحِ فِيهَا الْعِلْمُ وَ الْحِكْمَةُ (1).

501- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ [لِي] أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا أَبَا الْجَارُودِ مَا يَقُولُونَ لَكُمْ فِي الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع قُلْتُ يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا أَنَّهُمَا ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَأَيَّ شَيْ ءٍ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ قُلْتُ احْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع- وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى (2) فَجَعَلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ ع قَالَ فَأَيَّ شَيْ ءٍ قَالُوا لَكُمْ قُلْتُ قَالُوا قَدْ يَكُونُ وَلَدُ الِابْنَةِ مِنَ الْوَلَدِ وَ لَا يَكُونُ مِنَ الصُّلْبِ قَالَ فَأَيَّ شَيْ ءٍ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ قُلْتُ احْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ ص- فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ (3)


1- الرضراض: ما دق من الحصى و في بعض النسخ [رضاض] و هو- بالضم-: فتاته، و المراد اجزاؤها المنكسرة بعد أن ألقاها موسى عليه السلام و ضمير فيها راجع إلى الالواح «آت».
2- أنعام: 84 و 85.
3- آل عمران: 61.

ص: 318

قَالَ فَأَيَّ شَيْ ءٍ قَالُوا قُلْتُ قَالُوا قَدْ يَكُونُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَبْنَاءُ رَجُلٍ وَ آخَرُ يَقُولُ أَبْنَاؤُنَا قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا أَبَا الْجَارُودِ لَأُعْطِيَنَّكَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَ تَعَالَى أَنَّهُمَا مِنْ صُلْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا يَرُدُّهَا إِلَّا الْكَافِرُ قُلْتُ وَ أَيْنَ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ مِنْ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ الْآيَةَ إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ (1) فَسَلْهُمْ يَا أَبَا الْجَارُودِ هَلْ كَانَ يَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ص نِكَاحُ حَلِيلَتَيْهِمَا فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ كَذَبُوا وَ فَجَرُوا وَ إِنْ قَالُوا لَا فَهُمَا ابْنَاهُ لِصُلْبِهِ.

502- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَيْنِ أَبِي الْعَلَاءِ الْخَفَّافِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنِ النَّبِيِّ ص انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقْتَلْ وَ لَمْ أَمُتْ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَقَالا الْآنَ يَسْخَرُ بِنَا أَيْضاً وَ قَدْ هُزِمْنَا وَ بَقِيَ مَعَهُ عَلِيٌّ ع وَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ (2) فَدَعَاهُ النَّبِيُّ ص فَقَالَ يَا أَبَا دُجَانَةَ انْصَرِفْ وَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ


1- النساء: 23.
2- ظاهر أكثر الاخبار يدلّ على أنّه لم يثبت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يومئذ إلّا على عليه السلام و أبو دجانة و لا خلاف بين العامّة في أن عثمان كان من الفارين و اختلفوا في عمر و روى كثير منهم أنّه فرّ و ذهب أكثرهم إلى أن أبا بكر لم يفر قال ابن أبي الحديد: قال الواقدى: حدّثني موسى بن يعقوب عن عمته عن امها عن المقداد قال: لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء و هزم المشركون الهزيمة الأولى و أغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه ثمّ كر المشركون على المسلمين فأتوهم من خلفهم فتفرق الناس و نادى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أصحاب الالوية فقتل مصعب بن عمير حامل لوائه صلّى اللّه عليه و آله و أخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحتها و أصحابه محدقون به و دفع لواء المهاجرين إلى أبى الردم أحد بنى عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم و نظرت إلى لواء الاوس مع أسيد بن حضير فناوشوا المشركين ساعة و اقتتلوا على اختلاط من الصفوف و نادى المشركون بشعارهم يا للعزى يا لهبل فاوجعوا و اللّه فينا قتلا ذريعا و نالوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما نالوا لا و الذي بعثه بالحق ما زال شبرا واحدا انه لفى وجه العدو و تثوب إليه طائفة من أصحابه مرة و تتفرق عنه مرة، [فربما رأيته قائما يرمى عن قوسه أو يرمى بالحجر حتى تحاجزوا]، و كانت العصابة التي ثبتت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أربعة عشر رجلا: سبعة من المهاجرين و سبعة من الأنصار، فاما المهاجرون فعلى عليه السلام و أبو بكر و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و طلحة بن عبيد اللّه و أبو عبيدة بن الجراح و الزبير بن العوام، و اما الأنصار فالحباب ابن المنذر و أبو دجانة و عاصم بن ثابت و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف و سعد بن معاذ و أسيد بن حضير؛ قال الواقدى: و قد روى أن سعد بن عبادة و محمّد بن مسلمة ثبتا يومئذ و لم يفرا و من روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ و أسيد بن حضير. قال الواقدى: و بايعه يومئذ على الموت ثمانية ثلاثة من المهاجرين و خمسة من الأنصار أما المهاجرون فعلى عليه السلام و طلحة و الزبير و أمّا الأنصار فابو دجانة و الحارث بن الصمة و الحباب بن المنذر و عاصم بن ثابت و سهل ابن حنيف؛ قال: و لم يقتل منهم ذلك اليوم أحد و أمّا باقى المسلمين ففروا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوهم في اخراهم حتّى انتهى من انتهى منهم إلى قريب من المهراس؛ قال الواقدى: و حدّثني عتبة بن جبيرة عن يعقوب بن عمير بن قتادة قال: ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول: وجهى دون وجهك، نفسى دون نفسك و عليك السلام غير مودع؛ قلت: قد اختلف في عمر ابن الخطّاب هل ثبت يومئذ أم لامع اتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت فالواقدى ذكر أنه لم يثبت و أمّا محمّد بن إسحاق و البلاذري فجعلاه مع من ثبت و لم يفر و لم يختلف الرواة من أهل الحديث: ان أبا بكر لم يفر يومئذ و انه ثبت فيمن ثبت و ان لم يكن نقل عنه قتل أو قتال و الثبوت جهاد و فيه وحده كفاية و أمّا رواة الشيعة فانهم يروون انه لم يثبت إلّا على و طلحة و الزبير و ابو دجانة و سهل بن حنيف و عاصم بن ثابت منهم من يروى أنّه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين و الأنصار و لا يعدون أبا بكر و عمر منهم، روى كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسأله الى أين انتهيت؟ فقال: إلى الاعوص فقال: لقد ذهب فيها عريضة. «إلى هنا كلام ابن أبي الحديد و العجب منه أنّه نقل هنا اتفاق الرواة على أنّه ثبت أبو بكر و قال عند ذكر أجوبة شيخه أبى جعفر الاسكافى عما ذكره الجاحظ في فضل إسلام أبى بكر على إسلام عليّ عليه السلام: قال الجاحظ: و قد ثبت أبو بكر مع النبيّ يوم أحد كما ثبت على فلا فخر لأحدهما على صاحبه في ذلك اليوم، قال شيخنا أبو جعفر: اما ثباته يوم أحد فأكثر المؤرخين و أرباب السيرة ينكرونه و جمهورهم يروى أنّه لم يبق مع النبيّ الأعلى و طلحة و الزبير و أبو دجانة و قد روى عن ابن عبّاس أنّه قال و لهم خامس و هو عبد اللّه بن مسعود و منهم من أثبت سادسا و هو المقداد بن عمر و روى يحيى بن سلمة بن كهيل قال: قلت لابى: كم ثبت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد كل منهم يدعيه؟ فقال: اثنان، قلت: من هما؟ قال: على و أبو دجانة. انتهى فقد ظهر أنّه ليس ثبات أبى بكر أيضا ممّا أجمعت عليه رواتهم مع اتفاق روايات الشيعة على عدمه و هي محفوفة بالقرائن الظاهرة اذ من المعلوم أنّه مع ثباته لا بدّ أن ينقل منه اما ضرب أو طعن و العجب منه أنّه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين و لما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين و ان لم يتحرك لقتال فلم لم يذكر في المقتولين، بل يمكن أن يقال: لو كان حضر ميت تلك الواقعة مكان يذكر منه بعض ما ينسب الى الاحياء. و أمّا الاخبار الدالة من طرق الشيعة على كون الثلاثة من المنهزمين فقد أوردناها في كتاب بحار الأنوار و ذكرها هاهنا يوجب الإكثار. «آت» اقول: هذا الاعتراض منه- رحمه اللّه- على ابن أبي الحديد مبنى على ادعائه اتفاق الرواة على عدم انهزام أبى بكر بقوله: «و لم يختلف الرواة من أهل الحديث إلخ» و لكن العبارة في النسخ التي رأيناها هكذا «قال الرواة من أهل الحديث» و لا يخفى أنّها في قوة ذلك.

ص: 319

بَيْعَتِكَ فَأَمَّا عَلِيٌّ فَأَنَا هُوَ وَ هُوَ أَنَا فَتَحَوَّلَ وَ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ص وَ بَكَى وَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا جَعَلْتُ نَفْسِي فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي إِنِّي بَايَعْتُكَ فَإِلَى مَنْ أَنْصَرِفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى زَوْجَةٍ تَمُوتُ أَوْ وَلَدٍ يَمُوتُ أَوْ دَارٍ تَخْرَبُ وَ مَالٍ يَفْنَى

ص: 320

وَ أَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ فَرَقَّ لَهُ النَّبِيُّ ص فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ حَتَّى أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ (1) وَ هُوَ فِي وَجْهٍ وَ عَلِيٌّ ع فِي وَجْهٍ فَلَمَّا أُسْقِطَ احْتَمَلَهُ عَلِيٌّ ع فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَوَضَعَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَفَيْتُ بِبَيْعَتِي قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص خَيْراً وَ كَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ عَلَى النَّبِيِّ ص الْمَيْمَنَةَ فَيَكْشِفُهُمْ عَلِيٌّ ع فَإِذَا كَشَفَهُمْ أَقْبَلَتِ الْمَيْسَرَةُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى تَقَطَّعَ سَيْفُهُ بِثَلَاثِ قِطَعٍ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ هَذَا سَيْفِي قَدْ تَقَطَّعَ فَيَوْمَئِذٍ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ ص ذَا الْفَقَارِ وَ لَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ص اخْتِلَاجَ (2) سَاقَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْقِتَالِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَبْكِي وَ قَالَ


1- «اثخنته الجراحة»: أوهنته و أثرت فيه. و قوله: «فلما اسقط» هذا لا يدلّ على أنّه قتل في تلك الواقعة فلا ينافى ما هو المشهور بين أرباب السير و الاخبار أنّه بقى بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. «آت»
2- خلج- كعلم-: اشتكى عظامه من مشى أو تعب.

ص: 321

يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي أَنْ تُظْهِرَ دِينَكَ وَ إِنْ شِئْتَ لَمْ يُعْيِكَ (1) فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ ع إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُ دَوِيّاً شَدِيداً وَ أَسْمَعُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ (2) وَ مَا أَهُمُّ أَضْرِبُ أَحَداً إِلَّا سَقَطَ مَيِّتاً قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَهُ فَقَالَ هَذَا جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ فِي الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ جَاءَ جَبْرَئِيلُ ع فَوَقَفَ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ وَ أَنَا مِنْكُمَا ثُمَّ انْهَزَمَ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ امْضِ بِسَيْفِكَ حَتَّى تُعَارِضَهُمْ فَإِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْقِلَاصَ (3) وَ جَنَبُوا الْخَيْلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مَكَّةَ وَ إِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْخَيْلَ وَ هُمْ يَجْنُبُونَ الْقِلَاصَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ ع فَكَانُوا عَلَى الْقِلَاصِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ مَا تُرِيدُ هُوَ ذَا نَحْنُ ذَاهِبُونَ إِلَى مَكَّةَ فَانْصَرِفْ إِلَى صَاحِبِكَ فَأَتْبَعَهُمْ جَبْرَئِيلُ ع فَكُلَّمَا سَمِعُوا وَقْعَ حَافِرِ فَرَسِهِ جَدُّوا فِي السَّيْرِ وَ كَانَ يَتْلُوهُمْ فَإِذَا ارْتَحَلُوا قَالُوا هُوَ ذَا عَسْكَرُ مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ فَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَ جَاءَ الرُّعَاةُ وَ الْحَطَّابُونَ فَدَخَلُوا مَكَّةَ فَقَالُوا رَأَيْنَا عَسْكَرَ مُحَمَّدٍ (4) كُلَّمَا رَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ نَزَلُوا يَقْدُمُهُمْ فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ (5) يَطْلُبُ آثَارَهُمْ فَأَقْبَلَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ يُوَبِّخُونَهُ وَ رَحَلَ النَّبِيُّ ص وَ الرَّايَةُ مَعَ عَلِيٍّ ع وَ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا أَنْ أَشْرَفَ بِالرَّايَةِ مِنَ الْعَقَبَةِ وَ رَآهُ النَّاسُ نَادَى عَلِيٌّ ع أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا مُحَمَّدٌ لَمْ يَمُتْ وَ لَمْ يُقْتَلْ فَقَالَ صَاحِبُ الْكَلَامِ الَّذِي قَالَ الْآنَ يَسْخَرُ بِنَا وَ قَدْ هُزِمْنَا هَذَا عَلِيٌّ وَ الرَّايَةُ بِيَدِهِ حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ص وَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ فِي أَفْنِيَتِهِمْ عَلَى أَبْوَابِ دُورِهِمْ وَ خَرَجَ الرِّجَالُ إِلَيْهِ يَلُوذُونَ بِهِ وَ


1- العى: العجز و عى بشأنها أي يعجز عنها و أشكل عليه أمرها.
2- أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء و حيزوم اسم فرس جبرئيل عليه السلام.
3- القلائص جمع قلوص و هي الناقة الشابة و يجمع على قلاص و قلص أيضا. «النهاية»
4- إنّما قالوا ذلك لما رأوا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين و كان تعيين أهل مكّة لابى سفيان لهربه عن ذلك العسكر. «آت»
5- قال الجوهريّ: الشقرة في الخيل: حمرة صافية يحمر معها العرف و الذنب قال: فان كان اسود فهو الكميت.

ص: 322

يَثُوبُونَ إِلَيْهِ (1) وَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ قَدْ خَدَشْنَ الْوُجُوهَ وَ نَشَرْنَ الشُّعُورَ وَ جَزَزْنَ النَّوَاصِيَ وَ خَرَقْنَ الْجُيُوبَ وَ حَزَمْنَ الْبُطُونَ عَلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا رَأَيْنَهُ قَالَ لَهُنَّ خَيْراً وَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يَسْتَتِرْنَ وَ يَدْخُلْنَ مَنَازِلَهُنَّ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَعَدَنِي أَنْ يُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص- وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً الْآيَةَ (2).

503- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ أَحْرَمُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَرُدَّهُ قَالَ ابْغُونِي (3) رَجُلًا يَأْخُذُنِي عَلَى غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ (4) فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ فَقَالَ ابْغُونِي رَجُلًا غَيْرَهُ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ آخَرَ إِمَّا مِنْ مُزَيْنَةَ وَ إِمَّا مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْعَقَبَةِ فَقَالَ مَنْ يَصْعَدْهَا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا حَطَّ اللَّهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ... نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ قَالَ فَابْتَدَرَهَا خَيْلُ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ قَالَ وَ كَانُوا أَلْفاً وَ ثَمَانَمِائَةٍ فَلَمَّا هَبَطُوا إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ (5) إِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنُهَا عَلَى الْقَلِيبِ فَسَعَى ابْنُهَا هَارِباً فَلَمَّا أَثْبَتَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ص صَرَخَتْ بِهِ هَؤُلَاءِ الصَّابِئُونَ (6) لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ بَأْسٌ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَمَرَهَا فَاسْتَقَتْ دَلْواً مِنْ مَاءٍ


1- في أكثر النسخ [يثوبون] أى يرجعون و في بعضها [يتوبون] أى يعتذرون من الهزيمة و ترك القتال. «آت»
2- آل عمران: 144.
3- قال الجزريّ: يقال: ابغنى كذا- بهمزة الوصل- أى أطلب لي. و أبغنى- بهمزة القطع-: أى أعنى عن الطلب.
4- الترديد من الراوي و مزينة- بضم الميم-: قبيلة من مضر. و جهينة أيضا- بالضم-: اسم قبيلة. «آت»
5- بضم الحاء و فتح الدال و الياء الساكنة و الباء و الياء مخففا قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة.
6- قال الجزريّ: صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره.

ص: 323

فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَشَرِبَ وَ غَسَلَ وَجْهَهُ فَأَخَذَتْ فَضْلَتَهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْبِئْرِ فَلَمْ تَبْرَحْ حَتَّى السَّاعَةِ (1) وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ فِي الْخَيْلِ (2) فَكَانَ بِإِزَائِهِ ثُمَّ أَرْسَلُوا الْحُلَيْسَ (3) فَرَأَى الْبُدْنَ وَ هِيَ تَأْكُلُ بَعْضُهَا أَوْبَارَ بَعْضٍ (4) فَرَجَعَ وَ لَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلَى هَذَا حَالَفْنَاكُمْ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا الْهَدْيَ عَنْ مَحِلِّهِ (5) فَقَالَ اسْكُتْ فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَتُخَلِّيَنَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ مَا أَرَادَ أَوْ لَأَنْفَرِدَنَّ فِي الْأَحَابِيشِ (6) فَقَالَ اسْكُتْ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثاً (7) فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَ قَدْ كَانَ جَاءَ (8) إِلَى قُرَيْشٍ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أَصَابَهُمُ


1- أي لم يزل الماء من تلك البئر. و قد نقل هذا الاعجاز في روايات كثيرة على وجه آخر. «آت»
2- ذكر أكثر المؤرخون مكانه بديل بن ورقاء الخزاعي و لا عبرة بقولهم في مقابلة الخبر المعتبر. «آت»
3- هو حليس بن علقمة أو ابن زبان و كان يومئذ سيد الاحابيش و هو أحد بنى الحارث بن عبد المناة بن كنانة.
4- كناية عن كثرتها و ازدحامها و اجتماعها و انما قدم صلّى اللّه عليه و آله البدن ليعلموا أنه لا يريد القتال بل يريد النسك. «آت»
5- «حالفناكم» أي عاهدناكم و حلفنا على الوفاء به. و قوله: «على ان تردوا الهدى» بدل أو عطف بيان لقوله: «على هذا حالفناكم». «آت»
6- في القاموس حبشى- بالضم-: جبل بأسفل مكّة و منه أحابيش قريش لانهم تحالفوا باللّه أنهم ليد على غيرهم ما سجى ليل و وضح نهار و ما رسى حبشى انتهى. أى أعتزل معهم عنكم و امنعهم عن معاونتكم. «آت»
7- الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد أو يكون غير مؤكد «الصحاح». و في بعض النسخ [وليا]
8- هذه القصة على ما ذكره الواقدى أنّه ذهب مع ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك الى مقوقس سلطان الاسكندرية و فضل مقوقس بنى مالك على المغيرة في العطاء فلما رجعوا و كانوا في الطريق شرب بنو مالك ذات ليلة خمرا و سكروا فقتلهم المغيرة حسدا و أخذ أموالهم و أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقبل صلّى اللّه عليه و آله إسلامه و لم يقبل من ماله شيئا و لم يأخذ منه الخمس لغدره فلما بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك فأتى عروة رئيس بنى مالك و هو مسعود بن عمرة و كلمه في أن يرضى بالدية فلم يرض بنو مالك بذلك و طلبوا القصاص من عشائر المغيرة و اشتعلت بينهم نائرة الحرب فأطفأها عروة بلطائف حيله و ضمن دية الجماعة من ماله و الإشارة إلى هذه القصة هاهنا لتمهيد ما سيذكر بعد ذلك من قوله: «و اللّه ما جئت الا في غسل سلحتك» فقوله: «جاء إلى قريش» أى عروة و قوله: «و في القوم» أي لان يتكلم و يشفع في أمر المقتولين. و قوله: «كان خرج» أى المغيرة. «آت»

ص: 324

الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مِنَ الطَّائِفِ وَ كَانُوا تُجَّاراً فَقَتَلَهُمْ وَ جَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يَقْبَلَهَا وَ قَالَ هَذَا غَدْرٌ وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ أَتَاكُمْ وَ هُوَ يُعَظِّمُ الْبُدْنَ قَالَ فَأَقِيمُوهَا فَأَقَامُوهَا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَجِي ءَ مَنْ جِئْتَ قَالَ جِئْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ أَنْحَرُ هَذِهِ الْإِبِلَ وَ أُخَلِّي عَنْكُمْ عَنْ لُحْمَانِهَا (1) قَالَ لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ رُدَّ عَمَّا جِئْتَ لَهُ (2) إِنَّ قَوْمَكَ يُذَكِّرُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَ أَنْ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ وَ أَنْ تُجَرِّيَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتَّى أَدْخُلَهَا قَالَ وَ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ص تَنَاوَلَ لِحْيَتَهُ (3) وَ الْمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ


1- بكسر اللام جمع اللحم. و في بعض النسخ [لحمامها].
2- قال هذا على سبيل التعجب أي كيف يكون مثلك في الشرافة و عظم الشأن مرددا عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح أن يرد عنه أحد و الحاصل أنك في جلالتك ينبغي أن لا ترد عن أي مقصد قصدته و مقصدك في الخيرية بحيث لا ينبغي أن يمنع عنه أحد و مع اجتماعهما يريد قومك أن يصدوك عن ذلك. «آت»
3- أي لحية الرسول صلّى اللّه عليه و آله و كانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم و لجهله بشأنه صلّى اللّه عليه و آله و عدم إيمانه لم يعرف أن ذلك لا يليق بجنابه. «آت»

ص: 325

فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ هَذَا ابْنُ أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ فَقَالَ يَا غُدَرُ (1) وَ اللَّهِ مَا جِئْتَ إِلَّا فِي غَسْلِ سَلْحَتِكَ (2) قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَ أَصْحَابِهِ لَا وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ رُدَّ عَمَّا جَاءَ لَهُ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأُثِيرَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْبُدْنُ فَقَالا مَجِي ءَ مَنْ جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ أَنْحَرَ الْبُدْنَ وَ أُخَلِّيَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ لُحْمَانِهَا فَقَالا إِنَّ قَوْمَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ (3) أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَ تَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ وَ تُجَرِّيَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ قَالَ فَأَبَى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ عُمَرَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَشِيرَتِي قَلِيلٌ وَ إِنِّي فِيهِمْ عَلَى مَا تَعْلَمُ وَ لَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَبَشِّرْهُمْ بِمَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ فَلَمَّا انْطَلَقَ عُثْمَانُ لَقِيَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ فَتَأَخَّرَ عَنِ السَّرْحِ (4) فَحَمَلَ عُثْمَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ دَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْلَمَهُمْ وَ كَانَتِ الْمُنَاوَشَةُ (5) فَجَلَسَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَلَسَ عُثْمَانُ فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ وَ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُسْلِمِينَ وَ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى


1- قال الجزريّ: فى حديث الحديبية: قال عروة بن مسعود للمغير: يا غدر هل غسلت غدرتك إلا بالأمس. غدر معدول غادر للمبالغة يقال للذكر: غدر- [بضم الغين و فتح الدال]- و للاثنى: غدار- كقطام و هما مختصان بالنداء في الغالب.
2- في المغرب: السلح: التغوط.
3- أي يقسمون عليك باللّه و بالرحم التي بينك و بينهم في أن تدخل عليهم أي في تركه. «آت»
4- السرح و السارح و السارحة سواء: الماشية.
5- المناوشة: المناولة في القتال أي كان المشركون في تهيئة القتال أي عند ذلك وقع بين المسلمين و بينهم محاربة كما نقل. «آت»

ص: 326

لِعُثْمَانَ (1) وَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ طُوبَى لِعُثْمَانَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ أَحَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا كَانَ لِيَفْعَلَ فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ طُفْتَ بِالْبَيْتِ فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يَطُفْ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ (2) وَ مَا كَانَ فِيهَا فَقَالَ لِعَلِيٍّ ع اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فَقَالَ سُهَيْلٌ مَا أَدْرِي مَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِلَّا أَنِّي أَظُنُّ هَذَا الَّذِي بِالْيَمَامَةِ (3) وَ لَكِنِ اكْتُبْ كَمَا نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ قَالَ وَ اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ (4)- رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَيْلٌ فَعَلَى مَا نُقَاتِلُكَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّاسُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ اكْتُبْ فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّاسُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ فِي الْقَضِيَّةِ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنَّا أَتَى إِلَيْكُمْ رَدَدْتُمُوهُ إِلَيْنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرُ مُسْتَكْرِهٍ عَنْ دِينِهِ وَ مَنْ جَاءَ إِلَيْنَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ إِلَيْكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ وَ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ فِيكُمْ عَلَانِيَةً (5) غَيْرَ سِرٍّ وَ إِنْ كَانُوا لَيَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ (6) فِي الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ وَ مَا كَانَتْ قَضِيَّةٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْهَا


1- ذلك ليتأكد عليه الحجة و العهد و الميثاق فيستوجب بنكثه أشدّ العذاب. «آت»
2- أي ما جرى بينه و بين قريش من حبسه و منعه عن الرجوع او من طلبهم للصلح أو اصرارهم على عدم دخوله في هذه السنة. و قيل: هذا كلام الراوي أي ثمّ ذكر الصادق عليه السلام القصة و ما جرى فيها و ترك الراوي ذكرها اختصارا. «آت»
3- كانوا يقولون لمسيلمة الكذاب: رحمن اليمامة. «آت»
4- «هذا ما قاضى» هو فاعل من القضاء الفصل و الحكم لانه كان بينه و بين أهل مكّة. «النهاية»«هذا ما قاضى» هو فاعل من القضاء الفصل و الحكم لانه كان بينه و بين أهل مكّة. «النهاية»
5- أي و على أن يعبد اللّه علانية من غير تقية.
6- السير- بالفتح-: الذي يعد من الجلد الجمع السيور و في بعض النسخ [الستور] و هي جمع الستر المعلق على الأبواب و على التقادير هذا كلام الصادق عليه السلام لبيان ثمرة هذه المصالحة و كثرة فوائدها بأنها صارت موجبة لا من المسلمين بحيث كانوا يبعثون الهدايا من المدينة الى مكّة من غير منع و خوف و رغب أهل مكّة في الإسلام و أسلم جم غفير منهم من غير حرب.

ص: 327

لَقَدْ كَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ الْإِسْلَامُ فَضَرَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى أَبِي جَنْدَلٍ ابْنِهِ (1) فَقَالَ أَوَّلُ مَا قَاضَيْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هَلْ قَاضَيْتُ عَلَى شَيْ ءٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا كُنْتَ بِغَدَّارٍ قَالَ فَذَهَبَ بِأَبِي جَنْدَلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَدْفَعُنِي إِلَيْهِ قَالَ وَ لَمْ أَشْتَرِطْ لَكَ قَالَ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِأَبِي جَنْدَلٍ مَخْرَجاً.

504- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفَضْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ (2) قَالَ نَزَلَتْ فِي بَنِي مُدْلِجٍ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا إِنَّا قَدْ حَصِرَتْ صُدُورُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَلَسْنَا مَعَكَ وَ لَا مَعَ قَوْمِنَا عَلَيْكَ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ وَاعَدَهُمْ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ (3) مِنَ الْعَرَبِ ثُمَّ يَدْعُوهُمْ فَإِنْ أَجَابُوا وَ إِلَّا قَاتَلَهُمْ.

505- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ


1- قال الطبرسيّ: فقال سهيل: على أنّه لا يأتيك منا رجل و إن كان على دينك إلّا رددته إلينا و من جاءنا ممن معك لم نرده عليك، فقال المسلمون: سبحان اللّه كيف يرد الى المشركين و قد جاء مسلما فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من جاءهم منا فأبعده اللّه و من جاءنا منهم رددناه اليهم فمن علم اللّه الإسلام من قلبه جعل له مخرجا- الى أن قال-: فبيناهم كذلك اذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في قيوده قد خرج من أسفل مكّة حتّى رمى بنفسه بين اظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمّد أول ما اقاضيك عليه أن ترده فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنا لم نقض بالكتاب بعد، قال: و اللّه إذا لا اصالحك على شي ء أبدا فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فاجره لي قال: انا بمجيره لك، قال: بلى فافعل، قال و ما أنا بفاعل، قال مكرز: بلى قد أجرناه قال أبو جندل بن سهيل: معاشر المسلمين أ أرد الى المشركين و قد جئت مسلما أ لا ترون ما قد لقيت و كان قد عذب عذابا شديدا. «مجمع البيان»
2- النساء: 92. الحصر: الضيق و الانقباض.
3- في بعض النسخ [أدعهم حتّى أن يفرع].

ص: 328

أَبِي يَزِيدَ وَ هُوَ فَرْقَدٌ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْحَمَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ فِي إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ كَرُوبِيلَ ع فَمَرُّوا بِإِبْرَاهِيمَ ع وَ هُمْ مُعْتَمُّونَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ وَ رَأَى هَيْئَةً حَسَنَةً فَقَالَ لَا يَخْدُمُ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ إِلَّا أَنَا بِنَفْسِي وَ كَانَ صَاحِبَ أَضْيَافٍ (1) فَشَوَى لَهُمْ عِجْلًا سَمِيناً حَتَّى أَنْضَجَهُ ثُمَّ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا وَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً (2) فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ جَبْرَئِيلُ ع حَسَرَ الْعِمَامَةَ (3) عَنْ وَجْهِهِ وَ عَنْ رَأْسِهِ فَعَرَفَهُ إِبْرَاهِيمُ ع فَقَالَ أَنْتَ هُوَ فَقَالَ نَعَمْ وَ مَرَّتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ فَبَشَّرَهَا بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فَقَالَتْ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَجَابُوهَا بِمَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ (4) فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع لَهُمْ فِيمَا ذَا جِئْتُمْ قَالُوا لَهُ فِي إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ كَانَ فِيهَا مِائَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تُهْلِكُونَهُمْ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا خَمْسِينَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثِينَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا وَاحِداً قَالَ لَا- قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ثُمَّ مَضَوْا وَ قَالَ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ (5) لَا أَعْلَمُ ذَا الْقَوْلَ إِلَّا وَ هُوَ يَسْتَبْقِيهِمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (6) فَأَتَوْا لُوطاً وَ هُوَ فِي زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ-


1- أي يدعوهم كثيرا و يحبهم و يكرمهم.
2- أي أنكرهم و قوله: «أَوْجَسَ»* الإيجاس الاحساس اي اضمر منهم خوفا و الآية في سورة هود: 70.
3- أي كشفها.
4- أي «قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ* قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
5- لعل العسكريّ من طغيان القلم و أبو محمّد كنية للحسن بن عليّ بن فضال و يحتمل أن يكون كلام محمّد بن يحيى و وقع في أثناء الحديث و قد مضى هذا الخبر فيما سبق من كتاب الطلاق و فيه «قال الحسن بن عليّ» بدون أبو محمّد فيمكن أن يكون من كلام الصادق عليه السلام و المراد الحسن بن عليّ عليهما السلام. «من آت»
6- هود: 74.

ص: 329

فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هُمْ مُعْتَمُّونَ فَلَمَّا رَآهُمْ رَأَى هَيْئَةً حَسَنَةً عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ بِيضٌ وَ ثِيَابٌ بِيضٌ فَقَالَ لَهُمُ الْمَنْزِلَ (1) فَقَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَهُمْ وَ مَشَوْا خَلْفَهُ فَنَدِمَ عَلَى عَرْضِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنْزِلَ وَ قَالَ أَيَّ شَيْ ءٍ صَنَعْتُ آتِي بِهِمْ قَوْمِي وَ أَنَا أَعْرِفُهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ جَبْرَئِيلُ ع لَا نَعْجَلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَ شَهَادَاتٍ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع هَذِهِ اثْنَتَانِ ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الْمَدِينَةِ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع هَذِهِ ثَالِثَةٌ ثُمَّ دَخَلَ وَ دَخَلُوا مَعَهُ فَلَمَّا رَأَتْهُمُ امْرَأَتُهُ رَأَتْ هَيْئَةً حَسَنَةً فَصَعِدَتْ فَوْقَ السَّطْحِ وَ صَعِقَتْ فَلَمْ يَسْمَعُوا (2) فَدَخَّنَتْ فَلَمَّا رَأَوُا الدُّخَانَ أَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إِلَى الْبَابِ فَنَزَلَتْ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ عِنْدَهُ قَوْمٌ مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُمْ هَيْئَةً فَجَاءُوا إِلَى الْبَابِ لِيَدْخُلُوهَا- فَلَمَّا رَآهُمْ لُوطٌ قَامَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ يَا قَوْمِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ فَقَالَ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحَلَالِ فَ قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ فَ قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً- أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (3) فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ع لَوْ يَعْلَمُ أَيُّ قُوَّةٍ لَهُ فَكَاثَرُوهُ حَتَّى دَخَلُوا الْبَيْتَ قَالَ فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِيلُ يَا لُوطُ دَعْهُمْ يَدْخُلُونَ فَلَمَّا دَخَلُوا أَهْوَى جَبْرَئِيلُ بِإِصْبَعِهِ نَحْوَهُمْ فَذَهَبَتْ أَعْيُنُهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ- فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ (4) ثُمَّ نَادَى جَبْرَئِيلُ فَقَالَ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّا بُعِثْنَا فِي إِهْلَاكِهِمْ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ عَجِّلْ فَقَالَ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ قَالَ فَأَمَرَهُ فَتَحَمَّلَ وَ مَنْ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَالَ ثُمَّ اقْتَلَعَهَا جَبْرَئِيلُ بِجَنَاحَيْهِ


1- أي عرض لهم المنزل و التمس منهم النزول. «آت»
2- الصعق: شدة الصوت و في بعض النسخ [صفقت] و الصفق: الضرب الذي يسمع له الصوت كالتصفيق أي ضربت احدى يديها على الأخرى و قوله: «يهرعون» أي يسرعون.
3- مضمون مأخوذ من الآيات التي كانت في سورة هود.
4- تمام الآية في سورة القمر آية 37: «وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ».

ص: 330

مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ثُمَّ رَفَعَهَا حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ سَمَاءِ الدُّنْيَا نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ (1) ثُمَّ قَلَبَهَا وَ أَمْطَرَ عَلَيْهَا وَ عَلَى مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (2).

506- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَ اللَّهِ لَلَّذِي صَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع (3) كَانَ خَيْراً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ اللَّهِ لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ- أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (4) إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الْإِمَامِ (5) وَ طَلَبُوا الْقِتَالَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مَعَ الْحُسَيْنِ ع- قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ... نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ (6) أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِمِ ع.

507- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ (7) جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ الزَّيَّاتِ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ النُّجُومِ أَ حَقٌّ هِيَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ الْمُشْتَرِيَ إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ فَعَلَّمَهُ النُّجُومَ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ ثُمَّ قَالَ لَهُ انْظُرْ أَيْنَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ مَا أَرَاهُ فِي الْفَلَكِ وَ مَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ قَالَ فَنَحَّاهُ وَ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْهِنْدِ فَعَلَّمَهُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ وَ قَالَ انْظُرْ إِلَى الْمُشْتَرِي أَيْنَ هُوَ فَقَالَ إِنَّ حِسَابِي لَيَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ أَنْتَ الْمُشْتَرِي قَالَ وَ شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ وَ وَرِثَ عِلْمَهُ أَهْلُهُ فَالْعِلْمُ هُنَاكَ.

508- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَمَّنْ


1- الديكة جمع الديك.
2- «السجيل» قال الزمخشريّ: قيل: هي كلمة معربة عن «سنك و گل».
3- أي صلحه مع معاوية.
4- النساء: 77.
5- أي الغرض و المقصود في الآية طاعة الامام الذي ينهى عن القتال لعدم كونه مأمورا به و يامر بالصلاة و الزكاة و سائر أبواب البر و الحال ان أصحاب الحسن كانوا بهذه الآية مأمورين باطاعة امامهم في ترك القتال فلم يرضوا به و طلبوا القتال. «آت»
6- مأخوذ من الآية السبعة و السبعين في سورة النساء و الآية الأربعة و الأربعين في سورة إبراهيم.
7- قد مر آن سهل بن زياد ضعيف غير معتمد على ما تفرد به و سلمة بن الخطّاب أيضا كان ضعيفا في حديثه ضعّفه النجاشيّ و ابن الغضائري و العلامة و غيرهم و الحديث مجعول بلا شبهة.

ص: 331

أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سُئِلَ عَنِ النُّجُومِ قَالَ مَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْهِنْدِ.

509- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ (1) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ صَبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ بِكِتَابِ (2) عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ نُعَيْمٍ وَ سَدِيرٍ وَ كُتُبِ غَيْرِ وَاحِدٍ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع حِينَ ظَهَرَتِ الْمُسَوِّدَةُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ بِأَنَّا قَدْ قَدَّرْنَا أَنْ يَئُولَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَمَا تَرَى (3) قَالَ فَضَرَبَ بِالْكُتُبِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ أُفٍّ أُفٍّ مَا أَنَا لِهَؤُلَاءِ بِإِمَامٍ (4) أَ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتُلُ السُّفْيَانِيَّ.

510- أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ (5) قَالَ هِيَ بُيُوتُ النَّبِيِّ ص.

511- أَبَانٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ دِرْعُ رَسُولِ اللَّهِ ص ذَاتُ الْفُضُولِ لَهَا حَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُقَدَّمِهَا وَ حَلْقَتَانِ مِنْ وَرِقٍ فِي مُؤَخَّرِهَا وَ قَالَ لَبِسَهَا عَلِيٌّ ع يَوْمَ الْجَمَلِ.

512- أَبَانٌ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: شَدَّ عَلِيٌّ ع عَلَى بَطْنِهِ يَوْمَ الْجَمَلِ بِعِقَالٍ أَبْرَقَ (6) نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَشُدُّ بِهِ عَلَى بَطْنِهِ إِذَا لَبِسَ الدِّرْعَ.

513- أَبَانٌ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِلْمِقْدَادِ أَمَا وَ اللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لَأَرُدَّنَّكَ إِلَى رَبِّكَ الْأَوَّلِ (7) قَالَ فَلَمَّا حَضَرَتِ الْمِقْدَادَ الْوَفَاةُ قَالَ لِعَمَّارٍ أَبْلِغْ عُثْمَانَ عَنِّي أَنِّي قَدْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّيَ الْأَوَّلِ.


1- الظاهر أنّه ابن نهيك.
2- في بعض النسخ [ذهب].
3- أي أمر الخلافة الإسلامية و المسودة: أصحاب أبى مسلم المروزى.
4- أي أنهم لاستعجالهم و عدم التسليم لامامهم خارجون عن شيعته و المقتدين به.
5- النور: 36.
6- الحبل الذي فيه لونان، و كل شي ء اجتمع فيه سواد و بياض فهو أبرق «الصحاح»
7- هذا تهديد له بالقتل.

ص: 332

514- أَبَانٌ عَنْ فُضَيْلٍ وَ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا حَضَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أُسَامَةَ الْمَوْتُ دَخَلَتْ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ قَرَابَتِي وَ مَنْزِلَتِي مِنْكُمْ وَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَأُحِبُّ أَنْ تَضْمَنُوهُ عَنِّي فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- أَمَا وَ اللَّهِ ثُلُثُ دَيْنِكَ عَلَيَّ ثُمَّ سَكَتَ وَ سَكَتُوا فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع عَلَيَّ دَيْنُكَ كُلُّهُ ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَضْمَنَهُ أَوَّلًا إِلَّا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَقُولُوا سَبَقَنَا.

515- أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص الْقَصْوَاءُ إِذَا نَزَلَ عَنْهَا عَلَّقَ عَلَيْهَا زِمَامَهَا قَالَ فَتَخْرُجُ فَتَأْتِي الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَيُنَاوِلُهَا الرَّجُلُ الشَّيْ ءَ وَ يُنَاوِلُهُ هَذَا الشَّيْ ءَ فَلَا تَلْبَثُ أَنْ تَشْبَعَ قَالَ فَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي خِبَاءِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ فَتَنَاوَلَ عَنَزَةً فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رَأْسِهَا فَشَجَّهَا فَخَرَجَتْ إِلَى النَّبِيِّ ص فَشَكَتْهُ (1).

516- أَبَانٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مَرْيَمَ ع حَمَلَتْ بِعِيسَى ع تِسْعَ سَاعَاتٍ كُلُّ سَاعَةٍ شَهْراً.

517- أَبَانٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْمُغِيرِيَّةَ (2) يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ لِهَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَقَالَ كَذَبُوا هَذَا الْيَوْمُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ إِنَّ أَهْلَ بَطْنِ نَخْلَةَ حَيْثُ (3) رَأَوُا الْهِلَالَ قَالُوا قَدْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ.


1- اما باللسان او بالاشارات و على التقديرين فهو من معجزاته. «آت»
2- أي أتباع المغيرة بن سعيد البجليّ.
3- إشارة إلى ما ذكره المؤرخون أن النبيّ بعث عبد اللّه بن جحش معه ثمانية رهط من المهاجرين و قيل: اثنى عشر و أمره أن ينزل نخلة بين مكّة و الطائف فيرصد قريشا و يعلم أخبارهم فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمى في غير تجارة قريش في آخر يوم جمادى الآخرة و كانوا يرون أنّه من جمادى و هو رجب فاختصم المسلمون فقال قائل منهم: هذه غرة من عدو و غنم رزقتموه فلا ندرى أ من شهر الحرام هذا اليوم أم لا فقال قائل منهم: لا نعلم هذا اليوم إلّا من الشهر الحرام و لا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه، فشدوا على ابن الحضرمى فقتلوه و غنموه عيره فبلغ ذلك كفّار قريش فركب وفدهم حتّى قدموا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالوا أ يحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل اللّه تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ- الآية-» و يظهر من بعض السير أنهم انما فعلوا ذلك بعد علمهم كونه من شهر رجب بان رأوا الهلال و استشهاده عليه السلام بان أصحابه حكموا بعد رؤية الهلال بدخول رجب فالليل السابق على النهار و يحسب معه يوما. آت

ص: 333

518- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلَّارٍ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الشِّيعَةَ الْخَاصَّةَ الْخَالِصَةَ (1) مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرِّفْنَاهُمْ حَتَّى نَعْرِفَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا قُلْتُ لَكُمْ إِلَّا وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَا الدَّلِيلُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَلِيٌّ نَصْرُ الدِّينِ وَ مَنَارُهُ أَهْلُ الْبَيْتِ وَ هُمُ الْمَصَابِيحُ الَّذِينَ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ مُوَافِقاً لِهَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا وُضِعَ الْقَلْبُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَّا لِيُوَافِقَ أَوْ لِيُخَالِفَ (2) فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوَافِقاً لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ نَاجِياً وَ مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُخَالِفاً لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ هَالِكاً.

519- أَحْمَدُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ عَادَيْتُمْ فِينَا الْآبَاءَ وَ الْأَبْنَاءَ وَ الْأَزْوَاجَ وَ ثَوَابُكُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَا إِنَّ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ (3) إِذَا بَلَغَتِ الْأَنْفُسُ إِلَى هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ.

520- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَمَّارِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَّا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَا وَ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيُّ وَ مَنْصُورٌ الصَّيْقَلُ فَوَاعَدْنَا دَارَ طَاهِرٍ مَوْلَاهُ فَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ ثُمَّ رُحْنَا إِلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ مُتَّكِئاً عَلَى سَرِيرٍ قَرِيبٍ مِنَ الْأَرْضِ فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ ثُمَّ اسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ أَرْسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ النَّاسُ يَمِيناً وَ شِمَالًا فِرْقَةٌ مُرْجِئَةٌ وَ فِرْقَةٌ خَوَارِجُ وَ فِرْقَةٌ قَدَرِيَّةٌ وَ سُمِّيتُمْ أَنْتُمُ التُّرَابِيَّةَ ثُمَّ قَالَ بِيَمِينٍ مِنْهُ أَمَا وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ رَسُولُهُ وَ آلُ رَسُولِهِ ص وَ شِيعَتُهُمْ كَرَّمَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ وَ مَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَلَا كَانَ عَلِيٌّ وَ اللَّهِ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُهَا ثَلَاثاً.


1- أي من يتابعنى في جميع أقوالى و أفعالى.
2- أي ليعلم به المخالف و الموافق. «آت»
3- أي الى ولايتنا.

ص: 334

521- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ النَّخَعِيِ (1) عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيَطَّلِعُونَ عَلَى الْوَاحِدِ وَ الِاثْنَيْنِ وَ الثَّلَاثَةِ وَ هُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ ع فَيَقُولُونَ أَ مَا تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَ كَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ ع فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

522- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَا عُمَرُ لَا تَحْمِلُوا عَلَى شِيعَتِنَا وَ ارْفُقُوا بِهِمْ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَحْتَمِلُونَ مَا تَحْمِلُونَ (2).

523- مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُمِّيُّ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (3) قَالَ هُمَا ثُمَّ قَالَ وَ كَانَ فُلَانٌ شَيْطَاناً.

524- يُونُسُ عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ قَالَ يَا سَوْرَةُ هُمَا وَ اللَّهِ هُمَا ثَلَاثاً وَ اللَّهِ يَا سَوْرَةُ إِنَّا لَخُزَّانُ عِلْمِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ وَ إِنَّا لَخُزَّانُ عِلْمِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.

525- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ (4) قَالَ يَعْنِي فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ.

526- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَ غَيْرُهُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ


1- لم نجد له ذكر في كتب التراجم و الرجال.
2- أي لا تكلفوا اوساط الشيعة بالتكاليف الشاقة في العلم و العمل بل علموهم و ادعوهم الى العمل برفق ليكملوا فانهم لا يحتملون من العلوم و الاسرار و تحمل المشاق في الطاعات ما تحتملون. «آت»
3- فصّلت: 29.
4- النساء: 108.

ص: 335

يُونُسَ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّجَاشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً (1) يَعْنِي وَ اللَّهِ فُلَاناً وَ فُلَاناً- وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (2) يَعْنِي وَ اللَّهِ النَّبِيَّ ص وَ عَلِيّاً ع مِمَّا صَنَعُوا أَيْ لَوْ جَاءُوكَ بِهَا يَا عَلِيُّ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ مِمَّا صَنَعُوا وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً- فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (3) فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هُوَ وَ اللَّهِ عَلِيٌّ بِعَيْنِهِ- ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عَلَى لِسَانِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَعْنِي بِهِ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ- وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (4) لِعَلِيٍّ.

527- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ رُبَّمَا رَأَيْتُ الرُّؤْيَا فَأُعَبِّرُهَا وَ الرُّؤْيَا عَلَى مَا تُعَبَّرُ (5).

528- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ الرُّؤْيَا عَلَى مَا تُعَبَّرُ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا رَوَى أَنَّ رُؤْيَا الْمَلِكِ كَانَتْ أَضْغَاثَ أَحْلَامٍ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع إِنَّ امْرَأَةً رَأَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ انْكَسَرَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ص يَقْدَمُ زَوْجُكِ وَ يَأْتِي وَ هُوَ صَالِحٌ وَ قَدْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِباً فَقَدِمَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ص ثُمَّ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً أُخْرَى فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ انْكَسَرَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ ص فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ لَهَا يَقْدَمُ زَوْجُكِ وَ يَأْتِي صَالِحاً فَقَدِمَ عَلَى مَا قَالَ ثُمَّ غَابَ زَوْجُهَا ثَالِثَةً


1- النساء: 63. و قوله: «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» اى عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم او عن قبول معذرتهم. «آت»
2- النساء: 63.
3- النساء: 603-.
4- الظاهر أنّه كان في مصحفهم عليه السلام على صيغة المتكلم و يحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى أي المراد بقضاء الرسول ما يقضى اللّه على لسانه. «آت»
5- أي تقع مطابقة لما عبّرت به. «آت»

ص: 336

فَرَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ جِذْعَ بَيْتِهَا قَدِ انْكَسَرَ فَلَقِيَتْ رَجُلًا أَعْسَرَ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ لَهَا الرَّجُلُ السَّوْءُ يَمُوتُ زَوْجُكِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ص فَقَالَ أَلَّا كَانَ عَبَّرَ لَهَا خَيْراً.

529- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تُرِفُّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ عَلَى رَأْسِ صَاحِبِهَا حَتَّى يُعَبِّرَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ يُعَبِّرَهَا لَهُ مِثْلُهُ فَإِذَا عُبِّرَتْ لَزِمَتِ الْأَرْضَ فَلَا تَقُصُّوا رُؤْيَاكُمْ إِلَّا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ.

530- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الرُّؤْيَا لَا تُقَصُّ إِلَّا عَلَى مُؤْمِنٍ خَلَا مِنَ الْحَسَدِ وَ الْبَغْيِ.

531- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُو النَّمِرَةِ وَ كَانَ مِنْ أَقْبَحِ النَّاسِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ ذُو النَّمِرَةِ مِنْ قُبْحِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ وَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا أَدْرَكْتَهُ وَ الْحَجَّ إِذَا اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ الزَّكَاةَ وَ فَسَّرَهَا لَهُ فَقَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا أَزِيدُ رَبِّي عَلَى مَا فَرَضَ عَلَيَّ شَيْئاً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص وَ لِمَ يَا ذَا النَّمِرَةِ فَقَالَ كَمَا خَلَقَنِي قَبِيحاً قَالَ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُبَلِّغَ ذَا النَّمِرَةِ عَنْهُ السَّلَامَ وَ تَقُولَ لَهُ يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَ مَا تَرْضَى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلَى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ ع يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا ذَا النَّمِرَةِ هَذَا جَبْرَئِيلُ يَأْمُرُنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ أَ مَا تَرْضَى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلَى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ فَقَالَ ذُو النَّمِرَةِ فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ يَا رَبِّ فَوَ عِزَّتِكَ لَأَزِيدَنَّكَ حَتَّى تَرْضَى.

ص: 337

حَدِيثُ الَّذِي أَحْيَاهُ عِيسَى ع

532- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ (1) عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَحْيَا أَحَداً بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَكْلٌ وَ رِزْقٌ وَ مُدَّةٌ وَ وَلَدٌ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّهُ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ مُوَاخٍ لَهُ فِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَانَ عِيسَى ع يَمُرُّ بِهِ وَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَ إِنَّ عِيسَى غَابَ عَنْهُ حِيناً ثُمَّ مَرَّ بِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَ فَتُحِبِّينَ أَنْ تَرَاهُ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ لَهَا فَإِذَا كَانَ غَداً فَآتِيكِ حَتَّى أُحْيِيَهُ لَكِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهَا فَقَالَ لَهَا انْطَلِقِي مَعِي إِلَى قَبْرِهِ فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا قَبْرَهُ فَوَقَفَ عَلَيْهِ عِيسَى ع ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَانْفَرَجَ الْقَبْرُ وَ خَرَجَ ابْنُهَا حَيّاً فَلَمَّا رَأَتْهُ أُمُّهُ وَ رَآهَا بَكَيَا فَرَحِمَهُمَا عِيسَى ع فَقَالَ لَهُ عِيسَى أَ تُحِبُّ أَنْ تَبْقَى مَعَ أُمِّكَ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَكْلٍ وَ رِزْقٍ وَ مُدَّةٍ أَمْ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَ لَا رِزْقٍ وَ لَا مُدَّةٍ فَقَالَ لَهُ عِيسَى ع بِأَكْلٍ وَ رِزْقٍ وَ مُدَّةٍ وَ تُعَمَّرُ عِشْرِينَ سَنَةً وَ تَزَوَّجُ وَ يُولَدُ لَكَ قَالَ نَعَمْ إِذاً قَالَ فَدَفَعَهُ عِيسَى إِلَى أُمِّهِ فَعَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ تَزَوَّجَ وَ وُلِدَ لَهُ.

533- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ وَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ (2) فَقَالَ مَنْ عَبَدَ فِيهِ غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ تَوَلَّى فِيهِ غَيْرَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مُلْحِدٌ بِظُلْمٍ وَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يُذِيقَهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

534- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا


1- هو المفضل بن صالح الأسدى النخاس مولاهم مات في حياة الرضا، ضعيف.
2- الحجّ: 25.

ص: 338

رَبُّنَا اللَّهُ (1) قَالَ نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلِيٍّ وَ حَمْزَةَ وَ جَعْفَرٍ وَ جَرَتْ فِي الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ.

535- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ بُرَيْدٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا (2) قَالَ فَقَالَ إِنَّ لِهَذَا تَأْوِيلًا يَقُولُ مَا ذَا أُجِبْتُمْ فِي أَوْصِيَائِكُمُ الَّذِينَ خَلَّفْتُمُوهُمْ عَلَى أُمَمِكُمْ قَالَ فَيَقُولُونَ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَا فَعَلُوا مِنْ بَعْدِنَا.

حَدِيثُ إِسْلَامِ عَلِيٍّ ع

حَدِيثُ إِسْلَامِ عَلِيٍّ ع (3)

536- ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:


1- الحجّ: 40. «دِيارِهِمْ» قال البيضاوى: أى من مكّة «بِغَيْرِ حَقٍّ» بغير موجب استحقوا به «إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» على طريقة قول النابغة: و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب و قيل: منقطع.
2- المائدة: 109.
3- اجمعت علماء الشيعة على سبق إسلامه عليه السلام على جميع الصحابة و به قال جماعة كثيرة من المخالفين و قد تواترت الروايات الدالة عليه من طرق العامّة و الخاصّة و قد أوردنا في كتاب بحار الأنوار الاخبار المستفيضة من كتبهم المعتبرة كتاريخ الطبريّ و أنساب الصحابة عنه و المعارف عن القتيبى و تاريخ يعقوب النسوى و عثمانية الجاحظ و تفسير الثعلبي و كتاب ابى زرعة الدمشقى و خصائص النطنزي و كتاب المعرفة لابى يوسف النسوى و أربعين الخطيب و فردوس الديلميّ و شرف النبيّ للخركوشى و جامع الترمذي و ابانة العكبرى و تاريخ الخطيب و مسند أحمد بن حنبل و كتاب الطبقات لمحمّد بن سعد و فضائل الصحابة للعكبرى و [عبد اللّه بن] أحمد بن حنبل و كتاب ابن مردويه الأصفهانيّ و كتاب المظفر السمعانيّ و أمالى سهل بن عبد اللّه المروزى و تاريخ بغداد و الرسالة القوامية و مسند الموصلى و تفسير قتادة و كتاب الشيرازى و غيرهما ممّا يطول ذكرها رووا سبق إسلامه عليه السلام بطرق متعدّدة عن سلمان و أبي ذرّ و المقداد و عمّار و زيد بن صوحان و حذيفة و ابى الهيثم و خزيمة و ابى أيّوب و الخدريّ و ابى رافع و أمّ سلمة و سعد بن أبي وقاص و ابى موسى الأشعريّ و انس بن مالك و ابى الطفيل و جبير بن مطعم و عمرو بن الحمق و حبة العرنيّ و جابر الحضرمى و الحارث الأعور و عباية الأسدى و مالك بن الحويرث و قثم بن العباس و سعيد بن قيس و مالك الأشتر و هاشم بن عتبة و محمّد بن كعب و ابن مجاز و الشعبى و الحسن البصرى و ابى البحترى و الواقدى و عبد الرزاق و معمر و السدى و غيرهم و نسبوا القول بذلك الى ابن عبّاس و جابر بن عبد اللّه و انس و زيد بن أرقم و مجاهد و قتادة و ابن إسحاق و غيرهم. «آت». اقول: قد أورد الحجة الفذ العلامة الامينى صاحب الغدير في المجلد الثاني ص 219 من كتابه الاغر شطرا وافيا بما لا مزيد عليه من اخبارهم في أن اول من أسلم هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام فليراجع و اغتنم.

ص: 339

سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع ابْنُ كَمْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَوْمَ أَسْلَمَ فَقَالَ أَ وَ كَانَ كَافِراً قَطُّ إِنَّمَا كَانَ لِعَلِيٍّ ع حَيْثُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ ص عَشْرُ سِنِينَ وَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ كَافِراً وَ لَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ بِرَسُولِهِ ص وَ سَبَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ ص وَ إِلَى الصَّلَاةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَ كَانَتْ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَ كَذَلِكَ فَرَضَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّيهَا بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَ يُصَلِّيهَا عَلِيٌّ ع مَعَهُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْمَدِينَةِ وَ خَلَّفَ عَلِيّاً ع فِي أُمُورٍ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ وَ كَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَ ذَلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ وَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِقُبَا فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً يَنْتَظِرُ عَلِيّاً ع يُصَلِّي الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَ كَانَ نَازِلًا عَلَى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْماً يَقُولُونَ لَهُ أَ تُقِيمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَنْزِلًا وَ مَسْجِداً فَيَقُولُ لَا إِنِّي أَنْتَظِرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يَلْحَقَنِي وَ لَسْتُ مُسْتَوْطِناً مَنْزِلًا حَتَّى يَقْدَمَ عَلِيٌّ وَ مَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِمَ عَلِيٌّ ع وَ النَّبِيُّ ص فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَزَلَ مَعَهُ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ ع تَحَوَّلَ مِنْ قُبَا إِلَى بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَ عَلِيٌّ ع مَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِداً وَ نَصَبَ قِبْلَتَهُ فَصَلَّى بِهِمْ فِيهِ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ وَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ ثُمَّ رَاحَ مِنْ يَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الَّتِي كَانَ قَدِمَ عَلَيْهَا وَ عَلِيٌّ ع مَعَهُ لَا يُفَارِقُهُ يَمْشِي بِمَشْيِهِ وَ لَيْسَ يَمُرُّ رَسُولُ اللَّهِ ص بِبَطْنٍ مِنْ بُطُونِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَامُوا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَانْطَلَقَتْ بِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرَى وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَابِ مَسْجِدِ

ص: 340

رَسُولِ اللَّهِ ص الَّذِي يُصَلَّى عِنْدَهُ بِالْجَنَائِزِ فَوَقَفَتْ عِنْدَهُ وَ بَرَكَتْ وَ وَضَعَتْ جِرَانَهَا عَلَى الْأَرْضِ (1) فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُبَادِراً حَتَّى احْتَمَلَ رَحْلَهُ فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ وَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ ع مَعَهُ حَتَّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ بُنِيَتْ لَهُ مَسَاكِنُهُ وَ مَنْزِلُ عَلِيٍّ ع فَتَحَوَّلَا إِلَى مَنَازِلِهِمَا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ- لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَيْنَ فَارَقَهُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى قُبَا فَنَزَلَ بِهِمْ يَنْتَظِرُ قُدُومَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَ هُمْ يَسْتَرِيثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ (2) فَانْطَلِقْ بِنَا وَ لَا تَقُمْ هَاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِيّاً فَمَا أَظُنُّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكَ إِلَى شَهْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص كَلَّا مَا أَسْرَعَهُ وَ لَسْتُ أَرِيمُ (3) حَتَّى يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وَ أَخِي فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ فَقَدْ وَقَانِي بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَ اشْمَأَزَّ وَ دَاخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ حَسَدٌ لِعَلِيٍّ ع وَ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ عَدَاوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ- لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِي عَلِيٍّ ع وَ أَوَّلَ خِلَافٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَ تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِقُبَا يَنْتَظِرُ عَلِيّاً ع قَالَ فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَمَتَى زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ص- فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ ع فَقَالَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَ كَانَ لَهَا يَوْمَئِذٍ تِسْعُ سِنِينَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ لَمْ يُولَدْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ خَدِيجَةَ ع عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ (4) إِلَّا فَاطِمَةُ ع وَ قَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ مَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ص سَئِمَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ (5) وَ دَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ وَ أَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَشَكَا إِلَى جَبْرَئِيلَ ع ذَلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ اخْرُجْ


1- برك أي يقع على بركه أي صدره. جران البعير- بالكسر-: مقدم عنقه من مذبحه الى منخره.
2- الاستراثة: الاستبطاء. «الصحاح»
3- يقال: رام يريم إذا برح و زال من مكانه. «النهاية»
4- أي بعد البعثة.
5- أي ملله المقام فيها.

ص: 341

مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ هَاجِرْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ لَكَ الْيَوْمَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ وَ انْصِبْ لِلْمُشْرِكِينَ حَرْباً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ لَهُ فَمَتَى فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ فَقَالَ بِالْمَدِينَةِ حِينَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ وَ قَوِيَ الْإِسْلَامُ وَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجِهَادَ وَ زَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الصَّلَاةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ فِي الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَ فِي الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَ فِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ وَ أَقَرَّ الْفَجْرَ عَلَى مَا فُرِضَتْ لِتَعْجِيلِ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ مِنَ السَّمَاءِ وَ لِتَعْجِيلِ عُرُوجِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ- وَ كَانَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ يَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (1) يَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ وَ يَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ.

537- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا أَيْسَرَ مَا رَضِيَ بِهِ النَّاسُ عَنْكُمْ كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ (2).

538- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَذَكَرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَ دَوْلَتَهُمْ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ وَ أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى يَدَيْكَ فَقَالَ مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ وَ لَا يَسُرُّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ إِنَّ أَصْحَابَهُمْ (3) أَوْلَادُ الزِّنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ سِنِينَ وَ لَا أَيَّاماً أَقْصَرَ مِنْ سِنِينِهِمْ (4) وَ أَيَّامِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ فَيَطْوِيهِ طَيّاً.

539- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وُلْدُ الْمِرْدَاسِ (5)مَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُمْ أَكْفَرُوهُ وَ مَنْ تَبَاعَدَ مِنْهُمْ أَفْقَرُوهُ-


1- الإسراء: 78.
2- جملة «كفوا ألسنتكم عنهم» تفسير «ما رضى به الناس».
3- أي من يستأصلهم و يقتلهم أولاد الزنا بني العباس و اتباعهم. «آت»
4- أي بنى أميّة و يحتمل بني العباس و أمّا أمر الفلك قد سبق الكلام في مثله. «آت»
5- ولد المرداس كناية عن العباس و هذا التعبير للتقية و الاخفاء و الوجه فيه أن عبّاس بن مرداس السلمى صحابى شاعر فلعل المراد ولد سمى ابن المرداس. «آت»

ص: 342

وَ مَنْ نَاوَاهُمْ قَتَلُوهُ (1) وَ مَنْ تَحَصَّنَ مِنْهُمْ أَنْزَلُوهُ وَ مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ أَدْرَكُوهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ دَوْلَتُهُمْ.

540- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَيْمَنَ جَمِيعاً عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِساً إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَرَحَّبَ بِهَا وَ أَخَذَ بِيَدِهَا وَ أَقْعَدَهَا ثُمَّ قَالَ ابْنَةُ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ- خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ (2) دَعَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُؤْمِنُوا وَ كَانَتْ نَارٌ يُقَالُ لَهَا نَارُ الْحَدَثَانِ (3)- تَأْتِيهِمْ كُلَّ سَنَةٍ فَتَأْكُلُ بَعْضَهُمْ وَ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ رَدَدْتُهَا عَنْكُمْ تُؤْمِنُونَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَجَاءَتْ فَاسْتَقْبَلَهَا بِثَوْبِهِ فَرَدَّهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى دَخَلَتْ كَهْفَهَا وَ دَخَلَ مَعَهَا وَ جَلَسُوا عَلَى بَابِ الْكَهْفِ وَ هُمْ يَرَوْنَ أَلَّا يَخْرُجَ أَبَداً فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ هَذَا هَذَا وَ كُلُّ هَذَا مِنْ ذَا (4) زَعَمَتْ بَنُو عَبْسٍ أَنِّي لَا أَخْرُجُ وَ جَبِينِي يَنْدَى (5) ثُمَّ قَالَ تُؤْمِنُونَ بِي قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي مَيِّتٌ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَادْفِنُونِي فَإِنَّهَا سَتَجِي ءُ عَانَةٌ (6) مِنْ حُمُرٍ يَقْدُمُهَا عَيْرٌ أَبْتَرُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى قَبْرِي فَانْبُشُونِي وَ سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ فَلَمَّا مَاتَ دَفَنُوهُ وَ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ إِذْ جَاءَتِ


1- ناواهم أي عاداهم.
2- ذكروا أنّه كان في الفترة و اختلفوا في نبوّته و هذا الخبر يدلّ على أنّه كان نبيّا و ذكر ابن الأثير و غيره هذه القصة نحوا ممّا في الخبر. «آت»
3- قال السيوطي في شرح شواهد المغني ناقلا عن العسكريّ في ذكر اقسام النار: نار الحرتين كانت في بلاد عبس، تخرج من الأرض فتؤذى من مربها و هي التي دفنها خالد بن سنان النبيّ عليه السلام. قال خليد: كنار الحرتين لها زفيرتصم مسامع الرجل السميع اقول: لعل الحدثان تصحيف الحرتين. «آت»
4- أي هذا شأنى و اعجازى. و «كل هذا من ذا» أي من اللّه تعالى و في نسخة «و كل هذا مؤذ أ زعمت»
5- عبس- بالفتح-: ابو قبيلة من قيس. و قوله: «جبينى يندى»- كيرضى- أى يبتل من العرق. «آت»
6- العانة: القطيع من حمر الوحش. و العير- بالفتح-: الحمار الوحشى و قد يطلق على الاهلى ايضا. و الابتر: المقطوع الذنب. «آت»

ص: 343

الْعَانَةُ اجْتَمَعُوا وَ جَاءُوا يُرِيدُونَ نَبْشَهُ فَقَالُوا مَا آمَنْتُمْ بِهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ لَئِنْ نَبَشْتُمُوهُ لَيَكُونَنَّ سُبَّةً عَلَيْكُمْ فَاتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ (1).

541- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ صَنَعَ النَّاسُ مَا صَنَعُوا وَ خَاصَمَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ الْأَنْصَارَ فَخَصَمُوهُمْ بِحُجَّةِ عَلِيٍّ ع (2) قَالُوا يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قُرَيْشٌ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكُمْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مِنْ قُرَيْشٍ وَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِهِمْ فِي كِتَابِهِ وَ فَضَّلَهُمْ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَيْتُ عَلِيّاً ع وَ هُوَ يُغَسِّلُ رَسُولَ اللَّهِ ص فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعَ النَّاسُ وَ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّاعَةَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ اللَّهِ مَا يَرْضَى أَنْ يُبَايِعُوهُ (3) بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إِنَّهُمْ لَيُبَايِعُونَهُ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً بِيَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ فَقَالَ لِي يَا سَلْمَانُ هَلْ تَدْرِي مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص قُلْتُ لَا أَدْرِي إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ حِينَ خَصَمَتِ الْأَنْصَارُ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ سَالِمٌ قَالَ لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا وَ لَكِنْ تَدْرِي أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ حِينَ صَعِدَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص قُلْتُ لَا وَ لَكِنِّي رَأَيْتُ شَيْخاً كَبِيراً مُتَوَكِّئاً عَلَى عَصَاهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ شَدِيدُ التَّشْمِيرِ (4) صَعِدَ إِلَيْهِ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ ابْسُطْ يَدَكَ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع


1- قال الجوهريّ: يقال: هذا الامر صار سبّة عليه- بالضم- اى عارا يسب به انتهى. اى هذا عار عليكم ان تحبوه و لا تؤمنوا به او هو يسبكم بترك الإيمان و الكفر او يكون هذا النبش عارا لكم عند العرب فيقولون: نبشوا قبر نبيهم و يؤيده ما ذكره ابن الأثير قال: فأرادوا نبشه فكره ذلك بعضهم قالوا: نخاف إن نبشناه ان يسبّنا العرب بانا نبشنا نبيّنا فتركوه. «آت»
2- أي غلب هؤلاء الثلاثة على الأنصار في المخاصمة بحجة هي تدلّ على كون الامر لعلى عليه السلام دونهم لانهم احتجوا عليهم بقرابة الرسول و أمير المؤمنين كان اقرب منهم أجمعين و قد احتج عليه السلام عليهم بذلك في مواطن [ذكروها]. «آت»
3- في الاحتجاج للطبرسيّ: «ما يرضى الناس ان يبايعوه».
4- «سجادة» أي اثر سجود. و التشمير: الجد و الاجتهاد في العبادة. «آت»

ص: 344

هَلْ تَدْرِي مَنْ هُوَ قُلْتُ لَا وَ لَقَدْ سَاءَتْنِي مَقَالَتُهُ كَأَنَّهُ شَامِتٌ بِمَوْتِ النَّبِيِّ ص فَقَالَ ذَاكَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّ إِبْلِيسَ وَ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِهِ شَهِدُوا نَصْبَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِيَّايَ لِلنَّاسِ بِغَدِيرِ خُمٍّ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَخْبَرَهُمْ أَنِّي أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَأَقْبَلَ إِلَى إِبْلِيسَ أَبَالِسَتُهُ وَ مَرَدَةُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ وَ مَعْصُومَةٌ وَ مَا لَكَ وَ لَا لَنَا عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ قَدْ أُعْلِمُوا إِمَامَهُمْ وَ مَفْزَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ فَانْطَلَقَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ كَئِيباً حَزِيناً وَ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّهُ لَوْ قُبِضَ أَنَّ النَّاسَ يُبَايِعُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ بَعْدَ مَا يَخْتَصِمُونَ ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُبَايِعُهُ عَلَى مِنْبَرِي إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَيْخٍ مُشَمِّرٍ يَقُولُ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَجْمَعُ شَيَاطِينَهُ وَ أَبَالِسَتَهُ فَيَنْخُرُ وَ يَكْسَعُ (1) وَ يَقُولُ كَلَّا زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِهِمْ حَتَّى تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَاعَتَهُ وَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص.

542- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ الْحَجَّاجِ (2) عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِيَدِ عَلِيٍّ ع- يَوْمَ الْغَدِيرِ صَرَخَ إِبْلِيسُ فِي جُنُودِهِ صَرْخَةً فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا أَتَاهُ فَقَالُوا يَا سَيِّدَهُمْ وَ مَوْلَاهُمْ (3) مَا ذَا دَهَاكَ فَمَا سَمِعْنَا لَكَ صَرْخَةً أَوْحَشَ مِنْ صَرْخَتِكَ هَذِهِ فَقَالَ لَهُمْ فَعَلَ هَذَا النَّبِيُّ فِعْلًا إِنْ تَمَّ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ أَبَداً فَقَالُوا يَا سَيِّدَهُمْ أَنْتَ كُنْتَ لآِدَمَ فَلَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّهُ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى وَ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَ مَا تَرَى عَيْنَيْهِ تَدُورَانِ فِي رَأْسِهِ كَأَنَّهُ مَجْنُونٌ يَعْنُونَ رَسُولَ اللَّهِ ص صَرَخَ إِبْلِيسُ صَرْخَةً بِطَرَبٍ فَجَمَعَ أَوْلِيَاءَهُ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنِّي كُنْتُ لآِدَمَ مِنْ قَبْلُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ آدَمُ نَقَضَ الْعَهْدَ وَ لَمْ يَكْفُرْ بِالرَّبِّ وَ هَؤُلَاءِ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَ كَفَرُوا


1- النخير: صوت الانف. و كسعه- كمنعه-: ضرب دبره بيده او بصدر قدمه و إنّما كان يفعل ذلك نشاطا و فرحا و فخرا و فرجا و مخرجا و طربا. «آت»
2- في بعض النسخ [منيع ابن الحجاج] و على كلتا النسختين غير مذكور في كتب الرجال.
3- أي قالوا: يا سيدنا و يا مولانا و انما غيره لئلا يوهم انصرافه إليه عليه السلام و هذا شايع في كلام البلغاء في نقل امر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى: «أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ» و قوله: «ما ذا دهاك» يقال: دهاه إذا اصابته داهنة. «آت»

ص: 345

بِالرَّسُولِ- فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَقَامَ النَّاسُ غَيْرَ عَلِيٍّ لَبِسَ إِبْلِيسُ تَاجَ الْمُلْكِ وَ نَصَبَ مِنْبَراً وَ قَعَدَ فِي الْوَثْبَةِ (1) وَ جَمَعَ خَيْلَهُ وَ رَجْلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ اطْرَبُوا لَا يُطَاعُ اللَّهُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ وَ تَلَا أَبُو جَعْفَرٍ ع- وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع كَانَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الظَّنُّ مِنْ إِبْلِيسَ حِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى فَظَنَّ بِهِمْ إِبْلِيسُ ظَنّاً فَصَدَّقُوا ظَنَّهُ.

543- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْماً كَئِيباً حَزِيناً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَئِيباً حَزِيناً فَقَالَ وَ كَيْفَ لَا أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ أَنَّ بَنِي تَيْمٍ وَ بَنِي عَدِيٍّ وَ بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي هَذَا يَرُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ الْقَهْقَرَى فَقُلْتُ يَا رَبِّ فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي فَقَالَ بَعْدَ مَوْتِكَ.

544- جَمِيلٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَوْ لَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعَانَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا ظَفِرَ بِعَدُوِّهِ قَتَلَهُمْ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَ قَوْمٍ كَثِيرٍ.

545- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ الْمَسِيحُ ع يَقُولُ إِنَّ التَّارِكَ شِفَاءَ الْمَجْرُوحِ مِنْ جُرْحِهِ شَرِيكٌ لِجَارِحِهِ لَا مَحَالَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَارِحَ أَرَادَ فَسَادَ الْمَجْرُوحِ وَ التَّارِكَ لِإِشْفَائِهِ لَمْ يَشَأْ صَلَاحَهُ فَإِذَا لَمْ يَشَأْ صَلَاحَهُ فَقَدْ شَاءَ فَسَادَهُ اضْطِرَاراً فَكَذَلِكَ لَا تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَجْهَلُوا وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَأْثَمُوا وَ لْيَكُنْ أَحَدُكُمْ بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الْمُدَاوِي إِنْ رَأَى مَوْضِعاً لِدَوَائِهِ وَ إِلَّا أَمْسَكَ.


1- الوثبة: الوسادة و في بعض النسخ [الزينة].
2- سبأ: 20.

ص: 346

546- سَهْلٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَا وَ حُسَيْنُ بْنُ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ (1) فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا كُنَّا فِي سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ وَ غَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْشِ فَتَغَيَّرَتِ الْحَالُ بَعْضَ التَّغْيِيرِ فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إِلَيْنَا فَقَالَ أَيَّ شَيْ ءٍ تُرِيدُونَ تَكُونُونَ مُلُوكاً أَ يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ طَاهِرٍ وَ هَرْثَمَةَ (2) وَ إِنَّكَ عَلَى خِلَافِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا ذَهَباً


1- رواه الحسن بن عليّ بن شعبة الحرّانيّ- رحمه اللّه- في تحف العقول ص 448 و فيه «و الحسين بن يزيد» و هو النوفليّ المتطبب.
2- الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن ماهان الملقب ب «ذو اليمينين» والى خراسان كان من أكبر قوّاد المأمون و المجاهدين في تثبيت دولته كان جده زريق بن ماهان أو باذان مجوسيا فأسلم على يد طلحة الطلحات الخزاعيّ المشهور بالكرم والى سجستان و كان مولاه و لذلك اشتهر الطاهر بالخزاعى و كان هو الذي سيّره المأمون من خراسان الى محاربة أخيه الأمين محمّد بن زبيدة ببغداد لما خلع المأمون بيعته و سيّر الأمين عليّ بن عيسى بن ماهان لدفعه فالتقيا بالرى و قتل عليّ بن عيسى و كسر جيش الأمين و تقدم الطاهر الى بغداد و أخذ ما في طريقه من البلاد و حاصر بغداد و قتل الأمين سنة 198 و حمل برأسه إلى خراسان و عقد للمأمون على الخلافة فلما استقل المأمون بالملك كتب إليه- و هو مقيم ببغداد و كان واليا عليها- بأن يسلم الى الحسن بن سهل جميع ما افتتحه من البلاد و هي العراق و بلاد الجبل و فارس و أهواز و الحجاز و اليمن و ان يتوجه هو الى الرقة و ولاه الموصل و بلاد الجزيرة و الشام و المغرب فكان فيها الى ان قدم المأمون بغداد فجاء إليه و كان المأمون يرعاه لمناصحته و خدمته. و لقبه ذو اليمينين و ذلك انه ضرب شخصا بيساره فقده نصفين في وقعته مع عليّ بن عيسى بن ماهان حتّى قال بعض الشعراء: «كلتا يديك يمين حين تضربه» فبعثه إلى خراسان فكان واليا عليها الى ان توفّي سنة 207 بمرو و هو الذي اسس دولة آل طاهر في خراسان و ما والاها من سنة 205 الى 259 و كان طاهر من أصحاب الرضا عليه السلام كان متشيعا و ينسب التشيع أيضا الى بنى طاهر كما في مروج الذهب و غيره. ولد طاهر سنة 159 في توشنج من بلاد خراسان و له عهد الى ابنه و هو من أحسن الرسائل. و هرثمة هو هرثمة بن أعين كان أيضا من قوّاد المأمون و في خدمته و كان مشهورا معروفا بالتشيع و محبا لاهل البيت من أصحاب الرضا عليه السلام بل من خواصه و أصحاب سره و يأخذ نفسه انه من شيعته و كان قائما بمصالحه و كانت له محبة تامّة و إخلاص كامل له عليه السلام.

ص: 347

وَ فِضَّةً وَ إِنِّي عَلَى خِلَافِ مَا أَنَا عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ فَمَنْ أَيْسَرَ مِنْكُمْ فَلْيَشْكُرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (1) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (2) وَ أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ يَقُولُ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ وَ مَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ تَنَعَّمَ أَهْلُهُ وَ بَصَّرَهُ اللَّهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَا فَعَلَ ابْنُ قِيَامَا (3) قَالَ قُلْتُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَلْقَانَا فَيُحْسِنُ اللِّقَاءَ فَقَالَ وَ أَيُّ شَيْ ءٍ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ (4) قَالَ ثُمَّ قَالَ تَدْرِي لِأَيِّ شَيْ ءٍ تَحَيَّرَ ابْنُ قِيَامَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ إِنَّهُ تَبِعَ أَبَا الْحَسَنِ ع فَأَتَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ هُوَ يُرِيدُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ ص فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ع فَقَالَ مَا تُرِيدُ حَيَّرَكَ اللَّهُ (5) قَالَ ثُمَّ قَالَ أَ رَأَيْتَ لَوْ رَجَعَ إِلَيْهِمْ مُوسَى فَقَالُوا لَوْ نَصَبْتَهُ لَنَا فَاتَّبَعْنَاهُ وَ اقْتَصَصْنَا أَثَرَهُ أَ هُمْ كَانُوا أَصْوَبَ قَوْلًا أَوْ مَنْ قَالَ- لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (6) قَالَ قُلْتُ لَا بَلْ


1- إبراهيم: 7.
2- سبأ: 12.
3- هو الحسين بن قياما كان رجلا واقفيا خبيثا و قيل برجوعه عن الوقف و على أي هو من أصحاب الكاظم عليه السلام.
4- التوبة: 110. و قال الطبرسيّ- رحمه اللّه- أى لا يزال بناء المبنى الذي بنوه شكا في قلوبهم فيما كان من اظهار اسلامهم و ثباتا على النفاق.
5- انما دعا عليه بالحيرة لما علم في قلبه من الشك و النفاق. «آت»
6- شبه عليه السلام قصة الواقفية بقصة من عبد العجل حيث ترك موسى عليه السلام هارون بينهم فلم يطيعوه و عبدوا العجل و لم يرجعوا بقوله عن ذلك و قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع الينا موسى و كذا موسى بن جعفر عليه السلام خلف الرضا عليه السلام بينهم عند ذهابه إلى العراق و نص عليه فلما توفى عليه السلام تركوا وصيه و لم يطيعوه و اختاروا الوقف عليه و قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع الينا موسى فانه غاب و لم يمت. «آت»

ص: 348

مَنْ قَالَ نَصَبْتَهُ لَنَا فَاتَّبَعْنَاهُ وَ اقْتَصَصْنَا أَثَرَهُ قَالَ فَقَالَ مِنْ هَاهُنَا أُتِيَ (1) ابْنُ قِيَامَا وَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ ابْنَ السَّرَّاجِ (2) فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِمَوْتِ أَبِي الْحَسَنِ ع وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ كُلُّ مَا خَلَّفْتُ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى قَمِيصِي هَذَا الَّذِي فِي عُنُقِي لِوَرَثَةِ أَبِي الْحَسَنِ ع وَ لَمْ يَقُلْ هُوَ لِأَبِي الْحَسَنِ ع وَ هَذَا إِقْرَارٌ (3) وَ لَكِنْ أَيُّ شَيْ ءٍ يَنْفَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَ مِمَّا قَالَ ثُمَّ أَمْسَكَ.

547- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَكَ إِيَّاهُمْ فِي أَمْرِكَ وَ أُمُورِهِمْ وَ أَكْثِرِ التَّبَسُّمَ فِي وُجُوهِهِمْ وَ كُنْ كَرِيماً عَلَى زَادِكَ وَ إِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ وَ إِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ فَأَعِنْهُمْ وَ اغْلِبْهُمْ بِثَلَاثٍ بِطُولِ الصَّمْتِ وَ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ سَخَاءِ النَّفْسِ بِمَا مَعَكَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَادٍ وَ إِذَا اسْتَشْهَدُوكَ عَلَى الْحَقِّ فَاشْهَدْ لَهُمْ وَ اجْهَدْ رَأْيَكَ لَهُمْ إِذَا اسْتَشَارُوكَ ثُمَّ لَا تَعْزِمْ حَتَّى تَثَبَّتَ وَ تَنْظُرَ وَ لَا تُجِبْ فِي مَشُورَةٍ حَتَّى تَقُومَ فِيهَا وَ تَقْعُدَ وَ تَنَامَ وَ تَأْكُلَ وَ تُصَلِّيَ وَ أَنْتَ مُسْتَعْمِلٌ فِكْرَكَ وَ حِكْمَتَكَ فِي مَشُورَتِهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُمْحِضِ النَّصِيحَةَ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ سَلَبَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَأْيَهُ وَ نَزَعَ عَنْهُ الْأَمَانَةَ وَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَكَ يَمْشُونَ فَامْشِ مَعَهُمْ وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ يَعْمَلُونَ فَاعْمَلْ مَعَهُمْ وَ إِذَا تَصَدَّقُوا وَ أَعْطَوْا قَرْضاً فَأَعْطِ مَعَهُمْ وَ اسْمَعْ لِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّاً وَ إِذَا أَمَرُوكَ بِأَمْرٍ وَ سَأَلُوكَ فَقُلْ نَعَمْ وَ لَا تَقُلْ لَا فَإِنَّ لَا عِيٌّ وَ لُؤْمٌ وَ إِذَا تَحَيَّرْتُمْ فِي طَرِيقِكُمْ فَانْزِلُوا وَ إِذَا شَكَكْتُمْ فِي الْقَصْدِ فَقِفُوا وَ تَآمَرُوا (4) وَ إِذَا رَأَيْتُمْ شَخْصاً وَاحِداً فَلَا تَسْأَلُوهُ عَنْ طَرِيقِكُمْ وَ لَا تَسْتَرْشِدُوهُ فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ فِي الْفَلَاةِ مُرِيبٌ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَيْناً لِلُّصُوصِ أَوْ يَكُونَ هُوَ الشَّيْطَانَ الَّذِي حَيَّرَكُمْ وَ احْذَرُوا الشَّخْصَيْنِ أَيْضاً إِلَّا أَنْ تَرَوْا مَا لَا أَرَى فَإِنَّ الْعَاقِلَ


1- بصيغة المجهول: أى هلك.
2- هو أحمد بن أبي بشر، كان من الواقفة.
3- أي يموت موسى بن جعفر عليه السلام حيث لم يقل: ان المال لورثته. «آت»
4- المؤامرة: المشاورة.

ص: 349

إِذَا أَبْصَرَ بِعَيْنِهِ شَيْئاً عَرَفَ الْحَقَّ مِنْهُ وَ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ يَا بُنَيَّ وَ إِذَا جَاءَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَلَا تُؤَخِّرْهَا لِشَيْ ءٍ وَ صَلِّهَا وَ اسْتَرِحْ مِنْهَا فَإِنَّهَا دَيْنٌ وَ صَلِّ فِي جَمَاعَةٍ وَ لَوْ عَلَى رَأْسِ زُجٍ (1) وَ لَا تَنَامَنَّ عَلَى دَابَّتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ سَرِيعٌ فِي دَبَرِهَا (2) وَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْحُكَمَاءِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مَحْمِلٍ يُمْكِنُكَ التَّمَدُّدُ لِاسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ وَ إِذَا قَرُبْتَ مِنَ الْمَنْزِلِ فَانْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ وَ ابْدَأْ بِعَلْفِهَا قَبْلَ نَفْسِكَ وَ إِذَا أَرَدْتَ النُّزُولَ فَعَلَيْكَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ بِأَحْسَنِهَا لَوْناً وَ أَلْيَنِهَا تُرْبَةً وَ أَكْثَرِهَا عُشْباً وَ- إِذَا نَزَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ وَ إِذَا أَرَدْتَ قَضَاءَ حَاجَةٍ فَأَبْعِدِ الْمَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ وَ إِذَا ارْتَحَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ وَدِّعِ الْأَرْضَ الَّتِي حَلَلْتَ بِهَا وَ سَلِّمْ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لِكُلِّ بُقْعَةٍ أَهْلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَأْكُلَ طَعَاماً حَتَّى تَبْدَأَ فَتَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَافْعَلْ وَ عَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا دُمْتَ رَاكِباً وَ عَلَيْكَ بِالتَّسْبِيحِ مَا دُمْتَ عَامِلًا وَ عَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ مَا دُمْتَ خَالِياً وَ إِيَّاكَ وَ السَّيْرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِالتَّعْرِيسِ وَ الدُّلْجَةِ (3)مِنْ لَدُنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ وَ إِيَّاكَ وَ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي مَسِيرِكَ.

548- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِ (4) عَنْ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْيَعْقُوبِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ قَالَ وَ حَدَّثَنِي الْأُسَيْدِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُبَشِّرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ الْأَزْرَقَ (5) كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ بَيْنَ قُطْرَيْهَا أَحَداً تُبْلِغُنِي إِلَيْهِ الْمَطَايَا يَخْصِمُنِي أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَ هُوَ لَهُمْ غَيْرُ ظَالِمٍ لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ وَ لَا وَلَدَهُ فَقَالَ أَ فِي وُلْدِهِ عَالِمٌ فَقِيلَ لَهُ هَذَا أَوَّلُ جَهْلِكَ


1- الزج- بالضم-: الحديدة في أسفل الرمح و نصل السهم.
2- الدبر: قرحة الدابّة في ظهرها.
3- قال الجوهريّ: التعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة الاستراحة ثمّ يرتحلون و قال الجزريّ: فيه عليكم بالدلجة و هو سير الليل: يقال: أدلج- بالتخفيف- اذا سار من أول الليل و ادّلج- بالتشديد- اذا سار من آخره و الاسم منهما الدلجة و الدلجة- بالضم و الفتح- أقول: لا يبعد أن يكون المراد بالتعريس هنا النزول اول الليل. «آت»
4- في بعض النسخ [حسن بن زيد النوفليّ].
5- الظاهر أنّه كان هو من الخوارج.

ص: 350

وَ هُمْ يَخْلُونَ مِنْ عَالِمٍ قَالَ فَمَنْ عَالِمُهُمُ الْيَوْمَ قِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ فَرَحَلَ إِلَيْهِ فِي صَنَادِيدِ أَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقِيلَ لَهُ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ فَقَالَ وَ مَا يَصْنَعُ بِي وَ هُوَ يَبْرَأُ مِنِّي وَ مِنْ أَبِي طَرَفَيِ النَّهَارِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ الْكُوفِيُّ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَيْنَ قُطْرَيْهَا أَحَداً تُبْلِغُهُ الْمَطَايَا إِلَيْهِ يَخْصِمُهُ أَنَّ عَلِيّاً ع قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَ هُوَ لَهُمْ غَيْرُ ظَالِمٍ لَرَحَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ تَرَاهُ جَاءَنِي مُنَاظِراً قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا غُلَامُ اخْرُجْ فَحُطَّ رَحْلَهُ وَ قُلْ لَهُ إِذَا كَانَ الْغَدُ فَأْتِنَا قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ غَدَا فِي صَنَادِيدِ أَصْحَابِهِ (1) وَ بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِلَى جَمِيعِ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فِي ثَوْبَيْنِ مُمَغَّرَيْنِ (2) وَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ (3) فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُحَيِّثِ الْحَيْثِ (4) وَ مُكَيِّفِ الْكَيْفِ وَ مُؤَيِّنِ الْأَيْنِ (5) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اجْتَبَاهُ وَ هَدَاهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّنَا بِوَلَايَتِهِ يَا مَعْشَرَ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَنْقَبَةٌ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَلْيَقُمْ وَ لْيَتَحَدَّثْ قَالَ فَقَامَ النَّاسُ فَسَرَدُوا (6) تِلْكَ الْمَنَاقِبَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا أَرْوَى لِهَذِهِ الْمَنَاقِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَ إِنَّمَا


1- الصنديد: السيّد الشجاع.
2- قال الفيروزآبادي: المغرة- و يحرك-: طين أحمر و الممغر- كمعظم-: المصبوغ بها.
3- الفلقة- بالكسر-: القطعة و الشقة.
4- أي جاعل المكان مكانا بايجاده. «آت»
5- أي موجد الدهر و الزمان فان الاين يكون بمعنى الزمان، يقال: آن أينك أي حان حينك. ذكره الجوهريّ و يحتمل أن يكون بمعنى المكان لها تأكيدا للاول أو بأن يكون حيث للزمان، قال ابن هشام: قال الاخفش: و قد ترد حيث للزمان و يحتمل أن يكون حيث تعليلية أي هو علة العلل و و جاعل العلل عللا. «آت»
6- قال الجوهريّ: فلان يسرد الحديث سردا إذا كان جيّد السياق.

ص: 351

أَحْدَثَ عَلِيٌّ الْكُفْرَ بَعْدَ تَحْكِيمِهِ الْحَكَمَيْنِ حَتَّى انْتَهَوْا فِي الْمَنَاقِبِ إِلَى حَدِيثِ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَ لَكِنْ أَحْدَثَ الْكُفْرَ بَعْدُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ أَحَبَّهُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ أَعِدْ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ أَحَبَّهُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ إِنْ قُلْتَ لَا كَفَرْتَ قَالَ فَقَالَ قَدْ عَلِمَ قَالَ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِمَعْصِيَتِهِ فَقَالَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ (1) فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَقُمْ مَخْصُوماً فَقَامَ وَ هُوَ يَقُولُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ.

549- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ عَنْ حَمَّادٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ هِشَامٍ الْخَفَّافِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ بَصَرُكَ بِالنُّجُومِ قَالَ قُلْتُ مَا خَلَّفْتُ بِالْعِرَاقِ أَبْصَرَ بِالنُّجُومِ مِنِّي فَقَالَ كَيْفَ دَوَرَانُ الْفَلَكِ عِنْدَكُمْ قَالَ فَأَخَذْتُ قَلَنْسُوَتِي عَنْ رَأْسِي فَأَدَرْتُهَا (2) قَالَ فَقَالَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُ فَمَا بَالُ بَنَاتِ النَّعْشِ وَ الْجَدْيِ وَ الْفَرْقَدَيْنِ لَا يُرَوْنَ يَدُورُونَ يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ فِي الْقِبْلَةِ قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ شَيْ ءٌ لَا أَعْرِفُهُ وَ لَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ يَذْكُرُهُ فَقَالَ لِي كَمِ السُّكَيْنَةُ مِنَ الزُّهَرَةِ جُزْءاً فِي ضَوْئِهَا قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ نَجْمٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ وَ لَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ يَذْكُرُهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ فَأَسْقَطْتُمْ نَجْماً بِأَسْرِهِ فَعَلَى مَا تَحْسُبُونَ ثُمَّ قَالَ فَكَمِ الزُّهَرَةُ مِنَ الْقَمَرِ جُزْءاً فِي ضَوْئِهِ قَالَ قُلْتُ هَذَا شَيْ ءٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ


1- أي لان يعمل و الحاصل أن اللّه انما يحب من يعمل بطاعته لانه كذلك فكيف يحب من يعلم أنه- على زعمك الفاسد- يكفر و يحبط جميع أعماله. «آت»
2- كأنّه زعم أن حركة الفلك في جميع المواضع دحوية. «آت»

ص: 352

عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَكَمِ الْقَمَرُ جُزْءاً مِنَ الشَّمْسِ فِي ضَوْئِهَا قَالَ قُلْتُ مَا أَعْرِفُ هَذَا قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ الْعَسْكَرَيْنِ (1) يَلْتَقِيَانِ فِي هَذَا حَاسِبٌ وَ فِي هَذَا حَاسِبٌ فَيَحْسُبُ هَذَا لِصَاحِبِهِ بِالظَّفَرِ وَ يَحْسُبُ هَذَا لِصَاحِبِهِ بِالظَّفَرِ ثُمَّ يَلْتَقِيَانِ فَيَهْزِمُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَيْنَ كَانَتِ النُّحُوسُ قَالَ فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ صَدَقْتَ إِنَّ أَصْلَ الْحِسَابِ حَقٌّ وَ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَلِمَ مَوَالِيدَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

550- عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ جَمِيعاً عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع النَّاسَ بِصِفِّينَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ ص ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوَلَايَةِ أَمْرِكُمْ (3) وَ مَنْزِلَتِيَ الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِهَا مِنْكُمْ وَ لَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ وَ الْحَقُّ أَجْمَلُ الْأَشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ وَ أَوْسَعُهَا فِي التَّنَاصُفِ (4) لَا يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلَّا جَرَى عَلَيْهِ وَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ إِلَّا


1- هذا بيان لخطأ المنجّمين فان كل منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر و يزعم أن السعد الذي رآه يتعلق به و هذا لعدم احاطتهم بارتباط النجوم بالاشخاص. «آت»
2- أحمد بن محمّد عطف على عليّ بن الحسن و هو العاصمي و التيمى هو ابن فضال و قل من تفطن لذلك. «آت» و في بعض النسخ [أحمد بن محمّد بن أحمد] و في بعضها [على بن الحسين المؤدّب].
3- الذي له عليهم من الحق هو وجوب طاعته و امحاض نصيحته و الذي لهم عليه من الحق هو وجوب معدلته فيهم. «فى»
4- التواصف أن يصف بعضهم لبعض و التناصف أن ينصف بعضهم بعضا و انما كان الحق أجمل الأشياء في التواصف لانه يوصف بالحسن و الوجوب و كل جميل و انما كان أوسعها في التناصف لان الناس لو تناصفوا في الحقوق لما ضاق عليهم امر من الأمور و في النهج «و الحق أوسع الأشياء في التواصف و اضيقها في التناصف» و هو أوضع و معناه أن الناس كلهم يصفون الحق و لكن لا ينصف بعضهم بعضا «فى». و في بعض النسخ [التراصف] موضع التواصف.

ص: 353

جَرَى لَهُ وَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ لَهُ وَ لَا يَجْرِيَ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِصاً دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ ضُرُوبُ قَضَائِهِ (1) وَ لَكِنْ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَ جَعَلَ كَفَّارَتَهُمْ (2) عَلَيْهِ بِحُسْنِ الثَّوَابِ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَ تَطَوُّلًا بِكَرَمِهِ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ لَهُ أَهْلًا ثُمَّ جَعَلَ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً فَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَى (3) فِي وُجُوهِهَا وَ يُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لَا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ (4) فَأَعْظَمُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ وَ حَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَامَ أُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِينِهِمْ (5) وَ قِوَاماً لِسُنَنِ الْحَقِّ فِيهِمْ فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ وَ أَدَّى إِلَيْهَا الْوَالِي كَذَلِكَ عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ فَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ وَ اعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ (6) فَصَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ وَ طَابَ بِهِ الْعَيْشُ وَ طُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ وَ يَئِسَتْ مَطَامِعُ الْأَعْدَاءِ وَ إِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهُمْ وَ عَلَا الْوَالِي الرَّعِيَّةَ اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ وَ ظَهَرَتْ


1- أي أنواعه المتغيرة المتوالية و في بعض النسخ [صروف قضائه].
2- انما سمى جزاؤه تعالى على الطاعة كفّارة لانه يكفر ما يزعمونه من أن طاعتهم له تعالى حق لهم عليه يستوجبون به الثواب مع أنّه ليس كذلك لان الحق له عليهم حيث أقدرهم على الطاعة و الهمم إياها و لهذا سماه التفضل و التطول و التوسع بالانعام الذي هو للمزيد منه أهل لانه الكريم الذي لا تنفد خزائنه بالاعطاء و الجود تعالى مجده و تقدس و في نهج البلاغة «و جعل جزاءهم عليه» و على هذا فلا يحتاج إلى التكليف. «فى»
3- أي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالى- و هو الطاعة من الرعية- مقابل بمثله و هو العدل فيهم و حسن السيرة. «آت»
4- كما أن الوالى إذا لم يعدل لم يستحق الطاعة. «آت»
5- فانها سبب اجتماعهم به و يقهرون اعدائهم و يعز دينهم. و قوله: «قواما» أي به يقوم جريان الحق فيهم و بينهم. «آت»
6- في القاموس: ذل الطريق- بالكسر-: محجته. و أمور اللّه جارية أذلالها و على أذلالها أى مجاريها جمع ذل- بالكسر-.

ص: 354

مَطَامِعُ الْجَوْرِ وَ كَثُرَ الْإِدْغَالُ فِي الدِّينِ وَ تُرِكَتْ مَعَالِمُ السُّنَنِ (1) فَعُمِلَ بِالْهَوَى وَ عُطِّلَتِ الْآثَارُ وَ كَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ (2) وَ لَا يُسْتَوْحَشُ لِجَسِيمِ حَدٍّ عُطِّلَ وَ لَا لِعَظِيمِ بَاطِلٍ أُثِّلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ الْأَشْرَارُ وَ تَخْرَبُ الْبِلَادُ (3) وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ الْعِبَادِ فَهَلُمَّ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَى التَّعَاوُنِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقِيَامِ بِعَدْلِهِ وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَ الْإِنْصَافِ لَهُ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْعِبَادُ إِلَى شَيْ ءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى التَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وَ حُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ وَ لَيْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا أَعْطَى اللَّهُ مِنَ الْحَقِّ أَهْلَهُ وَ لَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ النَّصِيحَةُ لَهُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ ثُمَّ لَيْسَ امْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ جَسُمَتْ فِي الْحَقِّ فَضِيلَتُهُ بِمُسْتَغْنٍ عَنْ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حَقِّهِ وَ لَا لِامْرِئٍ مَعَ ذَلِكَ خَسَأَتْ بِهِ الْأُمُورُ وَ اقْتَحَمَتْهُ الْعُيُونُ (4)بِدُونِ مَا أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ وَ يُعَانَ عَلَيْهِ وَ أَهْلُ الْفَضِيلَةِ فِي الْحَالِ وَ أَهْلُ النِّعَمِ الْعِظَامِ أَكْثَرُ فِي ذَلِكَ حَاجَةً وَ كُلٌّ فِي الْحَاجَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرَعٌ سَوَاءٌ (5)


1- الادغال: بكسر الهمزة- و هو أن يدخل في الشى ما ليس منه و هو الابداع و التلبيس أو- بفتحها- جمع الدغل- بالتحريك-: الفساد. «آت»
2- قال البحرانيّ: علل النفوس أمراضها بملكات السوء كالغل و الحسد و العدوات و نحوها و قيل: عللها وجوه ارتكابها للمنكرات فتأتى في كل منكر بوجه و رأى فاسد.
3- التأثيل: التأصيل و مجد مؤثل أي مجموع ذو أصل و في النهج «فعل» مكان أثل. و التبعة ما يتبع أعمال العباد من العقاب و سوء العاقبة.
4- «و لا لامرئ» يعنى مع عدم الاستغناء عن الاستعانة و قوله: «خسئت به الأمور» يقال: خسئت و الكلب خسأ طردته و خسأ الكلب بنفسه يتعدى و لا يتعدى. و قد تعدى بالباء أي طردته الأمور أو يكون الباء للسببية أي بعدت بسببه الأمور. «آت» و في بعض النسخ [حست] بالمهملتين أي اختبرته. و اقتحمه: احتقره. و في النهج «و لا امرؤ و إن صغرته النفوس و اقتحمته العيون». و قوله: «بدون ما أن يعين» أي بأقل من أن يستعان به و يعان و الحاصل أن الشريف و الوضيع جميعا محتاجون في أداء الحقوق إلى إعانة بعضهم بعضا و استعانة بعضهم ببعض و كل من كانت النعمة عليه أعظم فاحتياجه في ذلك أكثر لان الحقوق عليه أوفر لازدياد الحقوق بحسب ازدياد النعم «فى»
5- «سواء» بيان لقوله: «شرع» و تأكيد و انما ذكره عليه السلام ذلك لئلا يتوهم أنهم يستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى بل هو الموفق و المعين لهم في جميع أمورهم و لا يستغنون بشي ء عن اللّه تعالى و إنّما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم و يثيبهم على ذلك و اقتضت حكمته البالغة أن يجرى الأشياء بأسبابها و هو المسبب لها و القادر على إمضاءها بلا سبب. «آت»

ص: 355

فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ وَ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يُرَ فِي عَسْكَرِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَا بَعْدَهُ فَقَامَ وَ أَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا أَبْلَاهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ مِنْ وَاجِبِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ وَ الْإِقْرَارِ (1) بِكُلِّ مَا ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْحَالاتِ بِهِ وَ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ أَمِيرُنَا وَ نَحْنُ رَعِيَّتُكَ بِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الذُّلِّ وَ بِإِعْزَازِكَ أَطْلَقَ عِبَادَهُ مِنَ الْغُلِ (2) فَاخْتَرْ عَلَيْنَا وَ أَمْضِ اخْتِيَارَكَ وَ ائْتَمِرْ فَأَمْضِ ائْتِمَارَكَ (3) فَإِنَّكَ الْقَائِلُ الْمُصَدَّقُ وَ الْحَاكِمُ الْمُوَفَّقُ وَ الْمَلِكُ الْمُخَوَّلُ (4) لَا نَسْتَحِلُّ فِي شَيْ ءٍ مَعْصِيَتَكَ وَ لَا نَقِيسُ عِلْماً بِعِلْمِكَ يَعْظُمُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ (5) خَطَرُكَ وَ يَجِلُّ عَنْهُ فِي أَنْفُسِنَا فَضْلُكَ فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا زَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْهِ عِظَماً وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ (6) أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ وَ يُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الْإِطْرَاءَ (7) وَ اسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ-


1- «أبلاهم»: أنعمهم. «من واجب حقه» يعنى من حقّ أمير المؤمنين عليه السلام. «فى»
2- اشار به إلى قوله تعالى: «وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ» أى يخفف عنهم ما كانوا به من التكاليف الشاقة. «فى»
3- من الايتمار بمعنى المشاورة.
4- أي الملك الذي أعطاك اللّه للامرة علينا و جعلنا خدمك و تبعك. «آت»
5- أي في العلم بأن تكون كلمة «فى» تعليلية و يحتمل أن يكون إشارة إلى ما دل عليه الكلام من اطاعته عليه السلام. و الخطر: القدر و المنزلة. «آت»
6- السخف: رقة العيش و رقة العقل و السخافة رقة كل شي ء أي أضعف أحوال الولاة عند الرعية أن يكونوا متهمين عندهم بهذا الخصلة المذمومة. «آت»
7- جال- بالجيم- من الجولان- بالواو-. و الاطراء: مجاوزة الحدّ في الثناء.

ص: 356

وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَ لَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ (1) عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِيَاءِ وَ رُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ (2) الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ (3) مِنَ الْبَقِيَّةِ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا- فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ وَ لَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ (4) وَ لَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ وَ لَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي وَ لَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي لِمَا لَا يَصْلُحُ لِي فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ فَلَا تَكُفُّوا عَنِّي مَقَالَةً بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةً بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ مَا أَنْ أُخْطِئَ وَ لَا آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي (5) إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ


1- أي تواضعا له تعالى و في بعض النسخ القديمة [و لو كنت أحبّ أن يقال ذلك لتناهيت له أغنانا اللّه و إيّاكم عن تناول ما هو أحق به من التعاظم و حسن الثناء] و التناهى: قبول النهى و الضمير في «له» راجع إلى اللّه تعالى و في النهج كما في النسخ المشهورة. «آت»
2- يقال: استحلاه اي وجده حلوا قال ابن ميثم رحمه اللّه: هذا يجرى مجرى تمهيد العذر لمن أثنى عليه، فكأنّه يقول: و أنت معذور في ذلك حيث رأيتني اجاهد في اللّه و أحث الناس على ذلك و من عادة الناس أن يستهل الثناء عند أن يبلو بلاء حسنا في جهاد أو غيره من سائر الطاعات ثمّ أجاب ان هذا العذر في نفسه بقوله: «و لا تثنوا على بجميل ثناء» أي لا تثنوا على لاجل ما ترونه منى من طاعة اللّه فان ذلك إنّما هو اخراج لنفسى إلى اللّه من حقوقه الباقية على لم افرغ بعد من ادائها و هي حقوق نعمه و فرائضه التي لا بدّ من المضى فيها و كذلك إليكم من الحقوق التي اوجبها اللّه على من النصيحة في الدين و الإرشاد إلى الطريق الافضل و التعليم لكيفية سلوكه.
3- أي لاعترافى بين يدي اللّه و بمحضر منكم، ان على حقوقا في ايالتكم و رياستى عليكم لم اقم بها بعد و ارجو من اللّه القيام بها و في بعض النسخ [من التقية] يعنى من ان يتقونى في مطالبة حقوق لكم لم افرغ من ادائها و على هذا يكون المراد بمستحلى الثناء الذين يثنيهم الناس اتقاء شرهم و خوفا من بأسهم. «فى»
4- اهل البادرة الملوك و السلاطين. و البادرة: الحدة و الكلام الذي يسبق من الإنسان في الغضب اي لا تثنوا على كما يثنى على أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم أو لا تحتشموا منى كما يحتشم من السلاطين و الامراء كترك المسارة و الحديث إجلالا و خوفا منهم و ترك مشاورتهم أو إعلامهم ببعض الأمور و القيام بين أيديهم. «آت» و المصانعة: الرشوة و المداراة.
5- هذا من قبيل هضم النفس، ليس بنفى العصمة مع أن الاستثناء يكفينا مئونة ذلك. «فى» و قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: هذا من الانقطاع إلى اللّه و التواضع الباعث لهم على الانبساط معه بقول الحق و عد نفسه من المقصرين في مقام العبودية و الإقرار بأن عصمته من نعمه تعالى عليه.

ص: 357

لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُهُ يَمْلِكُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ (1) إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى وَ أَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ الَّذِي أَجَابَهُ مِنْ قَبْلُ فَقَالَ أَنْتَ أَهْلُ مَا قُلْتَ وَ اللَّهُ وَ اللَّهِ فَوْقَ مَا قُلْتَهُ فَبَلَاؤُهُ عِنْدَنَا مَا لَا يُكْفَرُ (2) وَ قَدْ حَمَّلَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رِعَايَتَنَا وَ وَلَّاكَ سِيَاسَةَ أُمُورِنَا فَأَصْبَحْتَ عَلَمَنَا الَّذِي نَهْتَدِي بِهِ وَ إِمَامَنَا الَّذِي نَقْتَدِي بِهِ وَ أَمْرُكَ كُلُّهُ رُشْدٌ وَ قَوْلُكَ كُلُّهُ أَدَبٌ قَدْ قَرَّتْ بِكَ فِي الْحَيَاةِ أَعْيُنُنَا وَ امْتَلَأَتْ مِنْ سُرُورٍ بِكَ قُلُوبُنَا وَ تَحَيَّرَتْ مِنْ صِفَةِ مَا فِيكَ مِنْ بَارِعِ الْفَضْلِ (3) عُقُولُنَا وَ لَسْنَا نَقُولُ لَكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الصَّالِحُ تَزْكِيَةً لَكَ وَ لَا نُجَاوِزُ الْقَصْدَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُكَنَ (4) فِي أَنْفُسِنَا طَعْنٌ عَلَى يَقِينِكَ أَوْ غِشٌّ فِي دِينِكَ فَنَتَخَوَّفَ أَنْ تَكُونَ أَحْدَثْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تَجَبُّراً أَوْ دَخَلَكَ كِبْرٌ وَ لَكِنَّا نَقُولُ لَكَ مَا قُلْنَا تَقَرُّباً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِتَوْقِيرِكَ وَ تَوَسُّعاً بِتَفْضِيلِكَ وَ شُكْراً بِإِعْظَامِ أَمْرِكَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لَنَا وَ آثِرْ أَمْرَ اللَّهِ عَلَى نَفْسِكَ وَ عَلَيْنَا فَنَحْنُ طُوَّعٌ فِيمَا أَمَرْتَنَا نَنْقَادُ مِنَ الْأُمُورِ مَعَ ذَلِكَ فِيمَا يَنْفَعُنَا فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ وَ أَنَا أَسْتَشْهِدُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي لِعِلْمِكُمْ فِيمَا وُلِّيتُ بِهِ مِنْ أُمُورِكُمْ وَ عَمَّا قَلِيلٍ يَجْمَعُنِي وَ إِيَّاكُمُ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ السُّؤَالُ عَمَّا كُنَّا فِيهِ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْضُنَا


1- أي من الجهالة و عدم العلم و المعرفة و الكمالات التي يسرها اللّه تعالى لنا ببعثة الرسول صلّى اللّه عليه و آله قال ابن أبي الحديد: ليس هذا إشارة إلى خاصّ نفسه عليه السلام لانه لم يكن كافرا فأسلم و لكنه كلام يقوله و يشير به إلى القوم الذين يخاطبهم في أفناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا. «آت»
2- أي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها و سترها أو لا يجوز كفرانها و ترك شكرها. «آت»
3- برع في الشي ء فاق أقرانه فيه.
4- قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: «لم يكن» على بناء المجهول من كننت الشي ء: سترته. أو- بفتح الياء و كسر الكاف- من و كنت الطائر بيضه يكنه إذا حضنه و في بعض النسخ [لم يكن] و في النسخة القديمة [لن يكون].

ص: 358

عَلَى بَعْضٍ فَلَا تَشْهَدُوا الْيَوْمَ بِخِلَافِ مَا أَنْتُمْ شَاهِدُونَ غَداً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ وَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَّا مُنَاصَحَةُ الصُّدُورِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ وَ يُقَالُ لَمْ يُرَ الرَّجُلُ بَعْدَ كَلَامِهِ هَذَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَجَابَهُ وَ قَدْ عَالَ الَّذِي (1) فِي صَدْرِهِ فَقَالَ وَ الْبُكَاءُ يَقْطَعُ مَنْطِقَهُ وَ غُصَصُ الشَّجَا تَكْسِرُ صَوْتَهُ إِعْظَاماً لِخَطَرِ مَرْزِئَتِهِ وَ وَحْشَةً مِنْ كَوْنِ فَجِيعَتِهِ (2) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ شَكَا إِلَيْهِ هَوْلَ مَا أَشْفَى عَلَيْهِ (3) مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ وَ الذُّلِّ الطَّوِيلِ فِي فَسَادِ زَمَانِهِ وَ انْقِلَابِ جَدِّهِ (4) وَ انْقِطَاعِ مَا كَانَ مِنْ دَوْلَتِهِ ثُمَّ نَصَبَ الْمَسْأَلَةَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالامْتِنَانِ عَلَيْهِ وَ الْمُدَافَعَةِ عَنْهُ بِالتَّفَجُّعِ وَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فَقَالَ يَا رَبَّانِيَّ الْعِبَادِ وَ 1 يَا سَكَنَ الْبِلَادِ (5) أَيْنَ يَقَعُ قَوْلُنَا مِنْ فَضْلِكَ وَ أَيْنَ يَبْلُغُ وَصْفُنَا مِنْ فِعْلِكَ وَ أَنَّى نَبْلُغُ حَقِيقَةَ حُسْنِ ثَنَائِكَ أَوْ نُحْصِي جَمِيلَ بَلَائِكَ فَكَيْفَ وَ بِكَ جَرَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَ عَلَى يَدِكَ اتَّصَلَتْ أَسْبَابُ الْخَيْرِ إِلَيْنَا أَ لَمْ تَكُنْ لِذُلِّ الذَّلِيلِ مَلَاذاً وَ لِلْعُصَاةِ الْكُفَّارِ إِخْوَاناً (6) فَبِمَنْ إِلَّا بِأَهْلِ بَيْتِكَ وَ بِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فَظَاعَةِ تِلْكَ الْخَطَرَاتِ أَوْ بِمَنْ فَرَّجَ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُبَاتِ (7) وَ بِمَنْ إِلَّا بِكُمْ أَظْهَرَ اللَّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا وَ اسْتَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا حَتَّى اسْتَبَانَ بَعْدَ الْجَوْرِ ذِكْرُنَا (8) وَ قَرَّتْ مِنْ رَخَاءِ الْعَيْشِ أَعْيُنُنَا لِمَا


1- عال بالمهملة اشتد و تفاقم و غلبه و ثقل عليه و أهمّه. «فى»
2- الغصة- بالضم-: ما اعترض في الحلق و كذا الشجا. و المرزئة: المصيبة و كذا الفجيعة و الضميران راجعان الى أمير المؤمنين عليه السلام.
3- أي أشرف عليه و الضمير في قوله: «إليه» راجع إلى اللّه تعالى.
4- الجد: البحت و التفجع و التضرع.
5- السكن- بالتحريك-: كل ما يسكن إليه و في بعض النسخ [يا ساكن البلاد].
6- أي كنت تعاشر من يعصيك و يكفر نعمتك معاشرة الاخوان شفقة منك عليهم أو المراد الشفقة على الكفّار و العصاة و الاهتمام في هدايتهم و يحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره و كان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع. «آت»
7- الفظاعة: الشناعة. و فظاعة تلك الخطرات: شناعتها و شدتها و الغمرات الشدائد و المزدحمات.
8- قال الجوهريّ: نعوذ باللّه من الحور بعد الكور اي من النقصان بعد الزيادة. و في بعض النسخ [بعد الجور] بالمعجمة.

ص: 359

وَلِيتَنَا بِالْإِحْسَانِ جَهْدَكَ وَ وَفَيْتَ لَنَا بِجَمِيعِ وَعْدِكَ وَ قُمْتَ لَنَا عَلَى جَمِيعِ عَهْدِكَ فَكُنْتَ شَاهِدَ مَنْ غَابَ مِنَّا وَ خَلَفَ أَهْلِ الْبَيْتِ لَنَا وَ كُنْتَ عِزَّ ضُعَفَائِنَا وَ ثِمَالَ فُقَرَائِنَا (1) وَ عِمَادَ عُظَمَائِنَا يَجْمَعُنَا فِي الْأُمُورِ عَدْلُكَ وَ يَتَّسِعُ لَنَا فِي الْحَقِّ تَأَنِّيكَ (2) فَكُنْتَ لَنَا أُنْساً إِذَا رَأَيْنَاكَ وَ سَكَناً إِذَا ذَكَرْنَاكَ فَأَيَّ الْخَيْرَاتِ لَمْ تَفْعَلْ وَ أَيَّ الصَّالِحَاتِ لَمْ تَعْمَلْ وَ لَوْ لَا أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ يَبْلُغُ تَحْوِيلَهُ جُهْدُنَا (3) وَ تَقْوَى لِمُدَافَعَتِهِ طَاقَتُنَا أَوْ يَجُوزُ الْفِدَاءُ عَنْكَ مِنْهُ بِأَنْفُسِنَا وَ بِمَنْ نَفْدِيهِ بِالنُّفُوسِ مِنْ أَبْنَائِنَا لَقَدَّمْنَا أَنْفُسَنَا وَ أَبْنَاءَنَا قِبَلَكَ وَ لَأَخْطَرْنَاهَا (4) وَ قَلَّ خَطَرُهَا دُونَكَ وَ لَقُمْنَا بِجُهْدِنَا فِي مُحَاوَلَةِ مَنْ حَاوَلَكَ وَ فِي مُدَافَعَةِ مَنْ نَاوَاكَ (5) وَ لَكِنَّهُ سُلْطَانٌ لَا يُحَاوَلُ وَ عِزٌّ لَا يُزَاوَلُ (6) وَ رَبٌّ لَا يُغَالَبُ فَإِنْ يَمْنُنْ عَلَيْنَا بِعَافِيَتِكَ وَ يَتَرَحَّمْ عَلَيْنَا بِبَقَائِكَ وَ يَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا بِتَفْرِيجِ (7) هَذَا مِنْ حَالِكَ إِلَى سَلَامَةٍ مِنْكَ لَنَا وَ بَقَاءٍ مِنْكَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا نُحْدِثْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ شُكْراً نُعَظِّمُهُ وَ ذِكْراً نُدِيمُهُ (8) وَ نَقْسِمْ أَنْصَافَ أَمْوَالِنَا صَدَقَاتٍ وَ أَنْصَافَ رَقِيقِنَا عُتَقَاءَ (9) وَ نُحْدِثْ لَهُ تَوَاضُعاً فِي أَنْفُسِنَا وَ نَخْشَعْ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا وَ إِنْ يَمْضِ بِكَ إِلَى الْجِنَانِ وَ يُجْرِي عَلَيْكَ حَتْمَ سَبِيلِهِ فَغَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيكَ قَضَاؤُهُ وَ لَا مَدْفُوعٍ عَنْكَ بَلَاؤُهُ وَ لَا مُخْتَلِفَةٍ مَعَ ذَلِكَ قُلُوبُنَا بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ


1- الثّمال- بالكسر-: الملجأ و الغياث و قيل: هو المطعم في الشدة. «النهاية»
2- أي صار مداراتك و تأنّيك و عدم مبادرتك في الحكم علينا بما تستحقه سببا لوسعة الحق علينا و عدم تضيّق الأمور بنا «آت»
3- في بعض النسخ [تحريكه] أى تغييره و صرفه.
4- أي جعلناها في معرض المخاطرة و الهلاك أو صيرناها خطرا و رهنا و عوضا لك قال الجزريّ: فيه: الاهل مشمر للجنة فان الجنة لا خطر لها. أى لا عوض لها و لا مثل. و الخطر- بالتحريك- في الأصل: الرهن و ما يخاطر عليه و مثل الشي ء و عدله و لا يقال الا في الشي ء الذي له قدر و مزية. «آت»
5- «حاولك» أي قصدك. و «ناواك» أي عاداك. و قوله: «و لكنه» أي الرب تعالى.
6- أي ذو عزّ و غلبة. و زاوله أي حاوله و طالبه.
7- في بعض النسخ [بتفريح].
8- الضميران راجعان إلى الشكر و الذكر.
9- الرقيق: المملوك.

ص: 360

لَكَ مَا عِنْدَهُ عَلَى مَا كُنْتَ فِيهِ وَ لَكِنَّا نَبْكِي مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ لِعِزِّ هَذَا السُّلْطَانِ أَنْ يَعُودَ ذَلِيلًا (1) وَ لِلدِّينِ وَ الدُّنْيَا أَكِيلًا (2) فَلَا نَرَى لَكَ خَلَفاً نَشْكُو إِلَيْهِ وَ لَا نَظِيراً نَأْمُلُهُ وَ لَا نُقِيمُهُ (3).

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

551- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ جَمِيعاً عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعاً عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَيْفَرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ (4)الْعَبْدِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ وَلَدُ أَبِي بَكْرٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَطْلُبُونَ مِنْهُ التَّفْضِيلَ (5) لَهُمْ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ مَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ الْحَمْدِ وَ مُنْتَهَى الْكَرَمِ لَا تُدْرِكُهُ الصِّفَاتُ وَ لَا يُحَدُّ بِاللُّغَاتِ وَ لَا يُعْرَفُ بِالْغَايَاتِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ ص نَبِيُّ الْهُدَى وَ مَوْضِعُ التَّقْوَى وَ رَسُولُ الرَّبِّ الْأَعْلَى جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ لِيُنْذِرَ بِالْقُرْآنِ الْمُنِيرِ وَ الْبُرْهَانِ الْمُسْتَنِيرِ فَصَدَعَ (6) بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ (7) وَ مَضَى عَلَى مَا مَضَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ الْأَوَّلُونَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَلَا يَقُولَنَّ رِجَالٌ قَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا غَمَرَتْهُمْ فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا أَفْرَهَ الدَّوَابِ (8) وَ لَبِسُوا أَلْيَنَ الثِّيَابِ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً (9)-


1- في أكثر النسخ [لعز هذا السلطان] فقوله «لعز» متعلق بالبكاء و «أن يعود» بدل اشتمال له اي نبكى لتبدل عزّ هذا السلطان ذلا. «آت» و في بعض النسخ [لعن اللّه هذا السلطان] اى هذه السلطنة التي لا تكون صاحبها.
2- الاكيل يكون بمعنى المأكول و بمعنى الاكل و المراد هنا الثاني.
3- كأن الرجل كان هو الخضر عليه السلام. «فى»
4- في بعض النسخ [حريز] و في جامع الرواة ص 107 ج 1 «حريث».
5- يعني في قسمة الأموال و العطاء بين المسلمين. «فى»
6- في بعض النسخ [بالقرآن المبين و البرهان المستبين].
7- أي تكلم به جهارا أو شق جماعاتهم بالتوحيد و فصل بين الحق و الباطل.
8- الدابّة الفارهة: النشيطة القوية.
9- الشنار: العيب و العار.

ص: 361

إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لَهُمُ الْغَفَّارُ إِذَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ يَخُوضُونَ وَ صَيَّرْتُهُمْ إِلَى مَا يَسْتَوْجِبُونَ فَيَفْقِدُونَ ذَلِكَ فَيَسْأَلُونَ وَ يَقُولُونَ ظَلَمَنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ حَرَمَنَا وَ مَنَعَنَا حُقُوقَنَا فَاللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمُسْتَعَانُ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَ أَكَلَ ذَبِيحَتَنَا وَ آمَنَ بِنَبِيِّنَا وَ شَهِدَ شَهَادَتَنَا وَ دَخَلَ فِي دِينِنَا أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَ حُدُودَ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى أَلَا وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ الثَّوَابِ وَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَ الْمَآبِ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الدُّنْيَا لِلْمُتَّقِينَ ثَوَاباً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ انْظُرُوا أَهْلَ دِينِ اللَّهِ فِيمَا أَصَبْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ (1) وَ تَرَكْتُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَاهَدْتُمْ بِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ أَ بِحَسَبٍ أَمْ بِنَسَبٍ أَمْ بِعَمَلٍ أَمْ بِطَاعَةٍ أَمْ زَهَادَةٍ (2) وَ فِيمَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ رَاغِبِينَ فَسَارِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِعِمَارَتِهَا الْعَامِرَةِ الَّتِي لَا تَخْرَبُ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا تَنْفَدُ الَّتِي دَعَاكُمْ إِلَيْهَا وَ حَضَّكُمْ عَلَيْهَا (3) وَ رَغَّبَكُمْ فِيهَا وَ جَعَلَ الثَّوَابَ عِنْدَهُ عَنْهَا فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بِالتَّسْلِيمِ لِقَضَائِهِ وَ الشُّكْرِ عَلَى نَعْمَائِهِ فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا فَلَيْسَ مِنَّا وَ لَا إِلَيْنَا وَ إِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ لَا خَشْيَةَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [وَ فِي نُسْخَةٍ وَ لَا وَحْشَةَ وَ أُولَئِكَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَ قَالَ وَ قَدْ عَاتَبْتُكُمْ بِدِرَّتِيَ الَّتِي أُعَاتِبُ بِهَا أَهْلِي فَلَمْ تُبَالُوا وَ ضَرَبْتُكُمْ بِسَوْطِيَ الَّذِي أُقِيمُ بِهِ حُدُودَ رَبِّي فَلَمْ تَرْعَوُوا (4) أَ تُرِيدُونَ أَنْ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ الَّذِي تُرِيدُونَ وَ يُقِيمُ أَوَدَكُمْ (5) وَ لَكِنْ لَا أَشْتَرِي صَلَاحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِي (6) بَلْ يُسَلِّطُ اللَّهُ


1- أي من مواعيده الصادقة على الاعمال الصالحة و أراد بتركهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ضمانه لهم بذلك كأنّه وديعة لهم عنده. «فى»
2- استفهام انكار يعنى ليس ذلك بحسب و لا نسب بل بعمل و طاعة و زهادة. و قوله: «فيما أصبحتم فيه راغبين» أي انظروا أيضا فيما أصبحتم فيه راغبين هل هو الذي اصبتم في كتاب اللّه يعنى ليس هو بذاك و انما هو الدنيا و زهرتها. «فى»
3- الحض: الحث و الترغيب.
4- الارعواء: الكف و الانزجار، و قيل: هو الندم و الانصراف عن الشي ء. «فى»
5- الاود- بالتحريك-: الاعوجاج.
6- أي لا أطلب صلاحكم بالظلم و بما لم يأمرنى به ربى فأكون قد أصلحتكم بافساد نفسى. «آت»

ص: 362

عَلَيْكُمْ قَوْماً فَيَنْتَقِمُ لِي مِنْكُمْ فَلَا دُنْيَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا وَ لَا آخِرَةَ صِرْتُمْ إِلَيْهَا فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ.

552- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلَهُ حُمْرَانُ فَقَالَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ لَوْ حَدَّثْتَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ فَسُرِرْنَا بِهِ فَقَالَ يَا حُمْرَانُ إِنَّ لَكَ أَصْدِقَاءَ وَ إِخْوَاناً وَ مَعَارِفَ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَا مَضَى مِنَ الْعُلَمَاءِ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ لَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي عِلْمِ أَبِيهِ وَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْ ءٍ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ يَأْتِيهِ وَ يَسْأَلُهُ وَ يَأْخُذُ عَنْهُ فَحَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ تَزْهَدُ فِيمَا عِنْدِي وَ تَقِلُّ رَغْبَتُكَ فِيهِ وَ لَمْ تَكُنْ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ ءٍ وَ لِي جَارٌ قَدْ كَانَ يَأْتِينِي وَ يَسْأَلُنِي وَ يَأْخُذُ مِنِّي وَ يَحْفَظُ عَنِّي فَإِنِ احْتَجْتَ إِلَى شَيْ ءٍ فَأْتِهِ وَ عَرَّفَهُ جَارَهُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَ بَقِيَ ابْنُهُ فَرَأَى مَلِكُ ذَلِكَ الزَّمَانِ رُؤْيَا فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ فَقِيلَ لَهُ قَدْ هَلَكَ فَقَالَ الْمَلِكُ هَلْ تَرَكَ وَلَداً فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ تَرَكَ ابْناً فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ فَبُعِثَ إِلَيْهِ لِيَأْتِيَ الْمَلِكَ فَقَالَ الْغُلَامُ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي لِمَا يَدْعُونِي الْمَلِكُ وَ مَا عِنْدِي عِلْمٌ وَ لَئِنْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْ ءٍ لَأَفْتَضِحَنَّ فَذَكَرَ مَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ بِهِ فَأَتَى الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ يَسْأَلُنِي وَ لَسْتُ أَدْرِي فِيمَ بَعَثَ إِلَيَّ وَ قَدْ كَانَ أَبِي أَمَرَنِي أَنْ آتِيَكَ إِنِ احْتَجْتُ إِلَى شَيْ ءٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ لَكِنِّي أَدْرِي فِيمَا بَعَثَ إِلَيْكَ فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَكَ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فَقَالَ نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَهُ وَ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ أَنْ يَفِيَ لَهُ فَأَوْثَقَ لَهُ الْغُلَامُ فَقَالَ إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقُلْ لَهُ هَذَا زَمَانُ الذِّئْبِ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ هَلْ تَدْرِي لِمَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رُؤْيَا رَأَيْتَهَا أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ زَمَانُ الذِّئْبِ فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَقَبَضَهَا الْغُلَامُ وَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ أَبَى أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ وَ قَالَ لَعَلِّي لَا أُنْفِدُ هَذَا الْمَالَ وَ لَا آكُلُهُ حَتَّى أَهْلِكَ وَ لَعَلِّي لَا أَحْتَاجُ وَ لَا أُسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الَّذِي سُئِلْتُ عَنْهُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَى رُؤْيَا فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ فَنَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ وَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا عِنْدِي عِلْمٌ آتِيهِ بِهِ وَ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِصَاحِبِي وَ قَدْ غَدَرْتُ

ص: 363

بِهِ وَ لَمْ أَفِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لآَتِيَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ لَأَعْتَذِرَنَّ إِلَيْهِ وَ لَأَحْلِفَنَّ لَهُ فَلَعَلَّهُ يُخْبِرُنِي فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ الَّذِي صَنَعْتُ وَ لَمْ أَفِ لَكَ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ تَفَرَّقَ مَا كَانَ فِي يَدِي وَ قَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَخْذُلَنِي وَ أَنَا أُوثِقُ لَكَ أَنْ لَا يَخْرُجَ لِي شَيْ ءٌ إِلَّا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَلِكُ وَ لَسْتُ أَدْرِي عَمَّا يَسْأَلُنِي فَقَالَ إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقُلْ لَهُ إِنَّ هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ فَأَتَى الْمَلِكَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا وَ إِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ فَقَبَضَهَا وَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ تَدَبَّرَ فِي رَأْيِهِ فِي أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لَا يَفِيَ لَهُ فَهَمَّ مَرَّةً أَنْ يَفْعَلَ وَ مَرَّةً أَنْ لَا يَفْعَلَ ثُمَّ قَالَ لَعَلِّي أَنْ لَا أَحْتَاجَ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ أَبَداً وَ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الْغَدْرِ وَ تَرْكِ الْوَفَاءِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَى رُؤْيَا فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَنَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَ قَالَ بَعْدَ غَدْرٍ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ أَصْنَعُ وَ لَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى إِتْيَانِ الرَّجُلِ فَأَتَاهُ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ سَأَلَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ يَفِي مِنْهُ وَ أَوْثَقَ لَهُ وَ قَالَ لَا تَدَعْنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَإِنِّي لَا أَعُودُ إِلَى الْغَدْرِ وَ سَأَفِي لَكَ فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ يَدْعُوكَ يَسْأَلُكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَإِذَا سَأَلَكَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ زَمَانُ الْمِيزَانِ قَالَ فَأَتَى الْمَلِكَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ بَعَثْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا وَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ هَذَا زَمَانُ الْمِيزَانِ فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ فَقَبَضَهَا وَ انْطَلَقَ بِهَا إِلَى الرَّجُلِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ قَدْ جِئْتُكَ بِمَا خَرَجَ لِي فَقَاسِمْنِيهِ فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ إِنَّ الزَّمَانَ الْأَوَّلَ كَانَ زَمَانَ الذِّئْبِ وَ إِنَّكَ كُنْتَ مِنَ الذِّئَابِ وَ إِنَّ الزَّمَانَ الثَّانِيَ كَانَ زَمَانَ الْكَبْشِ يَهُمُّ وَ لَا يَفْعَلُ وَ كَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تَهُمُّ وَ لَا تَفِي وَ كَانَ هَذَا زَمَانَ الْمِيزَانِ وَ كُنْتَ فِيهِ عَلَى الْوَفَاءِ فَاقْبِضْ مَالَكَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَ رَدَّهُ عَلَيْهِ.

553- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَتِّبٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَا أَشْجَعُ مِنْكَ وَ أَنَا أَسْخَى مِنْكَ وَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ

ص: 364

فَقَالَ لِرَسُولِهِ أَمَّا الشَّجَاعَةُ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ لَكَ مَوْقِفٌ يُعْرَفُ فِيهِ جُبْنُكَ مِنْ شَجَاعَتِكَ وَ أَمَّا السَّخَاءُ فَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُ الشَّيْ ءَ مِنْ جِهَتِهِ فَيَضَعُهُ فِي حَقِّهِ (1) وَ أَمَّا الْعِلْمُ فَقَدْ أَعْتَقَ أَبُوكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع أَلْفَ مَمْلُوكٍ فَسَمِّ لَنَا خَمْسَةً مِنْهُمْ وَ أَنْتَ عَالِمٌ فَعَادَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَنْتَ رَجُلٌ صُحُفِيٌ (2) فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قُلْ لَهُ إِي وَ اللَّهِ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَرِثْتُهَا عَنْ آبَائِي ع.

554- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3) فَقَالَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ص.

555- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (4) قَالَ لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبَهَا فَأَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَلَقِيَ مَنْ لَقِيَ مِنْ إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع ثُمَّ رَجَعَ فَحَدَّثَ أَصْحَابَهُ أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ رَجَعْتُ مِنَ اللَّيْلَةِ وَ قَدْ جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهَا وَ آيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لِأَبِي سُفْيَانَ عَلَى مَاءٍ لِبَنِي فُلَانٍ وَ قَدْ أَضَلُّوا جَمَلًا لَهُمْ أَحْمَرَ وَ قَدْ هَمَّ الْقَوْمُ فِي طَلَبِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّمَا جَاءَ الشَّامَ وَ هُوَ رَاكِبٌ سَرِيعٌ وَ لَكِنَّكُمْ قَدْ أَتَيْتُمُ الشَّامَ وَ عَرَفْتُمُوهَا فَسَلُوهُ عَنْ أَسْوَاقِهَا وَ أَبْوَابِهَا وَ تُجَّارِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الشَّامُ وَ كَيْفَ أَسْوَاقُهَا قَالَ (5) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْ ءِ لَا يَعْرِفُهُ شَقَّ عَلَيْهِ حَتَّى يُرَى


1- أي لست أنت كذلك بل تأخذ أموال الامام و تصرفه في تحصيل خلافة الجور لولدك محمّد. «آت»
2- أي لم تأخذ العلم من الرجال بل أخذت من الكتب. و هذا الخبر يدلّ على ذمّ عبد اللّه بن الحسن. «آت»
3- يونس: 2. و قال الطبرسيّ- رحمه اللّه-: قال الازهرى. القدم: الشي ء تقدمه قدامك ليكون عدة لك حتّى تقدم عليه.
4- يونس: 101. و قال الطبرسيّ- رحمه اللّه-. معناه ما تغنى هذه الدلالات و البراهين الواضحة مع كثرتها و ظهورها و لا الرسل المخوفة عن قوم لا ينظرون في الأدلة تفكرا و تدبرا و لا يريدون الايمان.
5- أي قال أبو عبد اللّه عليه السلام.

ص: 365

ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الشَّامُ قَدْ رُفِعَتْ لَكَ فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِذَا هُوَ بِالشَّامِ بِأَبْوَابِهَا وَ أَسْوَاقِهَا وَ تُجَّارِهَا فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الشَّامِ فَقَالُوا لَهُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي كُلِّ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ فَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ لَا نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ ص.

556- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ لِأَخِيهِ أُفٍّ خَرَجَ مِنْ وَلَايَتِهِ (1) وَ إِذَا قَالَ أَنْتَ عَدُوِّي كَفَرَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا فِي تَثْرِيبٍ عَلَى مُؤْمِنٍ نَصِيحَةً (2) وَ لَا يَقْبَلُ مِنْ مُؤْمِنٍ عَمَلًا وَ هُوَ يُضْمِرُ فِي قَلْبِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سُوءاً لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ عَنِ النَّاسِ فَنَظَرُوا إِلَى وَصْلِ مَا بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ خَضَعَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ رِقَابُهُمْ وَ تَسَهَّلَتْ لَهُمْ أُمُورُهُمْ وَ لَانَتْ لَهُمْ طَاعَتُهُمْ وَ لَوْ نَظَرُوا إِلَى مَرْدُودِ الْأَعْمَالِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَقَالُوا مَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنَ الشِّيعَةِ أَنْتُمُ الطَّيِّبُونَ وَ نِسَاؤُكُمُ الطَّيِّبَاتُ كُلُّ مُؤْمِنَةٍ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ صِدِّيقٌ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ شِيعَتُنَا أَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنْ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَنَا وَ مَا مِنْ شِيعَتِنَا أَحَدٌ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اكْتَنَفَتْهُ فِيهَا عَدَدَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ


1- أي من محبته و ولايته التي ذكرها اللّه بقوله: «الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» أو ولاية اللّه حيث قال تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ».
2- التثريب: التعيير و الاستقصاء في اللوم. و قوله: «نصيحة» اما بدل أو بيان لقوله: «عملا» أى لا يقبل من أحد نصيحة لمؤمن يشتمل على تعيير أو مفعول لاجله للتثريب أي لا يقبل عملا من أعماله إذا عيره على وجه النصيحة فكيف بدونها. «آت»

ص: 366

يُصَلُّونَ عَلَيْهِ جَمَاعَةً حَتَّى (1) يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَ إِنَّ الصَّائِمَ مِنْكُمْ لَيَرْتَعُ (2) فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ- تَدْعُو لَهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرَ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنْتُمْ أَهْلُ تَحِيَّةِ اللَّهِ بِسَلَامِهِ وَ أَهْلُ أُثْرَةِ اللَّهِ بِرَحْمَتِهِ (3) وَ أَهْلُ تَوْفِيقِ اللَّهِ بِعِصْمَتِهِ وَ أَهْلُ دَعْوَةِ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ لَا حِسَابٌ عَلَيْكُمْ وَ لَا خَوْفٌ وَ لَا حُزْنٌ أَنْتُمْ لِلْجَنَّةِ وَ الْجَنَّةُ لَكُمْ أَسْمَاؤُكُمْ عِنْدَنَا الصَّالِحُونَ وَ الْمُصْلِحُونَ وَ أَنْتُمْ أَهْلُ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِرِضَاهُ عَنْكُمْ وَ الْمَلَائِكَةُ إِخْوَانُكُمْ فِي الْخَيْرِ فَإِذَا جُهِدْتُمُ (4) ادْعُوا وَ إِذَا غَفَلْتُمُ اجْهَدُوا وَ أَنْتُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ دِيَارُكُمْ لَكُمْ جَنَّةٌ (5) وَ قُبُورُكُمْ لَكُمْ جَنَّةٌ لِلْجَنَّةِ خُلِقْتُمْ وَ فِي الْجَنَّةِ نَعِيمُكُمْ وَ إِلَى الْجَنَّةِ تَصِيرُونَ.

557- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِجَعْفَرٍ ع (6) حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ أَيُّ شَيْ ءٍ أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ قَالَ رَأَيْتُ حَبَشِيَّةً مَرَّتْ وَ عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ فَمَرَّ رَجُلٌ (7) فَزَحَمَهَا فَطَرَحَهَا وَ وَقَعَ الْمِكْتَلُ عَنْ رَأْسِهَا فَجَلَسَتْ ثُمَّ قَالَتْ وَيْلٌ لَكَ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَ أَخَذَ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ فَتَعَجَّبَ رَسُولُ اللَّهِ ص.

558- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ ع (8)


1- قوله: «عدد من خالفه» أي من فرق المسلمين او كل من يخالفه في الدين من أي الفرق. و قوله: «يصلون عليه» أي يدعون و يستغفرون له. و قوله: «جماعة» أي مجتمعين. «آت»
2- أي ليتنعم في رياضها أو يستوجب بذلك دخولها حتّى كأنّه فيها.
3- الاثرة- بالضم-: المكرمة المتوارثة.
4- أي وقعتم في الجهد و المشقة أدعوا اللّه لكشفها. و في بعض النسخ [اجتهدتم].
5- الجنة- بضم الجيم-: الستر.
6- يعني جعفر بن أبي طالب عليهما السلام الطيار.
7- المكتل- كمنبر-: زنبيل يسع خمسة عشر صاعا.
8- الاخبار الدالة على إسلام آباء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة و كذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الأخبار و أمّا العامّة اختلفوا في إبراهيم و هذا الخبر صريح في كون والده عليه السلام آزر فلعله ورد تقية. «من آت»

ص: 367

كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ وَ لَمْ يَكُنْ يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ أَمْرِهِ فَنَظَرَ لَيْلَةً فِي النُّجُومِ فَأَصْبَحَ وَ هُوَ يَقُولُ لِنُمْرُودَ لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَيْتُ مَوْلُوداً يُولَدُ فِي أَرْضِنَا يَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَى يَدَيْهِ وَ لَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يُحْمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ النِّسَاءُ قَالَ لَا قَالَ فَحَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فَلَمْ يَدَعِ امْرَأَةً إِلَّا جَعَلَهَا فِي الْمَدِينَةِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهَا وَ وَقَعَ آزَرُ بِأَهْلِهِ فَعَلِقَتْ بِإِبْرَاهِيمَ ع فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَاءٍ مِنَ الْقَوَابِلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ فِي الرَّحِمِ شَيْ ءٌ إِلَّا عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ فَأَلْزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِي الرَّحِمِ إِلَى الظَّهْرِ فَقُلْنَ مَا نَرَى فِي بَطْنِهَا شَيْئاً وَ كَانَ فِيمَا أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ سَيُحْرَقُ بِالنَّارِ وَ لَمْ يُؤْتَ عِلْمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُنْجِيهِ قَالَ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ أَرَادَ آزَرُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى نُمْرُودَ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَا تَذْهَبْ بِابْنِكَ إِلَى نُمْرُودَ فَيَقْتُلَهُ دَعْنِي أَذْهَبْ بِهِ إِلَى بَعْضِ الْغِيرَانِ (1) أَجْعَلْهُ فِيهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ وَ لَا تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ ابْنَكَ فَقَالَ لَهَا فَامْضِي بِهِ قَالَ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى غَارٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ جَعَلَتْ عَلَى بَابِ الْغَارِ صَخْرَةً ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ قَالَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِزْقَهُ فِي إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ يَمَصُّهَا فَيَشْخُبُ لَبَنُهَا (2) وَ جَعَلَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الْجُمْعَةِ وَ يَشِبُّ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ وَ يَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي السَّنَةِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِأَبِيهِ لَوْ أَذِنْتَ لِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى ذَلِكَ الصَّبِيِّ فَعَلْتُ قَالَ فَافْعَلِي فَذَهَبَتْ فَإِذَا هِيَ بِإِبْرَاهِيمَ ع وَ إِذَا عَيْنَاهُ تَزْهَرَانِ كَأَنَّهُمَا سِرَاجَانِ قَالَ فَأَخَذَتْهُ فَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا وَ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ فَسَأَلَهَا آزَرُ عَنْهُ فَقَالَتْ قَدْ وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ فَمَكَثَتْ تَفْعَلُ فَتَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ وَ تَذْهَبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ع فَتَضُمُّهُ إِلَيْهَا وَ تُرْضِعُهُ ثُمَّ تَنْصَرِفُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ فَصَنَعَتْ بِهِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ فَلَمَّا أَرَادَتِ الِانْصِرَافَ أَخَذَ بِثَوْبِهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ لَهَا اذْهَبِي بِي مَعَكِ فَقَالَتْ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أَبَاكَ قَالَ فَأَتَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ع آزَرَ فَأَعْلَمَتْهُ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهَا ائْتِينِي بِهِ فَأَقْعِدِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا مَرَّ بِهِ إِخْوَتُهُ دَخَلَ


1- الغار: الكهف و الجمع: الغيران.
2- فيشخب- بضم الخاء و فتحها- أى يسيل. و قوله: «يشب»- بكسر الشين- أى ينمو.

ص: 368

مَعَهُمْ وَ لَا يُعْرَفُ قَالَ وَ كَانَ إِخْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ع يَعْمَلُونَ الْأَصْنَامَ وَ يَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ وَ يَبِيعُونَهَا قَالَ فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ فَجَاءَتْ بِهِ حَتَّى أَقْعَدَتْهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَ مَرَّ إِخْوَتُهُ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَلَمَّا رَآهُ أَبُوهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَحَبَّةُ مِنْهُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَبَيْنَمَا إِخْوَتُهُ يَعْمَلُونَ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ الْأَصْنَامَ إِذَا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ ع الْقَدُومَ (1) وَ أَخَذَ خَشَبَةً فَنَجَرَ مِنْهَا صَنَماً لَمْ يَرَوْا قَطُّ مِثْلَهُ فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نُصِيبَ خَيْراً بِبَرَكَةِ ابْنِكِ هَذَا قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ الْقَدُومَ فَكَسَرَ الصَّنَمَ الَّذِي عَمِلَهُ فَفَزِعَ أَبُوهُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً فَقَالَ لَهُ أَيَّ شَيْ ءٍ عَمِلْتَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع وَ مَا تَصْنَعُونَ بِهِ فَقَالَ آزَرُ نَعْبُدُهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ هَذَا الَّذِي يَكُونُ ذَهَابُ مُلْكِنَا عَلَى يَدَيْهِ.

559- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حُجْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَالَفَ إِبْرَاهِيمُ ع قَوْمَهُ وَ عَابَ آلِهَتَهُمْ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نُمْرُودَ فَخَاصَمَهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (2) وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع عَابَ آلِهَتَهُمْ-


1- بفتح القاف و ضم الدال-: آلة للنحت و النجر.
2- البقرة: 258. و قوله: «أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ» قال الطبرسيّ- رحمه اللّه-: أى فقال نمرود: أنا احيى بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل و اميت بالقتل من شئت أي ممن هو حى و هذا جهل من الكافر لانه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت أو الموت للحى على سبيل الاختراع الذي ينفرد سبحانه به و لا يقدر عليه سواه. انتهى، أقول: الظاهر من سياق الآية أن المراد من قوله: «أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ» أن الرب الذي و صفته بكذا هو أنا. و هذا تلبيس و مغالطة منه. و في تفسير الميزان: «قوله تعالى»: «قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ ... الآية» أي فأنا ربك الذي وصفته بأنّه يحيى و يميت قوله تعالى: قال إبراهيم: «فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ... الآية» لما آيس عليه السلام من مضى احتجاجه بأن ربّه الذي يحيى و يميت، لسوء فهم الخصم و تمويهه و تلبيسه الامر على من حضر عندهما عدل عن بيان ما هو مراده من الاحياء و الإمامة إلى حجة اخرى، إلّا أنّه بنى هذه الحجة الثانية على دعوى الخصم في الحجة الأولى كما يدلّ عليه التفريع بالفاء في قوله: «فَإِنَّ اللَّهَ ...* الآية» و المعنى: إن كان الامر كما تقول: إنك ربى و من شأن الرب أن يتصرف في تدبير أمر هذا النظام الكونى فاللّه سبحانه يتصرف في الشمس باتيانها من المشرق فتصرف أنت باتيانها من المغرب حتّى يتضح انك ربّ كما أن اللّه ربّ كل شي ء أو أنك الرب فوق الارباب فبهت الذي كفر، و إنّما فرع الحجة على ما تقدمها لئلا يظن أن الحجة الأولى تمت لنمرود و انتجت ما ادعاه، و لذلك أيضا قال: «فَإِنَّ اللَّهَ»* و لم يقل: فان ربى لان الخصم استفاد من قوله: «ربى» سوءا و طبّقه على نفسه بالمغالطة فأتى عليه السلام ثانيا بلفظة الجلالة ليكون مصونا عن مثل التطبيق السابق: و قد مر بيان أن نمرود ما كان يسعه ان يتفوه في مقابل هذه الحجة بشي ء دون أن يبهت فيسكت.

ص: 369

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (1) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِيماً وَ مَا كَذَبَ فَلَمَّا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ إِلَى عِيدٍ لَهُمْ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ ع إِلَى آلِهَتِهِمْ بِقَدُومٍ فَكَسَرَهَا إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ وَ وَضَعَ الْقَدُومَ فِي عُنُقِهِ فَرَجَعُوا إِلَى آلِهَتِهِمْ فَنَظَرُوا إِلَى مَا صُنِعَ بِهَا فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهَا وَ لَا كَسَرَهَا إِلَّا الْفَتَى الَّذِي كَانَ يَعِيبُهَا وَ يَبْرَأُ مِنْهَا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ قِتْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ فَجُمِعَ لَهُ الْحَطَبُ وَ اسْتَجَادُوهُ حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ بَرَزَ لَهُ نُمْرُودُ وَ جُنُودُهُ وَ قَدْ بُنِيَ لَهُ بِنَاءٌ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ كَيْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ وَ وُضِعَ إِبْرَاهِيمُ ع فِي مَنْجَنِيقٍ وَ قَالَتِ الْأَرْضُ يَا رَبِّ لَيْسَ عَلَى ظَهْرِي أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ يُحْرَقُ بِالنَّارِ قَالَ الرَّبُّ إِنْ دَعَانِي كَفَيْتُهُ فَذَكَرَ أَبَانٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ (2) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ دُعَاءَ إِبْرَاهِيمَ ع يَوْمَئِذٍ كَانَ- يَا أَحَدُ [يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ] يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَفَيْتُ- فَقَالَ لِلنَّارِ كُونِي بَرْداً قَالَ فَاضْطَرَبَتْ أَسْنَانُ إِبْرَاهِيمَ ع مِنَ الْبَرْدِ حَتَّى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ وَ انْحَطَّ جَبْرَئِيلُ ع وَ إِذَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ إِبْرَاهِيمَ ع يُحَدِّثُهُ فِي النَّارِ قَالَ نُمْرُودُ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهاً فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ


1- الصافّات: 88 و 89. «فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ» قيل: أراهم أنّه استدلّ بها على أنّه مشارف لسقم لئلا يخرجوه إلى معبدهم لانهم كانوا منجمين و ذلك حين سألوه أن يعيد معهم و كان أغلب أسقامهم الطاعون و كانوا يخافون العدوى. «الصافي»
2- في بعض النسخ [عن زرارة].

ص: 370

إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى النَّارِ أَنْ لَا تُحْرِقَهُ قَالَ فَأَخَذَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ نَحْوَهُ حَتَّى أَحْرَقَهُ قَالَ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ خَرَجَ مُهَاجِراً إِلَى الشَّامِ هُوَ وَ سَارَةُ وَ لُوطٌ.

560- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ع كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثَى رُبَا (1) وَ كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا وَ كَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَ أُمُّ لُوطٍ (2) سَارَةَ وَ وَرَقَةَ- وَ فِي نُسْخَةٍ رُقَيَّةَ أُخْتَيْنِ وَ هُمَا ابْنَتَانِ لِلَاحِجٍ وَ كَانَ اللَّاحِجُ نَبِيّاً مُنْذِراً وَ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا (3) وَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ ع فِي شَبِيبَتِهِ (4) عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَلْقَ عَلَيْهَا حَتَّى هَدَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى دِينِهِ وَ اجْتَبَاهُ وَ إِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ ابْنَةَ لَاحِجٍ (5) وَ هِيَ ابْنَةُ خَالَتِهِ وَ كَانَتْ سَارَةُ صَاحِبَةَ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ وَ أَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَ حَالٍ حَسَنَةٍ وَ كَانَتْ قَدْ مَلَّكَتْ إِبْرَاهِيمَ ع جَمِيعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ فَقَامَ فِيهِ وَ أَصْلَحَهُ وَ كَثُرَتِ الْمَاشِيَةُ وَ الزَّرْعُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ كُوثَى رُبَا رَجُلٌ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ وَ إِنَ


1- قال الجزريّ: كوثى سرة السواد و بها ولد إبراهيم الخليل عليه السلام. و قال الفيروزآبادي: كوثى- كطوبى-: قرية بالعراق و قال: الربى- كهدى-: موضع. و قال الحموى في مراصد الاطلاع: كوثى بالعراق في موضعين كوثى الطريق و كوثى ربا و بها مشهد إبراهيم الخليل عليه السلام و هما قريتان و بينهما تلول من رماد يقال: إنها رماد النار التي أوقدها نمرود لاحراقه.
2- كذا في أكثر النسخ، و في بعض النسخ [امرأة إبراهيم و امرأة لوط]. و هو الصواب و في كامل التواريخ: «إن لوطا كان ابن اخى إبراهيم عليه السلام».
3- أي لم يكن ممن يأتيه الملك فيعاينه كما يظهر من الاخبار. أو لم يكن صاحب شريعة مبتدأ كما قيل «آت»
4- أي في حداثته على الفطرة أو التوحيد أي كان موحدا بما آتاه اللّه من العقل و الهمة حتّى جعله اللّه نبيّا و آتاه الملك. «آت»
5- الظاهر أنّه كان ابنة ابنة لاحج فتوهم النسّاخ التكرار فاسقطوا إحداهما و على ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا و سارة و لاحج هنا غير المتقدمين و انما الاشتراك في الاسم و على نسخة «الامرأة» لا يحتاج إلى التكلف. «آت»

ص: 371

إِبْرَاهِيمَ ع لَمَّا كَسَرَ أَصْنَامَ نُمْرُودَ أَمَرَ بِهِ نُمْرُودُ فَأُوثِقَ وَ عَمِلَ لَهُ حَيْراً (1) وَ جَمَعَ لَهُ فِيهِ الْحَطَبَ وَ أَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ ثُمَّ قَذَفَ إِبْرَاهِيمَ ع فِي النَّارِ لِتُحْرِقَهُ ثُمَّ اعْتَزَلُوهَا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ ثُمَّ أَشْرَفُوا عَلَى الْحَيْرِ فَإِذَا هُمْ بِإِبْرَاهِيمَ ع سَلِيماً مُطْلَقاً مِنْ وَثَاقِهِ فَأُخْبِرَ نُمْرُودُ خَبَرَهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفُوا إِبْرَاهِيمَ ع مِنْ بِلَادِهِ وَ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنَ الْخُرُوجِ بِمَاشِيَتِهِ وَ مَالِهِ فَحَاجَّهُمْ إِبْرَاهِيمُ ع عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْتُمْ مَاشِيَتِي وَ مَالِي فَإِنَّ حَقِّي عَلَيْكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَيَّ مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِي فِي بِلَادِكُمْ وَ اخْتَصَمُوا إِلَى قَاضِي نُمْرُودَ فَقَضَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ ع أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا أَصَابَ فِي بِلَادِهِمْ وَ قَضَى عَلَى أَصْحَابِ نُمْرُودَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ع مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِهِ فِي بِلَادِهِمْ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ نُمْرُودُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُ وَ سَبِيلَ مَاشِيَتِهِ وَ مَالِهِ وَ أَنْ يُخْرِجُوهُ وَ قَالَ إِنَّهُ إِنْ بَقِيَ فِي بِلَادِكُمْ أَفْسَدَ دِينَكُمْ وَ أَضَرَّ بِآلِهَتِكُمْ فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِيمَ وَ لُوطاً مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى الشَّامِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَ مَعَهُ لُوطٌ لَا يُفَارِقُهُ وَ سَارَةُ وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِيمُ ع بِمَاشِيَتِهِ وَ مَالِهِ وَ عَمِلَ تَابُوتاً وَ جَعَلَ فِيهِ سَارَةَ وَ شَدَّ عَلَيْهَا الْأَغْلَاقَ غَيْرَةً مِنْهُ عَلَيْهَا وَ مَضَى حَتَّى خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ وَ صَارَ إِلَى سُلْطَانِ رَجُلٍ مِنَ الْقِبْطِ يُقَالُ لَهُ عَرَارَةُ فَمَرَّ بِعَاشِرٍ لَهُ (2) فَاعْتَرَضَهُ الْعَاشِرُ لِيَعْشُرَ مَا مَعَهُ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْعَاشِرِ وَ مَعَهُ التَّابُوتُ قَالَ الْعَاشِرُ لِإِبْرَاهِيمَ ع افْتَحْ هَذَا التَّابُوتَ حَتَّى نَعْشُرَ مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع قُلْ مَا شِئْتَ فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتَّى نُعْطِيَ عُشْرَهُ وَ لَا نَفْتَحَهُ قَالَ فَأَبَى الْعَاشِرُ إِلَّا فَتْحَهُ قَالَ وَ غَضِبَ إِبْرَاهِيمَ ع عَلَى فَتْحِهِ فَلَمَّا بَدَتْ لَهُ سَارَةُ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ع هِيَ حُرْمَتِي وَ ابْنَةُ خَالَتِي فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ خَبَيْتَهَا (3) فِي هَذَا التَّابُوتِ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع الْغَيْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ-


1- الحير- بفتح المهملة و آخره راء-: شبه الخطيرة.
2- أي ملتزم أخذ العشر.

ص: 372

فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتَّى أُعْلِمَ الْمَلِكَ حَالَهَا وَ حَالَكَ قَالَ فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ فَأَعْلَمَهُ فَبَعَثَ الْمَلِكُ رَسُولًا مِنْ قِبَلِهِ لِيَأْتُوهُ بِالتَّابُوتِ فَأَتَوْا لِيَذْهَبُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ ع إِنِّي لَسْتُ أُفَارِقُ التَّابُوتَ حَتَّى تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ أَنِ احْمِلُوهُ وَ التَّابُوتَ مَعَهُ فَحَمَلُوا إِبْرَاهِيمَ ع و التَّابُوتَ وَ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ افْتَحِ التَّابُوتَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ فِيهِ حُرْمَتِي وَ ابْنَةَ خَالَتِي وَ أَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِيعِ مَا مَعِي قَالَ فَغَضِبَ الْمَلِكُ (1) إِبْرَاهِيمَ عَلَى فَتْحِهِ فَلَمَّا رَأَى سَارَةَ لَمْ يَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ ع بِوَجْهِهِ عَنْهَا وَ عَنْهُ غَيْرَةً مِنْهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْ حُرْمَتِي وَ ابْنَةِ خَالَتِي فَلَمْ تَصِلْ يَدُهُ إِلَيْهَا وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ إِنَّ إِلَهَكَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِي هَذَا فَقَالَ لَهُ نَعَمْ إِنَّ إِلَهِي غَيُورٌ يَكْرَهُ الْحَرَامَ وَ هُوَ الَّذِي حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ فَادْعُ إِلَهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي فَإِنْ أَجَابَكَ فَلَمْ أَعْرِضْ لَهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع إِلَهِي رُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ لِيَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِي قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ يَدَهُ فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ثُمَّ أَعَادَ بِيَدِهِ نَحْوَهَا فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ ع عَنْهُ بِوَجْهِهِ غَيْرَةً مِنْهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْهَا قَالَ فَيَبِسَتْ يَدُهُ وَ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا فَقَالَ الْمَلِكُ لِإِبْرَاهِيمَ ع إِنَّ إِلَهَكَ لَغَيُورٌ وَ إِنَّكَ لَغَيُورٌ فَادْعُ إِلَهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ أَعُدْ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع أَسْأَلُهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ الْمَلِكُ نَعَمْ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَرُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ يَدُهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمَلِكُ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا رَأَى وَ رَأَى الْآيَةَ فِي يَدِهِ عَظَّمَ إِبْرَاهِيمَ ع وَ هَابَهُ وَ أَكْرَمَهُ وَ اتَّقَاهُ وَ قَالَ لَهُ قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا أَوْ لِشَيْ ءٍ مِمَّا مَعَكَ فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ وَ لَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع مَا هِيَ فَقَالَ لَهُ أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِماً قَالَ فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع فَدَعَا بِهَا فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ وَ هِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ع فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ ع بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ وَ خَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ ع إِعْظَاماً لِإِبْرَاهِيمَ ع وَ هَيْبَةً لَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ


1- غضب فلانا على الشي ء قهره. «القاموس»

ص: 373

تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ قِفْ وَ لَا تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَ يَمْشِي هُوَ خَلْفَكَ وَ لَكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ وَ امْشِ وَ عَظِّمْهُ وَ هَبْهُ فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ وَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِي الْأَرْضِ بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ ع وَ قَالَ لِلْمَلِكِ امْضِ فَإِنَّ إِلَهِي أَوْحَى إِلَيَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَ أَهَابَكَ وَ أَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي وَ أَمْشِيَ خَلْفَكَ إِجْلَالًا لَكَ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَوْحَى إِلَيْكَ بِهَذَا فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع نَعَمْ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَشْهَدُ إِنَّ إِلَهَكَ لَرَفِيقٌ حَلِيمٌ كَرِيمٌ وَ إِنَّكَ تُرَغِّبُنِي فِي دِينِكَ قَالَ وَ وَدَّعَهُ الْمَلِكُ فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ ع حَتَّى نَزَلَ بِأَعْلَى الشَّامَاتِ وَ خَلَّفَ لُوطاً ع فِي أَدْنَى الشَّامَاتِ ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ع لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ قَالَ لِسَارَةَ لَوْ شِئْتِ لَبِعْتِنِي هَاجَرَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا مِنْهَا وَلَداً فَيَكُونَ لَنَا خَلَفاً فَابْتَاعَ إِبْرَاهِيمُ ع هَاجَرَ مِنْ سَارَةَ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ ع.

561- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ لَا تَنْهَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الرَّجُلِ وَ مَنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ قُلْتُ أَ لَا تَنْهَى حُجْرَ بْنَ زَائِدَةَ وَ عَامِرَ بْنَ جُذَاعَةَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ (1) فَقَالَ يَا يُونُسُ قَدْ سَأَلْتُهُمَا أَنْ يَكُفَّا عَنْهُ فَلَمْ يَفْعَلَا فَدَعَوْتُهُمَا وَ سَأَلْتُهُمَا


1- حجر بن زائدة الحضرمى قال النجاشيّ: روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام ثقة صحيح المذهب صالح من هذه الطائفة و روى الكشّيّ عن محمّد بن قولويه عن سعد عن عليّ بن سليمان بن داود عن عليّ بن أسباط عن أبيه عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنّه من حوارى محمّد ابن على و جعفر بن محمّد عليهما السلام. و عن عليّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين ابن سعيد يرفعه عن عبد اللّه بن الوليد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام ما تقول في مفضل؟ قلت و ما عسيت أن أقول فيه بعد ما سمعت منك. فقال: رحمه اللّه لكن عامرين جذاعة و حجر بن زائدة أتيانى فعاباه عندي فسألتهما الكف عنه فلم يفعلا ثمّ سألتهما أن يكفا عنه و أخبرتهما بسرورى بذلك فلم يفعلا فلا غفر اللّه لهما. و في الفهرست لشيخ الطائفة: له كتاب أخبرنا به ثمّ ذكر رحمه اللّه طريقه إلى ابن مسكان عنه. انتهى. و عامر بن عبد اللّه بن جذاعة الأزديّ روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و له كتاب كذا ذكره النجاشيّ. و قال: مفضل بن عمر كوفيّ فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به. و في «الخلاصة»: متهافت مرتفع القول خطابى و قد زيد عليه شي ء كثير و حمل الغلاة في حديثه حملا عظيما و لا يجوز أن يكتب حديثه روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام و قيل: إنّه كان خطابيا و قد ذكرت له مصنّفات لا يعول عليها انتهى و عده المفيد- رحمه اللّه- في ارشاده من شيوخ أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام و خاصته و بطانته و ثقاة الفقهاء الصالحين و قال الشيخ الطوسيّ- رحمه اللّه- في كتاب الغيبة: و منهم المفضل بن عمر- أى من المحمودين- ممن كان يختص بامام و يتولى له الامر. انتهى و روى روايات غير نقية الطريق في مدحه و أورد الكشّيّ أحاديث تقتضى مدحه و الثناء عليه لكن طرقها غير نقية كلها و أحاديث تقتضى ذمه و البراءة منه كما في الخلاصة و هي أقرب إلى الصحة فالاولى عدم الاعتماد و اللّه اعلم بحاله. «جامع الرواة» و قال المجلسيّ رحمه اللّه: أن هذا الخبر يدل على جلالة المفضل و ذمهما لكنه على مصطلح القوم ضعيف.

ص: 374

وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِمَا وَ جَعَلْتُهُ حَاجَتِي إِلَيْهِمَا فَلَمْ يَكُفَّا عَنْهُ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا فَوَ اللَّهِ لَكُثَيِّرُ عَزَّةَ (1) أَصْدَقُ فِي مَوَدَّتِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَنْتَحِلَانِ مِنْ مَوَدَّتِي حَيْثُ يَقُولُ-

أَ لَا زَعَمَتْ بِالْغَيْبِ أَلَّا أُحِبَّهَاإِذَا أَنَا لَمْ يُكْرَمْ عَلَيَّ كَرِيمُهَا

(2) أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَحَبَّانِي لَأَحَبَّا مَنْ أُحِبُّ.

562- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الْقَاسِمِ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ وَ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ حَلَقٌ فِي الْمَسْجِدِ يَشْهَرُونَّا وَ يَشْهَرُونَ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ لَيْسُوا مِنَّا وَ لَا نَحْنُ مِنْهُمْ أَنْطَلِقُ فَأُوَارِي (3) وَ أَسْتُرُ فَيَهْتِكُونَ سِتْرِي هَتَكَ اللَّهُ سُتُورَهُمْ (4) يَقُولُونَ إِمَامٌ أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِإِمَامٍ إِلَّا لِمَنْ أَطَاعَنِي فَأَمَّا مَنْ عَصَانِي فَلَسْتُ لَهُ بِإِمَامٍ لِمَ يَتَعَلَّقُونَ بِاسْمِي أَ لَا يَكُفُّونَ (5) اسْمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَوَ اللَّهِ لَا يَجْمَعُنِي اللَّهُ وَ إِيَّاهُمْ فِي دَارٍ.


1- بضم الكاف و فتح الثاء و تشديد الياء المكسورة- اسم شاعر. و عزة- بفتح العين المهملة و الزاى المعجمة المشددة- اسم معشوقته. «آت»
2- «الا زعمت» أي قالت أو زعمت «بالغيب» أي غائبة عنى أي أنّها تعلم أنى إذا لم أكن محبا لمن يحبها لم أكن محبا لها. «آت»
3- في بعض النسخ [فادارى].
4- في بعض النسخ [سرهم].
5- في بعض النسخ [ألا يلقون اسمى من أفواههم].

ص: 375

563- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ ذَرِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إِلَى بَدْرٍ وَ أَخْرَجُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَهُمْ خَرَجَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَنَزَلَ رُجَّازُهُمْ وَ هُمْ يَرْتَجِزُونَ وَ نَزَلَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَرْتَجِزُ وَ يَقُولُ-

يَا رَبِّ إِمَّا يَغْزُوُنَّ بِطَالِبٍ فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبِ (1)

فِي مِقْنَبِ الْمُغَالِبِ الْمُحَارِبِ بِجَعْلِهِ الْمَسْلُوبَ غَيْرَ السَّالِبِ (2) وَ جَعْلِهِ الْمَغْلُوبَ غَيْرَ الْغَالِبِ

فَقَالَ قُرَيْشٌ إِنَّ هَذَا لَيَغْلِبُنَا فَرَدُّوهُ (3) وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ.

564- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِ


1- المقنب- بالكسر- جماعة الخيل و الفرسان و في بعض ما ظفرنا عليه من السير هكذا: يا ربّ اما أخرجوا بطالب فى مقنب من هذه المقانب فاجعلهم المغلوب غير الغالب و ارددهم المسلوب غير السالب قال صاحب الكامل في ذكر قصته: و كان بين طالب بن أبي طالب و هو في القوم و بين بعض قريش محاورة: فقالوا: و اللّه لقد عرفنا أن هواكم مع محمّد فرجع طالب فيمن رجع إلى مكّة. و قيل: إنّه اخرج كرها فلم يوجد في الاسرى و لا في القتلى و لا فيمن رجع إلى مكّة و هو الذي يقول: يا ربّ اما يغزون طالب فى مقنب من هذه المقانب فليكن المسلوب غير السالب و ليكن المغلوب غير الغالب أقول: على ما نقلناه من الكتابين ظهر أنّه لم يكن راضيا بهذه المقاتلة و كان يريد ظفر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، إما لانه قد أسلم كما تدلّ عليه المرسلة أو لمحبة القرابة، فالذى يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر أن يكون قوله: «بجعله» بدل اشتمال لقوله: «بطالب» أي اما تجعل الرسول غالبا بمغلوبية طالب حال كونه في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه بأن تجعل طالبا- سلوب الثياب و السلاح غير سالب لاحد من عسكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يجعله مغلوبا منهم غير غالب عليهم. «آت»
2- في بعض النسخ القديمة [فاجعله المسلوب غير السالب] «آت»
3- «ليغلبنا» على ما ذكرنا أي يريد غلبة الخصوم علينا أو يصير تخاذله سببا لغلبتهم علينا. «آت»

ص: 376

عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَضَّلِ (1) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ جَاءَتْ فَاطِمَةُ ع إِلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ (2) وَ هِيَ تَقُولُ وَ تُخَاطِبُ النَّبِيَّ ص

قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌلَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْثُرِ الْخَطْبُ

إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَاوَ اخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَ لَا تَغِبُ

(3).

565- أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خُفِضَ لَهُ كُلُّ رَفِيعٍ وَ رُفِعَ لَهُ كُلُّ خَفِيضٍ حَتَّى نَظَرَ إِلَى جَعْفَرٍ ع (4) يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ قَالَ فَقُتِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قُتِلَ جَعْفَرٌ وَ أَخَذَهُ الْمَغْصُ فِي بَطْنِهِ (5).

566- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع بِيَدِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَرْبَعِينَ (6).

567- أَبَانٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَتَى جَبْرَئِيلُ ع رَسُولَ اللَّهِ ص بِالْبُرَاقِ أَصْغَرَ مِنَ الْبَغْلِ وَ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَارِ مُضْطَرِبَ الْأُذُنَيْنِ عَيْنَيْهِ فِي حَافِرِهِ وَ خُطَاهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَ إِذَا انْتَهَى إِلَى جَبَلٍ قَصُرَتْ يَدَاهُ وَ طَالَتْ رِجْلَاهُ فَإِذَا هَبَطَ طَالَتْ يَدَاهُ وَ قَصُرَتْ رِجْلَاهُ أَهْدَبَ الْعُرْفِ (7) الْأَيْمَنِ لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ خَلْفِهِ.


1- في بعض النسخ [محمّد بن الفضيل]. و المختار أظهر بقرينة رواية أبان عنه و روايته عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- أي إلى أسطوانة و كانت هذه المطالبة و الشكاية عند اخراج أمير المؤمنين عليه السلام للبيعة أو عند غصب فدك. «آت»
3- الهنبثة: الامر المختلف الشديد و الاختلاط من القول و الاختلاف فيه. و الخطب الامر الذي تقع فيه المخاطبة، و الشأن، و الحال و يمكن أن يقرأ الخطب- بضم الخاء و فتح الطاء- جمع خطبة. و الوابل: المطر الشديد الضخم القطر. و في كشف الغمّة «و اختل قومك لما غبت و انقلبوا» و في الكتب زوائد أوردناها في البحار. «آت»
4- يعني جعفر بن أبي طالب عليه السلام.
5- المغص- بالتسكين و يحرك-: وجع في البطن و الظاهر ان الضمير في قوله: «فى بطنه» راجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أي أخذه هذه الداء لشدة اغتمامه و حزنه عليه. «آت»
6- كذا ذكره الشيخ المفيد- قدّس سرّه- في ارشاده و بعض أهل السير. «آت»
7- أي طويلة و كان مرسلا في جانب الايمن. «آت»

ص: 377

568- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ فَيْضِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ تَقْرَأُ وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (1) قَالَ لَوْ كَانَ خُلِّفُوا لَكَانُوا فِي حَالِ طَاعَةٍ وَ لَكِنَّهُمْ خَالَفُوا عُثْمَانُ وَ صَاحِبَاهُ أَمَا وَ اللَّهِ مَا سَمِعُوا صَوْتَ حَافِرٍ وَ لَا قَعْقَعَةَ (2) حَجَرٍ إِلَّا قَالُوا أُتِينَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ حَتَّى أَصْبَحُوا.

569- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ


1- التوبة: 118. قال الشيخ أمين الدين الطبرسيّ: القراءة المشهورة «الَّذِينَ خُلِّفُوا» و قرأ عليّ بن الحسين و أبو جعفر الباقر و جعفر الصادق عليهم السلام و أبو عبد الرحمن السلمى «خالفوا» و قرأ عكرمة و زر بن حبيش و عمرو بن عبيد «خلفوا» بفتح الخاء و اللام خفيفة. ثم قال: نزلت في كعب ابن مالك و مرارة بن الربيع و هلال بن أميّة و ذلك أنهم تخلفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يخرجوا معه لا عن نفاق و لكن عن توان ثمّ ندموا فلما قدم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم المدينة جاءوا إليه و اعتذروا فلم يكلمهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم و تقدم الى المسلمين بأن لا يكلمهم أحد منهم فهجرهم الناس حتّى الصبيان و جاءت نساؤهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلن له يا رسول اللّه نعتزلهم؟ فقال: لا و لكن لا يقربوكن، فضاقت عليهم المدينة فخرجوا الى رءوس الجبال و كان اهاليهم يجيئون لهم بالطعام و لا يكلمونهم فقال بعضهم لبعض قد هجرنا الناس و لا يكلمنا أحد منهم فهلا نتهاجر نحن أيضا فتفرقوا و لم يجتمع منهم اثنان و بقوا على ذلك خمسين يوما يتضرعون إلى اللّه تعالى و يتوبون إليه فقبل اللّه تعالى توبتهم و أنزل فيهم هذه الآية. ثم قال: «وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا» قال مجاهد: معناه خلفوا عن قبول التوبة بعد قبول التوبة ممن قبل توبتهم من المنافقين كما قال سبحانه فيما مضى: «وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ» و قال الحسن و قتادة: معناه خلفوا عن غزوة تبوك لما تخلفوهم و اما قراءة أهل البيت عليهم السلام خالفوا فانهم قالوا: لو كانوا خلفوا لما توجه عليهم العتب و لكنهم خالفوا. انتهى. أقول: يدل هذا الخبر على ان أبا بكر و عمر و عثمان كان وقع منهم أيضا تخلف عند خروج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى تبوك فسلط اللّه عليهم الخوف في تلك الليلة حتّى ضاقت عليهم الأرض برحبها وسعتها و ضاقت عليهم أنفسهم لكثرة خوفهم و حزنهم حتّى أصبحوا و لحقوا بالنبى صلّى اللّه عليه و آله و اعتذروا إليه. «آت»
2- قعقع السلاح: صوّت. و الشي ء اليابس: حركه مع صوت: و القعقعة حكاية حركة الشي ء يسمع له صوت.

ص: 378

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: تَلَوْتُ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ (1) فَقَالَ لَا اقْرَأِ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ إِلَى آخِرِهَا فَسُئِلَ عَنِ الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ.

570- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: هَكَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَقَدْ جَاءَنَا رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِنَا عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتْنَا حَرِيصٌ عَلَيْنَا بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (2).

571- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرِّضَا ع فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها (3) قُلْتُ هَكَذَا قَالَ هَكَذَا نَقْرَؤُهَا وَ هَكَذَا تَنْزِيلُهَا.

572- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ (4) فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا نَزَلَ قُدَيْدَ (5) قَالَ لِعَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُوَالِيَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فَفَعَلَ وَ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُوَاخِيَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فَفَعَلَ وَ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَكَ وَصِيِّي فَفَعَلَ فَقَالَ رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ فِي شَنٍّ بَالٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا سَأَلَ مُحَمَّدٌ رَبَّهُ فَهَلَّا سَأَلَ رَبَّهُ مَلَكاً يَعْضُدُهُ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ كَنْزاً يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ فَاقَتِهِ وَ اللَّهِ مَا دَعَاهُ


1- التوبة: 112. و هذا اختلاف القراءة، قال الطبرسيّ: فى قراءة أبى و عبد اللّه بن مسعود و الأعمش «التائبين العابدين» بالياء إلى آخرها و روى ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام.
2- السند ضعيف بسهل بن زياد و الآية في سورة التوبة: 128 هكذا «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ».
3- السند موثق و الآية في سورة التوبة: 40 و فيها «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ .. الآية» و الضمير لا بدّ من ارجاعه الى الرسول و يدلّ عليه آيات أخر و هذا اختلاف القراءة فقط.
4- هود: 12.
5- كزبير-: اسم واد و موضع. و الشن- بالفتح-: القربة البالية.

ص: 379

إِلَى حَقٍّ وَ لَا بَاطِلٍ إِلَّا أَجَابَهُ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى- فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

573- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ (1) فَقَالَ كَانُوا أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ لِيَتَّخِذَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ.

574- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (2) قَالَ مَنْ تَوَلَّى الْأَوْصِيَاءَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اتَّبَعَ آثَارَهُمْ فَذَاكَ يَزِيدُهُ وَلَايَةَ مَنْ مَضَى مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَوَّلِينَ حَتَّى تَصِلَ وَلَايَتُهُمْ إِلَى آدَمَ ع وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها (3) يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ (4) يَقُولُ أَجْرُ الْمَوَدَّةِ الَّذِي لَمْ أَسْأَلْكُمْ غَيْرَهُ فَهُوَ لَكُمْ تَهْتَدُونَ بِهِ وَ تَنْجُونَ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ قَالَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ أَهْلِ التَّكْذِيبِ وَ الْإِنْكَارِ قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (5) يَقُولُ مُتَكَلِّفاً أَنْ أَسْأَلَكُمْ مَا لَسْتُمْ بِأَهْلِهِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ عِنْدَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَ مَا يَكْفِي مُحَمَّداً (6) أَنْ يَكُونَ قَهَرَنَا عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يُرِيدُ أَنْ يُحَمِّلَ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى رِقَابِنَا فَقَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا وَ مَا هُوَ إِلَّا شَيْ ءٌ يَتَقَوَّلُهُ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى رِقَابِنَا وَ لَئِنْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ أَوْ مَاتَ لَنَنْزِعَنَّهَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ لَا نُعِيدُهَا فِيهِمْ أَبَداً وَ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعْلِمَ نَبِيَّهُ ص الَّذِي أَخْفَوْا فِي صُدُورِهِمْ وَ أَسَرُّوا بِهِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ (7) يَقُولُ لَوْ شِئْتُ حَبَسْتُ


1- هود: 118 و 119.
2- الشورى: 23 و قوله: «يقترف» أي يكتسب.
3- النمل: 89.
4- سبأ: 47.
5- ص: 86.
6- كذا.
7- الشورى: 24.

ص: 380

عَنْكَ الْوَحْيَ فَلَمْ تَكَلَّمْ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَ لَا بِمَوَدَّتِهِمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يَقُولُ الْحَقُّ لِأَهْلِ بَيْتِكَ الْوَلَايَةُ- إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (1) وَ يَقُولُ بِمَا أَلْقَوْهُ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ لِأَهْلِ بَيْتِكَ وَ الظُّلْمِ بَعْدَكَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (2) وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ النَّجْمِ إِذا هَوى قَالَ أُقْسِمُ بِقَبْضِ مُحَمَّدٍ إِذَا قُبِضَ- ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ بِتَفْضِيلِهِ أَهْلَ بَيْتِهِ- وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى يَقُولُ مَا يَتَكَلَّمُ بِفَضْلِ أَهْلِ بَيْتِهِ بِهَوَاهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (3) وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ ص- قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ (4) قَالَ لَوْ أَنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُعْلِمَكُمُ الَّذِي أَخْفَيْتُمْ فِي صُدُورِكِمْ مِنِ اسْتِعْجَالِكُمْ بِمَوْتِي لِتَظْلِمُوا أَهْلَ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي فَكَانَ مَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ (5) يَقُولُ أَضَاءَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ مُحَمَّدٍ كَمَا تُضِي ءُ الشَّمْسُ فَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَ مُحَمَّدٍ ص الشَّمْسَ وَ مَثَلَ الْوَصِيِّ الْقَمَرَ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً (6) وَ قَوْلُهُ وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (7) وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (8) يَعْنِي قُبِضَ مُحَمَّدٌ ص وَ ظَهَرَتِ الظُّلْمَةُ فَلَمْ يُبْصِرُوا فَضْلَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ (9) ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَضَعَ الْعِلْمَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (10) يَقُولُ أَنَا هَادِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ الْعِلْمِ الَّذِي أَعْطَيْتُهُ وَ هُوَ نُورِيَ الَّذِي يُهْتَدَى بِهِ مَثَلُ الْمِشْكَاةِ فِيهَا الْمِصْبَاحُ فَالْمِشْكَاةُ قَلْبُ مُحَمَّدٍ ص وَ


1- الشورى: 24.
2- الأنبياء: 3.
3- الآيات في سورة النجم: 1 الى 4.
4- الأنعام: 58.
5- البقرة: 17.
6- يونس: 5.
7- يس: 37.
8- البقرة: 18.
9- الأعراف: 197 و فيها «إِنْ تَدْعُوهُمْ»
10- النور: 35.

ص: 381

الْمِصْبَاحُ النُّورُ الَّذِي فِيهِ الْعِلْمُ وَ قَوْلُهُ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ يَقُولُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْبِضَكَ فَاجْعَلِ الَّذِي عِنْدَكَ عِنْدَ الْوَصِيِّ كَمَا يُجْعَلُ الْمِصْبَاحُ فِي الزُّجَاجَةِ- كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ فَأَعْلَمَهُمْ فَضْلَ الْوَصِيِّ- يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فَأَصْلُ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ إِبْرَاهِيمُ ع وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (1) وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2) لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَقُولُ لَسْتُمْ بِيَهُودَ فَتُصَلُّوا قِبَلَ الْمَغْرِبِ وَ لَا نَصَارَى فَتُصَلُّوا قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ أَنْتُمْ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ع وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (3) وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يَقُولُ مَثَلُ أَوْلَادِكُمُ الَّذِينَ يُولَدُونَ مِنْكُمْ كَمَثَلِ الزَّيْتِ الَّذِي يُعْصَرُ مِنَ الزَّيْتُونِ- يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يَقُولُ يَكَادُونَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالنُّبُوَّةِ وَ لَوْ لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِمْ مَلَكٌ.

575- أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ (4) قَالَ يُرِيهِمْ فِي أَنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ وَ يُرِيهِمْ فِي الْآفَاقِ انْتِقَاضَ الْآفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَنْفُسِهِمْ وَ فِي الْآفَاقِ قُلْتُ لَهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ قَالَ خُرُوجُ الْقَائِمِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَرَاهُ الْخَلْقُ لَا بُدَّ مِنْهُ.

576- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِيِ (5) قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع كَمِ الرِّبَاطُ عِنْدَكُمْ قُلْتُ أَرْبَعُونَ قَالَ لَكِنْ رِبَاطُنَا


1- هود: 73.
2- آل عمران: 33 و 34.
3- آل عمران: 67.
4- فصّلت: 53.
5- هو عمرو بن شمر و السند ضعيف به.

ص: 382

رِبَاطُ الدَّهْرِ (1) وَ مَنِ ارْتَبَطَ فِينَا دَابَّةً كَانَ لَهُ وَزْنُهَا وَ وَزْنُ وَزْنِهَا (2) مَا كَانَتْ عِنْدَهُ وَ مَنِ ارْتَبَطَ فِينَا سِلَاحاً كَانَ لَهُ وَزْنُهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ لَا تَجْزَعُوا مِنْ مَرَّةٍ وَ لَا مِنْ مَرَّتَيْنِ وَ لَا مِنْ ثَلَاثٍ (3) وَ لَا مِنْ أَرْبَعٍ فَإِنَّمَا مَثَلُنَا وَ مَثَلُكُمْ مَثَلُ نَبِيٍّ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ لِلْقِتَالِ فَإِنِّي سَأَنْصُرُكَ فَجَمَعَهُمْ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ وَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّى انْهَزَمُوا ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَى الْقِتَالِ فَإِنِّي سَأَنْصُرُكَ فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّى انْهَزَمُوا ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَى الْقِتَالِ فَإِنِّي سَأَنْصُرُكَ فَدَعَاهُمْ فَقَالُوا وَعَدْتَنَا النَّصْرَ فَمَا نُصِرْنَا فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَخْتَارُوا الْقِتَالَ أَوِ النَّارَ فَقَالَ يَا رَبِّ الْقِتَالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ النَّارِ فَدَعَاهُمْ فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ فَتَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَيْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ.

577- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ وَ النَّوْفَلِيِّ وَ غَيْرِهِمَا يَرْفَعُونَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَتَدَاوَى مِنَ الزُّكَامِ وَ يَقُولُ مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ بِهِ عِرْقٌ مِنَ الْجُذَامِ فَإِذَا أَصَابَهُ الزُّكَامُ قَمَعَهُ.

578- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الزُّكَامُ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الدَّاءِ فَيُزِيلُهُ.

579- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وُلْدِ آدَمَ إِلَّا وَ فِيهِ عِرْقَانِ عِرْقٌ فِي رَأْسِهِ يُهَيِّجُ الْجُذَامَ وَ عِرْقٌ فِي بَدَنِهِ يُهَيِّجُ الْبَرَصَ فَإِذَا هَاجَ الْعِرْقُ الَّذِي فِي الرَّأْسِ سَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ الزُّكَامَ حَتَّى يَسِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الدَّاءِ وَ إِذَا هَاجَ الْعِرْقُ الَّذِي فِي


1- أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على اطاعة الامام الحق و انتظار فرجه و تهيئوا دائما لنصرته. «آت». و الرباط: ملازمة ثغر العدو. «القاموس»
2- هذا من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي له من الثواب كمثلى وزن الدابّة.
3- أي لا تجزعوا من عدم نصرنا و غلبة العدو علينا مرة أو مرتين.

ص: 383

الْجَسَدِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الدَّمَامِيلَ حَتَّى يَسِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الدَّاءِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ بِهِ زُكَاماً وَ دَمَامِيلَ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعَافِيَةِ وَ قَالَ الزُّكَامُ فُضُولٌ فِي الرَّأْسِ.

580- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ الثَّلَاثَةِ الصَّبِرِ وَ الْكَافُورِ وَ الْمُرِّ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَذَهَبَتْ عَنْهُ (1).

581- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ لَنَا فَتَاةً كَانَتْ تَرَى الْكَوْكَبَ مِثْلَ الْجَرَّةِ قَالَ نَعَمْ وَ تَرَاهُ مِثْلَ الْحُبِ (2) قُلْتُ إِنَّ بَصَرَهَا ضَعُفَ فَقَالَ اكْحُلْهَا بِالصَّبِرِ وَ الْمُرِّ وَ الْكَافُورِ أَجْزَاءً سَوَاءً فَكَحَلْنَاهَا بِهِ فَنَفَعَهَا.

582- عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَيْضِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي أَبَا الدَّوَانِيقِ فَجَاءَتْهُ خَرِيطَةٌ فَحَلَّهَا وَ نَظَرَ فِيهَا فَأَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئاً فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ تَدْرِي مَا هَذَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ هَذَا شَيْ ءٌ يُؤْتَى بِهِ مِنْ خَلْفِ إِفْرِيقِيَةَ مِنْ طَنْجَةَ أَوْ طُبْنَةَ (3) شَكَّ مُحَمَّدٌ قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ جَبَلٌ هُنَاكَ يَقْطُرُ مِنْهُ فِي السَّنَةِ قَطَرَاتٌ فَتَجْمُدُ وَ هُوَ جَيِّدٌ لِلْبَيَاضِ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ يُكْتَحَلُ بِهَذَا فَيَذْهَبُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِاسْمِهِ وَ حَالِهِ قَالَ فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَنِ اسْمِهِ قَالَ وَ مَا حَالُهُ فَقُلْتُ هَذَا جَبَلٌ كَانَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَارِباً مِنْ قَوْمِهِ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَيْهِ فَعَلِمَ بِهِ قَوْمُهُ فَقَتَلُوهُ فَهُوَ يَبْكِي عَلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ ع وَ هَذِهِ الْقَطَرَاتُ مِنْ بُكَائِهِ وَ لَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَيْنٌ تَنْبُعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ لَا يُوصَلُ إِلَى تِلْكَ الْعَيْنِ.

583- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سُلَيْمٍ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ


1- راجع الهامش الرابع من ص 192 في هذا المجلد.
2- أي ان لم تعالجها بعد ذلك تراه مثل الحب.
3- «طنجة»- بالفتح ثمّ السكون و الجيم- بلد بساحل بحر المغرب و هي أحد حدود إفريقية من جهة المغرب و «طبنة»- بالضم ثمّ السكون و نون مفتوحة- بلدة في طرف إفريقية ممّا يلي المغرب. «المراصد»

ص: 384

يَقْطِينٍ أَنَّهُ كَانَ يَلْقَى مِنْ رَمَدِ عَيْنَيْهِ أَذًى قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ع ابْتِدَاءً مِنْ عِنْدِهِ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ كُحْلِ أَبِي جَعْفَرٍ ع جُزْءُ كَافُورٍ رَبَاحِيٍ (1) وَ جُزْءُ صَبِرٍ أُصْقُوطْرِيٍّ يُدَقَّانِ جَمِيعاً وَ يُنْخَلَانِ بِحَرِيرَةٍ يُكْتَحَلُ مِنْهُ مِثْلَ مَا يُكْتَحَلُ مِنَ الْإِثْمِدِ (2) الْكَحْلَةُ فِي الشَّهْرِ تَحْدُرُ كُلَّ دَاءٍ فِي الرَّأْسِ وَ تُخْرِجُهُ مِنَ الْبَدَنِ قَالَ فَكَانَ يَكْتَحِلُ بِهِ فَمَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ حَتَّى مَاتَ.

حَدِيثُ الْعَابِدِ

584- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ عَابِدٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُقَارِفْ (3) مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئاً فَنَخَرَ إِبْلِيسُ نَخْرَةً (4) فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُنُودُهُ فَقَالَ مَنْ لِي بِفُلَانٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَا لَهُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ فَقَالَ مِنْ نَاحِيَةِ النِّسَاءِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَمْ يُجَرِّبِ النِّسَاءَ فَقَالَ لَهُ آخَرُ فَأَنَا لَهُ فَقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ قَالَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّرَابِ وَ اللَّذَّاتِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَيْسَ هَذَا بِهَذَا قَالَ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِنْ أَيْنَ تَأْتِيهِ قَالَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبِرِّ قَالَ انْطَلِقْ فَأَنْتَ صَاحِبُهُ فَانْطَلَقَ إِلَى مَوْضِعِ الرَّجُلِ فَأَقَامَ حِذَاهُ يُصَلِّي قَالَ وَ كَانَ الرَّجُلُ يَنَامُ وَ الشَّيْطَانُ لَا يَنَامُ وَ يَسْتَرِيحُ وَ الشَّيْطَانُ لَا يَسْتَرِيحُ فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ وَ قَدْ تَقَاصَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ (5) وَ اسْتَصْغَرَ عَمَلَهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بِأَيِّ شَيْ ءٍ قَوِيتَ عَلَى


1- بالموحدة بين المهملتين- و قال صاحب القاموس: الرباحى جنس من الكافور. و قال: مكان «صقوطرى»: اسقطرى: هى جريرة ببحر الهند على يسار الجائى من بلاد الزنج و العامّة تقول: سقوطرة، يجلب منها الصبر و دم الاخوين. قال الحموى في المراصد: «سقطرى» بضمتين و طاء ساكنة و راء و ألف مقصورة و يروى بالمد-: جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى و مدن يناوح عدن جنوبية و هي الى بر العرب أقرب من بر الهند و السالك الى بلاد الزنج يمر عليها و أكثر أهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر و دم الاخوين و هو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة و يسمونه القاطر قيل طولها ثمانون فرسخا.
2- الاثمد- بالمثلثة و كسر الهمزة-: حجر الكحل.
3- أي يكتسب.
4- نخر ينخر- بالفتح- و ينخر- بالضم مد الصوت في خياشيمه.
5- أي أظهر له التقصير من نفسه، يقال: تقاصر أي أظهر القصور. «آت»

ص: 385

هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً وَ أَنَا تَائِبٌ مِنْهُ فَإِذَا ذَكَرْتُ الذَّنْبَ قَوِيتُ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي بِذَنْبِكَ حَتَّى أَعْمَلَهُ وَ أَتُوبَ فَإِذَا فَعَلْتُهُ قَوِيتُ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَسَلْ عَنْ فُلَانَةَ الْبَغِيَّةِ فَأَعْطِهَا دِرْهَمَيْنِ وَ نَلْ مِنْهَا قَالَ وَ مِنْ أَيْنَ لِي دِرْهَمَيْنِ مَا أَدْرِي مَا الدِّرْهَمَيْنِ فَتَنَاوَلَ الشَّيْطَانُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ دِرْهَمَيْنِ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُمَا فَقَامَ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ بِجَلَابِيبِهِ (1) يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ فُلَانَةَ الْبَغِيَّةِ فَأَرْشَدَهُ النَّاسُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ جَاءَ يَعِظُهَا فَأَرْشَدُوهُ فَجَاءَ إِلَيْهَا فَرَمَى إِلَيْهَا بِالدِّرْهَمَيْنِ وَ قَالَ قُومِي فَقَامَتْ فَدَخَلَتْ مَنْزِلَهَا وَ قَالَتِ ادْخُلْ وَ قَالَتْ إِنَّكَ جِئْتَنِي فِي هَيْئَةٍ لَيْسَ يُؤْتَى مِثْلِي فِي مِثْلِهَا فَأَخْبِرْنِي بِخَبَرِكَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ تَرْكَ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ التَّوْبَةَ وَجَدَهَا وَ إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا شَيْطَاناً مُثِّلَ لَكَ فَانْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَرَى شَيْئاً فَانْصَرَفَ وَ مَاتَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا فَأَصْبَحَتْ فَإِذَا عَلَى بَابِهَا مَكْتُوبٌ احْضُرُوا فُلَانَةَ فَإِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَارْتَابَ النَّاسُ فَمَكَثُوا ثَلَاثاً لَمْ يَدْفِنُوهَا ارْتِيَاباً فِي أَمْرِهَا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع (2) أَنِ ائْتِ فُلَانَةَ فَصَلِّ عَلَيْهَا وَ مُرِ النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهَا وَ أَوْجَبْتُ لَهَا الْجَنَّةَ بِتَثْبِيطِهَا (3) عَبْدِي فُلَاناً عَنْ مَعْصِيَتِي.

585- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ أَحْمَدَ] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ وَ كَانَ مُحَارَفاً (4) لَا يَتَوَجَّهُ فِي شَيْ ءٍ فَيُصِيبَ فِيهِ شَيْئاً فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهَا شَيْ ءٌ فَجَاعُوا يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ نَصْلًا مِنْ غَزْلٍ (5) وَ قَالَتْ لَهُ مَا عِنْدِي غَيْرُهُ


1- الجلباب- بالكسر كسرداب-: القميص و ثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطى به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار. «القاموس»
2- الشك من الراوي.
3- ثبّطه عن الامر تثبيطا: شغله عنه.
4- المحارف- بفتح الراء- هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يرزق و هو خلاف المبارك.
5- النصل: الغزل قد خرج من المغزل. «القاموس»

ص: 386

انْطَلِقْ فَبِعْهُ وَ اشْتَرِ لَنَا شَيْئاً نَأْكُلْهُ فَانْطَلَقَ بِالنَّصْلِ الْغَزْلِ لِيَبِيعَهُ فَوَجَدَ السُّوقَ قَدْ غُلِقَتْ وَ وَجَدَ الْمُشْتَرِينَ قَدْ قَامُوا وَ انْصَرَفُوا فَقَالَ لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الْمَاءَ فَتَوَضَّأْتُ مِنْهُ وَ صَبَبْتُ عَلَيَّ مِنْهُ وَ انْصَرَفْتُ فَجَاءَ إِلَى الْبَحْرِ وَ إِذَا هُوَ بِصَيَّادٍ قَدْ أَلْقَى شَبَكَتَهُ فَأَخْرَجَهَا وَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا سَمَكَةٌ رَدِيَّةٌ قَدْ مَكَثَتْ عِنْدَهُ حَتَّى صَارَتْ رِخْوَةً مُنْتِنَةً فَقَالَ لَهُ بِعْنِي هَذِهِ السَّمَكَةَ وَ أُعْطِيكَ هَذَا الْغَزْلَ تَنْتَفِعُ بِهِ فِي شَبَكَتِكَ قَالَ نَعَمْ فَأَخَذَ السَّمَكَةَ وَ دَفَعَ إِلَيْهِ الْغَزْلَ وَ انْصَرَفَ بِالسَّمَكَةِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ الْخَبَرَ فَأَخَذَتِ السَّمَكَةَ لِتُصْلِحَهَا فَلَمَّا شَقَّتْهَا بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤْلُؤَةٌ فَدَعَتْ زَوْجَهَا فَأَرَتْهُ إِيَّاهَا فَأَخَذَهَا فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى السُّوقِ فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْمَالِ فَوَضَعَهُ فَإِذَا سَائِلٌ يَدُقُّ الْبَابَ وَ يَقُولُ يَا أَهْلَ الدَّارِ تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى الْمِسْكِينِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ادْخُلْ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهُ خُذْ إِحْدَى الْكِيسَيْنِ فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا وَ انْطَلَقَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ مَيَاسِيرُ إِذْ ذَهَبْتَ بِنِصْفِ يَسَارِنَا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دَقَّ السَّائِلُ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ادْخُلْ فَدَخَلَ فَوَضَعَ الْكِيسَ فِي مَكَانِهِ ثُمَّ قَالَ كُلْ هَنِيئاً مَرِيئاً إِنَّمَا أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ إِنَّمَا أَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُوَكَ فَوَجَدَكَ شَاكِراً ثُمَّ ذَهَبَ.

خُطْبَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع

586- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعْدِ (1) بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع [وَ رَوَاهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ خَطَبَ بِذِي قَارٍ] (2) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً ص بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَ مِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلَى عُهُودِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إِلَى طَاعَتِهِ وَ مِنْ وَلَايَةِ عِبَادِهِ إِلَى وَلَايَتِهِ بَشِيراً وَ نَذِيراً* وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً عَوْداً


1- في بعض النسخ [سعيد بن المنذر].
2- موضع بين الكوفة و واسط. «القاموس»

ص: 387

وَ بَدْءاً وَ عُذْراً وَ نُذْراً- بِحُكْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ (1) وَ تَفْصِيلٍ قَدْ أَحْكَمَهُ وَ فُرْقَانٍ قَدْ فَرَقَهُ (2) وَ قُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ وَ لِيُقِرُّوا بِهِ إِذْ جَحَدُوهُ وَ لِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ (3) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ فَأَرَاهُمْ حِلْمَهُ كَيْفَ حَلُمَ وَ أَرَاهُمْ عَفْوَهُ كَيْفَ عَفَا وَ أَرَاهُمْ قُدْرَتَهُ كَيْفَ قَدَرَ وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ وَ كَيْفَ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِنَ الْآيَاتِ وَ كَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ مِنَ الْعُصَاةِ بِالْمَثُلَاتِ وَ احْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ (4) وَ كَيْفَ رَزَقَ وَ هَدَى وَ أَعْطَى وَ أَرَاهُمْ حُكْمَهُ كَيْفَ حَكَمَ وَ صَبَرَ حَتَّى يَسْمَعَ مَا يَسْمَعُ وَ يَرَى فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً ص بِذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ شَيْ ءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ وَ لَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ وَ لَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ رَسُولِهِ ص وَ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ (5) أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَ لَا سِلْعَةٌ أَنْفَقَ بَيْعاً (6) وَ لَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لَيْسَ فِي الْعِبَادِ وَ لَا فِي الْبِلَادِ شَيْ ءٌ هُوَ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَ لَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ وَ لَيْسَ فِيهَا فَاحِشَةٌ أَنْكَرَ وَ لَا عُقُوبَةٌ أَنْكَى (7) مِنَ الْهُدَى عِنْدَ الضَّلَالِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَ تَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ حَتَّى تَمَالَتْ بِهِمُ الْأَهْوَاءُ وَ تَوَارَثُوا ذَلِكَ مِنَ الْآبَاءِ وَ عَمِلُوا بِتَحْرِيفِ الْكِتَابِ كَذِباً


1- «عودا و بدءا» يعنى عودا الى الدعوة بعد ما بدأ فيها و المراد تكرير الدعوة «فى». «عذرا و نذرا» كل منهما مفعول له لقوله: «بعث» أي عذرا للمحقين و نذرا للمبطلين، أو حال أي عاذرا و منذرا. قوله: «بحكم» المراد به الجنس أي بعثه مع أحكام مفصلة مبينة. «آت»
2- الفرقان هو القرآن و كل ما فرق بين الحق و الباطل و المراد بتفريقه انزاله متفرقا او تعلقه بالاحكام المتفرقة. «آت»
3- أي ظهر من غير أن يرى بالبصر بل نبّههم عليه في القرآن من قصص الاولين و ما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل. «فى»
4- بفتح الميم و ضم الثاء- جمع المثلة و هي العقوبة. و الاحتصاد: المبالغة في القتل و الاستيصال مأخوذ من حصد الزرع. «فى»
5- السلعة- بالكسر-: المتاع. و البوار: الكساد.
6- النفاق: الرواج.
7- النكاية: الجرح و القرح.

ص: 388

وَ تَكْذِيباً فَبَاعُوهُ بِالْبَخْسِ (1) وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ- فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ طَرِيدَانِ مَنْفِيَّانِ وَ صَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَا يَأْوِيهِمَا مُؤْوٍ فَحَبَّذَا ذَانِكَ الصَّاحِبَانِ وَاهاً لَهُمَا وَ لِمَا يَعْمَلَانِ لَهُ (2)- فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَ لَيْسُوا فِيهِمْ وَ مَعَهُمْ وَ لَيْسُوا مَعَهُمْ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الْهُدَى وَ إِنِ اجْتَمَعَا وَ قَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ وَ افْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ قَدْ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ وَ أَمْرَ دِينِهِمْ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَكْرِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الرِّشَا وَ الْقَتْلِ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَ لَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا اسْمُهُ وَ لَمْ يَعْرِفُوا مِنَ الْكِتَابِ إِلَّا خَطَّهُ وَ زَبْرَهُ (3) يَدْخُلُ الدَّاخِلُ لِمَا يَسْمَعُ مِنْ حِكَمِ الْقُرْآنِ فَلَا يَطْمَئِنُّ جَالِساً حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدِّينِ يَنْتَقِلُ مِنْ دِينِ مَلِكٍ إِلَى دِينِ مَلِكٍ وَ مِنْ وَلَايَةِ مَلِكٍ إِلَى وَلَايَةِ مَلِكٍ وَ مِنْ طَاعَةِ مَلِكٍ إِلَى طَاعَةِ مَلِكٍ وَ مِنْ عُهُودِ مَلِكٍ إِلَى عُهُودِ مَلِكٍ فَاسْتَدْرَجَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (4) وَ إِنَّ كَيْدَهُ مَتِينٌ بِالْأَمَلِ وَ الرَّجَاءِ حَتَّى تَوَالَدُوا فِي الْمَعْصِيَةِ وَ دَانُوا بِالْجَوْرِ وَ الْكِتَابُ لَمْ يَضْرِبْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ صَفْحاً ضُلَّالًا تَائِهِينَ قَدْ دَانُوا بِغَيْرِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَدَانُوا لِغَيْرِ اللَّهِ (5) مَسَاجِدُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ عَامِرَةٌ مِنَ الضَّلَالَةِ خَرِبَةٌ مِنَ الْهُدَى قَدْ بُدِّلَ فِيهَا مِنَ الْهُدَى فَقُرَّاؤُهَا وَ عُمَّارُهَا أَخَائِبُ خَلْقِ اللَّهِ وَ خَلِيقَتِهِ مِنْ عِنْدِهِمْ جَرَتِ


1- البخس: بالموحدة ثمّ المعجمة ثمّ المهملة: الناقص. «فى»
2- «واها» كلمة تلهف و توجع. و قوله: «لما يعملان» فى بعض النسخ [لما يعمدان له] بالدال أى العلة الغائية من خلقهما. «فى»
3- بسكون الباء أي كتابته. و قوله: «يدخل الداخل» أي في الدين و خروجه لما يرى من عدم عمل أهله به و بدعهم و جورهم. «آت»
4- استدراج اللّه تعالى عباده أنّه كلما جدد العبد خطيئة جدد له نعمة و أنساه استغفار و أن يأخذه قليلا يباغته.
5- أي أمروا بطاعة غيره تعالى و لم يرد هذا البناء فيما عندنا من كتب اللغة و في النسخة القديمة [و كانوا لغير اللّه]

ص: 389

الضَّلَالَةُ وَ إِلَيْهِمْ تَعُودُ فَحُضُورُ مَسَاجِدِهِمْ وَ الْمَشْيُ إِلَيْهَا كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ إِلَّا مَنْ مَشَى إِلَيْهَا وَ هُوَ عَارِفٌ بِضَلَالِهِمْ فَصَارَتْ مَسَاجِدُهُمْ مِنْ فِعَالِهِمْ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ خَرِبَةً مِنَ الْهُدَى عَامِرَةً مِنَ الضَّلَالَةِ قَدْ بُدِّلَتْ سُنَّةُ اللَّهِ وَ تُعُدِّيَتْ حُدُودُهُ وَ لَا يَدْعُونَ إِلَى الْهُدَى وَ لَا يَقْسِمُونَ الْفَيْ ءَ وَ لَا يُوفُونَ بِذِمَّةٍ يَدْعُونَ الْقَتِيلَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ شَهِيداً قَدْ أَتَوُا اللَّهَ بِالافْتِرَاءِ وَ الْجُحُودِ وَ اسْتَغْنَوْا بِالْجَهْلِ عَنِ الْعِلْمِ وَ مِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَةٍ (1) وَ سَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِرْيَةً- وَ جَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ الْعُقُوبَةَ السَّيِّئَةَ وَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْكُمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ (2) بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ص وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَاباً عَزِيزاً لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ- لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا (3) وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ فَلَا يُلْهِيَنَّكُمُ الْأَمَلُ وَ لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَجَلُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَمَدُ أَمَلِهِمْ وَ تَغْطِيَةُ الْآجَالِ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ (4) الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ وَ تُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ وَ تَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَ النَّقِمَةُ (5) وَ قَدْ أَبْلَغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْكُمْ بِالْوَعْدِ وَ فَصَّلَ لَكُمُ الْقَوْلَ وَ عَلَّمَكُمُ السُّنَّةَ وَ شَرَحَ لَكُمُ الْمَنَاهِجَ لِيُزِيحَ الْعِلَّةَ (6) وَ حَثَّ عَلَى الذِّكْرِ وَ دَلَّ عَلَى النَّجَاةِ وَ إِنَّهُ مَنِ انْتَصَحَ لِلَّهِ وَ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا هَدَاهُ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (7) وَ وَفَّقَهُ لِلرَّشَادِ وَ سَدَّدَهُ


1- المثلة- بالضم-: النكال، قال الفيض- رحمه اللّه-: و من روى مثّلوا- بالتشديد- اراد جدعوهم بقطع الاذن و الانوف.
2- «مِنْ أَنْفُسِكُمْ» أى من جنسكم عربى مثلكم. و قرء من أنفسكم- بفتح الفاء- أى من أشرفكم «عَزِيزٌ عَلَيْهِ» أى شديد شاق. «ما عَنِتُّمْ» عنتكم و لقاؤكم المكروه. «حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ» أى على إيمانكم و صلاح شأنكم. «فى»
3- أي عاقلا فهما فان الغافل كالميت. «فى»
4- أي الموت.
5- القارعة: الشديدة من شدائد الدهر.
6- زاح الشي ء يزيح زيحا أي بعد و ذهب و أزاحه غيره. «الصحاح»
7- الانتصاح: قبول النصيحة يعنى من أطاع أوامر اللّه و علم أنّه انما يهديه الى مصالحه و يرده عن مفاسده يهديه للحالة التي اتباعها أقوم و هي من الألفاظ القرآنية «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» و تلك الحالة هي المعرفة باللّه و توحيده. «فى»

ص: 390

وَ يَسَّرَهُ لِلْحُسْنَى فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ مَغْرُورٌ فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَ اخْشَوْا مِنْهُ بِالتُّقَى وَ تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (1) فَاسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ وَ عَظِّمُوا اللَّهَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ (2) فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَةُ اللَّهِ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ وَ عِزَّ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا جَلَالُ اللَّهِ أَنْ يَذِلُّوا لَهُ وَ سَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ فَلَا يُنْكِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ حَدِّ الْمَعْرِفَةِ وَ لَا يَضِلُّونَ بَعْدَ الْهُدَى فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ (3) وَ الْبَارِئِ مِنْ ذِي السُّقْمِ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ وَ لَمْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ وَ لَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي حَرَّفَهُ وَ لَنْ تَعْرِفُوا الضَّلَالَةَ حَتَّى تَعْرِفُوا الْهُدَى وَ لَنْ تَعْرِفُوا التَّقْوَى حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَعَدَّى فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَ التَّكَلُّفَ وَ رَأَيْتُمُ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ التَّحْرِيفَ لِكِتَابِهِ وَ رَأَيْتُمْ كَيْفَ هَدَى اللَّهُ مَنْ هَدَى فَلَا يُجْهِلَنَّكُمُ (4) الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّ عِلْمَ الْقُرْآنِ لَيْسَ يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلَّا مَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ فَعُلِّمَ بِالْعِلْمِ جَهْلَهُ وَ بُصِّرَ بِهِ عَمَاهُ (5) وَ سُمِّعَ بِهِ صَمَمَهُ وَ أَدْرَكَ بِهِ عِلْمَ مَا فَاتَ وَ حَيِيَ بِهِ بَعْدَ إِذْ مَاتَ-


1- البقرة: 186.
2- أي يطلب لنفسه العظمة.
3- أي الذي به الجرب و هو داء معروف.
4- من التجهيل أي لا ينسبوكم إلى الجهل.
5- «فعلم بالعلم جهله» أي ما جهل ممّا يحتاج إليه في جميع الأمور، أو كونه جاهلا قبل ذلك او كمل علمه حتّى أقر بأنّه جاهل فان غاية كل كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله و الاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى أو يقال: إن الجاهل لتساوى نسبة الأشياء إليه لجهله بجميعها يدعى علم كل شي ء و اما العالم فهو يميز بين ما يعلمه و ما لا يعلمه فبالعلم عرف جهله و لا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين و أن الأول أظهر في الجميع بان يكون المراد بقوله: «و بصر به عماه» أى أبصر به ما عمى عنه أو تبدلت عماه بصيرة. «و سمع به» و يمكن أن يقرأ بالتخفيف أي سمع ما كان صم عنه أو بالتشديد اي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا. «آت»

ص: 391

وَ أَثْبَتَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْحَسَنَاتِ وَ مَحَا بِهِ السَّيِّئَاتِ وَ أَدْرَكَ بِهِ رِضْوَاناً مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَاطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً (1) فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ وَ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ وَ هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَ مَوْتُ الْجَهْلِ هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وَ صَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ (2) وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ (3) فَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ شُهَدَاءُ بِالْحَقِّ وَ مُخْبِرٌ صَادِقٌ (4) لَا يُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ السَّابِقَةُ وَ مَضَى فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حُكْمٌ صَادِقٌ وَ فِي ذَلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ فَاعْقِلُوا الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ وَ لَا تَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِيرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

587- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ حَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ وَيْلُمِّهِ فَاسِقاً (5) مَنْ لَا يَزَالُ مُمَارِئاً وَيْلُمِّهِ فَاجِراً مَنْ لَا يَزَالُ مُخَاصِماً وَيْلُمِّهِ آثِماً مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

588- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ نُعَيْمٍ الْقُضَاعِيِ


1- كنى عليه السلام بقوله: «من عند أهله» عن نفسه و من يحذو حذوه من أولاده عليهم السلام. «فى»
2- ذلك لان صمت العارف أبلغ من نطق غيره. «فى»
3- انما لا يخالفون الدين لانهم قوامه و أربابه و انما لا يختلفون فيه لان الحق في التوحيد واحد فالدين او القرآن بينهم شاهد صادق يأخذون بحكمه كما يؤخذ بحكم الشاهد الصادق. و «صامت ناطق» لانه لا ينطق بنفسه بل لا بد له من مترجم فهو صامت في الصورة و في المعنى انطق الناطقين لان الاوامر و النواهى و الآداب كلها مبنية عليه و متفرعة عنه فهو شأن من شأنهم. «فى»
4- مخبر صادق في حقهم حال كونهم شهداء بالحق غير مخالفين له و لا مختلفين فيه. «فى»
5- ويلمه أي ويل لامه كما في القاموس. و الويل: الحزن و الهلاك من العذاب و قد يرد الويل بمعنى التعجب و منه الحديث «ويلمه مسعر حرب» تعجبا من شجاعته و حربه. «النهاية»

ص: 392

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ ع فَرَأَى فِي لِحْيَتِهِ شَعْرَةً بَيْضَاءَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الَّذِي بَلَّغَنِي هَذَا الْمَبْلَغَ لَمْ أَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ.

589- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا أَتَاهُ بُشْرَاهُ بِالْخُلَّةِ فَجَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَبْيَضَ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَ دُهْناً (1) فَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ ع الدَّارَ فَاسْتَقْبَلَهُ خَارِجاً مِنَ الدَّارِ وَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ ع رَجُلًا غَيُوراً وَ كَانَ إِذَا خَرَجَ فِي حَاجَةٍ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَخَذَ مِفْتَاحَهُ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَفَتَحَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ وَ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَدْخَلَكَ دَارِي فَقَالَ رَبُّهَا أَدْخَلَنِيهَا فَقَالَ رَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنِّي فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَفَزِعَ إِبْرَاهِيمُ ع فَقَالَ جِئْتَنِي لِتَسْلُبَنِي رُوحِي قَالَ لَا وَ لَكِنِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَبْداً خَلِيلًا فَجِئْتُ لِبِشَارَتِهِ (2) قَالَ فَمَنْ هُوَ لَعَلِّي أَخْدُمُهُ حَتَّى أَمُوتَ قَالَ أَنْتَ هُوَ فَدَخَلَ عَلَى سَارَةَ ع فَقَالَ لَهَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي خَلِيلًا.

590- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سُلَيْمٍ الْفَرَّاءِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ إِنَّ الْمَلَكَ لَمَّا قَالَ أَدْخَلَنِيهَا رَبُّهَا عَرَفَ إِبْرَاهِيمُ ع أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ع فَقَالَ لَهُ مَا أَهْبَطَكَ قَالَ جِئْتُ أُبَشِّرُ رَجُلًا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اتَّخَذَهُ خَلِيلًا فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع فَمَنْ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ وَ مَا تُرِيدُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع أَخْدُمُهُ أَيَّامَ حَيَاتِي فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ فَأَنْتَ هُوَ.

591- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ع خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسِيرُ بِبَعِيرٍ فَمَرَّ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي قَدْ قَطَعَ الْأَرْضَ (3) إِلَى السَّمَاءِ طُولُهُ وَ لِبَاسُهُ


1- كناية عن طراوته و صفائه. «آت»
2- لعل السر في تخصيص ملك الموت بالبشارة بالخلة كونه سببا للقاء اللّه سبحانه و الوصول إليه و بالبشارة بالخلة يشتاق قلب الخليل الى لقاء خليله و وصوله إليه. «فى»
3- القطع: العمود. «فى»

ص: 393

شَعْرٌ قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ ع وَ عَجِبَ مِنْهُ وَ جَلَسَ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهُ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ حَرَّكَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ لِي حَاجَةً فَخَفِّفْ قَالَ فَخَفَّفَ الرَّجُلُ وَ جَلَسَ إِبْرَاهِيمُ ع فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع لِمَنْ تُصَلِّي فَقَالَ لِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ وَ مَنْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ الَّذِي خَلَقَكَ وَ خَلَقَنِي فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع قَدْ أَعْجَبَنِي نَحْوُكَ (1) وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُوَاخِيَكَ فِي اللَّهِ أَيْنَ مَنْزِلُكَ إِذَا أَرَدْتُ زِيَارَتَكَ وَ لِقَاءَكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مَنْزِلِي خَلْفَ هَذِهِ النُّطْفَةِ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْبَحْرِ (2) وَ أَمَّا مُصَلَّايَ فَهَذَا الْمَوْضِعُ تُصِيبُنِي فِيهِ إِذَا أَرَدْتَنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ لِإِبْرَاهِيمَ ع أَ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ وَ مَا هِيَ قَالَ تَدْعُو اللَّهَ وَ أُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِكَ وَ أَدْعُو أَنَا فَتُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِي فَقَالَ الرَّجُلُ فَبِمَ نَدْعُو اللَّهَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع لِلْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- فَقَالَ الرَّجُلُ لَا فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع وَ لِمَ فَقَالَ لِأَنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرَ إِجَابَتَهَا حَتَّى السَّاعَةِ وَ أَنَا أَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَهُ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَجَابَنِي فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ع فَبِمَ دَعَوْتَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّي فِي مُصَلَّايَ هَذَا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ بِي غُلَامٌ أَرْوَعُ النُّورُ يَطْلُعُ مِنْ جَبْهَتِهِ لَهُ ذُؤَابَةٌ مِنْ خَلْفِهِ (3) وَ مَعَهُ بَقَرٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُهِنَتْ دَهْناً وَ غَنَمٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُخِسَتْ دَخَساً (4) فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا غُلَامُ لِمَنْ هَذَا الْبَقَرُ وَ الْغَنَمُ فَقَالَ لِي لِإِبْرَاهِيمَ ع فَقُلْتُ وَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ


1- أي طريقتك في العبادة أو مثلك.
2- قال الفيروزآبادي: النطفة- بالضم-: الماء الصافي، قل أو كثر. و قال المطرزى: النطفة: البحر.
3- «أروع» قال الجوهريّ: الاروع من الرجال الذي يعجبك حسنه. و الذؤابة في اللغة: الناصية و هي شعر في مقدم الرأس و ذؤابة كل شي ء أعلاه و منه «هو ذؤابة قومه» أي المقدم فيهم.
4- يقال: دهنه أي طلاه بالدهن و هو كناية عن سمنها أي ملئت دهنا او صفائها أي طليت به. و قوله: «كانما دخست دخسا» فى أكثر النسخ بالخاء المعجمة و في بعضها بالمهملة قال الجوهريّ: الدخيس: اللحم المكتنز و كل ذى سمن دخيس، و قال الجزريّ: كل شي ء ملاته فقد دحسته و الدحاس الامتلاء و الزحام. «آت»

ص: 394

إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ فَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يُرِيَنِي خَلِيلَهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ع فَأَنَا إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ وَ ذَلِكَ الْغُلَامُ ابْنِي فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَلِكَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي ثُمَّ قَبَّلَ الرَّجُلُ صَفْحَتَيْ إِبْرَاهِيمَ ع وَ عَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْآنَ فَقُمْ فَادْعُ حَتَّى أُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِكَ فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ ع لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُذْنِبِينَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ (1) بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرِّضَا عَنْهُمْ قَالَ وَ أَمَّنَ الرَّجُلُ عَلَى دُعَائِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَدَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ع بَالِغَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُذْنِبِينَ مِنْ شِيعَتِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

592- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ- وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها (2) يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلَّا الْمَعْرِفَةَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا كَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فَشَكَرَ جَلَّ وَ عَزَّ مَعْرِفَةَ الْعَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَةِ شُكْرِهِ فَجَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِيرِ شُكْراً كَمَا عَلِمَ عِلْمَ الْعَالِمِينَ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَهُ فَجَعَلَهُ إِيمَاناً عِلْماً مِنْهُ أَنَّهُ قَدُّ وُسْعِ الْعِبَادِ (3) فَلَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ فَإِنَّ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ لَا يَبْلُغُ مَدَى عِبَادَتِهِ وَ كَيْفَ يُبْلَغُ مَدَى عِبَادَتِهِ مَنْ لَا مَدَى لَهُ وَ لَا كَيْفَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.

593- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ الْعَابِدِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ وَ ذَكَرُوا سُلْطَانَ


1- أي إلى يوم القيامة كما هو الموجود في كتاب كمال الدين الصدوق. «آت»
2- النحل: 18.
3- القد: القدر. و قوله «إيمانا» قال الفيض- رحمه اللّه-: إشارة إلى قوله سبحانه: «وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا» قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن الراسخين في العلم هم الذين اغناهم اللّه عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح اللّه اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما و سمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا».

ص: 395

بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَا يَخْرُجُ عَلَى هِشَامٍ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ قَالَ وَ ذَكَرَ مُلْكَهُ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ فَجَزِعْنَا فَقَالَ مَا لَكُمْ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُهْلِكَ سُلْطَانَ قَوْمٍ أَمَرَ الْمَلَكَ فَأَسْرَعَ بِسَيْرِ الْفَلَكِ فَقَدَّرَ عَلَى مَا يُرِيدُ قَالَ فَقُلْنَا لِزَيْدٍ ع هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَقَالَ إِنِّي شَهِدْتُ هِشَاماً وَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُسَبُّ عِنْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ وَ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَوَ اللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنَا وَ ابْنِي لَخَرَجْتُ عَلَيْهِ.

594 وَ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ أَقْبَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) فَسَلَّمَ ثُمَّ ذَهَبَ فَرَقَّ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقُلْتُ لَهُ لَقَدْ رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُ فَقَالَ رَقَقْتُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إِلَى أَمْرٍ لَيْسَ لَهُ (2) لَمْ أَجِدْهُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع مِنْ خُلَفَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا مِنْ مُلُوكِهَا.

595- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِرَجُلٍ مَا الْفَتَى عِنْدَكُمْ فَقَالَ لَهُ الشَّابُّ فَقَالَ لَا الْفَتَى الْمُؤْمِنُ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا شُيُوخاً فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِتْيَةً بِإِيمَانِهِمْ.

596- مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (3) فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ أَنْهَارٌ جَارِيَةٌ وَ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ فَكَفَرُوا بِأَنْعُمِ اللَّهِ وَ غَيَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ وَ أَخْرَبَ دِيَارَهُمْ وَ أَذْهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَبْدَلَهُمْ مَكَانَ جَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَيْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (4) ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا


1- هو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام و قد مر بعض احواله في المجلد الأول ص 358.
2- أي الى الخلافة او الى الملك و السلطنة. «آت»
3- سبأ: 19.
4- العرم: الجرذ الذكر، و المطر الشديد، و واد و بكل فسّر قوله تعالى: سَيْلَ الْعَرِمِ. و قال الرازيّ: الاكل: الثمرة و أكل خمط أي مر بشع و قيل: الخمط كل شجر له شوك و قيل: الاراك. و الاثل: الطرفاء و قيل: السدر لانه أكرم ما بدلوا به. و الاثل و السدر معطوفان على اكل لا على خمط لان الاثل لا اكل له و كذا السدر. «آت»

ص: 396

وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ.

597- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتِ رَحْمَةٍ اخْتَصَّكُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِهَا فَقَالَ لَهُ كَذَلِكَ نَحْنُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا نُدْخِلُ أَحَداً فِي ضَلَالَةٍ وَ لَا نُخْرِجُهُ مِنْ هُدًى إِنَّ الدُّنْيَا لَا تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ لَا يَرَى فِيكُمْ مُنْكَراً إِلَّا أَنْكَرَهُ.

تَمَّ كِتَابُ الرَّوْضَةِ مِنَ الْكَافِي وَ هُوَ آخِرُهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ.

أحمد اللّه سبحانه على ما منّ عليّ و وفّقني لإتمام هذا الكتاب الكريم تصحيحا و تعليقا و ضبطا و أشكره و أثنى عليه جزيل عطائه و جميل فعاله إنّه جواد كريم.

علي اكبر الغفاري 1377 ه

ص: 397

(الحاق [رسالة أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى أصحابه عن كتاب الوافي])

قد وعدنا في أوّل هذا المجلد أن نورد رسالة أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى أصحابه بتمامه عن كتاب الوافي في آخره و قد حان أن نفي بما وعدناه.

عليّ، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن حفص المؤذّن، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام؛ و عن ابن بزيع، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه كتب بهذه الرّسالة إلى أصحابه و أمرهم بمدارستها و النظر فيها و تعاهدها و العمل بها و كانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فإذا فرغوا من الصّلاة نظروا فيها؛ و عن ابن سماعة عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ عن القاسم بن الرّبيع الصحّاف عن إسماعيل بن مخلّد السراج قال: خرجت هذه الرّسالة من أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى أصحابه:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أما بعد فاسألوا اللّه ربّكم العافية؛ و عليكم بالدّعة (1) و الوقار و السّكينة؛ و عليكم بالحياء و التّنزّه عمّا تنزّه عنه الصّالحون قبلكم؛ و عليكم بمجاملة أهل الباطل، تحمّلوا الضيم منهم، و إيّاكم و مماظّتهم (2)، دينوا فيما بينكم و بينهم إذا أنتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم الكلام فإنّه لا بدّ لكم من مجالستهم و مخالطتهم و منازعتهم الكلام بالتقيّة الّتي أمركم اللّه أن تأخذوا بها (3) فيما بينكم و بينهم فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنّهم سيؤذونكم و تعرفون في وجوههم المنكر و لو لا أنّ اللّه تعالى يدفعهم عنكم لسطوابكم (4) و ما في صدورهم من العداوة و البغضاء أكثر ممّا يبدون لكم، مجالسكم و مجالسهم واحدة و أرواحكم و أرواحهم مختلفة لا تأتلف، لا تحبّونهم أبدا و لا يحبّونكم غير أنّ اللّه تعالى أكرمكم بالحقّ و بصّركموه و لم يجعلهم من أهله فتجاملونهم و تصيرون عليهم و هم لا مجاملة لهم و لا صبر لهم على شي ء من اموركم، تدفعون أنتم السّيئة بالّتي هي أحسن فيما بينكم و بينهم تلتمسون بذلك وجه ربّكم


1- الدعة: خفض العيش و الطمأنينة.
2- المجاملة: المعاملة بالجميل. و الضيم: الظلم. و المماظة:- بالمعجمة-: شدة المنازعة و المخاصمة مع طول اللزوم.
3- «بالتقية» متعلق بدينوا و ما بينهما معترض.
4- السطو: القهر بالبطش.

ص: 398

بطاعته و هم لا خير عندهم، لا يحلّ لكم أن تظهروهم (1) على أصول دين اللّه فإنّه إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه و رفعوه عليكم (2) و جاهدوا على هلاكهم و استقبلوكم بماتكرهون و لم يكن لكم النّصف منهم في دول الفجّار، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم و بين أهل الباطل فإنّه لا ينبغي لأهل الحقّ أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل لأنّ اللّه لم يجعل أهل الحقّ عنده بمنزلة أهل الباطل، ألم تعرفوا وجه قول اللّه تعالى في كتابه إذ يقول: «أم نجعل الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار» أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل فلا تجعلوا اللّه تعالى- و له المثل الأعلى- و إمامكم و دينكم الّذي تدينون به عرضة لأهل الباطل (3) فتغضبوا اللّه عليكم فتهلكوا، فمهلا مهلا (4) يا أهل الصّلاح لا تتركوا أمر اللّه و أمر من أمركم بطاعته فيغير اللّه ما بكم من نعمه، أحبّوا في اللّه من وصف صفتكم و أبغضوا في اللّه من خالفكم و ابذلوا مودّتكم و نصيحتكم لمن وصف صفتكم (5) و لا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم و عاداكم عليها و بغالكم الغوائل (6)، هذا أدبنا أدب اللّه فخذوا به و تفهّموه و اعقلوه و لا تنبذوه وراء ظهوركم، ما وافق هداكم أخذتم به و ما وافق هواكم اطرحتموه و لم تأخذوا به؛ و إيّاكم و التجبّر (7) على اللّه و اعلموا أنّ عبدا لم يبتل بالتجبّر على اللّه إلّا تجبّر على دين اللّه فاستقيموا للّه و لا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين؛ أجارنا اللّه و إيّاكم من التجبّر على اللّه، و لا قوّة لنا و لا لكم إلّا باللّه. و قال: إنّ العبد إذا كان خلقه اللّه في الأصل أصل الخلقة مؤمنا لم يمت حتّى يكرّه اللّه إليه الشرّ و يباعده منه و من كرّه اللّه إليه الشرّ و باعده منه عافاه اللّه من الكبر أن يدخله و الجبريّة فلانت عريكته و حسن خلقه (8) و طلق وجهه و صار عليه وقار الإسلام و


1- أي أن تطلعوهم و في بعض النسخ [تطلعوهم].
2- «رفعوه عليكم» أي رفعوه الى ولاتهم لينالكم الضرر منهم.
3- عرضة أي معترضا بينكم و بينهم.
4- مهلا: أى امهلوا مهلا.
5- أي قال بقولكم و دان بدينكم.
6- أي طلب لكم الغوائل أي المهالك.
7- التجبر: التكبر و لعلّ المراد بالتجبر على اللّه عدم المبالاة باوامره و نواهيه سبحانه. و الجبرية: الكبر و العطف للبيان.
8- العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطاوعا منقادا قليل الخلاف و النفور.

ص: 399

سكينته و تخشّعه و ورع عن محارم اللّه و اجتنب مساخطه و رزقه اللّه مودّة النّاس و مجاملتهم و ترك مقاطعة النّاس و الخصومات و لم يكن منها و لا من أهلها في شي ء؛ و إنّ العبد إذا كان اللّه خلقه في الأصل أصل الخلق كافرا لم يمت حتّى يحبّب إليه الشرّ و يقرّ به منه، فإذا حبّب إليه الشرّ و قرّ به منه ابتلى بالكبر و الجبريّة فقساقلبه و ساء حلقه و غلظ وجهه و ظهر فحشه و قلّ حياؤه و كشف اللّه ستره و ركب المحارم فلم ينزع عنها و ركب معاصي اللّه و أبغض طاعته و أهلها، فبعد ما بين حال المؤمن و حال الكافر، سلوا اللّه العافيه و اطلبوها إليه و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه.

صبّروا النّفس على البلاء في الدنيا فإنّ تتابع البلاء فيها و الشدّة في طاعة اللّه و ولايته و ولاية من أمر بولايته خير عاقبة عند اللّه في الآخرة من ملك الدّنيا و إن طال تتابع نعيمها و زهرتها و غضارة (1) عيشها في معصية اللّه و ولاية من نهى اللّه عن ولايته و طاعته فإنّ اللّه أمر بولاية الأئمّة الّذين سمّاهم في كتابه في قوله: «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» و هم الّذين أمر اللّه بولايتهم و طاعتهم و الّذين نهى اللّه عن ولايتهم و طاعتهم و هم أئمّة الضلال الّذين قضى اللّه أن يكون لهم دول في الدّنيا على أولياء اللّه الأئمّة من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعملون في دولتهم بمعصية اللّه و معصية رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليحقّ عليهم كلمة العذاب و ليتمّ أمر اللّه فيهم الّذي خلقهم له في الأصل أصل الخلق من الكفر الّذي سبق في علم اللّه أن يخلقهم له في الأصل و من الّذين سمّاهم اللّه في كتابه في قوله: «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» فتدبّروا هذا و اعقلوه و لا تجهلوه فإنّ من جهل هذا و أشباهه ممّا افترض اللّه عليه في كتابه ممّا أمر به و نهى عنه ترك دين اللّه و ركب معاصيه فاستوجب سخط اللّه فأكبّه اللّه على وجهه في النّار.

و قال: أيّتها العصابة المرحومة المفلحة إنّ اللّه تعالى أتمّ لكم ما آتاكم من الخير و اعلموا أنّه ليس من علم اللّه و لا من أمره أن يأخذ أحد من خلق اللّه في دينه بهوى و لا رأي و لا مقائيس، قد أنزل اللّه القرآن و جعل فيه تبيان كلّ شي ء و جعل للقرآن و تعلّم القرآن أهلا لا يسع أهل علم القرآن الّذين آتاهم اللّه علمه أن يأخذوا فيه بهوى و لا


1- زهرة الدنيا: حسنها و بهجتها. و غضارة العيش طيبها و لذتها.

ص: 400

رأى و لا مقائيس أغناهم اللّه عن ذلك بما آتاهم من علمه و خصّهم به و وضعه عندهم و كرامة من اللّه تعالى أكرمهم بها و هم أهل الذّكر الّذين أمر اللّه هذه الامّة بسؤالهم و هم الّذين من سألهم و قد سبق في علم اللّه أن يصدّقهم و يتّبع أثرهم، أرشدوه و أعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى اللّه بإذنه و إلى جميع سبل الحقّ و هم الّذين لا يرغب عنهم و عن مسألتهم و عن علمهم الّذي أكرمهم اللّه به و جعله عندهم إلّا من سبق عليه في علم اللّه الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلّة (1) فأولئك الّذين يرغبون عن سؤال أهل الذّكر و الّذين آتاهم اللّه تعالى علم القرآن و وضعه عندهم و أمر بسؤالهم، فأولئك الّذين يأخذون بأهوائهم و آرائهم و مقائيسهم حتّى دخلهم الشّيطان لأنّهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند اللّه كافرين و جعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند اللّه مؤمنين و حتّى جعلوا ما أحلّ اللّه في كثير من الأمر حراما و جعلوا ما حرّم اللّه في كثير من الأمر حلالا فذلك أصل ثمرة أهوائهم و قد عهد إليهم رسول اللّه عليه السّلام (2) قبل موته فقالوا: نحن بعد ما قبض اللّه رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي النّاس بعد قبض اللّه تعالى رسوله و بعد عهد الّذي عهده إلينا و أمرنا به، مخالفة للّه تعالى و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فما أحد أجرء على اللّه و لا أبين ضلالة ممّن أخذ بذلك و زعم أنّ ذلك يسعه و اللّه إنّ للّه على خلقه أن يطيعوه و يتّبعوا أمره في حياة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بعد موته، هل يستطيع اولئك أعداء اللّه (3) أن يزعموا أنّ أحدا ممّن أسلم مع محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخذ بقوله و رأيه و مقائيسه فإن قال: نعم فقد كذب على اللّه و ضلّ ضلالا بعيدا و إن قال: لا، لم يكن لأحد أن يأخذ برأية و هواه و مقائيسه فقد أقرّ بالحجّة على نفسه و هو ممّن يزعم أنّ اللّه يطاع و يتّبع أمره بعد قبض اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد قال اللّه تعالى- و قوله الحقّ-: «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» و ذلك ليعلموا أنّ اللّه تعالى يطاع و يتّبع أمره في حياة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بعد قبض اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كما لم يكن لأحد من النّاس


1- أي أظلة العرش يوم الميثاق و لعله اشير به الى عالم القدر.
2- يعني بالنص على الوصى صلوات اللّه عليهما.
3- الغرض من هذا الكلام إلى آخره أن يبين أنّه لا فرق بين زمان حياته صلّى اللّه عليه و آله و سلم و موته في عدم جواز العمل بالرأى كما أنّه لا فرق بينهما في وجوب طاعة اللّه و اتباع أمره.

ص: 401

مع محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقائيسه خلافا لأمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فكذلك لم يكن لأحد من النّاس من بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقائيسه.

و قال: دعوا رفع أيديكم في الصّلاة (1) إلّا مرّة واحدة حين تفتتح الصّلاة فإنّ النّاس قد شهروكم بذلك و اللّه المستعان و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه.

و قال: أكثروا من أن تدعوا اللّه فإنّ اللّه يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه و قد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة و اللّه مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنّة فأكثروا ذكر اللّه ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات اللّيل و النّهار فإنّ اللّه تعالى أمر بكثرة الذّكر له و اللّه ذاكر لمن ذكره من المؤمنين؛ و اعلموا أنّ اللّه لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلّا ذكره بخير فأعطوا اللّه من أنفسكم الاجتهاد في طاعته فإنّ اللّه لا يدرك شي ء من الخير عنده إلّا بطاعته و اجتناب محارمه الّتي حرّم اللّه تعالى في ظاهر القرآن و باطنه (2) فإنّ اللّه تعالى قال في كتابه- و قوله الحقّ-: «وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ» و اعلموا أنّ ما أمر اللّه أن تجتنبوه فقد حرّمه اللّه و اتّبعوا آثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سنّته فخذوا بها و لا تتّبعوا أهواءكم و آراءكم فتضلّوا فإنّ أضلّ النّاس عند اللّه من اتّبع هواه و رأيه بغير هدى من اللّه و أحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها؛ و جاملوا النّاس و لا تحملوهم على رقابكم تجمعوا مع ذلك طاعة ربّكم و إيّاكم و سبّ أعداء اللّه حيث يسمعونكم فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً (3) بِغَيْرِ عِلْمٍ و قد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم للّه كيف هو، إنّه من سبّ أولياء


1- انما أمر عليه السلام أصحابه بالتقية في رفع الأيدي في الصلاة لانه كان يومئذ من علامات التشيع.
2- لعل المراد ممّا حرم اللّه تعالى في باطن القرآن مخالفة ولى الامر و متابعة أهل الضلال و اتباع آرائهم و اعتقاد الولاية فيهم و ذلك لان ثلث القرآن ورد فيهم كما ورد عنهم عليهم السلام و هو المراد بباطن الاثم أو هو أحد أفراده.
3- عدوا أي تجاوزا عن الحق إلى الباطل. «بغير علم» أي على جهالة باللّه، اشار بذلك إلى قوله سبحانه: «وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ».

ص: 402

اللّه فقد انتهك سبّ اللّه و من أظلم عند اللّه ممّن استسبّ للّه و لأوليائه، فمهلا مهلا فاتّبعوا أمر اللّه و لا قوّة إلّا باللّه.

و قال: أيّتها العصابة الحافظ اللّه لهم أمرهم (1) عليكم بآثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سنّته و آثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بعده و سنّتهم فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى و من ترك ذلك و رغب عنه ضلّ لأنّهم هم الّذين أمر اللّه بطاعتهم و ولايتهم و قد قال أبونا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «المداومة على العمل في اتّباع الآثار و السّنن و إن قلّ أرضى للّه و أنفع عنده في العاقبه من الاجتهاد في البدع و اتّباع الاهواء» ألا إنّ اتّباع الأهواء و اتّباع البدع بغير هدى من اللّه ضلال و كلّ ضلال بدعة و كلّ بدعة في النّار و لن ينال شي ء من الخير عند اللّه إلّا بطاعته و الصّبر و الرّضا لأنّ الصبر و الرّضا من طاعة اللّه.

و اعلموا أنّه لن يؤمن عبد من عبيده حتّى يرضى عن اللّه فيما صنع اللّه إليه و صنع به على ما أحبّ و كره و لن يصنع اللّه بمن صبر و رضي عن اللّه إلّا ما هو أهله و هو خير له ممّا أحبّ و كره و عليكم بالمحافظة على الصّلوات و الصّلاة الوسطى و قوموا للّه قانتين كما أمر اللّه به المؤمنين في كتابه من قبلكم و إيّاكم و عليكم بحبّ المساكين المسلمين فإنّه من حقّرهم و تكبّر عليهم فقد زلّ عن دين اللّه و اللّه له حاقر و ماقت و قد قال أبونا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين منهم» و اعلموا أنّه من من حقّر أحدا من المسلمين ألقى اللّه عليه المقت منه و المحقرة حتّى يمقته النّاس و اللّه له أشدّ مقتا فاتّقوا اللّه في إخوانكم المسلمين المساكين منهم فإنّ لهم عليكم حقّا أن تحبّوهم فإنّ اللّه أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بحبّهم فمن لم يحبّ من أمر اللّه بحبّه فقد عصى اللّه و رسوله و من عصى الله و رسوله و مات على ذلك مات و هو من الغاوين.

و إيّاكم و العظمة و الكبر فإنّ الكبر رداء اللّه تعالى فمن نازع اللّه رداءه قصمه اللّه و أذلّه يوم القيامة.


1- لعل المراد به حفظ أمر دينهم بإقامة إمام لهم بعد إمام و مع غيبة إمامهم بتبليغ كلام أئمتهم إليهم و إبقاء آثارهم لديهم لئلا يحتاجوا إلى الاراء و الاهواء و المقائيس.

ص: 403

و إيّاكم أن يبغي بعضكم على بعض فإنّها ليست من خصال الصّالحين فإنّه من بغى صيّر اللّه بغيه على نفسه و صارت نصرة اللّه لمن بغي عليه و من نصره اللّه غلب و أصاب الظّفر من اللّه.

و إيّاكم أن يحسد بعضكم بعضا فإنّ الكفر أصله الحسد.

و إيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو اللّه عليكم فيستجاب له فيكم فإنّ أبانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: «إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة» و ليعن بعضكم بعضا فإنّ أبانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: «إنّ معونة المسلم خير و أعظم أجرا من صيام شهر و اعتكافه في المسجد الحرام».

و إيّاكم و إعسار أحد من إخوانكم المؤمنين (1) أن تعسروه بالشي ء يكون لكم قبله و هو معسر فإنّ أبانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: «ليس لمسلم أن يعسر مسلما و من أنظر معسرا أظلّه اللّه يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه».

و إيّاكم أيّتها العصابة المرحومة المفضّلة على من سواها و حبس حقوق اللّه قبلكم يوما بعد يوم و ساعة بعد ساعة فإنّه من عجّل حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل و الآجل و إنّه من أخّر حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على تأخير رزقه و من حبس اللّه رزقه لم يقدر أن يرزق نفسه، فأدّوا إلى اللّه حقّ ما رزقكم يطيب لكم بقيته و ينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الأضعاف الكثيرة الّتي لا يعلم بعددها و لا بكنه فضلها إلّا اللّه ربّ العالمين.

و قال: (2) اتّقوا اللّه أيّتها العصابة و إن استطعتم (3) أن لا يكون منكم محرج للإمام و إنّ محرج الإمام هو الّذي يسعى بأهل الصّلاح (4) من أتباع الامام، المسلّمين لفضله الصابرين على أداء حقّه العارفين بحرمته.


1- إعسار الغريم أن يطلب منه الدين على عسرته.
2- كذا.
3- جواب «إن» محذوف يدلّ عليه ما بعده. و إحراج الامام: إلجاؤه إلى ما يريد من الحرج بمعنى الضيق.
4- يعني إلى الامام من السعاية يقال: سعى به إلى الوالى إذا و شي ء به إليه.

ص: 404

و اعلموا أنّ من نزل بذلك المنزل عند الإمام فهو محرج للإمام فإذا فعل ذلك عند الإمام أحرج الإمام إلى أن يلعن أهل الصّلاح من أتباعه، المسلّمين لفضله، الصّابرين على أداء حقّه، العارفين بحرمته، فإذا لعنهم لإحراج أعداء اللّه الإمام صارت لعنته رحمة من اللّه عليهم و صارت اللّعنة من اللّه و من الملائكة و رسوله على اولئك.

و اعلموا أيتها العصابة أنّ السنّة من اللّه قد جرت في الصالحين (1) قبل و قال: من سرّه أن يلقى اللّه و هو مؤمن حقا حقا فيتولّ اللّه و رسوله و الّذين آمنوا و ليبرأ إلى اللّه من عدوّهم و ليسلّم لما انتهى إليه من فضلهم لأنّ فضلهم لا يبلغه ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكر اللّه من فضل أتباع الأئمّة الهداة و هم المؤمنون قال:

«فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمّة فكيف بهم و فضلهم و من سرّه أن يتمّ اللّه له إيمانه حتّى يكون مؤمنا حقا حقا فليف للّه بشروطه الّتي اشترطها على المؤمنين فإنّه قد اشترط مع ولايته و ولاية رسوله و ولاية أئمّة المؤمنين عليهم السّلام إقام الصّلاة و إيتاء الزّكاة و إقراض اللّه قرضا حسنا و اجتناب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن فلم يبق شي ء ممّا فسّر ممّا حرّم اللّه إلّا و قد دخل في جملة قوله، فمن دان اللّه فيما بينه و بين اللّه مخلصا للّه و لم يرخّص لنفسه في ترك شي ء من هذا فهو عند اللّه في حزبه الغالبين و هو من المؤمنين حقّا.

و إيّاكم و الإصرار على شي ء ممّا حرّم اللّه في ظهر القرآن و بطنه و قد قال اللّه:

«وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ» «إلى ههنا رواية القاسم بن الرّبيع (2)» يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا ممّا اشترط اللّه في كتابه عرفوا أنّهم قد عصوا اللّه في تركهم ذلك الشي ء فاستغفروا و لم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول اللّه تعالى: «وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ».


1- يعني أن هذه السنة قد جرت فيهم قبل ذلك فيمن سلف من الأمم بأن يسعى بهم إلى الامام فيلعنوا فإذا لعنوا صارت اللعنة عليهم رحمة.
2- «إلى هنا رواية قاسم بن الربيع» قال المجلسيّ- رحمه اللّه-: إى ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في رواية حفص و إسماعيل.

ص: 405

و اعلموا أنّه إنّما أمر و نهى ليطاع فيما أمر به و لينتهى عمّا نهى عنه، فمن اتّبع أمره فقد أطاعه و قد أدرك كلّ شي ء من الخير عنده و من لم ينته عمّا نهى اللّه عنه فقد عصاه فإن مات على معصيته أكبّه اللّه على وجه في النّار.

و اعلموا أنّه ليس بين اللّه و بين أحد من خلقه ملك مقرب و لا نبيّ مرسل و لا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلّا طاعتهم له، فجدّوا في طاعة اللّه إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقّا حقّا و لا قوّة إلّا باللّه.

و قال: (1) عليكم بطاعة ربّكم ما استطعتم فإنّ اللّه ربّكم و اعلموا أنّ الإسلام هو التّسليم و التّسليم هو الإسلام فمن سلّم فقد أسلم و من لم يسلّم فلا إسلام له و من سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان فليطع اللّه فإنّه من أطاع اللّه فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان.

و إيّاكم و معاصي اللّه أن تركبوها فإنّه من انتهك معاصي اللّه فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه و ليس بين الإحسان و الإساءة منزلة فلأهل الإحسان عند ربّهم الجنة و لإهل الإساءة عند ربّهم النّار، فاعملوا بطاعة اللّه و اجتنبوا معاصيه و اعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئا لا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا من دون ذلك فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشّافعين عند اللّه فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه.

و اعلموا أنّ أحدا من خلق اللّه لم يصب رضا اللّه إلّا بطاعته و طاعة رسوله و طاعة ولاة أمره من آل محمّد صلّى اللّه عليهم و معصيتهم من معصية اللّه و لم ينكر لهم فضلا عظم و لا صغر.

و اعلموا أنّ المنكرين هم المكذّبون و أنّ المكذّبين هم المنافقون و أنّ اللّه تعالى قال للمنافقين- و قوله الحقّ-: «إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً» و لا يفرقنّ أحد منكم (2) ألزم اللّه قلبه طاعته و خشيته من أحد من النّاس أخرجه اللّه من صفة الحقّ و لم يجعله من أهلها، فإنّ من لم يجعله اللّه من أهل صفة الحقّ فاولئك هم شياطين الإنس و الجنّ (3) فإنّ لشياطين الإنس حيلا و مكرا و خدائع


1- كذا.
2- «يفرقن» من الفرق- بالتحريك- بمعنى الخوف.
3- يعني شياطين الانس إن كانوا من الانس، و شياطين الجن إن كانوا من الجن.

ص: 406

و وسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللّه به من النظر في دين اللّه الّذي لم يجعل اللّه شياطين الإنس من أهله إرادة أن يستوي أعداء اللّه و أهل الحقّ في الشّك و الإنكار و التّكذيب فيكونون سواءا كما وصف اللّه في كتابه من قوله سبحانه: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً» ثمّ نهى اللّه أهل النّصر بالحقّ أن يتّخذوا من أعداء اللّه وليّا و لا نصيرا فلا يهولنّكم و لا يردّنّكم عن النّصر بالحقّ الّذي خصّكم اللّه به من حيلة شياطين الإنس و مكرهم و حيلهم و وساوس بعضهم إلى بعض فإنّ أعداء اللّه إن استطاعوا صدّوكم عن الحقّ فيعصمكم اللّه من ذلك فاتّقوا اللّه و كفّوا ألسنتكم إلّا من خير و إيّاكم أن تذلقوا ألسنتكم (1) بقول الزّور و البهتان و الإثم و العدوان فإنّكم إن كففتم ألسنتكم عمّا يكره اللّه ممّا نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربّكم من أن تذلقوا ألسنتكم به فإنّ ذلق اللّسان فيما يكره اللّه و فيما ينهى عنه لدناءة (2) للعبد عند اللّه و مقت من اللّه و صمم و عمى و بكم يورثه اللّه إيّاه يوم القيامة فيصيروا كما قال اللّه: «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «يعني لا ينطقون» وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ». (3)

و إيّاكم و ما نهاكم اللّه عنه أن تركبوه و عليكم بالصّمت إلّا فيما ينفعكم اللّه به في أمر آخرتكم و يؤجركم عليه.

و أكثروا من التّهليل و التّقديس و التّسبيح و الثّناء على اللّه و التّضرّع إليه و الرّغبة فيما عنده من الخير الّذي لا يقدر قدره و لا يبلغ كنهه أحد فاشغلوا ألسنتكم بذلك عمّا نهى اللّه عنه من أقاويل الباطل الّتي تعقّب أهلها خلودا في النّار لمن مات عليها و لم يتب إلى اللّه منها و لم ينزع عليها؛ و عليكم بالدّعاء فإنّ المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربّهم بأفضل من الدّعاء و الرّغبة إليه و التّضرّع إلى اللّه و المسألة


1- ذلق اللسان: حدته.
2- في بعض النسخ [لذراءة] بالذال المعجمة و الراء بمعنى الغضب.
3- «فيعتذرون» عطف على يؤذن ليدل على نفى الاذن و الاعتذار عقيبه مطلقا و لو جعل جوابا لدل على أن عدم اعتذارهم لعدم الاذن فأوهم ذلك أن لهم عذرا لكن لا يؤذن لهم فيه.

ص: 407

له فارغبوا فيما رغبكم اللّه فيه و أجيبوا اللّه إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا و تنجوا من عذاب اللّه.

و إيّاكم أن تشره أنفسكم (1) إلى شي ء ممّا حرّم اللّه عليكم فإنّه من انتهك ما حرّم اللّه عليه ههنا في الدّنيا حال اللّه بينه و بين الجنّة و نعيمها و لذّتها و كرامتها القائمة الدّائمة لأهل الجنّة أبدا الآبدين.

و اعلموا أنّه بئس الحظّ (2) الخطر لمن خاطر بترك طاعة اللّه و ركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم اللّه في لذّات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنّه و لذّاتها و كرامة أهلها ويل لأولئك ما أخيب حظّهم و أخسر كرّتهم (3) و أسوء حالهم عند ربّهم يوم القيامة، استجيروا اللّه أن يجريكم في مثالهم أبدا و أن يبتليكم بما ابتلاهم به و لا قوّة لنا و لكم إلّا به.

فاتّقوا اللّه أيّتها العصابة النّاجية إن أتمّ اللّه لكم ما أعطاكم فإنّه لا يتمّ الأمر حتّى يدخل عليكم مثل الّذي دخل على الصّالحين قبلكم و حتّى تبتلوا في أنفسكم و أموالكم و حتّى تسمعوا من أعداء اللّه أذى كثيرا فتصبروا و تعركوا بجنوبكم و حتّى تستذلّوكم أو يبغضوكم و حتّى يحملوا عليكم الضّيم فتحتملوه منهم تلتمسون بذلك وجه اللّه و الدّار الآخرة و حتّى تكظموا الغيظ الشّديد في الأذى في اللّه يجترمونه إليكم و حتّى يكذّبوكم بالحقّ و يعادوكم فيه و يبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم و مصداق ذلك كلّه في كتاب اللّه الّذي أنزله جبرئيل على نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سمعتم قول اللّه تعالى لنبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ» ثمّ قال: «وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا» فقد كذّب نبيّ اللّه و الرّسل من قبله و اوذوا مع التّكذيب بالحقّ، فإن سرّكم أن تكونوا مع نبيّ اللّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الرّسل من قبله فتدبّروا ما قصّ اللّه عليكم في كتابه


1- الشره: غلبة الحرص.
2- في بعض النسخ [بئس الخطر الخطر] و لعله أصوب.
3- يعني رجوعهم إلى اللّه تعالى.

ص: 408

ممّا ابتلى به أنبياءه و أتباعهم المؤمنين ثمّ سلوا اللّه أن يعطيكم الصّبر على البلاء في السرّاء و الضرّاء و الشدّة و الرّخاء مثل الّذي أعطاهم.

و إيّاكم و ممّاظّة أهل الباطل و عليكم بهدي الصالحين و وقارهم و سكينتهم و حلمهم و تخشّعهم و ورعهم عن محارم اللّه و صدقهم و وفائهم و اجتهادهم للّه في العمل بطاعته فإنّكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربّكم منزلة الصالحين قبلكم؛ و اعلموا أنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه ذلك نطق لسانه بالحقّ و عقد قلبه عليه فعمل به فإذا جمع اللّه له ذلك تمّ إسلامه و كان عند اللّه إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقّا و إذا لم يرد اللّه بعبد خيرا و كله إلى نفسه و كان صدره ضيّقا حرجا فإن جرى على لسانه حقّ لم يعقد قلبه عليه و إذا لم يعقد قلبه عليه لم يعط اللّه العمل به، فإذا اجتمع ذلك عليه حتّى يموت و هو على تلك الحال كان عند اللّه من المنافقين و صار ما جرى على لسانه من الحقّ الذّي لم يعطه اللّه أن يعقد قلبه عليه و لم يعطه العمل به حجّة عليه.

فاتّقوا اللّه و سلوه أن يشرح صدوركم للإسلام و أن يجعل ألسنتكم تنطق بالحقّ حتّى يتوفّاكم و أنتم على ذلك و أن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم و لا قوّة إلّا باللّه و الحمد للّه ربّ العالمين.

و من سرّه أن يعلم أن اللّه عزّ و جلّ يحبّه فليعمل بطاعة اللّه و ليّتبعنا ألم يسمع قول اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» و اللّه لا يطيع اللّه عبد أبدا إلّا أدخل اللّه عليه في طاعته اتّباعنا و لا و اللّه لا يتّبعنا عبد أبدا إلّا أحبّه اللّه و لا و اللّه لا يدع اتّباعنا أحد أبدا إلّا أبغضنا و لا و اللّه لا يبغضنا أحد أبدا إلّا عصى اللّه و من مات عاصيا للّه أخزاه اللّه و أكبّه على وجهه في النار و الحمد للّه ربّ العالمين.

أقول: توضيح لغات الحديث كلّها من الوافي عدا واحد منها.

على أكبر الغفارى

1377

ص: 409

فهرست ما في هذا المجلد

رقم الحديث/ الموضوع/ رقم الصفحة

1/ رسالة أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى جماعة الشيعة./ 2

2/ صحيفة عليّ بن الحسين عليهما السّلام و كلامه في الزهد./ 14

3/ وصية أمير المؤمنين عليه السّلام لأصحابه./ 17

4/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و هي خطبة الوسيلة./ 18

5/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و هي خطبة الطالوتية./ 31

6/ مقامات الشيعة و فضائلهم و بشارتهم بخير المآل./ 33

7/ حديث أبي عبد اللّه عليه السّلام مع المنصور في موكبه و فيه علامات آخر الزمان تناهز المائة و الخمسين من الفتن و الأشراط./ 36

8/ حديث موسى عليه السّلام و ما خاطبه اللّه عزّ و جلّ به./ 42

9/ وصيّة و موعظة لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام./ 49

10/ إنّ اللّه تعالى اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم./ 49

11/ معنى قوله تعالى: «هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ»./ 50

12/ تأويل قوله تعالى: «وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها»./ 50

13/ تأويل قوله تعالى: «هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ»./ 50

14/ تأويل قوله تعالى: «وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ»./ 51

15/ تأويل قوله تعالى: «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ»./ 51

16/ رسالة أبي جعفر عليه السّلام إلى سعد الخير./ 52

17/ رسالته عليه السّلام إليه أيضا./ 56

ص: 410

18/ كان أمير المؤمنين عليه السّلام يشبه عيسى ابن مريم عليه السّلام./ 57

19/ تأويل قوله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ ... الآية»./ 58

20/ تفسير قوله تعالى: «وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها»./ 58

21/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام في ذمّ اتّباع الهوى./ 58

21/ تاسفه عليه السّلام على حدوث بعض ما حدث بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 58

22/ خطبة اخرى له عليه السّلام في تأسفه على ما سيحدث./ 63

23/ خطبة أخرى لأمير المؤمنين عليه السّلام في عاقبة الظلم و البغي./ 67

24/ حديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام و فيه حثّ على التقوى./ 68

25/ علامات آخر الزمان أو أشراط الساعة./ 69

26/ تسوية أمير المؤمنين عليه السّلام بين المسلمين في تقسيم بيت المال./ 69

27/ حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين عرضت عليه الخيل./ 69

28/ نصيحة أمير المؤمنين عليه السّلام لمولى له فرّ منه إلى معاوية./ 72

29/ خطبة عليّ بن الحسين عليهما السّلام و موعظته الناس في كلّ يوم جمعة./ 72

30/ حديث الشيخ مع أبي جعفر الباقر عليهما السّلام./ 76

31/ قصّة صاحب الزيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 77

32/ فضل الشيعة و تأويل قوله تعالى: «ما لَنا لا نَرى رِجالًا ... الآية»./ 78

33/ وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام./ 79

34/ ميزان فضيلة الرجل، و حسبه و شرفه و جماله./ 79

35/ الدّين هو الحبّ و أنت مع من أحببت./ 79

ص: 411

36/ فضل أهل البيت و شيعتهم و إنّ عليّا عليه السّلام أفضل الناس بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 80

37/ إحياء أمرهم و انتظار فرجهم عليهم السّلام./ 80

38/ فضل الشيعة و تفسير قوله تعالى: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ»./ 81

39/ الشقي من شقي في بطن أمّه و السعيد من وعظ بغيره./ 81

40/ تفسير قوله تعالى: «كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً»./ 82

41/ حديث البحر مع الشمس./ 83

42 43/ لكلّ أهل بيت حجّة يحتجّ اللّه بها يوم القيامة./ 83 84

44/ تفسير قوله تعالى: «وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ ... الآية»./ 84

45/ قصّة الّذي صاهر زرّاعا و فخّارا./ 84

46/ عوذة للريح و الوجع./ 85

47/ حديث نبويّ صلّى اللّه عليه و آله فيه وصيّة نافعة./ 86

48/ ادّعاء الرّجل الهمدانيّ بغلة موسى بن جعفر عليهما السّلام./ 86

49/ تعريض العاشر لأبي عبد اللّه عليه السّلام و سلوكه معه./ 87

50/ كيفيّة معاشرة أبي عبد اللّه عليه السّلام مع غلامه./ 87

51/ لم يجعل اللّه في خلاف أهل البيت عليهم السّلام خيرا./ 88

52/ حديث الطبيب و بيان وجه التسمية./ 88

53/ في أنّ غالب الأدواء له مادة في الجسد./ 88

54/ الاستشفاء بالبرّ و كيفيّته./ 88

55/ حديث الحوت على أيّ شي ء./ 89

ص: 412

56/ خلق الأرض و إرسال الماء المالح إليها و أصل الخلق./ 89

57/ حديث الأحلام و الحجّة على أهل ذلك الزمان./ 90

58/ رؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوّة./ 90

59/ سؤال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «هل من مبشرات»./ 90

60/ تفسير قوله تعالى: «لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا»./ 90

61/ الرّؤيا على ثلاثة وجوه./ 90

62/ الرّؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد./ 91

63/ حديث الرياح و هي أربعة أقسام: الشمال و الجنوب و الصبا و الدّبور./ 91

64/ إنّ للّه عزّ و جلّ رياح رحمة و رياح عذاب./ 92

65/ علاج الهمّ و الفقر و السقم./ 93

66/ في معنى ذوي القربى./ 93

67/ حديث الرّجل الشاميّ مع أبي جعفر عليه السّلام و ما سأله عنه./ 94

68/ كان كلّ شي ء ماء و عرشه تعالى على الماء./ 95

69/ حديث الجنان و النوق و وصف أهل الجنّة./ 95

70/ كلامهم عليهم السّلام على سبعين وجها لهم منها المخرج./ 100

71/ حديث أبي بصير مع المرأة./ 101

72/ الناصب لأهل البيت شرّ من تارك الصلاة./ 101

73/ من استخفّ بمؤمن فيهم؛ و من ذبّ عنهم عليهم السّلام./ 102

74/ حديث عبد الرحمن مع أبي عبد اللّه عليه السّلام./ 102

ص: 413

75/ مدح لحسّان بن ثابت و ذمّ لبعض الصحابة./ 102

76/ ما قال عمر لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام في بني أميّة./ 103

77/ في قوله تعالى: «الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً»./ 103

78/ نزول قوله تعالى: «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ»./ 103

79/ أحوال يوم القيامة و بعث الخلائق./ 104

80/ من أحبّ أهل البيت عليهم السّلام كان معهم يوم القيامة./ 106

81/ ردّ على من زعم أنّ الكمال كلّه في عفة البطن و الفرج./ 107

82/ إنّ للّه عزّ و جلّ في بلاده خمس حرم./ 107

83/ إذا بلغ المؤمن أربعين سنة./ 107

84/ إنّ المؤمن لفي وسعة من غفران اللّه تعالى حتّى إذا بلغ الأربعين./ 108

85/ في جواز الفرار من الوباء./ 108

86/ ثلاثة لم ينج منها نبيّ فمن دونه./ 108

87/ معالجة الحمّى بالماء البارد و الدّعاء./ 109

88/ دعاء و رقية للحمّى./ 109

89/ دعاء الخنق و غيرها./ 109

90/ غزوة أحد و مؤاساة أمير المؤمنين مع رسول اللّه عليهما السّلام./ 110

91/ أكرم و أعزّ و أذلّ وقعة كانت في العرب./ 110

92/ حديث آدم عليه السّلام مع الشجرة./ 113

92/ قصّة قابيل و هبة اللّه./ 114

92/ قصّة نوح عليه السّلام./ 115

ص: 414

92/ ذكر الأنبياء بعد نوح عليهم السّلام./ 116

92/ أمره سبحانه رسوله بالوصيّة لعليّ صلوات اللّه عليهما./ 117

92/ المخصوصون بالعلم و استنباطه./ 118

92/ الحجّة على الخلق الأنبياء و أهل بيوتاتهم عليهم السّلام./ 119

93/ حديث نافع مولى عمر بن الخطّاب مع أبي جعفر عليه السّلام./ 120

94/ حديث نصراني الشام مع أبي جعفر الباقر عليه السّلام./ 122

95/ كتاب أبي الحسن موسى عليه السّلام إلى عليّ بن سويد./ 124

96/ حديث نادر في أبي ذرّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 126

97/ غزوة ذات الرقاع و قصة دعثور بن الحرث مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 127

98/ لا يقبل اللّه تعالى عملا إلّا بولاية أهل البيت عليهم السّلام./ 128

99/ أحبّ الأشياء عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 129

100/ في زهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أدبه و زهد عليّ عليه السّلام./ 129

101/ في زهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تواضعه./ 131

102/ في زهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تواضعه أيضا./ 131

103/ فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ عيسى ابن مريم عليهما السّلام./ 131

104/ معنى قوله تعالى: «إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ»./ 141

105/ حديث إبليس لعنه اللّه./ 141

106/ إذا رأى الرّجل ما يكره في نومه./ 142

107/ دعاء علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عليها السّلام في رؤياها الّتي رأتها./ 142

108/ حديث محاسبة النفس./ 143

ص: 415

109/ يوم السبت و يوم الثلثاء./ 143

110/ مثل الناس يوم القيامة./ 143

111/ حديث حفص و سجود أبي عبد اللّه عليه السّلام./ 143

112/ في مذمة الدّنيا./ 144

113/ في ذمّ شكاية المؤمن حاجته عند الكافر./ 144

114/ شجرة الخرنوبة و حديث سليمان عليه السّلام./ 144

115/ حديث المشركين مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 144

116/ إنّ اللّه تعالى خلق الجنّة قبل أن يخلق النّار./ 145

117/ في قوله تعالى: «خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ».*/ 145

118/ حديث فيه مدح لزرارة بن أعين و أصحابه./ 145

119/ فضل الشيعة و مدح يحيى بن سابور./ 145

120/ فضل الشيعة./ 146

121/ فضل الشيعة؛ و وصيّة أبي عبد اللّه عليه السّلام لهم./ 146

122/ فضل الشيعة و ذمّ مخالفيهم./ 146

123/ من مات و لم يكن له إمام مات ميتة جاهليّة./ 146

124/ إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ذهب من طريق رجع من غيره./ 147

125/ تكذيب المغتاب و حمل فعل المؤمن على أحسنه./ 147

126/ حديث من ولد في الإسلام./ 148

127/ من أصبح و عنده ثلاث فقد تمّت عليه النعمة./ 148

128/ عرّف اللّه تعالى نفسه إلى خلقه بالكلام و الدلالات./ 148

ص: 416

129/ ما خلق اللّه عزّ و جلّ شيئا إلّا و خلق شيئا يغلبه./ 148

130/ وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل استوصاه./ 149

131/ أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالترحّم على ثلاث./ 150

132/ نهى عن تجسّس عيوب من كان أقبل إلينا بمودّته./ 150

132/ خير ما ورّث الآباء للأبناء الأدب./ 150

132/ كتاب أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى رجل في صفة المنافق و السعيد./ 150

133/ جعل المتعة للاماميّة عوضا من الاشربة./ 151

134/ ما شرط الرضا عليه السّلام على المأمون في قبول ولاية العهد./ 151

135/ بعض حقوق المسلم مع إخوانه./ 151

136/ نعمتان مجهولتان و الناس فيهما مفتون./ 152

137/ النهي عن تعريض الإنسان نفسه للتّهمة./ 152

138/ صفة نهر في الجنّة يقال له: جعفر./ 152

139/ النصر مع من أحسن الرعاية و الحفظ للإسلام./ 152

140/ ما جبلت عليه القلوب./ 152

141/ موعظة نافعة لعليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 152

142/ كان كلّ شي ء ماء و كان عرشه تعالى على الماء./ 153

143/ حديث زينب العطارة./ 153

144/ حديث من أضاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الطائف./ 155

144/ حمل عظام يوسف عليه السّلام و خبر عجوز بني إسرائيل./ 155

145/ ما يزال حقّ آل محمّد واجبا إلى يوم القيامة./ 156

ص: 417

146/ تأويل قوله تعالى: «وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا ... الآية»./ 156

147/ تفسير قوله تعالى: «فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ»./ 156

148/ للشمس ثلاثمائة و ستّون برجا./ 157

149/ نهي أبي جعفر عليه السّلام جابر الجعفي عن إفشاء سبعين حديثا علّمه./ 157

150/ النهي عن مجالسة أهل المعاصي./ 158

151/ الناس ثلاثة أصناف./ 158

152/ كتاب أبي عبد اللّه عليه السّلام الى الشيعة./ 158

153/ للدّين دولتين./ 158

154/ حديث الناس يوم القيامة./ 159

155/ إذا لم ينفع الحبّ في السرّ لم ينفع في العلانية./ 159

156/ كراهية تسمية الرجل ولده و ابنته باسم عليّ و فاطمة عند النواصب./ 159

157/ إذا أراد اللّه فناء دولة./ 159

158/ حديث سليمان بن خالد مع أبي عبد اللّه في الزيديّة./ 160

159/ صاحب المصيبة أولى بالصبر./ 160

160/ فائدة الحجامة و موضعها./ 160

161/ لم سمّى المؤمن مؤمنا./ 160

162/ الناصب لا يبالي صلّى أم زنا./ 160

163/ من لم يولّ عليّا عليه السّلام./ 161

164/ مدح بالغ لزيد بن عليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 161

165/ هلاك بني أميّة بعد زيد بن عليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 161

166/ إنّ اللّه جلّ ذكره ليحفظ من يحفظ صديقه./ 162

ص: 418

167/ إياب الخلق إليهم و حسابهم عليهم عليهم السّلام./ 162

168/ مدح سلمان و أبي ذرّ و مؤاخاتهما و تفضيل سلمان على أبي ذرّ./ 162

169/ وجوب الاجتناب عن فاعل المنكر./ 162

170/ إنّ اللّه يعذّب الستّة بالستّة./ 162

171/ أحبّ الأشياء إلى رسول اللّه./ 163

172/ سيرة عليّ عليه السّلام و عمله./ 163

173/ سيرة عليّ عليه السّلام و زهده و أنّ وليّه لا يأكل الحرام./ 163

174/ كراهية أكل الطعام الحارّ و استحباب اكل التمر على الطعام./ 164

175/ نبذة من سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إنّه ما أكل متكئا./ 164

176/ سيرة عليّ و فاطمة عليهما السّلام./ 165

177/ لم يبعث نبيّ إلّا ذو مرّة سوداء و مقرّ بالبداء./ 165

178/ تنفير ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ما قالت الناقة./ 165

179/ يا ليتنا سيّارة مثل آل يعقوب حتّى يحكم اللّه بيننا و بين خلقه./ 165

180/ كلام الحكيم إذا كان موافقا لرضا اللّه تعالى تقبّله./ 166

181/ في معنى قوله تعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ»./ 166

182/ طاعة عليّ عليه السّلام و معصيته./ 166

183/ مدح الشيعة و ذمّ مخالفيهم./ 166

184/ 185/ كتاب يخرجه القائم عليه السّلام من وريان قبائه فيقرؤه./ 167

186/ الحكمة ضالّة المؤمن فحيثما وجد اخذ./ 167

187/ أشعث بن قيس و بنته و ابنه لعنهم اللّه./ 167

ص: 419

188/ الرقّة و البكاء عند سماع قراءة القرآن. و موعظة نافعة./ 167

189/ وصيّة أبي عبد اللّه عليه السّلام لعمرو بن سعيد بن هلال./ 168

190/ وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه./ 168

191/ كلام حكمة لبعض المعصومين عليهم السّلام./ 170

192/ النهي عن الشكوى إلى أهل الخلاف./ 170

193/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام في الموعظة./ 170

194/ خطبة له عليه السّلام أيضا في الوصيّة بتقوى اللّه تعالى في يوم الجمعة./ 173

195/ لكلّ مؤمن حافظ من اللّه عزّ و جلّ و سائب./ 176

196/ مخالطة الناس./ 176

197/ الناس معادن كمعادن الذهب و الفضّة./ 177

198/ حديث الزّوراء و ما يقتل فيها./ 177

199/ في معنى قوله تعالى: «الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً»./ 178

200/ تفسير قوله تعالى: «لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ»./ 178

201/ تأويل قوله تعالى: «وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً»./ 178

201/ قوله تعالى: «هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ»./ 179

201/ قوله تعالى: «لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ»./ 179

202/ تأويل قوله تعالى: «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ .. الآية»./ 179

202/ الّذين تعاهدوا على غصب الخلافة./ 180

202/ الّذين خرجوا يوم البصرة هم الباغون./ 180

ص: 420

202/ تأويل قوله تعالى: «وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى»./ 180

202/ تفسير قوله تعالى: «وَ الْمُؤْتَفِكاتِ».*/ 181

203/ إيذاء بعض الصحابة سلمان الفارسيّ- رضي اللّه عنه-./ 181

203/ حسب الرجل دينه و مروءته خلقه و أصله عقله./ 181

204/ تسوية أمير المؤمنين عليه السّلام في العطاء بين الأسود و الأبيض./ 182

205/ موعظة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بني عبد المطلّب./ 182

206/ رؤيا رآها أبو جعفر عليه السّلام في ميسر بن عبد العزيز و عبد اللّه ابن عجلان./ 182

207/ إنّ الملائكة تغسّل أبا جعفر عليه السّلام في البقيع./ 183

208/ معنى قوله تعالى: «كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ»./ 183

209/ قراءة قوله تعالى: «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا ... الآية»./ 183

210/ بيان قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا ... الآية»./ 184

211/ بيان قوله تعالى: «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ ... الآية»./ 184

212/ لا يوجب اللّه طاعة أولى الامر و يرخّص في منازعتهم./ 184

213/ حديث قوم صالح عليه السّلام./ 185

214/ قوم ثمود و ناقة صالح النبيّ عليه السّلام./ 187

215/ حديث فروة عن أبي جعفر عليه السّلام./ 189

216/ سؤال رجل عن أبي جعفر عليه السّلام أين عزّ بني هاشم./ 189

217/ معالجة بعض الأمراض./ 190

218/ الحزم في القلب و الرحمة و الغلظة في الكبد و الحياء في الرية./ 190

ص: 421

219/ معالجة بعض الأمراض./ 191

220/ معالجة ضعف المعدة./ 191

221/ معالجة الريح الشابكة و الحام و الابردة./ 191

222/ معالجة من تغيّر عليه ماء الظهر./ 191

223/ الحجامة في يوم الثلثاء./ 191

224/ الحجامة في يوم الأربعاء./ 192

225/ الحجامة في زوال يوم الجمعة./ 192

226/ الدواء أربعة./ 192

227/ معالجة السعال./ 192

228/ معالجة البلّة و الرّطوبة./ 193

229/ عدم الرخصة و الاستشفاء بالحرام./ 193

230/ الرخصة في قطع العرق./ 194

231/ نفع الحجامة في ألم الضرس./ 194

232/ دواء الضرس؛ و الفمّ و الأسنان./ 194

233/ في النظر في علم النجوم./ 195

234/ لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لا شوم و لا صفر./ 196

235/ الطيرة على ما تجعلها./ 197

236/ كفارة الطيرة التوكّل./ 198

237/ قصّة الّذين خرجوا من ديارهم و هم الوف حذر الموت./ 198

238/ هل يعلم يعقوب عليه السّلام أنّ يوسف حيّ؟./ 199

ص: 422

239/ تأويل قوله تعالى: «عَمُوا وَ صَمُّوا»./ 199

240/ معنى قوله تعالى: «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ .. الآية»./ 200

241/ قراءة قوله تعالى: «فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ .. الآية»./ 200

242/ قصّة ابن أبي سرح و كتابه و هدر دمه./ 201

243/ تأويل قوله تعالى: «وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ .. الآية»./ 201

244/ العباس و عقيل يوم بدر./ 202

245/ نزول قوله تعالى: «أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ .. الآية»./ 203

246/ تفضيل اللّه عزّ و جلّ عليّا عليه السّلام./ 204

247/ قراءة قوله تعالى: «ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ .. الآية»./ 205

248/ قوله تعالى: «لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»./ 205

249/ و تمت كلمة ربّك الحسنى./ 205

250/ تأويل قوله تعالى: «وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ .. الآية»./ 206

251/ تسيير عثمان أبا ذرّ إلى الرّبذة./ 206

252/ المحقّة و المبطلة من الصيحتين تكونان عند قيام القائم عليه السّلام./ 208

253/ مناديان ينادي أحدهما أوّل النهار و الآخر آخر النهار./ 209

254/ اختلاف بني العباس أحد أسباب خروج القائم عليه السّلام./ 209

255/ حديث الصيحة./ 209

256/ قصّة أبي الدوانيق و ملك بني العباس./ 210

257/ يجيى ء فساد بني العباس من حيث بدا صلاحهم./ 212

258/ آيتان تكونان قبل قيام القائم عليه السّلام./ 212

259/ فضل الشيعة./ 212

ص: 423

260/ فضل الشيعة الإماميّة أيضا./ 214

261/ شكوى أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى اللّه عزّ و جلّ./ 215

262/ حديث الكميت و انشاد شعره لأهل البيت./ 215

263/ حديث سفيان بن مصعب العبديّ و شدّة التقيّة./ 216

264/ اخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بفتح كنوز كسرى و قيصر للمسلمين./ 216

265/ ريح الازيب./ 217

266/ استسقاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 217

267/ حديث أنّ البرق يلزمه المطر./ 218

268/ السحاب أين يكون./ 218

269/ من صدق لسانه زكى عمله./ 219

270/ موعظة نافعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 219

271/ ثلاث من كنّ فيه فلا يرج خيره./ 219

272/ إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه./ 219

273/ أشدّ من حزن النساء و فراق الموت فقر يتملّق صاحبه ثمّ لا يعطى./ 220

274/ حديث يأجوج و مأجوج./ 220

275/ النّاس ثلاث طبقات./ 220

276/ من علامات الفرج./ 221

277/ وكّل الرزق بالحمق و الحرمان بالعقل و البلاء بالصبر./ 221

278/ قصّة عمر أخي عذافر و أبي عبد اللّه عليه السّلام./ 221

279/ توجيه كلام أبي ذرّ رضي اللّه عنه./ 222

280/ رؤيا رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 222

ص: 424

281/ تفسير قوله تعالى: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ .. الآية»./ 223

282/ حديث عبد الأعلى في اختلاف الشيعة./ 223

283/ تفرّق أمّة موسى و عيسى عليهما السّلام و محمّد صلّى اللّه عليه و آله./ 224

284/ لم تزل دولة الباطل طويلة و دولة الحقّ قصيرة./ 224

285/ متى فرج الشيعة./ 224

286/ تعرّض بعض أصحاب أبي الخطاب لأبي جعفر عليه السّلام و براءته منهم./ 225

287/ الناس ثلاثة: عربيّ و مولى و علج./ 226

288/ ما يعمل القائم عليه السّلام بالنواصب./ 227

289/ ما أكثر الوصف و أقلّ الفعل./ 227

290/ لو ميّز الشيعة لم يوجد إلّا الواصف./ 228

291/ إنّما شيعة عليّ من صدق قوله فعله./ 228

291/ ما ورد في المفتتن./ 228

292/ الحرّية و الأمنيّة كلّ العيش./ 229

293/ رحم اللّه عبدا حبّبنا إلى الناس./ 229

294/ بيان قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»./ 229

295/ ما من عبد يدعو إلى ضلالة إلّا وجد من يتابعه./ 229

296/ كراهية عزل مائدة السودان و استحباب الأكل معهم./ 230

297/ طبائع الجسم على أربعة./ 230

298/ سؤال عن قول الرجل: «جزاك اللّه خيرا»./ 230

ص: 425

299/ إنّ في الجنّة نهرا حافّتاه حور نابتات./ 231

300/ حديث القباب./ 231

301/ للّه تعالى قباب كثيرة./ 231

302/ من خصف نعله و رقّع ثوبه و حمل سلعته فقد برى ء من الكبر./ 231

303/ براءة الصادق عليه السّلام من أصحاب أبي الخطاب و مقالتهم./ 232

304/ إنّ لإبليس عونا يقال له تمريخ./ 232

305/ مقالة الوزغ و أنّه رجس مسخ./ 232

306/ إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله رحمة و يبعث القائم عليه السّلام نقمة./ 233

307/ أشبه الناس بموسى بن عمران عليه السّلام./ 233

308/ فى طول قامة آدم و حواء./ 233

309/ حكم الذي اصاب اباه سبي في الجاهليّة./ 234

310/ إنّ اللّه أعطى المؤمن ثلاث خصال./ 234

311/ ثلاث هنّ فخر المؤمن./ 234

311/ ثلاثة هم شرّ خلق اللّه و ابتلى بهم خيار خلق اللّه./ 234

312/ ميزان الفضيلة./ 234

313/ يزيد بن معاوية و استرقاق القرشيّ./ 234

313/ حديث يزيد بن معاوية لعنهما اللّه و عليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 235

314/ من كذّب آية من كتاب اللّه فقد نبذ كتاب اللّه و راء ظهره./ 235

315/ من قعد في مجلس يسبّ فيه إمام من الأئمة عليهم السّلام./ 236

316/ 317/ لا تقبل العبادة إلّا ممّن أقرّ بولايتهم عليهم السّلام./ 236

318/ ما يتقبّل العمل إلّا ممّن عرفهم و أقرّ بولايتهم عليهم السّلام./ 237

319/ حديث أم خالد و أبي بصير و كثير النواء./ 237

ص: 426

320/ حديث فاطمة عليها السّلام لمّا اخرج عليّ عليه السّلام./ 237

321/ حديث أن فاطمة عليها السلام لو نشرت شعرها ماتوا طرا./ 238

322/ ولد الزنا إن عمل خيرا او شرا جزئ به./ 238

323/ تكنية مروان و أبيه بالوزغ./ 238

324/ لمّا ولد مروان و حديث عائشة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 238

325/ تكذيب عمر عليّا عليه السّلام./ 239

326/ القيام تحت أوّل ما ينزل من المطر./ 239

326/ إن تحت العرش بحرا فيه ماء./ 239

326/ ليس من قطرة تقطر إلّا و معه ملك./ 239

326/ جعل اللّه السحاب غرابيل للمطر./ 239

326/ النهى عن الإشارة إلى المطر./ 240

326/ النهى عن الإشارة إلى الهلال./ 240

327/ كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى ابن عبّاس./ 240

328/ فضل الشيعة و موعظة نافعة لأبي جعفر عليه السّلام./ 240

328/ لا ينال ما عند اللّه الا بالورع./ 240

329/ إذا قام القائم عليه السّلام مدّ اللّه في أسماع الشيعة و أبصارهم./ 241

330/ من استخار اللّه راضيا بما صنع اللّه تعالى له خار اللّه له./ 241

331/ مقالة أمير المؤمنين عليه السلام لجويرة./ 241

331/ معنى الشرف و المروءة و العقل./ 241

332/ لأيّ شي ء صارت الشمس أشدّ حرارة من القمر./ 241

333/ من كانت له حقيقة ثابتة لم يقم على شبهة./ 242

334/ الحقّ يغلب الباطل./ 242

335/ كلّ سبب و نسب و قرابة و وليجة و بدعة و شبهة منقطع يوم القيامة إلّا ما أثبته القرآن./ 242

336/ الأئمة عليهم السّلام هم أصل كلّ خير./ 242

336/ عدوهم أصل كل شر./ 243

337/ برنامج صالح للدّين و الدّنيا./ 243

337/ مدح القناعة./ 243

ص: 427

338/ موعظة نافعة./ 244

339/ الناس و أشباه الناس و النسناس./ 244

340/ سؤال سدير عن أبي جعفر عليه السّلام./ 245

341/ الناس بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهل ردّة إلّا ثلاثة./ 245

342/ كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة./ 246

343/ في توبة ولد يعقوب و أنهم ليسوا بأنبياء عليهم السّلام./ 246

344/ استسقاء سليمان عليه السّلام و حديث النملة./ 246

345/ إنّ للّه تعالى عبادا ميامين مياسير و له عباد ملاعين مناكير./ 247

346/ توقيع الرّضا عليه السّلام إلى حسن بن شاذان الواسطيّ./ 247

347/ ما جاء في فضل معرفة اللّه تعالى./ 247

348/ ما جاء في خلق البعوض و أنّه أصغر الخلق./ 248

349/ تفسير قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ .. الآية»./ 248

349/ تفسير قوله تعالى: «وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها .. الآية»./ 248

349/ تفسير قوله تعالى قل: «سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا ...* الآية»./ 249

349/ تفسير قوله تعالى: «وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ .. الآية»./ 249

350/ الأمر بأخذ التلاد و ترك كلّ محدث./ 249

350/ الأمر بالحذر عن أوثق الناس./ 249

351/ تثقيل الميّت و إلقاؤه في الماء عند الخوف و ما جاء في الزيد عليه السّلام./ 250

352/ لم يلق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما لقى الأئمة عليهم السّلام./ 252

353/ محارب رسول اللّه شرّ أم محارب عليّ عليه السّلام./ 252

354/ بيان قوله تعالى: «وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ .. الآية»./ 252

355/ بيان قوله تعالى أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ./

356/ فتح الأرض بعد رسول اللّه بضلال و هلاك الناس./ 253

357/ لا يستحقّ عبد حقيقة الإيمان حتّى تكون فيه خصال./ 253

ص: 428

358/ من تولّى أحدا فليعمل بعمله./ 254

359/ ما هدى من هذه الامّة من اهتدى إلّا بهم عليهم السّلام./ 254

360/ إنّ اللّه أكرم من أن يعاقب العبد فيما ليس باختياره./ 254

361/ عرض أعمال الامّة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و استغفاره لهم./ 254

362/ من يدّعي هذا الامر و لم يتصف به./ 254

363/ مجي ء عليّ بن الحسين عليهما السّلام لزيارة الحسين عليه السّلام./ 255

364/ نزول قوله تعالى: «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً». في الحسين عليه السّلام./ 255

365/ سبب وقوع الزّلزلة./ 255

366/ اضطراب الأرض و إشارة أمير المؤمنين و ما قاله عليه السّلام./ 256

367/ من أحبّ الشيعة حبّا لعقيدته دخل الجنّة./ 256

368/ خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام بعد الجمل./ 256

369/ نجم أمير المؤمنين عليه السّلام./ 257

370/ تأويل بعض الرّؤيا./ 257

371/ نصّ الرّضا عليه السّلام بإمامة نفسه و معجزة له./ 257

372/ حديث جارية الزبير و قصّة الرجل العقيليّ./ 258

373/ أصحاب اليمين هم شيعة عليّ عليه السّلام./ 260

374/ بايع عليّ رسول اللّه صلوات اللّه عليهما على العسر و اليسر./ 261

375/ قصّة آل الذريح و إيمانهم./ 261

376/ حديث الإسراء و وصف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الشام للقوم./ 262

377/ حديث الهجرة و قصة أبي بكر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الغار./ 262

ص: 429

378/ حديث سراقة بن مالك و سوء قصده لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 263

379/ حال الشيعة في زمن الغيبة و علامة الفرج./ 263

380/ المنع من الخروج بالسيف قبل قيام القائم عليه السّلام./ 264

381/ مدح زيد بن عليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 264

381/ خروج السفياني هو علامة ظهور القائم عليه السّلام./ 264

382/ المنع من الخروج أيضا./ 264

383/ الأمر بإلزام البيت قبل خروج السفياني./ 264

384/ علاج حمّى الربع بالسكّر./ 265

385/ علاج الوجع بالسكّر./ 265

386/ علاج الحمّى بالقرآن و السكّر./ 265

387/ فضيلة البسملة./ 266

388/ تعجّب أبي عبد اللّه من العرب إذا ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 266

389/ في قوله تعالى: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ... الآية»./ 266

390/ في قوله تعالى: «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ... الآية»./ 267

391/ ذو الفقار نزل من السماء./ 267

392/ حديث نوح عليه السّلام يوم القيامة./ 267

392/ شهادة جعفر بن أبي طالب و حمزة للأنبياء./ 267

393/ كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقسم لحظاته بين أصحابه./ 268

394/ ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله./ 268

395/ جواز التورية./ 268

ص: 430

396/ شيعتهم حواريهم عليهم السّلام./ 268

396/ لو ضربت خيشوم المحبّ ما أبغض./ 268

396/ لو اعطي المبغض لهم كثيرا من المال ما أحبّهم./ 269

397/ تفسير قوله تعالى: «غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ»./ 269

397/ تفسير قوله تعالى: «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ»./ 270

398/ إبطال ما زعمته العامّة من إثبات خلافة أبي بكر بالإجماع./ 270

399/ سجدة أبي عبد اللّه عليه السّلام./ 270

399/ إنّ اللّه افترض على أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله خمس فرائض./ 271

400/ جعل اللّه لمن جعل له سلطانا أجلا و مدّة./ 271

401/ من أين يهب الريح./ 272

402/ ليس خلق أكثر من الملائكة./ 272

403/ الملائكة ثلاثة أصناف./ 272

404/ في الجنّة نهر يغتمس فيه جبرئيل كلّ غداة./ 272

405/ في عظمة خلق بعض الملائكة./ 272

406/ إنّ للّه عزّ و جلّ ديكا رجلاه في الأرض السابعة./ 272

407/ الحجامة على الطعام أفضل./ 273

408/ استحباب آية الكرسيّ قبل الحجامة. و الصدقة قبل السفر./ 273

409/ ليس شي ء في البدن أنفع من الإمساك./ 273

410/ الحمّى تخرج من ثلاث./ 273

411/ في هلاك المحاضير و هم المستعجلون للفرج./ 273

ص: 431

412/ خبر كتاب أبي مسلم المروزي إلى الصادق عليه السّلام./ 274

412/ خروج السفياني علامة جواز الخروج./ 274

413/ لم يكن إبليس من الملائكة./ 274

413/ كلّ الناس في «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»* سواء في الخطاب./ 274

414/ جعل الصلاة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 274

415/ فضل الشيعة و إنهم نور في ظلمات الأرض./ 275

416/ النهي عن السفر و التزويج إذا كان القمر في العقرب./ 275

417/ الدّعاء عند الركوب و أحبّ المطايا./ 276

417/ لعن المرجئة./ 276

418/ حديث أبي لهب و إرادة المشركين قتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 276

419/ حديث إبليس يوم بدر./ 277

420/ غزوة الأحزاب./ 278

421/ موضع مسجد الكوفة./ 279 281

422/ نوح عليه السّلام و وفور التنّور و ختمه./ 282

423/ ختم نوح عليه السّلام التنّور./ 282

424/ بيان شريعة نوح./ 283

425/ غرس النوح عليه السّلام النوى./ 281

426/ سعة سفينة نوح عليه السّلام./ 283

427/ حمل النوح عليه السّلام في السفينة الازواج الثمانية./ 284

428/ ارتفاع الماء على كل جبل./ 284

ص: 432

429/ خبر نوح عليه السّلام و ملك الموت و تمصيره الامصار./ 284

430/ نوح عليه السّلام و وصيّه./ 285

431/ الكفّ عن المخالفين أجمل./ 285

431/ في الخمس و الفي ء./ 285

431/ تأويل آيات في خروج القائم عليه السّلام./ 286

432/ الذكر هو أمير المؤمنين عليه السّلام./ 287

432/ تأويل آيات في خروج القائم عليه السّلام./ 278

432/ إذا قام القائم عليه السّلام ذهبت دولة الباطل./ 287

433/ لا يسلّط إبليس على دين المؤمن./ 288

434/ تشبيه أبي جعفر عليه السّلام طواف القوم بطواف الجاهليّة و./

435/ تأويل بعض الآيات و تفسيرها./ 288

436/ قراءة بعض الآيات./ 289

437/ بيان بعض الآيات./ 290

438/ تعيين آية الكرسيّ./ 290

439/ قراءة بعض الآيات./ 290

440/ بيان قوله تعالى: «وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ .. الآية»./ 290

440/ بيان قوله تعالى: «سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ ... الآية»./ 290

441/ الحمية للمريض./ 291

442/ لا تنفع الحمية بعد سبعة أيام./ 291

443/ ليس الحمية أن تدع الشي ء أصلا لا تأكله./ 291

444/ كراهية المشى للمريض./ 291

ص: 433

445/ تعبير الرؤيا./ 292

446/ علم أبي حنيفة في التعبير و خطاؤه./ 293

447/ حديث موسى الزوّار و رؤياه./ 293

448/ رؤيا رجل رأى شبحا من خشب أو رجلا منحوتا على فرس يلوّح بسيفه و تعبيرها./ 293

449/ يعطى الرّجل من الإماميّة قوّة أربعين رجل عند قيام القائم./ 294

450/ متى الفتح و الفرج./ 294

451/ الملاحم و الفتن و الأشراط./ 295

452/ كلّ راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت./ 295

453/ الملاحم و الفتن./ 295

454/ سبب كتمان أمير المؤمنين عليه السّلام أمره./ 296

455/ ارتداد الناس عن الإيمان بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 296

456/ مخالفة عليّ عليه السّلام مع القوم./ 297

457/ حديث إسلام أبي ذرّ- رضي اللّه عنه-/ 297

458/ حديث إسلام ثمامة بن أثال./ 299

459/ حديث ولادة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 300

460/ إخبار أبي طالب بولادة عليّ عليه السّلام و أنّه وصيّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 302

461/ في قوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ ...* الآية»./ 302

462/ موعظة بالغة نافعة./ 302

469/ كراهية الوحدة في السفر./ 302

ص: 434

464 إلى 468/ استحباب اتّخاذ الرفيق في السفر و كراهية الوحدة و حدّ الرّفقاء و تطيب الزاد./ 303

468/ و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يتزود في سفر الحجّ من اطيب الزاد./ 303

469/ مدح لمعلى بن خنيس- رحمه اللّه-./ 304

470/ مدح الشيعة و تسبيح الملائكة و استغفارهم لهم./ 304

471/ في قوله تعالى: «وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ .. الآية»./ 304

472/ في كلمات تلقّى آدم عليه السّلام من ربّه./ 304

473/ بعد ما رأى إبراهيم عليه السّلام ملكوت السماوات./ 305

474/ سبب الحرّ و البرد./ 306

475/ من أحبّ عليّا عليه السّلام./ 306

476/ الملاحم و الفتن و الأشراط./ 306

477/ حديث الفقهاء و العلماء./ 307

478/ مدح لأبي ذرّ- رضي اللّه عنه-./ 307

479/ الملاحم و الأشراط./ 308

480/ صفة أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 308

480/ حديث عيسى بن عليّ و أبي جعفر المنصور./ 308

481/ تفسير قوله تعالى: «وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا»./ 309

482/ 310

482//

483/ خمس علامات قبل قيام القائم عليه السّلام./ 310

484/ من علامات القائم عليه السّلام./ 310

485/ تفسير قوله تعالى: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ»./ 311

ص: 435

485/ إنّما يعرف القرآن من خوطب به./ 312

486/ صفة جهنّم./ 312

487/ تأويل قوله تعالى: «أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً»./ 312

487/ أصحاب القائم ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا./ 312

488/ الأمر بالسير في البردين./ 313

489/ السير بالليل./ 314

491//

492/ وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانت في يوم الاثنين./ 314

493/ الشوم للمسافر في طريقه خمسة أشياء./ 314

494/ مدح الشيعة./ 315

495/ حبّ الشيعة و بغضهم./ 315

496/ الأمر بالتزوار و التعاهد./ 316

497/ لا يحبنا الا أهل البيوتات و الشرف./

498 إلى 500/ خبر تابوت بني إسرائيل./ 317

501/ الحسنين عليهما السّلام ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 317

502/ غزوة أحد و قصّة المنهزمين./ 318

503/ صلح الحديبية./ 322

504/ قصّة بني مدلج./ 327

505/ حديث ضيف إبراهيم و إهلاك قوم لوط./ 328

506/ الّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السّلام خير للامّة./ 330

507/ حديث سؤال معلّى بن خنيس عن النجوم./ 330

508/ ما يعلم النجوم إلّا أهل بيت من العرب و أهل بيت من الهند./ 331

ص: 436

509/ قتل السفياني من علامات القائم./ 331

510/ بيوت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هي بيوت الّتي أذن اللّه أن ترفع./ 331

511/ صفة درع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 331

512/ شدّ عليّ عليه السّلام يوم الجمل على بطنه بعقال أبرق./ 331

513/ تهديد العثمان مقداد بالقتل./ 331

514/ خبر أسامة لمّا حضره الموت./ 332

515/ خبر ناقة رسول اللّه القصواء./ 332

516/ إنّ مريم حملت بعيسى عليهما السّلام تسع ساعات./ 332

517/ خبر عمرو بن الحضرميّ./ 332

518/ فضل الشيعة و هلاك مخالفيهم./ 333

519/ فضل الشيعة أيضا./ 333

520/ عليّ عليه السّلام أولى الناس بالناس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله./ 333

521/ فضل آل محمّد عليهم السّلام./ 334

522/ في الرّفق على ضعفاء الناس./ 334

523 524/ في قوله تعالى: «رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ»./ 334

524//

525/ في قوله تعالى: «إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ»./ 334

526/ في قوله تعالى: «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ .. الآية»./ 335

527/ الرّؤيا على ما تعبّر./ 335

528/ تعبير رؤيا رأتها امرأة في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله./ 335

529/ رؤيا المؤمن ترف بين السماء و الأرض./ 336

530/ النهي عن تحديث الرّؤيا إلّا عند مؤمن خلا من الحسد و البغي./ 336

ص: 437

531/ حديث ذي النمرة./ 336

532/ حديث الرجل الذي أحياه عيسى ابن مريم عليهما السّلام./ 337

533/ بيان قوله تعالى: «وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ»./ 337

534/ في قوله تعالى: «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ .. الآية»./ 337

535/ السؤال عن الأنبياء في أوصيائهم عليهم السّلام./ 338

536/ حديث إسلام عليّ عليه السّلام./ 338

536/ الهجرة إلى المدينة و تزويج فاطمة عليها السّلام./ 340

536/ متى فرضت الصلاة على المسلمين./ 341

537/ كفّ اللّسان عن الناس./ 341

538/ ذكر بني أميّة و دولتهم./ 341

539/ صفة بني العباس./ 341

540/ حديث ابنة خالد بن سنان./ 342

541/ مخاصمة الصحابة في الخلافة و حجّة كلّ واحد منهم في أولويّته./ 343

541/ أوّل من بايع أبا بكر./ 344

542/ حديث إبليس يوم الغدير./ 345

542/ تأويل قوله تعالى: «وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ»./ 345

544/ بني أميّة يردّون الناس عن الإسلام القهقرى./ 345

544/ لو لا قول الناس لضرب النبيّ أعناق جمع من أصحابه./ 345

545/ التارك شفاء المجروح شريك الجارح./ 345

546/ الرّضا و الشكر و حسن الظنّ باللّه./ 346

546/ ذمّ ابن قياما و الدعاء عليه./ 347

ص: 438

546/ ذم ابن سرّاج./ 348

547/ نصائح لقمان لابنه في آداب السفر./ 348

548/ مناظرة أبي جعفر عليه السّلام مع عبد اللّه بن نافع./ 349

549/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام بصفّين./ 352

551/ خطبة له عليه السّلام أيضا في معاتبة طالبي التفضيل./ 360

552/ حديث ولد العالم مع جاره و فيه تقسيم الزمان على ثلاثة./ 362

553/ خبر عبد اللّه بن الحسن مع أبي عبد اللّه عليه السّلام./ 364

554/ في قوله تعالى: «وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ»./ 364

555/ خبر المعراج أو الاسراء./ 364

556/ موعظة بالغة نافعة./ 365

556/ فضل الشيعة و مدحهم./ 365

557/ أعجب ما رأى جعفر بن أبي طالب في الحبشة./ 366

558/ أخبار آزر و نمرود و ميلاد إبراهيم عليه السّلام./ 367

559/ احتجاج إبراهيم عليه السّلام على نمرود./ 368

559/ خبر النار الّتي أوقدوها لإبراهيم عليه السّلام./ 369

560/ مولد إبراهيم عليه السّلام بكوثى ربا./ 370

560/ إخراج إبراهيم عليه السّلام من أرض مولده./ 371

560/ خبر تعريض العاشر لإبراهيم عليه السّلام./ 371

560/ خبر إبراهيم عليه السّلام مع نمرود و قصّة سارة./ 372

ص: 439

560/ خبر هاجر والدة إسماعيل عليه السّلام./ 373

561/ حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة و المفضّل بن عمر./ 373

562/ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أنا إمام من أطاعني و لست بإمام لمن عصاني./ 374

563/ حديث طالب بن أبي طالب عليه السّلام./ 375

564/ حديث مجى ء فاطمة عليها السلام الى سارية في المسجد./ 376

565/ خبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قتل جعفر عليه السّلام./ 376

566/ عدد من قتل بيد عليّ عليه السّلام يوم حنين./ 376

567/ صفة البراق الذي ركبه رسول اللّه ليلة اسري به./ 376

568/ قراءة قوله تعالى: «وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»./ 377

569/ قراءة قوله تعالى: «التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ»./ 378

570/ قراءة قوله تعالى: «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ .. الآية»./ 378

571/ فانزل اللّه سكينته على رسوله./

572/ نزول قوله تعالى: «فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ»./ 378

573/ بيان لقوله تعالى: «وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً»./ 379

574/ بيان لقوله تعالى: «وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً»./ 379

574/ بيان لقوله تعالى: «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ»./ 379

574/ بيان لقوله تعالى: «قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ»./ 379

574/ بيان لقوله تعالى: «وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ... الآيات»./ 380

ص: 440

574/ بيان لقوله تعالى: «قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ .. الآيات»./ 380

574/ بيان لقوله تعالى: «رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ»./ 381

573/ بيان لقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ»./ 381

574/ بيان لقوله تعالى: «ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا .. الآية»./ 381

575/ بيان لقوله تعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ»./ 381

576/ رباطهم عليهم السّلام رباط الدّهر./ 382

577/ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يتداوى من الزكام./ 382

578/ الزكام جند من جنود اللّه عزّ و جلّ./ 382

579/ عرق الجذام و عرق البرص./ 382

580 581/ تعليم كحل مجرّب./ 383

582/ حديث أبي عبد اللّه و أبي الدّوانيق./ 383

583/ كحل مجرب./

584/ حديث العابد مع الشيطان./ 384

585/ حديث العابد و زوجته و السائل./ 385

586/ خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام في إنذاره بما يأتي من زمان السوء./ 386

ص: 441

587/ كلام لعليّ بن الحسين عليه السّلام./ 391

588/ ما قال إبراهيم عليه السّلام إذا رأي في لحيته شعرة بيضاء./ 392

589 590/ حديث ملك الموت و بشارته لإبراهيم عليه السّلام./ 392

591/ حديث إبراهيم عليه السّلام و الرّجل العابد./ 392

591/ إنّ اللّه اتّخذ إبراهيم عليه السّلام خليلا./ 393

591/ دعاء إبراهيم للمؤمنين و المؤمنات إلى يوم القيامة./ 394

592/ كلام لعليّ بن الحسين عليهما السّلام./ 395

593/ قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يخرج على هشام أحد إلّا قتله و حديث زيد عليه السّلام./ 395

594/ خبر محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ عليهما السّلام./ 395

595/ فى معنى الفتى./ 395

596/ تفسير قوله تعالى: «فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا»./ 395

597/ صفة أهل البيت عليهم السّلام./ 396 إلى 397

/ الإلحاق./ 408 إلى 409

/ الفهرست./ 409

// 441

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.