فُروعُ الكافي المجلد 4

هویة الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 4ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: میلاد احمدي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوْسُوعَة الكُتُبْ الأربَعَة

في أحَاديث النَّبي «صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ» و العِتْرة «عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ»

-4-

فُروعُ الكافي

لِثقَةِ الاِسْلام

محمَّد بنْ يَعقوُبْ الكُلَيْنى «رحمة الله علیه»

المتوفى سنة 329/328ه

الجزء الثاني

ضَبَطَه وَ صَححَّه وَ خَرَّجَ أَحَادِيثَهُ وَ عَلّق عَليه

محمَّد جَعفر شمسْ الدّين

دار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنان

ص: 3

حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة

1413 ه-1992م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان و إيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه.

الإمام الصّادق(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

moamenquraish.blogspot.com

دار التعارف للمطبوعات

المكتب: شارع سوريا- بناية درويش- الطابق الثالث

الادارة و المعرض: حارة حريك- المنشية- شارع دکاش- بناية الحسنين

تلفون: 837857- 823685

صندوق البريد 8601 -11-643-11

ص: 4

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

کتاب الزكاة

أبواب الصَّدَقَة

*أبواب الصَّدَقَة(1)

1- باب فضل الصَّدَقَة

1- عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصَّدَقَةَ تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ﴾.

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجِبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن غالب، عمّن حدَّثه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البِرُّ وَ الصَّدَقَهُ یَنفِیانِ الفَقرَ، و یَزیدانِ فِی العُمُر، و یَدفَعانِ تِسعینَ میتَهَ السّوءٍ.(2)

و في خبر آخر و يدفعان عن شيعتي ميتة السوء.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن [محمد بن] أبي عبد الله، عن أبيه، عن خَلَف بن حمّاد، عن إسماعيل الجوهري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لِأَنْ أحُجّ حجّة أحبُّ إليَّ من أن أعتق رقبة و رقبة- حتّى انتهى إلى عشرة- و مثلها و مثلها- حتّى انتهى إلى سبعين. و لأَنَ أعول أهل بيت من المسلمين، أشبع جَوْعَتَهم، و أكسو عَوْرَتهم، و أكفُّ وجوههم عن النّاس، أحبُّ إليَّ من أن أحجَّ حجّة و حجّة و حجّة- حتّى انتهى إلى عشر و عشر و عشر- [و مثلها] حتى انتهى إلى سبعين- (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ صَدَّقَ بِالْخَلَفِ، جادَ بِالْعَطِيَّةِ﴾(4)

ص: 5


1- قال الشهيد في الدروس: الصدقة: هي العطية المتبرع بها من غير نِصاب للقربة.
2- الفقيه 1، 19- باب فضل الصدقة، ح 2 بتفاوت مرسلاً، و فيه: سبعين ...، بدل: سعين ... و الخبر مرسل.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و الخُلف: ما يخلفه الله على المتصدّق من الخير المادي في الدنيا أضعاف ما أعطى، و ما يذخره له من الثواب بعد موته إلى يوم القيامة.

5- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دَاووُا مَرْضَاکُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَ اِدْفَعُوا اَلْبَلاَءَ بِالدُّعَاءِ، وَ اِسْتَنْزِلُوا اَلرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تُفَکُّ مِنْ بَیْنِ لُحِیِّ سَبْعِمِائَةِ شَیْطَانٍ وَ لَیْسَ شَیْءٌ أَثْقَلَ عَلَی اَلشَّیْطَانِ مِنَ اَلصَّدَقَهِ عَلَی اَلْمُؤْمِنِ وَ هِیَ تَقَعُ فِی یَدِ اَلرَّبِّ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِی یَدِ اَلْعَبْدِ(1)

6- أحمد بن عبد الله عن جدِّه، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَرْضُ اَلْقِیَامَةِ نَارٌ، مَا خَلاَ ظِلَّ اَلْمُؤْمِنِ، فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ﴾ (2)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: اَلصَّدَقَهُ بِالْیَدِ تَقِی مِیتَهَ اَلسَّوْءِ وَ تَدْفَعُ سَبْعِینَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ اَلْبَلاَءِ وَ تُفَکُّ عَنْ لُحِیِّ سَبْعِینَ شَیْطَاناً کُلُّهُمْ یَأْمُرُهُ أَنْ لاَ یَفْعَلَ(3)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن النّعمان، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان في وصيّة النَّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه: و أمّا الصّدقة فجُهَدك جُهْدَك (4)حتّى يقال: قد أَسْرَفْتَ و لم تُسْرِفْ.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: يُسْتَحبّ للمريض أن يعطي السّائل بيده، و يأمَر السّائل أن يَدْعُوَ له(5)

ص: 6


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 65. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 3. و قال ابن الأثير في النهاية: أصل الفك: الفصل بين شيئين و تخليص بعضهما من بعض، انتهى. و المعنى: أن الصدقة تمنع صاحبها من شر سبعمائة شيطان من شياطين الجن و الإنس. و اللَّحْي: عظم الحنك و هو الذي عليه الأسنان، و منبت اللحية، و هما لَحيان و الجمع: ألْح و لُحِيّ. و وقوع الصدقة في يد الرب كناية عن قبوله سبحانه لها.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. بتفاوت يسير. و لعل الاختلاف بين ما ورد هنا من أن الصدقة تفكّ من بين لُحِيّ سبعين شيطاناً، و ما ورد في رواية عبد الله بن سنان من أنها تفك من «الفقيه 2، نفس الباب، ح 1» لُحِيّ سبعمائة شيطان ناشيء من اختلاف المتصدّقين من حيث النية و مراتب التقوى و الخلوص و ظروف المتصدّق عليهم من حيث مراتب الإيمان و الحاجة و التعفّف، و من حيث أوقاتها و كونها صدقة سر أو صدقة علانية و هكذا ...
4- أي أجهد أو أبذل جهدَك، و هو الطَّوق و الوُسْع. و الحديث صحيح.
5- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 5. و الحديث حسن. و قد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بمضونه .يقول الشهيد في الدروس: يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده و يأمر بالدعاء له.

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن عمر بن يزيد قال: أخبرت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّي أصبت بابنَين، و بقي لي بُنَيٌ صغير، فقال: تصدَّق عنه، ثمَّ قال حين حضر قيامي(1): مُرْ الصّبي فليتصدقَّ بيده بالكسرة و القبضة و الشيء و إن قَلَّ، فإنَّ كلَّ شيء يراد به الله و إن قلّ بعد أن تَصْدُقَ النّية فيه، عظيمٌ(2)، إِنَّ الله عزّ و جل يقول : ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَ مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾(3)، و قال: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، و مَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ (4)، علم الله عزَّ و جلّ أن كلَّ أحد لا يقدر على فكِّ رقبة، فجعل إطعام اليتيم و المسكين مثل ذلك تصدَّق عنه.

11- غير واحد من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن غير واحد، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿تَصَدَّقُوا وَ لَوْ بِصَاعِ مِنْ تَمرِ، وَ لَوْ بِبَعْضٍ صَاعِ، وَ لَوْ بِقَبْضَةٍ، وَ لَوْ بِبَعْضٍ قَبْضَةٍ، وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ، وَ لَوْ بشقِّ تَمرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ لَيّْنَةٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِ اللَّهَ فَقَائِلُ لَهُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟ أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعاً بَصِيراً؟ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالاً وَ وَلَداً؟﴾ فيقول: بلى، فيقول الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَانْظُرْ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، قَالَ: فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَ خَلْفَهُ وَ عَنْ يَمِينِهِ

وَ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئاً يَقِي بِهِ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ(5)

2- باب إن الصدقة تدفع البلاء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: بكّروا بالصّدقة(6)، و ارغبوا فيها، فما من مؤمن يتصدَّق بصدقة

ص: 7


1- أي تأهبت للقيام و الانصراف. و قد نص في الدروس على استحباب كون الصدقة بيد الولد نفسه.
2- خبر فإن . . .
3- الزلزلة/ 7و 6.
4- البلد/ 11 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16. قيل: العَقَبة: جبل في جهنم. و المسغَبَة: المجاعة. يتيماً ذا مقربة: أي صغيراً لا أب له من قرابته. مسكيناً ذا مَتْرَبة: هو الذي لصق في التراب من الحاجة و الفقر.
5- الحديث ضعيف.
6- يقول الشهيد في الدروس: يستحب التبكير بالصدقة لدفع شر يومه، و كذا في أول الليل، للحاضر و المسافر.

يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عن شرَّ ما ينزل من السَماء إلى الأرض في ذلك اليوم، إلّا وقاه الله شرَّ ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ اللّهَ لا إلهَ إلّا هُوَ، لَیَدفَعُ بِالصَّدَقَةِ الدّاءَ الدُّبَیلَةَ وَ الحَرَقَ، وَ الغَرَقَ وَ الهَدمَ وَ الجُنونَ، وعَدَّ (صلّی اللّه علیه و آله و سلّم) سَبعینَ بابا مِنَ السّوءِ﴾ (1)

3- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن محمد الأسديّ عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ يهوديُّ بالنّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: السّامُ عليك، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): عليك، فقال أصحابه: إنّما سلّم عليك بالموت، قال: الموتُ عليك، قال النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و كذلك رددتُ، ثمَّ قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ هذا اليهوديُّ يعضّه أسود في قفاه فيقتله، قال: فذهب اليهوديُّ فاحتطب حطباً كثيراً، فاحتمله ثمَّ لم يلبث أن انصرف، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ضَعْهُ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاضّ على عود، فقال: يا يهوديُّ ما عملتَ اليوم؟ قال: ما عملت عملاً إلّا حطبي هذا احتملته فجئت به، و كان معي كَعْكَتَان، فأكلت واحدة و تصدَّقت بواحدة على مسكين، فقال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿بِها دَفَعَ اللّهُ عَنهُ. و قالَ: إنَّ الصَّدَقَهَ تَدفَعُ میتَهَ السَّوءِ عَنِ الإِنسانِ﴾(2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : کَانُوا یَرَوْنَ أَنَّ اَلصَّدَقَهَ تُدْفَعُ بِهَا عَنْ اَلرَّجُلِ اَلظَّلُومِ.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان بن عمرو النّخعي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿بَکِّرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ اَلْبَلاَءَ لاَ یَتَخَطَّاهَا﴾ (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرَّحمن بن حمّاد، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبعِینَ بَلِیَّةٍ مِن بَلایا الدُّنیا، مَع مِیتَهِ السُّوءِ، إنَّ صاحِبَها لا یمُوتُ مِیتَة السُّوءِ أبَداً، مَع ما یُدَّخَرُ لِصاحِبِها في الآخِرَةِ(4)

ص: 8


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 7 و في آخره: ... من الشَّر. والدُّبَيلَة: -قال في القاموس-: داهية، وداء في الجوف. والدَّبل: الطاعون. والدِّبل: النكل و الداهية. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف.
3- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، صدر ح 6 بتفاوت و رواه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مرسلاً.
4- الحديث مجهول. و ما يدّخر في الآخرة هو الأجر و الثواب و الرضوان.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بشر بن سلمة، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تصدَّق بصدقة حين يُصْبح، أذهب الله عنه نَحْسَ ذلك اليوم.

8- عليٌ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن غير واحد، عن عليٌ بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لإسماعيل بن محمد- و ذكر له أن ابنه تصدَّق عنه، قال: إنّه رجلٌ(1)، قال: فَمُرْهُ أن يتصدَّق و لو بالكسرة من الخبز، ثمَّ قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رجلاً من بني إسرائيل كان له ابن وكان له محبّاً، فأُتي في منامه فقيل له: إنَّ ابنك ليلة يدخل بأهله يموت، قال: فلمّا كان تلك الليلة، و بنى عليه أبوه، توقّع أبوه ذلك، فأصبحٍ ابنه سليماً، فأتاه أبوه فقال له: يا بنيِّ، هل عملت البارحة شيئاً من الخير؟ قال: لا، إلَّا أنَّ سائلاً أتى الباب، و قد كانوا ادَّخروا لي طعاماً فأعطيته السائل، فقال: بهذا دفع [الله] عنك.

9- و بهذا الإسناد، عن عليِّ بن أسباط، عمّن رواه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ رَجُلٍ قِسْمَةُ أَرْضٍ، وَ كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ(2) وَ كَانَ يَتَوَخّى(3) سَاعَةَ السُّعُودِ فَيَخْرُجُ فِيهَا، وَ أَخْرُجُ أَنَا فِي سَاعَةِ النُّحُوسِ، فَاقْتَسَمْنَا فَخَرَجَ لِي خَيْرُ الْقِسْمَيْنِ، فَضَرَبَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، قُلْتُ: وَيْلَ الْآخَر(4) ِ وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي صَاحِبُ نُجُومٍ، أَخْرَجْتُكَ فِي سَاعَةِ النُّحُوسِ، وَ خَرَجْتُ أَنَا فِي سَاعَةِ السُّعُودِ، ثُمَّ قَسَمْنَا فَخَرَجَ لَكَ خَيْرُ الْقِسْمَيْنِ، فَقُلْتُ: أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ يَوْمِهِ فَلْيَفْتَتِحْ يَوْمَهُ بِصَدَقَةٍ يُذْهِبِ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ نَحْسَ يَوْمِهِ، وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ لَيْلَتِهِ فَلْيَفْتَتِحْ لَيْلَتَهُ بِصَدَقَةٍ يَدْفَعْ عَنْهُ نَحْسَ لَيْلَتِهِ، فَقُلْتُ: وَ إِنِّي افْتَتَحْتُ خُرُوجِي بِصَدَقَةٍ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ﴾ (5)

10- الحسين بن محمد: عن معلّي بن محمد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: كان رجلٌ من بني إسرائيل و لم يكن له ولدُ، فولد له غلامٌ،

ص: 9


1- «أي الراوي، (إنه رجل): أي بالغ تجوز تصرفاته، أو قال الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على المدح: إنه رجل، و كثيراً ما يقال في المدح: إنه رجل و فحل» مرأة المجلسي 16/ 129- 130.
2- أي عنده شيء من علم النجوم.
3- أي يتحرّى و يترقّب.
4- ويل الآخر . .: يجري على ما كان عليه عرف التخاطب عند العرب، إذا أرادوا تعظيم المخاطب، لا يخاطبونه بوَيْلك، بل يقولون له هذا القول: ويل الآخر، أي الويل لغيرك، وعداك الويل.
5- الحديث مرسل.

و قيل له: إنّه يموت ليلة عُرْسِهِ، فمكث الغلام، فلمّا كان ليلة عُرْسِهِ نظر إلى شيخ كبير ضعيف فرحمه الغلام فدعاه فأطعمه، فقال له السائل: أحْيَيْتَني أحياك الله، قال: فأتاه آت في النّوم فقال له: سَلْ ابنك ما صنع، فسأله، فخيّره بصنيعه، قال: فأتاه الآتي مرَّة أُخرى في النّوم فقال له: إِنَّ اَللَّهَ أَحْیَا لَکَ اِبْنَکَ بِمَا صَنَعَ بِالشَّیْخِ (1)

11- علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فَضالة بن أيّوب، عمّن ذكره عن محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسقطت شُرْفَةٌ من شُرَف المسجد فوقعت على رجل فلم تضرَّه، و أصابت رِجْلَه، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سلوه، أيُّ شيء عمل اليوم، فسألوه، فقال: خرجت و في كمّي تمر، فمررت بسائل فتصدَّقت عليه بتمرة، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بها دفع الله عنك(2)

3- باب فضل صدقة السِّر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿صَدَقَهَ السِّرّ تُطْفي غَضَبَ الرَّبّ﴾(3)

2 - الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن مرداس، عن صفوان بن يحيى؛ و الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار السّاباطيِّ قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عمّار، الصدقة و الله في السرِّ أفضلُ من الصّدقة في العلانية، و كذلك و اللهِ العبادةُ في السرِّ أفضلُ منها في العلانية(4)

ص: 10


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل.
3- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 33، و ليس في سنده: عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و في آخره: تبارك وتعالى. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 8 مرسلاً و في ذيله: جلّ جلاله. هذا الاختلاف في الذيل يكشف عن أنه من الرواة أو النّساخ، و الله العالم . و يقول الشهيد في الدروس: الصدقة سراً أفضل، إلا أن يتّهم بترك المواساة، أو بقصد اقتداء غيره به، أما الواجبة فإظهارها أفضل مطلقاً.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ج 9. يقول الشهيدان رحمها الله في اللمعة و الروضة: و صدقة السر أفضل إذا كانت مندوبة للنص عليها في الكتاب و السنّة، إلّا أن يُتّهمَ بالترك فالإظهار أفضل دفعاً لجعل عرضه عُرضةً للتهم، فإن ذلك أمر مطلوب شرعاً حتى للمعصوم، و كذا الأفضل إظهارها لو قصد به متابعة الناس له فيها لما فيه من التحريض على نفع الفقراء.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد الوصّافي، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿صَدَقَهَ السِّرّ تُطْفي غَضَبَ الرَّبّ تبارک و تعالی﴾.

4- باب صَدَقَة اللَّيل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا اعْتَم(1) و ذهب من اللّيل،شطره، أخذ جراباً فيه خبز و لحم و الدراهم، فحمله على عنقه، ثمَّ ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة، فقسّمه فيهم، و لا يعرفونه، فلمّا مضى أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ عن السكونيّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِذَا طَرَقَکُمْ سَائِلٌ ذَکَرٌ بِلَیْلٍ، فَلاَ تَرُدُّوهُ﴾ (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعدان بن مسلم، عن معلّى بن خُنَيس قال: خرج أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ليلة قد رشّت و هو يريد ظُلّة بنی ساعدة، فأتبعته فإذا هو قد سقط منه شيءٌ فقال: بسم الله، اللَّهمَّ رُدَّ علينا، قال: فأتيته فسلّمت عليه، قال: فقال: مُعَلّى؟ قلت: نعم، جُعِلْتُ فِداك، فقال لي: التمس بيدك، فما وجدت من شيء فادفعه إليَّ، فإذا أنا بخبز منتشر كثير، فجعلت أدفع إليه ما وجدت، فإذا أنا بجرابٍ أعجز عن حمله من خبز، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أحمِلُهُ على رأسي؟ فقال: لا، أنا أُوْلى به منك، و لكن امض معي، قال: فأتينا ظُلّة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدسُّ الرَّغيف و الرَّغيفين، حتّى أتى على آخرهم، ثمَّ انصرفنا، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، يعرف هؤلاء الحقَّ(3)؟ فقال: لو عَرَفوه لو اسيناهم بالدُّقة(4) -و الدُّقة هي الملح-، إنّ الله تبارك و تعالى لم يخلق شيئاً

ص: 11


1- في نهاية ابن الأثير 180/3: حتى يُعتّموا: أي يدخلوا في عَتمة الليل و هي ظُلمته. و قال في القاموس: عتّم الليل، مر منه ،قطعة، كأَعْتَمَ. و المراد هنا، أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان إذا صلى العتمة، و هي العشاء الآخرة. و الحديث صحيح.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و تخصيص الذَكَر يدل على عدم كراهة رد السائل إذا كان أنثى، و كان سؤالهابالليل. و يقول الشهيد في الدروس: يكره رد السائل و لو كان على فرس و خصوصاً ليلاً. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- يعني مذهب الحق و هو التشيع، أو الإمام الحق.
4- الدُقَّة: -كما في النهاية- الملح المدقوق، و هي أيضاً ما تسفيه الريح و تسحقه من التراب.

إلّا و له خازن يخزنه، إلّا الصّدقة، فإنَّ الربَّ يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدَّق بشيء وضعه في يد السّائل، ثمَّ ارتدَّه منه فَقَبّله و شَمّه ثمَّ ردَّه في يد السّائل، إنَّ صدقة اللّيل تُطفي غضب الرِّب، و تمحو الذَّنب العظيم ، و تهوِّن الحساب، و صدقة النّهار تُثْمِرُ المال و تزيد في العمر، إنَّ عيسى بن مريم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لما أن مرَّ على شاطيء البحر، رمى بقرص من قوته في الماء، فقال له بعض الحواريّين: يا رُوحَ الله و كلمته، لم فعلت هذا، و إنّما هو من قُوتُك؟ قال: فقال: فعلت هذا لدابّة تأكله من دوابِّ الماء، و ثوابه عند الله عظيم.(1)

5- باب في أن الصدقة تزيد في المال

1- محمد بن يحيى: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الصدقة تَقْضي الدَّين، و تخلف بالبَرَكة(2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدَّثني الجهم بن الحكم(3) المدائنيّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿تَصَدَّقوا، فَإِنَّ الصَّدَقَهَ تَزیدُ فِی المالِ کَثرَةً. و تَصَدَّقوا رَحِمَکُمُ اللّهُ﴾.

3- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عليِّ بن وهبان، عن عمّه هارون بن عيسى قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمحمد ابنه يا بُنَيَّ، كم فضل معك من تلك النّفقة؟ قال: أربعون ديناراً، قال: أخْرُج فتصدَّق بها، قال: إنّه لم يبقَ معي غيرُها، قال: تصدَّق بها، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يُخْلِفُها، أما علمتَ أنَّ لكلِّ شيء مفتاحاً، و مفتاح الرِّزق الصّدقة، فتصدَّق بها، ففعل، فما لبث أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عشرة أيّام حتّى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار، فقال: يا بنيَّ، أَعْطَينا لِلَّهِ أربعين ديناراً، فأعطانا الله أربعة آلاف دينار.

4- قال: و حدّثني عليُّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: استَنْزِلو(4) الرّزق بالصّدقة.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:

ص: 12


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة ، ح 34. و الحديث مجهول. ورشّت: أي أمطرت. و قال الشهيد في الدروس: ثواب إطعام الهوامّ و الحيتان عظيم.
2- الحديث موثق. و قال الشهيد في الدروس: الصدقة تقضي الدَّين، و تخلف بالبركة، و تزيد المال.
3- في بعض كتب الرجال: حكيم ...
4- أي ابتغوا أو اطلبوا نزوله و كذا كل ما كان على استفعل.

ما أَحْسَنَ عبدٌ الصّدقةَ في الدُّنيا، إلّا أحْسَنَ الله الخلافة على ولده من بعده، و قال: حُسْنُ الصّدقة يقضي الدّين، و يُخلِف على البركة.

6- باب الصدقة على القرابة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من وصل قريباً بحجّة أو عُمْرَة، كتب الله له حجّتين و عُمْرَتَين، و كذلك من حمل عن حميم (1)يضاعف الله له الأجر ضِعْفَين.

2- عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:سئل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أيُّ الصّدقة أفضل؟ قال: على ذي الرَّحم الكاشح(2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ):﴿ اَلصَّدَقَهُ بِعَشْرة وَ اَلْقَرْضُ بِثَمَانِیَة عَشْرَ وَ صِلَةُ اَلْإِخْوَانِ بِعِشْرِینَ، وَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ بِأَرْبَعٍة وَ عِشْرِینَ﴾(3)

7- باب كفاية العيال و التوسع عليهم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثّماليِّ، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَرْضَاکُمْ عِنْدَ اَللَّهِ أَسْبَغُکُمْ عَلَی عِیَالِهِ(4)

ص: 13


1- الحميم: هو القريب المشفق، و حمل عنه: أي تحمل نفقته أو دينه.
2- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 35، الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 12. والكاشح: -كما في النهاية- العدو الذي يضمر عداوته و يطوي عليها كشحه، أي باطنه، و الكشح: الخصر، أو هو الذي يطوي عنك كشحه و لا يألفك.
3- لتهذيب 4، نفس الباب، ح 36. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و لعل السر في أن ثواب القرض أعظم من ثواب الصدقة أن الصدقة قد تقع في يد المحتاج و غير المحتاج، و القرض لا يقع إلا في يد المحتاج غالباً.
4- الحديث صحيح. و أسبغكم على عياله: أي أكثركم توسعة عليهم في الإنفاق. قال الشهيد في الدروس: التوسعة على العيال من أعظم الصدقات، و يستحب زيادة الوَقود لهم في الشتاء أقول: و الوقود: ما تتقد النار به كالحطَب.

2- و عن هما، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: قال رجل لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لي ضَيْعَةً بالجبل استغلّها في كلِّ سنة ثلاث آلاف درهم، فأنفق على عيالي منها ألفي درهم، و أتصدَّق منها بألف درهم في كلِّ سنة، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن كانت الألفان تكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه لسنتهم، فقد نَظَرْتَ لنفسك، و وُفِّقْتَ لرُشْدِك، و أجريتَ نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحيُّ عند موته.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(1)قَالَ: یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یُوَسِّعَ عَلَی عِیَالِهِ کیلاَّ یَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ(2)، وَ تَلاَ هَذِهِ اَلْآیَةَ: ﴿وَ یُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْکِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً﴾ (3) قالَ: اَلْأَسِیرُ: عِیَالُ اَلرَّجُلِ، یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ إِذَا زِیدَ فِی اَلنِّعْمَةِ أَنْ یَزِیدَ أُسَرَاءَهُ فِی اَلسَّعَهِ عَلَیْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فُلاَناً أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ فَمَنَعَهَا أُسَرَاءَهُ وَ جَعَلَهَا عِنْدَ فُلاَنٍ فَذَهَبَ اَللَّهُ بِهَا، قَالَ مُعَمَّرٌ: وَ کَانَ فُلاَنٌ حَاضِراً.(4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الرَّبيع بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَ ابْدَءْ بِمَنْ تَعُولُ(5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: صاحب النّعمة، يجب عليه التوسعة عن عياله(6)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ المُؤمِنُ یَأکُلُ بِشَهوَةِ أهلِهِ، وَ المُنافِقُ یَأکُلُ أهلُهُ بَشَهوَتِهِ﴾(7)

7- سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط ، عن أبيه، أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سئل: أكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقوتُ عياله قُوتاً معروفاً؟ قالَ: نَعَم إنَّ النَّفسَ إذا عَرَفت قُوتَها قَنِعَتْ بِهِ، و نَبَتَ عَلَیهِ الَّلحمُ.

ص: 14


1- يعني الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كما صرح به (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه.
2- إلى هنا بتفاوت يسير في الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 15. مرسلاً.
3- الدهر/ 8. على حُبّه: أي علي حبهم إياه و شهوتهم له.
4- الحديث صحيح. و المقصود بأسراء الرجل بمقتضى سياق الحديث: عياله و من تجب عليه نفقتهم.
5- الحديث مجهول. و قال في النهاية: العليا: المعطية، وقيل: المتعففة، و السفلى: السائلة، وقيل: المانعة.
6- الحديث ضعيف على المشهور، و الوجوب هنا بمعنى الاستحباب المؤكد.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: کَفَی بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ یُضِیّعَ مَنْ يَعُولُهُ(1)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الخزرج الأنصاريّ، عن عليِّ بن غراب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَی کَلَّهُ عَلَی اَلنَّاسِ، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَیَّعَ مَنْ یَعُولُ﴾(2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي حمزة قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لَأَن أدخُلَ السّوقَ و مَعِی دَراهِمُ أبتاعُ بِها لِعِیالی لَحماً و قَد قَرِموا (3)، أحَبُّ إلَیَّ مِن أن اُعتِقَ نَسَمَة.

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أصبح خرج غادياً في طلب الرِّزق، فقيل له: یا ابن رسول الله، أين تذهب؟ فقال: أتصدَّق لعيالي، قيل له: أتتصدَّق؟ قال: من طلب الحلال فهو من الله عزَّ و جلَّ صدقة عليه.

12- عليُّ بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الأنصاريّ، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنّ المؤمن يأخذ بأدب الله عزّ و جلَّ، إذا وسّع عليه اتّسع(4)، و إذا أمسك عليه أمسك﴾.

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: مِنْ سَعَادَهِ اَلرَّجُلِ أَنْ یَکُونَ اَلْقَیِّمَ عَلَی عِیَالِهِ(5)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: سمعت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یَقُولُ: یَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ قُوتِ عِیَالِهِ فِی اَلشِّتَاءِ وَ یَزِیدَ فِی وَقُودِهِمْ(6)

ص: 15


1- الفقيه 3، 58- باب المعايش و المكاسب و...، ح 64 و في ذيله: من يعول.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 14. و روى ذيله برقم 65 من الباب 58 من الجزء الثالث من الفقيه، و فيه: يضيّع، بدل: ضيّع. و أخرج صدر الحديث في التهذيب: 6، 93- باب المكاسب، ح 23 و فيه: ملعون ... مرةً واحدة. و الكُلّ:- كما في القاموس- الثقل، و المقصود به هنا نفقته و نفقة من يعول. و الحديث مجهول. كما روى الصدوق رحمه الله ذيل الحديث برقم 9 من الباب 178 من الجزء 3 من الفقيه أيضاً.
3- القَرَم: -كما في القاموس- شدة شهوة اللحم.
4- أي توسّع في الإنفاق.
5- الفقيه 3. 58- باب المعايش و المكاسب و...، ح 63.
6- الحديث مجهول على المشهور.

8- باب من يلزم نفقته

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنِ اَلَّذِی أَحْتَنُّ عَلَیْهِ وَ تَلْزَمُنِی نَفَقَتُهُ؟ قَالَ: اَلْوَالِدَانِ وَ اَلْوَلَدُ وَ اَلزَّوْجَةُ(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتي أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بِیَتِیمٍ، فَقَالَ: خُذُوا بِنَفَقَتِهِ أَقْرَبَ اَلنَّاسِ مِنْهُ مِنَ اَلْعَشِیرَةِ، کَمَا یَأْکُلُ مِیرَاثَهُ(2)

3- سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنْ یَلْزَمُ اَلرَّجُلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِمَّنْ یُنْفِقُ عَلَیْهِ؟ قَالَ اَلْوَالِدَانِ وَ اَلْوَلَدُ وَ اَلزَّوْجَةُ.

9- باب الصدقة على من لا تعرفه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن سدير الصيرفيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أطعم سائلاً لا أعرفه مسلماً؟ فقال: نعم، أعْط مَن لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحقِّ، إِنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾(3) و لا تُطْعم من نَصَبَ لشيء من الحقِّ، أو دعى إلى شيء من الباطل(4)

ص: 16


1- التهذيب 6، 92- باب من الزيادات في القضايا و الأحكام، ح 19 بتفاوت. الاستبصار 3، 23- باب من يجبر الرجل على نفقته، ح 1 بتفاوت. الفقيه 3، 45- باب الحكم بإجبار الرجل على نفقة أقربائه، ح 1 و أخرجه بزيادة في آخره عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بتفاوت. هذا و المعروف بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجوب نفقة الزوجة على الزوج بشرطين، الأول: أن تكون دائمة. الثاني: التمكين للزوج من نفسها. و ضابط قدر النفقة للزوجة القيام بما تحتاج إليه من طعام و إدام و كسوة و إسكان و الخدام و آلة الإدّهان تبعاً لعادة أمثالها من أهل البلد. كما أنهم أجمعوا على وجوب النفقة على الرجل للأبوين و الأولاد دون غيرهم من الأقارب كالأعمام و الأخوال. و تردد بعضهم كالمحقق في وجوب الإنفاق على آباء الأبوين و أمهاتهم ثم استظهر الوجوب، كما أنه لا خلاف بينهم في أن نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب لأنها نفقة معاوضة و تثبت في الذمة.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 21 بتفاوت قليل. الاستبصار3، نفس الباب، ح 4 بتفاوت.
3- البقرة/ 83.
4- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 40. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 16 بتفاوت يسير .. و نصب لشيء: أي عاداه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النوفليّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن السائل يسأل و لا يدرى ما هو؟ قال: أَعْطِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ اَلرَّحْمَةُ فِی قَلْبِکَ، وَ قَالَ: أَعْطِ دُونَ اَلدِّرْهَمِ، قُلْتُ: أَکْثَرُ مَا یُعْطَی؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ دَوَانِیقَ(1)

10- باب الصدقة على أهل البوادي و أهل السَّوَاد

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع(2) أو غيره، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصدقة على أهل البواي و السواد؟ فقال : تصدَّق على الصبيان و النساء و الزُّمَناء(3) و الضعفاء و الشيوخ، و كان ينهى عن أولئك الجُمّانين(4) يعني أصحاب الشعور.

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الصّلت، عن زرعة، عن منهال القصّاب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أعط الكبير و الكبيرة، و الصغير و الصغيرة، و من وقعت له في قلبك رحمة، و إيّاك و كلّ(5)، و قال بيده و هزّها.

3- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ أَهْلَ اَلسَّوَادِ یَقْتَحِمُونَ عَلَیْنَا وَ فِیهِمُ اَلْیَهُودُ وَ اَلنَّصَارَی وَ اَلْمَجُوسُ، فَنَتَصَدَّقُ عَلَیْهِمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ(6)

11- باب كراهية ردّ السائل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفليّ، عن إسماعيل بن أبي زياد

ص: 17


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 41. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 16 بتفاوت يسير. يقول الشهيد رحمه الله في الدروس: و في رواية: في المجهول حاله: اعطِ من وقعت له الرحمة في قلبك، و أكثر ما يعطى ثلثا درهم. و الحديث مجهول.
2- الشك من الراوي.
3- أي من بهم زمانة و هي العاهة الدائمة أو المزمنة.
4- من الجُمّة: مجتمع شعر الرأس. و جُمّاني: على غير قياس. و الحديث مرسل.
5- المضاف إليه (كلّ) محذوف، و يمكن أن يكون: المخالفين. و قال بيده: الضمير يرجع إلى الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أي أشار بيده. و الحديث مجهول.
6- قال الشهيد في الدروس: و يجوز (التصدق) على الذمي و إن كان أجنبياً، و على المخالف إلا الناصب، و منع الحسن من الصدقة على غير الذمي و لو كانت ندباً.

السكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَقْطَعُوا عَلَی اَلسَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ، فَلَوْ لاَ أَنَّ اَلْمَسَاکِینَ یَکْذِبُونَ، مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ.﴾(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أعْطِ السائل و لو كان على ظهر فَرَس(2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن الوصافيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان فيما ناجى الله عزَّ و جلَّ به موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يا موسى أكرم السائل ببَذْلٍ يسير أو بِرَدّ جميل، لأنّه يأتيك مَن ليس بأنس و لا جانّ ملائكة من ملائكة الرَّحمن، يبلونك فيما خوَّلتك، و يسألونك عمّا نوّلتك، فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران(3)

4- عدَّةٌ من أصحابناّ عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسديِّ، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب قال: حضرت عليَّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوماً حين صلّى الغداة، فإذا سائل بالباب، فقال علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أَعْطُوا اَلسَّائِلَ، وَ لاَ تَرُدُّوا سَائِلاً.

5- علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز؛ عن أبي أُسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: [قال]. منع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سائلاً قطّ، إن كان عنده أعطى، و إلا قال: ﴿یَأْتِی اَللَّهُ بِهِ﴾.

6- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لا تَرُدّوا السَّائل و لو بظِلْفٍ مُحْتَرقٍ﴾(4)

12- باب قدر ما يُعْطى السائل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن

ص: 18


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 54. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 19.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 55. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 بدون كلمة: كان. و الضمير في كان يعود إلى السائل. أي لا يكون ركوبه الفرس مانعاً لك من إعطائه.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 17. و خوّلتك و نوّلتك: أي أعطيتك من النعم.
4- الحديث مجهول و الظِلف للبقر و الغنم، كالحافر للفرس و البغل، و الخُفّ للبعير، قاله في النهاية 159/3.

عبد الله بن سنان، عن الوليد بن صبيح قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ)، فجاءه سائل فأعطاه، ثمَّ جاءه آخر فأعطاه ، ثم جاءه آخر فأعطاه، ثمَّ جاءه آخر فقال: يَسَعُ الله عليك، ثمَّ قال: إنَّ رجلاً لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم، ثمَّ شاء أن لا يبقى منها إلّا وضعها في حقّ لفعل، فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الّذين يُرَدُّ دعاؤهم، قلت: من هم؟ قال: أحدهم؛ رجل كان له مال فأنفقه في غير وجهه، ثمَّ قال: يا ربِّ ارزقني، فقال له: ألم أجعل لك سبيلاً إلى طلب الرِّزق(1)

2- و عنه، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في السُّوَّال، أطعموا ثلاثة و إن شئتم أن تزدادوا فازدادوا، و إلّا فقد أدَّيتم حقَّ يومكم(2)

13- باب دُعاء السائل

1- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد؛ و غيره، عن زياد القنديِّ، عمّن ذكره قال: إذا أعطيتموهم فلقّنوهم الدُّعاء، فإنّه يستجاب الدُّعاء لهم فيكم، و لا يُسْتَجابُ لهم فى أنفسهم(3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تُحَقّروا دعوة أحد، فإنّه يستجاب لليهوديِّ و النّصرانيِّ فيكم، و لا يستجاب لهم في أنفسهم.

ص: 19


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 20. بتفاوت و زيادات. وفيه: بعد قوله: (يا رب ارزقني): فيقول الرب عز و جل: الم أرزقك؟ و رجل جلس في بيته و لا يسعى في طلب الرزق و يقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عز و جل : ألم أجعل لك سبيلا إلى الرزق؟ ... الخ. و لعل ما تقدم في الفقيه على ذيل ما هو مذكور في الحديث هنا في الفروع قد سقط من النّساخ، و ما في الفقيه هو الصحيح. و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد روى هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب من لا تستجاب دعوته، فراجع.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 21 مرسلاً.
3- الحديث مرسل. و أخرجه مرسلاً بدون كلمة (الدعاء) بعد قوله: ... يستجاب، في الفقيه 2، نفس الباب، ح 22.

14- باب إن الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الأجر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين قال: دفع إليَّ شهاب بن عبدربّه دراهم من الزكاة أقسّمها، فأتيته يوماً فسألني: هل قسّمتها؟ فقلت: لا فأسمعني كلاماً فيه بعض الغِلْظَة، فطرحت ما كان بقي معي من الدَّراهم و قمت مُغْضِباً، فقال لي: ارجع حتّى أُحدِّثك بشيء سمعته من جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فرجعت، فقال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنيّ إذا وجدت زكاتي أخرجتها، فأدفع منها إلى من أثق به يقسّمها؟ قال: نعم، لا بأس بذلك، أمَا إنّه أحد المُعْطِينَ، قال صالح: فأخذت الدَّراهم حيث سمعت الحديث فقسّمتها.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي نهشل، عمّن

ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: لَوْ جَرَی اَلْمَعْرُوفُ عَلَی ثَمَانِینَ کَفّاً لَأُجِرُوا کُلُّهُمْ فِیهِ، مِنْ غَیْرِ أَنْ یُنْقَصَ صَاحِبُهُ مِنْ أَجْرِهِ شَیْئاً (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يعطي الدَّراهم يقسّمها، قال: يجري له ما يجري للمعطي، و لا ينقص المعطي من أجره شيئاً(2)

15- باب الإيثار

*باب الإيثار(3)

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل ليس عنده إلّا قوت يومه، أيعطف مَن عندَه قوتُ يومه على من ليس عنده شيء، و يعطف مَن عنده قوتُ شهر على من دونه، و السنة على نحو ذلك، أم ذلك كلِّه الكفاف الّذي لا يُلام عليه؟ فقال: هو أمر إن أفضلكم فيه أحرصُكم على الرَّغبة و الأَثَرة على نفسه، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ƒ(4)

ص: 20


1- رواه بتفاوت في الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ذيل ح 13. و فيه: على سبعين يد.
2- الفقيه 2، نفس البب، صدر ح 13 بتفاوت. و رواه مرسلا.
3- آثره يؤثره إيثاراً: اختاره و فضّله حتى على نفسه.
4- الحشر/ 9. و الخصاصة: الحاجة و الفاقة و الفقر.

و الأمر الآخر لا يُلام على الكَفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ابدأ بمن تعول(1)

2- قال: و حدَّثنا بكر بن صالح، عن بندار بن محمد الطبريّ، عن عليِّ بن سويد السائيّ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أُوْصِني فقال: آمرك بتقوى الله، ثمَّ سكت، فشكوت إليه قلّة ذات يدي و قلت: و اللهِ لقد عَرِيتُ حتّى بلغ من عُريتي أنَّ أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه و كسانيهما، فقال: صُمْ و تصدَّق، قلت: أتصدَّق ممّا وصلني به إخواني و إن كان قليلاً؟ قال: تصدَّق بما رزقك الله و لو آثَرْتَ على نفسك(2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أيُّ الصّدقة أفضل؟ قال: جُهْدُ المُقِلّ(3) أمَا سمعت قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ƒوَ یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾؟ ترى ههنا فضلاً(4)

16- باب من سأل من غير حاجة

1- عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ضَمِنْتُ عَلَی رَبِّی، أَنَّهُ لاَ یَسْأَلُ أَحَدٌ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ، إِلاَّ اِضْطُرَّتْهُ اَلْمَسْأَلَةُ یَوْماً إِلَی أَنْ یَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ(5)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اتّبعوا قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ فَتَحَ عَلَی نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اَللَّهُ عَلَیْهِ بَابَ فَقْرٍ(6)

3- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن

ص: 21


1- الحديث موثق.
2- الحديث ضعيف.
3- المُقِلّ: -خلاف المُكثِر- و المُقِلّ: القليل المال. و الجهد: الوسع و الطاقة.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 24 و في ذيله: هل ترى ... و يقول الشهيد في الدروس: أفضل الصدقة جهد المُقِلّ و هو الإيثار، و روي: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، و الجمع بينهما: إن الإيثار على نفسه مستحب بخلافه على عياله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 25 و الحديث ضعيف على المشهور.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 26. و الحديث ضعيف.

محمد ابن سنان، عن مالك بن حصين السكونيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْأَلُ عَنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَيَمُوتُ، حَتَّي يُحْوِجُهُ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَ يُثَبِّتَ اللَّهُ لَهُ بِهَا النَّارَ(1)

17- باب كراهية المسألة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن حمّاد، عمّن سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إيّاكم و سؤالَ النّاس، فإنّه ذلُّ في الدُّنيا، و فقر تَعَجَّلونه، و حساب طويل يوم القيامة(2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): یَا مُحَمَّدُ، لَوْ یَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِی الْمَسْأَلَةِ(3)، مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً و لَوْ یَعْلَمُ الْمُعْطِی مَا فِی الْعَطِیَّةِ(4)، مَا رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً(5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر رفعه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الأَیْدِی ثَلَاثٌ: یَدُ اللَّه الْعُلْیَا، و یَدُ الْمُعْطِی الَّتِی تَلِیهَا، و یَدُ الْمُعْطَی أَسْفَلُ الأَیْدِی، فَاسْتَعِفُّوا عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ الأَرْزَاقَ دُونَهَا حُجُبٌ فَمَنْ شَاءَ قَنَی حَیَاءَه(6)، و أَخَذَ رِزْقَه، و مَنْ شَاءَ هَتَکَ الْحِجَابَ، و أَخَذَ رِزْقَه، و الَّذِی نَفْسِی بِیَدِه، لأَنْ یَأْخُذَ أَحَدُکُمْ حَبّلاً ثُمَّ یَدْخُلَ عَرْضَ هَذَا الْوَادِی فَیَحْتَطِبَ حَتَّی لَا یَلْتَقِیَ طَرَفَاه(7)، ثُمَّ یَدْخُلَ بِه السُّوقَ فَیَبِیعَه بِمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ، و یَأْخُذَ ثُلُثَه، و یَتَصَدَّقَ بِثُلُثَیْه، خَیْرٌ لَه مِنْ أَنْ یَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْه أَوْ حَرَمُوه﴾.ƒ

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، عن إبراهيم بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ اللّهَ تَبارَکَ و تَعالی أحَبَّ شَیئاً لِنَفسِهِ و أبغَضَهُ لِخَلقِهِ، أبغَضَ لِخَلقِهِ المَسأَلَةَ ، و أحَبَّ لِنَفسِهِ أن

ص: 22


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27. بتفاوت في آخره. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 29 بتفاوت يسير.
3- أي من الذل و الفقر، و كونها مدعاة للوقوف طويلاً للتفتيش و الحساب يوم القيامة.
4- أي من الثواب و الأجر و دفع البلاء و زيادة الرزق.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 30، بدون قوله: يا محمد. و الحديث فيه مرسل. و هنا حسن.
6- أي التزمه و وفّره.
7- الضمير في (طرفاه) إما إلى المحتطب فهو كناية عما يلاقيه من المشقة و ما يصيبه من الشدة و التعب. و أما إلى الحبل فيكون كناية عن كثرة الحطب.

يُسْأَلَ، و لَیسَ شَیءٌ أحَبَّ إلَی اللّهِ عزَّ و جلَّ مِن أن یُسْأَلَ، فَلا یَستَحیی أحَدُکُم أن یَسأَلَ اللّهَ و لَو [بِ] شِسْعِ نَعْلٍ﴾(1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاءت فخذُ من الأنصار(2) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فسلّموا عليه، فردَّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقالوا: يا رسول الله: لنا إليك حاجة، فقال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنّها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها، ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: ﴿فَنَكَسَ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رأسه، ثمَّ نَكَتَ في الأرض ثمَّ رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم، على أن لا تسألوا أحداً شيئاً، قال: فكان الرَّجل منهم يكون في السّفر، فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: ناوِلْنِيه، فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، و يكون على المائدة فيكون بعض الجُلَسَاء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول: ناوِلْني، حتّى يقومَ فيشرب﴾ (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن ذكره، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رحم الله عبداً عفَّ و تعفّف، و كفَّ عن المسألة، فإنّه يتعجّل الدَّنيّة في الدّنيا، و لا يغني النّاسُ عنه شيئاً، قال: ثمَّ تمثّل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ببيت حاتم:

إذا ما عرفت اليأس ألفيتُهُ الغنى *** إذا عَرَفَتْهُ النّفسُ و الطَّمَعُ الفَقْرُ(4)

7- عليُّ بن محمد؛ و أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن محمد بن إبراهيم الصيّرفيِّ، عن مفضّل بن قيس بن رمّانة قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فذكرت له بعض حالي، فقال: يا جارية، هاتِ ذلك الكيس، هذه أربع مائة دينار وَصَلني بها أبو

ص: 23


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 28. بتفاوت يسير جداً، و رواه مرسلاً. قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أبغض لخلقه المسألة: أي أبغض لهم أن يمدوا أيديهم إلى الناس يتسولون منهم أو یطلبون حاجاتهم، و ذلك لأنه سبحانه أراد للمؤمن أن يكون عزيزاً و لم يرتضِ منه أن يذلّ نفسه، و المسألة ذلّ. و لذا ورد في الروايات النهي عنها و إنها ذل في الدنيا و فقر تَعَجُّلونه، و حساب طويل يوم القيامة كما مرّ، و وجَّههم إلى الانقطاع إليه و التوكل عليه على ألا يكون ذلك مانعاً لهم عن السعي في أرض الله و التسبب في الرزق. هذا، و الحديث حَسَنٌ.
2- الفخذ: -هنا -الجماعة من الناس يلتقون في نسب واحد، أو حيّ من الأنصار. و الحديث حَسَنٌ. و قد دلّ على أن المسألة أعم من سؤال المال.
3- أخرجه مرسلا في الفقيه 2، نفس الباب، ح 31. و نكت الأرض: أي ضربها بقضيب في يده، أو بإصبعه و هو مطرق يتفكر.
4- الحديث مرسل.

جعفر(1)، فخذها و تفرَّج(2) بها، قال: فقلت: لا و اللهِ جُعِلْتُ فِداك، ما هذا دهري(3)، و لكن أحببت أن تدعو الله عزَّ و جلَّ لي، قال: فقال: إنّي سأفعل، و لكن إيّاك أن تخبر النّاس بكلّ حالك فتهونَ عليهم(4)

8- و روي عن لقمان أنّه قال لابنه: يا بنيَّ، ذُقْتُ الصّبر، و أكلت لحاء الشّجر(5) فلم أجد شيئاً هو أمرُّ من الفقر، فإن بُليتَ به يوماً فلا تظهر النّاس عليه فيستَهينوك، و لا ينفعوك بشيء، ارجع إلى الّذي ابتلاك به، فهو أقدر على فَرَجِك، و سَلّه، من ذا الّذي سأله فلم يعطه، أَوْ وَثِقَ به فلم يُنجِه.

18- باب المَنِّ

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن موسى، عن غياث(6)، عن إسحاق بنِ عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی کَرِهَ لِی سِتَّ خِصَالٍ وَ کَرِهْتُهَا لِلْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِی، وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِی، مِنْهَا: اَلْمَنُّ بَعْدَ اَلصَّدَقَةِ﴾ (7)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المنُّ يهدم الصّنيعة(8)

ص: 24


1- أي المنصور العباسي.
2- أي اطلب الفرج بها مما أنت فيه من الضيق، و توسّع بها.
3- أي ديدني و عادتي. أو همّتي.
4- الحديث مجهول
5- اللحاء: قشر الشجر.
6- هو ابن إبراهيم.
7- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 34 و ذكر جميع الخصال الست و هي: العبث في الصلاة و الرفث في الصوم، و المن بعد الصدقة، و إتيان المساجد جنباً، و التطلّع في الدور، و الضحك بين القبور، و رواه مع ذكر خصلة واحدة هي الرفث في الصوم، في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 7. و كذلك في الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ... ، ح 4. كما روى الصدوق الحديث بتمامه بنفس السند في الخصال، باب الستة، ص 327 ح 19. و الرَفَث: الجماع، و الفحش من القول. و بالنظر لكون بعض هذه الخصال- على رواية الفقيه و الخصال- التي اشتمل عليها الحديث، و منها الضحك بين القبور و غيرها مما ليس من المحرمات فلا بد من حمل الكراهة هنا على الأعم من التحريم.
8- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 33.و هدمها عبارة عن حبط ثوابها. بل الإثم في المن إن كان فيه أذية للمؤمن.

19- باب من أعطى بعد المسألة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعث إلى رجل بخمسة أو ساق من تمر البغيبغة(1)، و كان الرّجل ممّن يرجو نوافله و يؤمّل نائله و رِفْدَه ، و كان لا يسأل عليّا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لا غيره شيئاً، فقال رجل لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و اللهِ ما سألك فلانٌ، و لقد كان يجزيه من الخمسة الأوساق وَسْقً واحد، فقال له أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : لا كثّر الله في المؤمنين ضَرْبَك(2)، أُعطي أنا و تبخلُ أنت، الله أنت(3)، إذا أنا لم أُعطِ الّذي يرجوني إلّا من بعد المسألة، ثمَّ أُعطيه بعد المسألة، فلم أُعطه إلّا ثمن ما أخذت منه، و ذلك لأنّي عَرَّضَتُهُ أن يبذل لي وجهه الّذي يُعَفِّره في التّراب لربّي و ربّه عند تعبّده له، و طلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم، و قد عرف أنّه موضع لصِلَته و معروفِهِ، فلم يصدِّق الله عزَّ و جلَّ في دعائه له، حيث يتمنّى له الجنّة بلسانه، و يبخل عليه بالحُطام من ماله، و ذلك أنّ العبد قد يقول في دعائه : اللّهمَّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات، فإذا دعا لهم بالمغفرة، فقد طلب لهم الجنّة، فما أنْصَفَ من فعل هذا بالقول، و لم يحقّقه بالفعل(4)

2- أحمد بن إدريس، و غيره. عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن نوح بن عبد الله، عن الذّهليِّ رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعروف ابتداء ، و أما من أعطيته بعد المسألة فإنّما كافيته بما بذل لك من وجهه، يبيت ليلته أرِقاً متململاً، يَمْثُلُ بين الرَّجاء و اليأس، لا يدري أين يتوجّه لحاجته، ثمَّ يعزم بالقصد لها، فيأتيك و قلبه يرجف، و فرائصه ترعد، قد ترى دمه في وجهه لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن صندل، عن ياسر، عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أحدَّثه، و قد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام، إذ دخل عليه رجلٌ طوال آدَم(5)، فقال: السّلام عليك يا ابن رسول الله، رجل من محبّيك و محبّي آبائك و أجدادك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، مصدري من الحجّ، و قد افتقدت نفقتي، و ما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تُنْهِضَني إلى بلدي و الله علىَّ نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدَّقت بالّذي

ص: 25


1- اسم مكان أو ضيعة من الضياع.
2- أي صنفك و شاكِلَتَك.
3- أي كن الله انت، و انصِفني القول.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 35 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف.
5- الآدَم: الأسمر البشرة، و الأدمة: السمرة.

تولّيني عنك، فلست موضع صدقة، فقال له: اجلس رحمك الله، و أقْبَلَ على النّاس يحدِّثهم حتّى تفرّقوا، و بقي هو و سليمان الجعفريُّ و خيثمة و أنا فقال: أتأذنون لي في الدُّخول؟ فقال له سلیمان: قدَّم الله أمرك، فقام فدخل الحجرة، و بقي ساعة ثمَّ خرج وردَّ الباب، و أخرج يده من أعلى الباب و قال: أين الخراسانيُّ؟ فقال: ها أناذا، فقال: خذ هذه المائتي دينار، واستعِنْ بها في مؤونتك و نفقتك، و تبرَّك بها، و لا تَصَّدَّق بها عنّي، و أخرج فلا أراك و لا تراني، ثمَّ خرج، فقال له سليمان: جُعِلْتُ فِداك، لقد أجزلت و رحمتَ فلِماذَا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذلَّ السّؤال في وجهه لقضائي حاجته، أمَا سمعت حديث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): المستتر بالحَسَنَة يعدل سبعين حجّة، و المذيع بالسّيئة مخذول، و المستتر با مغفورٌ له، أما سمعت قول الأوَل(1):

متى أته يوماً لأطلب حاجة *** رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه

4- عليُّ بن إبراهيم بإسناد ذكره عن الحارث الهمدانيِّ قال: سامَرْتُ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: يا أمير المؤمنين، عَرَضَتْ لي حاجة، قال: فرأيتني لها أهلا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: جزاك الله عنّي خيراً، ثمَّ قام إلى السّراج فأغشاها و جلس، ثمَّ قال: إنّما أغشيتُ السّراج لئلّا أرى ذلَّ حاجتك في وجهك، فتكلّم، فإنّي سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: الحوائج أمانة من الله في صدور العباد، فمن كتمها كُتِبَتْ له عبادة، و من أفشاها كان حقاً على من سمعها أن يعنيه(2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أبي الأصبغ، عن بندار بن عاصم رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: ما توسّل إليَّ أحد بوسيلة، و لا تذرَّع بذريعة أقرب له إلى ما يريده منّي، من رجل سلف إليه منّي يدٌ أتبعتها أختها، و أحسنت ربّها، فإنّي رأيت مَنْعَ الأواخر يقطع لسانَ شكرِ الأوائل ، و لا سَخَتْ نفسي بردِّ بكر الحوائج، و قد قال الشّاعر.

و إذا بُلِيتَ ببذل وجهك سائلاً *** فأبذلْهُ للمتكرِّم المِفضال

إنَّ الجواد إذا حباك بموعد *** أعطاكَهُ سَلِساً بغير مطال(3)

و إذا السّؤال النّوال قَرَنْتَه *** رَجح السّؤال و خَفٌ كُلُّ نَوال

ص: 26


1- أي الأوائل من العرب، و القُدامى. و الحديث مجهول.
2- لعل قوله يعنيه، تصحيف: يعينه، و الله العالم.
3- السَّلْس اللَين السهل. و المطال: المماطلة و المراوغة. و الحديث ضعيف على المشهور.

20- باب المعروف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن إسماعيل بن عبد الخالق الجعفيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ من بقاء المسلمين و بقاء الإسلام، أن تصير الأموال عند من يعرف فيها الحقّ، و يصنع [فيها] المعروف ، فإنَّ من فناء الإسلام و فناء المسلمين، أن تصير الأموال في أيدي من لا يعرف فيها الحقِّ، و لا يصنع فيها المعروف.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرّقيِّ، عن أبي حمزة الثّماليِّ قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الله عزَّ و جلَّ جعل للمعروف أهلاً من خَلْقه، حبّب إليهم فعاله، و وجّه لطلّاب المعروف الطلب إليهم، و يسرّ لهم قضاءه، كما يسرّ الغيث للأرض المجدبة ليحييها و يحيي به أهلها، و إنَّ الله جعل للمعروف أعداءً من خلقه، بغّض إليهم المعروف، و بغّض إليهم فعاله، وَ حَظَرَ على طلّاب المعروف الطّلب إليهم، وَ حَظَرَ عليهم قضاءه، كما يحرم الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها و يهلك أهلها، و ما يعفو الله أكثر.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن محمد بن سنان، عن داود الرِّقي، عن أبي حمزة الثّماليِّ قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول : إنَّ من أحبِّ عباد الله إلى الله لَمَن حبّب إليه المعروف و حبّب إليه فعاله.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن داود الرّقي عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)مثله.

21- باب فضل المعروف

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿كلُّ معروف صدقة، و أفضل الصّدقة صدقة عن ظهر غِنى، و ابدء بمن تَعُول ، واليد العليا خير من اليد السّفلى، و لا يلوم الله على الكَفاف﴾(1)

ص: 27


1- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 9 مرسلاً بتفاوت من قوله: افضل الصدقة . . و فيه: على ظهر غنيّ. و معنى: عن ظهر غنى: يعني إن أفضل الصدقات ﴿ما يكون بعد الغنى و المؤونة لئلا يكون القلب متعلقاً بما يعطي﴾ الوافي، المجلد الثاني، ج 6 ص/ 61. و المقصود باليد العليا: اليد المعطية، و بالسفلى: اليد الآخذة. و معنى: لا يلوم الله على الكفاف: أي لا يلوم الله إنساناً عندما يكفيه و يكفي عياله فقط أن يحوطه و لا يتصدق به لأن الإنفاق على العيال أولى من الإنفاق على غيرهم، إذ لو أنفقه على الغير و تصدّق به فسوف يصبح آخذاً و سائلاً.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿کُلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ﴾.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و أحمد بن أبي عبد الله، جميعاً عن محمد بن خالد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي يقظان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: رأيت المعروف كاسمه، و ليس شيء أفضل من المعروف إلّا ثوابه، و ذلك يراد منه، و ليس كلُّ من يحبُّ أن يصنع المعروف من الناس يصنعه، و ليس كلُّ من يرغب فيه يقدر عليه، و لا كلُّ من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرَّغبة و القدرة و الإذن، فهنالك تمّت السعادة للطّالب و المطلوب إليه(1)

و رواه أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)مثله.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿كلُّ معروف صدقة، والدَّالَّ على الخير كفاعِلِه، و الله عزَّ و جلَّ يحبُّ إغاثة اللَّهْفَان﴾(2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المعروف شيءٌ سوى الزّكاة، فتقرَّبوا إلى الله عزَّ و جلّ بالبرِّ و صلة الرَّحم(3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اصنع المعروف إلى من هو أهله و إلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو من أهله فكن أنت من أهله(4)

ص: 28


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. مرسلاً و سنده الأول هنا مجهول، و سنده الثاني ضعيف.
2- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 3.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله: سوى الزكاة، أي غير الزكاة المفروضة في المال أو البدن.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. و هنالك روايات ناهية عن وضع المعروف في غير أهله فتأمل.

7- عليُّ بن محمد بن بندار، و غيره، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله ابن القاسم، عن رجل من أهل ساباط قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لعمّار: يا عمّار، أنت ربُّ مال كثير؟ قال: نعم، جُعِلْتُ فِداك، قال: فتؤدّي ما افترض الله عليك من الزّكاة؟ قال: نعم، قال: فتُخرج المعلوم من مالك؟ قال: نعم، قال: فتصِلُ قرابتك؟ قال: نعم، قال: فتصِلُ إخوانك؟ قال: نعم، فقال: يا عمّار، إنَّ المال يفنى، و البدن يبلى، و العمل يبقى و الدَّيان حيُّ لا يموت، يا عمّار، إنّه ما قدّمت فلن يسبقَك و ما أخرّت فلن يلحقك(1)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن درَّاج، عن حديد بن حكيم أو(2) مرازم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفاً، فقد أوصل ذلك إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)(3)

9- عليُ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اصنعوا المعروف إلى كلِّ أحد، فإن كان أهله و إلاّ فأنت أهله(4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أعرابيّاً من بني تميم أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: أوصني، فكان فيما أوصاه به أن قال: يا فلان، لا تزهدنَّ في المعروف عند أهله.

أبي

11- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أوَّل من يدخل الجنّة المعروف و أهله، و أوَّل من يَرِدُ عليَّ الحوض﴾(5)

12- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أجيزوا لأهل المعروف عَثَراتِهم، و اغفروها لهم، فإنَّ كفَّ الله تعالى عليهم هكذا- و أو ما بعده كأنّه يظلّ بها شيئاً-(6)

ص: 29


1- مر برقم 15 من الباب 270 من المجلد الأول من الفروع و خرّجناه هناك.
2- الترديد من الراوي.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و إنما يكون قد أوصل ذلك المعروف الى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأنه يكون قد أمتثل وصيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و نفّذ أمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأن يصِل المؤمن أخاه المؤمن و لا يقطعه و لا يخذله و... الخ.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و ظاهر الإطلاق جواز صنع المعروف حتى لمن لم يكن اهلاً له، و لكن هناك روايات ذامة لمن يضع المعروف في غير أهله، و حينئذلا بد من حمل المطلق على المقيد.
5- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف ح 1. و الحديث مجهول.
6- الحديث صحيح. و العثرة: -هنا- الخطأ و الزلّة و إقالتها بعدم مؤاخذتهم بها و سترها عليهم.

22- باب منه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الله بن الدِّهقان، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن عمر بن أُذَينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : ﴿من صنع بمثل ما صُنع إليه فإنّما كافاه، و من أضعفه (1) كان شكوراً، و من شكر كان كريماً، و من علم أنَّ ما صنع إنّما صنع إلى نفسه لم يَسْتَبْطِ النّاس في شكرهم(2)، و لم يستزدهم في مودَّتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك، و وقيت به عِرْضَك، و اعلم أنَّ الطّالب، إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك، فأكرم وجهك عن ردِّه﴾.

23- باب أن صنائع المعروف تدفع مصارع السوء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صنائع المعروف تَقِي مصارع السّوء(3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ البركة أسرع إلى البيت الّذي يُمْتار منه المعروف من الشّفرة في سنام البعير، أو من السّيل إلى منتهاه﴾(4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عبد الله بن سلیمان قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنَّ صنائع المعروف تدفع مصارع السّوء.

24- باب إن أهل المعروف في الدنيا هُمْ أَهلُ المعروف في الآخرة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن زكريّا المؤمن، عن داود بن

ص: 30


1- أي قابله بصنع ضِعْفِه.
2- أي لم ينتظر شكرهم، إذ لا يشكر الإنسان على ما يصنعه لنفسه من خير. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 8.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و مَارَ الرجل عياله يَميرُهُم: جلب لهم المِيرَة و هي الطعام. و الأصل أن يستعمل المَيْر فيه، و قد استعملها هنا و أراد بها جلب المعروف و صنعه.

فرقد (1) أو قتيبة الأعشى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا رسول الله، فداك آباؤنا و أُمّهاتنا، إنَّ أصحاب المعروف في الدُّنيا عُرِفوا بمعروفهم، فيِمَ يُعْرَفون في الآخرة؟ فقال: ﴿إنَّ الله تبارك و تعالى إذا أدخل أهل الجنّة الجنّة، أمر ريحاً عيفة طيّبة، فلزقت بأهل المعروف، فلا يمرُّ أحد منهم بِمَلأٍ من أهل الجنّة إلّا وجدوا ريحه، فقالوا: هذا من أهل المعروف﴾ (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقيِّ، عن بعض أصحابنا رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم: إنَّ ذنوبكم قد غُفرت لكم، فَهَبُوا حسناتكم لمن شئتم(3)

3- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد الوصّافيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِی اَلدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِی اَلْآخِرَةِ وَ أَهْلُ اَلْمُنْکَرِ فِی اَلدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ اَلْمُنْکَرِ فِی اَلْآخِرَةِ (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ للجنة باباً يقال له: المعروف، لا يدخله إلّا أهل المعروف، و أهل المعروف في الدُّنيا، هم أهلُ المعروف في الآخرة.

25- باب تمام المعروف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن سعدان، عن حاتم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأيت المعروف لا يصلح إلّا بثلاث خصال: تصغيره، و تستيره، و تعجيله، فإنّك إذا صغّرته عظّمته عند من تصنعه إليه، و إذا سترته تمّمته، و إذا عجّلته هنّأته، و إن كان غير ذلك سخّفته و نكّدته(5)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن موسى بن بكر،

ص: 31


1- الترديد من الراوي.
2- الحديث ضعيف.
3- روى صدره مرسلاً في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت بسير . و روى ذيله بتفاوت بعد ذلك على أنه تفسير مر المؤلف رحمه الله.
4- راجع التخريج السابق. و الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 12 بتفاوت قليل. و الحديث مجهول.

عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: لكلِّ شيء ثمرة، و ثمرة المعروف تعجيلُ السراح(1)

26- باب وضع المعروف موضعه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمُفَضّل بن عمر: يا مُفَضّل، إذا أردت أن تعلم أشقيٌّ الرَّجلُ أم سعيدٌ، فانظر سَيْبَه(2) و معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنّه إلى خير، و إن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنّه ليس له عند الله خير(3)

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا مُفَضّل، إذا أردت أن تعلم إلى خير يصير الرَّجل أم إلى شرّ، انظر أين يضع معروفه، فإن كان يضع معروفه عند أهله(4)، فاعلم أنّه يصير إلى خير، و إن كان يضع معروفه عند غير أهله، فاعلم أنّه ليس له في الآخرة من خَلاق(5)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن أحمد بن عمر و بن سليمان البجليِّ، عن إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار، عن إبراهيم بن إسحاق المدائنيِّ، عن رجل، عن أبي مخنف الأزديِّ قال: أتى أميرَ المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رهطُ من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو أخرجت هذه الأموال ففرّقتها في هؤلاء الرُّؤساء و الأشراف، و فضّلتهم علينا، حتّى إذا استوسَقَت الأمور، عدتَ إلى أفضل ما عوّدك الله من القسم بالسوّية، و العدل في الرّعية؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أتأمروني و يحكم أن أطلب النّصر بالظلم و الجوز فيمن وُلّيتُ عليه من أهل الإسلام، لا و الله، لا يكون ذلك ما سمر السمير(6)، و ما رأيتُ في السّماء نجماً، و الله لو كانت أموالهم مالي لساوَيْتُ بينهم، فكيف

ص: 32


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11 و في ذيله تعجيله. و تعجيل السراح: يراد به يسر الصنيع للمعروف إن كان إيجاباً فبتسليمه لصاحبه، و إن كان سلباً فبتأييسه منه بإحسان. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- السَّيْب: العطاء و المعروف.
3- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 13 بتفاوت يسير . و لا بد من حمله على ما إذا صنعه إلى غير أهله مع علمه بأنه كذلك. و الحديث حسن.
4- أي عند من هم أهل لوضع المعروف فيهم و صنعه معهم.
5- الخلاق: الحظ و النصيب من الخير. و الحديث ضعيف على المشهور.
6- كناية عن تطاول المدة و اختلاف الليل و النهار، و كذا ما بعده.

و إنما هي اموالهم، قال: ثمّ أزم (1) ساكتاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: من كان فيكم له مال فإيّا و الفساد، فإنّ إعطاءه في غير حقّه تبذير و إسرافٌ، و هو يرفع ذكر صاحبه في الناس، و يضعه عند الله، و لم يضع امرءٌ ماله في غير حقّه و عند غير أهله، إلّا حرمه الله شكرهم، و كان لغيره وُدُّهم، فإن بقي معه منهم بقيّة ممّن يظهر الشكر له و يريه النصح، فإنّما ذلك مَلَقٌ منه(2) و كذب فإن زلّت بصاحبهم النَّعْلُ (3) ثم احتاج إلى معونتهم و مكافاتهم فألأَمْ خليل و شرُّ خدين (4)، و لم يضع امرءُ ماله في غير حقّه و عند غير أهله، إلّا لم يكن له من الحظّ فيما أُتي، إلّا محمدةُ اللّئام و ثناء الأشرار ما دام عليه منعماً مفضلاً، وَ مَقَالَةُ الجاهل: ما أجوده، و هو عند الله بخيل، فأيُّ حظٍّ أَبْوَرُ و أخسر من هذا الحظّ، وأيّ فائدة معروف أقلّ من هذا المعروف، فمن كان منكم له مال فليصِلْ به القرابة، و ليُحْسِن منه الضيافة، و ليفكّ به العاني و الأسير و ابن السّبيل، فإنّ الفوز بهذه الخصال مكارم الدُّنيا و شرف الآخرة(5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ الناس أخذوا ما أمرهم الله عزَّ و جلَّ به، فأنفقوه فيما نهاهم الله عنه، ما قَبِلَه منهم، و لو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به، ما قَبِلَه منهم حتّى يأخذوه من حقّ و ينفقوه في حقّ(6)

5- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن القاسم، عن أبي جميلة، عن ضريس قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لِتُوجِّهوها حيث وجَهَّها الله، و لم يُعْطِكُمُوها لتَكْنُزُوها(7)

ص: 33


1- أي أمْسَكَ.
2- المَلَق و التملّق: المداهنة و المسايرة من دون تشدّد.
3- كناية عن حطّ الدهر به، و إدبار عزّه و وقوعه في الفقر و الشّدة.
4- الخِدْن: الصديق الذي يكون معك ظاهراً و باطناً في كل أمر. و يطلق على المذكر و المؤنث، و الجمع أخدان
5- الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف،ح 15. و قوله: حتى يأخذوه من حق ... الخ: أي يكسبوه من حِلّه و ينفقوه في حِلّه.
7- الفقيه 2، نفس الباب، ح 14. وما وجّه الله إليه في الأموال صَرْفُها فيما يؤدي إلى مغفرته و رضوانه سبحانه بعد إخراج ما أوجبه فيها من حق، و عدم إنفاقها فيما يغضبه مما نهى عنه.

27- باب في آداب المعروف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حُذَيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تدخل لأخيك في أمر، مَضَرَّتُهُ عليك أعظمُ من منفعته له، قال ابن سنان: يكون على الرَّجل دَين كثير، و لك مال، فتؤدِّي عنه، فيذهب مالك و لا تكون قضيتَ عنه(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد الأشعريِّ، عمّن سمع أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لاَ تَبْذُلْ لِإِخْوَانِکَ مِنْ نَفْسِکَ مَا ضَرُّهُ عَلَیْکَ أَکْثَرُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ لَهُمْ.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن الحسن بن عليّ الجرجانيِّ، عمّن حدَّثه، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا توجب على نفسك الحقوقَ، و اصبر على النّوائب، و لا تدخل في شيء مَضَرَّتُهُ عليك أعْظَمُ من منفعته لأخيك.

28- باب مَنْ كَفَرَ المعروف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي جعفر البغداديِّ، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: لَعَنَ الله قاطِعي سُبُلِ المعروف، قيل: و ما قاطعوا سُبُل المعروف؟ قال: الرَّجل يُصْنَعُ إليه المعروف فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره(2)

2- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن سَيف بن عَمِيرة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أقلّ من شَكَرَ المعروف.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:

ص: 34


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 17. بتفاوت يسير. و هو صريح في لَعْن الله سبحانه لكافر المعروف، و هو يدل على إن كفران المعروف و النعمة حرام، و إن شكر المنعم واجب عقلاً و شرعاً.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِ بِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَة﴾(1)

29- باب القَرْض

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مكتوب على باب الجنّة : الصّدقَةُ بعشَرَة، و القرضُ بثمانية عشر(2)

و في رواية أخرى بخمسة عشر.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن رِبعيِّ بن عبد الله، عن فُضَيل بن يسار قال: قال أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله، إلّا حسب الله له أجره بحساب الصّدقة، حتّى يرجع إليه ماله(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله تعالى: ﴿لا خَیْرَ فِی کَثِیرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ﴾ (4) قال: يعني بالمعروف: القَرْضَ(5)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن

ص: 35


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 بتفاوت يسير. قوله: فلیکافِ به: أي يقابل من صنع إليه المعروف بالمعروف. و قوله: فَلْيُثنِ ..، أي ليظهر المدح و الثناء لصاحب المعروف. و في ذلك ما فيه من تشجيعه على تكراره، و تشجيع غيره على ابتدائه و استمراره.
2- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 1. و الحديث حسن أو موثق. قال في شرح اللمعة: ﴿و السر فيه ﴿أي في كون ثواب القرض أعظم من ثواب الصدقة﴾ إن الصدقة تقع في يد المحتاج و غيره و القرض لا يقع إلا في يد المحتاج غالبا و إن درهم القرض يعود فيقرض و درهم الصدقة لا يعود . . . فإطلاق كون درهم القرض بثمانية عشر إما مشروط بقصد القربة أو تفضّل من الله تعالى من غير اعتبار الثواب . . .﴾.
3- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 3 مرسلاً بتفاوت.
4- النساء/ 114. و النجوى: -هنا- الحديث يتسارّون به فيما بينهم و من تتمة الآية: أو إصلاح بين الناس ...
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. و كرره برقم 28 من الباب 60 من الجزء 3 من الفقيه ايضاً.

عقبة بن خالد قال: دخلت أنا و المعلّى و عثمان بن عمران على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فلمّا رآنا قال: مرحباً مرحباً بكم، وجوه تُحبّنا و نُحبّها، جعلكم الله معنا في الدُّنيا و الآخرة، فقال له عثمان: جُعِلْتُ فداك! فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نَعَم مَهْ(1)، قال: إنّي رجلٌ موسر، فقال له: بارك الله لك في يَسارك، قال: و يجيىء الرَّجل فيسألني الشيء و ليس هو إبّان (2)زكاتي؟ فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القرض عندنا بثمانية عشر، والصّدقة بعشرة، و ماذا عليك إذا كنتَ كما تقول موسراً ،أعطيتَه، فإذا كان إبّان زكاتك احْتَسَبْتَ بها من الزّكاة، يا عثمان، لا تردَّه، فإنَّ ردَّه عند الله عظيم، يا عثمان، إنّك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربّه ما توانيتَ في حاجته، و من أدخل على مؤمن سروراً فقد أدخل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون و الجذام و البرص.

5- سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن إبراهيم بن السنديِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قَرْضُ المؤمن غنيمةٌ و تعجيلُ خير، إنّ أيسر أدّاه، و إن مات احتسب من الزّكاة(3)

30- باب إنْظار المُغْسِر

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أراد أن يُظلّه الله يومَ لَا ظِلَّ إلّا ظِلُّه(4) -قالها ثلاثاً- فَهَابَه النّاس أن يسألوه، فقال: فليُنْظِرْ مُعْسِراً، أو ليدَعْ له من حقّه(5)

2- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال

ص: 36


1- أي: ما مطلبك، و الهاء للسَّكْت، و أصله: فما، -هكذا في هامش المطبوع-.
2- الإبّان: الوقت.
3- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 4 و في ذيله: ... من زكاته. و روى قريباً منه في الفقيه 2، 5- باب الأصناف التّي تجب عليها الزكاة، ح 5، و كان الكليني قد أورد هذا الحديث بتفاوت و سند آخر عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 1 من الباب 308 من الجزء الأول من الفروع فراجع.
4- أي رحمته.
5- الفقيه 2، 13- باب ثواب إنظار المعسر، ح 3 بتفاوت يسير. و (من) في قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من حقه، تبعيضية، أي ليترك بعض ماله عليه من دين حتى يتمكن من أداء الباقي. و الحديث صحيح.

في يوم حارّ- و حنا كفّه-(1) من أحبَّ أن يستظلَّ من فَوْر جهنّم(2) ؟ -قالها ثلاث مرّات، فقال الناس في كلِّ مرَّة: نحن يا رسول الله، فقال: من أنظر غريماً أو ترك المعسر، ثمَّ قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال لي عبد الله بن كعب بن مالك: إنَّ أبي أخبرني أنّه لزم غريماً له في المسجد، فأقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فدخل بيته و نحن جالسان، ثمَّ خرج في الهاجرة(3)، فكشف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ستره و قال يا كعب، ما زلتما جالسَين؟ قال: نعم بأبي و أمي، قال: فأشار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بكفّه؛ خذ النّصفَ، قال: فقلت: بأبي و أُمّي، ثمَّ قال: اتْبِعْهُ ببقيّة حقّك، قال: فأخذت النّصفَ، و وضعت له النّصف(4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خلّوا سبيل المعسر كما خلّاه الله عزَّ و جلَّ(5)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المنبر ذاتَ یوم، فحمد الله و أثنى عليه، و صلّى على أنبيائه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ قال: أيّها النّاس، لِيُبَلّغ الشّاهدُ منكم الغائبَ، ألَا و من أنظر معسراً كان له على الله عزَّ و جلَّ في كلِّ يوم صدقة بمثل ماله حتّى يستوفيه، ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿و إن كان ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسرة و أنْ تَصَدَّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ أنّه معسر، فتصدَّقوا عليه بمالكم [عليه] فهو خير لكم(6)

31- باب تحليل الميت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحسن بن خنيس(7)، قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لعبد الرّحمن بن سيّابة دَيناً على رجل قد مات، و قد كلّمناه أن يحلّ له فأبى؟

ص: 37


1- أي أمال كفّهُ، و الظاهر أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إنما فعل ذلك تمثيلاً منه لهم لكيفية الاستظلال.
2- أي فوحها و وهجها.
3- الهاجرة: شدة الحر وسط النهار.
4- الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و في الحديث اشارة الى قوله تعالى: ﴿و إن كان ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسرة ...﴾ الآية 280/ البقرة.
6- الفقيه 2، 13- باب ثواب إنظار المعسر، ح 1.
7- لا يوجد في سند التهذيب.

فقال :وَيْحَه، أما يعلم أنَّ له بكلِّ درهم عشرة إذا حلّله، فإذا لم يُحَلّله فإنّما له درهم بدل درهم(1)

2- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عمّن ذكره، عن الوليد بن أبي العلاء، عن معتّب قال: دخل محمد بن بشر الوشّاء على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله أن يكلّم شهاباً أن يخفّف عنه حتّى ينقضي الموسم، و كان له عليه ألف دينار، فأرسل إليه، فأتاه، فقال له: قد عرفتَ حال محمد و انقطاعه إلينا، و قد ذكر أنَّ لك عليه ألف دينار لم تذهب في بَطْن و لا فَرْج، و إنّما ذهبت دَيناً على الرّجال، و وضايعَ وضعها، و أنا أُحبُّ أن تجعله في حِلّ، فقال: لعلّك ممّن يزعم أنّه يُقْبَض من حسناته فتُعطاها، فقال: كذلك في أيدينا(2)، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) : الله أكرم و أعدل من أن يتقرّب إليه عبده، فيقوم في اللّيلة القرّة(3) أو يصوم في اليوم الحارّ، أو يطوف بهذا البيت، ثمَّ يسلبه ذلك فيعطاه، و لكن الله فضلٌ كثير يكافي المؤمن، فقال: فهو في حِلّ(4)

32- باب مؤونة النعم

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان الفرَّاء مولى طربال، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من عَظُمَت نعمة الله عليه اشتدَّت مؤونة الناس عليه، فاستديموا النّعمة باحتمال المؤونة، و لا تُعَرِّضوها للزَّوال، فقلَّ من زالت عنه النّعمة فكادت أن تعود إليه(5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن عليِّ بن محمد القاسانيِّ، عن أبي أيّوب المدنيِّ مولى بني هاشم، عن داود بن عبد الله بن محمد الجعفريِّ، عن إبراهيم بن محمد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما من عبد تظاهرت عليه من الله نعمة إلّا اشتدَّت مؤونة النّاس عليه، فمن لم يقم

ص: 38


1- التهذيب 6، 81- باب الديون و أحكامها، ح52. الفقيه 2، 14- باب ثواب تحليل الميت، ح1. و كرره برقم 34 من الباب 60 من الجزء الثالث من الفقيه، بتفاوت في الذيل في الجميع. و تحليل الميت: عبارة عن جعله في حِلّ مما للحي عليه من مال أو غيره من الحقوق الأخرى.
2- أي في ما علمناه. و الكلام لشهاب.
3- القرّ: شدة البرد.
4- الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 15- باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة، ح 1 بتفاوت يسير. و كأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)جعل إشراك المؤمنين في هذه النعم و قضاء حوائجهم منها سبباً في بقائها و نمائها. و الحديث صحيح.

للنّاس بحوائجهم، فقد عرَّض النّعمة للزَّوال، قال: فقلت: جُعِلْتُ فِداك، و من يقدر أن يقوم لهذا الخلق بحوائجهم؟ فقال: إنّما النّاس في هذا الموضع- والله- المؤمنون.

3- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن أبَان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ لسَّلاَمُ) لحسين الصحّاف: يا حسين، ما ظاهر الله على عبد النّعم، حتّى ظاهر عليه مؤونة النّاس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم، زاده الله في نِعَمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم، أزال الله عزّ و جلَّ عنه تلك النّعمة(1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من عظُمت عليه النّعمة، اشتدَّت مؤونة النّاس عليه، فإن هو قام بمؤونتهم اجتلب زيادة النّعمة عليه من الله، و إن لم يفعل، فقد عرَّض النّعمة لزوالها(2)

33- باب حُسْن جِوارِ النعم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن محمد بن عرفة قال: قال أبو الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا ابن عرفة، إنَّ النّعم كالإبل المعتَقَلة في عطنها على القوم ما أحسنوا جوارَها، فإذا أساؤوا معاملتها و إنالتها نَفَرَت عنهم(3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أحْسِنوا جِوار النّعم، قلت: و ما حُسْنُ جِوار النّعم؟ قال: الشكر لمن أنعم بها، و أداءُ حقوقها(4)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أحسِنوا جِوارَ نِعَم الله، و احذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنّها لم تنتقل عن أحد قطّ فكادت أن ترجع إليه، قال: و كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: قلَّ ما أَدْبَرَ شيء فأَقْبَلَ(5)

ص: 39


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. عَطَن و معطن: و جمعه أعطان و معاطن: مبارك الابل حول الماء للشرب.
4- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 49.
5- الفقيه 2، 15- باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة، ح 2. و الحديث صحيح. و قد روى الكليني رحمه الله في أصول الكافي 2، باب الشكر: إن للنعم أو ابد كأو ابد الطير فقيّدوها بالشكر

34- باب معرفة الجود و السخاء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى بن بكر، عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجلٌ أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) وهو في الطواف، فقال له: أخْبِرني عن الجواد، فقال: إنَّ لكلامك وجهين، فإن كنتَ تسأل عن المخلوق، فإنَّ الجواد: الّذي يؤدِّي ما افترض الله عليه(1)، و إن كنتَ تسأل عن الخالق، فهو الجواد إن أعطى، و هو الجواد إن مَنَع(2)، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك، و إن منعك مَنَعَكَ ما ليس لك.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما حدُّ السخاء؟ فقال: تُخْرِج من مالك الحقَّ الّذي أوجبه الله عليك فتضعه في موضعه(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: السخيُّ مُحَبَّبٌ في السّماوات، مُحَبَّبٌ في الأرض، خُلق من طينة عذبة، و خُلق ماءُ عينيه من ماء الكوثر، و البخيل مُبَغّض في السّماوات، مُبَغّض في الأرض، خُلق من طينة سبخة(4) و خلق ماء عينيه من ماء العوسج(5)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن مهديّ، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السِّحْيُّ، الحَسَنُ الخُلُق، في كنف الله لا يُسْتَخْلى الله منه(6) حتّی يُدْخِلَه الجنّة، و ما بعث الله عزّ و جلَّ نبيّاً و لا وصيّاً إلّا سخيّاً، و ما كان أحد من الصّالحين إلّا سخيّاً، و ما زال أبي يوصيني بالسّخاء حتّى مضى، و قال: من أخرج من ماله الزكاة تامّة فوضعها في موضعها لم يُسْأل من أين اكتَسَبْتَ مالك(7)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي

ص: 40


1- أي من الحقوق في ماله.
2- في حين أن المخلوق إذا منع، يقال له البخيل، لأنه يمنع ما للغير عليه و ما ليس له. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الأرض السبخة: التي تنزّ ملحاً.
5- العوسج: ضرب من الشوك. و الحديث ضعيف.
6- أي لا يتركه.
7- الحديث مجهول.

سعيد المكاريِّ، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى رسولَ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وفدٌ من اليمن، و فيهم رجلٌ كان أعظمَهم كلاماً و أشدَّهم استقصاءً في محاجّة النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فغضب النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حتّی التوى عرق الغضب بين عينيه، و تربّد وجهه(1) و أطرق إلى الأرض، فأتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ربّك يقرئك السلام و يقول لك: هذا رجلٌ سخيّ يطعم الطّعام، فسكن عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الغضب، و رفع رأسه و قال له: لو لا أنَّ جبرئيل أخبرني عن الله عزَّ و جلَّ أنّك سخيُّ تطعم الطعام، لشرّدْتُ بك(2) و جعلتك حديثاً لمن خَلْفَك، فقال له الرَّجل: و إِنَّ رَبِّكَ لَيُحِبُّ السخاء؟ فقال: نعم فقال: إني أشهد أن لا إله إلّا الله و أنّك رسول الله، و الّذي بعثك بالحقِّ لا رَدَدْتُ من مالي أحداً (3)

6- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أبان، عن معاوية بن عمّار، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان أبا أضياف (4)، فكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم، و أغلق بابه و أخذ المفاتيح يطلب الأضياف، و إنّه رجع إلى داره، فإذا هو برجل أو شبه رجل في الدَّار، فقال: يا عبد الله، بإذن من دخلَت هذه الدَّار؟ قال: دخلتها بإذن ربّها- يردّد ذلك ثلاث مرَّات، فعرف إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه جبرئيل، فحمد الله، ثمَّ قال: أرسلني ربّك إلى عبد من عبيده يَتّخذه خليلاً، قال إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فأَعْلِمُني من هو أخدِمُهُ حتّى أموت؟ قال: فأنت هو، قال: وممَّ ذلك؟ قال: لأنّك لم تَسْأل أحداً شيئاً قطٌّ، و لم تُسْأَل شيئاً قطُّ فقلتَ: لا(5)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي عبد الرَّحمن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى رجلٌ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضلُهُم إيماناً؟ قال: أبْسَطهم كفّاً (6)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي الحسن عليِّ بن يحيى، عن أيّوب بن أعين، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿یُؤْتَی یَوْمَ اَلْقِیَامَةِ بِرَجُلٍ فَیُقَالُ: اِحْتَجَّ فَیَقُولُ یَا رَبِّ، خَلَقْتَنِی وَ هَدَیْتَنِی فَأَوْسَعْتَ عَلَیَّ ،فَلَمْ أَزَلْ أُوَسِّعُ

ص: 41


1- أربَدً وجهه و تربُد تغيّرٍ، و أكثر ما يقال عند الغضب.
2- شرد يشرد شرداً و شروداً: نفر، و شرّد به غيره تشريداً: فعل به فعلة تجعل غيره ينفر إن يفعل فعله.
3- الحديث مرسل.
4- أي كان مضيافا، يحب الضيوف.
5- الحديث مرسل.
6- أي أكرمهم، و الحديث ضعيف على المشهور.

عَلَی خَلْقِکَ وَ أُیَسِّرُ عَلَیْهِمْ لِکَیْ تَنْشُرَ عَلَیَّ هَذَا اَلْیَوْمَ رَحْمَتَکَ وَ تُیَسِّرَهُ، فَیَقُولُ اَلرَّبُّ جلّ ثناوءه و تَعَالَی ذِکْرُهُ: صَدَقَ عَبْدِی، أَدْخِلُوهُ اَلْجَنَّةَ﴾(1)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: السخيُّ قريب من الله، قريبٌ من الجنّة، قريب من الناس، و سمعته يقول: السّخاء شجرةٌ في الجنّة، من تعلّق بغُصْنٍ من أغصانها دخل الجنّة(2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال: اَلسَّخِیُّ یَأْکُلُ مِنْ طَعَامِ اَلنَّاسِ لِیَأْکُلَ اَلنَّاسُ مِنْ طَعَامِهِ، وَ اَلْبَخِیلُ لاَ یَأْکُلُ مِنْ طَعَامِ اَلنَّاسِ لِئَلاَّ یَأْکُلُوا مِنْ طَعَامِهِ.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأبنه الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا بنيَّ، ما السّماحة؟ قال: البذل في اليسر و العُسر.

12- عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة قال. قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)لبعض جلسائه: ألا أُخبرك بشيء يُقَرِّب من الله و يُقَرّب من الجنّة، و يُباعد من النار؟ فقال: بلى، فقال: عليك بالسخاء، فإنّ الله خلق خلقاً برحمته لرحمته، فجعلهم للمعروف أهلاً ، و للخير ،موضعاً، و للناس وجهاً، يسعى إليهم لكي يحيوهم كما الأرض المجدبة، أولئك هم المؤمنون الآمِنونَ يوم القيامة(3)

13- عليُّ بن إبراهيم رفعه قال: أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أن لا تَقْتُل السّامِريَّ فإنّه سخيُّ(4)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن شعيب، عن أبي جعفر المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شابٌّ سخيٌّ مُرْهقٌ في الذُّنوب(5)، أحبُّ إلى الله من شيخ عابد بخيل(6)

15- سهل بن زياد، عمّن حدَّثه، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

: 43


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث مرفوع. و السامريّ: هو الذي كان سبباً في إضلال بني اسرائيل بإخراجه العجل الجسد الذي له خُوار لهم عندما تركهم موسى (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) للقاء ربّه و وردت قصته في سورة طه الآية 83 و ما بعدها. و أخرج الحديث في الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 3.
5- أي كثير المعاصي، المثقل بها.
6- الحديث ضعيف على المشهور. و أخرجه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.

يقول: خِيارُكم سُمَحاؤكم، و شراركم بُخَلاؤكم، و من خالص الإيمان البرُّ بالإخوان، و السعيُ في حوائجهم، و إنَّ البارَّ بالإخوان ليحبّه الرَّحمن، و في ذلك مَرْغَمَة للشيطان، و تَزَحْزُحٌ (1) عن النّيران، و دخول الجنان، يا جميل، أخبر بهذا غُرَرَ أصحابك (2)، قلت: جُعِلْت فِداك، مَن غُوَرُ أصحابي؟ قال: هم البارُّون بالإخوان في العُسر و اليُسْر، ثمَّ قال: يا جميل، أَمَا إِنَّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح الله عزَّ و جلَّ في ذلك صاحب القليل فقال في كتابه(3): ﴿یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾‚(4)

35- باب الإنفاق

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ و أحمد بن محمد بن خالد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الشمس لتطلع و معها أربع أملاك : مَلَك ينادي: يا صاحب الخير أتِمَّ و أبْشِرِ؛ و مَلَك ينادي: يا صاحب الشرِّ أَنزَعْ و أقصُرْ؛ و مَلَك ينادي: أعطِ منفِقاً خَلَفاً و آتِ ممسِكاً تَلَفاً؛ و مَلَك ينضحها(5) بالماء، و لولا ذلك اشتعلت الأرض(6)

2- أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ﴾(7)، قال: هو الرَّجل يَدَعُ ماله لا ينفقه في طاعة الله بُخْلاً، ثمَّ يموت، فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله، أو في معصية الله، فإن عمل به في طاعة الله، رآه في ميزان غيره فرآه حسرة، و قد كان المال له، و إن كان عمل به في معصية الله، قوَّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية الله عزّ و جلَّ(8)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن

ص: 42


1- مَرْغَمة: من الرَّغام، و هو التراب، و هو كناية عن دحر الشيطان و إذلاله بعدم إطاعة ما يسوّل به للإنسان. و الزحزحة: التباعد.
2- أي نجباءهم.
3- الحشر/ 9. و الخصاصة: الفاقة و الحاجة إلى ما آثروا غيرهم به على أنفسهم.
4- الفقيه 2، 16- فضل السخاء و الجود، ح 1 بتفاوت يسير.
5- الضمير يعود إلى الشمس.
6- الحديث مرسل.
7- البقرة/ 167. و الحَسْرة: الندامة الشديدة.
8- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 7 بتفاوت يسير. و الحديث مرسل.

موسى بن راشد، عن سماعة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ أَیْقَنَ بِالْخُلْفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ﴾(1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض من حدَّثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلام له: ﴿وَ مَنْ یَبْسُطْ یَدَهُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا وَجَدَهُ، یُخْلِفِ اَللَّهُ لَهُ مَا أَنْفَقَ فِی دُنْیَاهُ، وَ یُضَاعِفْ لَهُ(2) فِی آخِرَتِهِ﴾.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعاً عن ابن أبي نصر قال: قرأت في كتاب أبي الحسن [الرّضا] إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا جعفر، بلغني أنَّ الموالي إذا ركبتَ أخرجوك من الباب الصغير، فإنّما ذلك من بُخْل منهم لئلّا ينال منك أحدٌ خيراً، و أسألك بحقّي عليك ، لا يكن مدخلُك و مخرجك إلّا من الباب الكبير، فإذا ركبتَ فليكن معك ذهبٌ و فضّةٌ، ثمَّ لا يسألك أحدٌ شيئاً إلّا أعطيته؛ و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلَّ من خمسين ديناراً، و الكثير إليك(3)، و من سألك من عمّاتك فلا تعطها أقلَّ من خمسة و عشرين ديناراً، و الكثير إليك، إنّي إنّما أُريد بذلك أن يرفعك الله، فأَنْفِقْ و لا تخشَ من ذي العرش إقتاراً (4)

6- أحمد بن محمد بن خالد، عن جهم بن الحكم المدائنيِّ، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الأيدي ثلاث سائلة و مُنْفِقَةٌ و مُمْسِكة، و خيرُ الأيدي المُنْفِقَة﴾ (5)

7- أحمد بن محمد، عن أبيه ، عن سعدان، عن الحسين بن أيمن، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: يا حسين، أنفق و أيقِن بالخُلْف من الله، فإنّه لم يبخل عبدٌ و لا أمَةٌ بنفقة فيما يرضي الله عزَّ و جلَّ إلّا أنفق أضعافها فيما يُسْخط الله [عزّ وجلَّ](6)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة رفعه إلى أبي

ص: 43


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 و في ذيله زيادة: قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾. 39/ سبأ. و يُخلِفُه: أي يعوّضه.
2- أي الأجر و الثواب.
3- أي إعطاء أكثر من خمسين ديناراً له يرجع إلى اختيارك.
4- الحديث صحيح. و المراد بالباب الصغير، الباب الخلفيّ للدار و الفرعي، و الباب الكبير هو الباب الرئيسي.
5- الحديث ضعيف. و لا بد من حمل الإمساك فيه: على الإمساك عن المعروف، و الإنفاق: على الإنفاق على المعروف و بالمعروف.
6- الحديث مجهول. و قد مرّ من الروايات ما يدل على ذلك.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(1) أو أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : يُنزل الله المعونةَ من السماء إلى العبد بقدر المؤونة، فمن أيقن بالخُلْفَ سَخَتْ نَفْسُهُ بالنفقة.

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل عليه مولى له، فقال له(2): هل أنفقت اليوم شيئاً؟ قال: لا، و الله، فقال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فمن أين يُخْلِفُ الله علينا، أنْفِقْ و لو درهماً واحداً(3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَن یَضمَنُ أَربَعَةً(4) بِأَربَعَةِ أَبیاتٍ فِی الجَنَّةِ؟ أَنْفِق وَ لا تَخَفْ فَقْراً، وَ أَنْصِفِ النّاسَ مِن نَفسِکَ، وَ أَفشِ السَّلامَ فِی العالَمِ، وَ اترُکِ المِراءَ وَ إن کُنتَ مُحِقّا(5)

36- باب البخل و الشحّ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سمع رجلاً يقول: إنَّ الشحيح أغدرُ من الظالم(6)، فقال: له كَذَبْتَ، إِنَّ الظالم قد يتوب و يستغفر و يردُّ الظُّلامة على أهلها، و الشحيحُ إذا شحّ منع الزّكاة، و الصدقة و صلة الرَّحم، و قَرْيَ الضيف، و النفقةَ في سبيل الله، و أبواب البرِّ؛ و حرام على الجنّة أن يدخلها شحيحٌ(7)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إذا لم يكن لله في عَبْدٍ حاجةٌ ابتلاه بالبخل﴾ (8)

ص: 44


1- الشك من الراوي.
2- أي فقال الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)للمولى.
3- الحديث صحيح.
4- أي أربعة أمور إن فعل واحدة منها فله بيت في الجنة.
5- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 5 و فيه: من يضمن لي ... و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد أورده في أصول الكافي 2. كتاب الإيمان و الكفر، باب الإنصاف و العدل، ح 2 مع اختلاف في ترتيب فقراته. قوله: أنفِق . . . ، جملة مستأنفة. و قوله: انصِفْ الناس ...: أي عاملهم بِالعدل و أعطهم النَّصَفَة من نفسك.
6- أي اكثر غدراً، و المراد بيان انه احطّ من الظالم عند الله و عند الناس و في الفقيه: أَعْذَرُ ... و هو أصح، و إلا لما استقام المعنى. و في الوافي كما في الفقيه.
7- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11 مرسلا بتفاوت يسير.

3- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لِبَني سَلَمة: ﴿يا بَني سَلَمة، مَن سيّدُكُم؟ قالوا: يا رسول الله، سيّدنا رجلٌ فيه بُخْلٌ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و أيُّ داء أدوى من البُخل، ثمَّ قال: بل سيّدكُم الأبيضُ الجسد؛ البراء بن معرور﴾(1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى بن بكر، عن أحمد بن سليمان، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البخيل؛ من بَخل بما افترض الله عليه.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر عن أبيه، (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ ما مَحَقَ الإسلامَ محقُ الشحِّ شيء، ثمَّ قال: إِنَّ لهذا الشحِّ دبيباً كدبيب النّمل ، و شُعَباً كشُعَب الشَّرَك﴾(2)

و في نسخة أخرى: الشوك.

6- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ليس بالبخيل الّذي يؤدِّي الزّكاة المفروضة في ماله، و يعطي البائنة في قومه﴾(3)

7- أحمد بن محمد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تدري ما الشحيح؟ قلت: هو البخيل، قال: الشحّ أشدُّ من البخل، إنَّ البخيل يبخل بما في يده، و الشحيح يشحُّ على ما في أيدي الناس و على ما في يديه، حتّى لا يرى ممّا في أيدي الناس شيئاً إلّا تمنّى أن يكون له بالحل و الحرام، و لا يقنع بما رزقه الله(4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن المفضّل بن صالح، عن جابر،

ص: 45


1- الحديث مجهول و البَراء هو من الأنصار من بني الخزرج ممن بايعوا بيعة العقبة الأولى.
2- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 10. والدبيب: المشي الهُوَيى كمشي الطفل و النملة و الضعيف، و الشُّرَك: حبائل الصيد، و ما ينصب للطير، جمع أشراك و شُرُك.
3- الحديث ضعيف. و البائنة: العطية، سمّيت بذلك لأنها ابينَت: أي اقتُطِعَتْ من المال.
4- الفقيه 2 نفس الباب، ح 9 بتفاوت يسير. و الفضل بن ابي قرّة، هو السمنديّ، نسبة الى بلد في آذربيجان، و قد ذكر البرقي أنه كوفي أنتقل إلى أرمينية، كما ذكر النجاشي أنه تميمي انتقل إلى أرمينية، و قال ابن الغضائري أنه التميمي السمندي، أبو محمد، آذربيجاني أصله كوفي (وسكنها) و هو من أصحاب الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ليس البخيل من أدَّى الزكاة المفروضة من ماله، و أعطى البائنة(1) في قومه، إنّما البخيل حقّ البخيل من لم يؤدِّ الزكاة المفروضة من ماله، و لم يُعْطِ البائنة في قومه، و هو يُبَذّر فيما سوى ذلك﴾(2)

37- باب النوادر

1- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن سليمان بن سفيان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يأتي على الناس زمانٌ من سأل الناس عاش، و من سكت مات(3)، قلت: فما أصنع إن أدركتُ ذلك الزِّمان؟ قال: تُعِينُهُم بما عندك، فإن لم تجد فتجاهد.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًی﴾(4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ تَكون عَنْ فَضْل الكَفّ(5)

4- عليُّ بن إبراهيم: عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ﴾ (6) قال: هو الزَّمِنُ الّذي لا يستطيع أن يخرجَ لِزَمَانَتِهِ(7)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَ اتَّقَی وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنَی﴾ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحُسْنى)(8)، بأنَّ الله تعالى يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد، ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ

ص: 46


1- في الفقيه: ... النائبة ... في الموضعين: و هي النازلة و المصيبة.
2- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 8 مرسلا.
3- أي من العَوَز و الجوع. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- مر مضمونه، و الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- الحج/ 28. و البائس: الذي يبسط إليك يده للعطية.
7- الحديث ضعيف على المشهور، و الزمانة: المرض العضال الذي يدوم زماناً طويلاً.
8- الليل/ 5 و 6 و 7.

لليُسْرى﴾(1) قال: لا يريد شيئاً من الخير إلّا يسّره الله له، ﴿و أمّا مَن بَخِلَ وَ اسْتَغْنى﴾ (2)، قال: بخل بما آتاه الله عزَّ و جلَّ، ﴿و كذَّب بِالحُسْنى﴾ (3)، بأنَّ الله يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد، ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسْرى﴾ (4)، قال: لا يريد شيئاً من الشرِّ إلّا يسّره له، ﴿و ما يُغْنيِ عنه مالُهُ اِذا تَرَدَّى﴾ (5)، قال أَمَا و الله، ما هو تردَّى في بئر، و لا من جبل، و لا من حائط، و لكن تردَّى في نار جهنّم(6)

6- و عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ﴿إنَّ الله تبارك و تعالى يقول: ما من شيء إلّا و قد وكّلت به من يقبضه غيري، إلّا الصدقة، فإنّي أتلقّفها بيدي تَلَقّفاً﴾ (7)، حتّى أنَّ الرَّجل ليتصدّق بالتمرة أو بشقّ تمرة فأُربّيها [له] كما يربّي الرَّجل فَلْوَهُ و فصيله(8) فيأتي يوم القيامة و هو مثل أُحُدٍ و أعظم من أُحُدا(9)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن عبد الرَّحمن العزرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجل إلى الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هما جالسان على الصَّفا، فسألهما(10)، فقالا: إنَّ الصدقة لا تحلّ إلّا في دَيْن مُوجِعٍ ، أو غُرْمٍ مُفْظِع أو فَقْر مُدْقِع، ففيك شيء من هذا؟ قال: نعم، فأعطياه، و قد كان الرَّجل سأل عبد الله بن عمر، و عبد الرَّحمن بن أبي بكر فأعطياه و لم يسألاه عن شيء، فرجع إليهما فقال لهما: ما لكما لم تسألاني عمّا سألني عنه الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ و أخبرهما بما قالا، فقالا: إنّهما غُذِّيا بالعلم

غذاء(11)

ص: 47


1- الليل/ 5 و 6 و 7.
2- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
3- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
4- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
5- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
6- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 50. و في ذيله: تَرَدٍّ، في الموضعين، بدل: تردّى. قوله: و ما يغني ... الخ: نفي أو استفهام انكاري. و الحسنى: -على ما في بعض التفاسير- المثوبة الحسني، أو الكلمة الحسنى و هي ما دلت على حق كلمة التوحيد. و استغنى: أي بشهوات الدنيا عن نعيم العقبي. و الحديث مجهول.
7- قال في الصحاح: لَقِفْتُ الشيء: القفه لقفاً و تلقفته: أي تناولته بسرعة.
8- قال في النهاية 474/3: الفلو: المهر الصغير، و قيل: هو العظيم من أولاد ذوات الحوافر.
9- الحديث ضعيف. و رواه في التهذيب 4، نفس الباب، ح 51.
10- أي استجداهما و طلب الصدقة.
11- غرم مفظع: أي غرامة ثقيلة. و الفقر المدقع: الفقر الشديد حتى إن صاحبه من شدته يلزق بالتراب. و الحديث مرسل.

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عمّن حدّثه، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَسْأَلُوا أُمَّتِی فِی مَجَالِسِهَا فَتُبَخِّلُوهَا﴾ (1)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ لسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّبَاتِ مَا کَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنَا لَکُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ (2)، قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أمر بالنخل أن يُزَكّى، يجيىء قوم بألوان من تمر، و هو من أردى التمر يؤدّونه من زكاتهم تمراً يقال: له الجعرور و المعافارة، قليلة اللّحا، عظيمة النوى، و كان بعضهم يجيىء بها من التمر الجيّد ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَخْرُصُوا هَاتَیْنِ اَلتَّمْرَتَیْنِ، وَ لاَ تَجِیئُوا مِنْهَا بِشَیْءٍ﴾، وَ فِی ذَلِکَ نَزَلَ ﴿وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِیهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِیهِ﴾(3)، و الإغماض: أن تأخُذَ هَاتَیْنِ اَلتَّمْرَتَیْنِ(4)

10- و في رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ﴾؟ فقال: كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء في الجاهليّة، فلمّا أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدّقوا بها، فأبى الله تبارك و تعالى إلّا أن يُخْرِجوا من أطيب ما كَسَبوا.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: إنّي شيخٌ كثير العيال، ضعيف الرُّكن، قليل الشيء، فهل من معونة على زماني؟ فنظر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أصحابه، و نظر إليه أصحابه، و قال: قد أسْمَعَنا القول و أسمعكم، فقام إليه رجلٌ فقال: كنتُ مثلَك بالأمس، فذهب به إلى منزله فأعطاه مِرْوَداً من تِبر (5)، و كانوا يتبايعون بالتبر و هو الذهب و الفضّة، فقال الشيخ: هذا كلّه، قال: نعم، فقال الشيخ: أَقْبَلُ تِبْرَك، فإنّي لست بِجِنّيٍّ و لا إنْسيٍّ، و لكنّي رسول من الله لَأبْلُوك (6)، فوجدتك شاكراً، فجزاك الله خيراً.

ص: 48


1- الحديث مرسل.
2- البقرة/ 267.
3- البقرة/ 267.
4- قال الشهيد في الدروس: يستحب الصدقة بالمحبوب و تكره بالخبيث.
5- المِروَد: ميل المكحلة، و محور البكرة، و حديدة تدور في اللجام. و التِبْر: تراب الذهب و الفضة. و الحديث مرسل.
6- أي لأختبرك.

12- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع بن عبد الملك قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى و بين أيدينا عنب ،نأكله، فجاء سائل، فسأله، فأمر بعنقود فأعطاه، فقال السائل: لا حاجة لي في هذا إن كان درهم (1) قال: يسع الله عليك، فذهب ثمّ رجع فقال: ردُّوا العنقود، فقال: يسع الله لك، و لم يعطه شيئاً، ثمَّ جاء سائل آخر، فأخذ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ثلاث حبّات عنب فناولها إيّاه، فأخذ السائل من يده ثمّ قال: الحمد الله ربِّ العالمين الّذي رزقني؛ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مكانَك(2)، فَحَشَا ملء كفّيه عنباً فناولها إيّاه، فأخذها السّائل من يده ثمَّ قال: الحمد لله ربَّ العالمين، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ): مكانَك يا غلام، أيُّ شيء معك من الدَّراهم؟ فإذا معه نَحْوٌ من عشرين درهماً فيما حزرناه(3)، أو نحوها، فناولها إيّاه، فأخذها ثمَّ قال: الحمد الله، هذا منك وحدك لا شريك لك، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مكانَك، فخلع قميصاً كان عليه فقال: البس هذا، فلبسه ، ثمَّ قال: الحمد لله الّذي كساني و سترني يا أبا عبد الله- أو (4) قال جزاك الله خيراً، لم يَدْعُ لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلّا بذا- ثمَّ انصرف فذهب، قال: فظنّنا أنّه لو لم يَدْعُ له لم يزل يعطيه، لأنّه كلّما كان يعطيه، حمد الله، أعطاه(5)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا ضاق(6) أَحَدُكم، فليُعْلِمْ أخاه، و لا يعينُ على نفسه(7)

14- محمد بن عليّ، عن معمر رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في بعض خطبه: إِنَّ أفضلَ الفِعال صيانةُ العْرِضِ بالمال.

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : ثلاث إنْ يَعْلَمُهُنَّ المؤمن كانت زيادةً في عمره و بقاء النّعمة عليه، فقلت و ما هنَّ؟ قال: تطويله في ركوعه و سجوده في صلاته، و تطويله لجلوسه على طعامه إذا [أ] طعم على مائدته، و اصطناعه المعروف إلى أهله(8)

ص: 49


1- أي إن كان عندكم درهم فاعطونيه فهو حاجتي.
2- أي قف مكانك.
3- حزرناه: أي خرصناه.
4- الترديد من الراوي.
5- الحديث موثق.
6- أي افتقر، أو قدر عليه رزقه.
7- التهذيب 6، 93- باب المكاسب، ح 31، و فيه: و لا يُعِنْ ... و الحديث حَسَنٌ.
8- الحديث حَسَنٌ.

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قلت: قوم عندهم فضول، و بإخوانهم حاجةٌ شديدةٌ، و ليس تسعهم الزّكاة، أيسعهم أن يَشْبَعوا و يجوع إخوانهم، فإنّ الزمان شديد؟ فقال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه و لا يخذله و لا يَحْرِمُهُ فيحقّ على المسلمين الاجتهادُ فيه، و التواصل و التّعاون عليه، و المواساة لأهل الحاجة، و العطفُ منكم، يكونون على ما أمر الله فيهم: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾(1): متراحمين(2)

38- باب فضل إطعام الطعام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن عليُّ بن الحكم، و غيره، عن موسی بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: مِنْ مُوجِبَاتِ مَغْفِرَةِ اَللَّهِ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی إِطْعَامُ اَلطَّعَامِ.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من الإيمان حُسْنُ الخُلُق، و إطعامُ الطّعام.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمد القاسانيِّ، عمّن حدَّثه، عن عبد الله القاسم الجعفريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿خبرُكم من أطعم الطعام، و أفشى السّلام، و صلّى و النّاس نِيام﴾(3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن الحسن بن عليّ، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عمر بن شُمرّ، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنّا أهلُ بيت أمِرْنا أن نُطْعِمَ الطّعام، و نؤدّي في النّاس البائنة، و نصلّي إذا نام النّاس(4)

5- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن الحسن بن عليِّ بن يوسف، عن سَيف بن عَمِيرة، عن فيض بن المختار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُنْجِيات: إطعام الطّعام، و إفشاءُ السّلام، و الصّلاة باللّيل و النّاس نيام(5)

ص: 50


1- الفتح/ 29. و مطلع الآية: محمد رسول الله و الذين معه أشدّاء على الكفّار ...
2- الحديث موثق.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف، و البائنة: العطية، سمّيت بذلك لأنها اقتطعت من أصل المال و انفصلت عنه. و قد مر.
5- الحديث ضعيف. و أخرجه في الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود ، ح 13. و المنجيات: أي المخلّصات للإنسان من مكاره ما بعد الموت و أهوال يوم القيامة.

6- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى يحبُّ إهراق الدِّماء(1) و إطعام الطعام(2)

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أحبِّ الأعمال إلى الله عزَّ و جلَّ إشباعُ جَوْعَةِ المؤمن، أو تنفيس كُرْبته، أو قضاء دَيْنه (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبيد، عن أحمد بن محمد؛ و ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزّ و جلَّ يحبُّ إطعام الطعام و إراقة الدِّماء(4)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن سعيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأسارى، فقدّم رجلٌ منهم ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: أخّر هذا اليوم يا محمد، فردَّه، و أخرج غيره حتّى كان هو ،آخرهم، فدعا به ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: يا محمد، ربّك يقرئك السلام و يقول لك: إنَّ أسيرك هذا يُطعمِ الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحمل الحُمالات(5)، فقال له النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ جبرئيل أخبرني فيك من الله عزَّ و جلَّ بكذا و كذا، و قد أعتقتك، فَقَالَ لَهُ: إنَّ رَبَّکَ لَیُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أشْهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَ أنَّکَ رَسُولُ اللهِ، وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَا رَدَدْتُ عَنْ مَالِی أحَداً أبَداً (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ﴿اَلرِّزْقُ أَسْرَعُ إِلَی مَنْ یُطْعِمُ اَلطَّعَامَ مِنَ اَلسِّکِّینِ فِی اَلسَّنَامِ﴾

11- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)

ص: 51


1- أي ذبح الذبائح لإطعام لحومها للفقراء.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 52. و فيه العطف بالواو بدل أو في جميع المواضع.
4- هو عين معنى إهراق الدماء المتقدم فراجع.
5- أي يحمل أثقال المحتاجين، فيرفع بماله عنهم الحاجة و الشدّة، و بوجاهته يصلح فيما بينهم، و فيما بين الناس.
6- الحديث مرسل.

يقول: ﴿مِن موجِباتِ مَغفِرَةِ الرَّبِّ تَبارَکَ و تَعالی إطعامُ الطَّعامِ﴾(1)

12- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن معمر بن خلّاد قال: كان أبو الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أكل، بصَحْفَة فتوضع بقرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به، فيأخذ من كلِّ شيء شيئاً فيضع في تلك الصّحفة، ثمَّ يأمر بها للمساكين، ثمَّ يتلو هذه الآية: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾(2) ثمَّ يقول: علم الله عزَّ و جلَّ أنّه ليس كلُّ إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم السّبيل إلى الجنّة(3)

39- باب فضل القَصْد(4)

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لينفق الرَّجل بالقصد و بُلْغَةِ الكفاف، و يقدم منه فضلاً لآخرته، فإنّ ذلك أبقى للنّعمة، و أقربُ إلى المزيد من الله عزَّ و جلَّ، و أنفع في العافية.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن داود الرّقيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القصد أمر يحبّه الله عزَّ و جلَّ، و إنَّ السّرَفَ أمرٌ يُبغضه الله، حتّى طرحك النواة، فإنّها تصلح للّشيء، و حتّى صبّك فَضْلَ شرابك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ یسْأَلُونَکَ مَاذَا ینفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ (5) قال: العفو الوسط (6)

4- عليُّ بن محمد رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القصد مثراة،(7) و السّرف متواة(8)

ص: 52


1- مر هذا الحديث برقم(1) من هذا الباب فراجع. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- البلد/ 11. و العَقَبة: -في الاصل- الطريق الوعر في الجبل، و قال بعض المفسّرين إنها عقبة من عقبات جهنم.
3- الحديث صحيح.
4- القصد: الوسط في كل شيء، و في الإنفاق الوسط بين الإسراف و التقتير.
5- البقرة/ 219.
6- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ضمن ح 15.
7- من الثراء و هو الغنى.
8- التّوى: الهلاك. و يقصد به هنا الفقر بسبب هلاك المال للسرِّف.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ثَلاَثٌ مُنْجِیَاتٌ، فَذَکَرَ اَلثَّالِثَ: اَلْقَصْدُ فِی اَلْغِنَی وَ اَلْفَقْرِ﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن أبَان، عن مدرك بن أبي الهزهاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: ضمنت لمن أقتصد أن لا يفتقر(1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب عن حمّاد [بن واقد] اللّحام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ رجلاً أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله، ما كان أحْسَنَ و لا وُفّق، أليس يقول الله تعالى: ﴿و لا تُلْقُوا بأيديكم إلى التَهْلُكَة و أحسِنوا إنَّ الله يحبُّ المحسنين﴾ (2)، يعني المقتصدين(3)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عن أبيه عبيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عُبَيد، إنَّ السَرَفَ يورث الفقر، و إنَّ القصد يورث الغنى(4)

9- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما عَالَ أمرؤُ في اقتصاد(5)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال له: إنّا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام، فنطّلي، و لا تكون معنا نخالة نتدلّك بها من النورة، فنتدلّك بالدَّقيق، و قد دخلني من ذلك ما الله أعلم به، فقال: أمخافةَ الإسراف؟ قلت: نعم، فقال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إنّي ربّما أمرت بالنقي فَيُلَتُّ بالزَّيت، فأتدلّك

ص: 53


1- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، صدر ح 15. و كرره ايضاً عن العالم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 57 من الباب 58 من الجزء الثالث من الفقيه. و الحديث مجهول.
2- البقرة/ 195.
3- الحديث مجهول.
4- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 14. و أبو الحسن: هو الإمام موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما صرّح به الصدوق رحمه الله. و قوله: ما عالَ: أي ما افتقر، و الاسم: العَيْلة، و منه قوله تعالى في سورة التوبة/ 28: ﴿و إن خِفتم عَيْلَةً فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء﴾.
5- النقيّ: -هنا- الدقيق المنخول، الذي لا نخالة فيه، و يُكتّ أي يمزج و يخلط.

به، إنّما الإسراف فيما أفسد المال و أضرَّ بالبدن، قلت: فما الإقتار؟ قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره، قلت: فما القصد؟ قال: الخبز و اللّحم و اللّبن و الخلّ و السّمن، مرَّة هذا و مرَّة هذا.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عُبيد، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا جاد الله تبارك و تعالى عليكم، فجُودوا، و إذا أمسك عنكم فأمسِكوا، و لا تَجَاوَدوا الله فهو الأجْوَد(1)

12- أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليِّ [الصيرفيِّ]، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من اقتصد في معيشته رزقه الله، و من بَذَّر حَرَمَهُ الله﴾(2)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الرِّفق نصف العيش، و ما عال امرءُ في اقتصاده(3)

40- باب كراهية السَّرَف و التقتير

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهريِّ، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال: تلا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هذه الآية: ﴿و الّذين إذا أنفقوا و لم يُسْرفوا لم يَقْتُروا و كان بين ذلك قواماً﴾(4) قال : فأخذ قبضة من حصى و قبضها بيده، فقال: هذا الإقتار الّذي ذكره الله في كتابه، ثمَّ قبض قبضة أخرى فأرخى كفّه كلّها، ثمَّ قال: هذا الإسراف، ثمَّ أخذ قبضة أخرى، فأرخى بعضها و أمسك بعضها، و قال: هذا القَوام(5)

2- و عنه، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن أَبَان قال: سألت أبا الحسن

ص: 54


1- لا تجاودوا-: ﴿يعني لا تتكلفوا الجود على الله فإنه أعلم بكم و بما يصلحكم فمنعه عنكم جود منه فوق جودكم﴾ الفيض في الوافي، المجلد الثاني، م 6، ص 70. و الحديث صحيح.
2- الحديث ضعيف على الظاهر.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و الرِّفق: -هنا- القصد في الإنفاق.
4- الفرقان/ 67.
5- الحديث ضعيف.

الأول (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النفقة على العيال؟ فقال: ما بين المكروهَين: الإسراف و الإقتار.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن ابن أبي يعفور؛ و يوسف بن عمار [ة] قالا: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ مع الإسراف قلّةَ البَرَكة.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رُبَّ فَقِیرٍ هُوَ أَسْرَفُ مِنَ اَلْغَنِیِّ، إِنَّ اَلْغَنِیَّ یُنْفِقُ مِمَّا أُوتِیَ، وَ اَلْفَقِیرَ یُنْفِقُ مِنْ غَیْرِ مَا أُوتِیَ.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى قال: سأل رجل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزّ و جلَّ: ﴿وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ اَلْمُسْرِفِینَ ﴾ (1)، فقال: كان فلان بن فلان الأنصاريّ- سمّاه- و كان له حرث، و كان إذا أُخِذَ يتصدَّق به، و يبقى هو و عياله بغير شيء، فجعل الله عزَّ و جلَّ ذلك سَرَفاً (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلي عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (3)، قال: الإحسار: الفاقة.

7- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فجاء سائلٌ، فقام إلى مِكْتَل (4) فيه تمر، فملأ يده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بیده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثمَّ جاء آخر فقال: الله رازقنا و إيّاك، ثمَّ قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان لا يسأله أحد من الدُّنيا شيئاً إلّا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابناً لها فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال لك: ليس عندنا شيء، فقل: أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه؛ و في نسخة أُخرى: فأعطاه، فأدَّ به الله تبارك و تعالى على القصد، فقال: ﴿وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلي عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (5)

ص: 55


1- الأنعام/ 141.
2- الحديث مجهول.
3- الإسراء/ 29.
4- المِكتل: وعاء يصنع من سعف النخل. و يسمى: الزنبيل.
5- الحديث ضعيف على المشهور.

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ قال : القوام: هو المعروف، ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ (1)، على قدر عياله و مؤونتهم الّتي هي صلاح له و لهم، و ﴿لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها﴾(2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تعالى: ﴿وَ الَّذِينَ إِذا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾، فبسط كفّه و فرَّق أصابعه و حناها شيئاً (3)، و عن قوله تعالى: ﴿وَ لاَ تَبْسُطْهَا کُلَّ الْبَسْطِ﴾ (4)؟ فبسط راحته و قال: هكذا؛ و قال: القوام؛ ما يخرج من بين الأصابع و يبقى في الراحة منه شيءٌ.

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدنى ما يجيىء من حدِّ الإسراف؟ فقال: إبذالك ثوبَ صَوْنك، و إهراقك فَضْل إنائك، و أكلك التمر و رميك النوى ههنا و ههنا (5)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمّار أبي عاصم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أربعة لا يُستحاب لهم، أحدهم: كان له مال فأفسده، فيقول: يا ربِّ ارزقني، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ. ﴿أَلَمْ آمُرُكَ بِالِاقْتِصَادِ﴾(6)

41- باب سَقْي الماء

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أوَّل ما يُبْدَءُ به في

ص: 56


1- البقرة/ 236.
2- الطلاق/7. و معنى الآية: لا يوجب الله على أحد أن ينفق أكثر مما يستطيع في حدود رزقه الذي منحه الله سبحان إياه.
3- أي قليلاً.
4- الإسراء/29. و التعبير كناية عن البذل و الإعطاء.
5- روى بمعناه و قريباً من الفاظه في الفقيه 3، 58- باب المعايش و المكاسب و ...، ح 61. و أخرجه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- الحديث مجهول.

الآخرة صدقة الماء- يعني في الأجر-(1)

2- محمد، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ إِبْرَادُ اَلْکَبِدِ حَرَّی(2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:مَنْ سَقَى اَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ يُوجَدُ فِيهِ الَمَاءُ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَ مَنْ سَقَى أَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ لَا يُوجَدُ فِيهِ اَلَمَاءُ، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً، وَ مَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً(3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم، عن مصادف قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بين مكّة و المدينة ، فمررنا على رجل في أصل شجرة و قد ألقى بنفسه، فقال: مِلْ بنا إلى هذا الرَّجل، فإنّي أخاف أن يكون قد أصابه عطش، فمِلْنا، فإذا رجل من الفراسين (4) طويل الشعر، فسأله أعطشان أنت؟ فقال: نعم. فقال لي: إنْزل يا مصادف فاسقه، فنزلت و سقيته، ثمَّ ركبت و سرنا فقلت: هذا نصرانيُّ، فتتصدَّق على نصرانيّ؟ فقال: نعم، إذا كانوا في مثل هذا الحال.

5- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: علّمني عملاً أدخل به الجنّة، فقال: أطعم الطّعام، و أفْشِ السلام، قال: فقال: لا أطيق ذلك، قال: فهل لك إبل؟ قال: نعم، قال: فانظر بعيراً واسق عليه(5) أهل بيت لا يشربون الماء إلّا غبّاً (6) فلعلّه لا ينفق بعيرك (7)، و لا ينخرق سقاؤك حتّى تجب لك الجنّة.

6- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن ضريس بن عبد الملك، عن

ص: 57


1- الفقيه 2، 17- باب فضل سقي الماء، ح 1.
2- الحرّى: العطشى. فَعلى: من الحر، مؤنث: حرّان. و هما للمبالغة. و أخرجه في التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 53.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
4- الظاهر، و بقرينة أنه نصراني، إن الفراسين طائفة من النصارى كانوا معروفين في جزيرة العرب. و الحديث ضعيف.
5- أي أحمل عليه الماء لسقيهم.
6- غبّاً: أي في بعض الأيام دون بعضها الآخر.
7- أي لا يموت بعيرك. و الحديث مجهول.

أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى يحبُّ إبْرادَ الكبد الحرَّى، و من سقى كبداً حرَّى من بهيمة أو غيرها، أظلّه الله يوم لا ظلَّ إلّا ظلّه(1)

42- باب الصدقة لبني هاشم و مواليهم و صِلَتهم

1- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أُناساً من بني هاشم أتوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السّهم الّذي جعله الله للعاملين عليها، فنحن أوْلى به، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿یا بني عبد المطلب إنَّ الصدقة لا تحلُّ لي و لا لكم، ولكنّي قد وُعِدْتُ الشفاعة، -ثم قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و الله لقد وُعِدَها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)-، فما ظنّكم يا بني عبد المطّلب إذا أخذت بحلقة باب

الجنّة، أترَوْني مؤثراً عليكم غيرَكم!؟﴾ (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمد بن مسلم؛ و أبي بصير؛ و زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) قالا: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْ سَاخُ أَيْدِي النَّاسِ، وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيَّ مِنْهَا وَ مِنْ غَيْرِهَا مَا قَدْ حَرَّمَهُ، وَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثمَّ قال: أما و الله لو قد قمتُ على باب الجنّة، ثمَّ أخذت بحلقته، لقد علمتم أنّي لا أُوثر عليكم، فارضوا لأنفسكم بما رضي الله و رسوله لكم، قالوا: قد رضينا (3)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن ابن الحجّاج، عن جعفر بن إبراهيم الهاشميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أتحلُّ الصّدقة لبَني هاشم؟ فقال: إنّما تلك الصّدقة الواجبة على النّاس لا تحلُّ لنا، فأمّا

ص: 58


1- الفقيه 2، 17- باب فضل سقي الماء، ح 2، بتفاوت يسير. و الحديث موثق.
2- التهذيب 4، 15- باب ما يحل لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ح 1. و الحديث صحيح.
3- التهذيب4،نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، 17 -باب ما يحلّ لبني هاشم من الزكاة، ح 1. و في الذيل منهما: قالوا: رضينا. و الحديث حسن. هذا، و مما لا خلاف فيه بين المؤمنين، بل و بين المسلمين بل الإجماع بقسميه عليه- كما عبّر في الجواهر- هو عدم جواز إعطاء الزكاة للهاشمي و عدم جواز أخذه لها من غير الهاشمي مع عدم الضرورة، و كذلك أجمعوا على جواز أخذ الهاشمي لزكاة مثله. كما أجمعوا على جواز أخذها من غير الهاشمي عند اضطراره إليها، و قد فسّر الإضطرار هنا بعدم كفاية الخمس الذي هو حق لآل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الذي جعل لهم عوضاً من الزكاة.

غير ذلك فليس به بأس، و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكّة، هذه المياه عامّتها صدقة (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ ابن النّعمان، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتحلُّ الصّدقة لموالي بني هاشم؟ قال: نعم(2)

5- حميد بن زياد، عن [ابن] سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان (3)، عن إسماعيل بن الفضل الهاشميِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصّدقة الّتي حُرِّمت على بني هاشم، ما هي؟ قال: هي الزَّكاة قلت: فتحلُّ صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم(4)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة(5)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أعطوا الزّكاة من أرادها من بني هاشم، فإنّها تحلُّ لهم، و إنّما تحرم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الإمام الّذي من بعده، و الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين (6)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يزيد، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصِلَنَا فَلْيَصِلْ فُقَرَاءَ شِيعَتِنَا، وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزُورَ قُبُورَنَا، فَلْيَزُرْ قُبُورَ صُلَحَاءِ إِخْوَانِنَا (7)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن النّوقليِّ، عن عيسى بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ صَنَعَ إِلَی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی

ص: 59


1- التهذيب 4، 15- باب ما يحلّ لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ح 13. و يقصد بالصدقة الواجبة: زكاة المال و زكاة الفطرة. و لا بد من تقييده بما إذا كانت من غير هاشمي، كما تقدم.
2- الحديث صحيح.
3- في التهذيب: حمّاد بن عثمان.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 17 -باب لبني هاشم من الزكاة، ح 2.
5- هو سالم بن مكرم.
6- التهذيب4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح5 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، 5 -باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 40 و في ذيله: و على الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث مختلف فيه. هذا، و قد حمل الشيخ رحمه الله هذا الخبر في التهذيب على حال الضرورة و قال: و يكون وجه إختصاص الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالذكر في الخبر إن الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لا يضطروّن إلى أكل الزكوات و التقوّت بها.
7- التهذيب 4، 29 -باب من الزيادات في الزكاة، ح 58. و في ذيله: فليزر صلحاء إخواننا. الفقيه 2، 20 -باب ثواب صلة الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 بتفاوت و أخرجه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

یَداً کَافَیْتُهُ یَوْمَ اَلْقِیَامَةِ﴾(1)

9- و عنه، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنّی شافِعٌ یَومَ القِیامَةِ لِأرْبَعِة اَصْنافٍ وَ لَوْ جاؤُوا بِذُنُوبِ أَهْلِ الدُّنْیا: رَجُلٌ نَصَرَ ذُریَّتی، وَ رَجُلٌ بَذَلَ مالَهُ لِذُرّیَّتی عِنْدَ الضیْقِ، وَ رَجُلٌ اَحَبَّ ذُرّیَّتی باللِسّانِ و بالقَلْبِ، وَ رَجُلٌ یسَعی في حَوائِجِ ذُرّیَّتی اِذا طُردُوا أَوْ شُرِّدُوا (2)

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن ثعلبة بن ميمون قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأل شِهاباً (3) من زكاته لمواليه، و إنّما حرِّمت الزَّكاة عليهم دون مواليهم(4)

43- باب [ال]-نوادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾(5)؟ قال :يعني الزَّكاة المفروضة، قال: قلت: ﴿وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ﴾ (6)؟ قال: يعني النّافلة، إنّهم كانوا يستحبّون إظهار الفرائض و كتمان النّوافل.

2- عليُّ بن محمد، عمّن حدَّثه، عن معلّى بن عبيد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الزَّكاة، تجب عليَّ في موضع لا يمكنني أن أؤدّيها؟ قال: اِعْزِلْها، فإن اتّجرت بها فأنت ضامن لها، و لها الرِّبح، و إن تَوِيَت (7) في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة، فليس عليك، و إن لم تعزلها و اتّجرت بها في جملة مالك، فلها بقسطها

ص: 60


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 56. الفقيه 2، 18 -باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية، ح 1. واليد: -هنا- النعمة و الإحسان.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 57. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و فيهما: و شُرّدوا. و التشريد: الطرد و التفريق في الأقطار. و الحديث مرسل.
3- هو ابن عبد ربّه.
4- التهذيب 4، 15 -باب ما يحلّ لبني هاشم و ما يحرم من الزكاة، ح 10. الاستبصار 2، 17 -باب ما يحلّ لبني هاشم من الزكاة، ح 8.
5- و
6- البقرة/271. تُبدو: أي تُظهروا. و تتمة الآية: ... فهو خير لكم و يكفرّ عنكم من سيئاتكم و الله بما تعلمون خبير.
7- تَوى المال: هلك و تلف.

من الرِّبح، و لا و ضيعة عليها(1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن شعيب، عن الحسين بن الحسن، عن عاصم، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان يتصدّق بالسّكّر، فقيل له: أتتصدَّق بالسّكّر؟ فقال: نعم، إنّه ليس شيءٌ أحبَّ إليَّ منه، فأنا أُحِبُّ أن أتصدَّق بأحبَّ الأشياء إليَّ (2)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاذ بن كثير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: مُوَسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرّم على كلِّ ذي كنز كَنْزَه حتّى يأتيه به فيستعين به على عدوِّه، و هو قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حَصِنّوا أموالكم بالزَّكاة (4)

ص: 61


1- الحديث مرسل.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التوبة/ 34. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الفقيه 2 ، 1 -باب علّة وجوب الزكاة، ح 3. و فيه: محمد بن بكر، بدل: موسى بن بكر.

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

كتاب الصيام

44- باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم

1- عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز ، عن زرارة، أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصّلاة و الزّكاة و الحجِّ و الصّوم و الولاية، و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصّوم جُنَّةٌ من النّار﴾ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد،

عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال لأصحابه: ألا أُخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشّيطان منكم كما تَباعد المشرق عن المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصّوم يُسَوِّد وجهه، و الصّدقة تكسر ظهره، و الحُبُّ في الله و المؤازرة على العمل الصّالح يقطع دايِره، و الاستغفار يقطع و تينه، و لكلِّ شيء زكاة، و زكاة الأبدان الصّيام (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ثعلبة،

عن عليِّ بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ألا أُخبرك بأصل الإسلام و فرعه و ذروته و سنامه؟ قلت: بلى قال: أصله الصّلاة، و فرعه الزّكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أُخبرك بأبواب الخير؟ إِنَّ الصّوم جُنَّة(3)

ص: 62


1- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 1. الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 1. و روى صدر هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الإيمان و الكفر، باب دعائم الإسلام، ح 1 و3 و 5. و الولاية: تولّي علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أولاده (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بلا فصل و الاعتقاد بأنهم خلفاؤه حقاً و صدقاً. و الجُنَّة: الستر و الوقاية. و الحديث حسن.
2- التهذيب: 4، 46 -باب ثواب الصيام، ح 6. و فيه: و زكاة الأجسام ... ، بدل: و زكاة الأبدان. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و الوتين: عرِق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، -ذكره الجوهري- و المؤازرة: المساعدة و المعاونة. و قطع دابره: كناية عن إهلاكه. و دابر الإنسان: عرقوبه. والدابر التابع.
3- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ج 2، الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 5 و في الذيل منهما زيادة: من النار. و ذروة الشيء: أعلاه. و إنما جعل الجهاد ذروة الإسلام لأنه سبب لعزّه و منعته و علوّه و رفعته.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن موسى بن بكر

قال: لِکُلِّ شَیْءٍ زَکَاةٌ، وَ زَکَاةُ اَلْأَجْسَادِ اَلصَّوْمُ(1)

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عثمان، عن إسماعيل بن يسار، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال أبي: إنَّ الرَّجل ليصوم يوماً تطوُّعاً يريد ما عند الله عزَّ و جلَّ، فيُدخله الله به الجنّة (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السّابريِّ، عن أبي الصّباح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إنَّ اللَّهَ تبارَکَ و تعالی یقولُ: الصَّومُ لِی و أنا أجزِی علَیهِ(3)

7- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اسْتَعِینُواْ بِالصَّبْرِ﴾ (4)، قال: الصبر الصيام، و قال: إذا نزلت بالرجل النازلة و الشديدة فليَصُمْ، فإن الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ اسْتَعِینُواْ بِالصَّبْرِ﴾، يعني الصيّام(5)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من صام الله عزّ و جلَّ يوماً في شدَّة الحرِّ فأصابه ظَمأ، وكّل الله به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشّرونه ، حتّى إذا أفطر قال الله عزَّ و جلَّ له: ما أطيبَ ريحك و رَوْحَك، ملائكتي اشهدوا أنّي قد غفرت له (6)

9- أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسّان، عن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصّائِمُ

ص: 63


1- التهذيب 4، 46 -باب ثواب الصوم، ح 1، و فيه الأجسام، بدل: الأجساد.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ذيل ح 7 بتفاوت.
3- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 3 مرسلاً. و فيهما في الذيل: و أنا أجزي به، بدل: و أنا أجزي عليه. و الحديث مجهول.
4- البقرة/ 45.
5- الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 6 بتفاوت. و النازلة: المصيبة و الداهية وقيل: بأن الصوم إنما سنّي صبراً، لما فيه من حبس النفس عن مشتهياتها، و الصبر: هو الحبس. و الحديث مرسل.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و الروح: نسيم الروح، و المقصود به هنا: نَفَس الصائم. و الحديث ضعيف. و سوف يكرره الكليني رحمه الله برقم 17 من هذا الباب بزيادة بكر بن صالح في سنده سهل بن زياد و محمد بن سنان.

في عِبادَةٍ و إن کانَ عَلی فِراشِهِ ما لَم یَغْتَبْ مُسلِماً﴾(1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من كتم صومه، قال الله عزَّ و جلَّ لملائكته: عبدي استجار من عذابي فأجيروه، و وكّل الله تعالى ملائكته بالدعاء للصّائمين، و لم يأمرهم بالدُّعاء لأحد إلّا استجاب لهم فيه (2)

11- عليُّ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله، عن أبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ﴿إنَّ الله عزَّ و جلَّ و كلّ ملائكته بالدعاء للصّائمين، وَ قَالَ: أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ رَبِّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمَرْتُ مَلاَئِکَتِی بِالدُّعَاءِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی إِلاَّ اِسْتَجَبْتُ لَهُمْ فِیهِ﴾ (3)

12- و بهذا الإسناد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نَومُ الصّائِمِ عِبادَةٌ، و نَفَسُهُ تَسبیحٌ (4)

13- عليُّ، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا ربِّ أْجِلُّك عن المناجاة لِخُلُوف (5) فم الصائم، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: يا موسى لَخُلُوف فم الصائم أطيبُ عندي من ريح المسك (6)

14- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قيلوا (7) فإنَّ الله يطعم الصائم و يسقيه في منامه(8)

ص: 64


1- التهذيب 4، 46 -باب ثواب الصيام، ح 2. الفقية 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: و إن كان نائماً على فراشه ...
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، و فيه: من كثر صومه .. ، بدل: من كتم ... و تخصيص كتمان الصوم بالذكر المناسبته غالباً لخلوص النية عن أي قصد آخر سوى الاستجارة من عذاب الله بالصوم. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 12 و فيه: و صمته تسبيح. و الحديث ضعيف.
5- الخُلوف: رائحة الفم. و تكون عند الصائم غالباً كريهة.
6- الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 8. ﴿و قال بعض المحققين: لا يقال: استطابة الروائح من الصفات التي لا تليق بذاته تعالى، إذ هو منزّه عن أمثاله. لأنا نقول: المراد بالأطيب: الأَقْبَل، لأن الطيب مستلزم للقبول عادة، أي خلوفه أقبل عند الله من قبول ريح المسك عندهم. أو هذا الكلام جرى على سبيل الفرض، أي لو تصوّر الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب. وقيل: المراد من: (عند الله): عند ملائكة الله، على أنهم يتنفرون من الروائح الكريهة﴾ مرآة المجلسي 203/16.
7- أمر بالقيلولة، و هي النوم نصف النهار، و القائلة: نصف النهار.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و الحديث ضعيف.

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابريِّ، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: للصّائم فَرْحتان : فرحةٌ عند إفطاره، و فَرْحَةٌ عند لقاء ربّه(1)

16- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن السمّان الأرمني، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: إِذَا رَأَی اَلصَّائِمُ قَوْماً یَأْکُلُونَ أَوْ رَجُلاً یَأْکُلُ، سَجَّتْ کُلُّ شَعْرَهٍ مِنْهُ(2)

17- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مَن صامَ اللَّه يَوماً فِي شِدَّةِ اَلْحَرِّ، فَاصَابَهُ ظَمّاً، وَكَّلَ اَللَّهُ عزَّ و جلَّ بِهِ الفَ مَلَكٍ يَمْسَحُونَ وَجْهَهُ وَ يُبَشِّرُونَه، حَتَّى إذا أَفْطَرَ قالَ اللَّهُ عزَّ و جلَّ: مَا أَطْيَبَ ريحَكَ و رَوْحَكَ، ملائكَتي، اُشهَدُوا أنّي قَد غَفَرْتُ لَهُ (3)

45- باب فضل شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشّاميّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ [عدَّة] الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يومَ خلق السماوات و الأرض، فَغُرّة الشهور شهرُ الله عزَّ ذِكْرُه، و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أوَّل ليلة من شهر رمضان، فاستقبِلْ الشهرَ بالقرآن(4)

2- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن المسمعي أنّه سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوصي ولده إذا دخل شهر رمضان: فاجهدوا أنفسكم،

ص: 65


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و صدر ح 3 بتفاوت. ﴿لعل ضم الفرحتين مع أن بينهما بوناً بعيداً لئلّا يغفل العبد عن إدراك هذه اللذة القليلة عن تلك اللذة الجليلة فيدرك شيئا منها في الدنيا أيضا﴾ مرآة المجلسي 204/16 .
2- الحديث مجهول.
3- مر برقم 8 من هذا الباب بدون بكر بن صالح في السند.
4- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 13. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فغرّة الشهور ...؛ أي المنوّر من بينها، أو المقدّم عليها و أفضلها. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان؛ لا يتنافى مع ما دل على أن نزوله كان في ليلة القدر منه، لإمكان حمله على ابتداء نزوله في أول ليلة أو غيره من الوجوه. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): استقبل الشهر بالقرآن؛ أي بتلاوته سواء في أول ليلة منه أو قبلها بحيث يدخل الشهر و هو متشاغل بتلاوة القرآن. هذا، و الحديث مجهول.

فإنَّ فيه تُقسم الأرزاق، و تُكتب الآجال، و فيه يُكتب وفد الله الّذين يفدون إليه، و فيه ليلةٌ، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر(1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَنْ لَمْ یُغْفَرْ لَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ، لَمْ یُغْفَرْ لَهُ إِلَی قَابِلٍ، إِلاَّ أَنْ یَشْهَدَ عَرَفَةَ (2)

4- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خطب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) النّاس في آخر جمعة من شعبان، فحمد الله و أثنى عليه ثمَّ قال:

﴿أيّها النّاس، إنّه قد أظَلّكم (3) شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، و هو شهر رمضان، فرض الله صيامه، و جعل قيام ليلة فيه بتطوُّع صلاة كتطوُّع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، و جعل لمن تطوَّع فيه بخصلة من خصال الخير و البرِّ، كأجر من أدّى فريضة من فرائض الله عزَّ و جلَّ، و من أدَّى فيه فريضة من فرائض الله كان كمن أدَّى سبعين فريضة من فرائض الله فيما سواه من الشهور، و هو شهر الصبر، و إنَّ الصبر ثوابه الجنّة، و شهر المواساة، و هو شهر يزيد الله في رزق المؤمن فيه، و من فطّر فيه مؤمناً صائماً كان له بذلك عند الله عتق رقبة و مغفرة لذنوبه فيما مضى؛ قيل: يا رسول الله، ليس كلّنا يقدر على أن يفطّر صائماً، فقال: إنَّ الله كريم يعطي هذا الثواب لمن لم يقدر إلّا على مَذْقَةٍ من لبن (4) يفطّر بها صائماً، أو شربة من ماء عَذْب، أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك، و من خفّف فيه عن مملوكه خفّف الله عنه حسابه، و هو شهر أوَّله رحمة، و أوسطه مغفرة و آخره الإجابة و العتق من النّار، و لا غِنى بكم عن أربع خصال؛ خصلتين ترضون الله بهما، و خصلتين لا غِنى بكم عنهما، فأمّا اللّتان ترضون الله عزَّ و جلَّ بهما: فشهادة أن لا إله إلّا الله و أنَّ محمداً رسول الله، و أمّا اللّتان لا غِنى بكم عنهما: فتسألون الله فيه حوائجكم و الجنّةَ، و تسألون العافية، و تَعَوَّذُونَ به من النار﴾(5)

ص: 66


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. و المقصود بوفد الله؛ الحجيج إلى بيته الحرام يفدون لنيل رضوانه و طلب مغفرته، فهم ضيوف الرحمن، و هو سبحانه أعظم و أكرم من يكرم ضيفه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11.
3- قال الجزري: قد أظلّكم: ي أقبل عليكم و دنا منكم كأنه ألقى عليكم ظلّه.
4- المَذْقَة: الشربة من اللبن الممذوق.
5- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 6. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 1 بتفاوت يسير. كما روي جزء منه برقم 5 من الباب 53 من الجزء 4 من التهذيب. و برقم 5 من الباب 42 من الجزء الثاني من الفقيه أيضاً.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن سيف بن عَميرة، عن عبد الله بن عبد الله (1) عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّا حضر شهر رمضان، و ذلك في ثلاث بَقِينَ من شعبان، قال لبلال: ناد في النّاس، فجمع النّاس، ثمَّ صعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثمَّ قال: أيّها الناس، إنَّ هذا الشهر قد خصّكم الله به، و حضركم، و هو سيّد الشهور، ليلة فيه خير من ألف شهر، تُغلق فيه أبواب النّار، و تُفتح فيه أبواب الجنان ، فمن أدركه و لم يُغْفَرْ له فأبْعَدَهُ الله، و من أدرك والديه و لم يُغْفَرْ له فَأَبْعَدَهُ الله، و من ذُكرت عنده فلم يُصلِّ عليَّ فلم يغفر الله له فأَبْعَدَهُ الله(2)

6- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقبل بوجهه إلى الناس فيقول: يا معشرَ الناس، إذا طلع هلال شهر رمضان غُلّت مَرَدَةُ الشياطين، و فُتحت أبواب السماء، و أبوابُ الجِنان، و أبواب الرَّحمة، و غُلّقت أبواب النار، و استجيب الدُّعاء، و كان الله فيه عند كلِّ فطر عتقاءُ يعتقهم الله من النار، و ينادي مناد كلَّ ليلة: هل من سائل، هل من مستغفر، اللّهمَّ أعط كلَّ منفق خَلَفاً، و أَعط كلَّ ممسك تَلَفاً، حتّى إذا طلع هلال شوَّال نودي المؤمنون: أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة، ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أمَا و الّذي نفسي بيده، ما هی بجائزة الدَّنانير و لا الدَّراهم (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ الله عزَّ و جلَّ في كلِّ ليلة من شهر رمضان عتقاءَ و طلقاءَ من النار، إلّا من أفطر على مسكر، فإذا كان في آخر ليلة منه، أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه(4)

ص: 67


1- في التهذيب: عن عبد الله بن عبيد الله.
2- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 4. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ... ، ح 2 بتفاوت یسیر. و لعل الحديث دال على وجوب الصلاة عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كلما ذكر، لمكان التهديد. و قوله: فيه ليلة: يعني ليلة القدر، و قوله: فابْعَدَهُ الله: هذه الجملة إما إخبار عن أن من لم يغفر له في هذا الشهر فقد أبعده الله من ساحة رحمته، أو إنشاء، بمعنى الدعاء عليه ليبعده الله عن تلك الساحة.
3- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 5. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ... ذیل ح 2. و المرَدَة: جمع مارد و هو المتمرد عن الانقياد و المتجاوز لحدوده. و لا يخفى أن ما نطق به الحديث هو تقييد مردة الشياطين في شهر رمضان مع بقاء سائرهم على إطلاقه و إليهم يعزى ما يعتري الإنسان في شهر رمضان من هنات و معصية في هذا الشهر فلا تنافي. و قوله: خَلَفاً: أي عِوَضاً. و قوله: اغدوا: أي بكّروا.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8.

46- باب من فطّر صائماً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السابريّ، عن أبي الصّباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من فطر صائماً فله، مثل أَجْرِه(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: فِطْرُك أخاك الصائم أفضل من صيامك(2)

3- أحمد بن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن أسباط، عن سيّابة، عن ضريس، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كان اليوم الّذي يصوم فيه، أمر بشاة فتُذبح، و تُقَطع أعضاءً، و تُطبخ، فإذا كان عند المساء، أكبَّ على القدور حتّى يجد ريح المرق و هو صائمٌ، ثمَّ يقول: هاتوا القصاع، أغرفوا لآل فلان، و أغرفوا لآل فلان، ثمَّ يؤتى، بخبز و تمر فيكون ذلك عشاءه صلّى الله عليه و على آبائه(3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل سدير على أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شهر رمضان فقال: يا سدير، هل تدري أي اللّيالي هذه؟ فقال: نعم، فِداك أبي، هذه ليالي شهر رمضان، فما ذاك؟ فقال له: أتقدر على أن تعتق في كلِّ ليلة من هذه اللّيالي عشر رقبات من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير: بأبي أنت و أُمّي، لا يبلغ مالي ذاك، فما زال ينقص حتّى بلغ به رقبة واحدة، في كلِّ ذلك يقول: لا أقدر عليه، فقال له: فما تقدر أن تفطّر في كل ليلة رجلاً مسلماً؟ فقال له: بلى، و عشرة، فقال له أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فذاك الّذي أردت، يا سدير، إنَّ إفطارك أخاك المسلم ، بَعْدِلُ رقبة من ولد إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4)

47- باب في النهي عن قول رمضان، بلا شهر

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى الخثعمیِّ، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير

ص: 68


1- التهذيب 4، 53 -باب فضل التطوع بالخيرات، ح 1. الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 1.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
3- الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 4 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 4، 53 -باب فضل التطوع بالخيرات، ح 3. الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 2.

المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿لا تقولوا: رمضان (1)، و لكن قولوا: شهر رمضان، فإنّكم لا تدرون ما رمضان﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام ابن سالم، عن سعد (2)، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنّا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: لا تقولوا: هذا رمضان، و لا ذهب رمضان، و لا جاء رمضان، فإنَّ رمضان اسم من اسماء الله عزَّ و جلَّ، لا يجيىء و لا يذهب، و إنّما يجيىء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان، فإنَّ الشهر مضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله عزَّ ذكره، و هو الشهر الّذي أُنزل فيه القرآن، جعله مثلاً وعَيِداً(3)

48- باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أُهِلْ هلالُ شهر رمضان، استقبل القبلة و رفع يديه فقال: ﴿اللّهُمَّ اَهَلَّهُ عَلَیْنا بِالاَمْنِ وَ الاِیمانِ، و السَّلامَةِ وَ الاِسْلامِ، وَ الْعافِیَةِ الْمُجَلِّلَةِ (4)، وَ الرِّزْقِ الْواسِعِ، وَ دَفْعِ الاَسْقامِ، اَللّهُمَّ ارْزُقْنا صِیامَهُ وَ قِیامَهُ وَ تِلاوَةَ الْقُرْانِ فيهِ، اَللّهُمَّ سَلِّمْهُ لَنا (5)، وَ تَسَلَّمْهُ مِنّا (6)، وَ سَلِّمْنا فيهِ﴾(7)

ص: 69


1- ﴿لا تقولوا رمضان؛ لعله على الفضل و الأولوية، فإن الذي يقول: رمضان، ظاهراً أنه يريد الشهر إما بحذف المضاف، أو بأنه صار بكثرة الاستعمال اسماً للشهر و إن لم يكن في الأصل كذلك ...﴾ مرآة المجلسي 213/16.
2- الظاهر أنه ابن طريف (ظريف) الخفّاف
3- الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 11. قوله: جعله مثلاً وعيداً: الضمير في جعله يرجع إلى الشهر، و المَثَل: هو الحجة و البرهان، هذا أنسب بالقرآن لا بالشهر. و العيد؛ -كما يقول الفيروز آبادي-ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن و نحوه. و المقصود به هنا ما يشعر به المؤمنون في ذلك اليوم من الفرح و السرور بتوفيقهم لأداء حق شهر رمضان بقيام ليله و صيام نهاره. و هذا بالشهر أنسب. و جمع رمضان: رمضانات و رمضانون و أرمضة و أرمُض وأرمضاء و رماضين قيل: سمّي به لأنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة و هي لغة العرب البائدة سمّوها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق فائق و هو اسم هذا الشهر (عندهم) زمان الحر و الرَّمَض. أو من قولهم: رمِضَ الصائم أي اشتد حرُّ جَوْفه، أو لأنه يحرق الذنوب. و رمضان -على القول بأنه اسم من أسمائه سبحانه فهو غير مشتق، أو راجعٌ إلى معنى الغافر، أي يمحو الذنوب و يمحقها .
4- المجلّلة: بمعنى الشاملة العامة.
5- أي من اشتباه أمر الهلال علينا.
6- أي تقبّل منا صيامه و ما تعبّدنا لك فيه ليله و نهاره.
7- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 1. الفقيه 2 28 -باب فضل شهر رمضان و ...، صدر= ح 3 بتفاوت يسير. هذا، و قد دل الحديث على استحباب الدعاء عند رؤية الهلال، و هو المشهور بين الأصحاب، نعم ذهب ابن أبي عقيل إلى القول بوجوبه كما دل الحديث على استحباب استقبال القبلة أثناء الدعاء و عدم استقبال الهلال. كما دل على استحباب رفع اليدين أثناءه.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى الساباطي قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كان أوَّل ليلة من شهر رمضان فقل: اللّهمَّ ربَّ شهر رمضان، و منزلَ القرآن، هذا شهر رمضان الّذي أنزلت فيه القرآن، و أنزلت فيه آيات بيّنات من الهدى و الفرقان، اللّهمَّ ارزقنا صيامه، و أعنّا على قيامه، اللّهمَّ سلّمه لنا، و سلّمنا فيه، و تسلّمه منّا في يُسْر منك و معافاة، و اجعل فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم فيما يَفْرُقُ من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الّذي لا يُردّ و لا يُبدَّل أن تكتبني من حجّاج بيتك الحرام، المبرور حجّهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنبهم، المكفّر عنهم سيّئاتهم، و اجعل فيما تقضي و تقدِّر، أن تطيل لي في عمري، و توسّع عليَّ من الرِّزق الحلال.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن [ال]-عبد[ ال]-صالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ادع بهذا الدُّعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنّة(1)، و ذكر أنّه من دعا به محتسباً (2) مخلصاً لم تُصِبْه في تلك السنّة فتنة و لا آفة يضرُّ بها دينه و بدنه(3)، و وقاه الله عزَّ ذكره شرَّ ما يأتي به تلك السنة.

﴿اللّهمَّ إنّي أسألك باسمك الّذي دان له كلُّ شيء (4)، و برحمتك الّتي وسعت كلَّ شيء و بعزّتك الّتي قهرت بها كلَّ شيء و بعظمتك الّتي تواضع لها كلُّ شيء، و بقوَّتك الّتي خضع لها كلُّ شيء، و بجبروتك الّتي غَلَبَت كلَّ شيء، و بعلمك الّذي أحاط بكلِّ شيء، يا نور يا قُدُّوس (5)، يا أوَّل قبل كلِّ شيء، و يا باقي بعد كلِّ شيء، يا الله يا رحمن [یا الله]، صلِّ على محمد و آل محمد، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُغَيّر النعم، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُنْزل النِقَم (6)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تَقْطَعُ الرَّجاء (7)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تديل الأعداء(8)، و اغفر لي

ص: 70


1- يدل على أن أول السنة الشرعية هو شهر رمضان.
2- أي متقرباً طالباً للثواب.
3- هذا من اللف و النشر المرتب، أي فتنة في دينة و آفة في دنياه و بدنه.
4- دان، أي خضع و ذلّ.
5- قُدوّس: من أسماء الله الحسنى و معناه: الطاهر المنزّه عن العيوب و النقائص، و هو من أبنية المبالغة.
6- النقم: جمع النقمة، و هي المكافأة بالعقوبة، و قيل: بأن المسبب إليها الظلم.
7- أي توجب اليأس من رَوْح الله، أو تكون مظنة له.
8- أي تكون موجبة لغلبتهم على المؤمنين و قهرهم لهم.

الذُّنوب الّتي تردُّ الدُّعاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي يستحقّ بها نزول البلاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تحبس غيث السماء(1)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تكشف الغطاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُعَجِّل الفناء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تورث الندم، و اغفر لي الذّنوب الّتي تهتك العِصَم (2) و البسني درعك الحصينة الّتي لا تُرام (3)، و عافني من شرِّ ما أحاذر باللّيل و النهار في مستقبل سنتي هذه.

اللّهمَّ ربَّ السماوات السبع و الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهنَّ، و ربَّ العرش العظيم، و ربَّ السبع المثاني و القرآن العظيم، و ربَّ إسرافيل و ميكائيل و جبرئيل، و ربَّ محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أهل بيته سيّد المرسلين و خاتم النبيّين، أسألك بك و بما سمّيتُ يا عظيم أنت الّذي تمنُّ بالعظيم و تدفع كلَّ محذور، و تعطي كلَّ جزيل و تضاعف من الحسنات بالقليل و الكثير، و تفعل ما تشاء یا قدیر، یا الله یا رحمن یا رحيم، صلِّ على محمد و أهل بيته، و ألبسني في مستقبل هذه السنّة سترك و نضّر وجهي بنورك، و أحبّني بمحبّتك، و بلّغني رضوانك و شريف كرامتك و جزيل عطائك من خير ما عندك و من خير ما أنت معط أحداً من خلقك، و ألْبِسْني مع ذلك عافيتك، يا موضع كلِّ شكوى و يا شاهد كلِّ نجوى، و يا عالم كلِّ خفيّة و يا دافع [كلِّ] ما تشاء من بليّة، يا كريم العفو، يا حَسَنَ التجاوز، توفّني على ملّة إبراهيم و فطرته، و على دين محمد و سنّته، و على خير وفاة فتوفّنى موالياً لأوليائك معادياً لأعدائك.

اللّهمَّ و جنّبني في هذه السنة كلَّ عمل أو قول أو فعل يباعدني منك، و اجلبني إلى كلِّ عمل أو قول أو فعل يقرِّبني منك في هذه السنة يا أرحم الرّاحمين، و امنعني من كلِّ عمل أو فعل قول يكون منّي، أخاف ضرر عاقبته و أخاف مَقْتَكَ إيَّاي عليه، حذراً أن تصرف وجهك الكريم عنّي فأَسْتَوجِب به نقصاً من حظّ لي عندك يا رؤوف يا رحيم.

اللّهمَّ اجعلني في مستقبل هذه السنة في حفظك و جوارك و كَنَفِك(4)، و جلّلني ستر عافيتك، وهب لي كرامتك، عَزَّ جارك و جلَّ ثناء وجهك و لا إله غيرك.

اللّهمَّ اجعلني تابعاً لصالح من مضى من أوليائك، و ألْحِقْني بهم، و اجعلني مسلّماً لمن قال بالصّدق عليك منهم، و أعوذ بك [يا] إلهي أن تحيط به خطيئتي و ظلمي و إسرافي على

ص: 71


1- صرحت بعض الروايات بأنها جور الحكّام و حكمهم بغير ما أنزل الله تعالى.
2- ﴿تهتك العِصَم: المراد به: إما رفع حفظ الله و عصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذي ستره به عن الملائكة و الثقلين كما ورد في الأخبار الكثيرة﴾.مرآة المجلسي 221/16.
3- أي لا يقصد الأعادي لابسها بالسوء.
4- الكنف: الجانب و الصِّوْن و الحفظ.

نفسي، و اتّباعي لهواي، و اشتغالي بشهواتي، فيحول ذلك بيني و بين رحمتك و رضوانك، فأكون مَنْسِيّاً عندك، متعرّضاً لسخطك و نقمتك.

اللّهمَّ وفّقني لكلِّ عمل صالح ترضى به عنّي، و قرِّبني به إليك زُلْفى(1)

اللّهمَّ كما كفيتَ نبيّك محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هول عدوِّه، و فرّجت همّه، و كشفت غمّه، و صدَّقته وَعْدَك (2) و أنجزت له موعدك بعهدك، اللّهمَّ بذلك فاكفني هول هذه السّنة و آفاتها و أسقامها و فتنتها و شرورها و أحزانها و ضيقَ المعاش فيها، و بلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام [العافية و"] النّعمة عندي إلى منتهى أجَلي ، أسألك سؤال من أساء و ظلم و اعترف و أسألك أن تغفر لي ما مضى من الذُّنوب الّتي حَصَرَتْها حَفَظَتُك، و أحصتها كِرام ملائكتك عليَّ، و أن تعصمني إلهي من الذُّنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجَلي، يا الله يا رحمن، صلِّ على محمد و [على] أهل بيت محمد، و آتني كلَّ ما سألتك و رغبت إليك فيه، فإنّك أمرتني بالدّعاء و تكفّلت(3) [لي] بالإجابة﴾ (4)

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، قال حدَّثنا عمرو بن شمّر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) يقول: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أُهِلَّ هلالُ شهر رمضان، أقبل إلى القبلة ثمَّ قال: اللّهمَّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان، و السّلامة و الإسلام، و العافية المجلّلة، اللّهمَّ ارزقنا صيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه، اللّهمَّ سلّمه لنا، و تسلّمه منّا، و سلّمنا فيه(5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا أهلَّ هلال شهر رمضان قال: اللّهمَّ أدخله علينا بالسّلامة و الإسلام، و اليقين و الإيمان، و البرِّ و التّوفيق لما تحبُّ و ترضى.

6- يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ فَقُل: اللّهُمَّ قَد حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ و قَدِ افتَرَضتَ عَلَینا صِیامَهُ، و أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ

ص: 72


1- الزُلفى: القرب و المنزلة.
2- أي وفيت له بما وعدته به.
3- إشارة إلى قوله تعالى في الآية 60 من سورة غافر: ﴿وَ قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. أي اسألوني، و غيرها من الآيات.
4- التهذيب 3، 5 -باب الدعاء بين الركعات، (عنوان / دعاء أول يوم من شهر رمضان، ح 38 بتفاوت . الفقيه 2، 30 -باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان، ح 1 بتفاوت.
5- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 2.

هُدیً لِلنّاسِ و بَیِّناتٍ مِنَ الهُدی وَ الفُرقانِ. اللّهُمَّ أعِنّا عَلی صِیامِهِ، اللّهُمَّ تَقَبَّلهُ مِنّا، و سَلِّمنا فيهِ و تَسَلَّمهُ مِنّا في یُسرٍ مِنکَ و عافِیَةٍ، إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ، یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.

7- عليُّ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن إبراهيم، عن محمد بن مسلم؛ و الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال: كان أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يدعو بهذا الدُّعاء في شهر رمضان اللّهمَّ إنّي بك (1) [أتوسّل]، و منك أطلب حاجتي مَن طلب حاجة إلى الناس فإنّي لا أطلب حاجتي إلّا منك وحدك لا شريك لك ، و أسألك بفضلك و رضوانك (2)، أن تصلّي على محمد و [على] أهل بيته، و أن تجعل لي في عامي هذا إلى بيتك الحرام سبيلاً، حِجّة مبرورةً مُتَقَبّلة زاكية (3) خالصة لك، تقرُّ بها عيني، و ترفع بها درجتي، و ترزقني أن أغضَّ بصري، و أن أحفظ فَرْجي، و أن أكفَّ بها عن جمیع محارمك، حتّى لا يكون شيء أثرَ عندي من طاعتك و خشيتك و العمل بما أحببت و التّرك لما كرهت و نهيتَ عنه، و اجعل ذلك في يسر و يسار (4) و عافية [و أَوْزِعني (5) شكر ما أنعمت به عليَّ]، و أسألك أن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك (6) تحت راية نبيّك مع أوليائك، و أسألك أن تقتل بي أعدائك و أعداء رسولك، و أسألك، أن تكرمني بَهوان من شئت من خلقك، و لا تُهِنّي بكرامة أحد من أوليائك (7) اللّهمَّ اجعل لي مع الرّسول سبيلا، حسبي الله ما شاء الله (8)

8- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن جعفر بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن عبد الرَّحمن بن بشير، عن بعض رجاله، أن عليَّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يدعو بهذا الدُّعاء [في كل يوم من شهر رمضان]: اللّهمَّ إنَّ هذا شهر رمضان، و هذا شهر الصّيام، و هذا شهر الإنابة (9)، و هذا شهر التوبة (10)، و هذا شهر المغفرة و الرَّحمة، و هذا شهر العتق من النّار و الفوز

ص: 73


1- أي بعونك و توفيقك.
2- أي بسببهما، و يحتمل القَسَم.بهما.
3- زاكية: أي طاهرة من آفات الأعمال، أو نامية في درجات الكمال.
4- ضد الإعسار و الفقر، أو هو تأكيد لليسر.
5- أي الهمني و وفقني.
6- ﴿فإن قلت: مع علمه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعدم وقوع ذلك كيف يطلبه؟. قلتُ: لا ينافي العلم بالوقوع و اللاّوقوع الدعاء فإنها عبادة أُمروا بها، و لو كانوا مأمورين بالعمل بمقتضى هذا العلم لزم أن يسقط عنهم أكثر التكاليف الشرعية كالتقية و الاحتراس من الأعداء و غير ذلك، مع أنه على القول بالبداء كان ذلك محتملاً﴾ مرآة المجلسي 225/16.
7- الإكرام و الإهانة: ﴿إما في الدنيا، أو في الآخرة، أو الأعم منهما أظهر، أي تجعلني ضداً لأعدائك و تكرمني في الدنيا و الآخرة بإهانتهم، و لا تجعلني ضداً لأوليائك فتكون كرامتهم سبباً لإهانتي﴾ مرآة المجلسي 225/16.
8- و الحديث بسنديه مجهول.
9- الإنابة: العودة إلى الله.
10- إنما كان شهر رمضان شهر التوبة، لأنه شهر من المفروض في الإنسان أن يكون أقرب إلى الله و أكثر إخلاصاً و توجهاً و صفاءاً، أو إن أبواب السماء فيه مفتَّحة فيكون قبول التوبة فيه أسهل منه في غيره من الشهور.

بالجنّة، اللّهمَّ فسلّمه لي و تسلّمه منّي و أعِنِّي عليه بأفضل عَوْنك، و وفّقني فيه لطاعتك، و فرِّغني فيه لعبادتك و دعائك و تلاوة كتابك، و أَعْظِمْ لي فيه البَرَكة و أحسن لي فيه العاقبة، و أصحَّ لي فيه بدني، و أوسِعْ فيه رزقي و اكفني فيه ما أهمّني، و استجب لي فيه دعائي، و بلّغني فيه رجائي.

اللّهمَّ اذهب عنّي فيه النّعاس و الكسل و السّامة (1) و الفترة (2) و القسوة و الغفلة و الغرَّة (3)، اللّهمَّ جنّبني فيه العلل و الأسقام و الهموم و الأحزان، و الأعراض و الأمراض، و الخطايا و الذُّنوب، و اصرف عنّي فيه السّوء و الفحشاء، و الجهد(4) و البلاء، و التّعب و العناء، إنّك سميع

الدُّعاء.

اللّهمَّ أعذني فيه من الشّيطان الرّجيم، و هَمَّزه (5) و لَمّزِه (6) و نَفثه (7) و نَفْخه (8) و وسواسه و كيده و مكره و حِيَلَه و أمانيّه (9) و خدعه و غروره و فتنته و رَجِلِه (10) و شَركه و أعوانه و أتباعه و أخدانه (11) و أشياعه و أوليائه و شركائه و جميع كيدهم.

اللّهمَّ ارزقني فيه تمام صيامه، و بلوغ الأمل في قيامه، و استكمال ما يرضيك فيه صبراً و إيماناً و يقيناً و احتساباً، ثمَّ تقبّل ذلك منّا بالأضعاف الكثيرة و الأجر العظيم.

اللّهمَّ ارزقني فيه الجدَّ و الاجتهاد، و القوَّة و النّشاط و الإنابة و التّوبة و الرَّغبة و الرَّهبة و الجزع و الرِّقة، و صدق اللّسان، و الوجلَ منك و الرَّجاءَ لك و التوكّلَ عليك و الثقةَ بك و الورعَ عن محارمك، بصالح القول و مقبول السّعي و مرفوع العمل و مستجاب الدُّعاء، و لا تَحُل بيني و بين شيء من ذلك بعَرَض و لا مرض و لا هم [و لا غمّ] برحمتك يا أرحم الرَّاحمين(12)

ص: 74


1- السامّة: السامة و الملل و الضجر.
2- الفترة: الفتور و الضعف و الاستكانة.
3- الغرّة: الغفلة، أو الاغترار بالدنيا، أو العجب بالعمل.
4- الجهد: -بالضم -الطاقة، و بالفتح: المشقة.
5- الهمز النخس و الدفع.
6- اللمز: الغمز و العيب.
7- النفْث: قيل بأنه الشِعر.
8- النفخ: الكِبْر، لأن النفخ من شؤون المتعاظم المتكبر، حيث ديدنه أن يجمع نَفَسَه ثم ينفخه.
9- الأمانيّ: جمع أمنيّة، و هي الكذبة و اختلاق ما لا أساس له.
10- الرَّجِل الراجل، مقابل الفارس.
11- اخدان جمع خِذْن: و هو الصديق يكون معك ظاهراً أو باطناً في كل أمر.
12- الفقيه 2، 30 -باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان، ح 2 بتفاوت. التهذيب 3 ، 5 -باب الدعاء بين الركعات، من توابع الحديث رقم 38، و أدرجه من دون ذكر صاحبه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تحت عنوان: وادْعُ في كل يوم من شهر رمضان بهذا الدعاء، و فيه تفاوت.

9- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إبراهيم النّوفليِّ، عن الحسين بن المختار رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إذَا رَأيْتَ الهِلَالَ فَلَا تَبْرحْ و قِلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ خَيْر هَذَا الشَّهْرِ، و فَتْحَهُ، و نُورَهُ، و نَصْره و بَرَكَتَهُ، و طَهُورَهُ و رِزْقَهُ، و أسألُكَ خَيْر مَا فِيهِ و خَيْر مَا بَعْدَهُ و أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِ مَا فِيهِ و شَّر مَا بَعدَهُ، اللَّهمَّ أدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ و الإيمَان، و السَّلَامَةِ و الإسْلَامِ، و البَركَةِ و التَّوفِيقِ لِما تُحبُّ و تَرْضَی﴾ (1)

49- باب الأهِلّة و الشهادة عليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنِ اَلْأَهِلَّةِ؟ فَقَالَ: هِیَ أَهِلَّةُ اَلشُّهُورِ، فَإِذَا رَأَیْتَ اَلْهِلاَلِ فَصُمْ، وَ إِذَا رَأَیْتَهُ فَأَفْطِرْ.

2- حمّاد (2)، عن الحلبيّ (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا أُجيز في الهلال إلّا شهادة رَجُلَين عَدْلَيْن (4)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: لا تجوز شهادة النّساء في الهلال.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن ابی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿لا تجوز شهادة النّساء في الهلال، و لا تجوز إلّا

ص: 75


1- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 3. الفقيه 2، 29 -باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان، ح 1. و قوله: فلا تبرح: أي فلا تترك مكانك و لا تزايله، و قوله: إذا رأيت الهلال ... مطلق ينطبق على من رآه لأول مرة حتى و لو كان في الليلة الثانية و خاصة إن كثيراً من الناس قد لا يوفقون لرؤيته في الليلة الأولى، و عليه فيمكن القول بأن هذا الدعاء مسنون حتى لليلة الثانية أو بعدها ممن لم تَتَسَنَّ له رؤيته عند تولّده و طلوعه.
2- هو ابن عثمان.
3- هو عبيد الله بن علي الحلبيّ.
4- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 71. و لا ذكر فيه لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و ... ، ح 5. هذا، و قبول شهادة شاهدين عادلين برؤية الهلال هو القول الأظهر عند فقهائنا: قال المحقق في الشرائع 199/1-200 ﴿و من لم يره لا يجب عليه الصوم إلا أن يمضي من شعبان ثلاثون يوماً، أو يرى رؤية شائعة فإن لم يتفق ذلك و شهد شاهدان قيل: لا تقبل، وقيل: تقبل مع العلة وقيل تقبل مطلقاً و هو الأظهر سواء كانا من البلد أو خارجه﴾ و المراد بقوله مطلقاً، أي سواء كانت في السماء علة أم لا بأن كان الأفق صحواً و صافياً.

شهادة رجلين عدلين﴾(1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن الفضل بن عثمان (2) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لَیْسَ عَلَی أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ إِلاَّ اَلرُّؤْیَةُ، لَیْسَ عَلَی اَلْمُسْلِمِینَ إِلاَّ اَلرُّؤْیَةُ (3)

6- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا، و إذا رأيتموه فأفطروا، و ليس بالرَّأي و لا بالتظَنّي، و ليس الرُّؤية أن يقوم عشرة نفر فيقول واحد: هوذا، و ينظر تسعة فلا يرونه، لكن إذا رآه واحد رآه ألف(4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن عبد الله بن الحسين، عن الصّلت الخزّاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إِذَا غَابَ اَلْهِلاَلُ قَبْلَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ وَ إِذَا غَابَ بَعْدَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ(5)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حمزة أبي يَعلى (6)، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد، رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صحَّ هلال شهر رجب، فعُدّ تسعة و خمسين يوماً، و صُمْ يوم الستّين (7)

9- أحمد بن محمد، عن بكر؛ و محمد بن أبي صهبان، عن حفص، عن عمر [و] بن سالم؛ و محمد بن زياد بن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عدَّ شعبان تسعة و عشرين يوماً، فإن كانت مُتَغَيّمة فأَصْبحْ صائماً، فإن كانت صاحية و تبصّرتَهُ و لم تر

ص: 76


1- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 70 بتفاوت. الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و ...، ح 7 بتفاوت . و جاء في سند التهذيب زيادة عبيد الله بن علي الحلبي بعد حماد بن عثمان.
2- في سند التهذيب: عن الفضل بن عثمان.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14، الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 11. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. بزيادة في آخره. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بزيادة في آخره، الفقيه 2، نفس الباب، ح ا بتفاوت. و التظني: التعويل على الظن.
5- انظر رقم 12 من هذا الباب.
6- في التهذيب و غيره حمزة بن يعلى.
7- التهذيب 4، 42 -باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 1. الاستبصار 2، 36 -باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 3 . الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و قد حمل الشيخ في التهذيب قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صم يوم الستين، على أنه يصومه من شعبان احتياطاً.

شيئاً فأَصْبحْ مُفطراً (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِذَا رَأَوُا اَلْهِلاَلَ قَبْلَ اَلزَّوَالِ، فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ اَلْمَاضِیَةِ، وَ إِذَا رَأَوْهُ بَعْدَ اَلزَّوَالِ، فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ اَلْمُسْتَقْبَلَةِ.(2)

11- أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن مرازم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِذَا تَطَوَّقَ اَلْهِلاَلُ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ، وَ إِذَا رَأَیْتَ ظِلَّ رَأْسِکَ [فِیهِ] فَهُوَ لِثَلاَثِ لَیَالٍ. (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إسماعيل بن الحرِّ، عن أبي

ص: 77


1- التهذيب 4، 41 -باب علامة اول شهر رمضان و ... ، ح 19، و كرره برقم 2 من الباب 42 من نفس الجزء و في سنده في الموضعين، محمد بن بكر، بدل: بكر. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و في سنده: عن حفص بن عمر بن سالم، و كذا عن محمد بن بكر. هذا و يثبت هلال شهري رمضان و شوال عندنا بعدة أمور يرجع بعضها إلى العلم الذي هو حجة في نفسه و هي الرؤية، التواتر، الشياع المفيد للعلم، -و يثبت أيضاً بالبيئة الشرعية و هي شهادة رجلين عادلين برؤيته بشرط تطابق شهادتهما، و لا يثبت بشهادة النساء إجماعاً عندنا و لا بشهادة عدل واحد في المشهور، و إن ذهب سلّار إلى كفايته في الصوم دون الإفطار اعتماداً على رواية مطرّحة لمخالفتها الإجماع المذكور آنفاً. و هنالك قولِ لم يعرف قائله ذكره صاحب الشرائع و هو عدم قبول شهادة الشاهدين، و قول ذكره أيضاً و لم يعرف قائله و هو اشتراط قبول شهادتهما بوجود علة ثم قال: ﴿وقيل: تقبل مطلقاً و هو الأظهر، سواء كانا من البلد أو خارجه، و إذا رؤي في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد وجب الصوم على ساكنيهما أجمع دون المتباعدة كالعراق و خراسان بل يلزم حيث رؤي﴾ و معنى ذلك هو اشتراط وحدة الأفق بين القطرين ليحكم بوجوب الصوم و الإفطار إذا رؤي في قطر من الأقطار بالنسبة لأهل الأقطار الأخرى. و لا بأس بالتنبيه أخيراً أن صاحب الحدائق رحمه الله نسب إلى ظاهر الأصحاب ثبوت الهلال بحكم الحاكم أيضاً.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان و ... ، ح 60. الاستبصار 2، 34 -باب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال أو بعده، ح 5. و فيهما: فهو لليلة ... ، في الموضعين. هذا و المشهور عندنا شهرة عظيمة يمكن تحصيل الإجماع عليها كما يقول صاحب الجواهر، بل نسبه العلامة في التذكرة إلى علمائنا أجمع عدم العبرة برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال للحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر. و قد أعرض المشهور عن هذه النصوص المتضمنة لمثل ذلك، و لم يعمل بمضمونها -على ما حكي -إلا السيد المرتضى في شرح المسائل الناصرية من بين كتبه كلها، و كذلك بعض متأخري المتأخرين كالفيض الكاشني في الوافي و المفاتيح و غيره.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 67 بدون كلمة: ليال، في ذيله. الاستبصار 2، 35 -باب حكم الهلال إذا غاب قبل الشفق أو بعده، ح 2. الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية، ح 11. و المشهور عند أصحابنا عدم الاعتبار بذلك أبداً إلا ابن بابويه حيث ذهب إلى العمل به حيث في محكي المقنع: ﴿و اعلم أن الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة و إن غاب بعد الشفق فهو لليلتين و إن رئي فيه ظل الرأس فهو لثلاث ليال﴾ و لعله الرواية إسماعيل بن الحر التالية التي هجرها الأصحاب و كذلك لرواية ابن مرازم هذه عن أبيه.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إِذَا غَابَ اَلْهِلاَلُ قَبْلَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ، وَ إِذَا غَابَ بَعْدَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ (1)

50- باب نادر

1- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شهر رمضان ثلاثون يوماً لا ينقص أبداً (2)

و عنه عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة مثله.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله تبارك و تعالى خلق الدُّنيا في ستّة أيّام، ثمَّ اختزلها (3) عن أيّام السّنة، و السّنة ثلاث مائة و أربع و خمسون يوماً، شعبان لا يتمُّ أبداً و رمضان لا ينقص و الله أبداً، و لا تكون فريضة ناقصة، إن الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ لِتُکْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ (4)، و شوَّال تسعة و عشرون یوماً ، و ذو القعدة ثلاثون يوماً لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ وَاعَدْنَا مُوسَی ثَلاَثِینَ لَیْلَةً وَ أتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِیقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً﴾ (5)، و ذو الحجّة تسعة و عشرون يوماً، و المحرَّم ثلاثون يوماً، ثمَّ الشهور بعد ذلك شهرٌ تامٌ و شهرٌ ناقص (6)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شهر رمضان ثلاثون يوماً لا ينقص و اللهِ أبداً(7)

ص: 78


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1 و فيه: لليلة. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 15. الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 2. و الحديث بسنديه ضعيف. و مع ذلك، فقد صرح الشيخ الصدوق عليه الرحمة بلزوم العمل بهذه الأخبار و ما شابهها قائلاً: ومن خالف هذه الأخبار و ذهب إلى الأخبار الموافقة للعامة في ضدها اتُّقي كما يُتقى العامة، و لا يُكَلَّم إلا بالتقية كائناً من كان ... الخ؟!.
3- الاختزال: الاقتطاع.
4- البقرة/ 185.
5- الأعراف/ 142.
6- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 57. الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 20.
7- التهذيب 4. نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، نفس الباب، 15. الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 2. هذا، و كل أحاديث هذا الباب ضعيفة على المشهور فتأمل.

51- باب

1- عليُّ بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عيسى [بن عبيد]، عن إبراهيم بن محمد المدنيّ، عن عمران الزَّعفرانيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ السَّمَاءَ تُطْبِقُ عَلَيْنَا (1) بِالْعِرَاقِ [الْيَوْمَ] وَ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ، فَأَيَّ يَوْمٍ نَصُومُ؟ قَالَ: اُنْظُرِ الْيَوْمَ الَّذِي صُمْتَ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَ صُمْ يَوْمَ الْخَامِسِ.(2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن عثمان الخدريّ، عن بعض مشايخه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صُمْ فِی اَلْعَامِ اَلْمُسْتَقْبِلِ یَوْمَ اَلْخَامِسَ مِنْ یَوْمٍ صُمْتَ فِیهِ عَامَ أَوَّلَ (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن السيّاريِّ قال: كتب محمد بن الفرج إلى العسكريِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله عمّا روي من الحساب في الصوم عن آبائك في عدِّ خمسة أيّام بين أوَّل السنّة الماضية و السنّة الثانية الّتي تأتي؟ فكتب: صحيح، و لكن عُدَّ في كلِّ أربع سنين خمساً، و في السنة الخامسة ستّاً فيما بين الأولى و الحادث، و ما سوى ذلك فإنّما هو خمسة خمسة؛ قال السيّاريِّ: و هذه من جهة الكبيسة (4)، قال: و قد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً،

ص: 79


1- التطبيق- هنا-: تغطية السحاب للجو.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان و آخره و ...، ح 68 و في سنده: المزني، بدل: المدني. الاستبصار 2، 33 -باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 1 و ليس فيه كلمة: اليوم. و الحديث مرسل مجهول. هذا، و لا يخفى أن كل ما تقدم في هذا الموضوع من الروايات و ما سيأتي بَعْدُ يندرج تحت عنوان العدد الذي يتمسك به العَدَدِيّون في هذا المجال، فما هو العدد؟ العَدَد: فسّره الشهيد الأول في الدروس بعدّ شعبان ناقصاً دائماً و رمضان تاماً أبداً. و يطلق العدد علي عدّ خمسة من هلال الماضي و جعل الخامس أول الحاضر، و يطلق أيضاً على عدّ شهر تاماً و آخر ناقصاً مطلقاً ، و على عد تسعة و خمسين يوماً من هلال رجب، كما يطلق على عدّ كل شهر ثلاثين. قال الشهيد الثاني رحمه الله: ﴿و الكل لا عبرة به، نعم اعتبره بالمعنى الثاني جماعة منهم المصنف في الدروس مع غمّة الشهور كلها مقيّداً بعدّ ستّة في الكبيسة و هو موافق للعادة و به روايات و لا بأس به، أما لوغمّ شهر و شهران خاصة فعدّ هما ثلاثين أقوى، و فيما زاد نظر: من تعارض الأصل و الظاهر، (و هو النقصان)، و ظاهر الأصول ترجيح الأصل﴾ و الأصل هو عدم النقصان بلحاظ استصحاب الشهر، أو عدم ظهور الهلال، و استصحاب خفائه في آخر الشهر.
3- الحديث مرسل مجهول. و قد حمله الشيخ في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيّمة، و حينئذ يصوم الإنسان اليوم الخامس من صيام يوم السنة الماضية على أنه من شعبان إن لم يكن صح عنده نقصانه احتياطاً، فإن اتفق أنه يكون من شهر رمضان أجزأ عنه و إلا يكون تطوعاً، و يجري هذا مجرى صيام يوم الشك، إذ ليس في ظاهر الخبر أنه يصوم الخامس على أنه من شهر رمضان.
4- أي السنة الكبيسة، و هي التي تزيد يوماً، هو عبارة عن الآنات المجتمعة من الكسور قيل: بأنه هذا يكون أحد عشر يوماً في كل ثلاثين سنة.

قال: و كتب إليه محمد بن الفرج في سنة ثمان و ثلاثين و مائتين: هذا الحساب لا يتهيأ لكلِّ إنسان [أن] يعمل عليه، إنّما هذا لمن يعرف السنين، و من يعلم متى كانت السنة الكبيسة، ثمَّ يصحّ له هلال شهر رمضان أوَّل ليلة، فإذا صحَّ الهلال لليلته و عرف السنين صحَّ له ذلك إن شاء الله (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إبراهيم الاحول، عن عمران الزَّعفراني قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لا تُرى شمسٌ و لا نجمٌ، فأيٌ يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الّذي صمتَ من السنة الماضية و عدَّ خمسة أيّام، و صم اليوم الخامس(2)

52- باب اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان هو أوْ مِنْ شعبان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حمزة بن يعلى ، عن زكريّا بن آدم، عن الكاهليِّ (3) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليوم الّذي يشكُّ فيه من شعبان؟ قال: لأَنْ أصوم يوماً من شعبان، أحبُّ إليَّ من أن أفطر يوماً من شهر رمضان (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة قال: سألته عن اليوم الّذي يَشُكٌ فيه من شهر رمضان، لا يُدْرى أهو من شعبان أو من رمضان، فصامه فكان من شهر رمضان؟ قال: هو يومُ وفّق له و لا قضاء عليه(5)

ص: 80


1- الحديث ضعيف. و يقول الشهيد في الدروس: و لا عبرة بعدّ خمسة أيام من الماضية و ستة في الكبيسة، إلا أن يغمّ الشهور كلها.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ...، ح 69 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 36- باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 2 بتفاوت يسير. و روى بمعناه في الفقيه 2، 35- باب الصوم للرؤية و ...، ح 12 و رواه مرسلاً. هذا و الحديث ضعيف.
3- و اسمه عبد الله بن يحيى، و قد يقال لأخيه إسحاق أيضاً.
4- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 6. الاستبصار 2، 37- باب صيام يوم الشك، ح 4. الفقيه 2، 36- باب صوم يوم الشك، ح 1 و فيه: سئل أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أفطر يوماً من شهر رمضان: أي يوماً يكون في الواقع و نفس الأمر من شهر رمضان، و إن كان جهلنا به معذّراً لنا و لم يكن منجزاً في حقنا صومه.
5- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 4. الاستبصار 2، 37- باب يوم صيام الشك، ح 2. و فيهما: فصامه من شهر رمضان. هذا، و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم عدم جواز صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان، بل هو من المحظورات. يقول المحقق في الشرائع و هو بصدد بيان الصوم المحظور: ﴿و المحظورات تسعة: صوم العيدين، و أيام التشريق لمن كان بمنى على الأشهر، و صوم يوم الثلاثين من شعبان بنية الفرض ...﴾.

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يصوم اليوم الّذي يشكُّ فيه من شهر رمضان، فيكون كذلك؟ فقال: هو شيء وُفّق له (1)

4- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي الصهبان (2)، عن عليِّ بن الحسين بن رباط، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي صمت اليوم الّذي يُشكّ فيه، فكان من شهر رمضان أَفَأَقضيه؟ قال: لا، هو يوم وُفّقت له (3)

5- أحمد بن محمد، عن ابن أبي الصهبان، عن محمد بن بكر بن جناح، عن عليِّ بن شجرة، عن بشير النّبال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صوم يوم الشكّ؟ فقال: صُمْه، فإن يَكُ من شعبان كان تطوُّعاً، و إن يكُ من شهر رمضان، فيوم وُفّقت له(4)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ صام يوماً و لا يدري أمِنْ شهر رمضان هو أوْ مِن غيره، فجاء قوم فشهدوا أنّه كان من شهر رمضان، فقال بعض الناس عندنا: لا يعتدُّ به؟ فقال: بلى، فقلت: إنّهم قالوا صمتَ و أنت لا تدري أمِنْ شهر رمضان هذا أم من غيره؟ فقال: بلى، فاعتدَّ به، فإنّما هو شيء وفّقك الله له، إنّما يصام يوم الشكِّ من شعبان، و لا يصومه من شهر رمضان، لأنّه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصّيام (5) في يوم الشكِّ، و إنّما ينوي من اللّيلة أنّه يصوم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضّل الله تعالى، و بما قد وسّع على عباده، و لو لا ذلك لهلَكَ الناس (6)

7- سهل بن زياد (7) عن عليِّ بن الحكم، عن رفاعة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 81


1- هذا الخبر موافق لسابقه، و هو حسن.
2- أبو الصهبان؛ كنية عبد الجبّار.
3- الحديث صحيح. و ما تضمنه هذا الحديث كسوا بقه من أنه يوم وفّق لصيامه إذا بان أنه من شهر رمضان فهو مجزٍ بالإجماع إذا صامه لا بنية شهر رمضان بل بنية القضاء أو القربة المطلقة، و أنه لا قضاء عليه.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 36- باب صوم يوم الشك، ح 3.
5- معنى إنفراد الإنسان بصيام يوم الشك صيامه له بنية شهر رمضان من دون أن يثبت بطريق شرعي أنه منه و من الواضح أن الناس لا يصومون مثل هذا اليوم على أنه من شهر رمضان فإذا صامه كذلك يكون منفرداً بصيامه بهذه الصفة.
6- الاستبصار 2، نفس الباب، ح7. التهذيب 4، نفس الباب، ح 9.
7- رواية الكليني بقون العدة عن سهل بن زيد و غير معهود، و لعلها (أي عن عدة من أصحابنا) سقطت منب النساخ أو سهواً من قلمه الشريف.

قال: دخلت على أبي العبّاس (1)بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في الصيّام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الإمام، إن صمتَ صُمنا، و إن أفطرتَ أفطرنا، فقال: يا غلام، عليَّ بالمائدة، فأكلت معه و أنا أعلم و الله إنّه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوماً، و قضاؤه أيسر عليَّ من أن يُضْرَبَ عُنُقي و لا يُعبد الله (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبيس بن هشام، عن الخضر بن عبد الملك، عن محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليوم الّذي يُشَكُّ فيه، فإن الناس يزعمون أنَّ من صامه بمنزلة من أفطر يوماً في شهر رمضان؟ فقال: كَذَّبوا، إن كان من شهر رمضان فهو يوم وُفّق له، و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيّام(3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال- و هو بالحيرة في زمان أبي العباس-: إنّي دخلت عليه- و قد شكٍّ الناس في الصوم- و هو و الله من شهر رمضان، فسلّمت عليه، فقال: يا أبا عبد الله، أصمتَ اليوم؟ فقلت: لا، و المائدة بين يديه، قال: فادْنُ فكُلْ، قال: فدنوتُ فأكلت، قال: و قلت: الصومُ معك و الفطرُ معك، فقال الرجل لأبي عبد الله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تفطر يوماً من شهر رمضان؟ فقال: إي و الله إن أفطر يوماً من شهر رمضان أحبُّ إليَّ من أن يُضْرَبَ عُنُقي (4)

53- باب وجوه الصوم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهريّ، عن سليمان بن داوود، عن سفيان بن عُيَيْنة، عن الزهريِّ (5)، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي يوماً: يا

ص: 82


1- هو السفاح أول ملوك العباسيّين.
2- الحديث ضعيف. و إنما فعل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك تقية، لأنه كان سيقتله. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و لا يُعبد الله: ﴿أي يكون قتلي سبباً لأن يترك الناس عبادة الله، فإن العبادة إنما تكون بالإمام و ولايته و متابعته﴾ مرآة المجلسي 16 / 240.
3- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 3، الاستبصار 2، 37- باب صيام يوم الشك، ح 1. و في سنده: عيسى بن هشام، بدل: عبيس و الظاهر صحة ما في التهذيب و الفروع، لأن الوارد فيهما موافق لما في الوافي للفيض، حيث ورد فيه عن التهذيب و الاستبصار: عبيس بن هشام. لا عيسى.
4- الحديث مرسل. و الظاهر أن الحادثة هي نفسها التي مرت قبل قليل في الحديث رقم 7 من الباب.
5- الزُّهري: -كما في الكنى و الألقاب للقمي 301/2: هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب، الفقيه المدني التابعي المعروف، و قد ذكره علماء الجمهور و أثنوا عليه ثناءٌ بليغاً، قيل إنه قد حفظ علم الفقهاء السبعة و لقى عشرة من الصحابة ... الخ.

زهريّ، من أين جئتَ؟ فقلت: من المسجد، قال: فيم كنتم؟ قلت: تَذاكَرْنا أمر الصوم، فاجتمع رأيي و رأي أصحابي على أنّه ليس من الصوم شيء واجب إلّا صوم شهر رمضان، فقال: يا زُهريّ، ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجهاً، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، و عشرة أوجه منها صيامهنَّ حَرام، و أربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، و المرض.

قلت: جُعِلْتُ فِداك، فَسِّرهنَّ لي.

قال:

أمّا الواجبة: فصيام شهر رمضان، و صيام شهرين متتابعين في كفّارة الظهار، لقول الله تعالى: ﴿وَ اَلَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا﴾ -إلى قوله-: ﴿فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ﴾ (1)، وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق، واجب لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَ دِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ﴾ (2) -إلى قوله عزَّ و جلَّ-: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (3)، وصوم ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين واجب، قال الله عزُّ و جلَّ: ﴿فَصِیَامُ ثَلاثَةِ أیَّام ذَلِکَ کَفَّارَةُ أیْمَانِکُمْ إذَا حَلَفْتُمْ﴾ (4)، هذا لمن لا يجد الاطعام،كلُّ ذلك متتابع و ليس بمتفرق؛ وصيام أذى حلق الرَّأس

ص: 83


1- المجادلة/3 و 4. و الظّهار: قال الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة: ﴿و هو فعال، من الظهر، اختص به الاشتقاق لأنه محل الركوب في المركوب، و المراد به هنا تشبيه المكلف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً بنسب أو رضاع، قيل: أو مصاهرة، و هو محرم و إن ترتبت عليه الأحكام لقوله تعالى: و إنهم ليقولون منكراً من القول و زوراً، لكن قيل إنه لا عقاب عليه فيه لتعقبه بالعفو، و يضعّف ... الخ. و قال الشهيد الأول في اللمعة: و صيغته: هي عليَّ كظهر أمي أو أختي أو ابنتي و لو من الرضاع ... الخ.
2- النساء/92. و القتل على ثلاثة أقسام: عمد و يتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالباً. و هو قد يحصل بالمباشرة و قد يحصل بالتسبيب. و شبيه العمد: -كما في الشرائع- مثل أن يُضربَ للتأديب فيموت. و خطأ محض: مثل أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً. و ضابط العمد أن يكون عامداً في فعله و قصده. و شبيه العمد: أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده. و الخطأ المحض أن يكون مخطئاً فيهما. و دية العمد مائة بعير من مسانّ الإبل أو مائتا ،بقرة، أو مائتا حُلّة كل حلة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم و تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية ... و دية شبيه العمد: ثلاث و ثلاثون بنت لبون، و ثلاث و ثلاثون حقّة و أربعة و ثلاثون ثنية طروقة الفحل ... و يضمن هذه الدّية الجاني دون العاقلة. و قال المفيد (ره) تستأدى في سنتين ... و دية الخطأ المحض: عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون، و ثلاثون بنت لبون، و ثلاثون حقة ... و تستأدى في ثلاث سنين ... و هي على العاقلة، لا يضمن الجاني منها شيئاً ... الخ فراجع شرائع الإسلام للمحقق 245/4- 246، ط 1 مطبعة الآداب في النجف الأشرف 1389 ه.
3- النساء/92. و القتل على ثلاثة أقسام: عمد و يتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالباً. و هو قد يحصل بالمباشرة و قد يحصل بالتسبيب. و شبيه العمد: -كما في الشرائع- مثل أن يُضربَ للتأديب فيموت. و خطأ محض: مثل أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً. و ضابط العمد أن يكون عامداً في فعله و قصده. و شبيه العمد: أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده. و الخطأ المحض أن يكون مخطئاً فيهما. و دية العمد مائة بعير من مسانّ الإبل أو مائتا ،بقرة، أو مائتا حُلّة كل حلة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم و تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية ... و دية شبيه العمد: ثلاث و ثلاثون بنت لبون، و ثلاث و ثلاثون حقّة و أربعة و ثلاثون ثنية طروقة الفحل ... و يضمن هذه الدّية الجاني دون العاقلة. و قال المفيد (ره) تستأدى في سنتين ... و دية الخطأ المحض: عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون، و ثلاثون بنت لبون، و ثلاثون حقة ... و تستأدى في ثلاث سنين ... و هي على العاقلة، لا يضمن الجاني منها شيئاً ... الخ فراجع شرائع الإسلام للمحقق 245/4- 246، ط 1 مطبعة الآداب في النجف الأشرف 1389 ه.
4- المائدة/ 89.

واجب، قال الله عزّ وجلَّ: ﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فيدية مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ حَالَّةً أَوْ نُسُكٍ﴾ (1)، فصاحبها فيها بالخيار، فإن صام، صام ثلاثة أيّام؛ وصوم المتعة واجبٌ لمن لم، يجد الهَدْي، قال الله عزّ وجلَّ : ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ (2)، وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً﴾ (3) أو تَدْري كيف يكون عَدْلُ ذلك صياماً يا زُهْرِيّ؟ قال: قلت: لا أدري، قال: يُقَوَّمُ الصيدُ قيمةَ [قيمة عدل]، ثمَّ تفضّ تلك القيمة على البُرِّ، ثمَّ يُكال ذلك البُرَّ أصواعاً، فيصوم لكلّ نصف صاع يوماً؛ وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجبٌ.

و أمّا الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، و يوم الأضحى؛ و ثلاثة أيّام من أيّام التشريق (4)ل وصوم يوم الشكِّ، أُمرنا به و نهينا عنه، أُمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان، و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الّذي يشكُّ فيه الناس.

فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فإن لم يكن صام من شعبان شيئاً، كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنّه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه، و إن كان من شعبان لم يضرَّه، فقلت: و كيف يجزىء صوم تطوُّع عن فريضة؟ فقال: لو أنَّ رجلاً صام يوماً من شهر رمضان تطوُّعاً و هو لا يعلم أنّه من شهر رمضان، ثم علم [بعد] بذلك لأجزء عنه، لأنَّ الفرض إنما وقع علي اليوم بعَيْنه، وصوم الوصال (5) حرامٌ. وصوم الصمت (6) حرامٌ. وصوم نذر المعصية حرامٌ (7) وصوم الدَّهر حرام.

و أمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار: فصوم يوم الجمعة و الخميس، وصوم البِيْض (8)

ص: 84


1- البقرة/ 196. و النُسُك و المناسك من نسك الرجل ينسك نسكاً إذا ذبح نسكه، و هو -هنا -إهراق الدماء.
2- البقرة/ 196. و النُسُك و المناسك من نسك الرجل ينسك نسكاً إذا ذبح نسكه، و هو -هنا -إهراق الدماء.
3- المائدة/ 95.
4- أيام التشريق: هي الثلاثة بعد العيد، يحرم صومها لمن كان بمنى ناسكاً أو غير ناسك، أو ناسكاً فقط.
5- صوم الوصال: اختلف في المراد منه بين فقهائنا، فمنهم من ذهب إلى أنه عبارة عن نية صيام يوم و ليلة إلى السحر. و منهم من قال أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما.
6- هو أن ينوي الصوم ساكتاً.
7- نذر المعصية: هو أن ينذر الصوم عند فعله المحرم أو تركه الواجب شكراً على ذلكُ.
8- أي صوم أيام الليالي البِيض و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر من كل شهر سمّيت بذلك لبياض لياليها أجمع بضوء القمر، هذا بحسب اللغة- كما يقول الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة - قال: و روي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لما أُصابته الخطيئة اسودّ لونه، فالِهمَ صوم هذه الأيام فابيضّ بكل يوم ثلثه فسمّيت بِيضاً لذلك.

وصوم ستّة أيّام من شوَّال بعد شهر رمضان، وصوم يوم عرفة؟ وصوم يوم عاشوراء، فكِلُّ ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام و إن شاء أفطر.

و أمّا صوم الإذْن: فالمرأة لا تصوم تطوُّعاً إلّا بإذن زوجها، و العبد لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن مولاه، و الضيف لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن صاحبه، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من نزل على قوم فلا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذنهم﴾.

و أمّا صوم التأديب: فإن يؤخذ الصبيِّ إذا راهق (1) بالصوم تأديباً، و ليس بفَرْض، و كذلك المسافر إذا أكل من أوَّل النّهار ثمَّ قدم أهله، أُمِر بالإمساك بقيّة يومه، و ليس بفَرْض.

و أمّا صوم الإباحة: لمن أكل أو شرب ناسياً، أَوْ قاءَ من غير تعمّد، فقد أباح الله له ذلك، و أجزء عنه صومه.

و أمّا صوم السفر و المرض، فإنَّ العامّة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، و قال آخرون: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام و إن شاء أفطر، و أمّا نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعاً، فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه القضاء، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول:

﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (2)، فهذا تفسير الصيام (3)

54- باب أَدَبِ الصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا صُمْتَ فَلَيَصُمْ سَمْعُكَ و بَصَرُك و شَعْرُك و جِلْدُكَ، و عدَّد أشياء غير هذا، و قال: لا يكون يومُ صومك كيوم فِطْرِك (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزَّاز، عن عمرو بن شمّر، عن

ص: 85


1- أي قارب الاحتلام.
2- البقرة/ 184. فعِدّة من أيام أُخَر: أي يصوم عدد ما كان أفطر من شهر رمضان من أيام شهر آخر غير شهر رمضان.
3- روى هذا الحديث بطوله في التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح جميعها على البيان، ح 1. الفقيه 2، 23- باب وجوه الصوم، ح 1 بتفاوت في الجميع. و أشار إليه إشارة مع إيراد فقرة من صدره في الاستبصار 2، 74- باب تحريم صوم يوم العيدين ح 1.
4- التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 2 و فيه: ولا يكون ... الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض صومه، ما ... ، ح 3. و يشير هذا الحديث و أمثاله إلى أن الصوم ليس هو مجرد الكف عن المفطرات المعروفة، بل الكف عن كل ما حرّم الله سبحانه، بل الكف حتى عن المكروهات في الشريعة المقدسة.

جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لجابر بن عبد الله: يا جابر، هذا شهر رمضان، من صام نهاره و قام وِرْداً (1) من ليله، وعفَّ بطنه و فَرْجَه (2)، و كفَّ لسانه (3)، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: یا رسول الله ، ما أحسن هذا الحديث، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا جابر، و ما أشدَّ هذه الشروط (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، ثمَّ قال: قالت مريم: ﴿إنّي نذرت للرحمن صوماً﴾ (5) أي صوماً صمتاً، -و في نسخة أخرى: أي صمتاً- فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، و غضّوا أبصاركم، و لا تَنَازَعوا، و لا تَحَاسَدوا، قال: وسمع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) امرأة تسبُّ جارية لها و هي صائمة، فدعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بطعام، فقال لها: كلي، فقالت: إنّي صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة و قد سبّيْتِ جاريتَك، إنَّ الصوم ليس من الطعام و الشراب، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا صمتَ فليَصُمْ سَمْعُك و بَصَرُك من الحرام و القبيح، ودَعْ المِراء و أذى الخادم، و ليكن عليك وقار الصيام، و لا تجعل يومَ صومك كيوم فِطْرك(6)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الأيام من الشهر، فلا يُجَادِلُنَّ أحداً، و لا يجهلْ، و لا يسرع إلى الحلف و الأيْمان بالله، فإن جَهِلَ عليه أحد فليتحمّل (7)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ما من عبد صالح يُشْتَم فيقول: إنّي صائم، سلام

ص: 86


1- الوِرْد: ما يواظب عليه الإنسان من عبادة أو تلاوة أو غيرهما. جمعه: أوراد.
2- أي عمّا حرم الله عليه.
3- أي منعه و حبسه عن أذى الناس و غيبتهم و الوقوع في أعراضهم.
4- التهذيب 4، 49- باب سنن شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2، 28- باب فضل شهر رمضان و ... ، ح 6 بتفاوت.
5- مريم/ 26.
6- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 5 و روى صدر الحديث. و روى ذيله برقم 9 و 10 من نفس الباب بتفاوت يسير في الموضعين. و روى صدره بتفاوت يسير إلى قوله: إن الصوم ليس من الطعام و الشراب، في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 1. و روی ذیله برقم 3 من نفس الباب أيضاً. و المراء: الجدال بالباطل، أو مطلقاً. و الحديث مجهول.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 3 و في ذيله: فليحتمل. و تحمَّله أو احتماله. كناية عن سكوته و عدم جوابه على جهل الجاهل.

عليك، لا أشتمك كما شتمتني، إلّا قال الرَّبَّ تبارك و تعالى: استجار عبدي بالصوم من شرِّ عبدي، [ف] قد أَجَرْتُهُ من النّار﴾ (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان؛ و غيره، عن ابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يُنشَد الشِعْر بِلَيْل، و لا يُنشَدُ في شهر رمضان بِلَيْل، و لا نهار، فقال له إسماعيل: يا أبتاه، فإنّه فينا (2)؟ قال: و إن كان فينا (3)

7- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن عُبيد، عن عُبَيد بن هارون قال: حدِّثنا أبو يزيد، عن حصين، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار و الدُّعاء، فأمّا الدُّعاء فيدفع به عنكم البلاء، و أمّا الاستغفار فتمحی به ذنوبكم (4)

8- و بهذا الإسناد قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كان شهر رمضان، لم يتكلّم إلّا بالدُّعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال: اللّهمَّ إن شئت أن تَفْعَلَ فَعَلْتَ(5)

9- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الوشّاء، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، إنَّ مريم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالت: ﴿إنّي نذرت للرحمن صوماً﴾، أي صمتاً، فاحفظوا ألسنتكم، و غُضّوا أبصاركم، و لا تحاسَدوا و لا تَنَازَعوا فإنَّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب(6)

ص: 87


1- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ...، ح 8 و فيه: صائم، بدل: صالح. و المستجير بالصوم هو المشتوم من شر الشاتم له، و ذلك عندما لم يقابله بالمثل، و ما يترتب على ذلك من ضرر ديني و دنيوي.
2- أي في مدح أهل البيت و بيان فضائلهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. هذا، و إنشاد الشعر: قراءته بصوت، و قد دل الحديث على كراهة إنشاده بالليل سواء كان في شهر رمضان أو غيره مدحاً لهم و حقاً كان أو غيره. و الحديث حسن.
4- الفقيه 2، ناس الباب، ح 6. رواه مرسلاً. و الظاهر أن البلاء المدفوع إنما هو لتمام السنة، و يحتمل أنه للبلاء المقدّر في شهر رمضان، في حين أن المراد بالذنوب التي يكون الاستغفار سببا في محوها إنما هي تلك التي تكون قد تقدمت من العبد، فتكون ثابتة حتى يصدق المحو.
5- الحديث مجهول. وقوله: إن شئتَ أن تفعل فعلت: أي إن شئت أن تغفر ذنوبي، أو تتقبل عملي، أو تستجيب دعائي، أو الجميع، فَعَلْت بي جميع ذلك لأنه المناسب لسعة كرمك و رحمتك.
6- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 5. و رواه بسند آخر و بتفاوت في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، صدر ح 1. و قد مر.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الكِذَّبِةَ تَنقُضُ الوضوء و تُفَطْر الصائم، قال: قلتُ: هَلَكْنا، قال: ليس حيث تذهب، إنّما ذلك الكَذِب على الله عزَّ و جلَّ، و على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و على الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسي ، عن غياث (2) عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ الله كره لي ستَّ خصال، ثمَّ كرهتهنَّ للأوصياء من ولدي و أتباعهم من بعدي: الرِّفَثُ في الصوم(3)

55- باب صوم رسول الله صلى الله عليه و آله

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: صام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حتّى قيل: ما يفطر، ثمَّ أفطر حتّى قيل: ما يصوم، ثمَّ صام صوم داوود (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوماً و يوماً لا، ثمَّ قبض على صيام ثلاثة أيّام في الشهر، قال: إنّهنَّ يعدِلْنَ صوم الشّهر و يَذْهَبْنَ بوَحَر الصّدر و الوحر: الوسوسة- ، قال حمّاد: فقلت: و أيُّ الأيّام هي؟ قال: أوَّل خميس في الشَّهر، و أوَّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس

ص: 88


1- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ بشرائط فرضه و ...، ح 2 و فيه: و تفطر الصيام. الفقيه 2. نفس الباب، ح 2 بتفاوت. قال في الشرائع 189/1 و هو بصدد بيان ما يجب الإمساك عنه: و عن الكذب على الله و على رسوله و على الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هل يفسد الصوم بذلك؟ قيل: نعم، وقيل: لا، و هو الأشبه. انتهى. أقول: و كلام المحقق (رحمة الله علیه) هذا يشعر بأن مسألة وجوب الإمساك عن الكذب عليهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مسألة مفروغ عنها، و إن فيه جهتين للتحريم، فمن جهة هو محرم في حد ذاته، و حرمة أخرى تخصه من حيث الصوم من جهة أخرى، و قد ذكر الشيخ محمد حسن في جواهره 16/ 226 إن الأولى الحاق الزهراء (عَلَیْها السَّلاَمُ) و باقي الأنبياء و الأوصياء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لرجوع الكذب عليهم إلى الكذب على الله ....
2- هو ابن إبراهيم.
3- التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 7، الفقيه 2،نفس الباب، ح 4 و في ذيله: منها الرفث في الصوم و الرَّفَث: الجماع و الفحش من القول، و المراد به هنا الثاني. أقول: و قد روى الشيخ الصدوق رحمه الله في الحصال، باب الستة، ص 327، ح 19 هذا الحديث بتمامه و بنفس هذا السند، و ذكر الخصال و هي: ﴿العبث في الصلاة، و الرفث في الصوم، و المنّ بعد الصدقة، و إتيان المسجد جُنُباً، و التطلّع في الدور، و الضحك بين القبور﴾ و بالنظر لكون بعض هذه الخصال التي اشتمل عليها الحديث و منها الضحك بين القبور و غيرها مما ليس من المحرمات، فلا بد من حمل الكراهة هنا على الأعم من التحريم. هذا و كان المصنف قد أورد هذا الحديث برقم 1 من الباب 18 من هذا الجزء و ذكر فيه خصلة المنّ فقط باعتبار الباب.

فيه، فقلت: كيف صارت هذه الأيّام الّتي تُصام؟ فقال: إنَّ من قَبْلَنا من الأمم، كان إذا نزل على أحدهم العذاب، نزل في هذه الأيام. فصام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هذه الأيّام المخوفة(1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوَّل ما بعث يصوم حتّى يقال: ما يفطر، و يفطر حتّى يقال: ما يصوم، ثمَّ ترك ذلك، وصام يوماً و أفطر يوماً، و هو صوم داوود (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ ترك ذلك وصام الثلاثة الأيّام الغرّ (2)، ثمَّ ترك ذلك و فرّقها في كلِّ عشرة أيّام يوماً، خميسين بينهما أربعاء، فقُبض عليه و آله السلام و هو يعمل ذلك.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يصوم حتّى يقال: لا يفطر، ثمَّ صام يوماً و أفطر يوماً، ثمَّ صام الاثنين و الخميس، ثمَّ آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيّام في الشّهر: الخميس في أوَّل الشّهر، و أربعاء في وسط الشّهر، و خميس في آخر الشهر، و كان يقول: ذلك صوم الدَّهر، و قد كان أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ما من أحد أبغض إليَّ من رجل يقال له: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يفعل كذا و كذا، فيقول: لا يعذِّبني الله على أن أجتهد في الصّلاة، كأنّه يرى أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ترك شيئاً من الفضل عَجْزاً عنه (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنَّ نساء النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا كان عليهنَّ صيام، أخّرن ذلك إلى شعبان، كراهة أن يمنَعْنَ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حاجته، فإذا كان شعبان، صُمْنَ، و كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: شعبان شهري (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال:

ص: 89


1- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ما ...، ح 1 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 2 بتفاوت أيضاً. الاستبصار 2، 79- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، ح 1 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف على المشهور. الوَحَر: قيل معناه كما في المتن. وقيل: هو الحقد و الغيظ، وقيل: العداوة، وقيل: أشدّ الغضب. -قاله في النهاية 160/5.
2- الأيام الغُرْ: -كما في نهاية ابن الأثير- أي البيض الليالي بالقمر و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر.
3- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 1.
4- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 8. و كرره برقم 28 من الباب 72 من نفس الجزء بتفاوت يسير. الفقيه 2، 27- باب ثواب صوم شعبان، ح 6 بزيادة في صدره و تفاوت يسير. و لعله رحمه الله أورده مع حذف السند و لم يخرجه مخرج الحديث بل على أنه منه قدس الله ثراه.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل صام أحدٌ من آبائك شعبان؟ قال: خير آبائي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صَامَهُ(1)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل صام أحدٌ من آبائك شعبان قطّ ؟ قال: صامه خير آبائي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

فأمّا الّذي (3) جاء في صوم شعبان، أنّه سئل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنه، فقال: ما صامه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أحدٌ من آبائي. قال ذلك، لأنَّ قوماً قالوا: إنَّ صيامه فرضٌ مثل صيام شهر رمضان، و وجوبه مثل وجوب شهر رمضان، و إنَّ من أفطر يوماً منه فعليه من الكفّارة مثل ما على من أفطر يوماً من شهر رمضان. و إنّما قول العالم: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما صامه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أحد من آبائي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أي ما صاموه فرضاً واجباً، تكذيباً لقول من زعم (4) أنّه فرض، و إنّما كانوا يصومونه سُنّة، فيها فضل، و ليس على من لم يَصُمْه شيء.

7- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن أحمد بن صبيح، عن عنبسة العابد قال: قُبض النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على صوم شعبان، و رمضان، و ثلاثة أيّام في كلِّ شهر، أوَّل خميس و أوسط أربعاء(5)، و آخر خميس، و كان أبو جعفر و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصومان ذلك.

56- باب فضل صوم شعبان و صلته برمضان و صيام ثلاثة أيام في كل شهر

1- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السابريِّ، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سمعت عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: صوم شعبان و شهر رمضان متتابعين توبةٌ من الله، و الله (6)

ص: 90


1- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 6.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7.
3- هذا من كلام شيخنا الكليني طيّب الله ثراه.
4- من زعم ذلك هو أبو الخطّاب و أصحابه، كما أوضح ذلك الشيخ في التهذيب 4، في نهاية الباب 71 منه فراجع.
5- أي أول أربعاء من العشرة الثانية من الشهر.
6- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 1. الاستبصار 2، 80- باب صوم شعبان، ح ا بدون: و الله، في الذيل منهما الفقيه 2، 27- باب ثواب صوم شعبان، ح 3.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن عمر بن أبان، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: صوم شعبان و شهر رمضان متتابعين، توبة من الله.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن الصلت، عن زرعة بن محمد، [عن سماعة]، و عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یَصِلُ مَا بَیْنَ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ، وَ یَقُولُ: صَوْمُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَهٌ مِنَ اللَّهِ (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يَصُومُ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ، يَصِلُهُمَا وَ يَنْهَي النَّاسَ أَنْ يَصِلُوهُمَا، وَ كَانَ يَقُولُ: هُمَا شَهْرَا اللَّهِ، وَ هُمَا كَفَّارَةٌ لِمَا قَبْلَهُمَا وَ لِمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ.(2)

5- عليُّ بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الرَّجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟ فقال: هما الشهران اللّذان قال الله تبارك و تعالى: ﴿ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾ (3)، قلت: فلا يفصل بينهما؟ قال: إذا أفطر من اللّيل فهو فَصْلٌ، و إنّما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا وِصال في صيام، يعني: لا يصوم الرَّجل يومين متواليين من غير إفطار، و قد يستحبُّ للعبد أن لا يدَعَ السّحور (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سُئل عن الصّوم في الحَضَر؟ فقال: ثلاثة أيّام في كلِّ شهر: الخميس من جمعة (5)، و الأربعاء من جمعة، و الخميس من جمعة أخرى، و قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):

ص: 91


1- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 5 بتفاوت.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. بدون: من الذنوب، في ذيلهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و قال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ينهى الناس أن يصلوهما، هو على الإنكار و الحكاية لا على الإخبار كأنه يقول: كان يصِلهما و ينهى الناس أن يصْلوهما ممن شاء وصل و من شاء فصل. و قال صاحب الوافي: ﴿و الأَوْلى أن يجعل الوصل هنا بمعنى ترك الإفطار إلى السحر حتى يصير صوم وصال﴾.
3- النساء/92. و قد وردت الآية في سياق بيان كفّارة القتل الخطأ و أنها دية مسلّمة إلى أهل القتيل و تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين ... الآية.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
5- الجمعة: الأسبوع، من باب إطلاق الجزء و إرادة الكل.

صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيّام من كلِّ شهر، يَذْهَبْن ببلابل (1) الصّدور، و صيام ثلاثة أيّام من كلِّ شهر صيامُ الدَّهر، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (2): ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها﴾ (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصيّام في الشّهر، كيف هو؟ قال: ثلاثة في الشّهر، في كلِّ عشرة يوم، إِنَّ الله تبارك و تعالى يقول: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها﴾. [ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر](4)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عليّ، عن الحسين ابن مخارق أبي جنادة السّلوليِّ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من صام شعبان، كان له طُهْراً من كلّ زلّة، وَ وَصْمَةً و بادرةً، قال أبو حمزة: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما الوَصْمَة؟ قال: اليمين في المعصية، و النّذر في المعصية، قلت: فما البادرة؟ قال: اليمين عند الغضب ، و التوبة منها عند النّدم(5)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أفضل ما جَرَتْ به السُنَّة في التطوُّع من الصّوم؟ فقال: ثلاثة أيّام في كلِّ شهر: الخميس في أوَّل الشهر، و الأربعاء في وسط الشهر، و الخميس في آخر الشّهر، قال: قلت له: هذا جميع ما جَرَت به السُّنة في الصّوم؟ فقال: نعم (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز قال: قيل لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما جاء في الصوم في يوم الأربعاء؟ فقال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الله عزَّ و جلَّ خلق النّار يوم الأربعاء، فأوجب (7) صَوْمَه ليتعوَّذ به من النّار.

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن هشام بن سالم،

ص: 92


1- في القاموس : البليلة: شدة الهم، و الوساوس، كالبليال و البلابل.
2- الأنعام/ 160.
3- روى ذيله من قول أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 5 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ... ، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح4. بتفاوت يسير. الفقيه 2، 27- باب ثواب صيام شعبان، ح 1. و الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 12 بتفاوت.
7- أي أكدّ. و قد يطلق الوجوب على الاستحباب المؤكد.

عن الأحول (1)، عن ابن سنان(2)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء؟ فقال: أمّا الخميس، فيوم تُعرض فيه الأعمال (3)، و أمّا الأربعاء فيوم خُلقت فيه النّار، و أمّا الصوم فجُنَّة [من النّار] (4)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال : إنّما يُصام يوم الأربعاء، لأنّه لم تُعذَّب أُمّه فيما مضى إلّا في يوم الأربعاء وسط الشهر، فيُسْتَحَبُّ أن يُصام ذلك اليوم (5)

13- الحسين بن محمد، عن محمد بن عمران، عن زياد القنديِّ، عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كان في أوَّل الشهر خميسان، فصُمْ أوَّلهما فإنّه أفضل، و إذا كان في آخر الشهر خَمِيسان، فَصُمْ آخِرَهما فإنّه أفضل (6)

57- باب أنه يُسْتَحَبّ السّحور

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم، أو اجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحّر إن شاء، و أمّا في شهر رمضان، فإنّه أفضل أن يتسحّر، نُحِبُّ أن لا يُتْرَكَ في شهر رمضان (7)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم؟ فقال: أمّا في شهر رمضان، فإنَّ الفضل في السحور و لو بشربة من ماء، و أمّا في التطوُّع، فمن أحبَّ أن يتسحّر فليفعل، و من لم يفعل فلا بأس (8)

ص: 93


1- هو مؤمن الطاق، محمد بن النعمان.
2- هو عبد الله، كما صرح به في الفقيه.
3- أي على المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما وردت بذلك الأخبار.
4- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 6. بدون: من النار، في ذيله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و فيه: إلا يوم الأربعاء، بدون: في ...
6- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ما ... ، ح 4. الاستبصار 2، 79- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و المراد بأول الشهر الثلث الأول منه، و بآخره: الثلث الثالث و الأخير منه. و الحديث ضعيف على المشهور.
7- الفقيه 2، 43- باب ثواب السحور، ح 3 بتفاوت يسير جداً.
8- التهذيب 4، 51- باب فضل السحور و ما يستحب أن ... ، ح 1.الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 2. و بملاحظة باقي الروايات الواردة في هذا الباب، يبدو ان الظاهر استحباب السحور لمن أراد الصوم مطلقاً تطوعاً كان أو واجباً بقضاء أو نذر أو كفارة أو اعتكاف أو غيره و إن كان في شهر رمضان آكد، ربما لخصوصية في الشهر المبارك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ): السُّحور بركة، قال: و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لَا تَدَعُ أُمَّتِی السَّحُورَ وَ لَوْ عَلَی حَشَفَةٍ﴾ (1)

58- باب ما يقول الصائم إذا أفطر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيِّ، عن [أبي] جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان إذا أفطر قال: اللّهم لك صُمْنا، و على رزقك أفْطَرْنا فتقبّله منّا، ذهب الظمأ و ابتلّت العروق و بقي الأجر(2)

2- الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول في كلِّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار إلى آخره (3): ﴿الحمد الله الّذي أعاننا فصُمنا، و رَزَقَنا فأفطرنا، اللّهمَّ تقبّل منّا، و أعنّا عليه، و سلّمنا فيه و تسلّمه منّا في يُسْر منك و عافية، الحمد الله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان﴾ (4)

59- باب [صوم] الوِصال وصوم الدهر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مختار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): [ما] الوصال في الصّيام (5)؟ قال: فقال:

ص: 94


1- التهذيب 4، 5- باب فضل السحور و ما ... ، ح 4، الفقيه 2 ، 43- باب ثواب السحور، ح 1 و في ذيله: ... حَشَفة تمر. و الحَشَفَة: واحدة الحَشَف، و هو أردأ التمر، أو الضعيف لا نَوى له أو اليابس الفاسد، و في المثل: أَحَشَفاً و سوء كَيْل، يُضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين.
2- التهذيب 4، 52- باب القول و الدعاء عند الإفطار، ح 1. الفقيه 2، 31- باب القول عند الإفطار كل ليلة من ... ، ح 1. و الظاهر أن قول: ذهب الظمأ و... الخ، هو من تتمة الدعاء، و إن كان يحتمل أنه حكاية عن واقع الإنسان المؤمن بعد إفطاره.
3- أي إلى آخر شهر رمضان.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. قوله: قضى عنا ... : أي أقدرنا على صومه و أعاننا عليه.
5- لا أي ما حكم الوصال، لا حقيقته، لينطبق الجواب عليه، مع أنه يحتمل أن يكون (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أعرض عن الجواب تقيةً» مرآة المجلسي 261/16 . و الحديث مجهول.

إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: لا وصالَ في صيام، و لا صَمْتَ يوم إلى اللّيل، و لا عتق قبل مِلْك.

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الوصال في الصّيام أن يجعل عَشَاءَه سُحُورَه (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المواصل في الصّيام، يصوم يوماً و ليلة، و يفطر في السّحر.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أبان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم الدَّهر؟ فقال: لم نَزَلْ نَكْرَهُ (2)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن صوم الدَّهر؟ فكرهه، و قال لا بأس أن يصوم يوماً و يفطر يوماً.

60- باب من أكل أو شرب و هو شاك في الفجر أو بعد طلوعه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل تَسَحّر ثمَّ خرج من بيته ، و قد طلع الفجر، و تَبَيّن؟ قال: يتمُّ صومه ذلك، ثمَّ ليقضِه، فإن تسحّر في غير شهر رمضان بعد الفجر، أفطر، ثمَّ قال: إِنَّ أبي كان ليلة يصلّي و أنا آكل، فانصرف فقال: أمّا جعفر، فقد أكل و شرب بعد الفجر، فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان(3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل و شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان؟ فقال: إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل، ثمَّ عاد فرأى الفجر، فليتمَّ صومه و لا إعادة عليه، و إن كان قام فأكل

ص: 95


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 4. الفقيه 2، 58- باب النوادر ح 9 بتفاوت. أقول: و لابد من حمل الحديث على ما إذا لم يتناول المفطّر عند الغروب و أجّل تناول طعامه إلى وقت السحر معتقداً مشروعيته، و هذا حرام لأنه تشريع، و إلّا فلا حرمة.
2- ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لم نزل نكرهه إن كان المراد بالدهر ما يشمل الأيام المحرّمة فالكراهة بمعنى الحرمة، و إن كان بمعنى سائر الأيام فهي بمعناه كما هو المشهور بين الأصحاب﴾ مرآة المجلسي 262/16.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 5. الاستبصار 2، 62- باب من أكل أو شرب أو جامع قبل أن يرصد الفجر ثم ... ، ح 2.

و شرب، ثمَّ نظر إلى الفجر فرأى أنّه قد طلع الفجر، فليتمَّ صومه و يقضي يوماً آخر، لأنّه بدء بالأكل قبل النظر، فعليه الإعادة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا، فتقول: لم يطلع. فاكل، ثمَّ أنظره فأجده قد طلع حين نظرت؟ قال: تتمُّ يومك، ثمَّ تقضيه، أَمَا إنّك لو كنت أنت الّذي نظرت ما كان عليك قضاؤه (2)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل خرج في شهر رمضان و أصحابه يتسحّرون في بيت، فنظر إلى الفجر و ناداهم، فكفَّ بعضهم، و ظنَّ بعضهم أنّه يسخر، فأكل؟ فقال: يتمُّ صومه و يقضي(3)

5- صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يكون عليَّ اليومُ و اليومان من شهر رمضان فأتسحّر مصبحاً، أفطر ذلك اليوم و أقضي مكان ذلك اليوم يوماً آخر، أو أتمُّ على صوم ذلك اليوم و أقضي يوماً آخر؟ فقال: لا، بل تفطر ذلك اليوم، لأنّك أكلت مصبحاً، و تقضي يوماً آخر.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر و هو لا يعلم- في شهر رمضان-؟ قال: يصوم يومه ذلك، و يقضي يوماً آخر و إن كان قضاء.

ص: 96


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2 ، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم، ح 6. هذا، و قد ادعى السيد المرتضى في الانتصار، و الشيخ في الخلاف، و غير هما الإجماع على أن من فعل المفطّر قبل مراعاة الفجر، وجب عليه القضاء لو تبين طلوعه بعد ذلك، و ادعى في الجواهر عدم الخلاف في هذا الحكم بين أصحابنا رضوان الله عليهم، كما أجمعوا على عدم وجوب الكفارة عليه في هذه الصورة للأصل إذ إن عموم وجوبها مختص بحالة الإفطار العمدي و هذا خارج عنه
2- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 6. و فيه: و تقضيه، بدل: ثم تقضيه. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه ...، ح 8 بتفاوت. و قد دل الحديث على أنه لا ينفع إخبار المخبر بعدم الطلوع مع التقصير في المراعاة.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و في ذيله: يتم و يقضي. ﴿و يدلّ على وجوب القضاء على من ترك العمل لقول المخبر بطلوع الفجر فأفطر فيه لظنه كذبه كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب، لكن مورد الرواية إخبار الواحد، و من ثم استقرب العلّامة في المنتهى و الشهيدان وجوب القضاء و الكفارة لو كان المخبر عدلين للحكم بقولهما شرعاً، لكن المفروض في الرواية أن بعضهم ظن أنه يسخر، و مع هذا الظن لا يثبت الحكم عنده شرعاً و إن كانا عدلين﴾ مرآة المجلسي 264/16.

لرمضان في شوَّال، أو [في] غيره، فشرب بعد الفجر، فليفطر يومه ذلك و يقضي.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر، فقال أحدهما: هوذا، و قال الآخر: ما أرى شيئاً؟ قال: فليأكل الّذي لم يستبِنْ له الفجر، و قد حُرّم على الّذي زعم أنّه رأى الفجر، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (1): ﴿و كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ أَلابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (2)

61- باب الفجر ما هو و متى يحلّ و متى يحرم الأكل

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن العلاء بن رزين، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أذَّن ابن أُمِّ مكتوم لصلاة الغداة و مرَّ رجلٌ برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يتسحّر، فدعاه أن يأكل معه، فقال: يا رسول الله، قد أذَّن المؤذِّن للفجر، فقال: إنَّ هذا ابن أمِّ مكتوم و هو يؤذِّن بليل، فإذا أذَّن بلال فعند ذلك فأَمْسِك (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الفجر، هو الّذي إذا رأيتَه معترضاً كأنّه بياض سورى (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ فقال: بياض النهار من سواد اللّيل، قال: و كان بلال يؤذِّن للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ابن أُمِّ مكتوم -و كان أعمى- يؤذِّن بليل، و يؤذن بلال حين يطلع الفجر، فقال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إذا سمعتم صوت

ص: 97


1- البقرة/ 187.
2- الفقيه 2،نفس الباب، ح 5 بتفاوت. التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 35 و فيهما: لم يتبيّن له ... ، بدل: لم يَسْتَبِنْ. و الحديث موثق، و ما تضمنه من حكم مقطوع به عند أصحابن رضوان الله عليهم، و الآية بظاهرها منطبقة عليه.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و ما ذكره المجلسي رحمه الله من دلالة الحديث على جواز الأذان قبل طلوع الفجر، في غير محله، إذ لا دلالة في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يؤذن بليل على جواز ذلك، و إنما هو إخبار منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عن فعل ابن أم مكتوم في تلك الليلة بالخصوص، أو في كل ليلة، و عذره في ذلك أنه كان أعمى لا يستطيع أن يتبيز الفجر، أو أن مخبراً أخبره بطلوعه اشتباهاً فعوّل عليه. و على ما ذكرنا لا داعي لتأول الفيض رحمه الله في الوافي من أنه كان يؤذن للتهيئة لصلاة الفجر قبل وقتها. و يؤيد ما ذكرناه الرواية الثالثة من هذا الباب فانتظر.
4- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام الشهر و ... ، ح 4. و في ذيله: سوراء. و سورى أو سوراء؛ اسم موضع أو موضعين من أرض العراق أحدهما قرب بغداد، و يحتمل أن يكون أراد بنهر سورى إما دجلة أو الفرات.

بلال فدعوا الطعام و الشراب، فقد أصبحتم(1)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ الآية(2)؟ فقال: نزلت في خوَّات بن جُبَيْر الأنصاريِّ(3) و كان مع النبيِّ ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في الخندق و هو صائم، فأمسى و هو على تلك الحال، و كانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حَرُم عليه الطعام و الشراب، فجاء خوَّات إلى أهله حين أمسى فقال: هل عندكم طعام، فقالوا: لا، لا تنم حتّى نصلح لك طعاماً، فاتّكأ فنام، فقالوا له: قد فعلت، قال: نعم، فبات على تلك الحال فأصبح، ثمَّ غدا إلى الخندق، فجعل يُغْشى عليه، فمرَّ به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فلمّا رأى الّذي به أخبره كيف كان أمْرُهُ، فأنزل الله عزَّ و جلَّ فيه الآية(4) ﴿و كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ(5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: متى يحرم الطعام و الشراب علي الصائم، و تحلّ الصلاة: صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر و كان كالقبطيّة البيضاء، فَثَمَّ يحرم الطعام، و يحلُّ الصيام، و تحلُّ الصلاة؛ صلاة الفجر، قلت: فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ فقال: هيهات، أين تذهب؟ تلك صلاة الصبيان (6)

62- باب من ظن أنه ليل فأفطر قبل الليل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال:

ص: 98


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و ... ،ح 3 و روى صدر الحديث فقط. و الحديث صحيح.
2- البقرة/ 187.
3- قال الشيخ في رجاله عنه إنه بَدْريّ.
4- البقرة/ 187.
5- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 1. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و ...، ح 2 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت قليل. و القُبطية: مفرد القباطي، نسبة إلى القِبط من نصارى مصر، و هي صنف من ثياب رقيقة بيضاء.

سألته عن قوم صاموا شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فظنّوا أنّه ليل فأفطروا، ثمَّ إنّ السحاب انجلى، فإذا الشمس؟ فقال: على الّذي أفطر صيام ذلك اليوم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ (1)، فمن أكل قبل أن يدخل اللّيل فعليه قضاؤه، لأنّه أكل متعمّداً .

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد (2)، عن يونس، عن أبي بصير؛ و سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوم صاموا شهر رمضان، فغشیهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فرأوا أنّه اللّيل، فأفطر بعضهم، ثمَّ إِنَّ السحاب انجلي، فإذا الشمس؟ قال: على الّذي أفطر صيام ذلك اليوم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ فمن أكل قبل أن يدخل اللّيل فعليه قضاؤه لأنّه أكل متعمّداً (3)

63- باب وقت الإفطار

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى بن عُبيد، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصيام، أن يقوم بحذاء القبلة، و يتفقّد الحُمْرة الّتي ترتفع من المشرق، فإذا جازت قِمَة الرأس إلى ناحية المغرب، فقد وجب الإفطار، و سقط القُرص (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا

ص: 99


1- البقرة/ 187.
2- في التهذيب: عن محمد بن عيسى، عن عُبَيد ... و الظاهر أنه تصحيف.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 8. الاستبصار 2، 61- باب من أفطر قبل دخول الليل لعارض في ... ، ح 4. هذا، و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا في كفاية الظن بالغروب في جواز الإفطار لمن لا طريق له إلى العلم بحصوله. و لكن لو انكشف عدم الدخول بعد الإفطار فهل عليه القضاء؟ أكثر محققي أصحابنا رضوان الله عليهم و منهم الشيخ، و الصدوق على عدم الوجوب و ذلك للأصل و الأخبار المستفيضة. و المفيد و أبو الصلاح قالا بوجوب القضاء، و اختاره المحقق في المعتبر محتجين ببعض الأخبار و منها هذان الخبران في هذا الباب، و يظهر أنه مختار الكليني رحمه الله لأنه اقتصر على إيراد الأخبار الدالة عليه، و الله العالم.
4- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 5 . و قد تقدم منا في كتاب الصلاة تحقيق معنى الغروب عندنا فراجع.

غابت الحُمْرَة من هذا الجانب- يعني ناحية المشرق- فقد غابت الشمس في شرق الأرض و غربها (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الإفطار، قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم، فليفطر معهم، و إن كان غير ذلك، فليُصَلّ و ليفطر(2)

64- باب من أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل نسي فأكل و شرب ثمَّ ذكر؟ قال: لا يفطر، إنّما هو شيء رزقه الله عزَّ و جلَّ فليُتِمَّ صومه (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل صام في شهر رمضان فأكل و شرب ناسياً، قال: يتمُّ صومه و ليس عليه قضاؤه(4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل ينسى فبأكل في شهر رمضان؟ قال: يتمُّ صومه، فإنّما هو شيء أطعمه الله [إيَّاه] (5)

ص: 100


1- قوله: في شرق الأرض: أي غاب أثر الشمس من المشرق و لا بد من تقييد غرب الأرض بالبلاد القريبة من طرف الغرب و الحديث مجهول.
2- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 6. الفقيه 2، 38- باب الوقت الذي يحلّ فيه الإفطار و ...، ح 3.وفي ذيله: ثم ليفطر. و ما تضمنه الحديث هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على ... ، ح 11. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في .... ح 11. و ما تضمنه الحديث من الحكم بعدم فساد الصوم بذلك يشمل كل صوم واجب و مندوب في شهر رمضان أو غيره، و هو ما عليه إجماع الأصحاب.
4- روى مضمونه بتفاوت يسير و بسند مختلف عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 1.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3 و في ذيله: أطعمه الله عَزَّ وَ جَلَّ. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن المفطرات إنما يوجب تناولها فساد الصوم فيما لو وقع عمداً سواء كان عالماً أو جاهلا، و لو كان سهوا لم يفسد، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً، و كذا لو أكره على الإفطار أو وُجِرَ في حلقه. و لكن لا بد في الإكراه المعذّر أن يكون مما يرتفع معه الإختيار.

65- باب من أفطر متعمداً من غير عذر أو جامع متعمداً في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أفطر من شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر؟ قال: يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستّين مسكيناً، فإن لم يقدر تصدَّق بما يُطيق (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً؟ فقال: إنَّ رجلاً أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: هلكت يا رسول الله، فقال: مالَكَ؟ فقال: النارَ (2) يا رسول الله، قال : و مالَكَ؟ قال: وقعت على أهلي، قال: تصدّق و استغفر فقال الرجل: فوالّذي عظّم حقّك، ما تركت في البيت شيئاً لا قليلاً و لا كثيراً، قال: فدخل رجل من الناس بمِكْتَل من تمر فيه عشرون صاعاً، يكون عشرة أصوع بِصاعنا (3)، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): خذ هذا التمر فتصدّق به، فقال: يا رسول الله، على من أتصدَّق به وقد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليلٌ و لا كثيرٌ؟ قال: فخذه و أطْعِمْهُ عيالَك، و استغفر الله، قال: فلمّا خرجنا، قال أصحابنا: إنّه بدأ بالعتق، فقال: أعتق أو صُمْ أو تصدّق (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدَّق به على ستّين مسكيناً، قال: يتصدَّق بقدر ما يطيق (5)

ص: 101


1- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 1.الاستبصار 2، 50- باب كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2 ، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ...،ح 1. هذا، و يقول السيد المرتضى في الانتصار 69/1- 70: ﴿مسألة: و مما ظن انفراد الإمامية به القول بأن كفارة الإفطار في شهر رمضان على سبيل التعمد: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، و إنها على التخيير لا الترتيب، و قد روي عن مالك التخيير بين هذه الثلاث كما تقول الإمامية ...﴾
2- أي استحقُ النار.
3- يدل على أن الصالح في زمنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد تغير عما كان في عصره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 38- باب حكم الجماع، ح 2. و قد أورد الصدوق رحمه الله حديثاً يتضمن نفس الحادثة بسند آخر و ألفاظ مختلفة في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المكتل: زقبيل من الخوص يحمل فيه التمر و غيره يسع خمسة عشر صاعاً أو أكثر، جمع مكاتِل.
5- التهذيب 4،نفس الباب، ح 3 و في ذيله: يتصدق بما يطيق. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و كرر في التهذيب 8، برقم 21 من الباب 15 فراجع. كما كرره في الاستبصار 2، برقم 4 من الباب 50 فراح-

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن

عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَعْبَثُ بأهله في شهر رمضان حتّى يُمْني؟ قال: عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يُجامع (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجليِّ قال: سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام، قال: يُسأل: هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال: لا، فإنَّ على الإمام أن يقتله، و إن قال: نعم، فإنَّ على الإمام أن يُنْهِكَه ضرباً (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل وُجد في شهر رمضان و قد أفطر ثلاث مرَّات، و قد رُفع إلى الإمام ثلاث مرَّات؟ قال: يُقْتَل في الثالثة (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن سوقة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل بلاعب أهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان، فيسبقه الماء فيُنْزل؟ قال: عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع في شهر رمضان.

8- حمید بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال: سألته عن رجل أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً؟ قال: يتصدّق بعشرين صاعاً، و يقضي مكانه.

9- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد،

ص: 102


1- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ...، ح 4.الاستبصار2، 38- باب حكم الجماع، ح 4. هذا، و قد أجمع أصحابنا على أن إجناب النفس متعمداً سواء كان بالجماع و إن لم يُنْزِل و بالإنزال و إن لم يُدْخل موجب لفساد الصوم و يترتب عليه وجوب القضاء و الكفارة. هذا و لو جامع في دبر المرأة و لم ينزل فالمحكي عن الخلاف و المبسوط الإجماع على أنه مفسد للصوم و موجب للكفارة كذلك كما حكى صاحب الغنية الإجماع على حصول الجنابة بذلك. و كذلك لو أدخل في دبر الغلام و فرْج البهيمة بناء على أنهما يوجبان الغسل.
2- التهذيب 4، 56- باب حكم من أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً و ...، ح 1. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 7. قوله : ينهكه ضرباً: أي يبالغ في ضربه عقوبة له. هذا، و قال المحقق في الشرائع 194/1: ﴿من أفطر في شهر رمضان عالماً عامداً، عزّر مرة، فإن عاد كذلك عزّر ثانياً، فإن عاد قتِل﴾. و سوف يكرر الشيخ هذا الحديث برقم 19 من الباب 9 من الجزء 10 من التهذيب.
3- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 5 و في ذيله: فَلْيُقتل ... ، الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 و في ذيله فيقتل ... و روى قريباً منه و بسند آخر فِي التهذيب 10، نفس الباب، ح 18.

عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة، فقال: إن كان استكرهها فعليه كفّارتان، و إن كانت طاوعته فعليه كفّارة و عليها كفّارة، و إن كان أكرهها فعليه ضَرْبُ خمسين سوطاً: نصفَ الحدِّ، و إن كانت طاوعته ضُرب خمسة و عشرين سوطاً، و ضُربَتْ خمسة و عشرين سوطاً (1)

66- باب الصائم يُقَبِّل أو يُبَاشر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل يمسُّ من المرأة شيئاً، أيُفْسِدُ ذلك صومَه أو يَنقُضُه؟ فقال: إنَّ ذلك يكره للرَّجل الشابِّ مخافةَ أن يسبقه المنيُّ (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تَنْقُضُ القُبْلَةُ الصومَ(3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داوود بن النعمان، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الصائم يقبّل الجارية

ص: 103


1- التهذيب 4، 56- باب حكم من أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً و ما ... ، ح 2. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 6. و سوف يكرر الشيخ هذا الحديث برقم 5 من الباب 10 من الجزء 10 من التهذيب. كما أن الكليني سوف يكرره في الجزء الخامس من الفروع أيضاً. برقم 12 من الباب ما يجب فيه التعزير في جميع الحدود من كتاب الحدود. و قال الشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده هذا الخبر: ﴿لم أجد ذلك في شيء من الأصول و إنما تفرّد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم﴾. هذا و قال المحقق في الشرائع 1/ 194- 195: ﴿من وطأ زوجته في شهر رمضان و هما صائمان مُكرهاً لها كان عليه كفارتان و لا كفارة عليها، فإن طاوعته فسُد صومها و على كل واحد منهما كفارة عن نفسه و يُعزّر بخمسة و عشرين سوطاً، و كذا لو كان الإكراه لأجنبية، و قيل: لا يتحمل هنا، و لو الأشبه﴾. أقول: و لعل وجه الأشبهية فيما لو كان الإكراه لأجنبية فلا يتحمل كفارتين هو كون النص في الزوجة دونها و الله العالم.
2- المشهور عندنا كراهة اللمس و التقبيل للصائم مطلقاً، و إن خصه بعضهم بمن يتأتى فيه تحريك الشهوة كالشات أو الشبق مثلاً. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 12 و في سنده زيادة فضالة بعد ابن أبي عمير. الاستبصار 2، 39- باب حكم القبلة للصائم، ح 1 و في سنده: عن زرارة عن أبي بصير ... هذا، و قد أجمع أصحابنا على أن مباشرة النساء تقبيلاً و لمساً و ملاعبة لا توجب فساد الصوم و إن كانت مكروهة للصائم. و إن خصّه جماعة بمن تحرك المباشرة شهوته كما تقدم.

و المرأة؟ فقال: أمّا الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس، و أما الشابُّ الشَّبق فلا، لأنّه لا يؤمَن (1)، و القبلة إحدى الشهوتين، قلت: فما ترى في مثلي تكون له الجارية في لاعبها؟ فقال لي: إنّك لشبق يا أبا حازم، كيف طُعْمُك (2)؟ قلت: إن شبعتُ اضرَّني، و إن جعْتُ أضعفني، قال: كذلك أنا، فكيف أنت و النساء؟ قلت: و لا شيء، قال: و لكنّي يا أبا حازم، ما أشاء شيئاً أن يكون ذلك منّي إلّا فعلت.

67- باب فى مَنْ أَجْنَبَ بالليل في شهر رمضان و غيره فترك الغسل إلى أن يصبح أو احتلم بالليل أو النهار

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل احتلم أوَّل اللّيل، أو أصاب من أهله، ثمَّ نام متعمّداً في شهر رمضان حتّى أصبح، قال: يتمُّ صومه ذلك ثمَّ يقضيه إذا أفطر [من] من شهر رمضان، و يستغفر ربّه. (3)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن (4)العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يصيب الجارية في شهر رمضان، ثمَّ ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتمُّ صومه و يقضي ذلك اليوم، إلّا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يُسَخَّن أو يُسْتَقى، فطلع الفجر، فلا يقضي يومه (5)

ص: 104


1- أي من أن يُنزل.
2- الطعم الأكل، أو الشهوة إلى الطعام.
3- هذا وقد فصّل أصحابنا بين من أصبح جنباً عن عمد و من أجنب ليلاً و نام ناوياً الغسل فأصبح جنباً لأنه لم يستيقظ حيث أجمعوا في الأول على بطلان الصوم كما حكاه في الخلاف و السرائر و ظاهر التذكرة و المنتهى و الغنية و غيرها بل في محكي الانتصار للسيد المرتضى حكاية الإجماع المتكرر على ذلك. و حيث قيد الأصحاب الحكم بالإفطار بصورة العمد، كان ظاهرهم الحكم بعدم بطلان صوم غير العامد، بل ادعى في الخلاف الإجماع عليه و قال صاحب المدارك أن الحكم بعدم الإفطار فيمن لم يتعمد البقاء على الجنابة هو مذهب الأصحاب و قال: لا أعلم فيه مخالفاً.
4- نقل المجلسي عن كتاب المنتقى قوله: في الطريق نقصان لأن محمد بن الحسين إنما يروي عن العلاء بالواسطة، و هي تكون تارة صفوان بن يحيى، و أخرى علي بن الحكم فيتردد بين الصحتين. ثم قال رضوان الله عليه: و المراد بالصحتين: الصحيح عنده و الصحيح عند الجمهور، فإنه إن كانت الواسطة صفوان فالخبر من القسم الأول، و إن كانت علي بن الحكم فهو من القسم الثاني. 279/16.
5- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 20. الاستبصار 2، 43- باب حكم من أصبح جنباً في شهر رمضان، ح 7 بتفاوت فيهما.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يُجْنب ثمَّ ينام حتّى يصبح، أيصوم ذلك اليوم تطوُّعاً؟ فقال: أليس هو بالخيار (1) ما بينه و بين نصف النهار؟ قال: و سألته عن الرَّجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان، يتمُّ صومه كما هو؟ فقال: لا بأس (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن ابن سنان قال: كتب أبي إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و كان يقضي شهر رمضان- و قال: إنّي أصبحتُ بالغسل، و أصابتني جنابة فلم أغتسل حتّى طلع الفجر؟ فأجابه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تصُم هذا اليوم وصُم غداً (3)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليٍّ بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجنب باللّيل في شهر رمضان، فنسي أن يغتسل حتّى يمضي بذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة و الصوم (4)

68- باب كراهية الارتماس في الماء للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم يستنقع في الماء، و لا يرتمس رأسه (5)

ص: 105


1- يدل على أن تعمد النوم للجنب حتى يطلع الفجر لا ينافي صوم التطوع، و هو ما عليه بعض الأصحاب.
2- عليه إجماع أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- أخرجه بصيغة السؤال لا المكاتبة و بتفاوت في الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ...، ح 7. هذا و ظاهر ما عليه الأصحاب هو بطلان صوم قضاء شهر رمضان بالخصوص بالإصباح جنباً مستندين في ذلك إلى بعض النصوص، مضافاً إلى ما تقتضيه قاعدة اتحاد القضاء مع الأداء، و لكن صاحب المنتهى تردد في هذا الحكم، كما مال صاحب المعتبر إلى عدم بطلان الصوم بذلك، و قد عُلل هذا و ذاك باختصاص النصوص بشهر رمضان دون غيره من أنواع الصوم.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 11 بتفاوت، و روى بمعناه و يسند آخر برقم 119 من الباب 6 من الجزء الأول من التهذيب أيضاً. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 13 بتفاوت قليل. أقول: الظاهر أن وجوب قضاء الصلاة إجماعي بين فقهائنا، و أما قضاء الصوم فقد خالف فيه بعضهم و منهم ابن إدريس، و قال المحقق في الشرائع 204/1 ﴿الخامسة: إذا نسي غسل الجنابة و مرّ عليه أيام أو الشهر كله، قيل: يقضي الصلاة و الصوم، وقيل: يقضي الصلاة حسب، و هو الأشبه﴾ أي هو الأوفق بقواعد المذهب، و لعل وجه الأشبهية عدم اعتبار شرط الطهارة في الصوم في حال النسيان بعكس الصلاة.
5- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخل بشرائط ... ، ح 4. الاستبصار 2، 42- باب حكم الارتماس في الماء، ح 1، و في الذيل فيهما: و لا يرمس .. و الاستنقاع في الماء: الجلوس فيه بقصد التبرّد أو غيره مع بقاء رأسه خارجا. و هو عند أصحابنا مكروه للمرأة دون الرجل. هذا و المشهور شهرة عظيمة بين أصحابنا، بل ادعي الإجماع عليه أن الارتماس بتمام البدن في الماء أو رمس تمام الرأس فيه موجب لفساد الصوم، و إن نقل عن السيد المرتضى في أحد قولين و كذلك عن ابن إدريس في أحد قوليه أيضاً حمل النهي عن الارتماس بالماء للصائم على الكراهة. كما نقل عن محكي الدروس القول بالتوقف بالحكم بإفطار الصائم عند رمس رأسه في الماء. في حين نجد المحقق في الشرائع بعد أن جزم بحرمة رمس الصائم رأسه في الماء، اختار أن الأشبه عنده عدم فساد الصوم به.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس الصائم و لا المُحْرِمُ رأسَه في الماء (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم يستنقع في الماء، و يصبُّ على رأسه و يتبرَّد بالثوب، و ينضح بالمروحة، و ينضح البوريا تحته، و لا يغمس رأسه في الماء (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن الهيثم، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا تلزق ثوبك إلى جسدك و هو رطب و أنت صائم حتّى تعصره (3)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن السيّاري، عن محمد بن عليّ الهمدانيِّ، عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم يستنقع في الماء؟ قال: لا بأس، و لكن لا ينغمس فيه، و المرأة لا تستنقع في الماء، لأنّها تحمل الماء بفَرْجها (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن مثنّي الحنّاط؛ و الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم يرتمس في الماء؟ قال: لا، و لا المُحرم. قال: و سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ قال: لا (5)

ص: 106


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
3- النهي فيه محمول على الكراهة، و لم يذهب أحد من الأصحاب إلى التحريم، لأن الحديث ضعيف مع وجود المعارض له
4- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 27، الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 32 بتفاوت. هذا، و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد الحديث عن الأمور المكروهة للصائم: ﴿و جلوس المرأة و الخنثى في الماء، وقيل: يجب القضاء عليهما به و هو نادر، و الظاهر أن الخصيّ الممسوح كذلك المساواته لهما في قرب المنفذ إلى الجوف﴾.
5- الحديث ضعيف.

69- باب المَضْمَضَة و الاستنشاق للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتوضّأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال: إن كان و ضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء، و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي جميلة، عن زيدا (2)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتمضمض؟ قال: لا يبلع ريقه حتّى يَبْزُقَ ثلاثَ مرَّات(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتمضمض و يستنشق؟ قال: نعم، و لكن لا يُبالغ.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الرِّيان بن الصلت، عن يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء، و إن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء، و قد تمَّ،صومه، و إن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه، فعليه الإعادة، و الأفضل للصّائم أن لا يتمضمض (4)

70- باب الصائم يَتَقَيَّأُ أو يَذْرَعُهُ القيء أو يقلس (5)

1- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أبو علي الأشعريِّ، عن محمد بن

ص: 107


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 67. و في سنده: عن حماد . عن الحلبي عن ..
2- هو الشحّام.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 65 بتفاوت يسير. و ذكره برقم 35 من الباب 63 من التهذيب 4 أيضاً. الاستبصار 2، 48- باب حكم المضمضة و الاستنشاق ح 1. و حمله المشهور على الاستحباب و نص عليه الشهيد في الدروس ملحقاً به ذائق الطعام و شبهه. و قال المجلسي: و الأحوط عدم ترك العمل به. و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام ما يخلّ بشرائط ... ، ح 10 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث في الجميع موقوف على يونس. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم، بل نقل الإجماع على أنه لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء، لم يجب عليه القضاء بلا فرق بين صلاة الفريضة و النافلة بل لمطلق الطهارة و إن كانت لغاية غير الصلاة، كما ادعى الإجماع على الحكم المذكور في هذه الحالة أيضاً ابن إدريس في السرائر. و يحمل قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و الأفضل للصائم أن لا يتمضمض: على ما لو كانت المضمضة لغير الوضوء كالتَبرد أو التنظيف.
5- القَلَس: -كما في النهاية- ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه، و ليس بتيء، فإن عاد فهو القيء.

عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ، عن أبي الله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا تقيّأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم، و إن ذَرَعَه (1) من غير أن يتقيّاً، فليتمَّ صومه (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا تقياً الصائم فقد أفطر، و إن ذَرَعَهُ من غير أن يتقيّا فليتمَّ صومه (3)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الذي يَذْرَعُهُ القيء و هو صائم؟ قال: يتمُّ صومه و لا يقضي.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يخرج من جوفه القَلَس حتّى يبلغ الحلق، ثمَّ يرجع إلى جوفه (4)، و هو صائم؟ قال: ليس بشيء.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن القَلَس، يُفَطّر الصائم؟ قال: لا (5)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن القلس- و هي الجُشَأَة- يرتفع الطّعام من جوف الرَّجل من غير أن يكون تقيّاً، و هو قائمٌ في الصّلاة؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه، و لا يقطع صلاته، و لا يفطّر صيامه (6)

71- باب في الصائم يحتجم و يدخل الحمّام

1- عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن

ص: 108


1- ذرعه القيء: أي سبقه و غلبه.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 28.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 29.
4- أي يرجع بلا اختيار منه بل قهراً.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 33 و فيه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 14.
6- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ج 32. و الجُشَأَة: التَّجَشُو، هواء يخرج من المعدة عن طريق الفم بعد الشبع غالباً.

أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم أيحتجم؟ فقال: إنّي أتخوَّف عليه، أما يتخوَّف على نفسه؟ قلت: ماذا تتخوَّف عليه؟ قال: الغشيان، أو تثور به مِرَّة، قلت: أرأيتَ إن قوِي على ذلك و لم یخشَ شيئاً؟ قال: نعم، إن شاء (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحُجامة للصّائم؟ قال: نعم، إذا لم يَخَفْ ضَعْفاً (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يدخل الحمّام و هو صائم؟ فقال: لا بأس، ما لم يَخْشَ ضَعْفاً (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يدخل الحمّام و هو صائمٌ، قال: لا بأس (4)

72- باب في الصائم يسعّط و يصب في إذنه الدهن أو يحتقن

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم يشتكي أُذنه، يصبُّ فيها الدواء؟ قال: لا

باس به (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد قال: سألت أبا

ص: 109


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، 45- باب الحجامة للصائم، ح 5. الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ... ، ح 12 بتفاوت و المِرّة: تطلق على المادة الصفراء التي تكون في المرارة و هي العضو الملتصق بالكبد، و قد تطلق المِرّة على السوداء و هي عبارة عن نوع من الأخلاط مقرّه في الطحال، و هو من أخبث الأخلاط و أعصاها على العلاج. و من التعليل الوارد في هذه الرواية يظهر عموم الحكم للحجامة و غيرها. و قد أجمع أصحابنا على كراهة إخراج الدم المضعف للصائم و دخول الحمّام أيضاً إذا خشي منه الضعف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 17. الفقيه 2، نفس الباب، ح 21.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و في ذيله: ليس به بأس. و الحديث مطلق في نفي البأس عن دخول الحمام للصائم، و لا بد بملاحظة ساير الروايات من تقييده بما إذا لم يكن مضعفاً.
5- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 2 و 1.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم، يصبُّ في أُذنه الدُّهن؟ قال: لا بأس به(1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد أنّه سأله (2) عن الرَّجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان؟ فقال: الصّائم لا يجوز له أن يحتقن (3)

4 - أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن عليِّ بن رباط، عن ابن مسكان، عن ليث المراديّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصّائم يحتجم و يصبّ في أُذنه الدُّهن؟ قال: لا بأس، إلّا السَّعوط فإنّه يُكْره (4)

5- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء. و هما صائمان؟ قال: لا بأس (5)

6- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الحسين، عن أبيه قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في التَّلَطُّف يستدخله الإنسان و هو صائم؟ فكتب: لا بأس بالجامد (6)

ص: 110


1- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 2 و 1.
2- في بقية الكتب: عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
3- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ ... ، ح 6. الاستبصار 2، 41- باب حكم الاحتقان، ح : . الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 17. هذا، و لا بد من حمل الإحتقان هنا على ما لو كان بالمائع لأنه الظاهر منه عرفاً. هذا، و قد ذهب بعض أصحابنا إلى حمل النهي عن الإحتقان هنا على الحرمة التكليفية و ذلك على خلاف الظاهر من أمثاله و قد حكي مفطرية الإحتقان بالمائع- كما ذكر صاحب المختلف و اختاره- عن الشيخ في المبسوط، و عن القاضي، و الحلبي، كما حكي التحرير و الدروس و الإرشاد و غيرها، بل عن الناصريات: لم يختلف في أنها تفطر. و إن تردد بعضهم في مفسديتها للصوم كصاحب الشرائع رحمه الله بعد جزمه بحرمتها. و أما الاحتقان بالجامد فلا خلاف بين أصحابنا في جوازه و عدم مفطريته.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9. و قد نقل عن الصدوق رحمه الله في الفقيه أنه قال: لا يجوز للصائم أن يتسعّط. و المشهور عندنا كراهة ما لا يتعدى من السَّعوط إلى الحلق. و الشيخ المفيد صرح في المقنعة بأنه يفسد الصوم و تجب معه القضاء و الكفارة. و نقل ذلك ايضاً عن سلّار.
5- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 73.
6- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ ...، ح 7 و فيه: بالأشياف ، بعد قوله: التلطف. الاستبصار 2، 41- باب حكم الاحتقان، ح 2. و فى سندهما: عن أحمد بن محمد عن علي بن الحسن عن أبيه قال: كتبت ... و الطَفَ الرجل البعير: -كما في الصحاح- أدخل قضيب البعير في الحياء بعد أن لم يهتد البعير لموضع الضراب، و المقصود به هنا التحمل بإدخال شيء في دُبُره.

73- باب الكحل و الذرور للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان (1) الفرَّاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم، يكتحل؟ قال: لا بأس به، ليس بطعام و لا شراب (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سليمان الفرَّاء، عن غير واحد، عن ابي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريِّ، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عمّن يصيبه الرَّمَدُ في شهر رمضان، هل يذرُّ (3) عينه بالنّهار و هو صائم؟ قال: يذرّها إذا أفطر، و لا يذرُّها و هو صائم.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الكحل للصّائم؟ فقال: إذا كان كحلاً ليس فيه مسك، و ليس له طعم في الحلق، فلا بأس به (4)

74- باب السواك للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السّواك للصّائم؟ فقال: نعم، يَسْتَاك أيّ النّهار شاء.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 111


1- في التهذيبين: سليم ... ، بدل: سليمان.
2- التهذيب 4، 62- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 3. الاستبصار 2، 44- باب حكم الكحل للصائم، ح 1. أقول: و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا- كما في كتاب الجواهر- هو كراهة الإكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوه مما يصل طعمه أو رائحته الى الحلق، و كذلك ذرّ مثل الكحل في العين لأن مثل هذا الذرّ يدخل في عنوان الإكتحال. هذا و الحديث صحيح.
3- يذرّ عينه: أي يطرح فيها الذرور. و الحديث صحيح.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6، و في ذيلهما: فليس به بأس. و الحديث موثق.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم، يستاك بالماء؟ قال: لا بأس به؛ و قال: لا يستاك بسِواك رطب (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كره للصّائم أن يستاك بسواك رطب، و قال: لا يضرُّ أن يبلَّ سواكه بالماء، ثمَّ ینفضه حتّى لا يبقى فيه شيءٌ (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الصّائم ينزع ضرسه؟ قال: لا، و لا يُدْمي فاه و لا يستاك بعود رطب (3)

75- باب الطِّيب و الرَّيْحْان للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كره المسك أن يتطّيب به الصّائم (4)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد خالد، عن داود بن إسحاق الحذّاء، عن محمد بن الفيض قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) ينهى عن النرجس، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لم ذلك؟ فقال: لأنّه ريحان الأعاجم (5)

ص: 112


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 60.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 25. الاستبصار 2، 46- باب السواك للصائم بالرطب و اليابس، ح 4. هذا، و قد حمل أصحابنا النهي الوارد عن الاستياك بعود رطب للصائم على الكراهة.
3- الفقيه 2 ، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ..، ح 19 و فيه الى قوله : و لا يدمي فمه. يقول الشهيد في الدروس: و يكره نزع الضرس لمكان الدم، رواه عمّار.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 39. و ظاهر أكثر الأصحاب تخصيصهم الكراهة بشم الصائم للرياحين خصوصاً النرجس، و الحق العلامة في المنتهى بالنرجس المسك لشدة رائحته، و لهذه الرواية.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح42. الاستبصار 2، 47- باب شم الريحان للصائم، ح7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 26. و في سند الاستبصار: محمد بن العيص، بدل: محمد بن الفيض، و الظاهر -بقرينة رواية داوود بن إسحاق الحذّاء عنه في جميع الروايات- إن ما هنا و في التهذيب هو الصحيح. و أما الصدوق فقد أخرج الحديث عن محمد بن الفيض عن ابن رئاب، و قد علّق على ذلك الإمام الخوئي في معجم رجال الحديث 151/17 بقوله: ﴿و ما ذكره في الفقيه محرّف و لعل العبارة كانت هكذا: محمد بن الفيض التيمي من الرباب فصَّحِّفّ﴾.

و أخبرني (1)بعض أصحابنا أنَّ الأعاجم كانت تشمّه إذا صاموا وقالوا : إنّه يمسك الجوع .

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النّوفليّ، عن الحسن بن راشد قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صام تطّيب بالطيب، و يقول: الطيب تُحْفَةٌ الصائم (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصّائم يشمُّ الرَّيحان و الطيب؟ قال: لا بأس به (3)

و روي: أنّه لا يشمُّ الرَّيحان، لأنّه يكره له أن يتلذذ به.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحائض، تقضي الصّلاة؟ قال: لا، قلت: تقضي الصوم؟ قال: نعم، قلت: من أين جاء ذا؟ قال: إِنَّ أوَّل من قاس إبليس، قلت: و الصائم يستنقع في الماء؟ قال: نعم، قلت: فيبلُّ ثوباً على جسده؟ قال: لا، قلت: من أين جاء ذا؟ قال: من ذاك، قلت: الصّائم يشمُّ الرّيحان؟ قال: لا، لأنّه لذَّة و يكره له أن يتلذّذ (4)

76- باب مَضْغ العلك للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 113


1- الظاهر إن هذا من كلام الكليني رحمه الله.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 37. الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، 20. و قوله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ): تحفة الصائم: ﴿أي يستحب أن يؤتى به للصائم و يتحف به لأنه ينتفع به في حالة الصوم و لا ينتفع بغيره من المأكول و المشروب، أو أتحف الله الصائم به: أي أحلّ له التلذذ به في الصوم ..﴾ مرآة المجلسي 295/16. و قد دل الخبر بإطلاقه على استحباب التطيّب للصائم بجميع أنواع الطيب.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 38. الاستبصار 2، 47- باب شم الريحان للصائم، ح 1. و في ذيلهما: لا بأس، بدون: به.
4- التهذيب: 4، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6. بتفاوت يسير فيهما. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من ذلك، أي من القياس، و هو ليس من الشريعة في شيء إذ أول من قاس إبليس. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم- كما حكي عن جماعة منهم- على كراهية شم الرياحين للصائم و بخاصة النرجس للنهي عنه بالخصوص في بعض الروايات، و المراد بالرياحين- كما في المجمع- كل نبت طيب، و في القاموس إن النبت الطيب الريح هو أحد معاني الرياحين.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: الصّائم يمضغ العلك؟ قال: لا (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن

العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا محمد، إيّاك أن تمضغ علكاً، فإنّي مضغت اليوم عِلكاً و أنا صائم، فوجدت في نفسي منه شيئاً.

77- باب في الصائم يذوق القِدْرَ و يَزقّ الفرخ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن المرأة الصّائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه؟ فقال: لا بأس. قال: و سئل عن المرأة يكون لها الصبيُّ و هي صائمة، فتمضغ الخبز و تطعمه؟ فقال: لا بأس، و الطير إن كان لها (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن الحسين بن زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس للطبّاخ و الطبّاخة أن يذوق المرق و هو صائمٌ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقَة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ فاطمة صلّى الله عليها كانت تمضغ للحسن ثمَّ للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هي صائمة في شهر رمضان.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ) عن الصّائم يذوق الشيء و لا يبلعه؟ قال: لا (3)

ص: 114


1- الحديث حسن، و قد حمل النهي فيه على الكراهة كما اختاره الشيخ في المبسوط و ابن إدريس و جماعة، لصحيحة محمد بن مسلم التالية. و إن ذهب البعض الى القول بأن مضغ العلك إذا تغيّر الريق بطعمه فابتلعه الصائم موجب للإفطار، مستدلاً بهذا الخبر، و بأن وجود الطعم في الريق دليل على تحلل شيء من اجزاء العلك فيه لاستحالة انتقال الأعراض. و رُدّ بأنه قد يكون وجود الطعم في الريق للمجاورة لا لتحلل الأجزاء، فتأمل.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 10. الاستبصار 2، 49- باب ما يجوز للطباخ أن يذوق من الطعام، ح 3. هذا، و لم يقيد أصحابنا جواز مضغ الطعام للصبي، أو زَقّ الطائر بكون الولد للماضع، و كذا يكون الفرخ للزّاقّ. اللهم إلا ما صرّح به الشيخ في التهذيب من التقييد، مما لا دلالة في الأخبار عليه، بل هي مطلقة.
3- التهذيب 4، 72- من الزيادات، ح 11. الاستبصار 2، 49- باب ما يجوز للطباخ أن يذوق من الطعام، ح 4. و قد حمل الشيخ هذا الخبر على ما إذا لم يكن له حاجة إلى ذوق الطعام و هو مستغن عن ذلك. و بذلك جمع بينه و بين الأخبار المتقدمة المجوزة لذوق المرق أو مضغ الطعام للصبي و الطائر. و قد أشرنا إلى رأيه قبل قليل، و قلنا بأن لا دلالة في الأخبار المتقدمة على التقييد بل هي مطلقة، و يحمل النهي هنا على الكراهة.

78- باب في الصائم يزدرد نخامته وَ يَدْخُلُ حَلْقَهُ الذُّباب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يَزْدَرِدَ الصائم نُخَامَتَهُ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم؛ عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ عليّاً صلوات الله عليه سئل عن الذّباب يدخل حَلْقَ الصائم؟ قال: ليس عليه قضاء، لأنّه ليس بطعام (2)

79- باب في الرجل يمصّ الخاتم و الحصاة و النواة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في الرَّجل يعطش في شهر رمضان؟ قال: لا بأس بأن يمصَّ الخاتم (3)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن محسن بن احمد، عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الخاتم في فم الصائم ليس به بأس، فأمّا النواة فلا (4)

80- باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن

ص: 115


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63 و 62. و النخامة: أخلاط تصعد من الصدر أو تنزل من الرأس. و الإزدراد: الإبتلاع.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63 و 62. و النخامة: أخلاط تصعد من الصدر أو تنزل من الرأس. و الإزدراد: الإبتلاع.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 69.
4- روى الصدوق في الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 18 عن منصور بن حازم أنه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرجل يحمل النواة في فيه و هو صائم؟ قال: لا. قلت: فيجعل الخاتم؟ قال: نعم. و المقصود بالنواة، نواة التمر. و لعل النهي عن وضعها أو جعلها في فم الصائم للعلم بانفصال بعض أجزاء مما يكون عالقاً بها من التمر أو القطمير و حينئذ يحمل النهي على الحرمة كما عليه المشهور. و إلا فعلى الكراهة. و الحديث مجهول.

رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ (1)؟ قال: الشيخ الكبير، و الّذي يأخذه العطاش؛ و عن قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکِیناً﴾ (2)؟ قال: مِن مرض أو عُطاش (3)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عُتْبة الهاشميِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الشيخ الكبير، و العجوز الكبيرة الّتي تضعف عن الصوم في شهر رمضان؟ قال: تَصَدَّقُ في كلِّ يوم بمدّ حنطة (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان؟ قال: يتصدَّق كل يوم بما يجزىء من طعام مسكين (5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الشيخ الكبير، و الّذي به العُطاش، لا حرج عليهما أن يُفْطرا في شهر رمضان، و يتصدَّق كلُّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، و لا قضاء عليهما، فإنْ لم يقدرا فلا شيء عليهما (6)

ص: 116


1- البقرة/ 184.
2- المجادلة/ 4
3- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، 2. و روى ذيله في التهذيب 8، 15- باب الكفارات، ح 22.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 54- باب ما يجب على الشيخ الكبير و الذي به... ، ح 2. و في ذيلهما: بمد من حنطة. الفقيه 2، 41- باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو ... ، ح 5. و تخصيص المد بالحنطة في الرواية ليس إلا على وجه التمثيل، أو لبيان الأفضيلة.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و فيهما بسند آخر و تفاوت يسير.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح4. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. هذا، و قد حكى صاحب الجواهر أجماع أصحابنا على جواز إفطار الشيخ و الشيخة فيما إذا تعذّر عليهما الصوم، و كذا يجوز الإفطار لهما فيما لو كان الصوم حرجاً عليهما و مشقة، و لكن يجب عليهما- على المشهور شهرة عظيمة بين أصحابنا- التكفير عن كل يوم بمد من طعام. و حكي عن أبي الصلاح الاستحباب لا الوجوب. بينما أختار الشيخ المفيد و ابن إدريس و ابن زهرة و غيرهم عدم الوجوب في صورة التعذر، و بالوجوب في صورة المشقة. كما أن المشهور عندنا وجوب القضاء عليهما فيما لو تمكنا من ذلك، و اختار علي بن بابويه و غيره عدم وجوب القضاء. قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿الشيخان ذكراً و أنثى إذا عجزا عن الصوم اصلاً أو مع مشقة شديدة فَدَيا بمُدّ عن كل يوم و لا قضاء عليهما لتعذره و هذا مبني على الغالب من أن عجزهما عنه لا يرجى زواله لأنهما في نقصان و إلا فلو فرض قدرتهما على القضاء وجب، و هل يجب حينئذ الفدية معه؟ قطع به في الدروس و الأقوى أنهما إن عجزا عن الصوم أصلاً فلا فدية و لا قضاء، و إن اطاقاه بمشقة شديدة لا يتحمّل مثلها عادة فعليهما الفدية ثم إن قدرا على القضاء وجب. و الأجود حينئذ ما اختاره في الدروس من وجوبها معه لأنها وجبت بالإفطار أولاً بالنص الصحيح، و القضاء وجب بتجدد القدرة، و الأصل بقاء الفدية لإمكان الجمع ، و لجواز أن تكون عوضاً عن الإفطار لا بدلاً من القضاء﴾.

5- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزّ وجلَّ: ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾، قال: الّذين كانوا يطيقون الصّوم فأصابهم كبر أو عُطاش أو شبه ذلك، فعليهم لكلِّ يوم مدُّ.

6- أحمد بن إدريس، و غيره، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يصيبه العُطاش حتّى يَخاف على نفسه؟ قال: يشرب بقدر ما يمسك به رمقه، و لا يشرب حتّى یروی (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لنا فتيات و شبّاناً لا يقدرون على الصيام من شدَّة ما يصيبهم من العطش؟ قال : فليشربوا بقدر ما تُروى به نفوسهم و ما يحذرون (2)

81- باب الحامل و المرضع يَضْعُفَانِ عن الصوم

1- محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) يقول: الحامل المُقْرب، و المرضع القليلة اللّبن، لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان، لأنهما لا تُطيقان الصوم، و عليهما أن يتصدَّق كلُّ واحد منهما في كلِّ يوم يفطر فيه بمُدّ من طعام، و عليهما قضاء كلِّ يوم أفطرتا فيه تقضيانه بَعْدُ (3)

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

ص: 117


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 9. الفقيه 2، 41- باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو... ، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 10. و الظاهر أن هذا الحديث كسابقه، سيقا لبيان حكم من أصابه العطش إتفاقاً من غير أن يكون فيه داء العطاش، و لذا قيد إباحة الشرب له بما يرفع به خوف الهلاك عن نفسه، و مثل هذا يجب عليه القضاء، و ذو العطاش: هو من أصابه داء العطاش، و هو داء لا يروى صاحبه و لا يتمكن من ترك شرب الماء طول النهار و لا الليل.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت قليل. ﴿و ما اشتمل عليه (الحديث) مشهور بين الأصحاب، سواء خافتا على نفسيهما أو على ولدهما. وقيل: إذا خافتا على نفسيهما أفطرتا و قضيتا و لا كفارة، و قال الشهيد في الدروس: ظاهر علي بن بابويه وجوب الفدية و سقوط القضاء على الحامل يُخاف على ولدها، و رواية محمد بن مسلم بخلافه﴾. مرآة المجلسي 305/16.

82- باب حدّ المرض الذي يجوز للرجل أن يفطر فيه

1- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن الوليد بن صبيح قال: حُمِمْتُ بالمدينة يوماً في شهر رمضان، فبعث إليَّ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بقصعة فيها خلُّ وزيتٌ و قال: أفطِر، وصلِّ و أنت قاعد (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله؛ ما حدُّ المرض الّذي يفطر فيه صاحبه، و المرض الّذي يدع صاحبه الصلاة قائماً؟ قال: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ (2) و قال: ذاك إليه، هو أعلم بنفسه (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس (4)، عن سماعة قال: سألته ما حدُّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السفر، من کان مريضاً أو على سفر؟ قال: هو مؤتمن عليه، مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، و إن وجد قوَّة فليصمه، كان المرض ما كان (5)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم إذا خاف على عينيه من الرَّمد أفطر (6)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يجد في رأسه وجعاً من صداع شديد، هل يجوز له الإفطار؟ قال: إذا صدع صداعاً شديداً، و إذا حُمَّ حمّى شديدة، و إذا رمدت عيناه رَمَداً شديداً، فقد حلَّ له الإفطار (7)

ص: 118


1- الفقيه 2، 40- باب حد المرض الذي يفطر صاحبه، ح 2 بتفاوت يسير.
2- القيامة/14. و بصيرة: أي شاهد عليها بما عملت.
3- الاستبصار 2، 60- باب حد المرض الذي يبيح لصاحبه الإفطار،ح 1. التهذيب 4، 62- باب حد المرض الذي يجب فيه الإفطار، ح 1 و فيه: من قيام، بدل: قائماً. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بسند آخر و تفاوت. و كان الشيخ قد أورد هذا الحديث و إن بتفاوت يسير برقم 12 من الباب 14 من الجزء 3 من التهذيب. هذا، و ظاهر قوله تعالى: فمن كان منكم مريضاً ... ﴿وجوب الإفطار لكل مرض، و لكن خص بالإجماع و الأخبار بمن يخاف زيادة مرضه أو بطؤ برئه بسبب الصوم أو يشق عليه مشقة لا يتحمّل مثلها عادة أو يخاف حدوث مرض آخر، و المرجع في ذلك كله الى الظن ... ﴾مرآة المجلسي 306/16.
4- في التهذيبين: عن رجل، بدل: عن يونس.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث مضمر في الجميع.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و الرَّمَدُ: هيجان العين.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن أبي بكر الحضرميِّ قال: سأله أبي- يعني أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا أسمع-: ما حدُّ المرض الّذي يترك منه الصوم؟ قال: إذا لم يستطع أن يَتَسَحَّر (1)

7- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن عثمان، عن سليمان بن عمرو، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اشتكت أُمُّ سلمة رحمة الله عليها عينها في شهر رمضان، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن تفطر، و قال: عشاء اللّيل لعينك رَدِيّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن شعيب، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما حدُّ المريض إذا نقه (3) في الصيّام؟ قال: ذلك إليه، هو أعلم بنفسه، إذا قَوِيَ فَلْيَصُمْ.

83- باب من تَوَالى عليه رمضانان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز. محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتّى أدركه رمضان آخر؟ فقالا: إن كان برء ثمَّ توانى قبل أن يدركه رمضان الآخر، صام الّذي أدركه، و تصدَّق عن كلِّ يوم بمدّ من طعام على مسكين، و عليه قضاؤه، و إن كان لم يزل مريضاً حتّى أدركه رمضان آخر، صام الّذي أدركه، و تصدَّق عن الأوَّل لكلِّ يوم مدٍّا على مسكين، و ليس عليه قضاؤه (4)

ص: 119


1- الفقيه 2، 40- باب حد المرض الذي يفطر صاحبه، ح 3 و فيه: بكر بن محمد الأزدي، و هذا غير من هو موجود هنا، لأن أبا بكر الحضرمي هو عبد الله بن محمد. في حين أن من يروي عنه الصدوق هو بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي، أبو محمد، ذكره النجاشي، و كلاهما روى عنهما سيف بن عميرة و كلاهما، رويا عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و رواه في التهذيب 3، 14- باب صلاة الغريق و ...، ح 14 و في سنده بكار، و هو عينه بكر بن أبي بكر هنا. و كرره برقم 77 من الباب 72 من الجزء الرابع من التهذيب و في سنده: عن أبي بكر. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا لم يستطع ان يتسحّر: كناية عن بلوغ المرض منه حداً لا يمكنه تناول طعامه معه و لا يستطيع أن يصوم بلا سحور.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و الحديث ضعيف.
3- نَقَهَ من مرضه- كما يقول الفيروز آبادي-: صح و فيه، ضعف أو أفاق.
4- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ... ، ح 17 و في ذيله: قضاء، بدل: قضاؤه. الاستبصار 2، 58- باب من أفطر شهر رمضان فلم يقضه حتى...، ح 1. قال المحقق في الشرائع 203/1: ﴿من فاته شهر رمضان أو بعضه لمرض، فإن مات في مرضه لم يُقضَ عنه: وجوباً، و يستحب، و إن استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط عنه قضاؤه على الأظهر، و كفّر عن كل يوم من السلف بمدّ من الطعام، و إن برىء بينهما و آخره عازماً على القضاء، قضاه و لا كفارة، و إن تركه تهاوناً قضاه وكفّر عن كل يوم من السالف بمدّ من الطعام﴾. هذا و سقوط القضاء عمّن استمر به المرض إلى رمضان التالي هوا المشهور عند أصحابنا. و لكن ذهب ابن بابويه، و الشيخ في الخلاف، و ابن إدريس في السرائر و غيرهم وجوب القضاء في هذه الحالة دون الكفارة، كما ذهب ابن الجنيد- فيما حكي عنه- إلى وجوب القضاء و الكفارة معا، و القولان كما ترى.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يمرض فيدركه شهرا رمضان، و يخرج عنه و هو مريض، و لا يصحُّ حتّى يدركه شهر رمضان آخر؟ قال: يتصدَّق عن الأوَّل، و يصوم الثاني، فإن كان صحَّ فيما بينهما و لم يَصُم حتّى أدركه شهر رمضان آخر، صامهما جميعاً، و يتصدَّق عن الأوَّل(1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن فضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة، ثمَّ أدركه شهر رمضان قابل؟ قال: عليه أن يصوم، و أن يطعم كلَّ يوم مسكيناً، فإن كان مريضاً فيما بين ذلك حتّى أدركه شهر رمضان قابل، فليس عليه إلّا الصيام إن صحَّ، و إن تتابع المرض عليه فلم يصحَّ، فعليه أن يطعم لكلِّ يوم مسكيناً(2)

84- باب قضاء شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشْيَم، عن سليمان بن جعفر الجعفريِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان، أيقضيها متفرِّقة ؟ قال: لا بأس بتفريق قضاء شهر رمضان، إنّما الصيام الّذي لا يُفَرِّق: كفّارة الظهار، و كفّارة الدَّم (3)، و كفّارة اليمين (4)

ص: 120


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و في ذيلهما: و تصدّق عن الأول. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 5. و ذيله كما في التهذيبين. و المراد بالتصدّق: دفع صدقة عن كل يوم بمدّ.
2- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ... ، ح 19. الاستبصار 2، 58- باب من أفطر شهر رمضان فلم يقضه حتى...، ح 3 بتفاوت فيهما.
3- يعني صوم كفارة القتل الخطأ في قتل المؤمن و هي شهران متتابعان إذا لم يمكنه تحرير رقبة مؤمنة، و هذا الحكم تضمنته الآية 92 من سورة النساء.
4- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 3. الاستبصار 2، 63- باب كيفية قضاء ما فات من شهر رمضان، ح 3. الففيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 4. و يقول المحقق في الشرائع 202/1: ﴿و يستحب الموالاة في القضاء احتياطاً للبراءة، و قيل: بل يستحب التفريق للفرق (أي بين شهر رمضان و قضائه)، وقيل: يتابع في ستة و يفرّق في الباقي للرواية، و الأول أشبه﴾. و ما ذكره رحمه الله من استحباب الموالاة هو الأشهر عندنا. و ما ذكره من القول بالتتابع في ستة و التفريق في الباقي منقول عن الشيخ المفيد رحمه الله. و أما استحباب التفريق فمنقول عن ابن إدريس.

2- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عمّن يقضي شهر رمضان منقطعاً، قال: إذا حفظ أيّامه فلا بأس.

3- عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ (1)، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أفطر شيئاً من شهر رمضان في عذر فإن قضاه متتابعاً أفضل و إن قضاه متفرِّقاً فحسن لا بأس (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان على الرَّجل شيء من صوم شهر رمضان، فليقضه في أيِّ شهر شاء أيّاماً متتابعة ، فإن لم يستطع، فليقضه كيف شاء، و ليمحّص الأيام، فإن فرّق فَحَسَنٌ، و إن تابع فَحَسَنٌ (3)

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجّة [أ] و [أ] قطعه؟ قال: اقضه في ذي الحجّة، و اقطَعْهُ إن شئتَ (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل مرض في شهر رمضان، فلمّا برء أراد الحجّ، كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال: إذا رجع فليصُمْه (5)

ص: 121


1- لا وجود للحلبي في سند التهذيبين. و لعله سقط سهواً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 ، و لا يوجد قوله في الذيل: لا بأس. و يدل الحديث على ما عليه المشهور.
3- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ...، ح 1. و الاستبصار 2، 63- باب كيفية قضاء ما فات: من شهر رمضان، ح 1. و فيهما: في أي الشهور شاء و زيادة في الآخر. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 3. و في الكتب الثلاثة: و ليُحصِ ...، بدل: و ليُمَحِّص.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، 65- باب قضاء ما فات من شهر رمضان في ذي الحجة، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المراد بقطعه: إفطار يوم العيد في العاشر من ذي الحجة لحرمة الصوم فيه.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و في الذيل فيهما: فليقضه، بدل: فليصمه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 .

85- باب الرجل يصبح و هو يريد الصيام فيفطر، و يصبح و هو لا يريد الصوم فيصوم في قضاء شهر رمضان و غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يصبح و هو يريد الصيام، ثمَّ يبدو له فيفطر، قال: هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار، قلت: هل يقضيه إذا أفطر؟ قال: نعم، لأنّها حسنة أراد أن يعملها فليتمّها، قلت: فإنَّ رجلاً أراد أن يصوم ارتفاع النّهار، أيصوم؟ قال: نعم (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن حسين بن عثمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم المتطوِّع، تعرض له الحاجة؟ قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر، و إن مكث حتّى العصر، ثمّ بدا له أن يصوم، فإن لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (2)

3- أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن سنان، عن عمّار بن مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله: ﴿الصائم بالخيار إلى زوال الشمس﴾ ؟ قال: ذلك في الفريضة، فأمّا النّافلة فله أن يفطر أيَّ ساعة شاء إلى غروب الشمس (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن (4) أبي الحسن صلوات الله عليه في الرَّجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر

ص: 122


1- الظاهر منه أن السؤال عن صوم التطوع. و قد ذكر الأصحاب كراهة الإفطار فيه بعد الزوال. و دل الحديث على استحباب القضاء لمن أفطر يوماً نوى صومه استحباباً.
2- التهذيب 4، 44- باب نية الصيام، ح 4. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 11، و كرره في الباب 25 برقم 19 أيضاً.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 10. و كرره برقم 16 من الباب 65 من نفس الجزء. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و قوله: أن ذلك في الفريضة: أي في قضائها دون أصلها. و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قال في المدارك أنه مما قطع به الأصحاب أنه في الواجب الغير المعيّن قضاءً كان أو غيره يمتد وقت النية اختياراً من أول الليل الى الزوال دون ما بعده، و لم ينقل خلاف ذلك إلّا عن ابن الجنيد حيث ذهب الى جواز تجديد النية بعد الزوال استناداً إلى بعض الروايات التي أعرض المشهور عنها.
4- في التهذيب: الحديث مضمر.

رمضان و لم يكن نوى ذلك من اللّيل؟ قال: نعم ليصمه، و ليعتدّ به إذا لم يكن أحدث شيئاً (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث بن محمد، عن بريد العجليِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان؟ قال: إن كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه، إلّا يوم مكان يوم، و إن كان أتى أهله بعد زوال الشمس، فإنَّ عليه أن يتصدَّق على عشرة مساكين، فإن لم يقدر، صام يوماً مكان يوم ، و صام ثلاثة أيّام كفّارةً لما صنع (2)

6- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تقضي شهر رمضان، فيُكرهها زوجها على الإفطار؟ فقال: لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال (3)

7- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن صالح بن عبد الله الخثعميِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل ينوي الصوم، فيلقاه أخوه الّذي هو على أمره (4) أيفطر؟ قال: إن كان تطوُّعاً أجْزَاهُ و حُسِبَ له، و إن كان قضاء فريضةٍ قضاه (5)

86- باب الرجل يتطوع بالصيام و عليه من قضاء شهر رمضان

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن

ص: 123


1- التهذيب 4، نفس الباب، ذيل ح 5 بتفاوت.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 17. الاستبصار 2، 66- باب ما يجب على من أفطر يوماً يقضيه من ... ، ح 3. بدون الذيل فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. هذا و المشهور بين أصحابنا، بل أدي في الخلاف و في الانتصار الإجماع عليه، و في الجواهر نفي الخلاف فيه -مما عدا العماني- و هو وجوب الكفارة على من أفطر بعد الزوال في قضاء شهر رمضان، مع هجرهم لما دلّ على خلاف ذلك و هو رواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و التي نصت على أن لا شيء إلّا القضاء لما كان يريد أن يقضيه، و رواها برقم 20 من الباب 65 من الجزء 4 من التهذيب. و برقم 6 من الباب 66 من الجزء 2 من الاستبصار.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا ينبغي، و إن كان ظاهره الكراهة، إلا أنه محمول على الحرمة. و الحديث موثق.
4- أي عقيدة التشيّع. و توجد هنا زيادة في الفقيه- و الظاهر أنها سقطت من الكافي نتيجة السهو من قلم المؤلف الشريف أو بفعل النسّاخ- و هي: فيسأله أن يفطر، أيفطر؟.
5- الفقيه، 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 10. و قد دل الحديث على أن ثواب إجابة دعوة الأخ المؤمن توازي صوم يوم تطوعاً، بل قضاءً. و الحديث مجهول.

الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) عن رجل عليه من شهر رمضان أيّام، أيتطوَّع؟ فقال: لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل عليه من شهر رمضان طائفة، أيتطوَّع؟ فقال: لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان (2)

87- باب الرجل يموت و عليه من صيام شهر رمضان أو غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يموت و عليه صلاة أو صيام؟ قال: يقضي عنه أوْلى الناس بميراثه، قلت: فإن كان أوْلى الناس به امرأة؟ فقال: لا، إلّا الرِّجال.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته (3) عن رجل أدركه شهر رمضان و هو مريض فتوفّي قبل أن يبرء؟ قال: ليس عليه شيء و لكن يُقضى عن الّذي يبرء ثمَّ يموت قبل أن يقضيَ (4)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم (5) الأنصاريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صام الرَّجل شيئاً من شهر رمضان ثمَّ لم يزل مريضاً حتّى مات، فليس عليه شيء، و إن صحَّ ثمَّ مرض، ثمَّ مات و كان له

ص: 124


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 9. الفقيه 2، 44- باب الرجل بتطوع بالصيام و عليه ...، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. هذا، و أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم على المنع من التطوع بالصوم لمن عليه و في ذمته صوم واجب مطلقاً، و خصه بعضهم بمن كان عليه قضاء شهر رمضان فقط، و منهم- على الظاهر- المصنف رحمه الله و هو ما تضمنته هذه الرواية كالتي قبلها. و التي قبلها مجهولة و هذه حسنة.
3- في التهذيبين: عن احدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح 12. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 8.
5- اسمه عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن فهد...

مال، تصدَّق عنه مكان كلِّ يوم بمدّ، و إن لم يكن له مال، صام عنه وليّه (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرجل يموت و عليه دَيْن من شهر رمضان، من يقضي عنه؟ قال: أوْلى الناس به، قلت: و إن كان أوْلى النّاس به امرأة؟ قال: لا إلّا الرِّجال (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد قال: كتبت إلى الأخير (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ) (3): رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيّام، و له وليّان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً، خمسة أيّام أحدُ الوليّين، و خمسة أيّام الآخر؟ فوقّع (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يقضي عنه أكبر وليّیه عشرة أيّام ولاءً إن شاء الله (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: إذا مات رجلٌ و عليه صيام شهرين متتابعين من علّة، فعليه أن يتصدَّق عن الشهر الأوَّل، و يقضي الشهر الثاني (5)

ص: 125


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح 10. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 6.الفقيه 2، 50- باب قضاء الصوم عن الميت، ح 1 بتفاوت في الجميع. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إن صحّ: أي بحيث تمكن من القضاء و لكنه مع ذلك سوّف و لم يقض. و قوله: و كان له مال.. الخ: فيه دلالة على أن التصدق مقدّم على صوم الولي، و يقول المحقق في الشرائع: ﴿و لو كان له وليّان أو أولياء متساوون في السن تساووا في القضاء و فيه تردد و لو تبرع بالقضاء بعض سقط (أي عن البعض الآخر)، و هل يقضى عن المرأة ما فاتها؟ فيه تردد ...﴾. و قال في صورة ما إذا لم يكن له ولد أكبر و سقوط القضاء. وقيل: يتصدق عنه عن كل يوم بمدّ من تركته.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5.الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد قطع أصحابنا رضوان الله عليهم بعدم وجوب القضاء عمن فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس و مات فيه و ذلك- إضافة إلى ما دل على ذلك من روايات- للأصل و قال بعضهم: ﴿و لعدم وجوبه على الميت فأوْلى لا يجب على الحي لأنه إن وجب عليه كان عن ميته الذي لا يجب عليه﴾. و قال المحقق في الشرائع/ 203: ﴿يجب على الولي أن يقضي ما فات من الميت من صيام واجب، رمضان كان أو غيره، سواء قات لمرض أو غيره، و لا يقضي الولي إلّا ما تمكن الميت من قضائه و أهمله، إلا ما يفوت في السفر فإنه يقضي و لو مات مسافراً على رواية، و الولي هو أكبر أولاده الذكور، و لو كان الأكبر أنثى لم يجب عليها القضاء ...﴾.
3- هو الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الكاتب إليه هو محمد بن الحسن الصفّار رحمه الله كما صرح به في الفقيه.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ولاءً: حمله الأصحاب على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و في ذيله: و يقضي عن الثاني. الحديث ضعيف على المشهور. ﴿و عمل الأكثر بمضمون هذا الخبر، و أوجب ابن إدريس قضاء الشهرين إلّا أن يكونا من كفارة مخيّرة فيتخيّر بينه و بين العتق أو الإطعام من مال الميت، و اختاره العلامة في المختلف و جماعة﴾ مرآة المجلسي 321/16.

88- باب صوم الصبيان و متى يؤخذون به

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه [عن ابن أبي عمير]، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّا نأمر صبياننا بالصّيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النّهار و أكثر من ذلك أو أقلّ، فإذا غلبهم العطش و الغَرَث، أفطروا ، حتّى يتعوَّدوا الصّوم و يطيقوه، فَمُروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام، فإذا غلبهم العطش أفطروا (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كم يؤخذ الصبيُّ بالصّيام؟ قال: ما بينه و بين خمس عشرة سنة، و أربع عشرة سنة، فإن هو صام قبل ذلك فَدَعْهُ، و لقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته (2)

3- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الصبيِّ متى يصوم؟ قال: إذا قويَ على الصّيام.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيّام متتابعة، فقد وجب عليه صيام شهر رمضان (4)

ص: 126


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 26. و ذكره برقم 1 من الباب 18 من الجزء 2 من التهذيب أيضاً. الاستبصار 2 ، 68- باب أنه متى يجب على الصبي الصيام، ح 3. و ذكره برقم 1565 من التسلسل العام من الجزء 1 من الاستبصار. الفقيه 1، 43- باب...، ح 1. هذا و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد ذكر هذا الحديث برقم 1 من الباب 229 من الجزء الأول من الفروع: و فيه: إذا كانوا بني خمس سنين ...، بدل قوله هنا: إذا كانوا بني سبع سنين. و ذلك في صدر الحديث. و قد علّقنا عليه هناك فراجع. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 198/1: ﴿مسألتان: الأولى: البلوغ الذي يجب معه العبادات: الاحتلام، أو الإنبات، أو بلوغ خمس عشرة سنة في الرجال على الأظهر، و تسع في النساء. الثانية: يُمرَّن الصبي و الصبيّة على الصوم قبل البلوغ، و يشدّد عليهما لسبع مع الطاقة﴾.
2- الفقيه 2 ، 34- باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم، ح 4. و فيه: أو أربع عشرة، و لعل الترديد من الراوي. و إن كان الأظهر ما في الفروع و التهذيب لأَنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مقام بيان إن البلوغ قد يحصل بغير السن من بقية علاماته الاحتلام و الانبات. و رواه بدون الذيل في التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 80.
3- و اسمه اسماعيل بن أبي زياد.
4- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ...، ح 25 بتفاوت، و كرره برقم 81 من الباب 72 من نفس الجزء أيضاً. الاستبصار 2، 68- باب متى يجب على الصبي الصيام، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور، و حمل الوجوب فيه على الاستحباب المؤكد.

89- باب من أَسْلَمَ في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان، ما عليه من صيامه؟ قال: ليس عليه إلّا ما أَسْلَمَ فيه (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كان يقول: في رجل أسلم في نصف شهر رمضان أنّه ليس عليه إلّا ما يستقبل (2)

3- أبو علىّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه أيّام؟ هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه، أو يومهم الّذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس عليهم قضاء، و لا يومهم الّذي أسلموا فيه، إلّا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر (3)

أبواب السفر

90- باب کراهية السفر في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان؟ قال: لا، إلّا فيما أخبرك به: خروجٌ إلى مكّة، أو غزو في سبيل الله، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تريد وداعه، و إنّه ليس أخاً من الأب و الأمّ (4)

ص: 127


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح ح 1. الاستبصار 2، 56- باب حكم من أسلم في شهر رمضان، ح 1.الفقيه 2، 37- باب الرجل يسلم و قد مضى بعض شهر رمضان، ح 1 بزيادة في آخره و تفاوت يسير جذا.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2،نفس الباب، ح 2.الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. اقول: و الوجه في هذا الخبر و ما تقدمه و ما شابهها واضح، لأن الإسلام شرط في صحة الصوم اداءً و قضاءً، و إن كان الكافر مكلفاً بالفروع عندنا، فلا يصح من غير المسلم و لو في جزء من النهار.
4- التهذيب 4، 73- باب من الزيادات، ح 86. الفقيه 2، 46- باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان، ح 1.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرّجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد بَراحاً (1)، ثمَّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر؟ فسكت، فسألته غير مرَّة، فقال: يقيم أفضل، إلا أن يكون [له] حاجة لا بدَّ من الخروج فيها، أو يتخوَّف على ماله (2)

91- باب كراهية الصوم في السفر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (3)؟ قال: ما أبْيَنَها، من شهد فليَصُمْه، و من سافر فلا يَصُمْه (4)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه (5) عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ الله عزَّ و جلَّ تصدَّق على مَرْضى أُمّتي و مُسافِرِيها بالتقصير و الإفطار. أيَسُرُّ أحدَكم إذا تصدَّق بصدقة أن تُرَدَّ عليه﴾ (6)

3- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عُتبة، عن إسحاق بن

ص: 128


1- أي لا يريد زوالاً من مكانه، كناية عدم قصده عدم الخروج و السفر.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المشهور عند فقهاء الإمامية جواز السفر في شهر رمضان- إلا في سفر المعصية فهو حرام في شهر رمضان و غيره- و إن قالوا بكراهته فيه قبل مضي ثلاثة و عشرين يوماً كما ذكره في المختلف و قد حكي عن أبي الصلاح أنه إذا دخل الشهر على حاضر لم يحل له السفر مختاراً لظاهر قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ و قوله تعالى: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ و استناداً إلى هذه الرواية المبينة أعلاه، و لإطلاق ما دل على وجوبه. (إلا أن الجميع قاصر عن معارضة الأصل و ظاهر [الآيات و الروايات الواردة] و فحوى ما دل على استحباب زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شهر رمضان المتوقف امتثاله للنائي على السفر و غير ذلك مما يظهر منه أن السفر كالموانع الاضطرارية، و إن الصوم لا يجب إلا على الحاضر و أنّه لا يجب عليه أن يحضر حتى يكون مكلفاً بل هو باق على إباحة السفر له،...) راجع جواهر الكلام 17/ 155- 157.
3- البقرة/185. و الشهود في الآية: الحضور، من الحضر مقابل السفر.
4- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 2. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 1. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا في عدم جواز الصوم في السفر و حرمته إذا كان عالماً بعدم الجواز. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أبيَنها: أي ما أوضحها دلالةً.
5- في التهذيب عن ابن أبي نجران عن بعض أصحابنا، بدل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه.
6- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر المريض في الصيام، ح 3. الفقيه 2، 47- باب وجوب تقصير الصوم في السفر، ذيل ح 1 و أخرجه عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث صحيح.

عمّار، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: الصّائم في السّفر في شهر رمضان، كالمفطر فيه في الحضر، ثمَّ قال : إنَّ رجلاً أتى النّبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا رسول الله، أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال: لا، فقال: يا رسول الله، إنّه علىَّ يسير؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ الله عزَّ و جلَّ تصدَّق على مرضى أُمّتي و مُسافِرِيها بالإفطار في شهر رمضان، أيعجب أحدكم لو تصدَّق بصدقة أن تُرَدَّ عليه﴾ (1)

4- أحمد بن محمد، عن صالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) : خيار أُمتّى الّذين إذا سافروا أفطروا و قصّروا، و إذا أحسنوا استبشروا، و إذا أساؤوا استغفروا؛ و شرار أُمتّي الّذين ولدوا في النعيم و غذّو (2) به يأكلون طيب الطعام، و يلبسون ليّن الثّباب، و إذا تكلّموا لم يَصْدْقوا (3)

5- أبو عليُّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرج الرّجل في شهر رمضان مسافراً أفطر؛ و قال: إنَّ رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خرج من المدينة إلى مكّة في شهر رمضان، و معه الناس، و فيهم المشاة، فلمّا انتهى إلى كُرَاع الغَميم، دعا بقدح من ماء فيما بين الظّهر و العصر فشرب و أفطر، ثمّ أفطر الناس معه، و ثَمَّ أُناس على صومهم، فسمّاهم: العُصاة، و إنّما يؤخذ بآخر أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمّى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قوماً صاموا حين أفطر و قصّر: عصاةً، و قال: هم العصاة إلى يوم القيامة، و إنّا لنعرف أبناءَهم و أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا (5)

7- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ رجلاً مات صائماً في السّفر ما صلّيتُ عليه (6)

ص: 129


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1.
2- في الفقيه: و غدوا به.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و الحديث مجهول.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و كُراع الغميم: مكان بين مكة و المدينة. و الغَميم: واد بالحجاز. و الحديث صحيح.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 6. الفقيه 2، 47- باب وجوب تقصير الصوم في السفر، ح 4 بتفاوت يسير جداً. و كان الصدوق رحمه الله قد أورد مضمون هذا الحديث في ذيل الحديث (1) من الباب 59 من أبواب الصلاة في السفر من الجزء الأول من الفقيه و علّقنا عليه هناك. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إنا لنعرف ... الخ: أي يُعْرفون من صيامهم في السفر أيضاً فهم عصاة كآبائهم، و هذا يدل على أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام إلى يوم القيامة.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. و لا بد من حمل الحديث على ما إذا كان ناصبياً فلا يصلّى عليه للحكم بكفره، أو ما صليت عليه لو وجد من يصلي عليه غيري. و الحديث ضعيف.

92- باب من صام في السفر بجهالة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجلٌ صام في السّفر؟ فقال: إن كان بلغه أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) نهى عن ذلك فعليه القضاء و إن لم يكن بَلَغَهُ فلا شيء عليه (1)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من صام في السّفر بجهالة لم يقضِه.

3- صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن ليث المراديِّ، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا سافر الرَّجل في شهر رمضان أفطر، و إن صامه بجهالة لم يقضه.

93- باب من لا يجب له الإفطار و التقصير في السفر و من يجب له ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُكاريّ و الجَمّال الّذي يختلف و ليس له مقام، يتمُّ الصلاة، و يصوم شهر رمضان (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: لا يفطر الرَّجل في شهر رمضان إلّا في سبيل حقّ.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مروان (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: من سافر قصّر و أفطر، إلّا أن يكون رجلاً سفره إلى صيد، أو في معصية الله، أو رسولاً لمن يعصي الله، أو في طلب شحناء،

ص: 130


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. قال الشهيدان في اللمعة و الروضة: ﴿و لو صام المسافر حيث يجب عليه القصر عالماً أعاد قضاءً للنهي المفسد للعبادة و لو كان جاهلاً بوجوب القصر فلا إعادة و هذا أحد المواضع التي يعذر فيها جاهل الحكم..﴾ و ما ذكراه أجماعي عندنا. و في إلحاق الناسي بالجاهل خلاف أظهره العدم. و المريض لا يعذر مطلقاً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9.
3- في التهذيب و الفقيه: عن عمار بن مروان.

أو سعايه ضرر على قوم مسلمين (1)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمر بن حفص، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرجل يشيّع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم، أو مع رجل من إخوانه، أيفطر أو يصوم؟ قال: يفطر.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في الرّجل يشيّع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة؟ قال: إن كان في شهر رمضان فليفطر، قلت: أيّما (2) أفضل، يصوم أو يشيّعه؟ قال: بشيّعه، إنّ الله عزَّ و جلَّ قد وضعه عنه (3)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رجلٌ من أصحابي قد جاءني خبره من الأعوص (4) و ذلك في شهر رمضان، أَتَلَقّاه و أُفْطِر؟ قال: نعم، قلت: أتلقّاه و أفطر، أو أقيم و أصوم؟ قال: تَلَقّاه و أَفْطِرْ (5)

7- حمید بن زیاد، عن ابن سماعة ، عن عدّة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: الرَّجل يُشَيّع أخاه في شهر رمضان اليومَ و اليومين؟ قال: يفطر و يقضي، قيل له: فذلك أفضل، أو يقيم و لا يُشَيِّعه؟ قال: يشيّعه و يفطر، فإنَّ ذلك حقٌّ عليه.

ص: 131


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 15 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 7 بتفاوت أيضاً. قوله: إلى صيد، لا بد من تقييده بصيد اللهو، و الشّحناء: العداوة و الخصومة. و لا بد من الإشارة هنا، إلى أن الظاهر أن محمد بن مروان في سند هذه الرواية في الفروع هو الكلبي، ﴿و الظاهر- بملاحظة ما ذكره الصدوق في المشيخة أن المراد بعمار بن مروان فيها هو الكلبي، ... و بذلك يظن أن المذكور في المشيخة فيه تحريف من سهو القلم أو من غلط النسّاخ، و الصحيح محمد بن مروان الكلبي و هو الذي ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أما عمار بن مروان الكلبي فلا وجود له في كتب الرجال. و يؤكد ذلك أن الصدوق روى عن محمد بن مروان و ابتدأ به في السند: ﴿الفقيه، ج 2 باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 262. وج 3 باب العتق و أحكامه، ح 241، مع أنه لم يذكر إليه طريقاً في المشيخة فمن المظنون أن الطريق المزبور هو طريقه إلى محمد بن مروان الذي روى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عنه كما في الكافي و الله العالم﴾ راجع معجم رجال الحديث، للإمام الخوئي، 12 ص/ 259.
2- يعني أيّهما.
3- الفقيه 2، 46- باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان ،ح 4 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح
4- الأعوص: -كما يقول الفيروز آبادي- هو موضع قرب المدينة، و وادٍ بديار باهِلَة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و الحديث ضعيف على المشهور. و تلقاه: أصله: تتلقاه، فحذفت أحدى التائين.

94- باب صوم التطوّع في السفر و تقديمه و قضاؤه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن محمد بن عبد الله بن واسع (1)، عن إسماعيل بن سهل، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خرج أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المدينة في أيّام بَقِينَ من شعبان، فكان يصوم، ثمَّ دخل عليه شهر رمضان و هو في السّفر، فأفطر، فقيل له: تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟ فقال: نعم شعبان إليَّ، إن شئتُ صمتُ و إن شئتُ لا، و شهر رمضان عَزْمٌ من الله عزَّ و جلَّ عليَّ الإفطار (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عمرو بن عثمان، عن عذافر قال: قلت لأبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: أصوم هذه الثلاثة الأيّام في الشهر، فربّما سافرت، و ربّما أصابتني علّة، فيجب عليَّ قضاؤها؟ قال: فقال لي: إنّما يجب الفرض، فأمّا غير الفرض فأنت فيه بالخيار، قلت: بالخيار فى السّفر و المرض؟ قال: فقال: المرض قد وضعه الله عزَّ و جلَّ عنك، و السّفر إن شئت فاقضه، و إن لم تقضه فلا جناح عليك.

3- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الشهر، هل فيه قضاء على المسافر؟ قال: لا.

4 - أحمد بن محمد، عن المرزبان بن عمران قال: قلت للرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أُريد السفر، فأصوم لشهري الّذي أُسافر فيه؟ قال: لا، قلت: فإذا قَدِمْتُ أقضيه؟ قال: لا، كما لا تصوم، كذلك لا تقضي.

5- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن بلال، عن الحسن بن بسّام الجمّال عن رجل قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيما بین مكّة و المدينة في شعبان و هو

ص: 132


1- في سند التهذيب: محمد بن عبد الله بن رافع، بدل: ... واسع.
2- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 67. الاستبصار 2، 53- باب صوم التطوع في السفر، ح 2. و الحديث ضعيف، و قد دل على جواز صوم التطوع في السفر. و قد ذهب جماعة من أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول بعدم جواز الصوم المندوب في السفر منهم الصدوقان، و الحلبي الذي نسبه إلى الفقهاء المحصلين من أصحابنا، و المفيد الذي نسبه إلى المشهور عند القدماء، و غيرهم، و ذهب ابن حمزة إلى القول بالجواز من دون كراهة و ذلك استناداً إلى رواية اسماعيل بن سهل و الحسن بن بسّام الجمّال الآتية، بينما ذهب جماعة من أصحابنا إلى القول بالجواز مع الكراهة، بل نسب هذا القول إلى أكثرهم. و قد اتفقوا على استثناء صيام ثلاثة أيام للحاجة في المدينة كما ذكر صاحب الجواهر رحمه الله.

صائم، ثمَّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر، فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، أمسِ كان من شعبان و أنت صائم، و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر؟ فقال : إنَّ ذاك تطوُّع، و لنا أن نفعل ما شئنا، و هذا فرض، فليس لنا أن نفعل إلّا ما أُمِرْنا (1)

95- باب الرجل يريد السفر أو يَقْدِمُ من سفر في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يخرج من بيته يريد السّفر و هو صائم؟ قال: فقال: إن خرج من قبل أن ينتصف النّهار فليفطر، و ليقضِ ذلك اليوم، و إن خرج بعد الزَّوال فَلْيِتُمَّ يومه (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرج الرَّجل في شهر رمضان بعد الزَّوال أتمَّ الصيام، فإذا خرج قبل الزَّوال أفطر.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يسافر في شهر رمضان، يصوم أو يفطر؟ قال: إن خرج قبل الزَّوال فليفطر، و إن خرج بعد الزَّوال فليصُمْ؛ و قال: يعرف ذلك بق

ول عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أصوم و أفطر حتّى إذا زالت الشمس عزم عليَّ﴾، يعني الصيام.

ص: 133


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 68. الاستبصار 2، 53- باب صوم التطوع في السفر، ح 4. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، 51- باب حكم من خرج إلى السفر بعد طلوع الفجر و لم ... ، ح 5. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 10. و قد جعل المقياس في هذا الحديث للصوم و الفطر الخروج قبل الزوال أو بعده من دون تقييد تبييت النية للسفر و عدمه و الحديث حسن. هذا و عن المفيد، و الكليني و الصدوق، و أكثر كتب العلّامة، و الشهيدين في اللمعة و الروضة و غيرهم كثير القول بصحة الصوم إذا سافر من بلده بعد الزوال. في حين ذهب الشيخ في كل من النهاية و المبسوط، و كذلك عن القاضي، و المعتبر و ابن حمزة، و المحقق في الشرائع و النافع، التفصيل بين ما إذا بيّت نية السفر ليلاً أفطر و لو خرج بعد الزوال، و إن لم ينوِ السفر من الليل صام و إن خرج قبل الزوال. و لكن الشيخ- كما يبدو من كلامه في كل من التهذيب و الاستبصار- اختياره أنه إذا لم يبيّت نية السفر صام مطلقاً، و أما إذا بيّتها فذهب إلى أنه لو خرج حينئذٍ قبل الزوال وجب عليه الإفطار، و إن خرج بعد الزوال فهو مخيّر بين الصوم و الإفطار مع استحباب الصوم له هذه الحال. و عن رسالة ابن بابويه عدم اشتراط شيء من الأمرين حيث حكم بكفاية مطلق السفر في لزوم الإفطار حتى و إن كان لم يبيّت النية و خرج بعد الزوال.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا سافر الرَّجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النّهار، فعليه صيام ذلك اليوم و يعتدُّ به من شهر رمضان، فإذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر و هو يريد الإقامة بها، فعليه صوم ذلك اليوم، فإن دخل بعد طلوع الفجر، فلا صيام عليه، و إن شاء صام (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَقْدُمُ في شهر رمضان من سفر، حتّى يرى أنّه سيدخل أهله ضحوةً، أو ارتفاع النّهار؟ فقال: إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله، فهو بالخيار، إن شاء صام و إن

شاء أفطر (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَقْدُمُ من سفر في شهر رمضان، فيدخل أهله حين يصبح، أو ارتفاع النهار؟ قال: إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله، فهو بالخيار: إن شاء صام و إن شاء أفطر (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قَدِمَ من سفر في شهر رمضان و لم يَطْعَمْ شيئاً قبل الزَّوال؟ قال: يصوم (4)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس، و قد أكل؟ قال: لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً، و لا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل (5)

ص: 134


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 47. الاستبصار 2، 51- باب حكم من خرج إلى السفر بعد طلوع الفجر و لم... ، ح 6. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 11. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا ظاهراً في أنه إذا دخل المسافر وطنه قبل الزوال و لم يتناول المفطر قبل وجب علیه و الصوم، و أما إذا كان قد تناول المفطر أو دخله بعد الزوال فلا.
2- التهذيب 4،نفس الباب، ح 43، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. و حمل التخيير في الحديث على ما قبل الدخول.
3- التهذيب 4، 61- باب حكم المريض يفطر ثم يصحّ في ...، ح 8. و يحمل التخيير فيه على نفس ما حمل عليه في الحديث الآنف.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، 59- باب حكم القادم من سفره، ح 1. و الوقاع: -هنا- الجماع. و لسان الحديث يدل على استحباب الإمساك لمن هذا حاله بقية النهار و هو ما عليه الأصحاب.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال: قال في المسافر الّذي يدخل أهله في شهر رمضان و قد أكل قبل دخوله ؟ قال: يكفُّ عن الأكل بقيّة يومه، و عليه القضاء؛ و قال: في المسافر يدخل أهله و هو جنب قبل الزَّوال و لم يكن أكل، فعليه أن يتمِّ صومه، و لا قضاء عليه (1)

- يعني كانت جنابته من احتلام-.

96- باب من دخل بلدة فأراد المقام بها أو لم يَرِدْ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد؛ عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: إذا قدمت أرضاً و أنت تريد أن تقيم بها عشرة أيّام، فصُم و أتمَّ، و إن كنت تريد أن تقيم أقلَّ من عشرة أيّام، فأَفْطر ما بينك و بين شهر، فإذا بلغ الشهر فأتمَّ الصَّلاة و الصيام، و إن قلت: أرتحلُ غدوة.

2- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الأيّام في المكان، عليه صوم؟ قال: لا، حتّى يُجْمِعَ على مقام عشرة أيّام، و إذا أجمع على مقام عشرة أيّام صام و أتمَّ الصلاة، قال: و سألته عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان و هو مسافر، يقضي إذا أقام في المكان؟ قال: لا، حتّى يُجْمِعَ على مقام عشرة أيّام (2)

97- باب الرجل يجامع أهله في السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يسافر في شهر رمضان، أَلَهُ أن یصیب

ص: 135


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13 و أخرج ذيله فقط عن الإمام الكاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الظاهر أنه قوله: يعني .. الخ هو من كلام الراوي. و لا بد من حمل الحديث على ما إذا كان احتلامه قد حصل نهاراً أو ليلاً و كان لديه معذّر عن الغسل.
2- الحديث صحيح، و ما أشتمل عليه من حكم مجمع عليه بين الأصحاب، و كذلك ما تضمنه الحديث السابق عليه، و إن كان ضعيفاً. و أجمع على الأمر: -كما في القاموس- عزم عليه.

من النساء؟ قال: نعم (1)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، [عن أبيه] قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و هو مسافر؟ قال: لا بأس (2)

3- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة الهاشميّ قال: سألت أبا الحسن يعني موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجامع أهله في السفر و هو في شهر رمضان؟ قال: لا بأس به (3)

4- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرجل يسافر و معه جارية في شهر رمضان، هل يقع عليها؟ قال: نعم (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية له، فله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال: سبحان الله، أما يعرف حرمة شهر رمضان، إنَّ له في اللّيل سَبْحاً (5) طويلا، قلت: أليس له أن يأكل و يشرب و يقصّر؟ فقال : إنَّ الله تبارك و تعالى قد رخّص للمسافر في الإفطار و التقصير رحمة و تخفيفاً لموضع التعب و النَّصَب وَ وَعث السفر، و لم يرخّص له في مجامعة النساء في السّفر بالنّهار في شهر رمضان و أوجب عليه قضاء الصيام و لم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره، ثمَّ قال: و السنَّة لا تُقاس، و إنّي إذا سافرت في شهر

ص: 136


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 15. الاستبصار 2، 55- باب المسافر إذا أفطر هل يجوز له أن يجامع نهاراً أم ... ، ح 5.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح4. هذا، و المشهور بين أصحابنا، بل حكى 4 في المدارك أنه مما قطع به الأصحاب و هو كراهة التملي من الطعام و الشراب للمسافر في شهر رمضان و كذلك الجماع و إن حكي عن أبي الصلاح و عن الشيخ ايضاً القول بالحرمة. و قال المحقق في الشرائع 211/1: ﴿من يسوغ له الإفطار في شهر رمضان يكره له التملّي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع. وقيل: يحرم، و الأول أشبه﴾.
3- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 16. الاستبصار 2، 55- باب المسافر إذا أفطر هل يجوز له أن يجامع نهاراً أم ...، ح 6. و ليس في سنده ذكر لعبد الملك بن عتبة الهاشميّ. و قد حمله الشيخ رحمه الله و أمثاله على الجماع ليلاً، أو على من كان مسافراً فغلبته شهوته و لم يتمكن من الصبر عليها و خاف على نفسه الدخول في محظور. و يظهر من مذهب الشيخ في التهذبيين، بل في غيرهما من كتبه أنه يحظر على المسافر أن يجامع في نهار شهر رمضان. و هو مردود بهذه الأخبار التي كثير منها صحيح أو حسن. و الله العالم.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 92. بتفاوت يسير و سند مختلف.
5- سَبْحاً: أي فراغاً و فسحة.

رمضان ما آكل إلّا القوت، و ما أشرب كلَّ الرَّيِّ (1)

6- عليُّ بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله ابن سنان قال: سألته عن الرَّجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر؟ فقال: ما عرف هذا حقٌّ شهر رمضان، إنَّ له في اللّيل سبحاً طويلاً (2)

قال الكلينيِّ: الفضل عندي أن يوفّر الرَّجل شهر رمضان، و يمسك عن النساء في السفر النهار، إلّا أن يكون تغلبه الشهوة و يخاف على نفسه، فقد رخّص له أن يأتي الحَلال، كما رخّص للمسافر الّذي لا يجد الماء إذا غلبه الشبق أن يأتي الحلال، قال: و يؤجر في ذلك، كما أنّه إذا أتى الحرام أثِمَ.

98- باب صوم الحائض و المستحاضة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الحائض تقضي الصوم؟ قال: نعم، قلت: تقضي الصلاة؟ قال: لا، قلت: من أين جاء هذا؟ قال: أوَّل من قاس إبليس (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة، فلمّا ارتفع النهار أو كان العَشِيِّ حاضتِ أَتُفْطر؟ قال: نعم، و إن كان وقت المغرب فلتفطر، قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أوَّل النهار من شهر رمضان فتغتسل، و لم تَطْعَم، فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر ذلك اليوم، فإنّما فطرها من الدَّم (4)

ص: 137


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 12. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 14 بتفاوت. و القوت: ما يقيم الأَوَدَ من الطعام، و هو الضروري منه. و في الفقيه: ما أكل كل القوت: و هو أظهر، و يدل على كراهة التمليّ من الطعام و الشراب للمسافر في نهار شهر رمضان كما نص عليه الأصحاب.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، صدرح 14.
3- التهذيب 1، 7- باب حكم الحيض و الاستحاضة و...، ح 30. و فيه: إن أول... الخ. و كذلك هو في الفروع 1، 64- باب الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة، ح 2.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 7. بتفاوت يسير. الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 1 بتفاوت و فيه: ولم تغتسل ... و قد عمل الأصحاب بما تضمنه من الأحكام.

3- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال: تفطر حين تطمث (1)

4- صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تلد بعد العصر، أتتمّ ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر، و تقضي ذلك اليوم (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المستحاضة؟ قال: فقال: تصوم شهر رمضان، إلّا الأيام الّتي كانت تحيض فيهن، ثمَّ تقضيها بعدَهُ (3)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن عليِّ بن مهزيار قال : كتبتُ إليه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوَّل يوم من شهر رمضان، ثمَّ استحاضت، فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلِّ صلاتين، فهل يجوز صومها و صلاتها أم لا ؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقضي صومها و لا تقضي صلاتها، إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يأمر فاطمة صلوات الله عليها و المؤمناتِ من نسائه بذلك (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في امرأة أصبحت صائمة، فلمّا ارتفع النهار أو كان العشيّ حاضت، أتفطر؟ قال: نعم، و إن كان قبل المغرب فلتفطر؛ و عن امرأة ترى الطهر من أوَّل النهار في شهر رمضان، لم تغتسل و لم تطعم، كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال: إنّما فطرها من الدَّم (5)

ص: 138


1- التهذيب 1، 7- باب حكم الحيض و الاستحاضة و... ، ح 5 بتفاوت يسير، و كرره برقم 38 من الباب 19 من نفس الجزء. الاستبصار 1، 86- باب المرأة تحيض في يوم من أيام شهر رمضان، ح 2 بدون؛ حين تطمث، في الذيل الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. أقول: و إنما تفطر، لأن فطرها من الدم كما ورد في الرواية السابقة، و يجب عليها القضاء.
2- التهذيب 1، نفس الباب، ح 70 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
3- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 4. و ذكره برقم 27 من الباب 65 من نفس الجزء. و كان قد ذكره برقم 77 من الباب 19 من الجزء الأول من التهذيب و في كل موضع في ذيله: بعدُ، بدل: بعدَه. الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 3.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و هذا و قد ذكر الفيض في الوافي إن هذا الخبر متروك بالإتفاق لأن مما ثبت عندنا أن فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لم ترحيضاً في حياتها فهي طاهرة مطهّرة إلا أن يكون المراد بفاطمة، فاطمة بنت أبي حبيش فإنها كانت مشهورة بكثرة الاستحاضة....
5- مر هذا بسند آخر برقم 2 من هذا الباب فراجع. و هو هنا مجهول.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن محمد بن يحيى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان، و ماتت في شوَّال، فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه، فقال: لا تقضِ عنها، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ لم يجعله عليها، قلت: فإنّي أشتهي أن أقضي عنها، و قد أوصتني بذلك؟ قال: كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله الله عليها!؟ فإن اشتهيتَ أن تصومَ لنفسك فَصُم (1)

9- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت، أو سافرت، فماتت قبل خروج شهر رمضان، هل يقضى عنها؟ قال: أمّا الطمث و المرض فلا، و أمّا السفر فنعم (2)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رفاعة بن موسی قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تنذر عليها صوم شهرين متتابعين؟ قال: تصوم، و تستأنف أيّامها الّتي قعدت، حتّى تتمَّ شهرين، قلت: أرأيتَ إن هي يئست من المحيض، أتقضيه؟ قال: لا تقضي، يجزيها الأوَّل (3)

11- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمد بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين، فوضعت ولدها و أدركها الحبل، فلم تَقْوَ على الصوم؟ قال: فلتتصدَّق مكان كلِّ يوم بمُدّ على مسكين (4)

ص: 139


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من... ، ح 11. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 7.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. و أخرجه عنه، عن علي بن أسباط ، عن علا، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 6. الحديث صحيح، ﴿و ما دل عليه هذه الرواية من الفرق بين السفر و غيره مذهب جماعة من الأصحاب، و اختاره بعض المحققين من المتأخرين. و ذهب جماعة إلى عدم الفرق بين السفر و غيره من الأعذار في اشتراط التمكن من القضاء، و أجابوا عن هذه الروايات تارة بحملها على الاستحباب، و أخرى بكون السفر معصية، و لا يخفى بُعْدُهما﴾ مرآة المجلسي 344/16.
3- التهذيب 8، 14- باب النذور، ح 49 بزيادة في أوله و تفاوت قليل. و كذا هو في الاستبصار 2، 69- باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فمرض قبل أن ...، ح 2. و عليه فتوى الأصحاب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و يقول المجلسي في مرآته: و لا يخفى عدم مناسبته لهذا الباب، و بالباب التالي أنسب. 344/16. و يحتمل أن الأمر بالتصدق عن كل يوم من الشهرين بعد إنما هو لعلة التأخير و ليس لسقوط المنذور، بل تتربص تجدد القدرة عندها لتفي به، و إن كان المشهور بين الأصحاب هو سقوط الصوم عند العجز عن الوفاء بالصوم المنذور من دون إيجاب شيء آخر. و الله العالم.

99- باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فَعَرَضَ له أمر يمنعه عن اتمامه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ و محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل الحرِّ يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظِهار، فيصوم شهراً ثمَّ يمرض؟ قال: يستقبل، و إن زاد على الشهر الآخر يوماً أو يومين بنى على ما بقي (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ ، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صيام كفّارة اليمين في الظهار شهران متتابعان، و التتابع أن يصوم شهراً و يصوم من الشهر الآخر أيّاماً، أو شيئاً منه، فإن عرض له شيءٌ يفطر فيه، أفطر ثمَّ قضى ما بقي عليه، و إن صام شهراً ثمَّ عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئاً فلم يتابع، أعاد الصيام كلّه (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته (3) عن الرَّجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين، أيفرِّق بين الأيّام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فَوَصَلَهُ ثُمَّ عرض له أمرٌ فأفطر، فلا بأس، فإن كان أقلَّ من شهر، أو شهراً، فعليه أن يعيد الصيام (4)

4- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن

ص: 140


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على... ، ح 34. الاستبصار 2، 69- باب من وجب عليه صوم شهرين متابعين فمرض قبل ...، ح 4. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من وجب عليه صوم شهرين متابعين فأفطر في الأثناء لعذر كالحيض و المرض و ما شابه لم يجب عليه الاستئناف بعد ارتفاع العذر بل يبني على ما مضى. و كذلك هو المشهور في غير الشهرين مما وجب فيه التابع في الصوم أيضاً. و أما إذا أفطر لغير عذر فإنه يستأنف إلا في ثلاثة مواضع- على حد تعبير المحقق في الشرائع- و هي: من وجب عليه صوم شهرين متابعين فصام شهراً و من الثاني شيئا و لو يوماً بني. و من وجب عليه صوم شهر متتابع بنذر فصام خمسة عشر يوماً ثم أفطر. و في صوم ثلاثة أيام عن الهدي، إن صام يوم التروية و عرفة ثم أفطر يوم النحر... و لو كان أقل من ذلك استأنف، و كذا لو فصل بين اليومين و الثالث بإفطار غير العيد استأنف أيضاً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 29 بتفاوت يسير و زيادة في آخره.
3- في التهذيب: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 28.

أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظِهار، فصام ذا القعدة ثمَّ دخل عليه ذو الحجّة؟ قال: يصوم ذا الحجّة كلّه إلّا أيّام التشريق، يقضيها في أوَّل يوم من المحرَّم، حتّى يتمَّ ثلاثة أيّام، فيكون قد صام شهرين متتابعين، قال: و لا ينبغي له أن يقرب أهله حتّى يقضي ثلاثة أيّام التشريق الّتي لم يَصُمْها، و لا بأس إن صام شهراً ثمَّ صام من الشهر الآخر الّذي يليه أيّاماً، ثمَّ عرض له علّة أن يقطعها، ثمَّ يقضي من بعد تمام الشهرين (1)

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل صام في ظِهارٍ شعبان، ثمَّ أدركه شهر رمضان؟ قال: يصوم رمضان، و يستأنف الصوم، فإن هو صام في الظِهار فزاد في النصف يوماً قضى بقيّته (2)

6- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام منه خمسة عشر يوماً، ثمَّ عرض له أمر؟ فقال: إن كان صام خمسة عشر يوماً فله أن يقضي ما بقي، و إن كان أقلَّ من خمسة عشر يوماً، لم يجزِهِ حتّى يصوم شهراً تامّاً (3)

7- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قطع صوم كفّارة اليمين، و كفّارة الظهار، و كفّارة القتل؟ فقال: إن كان على رجل صيام شهرین متتابعین، فأفطر أو مرض في الشهر الأوَّل، فإنَّ عليه أن يعيد الصيّام، و إن صام الشهر الأوَّل و صام من الشهر الثاني شيئاً، ثمّ عرض له ما لَهُ فيه عذر، فإنَّ عليه أن يقضى (4)

ص: 141


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 95 بتفاوت قليل، و في ذيله: ثم يقضي بعد تمام الشهر. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 14. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ثم يقضي... ، أي ثم يصوم عدد الأيام التي أفطر فيها لعذر بدلاً منها حتى يكمل عدّة كفارة الظهار.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 30. و في ذيله: بنى و قضى بقيته الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 13 بتفاوت يسير. و قوله: في ظهار: أي في كفارة ظِهار.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 36. و 37 و في الأخير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، نفس الباب، ح 12.
4- التهذيب 4،نفس الباب، ح 35. الاستبصار 2، 69- باب مْن وجب عليه صيام شهرين متتابعين فمرضَ قبل ...، ح 5. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث و أمثاله على ما إذا كان مرضه مرضاً لا يمنعه من الصيام و إن كان يشق عليه بعض المشقة، و لذا حكم فيها بوجوب الاستئناف عليه.

8- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً خطاً في الشهر الحرام؟ قال: تُغَلّظ عليه الدية، و عليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قلت: فإنّه يدخل في هذا شيء؟ فقال: ما هو؟ قلت: يوم العيد و أيّام التشريق؟ قال: يصومه، فإنّه حقٌ يلزمه (1)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أَبَان بن تغلب، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل قتل رجلاً في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث، و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، و يعتق رقبة، و يطعم ستّين مسكيناً، قال: قلت: يدخل في هذا شيء؟ قال: و ما يدخل؟ قلت: العيدان و أيّام التشريق، قال: يصومه، فإنّه حقٌّ لزمه (2)

100- باب صوم كفّارة اليمين

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال:کُلُّ صَوْمٍ یُفَرَّقُ، إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَیَّامٍ فِی کَفَّارَةِ الْیَمِینِ.

2- و عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهنَّ (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: اَلسَّبْعَةُ اَلْأَیَّامِ، وَ اَلثَّلاَثَهُ اَلْأَیَّامِ فِی اَلْحَجِّ، لاَ یُفَرَّقُ، إِنَّمَا هِیَ بِمَنْزِلَةِ اَلثَّلاَثَهِ اَلْأَیَّامِ فِی اَلْیَمِینِ (4)

ص: 142


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 2. الاستبصار 2، 47- باب تحريم صوم يوم العيدين، ح 2. بتفاوت يسير فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 207/1: ﴿وقيل: القاتل في أشهر الحُرُم يصوم شهرين منها و لو دخل فيهما العيد و أيام التشريق، لرواية زرارة، و الأول أشبه﴾. و يقصد بالأول القول بعدم جواز أن يبتدىء من وجب عليه صوم متتابع زماناً لا يسلم فيه، و لا يسلم التتابع في مثل هذه الصورة التي وردت في رواية زرارة هذه.
2- هذا، و قد جزم صاحب المنتقى- فيما ينقل عنه المجلسي في المرآة 349/16 بوجود غلط في متن الحديث باعتبار ذكر العيدين فيه، مع أن الداخل في مثله العيد و هو الأضحى فقط، و بوجود تصحيف في سنده و الصواب ابان بن عثمان بدل ابان بن تغلب.
3- ما تضمنه هذا الحديث كسابقه مما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
4- الأكثر منّا على عدم وجوب التتابع في صوم السبعة الأيام، و لذا حملوا هذا الخبر على الاستحباب، في حين استدل به ابن أبي عقيل و أبو الصلاح على وجوب التابع فيها.

101- باب من جعل على نفسه صوماً معلوماً و من نذر أن يصوم في شكر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كرَّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنِّي جَعَلْتُ على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: صم و لا تصم في السّفر، و لا العيدين، و لا أيّام التشريق، و لا اليوم الّذي يُشَكُّ فيه من شهر رمضان (1)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشيم قال: كتب الحسين إلى الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلتُ فِداك، رجل نذر أن يصوم أياماً معلومة، فصام بعضها ثم اعتلّ فأفطر، أيبتدىء في صومه، أم يحتسب بما مضى؟ فكتب إليه: يحتسب ما مضى (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن عبد الله، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قلت له: جُعِلْتُ فِداك، عليَّ صيام شهر إن خرج عمّي من الحبس، فخرج، فأُصبح و أنا أُريد الصيام، فيجيئني بعض أصحابنا فأدعو بالغداء و أتغدَّى معه؟ قال: لا بأس (3)

4- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة و شهر بالمدينة و شهر بمكة من بلاء ابتلي به، فقضى أنّه صام بالكوفة شهراً و دخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوماً و لم يقم (4) عليه الجمّال، قال: يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده (5)

ص: 143


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 58.الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 1. هذا، و الأشهر عند أصحابنا رضوان الله عليهم حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على ...، ح 41 و في ذيله: بما مضى.
3- روى الشيخ في التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 98 عن هارون بن مسلم، عن ابن أبي عمير، عن صالح بن عبد الله قال: قلت لأبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن أخي حُبِس، فجعلت على نفسي صوم شهر، فصمت، فربما أتاني بعض إخراني لأفطر فأفطرت أياماً، أفأقضيه؟ قال: لا بأس. ثم قال الشيخ بعد إيراده الحديث: هذا الخبر يدل على أنه متى لم يشترط التتابع جاز له أن يفرّق.
4- أي لم يمهله و لم ينتظره.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 59.الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 2 بزيادة في الذيل هي: و لا يصومه في سفر. هذا و قد أجمع أصحابنا على اشتراط عدم السفر في صحة الصوم، كما حكاه بقسميه صاحب الجواهر رحمه الله، إلا ما استثني و هو صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع. وصوم بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً، وصوم النذر المقيد بالسفر، و هذا الأخير هو مما لا خلاف فيه أيضاً بينهم رضوان الله عليهم كما نص عليه في الجواهر و المنتهى، و حكى صاحب الحدائق الإتفاق عليه. و لكن صاحب الشرائع نسبه إلى المشهور، و لعله ليس لعدم وجود خلاف فيه، بل لضعف رواية علي بن مهزيار المتضمنة لحكم من نذر أن يصوم كل سبت (الوسائل، باب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، ح 1). كما صرح بذلك صاحب المعتبر فراجع. هذا، و قد روى الشيخ في التهذيب رواية علي بن مهزيار برقم 64 من الباب 57 من الجزء 4.

5- عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال في رجل نذر أن يصوم زماناً، قال: الزّمان خمسة أشهر، و الحين ستّة أشهر، لأنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (1): ﴿تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها(2)﴾.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل، عن رجل قال: لله عليَّ أن أصوم حيناً، و ذلك في ،شکر، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أتي عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مثل هذا فقال: صم ستّة أشهر، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها﴾، يعني ستّة أشهر (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل يجعل على نفسه أيّاماً معدودة مسمّاةً في كلِّ شهر، ثمَّ يسافر، فتمرُّ به الشهور، أنّه لا يصوم في السّفر، و لا يقضيها إذا شَهِد (4)

8- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يصوم صوماً قد وقّته على نفسه، أو بصوم من أشهر الحُرُم، فيمرُّ به الشهر و الشهران لا يقضيه؟ فقال: لا يصوم في السفر، و لا يقضي شيئاً من صوم التطوُّع، إلّا الثلاثة الأيّام الّتي كان يصومها من كلِّ شهر، و لا يجعلها بمنزلة الواجب، إلّا أنّي أُحبُّ لك أن تدوم على العمل الصالح؛ قال: و صاحب الحُرُم الّذي كان يصومها يجزيه أن يصوم مكان كلِّ شهر من أشهر الحرم ثلاثة أيّام (5)

9- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الرّضا صلوات الله عليه قال: سألته عن الرَّجل يجعل لله عزَّ و جلَّ

ص: 144


1- إبراهيم/ 25. كل حين: قيل شتاءً و صيفاً.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات ح 1. قال المحقق في الشرائع 189/3: ﴿و من نذر أن يصوم زماناً، كان خمسة أشهر، و لو نذر حيناً، كان ستة أشهر، و لو نوى غير ذلك عند النذر لزمه ما نوى﴾.
3- التهذيب 4،نفس الباب، ح 2. و فيه: قد أتي أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 96 بتفاوت قليل.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 60. الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 3. الحديث ضعيف على المشهور، و قد حمله البعض على ما إذا وقّت على نفسه صوماً من دون نذر.

عليه صوم يوم مُسَمّى؟ قال: يصومه أبداً في السفر و الحَضَر (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: إنَّ أُمّي كانت جعلت على نفسها الله عليها نذراً إن كان الله ردّ عليها بعض ولدها من شيء كانت تخاف عليه، أن تصوم ذلك اليوم الّذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرة إلى مكّة، فأشكل علينا، لم نْدَر أتصوم أم تفطر، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك و أخبرته بما جعلت على نفسها؟ فقال: لا تصوم في السفر، قد وضع الله عنها حقّه، و تصوم هي ما جعلت على نفسها (2)، قال: قلت: ما ترى إذا هي قَدِمَت و تركت ذلك؟ فقال: إنّي أخاف أن ترى في الّذي نَذَرَتْ ما تكره (3)

102- باب كفّارة الصوم و فِدْيَته

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، عن إدريس بن زيد؛ و عليِّ بن إدريس قالا: سألنا الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر نذراً إن هو تخلّص من الحبس أن يصوم ذلك اليوم الّذي تخلّص فيه، فيعجز عن الصّوم لعلّةٍ أصابته، أو غير ذلك، فَمُدَّ للرَّجل في عمره، و قد أجتمع عليه صوم كثير، ما كفّارة ذلك الصّوم؟ قال: يكفّر عن كلِّ يوم بمدّ حنطة أو شعير (4)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد، عن موسى بن بكر، عن محمد بن منصور قال: سألت الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر نذراً في صيام فعجز؟ فقال: كان أبي يقول: عليه مكان کلِّ يوم مدُّ (5)

ص: 145


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6 و في الذيل فيهما: في الحضر و السفر.﴿يدل على أنه إذا نذر صوم يوم و أطلق، يجب إيقاعه في السفر، و المشهور بين الأصحاب أنه إنما يجب الصوم في السفر إذا شرط في النذر إيقاعه سفراً و حضراً. و يظهر من المحقق في النافع التوقف في هذا الحكم حيث قال: على قول مشهور﴾ مرآة المجلسي 354/16.
2- أي كيف تصوم ما جعلت على نفسها مع أنه أولى بالسقوط مما جعله الله عليها فأسقطه عنها.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 62. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. و الحديث موثق في قوة الصحيح.
4- الفقيه 2، 51- باب فدية صوم النذر، ح 2. و هنالك قول لبعض فقهاء الإمامية في صورة عجز الناذر عن صوم النذر في وقته و هو وجوب القضاء عليه دون الكفارة. و هذا الخبر يدل- كالذي بعده- على الاكتفاء بالكفارة و إنها مُد. في حين ذهب الشيخ و بعض الأصحاب إلى أنها مُدّان.
5- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 14.

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نذر على نفسه إن هو سَلِمَ من مرض، أو تخلّص من حَبْس، أن يصوم كلَّ يوم أربعاء، و هو اليوم الّذي تخلّص فيه، فعجز عن الصوم لعلّةٍ أصابته أو غير ذلك (1)، فمدَّ للرَّجل في عمره و اجتمع عليه صوم كثير، ما كفّارة ذلك؟ قال: تصدَّق لكلِّ يوم بمدّ من حنطة، أو ثمن مدّ (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألته عمّن لم يصم الثلاثة الأيّام من كلِّ شهر، و هو يشتدّ عليه الصيّام، هل فيه فداء؟ قال: مدُّ من طعام في كلِّ يوم (3)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الصوم يشتدُّ عليَّ؟ فقال لي: لَدِرْهَمٌ تصدَّق به أفضل من صيام يوم، ثمَّ قال: و ما أُحبُّ أن تَدَعَهُ.

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: إنّي أُصْدَع (4) إذا صمت هذه الثلاثة الأيّام و يشقُّ عليَّ؟ قال: فاصنع كما أصنع إذا سافرت، فإنّي إذا سافرت تصدَّقت عن كلِّ يوم بمدّ من قوت أهلي (5) الّذي أقوتهم به.

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن عقبة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي قد كبرت و ضعفت عن الصيام، فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيّام في كلّ شهر؟ فقال: يا عقبة، تصدَّق بدرهم عن كلِّ يوم، قال: قلت: درهم واحد؟ قال: لعلّها كبرت عندك (6) و أنت تستقلّ الدِّرهم؟ قال: قلت: إِنَّ نِعم الله عزَّ و جلَّ عليَّ لسابِغَة، فقال: يا عقبة لإَطْعامُ مسلِمٍ خيرٌ من صيام شهر (7)

ص: 146


1- العلّة المرض. و غير ذلك: أي من سائر الأعذار الشرعية غير المرض.
2- الفقيه 2، 51- باب فدية صوم النذر، ح 1 بتفاوت، و في آخره: أو بمُدّ تمر. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 15. الفقيه 2، 24- باب صوم السنة، ح 9. و المقصود بالثلاثة من كل شهر، الثلاثة أيام المسنون صومها منه.
4- قال الفيروز آبادي: الصُداع: وجع الرأس.
5- بدل على استحباب كون المُدّ مما يقوت به أهله. و الحديث ضعيف.
6- في التهذيب: لعلها كَثُرَت ... ، و المقصود الدراهم.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و الحديث ضعيف.

103- باب تأخير صيام الثلاثة الأيام من الشهر إلى الشتاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (1) أو لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرّجل يتعمّد الشهر في الأيّام القصار يصومه لسنة؟ قال: لا باس (2)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (3)، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم ، عن حسين بن أبي حمزة (4)، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَیَّامٍ مِنْ کُلِّ شَهْرٍ، أُؤَخِّرُهُ إِلَی اَلشِّتَاءِ ثُمَّ أَصُومُهَا؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِذَلِکَ (5)

3- أحمد بن إدريس؛ و محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يكون عليه من الثلاثة أيّام الشهر، هل يصلح له أن يؤخّرها أو يصومها في آخر الشهر؟ قال: لا بأس، قلت: يصومها متوالية أو يفرِّق بينها؟ قال: ما أحَبَّ، إن شاء متوالية و إن شاء فرَّق بينها (6)

104- باب صوم عرفة و عاشوراء

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى؛ و عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: [أ] ما (7) أصومه اليوم، و هو يوم دعاء و مسألة.

ص: 147


1- الترديد من الراوي.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 17. و فيه: للسنة. و الحديث ضعيف. هذا، و المشهور بين الأصحاب استحباب قضاء صوم الأيام الثلاثة من كل شهر- إذا فاتته في الصيف- في الشتاء، و قد دل الحديث على جواز التقديم دون القضاء.
3- في التهذيب: عن سهل بن زياد، بدل: عن أحمد بن محمد.
4- في الفقيه: عن الحسن بن أبي حمزة ...
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. و في ذيله: لا بأس. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 11 بتفاوت. قوله: ثم أصومها: فهم الأكثر منه صيامها قضاءً.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 19.
7- في بعض النسخ: أنا ... ، بدل: أما ...

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمد بن مسلم (1) قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنَّ رَسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لَمْ یَصُمْ یَوْمَ عَرَفَةَ مُنْذُ نَزَلَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ. (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب النيسابوريّ، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) قالا: لا تَصُمْ في یَوْمِ عاشُورا، وَ لا عَرَفَةَ بِمَکَّةَ، وَ لا في الْمَدینَةِ، وَ لا في وَطَنِکَ، وَ لا في مِصْرٍ مِنَ الأَمْصار (3)

4- الحسن بن عليِّ الهاشميِّ، عن محمد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء قال: حدَّثني نجبة (4) بن الحارث العطّار قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم يوم عاشورا؟ فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، و المتروك بِدْعَة، قال نجبة: فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من بعد أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه، ثمَّ قال: أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب، ولا جَرَت به سُنّة إلّا سنّة آل زياد بقتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما (5)

5- عنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدَّثني جعفر بن عيسى أخوه قال: سألت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم عاشورا و ما يقول الناس فيه؟ فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني، ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هو يوم يَتَشأَّمُ به آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يَتَشَأَّمُ به أهل الإسلام، و اليوم الّذي يتشأم به أهل الإسلام لا يُصام و لا يُتَبَرَّك به، و يوم الإثنين يوم نحس، قبض الله عزَّ و جلَّ فيه نبيّه، و ما أُصيب آل محمد إلّا في يوم الإثنين، فتشأّمْنا به و تَبَرَّك به عدوُّنا، و يوم عاشورا قتل الحسين صلوات الله عليه و تبرَّك به ابن مرجانة، و تشأَّم به آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فمن صامهما أو تبرَّك بهما لقي الله تبارك و تعالى ممسوخ القلب، و كان حَشْرُهُ مع الّذين سنّوا

ص: 148


1- في التهذيبين: محمد بن قيس، بدل محمد بن مسلم.
2- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ... ح 8. الاستبصار 2، 77- باب صوم يوم عرفة، ح 3. و بدل الحديث على عدم كون صومه من السنن ، و لا ينافي ذلك استحباب صومه تطوعاً. قال المحقق في الشرائع، و هو بصدد ذكر الصوم المندوب مما اختص بوقت: ﴿وصوم يوم عَرَفة لمن لم يضعفه عن الدعاء، و تحقّقَ الهلال﴾ و علّق صاحب المدارك على ذلك 396/1 فقال: ﴿يريد بذلك، أن استحباب صوم هذا اليوم مشروط بشرطين، أحدهما: أن لا يضعفه عن الدعاء، أى عما هو عازم عليه منه، في الكمية و الكيفية، و يستفاد من ذلك أن الدعاء في ذلك اليوم أفضل من الصوم. و الثاني: أن يتحقق الهلال، بمعنى أن يرى في أول الشهر رؤية لا يحصل فيها التباس و احتمال كونه لليّلة الماضية حذراً من صوم العيد ...﴾.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، 78- باب صوم يوم عاشوراء، ح 4. و قد حمل النهي على الكراهة، و الحديث مجهول.
4- في التهذيبين: نجيّة، و نجبة- كما في الوافي- شيخ صادق كان صديقاً لعلي بن يقطين.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

صومهما و التبرُّك بهما (1)

6- و عنه، عن محمد بن عيسى قال: حدَّثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي قال: سمعت عُبَيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم يوم عاشورا؟ فقال: من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظُّ ابن مرجانة و آل زياد، قال: قلت: و ما كان حظّهم من ذلك اليوم؟ قال النّار، أعاذنا الله من النّار و من عمل يقرِّب من النّار (2)

7- و عنه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبان، عن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم تاسوعا و عاشورا من شهر المحرَّم؟ فقال: تاسوعا: يوم حوصر فيه الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أصحابه رضي الله عنهم بكربلا، و اجتمع عليه خيل أهل الشّام ، و أناخوا عليه، و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها و استضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه و أصحابه رضي الله عنهم، و أيقنوا أن لا يأتي الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ناصر و لا يمدُّه أهل العراق، -بأبي المستضعف الغريب-، ثمَّ قال: و أمّا يوم عاشورا: فيومٌ أصيب فيه الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صريعاً بين أصحابه، و أصحابه صرعى حوله [عراة ]، أفَصَوْمٌ يكون في ذلك اليوم؟! كلّا و ربِّ البيت الحرام، ما هو يوم صوم، و ما هو إلّا يوم حزن و مصيبة دخلت على أهل السماء و أهل الأرض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لابن مرجانة و آل زياد و أهل الشام غضب الله عليهم و على ذريّاتهم، و ذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرَّك به حشره الله مع آل زياد ممسوخَ القلب مسخوطُاً عليه، و من أدَّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، و انتزع البركة عنه و عن أهل بيته و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك (3)

105- باب صوم العيدين و أيام التشريق

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال:

ص: 149


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 17. الاستبصار 2، 78 -باب صوم يوم عاشوراء، ح 6 بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول و الأدعياء: المتهمون في أنسابهم.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18، الاستبصار 2، نفس الباب، 7. و في سندهما: ... عن زيد الترسي قال: حدثنا عبيد بن زرارة قال: سمعت زرارة يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... الخ. و ليس في ذيلهما: أعاذنا الله .... الخ. و لعل هذه الزيادة هنا من قلم الكليني رحمه الله. و الله العالم. و قد قال الشيخ في التهذيب بعد سرده لأحاديث صوم يوم عاشوراء: فالوجه في هذه الأحاديث: إن من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الجزع لما حلّ بعترته فقد أصاب، و من صامه على ما یعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و التبرك به و الاعتقاد لبركته و سعادته فقد أَثِمَ و أخطأَ.
3- الحديث ضعيف على المشهور.

سألته عن صيام يوم الفطر؟ فقال: لا ينبغي صيامه، و لا صيام أيّام التشريق (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي سعيد المكاريِّ، عن زياد بن أبي الحلال قال: قال لنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيّام، و لا بعد الفطر ثَلاثة أيّام، إنّها أيّام أكل و شرب (2)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليومين اللّذين بعد الفطر، أيُصامان أم لا؟ فقال: أكره لك أن تصومهما (3)

106- باب صيام الترغيب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، للمسلمين عيد غيرَ العيدين (4)؟ قال: نعم يا حسن، أعظمهما و أشرفهما، قلت: و أيُّ يوم هو؟ قال: هو يوم نُصِبَ أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه فيه عَلَماً للناس (5)، قلت: جُعِلْتُ فِداك، و ما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن، و تكثر الصلاة على محمد و آله و تَبَرَأَ إلى الله ممن ظلمهم، فإنَّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الّذي كان يقام فيه الوصيُّ أن يتّخذ عيداً، قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال: صيام ستّين شهراً، و لا تدع صيام يوم سبع و عشرين من رجب، فإنّه هو اليوم الّذي نزلت فيه النبوَّة على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ثوابه مثل ستّين شهراً لكم (6)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأول (7) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بعث الله عزَّ و جلَّ محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رحمة للعالمين في سبع و عشرين من

ص: 150


1- مع ان لسانه لنسان كراهة، فإنه محمول على الحرمة إجماعاً. و الحديث موثق.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 99. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول كالصحيح. و قد حمل كغيره من الأخبار الدالة على استحباب صوم الستة أيام بعد العيدين على التقية.
4- يعني الفطر و الأضحى.
5- يعني يوم غدير خُمّ.
6- التهذيب 4، 69- باب صوم الأربعة الأيام في السنة، ح 3 بتفاوت. الفقيه 2، 25- باب صوم التطوع و ثوابه من ...، ح 17 بتفاوت كذلك.
7- يعني الرضا عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ.

رجب، فمن صام ذلك اليوم، كتب الله له صيام ستّين شهراً؛ و في خمسة و عشرين من ذي القعدة وضع البيت، و هو أوَّل رحمة وُضعت على وجه الأرض، فجعله الله عزَّ و جلَّ مثابةً للنّاس و أمْناً (1)، فمن صام ذلك اليوم، كتب الله له صيام ستّين شهراً؛ و في أوَّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرَّحمن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستّين شهر (2)

3- سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن سالم، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة و الأضحى و الفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمةً، قلت: و أيُّ عيد هو، جُعِلْتُ فِداك؟ قال: اليوم الّذي نصب فيه رسولُ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أميرَ المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قال: من كنت مولاه فعليُّ مولاه، قلت: و أيُّ يوم هو؟ قال: و ما تصنع باليوم، إنَّ السّنة تدور، و لكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، فقلت: و ما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون الله- عزَّ ذِكْرُهُ- فيه بالصيام و العبادة و الذّكر لمحمّد و آل محمد، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوصى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يتّخذ ذلك اليوم عيداً، و كذلك كانت الأنبياء (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) تفعل، كانوا يصومون أوصيائهم بذلك فيتّخذونه عيداً.

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يوسف بن السُخت، عن حمدان بن النضر، عن محمد بن عبد الله الصيقل قال: خرج علينا أبو الحسن- يعني الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- في يوم خمسة و عشرين من ذي القعدة، فقال: صوموا، فإنّي أصبحت صائماً، قلنا: جُعِلْنا فداك، أيُّ وم هو؟ فقال: يوم نُشِرَت فيه الرحمة، ودُحِيَت فيه الأرض، و نُصِبَت فيه الكعبة، وهبط فيه آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

107- باب فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إفطارك لأخيك (4) المؤمن أفضلُ من صيامك تَطَوّعاً.

ص: 151


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة البقرة/ 125: ﴿وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَیْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً...﴾ أي مرجعاً يرجع إليه الزوّار أفواجاً بعد أفواج. وقيل: المثابة من الثواب، أي موضع ثواب يثابون بحجّه و اعتماره.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 1. و روى بعض أجزائه بتفاوت في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و فضل الحرم، ح 3. و في 25 - باب صوم التطوع و ثواب من ...، صدر ح 9.
3- التهذيب 4، 69- باب صوم الأربعة الأيام في السنة، ح 2 بتفاوت يسير. و قد أشار إلى بعض هذه الأمور الواردة في أحاديث هذا الباب في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و فضل الحرم. فراجع.
4- يعني إفطارك صوم نفسك تلبية لدعوة أخيك المؤمن.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن القاسم بن محمد، عن العيص، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نوى الصوم ثمَّ دخل على أخيه، فسأله أن يفطر عنده، فليفطر، و ليُدْخل عليه السّرور، فإنّه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيّام، و هو قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمثالِها﴾ (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن جميل بن درَّاج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من دخل على أخيه و هو صائم، فأفطر عنده و لم يُعْلِمُهُ بصومه فَيَمُنُّ عليه، كتب الله له صوم سنة (2)

4- محمد بن يحيى، عن الحسن بن عليِّ الدينوريِّ، عن محمد بن عيسى، عن صالح بن عقبة قال: دخلت على جميل بن درَّاج و بين يديه خوان عليه غسّانية (3) يأكل منها، فقال: أَدْنُ فكُلْ؛ فقلت؛ إنّي صائم، فتركني، حتّى إذا أكلها فلم يبق منها إلّا اليسير، عزم عليَّ إلّا أفطرت، فقلت له: ألَا كان هذا قبل السّاعة؟ فقال: أردت بذلك أدَبَكَ، ثمَّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أيّما رجل مؤمن دخل على أخيه و هو صائم، فسأله الأكل فلم يخبره بصيامه ليمنَّ عليه بإفطاره، كتب الله جلَّ ثناؤه له بذلك اليوم صيام سنة.

5- عليُّ بن محمد، عن ابن جمهور، عن بعض أصحابه، عن عليِّ بن حديد قال: قلت لأبي الحسن الماضي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدخل على القوم و هم يأكلون، و قد صلّيتُ العصر و أنا صائمٌ، فيقولون: أَفْطِر؟ فقال: أَفْطِر فإنّه أفضل (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن إبراهيم بن سفيان، عن داود الرّقي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لإِفْطَارُكَ في منزل أخيك المسلم، أفضلُ من صيامك سبعين ضعفاً، أو (5) تسعين ضعفاً (6)

ص: 152


1- الأنعام/ 160.
2- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 14. و الحديث، و إن كان وارداً ضمن سياق أحاديث يظهر منها استحباب نقض صوم التطوع نهاراً استجابة لدعوة الأخ المؤمن للإفطار، إلا أن هذا الحديث يحتمله كما يحتمل إفطاره بعد الغروب و تمامية صومه تطوّعاً أو فرضاً من دون إخبار صاحبه بأنه صائم، و يمكن أن نتصوّر المنّة بالتسبيب للمُطْعِم بثواب من فطّر مؤمناً، أو بإبداء تفضّله عليه بإفطاره عنده لا بقصد إيصال الثواب إليه.
3- قال في القاموس: الغساني: الجميل جداً. و لعلها اسم أكلة خاصة كانت معروفة آنذاك.
4- ويدل على أن أفضلية الإفطار بدعوة الأخ المؤمن على صوم التطوع تتأتى مطلقاً قبل الزوال و بعده. و الحديث ضعيف.
5- الترديد من الراوي.
6- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 13. و الحديث مجهول مختلف فيه.

108- باب من لا يجوز له صيام التطوع إلّا بإذن غيره

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال: لا يصلح للمرأة أن تصوم تطوُّعاً إلا بإذْن زوجها (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن مروك بن عبيد، عن نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من فِقْهِ الضّيف أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن صاحبه، و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوُّعاً إلّا بإذنه و أمْرِه، و من صلاح العبد و طاعته و نُصْحِهِ لمولاه أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن مولاه و أمرِه، و من برَّ الولد أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن أبويه و أمْرِهما، و إلّا كان الضّيف جاهلاً، و كانت المرأة عاصية و كان العبد فاسقاً عاصياً، و كان الولد عاقّاً﴾ (2)

3- عليُّ بن محمد بن بندار [و غيره] عن إبراهيم بن إسحاق بإسناد ذكره ، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِذَا دَخَلَ رَّجُلُ بَلْدَةً فَهُوَ ضَیْفٌ عَلَی مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ دِینِهِ حَتَّی یَرْحَلَ عَنْهُمْ، وَ لَا یَنْبَغِی لِلضَّیْفِ أَنْ یَصُومَ إِلَّا. بِإِذْنِهِمْ، لِئَلَّا یَعْمَلُوا الشَّیْ ءَ فَیَفْسُدَ عَلَیْهِمْ، وَ لَا یَنْبَغِی لَهُمْ أَنْ یَصُومُوا إِلَّا بِإِذْنِ الضَّیْفِ لِئَلَّا یَحْتَشِمَهُمْ (3) فَیَشْتَهِیَ الطَّعَامَ فَیَتْرُكَهُ لَهُم﴾ (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن

ص: 153


1- هذا هو المشهور بين أصحابنا، و أما مع النهي فالإجماع قائم على حرمة صوم التطوع لها.
2- الفقيه 2، 52- باب صوم الإذن، ح 2. قال المحقق في الشرائع 209/1، و هو بصدد الحديث عن الصوم المكروه: وصوم الضيف نافلة من غير إذن مضيفه و الأظهر أنه لا ينعقد مع النهي. و كذا الشهيدان (رحمة الله علیه) مع إشارتهما إلى عدم صوم المضيف أيضاً بدون إذن ضيفه. و قوله في الحديث: و لا ينبغي للضيف ... الخ يمكن أن يدل بإطلاقه على مرجوحية صومه سواء نزل عليهم نهاراً أو ليلا قبل الزوال أو بعده و لم يكن قد تناول مفطراً. هذا، و أطلق العلامة و جماعة كراهة صوم الضيف. و أما العبد فالمشهور عدم جواز صومه ندباً بدون إذن مولاه، كما أن المشهور عندنا كراهة صوم الولد ندباً من دون إذن والديه كما دل عليه الخبر و إن لم يذكر الأكثر إذن الوالدة في هذا المجال. نعم إذا نهاه الأب أو الأبوان عن الصوم تطوعاً أمكن أن يقال بحرمة صومه حينئذٍ إذا كان نهيهما له إشفاقياً، أو كان عدم إطاعتهما يُوجب أذية لهما فيكون عاماً كما صرح به في الخبر.
3- الإحتشام: الإستحياء.
4- الفقيه 2، 52- باب صوم الإذن، ح 1. و الحديث ضعيف. ويدل على كراهة صوم المضيف أيضاً بدون إذن الضيف.

عطيّة، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لَیْسَ لِلْمَرْأَهِ أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا﴾.

5- عليُّ بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العزرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاءت امرأة إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقالت: يا رسول الله، ما حقُّ الزَّوج على المرأة؟ فقال: هو أكثر من ذلك، فقالت: أخبِرْني بشي من ذلك، فقال: ليس لها أن تصوم إلّا بإذنه.

109- باب ما يستحب أن يفطر عليه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) إذا صام فلم يجد الحلواء أفطر على الماء (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أفطر الرَّجل على الماء الفاتر نقي كبده، و غسل الذُّنوب من القلب، و قوَّى البصر و الحدق (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن صالح بن سنديِّ، عن ابن سنان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الإفطار على الماء يغسل الذُّنوب من القلب (3)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عمّن ذكره، عن منصور بن العبّاس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أفطر، بَدَأ بحلواء يفطر عليها، فإن لم يجد فسكّره أو تمرات، فإذا أعوز ذلك كلّه، فماء فاتر، و كان يقول: يُنَقي المعدة و الكبد و يُطَيّب النّكهة و الفم، و يقوّي الأضراس، و يقوّي الحدق و يجلو النّاظر، و يغسل الذُّنوب غسلاً، و يُسَكِّن العروق الهائجة، و المِرَّة الغالبة، و يقطع البلغم و يطفي الحرارة عن المعدة، و يُذْهب بالصّداع (4)

ص: 154


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- غسل ذنوب القلب: أي يمحو آثارها منه، و هو كناية عن تصفيته من أمراضه المعنوية.
3- التهذيب 4، 51- باب فضل السحور و ما يستحب أن ... ، ح 8. بتفاوت في الذيل. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن مهزم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يفطر على التّمر في زمن التمر، و على الرُّطب في زمن الرُّطب (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن الله الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوّل ما يفطر عليه في زمن الرُّطب الرُّطب، و في زمن التّمر التّمر (2)

110- باب الغسل في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة؛ و فضيل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس؛ قُبَيْلَه، ثمَّ يصلّي، ثمّ یفطر (3)

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ): كم أغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين (4)، قال: قلت: فإن شقَّ عليَّ؟ قال: في إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، قلت: فإن شقَّ عليَّ قال: حَسْبُكَ الآن.

3- صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اللّيلة الّتي يطلب فيها ما يطلب (5)، متى الغسل؟ فقال: من أوَّل اللّيل، و إن شئت حيث تقوم من آخره. و سألته عن القيام؟ فقال : تقوم في أوَّله و آخره (6)

ص: 155


1- ضعيف على المشهور.
2- مجهول.
3- الفقيه 2، 53 - باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح. و وجوب الشمس: سقوطها و غروبها، و قُبَيلَهُ: أي قُبَيْلَ الغروب. و يدل على جواز الغسل في الليالي المخصوصة قبل دخول الليل. و الحديث حسن.
4- و هي الليالي الثلاث التي فيها ليلة القدر. و من هنا كرر السائل على الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ليعيّن له ليلة واحدة يغتسل فيها فيعلم أنها هي، و لكن الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال له: حَسْبُك: أي يكفيك الليلتان، و ذلك لحكمة يعلمها هو (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- أي ليلة القدر و ظاهره التخيير فى الإتيان بالغسل بين أول الليل و آخره.
6- ظاهره قيام الليل كله من الغروب إلى الفجر. و يحتمل القيام من أوله بمقدار و من آخره كذلك، و ينام ما بين الوقتين. و الأول أنسب بساير الأخبار.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين؛ و صفوان بن يحيى؛ و عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الغسل في ليال من شهر رمضان؛ في تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و أُصيب أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ليلة تسع عشرة، و قُبض في ليلة إحدى و عشرين صلوات الله عليه، قال: و الغسل في أوَّل الليل و هو يجزىء إلى آخره (1)

111- باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: دخلنا على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال له أبو بصير: ما تقول في الصّلاة في شهر رمضان؟ فقال: لشهر رمضان حرمةٌ و حقٌّ لا يشبهه شيء من الشهور، صلِّ ما استطعت في شهر رمضان تطوُّعاً باللّيل و النّهار، فإن استطعت أن تصلّي في كلِّ یوم و ليلة ألف ركعة [فافعل]، إنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في آخر عمره كان يصلّي في كلِّ يوم و ليلة ألف ركعة. فصلِّ يا أبا محمد زيادة [في] رمضان، فقلت: كم، جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: في عشرين ليلة، تصلّي في كلِّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات قبل العَتَمة، و اثنتي عشرة ركعة بعدها سوى ما كنت تصلّي قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر، فصلّ ثلاثين ركعة، في كلِّ ليلة ثماني ركعات قبل العَتَمة، و اثنتين و عشرين ركعة بعدها، سوى ما كنت تفعل قبل ذلك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي العبّاس البقباق؛ و عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يزيد في صلاته في شهر رمضان، إذا صلّى العَتَمة صلّى بعدها، فيقوم الناس خلفه، فيدخل و يدعهم، ثمَّ يخرج أيضاً، فيجيئون و يقومون خلفه، فيدعهم و يدخل مراراً، قال: و قال: لا تُصَلِّ بعد العَتَمة في غير

ص: 156


1- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 1. و روى قريبا منه في التهذيب 1، 17- باب الاغسال و كيفية ... ، ح 35 و أخرجه عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث هنا صحيح. و يدل على أن تقديم الغسل أول الليل أفضل. هذا و قد وردت روايات في التهذيب و غيره تتضمن استحباب الغسل في بعض الليالي غير ما ذكر هنا من شهر رمضان، كالليلة الأولى، و ليلة النصف منه، و في العشر الأواخر منه ... الخ.
2- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه ...، ح 18.الاستبصار 1، 287- باب الزيادات في شهر رمضان، ج 11.

شهر رمضان (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا دخل العشر الأواخر، شدَّ المئزر و اجتنب النساء و أَحْيا اللّيل، و تفرَّغ للعبادة (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن سليمان الجعفريِّ قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3): صلِّ ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، تقرأ في كلِّ ركعة قل هو الله أحد عشر مرَّات (4)

5- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن سنان، عن أبي شعيب المحامليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن الفضيل بن يسار قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كانت ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين، أخذ في الدُّعاء حتّى يزول اللّيل (5)، فإذا زال اللّيل صلّى.

6- عليُّ بن محمد، عن محمد بن أحمد بن مطهّر، أنّه كتب إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يخبره بما جاءت به الرِّواية، أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يصلّي في شهر رمضان و غيره من اللّيل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر، و ركعتا الفجر؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فضَّ الله فاه (6)، صلّى من شهر رمضان في عشرين ليلة، كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني بعد المغرب، و اثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، و اغتسل ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و صلّى فيهما ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة بعد المغرب، و ثماني عشرة بعد عشاء الآخرة، و صلّى فيهما مائة ركعة، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد عشر مرَّات، و صلّى إلى آخر الشّهر كلِّ ليلة ثلاثين ركعة كما فسّرت لك (7)

ص: 157


1- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ...، ح 11. الاستبصار 1 ، 287- باب الزيادات في شهر رمضان، ح 5 بتفاوت فيهما.
2- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 4. و شدّ المئزر: كناية عن الجد في العبادة و الاستعداد و التهيؤ لها.
3- في التهذيبين: عن الجعفري أنه سمع العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)....
4- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ...، ح 13 بتفاوت يسير الاستبصار 1، نفس الباب، ح 4 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5.
5- أي ينتصف.
6- فضّ الله فاه: أي نثر أسنانه، و منه قولهم في الدعاء: لا فُضَّ فوك، أي لا نُثِرَت أسنانك و لا فُرّقت، و إنما يريدون بالفم الأسنان تسمية للشيء باسم محله من باب المجاز. و هو هنا دعاء عليه.
7- التهذيب 3، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 1، نفس الباب، ح 12. بتفاوت يسير فيهما. قال المحقق في الشرائع 110/1: ﴿نافلة شهر رمضان، و الأشهر في الروايات استحباب ألف ركعة في شهر رمضان زيادة على النوافل المرتّبة، يصلي في كل ليلة عشرين ركعة: ثمان بعد المغرب، و اثنتي عشرة ركعة بعد العشاء، على الأظهر، و في كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين على الترتيب المذكور، و في ليالي الإفراد الثلاث (التاسعة عشرة، و الحادية و العشرين و الثالثة و العشرين) في كل ليلة مائة ركعة، و روي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المائة حسب، فيبقى عليه ثمانون، يصلي في كل ليلة جمعة عشر ركعات بصلاة علي و فاطمة و جعفر (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ). و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

112- باب في ليلة القدر (1)

1- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن ليلة القدر؟ فقال: التمسها [في] ليلة إحدى و عشرين، أو ليلة ثلاث و عشرين.

2- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهريِّ، عن عليّ بن أبي حمزة الثماليّ قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له أبو بصير: جُعِلْتُ فِداك، اللّيلة الّتي يُرْجى فيها ما يرجى؟ فقال: في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين، قال: فإن لم أقْوَ على كِلْتَيْهِما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، قلت: فربّما رأينا الهلال عندنا و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من أرض أُخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها، قلت: جُعِلْتُ فِداك، ليلة ثلاث و عشرين، ليلة الجهنيّ؟ فقال: إنَّ ذلك ليقال، قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنَّ سلیمان بن خالد روى: في تسع عشرة يُكتب وفد الحاج؟ فقال لي: يا أبا محمد وفد الحاج يُكتب في ليلة القدر، و المنايا،، و البلايا، و الأرزاق، و ما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، وصلِّ في كلِّ واحدة منهما مائة ركعة، و أحيِهِما إن استطعت إلى النور (2)، و اغتسل فيهما، قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟ قال: فَصَلِّ و أنت جالسٌ، قلت : فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، لا عليك أن تكتحل أوّل اللّيل بشيء من النوم، إنَّ أبواب السماء تُفَتّح في رمضان، و تُصَفّد الشياطين، و تُقْبَل أعمال

ص: 158


1- في وجه تسمية الليلة بليلة القدر وجوه: منها: أن القدر بمعنى التقدير، فهي ليلة يقدّر الله فيها على العبد ما يكون طيلة العام. و منها: أن القدر بمعنى الشأن و المنزلة، إما بلحاظ من أحياها بالعبادة، أو بلحاظ نفس العبادة فيها. و منها: أنها ذات قدر بلحاظ القرآن المنزل فيها و بلحاظ المنزل عليه و بلحاظ أمته التي هي خير أمة أخرجت للناس. و قيل غير ذلك.
2- كناية عن طلوع الفجر و تبلّجه.

المؤمنين؛ نِعْمَ الشهرُ رمضان، كان يسمّى على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): المرزوق (1)

3- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال: علامتها أن تطيب ريحُها، و إن كانت في برد دفئت، و إن كانت في حرّ بردت، فطابت، قال: و سئل عن ليلة القدر؟ فقال: تنزل فيها الملائكة و الكَتَبَةُ إلى السماء الدُّنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة و ما يصيب العباد، و أمره عنده موقوف له، و فيه المشيئة، فيقدّم منه ما يشاء، و يؤخّر منه ما يشاء، و يمحو ويُثِّبتُ و عنده أمُّ الكتاب.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالوا: قال له بعض أصحابنا- قال: و لا أعلمه إلّا سعيد السمّان-: كيف تكون ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (2)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نَزَلَتِ التَّوراةُ في سِتٍّ مَضَت مِن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ الإِنجیلُ فِی اثنَتَی عَشرَةَ لَیلَةً مَضَت مِن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ الزَّبورُ في لَیلَةِ ثَمانِیَ عَشرَةَ مَضَت مَن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ القُرآنُ في لَیلَةِ القَدرِ (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن الفضل؛ و زرارة، و محمد بن مسلم، عن حمران أنّه سأل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ (4)؟ قال: نعم، ليلة القدر، و هي في كلِّ سنة في شهر رمضان في العشر

ص: 159


1- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 4. و روى قصة الجهنيّ في التهذيب 4، 72- باب من الزيادات، ح 100 فراجع. و برقم 2 من الباب 49 من نفس الجزء أيضاً و كذلك برقم 16 من الباب المذكور أدناه من الفقيه 2. و قد ذكر الصدوق أن اسم الجهني عبد الله بن أنيس الأنصاري. و قد ذكر الشيخ عبد الله بن أنيس هذا في رجاله تحت رقم (51) وعده من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و عدّه الميرزا في رجاله من أصحاب علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، وسائر الكتب خالية من ذكره، و لعله لم تكن له إلا هذه الحادثة معه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فاشتهر بها. الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 14. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأبي بصير: ما أيسر ليلتين ...، و ما أيسر أربع ليال ...، يشير إلى رجحان العمل بالاحتياط حتى فيما كان من المندوبات فضلاً عن الواجبات. و الاكتحال بالنوم: كناية عن القليل منه.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و ورد ذلك بتفاوت قليل في التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و...، ضمن ح 2 رواه مضمرا عن سماعة.
3- التهذيب 4، 47- باب فضل شهر رمضان، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير في الجميع.
4- الدخان/ 3. و الضمير في (أنزلناه) يرجع إلى القرآن.

الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أمر حكيم﴾ (1) قال: يقدَّر في ليلة القدر كلُّ شيء يكون في تلك السنّة إلى مثلها من قابِل؛ خير و شرّ، و طاعة و معصية، و مولود و أَجَل أو رزق، فما قدَّر في تلك السنّة و قضى فهو المحتوم، و لله عزَّ و جلَّ فيه المشيئة (2)؛ قال: قلت : ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾، أيُّ شيء عَنى بذلك؟ فقال: العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير، خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس (3) فيها ليلة القدر؛ و لو لا ما يضاعف الله تبارك و تعالى للمؤمنين، ما بلغوا، و لكنّ الله يضاعف لهم الحسنات

[بحبّنا] (4)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السيّاريّ، عن بعض أصحابنا، عن داود بن فَرْقَد قال: حدَّثني يعقوب قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ليلة القدر فقال: أَخْبِرْني عن ليلة القدر، كانت أو تكون في كلِّ عام؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لو رفعت ليلة القدر لرَفِع القرآن (5)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول: -و ناس يسألونه يقولون: الأرزاق تقسّم ليلة النصف من شعبان- قال: فقال: لا و الله، ما ذاك إلّا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، فإنَّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، و في لیلة إحدى و عشرين يُفْرَق كلُّ أمر حكيم، و في ليلة ثلاث و عشرين يُمْضى ما أراد الله عزَّ و جلَّ من ذلك، و هي ليلة القدر الّتي قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، قال: قلت: ما معنى قوله: يلتقي الجَمْعان؟ قال: يجمع الله فيها ما أراد [من] تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه، قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث و عشرين؟ قال: إنّه يفرقه في ليلة إحدى و عشرين [إمضاؤه]، و يكون له فيه البداء، فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين أمضاه، فيكون من المحتوم الّذي لا يبدو له فيه تبارك و تعالى (6)

ص: 160


1- الدخان/ 4.
2- فيه إشارة إلى مسألة البداء.
3- ليس فيها ليلة القدر: أي مع قطع النظر عن ليلة القدر، لا إن الله قد سلبها في تلك المدة.
4- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 10. بتفاوت یسیر.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لو رفعت لرُفع القرآن: ﴿و ذلك لأن في ليلة القدر ينزل كل سنة من تبيين القرآن و تفسيره ما يتعلق بأمور تلك السنة إلى صاحب الأمر فلو لم تكن ليلة القدر لم ينزل من أحكام القرآن ما لا بد منه في القضايا المتجددة، و إنما لم ينزل ذلك إذا لم يكن من ينزل عليه و إذا لم يكن من ينزل عليه لم يكن قرآن لأنهما متصاحبان لن يفترقا حتى يردا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كما ورد في الحديث ...﴾ الوافي للفيض، المجلد الثاني، ج 7 ص 56.
6- الحديث ضعيف.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين.

10- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الوليد؛ و محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن عليِّ بن عيسى القمّاط، عن عمّه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في منامه بني أُميّة يصعدون على منبره من بَعده، و يُضلّون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيباً حزيناً، قال: فهبط عليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: يا جبرئيل، إنّي رأيت بني أُميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي و يُضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى، فقال: و الّذي بعثك بالحق نبيّاً، إنَّ هذا شيء ما اطْلَعْتُ عليه، فَعَرَجَ إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بأي من القرآن يؤنسه بها قال: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ (1)، و أنزل عليه ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَهُ الْقَدْرِ* لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، جعل الله

عزَّ و جلَّ ليلة القدر لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خيراً من ألف شهر، مُلْكُ بني أُميّة (2)

11- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليلة القدر: هي أول السنة، و هي آخرها (3)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن ربيع المسلي؛ و زياد بن أبي الحلال، ذكراه عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، و في ليلة إحدى و عشرين القضاء، و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها، لله جلَّ ثناؤه يفعل ما يشاء في خلقه (4)

113- باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي

ص: 161


1- الشعراء/ 205 و 206 و 207.
2- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 5 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 8 بتفاوت. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 7. و إنما صح القول بأن ليلة القدر هي أول السنة و هي آخرها بلحاظ أن ﴿بإقبال تلك الليلة يتحقق الأمران﴾. أو لأن العمل فيها يكتب في صحيفة السنة المنصرمة و في صحيفة السنة المقبلة.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح6. بتفاوت يسير جداً. و لعل في ذيل الحديث إشارة إلى مسألة البداء.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان في كلّ ليلة: أعوذ بجلال وجهك الكريم، أن ينقضي عنّي شهر رمضان، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه، و لك قِبَلي ذنب أو تَبِعَةٌ تعذِّبني عليه (1)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن أيّوب بن يقطين أو (2) غيره عنهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دعاء العشر الأواخر (3)

تقول في اللّيلة الأولى: ﴿يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ، وَ مُولِجَ (4) النَّهارِ في اللَّيْلِ، وَ مُخْرِجَ الْحَيَّ (5) مِنَ الْمَيِّتِ، وَ مُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ، يا رازِقَ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (6) يا الله، يا رَحْمنُ، یا اللهُ یا رَحِیمُ، یا اللهُ يا الله يا اللهُ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى (7)، وَ الْأَمْثالُ (8) الْعُلْيا، وَ الْكِبْرِياءُ وَ الآلاءُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدِ وَ [علی] أهل بیته، وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي في هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَ رُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ، وَ إِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ (9)، وَ إِساءَتِي مَغْفُورَةً، وَ أَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَ إِيْمَاناً يُذْهِبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَ تُرْضِينِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَ آتِنَا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ الْحَرِيقِ، وَ ارْزُقْنِي فِيها ذِكْرَكَ، وَ شُكْرَكَ، وَ الرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَ الْإِنابَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الثانية: ﴿یَا سَالِخَ النَّهَارِ مِنَ اللَّیْلِ (10)، فَإِذَا نَحْنُ مُظْلِمُونَ، وَ مُجْرِیَ الشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّهَا (11) بِتَقْدِیرِکَ، یَا عَزِیزُ یَا عَلِیمُ، وَ مُقَدِّرَ الْقَمَرِ مَنَازِلَ (12) حَتّی عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ، یَا نُورَ کُلِّ نُورٍ، وَ مُنْتَهی کُلِّ رَغْبَةٍ، وَ وَلِیَّ کُلِّ نِعْمَةٍ، یَا اَللّهُ یَا رَحْمَانُ، یَا اَللّهُ یَا قُدُّوسُ يَا

ص: 162


1- الفقيه 2، 54- باب الدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من ... ، ح 1.
2- الترديد من الراوي.
3- أخرج هذه الأدعية في العشر الأواخر من شهر رمضان كل من الشيخ في التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 35 تحت عنوان: الدعاء في العشر الأواخر. و الشيخ الصدوق في الفقيه 2، 54- باب الدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان، و ذلك بتفاوت في الجميع.
4- أي مدخل الليل في النهار بزيادة النهار و إنقاص الليل و بالعكس.
5- كإخراج النبات من الحبة الميتة. وقيل: كالمؤمن من الكافر.
6- أي من الجهة التي لا يتوقعون منها الرزق، أو الشخص الذي لا يتوقعون نواله أو الوقت الذي لا يتوقعون الكسب فيه. أو أن المراد أنه كثير يعسر عدّه.
7- أي العظمي.
8- جمع: المثل: و هو بالتحريك- كما يقول الفيروز آبادي- الحجّة.
9- عِلَيُّون: اسم للسماء السابعة. وقيل: هو اسم ديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال العباد الصالحين.
10- كان الليل هو الأصل لأنه العدم، فإذا سلخ لباس النور عن الكون بقي ذلك الأصل و هو الظلمة.
11- أي لمقرها في كبد السماء عند وسط النهار، أو إلى نهاية و حدّ مقدّر في علمه تعالى.
12- و هي ثمانية و عشرون ينزل في كل ليلة واحدة منها.

أَحَدُ یَا وَاحِدُ یَا فَرْدُ، یَا اَللّهُ یَا اَللّهُ یَا اَللّهُ، لَکَ الاْءَسْمَاءُ الْحُسْنی وَ الاْءَمْثَالُ الْعُلْیَا﴾ ثمَّ تعود إلى الدعاء الأوَّل (1)إلى قوله-: أسألك أن تصلّي على محمد و أهل بيته- إلى آخر الدُّعاء-.

و تقول في اللّيلة الثالثة (2): ﴿یا رَبَّ لَیْلَهِ الْقَدْر وَ جاعِلَها خَیْراً مِنْ اَلْفِ شَهْر، وَ رَبَّ اللَّیْلِ و النَّهارِ، وَ الْجِبالِ وَ الْبِحارِ، و الظُّلَمِ و الاَنْوارِ، وَ الاَرْضِ وَ السَّماءِ، یا بارِئُ یا مُصَوِّرُ یا حَنّانُ (3) یا مَنّانُ، یا اَللهُ یا رَحْمنُ، یا اَللهُ یا قیّوم (4) یا اَللهُ بَدیعُ، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی، وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا، وَ الْکِبْرِیاءُ وَ الالاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد وَ آلِ مُحَمَّد، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ (5) وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ تُرْضِیَنی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَهَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

3- ابن أبي عمير، عن محمد بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، في الدُّعاء في شهر رمضان في كلّ ليلة تقول: ﴿اللّهم إنّي أسألك فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم في الأمر الحكيم، من القضاء الّذي لا يُردُّ و لا يُبدَّل أن تكتبني من حجّاج بيتك الحرام، المبرور حجّهم، المكفّر عنهم سيّئاتهم، المغفور ذنوبهم، المشكور سعيهم، و أن تجعل فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم في الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الّذي لا يردُّ و لا يبدَّل، أن تطيل عمري، و أن توسّع عليَّ في رزقي، و أن تجعلني ممّن تنتصر به [لدينك] و لا تستبدل بي غيري﴾ (6)

4- محمد بن عيسى بإسناده عن الصّالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تكرَّر في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذا الدُّعاء ساجداً و قائماً و قاعداً، و على كلِّ حال، و في الشهر كلّه، و كيف أمكنك، و متى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد الله تبارك و تعالى، و الصلاة على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿اللّهم كن لوليّك فلان بن فلان في هذه السّاعة، و في كلِّ ساعة، وليّاً و حافظاً و ناصراً و دليلاً و قائداً و عَوناً [و عيناً]، حتّى تسكنه أرضك طوعاً و تمتّعه فيها طويلاً﴾ (7)

ص: 163


1- أي الدعاء الوارد في الليلة الأولى.
2- في الفقيه- هنا- قال: الليلة الثالثة و هي ليلة القدر. أقول: و لعله تصحيف نشأ من الاشتباه بما ورد في أول الدعاء هذه الليلة و هو قوله: يا رب ليلة القدر.
3- الحنّان- بالتشديد- معناه الرحيم و هو اسم من أسماء الله. أو هو الذي يقبل على من أعرض عنه.
4- القيوم: هو الذي قيامه ذاتي له، فهو القائم بذاته لذاته، مع أن غيره لا قيام له إلا به سبحانه حدوثاً و بقاءاً.
5- أي المستشهدين المقتولين تحت راية الحق.
6- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 36 و ح 37 بتفاوت يسير. و في الثاني: عن الصادقين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدل: عن الصالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
7- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 36 و ح 37 بتفاوت يسير. و في الثاني: عن الصادقين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدل: عن الصالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...

و تقول في اللّيلة الرّابعة: ﴿يا فالق الإصباح (1) و جاعل اللّيل سَكَناً و الشمسَ و القمر حُسباناً (2)، يا عزيز يا عليم، يا ذا المنِّ و الطَّوْل، و القوَّة و الحَوْل، و الفضل و الإنعام، و الملك و الإكرام [يا ذا الجلال و الإكرام]، يا الله يا رحمن يا الله يا فرد يا وتر، یا الله یا ظاهر یا باطن یا حيُّ يا لا إله إلّا أنت لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ [ب]الشَّکَّ عَنّی، وَ رَضیَّ بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الخامسة: ﴿يا جاعل اللّيل لباساً، و النّهار معاشاً، و الأرض مهاداً، و الجبال أوتاداً، يا الله يا قاهر، يا الله يا جبّار، يا الله يا سميع، یا الله یا قریب، یا الله یا مجیب، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ رَضیَّ بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

وتقول في اللّيلة السادسة: ﴿يا جاعل اللّيل و النهار آيتين (3)، يا من محا آية اللّيل و جعل آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً منه و رضواناً، يا مفصّل كلِّ شيء تفصيلاً، يا ماجد يا وهّاب، يا الله يا جواد، يا الله يا الله يا الله، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، والآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ تَرضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا

ص: 164


1- أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل، أو عن بياض النهار.
2- أي تحسب بها الأوقات حسب أدوارها و حالاتها المختلفة.
3- و وجه كونهما آيتين لدلاتهما على القادر الحكيم بتعاقبهما على نَسَق واحد. وقيل: يقصد بالآيتين: القمر و الشمس. و عليه فيكون في الكلام حذف تقدير، أي آية الليل و هو القمر، و آية النهار و هي الشمس. أو جعلنا الليل والنهار ذوَي آيتين.

عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَهَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾

و تقول في الليلة السّابعة: ﴿يا مادّ الظِّل (1) و لو شئت لجعلته ساكناً، و جعلت الشمس عليه دليلاً، ثمَّ قبضته إليك قبضاً، يسيراً، ياذا الجود و الطَوْل، و الكبرياء و الآلاء، لا إله إلّا أنت عالم الغيب و الشهادة الرَّحمن الرّحيم، لا إله إلّا أنت يا قُدّوس يا سلام یا مؤمن یا مهیمن یا عزیز یا جبّار يا متكبّر، يا الله يا خالق یا باری یا مصوّر، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الثّامنة: ﴿يا خازن اللّيل في الهواء (2) و خازن النّور في السماء، و مانع السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، و حابسهما أن تزولا، يا عليم يا غفور یا دائم یا الله، یا وارث، یا باعث من في القبور، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی (3)، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة التّاسعة: ﴿يا مكوّر اللّيل على النّهار و مكوِّر (4)النّهار على اللّيل، يا عليم يا حكيم، يا الله، يا ربَّ الأرباب و سيّد السادات، لا إله إلّا أنت، يا أقرب إليَّ من حبل

ص: 165


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة الفرقان/ 45: ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكناً و جعلنا الشمس عليه دليلاً﴾. قيل بأن الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال البيضاوي: و هو أطيب الأحوال و لذلك وصف به الجنة فقال تعالى: و ظل ممدود/ الواقعة/ 30.
2- قد يراد به ظلمة الليل بحيث جعل أسبابها في الهواء كما جعل أسباب النور في السماء.
3- أي تجعله في قلبي كأنه وصل إليك. أو هو كناية عن طلب الكون دائماً ذاكراً لله غير ناس له و لا غافلاً عنه.
4- مأخوذ من قوله تعالى في سورة الزمر/5: ﴿...يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ، وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ ...﴾ و المعنى: يغشي هذا على هذا و هذا على هذا، فيجعله كاراً عليه متتابعاً كتتابع أكوار العمامة بعضها على بعض

الوريد (1)، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة العاشرة: ﴿الحمد لله لا شريك له، الحمد الله كما ينبغي لكرم وجهه و عزَّ جلاله، و كما هو أهله، يا قدُّوس یا نور القدس، يا سبّوح يا منتهى التسبيح، يا رحمن يا فاعلَ الرَّحمة، يا عليم يا كبير، يا الله يا لطیف یا جليل، يا الله يا سميع يا بصير، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان فقل: ﴿اَللَّهُمَّ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ اَلَّذِی أَنْزَلْتَ فِیهِ اَلْقُرْآنَ، وَ قَدْ تَصَرَّمَ (2)، وَ أَعُوذُ بِوَجْهِکَ اَلْکَرِیمِ یَا رَبِّ أَنْ یَطْلُعَ اَلْفَجْرُ مِنْ لَیْلَتِی هَذِهِ أَوْ یَتَصَرَّمَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَ لَکَ قِبَلِی تَبِعَةٌ (3) أَوْ ذَنْبٌ تُرِیدُ أَنْ تُعَذِّبَنِی بِهِ یَوْمَ أَلْقَاکَ﴾.

6- الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في وداع شهر رمضان: ﴿اَللَّهمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ اَلمُنْزَلِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانِ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلقُرْآنُ﴾ (4)، وَ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانِ وَ قَدْ تَصَرَّمَ، فَاَسْألُكَ بِوَجْهِكَ اَلكَرِيمِ وَ كَلِمَاتُكَ

ص: 166


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة ق/ 16: ﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ﴾ و حبل الوريد: عرق في الحلق بين الحلقوم و العلياوين و هما عَصَبا العنق. وقيل: سمّي وريداً لأن الروح تَرِدُهُ.
2- التصرّم: الإنقطاع.
3- التَبِعَة: ما تطلبه من ظلامة و غيرها.
4- البقرة/185.

اَلتَّامَّةِ(1)،إِنْ كَاَنَ بَقِيَ عَلَّيَ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرُهُ لِي، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي عَلَيهِ أَوْ تُقَاسِينِي (2) بِهِ أَنْ يَطْلَعُ فَجْرُ هَذِهِ اَللَّيلَةِ، أْوْ يَتَصَرَّمَ هَذَا اَلشَّهْرُ، إِلاَّ وَ قَدْ غَفَرْتَهُ لِي، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اللّهمَّ لك الحمد بمحامدك كلّها أوَّلها و آخرها، ما قلتَ لنفسك منها و ما قال الخلائق الحامدون المجتهدون المعدودون الموقِّرون ذِكْرَك و الشكرَ لك، الّذين أعنتهم على أداء حقك من (3) أصناف خلقك من (4) الملائكة المقرَّبين و النبيّين و المرسلين، و أصناف الناطقين و المسبّحين لك من (5) جميع العالَمين، على أنّك بلّغتنا شهر رمضان، و علينا من نعمك و عندنا من قِسَمِك و إحسانك و تظاهر امتنانك، فبذلك لك منتهى الحمد الخالد الدائم الراكد المخلّد السرمد الّذي لا ينفد طول الأبد، جلَّ ثناؤك، أعنتنا عليه حتّى قضينا صيامه، و قيامه من صلاة، و ما كان منّا فيه من برّ أو شكر أو ذكر.

اللّهمَّ فتقبّله منّا بأحسن قبولك، وتجاوزك، وعفوك، و صفحك، و غفرانك، و حقيقة رضوانك، حتّى تظفرَنا فيه بكلِّ خير مطلوب، و جزيل عطاء موهوب و تُوَقِّينا فيه من كلِّ مرهوب، أو بلاء مجلوب (6)، أو ذنب مكسوب.

اللّهمَّ إنّي أسألك بعظيم ما سألك به أحدٌ من خلقك، من كريم أسمائك، و جميل ثنائك، و خاصّة دعائك، أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مرَّ علينا منذ أنزلتنا إلى الدُّنيا بركةً في عصمة ديني، و خلاص نفسي، و قضاء حوائجي، و تشفعني في مسائلي، و تمام النّعمة عليَّ، و صرف السوء عنّي ، و لباس العافية لي فيه، و أن تجعلني برحمتك ممّن خِرْتَ له ليلة القدر و جعلتها له خيراً من ألف شهر، في أعظم الأجر، و كرائم ،الذّخر، و حسن الشكر، و طول العمر و دوام اليسر.

اللّهمَّ و أسألك برحمتك و طَوْلِك، و عفوك و نعمائك، و جلالك و قديم إحسانك، و امتنانك، أن لا تجعله آخر العهد منّا لشهر رمضان، حتّى تبلّغناه من قابِل (7) على أحسن حال، و تعرّفني هلاله مع النّاظرين إليه، و المعترفين له، في أعفى عافيتك و أنعم نعمتك، و أوسع

ص: 167


1- يعني بأسمائك الكاملة، أو بتمام ما أنزلته على رسلك و أنبيائك.
2- أي تجعله سببا في إحباط عملي.
3- من هنا تبعيضية.
4- من هنا بيانية.
5- الأظهر أنها للتبعيض. مع احتمال كونها بيانية.
6- أي جلبته المعاصي.
7- أي السنة القادمة.

رحمتك، و أجزل قسمك، يا ربّي الّذي ليس لي ربُّ غيره، لا يكون هذا الوداع منّي له وداع فناء، و لا آخر العهد منّي للّقاء، حتّى ترينيه من قابل في أوسع النّعم و أفضل الرّجاء، و أنا لك على أحسن الوفاء إنّك سميع

الدُّعاء.

اللّهمَّ اسمع دعائي، و ارحم تضرُّعي و تذلّلي لك، و استكانتي، و توكّلي عليك، و أنا لك مسلّم لا أرجو نجاحاً و لا معافاةً و لا تشريفاً و لا تبليغاً إلّا بك و منك، فامنن عليَّ جلَّ ثناؤك و تقدَّست أسماؤك بتبليغي شهر رمضان و أنا معافى من كلّ مكروه و محذور، و من جميع البوائق (1)، الحمد لله الّذي أعاننا على صيام هذا الشّهر و قيامه حتّى بلّغني آخر ليلة منه﴾ (2)

114- باب التكبير ليلة الفطر و يومه

1- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن سعيد النقّاش قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لي: أَمَا إنَّ في الفطر تكبيراً و لكنّه مستور(3)، قال: قلت: و أين هو؟ قال: في ليلة الفطر، في المغرب و العشاء الآخرة، و في صلاة الفجر، و في صلاة العيد، ثمَّ بقطع، قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: ﴿الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله و الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا﴾، و هو قول الله عزَّ و جلَّ(4): ﴿وَ لِتُکْمِلُوا اَلْعِدَّةَ (یَعْنِی اَلصِّیَامَ) وَ لِتُکَبِّرُوا اَللّهَ عَلی ما هَداکُمْ﴾ (5)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط ، عن خَلَف بن حمّاد مثله.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تكبّر ليلة الفطر و صبيحة الفطر، كما تكبّر في العشر (6)

ص: 168


1- جمع البائقة: و هي المصيبة و الداهية و النازلة العظيمة.
2- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 39 تحت عنوان وداع شهر رمضان: الفقيه 2، 55- باب وداع شهر رمضان، ح 1 بتفاوت في الجميع.
3- في التهذيب: مسنون، بدل: مستور .
4- البقرة/185.
5- التهذيب 3، 6- باب صلاة العيدين، ح 43 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 56- باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما ...، ح 1.
6- التشبيه إما في أصل التكبير أو في كيفيته. و الحديث حسن.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الناس يقولون: إنَّ المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر، فقال: يا حسن إنَّ القار يجار (1) إنّما يُعطى أُجرته عند فراعه، ذلك ليلة العيد (2)، قلت: جُعِلْتُ فِداك، فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: إذا غربت الشمس فاغتسل، و إذا صلّيت الثلاث المغرب فارفع يديك و قل: ﴿يَا ذَا الْمَنِّ، يَا ذَا الطَّوْلِ، يَا ذَا الْجُودِ، يَا مُصْطَفِياً مُحَمَّداً وَ نَاصِرَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، أَحْصَيْتَهُ عَلَيَّ وَ نَسِيتُهُ، وَ هُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابِكَ﴾، و تَخِرُّ ساجداً و تقول مائة مرَّة: ﴿أَتُوبُ إِلَی اَللَّهِ﴾، و أنت ساجد، و تسأل حوائجك (3)

4- و روي (4) أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يصلّي فيها ركعتين، يقرأ في الأولى الحمد و قل

هو الله أحد ألف مرَّة، و في الثانية الحمد و قل هو الله أحد مرَّة واحدة.

115- باب يوم الفطر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إطْعَمْ يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلّى (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن جرَّاح المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي، و لا

ص: 169


1- في الفقيه: إن القائل لحّان. و القاريجار: معرّب: كاريكَر، بالفارسية و في بعض النسخ: الفاريجان، و هو الحصّاد الذي يحصد بالفرجَون و هو المنجل: آلة حادة من حديد. و في بعضها: الناريجان، و هو الحصّاد أيضاً.
2- في التهذيب: و كذلك العبد. أقول: و هو أظهر و أنسب بالمعنى.
3- الفقيه 2، 56- باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما يقال في ...، ح 3 بتفاوت. التهذيب 1، 5- باب الأغسال ...، ح 35 و لكنه لم يذكر الدعاء بل أشار إليه.
4- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 31 بتفاوت و أخرجه عن علي بن حاتم عن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... كما رواه السيد ابن طاوس في الإقبال بإسناده إلى التلعكبري بإسناده عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 3، 6- باب صلاة العيدين، ح 41. و اطْعَم: أي تناول الطعام. و هذا و ظاهر أصحابنا أجماعهم على استحباب الأكل قبل الخروج إلى الصلاة في الفطر و بعد عودة منها في الأضحى مما يضحيّ به، أو مطلقاً.

يطعم يوم أضحى حتّى ينصرف الإمام (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عمر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إذا كان أوَّل يوم من شوَّال نادى منادٍ: أيّها المؤمنون، اغدوا (2) إلى جوائزكم، ثمَّ قال: يا جابر، جوائز الله ليست بجوائز هؤلاء الملوك، ثمَّ قال: هو يوم الجوائز (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان صبيحة يوم الفطر، نادى منادٍ: اغدوا إلى جوائزكم (4)

116- باب ما يجب على الناس إذا صَحّ عندهم الرؤية يوم الفطر بعد ما أصْبحوا صائمين

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً، أمر الإمام بالإفطار، و صلّى في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس، فإن شهدا بعد زوال الشمس، أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم، و أخّر الصلاة إلى الغد فصلّى بهم (5)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد رفعه قال: إذا أصبح الناس صياماً و لم يروا الهلال، و جاء قوم عدول يشهدون على الرُّؤية، فليفطروا ، و ليخرجوا من الغد أوَّل النهار إلى عیدهم (6)

ص: 170


1- التهذيب 3، نفس الباب، ح 42 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 58- باب النوادر، (قبل باب الفطرة)، ح 15
2- أي بكّروا. أو اخرجوا غدوة.
3- الفقيه 2 ، 58- باب النوادر، ح 22 بتفاوت قليل. و كان رحمه الله قد أخرجه برقم 26 من الباب 79 من الجزء الأول من الفقيه، كما كرره بتفاوت ذيل الحديث رقم 3 من الباب 28 من الجزء الثاني من الفقيه. و الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف.
5- الفقيه 2، 57- باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية ...، ح 1 و 2 بتفاوت. و الأول صحيح، و الثاني مرفوع. قال العلامة في المختلف: لو لم يثبت هلال العيد إلا بعد الزوال أفطر، و سقطت الصلاة فرضاً و نفلاً. هذا، و نقل عن ابن الجنيد أنه ذهب إلى وجوب الإفطار، مع بنائه على عدم سقوط الصلاة في هذه الحال. و هو مردود بفوات وقت الصلاة و إن القضاء يحتاج إلى أمر جديد.
6- الفقيه 2، 57- باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية ...، ح 1 و 2 بتفاوت. و الأول صحيح، و الثاني مرفوع. قال العلامة في المختلف: لو لم يثبت هلال العيد إلا بعد الزوال أفطر، و سقطت الصلاة فرضاً و نفلاً. هذا، و نقل عن ابن الجنيد أنه ذهب إلى وجوب الإفطار، مع بنائه على عدم سقوط الصلاة في هذه الحال. و هو مردود بفوات وقت الصلاة و إن القضاء يحتاج إلى أمر جديد.

117- باب النوادر

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السيّاريِّ، عن محمد بن إسماعيل الرَّازي عن أبي جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: جُعِلْتُ فِداك، ما تقول في الصوم، فإنّه قد روي أنّهم لا يوفّقون لصوم؟ فقال: أما إنّه قد أُجيبت دعوة الملك فيهم، قال: فقلت: و كيف ذلك، جُعِلْتُ فِداك؟ قال: إنَّ الناس لمّا قتلوا الحسين صلوات الله عليه، أمر الله تبارك و تعالى ملكاً ينادي: أيّتها الأُمّة الظّالمة القاتلة عترة نبيّها، لا وفّقكم الله لصوم و لا لفطر (1)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: يا عبد الله، ما من عيد للمسلمين أضحى و لا فطر، إلّا و هو يجدِّد لآل محمد فيه حُزْناً، قلت: و لم ذاك؟ قال: لأَنّهم يَروْنَ حقّهم في يد غيرهم (2)

3- علىُّ بن محمد، عمّن ذكره، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسيِّ، عن رزين قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لما ضُربَ الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالسيف، فسقط رأسه، ثمَّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من بطنان العرش: ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها، لا وفّقكم الله لأضحى و لا لفطر، قال: ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلا جَرَمَ و الله، ما وُفّقوا و لا يوفّقون حتّى يثأر ثائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

4- الحسين بن محمد، عن الحرَّانيِّ، عن عليِّ بن محمد النّوفليِّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أفطرت يوم الفطر على تين و تمر [ة]؟ فقال لي: جمعت بَرَكَةً و سُنّة (4)

ص: 171


1- روى ذيله في الفقيه 2، 25- باب صوم التطوّع و ثوابه من ...، ح 3 مرسلاً عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعیف.
2- التهذيب 3، 26- باب صلاة العيدين، ح 26 بتفاوت يسير. و فيه: عبد الله بن ذبيان بدل: عبد الله بن دينار. الفقيه 1، 79- باب صلاة العيدين، ح 28 و أورده مرسلاً. و أورده عن حنان بن سدير عن عبد الله بن سنان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 19 من الباب 58 من الجزء الثاني من الفقيه. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 58- باب النوادر، ح 20 بتفاوت و بدون الذيل. و الحديث ضعيف. و المقصود بثائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الإمام الحجة عجّل الله فَرَجَه فهو الذي بثورته على الظالمين و استئصالهم يحقق هدف الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من ثورته المباركة فيكون قد أخذ بثأره.
4- الفقيه 2 ، نفس الباب، ح17. بتفاوت. و الحديث مجهول. و تعليق الشيخ المجلسي رحمه الله على هذا الحديث في مرأته يشعر بأن ما هنا من كلمة: تين: هو تصحيف كلمة: طين، كما وردت في الفقيه: طين القبر. لأنه ذكر في تعليقته استحباب الإفطار يوم الفطر بالتربة و التمر، و لا بد من حمل أكل الطين على ما إذا تناول منه بمقدار الحمصة بقصد الاستشفاء بتربة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأن المقصود به طين قبره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

5- سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار أو (1)غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أُتي بطيب يوم الفطر بدء بنسائه (2)

118- باب الفِطْرَة(3)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك أن تؤدِّي الفطرة عنه، قال: و إعطاء الفطرة قبل الصّلاة أفضل، و بعد الصّلاة صدقة (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران؛ و عليِّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الفطرة؟ فقال: على الصّغير و الكبير و الحرّ و العبد، عن كلِّ إنسان صاع من حنطة، أو صاع من تمر، أو صاع من زبيب (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التّمر في الفطرة أفضل من غيره، لأنّه أسرع منفعة، و ذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه، قال: و قال: نزلت الزَّكاة و ليس للنّاس أموال، و إنّما كانت الفطرة (6)

ص: 172


1- الترديد من الراوي.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 و فيه: بلسانه. أي أخذ من ذلك الطيب بلسانه ليكون أول ما يتناوله المفطر يوم الفطر. و على ما هنا: بنسائه: أي بإعطائهن من ذلك الطيب أولاً. و الحديث ضعيف أو مجهول.
3- يقول الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة: ﴿زكاة الفطرة، و نطلق على الخلقة و على الإسلام، و المراد بها على الأول زكاة الأبدان مقابل المال، و على الثاني زكاة الدين و الإسلام و من ثَمّ وجبت على من أسلم قبل الهلال﴾.
4- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 1.
5- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 2. و كرره برقم 2 من الباب 25 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 24- باب كمية زكاة الفطرة، ح 2. و معنى (على) في الحديث (عن). و لا خلاف في عدم وجوب إخراج زكاة الفطرة على الصغير و العبد و المجنون، بل على من يعولهم إن كان من أهله، قال الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و لا فرق في العبد بين القِنّ و المُدَبِّر و المكاتب إلا إذا تحرر بعض المطلق فيجب عليه بحسابه، و في جزئه الرق و المشروط قولان: أحدهما وجوبها على المولى ما لم يعله غيره﴾.
6- التهذيب 4، 26- باب أفضل الفطرة و مقدار القيمة، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و أفضلها (يعني الزكاة) التمر، لأنه أسرع منفعة و أقل كلفة، و لاشتماله على القوت و الأدام، ثمَّ الزبيب لقربه من التمر في أوصافه، ثم ما يغلب على قوته من الأجناس و غيرها﴾. و هذا المعنى ذكره المحقق رحمه الله في الشرائع 174/1.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن إبراهيم بن ميمون قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الفطرة، إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة، و إن كانت بعدما تخرج إلى العيد فهي صدقة (1)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريِّ، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الفطرة، كم تدفع عن كلِّ رأس من الحنطة و الشّعير و التّمر و الزَّبيب؟ قال: صاع بصاع النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن تعجيل الفطرة بيوم؟ فقال: لا بأس به، قلت: فما ترى بأن نجمعها و نجعل قيمتها وَرِقاً (3) و نعطيها رجلاً واحداً مسلماً؟ قال: لا بأس به.

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يعطي الرَّجل عن عياله و هم غُيّبٌ عنه، و يأمرهم فيعطون عنه و هو غائب عنهم(4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا (5)، عن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن بلال قال: كتبت إلى

ص: 173


1- التهذيب 4، 22- باب وقت زكاة الفطرة، ح 3. الاستبصار 2، 23- باب وقت الفطرة، ح 3. هذا، و عن جماعة كثيرة من المتأخرين، و عن الشيخ وابن إدريس و ابن حمزة أن وقت وجوب زكاة الفطرة هو دخول ليلة العبد. و عن الشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف و ابن البرّاج و غيرهم أن وقت وجوبها هو طلوع الفجر من يوم العيد، و قد استدل له برواية العيص بن القاسم المتقدمة برقم (1) من هذا الباب، و التي عند التأمل فيها يبدو أنها ظاهرة في وقت الإخراج لا وقت الوجوب. و كما اختلفوا في أول وقت وجوب زكاة الفطرة اختلفوا أيضاً في آخر وقتها، فالمحكي عن الشيخين و الصدوقين و الحلبي و غيرهم أنه صلاة العيد، و لذا نجد العلامة في التذكرة يقول: لو أخّرها عن صلاة العيد اختياراً إثمُ عند علمائنا أجمع، و كذلك ما هو موجود في المنتهى. و أما الإسكافي فقد نقل عنه- و وافقه عليه جملة من أصحابنا- كما عن المختلف و البيان و الدروس و الإرشاد، من أن آخر وقت الوجوب هو زوال يوم العيد، بل ادعى في المنتهى الإجماع على أنه لو أخّرها عن العيد مختاراً عامداً فهو مأثوم ثم قال: و الأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة و يحرم تأخيرها عن يوم العيد. و قوّى المجلسي هذا القول في مرآته.
2- التهذيب 4، 25- باب كمية الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 24- باب كمية الفطرة، ح 1. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 2.
3- الورق: الدراهم المضروبة. و يدل على جواز إخراج القيمة في زكاة الفطرة، و هو إجماعي عندنا على أن تكون القيمة السوقية. و لا بد من حمل جواز تعجيلها عن هلال شوال بأن يكون على نحو القرض و أن ذهب كثير من الأصحاب إلى جواز إخراجها في شهر رمضان و منهم الشيخ في بعض كتبه و ابنا بابويه و المحقق في المعتبر.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 106 بتفاوت يسير.
5- في التهذيبين: عن بعض أصحابنا.

الرَّجل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن الفطرة، و كم تُدفع، قال: فكتب: ستّة أرطال من تمر بالمدنيِّ، و ذلك تسعة أرطال بالبغداديِّ (1)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمدانيِّ،- و كان معنا حاجّاً- قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على يدَي أبي: جُعِلْتُ فِداك، إِنَّ أصحابنا اختلفوا في الصّاع ،بعضهم يقول: الفطرة بصاع المدنيِّ، و بعضهم يقول: بصاع العراقيّ؟ فكتب إليَّ: الصّاع ستّة أرطال بالمدنيّ، و تسعة أرطال بالعراقيّ؟ قال: و أخبرني أنّه يكون بالوزن ألفاً و مائة و سبعين وِزْنَة (2)

10- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، و سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل لا يكون عنده شيء من الفطرة إلّا ما يؤدّي عن نفسه وحدها، يعطيه غريباً، أو يأكل هو و عياله؟ قال: يعطي بعض عياله، ثمَّ يعطي الآخر عن نفسه، يُرَدِّدونَها، فيكون عنهم جميعاً فطرةً واحدةً (3)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة

ص: 174


1- التهذيب 4، 25- باب كمية الفطرة، ح 16 و ليس فيه كلمة أرطال في الذيل. الاستبصار 2، 25- باب مقدار الصاع، ح 1. هذا، و مما لا خلاف يُعْتَدُّ به- كما يقول صاحب الجواهر-، كما أن ظاهر المدارك عدم الخلاف فيه، بل ادعى السيد المرتضى في الانتصار الإجماع عليه هو أن الصاع الشرعي و هو مقدار زكاة الفطرة تسعة أرطال بالعراقي، كما أنه مما لا خلاف يعتد به- على حد تعبير صاحب الجواهر- و هو ظاهر المدارك أيضاً أن الصاع ستة أرطال بالمدني. كما نسب في محكي المنتهى إلى العلماء كافة، بل نقل الإجماع عن التذكرة و الخلاف و غيرهما أن الصاع أربعة أمداد بالمد الشرعي، بل قال العلامة المجلسي في رسالته أنه مما اتفق عليه بين العامة و الخاصة.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 3. هذا و الوِزْنَة: هي الدرهم الشرعي على رأي الشيخ المجلسي حيث ذكره في مرآته، في قبال من ذهب إلى أنها المثقال، متابعة للفيروز آبادي، و قد بيّن فساد هذا القول فراجع الجزء 418/16- 419.
3- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 17. الاستبصار 2، 21- باب سقوط الفطرة عن الفقير و...، ح 11. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يرددونها بينهم: أي يتناقلونها من يد إلى يد، ثم يتصدق صاحب العيال به على فقير كما هو ظاهر الشهيد في البيان. و قال صاحب المدارك: إن الظاهر من الترديد الردّ إلى المتصَدِّق الأول. و قد استظهر بعض فقهائنا المعاصرين من الرواية الرد إلى بعضهم سواء أكان الأول أم غيره فلا تخرج الفطرة عنهم. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن القدر الواجب في الفطرة صاع عن كل رأس، و الصاع أربعة أمداد و هي تسعة أرطال بالعراقي. و قال المحقق رحمه الله في الشرائع 171/1: ﴿و يستحب للفقير إخراجها، و أقلّ ذلك أن يدير صاعاً على عياله ثم يتصدق به، و مع الشروط يخرجها عن نفسه و عن جميع من يحوله فرضاً أو نفلاً من زوجة و ولد و ما شاكلهما، وضيف و ما شابهه صغيراً كان أو كبيراً، حراً أو عبداً، مسلماً أو كافرا﴾.

قال: قلت: الفقير الّذي يتصدِّق عليه، هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم، يعطي ممّا يُتَصَدَّق به علیه (1)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مولود وُلِدَ ليلةَ الفِطر ، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر، قال: و سألته عن يهوديّ أسلم ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا (2)

13- محمد بن الحسين، عن محمد بن القاسم بن الفضيل البصريِّ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كتبت إليه: الوصيُّ يزكّي عن اليتامى زكاة الفطرة إذا كان لهم مال؟ فكتب: لا زكاة على يتيم. و عن مملوك يموت مولاه و هو عنه غائب في بلد آخر، و في يده مال لمولاه ، و يحضر الفِطر، أيزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ قال: نعم (3)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: جُعْلِتُ فِداك، هل على أهل البوادي الفطرة؟ قال: فقال: الفطرة على كلِّ من اقتات قوتاً فعليه أن يؤدِّي من ذلك القوت (4)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة؟ قال: يتصدَّق بأربعة أرطال من لبن (5)

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يكون عنده الضّيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر، يؤدِّي

ص: 175


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 10. و الحديث في الجميع مضمر.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5، الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت و زيادة في ضمنه و في آخره.
3- التهذيب 4، 8- باب زكاة أموال الأطفال و المجانين، ح 15 بتفاوت يسير و روى صدره فقط، و كرر روايته برقم 117 من الباب 72 من نفس الجزء. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 5 و روى صدره فقط. و روى ذيله برقم 13 من الباب 59 من الفقيه 2 أيضا. و كان الشيخ الكليني عليه الرحمة قد روى صدر هذا الحديث برقم 8 من الباب 292 من الجزء الأول من الفروع.
4- التهذيب 4، 23- باب ماهية زكاة الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 22- باب ماهية زكاة الفطرة، ح 1.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما و أخرجاه عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي الحسن علي بن سليمان، عن الحسن بن علي، عن القاسم بن الحسن عمن حدثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و لا بأس أن ننبه هنا إلى إجماع أصحابنا على أن مقدار زكاة الفطرة هو صاع عن كل رأس، و قد اطّرحوا من الروايات ما تضمن نصف الصاع و حملوه على التقية. نعم ذهب جماعة من أصحابنا كالشيخ في التهذيب و الاستبصار و المبسوط و المحقق في الشرائع و النافع و العلامة في التذكرة و غيرها و غيرهم بل نسب إلى كثير إلى أن الفطرة إن كانت من اللبن فهي أربعة أرطال.

عنه الفطرة؟ قال: نعم، الفطرة واجبة على كلِّ من يعول، من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك(1)

17- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس أن يعطي الرَّجلُ الرَّجلَ عن رأسين و ثلاثة و أربعة- يعني الفطرة- (2)

18- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن مالك الجهنيِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن زكاة الفطرة؟ قال: تعطيها المسلمين، فإن لم تجد مسلماً فمستضعفاً، و أعْطِ ذا قرابتك منها إن شئت (3)

19- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صدقة الفطرة، أُعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني؟ قال: نعم، الجيران أحقُّ بها لمكان الشُّهْرَة (4)

20- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يؤدِّي الرَّجل زكاة الفطرة عن مكاتَبِهِ، و رقيق امرأته، و عبده النّصرانيِّ، و المجوسيِّ، و ما أغلق عليه بابه (5)

ص: 176


1- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و كرره في التهذيب 4 برقم 109 من الباب 72 بزيادة في آخره.
2- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما يعطى الفقير منها ، ح 11 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و ما تضمن هذا الخبر من جواز إعطاء الواحد فطرة أكثر من رأس متفق عليه بين أصحابنا، و إن اختلفوا في جواز تفريق الصاع الواحد على أكثر من فقير.
3- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما ...، ح 3. هذا و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم بل الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر، عدم جواز إعطاء زكاة الفطرة للمخالفين فضلاً عن الكافرين، إلا في صورة عدم وجود فقراء المؤمنين فيجوز إعطاء زكاة الفطرة للمستضعف من أهل الخلاف كما نسب ذلك إلى الشيخ و من تابعه و بهذا تفترق زكاة الفطرة عن زكاة المال من حيث المصرف حيث لا يجوز إعطاء زكاة المال إلى المستضعف من أهل الخلاف حتى مع عدم وجود فقراء المؤمنين إلا من سهم المؤلفة أو سبيل الله إذا كان في الصرف على المخالف مصلحة للمؤمن و هذا يعود في الواقع إلى كونه صرفاً على المؤمن لا المخالف. كما لا بد من تقييد القرائة في الحديث بمن لا يكون منهم واجب النفقة على المالك.
4- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما ...، ح 7. الاستبصار 2، 27- باب مستحق الفطرة من أهل الولاية، ح 3. و قد حمله في التهذيبين على ما إذا لم يعرف منه النصب و يكون مستضعفاً و زاد في التهذيب وجهاً آخر و هو أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سوّغ له ذلك لضرب من التقية، مؤيداً هذا الوجه بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذيل الحديث: لمكان الشهرة.
5- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 3 و فيه: زكاته، بدل: زكاة الفطرة. و كرره بسبد آخر برقم 107 من الباب 72 من نفس الجزء من التهذيب.

21- أبو عليّ الأشعريُّ عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن معتِّب (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: اذهب فأَعْط عن عیالنا الفطرة، و أَعْط عن الرَّقيق، و اجمعهم و لا تدع منهم أحداً، فإنّك إن تركت منهم إنساناً تخوَّفتُ عليه الفوت، قلت: و ما الفوت؟ قال: الموت (2)

22- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن أخيه عبد الرَّحمن بن محمد، عن محمد ابن إسماعيل قال: بعثت إلى أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدارهم لي و لغيري و كتبت إليه أُخْبِرُهُ أنّها من فطرة العيال فكتب بخطّه: قَبَضْتُ و قبِلْتُ (3)

23- أبو العبّاس الكوفيُّ، عن محمد بن عيسي، عن أبي عليِّ بن راشد قال: سألته عن الفطرة، لمن هي؟ قال: للإمام، قال: قلت له: فأُخْبِرُ أصحابي؟ قال: نعم، من أردت أن تطهّره، منهم، و قال: لا بأس بأن تعطي و تحمل ثمن ذلك وَرِقاً (4)

24- محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الله بن جعفر، عن أيّوب بن نوح قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ قوماً سألوني عن الفطرة، و يسألوني أن يحملوا قيمتها إليك، و قد بعث إليك هذا الرَّجل عام أوَّل، و سألني أن أسألك فنسيت ذلك، و قد بعثت إليك العام عن كلِّ رأس من عيالي بدرهم على قيمة تسعة أرطال بدرهم، فَرَأْيَكَ، جَعَلَني اللهُ فِداك، في ذلك؟ فكتب (عَلَیْهِ السَّلاَمُ): الفطرة قد كثر السّؤال عنها، و أنا أكره كلِّ ما أدَّى إلى الشّهرة، فاقطعوا ذكر ذلك، و اقبض ممّن دفع لها، و أَمْسِكْ عمّن لم يدفع (5)

119- باب الاعتكاف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 177


1- مُعَتِّب: هو مولى الإمام أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ذكره الشيخ في رجاله برقم (654) كما ذكره الكشي برقم (126) فراجع.
2- الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 18.
3- التهذيب 4، 15- باب ما يحل لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ذيل ح 9 بتفاوت. و كرره برقم 3 من الباب 28 من نفس الجزء بنفس نص الفروع هنا. الاستبصار 2، 17- باب ما يحل لبني هاشم من الزكاة، ذيل ح 7 بتفاوت. الفقيه 2، 5- باب الاصناف التي تجب عليها الزكاة، ح ذيل ح 43 بتفاوت ايضاً.
4- التهذيب 4، 28- باب وجوب اخراج الزكاة الى الامام، ح 1. و الوَرِق : الدراهم المضروبة. و قد نقل صاحب الجواهر الاجماع على جواز اعطاء قيمة الزكاة من الدراهم و الدنانير بالقيمة السوقية و قد مرّ منا التنبيه على ذلك.
5- التهذيب 4، 28- باب وجوب اخراج الزكاة الى الامام، ح 2. و قوله: بدرهم. يظهر أن الدرهم كان آنذاك القيمة السوقية للأرطال التسعة، و يدل على جواز دفع القيمة في الزكاة. و لا يدل على تعيّن الدرهم فيها، لاختلاف القيمة السوقية باختلاف الزمان و المكان.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا كان العشرُ الأواخر (1)، اعتكف في المسجد، و ضُربت له قبّة من شعر، و شمّر المئزر و طوى فراشه، و قال بعضهم: و اعتزل النساء، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أمّا اعتزال النّساء فلا (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت بدر في شهر رمضان، فلم يعتكف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فلما أن كان من قابِل، اعتكف عِشرين (3): عشراً لعامه، و عشراً قضاء لما فاته (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داوود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: اعتكف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في شهر رمضان في العشر الأولى، ثمَّ اعتكف في الثّانية في العشر الوسطى ، ثمَّ اعتكف في الثّالثة في العشر الأواخر، ثمَّ لم يزل يعتكف في العشر الأواخر (5)

120- باب إنه لا يكون الاعتكاف إلّا بصوم

الثالثة في في العشر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داوود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا بصوم (6)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا اعتكاف إلّا بصوم (7)

ص: 178


1- يعني من شهر رمضان.
2- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 1. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف ، ح 5. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 2. و قد فسّر الصدوق رحمه الله في الفقيه قوله: و طوى فراشه، بترك الجُماع، و هو غير دقيق، اذ قد يكون كناية عن قيامه الليل للعبادة فلا حاجة به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الى فراش ابداً.
3- أي عشرين يوماً. و يحتمل عَشْرَين (بفتح العين) بصيغة التثنية كما قرأه الشيخ المجلسي رحمه الله.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 20.
6- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 5 و 6. و في ذيل الثاني: إلا بصيام. هذا و قد اجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من شرائط الاعتكاف الصوم، فلا يصح- كما يقول المحقق في الشرائع 1/ 215- إلا في زمان يصحّ فيه الصوم ممن يصح منه، فإن اعتكف في العيدين لم يصحّ و كذا لو اعتكفت الحائض و النفساء، أو المسافر الذي لا ينوي الاقامة عشرة أيام.
7- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 5 و 6. و في ذيل الثاني: إلا بصيام. هذا و قد اجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من شرائط الاعتكاف الصوم، فلا يصح- كما يقول المحقق في الشرائع 1/ 215- إلا في زمان يصحّ فيه الصوم ممن يصح منه، فإن اعتكف في العيدين لم يصحّ و كذا لو اعتكفت الحائض و النفساء، أو المسافر الذي لا ينوي الاقامة عشرة أيام.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا بصوم في [ال] مسجد الجامع (1)

121- باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الاعتكاف ببغداد، في بعض مساجدها؟ فقال: لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل بصلاة جماعة، و لا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة، و البصرة، و مسجد المدينة، و مسجد مكّة (2)

2- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا في العشرين من شهر رمضان، و قال: إنَّ علياً صلوات الله عليه كان يقول: لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام، أو مسجد الرَّسول، أو مسجد جامع، و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدَّ منها، ثمَّ لا يجلس حتّى يرجع، و المرأة مثل ذلك (3)

ص: 179


1- يدل على عدم جواز الاعتكاف إلا في مسجد جامع . و سيأتي الحديث فيه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14 و 15. الاستبصار 2، 71- باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف، ح 1و 2. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 4. هذا و قد حصر الحديث صحة الاعتكاف و جوازه في مسجد قد صلىّ فيه إمام عدل جماعة و نفى البأس عن الاعتكاف في المساجد الأربعة المذكورة و هو مذهب الاكثر من فقهائنا، و لكن الشهيدين رحمهما الله قالا بصدد ذلك: ﴿و الحصر في الأربعة: الحرمين و جامع الكوفة و البصرة- أو المدائن بدله- أو الخمسة المذكورة بناء على اشتراط صلاة نبي أو إمام فيه، ضعيف، لعدم ما يدل على الحصر و إن ذهب إليه الأكثر﴾. أقول: و إذا عرفنا أن مستند هذا الأكثر فيما ذهب إليه من الحصر في الأربعة أو الخمسة هو هذه الرواية التي وردت في الكتب الأربعة، و عليها حملوا ما ورد من الروايات المطلقة عرفنا أن ما عدا الأكثر لم يفهموا من الإمام العدل: المعصوم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، بل مطلق العادل، و بذلك ضعّفوا دلالة الرواية على الحصر كما هو واضح، إضافة الى تمسكهم بالروايات المطلقة في هذا الباب.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بدون صدر الحديث. و في التهذيبين: إلّا في العشر الأواخر ...، بدل: إلّا في العشرين. أي أن بداية الاعتكاف يكون يوم العشرين و هو أول العشر الأواخر من شهر رمضان، فيستقيم مع بقية الروايات المصرّحة بذلك. و قوله: و لا ينبغي ...، و إن كان ظاهره الكراهة إلا انه حمل على التحريم، قال المحقق في الشرائع 217/1: ﴿فلو خرج لغير الأسباب المبيحة بطل اعتكافه طوعاً خرج أو كرهاً ... و يجوز الخ روج للأمور الضرورية كقضاء الحاجة و الاغتسال و شهادة الجنازة و عيادة المريض و تشييع المؤمن و إقامة الشهادة، و إذا خرج لشيء من ذلك لم يجز له الجلوس و لا المشي تحت الظلال و لا الصلاة خارج المسجد إلا بمكة فإنه يصلي بها أين شاء﴾. و بنفس هذا المضمون ورد في اللمعة و الروضة للشهيدين، و إليه ذهب العلامة في التذكرة و خالف في صورة خروجه كرهاً إذا كان لوقت قصير فإذا طال بطل.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الاعتكاف، قال: لا يصلح الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام، أو مسجد الرَّسول ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أو مسجد الكوفة أو (1) مسجدِ جماعة، و تصوم ما دمت معتكفاً.

4- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال: المعتكف بمكّة، يصلّي في أيِّ بيوتها شاء، سواء عليه في المسجد صلّى أو في بيوتها (2)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتكف بمكّة يصلّي في أيِّ بيوتها شاء، و المعتكف في غيره لا يصلّي إلّا في المسجد الّذي سمّاه (3)

122- باب أقلّ ما يكون الاعتكاف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة كان زوجها غائباً، فَقَدِمَ و هي معتكفة بإذن زوجها، فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها، فتهيّأت لزوجها حتّى واقعها؟ فقال: إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تنقضي ثلاثة أيّام، و لم تكن اشترطت (4) في اعتكافها، فإنَّ عليها ما على المظاهِر (5)

ص: 180


1- ظاهره التعميم بعد التخصيص. و الحديث حَسَنٌ.
2- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 22 . الاستبصار 2، 71- باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف، ح 7. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 7. و قد تضمن الحديث خصوصية لمكة زادها الله شرفا دون غيرها، و هي أنه يجوز للمعتكف في مسجدها أن يصلي إذا خرج منه في أي من بيوتها لأنها- كما ورد في بعض الروايات- كلها حرم، و أما بقية شرائط الاعتكاف و أحكامه من كون خروجه لضرورة و غير ذلك فهي عامة للمعتكف فيها و للمعتكف في غيرها.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و الحديث صحيح كالذي سبقه. انظر التعليقة السابقة.
4- أي اشترطت على ربها عند عقد نية الاعتكاف أن تخرج منه إن عرض لها عارض، و مشروعية الاشتراط مقطوع به في كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قطع الشهيد في الدروس جواز الرجوع في الاعتكاف عند الاشتراط مطلقاً من دون تقيد بالعارض.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. هذا و مما أجمع عليه الأصحاب- كما ذكره صاحب الجواهر- أنه يحرم على المعتكف مباشرة النساء بالجماع قبلاً و دُبُراً، بل المشهور حرمة اللمس و التقبيل بشهوة عليه، و ذكر صاحب المدارك أنه مما قطع به الأصحاب أيضاً، كما لا خلاف بين أصحابنا و لا إشكال عندهم في أنه إذا أفسد اعتكافه بالجماع فإن عليه كفارة مخيّرة ككفارة شهر رمضان في أقوى القولين و أشهرهما، و نسبه في التذكرة إلى علمائنا و ادعى في الغنية إجماعهم عليه، و القول الآخر هو ما عليه صاحبا المسالك و المدارك و غيرهما أنها كفارة ظهار، و نسبه فى المبسوط إلى بعض أصحابنا، و معنى كونها كفارة ظهار أنها مرتّبة فيجب فيها عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً.

2- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يكون الاعتكاف أقلُّ من ثلاثة أيّام، و من اعتكف صام، و ينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الّذي يُحْرم (1)

3- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اعتكف يوماً و لم يكن اشترط، فله أن يخرج و يفسخ الاعتكاف، و إن أقام يومين و لم يكن اشترط، فليس له أن يفسخ اعتكافه حتّى يمضي ثلاثة أيّام (2)

4- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتكف لا يشمُّ الطيب، و لا يتلذَّذ بالرَّيحان، و لا يماري، و لا يشتري، و لا يبيع، قال: و من اعتكف ثلاثة أيّام، فهو يوم الرَّابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيّام أُخر، و إن شاء

خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد الثّلاثة، فلا يخرج من المسجد حتّى يتمَّ ثلاثة أيّام اُخَر (3)

ص: 181


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، 72- باب الاشتراط في الاعتكاف، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و قد دل الحديث على أن أقلّ ما يصح معه الاعتكاف هو الثلاثة، و إن الصوم شرط فيه، و هذان الحكمان اجماعيان عند أصحابنا رضوان الله عليهم
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و الحكم الذي تضمنه هذا الحديث مختص بالاعتكاف المندورب دون الواجب بنذر و شبهه. و قد اختلف أصحابنا في هذا الحكم على أقوال ثلاثة، الأول: أنه بالخيار في أن يبطل اعتكافه في أي يوم شاء، الثاني : أنه لا يجوز له أن يبطله بل يجب عليه إتمامه بمجرد انعقاده، الثالث: هو ما تضمنه هذا الحديث من التفصيل بين اليوم الأول فله أن يبطله، وبين ما إذا كان قد مضى يومان على اعتكافه فليزمه إتمام الثالث، و هذا القول هو الأقوى عندهم، كل ذلك في صورة عدم اشتراطه عند عقده نية الاعتكاف، و إلّا جاز له نقضه، قال المحقق في الشرائع 216/1: ﴿و من ابتدأ اعتكافاً مندوباً كان بالخيار في المضي فيه و في الرجوع، فإن اعتكف يومين وجب الثالث﴾.
3- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 4. الاستبصار 2، 72- باب الاشتراط في الاعتكاف، ح 3 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 11. و الظاهر من مجموع كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم أن ما تضمنه هذا الحديث من النهي عن البيع و الشراء و المماراة على المعتكف أنه إجماعي. و المماراة: المجادلة سواء كانت في أمر ديني أو دنيوي لمجرد إظهار الغلبة- كما في المسالك- و أما حرمة شم الطيب و ما شابه فهو القول الأظهر كما يبدو من المحقق في الشرائع 219/1، و قد نقل المجلسي في مرآته عن الشيخ في المبسوط أنه لا يقول بذلك، و لكني راجعت الخلاف 409/1 فتبين أنه رحمه الله ممن يجزم بالحرمة قال: لا يجوز للمعتكف استعمال شيء من الطيب، و قال الشافعي: يجوز ذلك، دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضاً إذا لم يستعمل الطيب صحّ اعتكافه بلا خلاف، و إذا استعمل ففي صحته خلاف. و أما ما ورد في الحديث فيما يتعلق بوجوب إكمال اليوم السادس فيما إذا صام خمسة أيام، فقد قال المحقق في الشرائع 216/1: ﴿و كذا لو اعتكف ثلاثاً ثم اعتكف يومين بعدها وجب السادس﴾. و هذا هو الأشهر بين أصحابنا كما يقول الشهيد الثاني في الروضة، بل يتعدّى إلى كل ثالث على الأقوى كالسادس و التاسع لو اعتكف خمسة و ثمانية ... الخ.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان قال: بدأني أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من غير أن أسأله فقال: الاعتكاف ثلاثة أيّام؛ يعني (1) السُنَّة إن شاء الله.

123- باب المعتكف لا يخرج من المسجد إلّا لحاجة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضَالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المعتكف أن يخرج [من المسجد] إلّا إلى الجمعة، أو جنازة، أو غائط.

2- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان، فقلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أُريد أن أعتكف، فماذا أقول، و ماذا أفرض على نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدّ منها، و لا تقعد تحت ظلال حتّى تعود إلى مجلسك (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدَّ منها، ثمَّ لا يجلس حتّى يرجع، و لا يخرج في شيء إلّا لجنازة، أو يعود مريضاً ، و لا يجلس حتّى يرجع، و اعتكاف المرأة مثل ذلك (3)

ص: 182


1- هذا التفسير من كلام الراوي. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13.
3- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 3. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 14.

124- باب المعتكف يمرض و المعتكفة تطمت

1- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا مرض المعتكف، و طمئت المرأة المعتكفة، فإنّه يأتي بيته، ثمَّ يعيد إذا برء و يصوم (1)

و في رواية أخرى عنه ليس على المريض ذلك (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المعتكفة إذا طمثت، قال: ترجع إلى بيتها، و إذا طهرت رجعت فقضت ما عليها (3)

125- باب المعتكف يجامع أهله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المعتكف يجامع أهله؟ قال: إذا فعل، فعليه ما على المظاهِر (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن معتكف واقع أهله؟ قال: هو بمنزلة من أفطر يوماً من شهر رمضان (5)

ص: 183


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 25. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. هذا، و الإعادة على المريض إنما هي على نحو الاستحباب في الاعتكاف المندوب، و على الوجوب في الاعتكاف الواجب بنذر و نحوه على المشهور، و في مقابله أنه لا إعادة عليه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 26.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 21. أقول: راجع التعليقة على الحديث السابق.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 19. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 17. و في ذيله: يجامع، بدل: يجامع أهله. هذا، و الرواية مطلقة في وجوب الكفارة من حيث كون الاعتكاف واجباً أو مندوباً، و من حيث كون الجماع ليلاً أو نهاراً، و من حيث كونه في أول يوم أو آخره، ثالثاً كان أو سادساً كما تقدم.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.الفقيه 2، نفس الباب، ح 19. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هو بمنزلة ... ، ظاهره التخيير في خصال الكفارة و هو ما عليه الأكثر من أصحابنا، و قد يكون التشبيه في أصل الخصال لا في كونها على نحو التخيير، فتأمل.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المعتكف يأتي أهله، فقال: لا يأتي امرأته ليلاً و لا نهاراً و هو معتكف (1)

126- باب النوادر

1- أحمد بن إدريس، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عبيس بن هشام، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجل أسرته الرُّوم و لم يصم شهر رمضان، و لم يدر أيَّ شهر هو؟ قال: يصوم شهراً [و] يتوخّاه و يحسب، فإن كان الشهر الّذي صامه قبل شهر رمضان لم يُجْزِهُ، و إن كان بعد رمضان أجزأه (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يحيى بن عمرو بن خليفة الزَّيّات، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا معشر الشباب عليكم بالباه (3) فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيّام فإنّه و جاؤه (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدَّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: حدَّثني أبي عن جدِّي، عن أبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: يستحبَّ ِللرَّجل أن يأتي أهله أوَّل ليلة من شهر رمضان ، لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾ (5)، و الرَّفَث: المجامعة (6)

4- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إبراهيم الجعفريِّ، عن محمد بن الفضل، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لبعض مواليه يوم الفطر و هو يدعو له: يا فلان، تقبّل الله منك و منّا، ثمَّ أقام حتّى كان يوم الأضحى، فقال له: يا فلان تقبّل الله منّا و منك، قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، قلت في الفطر شيئاً، و تقول في الأضحى غيره؟ قال: فقال: نعم إنّي قلت له في الفطر: تقبّل

ص: 184


1- الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 22.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 3. الفقيه 2، 35- باب الصوم للرؤية و ... ، ح 13. و قوله: ينوخّي: أي يتحرّى، و هذا الحكم إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- الباه، و الباءة: أصله الجماع. وقيل: من المباءة: و هي من تبوا بمعنى تمكن، و كأن الرجل يتمكن من زوجته كما يتمكن من منزله.
4- الوجاء: الخصاء. أي أن الصوم للنكاح كالوجاء له، حيث يقطعه و يمنعه.
5- البقرة/187.
6- الفقيه 2، 58- باب النوادر، 13. بدون قوله: و الرّفث: المجامعة.

الله منك و منّا، لأنّه فعل مثل فعلي، و تأسّيت أنا و هو في الفعل، و قلت له في الأضحى: تقبّل الله منّا و منك، لأنّه يمكننا أن نضحّي و لا يمكنه أن يضحّي، فقد فعلنا نحن غير فعله (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الصّخر أحمد بن عبد الرحيم رفعه إلى أبي الحسن صلوات الله عليه قال: نظر إلى النّاس في يوم فطر يلعبون و يضحكون، فقال لأصحابه، و التفت إليهم: إنَّ الله عزَّ و جلَّ خلق شهر رمضان مضماراً لخلقه ليستبقوا فيه بطاعته إلى رضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا و تخلّف آخرون فخابوا، فالعجب [كلّ العجب] من الضاحك اللّاعب في اليوم الّذي يثاب فيه المحسنون، و يخيب فيه المُقَصِّرون، و أَيْمَ الله لو كُشِفَ الغطاء، لشُغِل محسنٌ بإحسانه، و مسيىء بإساءته (2)

6- عليُّ بن محمد؛ و محمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد، عن حمزة بن محمد قال: كتبت إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لِمَ فرض الله الصوم؟ فورد الجواب: ليجد الغنيُ مَضَضَ (3) الجوع فيحنُّ (4) على الفقير (5)

7- عليُّ بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق، عن الحسن بن عليِّ بن سليمان، عن محمد بن عمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أُتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه و هو جالس في المسجد بالكوفة، بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان، فقال لهم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أكلتم و أنتم مفطرون؟ قالوا: نعم، قال: يهودٌ أنتم؟ قالوا: لا، قال : فنصاری؟ :قالوا: لا، قال: فعلى أيِّ شيء من هذه الأديان مخالفين للإسلام؟ قالوا: بل مسلمون، قال: فسَفْرٌ أنتم (6)؟ قالوا: لا، قال: فيكم علّة استوجبتم الإفطار لا نشعر بها، فإنّكم أبصر بأنفسكم. لأنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ (7) قالوا: بل أصبحنا ما بنا علّة، قال: فضحك (8) أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثمَّ قال: تشهدون أن لا إله إلّا الله، و أنَّ محمداً

ص: 185


1- الفقيه 2، 58- باب النوادر، ح 14. بتفاوت. و الحديث مجهول.
2- الفقيه 1، 79- باب صلاة العيدين، ح 27 و نسبه إلى الحسن مرسلا بتفاوت. و كرره برقم 18 من الباب 58 من الجزء 2 من الفقيه منسوباً إلى الحسين بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مرسلاً بتفاوت أيضاً.
3- في الفقيه: مسَّ... و هو الألم القليل. و المضض: وجع المصيبة.
4- في الفقيه: فيمُنَ
5- الفقيه 2، 21- باب علّة فرض الصيام، ح 3.
6- سَفْر: جمع مسافر.
7- القيامة/ 14.
8- إنما ضحك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)تعجباً من قصدهم إيقاع أنفسهم في الضرر العظيم في الدنيا بإقامة الحد عليهم و في الآخرة بما بريد الله أن يعذبهم به على إصرارهم على المعصية.

رسول الله؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلّا الله و لا نعرف محمداً، قال: فإنه رسول الله قالوا: لا نعرفه بذلك، إنّما هو أعرابيُّ دعا إلى نفسه، فقال: إن أقررتم و إلّا لأقتلنّكم، قالوا: و إن فعلتَ. فوكّل بهم شرطة الخميس ، و خرج بهم إلى الظَهر: ظَهر الكوفة و أمر أن يُحفر حفيرتان و حفر إحداهما إلى جنب الأُخرى، ثمَّ خرق فيما بينهما كوّة ضخمة شبه الخوخة (1)، فقال لهم: إنّي و اضعكم في إحدى هذين القليبين، و أُوقد في الأخرى النار فأقتلكم بالدُّخان؛ قالوا: و إن فعلت، فإنّما تقضي هذه الحياة الدُّنيا، فوضعهم في أحد الجُبّين (2) وضعاً رفيقاً، ثمَّ أمر بالنار فأُوقِدَت في الجبِّ الآخر، ثمَّ جعل يناديهم مرَّة بعد مرَّة: ما تقولون (3)؟ فيجيبونه: اقضِ ما أنت قاضٍ، حتّى ماتوا ، قال: ثمَّ انصرف فسار بفعله الرُّكبان (4) و تَحدّث به الناس، فبينما هو ذات يوم في المسجد، إذ قدم عليه يهوديُّ من أهل يثرب، قد أقرْ له من في يثرب من اليهود أنّه، أعلمهم، و كذلك كان آباؤه من قَبل، قال: و قدم على أمير المؤمنين صلوات الله عليه في عدَّة من أهل بيته فلمّا انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة، أناخوا رواحلهم، ثمَّ وقفوا على باب المسجد، و أرسلوا إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّا قوم من اليهود، قَدِمنا من الحجاز و لنا إليك حاجة، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال: فخرج إليهم و هو يقول: سيدخلون و يستأنفون باليمين (5)، فما حاجتكم؟ فقال [له] عظيمهم: يا ابن أبي طالب، ما هذه البدعة الّتي أحدثتَ في دين محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال له: و أيّة بدعة؟ فقال له اليهوديُّ: زعم قوم من أهل الحجاز أنّك أنَّ عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلّا الله و لم يقرّوا أن محمداً رسوله، فقتلتهم بالدُّخان؟ فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فنشدتك بالتسع الآيات الّتي أُنزلت على موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بطور سيناء، و بحقّ الكنايس الخمس القُدس، و بحقِّ السَّمت (6) الدَّيان (7)، هل تعلم أن يوشع بن نون أُتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلّا الله، و لم يقرُّوا أَنَّ موسى رسول الله، فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهوديُّ: نعم، أشهد أنّك ناموس موسى (8) قال: ثمَّ أخرج من قبائه كتاباً فدفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ففضه و نظر فيه و بكى، فقال له اليهوديّ: ما يبكيك يا ابن أبي طالب، إنّما نظرت في هذا الكتاب و هو كتاب سربانيُّ، و أنت

ص: 186


1- الخوخة: كوة في الجدار تفتح لإضاءة البيت.
2- الجُبّان: مثنى الجُب، و هو البئر التي لم تّبْنَ بالحجارة و نحوها.
3- أي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و إقراركم بنبوته.
4- أي تناقله الناس و المسافرون من بلد إلى بلد.
5- أي يبتدون البيعة بإيمانهم.
6- لا يناسب أي من معاني السمت المقام. و لعله: الصمد عند اليهود.
7- الديّان: القهّار، فعّال، من دان الناس أي قهرهم على الطاعة.
8- ﴿ناموس موسى: أن صاحب سره المطلّع على باطن أمره و علومه و أسراره﴾ مرآة المجلسي 442/16.

رجل عربيُّ، فهل تدري ما هو؟ فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: نعم، هذا اسمي مثبت، فقال له اليهوديُّ: فارِني اسمك في هذا الكتاب، و أخبرني ما اسمك بالسريانيّة، قال: فأراه أمير المؤمنين سلام الله عليه اسمه في الصحيفة، فقال: اسمي إليا، فقال اليهوديُّ : أشهد أن لا إله إلّا الله، و أشهد أنَّ محمداً رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و أشهد أنّك وصيُّ محمد، و أشهد أنّك أَوْلى الناس بالناس من بعد محمد، و بايعوا أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و دخل المسجد فقال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحَمدُ للّهِ الَّذی لَم أکُن عِندَهُ مَنسِیّاً، الحَمدُ للّهِ الَّذی أثبَتَنی عِندَهُ في صَحیفَةِ الأَبرارِ، [وَ الحَمدُ للّهِ ذِی الجَلالِ وَ الإِکرامِ] (1)

تَمَّ كِتَابُ الصَّوْمِ، وَ يَتْلُوهُ كِتَابُ الْحَجِّ

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ صَلَّي اللَّهُ عَلَي مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ

وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ص: 187


1- الحديث مجهول. و هو و إن تضمن نوعاً خاصاً من قتل المرتد بخنقه بدخان النار، و هو مخالف لما هو المشهور بين أصحابنا من قتله بالسيف إلا أنه قد يكون الإمام مخيراً بين أنواع قتله و الله العالم.

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

كتاب الحَجّ

127- باب بدء الحَجَر و العّلة في استلامه

1- حدَّثني عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ اللّهَ تَبارَکَ و تَعالی لَمّا أخَذَ مَواثیقَ العِبادِ، أمَرَ الحَجَرَ فَالتَقَمَها (1)، و لِذلِکَ یُقالُ: أمانَتی أدَّیتُها، و میثاقی تَعاهَدتُهُ، لِتَشْهَدَ لی بِالمُوافاةِ.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن بكير، عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لم جُعل استلام الحجر؟ فقال: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ أَخَذَ مِيثَاقَ بَنِي آدَمَ، دَعَا الْحَجَرَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَمَرَهُ فَالْتَقَمَ الْمِيثَاقَ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ (2)

3- محمد بن يحيى؛ و غيره عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القمّاط، عن بكير بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأیِّ علّة وضع الله الحجر في الرُّكن الّذي هو فيه، و لم يوضع في غيره، و لأيِّ علّة يُقبّل، و لأيِّ علّة أخرج من الجنّة؟ و لايِّ علّة وُضع ميثاق العباد و العهد فيه و لم يوضع في غيره؟ و كيف السّبب في ذلك؟ تخبرني جَعَلني الله فِداك، فإنَّ تفكّري فيه لَعَجب، قال: فقال: سألت و أعضَلْتَ (3) في المسألة، و استقصَيت، فافهم الجواب، و فرِّغ قلبك، و أَصْغِ سمعك، أُخبرك إن شاء الله. إن الله تبارك و تعالى وضع الحجر الأسود- و هي جوهرة أُخرجت من الجنّة إلى آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- فوُضعت في ذلك الرُّكن، لعلّة

ص: 188


1- ﴿فالتقمها: لعل التقامه كناية عن ضبطه و حفظه لها، إذ يدل كثير من الأخبار على أنه ملك صار بهذه الصورة، و يعرف الناس و كلامهم و يشهد يوم القيامة لهم، و لا استحالة في شيء من ذلك بناء على أصول المسلمين﴾ مرآة المجلسي 3/17.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- أي طرحت مسألة معضلة: أي شديدة مشكلة.

الميثاق، و ذلك أنّه لمّا أُخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان، و في ذلك المكان ترائى لهم، و من ذلك المكان يهبط الطير على القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر، و هو و الله جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إلى ذلك المقام يسند القائم ظهره، و هو الحجّة و الدليل على القائم، و هو الشاهد لمن وفا [ه] في ذلك المكان، و الشاهد على من أدّى إليه الميثاق و العهد الّذي أخذ الله عزَّ و جلَّ على العباد.

و أمّا القُبْلة و الاستلام، فلعلّة العهد تجديداً لذلك العهد و الميثاق، و تجديداً للبيعة، ليؤدُّوا إليه العهد الّذي أخذ الله عليهم في الميثاق، فيأتوه في كلِّ سَنَة و يؤدُّوا إليه ذلك العهد و الأمانة اللّذين أُخذا عليهم، ألا ترى أنّك تقول: أمانتي أدَّيتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، و الله ما يؤدّي ذلك أحد غير شعيتنا، و لا حفظ ذلك العهد و الميثاق أحدٌ غير شيعتنا، و إنّهم ليأتوه فيعرفهم و یصدِّقهم، و يأتيه غيرهم فينكرهم و يكذِّبهم، و ذلك أنّه لم يحفظ ذلك غيركم، فلكم و الله يشهد، و عليهم و الله يشهد بالخَفْر (1) و الجحود و الكفر، و هو الحجّة البالغة من الله عليهم يوم القيامة، يجيىء و له لسان ناطق، و عينان في صورته الأولى، يعرفه الخلق و لا ينكره، يشهد لمن وافاه و جدَّد العهد و الميثاق عنده بحفظ العهد و الميثاق و أداء الأمانة، و يشهد على كلِّ من أنكر و جحد و نسي الميثاق بالكفر و الإنكار.

فأمّا علّة ما أخرجه الله من الجنّة، فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت: لا، قال: كان مَلَكاً من عظماء الملائكة عند الله، فلمّا أخذ الله من الملائكة الميثاق، كان أوَّل من آمن به و أقرَّ ذلک الملک،فاتّخذه الله أمیناً علی جمیع خلقه، فألقمه المیثاق و أو دعه عنده، و استعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلِّ سنة الإقرار بالميثاق و العهد الّذي أخذ الله عزَّ و جلَّ عليهم، ثمَّ جعله الله مع آدم في الجنّة، يذكّره الميثاق، و يجدِّد عنده الإقرار في كلِّ سنة، فلمّا عصى آدم و أُخرج من الجنّة، أنساه الله العهد و الميثاق الّذي أخذ الله عليه و على ولده لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لوصيّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و جعله تائهاً حيراناً، فلمّا تاب الله على آدم، حوَّل ذلك الملك في صورة درَّة بيضاء، فرماه من الجنّة إلى آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو بأرض الهند ، فلمّا نظر إليه أنِس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة، و أنطقه الله عزَّ و جلَّ فقال له: يا آدم، أتعرفني؟ قال: لا، قال: أجل، استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكْر ربِّك، ثمَّ تحوَّل إلى صورته الّتي كان مع آدم في الجنّة، فقال لآدم: أين العهد و الميثاق، فوثب إليه آدم ،و ذكر الميثاق و بكي، و خضع له و قبّله، و جدَّد الإقرار بالعهد و الميثاق، ثمَّ حوَّله الله عزَّ و جلَّ إلى جوهرة الحجر، درَّة بيضاء صافية، تضيىء، فحمله

ص: 189


1- خفر عهده: أي غدر به و نقضه.

آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على عاتقه إجلالاً له و تعظيماً، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى وافا به مكّة، فما زال يأنس به بمكّة و يجدِّد الإقرار له كلَّ يوم و ليلة، ثمَّ إنَّ الله عزَّ و جلَّ لمّا بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان، لأنّه تبارك و تعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم، أخذه في ذلك المكان، و في ذلك المكان ألقم الملك الميثاق، و لذلك وضع في ذلك الرُّكن، و نحّى آدم من مكان البيت إلى الصّفا و حوَّا إلى المروة، و وضع الحجر في ذلك الرُّكن، فلمّا نظر آدم من الصّفا و قد وضع الحجر في الرُّكن، كبّر الله و هلّله و مجّده، فلذلك جرت السّنة بالتّكبير و استقبال الرُّكن الّذي فيه الحجر من الصّفا، فإنَّ الله أو دعه الميثاق و العهد دون غيره من الملائكة، لإنَّ الله عزَّ و جلَّ لمّا أخذ الميثاق له بالرُّبوبيّة، و لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بالنبوَّة، و لعليّ (عَلَیْه اَلسَّلاَمُ) بالوصيّة، اصطكّت فرائص الملائكة فأوَّل من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك، لم يكن فيهم أشدُّ حبّاً لمحمد و آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) منه، و لذلك اختاره الله من بينهم، و ألقمه الميثاق، و هو يجيىء يوم القيامة و له لسان ناطق و عين ناظرة، يشهد لكلِّ من وافاه إلى ذلك المكان و حفظ الميثاق (1)

128- باب بدء البيت و الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي عبّاد عمران بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بينا أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا في الطواف، إذا أقبل رجل شَرجب (2) من الرِّجال، فقلت: و ما الشرجب أصلحك الله؟ قال: الطويل، فقال: السّلام علیک [م]، و أدخل رأسه بيني و بين أبي، قال فالتفَت إليه أبي و أنا فردَدْنا عليه السّلام، ثمَّ قال: أسألُك رحِمَكَ الله؟ فقال له أبي: نقضي طوافنا، ثمَّ تسألني، فلمّا قضى أبي الطواف، دخلنا الحِجْر فصلّينا الرَّكعتين، ثمَّ التفت فقال: أين الرَّجل يا بنيَّ، فإذا هو وراءه قد صلّى، فقال: ممّن الرَّجل؟ قال: من أهل الشّام؟ فقال: و من أيِّ أهل الشّام؟ فقال: ممّن يسكن بيت المقدس، فقال: قرأت الكتابَين (3)؟ قال: نعم، قال: سل عمّا بدا لك، فقال: أسألك عن بدء هذا البيت و عن قوله: ﴿ن، وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ﴾ (4) و عن قوله: ﴿وَ الَّذِینَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ

ص: 190


1- وردت بعض معاني هذا الحديث و تعابيره في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ضمن ح 3. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- في الصحاح: الشرجب: الطويل. و في القاموس: شرحب: بنفس المعنى أيضاً. و قد أثبته المجلسي رحمه الله في شرحه بالحاء بالسين و الحاء المهملتين (سَرحب)، و قال: قال الجوهري: ضرس سرحوب أي طويلة على وجه الأرض و يوصف به الإناث دون الذكور.
3- يعني الإنجيل و القرآن. و يحتمل بعيداً: التوارة.
4- القلم/ 1.

مَعْلُومٌ * لِلسّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ﴾ (1)؟ فقال: يا أخا أهل الشّام، اسمع حديثنا و لا تكذب علينا، فإنّ من كذَبَ علينا في شيء فقد كذب على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و من كذَب على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقد كذَب على الله، و من كذَب على الله عذّبه الله عزَّ و جلَّ. أمّا بدء هذا البيت، فإنَّ الله تبارك و تعالى قال للملائكة: ﴿إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً﴾ (2)، فردَّت الملائكة على الله عزَّ و جلَّ فقالت: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَآءَ﴾ (3)، فأعرض عنها، فرأت أنَّ ذلك من سخطه، فلاذَت (4) بعرشه، فأمر الله مَلَكاً من الملائكة أن يجعل له بيتاً في السّماء السّادسة يُسَمّى الضُّراح (5) بإزاء عرشه، فصيّره لأهل السّماء يطوف به سبعون ألف مَلَك في كلِّ يوم لا يعودون، و يستغفرون، فلمّا أن هبط آدم إلى السّماء الدُّنيا، أمره بمرمّة هذا البيت، و هو بإزاء ذلك، فصيّره لآدم و ذرّيّته، كما صيّر ذلك لأهل السّماء. قال: صدقت يا ابن رسول الله (6)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر؛ و ابن محبوب، جميعاً عن المفضّل بن صالح، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كنت مع أبي في الحجْر، فبينما هو قائمٌ يصلّي، إذ أتاه رجلٌ فجلس إليه، فلمّا انصرف سلّم عليه ثمَّ قال: إنّي أسألك عن ثلاثة أشياء لا يعلمها إلّا أنت و رجلٌ آخر، قال: ما هي؟ قال: أَخْبرني أي شيء كان سبب الطواف بهذا البيت؟ فقال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ لمّا أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)،ردُّوا عليه فقالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ﴾، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَاتَعْلَمُونَ﴾، فغضب عليهم، ثمَّ سألوه التّوبة، فأمرهم أن يطوفوا بالضُّراح، و هو البيت المعمور، و مكثوا يطوفون به سبع سنين [و] يستغفرون الله عزَّ و جلَّ ممّا قالوا، ثمَّ تاب عليهم من بعد ذلك، و رضي عنهم، فهذا كان أصل الطواف، ثمَّ جعل الله البيت الحرام حذو الضّراح توبة لمن أذنب من بني آدم و طهوراً لهم، فقال: صدقتَ (7)

ص: 191


1- المعارج/ 24 و 25.
2- البقرة/30.
3- البقرة/30.
4- أي عادت و لجات.
5- قال في النهاية 81/3: ﴿الضُراح: بيت في السماء حيال الكعبة، و يروى: الضريح، و هو البيت المعمور، من المضارحة و هي المقابلة و المضارعة... و من رواه بالصاد فقد صحّف﴾.
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الحديث ضعيف. و قوله: إلا أنت و رجل آخر: المراد بالرجل الآخر الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و يحتمل أنه السائل نفسه.

129- باب أن أولّ ما خلق الله من الأَرضين موضع البيت و كيف كان أول ما خلق

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عمران العجليّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ شيء كان موضع البيت حيث كان الماء، في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ (1)؟ قال: كان مَهَاةً بيضاء- يعني درَّة- (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة (3)، قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أنزل الحجر لآدم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) من الجنّة، و كان البيت درَّة بيضاء، فرفعه الله عزَّ و جلَّ إلى السماء و بقي أُسّه و هو بحيال هذا البيت، يدخله كلِّ يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه أبداً، فأمر الله عزَّ و جلَّ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)ببنيان البيت على القواعد (4)

3- عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن صالح اللّفائفي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال: إِنَّ اللَّهَ عزَّ و جلَّ دَحَی الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِ الْکَعْبَةِ إِلَی مِنًی، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ مِنًی إِلَی عَرَفَاتٍ، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَی مِنًی، فَالْأَرْضُ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَ عَرَفَاتٌ مِنْ مِنًی، وَ مِنًی مِنَ الْکَعْبَةِ (5)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله الهاشميِّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان موضع الكعبة ربوة من الأرض بيضاء، تضيء كضوء الشّمس و القمر، حتّى قتل ابنا آدم أحدُهما صاحبَه، فاسوَّدت، فلمّا نزل آدم، رفع الله له الأرض كلّها حتّى رآها، ثمَّ قال: هذه لك كلّها، قال: يا ربِّ، ما هذه الأرض

ص: 192


1- هود/7.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 5. و الحديث ضعيف على المشهور. و المَهَاة: -كما في القاموس- البلّور.
3- في الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و...، ح 6. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 2. قوله: ثم دحاها من عرفات إلى منى: ﴿أي دحا السطح الظاهر من الأرض من عرفات إلى منتهاها، ثم ردّها من تحت الأرض لحصول الكروية إلى منى، و لم يذكر كيفية إتمامه لظهوره﴾ مرآة المجلسي 11/17. و الحديث ضعيف.

البيضاء المنيرة؟ قال: هي [في] أرضي (1)، و قد جعلت عليك أن تطوف بها كلَّ يوم سبعمائة طواف (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسين بن عليِّ بن مروان ، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي حمزة الثماليِّ قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد الحرام: لأيِّ شيء سمّاه الله العتيق؟ فقال: إنّه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض، إلّا له ربُّ و سكّان يسكنونه، غير هذا البيت، فإنّه لا ربَّ له إلّا الله عزَّ و جلَّ، و هو الحرُّ، ثمّ قال: إن الله عزَّ و جلَّ خلقه قبل الأرض، ثمَّ خلق الأرض من بعده، فدحاها تحته (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أَبَان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: لم سمّي البيت العتيق؟ قال: هو بيت حرُّ عتيق من النّاس لم یملكه أحد (4)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَميرة، عن أبي زرارة التميميِّ، عن أبي حسّان، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أراد الله عزَّ و جلَّ أن يخلق الأرض، أمر الرِّياح فضربْنَ وجه الماء حتّى صار موجاً، ثمَّ أَزْبَدَ فصار زَبَداً واحداً، فجمعه في موضع البيت، ثمَّ جعله جبلاً من زَبَد، ثمَّ دحى الأرض من تحته، و هو قول الله عزَّ و جلَّ (5): ﴿انَّ اوَّلَ بَیتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذی بِبَکَّةَ مُبارَکًا﴾ (6)

و رواه أيضاً عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ عن أبي عبد الله

(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (7)

130- باب في حج آدم عليه السلام

1- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن

ص: 193


1- هي من جملة أجزاء أرضي اختصصتها و اجتبيتها لعبادتي. و نسبتها إلى نفسي، و ميزتها بفريضة هي من أعظم الفرائض، و هي فريضة الحج. و لا عجب فإن الله خواصّ في الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. و قال الفيروز آبادي: البيت العتيق: الكعبة، قيل لأنه أول بيت وضع بالأرض، أو أعتق من الغرق، أو من الجبابرة، أو من الحبشة، أو لأنه حرم لم يملكه أحد.
4- ورد ذلك بتفاوت بسير في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، صدرح 3.
5- آل عمران/ 96. وبكّة: هي مكة.
6- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 1 بزيادة في آخره و تفاوت. و الحديث مجهول.
7- هذا السند حَسَن.

عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ، لمّا أصاب آدم و زوجته الخطيئة، أخرجهما من الجنّة ، و أهبطهما إلى الأرض، فأهبط آدم على الصّفا، و أهبطت حوَّاء على المَرْوَة، و إنّما سمّى صَفا: لأنّه شقّ له من اسم أدم المصطفى، و ذلك لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَ نُوحًا﴾ (1)، و سمّيت المروة مَرْوَةً: لأنه شقّ لها من اسم المرأة، فقال آدم: ما فرِّق بيني و بينها إلّا أنّها لا تحلّ لي، و لو كانت تحلُّ لي هبطت معي على الصّفا، و لكنّها حرِّمت عليَّ من أجل ذلك، و فرِّق بيني و بينها، فمكث آدم معتزلاً حوَّاء، فكان يأتيها نهاراً فيتحدَّث عندها على المروة، فإذا كان اللّيل و خاف أن تغلبه نفسه يرجع إلى الصّفا فيبيت عليه، و لم يكن لآدم أُنْسٌ غيرها، و لذلك سُمِّين النّساءُ من أجل أنَّ حوّاء كانت أُنساً لآدم ، لا يكلّمه الله و لا يرسل إليه رسولاً، ثمَّ إنَّ الله عزَّ و جلَّ منَّ عليه بالتّوبة، و تلقّاه بكلمات، فلمّا تكلّم بها تاب الله عليه، و بعث إليه جبرئيل (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) فقال: السّلام عليك يا آدم التّائب من خطيئته، الصّابر لبليّته، إنَّ الله عزَّ و جلَّ أرسلني إليك لأُعلّمك المناسك الّتي تَطْهُرُ بها، فأخذ بيده فانطلق به إلى مكان البيت، و أنزل الله عليه غمامة فأظلّت مكان البيت، و كانت الغمامة بحيال البيت المعمور، فقال: يا آدم، خطّ برجلك حيث أظلّت عليك هذه الغمامة، فإنّه سيخرج لك بيتاً من مَهَاة يكون قبلتك و قبلةَ عَقِبِكَ من بعدك، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و أخرج الله له تحت الغمامة بيتاً من مَهَاة، و أنزل الله الحجر الأسود، و كان أشدّ بياضاً من اللّبن (2) و أضوءَ من الشَّمس، و إنّما اسودَّ (3) لأنَّ المشركين تمسّحوا به، فمن نَجَس المشركين اسودَّ الحجر، و أمره جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يستغفر الله من ذنبه عند جميع المشاعر، و يخبره أنَّ الله عزَّ و جلَّ قد غفر له؛ و أمره أن يحمل حَصَيات الجِمَار من المزدلفة فلمّا بلغ موضع الجمار، تعرَّض له إبليس فقال له: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تكلّمه، و ارمه بسبع حَصَيات و كَبِّرْ مع كلِّ حصاة، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى فرغ من رمي الجمار، و أمره أن يقرِّب القربان و هو الهَدْي قبل رمي الجمار، و أمره أن يحلق رأسه تواضعاً الله عزَّ و جلَّ، ففعل آدم ذلك، ثمَّ أمره بزيارة البيت و أن يطوف به سبعاً، و يسعى بين الصّفا و المروة أُسبوعاً (4)، يبدء بالصّفا و يختم بالمروة، ثمَّ يطوف بعد ذلك أُسبوعاً بالبيت، و هو طواف النّساء، لا يحلّ للمحرم أن يباضع (5) حتّى يطوف طواف النساء، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال له جبرئيل: إِنَّ اللّه عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ غَفَرَ ذَنْبَکَ، وَ قَبِلَ تَوْبَتَکَ، وَ أَحَلَّ لَکَ زَوْجَتَکَ، فَانْطَلَقَ آدَمُ،

ص: 194


1- آل عمران/33.
2- ورد ذلك في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ضمن ح 3.
3- في الفقيه: فاسوّدَ من خطايا بني آدم، و لو لا ما مسّه من أرجاس الجاهلية ما مسّه ذو عاهة إلا برء.
4- اسبوعاً: أي سبعة أشواط.
5- أي يجامع و بواقع.

وَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَ قُبِلَتْ مِنْهُ تَوْبَتُهُ، وَ حَلَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد القلانسيِّ، عن عليِّ بن عمّه عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا أُهبط إلى الأرض، أُهبط على الصّفا، و لذلك سمّى الصّفا، لأنَّا (2) المصطفى هبط عليه، فقطع للجبل اسم من اسم آدم، يقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، و أُهبطت حوَّاء على المروة، و إنّما سمّيت المروة مَرْوَةً: لأنَّ المرأة هبطت عليها، فقطع للجبل اسم من اسم المرأة (3)، و هما جبلان عن يمين الكعبة و شمالها، فقال آدم حين فرِّق بينه و بين حوَّاء: ما فرِّق بيني و بين زوجتي إلّا و قد حُرِّمَتْ عليَّ، فاعتَزَلَها، و كان يأتيها بالنّهار فيتحدّث إليها، فإذا كان اللّيل خشي أن تغلبه نفسه عليها، رجع فبات على الصّفا، و لذلك سميت النّساء، لأنّه لم يكن لآدم أُنس غيرها، فمكث آدم بذلك ما شاء الله أن يمكث، لا يكلّمه الله و لا يرسل إليه رسولاً، و الرَّب سبحانه يُباهي بصبره الملائكة، فلمّا بلغ الوقت الّذي يريد الله عزَّ و جلَّ أن يتوب على آدم فيه، أرسل إليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) فقال: السّلام عليك يا آدم الصّابر لبليّته، التّائب عن خطيئته، إنَّ الله عزَّ و جلَّ بعثني إليك لأُعَلّمك المناسك الّتي يريد يتوب عليك بها، فأخذ جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بيد آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى أتى به مكان البيت، فنزل غمام مر السّماء فأظلّ مكان البيت، فقال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم، خُطّ برجلك حيث أظلّ الغمام، فإنّه قبلة لك و لآخر عَقِبِكَ من ولدك، فَخَطّ آدم برجله حيث أظلَّ الغمام، ثمَّ انطلق به إلى منى، فأراه مسجد منى، فَخَطّ برجله، و مدَّ خُطّة المسجد الحرام بعد ما خَطّ مكان البيت، ثمَّ انطلق به من منى إلى عرفات، فأقامه على المعرَّفا (4)، فقال: إذا غربت الشّمس فاعترف بذنبك مرَّات، و سل الله المغفرة و التّوبة سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و لذلك سمّى المعرَّف، لأنَّ آدم اعترف فيه بذنبه، و جعل سنّة لولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف آدم و يسألون التّوبة كما سألها آدم، ثمَّ أمره جبرئيل فأفاض من عرفات فمرَّ على الجبال السّبعة، فأمره أن يكبّر عند كلِّ جبل أربع تكبيرات، ففعل ذلك آدم حتّى انتهى إلى جمع فلمّا انتهى إلى جُمَع (5) ثلث اللّيل، فجمع فيها المغرب و العشاء الآخرة تلك اللّيلة ثلث اللّيل في ذلك الموضع، ثمَّ أمره أن ينبطح في بطحاء (6)جُمَع، فانبطح في بطحاء و جمع حتّى انفجر الصّبح، فأمره أن يصعد على الجبل

ص: 195


1- الحديث ضعيف.
2- وردا ضمن كلام للشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 7 من الباب 61 من الفقيه 2 فراجع.
3- وردا ضمن كلام للشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 7 من الباب 61 من الفقيه 2 فراجع.
4- التعريف: الوقوف بعرفات. و المعرّف: الموقف منه.
5- جمع: من أسماء المُزْدَلِفَة.
6- الانبطاح- في الأصل- الاستلقاء على الوجه. و المراد به هنا، مطلق التمدد للنوم. وقيل: هو كناية عن: الاستقرار على الأرض للدعاء لا للنوم. وقيل: كناية عن طول الركوع و السجود. و البطحاء: المسيل الواسع فيه دقيق الحصى. و قد ورد هذا المعنى في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، بعد الحديث 10.

-جبل جُمَع-، و أمره إذا طلعت الشّمس أن يعترف بذنبه سبع مرَّات و يسأل الله التّوبة و المغفرة سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم كما أمره جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إنّما جعله اعترافين ليكون سُنّةً في ولده، فمن لم يدرك منهم عرفات و أدرك جُمَعاً فقد وافى حجّه (1) [إلى منى]، ثمَّ أفاض من جُمَع إلى منى، فبلغ منى ضحى، فأمره فصلّى ركعتين في مسجد منى، ثمَّ أمره أن يقرِّب لله قرباناً ليقبل منه و يعرف أنَّ الله عزَّ و جلَّ قد تاب عليه، و يكون سنّة في ولده القربان، فقرَّب آدم قرباناً فقبل الله منه، فأرسل ناراً من السّماء فقبلت قربان آدم، فقال له جبرئيل: يا آدم ، إنَّ الله قد أحسن إليك إذ علّمك المناسك الّتي يتوب بها عليك و قبل قربانك، فاحلق رأسك تواضعاً لله عزَّ و جلَّ إذ قبل قربانك، فحلق آدم رأسه تواضعاً لله عزَّ و جلَّ، ثمَّ أخذ جبرئيل بيد آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فانطلق به إلى البيت، فعرض له إبليس عند الجمرة، فقال له إبليس لعنه الله: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئیل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم، فذهب إبليس، ثمَّ عرض له عند الجمرة الثّانية، فقال له: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئیل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك ،آدم ، فذهب إبليس، ثمَّ عرض له عند الجمرة الثالثة (2) فقال له: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم، فذهب إبليس، فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّك لن تراه بعد مقامك هذا أبداً، ثمَّ انطلق به إلى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم ، فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَکَ ذَنْبَکَ، وَ قَبِلَ تَوْبَتَکَ، وَ أَحَلَّ لَکَ زَوْجَتَکَ. (3)

محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو؛ و إسماعيل بن حازم، عن عبد الحميد بن أبي الدَّيلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا طاف آدم بالبيت و انتهى إلى الملتَزَم، قال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم أقرِّ لربّك بذنوبك في هذا المكان، قال: فوقف آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا ربِّ، إِنَّ

ص: 196


1- مفعول لأجله.
2- سوف يأتي أن المشهور عند الأصحاب أن ما يُرّمى يوم العيد من الجمرات هو خصوص جمرة العقبة.
3- الحديث ضعيف.
4- هذا السند ضعيف أيضاً.

لكلِّ عامل أجراً، و قد عملتُ، فما أَجْري؟ فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: يا آدم قد غفرت ذنبك، قال: يا ربِّ و لولدي [أ] و لذرّيّتي؟ فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: یا آدَمُ، مَن جاءَ مِن ذُرِّیَّتِکَ إلی هذَا المَکانِ، و أقَرَّ بِذُنوبِهِ، و تابَ کَما تُبتَ، ثُمَّ استَغفَرَ، غَفَرتُ لَهُ (1)

4- علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أفاض آدم من منى، تلقّته الملائكة فقالوا: يا آدم بَرَّ حجُّك، أما إنّه قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجّه بألفي عام (2)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: حدَّثني أبو بلال المكّي قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) طاف بالبيت، ثمَّ صلّى فيما بين الباب و الحجر الأسود ركعتين، فقلت له: ما رأيتُ أحداً منكم في هذا الموضع؟ فقال: هذا المكان الذي تيب على آدم فيه (3)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن محمد العلويِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آدم حيث حجّ: بما حلق رأسه؟ فقال: نزل عليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بياقوته من الجنّة، فأَمَرَّها على رأسه فتناثر شعره (4)

131- باب علّة الحرم و كيف صار هذا المقدار

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحرم و أعلامه، كيف صار بعضها أقربَ من بعض، و بعضها أبعدَ من بعض؟ فقال: إن الله عزَّ و جلَّ لمّا أهبط آدم من الجنّة، هبط على أبي قبيس، فشكا إلى ربّه الوحشة، و أنّه لا یسمع ما كان يسمعه في الجنّة، فأهبط الله عزَّ و جلَّ عليه ياقوتة حمراء، فوضعها في

ص: 197


1- الحديث حسن، ويدل على استحباب التوبة و الدعاء و الاعتراف بالذنب عند الملتزم من البيت، و هو المستجار.
2- الفقيه 2، 63- باب نُكَثٌ في حج الأنبياء و المرسلين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 2 مرسلاً و فيه: تلقته الملائكة بالأبطح ... و بَرَّ حجك: أي كان مقبولاً تثاب عليه. وقيل: الحج المبرور: الخالص من أية شائبة.
3- الحديث مجهول.
4- قال الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ، ح 3: و نزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمهاة من الجنة، و روي بياقوتة حمراء فأدارها على رأس آدم و حلق رأسه بها. أقول: و الحديث مجهول.

موضع البيت، فكان يطوف بها ،آدم فكان ضوؤها يبلغ موضع الأعلام، فيعلم الأعلام على ضوئها، و جعله الله حَرَماً (1)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام الكنديِّ عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، نحو هذا (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ الله تبارك و تعالى أوحى إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أنا الله الرَّحمن الرَّحيم، و إنّي قد رحمت آدم و حوَّاء لمّا شكيا إليَّ ما شَكَيا، فأهبط عليهما بخيمة من خيم الجنّة، و عَزِّهما عنّي بفراق الجنّة، و أجْمَعْ بينهما في الخيمة، فإنّي قد رحمتهما لبكائهما و وحشتهما في وحدتهما، و أنْصب الخيمة على التُّرعة (3) الّتي بين جبال مكّة، قال: و التّرعة: مكان البيت و قواعده الّتي رفعتها الملائكة قبل آدم، فهبط جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على آدم بالخيمة على مقدار أركان البيت و قواعده، فنصبها.

قال: و أنزل جبرئيل آدم من الصّفا، و أنزل حوَّاء من المَرْوَة، و جمع بينهما في الخيمة.

قال: و كان عمود الخيمة قضيبَ ياقوت أحمر، فأضاء نوره و ضَوْؤه جبال مكّة و ما حولها، قال: و امتدَّ ضوء العمود قال: فهو مواضع الحرم اليوم من كلِّ ناحية من حيث بلغ ضوء العمود، قال: فجعله الله حَرَماً لحُرْمة الخيمة و العمود لأنّهما من الجنّة.

قال: و لذلك (4) جعل الله عزَّ و جلَّ الحَسَنات في الحرم مضاعفةً و السيِّئاتِ مضاعفةً، قال: ومدَّت أطناب الخيمة حولها، فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام، قال: و كانت أوتادها من عقيان (5) الجنّة و أطنابها من ضفائر (6) الأُرْجُوان (7)

ص: 198


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 208 بتفاوت. و الحديث حسن. و قوله: أقرب: أي من الكعبة، و أبعد: أي عنها.
2- هذا السند صحيح.
3- التُرعة: الروضة في مكان مرتفع. و الباب، و الدرجة. قيل: و في أكثر نسخ علل الشرائع- حيث روي الحديث-: النَزعة و لعلها كناية عن المكان الخالي من الشجر و النبات، تشبيها بنزعة الرأس التي لا ينبت فيها شعر. و لكن فسّرت في الحديث بأنها مكان البيت و قواعده.
4- أي لتلك الحُرْمة.
5- قال الجوهري: العقيان، من الذهب، الخالص. و يقال: هو مما ينبت نباتاً و ليس مما يحصل من الحجارة.
6- جمع ضفيرة و هي نسع الشعر و غيره.
7- الأرجوان: فارسي معرّب، و هو ارغوان. و كل لون يشبهه فهو أُرجُوان.

قال: و أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل أهبط على الخيمة [ب] سبعين ألف ملك یحرسونها من مَرَدَة ،الشياطين، و يؤنسون آدم، و يطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت و الخيمة، قال: فهبط بالملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مَرَدَة الشياطين العتاة، و يطوفون حول أركان البيت و الخيمة كلَّ يوم و ليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور. قال: و أركان البيت الحرام في الأرض، حيال البيت المعمور الّذي في السماء، ثمَّ قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن أَهْبِط إلى آدم و حوَّاء فَنَحِّهما عن مواضع قواعد بيتي، و ارفع قواعد بيتي لملائكتي، ثمَّ وَلَدَ آدم، فهبط جبرئيل على آدم و حوَّاء فأخرجهما من الخيمة و نحّاهما عن تُرْعَة البيت، و نحّى الخيمة عن موضع التُّرعة.

قال: و وضع آدم على الصّفا و حوَّاء على المَرْوَة فقال آدم: يا جبرئيل أَبِسَخَط (1) من الله عزَّ و جلَّ حوَّلتنا و فرَّقت بيننا، أم برضى و تقدير علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك بسَخَط من عليكما، و لكنَّ الله لا يُسأل عمّا يفعل، يا آدم، إنَّ السّبعين ألف ملك الّذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك و يطوفوا حول أركان البيت [المعمور] و الخيمة، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع التُرْعة المباركة، حيال البيت المعمور، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليَّ أن أُنحيّك و أرفعَ الخيمة، فقال آدم: قد رضينا بتقدير الله و نافذ أمره فينا، فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، و حجر من المروة، و حجر من طور سيناء، و حجر من جبل السّلام: و هو ظهر الكوفة، و أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل أن ابنه و أَتمّه، فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله عزَّ و جلَّ من مواضعهنَّ بجناحه، فوضعها حيث أمر الله عزَّ و جلَّ في أركان البيت على قواعده الّتي قدّرها الجبّار و نصب أعلامها، ثمَّ أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ابنِهِ و أَتمّه بحجارة من أبي قبيس، و اجعل بابين: باباً شرقيّاً و باباً ،غربيّاً، قال: فأتمّه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا أن فرغ، طافت حوله الملائكة، فلمّا نظر آدم و حوَّاء إلى الملائكة يطوفون حول البيت، انطلقا فطافا سبعة أشواط، ثمَّ خرجا يطلبان ما يأكلان (2)

132- باب ابتلاء الخلق و اختبارهم بالكعبة

1- محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن أبي يسر، عن داود بن عبد الله، عن

ص: 199


1- أَسْخَطَهُ: أَغْضَبَهُ.
2- الحديث مجهول.

[محمد بن] عمرو بن محمد، عن عيسى بن يونس قال: كان ابن أبي العوجاء (1) من تلامذة الحسن البصريِّ ، فانحرف عن التوحيد، فقيل له؛ ترکت مذهب صاحبك و دخلت فيما لا أصل له و لا حقيقة؟ فقال: إنَّ صاحبي كان مخلّطاً، كان يقول طوراً بالقدر، و طوراً بالجبر، و ما أعلمه اعتقَدَ مذهباً دام عليه. و قَدِم مكّة متمرّداً و إنكاراً على من يحجُّ، و كان يكره العلماء مجالسته و مساءلته لخبث لسانه و فساد ضميره، فأتى أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال: يا أبا عبد الله، إنَّ المجالس أمانات، و لا بدَّ لكلّ من به سعال أن يسعل، أفتأذن في الكلام؟ فقال: تكلّم فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر، و تلوذون بهذا الحجر، و تعبدون هذا البيت المعمور بالطُّوب و المَدَر (2)، و تهرولون حوله هرولة البعير إِذا نَفَرَ، إنَّ من فكر في هذا و قدّر، علم أنَّ هذا فعل أسّسه غير حكيم، و لا ذي نظر، فقل فإنّك رأس هذا الأمر و سنامه و أبوك أُسّهُ و تمامه؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ من أضلّه الله و أعمى قلبه، استوخم الحقَّ (3) و لم يستعِذْ به، و صار الشيطان وليّه و ربّه و قرينه يورده مَنَاهِل (4) الهلكة ثمَّ لا يُصْدِرُه (5)، و هذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه و زيارته و جعله محل أنبيائه، و قِبلةً للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، و طريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال العظمة و الجلال، خلقه الله قبل دَحْوِ الأرض بألفي عام، فأحقُّ (6) من أُطيع فيما أمر، و انتهى عمّا نهى عنه و زجر، الله المنشىءُ للأرواح و الصُّوَر (7)

2- و روي انَّ امير المؤمنين صلوات الله عليه قال في خطبة له: و لو أراد الله جلَّ ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم، أن يفتح لهم كنوز الذُّهبان (8)، و معادن العقيان، و مغارس الجنان، و أن يحشر طير السّماء و وحش الأرض معهم لفَعَلَ، و لو فعل لسقط البلاء، و بطل الجزاء، و اضمحلّت الأنباء، و لما وجب للقائلين (9) أُجور المبتلين، و لا لَحِقَ المؤمنين ثوابُ المحسنين،

ص: 200


1- هو عبد الكريم بن أبي العوجاء أحد زنادقة عصر الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور العباسي، و كان خال معن بن زائدة.
2- الطوب: الآجُرّ، و المَدَر: قطع الطين اليابس. و الدُّوْس: الوطء بالرِجْل.
3- استَوْخَمَ الحق: أي استثقله، كناية عن رفضه و عدم قبوله له.
4- المناهل: جمع مَنْهَل، و هو موضع الشرب.
5- الصَّدَر: الرجوع.
6- أَحَقُّ: مرفوع بالابتداء، و خبره قوله: اللهُ المنشىءُ ... الخ.
7- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 32 بتفاوت. و رواه في البحار صدر حديث طويل عن كنز العمال، عن جعفر بن قولويه، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي. هذا، و الحديث مجهول.
8- الذُّهْبان: جمع الذهب. و قد مر تفسير العقيان.
9- أي للحقِّ: وقيل: من القيلولة، كناية عن العيش في الرخاء باسترخاء.

و لا لزمت الأسماء (1) أهاليها على معنى مُبين، و لذلك لو أنزل الله من السماء آيةً فَظَلّت أعناقُهم لها خاضعين، و لو فعل لسقط البلوى عن النّاس أجمعين، و لكن الله جلَّ ثناؤه، جعل رسله أُولي قوَّة في عزائم نيّاتهم، و ضَعَفَةً فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب و العيون غناؤه (2) و خصاصة تملأ الأسماع و الأبصار أذاؤه (3)، و لو كانت الأنبياء أهل قوَّة لا تُرام (4) و عزَّة لا تُضام (5)، و مُلْك يمدّ نحوه أعناقُ الرّجال (6)، و يشدُّ إليه عقد الرِّحال، لكان أهون على الخلق في الاختبار، و أبعد لهم في الاستكبار، و لآمنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، فكانت النّيات مشتركة (7)،

و الحسنات مُقْتَسَمة، و لكن الله أراد أن يكون الإتّباع لرسله، و التصديق بكُتُبه، و الخشوع لوجهه، و الاستكانة لأمره و الاستسلام لطاعته، أُموراً له خاصّة، لا تشوبها من غيرها شائبة، و كلّما كانت البلوى و الاختبار أعظمَ، كانت المثوبة و الجزاء أَجْزَلَ (8)، الا ترَوْنَ أَنَّ الله جلَّ ثناؤه اختبر الأوّلين من لَدُنْ آدم إلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضرُّ و لا تنفع، و لا تبصر و لا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياماً (9)، ثمَّ وضعه بأوْعَرِ بقاع الأرض حجراً و أقلَّ نتائق (10) الدُّنيا مَدَراً، و أضيق بطون الأودية معاشاً، و أُغلظ محالِّ

ص: 201


1- كالمؤمن و الكافر و الورع و المتقي و المنافق ... الخ.
2- في النهج: غِنى.
3- في النهج: أذى.
4- أي يُقصد و يطلب.
5- ضامه حقه: نقصه إياه، و الضيم: الظلم.
6- يُمَدِّ نحوه أعناق ...: كناية عن الطموح إلى الملك و تأميله.
7- أي لم تكن النيات خالصة لله، بل تشترك فيها الرغبة و الرهبة و غيرهما بغيره و لغيره. و سوف يتوضح هذا المعنى بعد قليل.
8- أجزل: أعظم.
9- إشارة إلى قوله تعالى في سورة المائدة/97. و يقول الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان 1 - 247/2: ﴿القيام، مصدر كالصيام، أي جعل الله حج الكعبة، أو نصب الكعبة قياماً للناس، أي لمعايش الناس و مكاسبهم لما يحصل لهم في زيارتها من التجارة و أنواع البركة ... وقيل: معناه أنهم لو تركوه عاماً لم يحجّوه لما. نوظروا أن يهلكوا ...﴾. أقول: إن المناسك التي يؤديها الإنسان المؤمن حول البيت العتيق كلها تستبطن حكماً عظيمة و مرامي خطيرة تصب في بوتقة صهر الأمة و توحيدها من خلال ربطها بجذورها الحضارية من جهة و ربطها بالله سبحانه من جهة ثانية، و استشعارها من الجهة الأولى أنها أمة و ريثة لكل الأمم المؤمنة عبر التاريخ البشري و أنها خاتمتها على هذه الأرض بلحاظ كون رسولها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خاتم الأنبياء و الرسل و دينها هو المهيمن على كل الأديان و استشعارها من الجهة الثانية أنها مستندة في حركتها إلى ركن شديد و قوة لا تعلوها قوة، و في ذلك كله ما فيه من نهوض لها لتأخذ دورها القيادي للبشرية جمعاء فلا تستكين لظالم و لا تنالها و صمة التبعية، و أنعِمْ بذلك من قيام نهضوي رائع لا يجعل لغير الإسلام طريقاً إلى عزة الإنسانية و لا يكون معبود غير الله سبحانه.
10- النتائق: جمع النتيقة، و هي فعلية بمعنى المفعولة من النتق، و هو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به. هذ هو الأصل، و أراد بها هنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها في موضعها. هكذا قاله ابن الأثير في نهايته- بتصرف- 13/5

المسلمين مياهاً، بين جبال خشنة، و رمال دَمِثة (1)، و عيون و شلة (2)، و قرى منقطعة، و أثر من مواضع قطر السماء داثر، ليس يزكو به خُفٌ و لا ظلف و لا حافر، ثمَّ أمر آدم و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابةً لمنتجع أسفارهم، و غايةً لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متّصلة، و جزائر بحار منقطعة، و مهاوي فجاج عميقة، حتّى يهزُّوا مناكبهم ذللاً، يهلّلون الله حوله و يرملون (3) على أقدامهم شُعْثاً غُبراً له، قد نبذوا القنع و السّرابيل وراء ظهورهم، و حسروا بالشعور حلقاً عن رؤوسهم ابتلاءً عظيماً، و اختباراً كبيراً، و امتحاناً شديداً، و تمحيصاً بليغاً، و قنوتاً مبيناً، جعله الله سبباً لرحمته، و وُصْلَةً و وسيلة إلى جنّته، و علّةً لمغفرته، و ابتلاءً للخلق برحمته، و لو كان الله تبارك و تعالى وضع بيته الحرام، و مشاعره العظام، بين جنّات و أنهار،و سهل و قرار، جمِّ الأشجار، داني الثّمار، ملتفّ النبات، متّصل القرى، من برَّة سمراء، و روضة خضراء، و أرياف محدقة، و عراص مغدقة، و زروع ناضرة، و طرق عامرة، و حدائق كثيرة، لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء (4)، ثمَّ لو كانت الأساس المحمول عليها، و الأحجار المرفوع بها، بين زمرُّدة خضراء، و ياقوتة حمراء، و نور و ضياء، لخفّف ذلك مصارعة الشكِّ في الصدور، و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، و لنفى معتلج الرَّيب من النّاس، و لكن الله عزَّ و جلَّ، يختبر عبيده بأنواع الشدائد و يتعبّدهم بألوان المَجَاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجاً للتكبّر من قلوبهم، و إسكاناً للتّذلّل في أنفسهم، و ليجعل ذلك أبواباً [فُتَّحاً] إلى فضله، و أسباباً ذُللاً لعفوه و فتنته، كما قال (5): ﴿ألم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (6)

133- باب حجّ إبراهيم و إسماعيل و بنائهما البيت و من وَلِيَ البيت بعدهما (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر؛ و غيره، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن

ص: 202


1- قال في النهاية: الدمث: الأرض السهلة الرخوة، و الرمل الذي ليس بمتلبّد.
2- الوَشَل: الماء القليل.
3- الرِّمَل: المشي السريع.
4- فيه دلالة على أن أفضل الأعمال أحمزها و أشدّها.
5- العنكبوت/ 1 و 2 و 3.
6- وردت هذه في نهج البلاغة لسيد البُلغاء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في جملة الخطبة التي تسمى القاصعة، و إن بتفاوت في بعض الألفاظ، فتأمل.

عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا وُلِدَ إسماعيل، حمله إبراهيم و أُمّه على حمار، و أقبل معه جبرئيل حتّى وضعه في موضع الحِجر، و معه شيء من زاد، و سقاءٌ فيه شيء من ماء، و البيت يومئذ ربوة حمراء من مَدَر، فقال إبراهيم لجبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ههنا أُمِرْتَ؟ قال: نعم. قال: و مكّة يومئذ سَلَمٌ و سمُر (1)، و حول مكّة يومئذ ناس من العماليق (2)

و في حديث آخر عنه أيضاً قال: فلمّا ولّى إبراهيم، قالت هاجر: يا إبراهيم، إلى من تَدَعُنا؟ قال: أَدَعُكُما إلى ربِّ هذه البِنْيَة ، قال: فلمّا نفد الماء و عطش الغلام، خرجت حتّى صعدت على الصفا فنادت: هل بالبوادي من أنيس، ثمَّ انحدرت حتّى أتت المروة فنادت مثل ذلك، ثمَّ أقبلت راجعة إلى ابنها، فإذا عَقِبُهُ يفحص في ماء، فجمعته فساخ (3)، و لو تركته لساح.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا خلف إسماعيل بمكّة عطش الصّبيُّ، فكان فيما بين الصّفا و المروة شجر، فخرجت أُمّه حتّى قامت على الصّفا، فقالت: هل بالبوادي من أنيس، فلم يُجِبْها أحد، فمضت حتّى انتهت إلى المروة، فقالت: هل بالبوادي من أنيس، فلم تُجَب، ثمَّ رجعت إلى الصّفا و قالت ذلك، حتّى صنعت ذلك سبعاً، فأجرى الله ذلك سُنّةً، و أتاها جبرئيل فقال لها: من أنت؟ فقالت: أنا أُمّ ولد إبراهيم، قال لها: إلى من ترككم؟ فقالت: أما لئن قلتَ ذاك، لقد قلتُ له حيث أراد الذّهاب: يا إبراهيم، إلى من تركتنا ؟ فقال: إلى الله عزَّ و جلَّ، فقال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لقد وَكَلكُمْ إلى كاف، قال: و كان النّاس يجتنبون الممرّ إلى مكّة لمكان الماء، ففحص الصّبيُّ برجله، فنبعت زمزم، قال: فرجعت من المروة إلى الصّبيِّ و قد نبع الماء، فأقبلت تجمع التّراب حوله مخافة أن يسيح الماء ، و لو تركته لكان سَيْحاً، قال: فلمّا رأت الطير الماء حلقت عليه، فمرَّ ركب من اليمن يريد السفر، فلما رأوا الطير قالوا: ما حلقت الطير إلّا على ماء، فأتوهم فسقوهم من الماء فأطعمهم الركبُ من الطعام، و أجرى الله عزَّ و جلَّ لهم بذلك رزقاً، و كان النّاس يمرُّون بمكّة فيطعمونهم من الطعام و يسقونهم من الماء.

3- محمد بن يحيى، و أحمد بن إدريس، عن عيسى بن محمد بن أبي أيّوب؛ عن

ص: 203


1- السَلَم و السمُر: نوعان من الشجر.
2- العماليق: -كما يقول الجوهري -و العمالقة، قوم من ولد عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح، و هم أمم تفرقوا في البلاد.
3- ساخ يسيخ سيخاً و سَيَخَاناً: إذا رسخ و ثبت. و ساح الماء؛ جرى على وجه الأرض .

عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن منصور، عن كلثوم بن عبد المؤمن الحرَّانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أمر الله عزَّ و جلَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يحجّ، و يُحِجّ (1) إسماعيل معه و يُسْكنه الحرم، فحجّا على جمل أحمر، و ما معهما إلّا جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا بلغا الحرم، قال له جبرئيل: يا إبراهيم، انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم، فنزلا فاغتسلا، و أراهما كيف يتهيّئان للإحرام، ففعلا، ثمَّ أمرهما فأهلّا (2) بالحجِّ، و أمرهما بالتلبيات الأربع الّتي لبّى بها المرسلون، ثمَّ صار بهما إلى الصفا، فَنَزَلا، وقام جبرئيل بينهما، و استقبل البيت، فكبّر الله، و كبّرا، و هلّل الله، و هلّلا، و حمد الله، و حمدا، و مجّد الله، و مجّدا، و أثنى عليه، و فعلا مثل ذلك، و تقدَّم جبرئيل، و تقدَّما يثنيان على الله عزَّ و جلَّ و يمجّدانه حتّى انتهى بهما إلى موضع الحَجَر، فاستلم جبرئيل [ الحجر] (3)، و أمرهما أن يستلما، و طاف بهما أُسبوعاً، ثمَّ قام بهما في موضع مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فصلّى ركعتين وَ صَلّيا، ثمَّ أراهما المناسك و ما يعملان به، فلمّا قضيا مناسكهما أمر الله إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالانصراف، و أقام إسماعيل وحده ما معه أحدٌ غير أمّه، فلمّا كان من قابل، أذن الله لإبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الحجّ و بناء الكعبة، و كانت العرب تحجّ إليه، و إنّما كان رَدْماً (4)، إلّا أنَّ قواعده معروفة، فلمّا صَدَر الناس (5)، جمع إسماعيل الحجارة و طرحها في جوف الكعبة، فلمّا أذن الله له في البناء، قدم إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا بُنَيَّ، قد أمرنا الله ببناء الكعبة، و كَشَفا عنها، فإذا هو حجر واحد أحمر، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: ضع بناءها عليه، و أنزل الله عزَّ و جلَّ أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة، فكان إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) يضعان الحجارة و الملائكة تناولهما، حتّى تمّت اثني عشر ذراعاً، و هيّئا له بابين: باباً يُدْخَل و باباً يُخْرَج منه، و وضعا عليه عَتَباً و شرجاً (6) من حديد على أبوابه، و كانت الكعبة عريانة، فصدر إبراهيم و قد سوَّى البيت، و أقام إسماعيل، فلمّا ورد عليه النّاس، نظر إلى امرأة من حِمْيَر أعجبه جمالُها، فسأل الله عزَّ و جلَّ أن يزوّجها إيّاه، و كان لها بعل، فقضى الله على بعلها بالموت، و أقامت بمكّة حزناً على بعلها، فأسلى الله ذلك عنها، و زوّجها إسماعيل، و قدم

ص: 204


1- ﴿قوله: و يحجّ إسماعيل. الظاهر أن هذا كان بعد أن كبر إسماعيل و ترك أمه هناك و ذهب إلى أبيه بالشام﴾ مرآة المجلسي 34/17.
2- الإهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية.
3- يعني موضعه، لأنه لم يكن البيت بعدُ قد بني على قواعد، و إنما بني في العام التالي كما تصرّح الرواية بذلك بعد قليل و إن الحجر كان وديعة عند جبل أبي قيس.
4- الردم ما يسقط من الجدار إذا انهدم.
5- أي رجعوا ...
6- في الفقيه: ... و شريجاً. و الشريج: -كما في المصباح -ما يضم من القصب و يجعل على الحوانيت کالأبواب. و الشرج: الحَلَقُ و العُرى.

إبراهيم الحجّ، و كانت امرأة موفّقة، و خرج إسماعيل إلى الطائف يمتار (1) لأهله طعاماً، فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحُسْن حال، فسألها عنه خاصّة، فأخبرته بحُسْن الدِّين، و سألها ممّن أنت؟ فقالت: امرأة من حِمْيَر، فسار إبراهيم و لم يلْقَ إسماعيل ، و قد كتب إبراهيم كتاباً فقال: ادفعي هذا إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله، فقَدِمَ عليها إسماعيل، فدفعت إليه الكتاب فقرأه فقال: أتدرين من هذا الشيخ؟ فقالت: لقد رأيته جميلاً فيه مشابهة منك، قال: ذاك إبراهيم، فقالت: واسَوْءتاه منه، فقال: و لِمَ، نظر إلى شيء من محاسنك؟ فقالت: لا، و لكن خِفْتُ أن أكون قد قصّرت، و قالت له المرأة و كانت عاقلة: فهلاً تعلّق على هذين البابين سترين، ستراً من ههنا و ستراً من ههنا؟ فقال لها: نعم، فعملا لهما سترين طولهما اثني عشر ذراعاً، فعلّقاهما على البابين فأعجبهما ذلك، فقالت: فهلّا أحوك للكعبة ثياباً فتسترها كلّها، فإنّ هذه الحجارة سمجة (2)؟ فقال لها إسماعيل: بلى، فأسرعت في ذلك، و بعثت إلى قومها بصوف كثير تَسْتَغْزِلُهُمْ.

قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إنّما وقع استغزال النّساء من ذلك بعضهنَّ لبعض لذلك، قال: فأسرعت و استعانت في ذلك، فكلّما فرغت من شقّة علّقتها، فجاء الموسم و قد بقي وجه من وجوه الكعبة، فقالت لإسماعيل: كيف نصنع بهذا الوجه الّذي لم تدركه الكسوة، فكسوه خَصَفاً (3)، فجاء الموسم و جاءته العرب على حال ما كانت تأتيه، فنظروا إلى أمر أعجبهم، فقالوا: ينبغي لعامل هذا البيت أن يهدى إليه، فمن ثَمَّ وقع الهدي، فأتى كلّ فخذ من العرب بشيء يحمله من وَرِق و من أشياء غير ذلك، حتّى اجتمع شيء كثير، فنزعوا ذلك الخَصَف و أتمّوا كسوة البيت و علّقوا عليها بابين (4)، و كانت الكعبة ليست بمسقّفة، فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل هذه الأعمدة الّتي ترون من خشب، و سقّفها إسماعيل بالجرائد، و سوَّاها بالطين ، فجاءت العرب من الحَوِل، فدخلوا الكعبة و رأوا ،عمارتها، فقالوا: ينبغي لعامل هذا البيت أن يُزاد، فلمّا كان من قابِل، جاءه الهَدْيُ فلم يَدْر إسماعيل كيف يصنع، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه أن انحَرْهُ و أَطْعِمْه الحاجّ، قال: وشكا إسماعيل إلى إبراهيم قلّة الماء، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إلى إبراهيم أن احتفر بئراً يكون منها شراب الحاجِّ، فنزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاحتفر قليبَهم- يعني زمزم- حتّى ظهر ماؤها، ثمَّ قال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انزل يا إبراهيم، فنزل بعد جبرئيل، فقال: يا إبراهيم،

ص: 205


1- الإمتيار: جلب المِيرَة، و هي الطعام من الحب و القوت.
2- أي قبيحة.
3- الخَصَف: شيء للستر يعمل من الخوص.
4- أي سترين لهما.

اضرب في أربع زوايا البئر و قل: بسم الله، قال: فضرب إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الزَّاوية الّتي تلي البيت و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الزاَّوية الثانية و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الثالثة و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الرابعة و قال: بسم الله، فانفجرت عين، و قال له جبرئيل: اشرب يا إبراهيم و ادْعُ لولدك فيها بالبركة، و خرج إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و جبرئيل جميعاً من البئر، فقال له: افِضْ عليك يا إبراهيم، وطُفْ حول البيت، فهذه سُقياً سقاها الله ولد إسماعيل، فسار إبراهيم و شيّعه إسماعيل حتّى خرج من الحَرَم، فذهب إبراهيم و رجع إسماعيل إلى الحَرَم (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر، و محمد بن یحیی، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن عقبة بن بشير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أمر إبراهيم ببناء الكعبة، و أن يرفع قواعدها، و يُري النّاس مناسكهم، فبنى إبراهيم و إسماعيل البيت كلَّ يوم سافاً (2)، حتّ انتهى إلى موضع الحجر الأسود. قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فنادى أبو قبيس إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لك عندي وديعة، فأعطاه الحجر، فوضعه موضعه، ثمَّ إِنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أذَّن في النّاس بالحجِّ فقال: أيّها الناس، إنّي إبراهيم خليل الله، إنَّ الله يأمركم أن تحجّوا هذا البيت، فحُجّوه، فأجابه من يحجُّ إلى يوم القيامة، و كان أوَّل من أجابه من أهل اليمن ، قال: و حجَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هو و أهله و ولده، فمن زعم أنَّ الذَّبيح هو إسحاق فمن ههنا كان ذَبَحَهُ (3)

ص: 206


1- روى أجزاء من هذا الحديث في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، بعد إيراده رحمه الله الحديث رقم 8. بتفاوت. هذا، و الحديث مجهول.
2- الساف: كل مدماك من الحائط بطوله.
3- قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فمن ها هنا كان ذَبَحه: يعني أن الذي كان عند حج إبراهيم هو أهله و ولده إسماعيل، و إسحاق كان بالشام، فكيف يمكن أن يكون هو الذبيح. و العامّة، الأشهر عندهم هو أن الذبيح إسحاق، و من الخاصة من ذهب إليه مستندا إلى بعض روايات محمولة على التقية. هذا و الحديث مجهول. و قد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و... ، ح 5 فقال: وسئل الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الذبيح من كان؟ فقال: إسماعيل، لأن الله عزَّ و جلَّ ذكر قصته في كتابه، ثم قال: ﴿وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾/الصافات/ 112. ثم قال رحمه الله بعد ذلك: ﴿و قد اختلفت الروايات في الذبيح، فمنها ما ورد بأنه إسماعيل، و منها ما ورد بأنه إسحاق، و لا سبيل إلى رد الأخبار متى صح طرقها، و كان الذبيح إسماعيل، لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك، تمنى أن يكون هو الذي أُمِرَ أبوه بذبحه، و كان يصبر لأمر الله عزَّ و جلَّ، و يسلّم له كصبر أخيه و تسليمه فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله عزَّ و جلَّ ذلك من قلبه فسّماه الله بين ملائكته ذبيحاً لتمنّيه لذلك. و قد ذكرت أسناد ذلك في كتاب النبوة متصلاً بالصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. أقول: و قد ذكر رحمه الله في كتاب الخصال من أسناده إلى ما ذكره هنا فقال: حدثنا بذلك محمد بن علي بن بشار عن المظفر بن أحمد ... الخ.

و ذكر عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ ) يزعمان أنّه إسحاق، فأمّا زرارة فزعم أنّه إسماعيل.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني الرّضا- للحسن بن الجهم: أيُّ شيء السّكينة عندكم؟ فقال: لا أدري، جُعِلْتُ فِداك، و أيُّ شيء هي؟ قال: ريح تخرج من الجنّة طيّبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، و هي الّتي نزلت على إبراهيم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، فبنى الأساس عليها (1)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن أسباط قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السّكينة فذكر مثله (2)

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أُمِرَ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) ببناء البيت و تمَّ بناؤه، قعد إبراهيم على ركن ثمَّ نادي، هلّم الحجَّ هَلُمَّ الحجَّ، فلو نادى هَلُمّوا إلى الحجّ، لم يحجّ إلّا من كان يومئذ إنسياً مخلوقاً، و لكنّه نادى: هلّم الحجَّ، فلبّى النّاس في أصلاب الرِّجال: لبّيك داعِيَ الله، لبّيك داعِيَ الله عزَّ و جلَّ، فمن لبّى عشراً يحجُّ عشراً، و من لبّي خمساً، يحجّ خمساً، و من لبّي أكثر من ذلك فبعدد ذلك، و من لبّى واحداً حجَّ واحداً، و من لم يُلَبِّ لم يَحُجّ (3)

7- عنه، عن سعيد بن جناح، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت الكعبة على عهد إبراهيم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) تسعة أذرع (4)، و كان لها بابان، فبناها عبد الله بن الزّبير فرفعها ثمانية عشر ذراعاً، فهدمها الحجّاج فبناها سبعة و عشرين ذراعاً.

8- و روي عن ابن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان طول الكعبة يومئذ تسعة أذرع، و لم يكن لها سقف، فسقّفها قريش ثمانية عشر ذراعاً، فلم تزل، ثمَّ

ص: 207


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ح 22 و أخرجه عن أبي همّام إسماعيل بن همّام عن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث موثق كالصحيح. أقول: و كون هذه الريح الطيبة لها صورة كصورة وجه الإنسان ليس بالأمر المستحيل المستبعد إذ أن الله قادر على ما يشاء متى شاء و كيف شاء.
2- هذا الطريق أيضاً حسن أو موثق.
3- ذكر بعضه بتفاوت الشيخ الصدوق رحمه الله في كلام أورده مع حذف إسناده في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ، بعد الحديث رقم 8.
4- ﴿كونه تسعة أذرع إما بأذرع ذلك الزمان، أو بدون الرخامة الحمراء التي هي الأساس لئلا ينافي ما مرّ﴾ مرآة المجلسي 41/17.

كسرها الحجّاج على ابن الزّبير، فبناها و جعلها سبعة و عشرين ذراعاً (1)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و الحسين بن محمد، عن عبدَوَيْه بن عامر، جمعياً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يذكران أنّه لمّا كان يوم التروية قال جبرئيل لإبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تَرَوَّه من الماء، فسُمِّيت التّروية ، ثمَّ أتى منى فأباته بها، ثمَّ غدا به إلى عرفات فضرب خِباه بِنَمِرَة دون عرفة، فبنى مسجداً بأحجار بِيض، و كان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتّى أدخل في هذا المسجد الّذي بنَمرة، حيث يصلّى الإمام يوم عرفة، فصلّى بها الظهر و العصر، ثمَّ عمد به إلى عرفات فقال: هذه عرفات، فاعرف بها مناسكك، و اعترف بذنبك، فسمّي عرفات، ثمّ أفاض إلى المزدلفة، فسمّيت المزدلفة لأنّه ازدَلَف إليها، ثمَّ قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه و قد رأى فيه شمائله و خلائقه و أنس ما كان إليه، فلمّا أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لأُمّه: زوري البيت أنت، و احتَبَسَ الغلامَ؛ فقال: يا بنيَّ، هات الحمار و السكّين حتّى أُقرِّب القربان، فقال أَبَان: فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار و السكّين؟ قال: أراد أن يذبحه ثمَّ يحمله فيجهّزه و يدفنه، قال: فجاء الغلام بالحمار و السكّين فقال: يا أبتِ أين القربان؟ قال: ربِّك يعلم أين هو، يا بنيَّ أنت و الله هو، إنَّ الله قد أمرني بذَبْحك. فانظر ماذا ترى قال: ﴿يا أَبَتِ افعل ما تُؤْمَر سَتَجِدُني إن شاء الله من الصابرين﴾ (2) قال: فلمّا عزم على الذَّبح قال: يا أبت خَمِّر (3) وجهي وشُدَّ وَ ثاقي، قال: يا بنيَّ، الوثاق مع الذَّبح، و الله لا أجمعهما عليك اليوم؛ قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فطرح له قُرْطان الحمار (4) ثمَّ أضْجَعَه عليه، و أخذ المِدْيَة فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أُريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله، غلام لم يَعْص الله طَرْفَةَ عين تَذْبَحُه؟ فقال: نعم، إنَّ الله قد أمرني بذَبْحه، فقال: بل ربك نهاك عن ذبحه، و إنّما أمرك بهذا الشّيطان في منامك، قال: وَيْلَكَ، الكلام الّذي سمعت هو الّذي بلغ بي ما ترى، لا و الله لا أُكلّمك، ثمَّ عزم على الذَّبح، فقال الشّيخ: يا إبراهيم، إنّك إمام يُقْتَدى بك فإن ذبحت ولدك ذبح النّاس أولادهم، فمهلاً، فأبى أن يكلّمه. قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: فأضجعه عند الجمرة الوسطى (5)، ثمَّ أخذ

ص: 208


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 23. قوله: فسقّفها قريش: المراد ابن الزبير من قريش، بملاحظة ما ورد في الحديث السابق عليه.
2- الصافّات/ 102.
3- خمّر وجهي: أي غطّه و استُره.
4- قرطان الحمار: يعني البُرْذعة، و يقال: القُرطاط، أيضاً.
5- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ح 6 فقال: و سُئِل الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أين أراد إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يذبح ابنه؟ فقال: على الجمرة الوسطى.

المدية فوضعها على حلقه، ثمَّ رفع رأسه إلى السّماء، ثمَّ انتحى (1) عليه فَقَلَبها جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن حلقه، فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة، فَقَلَبها إبراهيم على خدِّها، و قَلَبها جبرئيل على قفاها، ففعل ذلك مراراً، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف: يا إبراهيم، قد صدَّقت الرّؤيا، و اجترّ الغلام من تحته، و تناول جبرئيل الكبش من قُلّة ثبير (2) فوضعه تحته، و خرج الشّيخ الخبيث حتّى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت و البيت في وسط الوادي فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ فنَعَتَ نَعْتَ إبراهيم، قالت: ذاك بعلي، قال: فما وصيف (3) رأيته معه؟ و نَعَتَ نَعْتَه ، قالت: ذاك ابني، قال: فإنّي رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه، قالت: كلّا، ما رأيت إبراهيم إلّا أرحمَ النّاس، و كيف رأيته يذبح ابنه؟ قال: و ربِّ السّماء و الأرض، و ربِّ هذه البِنْيَةِ، لقد رأيته أضجعه و أخذ المِدْيَةَ ليذبحه، قالت: لِمَ؟ قال: زعم أنَّ ربّه أمره بذبحه، قالت: فحقٌّ له أن يطيع ربَّه، قال: فلمّا قضت مناسكها، فرقّت أن يكون قد نزل في ابنها شيء، فكأنّي أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها و هي تقول: ربِّ لا تؤاخذني بما عملت بأمّ إسماعيل (4)، قال: فلمّا جاءت سارةُ فأُخْبِرَت الخبر، قامت إلى ابنها تنظر، فإذا أثر السكّين خدوشاً في حلقه، ففزعت و اشتكت، و كان بدء مرضها الّذي هلكت فيه.

و ذكر أَبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أراد أن يذبحه في الموضع الّذي حملت أُمُّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابِرٌ عن کابِر (5)، حتّى كان آخر من ارتحل منه عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شيء كان بين بني هاشم و بين بني أُميّة، فارتحل فضرب بالعَرِين (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد؛ و الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أين أراد إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يذبح ابنه؟ قال: على الجمرة الوسطى؛ و سألته عن كبش إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)ما كان لونه و أين نزل؟ فقال: أَمْلَحَ، و كان أَقْرَنَ، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد،

ص: 209


1- الانتحاء: -كما يقول الجوهري -الاعتماد و الميل في كل وجه.
2- ثبير: جبل بمكة يوازي حراء -قاله الجوهري- و قلّة الجبل: قمته. و قد ذكر هذا المعنى في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 6.
3- الوصيف: العبد مذكر الوصيفة و هي الأمة.
4- استفاد الفيض رحمه الله في الوافي من هذا أن الذبيح كان إسحاق لأنه ابن إبراهيم من سارة.
5- أي كبير في الشرف و العزّ عن كبير.
6- عرين مكة- كما في النهاية- 223/3: أي فناؤها.

و يأكل في سواد، و ينظر و يبعر و يبول في سواد (1)

11- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن الحسن بن نعمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا زادوا في المسجد الحرام؟ فقال: إنَّ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حَدَّا المسجد الحرام بين الصّفا و المروة (2)

12- و في رواية أُخرى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خطّ إبراهيم بمكّة ما بين الحِزْوَرَة إلى المسعى، فذلك الّذي خطّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني المسجد- (3)

13- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ إسماعيل دفن أُمّه في الحِجر، و حَجَر عليها لئلّا يوطأ قبر أُمِّ إسماعيل في الحِجْر(4)

14- بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجر بيت إسماعيل، و فيه قبر هاجر، و قبر إسماعيل (5)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شيء من البيت؟ فقال: لا، و لا قلامة ظفر، و لكن إسماعيل دفن أُمّه فيه، فكره أن توطأ، فحجر عليه حجراً، و فيه قبور أنبياء (6)

ص: 210


1- الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ،ح 6. و روى صدره مرسلاً. ثم ذكر بصيغة كلام له رحمه الله بقية الحديث حول أوصاف الكبش بعد الحديث المذكور أعلاه. و الأملح: هو ما كان بياضه أكثر من سواده. وقيل: هو النقي البياض. و كلمة (من) في قوله: من مسجد منى، هي للنسبة.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 230 بتفاوت و زيادة في آخره. و في سنده؛ الحسين بن نعيم، بدل: الحسن بن نعمان. و روى مضمون هذا الحديث الصدوق بصيغة كلام له رحمه الله بعد إيراده الحديث 6 من الباب 63 من الجزء الثاني من الفقيه. و قوله: حدّا المسجد الحرام بين الصفا و المروة: «لعل المعنى أن المسجد في زمانه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان محاذياً لما بين الصفا و المروة متوسطاً بينهما و إن لم يكن مستوعباً لما بينهما فيكون الغرض بيان أن ما زيد من جانب الصفا حتى جازه كثيراً ليس من البيت. أو المعنى: إن عرض المسجد في ذلك الزمان كان أكثر حتى كان ما بين الصفا و المروة داخلاً في المسجد ...» مرآة المجلسي 45/17.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 231. و روى صدره مرسلاً في الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ح 7. و الحِزْوَرَة: موضع بمكة على باب الحنّاطين.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 8 بتفاوت.
5- الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 289 و روى صدر الحديث بتفاوت و سند آخر. ويدل الحديث- و هو صحيح- على عدم دخول الحجر في البيت و عدم دخول شيء من البيت فيه، و هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم. يقول الشهيد الأول في الدروس: المشهور أنه داخل في البيت، و لم نقف على رواية تدل عليه، و كونه داخلاً في الطواف لا يستلزم كونه من البيت كما دلت عليه الرواية.

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفيِّ، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دُفنَ في الحِجر ممّا يلي الركن الثالث عذارى بنات إسماعيل (1)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يزل بنو إسماعيل ولاة البيت [و] يقيمون للنّاس حجّهم و أمر دينهم يتوارثونه كابر عن كابر حتّى كان زمن أُدَد، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و أفسدوا و أحدثوا في دينهم، و أخرج بعضُهم بعضاً، فمنهم من خرج في طلب المعيشة، و منهم من خرج كراهية القتال، و في أيديهم أشياء كثيرة من الحنيفيّة: من تحريم الأُمّهات و البنات، و ما حرَّم الله في النكاح، إلّا أنهم كانوا يستحلّون امرأة الأب، و ابنة الأُخت، و الجمع بين الأُختين، و كان في أيديهم الحجُّ، و التلبية، و الغسل من الجنابة، إلّا ما أحدثوا في تلبيتهم و في حجّهم من الشرك، و كان فيما بين إسماعيل و عدنان بن اُدد موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

18- و روي أنَّ معد بن عدنان خاف أن يدرس (2)الحرم، فوضع أنصابه، و كان أوّل من وضعها ثمَّ غلبت جُرْهُم على ولاية البيت، فكان يلي منهم كابر عن كابر، حتّى بغت جرهم بمكّة، و استحلّوا حرمتها، و أكلوا مال الكعبة، و ظلموا من دخل مكّة، و عتوا و بغوا ، و كانت مكّة في الجاهليّة لا يُظلم و لا يبغي فيها، و لا يستحلّ حُرْمَتَها مَلِكٌ إلّا هلك مكانه، و كانت تسمّى بكّة لأنّها تبكّ أعناق الباغين إذا بغوا، و تسمّى بسّاسة، كانوا إذا ظلموا فيها بَسّتْهُم و أهلكتهم، و تسمّى أُمُّ رُحم، كانوا إذا لزموها رحموا، فلمّا بغت جرهم و استحلّوا فيها، بعث الله عزَّ و جلَّ عليهم الرعاف و النمل، و أفناهم، فغلبت خزاعة و اجتمعت ليجلوا من بقي من جُرْهُم عن الحرم، و رئيس خزاعة عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو، و رئيس جرهم عمرو بن الحارث بن مصاص الجرهميِّ، فهزمت خزاعة جرهم و خرج من بقي من جرهم إلى أرض من أرض جُهَينة، فجاءهم سيل أتيُ (3) فذهب بهم، و وليت خزاعة البيت فلم يزل في إيديهم حتّى جاء

ص: 211


1- الحديث ضعيف.
2- أي تنمحي آثاره.
3- السيل الأتيّ: السيل الذي جاءك و لم يصبك مطره. و هو كناية عن السيل المفاجيء.

قصيّ بن كلاب، و أخرج خزاعة من الحرم، وَ وَليَ البيت و غلب عليه (1)

19- أبو علّي الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار قال: أخبرني محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ العرب لم يزالوا على شيء من الحنيفيّة يصلون الرَّحم، و يُقرُونَ الضّيف، و يحجّون البيت، و يقولون: اتّقوا مال اليتيم فإنَّ مال اليتيم عقال (2)، و يكفّون عن أشياء من المحارم مخافة العقوبة، و كانوا لا يُمْلى (3) لهم إذا انتهكوا المحارم، و كانوا يأخذون من لحاء شجر الحرم فيعلّقونه في أعناق الإبل، فلا يجترىء أحد أن يأخذ من تلك الإبل حيثما ذهبت، و لا يجترى أحد أن يعلّق من غير لحاء شجر الحرم، أيّهم فعل ذلك عوقب، و أمّا اليوم، فأُمْليَ لهم، و لقد جاء أهل الشام فنصبوا المنجنيق على أبي قبيس، فبعث الله عليهم سحابة كجناح الطير، فأمطرت عليهم صاعقة فأحرقت سبعين رجلاً حول المنجنيق (4)

134- باب حجّ الأنبياء عليهم السلام

1- محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن الوشّاء، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: قال لي أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ سفينة نوح كانت مأمورة، طافت بالبيت حيث غرقت الأرض، ثمَّ أتت منى في أيّامها، ثمَّ رجعت السفينة و كانت مأمورة، و طافت بالبيت طواف النساء (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يحدِّث عطاء قال: كان طول سفينة نوح ألف ذراع و مائتي ذراع، و عرضها ثمان مائة ذراع، و طولها في السماء (6) مائتين ذراعاً، و طافت بالبيت، وسعت بین الصفا و المروة سبعة أشواط، ثمَّ اسْتَوَت على الجودِيّ (7)

ص: 212


1- الحديث مرسل. و قد روى ما يتعلق بأسماء مكة مرسلاً بتفاوت يسير في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 56.
2- أي يمنع الرزق و يسد أبوابه.
3- أي لا يُمهَلون و لا يُنظرون.
4- الحديث صحيح، و أصحاب الشام هم الحجّاج و جيشه. و المِنجنيق: آلة حربية ترمى بها الحجارة، فارسي معرّب.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- طولها في السماء: يعني عمقها من قعرها إلى أطراف جوانبها العليا.
7- الحديث مجهول. و رواه مرسلا بتفاوت و اختلاف في مقدار عرض السفينة و عمقها في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ح 4.

3- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: مرَّ موسى بن عمران في سبعين نبيّاً على فجاج الرَّوحاء (1)، عليهم العباء القَطَوانيّة ، يقول: لبيك عبدك ابن عبدک (2)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ موسى النبيُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بصفاح (3) الرّوحاء على جمل أحمر، خِطامه (4) من ليف، عليه عباءتان قَطَوا نيّتان و هو يقول: لبّيك كشّاف الكُرَب العظام لبيك يا كريم لبّيك؛ قال: و مرَّ يونس بن متى بصفاح الروحاء و هو يقول: لبّيك يا كريم لبّيك ؛ قال: و مرَّ عيسى بن مريم بصفاح الروحاء و هو يقول: لبّيك عبدك ابن أمتك [لبّيك]، و مرَّ محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بصفاح الروحاء، و هو يقول: لبّيك ذا المعارج لبّيك (5)

5- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أحرم موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من رملة مصر (6) قال: و مرَّ بصفاح الرَّوحاء مُحرِماً يقود ناقته بخِطام من ليف، عليه عباءتان قَطَوا نيّتان، يلبّي و تجيبه الجبال (7)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ سليمان بن داوود حجَّ البيت في الجنِّ و الأنس و الطير و الرِّياح، و كسا البيت القباطيَّ (8)

7- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن المفضّل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبيّ، و إنَّ ما بين الرُّكن (9)

ص: 213


1- الفجاج: جمع الفج و هو الطريق الواسع بين جبلين. و الرَّوْحاء: موضع بين الحرمين. و قطواني: نسبة إلى قطوان: موضع بالكوفة تصنع فيه هذه الثياب.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9 بتفاوت و رواه مرسلاً.
3- صفاح؛ جمع صَفْح، و هو سفح الجبل و مضطجعه. و لعل صفائح الروحاء مكان في الطريق ما بين مصر و الحجاز کان مشهوراً بتلك الصفائح فسمّي بها.
4- خِطام البعير، ما يوضع في أنفه لتسهل قيادته.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10.
6- لعلها مدينة الرملة بفلسطين، أو الرملة بأرض الشام، و قد يكون في مصر رملة أيضاً.
7- الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 11. و روى ذيل الحديث فيه مرسلا. و روى صدره بتفاوت مرسلاً برقم 9 من نفس الباب.
8- و القباطّي: جمع قبطية، ثياب تنسب إلى أقباط مصر.
9- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12.

و المقام لمشحون من قبور الأنبياء، و إن آدم لفي حرم الله عزَّ و جلَّ (1)

8- أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن زيد الشّحام، عمّن رواه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: حجَّ موسى بن عمران (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و معه سبعون نبيّاً من بني إسرائيل، خُطُم إبلهم من ليف، يُلبّون و تجيبهم الجبال، و على موسى عباءتان قَطَوانيّتان يقول: لبّيك عبدك ابن عبدك (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم ابن أبي البلاد، عن أبي بلال المكّيِّ قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دخل الحِجر من ناحية الباب، فقام يصلّي على قدر ذراعين من البيت، فقلت له: ما رأيت أحداً من أهل بيتك يصلّي بحيال الميزاب؟ فقال: هذا مصلّى شُبَّر و شَبِير ابني هارون (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفيِّ، عن معاوية بن عمّار الدُّهني، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دفن ما بين الرُّكن اليمانيِّ و الحجر الأسود سبعون نبيّاً، أماتهم الله جوعاً و ضرًّا (4)

11- أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ داوود لمّا وقف الموقف بعرفة، نظر إلى الناس و كثرتهم، فصعد الجبل فأقبل يدعو، فلمّا قضى نسكه أتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: يا داوود يقول لك ربّك: لِمَ صعدت الجبل، ظننتَ أنّه يخفى عليَّ صوتُ من صَوَّت، ثمَّ مضى به إلى البحر، إلى جدَّة، فرسب به (5) في الماء مسيرة أربعين صباحاً في البرِّ، فإذا صخرة ففلقها، فإذا فيها دودة، فقال له: يا داوود، يقول لك ربّك: أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر، فظننت أنّه يخفى عليَّ صَوْتُ من صوَّت (6)

ص: 214


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل. و الخُطُم: جمع الخِطام، و قد مر.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف.
5- قال الجوهري: رسب الشيء في الماء رسوباً: سفل فيه.
6- الحديث مرسل.

135- باب ورود تُبَّع و أصحاب الفيل البيت، و حفر عبد المطلب زمزم، وهدم قريش الكعبة و بنائهم إياها، وهدم الحجاج لها و بنائه إياها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار قال: حدَّثني إسماعيل بن جابر قال: كنت فيما بين مكّة و المدينة أنا و صاحب لي، فتذاكرنا الأنصار، فقال أحدنا: هم نُزّاع (1) من قبائل، و قال أحدنا: هم من أهل اليمن، قال: فانتهينا إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو جالس في ظلِّ شجرة، فابتدء الحديث و لم نسأله فقال: إِنَّ تُبّعاً لمّا أن جاء من قِبَل العراق، و جاء معه العلماء و أبناء الأنبياء، فلمّا انتهى إلى هذا الوادي لهُذَيل، أتاه أناسٌ من بعض القبائل فقالوا: إنّك تأتي أهل بلدة قد لعبوا بالناس زماناً طويلاً حتّى اتّخذوا بلادهم حَرَماً، و بِنْيَتَهم ربّاً أو ربّة (2)، فقال: إن كان كما تقولون، قتلت مقاتليهم، و سبَيْتُ ذرِّيّتهم، و هدمت بِنْيَتَهم (3) ؛ قال: فسالت عيناه حتّى وقعتا على خدَّيه، قال: فدعى العلماء و أبناء الأنبياء فقال: انظروني و أخبروني لما أصابني هذا؟ قال: فأبَوا أن يخبروه حتّى عزم عليهم، قالوا: حدِّثنا بأيّ شيء حدَّثْتَ نفسك؟ قال : حدّثت نفسي أن أقتل مقاتليهم و أسبي ذرّيّتهم و أهدم بِنْيَتَهمِ، فقالوا: إنّا لا نرى الّذي أصابك إلّا لذلك، قال: وَ لِمَ هذا؟ قالوا: لأنَّ البلد حَرَمُ الله، و البيتَ بيتُ الله، و سكّانه ذرّيّة إبراهيم خليل الرّحمن ، فقال: صدقتم، فما مخرجي ممّا وقعت فيه؟ قالوا: تحدِّث نفسك بغير ذلك، فعسى الله أن يردّ عليك، قال: فحدَّث نفسه بخير، فرجعت حدقتاه حتّى ثبتتا مكانهما، قال: فدعي بالقوم الّذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثمَّ أتى البيت و كساه، و أطعم الطعام ثلاثين يوماً كلُّ يوم مائة ،جَزور، حتّى حُمِلَت الجِفان (4) إلى السباع في رؤوس الجبال و نُثِرَت الأعلاف في الأودية للوحوش، ثمَّ انصرف من مكّة إلى المدينة، فأنزل بها قوماً من أهل اليمن من غسّان، و هم الأنصار.

في رواية أُخرى: كساه النطاع و طيّبه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران؛ و هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أقبل صاحب الحبشة بالفيل يريد هدم الكعبة، مرُّوا بإبل لعبد المطّلب، فاستاقوها، فتوجّه عبد المطّلب إلى صاحبهم يسأله ردَّ إبله عليه،

ص: 215


1- نُزِّاع: جمع نازع أو نزيع، و هو الغريب.
2- الترديد من الراوي.
3- يعني الكعبة.
4- الجِفان: جمع الجفنة، و هي القصعة. و تجمع على جَفَنات أيضاً.

فاستأذن عليه، فأذن له، وقيل له: إنَّ هذا شريف قريش أو (1) عظيم قريش، و هو رجلٌ له عقلٌ و مروّة، فأكرمه و أدناه، ثمَّ قال لترجمانه: سَلْهُ ما حاجتك؟ فقال له: إنَّ أصحابك مرُّوا بإبل لي فاستاقوها فأحببت أن تردَّها عليَّ، قال: فتعجّب من سؤاله إياه ردَّ الإبل و قال: هذا الّذي زعمتم أنّه عظيم قريش، و ذكرتم عقله، يدع أن يسألني أن أنصرف عن بيته الّذي يعبده، أما لو سألني أن أنصرف عن هَدِّهِ لانصرفت له عنه، فأخبره التّرجمان بمقالة الملك، فقال له عبد المطّلب: إنَّ لذلك البيت ربّاً يمنعه، و إنّما سألتك ردَّ إبلي لحاجتي إليها، فأمر بردِّها عليه، و مضى عبد المطلب حتّى لقي الفيل على طرف الحرم، فقال له: محمود! فحرَّك رأسه، فقال له : أتدري لما جیيء بك؟ فقال برأسه (2): لا، فقال: جاؤوا بك لتهدم بيت ربّك، أفتفعل؟ فقال برأسه: لا، قال: فانصرف عنه عبد المطّلب، و جاؤوا بالفيل ليدخل الحرم، فلمّا انتهى إلى طرف الحرم امتنع من الدُّخول، فضربوه فامتنع، فأداروا به نواحي الحرم كلّها، كلُّ ذلك يمتنع عليهم، فلم يدخل، و بعث الله عليهم الطير كالخطاطيف في مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها، فكانت تحاذي برأس الرَّجل ثمَّ ترسلها على رأسه فتخرج من دبره، حتّى لم يبق منهم أحدٌ، إلّا رجل هرب فجعل يحدِّث النّاس بما رأى، إذا طلع عليه طائر منها فرفع رأسه فقال: هذا الطير منها، و جاء الطّير حتّى حاذى برأسه ثمَّ ألقاها عليه، فخرجت من دبره فمات (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد بن عبد الله الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ قريشاً في الجاهليّة هدموا البيت، فلمّا أرادوا بناءه، حيل بينهم و بينه ، و ألقي في رُوعِهِم (4) الرُّعب حتّى قال قائل منهم: ليأتي كلُّ رجل منكم بأطيب ماله، و لا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام، ففعلوا، فَخُلّي بينهم و بين بنائه، فبنوه حتّى انتهوا إلى موضع الحجر الأسود، فتشاجروا فيه، أيّهم يضع الحجر الأسود في موضعه، حتّى كاد أن يكون بينهم شرُّ، فحكّموا أَوَّل من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فلمّا أتاهم، أمر بثوب فبُسط، ثمَّ وَضَعَ الحجر في وسطه، ثمَّ أخذت القبائل بجوانب الثّوب فرفعوه، ثمَّ تناوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فوضعه في موضعه، فخصّه الله به (5)

4- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره بأسانيد مختلفة رفعوه قالوا: إنّما هدمت قريش الكعبة لأنّ

ص: 216


1- الترديد من الراوي.
2- أي أشار به.
3- الحديث صحيح.
4- الرُّوع: القلب، وقيل: العقل و الذهن.
5- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 24. و الحديث صحيح.

السيل كان يأتيهم من مكّة فيدخلها، فانصدعت(1)، و سرق من الكعبة غزال من ذهب رجلاه من جوهر، و كان حائطها قصيراً، أو كان ذلك قبل مبعث النّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بثلاثين سنه (2)، فأرادت قريش أن يهدموا الكعبة و يبنوها و يزيدوا في عرصتها، ثمَّ أشفقوا من ذلك و خافوا إنْ وضعوا فيها المعاول أن تنزل عليهم عقوبة، فقال الوليد بن المغيرة: دعوني أُبدء، فإن كان الله رِضىَّ لم يصبني شيء، و إن كان غير ذلك كَفَفْنا، فصعد على الكعبة و حرَّك منه حجراً، فخرجت عليه حيّة، و انكسفت الشّمس، فلمّا رأوا ذلك بكَوا و تضرَّعوا و قالوا: إنّا لا نريد إلّا الإصلاح، فغابت عنهم الحيّة، فهدموه، و نحّوا حجارته حوله حتّى بلغوا القواعد الّتي وضعها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا أرادوا أن يزيدوا في عرصته، و حرَّكوا القواعد الّتي وضعها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أصابتهم زلزلة شديدة، و ظُلْمة، فكفّوا عنه، و كان بنيان إبراهيم: الطّولُ ثلاثون ذراعاً، و العرضُ اثنان و عشرون ذراعاً، و السّمْكُ تسعةُ أذرع، فقالت قريش: نزيد في سمكها، فبنَوها، فلمّا بلغ البناء إلى موضع الحجر الأسود، تشاجرت قريش في وضعه، فقالت كلُّ قبيلة: نحن أوْلى به، نحن نضعه، فلمّا كثر بينهم، تراضَوا بقضاء من يدخل من باب بني شَيبة، فطلع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقالوا: هذا الأمين قد جاء، فحكّموه، فبسط رداءه، و قال بعضهم: كساء طارونيُّ (3) كان له، و وضع الحجر فيه ثمَّ قال: يأتي من كلِّ رَبْع (4) من قريش رجل، فكانوا: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، و الأسود بن المطّلب من بني أسد بن عبد العُزَّى. و أبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم. و قيس بن عديّ من بني سهم، فرفعوه، و وضعه النّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في موضعه، و قد كان بعث مَلِكُ الرُّوم بسفينة فيها سقوف و آلات و خشب و قوم من الفعلة إلى الحبشة، ليبني له هناك بِيعة، فطرحتها الرِّيح إلى ساحل الشّريعة، فبُطِحت (5)، فبلغ قريشاً خبرُها، فخرجوا إلى السّاحل فوجدوا ما يصلح للكعبة من خشب و زينة و غير ذلك، فابتاعوه، و صاروا به إلى مكّة، فوافق ذرع ذلك الخشب البناء ما خلا الحِجْر، فلمّا بنوها كسوها الوصائد: و هي الأردية (6)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داوود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّی اَللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سَاهَمَ قُرَیْشاً فِی بِنَاءِ اَلْبَیْتِ، فَصَارَ

ص: 217


1- إلى هنا مرسلاً في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ذيل ح 6.
2- المشهور في كتب التاريخ هو أن بناء قريش للكعبة كان قبل البعثة بخمس سنين.
3- الطاروني: ضرب من الخَزّ.
4- أي حي و منزل.
5- بُطِحَت: أي جنحت و استقرت في الطين. و قرىء: فنطحت: أي انكسرت.
6- روى منه ما يتعلق بمواصفات بناء إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كذا ذيله في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 26. و أخرجه مرسلاً. و الحديث مرفوع.

لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مِنْ بَابِ اَلْکَعْبَهِ إِلَی اَلنِّصْفِ مَا بَیْنَ اَلرُّکْنِ اَلْیَمَانِیِّ إِلَی اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ (1)

وَ فِی رِوَایَهٍ أُخْرَی: کَانَ لِبَنِی هَاشِمٍ مِنَ اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ إِلَی اَلرُّکْنِ اَلشَّامِیِّ (2)

6- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره رفعوه قال: كان في الكعبة غزالان من ذهب، و خمسة أسياف، فلمّا غلبت خزاعةُ جُرْهُم على الحرم، ألقت جُرْهُمُ الأسياف و الغزالين في بئر زمزم، و ألقَوا فيها الحجارة، و طمّوها، و عَمّوا أثرها (3)، فلمّا غلب قُصيّ على خزاعة، لم يعرفوا موضع زمزم، و عُمّي عليهم موضعها، فلمّا غلب عبد المطّلب، و كان يُفرش له في فناء الكعبة، و لم يكن يُفرش لأحد هناك غيره، فبينما هو نائمٌ في ظلِّ الكعبة فرأى في منامه أتاه آت فقال له: احفر بَرّة (4)، قال: و ما برَّة؟ ثمَّ أتاه في اليوم الثّاني فقال: احفر طِيبَة ، ثمَّ أتاه في اليوم الثّالث فقال: حفر المَصُونَة، قال: و ما المصونة؟ ثمَّ أتاه في اليوم الرَّابع فقال: احفر زمزم لا تُنزح (5) و لا تُذَم (6)، تسقي الحجيج الأعظم عند الغراب الأعصم (7)، عند قرية النّمل، و كان عند زمزم حجر يخرج منه النّمل فيقع عليه الغراب الأعصم في كلِّ يوم، يلتقط النّمل، فلمّا رأى عبد المطّلب هذا، عرف موضع زمزم، فقال لقريش: إنّي أُمرت في أربع ليال في حفر زمزم ، هي مَأْثَرَتُنا و عزُّنا فهلمّوا نحفرها، فلم يجيبوه إلى ذلك، فأقبل يحفرها هو بنفسه ، و كان له ابن واحد و هو الحارث، و كان يعينه على الحفر، فلمّا صعب ذلك عليه، تقدّم إلى باب الكعبة ثمَّ رفع يديه و دعا الله عزَّ و جلّ، و نذر له إن رزقه عشر بنين أن ينحر أحبّهم إليه تقرّباً إلى الله عزَّ و جلّ، فلمّا حفر و بلغ الطّوي (8): طوي إسماعيل، و علم أنّه قد وقع على الماء كبّر، و كبّرت قريش و قالوا: يا أبا الحارث، هذه مأثرتنا و لنا فيها نصيب، قال لهم: لم تعينوني على حفرها، هي لي و لولدي إلى آخر الأبد(9)

ص: 218


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27. و المقصود بالنصف: نصف الضلع ما بين الركن اليماني و الحجر.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 28. و من الواضح أنه لا منافاة بين هذا الحديث و ما تقدم، لأن ما تقدم تضمن أن ما بين الحجر الأسود و الركن اليماني هو له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خاصة، و هو شريك- هنا- مع بني هاشم فيما اختصوا به من الحجر الأسود و الركن الشامي.
3- أي طمسوا عليه و أخفوه.
4- سماها برّة- كما يقول الجزري- لكثرة منافعها و سعة مائها. و هي من أسماء زمزم، كما أن من أسمائها: طيبة،و المصونة.
5- أي لا ينضب ماؤها على كثرة الاستقاء منها.
6- أي لا تُعاب، أو لا تكون مذمومة .
7- قال الجزري: الغراب الأعصم؛ الأبيض الجناحين، وقيل: الأبيض الرجلين.
8- ﴿الطوي: على وزن فعيل، البئر المطوية بالحجارة﴾ الوافي و مرآة المجلسي.
9- الحديث مرفوع.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد قال: سمعت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول : لمّا احتفر عيد المطّلب زمزم و انتهى إلى قعرها، خرجت عليه من إحدى جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته، فأبى أن ينثني، و خرج ابنه الحارث عنه، ثمَّ حفر حتّى امعن (1)، فوجد في قعرها عيناً تخرج عليه برائحة المسك، ثمَّ احتفر فلم يحفر إلّا ذراعاً حتّى تجلّاه النّوم، فرأى رجلاً طويل الباع، حسن الشّعر، جميل الوجه ، جيّد الثّوب طيّب الرّائحة، و هو يقول: أُحفر تَغْنَم، وجِدْ تَسْلَم، و لا تدّخرها للمقسم (2)، الأسياف لغيرك، و البئر لك، أنت أعظم العرب قدراً، و منك يخرج نبيّها و وليّها و الأسباط النّجباء الحكماء العلماء البصراء، و السيوف لهم، و ليسوا اليوم منك و لا لك، و لكن في القرن الثّاني منك، بهم ينير الله الأرض، و يخرج الشّياطين من أقطارها، و يذلّها في عزّها، و يهلكها بعد قوّتها، و يذلُّ الأوثان، و يقتل عبّادها حيث كانوا، ثمّ يبقى بعده نسل من نسلك، هو أخوه و وزيره و دونه في السنِّ، و قد كان القادر على الأوثان، لا يعصيه حرفاً، و لا يكتمه شيئاً، و يشاوره في كلِّ أمر، هجم عليه و استعيى (3) عنها عبد المطّلب، فوجد ثلاثة عشر سيفاً مسندة إلى جنبه فأخذها ، و أراد أن يبثَّ (4)، فقال: و كيف و لم أبلغ الماء، ثمَّ حفر، فلم يحفر شبراً حتّى بدا له قرن الغزال و رأسه، فاستخرجه و فيه طبع: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليُّ وليُّ الله، فلان خليفة الله (5)، فسألته فقلت: فلان متى كان، قبله أو بعده؟ قال : لم يجيء بعد و لا جاء شيء من أشراطه، فخرج عبد المطّلب و قد استخرج الماء و أدرك و هو يصعد، فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بداراً إلى فوق، فضربه فقطع أكثر ذنبه، ثمّ طلبه فقاته، و فلان قاتله إن شاء الله، و من رأى عبد المطّلب أن يبطل الرّؤيا الّتي رآها في البئر، و يضرب السّيوف صفائح البيت، فأتاه الله بالنّوم، فغشيه و هو في حِجْر الكعبة، فرأى ذلك الرَّجل بعينه و هو يقول: يا شيبة الحمد، احمد ربّك، فإنّه سيجعلك لسان الأرض و يتبعك قريش خوفاً و رهبة و طمعاً، ضع السّيوف في مواضعها، و استيقظ عبد المطّلب فأجابه، أنّه يأتيني في النّوم، فإن يكن من ربِّي فهو أحبُّ إليَّ ، و إن يكن من شيطان فأظنّه مقطوع الذّنب، فلم ير شيئاً، و لم يسمع كلاماً، فلمّا أن كان اللّيل، أتاه في منامه بعدّة من رجال وصبيان فقالوا له: نحن أتباع ولدك، و نحن من سكّان السّماء السّادسة، السّيوف ليست لك تزوّج في مخزوم تقو [ی]، و اضرب بعد في بطون العرب، فإن

ص: 219


1- أي بالغ في الحفر.
2- من القسمة، أي لا تجعلها ذخيرة لتقسم بعدك.
3- أي تحيّر و لم يهتد إلى وجه الرؤيا تلك و تأويلها. أو من الإعياء و هو الضعف، أي ضعف عن حفرها.
4- أي ينشر خبر ما رأى. أو يقسّم السيوف الذي وجد.
5- يعني القائم عجل الله فَرَجه الشريف.

لم يكن معك مال فلك حَسَب، فادفع هذه الثّلاثة عشر سيفاً إلى ولد المخزوميّة، و لا يبان لك أكثر من هذا، و سيف لك منها واحد سيقع من يدك فلا تجد له أثر، إلّا أن يستجنّه (1) جبل كذا و كذا فيكون من أشراط قائم آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فانتبه عبد المطّلب و انطلق و السّيوف على رقبته، فأتى ناحية من نواحي مكّة ففقد منها سيفاً كان أرقّها عنده فيظهر من ثَمَّ (2)، ثمَّ دخل معتمراً، و طاف بها على رقبته و الغزالين أحداً و عشرين طوافاً، و قريش تنظر إليه و هو يقول: اللّهمّ صدّق وعدك فأثبت لي قولي، و انشر ذكري، وشدّ عضدي، و كان هذا ترداد كلامه و ما طاف حول البيت بعد رؤياه في البئر ببيت شعر حتى مات، و لكن قد ارتجز على بنيه يوم أراد نحر عبد الله، فدفع الأسياف جميعها إلى بني المخزوميّة، إلى الزُّبير و إلى أبي طالب و إلى عبد الله، فصار لأبي طالب من ذلك أربعة أسياف، سيف لأبي طالب، و سيف لعليّ، و سيف لجعفر، و سيف لطالب، و كان للزّبير سيفان و كان لعبد الله سيفان، ثمّ عاد [ت] فصارت لعلّي (3) الأربعة الباقية اثنين من فاطمة و اثنين من أولادها، فطاح سيف جعفر يوم أُصيب فلم يُدْرَ في يد من وقع حتّى السّاعة؛ و نحن نقول: لا يقع سيف من أسيافنا في يد غيرنا، إلّا رجل يعين به معنا، إلّا صار فَحْماً (4)، قال: و إنّ منها لواحد [اً] في ناحية يخرج كما تخرج الحيّة، فيبين منه ذراع و ما يشبهه، فتبرق له الأرض مراراً، ثمّ يغيب، فإذا كان اللّيل، فعل مثل ذلك، فهذا دأبه حتّى يجيیء صاحبه (5)، و لو شئت أن أُسمِّي مكانه لسمّيته، و لكن أخاف عليكم من أن أُسمّيه فتسمّوه فينسب (6) إلى غير ما هو عليه (7)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أبي عليّ صاحب الأنماط، عن أَبَان بن تغلب قال: لمّا هدم الحجّاج الكعبة، فرَّق الناسُ ترابَها، فلمّا صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها، خرجت عليهم حيّة فمنعت النّاس البناء، حتّى هربوا فأتوا الحجّاج

ص: 220


1- يستجُنّه: أي يستره و يخفيه.
2- أي باعتبار ما حدثته النبوءة فهذا السيف من أشراط خروج القائم (عج) و لذا سوف يظهر بظهوره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- ﴿يحتمل أن يكون المراد بالأربعة الباقية تتمة الثمانية المذكورة إلى اثني عشر، و يكون المراد بفاطمة أمه (عَلَیْهِا اَلسَّلاَمُ)، أي صارت الأربعة الباقية أيضاً إلى علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من قِبَل أمه و إخوته حيث وصل إليهم من جهة أبي طالب زايدا على ما تقدم. أو يكون المراد بفاطمة: بنت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأن يكون النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أعطاها سيفين غير الثمانية، و أعطى الحسنين (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)سَيْفين و يحتمل أن يراد بالأربعة: سيوف الزبير و عبد الله فتكون الأربعة الأخرى مسكوتاً عنها﴾. مرأة المجلسي 64/17.
4- كناية عن بطلان أثره و انعدام فاعليته.
5- و هو الحجّة عجل الله فَرَجَه الشريف.
6- ﴿أي يتغير مكانه أو يأخذه غير القائم عليه السلام﴾ مرآة المجلسي 65/17.
7- الحديث ضعيف.

فأخبروه، فخاف أن يكون قد مُنعَ بناءَها، فصعد المنبر ثمَّ نشد الناس و قال: أنشد الله عبداً عنده ممّا ابتُلينا به عِلْم لَمَا أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ فقال: إن يكن عند أحد عِلْمٌ فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة، فأخذ مقدارها ثمَّ مضى، فقال الحجّاج: من هو؟ قال: عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: معدن ذلك، فبعث إلي عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأتاه، فأخبره ما كان من مَنْع الله إيّاه البناء، فقال له عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا حجّاج، عمدت إلى بناء إبراهيم و إسماعيل فألقيته في الطريق و انتهبته كأنّك ترى أنّه تراث لك، اصعد المنبر، و أنشد الناس أن لا یبقی أحدٌ منهم أخذ منه شيئاً إلّا ردَّه، قال: ففعل، فأنشد الناس أن لا يبقى منهم أحدٌ عنده شيء إلّا ردَّه، قال: فردّوه، فلمّا رأى جَمْعَ التراب، أتى عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوضع الأساس، و أمرهم أن يحفروا، قال: فتغيّبت عنهم الحيّة، و حفروا حتّى انتهوا إلى موضع القواعد، قال لهم عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تنحّوا، فتنحّوا، فدنا منها فغطّاها بثوبه، ثمَّ بكى، ثمَّ غطّاها بالتراب بيد نفسه، ثمَّ دعا الفَعَلَة فقال: ضعوا بناءكم، فوضعوا البناء، فلمّا ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقُلِبَ فأُلقي في جوفه، فلذلك صار البيت مرتفعاً يُصْعَدُ إليه بالدّرج (1)

136- باب في قوله تعالى ﴿فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ﴾

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبَارَکًا وَ هُدًی لِلْعَالَمِینَ * فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ﴾ (2)، ما هذه الآيات البيِّنات؟ قال: مقامُ إبراهيم، حيث قام على الحجر فأثّرت فيه قدماه، و الحجر الأسود، و منزل إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أدركتَ الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: نعم، أذكر و أنا معه في المسجد الحرام، و قد دخل فيه السيل، و الناس يقومون على المقام، يخرج الخارج يقول: قد ذهب به السيل، و يخرج (4) منه الخارج فيقول: هو مكانه، قال: فقال لي: يا فلان ما صنع هؤلاء؟

ص: 221


1- الحديث مجهول.
2- آل عمران/ 96 و 97.
3- ورد مضمون هذا الحديث في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ضمن ح 8.
4- في الفقيه: و يدخل الداخل ..

فقلت: أصلحك الله، يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقَام، فقال: نادِ أَنَّ الله تعالى قد جعله عَلَماً لم يكن ليُذْهَبَ به، فاستقِرُّوا، و كان وضع المقام الّذي وضعه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عند جدار البيت، فلم يزل هناك حتّى حوَّله أهل الجاهليّة إلى المكان الّذي هو فيه اليوم، فلمّا فتح النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة، ردَّه إلى الموضع الّذي وضعه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلم يزل هناك إلى أن وَلِيَ عمر بن الخطاب، فسأل الناس: من منكم يعرف المكان الّذي كان فيه المقام ؟ فقال رجل: أنا قد كنت أخذت مقداره بنِسْع (1) فهو عندي، فقال: ائتني به، فأتاه به، فقاسه، ثمَّ ردَّه إلى ذلك المكان (2)

137- باب نادر

1- محمد بن عقيل، عن الحسن بن الحسين، عن عليِّ بن عيسى، عن عليِّ بن الحسن، عن محمد بن يزيد الرفاعيِّ رفعه، أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سئل عن الوقوف بالجبل، لمَ لم يكن في الحرم؟ فقال: لأنّ الكعبة بيته، و الحرم بابه، فلمّا قصدوه وافدين، وقفهم بالباب يتضرَّعون قيل له: فالمشعر الحرام لِمَ صار في الحرم؟ قال: لأنّه لمّا أذِن لهم بالدُّخول، وقفهم بالحجاب الثاني، فلمّا طال تضرُّعهم بها، أذن لهم لتقريب قربانهم ، فلمّا قضوا تَفَثَهُم (3) تطهّروا بها من الذُّنوب الّتي كانت حجاباً بينهم و بينه، أذن لهم بالزِّيارة على الطهارة، قيل له: فلِمَ حرّم الصيام أيّام التشريق؟ قال: لأنَّ القوم زوَّار الله، و هم في ضيافته، و لا يجمل بمضيف أن يصوم أضيافه، قيل له: فالتعلّق بأستار الكعبة، لأيّ معنى هو؟ قال: مَثَلُ رجل له عند آخر جناية و ذنب، فهو يتعلّق بثوبه يتضرَّع إليه، و يخضع له أن يتجافى عن ذنبه (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان- أو (5) رجل- عن صفوان، عن

ص: 222


1- النَّسْع: -كما يقول الفيروز آبادي- سِيرٌ ينسج عريضاً على هيئة أُعنة النعال تشد به الرحال، و القطعة منه: نسْعة، و سمّي نِسعاً لطوله.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 12. و الحديث موثق كالصحيح.
3- التفث: يكون في مناسك الحج، و هو ما كان من نحو قص الأظفار و حلق الرأس و رمي الجمار و الذبح و النحر و إذهاب الشعث و الوسخ.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 211 بتفاوت يسير. و ذكر بمعناه و قريباً من ألفاظه مع حذف الاسناد الصدوق في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، قبل الحديث رقم 10 فراجع. و الحديث مجهول مرفوع.
5- الترديد من الراوي.

ابن بكير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المزدلفة أكثر بلاد الله هوامّاً، فإذا كانت ليلة التروية، نادى مناد من عند الله: يا معشر الهوامِّ ارحلَنَّ عن وفد الله، قال: فتخرج في الجبال فتسعها حيث لا تُرى، فإذا انصرف الحاجُّ عادت (1)

138- باب إن الله عزَّ و جلَّ حرّم مكة حين خلق السماوات و الأرض

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ قريشاً لمّا هدموا الكعبة، و جدوا في قواعده حجراً فيه كتاب لم يُحْسنوا قراءته حتّى دعوا رجلاً فقرأه، فإذا فيه: أنا الله ذو بكّة، حرَّمتها يوم خلقتُ السّماوات و الأرض، و وضعتها بين هذين الجبلين، و حففتها بسبعة أملاك حفّاً (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: حرَّم الله حرمه أن يُختلى خلاه، أو يُعْضَدَ شَجَرُهُ إِلَّا الإذخر، أو يُصاد طيره (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة يوم افتتحها، فتح باب الكعبة، فأمر بصُوَر في الكعبة فطُمِسَت (4)، فأخذ بعُضَادَتَي (5) الباب، فقال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون و ماذا تظنّون؟ قالوا: نظنُّ خيراً و نقول خيراً، أخٌ كريم و ابن أخ كريم و قد قدرتَ، قال: فإنّي أقول كما قال أخي يوسف: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (6). ألا إنَّ الله قد حرَّم مكّة يوم خلق السّماوات و الأرض، فهي حرام بحرامِ الله إلى يوم القيامة، لا يُنَفَّر صيدها، و لا يُعْضَدُ شجرها و لا يُخْتَلى خَلاها، و لا

ص: 223


1- الحديث ضعيف.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 15 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و حفّوا حوده: -كما في الصحاح- استداروا و تحلّقوا. هذا، و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، صدر ح 245 قوله: أن يختلي خلاه: الخلا- مقصوراً کما في النهاية- النبات الرطب الرقيق ما دام كذلك، و اختلاه: قطعه. و قوله: يُعضد شجره: أي يقطعه بالمعضد.
4- أي مُحِيَت.
5- عضادتا الباب: خشبتاه من الجانبين.
6- يوسف/92. لا تثريب: أي لا تأنيب و لا أذكركم بذنبكم.

تحلُّ لُقَطَتُها إلّا لمنشد (1)، فقال العبّاس: يا رسول الله، إلّا الإِذْخِر فإنّه للقبر و البيوت؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إلّا الإِذْخِر (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يوم فتح مكّة: إنّ الله حرَّم مكّة يوم خلق السّماوات و الأرض، و هي حرام إلى أن تقوم السّاعة ، لم تحلَّ (3) لأحد قبلي، و لا تحلُّ لأحد بعدي، و لم تحلَّ لي إلّا ساعةً من نهار (4)

139- باب في قوله تعالى: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (5) البيت عَنى أُم الحرم؟ قال: من دخل الحرم من النّاس مستجيراً به فهو آمنٌ من سخط الله، و من دخله من الوحش و الطّير كان آمناً من أن يُهاج أو يؤذى حتّى يخرج من الحرم (6)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾؟ قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرَّ إلى الحرم لم يَسَعْ لأحد أن يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع و لا يطعم و لا يُسقى، و لا يكلّم، فإنّه إذا فعل ذلك به، يوشِكُ أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدُّ في الحرم، لأنّه لم يَدَعْ للحرم حُرْمَتَه (7)

ص: 224


1- المنشد: هو الذي يعرّف باللقطة و الضالّة.
2- الفقيه 2، 64 - باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 20 بتفاوت في الذيل و بدون الصدر. و رواه مرسلاً. و الإذخِر: نبات عريض الأوراق طيب الرائحة. و الحديث حسن.
3- أي من حيث الدخول إليها للحرب و القتال و بغير إحرام.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 بتفاوت يسير جداً و رواه مرسلاً.
5- آل عمران/97.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 212. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 34 بتفاوت.
7- التهذيب 10، 16- باب القاتل في الشهر الحرام و الحرم، ح 6 بتفاوت و أخرجه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كذلك هو في الفقيه 4، 25- باب فيمن أتى حداً التجأ إلى الحرم، ح 1. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على كلا الحكمين المتضمَنَين في الحديث و إن عبّروا عن الأول منهما بوجوب التضييق عليه لإلجائه إلى الخروج.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾؟ قال: إن سرق سارق بغير مكّة، أو جنى جناية على نفسه ففرَّ إلى مكّة، لم يؤخذ مادام في الحرم حتّى يخرج منه، و لكن يُمْنَع من السوق، و لا يبايع و لا يُجَالَس حتّى يخرج منه فيؤخذ، و إن أحدث في الحرم ذلك الحدث أُخِذَ فيه.

140- باب الإلحاد بمكة و الجنايات

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: أُتِيَ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد فقيل له: إنّ سَبُعاً من سباع الطير على الكعبة، ليس يمرُّ به شيء من حمام الحرم إلّا ضربه؟ فقال: انصبوا له و اقتلوه، فإنّه قد أَلْحَدَ (1)

2- ابن أبي عمير، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ (2)؟ قال: كلُّ ظلم إلحاد، و ضرب الخادم في غير ذَنْب من ذلك الإلحاد (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾؟ فقال: كلُّ ظلم يظلمه الرَّجل نفسه بمكّة، من سرقة، أو ظلم أحد، أو شيء من الظلم، فإنّي أراه إلحاداً، و لذلك كان يتّقى أن يسكن الحرم (4)

ص: 225


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و...، ح 35. و أَلْحَدَ: أي مال و عَدَل عن الحق. هذا، و قد دل الحديث على جواز قتل سباع الطير، و قد ذهب كثير من أصحابنا إلى القول بجواز قتل السباع مطلقاً في الحرم و لا كفارة في قتلها، يقول المحقق في الشرائع 283/1: ﴿و لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلا الأسد فإن على قاتله كبشاً إذا لم يُرده على رواية فيها ضعف﴾.
2- الحج/25. و المعنى: و من يُرد الحاداً، و هو أن يميل في البيت الحرام بظلم، و أُدخلت الباء في إلحاد، كما اُدخلت في قوله تعالى في 20/المؤمنون من قوله تعالى: تنبت بالدهن.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 103 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، نفس الباب، ح 36.
4- انظر المصدر السابق و في آخره في التهذيب: فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة. و في آخره في الفقيه 2، نفس الباب، ح 37: و لذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة. و يفهم من الحديث أن من كان واثقاً من نفسه الّا تقع في شيء من الظلم فلا يكره له مجاورة الحرم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل رجلاً في الحلِّ ثمَّ دخل الحرم؟ فقال: لا يُقتل، و لا يُطعم، و لا يُسقى، و لا يُبايع، و لا يُؤوى حتّى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدُّ قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: يقام عليه الحدُّ في الحرم صاغراً، إنّه لم ير للحرم حرمة، و قد قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾ (1)، فقال: هذا هو في الحرم؟ فقال (2): ﴿لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (3)

141- باب إظهار السلاح بمكة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح، إلّا أن يُدْخِلَه في جُوالِق (4) أو يغيّبه- يعني يلفّ على الحديد شيئاً- (5)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب العقر قوفيِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يريد مكّة أو المدينة يكره أن يخرج معه بالسلاح؟ فقال: لا بأس بأن يخرج بالسلاح من بلده، و لكن إذا دخل مكّة لم يُظْهِرْهُ (6)

ص: 226


1- البقرة/194.
2- البقرة/ 193. و ذكره هذا الجزء من الآية فقط إنما هو اكتفاء منه و اختصار و تنبيه على ما هو أخفى في استنباط الحكم، مع أن غرضه هو الاستدلال بمجموع الآيات المتقدمة على هذه الآية و أولها قوله تعالى: ﴿وَ لاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ ...﴾ الخ.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 102 بتفاوت. و كرره برقم 260 من نفس الباب أيضاً.
4- الجُوالق: الوعاء من صوف أو شعر.
5- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و .... ، ح 39. و قد دل الحديث على كراهية حمل السلاح ظاهراً للعيان. و أما تقلّد السلاح و لبسه فإن كان لخوف عدو و نحوه فهو جائز و إلا فهو حرام في المشهور، قال الشهيدان و هما بصدد تعداد محرمات الإحرام: ﴿و لبسُ السلاح اختياراً في المشهور و إن ضعف دليله و مع حاجته إليه يباح قطعاً و لا فدية فيه مطلقاً﴾. و نقل عن أبي الصلاح حرمة شهره و إظهاره و إن من غير لبس له.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 38. و الحديث صحيح.

142- باب لبس ثياب الكعبة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عليّ، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا أن نلبس شيئاً منها؟ قال: يصلح للصّبيان و المصاحف و المخدَّة، تبتغي بذلك البركة إن شاء الله (1)

143- باب کراهة أن يؤخذ من تراب البيت وَ حَصَاه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داوود بن النعمان، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول الكعبة، و إن أخذ ذلك شيئاً ردَّه (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخذت سُكّاً من سُكّ (3) المقام، و تراباً من تراب البيت، و سَبْعَ حَصَيات؟ فقال: بئس ما صنعت، أمّا التراب و الحصا فَرُدِّه (4)

3- أحمد بن مهران، عمّن حدَّثه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال:

ص: 227


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 213 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 40 و فيه: يبتغي ...، بدل: تبتغي ...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 106. و كرره برقم 228 من نفس الباب بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 42 ... يقول الشهيد الأول في الدروس: لا يجوز أخذ شيء من تربة المسجد و حصاه فلو فعل وجب ردّه إلى موضعه في رواية محمد بن مسلم، و إلى مسجد في رواية زيد الشحّام، و هو أشبه، و الأَوْلى الحمل على الأفضلية. أقول: و سوف يأتي رواية الشحّام هذه برقم 4 من هذا الباب.
3- السُّك: -کما في المغرب- ضرب من الطيب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 41. و الحديث ضعيف. و إنما لم يأمره بردّ الطيب و أمره بردّ الحصى، لأن الطيب إنما كان يحمله الحجّاج معهم في ذلك الوقت بقصد انتفاع الحجيج به. و قد ذهب الشيخ في الخلاف 485/1 إلى جواز أخذ حصى الحرم و ترابه و أحجاره، و استدل بأصالة الإباحة مع عدم وجود الدليل.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ عمّي كَنَسَ الكعبة و أخذ من ترابها، فنحن نتداوى به؟ فقال: ردَّه اليها (1)

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخرج من المسجد و في ثوبي حصاة؟ قال: فردّها أو اطرحها في مسجد (2)

144- باب کراهية المقام بمكة

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم؛ و صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي للرَّجل أن يقيم بمكّة سنة، قلت: كيف يصنع ؟ قال: يتحوّل عنها، و لا ينبغي لأحد أن يرفع بناءً فوق الكعبة (3)

و روي أنَّ المُقام بمكّة يقسي القلوب (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن ذريح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) [قال:] إذا فرغت من نُسُكِكَ فارجع، فإنّه أشوق لك إلى الرُّجوع (5)

ص: 228


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 43. و الحديث ضعيف.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 44 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 214 و فيه: تردّها ... هذا، و الحديث مطلق من حيث التمكن من إرجاعها إلى مسجدها و عدمه و هو خلاف المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و قد تقدم.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 209. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، 45. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 278/1: ﴿و يكره المجاورة بمكة﴾. و يقول الشهيد الثاني في المسالك 102/1 معلقاً على ذلك: ﴿يعني الإقامة بها بعد قضاء المناسك و إن لم يكن سنة﴾. و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿يحرم أن يرفع أحد بناءاً فوق الكعبة، وقيل: يكره، و هو الأشبه﴾.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 46.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 47 و أخرجه عن داوود الرقي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الخبر في الفروع حسن، و في الفقيه مختلف فيه. يقول صاحب المدارك رضوان الله عليه: ﴿المعروف من مذهب الأصحاب كراهة المجاورة بمكة، و علّل بخوف الملالة و قلة الاحترام، أو الخوف من ملابسة الذنب فإنه فيها أعظم، أو بأن المقام فيها يقسي القلب، أو بأن من سارع إلى الخروج منها يدوم شوقه إليها و ذلك مراد الله عزَّ و جلَّ، و هذه التوجيهات كلها مروية لكن أكثرها غير واضحة الإسناد ... الخ﴾.

145- باب شجر الحَرَم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تنزع من شجر مكّة إلّا النّخل و شجر الفاكهة (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ شيء ينبت في الحرم، فهو حرام على الناس أجمعين (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن إسحاق بن يزيد قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يدخل مكّة فيقطع من شجرها؟ قال: اقطع ما كان داخلاً عليك، و لا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): شجرة أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم؟ فقال : حُرِّم أصلها لمكان فَرْعها، قلت: فإنَّ أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ؟ فقال: حُرِّم فرعها لمكان أصلها (4)

ص: 229


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ذيل ح 237 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 51 بتفاوت. و السند فيهما مختلف أيضاً.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 238 بزيادة في آخره. و كذلك هو في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 49. هذا، و قد دل الحديث على حرمة اقتلاع أي شيء ينبت في الحرم سواء كان شجراً أو غيره، يابساً أو رطباً. و لكن هذا العموم في دلالة الحديث مخصوصة عند أصحابنا حيث استثني منه عدة أمور كشَجر الفاكهة و الإذخِر و ما ينبت في ملك الإنسان و عودي المحالة. قال الشيخ الطوسي رحمه الله في الخلاف 485/1: ﴿الشجر الذي ينبته الآدميون في العادة إذا أنبته الأدميون أو أنبته الله تعالى فلا ضمان في قطعه، و أما ما أنبته الله تعالى في الحرم فيجب الضمان بقطعه ...﴾. و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد تعداد محرمات الإحرام: ﴿و قطع شجر الحرم و حشيشه الأخضرين إلا الإذخِر و ما ينبت في ملكه ... الخ﴾. كما راجع شرائع المحقق 251/1. حيث نص على شجر الفواكه، و الإذخِر و النخل و عودي المحالة.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 53. و قد تضمن هذا الحديث حكماً مخالفاً لما عليه المشهور من أصحابنا و هو عدم جواز قطع الإنسان ما دخل من أغصان شجر داخل منزله إذا كان أصله خارجه. اللهم إلا إذا حملناه على ما نبت بعد إنشاء المنزل لا قبله.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 48. التهذيب 5، نفس الباب، ح234. و قد استدل الشهيد في الدروس على حرمة قطع الشجرة أصلاً و فرعاً إذا كان شيء منهما في الحرم بهذه الرواية. و هو موافق للمشهور عند أصحابنا.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يخلّى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء (1)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الشجرة يقلعها الرَّجل من منزله في الحرم، قال: إن بنى المنزل و الشجرة فيه فليس له أن يقلعها، و إن كانت نبتت في منزله و هو له فليقلعها (2)

146- باب ما يُذْبَحُ في الحرم و ما يُخْرَجُ به منه.

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يذبح بمكّة إلّا الإبل و البقر و الغنم و الدُّجاج (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما كان يصفّ من الطير فليس لك أن تخرجه، و ما كان لا يصفُّ فلك أن تخرجه؛ قال: و سألته عن دجاج الحبش، قال: ليس من الصيد، إنّما الصيد ما طار بين السماء و الأرض (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دَّراج، عن محمد بن مسلم قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضرٌ- عن الدُّجاج الحبشي يخرج به من الحرم؟ فقال: إنها لا تستقل بالطيران (5)

ص: 230


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 50. التهذيب 5، نفس الباب، ح 242. و فيه: تخلّي ... بدل: يخلّى.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 240.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن المحرم و ... ، ح 192 و فيه: يذبح في الحرم الإبل و ... الخ، الفقيه 2، 66- باب ما يجوز أن يذبح في الحرم و ... ، ح 1. و فيه: لا يذبح في الحرم إلا ... الخ. أقول: و استثناء هذه الأربعة موضع وفاقٍ بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و قد فسّر الشيخ في التهذيب الدجاج بالحبشي لأنها ليست من الصيد مستدلاً برواية معاوية بن عمار عن أبي عبد عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) التالية.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 193 و جاء فيه الصدر ذيلاً و بالعكس مع تفاوت يسير. الفقيه 2 ، 66- باب ما يجوز أن يذبح في ...، ح 2 و روى ذيل الحديث بزيادة كلمة: وَ صَفٌ. صَفَّ الطائر: إذا أمكنه الطيران باستقلاله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت و في سنده: جميل بن دراج و محمد بن مسلم. و فيه: الدجاج السندي ... ، بدل: الدجاج الحبشي.

147- باب صيد الحرم و ما تجب فيه الكفّارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كنتَ حلالاً، فقتلت الصّيد في الحلِّ ما بين البريد إلى الحرم، فعليك جزاؤه، فإن فقأت عينه، أو كسرت قرنه، أو جرحته، تصدقت بصدقة (1)

2- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أُهدي له حمام أهليُّ و هو في الحرم ؟ فقال: إن هو أصاب منه شيئاً (2) فليتصدَّق بثمنه نحواً ممّا كان يسوى في القيمة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى بن عبد السلام، عن محمد بن أبي الحكم قال: قلت لغلام لنا: هیّيء لنا غداءٌ، فأخذ أطياراً من الحرم فذبحها و طبخها، فأخبرت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ادفنها، و أَفِدْ كلَّ طائر منها (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ، جميعاً عن ابن أبي عمیر، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الصيد يصاد في الحلّ

ص: 231


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 168. الاستبصار 2، 132- باب من رمى صيداً يؤم الحرم، ح 5 بتفاوت فيهما. و البريد: أربعة فراسخ، ﴿و البريد: -كما في المسالك- خارج الحرم يحيط به من كل جانب، و يسمى: حرم الحرم، و الحرم في داخله بريد في بريد ...﴾. هذا و يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿... و يكره الاصطياد بين البريد و الحرم على الأشبه، فلو أصاب صيداً فيه ففقأ عينه أو كسر قرنه كان عليه صدقة استحباباً...﴾ .
2- أي ذبحه أو قتله.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118. بتفاوت و أخرجه بطريقه عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و كذلك هو في الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و ...، ج 11. و يدل على وجوب القيمة لقتل الحمام في الحرم- للمُحِلّ طبعاً- حتى و لو كانت القيمة أكثر من درهم، و هو الكفارة التي وردت بها الروايات وحدّدت قيمة كل طير درهماً.
4- الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 25 بتفاوت. و قد دل الحديث على عدم جواز الأكل و لا الطرح، بل لا بد من الدفن و إلا تضاعفت الكفارة كما نص عليه الشهيد في الدروس. و إن حمل البعض الأمر بالدفن هنا على الاستحباب. و هل على العبد دم لو جنى في إحرامه ما بلزمه؟ ذهب الشيخ بإلزامه به لو جنى بدون إذن مولاه، و يسقط الدم إلى بدله و هو الصوم . و ذهب المفيد إلى أنه في الصيد على السيد، و المحقق في المعتبر نص على أن الجنايات كلها على السيد و ليس على العبد شي.

ثمَّ يجاء به إلى الحرم و هو حيُّ؟ فقال: إذا أدخله إلى الحرم حرم عليه أكله و إمساكه، فلا تشتريَنَّ في الحرم إلّا مذبوحاً ذُبح في الحلِّ ثمَّ جيىء به إلى الحرم مذبوحاً، فلا بأس للحلال (1)

5- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة: أنَّ الحكم (2) سأل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أُهدي له حمامة في الحرم مقصوصة؟ فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انتفها و أحسن إليها،و أعلفها، حتّى إذا استوى ريشها فَخَلِّ سبيلها (3)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن مثنّى بن عبد السلام، عن كرب الصيرفيّ قال: كنّا جماعة فاشترينا طيراً، فقصصناه و دخلنا به مكّة، فغاب ذلك علينا أهل مكّة، فأرسل كرب إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسأله، فقال: استودِعوه رجلاً من أهل مكّة مسلماً أو امرأة مسلمة، فإذا استوى خلّوا سبيله (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أصاب طيراً في الحرم و هو مُحِلّ فعليه القيمة، و القيمة درهم، يشتري به عَلَفاً لحمام الحرم (5)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم؟ قال: عليه الفداء، قلت: فيأكله؟ قال: لا، قلت: فيطرحه؟ قال: إذاً يكون عليه فداء آخر، قلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه (6)

ص: 232


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 226 بتفاوت. الاستبصار 2، 138- باب ما ذبح من الصيد في الحل هل ... ، ح 5 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 27 و قد روى ذيل الحديث فقط. و مضمونه مما لا خلاف فيه بين الأصحاب. يقول المحقق في الشرائع 292/1: ﴿و لو ذبح المحلّ في الحرم صيداً كان ميتة، و لو ذبحه في الحل و أدخله الحرم لم يحرم على المُجلّ و يحرم على المحرم﴾.
2- هو ابن عُتيبة كما صرح به في التهذيب.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 بتفاوت أيضاً. و أخرجه عنه عن صفوان عن معاوية بن عمار قال: قال الحكم بن عتيبة: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 13 بتفاوت قليل. التهذيب 5، نفس الباب، ح 121 بتفاوت قليل.
5- ويدل على ما عليه المشهور عندنا من أن قيمة الطائر الشرعية درهم و على ما ذكر الأصحاب من وجوب شراء علف لحمام الحرم به. و الحديث صحيح
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 232. الاستبصار 2، 139- باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد، ح 7. الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم وحكمه، ح 7. و إنما نهى عن أكل ما يذبحه المحرم لأنه في حكم الميتة كما دلّت عليه الروايات، كما دل الحديث على عدم جواز الأكل منه و عدم جواز طرحه أيضاً و وجوب دفنه. و قد استدل الشهيد في الدروس بهذه الرواية على وجوب دفن المحرم لما صاده، و على تضاعف الجزاء لو فعل غير ذلك كما عمل بمضمونه كثير من الأصحاب، و إن حمل البعض الأمر بالدفن في بعض الروايات على الاستحباب. و قد تقدم.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل خرج بطير من مكّة إلى الكوفة؟ قال: يردُّه إلى مكّة (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيضة ربع درهم (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن بكير قال: سألت أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أصاب طيراً في الحلِّ، فاشتراه فأدخله الحرم فمات؟ فقال: إن كان حين أدخله الحرم خلّى سبيله فمات، فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتّى مات عنده في الحرم، فعليه الفداء (3)

12- أبو عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4) عن رجل رمى صيداً في الحلِّ فمضى برميته حتّى دخل الحرم فمات، أعليه جزاؤه؟ قال: لا، ليس عليه جزاؤه، لأنّه رمى حيث رمى

ص: 233


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 24. التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 266 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن علي بن جعفر عن موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و مما لا خلاف بين الأصحاب ظاهراً على أن كل من أخرج صيداً من الحرم يجب عليه ردّه إليه، و حكموا بضمانه له لو تلف قبل ذلك، بلا فرق بين الطير و غيره. و الحديث حسن.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ...، ح 109. الاستبصار 2، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو ... ، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 29 بتفاوت و أخرجه عن عبد الرحمن بن الحجّاج. هذا، و قد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم، إلى أن من قتل حمامة - و هي اسم لكل طائر يهدل و يعبّ الماء، وقيل: كل مطوّق- فعليه شاة إذا كان محرماً، و أما إذا كان محلاً فقتلها في الحرم فعليه درهم، و في فرخها للمحرم حَمَل، و للمحلّ في الحرم نصف درهم، و لو كان محرماً في الحرم اجتمع عليه الأمران الشاة و الدرهم، الأول لكونه محرماً و الثاني لكونه في الحرم. و في بيضها إذا تحرك الفرخ حَمَل، و قبل التحرك على المحرم درهم، و على المحلّ ربع درهم، و لو كان محرماً في الحرم لزمه درهم و ربع، و يستوي الأهلي و حمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم، لكن يشترى بقيمة الحرمي علف لحمامه. فراجع الشرائع للمحقق 286/1. و اللمعة و شرحها 172/1 من الطبعة الحجرية.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 172 بتفاوت و السؤال فيه عن الظبي لا الطير. و في سنده بكير بن أعين، بدل: ابن بكير. و الحديث ضعيف على المشهور، و عليه فتوى الأصحاب
4- في كل من التهذيب و الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

و هو له حلال، إنّما مَثَل ذلك مَثَل رجل نصب شَرَكاً في الحلِّ إلى جانب الحرم، فوقع فيه صيد، فاضطرب الصيد حتّى دخل الحرم، فليس عليه جزاؤه، لأنّه كان بعد ذلك شيء، فقلت: هذا القياس عند الناس؟ فقال: إنّما شبّهت لك شيئاً بشيء (1)

13- صفوان بن يحيى، عن زياد أبي الحسن الواسطيِّ، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته، عن قوم قفلوا على طائر من حمام الحرم الباب، فمات؟ قال: عليهم بقيمة كلِّ طير درهم [نصف] يعلف به حمام الحرم (2)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجلٍ حِلٌّ في الحرم رمى صيداً خارجاً من الحرم فقتله؟ قال عليه الجزاء، لأنَّ الآفة جاءته من قِبَل الحرم؛ قال: و سألته عن رجل رمى صيداً خارجاً من الحرم في الحلِّ فتحامل الصيد حتّى دخل الحرم؟ فقال: لحمه حرامٌ مثلُ الميتة (3)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول في حمام مكّة الطير الأهليّ غير حمام الحرم: من ذبح طيراً منه و هو غير محرم فعليه أن يتصدَّق بصدقة أفضل من ثمنه، فإن كان محرماً فشاة عن كلِّ طير (4)

16- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: أرسلت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أخاً لي اشترى حماماً من المدينة، فذهبنا بها إلى مكّة، فاعتمرنا و أقمنا إلى

ص: 234


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 165 بتفاوت. و هل يجوز قتل صيد يؤم الحرم؟ قال الشيخ و جماعة إلى القول بالحرمة و ابن إدريس و أكثر المتأخرين على الكراهة. و الأشهر عند أصحابنا عدم الضمان لو أصابه في الحل فمات في الحرم كما نص عليه في هذا الخبر، و هو صحيح.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 130 بتفاوت. و أخرجه بسنده عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 169 و رواه إلى قوله: من ناحية الحرم. و روى بقية الحديث برقم 163 من نفس الباب بتفاوت يسير، و كذلك روى الذيل في الاستبصار 2، 132- باب من رمی صيداً يؤم الحرم، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿و هل يحرم (الصيد على المُحِلّ) و هو (أي الصيد) يؤم الحرم؟ قيل: نعم، وقيل: يكره، و هو الأشبه، لكن لو أصابه و دخل الحرم فمات، ضمنه، و فيه تردد﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 117 بتفاوت. الفقيه 2، 65 - باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 17 بتفاوت أيضاً. و قوله: بصدقة أفضل من ثمنه: لعل المراد به ما فوق الدرهم نظراً إلى الروايات التي حددت قيمة كل طير درهماً، أو نفس الدرهم بناءً على أنه أكثر من قيمة الحمامة في زمانهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

الحجِّ، ثمَّ أخرجنا الحمام معنا من مكّة إلى الكوفة، فعلينا في ذلك شيء؟ قال للرسول: إنّي أظنّهنَّ كُنَّ فَرْهَة (1)، قال له: يذبح مكان كلِّ طير شاة (2)

17- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رجل نتف حمامة من حمام الحرم؟ قال: يتصدَّق بصدقة على مسكين، و يعطي باليد الّتي نتف بها، فإنّه قد أوجعه (3)

18- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) : أُهدي لنا طائر مذبوح بمكّة، فأكله أهلنا؟ فقال: لا يرى به أهل مكّة بأساً، قلت: فأيُّ شيء تقول أنت؟ قال: عليهم ثمند (4)

19- بعض أصحابنا، عن أبي جرير القميّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نشتري الصّقور فندخلها الحرم، فلنا ذلك؟ فقال: كلُّ ما أُدخل الحرم من الطير ممّا يصفّ جناحه فقد دخل مأمنه، فخلِّ سبيله.

20- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن يزيد بن خليفة قال: كان في جانب بيتي مكتل فيه بيضتان من حمام الحرم، فذهب الغلام يكبّ المكتل و هو لا يعلم أنَّ فيه بيضتين، فكسرهما، فخرجت، فلقيتُ عبد الله بن الحسن، فذكرت ذلك له، فقال: تصدَّق بكفّين من دقيق، قال: ثمَّ لقيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد فأخبرته، فقال: ثمن طيرين تعلف به حمام الحرم، فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته، فقال: صَدَقَكَ، حدِّث به، فإنّما أخذه عن آبائه (5)

ص: 235


1- أي حسنة نفيسة، وقيل: حاذقة في إيصال الرسائل لأنهن من الحمام الزاجل.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 127 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت يسير. و إنما وجب عليه في كل طير دم لأنه لا يجوز له إخراجه بعد إدخاله الحرم بل يجب عليه إرساله.
3- الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 14. التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 123 بتفاوت. و قد أوجب في الحديث أن تكون الصدقة بنفس اليد الجانية، و لم يحدد مقدار الصدقة و لا نوعها، و يقول المحقق في الشرائع 292/1 : ﴿و من نتف ريشة من حمام الحرم كان عليه صدقة، و يجب أن يسلمها بتلك اليد﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 224. الاستبصار 2، 138- باب ما ذبح من الصيد في الحل هل ...، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 155 بتفاوت. الاستبصار 2، 13- باب المحرم يكسر بيض الحمام، ح 2 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب. ح 20. يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿و في بيضها- أي الحمامة- إذا تحرك الفرخ حَمَل، و قبل التحرك على المحرم درهم وعلى المحل ربع درهم و لو كان محرماً في الحرم لزمه درهم و ربع ، و يستوي الأهلي و حمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم، لكن يشترى بقيمة الحرمي علف لحمامه﴾.

21- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن فرخَين مُسَرْوَلَين ذبحتهما و أنا بمكّة؟ فقال لي: لِمَ ذبحتَهُما؟ فقلت: جاءتني بهما جارية من أهل مكّة، فسألتني أن أذبحهما، فظننت أنّي بالكوفة، و لم أذكر الحرم، فقال: عليك قيمتهما، قلت: كم قيمتهما؟ قال: درهم، و هو خير منهما (1)

22- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة، عن داود بن فَرْقَد قال: كنا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمكّة و داوود بن عليّ بها، فقال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال لي داوود بن عليِّ: ما تقول يا أبا عبد الله في قماري اصطدناها و قصّيناها؟ فقلت: تُنْتَف و تُعلف، فإذا استوت خُلّيَ سبيلها.

23- أحمد، عن الحسن، عن عليِّ بن النعمان، عن سعد بن عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن بيضة نعامة أُكلت في الحرم؟ قال: تصدَّق بثمنها (2)

24- الحسين بن محمد، عن معلّي بن محمد، عن الوشّاء، عن مثنّى قال: خرجنا إلى مكّة، فاصطادت النساء قمريّة من قماري أَمَج (3) حيث بلغنا البريد، فنتفت النساء جناحيه، ثمَّ دخلوا بها مكّة، فدخل أبو بصير على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فأخبره، فقال: تنظرون امرأة لا بأس بها فتعطونها الطير تعلفه و تمسكه، حتّى إذا استوى جناحاه خلّته (4)

25- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): ما يكره (5) من الطير؟ فقال: ما صَفٌ على رأسك.

ص: 236


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 113. الاستبصار 2، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو ... ، ح 5. و في ذيلهما: درهم خير من ثمنهما. الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 23. و قوله: مُسَرِولين: أي في أرجلهما ريش كأنه السروال. و قد دل الحديث على أن النسيان غير مسقط للكفارة في الصيد، و كذلك الجهل. يقول الشهيدان: ﴿و لا كفارة على الجاهل و الناسي في غير الصيد و أما فيه فتجب مطلقاً حتى على غير المكلف، بمعنى اللزوم في ماله أو على الولي﴾. و قال المحقق في الشرائع 298/1: ﴿تسقط الكفارة عن الجاهل و الناسي و المجنون إلا في الصيد فإن الكفارة تلزم و لو كان سهوا﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 28.
3- أَمَج: ذكر الجزري أنه موضع بين مكة و المدينة.
4- هذا، و قد اتفق أصحابنا على عدم جواز قتل القماري و الدباسي و لا أكلهما للمحرم و اختار الشيخ في النهاية حواز شرائهما و إخراجهما من الحرم و هو خلاف ما عليه أكثر المتأخرين.
5- المقصود بالكراهة هنا الحرمة.

26- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقيّ، عن داوود بن أبي يزيد العطّار، عن أبي سعيد المكاريِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل قتل أسداً في الحرم؟ قال: عليه كبش يذبحه (1)

27- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بكير ابن أعين، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أصاب ظَبياً في الحِلّ فاشتراه فأدخله الحرم، فمات الظبي في الحرم فقال: إن كان حين أدخله الحرم خلّى سبيله فمات، فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتّى مات عنده في الحرم، فعليه الفداء (2)

28- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي نصر قال: أخبرني حمزة بن اليسع قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الفهد يُشترى بمنى و يُخْرَج به من الحرم؟ فقال: كلّ ما أُدخل الحرم من السبع مأسوراً فعليك إخراجه (3)

29- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ، على غصن منها طائر رماه رجل فصرعه؟ قال: عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم (4)

30- عليُّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أصاب صيداً في الحلِّ، فربطه إلى جانب الحرم، فمشى الصيد برباطه حتّى دخل الحرم و الرّباط في عنقه، فأجَرَّه الرَّجل بحبله حتّى أخرجه من الحرم، و الرَّجل في الحلّ؟ فقال: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة (5)

ص: 237


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 188. الاستبصار 2، 134- باب من قتل سَبُعاً، ح 5. و يقول المحقق في الشرائع 283/1: ﴿و لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلا الأسد، فإن على قاتله كبشاً إذا لم يُرده على رواية فيها ضعف﴾. و قال في صفحة 284: ﴿و لا بأس بقتل الأفعى و العقرب و الفأرة، و برمي الحدأة و الغراب رميا، و لا بأس بقتل البرغوث ...﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 172 بتفاوت.
3- الفقيه 2، 66- باب ما يجوز أن يذبح في الحرم و ... ، ح 6 بتفاوت مرسلاً. التهذيب 5، نفس الباب، ح 194 بتفاوت و سند مختلف.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 260.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 167. و إنما حرم لحمه و ثمنه لحرمة إخراجه من الحرم بعد أن دخل فيه، و إذا تلف في هذه الحال ضمنه بل يجب عليه رده إلى الحرم بعد اجتراره منه، و هذا هو المشهور بين أصحابنا، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 291/1 و غيره.

148- باب لقطة الحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اللّقطة لقطتان: لقطة الحرم، تُعرف سنة، فإن وجدت صاحبها و إلّا تصدَّقت بها، و لُقَطة غيرها تعرِّف سنة، فإن جاء صاحبها و إلّا فهي كسبيل مالك (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجد اللّقطة في الحرم؟ قال: لا يمسّها، و أمّا أنت فلا بأس لأنّك تُعَرِّفها.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن فضيل بن غزوان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له الطيّار: إنّي وجدت ديناراً في الطواف قد انسحق كتابته؟ فقال هو له (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن رجاء الأرجانيّ قال: كتبت إلى الطيّب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3): إني كنت في المسجد الحرام، فرأيت ديناراً، فأهويت إليه لآخذه، فإذا أنا بآخر، ثمَّ بحثت الحصا فإذا أنا بثالث، فأخذتها فعرَّفتها فلم يعرفها أحد، فما ترى في ذلك؟ فكتب: فهمت ما ذكرت من أمر الدَّنانير، فإن كنت محتاجاً فتصدَّق بثلثها، و إن كنتَ غنيّاً فتصدّق بالكلِّ (4)

ص: 238


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 110 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 55. و قد تضمن هذا الحديث حكم لقطة الحرم و غيره، و إنهما مشتركان في وجوب التعريف سنة، و لكنهما تفترقان في النتيجة حيث لا يجوز تملّك لقطة الحرم أبداً من قبل الملتقط بعد انتهاء مدة التعريف عكس لقطة غير الحرم. يقول الشهيدان (رحمة الله علیه) عند كلامهما على لقطة الحرم: ﴿و ليس له (أي للملتقط) تملكه قبل التعريف و لا بعده بل يتصدق به بعد التعريف حولاً عن مالكه سواء قَلَّ أم أكثر ...﴾.
2- التهذيب 6، 94- باب اللقطة و الضّالة، ح 27 و فيه: فقال له الطيار: إن ابني حمزة وجد ... الخ، فقال: هو له. و الحديث مجهول.
3- في التهذيب: كتبت إليه. و الظاهر- بقرينة كون الكاتب هو محمد بن رجاء- أن المقصود بالطيب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الإمام الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأنه من أصحابه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 28 بتفاوت. الفقيه 3، 90- باب اللقطة و الضالة،ح 5. ﴿احتج الشيخ بهذا الخبر على أنه إن كان له حاجة إليها يجوز تملّك ثلثيها و التصدق بالباقي، و أنكره العلّامة، و يمكن أن يقال: مع احتياجه يكون من مصارف الصدقة فيكون التصدق بالثلث محمولاً على الاستحباب، لكن الظاهر من كلامهم وجوب التصدق على غيره، إلا أن يقال: في تلك الواقعة لما رفع أمرها إلى الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيجوز أن يتصدق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) به عليه و على غيره فيكون مخصوصاً بتلك الواقعة﴾ مرآة المجلسي، 17/ 99- 100. و قد دل الحديث على جواز أخذ لقطة الحرم، و هو ما ذهب إليه كثير من فقهائنا (رحمة الله علیه) و إن مع الكراهة و منهم الشهيد الأول في الدروس و الشهيد الثاني في الروضة و قوّاه و المحقق (رحمة الله علیه) في الشرائع و غيرهم.

149- باب فضل النظر إلى الكعبة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة قال: كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو محتبٍ (1) مستقبلَ الكعبة، فقال: أما إنَّ النظر إليها عبادة، فجاءه رجلٌ من بجيلة يقال له عاصم بن عمر، فقال لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ كعب الأحبار كان يقول: إنَّ الكعبة تسجد لبيت المقدس في كلِّ غداة؟ فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فما تقول فيما قال كعب؟ فقال: صَدَق، القول ما قال كعب، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كذبتَ و كذب كعب الأحبار معك، و غضب؛ قال زرارة: ما رأيته استقبل أحداً بقول: كذبتَ، غيره ، ثمَّ قال: ما خلق الله عزَّ و جلَّ بقعة في الأرض أحبُّ إليه منها- ثمَّ أو مأ بيده نحو الكعبة-، و لا أكرم على الله عزَّ و جلَّ منها، لها حرَّم الله الأشهر الحُرُم في كتابه يوم خلق السماوات و الأرض، ثلاثة متوالية للحجِّ: شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، و شهر مفرد للعمرة [و هو] رجب (2)

2- و بهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى حَوْلَ الكعبة عشرين و مائة رحمة، منها ستّون للطائفين، و أربعون للمصلّين، و عشرون للناظرين (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله الخزّاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ للكعبة للحظة في كلِّ يوم، يغفر لمن طاف بها، أو حَنَّ قلبه إليها، أو حَبَسَهُ عنها عذر (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن عليّ، عن ابن رباط، عن سيف التمار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نظر إلى الكعبة، لم يزل تكتب له

ص: 239


1- يقول ابن الأثير في نهايته 335/1: الإحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره و يشدّه عليهما، و قد يكون الإحتباء باليدين عوض الثوب.
2- روى جزءاً منه من قوله: ما خلق الله ... إلى قوله: يوم خلق السماوات و الأرض، في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 9.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 15 و رواه مرسلاً.
4- الحديث مجهول.

حسنة و تُمحى عنه سيّئة حتّى ينصرف ببصره عنها (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: النظر إلى الكعبة عبادة، و النظر إلى الوالدين عبادة، و النظر إلى الإمام عبادة؛ و قال: من نظر إلى الكعبة كُتبت له حسنة و مُحيت عنه عشر سيّئات.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نظر إلى الكعبة بمعرفة، فعرف من حقّنا و حرمتنا مثل الّذي عرف من حقّها و حرمتها، غفر الله له ذنوبه، و كفاه همَّ الدُّنيا و الآخرة (2)

150- باب في من رأى غريمه في الحرم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن شاذان بن الخليل أبي الفضل، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل لي عليه مال، فغاب عنّي زماناً، فرأيته يطوف حول الكعبة، أَفَأَتَقَاضاه مالي؟ قال: لا، لا تسلّمْ عليه و لا تروِّعْه حتّى يخرج من الحرم (3)

151- باب ما يُهْدى إلى الكعبة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز قال : أخبرني ياسين قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ قوماً أقبلوا من مصر، فمات منهم رجلٌ، فأوصى بألف للكعبة، فلمّا قدم الوصيُّ مكّة، سأل، فدلّوه على بني شيبة، فأتاهم فأخبرهم الخبر، فقالوا: قد برءت ذمّتك ادفعها إلينا، فقام الرَّجل فسأل الناس ، فدلّوه على أبي جعفر محمد بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فأتاني فسألني، فقلت له: إنَّ الكعبة غنيّة عن هذا انظر، إلى من أَمَّ هذا البيت فقُطِعَ به، أو ذهبت نفقته، أو ضلّت راحلته، أو عجز أن يرجع إلى أهله، فادفعها

ص: 240


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 4 و فيه: ... ذنوبه كلها. و الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول. و قد فصّل علي بن بابويه، رحمه الله- فيما حكي عنه- بين ما إذا كان قد أدائه في الحرم فتجوز المطالبة و بين غير الحرم فلا تجوز. و قال في المختلف بكراهة المطالبة لمن أدائه في الحرم و إلا فلا.

إلى هؤلاء الّذين سمّيتُ لك، فأتى الرَّجل بني شيبة، فأخبرهم بقول أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقالوا: هذا ضالٌّ مبتدع، ليس يؤخذ عنه، و لا علمَ له، و نحن نسألك بحقِّ هذا، و بحقِّ كذا و كذا لَمَا أبلغته عنّا هذا الكلام، قال: فأتيتُ أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت له: لقيت بني شيبة فأخبرتهم، فزعموا أنك كذا و كذا، و أنّك لا علمَ لك، ثمَّ سألوني بالعظيم إلّا بلّغتك ما قالوا، قال: و أنا أسألك بما سألوك لَمَا أتيتهم فقلتَ لهم: إنَّ من علمي أن لو وُلّيتُ شيئاً من أمر المسلمين لقطّعت أيديهم ثمَّ علّقتها في أستار الكعبة، ثُمَّ أقمتهم على المِصْطبّة (1)، ثمَّ أمرت منادياً ينادي: أَلَا إِنَّ هؤلاء سرَّاق الله فاعرفوهم (2)

2- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه ابن الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل جاريته هَدْياً للكعبة، كيف يصنع؟ قال: إنَّ أبي أتاه رجل قد جعل جاريته هدياً للكعبة، فقال له: قوِّم الجارية أو بعها ، ثمَّ مُر منادياً يقوم على الحِجر فينادي: الا من قصرت به نفقته أو قطع به طريقه أو نقد به طعامه فليأت فلان بن فلان، و مُرْه أن يعطي أوَّلاً فأوَّلاً حتّى ينفد ثمن الجارية (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أَبَان، عن أبي الحرِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: إِنِّي أَهْدَيْتُ جارية إلى الكعبة، فأُعطِيتُ بها خمس مائة دينار، فما ترى؟ قال: بِعها، ثمَّ خذ ثمنها، ثمَّ قم على حائط الحجر، ثمَّ ناد، و أعْط كلَّ منقَطَع به و كلَّ محتاج من الحاجّ (4)

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن الميثميّ، عن أخو به محمد و أحمد؛ عن عليِّ بن يعقوب الهاشميِّ، عن مروان بن مسلم، عن سعيد بن عمرو الجعفيِّ، عن رجل من أهل مصر قال: أوصى إليَّ أخي بجارية كانت له مغنّية فارهة (5)، و جعلها هدياً لبيت الله الحرام، فقدمت مكّة فسألت، فقيل: ادفعها إلى بني شيبة، وقيل لي غير ذلك من القول، فاختلف عليَّ فيه، فقال لي رجل من أهل المسجد: ألا أُرشدك إلى من يرشدك في هذا إلى الحقِّ؟ قلت: بلى، قال: فأشار إلى شيخ جالس في المسجد فقال: هذا جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسَلْه، قال: فأتيته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسألته، و قصصت عليه القصّة، فقال: إنَّ الكعبة لا تأكل و لا تشرب،

ص: 241


1- المِصْطَبَة: دكّة تجعل للجلوس عليها.
2- التهذيب 9، 16- باب الوصية المبهمة، ح 18.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 364 بتفاوت.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 380 و في سنده: عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، بدل: عن أبي الحر. و الحديث مجهول.
5- فارهة أي نشطة، أو حاذقة.

و ما أُهدي لها فهو لزوَّارها، بع الجارية و قم على الحجر فنادِ: هل من منقطع به، و هل من محتاج من زوَّارها، فإذا أتوك فسل عنهم و أعطهم، و أقسم فيهم ثمنها، قال: فقلت له: إنَّ بعض من سألته أمرني بدفعها إلى بني شيبة؟ فقال: أما إنَّ قائمنا لو قد قام، لقد أخذهم و قطع أيديهم و طاف بهم، و قال: هؤلاء سُرَّاق الله (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي ، عن بعض أصحابنا قال: دَفَعَتْ إلىَّ امرأة غَزْلاً فقالت: ادفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة- و أنا أعرفهم-، فلمّا صرت بالمدينة، دخلت على أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقلت له: جُعِلْتُ فِداك: إِنَّ امرأة أعطتني غزلاً و أمرتني أن أدفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة ؟ فقال: اشترِ به عَسَلاً و زعفراناً، و خذ طين قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أعجنه بماء السماء، و اجعل فيه شيئاً من العسل و الزَّعفران، و فرِّقه على الشيعة ليداووا به مَرْضاهم (2)

152- باب في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿سَوَاءً الْعَاکِفُ فِیهِ وَ الْبَادِ﴾

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معاوية أوَّل من علّق على بابه مصراعين بمكّة، فمنع حاجَّ بيت الله ما قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿سَوَاءً الْعَاکِفُ فِیهِ وَ الْبَادِ﴾ (3) و كان الناس إذا قدموا مكّة، نزل البادي على الحاضر حتّى يقضي حجّه، و كان معاوية صاحب السلسلة الّتي قَالَ اَللَّهُ تعالی: ﴿فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُکُوهُ * إِنَّهُ کانَ لا یُؤْمِنُ بِاللّهِ اَلْعَظِیمِ﴾ (4)، و كان فرعونَ هذه الأُمّة (5)

ص: 242


1- التهذيب 9، 16- باب الوصية المبهمة، ح 19. و الحديث مجهول. هذا، و يظهر من مجمل أخبار هذا الباب، وجوب صرف ما يوصى به للكعبة في معونة الحاج و الزائرين، و ما يظهر من كلمات الأصحاب في المقام وجوب صرفه في مصالح الكعبة و عند الاستغناء يصار إلى صرف المال الموصى به في معونة الزائرين و الحجّاج و المجاورين فيها، و عليه فيمكن الجمع بين ظاهر الخبرين و ظاهر ما عليه الأصحاب و قد الحق الأصحاب بالكعبة جميع المقامات الشريفة من حيث الحكم الذي ذكرناه.
2- الحديث مرسل. و قد روى بمضمون هذه الأحاديث الصدوق في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ح 5 و صدر ح 6.
3- الحج/25. و الباد: أصلها: البادي، من بدا، أي خرج إلى البادية أو أقام بها، و أريد بالعاكف و الباد: المقيم و الطارىء.
4- الحافّة/32 و 33.
5- روى بمعناه في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ح 7. و كذا في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 104 و 261.

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يكن لدور مكّة أبواب، و كان أهل البلدان يأتون بقُطُراتهم (1)، فيدخلون فيضربون بها (2)، و كان أوَّل من بوَّبها معاوية.

153- باب حجّ النبي صلى الله عليه و آله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يحجَّ النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بعد قدومه المدينة إلّا واحدةً، و قد حجَّ بمكّة مع قومه حجّات (3)

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن عيسى الفرَّاء، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشر حجّات مُسْتَسِرٌّا في كلّها، يمرُّ بالمأزِمَين فينزل و يبول (4)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجَّ رسول

الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشرين حجّة (5)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجَّ، ثمَّ أنزل الله عزَّ و جلَّ عليه: ﴿وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوکَ رِجَالًا وَ عَلَی کُلِّ ضَامِرٍ یَأْتِینَ مِنْ کُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ﴾ (6) فأمر المؤِّذنين أن يؤذِّنوا بأعلى أصواتهم بأنَّ

ص: 243


1- قال في مصباح اللغة: القطار من الإبل: عدد على نسق واحد، و الجمع: قُطُر، و القُطُرات: جمع الجمع.
2- أي خيمهم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 189 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 188 بتفاوت يسير، و كرره برقم 236 من نفس الباب. الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ح 17. و فيهما: عشرين حجةً و المأزِم: كل طريق ضيق بين جبلين، و منه سمّي الموضع الذي بين المشعر و عرفة بالمأزمين. و قوله: مستسراً؛ أي مستتراً عن الناس لله. و الوجه في إسراره بالحج كما قيل إما للنسيء حيث كانوا يأتون به غالباً في غير شهره و موعده. أو للاختلاف في بعض أعماله كالموقف. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 186. و كرره برقم 238 من نفس الباب. و يمكن الجمع بين هذا و ما تضمن العشر حجّات بحمل العشر على ما فعله مستسراً و العشرين على الأعم. و الله العالم.
6- الحج/27.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يحجُّ في عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة، و أهلُ العوالي، و الأعراب، و اجتمعوا لحجِّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و إنّما كانوا تابعين، ينظرون ما يؤمرون و يتبعونه، أو يصنع شيئاً فيصنعونه، فخرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في أربع بقين من ذي القعدة، فلمّا انتهى إلى ذي الحُلَيفة زالت الشَّمس، فاغتسل ثمَّ خرج حتّى أتى المسجد الّذي عند الشجرة فصلّى فيه الظّهر، و عزم بالحجِّ مُفْرِداً، و خرج حتّى انتهى إلى البيداء عند الميل الأوَّل فصفٌ له سماطان (1) فلبّى بالحجِّ مفرِداً، و ساق الهدي ستّاً و ستّين أو (2) أربعاً و ستّين، حتّى انتهى إلى مكّة في سَلْخِ أربع من ذي الحجّة، فطاف بالبيت سبعة أشواط، ثمَّ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ عاد إلى الحجر فاستلمه و قد كان استلمه في أوَّل طوافه، ثمَّ قال : إنَّ الصّفا و المروة من شعائر الله، فأبدء بما بدء الله تعالى به، و إنَّ المسلمين كانوا يظنّون أنَّ السّعي بين الصّفا و المروة شيء صنعه المشركون، فأنزل الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما﴾ (3) ثمَّ أتى الصّفا فصعد عليه، و استقبل الرُّكن اليمانيٌ فحمد الله و أثنى عليه، و دعا مقدار ما يقرء سورة البقرة مترسّلاً، ثمَّ انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصّفا، ثمَّ انحدر و عاد إلى الصّفا فوقف عليها، ثمَّ انحدر إلى المروة حتّى فرغ من سعيه، فلمّا فرغ من سعيه و هو على المروة، أقبل على النّاس بوجهه فحمد الله و أثنى عليه، ثمَّ قال: إِنَّ هذا جبرئيل- و أو مأ بيده إلى خلفه- يأمرني أن آمر من لم يَسُقُ هدياً أن يُحِلَّ، و لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم و لكنّي سقت الهدي، و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محِلّه؛ قال: فقال له رجل من القوم: لنخرجنَّ حجّاجاً و رؤوسنا و شعورنا تقطر، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أما إنّك لن تؤمن بهذا أبداً؛ فقال له سراقه بن مالك بن جعشم الكنانيّ: يا رسول الله، عَلّمنا ديننا كأنّا خُلقنا اليوم، فهذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): بل هو للأبد إلى يوم القيامة، ثمَّ شبّك أصابعه و قال: دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة، قال: و قدم عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من اليمن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو بمكّة، فدخل على فاطمة سلام الله عليها و هي قد أحلّت، فوجد ريحاً طيّبةً و وجد عليها ثياباً مصبوغة، فقال: ما هذا يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا بهذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ، فخرج عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مستفتياً، فقال: يا رسول الله، إنّي رأيت فاطمة قد أحلّت و عليها ثياب مصبوغة؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أنا أمرت النّاس بذلك، فأنت يا علي بما أهلَلْتَ؟ قال: يا

ص: 244


1- أي صَفّان من الناس.
2- الترديد من الراوي.
3- البقرة/158.

رسول الله، إهلالاً كإهلال النبيِّ، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): قرّ على إحرامك مثلي و أنت شريكي في هَدْيِي، قال : و نزل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بمكّة بالبطحاء هو و أصحابه، و لم ينزل الدُّور، فلمّا كان يوم التّروية عند زوال الشّمس، أمر النّاس أن يغتسلوا و يُهلّوا بالحجّ، و هو قول الله عزَّ و جلَّ الّذي أنزل على نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ﴾ (1)، فخرج النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه مُهِلّين بالحجّ حتّى أتى منى، فصلّى الظّهر و العصر، و المغرب و العشاء الآخرة، و الفجر، ثمَّ غدا و النّاس معه، و كانت قريش تفيض من المزدلفة، و هي جُمَع، و يمنعون النّاس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله تعالى عليه ﴿ثُمَّ أَفِیضُواْ مِنْ حَیْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ﴾ (2) يعني إبراهيم و إسماعيل و إسحاق في إفاضتهم منها و من کان بعدهم، فلمّا رأت قريش أنَّ قبّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد مضت، كأنّه دخل في أنفسهم شيء للّذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم، حتّى انتهى إلى نَمِرَة، و هي بطن عُرَنَة بحيال الأراك، فضُربت قبّته و ضرب النّاس أخبيتهم عندها، فلمّا زالت الشمس، خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و معه قريش و قد اغتسل، و قطع التّلبية حتّى وقف بالمسجد، فوعظ النّاس و أمرهم و نهاهم، ثمَّ صلّى الظهر و العصر بأذان و إقامتين، ثمَّ مضى إلى الموقف فوقف به، فجعل النّاس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها، فنحّاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس، ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، و لكن هذا كلّه- و أو مأ بيده إلى الموقف-، فتفرَّق النّاس، و فعل مثل ذلك بالمزدلفة، فوقف النّاس حتّى وقع القرص- قرص الشَّمس-، ثمَّ أفاض و أمر النّاس بالدَّعَة، حتى انتهى إلى المزدلفة، و هو المشعر الحرام، فصلّى المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، ثمَّ أقام حتّى صلّى فيها الفجر، و عجّل ضعفاء بني هاشم بليل، و أمرهم أن لا يرموا الجمرة- جمرة العقبة- حتّى تطلع الشّمس، فلمّا أضاء له النّهار، أفاض حتّى انتهى إلى منى، فرمي جمرة العقبة، و كان الهدي الّذي جاء به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أربعة و ستّين أو (3) ستّة و ستّين، و جاء عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بأربعة و ثلاثين أو (4) ستّة و ثلاثين، فنحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ستّة و ستّين و نحر عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أربعة و ثلاثين بدنة، و أمر، رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يؤخذ من كلِّ بدنة منها جُذْوَة (5) من لحم، ثمَّ تطرح في برمة (6)، ثمّ تطبخ،

ص: 245


1- آل عمران/95.
2- البقرة/199.
3- الترديد في كلا الموضعين من الراوي.
4- الترديد في كلا الموضعين من الراوي.
5- الجذوة: القطعة.
6- البُرمة: القدر من الحجارة.

فأكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و عليّ و حَسَيا (1) من مرقها، و لم يعطيا الجزَّارين جلودها و لا جلالها و لا قلائدها و تصدَّق به، و حلق و زار البيت، و رجع إلى منى و أقام بها حتّى كان اليوم الثّالث من آخر أيّام التّشريق، ثمَّ رمي الجمار، و نفر حتّى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة: يا رسول الله، ترجع نساؤك بحجّة و عمرة معاً و أرجع بحجّة (2)؟ فأقام بالأبطح، و بعث معها عبد الرَّحمن بن أبي بكر إلى التّنعيم (3)، فأهلّت بعمرة، ثمَّ جاءت و طافت بالبيت، و صلّت ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، وسعت بين الصّفا و المروة، ثمّ أتت النّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فارتحل من يومه و لم يدخل المسجد الحرام، و لم يطف بالبيت، و دخل من أعلى مكّة من عقبة المدنيّين، و خرج من أسفل مكّة من ذي طُوى (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين غدا من منى في طريق ضَبّ، و رجع ما بین المأزمين، و كان إذا سلك طريقاً لم يرجع فيه (5)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين حجَّ حجّة الإسلام، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتّى أتى الشّجرة، فصلّى بها، ثمَّ قاد راحلته حتّى أتى البيداء، فأحرم منها، و أهل بالحجِّ ، و ساق مائة بدنة و أحرم النّاس كلّهم بالحجِّ لا ينوون عمرة، و لا يدرون ما المتعة، حتّى إذا قدم رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة، طاف بالبيت و طاف النّاس معه، ثمَّ صلّى ركعتين عند المقام، و استلم الحجر، ثمَّ قال: أبدء بما بدء الله عزَّ و جلَّ به، فأتى الصّفا فبدء بها، ثمَّ طاف بين الصّفا و المروة سبعاً، فلمّا قضى طوافه عند المروة، قام خطيباً، فأمرهم أن يحلّوا و يجعلوها عمرة، و هو شيء أمر الله عزَّ و جلَّ به، فأحلَّ النّاس، و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم، و لم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الّذي كان معه، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ

ص: 246


1- حَسَيا حسواً: أي أخذ كل منهما منها جرعة ملء الفم.
2- إنما فاتتها العمرة لأنها كانت قد اعتلّت بالحيض.
3- التنعيم: موضع على أربعة أميال من مكة.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 234 بتفاوت. كما روى بعضه تحت رقم 3 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب. و أخرج أجزاءاً منه في الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ضمن ح 15. و في 110- باب وجوه الحج، ح 9.
5- الفقيه 2، نفس الباب ، ح 16. وضَبٌ: جبل قرب مسجد الخيف بمنى.

حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ (1) فقال سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ: يا رسول الله عَلّمنا كأنّا خُلقنا اليوم، أرأيت هذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكلِّ عام؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا، بل للأبد الأبد. و إنّ رجلاً (2) قام فقال: يا رسول الله، نخرج حجّاجاً و رؤوسنا تقطر (3)؟! فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنّك لن تؤمن بهذا أبداً، قال: و أقبل عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من اليمن حتّى وافى الحجّ، فوجد فاطمة سلام الله عليها قد أحلّت، و وجد ريح الطّيب، فانطلق إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مستفتياً، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا عليُّ بأيِّ شيء أهللتَ؟ فقال: أهللتُ بما أهلَّ النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: لا تحلّ أنت فأَشْرَكَهُ في الهدي و جعل له سبعاً و ثلاثين و نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثلاثاً و ستّين، فنحرها بيده، ثمَّ أخذ من كلِّ بدنة بَضْعَةً فجعلها في قدر واحد، ثمَّ أمر به فطبخ، فأكل منه و حسا من المرق و قال: قد أكلنا منها الآن جميعاً؛ و المتعة خير من القارن السّائق، و خير من الحاجِّ المفرِد . قال: و سألته (4): أليلاً أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أم نهاراً؟ فقال: نهاراً: قلت: أيّة ساعة؟ قال: صلاة الظهر (5)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ذكر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الحجَّ، فكتب إلي من بلغه كتابه ممّن دخل في الإسلام: أنَّ رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يريد الحجَّ يُؤْذِنُهُم بذلك ليحجَّ من أطاق الحجَّ، فأقبل النّاس، فلمّا نزل الشَّجرة، أمر النّاس بنتف الإبط و حلق العانة و الغسل و التجرُّد في إزار و رداء، أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه، لمن لم يكن له رداء، و ذكر أنّه حيث لبّي قال: ﴿لَبَّیْکَ (6) اللَّهُمَّ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ لَا شَرِیکَ لَکَ لَبَّیْکَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَکَ وَ الْمُلْکَ، لَا شَرِیکَ لَکَ﴾، و كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يكثر من ذي المعارج (7) و كان يلبّي كلّما لقي راكباً، أو علا أكَمَة أو هبط وادياً، و من آخر اللّيل، و في إدبار الصلوات، فلمّا دخل مكة، دخل من أعلاها من العقبة، و خرج حين خرج من ذي طوى، فلمّا انتهى إلى باب المسجد استقبل الكعبة- و ذكر ابن سنان أنّه باب بني شيبة- فحمد الله و أثنى عليه، و صلّى على أبيه إبراهيم، ثمَّ أتى الحجر فاستلمه، فلمّا طاف بالبيت صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و دخل زمزم فشرب منها ، ثمَّ

ص: 247


1- البقرة/196.
2- هو عمر بن الخطّاب باتفاق الفريقين.
3- أي من ماء غسل الجنابة.
4- أي من ماء غسل الجنابة
5- الحديث صحيح.
6- لبّيكَ ... : أي أنا مقيم على طاعتك، إلباباً بعد الباب و إجابة بعد إجابة. أو معناه: إتجاهي و قصدي لك من داري ... قاله في القاموس.
7- أي يكثر من قول: لبيك ذا المعارج.

قال: ﴿اَللّهُمَّ اِنّی اَسْاَلُکَ عِلْماً نافِعاً، وَ رِزْقاً واسِعاً، وَ شِفاءً مِنْ کُلِّ داءٍ وَ سُقْمٍ﴾، فجعل يقول ذلك و هو مستقبل الكعبة، ثمَّ قال لأصحابه: ليكن أخر عهدكم بالكعبة استلامَ الحجر، فاستلمه ثمَّ خرج إلى الصّفا ، ثمَّ قال: أبدء بما بدء الله به، ثمَّ صعد على الصّفا فقام عليه مقدار ما يقرء الإنسان سورة البقرة (1)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بيده ثلاثاً و ستّين، و نحر عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما غَبَر،(2) قلت: سبعة و ثلاثين؟ قال: نعم.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الّذي كان على بُدن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ناجية بن جندب الخزاعيُّ الأسلميُّ، و الّذي حلق رأس النّبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في حجته معمر بن عبد الله بن حراثة بن نصر بن عوف بن عويج بن عدي بن كعب؛ قال: و لمّا كان في حجّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يحلقه، قالت قريش: أيْ معمر! أُذُنُ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في يدك و في يدك الموسى، فقال معمر: و الله إنّي لأعدّه من الله فضلاً عظيماً عليَّ، قال: و كان معمر هو الّذي يُرَحّل (3) لرسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فقال رسول الله: يا معمر إنَّ الرَّحْلَ اللّيلة لمُسْتَرْخِي، فقال معمر: بأبي أنت و أُمّي، لقد شددته كما كنتُ أشدُّه، و لكن بعض من حسدني مكاني منك يا رسول الله، أراد أن تستبدل بي، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما كنتُ لأَفْعَل (4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اعتمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثلاث عمر مفترقات: عمرة في ذي القعدة، أهلَّ من عُسْفان، و هي عمرة الحديبية، و عمرة أهَلَّ من الجحفة، و هي عمرة القضاء، و عمرة أهل من الجُعرانة بعد ما رجع من الطّائف من غزوة حُنَين (5)

ص: 248


1- الحديث صحيح.
2- أي ما بقي من تمام المائة.
3- في الفقيه: يرجّل، و لكن ما هنا و ما في التهذيب من قوله: یرحّل، هو الصحيح، لأن ما بعده من كلام يدل على أن عمله كان تسوية رحله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 235 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 65- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، صدر ح 19 بتفاوت.
5- الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 7 بتفاوت، و فيه: كلها في ذي القعدة. و أخرجه مرسلاً. و عُسفان: موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة. و الحديبية: بئر قرب مكة، أو شجرة حدباء كانت هنالك. و الجُحْفَة: ميقات أهل الشام، سميت بذلك لأن السيل اجتحف قوماً من بني عبيد و هم أخوة عاد كانوا يسكنونها. الجِعِرّانة: موضع بين مكة و الطائف. قاله كله- بتصرف- الفيروز آبادي.

11- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن العلاء بن رزین، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): َأحَجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) غير حجّة الوداع؟ قال: نعم، عشرين حجّة.

12- سهلٌ، عن ابن فضّال، عن عيسى الفرَّاء، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشرين حجّة مستسرَّة، كلّها يمرُّ بالمَأْزِمَين فينزل

فيبول (1)

13- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة؛ و محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، جميعاً عن أَبَان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اعتمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عمرة الحُدَيبية، و قضى الحُدَيْبية من قابل، و من الجعرانة حين أقبل من الطائف ثلاث عمر، كلّهنَّ في ذي القعدة (2)

14- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ذكر أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اعتمر في ذي القعدة ثلاث عمر كلُّ ذلك يوافق عمرته ذا القعدة.

154- باب فضل الحجّ و العمرة و ثوابهما

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزَّاز، عن عليِّ بن عبد الله البجليِّ، عن خالد القلانسيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حجّوا و اعتمروا تصحُّ أبدانكم، و تتّسع أرزاقكم، و تُكْفَوْن مؤوناتِ عيالكم؛ و قال: الحاجُّ مغفورٍ له، و موجوبٌ له الجنّة، و مستأنف له العمل، و محفوظ في أهله و ماله.

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كان أبي يقول: من أمَّ هذا البيت حاجّاً أو معتمراً

ص: 249


1- مر هذا برقم 2 من هذا الباب فراجع.
2- روى الصدوق رحمه الله أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اعتمر ثلاث عمر كلها في ذي القعدة في الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 7.

مُبَرَّءاً من الكِبْر، من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، ثمَّ قرأ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ (1)، قلت: ما الكِبْر؟ قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إِنَّ أَعْظَمَ الْكِبْرِ غَمْصُ الْخَلْقِ، وَ سَفَهُ الْحَقِّ، قُلْتُ: مَا غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ؟ قَالَ: يَجْهَلُ الْحَقَّ وَ يَطْعُنُ عَلَى أَهْلِهِ، وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصیر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ضمان الحاجّ و المعتمر على الله، إن أبقاه بلّغه أهله، و إن أماته أدخله الجنّة.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحَجَّةُ ثَوابُها الجَنَّةُ، وَ العُمرَةُ کَفّارَةٌ لِکُلِّ ذَنبٍ (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن يحيى بن عمرو بن كليع، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي قد وطَّنْتُ نفسي على لزوم الحجِّ كلِّ عام، بنفسي أو برجل من أهل بيتي، بمالي؟ فقال: و قد عزمت على ذلك؟ قال: قلت: نعم، قال: إن فعلت فأَبْشِرْ بكَثْرَة المال (4)

6- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجّاج يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يُعْتَق من النّار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، و صنف يُحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاجُّ (5)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ (6) قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول و يذكر الحجَّ فقال: قال

ص: 250


1- البقرة /203.
2- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 15. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج ، ح 9 مرسلاً بتفاوت و اختلاف.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 70 و فيه: ... كفارة كل ذنب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 58 و في ذيله: ... فأيقن بكثرة المال أو أبشِر بكثرة المال. و الترديد فيه من الراوي. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 و فيه: يعتقون ... ، بدل: يُعتق و سوف يكرر المصنف رحمه الله هذا الحديث بسند آخر برقم 40 من نفس هذا الباب. و الظاهر من هذا التصنيف إن الفرق بين الصنفين الأول و الثاني إن الأول مغفور له ذنبه ما تقدم منه و ما تأخر فيكون ممن وجبت له الجنة في حين أن الثاني مغفور له ما تقدم من ذنبه فقط، و أما الصنف الثالث فعوضه دنيوي فقط و هو أن يحفظ في أهله و ماله. و قد وردت في ذلك بعض الروايات.
6- في سند التهذيب: عن الكناني، و هو إبراهيم بن نعيم، بدل: الكاهليّ.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): هو أحد الجهادين هو جهاد الضّعفاء و نحن الضعفاء (1)، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحجِّ إلّا الصّلاة، و في الحجِّ لَهُهُنا صلاة، و ليس في الصّلاة قبلكم حجُّ، لا تدع الحجَّ و أنت تقدر عليه، أَمَا ترى أنّه يشعث رأسك و يقشف فيه جلدك، و يمتنع فيه من النّظر إلى النّساء، و إنّا نحن لَهُهُنا و نحن قريب، و لنا مياه متّصلة ما نبلغ الحجَّ حتّى يشقَّ علينا، فكيف أنتم في بُعد البلاد، و ما من ملك و لا سُوْقَة يصل إلى الحجِّ إلّا بمشقّة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردَّها، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ تَحْمِلُ اَثْقالَکُمْ اِلی بَلَدٍ لَمْ تَکُونُوا بالِغیهِ اِلاّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ اِنَّ رَبَّکُمْ لَرَؤُفٌ رَحیمٌ﴾ (2)

8- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى ، عن عن رِبعيِّ بن عبد الله، عن الفُضَيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا يحالف (3) الفقر و الحُمّى مُدْمِنَ (4) الحجّ و العمرة.

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن سعد الأسكاف قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ الحاجَّ إذا أخذ في جَهازه (5) لم يَخْطُ خطوة في شيء من جهازه إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له عشر حسنات، و محى عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات، حتّى يفرغ من جهازه متي ما فرغ، فإذا استقبلت به راحلته، لم تضع خُفّاً و لم ترفعه إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له مثل ذلك حتّى يقضي نُسُكَه، فإذا قضى نُسُكَه غفر الله له ذنوبه، و كان ذا الحجّة و المحرَّم و صفر و شهر ربيع الأوَّل أربعة أشهر، تُكتب له الحسنات و لا تكتب عليه السّيئات، إلّا أن يأتي بموجبة (6)، فإذا مضت الأربعة الأشهر خُلِطَ بالنّاس (7)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): لأيِّ شيء صار الحاجّ لا يُكتب عليه الذَّنب أربعةَ

ص: 251


1- إلى هنا رواه في التهذيب 5، نفس الباب، ح 10، و روى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مرسلاً: الحج جهاد و الضعفاء، و نحن الضعفاء، في الفقيه 2، نفس الباب، ح 93. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نحن الضعفاء، إشارة إلى قوله تعالى في الآية 5 من سورة القصص: ﴿وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ ...﴾ الآية
2- النحل/7. و الحديث حسن. و قَشف قشفاً: إذا لوّحته الشمس أو الفقر فتغيّر. و السُّوقة: الرعيّة.
3- أي لا يلازمه و يعاهده.
4- أدمن الشيء: داوم عليه و لم يفارقه.
5- أي ما يحتاجه في سفره من زاد و متاع و راحلة و غير ذلك.
6- أي المعصية الكبيرة التي توجب العذاب بالنار.
7- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 1 بتفاوت في الذيل.

أشهر؟ قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أباح المشركين الحَرَم في أربعة أشهر، إذ يقول: ﴿فَسِیحُواْ فِی الاَرْضِ اَرْبَعَةَ اَشْهُرٍ﴾ (1) ثمَّ وهب لمن يحجُّ من المؤمنين البيتَ الذُّنوبَ أربعة أشهر (2)

11- أحمد، عن أبي محمد الحجّال، عن داود بن أبي يزيد، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجّ لا يزال عليه نور الحجّ ما لم يُلِمَّ بِذنْب (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي محمد الفرَّاء قال: سمعت - جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): تابعوا بين الحجِّ و العمرة فإنّهما ينفيان الفقر و الذُّنوب كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد (4)

13- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن عليِّ بن الحكم، عن جعفر بن عمران، عن أبي بصیر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللّازم لهما في ضمان الله، إن أبقاه أدَّاه إلى عياله، و إن أماته أدخله الجنّة (5)

14- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن زكريّا المؤمن، عن إبراهيم بن صالح، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجّ و المعتمر وفد الله، إن سألوه أعطاهم، و إن دَعَوْهُ أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا إبتدأهم، و يُعَوَّضون بالدِّرهم ألف [ألف] درهم (6)

ص: 252


1- التوبة/2. وقيل: بأن الله سبحانه جعل أجلاً لمن كان له عهد من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فنقضه و ظاهر عليه أربعة أشهر أولها عشر ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر. و قوله: فَسِيحوا: أي فسيروا مقبلين و مدبرين آمنين غير خائفين من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه.
2- الحديث مجهول.
3- ذكر مضمونه بتفاوت يسير في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث رقم 89 و كأنه من كلامه رحمه الله. و اللَّمَم: الذنب الصغير. و يقال: هو مقاربة المعصية. و الحديث مرسل .
4- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 78 بتفاوت و رواه مرسلاً. التهذيب 5، نفس الباب ، ح 11 بتفاوت. و كبر الحدّاد: آلة من جلد أو حديد يستعملها لنفخ النار، و المقصود بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تابعوا: أي اثنوا بهما مراراً و تكراراً.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، نفس الباب، ح 72 و أورده مرسلاً و بتفاوت يسير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و تشبيه الحج و العمرة بسوقين من أسواق الآخرة للتنبيه على أمرين: الأول: إن أداء الحج و العمرة لهما ثمن هو مغفرة الله و ثوابه في الآخرة مع الحفظ و الرزق في الدنيا، الثاني: إن سوق الدنيا معرضة للخسارة و الغبن و الغش و غيرها من عيوب الثمن و المثمن، و سوق الآخرة مضمونة الربح و السلامة من العيوب، لأن الطرف الآخر فيها هو الله سبحانه و هو منزّه عن كل ذلك.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17.

15- و عنه، عن عبد المؤمن، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: درهم تنفقه في الحجّ، أفضلُ من عشرين ألف درهم تنفقها في حقّ (1)

16- و عنه، عن عبد المؤمن (2)، عن داود بن أبي سليمان الجصّاص، عن عذافر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يمنعك من الحجِّ في كلِّ سنة؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، العيال (3)، قال: فقال: إذا متَّ فمن لعيالك؟ أطعم عيالك الخلّ و الزَّيت و حُجّ بهم كلَّ سنة.

17- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن سليمان الجعفريِّ، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: بادروا بالسّلام على الحاجِّ و المعتمِر و مصافحتِهم من قَبل أن تُخالطهم الذُّنوبُ (4)

18- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن زكريّا المؤمن، عن شعيب العقر قوفيِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجُّ و المعتمر في ضمان الله، فإن مات متوجّهاً (5) غفر الله له ذنوبه، و إن مات مُحْرِماً بعثه الله ملبّياً، و إن مات بأحد الحَرَمين بعثه الله من الآمنين، و إن مات منصرفاً غفر الله له جميع ذنوبه (6)

19- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: ما وقف أحد في تلك الجبال إلّا استجيب له، فأمّا المؤمنون فيُستجاب لهم في آخرتهم، و أمّا الكفّار فيُستجاب لهم في دنياهم (7)

20- و عنه، عن أبيه، عن عليِّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أخذ النّاس منازلهم بمنى نادى منادٍ: یا منی، قد جاء أهلُك، فاتّسعي في

ص: 253


1- روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 22 نفن الباب، ح 87. و بمعناه بسند آخر في التهذيب 5، نفس الباب، ح 8.
2- و لعل المقصود بعبد المؤمن هنا و في الحديث السابق عليه هو نفس زكريا المؤمن بقرينه رجوع الضمير في عنه إلى محمد بن عيسى الوارد في سند الحديث الرابع عشر من هذا الباب. و الله العالم.
3- أي مؤونتهم و كثرتهم.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 98 وفيه: ... و المعتمرين ... و لعل المراد بالقبليّة هنا الأربعة أشهر التي ورد في الروايات أن الحاج يوهب له ذنوبه بعد رجوعه من الحج تلك المدة. و الحديث ضعيف علی المشهور.
5- أي مات في الطريق متوجهاً إلى الميقات بقرينة ما بعده.
6- الحديث ضعيف.
7- روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 33 مرسلاً عن الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا و سوف يورد المصنف قريباً منه عن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بسند آخر برقم 38 من هذا الباب.

فجاجك، واترعي في مثابك (1)، و مناد ينادي: لو تدرون بمن حللتم لأقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (2)

21- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ﴿فَفِرُّوا إِلَي اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (3) قال : حُجّوا إلى الله عزَّ و جلَّ.

22- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أخذ النّاس منازلهم بمنى، نادى منادٍ: لو تعلمون بفناء من حللتم، لأيقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (4)

23- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن خاله عبد الله بن عبد الرحمن، عن سعيد السمّان قال: كنت أحجُّ في كلِّ سنة، فلمّا كان في سنة شديدة أصاب الناس فيها جَهد، فقال لي أصحابي: لو نظرت إلى ما تريد أن تحجَّ العام به، فتصدَّقتَ به كان أفضل، قال: فقلت لهم: و تَرَوْنَ ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتصدَّقت تلك السنة بما أُريد أن أحجَّ به، و أقمتُ، قال: فرأيت رؤيا ليلة عرفة و قلت: و الله لا أعود و لا أَدَع الحجَّ، قال: فلمّا كان من قابل، حججت، فلمّا أتيت منى رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و عنده النّاس مجتمعون، فأتيته فقلت له: أخبِرْني عن الرجل، و قصصت عليه قصّتي، و قلت: أيّهما أفضل: الحجُّ أو الصدقة؟ فقال: ما أحسن الصدقة- ثلاث مرَّات، قال: قلت: أجَلْ، فأيّهما أفضل؟ قال: ما يمنع أحدكم من أن يحجَّ و يتصدَّق؟ قال: قلت: ما يبلغ ماله ذلك و لا يتّسع، قال: إذا أراد أن ينفق عشرة دراهم في شيء من سبب الحجّ، أنفق خمسة و تصدَّق بخمسة، أو قصّر في شيء من نفقته في الحجِّ، فيجعل ما يحبس في الصدقة، فإنَّ له في ذلك أجراً ، قال: قلت: هذا لو فعلناه استقام، قال: ثمَّ قال: و أنّى له مثل الحجِّ - فقالها ثلاث مرات- إنَّ العبد ليخرج من بيته فيُعطى قِسماً (5)، حتّى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة، ثمَّ عدل إلى مقام إبراهيم فصلّى ركعتين، فيأتيه مَلَك فيقوم عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده على كتفيه فيقول: يا هذا، أمّا ما مضى فقد غُفِرَ لك، و أما ما يستقبل فجِدَّ (6)

ص: 254


1- أي وسطك.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 30 و روى ذيله مرسلاً.
3- الذاريات/50.
4- راجع تخريج الحديث رقم 20 المتقدم. و سوف يكرر المصنف هذا الحديث برقم 43 من هذا الباب فانتظر.
5- أي نصيباً من الثواب المقسوم له.
6- أي اجتهد فيما تستقبله من أيام عمرك. و الحديث مجهول.

24- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال رجل لعليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تركت الجهاد و خشونته ولزمت الحجّ ولِينَه؟ قال: -و كان متّكئاً فجلس- و قال: وَيْحَك، أما بلغك ما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في حجّة الوداع؟ إنّه لمّا وقف بعرفة و همّت الشمس أن تغيب، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بلال، قل للناس فليُنْصِتوا، فلمّا نصتوا، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ ربّكم تَطَوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر المحسِنكم، و شفّع محسنكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفوراً لكم؛ قال: -وزاد غير الثمالي أنّه قال: إلّا أهل التَبِعات (1) -فإنَّ الله عدل يأخذ للضعيف من القويّ، فلمّا كانت ليلة جُمَع، لم يزل يناجي ربّه و يسأله لأهل التَبعاتِ، فلمّا وقف بجُمَع قال لبلال: قل للنّاس فلينصتوا، فلمّا نصتوا قال: إنَّ ربّكم تطوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم، و شفّع محسنكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفوراً لكم، و ضمن لأهل التبعاتِ من عنده الرِّضا (2)

25- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: لمّا أفاض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، تلقّاه أعرابيُّ بالأبطح فقال: يا رسول الله، إنّي خرجت أريد الحجّ فعاقني (3)، و أنا رجل ميّل (4) -يعني كثير المال- فَمُرّني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاجُّ، قال: فالتفت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أبي قبيس (5) فقال: لو أنَّ أبا قبيس لك زِنَتُهُ ذهبةٌ حمراء، أنفقته في سبيل الله، ما بلغتَ ما بلغ الحاجُّ (6)

26- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من دُفِنَ في الحرم أمن من الفزع الأكبر، فقلت له: مِن بَرِّ الناس و فاجِرِهم؟ قال: من بَرِّ الناس و فاجِرِهم (7)

27- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن العلاء، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ أدنى ما يرجع به الحاجُّ الّذي لا

ص: 255


1- التبعات: حقوق الناس و مظالمهم .
2- الحديث حسن.
3- في التهذيب: ففاتني. و هو أنسب إذ لا يحتاج إلى ما يحتاجه اللفظ الآخر من التقدير.
4- في التهذيب: مميل.
5- يعني جبل أبي قبيس بمكة.
6- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، صدرح 2 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 86 بتفاوت.
7- ذكر مضمونه بتفاوت الشيخ الصدوق رحمه الله ضمن كلام له بعد الحديث رقم 100 من الباب 62 من الحج الثاني من الفقيه.

يُقْبَل منه، أن يحفظ في أهله و ماله؛ قال: فقلت: بأيِّ شيء يحفظ فيهم؟ قال: لا يَحْدُثُ فيهم إلّا ما كان يَحْدُثُ فيهم و هو مقيم معهم (1)

28- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جندب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحجُّ جهاد الضعيف، ثمَّ وضع أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يده في صدر نفسه و قال: نحن الضعفاء ونحن [ال]-ضعفاء (2)

29- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أحجُّ سنةً، و شريكي سنةً؟ قال: ما يمنعك من الحجِّ يا إبراهيم؟ قلت: لا أتفرّغ لذلك، جُعِلتُ فِداك، أتصدَّق بخمس مائة مكان ذلك؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: ألف؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: فألف و خمس مائة؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: ألفين؟ قال: أَفي أَلْفَيْكَ طوافُ البيت؟ قلت: لا، قال: أفي ألْفَيْكَ سعيٌ بين الصفا و المروة؟ قلت: لا، قال: أفي ألْفَيْكَ وقوف بعرفة؟ قلت: لا، قال: أفي أَلْفَيْكَ رَميُ الجمار؟ قلت: لا، قال: أفي أَلْفَيْكَ المناسك؟ قلت: لا، قال: الحجُّ أفضل (3)

30- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي أبو عبد الله: قال لي إبراهيم بن ميمون: كنت جالساً عند أبي حنيفة، فجاءه رجلٌ فسأله فقال: ما ترى في رجل قد حجَّ حجّة الإسلام، الحجِّ أفضل أم يعتق رقبة؟ فقال: لا، بل عتق رقبة، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كَذَبَ و الله و أَثِم، لَحِجَّةٌ أفضل من عتق رقبة و رقبة و رقبة، حتّى عدَّ عشراً، ثمَّ قال: ويحَه في أيِّ رقبة طواف بالبيت، و سعي بين الصفا و المروة، و الوقوف بعرفة، و حلق الرأس، و رمي الجمار، لو كان كما قال لعطّل الناس الحجَّ، و لو فعلوا، كان ينبغي للإمام أن يجبرهم (4) على الحجِّ إن شاؤوا و إن أَبَوا، فإنَّ هذا البيت إنّما وُضِعَ للحجِّ (5)

ص: 256


1- الحديث مرسل.
2- الحديث مجهول. و قد مر حديث بمعناه بسند آخر برقم 7 من هذا الباب. و يفهم من قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نحن الضعفاء، أن المقصود بجهاد الضعيف في صدر الحديث أن الحج هو جهاد من لم يقدر على جهاد الأعداء لقلة الناصر أو غير ذلك.
3- الحديث ضعيف.
4- أي يجبر من كان منهم مستطيعاً للحج و قد وجب عليه.
5- الحديث صحيح. و أخرجه في التهذيب 5، 3-باب ثواب الحج، ح 12.

31- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه ، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: حجّة أفضل من [عتق] سبعين رقبة (1)، فقلت: ما يعدل الحجَّ شيء؟ قال: ما يعدله شيءٌ، وَ لَدِرْهَمْ واحدٌ في الحجِّ أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل الله، ثمَّ قال له: خرجت على نيّف و سبعين بعيراً و بِضْعَ عشرة دابّة، و لقد اشتريت سوداً (2) أكثر بها العدد (3)، و لقد آذاني أكْلُ الخلِّ و الزيت، حتّى أنَّ حميدة أمرت بدجاجة فشُوِيَت فرجَعَتْ إليّ نَفْسي.

32- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيّ، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حجّة خير من بيت مملوءٍ ذهباً يتصدَّق به حتّى يفنى (4)

33- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ربعيِّ بن عبد الله، عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا وَ رَبِّ هذه البِنْية، لا يحالف مُدْمِنُ الحجّ بهذا البيت حمّى و لا فقر أبداً (5)

34- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد جميعاً، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إِنَّ أبي حدَّثني عن آبائك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قيل لبعضهم: إنَّ في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، و عدوًّا يقال له الدّيلم، فهل من جهاد، أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، ثمَّ قال: فأعاد عليه الحديث ثلاث مرَّات، كلُّ ذلك يقول: عليكم بهذا البيت فحجّوه، ثمَّ قال: في الثالثة: أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بدراً، و إن لم يدركه كان كمن كان مع قائمنا في فسطاطه هكذا و هكذا- و جمع بين سبّابتيه-، فقال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صَدَقَ، هو على ما ذكر (6)

35- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن غالب، عمّن ذكره عن

ص: 257


1- الى هنا مروي في التهذيب، نفس الباب، ح 9. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 85 بتفاوت قليل. و الحديث حسن.
2- يعني عبيداً.
3- أي عدد الحجيج.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 7 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 77 بتفاوت.
5- مر بتفاوت برقم 8 من هذا الباب. و قوله: لا يخالف: يعني لا يأتيه الفقر و الحمى بعد الحج، من قولهم: هو يخالف إلى امرأة فلان، أي يأتيها إذا غاب عنها زوجها. و حالفه: إذا لازمه و عاهده.
6- الحديث مجهول.

أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، و العامل بهما في جوار الله، إن أدرك ما يأمل غفر الله له، و إن قصر به أجَلُهُ وقع أجره على الله (1)

36- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان، عن عبد الله ابن المغيرة، عن ابن الطيّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حِجَجٌ تترى (2)، و عُمَرٌ تَسْعی (3)، يدفعن عيلة الفقر و ميتة السوء (4)

37- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رجلان: رجلٌ من الأنصار و رجلٌ من ثقيف، فقال الثقيفيُّ: يا رسول الله، حاجتي؟ فقال: سبقك أخوك الأنصاريُّ، فقال: يا رسول الله، إنّي على ظهر سفر، و إنِّي عَجْلان، و قال الأنصاريُّ: إنّي قد أذنت له، فقال: إن شئتَ سألتني، و إن شئتَ نبّأتك، فقال: نبّئني يا رسول الله، فقال: جئت تسألني عن الصلاة، و عن الوضوء، و عن السجود، فقال الرّجل: إي و الّذي بعثك بالحقِّ، فقال: أسْبغ الوضوء، و املأ يديك من رُكبتيك (5)، و عفّر جبينك في التراب، وصلّ صلاة مودّع ، و قال الأنصاريُّ: يا رسول الله حاجتي؟ فقال: إن شئت سألتني و إن شئتَ نبّأتك، فقال: يا رسول الله، نبّئني، قال: جئت تسألني عن الحجِّ، و عن الطواف بالبيت، و السعي بن الصفا و المروة، و رمي الجمار، و حلق الرّأس، و يوم عرفة، فقال الرجل: إي و الّذي بعثك بالحقّ، قال: لا تَرْفَعُ ناقَتُكَ خُفّاً إلّا كتب الله به لك حسنة، و لا تضع خُفّاً إلّا حطّ به عنك سيئة، و طواف بالبيت، و سعي بين الصفا و المروة، تنفتل كما ولدتك أُمّك من الذُّنوب، و رمي الجمار ذخر يوم القيامة، و حلق الرأس ، لك بكلِّ شعرة نور يوم القيامة، و يوم عرفة، يوم يباهي الله عزَّ و جلَّ به

ص: 258


1- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 72 عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحج و العمرة سوقان من أسواق الآخرة و اللازم لهما من أضياف الله عزَّ و جلَّ إن أبقاه أبقاه و لا ذنب له و إن أماته أدخله الجنة. أقول: و تشبيه الحج و العمرة بسوقين من أسواق الآخرة للتنبيه على أمرين: الأول: إن أداء الحج و العمرة لهما ثمن هو المغفرة من الله و الثواب في الآخرة مع الحفظ و الرزق في الدنيا. الثاني: إن سوق الدنيا معرّضة للخسارة و الغبن و الغش، و سوق الآخرة مضمونة الربح و السلامة من العيوب، لأن الطرف الآخر فيها هو الله سبحانه و هو منزّه عن كل ذلك.
2- أي يتبع بعضها بعضاً.
3- لعل المراد: تسعى فيهن.
4- الحديث مجهول.
5- أي اجعل كفيك بمجموعها تتضامّان على ركبتيك و تقبضان عليهما.

الملائكة، فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج و قطر السماء و أيّام العالم ذنوباً، فإنّه تُبْتَ (1) ذلك اليوم (2)

و في حديث آخر: بكلِّ خطوة يخطو إليها يكتب له حسنة، و يمحى عنه سيئة، و يرفع له بها درجة.

38- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يقف أحدٌ على تلك الجبال بَرٌّ و لا فاجر، إلّا استجاب الله له، فأمّا البَرُّ فيُستجاب له في آخرته و دنياه، و أمّا الفاجر فيُستجاب له في دنياه (3)

39- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحاجُّ ثلاثة: فأفضلهم نصيباً؛ رجلٌ غُفر له ذنبه ما تقدَّم منه و ما تأخر، و وقاه الله عذاب القبر، و أمّا الّذي يليه؛ فرجلٌ غُفر له ذنبه ما تقدّم منه و يستأنف العمل فيما بقي من عمره، و أمّا الّذي يليه؛ فرجل حُفِظَ في أهله و ماله (4)

40- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجُّ على ثلاثة أصناف: صنف يُعتق من النّار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، و صنف يُحفظ في أهله و ماله، و هو أدنى ما يرجع به الحاجُّ (5)

41- ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما من سفر أبلغُ في لحم و لا دم و لا جلد و لا شعر، من سفر مكّة، و ما أحد يبلغه حتّی تناله المشقة (6)

ص: 259


1- الأظهر أنها من التوبة، و بالتوبة يكون قد خرج من إثم ذنوبه. و يحتمل أنها من البتّ، بمعنى الهلاك، أي هلكت الذنوب بما فعل من مناسك الحج و يوم عرفة.
2- الحديث حسن.
3- مر هذا الحديث برقم 19 بتفاوت من هذا الباب، و لا ذكر فيه لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث رقم 91 بتفاوت و أورد مضمونه مع حذف الاسناد. و الحديث ضعيف.
5- مر هذا الحديث بسند آخر برقم 6 من هذا الباب بسند آخر.
6- أورد مضمونه ضمن كلام له الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث 100فراجع. قوله: يعتق من النار: هذا هو الذي عبر عنه في الحديث السابق بأنه يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر. و مثل هذا يكون بلا ريب ممن يعتقون من النار.

42- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محد، عن الحجّال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى، نادى منادٍ من قبل الله عزَّ و جلَّ: إن أردتم أن أرْضى فقد رَضِيتُ (1)

43- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: إذا أخذ الناس منازلهم بمنى، نادى منادٍ: لو تعلمون بفناء من حللتم،لأَيقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (2)

44- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمر بن حفص، عن سعيد بن يسار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عشيّة من العشيّات- و نحن بمنى و هو يحثّني على الحجّ و يُرَغّبني فيه-: يا سعيد، أيّما عبد رزقه الله رزقاً من رزقه، فأخذ ذلك الرِّزق فأنفقه على نفسه و على عياله، ثمَّ أخرجهم قد ضحّاهم بالشَّمس حتّى يقدم بهم عشيّةَ عرفة إلى الموقف فيقيل (3)، ألم تَرَ فُرَجاً تكون هناك فيها خلل و ليس فيها أحدٌ؟ فقلت : بلى جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: يجيىء بهم قد ضحّاهم حتّى يشعب بهم تلك الفرج (4)، فيقول الله تبارك و تعالى لا شريك له: عبدي رزقته من رزقي، فأخذ ذلك الرِّزق فأنفقه فضحّى به نفسه و عياله، ثمَّ جاء بهم حتّى شَعَبَ بهم هذه الفرجة التماس مغفرتي، أغفر له ذنبه، و أكفيه ما أهمّه، و أَرْزُقُه. قال سعيد مع أشياء قالها نحواً من عشرة (5)

45 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات في طريق مكّة ذاهباً أو جائياً، أمِنَ من الفزع الأكبر يوم القيامة (6)

46- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي المغرا، عن سَلَمَة بن مُحْرِز قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذ جاءه رجلٌ يقال له: أبو الورد، فقال لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رحمك الله، إنّك لو كنت أرحت بدنك من المحمل، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا

ص: 260


1- أورده مع حذف الإسناد الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 29.
2- مر برقم 22 من هذا الباب فراجع.
3- من القيلولة.
4- أي يسدّ بهم تلك الفُرَج بين جموع الحجيج.
5- الحديث صحيح.
6- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 14. و أورد مضمونه مع حذف الإسناد الصدوق، رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 100.

أبا الورد، إنّي أُحبُّ أن أشهد المنافع الّتي قال الله تبارك و تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ (1)، إنّه لا يشهدها أحدٌ إلّا نفعه الله، أمّا أنتم فترجعون مغفوراً لكم، و أمّا غيركم فَيُحْفَظون في أهاليهم و أموالهم.

47- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عبد الحميد، عن عبد الله بن جندب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان الرَّجل من شأنه الحجّ كلَّ سنة، ثمَّ تخلّف سنة فلم يخرج، قالت الملائكة الّذين على الأرض للّذين على الجبال: لقد فقدنا صوتَ فلان، فيقولون: اطلبوه، فيطلبونه فلا يصيبونه ، فيقولون: اللّهم إن كان حبسه دَيْنٌ فأدِّ عنه، أو مرضٌ،فاشفه، أو فقرٌ فأَغْنِه، أو حَبْسٌ ففرِّج عنه، أو فعلٌ فافعل به، و النّاس يدعون لأنفسهم و هُم يدعون لمن تخلّف (2)

48- أحمد، عن عمرو بن عثمان، عن عليِّ بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:کان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: يا معشر من لم يحجَّ، استبشروا بالحاجِّ و صافحوهم و عظّموهم، فإنَّ ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الأجر (3)

155- باب فرض الحج و العمرة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمسائل بعضها مع ابن بكير، و بعضها مع أبي العبّاس، فجاء الجواب بإملائه: سألت عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ (4) يعني به الحجَّ و العمرة جميعاً (5)، لأنّهما مفروضان، و سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (6) قال: يعني بتمامهما و اتّقاء ما يتّقي المحرم فيهما. و سألته عن قوله تعالى: ﴿الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ (7) ما يعني بالحجِّ الأكبر؟ فقال: الحجُّ الأكبر: الوقوف بعرفة و رميُ الجمار،

ص: 261


1- الحج/28. و المنافع جمع منفعة، و هي أعم من المنفعة الدنيوية و الأخروية. و كلها- بالنظر الدقيق- ترجع في الحقيقة إلى الأخروي من المنافع. و الحديث مجهول.
2- الحديث مرسل. و روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 38.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 97 بتفاوت مرسلاً. و الحديث هنا مجهول.
4- آل عمران/97.
5- أي حج التمتع، فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة.
6- البقرة/ 196.
7- التوبة/3. و صدر الآية: و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحجّ الأكبر ... و الآذان الإعلام. و في المقصود بالحج الأكبر ثلاثة أقوال: أحدها ما ذكر في المتن. الثاني: أنه يوم النحر. و الثالث: أنه جميع أيام الحج، كما يقال: يوم الجمل، و يوم صفين، أراد به الحين و الزمان، ذكرها الطبري في مجمع البيان 5 - 6/ص 5.

وَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ: الْعُمْرَةُ.

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن الفضل أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾؟ قال: هما مفروضان (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاجِ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ على الغنيِّ و الفقير؟ فقال : الحجّ على النّاس جميعاً كبارهم و صغارهم، فمن كان له عذر عَذَرَهُ

الله (2)

4- ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجِّ على من استطاع، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، و إنّما نزلت العمرة بالمدينة، قال: قلت له: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ﴾، أيجزىء ذلك عنه؟ قال:نعم (3)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجليِّ؛ و محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، جميعاً عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَةِ في كلِّ عام، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ : ﴿وَ لله عَلَى النَّاسِ حجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً * و مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾، قال: قلت: فمن لم يحجّ منّا فقد كفر؟ قال: لا، و لكن من قال: ليس هذا هكذا فقد كفر (4)

ص: 262


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 229. و في ذيله: مفروضتان. و المعنى: أنه حيث ورد الأمر بالاتيان بهما تامين فيدل على كونهما مفروضين.
2- بحمل على الأعم من الوجوب و الاستحباب كما هو الظاهر.
3- ويدل على إجزاء عمرة التمتع عن العمرة المفردة، و هو متفق عليه عندنا.
4- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 48. الاستبصار 2، 88- باب أن فرض الحج مرة واحدة أم هو ... ، ح 3. والجِدَة: وجود المال، و هو كناية عن الاستطاعة. و قال الفيض في الوافي: ﴿إنما لم يكفر تارك الحج، لأن الكفر راجع إلى الأعتقاد دون العمل، فقوله تعالى: و من كفر ... ، أي و من لم يعتقد فرضه، أو لم يبالِ بتركه، فإن عدم المبالاة يرجع الاعتقاد﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَة في كلِّ عام (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المملوك حجُّ و لا عمرة حتّى يُعْتَقَ (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي جرير القميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) قال: الحجُّ فرض على أهل الجِدَة في كلِّ عام (3)

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَة في كلِّ عام (4)

156- باب استطاعة الحج

1- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، قال: ما السّبيل؟ قال: أن يكون له ما يحجّ به، قال: قلت: من عرض عليه ما يحجُّ به فاستحيا من ذلك، أهو ممّن يستطيع إليه سبيلاً؟ قال: نعم، ما شأنه أن يستحيي، و لو يحجّ على

ص: 263


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ذيل ح 2. و سوف يكرره المصنف برقم 5 من الباب 184 من هذا الجزء. هذا و شرط الحرية إجماعي في وجوب الحج عند أصحابنا رضوان الله عليهم، يقول المحقق في الشرائع 1/ 225:﴿فلا يجب على المملوك و لو أذن له مولاه، و لو تكلّفه بإذنه صح حجّه لكن لا يجزيه عن حجة الإسلام، فإن أدرك الوقوف بالمشعر معتقاً أجزأه .... و إن أعتق بعد فوات الموقفين وجب عليه القضاء و لم يُجْزِه عن حجة الاسلام﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 47. الاستبصار 2، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و قد مر برقم 6 من هذا الباب. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث و أمثاله على أنه إنما وجب عليهم الحج في كل عام على طريق البدل، و لم يعنوا عليهم السلام وجوب ذلك عليهم في كل عام على طريق الجمع، و قال: و نظير هذا ما نقوله في وجوب الكفارات الثلاث من أنه متى لم يفعل واحدة منها فإنا نقول: إن كل واحدة منها لها صفة الوجوب فإذا فعل واحد. منها خرج الباقي عن ان يكون واجباً.

حمار أجدع أبتر، فإن كان يطيق أن يمشي بعضاً و يركب بعضاً فليحجّ (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعميِّ قال: سأل حفص الكناسيُّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا عنده- عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿و لله عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحاً في بدنه، مُخَلّى سِرْبُهُ، له زاد و راحلة، فهو ممّن يستطيع الحجَّ- أو (2) قال: ممّن كان له مال-، فقال له حفص الكناسيّ: فإذا كان صحيحاً في بدنه، مخلّى سِرْبُهُ، له زاد و راحلة، فلم يحجّ، فهو ممّن يستطيع الحجَّ؟ قال: نعم (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عنِ خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع الشامي (4)، قال : سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾؟ فقال: ما يقول النّاس؟ قال: فقيل له: الزَّاد و الرَّاحلة، قال: فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن هذا فقال: هَلَكَ النّاس إذاً، لئن كان من كان له زادٌ و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن النّاس، ينطلق إليه، فيسلبهم إيّاه، لقد هلكوا، فقيل له: فما السّبيل؟ قال: فقال: السّعة في المال، إذا كان يحجُّ ببعض و يبقي بعضاً يقوت به عياله، أليس قد فرض الله الزّكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مائتي درهم؟! (5)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي شيّعت أصحابي إلى القادسيّة، فقالوا لي: انطلق معنا و نقيم عليك ثلاثاً، فرجعت و ليس عندي نفقة، فيسّر الله و لحقتهم؟ قال:

ص: 264


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 3. الاستبصار 2، 81- باب ماهية الاستطاعة و أنها شرط في وجوب الحج، ح 3. بدون: أجدع، فيهما. و الأجدع: مقطوع الأنف و الشفة و الأذن و الأبتر: مقطوع الذنب، و لا بد من حمل الحديث على ما إذا لم يكن ركوب الحمار الأجدع الأبتر منافياً لمروّته و موجباً لهتك حرمته، إضافة إلى توفّر جميع ما يلزمه في حجّه مما لا يستطيعه هو و ألّا يكون في قبوله منّة عليه و إلّا لم يجب.
2- الترديد من الراوي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. و الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. بتفاوت يسير فيهما. و السِرْب: الطريق، و تخليته عبارة عن كونه آمنا سالكاً.
4- هو خليد (خالد) بن أوفى.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 1، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 144- باب استطاعة السبيل إلى الحج، ح 1. و قوله: فما السبيل؟ استفهام عن قوله تعالى: من استطاع إليه سبيلا. وجواب الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أن السبيل هو ذلك إنما اقتصر عليه لعله لوضوح باقي الشرائط في الاستطاعة، و هي العقل ، و تخلية السرب و الصحة و غير ذلك من الشرائط العقلية و الشرعية.

إنّه من كتب عليه في الوفد لم يستطع أن لا يحجَّ و إن كان فقيراً، و من لم يُكتب لم يستطع أن يحجَّ و إن كان غنيّاً صحيحاً.

5- محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجل من أهل القدر فقال: يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عزَّ و جلَّ : ﴿و لله عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ ، أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة؟ فقال: ويحَك، إنّما يعني بالاستطاعة الزَّاد و الرَّاحلة، ليس استطاعة البدن، فقال الرجل: أفليس إذا كان الزَّاد و الرَّاحلة، فهو مستطيع للحجَّ؟ فقال: ويحَك، ليس كما تظنُّ، قد ترى الرَّجل عنده المال الكثير، أكثر من الزَّاد و الرَّاحلة، فهو لا يحجُّ حتّى يأذن الله تعالى في ذلك (1)

157- باب من سَوَّفَ الحج و هو مستطيع

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تُجْحِف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَن کَانَ فِی هَذِهِ أَعْمَی فَهُوَ فِی الآخِرَةِ أَعْمَی وَ أَضَلُّ سَبِیلاً﴾ (3)؟ فقال: ذلك الّذي يسّوف (4) نفسه الحجّ- يعني حجّة الإسلام- حتّى يأتيه الموت (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن أبي جميلة، عن

ص: 265


1- الحديث ضعيف على المشهور. و أهل القدر: هم المفوضة، و عقيدتهم- عكس المجبّرة- هي أن لا دخالة لإرادة الله و مشيئته في أفعال العباد و إنما هي مفوّضة إليهم مقصورة على مشيئتهم و إرادتهم هم.
2- التهذيب 5، 2- باب كيفية لزوم فرض الحج من الزمان، ح 1. و كرره برقم 256 بزيادة في آخره و تفاوت يسير من الباب 26 من نفس الجزء. الفقيه 2، 170- باب تسويف الحج، ح 3. و سوف يكرر المصنف هذا الحديث برقم 5 من هذا الباب أيضاً. و تجحف به: أي تفقره.
3- الإسراء/72.
4- التسويف: التأخير.
5- روى بمعناه عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 170- باب تسويف الحج، ح 1.

زيد الشّحام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التاجر يسوِّف نفسه الحجَّ؟ قال: ليس له عذر، و إن مات فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أرأيت الرَّجل التّاجر ذا المال، حين يسوِّف الحجَّ كلَّ عام، و ليس يشغله عنه إلّا التّجارة أو الدَّين؟ فقال: لا عذر له يسوِّف الحجَّ، إن مات و قد ترك الحجَّ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام.

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (2)

5- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النّهديِّ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان، عن ذريح المحاربيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات و لم يحجَّ حجَّة الإسلام، لم تمنعه من ذلك حاجة تُجْحِف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً (3)

6- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من مات و هو صحيح موسر لم يحجَّ، فهو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ نَحْشُرُهُ یَوْمَ اَلْقِیامَةِ أَعْمی﴾ (4)؟ قال: قلت: سبحان الله، أعمى! قال: نعم، إنَّ الله عزَّ وَ جلَّ أعماه عن طريق الحقِّ (5)

158- باب من يخرج من مكة لا يريد العَوْدَ إليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيِّ، عن أبي

ص: 266


1- التهذيب 5، 2- باب كيفية لزوم فرض الحج من الزمان، ح 2. و روى بمعناه مع بعض الفاظه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 و أخرجه عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بتفاوت.
3- مر برقم (1) من هذا الباب.
4- طه/124.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت و سند آخر.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها، فقد اقترب أجَلُهُ و دنا عذابه (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن حسين بن عثمان عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها، فقد اقترب أَجَلُهُ و دنا عذابه (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ صلوات الله عليه يقول لولده: يا بنيَّ انظروا بيت ربّكم، فلا يَخْلُوَنَّ منكم فلا تناظروا (3)

159- باب أنه ليس في ترك الحج خيرة و أن من حبس عنه فَبِذَنْبِ

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن يونس بن عمران ابن ميثم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي: مالك لا تحجُّ في العام؟ فقلت: معاملة كانت بيني و بين قوم، و أشغال، و عسى أن يكون ذلك خيرة، فقال: لا و الله، ما فعل الله لك في ذلك من خيرة، ثمّ قال: ما حُبِسَ عبد عن هذا البيت إلا بذنب، و ما يعفو أكثر (4)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ليس في ترك الحجِّ خیرة.

160- باب أنه لو ترك الناس الحج لجاءهم العذاب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيِّ، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو ترك الناس الحجّ لما نوظروا العذاب، -أوا (5) قال: أنزل عليهم العذاب- (6)

ص: 267


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 191 و أخرجه عنه عن الحسن بن علي، عن محمد بن أبي حمزة، رفعه قال ... أي أخرجه مضمراً. و أشار إلى مضمونهما في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 64
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 191 و أخرجه عنه عن الحسن بن علي، عن محمد بن أبي حمزة، رفعه قال ... أي أخرجه مضمراً. و أشار إلى مضمونهما في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 64
3- فلا تناظروا: من الإنظار، و هو الإمهال. و الحديث صحيح.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 67 و أخرج ذيله مرسلاً بتفاوت يسير.
5- الترديد من الراوي.
6- الفقيه 2، 145- باب ترك الحج، ح 2 و روى ذيله بتفاوت مرسلاً.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: ذكرت لأبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) البيت، فقال: لو عطّلوه سنة واحدة لم يُنَاظروا (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول لولده: يا بنيَّ، انظروا بيت ربّكم فلا يخلونَّ منكم فلا تَنَاظروا (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يزال الدِّين قائماً ما قامت الكعبة (3)

161- باب نادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رجلاً استشارني في الحجِّ و كان ضعيف الحال، فأَشَرْتُ إليه أن لا يحجَّ، فقال: ما أخْلَقَكَ أن تمرض سنة، قال: فمرضتُ سنة (4)

162- باب الإِجْبار على الحج

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ؛ و هشام بن سالم؛ و معاوية بن عمّار؛ و غيرهم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ الناس تركوا الحجَّ، لكان

ص: 268


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. قوله: لم يناظروا، كناية عن إهلاكهم أو نزول العذاب بهم، أو لم يمهلوا.
2- مر برقم 3 من الباب 158 من هذا الجزء.
3- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 11. و معنى الحديث: إن ما دامت الكعبة قائمة فإن من الناس من يؤمها ليؤدي فريضة الحج و هو من أركان الإسلام الكبرى، و هو عبادة مالية و بدنية معاً، و بقاء هذه الفريضة يستبطن بقاء الإسلام و يضمن بقاء المسلمين كتلة واحدة يتمحورون حول بيت الله في الأرض. و في الحديث إشارة إلى قوله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ ...﴾ المائدة/97. أي سبباً لإصلاح أمورهم الدينية و الدنيوية.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 215. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 74. قوله: ما أخْلَقَكَ: أي ما أجدر بك.

على الوالي أن يجبرهم على ذلك، و على المقام عنده، و لو تركوا زيارة النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك، و على المقام عنده، فإن لم يكن لهم أموال، أنفق عليهم من بيت مال المسلمين (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو عطّل الناس الحجَّ لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحجِّ إن شاؤوا و إن أبوا، فإنَّ هذا البيت إنّما وُضِع للحجِّ.

163- باب إن من لم يُطِق الحج بِبَدَنِهِ جَهّزَ غيره

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ أنّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال لرجل كبير لم يحجَّ قطّ: إن شئتَ أن تجهّز رجلاً ثمَّ ابعثه أن يحجّ عنك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أمر شيخاً كبيراً لم يحجَّ قطّ، و لم يطق الحجّ لكِبَره، أن يجهّز رجلاً [أن] يحجَّ عنه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألته عن رجل مسلم حال بينه و بين الحجِّ مرض، أو أمر

ص: 269


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 178 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 146- باب الإجبار على الحج و على ...، ح 1. و في موضوع الإجبار هذا يوجد خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم، حيث جاء في مختلف العلامة: قال الشيخ: ﴿إذا ترك الناس الحج وجب على الإمام أن يجبرهم على ذلك، و كذلك إذا تركوا زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان عليه إجبارهم عليها أيضاً. و قال ابن إدريس: لا يجب الإجبار لأنها غير واجبة، واحتج الشيخ بأنه يستلزم الجفاء و هو محرّم﴾. هذا و قال المحقق في الشرائع 1/ 277: ﴿إذا ترك الناس زيارة النبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أجبروا عليها لما يتضمن من الجفاء المحرّم﴾.
2- روى الشيخ في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 38 عن موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن علياً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رأى شيخاً لم يحجّ قط و لم يطِق الحج من كِبَره فأمره أن يجهّز رجلاً فيحج عنه. و روى هذا أيضاً عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من یخرج فيها، ح 2.
3- انظر التخريج السابق.

يعذره الله فيه؟ فقال: عليه أن يُحِجَّ عنه من ماله صرورةً لا مال له (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ رجلاً أراد الحجَّ، فعرض له مرض، أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج، فليجهّز رجلاً من ماله ثمَّ ليبعثه مكانه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن كان رجلٌ موسر حال بينه و بين الحجِّ مرض أو أمر يعذره الله عزَّ و جلَّ فيه، فإنَّ عليه أن يُحِجَّ عنه صرورةً لا مال له (3)

164- باب ما يجزىء من حجة الإسلام و ما لا يجزىء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد جميعاً، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ رجلاً معسراً أحجّه رجلٌ، كانت له حجّة، فإن أيسر بعد كان عليه الحجُّ، و كذلك النّاصب إذا عَرَف فعليه الحجُّ و إن كان قد حجَّ (4)

ص: 270


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 39. و ظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الإسلام. ويدل على الوجوب مطلقاً سواء كان الاستقرار قبل طروء المانع أو بعده و مهما كان المانع. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. هذا و قد اشترط أصحابنا رضوان الله عليهم في وجوب الحج إمكان المسير إلى مكة و القيام بوظائفه فيها، و هو -كما يقول المحقق في الشرائع 227/1: ﴿يشتمل على الصحة و تخلية السرب، و الاستمساك على الراحلة، وسعة الوقت لقطع المسافة. فلو كان مريضاً بحيث يتضرر بالركوب لم يجب، و لا يسقط باعتبار المرض مع إمكان الركوب، و لو منعه عدو، أو كان معضوباً لا يستمسك على الراحلة، أو عُدِم المرافق مع اضطراره إليه، سقط الفرض. و هل يجب الاستنابة مع المانع من مرض أو عدّو؟ قيل: نعم، و هو المروي، وقيل : لا، فإن أحجّ نائباً و استمر المانع فلا قضاء، و إن زال و تمكن وجب عليه بِبَدَنِهِ، و لو مات بعد الاستقرار و لم يؤَدِّ قضي عنه. و لو كان لا يستمسك خلقةً، قيل: يسقط الفرض عن نفسه و ماله، وقيل: يلزمه الإستنابة، و الأول أشبه ...﴾.
3- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 1 بتفاوت قليل. التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج. ضمن ح 51.
4- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 22. و روى صدره في الاستبصار 2، 84- باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر هل ... ، ح 2. و روى ذيله في الاستبصار 2، 85- باب المخالف يحج ثم يستبصر هل ...، ح 3. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 4. هذا، و لأصحابنا رضوان الله عليهم قولان في حج المخالف إذا استبصر، قول بإجزائه و عدم وجوب الإعادة عليه بشرط أن لا يكون قد أخلّ بركن من أركانه على وفق مذهبنا لا مذهبه الذي كان عليه، و ذلك لصحة العبادة في نفسها بناءٌ على عدم اشتراط الإيمان بالمعنى الخاص فيها، أو لأن ما فعله يسقط ما في ذمته من واجب كإسلام الكافر. و قول بعدم الإجزاء، لاشتراط الإيمان المقتضي لفساد المشروط بدونه، و لوجود أخبار بهذا المعنى، و وجه الجمع بين القولين نظراً إلى الروايات الواردة هو حمل الروايات التي تنص على الإعادة في حال الاستبصار على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب.

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدَّة من أصحابنا، عن أَبَان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل لم يكن له مال، فحجَّ به أُناس من أصحابه، أقضى حجّة الإسلام؟ قال: نعم، فإذا أَيسر بعد ذلك فعليه أن يحجَّ، قلت: و هل تكون حجّته تلك تامّة أو ناقصة إذا لم يكن حجّ من ماله؟ قال: نعم، يقضي عنه حجّة الإسلام، و تكون تامّة و ليست بناقصة، و إن أيسر فليحجّ، قال: و سئل عن الرَّجل يكون له الإبل یكريها فيصيب عليها فيحجُّ و هو كريّ، تغني عنه حجّته، أو يكون يحمل التجارة إلى مكّة، فيحجُّ فيصيب المال في تجارته أو يضع (1)، أ تكون حجّته تامّة أو ناقصة، أو لا تكون حتّى يذهب به إلى الحجّ و لا ينوي غيره، أو يكون ينويهما جميعاً أ يقضي ذلك حجّته؟ قال: نعم، حجّته تامّة (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجِّ عن غيره، أيُجْزِيه ذلك من حجّة الإسلام؟ قال: نعم، قلت: حجّة الجمّال، تامّة أو ناقصة؟ قال: تامّة: قلت: حجّة الأجير تامّة أم ناقصة؟ قال: تامّة (3)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن رجل حجَّ و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر (4) ثمَّ منَّ الله عليه بمعرفته

ص: 271


1- من الوضيعة؛ أي يخسر في تجارته.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، 83- باب المعسر يحج به بعض إخوانه ثم أيسر هل ...، ح 1 و رویا صدر الحديث إلى قوله: و إن أيسر فليحج. هذا و المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً لو لا مخالفة الشيخ رحمه الله هنا، هو إجزاء الحج البذلي عن حجة الإسلام بحيث لو استطاع بعد ذلك لم يجب عليه أن يحجّ. و قد استند الشيخ فيما ذهب إليه إلى هذا الحديث و غيره في إيجاب الحج عليه ثانية لو استطاع.
3- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 19، الاستبصار 2، 84- باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر هل ... ح 3. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 3 إلى قوله: نعم. و روى ذيله في الفقيه 2، 149- باب حج الجمّال و الأجير، ح 1. و كرر صدره في التهذيب 5 برقم 242 من الباب 26 أيضاً قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم، محمول على ما إذا بقي من حج عن غيره على إعساره، و أما لو أيسر فيما بعد و استطاع و جبت عليه حجة الإسلام. قال المحقق في الشرائع 226/1: ﴿و لو كان عاجزاً عن الحج فحج عن غيره لم يُجْزِه عن فرضه و كان عليه الحج إن وجد الاستطاعة﴾. و قد علق صاحب الجواهر على هذا الكلام بقوله في كتابه 0271/17: لا خلاف أجده في شيء من ذلك، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه مضافاً إلى وضوح وجهه﴾.
4- أي التشيّع.

و الدُّينونة به، أعليه حجّة الإسلام، أم قد قضى؟ قال: قد قضى فريضة الله، و الحجُّ أحبُّ إليَّ؛ و عن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة، ناصب متديّن، ثمّ منَّ الله عليه فعرف هذا الأمر، أ يقضي عنه حجّة الإسلام أو عليه أن يحجَّ من قابل؟ قال: الحجُّ أحبُّ إليَّ (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار: قال: كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمدانيِّ إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي حججت و أنا مخالف و كنت صرورة، فدخلت متمتّعاً بالعمرة إلى الحجِّ؟ قال: فكتب إليه: أَعِدْ حجْك (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يمرُّ مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان، و طريقه بمكّة، فيدرك الناس و هم يخرجون إلى الحجِّ، فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزيه ذلك من حجّة الإسلام؟ قال: نعم(3)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يخرج في تجارة إلى مكّة، أو يكون له إبل فيكريها، حجّته ناقصة أم تامّة؟ قال: لا، بل حجّته تامّة (4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن شهاب ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعْتَقَ عشيّة عرفة عبداً له، أيجزىء عن العبد حجّة الإسلام؟ قال: نعم، قلت: فأُمُّ وَلَد أَحَجّها مولاها، أيجزىء عنها؟ قال: لا، قلت: أَلَهُ أجرٌ في حجّتها؟ قال: نعم؛ قال: و سألته عن ابن عشر سنين يحجُّ؟ قال عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، و كذلك الجارية عليها الحجّ إذا طمثت (5)

ص: 272


1- رواه بنفس السند هنا بزيادة بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... بتفاوت و زيادة في آخره في التهذيب 5 ،نفس الباب، ح 23. و رواه بعنوان المكاتبة كما هنا بتفاوت يسير برقم 25 من نفس الباب من التهذيب ايضاً. الاستبصار 2، 85- باب المخالف يحج ثم يستبصر هل ...، ح 4 بتفاوت، الفقيه 2، 151 -باب ما جاء في الحج قبل المعرفة، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الصرورة هو الذي يحج لأول مرة.
3- الفقيه 2، 152- باب ما جاء في حج المجتاز، ح 1. و الرواية مطلقة من حيث كونه مستطيعاً من بلده أو لا.
4- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج الى من يخرج فيها، ح 17.
5- روی صدره إلى قوله : نعم، في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 12. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 87 -باب المملوك يحج بإذن مولاه هل ...، ح 6 و فيهما: لها أجر ... ، و روى ذيله في التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. و كذلك هو في الاستبصار 2، 86- باب الصبي يحج ثم يبلغ هل تجب عليه حجة ... ، ح ا بتفاوت في الترتيب في الذيل. و روى صدره بتفاوت في الفقيه 2، 154- باب ما يجزىء عن المعتق عشية عرفة من ... ، ح 1. و روى ذيله عن صفوان عن اسحاق بن عمار عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 6 بتفاوت. هذا و مما اتفق عليه الأصحاب رضوان الله عليهم على أن من شرائط وجوب حجة الإسلام البلوغ و كمال العقل فلا يجب على الصبي و لا على المجنون، و لو حجّ الصبي او حُجّ عنه أو عن المجنون لم يُجز عن حجة الإسلام، و لو دخل الصبي المميز و المجنون في الحج ندباً ثم كمل كل واحد منهما و أدرك المشعر اجزأ عن حجة الإسلام. و إن تردد بعض أصحابنا في ذلك نظراً إلى وقوع أفعال الحج على غير جهة الوجوب و ذلك لا يجزىء عن الواجب.

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصبيّ، متى يُحْرَمُ به؟ قال: إذا اثْغَرَ (1)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في رجل خرج حاجّاً حجّة الإسلام، فمات في الطريق؟ فقال: إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام، و إن [كان] مات دون الحرم، فليقضِ عنه وليّه حجّة الإسلام (2)

11- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن بريد العجليِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل خرج حاجّاً، و معه جمل له و نفقة و زاد فمات في الطريق؟ قال: إن كان صرورة ثمَّ مات في الحرم، فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام، و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يُحرم، جعل جمله و زاده و نفقته و ما معه في حجّة الإسلام ، فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دَيْن؛ قلت: أرأيتَ إن كانت الحجّة تطوّعاً ثمَّ مات في الطريق قبل أن يُحرم، لمن يكون جَمَلُهُ و نفقته و ما معه؟ قال: يكون جميع ما معه و ما ترك للورثة، إلّا أن يكون عليه دَيْن فيقضي عنه، أو يكون أوصى بوصيّة فينفذ ذلك لمن أوصى له، و يجعل ذلك من ثُلُثِهِ (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام، أيجزيه ذلك عن حجة الإسلام؟ قال: نعم، قلت و إن حجَّ عن غيره، و لم يكن له مالٌ، و قد نذر أن يحجَّ ماشياً، أيجزىء ذلك

ص: 273


1- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 7. و أثْغَرَ الصبي: إذا ألقى أسنانه، فهو مثغور.
2- الفقيه 2، 160- باب الحاج يموت في الطريق، ح 1.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 62 و أسنده الى الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 160- باب الحاج يموت في الطريق، ح 2 بتفاوت.

عنه؟ قال: نعم (1)

13- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابنِ مسکان، عن عامر بن عميرة (2) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بلغني عنك أنّك قلت: لو أنَّ رجلاً مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، فَحَجَّ عنه بعض أهله، أجزء ذلك عنه؟ فقال: نعم، أشهد بها عن أبي أنّه حدَّثني أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أتاه رجل فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي مات و لم يحجَّ؟ فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): حجِّ عنه، فإنَّ ذلك يجزىء عنه (3)

14- عنه، عن صفوان، عن حكم بن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنسان هلك و لم يحجَّ و لم يوصِ بالحجِّ، فأحجَّ عنه بعضُ أهله رجلاً أو امرأة، هل يجزىء ذلك و يكون قضاء عنه، و يكون الحجّ لمن حجّ، و يؤجر من أحَجّ عنه؟ فقال: إن كان الحاجُّ غير صرورة أجزء عنهما جميعاً، و أُجِرَ الّذي أحَجَّه (4)

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يموت و لم يحجّ حجّة الإسلام، و لم يوصِ بها، أيُقْضى عنه؟ قال: نعم (5)

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل و المرأة يموتان و لم يحجّا، أيُقضى عنهما حجّة الإسلام؟ قال: نعم.

17- محمد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل مات و له ابن، لم یَدْر أحجَّ أبوه أم لا؟ قال: يحجُّ عنه، فإنْ كان أبوه قد حجَّ كُتب لأبيه نافلة و للابن فريضة، و إن كان أبوه لم يحجَّ، كُتب لأبيه فريضة و للابن نافلة (6)

ص: 274


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 61 بتفاوت یسير. و كان قد روى صدره الى قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم، (الأولى) برقم 35 من الباب (1) من التهذيب 5، و كرره برقم 1173 (تسلسل عام) من الجزء 8 من التهذيب. و كذلك كرر رواية صدره بسند آخر برقم 241 من الباب 26 من الجزء 5 من التهذيب و بتفاوت يسير.
2- في سند التهذيب: عمار بن عمير.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 53.
4- الحديث حسن، ويدل كسابقه على ان كل من حج عن ميت تبرأْ ذمة الميت لو كان قد تعلق بها وجوب الحج، بلا فرق بين ان يكون من حج عنه ولياً أو غيره، و لا بين من كان له مال و من لم يكن له، و هذا كله متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
5- الحديث صحيح، و مضمونه متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
6- الفقيه 2، 168- باب الرجل يموت و ما يدري ابنه هل حج أو لا، ح 1 بتفاوت قليل. ﴿قوله: فإن كان أبوه قد حج: لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به و ليس للولد مال غيره، فلو كان الأب قد حج يكون الابن مستطيعاً بهذا المال، و لو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن بحج بهذا المال ويردّد النية بين والده و نفسه، فإن لم يكن أبوه حج كان لأبيه مكان الفريضة و الّا فللابن فلا ينافي هذا وجوب الحج على الإبن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة﴾. مرآة المجلسي، 166/17.

18- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ عبداً حجَّ عَشْرَ حِجَجٍ، كانت عليه حجّة الإسلام أيضاً إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، و لو أنّ غلاماً حجَّ عَشْرَ حِجَج ثم احتلم، كانت عليه فريضة الإسلام، و لو أنَّ مملوكاً حجَّ عَشْرَ حِجَج ثمّ أُعتق، كانت عليه فريضة الإسلام إذا استطاع إليه سبيلاً (1)

165- باب من لم يحجّ بين خمس سنين

1- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن الوليد، عن أَبَان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مضت له خمس سنين فلم يَفِدْ إلى ربّه و هو موسر، إنّه لمحروم (2)

2- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن سنان، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله منادياً ينادي: أيُّ عبد أحسن الله إليه، و أوْسَعَ عليه في رزقه، فلم يَفِدْ إليه في كلِّ خمسة أعوام مرَّة ليطلب نوافله إنَّ ذلك لمحروم (3)

166- باب الرجل يستدين و يحجّ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي طالب، عن

ص: 275


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 15.و روى ذيله بتفاوت برقم 9 من نفس الباب، و رواه في الاستبصار 2، 86- باب الصبي يحج به ثم يبلغ هل تجب عليه حجة ... ، ضمن ح 2. و روى ذيله في الاستبصار 2، 87- باب المملوك يحج بإذن مولاه هل ... ، 3. و روى ذيله ايضاً في الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ح 3. والحديث ضعيف. و الظاهر أن العشر حجج للعبد إنما هي المندوبة بدون الاستطاعة.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 216. و الحديث موثق، ويدل على تأكد استحباب الحج كل خمس سنين للمستطيع.
3- روى بمعناه في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 31. و المقصود بنوافله سبحانه: زوائد رحمته تعالى. فالنافلة: الزائدة على الفريضة.

يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يحجُّ بدَيْن و قد حجَّ حجّة الإسلام، قال: نعم، إن الله سيقضي عنه إن شاء الله (1)

2- أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: هل يستقرض الرَّجل و يحجُّ إذا كان خلف ظهره ما يؤدِّي عنه إذا حدث به حَدَث؟ قال: نعم (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك ابن عتبة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل عليه دَيْنُ، يستقرض و يحجُّ؟ قال: إن كان له وجه في مال فلا بأس (3)

4- أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همّام قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يكون عليه الدَّين و يحضره الشيء، أيقضي دَيْنه أو يحجُّ؟ قال: يقضي ببعض و يحجُّ ببعض، قلت: فإنّه لا يكون إلّا بقدر نفقة الحجُّ؟ فقال: يقضي سنةً و يحجُّ سنةً، فقلت: أُعْطِيَ المالَ من ناحية السلطان؟ قال: لا بأس عليكم (4)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن غير واحد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يكون عليَّ الدَّين، فيقع في يدي الدَّراهم، فإن وزّعتها بينهم لم يبق شيء، أفأحجُّ بها، أو أُوزّعها بين الغُرّام؟ فقال: تحجّ بها، و ادْعُ الله أن عنك دَيْنَكَ (5)

6- أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقيِّ، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطيِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن الرَّجل يستقرض و يحجُّ؟ فقال: إن كان خلف ظهره مال إِن حَدَثَ به حَدَثُ أَدَّى عنه فلا بأس (6)

ص: 276


1- الفقيه 2، 156- باب الرجل يستدين للحج، و وجوب ... ، ح .1. و من الواضح أن الخبر وارد في الحج المندوب بالدَّين، و الّا إذا لم يكن له مال يستطيع أن يقضي منه دين الحج فيما بعد فلا وجوب عليه.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ح 182 بتفاوت. و كذا هو في الاستبصار 2، 227- باب هل يجوز أن يستدين الإنسان و ... ، ح 4. و كذلك هو في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 226/1: ﴿و لا يجب الإقتراض للحج، إلّا أن يكون له مال بقدر ما يحتاج إليه زيادة عما استثناه﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 181. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و أبو همّام: هو إسماعيل بن همّام البصريّ.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت و سند آخر. و المقصود بالضمير في قوله: بينهم، الغرماء أو الغُرّام. إن استغرب ابن الأثير في نهايته 366/4 هذا الجمع الأخير للغريم.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 182. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت.

167- باب الفضل (1) في نفقة الحج

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : لو أنَّ أحدكم إذا ربح الرِّبح أخذر منه الشيء فعزله فقال: هذا للحجِّ، و إذا ربح أخذ منه و قال: هذا للحجِّ، جاء إبّان الحجِّ و قد اجتمعت له نفقة، عزم الله فخرج (2) ، و لكن أحدكم يربح الرِّح فينفقه، فإذا جاء إبّان الحجِّ أراد أن يخرج ذلك من رأس ماله فيشقّ عليه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن شيخ رفع الحديث إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال له: يا فلان أقلِلْ النّفقة في الحجّ تَنْشَط للحجِّ، و لا تكثر النفقة في الحجّ فتملّ الحجَّ (3)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ربعيّ بن عبد الله قال : سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لَيَنْقَطِعُ ركابه في طريق مكّة، فيشدُّه بخوصَة (4) ليهوِّن الحجَّ على نفسه.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الهديّة من نفقة الحجِّ (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: هديّة الحجِّ من الحجِّ (6)

ص: 277


1- في مرآة العقول: عنونه المجلسي في الشرح بعنوان (القصد في نفقة الحج) و قال: القصد: رعاية الوسط بين الإسراف و التقتير.
2- ﴿قوله: عزم الله، إما برفع الجلالة، أي عزم الله له و وفقه للحج، أو بالنصب، أي قصد الله و التوجه إلى بيته﴾ مرآة المجلسي 170/17
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 184.
4- الخوصة: مفرد الخوص و هو سعف النخل.
5- الحديث ضعيف، ﴿و لعل المعنى أن ما يهدي إلى أهله و إخوانه بعد الرجوع من الحج له ثواب نفقة الحج، أو أنه ينبغى أن يحسب أولاً عند نفقة الحج الهدية أيضاً، أو لا يزيد في شراء الهدية على ما معه من النفقة، و لعل الكليني حمله على هذا المعنى، و الأول أظهر﴾. مرآة المجلسي 170/7.
6- الحديث مجهول.

168- باب أنه يستحب للرجل أن يكون متهيئاً للحج في كل وقت

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان عن عبد الله ابن المغيرة، عن حمّاد بن طلحة، عن عيسى بن أبي منصور قال: قال لي جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عيسى، إني أُحبُّ أن يراك الله عزَّ و جلَّ فيما بين الحجِّ إلى الحجِّ و أنت تتهيّا

للحجِّ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان؛ و محمد بن أبي حمزة، و غيرهما، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من اتّخذ محملاً للحجِّ كان كمن ربط فرساً في سبيل الله عزَّ و جلَّ (2)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن حمزة بن يعلى، عن بعض الكوفيّين، عن أحمد بن عائذ، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من رجع من مكّة و هو ينوي الحجَّ من قابل زِيدَ في عُمُره (3)

169- باب الرجل يُسْلِمُ فيحجّ قبل أن يَخْتَتِن

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يُسْلم فيريد أن يحجَّ و قد حضر الحجُّ، أيحجُّ أو يختتن؟ قال: لا يحجّ حتّى يختتن (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 278


1- الحديث مجهول.
2- أورد مضمونه مع حذف الإسناد الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، أول الباب.
3- ذكر نصّه مع حذف الإسناد في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 64.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 84. و كرره برقم 292 من الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 2، 134- باب ما جاء في طواف الأغلف، ح 2 بتفاوت يسير. هذا و اشتراط الطواف بالإختتان للرجل إجماعي لدى أصحابنا رضوان الله عليهم و ذلك مع إمكانه طبعاً، فلو تعذّر و ضاق الوقت سقط، و ما يقابل الختان في الرجل هو الخفض في الأنثى، و هو غير معتبر هنا فيها. و أما الخنثى فقد قيل باشتراطه فيه، كما قيل بعدمه من وجهين. و الختان في الأصل هو موضع القطع من آلة كل من الذكر و الأنثى و إن اختلفت التسمية بلحاظ كل منهما كما أشرنا إليه.

قال: لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة، فأمّا الرَّجل فلا يطوف إلّا و هو مختتن (1)

170- باب المرأة يمنعها زوجها من حجة الإسلام

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة لها زوج أبى أن يأذن لها أن تحجَّ، و لم تحجَّ حجّة الإسلام، فغاب زوجها عنها و قد نهاها أن تحجَّ؟ قال: لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام، فلتحجَّ إن شاءت (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة، تخرج مع غير وليّ؟ قال: لا بأس، فإن كان لها زوج أو ابن [أو] أخ قادرين على أن يخرجا معها و ليس لها سعة، فلا ينبغي لها أن تقعد، و لا ينبغي لهم أن يمنعوها (3)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أَبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة لها زوج، و هي صرورة، لا يأذن لها في الحجِّ؟ قال: تحجُّ و إن لم يأذن لها (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تريد الحجَّ ليس معها مَحْرَمٌ، هل يصلح لها الحجّ؟ فقال: نعم، إذا كانت مأمونة (5)

ص: 279


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 86 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير أيضاً.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 37 بتفاوت و سند آخر عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كرره برقم 317 من نفس الباب بتفاوت يسير و سند آخر أيضا و أخرجه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). بتفاوت متناً و سنداً. هذا و يقول المحقق في الشرائع 229/1: ﴿و لا يصح حجها تطوعاً إلا بإذن زوجها، و لها ذلك في الواجب كيف كان، و كذا لو كانت في عدّة رجعية (في عدم صحة حجها المندوب إلا بإذنه دون الواجب)، و في البائنة لها المبادرة من دون إذنه﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42 بتفاوت و زيادة في آخره. و قوله: ليس لها سعة: أي لا تقدر على الإنفاق عليهم. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ليس لهم أن يمنعوها: أي عن الخروج إلى الحج وحدها.
4- الفقيه 2، 157- باب ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة... ، ح 1.
5- الفقيه 2، 158- باب حج المرأة مع غير محرم أو ولي، ح 2. قوله: إذا كانت مأمونة: أي موثوقاً من أنها لن تقع في حرام او انها هي تكون واثقة من نفسها و أنها لن تقع فيه، و الظاهر أن هذا الحكم إجماعي بين أصحابنا، قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿لا يشترط في المرأة مصاحبة المحرم و هو هنا الزوج أو من يحرم نكاحه عليها مؤبداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة و إن لم يكن مسلماً إن لم يستحل المحارم كالمجوسي و يكفي ظن السلامة بل عدم الخوف على البضع أو العرض بتركه و إن لم يحصل الظن بها عملاً بظاهر النص ...﴾.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة الحرَّة، تحجُّ إلى مكّة بغير وليّ؟ فقال: لا بأس، تخرج مع قوم ثقات (1)

171- باب القول عند الخروج من بيته و فضل الصدقة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما استخلف رجلٌ على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر يقول: اللّهمَّ إنّي أستودعك نفسي، و أهلي، و مالي، و ذُرِّيَّتي، و دنياي و آخرتي، و أمانتي، و خاتمة عملي، إلّا أعطاه الله ما سأل (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحارث بن محمد الأحول، عن بريد بن معاوية العجليِّ قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أراد سفراً، جمع عياله في بيت ثمَّ قال: اللّهمَّ إني أستودعك الغداةَ نفسي و مالي و أهلي و ولدي الشاهدَ منّا و الغائبَ، اللّهمَّ احفظنا و احفظ علينا، اللّهمَّ اجعلنا في جوارك، اللّهمَّ لا تسلبنا نعمتك و لا تغيّر ما بنا من عافيتك و فضلك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُكره السفر في شيء من الأيّام المكروهة؛ الأربعاء و غيره؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة و اقرأ آية الكرسي إذا بدا لك (3)

ص: 280


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت قليل.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 15 تفاوت يسير. الفقيه 2، 71- باب ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج، ح 1 بتفاوت يسير، و نبّه على أن ذلك سيأتي في أول باب سياق المناسك من كتابه. و كان شيخنا الكليني رضوان الله عليه قد ذكر هذا الحديث برقم (1) من الباب 263 من الجزء الأول من الفروع. كما كان الشيخ رحمه الله قد أورده برقم(5) من الباب (31) من الجزء 3 من التهذيب. و السكوني هو إسماعيل بن أبي زياد.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 69- باب إفتتاح السفر بالصدقة، ح 2 بزيادة في آخره.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تصدَّق و اخرج أيَّ يوم شئت (1)

172- باب القول إذا خرج الرجل من بيته

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم قال: حدَّثنا صباح الحذَّاء قال: سمعت موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو كان الرَّجل منكم إذا أراد السفر، قام على باب داره تلقاء وجهه الّذي يتوجّه له، فقرأ فاتحة الكتاب أَمامه و عن يمينه و عن شماله، و آية الكرسيّ أمامه و عن يمينه و عن شماله، ثمَّ قال: اللّهمَّ احفظني و احفظ ما معي، و سلّمني و سلّم ما معي ، و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن، لحفظه الله و حفظ ما معه ، و سلّمه و سلّم ما معه، و بلّغه و بلّغ ما معه، قال: ثمَّ قال: يا صباح، أَمَا رأيت الرَّجل يُحفظ و لا يُحفظ ما معه، و يَسْلَم و لا يَسْلَم ما معه، و يَبْلُغُ و لا يبلغ ما معه؟ قلت: بلى جُعِلْتُ فِداك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرجت من بيتك تريد الحجَّ و العمرة إن شاء الله، فادعُ دعاء الفرج و هو: لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العليُّ العظيم، سبحان الله ربِّ السماوات السبع و ربِّ الأرضين السبع و ربِّ العرش العظيم، و الحمد الله ربِّ العالمين، ثمَّ قل: اللّهمَّ كن لي جاراً (3) من كلِّ جبّار عنيد، و من كلِّ شيطان مريد، ثمَّ قل: بسم الله دخلتُ، و بسم الله خرجتُ، و في سبيل الله، اللّهمَّ إنّي أُقدِّم بين يدي نسياني و عجلتي بسم الله و ما شاء الله في سفري هذا ذكرته أو نسيته، اللّهمَّ أنت المستعان على الأُمور كلّها، و أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل، اللّهمَّ هوِّن علينا سفرنا، واطْوِ (4) لنا الأرض، و سيّرنا فيها بطاعتك و طاعة

ص: 281


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. ويدل الحديث- و هو صحيح- على استحباب الصدقة عند الخروج إلى السفر و أنها تدفع نحوسة الأيام و الساعات.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 16. الفقيه 2، 72- باب ما يستحب للمسافرين من الدعاء عند خروجه في السفر، ح 1. و كان شيخنا الكليني رحمه الله قد أورد هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله، ح 9 و 11.
3- أي مجيراً.
4- إما أن الطيّ على نحو الحقيقة، أو أنه كناية عن سرعة السير و يسره.

رسولك، اللّهم أصلح لنا ظَهْرَنا (1)، و بارك لنا فيما رزقتنا، و قنا عذاب النار، اللّهمَّ إني أعوذ بك من وَعْثاء (2) السفر، و كآبة (3) المنقلَب، و سوء المنظر في الأهل و المال و الولد، اللّهمَّ أنت عَضُدي و ناصري، بك أحِلُّ و بك أسير، اللّهمَّ إنّي أسألك في سفري هذا السرور و العمل بما يرضيك عنّي، اللّهمَّ اقطع عنّي بُعْدَه، و مشقّته و أصحبني فيه، و اخلفني في أهلي بخير، و لا حول و لا قوَّة إلّا بالله، اللّهمَّ إني عبدك و هذا حُملانك (4)، و الوجه وجهك (5)، و السفر إليك، و قد اطّلعتَ على ما لم يطّلع عليه أحدٌ، فاجعل سفري هذا كفّارة لما قبله من ذنوبي، و كن عوناً لي عليه، و اكفني و عثه و مشقّته، و لقّنّي من القول و العمل رضاك، فإنّما أنا عبدك و بك و لك، فإذا جعلت رجلك في الرِّكاب فقل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بسم الله و الله أكبر، فإذا استويت على راحلتك و استوى بك محملك فقل: الحمد لله الّذي هدانا للإسلام، و علّمنا القرآن، و منَّ علينا بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، سبحان الله، سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مُقْرِنِينَ (6)، و إنّا إلى ربّنا لمنقلبون و الحمد لله ربِّ العالمين، اللّهمَّ أنت الحامل على الظهر، و المستعان على الأمر، اللّهمَّ بلّغنا بلاغاً يبلغ إلى خير، بلاغاً يبلغ إلى مغفرتك و رضوانك، اللّهمَّ لا طَيْرَ إلّا طيرك (7)، و لا خير إلّا خيرك ، و لا حافظ غيرك (8)

173- باب الوصيّة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: ما يُعْبَاُ من يومُّ هذا البيت إذا لم يكن فيه

ص: 282


1- استعارة للدابة أو الراحلة.
2- الوعثاء: المشقة.
3- الكآبة: الغم، و سوء الحال، و الإنكسار من حزن. و كآبة المنقلب: أي الرجوع من السفر بأمر يحزنه إما حصل له في سفره، أو وجده بعد رجوعه من فقد عزيز أو مرض قريب أو فقدان مال ... الخ.
4- الحُملان: مصدر حمل يحمل، و المقصود بها الدواب التي تحمله و وفّق لركوبها .
5- أي جهة أمرت بالتوجه إليها و قضيته.
6- أي مطيقين.
7- ﴿أي لا تأثير للطيرة إلا طيرتك، أي ما قدّرت لكل أحد، فأطلق عليه الطيرة على المشاكلة، أو لا شريعتدّ به إلّا شر ينشأ منك، أي عذابك، على سياق الفقرة اللاحقة، أو ما ينبغي أن يحترز عنه هو ما نهيت عنه مما يتطير به الناس﴾ مرآة المجلسي 178/17- 179.
8- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 17 بتفاوت قليل.

ثلاث خصال: خُلُق يخالق به من صحبه، أو حِلْمٌ يملك به من غضبه، أو ورع يحجزه عن محارم الله (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما يعباُ من يسلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، و حِلْم يملك به غضبه، و حسن الصحبة لمن صحبه.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حُسْن خُلُقك، و كفَّ لسانك،و اكظم غيظك، و أقلَّ لَغْوَك، و تفرش عفوك، و تسخو نفسك.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن حفص، عن أبي الرّبيع الشاميّ قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و البيت غاصّ بأهله، فقال: ليس منّا من لم يُحْسِنْ صحبة من صَحِبَه، و مرافقة من رافقه، و ممالحة من مالحه، و مخالفة من خالقه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الرَّفيق ثمَّ السفر. و قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): لا تصحبنَّ في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه، كما ترى له عليك (3)

6- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان (4)، عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 283


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 195 بتفاوت يسير و اختلاف في بَعض السند ما قبل الجمّال. الفقيه 2، 75- باب ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة و ... ، ح 2 بتفاوت. و قوله: ما يُعْبَاُ ... : أي لا يبالي الله به و لا يلطف، أو لا يعتنى بشأنه.
2- الفقيه 2، 75- باب ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة و... ، ح 1 و الممالحة: كناية عن المؤاكلة. و المخالفة: المعاشرة بخلق حسن.
3- روى صدر الحديث في الفقيه 2، 79- باب الرفقاء في السفر و وجوب حق ... ، ح 1. و أخرجه عن السكوني بإسناده قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و أورد ذيله مرسلاً برقم 3 من نفس الباب. و الحديث هنا ضعيف على المشهور. و معنى الحديث: لا تصحب من الناس من كان مصاباً بالغطرسة و الغرور و التكبّر بحيث يدفعه ذلك إلى اعتقاده الفضل عليك بمصاحبته لك و إن ذلك إحساناً منه إليك. بل أصحب من الناس المماثل لك و الذي لا يرى لنفسه ميزة بل يبادلك الإحترام بالاحترام و يواسيك في نفسه و ماله.
4- المشهور هو رواية حماد بن عيسى عن حريز . و الله العالم.

قال: إذا صحبت فاصحب نَحْوَك، و لا تصحبنّ من يكفيك، فإنَّ ذلك مذلّة للمؤمن (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن شهاب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد عرفتَ حالي وسعة بدي و توسّعي على إخواني، فأَصحبُ [ا] لنفر منهم في طريق مكّة فأتوسّع عليهم؟ قال: لا تفعل يا شهاب، إن بسطت و بسطوا أجحفت بهم، و إن أمسكوا أذللتهم، فأصحب نظراءَك (2)

8- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يخرج الرَّجل مع قوم مياسير و هو أقلّهم شيئاً، فيُخرج القوم النفقة و لا يقدر هو أن يُخرج مثل ما أخرجوا؟ فقال: ما أحبُّ أن يذلَّ نفسه، ليخرج مع من هو مثله (3)

174- باب الدعاء في الطريق

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: صحبت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو متوجّه إلى مكّة، فلمّا صلّى قال: اللّهمَّ خلِّ سبيلنا، و أحسن تسييرنا، و أحسن عافيتنا، و كلّما صعد أكَمَةً (4)قال: اللّهمَّ لك الشرف على کلِّ شرف (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في سفره إذا هبط سبّح، و إذا صعد كبّر (6)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن قاسم الصيرفيِّ، عن حفص بن

ص: 284


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نحوَك: أي نظيرك و مثلك و من في مستواك المادي أو مطلقاً.
2- الفقيه 2، 79- باب الرفقاء في السفر و وجوب...، ح 6. بتفاوت يسير. وسعة اليد: كناية عن الثراء و كثرة المال. و النُظَراء: المماثلون المساوون مادياً و معنوياً، أو في أحدهما. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الأكمة: المرتفع من الأرض.
5- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لك الشرف ... الخ: أي لك العلوّ و الرفعة فوق كل ذي رفعة و علوّ.
6- الفقيه 2، 74- باب ذكر الله عزَّ و جلَّ و الدعاء في المسير، ح 1.

القاسم (1) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ على ذروة كلِّ جسر شيطاناً، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله، يرحل عنك (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أَبَان بن عثمان، عن عيسى بن عبد الله القميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قل: اللّهمَّ إنّي أسألك لنفسي اليقين و العفو و العافية في الدُّنيا و الآخرة، اللّهمَّ أنت ثقتي و أنت رجائي، و أنت عُضَدي، و أنت ناصري، بك أحِلُّ و بك أسير. قال: و من يخرج في سفر وحده فليقل: ما شاء الله لا قوَّة إلّا بالله، اللّهمَّ آنِسْ وحشتي، و أعِنِّي على وحدتي، وأدِّ غيبتي (3)

5- أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن حمّاد، عن رجل، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرجت في سفر فقل: اللّهمَّ إنّي خرجت في وجهی هذا بلا ثقة منّي بغيرك، و لا رجاء آوي إليه إلّا إليك، و لا قوَّة أتّكل عليها، و لا حيلة ألجأ إليها إلّا طلب فضلك، و ابتغاء رزقك، و تعرُّضاً لرحمتك، و سكوناً إلى حسن عادتك (4)، و أنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا ممّا أُحبُّ أو أكره، فإنّما أوقعت عليه يا ربِّ من قدرك، فمحمود فيه بلاؤك، و مُنتَصَح (5) عندي فيه قضاؤك، و أنت تمحو ما تشاء و تُثبت و عندك أُمُّ الكتاب، اللّهمَّ فاصرف عنّي مقادير كلِّ بلاء، و مَقْضيَّ كلِّ لأْوَاء (6)، وابسط عليَّ كَنَفَاً (7) من رحمتك، و لطفاً من عفوك، وسعةً من رزقك، و تماماً من نعمتك، و جَماعاً من معافاتك، و أوقع عليَّ فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي، و ادفع ما أحذر فيه و ما لا أحذر على نفسي و ديني و مالي ممّا أنت أعلم به منّي، و اجعل ذلك خيراً لآخرتي و دنياي، مع ما أسألك يا ربِّ أن تحفظني فيمن خلّفت ورائي من ولدي و أهلي و مالي و معيشتي و حزانتي (8)، و قرابتي، و إخواني، بأحسن ما خلّفت به غائباً من المؤمنين، في تحصين كلِّ عورة، و حفظ من

ص: 285


1- في الفقيه: جعفر بن القاسم.
2- الفقيه 2، 106- باب النوادر، ح 5. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 77- باب ما يقوله من خرج وحده في سفره، ح 1. و أخرج ذيله فقط بتفاوت عن بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث حسن أو موثق.
4- أي ما عودتني إياه من فضلك و رحمتك و إحسانك. و في مصباح الزائر- كما ينقل المجلسي- :عائدتك، بدل: عادتك، و العائدة الصلة و المعروف و اللطف.
5- مُنْتَصَح: أي خالص عن الغش، و هو مبالغة في النصح.
6- اللأواء: الشدّة.
7- الكَنَف: الجانب و الحرز و الستر و الناحية.
8- في القاموس: حزانتك: عيالك الذين تَتَحَزَّن لأمرهم.

كلِّ مضيعة (1)، و تمام كلِّ نعمة، و كفاية كلِّ مكروه، و ستر كلِّ سيّئة، و صرف كلِّ محذور، و كمال كلِّ ما يجمع لي الرّضا و السرور في جميع أُموري، و افعل ذلك بي بحقِّ محمد و آل محمد، و صلّ على محمد و آل محمد، و السلام عليه و عليهم و رحمة الله وبرکاته (2)

175- باب أَشْهُرِ الحَجّ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهرٌ معلومات، شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجّة ليس لأحد أن يحجَّ فيما سواهنَّ (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِیهنَّ الْحَجَّ﴾ (4)، و الفرض: التلبية و الإشعار و التقليد، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحجّ، و لا يفرض الحجُّ إلّا في هذه الشهور الّتي قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾، و هن شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجة (5)

3- عليُّ بن إبراهيم بإسناده قال: أشهر الحجِّ: شوَّال و ذو القعدة و عَشْرٌ (6) من ذي

ص: 286


1- المضيعة: الضياع.
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 1 بتفاوت في الذيل يسير و زيادة في آخره. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 1 و هو كما في التهذيب. الفقيه 2، 175- باب أشهر الحج و ... ، ح 1 بتفاوت في الذيل و أخرجه عن أبان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- البقرة/197.
5- رواه بتفاوت في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ، ح 196. هذا و يقول العلامة في التحرير: للشيخ أقوال في أشهر الحج، ففي النهاية: شوال و ذو القعدة و ذو الحجة. و في المبسوط: شوال و ذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة. و في الخلاف: إلى طلوع الفجر، و في الجمل: و تسعة من ذي الحجة ... الخ. أقول: و ظاهر الخبر هنا- كسابقه- على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج، فهذه الأشهر هي التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها دون غيرها.
6- هذا محمول على وقت إدراك الحج، حيث يمكن أن يدرك بإدراك الوقوف الإختياري في المشعر الحرام يوم العاشر من ذي الحجة أو اضطراريّه على قول، و عليه فيكون إطلاق الأشهر هنا مجازي من باب إطلاق الكل و إرادة الجزء.

الحجّة، و أشهر السياحة (1): عشرون من ذي الحجّة، و المحرَّم و صفر و شهر ربيع الأوَّل و عشر من شهر ربيع الآخر.

176- باب الحج الأكبر و الأصغر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن يوم الحجِّ الأكبر؟ فقال: هو يوم النّحر، و الحجُّ الأصغر: العُمْرَة (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ الأكبر يوم النّحر.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عليُّ بن محمد القاسانيُّ، جميعاً عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجّ الأكبر (3)، فإنَّ ابن عبّاس كان يقول: يوم عرفة؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ الأكبر يوم النحر، و يحتجُّ بقوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَسِیحُواْ فِی الاَرْضِ اَرْبَعَةَ اَشْهُرٍ﴾، و هي عشرون من ذي الحجّة، و المحرّم و صفر، و شهر ربيع الأوّل، و عَشْرٌ من ربيع الآخر، و لو كان الحجُّ الأكبر يوم عرفة، لكان أربعة أشهر و يوماً.

177- باب أصناف الحجّ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الحجُّ ثلاثة أصناف، حجُّ مفرد، و قِران و تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، و بها أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الفضل فيها، و لا نأمر الناس إلّا بها (4)

ص: 287


1- أشهر السياحة: هي الأشهر الأربعة التي ورد ذكرها في أول سورة براءة و التي أمر الله المشركين أن يترددوا فيها في الأرض غادين ورائحين آمنين من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه، بعد أن أمر نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن ينبذ إليهم عهودهم و أبلغ ذلك إليهم بواسطة أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم النحر
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 217. الفقيه 2، 198- باب الحج الأكبر و الحج الأصغر، ح 1. و المقصود بالحج الأكبر يومه، و قد ذكر في الآية 3 من سورة التوبة.
3- أي يومه.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 1. الاستبصار 2، 90- باب إن التمتع فرض من نأى عن الحرم. و لا ... ، ح 12. و حصر ضروب الحج في هذه الثلاثة مما أجمع على تشريعه المسلمون كافة، و إنكار عمر للضرب الثالث منه لا یقدح في ذلك.

2- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن منصور الصيّقل قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ عندنا على ثلاثة أوْجُه: حاجٌّ متمتّع، و حاجُّ مفرِدٌ سائقٌ للهدي و حاجٌّ مفرِدٌ للحجِّ (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ أنواع الحجِّ أفضل؟ فقال: التّمتّع، و كيف يكون شيء أفضلَ منه و رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: لو استقبلتُ من أمري ما استدبَرْتُ لفعلتُ مثلَ ما فعل النّاس (2)؟!.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما نعلم حجّاً لله غيرَ المتعة، إنّا إذا لَقِينا ربّنا قلنا: ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك، و يقول القوم: عملنا برأينا، فيجلعنا الله و إيّاهم حيث يشاء (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أفضل من المفرِد السّائقِ للهَدْي، و كان يقول: ليس يدخل الحاجّ بشيء أفضل من المتعة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من حجّ فليتمتّع، إنّا لا نعدِلُ بكتاب الله عزَّ و جلَّ و سُنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (4)

ص: 288


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحج، ح 1 بتفاوت. هذا و التمتع: أصله التلذذ سمّي حج التمتع به ﴿لما يتخلل بين عمرته و حجّه من التحلل الموجب لجواز الإنتفاع و التلذذ بما كان قد حرّمه الإحرام مع ارتباط عمرته بحجّه حتى أنهما كالشيء الواحد شرعاً، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل بالحج ...﴾ و هو -أي حج التمتع- فرض من بَعُدَ عن مكة ثمانية و أربعين ميلاً من كل جانب. و أما حج القرآن و حج الإفراد فهما فرض من نقص بُعْدُه عن تلك المسافة، و يشترك كل من حج القِران و الإفراد بتأخير العمرة عن أفعال الحج، كما له أن يوقع عمرته في غير أشهر الحج، و يتميز القارن عن المفرد بسياق الهدي عند إحرامه، و إلا فهما في الشروط و الأفعال سواء.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18 بتفاوت يسير في الذيل. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 17، و أورده برقم 15 من نفس الباب أيضاً. الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير. و أبو أيوب، هو إبراهيم بن عيسى، و في الفقيه: إبراهيم بن عثمان.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. و أخرجاه عنه، عن علي، عن فضالة، عن أبی المعزا، عن ليث المراديّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)....
4- التهذيب 5، 4 - باب ضروب الحج، ح 11. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ...، ح 8. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا نعدل بكتاب الله و ...، يعني: لا نجعل لهما عِدلاً فنخالفهما إليه، أو لا نرى لهما مساوياً و معادلاً.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم؛ و ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ بعض الناس يقول: جرِّد الحجَّ، و بعض الناس يقول: أَقْرِن و سُقّ، و بعض الناس يقول: تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال: لو حججتُ ألف عام لم أقرنها إلّا متمتّعاً (1)

8 - أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد قال: كتب إليه عليُّ بن ميسّر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان، ثمَّ حضر له الموسم، أيحجُّ مفرِداً للحجِّ أو يتمتّع، أيّهما أفضل؟ فكتب إليه: يتمتّع أفضل (2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجِّ؟ فقال: تمتّع، ثمَّ قال: إنّا إذا وقفنا بين يدي الله عزَّ و جلَّ قلنا: يا ربِّ أخذنا بكتابك و سُنّة نبّيك، و قال الناس: رَأَيْنا برَأْيِنا (3)

10- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتعة - والله- أفضل، و بها نزل القرآن، و جَرَت السُنّة (4)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في السنة الّتي حجَّ فيها، و ذلك في سنة اثنتي عشرة و مائتين،فقلت : جُعِلْتُ فِداك، بأيِّ شيء دخلتَ مكّة، مفرِداً أو متمتِّعاً؟ فقال: متمتّعاً، فقلت له: أيّما أفضل، المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أو من أفرد و ساق الهَدْي؟ فقال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (5) يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أفضل من المفرِد السائق للهدي، و كان يقول: ليس يدخل الحاجُّ بشيء أفضل من المتعة. (6)

ص: 289


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16 بتفاوت، و فيه: ألفي عام ... ، بدل : ألف عام ... ، وفيه: ما قدمتها ... ، و هو أدقّ و أصح.
2- الفقيه 2، 110- باب وجوه الحاج، ح 7 بتفاوت يسير، و صرّح فيه بأن المكتوب إليه هو أبو جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بزيادة في آخره و تفاوت في الذيل يسير. و قوله: رأينا برأينا: أي اجتهدنا من دون الرجوع إلى أهل العلم، أو عملنا بالرأي و الاستحسان و الهوى. و أخرجه بنفس رواية التهذيب في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 14 . الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت.
5- يعني الإمام الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و عليه فأبو جعفر المذكور أولاً هو الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 18. و قوله: أيّما: أي أيّهما.

12- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن عبد الملك بن عمرو أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن التمتّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال: تمتّع، قال: فقضی أنّه (1) أفرد الحجِّ في ذلك العام أو بعده فقلت: أصلحك الله ، سألتك فأمرتني بالتمتّع، و أراك قد أفردتَ الحجَّ العامَ؟ فقال: أما و الله إنَّ الفضل لفي الّذي أمرتك به، و لكنّي ضعيف فَشَقَّ عليَّ طوافان بين الصفا و المروة، فلذلك أفردتُ الحجَّ (2)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن عمّه عبيد الله [أنّه] قال: سأل رجل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضر- فقال: إنّي اعتمرت في الحُرُم، و قدِمْتُ الآن متمتّعاً، فسمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول: نِعْمَ ما صنعت، إنّا لا نعدل بكتاب الله عزَّ و جلَّ و سنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإذا بعثنا ربّنا أو (3) وردنا على ربّنا قلنا: يا ربِّ، أخذنا بكتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قال الناس: رَأَيْنا رَأْيَنا، فصنع الله عزَّ و جلَّ بنا و بهم ما شاء (4)

14- أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن دُرُست، عن محمد بن الفضل الهاشميِّ قال: دخلت مع إخوتي على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلنا: إنّا نريد الحجِّ، و بعضنا صَرورة؟ فقال: عليكم بالتمتّع فإنّا لا نتّقي في التمتّع بالعمرة إلى الحجَّ سلطاناً، و اجتنابِ المسكر، و المسحِ على الخُفّين (5)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي اعتمرت في رجب، و أنا أُريد الحجَّ، أفأسوق الهدي و أُفرِدُ الحجَّ، أو أتمتّع؟ فقال : في كلِّ فضلٌ، و كلُ حسن، قلت: فأيُّ ذلك أفضل؟ فقال: تمتّع، هو و اللهِ أفضل، ثمَّ قال: إنَّ أهل مكّة يقولون: إنَّ عمرته عراقيّة و حجّته مكّيّة، كذبوا ، أَوَ لَيس هو مرتبطاً بحجَّهِ لا يخرج حتّى يقضيه؟!، ثمَّ قال: إنّي كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب

ص: 290


1- الضمير يرجع إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 13. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ... ، ح 10 و في الذيل فيهما زيادة كلمة: العامَ.
3- الترديد من الراوي.
4- الحديث صحيح. و قوله: في الحُرُم: أي في الأشهر الحُرُم.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحاجّ، ح 11 و في سنده: محمد بن الفضيل الهاشميّ. و في التهذيبين: فبعضنا، بدل و بعضنا و الصرورة؛ هو الذي يحجّ لأول مرّة.

فتقول أُمُّ فروة (1): أي أَبَه! إنَّ عمرتنا شعبانيّة، و أقول لها: أي بُنَيّة، إنّها فيما أهللت و ليست فيما أحللت (2)

16- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لم يكن معه هَدْيٌ و أَفْرَدَ رغبةً عن المتعة، فقد رغب عن دين الله عزَّ و جلَّ (3)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّهم يقولون في حجة المتمتّع: حجّته مكيّة و عمرته عراقيّة، فقال: كذبوا، أو ليس هو مرتبطاً بحجتّه لا يخرج منها حتّى يقضي حجّته.

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن عبد الملك أَعْيَن قال: حجَّ جماعة من أصحابنا، فلمّا قدموا المدينة، دخلوا على أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقالوا: إنَّ زرارة أمرنا أن نُهِلَّ بالحجِّ إذا أحرمنا، فقال لهم: تمتّعوا، فلمّا خرجوا من عنده، دخلتُ (4) عليه فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة ليَأتينَّ الكوفة و ليُصبحنَّ بها كذّاباً، فقال: ردَّهم، فدخلوا عليه فقال: صدق زرارة، ثمَّ قال: أَمَا و الله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحدٌ منّي (5)

ص: 291


1- أم فروة كنية لأم الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هي بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. و لكن الظاهر أنها هنا كانت ابنته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كانت أيضاً تكنى بهذه الكنية.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 23. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ... ، ح 20. و فيهما بتفاوت بزيادة إلى قوله: حتى يقضيه. و قد دل ذيل الحديث على أن المدار على الإهلال لا على الإحلال، و لما أهل بعمرته من الميقات و كانت العمرة داخلة في الحج و مرتبطة به حيث ذكره معها عند إهلاله بها، كان كأنه أحرم بالحج من الميقات أيضاً فيكون حجه عراقياً و إن أحرم له بشكل منفصل في مكة.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الضمير يرجع لعبد الملك بن أعين.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح97. الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 8. قال المجلسي في مرآته 913/17: ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صدق زرارة . لعله إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة و لم يفهم عبد الملك. أو كان مراده (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الإهلال بالحج ظاهراً تقية مع نية العمرة باطناً، و لمّا لم تكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك، فلمّا علم أنه يصير سبباً لتكذيب زرارة أخبرهم و بيّن أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم﴾. و قال في المنتقى: كأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع، فلما علم أنهم يذيعون و ينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية، عدل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن كلامه وردّهم إلى حكم التقية.

178- باب ما على المتمتع من الطواف و السَّعْي

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، و صفوان، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ ثلاثة أطواف بالبيت، و سعيان بين الصّفا و المروة، و عليه (1) إذا قدم مكّة طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بين الصّفا و المروة، ثم يقصّر، و قد أحلَّ، هذا للعمرة، و عليه للحجِّ طوافان، و سعي بين الصّفا و المروة، و يصلّي عند كلّ طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع عليه ثلاثة أطواف بالبيت، و طوافان بين الصّفا و المروة، و قطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكّة، و يحرم بالحجِّ يوم التروية، و يقطع التلبية يوم عَرَفَة حين تزول الشمس (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ ثلاثة أطواف بالبيت، و يصلّي لكلّ طواف ركعتين، و سَعيان بين الصفا و المروة (4)

179- باب صفة الإِقْران و ما يجب على القارِن

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 292


1- في التهذيب: فعليه، بدل: و عليه، و الظاهر أن ما في التهذيب أنسب لمكان التفصيل لما سبق ذكره أول الحديث. و الله العالم.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 33. و الحديث حسن كالصحيح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. و فيه: و يقطع ...، بدل: و قطع .. ، الأول. هذا، و تدل أخبار هذا الباب على ما هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم طواف النساء في عمرة التمتع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. هذا و يقول المحقق في الشرائع 236/1: ﴿أما التمتع فصورته أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها ثم يدخل بها مكة، فيطوف سبعاً بالبيت، و يصلّي ركعتيه بالمقام، ثم يسعى بين الصفا و المروة سبعاً، و يقصُر. ثم ينشيء إحراماً آخر للحج من مكة يوم التروية على الأفضل، و إلا بقدر ما يعلم أنه يدرك الوقوف، ثم يأتي عرفات فيقف بها إلى الغروب، ثم يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفجر، ثم يفيض إلى منى فيحلق بها يوم النحر و يذبح هديه و يرمي جمرة العقبة. ثم إن شاء أتى مكة ليومه أو لغده فطاف طواف الحج و صلى ركعتيه و سعى سعيه، و طاف طواف النساء و صلى ركعتيه ثم عاد إلى منى ليرمي ما تخلّف عليه من الجمار ... الخ﴾.

أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يكون القارن إلّا بسياق الهدي، و عليه طوافان بالبيت، و سعي بين الصّفا و المروة كما يفعل المفرِد، ليس بأفضل من المفرد إلّا بسياق الهَدْي (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: القارن لا يكون إلّا بسياق الهدي، و عليه طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بين الصّفا و المروة، و طواف بعد الحجِّ، و هو طواف النساء (2)

3- عليُّ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي سُقْتُ الهدي و قَرَنْتُ؟ قال: و لِمَ فعلتَ ذلك، التمتّع أفضل؟ ثمَّ قال: يجزيك فيه طواف بالبيت (3)، و سعي بين الصّفا و المروة واحد. و قال: طُفْ بالكعبة يوم النحر.

180- باب صفة الإِشْعار (4) و التقليد (5)

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي قد اشتريت بدنةً، فكيف أصنع بها؟ فقال: انطلق حتّى تأتي مسجد الشجرة، فأفِضْ عليك من الماء، و البس ثوبيك، ثمَّ أنِخْها مستقبلَ القبلة، ثمَّ أدخل المسجد فصلِّ، ثمّ افرض (6) بعد صلاتك، ثمَّ اخرج إليها فأَشْعِرْها من الجانب الأيمن من سنامها، ثمَّ قال: بسم الله، اللّهمَّ منك و لك، اللّهمَّ تقبّل منّي، ثمّ انطلق حتّى تأتي البيداء فَلَبّه (7)

ص: 293


1- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 52 بتفاوت يسير. و ما دل عليه الحديث من أن الفرق بين المفرد و القارن إنما هو سياق الهدي هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم
2- التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 51.
3- ﴿لعله محمول على التقية، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ...﴾ مرآة المجلسي 196/17. و الحديث حسن.
4- الإشعار: شقّ سنام الهدي من الجانب الأيمن و يلطخ ذلك الجانب بدمه الخارج منه، و ذلك إذا كان الهدي بدنة.
5- التقليد: -إن كان الهدي غير بدنة- هو عبارة عن تعليق نعل قد صلّى السايق للهدي فيه و لو نافلة في رقبته. و منهم من اكتفى بالصلاة فيه و لو من غير المقلّد. و لا مانع من تقليد البدن دون إشعارها.
6- ظاهره الإهلال بالتلبية.
7- الفقيه 2، 114- باب الإشعار و التقليد، ح 8 بتفاوت. و الحسن بن علي، هو ابن فضال.

2- الحسين بن محمد الأشعريُّ، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن محمد الحلبيَّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن تجليل الهدي (1) و تقليدها ؟ فقال: لا تبالي أيّ ذلك فعلتَ، و سألته عن إشعار الهدي؟ فقال: نعم، من الشقّ الأيمن، فقلت: متى نُشْعِرها؟ قال: حين تريد أن تُحرم.

3- أَبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله؛ و زرارة قالا: سألنا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن البُدْن، كيف تُشْعر، و متى يُحرم صاحبها، و من أيِّ جانب تُشْعر، و معقولة تُنحر أو باركة؟ فقال: تنحر معقولة، و تُشْعَر من الجانب الأيمن.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن البُدن، كيف تشعر؟ قال: تُشعر و هي معقولة، و تُنحر و هي قائمة، تُشعر من جانبها الأيمن، و يُحرِمُ صاحبها إذا قُلّدت و أُشعرت (2)

5- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كانت البُدْنُ كثيرة، قام فيما بين ثنتين، ثمَّ أشعر اليمنى ثمَّ اليسرى، و لا يشعر أبداً حتّى يتهيّا للإحرام ، لأنّه إذا أشعر و قلّد و جلّل، وجب عليه الإحرام، و هي بمنزلة التلبية (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البُدْن تُشعر من الجانب الأيمن، و يقوم الرَّجل في جانب الأيسر، ثمَّ يقلّدها بنعل خَلِقٍ (4) قد صلّى فيها.

181- باب الإفْراد

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص: 294


1- تجليل الهدي: إلباسها الجُلّ.
2- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 114- باب الإشعار و التقليد ، ح7، في رواية عبد الله بن سنان عنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (یعنی أبا عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)): إنها تُشعر و هي معقولة.
3- المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أن عقد الإحرام للمتمتع و المفرد لا يتم إلا بالتلبية، و أما القارن فهو مخيّر في عقد إحرامه بين التلبية و بين الإشعار أو التقليد ، و بأيهما بدأ أجزأ و كان الثاني مستحباً. نعم، نقل عن السيد المرتضى و ابن إدريس القول بعدم عقد الإحرام بغير التلبية في الجميع.
4- أي بالٍ، عتيق.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المفرِدُ بالحجِّ عليه طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بین الصّفا و المروة، و طواف الزيارة، و هو طواف النساء (1)، و ليس عليه هَدْيٌ و لا أضحية. قال: و سألته عن المفرِدِ للحجِّ، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم، ما شاء، و يجدّد التلبية بعد الرَّكعتين و القارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلّا من الطّواف بالتلبية (2)

182- باب في مَن لم يَنْو المتعة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل لبّى بالحجِّ مفرداً، فقَدِمَ مكّة و طاف بالبيت، و صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سعى بين الصّفا و المروة؟ قال: فليحلَّ و ليجعلها متعة، إلّا أن يكون ساق الهدي (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من طاف بالبيت، و بالصّفا و المروة، أحلَّ، أحبَّ أو كره (4)

3- أحمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عمّن أخبره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما طاف بين هذين الحَجَرَيْن الصّفا و المروة أحد إلّا أحلَّ، إلّا سائق الهدي (5)

ص: 295


1- تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور بين الأصحاب.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 60. و قال الشيخ رحمه الله بعد إيراده هذا الحديث: فقه هذا الحديث؛ أنه قد رخَصٍ للقارن و المُفْرِد أن يقدِّما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين، فمتى فعلا ذلك، فإن لم يجدّدا التلبية يصيرا مُحِلّين، و لا يجوز ذلك، فلاجله أمر المفرد و السائق بتجديد التلبية عند الطواف، مع أن السائق لا يُحِلّ و إن كان قد طاف لسياقه الهدي.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام ح 101 بتفاوت و زيادة في آخره. و كذلك هو في الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 12. هذا، و يجوز للمفرد عندنا أن يعدل إلى التمتع إذا دخل مكة دون القارن، و قد نص على ذلك المحقق في الشرائع 201/1، وادعى عليه في المعتبر الإجماع.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 61. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحج، ح 2 بزيادة في آخره. و قد استدل به الشيخ على ما إذا لم يجدّد كل من السائق و المفرد التلبية، و كذلك استدل بالحديث الذي يله
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 62.

183- باب حَجّ المُجَاوِرِينَ وَ قُطَّان مكّة

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس لأهل سَرِف، و لا لأهل مَرّ، و لا لأهل مكّة متعة، يقول الله عزَّ و جلَّ (1): ﴿ذَلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: لأهل مكّة متعة؟ قال: لا، و لا لأهل بستان (3)، و لا لأهل ذات عِرْق (4)، و لا لأهل عسفان و نحوها (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ذَلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، قال: من کان منزله على ثمانية عشر ميلاً من بين يديها، و ثمانية عشر ميلاً من خلفها، و ثمانية عشر ميلاً عن يمينها، و ثمانية عشر ميلاً عن يسارها، فلا متعة له مثل مَرّ و أشباهها.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود، عن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أهل مكة، أيتمتّعون ؟ قال: ليس لهم متعةٌ، قلت: فالقاطن بها؟ قال: إذا أقام بها سنة (6) أو سنتين صَنَعَ صُنْعَ أهل مكة، قلت: فإن مكث الشهر؟ قال: يتمتّع، قلت: من أين؟ قال: يخرج من الحرم (7)، قلت: أين يُهِلَّ بالحجِّ؟ قال: من مكّة نحواً ممّا يقول الناس.

ص: 296


1- البقرة/196.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25 بتفاوت في الترتيب. و كذلك هو في الاستبصار 2، 91- باب فرض من كان ساكن الحرم من أنواع الحج ، ح 1. و مَرّ: اسم موضع: بينه و بين مكة خمسة أميال. و سَرِف: اسم موضع على بعد بضعة أميال عن مكة و هو قريب للتنعيم، و قال في النهاية: إنه على بعد عشرة أميال من مكة، وقيل: أقل، وقيل: أكثر.
3- قال في المغرب: بستان بني عامر، موضع قرب مكة.
4- ذات عِرق: منتهى ميقات أهل العراق.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- هذا خلاف ما عليه المشهور عندنا من اشتراط إقامة السنتين.
7- ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يخرج من الحرم: أعلم أن الأصحاب قد قطعوا بأن من كان بمكة و كان فرضه التمتع إذا أراد حجة الإسلام يخرج إلى الميقات مع الإمكان فيحرم منه، فإن تعذّر خرج إلى أدني الحِلّ، فإن تعذّر أحرم من مكة، ويدل على هذا التفصيل روايات، و ظاهر هذا الخبر جواز الإحرام إختياراً من أدنى الحِلّ﴾ مرآة المجلسي 203/17.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أُريد الجوار فكيف أصنع؟ قال: إذا رأيت الهلال؛ هلالَ ذي الحجّة، فاخرج إلى الجعِرانة فأحرم منها بالحجِّ، فقلت له: كيف أصنع إذا دخلت مكّة، أُقيم إلى يوم التّروية، لا أطوف بالبيت؟ قال: تقيم عشراً لا تأتي الكعبة، إنَّ عشراً لكثير، إنَّ البيت ليس بمهجور ، و لكن إذا دخلت فطف بالبيت واسع بين الصّفا و المروة، فقلت له: أليس كلُّ من طاف بالبيت و سعى بين الصّفا و المروة فقد أحلَّ؟ قال: إنّك تعقد بالتلبية، ثمَّ قال: كلّما طفت طوافاً و صلّيت ركعتين فاعقد بالتلبية (1)، ثمَّ قال: إنَّ سفيان فقيهكم أتاني فقال: ما يحملك على أن تأمر أصحابك يأتون الجَعِرانة فيحرمون منها؟ فقلت له: هو وقت من مواقیت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: و أيُّ وقت من مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هو؟ فقلت له: أحرم منها حين قسّم غنائم حنين و مرجعه من الطائف، فقال: إنّما هذا شيء أخذته من عبد الله بن عمر، كان إذا رأى الهلال صاح بالحجِّ ، فقلت: أليس قد كان عندكم مَرْضِيّاً؟ قال: بلى، و لكن أَمَا علمت أنَّ أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إنّما أحرموا من المسجد، فقلت: إنَّ أولئك كانوا متمتّعين في أعناقهم الدِّماء، و إنَّ هؤلاء قطنوا بمكّة فصاروا كأنّهم من أهل مكّة، و أهل مكّة لا متعة لهم، فأحببت أن يخرجوا من مكّة إلى بعض المواقيت، و أن يَسْتَغِبّوا (2) به أيّاماً ، فقال لي -و أنا أُخبره أنّها وقت من مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)-: يا أبا عبد الله، فإنّي أرى لك أن لا تفعل، فضحكتُ و قلت: و لكنّي أرى لهم أن يفعلوا، فسأل عبد الرّحمن عمّن معنا من النساء كيف يصنعن؟ فقال: لو لا أنَّ خروج النساء شهرة لأمرت الصّرورة منهنَّ أن تخرج، و لكن مُرْ من كان منهنَّ صرورةً أن تُهِلَّ بالحجِّ في هلال ذي الحجة، فأمّا اللّواتي قد حججن، فإن شئن ففي خمس من الشهر، و إن شئن فيوم التّروية، فخرج و أقمنا، فاعتلَّ بعض من كان معنا الصرورة منهنَّ، فقدم في خمس من ذي الحجّة، فأرسلت إليه أنَّ بعض من معنا من صرورة النساء قد اعتللن (3)، فكيف تصنع؟ فقال: فلتنظر ما بينها و بين التروية، فإن طَهُرُت فلتهلّ

ص: 297


1- إلى هنا رواه في التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 66 بتفاوت يسير جداً. و الجَعِرانة: اسم موضع بين مكة و الطائف و هو أحد حدود الحرم، و قال صاحب الحدائق 456/14: ﴿و قال بعض الفضلاء بعد ذكر الجعرانة ما صورته: بفتح الجيم و كسر العين و فتح الراء المشدّدة، هكذا سمعنا من بعض مشايخنا، و الصحيح ما قاله نفطويه في تاريخه: قال: كان الشافعي يقول: الحديبية بالتخفيف، و يقول أيضا: الجعرانة، بكسر الجيم و سكون العين، و هو أعلم بهذين الموضعين. و قال ابن إدريس: وجدتهما كذلك بخط من أثق به، و قال ابن دريد في الجمهرة: الجعرانة بكسر الجيم و العين و فتح الراء و تشديدها. انتهى ...﴾
2- قال في النهاية 336/3: الغبّ: من أوراد الإبل، أن ترد الماء يوماً و تدعه يوماً ثم تعود، فنقله إلى الزيارة و إن جاء بعد أيام، يقال: غبّ الرجل إذا جاء زائراً بعد أيام، و قال الحسن: في كل أسبوع.
3- أي أصابهن الحيض.

بالحجِّ، و إلّا فلا يدخل عليها يوم التروية إلّا و هي مُحْرمة، و أمّا الأواخر فيوم التروية، فقلت (1): إنَّ معنا صبيّاً مولوداً فكيف نصنع به؟ فقال: مُرْ أُمّه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها، فأتتها فسألتها كيف تصنع؟ فقالت: إذا كان يوم التروية، فأَحرموا عنه، و جرِّدوه، و غسّلوه كما يُجرّد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النّحر، فارموا عنه و أحلقوا عنه رأسه، و مُري الجارية أن تطوف به بين الصفا و المروة، قال: و سألته عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار، ثمَّ يرجع إلى مكّة فيمرُّ ببعض المواقيت، أَلَه أن يتمتّع؟ قال: ما أزعم (2) أنَّ ذلك ليس له لو فعل، و كان الإهلال أحبَّ إليّ.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: سمعته يقول: المجاور بمكّة سنة، يعمل عمل أهل مكّة، -يعني يُفْرد الحجَّ مع أهل مكّة- و ما كان دون السّنة فله أن يتمتّع (3)

7- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن سماعة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المجاور، أَلَه أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال: نعم، يخرج إلى مَهلّ أرضه فَيُلَبّي إن شاء (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من دخل مكّة بحجّة عن غيره، ثمَّ أقام سنة فهو مكّيُّ، فإذا أراد أن يحجَّ عن نفسه، أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة، فليس له أن يحرم بمكّة، و لكن يخرج إلى الوقت، و كلّما حوَّل رجع إلى الوقت (5)

ص: 298


1- من هنا إلى قوله: و مري الجارية أن تطوف به بين الصفا و المروة ، بتفاوت في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 71.
2- ما دلت عليه هذه الرواية من وجوب إحرام المكي من الميقات إذا خرج من مكة فمر على أحد المواقيت هو مما اتفق عليه الأصحاب رضوان الله عليهم، كما استدل أكثر أصحابنا بهذه الرواية أيضاً على جواز التمتع لمثل هذا الشخص، و خالف في ذلك ابن أبي عقيل مستنداً إلى ما هو المعروف من أنه لا متعة لأهل مكة. هذا، و الحديث صحیح.
3- الحديث مجهول، و ما تضمنه من كفاية السنة ليعمل عمل أهل مكة في نوع الحج هو خلاف المشهور عندنا و قد نبهنا عليه سابقاً.
4- التهذيب 5، 6 -باب المواقيت، ح 34. و الحديث محمول على مضي سنتين على جواره أو على غير حجة الإسلام. و المراد بمهلّ أرضه أي ميقات بلده الأصلي. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. و قوله: و كلما حوّل: أي مضى عليه حَوْلٌ. و ما تضمنه من كون حكمه حكم أهل مكة بمضي سنة مخالف لما عليه المشهور. و قد تقدم.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي الفضل قال: كنت مجاوراً بمكّة، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أُحرم بالحجِّ؟ فقال: من حيث أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من الجَعِرانة، أتاه في ذلك المكان فتوح: فتح الطائف، و فتح خيبر، و الفتح، فقلت: متى أخرج؟ قال: إن كنت صرورةً فإذا مضى من ذي الحجّة يوم، و إن كنت قد حججت قبل ذلك، فإذا مضى من الشهر خمس.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المجاور بمكّة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحجِّ، في رجب، أو شعبان، أو شهر رمضان، أو غير ذلك من الشهور، إلّا أشهر الحجّ، فإنَّ أشهر الحجّ: شوَّال، و ذو القعدة، و ذو الحجّة، من دخلها بعمرة في غير أشهر الحجِّ، ثمَّ أراد أن يُحرم، فليخرج إلى الجَعِرانة فيحرم منها، ثمَّ يأتي مكّة، و لا يقطع التّلبية حتّى ينظر إلى البيت، ثمَّ يطوف بالبيت، و يصلّي الركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ يخرج إلى الصّفا و المروة فَيَطَّوَّفَ بينهما، ثمَّ يقصّر و يحلّ، ثمَّ يعقد التلبية يوم التروية (1)

184- باب حجّ الصّبيان و المماليك

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حجَّ الرَّجل بابنه و هو صغير، فإنّه يأمره أن يلبّي و يفرض الحجَّ، فإن لم يحسن أن يلبّي لبّى عنه، و يُطاف به، و يصلّى عنه، قلت: ليس لهم ما يذبحون؟ قال: يذبح عن الصّغار و يصوم الكبار و يُتّقى عليهم ما يُتّقى على المحرم من الثّياب و الطّيب، فإن قتل صيداً فعلى أبيه (2)

2- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أيّوب أخي أديم (3) قال: سئل

ص: 299


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 36 بتفاوت في الصدر هو عبارة عن زيادة توضيحية معترضة، و الحديث مجهول. و سوف يأتي الكلام حول متى يقطع المتمتع أو غيره التلبية إنشاء الله.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 70. الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 1 بتفاوت یسیر. هذا و الحديث ضعيف على المشهور، و ما تضمنه من أحكام مشهورة بين أصحابنا، و إن كانوا قد حكموا بلزوم الولي كل كفارة يتسبب بها الصبي الذي يحج به وليّه من دون اختصاص بكفارة الصيد فقط.
3- يعني ابن الحر.

أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين يجرِّد الصّبيان؟ فقال: كان أبي يجرّدهم من فَخّ (1)

3- محمد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معي صبيةً صغاراً، و أنا أخاف عليهم البرد، فمن أين يُحْرمون؟ قال: ائت بهم العَرْج (2) فيحرموا منها فإنّك إذا أتيت العَرْج وقعت في تهامة، ثمَّ قال: فإن خفت عليهم فأتِ بهم الجُحْفَة (3)

4- عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: انظروا من كان معكم من الصّبيان فقدّموه إلى الجحفة، أو إلى بطن مَرّ، و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم، و يطاف بهم، و يُرمى عنهم، و من لا يجد منهم هدياً فليصم وليّه، و كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يضع السكّين في يد الصّبيّ، ثمَّ يقبض على يديه الرَّجل فيذبح (4)

عنه

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (5) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المملوك حجُّ و لا عمرة حتّى يُعتق (6)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن غلمان لنا دخلوا معنا مكّة بعُمْرة، و خرجوا معنا إلى عرفات بغير إحرام؟ قال : قل لهم يغتسلون ثمَّ يُحرمون، و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم (7)

ص: 300


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 67 و فيه: عن أيوب بن الحر قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بتفاوت قليل. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. وفخّ: موضع على بعد فرسخ من مكة. و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿إذا أحرم الولي بالصبي جرّده من فخ، و فعل به ما يجب على المحرم و جنّبه ما يجتنبه ...﴾.
2- العرج: قرية من أعمال الطائف، على بعد أيام من المدينة.
3- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 3 بتفاوت يسير جداً. و الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 69 و رواه إلى قوله: فليصم عنه وليّه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و بطن مَرّ: موضع على نحو مرحلة من مكة. هذا و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿... و لو فعل الصبي ما يجب به الكفارة لزم ذلك الولي في ماله، و كل ما يعجز عنه الصبي يتولاه الولي من تلبية و طواف و سعي و غير ذلك، و يجب على الولي الهدي من ماله أيضاً، و روي: إذا كان الصبي مميزاً جاز أمره بالصيام عن الهدي، و لو لم يقدر على الصيام صام الولي عنه مع العجز عن الهدي﴾.
5- هو الإمام الكاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) .
6- مر هذا الحديث برقم 7 من الباب 155 من هذا الجزء.
7- الحديث موثق، ويدل على جواز الإحرام بالأطفال للحج من عرفات.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كلُّ ما أصاب العبد و هو مُحرم في إحرامه، فهو على السيّد، إذا أذن له في الإحرام (1)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن غلام لنا خرجتُ به معى، و أمرته فتمتّع و أهلَّ بالحجِّ يوم التروية، و لم أذبح عنه، أَلَه أن يصوم بعد النفر و قد ذَهَبَتْ الأيّام الّتي قال الله عزَّ و جلَّ؟ فقال: ألّا كنت أمرتَه أن يفرد الحجَّ؟ قلت: طلبت الخير، فقال: كما طلبت الخير فاذبح شاة سمينة، و كان ذلك يوم النّفر الأخير (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة أنّه سئل عن رجل أمر غلمانه أن يتمتّعوا؟ قال: عليه أن يضحي عنهم، قلت: فإنّه أعطاهم دراهم، فبعضهم ضَحّى و بعضهم أمسك الدَّراهم و صام؟ قال: قد أجزاً عنهم، و هو بالخيار إن شاء تركها، قال: و لو أنّه أمرهم و صاموا كان قد أجزأَ عنهم (3)

185- باب الرجل يموت صَرُورَةِّ أو يوصي بالحج

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل توفّي و أوصى أن يحجَّ عنه، قال: إن كان صَرورةً فمن جميع المال، إِنّه بمنزلة الدَّين الواجب، و إن كان قد حجَّ فمن ثُلُثِهِ، و من مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، و لم يترك إلّا قدر نفقة الحَمولة، و له ورثة، فهم أحقُّ بما ترك، فإن شاؤوا أكلوا، و إن شاؤوا [أ] حَجّوا عنه (4)

ص: 301


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 247. الاستبصار 2، 140- باب المملوك يحرم بإذن مولاه ثم ...، ح 2 بتفاوت. الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ح 1.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 8. الاستبصار 2، 178- باب المملوك يتمتع بإذن مولاه هل ... ، ح 5. ﴿قوله: فاذبح ... ، محمول على الاستحباب، إذ على المشهور ، لا يخرج وقت الصوم إلا بخروج ذي الحجة، فكان يمكنه أن يأمره بالصوم قبل ذلك، و يمكن حمله على التقية، لأنه حكى في التذكرة عن بعض العامة قولاً بخروج وقت صوم الثلاثة الأيام بمضي يوم عرفة﴾، مرآة المجلسي 212/17.
3- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 5. الحديث ضعيف على المشهور، ويدل على ما هو المشهور عندنا.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 58. و كرره بتفاوت برقم 44 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب. الاستبصار 2، 217- باب من مات و لم يخلّف إلا مقدار نفقة الحج و لم ... ، ح 1. الفقيه 2، 161- باب ما يقضى عن الميت من حجة الإسلام أوصى أو ... ح 1. بتفاوت و أخرجه عن هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و رووا جميعاً ذيل الحديث فقط. و الحَمولة: الدابة تحمل عليها الأثقال و الناس. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إن شاؤوا أكلوا: أي أنفقوا المال الذي تركه الميت على أنفسهم. و قد دل الحديث على أن الحج من ثلث المال بمنزلة الدين أوصى به أو لم يوصِ و هو مما أجمع عليه أصحابنا.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن سعد بن أبي خَلَف قال: سألت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل الصّرورة يحجُّ عن الميّت؟ قال: نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحجُّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجُّ به عن نفسه، فليس يجزىء عنه حتّى يحجَّ من ماله، و هي تجزى عن الميّت إن كان للصّرورة مال و إن لم يكن له مال (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، و له مال؟ قال: يحجّ عنه صرورةٌ لا مال له (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألته عن الرَّجل يموت و يوصي بحجّة، فيعطى رجلٌ دراهم يحجّ بها عنه، فيموت قبل أن يحجَّ، ثمَّ أعطى الدّراهم غيره؟ قال: إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن یقضی مناسكه فإنّه يجزىء عن الأوّل؟ قلت: فإن ابتلى بشيء يفسد عليه حجّه حتّى يصير عليه الحجّ من قابل، أيجزىء عن الأوّل؟ قال: نعم، قلت: لأنَّ الأجير ضامن للحجِّ؟ قال: نعم (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعطى رجلاً ما يحجّه، فحدَثَ بالرَّجل حَدَثُ؟ فقال: إن كان

ص: 302


1- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 2 و أخرجه عن سعيد بن عبد الله الأعرج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). التهذيب 5، نفس الباب، ح 73. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الضرورة عن ... ، ح 1. و قد دل الحديث على أن من استكمل شرائط الاستطاعة فوجب عليه الحج و استقر لا تصح نيابته، بل لو حج عن غيره لم تُجِز عن أحدهما، و أما من لم يستكمل الشرائط تصح نيابته و لو كان حجّه صرورة. هذا هو المعروف و المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، و عليه فلا بد من حمل قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذيل الحديث: و هي تجزىء عن الميت إن كان للصرورة مال، على الميت الصرورة دون النائب الصرورة. و الذي يؤيد هذا ما ورد في ذيل الحديث على رواية الفقيه: و هو يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 74. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة إذا ... ، ح 2 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 232/1: ﴿و من استؤجر فمات في الطريق فإن أحرم و دخل الحرم فقد أجزأت عمن حج عنه، و لو مات قبل ذلك لم يُجزِ، و عليه أن يعيد من الأجرة ما قابل المتخلف من الطريق ذاهباً و عائداً، و من الفقهاء من اجتزأ بالإحرام و الأول أظهر﴾. أقول: و من اجتزأ بالإحرام من فقهائنا الشيخ في الخلاف، و ابن إدريس.

خرج فأصابه في بعض الطريق فقد أجزءت عن الأوّل، و إلّا فلا (1)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلّاء، عن أيّوب (2)، عن بريد العجليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل استَوْدَعَني مالاً فهلك، و ليس لولده شيءٌ، و لم يحجَّ حجّة الإسلام؟ قال: حجّ عنه، و ما فضل فأَعطهم (3)

186- باب المرأة تحجّ عن الرجل

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن مصادف، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تحجُّ عن الرَّجل الصّرورة؟ فقال: إن كانت قد حجّت، و كانت مسلمة فقيهة، فَرُبَّ امرأة أفقهُ من رجل (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يحجُّ عن المرأة، و المرأة تحجُّ عن الرَّجل؟ قال: لا بأس (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): امرأة امرأة من أهلنا مات أخوها، فأوصى بحجّة، و قد حجّت المرأة، فقالت: إن صلح حَجَجْتُ أنا عن أخي، و كنت أنا أحقَّ بها من غيري؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : لا بأس بأن تحجَّ عن أخيها، و إن كان لها مال، فلتحجَّ من مالها، فإنّه أعظم لأجرها.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن

ص: 303


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 97.
2- هو ابن الحرّ.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 94. الفقيه 2، 167- باب الحج من الوديعة، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 234/1: ﴿لو كان عند إنسان وديعة و مات صاحبها و عليه حجة الإسلام و علم أن الورثة لا يؤدون ذلك جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج فيستأجر به لأنه خارج عن ملك الورثة﴾.
4- التهذيب،، نفس الباب، ح 82 بتفاوت في الترتيب ، و كذلك هو في الاستبصار 2، 220- باب جواز أن تحج المرأة عن الرجل، ح 3. و أخرجاه عن موسى بن القاسم، عن الحسن اللؤلؤي، عن الحسن بن محبوب، عن مصادف قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... و ما تضمنه الحديث- و هو ضعيف على المشهور- من المنع عن نيابة المرأة الصرورة هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم. و منع منه الشيخ في صريح الاستبصار و ظاهر التهذيب.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 83. الاستبصار 2، 220- باب جواز أن تحج المرأة عن الرجل، ح 2. و الحديث حسن. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلتحج من مالها: يعني نيابة عن الميت و إن كان له مال، لا تأخذ من مال الميت شيئاً فيكون ثوابها أعظم.

أيّوب، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: تحجّ المرأة عن أخيها و عن أُختها. و قال: تحجّ المرأة عن ابنها (1)

187- باب من يُعْطى حجة مفردة فيتمتع، أو يخرج من غير الموضع الذي يشترط

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعطى رجلاً دراهم يحجُّ بها عنه حجّة مفردة، أيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ فقال: نعم، إنّما خالفه إلى الفَضْل (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن حريز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أعطى رجلاً حجّة يحجُّ بها عنه من الكوفة، فحجَّ عنه من البصرة؟ قال : لا بأس، إذا قضى جميع مناسكه فقد تمَّ حجّه (3)

ص: 304


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و في ذيلهما: عن أبیها، بدل: عن ابنها. هذا، و جواز أن تحج المرأة عن الرجل و عن المرأة أمر متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و إن قالوا بكراهة نيابتها إذا كانت صرورة كما نص عليه المحقق في الشرائع 234/1. نعم صريح الشيخ في الاستبصار كظاهره في التهذيب المنع منه كما سبق.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 92. الاستبصار 2، 221- باب من أعطى غيره حجة مفردة فحج عنه متمتعاً، ح 1 و في ذيله زيادة: و الخير. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 11. هذا، و قد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز العدول و عدمه في هذه الحالة، و الظاهر أن من جوّز منهم العدول إنما جوزه استناداً إلى هذه الرواية بشرط أن يكون العدول إلى الأفضل كالعدول من الإفراد إلى القِران و منهما إلى التمتع لا منه إليهما، و لا من القِران إلى الإفراد، و قد استشكل بعضهم حتى في هذا، خاصة مع اختلاف ميقات المعيّن مع ميقات المعدول إليه. قال المحقق في الشرائع 232/1: ﴿و يجب أن يأتي بما شُرط عليه (أي النائب) من تمتع أو قِران أو إفراد، و روي: إذا أمِرَ أن يحج مفرداً أو قارناً فحج متمتعاً جاز، لعدوله إلى الأفضل، و هذا يصح إذا كان الحج مندوباً، أو قصد المستأجر الإتيان بالأفضل، لا مع تعلق الفرض بالقِران أو الإفراد﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 91 و فيه: ... جميع المناسك، الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 10. هذا، و لا إشكال عند فقهائنا في صحة الحج و اجزائه من حيث أنه حج لو خالف الأجير فسلك غير الطريق التي عينها المستأجر له ليسلكها. و إن كانوا قد اختلفوا في جواز عدول المستأجر عنها و عدمه. فقد جوّز الشيخ (رحمة الله علیه) له العدول مطلقاً ربما استناداً إلى هذه الرواية. كذلك جوّز العدول ابن إدريس في سرائره، و في الجامع نفي البأس عنه، و لكن المحقق في الشرائع و الشهيد الأول في اللمعة و كذلك ذهب صاحب المدارك (رحمة الله علیه) إلى التفصيل بين ما إذا كان قد تعلق غرض معين للمستأجر في الطريق المعيّنة فلم يجوّزوا في هذه الحال للمستأجر العدول عنها بل يجب عليه الوفاء بما اشترط عليها في سلوكها استناداً إلى أوفوا بالعقود و المؤمنون عند شروطهم، و خاصة مع اختلاف الميقاتين إذا استلزمه مخالفة الطريق المعينة. و قد ناقش بعض فقهائنا في فقه الرواية المذكورة من حيث الظهور، فذكر صاحب الجواهر (رحمة الله علیه) أنه لا ظهور لها في جواز المخالفة حتى مع الفرض، و غاية ما تدل عليه صحة الحج و إن هذه المخالفة لا تفسده و هو المراد بنفي البأس و ذلك غير محل البحث. بل في كشف اللثام إن ظاهر الرواية عدم تعلق الغرض بالطريق، بل فيه و في المدارك احتمال أن الكوفة في الرواية صفة لرجل لا صلة ليَحُجّ.

188- باب من يوصي بحجة فَيُحَجّ عنه من غير موضعه أو يوصي بشيء قليل في الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن زكريّا بن آدم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل مات و أوصى بحجّة، أيجوز أن يحجَّ عنه من غير البلد الّذي مات فيه؟ فقال: ما كان دون الميقات فلا بأس (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أَبَان بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أوصى بحجّة فلم تَكْفِهِ من الكوفة: إنّها تجزىء حجّته من دون الوقت (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله (3) قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يموت فيوصي بالحجّ، من أين يُحَجُّ عنه؟ قال: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، و إن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (4)

4- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أوصى أن يحجَّ عنه حجّة الإسلام، فلم يبلغ جميع ما ترك إلّا خمسين درهماً؟ قال: يحجُّ عنه من بعض الأوقات الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من قُرْب (5)

ص: 305


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول. و الوقت: هو الميقات.
3- ﴿توسطه بين ابن أبي نصر و بينه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) غير معهود﴾ مرآة المجلسي 17/ 220.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 57. و كرره برقم 43، من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب. الاستبصار 2، 217- باب من مات و لم يخلف إلا مقدار نفقة الحج و لم ... ، ح 2. هذا و المشهور بین أصحابنا الاستئجار للحج النيابي من أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن و إلا فمن الأقرب إليه فالأقرب، و قد نسبه صاحب المدارك إلى أكثر الأصحاب، و نسبه في كشف اللثام إلى المبسوط و الخلاف، و نسبه في المستند إلى الفاضلين في كتبهما، و هو ما تقتضيه كتب المحقق و الروضة و المسالك و غيرها. و قال المحقق في الشرائع 229/1: ﴿يُقضى الحج من أقرب الأماكن، وقيل: يستأجر من بلد الميت، وقيل: إن اتسع المال فمن بلده و إلا فمن حيث يمكن ، و الأول أشبه﴾.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان- أو (1) عن رجل- عن

محمد بن سنان- عن ابن مسكان، عن أبي سعيد (2)، عمّن سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أوصى بعشرين درهماً في حجّة؟ قال: يحجُّ بها رجل من موضعِ بَلَغَه (3)

189- باب الرجل يأخذ الحجة فلا تكفيه أو يأخذها فيدفعها إلى غيره

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: أمرت رجلاً يسأل أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يأخذ من رجل حجّة فلا تكفيه، أَلَه أن يأخذ من رجل أُخرى، و یتّسع بها، و يجزىء عنهما جميعاً، أو يشركهما جميعاً، إن لم تكفه إحداهما؟ فذكر أنّه قال: أَحَبُّ إليّ أن تكون خالصة لواحد، فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذها (4)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن جعفر الأحول، عن عثمان بن عيسى قال: قلت لأبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الرَّجل يُعْطى الحجّة فيدفعها إلى غيره؟ قال: لا بأس به (5)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أوصى بحجّة فلم تَكْفِهِ؟ قال: فيقدّمها حتّى يحجَّ دون الوقت (6)

ص: 306


1- الترديد من الراوي. و لا يوجد في سند التهذيب.
2- في سند الفقيه : عن أبي بصير.
3- الفقيه 2، 166- باب من أوصى في الحج بدون الكفاية، ح 1 و فيه: بعشرين ديناراً ... التهذيب 9، 18- باب وصية الإنسان لعبده و عتقه له، ح 47 و بتفاوت يسير في الجميع.
4- الفقيه 2، 165- باب من يأخذ حجة و لا تكفيه ح 1 بتفاوت، و فيه أو يتركهما ... ، بدل: أو يشركهما ... و قد أجمع علماؤنا على عدم جواز أن ينوب نائب واحد عن اثنين في حج واجب لعام واحد، لعدم ثبوت مشروعية ذلك بل الثابت خلافه، فلو وقع الحج كذلك بطل لامتناعه لهما لعدم قابليته للتوزيع و لا لواحد بخصوصه لعدم الترجيح نعم، الظاهر صحة التشريك في الحج المندوب بمعنى نيابته عنهما مثلاً فضلاً عن إهداء الثواب لهما ...
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 95. بدون: به، في الذيل. و كرره برقم 255 من نفس الباب. و قال المجلسي في المرآة 221/17 بعد أن رمى هذا الحديث بالضعيف على المشهور: ﴿و قال الشهيد و المقصود بالأب هنا الأعم من الأب المباشر فيشمل الأب و إن علا و لكن للأب دون الأم
6- ﴿مجهول ، و هو بالباب السابق أنسب، و قد مر القول في مثله﴾ مرآة المجلسي 222/17.

190 - باب الحج عن المُخَالف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيحجُّ الرَّجل عن النّاصب ؟ فقال: لا، فقلت: فإن كان أبي؟ قال: [ف]ان كان أباك فنعم (1)

2- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار قال: كتبت إليه (2): الرَّجل يحجُّ عن الناصب، هل عليه إثمٌ إذا حجَّ عن الناصب، و هل ينفع ذلك الناصب أم لا؟ فكتب: لا يَحجّ عن الناصب ولا يَحَجّ به.

191- باب

1- محمد بن يحيى، عمّن حدَّثه، عن إبراهيم بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ مولاك عليَّ بن مهزيار أوصى أن يحجَّ عنه من ضيعة صيّر ربعها لك، في كلِّ سنة حجةً إلى عشرين ديتاراً، و أنّه قد انقطع طريق البصرة، فتضاعف المؤونة على الناس، فليس يكتفون بعشرين ديناراً، و كذلك أوصى عدَّة من مواليك في حججهم؟ فكتب: يجعل ثلاث حِجَجٍ حجّتين إن شاء الله (3)

2- إبراهيم قال: و كتب إليه عليُّ بن محمد الحصيني (4): إنَّ ابن عمّي أوصى أن يحجَّ عنه بخمسة عشر ديناراً في كلِّ سنة، فليس يكفي، فما تأمر في ذلك؟ فكتب: يجعل حجّتين في حجّة، إنَّ الله عالم بذلك (5)

ص: 307


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 87. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 12 بتفاوت يسير في الذيل. و المقصود بالأب هنا الأعم من الأب المباشر فيشمل الأب و إن علا و لكن للأب دون الأم. و ﴿المشهور عدم جواز الحج عن المخالف إلا إذا كان أباً، و تردد في المعتبر في عدم الجواز، و أنكر ابن إدريس النيابة عن الأب أيضاً وادعى عليه الإجماع﴾. مرآة المجلسي 222/17.
2- قال المجلسي في المرآة: يعني الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 9، 18- باب وصية الإنسان لعبده، و عنقه له، صدر ح 40. الفقيه 2، 166- باب من أوصى في الحج بدون الكفاية، ح 2.
4- في كل من الفقيه و التهذيب الحضيني...
5- التهذيب 5، 26 -باب من الزيادات في فقه الحج، ح 64، و كرره كذيل حديث برقم 40 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً. الفقيه 2، نفس الباب،ح 3. و معنى جعل حجتين في حجة، أن تضم المال الموصى به لحجة إلى المال الموصى به لحجة ثانية فتحج بمجموع المالين حجة واحدة كل سنتين. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 243/1: ﴿إذا أوصى الميت أن يحج عنه كل سنة بقدر معيّن فقصر، جمع نصیب سنتين و استؤجر به لسنة، و كذا لو قصر ذلك أضيف به من نصيب الثالثة﴾.

192- باب ما ينبغي للرجل أن يقول إذا حج عن غيره

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يحجُّ عن أخيه، أو عن أبيه، أو عن رجل من الناس، هل ينبغي له أن يتكلّم بشيء؟ قال: نعم، يقول بعد ما يحرم : اللّهمَّ ما أصابني في سفري هذا من تَعَب أو شدَّة أو بلاء أو شَعَث ، فأْجُرْ فلاناً فيه، و أْجُرْني في قضائي عنه (1)

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ مثله (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما يجب على الّذي يحجُّ عن الرَّجل؟ قال: يسمّيه في المواطن و المواقف (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قيل له: أرأيتَ الّذي يقضي عن أبيه أو أُمّه أو أخيه أو غيرهم، أيتكلّم بشيء؟ قال: نعم، يقول عند إحرامه: اللّهمَّ ما أصابني من نَصَب أو شعث أو شدَّة فأجُرْ فلاناً فيه و اْجُرْني في قضائي عنه (4)

ص: 308


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98 و رواه مضمراً و فيه: سَغَب ... بدل : شعث .. ، الفقيه 2، 177- باب ما يقول الرجل إذا حج عن ... ، ح 1 . الاستبصار 2، 222- باب من يحج عن غيره هل يلزمه أن يذكره عند .... ، ح 1. هذا و لا إشكال عند أصحابنا رضوان الله عليهم في أن التلفظ بهذا أو غيره ليس شرطاً، فيحمل التلفظ به على الفضل و الاستحباب، و الشَّعَث: تشتت الأمر، و المقصود به هنا ما يصيب الشعر من التشوش و الفوضى نتيجة ترك دهنه و تسريحه. و المشهور استعمال السَّغَب في الجوع مطلقاً. وقيل: و لا يكون إلا مع تعب و مشقة.
2- ورد ذلك في الفقيه، فراجع السند أعلاه فيه.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 99. الاستبصار 2، 222- باب من يحج عن غيره هل يلزمه أن ... ، ح 2. و يحمل الخبر على وجوب عقد النية عنه، و استحباب التلفظ بما سبق.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 83 بزيادة في أوله. و كذا في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و يقول المحقق في الشرائع 234/1: ﴿و يستحب أن يذكر النائب من ينوب عنه باسمه في المواطن كلها، و عند كل فعل من أفعال الحج و العمرة﴾.

193- باب الرجل يحج عن غيره فحج عن غير ذلك أو يطوف عن غيره

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يحجُّ عن الرَّجل، يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال: إذا قضى مناسك الحجِّ فليصنع ما شاء (1)

2- محمد بن يحيى رفعه قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أعطى رجلاً مالاً يحجُّ عنه، فحجَّ عن فحج عن نفسه؟ فقال: هي عن صاحب المال (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أخذ من رجل مالاً و لم يحجَّ عنه، و مات لم يخلّف شيئاً؟ قال: إن كان حجَّ الأجير أُخذت حجّته و دفعت إلى صاحب المال، و إن لم يكن حجَّ كتب لصاحب المال ثواب الحجِّ (3)

194- باب من حج عن غيره إن له فيها شركة

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عليِّ بن أسباط، عن رجل من أصحابنا يقال له: عبد الرحمن بن سنان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، إذا

ص: 309


1- الفقيه 2، 138- باب الرجل يطوف عن الرجل و هو ...، ح 2 بتفاوت و أخرجه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 251. الفقيه 2، 148- باب من دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 15 بتفاوت یسير. و الرواية مطلقة من حيث أجزاء الحج سواء نقل النية إلى نفسه بعد عقد الإحرام عن المنوب عنه أو عقد الإحرام ابتداءً عن نفسه هو. و لكن فقهاءنا اختلفوا في أجزاء الجج فيما لو عقد الإحرام عن المنوب عنه ثم نقل النية إلى نفسه بعد ذلك، فقد ذهب صاحب الشرائع و الفاضل في قواعده و غيرهما إلى الحكم. بعدم إجزاء الحج في هذه الصورة، لا عن النائب بعد فرض كون الإحرام لغيره لعدم صحة النقل و لا عن المنوب عنه، لأن الأعمال بالنيّات، و النية منتفية عنه في باقي الأفعال. بينما ذهب كثير من الفقهاء و منهم الشيخ (رحمة الله علیه) و العلامة (رحمة الله علیه) إلى القول بأن الأجير إذا أتم أفعال الحج وقعت عن المستأجر عنه و يستحق الأجير الأجرة أيضاً، و ذلك لاستحقاق المنوب عنه أفعالها بالإحرام عنه فلا يؤثر العدول بعد أن صار كالأجير الخاص الذي استحقت منفعته الخاصة. و لما ذكره الشهيد الأول (رحمة الله علیه) في الدروس من أنه ﴿بناء على أن نية الإحرام كافية عن نية باقي الأفعال و إن الإحرام يستتبع باقي الأفعال، و إن النقل فاسد لمكان النهي ..﴾.
3- روى مضمونه بتفاوت مع حذف السند في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 81.

دخل عليه رجلٌ فأعطاه ثلاثين ديناراً يحجُّ بها عن إسماعيل، و لم يترك شيئاً من العمرة إلى الحجِّ إلّا اشترطه عليه، حتّى اشترط عليه أن يسعى عن وادي مُحَسِّر، ثمَّ قال: يا هذا، إذا أنت فعلت

هذا، كان لإسماعيل حجّة بما أنفق من ماله، و كان لك تِسْعٌ بما أتعبتَ من بدنك (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن عليِّ بن يوسف، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يحجُّ عن آخر، مالَهُ من الأجر و الثواب؟ قال: للّذي يحجُّ عن رجل، أجرُ و ثوابُ عَشْر حجج (2)

195- باب نادر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عمّن ذكره، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل دفع إلى خمسة نفر حجّة واحدة فقال: يحجُّ بها بعضهم، فسوَّغها رجل منهم؟ فقال لي: كلّهم شركاء في الأجر، فقلت: لمن الحجُّ؟ قال: لمن صلّى في الحرِّ و البرد (3)

196- باب ما الرجل يُعطى الحج فيصرف ما أخَذَ في غير الحج أو تفضل الفضلة مما اُعطْي

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله القميِّ قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يعطى الحجّة يحجُّ بها، و يوسّع على نفسه، فيفضل منها، أيردُّها عليه؟ قال: لا، هي له (4)

ص: 310


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 219. و الحديث ضعيف. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 13 و رواه مختصراً و مرسلاً.
2- الحديث ضعيف.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 81 بتفاوت. و قوله: إلى خمسة نفر حجة واحدة: ﴿أي أعطاهم جميعاً ليذهب واحد منهم و يكون سايرهم شركاء في ثواب الحج، فالثواب الكامل لمن حج منهم و لكل منهم حظ من الثواب﴾. مرآة المجلسي 227/17. و قوله: صَلى في الحر و البرد أي قاسي منهما
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 89. و ما تضمن الحديث من عدم وجوب إرجاع الفضل مجمع عليه بين الأصحاب لأنه ملك له بسبب شرعي ، و إن كان المشهور استحباب إرجاع الفاضل، و الحديث مجهول.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن السّاباطيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يأخذ الدَّراهم ليحجَّ بها عن رجل، هل يجوز له أن ينفق منها في غير الحجِّ؟ قال: إذا ضمن الحجَّ فالدَّراهم له يصنع بها ما أحبَّ، و عليه حجّة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: بعثني عمر بن يزيد إلى أبي جعفر الأحول بدراهم و قال : قل له: إن أراد أن يحجَّ بها فليحجَّ، و إن أراد أن ينفقها فلينفقها؛ قال: فأنفقها و لم يحجَّ، قال حمّاد: فذكر ذلك أصحابنا لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: وَجَدْتُم الشيخَ فقيهاً (2)

197- باب الطواف و الحج عن الأئمة عليهم السلام

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم البجليِّ قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا سيّدي إنّي أرجو أن أصوم في المدينة شهر رمضان؟ فقال: تصوم بها إن شاء الله، قلت: و أرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوَّال، و قد عوّد الله (3) زيارة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أهل بيته و زيارتك، فربّما حججت عن أبيك، و ربّما حججت عن أبي، و ربّما حججت عن الرَّجل من إخواني، و ربّما حججت عن نفسي، فكيف أصنع؟ فقال: تمتّع، فقلت: إنّي مقيم بمكّة منذ عشر سنين؟ فقال: تمتّع (4)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أردت أن أطوف عنك و عن أبيك، فقيل لي: إنَّ الأوصياء لا يُطاف عنهم، فقال لي: بل طف ما أمكنك فإنّه جائز. ثمَّ قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: إنّي كنت استأذنتك في الطواف عنك و عن أبيك فأذنت لي في ذلك، فطفت عنكما ما شاء الله، ثمَّ وقع في قلبي شيء فعملت به؟ قال: و ما هو؟ قلت: طفت يوماً عن

ص: 311


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 90.
2- الحديث حسن. و معنى جواب الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أي كان هذا من فقهه حيث كان الرجل جوز له ذلك﴾ مرآة المجلسي 229/17.
3- أي تفضل الله عليّ فجعل من عادتي ذلك.
4- الحديث صحيح، ويدل على أن لا مانع من التمتع حتى للمجاور بمكة أكثر من سنتين إذ أناب عن رجل وظيفته التمتع بل هو أفضل.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال ثلاث مرّات: صلّى الله على رسول الله، ثمَّ اليومَ الثاني عن أمير المؤمنين، ثم طفتُ اليوم الثالث عن الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و الرابع عن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و الخامس عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و السادس عن أبي جعفر محمد بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم السابع عن جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم الثامن عن أبيك موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم التاسع عن أبيك عليّ (عَلَیْهِ السَّلاَمُ)، و اليوم العاشر عنك يا سيّدي، و هؤلاء الّذين أدين الله بولايتهم؟ فقال: إذن و الله تدين الله بالدِّين الّذي لا يُقْبَلُ من العباد غيره، قلت: و ربّما طفت عن أمّك فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ربّما لم أطف؟ فقال: استكثر من هذا، فإنّه أفضلُ ما أنت عاملُهُ إن شاء الله (1)

198- باب من يشرك قرابته و إخوته في حجته أو يصلهم بحجة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أُشرك أبويَّ في حجّتي؟ قال: نعم، قلت: أُشرك (2) إخوتي في حجّتي؟ قال: نعم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ جاعلٌ لك حجّاً و لهم حجّاً، و لك أجر لصلتك إيّاهم، قلت: فأطوف عن الرَّجل و المرأة و هم بالكوفة؟ فقال: نعم، تقول حين تفتتح الطواف: اللّهمَّ تقبّل من فلان الّذي تطوف عنه (3)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن عمرو بن إلياس قال: حججت مع أبي و أنا صرورة فقلت : إنّي أُحبُ أن أجعل حجّتي عن أُمّي فإنّها قد ماتت؟ قال: فقال لي : حتّى أسأل لك أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال إلياس لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) -و أنا أسمع-: جُعِلْتُ فِداك، إنَّ ابني هذا صرورةٌ، و قد ماتت أُمّه، فأحبَّ أن يجعل حجّته لها، أفيجوز ذلك له؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يُكتب له و لها، و يُكتب له أَجْرُ البرّ(4)

ص: 312


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 218 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. و يدل على استحباب الطواف عن المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما دل الحديث السابق على استحباب الحج عنهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بل أنه من أفضل الأعمال عند الله سبحانه. كما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- لا بد من حمله على الحج المندوب، أو على إشراكهم في بعض الثواب بإهدائه إليهم بعد الانتهاء من الفعل.
3- رواه بالمعنى في الفقيه 2 ، 62- باب فضائل الحج، صدر 83. و الحديث حسن.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 80. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة، ح 8 بتفاوت يسير فيهما. و قد حمله في مرآة العقول 17/ 230-231 على ما إذا لم يكن مستطيعاً للحج فيكون حجه مندوباً فحج عن أمه فيجب عليه بعد الاستطاعة الحج عن نفسه، أو على أنه حج عن نفسه و أهدى ثوابها لأمه. و الحديث مرسل.

3- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فدخل عليه الحارث بن المغيرة فقال: بأبي أنت و أُمّي، لي ابنة قيّمة لي على كلّ شيء، و هي عاتق (1)، أفأجعل لها حجّتي؟ قال: أما إنّه يكون لها أجرها و يكون لك مثل ذلك، و لا ينقص من أجرها شيء (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يحجُّ، فيجعل حجّته و عمرته أو بعض طوافه لبعض أهله و هو عنه غائب ببلد آخر، قال: قلت: فينقص ذلك من أجره؟ قال: لا، هي له و لصاحبه، و له أجر سوى ذلك بما وَصَل (3)، قلت: و هو ميّت، هل يدخل ذلك عليه؟ قال: نعم، حتّى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له، أو يكون مُضَيَّقاً عليه فيوسّع عليه، قلت: فيعلم هو في مكانه إن عمل ذلك لحقّه؟ قال: نعم، قلت: و إن كان ناصباً ينفعه ذلك؟ قال: نعم، يُخفّف عنه (4)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا بالمدينة بعد ما رجعت من مكّة: إنّي أردت أن أحجَّ عن ابنتي؟ قال: فاجعل ذلك لها الآن (5)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يشرك أباه و أخاه و قرابته في حجّه؟ فقال : إذا يكتب لك حجُّ مثل حجّتهم، و تزداد أجراً بما وَصَلْتَ (6)

7- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من وصل أباه أوذا قرابة له فطاف عنه، كان له أجره كاملاً، و للّذي طاف عنه مثل أجره، و يفضل هو بصلته إيّاه بطواف آخر. و قال: من حجَّ فجعل حجّته عن ذي قرابته يصله بها كانت حجّته كاملة و كان للّذي حجّ عنه مثل أجره، إنَّ الله عزَّ و جلَّ واسعٌ لذلك.

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن محمد

ص: 313


1- العائق الجارية أول بلوغها.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- أي بسبب صلة رحمه.
4- الحديث موثق، ويدل على جواز الإهداء إلى الميت و أنه يصل إليه و ينفعه.
5- أي إهدِ ثواب حجك إليها. و الحديث ضعيف على المشهور.
6- أي له زيادة أجر بما وصل من قرابته و رحمه.

الأشعث، عن عليِّ بن إبراهيم الحضرميِّ، عن أبيه قال: رجعت من مكّة، فلقيت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد و هو قاعد فيما بين القبر و المنبر، فقلت: يا ابن رسول الله إنّي إذا خرجت إلى مكّة ربّما قال لي الرَّجل: طف عنّي أُسبوعاً، وصلِّ ركعتين، فاشتغل عن ذلك، فإذا رجعت لم أدر ما أقول له؟ قال: إذا أتيت مكّة فقضيت نُسُكك، فطف أُسبوعاً وصلِّ ركعتين ثمَّ قل: اللّهمَّ إنَّ هذا الطواف و هاتين الرّكعتين عن أبي أُميّ، و عن زوجتي، و عن ولدي، و عن حَامّتي (1)، و عن جميع أهل بلدي؛ حرِّهم و عبدهم، و أبيضهم و أسودهم، فلا تشاء أن قلت للرَّجل: إنّي قد طفت عنك وصلّيت عنك ركعتين، إلّا كنت صادقاً، فإذا أتيتَ قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقضيت ما يجب عليك، فصلِّ ركعتين، ثمَّ قف عند رأس النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثمَّ قل: السلام عليك يا نبيِّ الله من أبي و أُمّي و زوجتي و ولدي و جميع حامّتي، و من جميع أهل بلدي، حُرِّهم و عبدهم، و أبيضهم و أسودهم، فلا تشاء أن تقول للرَّجل: إنّي أقرءت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عنك السلام: إلّا كنت صادقاً (2)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كم أُشْرِك في حجّتي؟ قال : كم شِئْت.

10- أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي عمران الأرمنيِّ، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لو أشركتَ ألفاً في حجّتك، لكان لكلِّ واحد حجّة، من غير أن تنقص حجّتك شيئاً (3)

199- باب توفير الشعر لمن أراد الحج و العمرة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهر معلومات: شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، فمن أراد الحجَّ وَفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة، و من أراد العمرة وفّر شعره شهراً (4)

ص: 314


1- الحامّة: الخاصة، و حامّة الرجل: أقرباؤه.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 9. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 32 بتفاوت مرسلاً. . و لا بد من حمل هذه الأحاديث على الحج المندوب كما سبق و بيّنا أو على إشراكهم في الثواب بإهداء جزء منه إليهم بعد الإنتهاء من الحج الواجب، لا في ابتدائه لأنه محل إشكال. و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 2، الاستبصار 2، 92- باب توفير شعر الرأس و اللحية من أول ذي ...، ح 1. الفقيه 2، 107- باب توفير الشعر للحج و العمرة، ح 1. و استحباب توفير الشعر بهذا الشكل هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و قد خالف الشيخ المفيد في ذلك و قال بوجوبه، فإن أخلّ فعليه كفارة دم شاة. و قال الشهيدان: ﴿يستحب توفير شعر الرأس لمن أراد الحج تمتعاً و غيره من أول ذي القعدة و آكد منه توفيره عند هلال ذي الحجة. وقيل: يجب التوفير و بالإخلال به دم شاة، و لمن أراد العمرة توفيره شهراً﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يريد الحجَّ، أيأخذ من رأسه في شوال كلّه ما لم ير الهلال؟ قال: لا بأس، ما لم ير الهلال (1)

3- أحمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تأخذ من شعرك و أنت تريد الحجَّ في ذي القعدة، و لا في الشهر الّذي تريد فيه الخروج إلى العمرة (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يأخذ الرَّجل- إذا رأى هلال ذي القعدة و أراد الخروج- من رأسه و لا من لحيته (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أعف شعرك (4) للحجِّ إذا رأيت هلال ذي القعدة، و للعمرة شهراً.

200- باب مواقيت الإحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تمام الحجِّ و العمرة أن تُحرم من المواقيت الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و لا تَجَاوَزُها إلّا و أنت محرمٌ، فإنّه وَقّت لأهل العراق- و لم يكن يومئذ عراق- بَطْنَ العقيق من قِبَل أهل العراق، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و وقت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل المغرب الجُحْفَةَ مهيعة، و وقّت

ص: 315


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 و 9 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. قوله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)ما لم يرَ الهلال: أي هلال ذي القعدة.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 1 و أخرجه عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن صفوان، عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح7. الاستبصار 2، 92- باب توفير شعر الرأس و اللحية من أول ... ، ح 2.
4- أي وفره.

لأهل المدينة ذا الحُلَيفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة، فَوَقْتُهُ منزله (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، لا ينبغي لحاجّ و لا لمعتمر أن يُحرم قبلها و لا بَعدها، وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، و هو مسجد الشجرة، يصلّى فيه و يفرض فيه الحجّ (2) ، و وقت لأهل الشام الجُحفة، و وقّت لأهل نجد العقيق، و وقّت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حدِّثني عن العقيق، أَوَقْتٌ وقّته رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أو شيء صنعه الناس؟ فقال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، و وقّت لأهل المغرب الجُحْفة، و هي عندنا مكتوبة مهيعة، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و وقّت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل نجد العقيق و ما أَنْجَدَت (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: آخر العقيق بريد أَوْطَاس. و قال: بريد البَعْث دون غَمْرَةَ بِبَرِيدَيْن (5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : حدُّ العقيق ما بين المَسْلَخَ إلى عقبة غَمْرَة.

ص: 316


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 12 و كرره برقم (1) من الباب 23 من نفس الجزء من التهذيب. و العقيق: هو واد طويل يزيد على بريدين من أودية المدينة المنوّرة. و يَلْمْلَم: جبل على مرحلتين من مكة، و فيه لغة: اَلَمْلَم، و يَرَمْرَم. و قَرْن المنازل: جبل صغير على مسيرة يوم و ليلة من مكة. الجُحْفَة: هي في الأصل مدينة سمّيت بذلك لأن السيل أجِحف بها، تقع على ثلاث مراحل من مكة المكرمة. مَهْيَعة: أي طريق واسع بيّن. ذو الحُلَيْفَة: ماء على ستة أميال من المدينة، و المراد الموضع الذي فيه الماء، و به مسجد الشجرة، قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿و الإحرام منه أفضل و أحوط للتأسيّ، وقيل: بل يتعّين منه لتفسيره ذي الحليفة به في بعض الأخبار، و هو جامع بينها﴾.
2- أي يهلّ بالتلبية بعد لبس ثوبي الإحرام و بذلك يدخل في عمرة التمتع إلى الحج.
3- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 13. الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. قوله: و ما أنجدت: أي كل أرض ينتهي طريقها إلى نجد، و في القاموس: أَنْجَدَ: أتى نجداً و خرج إليه.
5- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 19. و أوطاس: -كما في المغرب- موضع على ثلاث مراحل من مكة.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: أَوْطاس ليس من العقيق (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن یونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإحرام؛ من أيّ العقيق أفضل أن أُحْرم؟

فقال: من أوَّله أفضل (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن يونس بن عبد الرَّحمن قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نحرم من طريق البصرة، و لسنا نعرف حدَّ عرض العقيق؟ فكتب: أحرم من وَجْرَة (3)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أقام بالمدينة شهراً و هو يريد الحجَّ، ثمَّ بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الّذي يأخذونه، فليكن إحرامه من مسيرة ستّة أميال، فيكون حذاء الشجرة (4) من البيداء (5)

و في رواية أخرى: يحرم من الشجرة (6)، ثمَّ يأخذ أيَّ طريق شاء.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوَّل العقيق بريد البَعْث، و هو دون المسلخ بستّة أميال ممّا يلي العراق، و بينه و بين غَمْرَة أربعة و عشرون ميلاً؛ بَرِيدان (7)

ص: 317


1- التهذيب،5 نفس الباب، ح 20.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18 بتفاوت.
3- الحديث مجهول. و وَجْرَة: -كما ينقل الجوهري عن الأَصْمعيّ- بين مكة و البصرة، و هي أربعون ميلاً ليس فيها منزل فهي رَبُّ للوحش.
4- يعني مسجد الشجرة.
5- التهذيب 5، 60- باب المواقيت، ح 24 و فيه إلى قوله: ستة أميال. الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 11 و في آخره: ... مسيرة ستة أميال فليحرم منها.
6- ظاهرة عدم الإكتفاء بالمحاذاة للميقات.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. و البَعْث: لغةً: الجيش، و هو اسم مكان ربما كان موضع بعث جيش بعينه، أو جيوش متعددة، و هو على طريق المسلخ (المسلح) مما يلي العراق بستة أميال كما ورد في بعض الروايات. و غَمْرَة: مؤنث: غَمْر، و كثرة الماء و معظمه. و المسلخ: المكان الذي تسلخ فيه الثياب عن البدن، أي تنزع مقدمة للبس ثوبي الإحرام. و هو أصح مما ورد فيه: المسلخ: و هو في اللغة المكان الذي يترتب فيه السلاح. و ذات عِرق: مكان يبعد عن مكة نحواً من مرحلتين إلى جهة العراق.

بعض أصحابنا قال: إذا خرجت من المسلخ، فأًحْرِم عند عند أوَّل بريد يستقبلك.

201- باب من أحرم دون الوقت

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أحرم بحجّة في غير أشهر الحجِّ دون الوقت الّذي وقّته رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: ليس إحرامه بشيء، إن أحبَّ أن يرجع إلى منزله فليرجع، و لا أرى عليه شيئاً، و إن أحبَّ أن يمضي فليمض، فإذا انتهى إلى الوقت فليحرم منه و يجعلها عمرة، فإنَّ ذلك أفضل من رجوعه، لأنّه أعلن الإحرام بالحجِّ (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهر معلومات؛ شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، ليس لأحد أن يحرم بالحجِّ في سواهنَّ، و ليس لأحد أن يحرم دون الوقت الّذي وقّته

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإنّما مثل ذلك مثل من صلّى في السفر أربعاً و ترك الثِّنْتَيْن (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى بدنة قبل أن ينتهي إلى الوقت الّذي يحرم فيه، فأَشْعَرَها و قَلَّدها، أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال: لا، و لكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم، ثمَّ ليُشْعِرها و يقلّدها، فإنَّ تقليده الأوَّل ليس بشيء.

ص: 318


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 4. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز الإحرام و عدم انعقاده فيما لو أتى به قبل المواقيت التي حددها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قد ذكر صاحب المدارك أنه قول علمائنا أجمع. و قد استثنوا من ذلك موضعين : الأول: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنه حينئذ يجوز و يصح و إن ذهب جماعة إلى المنع لبطلان النذر باعتباره غير مشروع كمن نذر أن يصلي صلاة قبل وقتها. الثاني: ما لو أراد إدراك عمرة رجب فخشي انسلاخ الشهر فيما لو أخّر الإحرام إلى الميقات، جاز له الإحرام قبله. و قد نقل صاحب المنتهى أن على ذلك فتوى علمائنا، كما ذكر صاحب المسالك أنه موضع نص و وفاق، و نقل صاحب الجواهر عدم وجود خلاف فيه بين علمائنا.
2- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 1. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 1. الفقيه 2، 175- باب أشهر الحج و أشهر السياحة و ... ، ح 1. و أخرجه عن أبان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت إلى قوله: سواهن. و كان الكليني رحمه الله قد روى صدر هذا الحديث بنفس السند برقم (1) من الباب 175 من هذا الجزء.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أحرم بالحجِّ في غير أشهر الحجِّ فلا حجَّ له، و من أحرم دون الميقات فلا إحرام له (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مهران بن أبي نصر، عن أخيه رباح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنا نُروّى بالكوفة أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: إنَّ من تمام الحجِّ و العمرة أن يحرم الرَّجل من دويرة أهله، فهل قال هذا عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: قد قال ذلك أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) لمن كان منزله خلف المواقيت، و لو كان كما يقولون، ما كان يمنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن لا يخرج بثيابه إلى الشجرة (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن عليِّ بن عقبة عن ميسرة قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا متغيّر اللّون، فقال لي: من أين أحرمت؟ قلت: من موضع كذا و كذا، فقال: رُبَّ طالبِ خير تَزِلُّ قدمه، ثمَّ قال: يَسُرُّك إن صلّيتَ الظّهر في السفر أربعاً؟ قلت: لا، قال: فهو و الله ذاك (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أحرم دون الوقت و أصاب من النساء و الصيد فلا شيء عليه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ليس ينبغي لأحد أن يحرم دون المواقيت الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، إلّا أن يخاف فَوْتَ الشهر في العمرة (4)

9- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يجيىء معتمراً عمرة رجب، فيدخل عليه هلال شعبان قبل أن يبلغ الوقت، أيُحْرم قبل الوقت و يجعلها لرجب، أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟ قال: يُحرم قبل الوقت فيكون لرجب، لأنَّ لرجب فضله، و هو الّذي نوي (5)

ص: 319


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
2- الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 7 بتفاوت و أخرجه عن أبي بصير عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث مجهول. ويدل كلام الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على أن ميسرة كان قد أحرم قبل الميقات.
4- الحديث حسن، و مضمونه متفق عليه بين الأصحاب.
5- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 6 بتفاوت، الاستبصار 2 ، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 6 بتفاوت و أخرجاه عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

202- باب من جاوز ميقات أرضه بغير إحرام أو دخل مكة بغير إحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يحرم حتّى دخل الحرم؟ قال: قال أبي (1): يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته الحجُّ أحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كتبت إليه: إنَّ بعض مواليك بالبصرة يُخْرمون ببطن العقيق، و ليس بذلك الموضع ماء و لا منزل، و عليهم في ذلك مؤونة شديدة و يعجّلهم أصحابهم و جَمّالهم، و من وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلاً منزل فيه ماء، و هو منزلهم الّذي ينزلون فيه، فترى أن يُحرموا من موضع الماء لِرِفْقِهِ بهم و خفّته عليهم؟ فكتب: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقّت المواقيت لأهلها، و لمن أتى عليها من غير أهلها، و فيها رخصة لمن كانت به علّة، فلا يجاوز الميقات إلّا من علّة.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي خرجت بأهلي ماشياً فلم أُهلَّ حتّى أتيت الجُحْفة، و قد كنت شاكياً، فجعل أهل المدينة يسألون عنّي فيقولون: لقيناه و عليه ثيابه و هم لا يعلمون، و قد رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمن كان مريضاً أو ضعيفاً أن يحرم من الجحفة.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رِفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يَعْرض له المرض الشديد قبل أن يدخل مكّة؟ قال: لا يدخلها إلّا بإحرام.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير ، عن زرارة، عن أُناس من أصحابنا حجّوا بإمرأة معهم، فقدموا إلى الوقت و هي لا تصلّي (3)، فجهلوا أنَّ

ص: 320


1- هذا غير موجود في التهذيب.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 2. بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 242/1: ﴿... و لو أخّره (الإحرام) عن الميقات لمانع ثم زال المانع عاد إلى الميقات، فإن تعذر جدّد الإحرام حيث زال، و لو دخل مكة خرج إلى الميقات، فإن تعذر خرج إلى خارج م، و لو تعذر أحرم من مكة، و كذا لو ترك الإحرام ناسياً، أو لم يرد النسك﴾.
3- علّة الحيض.

مثلها ينبغي أن يُحرم، فمضوا بها كما هي حتّى قدموا مكّة و هي طامت حلال، فسألوا النّاس، فقالوا: تخرج إلى بعض المواقيت فتحرم منه، و كانت إذا فعلت لم تدرك الحجَّ، فسألوا أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فقال: تحرم من مكانها، قد علم الله نيّتها.

6- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل مرَّ على الوقت الّذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتّى أتى مكّة، فخاف إن رجع إلى الوقت أن يفوته الحجُّ؟ فقال: يخرج من الحرم، و يحرم و يجزئه ذلك (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل جهل أن يحرم حتّى دخل الحرم، كيف يصنع؟ قال: يخرج من الحرم، ثمَّ يُهِلَّ بالحجِّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي أن يُحرم أو جهل، و قد شهد المناسك كلّها، و طاف وسعى؟ قال: تجزيه نيّته، إذا كان قد نوى ذلك فقد تمَّ حجّه و إن لم يهلّ؛ و قال في مريض أُغمي عليه حتّى أتى الوقت؟ فقال: يُحرم منه (3)

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإحرام من غَمْرة؟ قال: ليس به بأس [أن يحرم منها]، و كان بريد العقيق (4) أحبُّ إليَّ.

10- صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت، فأرسلت إليهم فسألتهم؛ فقالوا: ما ندري أعليك إحرام أم لا، و أنت حائض، فتركوها حتّى دخلت الحرم؟ قال: إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه، و إن لم يكن عليها

ص: 321


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 27 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. و ما تضمنه هذا الحديث كالذي قبله هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 3.
3- روی صدره بتفاوت يسير في التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 38. و روى ذيله بتفاوت برقم 37 من نفس الباب، وفي آخره: يحرم عنه رجل. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 242/1: ﴿لو نسي الإحرام و لم يذكر حتى أكمل مناسكه، قيل: يقضي إن كان واجباً، وقيل: يجزيه، و هو المرويّ﴾.
4- بريد العقيق: لعله المسلخ، و هو البريد الأول. وقيل هو البَعث.

وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أحمد

بن عمرو بن سعيد، عن وردان، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من كان من مكّة على مسيرة عشرة أميال لم يدخلها إلاّ بإحرام (2)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن سورة بن كليب قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): خَرَجَتْ معنا امرأة من أهلنا فجهلت الإحرام، فلم تحرم حتّى دخلنا مكّة، و نسينا أن نأمرها بذلك؟ قال: فَمُرُوها فلتُحْرم من مكانها من مكّة، أو من المسجد.

203- باب ما يجب لعقد الإحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قِبَل العراق، أو إلى الوقت من هذه المواقيت، و أنت تريد الإحرام إن شاء الله، فانتف إبطَيْك، و قلّم أظفارك، واطْلِ عانَتَك وخذ من شاربك ، و لا يضرُّك بأيِّ ذلك بدأت، ثمَّ اسْتَك، و اغتسل، و البس ثوبيك، و ليكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس، و إن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرُّك، غير أنّي أحب أن يكون ذاك مع الاختيار عند زوال الشمس (3)

2- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السُنَّةُ في الإحرام؛ تقليم الأظفار، و أخذ الشارب، و حَلْق العانة (4)

ص: 322


1- التهذيب 5، 26- باب الزيادات في فقه الحج، ح 8 بتفاوت. قوله: بقدر ما لا يفوتها: يعني الحج. و الحديث صحيح، و ظاهره وجوب التدارك عند تعذر العود إلى الميقات بالرجوع ما أمكن بحيث تصل من الميقات إلى مسافة تخشى لو تقدمتها بعدُ أن يفوتها الحج، و هو مخالف لما عليه أكثر أصحابنا من كفاية الإحرام من أدنى الحلّ.
2- الحديث مجهول.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 1 و روى صدره بتفاوت. الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ح 1. و لا بد من التنبيه على أن ما تناوله هذا الحديث من الغسل و الأخذ من الشارب أو قصّه و إزالة شعر العانة و غير ذلك إنما هو على نحو الاستحباب و الندب، مع عدم جواز مسّ شيء من شعر رأسه، اللهم إلا ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب حيث ذهب إلى القول بوجوب الغسل هنا.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. و فيه: ... عن حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن التهيؤ للإحرام فقال ... الخ.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضرٌ- فقال: إذا طَلَيْتُ للإحرام الأوَّل كيف أصنع في الطلية الأخيرة، و كم بينهما؟ قال: إذا كان بينهما جُمُعَتان؛ خمسة عشر يوماً فاطَّلِ. (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد، عن صفوان، عن أبي سعيد المكاريِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن تطّلي قبل الإحرام بخمسة عشر يوماً (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزیار قال: كتب الحسن بن سعيد إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أحرم بغير غسل، أو بغير صلاة، عالم أو جاهل، ما عليه في ذلك، و كيف ينبغي أن يصنع؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يعيد (3)

6- بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: كنّا بالمدينة، فَلَاحآني (4) زرارة في نتف الإبط و حلقه، فقلت: حَلْقُهُ أفضل؛ و قال زرارة: نَتْفُهُ أفضل، فاستأذَنّا على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فأذن لنا و هو في الحمّام يطّلي، و قد طلى إبطيه، فقلت لزرارة: يكفيك؟ قال: لا، لعلّه فعل هذا لما لا يجوز لي أن أفعله، فقال: فيما أنتما؟ فقلت: إنَّ زرارة لأحاني في نتف الإبط و حلقه، قلت: حلقه أفضل، و قال زرارة: نتفه أفضل؟ فقال: أصبتَ السنّة و أخطأها زرارة، حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه، ثمَّ قال لنا: اطّليا، فقلنا: فعلنا منذ ثلاث، فقال: أعيدا، فإنّ الإطّلاء طَهور (5)

ص: 323


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 6. الفقيه 2، 109- التهيؤ للإحرام، ح 4 بتفاوت يسير. أقول: و المقصود بالإحرام الأول إحرام عمرة التمتع، و الظاهر من قوله: و الطلية الأخيرة، هي الإطلاء لإحرام حج التمتع، و هذا لا ينافي إجزاء الإطلاء و غيره من الأمور التي وردت في أصل السنّة كمقدمات للإحرام إذا وقعت قبل الإحرام من الميقات بخمسة عشر يوماً و إلا أعادها، و إن كان الفضل في إعادتها حتى قبل مضيّ هذه المدة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 و فيه: ... يطّلي ... ، بدل: ... تطّلي ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 68 بتفاوت. و أخرجه عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن قال: كتبت ... يقول المحقق في الشرائع 1/ 244: ﴿و لو أحرم بغير غسل أو صلاة، ثم ذكر، تدارك ما تركه و أعاد الإحرام﴾. و لا بد من التنبيه على أن تلك الإعادة إنما هي على نحو الفضل و الاستحباب دون الفرض و الإيجاب، لأن كل مقدمات الإحرام إنما هي من المندوبات.
4- أي خاصمني و جادلني.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 7. و الحديث ضعيف. و قول عبد الله الزرارة: يكفيك؟ يعني ما رأيت من فعل الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... حيث طلى إبطيه، و يدل على أن إزالة الشعر من أصله أفضل من النتف بحلق كان أو بالإطّلاء بالنورة.

204 - باب ما يُجْزىء من غسل الإحرام و ما لا يُجْزىء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: غسل يومك ليومك، و غسل ليلتك لليلتك.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألته (1) عن الرَّجل يغتسل بالمدينة لإحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذي الحليفة؟ قال: نعم (2) فأتاه رجلٌ- و أنا عنده- فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتّى أمسى؟ قال يعيد الغسل، يغتسل نهاراً ليومه ذلك، و ليلاً لليلته.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يغتسل للإحرام ثمَّ ينام قبل أن يُحرم؟ قال: عليه إعادة الغسل (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اغتسل للإحرام، ثمَّ لبس قميصاً قبل أن يُحرم؟ قال: قد انْتَقَضَ غسله (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة

ص: 324


1- في كل من التهذيب و الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- إلى هنا رواه في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 8. و كرره بسند آخر برقم 9 من نفس الباب، و روى صدره بتفاوت عن الحلبي عنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ذيل ح 6. قال المحقق في الشرائع 244/1: ﴿و يجوز له تقديمه (الغسل) على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه، و لو وجده استحب له الإعادة...﴾
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، 94- باب من اغتسل للإحرام ثم نام قبل أن ...، ح 1. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الغسل كمقدمة من مقدمات الإحرام، يقول المحقق في الشرائع 244/1: ﴿و الغسل للإحرام وقيل: إن لم يجد ماءً يتيمم له، و لو اغتسل و أكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم أكله و لا لبسه أعاد الغسل استحباباً و يجوز له تقديمه على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه و لو وجده استحب له الإعادة، و يجزي الغسل في أول النهار ليومه و في أول الليل لليلته ما لم ينم، و لو أحرم بغير غسل أو صلاة ثم ذكر تدارك ما تركه و أعاد الإحرام...﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17.

قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اغتسل للإحرام ثمَّ نام قبل أن يحرم؟ قال: عليه إعادة الغسل (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اغتسل الإحرامه ثمَّ قلّم أظفاره؟ قال: يمسحها بالماء، و لا يعيد الغسل (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أرسلنا إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و نحن جماعة و نحن بالمدينة: إنّا نريد أن نودِّعك، فأرسل إلينا: أن اغتسلوا بالمدينة، فإنّي أخاف أن يَعْسُرَ عليكم الماء بذي الحُلَيفة، فاغتِسلوا بالمدينة، و البسوا ثيابكم الّتي تحرمون فيها، ثمَّ تعالى فُرادى أو مثاني (3)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اغتسل الرَّجل و هو يريد أن يحرم، فلبس قميصاً قبل أن يْلبّي، فعليه الغسل (4)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن درَّاج، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يغتسل للإحرام ثمَّ يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به.

205- باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله من الطِّيب و الصيد و غير ذلك قبل أن يُلَبّي

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألته عن الرَّجل یدّهن بدُهُن فيه طيب و هو يريد أن يُحرم؟ قال: لا تدَّهن حين تريد أن تحرم بدُهن فيه مسك و لا عنبر تبقى رائحته في رأسك بعد ما تحرم،

ص: 325


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. أقول: و لعل الأمر بالمسح بالماء لإزالة حزازة استعمال الحديد، لما ورد في بعض الروايات من أن الحديد نجس، أو أنه لباس أهل النار، و الذهب لباس أهل الجنة، و لذا فهو محمول على الاستحباب .
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 5. و الحديث صحيح.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 18.

و ادّهن بما شئت من الدُّهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل و بعده، فإذا أحرمت فقد حَرُمَ عليك الدّهن حتّى تُحِلَّ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تدَّهن حين تريد أن تحرم بدُهن فيه مسك و لا عنبر، من أجل رائحة تبقى في رأسك بعد ما تُحرم، و ادَّهن بما شئت من الدُّهن حين تريد أن تحرم، فإذا أحرمتَ فقد حَرُمَ عليك الدُّهن حتّى تُحِلّ (2)

3- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله؛ و فضيل؛ و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الطّيب عند الإحرام، و الدُّهن؟ فقال: كان عليُّ صلوات الله عليه لا يزيد على السليخة (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا بأس بأن يدَّهن الرَّجل قبل أن يغتسل للإحرام أو بعده، و كان يكره الدُّهن الخاثر (4)الّذي يبقى.

5- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل المحرِم يدَّهن بعد الغسل؟ قال: نعم، فادّ هنّا عنده بسليخة بان؛ و ذكر أنَّ أباه كان يدَّهن بعد ما يغتسل للإحرام، و أنّه يدّهن بالدُّهن ما لم يكن غاليةً (5) ، أو دهناً فيه مسك أو عنبر.

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن

ص: 326


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 29. الاستبصار 2، 108- باب كراهية استعمال الأدهان الطيبة عند عقد الإحرام، ح 1. الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ح 8 و قد ورد في الجميع مضمراً.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. هذا و يقول المحقق في الشرائع 1/ 250: ﴿و استعمال دهن فيه طيب محرّم بعد الإحرام (أي بعد أن يحرم) و قبله إن كان ريحه يبقى إلى الإحرام، و كذا ما ليس بطيب اختياراً بعد الإحرام، و يجوز اضطراراً﴾
3- قال في القاموس: السليخة: عطر، كأنه قشر منسلخ. أقول: و قد ورد في بعض الروايات: بأن سليخة: و هو دهن ثمر البان قبل أن يربّب. و البان زهر فيه حب يؤخذ منه دهن ذو رائحة طيبة. و الحديث هنا ضعيف على المشهور. و قد حمل فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على أن السليخة مما لا تبقى رائحتها بعد الإحرام.
4- قال الجوهري: الخثورة: نقيض الرقّة.
5- قال ابن الأثير في النهاية: الغالية: نوع من الطيب مركّب من مسك و عنبر و عود و دهن، و هي معروفة. 383/3.

مسكان، عن عليِّ بن عبد العزيز قال: اغتسل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) للإحرام، ثمَّ دخل مسجد الشجرة فصلّى، ثمَّ خرج إلى الغلمان فقال: هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد حتّى نأكله (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل إذا تهيّاً للإحرام، فله أن يأتي النساء، ما لم يعقد التلبية أو يُلَبِّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل صلّى الظهر في مسجد الشجرة، و عقد الإحرام، ثمَّ مسّ طيباً، أو صاد صيداً، أو واقع أهله؟ قال: ليس عليه شيء ما لم يُلَبِّ (3)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابه قال: كتبت إلى أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل دخل مسجد الشجرة فصلّى و أحرم، و خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبّي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء، أَلَه ذلك؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم- أو (4) لا بأس به- (5)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار (6)، عن يونس، عن زياد بن مروان قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل تهيّاً للإحرام و فرغ من كلّ شيء؛ الصلاة و جميع الشروط، إلّا أنّه لم يُلَبِّ، أَلَه أن ينقض ذلك و يواقع النساء؟ فقال: نعم (7)

ص: 327


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 84 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و نقضه و ...، ح 9 بتفاوت و زيادة في آخره أيضاً. أقول: و إنما فعل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك لأنه لم يكن قد لبّى للإحرام بَعْدُ فهو لم يكن محرماً حتى يقال: كيف أكل لحوم الصيد؟.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ج 3.الاستبصار 2، 116- باب من جامع قبل عقد الإحرام أو ... ح 7. و يحتمل أن يكون الترديد في ذيل الحديث من الراوي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
4- الترديد من الراوي.
5- الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و نقضه و ... ، ح 12 بتفاوت يسير. و يدل على أن لا انعقاد للإحرام بدون التلبية، و هو مجمع عليه بين الأصحاب رضوان الله عليهم- كما حكاه في المنتهى و التذكرة و الانتصار و الجواهر و غيرها- على أنه لا ينعقد إحرام حج التمتع و لا إحرام عمرته و لا إحرام حج الإفراد و لا إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، بمعنى أن من لم يأت بها لا يحرم عليه ارتكاب أي من محرمات الإحرام و لا كفارة عليه. كما أن المشهور عندنا في حج القرآن هو انعقاد إحرامه بالتلبية أو الإشعار و التقليد على نحو التخيير، و خالف في ذلك ابن إدريس و غيره حيث أعطوه حكم بقية أنواع الحج في عدم انعقاده إلا بالتلبية خاصة.
6- في سند التهذيب: اسماعيل بن مهران.
7- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم ...، ح 2. الاستبصار 2، 116- باب من جامع قبل عقد الإحرام بالتلبية، ح 6.

206- باب صلاة الإحرام و عقده و الاشتراط فيه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ؛ و معاوية بن عمّار، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: لا يضرُّك بليل أحرمتَ أم نهارٍ، إلّا أنَّ أفضل ذلك عند زوال الشمس (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا يكون إحرام إلّا في دُبُر صلاة مكتوبة (2) أحرمت في دبرها بعد التسليم، و إن كانت نافلة، صلّيت ركعتين و أحرمت في دبرهما، فإذا انفتلت من صلاتك فأحمد الله واثنِ عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قل: اللّهمَّ إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك و آمن بوعدك، و اتّبع أمرك، فإنّي عبدك و في قبضتك، لا أُوقى إلّا ما وَقَيْتَ، و لا آخذ إلّا ما أعطيتَ، و قد ذكرت الحجّ، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك و سنّة نبيّك، و تقوّيني على ما ضعفت عنه، و تَسَلَّم منّي مناسكي في يُسْر منك و عافية، و اجعلني من وفدك الّذين رضيتَ و ارتضيتَ و سمّيت و كتبت، اللّهمَّ فتمّم لي حجّي و عمرتي، اللّهمَّ إنّي أُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجِّ على كتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإن عرض لي شيء يحبسني فخلّني حيث حبستني، لقَدَرك الّذي قدّرْتَ عليَّ، اللّهمَّ إن لم تكن حجّة فعُمرة، أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب، أبتغي بذلك وجهك و الدَّار الآخرة. قال: و يجزيك أن تقول هذا مرَّة واحدة حين تحرم، ثمَّ قم فامش هنيئة، فإذا استوت بك الأرض- ماشياً كنت أو راكباً-

فلبِّ (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي

ص: 328


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 64. و وجه الأفضلية التأسيّ بفعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كما دلّت بعض الروايات، و فعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سنّة.
2- يقول المحقق في الشرائع 1/ 250 و هو بصدد بيان المقدمات المستحبة للإحرام: ﴿... و إن يحرم عقيب فريضة الظهر أو فريضة غيرها، و إن لم يتفق صلّى للإحرام ستُ ركعات، و أقلّه ركعتان يقرأ في الأولى: الحمد، و: قل يا أيها الكافرون ، و في الثانية: الحمد، و : قل هو الله أحد، و فيه رواية أخرى﴾.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 61. الاستبصار ،2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 2 و روى صدر الحديث إلى قوله: بعد التسليم. الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و...، ح 1 بتفاوت یسیر. و قد أورد الصدوق رحمه الله الدعاء المذكور هنا إلى آخره في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج و التسَلْم من الله: هو القبول.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي أُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فكيف أقول؟ قال: تقول: اللّهمَّ إنّي أُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ على (1) كتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن شئتَ أضمرت الّذي تريد (2)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته أليلاً أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أم نهاراً؟ فقال: نهاراً، قلت: أيُّ ساعة؟ قال: صلاة الظهر (3)، فسألته: متى ترى أن نُحرم؟ فقال: سواء عليكم، إنّما أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلاة الظهر، لأنّ الماء كان قليلاً، كأن يكون في رؤوس الجبال فيهجر (4)الرَّجل إلى مثل ذلك من الغد، و لا يكاد يقدرون على الماء، و إنّما أُحْدِثَت هذه المياه حديثاً (5)

5- أبو عليَّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أصحابنا يختلفون في وجهين من الحجِّ، يقول بعض: أَحْرِم بالحجِّ مفرداً، فإذا طفت بالبيت، و سعيتَ بين الصفا و المروة فأحلَّ و أجعلها عمرة، و بعضهم يقول: أحرم وانوِ المتعة بالعمرة إلى الحجِّ. أيُّ هذين أحبُّ إليك؟ قال: إنْوِ المتعة (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الّذي يقول: حُلَّني حيثُ حَبَسْتَني ؟ قال: هو حِلّ حيث حَبَسَه؛ قال أو لم يَقُلْ (7)

ص: 329


1- أي حال كونه موافقاً لكتابك و سنّة نبيّك.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 69. الاستبصار 2، 99- باب كيفية عقد الإحرام و القول بذلك، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
3- إلى هنا رواه في التهذيب 5، نفس الباب، ح 63. و الاستبصار 2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 3.
4- أي يسير في الهاجرة ، و هي نصف النهار في القيظ خاصة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
6- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 73، الاستبصار 2، 99- باب كيفية عقد الإحرام و ...، ح 4. قال المحقق صاحب الشرائع و هو بصدد الحديث عن واجبات الإحرام: ﴿الأول: النية، و هو أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة: ما يحرم به من حج أو عمرة متقرباً، و نوعه من تمتع أو قِران أو إفراد، و صفته من وجوب أو ندب، و ما يحرم له من حجة الإسلام أو غيرها. و لو نوى نوعاً و نطق بغيره عمل على نيته، و لو أخلّ بالنية عمداً أو سهواً لم يصح إحرامه﴾.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 74. و فيه: حيث حبسه الله ... ، الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و ...، ح 4 و أخرجه عن حمران بن أعين و لكنه عاد فأخرجه بزيادة في آخره عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 5 من الباب 210 من نفس الجزء فراجع. هذا و قد دل الحديث على جواز الاشتراط في عقد الإحرام، و دلّ أيضاً على أنه لو أحصِرَ فله أن يحلّ من إحرامه حيث أحصِر حتى و لو لم يكن اشترط ذلك في عقد الإحرام، و حكم مثل هذا فيما إذا كانت الحجة حجة الإسلام أن يعود من قابل إلى أداء فريضة الحج.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: هو حلّ إذا حُبس، اشترط أو لم يشترط (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميِّ، و زيد الشحّام؛ و منصور بن حازم قالوا: أَمَرَنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن نلبّي و لا نسمّي شيئاً، و قال: أصحاب الإضمار أحبُّ إليَّ (2)

9- أحمد، عن عليّ، عن سيف، عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: الإضمار أحبُّ إليَّ، فلبِّ و لا تُسَمِّ (3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أحرم في دُبُر صلاة مكتوبة، أكان يجزيه ذلك؟ قال: نعم (4)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ؛ و عبد الرّحمن بن الحجّاج؛ و حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صلّيتَ في مسجد الشجرة، فقل و أنت قاعدٌ في دبر الصلاة قبل أن تقوم، ما يقول المحرم، ثمَّ قم فامش حتّى تبلغ الميل، و تستوي بك البيداء، فإذا استوت بك فلبّه (5)

12- عليُّ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يجوز للمتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أن يُظْهر التلبية في مسجد الشجرة؟ فقال: نعم، إنّما لبّى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على البيداء، لأنَّ الناس لم يكونوا يعرفون التلبية، فأحبَّ أن

ص: 330


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 75. و فيه: إذا حبسه ... ، بدل: إذا حُبس. هذا و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿الرابعة: إذا اشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه ثم أُحصر، تحلّل، و هل يسقط الهَدْي؟ قيل: نعم، و قيل: لا ، و هو الأشبه. و فائدة الاشتراط جواز التحلل عند الإحصار، و قيل: يجوز التحلل من غير شرط، و الأول أظهر. الخامسة: إذا تحلّل المحصور لا يسقط الحج عنه في القابل إن كان واجباً، و يسقط إن كان ندباً﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. و فيه: الأَصحاب ... ، بدل: أصحاب ... الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 6. و قد حمل هذا الحديث و أمثاله على التقية.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بزيادة: شيئاً، في ذيله. الاستبصار 2، نفس الباب، ح7.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 62. الاستبصار 2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 1. و لا بد من حمل الإحرام بعد المكتوبة- بملاحظة بعض الروايات- على الفضل و الاستجاب تأسياً بفعل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حيث ذكر فيها أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد أحرم نهاراً بعد الظهر.
5- الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و ...، ح 5 و في ذيله: فلبِّ و الهاء هنا في: فَلَبِّهْ: للسِّكت.

يعلّمهم كيف التلبية (1)

13- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إذا أحرم الرَّجل في دبر المكتوبة، أيلبّي حين ينهض به بعيره، أو جالساً في دبر الصلاة؟ قال: أيّ ذلك شاء صنع.

قال الكلينيُّ: و هذا عندي من الأمر المتوسّع، إلّا أن الفضل فيه أن يُظهر التلبية حيث أظهر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على طرف البيداء، و لا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلّا و قد أظهر التلبية، و أوَّل البيداء أوَّل ميل يلقاك عن يسار الطريق.

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّ المكتوبة، ثمَّ أحرم بالحجِّ أو بالمتعة، و أخرج بغير تلبية حتّى تصعد إلى أوَّل البيداء إلى أوّل ميل عن يسارك، فإذا استوت بك الأرض، راكباً كنت أو ماشياً فلبّ، فلا يضرّك ليلاً أحرمتَ أو نهاراً، و مسجد ذي الحُليفة الّذي كان خارجاً عن السقائف (2) عن صحن المسجد، ثمَّ اليوم ليس شيء من السقائف منه.

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر عُمرة مفردة، يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حَبَسَه، و مفرِدُ الحجّ يشترط على ربِّه: إن لم تكن حجّة فعُمْرة (3)

ص: 331


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 88 بتفاوت قليل. الاستبصار 2، 101- باب الموضع الذي يجهر فيه بالتلبية على...،ح 4. هذا و الذي يظهر من كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم أنهم مختلفون في صورة التلبية على أقوال: الأول: لبَّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك. و ذكره هذه الصورة المحقق في كل من الشرائع و المختصر النافع، كما اختارها السيد في المدارك، و صاحب المنتهى و غيره الثاني: أن يضيف إلى الصورة الأولى قوله: إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. و هو الذي يظهر من الفقيه بإضافة: لبيك ذا المعارج لبيك. و كذلك هو ما اختاره صاحب المراسم و غيره. الثالث : لبيك اللهم لبيك، لبّيك إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك. كما عن السرائر و المبسوط و الكافي و الغنية و غيرهم. الرابع : نفس صيغة القول الثالث بفارق واحد و هو تقديم لفظ: و الملك لفظ : لك، فيصبح هكذا: ... إن الحمد و النعمة و الملك لك ... الخ. و قد اختار هذا صاحب القواعد. الخامس: نفس صيغة الثالث و الرابع إلا أنه يكرر لفظ: لك، قبل لفظ: و الملك، و بعدها أيضاً، و هو ما يظهر من النهاية. هذا و قد ذهب بعض أصحابنا إلى أن الأقوال الثلاثة الأخيرة مما لم يعرف لها فشاهد. و قد قال الشيخ بعد إيراده هذا الحديث. و الوجه في هذه الرواية أن من كان ماشياً يستحب له أن يلبي من المسجد، و إن كان راكباً فلا يلبي إلّا من البيداء في المسجد الذي كان في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
2- السقاف: جمع سقيفة، و هي الصفة، و الغرض بيان أن ما هو مسقّف الآن لم يكن داخلاً.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 79.

16- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت بنو إسرائيل إذا قَرّبت القُربان، تخرج نارٌ تأكل قربان من قُبل منه، و إنَّ الله جعل الإحرام مكان القُربان (1)

207- باب التَّلْبِيَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألته، لم جُعِلَت التلبية؟ فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ﴿أَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَ عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (2)، فنادى، فأُجيب من كلِّ وجه يلبّون.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر ، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: تلبية الأخرس و تشهّده و قراءته القرآن في الصلاة؛ تحريكُ لسانه و إشارتُهُ بإصبعه (3)

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التلبية: ﴿لَبَّیْکَ اللّهُمَّ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ لا شَریکَ لَکَ لَبَّیْکَ، إنَّ الحَمْدَ وَ النِّعْمَهَ لَکَ وَ المُلْکَ، لا شَریکَ لَکَ، لَبَّیْکَ ذَا المَعارِجِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ داعِیاً إلی دارِ السَّلامِ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ غَفّارَ الذُّنُوبِ لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ أهْلَ التَّلْبِیَة، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ ذَا الجَلالِ وَ الإکرامِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ مَرْهُوباً وَ مَرْغوباً إلَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ تُبْدِئ وَ المَعادُ إلَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ کَشّافَ الکُرَبِ العِظامِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ عَبْدُکَ وَ ابْنُ عَبْدَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ یا کَریمُ لَبَّیْکَ﴾. تقول ذلك في دُبُر كلِّ صلاة مكتوبة أو نافلة، و حين ينهض بك بعيرك، و إذا عَلَوْتَ شُرُفاً، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو استيقظت من منامك، و بالأسحار، و أكثِرْ ما استطعت منها، و اجهر بها، و إن تركت بعض التلبية فلا يضرُّك، غير أنَّ تمامها أفضل.

ص: 332


1- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 2 مرسلاً تفاوت يسير. و القربان: ما تقرب به إلى الله سبحانه. ﴿الحديث موثق، و يحتمل أن يكون المراد أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان و ذبح الهدي بمنزلة قبوله، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان﴾ مرآة المجلسي 265/17.
2- الحج/27. و أَذِّن: أي نادِ. رجالاً: أي مشاةً على أرجلهم. ضامر: أي مهزول من الإبل. و الفجّ: الطريق و المسلك. عميق: أي بعيد.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 113. يقول المحقق في الشرائع 245/1: ﴿... فلا ينعقد الإحرام لمتمتع و لا لمفرِدٍ إلا بها (التلبية)، و بالإشارة للأخرس مع عقد قلبه بها﴾.

و اعلم أنّه لا بدَّ من التلبيات الأربع في أوَّل الكلام، و هي الفريضة، و هي التوحيد، و بها لبّى المرسلون، و أكثر من ذي المعارج (1) فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يكثر منها، و أَوَّل من لبّي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ يدعوكم إلى أن تحجّوا بيته، فأجابوه بالتلبية، فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل و لا بطن امرأة إلّا أجاب بالتلبية (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أسد بن أبي العلاء، عن محمد بن الفضيل، عمّن رأى أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو محرم، قد كشف عن ظهره حتّى أبداه للشمس، و هو يقول: لبّيكَ في المذنِبينَ (3)لبّيك.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز رفعه قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّ أحرم أتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: مر أصحابك بالعَجّ و الثَّج، و العجّ: رفع الصوت بالتلبية، و الثج: نَحْرُ البُدن، و قال: قال جابر بن عبد الله: ما بَلَغْنا الرَّوحاء حتّى بُحَّت أصواتنا (4)

6- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن تلبيّ و أنت على غير طهر و على كلِّ حال.

7- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على النساء جهر بالتلبية (5)

8- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن رجال شتّى، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من لبّى في إحرامه سبعين مرَّة إيماناً و احتساباً، أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النّار و براءةٍ من النفاق.

ص: 333


1- أي من قولك: لبّيك ذا المعارج. و هو مأخوذ من قوله تعالى في الآية 3 من سورة المَعارج. و ذو المعارج: ذو العلوّ و الفواضل و النعم.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 108 بتفاوت. و كرره برقم 4 من الباب 23 من نفس الجزء من التهذيب، و فيه هناك: التي في أول الخبر، بدل: ... في أول الكلام... الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج: (التلبية)، و فيه بتفاوت إلى قوله: و أكثر من ذي المعارج.
3- أي شافعاً في المذنبين، أو كافياً فيهم و إن لم يكن منهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 110. و أخرجه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت في الذيل. الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 2 بدون الذيل . و الرَّوْحاء: -كما في القاموس- موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 112. هذا، و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الجهر بالتلبية للرجال خاصة، و روى الصدوق رحمه الله عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله عزَّ و جلَّ وضع عن النساء أربعاً: الإجهار بالتلبية ... الخ. فراجع الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح3.

208- باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال و غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ :﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَ لاَ فُسُوقَ وَ لاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ (1)؟ فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ اشترط على النّاس شرطاً و شرط لهم شرطاً، قلت: فما الّذي اشترط عليهم و ما الّذي اشترط لهم؟ فقال: أمّا الّذي اشترط عليهم، فإنّه قال:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَ لاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ وأمّا ما شرط لهم فإنّه قال: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ لِمَنِ اتَّقَی﴾ (2)، قال: يرجع لا ذنب له. قال: قلت: أرأيت من ابتلي بالفسوق، ما عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدَّا، يستغفر الله و يلبّي. قلت: فمن ابتلي بالجدال، ما عليه؟ قال: إذا جادل فوق مرَّتين، فعلى المصيب دم يهريقه، و على المخطىء بقرة (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان في قوله الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ قال: إتمامها؛ أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحجِّ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : إذا أحرمتَ فعليك بتقوى الله، و ذكر الله كثيراً، و قلّة الكلام إلّا بخير، فإنَّ من تمام الحجِّ و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلّا من خير، كما قال الله عزَّ و جلَّ، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول :﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جدالَ فِي الْحَجِّ﴾، والرَّفث: الجماع،

ص: 334


1- البقرة/197
2- البقرة /203.
3- الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرَفث و ...، ح 1. و أخرجه عن محمد بن مسلم و الحلبي جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الرَّفث: هو الجماع: و الفُسُوق: هو الكذب مطلقاً. قال الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و لا كفارة فيه سوى الاستغفار﴾. و قال الشهيدان و هما في مقام بيان موارد وجوب ذبح شاة كفارة على المحرم: ﴿أو جادل بأن حلف بإحدى الصيغتين أو مطلقاً ثلاثاً صادقاً من غير ضرورة إليه كإثبات حق أو دفع باطل يتوقف عليه و لو زاد الصادق عن ثلاث و لم يتخلل التكفير فواحدة عن الجميع و مع تخلله فلكل ثلاث شاة. أو واحدة كاذباً، و في اثنين كاذباً بقرة، و في الثلاث فصاعداً بدنة، إن لم يكفَّر عن السابق، فلو كفّر، على كل واحدة فالشاة، أو اثنتين فالبقرة، و الضابط اعتبار العدد السابق ابتداءً أو بعد التكفير، فللواحدة شاة، و للاثنتين بقرة و للثلاث بدنة...﴾. و المقصود بإحدى الصيغتين: لا و الله، و بلى و الله. و قد نص الشهيد الأول في الدروس إلى أن الجدال هو مطلق اليمين.

و الفسوق: الكذب و السباب، و الجدال: قول الرَّجل لا و الله، و بلى و الله (1)

و اعلم أنَّ الرَّجل إذا حلف بثلاث أيمان و لاءً في مقام واحد و هو محرم، فقد جادل، فعليه دم يهريقه و يتصدَّق به، و إذا حلف يميناً واحدة كاذبة فقد جادل، و عليه دم يهريقه و يتصدَّق به، و قال (2): اتّق المفاخرة، و عليك بورع يحجزك عن معاصي الله، فإِنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ ﴾، قال أبو عبد الله: من التفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكّة و طفت بالبيت و تكلّمت بكلام طيّب، فكان ذلك كفّارة، قال: و سألته عن الرَّجل يقول: لا لَعَمْري و بلى لَعَمْري؟ قال: ليس هذا من الجدال، إنّما الجدال: لا و اللهِ و بلى و اللهِ.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقاً فقد جادل، و عليه دم، و إذا حلف بيمين واحدة كاذباً فقد جادل، و عليه دم.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سألته (3) عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه: و الله: لا تعمله، فيقول: و الله لأَعْمَلَنّه، فيخالفه مراراً ، أيلزمه ما يلزم [صاحب] الجدال؟ قال: لا، إنّما أراد بهذا إكرام أخيه، إنّما ذلك ما كان [لله] فيه معصية (4)

6- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: في الجدال شاةٌ، و في السباب و الفسوق بقرةٌ، و الرّفث فسادُ الحجّ (5)

ص: 335


1- إلى هنا مرويُّ في التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 1.
2- من هنا إلى قوله: و كان ذلك كفارة، مروي في الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث و ... ،ح 7. و المراد بالكلام الطيب ما يدعو الحاجُّ الله به، و ما يقوم به من تضرّع و استغفار و غير ذلك.
3- في الفقيه: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت. و الحديث صحيح. و قوله: أن يعمل العمل: أي يقوم بخدمة أصحابه وفق آداب السفر و تقرباً إلى الله سبحانه.
5- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 2. هذا، و قد اختلف أصحابنا في معنى الفسوق- بعد إجماعهم على تحريمه في الحج و غيره- فذهب الشيخ و الصدوقان و الشهيدان إلى أنه الكذب. و ذهب ابن أبي عقيل إلى أنه كل لفظ قبيح، و قال السيد المرتضي الكذب و السباب، و قال ابن البرّاج بأنه خصوص الكذب على الله و رسوله و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

209- باب ما يلبس المحرم من الثياب و ما يكره له لباسه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن بعضهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في ثوبَي كُرْسُف (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان ثوبا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اللَّذان أحرم فيهما يمانيين؛ عِبري و ظَفار، و فيهما

كُفّن (2)

3- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلّ ثوب يصلّى فيه فلا بأس أن يحرم فيه (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخميصة، سداها أبريسم، و لُحْمَتُها من غَزْل؟ قال: لا بأس بأن يحرم فيها، إنّما يكره الخالص منه (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن شعيب أبي صالح، عن خالد أبي (5) العلاء الخفاف قال: رأيت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و عليه بُرْدٌ أخضر و هو مُحْرِمٌ (6)

6- محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت عنده جالساً، فسئل عن رجل يُحرم في ثوب فيه حرير، فدعا بإزار

ص: 336


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 21. الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ضمن ح 18. و الكرسُف: القطن.
2- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 1 بتفاوت و فيه و أظفار. و ما هنا في الفروع هو الصحيح. و ظفار: اسم مدينتين في اليمن، إحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفاري .. . . و قيل: ظفار: هي مدينة صنعاء نفسها كما في مراصد الإطّلاع.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. و فيه: يصلي. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و جاء بصيغة المخاطب. هذا، و قد دل الحديث على أن كل ما تصح الصلاة فيه من أنواع الساتر يصح فيه الإحرام.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 و أخرجه عن أبي الحسن النهدي قال: سأل سعيد الأعرج أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... ، و الخميصة: -كما في الصحاح- الكساء الأسود المعلم.
5- في الفقيه: عن خالد بن أبي العلاء الخفّاف...
6- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 4.

قُرْقُبيّ فقال: أنا أُحرِم في هذا، و فيه حرير (1)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور؟ فقال: نعم، و في کتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يلبس طليلسان حتى ينزع أزراره، فحدَّثني أبي، إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل عليه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثل ذلك، و قال: إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل، فأمّا الفقيه فلا بأس أن يلبسه(2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تلبس ثوباً له أزرار و أنت محرم، إلّا أن تنكّسه، و لا ثوباً تَدَّرِعُه، و لا سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار، و لا خفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان (3)؛ قال: و سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه الّتي أحرم فيها و غيرها؟ قال: لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يتردِّى بالثوبين؟ قال: نعم، و الثلاثة إن شاء، يتّقي بها البرد و الحرَّ (4)

ص: 337


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 24. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و قُرْقُبيّ: نسبة إلى قُرْقُوب، حذف منه الواو كما حذف من السابريّ نسبة إلى سابور، و قرقوب: -كما في مراصد الإطلاع- بلدة بين واسط البصرة و الأهواز. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز الإحرام فيما لا يجوز لبسه في الصلاة، و الحرير مما يحرم لبسه مطلقاً للرجال إلا في حالة الاضطرار فلا يجوز الإحرام فيه، و أما بالنسبة لإحرام النساء بالحرير فهنا لك قول بجواز إحرامهن فيه لجواز لبسهنّ له في الصلاة، و قول آخر و هو عدم الجواز، اختاره المحقق في الشرائع لأنه الأحوط فراجع 246/1.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 21 بتفاوت.
3- إلی هنا مروي في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 35 بتفاوت بسير. الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا ...، ح 24 بتفاوت و في ذيله: نعل. بدل: نعلان. والإدّراع: إدخال اليدين في كمّي الثوب عند لبسه. هذا، و قد نقل السيد صاحب المدارك عدم الخلاف بين أصحابنا في تحريم لبس المخيط للرجال حال الإحرام. و نقل عن ابن الجنيد من قدامى الأصحاب أنه قيد المخيط بما كان منه ضامَّا للبدن، و مقتضى ذلك جواز التوشح به.
4- لتهذيب 5 نفس الباب، صدر ح 38 بتفاوت. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن محمد بن سنان عن ابن سكان عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

11- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه، و لكن إذا دخل مكّة لبس ثوبي إحرامه اللّذين أحرم فيهما، و كره أن یبيعهما (1)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2) عن المحرم يلبس الخَزَّ؟ قال: لا بأس (3)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن مختار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يُحرِم الرَّجل في الثوب الأسود؟ قال: لا يحرم في الثوب الأسود، و لا يكفّن به الميّت (4)

14- أحمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يحرم في ثوب وسخ؟ قال: لا، و لا أقول إنّه حرام، و لكن أُحبُّ أن يطهّره، و طهوره غَسْلُهُ، و لا يغسل الرَّجل ثوبه الّذي يحرم فيه حتّى يُحِلَّ و إن توسّخ إلّا أن یصيبه جنابة أو شيء فيغسله (5)

15- أحمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن خَلُوق الكعبة للمحرم، أيغسل منه الثّوب ؟ قال: لا، هو طهور. ثمَّ قال: إنَّ بثوبي منه لطخاً (6)

ص: 338


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الفقيه 2، نفس الباب، ح 26.
2- في الفقيه: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 29 و في ذيله: لا بأس به. و لا بد من حمل الحديث على الخز المغشوش، أو على ما عفي عن لبسه منه، و ليس المراد به هنا ثوبي الإحرام.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 22. و ذكره أيضاً برقم 1394 (تسلسل عام) من الجزء الأول من التهذيب. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و قد حمل أصحابنا النهي هنا على الكراهية دون الحرمة.
5- روی صدره في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 30. و روى ذيله برقم 42 من نفس الباب و في سنده: ... عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم ... الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا ... ، ح 6 و أخرجه عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و يقول الشهيدان و هما في مقام تعداد مكروهات ثياب الإحرام: ﴿و الوسخة، إذا كان الوسخ ابتداءاً، أما لو عرض في أثناء الإحرام كره غسلها إلا لنجاسة﴾.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 33 بتفاوت و بدون الذيل. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).... الفقيه 2، نفس الباب، ح 19 و أخرجه عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الخَلُوق: -كما في النهاية- هو طيب معروف مركّب يتخذ من الزعفران و غيره من أنواع الطيب، و يغلب عليه الحمرة و الصفرة. قوله: فإنه طهور: كناية عن عدم البأس به لأنه يستعمل لتطيب الكعبة.

16- أحمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب المعلم، هل يُحرم فيه الرَّجل؟ قال: نعم، إنّما يكره الملحم (1)

17- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن هلال قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب يكون مصبوغاً بالعُصْفُر، ثمَّ يُغْسَل، البسه و أنا مُحرم؟ قال: نعم، ليس العُصْفُر من الطيب، و لكن أكره أن تلبس ما يشهرك به النّاس (2)

18- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب يصيبه الزَّعفران ثمَّ يُغسل فلا يذهب، أيحرم فيه؟ قال: لا بأس به إذا ذهب ريحه، و لو كان مصبوغاً كلّه إذا ضَرَبَ إلى البياض و غُسل، فلا بأس به (3)

19- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أَبَان، إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يلبس الثّوب قد أصابه الطيب؟ قال: إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه (4)

20- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يحرم الرَّجل في ثوب مصبوغ بمِشْق، و لا بأس بأن يحوِّل

ص: 339


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 13. و الملحم: ما كانت لُحمته من الإبرسيم و سَداه من القطن. و الظاهر من كلمات فقهائنا إرسالهم القول بكراهة الإحرام بالثوب الذي فيه لون يخالف لونه إرسال المسلّمات سواء كانت مخالطة اللون المخالف في أصل الصنع أو بواسطة الصبغ بعد حياكته. و في بعض النسخ: إنما يحرم الملحم، و على تقدير صحته فلا بد من حمله على ما إذا كان الحرير المحض غالباً فيه.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 32. الاستبصار 2، 95- باب جواز لبس الثوب المصبوغ بالعُصْفُر للمحرم، ح 2. و رواه فيهما عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي الفرج عن أبان بن تغلب قال سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أخي... الخ. الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 و رواه مضمراً عن الكاهلي، و هو بحسب الظاهر عبد الله بن يحيى أبي محمد الكاهلي بقرينة ورود ابن محبوب و عبد الله بن هلال هنا في سند الفروع و الأول ممن يروي عن الكاهلي و الثاني ممن يروي عنه الكاهلي. والعُصْفُر: -كما في القاموس المحيط- صبغ و نبت يهرّىء اللحم، غليظ، يسمى البهرمان، و بزره القرطم، الواحدة عصفرة. و عَصْفَرَ الثوب؛ صبغه بالعُصْفُر فهو مُعَصْفَرٌ.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 14. بتفاوت فيهما. و لعل نفي البأس عن الإحرام فيه إذا ضرب إلى البياض بعد غسله بلحاظ أنه في نظر العرف لا يُعَدّ من المصبوغ فترتفع الكراهة عن الإحرام فيه.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 31، الفقيه 2، 117- باب ما يجور الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 17.

المحرم ثيابه، قلت: إذا أصابها شيءٌ يغسلها؟ قال: نعم، و إن احتلم فيها (1)

21- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يلبس لحافاً ظهارته حمراء و بطانته صفراء، قد أتى له سنة و سنتان؟ قال: ما لم يكن له ريحٌ فلا بأس، و كلُّ ثوب يصبغ و يغسل يجوز الإحرام فيه، فإن لم يغسل فلا (2)

22- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن نجيح ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بلبس الخاتم للمحرم (3)

وفي رواية أُخرى: لا يلبسه للزّينة (4)

210- باب المحرم يشدّ على وسطه الهميان و المنطقة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معي أهلي، و أنا أُريد أن أشدَّ نفقتي في حَقْوي؟ فقال: نعم، فإنَّ أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يقول: من قوّة المسافر حِفْظُ نَفَقَته (5)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يشدُّ على بطنه العمامة، قال: لا، ثمَّ قال: كان أبي يقول: يشدّ على بطنه المنطقة الّتي فيها نفقته يستوثق منها، فإنّها من تمام حجّه (6)

ص: 340


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و فيه: ممشق. و المِشق: طين أحمر ، و هو ما يسمى بالطين الأرمني. و روى ذيله في التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 38.
2- الحديث موثق، قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿فإن لم يغسل فلا، محمول على ما إذا صبغ بالطيب و بقيت ريحه﴾ مرآة المجلسي 286/17.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 48. الاستبصار 2، 96- باب لبس الخاتم للمحرم، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 50 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ذيل ح 3. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 250/1: ﴿و يحرم لبس الخاتم للزينة و يجوز للسنة﴾. و يقول الشهيد الثاني في المسالك 89/1: ﴿المرجع في كونه للزينة أو السنة إلى قصد اللابس﴾.
5- الفقيه 2، 81- باب حفظ النفقة في السفر، ح 1. و الحقوان: مثنّى الحَقْو، و هو الكشح و الإزار لاشتماله عليه أو معقده ، جمع أَحْقٍ و أحقاء و حُقِيّ و حِقاء. و روى البرقي الحديث في محاسنه ص /358.
6- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 54 و روى ذيل الحديث فقط.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يصرُّ الدَّراهم في ثوبه؟ قال: نعم، و يلبس المنطقة و الهميان (1)

211- باب ما يجوز للمُحْرِمَة أن تلبسه من الثياب و الحلى و ما يكره لها من ذلك

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة المحرِمة تلبس ما شاءت من الثياب، غير الحرير و القُفّازين و كره النّقاب و قال: تسدل الثّوب على وجهها. قلت: حدُّ ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف الأنف قدر ما تُبْصِر (2)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن مهران، عن النّضر بن سويد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة المُحْرمة، أيُّ شيء تلبس من الثياب؟ قال: تلبس الثياب كلّها إلا المصبوغة بالزَّعفران و الورس، و لا تلبس القفّازين، و لا حُليّاً تتزيّن به لزوجها، و لا تكتحل إلّا من علّة، و لا تمسُّ طيباً، و لا تلبس حليّاً و لا فِرِنْداً (3)، و لا بأس بالعلم في الثوب (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بامرأة متنقّبة و هي مُحرمة، فقال: أحرِمي و أَسْفِري و أرخي

ص: 341


1- الحديث صحيح. و الهميان: كيس توضع فيه الفلوس يشدّه الإنسان على وسطه.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 51. و في سنده: ... عن صفوان، عن الحلبي، عن عيص... الخ. و الظاهر أن ما في الفروع هو الصحيح بقرينة ساير الروايات و موافقته للوافي و الوسائل. الاستبصار 2، 212- باب أن المرأة المحرمة لا ينبغي أن تلبس الحرير المحض، ح 1 و فيه إلى قوله و القفازين. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 246/1: ﴿و هل يجوز الإحرام في الحرير للنساء؟، قيل: نعم، لجواز لبسهن له في الصلاة، و قيل: لا، و هو أحوط﴾ و قال الشهيدان: ﴿و يجوز الإحرام في الحرير و المخيط للنساء في أصح القولين على كراهة دون الرجال و الخنائي﴾.
3- قال الفيروز آبادي في القاموس :323/1: الفِرِند: -بكسر الفاء و الراء- السيف، وثوب معروف. معرّب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 52 و ليس فيه: و لا فِرِنداً. الاستبصار 2، 213- باب كراهة لبس الحليّ للمرأة في حال الإحرام، ح 1 و روى ذيله فقط. و الورس: نوع من الصبغ. و من الطيب أيضاً. و العلم في الثوب: أن يخطط بخطوط تخالف لونه الأصلي. و يقول المحقق في الشرائع 250/1: ﴿و يحرم ... لبس المرأة الحليّ للزينة، و ما لم يُعْتَد لبسه منه على الأولى، و لا بأس بما كان معتاداً لها لكن يحرم عليها إظهاره لزوجها﴾.

ثوبك من فوق رأسك، فإنّك إن تنقبّت لم يتغيّر لونك، فقال رجل: إلى أين ترخيه؟ فقال: تغطّي عينيها، قال: قلت: يبلغ فمها؟ قال: نعم، و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرمة لا تلبس الحليِّ، و لا الثياب المُصَبَّغات إلّا صبغاً لا يردع (1)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة يكون عليها الحليِّ و الخلخال و المَسَكَةُ و القُرطان من الذَّهب و الوَرِق، تحرم فيه و هو عليها، و قد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها، أتنزعه إذا أحرمت، أو تتركه على حاله؟ قال: تحرم فيه، و تلبسه من غير أن تظهره للرِّجال في مركبها و مسيرها (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الحسن الأحمسيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن العمامة السّابريّة فيها عَلَمُ حرير، تُحرم فيها المرأة؟ قال: نعم، إنّما كره ذلك إذا كان سَداه و لُحْمَتُهُ جميعاً حريراً، ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد سألني أبو سعيد عن الخميصة سَداها أبريسم أن ألبسها، و كان وجد البرد، فأمرته أن يلبسها (3)

6- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، أو (4) غيره، عن داود بن الحصين، عن أبي عُيَيْنة (5) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يحلُّ للمرأة أن تلبس و هي مُحرمة؟ قال: الثّياب كلّها ما خلا القُفّازين و البرقع و الحرير، قلت: تلبس الخزَّ؟ قال: نعم، قلت: فإنَّ سَداه [ال-] أبريسم و هو حرير؟ قال: ما لم يكن حريراً خالصاً فلا بأس (6)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون، عن

ص: 342


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 53. و قوله: لا يردع: من الردع، و هو الزعفران، أو لطخ منه، -كما في القاموس المحيط 29/3-. وقيل: هو نبات كالسمسم أصفر يزرع باليمن يصبغ به و يتخذ منه الغمرة للوجه. و قيل: هو صبغ أحمر، و نبت طيب الرائحة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 56. الاستبصار 2، 213- باب كراهية لبس الحلي للمرأة في حال الإحرام، ح 3 بتفاوت يسير فيهما. و المَسَك: الأسورة و الخلاخيل من القرون و العاج واحدة: المَسَكة. هكذا قاله الفيروز آبادي في القاموس المحيط 318/3.
3- الحديث مجهول. و عليه عمل الأصحاب.
4- الشك من الراوي.
5- لا يوجد في سند التهذيبين.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح55. الاستبصار 2، 212- باب أن المرأة المحرمة لا ينبغي أن تلبس الحرير المحض، ح3.

جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرمة لا تنتقّب، لأنَّ إحرام المرأة في وجهها، و إحرام الرَّجل في رأسه (1)

8- حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة هل يصلح لها أن تلبس ثوباً حريراً و هي محرمة؟ قال: لا، و لها أن تلبسه في غير إحرامها

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بامرأة محرمة قد استترت بمروحة، فأماط المروحة بنفسه

عن وجهها (2)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن حريز، عن عامر بن جذاعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مصبّغات الثياب تلبسها المحرمة؟ فقال: لا بأس به إلّا المُفْدَم المشهور، و القلادة المشهورة (3)

11- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن محمد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة إذا أحرمت، أتلبس السّراويل؟ قال: نعم، إنّما تريد بذلك السُتْرَة (4)

212- باب المحرم يضطّر إلى ما لا يجوز له لبسه

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل هلكت نعلاه و لم يقدر على نعلين؟ قال:

ص: 343


1- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز ، ح 35. و المشهور بين فقهائنا أنه و إن جاز للمرأة المحرمة أن تسدل القناع على وجهها إلا أنه يشترط عدم أصابته الوجه بل لا بد و أن يكون مرتفعاً عنه قليلا باليد أو بغيرها. و أما التنقب فلا يجوز لها إجماعاً، و هو عبارة عن ستر النصف الأسفل من الوجه، أو يصدق بستر الذقن أو الأنف معه و إن لم يستر شيئا مما يسمى وجهاً عرفاً.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و أماط المروحة: أي نحّاها و أبعدها. و قد أخرجه مرسلاً و بتفاوت الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 36.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 41 و ليس في ذيله: و القلادة المشهورة. و المُفُدَم: المصبوغ بحمرة مشبعة بحيث لا يقبل المزيد. و الصبغ المغدم- كما في الصحاح- أي الخاثر المشبع.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 60. الفقيه 2، نفس الباب، ح 39. و في ذيله: ... الستر

له أن يلبس الخفّين إذا اضطرَّ إلى ذلك، و ليشقّه من ظهر القدم، و إن لبس الطيلسان فلا يزرّه عليه، فإن اضطرَّ إلى قباء من برد و لا يجد ثوباً غيره فليلبسه مقلوباً، و لا يدخل يديه في يدي القباء (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يلبس الخفّين و الجوربين؟ قال: إذا اضطرَّ إليهما (2)

3- سهل، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان لا يرى بأساً بعقد الثّوب إذا قصر، ثمَّ يصلّى [فيه] و إن كان محرماً.

4- سهل، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يحرم الرَّجل و عليه سلاحه إذا خاف العدوَّ.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اضطرّ إلى ثوب و هو محرم و ليس معه إلا قباء فلينكّسه و ليجعل (3) أعلاه أسفله و يلبسه.

و في رواية أُخرى يقلب ظهره بطنه إذا لم يجد غيره.

6- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن عبد الرحمن، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: المحرم يلبس السّراويل (4) إذا لم يكن معه إزار، و يلبس الخفّين إذا لم يكن معه نعل.

213- باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن

ص: 344


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 36 و روى ذيل الحديث عن موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). كما روى ذيل الحديث في الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 15 بتفاوت و أخرجه عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور. و مضمونه مؤيد لمذهب ابن إدريس و جماعة بعدم وجوب شق ظهر الجوربين.
3- هذا تفسير للنكس. و يدل على مذهب ابن إدريس فيه. و يظهر من الشيخ الكليني رحمه الله بإيراده الرواية الأخرى و أنها تضمنت المعنى الآخر للنكس هو أنه رحمه الله يقول بالتخيير في النكس بين معنييه.
4- لا خلاف في جواز لبسها عندنا إذا لم يجد الإزار. و لا فدية في ذلك بلا خلاف أيضاً.

عليِّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه و هو محرم، ففعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، و من فعله متعمّداً فعليه دم (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدها (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن ضروب من الثّياب مختلفة يلبسها المحرم إذا احتاج، ما عليه؟ قال: لكلِّ صنف منها فداء (2)

214- باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أحرم و عليه قميص؟ قال: ينزعه و لا يشقّه. و إن كان لبسه بعد ما أحرم، شقّه و أخرجه ممّا يلي رِجْلَيه (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن خالد بن محمد الأصمّ قال: دخل رجلٌ المسجد الحرام و هو محرم، فدخل في الطواف و عليه قميص و كساء، فأقبل النّاس عليه يشقّون قميصه- و كان صلباً- فرآه أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هم يعالجون قميصه يشقّونه، فقال له: كيف صنعت؟ فقال: أحرمت هكذا في قميصي و كسائي، فقال: انزعه من رأسك، ليس ينزع هذا من رجليه، إنّما جهل؛ فأتاه غير ذلك فسأله فقال: ما تقول في رجل أحرم في قميصه؟ قال: ينزعه من رأسه (4)

ص: 345


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 200 بزيادة في أوله و وسطه و بتفاوت. و ما تضمنه ذيل الحديث من كون الكفارة دم شاة فهو موضع إجماع العلماء عامة كما نقله في كتاب المنتهى.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 253 بتفاوت و أخرجه مسنداً إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ...، ح 31 بتفاوت. ﴿و يدل على أنه يجب على المضطر أيضاً الكفارة كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب، و يدل على تكرار الكفارة باختلاف نوع المخيط و إن اتحد الوقت كما اختاره جماعة من الأصحاب، و به جزم في المنتهى. و ربما ظهر في موضع آخر من المنتهى تكرر الكفارة بتكرر اللبس مطلقاً. و اعتبر الشيخ و جماعة من الأصحاب إلى التكرار اختلاف الوقت، بمعنى آخر زمان الفعل عادة، و ذهب المحقق و جماعة إلى عدم التكرر المجلس و التكرر مع اختلافه، و لا ريب في أنه إذا لبس بعد أداء الكفارة يلزمه كفارة أخرى في جميع الصور﴾ مرآة المجلسي 298/17.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 46. و الحديث حسن، و ما تضمنه من تفصيل هو المشهور بين الأصحاب .
4- الحديث مجهول.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: إن لبست ثواباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه، فلبِّ و أَعِدْ غسلك، و إن لبست قميصاً فشقّه و أخْرِجْه من تحت قدميك (1)

215- باب المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمداً أو ناسياً

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: المحرم يؤذيه الذُّباب حين يريد النوم، يغطّي وجهه؟ قال: نعم، و لا يُخَمّر رأسه؛ و المرأة عند النوم لا بأس بأن تغطّي وجهها كلّه عند النوم (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن عبد الملك القمّيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم يتوضّأ، ثمَّ يجلّل وجهه بالمنديل يُخَمّره كلّه؟ قال: لا بأس.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم ينام على وجهه على زاملته؟ قال: لا بأس [به] (3)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن (4) قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يجد البرد في أُذنيه، يغطّيهما؟ قال: لا (5)

ص: 346


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 46 و قد روى الذيل بتفاوت. ﴿و ما تضمنه من الأمر بالتلبية لم أر به قائلاً و الأحوط العمل به لقوة مستنده﴾ مرآة المجلسي 299/17.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 49 بتفاوت و روى صدره بتفاوت برقم 51 من نفس الباب أيضاً. الاستبصار 2، 112- باب تغطية الرأس، ح 2 بتفاوت في الذيل يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و ما لا ... ، ح 45 و روى صدره بتفاوت. و تخمير الوجه: ستره و تغطيته. هذا و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان محرمات الإحرام: ﴿و تغطية الرأس للرجل بثوب و غيره حتى بالطين و الحنّاء و الارتماس و حمل متاع يستره أو بعضه، نعم يستثنى عصام القربة و عصابة الصداع و ما يستر منه بالوسادة، و في صدقه باليد و جهان و قطع في التذكرة بجوازه، و في الدروس جعل تركه أوْلى و الأقوى الجواز لصحيحة معاوية بن عمّار، و المراد بالرأس هنا منابت الشعر حقيقة أو حكماً فالأوثان ليستا منه خلافاً للتحرير، و تغطية الوجه أو بعضه للمرأة و لا يصدق باليد كالرأس و لا بالنوم عليه و يستثنى من الوجه ما يتم به ستر الرأس لأن مراعاة الستر أقوى و حق الصلاة أسبق و يجوز لها سدل القناع إلى طرف أنفها بغير إصابة وجهها على المشهور...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ذیل ح 52 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب ، ح 44 بتفاوت. و فيهما: على راحلته، بدل: زاملته.
4- الظاهر أنه ابن الحجّاج.
5- الحديث صحيح. و استوجه العلامة في التحرير تحريم ستر الأذنين، و لعله لهذه الصحيحة.

216- باب الظِلال للمحرم

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن المثنّى الخطيب، عن محمد بن الفضيل؛ و بشر (1) بن إسماعيل قال: قال لي محمد [بن إسماعيل]: (2) ألا أَسُرُّك يا ابن مثنّى؟ قال: قلت: بلى، و قمت إليه، قال: دخل هذا الفاسق (3) آنفاً فجلس قبالة أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ أقبل عليه فقال له: يا أبا الحسن، ما تقول في المحرم، أيستظلّ في المحمل؟ فقال له: لا، قال فيستظلّ في الخباء؟ فقال له: نعم، فأعاد عليه القول شبه المستهزىء يضحك، فقال يا أبا الحسن، فما فرق بين هذا و هذا؟ فقال: يا أبا يوسف، إنَّ الدِّين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون بالدِّين، إنّا صنعنا كما صنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قلنا كما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يركب راحلته فلا يستظلّ عليها، و تؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه ببعض، و ربّما ستر وجهه بيده، و إذا نزل استظلّ بالخباء و فييء البيت و فييء الجدار (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الظلال للمحرم؟ فقال: أَضْحِ (5) لمن أحرمت له، قلت: إنّي محرور، و إنَّ الحرَّ يشتدّ عليَّ؟ قال: أما علمت أنَّ الشمس تغرب بذنوب المحرِمين.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عليّ بن الرَّيَّان، عن قاسم الصيقل:قال: ما رأيت أحداً كان أشدُّ تشديداً في الظلّ من أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كان يأمر بقلع القبّة و الحاجبين (6) إذا أحرم.

ص: 347


1- في التهذيب: بشير.
2- في التهذيب: قال لي محمد: ... الخ. و جزم المجلسي أنه هو الصواب.
3- الظاهر- بقرينة تصريحه بكنيته أثناء الحديث و هي أبو يوسف أن المراد به أبو يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة، خاصة و أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) خاطبه بقوله: إن الدين ليس بقياس كقياسكم ... الخ.
4- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 59 بتفاوت يسير و قد نقل العلامة في التذكرة إجماع علمائنا على عدم جواز الاستظلال للمحرم خالة السير، و عدم جواز ركوبه في المحمل و ما في معناه كالهودج و الكنيسة و العمارية و أشباه ذلك. و نقل عن ابن الجنيد استحباب ترك الاستظلال، و هو مختص بحالة السير فيجوز حالة النزول الاستظلال بالسقف و الشجرة و الخباء و الخيمة باتفاق علمائنا. و ذلك كله مختص بالرجل.
5- أي أبرز و أظهر و لا تستتر.
6- الحاجب من كل شيء حرفه. و المقصود بهما هنا عمودا القبة. و لعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يأمر بذلك لئلا يقع عليه ظل الخشب.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألته عن المرأة، يضرب عليها الظلال و هي محرمة، قال: نعم، قلت: فالرَّجل يضرب عليه الظلال و هو محرم، قال: نعم، إذا كانت به شقيقة (1)، و يتصدَّق بمدّ لكلِّ يوم (2)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: كتبت إلى الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلِّ المحمل؟ فكتب: نعم، قال: و سأله رجلٌ عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس؟ -و أنا أسمع- فأمره أن یفدي شان و يذبحها بمنى (3)

6- أحمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشيم، عن موسى بن عمر، عن محمد بن منصور، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الظلال للمحرم؟ قال: لا يظلّل إلّا من علّة مرض (4)

7- أحمد، عن عثمان بن عيسى الكلابيِّ قال: قلت لأبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ عليَّ بن شهاب يشكو رأسه، و البرد شديد ، و يريد أن يُحرم؟ فقال: إن كان كما زعم فليظلّل. و أمّا أنت فاضحَ لمن أحرمت له.

8- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال: لا، إلّا أن يكون شيخاً كبيراً-أو (5) قال ذا علّة (6)

9- أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم يظلّل

ص: 348


1- الشقيقة: صداع يصيب أحد جانبي الرأس، و قد يصيب مقدمه.
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و ما لا ...، ح 34 بتفاوت.
3- روى ذيله بتفاوت يسير في التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه و ...، ح 63. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 114- باب المريض يظلل على نفسه، ح 8. و روى ذيله بزيادة في آخره في الفقيه 2. نفس الباب، ح 35. و فيه أن ابن بزيع سأل أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )- و أنا أسمع- يعني أحمد بن محمد، و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان التروك المحرّمة للمحرم: ﴿و التظليل للرجل الصحيح سايراً، فلا يحرم نازلاً إجماعاً و لا ماشياً إذا مرّ تحت المحمل أو نحوه، و المعتبر فيه ما كان فوق رأسه فلا يحرم الكون في ظل المحمل عند ميل الشمس إلى أحد جانبيه، و احترز بالرجل عن المرأة و الصبي فيجوز لهما الظل اتفاقاً، و بالصحيح عن العليل و من لا يحتمل الحر و البرد بحيث يشق عليه بما لا یتحّمل عادة فيجوز له الظل لكن تجب الفدية﴾.
4- التهذيب 5 نفس الباب، ح 58. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيهما: ... من علّة أو مرض.
5- الشك من الراوي.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 60. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

على محمله و يفتدي إذا كانت الشمس و المطر يضرَّان به؟ قال: نعم، قلت: كم الفداء؟ قال: شاة (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الكاهليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالقبّة على النساء و الصبيان و هم مُحْرِمونَ (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يستتر المحرم من الشمس بثوب، و لا بأس أن يستتر بعضه ببعض (3)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أنَّ عمّتي معي و هي زميلتي (4)، و الحرُّ يشتدُّ عليها إذا أحرمت، فترى لي أن أُظلل عليَّ و عليها؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ظلّل عليها وحدها (5)

13- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألته عن المحرم، أَيَتَغَطّى؟ قال: أمّا من الحرّ و البرد فلا (6)

14- محمد بن يحيى، عمّن ذكره، عن أبي عليِّ بن راشد قال: سألته عن محرم ظلّل في عمرته؟ قال: يجب عليه دم، قال: و إن خرج إلى مكّة و ظلّل وجب عليه أيضاً دم لعمرته و دم لحجّته (7)

15- عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل قال: كنّا في دهليز يحيى بن خالد بمكّة، و كان هناك أبو الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أبو يوسف (8)،

ص: 349


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 64 بتفاوت يسير. و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، صدر ح 69. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، صدر ح 36 و أخرجاه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- بعضه ببعض: أي يستر رأسه بيده أو ببعض أعضائه. و قد استظهر في المنتهى جواز ذلك و استشكل فيه في التحرير، و اختار أولوية تركه الشهيد الأول في الدروس.
4- أي رفيقتي في المحمل.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، 113- باب من له زميل عليل يظلل عليه هل ... ، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 33 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 251/1: ﴿و لو زامل عليلاً أو امرأة أختص العليل و المرأة بجواز التظليل﴾.
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الحديث مرسل. و يدل على تعدد الكفارة إذا ظلل في العمرة المتمتع بها وحجها ماً كما ذكره الأصحاب.
8- هو القاضي تلميذ أبي حنيفة.

فقام إليه أبو يوسف و تربّع بين يديه فقال: يا أبا الحسن، جُعلت فِداك، المحرم يظلّل؟ قال: لا، قال: فيستظلّ بالجدار و المحمل و يدخل البيت و الخباء؟ قال: نعم، قال: فضحك أبو يوسف شبه المستهزىء، فقال له أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا يوسف إنَّ الدِّين ليس بالقياس كقياسك و قياس أصحابك، إنَّ الله عزَّ و جلَّ أمر في كتابه بالطلاق و أكّد فيه بشاهدين، و لم يرضَ بهما إلّا عَدْلَين، و أمر في كتابه بالتزويج و أهمله بلا شهود، فأتيتم بشاهدين فيما أبطل الله، و أبطلتم شاهدين فيما أكّد الله عزَّ و جلَّ، و أجزتم طلاق المجنون و السكران، حجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأحرم و لم يظلّل، و دخل البيت و الخِباء، و استظلّ بالمحمل و الجدار، فعلنا كما فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). فَسَكَت.

217- باب إن المحرم لا يرتمس في الماء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس المحرم في الماء (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم (2)

218- باب الطِّيب للمحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تمسّ شيئاً من الطيب، و لا من الدُّهن في إحرامك، واتّق الطيب في طعامك و أمسك على أنفك من الرّائحة الطيّبة، و لا تمسك عنه من الرِّيح المنتنة، فإنّه لا ينبغي للمحرم أن يتلذَّذ بريح طيّبة (3)

ص: 350


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 47 و فيه: عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد جعل أصحابنا الإرتماس بمعنى تغطية الرأس للمحرم و هو من محرمات الإحرام إجماعاً.
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و... ، ذيل ح 36 و أخرجه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 1، بتفاوت و بزيادة في الأول و الآخر فيهما. هذا، و تحريم الطيب بالنسبة للمحرم إجماعي عند أصحابنا، و يقول المحقق في الشرائع 249/1 و هو بصدد الحديث عن محرمات الإحرام: ﴿و الطيب على العموم، ما خلا خلوق الكعبة، و لو في الطعام، و لو اضطر إلى أكل ما فيه الطيب، أو لمس الطيب قبض على أنفه. وقيل: إنما يحرم المسك و العنبر و الزعفران و العود و الكافور و الوَرْس، و قد يقتصر بعض على أربع: المسك و العنبر و الزعفران و الورس و الأول أظهر﴾. و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان التروك المحرّمة للمحرم: ﴿و مطلق الطيب و هو الجسم ذو الريح الطيبة المتخذ للشم غالباً غير الرياحين كالمسك و العنبر و الزعفران و ماء الورد ... و نبّه بالإطلاق (و هو قول الشهيد الأول: و مطلق الطيب) على خلاف الشيخ حيث خصّه بأربعة المسك و العنبر و الزعفران و الورس، و في قول آخر له بستة بإضافة العود و الكافور إليها، و يستثنى من الطيب خلوق الكعبة و العطر في المسعى..﴾.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يمسّ المحرم شيئاً من الطيب و لا الرَّيحان و لا يتلذّذ به، و لا بريح طیّبة، فمن ابتلي بشيء من ذلك فليتصدَّق بقدر ما صنع قدر سعته (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال : من أكل زعفراناً متعمداً، أو طعاماً فيه طيب، فعليه دم ، فإن كان ناسياً فلا شيء عليه، ويستغفر الله عزّ وجلَّ (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يمسك على أنفه من الرِّيح الطّيبة و لا يمسك على أنفه من الرِّيح المنتنة (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم مثله، و قال: لا بأس بالرِّيح الطيّبة فيما بين الصّفا و المروة من ريح العطّارين، و لا يمسك على أنفه (4)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال : رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)كُشِفَ بين يديه طيب لينظر إليه و هو محرم، فأمسك على أنفه بثوبه من ريحه.

7- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الأشنان فيه الطيب، أغسل

ص: 351


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 5 بتفاوت و كذلك هو بتفاوت في الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 2. و فيهما: عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و... ، ح 18 بتفاوت يسير في الذيل.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27 و رواه عن الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و في آخره: الخبيثة، بدل: المنتنة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 10. الفقيه 2، نفس الباب، ح 28.

به يديَّ و أنا محرمٌ؟ قال: إذا أردتم الإحرام فانظروا مَزَاوِدَكم (1)، فاعزلوا الّذي لا تحتاجون إليه، و قال: تصدَّق بشيء كفارة للأشنان الّذي غسلت به يدك.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يصيب ثوبه الطيب، قال: لا بأس بأن يغسله بيد نفسه.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن الحسن بن هارون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) :إنّي أكلت خبيصاً حتّى شبعت و أنا محرمٌ؟ فقال: إذا فرغت من مناسكك، و أردت الخروج من مكّة، فابتَعْ بدرهم تمراً فتصدَّق به، فيكون كفّارة لذلك، و لما دخل في إحرامك ممّا لا تعلم (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الملح فيه زعفران للمحرِم؟ قال: لا ينبغي للمحرم أن يأكل شيئاً فيه زعفران، و لا شيئاً من الطيب.

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيِّ، عن المعلّى أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كره أن ينام المحرم على فراش أصفر، أو على مِرْفَقَة (3) صفراء (4)

12- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تمسّ ريحاناً و أنت محرمٌ، و لا شيئاً فيه زعفران، و لا تَطْعَم طعاماً فيه زعفران (5)

13- صفوان، عن أبي المغرا قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يغسل يده

ص: 352


1- جمع: المزود: و هو وعاء الزاد- كما في القاموس المحيط 298/1. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 6 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 3 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 17 بتفاوت يسير. و الخبيص: حلوى قوامها التمر و الزبيب الملتوتان بالسمن.
3- المرفقة: المخدّة و شبهها.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 29 بتفاوت قليل و أخرجه عن موسى بن القاسم عن عاصم عن أبي بصير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 28. و الكراهة، إما لكون المرفقة أو الفراش مصبوغين بالعُصْفُر أو الزعفران مع عدم وجود رائحة طيبة فيهما، أو لكون ذلك موجباً للشهرة بين الناس
5- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 46 بتفاوت و زيادة في آخره.

بالأشنان؟ قال: كان أبي يغسل يده بالحُرُض الأبيض (1)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: لا بأس بأن تشمَّ الإذخِر و القَيْصُوم و الخزامى و الشيح و أشباهه و أنت محرم (2)

15- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يمسّ الطيب و هو نائم لا يعلم؟ قال: يغسله و ليس عليه شيء؛ و عن المحرم يدهَنُهُ الحَلال بالدُّهن الطيّب، و المحرم لا يعلم، ما عليه؟ قال: يغسله أيضاً وَ لْيَحْذَر (3)

16- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزیار قال: سألت ابن أبي عمير، عن التفاح و الأُتْرُجّ و النبق، و ما طاب ريحه؟ قال: تُمْسكُ عن شمّه و تأكله (4)

17- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المُحرم، يأكل الأُتْرُجّ؟ قال: نعم، قلت: له رائحة طيّبة، قال: الأُترجّ طعام، ليس هو من الطيب (5)

18- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الحنّاء؟ فقال: إنَّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره، و ما هو بطيب، و ما به بأس (6)

ص: 353


1- الحُرْض: هو الأشنان. و فيه استدلال بفعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على الجواز. و الحديث صحيح.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 39. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 29. و الإذخِر: نبات طيب الرائحة عريض الأوراق و إذا جف ابيضَّ. القَيصوم: نبات يكثر بالبوادي. الخزامى: -قال الأزهري- بقلة طيبة الرائحة له نَوَر كنَوَر البنفسح. الشّيخ: نبت ذكي الرائحة. و قال الجوهري: الشيح: نبت.
3- الحديث مجهول. و عليه فتوى الأصحاب.
4- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في ...، ح 40. الاستبصار 2، 109- باب جواز أكل ما له رائحة طيبة من الفواكه، ح 1 و أخرجاه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 16. و الأُتْرُجّ: ثمر شجرة من جنس الليمون، و يقال له: الترنج. وقيل: هي لغة ضعيفة فيه. و النبق: ثمر السِدْر.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، 107- باب الحنّاء، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 24

19- أبو عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليِّ الكوفيِّ، عن العبّاس بن عامر، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي جعلت ثوبَي إحرامي مع أثواب قد جُمّرت (1) فأجِدُ من ريحها؟ قال: فانشرها في الرِّيح حتّى يذهب ريحها.

219- باب ما يكره من الزِّينَة للمحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تنظر في المرآة و أنت محرم لأنّه من الزِّينة و لا تكتحلُ المرأة المحرمة بالسواد، إنّ السواد زينة (2)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا ينظر المحرم في المرآة لزينة، فإن نظر فَلْيُلَبِّ.

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الكحل للمحرم؟ قال: أمّا بالسواد فلا، و لكن بالصَّبر و الحُضَض (3)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتكى المحرم عينيه، فليكتحل بكحل ليس فيه مِسك و لا طيب.

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم لا يكتحل إلّا من وَجَع، و قال: لا بأس بأن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه، فأمّا للزِّينة فلا (4)

ص: 354


1- تجمير الثوب: تدخينه و تبخيره.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في ... ، ح 27 و روى صدره بتفاوت يسير و روى ذيله برقم 23 من نفس الباب، و روى صدره في الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 3. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 250/1 و هو بصدد بيان تروك الإحرام ﴿و الاكتحال بالسواد على قول، و بما فيه طيب، و يستوي في ذلك الرجل والمرأة﴾.و يقصد بالسواد الكحل المستعمل للزينة عادة. و أما حرمة النظر في المرأة للمحرم فهو الأشهر بين أصحابنا كما نص عليه المحقق في الشرائع 1/ 250.
3- الحُضَض: -قال في القاموس- منه عربي و هو عصارة الخولان، و يقال له المكي أيضاً. و قيل: عصارة شجرة شائكة لها أغصان طويلة و ثمر شبيه بالفلفل. و منه هندي، و هو عصارة الفِيْلَزَهْرَج. و الحُضَض أيضاً نبات و دواء یتخذ من أبوال الإبل.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. بدون الصدر.

220- باب العلاج للمحرم إذا مرض أو أصابه جرح أو خرّاج أو علّة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتكى المحرم فَلْيَتَدَا وَ بما يأكل و هو مُحرم (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) على كعب بن عجرة و القُمّل يتناثر من رأسه و هو محرم، فقال له: أتؤذيك هَوامُّك؟ فقال: نعم، فأنزلت هذه الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ (2)، فأمره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يحلق، و جعل الصيام ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين لكلِّ مسكين مُدّين و النُسُك شاة؛ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و كلُّ شيء في القرآن «أو»، فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كلُّ شيء في القرآن: ﴿فَمَنْ لَمْ یَجِدْ کَذَا فَعَلَیْهِ کَذَا﴾، فَالْأَوْلَی اَلْخِیَارُ (3)

3- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن الكاهليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجلٌ ضرير البصر- و أنا حاضر- فقال: أكتحل إذا أحرمت؟ قال: لا، و لمَ تكتحل؟ قال: إنّي ضرير البصر، فإذا أنا اكتحلت نفعني، و إذا لم أكتحل ضرَّني، قال: فاكتحِل، قال: فإنّي أجعل مع الكحل غيره؟ قال : ما هو؟ قال: أخذ خرقتين فأُربّعهما، فأجعل على كلِّ عين خرقة، و أعصبهما بعصابة إلى قفاي، فإذا فعلت ذلك نفعني، و إذا تركته ضرَّني، قال: فاصنعه.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أَبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل تشقّقت يداه و رجلاه و هو محرم، أيتداوى؟

ص: 355


1- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 11 بتفاوت يسير. و فيه دلالة على عدم جواز التداوي بما يكون طيباً أو فيه رائحة الطيب كالبنفسج و الزعفران و السمن و الزيت و غيرها مما هو محرم على المحرم.
2- البقرة/196.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 60 بتفاوت يسير. و كذا في الاستبصار 2، 122- باب ما يجب على من حلق رأسه من الأذى من الكفارة، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 55 و 56 بتفاوت. و بدون الذيل. و القول بأن الكفارة منا مُدّان هو أحد القولين في المسألة عند أصحابنا رضوان الله عليهم، و الكفارة الواردة في الحديث كفارة تخيير كما صرّح بذلك في ذيله. و قد قال المحقق في الشرائع 296/1: ﴿الخامس: حاتي الشعر، و فيه شاة أو إطعام عشرة مساكين لكل منهم مد وقيل: ستة، لكل منهم مدّان، أو صيام ثلاثة أيام﴾

قال: نعم، بالسّمن و الزَّيت، و قال: إذا اشتكى المحرم فليتداوَ بما يحلُّ له أن يأكله و هو محرم.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يعصر الدُّمَّلَ، و يربط على القرحة، قال: لا بأس (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن خرج بالرَّجل منكم الخرّاج أو الدُّمل، فليربطه، و ليَتَدَاوَ بزيت أو سمن (2)

7- أحمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يكون به شَجّة، أيداويها، أو يعصبها بخرقة؟ قال: نعم، و كذلك القرحة تكون في الجسد.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء فيه زعفران؟ قال: إن كان الغالب على الدَّواء فلا، و إن كانت الأدوية الغللبة عليه فلا بأس (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن ناجية، عن محمد بن عليّ، عن مروان بن مسلم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصيب أُذنه الرِّيح فيخاف أن يمرض، هل يصلح له أن يسدَّ أُذنيه بالقطن؟ قال: نعم، لا بأس بذلك إذا خاف ذلك، و إلّا فلا (4)

10- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا بأس بأن يعصب المحرم رأسه من الصُّداع. (5)

ص: 356


1- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 10 و فيه: و يربط عليه الخرقة، بدل: و يربط على القرحة.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 34 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. بتفاوت أيضا.
3- الفقيه 2، نفس الباب ، ح 9. هذا، و ما تضمنه الحديث من نفي البأس عن التداوي بدواء فيه طيب مستهلك هو المشهور عندنا. و معنى استهلاكه في الدواء أن لا يبقى له ريح و لا لون و لا طعم.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 54. و الحديث صحيح.

221- باب المحرم يَحْتَجِمُ أو يقصّ ظفراً أو شعراً أو شيئاً منه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يحتجم؟ قال: لا، إلّا أن لا يجد بدًّا، فليحتجم، و لا يحلق مكان المحاجم (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن مثنّى بن عبد السّلام، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يحتجم المحرم، إلّا أن يخاف على نفسه أن لا يستطيع الصلاة.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها، فيؤذيه ذلك؟ قال: لا يقصّ منها شيئاً إن استطاع، فإن كانت تؤذيه، فليقصّها، و ليطعم مكان كلِّ ظفر قبضةً من طعام (2)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قلّم ظفراً؟ قال: يتصدّق بكفّ من طعام قال: ظفرين؟ قال: كفّين، قلت: ثلاثة؟ قال: ثلاثة أكفّ، قلت: أربعة؟ قال: أربعة أكفّ، قلت: خمسة قال: عليه دم يهريقه، فإن قصّ عشرة أو أكثر من ذلك، فليس عليه إلّا دم يهريقه.

5- حميد بن زياد، عن حسن بن محمد بن سماعة، عن عليِّ بن الحسن بن رباط، عن هاشم بن المثنّى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا قلّم المحرم أظفار يديه و رجليه في مكان واحد، فعليه دم واحد، و إن كانتا متفرِّقتين، فعليه دَمَان (3)

ص: 357


1- الحديث حسن. هذا و إخراج الدم للمحرم اختياراً من محرمات الإحرام، قال المحقق في الشرائع 251/1 و هو بصدد الحديث عن تروك الإحرام الواجبة: ﴿و إخراج الدم إلا عند الضرورة و قيل: يكره، و كذا قيل في حك الجلد المفضي إلى إدمائه، و كذا في السواك، و الكراهية أظهر﴾.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم إجتنابه في إحرامه، ح 81 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 49. هذا و قد أجمع أصحابنا على أن تقليم الأظفار حال الإحرام من المحرمات فراجع شرائع المحقق 251/1. و يقول رحمه الله في صفحة 296: ﴿و في كل ظفر مدّ من طعام، و في أظفار يديه و رجليه في مجلس واحد دم، و لو كان كل واحد منهما في مجلس لزمه دمان، و لو اُفْتِيَ بتقليم ظفره فأدماه لزم المفتي شاة.﴾
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ذيل ح 54بتفاوت الاستبصار 2، 121- باب من قلّم أظفاره، ذيل ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 47. و أخرجوه جميعاً عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت. و يقول الشهيدان: ﴿وقصّ الأظفار، أي أظفار يديه و رجليه جميعاً في مجلس أو يديه خاصة في مجلس أو رجليه كذلك (أي في مجلس فكفارته شاة) و إلا فعن كل ظفر مد، و لو كفّر لما لا يبلغ الشاة ثم أكمل الیدين أو الرجلين لم تجب الشاة، كما أنه لو كفّر بشاة لأحدهما ثم أكمل الباقي في المجلس تعدّدت، و الظاهر أن بعض الظفر كالكل إلا أن يقصّه في دفعات مع اتحاد الوقت عرفاً فلا يتعدد فديته﴾.

6- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يقلّم أظفاره عند إحرامه؟ قال: يَدَعُها، قلت: فإنَّ رجلاً من أصحابنا أفتاه بأن يقلّم أظفاره و يعيد إحرامه ففعل؟ قال: عليه دم يهريقه (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يأخذ المُحرم من شعر الحَلَال (2)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من حلق رأسه، أو نتف إبطه ناسياً أو ساهياً او جاهلاً فلا شيء عليه، و من فعله متعمّداً فعليه دم (3)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئاً، فعليه أن يطعم مسكيناً في يده (4)

ص: 358


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 80 بتفاوت. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 50 بدون: يهريقه، في الذيل. و قد تقدم منا نقل نص المحقق في الشرائع بأنه لو أفتُيَ بتقليم ظفره فأدماه لزم المفتي شاة. و عليه فالضمير في (عليه) هنا يرجع إلى المفتي و هو ما عليه أكثر الأصحاب، و يقول الشهيدان و هما بصدد تعداد کفارات محرمات الإحرام: ﴿أو أفتى بتقلم الظفر فأدمى المستفتي ، و الظاهر أنه لا يشترط كون المفتي محرماً لإطلاق النص و لا كونه مجتهداً، نعم يشترط صلاحيته للإفتاء بزعم المستفتي لتحقق الوصف ظاهراً، و لو تعمد المستفتي الإدماء فلا شيء على المفتي...﴾.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 92. الفقيه 2، نفس الباب، ح 54 و فيه: الحرام، بدل: المحرم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 87. الاستبصار 2، 125- باب من مس لحيته فسقط منها شعر، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 52 بدون الذيل و إن رواه بتفاوت برقم (51) من نفس الباب. و يمكن الفرق هنا بين النسيان و السهو بحمل أحدهما على نسيان الموضوع و الآخر على نسيان الحكم. هذا و قد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بترتب الدم على نتف الإبطين أو حلقهما معاً، و أما إذا نتف أو حلق أحدهما فقط فقد أفتوا- تبعاً لبعض الروايات- بترتب إطعام ثلاثة مساكين على الفاعل، و أما لو نتف بعض كل منهما، فقد ذهب الشهيد الثاني إلى عدم وجوب شيء عليه مستنداً إلى أصالة البراءة، قال: و هو مستثنى من عموم إزالة الشعر الموجب للشاة لعدم وجوبها لمجموعه فالبعض أوْلى.
4- ما يظهر من هذا الحديث عن لزوم كون الإطعام باليد الجانية لم يذكره أكثر الأصحاب، و لا ورد في غيره من الأخبار.

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يتناول لحيته و هو محرم، فيعبث بها، فينتف منها الطّاقات يبقين في يده خطأ أو عمداً؟ قال: لا يضرُّه (1)

11- أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا وضع أحدكم يده على رأسه أو لحيته و هو محرم، فسقط شيء من الشعر، فليتصدَّق بكفّين من كعك، أو سويق (2)

222- باب المحرم يلقي الدوابَّ عن نفسه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن أبان، عن أبي الجارود قال: سأل رجل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل قمّلة و هو محرم؟ قال: بئس ما صنع، قال: فما فداؤها؟ قال: لا فداء لها (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في محرم قتل قمّلة؟ قال: لا شيء عليه في القمّل، و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها (4)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يرمي المحرم القمّلة من ثوبه و لا من جسده متعمّداً، فإن فعل شيئاً من ذلك فليطعم، مكانها طعاماً، قلت : كم؟ قال: كفّاً واحداً.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان

ص: 359


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 88. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 7 بدون كلمة: يبقين...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت فيهما في الذيل. الفقيه 2، نفس الباب، ح 61.
3- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و...، ح 62. هذا، و قد نص أصحابنا على أن في قتل القملة من قبل المحرم أو إلقائها عن ثوبه أو بدنه أو ما أشبه كفاً من الطعام، و ربما يحمل هذا الحديث على حال الضرورة، أو يحمل ذلك الحكم على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، 79. الاستبصار 2، 123- باب من القى القمّل -جسده، ح 6.

قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ إن وجدتُ عَلَيَّ قُراداً أو حَلَمَة، اطرحهما؟ قال: نعم، و صغارٌ لهما، إنّهما رَقَيا في غير مَرْقا هما (1)

223- باب ما يجوز للمحرم قتله و ما يجب عليه فيه الكفّارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ ما خاف المحرم على نفسه من السّباع و الحيّات و غيرها فليقتله، فإن لم يُرِدْكَ فلا تُرِدْه (2)

2- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أحرمت فاتّق قتل الدَّواب كلّها إلّا الأفعى و العقرب و الفارة، فإنّها تُوهي السِّقاء (3) و تحرق على أهل البيت، و أمّا العقرب فإنَّ نبيَّ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مدَّ يده إلى الحجر فلسعته عقربٌ فقال: لعنك الله، لا بَرِّا تَدَعين و لا فاجراً، و الحيّة إذا أرادتك فاقتلها، فإن لم تُرِدْك فلا تُرِدْها و الكلب العقور و السَّبُع إذا أراداك [فاقتلهما]، فإن لم يريداك فلا تُرِدْهُما، و الأسود الغَدِر (4) فاقتله على كلِّ حال، وارم الغراب رمياً، و الحَدَأَة على ظهر بعيرك (5)

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل في الحرم و الإحرام الأفعى و الأسود الغَدِر، و كلُّ حيّةٍ سوء، و العقرب، و الفارة و هي الفويسقة، و يرجم الغراب و الحدأة رجماً، فإن عرض لك لصوص امتنعتَ منهم.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل المحرم الزنبور، و النسر، و الأسود الغَدِر،

ص: 360


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 75. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 بتفاوت. و القراد: دويبة تلصق بجسم البعير و الحَلَمَة، الصغير أو الكبير من القراد و قوله: صغار لهما: أي إذلال و تصغير لأنهما أخذا مكاناً ليس مكانهما الذي هو الإبل
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 185. و كرره برقم 271 من الباب 26 من نفس الجزء. الاستبصار 2، 134- باب من قتل سَبُعاً، ح 1.
3- توهي السقاء: أي تشقه أو تخرقه، أو تفك رباطه فينكفىء.
4- أي الحية العظيمة التي تأخذ الإنسان على حين غرَّة، و خِلسَةٌ.
5- التهذیب 5، نفس الباب، ح 186 بتفاوت و نقيصة في بعض المواضع.

و الذئب، و ما خاف أن يعدوا عليه، و قال: الكلب العقور هو الذِّئب (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم قتل زنبوراً؟ قال: إن كان خطأ فليس عليه شيء، قلت: لا، بل متعمّداً؟ قال: يطعم شيئاً من طعام، قلت: إنّه أرادني؟ قال: كلُّ شيء أرادك فاقتله (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى بن عبد السلام، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يقتل البقّة و البرغوث إذا أراده؟ قال : نعم.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اليُربوع و القُنْفُذ و الضَّبُ إذا أماته المحرم، فيه جدي، و الجدي خير منه، و إنّما قلت هذا، كي يَنْكُل عن صيد غيرها (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القُرَاد ليس من البعير، و الحَلَمَة من البعير (4)، بمنزلة القمّلة من جسدك (5)، فلا تُلْقِها، و أَلْقِ القُراد.

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يقرّد البعير (6)؟ قال: نعم، و لا ينزع الحَلَمَة (7)

ص: 361


1- الأشهر تحريم قتل الزنبور للمحرم، و قال المحقق في الشرائع 1 /284: ﴿و في الزنبور تردد، و الوجه المنع، و لا كفارة في قتله خطاً، خطأ، و في قتله عمداً صدقة و لو بكف من طعام﴾. و قد نص في الدروس على أن فداءه كف من طعام أو تمر، و لم يتعرض أحد من الأصحاب للنسر. و الحديث مجهول.
2- إلى قوله: يطعم شيئاً من طعام، رواه بتفاوت عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن يحيى الأزرق قال سألت أبا عبد الله و أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... الخ. في التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 108.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 105 بتفاوت قليل. هذا و سوف يكرره المصنف بتفاوت برقم 9 من الباب 235 من هذا الجزء. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿الثالث: القنفذ و الضبّ و اليربوع؛ في قتل كل واحد من القنفذ و الضَبّ و اليربوع جَدْيٌ﴾.
4- إلى هنا رواه في الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 79.
5- هذه الفقرة رواها بسند آخر في الفقيه 2، نفس الباب، ح 80.
6- أي ينتزع القراد عنه.
7- انظر رقم (5) أعلاه.

10- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الرَّحمن بن العرزميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل المحرم كلَّ ما خَشِيَه على نفسه(1)

11- أحمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بقتل البرغوث و القمّلة و البَقّة في الحرم (2)

12- أحمد بن محمد، عن أحمد القلانسيِّ، عن أحمد بن الوليد، عن أَبَان، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حَكَكْتُ رأسي و أنا محرم، فوقعت قمّلة؟ قال: لا بأس، قلت: أيُّ شيء تجعل عَلَيَّ فيها؟ قال: و ما أجعل عليك في قمّلة؟! ليس عليك فيها شيء.

224- باب المُحْرِم يذبح وَ يَحْتَشُّ لدابّته

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يذبح البقر و الإبل و الغنم، و كلّما لم يصفّ من الطير (3)، و ما أحلّ للحلال أن يذبحه في الحرم و هو محرم، في الحلِّ و الحرم.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم ينحر بعيره، أو يذبح شاته؟ قال: نعم، قلت له: يحتشّ لدابّته و بعيره؟ قال: نعم، و يقطع ما شاء من الشجر حتّى يدخل الحرم، فإذا دخل الحرم فلا (4)

225- باب أدَبِ المُحْرم

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 362


1- الحديث صحيح.
2- قال الشهيد الأول في الدروس: منع في النهاية من قتل المحرم البقَّ و البرغوث و شبههما في الحرم، و إن محلاً في الحرم فلا بأس.
3- صَفِّ الطير؛ إذا استقلّ بالطيران. فما لم يكن له صفيف أصلاً كالدجاج لا يكون مستقلاً بالطيران فلا يكون ممتنعاً في ذاته فلا يحرم قتله على المحرم.
4- و قد تقدم القول في أن المشهور حرمة قطع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم على المحلّ و المحرم إلا ما نبت في ملك الإنسان و ما استثني كالإذخِر و غيره فراجع. و الحديث ضعيف.

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حَكَكْتَ رأسك، فحكّه حكّاً رفيقاً، و لا تَحُكّنَّ بالأظفار، و لكن بأطراف الأصابع.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اغتسل المحرم من الجنابة، يصبُّ على رأسه ، و يميز الشعر بأنامله بعضَه من بعض (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يدخل المحرم الحمّام، و لكن لا يتدلّك (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل ، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس للمحرم أن يُلَبّي (3) من دعاه حتّى يقضي إحرامه، قلت: كيف يقول ؟ قال: يقول: يا سعد (4)

5- محمد بن يحيى؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يتخلّل (5)؟ قال: لا بأس.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرمِ يَسْتاك؟ قال: نعم، قلت: فإن أدمى يستاك؟ قال: نعم، و هو من السنّة (6) و روي أيضاً: لا يستدمي.

ص: 363


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 8، بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 66 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، 111- باب دخول الحمّام، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 53. هذا، و قد نص أصحابنا على كراهة دخول الحمّام للمحرم أثناء إحرامه و تدليك الجسد فيه، و قد حملوا كل ما ورد من النهي عن ذلك على الكراهة.
3- أي يقول له: لبّيك، و إنما كره ذلك كما يقول الشهيد الثاني في المسالك 90/1: ﴿لأنه في مقام التلبية لله، فلا يشرك غيره فيها﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ؛ ح 261. الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 7 بتفاوت.
5- تخليل الأسنان: استخراج ما علق خلالها من الطعام بعود و نحوه.
6- إلی هنا مروی في الفقیه 2، 118- باب ما یجوز للمحرم إتیانه و استعماله و ...، ح 4. و یحمل علی ما إذا کانت هنا لک ضرورة للاستیاک، علی القول بحرمة إخراج الدم علی المحرم، و أما علی القول بجوازه له علی کراهیة فالروایة تکون عاضدة لهذا القول،و قد استظهر بعض أصحابنا الکراهة من الأدلة دون الحرمه، فراجع شرائع الاسلام للمحقق 1 /251، بینما ذهب الشهیدان إلی أن إخراج الدم إختیاراً و لو بمثل السواک و حک الجسد من محرمات الإحرام مع القول بعدم الفدیة علی الأقوی.

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يحكّ المحرم رأسه، و يغتسل بالماء؟ قال: يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة، و لا بأس بأن يغتسل بالماء، و يصبُّ على رأسه، ما لم يكن ملبّداً، فإن كان ملبّداً فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من الاحتلام (1)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يكره الإحتباء للمحرم، و يكره في المسجد الحرام (2)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن حفص بن البختريّ، عن أبي حلال (3) الرازيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته، عن رجلين اقتتلا و هما محرمان؟ قال: سبحان الله، بئس ما صنعا، قلت: قد فعلا، فما الّذي يلزمهما؟ قال: على كلِّ واحد منهما دم (4)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العمر كيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصارع، هل يصلح له؟ قال: لا يصلح له مخافة أن يصيبه جراحٌ، أو يقع بعضُ شعره (5)

11- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن العبّاس بن عامر، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن سعيد قال: سأل أبو عبد الرَّحمن أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يعالج دَبَر الجمل (6)؟ قال: فقال: يلقي عنه الدوَابّ و لا يدميه.

12- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يكون به الجرب فيؤذيه؟ قال: يحكّه فإن سال منه الدَّم فلا بأس (7)

ص: 364


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 64 بتفاوت يسير. و تلبيد الشعر: عبارة عن جعل صمغ فيه لئلا يتشعث و يصاب بالقمل.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل على كراهة الاحتباء في المسجد الحرام مطلقاً للمحل و المحرم.
3- في التهذيب: هلال، بدل: حلال.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 256. و الحديث مجهول. و لم يذكره الأكثر و إن عمل به الشيخ رحمه الله.
5- الحديث صحيح، ويدل على جواز المصارعة و عدم حرمتها، و قد نص الشهيد الأول في الدروس على كراهتها للمحرم. و قيل بتحريمها إذا كان فيها رهان.
6- جمل أدْبَر:- كما في النهاية- لما في ظهره من قروح.
7- الحديث موثق، و محمول على المشهور على حال الضرورة.

226- باب المُحْرم يموت

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يموت؟ قال: يغسّل، و يكفّن، و يغطّى وجهه، و لا يُحنّط، و لا يمسّ شيئاً من الطيب (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن المحرم يموت؟ قال: يغسّل و يكفّن بالثّياب كلّها، يصنع به كما يصنع بالمحلّ، غير أنّه لا يمسُّ الطيب (2)

3- محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: توفّي عبد الرحمن بن الحسن بن علي بالأبواء، و هو محرم، و معه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر و عبد الله و عبيد الله ابنا العبّاس، فكفّنوه، و خمّروا وجهه و رأسه، و لم يحنّطوه، و قال: هكذا في كتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة المحرمة تموت و هي طامت؟ قال: لا تمسُّ الطيب، و إن كنَّ معها نسوة حلال (4)

227- باب المحصور و المصدود و ما عليهما من الكفّارة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد الله بن فَرْقَد، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين صُدَّ بالحديبية قصّر و أحلّ و نحر ثمَّ انصرف منها، و لم يجب عليه الحلق حتّى يقضي النّسُك، فأمّا

ص: 365


1- و بما ذكر فيه من عدم مسّ شيء من الكافور أو الطيب للميت التزم أصحابنا رضوان الله عليهم، و فيما عدا ذلك فالمحرم الميت في حكم الحلال.
2- التهذيب 1، 13- باب تلقين المحتضرين و توجيههم عند ... ، ح 132. و فيه: و يغطى وجهه، بعد قوله: ... بالثياب كلها ... قال المحقق في الشرائع 39/1: ﴿و يجب أن يمسح مساجده بما تيسّر من الكافور إلا أن يكون محرماً فلا يقر به الكافور ...﴾.
3- رواه بنفس السند مع تفاوت في التهذيب 1، نفس الباب، ح 134.كما أورده بتفاوت و سند آخر برقم 131 من نفس الباب. و الأبواء: منزل بين مكة و المدينة.
4- الحديث مجهول.

المحصور فإنّما يكون عليه التقصير(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم انكسرت ساقه، أيُّ شيء يكون حاله و أيُّ شيء عليه؟ قال: هو حلال من كلِّ شيء، قلت: من النساء و الثياب و الطيب؟ فقال: نعم، من جميع ما يحرم على المحرم؛ و قال: أما بَلَغَكَ قول أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حُلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ، قلت: أصلحك الله، ما تقول في الحجِّ؟ قال: لا بدَّ أن يحجَّ من قابل، قلت: أخبرني عن المحصور و المصدود، هما سواء؟ فقال: لا، قلت: فأخبرني عن النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين صدَّه المشركون، قضى عمرته؟ قال: لا، و لكنّه اعتمر بعد ذلك (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: المحصور غير المصدود، المحصور المريض، و المصدود الّذي يصدُّه المشركون، كما ردُّوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه ليس من مرض، و المصدود تحلُّ له النساء و المحصور لا تحلُّ له النساء (3) قال: و (4) سألته عن رجل أُُحصر فبعث بالهدي؟ قال: يواعد

ص: 366


1- ﴿الحديث ضعيف على المشهور. و اعلم أن مصطلح الفقهاء في الحصرو الصدّ، أن الحصر هو المنع عن تتمة أفعال الحج لِمَرَض، و الصد بالعدوّ، و هما مشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة و يفترقان في عموم التحلّل، فإن المصدود يحل له بالمحلل كلما حرمه الإحرام، و المحصور ما عدا النساء، و في مكان ذبح الهدي، فالمصدود يذبحه حيث يحصل له المانع و المحصر يبعثه إلى منى إن كان حاجاً و إلى مكة إن كان معتمراً على المشهور ... الخ﴾ مرآة المجلسي 334/17.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 268. و قوله: هما سواء: يعني في وجوب الحج من قابل. و لا بد من حمله إما على كون الحج قد استقر في ذمته، و إلا فيحمل- على المشهور عندنا- على الاستحباب. قوله: و لكنه اعتمر بعد ذلك: يعني عمرة أخرى مستأنفة، و هي ما سمّيت بعمرة القضاء. و الحديث صحیح.
3- إلى هنا مروي في التهذيب 5، نفس الباب، ح 267. و برقم 113 من نفس الباب أيضاً. الفقيه 2، 210- باب المحصور و المصدود، ح 1 بتفاوت. قال الشهيد الثاني (رحمة الله علیه) في الروضة: ﴿و أصل الحصر المنع، و المراد به هنا منع الناسك بالمرض عن نسك يفوت الحج أو العمرة بفواته مطلقاً كالموقفين أو عن النسك المحلّل على تفصيل . و الصدّ بالعدو و ما في معناه مع قدرة الناسك بحسب ذاته على الإكمال. و هما مشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة و يفترقان في عموم التحلل، فإن المصدود يحل له بالمحلّل كلما حرمه الإحرام، و المحصر ما عدا النساء، و في مكان ذبح هدي التحلل، فالمصدود يذبحه أو ينحره حيث وجد المانع، و المحصر يبعثه إلى محله بمكة و منى ... و قد يجتمعان على المكلف بأن يمرض و يصده العدو فيتخيَّر في أخذ حكم ما شاء منهما و أخذ الأخف من إحكامهما لصدق الوصفين الموجب للأخذ بالحكم سواء عرضا دفعة أو متعاقبين﴾.
4- من هنا مروي بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، ح 111.

أصحابه ميعاداً، إن كان في الحجِِِِّ فمحلُّ الهدي يوم النحر، فإذا كان يوم النحر، فليقص من رأسه، و لا يجب عليه الحلق حتّى يقضي المناسك، و إن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة، و الساعة الّتي يعِدُهُم فيها، فإذا كان تلك الساعة قصّر و أحلَّ، و إن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرُّجوع، رجع إلى أهله، و نحر بدنة، أو أقام مكانه حتّى يبرأ إذا كان في عمرة، و إذا برء فعليه العمرة واجبة، و إن كان عليه الحجُّ رجع، أو أقام ففاته الحجُّ، فإنَّ عليه الحجُّ من قابل؛ فإنّ الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما خرج معتمراً فمرض في الطريق، فبلغ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك و هو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسُّقيا (1) و هو مريض بها، فقال: يا بنيّ، ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي، فدعا عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بُبْدنة فنحرها،و حلق رأسه، و ردَّه إلى المدينة، فلمّا برء من وجعه اعتمر، قلت: أرأيتَ حين برء من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة، حلّت له النساء؟ قال: لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت و بالصّفا و المروة، قلت: فما بال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين رجع من الحديبية حلّت له النساء، و لم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مصدوداً،و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) محصوراً.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أُُحْصِرَ الرَّجل، بعث بهديه، فإذا أفاق و وجد من نفسه خِفَّةً فليمض إن ظنَّ أنّه يدرك الناس، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر الهدي، فليقم على إحرامه حتّى يفرغ من جميع المناسك و [ل] سينحر هديه، و لا شيء عليه، و إن قدم مكّة و قد

نحر هديه، فإنَّ عليه الحجَّ من قابل، أو العمرة . قلت: فإن مات و هو مُحرم قبل أن ينتهي إلى مكّة؟ قال: يُحَجُّ عنه إن كانت حجّة الإسلام، و يُعْتَمَر، إنّما هو شيء عليه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في المحصور و لم يَسُق الهَدْي، قال: ينسك و يرجع، فإن لم فإن لم يجد ثمن هَدْي صام (3)

ص: 367


1- يقول الفيروز آبادي في القاموس 343/4: السُّقيا: موضع بالمدينة و وادي الصفراء.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 112 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. ﴿و ما تضمنه من الإحكام موافق للمشهور، غير أنهم قالوا: إن فاته الحج، فإن واجباً يحج في القابل وجوباً و إلا استحباباً، وقالوا أيضاً: يتحلل بعمرة﴾. مرآة المجلسي 338/17- 339.
3- الفقيه 2، 210 - باب المحصور و المصدود، ح 3 بتفاوت. و معنى قوله: ينسك: أي ينحر بدنة. و ما تضمنه من بدلية الصوم في المحصور عن الهدي هو خلاف المشهور عندنا، إذ المشهور أنه لا بدل لهدی التحلل، بل يبقى على إحرامه لو عجز عنه أو عن ثمنه.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : إذا أُحصر الرَّجل فبعث بهديه فأذاه رأسه قبل أن ينحر هَدْيَه، فإنّه يذبح شاة في المكان الّذي أحصر فيه، أو يصوم، أو يتصدّق، و الصوم ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين؛ نصف صاع لكلِِّ مسكين (1)

7- سهل، عن ابن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يشترط و هو ينوي المتعة فيحصر، هل يجزئه أن لا يحجَّ من قابل؟ قال: يحجُّ من قابل، و الحاجُّ مثل ذلك إذا أحصر، قلت: رجلٌ ساق الهدي ثمَّ أحصر؟ قال: يبعث بهديه، قلت: هل يستمتع من قابل؟ فقال: لا، و لكن يدخل في مثل ما خرج منه (2)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل عرض له سلطان، فأخذه ظالماً له يوم عرفة قبل أن يعرِّف (3)، فبعث به إلى مكّة فحبسه، فلمّا كان يوم النحر خلّى سبيله، كيف يصنع ؟ قال: يلحق فيقف بجُمع (4)، ثمَّ ينصرف إلى منى، فيرمي و يذبح و يحلق و لا شيء عليه، قلت: فإن خلّى عنه يوم النفر، كيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحجِّ، إن كان دخل مكّة متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ، فليطف بالبيت أسبوعاً، ثمَّ يسعى أسبوعاً، و يحلق رأسه، ويذبح شاة (5)، فإن كان مفرِداً للحجِّ، فليس عليه ذبح و لا شيء عليه (6)

9- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المصدود يذبح حيث صُدَّ، و يرجع صاحبه فيأتي النساء، و المحصور يبعث بهَدْيهِ و يعِدُهُم يوماً، فإذا بلغ الهَدي أحلَّ هذا في مكانه، قلت له: أرأيتَ إن ردُّوا عليه دراهمه و لم يذبحوا عنه، و قد أحلّ فأتى النساء؟ قال: فليعد، و ليس عليه شيء، و ليمسك الآن عن النساء إذا بَعَث (7)

ص: 368


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 62. الاستبصار 2 ، 122-باب ما يجب على من حلق رأسه من الأذى من ...، ح 3. بتفاوت يسير فيهما.
2- أي من حج القِران، و هو المشهور بين الأصحاب. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التعريف: الوقوف بعرفات.
4- يعني المشعر الحرام و هو مزدلفة. و ظاهره إدراك الحج بإدراكه الوقوف الإضطراري في مزدلفة.
5- هذا خلاف المشهور في المصدود.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 269 بتفاوت و في ذيله: و لا حَلْق، بدل: و لا شيء عليه. و الحديث موثق.
7- و قد دَلت على عدم بطلان تحلله إذا تبيّن عدم ذبح هديه من قِبل من كلّفه بذلك، و هو مما لا خلاف فيه عندنا، و معنى قوله في ذيل الرواية: و ليمسك الآن عن النساء إذا بعث: أي يجب عليه الإمساك عن النساء إذا بعث الهدي من قابل،و لعل المراد أنه يمسك من حين إحرام المبعوث معه الهدي. و الله العالم.

228- باب المحرم يتزوّج أو يزوّج و يطلّق و يشتري الجواري

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم لا يُنكح، و لا يَنكح، و لا يخطب، و لا يشهد النكاح، و إن نكح فنكاحه باطلٌ (1)

2- أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ رجلاً من الأنصار تزوَّج و هو محرمٌ، فأبطل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نکاحه (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن إبراهيم بن الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المحرم إذا تزوَّج و هو محرم، فُرِّق بينهما، ثمَّ لا يتعاودان أبداً (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: المحرم لا يتزوَّج، فإن فعل فنكاحه باطلٌ (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: لا ينبغي للرَّجل الحلال أن يزوِّج محرماً و هو يعلم أنّه لا يحلُّ له، قلت: فإن فعل فدخل بها المحرم؟ قال: إن كانا عالمين، فإنَّ على كلِّ واحد منهما يُدْنَة، و على المرأة إن كانت مُحْرِِمة ،بُدْنة، و إن لم تكن مُحْرِمة فلا شيء عليها، إلّا أن تكون قد علمت أنَّ الّذي تزوَّجها محرم، فإن كانت علمت ثمَّ تزوَّجته فعليها بدنة (5)

ص: 369


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 49. و فيه: و لا يشهد. من دون كلمة: النكاح. هذا، و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان محرمات الإحرام: ﴿... و النساء، بكل استمتاع من الجماع و مقدماته حتى العقد و الشهادة عليه و إقامتها، و إن تحملها مجِلَّا، أو كان العقد بين مُحِلّيْن﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 43. الاستبصار 2، 120- باب أنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج، ح 3. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 69.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الفقيه 2، نفس الباب، ح 70 بتفاوت.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 48 بزيادة: و لا يزوّج...
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 51. ﴿وقال سيد المحققين في المدارك: لم أقف على رواية تتضمن لزوم الكفارة للعاقد المحرم، لكن ظاهر الأصحاب الإتفاق عليه، و مقتضى الرواية الواردة في المحل لزوم الكفارة للمرأة المحلّة أيضاً إذا كانت عالمة:بإحرام الزوج، و به أفتى الشيخ و جماعة و هو أولى من العمل بأحد الحكمين و إطراح الآخر كما فعل في الدروس، و إن كان المطابق للأصول إطراحها مطلقاً لأن سماعة واقفي. و أقول: خبر سماعة معتبر لتوثيقه و اعتماد الأصحاب على خبره، و لو سلّم ضعفها فهو منجبر للشهرة بين الأصحاب و تكرّرها في الأصول﴾ مرآة المجلسي 345/17. و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و إذا عقد المحرم لمحرم على امرأة و دخل بها المحرم فعلى كل منهما كفارة، و كذا لو كان العاقد مُحِلِّا على رواية سماعة﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المحرم يطلّق و لا يتزوَّج (1)

7- أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يطلّق؟ قال: نعم.

8- أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن سعد بن سعد، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يشتري الجواري و يبيع؟ قال: نعم (2)

229- باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي مناسكه أو محلّ يقع على مُحْرِِمَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سألته عن محرم غَشِيَ امرأته و هي محرمة؟ قال: جاهلَين أو عالَمِين؟ قلت: أجِبْني في الوجهين جميعاً، قال: إن كانا جاهلين، استغفرا ربّهما و مضيا على حجّهما و ليس عليهما شيء، و إن كانا عالَمِين، فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه، و عليهما بدنة، و عليهما الحجُّ من قابل، فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه، فرِّق بينهما حتّى يقضيا نسكهما، و يرجعا إلى المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأيُّ الحجّتين لهما؟ قال: الأولى الّتي أحدثا فيها ما أحدثا، و الأخرى عليهما عقوبة (3)

ص: 370


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 249 و فيه: للمحرم أن .. إلخ. الفقيه 2، نفس الباب، ح 72.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 52. الفقيه 2، 112- باب نوادر الحج، ح 11 و في ذيله: أو يبيع. و تجویز شراء الجواري و بيعهن لا يتنافى مع تحريم لمسهن عليه فضلاً عن وطئهنَّ. و هو ما عليه فتوى الأصحاب. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق في الشرائع 293/1: ﴿فمن جامع زوجته في الفرج قبلاً او دبراً، عامداً عالماً بالتحريم فسد حجّه و عليه إتمامه و بدنة و الحج من قابل، سواء كانت حجته التي أفسدها فرضاً أو نفلاً. و كذا لو جامع أمته و هو محرم. و لو كانت امرأته محرمة مطاوعة لزمها مثل ذلك و عليهما أن يفترقا إذا بلغا ذلك المكان حتى يقضيا المناسك إذا حجّا على تلك الطريق، و معنى الإفتراق ألّا يخلوا إلا و معهما ثالث. و لو أكرهها كان حجها ماضياً و كان عليه كفارتان، و لا يتحمل عنها شيئاً سوى الكفارة...﴾. و ما ذكره رحمه الله مجمع عليه بين العلماء إجمالاً. و لا فرق في الزوجة بين الدائم و المنقطع.

2- علىُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن أَبَان بن عثمان رفعه إلى أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: معنى يفرّق بينهما: أي لا يَخْلُوَان و أن يكون معهما ثالث (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يقع على أهله؟ قال: إن كان أفضى إليها، فعليه بدنة و الحجُّ من قابل، و إن لم يكن أفضى إليها، فعليه بدنة و ليس عليه الحجُّ من قابل (2)، قال: و سألته عن رجل وقع على امرأته و هو محرم؟ قال: إن كان جاهلاً فليس عليه شيءٌ، و إن لم يكن جاهلاً فعليه سَوْقُ بدنة، و عليه الحجُّ من قابل، فإذا انتهى إلى المكان الّذي وقع بها، فرِّق محملهما فلم يجتمعا في خباءٍ واحد، إلّا أن يكون معهما غيرهما، حتّى يبلغ الهَدْيُ مَحِلّه.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلامُ): رجلٌ وقع على أهله و هو محرم؟ قال: أجَاهل أو عالم؟ قال: قلت: جاهل؟ قال: يستغفر الله، و لا يعود، و لا شيء عليه (3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم واقع أهله؟ فقال: قد أتى عظيماً، قلت: أفتِني، فقال: اَسْتَكْرَهَها؟ أو لم يستكرهها؟ قلت: أفتِني فيهما جميعاً فقال: إن كان استكرهها فعليه ،بدنتان، و إن لم يكن استكرهها فعليه بدنة، و عليها بدنة، و يفترقان من المكان الّذي كان فيه ما كان، حتّى ينتهيا إلى مكّة، و عليهما الحجُّ من قابل لا بدَّ منه، قال: قلت: فإذا انتهيا إلى مكّة فهي امرأته كما كانت؟ فقال: نعم، هي امرأته كما هي، فإذا انتهيا إلى المكان الّذي كان منهما ما كان، افترقا حتّى يحلّا ، فإذا أحلّا فقد انقضى عنهما، فإنَّ أبي كان يقول ذلك (4)

ص: 371


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14 بتفاوت.
2- التهذيب 5 ،25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 11. الاستبصار 2، 119- باب من جامع فيما دون الفرج، ح 2. و فيهما إلى قوله: و ليس عليه الحج من قابل.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بتفاوت قليل.

و في رواية أُخرى: فإن لم يقدر على بدنة فإطعام ستّين مسكيناً (1) لكلِّ مسكين مدُّ، فإن لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوماً، و عليها أيضاً كمثله إن لم يكن استكرهها (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن صباح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخبرني عن رجل مُحِلٍٍِّ وقع على أُمَةٍ له محرمة؟ قال: موسرٌ أو معسرٌ؟ قلت: أجِبْني فيهما، قال: هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها، أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ قلت: أجبني فيهما، فقال: إن كان موسراً، و كان عالماً أنّه لا ينبغي له ، و كان هو الّذي أمرها بالإحرام، فعليه بدنة، و إن شاء بقرة، و إن شاء شاة، و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شيء عليه، موسراً كان أو معسراً، و إن كان أمرها و هو معسر، فعليه دم شاة أو صيام (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان، ما عليهما؟ فقال: إن كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرَّجل، فعليهما الهَدْيُ جميعاً، و يفرَّق بينهما حتّى يفرغا من المناسك، و حتّى يرجعا إلي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، و إن كانت المرأة لم تُعِنْ بشهوة و استكرهها صاحبها، فليس عليها شيء (4)

230- باب المُحرم يُقَبّل امرأته و ينظر إليها بشهوة أو غير شهوة أو ينظر إلى غيرها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن

ص: 372


1- قال الشهيد في الدروس: لو عجز عن البدنة الواجبة بالإفساد فعليه بقرة، فإن عجز فسبع شياه، فإن عجز فقيمة البدنة دراهم تصرف في الطعام و يتصدق به، فإن عجز صام عن كل مُدّ يوماً، قاله الشيخ.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح7.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 10. الاستبصار 2، 117- باب من أمر جاريته بالإحرام ثم واقعها بعد أن... ، ح 1. و يقول المحقق في الشرائع 294/1: ﴿و لو جامع أمته مُحِلُّا و هي محرمة بإذنه تحمّّل عنها الكفارة؛ بدنة أو بقرة أو شاة، و إن كان معسراً فشاة أو صيام ثلاثة أيام﴾.
4- الحديث صحيح.

محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم؟ قال: لا شيء عليه (1)، و لكن ليغتسل و يستغفر ربّه، و إن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى، فلا شيء عليه ، و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو أمذى، فعليه دم، و قال في المحرم ينظر إلى امرأته و ينزلها بشهوة حتّى يُنزِِْل، قال: عليه بدنة.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته؟ قال: نعم، يُصلح عليها خمارها، وَ يُصلح عليها ثوبها و محملها، قلت: أفيمسّها و هي محرمة؟ قال: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال: يهريق دم شاة، قلت: فإن قَبَّل؟ قال: هذا أشدُّ، ينحر بدنة (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قبّل امرأته و هو محرم؟ قال: عليه بدنةٌ و إن لم يُنْزل، و ليس له أن يأكل منها (3)

4- سهل بن زياد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا سيّار، إنَّ حال المحرم ضيّقه، فمن قبّل امرأته على غير شهوة و هو محرم، فعليه دم شاة، و من قبّل امرأته على شهوة فأمني، فعليه جزور و يستغفر ربّه، و من مسَّ امرأته بيده و هو محرمٌ على شهوة فعليه دمُ شاة، و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى، فعليه جزور، و من مسَّ امرأته أو لازمها (4) من غير شهوة فلا شيء عليه (5)

ص: 373


1- إلى هنا مروي في التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. الاستبصار 2، 118- باب من نظر إلى امرأته فأمنى، ح 2.
2- الحدیث حسن ﴿و یشتمل علی حکمین: الأول: إن في المس بشهوة شاة ... الثانی: إنه إذا قبّلها بشهوة کان علیه بدنة، سواء اُنزل أم لم ینزل، و هذا قول الصدوق في المقنع، و ذهب جماعة من المتأخرین إلی أنه إذا قبّلها بغیر شهوة کان علیه شاة، و لو کان بشهوة، کان علیه جزور، و قال الصدوق في الفقیه بوجوب الشاة مطلقاً. و قال ابن إدریس: إذا قبّلها بشهوة، فإن أنزل فعلیه جزور، و إن لم یُنزل فعلیه شاة کما لو قبّلها بغیر شهوة. و ما دل علیه هذا الخبر المعتبر، و اختاره الصدوق في المقنع لا یخلو من قوة﴾ مرآة المجلسی 352/17.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 36. و في ذيله منه، بدل: منها. و يؤيد هذا ما اختاره الصدوق في المقنع و ذكرناه في التعليقة السابقة. و ما ذكر في الحديث من عدم جواز الأكل منها هو ما أفتى به أصحابنا بل في جميع الكفارات.
4- أي احتضنها.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الاستبصار ،2، 118- باب من نظر إلى امرأته فأمنى، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و لو نظر المحرم إلى امرأته لم يكن عليه شيء و لو أمنى، و لو كان بشهوة فأمنى كان عليه بدنة، و لو مسّها بغير شهوة لم يكن عليه شيء، و لو مسّها بشهوة كان عليه شاة و لو لم يُمْنِ، و لو قبّل امرأته كان عليه شاة، و لو كان بشهوة كان عليه جزور و كذا لو أمنى عن ملاعبة ..﴾.

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يعبث بأهله حتّى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان، ماذا عليهما (1)؟ قال: عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الّذي یجامع (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزّاز، عن صباح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما تقول في محرم عَبَثَ بِِذَكَره فأمنى؟ قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم: بدنة، و الحجُّ من قابل (3)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نظر إلى ساق امرأة فأمنى؟ قال: إن كان موسراً فعليه بدنة، و إن كان بين ذلك فبقرة، و إن كان فقيراً فشاة، أمَا إنّي لم أجعل ذلك عليه من أجل الماء، و لكن من أجل أنّه نظر إلى ما لا يحلُّ له (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار في محرم نظر إلى غير أهله فأنزل؟ قال: عليه دم،لأنّه نظر إلى غير ما يحلّ له، و إن لم يكن أنزل فليتّق الله و لا یَعُدْ، و ليس عليه شيء.

9- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن الوليد، عن أبَان بن عثمان، عن الحسين بن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم، يقبل أُمّه؟ قال: لا

ص: 374


1- الأظهر رجوع الضمير هنا إلى الرجل و المرأة و هو ما يظهر من المصنف رحمه الله.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح26. الاستبصار 2، 119- باب من جامع فيما دون الفرج، ح 3. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و لو أمنى بالاستمناء أو بغيره من الأسباب التي تصدر عنه، فبدنة، و هل يفسد به الحج مع تعمده و العلم بتحريمه؟ قيل: نعم، و هو المروي من غير معارض، و ينبغي تقييده بموضع يفسده الجماع، و يستثنى من الأسباب التي عممها ما تقدم من المواضع التي لا توجب البدنة بالإمناء، و هي كثيرة﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 28 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرَّفَث و ... ، ح 4 بتفاوت يسير و ظاهر الحديث، أنه لا فرق بين أن تكون المنظور إليها زوجته أو أجنبية عنه، و المرجع في الفقر و الیسار و توسط الحال إلى العرف، و قال الشهيد الثاني (رحمة الله): ﴿و قيل: ينزّل ذلك على الترتيب فيجب البدنة على القادر عليها فإن عجز عنها فالبقرة فإن عجز عنها فالشاة، و به قطع (أي الشهيد الأول (رحمة الله)) في الدروس، و الرواية تدل على الأول﴾. و هذا الحكم مختص بما إذا لم يكن من عادته الإمناء بالنظر أو لم يكن قاصداً له و إلا فالكفارة كفارة المستمني بيده و هي بدنة، إضافة إلى فساد حجه على قول فيجب عليه الحج من قابل.

بأس، هذه قُبلة رحمة، إنّما تكره قبلة الشهوة (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن وهيب بن حفص (2)، عن أبي بصير قال: سألت أب عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط و هو مُحرم، فَتَشَهّى حتّى أنزل؟ قال: ليس عليه شيء (3)

11- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى؟ قال: ليس عليه شي (4)

12- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم تُنْعَتُ له المرأة الجميلة الخِلْقة فيمني؟ قال: ليس عليه شيء.

231- باب المحرم يأتي أهله و قد قضى بعض مناسكه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن سَلَمة بن محرز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء؟ قال: ليس عليه شيء، فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم، فقالوا: اتّقاك، هذا ميسّر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له: عليك بُدْنة، قال: فدخلت عليه فقلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أخبرت أصحابنا بما أجبتني فقالوا: اتّقاك، هذا ميسّر قد سأله عمّا سألت فقال له: عليك بدنة؟ فقال: إنَّ ذلك كان بلغه، فهل بلغك؟ قلت: لا، قال: ليس عليك شيء (5)

ص: 375


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. قال الشهيد في الدروس: يجوز تقبيل أمه رحمة لا شهوة.
2- في سند التهذيب: وهب بن حفص.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 38 بتفاوت يسير. و قد قيد الشهيد الثاني رحمه الله ذلك بما إذا لم يكن الإنزال في مثل هذه الحال من عادته و لم يقصده و إلا فأوجب عليه الكفارة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 39. هذا و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و لو استمع على من يجامع فأمنى من غير نظر لم يلزمه شيء﴾. هذا و لا بأس بالتنبيه على أنه رحمه الله بصدد بيان لزوم الكفارة في هذه الحالة و عدمه من دون نظر إلى قبح أصل العمل أو غير ذلك. كما لا بد من تقييده بما إذا لم يكن من عادته ذلك أو قصده.
5- التهذيب 5، 25 -باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 21. هذا و قال المجلسي في مرآته 357/17: ﴿... و ما تضمنه من عدم الكفارة على الجاهل و لزوم البدنة إذا كان بعد وقوف المشعر و قبل طواف النساء و عدم فساد الحج بذلك مقطوع به في كلام الأصحاب، و كذا الحكم لو كان قبل تجاوز النصف في طواف النساء﴾.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القمّاط :قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل وقع على امرأته يوم النحر، قبل أن يزور؟ قال: إن كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة، و إن كان غير ذلك فبقرة، قلت: أو شاة؟ قال: أو شاة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع وقع على أهله و لم يَزُر؟ قال: ينحر جزوراً، و قد خشيتُ أن يكون قد تُلِمَ حجّه إن كان عالماً، و إن كان جاهلاً فلا شيء عليه. و سألته عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء؟ قال: عليه جزور سمينة، و إن كان جاهلاً فليس عليه شيء، قال: و سألته عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء، و لم تطف هي؟ قال: عليه دم يهريقه من عنده (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل واقع أهله حين ضَحّى، قبل أن يزور البيت؟ قال: يهريق دماً (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا واقع المحرم امرأته قبل أن يأتي المزدلفة، فعليه الحجُّ من قابل.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده، فطاف منه خمسة أشواط، ثمَّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله فَنَفَضَ (4)، ثمَّ غشي جاريته (5)؟ قال: يغتسل، ثمَّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين، تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه، و يستغفر الله و لا يعود، و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ، ثمَّ خرج فغشي، فقد أفسد حجّه، و عليه بدنة، و يغتسل، ثمَّ يعود فيطوف أسبوعاً (6)

ص: 376


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. و الحديث ضعيف على المشهور، و ما تضمنه مخالف لما هو المشهور عند الأصحاب.
2- روى صدره إلى قوله: فلا بأس عليه، بدل: فلا شيء عليه، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. و روى بقيته برقم 22 من نفس الباب. و الثُلْمَة: فُرجة المكسور و المهدوم.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 18.
4- نقض: أي بَرَءَ.
5- أي جامعها.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الفقيه 2، 127- باب حكم من نسي طواف النساء، ح 3 و فيه إلى قوله: و يستغفر ربه و لا يعود. هذا و يقول المحقق في الشرائع 294/1: ﴿و إذا طاف المحرم من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع، لم يلزمه الكفارة و بنى على طوافه. و قيل: يكفي في ذلك مجاوزة النصف، و الأول مروى﴾.

7- ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت أُسبوعاً طواف الفريضة، ثمَّ سعى بين الصّفا و المروة أربعة،أشواط، ثمَّ غَمَزَه بطنه، فخرج فقضى حاجته، ثمَّ غشي أهله ؟ قال: يغتسل، ثمَّ يعود فيطوف ثلاثة أشواط، و يستغفر ربّه، و لا شيء عليه؛ قلت: فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة ، فطاف أربعة أشواط ثمَّ غمزه بطنه، فخرج فقضى حاجته، فغشي أهله؟ فقال: أفسد حجّه، و عليه ،بدنة، و يغتسل، ثمَّ يرجع فيطوف أسبوعاً، ثمَّ يسعى، و يستغفر ربّه، قلت: كيف لم تجعل عليه حين غَشِيَ أهله قبل أن يفرغ من سعيه ، كما جعلت عليه هدياً حين غشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه؟ قال: إنَّ الطواف فريضة و فيه صلاة، و السعي سنّة من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، قلت: أليس الله يقول: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (1)؟ قال: بلى، و لكن قد قال فيهما: ﴿وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَإِنَّ اللّهَ شاکِرٌ عَلِیمٌ﴾ (2)، فلو كان السعي فريضة لم يقل: فمن تطوِِّع خيراً (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته- بعد ما حلق فلم يطف و لم يَسْع بين الصفا و المروة- : اطرحي ثوبك، و نظر إلى فرجها؟ قال: لا شيء عليه، إذا لم يكن غيرُ النظر (4)

ص: 377


1- البقرة/158.
2- البقرة/158.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و... ، ح 20. و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد إيراد هذا الخبر: ﴿المراد بهذا الخبر هو أنه إذا كان قد قطع السعي على أنه تام، فطاف طواف النساء، ثم ذكر، فحينئذ لا تلزمه الكفارة. و متى لم يكن طاف طواف النساء فإنه تلزمه الكفارة. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إن السعي سنّة﴾ معناه: أن وجوبه و فرضه عُرف من جهة السنّة دون ظاهر القرآن، و لم يُرد أنه سنّة كسائر النوافل، لأنا قد بينا أن السعي فريضة﴾ و قد علّق المجلسي في المرآة 360/17 على ذلك فقال: أقول: مراده أن السعي و إن ذكر في القرآن، لكن لم يأمر به فيه، بخلاف الطواف، فإنه مأمور به في القرآن. و يمكن حمل الخبر على التقية لموافقته لقول أكثر العامة، و يمكن حمل طواف الزيارة على طواف النساء و إن كان بعيداً.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 344. و الحديث حسن. و مراده بغير النظر الإمناء أو الجماع أو التقبيل و ما شابه.

أبواب الصَّيْد

232- باب النهي عن الصيد و ما يصنع به إذا أصابه المُحْرم و المُحِلُّ في الحِلّ و الحَرَم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تستحلّنَّ شيئاً من الصّيد و أنت حرام، و لا و أنت حلال في الحرم، و لا تَدُلَّنَّ عليه مُحِلًّا و لا محرماً فيصطادوه، و لا تُشِرْ إليه فَيُسْتَحَلَّ من أجلك، فإنَّ فيه فداءً لمن تعمّده.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُحرم لا يدلُّ على الصّيد، فإن دلَّ عليه فقُتِل فعليه الفداء (1)

3- ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى جميعاً، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تأكل من الصّيد و أنت حرام و إن كان [الّذي] أصابه محلُّ، و ليس عليك فداءُ ما أتيته ،بجهالة، إلّا الصّيد، فإنَّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر(3)، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصيد الصّيد بجهالة؟ قال: عليه كفّارة، قلت: فإنّه أصابه خطاً؟ قال: و أيُّ شيء الخطأ عندك؟ قلت: يرمي هذه النخلة فيصيب نخلة أُخرى، قال: نعم، هذا الخطأ، و عليه الكفّارة، قلت: فإنّه أخذ طائراً متعمّداً فذبحه و هو مُحرمٌ؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: الستَ قلت: إنَّ الخطأ و الجهالة و العمد ليسوا بسواء، فلأيِّ شيء يفضل

ص: 378


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 131. الاستبصار 2، 115- باب أنه لا يجوز الإشارة إلى الصيد لمن يريد الصيد، ح 1 بتفاوت في الذيل. كما أورده بتفاوت في الذيل برقم 84 من الباب 24 من الجزء 5 من التهذيب أيضاً. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة صيد البر على المحرم و كذا الدلالة عليه أو الإشارة إليه و لو كان المدلول محلًا، بل حتى و لو كانت الإشارة خفية، و أنه لو فعل ذلك فعليه الكفارة، و هي تختلف باختلاف نوع المقتول من الحيوان.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 83 بتفاوت يسير جداً. و الضمير في: أتيته؛ يرجع إلى محرمات الإحرام و تروكه الواجبة.
3- لا يوجد في سند التهذيب.

المتعمّد الجاهل و الخاطيء؟ قال: إنّه أثِمَ و لعب بِِدِِينه (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا رمى المحرم صيداً فأصاب اثنين، فإنَّ عليه كفّارتين جزاؤهما (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم، فإنّه ينبغي له أن يدفنه، و لا يأكله أحدٌ، و إذا أصابه في الحلِّ، فإنّ الحلال يأكله، و عليه هو الفداء(3)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل أصاب من صيد أصابه محرم و هو حلال؟ قال: فليأكل منه الحلال، و ليس عليه شيء، إنّما الفِداء على المحرم.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن لحوم الوحش تُهدى إلى الرَّجل و لم يعلم صيدها، و لم يأمر به، أيأكله؟ قال: لا، قال: و سألته : أيأكل قَدِيدَ الوحش مُحرمُ؟ قال: لا(4)

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن جميل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصيد يكون عند الرَّجل من الوحش في أهله أو من الطّير، يحرم و هو في منزله؟ قال: لا بأس، لا يضرُّه.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما وَطَأْتَه أو وطأه بعيرك و أنت محرمٌ، فعليك ،فداؤه، و قال: إعلم أنّه ليس عليك فداء شيء أتيته و أنت جاهلٌ به و أنت محرم في حجّك و لا في عمرتك، إلّا الصيد، فإنَّ عليك

ص: 379


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 166 بزيادة في أوله و تفاوت يسير. و الحديث صحيح، و لا خلاف فيه بين الأصحاب.
2- الحديث صحيح، و مضمونه متفق عليه بين الأصحاب.
3- التهذيب 5، 25 - باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 231. و الأمر بالدفن يدل على أنه يعامل معه معاملة الميتة. الاستبصار 2، 139- باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد، ح 4.
4- رواه بتفاوت و سند آخر إلى قوله: لا، الأولى، في التهذيب 5، 24 - باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 82.

فيه الفداء، بجهالة كان أو بعمد (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفّليِِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في المحرم يصيب الصّيد فيدميه ثمَّ يرسله، قال: عليه جزاؤه (2)

233- باب المحرم يَضْطَرُّ إلى الصَّيْد و المِيتَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يضطرُّ فيجد الميتة و الصّيد، أيّهما يأكل؟ قال: بأكل من الصّيد، ما يحبُّ أن يأكل من ماله؟ قلت: بلى، قال إنّما عليه الفداء، فليأكل و ليَفْدِه (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المضطرّ إلى الميتة و هو يجد الصيد؟ قال: يأكل الصيد، قلت: إنَّ الله قد أحلَّ له الميتة إذا اضطرّ إليها، و لم يحلَّ له الصّيد؟ قال: تأكل من مالك أحبُّ إليك أو من ميتة؟ قلت: من مالي، قال: هو مالك (4) لأنَّ عليك فداه، قلت: فإن لم يكن عندي مال؟ قال: تقتضيه إذا رجعت إلى مالك.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن شهاب، عن ابن بكير؛ و زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في رجل اضطرَّ إلى ميتة و صيد و هو محرم، قال: يأكل الصيد و يفدي.

234- باب المحرم يصيد الصيد من أين يقديه و أين يذبحه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ [و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 380


1- يدل هذا الحديث على ضمان صاحب البعير ما يطأه بعيره مطلقاً باعتباره سائقاً لها و هو المشهور عندنا. و أما القائد و الراكب فيضمنان ما تجنيه الدابة حال وقوفها، و حال سيرها يضمنان ما تجنيه بيديها و رأسها.
2- الحديث ضعيف على المشهور. ﴿و المشهور بين الأصحاب أنه لو جرح الصيد فغاب عن عينه و لم يعلم حاله ضمنه أجمع، و لو رأه سويا بعد ذلك وجب الأرش﴾ مرآة المجلسي 366/17.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم، ح 196 بتفاوت يسير. و كذلك هو في الاستبصار 2، 135- باب من اضطر إلى أكل الميتة و الصيد، ح 2. هذا و يقول المحقق في الشرائع 293/1: ﴿و لو اضطر المحرم إلى أكل الصيد أكله و فداه، و لو كان عنده مينه أكل الصيد إن أمكنه فداؤه و إلا أكل الميتة، و إذا كان الصيد مملوكاً فقداؤه لصاحبه، و إن لم يكن مملوكاً تصدق به﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 198. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4.

الفضل شاذان، عن ابن أبي عمير] و صفوان، عن معاوية بن عمّار، قال: يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من وجب عليه هدي في إحرامه، فله أن ينحره حيث شاء، إلّا فداء الصيد، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (2): ﴿هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَةِ﴾ (3)

3- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من وجب عليه فداء صيداً أصابه و هو محرم، فإن كان حاجّاً نحر هديه الّذي يجب عليه بمنى، و إن كان معتمراً نحر بمكّة قُبَالةَ الكعبة(4)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في المحرم إذا أصاب صيداً فوجب عليه الفداء، فعليه أن ينحره إن كان في الحجِّ بمنى حيث ينحر الناس، فإن كان في عُمرةٍ نحره بمكّة ، و إن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه، فإنّه يجزىء عنه (5)

235- باب كفّارات ما أصاب المحرم من الوحش

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 381


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم... ، ح 214. الاستبصار 2، 137- باب من وجب عليه شيء من الكفارة في إحرام... ، ح 3. و روي مقطوعاً في الجميع. و الضمير في (أصابه) يعود إلى الصيد.
2- المائدة/95.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 217. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول الشيخ في الخلاف 498/1: ﴿مسألة 335: الدماء المتعلقة بالإحرام كدم التمتع و القران و جزاء الصيد، و ما وجب بارتكاب محظورات الإحرام كاللباس و الطيب و غير ذلك إن أُحصر جاز له أن ينحر مكانه في جِلّ أو حرم إذا لم يتمكن من إنفاذه بلا خلاف، و إن لم يحصر فعندنا ما يجب بإحرام الحج على اختلاف أنواعه لا يجوز ذبحه إلا بمنى، و ما يجب بإحرام العمرة المفردة لا يجوز ذبحه إلا بمكة قبالة الكعبة بالحزورة﴾. و يقول المحقق في الشرائع: ﴿و كل ما يلزم المحرم من فداء يذبحه أو ينحره بمكة إن كان معتمراً، و بمنى إن كان حاجاً﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 212 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 213. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور. و الشيخ رحمه الله بعد إيراده هذا الحديث في التهذيب قال: قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إذ شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه؛ رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكة أو منى، لأن من وجب عليه كفارة الصيد فإن الأفضل أن يفديه من حيث أصابه. ثم استدل على ذلك برواية معاوية بن عمار الواردة في أول هذا الباب.

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم أصاب نعامة، أو حمار وحش؟ قال: عليه بُدنة، قلت: فإن لم يقدر على بدنة؟ قال: فليطعم ستّين مسكيناً، قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدَّق؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوماً، و الصدقة مدُّ على كلِّ مسكين. قال: و سألته عن محرم أصاب بقرة؟ قال: عليه بقرة، قلت: فإن لم يقدر على بقرة؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكيناً، قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدَّق؟ قال: فليصم تسعة أيّام، قلت: فإن أصاب ظبياً؟ قال: عليه شاة، قلت: فإن لم يقدر؟ قال: فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يقدر على ما يتصدَّق به فعليه صيام ثلاثة أيّام (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن محمد، عن داود الرقّي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء؟ قال: إذا لم يجد بدنة، فسيع شياه، فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوماً (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض

ص: 382


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 99 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 119- باب كفارات ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 3 و أخرجاه عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). يقول المحقق في الشرائع 1 / 284- 285: ﴿ما لكفارته بدل على الخصوص و هو كل ما له مثل من النعم و أقسامه خمسة: الأول: النعامة: و في قتلها بدنة، و مع العجز تقوّم البدنة و يفضّ ثمنها على البر و يتصدق به لكل مسكين مدآن و لا يلزم ما زاد عن ستين، و لو عجز صام عن مدين يوماً، و لو عجز صام ثمانية عشر يوماً، و في فراخ النعام روايتان: إحداهما مثل ما في النعام، و الأخرى من صغار الإبل و هو الأشبه. الثاني: بقرة الوحش و حمار الوحش: و في قتل كل واحدة منهما بقرة أهلية، و مع العجز يقوَّم البقرة الأهلية و يفضّ ثمنها على البُر و يتصدق به لکل مسکین مدآن، و لا يلزم ما زاد على الثلاثين، و مع العجز يصوم عن كل مدّين يوماً و إن عجز صام تسعة أيام. الثالث: في قتل الظبي شاة، و مع العجز يقوّم الشاة و يفضّ ثمنها على البُرّ و يتصدق به لكل مسكين مدّان و لا يلزم ما زاد عن عشرة، فإن عجز صام عن كل مدين يوماً فإن عجز صام ثلاثة أيام﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و أخرجه عن الحسن بن محبوب عن داوود الرقي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت يسير. و لم أجد في حدود اطلاعي من عمل بمضمون هذا الحديث من وجوب سبع شياه عليه عند عدم وجود البدنة و لا بوجوب صيام ثمانية عشر يوماً ابتداءً بل أوجبوا عليه صيام ستين يوماً فإن عجز صام ثمانية عشر يوماً عندئذٍ، قال الشهيدان: ﴿ثم صيام ستين يوماً إن لم يقدر على الفض لعدمه أو فقره ... ثم صيام ثمانية عشر يوماً لو عجز عن صوم الستين و ما في معناها و إن قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر نعم لو عجز عن صومها وجب المقدور...﴾. و قال المحقق في الشرائع 284/1: ﴿النعامة: و في قتلها بدنة، و مع العجز تقوّم البدنة و يفضّ ثمنها على البُرّ، و يتصدق به لکل مسکین مدان، و لا يلزم ما زاد عن ستين، و لو عجز صام عن كل مدين يوماً، و لو عجز صام ثمانية عشر يوماً﴾.

أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أَو عَدْلُ ذلِكَ صِياماً﴾ (1) قال: يثمّن قيمة الهدي طعاماً، ثمَّ يصوم لكلِِّ مدّ يوماً، فإذا زادت الأمداد على شهرين، فليس عليه أكثر منه.

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: المحرم يقتل نعامة؟ قال: عليه بدنة من الإبل، قلت يقتل حمار وحش؟ قال: عليه بدنة، قلت: فالبقرة، قال: بقرة.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قتل نعامة ؟ قال: عليه بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكيناً، و قال: إن كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكيناً، لم يزِِد على إطعام ستّين مسكيناً، و إن كان قيمة البدنة أقلَّ من إطعام ستّين مسكيناً، لم يكن عليه إلّا قيمة البدنة (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم رمى ظَبياً فأصابه في يده، فعرج منها؟ قال: إن كان الظبي مشى عليها و رعى، فعليه ربع قيمته، و إن كان ذهب على وجهه فلم يدرِِ ما صنع، فعليه الفداء، لأنّه لا يدري لعلّه قد هَلَك (3)

7- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل ثعلباً؟ قال: عليه دم، قلت: فأرنباً؟ قال: مثل ما على الثعلب (4)

ص: 383


1- المائدة/95. و أشار ب(ذلك) إلى الصيد المقتول.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 98. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 1 بتفاوت، و أخرجه عن جميل عن محمد بن مسلم و زرارة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا و الظاهر أنه لا فرق في النعامة بين الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى، و المراد بالبدنة أنثى الإبل التي كمل لها خمس سنين، و قد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم إلى الإفتاء بما تضمنه الحديث، قال الشهيدان رحمهما الله بعد أن ذكرا أن عليه بدنة: ﴿ثم الفضّ، أي فضّ ثمن البدنة- لو تعذَرت- على البر، و إطعام ستين مسكيناً، و الفاضل من قيمتها عن ذلك له، و لا يلزمه الإتمام لو أَعْوَز...﴾ كما راجع الشرائع للمحقق 284/1.
3- الحديث ضعيف على المشهور. هذا و يقول المحقق في الشرائع 288/1: ﴿و لو رمى صيداً فأصابه و لم يؤثر فيه فلا فدية، و لو جرحه ثم رآه سوياً ضمن أرشه، و قيل: ربع قيمته، و إن لم يعلم حاله لزمه الفداء، و كذا لو لم يعلم أثّر فيه أم لا؟﴾. و قد أسند في المنتهى لزوم الفداء كاملا فيما إذا جهل حاله إلى علمائنا مشعراً بدعوى الإجماع عليه.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن المحرم و ...، ح 101 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 119- باب ما يجب عنى المحرم في أنواع ما ...، ح 7. قوله: عليه دم: أي دم يهريقه، و هو ذبح شاة. و يقول المحقق في الشرائع 285/1: ﴿في الثعلب و الأرنب شاة، و هو المروي، و قيل: فيه ما في الظبي﴾.

8- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم أصاب أرنباً أو ثعلباً؟ قال: في الأرنب شاة (1)

9- سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أحمد بن أحمد بن عليّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اليربوع و القنفذ و الضبُّ إذا أصابه المحرم، فعليه جدي، و الجدي خير منه، و إنّما جعل عليه هذا كي يَنْكُلَ عن صيد غيره (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب ؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِِّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أصاب المحرم الصيد، و لم يجد ما يكفّر من موضعه الّذي أصاب فيه الصيد، قوِّم جزاؤه من النعم دراهم، ثمَّ قوّمت الدِّراهم طعاماً، لكلِّ مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام، صام لكلِّ نصف صاع يوماً (3)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أصاب بيض نعامة و هو محرم؟ قال: يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض؛ قلت: فإنَّ البيض يفسد كلّه و يصلح كلّه؟ قال: ما ينتج من الهدي ، فهو هَدْيٌ بالغ الكعبة، و إن لم ينتج فليس عليه شيء، فمن لم يجد إبلاً فعليه لكلِّ بيضة شاة، فإن لم يجد، فالصدقة على عشرة مساكين لكلّ مسكين مدُّ، فإن لم يقدر، فصيام ثلاثة أيّام (4)

ص: 384


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 102. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الأرنب شاة، يفهم منه أن في قتل الثعلب أيضا شاة.
2- مر برقم 7 من الباب 223 من هذا الجزء بتفاوت فراجع.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. هذا و المشهور عندنا ثبوت الأبدال عند تعذّر الأصل والعجز عنه و الأبدال عند أصحابنا رضوان الله عليهم في النعامة و بقرة الوحش و حماره و في الظبي على التخيير، و هنالك قول أنها على الترتيب و استظهر هذا الأخير بعضهم و منهم المحقق في الشرائع 285/1 فراجع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 142. الاستبصار 2، 128- باب المحرم يكسر بيضة النعام ، ح ا بتفاوت يسير في الجميع. هذا و يقول صاحب الشرائع 285/1: ﴿في كسر بيض النعام إذا تحرك فيها الفرخ بكارة من الإبل لكل واحدة واحد، وقبل التحرك إرسال فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض، فما نتج فهو هَدْي، و مع العجز عن كل بيضة شاة، ومع العجز إطعام عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام﴾.

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل اشترى لرجل محرم بيض نعامة، فأكله المحرم؟ قال: على الّذي اشتراه للمحرم ،فداء، و على المحرم فداء، قلت: و ما عليهما؟ قال: على المحلِّ جزاء قيمة البيض، لكلِِّ بيضة درهم، و على المحرم الجزاء لكلِّ بيضة شاة (1)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة مثله.

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عُقْبة ، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل مرَّ و هو محرم، فأخذ ظبية فاحتلبها و شرب لبنها؟ قال: عليه دم، و جزاء في الحرم (2)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم كسر قَرْنَ ظبي؟ قال: یجب عليه الفداء، قال: قلت : فإن كسر يده؟ قال: إن كسر يده و لم يَرْعَ، فعليه دم شاة (3)

236- باب کفّارة ما أصاب المحرم من الطير و البَيْض

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة، و إن قتل فِراخَه ففيه حمل، و إن وَطَأ

ص: 385


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 148. و كرره برقم 274 من الباب 26 من نفس الجزء. و في الموضعين بتفاوت يسير و أخرجه في كلا الموضعين بالطريق الثاني المذكور هنا.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 273 بزيادة في آخره هي: ثمن اللبن. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 288/1 : ﴿و من شرب لبن ظبية في الحرم لزمه دم، و قيمة اللبن﴾. و هل يعمم الحكم لغير الظبية، استظهر بعض أصحابنا العدم. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. ﴿و ذهب الشيخ و بعض الأصحاب إلى أن في كسر قرنيه نصف القيمة و في كل منهما ربع القيمة، و في كسر إحدى يديه أو إحدى رجليه نصف القيمة، و في عينيه كمال القيمة لرواية أخرى لأبي بصير (الوسائل/9/ص 223/ ح 3) و في سندها ضعف، و ذهب الأكثر إلى الأرش في الجميع﴾ مرآة المجلسي 377/17.

البيض فعليه درهم (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في الحمامة و أشباهها إذا قتلها المحرم شاة، و إن كان فراخاً فعدلها من الحملان. و قال في رجل وَطَأَ بيض نعامة ففدغها (2) و هو محرم؟ فقال: قضى فيه عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يرسل الفحل على مثل عدد البيض من الإبل، فما لقح و سَلِمَ حتّى ينتج، كان النّتاج هَدْياً بالغَ الكعبة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا قتل المحرم قطاة فعليه حمل قد فُطم من اللّبن، و رعى من الشجر (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور بن حازم، عن سليمان خالد قال: سألته عن محرم وَطَأ بيض قطاة فَشَدَخَه؟ قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم، كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الإبل (5)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب عليّ صلوات الله عليه: في بيض القطاة بَكارة من الغنم إذا أصابه المحرم، مثل ما في بيض النعام بَكارة من الإبل (6)

ص: 386


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 110. الاستبصار 2 ، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو كسر بيضها، ح 2. و الحديث حسن، و بمضونه أفتى الأصحاب رضوان الله عليهم.
2- ففدغها: أی کسرها أی شدخها. و یقال للشیء المجوّف.
3- من قوله: و قال في رجل وَطَأ ... الخ، رواه بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 145. الاستبصار 2، 128- باب المحرم يكسر بيضة النعام، صدر ح 3.
4- الحديث ضعيف. و ما تضمنه من حكم فيمن قتل قطاةً هو المشهور بين الأصحاب. و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿القطا و الحجل و الدرّاج في كل واحد من القطا و الحجل و الدراج حَمَل قد فُطم و رعى﴾.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 150. الاستبصار 2، 129- باب المحرم يكسر بيض القطاة، ح ا بتفاوت يسير في الجميع.
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 146. الاستبصار 2، 129- باب المحرم يكسر بيض القطاة، ح 3. و رواه بعينه برقم 4 من الباب 128 أيضاً. و البكارة من الإبل: هي الفتية منها بنت المخاص فصاعداً مع صدق اسم الفتي. و هو جمع: البكر أو البكرة. و قال الشهيدان: ﴿و في كسر كل بيضة من القطا و القَبْح و هو الحَجَل و الدرّاج، من صغار الغنم أن تحرك الفرخ في البيضة كذا أطلق المصنف (أي الشهيد الأول) هنا (أي في اللمعة) و جماعة، و في الدروس جعل في الأوّلَين مخاضاً من الغنم، أي من شأنها الفحل، و لم يذكر الثالث، و النصوص خالية عن ذكر الصغير، و الموجود في الصحيح منها إن من بيض القطاة بكارة عن الغنم، و أما المخاض فمذكور في (رواية) مقطوعة، و العمل على الصحيح ... و إلا يتحرك الفرخ ارسل في الغنم بالعدو كما تقدم في النعام، فإن عجز عن الإرسال فكبيض النعام، كذا أطلق الشيخ تبعاً لظاهر الرواية و تبعه الجماعة و ظاهره إن في كل بيضة شاة، فإن عجز أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام...﴾. و يقول المحقق في الشرائع: ﴿في كسر بيض القطا و القَبْح: إذا تحرك الفرخ من صغار الغنم، و قيل: عن البيضة مخاض من الغنم، و قبل التحرك إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض، فما نتج فهو هَدي، فإن عجز كان كمن كسر بيض النعام﴾

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن رجل قتل فرخاً و هو محرم في غير الحرم؟ فقال: عليه حَملٌ، و ليس عليه قيمة، لأنّه ليس في الحرم.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ياسين الضّرير، عن حريز، عمّن حدَّثه، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قيمة ما في القمري، و الدُّبسي و السُّمانى،و العصفور، و البلبل؟ فقال: قيمته، فإن أصابه و هو محرم بالحرم، فقیمتان، ليس عليه فيه دمٌ (1)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في القبّرة و العصفور و الصعوة يقتلها المحرم؟ قال: عليه مدُّ من طعام لكلِّ واحد (2)

9- محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أصاب قَطَاةً، أو حَجَلة أو درَّاجة، أو نَظِيرَهُنَّ، فعليه دم (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن

ص: 387


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 206 بتفاوت قليل و كرره بتفاوت برقم 276 من الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب. و الحديث مجهول. والدُبسي: طائر أدكن يقرقر. و السُمات دني- أو السّمّان- طائر من الطيور القواطع، و يقال هو السلوى.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 275 بتفاوت يسير و ذكره أيضاً بتفاوت برقم 106 من الباب 25 من نفس الجزء. و الصّعْوَة: عصفور صغير له ذيل طويل.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 104. و فيه: في كتاب علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... هذا و قد نص بعض أصحابنا رضوان الله عليهم على هذا الحكم في كتبهم تحت عنوان ما لا بدل له على الخصوص و هو خمسة أقسام فراجع شرائع المحقق 286/1.

حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أصاب طَيْرَيْن، واحد من حَمَامِ الحَرَم، و الآخر من حمام غير الحرم؟ قال: يشتري بقيمة الّذي من حمام الحرم قَمْحاً، فيُطْعِمه حمام الحرم، و يتصدَّق بجزاء الآخر (1)

237- باب القوم يجتمعون على الصيد و هم مُحْرِِِمُونَ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، جميعاً عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجلين أصابا صيداً و هما محرمان، الجزاءُ بينهما، أو على كلّ واحد منهما جزاءٌ؟ فقال: لا، بل عليهما أن يجزي كلُّ واحد منهما الصّيد قلت: إنَّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه؟ فقال: إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجّاج مثله.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اجتمع قومٌ على صيد- و هم محرمون- في صيده، أو أكلوا منه، فعلى كلِّ واحد منهم قيمته (3)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن الحكم بن أيمن (4)، عن يوسف الطاطريِّ قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صيد أكله قوم

ص: 388


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 141. و حمام غير الحرم هو ما أُدخل إليه و لم يكن فيه. و المراد بقيمة حمامة الحرم الدرهم الوارد في بعض الروايات. و قد التزم الشهيد في الدروس بتعين القمح دون غيره من أنواع علف الطيور.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 277. هذا و ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم هو القول بضمان كل من المشتركين في قتل الصيد الفداء إذا كانوا محرمین. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فعليكم بالاحتياط؛ الظاهر أن المراد بالاحتياط في الفتوى بترك الجواب بدون العلم، و يحتمل أن يكون المراد الأعم منه و من الاحتياط في العمل أيضاً﴾، مرآة المجلسي 383/17.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 132. و أخرجه عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد ذهب الشيخ في الخلاف، و المحقق و العلامة و جماعة إلى وجوب القيمة على من أكل من الصيد و هو محرم. بينما ذهب الشيخ في المبسوط و النهاية و بعض الأصحاب إلى وجوب الفداء عليه بالأكل أيضاً.
4- في سند التهذيب: عن الحكم بن أعين.

مُحرمون؟ قال: عليهم شاة، و ليس على الّذي ذبحه إلّا شاة (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قوم اشتروا صيداً، فقالت رفيقة لهم: اجعلوا لي فيه بدرهم، فجعلوا لها؟ فقال: على كلِّ إنسان منهم فداء (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: خرجنا ستّة نفر من أصحابنا إلى مكّة، فأوقدنا ناراً عظيمة في بعض المنازل أردنا نطرح عليها لحماً ذكيّاً، و كنّا محرمين، فمرَّ بنا طائرٌ صافٌّ- قال: حمامة أو شبهها-، فأحرقت جناحه، فسقط في النار فمات، فاغتممنا لذلك، فدخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)بمكّة فأخبرته و سألته؟ فقال: عليكم فداء واحد؛ دم شاة تشتركون فيه جميعاً، لأنَّ ذلك كان منكم على غير تعمّد، و لو كان ذلك منكم تعمّداً ليقع فيها الصيد فوقع، ألزمتُ كل رجل منكم دم شاة؛ قال أبو ولّاد و كان ذلك منّا قبل أن ندخل الحرم (3)

6- أحمد بن محمد، عن الحسن بن محيوب، عن شهاب، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرِمَيْن أصابا صيداً؟فقال: على كلّ واحد منهما الفداء (4)

238- باب فصل ما بين صيد البر و البحر و ما يحل للمحرم من ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : لا بأس بأن يصيد المحرم السمك و يأكل مالِحُهُ و طريّه و يتزوَّد. و قال: ﴿أُحِلَّ

ص: 389


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 138. الفقيه 2 ، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 13. و فيهما: عليهم شاة شاة... و المعنى: على كل واحد منهم شاة لأن فعل كل واحد منهم سبب للكفارة.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 113. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 16 بتفاوت في الجميع. و لا بد من حمل الحديث على ما لو اشتروه فذبحوه أو حبسوه فمات. إذا لا قائل أن بمجرد الشراء يترتب الفداء. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 139 بتفاوت قليل. الحديث صحيح، و بمضمونه أفتى الأصحاب. يقول المحقق في الشرائع 290/1: ﴿إذا أوقد جماعة ناراً فوقع فيها صيد، لزم كل واحد منهم فداء إذا قصدوا الاصطياد، و إلّا، ففداء واحد﴾.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. و أخرجه عن زرارة و بكير عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...

لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعَامُهُ مَتَاعًا لَکُمْ﴾ (1) قال: مالِحُهُ الّذي يأكلون، و فصل ما بينهما؛ كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرِّ و يفرخ في البرّ فهو من صيد البرِّ، و ما كان من صيد البرِّ، يكون في البرِّ، و يبيض في البحر، و يفرخ في البحر، فهو من صيد البحر (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ شيء يكون أصله في البحر، و يكون في البرِّ و البحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الجزاء كما قال الله عزَّ و جلَّ (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم قتل جراد؟ قال: كفُّ من طعام، و إن كان كثيراً فعليه دم شاة (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قتل جرادة؟ قال: يطعم تمرة، و التمرة خيرٌ من جرادة (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص: 390


1- المائدة/ 96. قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان عن تفسير هذه الآية 245/3: ﴿عنى یالبحر جميع المياه، و العرب تسمي النهر بحراً و فيه قوله: ظهر الفساد في البر و البحر﴾. و قال: ﴿أحل لكم صيد البحر، أي أبيح لكم صيد الماء، و إنما أحل بهذه الآية الطري من صيد البحر لأن العتيق لا خلاف في كونه حلالاً ... ، و صعامه: يعني طعام البحر، ثم اختلف فيه، فقيل يريد به ما قذفه البحر ميتاً... و قيل: يريد به المملوح في رواية أخرى ... و هو الذي يليق بمذهبنا ... الخ﴾.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 183. بتفاوت. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب ... ، ح 17 بدون الصدر و بزيادة أخرى هي: و قال الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هو مليحة الذي يأكلون. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فصل ما بينهما، يستفاد منه أن ما كان من الطيور يعيش في البر و البحر يعتبر بالبيض، فإن كان يبيض في البر فهو صيد البر، و إن كان ملازماً للماء كالبط و نحوه، و إن كان مما يبيض في البحر فهو صيد البحر، و قال في المنتهى: لا نعلم في ذلك خلافاً إلا من عطا﴾ مرآة المجلسي 17/ 385- 386.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 177 بتفاوت. و كرره بتفاوت أيضاً في الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب، ذيل الحديث رقم 282.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 180، الاستبصار 2، 133- باب من قتل جرادة، ح 1 بتفاوت یسیر في الجمیع. هذا و یقول المحقق في الشرائع 287/1: ﴿في قتل الجرادة تمرة، و الأظهر کف من طعام ... و في قتل الکثیر من الجراد دم شاة و ان لم یمکنه التحرز من قتله بأن کان علی طریقه فلا إثم و لا کفارة﴾. هذا و قد اختار الشیخ في المبسوط و جماعة من المتأخرین التخییر بین التمرة و الکف من الطعام. کما أن المرجع في الکثرة إلی العرف.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 178. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1 و فيهما: و تمرة...

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه قال: أعلم أنَّ ما وَ طَأتَ من الدَّبَا (1) أو و طأه بعيرك فعليك فداؤه.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ علىُّ صلوات الله عليه على قوم يأكلون جراداً فقال: سبحان الله، و أنتم محرمون؟! فقالوا: إنّما هو من صيد البحر؟ فقال لهم: ارموه في الماء إذاً (2)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يتنكّب الجراد (3) إذا كان على الطريق، فإن لم يجد بُدًّا فقتل فلا شيء عليه.

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سألته عن الجراد يدخل متاع القوم فيدوسونه من غير تعمّد لقتله، أو يمرُّون به في الطريق فيطأونه؟ قال: إن وجدت معدلاً فاعدل عنه، فإن قتلته غير متعمّد فلا بأس.

9- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن الطيّار، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : لا يأكل المحرم طير الماء.

239- باب المحرم يصيب الصيد مراراً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يصيد الطّير؟ قال: عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم أصاب صيداً؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: فإن أصاب آخر؟ قال: إذا

ص: 391


1- الدُّبا: -كما يقول الجوهري- الجراد قبل أن يطير، الواحدة: دَباة. و محمول على إمكان التحرز عن وطئه.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 176. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير فيهما و فيهما أن المارُ و القائل هو أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) نفسه. و قولهم: من صيد البحر: يشعر بأنهم كانوا ممن يأخذ أحكامه عن فقهاء العامة لأن البناء على أن الجراد هو من صيد البحر منسوب إلى أحمد في أحد قوليه كما نسب إلى عروة بن الزبير و غيره.
3- أي يتجنبه.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 208. الاستبصار 2، 136- باب من تكرر منه الصيد، ح 1.

أصاب آخر فليس عليه كفّارة، و هو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ (1): ﴿وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾.

3- قال ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه (2): إذا أصاب المحرم الصّيد خطاً فعليه أبداً في كلِِّ ما أصاب الكفّارة، و إذا أصابه متعمّداً فإن عليه الكفّارة، فإن عاد فأصاب ثانياً متعمّداً فليس عليه الكفّارة، و هو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ : ﴿وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ﴾ (3)

240- باب المحرم يصيب الصيد في الحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن قتل المحرم حمامة في الحرم، فعليه شاة، و ثمن الحمامة درهم أو شبهه، يتصدَّق به أو يطعمه حمام مكّة، فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم، فعليه ثَمَنُها (4)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل أكل بيض حمام الحرم و هو محرم؟ قال: عليه لكلّ بيضة دم، و عليه ثمنها: سُدُس أو رُبع الدِّرهم- الوهم (5) من صالح-، ثمّ قال: إنَّ الدّماء لزمته لأكله و هو محرم، و إنَّ الجزاء لزمه لأخذه بيض حمام الحرم.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عن رجل محرم مرَّ و هو في الحرم، فأخذ عنق ظبية فاحتلبها و شرب من لبنها؟ قال: عليه دم، و جزاؤه في الحرم ثمن اللّبن (6)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 392


1- المائدة/95.
2- في التهذيبين: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- لتهذيب 5، نفس الباب، ح 211. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 292/1: ﴿و كلما يتكرر الصيد من المحرم نسياناً وجب عليه ضمانه، و لو تعمد وجبت الكفارة أولاً ثم لا تتكرر، و هو ممن ينتقم الله منه، و قيل: تتكرر، و الأول أشبه﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 202. هذا و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿و في قتلها (أي الحمامة) شاة على المحرم، و على المحل في الحرم درهم. و لو كان محرماً في الحرم اجتمع عليه الأمران﴾ يعني الشاة و الدرهم، الأول لكونه محرماً، و الثاني لكونه في الحرم.
5- أي الشك بين الربع و السدس. و الربع هو الموافق لكلام الأصحاب، و الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 205 بتفاوت. و قد مر بتفاوت برقم 13 من الباب 235 من هذا الجزء فراجع.

الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن أصبت الصيد و أنت حرام في الحرم، فالفداء مضاعَف عليك، و إن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة و إن أصبته و أنت حرام في الحلِّ فإنّما عليك فداء واحد (1)

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّما يكون الجزاء مضاعفاً فيما دون البدنة حتّى يبلغ البدنة، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنّه أعظم ما يكون، قال الله عزَّ و جلَّ (2): ﴿وَ مَنْ یُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَی الْقُلُوب (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: محرم قتل طيراً فيما بين الصفا و المروة عمداً؟ قال: عليه الفداء، و الجزاء، و يُعَزَّر، قال : قلت: فإن فعله في الكعبة عمداً؟ قال: عليه الفداء، و الجزاء، و يُضرب دون الحدِّ، و يُقامُ للناس كي يَنْكُلَ غيره (4)

241- باب نوادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَیْءٍ مِّنَ الصَّیْدِ تَنَالُهُ أَیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ﴾ (5)، قال: حُشِرت رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في عمرة الحديبية الوحوشُ حتّى نالتها أيديهم ورماحُهُم.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا

ص: 393


1- ورد بتفاوت في الترتيب و بعض الألفاظ ضمن الحديث رقم 201 من نفس الباب من نفس الجزء من التهذيب.
2- الحج/32.
3- و ما دل عليه هذا الخبر من التضاعف إذا لم يبلغ الفداء البدنة و إلا فلا تضاعف هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و إن نص ابن إدريس كما نقل عنه على التضاعف مع بلوغ الفداء البدنة أيضاً.
4- التهذيب 5 ،25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 204 بتفاوت قليل. ويدل الحديث على لزوم التعزير في صورة العلم و أنه يشدد فيه إذا قتل المحرم الطير في الكعبة. و معنى يقام للناس: أي يكون تعزيزه بمشهد منهم. أو يطاف به على الناس بعد تعزيره ليتعظوا. و في التهذيب: و يقلب للناس.
5- المائدة/94. ليبلُوَنْكم: لَيَختبرنّكم. و ما ينال بالأيدي صغار الوحش و الطير. و ما ينال بالرماح الكبار منها مما يستعصي و يستعصم.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْء مِنَ الصَّیْدِ تَنَالُهُ أیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ؟﴾ قال: حُشِرَ عليهم الصيد في كلِّ مكان، حتّى دنا منهم، لِيَبْلُوَهم الله به (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيُّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (2)؟ قال: العدل: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الإمام من بعده، ثمَّ قال: هذا ممّا أخطأت به الكُتّاب (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، رفعه في قوله تعالى: ﴿تَنَالُهُ أیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ﴾، قال: ما تناله الأيدي: البيض و الفراخ، و ما تناله الرِّماح، فهو ما لا تصل إليه الأيدي.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾؟ قال: العدل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الإمام من بعده، ثمَّ قال: هذا ممّا أخطأت به الكُتّاب.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾ (4)، قال: إنَّ رجلاً انطلق و هو محرمٌ فأخذ ثعلباً فجعل يقرِّب النّار إلى وجهه، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من آسْته، و جعل أصحابه ينهونه عمّا يصنع، ثمَّ أرسله بعد ذلك، فبينما الرَّجل نائمٌ، إذ جاءته حيّة فدخلت في فيه، فلم تدعه حتّى جعل يحدث كما أحدث الثعلب، ثمَّ خلّت عنه (5)

7- محمد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو و هو محرم؟ قال: عليه دم شاة (6)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن عقبة، عن أبيه عقبة بن

ص: 394


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 20 بتفاوت في الذيل.
2- المائدة/95.
3- المراد بالكتّاب: إما المفسرون، أو بمعنى العلماء.
4- المائدة/95.
5- خلّت عنه: أي أرسلته.
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 255.

خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قضى حجّه، ثمَّ أقبل حتّى إذا خرج من الحرم استقبله صيدٌ قريب من الحرم، و الصيد متوجّه نحو الحرم، فرماه فقتله، ما عليه في ذلك؟ قال: يفديه على نحوه (1)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن مهزیار قال: سألت الرَّجل (2) عن المحرم يشرب الماء من قربة أو سقاء اُتُّخذ من جلود الصيد، هل يجوز ذلك أم لا؟ فقال: يشرب من جلودها (3)

242- باب دخول الحَرَم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن إبراهيم، عن أبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مزامِلَهُ فيما بين مكّة و المدينة، فلمّا انتهى إلى الحرم، نزل و اغتسل، و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ دخل الحرم حافياً، فصنعت مثل ما صنع، فقال : يا أبَان، من صنع مثل ما رأيتني صنعتُ تواضعاً لله، محى الله عنه مائة ألف سيئة، و كتب له مائة ألف حسنة، و بنى الله عزَّ و جلَّ له مائة ألف درجة، و قضى له مائة ألف حاجة (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي عبيدة قال: زاملت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيما بين مكّة و المدينة، فلمّا انتهى إلى الحرم، اغتسل، و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ مشى في الحرم ساعة.

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن المختار مثله.

ص: 395


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 164. الاستبصار 2، 132- باب من رمى صيداً يؤم الحرم، ح 3. و في ذيله: یفديه، من دون قوله: على نحوه. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿و هل يحرم [الصيد على المجلّ] و هو [الصيد] يؤم الحرم؟ قيل: نعم، وقيل: يكره، و هو الأشبه، لكن لو أصابه و دخل الحرم فمات ضمنه، و فيه تردد﴾. و قوله: على نحوه: أي على نحو الفداء الذي يلزمه في نوعه عند اصطياده في الحرم.
2- جزم المجلسي بأن المراد بالرجل الجواد أو الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و استبعد أن يكون الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الحديث صحيح. ويدل على عدم المنع من استعمال المحرم جلود الصيد.
4- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 1. و الحديث مجهول. و ما تضمنه من الغسل و من كيفية دخول الحرم و هيئته مذكور في كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلت الحرم، فتناول من الإِذْخِر فامضغه، و كان يأمر اُمَّ فروة بذلك (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه.

قال الكلينيُّ: سألت بعض أصحابنا عن هذا، فقال: يستحبُّ ذلك ليطيب بها الفم لتقبيل الحجر.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ذريح قال: سألته عن الغسل في الحرم، قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال: لا يضرُّك أيُّ ذلك فعلتَ، و إن اغتسلت بمكّة فلا بأس، و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكّة فلا بأس (2)

243- باب. قَطْع تلبية المُتَمَتِّع

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلت مكّة و أنت متمتّع، فنظرت إلى بيوت مكّة، فاقطع التلبية، و حدّ بيوت مكّة الّتي كانت قبل اليوم عَقَبَةُ المدنيٌين، و إنَّ الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن، فاقطع التلبية، و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و الثناء على الله عزَّ و جلَّ بما استطعت (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا رأيت أبيات مكّة فاقطع التلبية (4)

ص: 396


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. و الإذْخر: ورق شجر طيب الرائحة. و قد ورد في كلمات أصحابنا استحباب مضغه عند دخول الحرم. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2 و رواه مضمراً ايضاً. و الحديث صحيح. و قد دلت بعض الأخبار على استحباب غسل واحد إما قبل دخول الحرم أو بعده من بئر ميمون أو من فخ و سوف يأتي ذلك في باب دخول مكة فانتظر.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 117، الاستبصار 2، 104- باب المتمتع متى يقطع التلبية، ح 3 بتفاوت فيهما و زيادة في آخرهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 116. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع إذا نظر إلى بيوت مكّة، قطع التلبية (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن المتمتّع، متى يقطع التلبية، قال: إذا نظر إلى أعراش مكّة، عقبة ذي طُوى، قلت: بيوت مكّة؟ قال: نعم (2)

244- باب دخول مكة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِِّ بن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أدخل مكّة و قد جئت من المدينة؟ فقال: أُدخل من أعلى مكّة، و إذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكّة (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا قدم مكّة، بدء بمنزله قبل أن يطوف.

ص: 397


1- التهديب 5، نفس الباب، ح 115. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 174- باب مواقيت العمرة من مكة و قطع تلبية المعتمر، ح 7.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيه: عراش مكة و أعراش مكة : بيوتها. هذا و قد ذكر أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قيل إنه إجماعي إن المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة بلحاظ الزمن الأول، وحد بيوت مكة لمن جاء عن طريق المدينة عقبة المدنيين، كما أن المشهور بينهم أن المعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية عند دخول الحرم إذا جاء من خارجه و عند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة لإحرامها، كما أن الحاج بأي نوع من أنواعه يقطع التلبية عند الزوال من يوم عرفة بلا خلاف ظاهر بين أصحابنا في ذلك. هذا و قد ادعى في الخلاف الإجماع على أن القطع في كل هذه الموارد هو على سبيل الوجوب و استحسنه السيد صاحب المدارك رضوان الله عليه. و الظاهر أن المراد من وجوب القطع هنا نفي المشروعية كما يقتضيه ظاهر النهي بعد الأمر في العبادة، لا الوجوب التكليفي فتأمل. و قد ذكر الشيخ توجيها جمع فيه بين الروايات الواردة في هذا الباب و ذلك في نهاية الباب السابع من الجزء الخامس من تهذيب الأحكام و قال: و ليس بين هذه الأخبار تناف حسب ما ظنه بعض الناس و حمل ذلك على التخيير. و الظاهر أنه يقصد بذلك الشيخ الصدوق رحمه الله حيث نجده يقول بعد إيراده لهذه الروايات على اختلاف مضامينها: ﴿هذه الأخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة، و المعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يُحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء، و يقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء، و هو موسَع عليه و لا قوة إلا بالله العلي العظيم﴾.
3- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 5.

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله عزَّ و جلَّ يقول في كتابه: ﴿وَ طَهِّرْ بَیْتِیَ لِلطّائِفِینَ وَ الْقائِمِینَ وَ الرُّکَّعِ السُّجُودِ﴾ (1) فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر قد غسل عرقه و الأذى و تطهّر (2)

4- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء الله، فاغتسل حين تدخله، و إن تقدَّمتَ، فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخّ، أو من منزلك بمكّة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ قال: أمَرنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أن نغتسل من فخّ قبل أن ندخل مكّة (4)

6- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن عجلان أبي صالح قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انتهيت إلى بئر ميمون، أو بئر عبد الصمد، فاغتسل، و اخلع نعليك، و امش حافياً و عليك السكينة و الوَقار (5)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي: إن اغتسلت بمكّة ثمَّ

ص: 398


1- الحج/26.
2- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 6. و قد استشهد بآية قريبة من هذه هي الآية 125 من سورة البقرة: ﴿...أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ و لعله من اشتباه النسّاخ. أو سهو من قلمه الشريف. و أشار إلى مضمون الحديث الصدوق فى الباب 213 من الجزء 2 من الفقيه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج. و بئر ميمون و فخّ: بئران على مسافة قليلة من مكة، و الثاني اشتهرت به الوقعة بين بعض العلويين و بين العباسيين أيام الهادي. و الأول منسوب إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8 و في سنده: عجلان بن صالح. و قد صحح السيد الخوئي ما في الفروع فراجع معجم رجال الحديث 11/ 133- رقم 7643. الفقيه 2، نفس الباب. هذا و يقول المحقق في الشرائع: 266/1 و هو بصدد الحديث عن المقدمات المندوبة للطواف: ﴿و المندوبات ثمانية: الغسل لدخول مكة، فلو حصل عذر اغتسل بعد دخوله، و الأفضل أن يغتسل من بئر ميمون أو من فخّ و إلا ففي منزله، و مَضْغ الإذخر، و أن يدخل مكة من أعلاها و أن يكون حافياً على سكينة و وقار، و يغتسل لدخول المسجد الحرام، و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يسلم على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و يدعو بالمأثور﴾ قيل: إنما استحب الدخول من باب بني شيبة و هو الآن داخل المسجد بسبب توسعته بآزاء باب السلام، و ذلك ليطأ هُبَل.

نمت قبل أن تطوف، فأَعِدْ غسلك (1)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرجل يغتسل لدخول مكّة ثمَّ ينام، فيتوضّأ قبل أن يدخل، أيُجْزِِيه ذلك أو يعيد؟ قال: لا يجزيه، لأنّه إنّما دخل بوضوء (2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: من دخلها (3) بسكينة، غفر له ذنبه، قلت: كيف يدخلها بسكينة؟ قال: يدخل غير متكبّر و لا متجبّر.

10- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أبَان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يدخل مكّة رجل بسكينة إلّا غفر له، قلت: ما السكينة؟ قال: يتواضع (4)

245- باب دخول المسجد الحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام، فادخله حافياً على السكينة و الوقار و الخشوع، و قال: و من دخله بخشوع غفر الله له إن شاء الله، قلت: ما الخشوع؟ قال: السكينة، لا تدخله بتكبّر ، فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم و قل: السلام عليك أيّها النبيُّ و رحمة الله و بركاته، بسم الله و بالله و من الله و ما شاء الله، و السلام على أنبياء الله و رسله، و السلام على رسول الله، و السلام على إبراهيم، و الحمد لله ربِّ العالمين.

فإذا دخلت المسجد فارفع يديك و استقبل البيت و قل: اللّهمَّ إنّي أسألك في مقامي هذا في أوَّل مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تَجَاوَزَ عن خطيئتي، و تضعَ عنّي وِِزْرِي، الحمد الله الّذي بلّغني بيته الحرام، اللّهمَّ إنّي أشهد أنَّ هذا بيتك الحرام الّذي جعلته مثابةً للناس و أمناً، مباركاً

ص: 399


1- التهذيب 5،نفس الباب، ح 10، و أشار الصدوق إلى مضمونه كسابقه في الفقيه 2، نفس الباب.
2- التهذيب 5، نفس الباب ، ح 10 بتفاوت يسير جداً.
3- يعني مكة. و الحديث حسن.
4- الحديث ضعيف على المشهور.

و هدى للعالمين، اللّهمَّ إنّي عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، و أومُّ طاعتك، مطيعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك ، أسألك مسألة المضطرّ إليك، الخائف لعقوبتك، اللّهمَّ افتح لي أبواب رحمتك، و استعملني بطاعتك و مرضاتك (1)

2- و روى أبو بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول و أنت على باب المسجد: بسم الله و بالله و من الله و ما شاء الله و على ملّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و خير الأسماء الله، و الحمد الله، و السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيّها النبيُّ و رحمة الله و بركاته، السلام على أنبياء الله و رسله، السلام على إبراهيم خليل الرّحمن، السلام على المرسلين، و الحمد لله ربِّ العالمين، السلام علينا و على عباد الله الصالحين، اللّهمَّ صلّ على محمد و آل محمد، و بارك على محمد و آل محمد، و ارحم محمداً و آل محمد، كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد، اللّهمَّ صلِّ على محمد [و آل محمد] عبدك و رسولك، و على إبراهيم خليلك، و على أنبيائك و رسلك، و سلّم عليهم، و سلام على المرسلين و الحمد الله ربِّ العالمين، اللّهمَّ افتح لي أبواب رحمتك، و استعملني في طاعتك و مرضاتك، و احفظني بحفظ (2) الإيمان أبداً ما أبقيتني، جلَّ ثناء وجهك، الحمد الله الّذي جعلني من وفده و زوَّاره، و جعلني ممّن يَعْمُرُ مساجده، و جعلني ممّن يناجيه، اللّهمَّ إنّي عبدك و زائرك في بيتك، و على كلِّ ماتيِِّ حقّ لمن آتاه وزاره و أنت خير ماتيّ، و أكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمن بأنّك (3) أنت الله الّذي لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، و بأنّك (4) واحد أحدٌ صمدٌ لم تلد و لم تولد و لم يكن له كفواً أحد، و أنَّ محمداً عبدك و رسولك صلّى الله عليه و على أهل بيته، يا جواد يا كريم، يا ماجد يا جبّار يا كريم، أسألك أن تجعل تحفتك إيّايَّ بزيارتي إيّاك أوَّل شيء تعطيني فكاك رقبتي من النّار، اللّهم فكَّ رقبتي من النّار- تقولها ثلاثاً-، و أوسع عليَّ من رزقك الحلال الطيّب، وادرء عنّي شرَّ شياطين الإنس و الجنِّ، و شرَّ فَسَقة العرب و العجم (5)

ص: 400


1- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة. ح 11. و روى صدره بحذف السند في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (دخول المسجد الحرام).
2- أي مع حفظ إيماني. و قلى الباء هنا للسبية المجازية، و المعنى: احفظني حفظ الإيمان، أي حفظاً شديداً. و قد استبعد بعضهم هذا الولجه.
3- الباء هنا للسببية.
4- الباء هنا للسببية.
5- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 12 و أخرجه عن علي بن مهزیار، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت يسير. و الحديث في الفروع مرسل، و في التهذيب موثق.

246- باب الدعاء عند استقبال الحَجَر و استلامه (1)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دنوت من الحجر الأسود، فارفع يديك، و احمد الله واثْن عليه، و صلِّ على النبيِِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اسأل الله أن يتقبّل منك، ثمَّ استلم الحَجر و قبّله، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشِر إليه و قل: اللّهمَّ أمانتي أدَّيتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، اللّهمَّ تصديقاً بكتابك، و على سنّة نبيّك، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أنَّ محمداً عبده و رسوله، آمنت بالله و كفرت بالجِبْت و الطاعوت و باللّات و العزّى و عبادة الشيطان و عبادة كلِِّ ندّ يُدعى من دون الله فإن لم تستطع أن تقول هذا كلّه فبعضه و قل: اللّهمَّ إليك بسطت يدي، و فيما عندك عَظُمَت رغبتي، فاقبل سَيْحَتي (2)، و اغفر لي و ارحمني، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الكفر، و الفقر، و مواقف الخزي في الدُّنيا و الآخرة (3)

2- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتّى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله و تقول: الحمد لله الّذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلّا الله و الله أكبر، أكبر من خلقه و أكبر ممّن أخشى و أحذر، و لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير.

و تصلّي على النبيِّ و آل النبيِّ [صلّى الله عليه و عليهم]، و تسلّم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد، ثمَّ تقول: اللّهمَّ إنّي أُؤمن بوعدك و أُوفي بعهدك، ثمَّ ذكر كما ذكر معاوية (4)

ص: 401


1- المشهور عندنا استحباب استلام الحجر في الطواف، نعم، ذهب سلّار إلى القول بوجوب استلامه، بل وجوب تقبيله أيضاً.
2- السياحة: -كما في القاموس- الذهاب في الأرض للعبادة. و في بعض النسخ: سبحتي: أي دعائي و ذكري و نافلتي.
3- التهذيب 5 ،9 -باب المواف، ح 1. و فيه: سبحتي. و روى صدره بتفاوت يسير في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (استلام الحجر).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، عنوان (النظر إلى الحجر الأسود). و في ذيله إشارة إلى الحديث السابق عليه.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام وحاذيت الحجر الأسود فقل: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، آمنت بالله و كفرت بالطاغوت، و باللّات و العزّى، و بعبادة الشيطان، و بعبادة كلِّ ندّ يدعى من دون الله، ثمَّ ادْنُ من الحجر و استلمه بيمينك ثمَّ تقول: بسم الله و الله أكبر، اللّهمَّ أمانتي أدَّيتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد عندك لي بالموافاة.

247- باب الاستلام (1) و المسح

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن استلام الرُّكن؟ قال: استلامه: أن تلصق بطنك به، و المسح: أن تمسحه بيدك.

248- باب المزاحمة على الحجر الأسود

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كنّا نقول: لا بدَّ أن نستفتح بالحجر (2) و نختم به، فأمّا اليوم فقد كثُر النّاس.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف- و سفيان الثوريُّ قريب منّي- فقال: يا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كيف كان رسول الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يصنع بالحجر إذا انتهى إليه ؟ فقلت: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يستلمه في كلِّ طواف فريضة و نافلة، قال: فتخلّف عني قليلاً، فلمّا انتهيت إلى الحجر جزت و مشيت فلم أستلمه، فلحقني فقال: يا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ألم تخبرني أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يستلم الحجر في كلِِّ طواف فريضة و نافلة؟ قلت: بلی، قال: فقد مررتَ به فلم تستلم؟ فقلت: إنَّ الناس كانوا يرون لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ما لا يرون لي، و كان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له (3) حتّى

ص: 402


1- استلم الحجر: افتعل من السلام و هو التحية.
2- أی باستلامه، و ظاهره الاستحباب.
3- أي انكشفوا أمامه، و أخلوا له الطريق.

یستلمه، و إنّي أكره الزّحام.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن سيف التمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاماً، فلم ألق إلّا رجلاً من أصحابنا فسألته، فقال: لا بدّ من استلامه؟ فقال: إن وجدته خالياً، و إلّا فسلّم من بعيد (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجَّ و لم يستلم الحجر؟ فقال: هو من السنّة، فإن لم يقدر، فالله أَوْلى بالعُذْر (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي لا أخلص (3) إلى الحجر الأسود؟ فقال: إذا طفت طواف الفريضة فلا يضرُّك (4)

6- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن محمد الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر إذا لم أستطع مسّه و كثر الزّحام؟ فقال: أمّا الشيخ الكبير والضعيف و المريض فمرخّص، و ما أُحبُّ أن تدع (5) مسّه إلّا أن لا تجد بدَّا.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله قال: سئل الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر الأسود، و هل يقاتل عليه النّاس إذا كثروا؟ قال: إذا كان كذلك، فأوْمِ إليه إيماءً بيدك (6)

ص: 403


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 5. و الحديث صحيح. و السلام من بعيد، كناية عن كفاية الإشارة إليه باليد.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6.
3- أي لا أصل.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7.
5- يدل على تأكد استحباب مسّ الحجر.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 268/1- 269 و هو بصدد الحديث عن مندوبات الطواف: ﴿و الندب خمسة عشر، الوقوف عند الحجر، و حمد الله و الثناء عليه، و الصلاة على النبي و آله عليهم السلام، و رفع اليدين بالدعاء، و استلام الحجر على الأصح، و تقبيله، فإن لم يقدر فبيده، و لو كانت مقطوعة استلم بموضع القطع، و إن لم يكن له يد اقتصر على الإشارة، و إن يقول: هذه أمانتي أديتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة اللهم تصديقاً بكتابك ... إلى آخر الدعاء .... و إن يلتزم الأركان كلها، و آکدها الذي فيه الحجر و اليماني...﴾.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: ليس على النساء جهر بالتلبية، و لا استلام الحجر، و لا دخول البيت، و لا سعي بين الصّفا و المروة- يعني الهَرْوَلَةَ- (1)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أحمد بن موسى، عن عليّ بن جعفر، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): استلموا الرُّکن، فإنّه يمين الله في خلقه،يصافح بها خلقه مصافحة العبد- أو الرَّجل-، يشهد لمن استلمه بالموافاة (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته عن استلام الحجر من قِبَل الباب؟ فقال: أليس إنّما تريد أن تستلم الرُّكن؟ قلت: نعم، قال يجزيك حيث ما نالت يدك (3)

249- باب الطواف و استلام الأركان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طف بالبيت سبعة أشواط، و تقول في الطواف: اللّهمَّ إنّي أسألك باسمك الّذي يُمْشى به على طَلَل الماء (4) كما يُمشى به على جَدَد الأرض (5)، و أسألك باسمك الّذي يهتزُّ له عرشك و أسألك باسمك الّذي تهتزُّ له أقدام ملائكتك، و أسألك باسمك الّذي دعاك به

ص: 404


1- روي قريباً منه عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 3. كما روى قريباً منه عن سعد بن عبد الله بن موسى بن الحسن عن العباس بن معروف عن فضالة بن أيوب عمن حدثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في التهذيب 5 ،7- باب صفة الإحرام، ح 111.
2- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 3 و فيه أو الدخيل، بدل: أو الرجل. و الترديد من الراوي . و الحديث مجهول. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإنه يمين الله: قال في النهاية 300/5: ﴿هذا الكلام تمثيل و تخييل، و أصله أن الملك إذا صافح رجلاً ، قبّل الرجلُ يده، فكان الحجر الأسود بمنزلة اليمين للملك حيث يستلم و يلثم﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. قوله: من قِبَل الباب: الظاهر أن السائل كان قد تجاوز الحجر إلى جهة الباب غفلة أو نسياناً أو لغيرهما فأراد أن يستلمه من حيث وصل فلم تصل إليه يده. و الحديث صحيح.
4- طلل الماء: أي ظهره و سطحه.
5- جَدَد الأرض: وجه الأرض، و الأرض الغليظة.

موسى من جانب الطور فاستجبت له و ألقيت عليه محبّةً منك، و أسألك باسمك الّذي غفرت به لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و أتممت عليه نعمتك، أن تفعل (1) بي كذا و كذا- ما أحببت من الدُّعاء-.

و كلّما انتهيت إلى باب الكعبة، فصلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و تقول (2) فيما بين الركن اليماني و الحجر الأسود: ربّنا آتنا في الدُّنيا حسنة و في الآخرة حسنةً و قنا عذاب النّار.

و قل في الطّواف: اللّهمَّ إنّي إليك فقير، و إنّي خائف مستجير، فلا تغيّر جسمي و لا تبدِّل اسمي (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان قال: حدِّثني أيّوب أخو أُديم (4)، عن الشيخ قال: قال لي أبي: كان أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا استقبل الميزاب قال: اللّهمَّ اعتق رقبتي من النّار، و أوْسِعْ عليَّ من رزقك الحلال، وادرَءْ: عني شرَّ فَسَقَة الجنِّ و الإنس، و أدخلني الجنّة برحمتك.

3- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عبد السلام بن عبد الرَّحمن بن نعيم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دخلت طواف الفريضة فلم يفتح لي شيءٌ من الدُّعاء إلّا الصلاة على محمد و آل محمد، و سعيت فكان كذلك؟ فقال: ما أُعطي أحدٌ ممّن سأل أفضل ممّا أعطيت.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أقول إذا استقبلت الحجر؟ فقال: كبّر، و صلِّ على محمد و آله، قال: و سمعته إذا أتى الحجر يقول: الله أكبر، السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن عاصم (5)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب، يرفع رأسه ثمَّ يقول: اللّهمَّ أدخلني الجنّة برحمتك- و هو ينظر إلى الميزاب-، و أجرني برحمتك من النار،

ص: 405


1- في التهذيب: أن تفعل لي...
2- من هنا إلى قوله: ... عذاب النار. ساقط من التهذيب.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، صدر ح 11 و في الذيل: فلا تبدّل اسمي و لا تغيّر جسمي. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن إبراهيم بن أبي سمال، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- يعني ابن الحر.
5- في سند التهذيب: عن عاصم بن حميد.

و عافني من السقم، و أوسع عليَّ من الرِّزق الحلال، و ادرَء عنّي شَرَّ فَسَقَة الجنِّ و الإنس، و شرَّ فَسَقَة العرب و العجم (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول لمّا انتهى إلى ظهر الكعبة حين يجوز الحجر: يا ذا المنِّ و الطَوْل، و الجود و الكرم، إنَّ عملي ضعيفٌ فضاعفه لي، و تقبّله منّي، إنّك أنت السميع العليم.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبُّ أن تقول بين الرُّكن (2) و الحجر: اللّهمَّ آتنا في الدُّنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار. و قال: إِنَّ مَلَكاً مُوَكّلاً يقول: آمين (3)

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لا يستلم إلّا الرُّكن الأسود و اليماني، ثمَّ يقبّلهما و يضع خدَّه عليهما، و رأيت أبي يفعلُهُ (4)

9- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف بالبيت، فإذا رجل يقول: ما بال هذين الركنين يُسْتَلمان و لا يُستلم هذان (5)؟ فقلت: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) استلم هذين و لم يعرض لهذين، فلا تَعَرَّض لهما إذا لم يعرض لهما رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؛ قال جميل: و رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يستلم الأركان كلّها (6)

10- أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، رفعه، عن زيد الشحّام أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كان إذا انتهى إلى الحَجَر مسحه بيده و قبّله، و إذا انتهى إلى الرُّكن اليماني التَزَمه (7)، فقلت: جُعِلْتُ فِِداك، تمسح الحجر بيدك،

ص: 406


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير.
2- أي الركن اليماني.
3- الحديث صحيح.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف ، ح 13. الاستبصار 2، 141- باب استلام الأركان كلها، ح 2.
5- المراد بالركنين الأولين اليماني و العراقي و بالأخيرين الشامي و المغربي.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من مستحبات الطواف استلام الأركان كلها كلما مر بها- خصوصاً اليماني و العراقي منها- و تقبيلها للتأسي برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
7- أي اعتنقه و احتضنه. و الحديث صحيح.

و تلتزم اليماني؟ فقال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما أتيتُ الرُّكن اليمانيِّ إلّا وجدت جبرئيل قد مسبقني إليه يلتَزِمه.

11- أحمد بن محمد، عن الحسين بن عليّ، عن ربعيِّ، عن العلاء بن المقعد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: إنَّ الله عزَّ و جلَّ وكّل بالرُّكن اليماني ملكاً هجّيراً (1) يؤمّن على دعائكم.

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن العلاء بن المقعد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ ملكاً موكّلاً بالرُّكن اليمانيِّ منذ خلق الله السماوات و الأرضين، ليس له هِجّير إلّا التأمين على دعائكم، فلينظر عبد بما يدعو ،فقلت له: ما الهجّير؟ فقال: كلام من كلام العرب، أي ليس له عمل. و في رواية أُخرى ليس له عمل غير ذلك.

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية [بن عمّار]، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الرُّكن اليمانيُّ باب من أبواب الجنّة، لم يغلقه الله منذ فتحه (2)

و في رواية أُخرى: بابنا إلى الجنّة الّذي منه ندخل (3)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليِّ بن النعمان، عن إبراهيم بن سنان، عن أبي مريم قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أطوف، فكان لا يمرُّ في طوافه من طواف بالرُّكن اليمانيِّ إلّا استلمه، ثمَّ يقول: اللّهمَّ تب عليَّ حتّى أتوب، و اعصمني حتّى لا أعود (4)

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي الفرج السنديِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كنت أطوف معه بالبيت فقال: أيُّ هذا أعظم حرمة؟ فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أنت أعلم بهذا منّي، فأعاد عليَّ، فقلت له : داخل البيت، فقال: الرُّكن اليمانيُّ على باب من أبواب الجنّة، مفتوح لشيعة آل محمد، مسدود عن غيرهم، و ما من مؤمن

ص: 407


1- ﴿لعله كان هجيراه، فسقطت الهاء من النسّاخ، أو هجيرة، فصحف الهاء بالألف، يقال: هذا هجّيراة و هِجّيرة: أي دأب و ديدنه و عادته﴾ مراة المجلسي 24/18.. و يؤيد ما ذكره رحمه الله في معنى الهجيّر ما سوف يفسره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) به في الحديث التالي و هو حديث حسن. و الحديث موثق.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، صدر ح 21 مرسلا بتفاوت. و روى قريبا من مضمونه في التهذيب 5، 9-باب الطواف، ضمن ح 16.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 20 بتفاوت. و لعل تشبيه الركن اليماني بالباب بلحاظ أنه باستلامه و التزامه و الدعاء عنده يستحقون دخول الجنة.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و التوبة من الله تعدّى بعلى و من العبد بإلى.

يدعو بدعاء عنده، إلّا صعد دعاؤه حتّى يلصق بالعرش، ما بينه و بين الله حجابٌ (1)

16- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ في هذا الموضع- يعني حين يجوز الرُّكن اليمانيّ- مَلَكاً أُعطي سماع أهل الأرض، فمن صلّى على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين (2) يبلغه أبلغه إيّاه.

17- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ- أو (3) غيره-، عن حمّاد بن عثمان قال: كان بمكّة رجل مولى لبني أُميّة يقال له: ابن أبي عوانة، له عنادة (4)، و كان إذا دخل إلى مكّة أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أو أحدٌ من أشياخ آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يعبث به، و إنّه أتى أبا الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو في الطواف فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في استلام الحجر؟ فقال: استلمه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال له: ما أراك استلمتَه، قال: أكره أن أُوذي ضعيفاً أو أتأذّى، قال: فقال: قد زعمت أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) استلمه؟قال: نعم، و لكن كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا رأوه عرفوا له حقّه، وأنا (5) فلا يعرفون لي حقّي.

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه سئل: كيف يَستلم الأقطَعُ الحجر؟ قال: يستلم الحجر من حيث القَطع، فإن كانت مقطوعة من المِرْفَق، استلم الحجر بشِماله (6)

19- محمد بن يحيى، عمّن ذكره، عن محمد بن جعفر النوفليِّ، عن إبراهيم بن عيسى، عن أبيه، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) طاف بالكعبة، حتّى إذا بلغ الرُّكن اليمانيِّ رفع رأسه إلى الكعبة ثمَّ قال: الحمد لله الّذي شرَّفك و عظّمكِ، و الحمد لله الّذي بعثني نبيّاً، و جعل عليّاً إماماً، اللّهمَّ اهدِ له خيارَ خلقك، و جنّبه شرار خلقك (7)

ص: 408


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- حين- هنا- بمعنى حيث، كما يقول المجلسي رحمه الله. و قوله: سماع أهل الأرض: أي قوة سماع كلامهم.
3- الشك من الراوي.
4- أي معاند لأهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ينصب العداوة لهم.
5- أي: و أما أنا، بقرينة فاء التفريع بعدها. و الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 17 و فيه: كيف يستلم الأقطع؟ بلا كلمة: الحجر. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 1/ 268- 269 و هو بصدد الحديث عن استحباب استلام الحجر في الطواف و تقبيله: ﴿فإن لم يقدر فبيده، و لو كانت مقطوعة استلم بموضع القطع، و لو لم يكن له يد اقتصر على الإشارة..﴾.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. و الحديث مرسل. الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و المرسلين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ذيل ح 19 و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الضمير في (إليه): يرجع إلى الركن اليماني على الأظهر، و إن كان الظاهر رجوعه إلى علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

250- باب المُلْتَزَم و الدعاء عنده

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: من أين أستلم الكعبة إذا فرغت من طوافي؟ قال: من دُبُرها (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن استلام الكعبة؟ فقال: من دُبُرها (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كنت في الطواف السابع فاْتِ المُتَعَوَّذ (3)، و هو إذا قمت في دُبُر الكعبة حذاء الباب، فقل: اللّهمَّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مقام العائذ بك من النّار، اللّهمَّ من قِبَلك الرَّوح و الفَرَج. ثمَّ استلم الرُّكن اليمانيِِّ، ثمَّ ائتِ الحجر فاختِمْ به (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا انتهى إلى الملتَزَم قال لمواليه: أميطوا عنّي حتّى أقرَّ لربّي بذنوبي في هذا المكان، فإنّ هذا مكان لم يقرَّ عبد لربّه بذنوبه ثمَّ استغفر الله، إلّا غفر الله له (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو

ص: 409


1- المراد بدير الكعبة- على الأظهر- المستجار.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20.
3- المتعوّذ: هو المستجار و الملتَزَم.
4- ورد مضمونه ضمن الحديث 11 من الباب 9 من الجزء 5 من التهذيب بتفاوت. و قال المحقق في الشرائع 1/ 269 و هو بصدد بيان مستحبات الطواف: ﴿و إن يلتزم المستجار في الشوط السابع، و یبسط يديه على حايطه، و يلصق به بطنه و خدّه، و يدعو بالدعاء المأثور، و لو جاوز المستجار إلى الركن اليماني لم يرجع﴾.
5- ورد مضمونه في التهذيب 5، فراجع التعليقة السابقة.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة- و هو بحذاء المستجار دون الرُّكن الیمانیِّ بقليل- فابسط يديك على البيت، و ألْصِق بطنك و خدَّك بالبيت و قل: اللّهمَّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مكان العائذ بك من النّار، ثمَّ أقرَّ لربّك بما عملت، فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرُّ لربّه بذنوبه في هذا المكان، إلّا غفر الله له إن شاء الله. و تقول: اللّهمَّ من قِبَلك الرَّوح و الفَرَج و العافية، اللّهمَّ إنَّ عملي ضعيف فضاعفه لي، و اغفر لي ما اطَّلَعت عليه منّي و خفي على خلقك. ثمَّ تستجير بالله من النّار، و تَخَيّر لنفسك من الدُّعاء، ثمَّ استلم الرُّكن اليماني، ثمَّ ائتِ الحجر الأسود (1)

251- باب فضل الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن يوسف، عن زكريّا المؤمن، عن عليِّ بن ميمون الصائغ قال: قدم رجل على عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال (2): قدِمْتَ حاجّاً؟ فقال: نعم، فقال: أتدري ما للحاجِّ؟ قال: لا، قال: من قَدِمَ حاجّاً، و طاف بالبيت، و صلّى ركعتين، كتب الله له سبعين ألف حسنة، و محى عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و شفّعه في سبعين ألف حاجة، و كتب له عتق سبعين ألف رقبة ، قيمة كلِِّ رقبة عشرة آلاف درهم (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: من طاف بهذا البيت أُسبوعاً (4)، و صلّى ركعتين في أيِّ جوانب المسجد شاء، كتب الله له ستّة آلاف حسنة، و محى عنه ستّة آلاف سيّئة، و رفع له ستّة آلاف درجة، و قضى له ستّة آلاف حاجة، فما عُجِّل منها فبرحمة الله، و ما أُخُرّ منها فشوقاً إلى دعائه. (5)

ص: 410


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ضمن ح 11 بتفاوت قليل. كما كرره بتفاوت يسير برقم 21 من نفس الباب فراجع.
2- أي الإمام السجّاد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- رواه بتفاوت مرسلاً مع زيادة في أوله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 13. و الحديث ضعيف.
4- يعني سبعة أشواط.
5- و قد يكون لاختلاف الطائفين و المصلّين من حيث التقوى و مراعاة الآداب و الأحكام و الشرائط، و صفاء النيات دخالة في اختلاف الثواب و بذلك يجمع بين ما ورد هنا منه و ما ورد في الرواية السابقة و ما يأتي في اللاحقة، و الله العالم.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عمّن أخبره، عن العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخلت عليه و أنا أريد أن أسأله عن مسائل كثيرة، فلمّا رأيته عَظُمَ عليَّ كلامه (1) فقلت له: ناولني يدك أو رجلك أُقبّلها، فناولني يده فقبّلتها، فذكرت [قول] رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2) فدمعت عيناي، فلمّا رآني مطأطِئاً رأسي قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسراً عن رأسه، حافياً، يقارب بين خطاه، و يغضّ بصره، و يستلم الحجر في كلِِّ طواف من غير أن يؤذي أحداً، و لا يقطع ذكر الله عزَّ و جلَّ عن لسانه، إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له بكلِّ خطوة سبعين ألف حسنة، و محى عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و أعتق عنه سبعين ألف رقبة، ثمن كلِّ رقبة عشرة آلاف درهم، و شُفّع في سبعين من أهل بيته، و قُضيت له سبعون ألف حاجة، إن شاء (3) فعاجِلة و إن شاء فأجِلة (4)

252- باب إن الصلاة و الطواف أيهما أفضل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أقام بمكّة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة، و من أقام سنتين خلط من ذا و من ذا، و من أقام ثلاث سنين، كانت الصلاة أفضل [له من الطواف] (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الطواف لغير أهل مكّة أفضل من الصلاة، و الصلاة لأهل مكّة أفضل (6)

ص: 411


1- أي أخذتني هيبته فلم أجرؤ على سؤاله و التحدث إليه.
2- ﴿فالمعنى أنه ذكر ما ذكره النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من فضائلهم أو من مظلوميتهم أو من شهادته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) خصوصاً كما روي عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). وقيل: المراد بقول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نهيه عن كثرة السؤال، و فيه ما ترى﴾ مرأة المجلسي 30/18.
3- الضمير يرجع إليه سبحانه.
4- رواه مرسلاً بتفاوت في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 14. و الحديث هنا أيضاً مرسل.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 202 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، و أورده الصدوق رحمه الله مع حذف الإسناد بعد إيراده الحديث رقم 17. هذا و يقول المحقق في الشرائع 278/1: ﴿... و الطواف أفضل للمجاور من الصلاة و للمقيم بالعكس ..﴾. و يستفاد من هذا الحديث أن المجاور في السنة الثالثة يصير كواحد من أهل مكة.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 201. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 مرسلاً.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ابن القدَّاح، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طواف قبل الحجِّ، أفضل من سبعين طواف بعد الحجِّ (1)

253- باب حدّ موضع الطواف

1- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن حدِّ الطواف بالبيت الّذي مَن خرج منه لم يكن طائفاً بالبيت؟ قال: كان الناس على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يطوفون بالبيت و المقام (2)، و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت، فكان الحدُّ موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، و الحدُّ قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلّها، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعدَ من مقدار ذلك، كان طائفاً بغير البيت، بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنّه طاف في غير حدّ، و لا طواف له (3)

254- باب حد المشي في الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن البرقيّ، عن عبد الرَّحمن بن سيّابه قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الطواف، فقلت: أُسْرِِعُ و أُكْثِر، أو أبطىء؟ قال: مَشْيٌ بين المَشْيَيْن (4)

ص: 412


1- أورد مضمونه مع حذف الإسناد في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 17.
2- المقام: -لغةً- كما يقول صاحب الجواهر 295/19: موضع قدم القائم، و المراد به هنا مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )، أي الحجر الذي وقف عليه لبناء البيت كما عن ابن أجير، أو للأذان بالحج كما عن غيره ... أو لما عن ابن عباس من أنه لما جاء بطلب ابنه إسماعيل فلم يجده قالت له زوجته: انزل، فأبى، فقالت: دعني أغسل رأسك، فأتته بحجر فوضع رجله عليه و هو راكب فغسلت شقه ثم رفعته و قد غابت رجله فيه فوضعته تحت الشق الآخر و غسلته فغابت رجله الثانية فيه فجعله الله من الشعائر، و عن الأزرقي أنه لما فرغ من الأذان عليه جعله قبلة فكان يصلي إليه مستقبل الباب ... الخ. ثم قال قدس سرّه: و على كل حال، فلا خلاف معتدّ به أجده في وجوب كون الطواف بينه و بين البيت، بل عن الغنية الإجماع عليه، ثم أورد هذا الحديث.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 23. و أخرجه عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن غير واحد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير ... الخ. و الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 269/1 و هو بصدد بيان مندوبات الطواف: ﴿و أن يكون في طوافه ... مقتصداً في مشيه، و قيل : يَرْمَلُ ثلاثاً و يمشي أربعاً﴾ و قد علق الشهيد الثاني في مسالكه 99/1 فقال: الاقتصاد في المشي: التوسط فيه بين الإسراع و البطء. أقول: و الرَّمَل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى.

255- باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلّة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبَان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف شوطاً أو شوطين، ثمَّ خرج مع رجل في حاجة؟ فقال: إن كان طواف نافلة بنى عليه، و إن كان طواف فريضة لم یَبْنِِ عليه (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يُحْدِثُ في طواف الفريضة و قد طاف بعضه؟ قال: يخرج فيتوضّأ، فإن كان جاز النصف بني على طوافه، و إن كان أقلَّ من النصف أعاد الطواف (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن فضّال، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة، ثمَّ وجد خلوة من البيت فدخله، كيف يصنع؟ فقال: يقضي طوافه، و قد خالف السنّة، فليُعِدْ طوافه (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا طاف الرَّجل بالبيت أشواطاً، ثمَّ اشتكى، أعاد الطواف- يعني الفريضة-.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب،

ص: 413


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 60 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن يكمله سبعة أشواط، ح 3. هذا، و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد بيان شرائط الطواف: ﴿و تواصل أربعة أشواط فلو قطع الطواف لدونها بطل مطلقاً، و إن كان لضرورة أو دخول البيت أو صلاة فريضة ضاق وقتها، و بعد الأربعة يباح القطع الضرورة و صلاة فريضة و نافلة يخاف فوتها و قضاء حاجة مؤمن لا مطلقاً، و حيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه ليكمل منه بعد العود حذراً من الزيادة أو النقصان، و لو شك أخذ بالاحتياط، هذا في طواف الفريضة، أما النافلة فيبني فيها لعذر مطلقاً، و يستأنف قبل بلوغ الأربعة لا له مطلقاً، و في الدروس (للشهيد الأول) أطلق البناء فيها مطلقاً.﴾.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 56. و يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿من نقص من طوافه، فإن جاوز النصف رجع فأتمُ ... و إن كان دون ذلك استأنف، و كذا من قطع طواف الفريضة لدخول البيت، أو بالسعي في حاجة، و كذا لو مرض في أثناء طوافه... و كذا لو أحدث في طواف الفريضة...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح58. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ...، ح ا بتفاوت يسير في الذيل فيهما.

عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف طواف الفريضة، ثمَّ اعتلَّ علّة لا يقدر معها على تمام الطواف؟ فقال: إن كان طاف أربعة أشواط أمَرَ من يطوف عنه ثلاثة أشواط ، فقد تمَّ طوافه، وإن كان طاف ثلاثة أشواط و لا يقدر على الطواف، فإنَّ هذا ممّا غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخّر الطواف يوماً و يومين، فإن خلّته العلّة عاد فطاف أُسبوعاً، و إن طالت علّته، أمَرَ من يطوف عنه أُسبوعاً، و يصلّي هو ركعتين، و يسعى عنه، و قد خرج من إحرامه، و كذلك يفعل في السعي و في رمي الجمار (1).

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عزَّة قال: مرَّ بي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا في الشوط الخامس من الطواف، فقال لي: انطلق حتّى نعود ههنا رجلاً. فقلت له: إنّما أنا في خمسة أشواط، فأتمُّ أُُسبوعي؟ قال: اقطعه و احفظه من حيث تقطع حتّى تعود إلى الموضع الّذي قطعت منه، فتبني عليه (2)

7- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرَّاج (3)، عن سكين بن عمّار، عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا أحمد قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الطواف، يده في يدي، إذ عرض لي رجل له إلىَّ حاجة، فأوْمَاتُ إليه بيدي فقلت له: كما أنت (4) حتّى أفرغ من طوافي، فقال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما هذا؟ قلت: أصلحك الله، رجل جاءني في حاجة، فقال لي: مسلم هو؟ قلت: نعم، فقال لي: اذهب معه في حاجته، فقلت له : أصلحك الله ، فأَقْطَعُ الطواف؟ فقال : نعم ، قلت : وإن كنتُ في المفروض (5)؟ قال: نعم، وإن كنتَ في المفروض ؛ قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من مشى مع أخيه المسلم في حاجته، كتب الله له ألف ألف حسنة، و محى عنه ألف ألف سيّئة، و رفع له ألف ألف درجة (6)

ص: 414


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، 147- باب المريض يطاف به أو يطاف عنه، ح 9 بتفاوت في الذيل فيهما. و فيهما: و يصلي عنه، بدل: و يصلي هو ركعتين. و المقصود بهما صلاة الطواف. و لا واسطة في السند فيهما بين ابن محبوب و إسحاق بن عمار و الحديث ضعيف على المشهور
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 61. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ...، ح 4.
3- و اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ.
4- أى ابق مكانك. أو كما أنت عليه. و هو كناية عن طلب الانتظار.
5- أي في طواف الفريضة.
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 63. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ... ، ح بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول.

256- باب الرجل يطوف فَيَعْيَا أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت الصلاة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن شهاب (1)، عن هشام (2) عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في رجل كان في طواف فريضة، فأدركته صلاة فريضة؟ قال: يقطع طوافه و يصلّي الفريضة، ثمَّ يعود و يتمُّ ما بقي عليه من طوافه (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يكون في الطواف قد طاف بعضه و يقي عليه بعضه، فيطلع الفجر، فيخرج من الطوف إلى الحجر، أو إلى بعض المسجد، إذا كان لم يوتر فيوتر، ثمَّ يرجع إلى مكانه فيتمُّ طوافه، أفَتَرَى ذلك أفضل أم يتمُّ الطواف ثمَّ يوتر، و إن أسفر (4) بعض الإسفار؟ قال: ابدء بالوتر، و اقطع الطواف إذا خفت ذلك، ثمَّ أَتِمَّ الطواف بعدُ (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل كان في طواف الفريضة فأُقيمت الصلاة؟ قال: يصلّي معهم الفريضة، فإذا فرغ من حيث قطع (6)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يعيا (7) في الطواف، أَلَه أن يستريح؟ قال: نعم، يستريح ثمَّ يقوم فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها، و يفعل ذلك في سعيه و جميع مناسکه (8)

ص: 415


1- هو ابن عبد ربه.
2- هو ابن سالم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 67.
4- اسفر الفجر: تبلّج و ظهر نوره.
5- التهذيب 5،نفس الباب، ح 69 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 129- باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها، ح 4. و الوجه في تقديم الوتر على الطواف كون وقته (الوتر) مضيقاً و وقت الطواف موسعاً، و القاعدة الحاكمة في صورة التزاحم تقديم الأول على الثاني.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 68. بدون كلمة: معهم. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و فيهما: في طواف النساء، بدل : في طواف الفريضة.
7- من الإعياء: و هو الكلال و التعب.
8- الحديث صحيح. ويدل على جواز الاستراحة في كل من الطواف و السعي و يبني بعدها على طوافه و سعيه.

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يستريح في طوافه؟ فقال: نعم، أنا قد كانت توضع لي مِرْفَقة (1) فأجلُسُ عليها.

257- باب السهو في الطواف

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستّة طاف أم سبعة؟ قال: فليُعِدْ طوافه، قلت: ففاته (2)؟ قال: ما أرى عليه شيئاً، و إلاعادة أحبُّ إليَّ و أفضل.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل لم يدر سنّة طاف أو سبعة؟ قال: يستقبل (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: سألته عمّن طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدرستّة طاف أو سبعة؟ قال: يستقبل، قلت: ففاته ذلك؟ قال: ليس عليه شيء (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل شكَّ في طواف الفريضة؟ قال: كلّما شكُّ، قلت: جُعِلْتُ فداك، شكٍّ في طواف نافلة؟ قال: يبني على الأقلّ (5)

ص: 416


1- المِرْفقة: المخدة يرتفق عليها.
2- أي رجع إلى أهله وغادر مكة.
3- التهذيب 5 ،9- باب الطراف، ح 28 و 29 بتفاوت و سند آخر.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28 بتفاوت.
5- التهذيب 5،نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، 143- باب من شك فلم يدر سبعة طاف أم ثمانية ، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿و من شك في عدده (الطواف) بعد انطرافه لم يلتفت، و إن كان في أثنائه و كان شاكاً في الزيادة، قطع و لا شيء عليه، و إن كان في النقصان استأنف في الفريضة، و بنى على الأقلّ في النافلة ﴾. و يقول الشهيدان: ﴿و لو شك في العدد، أي عدد الأشواط بعده، أي بعد فراغه منه لم يلتفت مطلقاً،و في الأثناء يبطل إن شك في النقيصة، كأن شك بين كونه تاماً أو ناقصاً أو في عدد الأشواط مع تحققه عدم الإكمال، و يبني على الأقل إن شك في الزيادة على السبع إذا تحقق إكمالها إن كان على الركن، و لو كان قبله بطل أيضاً مطلقاً كالنقصان لتردده بين محذورين: الإكمال المحتمل للزيادة عمداً، و القطع المحتمل للنقيصة ... و أما نفل الطواف فيبني فيه على الأقل مطلقاً ...﴾

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض؟ قال: يعيد حتّى يُثْبِِتَه (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: قلت: رجلٌ طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستّة طاف أم سبعة أم ثمانية؟ قال: يعيد طوافه حتّى يحفظ، قلت: فإنّه طاف و هو متطوِّع ثماني مرَّات و هو ناسٍ؟ قال: فليتمّه طوافين، ثمَّ يصلّی أربع ركعات، فأمّا الفريضة، فليُعِدْ حتّى يتّم سبعة

أشواط (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل طاف فأُوهِمَ- فقال: طفت أربعة أو طفت ثلاثة-؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ الطوافين كان، طواف نافلة أم طواف فريضة؟ قال: إن كان طواف فريضة فليُلْقِِ ما في يده و ليستأنف، و إن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثةً و هو في شكٍّ من الرَّابع أنّه طاف، فَلْيَيْنِِ على الثلاثة، فإنّه يجوز له (3)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ طاف بالبيت، ثمَّ خرج إلى الصّفا فطاف بين الصفا و المروة، فبينا هو يطوف، إذ ذكر أنّه قد ترك بعض طوافه بالبيت؟ قال: یرجع إلى البيت فيتمّ طوافه، ثمَّ يرجع إلى الصفا و المروة فيتمُّ ما بقي (4)

ص: 417


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 33. الاستبصار 2، 142- باب من طاف ثمانية أشواط، ح 1 و في الذيل فيهما: ... حتى يستمه، و هو على ما في التهذيبين موافق للمشهور من أنه إذا زاد شوطاً سهواً أو أكثر أكمل اسبوعين على نحو الاستحباب و إن ذهب كل من علي بن بابويه و ابن الجنيد إلى أنه على نحو الوجوب. هذا و يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿من زاد على السبع ناسياً و ذكر قبل بلوغه الركن، قطع و لا شيء عليه، [و إلا استحبّ إكماله في اسبوعين]. أقول: يعني يضيف إليها ستة أشواط أخرى إن كان طاف ثمانية.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 43.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 32.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. الفقيه 2، 130- باب السهو في الطواف، ح 1. قال المحقق في الشرائع 268/1: ﴿من نقص من طوافه، فإن جاوز النصف رجع فأتَمّ، و لو عاد إلى أهله أمر من يطوف عنه، و إن كان دون ذلك استأنف﴾... ﴿و لو دخل في السعي فذكر أنه لم يتمّ طوافه، رجع فأتَمّ طوافه إن كان تجاوز النصف ثم تمَّمَ السعي﴾ و يفهم من عبارة المحقق هنا، أنه إذا لم يكن قد تجاوز النصف استأنف الطواف و السعي معاً، و لا يجوز له عند تذكّره إتمام السعي قبل تدارك ما فات من الطواف و إلا بطل سعيه أيضاً لوجوب الترتيب بين الطواف و السعي.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن الحسن بن عطيّة قال: سأله سليمان بن خالد- و أنا معه- عن رجل طاف بالبيت ستّة أشواط؟ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و كيف يطوف ستّة أشواط؟ قال: استقبل الحجر و قال: الله أكبر، وعقد واحداً، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يطوف شوطاً، قال سليمان: فإنّه فاته ذلك حتّى أتى أهله؟ قال: يأمر من يطوف عنه (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقية، عن أبی کهمس (2) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط، قال: إن ذكر قبل أن يبلغ الرُّكن فليقطعه (3)

258- باب الإقران بين الأسابيع

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسکان، بن عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّما يكره أن یجمع الرَّجل بين الأُسبوعين و الطوافين في الفريضة، فأمّا في النافلة فَلا بأس (4)

ص: 418


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5.
2- أبو كهمس (كهمش) اسمه هيثم بن عبيد، أو عبيد الله.
3- التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 39 بتفاوت يسير جداً. الاستبصار 2، 142- باب من طاف ثمانية أشواط، صدر ح 8. و أخرجاه عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن فضال ... الخ. و قوله: فليقطعه: محمول على الوجوب، و إلا كان كمن تعمد الزيادة في الطواف فيبطل. هذا و يقول الشهيدان و هما بصدد ذكر واجبات الطواف: ﴿و إكمال السبع من الحجر إليه شوط و عدم الزيادة عليها فيبطل إن تعمّده و لو خطوة، و لو زاد سهواً، فإن لم يكمل الشوط الثامن تعيّن القطع، فإن زاد فكالمتعمد، و إن بلغه تخيّر بين القطع و إكمال اسبوعين فيكون الثاني مستحباً﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 44. الاستبصار 2، 144- باب القِران بين الأسابيع في الطواف، ح 1. الفقيه 2، 135- باب القِران بين الأسابيع، ح 1. هذا و يقول الشهيدان رضوان الله عليهما: ﴿القران بين أسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخياً، و قد يطلق على الزيادة عن العدد مطلقاً، مبطل في طواف الفريضة، و لا بأس به في النافلة، و إن كان تركه أفضل، ... و هل تتعلق الكراهة بمجموع الطواف أم بالزيادة؟ الأجود الثاني، إن عرض قصدها بعد الإكمال، و إلا فالأول...﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف، يُقْرِِنُ بين أُسبوعين؟ فقال: إن شئتَ رَوَیْتٌ أهل مكّة؟ قال: فقلت: لا و الله، ما لي في ذلك من حاجة، جُعِلْتُ فِداك، و لكن إرْوِِ لي ما أدينُ الله عزَّ و جلَّ به، فقال: لا تقرن بين أُسبوعين، كلّما طفت أُسبوعاً فصلِّ ركعتين، و أمّا أنا فربما قرنت الثلاثة و الأربعة، فنظرت إليه! فقال: إنّي مع هؤلاء (1)

3- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن وليد، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنّما يكره القِرانُ في الفريضة، فأمّا النّافلة فلا و اللهِ ما به بأس (2)

259- باب من طاف و اختصر في الحِجْر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يطوف بالبيت [فاختصر] قال: يقضي ما اختصر من طوافه (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اختصر في الحجر في الطواف، فليُعِدْ طوافه من الحَجَر الأسود إلى الحَجَر الأسود (4)

260- باب من طاف على غير وضوء

1- عدَّةٌ أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن

ص: 419


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح46 بتفاوت. الاستبصار 2، 144- باب القِران بين الأسابيع في الطواف، ح 3 بتفاوت. و فيهما: عن أهل المدينة، بدل: عن أهل مكة. و يقصد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بقوله: هؤلاء، المخالفين، فيكون فعله بإقرانه بين الأسابيع تقية.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
3- الحديث حسن. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يطوف بالبيت، أي بالبيت وحده بدون إدخال الحجر، و في بعض النسخ: فاختصر في الحِجر، و هو الأظهر، لكنه بعيد ليس في أكثر النسخ، و لا خلاف في أنه لا يُعْبَاُ بالشوط الذي اختصر فيه و إنما الخلاف في أنه يستأنف الطواف رأساً أو يكتفي باستئناف ذلك الشوط، و هذا الخبر يحتملها، و الأخير أقوى للروايات الأخر﴾ مرآة المجلسي 43/18.
4- الفقيه 2، 131- باب ما يجب على من اختصر شوطاً في الحجر، ح 2 بدون قوله: إلى الحجر الأسود. و قوله: فليعد طوافه: أي يعيد الشوط الذي اختصره. و قوله: من الحجر الأسود إلى ... الخ، أي لا يكفي أن يبدأ به من حيث اختصره من حِجر إسماعيل.

زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يطوف على غير وضوء، أيعتدُّ بذلك الطواف؟ قال: لا (1)

2- سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل: أَيَنْسِكُ المناسك و هو على غير وضوء؟ فقال: نعم، إلّا الطواف بالبيت، فإنَّ فيه صلاة (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (3)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور؟ قال: يتوضّأ، و يعيد طوافه، و إن كان تطوُّعاً توضّأ و صلّى ركعتين (4)

4- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جُنُب، فذكر و هو في الطواف؟ قال:

ص: 420


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 50 الاستبصار 2، 145- باب من طاف على غير طهر، ح 1 و في سندهما: عن حنان بن سدير، بدل: عن مثنّى. هذا، و القول الأقوى و المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم هو اشتراط طواف الفريضة بالطهارة دون طواف النافلة و إن كان معها أكمل، و نقل عن أبي الصلاح اشتراط الطهارة حتى في الطواف المندوب. و المقصود بالطهارة الأعم من الحدثية و الخبثية. يقول المحقق (ره) : ﴿الطهارة شرط في الواجب دون الندب، حتى أنه يجوز ابتداء المندوب مع عدم الطهارة و إن كانت الطهارة أفضل﴾ و قال: ﴿من طاف و ذكر أنه لم يتظهّر أعاد في الفريضة دون النافلة، و يعيد صلاة الطواف، الواجب واجباً، و الندب ندباً﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: إلا الطواف، بدون كلمة: بالبيت. و الحديث ضعيف على المشهور. یقول المجلسي رحمه الله في مرآته 44/18: ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإن فيه صلاة، ظاهر التعليل إن الوضوء إنما هو لأجل الصلاة. إلا أن يقال: أريد به أن الصلاة بمنزل الجزء في الواجب فيشترط في الطواف أيضاً الطهارة، و لذا قال (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإن فيه صلاة، و لم يقل: فإن معه صلاة، و يمكن أن يراد به، بأنه لما كان مشروطاً بالصلاة، فالصلاة مشروطة بالطهارة، و لا يمكن الفصل بينهما بالطهارة، فلذا اشترطت في الطواف أيضاً﴾.
3- هذا السند حسن.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 52. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 133- باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئاً من المناسك على غير وضوء، ح 2 بتفاوت يسير. هذا، و قد دل الحديث على أن طواف النافلة لا يعاد، و إنما يكتفى فيه استحباباً بالطهارة وضوءاً أو غسلاً، و الصلاة ركعتين.

يقطع طوافه، و لا يعتدُّ بشيء ممّا طاف؛ و سألته عن رجل طاف ثمَّ ذكر أنّه على غير وضوء؟ قال: يقطع طوافه، و لا يعتدُّ به (1)

261- باب من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف و أَخّر السَّعْي

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ طاف بالکعبة، ثمَّ خرج فطاف بین الصّفا و المروة، فبینما هو یطوف إذ ذکر أنّه قد ترک طوافه بالبیت؟ قال: يرجع إلى البيت فيتمُّ طوافه، ثصم يرجع إلى الصفا و المروة فيتمُّ ما بقي، قلت: فإنّه بدء بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت؟ فقال: يأتي البيت فيطوف به، ثمَّ يستأنف طوافه بين الصفا و المروة، قلت: فما فرق بين هذين؟ قال: لأنَّ هذا قد دخل في شيء منه (2)

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت؟ فقال: يطوف بالبيت، ثمَّ يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما (3)

ص: 421


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 53. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و روى ذيله فقط.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 100 بتفاوت و أخرجه بسند مختلف إلا في إسحاق بن عمّار. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو ... ، ح 14. و قد دل الحديث على أن من كان قد نسي بعض طوافه و دخل في السعي ثم تذكر وجب عليه أن يعود فيتم طوافه ثم يبني على سعيه و أما إذا لم يكن قد تلبّس بشيء من الطواف و تذكر في أثناء السعي فيبطل سعيه و يذهب للطواف ثم يستأنف سعياً جديداً. و الظاهر أن المشهور بين فقهائنا هو التفصيل بين ما إذا كان قد تجاوز النصف من الطواف فيتمه و بين ما إذا كان قد طاف أقل من النصف فيستأنف الطواف مع اختلافهم حول ما إذا كان يجب عليه إتمام السعي أو استئنافه. قال الشيخ محمد حسن في جواهره 335/19: ﴿و إن لم يكن قد تجاوز النصف (أي من طوافه) استأنف الطواف كما عن المبسوط و السرائر و الجامع، ثم استأنف السعي كما في القواعد و يحكي المبسوط، و عن النهاية و التذكرة و التحرير و المنتهى إتمام السعي على التقديرين ...﴾. و أقول: إن ما ورد في الحديث أعلاه من قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لأنه دخل في شيء من الطواف، مطلق من حيث كونه قد تجاوز النصف، أو طاف أقل منه. حيث حكم بإتمامه الطواف مع اتمامه السعي بعد البناء على ما تقدم منه، و لذا لا بد لمن ذهب من الفقهاء إلى التفصيل بين ما إذا تجاوز النصف من طوافه و بين غيره، لا بد و أنهم قيدوا هذا الإطلاق بما ثبت عندهم من نصوص مفصّلة.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الترتيب بين الطواف و السعي فلا يجوز تقديم السعي على الطواف عمداً، و كذا لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي إلا ما استثني و سوف تأتي الإشارة إلى ذلك.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يَقْدِمُ حاجّاً و قد اشتدَّ عليه الحرُّ، فيطوف بالكعبة، و يؤخّر السعي إلى أن يبرد؟ فقال: لا بأس به، و ربّما فعلته (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر، أيسعى قبل أن يصلّي، أو يصلّي قبل أن يسعى؟ قال: لا، بل يصلّي ثمَّ يسعى يسعى (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزین قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فأَعْيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد؟ قال: لا (3)

262- باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن الرَّبيع بن حُثَيم قال: شهدت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض، فكان كلّما بلغ الرُّكن اليمانيِّ، أمرهم فوضعوه بالأرض، فأخرج يده من كوَّة المحمل حتّى يجرُّها على الأرض، ثمَّ يقول: ارفعوني، فلمّا فعل ذلك مراراً في كلِِّ شوط، قلت له: جُعِلْتُ فِداك يا ابن رسول الله، إنَّ هذا يشقُّ عليك، فقال: إِنِّي سمعت الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿لِيَشْهَدوا منافع لهم﴾ (4)، فقلت: منافع الدُّنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكلُّ (5)

ص: 422


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. الاستبصار 2، 150- باب من يطوف بالبيت أيجوز له أن يؤخر السعي إلى وقت آخر؟، ح 1. و روياه بتفاوت يسير و بسند مختلف إلا في ابن سنان و زيادة في الذيل هي: و ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو... ، ح 2.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 و في ذيله: لا بأس أن يصلي ... الخ.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 97. الاستبصار 2، 150- باب من يطوف بالبيت أيجوز له أن يؤخر السعي إلى وقت آخر؟، ح 3. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل ... ح 4 و في سنده: عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحد هما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و ما تضمنه الحديث هو المشهور عندنا. و يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد، ثم لا يجوز (أي تأخيره عن الغد) مع القدرة﴾.
4- الحج/28.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 70. الفقيه 2، 136- باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة، ح 4 و أشار فيه إلى فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كلما بلغ الركن اليماني بتفاوت. هذا و مما لا خلاف فيه بين الأصحاب هو أن من يعجز عن الطواف بنفسه يطاف به محمولاً فإن لم يمكن الطواف به كذلك لسبب من الأسباب يستنيب من يطوف عنه.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج (1) و معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المبطون و الكسير يُطاف عنهما و يُرمى عنهما الجمار (2)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المريض المغلوب، يطاف عنه بالكعبة؟ قال: لا، و لكن يطاف به (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصبيان يُطاف بهم و يرمى عنهم، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل، يطاف بها أو يطاف عنها.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: كنت إلى جنب أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و عنده ابنه عبد الله، و ابنه الّذي يليه، فقال له رجلٌ: أصلحك الله، يطوف الرَجل عن الرَّجل و هو مقيم بمكّة، لیس به علّة؟ فقال: لا، لو كان ذلك يجوز، لأمرت ابني فلاناً فطاف عنّي- سمّى الأصغر- و هما يسمعان (4)

263- باب ركعتي الطواف و وقتهما و القراءة فيهما و الدعاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 423


1- في التهذيبين: عن معاوية بن عمار.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 76. الاستبصار 2، 147- باب المريض يطاف به أو يطاف عنه، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و مع التعذّر، و الظاهر أن المراد به المشقة الكثيرة وفاقاً للدروس، و يحتمل إرادة العجز عنه مطلقاً، يستنيب فيه ...﴾. و قال المحقق في الشرائع 268/1: ﴿و لو استمر مرضه بحيث لا يمكن أن يطاف به، طيف عنه ...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 71.الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.و ليس فيهما لفظ: المغلوب. الفقيه 2، نفس الباب،ح 5. و قد حمل المغلوب على من اشتد مرضه فغلبه عليه.
4- ضمير التثنية يرجع إلى ابني أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث حسن. و قد دل على عدم جواز الإستنابة في الطواف من غير عذر.

الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيي؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): إذا فرغت من طوافك فأْتِ مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فصلّ ركعتين، و اجعله أماماً، و اقرء في الأُولى منهما سورة التوحيد ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، و في الثانية ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾، ثمَ تشهّد، و احمد الله، واثن عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و اسأله أن يتقبّل منك، و هاتان الركعتان هما الفريضة، ليس يكره لك أن تصلّيهما في أيِّ الساعات شئت، عند طلوع الشمس و عند غروبها، و لا تؤخّر هما، ساعة تطوف و تفرغ فصلّهما (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يصلّي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام، قريباً من ظلال المسجد (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس؟ قال: وجبت عليه تلك الساعة الرَّكعتان، فليصلّهما قبل المغرب (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أَُصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة، أو حيث كان على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: حيث هو الساعة (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 424


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 122 بتفاوت يسير. و روى صدره برقم 120 من نفس الباب أيضاً. و كرره تاماً برقم 10 من الباب 23 من نفس الجزء. و يقول المحقق في الشرائع 269/1 و هو بصدد تغداد مستحبات الطواف: ﴿و إن يقرء في ركعتي الطواف، في الأولى مع (الحمد) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، و في الثانية معه: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ...﴾
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 136 بتفاوت و زيادة في الذيل هي: لكثرة الناس. و أخرجه عن سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن الحسن بن علي عن أحمد بن هلال عن أمية بن علي عن الحسين بن عثمان عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الحديث حسن، و يستفاد منه عدم الكراهة في فعل صلاة الطواف في الأوقات المكروهة بالنسبة للمبتدأ من النوافل. و سوف يأتي.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 125. هذا و يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿يجب أن يصلّي ركعتي الطواف في المقام حيث هو الآن و لا يجوز في غيره، فإن منعه زحام صلّى و راءه أو إلى أحد جانبيه﴾. هذا و قد نقل صاحب الجواهر عن الشيخ في كتاب الخلاف نفي الخلاف عن جواز فعل ركعتي الطواف في غير مقام إبراهيم و عدم وجوب الإعادة.

إلّا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا قال: قال أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) (2): يصلّي الرَّجل ركعتي الطواف طواف الفريضة و النافلة بقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر ، أيصلّي الركعتين حين يفرغ من طوافه؟ قال: نعم، أما بلغك قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بَني عبد المطلب، لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف.

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أَبَان بن عثمان، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) قال: لا ينبغي أن تصلّي ركعتي طواف الفريضة إلّا عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأمّا التطوُّع، فحيث شئت من المسجد (4)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن يحيى الأزرق، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي طفت أربعة أسابيع فأعييتُ، أفأصلّي ركعاتها و أنا جالس؟ قال: لا، قلت: فكيف يصلّي الرَّجل إذا اعتلَّ و وجد فترةً (5) صلاة اللّيل جالساً و هذا لا يصلّي؟ قال: فقال: يستقيم أن تطوف و أنت جالسٌ؟ قلت: لا، قال: فصلِّ و أنت قائمٌ (6)

264- باب السهو في ركعتي الطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن

ص: 425


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 144. الاستبصار 2، 157- باب وقت ركعتي الطواف، ح 3. يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿يجوز أن يصلي ركعتي طواف الفريضة و لو في الأوقات التي تكره لابتداء النوافل﴾.
2- في التهذيب: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)
3- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 5 و فيه زيادة النافلة.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 124 و في ذيله فحيثما... ، بدل: فحيث. و الحديث ضعيف.
5- من الفتور و هو نقص القوة و ثقل الهمّة.
6- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 9 بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد أشار ابن إدريس في السرائر إلى مضمون هذه الرواية. و قال الشهيد الأول في الدروس: ﴿روي عدم صلاة الركعتين جالساً لمن أَعْيا كما لا يطوف جالساً.

الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يصلّي الرَّكعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في طواف الحجِِّ و العمرة؟ فقال: إن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى﴾ (1) و إن كان قد ارتحل، فلا آمره أن يرجع (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلم يذكر حتّى ارتحل من مكّة؟ قال: فليصلّهما حيث ذكر، و إذ ذكرهما و هو في البلد فلا يبرح حتّى يقضيَهما (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة، ثمَّ طاف طواف النساء و لم يصلِّ الرَّكعتين حتّى ذكر بالأبطح، فصلّى أربع ركعات؟ قال: يرجع فيصلّي عند المقام أربعاً (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام (5) بن المثنّى قال: نسيت ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)حتّى انتهيت إلى منى، فرجعت إلى مكّة فصلّيتهما، فذكرنا ذلك لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: الّا صلّاهما حيث ذكر (6)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى ، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل طاف طواف الفريضة و نسي الركعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة؟ قال : يُعَلّم ذلك الموضع، ثمَّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمَّ يعود إلى مكانه (7)

ص: 426


1- البقرة/ 125.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 130، الاستبصار 2، 156- باب من نسي ركعتي الطواف حتى خرج، ح 6. و يقول المحقق في الشرائع 267/1: ﴿و من لوازمه (أي الطواف) ركعتا الطواف، و هما بعده في الطواف الواجب، و لو نسيهما وجب عليه الرجوع، و لو شق قضاهما حيث ذكر، و لومات قضاهما الولي﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و إن اعتبر بعضهم تعذّر الرجوع.
3- الفقيه 2، 139- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 3.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 128 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت.
5- في التهذيب: هاشم ...
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 132. الاستبصار 2، 156- باب من نسي ركعتي الطواف حتى خرج، ح 8 بتفاوت في الذيل فيهما يسير و قد استقرب بعض معاصري أصحابنا حمله على ما إذا لم يرد الرجوع إلى مكة. و حمله في التهذيب على ما إذا كان يشقّ عليه الرجوع. و الحديث مجهول.
7- الفقيه 2، 139- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 1 بتفاوت و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلِّ الرَّكعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة، و طاف بعد ذلك طواف النساء و لم يصلّ أيضاً لذلك الطواف حتّى ذكر بالأبطح؟ قال : يرجع إلى مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيصلّي (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل دخل مكّة بعد العصر، فطاف بالبيت، و قد علّمناه كيف يصلّي فنسي، فقعد حتّى غابت الشمس، ثمَّ رأى النّاس يطوفون، فقام فطاف طوافاً آخر قبل أن يصلّي الرَّكعتين لطواف الفريضة؟ فقال: جاهل؟ قلت: نعم، قال: ليس عليه شيء (2)

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين زعلان، عن الحسين بن بشّار، عن هشام بن المثنّى و حنان قالا: طفنا بالبيت طواف النساء، و نسينا الركَّعتين، فلمّا صرنا بمنى ذكرنا هما، فأتينا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسألناه؟ فقال: صَلّياهما بمنى (3)

265- باب نوادر الطواف

1- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن [محمد بن] هلال، عن أحمد بن محمد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوَّل ما يظهر القائم من العدل أن ينادي مناديه: أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحَجَرَ الأسود و الطواف (4)

ص: 427


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 127 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب ح 1 بتفاوت، و زيادة في الذيل هي: ركعتين. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. بتفاوت. و قد ذكر الصدوق رحمه الله في الفقيه بعد إيراده الخبر أن المكلف مخيّر بين إتمام سعيه و بين قطعه و تأدية ركعتي الطواف في مكانهما ثم البناء عليه. و ذكر أن الإتمام رخصة و استدل عليه برواية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل الحديث على معاملة الجاهل معاملة الناسي في وجوب ركعتي الطواف عليه على كل حال بفعلهما بنفسه أداءً أو قضاءاً أو بواسطة وليه في نفس مكانهما أو حيث ذكرهما أو بمنى بناء على الرخصة في ذلك كما سوف يأتي في الرواية التالية.
3- الحديث مجهول. و قد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 رخصة بالإتيان بركعتي الطواف للناسي بمنى عن ابن مسكان عن عمر بن البراء عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). بينما حمل الشيخ أمثال هذا الحديث على صورة المشقة في الرجوع و لا يتمكن منه.
4- الحديث ضعيف. و المراد بالطواف مكان الطواف، أو سائر أحكامه و ما يتعلق به.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الطّواف، أيكتفي الرَّجل بإحصاء صاحبه؟ فقال: نعم (1)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أيّوب أخي أُديم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القراءة (2) و أنا أطوف أفضل أو أذكر الله تبارك و تعالى؟ قال: القراءة، قلت: فإن مرَّ بسجدة (3) و هو يطوف؟ قال: يؤمي برأسه إلى الكعبة (4)

4- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن زياد بن يحيى الحنظليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تطوفنَّ بالبيت و عليك بُرْطُلّة (5)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الفرج قال: سأل أبان أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أكان لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) طواف يُعْرَفُ به؟ فقال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يطوف باللّيل و النّهار عشرة أسابيع، ثلاثةً أوَّلَ اللّيل، و ثلاثةً آخرَ اللّيل، و اثنين إذا أصبح، و اثنين بعد الظهر، و كان فيما بين ذلك راحته (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن النعمان، عن داود بن فَرْقَد، عن عبد الأعلى قال: رأيت أُمَّ فروة (7) تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف يا أُمَةَ الله، أخطأتِ

ص: 428


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 112. الفقيه 2، 39- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 4. قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿لا بأس أن يعوّل الرجل على غيره في تعداد الطواف لأنه كالإمارة﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم.
2- أي قراءة القرآن.
3- لا بد من حمله على السجود المندوب في بعض آيات القرآن.
4- الحديث ضعيف على المشهور، و قد أشار إليه الشهيد الأول في الدروس، و أنه مما رواه الكليني رحمه الله عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 114. و البُرْطُلّة: القلنسوة الطويلة، قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿قيل: لا يجوز الطواف و على الطائف بُرطلّة، و منهم من خص ذلك بطواف العمرة، نظراً إلى تحريم تغطية الرأس﴾ أقول: و قد علل النهي عن لبس البرطلّة في الطواف في بعض الروايات بأنها من زي اليهود. و لذا حكم بعض أصحابنا بكراهة اللبس دون الحرمة نظراً لهذا التعليل.
6- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 7.
7- ﴿أم فروة هي أم الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر﴾ مرآة المجلسي 58/18. و قد مر في بعض الروايات أن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان عنده جارية تكنى بذلك فراجع.

السنّة؟ فقالت: إنّا لأَغْنِياء عن علمك (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتدري لم سُمّيّت الطائف؟ قلت: لا، قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا دعا ربّه أن يرزق أهله من الثمرات، قطع لهم قطعة من الأُردنّ، فأقبلت حتّى طافت بالبيت سبعاً، ثمَّ اقرَّها الله في موضعها، و إنّما سميّت الطّائف للطواف بالبيت (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن زياد القنديِّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي أكون في المسجد الحرام و أنظر إلى النّاس يطوفون بالبيت و أنا قاعدٌ، فأغتمُّ لذلك؟ فقال: یا زیاد، لا عليك، فإنَّ المؤمن إذا خرج من بيته يؤُّم الحج، لا يزال في طواف و سعي حتّى يرجع.

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هيثم التميميِّ، قال: قلت لأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ كانت معه صاحبة لا تسطيع القيام على رجلها، فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت، و بالصفا و المروة، أيجزيه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال: إيهاً الله إذاً (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دَعْ الطواف و أنت تشتهيه (4)

11- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن موسى بن عيسى اليعقوبيِّ، عن محمد بن ميسّر، عن أبي الجهم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن

ص: 429


1- و إنما عبّرت بذلك لأنها تأخذ أحكامها عن الراسخين في العلم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و ربما كان استلامها للحجر باليسرى لعلة في اليمنى و الله يعلم. و الحديث حسن على الظاهر.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و في ذيله: إيهاً و الله إذاً. قال الجوهري في الصحاح 2557/6: و (ها) للتنبيه و قد يقسم بها يقال: لاه الله ما فعلت، أي: لا و الله، أبدلت الهاء من الواو. و إن شئت حذفت الألف التي بعد الهاء، و إن شئت أثبتّ. و قولهم: لاها الله ذا، أصله: لا و الله هذا، ففرقت بين (ها) و (ذا) و جعلت الاسم بينهما و جررته بحرف التنبيه، و التقدير: لا و الله ما فعلت هذا، فحذف و اختصر لكثرة استعمالها هذا في كلامهم. و قدم (ها) كما قدم في قولهم «ها هوذا، وها أنا ذا...» و قد قال المجلسي بعد هذا: و من هذا الكلام يتضح معنى الحديث، بجعل كلمة (إي) فيه مكسورة بمعنى (نعم) أي: نعم و الله يجزيه هذا.
4- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 15، مرسلاً. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنت تشتهيه: كناية عن عدم المبالغة في فعله، لأن ذلك قد يوجب الملل منه.

آبائه، عن عليِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في امرأة نذرت أن تطوف على أربع؟ قال: تطوف أُسبوعاً ليَدَيْها، و أُسبوعاً لرِِِجْلَيها (1)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان قال: سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف، فقال واحد منهم لصاحبه: تحفظوا (2) الطواف، فلما ظنّوا أنّهم قد فرغوا، قال واحد: معي ستّة أشواط ؟ قال: إن شكّوا كلّهم فليستأنفوا، و إن لم يشكّوا و علم كلُّ واحد منهم ما في يده، فليبَنْوا (3)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تطوف بالصبيّ و تسعى به، هل يجزىء ذلك عنها و عن الصبيّ؟ فقال: نعم (4)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبّ أن تطوف ثلاث مائة و ستّين أُسبوعاً عدد أيّام السنة، فإن لم تستطع فثلاث مائة و ستّين شوطاً، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف (5)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل نشرب و نحن في الطواف؟ قال: نعم (6)

16- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: طاف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على ناقته

ص: 430


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 119. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13. و أخرجه عن السكوني بإسناده قال: قال علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و هو ما سوف يورده الكليني رحمه الله برقم 18 من هذاالباب.
2- فى التهذيب: احفظوا ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 113 بتفاوت يسير. و رواه مضمراً أيضاً. و في بعض الكتب صرّح بأن المسؤول من قبل صفوان هو أبو الحسن الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 83. و الحديث حسن. و قال العلامة في التحرير: لو حمل محرم محرماً و طاف به و نوى كل منهما الطواف عن نفسه أجزاً عنهما إجماعاً.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 117. الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 6. و هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب ما تضمنه الحديث من عدد الطواف أو الأشواط، و على الأخير تلحق الزيادة بالطواف الأخير و تسقط الكراهية هنا بزيادة ما زاد على سبعة أشواط في الطواف المندوب نظراً لما دل هنا على استحبابها و إن كره في غيره. فراجع شرائع المحقق 269/1.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 116. الحديث موثق، و بمضمونه أفتى الأصحاب.

العَضباء (1) و جعل يستلم الأركان بمِحْجَنه و يقبّل المحجن(2)

17- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طواف في العشر، أفضلُ من سبعين طوافاً في الحجِِّ (3)

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في امرأة نذرت أن تطوف على أربع؟ فقال: تطوف أُسبوعاً ليديها و أُسبوعاً لرِِِِجْلَيها (4)

266- باب استلام الحَجَر بعد الركعتين و شرب ماء زمزم قبل الخروج الى الصَّفا و المَرْوَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن یحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغت من الرَّكعتين فأْتِ الحجر الأسود، و قبّله، و استلمه، أو أشر إليه، فإنّه لا بدَّ من ذلك، و قال: إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل، و تقول حين تشرب: اللّهمَّ اجعله عِلْماً نافعاً، و رِزقاً واسعاً، و شفاءً من كلِّ داء و سقم. قال: وَ بَلَغَنا أَنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال حين نظر إلى زمزم: لو لا أنّي أشقّ على أُمّتي لأخذت منه ذَنُوباً أو ذَنُوبَيْن (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغ الرَّجل من طوافه و صلّى ركعتين، فليأت زمزم و ليستَقِِ منه ذُنُوباً أو

ص: 431


1- الناقة العضباء: المشقوقة الأذن. -ذكره الجوهري في الصحاح- و ذكر أيضاً أن ناقته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سمّيت بذلك و لم تكن كذلك. 184/1. هذا و قطع الشهيد الأول في الدروس بجواز الطواف راكباً للمختار.
2- المِحجن: عصا معوجة الرأس.
3- الحديث صحيح. و قد ذكر المجلسي رحمه الله في مرآته 62/18- 63 عدة وجوه لقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في العشر ، ثم قال بعد الوحه الرابع: و الحاصل، أن طوافاً واجباً في العشر في غير الحج أفضل من سبعين في الحج، و لا يكون ذلك إلا في التمتع، و هذا الكلام ليس ببعيد في مقام التقية.
4- مر بسند آخر برقم 11 من هذا الباب فراجع.
5- التهذيب 5، 10 - باب الخروج إلى الصفا، ج 1. و الحديث حسن كالصحيح. و الذُّنوب: -كما في القاموس- الدلو التي لها ذَنَب، أو العظيمة، أو التي فيها ماء، أو الملأى، أو دون الملء، تؤنّث و تُذَكّر جمع أذْنِبَة و ذنائب و ذِناب. و روى بعضه في الفقيه 2، 2:3- باب سياق مناسك الحج عنوان (الشرب من ماء زمزم).

ذَنُوبين، و ليشرب منه، و ليصبَّ على رأسه و ظهره و بطنه، و يقول: اللّهمَّ اجعله عِلْماً نافعاً، و رزقاً واسعاً، و شفاءً من كلِّ داء و سقم، ثمَّ يعود إلى الحجر الأسود (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن مهزیار قال: رأيت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ليلة الزِّيارة، طاف طواف النّساء، و صلّى خلف المقام، ثمَّ دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدَّلو الّذي يلي الحجر، و شرب منه، و صبَّ على بعض جسده، ثمَّ اطلع (2) في زمزم مرَّتين. و أخبرني بعض أصحابنا أنّه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك.

267- باب الوقوف على الصفا و الدعاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال: أبدء بما بدء الله عزَّ و جلَّ به من إتيان الصفا، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿إِنَّ اَلصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللّهِ﴾ (3) قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ثمَّ اخْرُجْ إلى الصفا من الباب الّذي خرج منه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و هو الباب الّذي يقابل الحجر الأسود، حتّى تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار، فاصعد على الصفا حتّى تنظر إلى البيت، و تستقبل الرُّكن الّذي فيه الحجر الأسود، و احمد الله واثن عليه، ثمَّ اذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره، ثمَّ كبّر الله سَبْعاً، و احمده سَبْعاً، و هلّله سَبْعاً و قل: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيى و يميت و هو حيُّ لا يموت، و هو على كلِّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-، ثمَّ صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قل: الله أكبر على ما هدانا، و الحمد لله على ما أولانا، و الحمد الله الحيِّ القيوم، و الحمد الله الحيِّ الدَّائم، -ثلاث مرَّات-، و قل: أشهد أن لا إله إلّا الله، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، لا نعبد إلّا إيّاه مخلصين له الدِّين و لو كره المشركون، -ثلاث مرَّات-، اللّهمَّ إنّي أسألك العفو و العافية و اليقين في الدّنيا و الآخرة -ثلاث مرَّات- اللّهُمَّ آتِنا فِی الدُّنیا حَسَنَةً، و فِی الآخِرَِة حَسَنَةً،و قِنا

ص: 432


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، و نفس العنوان بتفاوت. و الحديث صحيح. و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الشرب من زمزم و الصب على الجسد من مائها من الدلو المقابل للحجر. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 272/1.
2- أي تطلع و نظر.
3- البقرة/158.

عَذابَ النّار، -ثلاث مرَّات -ثمَّ كبّر الله مائة مرَّة، و هلّل مائة مرَّة، و احمد مائة مرَّة، و سبّح مائة مرَّة، و تقول : لا إله إلّا الله وحده أنجز وعده و نصر عبده و غلب الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد وحده وحده، اللّهمَّ بارك لي في الموت في ما بعد الموت، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من ظُلْمَة القبر و وحشته، اللّهم أظِلّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّك، و أكثر من أن تستودع ربّك دينك و نفسك و أهلك، ثمَّ تقول: أستودع الله الرَّحمن الرَّحيم الّذي لا يُضَيع و دائعه، نفسي و ديني و أهلي، اللّهمَّ استعملني على كتابك و سنّة نبيّك، و توفّني على ملّته، و أعِذْني من الفتنة، ثمَّ تكبّر ثلاثاً، ثمَّ تعيدها مرَّتين، ثمَّ تكبّر واحدة ثمَّ تعيدها، فإن لم تستطع هذا فبعضه.

و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يقف على الصفا بقدر ما يقرء سورة البقرة مترتّلاً (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: حدَّثني جميل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل من دعاء موقّت أقوله على الصفا و المروة؟ فقال: تقول إذا وقفت على الصفا: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيى و يميت، و هو على كلّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف يقول الرَّجل على الصفا و المروة؟ قال: يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو على كلِّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-.

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعيد قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن باب الصفا قلت: إنَّ أصحابنا قد اختلفوا فيه، بعضهم يقول: الّذي يلي السقاية، و بعضهم يقول: الّذي يلي الحَجَر؟ فقال: هو الّذي يلي السقاية، مُحْدث صنعه داود، و فتحه داود (2)

ص: 433


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 6 بتفاوت. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (الخروج إلى الصفا) بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بتفاوت عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 13بتفاوت و فيه عبد الحميد بن سعد، بدل عبد الحميد بن سعيد. و الرواية كما وردت في الفقيه هكذا: و روى صفوان عن عبد الحميد بن سعد قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن باب الصفا فقلت: إن أصحابنا قد اختلفوا فيه، فبعضهم يقول: الذي يلي السقاية، و بعضهم يقول: الذي يستقبل الحجر الأسود؟ فقال: هو الذي يستقبل الحجر، و الذي يلي السقاية محدث، صنعه داوود و فتحه داوود. انتهى. و المقصود بداوود: داوود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عم أبي العباس السفّاح.

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن عليِّ بن النعمان يرفعه قال: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صعد الصفا، استقبل الكعبة ثمَّ رفع يديه ثمَّ يقول: اللّهمَّ اغفر لي كلِّ ذنب أذنبته قطّ، فإن عُدْتُ فعُدْ عليَّ بالمغفرة فإنّك أنت الغفور الرَّحيم، اللّهمَّ افعل بي ما أنت أهله، فإنّك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، و إن تعذِّبني فأنت غنيُّ عن عذابي، و أنا محتاجٌ إلى رحمتك، فيا من أنا محتاجٌ إلى رحمته، إرحمني، اللّهمَّ لا تفعل بي ما أنا أهله، فإنّك إن تفعل بی ما أنا أهله تعذِّبني و لم تظلمني، أصبحت أتّقي عدلك، و لا أخاف جَوْرَك ، فيامن هو عدل لا يَجُور، إرحمني (1)

6- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن الحسن بن عليِّ بن الوليد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أراد أن يكثر ماله، فليُطِلْ الوقوف على الصفا و المَرْوَة (2)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن أبي الحسن، عن صالح ابن أبي الأسود، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على الصفا شيء موقّت (3)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من أهل المدينة قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صعد المروة، فألقى نفسه على الحجر الّذي في أعلاها في ميسرتها، و استقبل الكعبة (4)

9- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد (5)، عن أحمد بن الجهم الخزّاز، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن بعض أصحابه قال: كنت وراء (6) أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على الصفا- أو (7) على المروة-، و هو لا يزيد على حرفين (8): اللّهمَّ إنّي أسألك حسن الظنِّ بك في

ص: 434


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 7 بتفاوت و نقيصة عما هنا في الفروع.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 28 مرسلاً. و قد روى في التهذيب 5، نفس الباب ، ح 8 عن موسى بن القاسم، عن النخعي أبو الحسين قال: حدثني عبيد بن الحارث عن حمّاد المنقريّ قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا. و كذلك رواه في الاستبصار 2، 158- باب أنه يستحب الإطالة عند الصفا و المروة، ح 1.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. و الحديث ضعيف. و موقّت: أي موظّف معيّن من قِبَلهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9. و الحديث ضعيف.
5- في الاستبصار: عن صالح بن أبي حمزة.
6- في التهذيبين: في قفا...
7- الشك من الراوي.
8- ﴿لعل الإكتفاء بذاك كان لعذر، أو لبيان جواز ترك ما زاد، و تَأَدّي السنة بهذا المقدار، و لا يبعد الحمل على تكرار هذا الدعاء بقدر سورة البقرة، و يحتمل أن يكون ذلك في غير الابتداء﴾ مرآة المجلسي 70/18.

كلِِّ حال، و صِدْقَ النيّة في التوكّل عليك (1)

268- باب السعي بين الصفا و المروة و ما يُقَال فيه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن رزعة، عن سماعة قال: سألته عن السعي بين الصفا و المروة؟ قال: إذا انتهيت إلى الدَّار الّتي على يمنيك عند أوَّل الوادي، فاسْعَ حتّى تنتهي إلى أوَّل زُقاق عن يمينك بعدما تجاوز الوادي إلى المروة، فإذا انتهيت إليه، فكُفَّ عن السعي، وامش مشياً، و إذا جئت من عند المروة، فابدء من عند الزُّقاق الّذي و صفت لك، فإذا انتهيت إلى الباب الّذي من قِبَل الصفا بعد ما تَجَاوَز الوادي، فاكفف عن السعي، وامش مشياً، فإنّما السعي على الرِّجال، و ليس على النساء سَعْيٌ (2)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يسعى بين الصفا و المروة ما بين باب ابن عبّاد إلى أن يرفع قدميه من المسيل، لا يبلغ زقاق آل أبي حسين (3)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ما من بقعة أحبُّ إلى الله من المسعى، لأنّه يذلّ فيها كلُّ جبّار (4)

و روي أنّه سئل؛ لِمَ جُعل السعي؟ فقال: مذلّة للجبّارين.

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال: ليس الله منسك أحبُّ إليه من السعي، و ذلك أنّه يُذلُّ فيه الجبّارين (5)

ص: 435


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
2- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 13. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ليس على النساء سعي يقصد أنه ليس عليهن هرولة، لا أنه ينفي أصل وجوب قطع سبعة أشواط عليهن بين الصفا و المروة كالرجال، حيث تستحب لهم الهرولة ما بين المنارة و زقان العطّارين، و قال أبو الصلاح بوجوبها عليهم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14 و فيه: من المسيل، بدل: من الميل.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف.

5- أحمد بن محمد، عن التيمليِِِّ، عن الحسين بن أحمد الحلبيِّ، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: جعل السعي بين الصفا و المروة مذلّة للجبارين (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: انحدر من الصفا ماشياً إلى المروة و عليك السكينة و الوقار، حتّى تأتي المنارة، و هي على طرف المسعى، فاسع ملأ فُرُوجك (2) و قل: بسم الله و الله أكبر، و صلّى الله على محمد و على أهل بيته، اللّهمَّ اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم و أنت الأعزُّ الأكرم حتّى تبلغ المنارة الأُخرى، فإذا جاوزتها فقل: يا ذا المنِّ و الفضل و الكرم و النعماء و الجود، اغفر لي ذنوبي إنّه لا يغفر الذُّنوب إلّا أنت، ثمَّ امش و عليك السكينة و الوقار حتّى تأتي المروة، فاصعد عليها حتّى يبدو لك البيت، و اصنع عليها كما صنعت على الصفا، وطف بينهما سبعة أشواط، تبدء بالصفا و تختم بالمروة (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من أهل المدينة قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يبتدىء بالسعي من دار القاضي المخزوميِّ، قال: و يمضي كما هو إلى زقاق العطّارين (4)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن بن عليّ الصيرفيِّ، عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السعي بين الصفا و المروة، فريضة أم سنّة؟ فقال: فريضة، قلت: أو ليس قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ (5)؟ قال: كان ذلك في عمرة القضاء، إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا و المروة، فتشاغل رجل و ترك السعي حتّى انقضت الأيّام و أعيدت الأصنام، فجاؤوا إليه فقالوا: يا رسول الله، إنَّ فلاناً لم يَسْعَ بين الصفا و المروة، و قد أُعيدت الأصنام، فأنزل الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، -أي و عليهما الأصنام- (6)

ص: 436


1- الحديث مرسل.
2- الفروج: جمع الفرج، و هو ما بين الرجلين، و منه سمي فرج المرأة و الرجل و هو هنا كناية عن الإسراع في المشي، و هو الهرونة.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 12 بتفاوت و زيادة في آخره و ضمنه.
4- الحديث ضعيف.
5- البقرة/158.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 15 بتفاوت يسير. و الحديث مرسل. و قد أجمع أصحابنا على وجوب السعي بين الصفا و المروة، و أكثر فقهاء العامة على الوجوب أيضاً

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطیّة، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل ترك شيئاً من الرَّمَل في سعيه بين الصفا و المروة؟ قال: لا شيء عليه (1)

و روي أنَّ المسعى كان أوسع ممّا هو اليوم، و لكنَّ الناس ضيّقوه (2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل ترك السعي متعمّداً؟ قال: عليه الحجُّ من قابل (3)

269- باب من بدء بالمروة قبل الصفا أو سهى في السعي بينهما

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل بدء بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد، ألا ترى أنّه لو بدء بشماله قبل يمينه في الوضوء؟. -أراد أن يعيد الوضوء- (4)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية أشواط، ما عليه؟ فقال: إن كان خطأًً أطّرح واحداً و اعتدَّ بسبعة (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج قال: حججنا و نحن صَرورة، فسعَيْنا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطاً، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 437


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، 1 ح 19 و الرَّمَل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، و هو الهرولة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ضمن ح 12. و قوله: أوسع: أي أكثر عَرْضاً.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. و كرره بتفاوت برقم 297 من الباب 26 من نفس الجزء.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من واجبات السعي هو البداءة بالصفا و الختم بالمروة، فلو عكس بطل سعيه بلا فرق في هذا الحكم بين الجاهل و الناسي فضلاً عن العامد حيث يجب عليه الإعادة.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، 160- باب حكم من سعى أكثر من سبعة أشواط، ح 2. الفقيه 2، 141- باب السهو في السعي بين الصفا و المروة، ح 3 و في الجميع: طرح ..، بدل: اطّرح... هذا و قد أجمع الأصحاب على عدم جواز الزيادة في السعي- كما الطواف- على سبعة أشواط يحتسب ذهابه شوطاً و عوده آخر، و لو زاد عامداً بطل، و لا تبطل بالزيادة سهواً. فراجع الشرائع للمحقق 273/1.

عن ذلك؟ فقال: لا بأس، سبعة لك و سبعة تطرح (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليّ الصائغ قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضر- عن رجل بدء بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد، ألا ترى أنّه لو بدء بشماله قبل يمينه، كان عليه أن يبدء بيمينه ثمَّ يعيد على شماله (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: من طاف بین الصفا و المروة خمسة عشر شوطاً، طرح ثمانية، و اعتدَّ بسبعة، و إن بدء بالمروة، فليطرح، و ليبدء بالصفا (3)

270- باب الاستراحة في السعي و الركوب فيه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن السعي بين الصفا و المروة على الدَّابة؟ قال: نعم، و على المحمل. (4)

2- معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يسعى بين الصفا و المروة راكباً؟ قال: لا بأس، و المشي أفضل (5)

3- ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بين الصفا و المروة أيستريح؟ قال: نعم، إن شاء جلس على الصفا، و المروة، و بينهما، فيجلس (6)

ص: 438


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 22.
3- الحديث حسن. و يشمل العامل و الجاهل و الناسي، و يبقى تحته الجاهل و الناسي، بعد خروج العامد بالنص.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 36. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز السعي راكباً، و إن كان المشي أفضل. يقول المحقق في الشرائع 273/1 و هو بصدد بيان المندوب في السعي: ﴿... أن يكون ماشياً، و لو كان راكباً جاز...﴾.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 37. الفقيه 2، 142- باب السعي راكباً و الجلوس بين الصفا و المروة، ذيل ح 1 بتفاوت.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. و ما تضمنه من جواز الجلوس في السعي هو المشهور عندنا- و يقول المحقق في الشرائع 273/1: ﴿و لا بأس أن يجلس في خلال السعي للراحة﴾-.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أَبَان، عن عبد الرحمن (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يجلس بين الصفا و المروة إلّا من جهد (2)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج: قال سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النساء، يطفن على الإبل و الدَّوابِّ أيجزيهنَّ أن يقفن تحت الصفا و المروة؟ قال: نعم، بحيث يَرَيْنَ البيت (3)

6- و عنه، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على الراكب سعي (4)، و لكن ليسرع شيئاً (5)

271- باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها و السعي بغير وضوء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة، فيدخل وقت الصلاة، أيخفّف، أو يقطع و يصلّي، و يعود، أو يثبت كما هو على حاله حتّى يفرغ؟ قال: أو ليس عليهما مسجد (6)، لا، بل يصلّي ثمَّ يعود، قلت: يجلس عليهما؟ قال: أو ليس هو ذا يسعى على الدَّواب (7)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن يحيى الأزرق، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يسعى بين الصفا و المروة ثلاثة

ص: 439


1- هو ابن أبي عبد الله كما صرّح به في الفقيه.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42. و فيه: حيث. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت و فيه: سأل أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- أي إسراع في المشي، و هو الهرولة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. و قوله: ليسرع شيئاً: أي ليسرع الراكب بدابته قليلاً زيادة على المعتاد و لعله لمكان الهرولة في الساعي ماشياً فيكون مستحباً مثله.
6- مسجد: يعني موضع صلاة.
7- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 44 بتفاوت في الذيل. الفقيه 2، 143- باب من قطع عليه السعي ...، ح 1 بتفاوت يسير. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يسعى على الدواب: تشبيه و تنظير، أي كما جاز له السعي راكباً و الركوب متضمن للحلوس أو سبباً للراحة فكذلك الجلوس للماشي. و الحديث حسن.

أشواط أو أربعة، ثمَّ يبول، أيتمُّ سعيه بغير وضوء؟ قال: لا بأس، و لو أتمَّ نسكه بوضوء كان أحبَّ إلىَّ (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تطوف و لا تسعى إلّا على وضوء (2)

272- باب تقصير المتمتِّع و إحْلاله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن یحيى؛ و ابن أبي عمير؛ و عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب؛ و حمّاد بن عيسى، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغت من سعيك و أنت متمتّع، فقصّر من شعرك من جوانبه، و لحيتك، و خذ من شاربك، و قلّم أظفارك، و أَبْق منها لحجّك، و إذا فعلت ذلك فقد أحللتَ من كلِِّ شيء يحلُّ منه المحرم، و أحرمت منه، فطف بالبيت تطوُّعاً ما شئت (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أحلَّ من عمرته، و أخذ من أطراف شعره كلّه على المشط، ثمَّ أشار إلى شار به فأخذ منه الحجّام، ثمَّ أشار إلى أطراف لحيته فأخذ منه، ثمَّ قام (4)

ص: 440


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31. الاستبصار 2، 161- باب السعي بغير وضوء، ح 4. الفقيه 2، 133- باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئاً من المناسك على غير وضوء، ح 4. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل و أمثاله على أن السعي ليس مشروطاً بالطهارة و إن كان معها أفضل و أكمل، و قد اتفق أصحابنا على أن الطهارة من المقدمات المندوبة للسعي، و لم يخالف في ذلك إلا ابن أبي عقيل فيما نقل عنه، و المقصود بالطهارة الأعم من الخبثية و الحدثية.
2- التهذيب 5،نفس الباب، ح 33. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير في الجميع. و قال الشيخ في التهذيبين بعد ذكر الحديث: إنما نفى بقوله: لا تطوف و لا تسعى إلا بوضوء، الجمع بينهما، و لم ينف إنفراد السعي عن الطواف بغير وضوء و أنه لا يجزيه. و الحديث محمول عند أصحابنا على الاستحباب.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 46. الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و إحلاله و من نسي ...، ح 1. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و أَبْقِِِ منها لحجّك؛ أي أبْقِِ على شيء من أظفارك للتقصير في منى بعد انتهائك من الرمي و الذبح، كما يدل على عدم جواز الحلق بعد السعي، و إنما المتعيّن هو التقصير.
4- الحديث صحيح.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بالبيت و يسعى، أيتطوَّع بالطواف قبل أن يقصّر؟ قال: ما يعجبني (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج؛ و حفص بن البختريِِّ؛ و غيرهما، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم يقصّر من بعض و لا يقصّر من بعض؟ قال: يجزيه (2)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن أسلم قال: لمّا أراد أبو جعفر- يعني ابن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- أن يقصّر من شعره للعمرة، أراد الحجّام أن يأخذ من جوانب الرَّأس، فقال له: ابدء بالنّاصية، فبدأ بها (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع قَرَضَ أظفاره و أخذ من شعر رأسه بمِشْقَص؟ قال: لا بأس، ليس كلُّ أحد يجد جَلَماً (4)

273- باب المتمتع ينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحج أو يحلق رأسه أو يواقع أهله قبل أن یقصّر

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل متمتّع نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحجِِّ؟ قال: يستغفر الله (5)

ص: 441


1- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 1 بتفاوت يسير و أخرجه عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث ضعيف على المشهور، و فيه دلالة على كراهة الطواف المستحب قبل أن يقصّر وجوباً للسعي.
2- الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و ...، ح 10. ويدل على إجزاء مسمى التقصير من أظفاره أو شعره من غير تحديد.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 49. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 6 بتفاوت. و الجَلَم: المقصّ، أو ما يقطع به، و المِشقَص: النصل العريض. و الحديث حسن.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 105. الاستبصار 2، 103- باب المتمتع يحرم بالحج و يلبيّ قبل أن يقصّر هل ...، ح 4. و في آخر هما زيادة: و لا شيء عليه. الفقيه 2 ، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و....،ح 3.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أهلَّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتّى دخل في الحجِِّ؟ قال: يستغفر الله، و لا شيء عليه، و تمّت عمرته (1)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، فدخل مكّة، و طاف و سعى، و لبس ثيابه، و أحلَّ، و نسي أن يقصّر حتّى خرج إلى عرفات؟ قال: لا بأس به، يبني على العمرة، و طوافها، و طواف الحجِّ على أثره (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت، ثمَّ بالصفا و المروة، و قد تمتّع، ثمَّ عجّل فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه؟ فقال: عليه دم يهريقه، و إن جامع فعليه جزورٌ أو بقرة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع وقع على امرأته و لم يقصر؟ فقال: ينحر جزوراً و قد خفت أن يكون قد ثُلِمَ حجّه إن كان عالماً، و إن كان جاهلاً فلا شيء عليه (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي لما قَضَيتُ نسكي للعمرة، أتيت أهلي و لم أقصّر؟ قال: عليك بدنة، قال: قلت: إنّي لمّا أردت ذلك منها و لم تكن قصّرت، امتنعت، فلمّا غلبتها قَرَضَت بعض شعرها بأسنانها؟ فقال: رحمها الله، كانت أفقهَ منك، عليك بدنة، و ليس عليها شيء (5)

ص: 442


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح107. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و كرره في نفس الجزء من التهذيب برقم 53 من الباب 10.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 106. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و كرره في التهذيب/نفس الجزء/ برقم 55 من الباب (10)، و كذا برقم (4) من الباب 163 من الجزء الثاني من الاستبصار أيضاً. و قد دل الحديث على صحة عمرته في هذه الحال و عدم انقلابها حجاً، بل يطوف طوافاً للحج أيضاً.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 60 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 64. و أورده إلى قوله: قد ثلم حجه، برقم 62 من نفس الباب. الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و ... ، ح 6 بزيادة في آخره. هذا و يقول الشهيدان: ﴿و لو جامع قبل التقصير عمداً، فبدنة للموسر، و بقرة للمتوسط، و شاة للمعسر، و المرجع في الثلاثة إلى العرف بحسب حالهم و محلهم، و لو كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه﴾.
5- التهذیب 5، نفس الباب، ح 68. الاستبصار 2، 164- باب من أحلّ من إحرام المتعة هل يجوز له ...، ح 4. الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون مدركاً للتمتع، ح 12.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع حلق رأسه بمكّة؟ قال: إن كان جاهلاً فليس عليه شيءٌ، و إن تعمّد ذلك في أوَّل أشهر الحجِِّ بثلاثين يوماً منها، فليس عليه شيءٌ، و إن تعمّد بعد الثلاثين الّتي يوفّر فيها الشّعر للحجِّ، فإنَّ عليه دماً يهريقه (1)

و في رواية أخرى (2): [ف] اذا كان يوم النحر أَمَرَّ الموسى على رأسه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ إذا أحلَّ، أن لا يلبس ،قميصاً، و ليتشبّه بالمُحْرمين (3)

274- باب المتمتع تعرض له الحاجة خارجاً من مكة بعد إحلاله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل مكّة متمتعاً في أشهر الحجِِّ ، لم يكن له أن يخرج حتّى يقضي الحجَّ، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عِرق، خرج محرماً و دخل ملبّياً بالحجِّ، فلا يزال على إحرامه، فإن رجع إلى مكّة رجع محرماً و لم يقرب البيت حتّى يخرج مع الناس إلى منى على إحرامه، و إن شاء كان وجهه ذلك إلى منى، قلت: فإن جهل و خرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثمَّ رجع في إبّان الحجِّ في أشهر الحجِّ يريد الحجَّ، أيدخلها محرماً أو بغير إحرام؟ فقال: إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً، قلت: فأيُّ الإحرامين و المتعتين، متعة الأولى أو الأخيرة؟ قال: الأخيرة، و هي عمرته، و هي المحتبس بها

ص: 443


1- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 12. و كرره برقم 51 من الباب 10 من نفس الجزء. الاستبصار 2، 162- باب من أراد التقصير فحلق ناسياً أو متعمداً، ح 2. الفقيه 2 ، 120- باب تقصير المتمتع وحلقه و ...، ح 11. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و لو حلق جميع رأسه عامداً عالماً فشاة، و لا يجزي عن التقصير للنهي، و قيل: يجزي لحصوله بالشروع و المحرّم متأخر، و هو متجه مع تجدد القصد، و ناسياً و جاهلاً لا شيء عليه. و يحرم الحلق و لو بعد التقصير﴾و إنما حرم الحلق بعده لوجوب توفير شعر الرأس حتى يتم أفعال الحج.
2- ذكر مضمونه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 7.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 57. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9 مرسلاً. وليتشبّه بالمحرمين: أي في عدم لبس المخيط، كما نص عليه الشهيد الأول في الدروس، أو مطلقاً كما هو مختار الشهيد الثاني. و الرواية مطلقة.

الى وصلت بحجّه؛ قلت: فما فرق بين المفردة و بين عمرة المتعة إذا دخل في أشهر الحجِّ؟ قال: أحرم بالعمرة و هو ينوي العمرة، ثمَّ أحلَّ منها و لم يكن عليه دم، و لم يكن محتبساً بها. لأنّه لا يكون ينوي الحجَّ (1)

2- أبو عليُّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع يجيىء فيقضي متعته، ثمَّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة، أو إلى ذات عرق، أو إلى بعض المعادن، قال: يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي يتمتّع فيه، لأنَّ لكلِِّ شهر عمرة، و هو مرتهن بالحجِّ، قلت: فإن دخل في الشهر الّذي خرج فيه؟ قال: كان أبي مجاوراً ههنا، فخرج متلقياً بعض هؤلاء، فلمّا رجع بلغ ذات عرق، أحرم من ذات عرق بالحجِّ، و دخل و هو محرم بالحجِّ (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، يريد الخروج إلى الطائف؟ قال: يهلُّ بالحجِّ من مكّة، و ما أُحبُّ له أن يخرج منها إلّا محرماً، و لا يتجاوز الطائف (3)، إنّها قريبة من مكّة (4)

4- ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل قضى متعتة ثمَّ عرضت له حاجة أراد أن يخرج إليها؟ قال: فقال: فليغتسل للأحرام، وليهلّ بالحجِّ، وليَمْض في حاجته، و إن لم يقدر على الرجوع إلى مكّة، مضى إلى عرفات(5)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عمّن ذكره، عن أبَان، عمّن أخبره عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع [هو] محتبس لا يخرج من مكّة حتّى يخرج إلى الحجِّ، إلّا أن يأبق غلامه، أو تضلَّ راحلته، فيخرج محرماً، و لا يجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة (6)

ص: 444


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 71.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 74. و الحديث موثق. و قوله: بعض هؤلاء: أي بعض سلاطين العامة أو ولاتهم. هذا و يقول المحقق في الشرائع 252/1: ﴿كل من دخل مكة وجب أن يكون محرماً، إلا أن يكون دخوله بعد إحرامه قبل مضي شهر، أو يتكرّر كالحطّاب و الحشّاش، و قيل: من دخلها لقتال جاز أن يدخل مُجِلاًّ كما دخل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عام الفتح و عليه المِغْفَر﴾.
3- ظاهر جواز الخروج إليها و عدم تجاوزها.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 72.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 73.
6- الحديث ضعيف.

275- باب الوقت الذي تفوت فيه المتعة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ و مرازم، و شعيب عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل المتمتّع يدخل ليلة عرفة، فيطوف، و يسعى، ثمَّ يحلُّ، ثمَّ يحرم و يأتي منى؟ قال: لا بأس (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمد بن ميمون قال: قَدِمَ أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) متمتّعاً ليلة عرفة، فطاف، و أحلَّ، و أتى بعض جواريه، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ، و خرج (2)

3- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتعة، متى تكون؟قال: يتمتّع ما ظنَّ أنّه يدرك النّاس بمنى (3)

4- علیُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن يعقوب بن شعيب الميثميِّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يَخَفْ فَوْتَ الموقفين (4)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في متمتّع دخل يوم عرفة؟ فقال: متعته تامّة إلى أن تُقْطَعَ التلبية (5)

ص: 445


1- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 17. الاستبصار 2، 166- باب الوقت الذي يلحق الإنسان فيه المتعة، ح 7، الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون ...، ح 1. هذا و قد دل الحديث على أن المتمتع بالعمرة إلى الحج، تكون عمرته تامة ما أدرك الموقفين سواء حتى لو كان ذلك ليلة عرفة ، و إن كان ثوابه أقل من ثواب من أدرك عرفة يوم التروية. و هكذا يكون ثواب من أدرك عرفة قبل زوال اليوم التاسع أقل منه.
2- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 65. الاستبصار 2، 164- باب من أحلّ من إحرام المتعة هل يجوز له...، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 12. الاستبصار 2، 166- باب الوقت الذي يلحق الإنسان فيه المتعة، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيهما: ما لم يخشَ. و قوله: متى ما تيسّر له: أي يحرم متى ما تيسّر له ...
5- الحديث ضعيف. هذا و قطع التلبية من قبل الحجيج إنما تكون عند زوال الشمس من يوم عرفة.

276- باب إحرام الحائض و المستحاضة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحائض تريد الإحرام؟ قال: تغتسل، و تَسْتَثْفِر، و تحتشي بالكرسف، و تلبس ثوباً دون ثياب إحرامها، و تستقبل القبلة، و لا تدخل المسجد و تهلَّ بالحجِّ بغير صلاة (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبَان الكلبيِّ قال: ذكرت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) المستحاضة، فذكر أسماء بنت عمیس فقال: إنَّ أسماء ولدت محمد بن أبي بكر بالبَيداء، و كان في ولادتها البركة للنساء لمن ولدت منهنَّ أو طمثت، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فاستثفرت و تَمَنْطَقَتَ بمنطقة و أحرمت (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة الحائض تحرم و هي لا تصلّي؟ قال: نعم، إذا بلغت الوقْتَ فلتحرم (3)

4- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحكم، عن محمد بن زياد، عن محمد بن مروان، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فتطمث؟ قال: تغتسل، و تحتشي بكرسف، و تلبس ثياب الإحرام، و تُحرم، فإذا كان اللّيل خلعتها، و لبست ثيابها الأُخَر حتّى تطهر (4)

ص: 446


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 1 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل و اختلاف سندي إلا في الحسين بن سعيد. و تمنطقت بمنطقة: أي شد وسطها بالمنطقة، و هي خرقة تلبسها المرأة و تشد وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 2. و كرره برقم 5 من نفس الباب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. هذا و يقول المحقق في الشرائع 252/1: ﴿و لو حضرت الميقات جاز لها أن تحرم و لو كانت حائضاً لكن لا تصلّي صلاة الإحرام، و لو تركت الإحرام ظناً أنه لا يجوز رجعت إلى الميقات و أنشأت الإحرام منه، و لو منعها مانع أحرمت من موضعها، و لو دخلت مكة خرجت إلى أدنى الحِلّ، و لو منعها مانع أحرمت من مكة﴾.

227- باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن العلاء بن صبيح؛ و عبد الرحمن بن الحجّاج؛ و علي بن رئاب، و عبد الله بن صالح، كلّهم يروونه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المرأة المتمتّعة إذا قدمت مكّة ثمَّ حاضت، تقيم ما بينها و بين التروية، فإن طهرت، طافت بالبيت، وسعت بين الصفا و المروة، و إن لم تطهر إلى يوم التروية، اغتسلت و احتشَت، ثمَّ سعت بين الصفا و المروة، ثمَّ خرجت إلى منى، فإذا قضت المناسك وزارت البيت، طافت بالبيت طوافاً لعمرتها، ثمَّ طافت طوافاً للحجِّ، ثمَّ خرجت فسعت، فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كلِّ شيء يُحِلُّ منه المحرم إلّا فراش زوجها، فإذا طافت أُسبوعاً آخر، حلَّ لها فراش زوجها (1)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن دُرُسْت الواسطيِّ، عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة متمتّعة قدمت مكّة، فرأت الدَّم؟ قال: تطوف الصفا و المروة، ثمَّ تجلس في بيتها، فإن طهرت، طافت بالبيت، و إن لم تطهر فإذا كان يوم التروية، أفاضت عليها الماء، و أهلّت بالحجِِّ من بيتها، و خرجت إلى منى و قضت المناسك كلّها، فإذا قدمت مكّة، طافت بالبيت طوافين (2)، ثمَّ سعت بين الصفا و المروة، فإذا فعلت ذلك فقد حلَّ لها كلُّ شيء ما خَلا فراش زوجها (3)

3- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن ابن رباط، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن عجلان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متمتّعة قَدِمَت فرأت الدَّم، كيف تصنع؟ قال تسعى بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها، فإن ظهرت طافت بالبيت، و إن لم تطهر، التّروية أفاضت عليها الماء، و أهلّت بالحجِّ، و خرجت إلى منى، فقضت المناسك كلّها، فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كلُّ شيء ما عدا فراش زوجها، قال: و كنت أنا و عبيد الله (4) بن صالح سمعنا هذا الحديث في المسجد، فدخل عبيد الله على أبي

ص: 447


1- الحديث ضعيف، ويدل على خلاف ما هو المشهور- بل ادعى عليه العلامة في التذكرة الإجماع و كذلك السيد صاحب المدارك- من أن الحائض و النفساء إذا لم تطهرا حيث لا يمكنها الطواف عدلتا إلى الإفراد.
2- أي طوافاً للعمرة تقضيه و طواف الحج. و الحديث ضعيف كسابقه، و الكلام فيه هو الكلام.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 14. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 2.
4- في الاستبصار و عبد الله بن صالح.

الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فخرج إليَّ فقال: قد سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رواية عجلان، فحدَّثني بنحو ما سمعنا من عجلان (1)

4- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن رباط، عن عبيد الله بن صالح، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: امرأة متمتّعة تطوف ثمَّ طمثت؟ قال: تسعى بين الصفا و المروة، و تقضي متعتها (2)

5- محمد بن يحيى، عمّن حدَّثه، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصیر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمَّ حاضت قبل أن تقضي متعتها، سعت، و لم تطف حتّى تطهر، ثمَّ تقضي طوافها، و قد قضت عمرتها، و إن هي أحرمت و هي حائض، لم تَسْعَ و لم تَطُفْ حتّى تطهر (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليِّ بن أسباط، عن دُرُسْت، عن عجلان أبي صالح أنّه سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف، قَدمت السعي، و شهدت المناسك، فإذا طهرت و انصرفت من الحجِّ، قضت طواف العمرة و طواف الحجِّ و طواف النساء، ثمَّ أحلّت من كلِِّ شيء (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن رجل أنّه أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول- و سئل عن امرأة متمتّعة طمثت قبل أن تطوف فخرجت مع الناس إلى منى- [فقال]: أو ليس هي على عمرتها و حجّتها، فلتطف طوافاً للعمرة و طوافاً للحجِّ (5)

ص: 448


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و الحديث ضعيف كسابقيه. هذا و قد نص أصحابنا و منهم المحقق في الشرائع 238/1 على أن الحائض و النفساء إذا دخلا بعمرتهما مكة و خشيا ضيق الوقت عن إدراك الركن من وقوف عرفات و عدم إمكان التربص بأن منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الإحرام بالحج نقلا نيتهما إلى الإفراد و كان عليهما عمرة مفردة. و مما قال: ﴿و لو تجدد العذر و قد طافت أربعاً صحت متعتها و أتت بالسعي و بقية المناسك و قضت بعد طهرها ما بقي من طوافها، و إذا صح التمتع سقطت العمرة المفردة﴾.
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 21. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 9. بسند مختلف إلا في أبي بصير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20 الاستبصار 2، نفس الباب، ح 8. و الحديث ضعيف. و اعتلّت: أي حاضت.
5- الحديث مرسل. و لا بد من حمله على لزوم قضاء السعي عليها أيضاً بعد الطواف، لفواته عليها بسبب خروجها إلى منى. و الحديث فيه هو الحديث فيما تقدمه من أخبار ناصّة على وجوب نقل حجها إلى الإفراد.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة تجییء متمتّعة فطمثت قبل أن تطوف بالبيت ، فيكون طهرها يوم عرفة؟ فقال: إن كانت تعلم أنّها تطهر، و تطوف بالبيت، و تحلّ من إحرامها، و تلحق بالناس، فلتفعل (1)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة طافت بالبيت، ثمَّ حاضت قبل أن تسعى؟ قال: تسعى، قال: و سألته عن امرأة سَعَتْ بین الصفا و المروة فحاضت بينهما؟ قال: تتمُّ سَعْيَها (2)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر، ثمَّ حاضت قبل أن تقضي متعتها، سعت، و لم تطف حتّى تطهر، ثمَّ تقضي طوافها، و قد تمّت متعتها، و إن هي أحرمت و هي حائض، لم تَسْع و لم تَطُفْ حتّى تطهر (3)

278- باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة طافت بالبيت في حجّ أو عمرة، ثمَّ حاضت قبل أن تصلّي الرَّكعتين؟ قال: إذا طهرت فلتصلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قد قضت طوافها (4)

ص: 449


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون مدركاً للتمتع، ح 3 بتفاوت. الحديث مرسل. قوله :(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و تلحق بالناس: أي في منى، كما صرّح به في حديث الفقيه، لا كما فهمه الشيخ في التهذيبين من أنها تلحق الناس بعرفات. و لا بد من إلحاق غلبة الظن باللحوق بالناس هناك بالعلم و اليقين أيضاً، مراعاة لما تضمنه بعض الروايات من غلبة الظن.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 22. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 10. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 3 بتفاوت في الترتيب.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. هذا، و المشهور بين أصحابنا على أن المرأة إذا كانت قد تجاوزت النصف من طواف الفريضة ثم حاضت قطعته و بَنَتْ على ما تقدم بعد طهرها فتكمله من حيث قطعته ثم تصلي ركعتيه و صحت متعتها، بينما ذهب ابن إدريس إلى بطلان متعتها في هذه الصورة، و اكتفى الصدوق في الفقيه بما دون الأربع أيضاً مستدلاً عليه برواية حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و برواية العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و صرح بعدهما بأنه بمضمونه يفتي دون غيره مما اشترط فيه تجاوز النصف فراجع آخر الباب 122 من الجزء 2 من الفقيه.

2- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن أبي حمزة؛ و محمد بن زياد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطّواف بالبيت، أو بين الصفا و المروة، فجازت النصف، فعلَمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقيّة طوافها من الموضع الّذي علَمته، فإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف، فعليها أن تستأنف الطّواف من أوَّله (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره، عن أحمد بن عمر بن عمر الحلّال، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثمَّ اعتلّت؟ قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطّواف بالبيت، أو بالصفا و المروة، و جاوزت النصف، علَمت ذلك الموضع الّذي بلغت، فإذا هي قطعت طوافها في أقلّ من النّصف فعليها أن تستأنف الطّواف من أوَّله (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن إسحاق بيّاع اللّؤلؤ قال: أخبرني من سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المرأة المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط، ثمَّ رأت الدَّم، فمتعتها تامّة (3)

279- باب أن المستحاضة تطوف بالبيت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ أسماء بنت عميس نَفَسَت بمحمّد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين أرادت الإحرام من ذي الحُلَيفة أن تحتشي بالكرسف و الخِرَق، و تُهلَّ بالحجِّ، فلمّا قَدِموا مكّة و قد

ص: 450


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 11. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد حمل الشيخ في التهذيب ما تضمنه الحديث من حكم على اختصاصه بالطواف دون السعي و إن ذكر معه لعدم اشتراط السعي بالطهارة إجماعاً.
2- الحديث مرسل. و الكلام فيه كسابقه.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، صدر ح 16. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، صدر ح 4. و في سندهما: عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ. هذا و الحديث مجهول.

نسكوا المناسك، و قد أتي لها ثمانية عشر يوماً، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن تطوف بالبيت، و تصلّي، و لم ينقطع عنها الدَّم، ففعلت ذلك (1).

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن يونس بن يعقوب، عمّن حدَّثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المستحاضة تطوف بالبيت، وتصلّي، و لا تدخل الكعبة (2)

280- باب نادر

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن جارية لم تحض، خرجت مع زوجها و أهلها فحاضت، فاستحيَت أن تُعلم أهلها و زوجها حتّى قضت المناسك و هي على تلك الحال، فواقعها زوجها، ثمَّ رجعت إلى الكوفة، فقالت لأهلها: كان من الأمر كذا و كذا؟ قال: عليها سَوْقُ بدنة، و عليها الحجُّ من قابل، و ليس على زوجها شي (3)

2- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن زياد، عن حمّاد، عن رجل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا طافت المرأة الحائض ثمَّ أرادت أن تودَّع البيت، فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد، و لتودِّع البيت (4)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: أرسلت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ بعض من معنا من صرورة

ص: 451


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 1 بتفاوت و زيادات. ﴿ويدل على أنه يجوز للمستحاضة بعد الغسل دخول المسجد و يصح طوافها و لا خلاف فيه بين الأصحاب، و استدل به على أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوماً، و فيه نظر﴾. مرآة المجلسي 99/18
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. ﴿ويدل على أنه يكره للمستحاضة دخول البيت كما نص عليه في التحرير﴾ مرآة المجلسي 18/ 100.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 322. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 10. أقول: أما وجوب البدنة عليها فمحمول على أنها كانت عالمة بالحكم، و أما وجوب الحج من قابل عليها فلأنها أفسدت حجها بعلمها و عمدها.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29 و في ذيله: فلتودّع البيت. و الحديث ضعيف. هذا و قد نقل إجماع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يستحب للحائض و النفساء أن تودّعا البيت من أدنى باب من أبواب المسجد من دون أن تدخله.

النساء قد اعتلَلْن (1)، فكيف تصنع؟ فقال: تنتظر ما بينها و بين التروية، فإن طهرت فلتهلّ (2) و إلّا فلا تدخلنَّ عليها التروية إلّا و هي مُحرمة.

4- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن - فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا طافت المرأة طواف النساء، و طافت أكثر من،النصف، فحاضت، نَفَرَت إن شاءت (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز (4) قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فدخل عليه رجلٌ ليلاً فقال: أصلحك الله، امرأة معنا حاضت و لم تطف طواف النساء؟ فقال: لقد سُئِلْتُ عن هذه المسألة اليوم، فقال: أصلحك الله، أنا زوجها، و قد أحببت أن أسمع ذلك منك، فأطرق كأنّه يناجي نفسه و هو يقول: لا يقيم عليها جمّالها، و لا تستطيع أن تتخلّف عن أصحابها، تمضي، و قد تمَّ حجّها (5)

281- باب علاج الحائض

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد- أو غيره- عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أخيه الحسين قال: حججت مع أبي و مع [ي] أُخت لي، فلمّا قَدِمنا مكّة حاضت، فجزِِعَتْ جَزَعاً شديداً خوفاً أن يفوتها الحجُّ، فقال لي أبي: ائت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قل له: إنَّ أبي يقرؤك السلام و يقول لك: إنَّ فتاة لي قد حججتُ بها، و قد حاضت و جزعَتْ جَزَعاً شديداً مخافة أن يفوتها الحجُّ، فما تأمرها؟ قال: فأتيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و كان في المسجد الحرام- فوقفت بحذاه، فلمّا نظر إليَّ أشار إليَّ، فأتيته، و قلت له: إنَّ أبي يقرؤك السلام- و أدَّيت إليه ما أمرني به أبي- فقال: أبلغه السلام، و قل له فليأمرها أن تأخذ قطنة بماء اللّبن فلتستدخلها، فإنَّ الدَّم سينقطع عنها، و تقضي مناسكها كلّها،قال: فانصرفت إلى أبي فأدَّيت

ص: 452


1- اي حضْنَ.
2- أي تهلّ بالحج بعد أن تحرم له و هذا الخبر موافق لما تقدم من أخبار من أنها تقضي الطواف بعد رجوعها من منى.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نَفَرَت: أي خرجت إلى منى بعد أن تهلّ بالحج، و عليها أن تتم طوافها بعد طهرها و رجوعها من منى و تصلي ركعتيه كما تقدم.
4- و اسمه إبراهيم بن عثمان.
5- الفقيه 2، 127- باب حكم من نسي طواف النساء، ح 2. و الحديث حسن، و قد حمل على أنها تمضي بعد استنابة من يطوف عنها لمكان الضرورة.

إليه، قال: فأمرها بذلك، ففعلته، فانقطع عنها الدَّم، و شهدت المناسك كلّها، فلمّا أن ارتحلت من مکّة بعد الحجِّ، و صارت في المحمل، عاد إليها الدَّم (1)

282- باب دعاء الدم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أشرفت المرأة على مناسكها و هي حائض، فلتغتسل، و لتَحْتَش بالكُرسُف، و لتقف هي و نسوة خلفها فيؤمِّنَّ على دعائها و تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِِّ اسم هو لك، أو تسمّيت به لأحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، و أسألك باسمك الأعظم الأعظم، و بكلِّ حرف أنزلته على موسى، و بكلِّ حرف أنزلته على عيسى، و بكلِّ حرف أنزلته على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، إلّا أذهبت عنّي هذا الدَّم.

و إذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فعلت مثل ذلك، قال: و تأتي مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه إذا استأذن على نبيِّ الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: فذلك مقام لا تدعو الله فيه حائض تستقبل القبلة و تدعو بدعاء الدَّم إلّا رأت الطّهر إن شاء الله (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال: حاضت صاحبتي و أنا بالمدينة، و كان ميعاد جمّالنا و إبّان مقامنا و خروجنا قبل أن تطهر، و لم تقرب المسجد و لا القبر و لا المنبر، فذكرت ذلك لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: مُرْها فلتغتسل و لتأتِ مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فإنَّ جبرئيل كان يجیيء فيستأذن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن كان على حال لا ينبغي أن يأذن له قام في مكانه حتّى يخرج إليه، و إن أذن له دخل عليه، فقلت: و أين المكان؟ فقال: حيال الميزاب الّذي إذا خرجت من الباب الّذي يقال له: باب فاطمة، بحذاء القبر إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب، و الميزاب فوق رأسك، و الباب من وراء ظهرك، و تجلس في ذلك الموضع، و تجلس معها نساء، و لتَدْعُ ربّها و يؤمّنَّ على

ص: 453


1- الحديث مرسل. و ﴿يحتمل أن يكون الخوف لفوات حج التمتع و لزوم العدول إلى الإفراد، و يحتمل أن يكون بعد العود من منى لطواف الزيارة﴾ مرآة المجلسي 102/18.
2- الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان: إتيان المنبر. بتفاوت في الترتيب و بعض الألفاظ. و الضمير في: مكانه. و في: استأذن، يعود إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

دعائها، قال: فقلت: و أيُّ شيء تقول؟ قال: تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بأنّك أنت الله ليس كمثلك شيء أن تفعل لي كذا و كذا.

قال: فصنعت صاحبتي الّذي أمرني فطهرت و دخلت المسجد. قال: و كان لنا خادمٌ أيضاً فحاضت، فقالت: يا سيّدي، ألّا أذهب أنا زادة (1) فأصْنَعُ كما صنعت سيّدتي؟ فقلت: بلی، فذهَبَتْ فصنَعَتْ مثل ما صنعت مولاتها، فطَهُرت و دخلت المسجد (2)

3- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عبد الله بن عثمان، عن عبد الله بن مسكان، عن بكر بن عبد الله الأزديِّ شريك أبي حمزة الثمالیِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك إنَّ امرأة مسلمة صحبتني حتّى انتهيت إلى بستان بني عامر، فحَرُمَت عليها الصلاة (3)، فدخلها من ذاك أمر عظيم، فخافت أن تذهب متعتها، فأمرتني أن أذكر ذلك لك و أسألك كيف تصنع؟ فقال: قل لها فلتغتسل نصف النهار، وتلبس ثياباً نظافاً، و تجلس في مكان نظيف، و تُجلس حولَها نساء يُؤَمِّنَّ إذا دعت، و تعاهد لها زوال الشمس، فإذا زالت، فمُرْها فلتَدْعُ بهذا الدُّعاء و ليؤمّنْ النساء على دعائها حولَها كلّما دعت، تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِّ اسم هو لك، و بكلِّ اسم تسمّيت به لأحد من خلقك و هو مرفوعٌ مخزونٌ في علم الغيب عندك، و أسألك باسمك الأعظم الأعظم، الّذي إذا سئلت به كان حقّاً عليك أن تجيب، أن تقطع عنّي هذا الدَّم.

فإن انقطع الدَّم، و إلّا دعت بهذا الدُّعاء الثاني، فقل لها فلتقل: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِِِّ حرف أنزلته على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و بكلِِِّ حرف أنزلته على موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و بكلِِّ حرف أنزلته على عيسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و بكلِِّ حرف أنزلته في كتاب من كتبك، و بكلِِّ دعوة دعاك بها مَلَك من ملائكتك، أن تقطع عنّي هذا الدَّم.

فإن انقطع فلم تر يومها ذلك شيئاً، و إلّا فلتغتسل من الغد في مثل تلك الساعة الّتي اغتسلت فيها بالأمس، فإذا زالت الشمس فلتُصَلِِّ و لتدع بالدُّعاء، و ليؤمّن النسوة إذا دعت، ففعلت ذلك المرأة فارتفع عنها الدَّم حتّى قضت متعتها و حجّها، و انصرفنا راجعين، فلمّا انتهينا

ص: 454


1- ﴿أنا زادة: أي أيضاً، و هو من اللغات المولدة، و اليوم شايع بين العرب سيّما أهل العراق، و يقولون: أنا زاد أفعل كذا، و أنا عاد أفعل كذا، فالتاء للتأنيث، أو زيد من النسّاخ، و منهم من صحح (زائدة) أي متفرعة مرعوبة، على أن تكون حالاً من الضمير في (قالت) تأخرت في الكلام﴾ مرآة المجلسي 104/18.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 199 بتفاوت قليل.
3- يعني بسبب حيضها.

إلى بستان بني عامر، عاودها الدَّم، فقلت له: أدعو بهذين الدُّعائين في دُبُر صلاتي؟ فقال: ادع الأوَّل إن أحببت، و أمّا الآخر فلا تدع به إلّا في الأمر الفظيع ينزل بك (1)

283- باب الإحرام يوم التروية.

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان يوم التروية إن شاء الله، فاغتسل، و ألبس ثوبيك، و ادخل المسجد حافياً و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أو في الحِجْر، ثمَّ اقعد حتّى تزول الشمس، فصلّ المكتوبة، ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحْرمُ بالحجِّ، ثمَّ امض و عليك السّكينة و الوقار، فإذا انتهيت إلى الرفضاء (2) دون الرّدم (3)، فلبّ، فإذا انتهيت إلى الرّدم و أشرفت على الأبطح (4)، فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى (5)

2- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تحرم يوم التروية، فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم (6)، و خذ من شاربك و من أظفارك، و أطْل عانتك إن كان لك شعرٌ، و انتف إبطيك، و اغتسل، و ألبس ثوبيك، ثمَّ ائت المسجد الحرام، فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم، و تدعو الله و تسأله العون و تقول: اللّهمَّ إنّي أُريد الحجَّ فيسّره لي، و حلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ. و تقول: أحرم لك شعري و بَشَري و لحمي و دمي من النساء و الطّيب و الثياب، أُريد بذلك وجهك و الدَّار الآخرة، و حلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ.

ص: 455


1- الحديث ضعيف.
2- في التهذيب: الرقطاء. و في الاستبصار: الروحاء. و قال الفاضل الاسترابادي: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها أن يكون رقطاء اسم موضع بمكة. و في بعض النسخ: الرمضاء، بدل: الرفضاء. و لعله مصحف الرمضاء، إذ لا يوجد في أي من كتب اللغة. و الرقطة؛ سواد تشوبه نقطة بياض أو العكس.
3- الرّدم: موضع بمكة، و هو المَدْعَا، ﴿و العلة في التعبير عن المُدْعَا بالردم أن الجائي من الأبطح إلى المسجد الحرام كان يشرف على الكعبة من موضع مخصوص و كان يدعو هناك، و كانت هناك عمارة ثم طاحت و صار موضعها تلاُّ...﴾
4- الأبطح: هو المحصّب بين منى و مكة و هو إلى منى أقرب.
5- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 3 بتفاوت. الاستبصار 2، 168- باب متى يلبيّ المحرم بالحج، ح 1 أو روى ذيله فقط.
6- أي لعمرة التمتع إلى الحج.

ثمَّ تلبي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت، و تقول: لبّيك بحجّة تمامها و بلاغها عليك. و إن قدرت أن يكون [في] رواحك إلى منى زوال الشمس، و إلاّ فمتى ما تيسّر لك من یوم التروية (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألته عن رجل أتى المسجد الحرام و قد أزمع بالحجّ، يطوف بالبيت؟ قال: نعم، ما لم يُحرم (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أحمد عمرو بن حريث الصيرفيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أهلُّ بالحجِّ؟ فقال: إن شئت من رَحْلك، و إن شئت من الكعبة، و إن شئت من الطريق(3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟ فقال: من أيِّ المسجد شئت (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن سليمان بن محمد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) متى أُلبّي بالحجِّ؟ فقال: إذا خرجت إلى منى، ثمَّ قال : إذا جعلت شِعْبَ دبّ (5) على يمينك، و العقبة عن يسارك، فلبِّ بالحجِّ (6)

284- باب الحج ماشياً و انقطاع مَشْي الماشي

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير قال:

ص: 456


1- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 5. الاستبصار 2، 167- باب ما ينبغي أن يعمل من يريد الإحرام لحج، ح 1 بتفاوت يسير فيهما.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9.و ازمع: عقد العزم و صمّم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. قال المحقق في الشرائع 237/1 و هو بصدد بيان شروط حج التمتع: ﴿.... و إن يُحرِم بالحج له من بطن مكة، و أفضلها المسجد، و أفضله المقام، ثم تحت الميزاب﴾. و قد علق الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك 81/1 على قوله هذا بقوله: ﴿المراد ببطن مكة ما دخل عن شيء من بنائها، و أقلّه سورها، فيجوز الإحرام من داخل سورها مطلقاً، لكن الأفضل كونه من مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.
5- في التهذيبين: شِعْب الدبّ. و لعله- كما في مراصد الإطلاع- شعب أبي دبّ، مكان بمكة.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، 168- باب متى يلبي المحرم بالحج، ح 2. هذا، و قال المجلسي في مرآته 108/18: ﴿و ظاهره تأخير التلبية عن الإحرام، و حمل في المشهور على الإجهار بها.﴾.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاةً؟ فقال لنا: لا تمشوا و اخْرُجُوا رُكْباناً. قلت: أصلحك الله، إنّه بلغنا عن الحسن بن عليِّ صلوات الله عليهما أنّه كان يحجُّ ماشياً؟ فقال: كان الحسن بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يحجُّ ماشياً، و تُساق معه المحامل و الرِِِّحال (1)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن سيف التّمار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا كنّا نحجُّ مشاةً، فَبَلَغَنا عنك شيء، فما ترى؟ قال: إِنَّ النّاس ليحجّون مشاة و يركبون قلت: ليس عن ذلك أسألك، قال: فعن أيِّ شيء سألت؟ قلت: إيّهما أحبُّ إليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحبُّ إليَّ، فإنَّ ذلك أقوى لكم على الدُّعاء و العبادة (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المشي أفضلُ أو الرُّكوب؟ فقال: إذا كان الرَّجل موسراً فمشى ليكون أقلَّ لنفقته، فالرُّكوب أفضل (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِِفاعة؛ و ابن بكير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الحجِّ، ماشياً أفضل أو راكباً؟ قال: بل راكباً، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حجَّ راكباً (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن رِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) عن مشي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، من مکّة (5) أو من المدينة (6)؟ قال: من مكّة. و سألته: إذا زرتُ البيت، أركب أو أمشي (7)؟ فقال: كان

ص: 457


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 33. الاستبصار 2، 82- باب أن المشي أفضل من الركوب، ح 6. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 61 و روى ذيله فقط، و بتفاوت في الجميع. و يقول المحقق في الشرائع 229/1: ﴿و من وجب عليه الحج فالمشي أفضل له من الركوب إذا لم يضعفه، و مع الضعف الركوب أفضل﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 32. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت فيهما. و كرره في التهذيب 5، برقم 326 من الباب 26.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 60.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 337. و ذكر بمعناه في الفقيه 2، نفس الباب، بعد ذكره الحديث رقم 59. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت.
5- أي إلى عرفات و منى.
6- أي إلى مكة.
7- أي من منى إلى مكة لطواف الزيارة و غيره.

الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يزور راكباً. و سألته عن الرُّكوب أفضل أو المشي؟ فقال: الركوب، قلت: الرُّكوب أفضل من المشي؟ فقال: نعم، لأنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ركب (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته: متى ينقطع مشي الماشي؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة و حلق رأسه فقد انقطع مشيه، فليَزُرْ راكباً (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الّذي عليه المشي في الحجِّ: إذا رمي الجمار، زار البيت راكباً و ليس عليه شيء (3)

285- باب تقديم طواف الحج للمتمتع قبل الخروج إلى منى

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا كان شيخاً كبيراً أو امرأة تخاف الحيض، تعجّل طواف الحجِّ قبل أن تأتي منى؟ فقال: نعم، من كان هكذا يعجّل. قال: و سألته عن الرَّجل يحرم بالحجِّ من مكّة، ثمَّ يرى البيت خالياً فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شيء؟ فقال: لا، قلت: المفرد بالحجِِّ إذا طاف باليت و بالصفا و المروة، يعجّل طواف النساء فقال: لا، إنّما طواف النساء بعد ما يأتي منی (4)

ص: 458


1- روى ذيله بتفاوت في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 31، و كذلك هو في الاستبصار 2، نفس الباب. ح 4.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و هو خلاف ما هو المشهور.
3- الفقيه 2، 128- باب إنقضاء مشي الماشي، ح 1 بتفاوت. و لأصحابنا رضوان الله عليهم قولان في آخر الأعمال لمن نذر الحج ماشياً، يقول الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و آخره منتهى الأفعال الواجبة و هي رمي الجمار لأن المشي وصف في الحج المركب من الأفعال الواجبة فلا يتم إلا بآخرها. و المشهور و هو الذي قطع به المصنف (أي الشهيد الأول (رحمة الله)) في الدروس أن آخره طواف النساء﴾. و هذه الرواية تدل على القول الأول. إلا أن يراد بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): زار البيت، على المعنى اللغوي، أو على طواف الوداع بشرط ألا يفسّر طواف الوداع بأنه طواف النساء المفروض.
4- روی صدره بتفاوت يسير في التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 104. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 151- باب تقديم المتمتع طواف الحج قبل ... ، ح 4. و روى ذيله من قوله: المفرِد بالحج ... ، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 107 . و روى ذيله ذاك في الاستبصار 2، 152- باب تقديم طواف النساء قبل أن يأتي منى، ح 1. الفقيه 2، 125- باب تقدم طواف الحج و طواف النساء قيل ...، ح 4. هذا و يقول الشهيدان رضوان الله عليهما: ﴿و طواف النساء لا يقدّم لهما (أي المتمتع و المفرد) و لا للقارن إلا لضرورة﴾. و يقول المحقق في الشرائع 1/ 270- 271: ﴿يجب على المتمتع تأخير الطواف و السعي حتى يقف بالموقفين، و يقضي مناسكه يوم النحر، و لا يجوز التعجيل إلا للمريض و المرأة التي تخاف الحيض، و الشيخ العاجز، و يجوز التقديم للقارن و المفرِد على كراهية﴾.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يدخل مكّة و معه نساء قد أمرهنَّ فتمتّعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة، فخشي على بعضهنَّ الحيض؟ فقال: إذا فرغن من متعتهنَّ و أَحْلَلْنَ، فلينظر إلى الّتي يخاف عليها الحيض، فيأمرها تغتسل، و تهلّ بالحجِّ من مكانها، ثمَّ تطوف بالبيت و بالصّفا و المروة، فإن حدث بها شيء قضت بقيّة المناسك و هي طامث. فقلت: أليس قد بقي طواف النساء؟ قال: بلى، قلت: فهي مرتَهَنَةٌ حتّى تفرغ منه؟ قال: نعم، قلت: فلم لا تتركها حتّى تقضي مناسكها؟ قال: يبقي عليها منسك واحد، أهونُ عليها من أن تبقى عليها المناسك كلّها مخافة الحدثان، قلت أبى الجمّال أن يقيم عليها و الرفقة؟ قال: ليس لهم ذلك، تستعدي عليهم حتّى يقيم عليها حتّى تطهر و تقضي مناسكها (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ؛ و معاوية بن عمّار، و حمّاد، عن الحلبيِّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير، و المرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج إلى منى (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير [عن أبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ] قال: قلت: رجل كان متمتّعاً و أهلَّ بالحجِّ؟ قال: لا يطوف بالبيت حتّى يأتي عرفات، فإذا هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة، فلا يعتدّ بذلك الطواف (3)

ص: 459


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 108 بتفاوت يسير.
2- قال الشهيدان: ﴿و هو (أي طواف النساء) متأخر عن السعي، فلو قدّمه عليه عامداً أعاده بعده، و ناسياً يجزي، و الجاهل عامد﴾. و قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع و لا لغيره اختياراً، و تجوز مع الضرورة و الخوف من الحيض﴾ و قال: ﴿من قدّم طواف النساء على السعي ساهياً أجزَأه و لو كان عامداً لم يُجْز﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 101. الاستبصار 2، 151- باب تقديم المتمتع طواف الحج قبل أن يأتي منى، ح 1. و قال المحقق في الشرائع 270/1: ﴿يجب على المتمتع تأخير الطواف و السعي حتى يقف بالموقفين و يقضي مناسكه يوم النحر، و لا يجوز التعجيل إلا للمريض و المرأة التي تخاف الحيض، و الشيخ العاجز، و يجوز التقديم للقارن و المفرد على كراهية﴾.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا بأس أن يعجّل الشيخ الكبير و المريض و المرأة و المعلول طواف الحجِِّ قبل أن يخرج إلى منى (1)

286- باب تقديم الطواف للمُفْرِد

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المفرِد للحجِّ يدخل مكّة، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ فقال: سواء (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مفرِد الحجِّ، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ فقال: هو و الله سواء، عجّله أو أخّره (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مفرِِد الحجِّ، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ قال: يقدِّمه، فقال رجل إلى جنبه: لكنَّ شيخي لم يفعل ذلك، كان إذا قدم، أقام بفخّ حتّى إذا رجع النّاس إلى منى راح معهم، فقلت له: مَن شيخك؟ قال: عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فسألت عن الرَّجل، فإذا هو أخو عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لامّه (4)

287- باب الخروج إلى منى

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 460


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 103. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و في الذيل فيهما: قبل أن يخرجوا...
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 63 و كرره برقم 105 من الباب 9 من نفس الجزء.
3- التهذيب 5 ،4- باب ضروب الحج، ح 64 و فيه: أيعجّل طوافه ...، بدل: يقدّم طوافه... و قد تقدم في نص للمحقق أو ردناه أنه يجوز تقديم الطواف و السعي للقارن و المفرد على كراهية فراجع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 65. و كرره برقم 334 من الباب 26 من نفس الجزء و قوله: أخو علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأمه: أي هو أخوه من الرضاعة، و ذلك لثبوت أن أمه النسبية و هي شهر بانويه قد توفيت في نفاسها فأرضعته أم ولد للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و اشتهرت بأنها أمه. و قيل بأن هذا الرجل هو عبد الله بن زيد و هو ابن تلك المرأة (أم ولد) تزوجت بعد الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). وفَخ: اسم بئر على بعد فرسخ من مكة.

إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرّجل يكون شيخاً كبيراً أو مريضاً يخاف ضِغاط النّاس و زحامهم، يُحرم بالحجِّ و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال: نعم، قلت: يخرج الرُّجل الصحيح يلتمس مكاناً و يتروَّح بذلك المكان؟ قال: لا، قلت: يعجّل بيوم؟ قال: نعم، قلت بيومين؟ قال: نعم، قلت: ثلاثة؟ قال: نعم، قلت: أكثر من ذلك؟ قال: لا (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على الإمام أن يصلّي الظهر بمنى، ثمَّ يبيت بها و يصبح حتّی تطلع الشمس، ثمَّ يخرج إلى عرفات (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته: هل يخرج النّاس إلى منى غدوة؟ قال: نعم، إلى غروب الشمس (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا توجّهت إلى منى فقل: اللّهمَّ إيّاك أرجو، و إيّاك أدعو، فبلّغني أملي، و أصْلِح لي عملي (4)

288- باب نزول منى و حدودها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن

ص: 461


1- التهذيب 5، 12- باب نزول مني، ح 3. الاستبصار 2، 169- باب وقت الخروج إلى منى، ح 3. و أخرجه بتفاوت عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 179- باب التعجيل قبل التروية إلى منى، ح 1 و روی صدره و روى ذيله في الحديث رقم 2 من نفس الباب. و الحديث هنا موثق، ﴿ويدل على عدم جواز التعجيل للمعذور أكثر من ثلاثة أيام، و لعله محمول على ما إذا لم يكن العذر شديداً بحيث يضطره إلى ذلك﴾ مرآة المجلسي 115/18.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6 بدون قوله: (إلى عرفات) في الذيل منهما. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أن يصلي الظهر بمنى: المشهور بين المتأخرين أنه يستحب للمتمتع أن يخرج إلى عرفات يوم التروية بعد أن يصلي الظهرين إلا المضطر كالشيخ الهِمّ أو المريض و من يخشى الزحام، و ذهب المفيد و المرتضى إلى استحباب الخروج قبل الفريضتين و إيقاعهما بمنى﴾ مرآة العقول 115/18.
3- التهذيب 5، نفس الباب،. ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قد حمله الشيخ في التهذيب على صاحب العذر من المريض و غيره.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9.

صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انتهيت إلى منى فقل: اللّهمَّ هذه منى، و هي ممّا مننت بها علينا من المناسك، فأسألك أن تمنَّ علينا بما مننتَ به على أنبيائك، فإنّما أنا عبدك و في قبضتك. ثمَّ تصليّ بها الظّهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر، و الإمام يصلّي بها الظّهر، لا يسعه إلّا ذلك، و موسّع عليك أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر، ثمَّ تدركهم بعرفات، قال: وحدٌّ منى من العقبة إلى وادي مُحَسِّر (1)

289- باب الغُدُوِّ إلى عرفات و حدودها

1- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عمّن ذكره، عن أَبَان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من السنّة ألّا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتّى تطلع الشمس (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيِّ، عن عبد الحميد الطائيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا مشاة، فكيف نصنع؟ قال: أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى، و أمّا أنتم فامضوا حتّى تصلوا في الطريق (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجّه إليها: اللّهمَّ إليك صَمَدْتُ و إيّاك اعتمدت و وجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في راحلتي، و أن تقضي لي حاجتي، و أن تجعلني اليوم ممّن تباهي به من هو أفضل منّي.

ثمَّ تُلَبيّ و أنت غاد إلى عرفات، فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنَمِرَة- و نمرة هي بطن عُرَنة دون الموقف و دون عرفة-، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلِّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و إنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدُّعاء، فإنّه يوم دعاء

ص: 462


1- التهذيب 5، 12- باب نزول منی، ح 10. و روى ذيله في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و جُمَع، صدر ح 1. و وادي محسِّر حد من حدود الحرم و ليس داخلاً فيه.
2- التهذيب 5، 13- باب الغُدُوِّ إلى عرفات، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿و الإمام يستحب له الإقامة فيها (منى) إلى طلوع الشمس...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير في الذيل.

و مسألة؛ قال: وحدُّ عرفة من بطن عُرَنة و ثَوِِيَّة و نَمِرَة إلى ذي المجاز، و خلف الجبل موقف (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس، و تجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ؛ و هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قيل له: أيّما (3) أفضل، الحرم أو عرفة؟ فقال: الحرم، فقيل: و كيف لم تكن عرفات في الحرم؟ فقال: هكذا جعلها الله عزَّ و جلَّ (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف (5)

290- باب قَطْع تَلْبِِِيَة الحاج

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: الحاجُّ يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قطع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة، و كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة؛ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإذا قطعت

ص: 463


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 4. ونُمِرَة: -كما في القاموس- ناحية بعرفات، أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجاً من المأزمين تريد الموقف،و مسجدها، و عُرَنَة كَهُمَزَة: بطن عُرَنَة بعرفات و ليس من الموقف. يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿... فلو وقف بنمِرَة أو عُرَنَة أو ثَويَّةَ أو ذي المجاز أو تحت الأراك لم يُجْزِِه﴾. و قال في المسالك 90/1 تعليقاً على كلام المحقق: ﴿هذه الأماكن الخمسة حدود عرفة و هي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود لأن نمرة بطن عرفة كما ورد في الحديث عن معاوية بن عمار عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 11.
3- يعني: أيهما.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 340.
5- التهذيب 5، 13- باب الغدو إلى عرفات، ح 5. الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و جُمع، ذيل ح ! و فيه: عرفة، بدل: عرفات.

التلبية، فعليك بالتهليل و التحميد و التمجيد و الثناء على الله عزَّ و جلَّ (1)

291- باب الوقوف بعرفة وحد الموقف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: عرفات كلّها موقف، و أفضل الموقف سفح الجبل.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا وقفت بعرفات، فادْنُ عن الهضاب- و الهضاب هي الجبال-، فإنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) قال: إنَّ أصحاب الأراك لا حجَّ لهم- يعني الّذين يقفون عند الأراك- (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في الموقف: ارتفعوا عن بطن عُرَنَة؛ و قال: أصحاب الأراك لا حجَّ لهم (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قف في ميسرة الجبل، فإن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقف بعرفات في ميسرة الجبل، فلمّا وقف، جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبه، فنحّاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس؛ إنّه ليس موضع

ص: 464


1- قال المحقق في الشرائع 247/1- 248 و هو بصدد بيان مندوبات الإحرام: ﴿... رفع الصوت بالتلبية للرجال، و تكرارها عند نومه و استيقاظه و عند علوّ الآكام و نزول الأهضام، فإن كان حاجاً فإلى يوم عرفة عند الزوال و إن كان معتمراً بمتعة فإذا شاهد بيوت مكة، و إن كان بعمرة مفردة قيل: كان مخيّراً في قطع التلبية عند دخول الحرم أو مشاهدة الكعبة، و قيل: إن كان ممن خرج من مكة للإحرام فإذا شاهد الكعبة، و إن كان ممن أحرم من خارج فإذا دخل الحرم، و الكل جائز...﴾.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 12. الاستبصار 2، 208- باب وجوب الوقوف بعرفات، ح 3 و فيهما فادن من الهضاب. الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، ح 4 و ذكر فقط قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بتفاوت. و الأراك: موضع بعرفة، و هو بلا خلاف بين أصحابنا من حدودها و ليس داخلاً فيها.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. هذا و قال المحقق في الشرائع 253/1: ﴿فلو وقف بنَمِرَة أو عُرْنَة، أو ثَويّة، أو ذي المجاز، أو تحت الأراك لم يُجزِه﴾. و قد علّق الشهيد الثاني في المسالك 90/1 على قول المحقق فقال: ﴿هذه الأماكن الخمسة حدود عرفة، و هي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود لأن نَمِرَة بطن عرفة ...﴾.

أخفاف ناقتي الموقف، و لكن هذا كلّه موقف، [و أشار بيده إلى الموقف]، و فعل مثل ذلك في المزدلفة؛ فإذا رأيت خللاً فَسُدَّه بنفسك و راحلتك، فإن الله عزَّ و جلَّ يحبُّ أن تُسَدَّ تلك الخلال، و انتقل عن الهضاب، واتّق الأراك، فإذا وقفت بعرفات فاحمد الله، و هلّله، و مجّده، واثن عليه، و كبّره مائة تكبيرة، و اقرء قل هو الله أحد مائة مرَّة و تخيّر لنفسك من الدُّعاء ما أحببتَ، و اجتهد فإنّه يوم دعاء و مسألة، و تعوَّذ بالله من الشيطان، فإنَّ الشيطان لن يذهلك في موضع أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموضع، و إيّاك أن تشتغل بالنظر إلى النّاس، و أقْبِِل قِبَلَ نفسك، و ليكن فيما تقول: اللّهمَّ ربَّ المشاعر كلّها، فُكّ رقبتي من النّار، و أوْسع عليَّ من الرِِّزق الحلال، وادرء عنّي شرَِّ فَسَقَة الجنِِّ و الإنس، اللّهمَّ لا تمكُرْبي، و لا تخدعني، و لا تستدرجني يا أسمع السامعين و يا أبصر النّاظرين و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الرَّاحمين، أسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تفعل بي كذا و كذا. و ليكن فيما تقول و أنت رافع يديك إلى السّماء: اللّهمَّ حاجتي الّتي إن أعطيتها لم يضرَّني ما مَنَعْتَني، و إن منعتنيها لم ينفعي ما أعطيتني، أسألك خلاص رقبتي من النّار، اللّهمَّ إنّي عبدك و ملك يدك، و ناصيتي بيدك و أجلي بعلمك، أسألك أن توفّقني لما يرضيك عنّي، و أن تَسَلَّمَ منّي مناسكي الّتي أريتها إبراهيم خليلك، و دللت عليها حبيبك محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

و ليكن فيما تقول: اللّهمَّ اجعلني ممّن رضيت عمله، و أَطَلْتَ عمره، و أحييته بعد الموت حياة طيّبة (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقف بعرفات، فلمّا همّت الشمس أن تغيب قبل أن تندفع (2) قال: اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الفقر، و من تشتّت الأمر، و من شرِِّ ما يحدث باللّيل و النّهار، أمسى ظلمي مستجيراً بعفوك، و أمسى خوفي مستجيراً بأمانك، و أمسى ذلّي مستجيراً بعزِِّك، و أمسى وجهي الفاني مستجيراً بوجهك الباقي، يا خير من سُئل، و يا أجودَ من أعطى، جَلّلني برحمتك و اَلْبسني عافيتك، و اصرف عنّي شَرَّ جميع خلقك.

قال عبد الله بن ميمون: و سمعت أبي يقول: يا خير من سُئل، و يا أوسع من أعطى، و يا

ص: 465


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، و روى صدره بتفاوت يسير ضمن ح. و رواه أيضاً بطوله و بتفاوت مع زيادة في أوله برقم 15 من نفس الباب، و روى بعضه في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، ح 3 بتفاوت.
2- اندفع الفرس: أي أسرع في سيره. قاله الجوهري في الصحاح 1208/3.

أرحم من استُرحم، ثمَّ سل حاجتك.

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ، عن صالح بن أبي الأسود، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس في شيء من الدُّعاء عشيّة عرفة شيءٌ موقّت (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن جُنْدُب بالموقف، فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه، ما زال مادَِّا يديه إلى السّماء، و دموعه تسيل على خدَّيه، حتّى تبلغ الأرض، فلمّا انصرف النّاس قلت له: يا أبا محمد، ما رأيتُ موقفاً قطّ أحسن من موقفك، قال: و اللهِ ما دعوت إلّا لإخواني، و ذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: و لك مائة ألفِ ضِعْفٍ مثله، فكرهت أن أدع مائةَ ألفِ ضِعْفٍ مضمونة لواحد لا أدري يستجاب أم لا (2)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن أبي عمير قال: كان عيسى بن أعين إذا حجَّ فصار إلى الموقف، أقبل على الدُّعاء لإخوانه حتّى يفيض النّاس. قال: فقلت له: تُنفق مالك و تُتْعِبُ بدنك، حتّى إذا صرت إلى الموضع الّذي تُبَثُّ فيه الحوائج إلى الله عزَّ و جلَّ، أقبلت على الدُّعاء لإخوانك و تركت نفسك؟ قال: إنّي على

ثقة من دعوة المَلَك لي، و في شكّ من الدُّعاء لنفسي (3)

9- أحمد بن محمد العاصميُّ، عن عليِّ بن الحسين السّلميِّ (4)، عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي البلاد- أو (5) عبد الله بن جندب- قال. كنت في الموقف، فلمّا أفَضْتُ لقيت إبراهيم بن شعيب، فسلّمت عليه، و كان مصاباً بإحدى عينيه، و إذا عينه الصّحيحة حمراء كأنّها علقة دم، فقلت له: قد أُصِبْتَ بإحدى عينيك، و أنا و الله مُشْفِقٌ على الأُخرى، فلو قصرت من البكاء قليلاً؟ فقال: و الله يا أبا محمد، ما دعوتُ لنفسي اليوم بدعوة، فقلت: فلمن دعوتَ؟

ص: 466


1- شيء موقت: أي معيّن لا تَتَأدى السنّة إلا به. نعم ما ورد من الأدعية المأثورة عشية عرفة هو الأفضل. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 19 بتفاوت يسير في الذيل. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج،ح 39 مرسلاً بتفاوت. كما رواه الشيخ الكليني رضوان الله عليه بتفاوت في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب، ح 6.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ج 20.
4- في التهذيب: علي بن الحسن التيمليّ.
5- في التهذيب: عن إبراهيم بن أبي البلاد: أن عبد الله بن... الخ.

قال: دعوتُ لإخواني، لأنّي سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من دعا لأخيه بظهر الغيب، وكلّ الله به مَلَكاً يقول: و لك مثلاه، فأردت أن أكون إنّما أدعو لإخواني و يكون المَلَك يدعو لي، لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي، و لست في شكّ من دعاء المَلَك لي (1)

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن عمرو بن أبی المقدام قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم عرفة بالموقف و هو ينادي بأعلى صوته: أيّها النّاس، إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان الإمام،، ثمَّ كان عليُّ بن أبي طالب، ثمَّ الحسن، ثمَّ الحسين، ثمَّ عليُّ بن الحسين، ثمَّ محمد بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ثمَّ هه، فينادي ثلاث مرَّات لمن بين يديه، و عن يمينه، و عن يساره، و من خلفه اثني عشر صوتاً، و قال عمرو: فلمّا أتيت منى سألت أصحاب العربيّة عن تفسير «هه»، فقالوا : هه: لغة بني فلان: أنا فاسْأَلوني. قال: ثمَّ سألت غيرهم أيضاً من أصحاب العربيّة، فقالوا مثل ذلك (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا ضاقت عرفة، كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلى الجبل (3)

292- باب الإفاضة من عرفات

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متى الإفاضة من عرفات؟ قال: إذا ذهبت الحمرة- يعني من الجانب الشرقيّ- (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ المشركين كانوا يفيضون من قبل أن تغيب الشمس، فحالفهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأفاض بعد غروب الشّمس . قال: و قال

ص: 467


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 21.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف على المشهور. هذا ، و المشهور عندنا كراهة الصعود إلى الجبل، و نقل عن ابن إدريس و ابن البرّاج القول بتحريم الوقوف على الجبل إلا لضرورة، و مع الضرورة تنتفي الكراهة على المشهور أيضاً.
4- التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 1 بتفاوت و بسند مختلف إلا في يونس بن يعقوب. هذا، و قد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الواجب في الوقوف بعرفة هو الكون بها من زوال شمس اليوم التاسع إلى الغروب، و يتحقق بزوال الحمرة المشرقية.

أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا غربت الشمس فأفِضْ مع الناس و عليك السّكينة و الوقار، و أفِضْ بالإستغفار فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمَّ أَفِیضُواْ مِنْ حَیْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِیمٌ﴾ (1) فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل: اللّهمَّ ارحم موقفي، وزد في علمي، و سلّم لي ديني، و تقبّل مناسكي. و إيّاك و الوجيف (2) الّذي يصنعه الناس، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: أيّها الناس، إنَّ الحجَّ ليس بوجيف الخيل و لا إيضاع الإبل (3)، و لكن اتّقوا الله و سيروا سيراً جميلاً، لا توطئوا ضعيفاً و لا توطئوا مسلماً، وتوءَّدوا (4) و اقتصدوا في السير، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يكفُّ ناقته حتّى يصيب رأسها مقدَّم الرّجل و يقول: أيّها الناس عليكم بالدَّعة، فسنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تُتَّبَع، قال معاوية: و سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: اللّهمَّ أعتقني من النار، و كرَّرها حتّى أفاض، فقلت: ألا تُفيض، فقد أفاض النّاس؟ فقال: إنّي أخاف الزِِّحام ، و أخاف أن أَشْرَكَ في عَنَت إنسان (5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في آخر كلامه حين أفاض: اللّهمَّ إنّي أعوذ بك أن أظْلم أو أُظْلَم، أو أقطع رحماً، أو أُوذي جاراً.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن ضريس الكناسيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة، أو في الطريق، أو في أهله (6)

5- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن

ص: 468


1- البقرة/199.
2- في التهذيب: الوضيف؛ و هو الإسراع في السير للإبل، و الوجيف: ضرب من سير الإبل و الخيل.
3- إيضاع الإبل: سيرها السهل السريع.
4- من التَؤَدة: و هي التأني.
5- رواه بتفاوت في التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 2 و 6. و روى أجزاءاً منه في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان الإفاضة من عرفات، ح 4 و 5. و العَنَت: الوقوع في المشقة.
6- التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 3. هذا و قد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الواجب في الوقوف بعرفات هو الكون بها إلى الغروب. و يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿و لو أفاض قبل الغروب جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، و إن كان عامداً جَبَره ببُدْنة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، و من عاد قبل الغروب لم يلزمه شيء﴾.

سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يوكّل الله عزَّ و جلَّ مَلَكين بمأزَمي عرفة فيقولان: سلّم سلّم (1)

6- و عنه، عن عليّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَلَكان يفرِّجان للناس ليلة مزدلفة عند المأزمين الضيّقين (2)

293- باب ليلة المزدلفة و الوقوف بالمشعر و الإفاضة منه و حدوده

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية؛ و حمّاد، عن الحلبيِِّ، من أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: لا تصلِّ المغرب حتّى تأتي جُمَعاً فتصلّي بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، و أنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريباً من المشعر، و يستحبّ للصرورة أن يقف على المشعر الحرام، و يطأه برجله، و لا يجاوز الحياض (3) ليلة المزدلفة، و يقول: اللّهمَّ هذه جُمَع (4)، اللّهمَّ إنّي أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير، اللّهمَّ لا تؤيسني من الخير الّذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي، و أطلب إليك أن تعرِّفني ما عرَّفت أولياءك في منزلي هذا، و أن تقيني جوامع الشرِّ. و إن استطعت أن تحيي تلك اللّيلة فافعل، فإنّه بَلَغَنا أنَّ أبواب السماء لا تُغلق تلك اللّيلة لأصوات المؤمنين، لهم دويُّ كدويِّ النّحل، يقول الله جلّ ثناؤه: أنا ربّكم و أنتم عبادي، أدَّيتم حقّي، و حقُّ عليَّ أن أستجيب لكم، فيحطُّ الله تلك اللّيلة عمّن أراد أن يحطّ عنه ذنوبه، و يغفر لمن أراد أن يغفر له (5)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن عنبسة بن مصعب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّكعات الّتي بعد المغرب ليلة المزدلفة؟

ص: 469


1- الحديث صحيح. و المأزم- و يقال له المأزمان- كما في القاموس 274/4: مضيق بين جُمَع و عرفة و آخر بين مكةو منى.
2- الحديث صحيح.
3- یعني حياض وادي محسّر التي هي حد عرفة من جهة منى.
4- جُمَع: هي المزدلفة، سميت به لاجتماع الناس فيها.
5- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 3 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (الإفاضة من عرفات) بعد ذكر الحديث 5. و روى من أول الدعاء إلى آخر الحديث بتفاوت قليل. هذا و يقول المحقق في الشرائع 255/1 و هو بصدد بيان مقدمة الوقوف في المشعر الحرام و مندوباته: ﴿و إن يؤخر المغرب و العشاء إلى المزدلفة و لو صار إلى ربع الليل، و لو منعه مانع صلّى في الطريق، و إن يجمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين من غير نوافل بينهما و يؤخر نوافل المغرب إلى بعد العشاء﴾.

فقال: صلّها بعد العشاء أربع ركعات (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبُّ للصرورة أن يَطَأَ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَصْبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر، فقف إن شئت قريباً من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد الله و اَثْنِ عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه،

و صلِِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ليكن من قولك: اللّهمَّ ربَّ المشعر الحرام، فكَّ ن رقبتي من النّار، و أوسع عليَّ من رزقك الحلال، وادرء عنّي شرَّ فسقة الجنِّ و الإنس، اللّهمَّ أنت خير مطلوب إليه، و خير مدعوّ، و خير مسؤول، و لكلِّ وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تُقيلَني عثرتي، و تقبل معذرتي، و أن تَجَاوَزَ عن خطيئتي،ثمَّ اجعل التقوى من الدُّنيا زادي.

ثمَّ أفض حين يشرق لك ثبير (3)، و ترى الإبل موضع إخفافها (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ ساعة أحبُّ إليك أن أفيض من جُمَع؟ فقال: قبل أن تطلع الشّمس بقليل، فهي أحبُّ الساعات إليَّ، قلت: فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟ قال: ليس به بأس (5)

ص: 470


1- الحديث ضعيف. و ما تضمنه من تأخير النوافل عن العشاء ليلة المزدلفة هو المشهور بين الأصحاب.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. و مضمونه ورد في كلام للصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، بعد الحديث 6. قال المحقق في الشرائع 256/1: ﴿و يستحب الوقوف بعد أن يصلي الفجر، و أن يدعو بالدعاء المرسوم، أو ما يتضمن الحمد و الثناء على الله و الصلاة على النبي و آله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أن يطأ الصرورة المشعر برجله، و قيل: يستحب الصعود على قزح و ذكر الله عليه﴾.
3- ثبير: جبل بمنى. هكذا في نهاية ابن الأثير. و في المصباح: جبل بين مكة و منى.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان (الوقوف بالمشعر الحرام).
5- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 16. و فيه: مكثت، بدل: مكثنا. الاستبصار 2، 173- باب الوقت الذي يستحب فيه الإفاضة من جُمع، ح 2. هذا و قال المحقق في الشرائع 258/1: ﴿و يستحب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس بقليل، لكن لا يجوز وادي محسِّر إلا بعد طلوعها، و الإمام يتأخر حتى تطلع، و السعي بوادي محسِّر و هو ان يقول: اللهم سلّم عهدتي و اقبل توبتي و أجب دعوتي، و اخلفني فيمن تركت بعدي، و لو ترك السعي فيه رجع فسعى استحباباً.﴾

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تجاوز وادي محسّر حتّى تطلع الشّمس (1)

294- باب السعي في وادي مُحَسّر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِِّ؛ و غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال لبعض ولده: هل سعيتَ في وادي محسّر؟ فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتّى يسعى، قال: فقال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سَلْ الناس.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن بعض أصحابنا قال: مرَّ رجلٌ بوادي محسّر، فأمره أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد الإنصراف إلى مكّة أن يرجع فيسعى (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا مررت بوادي محسّر- و هو واد عظيم بين جُمَع و منى، و هو إلى منى أقرب- فاسْعَ فيه حتّى تَجَاوَزه، فإِنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حرَّك ناقته و قال: اللّهمَّ سلّم لي عهدي، و اقبل توبتي، و أجِبْ دعوتي، و اخلُفْني فيمن تركت بعدي (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحركة في وادي محسّر مائة خطوة (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 471


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. و سمّي الوادي بواد محسّر- كما قيل- لأن أصحاب الفيل وقعوا في الحَسْرة و الحزن و الهم بعد أن خذلهم الفيل حيث تعب و أعيا في ذلك الموضع.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. بدون قوله: إلى مكة. الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 4. و في ذيله: و يسعى، بدل: فيسعى. و الأمر هنا للاستحباب، و المراد بالسعي الهرولة، أو الرَّمَل كما في بعض الروايات، وحدّه مائة خطوة أو مائة ذراع، و ذلك منفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ذيل ح 14. الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 1. و روی فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قوله برقم 6 من الباب 223 من الفقيه 2. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حرّك ناقته: أي زاد من سرعتها لتكون بذلك بمستوى هرولة الراجل.
4- الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 2.

إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن حدِّ جُمَع؟ قال: ما بين المأزمين إلى وادي محسّر.

6- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ المزدلفة؛ من محسّر إلى المأزمين.

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين؛ و عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نصر، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كَثُر النّاس بجُمَع و ضاقت عليهم، كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين.

8- أحمد بن محمد العاصميُّ، عن عليِّ بن الحسن التيملي، عن عمرو بن عثمان الأزديّ، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: الرَّمَل في وادي محسّر قدر مائة ذراع (1)

295- باب من جهل أن يقف بالمشعر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمد بن حكيم قال: قلت: لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل الأعجميُّ و المرأة الضّعيفة يكونان مع الجمّال الأعرابيِّ، فإذا أفاض بهم من عرفات، مرَّ بهم كما مرَّ بهم إلى منى و لم ينزل بهم جُمَعاً؟ فقال: أليس قد صلّوا بها، فقد أجزأهم، قلت: و إن لم يصلّوا بها؟ قال: ذكروا الله فيها، فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنَّ صاحبَيَّ هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة؟ فقال: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة، قلت: فإنّه لم يخبر هما أحدٌ حتّى كان اليوم، و قد نفر الناس؟ قال: فنكس رأسه ساعة، ثمَّ قال: أليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟

ص: 472


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 و الحديث مجهول. و الرَّمَل: المشي السريع.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 32. الاستبصار 2، 210- باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام، ح 5. الفقيه 2، 185- باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر، ح 3. و الحديث ضعيف على المشهور.

قلت: بلى، فقال: اليسا قد قننا في صلاتهما؟ قلت: بلى، فقال تمَّ حجّهما، ثمَّ قال: المشعر من المزدلفة، و المزدلفة من المشعر، و إنّما يكفيهما اليسير من الدُّعاء (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل أفاض من عرفات فأتى منى؟ قال: فليرجع فيأتي جُمَعاً فيقف بها، و إن كان النّاس قد أفاضوا من جُمَع (2)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أفاض من عرفات فمرَّ بالمشعر فلم يقف حتّى انتهى إلى منى، و رمى الجمرة، و لم يعلم حتّى ارتفع النّهار؟ قال: يرجع إلى المشعر فيقف به، ثمَّ يرجع فيرمي الجمرة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتّى أتى منى؟ فقال: ألم ير النّاس [و] لم ينكر (4) منى حين دخلها؟ قلت: فإن جهل ذلك؟ قال: يرجع، قلت: إنَّ ذلك قد فاته؟ فقال: لا بأس (5)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: من أفاض من عرفات مع النّاس، و لم يلبث معهم

ص: 473


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 و روى ذيل الحديث مرسلاً بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15 بتفاوت.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. ويدل الحديث على إجزاء الوقوف الاضطراري في المشعر. قال المحقق في الشرائع 257/1: ﴿من لم يقف بالمشعر ليلاً و لا بعد الفجر عامداً بطل حجه، و لو ترك ذلك ناسياً لم يبطل إن كان وقف بعرفات، و لو تركهما جميعاً بطل حجه عمداً أو نسياناً﴾ و قال: ﴿من لم يقف بعرفات و أدرك المشعر قبل طلوع الشمس صح حجه، و لو فاته بطل، و لو وقف بعرفات جاز له تدارك المشعر إلى قبل الزوال.﴾ و قال: ﴿من فاته الحج تحلل بعمرة مفردة (أي أنه ينقل إحرامه بالنية من الحج إلى العمرة المفردة) ثم يقضيه إن. كان واجباً على الصفة التي وجبت تمتعاً أو قِراناً أو إفراداً.﴾
4- في التهذيب: ألم ير الناس لم تبكر... ، و في الاستبصار: ألم ير الناس لم يكونوا بمنى ... و كذا هو في الوافي.
5- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 30. الاستبصار 2 ، 210- باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام ، ح 3. و قد حمله الشيخ في التهذيب- بعد طعنه في محمد بن يحيى الخثعمي راوي الحديث- على من وقف اضطراري المزدلفة.

بجُمَع، و مضى إلى منى متعمّداً أو مستخفّاً، فعليه بدنة (1)

296- باب من تعجّل من المزدلفة قبل الفجر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل وقف مع الناس بجُمَع، ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس؟ قال: إن كان جاهلاً فلا شيء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر، فعليه دم شاة (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن سعيد السّمان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عجّل النساء ليلاً من المزدلفة إلى مني،و أمر من كان منهنّ عليها هَدْيٌّ أن ترمي و لا تبرح حتّى تذبح، و من لم يكن عليها منهنَّ هَدْيُّ أن تمضي إلى مكّة حتّى تزور.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يفيض الرّجل بليل إذا كان خائفاً (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أيّما امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلاً فلا بأس، فليرم

ص: 474


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 33. الفقيه 2، 185- باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر، ح 1. هذا، و قد نقل عن ابن الجنيد من أصحابنا أنه ذهب إلى القول بوجوب البَدْنَة على من ترك الوقوف بالمشعر متعمداً، و لكن سبق و نقلنا نصاً للمحقق على أن من فعل ذلك عامداً حكم ببطلان حجّه، دون ما إذا فعله نسياناً بشرط أن يكون قد وقف بعرفات، و إلا بطل حجّه أيضاً سواء فعل عن عمد أو نسيان. و أوجب أصحابنا الشاة على من أفاض من المشعر قبل طلوع الفجر عامداً بعد أن وقف به ليلاً قليلاً إن كان وقف بعرفات.
2- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 19. الاستبصار 2، 172- باب الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، ح 1. الفقيه 2، 186- باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر، ح 2 و أسنده إلى أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و يقول المحقق في الشرائع 1 /256 و هو بصدد بيان الوقوف الواجب في المشعر: ﴿و أن يكون الوقوف بعد طلوع الفجر، فلو أفاض قبله عامداً بعد أن كان به ليلاً و لو قليلاً لم يبطل حجه إذا كان وقف بعرفات، و جبره بشاة﴾. و ما تضمنه هذا الخبر من أن الجاهل لا شيء عليه هو أحد قولين عند أصحابنا رضوان الله عليهم حيث الحقوه بالناسي، و القول الآخر هو أنه يلحق بالعامد كما في نظائره.
3- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 22، الاستبصار 2، 172- باب الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، ح 4. قال المحقق في الشرائع 256/1: ﴿و يجوز الإفاضة قبل الفجر للمرأة و من يخاف على نفسه من غير جبر (أي بدم شاة، فلو أفاض ناسياً لم يكن عليه شيء﴾.

الجمرة، ثمَّ ليمض، و ليأمر من يذبح عنه ،و تقصّر المرأة و يحلق الرجل، ثمَّ ليطف بالبيت، و بالصّفا و المروة، ثمَّ ليرجع إلى منى، فإن أتى منى و لم يذبح عنه فلا بأس أن يذبح هو، و ليحمل الشعر إذا حلق بمكّة إلى منى، و إن شاء قصّر إن كان قد حجَّ قبل ذلك (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) للنّساء و الصّبيان أن يفيضوا بليل، و يرموا الجمار بليل، و أن يصلّوا الغداة في منازلهم، فإن خِفْنَ الحيض مَضَيْنَ إلى مكّة و وكّلن من يضحّي عنهنَّ (2)

6- أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : لا بأس بأن تقدم النّساء إذا زال اللّيل، فيقفن عند المشعر الحرام ساعة، ثمَّ ينطلق بهنَّ إلى منى فيرمينَ الجمرة، ثمَّ يصبرن ساعة، ثمَّ يقصّرن و ينطلقن إلى مكّة فيطفن، إلا أن يكنَّ يُرِِدْنَ أن يذبح عنهنَّ، فإنهنَّ يوكّلن من يذبح عنهنَّ (3)

7- و عنه، عن عليّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، معنا نساء، فأفيض بهنَّ بليل؟ قال: نعم، تريد أن تصنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: قلت: نعم، فقال: أفِضْ بهنَّ بليل، و لا تُفِض بهنَّ حتّى تقف بهنَّ بجُمَع، ثمَّ أفض بهنَّ حتّى تأتي بهنَّ الجمرة العظمى، فيرمين الجمرة، فإن لم يكن عليهنَّ ذبح فليأخذنَ من شعورهنَّ و يُقَصِّرن من أظفارهنَّ و يمضين إلى مكّة في وجوههنَّ، و يطفن بالبيت، و يسعين بين الصفا و المروة، ثمَّ يرجعن إلى البيت و يطفن أُسبوعاً، ثمَّ يرجعن إلى منى و قد فرغْنَ من حجّهنَّ، و قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أرسل معهنَّ أُسامة (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، و غيره، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) للنساء و الضعفاء أن يفيضوا من جمع بلَيْل، و أن يرموا الجمرة بلَيل، فإن أرادوا أن يزوروا البيت، وكّلوا من يذبح عنهنَّ.

ص: 475


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبضار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما. ﴿ويدل على أنه يجوز للمعذور الإستنابة في الذبح، و أنه لو بان عدمه لا يبطل طوافه و سعيه، و على أنه لو حلق بغير منى يستحب أن يحمل شعره إليها، و على أنه لا بد للصرورة من الحلق إما وجوباً أو استحباباً على الخلاف﴾ مرآة المجلسي 136/18.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
3- الفقيه 3، 186- باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر، ح 1.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 24. و الحديث صحيح.

297- باب من فاته الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقيِّ قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى، إذ جاء رجلٌ فقال: إنَّ قوماً قدموا يوم النحر، و قد فاتهم الحجّ؟ فقال: نسأل الله العافية، و أرى أن يهريق كلُّ واحد منهم دم شاة، و يُحِلّون، و عليهم الحجُّ من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم، و إن أقاموا حتّى تمضي أيّام التشريق بمكة، ثمَّ خرجوا إلى وقت أهل مكّة و أحرموا منه و اعتمروا، فليس عليهم الحجُّ من قابل (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك جُمَعاً فقد أدرك الحجَّ. و قال: أيّما قارِن أو مُفْرِد أو متمتّع قدم و قد فاته الحجُّ، فليجِلَّ بعمرة، و عليه الحجُّ من قابل؛ قال: و قال في رجل أدرك الإمام و هو بجُمَع فقال: إِن ظَنَّ أَنّه يأتي عرفات فيقف بها قليلاً ثم يدرك جُمَعاً قبل طلوع الشمس، فليأتها، و إن ظنّ أنه لا يأتيها حتّى يفيضوا، فلا يأتها، و ليُقِمُ بجُمَع فقد تمَّ حجّه (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام يوم النّحر من قبل زوال الشّمس، فقد أدرك الحجّ (3)

ص: 476


1- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 37. الاستبصار 2، 211- باب ما يجب على من فاته الحج، ح 4. الفقيه 2، 187- باب ما جاء فيمن فاته الحج، ح 2. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أن من فاته الحج تسقط عنه بقية أفعاله و يتحلل بعمرة مفردة بمعنى أنه ينقل إحرامه من الحج إلى العمرة المفردة، و إن كانوا قد اختلفوا في وجوب الدم عليه أوْ لا، فبعضهم ذهب إلى وجوبه مستندين إلى هذه الرواية، و لكن المشهور على عدمه، و لذا خلت كلماتهم هنا عن ذكر الهدي، ربما لأنهم لم يعملوا بمضمون هذه الرواية لضعفها عندهم.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35 الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و رویا صدره بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. قال المحقق في الشرائع 257/1: ﴿.. من فاته الحج، تحلل بعمرة مفردة ثم يقضيه إن كان واجباً على الصفة التي وجبت تمتعاً أو قِراناً أو إفراداً (و) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله و يستحب له الإقامة بمنى إلى إنقضاء أيام التشريق ثم يأتي بأفعال العمرة التي يتحلل بها﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، 209- باب من أدرك المشعر الحرام بعد طلوع الشمس، ح 6. الفقيه 2، 124- باب الوقت الذي متى أدركه الإنسان كان... ، ح 2 بتفاوت. ويدل الحديث على الاجتزاء باضطراري المشعر و هو ما بين طلوع الشمس إلى الزوال من يوم النحر.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس قبل أن تزول الشّمس، فقد أدرك الحجَّ (1)

5- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس فقد أدرك الحجَّ (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: تدري لم جعل ثلاث هنا (3)؟ قال: قلت: لا، قال: فمن أدرك شيئاً منها فقد أدرك الحجَّ.

298- باب حَصَى الجمار من أين تؤخذ و مقدارها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: خذ حصى الجمار من جُمَع ، و إن أخذته من رَحْلِكَ بمنى أجزاك (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته عن الحصى الّتي يرمى بها الجمار؟ فقال: تؤخذ من جُمَع، و تؤخذ بعد ذلك من منى.

3- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن رِبعيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خذ حصی الجمار من جُمَع، و إن أخذته من رَحْلِك بمنى أجزاك (5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 477


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. و لعل ذكر الخمسة من الناس في هذا الحديث و الذي قبله لبيان عدم الخوف أو القرب من الزوال.
3- أي إقامة ثلاث ليال في منى.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 27. هذا و يقول المحقق في الشرائع 257/1: ﴿خاتمة: إذا ورد المشعر استحب له التقاط الحصى منه، و هو سبعون حصاة، و لو أخذه من غيره جاز، لكن من الحرم عدا المساجد، و قيل: عدا المسجد الحرام و مسجد الخَيْف. و يجب فيه شروط ثلاثة: أن يكون مما يسمى حجراً، و من الحرم، و أبكاراً..﴾
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28.

حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: التقط الحصى، و لا تكسرنَّ منهنَّ شيئاً (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حصى الجمار، إن أخذته من الحرم أجزاك، و إن أخذته من غير الحرم لم يُجْزِك، قال: و قال: لا ترمِ الجمار إلّا بالحصى (2)

6- ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في حصى الجمار، قال: كره الصمُّ منها، و قال: خذ البُرش (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حصى الجمار تكون مثل الأنملة، و لا تأخذها سوداء و لا بيضاء و لا حمراء، خذها كحلية منقطة، تخذفهنَّ خَذْفاً، و تضعها على الإبهام و تدفعها بظفر السبّابة، وارْمِها من بطن الوادي، و اجعلهنَّ عن يمينك كلّهنَّ، و لا ترم على الجمرة، و تقف عند الجمرتين الأُوليين و لا تقف عند جمرة العقبة (4)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم، إلّا من المسجد الحرام، و مسجد الخَيْف (5)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضّرير، عن حريز، عمّن أخبره؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟

ص: 478


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34 يتفاوت قليل.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31.
3- التهذيب 5،نفس الباب، ح 32. هذا و يقول المحقق في الشرائع 258/1: ﴿و يستحب أن يكون (الحصى) بُرشاً رخوةً بقدر الأَنملة، كحيلة منقّطعة ملتقطة، و يكره أن تكون صلبة أو مكسّرة﴾. و يقول الفيض في الوافي: البُرْش جمع الأبرش و هو ما فيه نكت صغار تخالف سائر لونه.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 33 بتفاوت. و الحذف: -كما يقول الجوهري -رمي الحجر بأطراف الأصابع. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و لا ترمِ على الجمرة: أي لا يكون رميك عليها من فوق الجبل، بل إليها من على الأرض. و في التهذيب: و لا ترم أعلى الجمرة ... و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29. الفقيه 2، 188- باب أخذ حصى الجمار من الحرم و غيره، ح 1.

قال: لا تأخذه من موضعين: من خارج الحرم، و من حصى الجمار، و لا بأس بأخذه من سائر الحرم (1)

299- باب يوم النحر و مبتدء الرَّمْي و فضله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خذ حصى الجمار، ثمَّ ائت الجمرة القصوى الّتي عند العقبة، فارمها من قِبَل وجهها و لا ترمها من أعلاها، و تقول و الحصى في يدك: اللّهمَّ هؤلاء حَصَيَاتِي فاحصهنَّ لي و ارفعهنَّ في عملي.

ثمَّ ترمي و تقول مع كل حصاة: الله أكبر، اللّهمَّ ادخر عنّي الشيطان، اللّهمَّ تصديقاً بكتابك، و على سنّة نبيّك ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، اللّهمَّ اجعله حجّاً مبروراً، و عملاً مقبولاً، و سعياً مشكوراً، و ذنباً مغفوراً.

و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعاً.

فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرَّمي فقل: ﴿اللّهُمَّ بِکَ وَثِقْتُ، وَ عَلَیْکَ تَوَکَّلْتُ، فَنِعْمَ الرَّبُّ وَ نِعْمَ الْمَوْلی وَ نِعْمَ النَّصیر﴾. قال: و يستحبُّ أن يرمي الجمار على طهر (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رمي الجمرة يوم النحر، ما لها تُرْمى وحدها و لا تُرمى من الجمار غيرها يوم النحر؟ فقال: قد كنَّ يُرْمَيْنَ كلّهن، و لكنّهم تركوا ذلك، فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فارميهنَّ؟ قال: لا تَرْمِهِنَّ، أما ترضى أن تصنع مثل ما نصنع (3)

ص: 479


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. قوله: و من حصى الجمار، أي مما رمي به سابقاً، و هذا شرط أن تكون الحصى إبكاراً.
2- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 38. هذا و المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم استحباب الكون على طهارة أثناء الرمي جمعاً بين الروايات، و إن ناقش الشهيد الثاني في الروضة في صحة مثل هذا الجمع، و ذهب جماعة منهم إلى اشتراط الطهارة أثناء الرمي منهم الشيخ المفيد و السيد المرتضى.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 353 بتفاوت يسير. و قد رمى المجلسي في مرآته 144/18 هذا الحديث بالضعف و قال قوله :(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كن يرمَين: روى في الدروس بعض تلك الروايات و لم ينسب القول بها إلى أحد، و بالجملة الظاهر عدم تكليفنا بذلك حتى يظهر الحق.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رمي الجمار فقال: كنَّ يُرْمَيْنَ جميعاً يوم النحر، فرميتها جميعاً بعد ذلك، ثمَّ حدَّثته فقال لي: أما ترضى أن تصنع كما كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصنع؟ فتركته.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و عن ابن أُذينة، عن ابن بكير قال: كانت الجمار ترمی جمیعاً، قلت فأرميها؟ فقال: لا، أما ترضى أن تصنع كما أصنع.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سعيد الرُّوميِّ قال: رمى أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الجمرة العظمى، فرأى النّاس وقوفاً، فقام وسطهم ثمَّ نادى بأعلى صوته: أيّها النّاس، إنَّ هذا ليس بموقف- ثلاث مرَّات- ففعلت (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لرجل من الأنصار: إذا رميتَ الجمار،كان لك بكلِّ حصاة عشر حسنات تُكتب لك لما تستقبل من عمرك (2)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رمي الجمار قال: له بكلِّ حصاة يرمي بها تحطُّ عنه كبيرة مويقة (3)

300- باب رمی الجمار في أيام التشريق

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 480


1- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله: ففعلتُ: أي فعل الراوي مثل فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). ﴿و في بعض النسخ: ﴿قال: قف في وسطهم ثم نادهم بأعلى صوتك﴾، و هو أظهر، لكن أكثر النسخ كما في الأصل﴾ مرأة المجلسي 145/18.
2- الحديث صحيح. و لعل المعنى ﴿إن فعل الحسنات لما كان من ثمراتها تكفير السيئات و قد ذهبت سيئاته لما قد مضى من الأفعال، فهذا يدخر له لما يستقبل من عمره إن أتى فيه سيئة فهذا يكفّرها، و قيل: أي يكتب له ذلك في كل سنة ما دام حياً﴾ مرآة المجلسي 146/18.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 45 بتفاوت مرسلاً. و الكبيرة الموبقة: المعصية العظيمة المهلكة.

الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إرّمِ في كلِّ يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلتَ حين رميتَ جمرة العقبة، فابدء بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النّحر، قم عن يسار الطريق، فاستقبل القبلة، فاحمد الله واثن عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقدَّم قليلاً فتدعو و تسأله أن يتقبّل منك، ثمَّ تقدَّم أيضاً، ثمَّ افعل ذلك عند الثانية، و اصنع كما صنعت بالأُولى، و تقف و تدعو الله كما دعوتَ ثمَّ تمضي إلى الثّالثة و عليك السّكينة و الوقار،فارم، و لا تقف عندها (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الجمار؟ فقا : قم عند الجمرتين و لا تقم عند جمرة العقبة، قلت: هذا من السنَّة؟ قال: نعم، قلت: ما أقول إذا رميتُ؟ فقال: كبّر مع كلِِّ حصاة (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): خذ حصى الجمار بيدك اليسرى، وارم باليمني.

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير؛ و صفوان، عن منصور بن حازم، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال للحكم بن عتيبة: ما حدُّ رمي الجمار؟ فقال الحكم: عند زوال الشمس، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ لو أنّهما كانا رجلين، فقال أحدهما لصاحبه: احفظ علينا متاعنا

ص: 481


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 1. الاستبصار 2، أبواب رمي الجمار، 203- باب وقت رمي الجمار أيام التشريق، ح4/ إلى قوله: و قل، ثم قال: و ذكر الدعاء. هذا و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و وقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، و لا يجوز أن يرمي ليلاً إلا لعذر كالخائف و المريض و الرعاة و العبيد .. ﴿.و قال: ﴿و يستحب ... أن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه، و يقف و يدعو، و كذا الثانية، و يرمي الثالثة مستدبر القبلة مقابلاً لها و لا يقف عندها.﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 و 4 بتفاوت. و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان رمي الجمار، ح 7. و قد قال الصدوق فيه: و قد رويت رخصة من أول النهار إلى آخره.

حتّى أرجع، أكان يفوته الرَّمي!؟ هو و الله ما بين طلوع الشمس إلى غروبها (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لرعاة الإبل إذا جاؤوا باللّيل أن يرموا (2)

7- أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام قال: سمعت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا ترمِ الجمرة يوم النحر حتّى تطلع الشمس؛ و قال: ترمى الجمار من بطن الوادي، و تجعل كلَّ جمرة عن يمينك، ثمَّ تنفتل في الشقِِِّ الآخر إذا رميتَ جمرة العقبة (3)

8- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبَان، عن محمد الحلبيِِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الغسل إذا أراد أن يرمي؟ فقال: ربّما اغتسلت، فأمّا من السنّة فلا.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الغسل إذا رمى الجمار؟ فقال: ربّما فعلت، و أمّا [من] السنّة فلا، و لكن من الحرِّ و العَرَق (4)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الجمار؟ فقال: لا ترمِ الجمار إلّا و أنت على طهر (5)

301- باب من خالف الرمي أو زاد أو نقص

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني، فبدء

ص: 482


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بتفاوت قليل، و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و ما تضمنته هذه الأحاديث من تحديد لوقت رمي الجمار هو المشهور بين الأصحاب.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث صحيح، و المراد بالشق الآخر: الجانب الآخر من الجمرة أو الطريق.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 35. الاستبصار 2، 174- باب رمي الجمار على غير طهر، ح 1.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 36. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و الحديث محمول في المشهور عندنا على الاستحباب.

بجمرة العقبة، ثمَّ الوسطى، ثمَّ الأُولى قال: يؤخّر ما رمى بما رمى، و يرمي الجمرة الوسطى، ثمَّ جمرة العقبة (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و حمّاد، عن الحلبيِّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يرمي الجمار منكوسة؟ قال: يعيد على الوسطى، و جمرة العقبة (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو؛ عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجل رمى الجمرة بستّ حَصَيات، و وقعت واحدة في الحصى قال: يعيدها إن شاء من ساعته، و إن شاء من الغد إذا أراد الرَّمي، و لا يأخذ من حصى الجمار؛ قال: و سألته عن رجل رمى جمرة العقبة بستّ حَصَيات، و وقعت واحدة في المحمل؟ قال: يعيدها (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ذهبت أرمي فإذا في يدي ستُّ حَصَيات؟ فقال: خذ واحدة من تحت رجلك (4)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل أخذ إحدى و عشرين حصاة فرمى بها، فزاد واحدة، فلم يدر من أيّتهنَّ نقصت، قال: فليرجع فليرم كلَّ واحدة بحصاة، فإن سقطت من رجل حصاة فلم يدر أيتهنَّ هي؟ قال: يأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها، قال: و إن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعِد مكانها، فإن هي أصابت إنساناً أو جملاً ثمَّ وقعت على الجمار، أجزاك؛ و قال في رجل رمى [الجمار فرمى] الأُولى بأربع و الأخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمي الأُولى بثلاث، و قد فرغ، و إن كان رمى الأُولى بثلاث و رمى الأخيرتين بسَبْع سبع فليُعد، وليرمهنَّ جميعاً بسَبْع سبع، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثمَّ الأُخرى فليرم الوسطى بسَبْع، و إن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث؛ قال:

ص: 483


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 15 بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، 189- باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو...، ذيل ح 3 بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و يجب هنا- زيادة على ما تضمنه شروط لرمي- الترتيبُ، يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، و لو رماها منكوسة أعاد على الوسطى و جمرة العقبة﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 و في ذيله: رِِِجلَيْك. و الحديث ضعيف على المشهور.

قلت: الرَّجل ينكس في رمي الجمار فيبدء بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ العظمى؟ قال: يعود فيرمي الوسطى، ثمَّ يرمي جمرة العقبة، و إن كان من الغد (1)

302- باب من نسي رَمْيَ الجمار أو جهل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له : رجلٌ نسي أن يرمي الجمار حتّى أتى مكّة؟ قال: يرجع فيرميها، يفصل بين كلِِّ رميتين بساعة، قلت: فاته ذلك و خرج؟ قال: ليس عليه شيءٌ؛ قال: قلت: فرجلٌ نسي السّعي بين الصّفا و المروة؟ فقال: يعيد السعي، قلت: فاته ذلك حتّى خرج؟ قال: يرجع فيعيد السعي، إنَّ هذا ليس كَرَميِ الجمار، إنَّ الرَّمي سنّة، و السعي بين الصفا و المروة

فريضة (2)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد؛ و غيره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أفاض من جُمَع حتّى انتهى إلى منى، فعرض له عارضٌ، فلم يرمِ الجمرة حتّى غابت الشمس؟ قال: يرمي إذا أصبح مرَّتين إحداهما بُكْرةً و هي للأمس، و الأخرى عند زوال الشّمس، و هي ليومه (3)

3- و عنه، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتّى نفرت إلى مكّة؟ قال: فلترجع ولترمِ الجمار كما كانت ترمي، و الرَّجل كذلك (4)

ص: 484


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 20 و روى صدره بتفاوت إلى قوله: أجزاك. الفقيه 2، 189 -باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو زاد أو نقص، ح 3. و إنما أمره أن يرمي كل واحدة بحصاة في الصورة الأولى لأن الاشتغال، اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 11. و قوله: إن الرمي سنّة: أي أن وجوبه ثبت عن طريق السنّة الشريفة. و قال المحقق في الشرائع 273/1: ﴿السعي ركن من تركه عامداً بطل حجه، و لو كان ناسياً وجب عليه الإتيان به، فإن خرج عاد ليأتي به، فإن تعذّر عليه استناب فيه﴾. و قال ص 276: ﴿و لو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع و رمى، فإن خرج من مكة لم يكن عليه شيء إذا انقضى زمان الرمي، فإن عاد في القابل رمى، و إن استناب فيه جاز...﴾.
3- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 6 بتفاوت و ليس في ذيله: و هي ليومه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و لو نسي رمي يوم قضاه من الغد مرتّباً، يبدأ بالفائت، و يعقب بالحاضر﴾.
4- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 11 بتفاوت قليل: و كذلك هو في الاستبصار 2، 204- باب من نسي رمي الجمار حتى يأتي مكة، ح 1 و فيه: قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في امرأة ... الخ. الفقيه 2، 189- باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو ... ، ح 5. يقول المحقق في الشرائع 276/1 : ﴿و لو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع و رمى، فإن خرج من مكة لم يكن عليه شيء إذا انقضى زمان الرمي، فإن عاد في القابل رمى و إن استناب فيه جاز، و من ترك رمي الجمار متعمداً وجب قضاؤه و يجوز أن يُرْمى عن المعذور كالمريض.﴾

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة؛ و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في الخائف: لا بأس بأن يرمي الجمار باللّيل يضحّي باللّيل، و يفيض باللّيل (1)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كره رمي الجمار باللّيل، و رخّص للعبد و الرّاعي في رمي الجمار ليلاً (2)

303- باب الرمي عن العليل و الصبيان و الرمي راكباً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الكسير و المبطون يُرْمى عنهما. قال: و الصبيان يُرْمى عنهم (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المريض، يُرمى عنه الجمار؟ قال: نعم، يُحْمَل إلى الجمرة و يُرمى عنه (4)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن

ص: 485


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و أخرجه في التهذيب عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و في الفقيه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9 و روى ذيل الحديث بتفاوت، و فيه بزيادة: و الخائف، قبل قوله: و الراعي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. الفقيه 2، 191- باب الرمي عن العليل و الصبيان، ح 1. يقول المحقق في الشرائع 276/1: ﴿و يجوز أن يرمى عن المعذور كالمريض﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و أخرجه عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بزيادة في آخره. هذا، و قد دل الحديث علي أن المريض لا يرمى عنه و هو غائب إذا كان من الممكن نقله إلى مكان الجمار، كما لا يرمى عنه إذا كان قادرا على الرمي.

سويد، عن عاصم بن حميد، عن عنبسة بن مصعب قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى يمشي و يركب، فحدَّثت نفسي أن أسأله حين أدخل عليه، فابتدأني هو بالحديث فقال: إنَّ عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يخرج من منزله ماشياً إذا رمى الجمار، و منزلي اليوم أَنْفَسُ (6) من منزله فأركب حتى آتي منزله فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتّى أرمي الجمرة (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن مثنّى، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يرمي الجمار ماشياً (2)

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يمشي بعد يوم النحر حتّى يرمي الجمرة، ثمَّ ينصرف راكباً، و كنت أراه ماشياً بعد ما يحاذي المسجد بمنى (3)

قال: و حدَّثني (4) عليُّ بن محمد بن سليمان النوفليِّ، عن الحسن بن صالح، عن بعض أصحابه قال: نزل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوق المسجد بمنى قليلاً عن دابّته حتّى توجّه ليرمي الجمرة عند مضرب عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقلت له: جُعِلْتُ فداك، لِمَ نزلت ههنا؟ فقال: إِنَّ ههنا مضرب عليِِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و مضرب بني هاشم، و أنا أُّحبُّ أن أمشي في منازل بني هاشم.

304- باب أيام النحر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن كليب الأسديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النحر؟ فقال: أمّا بمنى فثلاثة أيّام، و أمّا في البلدان فيوم واحد (5)

ص: 486


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 26 بتفاوت. الاستبصار 2، 205- باب جواز الرمي راكباً، ح 6 بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 259/1 و هو بصدد الحديث عن مستحبات رمي الجمار: ﴿... و أن يكون ماشياً، و لو رمى راكباً جاز﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت و سند مختلف فيهما.
3- هذا السند صحيح. و دل على أن المشي يوم النحر إلى الرمي أفضل، و هذا ما نص عليه الشهيد الأول في الدروس. و أما الشيخ في الخلاف فقد نص على أن الركوب للرمي في جمرة العقبة يومها أفضل.
4- هذا السند ضعيف.
5- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 15. الاستبصار 2 ،180- باب أيام النحر و الذبح، ح 4. الفقيه 2، 197 -باب أيام النحر، ح 2. و الحديث ناظر إلى حرمة الصوم، و هو حرام لمن كان بمنى أيام التشريق الثلاثة. في حين أنه حرام لأهل الأمصار يوم العيد فقط و هو العاشر من ذي الحجة.

2- علیُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الأضحى يومان بعد يوم النحر، و يوم واحد بالأمصار (1)

305- باب أدنى ما يجزىء من الهَدْي

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ﴾ (2)؟ قال: شاة.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يجزىء في المتعة شاة (3)

306- باب من يجب عليه الهَدْيُ و أين يذبحه

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان ، عن سعيد الأعرج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من تمتّع في أشهر الحجِّ ثمَّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ من قابِل فعليه شاة، و من تمتّع في غير أشهر الحجِِّ، ثمَّ جاور حتّى يحضر الحجّ، فليس علیه دم، إنّما هي حجّة مفردة، و إنّما الأضحى على أهل الأمصار (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الأضحى؛ أواجب على من وجد لنفسه و عياله؟ فقال: أمّا

ص: 487


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
2- البقرة/196.
3- الحديث حسن كان صحيح، و الذي قبله صحيح. و ذكر الشاة فيهما إنما هو لبيان أدنى ما يجزىء في الهدي لا لبيان تعيّنه و توقيته.
4- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 1. الاستبصار 2، 175- باب الحاج الغير المتمتع هل يجب عليه الهدي أم لا؟، ح 1. ﴿قوله: و إنما الأضحى على أهل الأمصار، لعل الحصر إضافي بالنسبة إلى المتمتع، و ربما يحمل الأضحى على الهدي فيستأنس له لقول من قال: إن الهدي لا يجب على من تمتع من أهل مكة، و لا يخفى بُعْدُهُ﴾ مرآة المجلسي 158/18.

لنفسه فلا يدعه (1)، و أمّا،لعياله، إن شاء تركه.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل قدم بهَدْيه مكّة في العَشْرِ؟ فقال: إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلّا بمنى، و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء، و إن كان قد أشْعَرَه و قلّده، فلا ينحره إلّا يوم الأضحى (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرّجل يخرج (3) من حجّته شيئاً يلزمه منه دم ،يجزيه أن يذبحه إذا رجع إلى أهله؟ فقال: نعم، و قال- فيما أعلم-: يتصدَّق به، قال إسحاق: و قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يخرج (4) من حجّته ما يجب عليه الدَّم و لا يهريقه حتّى يرجع إلى أهله؟ فقال: يهريقه في أهله، و يأكل منه الشيء (5)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن شعيب العقرقوفيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): سُقْتُ في العمرة بدنة، أين أنحرها؟ قال: بمكّة، قلت: أيُّ شيء أُعطي منها؟ قال: كُلْ ثُلُثاً، و اَهْدِ ثلثاً، و تصدَّق بثلث (6)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هَدْيَكَ في منزلك بمكّة؟ فقال: إنَّ مكّة كلّها منحر (7)

ص: 488


1- محمول على المشهور عندنا على الاستحباب. و الحديث حسن.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 9 و فيه: أشعره أو قلّده. الاستبصار 2، 119- باب الموضع الذي يذبح فيه الهدي الواجب، ح 1. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلا ينحره إلا بمنى، حُمل على ما إذا كان في الحج، فإن الأصحاب أجمعوا على أنه يجب نحر الهدي بمنى إن كان قرنه بالحج، و بمكة إن كان قرنْه بالعمرة﴾ مرآة المجلسي 159/18.
3- الأظهر أنه (يجرح) من اجترح، بمعنى: اكتسب. و في التهذيب: ... يخرج من حجه و عليه شيء و يلزمه فيه دم ...
4- هذا كسابقه. و
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 358 و روى صدره إلى قوله: و قال- فيما أعلم- يتصدق به.
6- التهذيب 5، 16 - باب الذبح، ح 11. و كرره برقم 363 من الباب 26 من نفس الجزء. هذا و يقول المحقق في الشرائع 261/1: ﴿و يستحب أن يقسمه (أي الهدي) أثلاثاً، يأكل ثلثه، و يتصدق بثلثه، و يهدي ثلثه، و قيل: يجب الأكل منه، و هو الأظهر﴾. و المشهور عندنا استحباب القسمة.
7- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 10، الاستبصار 2، 119- باب الموضع الذي يذبح فيه الهدي الواجب، ح 2. و قد حمله في التهذيب على احتمال أن يكون الهدي هنا تطوعاً و ليس هديه الواجب، و الذي لا يجوز ذبحه أو نحره إلا بمنى للمتمتع.

307- باب ما يستحب من الهَدْي و ما يجوز منه و ما لا يجوز

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عمّن حدَّثه، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن أدنى ما يجزىء من أسنان الغنم في الهدي؟ فقال: الجَذَع من الضانِّ، قلت: فالمعز؟ قال: لا يجزىء الجَذَع من المعز، قلت: و لِمَ؟ قال: لأنَّ الجذع من الضّانِّ يُلَقّح، و الجذع من المعز لا يُلَقّح (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإبل و البقر، أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟ قال: ذوات الأرحام، فسألته عن أسنانها؟ فقال: أمّا البقر فلا يضرُّك بأيِّ أسنانها ضحّيت، و أمّا الإبل فلا يصلح إلّا الثني فما فوق (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أسنان البقر تَبِيعها و مُسِنّها في الذَّبح سواء (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: حدَّثني من سمعه يقول: ضحِِّ بكبش أسود أقرن (4) فحل، فإن لم تجد أسود، فأقرن فحل، يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد (5)

ص: 489


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. هذا و يقول المحقق في الشرائع 260/1 و هو بصدد الحديث عن صفات الهدي: ﴿... و الواجب ثلاثة، الأول: الجنس، و يجب أن يكون من النعم: الإبل أو البقر أو الغنم. الثاني: السن، فلا يجزي من الإبل إلا الثني و هو الذي له خمس و دخل في السادسة، و من البقر و المعز ماله سنة و دخل في الثانية، و يجزي من الضأن الجذع لسنته. الثالث: أن يكون تاماً، فلا يجزي العوراء، و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا التي انكسر قرنها الداخل، و لا المقطوعة الأذن، و لا الخصيّ من الفحول، و لا المهزولة و هي التي ليس على كليتيها شحم﴾.
3- التبيع: ما دخل في الثانية، و المسنّ: ما دخل في الثالثة.
4- الأقرن: ما كان له قرنان.
5- ﴿اختلف الأصحاب في تفسير هذه الألفاظ، و قال بعضهم: المراد بذلك كون هذه المواضع سوداً، و اختاره ابن إدريس. و قيل: معناه أن يكون من عِظَمه ينظر في شحمه و يمشي في فيئه و يبرك في ظل شحمه. و قيل: السواد كناية عن المرعى و النبت فإنه يطلق عليه ذلك لغة، و المعنى حينئذ أن يكون الهدي رعى و مشى و نظر و برك في الخضرة و المرعى فسمن لذلك. و نقل عن القطب الراوندي أنه قال: التفسيرات الثلاث مروية عن أهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. مرآة المجلسي 162/18.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النعجة، أحبُّ إليك أم الماعز؟ قال: إن كان الماعز ذكراً فهو أحبُّ إليَّ، و إن كان الماعز أُنثى فالنعجة أحبُّ إليَّ، قال: قلت: فالخصيُّ، يضحّى به؟ قال: لا، إلّا أن لا يكون غيره؛ و قال: يصلح الجذع من الضّان،فأمّا الماعز فلا يصلح، قلت: الخصيُّ أحبُّ إليك أم النعجة؟ قال: المرضوض (1) أحبُّ إليَّ من النعجة، و إن كان خصيّاً فالنعجة (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشترى الرَّجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه، و إن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة، فإنّها لا تجزىء عنه.

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن سَلَمة أبي حفص، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن أبيه قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يكره التشريم (3) في الآذان و الخَرْم، و لا يرى به بأساً إن كان ثقب في موضع الوسم، و كان يقول: يجزىء من البُدْن الثنيّ، و من المعز الثنيُّ، و من الضانِّ الجذع.

8- أَبَان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: الكبش في أرضكم أفضل من الجَزور (4)

9- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يشتري هدياً و كان به عيب- عور أو غيره-؟ فقال: إن كان نَقَدَ ثمنه فقد أجزء عنه، و إن لم يكن نَقَدَ ثمنه ردَّه و اشترى غيره؛ قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اشترِِ فحلاً سميناً للمتعة، فإن لم تجد فموجوءً، فإن لم تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي، قال: و يجزىء في المتعة الجذع من الضأنِّ، و لا يجزىء جذع المعز، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اشترى شاة ثمَّ أراد أن يشتري أسمن منها؟ قال: يشتريها، فإذا اشتراها باع الأُولى. قال: و لا أدري (5): شاة قال أو بقرة (6)

ص: 490


1- ﴿الرضّ: الدقّ، و المراد مرضوض الخصيتين، و هو قريب من الموجود﴾ مرآة المجلسي 163/18.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و أكثر الأصحاب على عدم إجزاء الخصيّ في الهدي، بل نقل العلامة في التذكرة أنه إجماعي.
3- التشريم: التشقيق.
4- لعل الأفضلية لعدم إعتيادهم أكل لحم الجزور.
5- الشك من الراوي.
6- روى صدره إلى قوله: و اشترى غيره، في التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 60. و في الاستبصار 2، 183 باب من اشترى هدياً فوجد به عيباً، ح 1 بزيادة في ذيله: فإنه لا يجزىء ناقصاً. و في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 19 بتفاوت. و روى ذيله من قوله: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اشترى شاة ثم أراد ... الخ، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 52. هذا و عدم إجزاء ناقص الخلقة من الهدي مجمع عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، قال الشهيدان: ﴿... بخلاف ما لو ظهر ناقصاً- أي الهدي- فإنه لا يجزي، لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فتبيُّنُ خلافه مستند إلى تقصيره﴾. و قال المحقق في الشرائع 260/1: ﴿و لو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم يُجْزِِهِ﴾.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): صدقةُ رغيفٍ خيرٌ من نُسُك مهزولة (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الضحيّة، تكون الأُذن مشقوقة؟ فقال: إن كان شقّها وَسْماً فلا بأس، و إن كان شقّاً فلا يصلح.

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا يُضحّى بالعرجاء بيّنٌ عرَجُها، و لا بالعَجْفاء(2)، و لا بالجرباء، و لا بالخَرقاء (3)، و لا بالجذَّاء (4)، و لا بالعضباء (5)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الأُضحيّة يكسر قرنها؟ قال: إذا كان القَرْن الدَّاخلُ صحيحاً فهو يجزى (6)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا رميتَ الجمرة فاشتر هديك إن كان من البُدْن أو من البقر، و إلّا فاجعل كبشاً سميناً فحلاً، فإن لم تجد فموجوءً من الضأنِّ، فإن لم تجد فتَيْساً فحلاً، فإن لم تجد فما [اس]تيسر عليك، و عَظّم شعائر الله عزَّ و جلَّ، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ذبح عن أُمهّات المؤمنين

ص: 491


1- التهذيب 5،نفس الباب، ح 50 و في ذيله: مهزول.
2- العجفاء: المهزولة.
3- الخرقاء: التي في أذنها ثقب مستدير.
4- الجذّاء: مقطوعة الأذن.
5- العضباء: المشقوقة الأذن. و قد أورد الحديث بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، ح55. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 56 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير. قال المحقق في الشرائع 260/1 و هو بصدد الحديث عن صفات الهدي: ﴿الثالث: أن يكون تاماً، فلا يجزىء العوراء و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا التي إنكسر قرنها الداخل، و لا المقطوعة الأُذُن، و لا الخصيّ من الفحول، و لا المهزولة و هي التي ليس على كليتيها شحم﴾.

بقرةً بقرةً، و نحر بَدَنَة (1)

15- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الهَرِِم الّذي وقعت ثناياه، أنّه لا بأس به في الأضاحيِّ، و إن اشتريتَه مهزولاً فوجدته سميناً أجزاك، و إن اشتريتَ مهزولاً فوجدته مهزولاً، فلا يجزىء.

و في رواية أُخرى: إنَّ حدَّ الهزال إذا لم يكن على كليتيه شيء من الشحم.

16- رواه محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن الفضيل قال: حَجَجْتُ بأهلي سنةً، فعزَّت الأضاحيُّ، فانطلقتُ فاشتريت شاتين بغلاء، فلمّا ألقيت أهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال، فأتيته فأخبرته ذلك، فقال: إن كان على كليتيهما شيء من الشحم أجزأتا (2)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد، عن السلميِِّ عن داود الرّقيِّ قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية: ﴿مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ﴾(3)؟ ﴿وَ مِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾(4) ما الّذي أحلَّ الله من ذلك و ما الّذي حرَّم؟ فلم يكن عندي شيء، فدخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا حاجٌ فأخبرته بما كان، فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أحلَّ في الأُضحيّة بمنى الضأنَّ و المعز الأهليّة، و حرَّم أن يُضحّى بالجبليّة، و أمّا قوله: ﴿وَ مِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾، فإنَّ الله تبارك و تعالى أحلَّ في الاُضحية الإبل العراب و حرّم فيها البخاتي، و أحلَّ البقر الأهليّة أن يضحّى بها و حرَّم الجبليّة، فانصرفتُ إلى الرَّجل فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شيء حَمَلَتْهُ الإبل من الحجاز (5)

ص: 492


1- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 18 و رواه بتفاوت يسير إلى قوله: و عظّم شعائر الله. و ذكر مضمونه مع حذف السند في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، صدر عنوان (الذبح). كما روى رحمه الله مرسلاً إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ذبح عن نسائه البقر، و ذلك برقم 18 من الباب 199 من نفس الجزء. و الموجوء: المرضوض الخصيتين، أو ما انفضختّا منه. و التيس: الذكر من الظباء و المعز و الوعول إذا مر عليها سنة.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 53.
3- الأنعام/ 143- 144.
4- الأنعام/ 143- 144.
5- الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 7. و الإبل العراب: العربية. و البُخْت: مفرد بخاتى، و هي الإبل الخراسانية. و قوله: هذا شيء حملته الإبل من الحجاز: يقصد به أن هذا العلم لا يوجد عندنا و إنما جئت به من الراسخين فيه بالحجاز و مقصوده أهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بالتحديد إمامنا الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

308- باب الهَدْي يُنْتِج أو يُحلب أو يُركب

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ (1)؟ قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، و إن كان لها لبنٌ حلبها حلاباً لا ينهكها (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِن نَتَجَت بَدَنَتُك فاحلبها ما لا يضرُّ بولدها، ثمَّ انحرهما جميعاً، قلت: أشرب من لبنها و أسقي؟ قال: نعم، و قال: إنَّ عليّاً أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان إذا رأى [أُ] ناساً يمشون قد جهدهم المشي، حملهم على بُدْنِهِ؛ و قال: إن ضلّت راحلة الرَّجل أو هلكت و معه هدي فليركب على هَدْيه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن البَدَنَة تنتج، أَنَحْلبها؟ قال: احلبها حلباً غير مضّر بالولد، ثمَّ انحرهما جميعاً، قلت: يَشْرب من لبنها؟ قال: نعم، و يَسقي إن شاء (4)

309- باب الهدي يَعْطَبُ أو يهلك قبل أن يبلغ محِلّه و الأكْل منه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):قال كل من ساق هدياً تطوُّعاً فعطب هديه فلا شيء عليه، ينحره و يأخذ نعل التقليد فيغمسها في الدَّم و يضرب به صفحة سنامه و لا بَدَلَ عليه، و ما كان من جزاء صيد أو نذر

ص: 493


1- الحج/33.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 81. الفقيه 2، 202- باب نتاج البدنة و حلايها و ركوبها، ح 4. و أخرجه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث مجهول. ويدل على جواز الإنتفاع بالهدي ركوباً و غيره بشرط عدم الإضرار. و هو في المتبرع به موضع وفاق عندنا، و أما الواجب فقد ذهب ابن الجنيد و العلامة إلى عدم الجواز. هذا و يقول المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و يجوز ركوب الهدي ما لم يَضُرّ به، و شرب لبنه ما لم يضرّ بولده﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 80 و فيه إلى قوله: نعم. و روى بقيته بتفاوت في الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 و أخرجه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث هنا صحيح.
4- الحديث صحيح.

فعطب فعل مثل ذلك، و عليه البَدَل، و كلُّ شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا بَدَلَ على صاحبه؛ تطوُّعاً أو غيره (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى أُضحيّة فماتت أو سُرقت قبل أن يذبحها؟ فقال: لا بأس، و إن أبدلها فهو أفضل، و إن لم يشتر فليس عليه شيء (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن رجل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن البدنة يهديها الرَّجل فتكسر أو تهلك؟ فقال: إن كان هدياً مضموناً فإنَّ عليه مكانه، و إن لم يكن مضموناً فليس عليه شيء؛ قلت: أَوَ يَأْكُلُ منه؟ قال: نعم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب، أيبيعه صاحبه و يستعين بثمنه على هَدْي آخر؟ قال: يبيعه، و يتصدَّق بثمنه، و يهدي هدياً آخر (3)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا وجد الرَّجل هدياً ضالاًّ فليعرِّفه يوم النحر، و اليوم الثاني، و اليوم الثالث، ثمَّ يذبحه عن صاحبه عشيّة يوم الثالث؛ و قال في الرَّجل

ص: 494


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، 184- باب من اشترى هدياً فهلك قبل أن ...، ح 4 و في ذيله: تطوعاً كان أو غيره. هذا و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو هلك- أي الهدي- لم يجب إقامة بدله لأنه ليس بمضمون، و لو كان مضموناً كالكفارات وجب إقامة بدله﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين الأصحاب. و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو عجز هدي السياق عن الوصول، جاز أن ينحر أو يذبح و يعلم بما يدل على أنه هدي﴾ و المراد بقوله: يعلم،- كما يقول الشهيد الثاني في المسالك 95/1: ﴿بأن يغمس نعله في دمه و يضرب بها صفحة سنامه...﴾.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 72.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 69. الفقيه 2، 200- باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن...، ح 9 بتفاوت و سند آخر. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو أصابه (الهدي) كسر، جاز بيعه، و الأفضل ان يتصدق بثمنه أو يقيم بدله﴾. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و يجوز بيعه لو انكسر كسراً يمنع وصوله، و الصدقة بثمنه، و وجوب ذبحه في محله مشروط بإمكانه، و قد تعذّر فيسقط، و الفارق بين عجزه و كسره في وجوب ذبحه (أي في الأول) و بيعه (أي في الثاني) النص..﴾. هذا و تدل كلمات أصحابنا هنا على تخيير صاحب الهدي الذي كسر أو عطب بين أحد الأمرين المذكورين.

یبعث بالهدي الواجب فيهلك الهدي في الطّريق قبل أن يبلغ، و ليس له سعة أن يُهْدي؟ فقال: الله سبحانه أوْلى بالعُذر، إلّا أن يكون يعلم أنّه إذا سأل أُعطي (1)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى هدياً لمتعته، فأتى به أهله و ربطه، ثمَّ انحلَّ و هلك، هل يجزيه أو يعيد؟ قال: لا يجزيه، إلّا أن يكون لا قوَّة به عليه (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن ابي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل اشترى كبشاً فهلك منه؟ قال: يشتري مکانه آخر، قلت: فإن اشتر مكانه آخر ثمَّ وجد الأوَّل؟ قال: إن كانا جميعاً قائمين، فليذبح الأوَّل و ليبع الآخر، و إن شاء ذبحه، و إن كان قد ذبح الآخر، فليذبح الأوَّل معها (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يضلُّ هديه، فيجده رجلٌ آخر فينحره؟ فقال: إن كان نحره بمنى، فقد أجزأ عن صاحبه الّذي ضلَّ منه، و إن كان نحره في غير منى، لم يُجْزِِ عن صاحبه (4)

ص: 495


1- التهذیب 5، نفس الباب، ذیل ح 70 بتفاوت قلیل. و قوله: إذا سأل أعطی: یعنی إذا سأل الناس یعطونه هدیاً أو ثمنه، و قد قال بعض أصحابنا: ویدلّ علی تقدم السوءال علی الصوم و هو أحوط.
2- التهذيب 5،نفس الباب، ح 68. الاستبصار 2، 184- باب من اشترى هدياً فهلك قبل أن ... ، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا قوة به عليه: أي لا قدرة مالية عنده لشراء بدل عنه. و قال المجلسي في مرآته 173/18: ﴿و ظاهره الإجزاء مع تعذر البدل و هو مخالف للمشهور، و يمكن حمله على الانتقال إلى الصوم.﴾
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 76. الاستبصار 2، 185- باب من ضل هديه فاشترى بدله ثم...، ح 1بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، 200- باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن ...، ح 7. و يقول المحقق رحمه الله في الشرائع 263/1: ﴿و لو ضاع (الهدي) فأقام بدله ثم وجد الأول ذبحه و لم يجب ذبح الأخير، و لو ذبح الأخير ذبح الأول ندباً إلا أن يكون منذوراً﴾.
4- التهذيب 5، تفس الباب، ح 78. الاستبصار 2، 186- باب من ضل هديه فوجدها غيره فذبحها، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. هذا و قد حمل أصحابنا هذا الحديث على ما إذا كان قد ضحّى به في منى بنية مالكه، و إلا فلا يجزي، و لو ضحّى به الواجد في غير منى، أو بنية نفسه، أو بلا نية لم يُجْزِ عن أحدهما. يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و لو ضلّ (أي الهدي) فذَبحه الواجد عن صاحبه في محلّه أجزأ عنه للنص، أما لو ذبحه في غيره أو عن غيره أو لا بنية لم یُجْزِِِ...﴾.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في رجل اشترى هدياً فنحره، فمرَّ به رجلٌ فعرفه فقال: هذه بَدَنَتي صلّت منّي بالأمس، و شهد له رجلان بذلك؟ فقال: له لحمها، و لا يجزىء عن واحد منهما، ثمَّ قال: و لذلك جرت السنّة بإشعارها و تقليدها، إذا عُرِِفَت (1)

310- باب البدنة و البقرة عن كم تجزىء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يذبح يوم الأضحى كبشين، أحدهما عن نفسه، و الآخر عمن لم يجد من أمتّه، و كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) يذبح كبشين، أحدهما عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الآخر عن نفسه (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قوم غَلَتْ عليهم الأضاحيُّ، و هم متمتّعون و هم مترافقون، و ليسوا بأهل بيت واحد، و قد اجتمعوا في مسيرهم، و مضربُهُم واحد، أَلَهُم أن يذبحوا بقرة؟ فقال: لا أُحبُّ ذلك إلّا من ضرورة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رجل يسمّى سوادة قال: كنّا جماعة بمنى، فعزَّت الأضاحيُّ، فنظرنا، فإذا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) واقف على قطيع يساوم بغنم و يماكسهم (4) مكاساً شديداً، فوقفنا ننتظر، فلمّا فرغ أقبل علينا فقال: أظنّكم قد تعجّبتم من مكاسي؟ فقلنا: نعم، فقال: إنَّ المغبُون لا محمودٌ و لا مأجور، ألكم حاجة؟ فقلنا: نعم، أصلحك الله، إنَّ الأضاحي قد عزَّت علينا؟ قال: فاجتمعوا فاشتروا جزوراً فيما بينكم،

ص: 496


1- لتهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذن عُرِفَت: أي من أجل أن تعرف أنها هديٌ جرت السنّة بإشعارها أو تقليدها.
2- روى بمعناه في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 4.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 45. الاستبصار 2، 182- باب العدد الذي تجزي عنهم البدنة أو البقرة يمنى، ح 12. قال الشهيدان: ﴿و لا يجزي الهدي الواحد إلا عن واحد و لو عند الضرورة على أصح الأقوال، و قيل: يجزي عن سبعة و عن سبعين أولي خوان واحد، و قيل: مطلقاً و به روايات محمولة على المندوب جمعاً كهدي القِران قبل تعيّنه، و الأضحية، فإنه يطلق عليها الهدي، أما الواجب و لو بالشروع في الحج المندوب فلا يجزي إلا عن واحد فينتقل مع العجز و لو بتعذره إلى الصوم﴾. كما يراجع شرائع الإسلام للمحقق 59/1.
4- المماكسة: المناقصة في الثمن. و في التهذيب: ويماكسه...

قلنا: و لا تبلغ نفقتنا؟ قال: فاجتمعوا و اشتروا بقرة فيما بينكم، فاذبحوها، قلنا: و لا تبلغ نفقتنا؟ قال: فاجتمعوا فاشتروا فيما بينكم شاة فاذبحوها فيما بينكم، قلنا: تجزىء عن سبعة؟ قال: نعم، و عن سبعين (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة. عن حمران قال: عزّت البُدْنَ سَنَةً بمنى، حتّى بلغت البَدَنَةُ مائةَ دينار، فسئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك، فقال: اشتركوا فيها، قال: قلت: كم؟ قال: ما خفٌ، هو أفضل،قلت: عن كم تجزىء؟ قال: عن سبعين (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن قرعة، عن زيد بن جهم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متمتّع لم يجد هَدْياً؟ فقال: أَمَا كان معه درهم يأتي به قومه فيقول: أشركوني بهذا الدِّرهم(3)

311- باب الذَّبْح

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا صَوَافََّ﴾ (4)؟ قال: ذلك حين تُصَفّ للنّحر، تُرْبط يديها ما بين الخفِّ إلى الركبة، و وجوب جنوبها؛ إذا وقعت على الأرض (5)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف تُنْحَر البَدَنَة؟ فقال: تُنْحَر

ص: 497


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و ذكر بمعناه في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي ذيل ح 11. و الحديث مجهول. و يمكن أن يكون مكاسه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لبيان الجواز و عدم الحرمة فلا ينافي في ما ورد من النهي عن ذلك.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 42. الاستبصار 2، 182- باب العدد الذي تجزي عنهم البدنة أو البقرة بمنى، ح 9. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما خفّ ..: يريد بالتخفيف قلّة عدد الشركاء.
3- الحديث مجهول.
4- الحج/36.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 82. الفقيه 2، 201- باب الذبح و النحر و ما يقال عند الذبيحة، ح 4.

و هي قائمة من قِبَل اليمين (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): النحر في اللَّبة، و الذَّبح في الحَلْق (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: لا يذبح لك اليهوديُّ و لا النصرانيُّ أُضحيّتك، فإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها، و تستقبل القبلة و تقول: ﴿وَجَّهتُ وَجهِیَ لِلَّذی فَطَرَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ حَنیفاً، اللّهُمَّ مِنکَ و لَکَ﴾ (3)

5- و عنه، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یجعل السكّين في يد الصبيِّ، ثمَّ يقبض الرَّجل (4) على يد الصبيِّ فيذبح.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، و ابن أبي عمير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا اشتريت هديك، فاستقبل به القبلة و انحره أو اذبحه و قل: ﴿وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً و ما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له، و بذلك أُُمِرْتُ و أنا من المسلمين، اللّهمَّ منك و لك، بسم الله و الله أكبر، اللّهمَّ تقبّل منّي﴾، ثمَّ أمِّرّ السكّين، و لا تَنْخَعْها حتّى تموت (5)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغداديِّ، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: تبدء بمنى بالذَّبح قبل الحلق، و في العقيقة بالحلق قبل الذَّبح (6)

ص: 498


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 83 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق رحمه الله في الشرائع 261/1 و هو بصدد بيان مستحبات الهدي: ﴿... و أن ينحر الإبل قائمة قد رُبطت بين الخف و الركبة، و يطعنها من الجانب الأيمن و أن يدعو الله تعالى عند الذبح و يترك يده مع يد الذابح، و أفضل منه أن يتولى الذبح بنفسه إذا أحسن﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. و اللَّبَّة: موضع النحر، و موضع القلادة.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. و أخرجه عن الحلبي عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الحديث حسن. و هذا محمول على الاستحباب على المشهور عندنا.
5- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 85. الفقيه 2، 201- باب الذبح و النحر و ما يقال عند الذبيحة، ح 6، و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لعله سقط سهواً من سندي التهذيب و الفروع، و ذلك بملاحظة باقي الروايات. و نَخَعَ الذبيحة: جاوز بالسكين منتهى الذبح فأصاب نخاعها. و قيل: نخع الذبيحة، هو قطع رقبتها.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 88. و قال المحقق في الشرائع 1/ 265: ﴿و ترتيب هذه المناسك واجب يوم النحر، الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، فلو قدّم بعضها على بعض أثِمَ و لا إعادة﴾.

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم البجليّ، عن أبي خديجة قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو ينحر بدنته (1) معقولة يدها اليسرى، ثمَّ يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول: ﴿بِسمِ اللهِ واللهُ أکبَرُ، اللّهُمَّ هذا مِنکَ ولکَ، اللهُمَّ تَقبَّلهُ مِنّی﴾، ثُمَّ یطعُنُ في لَبَّتها، ثُمَّ یخرِجُ السِّکّینَ بِیدِهِ، فاذا وَجَبَتْ قَطَعَ مَوضِعَ الذَّبحِ بِیدِهِ.(2)

312- باب الأكل من الهَدْي الواجب و الصدقة منها و إخراجه من منى

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين نحر، أن تؤخذ من كلِّ بدنة جِذوة (3)من لحمها، ثمَّ تطرح في بُرْمة (4) ثمّ تطبخ، و أكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و عليُّ منها، و حَسَيه (5) من مرقها (6)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله تعالى: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها (قال: إذا وقعت على الأرض)،فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ﴾ (7)؟ قال: القانع : الّذي يرضى بما أعطيته، و لا يسخط، و لا يكلح (8)، و لا يلوي شدقه (9) غضباً، و المعترُّ: المارُّ بك لتطعمه (10)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن لحوم الأضاحيّ؟ فقال: كان عليُّ بن الحسين و أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يتصدَّقان بثلث على جيرانهم، و ثلث على السّؤّال، و ثلث

ص: 499


1- في التهذيب: بدنة...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84.
3- أي قطعة أو بضعة.
4- البُرمة: القدر من الحجارة.
5- حسى المرق: شربه شيئا بعد شيء.
6- روى بمعناه في التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 91.
7- الحج/36.
8- الكلوح: العبوس. يقال: ما أقبح كلحته: يراد به الفم و ما حواليه.
9- الشدق: جانب الفم.
10- الحديث مرسل. و الأمر في: فكلوا: إما للوجوب أو للاستحباب على الخلاف بين الأصحاب.

ينسحله لأهل البيت (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ؛ و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، جميعاً عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الهدي، ما يأكل منه الّذي يهديه في متعته و غير ذلك؟ فقال: كما يأكل من هديه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن فداء الصيد، يأكل صاحبه من لحمه؟ فقال: يأكل من أُضحيّته، و يتصدَّق بالفداء (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَکُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ﴾، قال: القانع: الّذي يقنع بما أعطيته، و المُعْتَرّ؛ الّذي يعتريك، و السائل؛ الّذي يسألك في يديه، و البائس؛ هو الفقير (4)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: سألته عن إخراج لحوم الأضاحيِّ من منى؟ فقال: كنّا نقول: لا يخرج منها شيء لحاجة النّاس إليه، فأمّا اليوم، فقد كَثُرَ النّاس، فلا بأس بإخراجه (5)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن ابن مسكان ،عن أبي بصير قال: سألته عن رجل أهدى هدياً فانكسر؟ فقال: إن كان مضموناً- و المضمون ما كان في يمين؛ يعني نذراً أو جزاءً-، فعليه فداؤه، قلت: أيأكل منه؟

ص: 500


1- الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 13 مرسلاً. و السؤال: جمع السائل، و هو الذي يسأل الناس ليعطوه.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 93 و في ذيله: في هديه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. الاستبصار 2، 187- باب الهدي المضمون هل يجوز أن يؤكل منه أم لا؟،ح 2، الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 16. و ما تضمنه من جواز الأكل من الأضحية و عدم جوازه من الفداء هو المشهور الأصحاب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 90 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 و فيه إلى قوله:... الذي يعتريك.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 107. الاستبصار 2، 189- باب كراهية إخراج لحوم الأضاحي من منى، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15 بتفاوت.

فقال: لا، إنّما هو للمساكين، فإن لم يكن مضموناً فليس عليه شيء، قلت: أيأكل منه؟ قال: يأكل منه (1)

و روي أيضاً: أنّه يأكل منه، مضموناً كان أو غير مضمون (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأيت أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دعا ببَدَنة فنحرها، فلمّا ضرب الجزّارون عراقيبها فوقعت إلى الأرض، و كشفوا شيئاً عن سنامها قال: اقطعوا و كلوا منها [و أطعِموا]، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَکُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا﴾ (3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالا: نهانا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عن لحوم الأضاحيِّ بعد ثلاث، ثمَّ أذن فيها و قال: كلوا من لحوم الأضاحيِّ بعد ثلاث، وادّخروا (4)

313- باب جلود الهَدْي

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نهى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يُعطى الجزَّار من جلود الهدي و أجلالها (5) شيئاً.

2- و في رواية معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينتفع بجلد الأُضحيّة،

ص: 501


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. الاستبصار 2، 187- باب الهدي المضمون هل يجوز أن يؤكل منه أم لا؟،ح 1. و قوله: أيأكل منه،- في الشقّ الأول- أي من المضمون.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. و أخرجه فيهما عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و حمله الشيخ على حال الضرورة فيما يكون مضمونا من الهدي.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 94 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 5،نفس الباب، ح 102. الاستبصار 2، 188- باب جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، ح 2. بتفاوت في الذيل فيهما. و قال الشهيد رحمه الله في الدروس: يجوز ادّخار لحمها بعد ثلاث و كان محرماً فنسخ. هذا و يقول المحقق في الشرائع 264/1: ﴿و يستحب الأكل من الأضحية و لا بأس بادّخار لحمها، و يكره أن يخرج به من مني، و لا بأس بإخراج ما يضحّيه غيره﴾.
5- أجلال: جمع جلّ.

و يشترى به المتاع، و إن تصدَّق به فهو أفضل، و قال نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بَدَنَة و لم يعط الجزّارين جلودها و لا قلائدها (1)و لا جلالها، و لكن تصدَّق به، و لا تعط السلّاخ منها شيئاً، و لكن أعطه من غير ذلك.

314- باب الحلق و التقصير

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن مسلم، عن أبي شبل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثمَّ دفنه، جاء یوم القيامة وكلُّ شعرة لها لسان طلق تلبّي باسم صاحبها (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مفضّل بن صالح، عن أبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): للرَّجل أن يغسل رأسه بالخطميِّ قبل أن يحلقه؟ قال: يقصّر و يغسله (3)

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يوم النّحر يحلق رأسه و يقلّم أظفاره و يأخذ من شاربه و من أطراف لحيته (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتريت أُضحيّتك، و وزنت ثمنها، و صارت في رحلك، فقد بلغ الهدي مَحِلّه، فإن أحببت أن تحلق فاحلق (5)

ص: 502


1- القلائد: ما يعلّق في عنق البدنة من جلد و نحوه ليعلم أنها هدي فيكفّ الناس عنها. و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿وكل هدي واجب كالكفارات [و الفداء و النذور، و ليس بهدي سياق و لا تمتع] لا يجوز أن يعطى الجزار منها شيئاً و لا أخذ شيء من جلودها و لا أكل شيء منها، فإن أكل تصدّق بثمن ما أكل﴾.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 46 و الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و قال الشهيد في الدروس: لو أراد غسل رأسه بالخطمي أو غيره أخّر عن التقصير.
4- الفقيه 2، 206- باب في من نسي أو جهل أن يقصر أو... ، ح 3.
5- التهذيب 5 ، 16- باب الذبح، ح 133. الاستبصار 2، 195- باب أنه لا يجوز الحلق قبل الذبح، ح 2. و أخرجه فيهما عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... و يظهر أن الشيخ في التهذيب قد عمل بمضمونه حيث قال: و لا يجوز أن يحلق الرجل رأسه و لا يزور البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محلّه و هو أن يشتريه فيَجعله في رحله. و ما التزم به رحمه الله هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم إذ لا يجوز الحلق أو التقصير إلا بعد الذبح أو النحر.

5- و بإسناده، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتّى ارتحل من منى؟ قال: فليرجع إلى منى حتّى يحلق بها شعره، أو يقصّر، و على الصّرورة أن يحلق (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينبغي للصّرورة أن يحلق، و إن كان قد حجّ، فإن شاء قصّر، و إن شاء حلق، قال: و إذا لبّد شعره أو عقصه فإنَّ عليه الحلق، و ليس له التقصير (2)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على الصرورة أن يحلق رأسه و لا يقصّر، و إنّما التقصير لمن حجَّ حجّة الإسلام (3)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يقصّر من شعره و هو حاجُّ حتّى ارتحل من منى؟ قال: ما يعجبني أن يلقي شعره إلّا بمنى. و قال: في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ (4)، قال: هو الحلق، و ما في جلد الإنسان (5)

ص: 503


1- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 6. الاستبصار 2، 196- باب من رحل من منى قبل أن يحلق، ح 2. الفقيه 2، 206- باب من نسي أو جهل أن ... ، ح 1 بتفاوت و أسنده إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل الحديث على أن المتعيّن على الصرورة الحلق دون التقصير، و على أن الجاهل بوجوب الحلق أو التقصير بمنى يجب عليه أن يحلق أو يقصّر في المكان الذي يرتفع جهله فيه إذا تعذر عليه الرجوع و أن يبعث بشعره ليدفن في منى و إلا فلا شيء عليه، و الذي يظهر من كلمات أكثر فقهائنا أن الصرورة مخيّر بين الحلق و التقصير، و حملوا الروايات الدالة على الحلق على الأفضلية و الاستحباب، قال الشهيدان: ﴿و أما الحلق فيتخيّر بينه و بين التقصير و الحلق أفضل الفردين الواجبين تخييراً خصوصاً للملبدّ شعره و الصرورة، و قيل: لا يجزيهما إلا الحلق للأخبار الدالة عليه و حملت على الندب جمعاً﴾. و نفس الموقف أورده المحقق في الشرائع 264/1 فراجع.
2- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 14 و كرره برقم 372 من الباب 26 من نفس الجزء. و عقص الشعر: عبارة عن جمعه في وسط الرأس. و تلبيده: عبارة عن جعل الصمغ و شبهه فيه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. و كرره برقم 371 من الباب 26 من نفس الجزء. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحج/29.
5- روی ذيله في الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 5 و أخرجه عن النضر عن عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و روى ذيله بتفاوت يسير في التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 16 و أخرجه عنه عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يحلق رأسه بمكّة؟ قال: يردّ الشعر إلى منى (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن آبائه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السنّة في الحلق أن يبلغ العَظمَيْن (2)

11- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقصّر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة (3)

12- أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا حين نَفَرْنا من منى أقمنا أيّاماً، ثمَّ حلقتُ رأسي طلب التلذُّذ، فدخلني من ذلك شيءٌ؟ فقال: كان أبو الحسن صلوات الله عليه إذا خرج من مكّة فأُتي بثيابه، حلق رأسه؛ قال: و قال في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُم﴾، قال: التَفَث؛ تقليم الأظفار، و طرح الوسخ، و طرح الإحرام (4)

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة أنَّ رجلاً من أهل خراسان قَدِمَ حاجاً، و كان أقرعّ الرأس، لا يحسن أن يلبّي، فاستُفْتِيَ له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأمر أن يُلَبّى عنه و يُمِرُّ الموسى على راسه، فإنَّ ذلك يجزىء عنه (5)

ص: 504


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9. الاستبصار 2، 196- باب من رجل من منى قبل أن يحلق، ح 5. الفقيه 2، 206- باب من نسي أو جهل أن يقصّر أو ...، ح 2 و رواه مرسلاً. هذا و يقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿و يجب أن يحلق بمنى، فلو رحل رجع فحلق بها، فإن لم يتمكن حلق أو قصر مكانه و بعث بشعره ليدفن بها، و لو لم يمكنه لم يكن عليه شيء.﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. و المقصود بالعظمين: هما اللذان يكونان عند الصدغين منتهى قبالة وتد الأذنين.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17 و في آخره: مقدار الأنملة. يقول المحقق في الشرائع 264/1: ﴿و ليس على النساء حلق، و يتعيّن في حقهن التقصير، و يحززن منه و لو مثل الأنملة﴾.
4- روى ذيله في الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 7 بزيادة (عنه) في الذيل.
5- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 21. هذا و قد مر أن الأخرس يجب عليه أن يعقد قلبه بالتلبية و يشير بإصبعه، و هذا ليس أسوأ حالاً منه، و لعل الاكتفاء بأن يلبىّ عنه كان مذهب بعض قدماء الأصحاب كابن الجنيد، و هو خلاف المشهور. و أما بالنسبة لمن لم يكن على رأسه شعر فيقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿و من ليس على رأسه شعر أجزاء إمرار الموسى عليه﴾.

315- باب من قدَّم شيئاً أو أخَّره من مناسكه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: سألت أبا الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي، إلّا أن يكون ناسياً ثمَّ قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أتاه أُناس يوم النّحر، فقال بعضهم: يا رسول الله، إنّي حلقت قبل أن أذبح، و قال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدَّموه، فقال: لا حَرَج (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فداك، إنَّ رجلاً من أصحابنا رمي الجمرة يوم النَّحر و حلق قبل أن يذبح؟ فقال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّا كان يوم النّحر، أتاه طوائف من المسلمين فقالوا: يا رسول الله، ذبحنا من قبل أن نرمي، و حلقنا من قبل أن نذبح، و لم يبق شيء ممّا ينبغي لهم أن يقدِّموه إلّا أخّروه، و لا شيء ممّا ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدَّموه، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا حَرَج لا حَرَج (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل زار البيت قبل أن يحلق؟ فقال: إن كان زار البيت قبل أن يحلق و هو عالم أنَّ ذلك لا ينبغي له، فإنَّ عليه دم شاة (3)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن

ص: 505


1- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 136. الاستبصار 2، 195- باب أنه لا يجوز الحلق قبل الذبح، ح 4. الفقيه 2، 205- باب تقديم المناسك و تأخيرها، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 135. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الترتيب في أفعال منى و ذلك بأن يرمي أولاً، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصّر، و لكنهم أفتوا بأنه إذا عكس عمداً أثِمَ و أجزأ و لا إعادة عليه، و إن استشكل صاحب المدارك في الحكم بعدم الإعادة و الإجزاء في صورة العمد.
3- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 2. هذا و قد نبهنا سابقاً على أن الأصحاب رضوان الله عليهم قد أوجبوا الترتيب بين مناسك منى و هي الرمي ثم النحر أو الذبح ثم الحلق أو التقصير، و قدّمنا نصاً للمحقق حول ذلك، و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و هي- أي مناسك منى- رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق مرتباً كما ذكر، فلو عكس عمداً أثِمَ و أَجْزَاً﴾. كما ذكرنا سابقاً استشكال صاحب المدارك رحمه الله في الحكم بالإجزاء في صورة العمد.

عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت، فاشترى بمكّة ثمَّ ذبح؟ قال: لا بأس، قد أجزأ عنه (1)

316- باب ما يحلّ للرجل من اللباس و الطيب إذا حَلَقَ قبل أن يزور

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت، يطلبه بالحنّاء؟ قال: نعم، الحنّاء و الثياب و الطيب، و كلُّ شيء، إلّا النّساء- ردّدها عليَّ مرّتين أو ثلاثاً- قال: و سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنها؟ نعم، فقال: الحنّاء و الثياب و الطيب و كلُّ شيء، إلّا النساء (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقلت: المتمتّع يغطّي رأسه إذا حلق؟ فقال: يا بُنَيَّ، حَلْقُ رأسه أعظم من تغطيته إيّاه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن يونس مولى عليّ، عن أبي أيّوب الخزَّاز قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد ما ذبح، حَلَقَ، ثمَّ ضمّد رأسه بمسك (4)، و زار البيت و عليه قميص، و كان متمتّعاً.

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي أيّوب نحوه (5)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 506


1- الفقيه 2، 205- باب تقديم المناسك و تأخيرها، ح 2. بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، الاستبصار 2، 197- باب أن من حلق رأسه قبل أن يطوف طواف الزيارة حلّ له ... ،ح 4 بتفاوت فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿مواطن التحليل ثلاثة: الأول: عقيب الحلق أو التقصير، يحلّ من كل شيء إلا الطيب و النساء و الصيد. الثاني: إذا أطاف طواف الزيارة، حلّ له الطيب. الثالث: إذا طاف طواف النساء حلّ له النساء﴾.
3- روى ذيله في الفقيه 2، 207- باب ما يحل للمتمتع و المفرد إذا ذبح و حلق قبل أن ... ، ذيل حديث 3، مرسلاً بتفاوت.
4- يدل على جواز استعمال الطيب بعد الحلق. و لم يستبعد جوازه صاحب المدارك بشرط عدم انعقاد إجماع على خلافه. أقول: و هو خلاف المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم.
5- هذا السند مجهول.

عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: ولد لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مولود بمنى، فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران، و كنّا قد حلقنا، قال عبد الرَّحمن: فأكلتُ أنا، و أبى الكاهليُّ و مرازم أن يأكلا، و قالا: لم نَزُر البيت، فسمع أبو الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كلامنا ، فقال لمصادف- و كان هو الرسول الّذي جاءنا به-: في أيِّ شيء كانوا يتكلّمون؟ قال: أكل عبد الرَّحمن و أَبى الآخران و قالا: لم نَزُر بَعْدُ، فقال: أصاب عبد الرَّحمن، ثمَّ قال: أما يذكر حين أُوتينا به في مثل هذا اليوم، فأكلت أنا منه، و أبى عبد الله أخي أن يأكل منه، فلمّا جاء أبي حرَّشه عليَّ فقال: يا أَبَه، إنَّ موسى أكل خبيصاً فيه زعفران و لم يزر بعد، فقال أبي: هو أفقه منك، أليس قد حلقتم رؤوسكم (1)

5- صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا حلق رأسه، ما يحلُّ له؟ فقال: كلُّ شيء، إلّا النّساء.

317- باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهَدْيَ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد جميعاً، عن رِفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع لا يجد الهدي؟ قال: يصوم قبل التروية بيوم، و يومَ التّروية، و يومَ عرفة، قلت: فإنّه قَدِمَ يومَ التروية؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق، قلت: لم يقم عليه جمّاله؟ قال: يصوم يوم الحصبة، و بعده يومين، قال: قلت: و ما الحصبة؟ قال: نَفْرِِهِ، قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال نعم، أليس هو يومَ عرفة مسافراً، إنّا أهل بيت نقول ذلك لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الحَجّ﴾ (2) يقول: في ذي الحجّة (3)

ص: 507


1- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 26. الاستبصار 2، 197- باب أن من حلق رأسه قبل أن يطوف طواف الزيارة حلّ ... ، ح 5. و حرّش بين القوم أو الكلاب: أغرى بعضهم ببعض. و الخبيص: حلوى تصنع من التمر الملتوت بالسمن. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الخبر و أمثاله على الحاج غير المتمتع. و ظاهر الكليني رحمه الله أنه يقول بالجواز مطلقاً.
2- البقرة/196.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 124 بتفاوت في الذيل. و كذا هو في الاستبصار 2، 192- باب من صام يوم التروية و يوم عرفة هل ..، ح 5. و أخرجاه عن الحسين بن سعيد عن صفوان و فضالة عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قد ذكر الشيخ هذا الحديث بنفس سند الفروع هنا برقم 43 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب. و قال السيد الخوئي معلقاً على السند فيهما في معجم رجال الحديث 199/7: ﴿و الظاهر وقوع السقط فيهما، فإن أحمد بن محمد و هو ابن عيسى و سهل بن زياد لا يمكن أن يروبا عن رفاعة بن موسى بلا واسطة، و إنما يروبان عنه بواسطة أو بواسطتين ...﴾

2- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: من لم يجد هدياً، و أحبَّ أن يقدِّم الثلاثة الأيّام في أوَّل العشر، فلا بأس (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع لم يجد هدياً؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ، يوماً قبل التروية، و يومَ التروية و يومَ عرفة، قال: قلت: فإن فاته ذلك؟ قال: يتسحّر ليلة الحَصَبة، و يصوم ذلك اليوم، و يومين بعده، قلت: فإن لم يقم عليه جمّاله، أيصومها في الطريق؟ قال: إن شاء صامها في الطريق، و إن شاء إذا رجع إلى أهله (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع يدخل يوم التروية و ليس معه هديٌ؟ قال: فلا يصوم ذلك اليوم، و لا يوم عرفة، و يتسحّر ليلة الحَصَبة فيصبح صائماً، و هو يوم النفر، و يصوم يومين بعده.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجلٌ تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، في عيبته ثياب له، يبيع من ثيابه و يشتري هديه؟ قال: لا، هذا يتزيّن به المؤمن، يصوم، و لا يأخذ شيئاً من ثيابه (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في متمتّع يجد الثمن و لا يجد الغنم؟ قال: يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة، و يأمر من يشتري له و يذبح عنه، و هو يجزىء عنه، فإن مضى ذو الحجّة، أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة (4)

ص: 508


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 132. الاستبصار 2، 194- باب جواز صيام الثلاثة الأيام في السفر، ح 6 بتفاوت فيهما و أخرجاه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان و محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان قال: حدثني أبَان الأزرق عن زرارة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا... ، ح 5. و فيه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بالعشر: العشر الأواخر من ذي الحجة.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 44 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 141 بتفاوت يسير جداً. و يقول المحقق في الشرائع 260/1: ﴿و لا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي، بل يقتصر على الصوم﴾.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 38. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 38. قال المحقق في الشرائع 261/1: ﴿من فقد الهدي و وجد ثمنه، قيل: يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة، و قيل: ينتقل فرضه إلى الصوم، و هو الأشبه﴾. و القول الأول هو المشهور بين الأصحاب. و اختار ابن إدريس ما اعتبره المحقق الأشبه.

7- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع كان معه ثمن هدي و هو يجد بمثل ذلك الّذي معه هدياً، فلم يزل يتوانى و يؤخّر، حتّى إذا كان آخر النهار غَلَت الغنم، فلم يقدر أن يشتري بالّذي معه هدياً؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد أيّام التشريق (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هدياً، فصام الثلاثة الأيّام، فلمّا قضى نسكه، بدا له أن يقيم بمكّة؟ قال: ينتظر مقدم أهل بلاده، فإذا ظنَّ أنّهم قد دخلوا، فليَصُمْ السبعة الأيّام (2)

9- أحمد بن محمد بن أبي بصير، عن عبد الكريم، عن أبي نصر، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي [به]، حتّى إذا كان يوم النفر، وجد ثمن شاة، أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإنَّ أيّام الذَّبح قد مضت (3)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرَّم، فعليه دم شاة، و ليس له صوم، و يذبحه بمنى (4)

ص: 509


1- الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدي، ذيل ح 6 بتفاوت و أخرجه عن یحیی الأزرق على أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 يتفاوت. التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 22 بتفاوت.
3- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 40. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 3. ونص الصدوق رحمه الله على ما تضمنه هذا الخبر من حكم في الفقيه 2، بعد إيراده الحديث 4 من الباب 208 فراجع. هذا و قال المحقق في الشرائع 262/1: ﴿و لو صامها (أي الثلاثة أيام في الحج) ثم وجد الهدي و لو قبل التلبّس بالسبعة لم يجب عليه الهدي، و كان له المضي على الصوم، و لو رجع إلى الهدي كان أفضل﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، 191- باب من لم يجد الهدي و أراد الصوم، ح 7. هذا و قال المحقق في الشرائع 261/1: ﴿من فقد الهدي و وجد بدله، قيل: يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة، و قيل: فينتقل فرضه إلى الصوم، و هو الأشبه. و إذا فقدهما صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج متابعات، يوماً قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة، و لو لم يتفق اقتصر على التروية و عرفة ثم صام الثالث بعد النفر، و لو فاته يوم التروية أخّره إلى بعد النفر ... و لا يصح صوم هذه الثلاثة إلا في ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة، و لو خرج ذو الحجة و لم يصمها تعيّن الهدي في القابل، و لو صامها ثم وجد الهدي و لو قبل التلبس بالسبعة لم يجب عليه الهدي و كان له المضي على الصوم، و لو رجع إلى الهدي كان أفضل، و صوم السبعة بعد وصوله إلى أهله و لا يشترط فيها الموالاة على الأصح، فإن أقام بمكة، انتظر قدر وصوله إلى أهله ما لم يزد على شهر﴾.

11- عدةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجِّ، ثمَّ أصاب هدياً يوم خرج من منى؟ قال: أجزأه صيامه (1)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: من مات و لم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليّها (2)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجِِّ و لم يكن له هدي، فصام ثلاثة أيّام في الحجّ، ثمَّ مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيّام، أَعَلى وليّه أن يقضي عنه؟ قال: ما أرى عليه قضاء (3)

14- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل تمتّع و ليس معه ما يشتري به هدياً، فلمّا أن صام ثلاثة أيّام في الحجِّ، أيسر، أيشتري هدياً فينحره، أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله؟ قال: يشتري هدياً فينحره، و يكون صيامه الّذي صامه نافلة له (4)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ (5)؟كمالها (6) كمال الأُضحيّة.

ص: 510


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 4.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، 177- باب من مات و لم يكن له هدي لمتعته هل يجب على ... ، ح 1. الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على ...، ح 2 و أخرجه عن صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قد حمل أصحابنا هذا الحديث على أن وليه يصوم عنه الأيام الثلاثة التي كان عليه أن يصومها في الحج، دون الأيام السبعة التي كان عليه صيامها بعد رجوعه إلى أهله، إذ ليس على أحد وجوب قضائها. و إن ذهب البعض إلى القول بوجوب قضاء الجميع، يقول المحقق في الشرائع 262/1: ﴿و لو مات من وجب عليه الصوم و لم يصم، وجب أن يصوم عن وليّه الثلاثة دون السبعة، و قيل: بوجوب قضاء الجميع، و هو الأشبه﴾.
3- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 47. الاستبصار 2، 177- باب من مات و لم يكن له هدي هل يجب على ... ، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 5.
5- البقرة/196.
6- ﴿كما لها كمال الأضحية، أي ليس الغرض بيان أن الثلاثة و السبعة عشرة تامة فإن هذا لا يحتاج إلى البيان، بل الغرض أن تلك العشرة كاملة في بدلية الهدي و لا ينقص ثوابها عن ثواب الهدي ... الخ﴾ مرآة المجلسي 199/18. هذا و الحديث مرفوع.

16- يعض أصحابنا، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن عبد الله الكرخيِّ، قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المتمتّع يقدم و ليس معه هديٌ، أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال: يصبر إلى يوم النحر، فإن لم يُصِبْ فهو ممّن لم يجد (1)

318- باب الزيارة و الغسل فيها

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الغسل- إذا زار البيت- من منى؟ فقال: أنا أغتسل من منى، ثمَّ أزور البيت (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن غسل الزّيارة، يغتسل الرَّجل باللّيل و يزور في اللّيل بغسل واحد، أيجزيه ذلك؟ قال: يجزيه ما لم يحدث [ما يوجب] وضوءاً، فإن أحدث فليُعِدْ غسله باللّيل (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينبغي للمتمتّع أن يزور البيت يوم النحر، أو من ليلته، و لا يؤخّر ذلك (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في زيارة البيت يوم النحر، قال: زره، فإن شُغِلْتَ فلا يضرُّك أن تزور البيت من الغد، و لا تؤخّره أن تزور من يومك، فإنّه يكره للمتمتّع أن يؤخّره، و موسّع للمفرد أن يؤخّره، فإذا أتيتَ البيت يوم النحر فقمت على

ص: 511


1- الحديث مجهول. و لم يستبعد بعض علمائنا حمله على التقية.
2- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 9 و 10 بتفاوت في الأخير.
3- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 9 و 10 بتفاوت في الأخير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 200- باب وقت طواف الزيارة للمتمتع، ح 3 و في ذيله زيادة: اليوم. هذا و قد حكم أصحابنا رضوان الله عليهم باستحباب تعجيل العود من يوم النحر متى فرغ من مناسك منى ليومه إلى مكة، و ذلك للطوافين و السعي، و يجوز التأخير إلى الغد، و إن كان المشهور أنه يأثم لو أخّره بعد الغد و ذهب ابن إدريس، و العلامة في المختلف إلى عدم الإثم على المتمتع في هذا التأخير، و قواه الشهيد الثاني رحمهم الله.

باب المسجد قلت: ﴿اللّهمَّ أعِنِّي على نسكك، و سلّمني له و سلّمه لي، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر لي ذنوبي، و أن ترجعني بحاجتي، اللّهمَّ انّي عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك و أوءمُّ طاعتك، متّبعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك، أسألك مسألة المضطرِِّ إليك، المطيع لأمْرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلّغني عفوك، و تجيرني من النّار برحمتك﴾.

ثمَّ تأتي الحجر الأسود فتستلمه و تقبّله، فإن لم تستطع فاستلمه بيدك و قبّل يدك، فإن لم تستطع فاستقبله و كبرّ و قل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قَدِمْتَ مكّة، ثمَّ طف بالبيت سبعة أشواط كما و صفت لك يوم قدمت مكّة، ثمَّ صلِّ عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ركعتين، تقرء فيهما بقل هو الله أحد، و قل يا أيّها الكافرون، ثمَّ ارجع إلى الحجر الأسود فقبّله إن استطعت، و استقبله و كبّر، ثمَّ اخرج إلى الصّفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكّة، ثمَّ ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط، تبدء بالصّفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلِّ شيء أحرمت منه إلّا النساء، ثمَّ ارجع إلى البيت وطف به أُسبوعاً آخر، ثمَّ صلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ أحللت من كلِّ شيء، و فرغت من حجّك كلّه، و كلِّ شيء أحرمتَ منه (1)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، متمتّع زار البيت، فطاف طواف الحج، ثمَّ طاف طواف النساء، ثمَّ سعى؟ فقال: لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء، فقلت: عليه شيءٌ؟ فقال: لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء (2)

319- باب طواف النساء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 512


1- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 13. الاستبصار 2، 200- باب وقت طواف الزيارة للمتمتع، ح 8 و روى صدره إلى قوله: ... أن يؤخره. كما روى جزءاً من أوله و جزءاً من الدعاء في الفقيه 2، 213- باب سباق مناسك الحج، عنوان (زيارة البيت).
2- الحديث مرسل. و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في إجزاء السعي إذا قدّمه على طواف النساء نسياناً، و عدم إجزائه مع العمد.

في قول الله عزّ و جلَّ: ﴿وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ﴾ (1) قال: طواف الفريضة طواف النّساء (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابه، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ﴾؟ قال: طواف النساء (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو لا ما منَّ الله عزَّ و جلَّ على النّاس من طواف النّساء لرجع الرَّجل إلى أهله و ليس يحلُّ له أهله (4)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أخيه الحسين بن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخصيان و المرأة الكبيرة، أعَلَيهم طواف النساء؟ قال: نعم، عليهم الطواف كلّهم (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ نسي طواف النساء حتّى دخل أهله؟ قال: لا تحلُّ له النّساء حتّى يزور البيت؛ و قال: يأمر أن يقضى عنه إن لم يحجَّ، فإن توفّي قبل أن يُطاف عنه، فليقضِ عنه وليّه أو غيره (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة المتمتّعة تطوف بالبيت و بالصفا و المروة

ص: 513


1- الحج/29.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. و كرره برقم 8 من الباب 23 من نفس الجزء. الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 9.
3- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 9 و فيه: عن بعض أصحابنا.
4- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 16 بتفاوت.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. هذا و يقول المحقق في الشرائع 271/1: ﴿طواف النساء واجب في الحج و العمرة المفردة دون المتمتع بها، و هو لازم للرجال و النساء و الصبيان و الخنائي﴾.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17 بتفاوت و زيادة في آخره. و كرره كذلك برقم 25 من نفس الباب. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و لو نسي طواف النساء حتى خرج من مكة، جازت الإستنابة فيه اختياراً و إن أمكن العود، لكن لو اتفق عَوده لم تجز الإستنابة﴾. و قال المحقق في شرائعه: ﴿و لو نسي طواف النساء جاز أن يستنيب، و لو مات قضاه وليّه وجوباً﴾.

للحجِِّ، ثمَّ ترجع إلى منى قبل أن تطوف بالبيت (1)؟ فقال: أليس تزور البيت (2)؟ قلت: بلى، قال: فلتَطُف

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن سماعة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل طاف طواف الحجِّ و طواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا و المروة؟ فقال: لا يضرُّه، يطوف بين الصفا و المروة، و قد فرغ من حجّه (3)

320- باب من بات عن منى في لياليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تبت ليالي التشريق إلاّ بمنى، فإن بتَّ في غيرها فعليك دمٌ، و إن خرجت أوَّل اللّيل فلا ينتصف لك اللّيل إلّا و أنت بمنى، إلّا أن يكون شُغْلُك بنُسُكك، [أ] و قد خرجت من مكّة، و إن خرجت نصف اللّيل فلا يضرُّك أن تصبح بغيرها؛ قال: و سألته عن رجل زار عشاء، فلم يزل في طوافه و دعائه و في السعي بين الصفا و المروة حتّى يطلع الفجر؟ قال: ليس عليه شيء، كان في طاعة الله (4)

2- أبو علي ّالأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الزِّيارة من منى؟ قال: إن زار بالنّهار أو عشاء فلا ينفجر الفجر إلّا و هو بمنى، و إن زار بعد نصف اللّيل و أسحر، فلا بأس أن ينفجر الفجر و هو بمكّة (5)

ص: 514


1- يعني طواف النساء.
2- أي للوداع كما يفعل المخالفون حيث لم يوجبوا طواف النساء، فيكون بالنسبة لها للوداع ظاهراً و واقعاً للنساء. و الله العالم. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 395. و ذكره برقم 111 من الباب 9 من نفس الجزء و أسنده هناك إلى أبي الحسن الماضي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و لا بد من حمل الحديث صورة الضرورة أو السهو.
4- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 38 و فيه تفاوت. إلى قوله: ... أن تصبح بغيرها. و روى تتمته برقم 36 من نفس الباب بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 201- باب من بات ليالي منى بمكة، ح 8 و فيه إلى قوله: ... أن تصبح بغيرها. و روى تتمته بتفاوت يسير برقم 6 من نفس الباب. و روى ذيله في الفقيه 2، 192- باب ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة، ح 2.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30 بتفاوت. قال المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الزيارة و السعي و طواف النساء فالواجب العود إلى منى للمبيت بها، فيجب عليه أن يبيت بها ليلتي الحادي عشر و الثاني عشر، فلو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاه إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة، أو يخرج من منى بعد نصف الليل، و قيل: بشرط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر، و قيل: لو بات الليالي الثلاث بغير منى لزمه ثلاث شياة، و هو محمول على من غربت الشمس في الليلة الثالثة و هو بمنى، أو من لم يتّق الصيد و النساء﴾.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، في رجل زار البيت فنام في الطريق قال : إن بات بمكّة فعليه دمٌ، و إن كان قد خرج منها فليس عليه شيءٌ، و لو أصبح دون منى (1)

و في رواية أُخرى عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الرَّجل يزور فينام دون منى؟ قال: إذا جاز عقبة المدنيّين فلا بأس أن ينام (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا زار الحاجُّ من منى، فخرج من مكّة فجاوز بيوت مكّة، فنام، ثمَّ أصبح قبل أن يأتي منى، فلا شيء عليه (3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا تدخلوا منازلكم بمكّة إذا زرتم،- يعني أهل مكّة (4)

321- باب إتيان مكة بعد الزيارة للطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يأتي مكّة أيّام منى بعد فراغه من زيارة البيت، فيطوف بالبيت تطوُّعاً؟ فقال: المقام بمنى أفضلُ وأحبُّ إليَّ (5)

ص: 515


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 11 بتفاوت فيهما. و ليس فيهما. عن بعض أصحابنا. و هو موقوف فيهما أيضاً.
2- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 40. الاستبصار 2، 201- باب من باب ليالي منى بمكة، ح 10. و أخرجاه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الفقيه 2، 192- باب ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة، ح 6.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و هذا الحديث محمول على الكراهة، إلا أن يكون دخولهم منازلهم بمكة من أجل المبيت فيها و عدم مبيتهم بمنى.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 47. الاستبصار 2، 202- باب إتيان مكة أيام التشريق لطواف الزيارة، ح 4. الفقيه 2، 193- باب إتيان مكة بعد الزيارة للطواف، ح 2.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الزِّيارة بعد زيارة الحجِّ في أيّام التشريق؟ فقال: لا (1)

322- باب التكبير أيام التشريق

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ﴾ (2) قال: التكبير في أيام التشريق، من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث، و في الأمصار عشر صلوات، فإذا نفر بعد الأُولى أمسك أهل الأمصار، و من أقام بمنى فصلّى بها الظهر و العصر، فليكبّر (3)

2- حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات؟ فقال: التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة، و في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات، و أوَّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر، يقول فيه: ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ﴾. و إنما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات، لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوَّل (4)، أمسك أهل الأمصار عن التكبير، و كبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير (5)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 516


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و حمل النفي لذلك على جهة الأفضل و الأولى. و الحديث صحيح.
2- البقرة/203.
3- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 33. الاستبصار 2. 206- باب أن التكبير أيام التشريق عقيب الصلوات المفروضات فرض واجب، ح 1. بتفاوت قليل بينهما.
4- النفر الأول: هو مغادرة منى يوم الثاني عشر من ذي الحجة بشرط أن يكون بعد الزوال بشرط أن يكون اجتنب. الصيد و النساء في إحرامه. في مقابل النفر الأخير و هو مغادرتها يوم الثالث عشر من ذي الحجة قبل الزوال أو بعده.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قد أورد مضمونه في الفقيه 2، 213. باب سياق مناسك الحج، بعنوان (التكبير أيام التشريق) مع حذف السند فراجع. هذا و يقول المحقق في الشرائع 276/1 : ﴿و التكبير بمنى مستحب، و قيل: واجب، و صورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، و الحمد لله على ما أوْلانا و رزقنا من بهيمة الأنعام﴾.

منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ﴾؟ قال: هي أيّام التشريق، كانوا إذا أقاموا بمني بعد النحر تفاخروا، فقال الرجل منهم: کان أبي يفعل كذا و كذا، فقال الله جلَّ ثناؤه: ﴿فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْکُرُوا اللَّهَ ...(إلى قوله تعالى) کَذِکْرِکُمْ آبَاءَکُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِکْرًا﴾ (1) قال: و التكبير ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ﴾.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التكبير أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق، إن أنت أقمت بمنى، و إن أنت خرجت فليس عليك التكبير، و التكبير أن تقول: ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَبْلاَنَا﴾ (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحد هما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل فاتته ركعة مع الإمام من الصلاة أيّام التشريق؟ قال: يتمُّ صلاته ثمَّ يكبّر؛ قال: و سألته عن التكبير بعد كلِّ صلاة؟ فقال: كم شئتَ، إنّه ليس شيءٌ موقّت- يعني في الكلام- (3)

323- باب الصلاة في مسجد منى و من يجب عليه التقصير و التمام بمنى

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: [إنّ] أهل مكّة إذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتمّوا، و إذا لم يدخلوا منازلهم قصّروا (4)

ص: 517


1- البقرة/198- 199- 200.
2- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 35 بتفاوت. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن إبراهيم عن ... الخ. و فيه: إلى صلاة الفجر، بدل: إلى صلاة العصر.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 383. و يقول المحقق في الشرائع 276/1: ﴿و التكبير بمنى مستحب و قيل: واجب، و صورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر، الله أكبر على ما هدانا و الحمد لله على ما أوْلانا و رزقنا من بهيمة الأنعام﴾.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ، ح 389 بتفاوت

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أهل مكّة إذا خرجوا حجّاجاً قصروا، و إذا زاروا و رجعوا إلى منازلهم أتمّوا.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: حجّ النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأقام بمنى ثلاثاً يصلّي ركعتين، ثمَّ صنع ذلك أبو بكر، و صنع ذلك عمر، ثمَّ صنع ذلك عثمان ستّة سنين، ثمّ أكملها عثمان أربعاً فصلّى الظهر أربعاً، ثمَّ تمارض ليشدَّ بذلك بدعته، فقال للمؤذِّن: اذهب إلى عليّ فقل له فليصلِّ بالناس العصر، فأتى المؤذِّن عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: إنَّ أمير المؤمنين عثمان يأمرك أن تصلّي بالناس العصر، فقال: إذن لا أُصلّي إلّا ركعتين كما صلّى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فذهب المؤذِّن فأخبر عثمان بما قال عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: اذهب إليه فقل له: إنّك لست من هذا في شيء، اذهب فصلّ كما تؤمر، قال عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا و الله لا أفعل، فخرج عثمان فصلّى بهم أربعاً، فلمّا كان في خلافة معاوية و اجتمع الناس عليه، و قتل أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، حجّ معاوية فصلّى بالناس بمنى ركعتين الظهر، ثمّ سلّم، فنظرت بنو أميّة بعضهم إلى بعض، و ثقيف، و من كان من شيعة عثمان، ثمَّ قالوا: قد قضى على صاحبكم (1) و خالف، و أشمتَّ به عدوُّه، فقاموا فدخلوا عليه فقالوا: أتدري ما صنعت، ما زدتَ على أن قضيت على صاحبنا و أشمت به عدوُّه، و رغبت عن صنيعه و سنّته، فقال: ويلكم، أما تعلمون أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى في هذا المكان ركعتين، و أبو بكر، و عمر، و صلّى صاحبكم ستَّ سنين كذلك، فتأمروني أن أدع سنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ما صنع أبو بكر و عمر و عثمان قبل أن يحدث؟! فقالوا: لا و الله ما نرضى عنك إلّا بذلك، قال: فأقيلوا، فإنّي مشفّعكم و راجع إلى سنّة صاحبكم، فصلّى العصر أربعاً، فلم يزل الخلفاء و الأمراء على ذلك إلى اليوم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّ في مسجد الخَيْف، و هو مسجد منى، و كان مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على عهده عند المنارة الّتي في وسط المسجد، و فوقها إلى القبلة نحواً من ثلاثين ذراعاً، و عن يمينها، و عن يسارها، و خلفها نحواً من ذلك، فقال: فَتَحَرَّ ذلك، فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه فافعل، فإنّه قد صلّى فيه ألف نبيّ، و إنّما سمّي الخَيف، لأنّه مرتفع عن الوادي، و ما ارتفع عنه يسمّى خَيْفاً (2)

ص: 518


1- قضى على صاحبكم: أي حكم عليه بالخطأ و الإبتداع في الدین.
2- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 14 بتفاوت و فيه إلى قوله: ألف نبي. الفقيه 1، 37- باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب ...، ح 13 بتفاوت. و روى تحت رقم 11 من نفس الباب عن جابر عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه قال: صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي. كما روى جزءاً من من هذا الحديث في الفقيه 2، 62 -باب فضائل الحج، ح 32. و بذيل رقم 31 من نفس الباب ذكر أنه قد صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبی

5- معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أهل مكّة يتمّون الصلاة بعرفات؟ فقال: ويلهم- أو (1) ويحهم- و أيُّ سفر أشدُّ منه، لا، لا يتمّ (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلِِّ ستَّ ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة (3)

324- باب النفر من منى الأول و الآخر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نريد أن نتعجّل السير- و كانت ليلة النفر حين سألته-، فأيُّ ساعة ننفر؟ فقال لي: أمّا اليوم الثاني فلا تنفر حتّى تزول الشمس، و كانت ليلة النفر و أمّا اليوم الثالث، فإذا ابيضّت الشمس فانفر على بركة الله، فإنّ الله جلَّ ثناؤه يقول: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾(4)، فلو سكت لم يبق أحدٌ إلّا تعجّل، و لكنّه قال: ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ (5)

ص: 519


1- الترديد من الراوي.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 147 و في ذيله: ... لا يتمّوا. الفقيه 2، 181 -باب التقصير في الطريق إلى عرفات، ح 1 و في آخره: ... لا تتم. و كان قد ذكره الشيخ في التهذيب 3، الحديث رقم 507 من التسلسل العام، و كذا الصدوق برقم 1301 من الجزء الأول من الفقيه في التسلسل العام.
3- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 15 و في سنده توسط أبو بصير بين علي بن أبي حمزة و أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قوله: أصل الصومعة: أي العمارة التي عند المنارة و هو داخل في التحديد الوارد في الحديث المتقدم برقم 4 من هذا الباب. هذا و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿و يستحب أمام ذلك- أي أمام العود إلى مكة لوداع البيت- صلاة ست ركعات بمسجد الخَيْف و آكده استحباباً عند المنارة التي في وسطه، و فوقها إلى جهة القبلة بنحو من ثلاثين ذراعاً، و عن يمينها و يسارها كذلك.﴾
4- البقرة/203.
5- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 2. الاستبصار 2، 207- باب وقت النفر الأول،ح 2 و فيه إلى قوله: فانفر على كتاب الله. و بتفاوت قليل فيهما.

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الفرج، عن أبَان بن تغلب قال: سأَلته: أيقدِِّم الرَّجل رحله و ثقله قبل النفر؟ فقال: لا، أما يخاف الّذي يقدِّم ثقله أن يحبسه الله تعالى؟ قال: و لكن يخلّف منه ما شاء لا يدخل مكّة، قلت: أفَا تَعَجِّل من (1) النسيان أقضي سناسكي و أنا أبادر به إهلالاً و إحلالاً؟ قال: فقال: لا بأس.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تنفر في يومين، فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس، و إن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق- و هو يوم النفر الأخير- فلا عليك أيَّ ساعة نفرتَ و رميتَ، قبل الزَّوال أو بعده، فإذا نفرت و انتهيت إلى الحَصَبة- و هي البطحاء- فشئت أن تنزل قليلاً، فإنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي ينزلها، ثمَّ يحمل فيدخل مكّة من غير أن ينام بها(2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، و عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تعجّل في يومين، فلا ينفر حتّى تزول الشمس، فإن أدركه المساء، بات و لم ينفر (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يصلّي الإمام الظهر يوم النفر بمكّة (4)

ص: 520


1- أي مخافة النسيان. أو أني لو نسيت فقدمت بعض مناسكي أو أخّرت، فأتي بها بعد الذكر.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 194- باب النقر الأول و الأخير، ح 1. و فيهما إلى قوله: قبل الزوال أو بعده. و مضمونه متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و قد سبق منا بيان المراد بالنفر الأول و بالنفر الأخير فراجع. و الحَصَبة و الحصباء: هي الشِعب الذي مخرجه إلى الأبطح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. هذا و قد دل الحديث على عدم جواز النفر ليلة الثالث عشر إذا قضى اليوم الثاني عشر بمنى حتى غربت الشمس، و إنما ينفر بعد طلوع شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. هذا و يقول الشهيدان : ﴿و إذا بات بمنى ليلتين، جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال لا قبله إن كان قد اتقى الصيد و النساء في إحرام الحج قطعاً و إحرام العمرة أيضاً إن كان الحج تمتعاً على الأقوى ... و لم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى، و إلا ... وجب المبيت ليلة الثالث عشر بمنى، و لا فرق مع غروبها عليه بين من تأهب للخروج قبله فغربت عليه قبل أن يخرج و غيره، و لا بين من خرج و لم يتجاوز حدودها حتى غربت و غيره ... و حيث وجب المبيت ليلة الثالث عشر وجب رمي الجمرات الثلاث فيه ثم ينفر في الثالث عشر، و يجوز قبل الزوال﴾.
4- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 9. و أخرجه عن محمد بن يعقوب على علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بالإمام أمير الحاج. و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على تأكد استحباب أن يصلي الظهر بمكة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: لا بأس أن ينفر الرَّجل في النفر الأوَّل، ثمَّ يقيم بمكّة (1)

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا نفرت في النفر الأوَّل فإن شئت أن تقيم بمكّة و تبيت بها فلا بأس بذلك؛ قال: و قال: إذا جاء اللّيل بعد النفر الأوَّل فَبِِتّ بمنى، فليس لك أن تخرج منها حتّى تُصبح (2)

8- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن أيّوب بن نوح قال: كتبت إليه: أنَّ أصحابنا قد اختلفوا علينا، فقال بعضهم: إنَّ النفر يوم الأخير بعد الزَّوال أفضل، و قال بعضهم: قبل الزَّوال؟ فكتب: أَمَا علمت أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى الظهر و العصر بمكّة، و لا يكون ذلك إلّا و قد نفر قبل الزَّوال (3)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان بن أبي زينبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: لو كان لي طريق إلى منزلي من منى، ما دخلت مكّة (4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عليِّ بن محمد القاساني، جميعاً عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داوود المنقريِّ، عن سفيان بن عُيَيْنة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأل رجلٌ أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أترى يخيّب الله هذا الخلق كلّه؟ فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحدٌ إلّا غفر الله له مؤمناً كان أو كافراً، إلّا أنّهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر و أعتقه من النار، و ذلك قوله عزَّ وجلَّ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا عَذَابَ الْنَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَ اللّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ﴾ (5). و منهم من غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، و قيل له: أحسن فيما بقي من عمرك،

ص: 521


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 194- باب النفر الأول و الأخير، ح 12.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. و فيه: تبيت بها ... ، بدون (الواو).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. و الحديث صحيح. هذا و قد نص أصحابنا على استحباب أن يكون النفر في الأخير قبل الزوال.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب العود إلى مكة لمن قضى مناسكه لوداع البيت ، فراجع شرائع المحقق 277/1، و ظاهر هذا الخبر ينافيه، و لذا حمل على صورة وجود عذر من عدم العود.
5- البقرة/201- 202.

و ذلك قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾، يعني: من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه، و من تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى الكبائر (1)

و أمّا العامّة فيقولون: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ يعني في النفر الأوَّل ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ يعني لمن اتّقى الصيد، أَفَتَرى أنَّ الصيد يحرِّمه الله بعدما أحلّه في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ إذا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ (2). و في تفسير العامّة معناه: و إذا حللتم فاتّقوا الصيد.

و كافرٌ وقف هذا الموقف زينة الحياة الدُّنيا، غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه إن تاب من الشرك فيما بقي من عمره، و إن لم يتب وفّاه أجره و لم يحرمه أجر هذا الموقف، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ (3):﴿مَن کَانَ یُرِیدُ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا وَ زِینَتَهَا نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِیهَا وَ هُمْ فِیهَا لاَ یُبْخَسُونَ * أُوْلَئِکَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَ حَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِیهَا وَ بَاطِلٌ مَّا کَانُواْ یَعْمَلُونَ﴾ (4)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن المستنير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أتى النساء في إحرامه، لم يكن له أن ينفر في النفر الأوَّل (5). و في رواية أُخرى: الصيد (6)، أيضاً.

12- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح الرماح قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى ليلة من اللّيالي فقال: ما يقول هؤلاء (7) في: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾؟ قلنا ما ندري، قال: بلى، يقولون (8): من تعجّل من أهل البادية فلا إثم عليه و من تأخر من أهل الحضر فلا إثم عليه، و ليس كما يقولون، قال الله جلَّ ثناؤه: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ ألا لا إثم عليه ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْه﴾ ألا لا إثم عليه ﴿لِمَنِ اتَّقَي﴾ إنّما هي لكم (9)، و الناس سواد (10) و أنتم الحاجّ (11)

ص: 522


1- إلى هنا رواه بتفاوت في الفقيه 2، 194- باب النفر الأول و الأخير، ح 7.
2- المائدة/2.
3- هود/15- 16.
4- الحديث ضعيف.
5- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 7.
6- و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على الصيد إضافة إلى النساء من حيث اشتراط جواز النفرالأول باتقائهما في إحرامه، و قد تقدم، و راجع شرائع الإسلام للمحقق 276/1.
7- أي بعض فقهاء العامّة.
8- نقل هذا القول عن أحمد بن حنبل منهم. و إلى مالك بن أنس أيضاً.
9- يعني الشيعة. أو لمن استقام على الدين الحق بعد أن اعتنقه.
10- أي عوامَ. و قيل: يقال سواد الناس: لكل عدد كثير.
11- الحديث مجهول.

325- باب نزول الحصبة

1- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أََبَان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الحَصَبة؟ فقال: كان أبي ينزل الأبطح قليلاً، ثمَّ يجيىء و يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح؛ فقلت له: أرأيتَ إن تعجّل في يومين إن كان من أهل اليمن، عليه أن يحصّب؟ قال: لا (1)

326- باب إتمام الصلاة في الحَرَمَيْن

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن إتمام الصلاة في الحرمين؟ فكتب إليَّ: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يحبُّ إكثار الصلاة في الحرمين، فأكثِرْ فيهما

و أتِمَّ(2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )عن إتمام الصلاة و الصيام في الحرمين؟ فقال: أتمّها، و لو صلاةً واحدةً (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن التقصير بمكّة؟ فقال: أتمَّ، و ليس بواجب، إلّا أنّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي (4)

ص: 523


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الفقيه 2، 195- باب نزول الحصبة، ح 1 من دون قوله: إن كان من أهل اليمن. و الحصبة و الحصباء و المحصّب: بطحاء مكة. و المقصود النزول في مسجد الحصبة تأسياً بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). هذا و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿و يستحب التحصيب لمن نفر في الأخير، و أن يستلقي فيه﴾. أي في مسجد الحصباء في الأبطح تأسياً به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) كما قلنا.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 122، الاستبصار 2، 228- باب إتمام الصلاة في الحرمين، ح 1. هذا و إن كان ظاهر قوله: و أَتِمَّ، وجوب الإتمام فيهما و قد عمل به السيد المرتضى- فيما حكي عنه-، إلا أن المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أنهما من أمكان التخيير، و إن كان الإتمام فيهما أفضل.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 123. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: أتمهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح134. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 13 بتفاوت يسير فيهما في الذيل.

4- يونس، عن زياد بن مروان قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن إتمام الصلاة في الحرمين؟ فقال: أحبُّ لك ما أُحبُّ لنفسي، أَتِمَّ الصلاة (1)

5- يونس، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إنَّ من المذخور الإتمامَ في الحرمين(2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن المختار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّا إذا دخلنا مكّة و المدينة، نتمُّ أو نقصّر؟ قال: إن قصّرت فذاك، و إن أتممتَ فهو خير يزداد (3)

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن مسمع، عن أبي إبراهيم ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما، و يقول: إنَّ الإتمام فيهما من الأمر المذخور (4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الرِّواية قد اختلفت عن آبائك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الإتمام و التقصير في الحرمين، فمنها: بأن يتمَّ الصلاة و لو صلاة واحدة، و منها: أن يقصّر ما لم ينوِ مقام عشرة أيّام، و لم أزل على الإتمام فيها إلى أن صدرنا في حجّنا في عامنا هذا، فإنَّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليَّ بالتقصير إذ كنت لا أنوي مقام عشرة أيّام، فصرت إلى التقصير، و قد ضقت بذلك حتّى أعرف رأيك؟ فكتب إليَّ بخطّه: قد علمت- یرحمك الله- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فإنّي أُحبُّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر، و تكثر فيهما الصلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهةً: إنّي كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا؟ فقال: نعم، فقلت: أيُّ شيء تعني بالحَرَمين؟ فقال: مكّة و المدينة (5)

ص: 524


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 135، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 15.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 136. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 16.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح137. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 17. و في ذيلهما: تزداد.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 124. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 133 بزيادة في آخره و بتفاوت يسير. و كذا هو في الاستبصار 2، 228- باب إتمام الصلاة في الحرمين، ح.12 و أخرجه فيهما عن علي بن مهزيار قال: کتبت . .. الخ. هذا، و قد دل الحديث على أفضلية إتمام الصلاة في خصوص مكة و المدينة بلا استثناء دون الحرمين بمفهومهما و حدودهما الواسعة.

327- باب فضل الصلاة في المسجد الحرام و أفضل بُقْعَةٍ فيه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أفضل موضع في المسجد يصلّى فيه، قال: الحطيم، ما بين الحَجَر و باب البيت، قلت: و الّذي يلي ذلك في الفضل؟ فذكر أنّه عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )، قلت: ثمَّ الّذي يليه في الفضل؟ قال: في الحِجر، قلت: ثمَّ الّذي يلي ذلك؟ قال: كلّما دنى من البيت (1).

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن أبي عبيدة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في الحرم كلّه سواء؟ فقال: يا أبا عبيدة، ما الصلاة في المسجد الحرام كلّه سواء، فكيف يكون في الحرم كلّه سواء؟! قلت: فأيُّ بقاعه أفضل؟ قال: ما بين الباب إلى الحَجَر الأسود (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الملتَزَم، لأيِّ شيء يُلْتَزَم، و أيُّ شيء يُذْكَر فيه؟ فقال: عنده نهر من أنهار الجنّة تُلقى فيه أعمال العباد عند كلِّ خميس.

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الكاهليِّ قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقال: أكثروا من الصلاة و الدُّعاء فى هذا المسجد، أَمَا إنَّ لكلِِّ عبد رزقاً يجاز إليه جوزاً (3)

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي سلمة، عن هارون بن خارجة، عن صامت، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن

آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أقوم أصلّي بمكّة و المرأة بين يديَّ جالسةً أو مارَّةً؟ فقال: لا بأس، إنّما سُمّيت

ص: 525


1- ورد هذا المضمون في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 29 مرسلاً عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و فيه أن الحطيم هو الموضع الذي تاب الله فيه على آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)
2- الحديث صحيح.
3- يجاز إليه: أي يجمع إليه جمعاً و يساق إليه سَوْقاً.

بكّة، لأنّها تبكّ فيها الرِّجال و النساء (1)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: قال له الطيّار- و أنا حاضر-: هذا الّذي زِِيدَ، هو من المسجد؟ فقال: نعم، إنّهم لم يبلغوا بعد مسجد إبراهيم و إسماعيل صلّى الله عليهما.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألته عن الرَّجل يصلّي بمكّة يجعل المقام خلف ظهره و هو مستقبل القبلة؟ فقال : لا بأس، يصلّي حيث شاء من المسجد، بين يَدَي المقام أو خلفه، و أفضله الحطيم، و الحِجر، و عند المقام، و الحطيم حذاء الباب (2)

10- فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان حقُّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمكّة، ما بين الحزْورَة إلى المسعى، فذلك الّذي كان خطّه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني المسجد (3)-.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل، يصلّي في جماعة في منزله بمكّة أفضل، أو وحده في المسجد الحرام؟ فقال: وحده (4)

12- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحطيم؟ فقال: هو ما بين الحجر الأسود و بين الباب؛ و سألته: لم سُمّي الحطيم؟ فقال: لأنَّ الناس يَحْطِمُ بعضهم بعضاً هناك (5)

ص: 526


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 220. الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ذيل ح 4 مرسلاً بتفاوت. و بكّه: خرّقه و مزّقه. و بكَّ فلاناً: زاحمه، و بكّ عنقه: دقّها. و سميت مكة بكّة لدقها أعناق الجبابرة أو لازدحام الناس بها.
2- و قد مر أن الحطيم هو ما بين الحجَر الأسود و الباب.
3- الحديث صحيح. ﴿و لعل المراد بالمسعى مبدؤه إلى الصفا، و فيه إشكال لأنه يلزم خروج بعض المسجد القديم، إلا أن يقال: كون هذا المقدار داخلاً فيه لا ينافي الزايد. و يحتمل أن يكون المراد أن طوله كان بهذا المقدار، أو أن هذا المقدار من المسعى كان داخلاً في المسجد كما يظهر من غيره أيضاً﴾. مرآة المجلسي 224/18.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 221. بدون كلمة: هناك في الذيل. الفقيه 2 ،61- باب علل الحج، ضمن ح 3.

328- باب دخول الكعبة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن عليِّ بن خالد، عمّن حدَّثه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: الدّاخل الكعبة، يدخل و الله راض عنه، و يخرج عَطَلاً من الذُُّنوب (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن فضّال، عن ابن القدَّاح، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن دخول الكعبة؟ قال: الدُّخول فيها دخول في رحمة الله، و الخروج منها خروج من الذُّنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفورٌ له ما سلف من ذنوبه (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت دخول الكعبة، فاغتسل قبل أن تدخلها، و لا تدخلها بحِذاء، و تقول إذا دخلت: ﴿اَللَّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً﴾ فَآمِنِّی مِنْ عَذَابِ النّار، ثمَّ تصلّي ركعتين بين الأُسطوانتين على الرُّخامة الحمراء، تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة، و في الثانية عدد آياتها من القرآن، و تصلّي في زواياه و تقول: ﴿اللّهمَّ من تهيّا أو تعّبأ (3)، أو أعدّ أو استعدَّ لوفادة (4) إلى مخلوق رجاءَ رِِفْدِه و جائزته و نوافله و فواضله، فإليك يا سيّدي تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاءَ رِِفدك و نوافلك و جائزتك فلا تخيّب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل، فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدَّمته، و لا شفاعة مخلوق رجوته، و لكنّي أتيتك مقرَّا بالظلم و الإساءة على نفسي، فإنّه لا حجّة لي و لا عذر، فأسألك يا من هو كذلك، أن تعطيني مسألتي، و تقيلني عثرتي، و تقبلني برغبتي و لا تردَّني مجبوهاً (5) ممنوعاً و لا خائباً، يا

ص: 527


1- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 1. و الحديث مرسل. هذا، و يقول المحقق فى الشرائع 277/1: ﴿و إذا عاد إلى مكة فمن السنّة أن يدخل الكعبة، و يتأكد في حق الصرورة﴾. و قوله: عَطَلاً من الذنوب: أي خالياً عنها، و هو كناية عن غفرانها بدخوله.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 12.
3- تعباً: تجهّز و تهيأ.
4- الوفادة: النزول على من يُرجى إنعامه و إحسانه.
5- المجبوه: المضروب على جبهته، كناية عن الردّ و الصدّ.

عظيم يا عظيم يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذَّنب العظيم، لا إله إلّا أنت ﴾.

قال: و لا تدخلها بحذاء و لا تبزق فيها و لا تمتخط فيها، و لم يدخلها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلّا يوم فتح مكّة (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ذكرت الصلاة في الكعبة؟ قال: بين العمودين، تقوم على البَلاطة الحمراء (2) فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى عليها، ثمَّ أقبل على أركان البيت و كبّر (3) إلى كلِّ ركن منه.

5- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: رأيت العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دخل الكعبة فصلّى ركعتين على الرُّخامة الحمراء، ثمَّ قام فاستقبل الحائط بين الرُّكن اليمانيِّ و الغربيِّ، فوقع (4) يده عليه، ولزق به، و دعا، ثمَّ تحوَّل إلى الرُّكن اليمانيِّ فلصق به و دعا، ثمَّ أتى الرُّكن الغربيِّ، ثمَّ خرج (5)

6- و عنه، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بدَّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع، فإذا دخلتَه فادخله بسكينة و وقار، ثمَّ انت كلَّ زاوية من زواياه، ثمَّ قل: ﴿اَللَّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً﴾ ﴿فَآمِنِّی مِنْ عَذَابِ یَوْمِ اَلْقِیَامَةِ﴾، وصلّ بين العمودين اللّذين يليان على الرُّخامة الحمراء، و إن كَثُرَ الناس فاستقبل كلَّ زاوية في مقامك حيث صلّيت، وادعُ الله و اسأله (6)

7- و عنه، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو خارجٌ من الكعبة و هو يقول: ﴿الله أكبر الله أكبر﴾، حتّى قالها ثلاثاً، ثمَّ قال: ﴿اللّهُمَّ لا تُجْهِدْ بَلاءَنا، رَبَّنا وَلا تُشْمِتْ بِنا أعْداءَنا، فَإنَّکَ أنْتَ الضارُّ النَّافِعُ﴾، ثمَّ هبط فصلّى إلى جانب الدُّرجة جعل الدُّرجة عن يساره مستقبل الكعبة، ليس بينها و بينه أحدٌ، ثمَّ

ص: 528


1- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 3. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان (دخول الكعبة).
2- هي نفس الرخامة الحمراء التي ورد ذكرها في خبر معاوية بن عمار قبل قليل.
3- الظاهر أنه كناية عن الصلاة. و يحتمل التكبير بحدّه.
4- في التهذيب: فرفع ...
5- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 9.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5.

خرج إلى منزله. (1)

8- و عنه، عن إسماعيل بن همّام قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دخل النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الكعبة فصلّى في زواياها الأربع، صلّى في كلِّ زاوية ركعتين (2)

9- و عنه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد دخل الكعبة، ثمَّ أراد بين العمودين فلم يقدر عليه، فصلّى دونه ثمَّ خرج فمضى حتّى خرج من المسجد.

10- و عنه، عن ابن فضّال، عن يونس قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلتُ الكعبة كيف أصنع؟ قال: خذ بحلَقَتَي الباب إذا دخلت، ثمّ امض حتّى تأتي العمودين، فصلِّ على الرُّخامة الحمراء، ثمَّ إذا خرجت من البيت فنزلت من الدّرجة فصلِِّ عن يمينك ركعتين (3)

11- و عنه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار في دعاء الولد قال: أَفِضْ عليك دلواً من ماء زمزم، ثمَّ ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحَلَقَة الباب ثمَّ قل: ﴿اللّهمَّ إنَّ البيت بيتُك، و العبدَ عبدُك، و قد قلتَ: ﴿و مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾، ﴿فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ، وَ اجِرْنِي مِنْ سَخَطِكَ﴾. ثمَّ ادخل البيت فصلِِّ على الرُّخامة الحمراء ركعتين، ثمَّ قم إلى الأُسطوانة الّتي بحذاء الحجر، و ألصق بها صدرك ثمَّ قل: ﴿يا واحد يا أحد يا ماجد، یا قریب یا بعید، یا عزیز یا حكيم، لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين، هب لي من لدنك ذرّيّة طيّبة إنّك سميع الدُّعاء﴾. ثمَّ در بالاسطوانة فألْصِق بها ظهرك و بطنك، و تدعو بهذا الدُّعاء، فإن يُرِدِ الله شيئاً كان (4)

329- باب وَدَاع البيت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك، فودِّع البيت، وطف بالبيت أُسبوعاً (5)، و إن استطعت أن تستلم

ص: 529


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. هذا و قد جوّز أصحابنا الصلاة في جوف الكعبة على كراهية في الفريضة، يقول المحقق في الشرائع 65/1: ﴿و إن صلّى في جوفها استقبل أي جدرانها شاء على كراهية في الفريضة﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 8 بتفاوت يسير جداً.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10 و رواه موقوفاً، و الحديث صحيح.
5- يعني سبعة أشواط.

الحجر الأسود و الرُّكن اليمانيِّ في كلّ شوط فافعل، و إلّا فافتتح به و اختم به، فإن لم تستطع ذلك فموسّع عليك، ثمَّ تأتي المستجار، فتصنع عنده كما صنعتَ يوم قَدِمْتَ مكّة، و تَخَيّر لنفسک من الدُّعاء، ثمَّ استلم الحجر الأسود، ثمَّ ألصق بطنك بالبيت تضع يدك على الحجر و الأُخرى ممّا يلي الباب، و احمد الله و أثن عليه، و صلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثمَّ قل: ﴿ اللّهمَّ صلِِّ على محمد عبدك و رسولك و نبيّك و أمينك و حبيبك و نجيّك وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلغ رسالاتك، وجاهد في سبيلك، وصَدَعَ بأمرك، وأوذي في جَنْبِك و عَبَدَك حتّى أتان اليقين، اللّهمَّ اقلبني مفلحاً منجحاً مستجاباً لي بأفضل ما يرجع به أحدٌ من وفدك من المغفرة و البركة و الرّحمة و الرِِّضوان و العافية، اللّهمَّ إن أمتّني فاغفر لي، و إن أحييتني فارزقنيه من قابل، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد من بيتك، اللّهمَّ إنّي عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك، حملتني على دوابّك و سيّرتني في بلادك حتّى أقدمتني حَرَمَك و أمْنَك، و قد كان في حسن ظنّي بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عنّي رضا، و قرّبني إليك زُلفى، و لا تباعدني، و إن كنتَ لم تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري (1)، فهذا أو ان انصرافي إن كنتَ أذِنْتَ لي، غير راغب عنك و لا عن بيتك و لا مستبدل بذلك و لا به، اللّهمَّ احفظني من بين يديَّ و من خلفي و عن يميني و عن شمالي حتّى تبلّغني أهلي، فإذا بلغتني أهلي فاكفني مؤونة عبادك و عيالك، فإنّك وليُّ ذلك من خلقك و منّي﴾ (2)

ثمّ انت زمزم فاشرب من مائها، ثمّ اخرج وقل: ﴿آئِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنا، حامِدُونَ إِلی رَبِّنا، راغِبُونَ إِلی اللَّه،ِ راجِعُونَ إِنْ شاءَ اللَّهُ﴾.

قال: و إنّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا ودَّعها و أراد أن يخرج من المسجد الحرام، خرَّ ساجداً عند باب المسجد طويلاً، ثمَّ قام فخرج.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ودَّع البيت، فلمّا أراد أن يخرج من باب المسجد، خرَّ ساجداً، ثمّ قام فاستقبل الكعبة فقال: ﴿اَللَّهُمَّ إِنِّی أَنْقَلِبُ عَلَی أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ﴾ (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ

ص: 530


1- فاعل تنأى: أي تبعُد.
2- إلى هنا في التهذيب 5، 22- باب الوداع، ح 1. و روى ذيله من قوله: اللهم إني عبدك ... و إلى قوله: من خلقك و منيّ، في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (وداع البيت).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.

الكوفيِِّ، عن عليِّ بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في سنة خمس و عشرين و مائتين ودَّع البيت بعد ارتفاع الشمس، و طاف بالبيت، يستلم الرُّكن اليمانيِّ في كلِّ شوط، فلمّا كان في الشوط السابع استلمه، و استلم الحجر، و مسح بيده ثمَّ مسح وجهه بيده، ثمَّ أتى المقام فصلّى خلفه ركعتين، ثمَّ خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتَزَم، فالتزم البيت، و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ وقف عليه طويلاً يدعو، ثمَّ خرج من باب الحنّاطين و توجّه؛ قال: فرأيته في سنة سبع عشرة و مائتين ودَّع البيت ليلاً يستلم الرُّكن اليمانيِّ و الحجر الأسود في كلِّ شوط، فلمّا كان في الشوط السابع، التزم البيت في دبر الكعبة قريباً من الرُّكن اليمانيِّ و فوق الحجر المستطيل، و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ أتى الحجر فقبّله و مسحه، و خرج إلى المقام فصلّى خلفه، ثمّ مضى و لم يعد إلى البيت، و كان وقوفه على الملتَزَم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط، و بعضهم ثمانية (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عن أبي إسماعيل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هوذا أخرج، جُعِلْتُ فداك، فمن أين أُودِّع البيت؟ قال: تأتي المستجار بين الحجر و الباب، فتودعه من ثَمَّ. ثمَ تخرج، فتشرب من زمزم، ثمّ نمضي، فقلت: أصُبُّ على رأسي؟ فقال: لا تقرب الصَّبَ (2)

5- الحسین بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدیّ، عن یعقوب بن یزید، عن عبد الله بن جبلة، عن قثم بن کعب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّک لتُدْمِنُ الحجَّ؟ قلت: أجَل، قال: فلیکن آخر عهدک بالبیت أن تضع یدک علی الباب و تقول: ﴿اَلْمِسْکِینُ عَلَی بَابِکَ فَتَصَدَّقْ عَلَیْهِ بِالْجَنَِّة﴾ (3)

330- باب ما يستحب من الصدقة عند الخروج من مكة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن معاوية بن عمّار، و حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: ينبغي للحاجِّ إذا قضى

ص: 531


1- التهذيب 5، 22- باب وداع البيت، ح 3. و فيه: سنة خمس عشرة و مائتين بدل: خمسة و عشرين و مائتين. و فيه: سنة تسع عشرة و مائتين، بدل: سنة سبع عشرة و مائتين، و لعل ما في التهذيب أوفق، لأن الكليني ذكر في أصول الكافي، كتاب الحجة، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قبض سنة عشرين و مائتين في آخر ذي القعدة و هو ابن خمس و عشرين سنة و شهرين و ثمانية عشر يوماً، فتأمل.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، 22- باب الوداع، ح 6.

نُسُكه و أراد أن يخرج، أن يبتاع بدرهم تمراً يتصدّق به، فيكون كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ، أو قمّلة سقطت، أو نحو ذلك (1)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عمّن ذكره، عن أبَان، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أردت أن تخرج من مكّة، فاشتر بدرهم تمراً فتصدّق به قبضةً قبضةً، فيكون لكلِِّ ما كان منك في إحرامك، و ما كان منك بمكّة.

331- باب ما يجزىء من العمرة المفروضة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا استمتع الرّجل بالعُمْرة (2)، فقد قضى ما عليه من فريضة العُمْرة (3)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن العمرة، أوَاجبة هي؟ قال: نعم، قلت: فمن تمتّع، يجزىء عنه؟ قال: نعم (4)

332- باب العمرة المبتولة(5)

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يقول: في كلِِّ شهر عمرة (6)

ص: 532


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 1 بتفاوت.
2- أي بالعمرة إلى الحج.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 1490. الاستبصار 2، 223- باب أن من تمتع بالعمرة إلى الحج سقط ... ح 1و فيهما: إذا تمتع. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من تمتع بالعمرة إلى الحج فقد سقط وجوب العمرة المفردة عنه، و التي نصّوا على أن شرائط وجوبها هي نفس شرائط وجوب الحج، و مع توفر الشرائط تجب في العمر مرة واحدة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح152. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيه: تجزي ...
5- المراد بالعمرة المبتولة: العمرة المفردة، و المبتولة: المقطوعة، سميت بذلك لأنها أفردت عن الحج و قطعت عنه.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 153. هذا و يقول المحقق في الشرائع 303/1: ﴿و يستحب المفردة في كل شهر، و أقله عشرة أيام، و يكره أن يأتي بعمرتين بينهما أقل من عشرة أيام، و قيل: يحرم، و الأول أشبه﴾.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في كلِّ شهر عمرة.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يدخل مكّة في السنة المرَّة أو المرَّتين أو الأربع، كيف يصنع؟ قال: إذا دخل فليدخل ملبيّاً، و إذا خرج فليخرج مُحِلًّا؛ قال: و لكلِّ شهر عمرة، فقلت: يكون أقلَّ؟ قال: لكلِِّ عشرة أيّام عمرة، ثمَّ قال: و حقِّكَ، لقد كان في عامي هذا السنة ستُّ عُمَر، قلت: لم ذاك؟ فقال: كنت مع محمد بن إبراهيم بالطائف، فكان كلّما دخل دخلتُ معه (1)

333- باب العمرة المبتولة في أشْهُرِِِ الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، ثمَّ يرجع إلى أهله (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجِِّ، ثمَّ يرجع إلى أهله إن شاء.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل خرج أشهر الحجِِّ معتمراً، ثمَّ رجع إلى بلاده؟ قال: لا بأس، و إن حجَّ في عامه ذلك و أفرد الحجَّ،

ص: 533


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 154. الاستبصار 2، 224- باب أنه يجوز في كل شهر عمرة بل... ، ح 5 و في سنده: عن رجل، عن علي، عن أبيه ... الخ. و فيه أيضاً: المرة و المرتين و الأربع. الفقيه 2، 176- باب العمرة في كل شهر و في كل ... ، ح 2 و روى جزءاً من الحديث.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 161. الاستبصار 2، 225- باب جواز العمرة المبتولة في أشهر الحج، ح 1. هذا و قد عمل الأصحاب رضوان الله عليهم بمضمون هذا الحديث، إذ لا خلاف بينهم في جواز إيقاع العمرة المفردة في جميع أيام السنة في أشهر الحج أو غيرها في حين أن عمرة التمتع لا نصح إلا في أشهر الحج.

فليس عليه دم، فإنَّ الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)خرج قبل التروية بيوم إلى العراق، و قد كان دخل معتمراً (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين افتَرَقَ المتمتّع و المعتمر؟ فقال: إنَّ المتمتّع مرتبط بالحجّ و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء، و قد اعتمر الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذي الحجّة، ثمَّ راح يومَ التروية إلى العراق و الناس يروحون إلى منى ، و لا بأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجَّ (2)

334- باب الشهور التي تستحب فيها العمرة و من أحرم في شهر و أحلَّ في آخر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بَلَغَنا أنَّ عمرة في شهر رمضان تعدل حجّة؟ فقال: إنّما كان ذلك في امرأة وعدها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال لها : اعتمري في شهر رمضان فهي لك حجّة (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار، عن عليِّ بن حديد قال: كنت مقيماً بالمدينة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و مائتين، فلمّا قرب الفطر، كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أسأله؛ عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل، أو أقيم حتّى ينقضي الشهر و أُتمُّ صومي؟ فكتب إليَّ كتاباً قرأته بخطّه: سألت- رحمك الله- عن أيِّ العمرة أفضل؟ عمرةُ شهر رمضان أفضل يرحمك الله (4)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عيسى الفرَّاء، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أهلَّ بالعمرة في رجب، و أحلَّ في غيره، كانت عمرته

ص: 534


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 162. الاستبصار 2، 225- باب جواز العمرة المبتولة في أشهر الحج، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 165. الاسبتصار 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق في الشرائع 303/1: ﴿و لو دخل مكة متمتعاً لم يجز له الخروج حتى يأتي بالحج لأنه مرتبط به﴾. أقول: و إنما لم يجز له الخروج لأن عمرة التمتع داخلة في حجه و كالجزء منه كما دلت عليه النصوص.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و الظاهر أنها حادثة في واقعة لا تتعدّاها و الله العالم.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و يمكن حمله على التقية و الله العالم.

لرجب، و إذا أهلّ في غير رجب، و طاف في رجب، فعمرته لرجب (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أراد العمرة، انتظر إلى صبيحة ثلاث و عشرين من شهر رمضان، ثمَّ يخرج مُهِلًّا في ذلك اليوم (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أحرم في شهر و أحلَّ في آخر؟ فقال: يُكتب له في الّذي قد نوى، أو يكتب له في أفضلهما (3)

6- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر يعتمر في أيِّ شهور السنة شاء، و أفضل العمرة عمرة رجب (4)

7- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: العمرة بعد الحجِّ؟ قال: إذا أَمْكَنَ الموسى من الرأس (5)

335- باب قطع تلبية المحرم و ما عليه من العمل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 535


1- الحديث مجهول، و بمضمونه قال أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دلّت روايات على كراهة السفر في شهر رمضان قبل مضي ثلاثة و عشرين يوماً منه.
3- الفقيه 2، 173- باب العمرة في شهر رمضان و رجب و غيرهما، ح 2 بتفاوت يسير جداً في الصدر. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الذي نوى: أي في الشهر الذي عقد فيه الإحرام للعمرة. و قوله: في أفضلهما: -طبعاً مع وجود فاضل و أفضل و إلا يرجع إلى المقياس الأول و هو زمان النية و عقد الإحرام.
4- روي في الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه سئل: أيّ العمرة أفضل، عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا، بل عمرة في شهر رجب أفضل.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 167 و في ذيله: ... من رأسه فَحَسَنُ. الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 4 و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و في آخره: ... من رأسه فَحَسَنٌ له. هذا و يقول الشهيدان فيما يتعلق بالعمرة المفردة: ﴿و يؤخرهما القارن و المفرد عن الحج مبادراً بها على الفور وجوباً كالحج، و في الدروس يجوز تأخيرها إلى استقبال المحرم و ليس منافياً للفور، و هي مستحبة مع قضاء الفريضة في كل شهر على أصح الروايات ... الخ﴾.

قال: يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية، إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم (1)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اعتمر من التنعيم، فلا يقطع التّلبية حتّى ينظر إلى المسجد (3)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا قدم المعتمر مكّة، و طاف و سعى، فإن شاء فليمضِ على راحلته و ليلحق بأهله.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبی بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: العمرة المبتولة: يطوف بالبيت، و بالصفا و المروة، ثمَّ يحلُّ، فإن شاء أن يرتحل من ساعته ارتحل (4)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يجيى، معتمراً عمرة مبتولة، قال: يجزيه إذا طاف بالبيت، و سعى بين الصفا و المروة، و حلق، أن يطوف طوافاً واحداً بالبيت، و من شاء أن يقصّر قصّر.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن

ص: 536


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 121. الاستبصار 2، 105- باب المفرد للعمرة متى يقطع التلبية، ح 1 بتفاوت فيهما و أخرجه فيهما عن موسى بن القاسم عن محمد بن عمر بن يزيد عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 174- باب مواقيت العمرة من مكة و قطع تلبية المعتمر، ح 6.
2- قال الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 3: و روي أنه يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم. و روى الشيخ في التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 عن سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن تلبية المتعة متى تقطع؟ قال: حين يدخل الحرم. و رواه برقم 5 من الباب 104 من الجزء 2 من الاستبصار.
3- قال الشيخ الصدوق رحمه الله: و روي أنه يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.و التنعيم: موضع على طريق المدينة. هو أدنى الحل إلى مكة. أقول: و قد تقدم منا رأي الشيخ رحمه الله في الجمع بين السنة هذه الرويات و رأي الصدوق رحمه الله في ذلك أيضاً فيما تقدم فلا نعيد.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و مخالف للمشهور عندنا من وجوب طواف النساء في العمرة المفردة، و يمكن حمله على التقية.

عبد الحميد، عن عمر أو غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر يطوف و يسعى و يحلق، قال: و لا بدَّ له بعد الحلق من طواف آخر (1)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن إسماعيل بن رياح (2)، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال: نعم (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى قال: كتب أبو القاسم مخلّد بن موسى الرَّازيِّ إلى الرَّجل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله عن العمرة المبتولة؛ هل على صاحبها طواف النساء، و العمرة الّتي يتمتّع بها إلى الحجِّ؟ فكتب: أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، و أمّا الّتي يتمتّع بها إلى الحجّ، فليس على صاحبها طواف النساء (4)

336- باب المعتمر يطأ أهله و هو محرم و الكفّارة في ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أحمد بن أبي عليّ ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اعتمر عمرة مفردة فَوَطَأَ أهله و هو محرمٌ قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه؟ قال: عليه بَدَنَة لفساد ،عمرته، و عليه أن يقيم بمكّة حتّى يدخل شهر آخر، فيخرج إلى بعض المواقيت، فيحرم منه، ثمَّ يعتمر (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يعتمر عمرة مفردة، و يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثمَّ يغشي أهله قبل أن يسعى بين الصفا و المروة؟ قال: قد أفسد عمرته، و عليه بَدَنَة، و يقيم بمكّة مُحِلاًّ حتّى يخرج الشهر الّذي اعتمر فيه، ثمَّ يخرج إلى الوقت الّذي وقّته

ص: 537


1- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 19. الاستبصار 2، 154- باب أن طواف النساء واجب في العمرة المبتولة، ح 2. و في ذيله: ... من بعد الحلق ... الخ. يقول الشهيدان: ﴿و هو- أي طواف النساء- واجب في كل نسك حجاَ كان أو عمرة على كل فاعل للنسك إلا عمرة التمتع فلا يجب فيها و أوجبه فيها بعض، و هو ضعيف...﴾.
2- في التهذيب: ... ریاح ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. و الحديث صحيح.
5- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 25 بتفاوت و سند آخر. الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و ... ، ح 4 بتفاوت و سند آخر.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأهل بلاده، فيحرم منه و يعتمر (1).

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن زرارة قال: قال: من جاء بهَدْي في عمرة في غير حجّ، فلينحره قبل أن يحلق رأسه (2)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر إذا ساق الهدي يحلق قبل أن يذبح (3)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من ساق هدياً في عمرة فلينحره قبل أن يحلق، و من ساق هدياً و هو معتمر نحر هديه بالمنحر و هو بين الصفا و المروة و هي الحَزْوَرَة (4)، قال: و سألته عن كفّارة العمرة أين تكون؟ فقال: بمكّة، إلّا أن يؤخّرها إلى الحجِّ فيكون بمنى، و تعجيلها أفضل و أحبُّ إليَّ.

337- باب الرجل يبعث بالهَدْي تطوعاً و يقيم في أهله

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل بعث بهدي مع قوم و واعدهم يوم يقلّدون فيه هديهم و يحرمون فيه؟ فقال: يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الّذي واعدهم حتّى يبلغ الهدي مَحِلّه؛ فقلت: أرأيتَ إن أخلفوا في ميعادهم و أبطأوا في

ص: 538


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 24. الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و...، ح 3 بتفاوت يسير. و الحكم الذي تضمنته هذه الرواية و هو بطلان العمرة المفردة بالجماع أثناءها قبل إكمال مناسكها بطواف النساء، و وجوب قضائها مما أجمع عليها فقهاؤنا، و إن اختلفوا في الزمان الذي يجب عليه القضاء فيه، و منشأ اختلافهم بحسب الظاهر منشاؤه اختلافهم في مقدار الزمان الذي يجب أن يفصل بين العمرتين فمن قال بأنه شهر اعتبر مرور تلك المدة على إفساده عمرته، و من قال بأنه عشرة أيام اعتبر القضاء بعد إنقضائها، و على الأقوي عند الشهيد الثاني بل الأول أيضاً (رحمة الله علیه) و بعض الفقهاء هو عدم تحديد وقت بين العمرتين يجوز قضاؤها معجلاً بعد إتمامها و إن كان الأفضل التأخير
2- أشار إليهما الشهيد الأول في الدروس و قال بأنهما مما رواهما الكليني. والحديث الأول مرسل، و الثاني مجهول كالصحيح. و احتمل وقوع السهو هنا بفعل النسّاخ. و قد تقدم الكلام في وجوب ترتيب المناسك في كل من الحج و العمرة المفردة أيضاً و إن الذبح أو النحر مقدم على الحلق أو التقصير.
3- أشار إليهما الشهيد الأول في الدروس و قال بأنهما مما رواهما الكليني. والحديث الأول مرسل، و الثاني مجهول كالصحيح. و احتمل وقوع السهو هنا بفعل النسّاخ. و قد تقدم الكلام في وجوب ترتيب المناسك في كل من الحج و العمرة المفردة أيضاً و إن الذبح أو النحر مقدم على الحلق أو التقصير.
4- الخرورة: -كما في النهاية- موضع بمكة عند باب الحنّاطين. و ذكر في الفقيه أنها المنحر بين الصفا و المروة. و إلى هنا رواه بتفاوت في الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و إحلالها و نكها، ح 2.

السير، عليه جُناح في اليوم الّذي واعدهم؟ قال: لا، و يحلُّ في اليوم الّذي واعدهم (1)

2- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن سلمة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يبعث بهديه ثمّ يمسك عمّا يمسك عنه المحرم، غير أنّه لا يلبّي، و يواعدهم يوم ينحر فيه بَدَنَةً فَيُحِلّ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يبعث بالهدي تطوُعاً ليس بواجب؟ قال: يواعد أصحابه يوماً، فيقلّدونه، فإذا كانت تلك الساعة اجتنب ما يجتنب المحرم إلى يوم النحر، فإذا كان یوم النحر أجزء عنه (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هارون بن خارجة قال: إنَّ مُراداً (3) بعث ببَدَنَة و أمر أن تُقلّد و تُشْعَر في يوم كذا و كذا، فقلت له: إنّما ينبغي أن لا يلبس الثياب، فبعثني إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالحيرة فقلت له: إنَّ مراداً صنع كذا و كذا و إنّه لا يستطيع أن يترك الثياب لمكان زياد (4)؟ فقال: مُرْهُ أن يلبس الثياب، و ليذبح بقرة يوم الأضحى عن نفسه (5)

338- باب النوادر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أصرم بن حَوْشَب، عن عيسى بن عبد الله، عن جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أودية الحرم تسيل في الحِلِِّ، و أودية الحِلّ لا تسيل في الحرم (6)

ص: 539


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 117 بتفاوت و سند مختلف.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 211- باب الرجل يبعث بالهدي و يقيم في أهله، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 282/1: ﴿و روي أن باعث الهدي تطوعاً يواعد أصحابه وقتاً لذبحه أو نحره،ثم يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم فإذا كان وقت المواعدة أحلّ و لكن هذا لا يلبيّ، و لو أتى بما يحرم على المحرم كفّرا استحباباً﴾.
3- في التهذيب: إن أبا مراد...
4- في التهذيب: لمكان أبي جعفر...
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 بتفاوت. و في ذيله: ... عن لبسه الثياب، بدل: عن نفسه.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 190. و كرره برقم 233 من نفس الباب. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 2.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أَبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ناحية من المسجد الحرام، و قوم يُلبّون حول الكعبة، فقال: أترى هؤلاء الّذين يلبّون، و الله لأصْواتُهُم أبغضُ إلى الله من أصوات الحمير (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل لبّي بحجّة أو عمرة و ليس (2) يريد الحجَّ؟ قال: ليس بشيء، و لا ينبغي له أن يفعل.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في هؤلاء الّذين يُفْرِِدون الحجَّ، إذا قدموا مكّة، و طافوا بالبيت أحلّوا، و إذا لبّوا أحرموا ، فلا يزال يحلّ و يعقد حتّى يخرج إلى منى بلا حجّ و لا عمرة (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن حفص المؤذّن قال: حجَّ إسماعيل بن عليّ بالناس سنة أربعين و مائة، فسقط أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن بغلته، فوقف عليه إسماعيل، فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): سِرْ، فإنَّ الإمام لا يقف (4)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسکان، عن الحسن بن سريّ قال: قلت له: ما تقول في المقام بمنى بعدما ينفر الناس؟ قال: إذا قضى نسكه فليقم ما شاء، و ليذهب حيث شاء.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجلٌ في المسجد الحرام: من أعظم الناس وزراً؟ فقال: من

ص: 540


1- المقصود بهؤلاء الذين يلبّون، من لم يتعبّد الله بعقيدة الحق التي ارتضاها لعباده و أكمل بها دينهم و أتم عليهم نعمته، و إنما شبههم بما شبههم به لفساد عقيدتهم و عدم أخذهم بأحكام مناسكهم عمن نصبهم الله حججاً على الخلق بعد رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و الحديث حسن.
2- أي من دون أن ينوي الإحرام للحج، و عليه فلا إحرام له. و الحديث حسن.
3- الحديث حسن. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بلا حج و لا عمرة: ... المشهور جواز تقديم القارن و المفرد الطواف، و منع ابن إدريس منه مطلقاً، و ذهب الشيخ و جماعة إلى أنه لا بد مع التقديم من تجديد التلبية بعد الطواف فإن لم يفعل ينقلب حجّه عمرة، و يمكن حمل هذا الخبر على ما إذا لم تجدد التلبية بعد الطواف الأخير فإنه حينئذ ينقلب حجّه عمرة فلما لم يتم العمرة و لم يحرم للحج فذهابه إلى عرفات و ساير أفعاله لا يكون لحج و لا عمرة﴾ مرآة المجلسي18/ 244.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و المقصود باللإمام هنا أمير الحج.

يقف بهذين الموقفين عرفة و المزدلفة، و سعى بين هذين الجبلين (1)، ثمَّ طاف بهذا البيت و صلىّ خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ قال في نفسه، أو ظنَّ ، أنَّ الله لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزراً (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنّا عنده، فذكروا الماء في طريق مكّة و ثقله، فقال: الماء لا يثقل، إلّا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه إلّا الماء (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السنديِّ بن الربيع، عن محمد بن القاسم بن الفضيل، عن فضيل بن يسار، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:(4) من حجَّ ثلاث سنين متوالية، ثمَّ حجَّ أو لم يحجَّ، فهو بمنزلة مُدْمِنِِِ الحجِِّ.

و روي أنَّ مدمن الحجِّ الّذي إذا وجد الحجَّ حجَّ، كما أنَّ مدمن الخمر الّذي إذا وجده شربه.

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من ركب راحلة فليوص (5)

11- محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغشانيِّ، عن عبد الرَّحمن بن الأشل (6) بيّاع الأنماط، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت قريش تلطّخ الأصنام الّتي كانت حول الكعبة بالمسك و العنبر، و كان يغوث قُبال الباب، و كان يعوق

ص: 541


1- يعني الصفا والمروة.
2- قال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 37 من الباب 62 من الجزء 2 من الفقيه: و أعظم الناس جرماً من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفات و هو يظن أنه لم يغفر له، يعني الذي يقنط من رحمة الله عزَّ و جلَّ.
3- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 4 بتفاوت. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يثقل ... ، لعله محمول على المياه القليلة التي تشرب في الطريق، و ما يعلّق على الأحمال منها﴾ مرآة المجلسي 246/18. و الحديث مجهول.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 177. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 20 :و فيهما : زاملة ..، بدل: راحلة.. هذا و يقول الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: ﴿فليس بنهي عن ركوب الزاملة، و إنما هو أمر بالاحتراز عن السقوط، و هذا مثل قول القائل: من خرج إلى الحج أو الجهاد و في سبيل الله فليوصِِ ...﴾. و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب و هذا الخبر أكثر ما فيه الحث على الوصية، و إنما خص هذا الموضع لأن فيه بعض الخطر لما يلحق الإنسان من النوم و السهر فلا يأمن من أن يقع منه فيؤدي ذلك إلى هلاكه.
6- هو ابن سالم على الظاهر و هو ضعيف. و إن كان غيره فهو مجهول.

عن يمين الكعبة، و كان نسر (1) عن يسارها، و كانوا إذا دخلوا خرُّوا سجّداً ليغوث، و لا ينحنون، ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى يعوق، ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى نسر، ثمَّ يلبّون فيقولون: ﴿لَبَّیْک اللَّهُمَّ لَبَّیْک، لَبَّیْک لا شَریکَ لَکَ إِلاَّ شَرِیکٌ هُوَ لَکَ، تَمْلِکُهُ وَ مَا مَلَکَ﴾ قال: فبعث الله ذباباً أخضر له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك و العنبر شيئاً إلّا أكله، و أنزل الله تعالى: ﴿یَا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُبَابًا وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإ ِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَیْئًا لا یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ﴾(2)

12- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يلي الموسم مكّيُّ (3)

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن موسى، عن غياث بن کلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كان يكره الحجَّ و العمرة على الإبل الجلّالات (4)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن محمد بن شيرة، عن عليِّ بن سليمان قال: كتبت إليه (5) أسأله عن الميّت یموت بعرفات، يُدفن بعرفات، أو ينقل إلى الحرم، فأيّهما أفضل؟ فكتب: يُحمل إلى الحرم و يُدفن فهو أفضل (6)

15- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله جلَّ ثناؤه: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾؟ قال: هو ما يكون من الرَّجل في إحرامه، فإذا دخل مكّة فتكلّم بكلام طيّب، كان ذلك كفّارة لذلك الّذي كان منه (7).

ص: 542


1- يغوث و يعوق و نسر من أشهر الأصنام في الجاهلية و قيل بأنها مع وَدّ و سُواع كانت أصنام تُعبد أيضاً في زمن نوح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قد ورد ذكرها جميعاً في الآية 23 من سورة نوح.
2- الحج/73.
3- الحديث ضعيف على المشهور،﴿لعل المراد أن إمارة الحاج أيام الموسم متعلقة بأميرهم لا بأمير مكة، و يحتمل إمارة الحاج أيضاً، لكنه بعيد﴾ مرآة المجلسي 247/18.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 171. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 5. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على كراهة الحج على الإبل الجلّالة. و هي تلك التي تغتذي على عذرة الإنسان.
5- في التهذيب: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 270 بتفاوت يسير.
7- الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 2 بتفاوت يسير . و ذكره أيضاً برقم 7 من الباب 116 من نفس الجزء بتفاوت و زيادة و أخرجه هنا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كان المصنف رحمه الله قد أورد هذا المضمون بتفاوت في ذيل الحديث 3 من الباب 208 من هذا الجزء و علقنا عليه هناك

16- أحمد بن محمد، عمّن حدَّثه، عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا قام ردَّ البيت الحرام إلى أساسه، و مسجد الرَّسول إلى أساسه، و مسجد الكوفة إلى أساسه، و مسجد الكوفة إلى أساسه. و قال أبو بصير: إلى موضع التّمارين من المسجد (1)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: سمعته يقول : من خرج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلّي الظهر و العصر، نودي من خله: لا صَحِبَكَ الله (2)

18- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل جاريته هدياً للكعبة، كيف يصنع؟ فقال: إنَّ أبي أتاه رجلٌ قد جعل جاريته هدياً للكعبة، فقال له: قوِِّم الجارية أو بعها، ثمَّ مُرْ منادياً يقوم على الحجر فينادي: ألَا مَنْ قصرت به نفقته، أو قطع به، أو نفد طعامه، فليأت فلان بن فلان، و مُرْهُ أن يعطي أوَّلاً فاوّلاً حتّى ينفد ثمن الجارية (3)

19- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تلد يوم عرفة، كيف تصنع بولدها، أيُطاف عنه، أم كيف يصنع به؟ قال: ليس عليه شيءٌ.

20- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، كان عندي كبش سمين لأُضحّي به، فلمّا أخذته و أضجعته، نظر إليَّ، فرحمته و رققت عليه، ثمَّ إنّي ذبحته؟ قال: فقال لي: ما كنت أُحبُّ لك أن تفعل، لا تربيّنَّ شَيئاً من هذا ثمَّ تذبحه (4)

21- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن الحسن بن محمد بن سلام، عن أحمد بن بكر بن عصام، عن داود الرقيِّ قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ولي على رجل مال

ص: 543


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 222.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 223.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 175 بتفاوت. و كرره برقم 20 من الباب 16 من الجزء 4 من التهذيب.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 224. و كرره برقم 87 من الباب 2 من الجزء 9.التهذيب.

قد خفت تواه (1)، فشكوت إليه ذلك، فقال لي: إذا صرت بمكّة، فطف عن عبد المطّلب طوافاً، وصلِّ ركعتين عنه، وطف عن أبي طالب طوافاً، وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله (2) طوافاً، وصلِّ عنه ركعتين، وطف عن آمنه (3) طوافاً، وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة (4) بنت أسد طوافاً، وصلّ عنها ركعتين، ثمَّ ادع أن يردَّ عليك مالك، قال: ففعلت ذلك، ثمَّ خرجت من باب الصفا، و إذا غريمي واقفٌ يقول: يا داوود، حبستني، تعال أقبض مالك (5)

22- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر قال: كنّا بمكّة، فأصابنا غلاء من الأضاحي، فاشترينا بدينار، ثمَّ بدينارين، ثمَّ لم نجد بقليل و لا كثير، فرقّع هشام المكاريّ رقعة إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أخبره بما اشترينا ثمَّ لم نجد بقليل و لا كثير؟ فوقّع: انظروا الثمن الأوَّل و الثاني و الثالث، ثمَّ تصدَّقوا بمثل ثلثه (6)

23- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان؛ و محمد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يحجُّ عن آخر، فاجترح في حجّه شيئاً يلزمه فيه الحجّ من قابل، أو كفّارة؟ قال: هي للأوَّل تامّة، و على هذا مااجترح (7)

24- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أبَان، عن أبي الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجلٌ إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: إنّي أهديت جارية إلى

ص: 544


1- توى المال: هلك.
2- هو والد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
3- هي أم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- هي أم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 9.
6- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 144. الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 23 بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول. و عليه عمل الأصحاب.
7- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 252. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هي للأول تامة: المشهور بين الأصحاب أن ما يلزم النايب من كفارة يكون في ماله و لو أفسَدَ حج من قابل، و هل يعيد الأجرة؟ قالوا: إن قلنا إن الأولى فرضه و الثانية عقوبة فقد برئت ذمة المستأجر بإتمامها و استحق الأجير الأجرة، و إن قلنا إن الأول فاسدة و الثانية فرضه كان الجميع لازماً للنائب و يستعاد منه الأجرة إن كانت الإجارة متعلقة بزمان معين و قد فات، و إن كانت مطلقة لم تنفسخ الإجارة و كان على الأجير الحج عن المستأجر بعد ذلك، و اختلف في أن قضاء الفاسدة في المطلقة على هذا التقدير هل يكون مجزيا عن حج النيابة أو يجب إيقاع حج النيابة بعد القضاء، لأنه قد أذن له في حج صحيح فأتى بفاسد، و هذا الخبر يدل على الأول و هو أقوى و الله أعلم﴾. مرآة المجلسي 251/18.

الكعبة، فأُعْطِيتُ خمسمائة دينار (1)، فما ترى؟ قال: بعها، ثمَّ خذ ثمنها، ثمَّ قم على هذا الحائط- حائط الحجر، ثمَّ ناد، و أَعْط كلَّ منقَطَع به، وكلَّ محتاج من الحاجِّ.

25- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، و الحجّال، عن ثعلبة، عن أبي خالد القمّاط، عن عبد الخالق الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾؟ فقال: لقد سألتني عن شيء ما سألني أحدٌ إلّا من شاء الله، قال: من أمَّ هذا البيت و هو يعلم أنّه البيت الّذي أمره الله عزَّ و جلَّ به، و عَرَفَنا أهلَ البيت حقَّ معرفتنا، كان آمناً في الدُّنيا و الآخرة (2)

26- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل الخثعميِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا إذا قدمنا مكّة، ذهب أصحابنا يطوفون و يتركوني أحفظ متاعهم؟ قال: أنت أعظمُهُم أجراً.

27- بإسناده عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم قال: زامَلْتُ (3) محمد بن مصادف، فلمّا دخلنا المدينة، اعتللتُ، فكان يمضي إلى المسجد و يدعني وحدي، فشكوت ذلك إلى مصادف، فأخبر به أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأرسل إليه: قعودك عنده، أفضل من صلاتك في المسجد.

28- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن سفيان بن إبراهيم الجريريِّ، عن الحارث بن الحصيرة الأسدي، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت دخلت مع أبي الكعبة، فصلّى على الرُّخامة الحمراء بين العمودين، فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم: إن مات رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أو قُتل ألّا يَرُدُّوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبداً، قال: قلت: و من كان؟ قال: كان الأوَّل و الثانيُّ، و أبو عبيدة بن الجرَّاح، و سالم ابن الحبيبة (4)

29- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن إساف و نائلة و عبادة قريش لهما؟

ص: 545


1- أي دُفع لي هذا المبلغ كثمن لها.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 225. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 10 و أخرجه مرسلاً. و في الحديث تنصيص على أن شرط قبول الأعمال و الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، و تحصيل السعادة في الدارين هو موالاتهم و معرفة حقهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- أي رافقته و صاحبته.
4- الحديث ضعيف على المشهور، و في بعض الكتب ذكر مع هؤلاء غيرهم.

فقال: نعم كانا شابّين صبيحين، و كان بأحدهما تأنيث، و كانا يطوفان بالبيت، فصادفا من البيت خلوة، فأراد أحدهما صاحبه ففعل، فمسخهما الله فقالت قريش: لو لا أَنَّ الله رضي أن يُعبد هذان معه، ما حوَّلهما ما حولهما عن حالهما (1)

30- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن عليِّ بن أبي عبد الله، عن الحسين بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول- و قد قال له أبو حنيفة-: عجب الناس منك أمس و أنت بعرفة تماكس ببُدْنِك أشدَّ مكاساً يكون ، قال: فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ما لله من الرِّضا أن أُغبن في مالي!؟ قال: فقال أبو حنيفة: لا، و الله، ما لله في هذا من الرّضا قليل و لا كثير، و ما نجيئك بشيء إلّا جئتنا بما لا مخرج لنا منه (2)

31- سهل، عن عليِّ بن أسباط ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي لأحد أن يحتبي قبالة الكعبة (3)

32- سهل، عن منصور بن العبّاس، عن ابن أبي نجران- أو (4) غيره- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شكت الكعبة إلى الله عزَّ و جلَّ ما تلقى من أنفاس من المشركين، فأوحى الله إليها: قرّي،كعبة فإنّي مبدِّلك بهم قوماً ينتظفون بقضبان الشجر، فلمّا بعث الله محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوحى إليه مع جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالسواك و الخلال (5)

33- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: نكون بمكّة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع الّتي يرجى فيها الفضل، فربّما خرج الرّجل يتوضّأ، فيجيىء آخر فيصير مكانه؟ قال: من سبق إلى موضع فهو أحقُّ به يومَه و ليلتَه (6)

ص: 546


1- قال الجوهري 4/ 1331: اساف و نائلة صنمان كانا للقريش وضعهما عمرو بن لحي على الصفا و المروة فكان يذبح عليهما تجاه الكعبة، و زعم بعضهم أنهما كانا من جرهم أساف بن عمرو و نائلة بنت سهل، فَجَرا في الكعبة فمُسِخا حجرين ثم عبدتهما قريش. و الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد مر ما يدل على أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فعل ذلك.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 276 و فيه: ... البيت، بدل: ... الكعبة. واحتبى: -كما في القاموس- بالثوب، اشتمل به، أو جمع بين ظهره و ساقيه. هذا و قد نص الشهيد الأول في الدروس و كذا غيره من أصحابنا على كراهة الإحتباء قبالة الكعبة، و كذا استدبارها.
4- الترديد من الراوي.
5- الحديث ضعيف. و لعل شكاية الكعبة كانت بلسان الحال. أو شكاية الملائكة الموكلين بها.
6- يدل على الأحقية بالوقف لمن سبق إليه. وقد نص الشهيد في الذكرى على أنه بعد مضي اليوم و الليلة يزول حقه بالمكان و إن كان رحله فيه إذا غاب عنه تلك المدة.

34- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أماط (1) أذى عن طريق مكّة، كتب الله له حسنة، و من كتب له حسنة لم يعذِّبه (2)

35- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يزال العبد في حدِّ الطواف بالكعبة مادام حلق الرأس عليها (3)

36- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن إبراهيم التيمليِّ (4)، عن عليِّ بن أسباط، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان أيّام الموسم، بعث الله عزَّ و جلَّ ملائكة في صُوَر الآدميّين، يشترون متاع الحاجِّ و التجّار، قلت: فما يصنعون به؟ قال: يُلقونه في البحر (5)

37- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن مسلم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يوم الأضحى في اليوم الّذي يصام فيه، و يوم العاشوراء في اليوم الّذي يفطر فيه (6)

أبواب الزيارات

339- باب زيارة النبي صلى الله عليه و آله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، ما لمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) متعمّداً؟ فقال: له الجنّة (7)

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حريز، عن فضيل بن يسار قال: إنَّ

ص: 547


1- أي كشف و رفع و نحّى.
2- روی صدره مع حذف السند في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، قبيل الحديث 100ثم ذكر ذيله مرسلاً بتفاوت في الحديث المذكور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 51 بتفاوت مرسلاً.
4- لعله تصحيف علي بن الحسن التيملي، لأن هذا هو الراوي عن علي بن أسباط .و الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 6.
6- الحديث مجهول.
7- التهذيب 6، 2- باب فضل زيارته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 3 بتفاوت. و قوله: متعمداً: أي قاصداً زيارته بلا غرض آخر أو ضميمة في نيته.

زيارة قبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و زيارة قبور الشهداء، و زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، تعدل حجّة مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

3- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبان، عن السدُّوسيِّ (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من أتاني زائراً كنت شفيعه یوم القيامة (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن المعلّى أبي (3) شهاب قال: قال الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أيا أبتاه، ما لمن زارك؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بنيَّ، من زارني حيّاً أو ميّتاً، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقّاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة، و أخلّصه من ذنوبه (4)

5- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الدَّيلميِّ، عن أبي حجر الأسلميِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من أتى مكّة حاجّاً و لم يزرني إلى المدينة، جَفَوْتَه يوم القيامة، و من أتاني زائراً وَجَبَتْ له شفاعتي، و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، و من مات في أحد الحرمين مكّة و المدينة لم يعرض و لم يحاسَب، و مات مهاجراً إلى الله عزَّ و جلَّ، حُشر يوم القيامة مع أصحاب بدر (5)

340- باب إتْباع الحج بالزيارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمَّ يأتونا فيخبرونا بولايتهم، و يعرضوا علينا نَصْرَهُم (6)

ص: 548


1- في التهذيب: عن السندي.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 4.
3- في التهذيب: عن المعلّى بن شهاب.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 5 و فيه إلى قوله: وجبت له الجنة. و في سنده عن أبي يحيى الأسلمي. و الظاهر أن في سند الرواية تحريفاً كما يقول السيد الخوئي في معجم رجال الحديث 106/21. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 1. و في سنده: عن إبراهيم بن أبي حجر الأسلمي. و الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 2. و الرواية، و إن كان المفهوم منها ظاهراً أن عرض النصرة عليهم إنما هو حال حياتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلا أنه يمكن تعميمه إلى يشمل حال وفاتهم لأنهم أحياء في عقيدتنا لا يموتون إلا ظاهراً، كما أن وجودهم متحقق بوجود بقية الله في الأرض عجل الله فَرَجه فعرض النصرة و بذلها يكون حقيقيا لا اعتبارياً.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: تمام الحجِِّ لقاء الإمام (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن يحيى بن يسار قال: حججنا ، فمررنا بأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: حاجّ بيت الله، و زوَّار قبر نبيّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و شيعة آل محمد! هنيئاً لكم(2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن سليمان، عن زياد القنديِّ، عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الله أمرني في كتابه بأمر فأُحبُّ أن أعمله؟ قال: و ما ذاك؟ قلت: قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾؟ قال: ليقضوا تفثهم: لقاء الإمام، و ليوفوا نذورهم: تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: جُعِلْتُ فداك، قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾؟ قال: أخْذُ الشارب ، وقصُّ الأظفار، و ما أشبه ذلك، قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّ ذريح المحاربيِّ حدَّثني عنك بأنّك قلت له: ﴿لیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾: لقاء الإمام، و ليوفوا نذورهم: تلك المناسك؟ فقال: صدق ذريح، و صدقتَ، إنَّ للقرآن ظاهراً و باطناً، و من يحتمل ما يحتمل ذريح؟!(3)

341- باب فضل الرجوع إلى المدينة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى، عن سدير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ابدؤوا بمكّة و اختموا بنا (4)

2- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أبدء بالمدينة أو بمكّة ؟ قال: ابدء بمكّة و اختم بالمدينة، فإنّه أفضل (5)

ص: 549


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف على المشهور .
3- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل على رفعة شأن ذريح.
4- الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 1.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 173. الاستبصار 2، 221- باب أن البدأة بالمدينة أفضل لمن...، ح 2 و أخرجاه عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبيه عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 214- باب الإبتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 3 و أخرجه عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

342- باب دخول المدينة و زيارة النبي صلى الله عليه و الدعاء عند قبره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها، أو حين تدخلها، ثمَّ تأتي قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقوم فتسلّم على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقوم عند الأُسطوانة المقدّمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر، و أنت مستقبل القبلة، و منكبك الأيسر إلى جانب القبر، و منكبك الأيمن ممّا يلي المنبر، فإنّه موضع رأس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و تقول:

﴿أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، و أشهد أنّك رسول الله، و أشهد أنّك محمد بن عبد الله، و أشهد أنّك قد بلّغت رسالاتِ ربّك، و نصحت لأُمّتك، و جاهدت في سبيل الله، و عبدت الله [مخلصاً] حتّى أتاك اليقين،بالحكمة والموعظة الحسنة، و أدَّيت الّذي عليك من الحقِِّ، و أنّك قد رَأََفْتَ (1) بالمؤمنين، و غلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محلّ المكرَّمين، الحمد لله الّذي استنقذنا بك من الشرك و الضّلالة، اللّهمَّ فاجعل صلواتك، و صلوات ملائكتك المقرَّبين، و عبادك الصالحين، و أنبيائك المرسلين، و أهل السماوات و الأرضين، و من سبّح لك يا ربَّ العالمين من الأوَّلين و الآخرين على محمد عبدك و رسولك و نبيّك و أمينك و نجيّك و حبيبك و صفيّك و خاصّتك و صفوتك و خيرتك من خلقك، اللّهمَّ أعطه الدَّرجة و الوسيلة من الجنّة، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأوَّلون و الآخرون، اللّهمَّ إنّك قلت: ﴿وَ لَو اَنَّهُم اِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جاؤُوکَ فَاستَغفِرُوا اللهَ وَ استَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدوُا اللهَ تَوَّاباً رَحِیماً﴾ (2) و إنّي أتيت نبيّك مستغفراً تائباً من ذنوبي، و إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّي و ربّك ليغفر لي ذنوبي﴾.

و إن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خلف كتفيك، و استقبل القبلة، و ارفع يديك و اسأل حاجتك، فإنّك أحرى أن تُقضى إن شاء الله (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسين بن عليّ الكوفيّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن

ص: 550


1- الرأفة: أشدّ الرحمة.
2- النساء/64.
3- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 1 بتفاوت قليل. الفقيه 2، عنوان (إتيان المدينة). بتفاوت.

الحسن بن عليِّ بن عثمان بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى، عن أبيه، عن جدّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقف على قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فيسلّم عليه، و يشهد له بالبلاغ، و يدعو بما حضره، ثمَّ يسند ظهره إلى المروة الخضراء الدَّقيقة العرض ممّا يلي القبر، و يلتزق بالقبر، و يسند ظهره إلى القبر، و يستقبل القبلة فيقول: ﴿اللّهمَّ إليك ألجأت ظهري، و إلى قبر محمد عبدك و رسولك أسندت ظهري، و القبلة الّتي رضيت لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) استقبلت، اللّهمَّ إنّي أصبحت لا أملك لنفسي خير ما أرجو، و لا أدفع عنها شرَّ ما أحذر عليها، و أصبحت الأُمور بيدك، فلا فقير أفقر منّي، إنّي لِمَا أنزلتَ إليَّ من خير فقير، اللّهمَّ اردُدْني منك بخير فإنّه لا رادَّ لفضلك، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من أن تبدّل اسمي، أو تغيّر جسمي، أو تزيل نعمتك عنّي، اللّهمَّ كرِّمني بالتقوى، و جمّلني بالنعم، و اغمرني بالعافية، و ارزقني شكر العافية (1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عند قبره؟ فقال: قل: ﴿السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنّك قد نصحت لأُمّتك، و جاهدت في سبيل الله، و عبدته حتّى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جزى نبيّاً عن أُمّته، اللّهمَّ صلِّ على محمد و آل محمد أفضل ما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ﴾ (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليِّ الكوفيُ، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انتهى إلى قبر النبيِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فوضع يده عليه و قال: ﴿أسألُ اللّه الّذی اجتباکَ وَ اخْتارَکَ وَ هَداکَ وَ هَدی بِکَ، اَنْ یُصَلّیَ عَلَیْکَ﴾، ثمَّ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال لهم: مُرُّوا بالمدينة فسلّموا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من قريب و إن كانت الصلاة تبلغه من بعيد.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الممرِّ في مؤخّر مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أسلّم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال: لم

ص: 551


1- الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، عنوان (إتيان المدينة).
2- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 2.

یكن أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصنع ذلك، قلت: فيدخل المسجد فيسلّم من بعيد، لا يدنو من القبر؟ فقال: لا، قال: سلّم عليه حين تدخل، و حين تخرج، و من بعيد.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صلّوا إلى جانب قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن كانت صلاة المؤمنين تبلغه أينما كانوا (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا قال: حضرت أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هارون الخليفة، و عيسى بن جعفر، و جعفر بن يحيى بالمدينة، قد جاؤوا إلى قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال هارون لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقدَّم، فأبى، فتقدَّم هارون فسلّم و قام ناحية، و قال عيسى بن جعفر لأبي الحسن ( عَلَیْهِاَلسَّلاَمُ): تقدَّم، فأبى، فتقدَّم عيسى فسلّم و وقف مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقدم، فأبى، فتقدَّم جعفر فسلّم و وقف مع هارون، و تقدَّم أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: السلام عليك يا أبَه، أسأل الله الّذي اصطفاك و اجتباك و هداك و هدى بك أن يصلّي عليك، فقال هارون لعيسى: سمعتَ ما قال؟ قال: نعم، فقال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّاً (2)

343- باب المنبر و الروضة و مقام النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا فرغت من الدُّعاء عند قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فأْت المنبر فامسحه بيدك، و خذ برمّانتيه و هما السفلاوان، و امسح عينيك و وجهك به، فإنّه يقال: إنّه شفاء العين، و قم عنده فاحمد الله و أثن عليه، وسل حاجتك، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ما بين منبري و بيتي روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة- و الترعة هي الباب الصغير، ثمَّ تأتي مقام النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فتصلّي فيه ما بدا لك، فإذا دخلت المسجد، فصلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إذا خرجت فاصنع مثل ذلك، و أكْثر من الصلاة في

ص: 552


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 4 و 3. و قوله في الحديث الأول: صلّوا...؛ (في الموضعين) المراد بالصلاة فيهما إما الأركان و الأفعال المخصوصة كما هو الظاهر فيدل على استحباب الصلاة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في جميع الأماكن. أو بمعنى الدعاء إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و احتمال كونها في الأول الأركان و في الموضع الثاني الدعاء بعيد جداً و الله يعلم. مرآة المجلسي 264/18.
2- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 4 و 3. و قوله في الحديث الأول: صلّوا...؛ (في الموضعين) المراد بالصلاة فيهما إما الأركان و الأفعال المخصوصة كما هو الظاهر فيدل على استحباب الصلاة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في جميع الأماكن. أو بمعنى الدعاء إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و احتمال كونها في الأول الأركان و في الموضع الثاني الدعاء بعيد جداً و الله يعلم. مرآة المجلسي 264/18.

مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: لما كان سنة إحدى و أربعين، أراد معاوية الحجَّ، فأرسل نجاراً و أرسل بالآلة، و كتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يجعلوه على قدر منبره بالشام، فلمّا نهضوا ليقلعوه، انكسفت الشمس، و زُلْزِلَت الأرض، فكفّوا، و كتبوا بذلك إلى معاوية، فكتب إليهم يعزم عليهم لمّا فعلوه، ففعلوا ذلك، فمنبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المدخل الّذي رأيت (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن جميل، عن أبي بكر الحضرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة، و قوائم منبري رُبّت (3) في الجنّة قال: قلت: هي روضة اليوم؟ قال: نعم، إنّه لو كشف الغطاء لرأيتم.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن حدِّ مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال: الأُسطوانة الّتي عند رأس القبر إلى الأُسطوانتين من وراء المنبر عن يمين القبلة، و كان من وراء المنبر طريق تمرُّ فيه الشاة، و يمرُّ الرَّجل منحرفاً، و كان ساحة المسجد من البلاط إلى الصحن.

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا يقول الناس في الرَّوضة؟ فقال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): فيما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة ، فقلت له: جُعِلْتُ فداك، فما حدُّ الرَّوضة؟ فقال: بَعْدَ أربع أساطين من المنبر إلى الظَّلال، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، مِن الصحن فيها شيءٌ؟ قال: لا (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ الروضة في

ص: 553


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 5. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ...، ح 2 و روى بعض الحديث. و الترعة: هي الحديقة بربوة عالية، فإذا لم تكن على مرتفع فهي روضة. و من معانيها: الباب، كما ورد في هذه الرواية.
2- الحديث صحيح. ﴿و لعل المراد به (المدخل) المدخل تحت المنبر﴾ مرآة المجلسي 266/18.
3- من التربية و التنشئة.
4- الحديث ضعيف.

مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى طرف الظلال، وحدُّ المسجد إلى الأُسطوانتين عن يمين المنبر إلى الطريق ممّا يلي سوق اللّيل (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن موسى بن بكر، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كم كان مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: كان ثلاثة آلاف وستّمائة ذراع مكسّراً (2)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة؟ فقال: نعم، و قال: بيت عليّ و فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما بين البيت الّذي فيه النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى الباب الّذي يحاذي الزُّقاق إلى البقيع، قال: فلو دخلتَ من ذلك الباب، و الحائطُ مكانه، أصاب منكبك الأيسر، ثمَّ سمّى سائر البيوت و قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الصلاة في مسجدي ألف صلاة في غيره، إلّا المسجد الحرام فهو أفضل (3)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علىّ الوشّاء؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن حمّاد بن عثمان، عن القاسم بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا دخلت من باب البقيع، فبيت عليّ صلوات الله عليه على يسارك قدر ممرَّ عنز من الباب، و هو إلى جانب بيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وباباهما جميعاً مقرونان (4)

10- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين منبري و بيوتي روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة، و صلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام؛ قال جميل: قلت له: بيوت النبيّ ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و بيت عليّ

ص: 554


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 7.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله: مكسّراً: أي ما يحصل من ضرب الطول بالعرض للشكل المستطيل، أو الضلع بالضلع للشكل المربع و هكذا. وقيل: إن المراد الذراع المكسرة و هي ست قبضات سميت بذلك لأنها نقصت عن ذراع أحد الأكاسرة قبضة- قاله في المغرب-.
3- الحديث صحيح. و أخرجه في التهذيب 6، نفس الباب، ح 8. و روى ذيله أيضاً في التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 11. و في ذيله: فإنه أفضل منه.
4- الحديث مجهول.

منها؟ قال: نعم و أفضل (1)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي سَلَمة، عن هارون بن خارجة قال: الصلاة في مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تعدل عشرة آلاف صلاة (2)

12- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن ابن مسكان، عن أبي الصامت قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صلاة في مسجد النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تعدل بعشرة آلاف صلاة (3)

13- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل أو في الرَّوضة؟ قال: في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، و غير واحد، عن جميل بن درَّاج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثل الصلاة في الرَّوضة؟ قال: و أفضل (5)

344- باب مقام جبرئيل عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، جميعاً قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ائت مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو تحت الميزاب، فإنّه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قل: ﴿أَیْ جَوَادُ، أَیْ کَرِیمُ، أَیْ قَرِیبُ، أَیْ بَعِیدُ، أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ، وَ أَسْأَلُکَ أَنْ تَرُدَّ عَلَیَّ نِعْمَتَکَ﴾ قال: و ذلك مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل القبلة ثمَّ تدعو بدعاء الدَّم، إلّا رأت الطهر إن شاء الله (6)

ص: 555


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 6. و قوله: منها: الضمير يرجع إلى رياض الجنة. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 9. و الحديث موثق.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 10. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ...، تحت عنوان (إتيان المدينة) بعد الحديث رقم 2، و قد ذكر رحمه الله دعاء الدم هناك.

345- باب فضل المقام بالمدينة و الصوم و الاعتكاف عند الأساطين

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن جهم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيّما (1) أفضل؛ المقام بمكّة أو بالمدينة؟ فقال: أيُّ شيء تقول أنت؟ قال: فقلت: و ما قولي مع قولك؟ قال: إنَّ قولك يردُّك إلى قولي، قال: فقلت له: أمّا أنا فأزعم أنَّ المقام بالمدينة أفضل من المقام بمكّة، قال: فقال: أمَا لئن قلت ذلك، لقد قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذاك يوم فطر و جاء إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسلّم عليه في المسجد ثمَّ قال: قد فضلنا الناس اليوم بسلامنا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال: دخلت أنا و عمّار و جماعة على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالمدينة، فقال: ما مقامكم؟ فقال عمّار: قد سرَّحنا ظهرنا (3) و أَمَرْنا أن نؤتى به (4) إلى خمسة عشر يوماً، فقال: أصبتم المقام في بلد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الصلاة في مسجده، و اعملوا لآخرتكم، و أكثروا لأنفسكم، إنَّ الرجل قد يكون كيّساً في الدنيا فيقال: ما أكيسَ فلاناً، و إنّما الكَيْس كيس الآخرة (5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عمرو الزَّيات (6)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات في المدينة بعثه الله في الآمنين يوم القيامة،- منهم (7) يحيى بن حبيب و أبو عبيدة الحذَّاء و عبد الرحمن بن الحجّاج- (8)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن الحلبيِّ؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد، فإن استطعت أن تقيم ثلاثة أيّام: الأربعاء و الخميس و الجمعة فصلِّ ما بين القبر و المنبر يوم الأربعاء عند الأُسطوانة الّتي تلي القبر، فتدعو الله عندها و تسأله كلَّ حاجة تريدها في آخرة أو دنيا، و اليوم الثاني عند أُسطوانه التوبة، و يوم الجمعة عند مقام النبيِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)

ص: 556


1- أي أيهما ...
2- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و ... ، ح 9.
3- المقصود بالظهر ما يركب من الدواب.
4- الضمير يرجع إلى الظهر.
5- الحديث ضعيف. و الكِياسَة: الظَرَف و الفطنة، و ضد الحمق.
6- هذا من أصحاب الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لم يلق أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
7- من هنا- على الظاهر- إلى آخره من كلام الزيّات، كما نص عليه الشيخ في التهذيب في ذيل الحديث.
8- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و ...، ح 8. و ذكر الصدوق في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث 100 فقال: و من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين. و الحديث ضعيف.

مقابل الأُُسطوانة الكثيرة الخَلوق، فتدعو الله عندهنَّ لكلِّ حاجة، و تصوم تلك الثلاثة الأيّام (1)

5- ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صم الأربعاء و الخميس و الجمعة، وصلّ ليلة الأربعاء و يوم الأربعاء عند الأُسطوانة الّتي تلي رأس النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ليلة الخميس و يوم الخميس عند الأُسطوانة أبي لبابة، و ليلة الجمعة و يوم الجمعة عند الأُسطوانة الّتي تلي مقام النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، وادعُ بهذا الدُّعاء لحاجتك و هو: ﴿اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِعِزَّتِکَ وَ قُوَّتِکَ وَ قُدْرَتِکَ، وَ جَمِیعِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُکَ، أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّد وَ آلِ مُحَمَّد وَ أَنْ تَفْعَلَ بِی کَذَا وَ کَذَا﴾ (2)

346- باب زيارة مَن بالبقيع

إذا أتيت القبر الّذي بالبقيع (3) فاجعله بين يديك ثمَّ تقول: ﴿السلام عليكم أئمّة (4) الهدى، السلام عليكم أهل التقوى، السلام عليكم الحجّة على أهل الدُّنيا، السلام عليكم القُوّام في البريّة بالقسط ، السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليكم أهل النجوى (5)، أشهد أنّكم قد بلّغتم و نصحتم و صبرتم في ذات الله، و كُذِّبْتُم و أُسيء إليكم فعفوتم، و أشهد أنّكم الأئمّة الرَّاشدون المهديّون و أنَّ طاعتكم مفروضة، و أنَّ قولكم الصدق، و أنّكم دعوتم فلم تُجابوا، و أمرتم فلم تُطاعوا، و أنّكم دعائم الدِّين، و أركان الأرض، و لم تزالوا بعين الله (6)، ينسخكم (7) في أصلاب كلِِِّ مطهّر، و ينقلكم في أرحام المطهّرات، لم تدنّسكم الجاهليّة

ص: 557


1- روى قريباً منه بل متطابقاً مع كثير من الفاظه في التهذيب 6، نفس الباب، ح 15. و كذلك فعل في الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، عنوان الصوم في المدينة و الاعتكاف عند الأساطين. مع حذف الإسناد، و أخرجه في التهذيب عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الظاهر أن ابن أبي عمير سقط بفعل النسّاخ من سند الحديث بقرينة بقية الروايات الواردة في كتاب الكافي و التي يتوسط ابن أبي عمير عادة و بين إبراهيم بن هاشم و حماد و الله العالم. و قد دل الحديث على جواز هذه الأيام الثلاثة في السفر كما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- راجع التخريج السابق.
3- الحدیث ﴿موقوف مرسل، و لا يبعد كونه من تتمة خبر معاوية بن عمار، بل هو الظاهر من سياق الكتاب، رواه ابن قولويه رحمه الله في كامل الزيارات عن حكيم بن داوود عن سلمة بن الخطّاب، عن عبد الله بن أحمد عن بكر بن صالح عن عمرو بن هاشم عن رجل من أصحابنا عن أحدهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾ مرآة المجلسي 272/18.
4- أي أئمة في الهدى.
5- أي يا من عندكم الأسرار التي بها ناجى الله أنبياءه و خاتمهم خاصة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
6- أي بحفظه و رعايته.
7- نسخه: -كما في القاموس- أزاله و غيّره، و المراد هنا تقلبهم من صلب إلى صلب في الساجدين.

الجهلاء (1)، و لم تشرك فيكم فتن الأهواء، طبتم و طاب منبتكم، منَّ بكم علينا ديّان (2) الدِّينِ فجعلكم في بيوت أذن الله أن تُرفع و يُذكر فيها اسمه، و جعل صلواتنا عليكم رحمةً لنا، و كفّارةً لذبوبنا، إذ اختاركم لنا و طيّب خلقنا (3) بما منَّ به علينا من ولايتكم، و كنّا عنده مسمّين بفضلكم، معترفين (4) بتصديقنا إيّاكم، و هذا مقام من أسرف و أخطأ و استكان و أقرَّ بماجنى ، و رجا بمقامه الخلاص، و أن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الرَّدى، فكونوا لي شفعاء، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدُّنيا، و اتّخذوا آيات الله هُزُواً و استكبروا عنها، يا من هو قائم لا يسهو و دائمٌ لا يلهو، و محيط بكلِِّ شيء، لك المنُّ بما وفّقتني و عرَّفتني ممّا ائتمنتني عليه، إذ صدَّ عنهم عبادك، و جهلوا معرفتهم، و استخفّوا بحقّهم، و مالوا إلى سواهم، فكانت المنّة منك عليِّ مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به (5)، فلك الحمد إذ كنتُ عندك في مقامي [هذا] مذكوراً مكتوباً، و لا تحرمني ما رجوت، و لا تخّيبني فيما دعوت﴾ وادع لنفسك بما أحببت (6)

347- باب اتيان المشاهد و قبور الشهداء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تدع إتيان المشاهد كلّها؛ مسجد قباء، فإنّه المسجد الّذي أُسّس على التقوى من أوَّل يوم، و مشربة أمِّ إبراهيم، و مسجد الفضيخ، و قبور الشهداء، و مسجد الأحزاب؛ و هو مسجد الفتح، قال: و بلغنا أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان إذا أتى قبور الشهداء قال: ﴿اَلسَّلاَمُ عَلَیْکُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی اَلدَّارِ﴾، و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح: ﴿يا صريخ المكروبين و يا مجيب [دعوة] المضطرِّين، اكشف همّي و غمّي و كربي كما كشفت عن نبيّك همّه و غمّه و كربه، و كفيته هَوْلَ عدوِّه فى هذا المكان (7)

ص: 558


1- في التعبير تأكيد كقوله : ليل ألْيَل.
2- الديّان: القهّار و القاضي و الحاكم و السائس. و المراد ديّان يوم الدين.
3- فيه إشارة إلى ما ورد في بعض الروايات من أن حبّهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من إمارات طهارة المولد و إن بعضهم من إمارات خبث الطينة و نجاسة المولد.
4- في الزيارة الجامعة: معروفين. و هو الأصوب.
5- أي من معرفتهم و التصديق بهم و موالاتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 6، 27- باب زيارتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الفقيه 2، باب زيارة قبور الأئمة: الحسن بن علي بن أبي طالب و علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... بتفاوت يسير في الجميع.
7- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 18. الفقيه 2، تحت عنوان (إتيان المشاهد و قبور الشهداء) مع حذف الإسناد. هذا، و قد قطع العلامة في بعض كتبه و الشهيد في الدروس أن مسجد الأحزاب هو مسجد الفتح. و إنما سمي مسجد الأحزاب لأن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد دعا فيه يوم معركة الأحزاب فنزل النصر و كفى الله المؤمنين بانهزام الأحزاب بعد أن صرع علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمرو بن عبدودّ. و سمي مسجد الفضيخ بذلك- كما قيل- لأنهم كانوا يفضحون فيه التمر قبل الإسلام، أي يشدخونه. و ذكر الشهيد في الدروس أن هذا المسجد هو الذي ردّت فيه الشمس لعلي ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و سوف تأتي رواية برقم، من هذا الباب تنص على أنه سمي بمسجد الفضيخ من النخل الفضيخ و لذلك سمي بهذا الاسم. و الحديث حسن كالصحيح.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نأتي المساجد الّتي حول المدينة، فبأيّها أبدء؟ فقال: ابدء بقباء، فصلِّ فيه، و أكثر ، فإنّه أوَّل مسجد صلّى فيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في هذه العرصة، ثمَّ ائت مشربة (1) أمِّ إبراهيم فصلِِّ فيها، و هي مسكن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و مصلّاه، ثمَّ نأتي مسجد الفضيخ فتصلّي فيه، فقد صلّى فيه نبيّك، فإذا قضيت هذا الجانب، أتيت جانب أُحُد فبدأتَ بالمسجد الّذي دون الحرَّة فصلّيت فيه، ثمَّ مررت بقبر حمزة بن عبد المطّلب فسلّمت عليه، ثمَّ مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت: ﴿اَلسَّلامُ عَلَیْکُمْ یَا اَهْلَ الدِیّار، أنْتُمْ لَنا فَرَطّ وَ اِنّا بِکُمْ لاحِقُونَ﴾، ثمَّ تأتي المسجد الّذي كان في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمنيك حين تدخل أُحُداً فتصلّي فيه، فعنده خرج النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أُحُد حين لقي المشركين، فلم يبرحوا حتّى حضرت الصلّاة، فصلّى فيه، ثمَّ مُرَّ أيضاً حتّى ترجع فتصلّي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك، ثمَّ امض على وجهك حتّى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي فيه، و تدعو الله فيه، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) دعا فيه يوم الأحزاب و قال: ﴿یا صَریخَ (2) الْمَکْرُوبینَ، وَ یا مُجیبَ [دَعَوَةِ] الْمُضْطَرّینَ ، وَ یا مُغیثَ الْمَهْمُومینَ، اکْشِفْ هَمّی وَ کَرْبی وَ غَمّی، فَقَدْ تَری حالی وَ حالَ اَصْحابی﴾ (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: عاشت فاطمة سلام الله عليها بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خمسة و سبعين يوماً لم تُرَ كاشرة (4) و لا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كلِِّ جمعة مرَّتين: الإثنين و الخميس، فتقول: ههنا كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ههنا كان المشركون (5)

ص: 559


1- المشربة: الصفّة و الغرفة.
2- الصريخ: المستغيث و المغيث أيضاً، فهو من الأضداد.
3- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 19.
4- ﴿كاشرة: أي متبسمة، و لعله قدم على الضحك لأنها من مقدماته كما في قوله تعالى: ﴿لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاَ نَوْمٌ﴾ البقرة/ 255﴾ مرآة المجلسي 276/18.
5- في بعض الروايات اختلاف في تحديد أيام زيارتها (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لهذه المواضع

5- و في رواية أُخرى أبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّها كانت تصلّي هناك و تدعو حتّى ماتت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مسجد الفضيخ، لِمَ سمّي مسجد الفضيخ؟ فقال: لنخل يسمّى الفضيخ فلذلك سُمّي مسجد الفضيخ (1)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل أتيتم مسجد قباء، أو مسجد الفضيخ، أو مشربة أُمِّ إبراهيم؟ قلت: نعم، قال: أَمَا إنّه لم يبق من آثار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) شيءٌ إلّا و قد غُيّر غير هذا.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، عن عمّار بن موسى قال: دخلت أنا و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مسجد الفضيخ فقال: يا عمّار، ترى هذه الوَهْدَة (2)؟ قلت: نعم، قال : كانت امرأة جعفر الّتي خلّف (3) عليها أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قاعدة في هذا الموضع، و معها ابناها من جعفر، فبكت، فقال لها ابناها: ما يبكيك يا أُمّهْ؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين و لا تبكين لأبينا؟ قالت: ليس هذا هكذا، و لكن ذكرت حديثاً حدَّثني به أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في هذا الموضع فأبكاني، قالا: و ما هو؟ قالت: كنت أنا و أمير المؤمنين في هذا المسجد، فقال لي: تَرَيْنَ هذه الوهدة؟ قلت: نعم، قال: كنت أنا و رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قاعدَين فيها، إذ وضع رأسه في حجري ثمَّ خفق حتّى غطّ (4) وحضرت صلاة العصر، فكرهت أن أُحرِِّك رأسه عن فخذي فأكون قد آذیت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، حتّى ذهب الوقت (5)، وفاتت، فانتبه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا عليّ، صلّيتَ؟ قلت: لا، قال: و لم ذلك؟ قلت: كرهت أن أُوذيك، قال: فقام و استقبل القبلة، ومدَّ يديه كلتيهما و قال: اللّهمَّ ردَّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليُّ، فرجَعَتْ الشمس إلى وقت الصلاة حتّى صلّيتُ العصر، ثمَّ انقضّت (6) انقضاض الكوكب (7)

ص: 560


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 20 و فيه: النخل ...، بدل: لنخل ... و الحديث صحيح.
2- الوهدة: ما انخفض من الأرض عن مستوى ما حوله.
3- هي أسماء بنت عميس.
4- غطيط النائم: نخيره و شخيره.
5- يحتمل ذهاب الوقت الفضيلي. و بفوتها فوت ذلك الوقت. و قيل: بأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إنما ترك الصلاة لعلمه بردّ الشمس له، أو أنه صلّى إيماءاً.
6- أي هوت و سقطت.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

348- باب وداع قبر النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل، ثمَّ ائت قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بعد ما تفرغ من حوائجك، و اصنع مثل ما صنعت عند دخولك و قل: ﴿أَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِكَ، فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ما شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنْ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ﴾.(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن وداع قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: تقول: ﴿صلّى الله عليك، السلام عليك، لا جعله الله آخر تسليمي عليك﴾ (2)

349- باب تحريم المدينة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مهران قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: مكّة حرم الله، و المدينة حرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الكوفة حرمي، لا يريدها جبّار بحادثة إلّا قصمه الله(3)

2- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن أبي العبّاس قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المدينة؟ قال: نعم، حرَّم بريداً في بريد ،غضاها، قال: قلت : صَيْدُها؟ قال: لا يكذب النّاس (4)

ص: 561


1- التهذيب 6، 4- باب وداع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ج 1. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، تحت عنوان (توديع قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)).
2- ورد ذلك في الفقيه 2، تحت عنوان (توديع قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و منبره). مرسلاً.
3- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 1.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 4 و فيه: عضاها (بالعين المهملة). و إن كان صاحب المنتقی قد ضبطها بالغين في التهذيب أيضاً و الله العالم. و الغضا: شجر. و العضاة- كما في الصحاح- كل شجر يعظم و له شوك. و أخرجه في الفقيه 2، 215- باب تحريم المدينة و فضلها، ح 7 بتفاوت قليل. و المقصود بأبي العباس في سند الحديث: الفضل بن عبد الملك البقباق. و قد دل الحديث على أن المحرم من صيد المدينة هو ما يحصل في هذه الحدود فقط و بذلك يفترق عن الصيد المحرم في الحرم المكي إذ هو حرام في الحرم كله.

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كنت عند زياد بن عبد الله و عنده ربيعة الرأي، فقال له زياد: ما الّذي حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة؟ فقال له (1): بريد في برید، فقال لربيعة: و كان على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أميال؟ فسكت و لم يُجِبهُ، فأقبل عليَّ زياد فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول أنت؟ فقلت: حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة ما بين لابَتَيْها، قال: و ما بين لابَتَيْها؟ قلت: ما أحاطت به الحرار (2)، قال: و ما حرَّم من الشجر؟ قلت: من عير إلى وَ عِير (3)

قال صفوان: قال ابن مسكان: قال الحسن: فسأله إنسان و أنا جالسٌ فقال له: و ما بين لابَتَيها؟ [ف] قال: ما بين الصوريَن إلى الثنيّة (4)

4- و في رواية ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُُّ ما حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة؛ من ذباب (5)، إلى واقِم، و العُرَيْض (6) و النَّقْب (7) من قِبَل مكّة (8).

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ مكّة حَرَمُ الله، حرَّمها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إنَّ المدينة حَرَمي، ما بين لابَتَيْها حَرَمٌ، لا يُعْضَدُ شجرها و هو ما بين ظلِّ عائر إلى ظلِّ و عير، و ليس صيدها كصيد مكّة، يؤكل هذا و لا يؤكل ذلك، و هو برید (9)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 562


1- أي قال ربيعة لزياد.
2- في التهذيب: الحَرِّتان. و هما -كما قيل- حرّة ليلى و حَرّة واقِم.
3- إلى هنا التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل ...، ح 6 بتفاوت يسير و روى جزءاً منه مرسلاً في الفقيه 2، 215- باب تحريم المدينة و فضلها، ح 2 بتفاوت. و وعير و عير جبلان بالمدينة. و في التهذيب: عاير، بدل: عير.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
5- ذباب: جبل بالمدينة. و في الفقيه: رباب.
6- العُريَض: اسم واد بالمدينة.
7- النَّقْب: الطريق في الجبل.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. و الحديث صحيحَ
9- التهذيب 6، 5-باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 3 بتفاوت. و الحديث صحيح. و العَضْد: القطع.

أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ): من أحدث بالمدينة حَدَثاً، أو آوى مُحْدِثاً (1)، فعليه لعنة الله، قلت: و ما الحَدَث؟ قال: القتل.

350- باب مُعَرَّس النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انصرفت من مكّة إلى المدينة، و انتهيتَ إلى ذي الحُلَيفة و أنت راجع إلى المدينة من مكّة، فأْْتِ معرَّس النبيِِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصلِِّ فيه، و إن كان في غير وقت صلاة مكتوبة فانزل فيه قليلاً، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد كان يعرِِّس فيه و يصلّي (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال؛ و الحسن بن عليّ، عن عليِّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا، أنّه لم يعرّس، فأمره الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ينصرف فيعرِّس (3)

3-أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عليِّ بن أسباط، عن محمد بن القاسم بن الفضيل قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جعلت فداك، إنَّ جمّالنا مرَّ بنا و لم ينزل المعرَّس؟ فقال: لا بدَّ أن ترجعوا إليه، فرجعت إليه (4)

4- و عنه، عن ابن فضّال قال: قال عليُّ بن أسباط لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و نحن نسمع-: إنّا لم نكن عرَّسنا، فأخبرنا ابن القاسم بن الفضيل أنّه لم يكن عرَّس، و أنّه سألك فأمرته بالعود إلى المعرَّس فيعرِّس فيه؟ فقال: نعم، فقال له: فإنّا انصرفنا فعرّسنا، فأيُّ شيء نصنع؟ قال: تصلّي فيه و تضطجع، و كان أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (5) يصلّي بعد العتمة فيه، فقال له محمد: فإن مرَّ به في غير وقت صلاة مكتوبة؟ قال: بعد العصر قال: سئل أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن ذا فقال: ما رخّص

ص: 563


1- أي نصر جانياً و آواه و أجاره من خصمه و حال بينه و بين الاقتصاص منه. و الحديث حسن كالصحيح.
2- الفقيه 2، 214- باب الإبتداء بمكة و الختم بالمدينة، (عنوان نزول معرّس النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 8. و التعريس: النزول آخر الليل للاستراحة، و لكن المراد به هنا النزول في مسجد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)الكائن قرب مسجد الشجرة على بعد فرسخ من المدينة في ليل أو نهار. و قد دلت على ذلك-و هو كون التعريس في هذا المكان المبارك أعم من الليل- عدة روايات. و من الواضح أن النزول هناك إنما هو للصلاة فيه مطلقاً و الاضطجاع.
3- التهذيب 6، نفس الباب، صدر ح 17 و أشار إليه إشارة.
4- الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة، ح 9. و في ذيله: فرجعنا إليه.
5- يعني الکاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و كذا ما بعده.

في هذا إلّا في ركعتي الطواف، فإن الحسن بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فعله، و قال: يقيم حتّى يدخل وقت الصلاة، قال: فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فمن مرَّ به بليل أو نهار يعرِّس فيه، أو إنّما التعريس باللّيل؟ فقال: إن مرَّ به بليل أو نهار فليعرِّس فيه (1)

351- باب مسجد غدیرخُمّ

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصلاة في مسجد غدير خمّ بالنهار و أنا مسافر؟ فقال: صلِّ فيه، فإنَّ فيه فضلاً، و قد كان أبي يأمر بذلك (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجّال، عن عبد الصمد بن بشير ،عن حسّان الجمّال قال: حملت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المدينة إلى مكّة، فلمّا انتهينا إلى مسجد الغدير، نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذلك موضع قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حيث قال: من کنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، ثمَّ نظر إلى الجانب الآخر فقال: ذلك موضع فسطاط أبي فلان و فلان و سالم مولى أبي حذيفة، و أبي عبيدة الجرَّاح، فلمّا أن رأوه رافعاً يديه قال بعضهم لبعض: انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بهذه الآية (3): ﴿وَ إنْ یَکَادُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَیُزْ لِقُونَکَ بِأبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّکْرَ (4) وَ یَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ (5) * وَ مَا هُوَ إلّا ذِکْرٌ لِلْعَالَمِینَ﴾ (6)

ص: 564


1- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل ...، ح 17 بتفاوت يسير. قال الجوهري في الصحاح 948/3: ﴿التعريس: نزول القوم من آخر الليل يقفون فيه وقفة للاستراحة ثم يرتحلون، و أعرسوا فيه، لغةً قليلة، و الموضع معرّس و معرس﴾. ﴿و إنما سمي معرساً لنزول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فيه في آخر الليل، و فيه وقع ما اشتهر به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نام عن صلاة الغداة، و أجمع الأصحاب على استحباب النزول و الصلاة فيه تأسياً بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يستفاد من الأخبار أن التعريس إنما يستحب في العود من مكة إلى المدينة﴾ مرآة المجلسي 281/18.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 21. الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، تحت عنوان (الصلاة في مسجد غدير خم)، ح 6.
3- القلم/51. ليُزلقونك: أي أن الذين كفروا ينظرون إليك نظراً شديداً يكاد يزيلك عن مكانك.
4- أي ولاية علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- أي في محبة علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 3، 25- باب فضل المساجد و الصلاة فيها و...، ح 66 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة، عنوان (الصلاة في مسجد غدير خم) ح 7. و أشار إليه الصدوق رحمه الله في الفقيه 1، 37 -باب فضل المساجد و حرمتها و ...، بعد إيراده الحديث رقم 9.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبَان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبّ الصلاة في مسجد الغدير، لأنّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أقام فيه أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هو موضعٌ أظهر الله عزَّ و جلَّ فيه الحقَِّ (1)

352- باب

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ عن عليِّ بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما من نبيّ و لا وصيِّ نبيّ يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيّام، حتّى تُرفع روحه و عَظْمُهُ و لَحْمُهُ إلى السماء، و إنّما تؤتى مواضع آثارهم، و يبلّغونهم من بعيد السلامَ، و يسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: سمعت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ لكلِِّ إمام عهداً في عنق أوليائه و شيعته، و إن من تمام الوفاء بالعهد و حُسْنِِ الأداء، زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم، و تصديقاً بما رغبوا فيه، كان أئمّتُهُم شفعاءَهم يومَ القيامة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي هاشم الجعفريِّ قال: بعث إليَّ أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مرضه و إلى محمد بن حمزة، فسبقني إليه محمد بن حمزة و أخبرني محمد؛ ما زال يقول: ابعثوا إلى الحَيْر، ابعثوا إلى الحَيْر (4)، فقلت لمحمد: أَلَا قلتَ له: أنا أذهب إلى

ص: 565


1- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و...، ح 22. الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة ، ح 5.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 2. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 بتفاوت يسير فيهما. ﴿قال الكراجكي في كنز الفوائد بمضمون هذا الخبر، و يظهر أنه مذهب الإمامية، و به قال المفيد أيضاً في بعض رسائله. و فيه إشكال من جهة منافاته لكثير من الأخبار الدالة على بقاء أبدانهم في الأرض كأخبار نقل عظام آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و نوح و يوسف (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)، و بعض الآثار الواردة بأنهم نبشوا قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوجدوه في قبره و غيرها. فمنهم من حمل أخبار الرفع على أنهم يرفعون بعد الثلاثة ثم يرجعون إلى قبورهم﴾ مرآة المجلسي 284/18.
3- التهذيب 6، 26- باب فضل زيارة علي بن الحسين و محمد بن علي و... ، ح 3. و كرره برقم 2 من الباب 43 من نفس الجزء. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. ﴿و ربما يستدل به على وجوب زيارة كل إمام في العمر مرّة، و فيه نظر، و إن كان الأَوْلى قصد القربة في الزيارة الأولى﴾ مرأة المجلسي 18 /285.
4- قال الجوهري في الصحاح 641/2: الحَيْر: شبه الحظيرة أو الحمى، و منه الحَيْر بكربلاء. و المقصود: ابعثوا إلى الحاير الحسيني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) بكربلاء من يدعو لي بالشفاء- و الله العالم-.

الحير، ثمَّ دخلت عليه و قلت له: جُعِلْتُ فِداك: أنا أذهب إلى الحَير؟ فقال: انظروا (1) في ذاك، ثمَّ قال لي: إنَّ محمداً ليس له سرُّ من زيد بن عليّ (2)، و أنا أكره أن يسمع ذلك، قال: فذكرت ذلك لعليِّ بن بلال فقال: ما كان يصنع [ب] الحَير و هو الحَير، فقدمت العسكر، فدخلت عليه، فقال لي: اجلس- حين أردت القيام- فلمّا رأيته أنِسَ بي ذكرت له قول عليِّ بن بلال، فقال لى: أَلَا قلتَ له: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يطوف بالبيت، و يقبّل الحجر، و حرمة النبيِّ و المؤمن أعظم من حرمة البيت، و أمره الله عزَّ و جلَّ أن يقف بعرفة، و إنّما هي مواطن يحبُّ الله أن يُذكر فيها، فأنا أُحبُّ أن يُدعى [الله] لي حيث يحبُّ الله أن يدعى فيها، و ذكر عنه أنّه قال-و لم احفظ عنه- قال: إنّما هذه مواضع يحبُّ الله أن يتعبّد [له] فيها، فأنا أُحبُّ أن يدعى لي حيث يحبُّ الله أن يعبد. هلّا قلت له كذا و [كذا]؟قال: قلت جُعِلْتُ فِداك، لو كنت أحسن مثل هذا لم أردُّ الأمر عليك- هذه ألفاظ أبي هاشم، ليست ألفاظه (3)-.

353- باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أُورمة، عمّن حدَّثه، عن الصادق أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقول: ﴿السلام عليك يا وليَّ الله، أنت أوَّل مظلوم و أوَّل من غُصِبَ حقّه، صبرتَ و احتسبتَ حتّى أتاك اليقين، فأشهد أنّك لقيتَ الله و أنت شهيد، عذَّب الله قاتلك بأنواع العذاب، و جدَّد عليه العذاب، جئتك عارفاً بحقّك، مستبصراً بشأنك، معادياً لأعدائك و من ظلمك، ألقى على ذلك ربّي إن شاء الله، يا وليَّ الله؛ إنَّ لي ذنوباً كثيرة فاشفع لي إلى ربّك، فإنَّ لك عند الله مقاماً [محموداً] معلوماً، و إنَّ لك عند الله جاهاً و شفاعة، و قد قال تعالى (4): ﴿وَ لا یَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضی﴾ (5)

ص: 566


1- أي تَدَبّروا و تفكّروا.
2- أي لا يكتمه سراً.
3- قوله: هذه ألفاظ أبي هاشم ...: ﴿إشارة إلى هذه التتمة، أي هذه الفاظه التي سمعتها منه مشافهة و حفظتها عنه و ليست ألفاظ الواسطة. أو هو كلام أبي هاشم أي ذكر لي غيري ممن حضر المجلس أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال بتلك العبارة إلى قوله: قال: قلت له: و التتمة كما سبق. و قيل: قوله: لم أحفظ عنه: يعني ألفاظه و عباراته بعينها إلا أن مضمونها هذا و هو ما ذكر ليست ألفاظه، يعني ألفاظ الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و لا يخفى ما فيه﴾ مرآة المجلسي 286/18.
4- الأنبياء/28.
5- التهذيب 6، 8- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنوان (زيارة أخرى) ح 2. الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تحت عنوان (زيارة قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)).

محمد بن جعفر الرازيُّ (1)، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )مثله (2)

دعاء آخر عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام

تقول (3): ﴿السلام عليك يا وليَّ الله، السلام عليك يا حجّة الله، السلام عليك يا خليفة الله، السلام عليك يا عمود الدِّين، السلام عليك يا وارث النبيّين، السلام عليك يا قسيم الجنة و النّار، و صاحب العصا و المِيسَم (4)، السلام عليك يا أمير المؤمنين، أشهد أنّك كلمة التقوى (5)، و باب الهدى، و العروة الوثقى، و الحبل المتين، و الصراط المستقيم، و أشهد أنّك حجة الله على خلقه، و شاهده على عباده و أمينه على علمه، و خازن سرِِّه، و موضع حكمته، و أخو رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و أشهد أنَّ دعوتك حقٌّ، و كلُّ داع منصوب دونَك باطل مدحوض (6)، أنت أوَّل مظلوم، و أوَّل مغصوب حقّه، فصبرتَ و احتسبتَ، لعن الله من ظلمك و اعتدى عليك و صدَّ عنك لعناً كثيراً، يلعنهم به كلُّ مَلَك ،مقرَّب، و كلُّ نبي ،مُرْسل، و كلُّ عبد مؤمن ممتحَن، صلّى الله عليك يا أمير المؤمنين و صلّى الله على روحك و بدنك، أشهد أنّك عبد الله و أمينه، بلّغت ناصحاً، و أدَّيت أميناً، و قُتلت صِدِّيقاً، و مضيتَ على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، و لم تمِلْ من حقّ إلى باطل، أشهد أنّك قد أقمت الصلاة و آتيت الزّكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و اتّبعت الرَّسول، و نصحت للأُمّة، و تلوتَ الكتاب حقَّ تلاوته، و جاهدت في الله حقَّ جهاده، و دعوت إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة حتى أتاك اليقين (7)، أشهد أنّك كنت على بيّنة من ربّك و دعوت إليه على بصيرة، و بلّغتَ ما أُمِرْتَ به، و قمت بحقِّ الله غير واهن و لا

ص: 567


1- في الفقيه: الرزّاز..
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب و العنوان أعلاه. ﴿الحديث ضعيف، و السند الثاني مرسل، [و] يمكن أن يكون المراد بالشفاعة أولاً: الدعاء، و ثانياً: شفاعة القيامة، أي ادع و استغفر لي لأصير قابلاً لشفاعتك، أو المعنى: اشفع لي فإن كل من تشفعون له هو المرتضى، و يحتمل أن يكون الغرض مجرد الاستشهاد للشفاعة و الله يعلم﴾ مرآة المجلسي 287/18.
3- هكذا في التهذيب أيضا
4- المِيسم: الالة التي يوسم بها و يكوى بها. و جمعه :مياسم و مواسم.
5- ﴿كلمة التقوى: إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ و فسّرها الأكثر بكلمة الشهادة، و أضافتها إلى لتقوى لأنها سببها أو كلمة أهلها أو بها يتقى من النار. و إطلاق الكلمة عليهم لانتفاع الناس بهم و بكلامهم﴾ مرآة المجلسي 288/18.
6- دحضت الحجة دحوضاً: بطلت.
7- اليقين: الموت المتيقن.

موهن، فصلّى الله عليك صلاة متّبعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضاً لا إنقطاع لها و لا أمد و لا أجل، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته، و جزاك الله من صِدِّيق خيراً عن رعيّته، أشهد أنَّ الجهاد معك جهاد و أنَّ الحقِّ معك و إليك، و أنت أهله و معدنه، و ميراث النبوَّة عندك، فصلّى الله عليك و سلّم تسليماً، و عذَّب الله قاتلك بأنواع العذاب، أتيتك يا أمير المؤمنين عارفاً بحقّك، مستبصراً بشأنك، معادياً لأعدائك، موالياً لأوليائك، بأبي أنت و أُمّي، أتيتك عائذاً بك من نار استحقَّها مثلي بما جنيتُ على نفسي، أتيتك زائراً أبتغي بزيارتك فَكَاك رقبتي (1). من النّار، أتيتك هارباً من ذنوبي الّتي احتطبتها على ظهري، أتيتك وافداً لعظيم حالك و منزلتك عند ربّي، فاشفع لي عند ربّك، فإنَّ لي ذنوباً كثيرة، و إنَّ لك عند الله مقاماً معلوماً، و جاهاً عظيماً، و شأناً كبيراً و شفاعة مقبولة، و قد قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لا یَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضی﴾، اللّهمَّ ربَّ الأرباب، صريخ الأحباب (2)، إنّي عذت بأخي رسولك معاذاً، ففكَّ رقبتي من النّار ، آمنت بالله و ما أُنزل إليكم، و أتولّى آخركم بما تولّيت [به] أوَّلكم، و كفرت بالجِبْتِ و الطاغوت و اللّاتِ و العزّى (3)

354- باب موضع رأس الحسين عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريا، عن يزيد بن عمر بن طلحة قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) و هو بالحِيرة: أما تريد ما وعدتك؟ قلت: بلى- يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه-، قال: فركب، و ركب إسماعيل (4)، و ركبت معهما، حتّى إذا جاز الثويّة، و كان بين الحيرة و النجف عند ذكوات بيض(5)، نزل، و نزل إسماعيل، و نزلت معهما، فصلّى، و صلّى إسماعيل، و صلّيت، فقال لإسماعيل: قم فسلّم على جدِّك الحسين ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أليس الحسين بكربلا؟ فقال: نعم، و لكن لمّا حُمل رأسه إلى الشام، سرقه مولّى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(6)

ص: 568


1- الفَكاك: التخليص
2- في التهذيب: صريخ الأخيار.
3- التهذيب 6، 8- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عنوان (زيارة أخرى). ح 4 بتفاوت.
4- هو ابن الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- ﴿في بعض النسخ بالراء المهملة، أي بين حياض كبيرة. في القاموس: الركوة: الحوض الكبير (القاموس 336/4). و في بعضها بالزاي المعجمة و لا معنى له يناسب المقام، و في بعضها بالذال المعجمة، و الذكاة : الجمرة الملتهبة، فالمراد بها الحَصَبات البيض التي توجد هناك، و يتختم بها، أو التلال المشتملة عليها مجازاً لتوقدها عند إشراق الشمس عليها﴾. مرآة المجلسي 290/18.
6- الحديث مجهول.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن الخزَّاز، عن الوشّاء أبي الفرج، عن أبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمرَّ بظهر الكوفة، فنزل فصلّى ركعتين، ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى ركعتين، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثمَّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قلت: جُعِلْتُ فداك، و الموضعين اللّذين صلّيت فيهما ؟ قال: موضع رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و موضع منزل القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

355- باب زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن نعيم بن الوليد، عن يونس الكناسيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أتيت قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاتِ الفرات و اغتسل بحيال قبره، و توجّه إليه و عليك السّكينة و الوقار، حتّى تدخل إلى القبر من الجانب الشرقيِّ، و قل حين تدخله: ﴿السلام على ملائكة الله المنزلين، السلام على ملائكة الله المردفين (2)، السلام على ملائكة الله المسوِِّمين (3)، السلام على ملائكة الله الّذين هم في هذا الحرم مقيمون﴾، فإذا استقبلت قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقل: ﴿السلام على رسول الله، السلام على أمين الله على رُسُله، و عزائم أمره، و الخاتم لما سبق (4) و الفاتح لما استقبل (5) و المهيمن على ذلك كلّه و السّلام عليه و رحمة الله و بركاته﴾ ثمّ تقول: ﴿اللّهمَّ صلِّ على أمير المؤمنين عبدك و أخي رسولك، الّذي انتجبته بعلمك و جعلته هادياً لمن شئت من خلقك، و الدّليل على من بعثته برسالاتك و ديّانَ الدِّين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كلّه و السلام عليه و رحمة الله و بركاته، [اللّهمَّ صلِِّ على الحسن بن عليّ عبدك و ابن عبدك الّذي انتجبته بعلمك، و جعلته هادياً لمن شئت من خلقك و الدَّليل على من بعثته برسالاتك و ديّانَ الدِّين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كلّه، و السلام عليه و رحمة الله و بركاته]﴾. ثمّ تصلّي على الحسين و سائر الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما صلّيت و سلّمت على الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمّ تأتي قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فتقول: ﴿السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك

ص: 569


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- من أردفته إذا جئت بعده، أي متبعين بعضهم بعضاً، أو متبعين المؤمنين. و فيه إشارة إلى الآية 9 من سورة الأنفال.
3- أي معلّمينّ و فيه إشارة إلى الآية 125 من آل عمران.
4- أي من الأنبياء أو مللهم أو الأسرار و المعارف .
5- أي لمن بعده من الحجج أو المعارف و الحكم و الأسرار.

يا ابن أمير المؤمنين، صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، أشهد أنّك قد بلّغت عن الله عزَّ و جلَّ ما أُمِرت به، و لم تخشَ أحداً غيره، و جاهدت في سبيله، و عبدته صادقاً حتّى أتاك اليقين، أشهد أنّك كلمة التقوى، و باب الهدى، و العروة الوثقى، و الحجّة على من يبقى و من تحت الثّرى، أشهد أنَّ ذلك سابقٌ فيما مضى، و ذلك لكم فاتح فيما بقي، أشهد أنَّ أرواحكم و طينتكم طيّبة طابت و طَهُرَت، هي بعضها من بعض مُنّا من الله و رحمة، و أُشهد الله و أُشهدكم أنّي بكم مؤمن، و لكم تابع في ذات نفسي، و شرائع ديني، وخاتمة عملي، و منقلبي و مثواي، و أسأل الله البَرَّ الرَّحيم، أن يتمَّ ذلك لي، أشهد أنّكم قد بلّغتم عن الله ما أمركم به و لم تخشوا أحداً غيره، و جاهدتم في سبيله و عبدتموه حتّى أتاكم اليقين، لعن الله من قتلكم، و لعن الله من أمر به ، و لعن الله من بلغه ذلك منهم فرضي به، أشهد أنَّ الّذين انتهكوا حرمتكم وسفكوا دمكم ملعونون على لسان النبيِِّ الأُمّي ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)﴾.

ثمّ تقول: ﴿اللّهمَّ العن الّذين بدَّلوا نعمتك (1)، و خالفوا ملّتك، و رغبوا عن أمرك، و اتّهموا رسولك (2)، و صدُّوا عن سبيلك، اللّهمَّ احش قبورهم ناراً و أجوافهم ناراً و احشرهم و أشياعهم إلى جهنّم زُرْقاً (3)، اللّهمَّ العنهم لعناً يلعنهم به كلُّ مَلَك مقرَّب،و كلُّ نبيّ مُرْسَل، و كلُّ عبد مؤمن امتحنتَ قلبه للإيمان، اللّهمَّ العنهم في مستسِرِِّ السرِِّ و في ظاهر العلانية، اللّهمَّ العن جوابيت هذه الأُمّة و العن طواغيتها، و العن فراعنتها و العن قتلة أمير المؤمنين، و العن قتله الحسين، و عذّبهم عذاباً لا تعذِّب به أحداً من العالمين، اللّهمَّ اجعلنا ممّن ينصره و تنتصر به، و تمنُّ عليه بنصرك لدينك في الدُّنيا و الآخرة﴾.

ثمَّ اجلس عند رأسه فقل: ﴿صلّى الله عليك، أشهد أنّك عبد الله و أمينه، بلّغت ناصحاً، و أديت أميناً، و قُتِلتَ صِدِّيقاً، و مضيت على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، و لم تمِلْ من حقّ إلى باطل، أشهد أنّك قد أقمت الصّلاة و آتيت الزّكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و اتّبعت الرَّسول، و تلوتَ الكتاب حقَّ تلاوته، و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة، صلّى الله عليك و سلّم تسليماً، و جزاك الله من صِدِّيق خيراً عن رعيّتك، و أشهد أنَّ الجهاد معك جهادٌ، و أنَّ الحقَِّ معك و إليك، و أنت أهله و معدنه، و ميراث النبوَّة عندك و عند أهل بيتك صلّى الله عليك و سلّم تسليماً، أشهد أنّك صِدِّيق الله، و حجّته على خلقه، و أشهد أنَّ دعوتك حقٌّ، و كلُّ داع منصوب غيرك فهو باطل مدحوض، و أشهد أنَّ الله هو الحقُّ المبين﴾. ثمَّ تحوّل عند رجليه، و تخيّر من الدُّعاء، و تدعو لنفسك.

ص: 570


1- يعني الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- أي فيما بلّغهم إياه من وجوب موالاة أهل بيته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و محبتهم و اتخاذهم حججاً الله بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
3- الزرقة: أسوأ ألوان العين عند العرب و أبغضها إليهم.

ثم تحوّل عند رأس علي بن الحسين عليهما السلام

و تقول: ﴿سلام الله و سلام ملائكته المقرَّبين و أنبيائه المرسلين يا مولاي و ابن مولاي و رحمة الله و بركاته عليك، صلّى الله عليك و على أهل بيتك و عترة آبائك الأخيار الأبرار الّذين أذهب الله عنهم الرِّجس و طهّرهم تطهيراً﴾.

ثم تأتى قبور الشهداء: و تسلّم عليهم و تقول: ﴿السّلام عليكم أيّها الرّبانيّون، أنتم لنا فَرَط (1) و نحن لكم تَبَع و نحن لكم خلف و أنصار، أشهد أنكم أنصار الله و سادة الشّهداء في الدُّنيا و الآخرة، فإنّكم أنصار الله كما قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ کَأیِّنْ مِنْ نَبِیٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّیُّونَ کَثِیرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَ مَا ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَکَانُوا﴾ (2) و ما ضعفتم و ما استكنتم حتّى لقيتم الله على سبيل الحقِِِّ و نصرة كلمة الله التامّة، صلّى الله على أرواحكم و أبدانكم و سلّم تسليماً. أبشروا بموعد الله الّذي لا خُلْفَ له إنّه لا يُخلف الميعاد،- و الله مدرك لكم بثار ما وعدكم، أنتم سادة الشّهداء في الدُّنيا و الآخرة، أنتم السابقون و المهاجرون و الأنصار، أشهد أنكم قد جاهدتم في سبيل الله، و قُتِلْتُم على منهاج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم تسليماً. الحمد لله الّذي صدقكم وعده و أراكم ما تُحِبّون﴾.

ثمّ ترجع إلى القبر و تقول: ﴿أتيتك يا حبيب [رسول] الله و ابن رسوله، و إنّي بك عارفٌ و بحقّك، مقرُّ بفضلك، مستبصر بضلالة من خالفك، عارفٌ بالهدى الّذي أنتم عليه، بأبي أنت و أُمّي و نفسي، اللّهمَّ إنّي أُصلّي عليه كما صلّيتَ عليه أنت و رسولك و أمير المؤمنين صلاةً متتابعة متواصلة مترادفة، تتبع بعضها بعضاً، لا انقطاع لها و لا أمد و لا أجَلَ في محضرنا هذا و إذا غبنا و شهدنا، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته﴾.

و إذا (3) أردت أن تودعه فقل: ﴿السّلام عليك و رحمة الله و بركاته، أستودعك الله و أقرء عليك السلام، آمنّا بالله و بالرسول و بما جئت به و دللت عليه، و اتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد منّا و منه، اللّهمَّ إنّي أسألك أن تنفعنا بحبّه، اللّهمَّ ابعثه مقاماً محموداً تنصر به دينك، و تقتل به عدوِّك، و تبير به من نصب حرباً لآل محمد، فإنّك وعدت ذلك و أنت لا تُخلف الميعاد، السلام عليك و رحمة الله و بركاته، أشهد أنّكم شهداء نجباء،

ص: 571


1- في النهاية 434/3 فيه: ﴿أَنَا فَرَطُکُمْ عَلَی اَلْحَوْضِ﴾: أي متقدمكم إليه، و فرط: إذا تقدم و سبق القوم ليرتاد لهم الماء و يهيء لهم الدلاء و الأرشية، و منه الدعاء للطفل الميت: ﴿اللهُمَّ اجْعَلُْ لَنَا فَرَطاً﴾ أي أجراً يتقدمنا.
2- آل عمران/146. و كأين من نبي: و كم من نبيّ. رِبّيُّون: جماعات كثيرة، و قيل: الرِّبيّون: الأتباع، و الربّانيّون: القادة و الولاة. وهَنَوا تخشّعوا لعدوهم و عجزوا.
3- من هذا إلى قوله: و سلّم كثيراً في الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عنوان (الوداع) . ح 4.

جاهدتم في سبيل الله و قتلتم على منهاج رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم تسليماً كثيراً]﴾.

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان و المفضّل بن عمر و أبو سَلَمة السراج جلوساً عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كان المتكلّم منّا يونس،و كان أكبرنا سنّاً فقال له: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أحضر مجلس هؤلاء القوم- يعني ولد العبّاس- فما أقول؟ فقال: إذا حضرت فذكرتنا فقل: ﴿اللّهمَّ أرِنا الرَّخاء و السرور، فإنّك تأتي على ما تريد، فقلت: جُعِلْتُ فداك، إنّي كثيراً ما أذكر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأيُّ شيء أقول؟ فقال: قل: ﴿صلّى الله عليك يا أبا عبد الله﴾، تعيد ذلك ثلاثاً، فإنَّ السلام يصل إليه من قريب و من بعيد، ثمَّ قال: إنَّ أبا عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا قضى، بكت عليه السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنَّ و ما بينهنَّ، و من ينقلب في الجنّة و النّار من خلق ربنّا، و ما يُرى و ما لا يُرى، بكى على أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلّا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: جُعِلْتُ فِداك، و ما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة و لا دمشق و لا آل عثمان عليهم لعنة الله، قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أُريد أن أزوره فكيف أقول و كيف أصنع؟ قال: إذا أتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاغتسل على شاطىء الفرات، ثمَّ ألبس ثيابك الطاهرة، ثمَّ امش حافياً، فإنّك في حرم من حرم الله و حرم رسوله (1)، و عليك بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و التعظيم لله عزَّ و جلَّ كثيراً و الصلاة على محمد و أهل بيته حتّى تصير إلى باب الحَيْر، ثمَّ تقول: ﴿السلام عليك يا حجّة الله و ابن حجّته، السلام عليكم يا ملائكة الله و زوَّار قبر ابن نبيِّ الله﴾، ثمَّ اخْطُ عشر خطوات، ثمَّ قف و كبّر ثلاثين تكبيرة، ثمَّ امش إليه حتّى تأتيه من قِبَل وجهه، فاستقبل وجهك بوجهه، و تجعل القبلة بين كتفيك، ثمَّ قل: ﴿السلام عليك يا حجّة الله و ابن حجّته، السلام عليك يا قتيل الله (2) و ابن قتيله، السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره (3)، السلام عليك يا وتر الله الموتور (4) في السماوات و الأرض، أشهد أنَّ دمك سكن في الخلد و اقشعرَّت له أظلّة العرش (5)، و بكى له جميع الخلائق، و بكت له السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنَّ و ما بينهنَّ، و من يتقلّب في الجنّة و النّار من خلق ربّنا و ما يُرى و ما لا يُرى، أشهد أنّك حجّة الله و ابن حجّته، و أشهد أنّك قتيل الله و ابن قتيله،و أشهد أنّك ثائر

ص: 572


1- أي أمر الله و رسوله باحترامه، أو أنه مما يجب احترامه لكونه مدفن حجة الله و وصي رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
2- أي المقتول في سبيله.
3- أي أنك أهل ثار الله و الذي يطلب الله دمه من أعدائه، و الثأر: -مهموزاً- الدم.
4- قال الجوهري في الصحاح 843/2: ﴿الوتر: الفرد، و الموتور: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. وَ وَتره حقه نقصه﴾.
5- الأظلّة: جمع ظلال و هو ما أظلك مطلقاً، و المراد به هنا أطباق العرش أو بطونه أو أجزازه...

الله و ابن ثائره، و أشهد أنّك وتر الله الموتور في السماوات و الأرض، و أشهد أنّك قد بلّغت ونصحت و وفيت و أوفيت، و جاهدت في سبيل الله و مضيتَ للّذي كنت عليه شهيداً و مستشهداً و شاهداً و مشهوداً، أنا عبد الله و مولاك و في طاعتك، و الوافد إليك، ألتمس كمال المنزلة عند الله و ثباتَ القدم في الهجرة إليك و السبيل الّذي لا يختلج (1) دونك، من الدُّخول في كفالتك الّتي أُمِرْتُ بها، من أراد الله بدء بكم، بكم يبين الله الكذب، و بكم يباعد الله الزّمان الكَلِب (2)، و بكم فتح الله و بكم يختم (3) [الله]، و بكم يمحو ما يشاء و بكم يُثبت، و بكم يفكُّ الذُّلَّ من رقابنا، و بكم يدرك الله تِرَةَ كلِّ مؤمن (4) يطلب بها، و بكم تنبت الأرض أشجارها، و بكم تخرج الأشجار أثمارها، و بكم تنزل السماء قطرها و رزقها، و بكم يكشف الله الكرب، و بكم ينزِّل الله الغيث و بكم تسيخ الأرض (5) الّتي تحمل أبدانكم ، و تستقرّ جبالها عن مراسيها، إرادة الرَّبِّ فِي مقادير أموره تهبط إليكم، و تصدر من بيوتكم، و الصادر عمّا فصل من أحكام العباد، لُعِنَتْ أُمّة قتلتكم، و أُمّةٌ خالفتكم، و أمّة جحدت ولايتكم و أُمّةٌ ظاهَرَت عليكم، و أُُمّةٌ شهدت و لم تُسْتَشْهَد، الحمد لله الّذي جعل النّار مثواهم و بئس ورد الواردين و بئس الورد المورود و الحمد الله ربِّ العالمين و صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، أنا إلى الله ممّن خالفك برييء- ثلاثاً-﴾.

ثمَّ تقوم فتأتي ابنه عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو عند رجليه فتقول: ﴿السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن عليّ أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الحسن و الحسين، السلام عليك یا ابن خديجة و فاطمة صلّى الله عليك، لعن الله من قتلك- تقولها ثلاثاً-، أنا إلى الله منهم برييء- ثلاثاً-﴾.

ثمَّ تقوم فتؤمي بيدك إلى الشهداء و تقول: ﴿السلام عليكم- ثلاثاً- فزتم و الله فزتم و الله، فليت أنّي معكم فأفوز فوزاً عظيماً﴾.

ثمَّ تدور فتجعل قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بين يديك، فصلِِّ ستَّ ركعات، و قد تمّت زيارتك،

ص: 573


1- الاختلاج: الاضطراب.
2- كناية عن شدته و صعوبته و كثرة البلاء فيه.
3- أي بجدكم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و بما جاء به من عند ربه افتتح الله أبواب رحمته و هدايته و ببقية الله في الأرض يختتم الله ليملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلماً و جوراً.
4- أي أن الحجة عجل الله فَرَجه يقتص للمظلوم من الظالم و يطلب بثأره منه و إن كان دمه قد مطل و ذهب هدراً قبل ذلك بحيث لم يعد له طالب.
5- و بكم تسيخ الأرض، أي تثبت و تستقر لكونها حاملة لأجسادكم الطاهرة أحياءً و أمواتاً. و على ما في التهذيب: تسبّح، أي تقدّس و تنزّه و تذكر فضائلكم و عظيم منزلتكم عند الله.

فإن شئت فانصرف (1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أُورمة، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول: عند [رأس] الحسين عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: ﴿السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حجّة الله في أرضه و شاهِدَه على خلقه، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن عليّ المرتضى، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء، أشهد أنّك قد أقمتَ الصلاة، و آتيتَ الزكاة، و أمرتَ بالمعروف، و نهيتَ عن المنكر، و جاهدتَ في سبيل الله حتّى أتاك اليقين، فصلّى الله عليك حيّاً و ميّتاً﴾. ثمَّ تضع خدَّك الأيمن على القبر و قل: ﴿أشهد أنّك على بيّنة من ربِّك، جئتُ مقرًّا بالذُّنوب تتشفع لي عند ربّك يا ابن رسول الله﴾، ثمَّ اذكر الأئمة بأسمائهم واحداً واحداً و قل: ﴿أشهد أنّكم حجة الله﴾ ثمَّ قل: اكتب لي عندك ميثاقاً و عهداً أنّي أتيتك أُجدِّد الميثاق، فاشهد لي عند ربّك إنّك أنت الشاهد﴾ (2)

محمد بن جعفر الرزَّاز الكوفيُّ، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عمّن ذكره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن زيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: إذا فرغت من السلام على الشهداء فأت قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاجعله بین يديك، ثمَّ تصلّي ما بدا لك (3)

356- باب القول عند قبر أبي الحسن موسى عليه السلام و أبي جعفر الثاني و ما يجزىء من القول عند كلهم عليهم السلام

1- محمد بن جعفر الرزّاز الكوفيُّ، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عمّن ذكره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول ببغداد: ﴿السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجّة الله، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض، السلام عليك يا من بدا (4) لله في شأنه أتيتك عارفاً بحقّك،

ص: 574


1- التهذيب 6، 18- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1 بزيادة في أوله و تفاوت يسير. الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 تحت عنوان (زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن ...، مع بعض التفاوت. كما روى جزءا يسيرا منه برقم 2 من الباب 47 من الجزء 6 من التهذيب.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 18 تحت عنوان (زيارة أخرى للحسين عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)).
3- الحديث مجهول.
4- ﴿لعله إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار أنه كان قدر له (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يكون قائماً بالسيف ثم جرى فيه البداء، أو إلى البداء الذي وقع في إسماعيل، فإن البداء في إسماعيل يستلزم البداء فيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. مرآة المجلسي 304/18.

معادياً لأعدائك، فاشفع لي عند ربّك﴾. وادع الله وسل حاجتك، و قال: و تسلّم بهذا على أبي جعفر (1) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن هارون بن مسلم، عن عليِّ بن حسّان، عن (3) الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل أبي، عن إتيان قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: صلّوا في المساجد حوله، و يجزىء في المواضع كلّها أن تقول: ﴿السلام على أولياء الله و أصفيائه، السلام على أُمناء الله و أحبّائه، السلام على أنصار الله و خلفائه، السلام على محالِّ معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على مظاهري أمر الله و نهيه، السلام على الدُّعاة إلى الله، السلام على المستقرِّين في مرضاة الله، السلام على الممحّصين في طاعة الله، السلام على الادلّاء على الله، السلام على الّذين من والاهم فقد والى الله و من عاداهم فقد عادى الله، و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله، و من اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، و من تخلّى منهم تخلّى من الله، اشهد الله أنّي سلم لمن سالمتم و حرب لمن حاربتم، مؤمنٌ بسرِّكم و علانيتكم، مفوِّض في ذلك كلّه إليكم، لعن الله عدوَّ آل محمد من الجنِّ و الأنس و أبرء إلى الله منهم و صلّى الله على محمد و آله﴾. هذا يجزىء في الزِّيارات كلّها، و تكثر من الصلاة على محمد و آله، و تسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، و تبرء إلى الله من أعدائهم و تختَرْ لنفسك من الدُّعاء ما أحببتَ و للمؤمنين و المؤمنات (4)

357- باب فضل الزيارات و ثوابها

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (5)

ص: 575


1- أي الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو الإمام الجواد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 6، 31- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. و كرره برقم 1 من الباب 39 من نفس الجزء. الفقيه 2، 222- باب زيارة الإمامين أبي الحسن موسى بن جعفر و أبي جعفر محمد بن علي ... ، و ذكر مضمونه مع حذف الإسناد في مقدمة كلام طويل في زيارتهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- في التهذيب: ... عن علي بن حسّان، قال: سُئِل الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أتيان قبر أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ... الخ.
4- التهذيب 6، 46- باب زيارة جامعة لساير المشاهد على أصحابها السلام، ح 2 بعنوان (زيارة أخرى جامعة). الفقيه 2، 225- باب ما يجزي من القول عند زيارة جميع الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1.
5- التهذيب 6، 26- باب فضل زيارة علي بن الحسين و ... ، ح 5. و كرره برقم 1 من الباب 43 من نفس الجزء. الفقيه 2، 217-باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... ، ح 5 و كرره برقم 17 من نفس الباب. هذا، و سوف يكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث في ذيل الحديث الخامس من الباب 360 من هذا الجزء.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عليّ رفعه قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا عليُّ، من زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار إبنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنتُ له يوم القيامة أن أُخلّصه من أهوالها و شدائدها حتّى أُصيّره معي في درجتي (1)

3- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليمانيّ، عن منيع بن الحجّاج، عن يونس بن (2) أبي وهب القصريِّ قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: جُعِلْتُ فداك، أتيتك و لم أزر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: بئس ما صنعت، لو لا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة و يزوره الأنبياء و يزوره المؤمنون؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك ما علمت ذلك؟ قال: إعلم أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل عند الله من الأئمّة كلّهم، و له ثواب أعمالهم، و على قدر أعمالهم فضّلوا (3)

358- باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدَّهّان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ربّما فاتني الحجّ فأعرِّف (4) عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه في غير يوم عيد، كتب الله له عشرين حجّة، و عشرين عمرة مبرورات مقبولات، و عشرين حجّة و عمرة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل، و من أتاه في يوم عيد، كتب الله له مائة حجّة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل، قال: قلت له: كيف لي بمثل الموقف؟! قال: فنظر إليَّ شِبْهَ المغضِب ثمَّ قال لي: يا بشير، إنَّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم عرفة، و اغتسل من الفرات، ثمَّ توجّه إليه، كتب الله له بكلِّ خطوة حجّةً بمناسكها- و لا أعلمه إلّا قال: و غزوة (5)-.

ص: 576


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و الحديث ضعيف كسابقه.
2- في التهذيب: عن يونس، عن أبي وهب القصري. و الحديث مجهول.
3- يدل على أفضلية أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على سائر الأئمة.
4- التعريف: الوقوف بعرفات. و المقصود هنا قضاء يوم التاسع من ذي الحجة و هو يوم الموقف هناك عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، ح 16. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 11 بتفاوت يسير فيهما، و في الذيل فيهما: و عمرة، بدل: و غزوة. و روى ذيله برقم 30 من نفس الباب و الجزء من التهذيب أيضاً. أقول: و ليس ذلك بعزيز على الله تعالى، أن يعطي مثل هذا الثواب لزائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ذلك لأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد افتدى بدمه الطاهر الإسلام و كتب له به الخلود و البقاء فشهادته هي الأساس في بقاء هذا الدين بعقيدته و شريعته، و زائره إنما يعظم بذلك شعائر الله و يحيي ذكر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و يجسّد مبادئه و يجدّد عهده فيستحق مثل هذا الأجر و الله يضاعف لمن يشاء. و المقصود بالتعريف في الحديث قضاء يوم عرفة و هو يوم التاسع من ذي الحجة عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تَعْدِلُ عشرين حجّة، و أفضل من عشرين عمرة و حجّة (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمرَّ قوم على حمير فقال: أين يريد هؤلاء؟ قلت: قبور الشهداء قال: فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب؟ فقال رجل من أهل العراق و زيارته و اجبة؟ قال: زيارته خيرٌ من حجّة وعمرة و عمرة و حجّة حتّى عدَّ عشرين حجّة و عمرة، ثمَّ قال: مقبولات مبرورات، قال: فو الله ما قمت حتّى أتاه رجلٌ فقال له: إِنِّي قد حججت تسع عشرة حجّة، فادع الله أن يرزقني تمام العشرين حجّة، قال: هل زرتَ قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: لا قال: لَزِيارَتُهُ خيرٌ من عشرين حجّة (2)

4- محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي سعيد المدائنيِّ قال: دخلت علي أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت له: جُعِلْتُ فِداك آتي قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال: نعم يا أبا سعيد، فأُت قبر ابن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أطيب الطيّبين و أطهر الطاهرين و أبرّ الأبرار، فإذا زرتَه، كتب الله لك به خمسة و عشرين حجّة (3)

5- محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن محمد بن صدقة، عن صالح النيليِِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه، كتب الله له أجر من أعتق ألف نسمة، و كمن حمل على ألف فرس مُسْرَجَة مُلْجَمَة في سبيل الله (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: وكّل الله بقبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أربعة آلاف ملك شُعْث غُبْر، یبکونه إلی یوم القیامة، فمن زاره عارفاً

ص: 577


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 17.
2- الحديث ضعيف. و المقصود بقبور الشهداء: قبور شهداء أُحُد.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و أخرجه في التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته علیه السلام، ح 9.

بحقّه، شیّعوه حتی یبلغوه مأمنه، و إن مرض عادوه غدوة و عشيّة، و إن مات شهدوا جنازته، و استغفروا له إلى يوم القيامة (1)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أَبَان الكلبيِّ، عن أَبَان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أربعة آلاف مَلَك عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم مَلَك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، و لا يودِّعه مودِّع إلّا شيّعوه، و لا مرض إلّا عادوه، و لا يموت إلا صلّوا على جنازته، و استغفروا له بعد موته (2)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: من أتى الحسين عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبريِّ، عن الحسين بن محمد قال : قال أبو الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بشطّ الفرات، إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته، أن يُغْفَرَ له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر (4)

10- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن غسّان البصريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أتى قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر (5)

11- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد؛ و محمد بن الحسين، جميعاً عن موسى بن عمر، عن غسّان البصريِّ، عن معاوية بن وهب؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقيل لي: أُدخل، فدخلت، فوجدته في مصلّاه في بيته، فجلست حتى قضى صلاته، فسمعته و هو يناجي ربّه و يقول: ﴿يا من خصّنا بالكرامة، و خصّنا بالوصيّة، و وعدنا الشّفاعة، و أعطانا عِلْمَ ما مضى و ما بقي، و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي و لإخواني

ص: 578


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف.
4- الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 18 و رواه مرسلاً و الحديث مجهول.
5- الحديث مجهول.

و لزوَّار قبر أبي [عبد الله] الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الّذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبةً في برِِّنا و رجاءً لما عندك في صِلَتنا، و سروراً أدخلوه على نبيّك صلواتك عليه و آله، و إجابةً منهم لأمرنا، و غيظاً أدخلوه على عدوِّنا، أرادوا بذلك رضاك، فكافِهِم عنّا بالرضوان، و اكْلْأهُم باللّيل و النهار، و اخلُف على أهاليهم و أولادهم الّذين خلّفوا بأحسن الخلف، و أصحبهم و اكفهم شرَّ كلِِّ جبّار عنيد، و كلِِّ ضعيف من خلقك أو شديد، و شرَّ شياطين الإنس و الجنِّ، و أعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم، اللّهمَّ إنَّ أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشّخوص إلينا، و خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه الّتي قد غيّرتها الشمس، و ارحم تلك الخدود الّتي تقلّبت على حفرة أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و ارحم تلك الأعين الّتي جرت دموعها رحمة لنا، و ارحم تلك القلوب الّتي جزعت و احترقت ،لنا و ارحم الصّرخة الّتي كانت لنا، اللّهمَّ إنّي أستودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتّى نوافيهم على الحوض يوم العطش﴾

فما زال و هو ساجدٌ يدعو بهذا الدُّعاء، فلمّا انصرفت قلت: جُعِلْتُ فِداك، لو أنَّ هذا الّذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله، لظننت أنَّ النّار لا تطعم منه شيئاً، و الله لقد تمنّيت أن كنت زرته و لم أحجّ؛ فقال لي: ما أقربك منه، فما الّذي يمنعك من إتيانه، ثمَّ قال: يا معاوية، لِمَ تَدَعُ ذلك؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، لم أدر أنَّ الأمر يبلغ هذا كلّه؟ قال: يا معاوية، من يدعو لزوَّاره في السّماء، أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض (1)

359- باب فضل زيارة أبي الحسن موسى عليه السلام

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل. عن الحميريِّ (2)، عن الحسين (3) بن محمد القميِّ قال: قال (4) الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي ببغداد، كمن زار قبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه، إلّا أنَّ لرسول الله و لأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما (5)

ص: 579


1- الحديث بسنديه مجهول.
2- في التهذيب: عن الخيبريّ.
3- في التهذيب: عن الحسن ...
4- في التهذيب: قال لی الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
5- التهذيب 6، 30- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 2. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 21. و الحديث مجهول.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن زيارة قبر أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، مثل قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: نعم (1).

3- محمد بن يحيى، عن حمدان القلانسيّ، عن عليِّ بن محمد الحضيني، عن عليِّ بن عبد الله بن مروان، عن إبراهيم بن عقبة قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين، و عن زيارة أبي الحسن و أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أجمعين؟ فكتب إليَّ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المقدَّم، و هذا أجمع و أعظم أجراً (2)

360- باب فضل زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، زيارة الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: زيارة أبي أفضل، و ذلك أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يزوره كلُّ الناس، و أبي لا يزوره إلّا الخواصّ من الشّيعة (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن الحسين بن سيف، عن محمد بن أسلم، عن محمد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجّ حجّة الإسلام، فدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجِّ، فأعانه الله على عمرته و حجّه، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك، يعلم أنّك حجّة الله على خلقه و بابه الّذي يؤتى منه، فسلََّمَ عليك، ثمَّ أتى أبا عبد الله الحسين صلوات الله عليه فسلّم عليه، ثمّ أتى بغداد و سلّم على أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان في وقت الحجّ، رزقه الله

ص: 580


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير أيضاً. و الحديث صحيح
2- التهذيب 6، 38- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) المقدّم، أي الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أقدم و أفضل، أو المعنى: أن زيارته فقط أفضل من زيارة كل من المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و مجموع زيارتيهما أجمع و أفضل. أو المعنى أن زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أوْلى بالتقديم، ثم أن أضفت إلى زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) زيارتهما (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ) كان أجمع و أعظم أجراً ... الخ﴾. مرآة المجلسي 311/18.
3- التهذيب 6، 34- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 23. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يزوره إلا الخواصّ ...، قد يكون ناظراً إلى زمانه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، حيث كان عامة الشيعة منصرفين أو مصروفين عن زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، إما لبُعد الشقة و فقر المال أو للخوف من الظالمين، و كانت زيارته تقتصر على الميسورين أو الأبدال من الشيعة الذين كانوا لا يَعبأون بالموت في سبيل زيارة أئمتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بقوله: كل الناس؛ قد يراد به كل الطبقات من الشيعة، و يحتمل شموله للمخالفين، فإن بعضهم قد يزوره للتبرك و إن لم يؤمن بإمامته و عصمته.

الحجّ (1)، فأيّهما أفضل؛ هذا الّذي قد حجَّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحجُّ، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيسلّم عليه؟ قال: [لا] بل يأتي خراسان فيسلّم علي أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أفضل، و ليكن ذلك في رجب، و لا ينبغي أن تفعلوا [في] هذا اليوم، فإنّ علينا و عليكم من السلطان شنعة (2)

3- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إبراهيم الجعفريِّ، عن حمدان بن إسحاق قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- أو (3) حكي لي عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- الشكُّ من عليّ بن إبراهيم- قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي بطوس، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، قال: فحججت بعد الزّيارة، فلقيت أيّوب بن نوح فقال لي: قال أبو جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و بنى الله له منبراً في حذاء منبر محمد و عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق. فرأيته و قد زار (4)، فقال: جئت أطلب المنبر (5)

4- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن الحسين النيسابوريّ، عن إبراهيم بن أحمد، عن عبد الرحمن بن سعيد المكّيِّ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من زار قبر ولدي عليّ كان له عند الله كسبعين حجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟ قال: نعم، و سبعين ألف حجّة، قال: قلت: سبعين ألف حجّة؟ قال: رُبَّ حجّة لا تُقبل، من زاره و بات عنده ليلة، كان كمن زار الله في عرشه؟ قال: نعم، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرّحمن أربعة من الأوّلين و أربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة الّذين هم من الأوّلين : فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ)، و أمّا الأربعة من الآخرين: فمحمّد و علي و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم، ثمّ يُمَدُّ المضمار (6) فيقعد معنا من زار قبور الأئمة عليهم السلام، إلا أنّ أعلاهم درجة و أقربهم حبوة (7) زوّار قبر ولدي عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (8)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن

ص: 581


1- أي رزقه الاستطاعة إليه.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 2 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف.
3- الشك من الراوي، و هو علي بن إبراهيم الجعفري.
4- أي رأيته بعد ذلك في مشهد الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أو بعد رجوعه من زيارته.
5- الحديث مجهول.
6- في عيون الأخبار: ثم يمد المطمار: و هو خيط للبناء يقدر و يقاس به، و يحتمل أن مدّه لفصل المؤمنين عن المجرمين، أو لفصل المقربين عن غيرهم.
7- الحبوة: العطية.
8- التهذيب 6، 34- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3. و الحديث مجهول.

إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشّحام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما لمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: كمن زار الله عزَّ و جلَّ فوق عرشه (1)؛ قال: قلت (2): فما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (3)

361- باب

1- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره، عن أبيه، عن خلّاد (4) القلانسيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مكّة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الصلاة فيها (5) بمائة ألف صلاة، و الدِّرهم فيها بمائة ألف درهم، و المدينة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة، و الدّرهم فيها بعشرة آلاف درهم، و الكوفة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الصّلاة فيها بألف صلاة، و الدِّرهم فيها بألف درهم (6)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن جرير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: تتمُّ الصّلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين صلوات الله عليه (7)

3- عليُّ، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: حدَّثني من سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: تتمُّ الصلاة في المسجد الحرام، و مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (8)

ص: 582


1- إلى هنا مروي في التهذيب 6، 2- باب فضل زيارته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 6.
2- من هنا مروي في الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 5. و كان قد تقدم برقم 1 من الباب 357 من هذا الجزء. و الحديث ضعيف.
3- ورد في التهذيب بعد ذكر هذا الحديث في معنى قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كمن زار الله فوق عرشه: هو أن لزائره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المثوبة و الأجر العظيم و التبجيل في يوم القيامة كمن رفعه الله إلى سمائه و أدناه من عرشه الذي تحمله الملائكة و أراه من خاصة ملائكته ما يكون به توكيد كرامته و ليس على ما تظنه العامة من مقتضى التشبيه.
4- في التهذيب: عن خالد...
5- فيها -في جميع المواضع من الحديث- يعود إلى مسجدها كما تدل عليه أخبار أُخر مع احتمال إرادة جميعها.
6- التهذيب 6، 10- باب فضل الكوفة و المواضع التي ...، ح 2 بتفاوت قليل. و الحديث مجهول. و المراد الصدقة بالدرهم تعدل كذا ... من الصدقة في غيرها من البلدان به.
7- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 146. الاستبصار 2، 229- باب أنه يستحب إتمام الصلاة في حرم الكوفة و ...، ح 6. هذا و يقول المحقق في الشرائع 1/ 135: ﴿و أما القصر فإنه عزيمة إلا أن ... أو في أحد المواطن الأربعة: مكة و المدينة و المسجد الجامع بالكوفة و الحاير فإنه مخيّر و الإتمام أفضل﴾.
8- التهذيب 5، نفس الباب، ح144. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

4- أبو عليُّ الأشعري، عن الحسن بن عليِّ، عن عليِِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل من أصحابنا يقال له: حسين، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تتمّ الصلاة في ثلاثة مواطن ، في المسجد الحرام، و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الملك القميّ، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تتمُّ الصّلاة في أربعة مواطن: المسجد الحرام، و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الله، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل (3) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أزور قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ))؟ قال: نعم، زرِ الطيّب و أتَّم الصلاة فيه، قلت: فإنَّ بعض أصحابنا يَروْنَ التّقصير؟ قال: إنّما يفعل ذلك الضَّعَفَة (4)

362- باب النوادر

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا بَعُدَت بأحدكم الشّقّة، و نَأَت به الدَّار، فليعْلُ أعلى منزله و لْيُصَلّ ركعتين، و ليؤمِ بالسّلام إلى قبورنا، فإنَّ ذلك يصل إلينا (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فزُرْه و أنت حزين مكروبٌ، شَعث مُغْبَرّ، جائع عطشان،وسله الحوائج، و انصرف عنه، و لا تتّخذه وطناً (6)

ص: 583


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 143. الاستبصار 2، 229- باب أنه يستحب إتمام الصلاة في حرم الكوية و ...، ح 4.
3- و اسمه عبد الله بن سعيد.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح142. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و المقصود إما ضعيفو الإيمان الجاهلون بالأحكام، أو من يشقّ عليه فيختار القصر على الإتمام لأنه الأسهل بالنسبة إليه.
5- التهذيب 6، 47- باب من بعُدَت شقّته و...، ح 1. الفقيه 2، 220- باب ما يقوم مقام زيارة الحسن و زيارة ...، ح 1 و أخرجه عن ابن أبي عمير عن هشام قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
6- التهذيب 6، 22- باب حد حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و فضل كربلاء و فضل ...، ح 20 بتفاوت يسير.

3- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن كرّام، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فينتفع به، و يأخذ غيره و لا ينتفع به؟ فقال: لا و الله الّذي لا إله إلّا هو، ما يأخذه أحدٌ و هو يرى أنَّ الله ينفعه به، إلّا نفعه به (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن الرَّبيع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ عند رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لتربة حمراء فيها شفاء من كلِِّ داء إلّا السّام (2)، قال: فأتينا القبر بعد ما سمعنا هذا الحديث، فاحتفرنا عند رأس القبر، فلمّا حفرنا قدر ذراع، ابتدرت علينا من رأس القبر مثل السّهلة حمراء قدر الدِّرهم، فحملناها إلى الكوفة فمزَّجناه و أقبلنا نعطي النّاس يتداوَوْنَ بها.

5- أحمد بن محمد، عن رزق الله بن أبي العلاء (3)، عن سليمان بن عمر السرَّاج، عن بعض أصحابنا قال: يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من عند القبر على سبعين ذراعاً (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول: لموضع قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حُرْمة معلومة من عرفها و استجار بها أُجير قلت: صف لي موضعها؟ قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعاً من قدَّامه، و خمسة و عشرين ذراعاً عند رأسه، و خمسة و عشرين ذراعاً من ناحية رجله، و خمسة و عشرين ذراعاً من خلفه، و موضع قبره من يوم دفن روضة من رياض الجنّة، و منه معراج يعرج منه بأعمال زوَّاره إلى السماء، و ليس من مَلَك و لا نبيّ في السماوات إلّا و هم يسألون الله أن (5) يأذن لهم في زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ففوج ينزل و فوج يعرج (6)

7- علي بن محمد رفعه قال: قال: الختم على طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يقرء عليه: إِنّا

ص: 584


1- يدل على أن لشدة اليقين و الاعتقاد بنفعها دخالة في ترتب الأثر و المنفعة في الاستشفاء بها.
2- السّام: الموت.
3- في التهذيب: عن رزق الله بن العلا.
4- التهذيب 6، 22- باب حد حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و فضل كربلاء و ...، ح 13. و أخرجه مسنداً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة أكل الطين، إلا اليسير من تربة الإمام الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) للإستشفاء.
5- ليس في التهذيب: أن يأذن لهم...
6- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. و روى جزءاً منه و هو من قوله: و موضع قبره من يوم دفن ... إلى قوله: الجنة، في الفقيه 2، 221- باب فضل تربة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... ح 4. و أخرجه عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث موثق. و قد حمل الشيخ في التهذيب اختلاف الأخبار في مقدار المسافة التي يؤخذ منها طين قبره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في القرب و البعد على اختلاف مراتب الفضل فكلما كان أقرب إلى القبر كان أفضل.

أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)

و روي إذا أخذته فقل: ﴿بِسمِ اللّهِ، اللّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ التُّربَهِ الطّاهِرَةِ، و بِحَقِّ البُقعَهِ الطَّیِّبَةِ، و بِحَقِّ الوَصِیِّ الَّذی تُواریهِ، و بِحَقِّ جَدِّهِ و أبیهِ، و اُمِّهِ و أخیهِ، وَ المَلائِکَةِ الَّذینَ یَحُفّونَ بِهِ، وَ المَلائِکَةِ العُکُوفِ عَلی قَبرِ وَلِیِّکَ، یَنتَظِرونَ نَصرَهُ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِم أجمَعینَ، اجعَل لی فيهِ شِفاءً مِن کُلِّ داءٍ، و أمانا مِن کُلِّ خَوفٍ (2)، و عِزّا مِن کُلِّ ذُلٍّ، و أوْسِعْ بِهِ عَلَیَّ في رِزقی، و أصِحَّ بِهِ جِسمی﴾.

8- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن الخطاب، عن عبدالله بن محمد بن سنان، عن مسمع، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حنان، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا سدير؛ تزور قبر الحسين ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلِِّ يوم؟ قلت: جُعِلْتُ فداك، لا، قال: فما أجفاكم!، قال: فتزورونه في كلِّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلِّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلِّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أما علمت أنّ لله عزَّ و جلَّ ألفي ألف ملك شعتٌ غبرٌ يبكون و يزورون لا يفترون، و ما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلِّ جمعة خمس مرَّات، و في كلِّ يوم مرَّة؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّ بيننا و بينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك، ثمَّ تلتفت يمنة و يسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السماء ثمَّ أنْحُ نحو القبر و تقول: ﴿السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبا عَبْدِ اللّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ﴾ تُكْتَبُ لك زَوْرَة و الزورة حجّة و عمرة، قال سدير: فربّما فعلت في الشهر أكثر من عشرين مرَّة (3)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان النصف من شعبان، نادى مناد من الأُفق الأعلى: ألا زائري قبر الحسين ارجعوا مغفوراً لكم، و ثوابكم على ربّكم، و محمدٍ نبيِّكم (4)

تمَّ كتاب الحجِّ من الكافي و يتلوه كتاب الجهاد و الحمد لله

ص: 585


1- الحديث مرفوع و المراد بقوله: أن يقرأ ... الخ ﴿القراءة مكملة لذلك العمل كالختم للكتاب، أو ينبغي أن يقرأ السورة عند الختم، أو قراءة السورة بمنزلة الختم تمنع الشياطين عن التمتع بها و هو أظهر﴾. مرآة المجلسي 318/18.
2- في كامل الزيارات هنا: و غنى من كل فقر، و عزاً ... الخ.
3- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 21 و في سنده: عن منيع ... ، بدل: عن مسمع.. و يقول المجلسي في المرآة 318/18: ﴿و لا يبعد أن يكون الإلتفات للتقية حذراً من إطلاع المخالفين، و الأولى متابعة النص﴾. الفقيه 2، 220- باب ما يقوم مقام زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... ح 2 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 25 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 20 و فيه: يا زائري ...

الفهرس

أبواب الصدقة

باب فضل الصدقة ... 1

باب أنَّ الصدقة تدفع البلاء ... 2

باب فضل صدقة السرّ ... 3

باب صدقة اللّيل ... 4

باب في أنَّ الصدقة تزيد في المال ... 5

باب الصدقة على القرابة ... 6

باب كفاية العيال و التوسّع عليهم ... 7

باب من يلزم نفقته ... 8

باب الصدقة على من لا تعرفه ... 9

باب الصدقة على أهل البَوَادي و أهل السواد ... 10

باب كراهية ردِّ السائل ... 11

باب قدر ما يعطى السائل ...12

باب دعاء السائل ... 13

باب أنَّ الّذي يقسّم الصدقة شريك صاحبها في الأجر ... 14

باب الإيثار... 15

باب من سأل من غير حاجة ... 16

باب كراهية المسألة ...17

باب المنِّ ... 18

باب من أعطى بعد المسألة ...19

باب المعروف ... 20

باب فضل المعروف ... 21

ص: 586

باب منه ... 22

باب أنَّ صنائع المعروف تدفع مصارع السوء .. 23

باب أنَّ أهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة ... 24

باب تمام المعروف ... 25

باب وضع المعروف موضعه ... 26

باب في آداب المعروف ... 27

باب من كَفَرَ المعروف ... 28

باب القرض ... 29

باب إنظار المعسر ... 30

باب تحليل الميّت ... 31

باب مؤونة النعم ... 32

باب حسن جواز النعم ... 33

باب معرفة الجود و السخاء ... 34

باب الإنفاق ... 35

باب البخل و الشحِّ ... 36

باب النوادر ...37

باب فضل إطعام الطعام ... 38

باب فضل القصد ... 39

باب كراهية السَّرَف و التقتير ... 40

باب سقي الماء ... 41

باب الصدقة لبني هاشم و مواليهم وصلتهم ... 42

باب النوادر ... 43

كتاب الصيام

باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم ... 44

باب فضل شهر رمضان ... 45

باب من فطّر صائماً ... 46

باب في النهي عن قول: «رمضان» بلا شهر ... 47

ص: 587

باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان ... 48

باب الأهلّة و الشهادة عليها ... 49

باب نادر ... 50

باب ... 51

باب اليوم الّذي يشكُّ فيه من شهر رمضان هو أو من شعبان؟ ... 52

باب وجوه الصوم ... 53

باب أدب الصائم ... 54

باب صوم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 55

باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان و صيام ثلاثة أيّام في كلِِّ شهر ... 56

باب أنّه يستحبُّ السحور ... 57

باب ما يقول الصائم إذا أفطر ... 58

باب صوم الوِصَال و صوم الدَّهر ... 59

باب من أكل أو شرب و هو شاكّ في الفجر أو بعد طلوعه ... 60

باب الفجر ما هو و متى يحلُّ و متى يحرم الأكل؟ ... 61

باب من ظنَّ أنه ليلٌ فأفطر قبل اللّيل ... 62

باب وقت الإفطار ... 63

باب من أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان ... 64

باب من أفطر متعمداً من غير عذر أو جامع متعمداً في شهر رمضان ... 65

باب الصائم يقبّل أو يباشر ... 66

باب في من أجنب باللّيل في شهر رمضان و غيره فترك الغسل إلى أن يصبح أو احتلم باللّيل أو النهار ... 67

باب كراهية الارتماس في الماء للصائم .. 68

باب المضمضة و الاستنشاق للصائم ... 69

باب الصائم يتقيّاً أو يذرعه القيء أو يقلس .. 70

باب في الصائم يحتجم و يدخل الحمّام ... 71

باب في الصائم يسعّط و يصبُّ في أُذنه الدُّهن أو يحتقن ...72

باب الكحل و الذرور للصائم ... 73

ص: 588

باب السواك للصائم ... 74

باب الطيب و الريحان للصائم ... 75

باب مضغ العلك للصائم ... 76

باب في الصائم يذوق القدر و يزقّ الفرخ ... 77

باب في الصائم يزدرد نخامته و يدخل حلقه الذباب ... 78

باب في الرَّجل يمصُّ الخاتم و الحصاة و النواة ... 79

باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم ... 80

باب الحامل و المرضع يضعفان عن الصوم ... 81

باب حدِّ المرض الّذي يجوز للرَّجل أن يفطر فيه ... 82

باب من توالى عليه رمضانان ... 83

باب قضاء شهر رمضان ... 84

باب الرجل يصبح و هو يريد الصيام فيفطر و يصبح و هو لا يريد الصوم فيصوم في قضاء شهر رمضان و غيره ... 85

باب الرجل يتطوَّع بالصيام و عليه من قضاء شهر رمضان ... 86

باب الرجل يموت و عليه من صيام شهر أو غيره ...87

باب صوم الصبيان و متى يؤخذون به ... 88

باب من أسلم في شهر رمضان ... 89

أبواب السفر

باب كراهية السفر في شهر رمضان ...90

باب كراهية الصوم في السفر ... 91

باب من صام في السفر بجهالة ... 92

باب من لا يجب له الإفطار و التقصير في السفر و من يجب له ذلك ...93

باب صوم التطوُّع في السفر و تقديمه و قضاؤه ...94

باب الرَّجل يريد السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان ... 95

باب من دخل بلدة فأراد المقام بها أو لم يرد ... 96

باب الرَّجل يجامع أهله في السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان ... 97

ص: 589

باب صوم الحائض و المستحاضة ... 98

باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن إتمامه ... 99

باب صوم كفّارة اليمين ... 100

باب من جعل على نفسه صوماً معلوماً و من نذر أن يصوم في شكر ... 101

باب كفّارة الصوم و فديته ... 102

باب تأخير صيام الثلاثة الأيام من الشهر إلى الشتاء ... 103

باب صوم عرفة و عاشوراء ... 104

باب صوم العيدين و أيام التشريق ... 105

باب صيام الترغيب ... 106

باب فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله ... 107

باب من لا يجوز له صيام التطوّع إلّا بإذن غيره ... 108

باب ما يستحبّ أن يفطر عليه ... 109

باب الغسل في شهر رمضان ... 110

باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان ... 111

باب في ليلة القدر ... 112

باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان ... 113

باب التكبير ليلة الفطر و يومه ... 114

باب يوم الفطر ... 115

باب ما يجب على الناس إذا صحَّ عندهم الرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمي ... 116

باب النوادر ... 117

باب الفطرة ... 118

باب الاعتكاف ... 119

باب أنه لا يكون الاعتكاف إلّا بصوم ... 120

باب المساجد الّتي يصلح الاعتكاف فيها ... 121

باب أقلِّ ما يكون الاعتكاف ... 122

باب المعتكف لا يخرج من المسجد إلّا لحاجة ... 123

باب المعتكف يمرض و المعتكفة تطمث ... 124

ص: 590

باب المعتكف يجامع أهله ... 125

باب النوادر ... 126

كتاب الحَجّ

باب بدء الحجر و العلّة في استلامه ... 127

باب بدء البيت و الطواف ... 128

باب إن أول ما خلق الله من الأرضين مواضع البي و كيف كان أول خلق ... 129

باب في حجِّ آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 130

باب علّة الحرم و كيف صار هذا المقدار ... 131

باب ابتلاء الخلق و اختبارهم بالكعبة ... 132

باب حجِّ إبراهيم و إسماعيل و بنائهما البيت و من وَلِيَ البيت بعدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 133

باب حجِّّ الأنبياء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 134

باب ورود تُبّع و أصحاب الفيل البيت و حفر عبد المطلب زمزم وهدم قريش الكعبة و بنائهم إيّاها وهدم الحجّاج لها و بنائه إيّاها ... 135

باب في قوله تعالى: ﴿فيه آياتٌ بَيّنات﴾ ... 136

باب نادر ... 137

باب أن الله عزَّ و جلَّ حرَّم مكّة حين خلق السماوات و الأرض ... 138

باب في قوله تعالى: ﴿و من دخله كان آمِناً﴾ ... 139

باب الإلحاد بمكّة و الجنايات ... 140

باب إظهار السلاح بمكّة ... 141

باب لبس ثياب الكعبة ... 142

باب كراهة أن يؤخذ من تراب البيت و حصاه ... 143

باب كراهية المقام بمكّة ... 144

باب شجر الحرم ... 145

باب ما يذبح في الحرم و ما يخرج به منه ... 146

باب صيد الحرم و ما تجب فيه الكفّارة ... 147

باب لقطة الحرم ... 148

ص: 591

باب فضل النظر إلى الكعبة ... 149

باب في من رأى غريمه في الحرم ... 150

باب ما يهدى إلى الكعبة ... 151

باب في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿سواءٌ العاكِفُ فيه و البَادِ﴾ ... 152

باب حجّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 153

باب فضل الحجِّ و العمرة و ثوابهما ... 154

باب فرض الحجِّ و العمرة ... 155

باب استطاعة الحجِّ ... 156

باب من سَوَّف الحجَِّ و هو مستطيع ... 157

باب من يخرج من مكّة لا يريد العود إليها ... 158

باب أنّه ليس في ترك الحجِّ خيرة و إنِّ من حبس عنه فَبِِذَنْبٍ ... 159

باب أنّه لو ترك الناس الحجِّ لجاءهم العذاب ... 160

باب نادر ... 161

باب الإجبار على الحجِّ ... 162

باب أنَّ من لم يُطِق الحجَّ بِبَدَنِهِ جَهَّز غيره ... 163

باب ما يجزىء من حجّة الإسلام و ما لا يجزىء ... 164

باب من لم يحجَّ بين خمس سنين ... 165

باب الرجل يستدين و يحجُّ ... 166

بال الفضل أو القصد في نفقة الحجِّ ... 167

باب أنّه يستحب للرجل أن يكون متهيّاً للحجّ في كلِّ وقت ... 168

باب الرجل يسلم فيحجّ قبل أن يَخْتَتِن ... 169

باب المرأة يمنعها زوجها من حجّة الإسلام ... 170

باب القول عند الخروج من بيته و فضل الصدقة ... 171

باب القول إذا خرج الرَّجل من بيته ... 172

باب الوصيّة ... 173

باب الدُّعاء في الطريق ... 174

باب أشهر الحجِّ ... 175

باب الحجِّ الأكبر و الأصغر ... 176

ص: 592

باب أصناف الحجِّ ... 177

باب ما على المتمتّع من الطواف و السعي ... 178

باب صفة الإقران و ما يجب على القارِن ... 179

باب صفة الإشعار و التقليد ... 180

باب الإفراد ... 181

باب في من لم ينو المتعة ... 182

باب حجِِّ المجاورين و قطّان مكّة ... 183

باب حجِّ الصبيان و المماليك ... 184

باب الرَّجل يموت صَرُورَةً أو يوصي بالحجِّ ... 185

باب المرأة تحجُّ عن الرَّجل .... 186

باب من يعطي حجّة مفردة فيتمتّع أو يخرج من غير الموضع الّذي يشترط ... 187

باب من يوصي بحجّة فيحجُّ عنه من غير موضعه أو يوصي بشيء قليل في الحجِّ ... 188

باب الرَّجل يأخذ الحجّة فلا يكفيه أو يأخذها فيدفعها إلى غيره ... 189

باب الحجِّ عن المخالف ... 190

باب ... 191

باب ما ينبغي للرجل أن يقول إذا حجَّ عن غره ... 192

باب الرَّجل يحجُّ عن غيره فحجَّ عن غير ذلك أو يطوف عن غيره ... 193

باب من حجَّ عن غيره أنَّ له فيها شركة ... 194

باب نادر ... 195

باب الرَّجل يعطى الحجَّ فيصرف ما أخذ في غير الحجِّ أو تفضل الفضلة مما أعطى ... 196

باب الطواف و الحجِّ عن الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 197

باب من يشرك قرابته و إخوته في حجّته أو يصلهم بحجّة ... 198

باب توفير الشعر لمن أراد الحجِّ و العمرة ... 199

ص: 593

باب مواقيت الإحرام ... 200

باب من أحرم دون الوقت ... 201

باب من جاوز ميقات أرضه بغير إحرام أو دخل مكّة بغير إحرام ... 202

باب ما يجب لعقد الإحرام ... 203

باب ما يجزىء من غسل الإحرام و ما لا يجزىء ... 204

باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله من الطِّيب و الصيد و غير ذلك قبل أن يلبّی ... 205

باب صلاة الإحرام و عقده و الاشتراط فيه ... 206

باب التلبية ... 207

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال و غيره ... 208

باب ما يلبس المحرم من الثياب و ما يكره له لباسه ... 209

باب المحرم يشدُّ على وسطه الهميان و المنطقة ... 210

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب و الحليّ و ما يكره لها من ذلك ... 211

باب المحرم يضطرُّ إلى ما لا يجوز له لبسه ... 212

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب ... 213

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم ... 214

باب المحرم يغطّي رأسه أو وجهه متعمداً أو ناسياً ... 215

باب الظلال للمحرم ... 216

باب أنَّ المحرم لا يرتمس في الماء ...217

باب الطِّيب للمحرم ... 218

باب ما يكره من الزينة للمحرم ... 219

باب العلاج للمحرم إذا مرض أو أصابه جرح أو خرّاج أو علّة ... 220

باب المحرم يحتجم أو يقصّ ظفراً أو شعراً أو شيئاً منه ... 221

باب المحرم يلقي الدوابّ عن نفسه ... 222

باب ما يجوز للمحرم قتله و ما يجب عليه فيه الكفّارة ... 223

باب المحرم يذبح و يحتشُّ لدابّته ... 224

باب أدب المحرم ... 225

باب المحرم يموت ... 226

باب المحصور و المصدود و ما عليهما من الكفّارة ... 227

ص: 594

باب المحرم يتزوَّج أو يزوّج و يطلّق و يشتري الجواري ... 228

باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي مناسكه أو مُحِلُّ يقع على مُحْرِِمَة ... 229

باب المحرم يقبّل امرأته و ينظر إليها بشهوة أو غير شهو أو ينظر إلى غيرها ... 230

باب المحرم يأتي أهله و قد قضى بعض مناسكه ... 231

أبواب الصَّيْد

باب النهي عن الصيد و ما يصنع به إذا أصابه المحرم و المُحِلّ في الحِلّ و الحرم ... 232

باب المحرم يضطرّ إلى الصيد و الميتة ... 233

باب المحرم يصيد الصيد من أين يفديه و أين يذبحه ... 234

باب كفارات ما أصاب المحرم من الوحش ... 235

باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير و البيض ... 236

باب القوم يجتمعون على الصيد و هم محرمون ... 237

باب فصل ما بين صيد البرِّ و البحر و ما يحلّ للمحرم من ذلك ... 238

باب المحرم يصيب الصيد مراراً ... 239

باب المحرم يصيب الصيد في الحرم ... 240

باب نوادر ... 241

باب دخول الحرم ... 242

باب قطع تلبية المتمتع ... 243

باب دخول مكّة ... 244

باب دخول المسجد الحرام ... 245

باب الدُّعاء عند استقبال الحجر و استلامه ... 246

باب الاستلام و المَسْح ... 247

باب المزاحمة على الحجر الأسود ...248

باب الطواف و استلام الأركان ... 249

باب الملتزم و الدُّعاء عنده ... 250

باب فضل الطواف ... 251

باب [أنَّ الصلاة و الطواف أيهما أفضل] ... 252

باب حدّ موضع الطواف ... 253

باب حدّ المشي في الطواف ... 254

ص: 595

باب الرَّجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلّة ... 255

باب الرَّجل يطوف فَيَعْيا أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت الصلاة ... 256

باب السهو في الطواف ... 257

باب الإقران بين الأسابيع ... 258

باب من طاف و اختصر في الحِجْر ... 259

باب من طاف على غير وضوء ... 260

باب من بدء بالسعي قبل الطواف أو طاف و أخّر السعي ... 261

باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة ... 262

باب ركعتي الطواف و وقتهما و القراءة فيهما و الدُّعاء ... 263

باب السهو في ركعتي الطواف ... 264

باب نوادر الطواف ... 265

باب استلام الحَجَر بعد الرّكعتين و شُرْب ماء زمزم قبل الخروج إلى الصفا و المَرْوَة ... 266

باب الوقوف على الصفا و الدُّعاء ... 267

باب السَّعْي بين الصفا و المروة و ما يقال فيه ... 268

باب من بدء بالمروة قبل الصفا أو سهى في السعي بينهما ... 269

باب الاستراحة في السعي و الركوب فيه ... 270

باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها و السعي بغير وضوء ... 271

باب تقصير المتمتّع و إحلاله ... 272

باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتى يُهِلَّ بالحجّ أو يحلق رأسه أو يواقع أهله قبل أن يقصّر ... 273

باب المتمتّع تعرض له الحاجة خارجاً من مكّة بعد إحلاله ... 274

باب الوقت الّذي يفوت فيه المتعة ... 275

باب إحرام الحائض و المستحاضة ... 276

باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك ... 277

باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف ... 278

باب أنَّ المستحاضة تطوف بالبيت ... 279

باب نادر ... 280

ص: 596

باب علاج الحائض ... 281

باب دعاء الدَّم ... 282

باب الإحرام يوم التّروية ... 283

باب الحجّ ماشياً و انقطاع مَشْي الماشي ... 284

باب تقديم طواف الحجّ للمتمتّع قبل الخروج إلى منى ... 285

باب تقديم الطواف للمفرد ... 286

باب الخروج إلى منى ... 287

باب نزول مني و حدوها ... 288

باب الغدوّ إلى عرفات و حدودها ... 289

باب قطع تلبية الحاجّ ... 290

باب الوقوف بعرفة و حدّ الموقف ... 291

باب الإفاضة من عرفات ... 292

باب ليلة المزدلفة و الوقوف بالمشعر و الإفاضة منه و حدوده ... 293

باب السّعي في وادي محسّر ... 294

باب من جهل أن يقف بالمشعر ... 295

باب من تعجّل من المزدلفة قبل الفجر ... 296

باب من فاته الحجُّ ....297

باب حصى الجِمَار من أين تؤخذ و مقدارها ... 298

باب يوم النّحر و مبتدء الرّمي و فضله ... 299

باب رمي الجمار في أيام التشريق ... 300

باب من خالف الرّمي أو زاد أو نقص ... 301

باب من نسي رمي الجمار أو جهل ... 302

باب الرمي عن العليل و الصبيان و الرَّمي راكباً ... 303

باب أيام النحر ... 304

باب أدنى ما يجزىء من الهدي ... 305

باب من يجب عليه الهدي و أين يذبحه ... 306

باب ما يستحب من الهدي و ما يجوز منه و ما لا يجوز ... 307

باب الهدي ينتج أو يُحْلب أو يُرْكب ... 308

ص: 597

باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه و الأكل منه ... 309

باب البدنة و البقرة عن كم تجزىء ... 310

باب الذَّبح ... 311

باب الأكل من الهدي الواجب و الصدقة منها و إخراجه من منى ... 312

باب جلود الهدي ... 313

باب الحلق و التقصير ... 314

باب من قدَّم شيئاً أو أخّره من مناسكه ... 315

باب ما يحلّ الرّجل من اللّباس و الطِّيب إذا حلق قبل أن يزور ... 316

باب صوم المتمتّع إذا لم يجد الهَدْي ... 317

باب الزّيارة و الغسل فيها ... 318

باب طواف النّساء ... 319

باب من بات عن منى في لياليها ... 320

باب إتيان مكّة بعد الزيارة للّطواف ... 321

باب التكبير أيام التّشريق ... 322

باب الصلاة في مسجد منى و من يجب عليه التقصير و التمام بمنى ... 323

باب النَّفْرِ من منى الأوَّل و الآخر ... 324

باب نزول الحصبة ... 325

باب إتمام الصلاة في الحرمين ... 326

باب فضل الصلاة في المسجد الحرام و أفضل بقعة فيه ... 327

باب دخول الكعبة ... 328

باب وداع البيت ... 329

باب ما يستحب من الصدقة عند الخروج من مكّة ... 330

باب ما يجزىء من العمرة المفروضة ... 331

باب العمرة المبتولة ... 332

باب العمرة المبتولة في شهر الحجّ ... 333

باب الشهور الّتي تستحب فيها العمرة و من أحرم في شهر و أحل في آخر ... 334

باب قطع تلبية المحرم و ما عليه من العمل ... 335

باب المعتمر يطأ أهله و هو محرم و الكفّارة في ذلك ... 336

ص: 598

باب الرجل يبعث بالهدي تطوعاً و يقيم في أهله ... 337

باب النوادر ... 338

أبواب الزيارات

باب زيارة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 339

باب إتباع الحجّ بالزّيارة ... 340

باب فضل الرُّجوع إلى المدينة ... 341

باب دخول المدينة و زيارة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الدّعاء عند قبره ... 342

باب المنبر و الروضة و مقام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 343

باب مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 344

باب فضل المقام بالمدينة و الصوم و الاعتكاف عند الأساطين ... 345

باب زيارة من بالبقيع ... 346

باب إتيان المشاهد و قبور الشهداء ... 347

باب وداع قبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 348

باب تحريم المدينة ... 349

باب معرّس النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 350

باب مسجد غدیر خُمّ ... 351

باب ... 352

باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و دعاء آخر ... 353

باب موضع رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 354

باب زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 355

باب القول عند قبر أبي الحسن موسى و أبي جعفر الثاني و ما یجزىء من القول عند كلّهم (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ) ... 356

باب فضل الزّيارات و ثوابها ... 357

باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 358

باب فضل زيارة أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 359

باب زيارة أبي الحسن الرّضا ... 360

باب ... 361

باب النوادر ... 362

ص: 599

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.