بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 86: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
الآیات:
النساء: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِینَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِیناً(1)
تفسیر:
وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ أی سافرتم فیها فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ أی حرج و إثم فی أَنْ تَقْصُرُوا قال فی الكشاف فی محل النصب بنزع الخافض و قیل:
ص: 2
فی موضع جر علی تقدیر حرف الجر لأن الحرف حذف لطول الكلام و ما حذف لذلك فهو فی حكم الثابت و قرئ فی الشواذ تُقْصِرُوا من الإقصار و تُقَصِّرُوا من التقصیر مِنَ الصَّلاةِ من زائدة و قال سیبویه صفة موصوف محذوف أی شیئا من الصلاة.
ص: 3
إِنْ خِفْتُمْ أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فی موضع نصب علی المفعول به و قیل مفعول له أی كراهیة أن یفتنكم و فی قراءة أبی بن كعب بغیر إِنْ خِفْتُمْ فقیل المعنی أن لا یفتنكم أو كراهة أن یفتنكم كقوله تعالی یُبَیِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا(1)
ص: 4
إِنَّ الْكافِرِینَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِیناً أی ظاهر العداوة(1)
قال فی الكافرین عدوا لأن لفظة فعول تقع علی الواحد و الجماعة.
ثم الضرب فی الأرض معتبر فی القصر بنص الكتاب و قد أجمع علماؤنا علی أن المسافة شرط و سیأتی حدها و حد الترخص و إن كان خلاف ظاهر الآیة إذ ظاهرها أنه یكفی الخروج من البیت كما قیل.
و نفی الجناح (2)
و إن كان یصح فی الواجب و المستحب و المباح بل فی
ص: 5
المرجوح أیضا لكن الروایة المتواترة من طرق الخاصة و العامة توجب الحمل علی الوجوب و التعبیر بهذا الوجه لنفی توهم أنه ینقص من ثوابهم شی ء أو یوجب نقصا فی صلاتهم قال فی الكشاف كأنهم ألفوا الإتمام فكان مظنة لأن یخطر ببالهم أن علیهم نقصانا فی القصر فنفی الجناح لتطیب أنفسهم بالقصر و یطمئنوا إلیه و سیأتی فی روایة زرارة و محمد بن مسلم إیماء إلیه و إطلاق السفر یعم ما كان معصیة و لكن رفع الجناح عن القصر إرفاقا یناسب التخصیص بالمباح كما هو مقتضی الأخبار و الإجماع.
و قال فی مجمع البیان (1) إن فی المراد من قصر الصلاة هنا أقوالا الأول أن معناه أن یقصروا الرباعیات ركعتین ركعتین عن مجاهد و جماعة من المفسرین و هو قول الفقهاء و مذهب أهل البیت علیهم السلام.
الثانی و ذهب إلیه جماعة من الصحابة و التابعین منهم جابر بن عبد اللّٰه و حذیفة بن الیمان و زید بن ثابت و ابن عباس و أبو هریرة و كعب و ابن عمر و ابن جبیر و السدی أن المعنی قصر صلاة الخوف من صلاة السفر لا من صلاة الإقامة لأن صلاة السفر عندهم ركعتان تمام غیر قصر قال فهنا قصران قصر الأمن من أربع إلی ركعتین و قصر الخوف من ركعتین إلی ركعة واحدة و قد رواه أصحابنا أیضا.
الثالث أن المراد القصر من حدود الصلاة عن ابن عباس و طاوس و هو الذی
ص: 6
رواه أصحابنا فی صلاة شدة الخوف و إنما یصلی إیماء و السجود أخفض من الركوع فإن لم یقدر علی ذلك فالتسبیح المخصوص كاف عن ركعة.
الرابع أن المراد به الجمع بین الصلاتین قال و الصحیح الأول.
ثم لا یخفی أن ظاهر الآیة أن الخوف أیضا شرط للقصر فلا یقصر مع الأمن لمفهوم الشرط لكن قد علم جواز القصر ببیان النبی صلی اللّٰه علیه و آله فنقول المفهوم و إن كان حجة لكن بشرط عدم ظهور فائدة للتقیید سوی المفهوم و یحتمل أن یكون ذكر الخوف فی الآیة لوجود الخوف عند نزولها أو یكون قد خرج مخرج الأعم الأغلب علیهم فی أسفارهم فإنهم كانوا یخافون الأعداء فی غایتها كما قیل و مثله فی القرآن كثیر مثل وَ لا تُكْرِهُوا فَتَیاتِكُمْ عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً(1) و ربما یدعی لزوم الخوف للسفر غالبا و یؤید ذلك القراءة بترك إِنْ خِفْتُمْ علی أن المفهوم إنما یعتبر إذا لم یعارضه أقوی منه و المعارض هنا من الإجماع و منطوق الأخبار من الخاصة و العامة أقوی.
قال البیضاوی و قد تظافرت السنن علی جوازه أیضا فی حال الأمن فترك المفهوم بالمنطوق و إن كان المفهوم حجة لأنه أقوی.
و قیل قوله إِنْ خِفْتُمْ منفصل عما قبله روی عن أبی أیوب الأنصاری أنه قال نزلت إلی قوله أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ثم بعد حول سألوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 7
عن صلاة الخوف فنزل إِنْ خِفْتُمْ أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا الآیة هو فی الظاهر كالمتصل به و هو منفصل عنه (1).
ص: 8
و علی هذا فیجوز أن یكون التقدیر اقصروا من الصلاة إِنْ خِفْتُمْ أو لا جناح علیكم أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ بقرینة السؤال و وقوعه فی المصحف بعد ذلك.
قیل و علی هذا یتوجه القول الثانی أو الثالث فی القصر بالنسبة إلی الخوف مع الأول بالنسبة إلی السفر و یتوجه أیضا قول أصحابنا إن كلا من السفر و الخوف موجب للقصر كما یتوجه علی قراءة ترك إِنْ خِفْتُمْ علی أن الإجماع و الأخبار تكفی فی ذلك كما تقدم و ربما أمكن فهم
ص: 9
القصر مع الخوف وحده من الآیة الآتیة أیضا كما سیأتی بیانه.
قوله تعالی أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا قیل أی فی الصلاة و قیل فی أنفسكم أو دینكم و الفتنة قیل القتل و قیل العذاب و الأظهر أنه هنا التعریض للمكروه.
1- الْكَشِّیُّ فِی الرِّجَالِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: التَّقْصِیرُ یَجِبُ فِی بَرِیدَیْنِ (1).
2- تُحَفُ الْعُقُولِ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فِی كِتَابِهِ إِلَی الْمَأْمُونِ قَالَ وَ التَّقْصِیرُ فِی أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ بَرِیدٌ ذَاهِباً وَ بَرِیدٌ جَائِیاً اثْنَا عَشَرَ مِیلًا وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ (2).
3- الْمُقْنِعَةُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: وَیْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِینَ یُتِمُّونَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَاتٍ أَ مَا یَخَافُونَ اللَّهَ فَقِیلَ لَهُ وَ هُوَ سَفَرٌ قَالَ وَ أَیُّ سَفَرٍ أَشَدُّ مِنْهُ (3).
4- الْمُقْنِعُ،: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ أَتَی سُوقاً یَتَسَوَّقُ بِهَا وَ هِیَ مِنْ مَنْزِلِهِ عَلَی أَرْبَعِ فَرَاسِخَ فَإِنْ هُوَ أَتَاهَا عَلَی الدَّابَّةِ أَتَاهَا فِی بَعْضِ یَوْمٍ وَ إِنْ رَكِبَ السُّفُنَ لَمْ یَأْتِهَا فِی یَوْمٍ قَالَ یُتِمُّ الرَّاكِبُ الَّذِی یَرْجِعُ مِنْ یَوْمِهِ صَوْماً وَ یُقَصِّرُ صَاحِبُ السُّفُنِ (4).
بیان: اعلم أنه أجمع العلماء كافة علی أن المسافة شرط فی القصر و إنما اختلفوا فی تقدیرها فذهب علماؤنا أجمع إلی أن القصر یجب فی مسیرة یوم هی بریدان ثمانیة فراسخ أربعة و عشرون میلا و تدل علیه روایات كثیرة.
ص: 10
و اختلف الأصحاب فی مسیرة أربعة فراسخ فذهب جماعة من الأصحاب منهم المرتضی و ابن إدریس و كثیر من المتأخرین إلی أنه یجب علیه التقصیر إذا أراد الرجوع من یومه و المنع منه إن لم یرد ذلك.
و قال الصدوق فی الفقیه و إذا كان سفره أربعة فراسخ و أراد الرجوع من یومه فالتقصیر علیه واجب و إن كان سفره أربعة فراسخ و لم یرد الرجوع من یومه فهو بالخیار إن شاء أتم و إن شاء قصر و نحوه قال المفید و الشیخ فی النهایة إلا أنه منع من التقصیر فی الصوم فیما إذا لم یرد الرجوع من یومه.
و قال الشیخ فی كتابی الأخبار إن المسافر إذا أراد الرجوع من یومه فقد وجب علیه التقصیر فی أربعة فراسخ ثم قال علی أن الذی نقوله فی ذلك أنه إنما یجب علیه التقصیر إذا كان مقدار المسافة ثمانیة فراسخ و إذا كان أربعة فراسخ كان بالخیار فی ذلك إن شاء أتم و إن شاء قصر.
و ظاهر هذا الكلام العدول إلی القول بالتخییر و إن أراد الرجوع لیومه و لهذا نقل الشهید فی الذكری عن الشیخ فی التهذیب القول بالتخییر فی تلك الصورة و نقل ذلك عن المبسوط و عن ابن بابویه فی كتابه الكبیر و قواه.
أقول: النقل من المبسوط لعله اشتباه إذ فیما عندنا من نسخه هكذا و حد المسافة التی یجب فیها التقصیر ثمانیة فراسخ أربعة و عشرون میلا فإن كانت أربعة فراسخ و أراد الرجوع من یومه وجب أیضا التقصیر و إن لم یرد الرجوع من یومه كان مخیرا بین التقصیر و الإتمام انتهی و الكتاب الكبیر للصدوق لم نظفر علیه نعم ظاهر كتابی الأخبار ذلك و إن كانا قابلین للتأویل.
و قال ابن أبی عقیل كل سفر كان مبلغه بریدین و هو ثمانیة فراسخ و برید ذاهبا و برید جائیا و هو أربعة فراسخ فی یوم واحد أو ما دون عشرة أیام فعلی من سافره عند آل الرسول إذا خلف حیطان مصره أو قریته وراء ظهره و غاب عنه منها صوت الأذان أن یصلی صلاة السفر ركعتین و نقل فی المختلف (1) عن سلار أنه إن كانت المسافة
ص: 11
أربعة فراسخ و كان راجعا من یومه قصر واجبا و إن كان من غده فهو مخیر بین القصر و الإتمام و نقله عن ابن بابویه.
فمرادهم بالغد إن كان معناه الحقیقی كان قولا آخر و إن كان المراد به ما عدا الیوم كان بعینه قول المفید و حد المسافة ابن الجنید بمسیر یوم للماشی و راكب السفینة.
و منشأ هذا الاختلاف اختلاف الأخبار ففی كثیر منها إناطة التقصیر بثمانیة فراسخ و فی كثیر منها بأربعة فراسخ و اختلفوا فی الجمع بینها فحمل الشیخ فی أحد وجهیه و جماعة أخبار الأربعة علی ما إذا أراد المسافر الرجوع لیومه.
وَ احْتَجُّوا عَلَی ذَلِكَ بِصَحِیحَةِ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ التَّقْصِیرِ فَقَالَ بَرِیدٌ ذَاهِبٌ وَ بَرِیدٌ جَاءٍ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَتَی ذُبَاباً قَصَّرَ(1) وَ ذُبَابٌ عَلَی بَرِیدٍ وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا رَجَعَ كَانَ سَفَرُهُ بَرِیدَیْنِ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ.
و أمثالها و لا دلالة فیها علی رجوع الیوم بوجه بل تدل علی أن الذهاب و المجی ء محسوبان معا فی مسافة البریدین.
مع أن الروایات المتضمنة لتوبیخ أهل عرفات علی عدم التقصیر تأبی عن هذا الحمل إذ الظاهر أن خروجهم للحج بل بعضها صریح فی ذلك و لا یتحقق معه رجوع الیوم نعم فی فقه الرضا ما یدل علی هذا الوجه و لعل الصدوق أخذه منه و تبعه القوم.
و جمع الشیخ و غیره بینها بوجه آخر و هو تنزیل أخبار الثمانیة علی الوجوب و الأربعة علی الجواز و حمل الشهید الثانی أخبار الأربعة علی الاستحباب و له وجه فإنه أنسب بالتوبیخ علی الترك و الأمر بالفعل و إن كان بعیدا أیضا إذ التهدید بالویل و التخویف بالعذاب لا یناسب ترك المستحب إلا أن یقال التوبیخ و التهدید لاعتقادهم تعین الإتمام و إیقاعهم ذلك علی وجه التعیین و اللزوم.
ص: 12
و الأظهر فی الجمع بینها أن یقال المعتبر فی السفر الموجب للتقصیر أن تكون المسافة التی أرادها المسافر ثمانیة فراسخ و إن كان بحسب الذهاب و العود معا فلو أراد السفر أربعة فراسخ و أراد الرجوع إلی المحل الذی سافر منه من غیر أن ینقطع سفره بالوصول إلی منزله أو إقامة عشرة فیما بین ذلك كان علیه التقصیر و إن لم یرد الرجوع من یومه لقصد المسافة التی هی ثمانیة فراسخ.
و به تتطابق الأخبار و تتصالح من غیر منافرة
وَ یُؤَیِّدُهُ مُرْسَلَةُ صَفْوَانَ (1)
قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ یُرِیدُ أَنْ یَلْحَقَ رَجُلًا عَلَی رَأْسِ مِیلٍ فَلَمْ یَزَلْ یَتْبَعُهُ حَتَّی بَلَغَ النَّهْرَوَانَ وَ هِیَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ مِنْ بَغْدَادَ أَ یُفْطِرُ إِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ وَ یُقَصِّرُ قَالَ لَا یُقَصِّرُ وَ لَا یُفْطِرُ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَ لَیْسَ یُرِیدُ السَّفَرَ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ إِنَّمَا خَرَجَ یُرِیدُ أَنْ یَلْحَقَ صَاحِبَهُ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ فَتَمَادَی بِهِ الْمَسِیرُ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی بَلَغَهُ وَ لَوْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ یُرِیدُ النَّهْرَوَانَ ذَاهِباً وَ جَائِیاً لَكَانَ عَلَیْهِ أَنْ یَنْوِیَ مِنَ اللَّیْلِ سَفَراً وَ الْإِفْطَارَ فَإِنْ هُوَ أَصْبَحَ وَ لَمْ یَنْوِ السَّفَرَ فَبَدَا لَهُ مِنْ بَعْدُ أَنْ یُصْبِحَ فِی السَّفَرِ قَصَّرَ وَ لَمْ یُفْطِرْ یَوْمَهُ ذَلِكَ.
و أما ما ذكره ابن أبی عقیل رحمه اللّٰه فإن كان مراده ما ذكرنا فنسبته إلی آل الرسول صلی اللّٰه علیه و آله حسن لأنه الظاهر من أخبارهم و إلا فلا وجه لتخصیص العشرة أیضا إذ یمكن أن یرجع بعد عشرین یوما مثلا و لم یقطع سفره بقصد إقامة العشرة فی موضع.
و یؤید الأربعة أن أحدا من المخالفین لم یقل به و منهم من قال بالثمانیة فالتعبیر عن الأربعة بالثمانیة یمكن أن یكون لنوع من التقیة أو لمن یرید الرجوع كما عرفت.
و أما المخالفون فالأوزاعی قال هی ثمانیة فراسخ و قال الشافعی ستة عشر
ص: 13
أربعة و عشرون فرسخا و قال داود یلحق الحكم بالسفر القصیر كالطویل لما
رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله: كَانَ إِذَا سَافَرَ فَرْسَخاً قَصَّرَ الصَّلَاةَ. و عَنْ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةَ أَمْیَالٍ أَوْ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ.
و قال الحسین بن مسعود فی شرح السنة ذهب قوم إلی إباحة القصر فی السفر القصیر
رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَی النُّخَیْلَةِ فَصَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ یَوْمِهِ.
قال عمرو بن دینار قال لی جابر بن زید أقصر بعرفة و أما عامة الفقهاء فلا یجوزون القصر فی السفر القصیر و اختلفوا فی حده قال الأوزاعی عامة الفقهاء یقولون مسیرة یوم تام و بهذا نأخذ.
قلت و روی سالم أن عبد اللّٰه بن عمر كان یقصر فی مسیرة الیوم التام و قال محمد بن إسماعیل سمی النبی صلی اللّٰه علیه و آله یوما و لیلة سفرا
وَ أَرَادَ بِهِ مَا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَا تَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِیرَةَ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ لَیْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ.
ثم نقل سائر الأخبار المتقدمة.
و أما حدیث المقنع (1)
ففیه دلالة علی أن من سافر أربعة فراسخ لا یفطر إن رجع من یومه و إلا فیقصر و یمكن حمله علی أن الراكب یمكنه أن یرجع قبل الزوال فیصوم بخلاف راكب السفینة و سیأتی الكلام فیه فی كتاب الصوم
ص: 15
إن شاء اللّٰه تعالی.
ثم اعلم أنه ورد فی كثیر من الروایات مسیرة یوم و اعتبره المحقق فی المعتبر و العلامة فی المنتهی و غیرهما و قیدوه بسیر الإبل السیر العام فیجوز التعویل علی كل منهما فی القصر و لو اعتبرت المسافة بهما و اختلفا فمنهم من اكتفی ببلوغ أحدهما و احتمل الشهید الثانی ره تقدیم السیر و ربما لاح من الذكری تقدیم التقدیر و لعله أقوی لأنه تحقیق و الآخر تقریب و إن كان الأول لا یخلو من قوة و الأحوط حینئذ فیما به الاختلاف الجمع.
ثم إنه نقل جماعة من الأصحاب اتفاق العلماء علی أن الفرسخ ثلاثة أمیال و هو مروی فی الأخبار
وَ أَمَّا الْمِیلُ فَقَدْ رَوَی الصَّدُوقُ (1)
مُرْسَلًا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ أَلْفٌ وَ خَمْسُ مِائَةِ ذِرَاعٍ. و هو متروك و الظاهر أنه سقط من النساخ شی ء و یرشد إلیه أَنَّ فِی الْكَافِی (2) رُوِیَ: أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَ خَمْسُ مِائَةٍ. فالظاهر سقوط الثلاثة من الفقیه و یؤیده أیضا أنه قال فی المعتبر و فی بعض أخبار أهل البیت ثلاثة آلاف و خمس مائة ذراع و قد قطع الأصحاب بأن قدره أربعة آلاف ذراع.
و فی الشرائع المیل أربعة آلاف ذراع بذراع الید الذی طوله أربعة و عشرون إصبعا تعویلا علی المشهور بین الناس أو مد البصر من الأرض و فیه إشعار بنوع تردد فی التفسیر المشهور و فی السرائر أسند ذلك إلی المسعودی فی مروج الذهب (3) و فی القاموس المیل قدر مد البصر و منار یبنی للمسافر أو مسافة من الأرض متراخیة بلا حد أو مائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف إصبع أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع بحسب اختلافهم فی الفرسخ هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو اثنا عشر ألف ذراع بذراع المحدثین انتهی و منه یظهر وجه جمع بین المشهور و بین ما وقع فی روایة الكلینی بأن یكون
ص: 16
الاختلاف مبنیا علی اختلاف الأذرع.
و قال أحمد بن محمد المقری فی المصباح المنیر المیل بالكسر فی كلام العرب مقدار مدی البصر من الأرض قاله الأزهری و المیل عند القدماء من أهل الهیئة ثلاثة آلاف ذراع و عند المحدثین أربعة آلاف ذراع و الخلاف لفظی فإنهم اتفقوا علی أن مقداره ستة و تسعون ألف إصبع و الإصبع ست شعیرات بطن كل واحد إلی ظهر الأخری و لكن القدماء یقولون الذراع اثنتان و ثلاثون إصبعا و المحدثون أربع و عشرون إصبعا فإذا قسم المیل علی رأی القدماء كل ذراع اثنتین و ثلاثین كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع و إن قسم علی رأی المحدثین أربعا و عشرین كان المتحصل أربعة آلاف ذراع و الفرسخ عند الكل ثلاثة أمیال انتهی.
و قدر الأكثر الشعیر بسبع شعرات من شعر البرذون و ضبط مد البصر فی الأرض بأنه ما یمیز به الفارس من الراجل للمبصر المتوسط فی الأرض المستویة و بالجملة الجمع بین هذه التقدیرات و العلم بحصول كل منها فی المسافات لا تخلو من عسر و إشكال و الأولی رعایة الاحتیاط فیما اشتبه من ذلك بالجمع بین القصر و التمام.
ثم اعلم أنه ذكر غیر واحد من الأصحاب أن مبدأ التقدیر من آخر خطة البلد فی المعتدل و آخر محلته فی المتسع عرفا و لم نطلع علی دلیله و قیل مبدأ التقدیر مبدأ سیره بقصد السفر و قالوا البحر كالبر و إن قطع المسافة فی ساعة واحدة لأن التقدیر بالأذرع كاف فی ثبوت الترخص قال فی المنتهی لا نعرف فی ذلك خلافا.
و لو تردد یوما فی ثلاثة فراسخ ذاهبا و جائیا فإن بلغ فی الرجوع إلی موضع الأذان و مشاهدة الجدران فالظاهر أنه لا خلاف فی عدم القصر و إن لم یبلغ فالمقطوع به فی كلام الأصحاب أنه لم یجز القصر و خالف فیه العلامة فی التحریر.
و الأول لعله أقوی إذ الظاهر من أخبار المسافة كون ذلك فی جهة واحدة
ص: 17
و إنما اعتبرنا فی خصوص الأربعة الإیاب مع الذهاب للأخبار الكثیرة الدالة علیه فلا یتعدی عنه و إن أمكن أن یقال إذا ظهر بتلك الأخبار كون الإیاب محسوبا مع الذهاب فهو كاف فی ذلك.
و لو كان لبلد طریقان أحدهما یبلغ المسافة فإن سلك الأبعد لا لعلة الترخص قصر إجماعا و إن كان للترخص لا غیر فالمشهور أنه یقصر أیضا و قال ابن البراج یتم لأنه كاللاهی بصیده و هو كما تری.
و لو شك فی بلوغ المسافة القدر المعتبر فی القصر فالمقطوع به فی كلام الأصحاب أنه یتم و هو قریب و هل یجب الاعتبار مع الجهل بالبلوغ فیه وجهان و العدم أقوی.
5- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: سِتَّةٌ لَا یُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ الْجُبَاةُ الَّذِینَ یَدُورُونَ فِی جِبَایَتِهِمْ وَ التَّاجِرُ الَّذِی یَدُورُ فِی تِجَارَتِهِ مِنْ سُوقٍ إِلَی سُوقٍ وَ الْأَمِیرُ الَّذِی یَدُورُ فِی إِمَارَتِهِ وَ الرَّاعِی الَّذِی یَطْلُبُ مَوَاضِعَ الْقَطْرِ وَ مَنْبِتَ الشَّجَرِ وَ الرَّجُلُ یَخْرُجُ فِی طَلَبِ الصَّیْدِ یُرِیدُ لَهْوَ الدُّنْیَا وَ الْمُحَارِبُ الَّذِی یَقْطَعُ الطَّرِیقَ (1).
مقصد الراغب، عنه علیه السلام مرسلا: مثله.
6- الْخِصَالُ، جَعْفَرُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِیُّ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: سَبْعَةٌ لَا یُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ الْجَابِی الَّذِی یَدُورُ فِی جِبَایَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ الرَّاعِی وَ الْبَدَوِیُّ الَّذِی یَطْلُبُ وَ الرَّجُلُ الَّذِی یَطْلُبُ الصَّیْدَ یُرِیدُ بِهِ وَ فِی آخِرِهِ یَقْطَعُ السُّبُلَ (2).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِ
ص: 18
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَمْسَةٌ یُتِمُّونَ فِی سَفَرٍ كَانُوا أَوْ فِی حَضَرٍ الْمُكَارِی وَ الْكَرِیُّ وَ الْأَشْتَقَانُ وَ هُوَ الْبَرِیدُ وَ الرَّاعِی وَ الْمَلَّاحُ لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ (1).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْكُمُنْدَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْبَعَةٌ یَجِبُ عَلَیْهِمُ التَّمَامُ فِی سَفَرٍ كَانُوا أَوْ فِی حَضَرٍ الْمُكَارِی وَ الْكَرِیُّ وَ الْأَشْتَقَانُ وَ الرَّاعِی لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ قَالَ الصَّدُوقُ ره الْأَشْتَقَانُ الْبَرِیدُ(2).
اعلم أن المشهور بین الأصحاب وجوب الإتمام علی المسافر الذی سفره أكثر من حضره و هذا التعبیر شائع فی ألسنة الفقهاء و لم یرد فی الأخبار هذا اللفظ بل إنما ورد فیها وجوب الإتمام علی جماعة مخصوصة عملهم و صناعتهم السفر(3) و لذا
ص: 19
أول جماعة كلامهم بهذا المعنی و الظاهر قصر الحكم علی الجماعة المذكورین فی تلك الأخبار و ظاهر ابن أبی عقیل القول بوجوب التقصیر علی كل مسافر و الأول أقوی لما مضی من الأخبار و غیرها.
و الكری فسره أكثر اللغویین بالمكاری و یحتمل تخصیص الكری بالجمال
ص: 20
و المكاری بغیره أو تعمیم المكاری و تفسیر الكری بمن یكری نفسه للسفر كالبرید قال فی الذكری المراد بالكری فی الروایة المكتری و قال بعض أهل اللغة قد یقال الكری علی المكاری و الحمل علی المغایرة أولی بالروایة لتكثر الفائدة و لأصالة عدم الترادف انتهی. و لعل مراده بالمكتری من یكری نفسه و قیل الذی یأخذ الكری من المكاری
ص: 21
أو من صاحب المتاع و یكون دائما مع المكاری ملازما له.
و الأشتقان سمعنا من مشایخنا أنه معرب دشتبان أی أمین البیادر یذهب من بیدر إلی بیدر و لا یقیم مكانا واحدا و فسره الصدوق بالبرید قال فی المنتهی الأشتقان هو أمین البیدر ذكره أهل اللغة و قیل البرید.
و قال فی النهایة فی الحدیث إنی لا أحبس البرد قال الزمخشری البرد یعنی ساكنا جمع برید و هو الرسول و البرید كلمة فارسیة یراد بها فی الأصل البغل و أصلها بریدة دم أی محذوف الذنب لأن بغال البرید كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت و خففت ثم سمی الرسول الذی یركبه بریدا و المسافة التی بین السكتین بریدا.
و السكة موضع كان یسكنه الفیوج المرتبون من بیت أو قبة أو رباط و كان یرتب فی كل سكة بغال و كان بعد ما بین السكتین فرسخا و قیل أربعة و منه الحدیث لا تقصر الصلاة فی أقل من أربعة برد و هی ستة عشر فرسخا و الفرسخ ثلاثة أمیال و المیل أربعة آلاف ذراع انتهی.
و یستفاد من تعلیل روایة ابن أبی عمیر(1)
أن كل من كان السفر عمله و صنعته یجب علیه الإتمام
وَ فِی رِوَایَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ(2)
قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَلَّاحِینَ وَ الْأَعْرَابِ هَلْ عَلَیْهِمْ تَقْصِیرٌ قَالَ لَا بُیُوتُهُمْ مَعَهُمْ. فیستفاد منها أن كل من شأنه أن یتحرك مع بیته و رحله فعلیه التمام.
فالظاهر أن المرجع فی هذا الباب إلی صدق اسم المكاری و الملاح و أمثالهم عرفا و كذا صدق كون السفر عمله كاف فی وجوب الإتمام و بهذا قطع العلامة و الشهید لكنه قال فی الذكری و ذلك إنما یحصل بالسفرة الثالثة التی لم یتخلل قبلها إقامة تلك العشرة أی العشرة المنویة فی غیر بلده و مطلقا فی بلده و اعتبر ذلك
ص: 22
جماعة من الأصحاب و اعتبر ابن إدریس فی غیر صاحب الصنعة ثلاث دفعات و قال إن صاحب الصنعة من المكارین و الملاحین یجب علیهم الإتمام بنفس خروجهم إلی السفر لأن صنعتهم تقوم مقام من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره و استقرب فی المختلف الإتمام فی الثانیة إذا لم یقیموا بعد الأولی مطلقا و لیس لهذه التعلیلات مستند یصح التعویل علیه غیر ادعاء دلالة العرف علیه.
و إذ قد عرفت أن الحكم فی الأخبار لیس معلقا علی الكثرة بل علی مثل المكاری و الجمال و من اتخذ السفر عمله أو من كان بیته معه وجب أن تراعی هذه الأسماء عرفا فلو فرض عدم صدق الاسم بمرات كثیرة لم یتعلق حكم الإتمام.
ثم اعلم أن أكثر الأصحاب قطعوا بأنه یشترط فی إتمام هؤلاء أن لا یقیموا فی بلدهم عشرة أیام وَ احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ الشَّیْخُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ (1) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْمُكَارِی إِنْ لَمْ یَسْتَقِرَّ فِی مَنْزِلِهِ إِلَّا خَمْسَةَ أَیَّامٍ وَ أَقَلَّ قَصَّرَ فِی سَفَرِهِ بِالنَّهَارِ وَ أَتَمَّ بِاللَّیْلِ وَ عَلَیْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ إِنْ كَانَ لَهُ مُقَامٌ فِی الْبَلَدِ الَّذِی یَذْهَبُ إِلَیْهِ عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ أَكْثَرَ قَصَّرَ فِی سَفَرِهِ وَ أَفْطَرَ.
و هذه الروایة فی سندها جهالة(2) و ما تضمن من الاكتفاء فی التقصیر نهارا بأقل من خمسة أیام متروك بین الأصحاب و مقتضاها إقامة العشرة فی البلد الذی یذهب إلیه و هو غیر ما اعتبروه من الإقامة فی بلدهم و مع ذلك فالحكم فیه مختص بالمكاری و لذا احتمل المحقق فی المعتبر اختصاص الحكم بالمكاری و نقل فی الشرائع قولا بذلك هو مجهول القائل.
و عبارة الحدیث تحتمل احتمالا آخر و هو أن یكون المراد إن كان له إرادة المقام فی البلد الذی یذهب إلیه قصر فی سفره إلی ذلك البلد بل هو أظهر(3) و هو
ص: 23
خلاف مقصودهم و هذه الروایة أوردها الصدوق بطریق صحیح عن ابن سنان (1)
و متنه مغایر لما أورده الشیخ فإنه قال المكاری إذا لم یستقر فی منزله إلا خمسة أیام أو أقل قصر فی سفره بالنهار و أتم صلاة اللیل و علیه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام فی البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیام أو أكثر و ینصرف إلی منزله و یكون له مقام عشرة أیام أو أكثر قصر فی سفره و أفطر.
و الظاهر أن فی روایة الشیخ سقطت هذه الفقرة و مقتضی هذه الروایة اعتبار إقامة العشرة فی المنزل الذی یذهب إلیه أیضا و القول به غیر معروف بین الأصحاب إلا أن العمل بمقتضی هذه الروایة الصحیحة غیر بعید.
و استوجه ذلك بعض أفاضل المتأخرین و لم یعتن بمخالفة المشهور
وَ مُرْسَلَةُ یُونُسَ (2)
أَیْضاً تَدُلُّ عَلَی ذَلِكَ حَیْثُ قَالَ علیه السلام: أَیُّمَا مُكَارٍ أَقَامَ فِی مَنْزِلِهِ أَوْ فِی الْبَلَدِ الَّذِی یَدْخُلُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَعَلَیْهِ التَّقْصِیرُ. لكنها تدل علی الاكتفاء بأحدهما و یمكن حمل الخبر الأول علیه و المسألة محل إشكال و قل مكار لا یقیم فی بلده
ص: 24
أو فی البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیام.
و قال فی المدارك ظاهر الأصحاب الاتفاق علی أن إقامة العشرة أیام فی البلدة قاطعة لكثرة السفر و موجبة للقصر و الظاهر أنه محل للاحتیاط و ألحق الفاضلان و من تأخر عنهما بإقامة العشرة فی البلد العشرة المنویة فی غیر بلده و هو حسن بحمل العشرة
فی روایة یونس علی المنویة للإجماع المنقول علی عدم تأثیر غیر المنویة و ألحق الشهید العشرة الحاصلة بعد التردد ثلاثین و فی التردد ثلاثین خلاف و الأقرب عدم الإلحاق كما اختاره الشهیدان.
و متی وجب القصر علی كثیر السفر بإقامة العشرة ثم سافر مرة ثانیة بدون إقامة فالأظهر وجوب الإتمام علیه مع بقاء الاسم كما صرح به ابن إدریس و غیره و اعتبر فی الذكری المرة الثالثة و هو ضعیف.
و أما إقامة الخمسة فذهب الشیخ و ابن البراج و ابن حمزة إلی أنه یتم صلاة اللیل خاصة للروایة المتقدمة و المشهور أنه لا تأثیر لذلك أصلا و أجیب عن الروایة بأنها متروكة الظاهر فإنها تتضمن المساواة بین الخمسة و الأقل منها و الأقل یصدق علی یوم و بعض یوم و لا قائل به مع أنها معارضة بقوله فی صحیحة معاویة بن وهب (1) هما واحد إذا قصرت أفطرت و إذا أفطرت قصرت.
و مال بعض أفاضل المتأخرین إلی العمل به و أول الخبر بأن المراد إثبات الحكم المذكور لمن أقام خمسة أحیانا و أقل منه أحیانا أو بأن المراد بالأقل ما قارب الخمسة و ظاهر الصدوق العمل به و عدم الاشتهار بین المتأخرین غیر ضائر.
و ربما یحمل الخبر علی التقیة لأن الشافعی و جماعة كثیرة من العامة ذهبوا إلی الاكتفاء للإتمام بإقامة أربعة أیام سوی یوم القدوم و الخروج و ذهب جماعة منهم إلی احتساب الیومین و فیه تأمل و المسألة مشكلة و لعل الاحتیاط
ص: 25
فی الجمع.
7- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:(1) فِی الرَّجُلِ یَخْرُجُ مُسَافِراً قَالَ یُقَصِّرُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْبُیُوتِ (2).
وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَمَّادٍ(3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْمُسَافِرُ یُقَصِّرُ حَتَّی یَدْخُلَ الْمِصْرَ(4).
وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِذَا سُمِعَ الْأَذَانُ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ(5).
8- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَیْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الزُّرَارِیِّینَ یَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَهُ بِالْكُوفَةِ دَارٌ وَ عِیَالٌ فَیَخْرُجُ وَ یَمُرُّ بِالْكُوفَةِ
یُرِیدُ مَكَّةَ لِیَتَجَهَّزَ مِنْهَا وَ لَیْسَ مِنْ رَأْیِهِ أَنْ یُقِیمَ أَكْثَرَ مِنْ یَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ قَالَ یُقِیمُ فِی جَانِبِ الْكُوفَةِ وَ یُقَصِّرُ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ جَهَازِهِ وَ إِنْ هُوَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَلْیُتِمَّ الصَّلَاةَ(6).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَهُ بِهَا دَارٌ وَ أَهْلٌ وَ مَنْزِلٌ وَ یَمُرُّ بِهَا وَ إِنَّمَا هُوَ یَخْتَلِفُ لَا یُرِیدُ الْمُقَامَ وَ لَا یَدْرِی مَا یَتَجَهَّزُ یَوْماً أَوْ یَوْمَیْنِ قَالَ یُقِیمُ فِی جَانِبِهَا وَ یُقَصِّرُ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ عَلَیْهِ التَّمَامُ (7).
ص: 26
وَ مِنْهُ عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ وَهْبٍ الْقُرَشِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ إِذَا خَرَجَ مُسَافِراً لَمْ یُقَصِّرْ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنِ احْتِلَامِ الْبُیُوتِ وَ إِذَا رَجَعَ لَا یُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّی یَدْخُلَ احْتِلَامَ الْبُیُوتِ (1).
اعلم أن الأصحاب اختلفوا فی أنه هل یعتبر فی قصر المسافر حد یصل إلیه ذهابا و عودا أم لا فقال الشیخ علی بن بابویه إذا خرجت من منزلك فقصر حتی تعود إلیه و ذهب المرتضی و الشیخ فی الخلاف و العلامة و جماعة من المتأخرین إلی اشتراط خفاء الجدران و الأذان و ذهب الأكثر إلی أن المعتبر أحد الأمرین المذكورین و نسبه الشهید الثانی إلی أكثر القدماء و قال ابن إدریس الاعتماد عندی علی الأذان المتوسط و الصدوق فی المقنع اعتبر خفاء الحیطان و القائلون بالجمع جمعوا بین الأخبار بذلك و القائلون بالتخییر جمعوا بینها بالحمل علی أن كلا منهما كاف لذلك و هو أصوب.
ثم المشهور اتحاد حكم الذهاب و العود و ذهب المرتضی و ابن الجنید إلی أنه یجب علیه التقصیر فی العود حتی یبلغ منزله (2).
ص: 27
و اعلم أن الظاهر من أخبار التواری تواری المسافر عن البیوت أی أهلها لا تواری البیوت عنه و هو أقرب إلی خفاء الأذان و لا یبعد العمل به و حینئذ هل یكفی التواری بالحائل بحیث لا تضر الرؤیة بعده أم لا وجهان و لعل العمل باعتبار الأذان أضبط و أولی و أما خفاء الجدران فإن اعتبر خفاء شبحها فلا تحصل فی فراسخ و لذا اعتبروا خفاء صورتها و عدم تمیز خصوصیاتها لتقارب العلامة الأخری.
و ذكر الشهیدان أن البلد لو كان فی علو مفرط أو وهدة اعتبر فیها الاستواء تقدیرا و یحتمل الاكتفاء بالتواری فی المنخفضة كیف كان لإطلاق الخبر.
و قالوا لا عبرة بأعلام البلد كالمنارة و القلاع و لا عبرة بسماع الأذان المفرط فی العلو كما أنه لا عبرة بخفاء الأذان المفرط فی الانخفاض فتكون الروایة مبنیة علی الغالب.
و قالوا المراد جدران آخر البلد الصغیر و القریة و إلا فالمحلة و كذا أذان مسجد البلد و المحلة و یحتمل البیت و نهایة البلد و ظاهر بعض الروایات خفاء جمیع بیوت البلد و أذانه و یحتمل البیوت المتقاربة من بیته و كذا أذانها.
وَ یَدُلُّ عَلَی مَذْهَبِ الْمُرْتَضَی وَ ابْنِ الْجُنَیْدِ فِی الْعَوْدِ صَحِیحَةُ الْعِیصِ بْنِ الْقَاسِمِ (1)
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا یَزَالُ الْمُسَافِرُ مُقَصِّراً حَتَّی یَدْخُلَ بَیْتَهُ. وَ فِی مُوَثَّقَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ:(2) حَتَّی یَدْخُلَ أَهْلَهُ. و حملوهما علی أن المراد الوصول إلی موضع یسمع فیه الأذان و یشاهد الجدران و هو بعید جدا.
و یمكن القول بالتخییر بعد الوصول إلی سماع الأذان بین القصر و الإتمام جمعا بین الأخبار كما اختاره بعض المحققین من المتأخرین و ربما یحمل أخبار عدم اشتراط حد الترخص فی الذهاب و العود علی التقیة إذ عامة فقهائهم علی عدم
ص: 28
اشتراط ذلك.
و أقول یمكن حمل الأخبار الأخر أیضا علی التقیة لأن فقهاءهم الأربعة یشترطون الخروج من سور البلد و إن كان داخل السور مزارع أو مواضع خربة و ذهب بعضهم إلی أنه إذا كان خارج السور دور و مقابر فلا بد من مجاوزتها و لا یشترط عندهم مجاوزة المزارع و البساتین المتصلة بالبلد إلا إذا كانت فیها دور و قصور یسكن فیها.
و أما الأخبار التی قدمناها فالخبر الأول من المحاسن ظاهره الخروج من البیوت و لا یوافق شیئا من مذاهب الأصحاب إلا بالتكلف و هو بما ذكرنا من أقوال العامة أنسب و كذا الثانی.
و أما الثالث فیوافق القول باعتبار الأذان و هو یشمل ظاهر الذهاب و العود معا و الخبر الرابع من قرب الإسناد یدل آخره علی أن المعتبر فی العود دخول المنزل و أوله علی أنه لا یتوسط البلد إن حمل الجانب علی الداخل أو لا یدخل البلد إن حمل علی الخارج فیمكن حمل هذا الجزء علی التقیة و یمكن حمل المنزل علی البلد مجازا.
أو یكون محمولا علی أنه لما كانت الكوفة من البلاد الوسیعة تعتبر فیها المحلة فإذا لم یدخل البلد یكون غالبا بینه و بین محلته حد الترخص فیحمل علی ما إذا لم تكن محلته فی آخر البلد من تلك الجهة و یمكن حمل الجزء الأول علی الاستحباب و كذا الكلام فی الخبر الخامس لكن الأهل فیه أوسع من المنزل و أقبل للتأویل.
و بالجملة یشكل الاستدلال بالخبرین علی شی ء من المذاهب و الخبر الأخیر لعل فیه تصحیفا و لا أعرف لاحتلام البیوت معنا مناسبا فی المقام إلا أن یكون كنایة عن غیبة شبحها فإنها بمنزلة الخیال و المنام أو یكون بالجیم بمعنی القطع و البیوت تحتمل بیوت البلد و المحلة و بالجملة ظاهره عدم الاكتفاء بالخروج من المنزل
ص: 29
و الدخول فیه و أما تعیین ما یعتبر فیه علی أحد المذاهب فلا یستفاد منه.
9- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُكَارِینَ الَّذِینَ یَخْتَلِفُونَ إِلَی النِّیلِ هَلْ عَلَیْهِمْ تَمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْتَلَفَهُمْ فَلْیَصُومُوا وَ لْیُتِمُّوا الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ یَجِدَّ بِهِمُ السَّیْرُ فَلْیُفْطِرُوا وَ لْیُقَصِّرُوا(1).
بیان: قال فی القاموس النیل بالكسر نهر مصر و قریة بالكوفة و آخر بیزد و بلد بین بغداد و واسط انتهی.
قوله علیه السلام إذا كان مختلفهم أی یختلفون اختلافهم المعهود بالكراء أو من غیر جد.
و اعلم أن هذا و صحیحة محمد بن مسلم (2)
و صحیحة الفضل بن عبد الملك (3) تدل علی أن المكاری و الجمال إذا جد بهما السیر یقصران و ظاهر الجد فی السیر زیادته عن القدر المعتاد فی أسفارهما غالبا و الحكمة فیه واضحة فیمكن تخصیص الأخبار السابقة بهذه الأخبار أو القول بالتخییر فی صورة الجد فی السیر و لعل الأول أقوی.
و اختلف كلام الأصحاب فی تنزیل هاتین الروایتین فقال الشیخ فی التهذیب الوجه فی هذین الخبرین ما ذكره محمد بن یعقوب الكلینی ره (4) قال هذا محمول علی من یجعل المنزلین منزلا فیقصر فی الطریق خاصة و یتم فی المنزل. وَ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ عَنْ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا(5) یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْجَمَّالُ وَ الْمُكَارِی إِذَا جَدَّ بِهِمَا السَّیْرُ فَلْیُقَصِّرَا بَیْنَ الْمَنْزِلَیْنِ وَ لْیُتِمَّا فِی الْمَنْزِلِ. و هذه الروایة مع عدم قوة سندها غیر دالة علی ما ذكره لجواز
ص: 30
أن یكون المراد بالمنزلین المنزل الذی یبتدئ منه سفره و الذی ینتهی إلیه.
و قال فی المختلف الأقرب عندی حمل الحدیثین علی أنهما إذا أقاما عشرة أیام قصرا و حملهما فی الذكری علی ما إذا أنشأ المكاری و الجمال سفرا غیر صنعتهما قال و یكون المراد بجد السیر أن یكون مسیرهما مسیرا متصلا كالحج و الأسفار التی لا یصدق علیها صنعته.
و احتمل أیضا أن یكون المراد أن المكارین یتمون ما داموا یترددون فی أقل من المسافة أو فی مسافة غیر مقصودة فإذا قصدوا مسافة قصروا قال و لكن هذا لا یختص المكاری و الجمال به بل كل مسافر قیل و لعل ذلك مستند ابن أبی عقیل حیث عمم وجوب القصر.
و حملهما الشهید الثانی علی ما إذا قصد المكاری و الجمال المسافة قبل تحقق الكثرة و ربما یحمل و یتم فی المنزل علی أن المعنی یتم إذا سافر منزلا منزلا و لا یخفی بعد هذه الوجوه و الأظهر ما ذكرنا أولا نعم یمكن تخصیص جد السیر بما ذكره الكلینی لأنه من أرباب النصوص مع أنه غیر بعید عن الإطلاق العرفی.
10- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَتَصَیَّدُ الْیَوْمَ وَ الْیَوْمَیْنِ وَ الثَّلَاثَةَ أَ یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یُشَیِّعَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فِی الدِّینِ وَ إِنَّ الْمُتَصَیِّدَ لَهْواً بَاطِلٌ لَا یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ فِیهِ (1) وَ قَالَ یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ إِذَا شَیَّعَ أَخَاهُ (2).
بیان: فی التهذیب (3) و الكافی (4) و إن التصید مسیر باطل
ص: 31
و اعلم أنه لا خلاف بین الأصحاب فی أن جواز السفر شرط فی جواز التقصیر سواء كان السفر واجبا كحجة الإسلام أو مندوبا كزیارة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام أو مباحا كأسفار التجارات و لو كان معصیة لم یقصر كاتباع الجائر و صید اللّٰهو و السفر لضرر المسلمین و الفساد فی الأرض و قد حكی اتفاق الأصحاب علی ذلك جماعة منهم الفاضلان و تدل علیه أخبار كثیرة.
و یدل التعلیل الوارد فی هذا الخبر و غیره من الأخبار علی عموم الحكم بالنسبة إلی كل سفر حرام (1)
سواء كانت غایته معصیة كقاصد قطع الطریق أو قتل مسلم أو كان نفس سفره معصیة كالفأر من الزحف و تارك الجمعة بعد وجوبها و السالك طریقا یغلب علی الظن الهلاك فیه و إن كان لغایة حسنة كالحج و الزیارات و كذا إطلاقات كلام الأصحاب یقتضی التعمیم.
و لا خلاف ظاهرا فی أنه إذا رجع المسافر العاصی عن نیة المعصیة فی أثناء السفر یقصر إن كان الباقی مسافة و لو قصد المعصیة فی أثناء السفر المباح انقطع ترخصه و لو عاد إلی الطاعة قصر و هل یعتبر حینئذ كون الباقی مسافة قیل نعم كما حكم به فی القواعد لبطلان المسافة الأولی بقصد المعصیة و قیل لا و هو ظاهر المنتهی و المعتبر و المقطوع به فی الذكری
وَ هُوَ قَوِیٌّ لِمَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (2)
عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ قَالَ: خَرَجَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَنَّ صَاحِبَ الصَّیْدِ یُقَصِّرُ مَا دَامَ عَلَی الْجَادَّةِ فَإِذَا عَدَلَ أَتَمَّ فَإِذَا رَجَعَ إِلَیْهَا قَصَّرَ.
ثم إن هذا كله فی صید اللّٰهو و لا خلاف فی أن الصائد لقوته و قوت عیاله یقصر و أما الصائد للتجارة فقد اختلف الأصحاب فیه فذهب المرتضی رحمه اللّٰه و جماعة منهم الفاضلان إلی أنه یقصر فی الصلاة و الصوم و ذهب الشیخ فی النهایة
ص: 32
و المبسوط و جماعة إلی أنه یتم صلاته دون صومه كما یدل علیه ما سیأتی فی فقه الرضا علیه السلام.
و قال ابن إدریس إن كان الصید للتجارة دون الحاجة للقوت روی أصحابنا بأجمعهم أنه یتم الصلاة و یفطر الصوم و كل سفر أوجب التقصیر فی الصلاة أوجب التقصیر فی الصوم و كل سفر أوجب التقصیر فی الصوم أوجب التقصیر فی الصلاة إلا هذه المسألة فحسب للإجماع علیها انتهی و هو غریب و مع ذلك فلعل الأول أقوی و الأحوط الجمع فی الصلاة.
11- الْمُقْنِعُ،: رُوِیَ لَیْسَ عَلَی صَاحِبِ الصَّیْدِ تَقْصِیرٌ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَإِذَا جَازَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَعَلَیْهِ التَّقْصِیرُ(1).
بیان: هذا الخبر رواه الشیخ بسند(2)
فیه إرسال عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قال فالوجه فی هذا الخبر من كان صیده لقوته و قوت عیاله فأما من كان صیده للهو فلا یجوز له التقصیر انتهی و رواه الصدوق فی الفقیه (3) بطریق حسن أو موثق عن أبی بصیر ثم قال یعنی الصید للفضول.
أقول: ما ذكره الشیخ أصوب و لعله محمول علی أن الغالب فی صاحب الصید أنه لا یبلغ مسافة القصر قبل ثلاثة أیام فإنه یتأنی فی الحركة و یذهب یمینا و شمالا لا لطلب الصید فلذا حكم بأنه لا یقصر قبلها.
وَ یُؤَیِّدُهُ مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (4)
فِی الصَّحِیحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَتَصَیَّدُ فَقَالَ إِنْ كَانَ یَدُورُ حَوْلَهُ فَلَا یُقَصِّرُ وَ إِنْ كَانَ تَجَاوَزَ الْوَقْتَ
ص: 33
فَلْیُقَصِّرْ وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ أَیْضاً فِی الصَّحِیحِ (1) عَنْ عِیصِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ علیه السلام.
فإن الظاهر أن المراد بتجاوز الوقت بلوغ حد التقصیر و المراد به أیضا غیر صید اللّٰهو و حمله علی صید اللّٰهو و حمل الوقت علی وقت الصید بعید جدا.
و أما ما ذكره الصدوق فی الحدیث الأول فلعله حمله علی أن الغالب أنه لا یشتغل بالصید أكثر من ثلاثة أیام فعبر عن ترك الصید بتجاوز الثلاثة أو مراده بالفضول فضول الرزق للتجارة.
و قال العلامة فی المختلف قال ابن الجنید و المتصید شیئا إذا كان دائرا حول المدینة غیر متجاوز حد التقصیر لم یقصر یومین فإن تجاوز الحد و استمر به دورانه ثلاثة أیام قصر بعدها و لم یعتبر علماؤنا ذلك بل أوجبوا القصر مع قصد المسافة و الإباحة لنا أنه مسافر فوجب علیه التقصیر احتج بروایة أبی بصیر و الجواب أنه مرسل و لا یعول علیه انتهی.
أقول: لعل كلام ابن الجنید أیضا مؤول بما وجهنا به الخبر و الخبر فی الفقیه غیر مرسل بل سنده معتبر و إن لم یكن صحیحا علی مصطلح القوم.
12- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَخْرُجُ إِلَی الضَّیْعَةِ فَیُقِیمُ الْیَوْمَ وَ الْیَوْمَیْنِ وَ الثَّلَاثَةَ یُتِمُّ أَوْ یُقَصِّرُ قَالَ یُتِمُّ فِیهَا(2).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یُرِیدُ السَّفَرَ إِلَی ضِیَاعِهِ فِی كَمْ یُقَصِّرُ قَالَ [فِی] ثَلَاثَةٍ(3).
بیان: لعل الثلاثة محمول علی ما إذا لم یبلغ حد مسافة التقصیر قبلها فإن من یخرج إلی ضیعته للتنزه یسیر متأنیا و متدرجا و یمكن حمله علی التقیة
ص: 34
فإنه قریب من مذهب أبی حنیفة و أصحابه و یمكن حمله علی إقامة ثلاثة فی الضیعة فإنه ذهب جماعة من العامة إلی أنه إن نوی الإقامة ثلاثة أیام قصر و إن زاد علیها أتم.
ثم اعلم أن المشهور بین المتأخرین أن المسافر إذا دخل بلدا و قریة له فی أحدهما منزل استوطنه ستة أشهر یتم و إن كان عازما علی السفر قبل انقضاء العشرة و الأكثر لم یفرقوا فی الملك بین المنزل و غیره حتی صرحوا بالاكتفاء فی ذلك بالشجرة الواحدة و بعضهم اعتبر المنزل خاصة.
و قال الشیخ فی النهایة و من خرج إلی ضیعة له و كان له فیها موضع ینزله و یستوطنه وجب علیه التمام فإن لم یكن له فیها مسكن یجب علیه التقصیر و ظاهره اعتبار المنزل و عدم اعتبار ستة أشهر بل الاستیطان و قریب منه عبارة ابن البراج فی الكامل.
و قال أبو الصلاح و إن دخل مصرا له فیه وطن و نزل فیه فعلیه التمام و لو صلاة واحدة و الظاهر منه المنزل الذی یستوطنه سواء كان ملكا له أم لا و قال ابن البراج أیضا من مر فی طریقه علی مال له أو ضیعة یملكها أو كان له فی طریقه أهل أو من جری مجراهم و نزل علیهم و لم ینو المقام عندهم عشرة أیام كان علیه التقصیر و هو نفی للقول المشهور مطلقا كما حكی عنه.
و قال فی المبسوط و إذا سافر فمر فی طریقه بضیعة له أو علی مال له أو كانت له أصهار أو زوجة فنزل علیهم و لم ینو المقام عشرة أیام قصر و قد روی أن علیه التمام و قد بینا الجمع بینهما و هو أن ما روی أنه إذا كان منزله أو ضیعته مما قد استوطنه بستة أشهر فصاعدا تمم و إن لم یكن استوطن ذلك قصر انتهی.
و أجری ابن الجنید منزل الزوجة و الأب و الابن و الأخ مع كونهم لا یزعجونه مجری منزله و بالجملة فالأقوال فی هذه المسألة مختلفة و كذا الروایات فی ذلك فی غایة الاختلاف.
ص: 35
فَمِنْهَا صَحِیحَةُ ابْنِ بَزِیعٍ (1) عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُقَصِّرُ فِی ضَیْعَتِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ یَنْوِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ إِلَّا أَنْ یَكُونَ لَهُ فِیهَا مَنْزِلٌ یَسْتَوْطِنُهُ فَقُلْتُ مَا الِاسْتِیطَانُ فَقَالَ أَنْ یَكُونَ لَهُ مَنْزِلٌ یُقِیمُ فِیهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
وَ مِنْهَا مُوَثَّقَةُ عَمَّارٍ(2)
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی الرَّجُلِ یَخْرُجُ فِی سَفَرٍ فَیَمُرُّ بِقَرْیَةٍ لَهُ أَوْ دَارٍ فَیَنْزِلُ فِیهَا قَالَ یُتِمُّ الصَّلَاةَ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ لَهُ إِلَّا نَخْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا یُقَصِّرُ وَ لْیَصُمْ إِذَا حَضَرَهُ الصَّوْمُ وَ هُوَ فِیهَا.
و مستند المشهور هذان الخبران استدلوا بالثانی علی مطلق الملك و بالأول علی استیطان ستة أشهر و یرد علی الأول أنه مع عدم قوة سنده معارض بأخبار كثیرة دالة علی أن المعتبر فی الإتمام أن یكون له منزل یستوطنه لا مطلق الملك و علی الثانی أن ظاهر الخبر اعتبار إقامة ستة أشهر فی كل سنة.
وَ بِهَذَا صَرَّحَ الصَّدُوقُ فِی الْفَقِیهِ (3) حَیْثُ قَالَ بَعْدَ إِیرَادِ صَحِیحَةِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ سَافَرَ مِنْ أَرْضٍ إِلَی أَرْضٍ وَ إِنَّمَا نَزَلَ قُرَاهُ وَ ضَیْعَتَهُ قَالَ إِذَا نَزَلْتَ قُرَاكَ وَ ضَیْعَتَكَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ إِذَا كُنْتَ فِی غَیْرِ أَرْضِكَ فَقَصِّرْ.
یعنی بذلك إذا أراد المقام فی قراه و أرضه عشرة أیام و من لم یرد المقام بها عشرة أیام قصر إلا أن یكون له بها منزل یكون فیه فی السنة ستة أشهر فإن كان كذلك أتم متی دخلها و تصدیق ذلك ما رواه محمد بن إسماعیل بن بزیع و أورد الخبر الأول.
و صحیحة ابن الفضل المتقدمة تدل علی الإتمام فی مطلق الملك و الضیعة و صحیحة البزنطی التی أخرجناها من قرب الإسناد أیضا تدل علی ذلك.
ص: 36
وَ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا یَدُلُّ عَلَی مُطْلَقِ الِاسْتِیطَانِ كَصَحِیحَةِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ (1) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام الرَّجُلُ یَتَّخِذُ الْمَنْزِلَ فَیَمُرُّ بِهِ أَ یُتِمُّ أَوْ یُقَصِّرُ قَالَ كُلُّ مَنْزِلٍ لَا تَسْتَوْطِنُهُ فَلَیْسَ لَكَ بِمَنْزِلٍ وَ لَیْسَ لَكَ أَنْ تُتِمَّ فِیهِ.
وَ صَحِیحَةُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍ (2)
قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ یَمُرُّ بِبَعْضِ الْأَمْصَارِ وَ لَهُ بِالْمِصْرِ دَارٌ وَ لَیْسَ الْمِصْرُ وَطَنَهُ أَ یُتِمُّ صَلَاتَهُ أَمْ یُقَصِّرُ قَالَ یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ وَ الضِّیَاعُ مِثْلُ ذَلِكَ إِذَا مَرَّ بِهَا.
و الذی یقتضی الجمع بین الأخبار القول بأن الوصول إلی بلد أو قریة أو ضیعة له فیها منزل یستوطنه بحیث یصدق الاستیطان عرفا أو ولد و نشأ بها بحیث یصدق عرفا أنه وطنه و بلده كاف فی الإتمام و أخبار الضیعة و الملك المطلق محمولة علی ذلك أو علی التقیة لأنه قول جماعة من العامة.
قال فی شرح السنة ذهب ابن عباس إلی أن المسافر إذا قدم علی أهل أو ماشیته أتم الصلاة و به قال أحمد و هو أحد قولی الشافعی إن المسافر إذا دخل بلدا له به أهل و إن كان مجتازا انقطعت رخصة السفر فی حقه انتهی.
و الأحوط فیما إذا وصل بلدة أو قریة أو ضیعة استوطنها ستة أشهر أن یحتاط بالجمع بین الصلاتین رعایة للمشهور.
ثم إن جماعة من القائلین بالملك كالشهیدین اعتبروا سبق الملك علی الاستیطان و بقاء الملك و اشترط جماعة فی الستة أن یكون مقیما فیها و أن یكون إتمام الصلاة علیه فیها للإقامة فلا یكفی مطلق الإقامة كما لو أقام ثلاثین ثم أتم من غیر نیة الإقامة و لا التمام بسبب كثرة السفر أو المعصیة أو شرف البقعة نعم لا یضر مجامعتها لها.
و المشهور أنه لا یشترط التوالی و لا السكنی فی ملكه بل یكفی الاستیطان فی البلد أو القریة و لا یبعد أن یكفی فی ذلك عدم الخروج علی حد الخفاء و لا
ص: 37
یكفی استیطان الوقوف العامة كالمدارس و ذهب جماعة إلی الاكتفاء بالخاص و اشترط الشهید ملك الرقبة فلا تجزی الإجارة و فیه تأمل و ألحق العلامة و من تأخر عنه بالملك اتخاذ البلد دار مقام علی الدوام و لا بأس به.
و هل یشترط استیطان الستة أشهر قال فی الذكری الأقرب ذلك و هو غیر بعید و الأصل ما ذكرنا من شهادة العرف بأنها وطنه أو مسكنه لیدخل تحت الأخبار الواردة فی ذلك و أما ما شك فی دخوله فیها فالاحتیاط فیه سبیل النجاة.
13- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ رَأَیْتَ مَنْ قَدِمَ بَلَدَهُ مَتَی یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَكُونَ مُقَصِّراً وَ مَتَی یَنْبَغِی أَنْ یُتِمَّ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ أَرْضاً فَأَیْقَنْتَ أَنَّ لَكَ فِیهَا مُقَامَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ فَإِنْ لَمْ تَدْرِ مَا مُقَامُكَ بِهَا تَقُولُ غَداً أَخْرُجُ وَ بَعْدَ غَدٍ فَقَصِّرْ مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَنْ یَمْضِیَ شَهْرٌ فَإِذَا تَمَّ شَهْرٌ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ سَاعَتِكَ فَأَتِمَ (1).
ص: 38
بیان: لا خلاف بین الأصحاب فی أنه إذا نوی المقصر فی بلد عشرة أیام أتم و یدل علیه هذا الخبر و أخبار كثیرة و المشهور عدم الإتمام بنیة الإقامة دون العشرة بل قال فی المنتهی إنه قول علمائنا أجمع.
و نقل فی المختلف عن ابن الجنید رحمه اللّٰه أنه اكتفی فی وجوب الإتمام بنیة خمسة أیام
وَ لَعَلَّ مُسْتَنَدَهَ مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ فِی الْحَسَنِ (1) عَنْ أَبِی أَیُّوبَ قَالَ: سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الْمُسَافِرِ إِنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِإِقَامَةِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ قَالَ
ص: 39
فَلْیُتِمَّ الصَّلَاةَ فَإِنْ لَمْ یَدْرِ مَا یُقِیمُ یَوْماً أَوْ أَكْثَرَ فَلْیَعُدَّ ثَلَاثِینَ یَوْماً ثُمَّ لْیُتِمَّ وَ إِنْ أَقَامَ یَوْماً أَوْ صَلَاةً وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ بَلَغَنِی أَنَّكَ قُلْتَ خَمْساً قَالَ قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو أَیُّوبَ فَقُلْتُ أَنَا جُعِلْتُ فِدَاكَ یَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَیَّامٍ قَالَ لَا.
و أجیب عنه بأنه غیر دال علی نیة إقامة الخمسة صریحا لاحتمال عود الإشارة إلی الكلام السابق و هو الإتمام مع العشرة و لا یخلو من بعد و أوله الشیخ بوجهین أحدهما
أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَی مَا إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَوِ الْمَدِینَةِ لِلْحَسَنِ كَالصَّحِیحِ (1)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ یَقْدَمُ الْأَرْضَ فَقَالَ إِنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ أَنْ یُقِیمَ عَشْراً فَلْیُتِمَّ وَ إِنْ قَالَ الْیَوْمَ أَخْرُجُ أَوْ غَداً أَخْرُجُ وَ لَا یَدْرِی فَلْیُقَصِّرْ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ شَهْرٍ فَإِنْ مَضَی شَهْرٌ فَلْیُتِمَّ وَ لَا یُتِمَّ فِی أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَّا بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ إِنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ خَمْساً فَلْیُتِمَّ.
و ثانیهما استحباب الإتمام لنأوی المقام خمسة أیام و لا یخلو من وجه و المناقشة بأن القصر عند الشیخ عزیمة فكیف یصیر رخصة ضعیف لأنه سد لباب القول بالتخییر بین الإتمام و القصر مطلقا مع ثبوت ذلك فی مواضع لا یمكن إنكارها.
و الأظهر عندی حمله علی التقیة لأن الشافعی و جماعة منهم قائلون بإقامة الأربعة و لا یحسبون یوم الدخول و یوم الرحیل فیتحصل خمسة ملفقة و سیاق الخبر أیضا یدل علیها كما لا یخفی علی الخبیر.
و هل یشترط فی العشرة التوالی بحیث لا یخرج بینها إلی محل الترخص أم لا فیه وجهان و قطع بالاشتراط الشهید فی البیان (2)
و الشهید الثانی فی جملة من كتبه
ص: 40
و قال فی بعض فوائده بعد أن صرح باعتبار ذلك و ما یوجد فی بعض القیود من أن الخروج إلی خارج الحدود مع العود إلی
ص: 41
موضع الإقامة كیوم أو لیلة لا یؤثر فی نیة الإقامة و إن لم ینو إقامة عشرة مستأنفة لا حقیقة له و لم نقف علیه مستندا إلی أحد من المعتبرین الذین یعتبر فتواهم فیجب الحكم بإطراحه حتی لو كان ذلك فی نیته من أول الإقامة لكان باقیا علی القصر لعدم الجزم بإقامة العشرة فإن الخروج إلی ما یوجب الخفاء یقطعها و نیته فی ابتدائه یبطلها انتهی.
و قیل المعتبر صدق إقامة العشرة فی البلد عرفا و الظاهر أن عدم التوالی فی أكثر الأحیان یقدح فی صدق المعنی المذكور عرفا و لا یقدح فیه أحیانا كما إذا خرج یوما أو بعض یوم إلی بعض البساتین و المزارع المقاربة فی البلد و إن كان فی حد الخفاء و لا بأس به و المسألة مشكلة و هی من مواقع الاحتیاط.
و الظاهر أن بعض الیوم لا یحسب بیوم كامل بل یلفق فلو نوی المقام عند الزوال كان منتهاه زوال الیوم الحادی عشر.
و هل یشترط عشر غیر یومی الدخول و الخروج فلا یكفی التلفیق فیه وجهان و استشكل العلامة فی النهایة و التذكرة احتسابهما من العددین حیث إنهما من نهایة
ص: 42
السفر و بدایته لاشتغاله فی الأول بأسباب الإقامة و فی الأخیر بالسفر و من صدق الإقامة فی الیومین و احتمل التلفیق و لعل التلفیق أظهر.
و لا فرق فی وجوب الإتمام بنیة الإقامة بین أن یكون ذلك فی بلد أو قریة لعموم بعض الأخبار كما فی صحیحة زرارة إذا دخلت أرضا فأیقنت أن لك بها مقاما و الظاهر أنه لا خلاف فیه.
و لو عزم علی إقامة طویلة فی رستاق ینتقل فیه من قریة إلی قریة و لم یعزم علی إقامة العشرة فی واحدة منها لم یبطل حكم سفره لأنه لم ینو الإقامة فی بلد بعینه فكان كالمنتقل فی سفره من منزل إلی منزل قاله العلامة فی المنتهی و غیره.
و لو قصد الإقامة فی بلد ثم خرج بقصد المسافة إلی حد خفاء الأذان ثم رجع إلی محل الإقامة لغرض مع بقاء نیة السفر فالظاهر بقاؤه علی حكم التقصیر بخلاف ما لو كان الرجوع إلی بلده و لو رجع عن نیة السفر أتم فی الموضعین كما ذكره الأصحاب.
و لو صلی بتقصیر ثم نوی الإقامة فی أثنائها یتم و نقل فی التذكرة الاتفاق علیه.
و هذا كله یتعلق بالحكم الأول من الخبر و أما الحكم الثانی و هو أن من تردد فی الإقامة یقصر إلی شهر ثم یتم فلا أعلم فیه خلافا بین الأصحاب و نقل بعض المتأخرین علیه الإجماع و تدل علیه أخبار لكن بعضها بلفظ الشهر و بعضها بلفظ الثلاثین یوما.
فهل یجوز الاكتفاء بالشهر الهلالی إذا حصل التردد فی أوله یحتمل ذلك لصدق الشهر علیه و هو مقتضی إطلاق كلام أكثر الأصحاب و حینئذ فالثلاثین محمول علی الغالب من عدم كون مبدإ التردد مبدأ الشهر.
و اعتبر فی التذكرة الثلاثین و لم یعتبر الشهر الهلالی و له وجه (1) و الأحوط
ص: 43
فی یوم الثلاثین الجمع.
14- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: إِنْ نَوَیْتَ الْمُقَامَ عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ صَلَّیْتَ صَلَاةً وَاحِدَةً بِتَمَامٍ ثُمَّ بَدَا لَكَ فِی الْمُقَامِ وَ أَرَدْتَ الْخُرُوجَ فَأَتِمَّ وَ إِنْ بَدَا لَكَ فِی الْمُقَامِ بَعْدَ مَا نَوَیْتَ الْمُقَامَ عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ تَمَمْتَ الصَّلَاةَ وَ الصَّوْمَ (1).
بیان: إن فی قوله و إن بدا لك وصلیة و لا خلاف ظاهرا بین الأصحاب فی أنه لو نوی قاصد الإقامة عشرا السفر قبل أن یصلی صلاة بتمام یرجع إلی التقصیر و لو صلی صلاة بتمام یتم إلی أن یخرج إلی المسافة(2)
و ظاهر الأصحاب أنه لا یشترط فی الرجوع إلی القصر فی صورة العدول عن نیة الإقامة من غیر صلاة كون الباقی مسافة و قواه الشهید الثانی رحمه اللّٰه و احتمل الاشتراط و إطلاق هذه الروایة و غیرها یؤید المشهور.
ثم إنهم اختلفوا فی أنه هل یلحق بالصلاة الفریضة الصوم الواجب فیثبت حكم الإقامة بالشروع فیه مطلقا أو إذا زالت الشمس قبل الرجوع عن نیة الإقامة أم لا فیه أوجه و الثالث أشهر و أقوی و إن كان ظاهر عبارة الفقه كون إتمام الصوم فی حكم إتمام الصلاة إن حملنا الواو فی قوله و الصوم بمعنی أو و یمكن أن یكون ذكر الصوم استطرادا و لا دخل له فی الحكم.
ثم الظاهر أن المعتبر إتمام الصلاة الفریضة فقط كما صرح به فی صحیحة أبی ولاد(3) فإلحاق نافلة لا یؤتی بها فی السفر بالفریضة كما فعله العلامة فی
ص: 44
النهایة و قواه الشهید الثانی رحمه اللّٰه لا وجه له و الظاهر أن الحكم معلق علی فعل الفریضة فلا یكفی دخول وقتها و لا فوت وقت الصلاة مع تركها سواء كان الترك عمدا أو سهوا و قطع العلامة فی التذكرة بكون الترك كالصلاة نظرا إلی استقرارها فی الذمة تماما و استشكله فی النهایة و كذا الشهید فی الذكری.
و لو كان الترك لعذر مسقط للقضاء كالجنون و الحیض فهو كمن لم یصل قولا واحدا و هل یشترط كون التمام بنیة الإقامة فلا یكفی التمام سهوا قبل الإقامة فیه وجهان و ظاهر الخبر الاشتراط.
و لو نوی الإقامة ثم صلی تماما لشرف البقعة ذاهلا عن نیة الإقامة ثم رجع عن الإقامة فالظاهر الكفایة لعموم الروایة و لو نوی الإقامة فی أثناء الصلاة المقصورة فأتمها ففی الاجتزاء بها وجهان و لعل الاجتزاء أقوی.
ثم ظاهر الروایة إتمام الصلاة فلو شرع فی الصلاة بنیة الإقامة ثم رجع عن الإقامة فی أثنائها لم یكف و إن كان بعد الركوع فی الثالثة و هو ظاهر المنتهی و تردد فی المعتبر و فصل فی التذكرة و المختلف بمجاوزة محل القصر و عدمه.
15- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: فَإِنْ فَاتَتْكَ الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ فَذَكَرْتَهَا فِی الْحَضَرِ فَاقْضِ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَیْنِ كَمَا فَاتَتْكَ وَ إِنْ فَاتَتْكَ فِی الْحَضَرِ فَذَكَرْتَهَا فِی السَّفَرِ فَاقْضِهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلَاةَ الْحَضَرِ كَمَا فَاتَتْكَ وَ إِنْ خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ وَ قَدْ دَخَلَ عَلَیْكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّی خَرَجْتَ فَعَلَیْكَ التَّقْصِیرُ وَ إِنْ دَخَلَ عَلَیْكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَنْتَ فِی السَّفَرِ وَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّی تَدْخُلَ أَهْلَكَ فَعَلَیْكَ التَّمَامُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ قَدْ فَاتَكَ الْوَقْتُ فَتُصَلِّیَ مَا فَاتَكَ مِنْ صَلَاةِ الْحَضَرِ فِی السَّفَرِ وَ صَلَاةِ السَّفَرِ فِی الْحَضَرِ(1).
بیان: لا ریب فی أن الاعتبار فی القضاء بحال الفوات لا بحال الفعل فما فات قصرا یقضی قصرا و إن قضاه فی الحضر و كذا العكس و لو حصل الفوات فی أماكن التخییر
ص: 45
ففی ثبوت التخییر فی القضاء أو تحتم القصر وجهان أحوطهما الثانی.
و لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن یصلی فالأصحاب فیه علی أقوال شتی ذهب ابن أبی عقیل و الصدوق فی المقنع و العلامة إلی أنه یجب علیه الإتمام و ذهب المفید إلی أنه یجب علیه التقصیر و اختاره ابن إدریس و نقله عن المرتضی فی المصباح و هو اختیار علی بن بابویه و المحقق و جماعة.
و ذهب الشیخ فی الخلاف إلی التخییر و استحباب الإتمام و ذهب رحمه اللّٰه فی النهایة و كتابی الأخبار إلی أنه یتم إن بقی من الوقت مقدار ما یصلی فیه علی التمام فإن تضیق الوقت قصر و به قال فی موضع من المبسوط و به قال ابن البراج و هو اختیار الصدوق فی الفقیه.
و كذا الخلاف فیما إذا دخل محل التمام بعد دخول الوقت فذهب المفید و علی بن بابویه و ابن إدریس و الفاضلان إلی أنه یتم و هو المشهور بین المتأخرین و نقل عن ابن الجنید و الشیخ القول بالتخییر و ذهب الشیخ فی النهایة و كتابی الأخبار إلی أنه یتم مع السعة و یقصر مع الضیق و حكی الشهیدان أن فی المسألة قولا بالتقصیر مطلقا.
و منشأ هذا الاختلاف اختلاف الأخبار(1)
فَفِی صَحِیحَةِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ:
ص: 46
قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَدْخُلُ عَلَیَّ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَنَا فِی السَّفَرِ فَلَا أُصَلِّی حَتَّی أَدْخُلَ أَهْلِی فَقَالَ صَلِّ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ قُلْتُ فَدَخَلَ عَلَیَّ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَنَا فِی أَهْلِی أُرِیدُ السَّفَرَ فَلَا أُصَلِّی حَتَّی أَخْرُجَ فَقَالَ صَلِّ وَ قَصِّرْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَقَدْ خَالَفْتَ وَ اللَّهِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1).
وَ فِی صَحِیحَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ (2)
قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَدْخُلُ مِنْ سَفَرِهِ وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ هُوَ فِی الطَّرِیقِ فَقَالَ یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ وَ إِنْ خَرَجَ إِلَی سَفَرِهِ وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلْیُصَلِّ أَرْبَعاً.
وَ فِی مُوَثَّقَةِ عَمَّارٍ(3)
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَ هُوَ فِی مَنْزِلِهِ ثُمَّ یَخْرُجُ فِی سَفَرٍ قَالَ یَبْدَأُ بِالزَّوَالِ فَیُصَلِّیهَا ثُمَّ یُصَلِّی الْأُولَی بِتَقْصِیرِ رَكْعَتَیْنِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ قَبْلَ أَنْ یَحْضُرَ الْأُولَی وَ سُئِلَ فَإِنْ خَرَجَ
ص: 47
بَعْدَ مَا حَضَرَتِ الْأُولَی قَالَ یُصَلِّی الْأُولَی أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ یُصَلِّی بَعْدُ النَّوَافِلَ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ بَعْدَ مَا حَضَرَتِ الْأُولَی.
وَ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ (1)
قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَتَّی أَتَیْنَا الشَّجَرَةَ فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا نَبَّالُ فَقُلْتُ لَبَّیْكَ قَالَ إِنَّهُ لَمْ یَجِبْ عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعَسْكَرِ أَنْ یُصَلِّیَ أَرْبَعاً غَیْرِی وَ غَیْرَكَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَخْرُجَ.
و ربما یحمل صحیحة محمد بن مسلم علی أن المراد أن الركعتین یؤتی بهما فی السفر و الأربع فی الحضر بأن یكون المراد بقوله یدخل من سفره إرادة الدخول أو الإشراف علیه و كان فی الإیراد بصیغة المضارع إعانة علی هذا المعنی و كذا قوله خرج یحمل علی أحد الوجهین و كذا خبر بشیر یحمل علی أنه علیه السلام صلی قبل أن یخرج أو علی أن المراد وجب علینا التمام و بعد السفر انقلب الحكم و إن كانا بعیدین مع أن سنده غیر نقی علی المشهور.
و القائل بالتخییر جمع به بین الروایات
وَ یُؤَیِّدُهُ فِی الرُّجُوعِ صَحِیحَةُ مَنْصُورِ(2)
ص: 48
بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا كَانَ فِی سَفَرٍ فَدَخَلَ عَلَیْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ أَهْلَهُ فَسَارَ حَتَّی یَدْخُلَ أَهْلَهُ فَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ وَ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ وَ الْإِتْمَامُ أَحَبُّ إِلَیَّ. و حمله علی التقصیر قبل الدخول و الإتمام بعده بعید جدا. و الشیخ جمع بینها بالسعة و الضیق وَ أَیَّدَهُ بِمَا رَوَاهُ فِی الْمُوَثَّقِ (1) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام: یَقُولُ فِی الرَّجُلِ یَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ فِی وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَا یَخَافُ الْفَوْتَ فَلْیُتِمَّ وَ إِنْ كَانَ یَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلْیُقَصِّرْ.
و روی هذا المضمون بسند(2)
مرسل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أیضا و هما یدلان علی التفصیل فی القدوم و یمكن حملهما علی أنه إن كان لا یخاف فوت الوقت یؤخر حتی یدخل أهله و یتم و إن كان یخاف الفوت إذا دخل أهله یصلی قصرا قبل الدخول.
و أقول یمكن الجمع بینها بوجهین آخرین أحدهما حمل ما دل علی الاعتبار بحال الوجوب علی ما إذا مضی زمان من أول الوقت یمكنه تحصیل الشرائط المفقودة و إتمام الصلاة فیه و ما دل علی الاعتبار بحال الأداء علی ما إذا خرج عن حد الترخص أو دخل فیه و لم یمض هذا المقدار من الزمان كما أشار إلیه العلامة فی المنتهی و الشیخ فی الخلاف قید الحكم بذلك حیث قال إذا خرج إلی السفر و قد دخل الوقت إلا أنه مضی مقدار ما یصلی فیه الفرض أربع ركعات جاز له التقصیر و كذا قال العلامة و أكثر الأصحاب و الفرق أیضا ظاهر
ص: 49
إذ بعد مضی هذا الزمان یستقر الفرض فی ذمته.
و ثانیهما أن یقال إنه إذا خرج بعد دخول وقت الفضیلة یعنی إذا صار الفی ء قدمین أو انقضی مقدار النافلة للمتنفل یتم الصلاة و إذا خرج قبل دخول وقت الفضیلة و إن كان بعد دخول وقت الإجزاء یقصر.
فالمراد بالوقت فی بعض الأخبار الفضیلة و فی بعضها الإجزاء و یشهد لهذا التأویل موثقة عمار لكن لا أعرف قائلا به و كذا الكلام فی العود لاختلاف الأخبار فیه أیضا و المسألة فی غایة الإشكال و إن كان القول بالتخییر لا یخلو من قوة و الاحتیاط فی الجمع.
16- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی رَجُلٍ مُسَافِرٍ نَسِیَ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فِی السَّفَرِ حَتَّی دَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ یُصَلِّی أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ (1) وَ قَالَ لِمَنْ نَسِیَ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَ هُوَ مُقِیمٌ حَتَّی یَخْرُجَ قَالَ یُصَلِّی أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ
فِی سَفَرِهِ (2)
وَ قَالَ إِذَا دَخَلَ عَلَی الرَّجُلِ وَقْتُ صَلَاةٍ وَ هُوَ مُقِیمٌ ثُمَّ سَافَرَ صَلَّی تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِی دَخَلَ وَقْتُهَا عَلَیْهِ وَ هُوَ مُقِیمٌ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِی سَفَرِهِ (3).
بیان: أقول یمكن أن یكون قوله علیه السلام و إذا دخل علی الرجل بعد قوله لمن نسی صلاة الظهر تعمیما بعد التخصیص أو یكونا حدیثین سمعهما فی مقامین أو یكون الأول للقضاء و الثانی للأداء أو یكون الأخیر محمولا علی العمد كما أن الأول كان للنسیان و قوله أولا فی رجل مسافر یحتمل الأداء و القضاء و الأعم و ظاهر الخبر الإتمام فی الدخول و الخروج معا كما هو مختار العلامة إن لم نحمل أحدهما علی القضاء.
ثم اعلم أنهم اختلفوا فی القضاء أیضا أی إذا دخل وقت الصلاة فی السفر و دخل بلده ثم فاتته الصلاة و كذا العكس هل یعتبر بحال الوجوب أی أول الوقت أو بحال
ص: 50
الفوات أی آخره فذهب المرتضی و ابن الجنید إلی أنه یقضی بحسب حالها فی أول وقتها و آخرون إلی أنه یقضی بحسب حالها فی آخر وقتها.
وَ یَدُلُّ عَلَی الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ هُوَ فِی السَّفَرِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّی قَدِمَ فَنَسِیَ حِینَ قَدِمَ إِلَی أَهْلِهِ أَنْ یُصَلِّیَهَا حَتَّی ذَهَبَ وَقْتُهَا قَالَ یُصَلِّیهَا رَكْعَتَیْنِ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ لِأَنَّ الْوَقْتَ دَخَلَ وَ هُوَ مُسَافِرٌ كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یُصَلِّیَهَا عِنْدَ ذَلِكَ (1).
و موسی بن بكر و إن لم یذكر له توثیق و ذكر الشیخ أنه واقفی لكن واقفیته لم یذكره إلا الشیخ و روایة ابن أبی عمیر و صفوان و أجلاء الأصحاب عنه مما یدل علی جلالته فالخبر لا یقصر عن الصحیح أو الموثق.
و أجاب فی المعتبر عنه باحتمال أن یكون دخل مع ضیق الوقت عن أداء الصلاة أربعا فیقضی علی وقت إمكان الأداء و المسألة فی غایة الإشكال و الجمع أیضا فیه طریق الاحتیاط.
17- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حَرِیزٍ قَالَ قَالَ زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: قُلْنَا لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مَا تَقُولُ فِی الصَّلَاةِ فِی السَّفَرِ كَیْفَ هِیَ وَ كَمْ هِیَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فَصَارَ التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ وَاجِباً كَوُجُوبِ التَّمَامِ فِی الْحَضَرِ قَالا قُلْنَا إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ وَ لَمْ یَقُلْ افْعَلُوا فَكَیْفَ أَوْجَبَ ذَلِكَ كَمَا أَوْجَبَ التَّمَامَ فِی الْحَضَرِ قَالَ أَ وَ لَیْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ- فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما أَ لَا تَرَی أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا وَاجِبٌ مَفْرُوضٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَكَرَهُ فِی كِتَابِهِ وَ صَنَعَهُ نَبِیُّهُ وَ كَذَلِكَ التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ شَیْ ءٌ صَنَعَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ قَالا قُلْنَا فَمَنْ صَلَّی فِی السَّفَرِ أَرْبَعاً أَ یُعِیدُ أَمْ لَا قَالَ إِنْ كَانَ قَدْ قُرِئَتْ عَلَیْهِ آیَةُ التَّقْصِیرِ وَ فُسِّرَتْ لَهُ فَصَلَّی أَرْبَعاً أَعَادَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ قُرِئَتْ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَعْلَمْهَا فَلَا
ص: 51
إِعَادَةَ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ كُلُّهَا الْفَرِیضَةُ رَكْعَتَانِ كُلُّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ لَیْسَ فِیهَا تَقْصِیرٌ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ (1).
دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ كَذَلِكَ التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ ذَكَرَهُ اللَّهُ هَكَذَا فِی كِتَابِهِ وَ قَدْ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ (2).
بیان: كیف هی أی علی العزیمة أو الرخصة و كم هی أی فی كم یجب القصر أو كم یصیر عدد الركعات و لم یقل افعلوا قد یستفاد منه أن الأمر للوجوب مطلقا أو أمر القرآن أ و لیس قال اللّٰه الاستشهاد بالآیة لبیان أن نفی الجناح لا ینافی الوجوب إذا دل علیه دلیل آخر إذ قد یكون التعبیر علی هذا الوجه لحكمة كما مر و سیأتی.
و صنعه نبیه أی فعله صلی اللّٰه علیه و آله یدل علی الوجوب و الجواز مستفاد من الآیة فیدل علی أن التأسی واجب مطلقا و إن لم یعلم أن فعله صلی اللّٰه علیه و آله وجه الوجوب إلا أن یقال المراد أنه صنعه علی وجه الوجوب أو واظب علیه أو الصنع كنایة عن إجرائه بین الناس و أمره به.
إن كان قد قرئت لعل ذكر قراءة الآیة علی التمثیل و المراد إن علم وجوب التقصیر فعلیه الإعادة و إلا فلا.
و جملة القول فیه أن تارك التقصیر فی موضع یجب علیه لا یخلو من أن یكون عالما عامدا أو ناسیا أو جاهلا فالعامد العالم لا ریب فی أنه تبطل صلاته و یعیدها فی الوقت و خارجه و أما الناسی فالمشهور بین الأصحاب أنه یعید فی الوقت خاصة و ذهب علی بن بابویه و الشیخ فی المبسوط إلی أنه یعید مطلقا.
و قال الصدوق رحمه اللّٰه فی المقنع إن نسیت فصلیت فی السفر أربع ركعات فأعد الصلاة
ص: 52
إن ذكرت فی ذلك الیوم و إن لم تذكر حتی یمضی ذلك الیوم فلا تعد فمراده بالیوم إن كان بیاض النهار فقد وافق المشهور فی الظهرین و أهمل أمر العشاء و إن كان مراده ذلك و اللیلة الماضیة كان مخالفا فی العشاء للمشهور لاقتضائه قضاء العشاء فی النهار و إن كان مراده ذلك و اللیلة المستقبلة خالف المشهور فی الظهرین و فی العشاء أیضا إلا علی القول ببقاء وقتها إلی الصبح.
وَ الْأَوَّلُ أَقْوَی لِصَحِیحَةِ عِیصِ بْنِ الْقَاسِمِ (1) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّی وَ هُوَ مُسَافِرٌ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ قَالَ إِنْ كَانَ فِی وَقْتٍ فَلْیُعِدْ وَ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ مَضَی فَلَا.
و الحكم یشمل العامد و الجاهل أیضا لكنهما خرجا عنه بدلیل منفصلا فیبقی الحكم فی الناسی سالما عن المعارض.
ص: 53
وَ أَمَّا صَحِیحَةُ أَبِی بَصِیرٍ(1) قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ رَجُلٍ یَنْسَی فَیُصَلِّی فِی السَّفَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ إِنْ ذَكَرَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ فَلْیُعِدْ وَ إِنْ لَمْ یَذْكُرْ حَتَّی یَمْضِیَ الْیَوْمُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَیْهِ.
فظاهرها أن المراد بالیوم بیاض النهار فتدل أیضا علی المشهور فی الظهرین و حكم العشاء غیر مستفاد منها فإن كان مراد الصدوق ذلك فنعم الوفاق و إلا فلا تدل علی مذهبه و الاستدلال بالاحتمال البعید غیر موجه.
و احتج القائلون بالإعادة مطلقا بأنها زیادة فی الصلاة و خبر العیاشی أیضا لا یخلو من دلالة علیه و كذا عمومات بعض الروایات الأخر لكنها مخصصة بما مر.
و قال الشهید فی الذكری و یتخرج علی القول بأن من زاد خامسة فی الصلاة و كان قد قعد مقدار التشهد تسلم له الصلاة صحة الصلاة هنا لأن التشهد حائل بین ذلك و بین الزیادة.
و استحسنه الشهید الثانی و قال إنه كان ینبغی لمثبت تلك المسألة القول بها هنا و لا یمكن التخلص من ذلك إلا بأحد أمور إما إلغاء ذلك الحكم كما ذهب إلیه أكثر الأصحاب أو القول باختصاصه بالزیادة علی الرابعة كما هو مورد النص فلا یتعدی إلی الثلاثیة و الثنائیة فلا یتحقق المعارضة هنا أو اختصاصه بزیادة ركعة لا غیر كما ورد به النص هناك و لا یتعدی إلی الزائد كما عداه بعض الأصحاب أو القول بأن ذلك فی غیر المسافر جمعا بین الأخبار لكن یبقی فیه سؤال الفرق مع اتحاد المحل انتهی.
و السید فی المدارك ضعف هذه الوجوه و قال و الذی یقتضیه النظر أن النسیان و الزیادة إن حصلا بعد الفراغ من التشهد كانت هذه المسألة جزئیة من جزئیات من زاد فی صلاته ركعة فصاعدا بعد التشهد نسیانا و قد بینا أن الأصح أن ذلك غیر مبطل للصلاة مطلقا لاستحباب التسلیم و إن حصل النسیان قبل ذلك اتجه القول بالإعادة
ص: 54
فی الوقت دون خارجه كما اختاره الأكثر انتهی.
و أقول قد عرفت أن الحكم السابق علی تقدیر ثبوته مختص بالرابعة فلا إشكال و لا تنافی بل هذا مما یؤید أحد قولی الإبطال مطلقا أو الاختصاص بالرباعیة.
و أما إذا أتم جاهلا بوجوب التقصیر فالمشهور بین الأصحاب أنه لا یعید مطلقا و حكی عن ابن الجنید و أبی الصلاح أنهما أوجبا الإعادة فی الوقت و عن ظاهر ابن أبی عقیل الإعادة مطلقا و الأول أقرب لروایة زرارة و محمد بن مسلم (1) الصحیحة فی سائر الكتب و اختلفوا فی أن الحكم هل هو مختص بالجاهل بوجوب التقصیر من أصله أو ینسحب فی الجاهل ببعض الأحكام و توقف العلامة فی النهایة فیها و ظاهر الروایة الأول.
و لو انعكس الفرض بأن صلی من فرضه التمام قصرا جاهلا فقیل بالبطلان لعدم تحقق الامتثال و قیل بالصحة و هو اختیار صاحب الجامع
وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی الصَّحِیحِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَتَیْتَ بَلَداً وَ أَزْمَعْتَ الْمُقَامَ عَشَرَةً فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ فَإِنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا فَلَیْسَ عَلَیْهِ الْإِعَادَةُ.
و هو دال علی الصحة فی بعض صور الإتمام و العمل به متجه و فی التعدی عنه إشكال.
و ألحق بعضهم بالجاهل ناسی الإقامة فحكم بأنه لا إعادة علیه و هو خروج عن النص و سیأتی فی الفقه أن من قصر فی موضع التمام ناسیا یعید مطلقا و لعله محمول علی ما إذا وقع بعد التسلیم المبطل عمدا و سهوا كما عرفت سابقا.
18- كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی الْحَضْرَمِیِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنْ خَرَجَ الرَّجُلُ مُسَافِراً وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمْ یُصَلِّی قَالَ أَرْبَعاً قَالَ قُلْتُ وَ إِنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ هُوَ فِی السَّفَرِ
ص: 55
قَالَ یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ أَهْلَهُ وَ إِنْ دَخَلَ الْمِصْرَ فَلْیُصَلِّ أَرْبَعاً.
19- كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْكَاهِلِیِّ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی أَتِمَّ الصَّلَاةَ فِی الْحَرَمَیْنِ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ(1).
20- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ یَرْفَعُهُ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ لِأَیِّ عِلَّةٍ تُصَلَّی الْمَغْرِبُ فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ رَكْعَتَیْنِ قَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فُرِضَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ مَثْنَی مَثْنَی وَ أَضَافَ إِلَیْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ نَقَصَ عَنِ الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَكْعَتَیْنِ فِی السَّفَرِ وَ تَرَكَ الْمَغْرِبَ وَ قَالَ إِنِّی أَسْتَحْیِی أَنْ أَنْقُصَ مِنْهَا مَرَّتَیْنِ فَلِذَلِكَ الْعِلَّةِ تُصَلَّی ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فِی الْحَضَرِ وَ السَّفَرِ(2).
أقول: قد مضی بعض الأخبار فی ذلك فی باب علل الصلاة.
21- الْعِلَلُ،(3)
وَ الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ فِی عِلَلِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ یَكُونُ عَلَی (4)
فَرْسَخَیْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قِیلَ لِأَنَّ مَا یُقَصَّرُ فِیهِ الصَّلَاةُ بَرِیدَانِ ذَاهِباً أَوْ بَرِیدٌ ذَاهِباً وَ جَائِیاً وَ الْبَرِیدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَوَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ هُوَ عَلَی نِصْفِ الْبَرِیدِ الَّذِی یَجِبُ فِیهِ التَّقْصِیرُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یَجِی ءُ فَرْسَخَیْنِ وَ یَذْهَبُ فَرْسَخَیْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ هُوَ نِصْفُ طَرِیقِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ قُصِّرَتِ الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِیَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ السَّبْعُ إِنَّمَا زِیدَتْ فِیهَا بَعْدُ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ تِلْكَ الزِّیَادَةَ
ص: 56
لِمَوْضِعِ سَفَرِهِ وَ تَعَبِهِ وَ نَصَبِهِ وَ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَ ظَعْنِهِ وَ إِقَامَتِهِ لِئَلَّا یَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعِیشَتِهِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَعَطُّفاً عَلَیْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا لَمْ تُقَصَّرْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُقَصَّرَةٌ فِی الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ- لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قِیلَ لِأَنَّ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ مَسِیرَةُ یَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَ الْقَوَافِلِ وَ الْأَثْقَالِ فَوَجَبَ التَّقْصِیرُ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ التَّقْصِیرُ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ قِیلَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ یَجِبْ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِی مَسِیرَةِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ یَوْمٍ یَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ فَإِنَّمَا هُوَ نَظِیرُ
هَذَا الْیَوْمِ فَلَوْ لَمْ یَجِبْ فِی هَذَا الْیَوْمِ لَمَا وَجَبَ فِی نَظِیرِهِ إِذْ كَانَ نَظِیرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَیْنَهُمَا فَإِنْ قَالَ قَدْ یَخْتَلِفُ السَّیْرُ وَ ذَلِكَ أَنَّ سَیْرَ الْبَقَرِ إِنَّمَا هُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ سَیْرَ الْفَرَسِ عشرین [عِشْرُونَ] فَرْسَخاً فَلِمَ جَعَلْتَ أَنْتَ مَسِیرَةَ یَوْمٍ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ قِیلَ لِأَنَّ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ هِیَ مَسِیرُ الْجَمَّالِ وَ الْقَوَافِلِ وَ هُوَ السَّیْرُ الَّذِی یَسِیرُهُ الْجَمَّالُونَ وَ الْمُكَارُونَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ تُرِكَ تَطَوُّعُ النَّهَارِ وَ لَا یُتْرَكُ تَطَوُّعُ اللَّیْلِ قِیلَ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَا تَقْصِیرَ فِیهَا فَلَا تَقْصِیرَ فِی تَطَوُّعِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تَقْصِیرَ فِیهَا فَلَا تَقْصِیرَ فِیمَا بَعْدَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ وَ كَذَلِكَ الْغَدَاةُ لَا تَقْصِیرَ فِیمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنْ قَالَ فَمَا بَالُ الْعَتَمَةِ مُقَصَّرَةً وَ لَیْسَ تُتْرَكُ رَكْعَتَاهَا قِیلَ إِنَّ تِلْكَ الرَّكْعَتَیْنِ لَیْسَتَا مِنَ الْخَمْسِینَ فَإِنَّمَا هِیَ زِیَادَةٌ فِی الْخَمْسِینَ تَطَوُّعاً وَ لْیُتِمَّ بِهَا بَدَلَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِیضَةِ رَكْعَتَیْنِ مِنَ النَّوَافِلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَازَ(1)
لِلْمُسَافِرِ وَ الْمَرِیضِ أَنْ یُصَلِّیَا صَلَاةَ اللَّیْلِ فِی أَوَّلِ اللَّیْلِ قِیلَ لِاشْتِغَالِهِ وَ ضَعْفِهِ لِیُحْرِزَ صَلَاتَهُ فَیَسْتَرِیحَ الْمَرِیضُ فِی وَقْتِ رَاحَتِهِ وَ یَشْتَغِلَ الْمُسَافِرُ بِأَشْغَالِهِ وَ ارْتِحَالِهِ وَ سَفَرِهِ (2).
ص: 57
بیان: المشهور بین الأصحاب سقوط الوتیرة فی السفر و نقل ابن إدریس علیه الإجماع و قال الشیخ فی النهایة یجوز فعلها و قواه فی الذكری لهذا الخبر و لا یخلو من قوة إذ الظاهر من الأخبار سقوط نوافل الصلوات المقصورة و كون الوتیرة نافلة للعشاء غیر معلوم بل الظاهر أنها تقدیم للوتر و بدل عنها فكما أن قبلها نافلة المغرب و لا یشملها قولهم لیس قبلها نافلة فكذا بعدها.
22- الْعُیُونُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ: فِیمَا كَتَبَ الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ وَ مَا زَادَ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ (1).
23- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یُشَیِّعُ إِلَی الْقَادِسِیَّةِ أَ یُقَصِّرُ قَالَ كَمْ هِیَ قَالَ قُلْتُ الَّتِی رَأَیْتَ قَالَ نَعَمْ یُقَصِّرُ(2).
بیان: قال فی المغرب القادسیة موضع بینه و بین الكوفة خمسة عشر میلا انتهی و یدل علی وجوب القصر فی أربعة فراسخ لعدم القول بالفصل.
24- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَهْدَی إِلَیَّ وَ إِلَی أُمَّتِی هَدِیَّةً لَمْ یُهْدِهَا إِلَی أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لَنَا قَالُوا وَ مَا ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِفْطَارُ فِی السَّفَرِ وَ التَّقْصِیرُ فِی الصَّلَاةِ فَمَنْ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَدِیَّتَهُ (3).
العلل، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن إبراهیم بن هاشم عن النوفلی: مثله (4) دعائم الإسلام، مرسلا: مثله (5).
ص: 58
25- الْخِصَالُ،(1) وَ الْمَجَالِسُ، لِلصَّدُوقِ بِسَنَدٍ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ: فِی خَبَرِ نَفَرٍ مِنَ الْیَهُودِ جَاءُوا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَعْطَانِی اللَّهُ الرُّخْصَةَ لِأُمَّتِی عِنْدَ الْأَمْرَاضِ وَ السَّفَرِ(2).
26- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَیْثَمِ وَ خَمْسَةٍ أُخْرَی مِنْ مَشَایِخِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ وَ هُوَ بَرِیدَانِ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ مَنْ لَمْ یُقَصِّرْ فِی السَّفَرِ لَمْ تُجْزِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ فِی فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).
27- الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا فِی صَدْرِ الْكِتَابِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: قَالَ سُئِلَ أَبِی عَنِ الصَّلَاةِ فِی السَّفَرِ فَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ علیه السلام كَانَ یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ فِی السَّفَرِ(4).
صحیفة الرضا، بإسناده عنه علیه السلام: مثله (5).
28- الْعُیُونُ، عَنْ تَمِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِی الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الرِّضَا علیه السلام فِی طَرِیقِ خُرَاسَانَ یُصَلِّی فَرَائِضَهُ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ كَانَ یُصَلِّیهَا ثَلَاثاً وَ لَا یَدَعُ نَافِلَتَهَا وَ لَا یَدَعُ صَلَاةَ اللَّیْلِ وَ الشَّفْعَ وَ الْوَتْرَ وَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ فِی سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ وَ كَانَ لَا یُصَلِّی مِنْ نَوَافِلِ النَّهَارِ فِی السَّفَرِ شَیْئاً وَ كَانَ یَقُولُ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ یُقَصِّرُهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثِینَ مَرَّةً وَ یَقُولُ هَذَا لِتَمَامِ الصَّلَاةِ وَ مَا رَأَیْتُهُ
ص: 59
صَلَّی الضُّحَی فِی سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ(1) وَ كَانَ لَا یَصُومُ فِی السَّفَرِ شَیْئاً وَ كَانَ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ عَشَرَةَ أَیَّامٍ صَائِماً لَا یُفْطِرُ فَإِذَا جَنَّ اللَّیْلُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْإِفْطَارِ(2).
بیان: التسبیحات الأربع ثلاثین مرة بعد المقصورات فی السفر مما قطع الأصحاب باستحبابه و ورد خبر المروزی بلفظ الوجوب و لم ینسب القول به إلی أحد و قال الصدوق فی المقنع و الفقیه و علی المسافر أن یقول فی دبر كل صلاة یقصرها و لعل ظاهره الوجوب و ظاهر الأخبار اختصاص المقصورة و احتمل العلامة التعمیم و لا وجه له نعم یستحب علی وجه آخر فی دبر كل صلاة سفرا و حضرا كما مر فی التعقیب و هذا استحباب آخر علی الخصوص.
29- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ كُلُّهُمْ قَالَ: إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً ثُمَّ مَرَرْتَ بِبَلْدَةٍ تُرِیدُ أَنْ تُقِیمَ بِهَا عَشْراً فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِیدُ أَنْ تُقِیمَ بِهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَقَصِّرْ وَ إِنْ قَدِمْتَ وَ أَنْتَ تَقُولُ أَسِیرُ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ حَتَّی تُتِمَّ شَهْراً فَأَكْمِلِ الصَّلَاةَ وَ لَا تُقَصِّرْ فِی أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَ قَالَ سَأَلْتُهُمْ عَنْ صَاحِبِ السَّفِینَةِ أَ یُقَصِّرُ الصَّلَاةَ كُلَّهَا قَالَ نَعَمْ إِذَا كُنْتَ فِی سَفْرٍ مُمْعِنٍ وَ إِنْ سَافَرْتَ فِی رَمَضَانَ فَصُمْ إِنْ شِئْتَ وَ كُلُّهُمْ قَالَ إِذَا صَلَّیْتَ فِی السَّفِینَةِ فَأَوْجِبِ الصَّلَاةَ إِلَی الْقِبْلَةِ فَإِنِ اسْتَدَارَتْ فَاثْبُتْ حَیْثُ أَوْجَبَتْ وَ كُلُّهُمْ صَلَّی الْعَصْرَ وَ الْفِجَاجُ مُسْفِرَةٌ فَإِنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُلُّهُمْ قَنَتَ فِی الْفَجْرِ وَ عُثْمَانُ أَیْضاً قَنَتَ فِی الْفَجْرِ(3).
ص: 60
بیان: الخبر عامی و إنما أوردناه تبعا للشیخ و فیه أحكام محمولة علی التقیة كما فی قوله لا تقصر فی أقل من ثلاث أی مسیرة ثلاث لیال و هو مذهب جماعة من العامة ففتوی أمیر المؤمنین علیه السلام معهم إن لم یكن مفتری علیه محمول علی التقیة و كذا قوله فصم إن شئت و كذا تخصیص القنوت بالفجر.
قوله ممعن یقال أمعن فی الطلب أی جد و أبعد و المراد السفر الذی یكون بقدر المسافة و المراد بصاحب السفینة راكبها لا الملاح قوله و الفجاج مسفرة أی الطرق منیرة قد أشرقت علیها الشمس ردا علی أبی حنیفة و أمثاله حیث یؤخرون صلاة العصر إلی آخر الوقت.
30- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الْجَبَلِیِّ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْمٍ خَرَجُوا فِی سَفَرٍ لَهُمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی یَجِبُ عَلَیْهِمْ فِیهِ التَّقْصِیرُ قَصَّرُوا فَلَمَّا أَنْ صَارُوا عَلَی رَأْسِ فَرْسَخَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ رَجُلٌ لَا یَسْتَقِیمُ لَهُمُ السَّفَرُ إِلَّا بِمَجِیئِهِ إِلَیْهِمْ فَأَقَامُوا عَلَی ذَلِكَ أَیَّاماً- لَا یَدْرُونَ هَلْ یَمْضُونَ فِی سَفَرِهِمْ أَوْ یَنْصَرِفُونَ هَلْ یَنْبَغِی لَهُمْ أَنْ یُتِمُّوا الصَّلَاةَ أَوْ یُقِیمُوا عَلَی تَقْصِیرِهِمْ فَقَالَ إِنْ كَانُوا بَلَغُوا مَسِیرَةَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فَلْیُقِیمُوا عَلَی تَقْصِیرِهِمْ أَقَامُوا أَمِ انْصَرَفُوا وَ إِنْ سَارُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فَلْیُتِمُّوا الصَّلَاةَ مَا أَقَامُوا فَإِذَا مَضَوْا فَلْیُقَصِّرُوا ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ هَلْ تَدْرِی كَیْفَ صَارَتْ هَكَذَا قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ لِأَنَّ التَّقْصِیرَ فِی بَرِیدَیْنِ وَ لَا یَكُونُ التَّقْصِیرُ فِی أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانُوا قَدْ سَارُوا بَرِیداً وَ أَرَادُوا أَنْ یَنْصَرِفُوا بَرِیداً كَانُوا قَدْ سَارُوا سَفَرَ التَّقْصِیرِ وَ إِنْ كَانُوا قَدْ سَارُوا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ إِلَّا إِتْمَامُ الصَّلَاةِ.
ص: 61
قُلْتُ أَ لَیْسَ قَدْ بَلَغُوا الْمَوْضِعَ الَّذِی لَا یَسْمَعُونَ فِیهِ أَذَانَ مِصْرِهِمُ الَّذِی خَرَجُوا مِنْهُ قَالَ بَلَی إِنَّمَا قَصَّرُوا فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُمْ لَمْ یَشُكُّوا فِی سَیْرِهِمْ وَ إِنَّ السَّیْرَ سَیَجِدُّ بِهِمْ فِی السَّفَرِ فَلَمَّا جَاءَتِ الْعِلَّةُ فِی مُقَامِهِمْ دُونَ الْبَرِیدِ صَارُوا هَكَذَا(1).
المحاسن، عن أبی سمینة محمد بن علی عن محمد بن أسلم: مثله (2).
بیان: اعلم أن الأصحاب اشترطوا فی القصر استمرار قصد المسافة إلی انتهاء المسافة فلو قصد المسافة و رجع عن عزمه أو تردد قبل بلوغ المسافة أتم و لو توقع رفقه علق سفره علیهم فإن كان التوقع فی محل رؤیة الجدار و سماع الأذان أتم و إن جزم بالسفر دونها و إن كان بعد بلوغ المسافة قصر ما لم ینو المقام عشرة أو یمضی ثلاثون یوما و لو كان بعد الوصول إلی حد الترخص و قبل بلوغ المسافة أتم إلا مع الجزم بالسفر بدونهم و هل یلحق الظن بالعلم هاهنا فیه وجهان و ألحقه الشهید فی الذكری به و كذا لو رجع عن عزم السفر بدون توقع الرفقة فی جمیع ما مر و لو صلی قصرا ثم عرض له الرجوع أو التردد فالأظهر أنه لا یعید مطلقا و ذهب الشیخ فی الإستبصار إلی أنه یعید مع بقاء الوقت لخبر المروزی (3)
و الأجود حمله علی الاستحباب لمعارضته بصحیحة زرارة(4)
و هی أقوی.
ص: 62
و لو رجع عن التردد الحاصل قبل بلوغ المسافة قصر و فی احتساب ما مضی من المسافة نظر و استقرب الشهید فی البیان الاحتساب.
ثم إن هذا الخبر یدل علی الرجوع عن القصر مع الرجوع عن العزم قبل المسافة لكن یدل علی أن أربعة فراسخ یكفی لذلك كما قطع به الشیخ فی النهایة فی هذه المسألة.
و یدل علی ما مر من أن أربعة فراسخ مع إرادة الذهاب قبل قطع السفر بالإقامة یكفی لوجوب القصر و إنما حكم بالقصر لأنه مع تردده جازم بالسفر فی الجملة لأنه إما أن یجی ء الرفقة فیذهب إلی منتهی المسافة ثمانیة فراسخ أو أكثر أو یرجع قبل قصد الإقامة أربعة فراسخ فتصیر ثمانیة فعلی الوجهین قاطع بالسفر و لا یلزم القطع فی جهة واحدة بخلاف ما إذا ذهب أقل من أربعة فراسخ فإنه علی تقدیر الرجوع لا یصیر سفره ثمانیة فراسخ فلا یكون قاطعا علی المسافة فتفطن.
31- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خِیَارُكُمُ الَّذِینَ إِذَا سَافَرُوا قَصَّرُوا وَ أَفْطَرُوا(1).
وَ مِنْهُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ صَلَّی فِی سَفَرٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مُتَعَمِّداً فَأَنَا إِلَی اللَّهِ
ص: 63
عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ بَرِی ءٌ(1).
المقنع، مرسلا: مثله و مثل الخبر السابق (2).
32- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَالُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَمْ یُقَصِّرْ فِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ مَعَ نَافِلَتِهَا قَالَ علیه السلام لِأَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ فَأَضَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی كُلِّ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ وَ وَضَعَهَا عَنِ الْمُسَافِرِ وَ أَقَرَّ الْمَغْرِبَ عَلَی وَجْهِهَا فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَ لَمْ یُقَصِّرْ فِی رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ أَنْ یَكُونَ تَمَامُ الصَّلَاةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ(3).
بیان: لعل المعنی أنه لما قصر فی المفروضات كان ترك المسنونات المتعلقة بالمفروضات أولی بالوضع و الترك و إنما أبقیت ركعة من المغرب مع ست ركعات نوافل المغرب و الفجر لیوافق سبع عشرة ركعة الفریضة المقررة فی الحضر و أما صلاة(4) اللیل و الوتیرة فإنها صلوات برأسها لا تعلق لها بالفرائض.
33- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ رَكْعَتَانِ بِالنَّهَارِ لَیْسَ قَبْلَهُمَا وَ لَا بَعْدَهُمَا شَیْ ءٌ(5).
بیان: لیس قبلهما و لا بعدهما أی مما یتعلق بهما فلا ینافی نافلة المغرب و الوتیرة قبل العشاء و بعدها هذا إن أرید بالنهار ما یشمل اللیل و الأظهر أن المراد به هنا ما بین طلوع الشمس إلی غروبها كما صرح به فی القاموس فلا إشكال فیه (6).
ص: 64
34- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ سَافَرَ فَعَلَیْهِ التَّقْصِیرُ وَ الْإِفْطَارُ غَیْرَ الْمَلَّاحِ فَإِنَّهُ فِی بَیْتِهِ وَ هُوَ یَتَرَدَّدُ حَیْثُ شَاءَ(1).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِیعٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِی ضَیْعَةً دُونَ بَغْدَادَ فَأُقِیمُ فِی تِلْكَ الضَّیْعَةِ أُقَصِّرُ أَمْ أُتِمُّ قَالَ إِنْ لَمْ تَنْوِ الْمُقَامَ عَشْراً فَقَصِّرْ(2).
35- فِقْهُ الرِّضَا،(3) قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ فَرْضَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ إِلَّا الْغَدَاةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرَكَهَا عَلَی حَالِهَا فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَ أَضَافَ إِلَی الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَ قَدْ یُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُتْرَكَ نَافِلَةُ الْمَغْرِبِ وَ هِیَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِی السَّفَرِ وَ لَا فِی الْحَضَرِ وَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مِنْ جُلُوسٍ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ صَلَاةُ اللَّیْلِ وَ الْوَتْرُ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَی صَلَاةِ اللَّیْلِ قَضَیْتَهَا فِی الْوَقْتِ الَّذِی یُمْكِنُكَ مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ مَنْ سَافَرَ فَالتَّقْصِیرُ عَلَیْهِ وَاجِبٌ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ أَوْ بَرِیدَیْنِ وَ هُوَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ مِیلًا فَإِنْ كَانَ سَفَرُكَ بَرِیداً وَاحِداً وَ أَرَدْتَ أَنْ تَرْجِعَ مِنْ یَوْمِكَ قَصَّرْتَ لِأَنَّهُ ذَهَابُكَ وَ مَجِیئُكَ بَرِیدَانِ وَ إِنْ عَزَمْتَ عَلَی الْمُقَامِ وَ كَانَ مُدَّةُ سَفَرِكَ بَرِیداً وَاحِداً ثُمَّ تَجَدَّدَ لَكَ فِیهِ الرُّجُوعُ مِنْ یَوْمِكَ وَ أَقَمْتَ فَلَا تُقَصِّرْ وَ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ بَرِیدٍ فَالتَّقْصِیرُ وَاجِبٌ إِذَا غَابَ عَنْكَ أَذَانُ مِصْرِكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُسَافِراً فَدَخَلْتَ مَنْزِلَ أَخِیكَ أَتْمَمْتَ الصَّلَاةَ وَ الصَّوْمَ مَا دُمْتَ عِنْدَهُ لِأَنَّ مَنْزِلَ أَخِیكَ مِثْلُ مَنْزِلِكَ وَ إِنْ دَخَلْتَ مَدِینَةً فَعَزَمْتَ عَلَی الْقِیَامِ فِیهَا یَوْماً أَوْ
ص: 65
یَوْمَیْنِ فَدَافَعَتْكَ الْأَیَّامُ وَ أَنْتَ فِی كُلِّ یَوْمٍ تَقُولُ أَخْرُجُ الْیَوْمَ أَوْ غَداً أَفْطَرْتَ وَ قَصَّرْتَ وَ لَوْ كَانَ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ إِنْ عَزَمْتَ عَلَی الْمُقَامِ بِهَا حِینَ تَدْخُلُ مُدَّةَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ أَتْمَمْتَ وَقْتَ دُخُولِكَ وَ السَّفَرُ الَّذِی یَجِبُ فِیهِ التَّقْصِیرُ فِی الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ هُوَ سَفَرٌ فِی الطَّاعَةِ مِثْلُ الْحَجِّ وَ الْغَزْوِ وَ الزِّیَارَةِ وَ قَصْدِ الصَّدِیقِ وَ الْأَخِ وَ حُضُورِ الْمَشَاهِدِ وَ قَصْدِ أَخِیكَ لِقَضَاءِ حَقِّهِ وَ الْخُرُوجِ إِلَی ضَیْعَتِكَ أَوْ مَالٍ تَخَافُ تَلَفَهُ أَوْ مَتْجَرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِذَا سَافَرْتَ فِی هَذِهِ الْوُجُوهِ وَجَبَ عَلَیْكَ التَّقْصِیرُ وَ إِنْ كَانَ غَیْرُ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَجَبَ عَلَیْكَ الْإِتْمَامُ وَ إِذَا بَلَغْتَ مَوْضِعَ قَصْدِكَ مِنَ الْحَجِّ وَ الزِّیَارَةِ وَ الْمَشَاهِدِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ بَیَّنْتُهُ لَكَ فَقَدْ سَقَطَ عَنْكَ السَّفَرُ وَ وَجَبَ عَلَیْكَ الْإِتْمَامُ وَ قَدْ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِی أَرْبَعِ مَوَاضِعَ لَا یَجِبُ أَنْ تُقَصِّرَ إِذَا قَصَدْتَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةَ وَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ وَ الْحِیرَةِ وَ سَائِرَ الْأَسْفَارِ الَّتِی لَیْسَتْ بِطَاعَةٍ مِثْلَ طَلَبِ الصَّیْدِ وَ النُّزْهَةِ وَ مُعَاوَنَةِ الظَّالِمِ وَ كَذَلِكَ الْمَلَّاحُ وَ الْفَلَّاحُ وَ الْمُكَارِی فَلَا تَقْصِیرَ فِی الصَّلَاةِ وَ لَا فِی الصَّوْمِ وَ إِنْ سَافَرْتَ إِلَی مَوْضِعٍ مِقْدَارَ أَرْبَعِ فَرَاسِخَ وَ لَمْ تُرِدِ الرُّجُوعَ مِنْ یَوْمِكَ فَأَنْتَ بِالْخِیَارِ فَإِنْ شِئْتَ تَمَمْتَ وَ إِنْ شِئْتَ قَصَّرْتَ وَ إِنْ كَانَ سَفَرُكَ دُونَ أَرْبَعِ فَرَاسِخَ فَالتَّمَامُ عَلَیْكَ وَاجِبٌ فَإِذَا دَخَلْتَ بَلَداً وَ نَوَیْتَ الْمُقَامَ بِهَا عَشَرَةَ أَیَّامٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ الصَّوْمَ وَ إِنْ نَوَیْتَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَعَلَیْكَ التَّقْصِیرُ وَ إِنْ لَمْ تَدْرِ مَا مُقَامُكَ بِهَا تَقُولُ أَخْرُجُ الْیَوْمَ وَ غَداً فَعَلَیْكَ أَنْ تُقَصِّرَ إِلَی أَنْ یَمْضِیَ ثَلَاثُونَ یَوْماً ثُمَّ تُتِمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَ لَوْ صَلَاةً وَاحِدَةً وَ مَتَی وَجَبَ عَلَیْكَ التَّقْصِیرُ فِی الصَّلَاةِ أَوِ التَّمَامُ لَزِمَكَ فِی الصَّوْمِ مِثْلُهُ وَ إِنْ دَخَلْتَ قَرْیَةً وَ لَكَ بِهَا حِصَّةٌ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ إِنْ خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ فَقَصِّرْ إِلَی أَنْ تَعُودَ إِلَیْهِ.
ص: 66
وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَمِّمَ فِی السَّفَرِ كَالْمُقَصِّرِ فِی الْحَضَرِ وَ لَا یَحِلُّ التَّمَامُ فِی السَّفَرِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ سَفَرُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْصِیَةً أَوْ سَفَراً إِلَی صَیْدٍ وَ مَنْ خَرَجَ إِلَی صَیْدٍ فَعَلَیْهِ التَّمَامُ إِذَا كَانَ صَیْدُهُ بَطَراً وَ شَرَهاً وَ إِذَا كَانَ صَیْدُهُ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَیْهِ التَّمَامُ فِی الصَّلَاةِ وَ التَّقْصِیرُ فِی الصَّوْمِ وَ إِذَا كَانَ صَیْدُهُ اضْطِرَاراً لِیَعُودَ بِهِ عَلَی عِیَالِهِ فَعَلَیْهِ التَّقْصِیرُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ لَوْ أَنَّ مُسَافِراً مِمَّنْ یَجِبُ عَلَیْهِ مَالٌ مِنْ طَرِیقِهِ إِلَی الصَّیْدِ لَوَجَبَ عَلَیْهِ التَّمَامُ لِطَلَبِ الصَّیْدِ فَإِنْ رَجَعَ بِصَیْدِهِ إِلَی الطَّرِیقِ فَعَلَیْهِ فِی رُجُوعِهِ التَّقْصِیرُ وَ إِنْ كُنْتَ صَلَّیْتَ فِی السَّفَرِ صَلَاةً تَامَّةً فَذَكَرْتَهَا وَ أَنْتَ فِی وَقْتِهَا فَعَلَیْكَ الْإِعَادَةُ وَ إِنْ ذَكَرْتَهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْكَ وَ إِنْ أَتْمَمْتَهَا بِجَهَالَةٍ فَلَیْسَ عَلَیْكَ فِیمَا مَضَی شَیْ ءٌ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَیْكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ سَمِعْتَ بِالْحَدِیثِ وَ إِنْ قَصَّرْتَ فِی قَرْیَتِكَ نَاسِیاً ثُمَّ ذَكَرْتَ وَ أَنْتَ فِی وَقْتِهَا أَوْ فِی غَیْرِ وَقْتِهَا فَعَلَیْكَ قَضَاءُ مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَ رُوِیَ أَنَّ مَنْ صَامَ فِی مَرَضِهِ أَوْ فِی سَفَرِهِ أَوْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ فَعَلَیْهِ الْقَضَاءُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ جَاهِلًا فِیهِ فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ(1).
توضیح: یدل علی ما هو المشهور من رجوع الیوم فی أربعة فراسخ و لعله مستند الصدوق و بمجرد هذا الخبر یشكل تخصیص الأخبار الكثیرة المعتبرة قوله و إن كان أكثر من برید أی بریدان و أكثر قوله علیه السلام فدخلت منزل أخیك موافق لمذهب ابن الجنید و
جماعة من العامة و لعله محمول علی التقیة قوله هو سفر فی الطاعة یمكن حمل الطاعة علی عدم المعصیة فیشمل المباح و المكروه كما هو المشهور.
قوله علیه السلام سقط عنك السفر أی مع قصد الإقامة و ظاهره الإتمام فی جمیع المشاهد كما قیل و سیأتی ذكره و النزهة أی النزهة فی الصید أو بسائر المحرمات
ص: 67
و ظاهره عدم القصر فی التنزهات المباحة أیضا و لم یقل به ظاهرا أحد و إن كان یومئ إلیه بعض الأخبار و الفلاح غیر مذكور فی غیره و هو محمول علی فلاح یكون غالبا فی السیر كما مر فی التاجر و الأمیر.
قوله علیه السلام و لك بها حصة أی من الملك و حمل علی الاستیطان كما مر قوله فی قریتك أی فی وطنك الذی یجب علیك فیه إتمام الصلاة و قوله إلا أن یكون جاهلا بظاهره یشمل السفر و المرض و الأول هو المشهور بین الأصحاب و لم أر قائلا فی المرض بذلك.
36- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ-(1) قَالَ الْبَاغِی طَالِبُ الصَّیْدِ وَ الْعَادِی السَّارِقُ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یُقَصِّرَا مِنَ الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ لَهُمَا إِذَا اضْطُرَّا إِلَی الْمَیْتَةِ أَنْ یَأْكُلَاهَا وَ لَا یَحِلُّ لَهُمَا مَا یَحِلُّ لِلنَّاسِ إِذَا اضْطُرُّوا(2).
37- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: جَاءَتِ الْخَضَارِمَةُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّا لَا نَزَالُ نَنْفُرُ أَبَداً فَكَیْفَ نَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ سَبِّحُوا ثَلَاثَ تَسْبِیحَاتٍ رُكُوعاً وَ ثَلَاثَ تَسْبِیحَاتٍ سُجُوداً(3).
بیان: أی لا تقصروا فی كیفیة الصلاة أیضا كما لا تقصرون فی الكمیة و یمكن أن یكون تجویزا للتخفیف فالمراد بالتسبیحات الصغریات.
38- كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یُرِیدُ صِفِّینَ حَتَّی إِذَا قَطَعَ النَّهْرَ أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی بِالصَّلَاةِ قَالَ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ حَتَّی إِذَا قَضَی الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَیْنَا
ص: 68
فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَلَا مَنْ كَانَ مُشَیِّعاً أَوْ مُقِیماً فَلْیُتِمَّ فَإِنَّا قَوْمٌ عَلَی سَفَرٍ وَ مَنْ صَحِبَنَا فَلَا یَصُمِ الْمَفْرُوضَ وَ الصَّلَاةُ رَكْعَتَانِ.
39- كِتَابُ زَیْدٍ النَّرْسِیِّ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ طَلَبِ الصَّیْدِ وَ قَالَ لَهُ إِنِّی رَجُلٌ أَلْهُو بِطَلَبِ الصَّیْدِ وَ ضَرْبِ الصَّوَالِجِ وَ أَلْهُو بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَمَّا الصَّیْدُ فَإِنَّهُ مُبْتَغًی بَاطِلٌ وَ إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ الصَّیْدَ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَی الصَّیْدِ فَلَیْسَ الْمُضْطَرُّ إِلَی طَلَبِهِ سَعْیُهُ فِیهِ بَاطِلًا وَ یَجِبُ عَلَیْهِ التَّقْصِیرُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ جَمِیعاً إِذَا كَانَ مُضْطَرّاً إِلَی أَكْلِهِ وَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ یَطْلُبُهُ لِلتِّجَارَةِ وَ لَیْسَتْ لَهُ حِرْفَةٌ إِلَّا مِنْ طَلَبِ الصَّیْدِ فَإِنَّ سَعْیَهُ حَقٌّ وَ عَلَیْهِ التَّمَامُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ تِجَارَتُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الدَّوْرِ الَّذِی یَدُورُ الْأَسْوَاقَ فِی طَلَبِ التِّجَارَةِ أَوْ كَالْمُكَارِی وَ الْمَلَّاحِ وَ مَنْ طَلَبَهُ لَاهِیاً وَ أَشِراً وَ بَطِراً فَإِنَّ سَعْیَهُ ذَلِكَ سَعْیٌ بَاطِلٌ وَ سَفَرٌ بَاطِلٌ وَ عَلَیْهِ التَّمَامُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَفِی شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ شَغَلَهُ طَلَبُ الْآخِرَةِ عَنِ الْمَلَاهِی الْحَدِیثَ.
بیان: ما دل علیه الخبر من أن الصائد للتجارة یتم الصلاة و الصوم معا لم أر قائلا به لكن ظاهر الخبر أن الحكم مختص بصائد یكون دائما فی السیر و الحركة للصید فیكون بمنزلة التاجر الذی یدور فی تجارته فلا یبعد من مذاهب الأصحاب و ظواهر النصوص القول به و قد مر فی الخبر تعلیل الحكم بأنه عملهم فیشمل التعلیل هذا أیضا.
و أما الصائد الذی یذهب أحیانا إلی الصید للتجارة فلیس هذا حكمه و یمكن حمله أیضا علی ما إذا لم یبلغ المسافة و لم یقصدها أولا كما هو الشائع فی الصید و الغالب فیه و الأول أظهر من الخبر.
40- كِتَابُ الْغَایَاتِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خِیَارُ أُمَّتِیَ الَّذِینَ إِذَا سَافَرُوا قَصَّرُوا وَ أَفْطَرُوا.
ص: 69
41- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَصَّرَ الصَّلَاةَ فِی السَّفَرِ وَ أَفْطَرَ فَقَدْ قَبِلَ تَخْفِیفَ اللَّهِ وَ كَمَلَتْ صَلَاتُهُ (1).
وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی أَنْ تَتِمَّ الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ(2).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا بَرِی ءٌ مِمَّنْ یُصَلِّی فِی السَّفَرِ أَرْبَعاً(3).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّی أَرْبَعاً فِی السَّفَرِ أَعَادَ إِلَّا أَنْ یَكُونَ لَمْ تُقْرَأِ الْآیَةُ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَعْلَمْهَا فَلَا إِعَادَةَ عَلَیْهِ یَعْنِی بِالْآیَةِ آیَةَ الْقَصْرِ(4).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْفَرْضُ عَلَی الْمُسَافِرِ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ فِی كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا غَیْرُ مَقْصُورَةٍ(5).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَیْسَ فِی السَّفَرِ فِی النَّهَارِ صَلَاةٌ إِلَّا الْفَرِیضَةُ وَ لَكَ فِیهِ أَنْ تُصَلِّیَ إِنْ شِئْتَ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ إِلَی آخِرِهِ وَ لَا تَدَعْ أَنْ تَقْضِیَ نَافِلَةَ النَّهَارِ فِی اللَّیْلِ (6).
وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْمُسَافِرُ إِلَی سَفَرٍ یُقَصَّرُ فِی مِثْلِهِ الصَّلَاةُ قَصَّرَ وَ أَفْطَرَ إِذَا خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ أَوْ قَرْیَتِهِ (7).
وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تُقَصَّرُ الصَّلَاةُ فِی بَرِیدَیْنِ ذَاهِباً وَ رَاجِعاً یَعْنِی إِذَا كَانَ خَارِجاً إِلَی سَفَرٍ مَسِیرَةَ بَرِیدٍ وَ هُوَ یُرِیدُ الرُّجُوعَ قَصَّرَ وَ إِنْ كَانَ یُرِیدُ الْإِقَامَةَ لَمْ یُقَصِّرْ حَتَّی تَكُونَ الْمَسَافَةُ بَرِیدَیْنِ (8).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: تِسْعَةٌ لَا یُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ الْأَمِیرُ یَدُورُ فِی إِمَارَتِهِ وَ الْجَابِی یَدُورُ فِی جِبَایَتِهِ وَ صَاحِبُ الصَّیْدِ وَ الْمُحَارِبُ یَعْنِی قَاطِعَ الطَّرِیقِ وَ الْبَاغِی عَلَی الْمُسْلِمِینَ وَ السَّارِقُ وَ أَمْثَالُهُمْ وَ التَّاجِرُ یَدُورُ فِی تِجَارَتِهِ وَ الْبَدَوِیُّ یَدُورُ فِی طَلَبِ الْقَطْرِ وَ الزَّرَّاعُ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ الْمُرَادُ فِیهِمْ إِذَا
ص: 70
كَانُوا یَدُورُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ- لَا یَجِدُّونَ فِی السَّفَرِ(1).
وَ كَذَلِكَ رَوَیْنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی الْمُكَارِی وَ الْمَلَّاحِ وَ هُوَ النُّوتِیُّ لَا یُقَصِّرَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَأْبُهُمَا وَ كَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إِلَی أَرَضِینَ لَهُ بَعْضُهَا قَرِیبٌ مِنْ بَعْضٍ فَیَكُونُ یَوْماً هَاهُنَا وَ یَوْماً هَاهُنَا فَقَالَ علیه السلام فِی هَذَا أَیْضاً إِنَّهُ لَا یُقَصِّرُ وَ كَذَلِكَ قَالَ فِی الْمُسَافِرِ یَنْزِلُ فِی بَعْضِ أَسْفَارِهِ عَلَی أَهْلِهِ لَا یُقَصِّرُ(2).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَنَّهُمَا قَالا: إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ مَكَاناً یَنْوِی فِیهِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ صَامَ وَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَ إِنْ نَوَی مُقَامَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَصَّرَ وَ أَفْطَرَ وَ هُوَ فِی حَالِ الْمُسَافِرِ وَ إِنْ لَمْ یَنْوِ شَیْئاً وَ قَالَ الْیَوْمَ أَخْرُجُ وَ غَداً أَخْرُجُ قَصَّرَ مَا بَیْنَهُ
وَ بَیْنَ شَهْرٍ ثُمَّ أَتَمَ (3)
وَ قَالَ لَا یَنْبَغِی لِلْمُسَافِرِ أَنْ یُصَلِّیَ بِمُقِیمٍ وَ لَا یَأْتَمَّ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَأَمَّ الْمُقِیمِینَ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَیْنِ وَ أَتَمُّوا هُمْ وَ إِنِ ائْتَمَّ بِمُقِیمٍ انْصَرَفَ مِنْ رَكْعَتَیْنِ (4).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِیَ صَلَاةً فِی السَّفَرِ فَذَكَرَهَا فِی الْحَضَرِ قَضَی صَلَاةَ مُسَافِرٍ وَ إِنْ نَسِیَ صَلَاةً فِی الْحَضَرِ فَذَكَرَهَا فِی السَّفَرِ قَضَاهَا صَلَاةَ مُقِیمٍ (5).
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَنْ عَلِیٍّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام: أَنَّهُمْ رَخَّصُوا لِلْمُسَافِرِ أَنْ یُصَلِّیَ النَّافِلَةَ عَلَی دَابَّتِهِ أَوْ بَعِیرِهِ حَیْثُمَا تَوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ أَوْ لِغَیْرِ الْقِبْلَةِ وَ تَكُونُ صَلَاتُهُ إِیمَاءً وَ یَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ فَإِذَا كَانَتِ الْفَرِیضَةُ لَمْ یُصَلِّ إِلَّا عَلَی الْأَرْضِ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْقِبْلَةِ وَ الْعَامَّةُ أَیْضاً عَلَی هَذَا(6)
وَ قَالُوا فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (7) فِی هَذَا نَزَلَ أَیْ فِی صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَی الدَّابَّةِ حَیْثُمَا تَوَجَّهَتْ (8).
ص: 71
وَ رُوِّینَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّی فِی السَّفِینَةِ وَ هِیَ تَدُورُ فَلْیَتَوَجَّهْ إِلَی الْقِبْلَةِ فَإِنْ دَارَتْ بِهِ دَارَ إِلَی الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یُصَلِّیَ قَائِماً صَلَّی جَالِساً وَ یَسْجُدُ إِنْ شَاءَ عَلَی الزِّفْتِ (1).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الصَّلَاةِ عَلَی جَادَّةِ الطَّرِیقِ (2).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی الْغَرِیقِ وَ حائض [خَائِضِ] الْمَاءِ یُصَلِّیَانِ إِیمَاءً وَ كَذَلِكَ الْعُرْیَانُ إِذَا لَمْ یَجِدْ ثَوْباً یُصَلِّی فِیهِ صَلَّی جَالِساً وَ یُومِئُ إِیمَاءً(3).
بیان: و لا تدع أن تقضی یدل علی استحباب قضاء نوافل النهار باللیل و هو خلاف المشهور
وَ قَدْ وَرَدَ فِی عِدَّةِ رِوَایَاتٍ كَصَحِیحَةِ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ(4) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَقْضِی صَلَاةَ النَّهَارِ بِاللَّیْلِ فِی السَّفَرِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِیلُ بْنُ جَابِرٍ أَقْضِی صَلَاةَ النَّهَارِ بِاللَّیْلِ فِی السَّفَرِ فَقَالَ لَا فَقَالَ إِنَّكَ قُلْتَ نَعَمْ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ یُطِیقُ وَ أَنْتَ لَا تُطِیقُ.
و فی حسنة سدیر(5)
كان أبی یقضی فی السفر نوافل النهار باللیل و لا یتم صلاة فریضة و یعارضها روایات دالة علی المنع و الشیخ حمل الروایات الأولة تارة علی الجواز و أخری علی من سافر بعد دخول الوقت و الأظهر عندی حملها علی التقیة كما یومئ إلیه الأخبار.
و النوتی بالضم الملاح قال فی النهایة النوتی الملاح الذی یدیر السفینة فی البحر و قد نات ینوت نوتا إذا تمایل فی النعاس كأن النوتی یمیل السفینة من جانب إلی جانب.
42- الْهِدَایَةُ،: الْحَدُّ الَّذِی یُوجِبُ التَّقْصِیرَ عَلَی الْمُسَافِرِ أَنْ یَكُونَ سَفَرُهُ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ فَإِذَا كَانَ سَفَرُهُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَ لَمْ یُرِدِ الرُّجُوعَ مِنْ یَوْمِهِ فَهُوَ بِالْخِیَارِ فَإِنْ شَاءَ أَتَمَّ وَ إِنْ شَاءَ قَصَّرَ وَ إِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ مِنْ یَوْمِهِ فَالتَّقْصِیرُ عَلَیْهِ وَاجِبٌ وَ الْمُتِمُّ فِی السَّفَرِ كَالْمُقَصِّرِ فِی الْحَضَرِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَلَّی فِی السَّفَرِ أَرْبَعاً مُتَعَمِّداً فَأَنَا إِلَی
ص: 72
اللَّهِ مِنْهُ بَرِی ءٌ(1) وَ لَا یَحِلُّ التَّمَامُ فِی السَّفَرِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ سَفَرُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْصِیَةً أَوْ سَفَراً إِلَی صَیْدٍ یَكُونُ بَطَراً أَوْ أَشَراً فَأَمَّا الَّذِی یَجِبُ عَلَیْهِ الْإِتْمَامُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ فِی السَّفَرِ فَالْمُكَارِی وَ الْكَرِیُّ وَ الْبَرِیدُ وَ الرَّاعِی وَ الْمَلَّاحُ لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ وَ صَاحِبُ الصَّیْدِ إِنْ كَانَ صَیْدُهُ مَا یَقُوتُ بِهِ عِیَالَهُ فَعَلَیْهِ التَّقْصِیرُ فِی الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ (2).
43- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی الْمَرْوَزِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ یُفْسِدْنَ الْقَلْبَ وَ یُنْبِتْنَ النِّفَاقَ فِی الْقَلْبِ كَمَا یُنْبِتُ الْمَاءُ الشَّجَرَ اللَّهْوُ وَ الْبَذَاءُ وَ إِتْیَانُ بَابِ السُّلْطَانِ وَ طَلَبُ الصَّیْدِ(3).
بیان: الظاهر أن المراد بالصید صید اللّٰهو و ظاهر الأخبار تحریمه كما هو ظاهر أكثر الأصحاب و یحتمل كونه مكروها و لكونه لغوا لا فائدة فیه لا یوجب قصر الصلاة و الصوم و الأول أظهر.
ص: 73
باب 2 مواضع التخییر(1)
1- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَیُّوبَ بْنَ نُوحٍ عَنْ تَقْصِیرِ الصَّلَوَاتِ فِی هَذِهِ الْمَشَاهِدِ- مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ الْكُوفَةِ وَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ الْأَرْبَعَةِ وَ
ص: 74
الَّذِی رُوِیَ فِیهَا فَقَالَ أَنَا أُقَصِّرُ وَ كَانَ صَفْوَانُ یُقَصِّرُ وَ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ وَ جَمِیعُ
ص: 75
أَصْحَابِنَا یُقَصِّرُونَ (1).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ الْآدَمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی شِبْلٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَزُورُ قَبْرَ الْحُسَیْنِ قَالَ زُرِ الطَّیِّبَ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ قُلْتُ أُتِمُّ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ قَالَ أَتِمَّ قُلْتُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا یَرْوِی التَّقْصِیرَ قَالَ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ الضَّعَفَةُ(2).
و منه عن الكلینی (3)
عن جماعة مشایخه عن سهل بإسناده: مثله.
وَ عَنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَسْكَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا یُقَالُ لَهُ حُسَیْنٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَتِمُّ الصَّلَاةُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام (4).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُمِّیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ خَادِمِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَتِمُّ الصَّلَاةُ فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ حَرَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام (5).
ص: 76
المتهجد، عن إسماعیل بن جابر: مثله (1).
2- الْكَامِلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنَ الْأَمْرِ الْمَذْخُورِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ- بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ الحیر [الْحِیرَةِ](2).
قَالَ ابْنُ قُولَوَیْهِ وَ زَادَهُ الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَقِیبَ هَذَا الْحَدِیثِ فِی هَذَا الْبَابِ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ حَیْدَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُعَیْمٍ السَّمَرْقَنْدِیُّ بِإِجَازَتِهِ بِخَطِّهِ اجْتِیَازَهُ عَلَیْنَا لِلْحَجِّ عَنْ أَبِی النَّضْرِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ وَ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ وَ أَبِی عَلِیِّ بْنِ رَاشِدٍ جَمِیعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللَّهِ الْإِتْمَامُ فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ حَرَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَرَمِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام (3).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ سُهَیْلٍ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام: أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِی أَتِمَّ الصَّلَاةَ فِی الْحَرَمَیْنِ وَ بِالْكُوفَةِ وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ (4).
الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ: مِثْلَهُ (5)
وَ فِیهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِی وَ أَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِی.
3- الْكَامِلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِیِ
ص: 77
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ الصَّحَّافِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْحَرَمَیْنِ وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ فِیهَا(1).
وَ مِنْهُ عَنِ الْكُلَیْنِیِ (2)
وَ جَمَاعَةِ مَشَایِخِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: تَتِمُّ الصَّلَاةُ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ حَرَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام (3).
الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ حُذَیْفَةَ: مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ فِی حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ حَرَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَرَمِ الْحُسَیْنِ (4).
4- الْكَامِلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ فَائِدٍ الْخَیَّاطِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْمَاضِی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْحَرَمَیْنِ فَقَالَ أَتِمَّ وَ لَوْ مَرَرْتَ بِهِ مَارّاً(5).
وَ مِنْهُ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی زَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الزَّیَّاتِ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أُقَصِّرُ فِی مَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ أُتِمُّ قَالَ إِنْ قَصَّرْتَ فَلَكَ وَ إِنْ أَتْمَمْتَ فَهُوَ خَیْرٌ وَ زِیَادَةٌ فِی الْخَیْرِ خَیْرٌ(6).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عَنْ زِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ مَا أُحِبُّ لَكَ تَرْكَهُ قُلْتُ مَا تَرَی
ص: 78
فِی الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَ أَنَا مُقَصِّرٌ قَالَ صَلِّ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَا شِئْتَ تَطَوُّعاً وَ فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ مَا شِئْتَ تَطَوُّعاً وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ فَإِنِّی أُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ بِالنَّهَارِ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ وَ مَشْهَدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله تَطَوُّعاً وَ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ نَعَمْ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ (1).
وَ مِنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ نَهِیكٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ أَنَا مُقَصِّرٌ قَالَ تَطَوَّعْ عِنْدَهُ وَ أَنْتَ مُقَصِّرٌ مَا شِئْتَ وَ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَ فِی مَشَاهِدِ النَّبِیِّ فَإِنَّهُ خَیْرٌ(2).
و منه عن علی بن الحسین عن علی بن إبراهیم عن ابن أبی عمیر و إبراهیم بن عبد الحمید جمیعا عن أبی الحسن علیه السلام: مثله (3) و منه عن أبیه عن سعد عن الخشاب عن جعفر بن محمد بن حكیم الخثعمی عن إبراهیم بن عبد الحمید عن أبی الحسن علیه السلام: مثله (4).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ وَ مَشَاهِدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْحَرَمَیْنِ وَ التَّطَوُّعِ فِیهِنَّ بِالصَّلَاةِ وَ نَحْنُ مُقَصِّرُونَ قَالَ نَعَمْ تَطَوَّعْ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ فَهُوَ خَیْرٌ(5).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ أَتَنَفَّلُ فِی الْحَرَمَیْنِ وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ أَنَا أُقَصِّرُ قَالَ نَعَمْ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ (6).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ
ص: 79
بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ وَ مَشَاهِدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْحَرَمَیْنِ فِی الصَّلَاةِ وَ نَحْنُ مُقَصِّرٌ قَالَ نَعَمْ تَطَوَّعْ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ (1).
5- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَكَّةُ وَ الْمَدِینَةُ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ رَوَی عَنْكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّكَ قُلْتَ لَهُمْ أَتِمُّوا بِالْمَدِینَةِ لِخَمْسٍ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَكُمْ هَؤُلَاءِ كَانُوا یَقْدَمُونَ فَیَخْرُجُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الصَّلَاةِ فَكَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُمْ فَلِهَذَا قُلْتُهُ (2).
6- الْكَامِلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی وَصْفِ زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ اجْعَلِ الْقَبْرَ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ وَ كُلَّمَا دَخَلْتَ الْحَائِرَ فَسَلِّمْ ثُمَّ امْشِ حَتَّی تَضَعَ یَدَیْكَ وَ خَدَّیْكَ جَمِیعاً عَلَی الْقَبْرِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَخْرُجَ فَاصْنَعْ مِثْلَ ذَلِكَ وَ لَا تُقَصِّرْ عِنْدَهُ مِنَ الصَّلَاةِ مَا أَقَمْتَ الْحَدِیثَ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْكِسَائِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَی قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْحَائِرِ قَالَ لَیْسَ الصَّلَاةُ إِلَّا الْفَرْضَ بِالتَّقْصِیرِ وَ لَا یُصَلَّی النَّوَافِلُ (4).
7- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام عَنْ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِی الْحَرَمَیْنِ- مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ قَالَ
ص: 80
أَتِمَّ الصَّلَاةَ وَ لَوْ صَلَاةً وَاحِدَةً(1).
وَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْمَسْجِدَیْنِ أُقَصِّرُ أَوْ أُتِمُّ فَكَتَبَ إِلَیَّ أَیَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ فَلَا بَأْسَ قَالَ وَ كَتَبْتُ إِلَیْهِ أَسْأَلُهُ عَنْ خَصِیٍّ لِی فِی سِنِّ رَجُلٍ مُدْرِكٍ یَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ یَرَاهَا وَ تَكْشِفَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ فَلَمْ یُجِبْنِی فِیهَا قَالَ فَسَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْهَا مُشَافَهَةً فَأَجَابَنِی بِمِثْلِ مَا أَجَابَنِی أَبُوهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِی الصَّلَاةِ قَصِّرْ(2).
8- الْعُیُونُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ نُعَیْمِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ تَقْصِیرٌ أَوْ تَمَامٌ فَقَالَ قَصِّرْ مَا لَمْ تَعْزِمْ عَلَی مُقَامِ عَشَرَةٍ(3).
9- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ وَ أَبِی عَلِیِّ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِتْمَامُ فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ- حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَرَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَرَمِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام.
قال الصدوق رحمه اللّٰه یعنی أن ینوی الإنسان فی حرمهم علیهم السلام مقام عشرة أیام و یتم و لا ینوی مقام دون عشرة أیام فیقصر و لیس له ما یقوله غیر أهل الاستبصار بشی ء أنه یتم فی هذه المواضع علی كل حال (4).
ص: 81
10- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ التَّرْوِیَةِ بِأَیَّامٍ كَیْفَ یُصَلِّی إِذَا كَانَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ إِمَامٍ فَیُتِمُّ أَوْ یُقَصِّرُ قَالَ یُقَصِّرُ إِلَّا أَنْ یُقِیمَ عَشَرَةَ أَیَّامٍ قَبْلَ التَّرْوِیَةِ(1) قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ كَیْفَ یُصَلِّی بِأَصْحَابِهِ بِمِنًی أَ یُقَصِّرُ أَمْ یُتِمُّ قَالَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَتَمَّ وَ إِنْ كَانَ مُسَافِراً قَصَّرَ عَلَی كُلِّ حَالٍ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ غَیْرِهِ (2).
اعلم أن الأصحاب اختلفوا فی حكم الصلاة فی المواطن الأربعة حرم اللّٰه و حرم رسوله و مسجد الكوفة و حائر الحسین علیه السلام فذهب الأكثر إلی أن المسافر مخیر بین الإتمام و القصر و إن الإتمام أفضل و قال الصدوق یقصر ما لم ینو المقام عشرة و الأفضل أن ینوی المقام بها لیوقع صلاته تماما كما مر.
و قال السید المرتضی لا یقصر فی مكة و مسجد النبی صلی اللّٰه علیه و آله و مشاهد الأئمة القائمین مقامه صلی اللّٰه علیه و آله و هذه العبارة تفید منع التقصیر و عموم الحكم فی مشاهد الأئمة و نحوه قال ابن الجنید و الأول أظهر لما مر من الأخبار الكثیرة الدالة علی الإتمام جمعا بینها و بین ما ورد فی التقصیر و التخییر.
ص: 82
وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ صَحِیحَةُ(1) عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام الرِّوَایَةُ قَدِ اخْتَلَفَتْ عَنْ آبَائِكَ فِی الْإِتْمَامِ وَ التَّقْصِیرِ لِلصَّلَاةِ فِی الْحَرَمَیْنِ-(2) وَ مِنْهَا أَنْ یَأْمُرَ بِأَنْ یُتِمَّ الصَّلَاةَ وَ لَوْ صَلَاةً وَاحِدَةً وَ مِنْهَا أَنْ یَأْمُرَ أَنْ یُقَصِّرَ الصَّلَاةَ مَا لَمْ یَنْوِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ وَ لَمْ أَزَلْ عَلَی الْإِتْمَامِ فِیهِمَا إِلَی أَنْ صَدَرْنَا مِنْ حَجِّنَا فِی عَامِنَا هَذَا فَإِنَّ فُقَهَاءَ أَصْحَابِنَا أَشَارُوا عَلَیَّ بِالتَّقْصِیرِ إِذَا كُنْتُ لَا أَنْوِی مُقَامَ عَشَرَةٍ فَقَدْ ضِقْتُ بِذَلِكَ حَتَّی أَعْرِفَ رَأْیَكَ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ قَدْ عَلِمْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَضْلَ الصَّلَاةِ فِی الْحَرَمَیْنِ عَلَی غَیْرِهِمَا فَأَنَا أُحِبُّ لَكَ إِذَا دَخَلْتَهُمَا أَلَّا تُقَصِّرَ وَ تُكْثِرَ فِیهِمَا مِنَ الصَّلَاةِ فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَیْنِ مُشَافَهَةً إِنِّی كَتَبْتُ إِلَیْكَ بِكَذَا فَأَجَبْتَ بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ أَیَّ شَیْ ءٍ تَعْنِی بِالْحَرَمَیْنِ فَقَالَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةَ وَ مِنًی إِذَا تَوَجَّهْتَ مِنْ مِنًی فَقَصِّرِ الصَّلَاةَ فَإِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَی مِنًی وَ زُرْتَ الْبَیْتَ وَ رَجَعْتَ إِلَی مِنًی فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ الْأَیَّامِ وَ قَالَ بِإِصْبَعِهِ ثَلَاثاً.
و أما حدیث أیوب بن نوح فلا ینافی التخییر فإنهم اختاروا هذا الفرد و أما حدیث أبی شبل و قوله إنما یفعل ذلك الضعفة فیحتمل أن یكون المراد به الضعفة فی الدین الجاهلین بالأحكام أو من له ضعف لا یمكنه الإتمام أو یشق علیه فیختار الأسهل و إن كان مرجوحا و الوجه الأخیر یؤید ما اخترنا و هو أظهر و الأول لا ینافیه إذ یمكن أن یكون الضعف فی الدین باعتبار اختیار المرجوح و الأخبار المشتملة علی الأمر بالإتمام محمولة علی الاستحباب و خبر عمران صریح فیما ذكرنا.
و أما حدیث معاویة بن وهب و إن كان فیه إیماء إلی أن الأمر بالإتمام محمول علی التقیة لَكِنْ یُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ بِسَنَدٍ لَا یَقْصُرُ عَنِ الصَّحِیحِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ص: 83
بْنِ الْحَجَّاجِ (1) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام إِنَّ هِشَاماً رَوَی عَنْكَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِالتَّمَامِ فِی الْحَرَمَیْنِ وَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ قَالَ لَا كُنْتُ أَنَا وَ مَنْ مَضَی مِنْ آبَائِی إِذَا وَرَدْنَا مَكَّةَ أَتْمَمْنَا الصَّلَاةَ وَ اسْتَتَرْنَا مِنَ النَّاسِ.
فإن ظاهره أن ما ورد من الأمر بالتقصیر محمول علی التقیة كما ذكره الفاضل التستری قدس اللّٰه سره.
وَ رَوَی الشَّیْخُ خَبَرَ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبِ (2) بِسَنَدٍ صَحِیحٍ هَكَذَا قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ التَّقْصِیرِ فِی الْحَرَمَیْنِ وَ التَّمَامِ قَالَ لَا تُتِمَّ حَتَّی تُجْمِعَ عَلَی مُقَامِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَقُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَنَا رَوَوْا عَنْكَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُمْ بِالتَّمَامِ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَكَ كَانُوا یَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ فَیُصَلُّونَ وَ یَأْخُذُونَ نِعَالَهُمْ وَ یَخْرُجُونَ وَ النَّاسُ یَسْتَقْبِلُونَهُمْ یَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ فَأَمَرْتُهُمْ بِالتَّمَامِ.
ثم قال فالوجه فی هذا الخبر أنه لا یجب التمام إلا علی من أجمع علی مقام عشرة أیام و متی لم یجمع علی ذلك كان مخیرا بین الإتمام و التقصیر و یكون قوله لمن كان یخرج عند الصلاة من المسجد و لا یصلی مع الناس أمرا علی الوجوب و لا یجوز تركه لمن هذا سبیله لأن فیه رفعا للتقیة و إغراء للنفس و تشنیعا علی المذهب.
و أما خبر العلل فیمكن حمله علی أن المراد أنهما كسائر البلدان فی جواز القصر بالمعنی الأعم و أما الخمس المذكور فیه فلیس المراد به خصوص الخمس بل الأصحاب سألوه عن الخمس فأجابهم بذلك.
و أما حدیث عبد الرحمن فیحتاج إلی شرح و بیان قوله و ذلك من أجل الناس یمكن أن یقرأ بتشدید اللام أی كان هشام من أجل الناس و أعظمهم و هو لا یكذب علیك أو لیس ممن تتقی منهم أو بالتخفیف و هو أظهر أی كان یقول هشام إن الأمر بالإتمام للتقیة من المخالفین.
أو یكون استفهاما أی هل أمرته بذلك للتقیة فقال علیه السلام لا لیس ذلك
ص: 84
للتقیة بل أنا و آبائی كنا إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة مع استتارنا عن الناس أیضا لا أن الاستتار كان لأجل الإتمام بل الإتمام أوفق لما ذهب إلیه أكثرهم من التخییر فی السفر مطلقا مع أفضلیة الإتمام.
و یمكن أن یكون الاستتار لئلا یحتجوا علی الشیعة بفعلهم علیهم السلام أو لئلا یصیر سببا لرسوخهم فی الباطل أو لئلا یصیر سببا لمزید تشنیعهم علی الأئمة لأن الفرق بین المواضع كان أغرب عندهم من الحكم بالتقصیر مطلقا لأن هذا القول موجود بینهم و لعله لأحد
هذه الوجوه قالوا إنه من الأمر المذخور مع أنه یحتمل أن یكون المراد أنه حجب عنهم هذا العلم هكذا حقق المقام و لا تصغ إلی ما ذهب إلیه بعض الأوهام.
و أما خبر الساباطی و الخثعمی و ابن بزیع فمع ضعف أسانیدها قابلة للتأویل و تأویل الصدوق رحمه اللّٰه مع بعده لا یجری فی كثیر منها و اشتهار الحكم بین القدماء و المتأخرین مما یؤید العمل به.
و ینبغی التنبیه لأمور الأول المستفاد من الأخبار الكثیرة جواز الإتمام فی مكة و المدینة و إن وقعت الصلاة خارج المسجد و هو المشهور بین الأصحاب و خص ابن إدریس الحكم بالمسجدین أخذا بالمتیقن المجمع علیه و من رأینا كلامه إنما صرح بالخلاف بین البلدین و ظاهر بعض الأخبار شمول الحكم لمجموع الحرمین و هما أعم من البلدین.
و الأصحاب استدلوا علی البلدین بتلك الأخبار و ربما یومئ كلام بعضهم إلی كون المراد بالبلدین مجموع الحرمین و قال فی البیان و فی المعتبر الحرمان كمسجدیهما بخلاف الكوفة مع أن عبارة المعتبر كعبارات سائر الأصحاب.
و قال الشیخ فی النهایة و یستحب الإتمام فی أربعة مواطن فی السفر بمكة و المدینة و مسجد الكوفة و الحائر علی ساكنه السلام و قد رویت روایة بلفظة أخری
ص: 85
و هو أن یتم الصلاة فی حرم اللّٰه و فی حرم رسوله و فی حرم أمیر المؤمنین علیه السلام و فی حرم الحسین علیه السلام فعلی هذه الروایة جاز الإتمام خارج المسجد بالكوفة و علی الروایة الأولی لم یجز إلا فی نفس المسجد انتهی.
و كأنهم حملوا الحرم علی البلد أو أطلقوا البلد علی الحرم مجازا و الأول أظهر و ظاهر عبارة الشیخ فی التهذیب عموم الحرمین حیث قال و یستحب إتمام الصلاة فی الحرمین فإن فیه فضلا كثیرا ثم قال و من حصل بعرفات فلا یجوز له الإتمام علی حال و قد ورد فی بعض الروایات الإتمام فی خصوص منی و نقل فی الدروس عن ابن الجنید أنه قال روی عن أبی جعفر علیه السلام الإتمام فی الثلاثة الأیام بمنی للحاج و أری ذلك إذا نوی مقام خمسة أیام أولها أیام منی قال الشهید و هو شاذ.
أقول: لعله أشار بهذه الروایة إلی صحیحة علی بن مهزیار المتقدمة و ظاهرها أن خصوص منی داخل فی الحكم و لعله لكونها من توابع مكة و یمكن أن یكون لدخلوها فی الحرم و یكون المعتبر مطلق الحرم فالمراد بمكة و المدینة حرمهما بحذف المضاف أو تسمیة للكل باسم الجزء الأشرف.
فإن قیل فالمشعر أیضا من الحرم قلنا یمكن أن یكون عدم ذكر المشعر لأن ما یقع فیه ثلاث صلاة یقصر فی واحدة منهن و هذه یدخل وقتها قبل دخول الحرم فلذا لا یتمها اعتبارا بحال الوجوب كما مر كذا خطر بالبال فی توجیه الخبر لكن الظاهر من الخبر عدم العموم و بالجملة الحكم فی غیر البلدین مشكل و لعل الأظهر فیها القصر لاحتمال كون المراد بالحرمین البلدین
فَقَدْ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام (1)
أَنَّهُ قَالَ: مَكَّةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الْمَدِینَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الْكُوفَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ وَ حَرَمُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام. و الظاهر شمول الحكم لمجموع البلدین
ص: 86
و عدم اختصاصه بالمسجدین و التخصیص فی بعض الأخبار بالمسجدین لشرافتهما و لشیوع وقوع الصلاة فیهما و أما التفصیل الوارد فی خبر علی بن جعفر(1)
فی الصلاة بمنی بأنه إن كان من أهل مكة أتم و إلا فلا فالحكم فی غیر أهل مكة یدل علی شمول حكم التخییر لمجموع الحرم و أما حكم أهل مكة فیمكن أن یكون للتقیة كما یظهر من الأخبار أن المخالفین لم یكونوا یعدون الذهاب إلی عرفات سفرا أو یكون مبنیا علی القول باشتراط رجوع الیوم و حمله علی من لم یذهب إلی عرفات بعید و الأظهر عندی حمله علی الأیام التی یكون بمنی بعد الرجوع عن مكة فإنه لما رجع إلی مكة للزیارة انقطع سفره و بعد العود لا یقصد مسافة لأنه لا یتعدی عن منی فیتم بخلاف غیر أهل مكة فإنه مسافر ذهابا و عودا فتفطن.
الثانی ذكر الشیخ أنه إذا ثبت الحكم فی الحرمین من غیر اختصاص بالمسجد یكون الحكم كذلك فی الكوفة لعدم القائل بالفصل و خص الحكم بن إدریس بالمسجد أخذا بالمتیقن و الروایات ورد بعضها بلفظ حرم أمیر المؤمنین علیه السلام و حرم الحسین علیه السلام و بعضها بالكوفة و فی الأول إجمال و قد مر أن الكوفة حرم علی بن أبی طالب علیه السلام.
و الظاهر أن النجف علی ساكنه السلام غیر داخل فی الكوفة(2) و الشیخ فی
ص: 87
المبسوط عدی الحكم إلیه أیضا حیث قال و یستحب الإتمام فی أربعة مواطن فی السفر بمكة و المدینة و مسجد الكوفة و الحائر علی ساكنه السلام و قد روی الإتمام فی حرم اللّٰه و حرم الرسول و حرم أمیر المؤمنین و حرم الحسین علیهم السلام فعلی هذه الروایة یجوز الإتمام خارج مسجد الكوفة و بالنجف انتهی.
و كأنه نظر إلی أن حرم أمیر المؤمنین علیه السلام ما صار محترما بسببه و احترام الغری به علیه السلام أكثر من غیره و لا یخلو من وجه و یومئ إلیه بعض الأخبار و الأحوط فی غیر المسجد اختیار القصر.
و قال المحقق فی المعتبر ینبغی تنزیل حرم أمیر المؤمنین علیه السلام علی مسجد الكوفة خاصة أخذا بالمتیقن و أما الحائر فظاهر أكثر الأصحاب اختصاص الحكم به.
و حكی فی الذكری عن الشیخ نجیب الدین یحیی بن سعید أنه حكم فی كتاب له فی السفر بالتخییر فی البلدان الأربعة حتی الحائر المقدس لورود الحدیث بحرم الحسین علیه السلام و قدر بخمسة فراسخ و بأربعة و بفرسخ قال و الكل حرم و إن تفاوتت فی الفضیلة و هو غیر بعید لِمَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (1) وَ الْكُلَیْنِیُ (2) بِسَنَدٍ فِیهِ
ص: 88
ضَعْفٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَتَیْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَاغْتَسِلْ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ الْبَسْ ثِیَابَكَ الطَّاهِرَةَ ثُمَّ امْشِ حَافِیاً فَإِنَّكَ فِی حَرَمٍ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ الْخَبَرَ.
وَ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ (1) عَنْهُ علیه السلام قَالَ: حَرَمُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَرْسَخٌ فِی فَرْسَخٍ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِ الْقَبْرِ. وَ بِسَنَدٍ ضَعِیفٍ آخَرَ(2) عَنْهُ علیه السلام قَالَ: حَرِیمُ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام خَمْسَةُ(3) فَرَاسِخَ مِنْ أَرْبَعَةِ جَوَانِبِهِ. و الأحوط إیقاع الصلاة فی الحائر و إذا أوقعها فی غیره فیختار القصر.
و أما حد الحائر فقال ابن إدریس المراد به ما دار سور المشهد و المسجد علیه دون ما دار سور البلد علیه لأن ذلك هو الحائر حقیقة لأن الحائر فی لسان العرب الموضع المطمئن الذی یحار فیه الماء و قد ذكر ذلك شیخنا المفید فی الإرشاد لما ذكر من قتل مع الحسین من أهله و الحائر یحیط بهم إلا العباس رحمة اللّٰه علیه فإنه قتل علی المسناة و احتج علیه بالاحتیاط لأنه المجمع علیه و ذكر الشهیدان فی هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل بإطلاقه علی قبر الحسین علیه السلام لیعفیه فكان لا یبلغه انتهی.
و أقول ذهب بعضهم إلی أن الحائر مجموع الصحن المقدس و بعضهم إلی أنه القبة السامیة و بعضهم إلی أنه الروضة المقدسة و ما أحاط به من العمارات القدیمة من الرواق و المقتل و الخزانة و غیرها و الأظهر عندی أنه مجموع الصحن القدیم لا ما تجدد منه فی الدولة العلیة الصفویة شید اللّٰه أركانهم.
و الذی ظهر لی من القرائن و سمعت من مشایخ تلك البلاد الشریفة أنه لم یتغیر الصحن من جهة القبلة و لا من الیمین و لا من الشمال بل إنما زید من خلاف جهة القبلة و كل ما انخفض من الصحن و ما دخل فیه من العمارات فهو الصحن القدیم
ص: 89
و ما ارتفع منه فهو خارج عنه و لعلهم إنما تركوه كذلك لیمتاز القدیم عن الجدید و التعلیل المنقول عن ابن إدریس ره منطبق علی هذا و فی شموله لحجرات الصحن من الجهات الثلاثة إشكال.
وَ یَدُلُّ عَلَی أَنَّ سَعَةَ الْحَائِرِ أَكْثَرُ مِنَ الرَّوْضَةِ الْمُقَدَّسَةِ وَ الْعِمَارَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَا مِنَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ قُولَوَیْهِ (1)
بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الْحَیْرَ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ الْحَائِرَ فَقُلْ وَ ذَكَرَ الدُّعَاءَ ثُمَّ تَمْشِی قَلِیلًا وَ تُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِیرَاتٍ ثُمَّ تَقُومُ بِحِیَالِ الْقَبْرِ وَ تَقُولُ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ تَمْشِی قَلِیلًا وَ تَقُولُ إِلَی قَوْلِهِ وَ تَرْفَعُ یَدَیْكَ وَ تَضَعُهُمَا عَلَی الْقَبْرِ.
وَ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ(2)
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی وَصْفِ زِیَارَتِهِ حَتَّی تَصِیرَ إِلَی بَابِ الْحَائِرِ أَوِ الْحَیْرِ ثُمَّ قُلْ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ اخْطُ عَشْرَ خُطًا ثُمَّ قِفْ فَكَبِّرْ ثَلَاثِینَ تَكْبِیرَةً ثُمَّ امْشِ حَتَّی تَأْتِیَهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ.
وَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِ (3)
بِسَنَدٍ مُعْتَبَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی وَصْفِ زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ ادْخُلِ الْحَیْرَ أَوِ الْحَائِرَ وَ قُلْ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ امْشِ قَلِیلًا وَ قُلْ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ امْشِ وَ قَصِّرْ خُطَاكَ حَتَّی تَسْتَقْبِلَ الْقَبْرَ ثُمَّ تَدْنُو قَلِیلًا مِنَ الْقَبْرِ وَ تَقُولُ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.
فهذه الأخبار و غیرها مما سیأتی فی كتاب المزار(4) إن شاء اللّٰه تعالی تدل علی نوع سعة فی الحائر.
الثالث الظاهر أن الحكم بالتخییر للمسافر إنما وقع فی الصلاة خاصة(5)
ص: 90
فی النصوص و فتاوی الأصحاب و أما الصوم فلا یشرع فی هذه الأماكن للأدلة علی وجوب الإفطار علی المسافر من غیر معارض و قد یقال إن مفهوم صحیحة معاویة بن وهب (1)
حیث قال فیها إذا قصرت أفطرت یقتضی جواز الصوم مضافا إلی موثقة عثمان بن عیسی:(2) قال سألت أبا الحسن علیه السلام عن إتمام الصلاة و الصیام فی الحرمین قال أتمهما و لو صلاة واحدة.
و الجواب عن الأول أنه یمكن أن یكون المراد به القصر علی الحتم كما هو الغالب فیه مع أن فی عمومه للقوم كلاما و علی تقدیر ثبوته یشكل تخصیص الآیة و الأخبار الكثیرة به مع خلو سائر الأخبار الواردة فی التخییر عن ذكر الصوم.
و أما موثقة عثمان ففی النسخ التی عندنا أتمها و هو یدل علی نفی الصوم و یؤیده قوله و لو صلاة واحدة و إنها قد مرت بروایة الحمیری (3) و لم یكن فیها ذكر الصوم أصلا مع أنه لا یعلم قائل به أیضا.
الرابع صرح المحقق فی المعتبر بأنه لا یعتبر فی الصلاة الواقعة فی هذه الأماكن التعرض لنیة القصر أو الإتمام و أنه لا یتعین أحدهما بالنسبة إلیه فیجوز لمن نوی الإتمام القصر و لمن نوی التقصیر الإتمام و هو حسن.
الخامس الأظهر جواز فعل النافلة الساقطة فی السفر فی هذه الأماكن كما صرح فی الذكری للتحریص و الترغیب علی كثرة الصلاة فیها و لما مر من الأخبار و الظاهر عدم الفرق بین اختیاره القصر أو الإتمام.
السادس الأظهر جواز الإتمام فی هذه الأماكن و إن كانت الذمة مشغولة بواجب و نقل العلامة عن والده المنع و هو ضعیف.
ص: 91
السابع الظاهر بقاء التخییر فی قضاء ما فاتته فی هذه الأمكنة و إن لم یقض فیها لعموم من فاتته فریضة فلیقضها كما فاتته و یحتمل تعیین القصر(1) و هو أحوط كما مر و الظاهر عدم التخییر فی القضاء فیها إذا فاتته فی غیرها.
الثامن لو ضاق الوقت إلا عن أربع فقیل بوجوب القصر فیهما لتقع الصلاتان فی الوقت و قیل بجواز الإتمام فی العصر لعموم من أدرك ركعة و قیل بجواز الإتیان بالعصر تماما فی الوقت و قضاء الظهر و الأول أحوط بل أظهر.
التاسع ألحق ابن الجنید و المرتضی بهذه الأماكن جمیع مشاهد الأئمة علیهم السلام كما عرفت قال فی الذكری و لم نقف لهما علی مأخذ فی ذلك و القیاس عندنا باطل.
أقول: قد مر فی فقه الرضا علیه السلام إیماء إلیه و لا یمكن التعویل علیه فی ذلك.
العاشر: رَوَی الشَّیْخُ رِوَایَةَ ابْنِ بَزِیعٍ الْمَنْقُولَ عَنِ الْعُیُونِ (2) بِسَنَدٍ صَحِیحٍ ثُمَّ رَوَی بِسَنَدٍ ضَعِیفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ(3)
قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام فَقُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِی الْحَرَمَیْنِ فَبَعْضُهُمْ یُقَصِّرُ وَ بَعْضُهُمْ یُتِمُّ وَ أَنَا مِمَّنْ یُتِمُّ عَلَی رِوَایَةٍ قَدْ رَوَاهَا أَصْحَابُنَا فِی التَّمَامِ وَ ذَكَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَانَ یُتِمُّ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ جُنْدَبٍ ثُمَّ قَالَ لَا یَكُونُ الْإِتْمَامُ إِلَّا أَنْ تُجْمِعَ عَلَی إِقَامَةِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ وَ صَلِّ النَّوَافِلَ مَا شِئْتَ قَالَ ابْنُ حَدِیدٍ وَ كَانَ مَحَبَّتِی أَنْ یَأْمُرَنِی بِالْإِتْمَامِ.
ثم أولهما بوجهین أحدهما أنه علیه السلام نفی الإتمام علی سبیل الحتم و الوجوب كما مر.
ثم قال و یحتمل هذان الخبران وجها آخر و هو المعتمد عندی و هو أن من حصل بالحرمین ینبغی له أن یعزم علی مقام عشرة أیام و یتم الصلاة فیهما و إن كان
ص: 92
یعلم أنه لا یقیم أو یكون فی عزمه الخروج من الغد و یكون هذا مما یختص به هذان الموضعان و یتمیزان به عن سائر البلاد لأن سائر المواضع متی عزم الإنسان فیها علی المقام عشرة أیام وجب علیه الإتمام و متی كان دون ذلك وجب علیه التقصیر.
وَ الَّذِی یَكْشِفُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَی مَا رَوَاهُ (1) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْحُضَیْنِیِّ قَالَ: اسْتَأْمَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فِی الْإِتْمَامِ وَ التَّقْصِیرِ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ الْحَرَمَیْنِ فَانْوِ عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّی أَقْدَمُ مَكَّةَ قَبْلَ التَّرْوِیَةِ بِیَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ انْوِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَیَّامٍ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ.
و أقول هذا غریب إذ ظاهر كلامه قدس سره أنه یعزم علی إقامة العشرة و إن علم الخروج قبل ذلك و لا یخفی أن هذا العلم ینافی ذلك العزم إلا أن یقال أراد بالعزم محض الإخطار بالبال و لا یخفی ما فیه.
و أما الخبر فیمكن أن یكون المراد به العزم علی العشرة متفرقا قبل الخروج إلی عرفات و بعده (2)
و یكون هذا من خصائص هذا الموضع أو العزم علی الإقامة فی مكة و نواحیها إلی عرفات (3)
و یمكن أن لا یكون هذا من الخصائص و إن كان خلاف المشهور كما عرفت سابقا و یمكن حمل كلام الشیخ علی أحد هذین المعنیین و إن كان بعیدا.
ص: 93
قال فی الذكری قال الشیخ فرض السفر لا یسمی قصرا لأن فرض المسافر مخالف لفرض الحاضر و یشكل بقوله تعالی فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ و بعض الأصحاب سماها بذلك قیل و هو نزاع لفظی.
أقول: لعل الشیخ إنما منع من التسمیة بذلك لئلا یتوهم المخالفون أن الصلاة المقصورة ناقصة فی الفضل أو منع من التسمیة به مع قصد هذا المعنی.
ص: 94
الآیات:
البقرة: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (1)
النساء: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِینَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِیناً وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْیَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَیَمِیلُونَ عَلَیْكُمْ مَیْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَیْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذیً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضی أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِینَ عَذاباً مُهِیناً- فَإِذا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً(2)
تفسیر:
فَإِنْ خِفْتُمْ أی عدوا أو سبعا أو غرقا و نحوها فلم تتمكنوا أن تحافظوا علیها و توفوا حقها فتأتوا بها تامة الأفعال و الشروط فَرِجالًا جمع راجل مثل تجار
ص: 95
و صحاب و قیام و هو الكائن علی رجله واقفا كان أو ماشیا أی فصلوا حالكونكم رجالا و قیل مشاة أَوْ رُكْباناً جمع راكب كالفرسان و كل شی ء علا شیئا فقد ركبه أی أو علی ظهور دوابكم أی تراعون فیها دفع ما تخافون فلا ترتكبون ما به تخافون بل تأتون بها علی حسب أحوالكم بما لا تخافون به واقفین أو ماشین أو راكبین إلی القبلة أو غیرها بالقیام و الركوع و السجود أو بالإیماء أو بالنیة و التكبیر و التشهد و التسلیم.
و یروی: أن علیا علیه السلام صلی لیلة الهریر خمس صلوات بالإیماء و قیل بالتكبیر. و أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله صلی لیلة الأحزاب إیماء. و بالجملة فیها إشارة إلی صلاة الخوف إجمالا.
فَإِذا أَمِنْتُمْ بزوال خوفكم فَاذْكُرُوا اللَّهَ أی فصلوا كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ من صلاة الأمن و قیل اذكروا اللّٰه بالثناء علیه و الحمد له شكرا علی الأمن و الخلاص من الخوف و العدو كما أحسن إلیكم و علمكم ما لم تكونوا تعلمون من الشرائع و كیف تصلون فی حال الأمن و حال الخوف أو شكرا یوازی نعمه و تعلیمه.
فَإِنْ خِفْتُمْ یدل علی أن الخوف موجب للقصر فی الجملة و قد سبق تفسیره فی باب القصر فی السفر و احتج الأصحاب بهذه الآیة علی وجوب القصر للخوف بأنه لیس المراد بالضرب سفر القصر و إلا لم یكن فی التقیید بالخوف فائدة و أجیب بأن حمل الضرب فی الأرض علی غیر سفر القصر عدول عن الظاهر مع أنه غیر نافع لأن مجرد الخوف كاف فی القصر علی قولهم من غیر توقف علی الضرب فی الأرض و قد مر الوجه فی التقیید بالخوف.
ثم إنه لا خلاف بین الأصحاب فی وجوب التقصیر فی صلاة الخوف فی السفر و إنما اختلفوا فی وجوب تقصیرها إذا وقعت فی الحضر فذهب الأكثر منهم المرتضی و الشیخ فی الخلاف و الأبناء الأربعة إلی وجوب التقصیر سفرا و حضرا جماعة و
ص: 96
فرادی و قال الشیخ فی المبسوط إنما یقصر فی الحضر بشرط الجماعة و نسبه الشهید إلی ظاهر جماعة من الأصحاب و حكی الشیخ و المحقق قولا بأنها إنما تقصر فی السفر خاصة و المشهور لعله أقوی لصحیحة زرارة(1).
ثم المشهور أن هذا التقصیر كتقصیر المسافر برد الرباعیة إلی الركعتین و إبقاء الثلاثیة و الثنائیة علی حالهما و یدل علیه الأخبار المستفیضة المتضمنة لكیفیة صلاة الخوف و قیل ترد الركعتان إلی ركعة كما مر أنه ذهب إلیه ابن الجنید من علمائنا و كثیر من العامة و یدل علیه بعض الأخبار و لعلها محمولة علی التقیة أو علی أن كل طائفة إنما تصلی مع الإمام ركعة.
وَ إِذا كُنْتَ یا محمد فِیهِمْ یعنی فی أصحابك الضاربین فی الأرض الخائفین عدوهم أو الأعم فیشمل الحضر كما ذكره الأكثر فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ بحدودها و ركوعها و سجودها أو بأن تؤمهم فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ (2) فی صلاتك و لیكن سائرهم فی وجه العدو فلم یذكر ما ینبغی أن تفعله الطائفة غیر المصلیة لدلالة الكلام علیه.
وَ لْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ أی الطائفة المصلیة لظاهر السیاق فیأخذون من السلاح ما لا یمنع واجبا فی الصلاة كالسیف و الخنجر و السكین و نحوها إلا مع الضرورة
ص: 97
فمطلقا وجوبا لظاهر الأمر و لتعلیق نفی الجناح فیما سیأتی بشرط الأذی فتثبت مع عدمه و هو المشهور بین الأصحاب و قال ابن الجنید یستحب و تردد فی المعتبر و النافع و حمله ابن الجنید علی الإرشاد و فیه عدول عن الظاهر بناء علی كون الأمر للوجوب من غیر دلیل.
و هل یختص الوجوب بالمصلین فیه قولان و روی ابن عباس أن المأمور بأخذ السلاح هم المقاتلة و هو خلاف الظاهر بل الظاهر إما التعمیم أو التخصیص بالمصلین كما قلنا أولا بناء علی أن أخذ السلاح للفرقة الأولی أمر معلوم لا یحتاج إلی البیان.
و علی القول بوجوب أخذ السلاح علی المصلین لا تبطل الصلاة بتركه علی المشهور لكون النهی متعلقا بأمر خارج عن حقیقة الصلاة و النجاسة الكائنة علی السلاح غیر مانع من أخذه علی المشهور و قیل لا یجوز أخذه حینئذ إلا مع الضرورة و لعل الأول أقرب عملا بإطلاق النص مع كون النجاسة فیه غیر نادر و ثبوت العفو عن نجاسة ما لا یتم الصلاة فیه منفردا و انتفاء الدلیل علی طهارة المحمول و لو تعدت نجاسته إلی الثوب وجب تطهیره إلا مع الضرورة.
فَإِذا سَجَدُوا(1) أی الطائفة الأولی المصلیة فَلْیَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ (2)
ص: 98
أی فلیصیروا بعد فراغهم من سجودهم مصافین للعدو و اختلف هنا فعندنا أن الطائفة الأولی إذا رفعت رأسها من السجود و فرغت من الركعة یصلون ركعة أخری و یتشهدون و یسلمون و الإمام قائم فی الثانیة و ینصرفون إلی
ص: 99
مواقف أصحابهم و یأتی الآخرون فیستفتحون الصلاة و یصلی بهم الإمام الركعة الثانیة و یطیل تشهده حتی یقوموا فیصلوا بقیة صلاتهم ثم یسلم بهم الإمام أو یسلم الإمام و تقوم الثانیة فیتمون صلاتهم كما وردت الروایات بهما و هو مذهب الشافعی أیضا.
و قیل إن الطائفة الأولی إذا فرغت من ركعة یسلمون و یمضون إلی وجه العدو و تأتی الطائفة الأخری فیصلی بهم الركعة الأخری و هذا مذهب جابر و مجاهد و حذیفة و ابن الجنید و من یری أن صلاة الخوف ركعة واحدة.
و قیل إن الإمام یصلی بكل طائفة ركعتین فیصلی بهم مرتین عن الحسن و هذه صلاة بطن النخل و لا أعلم من أصحابنا أحدا حمل الآیة علیها و إن جوزها الأكثر.
و قیل إنه إذا صلی بالأولی ركعة مضوا إلی وجه العدو و تأتی الأخری فیكبرون و یصلی بهم الركعة الثانیة و یسلم الإمام خاصة و یعودون إلی وجه العدو
ص: 100
و تأتی الأولی فیقضون ركعة بغیر قراءة لأنهم لاحقون و یسلمون و یرجعون إلی وجه العدو و تأتی الثانیة و یقضون ركعة بقراءة لأنهم مسبوقون عن ابن مسعود و هو مذهب أبی حنیفة.
فالسجود فی قوله فإذا سجدوا علی ظاهره عند أبی حنیفة و علی قولنا و الشافعی بمعنی الصلاة أو التقدیر و أتموا بقرینة ما بعده و هو و إن كان خلاف ظاهره من وجه إلا أنه أحوط للصلاة و أبلغ فی حراسة العدو و أشد موافقة لظاهر القرآن لأن قوله وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری لَمْ یُصَلُّوا ظاهره أن الطائفة الأولی قد صلت و قوله فَلْیُصَلُّوا مَعَكَ مقتضاه أن یصلوا تمام الصلاة فالظاهر أن صلاة كل طائفة قد تمت عند تمام صلاته و أیضا الظاهر أن مراد الآیة بیان صلاة الطائفتین و ذلك یتم علی ما قلناه بأدنی تقدیر أو تجوز بخلافه علی قوله و قول حذیفة و ابن الجنید فی ذلك كقولنا إذ لا بد بعد الركعة من التشهد و التسلیم نعم التجوز حینئذ أقرب من التجوز علی ما قلناه.
قیل و ربما یمكن حمل الآیة علی ما یعم الوجوه حتی صلاة بطن النخل و هو فی غایة البعد مع مخالفته للروایات و أقوال الأصحاب فیها.
وَ لْیَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ أی الطائفة الثانیة فی صلاتهم و قد جعل الحذر و هو التحرز و التیقظ آلة تستعملها الغازی فجمع بینه و بین الأسلحة فی الأخذ و جعلا مأخوذین مبالغة.
وَدَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أی تمنوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَیَمِیلُونَ عَلَیْكُمْ مَیْلَةً واحِدَةً أی یحملون علیكم حملة واحدة و فیه تنبیه علی وجه وجوب أخذ السلاح.
قال فی مجمع البیان (1) فی الآیة دلالة علی صدق النبی صلی اللّٰه علیه و آله و صحة نبوته
ص: 101
و ذلك أنها نزلت و النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعسفان و المشركون بضجنان (1) فتواقفوا فصلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بأصحابه صلاة الظهر بتمام الركوع و السجود فهم المشركون بأن یغیروا علیهم فقال بعضهم إن لهم صلاة أخری أحب إلیهم من هذه یعنون صلاة العصر فأنزل اللّٰه تعالی علیه الآیة فصلی بهم العصر صلاة الخوف و كان ذلك سبب إسلام خالد بن الولید.
وَ لا جُناحَ عَلَیْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذیً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضی أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ رخص لهم فی وضع الأسلحة إن ثقل علیهم حملها بسبب ما ینالهم من مطر أو مرض و أمرهم مع ذلك بأخذ الحذر بقوله و خذوا حذركم لئلا یغفلوا فیهجم علیهم العدو.
إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِینَ عَذاباً مُهِیناً هذا وعد للمؤمنین بالنصر علی الكفار بعد الأمر بالحزم لتقوی قلوبهم و لیعلموا أن الأمر بالحزن لیس لضعفهم و غلبة عدوهم بل لأن الواجب أن یحافظوا فی الأمور علی مراسم التیقظ و التدبیر
ص: 102
فیتوكلوا علی اللّٰه.
ثم اعلم أن الأصحاب استدلوا بهذه الآیة علی ما هو المشهور من عموم القصر سفرا و حضرا و جماعة و فرادی و فیه نظر إذ الظاهر أن الضمیر فی قوله سبحانه فِیهِمْ راجع إلی الأصحاب الضاربین فی الأرض الخائفین عدوهم كما ذكره الطبرسی رحمه اللّٰه و غیره فلا عموم لها مع أنه لا دلالة فیها علی القصر فرادی.
فَإِذا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ یحتمل وجهین الأول أن یكون المعنی إذا فرغتم من صلاة الخوف فلا تدعوا ذكر اللّٰه بل كونوا مهللین مكبرین مسبحین داعین بالنصرة و التأیید فی كافة أحوالكم من قیام و قعود و اضطجاع فإن ما أنتم فیه من الخوف و الحرب جدیر بذكر اللّٰه و دعائه و اللجأ إلیه.
قال فی مجمع البیان (1)
أی ادعوا اللّٰه فی هذه الأحوال لعله ینصركم علی عدوكم و یظفركم بهم عن ابن عباس و أكثر المفسرین و قیل المراد به التعقیب مطلقا و قیل إشارة إلی ما ورد به الروایات من استحباب التسبیحات الأربع بعد الصلوات المقصورة و قیل المراد به المداومة علی الذكر فی جمیع الأحوال كما فی
13- الحدیث القدسی: یا موسی اذكرنی فإن ذكری علی كل حال حسن.
الثانی أن یكون المراد إذا أردتم قضاء الصلاة و فعلها فی حال الخوف و القتال فصلوها قیاما مسایفین و مقارعین و قعودا جاثین علی الركب مرامین و علی جنوبكم مثخنین بالجراح.
و قیل المراد حال الخوف مطلقا من غیر اختصاص بحال القتال و قیل إشارة إلی صلاة القادر و العاجز أی إذا أردتم الصلاة فصلوا قِیاماً إن كنتم أصحاء وَ قُعُوداً إن كنتم مرضی لا تقدرون علی القیام وَ عَلی جُنُوبِكُمْ إن لم تقدروا علی القعود روی ذلك عن ابن مسعود و علی هذا التفسیر یستفاد الترتیب أیضا
ص: 103
لكن لم نظفر بروایة تدل علی هذا التفسیر فی خصوص هذه الآیة نعم روی ذلك فی تفسیر قوله تعالی الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً(1) كذا قیل و أقول ذكره علی بن إبراهیم (2) بعد إیراد هذه الآیة حیث قال الصحیح یصلی قائما و العلیل یصلی قاعدا فمن لم یقدر فمضطجعا یومئ إیماء و قد مر من تفسیر النعمانی (3) مثله فی باب القیام (4)
مرویا عن أمیر المؤمنین علیه السلام و لا یخفی أن عدم اعتبار الخوف یأباه.
قوله فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ فإن ظاهره إذا استقررتم بزوال خوفكم و سكنت قلوبكم فأتموا حدود الصلاة و احفظوا أركانها و شرائطها إلا أن یحمل الاطمئنان علی أعم من زوال الخوف و البرء من المرض و قیل معناه إذا أقمتم فأتموا الصلاة التی أجیز لكم قصرها و قد یجمع بین الوجهین و قد مر تفسیر الموقوت (5).
1- الْمُقْنِعُ،: سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْحَرْبِ فَقَالَ یَقُومُ الْإِمَامُ قَائِماً وَ یَجِی ءُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ یَقُومُونَ خَلْفَهُ وَ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَیُصَلِّی بِهِمُ الْإِمَامُ رَكْعَةً ثُمَّ یَقُومُ وَ یَقُومُونَ مَعَهُ وَ یَثْبُتُ قَائِماً وَ یُصَلُّونَ هُمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ ثُمَّ یُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ
یَنْصَرِفُونَ فَیَقُومُونَ مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَ یَجِی ءُ الْآخَرُونَ فَیَقُومُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَیُصَلِّی بِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ ثُمَّ یَجْلِسُ الْإِمَامُ فَیَقُومُونَ وَ یُصَلُّونَ
ص: 104
رَكْعَةً أُخْرَی-(1)
ثُمَّ یُسَلِّمُ عَلَیْهِمْ فَیَنْصَرِفُونَ بِتَسْلِیمَةٍ وَ إِذَا كُنْتَ فِی الْمُطَارَدَةِ فَصَلِّ صَلَاتَكَ إِیمَاءً وَ إِنْ كُنْتَ تَسْتَأْنِفُ فَسَبِّحِ اللَّهَ وَ احْمَدْهُ وَ هَلِّلْهُ وَ كَبِّرْهُ یَقُومُ كُلُّ تَحْمِیدَةٍ وَ تَسْبِیحَةٍ وَ تَهْلِیلَةٍ وَ تَكْبِیرَةٍ مَكَانَ رَكْعَةٍ(2).
بیان: ما رواه إلی قوله بتسلیمة موافقة لما رواه الشیخ (3) فی الحسن كالصحیح عن الحلبی عنه علیه السلام.
و اعلم أن صلاة الخوف أنواع منها صلاة ذات الرقاع و هی الكیفیة الأولی الواردة فی هذا الخبر و سمیت بها لأن القتال كان فی سفح جبل فیه جدد حمر و صفر و سود كالرقاع أو كانت الصحابة حفاة فلفوا علی أرجلهم الجلود و الخرق لشدة الحر أو لرقاع كانت فی ألویتهم و قیل مر بذلك الموضع ثمانیة نفر حفاة فنقبت أرجلهم و تساقطت أظفارهم و كانوا یلفون علیها الخرق و قیل الرقاع اسم شجرة فی موضع الغزو و المشهور أن شروط هذه الصلاة أربعة الأول كون العدو فی خلاف جهة القبلة بحیث لا یمكنهم مقابلته و هم یصلون إلا بالانحراف عن القبلة هذا هو المشهور و استوجه فی التذكرة عدم اعتباره و رجحه الشهیدان و الثانی أن یكون الخصم ذا قوة یخاف هجومه علی المسلمین الثالث أن یكون فی المسلمین كثرة یمكنهم الافتراق طائفتین یقاوم كل فرقة منهما العدو حال صلاة الأخری و الرابع عدم احتیاجهم إلی زیادة علی الفرقتین و هذا الشرط فی الثنائیة واضح و أما فی الثلاثیة فهل یجوز تفریقهم ثلاث فرق و تخصیص كل ركعة بفرقة قولان و اختار الشهیدان الجواز.
ص: 105
ثم اختلفوا فی أنه هل یجب علی الفرقة الأولی نیة الانفراد عند مخالفة الإمام أم لا و الظاهر عدم انفكاك الإنسان فی تلك الحال عن النیة و أما الفرقة الثانیة فظاهر الأكثر بقاء اقتدائهم فی الركعة الثانیة حكما و إن استقلوا بالقراءة و الأفعال فیحصل لهم ثواب الایتمام و یرجعون إلی الإمام فی السهو و حینئذ لا ینوون الانفراد عند القیام إلی الثانیة و قد صرح به العلامة فی المختلف و صرح ابن حمزة بأن الثانیة تنوی الانفراد فی الثنائیة و هو ظاهر المبسوط و اختاره بعض المتأخرین و الروایات مختلفة فی تسلیم الإمام أولا ثم قیامهم إلی الثانیة أو انتظار الإمام إلی أن یفرغوا من الثانیة فیسلم معهم و الظاهر التخییر بینهما فالظاهر علی الأول انفرادهم و علی الثانی بقاء القدوة.
ثم إن جماعة من الأصحاب ذكروا أن المخالفة فی هذه الصلاة مع سائر الصلوات فی ثلاثة أشیاء انفراد المؤتم و توقع الإمام للمأموم حتی یتم و إمامة القاعد بالقائم و لا یخفی أن الانفراد إنما تحصل به المخالفة علی قول الشیخ حیث منع من ذلك فی سائر الصلوات و إلا فالمشهور الجواز مطلقا إلا أن یقال بوجوب الانفراد هنا فالمخالفة بهذا الاعتبار و أما توقع الإمام المؤتم حتی یتم فإنه غیر لازم هنا كما عرفت و أما إمامة القاعد بالقائم فإنما یتحقق إذا قلنا ببقاء اقتداء الفرقة الثانیة فی الثانیة و قد عرفت الخلاف فیه و تحقیق هذه الأحكام فی تلك الأزمان قلیل الجدوی فلا یهم التعرض لها.
و من أقسام صلاة الخوف صلاة بطن النخل (1)
و قد ورد أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله صلاها بأصحابه قال الشیخ روی الحسن عن أبی بكرة فعل النبی صلی اللّٰه علیه و آله و
ص: 106
صفتها أن یصلی الإمام بالفرقة الأولی مجموع الصلاة و الأخری تحرسهم ثم یسلم بهم ثم یمضوا إلی موقف أصحابهم ثم یصلی بالطائفة الأخری نفلا له و فرضا لهم و شرطها كون العدو فی قوة یخاف هجومه و إمكان افتراق المسلمین فرقتین و كونه فی خلاف جهة القبلة.
قال فی الذكری و یتخیر بین هذه الصلاة و بین ذات الرقاع و یرجح هذا إذا كان فی المسلمین قوة ممانعة بحیث لا تبالی الفرقة الحارسة بطول لبث المصلیة و یختار ذات الرقاع إذا كان الأمر بالعكس و لا یخفی أن هذه الروایة ضعیفة عامیة یشكل التعویل علیها و إن كانت مشهورة فیبنی الحكم بالجواز علی أنه هل یجوز إعادة الجامع صلاته أم لا و قد سبق الكلام فیه.
و من أقسام صلاة الخوف صلاة عسفان و قد نقلها الشیخ فی المبسوط بهذه العبارة و متی كان العدو فی جهة القبلة و یكونون فی مستوی الأرض لا یسترهم شی ء و لا یمكنهم أمر یخاف منه و یكون فی المسلمین كثرة لا یلزمهم صلاة الخوف و لا صلاة شدة الخوف و إن صلوا كما صلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعسفان جاز فإنه قام صلی اللّٰه علیه و آله مستقبل القبلة و المشركون أمامه فصف خلف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صف و صف بعد ذلك الصف صف آخر فركع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ركعوا جمیعا ثم سجد صلی اللّٰه علیه و آله و سجد الصف الذی یلونه (1)
و قام الآخرون یحرسونه فلما سجد الأولون السجدتین و قاموا سجد الآخرون الذین كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذین یلونه إلی مقام الآخرین و تقدم الصف الأخیر إلی مقام الصف الأول ثم ركع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ركعوا جمیعا فی حالة واحدة ثم سجد و سجد الصف الذی یلیه و قام الآخرون یحرسونه فلما جلس رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الصف الذی یلیه سجد الآخرون ثم
ص: 107
جلسوا جمیعا فسلم بهم جمیعا.
و قال العلامة لها ثلاث شرائط أن یكون العدو فی جهة القبلة و أن یكون فی المسلمین كثرة یمكنهم معها الافتراق فرقتین و أن یكونوا علی قلة جبل أو مستو من الأرض لا یحول بینهم و بین أبصار المسلمین حائل من جبل و غیره لیتوقوا كبسهم و الحمل علیهم و لا یخاف كمین لهم.
و توقف الفاضلان فی العمل بها لأنه لم یثبت نقلها عن طریق أهل البیت علیهم السلام و قال فی الذكری مرة هذه صلاة مشهورة فی النقل كسائر المشهورات و أخری أنها و إن لم تنقل بأسانید صحیحة و ذكرها الشیخ مرسلا لها غیر مسند(1)
و لا محیل علی سنده فلو لم یصح عنده لم یتعرض حتی ینبه علی ضعفه فلا یقصر فتواه عن روایة ثم لیس فیها مخالفة لأفعال الصلاة غیر التقدم و التأخر و التخلف بركن و كل ذلك غیر قادح فی صحة الصلاة اختیارا فكیف عند الضرورة انتهی.
و اعترض علیه أما أولا ففی تصحیحه الروایة بمجرد نقل الشیخ و أما ثانیا ففی حكمه بعدم قدح التخلف عن ركن فی صحة الصلاة اختیارا.
و أما صلاة شدة الخوف التی أشار إلیها أخیرا فقسمان إحداهما أن یتمكنوا من أفعال الصلاة و لو بالإیماء و لا یتمكنوا من الجماعة علی الوجوه المذكورة فیصلون فرادی كیف ما أمكنهم واقفا أو ماشیا أو راكبا و یركعون و یسجدون مع الإمكان و إلا فبالإیماء و یستقبلون القبلة مع المكنة و إلا فبحسب الإمكان فی بعض الصلاة علی ما ذكره جماعة من الأصحاب و إلا فبتكبیرة الإحرام و إلا سقط الاستقبال و هذه الأحكام مجمع علیها بین الأصحاب و یدل علیها روایات
ص: 108
كثیرة و الثانیة صلاة من لم یتمكن من الإیماء أیضا حال المسایفة فإنه یسقط عنه ذلك و ینتقل فرضه إلی التسبیح و هذا أیضا مجمع علیه بین الأصحاب.
2- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَهِیَ رُخْصَةٌ بَعْدَ الْعَزِیمَةِ لِلْخَائِفِ أَنْ یُصَلِّیَ رَاكِباً وَ رَاجِلًا وَ صَلَاةُ الْخَوْفِ عَلَی ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْیَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ فَهَذَا وَجْهٌ وَ الْوَجْهُ الثَّانِی مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَهُوَ الَّذِی یَخَافُ اللُّصُوصَ وَ السِّبَاعَ فِی السَّفَرِ فَإِنَّهُ یَتَوَجَّهُ إِلَی الْقِبْلَةِ وَ یَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَ یَمُرُّ عَلَی وَجْهِهِ الَّذِی هُوَ فِیهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَ أَرَادَ أَنْ یَرْكَعَ وَ یَسْجُدَ وَلَّی وَجْهَهُ إِلَی الْقِبْلَةِ إِنْ قَدَرَ عَلَیْهِ وَ إِنْ لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ رَكَعَ وَ سَجَدَ حَیْثُمَا تَوَجَّهَ وَ إِنْ كَانَ رَاكِباً یُومِئُ إِیمَاءً بِرَأْسِهِ وَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ صَلَاةُ الْمُجَادَلَةِ وَ هِیَ الْمُضَارَبَةُ فِی الْحَرْبِ إِذَا لَمْ یَقْدِرْ أَنْ یَنْزِلَ
وَ یُصَلِّیَ یُكَبِّرُ لِكُلِّ رَكْعَةٍ تَكْبِیرَةً وَ صَلَّی وَ هُوَ رَاكِبٌ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَّی وَ أَصْحَابَهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِصِفِّینَ عَلَی ظَهْرِ الدَّوَابِّ لِكُلِّ رَكْعَةٍ تَكْبِیرَةً وَ صَلَّی وَ هُوَ رَاكِبٌ حَیْثُمَا تَوَجَّهُوا(1).
بیان: ظاهر الروایات الاجتزاء عند تلاحم القتال بالتكبیر لكل ركعة من غیر تكبیرة للإحرام و تشهد و تسلیم وَ فِی صَحِیحَةِ الْفُضَلَاءِ(2)
عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فَإِذَا كَانَتِ الْمُسَایَفَةُ وَ الْمُعَانَقَةُ وَ تَلَاحُمُ الْقِتَالِ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیْلَةَ صِفِّینَ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُمُ الظُّهْرُ وَ الْمَغْرِبُ وَ الْعِشَاءُ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا بِالتَّكْبِیرِ وَ التَّهْلِیلِ وَ التَّسْبِیحِ وَ التَّحْمِیدِ وَ الدُّعَاءِ فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُمْ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ.
ص: 109
وَ فِی صَحِیحَةِ الْحَلَبِیِ (1) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَلَاةُ الزَّحْفِ عَلَی الظَّهْرِ إِیمَاءٌ بِرَأْسِكَ وَ تَكْبِیرٌ وَ الْمُسَایَفَةُ تَكْبِیرٌ بِغَیْرِ إِیمَاءٍ وَ الْمُطَارَدَةُ إِیمَاءٌ یُصَلِّی كُلُّ رَجُلٍ عَلَی حِیَالِهِ.
و المشهور بین الأصحاب أنه یقرأ عوض كل ركعة التسبیحات الأربع بعد النیة و تكبیرة الافتتاح و یتشهد و یسلم و إیجاب غیر النیة لا دلیل علیه نعم یظهر من صحیحة الفضلاء التسبیحات الأربع من غیر ترتیب مع إضافة الدعاء و لعل المراد به الاستغفار فالأحوط الجمع بینها و إن احتمل الواو فیها بمعنی أو.
3- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ شُعَیْبِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ یَوْمَ الْهَرِیرِ إِلَّا تَكْبِیراً عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ(2).
4- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الْآیَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْحُدَیْبِیَةِ یُرِیدُ مَكَّةَ فَلَمَّا وَقَعَ الْخَبَرُ إِلَی قُرَیْشٍ بَعَثُوا خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ فِی مِائَتَیْ فَارِسٍ لِیَسْتَقْبِلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ یُعَارِضُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْجِبَالِ فَلَمَّا كَانَ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ وَ حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَذَّنَ بِلَالٌ وَ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالنَّاسِ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَیْهِمْ وَ هُمْ فِی الصَّلَاةِ لَأَصَبْنَاهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا یَقْطَعُونَ الصَّلَاةَ وَ لَكِنْ تَجِی ءُ لَهُمُ الْآنَ صَلَاةٌ أُخْرَی هِیَ أَحَبُّ إِلَیْهِمْ مِنْ ضِیَاءِ أَبْصَارِهِمْ فَإِذَا دَخَلُوا فِیهَا حَمَلْنَا عَلَیْهِمْ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِصَلَاةِ الْخَوْفِ بِهَذِهِ الْآیَةِ- وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ إِلَی قَوْلِهِ مَیْلَةً واحِدَةً فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ فِرْقَتَیْنِ فَوَقَفَ بَعْضُهُمْ تُجَاهَ الْعَدُوِّ وَ قَدْ أَخَذُوا
ص: 110
سِلَاحَهُمْ وَ فِرْقَةٌ صَلَّوْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً وَ مَرُّوا فَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَصْحَابِهِمْ وَ جَاءَ أُولَئِكَ الَّذِینَ لَمْ یُصَلُّوا فَصَلَّی بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ وَ هِیَ لَهُمُ الْأُولَی وَ قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَامَ أَصْحَابُهُ فَصَلَّوْا هُمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِمْ (1).
ص: 111
5- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، وَ كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِسَنَدَیْهِمَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَیْفَ هِیَ قَالَ یَقُومُ الْإِمَامُ فَیُصَلِّی بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ رَكْعَةً وَ یَقُومُ فِی الثَّانِیَةِ وَ یَقُومُ أَصْحَابُهُ فَیُصَلُّونَ الثَّانِیَةَ وَ یُخَفِّفُونَ وَ یَنْصَرِفُونَ وَ یَأْتِی أَصْحَابُهُمُ الْبَاقُونَ فَیُصَلُّونَ مَعَهُ الثَّانِیَةَ فَإِذَا قَعَدَ فِی التَّشَهُّدِ قَامُوا فَصَلَّوُا الثَّانِیَةَ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ یَقْعُدُونَ فَیَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ ثُمَّ یُسَلِّمُ وَ یَنْصَرِفُونَ مَعَهُ (1)
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِی الْخَوْفِ كَیْفَ هِیَ قَالَ یَقُومُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَیُصَلِّی بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ یَقُومُ فِی الثَّانِیَةِ وَ یَقُومُونَ فَیُصَلُّونَ
لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَتَیْنِ وَ یُخَفِّفُونَ وَ یَنْصَرِفُونَ وَ یَأْتِی أَصْحَابُهُ الْبَاقُونَ فَیُصَلُّونَ مَعَهُ الثَّانِیَةَ ثُمَّ یَقُومُ بِهِمْ فِی الثَّالِثَةِ فَیُصَلِّی بِهِمْ فَتَكُونُ لِلْإِمَامِ الثَّالِثَةُ وَ لِلْقَوْمِ الثَّانِیَةُ ثُمَّ یَقْعُدُونَ فَیَتَشَهَّدُ وَ یَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ ثُمَّ یَقُومُ أَصْحَابُهُ وَ الْإِمَامُ قَاعِدٌ فَیُصَلُّونَ الثَّالِثَةَ وَ یَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ ثُمَّ یُسَلِّمُ وَ یُسَلِّمُونَ (2).
ص: 112
بیان: قوله لأنفسهم ثم یقعدون فی كتاب المسائل ثم قعدوا فتشهدوا معه ثم سلم و انصرف و انصرفوا.
و لا خلاف بین الأصحاب ظاهرا فی أنه یتخیر فی المغرب بین أن یصلی بالأولی ركعة و بالثانیة ركعتین و بالعكس لورود الروایات المعتبرة بهما جمیعا و اختلف فی الأفضلیة فقیل إن الأول أفضل لكونه مرویا عن أمیر المؤمنین علیه السلام فیترجح للتأسی به و لأنه یستلزم فوز الفرقة الثانیة بالقراءة و بالزیادة لیوازی فضیلة تكبیرة الافتتاح و التقدم و لتقارب الفرقتین فی إدراك الأركان و نسب هذا القول إلی الأكثر و اختاره فی التذكرة و قیل إن الثانی أفضل لئلا یكلف الثانیة زیادة جلوس فی التشهد و هی مبنیة علی التخفیف و الترجیح لا یخلو من إشكال.
6- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: إِنْ كُنْتَ فِی حَرْبٍ هِیَ لِلَّهِ رِضًا وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلِّ عَلَی مَا أَمْكَنَكَ عَلَی ظَهْرِ دَابَّتِكَ وَ إِلَّا تُومِئُ إِیمَاءً أَوْ تُكَبِّرُ وَ تُهَلِّلُ (1).
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ فَاتَ النَّاسَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ فَكَبَّرُوا وَ هَلَّلُوا وَ سَبَّحُوا ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً-(2)
فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَصَنَعُوا ذَلِكَ رِجَالًا أَوْ رُكْبَاناً فَإِنْ كُنْتَ مَعَ الْإِمَامِ (3) فَعَلَی الْإِمَامِ أَنْ یُصَلِّیَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَ تَقِفُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَی بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ یَقُومُ وَ یَخْرُجُونَ فَیُقِیمُونَ مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَ تَجِی ءُ طَائِفَةٌ أُخْرَی فَتَقِفُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَ یُصَلِّی بِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ فَیُصَلُّونَهَا وَ یَتَشَهَّدُونَ وَ یُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَ یُسَلِّمُونَ بِتَسْلِیمِهِ فَیَكُونُ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَی تَكْبِیرَةُ الِافْتِتَاحِ وَ لِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَی التَّسْلِیمُ
ص: 113
وَ إِنْ كَانَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ یُصَلِّی بِالطَّائِفَةِ الْأُولَی رَكْعَةً وَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِیَةِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِذَا تَعَرَّضَ لَكَ سَبُعٌ وَ خِفْتَ أَنْ تَفُوتَ الصَّلَاةَ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ صَلِّ صَلَاتَكَ بِالْإِیمَاءِ فَإِنْ خَشِیتَ السَّبُعَ یَعْرِضُ لَكَ فَدُرْ مَعَهُ كَیْفَ مَا دَارَ وَ صَلِّ بِالْإِیمَاءِ كَیْفَ مَا یُمْكِنُكَ وَ إِذَا كُنْتَ تَمْشِی مُتَفَزِّعَةً مِنْ هَزِیمَةٍ أَوْ مِنْ لِصٍّ أَوْ ذَاعِرٍ أَوْ مَخَافَةً فِی الطَّرِیقِ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ اسْتَفْتَحْتَ الصَّلَاةَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ بِالتَّكْبِیرِ
ثُمَّ تَمْضِی فِی مَشْیَتِكَ حَیْثُ شِئْتَ وَ إِذَا حَضَرَ الرُّكُوعُ رَكَعْتَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ إِنْ أَمْكَنَكَ وَ أَنْتَ تَمْشِی وَ كَذَلِكَ السُّجُودُ سَجَدْتَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ أَوْ حَیْثُ أَمْكَنَكَ ثُمَّ قُمْتَ فَإِذَا حَضَرَ التَّشَهُّدُ جَلَسْتَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ بِمِقْدَارِ مَا تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ هَذِهِ مُطْلَقَةٌ لِلْمُضْطَرِّ فِی حَالِ الضَّرُورَةِ وَ إِنْ كُنْتَ فِی الْمُطَارَدَةِ مَعَ الْعَدُوِّ فَصَلِّ صَلَاتَكَ إِیمَاءً وَ إِلَّا فَسَبِّحْ وَ احْمَدْهُ وَ هَلِّلْهُ وَ كَبِّرْهُ تَقُومُ كُلُّ تَسْبِیحَةٍ وَ تَهْلِیلَةٍ وَ تَكْبِیرَةٍ مَكَانَ رَكْعَةٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَ إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ لِلْمُضْطَرِّ لِمَنْ لَا یُمْكِنُهُ أَنْ یَأْتِیَ بِالرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ(1).
7- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْمُقِیمِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَ فَرَضَ عَلَی الْمُسَافِرِ رَكْعَتَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الْخَائِفِ رَكْعَةً وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ لَا جُنَاحَ عَلَیْكُمْ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ یَفْتِنَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا یَقُولُ مِنَ الرَّكْعَتَیْنِ فَتَصِیرُ رَكْعَةً(2).
بیان: هذا یدل علی مذهب ابن الجنید و قد مر أنه یمكن حمله علی التقیة
ص: 114
أو علی أنه یصلی مع الإمام ركعة.
8- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: فِی صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِی الْخَوْفِ قَالَ یَجْعَلُ أَصْحَابَهُ طَائِفَتَیْنِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَاحِدَةً وَ الْأُخْرَی خَلْفَهُ فَیُصَلِّی بِهِمْ ثُمَّ یَنْصِبُ قَائِماً وَ یُصَلُّونَ هُمْ تَمَامَ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ یُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ تَأْتِی الطَّائِفَةُ الْأُخْرَی فَیُصَلِّی بِهِمْ رَكْعَتَیْنِ وَ یُصَلُّونَ هُمْ رَكْعَةً فَیَكُونُ لِلْأَوَّلِینَ قِرَاءَةٌ وَ لِلْآخَرِینَ قِرَاءَةٌ(1).
بیان: هذا وجه ترجیح لتخصیص الأولین بركعة لیدرك كل منهما ركعة من الركعتین اللتین یتعین فیهما القراءة.
9- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فِی الْخَوْفِ فَرَّقَهُمُ الْإِمَامُ فِرْقَتَیْنِ فِرْقَةً مُقْبِلَةً عَلَی عَدُوِّهِمْ وَ فِرْقَةً خَلْفَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَیُكَبِّرُ بِهِمْ ثُمَّ یُصَلِّی بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ یَقُومُ بَعْدَ مَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ فَیَتَمَثَّلُ قَائِماً وَ یَقُومُ الَّذِینَ صَلَّوْا خَلْفَهُ رَكْعَةً فَیُصَلِّی كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً ثُمَّ یُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ یَذْهَبُونَ إِلَی أَصْحَابِهِمْ فَیَقُومُونَ مَقَامَهُمْ وَ یَجِی ءُ الْآخَرُونَ وَ الْإِمَامُ قَائِمٌ فَیُكَبِّرُونَ وَ یَدْخُلُونَ فِی الصَّلَاةِ خَلْفَهُ فَیُصَلِّی بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ یُسَلِّمُ فَیَكُونُ لِلْأَوَّلِینَ اسْتِفْتَاحُ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِیرِ وَ لِلْآخَرِینَ التَّسْلِیمُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَ الطَّائِفَةِ الْأَخِیرَةِ فَیُصَلِّی لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَتَمَّتْ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنَ الْقَوْمِ رَكْعَتَانِ وَاحِدَةٌ فِی جَمَاعَةٍ وَ الْأُخْرَی وُحْدَاناً وَ إِذَا كَانَ الْخَوْفُ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ الْمُضَارَبَةِ وَ الْمُنَاوَشَةِ وَ الْمُعَانَقَةِ وَ تَلَاحُمِ الْقِتَالِ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیْلَةَ صِفِّینَ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ لَمْ یَكُنْ صَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا بِالتَّهْلِیلِ وَ التَّسْبِیحِ وَ التَّحْمِیدِ وَ الدُّعَاءِ فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُمْ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ
ص: 115
وَ إِذَا كَانَتِ الْمَغْرِبُ فِی الْخَوْفِ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَیْنِ فَصَلَّی بِفِرْقَةٍ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَیْهِمْ بِیَدِهِ فَقَامَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَصَلَّی رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا وَ قَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ وَ جَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَی فَكَبَّرُوا وَ دَخَلُوا فِی الصَّلَاةِ وَ قَامَ الْإِمَامُ فَصَلَّی بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَصَلَّی رَكْعَةً فَشَفَعَهَا بِالَّتِی صَلَّی مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی رَكْعَةً لَیْسَ فِیهَا قِرَاءَةٌ فَتَمَّتْ لِلْإِمَامِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ لِلْأَوَّلِینَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ ركعتین [رَكْعَتَانِ] فِی جَمَاعَةٍ وَ رَكْعَةٌ وُحْدَاناً وَ لِلْآخَرِینَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ رَكْعَةٌ جَمَاعَةً وَ ركعتین [رَكْعَتَانِ] وُحْدَاناً فَصَارَ لِلْأَوَّلِینَ افْتِتَاحُ التَّكْبِیرِ وَ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ وَ لِلْآخَرِینَ التَّسْلِیمُ (1).
بیان: المناوشة فی القتال و ذلك إذا تدانی الفریقان و لیلة الهریر مشهورة سمیت بذلك لكثرة الأصوات فیها.
10- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: فَاتَ النَّاسَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَبَّرُوا وَ هَلَّلُوا وَ سَبَّحُوا رِجَالًا وَ رُكْبَاناً لِقَوْلِ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ فَصَنَعُوا ذَلِكَ (2).
وَ مِنْهُ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ صَلَاةُ الْمُوَاقَفَةِ فَقَالَ إِذَا لَمْ تَكُنِ انْتَصَفْتَ مِنْ عَدُوِّكَ صَلَّیْتَ إِیمَاءً رَاجِلًا كُنْتَ أَوْ رُكْبَاناً فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً-(3)
تَقُولُ فِی الرُّكُوعِ لَكَ رَكَعْتُ وَ أَنْتَ رَبِّی وَ فِی السُّجُودِ لَكَ سَجَدْتُ وَ أَنْتَ رَبِّی أَیْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِكَ دَابَّتُكَ غَیْرَ أَنَّكَ تَوَجَّهُ حِینَ تُكَبِّرُ أَوَّلَ تَكْبِیرَةٍ(4).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبَانِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَاتَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
ص: 116
وَ النَّاسَ یَوْماً بِصِفِّینَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فَأَمَرَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ یُسَبِّحُوا وَ یُكَبِّرُوا وَ یُهَلِّلُوا قَالَ وَ قَالَ اللَّهُ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَصَنَعُوا ذَلِكَ رُكْبَاناً وَ رِجَالًا(1).
وَ رَوَاهُ الْحَلَبِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَاتَ النَّاسَ الصَّلَاةُ مَعَ عَلِیٍّ یَوْمَ صِفِّینَ إِلَی آخِرِهِ (2).
وَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً كَیْفَ یَفْعَلُ وَ مَا یَقُولُ وَ مَنْ یَخَافُ سَبُعاً وَ لِصّاً كَیْفَ یُصَلِّی قَالَ یُكَبِّرُ وَ یُومِئُ إِیمَاءً بِرَأْسِهِ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی صَلَاةِ الزَّحْفِ قَالَ تَكْبِیرٌ وَ تَهْلِیلٌ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ یَقُولُ اللَّهُ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً(4).
11- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، لِعَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَلْقَاهُ السَّبُعُ وَ قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَا یَسْتَطِیعُ الْمَشْیَ مَخَافَةَ السَّبُعِ وَ إِنْ قَامَ یُصَلِّی خَافَ فِی رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ وَ السَّبُعُ أَمَامَهُ عَلَی غَیْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ تَوَجَّهَ الرَّجُلُ أَمَامَ الْقِبْلَةِ خَافَ أَنْ یَثِبَ عَلَیْهِ الْأَسَدُ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَسْتَقْبِلُ الْأَسَدَ وَ یُصَلِّی وَ یُومِئُ إِیمَاءً بِرَأْسِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ إِنْ كَانَ الْأَسَدُ عَلَی غَیْرِ الْقِبْلَةِ(5).
بیان: المشهور بین الأصحاب أن خائف السبع و السیل و الغرق یصلی صلاة الخوف كمیة و كیفیة حتی قال فی المعتبر كل أسباب الخوف یجوز معها القصر و الانتقال إلی الإیماء مع الضیق و الاقتصار علی التسبیح إن خشی مع الإیماء و إن كان الخوف من لص أو سبع أو غرق و علی ذلك فتوی الأصحاب.
و تردد فی ذلك العلامة فی المنتهی و نقل عن بعض علمائنا قولا بأن التقصیر
ص: 117
فی عدد الركعات إنما یكون فی صلاة الخوف من العدو خاصة و لا یظهر من الروایات إلا القصر فی الكیفیة علی بعض الوجوه و المذكور فیها العدو و اللص و السبع فإلحاق غیرها بها یحتاج إلی دلیل.
و قال الشهید الثانی و ألحق بذلك الأسیر فی ید المشركین إذا خاف من إظهار الصلاة و المدیون المعسر لو عجز عن إقامة البینة بالإعسار و خاف الحبس فهرب و المدافع عن ماله لاشتراك الجمیع فی الخوف انتهی.
و قد یستدل علی التعمیم بأنه تجب الصلاة علی جمیع المكلفین لعموم الأدلة و الصلاة بالإیماء و التكبیر مع العجز صلاة شرعیة فی بعض الأحیان فحیث تعذر الأول ثبت الثانی و إلا یلزم التخصیص فیما دل علی وجوب الصلاة علی كل مكلف.
و المسألة قویة الإشكال و المشهور فی الموتحل و الغریق أنهما یصلیان بالإیماء مع العجز و لكن لا یقصران و ذكر الشهید فی الذكری أنه لو خاف من إتمام الصلاة استیلاء الغرق و رجا عند قصر العدد سلامته و ضاق الوقت فالظاهر أنه یقصر العدد أیضا و استحسنه الشهید الثانی و تنظر فی سقوط القضاء و ربما یقال جواز الترك للعجز لا یوجب جواز القصر من غیر دلیل و اللّٰه یعلم.
12- كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَعْضِ أَیَّامِ صِفِّینَ وَ حَضَّ أَصْحَابَهُ عَلَی الْقِتَالِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ إِلَی قَوْلِهِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِینَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی غَابَ الشَّفَقُ وَ مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ إِلَّا تَكْبِیراً.
وَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: اقْتَتَلَ النَّاسُ فِی صِفِّینَ مِنْ لَدُنِ اعْتِدَالِ النَّهَارِ إِلَی صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا كَانَ صَلَاةُ الْقَوْمِ إِلَّا التَّكْبِیرَ عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ.
وَ مِنْهُ عَنْ نُمَیْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنِ الشَّعْبِیِّ: فِی وَصْفِ بَعْضِ مَوَاقِفِ صِفِّینَ إِلَی أَنْ
ص: 118
قَالَ وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِیداً بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَمَا صَلَّی كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا إِیمَاءً.
وَ مِنْهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِیِّ عَنْ شَیْخٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: فِی وَصْفِ بَعْضِ مَوَاقِفِ صِفِّینَ قَالَ مَرَّتِ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا وَ لَمْ یُصَلُّوا إِلَّا تَكْبِیراً عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَوَاتِ.
وَ مِنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی وَصْفِ لَیْلَةِ الْهَرِیرِ إِلَی قَوْلِهِ وَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِیَةُ وَ الرَّایَاتُ وَ مَرَّتْ مَوَاقِیتُ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ لَمْ یُسْجَدْ لِلَّهِ فِیهِنَّ إِلَّا تَكْبِیراً.
بیان: القتام بالفتح الغبار و لعل الكسوف أیضا كان لشدة ثوران الغبار.
13- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَلْقَاهُ السَّبُعُ وَ قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ یَسْتَطِعِ الْمَشْیَ مَخَافَةَ السَّبُعِ قَالَ یَسْتَقْبِلُ الْأَسَدَ وَ یُصَلِّی وَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ إِیمَاءً وَ هُوَ قَائِمٌ وَ إِنْ كَانَ الْأَسَدُ عَلَی غَیْرِ الْقِبْلَةِ(1).
14- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، قَالَ: یُرْوَی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام صَلَّی لَیْلَةَ الْهَرِیرِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِالْإِیمَاءِ وَ قِیلَ بِالتَّكْبِیرِ وَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی یَوْمَ الْأَحْزَابِ إِیمَاءً(2).
15- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَ صَلَاةِ السَّفَرِ أَ تُقَصَّرَانِ جَمِیعاً قَالَ نَعَمْ وَ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَحَقُّ بِالتَّقْصِیرِ مِنْ صَلَاةٍ فِی السَّفَرِ لَیْسَ فِیهَا خَوْفٌ (3).
وَ عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی صَلَاةَ الْخَوْفِ بِأَصْحَابِهِ فِی غَزْوَةِ
ص: 119
ذَاتِ الرِّقَاعِ فَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ فِرْقَتَیْنِ أَقَامَ فِرْقَةً بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَ فِرْقَةً خَلْفَهُ وَ كَبَّرَ فَكَبَّرُوا وَ قَرَأَ فَأَنْصَتُوا وَ رَكَعَ فَرَكَعُوا وَ سَجَدَ فَسَجَدُوا ثُمَّ اسْتَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً وَ صَلَّی الَّذِینَ خَلْفَهُ رَكْعَةً أُخْرَی وَ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَی مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ فَقَامُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَ جَاءَ أَصْحَابُهُمْ فَقَامُوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَبَّرَ وَ كَبَّرُوا وَ قَرَأَ فَأَنْصَتُوا وَ رَكَعَ فَرَكَعُوا وَ سَجَدَ فَسَجَدُوا وَ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ فَجَلَسُوا ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامُوا فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ (1).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ وَصَفَ صَلَاةَ الْخَوْفِ هَكَذَا وَ قَالَ إِنْ صَلَّی بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ صَلَّی بِالطَّائِفَةِ الْأُولَی رَكْعَةً وَ بِالثَّانِیَةِ رَكْعَتَیْنِ حَتَّی یَجْعَلَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ قِرَاءَةً(2).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِی شِدَّةِ الْخَوْفِ وَ الْجِلَادِ حَیْثُ لَا یُمْكِنُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ فَقَالَ یُومِئُونَ عَلَی دَوَابِّهِمْ وَ وُقُوفاً عَلَی أَقْدَامِهِمْ وَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِنْ لَمْ یَقْدِرُوا عَلَی الْإِیمَاءِ كَبَّرُوا مَكَانَ كُلِّ رَكْعَةٍ تَكْبِیرَةً(3).
ص: 120
بیان: الحدیث الثانی رواه الصدوق فی الفقیه (1) بسند صحیح عن عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه عنه علیه السلام.
و قوله علیه الصلاة و السلام أخیرا فكبر و كبروا لعل تكبیر الإمام محمول علی الاستحباب و لیس تكبیر الافتتاح و هذه الروایة مرویة فی الكافی (2) و التهذیب (3)
و لیس فیهما هكذا و فیهما فقاموا خلف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فصلی بهم ركعة ثم تشهد و سلم علیهم إلی آخر الخبر.
ص: 121
الآیات:
البقرة: حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (1)
الجمعة: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلی ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَیْعَ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ- فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَیْرُ الرَّازِقِینَ (2)
المنافقون: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ
ص: 122
اللَّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (1)
تفسیر:
قد مضت الأخبار فی تفسیر الصلاة الوسطی بصلاة الجمعة و أن المراد بقوله قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ أی فی الصلاة الوسطی و قال الراوندی رحمه اللّٰه فی فقه القرآن قالوا نزلت هذه الآیة یوم الجمعة و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی سفر فقنت فیها و تركها علی حالها فی السفر و الحضر.
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا نُودِیَ (2) لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ لا ریب فی نزول
ص: 123
هذه السورة و تلك الآیات فی صلاة الجمعة و أجمع مفسرو الخاصة و العامة علیه بمعنی تواتر ذلك عندهم و الشك فیه كالشك فی نزول آیة الظهار فی الظهار و غیرها من الآیات و السور التی مورد نزولها متواتر معلوم و مدار علماء الخاصة و العامة فی الاستدلال علی أحكام الجمعة علی هذه الآیة.
و خص الخطاب بالمؤمنین تشریفا لهم و تعظیما و لأنهم المنتفعون به و إیذانا بأن مقتضی الإیمان العمل بفرائض اللّٰه تعالی و عدم الاستهانة بها و أن تاركها كأنه غیر مؤمن و فسر الأكثر النداء بالأذان.
قال فی مجمع البیان (1)
أی إذا أذن لصلاة الجمعة و ذلك إذا جلس الإمام علی المنبر یوم الجمعة و ذلك لأنه لم یكن علی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نداء سواه (2) و نحو ذلك قال فی الكشاف و الظاهر أن المراد حضور وقت النداء كما أن فی قوله إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ(3) المراد إرادة القیام و لما كان النداء شائعا فی ذلك الوقت عبر عنه به و فیه الحث علی الأذان لتأكد استحبابه لهذه الصلاة حتی ذهب بعضهم إلی الوجوب.
ص: 124
و اللام فی قوله لِلصَّلاةِ للأجل و التوقیت و حینئذ یدل علی عدم اعتبار الأذان قبل وقت الصلاة فی ذلك و من بیانیة و مفسرة لإذا أو بمعنی فی أو للتبعیض و الجمعة بضم المیم و السكون لغتان الیوم المعهود و إنما سمی به لاجتماع الناس فیه للصلاة(1)
و قیل لأنه تعالی فرغ فیه من خلق الأشیاء فاجتمعت فیه المخلوقات و قیل أول من سماه به كعب بن لؤی و كان یقال له العروبة.
فَاسْعَوْا إِلی ذِكْرِ اللَّهِ (2) الظاهر أن التعبیر بهذه العبارة لتأكید الأمر و
ص: 125
المبالغة فی الإتیان به و عدم المساهلة فیه كما أنه إذا قال المولی لعبده امض إلی فلان یفهم منه الوجوب و إذا قال اسع و عجل و اهتم كان آكد من الأول و أدل علی الوجوب قال فی مجمع البیان أی فامضوا إلی الصلاة مسرعین غیر متشاغلین عن قتادة و ابن زید و الضحاك و قال الزجاج فامضوا إلی السعی الذی هو الإسراع و قرأ عبد اللّٰه بن مسعود فَامْضُوا إِلَی ذِكْرِ اللَّهِ و روی ذلك عن علی بن أبی طالب علیه السلام و عمر و أبی و ابن عباس و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام و قال ابن مسعود لو علمت الإسراع لأسرعت حتی یقع ردائی من كتفی و قال الحسن ما هو السعی علی الأقدام و قد نهوا أن یأتوا الصلاة إلا و علیهم السكینة و الوقار و لكن بالقلوب و النیة و الخشوع (1).
و كل ذلك مما یؤكد الوجوب فإن المراد به شدة العزم و الاهتمام و إخلاص النیة فیه فإنه أقرب المجازات إلی السعی بالأقدام بل هو مجاز شائع یعادل الحقیقة قال فی الكشاف قیل المراد بالسعی القصد دون العدو و السعی التصرف فی كل عمل و منه قوله تعالی فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی (2)
ص: 126
انتهی،
وَ عَلَیْهِ یَنْبَغِی حَمْلُ مَا رَوَاهُ الرَّاوَنْدِیُّ وَ غَیْرُهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: السَّعْیُ قَصُّ الشَّارِبِ وَ نَتْفُ الْإِبْطِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ وَ الْغُسْلُ وَ التَّطَیُّبُ لِیَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ لُبْسُ أَفْضَلِ الثِّیَابِ وَ الذِّكْرُ(1).
فالمعنی اهتموا و عجلوا الفراغ من الآداب و المستحبات لإدراك الجمعة كل ذلك لا ینافی فهم الوجوب من الأمر بل هی مؤكدة له كما لا یخفی علی العارف بقوانین البلاغة.
و قال الراوندی المراد بذكر اللّٰه الخطبة التی تتضمن ذكر اللّٰه و المواعظ و قیل المراد الصلاة انتهی و إنما جعل الذكر مكان الضمیر إیذانا بأن الصلاة متضمنة
ص: 127
لذكره تعالی و لذا یجب السعی إلیها و إن الصلاة الكاملة هی التی تتضمن ذكر اللّٰه و حضور القلب و قیل المراد هما جمیعا و لعله أظهر.
وَ ذَرُوا الْبَیْعَ أی اتركوه و دعوه ذلِكُمْ أی ما أمرتم به من السعی و ترك البیع خَیْرٌ لَكُمْ و أنفع عاقبة إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الخیر و الشر أو إن كنتم من أهل العلم و التمییز.
فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ أی إذا صلیتم الجمعة و فرغتم منها فتفرقوا فی الأرض وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قیل أی و اطلبوا الرزق فی الشراء و البیع فأطلق لهم ما حرم علیهم بعد قضاء الصلاة من الانتشار و ابتغاء الربح و النفع من فضل اللّٰه و رحمته مشیرا إلی أن الطالب ینبغی أن لا یعتمد علی سعیه و كده بل علی فضل اللّٰه و رحمته و توفیقه و تیسیره طالبا ذلك من ربه.
قال فی مجمع البیان (1)
هذا إباحة و لیس بأمر إیجاب وَ رُوِیَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ فِی قَوْلِهِ فَانْتَشِرُوا الْآیَةَ لَیْسَ لِطَلَبِ دُنْیَا وَ لَكِنْ عِیَادَةُ مَرِیضٍ وَ حُضُورُ جَنَازَةٍ وَ زِیَارَةُ أَخٍ فِی اللَّهِ وَ قِیلَ الْمُرَادُ بِهِ طَلَبُ الْعِلْمِ.
وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الصَّلَاةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الِانْتِشَارُ یَوْمَ السَّبْتِ (2).
ص: 128
وَ رَوَی عُمَرُ بْنُ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنِّی لَأَرْكَبُ فِی الْحَاجَةِ الَّتِی كَفَاهَا اللَّهُ مَا أَرْكَبُ فِیهَا إِلَّا الْتِمَاسَ أَنْ یَرَانِیَ اللَّهُ أُضْحِی فِی طَلَبِ الْحَلَالِ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ بَیْتاً وَ طَیَّنَ عَلَیْهِ بَابَهُ ثُمَّ قَالَ رِزْقِی یَنْزِلُ عَلَیَّ أَ كَانَ یَكُونُ هَذَا أَمَا إِنَّهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِینَ لَا یُسْتَجَابُ لَهُمْ قَالَ قُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قَالَ رَجُلٌ یَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ فَیَدْعُو عَلَیْهَا فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُ لِأَنَّ عِصْمَتَهَا فِی یَدِهِ لَوْ شَاءَ أَنْ یُخَلِّیَ سَبِیلَهَا وَ الرَّجُلُ یَكُونُ لَهُ الْحَقُّ عَلَی الرَّجُلِ فَلَا یُشْهِدُ عَلَیْهِ فَیَجْحَدُهُ حَقَّهُ فَیَدْعُو عَلَیْهِ فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ وَ الرَّجُلُ یَكُونُ عِنْدَهُ الشَّیْ ءُ فَیَجْلِسُ فِی بَیْتِهِ وَ لَا یَنْتَشِرُ وَ لَا یَطْلُبُ وَ لَا یَلْتَمِسُ حَتَّی یَأْكُلَهُ ثُمَّ یَدْعُو فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُ.
وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً(1) قال الطبرسی ره أی اذكروه علی إحسانه إلیكم و اشكروه علی نعمه و علی ما وفقكم من طاعته و أداء فرضه و قیل المراد بالذكر هنا الفكر كما قال تفكر ساعة خیر من عبادة سنة و قیل معناه اذكروا اللّٰه فی تجاراتكم و أسواقكم
كَمَا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فِی السُّوقِ مُخْلِصاً عِنْدَ غَفْلَةِ النَّاسِ وَ شُغُلِهِمْ بِمَا فِیهِ كُتِبَ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ وَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَغْفِرَةً لَمْ یَخْطُرْ عَلَی قَلْبِ بَشَرٍ.
انتهی (2).
و یحتمل أن یكون المراد به اذكروا اللّٰه فی الطلب فراعوا أوامره و نواهیه فلا تطلبوا إلا ما یحل من حیث یحل و الأعم أظهر و الحاصل أنه تعالی وصاهم بأن لا یشغلهم التجارة عن ذكره سبحانه كما قال اللّٰه تعالی رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ
ص: 129
تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (1) و یكونوا فی أثناء التجارة مشغولین بذكره مراعین أوامره و نواهیه.
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قال الطبرسی ره أی لتفلحوا و تفوزوا بثواب النعیم علق سبحانه الفلاح بما تقدم ذكره من أعمال الجمعة و غیرها
وَ صَحَّ الْحَدِیثُ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ اغْتَسَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ وَ لَبِسَ صَالِحَ ثِیَابِهِ وَ مَسَّ مِنْ طِیبِ بَیْتِهِ أَوْ دُهْنِهِ ثُمَّ لَمْ یُفَرِّقْ بَیْنَ اثْنَیْنِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَی وَ زِیَادَةَ ثَلَاثَةِ أَیَّامِ بَعْدَهَا.
وَ رَوَی سُلَیْمَانُ التَّمِیمِیُّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ سِتَّ مِائَةِ أَلْفِ عَتِیقٍ مِنَ النَّارِ كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ.
قال ثم أخبر سبحانه عن جماعة قابلوا أكرم الكرم بالأم اللؤم فقال وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً(2) أی عاینوا ذلك و قیل معناه إذا علموا بیعا أو شراء أو لهوا
ص: 130
و هو الطبل عن مجاهد و قیل المزامیر عن جابر انْفَضُّوا إِلَیْها أی تفرقوا عنك خارجین إلیها و قیل مالوا إلیها.
و الضمیر للتجارة و إنما خصت برد الضمیر إلیها لأنها كانت أهم إلیهم و هم بها أسر من الطبل لأن الطبل إنما دلت علی التجارة عن الفراء و قیل عاد الضمیر إلی أحدهما اكتفاء به و كأنه علی حذف و المعنی و إذا رأوا تجارة انفضوا إلیها و إذا رأوا لهوا انفضوا إلیه فحذف إلیه لأن إلیها تدل علیه.
وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: انْصَرَفُوا إِلَیْهَا وَ تَرَكُوكَ قائِماً تَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ.
قال جابر بن سمرة ما رأیت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خطب إلا و هو قائم فمن حدثك أنه خطب و هو جالس فكذبه.
و سئل ابن مسعود أ كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یخطب قائما فقال أ ما تقرأ وَ تَرَكُوكَ
ص: 131
قائِماً و قیل أراد قائما فی الصلاة.
ثم قال تعالی قُلْ یا محمد لهم ما عِنْدَ اللَّهِ من الثواب علی الخطبة و حضور الموعظة و الصلاة و الثبات مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرٌ و أحمد عاقبة و أنفع مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَیْرُ الرَّازِقِینَ یرزقكم و إن لم تتركوا الخطبة و الجمعة.
وَ قَالَ ره فِی سَبَبِ (1)
نُزُولِ الْآیَةِ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَقْبَلَتْ عِیرٌ وَ نَحْنُ نُصَلِّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْجُمُعَةَ فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَیْهَا فَمَا بَقِیَ غَیْرُ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا أَنَا فِیهِمْ فَنَزَلَتْ.
وَ قَالَ الْحَسَنُ وَ أَبُو مَالِكٍ: أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِینَةِ جُوعٌ وَ غَلَاءُ سِعْرٍ فَقَدِمَ دِحْیَةُ بْنُ خَلِیفَةَ بِتِجَارَةِ زَیْتٍ مِنَ الشَّامِ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَخْطُبُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَیْهِ بِالْبَقِیعِ خَشْیَةَ أَنْ یُسْبَقُوا إِلَیْهِ فَلَمْ یَبْقَ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا رَهْطٌ فَنَزَلَتِ الْآیَةُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ تَتَابَعْتُمْ حَتَّی لَا یَبْقَی أَحَدٌ لَسَالَ بِكُمُ الْوَادِی نَاراً.
وَ قَالَ الْمُقَاتِلَانِ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَخْطُبُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَدِمَ دِحْیَةُ بْنُ خَلِیفَةَ الْكَلْبِیُّ مِنَ الشَّامِ بِتِجَارَةٍ وَ كَانَ إِذَا قَدِمَ لَمْ یَبْقَ بِالْمَدِینَةِ عَاتِقٌ إِلَّا أَتَتْهُ وَ كَانَ یَقْدَمُ إِذَا قَدِمَ بِكُلِّ مَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ مِنْ دَقِیقٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ غَیْرِهِ وَ یَنْزِلُ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّیْتِ وَ هُوَ مَكَانٌ فِی سُوقِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ یَضْرِبُ بِالطَّبْلِ لِیُؤْذِنَ النَّاسَ بِقُدُومِهِ فَیَخْرُجَ إِلَیْهِ النَّاسُ لِیَتَبَایَعُوا مَعَهُ فَقَدِمَ ذَاتَ جُمُعَةٍ وَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُسْلِمَ-(2) وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِمٌ عَلَی الْمِنْبَرِ یَخْطُبُ فَخَرَجَ النَّاسُ فَلَمْ یَبْقَ فِی الْمَسْجِدِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَ امْرَأَةً فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 132
لَوْ لَا هَؤُلَاءِ لَسُوِّمَتْ لَهُمُ الْحِجَارَةُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ.
و قیل لم یبق فی المسجد إلا ثمانیة رهط عن الكلبی عن ابن عباس و قیل إلا أحد عشر رجلا عن ابن كیسان و قیل إنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات فی كل یوم مرة لعیر تقدم من الشام و كل ذلك یوافق یوم الجمعة عن قتادة و مقاتل انتهی.
اعلم أن اللّٰه سبحانه أكد فی هذه السورة الشریفة للأمر الذی نزلت فیه و هو وجوب صلاة الجمعة تقدمة و تذییلا أنواعا من التأكید لم یأت بها فی شی ء من العبادات فیدل علی أنه آكدها و أفضلها عنده و أحبها إلیه و ذلك من وجوه أولها إنزال سورة مخصوصة لذلك و لم ینزل فی غیره سورة.
الثانی أنه قدم قبل الآیة المسوقة لذلك آیات كلها معدات لقبولها و الإتیان بها حیث افتتح السورة بأن جمیع ما فی السماوات و الأرض تسبح له فینبغی للإنسان الذی هو أشرف المخلوقات أن لا یقصر عنها بل یكون تنزیهه له سبحانه و طاعته له أكثر منها ثم وصف سبحانه نفسه بأنه ملك العالم و یجب علی جمیع الخلق طاعته ثم بأنه القدوس المنزه عن الظلم و العبث بل إنما كلفهم بالطاعات لأعظم المصالح و لوصولهم إلی درجات السعادات.
ثم هددهم بأنه عزیز غالب قادر مع مخالفتهم علی عقوبتهم فی الدنیا و الآخرة و أنه حكیم لا یفعل شیئا و لا یأمر و لا ینهی إلا لحكمة فلا ینبغی أن یتجاوز عن مقتضی أمره و نهیه.
ص: 133
ثم ذكر امتنانه علی عباده بأنه بعث فی قوم أمیین عارین عن العلوم و المعارف رَسُولًا مِنْهُمْ لیكون أدعی لهم إلی قبول قوله یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِهِ المشتملة علی مصالحهم و یطهرهم من الصفات الذمیمة و النقائص و الجهالات وَ یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و لقد كانوا من قبله لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ عن الملة و الشریعة فلا بد لهم من قبول قوله فی كل ما یأمرهم به و منها هذه الصلاة.
ثم بین أن شریعة هذا النبی و أحكامه لا تختص بقوم و لا بالموجودین فی زمانه بل شریعته باقیة و حلاله حلال و حرامه حرام إلی یوم القیامة ردا علی من یزعم أن الخطاب مخصوص بالموجودین فقال وَ آخَرِینَ مِنْهُمْ أی و یعلم آخرین من المؤمنین لَمَّا یَلْحَقُوا بِهِمْ و هم كل من بعد الصحابة إلی یوم القیامة.
ثم هدد و حث بوصف نفسه سبحانه مرة أخری بالعزیز الحكیم ثم عظم شأن النبوة لئلا یجوزوا مخالفة النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیما أتی به من الشرائع ثم ذم الحاملین للتوراة العالمین غیر العاملین به تعریضا لعلماء السوء مطلقا بأنهم لعدم عملهم بعلمهم كالحمار یحمل أسفارا.
ثم أوعدهم بالموت الذی لا بد من لقائه و بما یتبعه من العذاب و العقاب و نبههم علی أن ولایة اللّٰه لا تنال إلا بالعمل بأوامره سبحانه و اجتناب مساخطه و لیس ذلك بالعلم فقط و لا بمحض الدعوی.
ثم لما مهد جمیع ذلك خاطبهم بما هو المقصود من السورة أحسن خطاب و ألطفه.
الثالث أنه سبحانه أكد فی نفس الآیة المنزلة لذلك ضروبا من التأكید الأول إقباله تبارك و تعالی إلیهم بالخطاب تنشیطا للمكلفین و جبرا لكلفة التكلیف بلذة المخاطبة.
الثانی أنه ناداهم بیاء الموضوعة لنداء البعید تعظیما لشأن المنادی له و تنبیها علی أنه من العظم و الجلالة بحیث المخاطب فی غفلة منه و بعد عنه و إن كان
ص: 134
فی نهایة التیقظ و التذكر له.
الثالث أنه أطنب الكلام تعظیما لشأن ما فیه الكلام و إیماء إلی أنه من الشرافة و الكرامة بحیث یتلذذ المتكلم بما تكلم فیه كما یتلذذ بذكر المحبوبین و وصفهم بصفاتهم و الإطناب فی أحوالهم.
و الرابع أنه أجمل أولا المنادی حیث عبر بأی العامة لكل شی ء تخییلا لأن هذا الأمر لعظم شأنه مما لا یمكن المتكلم أن یعلم أول الأمر و بادئ الرأی أنه بمن یلیق و من یكون له حتی إذا تفكر و تدبر علم من یصلح له و یلیق به.
الخامس أنه أتی بكلمة ها التی للتنبیه لمثل ما قلناه فی یا.
السادس أنه عبر عنهم بصیغة الغائب تنبیها علی بعدهم لمثل ما قلناه فی یا.
السابع أنه طول فی اسمهم لیحصل لهم التنبیه الكامل فإنهم فی أول النداء یأخذون فی التنبه فكلما طال النداء و اسم المنادی ازداد تنبههم.
الثامن أنه خص المؤمنین بالنداء مع أن غیرهم مكلفون بالشرائع تنبیها علی أن الأمر من عظمه بحیث لا یلیق به إلا المؤمنون.
التاسع أنه عظم المخاطبین به بذكر اسمهم ثلاث مرات من الإجمال و التفصیل فإن أیها مجمل و الذین مفصل بالنسبة إلیه ثم الصلة تفصیل للموصول.
العاشر أنه عظمهم بصیغة الغیبة.
الحادی عشر أنه خص المعرفة بالنداء تنبیها علی أنه لا یلیق بالخطاب إلا رجال معهودون معروفون بالإیمان.
الثانی عشر أنه علق الحكم علی وصف الإیمان تنبیها علی علیته له و اقتضائه إیاه.
الثالث عشر أنه أمرهم بالسعی الذی هو الإسراع بالمشی إما حقیقة أو مجازا كما مر و الثانی أبلغ.
ص: 135
الرابع عشر أنه رتبه علی الشرط بالفاء الدالة علی عدم التراخی.
الخامس عشر أنه عبر عنها بذكر اللّٰه فوضع الظاهر موضع الضمیر إن فسر بالصلاة للدلالة علی أنها ذكر اللّٰه فمن تركها كان ناسیا لذكر اللّٰه غافلا عنه و إن فسر بالخطبة أیضا یجری فیه مثله.
السادس عشر تعقیبه بالأمر بترك ما یشغل عنه من البیع.
السابع عشر تعقیبه بقوله ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ و هو یتضمن وجوها من التأكید الأول نفس تعقیب هذا الكلام لسابقه و الثانی الإشارة بصیغة البعید المتضمن لتعظیم المشار إلیه و الثالث تنكیر خیر إن لم نجعله اسم تفضیل لأنه أیضا للتعظیم.
الثامن عشر تعقیبه بقوله إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ و هو یتضمن التأكید من وجوه الأول نفس هذا الكلام فإن العرف یشهد بأنه یذكر فی الأمور العظام المرغب فیها إن كنت تعلم ما فیه من الخیر لفعلته.
الثانی الدلالة علی أن من توانی فیه فإنما هو لجهله بما فیه من الفضل ففیه تنزیل لبعض العالمین منزلة الجاهلین و دلالة علی أنه لا یمكن أن یصدر الترك أو التوانی فیه عن أحد إلا عن جهل بما فیه.
و الثالث أنه ترك الجزاء لیذهب الوهم كل مذهب ممكن و هو نهایة فی المبالغة.
و الرابع أنه ترك مفعول العلم فإما أن یكون لتنزیله منزلة اللازم فیدل علی أنه یكفی فی الرغبة و المسارعة إلیه و ترك ما یشغل عنه الاتصاف بمجرد العلم و الكون من أهله أو ترك إبهاما له لتعظیمه و لیذهب الوهم كل مذهب ممكن فیكون المفهوم أن كل من علم شیئا من الأشیاء أسرع إلیها لأن فضلها من البدیهیات التی لیس شی ء أجلی منها.
ص: 136
الرابع ما أكد الحكم به بعد هذه الآیة و هو أیضا من وجوه الأول قوله فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فإنه بناء علی كون الأمر للإباحة كما هو الأشهر و الأظهر هنا دل بمفهوم الشرط علی عدم إباحة الانتشار قبل الصلاة.
الثانی أن أصل هذا الكلام نوع تأكید للحكم بإزاحة علتهم فی ذلك أی إن كان غرضكم التجارة فهو میسور و مقدور بعد الصلاة فلم تتركون الصلاة لذلك.
الثالث تعلیق الفلاح بما مر كما مر.
الرابع الإتیان به بلفظ الترجی لیعلموا أن تحصیل الفلاح أمر عظیم لا یمكن الجزم بحصوله بقلیل من الأعمال و لا مع عدم حصول شرائط القبول فیكون أحث لهم علی العمل و رعایة شرائطه.
الخامس لومهم علی ترك الصلاة و التوجه إلی التجارة و اللّٰهو أشد لؤم.
السادس بیان المثوبات المترتبة علی حضور الصلاة.
السابع إجمال هذه المثوبات إیذانا بأنه لا یمكن وصفه و لا یكتنه كنهه و لا یصل عقول المخاطبین إلیه.
الثامن بیان أن اللذات الأخرویة لیست من جنس المستلذات الدنیویة و أنها خیر منها بمراتب.
التاسع بیان أنه الرازق و القادر علیه فلا ینبغی ترك طاعته و خدمته لتحصیل الرزق فإنه قادر علی أن یحرمكم مع ترك الطاعة و یرزقكم مع فعلها.
العاشر بیان أنه خیر الرازقین علی سبیل التنزل أی لو كان غیره رازق فهو خیر منه فكیف و لا رازق سواه و یحتاج إلیه كل ما عداه.
الحادی عشر تعقیب هذه السورة بسورة المنافقین إیذانا بأن تارك هذه الفضیلة من غیر علة منافق كما ورد فی الأخبار الكثیرة من طرق الخاصة و العامة و به یظهر سر تلك الأخبار و یشهد له الأمر بقراءتهما فی الجمعة و صلوات لیلة الجمعة و یومها و تكرر ذكر اللّٰه فیهما علی وجه واحد.
ص: 137
وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ فِی الْحَسَنِ (1) كَالصَّحِیحِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ بِالْجُمُعَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَسَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِشَارَةً لَهُمْ وَ الْمُنَافِقِینَ تَوْبِیخاً لِلْمُنَافِقِینَ وَ لَا یَنْبَغِی تَرْكُهَا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
و بالجملة قوله سبحانه فی الجمعة فَاسْعَوْا إِلی ذِكْرِ اللَّهِ و قوله إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها و قوله فی المنافقین یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ أی لا یشغلكم تدبیرها و الاهتمام بها عن ذكره سبحانه وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ حیث طلبوا تجارة الدنیا الفانیة و ربحها فخسروا الآخرة الباقیة ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ فكل ذلك مما یورث الظن القوی بأن هذه الآیة أیضا مسوقة للتهدید علی ترك الجمعة أو ما یشملها و لذا أوردناها هاهنا تأییدا لا استدلالا فلا تغفل.
ص: 138
الأول أن تلك الآیات تدل علی وجوب صلاة الجمعة عینا فی جمیع الأزمان و لنذكر أولا الاختلافات الواقعة فیها ثم لنتعرض لوجه الاستدلال بالآیات علی ما هو الحق عندی منها.
اعلم أنه لا خلاف بین الأمة فی وجوب صلاة الجمعة وجوبا عینیا فی الجملة و إنما الخلاف فی بعض شرائطها و الكلام علی وجوه تفصیلها أنه هل یشترط الإمام أو نائبه (1) أم لا و علی تقدیر الاشتراط هل هو شرط الانعقاد أو شرط الوجوب؟
ص: 139
فبدونها یستحب و إن كان شرط الانعقاد فهل هو مخصوص بزمن حضور الإمام أو عام أو أنه مخصوص بإمكان الوصول بأحدهما حتی لو تعذر كفی إمام الجماعة أو عام حتی لو تعذر لم تنعقد.
ص: 140
فكلام الفاضلین فی التحریر و المعتبر و الشهید فی الدروس و البیان صریح فی أنه شرط الوجوب دون الانعقاد و هو ظاهر الشیخ فی النهایة و صریح العلامة فی
ص: 141
غیر التحریر و ظاهر ابن إدریس و المرتضی بل كل من نسب إلیه التحریم فی الغیبة و الشهید فی الذكری و الألفیة و الشهید الثانی فی شرح الألفیة و كذا الرسالة أنه شرط
ص: 142
الانعقاد و كلام الشیخ فی المبسوط و الخلاف مضطرب و الشهید الثانی فی شرح الألفیة تردد بین أن یكون شرطا للانعقاد أو للوجوب العینی.
ثم الذین شرطوا الانعقاد به اختلفوا فی أنه عام أو مخصوص بزمان الحضور أو مخصوص بإمكان أحد الأمرین فصریح الشهید الثانی فی كتبه و الشهید الأول فی الذكری و العلامة فی النهایة أنه مخصوص بزمان الحضور و صریح أبی الصلاح أنه مخصوص بالإمكان و المحرمون لها فی الغیبة مع بعض الموجبین و المجوزین یعممون الاشتراط إلا أن الموجبین و المجوزین یعدون الفقیه من نواب الإمام و بعضهم وافق ظاهر الشیخ فی عد كل من یصلح للإمامة من نوابه.
فقد تحقق أن هاهنا مقامات الأول هل الإمام أو نائبه شرط أم لا.
و الثانی شرط لأی شی ء فیه خمسة أقوال الأول شرط الوجوب و الثانی شرط الوجوب العینی و الثالث شرط الانعقاد مطلقا و الرابع شرط له حین حضور الإمام و الخامس شرط له ما أمكن.
و الثالث النائب من هو فیه وجوه ثلاثة الأول من استنابه الإمام بعینه و الثانی هو و الفقیه و الثالث هما و كل من یصلح لإمامة الجماعة.
فأما القائلون بوجوبها عینا فی الغیبة فهو أبو الصلاح و المفید فی المقنعة و الأشراف و الكراجكی و كثیر من الأصحاب حیث أطلقوا و لم یقیدوا الوجوب بشی ء كالكلینی و الصدوق و سائر المحدثین التابعین للنصوص الواردة عن أئمة الدین علیهم السلام أما الكلینی (1) فلأنه قال باب وجوب الجمعة و علی كم تجب ثم أورد الأخبار الدالة علی الوجوب العینی و لم یورد خبرا یدل علی اشتراط الإمام أو نائبه حتی أنه لم یورد روایة محمد بن مسلم الآتیة التی توهم جماعة دلالتها علی اعتبار الإمام أو نائبه.
و لا یخفی علی المتتبع أن قدماء المحدثین لا یذكرون فی كتبهم مذاهبهم و
ص: 143
إنما یوردون أخبارا یصححونها و منه یعلم مذاهبهم و آراءهم و كذا الصدوق فی الفقیه (1)
قال باب وجوب الجمعة و فضلها و أورد الأخبار و لم یورد معارضا و روایة ابن مسلم نتكلم علی دلالتها و عبارته فی المقنع كالصریح فی ذلك كما سیأتی و قال ره فی كتاب المجالس (2) فی مجلس أورده لوصف دین الإمامیة و الجماعة یوم الجمعة فریضة و فی سائر الأیام سنة فمن تركها رغبة عنها و عن جماعة المسلمین من غیر علة فلا صلاة له و وضعت الجمعة عن تسعة عن الصغیر و الكبیر و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المریض و الأعمی و من كان علی رأس فرسخین.
و تخصیصها بزمان الحضور مع كونه بصدد بیان مذهب الإمامیة لیعمل به تلامذته و الآخذون عنه من غیر قرینة فی غایة البعد(3)
و كذا سائر المحدثین ظواهر كلماتهم ذلك.
ص: 144
و ممن ظاهر كلامه ذلك الشیخ عماد الدین الطبرسی فی كتابه المسمی بنهج العرفان حیث قال بعد نقل الخلاف بین المسلمین فی شروط وجوب الجمعة إن الإمامیة أكثر إیجابا للجمعة من الجمهور و مع ذلك یشنعون علیهم بتركها حیث إنهم لا یجوزون الایتمام بالفاسق و مرتكب الكبائر و المخالف فی العقیدة الصحیحة.
و أما القائلون بالتحریم فهم ابن إدریس و سلار و العلامة فی المنتهی و جهاد التحریر و نسب إلی الشیخ و عبارته مضطربة و إلی علم الهدی فی مسائل المیافارقیات و هی أیضا لیست بصریحة فیه لأنه قال صلاة الجمعة ركعتان من غیر زیادة علیهما و لا جمعة إلا مع إمام عادل أو مع نصبه الإمام العادل فإذا عدم صلیت الظهر أربع ركعات فیحتمل أن یكون الفقیه أو كل من جمع صفات إمام الجماعة من المنصوبین من قبل الإمام عنده كما أن الشیخ قال مثل هذا الكلام ثم صرح بالجواز فی زمان الغیبة.
و قال ابن البراج فی النسخة التی عندنا من المهذب و اعلم أن فرض الجمعة لا یصح كونه فریضة إلا بشروط متی اجتمعت صح كونه فریضة جمعة و وجبت لذلك و متی لم یجتمع لم یصح و لم یجب كونه كذلك بل یجب كون هذه الصلاة ظهرا و یصلیها المصلی بنیة كونها ظهرا و الشروط التی ذكرناها هی أن یكون المكلف لذلك حرا بالغا كامل العقل سلیما عن المرض و العرج و العمی و الشیخوخة التی لا یمكن الحركة معها و أن لا یكون مسافرا و لا فی حكم المسافر و أن یكون بینه و بین موضع الجمعة فرسخان فما دونهما و یحضر الإمام العادل أو من نصبه أو من جری
ص: 145
مجراه و یجتمع من الناس سبعة أحدهم الإمام و یتمكن من الخطبتین و یكون بین الجمعتین ثلاثة أمیال.
فهذه الشروط إذا اجتمعت وجب كون هذه الصلاة فریضة جمعة و متی لم یجتمع سقط كونها فریضة جمعة و صلیت ظهرا كما قدمناه فإن اجتمع من الناس خمسة نفر أحدهم الإمام و حصل باقی هذه الشروط كانت صلاتها ندبا و استحبابا.
و یسقط فرضها مع حصول الشروط المذكورة عن تسعة نفر و هم الشیخ الكبیر و الطفل الصغیر و العبد و المرأة و الأعمی و المسافر و الأعرج و المریض و كل من كان منزله من موضعها علی أكثر من فرسخین.
ثم قال و إذا كان الزمان زمان تقیة جاز للمؤمنین أن یقیموا فی مكان لا یلحقهم فیه ضرر و لیصلوا جماعة بخطبتین فإن لم یتمكنوا من الخطبة صلوا جماعة أربع ركعات و من صلی فرض الجماعة مع إمام یقتدی به فلیصل العصر بعد الفراغ من فرض الجمعة و لا یفصل بینهما إلا بالإقامة انتهی.
و لا یخفی أن المستفاد من كلامه أولا و آخرا أنه تجب الجمعة عینا مع الإمام أو نائبه الخاص أو العام أعنی الفقیه الجامع لشرائط الفتوی و هو المراد بقوله أو من جری مجراه و حمله علی أن المراد من نصبه لخصوص الصلاة أو من جری مجراه بأن نصبه للأعم منها بعید مع أنه یشمل الفقیه أیضا و مع عدم النائب و الفقیه و وجود العادل یجب تخییرا مع التمكن من الخطبة فتدبر.
ثم أقول إذا عرفت هذه الاختلافات فالذی یترجح عندی منها الوجوب المضیق العینی فی جمیع الأزمان و عدم اشتراط الإمام أو نائبه الخاص أو العام (1)
ص: 146
بل یكفی العدالة المعتبرة فی الجماعة و العلم بمسائل الصلاة إما اجتهادا أو تقلیدا أعم من الاجتهاد و التقلید المصطلح بین الفقهاء أو العالم و المتعلم علی اصطلاح المحدثین.
نعم یظهر من الأخبار زائدا علی إمام الجماعة القدرة علی إیراد الخطبة البلیغة المناسبة للمقام بحسب أحوال الناس و الأمكنة و الأزمنة و الأعوام و الشهور و الأیام و العلم بآدابها و شرائطها.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه استفید من تلك الآیات أحكام الأول وجوب الجمعة علی الأعیان فی جمیع الأزمان وجه الاستدلال اتفاق المفسرین علی أن المراد بالذكر فی الآیة الأولی صلاة الجمعة أو خطبتها أو هما معا حكی ذلك غیر واحد من العلماء و الأمر للوجوب علی ما تحقق فی موضعه لا سیما أوامر القرآن المجید.
و المراد بالنداء الأذان أو دخول وقته كما مر فالمستفاد من الآیة الأمر بالسعی إلی صلاة الجمعة أی الاهتمام فی إیقاعها لكل واحد من المؤمنین متی تحقق الأذان لأجل الصلاة أو وقت الصلاة و حیث كان الأصل عدم التقیید بشرط یلزم عموم الوجوب بالنسبة إلی زمان الغیبة و الحضور.
و اعترض علیه بوجوه الأول أن كلمة إذا غیر موضوعة للعموم لغة فلا یلزم وجوب السعی كلما تحقق النداء.
و الجواب أن إذا و إن لم تكن موضوعة للعموم لغة لكن یستفاد منها العموم فی أمثال هذه المواضع إما بحسب الوضع العرفی أو بحسب القرائن الدالة
ص: 147
علیه كما قالوا فی آیة الوضوء و أمثالها مع أن حمله علی الإهمال یجعل الكلام خالیا عن الفائدة المعتد بها و یجب تنزیه كلام الحكیم عنه.
و أیضا لا یخلو إما یكون المراد إیجاب السعی و لو فی العمر مرة أو إیجابه علی سبیل العموم أو إیجابه عند حضور الإمام أو نائبه لا سبیل إلی الأول إذ ظاهر أن المسلمین متفقون علی أن لیس المراد من الآیة إیجاب السعی مطلقا بحیث یتحقق بالمرة بل أطبقوا علی أن المراد بها التكرار و لا سبیل إلی الثالث لكونه خلاف الظاهر من اللفظ إذ لا دلالة للفظ علیه و لا قرینة تدل علیه فالعدول عن الظاهر إلیه یحتاج إلی دلیل واضح فثبت الثانی و هو المطلوب.
و أیضا الخطاب عام بالنسبة إلی جمیع المؤمنین سواء تحقق الشرط المدعی بالنسبة إلیه أم لا فعلی تقدیر تجویز إن لم یكن المراد بالآیة التكرار یلزم إیجاب السعی علی من لم یتحقق الشرط بالنسبة إلیه و لو مرة و یلزم منه الدوام و التكرار لعدم القائل بالفصل.
الثانی أن الخطاب إنما یتوجه إلی الموجودین عند المحققین و لا یشمل من سیوجد إلا بدلیل خارج و لیس إلا الإجماع و هو لا یجری فی موضع الخلاف و الجواب أن التحقیق أن الخطاب یتوجه إلی المعدومین بتبعیة الموجودین إذا كان فی اللفظ ما یدل علی العموم كهذه الآیة و قد حقق فی محله و الإجماع علی عدم اختصاص الأحكام بزمانه لم یتحقق علی كل مسألة مسألة حتی یقال لا یجری فی موضع الخلاف بل علی هذا المفهوم الكلی مجملا و إلا فلا یمكن الاستدلال بالآیات و لا بالأخبار علی شی ء من المسائل الخلافیة إذا ورد بلفظ الخطاب و هذا سفسطة مع أن الأخبار المتواترة تدل علی عدم اختصاص أحكام القرآن و السنة بزمان دون زمان و أن حلال محمد صلی اللّٰه علیه و آله حلال إلی یوم القیامة و حرامه حرام إلی یوم القیامة
ص: 148
الثالث أن الأمر معلق علی الأذان فمن أین ثبت الوجوب مطلقا.
و الجواب أنه یلزم بصریح الآیة الإیجاب مع تحقق الأذان و یلزم منه الإیجاب مطلقا مع أنا قد قدمنا أن الظاهر أن المراد دخول وقت النداء.
و اعترض علیه بوجوه سخیفة أخری و بعضها یتضمن الاعتراض علی اللّٰه تعالی إذ لم یرتب متتبع فی أن الآیة إنما نزلت لوجوب صلاة الجمعة و الحث علیها فقصورها عن إفادة المراد یئول إلی الاعتراض علی الملك العلام و یظهر الجواب عن بعضها مما قررنا سابقا فی تفسیر الآیات.
ثم إن أمثال تلك الاعتراضات إنما یحسن ممن لم یستدل فی عمره بآیة و لا خبر علی حكم من الأحكام و أما من كان دأبه الاستدلال بالظواهر و الإبهامات علی الأحكام الغریبة لا یلیق به تلك المناقشات و هل یوجد آیة أو خبر لا یمكن المناقشة فی الاستدلال بها بأمثال ذلك.
و من العجب أنهم یقولون
ورد فی الخبر: أن الذكر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
فیمكن أن یكون المراد به هنا السعی إلیه صلی اللّٰه علیه و آله و لا یعرفون أن الأخبار الواردة فی تأویل الآیات و بطونها لا ینافی الاستدلال بظاهرها فقد
ورد فی كثیر من الأخبار: أن الصلاة رجل و الزكاة رجل و أن العدل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الإحسان أمیر المؤمنین علیه السلام و الفحشاء و المنكر و البغی الثلاثة.
و أمثال ذلك أكثر من أن تحصی و شی ء منها لا ینافی العمل بظواهرها و الاستدلال بها و قد حققنا معانیها و أشبعنا الكلام فیها فی تضاعیف هذا الكتاب و اللّٰه الموفق للصواب.
الثانی تدل الآیة علی شرعیة الأذان لتلك الصلاة و قد مر الكلام فیه و المشهور أن الأذان إنما یؤتی به بعد صعود الإمام المنبر قال فی مجمع البیان (1) فی قوله تعالی إِذا نُودِیَ أی أذن لصلاة الجمعة و ذلك إذا جلس الإمام علی المنبر یوم الجمعة و ذلك لأنه لم یكن علی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نداء سواه.
ص: 149
قال السائب بن یزید كان لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مؤذنان أحدهما بلال فكان إذا جلس علی المنبر أذن علی باب المسجد فإذا أذن أقام للصلاة ثم كان أبو بكر و عمر كذلك حتی إذا كان عثمان و كثر الناس و تباعدت المنازل زاد أذانا فأمر بالتأذین الأول علی سطح دار له بالسوق یقال له الزوراء و كان یؤذن علیها فإذا جلس عثمان علی المنبر أذن مؤذنه فإذا نزل أقام للصلاة انتهی و لذا حكم أكثر الأصحاب بحرمة الأذان الثانی و بعضهم بالكراهة.
و اختلفوا فی أن الحرام أو المكروه هل الثانی زمانا أو وضعا و یدل علی استحباب كون الأذان بعد صعود الإمام المنبر ما رواه الشیخ (1)
عن عبد اللّٰه بن میمون عن جعفر عن أبیه قال: كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا خرج إلی الجمعة قعد علی المنبر حتی یفرغ المؤذنون.
لكن تعارضه حسنة إبراهیم بن هاشم (2)
عن محمد بن مسلم قال سألته عن الجمعة فقال أذان و إقامة یخرج الإمام بعد الأذان فیصعد المنبر الخبر و هذا یدل علی استحبابه قبل صعود الإمام كما ذهب إلیه أبو الصلاح حیث قال إذا زالت الشمس أمر مؤذنیه بالأذان فإذا فرغوا منه صعد المنبر فخطب و الأول مؤید بالشهرة و یمكن حمل الثانی علی التقیة و التخییر لا یخلو من قوة.
الثالث ربما یتوهم رجحان العدو و الإسراع إلی الجمعة لقوله تعالی فَاسْعَوْا و قد عرفت أنه غیر محمول علی ظاهره و قد وردت الأخبار باستحباب السكینة و الوقار إلا مع ضیق الوقت و خوف فوت الصلاة فلا یبعد وجوب الإسراع حینئذ.
الرابع بناء علی تفسیر الذكر بالخطبة فقط أو مع الصلاة یدل علی شرعیة الخطبة بل وجوبها إذ الظاهر أن وجوب السعی إلیها یستلزم وجوبها و لا خلاف فی وجوب الخطبتین فی الجمعة و لا تقدیمهما علی الصلاة فی الجمعة إلا من الصدوق ره
ص: 150
حیث یقول بتأخیر الخطبتین فی الجمعة و العیدین و هو ضعیف و فیها دلالة ما علی التقدیم إن فسر بالخطبة فقط إذ مع تقدیم الصلاة الأمر بالسعی إلی الخطبة فقط بعید بخلاف ما إذا كانتا متقدمتین فإن حضورهما یستلزم حضور الصلاة و هما من مقدماتها الخامس استدل بها علی وجوب إیقاع الخطبة بعد الزوال و اختلف الأصحاب فیه فذهب الأكثر منهم المرتضی و ابن أبی عقیل و
أبو الصلاح إلی أن وقتها بعد الزوال و قال الشیخ فی الخلاف و النهایة و المبسوط أنه ینبغی للإمام إذا قرب من الزوال أن یصعد المنبر و یأخذ فی الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتین زالت الشمس فإذا زالت نزل فصلی بالناس و اختاره ابن البراج و المحقق و الشهیدان و ظاهر ابن حمزة وجوب التقدیم و جواز التقدیم لا یخلو من قوة و یدل علیه صحیحة ابن سنان (1)
و غیرها.
و احتج المانعون بهذه الآیة حیث أوجب السعی بعد النداء الذی هو الأذان فلا یجب قبله و أجیب بأنه موقوف علی عدم جواز الأذان یوم الجمعة قبل الزوال و هو ممنوع.
السادس تدل الآیة علی تحریم البیع بعد النداء و نقل الإجماع علیه العلامة و غیره و الاستدلال بقوله وَ ذَرُوا الْبَیْعَ فإنه فی قوة اتركوا البیع بعد النداء و ربما یستدل علیه بقوله تعالی فَاسْعَوْا بناء علی أن الفوریة تستفاد من ترتب الجزاء علی الشرط و الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضده و هذا علی تقدیر تمامه إنما یدل علی التحریم مع المنافاة و المشهور التحریم مطلقا.
ثم اعلم أن المذكور فی عبارة أكثر الأصحاب تحریم البیع بعد الأذان حتی أن العلامة فی المنتهی و النهایة نقل إجماع الأصحاب علی عدم تحریم البیع قبل النداء و لو كان بعد الزوال و فی الإرشاد أناط التحریم بالزوال و تبعه الشهید الثانی
ص: 151
فی شرحه و هو ضعیف إلا أن یفسر النداء بدخول وقته فتدل الآیة علیه.
و اختلف الأصحاب فی تحریم غیر البیع من العقود و الإیقاعات و المشهور عدم التحریم و ذهب بعضهم إلی التحریم للمشاركة فی العلة المومی إلیها بقوله ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ و بأن الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضده و الأخیر إنما یتم مع المنافاة و الدعوی أعم من ذلك و الأحوط الترك مطلقا لا سیما مع المنافاة و هل الشراء مثل البیع فی التحریم ظاهر الأصحاب ذلك و حملوا البیع الواقع فیها علی ما یعم الشراء و للمناقشة فیه مجال.
و اختلفوا أیضا فیما لو كان أحد المتعاقدین ممن لا یجب علیه السعی فذهب جماعة من المتأخرین إلی التحریم و المحقق إلی عدمه وفاقا للشیخ فإنه كرهه و الأحوط الترك لا سیما إذا اشتمل علی معاونة الآخر علی الفعل.
ثم اختلفوا فی أنه مع التحریم هل یبطل العقد فالمشهور عدم البطلان لأن النهی فی المعاملات لا یستلزم الفساد عندهم و ذهب ابن الجنید و الشیخ فی المبسوط و الخلاف إلی عدم الانعقاد و لعل الأول أقوی.
السابع فی الآیة الأخیرة دلالة علی وجوب الحضور فی وقت الخطبة إن فسر قوله وَ تَرَكُوكَ قائِماً علی القیام فی وقت الخطبة و لعله لا خلاف فیه و إنما اختلفوا فی وجوب الإنصات فذهب الأكثر إلی الوجوب و ذهب الشیخ فی المبسوط و المحقق فی
المعتبر إلی أنه مستحب و علی تقدیر الوجوب هل یجب أن یقرب البعید بقدر الإمكان المشهور بینهم ذلك و لا یبعد كون حكمه حكم القراءة فلا یجب قرب البعید و استماعه.
و كذا اختلفوا فی تحریم الكلام فذهب الأكثر إلی التحریم فمنهم من عمم التحریم بالنسبة إلی المستمعین و الخطیب و منهم من خصه بالمستمعین و نقل عن الشیخ الجلیل أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی أنه قال فی جامعه إذا قام الإمام یخطب فقد وجب علی الناس الصمت و ذهب الشیخ فی المبسوط و موضع من الخلاف و المحقق
ص: 152
إلی الكراهیة و لعله أقرب و من القائلین بالتحریم من صرح بانتفاء التحریم بالنسبة إلی البعید الذی لا یسمع و الأصم لعدم الفائدة و من المتأخرین من صرح بعموم التحریم و لم یصرح الأكثر ببطلان الصلاة أو الخطبة بالكلام و الأقرب العدم قال العلامة فی النهایة و لا تبطل جمعة المتكلم و إن حرمناه إجماعا و الخلاف فی الإثم و عدمه و الظاهر تحریم الكلام أو كراهته بین الخطبتین و لا یحرم بعد الفراغ منهما و لا قبل الشروع فیهما اتفاقا.
1- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ صَلَاةً فِیهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ فِی جَمَاعَةٍ وَ هِیَ الْجُمُعَةُ وَ وَضَعَهَا عَنْ تِسْعَةٍ عَنِ الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمُسَافِرِ وَ الْعَبْدِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الْمَرِیضِ وَ الْأَعْمَی وَ مَنْ كَانَ عَلَی رَأْسِ فَرْسَخَیْنِ وَ الْقِرَاءَةُ فِیهَا جِهَارٌ وَ الْغُسْلُ فِیهَا وَاجِبٌ وَ عَلَی الْإِمَامِ فِیهَا قُنُوتَانِ قُنُوتٌ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ فِی الثَّانِیَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ (1).
مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ: إِلَی قَوْلِهِ عَلَی رَأْسِ فَرْسَخَیْنِ (2).
مجالس ابن الشیخ، عن أبیه عن الحسین بن عبید اللّٰه الغضائری عن الصدوق عن أبیه: مثله (3).
الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ هِیَ الْجُمُعَةُ(4).
ص: 153
اعلم أن هذا الخبر فی أعلی مراتب الصحة و رواه الصدوق أیضا بسند صحیح (1) عن زرارة و فیه إنما فرض اللّٰه عز و جل علی الناس إلی قوله منها صلاة و فی بعض النسخ فیها و رواه فی الكافی (2)
فی الحسن كالصحیح و فیه و فرض اللّٰه علی الناس و فیه أیضا منها صلاة و یستفاد منه أحكام الأول وجوب صلاة الجمعة(3) عینا فی جمیع الأزمان مع تأكیدات كثیرة
ص: 154
الإتیان بلفظ الفرض الذی هو أصرح العبارات فی الوجوب و آكدها ثم قوله علی الناس كما فی سائر الكتب لئلا یتوهم منه التخصیص بصنف و جماعة ثم ضمها مع الصلوات التی كلها واجبة عینا.
ثم قوله وضعها عن تسعة فإنه فی قوة الاستثناء فیفید تأكید شمول الحكم لغیر تلك الأفراد و یرفع احتمال حمل الفرض علی الوجوب التخییری فإن فیهم من یجب علیهم تخییرا بالاتفاق و لفظ الإمام الواقع فیها و فی سائر أخبار الجمعة و الجماعة لا ریب فی أن الظاهر فیها إمام الجماعة بقرینة الجماعة المذكورة سابقا.
فإن قیل لعل المراد بقوله خمسا و ثلاثین صلاة الصلوات التی منها الصلاة الواقعة فی ظهر یوم الجمعة أعم من الجمعة و الظهر و قوله منها صلاة أرید بها فرد من واحدة من الخمس و الثلاثین فهو فی غایة البعد.
ص: 155
فإن قیل الحصر المستفاد من إنما علی ما فی بعض النسخ یؤید الحمل علی الأعم و إلا انتقض الحصر بصلاة ظهر یوم الجمعة لمن سقط عنه الجمعة.
قلنا لا تأیید فیه لأن قوله علیه السلام و وضعها عن تسعة فی قوة الاستثناء فكأنه قال لم یفرض اللّٰه علی جمیع الناس من الصلوات الیومیة إلا الخمس و الثلاثین التی أحدهما الجمعة إلا هؤلاء التسعة فإنه لا یجب علیهم خصوص هذه الخمس و الثلاثین.
و إنما لم یتعرض صریحا لما یجب علی هؤلاء التسعة لأن بعضهم لا یجب علیهم شی ء أصلا و البعض الذی یجب علیهم الظهر حكم اضطراری تجب علیهم بدلا من الجمعة لبعض الموانع الخلقیة أو الخارجیة و إنما الأصل فی یوم الجمعة الجمعة فلذا عدها من الخمس و الثلاثین و لم یتعرض للبدل صریحا و هذا ظاهر من الخبر بعد التأمل فظهر أن الحصر مؤید و مؤكد لما ذكرنا لا لما ذكرتم.
الثانی یدل علی كون الجماعة فرضا فیها و لا خلاف فیه و فی اشتراطها بها و یتحقق الجماعة بنیة المأمومین الاقتداء بالإمام و یعتبر فی انعقادها نیة العدد المعتبر و فی وجوب نیة الإمام نظر و لو بان كون الإمام محدثا قال فی الذكری فإن كان العدد لا یتم بدونه فالأقرب أنه لا جمعة لهم لانتفاء الشرط و إن كان العدد حاصلا من غیره صحت صلاتهم عندنا لما سیأتی فی باب الجماعة.
و ربما افترق الحكم هنا و هناك لأن الجماعة شرط فی الجمعة و لم یحصل فی نفس الأمر بخلاف باقی الصلوات فإن القدوة إذا فاتت فیها یكون قد صلی منفردا و صلاة المنفرد هناك صحیحة بخلاف الجمعة و ذهب بعض المتأخرین إلی الصحة مطلقا و إن لم یكن العدد حاصلا من غیره و لا یخلو من قوة و الأحوط الإعادة مطلقا.
الثالث یدل علی عدم الوجوب علی الصغیر و المجنون و لا خلاف فیه إذا كان حالة الصلاة مجنونا.
ص: 156
الرابع یدل علی السقوط عن الشیخ الكبیر و هو مذهب علمائنا و قیده فی القواعد بالبالغ حد العجز أو المشقة الشدیدة و النصوص مطلقة و الأحوط عدم الترك مع الإمكان.
الخامس یدل علی عدم وجوبه علی المسافر و نقل اتفاق الأصحاب علیه الفاضلان و الشهید و المشهور أن المراد به المسافر الشرعی فتجب علی ناوی الإقامة عشرا و المقیم فی بلد ثلاثین یوما و فی المنتهی نقل الإجماع علیه و كذا كثیر السفر و العاصی كما صرح به فی الذكری و غیره و قال فی المنتهی لم أقف علی قول لعلمائنا فی اشتراط الطاعة فی السفر لسقوط الجمعة و قرب الاشتراط و المسألة لا تخلو من إشكال و إن كان ما قربه قریبا.
و من حصل فی مواضع التخییر فالظاهر عدم الوجوب علیه لصدق السفر و جزم فی التذكرة بالوجوب و ذهب فی الدروس إلی التخییر.
السادس یدل علی عدم الوجوب علی المرأة و نقل الفاضلان و غیرهما اتفاق الأصحاب علیه و فی الخنثی المشكل قولان و ظاهر هذا الخبر الوجوب علیها كظاهر أكثر الأخبار.
السابع یدل علی عدم وجوبها علی العبد و نقل الفاضلان و غیرهما اتفاق الأصحاب علیه و لا فرق فی ذلك بین القن و المدبر و المكاتب الذی لم یؤد شیئا لصدق المملوك علی الكل و هل یجب إذا أمره المولی فیه إشكال و اختلف الأصحاب فی المبعض إذا هایأه المولی فاتفقت الجمعة فی یومه فالمشهور سقوطها عنه و فی المبسوط تجب علیه و لا یخلو من قوة لعدم صدق العبد و المملوك علیه.
الثامن یدل علی عدم وجوبها علی المریض و الأعمی و نقل الفاضلان و غیرهما اتفاق الأصحاب علیها و كلام الأصحاب یقتضی عدم الفرق فیهما بین ما یشق معه الحضور و غیره و بهذا التعمیم صرح فی التذكرة و اعتبر فی المسالك
ص: 157
تعذر الحضور أو المشقة التی لا یتحمل مثلها عادة أو خوف زیادة المرض و لا یظهر ذلك من النصوص.
ثم اعلم أن الشیخ عد فی جملة من كتبه و العلامة فی بعض كتبه العرج أیضا من الأعذار المسقطة حتی أنه قال فی المنتهی و هو مذهب علمائنا أجمع لأنه معذور بالعرج لحصول المشقة فی حقه و لأنه مریض فسقطت عنه و لا یخفی ما فیهما و قیده فی التذكرة بالإقعاد و نقل إجماع الأصحاب علیه و لم یذكره المفید و لا المرتضی و قال المتأخرون النصوص خالیة عنه و قال المرتضی و روی أن العرج عذر و قال المحقق فإن كان یرید به المقعد فهو أعذر من المریض و الكبیر لأنه ممنوع من السعی فلا یتناوله الأمر بالسعی و إن لم یرد ذلك فهو فی حیز المنع أقول و یمكن أن یستدل لهم بعموم قوله تعالی لَیْسَ عَلَی الْأَعْمی حَرَجٌ وَ لا عَلَی الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَی الْمَرِیضِ حَرَجٌ (1) كما استدل الشهید ره فی
ص: 158
الأعمی بذلك لكن یرد علیه أن هذا نزل فی موضعین من القرآن أحدهما فی سورة النور و المشهور كما هو ظاهر ما بعده بل ما قبله أنها نزلت فی المؤاكلة و الآخر فی سورة الفتح و ظاهره النزول فی الجهاد فشموله لما نحن فیه بعید فالظاهر وجوب حضوره كما هو المصرح فی التذكرة و الذكری لعموم أدلة الوجوب و عدم ما یصلح للتخصیص نعم سیأتی من كتاب الدروس روایة مرسلة و هی أیضا لا تصلح للتخصیص.
التاسع یدل علی عدم وجوبها علی من كان علی رأس فرسخین و اختلف الأصحاب فی تحدید البعد المقتضی لعدم السعی إلی الجمعة فالمشهور بینهم أن حده أن یكون أزید من فرسخین و ظاهر الصدوق فی المقنع و المجالس أنه لا یجب علی من كان علی رأس فرسخین أیضا كما هو مدلول هذا الخبر و ذهب إلیه ابن حمزة أیضا.
و قال ابن أبی عقیل من كان خارجا من مصر أو قریة إذا غدا من أهله بعد ما یصلی الغداة فیدرك الجمعة مع الإمام فإتیان الجمعة علیه فرض و إن لم یدركها إذا غدا إلیها بعد ما یصلی الغداة فلا جمعة علیه و قال ابن الجنید وجوب السعی إلیها علی من یسمع النداء بها أو كان یصل إلی منزله إذا راح منها قبل خروج نهار یومه و هو قریب من قول ابن أبی عقیل و أكثر الأخبار تدل علی الأول و هذا الخبر و ما سیأتی من خطبة أمیر المؤمنین تدل علی الثانی و یمكن الجمع بینهما
ص: 159
بوجهین أحدهما أن یكون المراد بمن كان علی رأس فرسخین أن یكون أزید منها و یؤیده أن العلم بكون المسافة فرسخین أنما یكون غالبا عند العلم بكونها أزید.
و ثانیهما حمل الوجوب فیما دل علی الوجوب فی فرسخین علی الاستحباب المؤكد و لعل الأول أولی و هذا الاختلاف یكون فی الأخبار الواردة فی أشیاء لا یمكن العلم بحدها حقیقة غالبا كمقدار الدرهم و الكر و أمثالهما.
و یدل علی الثالث صحیحة زرارة(1)
و حملت علی الفرسخین فإن الضعفاء و المشاة لا یمكنهم السعی فی یوم واحد أكثر من أربعة فراسخ فیكون كالتعلیل للفرسخین و یمكن حملها علی الاستحباب.
ثم اعلم أن الأصحاب عدوا من مسقطات الجمعة المطر و قال فی التذكرة إنه لا خلاف فیه بین العلماء
وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ صَحِیحَةُ(2)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ یَتْرُكَ الْجُمُعَةَ فِی الْمَطَرِ.
و ألحق العلامة و من تأخر عنه بالمطر الوحل و الحر و البرد الشدیدین إذا خاف الضرر معهما و لا بأس به تفصیا من لزوم الحرج المنفی.
و أما الثلج و البرد إذا لم یخف معهما الضرر فیشكل إلحاقه بالمطر لعدم صدقه علیهما لغة و عرفا و القیاس بالطریق الأولی مع عدم ثبوت حجیته مطلقا و عسر إثبات الأولویة هنا مشكل و الأولی عدم الترك بغیر ما ورد فیه النص من تلك الأعذار إلا مع خوف الضرر الشدید لا سیما للإمام.
و قال فی المعتبر قال علم الهدی و روی أن من یخاف علی نفسه ظلما أو ماله
ص: 160
فهو معذور فی الجمعة و كذا من كان متشاغلا بجهاز میت أو تعلیل والد أو من یجری مجراه من ذوی الحرمات الوكیدة یسعه التأخر.
العاشر یدل علی أن القراءة جهر و لا خلاف فی رجحان الجهر فیها و ظاهر الأكثر الاستحباب قال فی المنتهی أجمع كل من یحفظ عنه العلم علی أنه یجهر بالقراءة فی صلاة الجمعة و لم أقف علی قول للأصحاب فی الوجوب و عدمه و الأصل عدمه.
أقول: الأحوط عدم ترك الجهر.
الحادی عشر یدل علی وجوب الغسل فی یوم الجمعة و حمل فی المشهور علی تأكد الاستحباب (1) ثم إن الظاهر إرجاع ضمیر فیها إلی الصلاة فیدل علی أن وجوبها لأجل الصلاة فإذا لم تصل الجمعة لم یجب (2)
و هذا وجه جمع بین الأخبار لكن لم یقل بهذا التفصیل أحد و یحتمل إرجاعه إلی الجمعة بمعنی الیوم علی الاستخدام أو بتقدیر الصلاة فی الأول.
الثانی عشر یدل علی أن قنوتها اثنان فی الأولی قبل الركوع و فی الثانیة بعده و هو المشهور بین الأصحاب و ظاهر ابن أبی عقیل و أبی الصلاح أن فی الجمعة قنوتین قبل الركوع مع احتمال موافقتهما للمشهور و ظاهر الصدوق فی الفقیه أن فیها قنوتا واحدا فی الثانیة قبل الركوع و ظاهر ابن إدریس أیضا ذلك.
و قال المفید إن فی الجمعة قنوتا واحدا فی الركعة الأولی قبل الركوع و هو ظاهر ابن الجنید و مختار المختلف و بعض المتأخرین و یظهر من المرتضی التردد بین أن یكون له قنوت واحد قبل الركوع أو قنوتان فی الأول قبل الركوع و فی
ص: 161
الثانیة بعده و المشهور أقوی لهذه الصحیحة و صحیحة أبی بصیر(1)
لكن وردت أخبار كثیرة دالة علی مذهب المفید فیمكن الجمع بینها بعدم تأكد الاستحباب فی الثانیة أو بالوجوب فی الأولی و الاستحباب فی الثانیة.
و یظهر من المعتبر جمع آخر حیث قال و الذی یظهر أن الإمام یقنت قنوتین إذا صلی جمعة ركعتین و من عداه یقنت مرة جامعا كان أو منفردا.
و الظاهر أن المراد بالإمام إمام الأصل أی القنوتان فی الجمعة إنما هو إذا كان الإمام فیها إمام الأصل و إلا فواحدة و لكن الجامع جمعة یقنت الواحدة فی الأولی و الجامع ظهرا و المنفرد فی الثانیة و هذا الخبر مما یؤیده و علی المشهور یمكن أن یكون التخصیص بالإمام لكونه علیه آكد أو واجبا أو لمعلومیة كون المأموم تابعا له.
2- الْمُعْتَبَرُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فِی كُلِّ أُسْبُوعٍ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ صَلَاةً مِنْهَا صَلَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ یَشْهَدَهَا إِلَّا خَمْسَةً الْمَرِیضَ وَ الْمَمْلُوكَ وَ الْمُسَافِرَ وَ الْمَرْأَةَ وَ الصَّبِیَ (2).
بیان: هذا الخبر رواه الكلینی (3)
و الشیخ بسند صحیح (4) عن أبی بصیر و محمد بن مسلم عنه علیه السلام و فیهما فی كل سبعة أیام و التصریح بالتعمیم فیه أكثر من الخبر السابق لقوله فی كل سبعة أیام و قوله علی كل مسلم و الاستثناء الموجب لزیادة التأكید فی العموم فیشمل الحكم زمان الغیبة.
ثم الظاهر أن قوله علی كل مسلم متعلق بقوله واجبة و قوله أن یشهدها
ص: 162
إما فاعل لقوله واجبة أو بدل اشتمال من الضمیر و یحتمل علی بعد أن یكون علی كل مسلم أن یشهدها جملة مستأنفة مؤكدة للأولی و هذه العبارة أیضا دالة علی الوجوب عرفا لا سیما مع قرینة الكلمات السابقة و الأصل فی الوجوب العینی و إطلاق الواجب علی أحد فردی التخییری مجاز كما حقق فی محله إذ الواجب ما لا یجوز تركه فالواجب هو المفهوم المردد بینهما مع أن استثناء الخمسة یأبی عن الحمل علیه كما عرفت.
و قوله أن یشهدها لبیان اشتراط الجماعة فیها و الظاهر أن الإمام و العدد الذین ینعقد بهم الجمعة داخلون فی قوله كل مسلم و الشهود لا یستلزم انعقاد جمعة قبله بل الشهود أعم من أن یكون لانعقادها أو إیقاعها مع من عقدها فحاصل الكلام أن من جملة ذلك العدد صلاة یجب علی كل مسلم إیقاعها علی الاجتماع جماعة إلا الخمسة و لیس هذا إلا صلاة الجمعة.
و قد عرفت أن الشرائط غیر مأخوذة فی الجمعة و لا یؤخذ فیها إلا العدد و الخطبة فما ثبت من الشرائط بدلیل من خارج یعتبر فیها و إلا فلا و لو لم یحمل علی هذا فأیة فائدة فی هذا الكلام و لا بد من حمل أفعال الحكیم و أقواله علی وجه یفید فائدة معتدا بها و یشتمل علی حكمة عظیمة و حمله علی الإلغاز و التعمیة غیر موجه.
3- الْمُقْنِعَةُ،:(1) اعْلَمْ أَنَّ الرِّوَایَةَ جَاءَتْ عَنِ الصَّادِقِینَ علیهم السلام أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ فَرَضَ عَلَی عِبَادِهِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ صَلَاةً لَمْ یَفْرِضْ فِیهَا الِاجْتِمَاعَ إِلَّا فِی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا الْآیَةَ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثاً مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ. فغرضنا وفقك اللّٰه الاجتماع علی ما قدمناه إلا أنه بشریطة إمام مأمون علی صفات یتقدم
ص: 163
الجماعة و یخطب بهم خطبتین یسقط بهما و بالاجتماع عن المجتمعین من الأربع الركعات ركعتان و إذا حضر الإمام وجبت الجمعة علی سائر المكلفین إلا من أعذره اللّٰه تعالی منهم و إن لم یحضر إمام سقط فرض الاجتماع و إن حضر إمام یخل بشریطة من یتقدم فیصلح به الاجتماع فحكم حضوره حكم عدم الإمام و الشرائط التی تجب فیمن یجب معه الاجتماع أن یكون حرا بالغا طاهرا فی ولادته مجنبا من الأمراض الجذام و البرص خاصة فی خلقته (1)
مسلما مؤمنا معتقدا للحق بأسره فی دیانته مصلیا للفرض فی ساعته.
فإذا كان كذلك و اجتمع معه أربعة نفر وجب الاجتماع و من صلی خلف إمام بهذه الصفات وجب علیه الإنصات عند قراءته و القنوت فی الأولی من الركعتین فی فریضته و من صلی خلف إمام بخلاف ما وصفناه رتب الفرض علی المشروح فیما قدمناه و یجب الحضور مع من وصفناه من الأئمة فرضا و یستحب مع من خالفهم تقیة و ندبا
رَوَی هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: حَثَّنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَلَی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّهُ یُرِیدُ أَنْ نَأْتِیَهُ فَقُلْتُ نَغْدُو عَلَیْكَ فَقَالَ إِنَّمَا عَنَیْتُ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ (2).
بیان: هذا الكلام كما تری صریح فی اشتراط الإمام و نائبه و أنه لا یشترط فیها إلا ما یشترط فی إمام الجماعة و الشیخ فی التهذیب أورد هذا الكلام و لم ینكر علیه و أورد الأخبار الدالة علیه فیظهر أنه فی هذا الكلام یوافقه و لو كان إجماع معلوم فكیف كان یخفی علی المفید و هو أستاد الشیخ و أفضل منه فلا بد من تأویل و تخصیص فی كلام الشیخ كما ستعرف.
و أما الحدیث الأخیر فرواه الشیخ بسند صحیح (3)
و یدل علی وجوب الجمعة
ص: 164
فی زمان الغیبة إذ صرح الأكثر بأن زمان عدم استیلاء الإمام علیه السلام فی حكم أزمنة الغیبة و ما قیل من أن الحث یدل علی الاستحباب فلا وجه له لأن التحریض كما یكون علی المستحبات یكون علی الواجبات و الاستبعاد من ترك زرارة فی تلك المدة مما لا وجه له أیضا لأن الأزمنة كانت أزمنة تقیة و خوف و كان تركهم لذلك و لما علم علیه السلام فی خصوص هذا الزمان كسر سورة التقیة لأن دولة بنی أمیة زالت و دولة بنی العباس لم یستقر بعد فلذا أمره بفعلها و هو علیه السلام كان الأمر علیه أشد و خوفه أكثر فلذا لم یجوز أن یأتوه علیه السلام و عندكم یحتمل أن یكون المحلة التی كانوا یسكنونها فی المدینة أو فی الكوفة و الأخیر أظهر و أما حمله علی إیقاعها مع المخالفین تقیة فهو بعید لأن الصلاة معهم ظهر لا جمعة لكن ذلك لیس ببعید كل البعید و یمكن أن یكون المفید ره حمله علی ذلك فلذا أخره أو یكون ذكره مؤیدا لأول الكلام.
4- الْمُعْتَبَرُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُمُعَةُ حَقٌّ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا أَرْبَعَةً(1).
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَیْكُمُ الْجُمُعَةَ فَرِیضَةً وَاجِبَةً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(2).
قَالَ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ فِی جَمَاعَةٍ(3).
5- رِسَالَةُ الْجُمُعَةِ، لِلشَّهِیدِ الثَّانِی فِی وُجُوبِ الْجُمُعَةِ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا أَرْبَعةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِیٌّ أَوْ مَرِیضٌ (4).
قَالَ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ (5).
ص: 165
وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَعَمِّداً مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ بِخَاتَمِ النِّفَاقِ (1).
قَالَ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیَنْتَهِیَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَیُخْتَمَنَّ عَلَی قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَیَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِینَ (2).
قَالَ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خُطْبَةٍ طَوِیلَةٍ نَقَلَهَا الْمُخَالِفُ وَ الْمُؤَالِفُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَرَضَ عَلَیْكُمُ الْجُمُعَةَ فَمَنْ تَرَكَهَا فِی حَیَاتِی أَوْ بَعْدَ مَوْتِی اسْتِخْفَافاً أَوْ جُحُوداً لَهَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَ لَا بَارَكَ لَهُ فِی أَمْرِهِ أَلَا وَ لَا صَلَاةَ لَهُ أَلَا وَ لَا زَكَاةَ لَهُ أَلَا وَ لَا حَجَّ لَهُ أَلَا وَ لَا صَوْمَ لَهُ أَلَا وَ لَا بِرَّ لَهُ حَتَّی یَتُوبَ (3).
6- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَیُّمَا مُسَافِرٍ صَلَّی الْجُمُعَةَ رَغْبَةً فِیهَا وَ حُبّاً لَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَجْرَ مِائَةِ جُمُعَةٍ لِلْمُقِیمِ (4).
ثواب الأعمال، عن أبیه عن عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه: مثله (5).
7- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ النِّسَاءِ هَلْ عَلَیْهِنَّ مِنْ صَلَاةِ الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ مَا عَلَی الرِّجَالِ قَالَ نَعَمْ (6).
بیان: اعلم أن الأصحاب ذكروا أن من لا یلزمه الجمعة إذا حضرها جاز له فعلها تبعا و أجزأته عن الظهر و هذا الحكم مقطوع به فی كلامهم بل قال فی المنتهی
ص: 166
لا خلاف فی أن العبد و المسافر إذا صلیا الجمعة أجزأتهما عن الظهر و حكی نحو ذلك فی العبد و قال فی المریض لو حضر وجبت علیه و انعقدت به و هو قول أكثر أهل العلم و قال فی الأعرج لو حضر وجبت علیه و انعقدت به بلا خلاف و قال فی التذكرة لو حضر المریض و المحبوس بعذر المطر أو الخوف وجبت علیهم و انعقدت بهم إجماعا و قال فی النهایة من لا تلزمه الجمعة إذا حضرها و صلاها انعقدت جمعة و أجزأته.
و یدل موثقة سماعة علی الإجزاء عن المسافر و روایة علی بن جعفر علی الإجزاء عن المرأة بل الوجوب علیها و تحمل علی ما بعد الحضور أو علی الاستحباب.
ثم المشهور بینهم أن من لا یجب علیه السعی إلی الجمعة تجب علیه الصلاة مع الحضور و ممن صرح بذلك المفید فی المقنعة فقال و هؤلاء الذین وضع عنهم الجمعة متی حضروها لزمهم الدخول فیها و أن یصلوها كغیرهم و یلزمهم استماع الخطبة و الصلاة
ركعتین و متی لم یحضروها لم تجب علیهم و كان علیهم الصلاة أربع ركعات كفرضهم فی سائر الأیام و مقتضی كلامه ره وجوبها علی الجمیع مع الحضور من غیر استثناء و نحوه قال الشیخ فی النهایة.
و قال فی المبسوط أقسام الناس فی الجمعة خمسة من تجب علیه و تنعقد به و هو الذكر الحر البالغ العاقل الصحیح المسلم من العمی و العرج و الشیخوخة التی لا حراك معها الحاضر و من هو فی حكمه و من لا تجب علیه و لا تنعقد به و هو الصبی و المجنون و المسافر و المرأة لكن یجوز لهم فعلها إلا المجنون و من تنعقد به و لا تجب علیه و هو المریض و الأعمی و الأعرج و من كان علی رأس أكثر من فرسخین و من تجب علیه و لا تنعقد به و هو الكافر لأنه مخاطب بالفروع عندنا و مختلف فیه و هو من كان مقیما فی بلد من التجار و طلاب العلم و لا یكون مستوطنا بل یكون من عزمه متی انقضت حاجته خرج فإنه یجب علیه و تنعقد به عندنا و فی انعقادها
ص: 167
به خلاف.
و الظاهر أن مراده قدس سره بنفی الوجوب فی موضع جواز الفعل نفی الوجوب العینی لأن الجمعة لا تقع مندوبة إجماعا كما قیل و ینبغی أن یقید الوجوب المنفی عن المریض و الأعمی و الأعرج فی كلام الشیخ بحال عدم الحضور لئلا ینافی الإجماع المنقول عن العلامة لكنه خلاف الظاهر من كلامه.
و المستفاد من كلام المفید و الشیخ فی النهایة وجوبها علی المرأة عند الحضور و صرح به ابن إدریس فقال بوجوبها علی المرأة عند الحضور غیر أنها لا تحسب من العدد و قطع المحقق فی المعتبر و الشرائع بعدم الوجوب علی المرأة و قال فی المعتبر إن وجوب الجمعة علیها مخالف لما علیه اتفاق فقهاء الأمصار و طعن فی روایة حفص (1) الدالة علی الوجوب بضعف السند و ظاهره عدم جواز الفعل أیضا و أما المسافر و العبد فالمشهور أنه تجب علیهما الجمعة عند الحضور و ظاهر المبسوط عدم الوجوب و
ص: 168
هو المنقول عن ابن حمزة و قال فی المدارك و الحق أن الوجوب العینی منتف قطعا بالنسبة إلی كل من سقط عنه الحضور و أما الوجوب التخییری فهو تابع لجواز الفعل انتهی.
أقول: أمر النیة هین لا سیما بالنسبة إلی نوعی الوجوب فإذا ثبت الوجوب فی الجملة فلا یلزم تعیین نوعه و أنت إذا تأملت فی العبارات التی نقلناها فی هذه المسألة و الأقوال التی قدمناها تبین حقیقة الإجماعات المنقولة.
بقی الكلام فی أن الجمعة بمن تنعقد من هؤلاء فقد نقل اتفاق الأصحاب علی انعقادها بالعبد و الأعمی و المحبوس بعذر المطر و نحوه مع الحضور و أطبقوا علی عدم انعقادها بالمرأة بمعنی احتسابها من العدد لأن الرهط و القوم و النفر الواقعة فی الأخبار خصها أكثر اللغویین بالرجال.
و اختلفوا فی انعقادها بالمسافر و العبد لو حضرا فقال الشیخ فی الخلاف و المحقق فی المعتبر ینعقد بهما لأن ما دل علی اعتبار العدد یتناولهما و قال فی المبسوط و جمع من الأصحاب لا ینعقد بهما لأنهما لیسا من أهل فرض الجمعة و المسألة لا تخلو من إشكال و إن كان الانعقاد لا یخلو من قوة.
و قال فی الذكری الظاهر وقوع الاتفاق علی صحة الجمعة لجماعة المسافرین و إجزاؤها عن الظهر و هو مشكل لدلالة الروایات الصحیحة علی أن فرض المسافر الظهر و علی منعه من عقد الجمعة و إطلاق موثقة سماعة محمول علی ما إذا حضر جمعة الحاضرین.
8- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا تَكُونُ الْجَمَاعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ(1).
بیان: لا خلاف بین العلماء فی اعتبار العدد و اشتراطه فی صحة صلاة الجمعة
ص: 169
و إنما الخلاف فی أقله فللأصحاب فیه قولان أحدهما أنه خمسة و إلیه ذهب الأكثر و ثانیهما أنه سبعة فی الوجوب العینی و خمسة فی التخییری و ذهب إلیه الشیخ و ابن البراج و ابن زهرة و الصدوق و مال إلیه فی الذكری و هو أقوی و به یجمع بین الأخبار و فی هذا الحدیث أیضا إیماء إلیه و فی أكثر النسخ لا تكون الجماعة فالمراد الجماعة التی هی شرط صحة الصلاة و الجمعة كما فی بعض النسخ أظهر.
9- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّوَالِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا حَدُّهُ قَالَ إِذَا قَامَتِ الشَّمْسُ صَلِّ الرَّكْعَتَیْنِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَلِّ الْفَرِیضَةَ وَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّیَ الرَّكْعَتَیْنِ فَلَا تُصَلِّهِمَا وَ ابْدَأْ بِالْفَرِیضَةِ وَ اقْضِ الرَّكْعَتَیْنِ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ(1).
السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ جَامِعِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: مِثْلَهُ (2)
إِلَّا أَنَّ فِیهِ فَصَلِّ رَكْعَتَیْنِ فَإِذَا زَالَتْ فَصَلِّ الْفَرِیضَةَ سَاعَةَ تَزُولُ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَتْ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّیَ الرَّكْعَتَیْنِ فَلَا تُصَلِّهِمَا إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.
10- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً فَقَالَ إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَ الْأَمْرُ فِیهِ وَاسِعٌ یُقَدَّمُ مَرَّةً وَ یُؤَخَّرُ مَرَّةً إِلَّا الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هُوَ وَقْتٌ وَاحِدٌ وَ إِنَّمَا عَنَی اللَّهُ كِتاباً مَوْقُوتاً أَیْ وَاجِباً یَعْنِی بِهَا أَنَّهَا الْفَرِیضَةُ(3).
وَ مِنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنِ الْعُبَیْدِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ: لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَانِ وَ وَقْتُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ (4).
ص: 170
11- الْبَصَائِرُ، لِلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مِنَ الْأَشْیَاءِ أَشْیَاءَ ضَیِّقَةً وَ لَیْسَ تَجْرِی إِلَّا عَلَی وَجْهٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَقْتُ الْجُمُعَةِ لَیْسَ لِوَقْتِهَا إِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ حِینَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ مِنَ الْأَشْیَاءِ مُوَسَّعَةٌ تَجْرِی عَلَی وُجُوهٍ كَثِیرَةٍ(1).
الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ أَشْیَاءُ مُضَیَّقَةٌ(2).
12- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: تُصَلَّی الْجُمُعَةُ وَقْتَ الزَّوَالِ (3).
تبیین: اعلم أن المشهور بین الأصحاب أن أول وقت الجمعة زوال الشمس فقال الشیخ فی الخلاف و فی أصحابنا من أجاز الفرض عند قیام الشمس قال و اختاره علم الهدی قال ابن إدریس و لعل شیخنا سمعه من المرتضی مشافهة فإن الموجود فی مصنفات السید موافق للمشهور و الأول أقرب.
ثم اختلفوا فی آخر وقتها فالمشهور بینهم أن آخره إذا صار ظل كل شی ء مثله بل قال فی المنتهی إنه مذهب علمائنا أجمع و قال أبو الصلاح إذا مضی مقدار الأذان و الخطبة و ركعتی الفجر فقد فاتت و لزم أداؤها ظهرا و قال الشیخ فی المبسوط إن بقی من وقت الظهر قدر خطبتین و ركعتین خفیفتین صحت الجمعة و قال ابن إدریس یمتد وقتها بامتداد وقت الظهر و اختاره فی الدروس و البیان و قال الجعفی وقتها ساعة من النهار.
ص: 171
و مستند المشهور غیر معلوم (1) و استند أبو الصلاح إلی هذه الأخبار الدالة
ص: 172
علی التضییق و الظاهر أن التضییق فی مقابلة الوسعة التی فی سائر الصلوات و مستند الجعفی ره
مَا رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتْ وَ بَعْدَهُ بِسَاعَةٍ(1).
و كان والدی قدس اللّٰه روحه یذهب إلی أن وقتها بقدر قدمین و هو قوی لدلالة الأخبار الكثیرة علی أن وقت العصر یوم الجمعة وقت الظهر فی سائر الأیام و وقت الظهر بعد القدمین فالقدمان وقت الجمعة و القول بالفاصلة بین وقتی الصلاتین فی غایة البعد.
و لا ینافی أخبار التضییق كما عرفت و لا أخبار الساعة إذ الساعة فی الأخبار تطلق علی قدر قلیل من الزمان لا الساعة النجومیة مع أن مقدارهما قریب من الساعات المعوجة التی قد مر فی بعض الأخبار إطلاق الساعة علیها فی باب علل الصلاة.
و ظاهر الصدوق فی المقنع أنه اختار هذا الرأی و إن لم ینسب إلیه حیث قال و اعلم أن وقت صلاة العصر یوم الجمعة فی وقت الأولی فی سائر الأیام و العجب من القوم أنهم لم یتفطنوا لذلك لا من الأخبار و لا من كلامه.
و الأحوط الشروع بعد تحقق الوقت فی الخطبة ثم الصلاة بلا فصل و أما قصر الخطبة فلا یلزم لنقل الخطب الطویلة عن الأئمة علیهم السلام فیها و قال فی المبسوط و لا یطول الخطبة بل یقتصد فیهما لئلا تفوته فضیلة أول الوقت و قال فیه و قَدْ رُوِیَ: أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْخُطْبَتَانِ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ.
فعلی هذه الروایة یمكن أن یقال یصلی الجمعة
ص: 173
ركعتین و یترك الخطبتین و الأول أحوط و الوجه فی هذه الروایة أن تكون مختصة بالمأموم الذی تفوته الخطبتان فإنه یصلی الركعتین مع الإمام فأما أن تنعقد الجمعة بغیر خطبتین فلا یصلح علی حال انتهی.
أقول: و ما ذكره أخیرا هو الوجه بل هو ظاهر الروایة.
13- الْمُقْنِعُ،: وَ إِنْ صَلَّیْتَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بِخُطْبَةٍ صَلَّیْتَ رَكْعَتَیْنِ وَ إِنْ صَلَّیْتَ بِغَیْرِ خُطْبَةٍ صَلَّیْتَهَا أَرْبَعاً بِتَسْلِیمَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا كَلَامَ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ لَا الْتِفَاتَ إِلَّا كَمَا تَحِلُّ فِی الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ الصَّلَاةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَیْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَتَیْنِ جُعِلَتَا مَكَانَ الرَّكْعَتَیْنِ الْأَخِیرَتَیْنِ وَ هِیَ صَلَاةٌ حَتَّی یَنْزِلَ الْإِمَامُ (1).
بیان: لا یخفی علی المتأمل أن ظاهر هذه العبارة الوجوب و عدم الاشتراط بالإمام
وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی الصَّحِیحِ (2)
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَتِ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَیْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَتَیْنِ فَهِیَ صَلَاةٌ حَتَّی یَنْزِلَ الْإِمَامُ.
و استدل به علی اشتراط طهارة الخطیب من الحدث فی حال الخطبتین كما هو مختار الشیخ فی المبسوط و الخلاف و منعه ابن إدریس و الفاضلان و منع دلالة الخبر علی المساواة من جمیع الجهات و صرح الشهید فی البیان باشتراط الطهارة من الخبث أیضا و لا ریب أنه أحوط بل الأولی رعایة جمیع شرائط الصلاة للخطیب و المستمع إلا ما أخرجه الدلیل لا سیما الالتفات الفاحش كما ورد فی هذا الخبر.
14- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ یَتَخَطَّی الرَّجُلُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَی مَجْلِسِهِ حَیْثُ كَانَ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا یتخطان [یَتَخَطَّیَنَ] أَحَدٌ رِقَابَ النَّاسِ وَ لْیَجْلِسْ حَیْثُ تَیَسَّرَ
ص: 174
إِلَّا مَنْ جَلَسَ عَلَی الْأَبْوَابِ وَ مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یَمْضُوا إِلَی السَّعَةِ فَلَا حُرْمَةَ لَهُ أَنْ یَتَخَطَّاهُ (1).
بیان: قال فی المنتهی إذا أتی المجلس جلس حیث ینتهی به المكان و یكره له أن یتخطی رقاب الناس سواء ظهر الإمام أو لم یظهر و سواء كان له مجلس یعتاد الجلوس فیه أو لم یكن و به قال عطا و سعید بن المسیب و الشافعی و أحمد و قال مالك إن لم یكن قد ظهر لم یكره و إن ظهر كره إن لم یكن له مجلس معتاد و إلا لم یكره لَنَا مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِی یَتَخَطَّی النَّاسَ رَأَیْتُكَ آنَیْتَ وَ آذَیْتَ أَیْ أَخَّرْتَ الْمَجِی ءَ.
ثم ذكر ره روایتین أخریین عامیتین ثم قال لو رأی فرجة لا یصل إلیها إلا بالتخطی كان مكروها لعموم الخبر إلا أن لا یجد إلی مصلاه سبیلا فیجوز له التخطی إلیه إذا لم یكن له موضع یتمكن من الصلاة فیه و به قال الشافعی و قال الأوزاعی یتخطاهم إلی السعة مطلقا و قال قتادة إلی مصلاه و قال الحسن یتخطی رقاب الذین یجلسون علی أبواب المسجد فإنه لا حرمة له أما لو تركوا الأولی خالیة جاز له أن یتخطاهم لأنهم رغبوا عن الفضل فلا حرمة لهم انتهی.
و أقول الخبر الذی رواه الحمیری و إن كان فیه ضعف فهو أقوی سندا مما استند إلیه العلامة ره من الروایات العامیة و یشكل حمله علی التقیة لعدم المعارض مع اختلاف الأقوال بینهم بل خلاف الروایة بینهم أشهر فلا بأس بالعمل به و قال الجزری فی الحدیث إنه قال لرجل جاء یوم الجمعة فتخطی رقاب الناس آذیت و آنیت أی آذیت الناس بتخطئك و أخرت المجی ء و أبطأت.
15- الْعِلَلُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:
ص: 175
إِذَا قُمْتَ إِلَی الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَأْتِهَا سَعْیاً وَ لْیَكُنْ عَلَیْكَ السَّكِینَةُ وَ الْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ وَ مَا سُبِقْتَ بِهِ فَأَتِمَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلی ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَعْنَی قَوْلِهِ فَاسْعَوْا هُوَ الِانْكِفَاتُ (1).
بیان: و لیكن علیك السكینة أی لیس المراد بالسعی فی الآیة العدو بل یلزم السكینة و هی اطمئنان البدن و الوقار و هو اطمئنان القلب أو العكس فالمراد بالسعی إما مطلق المشی أو الاهتمام و المبالغة كما مر قال فی القاموس سعی یسعی سعیا كرعی قصد و عمل و مشی و عدا و نم و كسب و قوله و معنی قوله إما كلام الصدوق أو سائر الرواة أو الإمام و الأخیر أظهر و الانكفات المراد به الانقباض كنایة عن ترك الإسراع و القصد فی المشی أو المراد السعی مع الانكفات أو المراد الانكفات و الانصراف عن سائر الأعمال فیرجع إلی معنی الاهتمام المتقدم و یحتمل أن یراد بالسعی و الانكفات الإسراع و بالسكینة و الوقار عدم التجاوز عن الحد فیه أو كلاهما بمعنی اطمئنان القلب بذكر اللّٰه و لا یخلو من بعد.
قال فی القاموس كفته یكفته صرفه عن وجهه و انكفت و الشی ء إلیه ضمه و قبضه و الطائر و غیره أسرع فی الطیر و رجل كفت و كفیت خفیف سریع دقیق و كافته سابقه و الانكفات الانقباض و الانصراف.
16- كِتَابُ الْعَرُوسِ، لِلشَّیْخِ الْفَقِیهِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْقُمِّیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَی سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَجِبُ عَلَی أَقَلَّ مِنْهُمْ الْإِمَامُ وَ قَاضِیهِ وَ الْمُدَّعِی حَقّاً وَ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ وَ الشَّاهِدَانِ وَ الَّذِی یَضْرِبُ الْحُدُودَ بَیْنَ یَدَیِ الْإِمَامِ.
بیان: هذا الخبر رواه فی التهذیب (2)
عن محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد
ص: 176
بن الحسین عن الحكم بن مسكین عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام و رواه الصدوق فی الفقیه (1)
بإسناده عن محمد بن مسلم و فیه و مدعیا حق و شاهدان و هو عمدة مستمسك المشترطین للإمام أو نائبه بعد الإجماع لدلالته علی أنه إنما تجب الجمعة مع الإمام فلا تجب مع غیره و المراد بالإمام إمام الكل بقرینة القاضی و سائر من ذكر بعده.
و اعترض علیه الشهید الثانی رفع اللّٰه درجته بوجوه الأول ضعف الخبر فإن فی طریقه الحكم بن مسكین و هو مجهول (2)
لم یذكره أحد من علماء الرجال المعتمدین و لم ینصوا علیه بتوثیق و لا ضده و ما هذا شأنه یرد الحدیث لأجله لأن أدنی مراتب قبوله أن یكون حسنا أو موثقا إن لم یكن صحیحا و شهرته بین الأصحاب علی وجه العمل بمضمونه بحیث یجبر ضعفه ممنوعة فإن مدلوله لا یقول به الأكثر.
أقول: و قد یجاب عنه بأن الخبر موجود فی الفقیه عن محمد بن مسلم كما عرفت و سنده إلیه صحیح.
أقول: صحة سنده إلیه ممنوع علی طریقة المتأخرین إذ فی سنده علی بن أحمد بن عبد اللّٰه بن أبی عبد اللّٰه البرقی عن أبیه عن جده أحمد و هو و أبوه غیر مذكورین فی كتب الرجال (3) و لم یوثقهما أحد و كونه من مشایخ الصدوق غیر مفید لتوثیق و لا مدح فی غیر هذا المقام و إن اعتبروه هنا اضطرارا.
ثم قال الشهید الثانی ره و ثانیها أن الخبر متروك الظاهر لأن مقتضی ظاهره أن الجمعة لا تنعقد إلا باجتماع هؤلاء(4)
و اجتماعهم جمیعا لیس بشرط
ص: 177
إجماعا و إنما الخلاف فی حضور أحدهم و هو الإمام فما یدل علیه الخبر لا یقول به أحد و ما یستدل به منه لا یدل علیه بخصوصه فإن قیل حضور غیره خرج بالإجماع فیكون هو المخصص لمدلول الخبر فتبقی دلالته علی ما لم یجمع علیه باقیة قلنا یكفی فی إطراحه و تهافته مع ضعفه مخالفة أكثر مدلوله لإجماع المسلمین و ما الذی یضطر إلی العمل ببعضه مع هذه الحالة العجیبة و ثالثها أن مدلوله من حیث العدد و هو السبعة متروك أیضا و معارض بالأخبار الصحیحة الدالة علی اعتبار الخمسة خاصة و ما ذكر فیه السبعة غیر هذا الخبر لا ینافی إیجابها علی من دونهم بخلاف هذا الخبر فإنه نفی فیه وجوبها عن أقل من السبعة.
و رابعها أنه مع تقدیر سلامته من هذه القوادح یمكن حمله علی حالة إمكان حضور الإمام و أما مع تعذره فیسقط اعتباره جمعا بین الأدلة و یؤیده إطلاق الوجوب فیه الدال بظاهره علی الوجوب العینی المشروط عند من اعتبر هذا الحدیث بحالة الحضور و أما حال الغیبة فلا یطلقون علی حكم الصلاة اسم الوجوب بل الاستحباب بناء علی ذهابهم حینئذ إلی الوجوب التخییری مع كون الجمعة أحد الفردین الواجبین تخییرا.
و خامسها حمل العدد المذكور فی الخبر علی اعتبار حضور قوم من المكلفین بها بعدد المذكورین أعنی حضور سبعة و إن لم یكونوا عین المذكورین نظرا إلی فساد حمله علی ظاهره من اعتبار أعیان المذكورین لإجماع المسلمین علی عدم اعتباره و قد نبه علی هذا التأویل شیخنا المتقدم السعید أبو عبد اللّٰه المفید فی كتاب الأشراف فقال و عددهم فی عدد الإمام و الشاهدین و المشهود علیه و المتولی لإقامة
ص: 178
الحد.
و سادسها أن الإمام المذكور فی الخبر لا یتعین حمله علی الإمام المطلق أعنی السلطان العادل بل هو أعم منه و المتیقن منه كون الجماعة لهم إمام یقتدون به حتی لا تصح صلاتهم فرادی و نحن نقول به.
فإن قیل قرینته الإطلاق و عطف قاضیه علیه بإعادة الضمیر إلیه فإن الإمام غیره لا قاضی له قلنا قد اضطررنا عن العدول عن ظاهره لما ذكرناه من عدم اعتبار قاضیه و غیره فالإمام غیره و إن اعتبرنا خصوص الإمام فلا حجة فیه حینئذ و جاز إضافة القاضی إلیه بأدنی ملابسة لأن المجمل باب تأویل لا محل تنزیل و باب التأویل متسع خصوصا مع دعاء الضرورة إلیه علی كل حال و نمنع من كون الإمام محمولا علی السلطان خصوصا مع وجود الصارف.
و سابعها أن العمل بظاهر الخبر یقتضی أن لا یقوم نائبه مقامه (1) و هو خلاف إجماع المسلمین فهو قرینة أخری علی كون الإمام لیس هو المطلق أو محمول علی العدد المقدم أو غیره.
وَ ثَامِنُهَا أَنَّهُ مُعَارِضٌ بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ رَاوِی هَذَا الْحَدِیثِ فِی الصَّحِیحِ (2)
عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أُنَاسٍ فِی قَرْیَةٍ هَلْ یُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ جَمَاعَةً قَالَ نَعَمْ یُصَلُّونَ أَرْبَعاً إِذَا لَمْ یَكُنْ فِیهِمْ مَنْ یَخْطُبُ.
و مفهوم الشرط أنه إذا كان فیهم من یخطب یصلون الجمعة ركعتین و من عامة فیمن یمكنه الخطبة الشامل لمنصوب الإمام و
ص: 179
غیره و مفهوم الشرط حجة عند المحققین (1) و إذا تعارضت روایة الرجل الواحد سقط الاستدلال بها فكیف مع حصول الترجیح لهذا الجانب بصحة طریقه و موافقته لغیره من الأخبار الصحیحة و غیر ذلك مما علم انتهی كلامه رفع اللّٰه فی الجنان مقامه.
و أقول حاصل كلامه قدس سره أن فی الخبر جهات كثیرة من الضعف متنا أیضا كما أنه ضعیف سندا لأن متنه مشتمل إما علی ما لم یعمل بظاهره أحد كاشتراط الإمام فإنه قد انعقد إجماع المسلمین علی عدم اشتراطه بخصوصه بل یقوم نائبه الخاص مقامه و إن قید بحضوره علیه السلام سقط الاستدلال رأسا و كذا انعقد إجماعهم علی عدم اعتبار أحد من الستة الباقیة بخصوصهم و إما علی ما
لم یعمل به الأكثر من اشتراط السبعة فی الوجوب فإن أكثرهم یكتفون بالخمسة كما عرفت فلا یمكنهم الاستدلال به مع أن معارضته لكثیر من الأخبار مما یضعفه.
و لو حملنا الخبر علی أن المراد به بیان الحكمة(2)
لاشتراط هذا العدد
ص: 180
لسقط عنه عمدة الفساد و علیه قرینة واضحة و هو قوله و لا تجب علی أقل منهم و لو كان المراد خصوص الأشخاص لقال و لا یجب علی غیرهم فأشعر بذلك إلی أن المراد هذا العدد و ذكر الأشخاص لبیان النكتة و العلة فی اعتبار العدد و قد عرفت سابقا أنه لا یعتبر فی تلك العلل اطراد.
و علی هذا الوجه ینتظم الكلام و یتضح المرام و یرتفع التنافی بینه و بین سائر الأخبار و لا ریب فی أن ارتكاب مثل هذا التكلف القلیل فی الكلام بحیث یكون أجزاء الكلام محمولا علی حقیقته أولی من حمله علی معنی لا یبقی شی ء علی حقیقته.
و ذلك مثل أن یقول رجل احضر عندی زیدا و عمرا و بكرا و خالدا و سعیدا و رشیدا ثم یقول كان غرضی من زید إما زید أو نائبه و من سائر الأشخاص كل من كان من أهل أصفهان فإنه فی غایة البعد و الركاكة بخلاف ما إذا قال كان ذكر هذه الجماعة علی سبیل المثال و كان الغرض إحضار هذا العدد فلا یریب عاقل فی أن الأخیر أقرب إلی حقیقة كلامه لا سیما و إذا ضم إلیه قوله و لا تحضر أقل من سبعة خصوصا إذا كان فی ذكر خصوص هؤلاء إشارة إلی حكمة لطیفة كما فی ما نحن فیه.
و تفصیل الكلام فی ذلك أن قوله الإمام و قاضیه یحتمل وجوها من الإعراب الأول أن یكون بدلا من قوله سبعة نفر الثانی أن یكون خبر مبتدإ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر الثالث أن یكون فی الكلام تقدیر مضاف أو نحوه الرابع أن یكون الظرف أعنی منهم خبره أما الأول فلا یستقیم علیه قوله و مدعیا حق و شاهدان إلا بتكلف عظیم و الثانی یمكن تقدیر المبتدإ أعنی هم الإمام فیوافق فهم القوم إن حمل علی الحقیقة و قد عرفت أنه لا یمكن حمله علیه علی طریقتهم أیضا لعدم تعین الإمام علیه السلام و لا أحد من المذكورین فلا بد من حمله علی الفرد و المثال أو الأكمل و الأفضل أو بیان الحكمة فی خصوص العدد مع أن معارضته لسائر الأخبار
ص: 181
من جهة مفهوم اللقب أو الوصف و الأول غیر حجة و الثانی علی تقدیر حجیته معارض بمنطوق سائر الأخبار بل بصدر هذا الخبر أیضا إذ ظاهر قوله سبعة نفر من المؤمنین و قوله و لا تجب علی أقل منهم الاكتفاء بالعدد مع خصوصیة الإیمان من غیر اشتراط خصوصیة أخری و یمكن تقدیر الخبر أی منهم و تكون الفائدة رفع توهم اشتراط كون السبعة غیر الإمام و من یكون معه من
خدمه و أتباعه المخصوصین به علیه السلام كما ورد فی خبر آخر(1) فی هذا المقام أحدهم الإمام لرفع توهم أن المقصود تمام العدد بغیره و لا یبعد مثل هذا التوهم من السائل و المستمعین فیكون علی هذا الاحتمال علی التعمیم أدل و كذا الاحتمال الرابع و هو أظهر من حیث إنه لا یحتاج إلی تقدیر مبتدإ أو خبر و حذف متعلق الأقل و الأكثر شائع ذائع بل حذفه أكثر من ذكره.
و أما الثالث أی تقدیر مضاف كالمثل و نحوه فیدل علی ما ذكرنا لكنه مع الأول مشترك الفساد فإذا كان فی الخبر هذه الاحتمالات فكیف یستقیم جعله ببعض محتملاته البعیدة معارضة للأخبار الصریحة الصحیحة مع أنه یمكن حمله علی زمان الحضور كما یومئ إلیه الخبر و ذكره الفاضل المتقدم و لو قدر التعارض بینه و بین سائر الأخبار لوجب العمل بها دونه لصحتها و كثرتها و كونها موافقة للكتاب العزیز كما مر فی باب ترجیح الأخبار المتعارضة.
17- الْعَرُوسُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ تَكُونُ جُمُعَةٌ إِلَّا بِخُطْبَةٍ وَ إِذَا كَانَ بَیْنَ الْجَمَاعَتَیْنِ فِی الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةُ أَمْیَالٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ یُجَمِّعَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ.
بیان: رَوَی الشَّیْخُ (2) هَذَا الْخَبَرَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِإِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
ص: 182
مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: یَكُونُ بَیْنَ الْجَمَاعَتَیْنِ ثَلَاثَةُ أَمْیَالٍ یَعْنِی لَا تَكُونُ جُمُعَةٌ إِلَّا فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ ثَلَاثَةِ أَمْیَالٍ فَإِذَا كَانَ بَیْنَ الْجَمَاعَتَیْنِ فِی الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةُ أَمْیَالٍ (1)
فَلَا بَأْسَ أَنْ یُجَمِّعَ هَؤُلَاءِ وَ یُجَمِّعَ هَؤُلَاءِ.
و نقل الفاضلان و غیرهما اتفاق الأصحاب علی اعتبار وحدة الجمعة بمعنی أنه لا یجوز إقامة جمعتین بینهما أقل من فرسخ.
و ذكر بعض الأصحاب أنه یعتبر الفرسخ من المسجد إن صلیت فی مسجد و إلا فمن نهایة المصلین و لو كان بعضهم بحیث لا یبلغ البعد بینه و بین الجمعة الأخری النصاب دون من سواه مما تم بهم العدد فیحتمل بطلان صلاته خاصة و بطلان المجموع و الأخیر أحوط بل أظهر
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ صَهْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْكَلَامِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ لَغَی وَ مَنْ لَغَی فَلَا جُمُعَةَ لَهُ.
بیان: صه و فی بعض الروایات مه و هو اسم فعل بمعنی اسكت و الظاهر أن المراد قول ذلك فی وقت الخطبة و هو غایة المبالغة فی ترك الكلام أی و إن كان الكلام قلیلا و متعلقا بمصلحة الصلاة فهو مناف لكمالها فقد لغی أی أتی بلغو و كلام باطل فی غیر موقعه قال فی النهایة لغی الإنسان یلغو إذا تكلم بالمطرح من القول بما لا یعنی و فیه من قال لصاحبه و الإمام یخطب صه فقد لغی و الحدیث الآخر من مس الحصی فقد لغی أی تكلم و قیل عدل من الصواب و قیل خاب و الأصل الأول انتهی و فی بعض النسخ بغی بالباء و الأول أشهر و أظهر.
18- أَقُولُ وَجَدْتُ فِی أَصْلٍ قَدِیمٍ مِنْ أُصُولِ أَصْحَابِنَا مَرْفُوعاً عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثاً مُتَتَابِعَةً لِغَیْرِ عِلَّةٍ كُتِبَ مُنَافِقاً.
ص: 183
وَ قَالَ علیه السلام: تُؤْتَی الْجُمُعَةُ وَ لَوْ حَبْواً.
19- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ نَاتَانَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی زِیَادٍ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَا مِنْ قَدَمٍ سَعَتْ إِلَی الْجُمُعَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهَا عَلَی النَّارِ(1).
بیان: جسدها أی جسد القدم من إضافة الكل إلی الجزء و فی بعض النسخ جسده فالضمیر راجع إلی صاحب القدم بقرینة المقام.
20- الْمَجَالِسُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ حِینٌ یَبْعَثُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الْعِبَادَاتِ بِالْأَیَّامِ یَعْرِفُهَا الْخَلَائِقُ بِاسْمِهَا وَ حِلْیَتِهَا یَقْدُمُهَا یَوْمُ الْجُمُعَةِ لَهُ نُورٌ سَاطِعٌ تَتْبَعُهُ سَائِرُ الْأَیَّامِ كَأَنَّهَا عَرُوسٌ كَرِیمَةٌ ذَاتُ وَقَارٍ تُهْدَی إِلَی ذِی حِلْمٍ وَ یَسَارٍ ثُمَّ یَكُونُ یَوْمُ الْجُمُعَةِ شَاهِداً وَ حَافِظاً لِمَنْ سَارَعَ إِلَی الْجُمُعَةِ ثُمَّ یَدْخُلُ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ عَلَی قَدْرِ سَبْقِهِمْ إِلَی الْجُمُعَةِ(2).
كِتَابُ الْعَرُوسِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ بِأَسْمَائِهَا وَ فِیهِ إِلَی ذِی حِلْمٍ وَ شَأْنٍ ثُمَّ یَكُونُ یَوْمُ الْجُمُعَةِ شَاهِداً لِمَنْ حَافَظَ وَ سَارَعَ.
بیان: قدم القوم كنصر و علی التفعیل أی تقدمهم إلی الجمعة أی إلی صلاة الجمعة.
21- الْمَجَالِسُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ نَاتَانَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَرِیضَةٌ وَ الِاجْتِمَاعُ إِلَیْهَا فَرِیضَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ تَرَكَ رَجُلٌ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ ثَلَاثَ جُمَعٍ فَقَدْ تَرَكَ ثَلَاثَ فَرَائِضَ وَ لَا یَدَعُ ثَلَاثَ فَرَائِضَ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ إِلَّا مُنَافِقٌ.
ص: 184
وَ قَالَ علیه السلام مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ رَغْبَةً عَنْهَا وَ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِینَ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ (1).
ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن یعقوب بن یزید عن حماد عن حریز و فضیل عن زرارة: مثله (2)
الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ إِلَّا مُنَافِقٌ (3).
بیان: هذا الحدیث الصحیح صریح فی وجوب الجمعة و بإطلاقه بل عمومه شامل لزمان الغیبة و معلوم أن الظاهر من الإمام فی مثل هذا المقام إمام الجماعة و قد عرفت أنه لا معنی لأخذ الإمام أو نائبه فی حقیقة الجمعة و العهد إنما یعقل الحمل علیه إذا ثبت عهد و دلت علیه قرینة و هاهنا مفقود و حمل مثل هذا التهدید العظیم علی الكراهة أو ترك المستحب فی غایة البعد و لا یحمل علیه إلا مع معارض قوی و هاهنا غیر معلوم كما ستعرف.
22- تَفْسِیرُ الْقُمِّیِ (4)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ: أَنَّهُ علیه السلام سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ كَیْفَ یَخْطُبُ الْإِمَامُ قَالَ یَخْطُبُ قَائِماً فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ تَرَكُوكَ قائِماً(5).
بیان: ظاهره وجوب كون الخطیب قائما و نقل علیه فی التذكرة الإجماع مع القدرة فأما مع عجزه فالمشهور جواز الجلوس و قیل یجب حینئذ الاستنابة و المسألة لا تخلو من إشكال و هل یجب اتحاد الخطیب و الإمام فیه قولان و الأحوط الاتحاد.
ص: 185
23- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْكَلَامِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ لَغَی وَ مَنْ لَغَی فَلَا جُمُعَةَ لَهُ (1).
24- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَكْرَهُ رَدَّ السَّلَامِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ (2).
وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: یُكْرَهُ الْكَلَامُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ وَ فِی الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَی وَ الِاسْتِسْقَاءِ(3).
بیان: كراهة رد السلام لعله محمول علی التقیة إذ لا یكون حكمها أشد من الصلاة(4) و یمكن حمله علی ما إذا رد غیره قال العلامة فی النهایة و یجوز رد السلام بل یجب لأنه كذلك فی الصلاة و فی الخطبة أولی و كذا یجوز تسمیت العاطس و هل یستحب یحتمل ذلك لعموم الأمر به و العدم لأن الإنصات أهم فإنه واجب علی الأقوی انتهی و الكراهة الواردة فی الكلام غیر صریح فی الكراهة المصطلحة لما عرفت مرارا.
و ظاهره شمول الحكم لمن لم یسمع الخطبة أیضا قال العلامة فی النهایة و هل یجب الإنصات علی من لم یسمع الخطبة الأولی المنع لأن غایته الاستماع فله أن یشتغل بذكر و تلاوة و یحتمل الوجوب لئلا یرتفع اللغط و لا یتداعی إلی منع السامعین عن السماع.
25- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِمَامِ إِذَا خَرَجَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ هَلْ یَقْطَعُ خُرُوجُهُ الصَّلَاةَ أَوْ یُصَلِّی النَّاسُ
ص: 186
وَ هُوَ یَخْطُبُ قَالَ لَا تَصْلُحُ الصَّلَاةُ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ قَدْ صَلَّی رَكْعَةً فَیُضِیفُ إِلَیْهَا أُخْرَی وَ لَا یُصَلِّی حَتَّی یَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ (1) وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِی الْجُمُعَةِ بِمَا یَقْرَأُ قَالَ علیه السلام بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ وَ إِنْ أَخَذْتَ فِی غَیْرِهَا وَ إِنْ كَانَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَاقْطَعْهَا مِنْ أَوَّلِهَا وَ ارْجِعْ إِلَیْهَا(2)
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُعُودِ فِی الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ كَیْفَ أَصْنَعُ أَسْتَقْبِلُ
الْإِمَامَ أَوْ أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ قَالَ اسْتَقْبِلِ الْإِمَامَ (3)
قَالَ وَ قَالَ أَخِی یَا عَلِیُّ بِمَا تُصَلِّی فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ قُلْتُ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ رَأَیْتُ أَبِی یُصَلِّی فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِی الْفَجْرِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَی وَ فِی الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ (4).
بیان: یدل علی كراهة الصلاة فی حال الخطبة قال العلامة فی النهایة یستحب لمن لیس فی الصلاة أن لا یفتتحها سواء صلی أو لا و من كان فی الصلاة خففها لئلا
ص: 187
یفوته سماع أول الخطبة وَ لِقَوْلِ أَحَدِهِمَا علیهما السلام: إِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ یَخْطُبُ فَلَا یُصَلِّی النَّاسُ مَا دَامَ الْإِمَامُ عَلَی الْمِنْبَرِ.
و الكراهیة تتعلق بالشروع فی الخطبة لا بالجلوس علی المنبر و لو دخل و الإمام فی آخر الخطبة و خاف فوت تكبیرة الإحرام لم یصل التحیة لأن إدراك الفریضة من أولها أولی و أما الداخل فی أثناء الخطبة فالأقرب أنه كذلك للعموم انتهی.
و یدل علی لزوم قراءة الجمعة و المنافقین فی الجمعة و المشهور تأكد الاستحباب و ذهب المرتضی إلی الوجوب و الأول أقوی و الثانی أحوط و یدل علی رجحان العدول من التوحید إلیهما فی الجمعة و هذا هو المشهور بین الأصحاب و لكن خص بعضهم الحكم بعدم تجاوز النصف و أطلق بعضهم كما هو ظاهر الخبر و ألحق الأكثر بالتوحید الجحد لكن لم یرد فیما رأینا من النصوص مع أنه ورد إطلاق المنع عن العدول عنهما و قد مر بعض القول فی ذلك فی باب القراءة.
و یدل علی استحباب استقبال الناس الخطیب بأن ینحرفوا عن القبلة و یتوجهوا إلیه و یحتمل أن یكون الحكم مخصوصا بمن یكون خلف الإمام كالصفوف المتقدمة علی المنبر أو من یأتی لاستماع الخطبة من بعید فیقف أو یجلس خلف المنبر و أما الصفوف التی المنبر بحذائهم فلا یلزم انحرافهم و یكفیهم التوجه إلی الجانب الذی الإمام فیه و كلام العلامة یدل علی الأول حیث قال فی المنتهی یستحب أن یستقبل الناس الخطیب فیكون أبلغ فی السماء و هو قول عامة أهل العلم إلا الحسن البصری فإنه استقبل القبلة و لم ینحرف إلی الإمام و عن سعید بن المسیب أنه كان لا یستقبل هشام بن إسماعیل إذا خطب فوكل به هشام شرطیا لیعطفه إلیه لنا ما رواه الجمهور عن عدی بن ثابت عن أبیه عن جده قال كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إذا قام علی المنبر استقبله أصحابه بوجوههم.
ثم قال إنما یستحب هذا للقریب بحیث یحصل له السماع أو شدته
ص: 188
و أما البعید الذی لا تبلغه الأصوات فالأقرب عندی أنه ینبغی له استقبال القبلة انتهی.
و أقول یمكن حمل الحدیث بل كلام العلامة أیضا علی الالتفات بالوجه فقط و إن كان بعیدا لا سیما عن كلامه قدس سره و لعل فی قوله بوجوههم إیماء إلیه و قد مرت الروایة نقلا عن المقنع بالنهی عن الالتفات إلا كما یجوز فی الصلاة و ظاهره الالتفات عن القبلة.
26- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: یَقْرَأُ فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَی وَ فِی الْغَدَاةِ الْجُمُعَةَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِی الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ الْقُنُوتُ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی قَبْلَ الرُّكُوعِ (1).
27- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: یا بَنِی آدَمَ خُذُوا زِینَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ-(2) قَالَ فِی الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ یَغْتَسِلُ وَ یَلْبَسُ ثِیَاباً بِیضاً(3).
28- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هاروی [هَارُونَ] الْفَامِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُطَّةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: النَّاسُ فِی الْجُمُعَةِ عَلَی ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ رَجُلٌ شَهِدَهَا بِإِنْصَاتٍ وَ سُكُونٍ قَبْلَ الْإِمَامِ وَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِذُنُوبِهِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ الثَّانِیَةِ وَ زِیَادَةِ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها-(4)
وَ رَجُلٌ شَهِدَهَا بِلَغَطٍ وَ مَلَقٍ وَ قَلَقٍ فَذَلِكَ حَظُّهُ وَ رَجُلٌ شَهِدَهَا وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ فَقَامَ یُصَلِّی فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَ ذَلِكَ مِمَّنْ إِذَا سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَ إِنْ شَاءَ
ص: 189
حَرَمَهُ (1).
مجالس ابن الشیخ، عن أبیه عن الحسین بن عبید اللّٰه الغضائری عن الصادق علیه السلام: مثله (2) قرب الإسناد، عن أحمد بن إسحاق: مثله (3)
بیان: فی القاموس اللغطة و یحرك الصوت و الجلبة أو أصوات مبهمة لا تفهم و قال ملقه بالعصا ضربه و فلان سار شدیدا و الملق محركة ألطف الحضر و أسرعه و قال القلق محركة الانزعاج انتهی و لیس الملق فی بعض النسخ.
29- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: الْقُنُوتُ فِی الْوَتْرِ كَقُنُوتِكَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ تَقُولُ فِی دُعَاءِ الْقُنُوتِ- اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَیْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ بَسَطْتَ یَدَكَ فَأَعْطَیْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ وَ جِهَتُكَ خَیْرُ الْجِهَاتِ وَ عَطِیَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِیَّاتِ وَ أَهْنَؤُهَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَی رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ تُجِیبُ الْمُضْطَرَّ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِی السَّقِیمَ وَ تُنْجِی مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ- لَا یُجْزِی بِآلَائِكَ أَحَدٌ وَ لَا یُحْصِی نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ دُعِیتَ بِالْأَلْسُنِ وَ تُحُوكِمَ إِلَیْكَ فِی الْأَعْمَالِ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ افْتَحْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ خَلْقِكَ بِالْحَقِ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَیْنَا وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا فَافْرِجْ ذَلِكَ یَا رَبِّ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِینَ (4).
ص: 190
مجالس ابن الشیخ، عن الحسین بن عبید اللّٰه الغضائری عن الصدوق: مثله (1).
30- الْمُتَهَجِّدُ، وَ جَمَالُ الْأُسْبُوعِ، رَوَی حَرِیزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: فِی قُنُوتِكَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ تَقُولُ قَبْلَ دُعَائِكَ- اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ إِلَی قَوْلِهِ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ وَ جَاهُكَ أَكْرَمُ الْجَاهِ وَ جِهَتُكَ إِلَی قَوْلِهِ فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ تُجِیبُ إِلَی قَوْلِهِ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تُنْجِی مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ وَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ تَشْفِی السَّقِیمَ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ السُّقْمَ وَ تَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ- لَا یُجْزِی أَحَدٌ بِآلَائِكَ وَ لَا یَبْلُغُ نَعْمَاءَكَ إِلَی قَوْلِهِ بِالْأَلْسُنِ وَ تَقَرَّبَ إِلَیْكَ بِالْأَعْمَالِ إِلَی قَوْلِهِ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ إِلَی قَوْلِهِ إِلَهَ الْحَقِّ آمِینَ (2).
بیان: فی القاموس الجهة مثلثة و الوجه بالضم و الكسر الجانب و الناحیة یقال فرج اللّٰه الهم یفرجه كشفه كفرجه و قد مر فی قنوت الوتر(3) و لا یخفی علی المنصف دلالة هذا الدعاء المنقول بأسانید صحیحة علی رجحان صلاة الجمعة بل وجوبها فی زمان الغیبة لاشتماله علی أحوال الغیبة و إذا جازت فی الغیبة فهی واجبة عینا لعدم استناد التخییر إلی حجة كما ستعرف.
31- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا یَكُونُ السَّهْوُ فِی الْجُمُعَةِ(4) وَ قَالَ علیه السلام الْقُنُوتُ فِی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ یَقْرَأُ فِی الْأُولَی الْحَمْدَ وَ
ص: 191
الْجُمُعَةَ وَ فِی الثَّانِیَةِ الْحَمْدَ وَ الْمُنَافِقِینَ (1).
32- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ یَقُولُ: اقْرَأْ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَ الْمُنَافِقِینَ فَإِنَّ قِرَاءَتَهُمَا سُنَّةٌ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ لَا یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَقْرَأَ بِغَیْرِهِمَا فِی صَلَاةِ الظُّهْرِ یَعْنِی یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِمَاماً كُنْتَ أَوْ غَیْرَ إِمَامٍ (2).
33- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَتَی الْجُمُعَةَ إِیمَاناً وَ احْتِسَاباً اسْتَأْنَفَ الْعَمَلَ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالا سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثاً مُتَوَالِیَاتٍ بِغَیْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ (4).
المحاسن، عن أبیه عن النضر: مثله (5) بیان هذا الخبر مع صحته یدل علی عموم وجوب الجمعة فی جمیع الأزمان لعموم كلمة من و فیه من المبالغة و التأكید ما لا یخفی إذ الطبع و الختم مما شاع استعماله فی الكتاب و السنة فی الكفار و المنافقین الذین
لامتناعهم من قبول الحق و تعصبهم فی الباطل كأنه ختم علی قلوبهم فلا یمكن دخول الحق فیه أو هو بمعنی الرین الذی یعلو المرآة و السیف أی لا ینطبع فی قلوبهم صورة الحق كما قال تعالی
ص: 192
بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَیْها بِكُفْرِهِمْ (1) و قال سبحانه بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (2) و التخصیص بالثلاثة لترتب ما یشبه الكفر لا ینافی كون الترك مرة واحدة معصیة و ظاهر أن المواظبة علی المكروهات لا یصیر سببا لمثل هذا التهدید البلیغ.
34- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ إِذَا حَلَّ وَقْتُهُنَّ یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَبْتَدِئَ بِهِنَّ وَ لَا تُصَلِّ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ نَافِلَةً صَلَاةُ اسْتِقْبَالِ النَّهَارِ وَ هِیَ الْفَجْرُ وَ صَلَاةُ اسْتِقْبَالِ اللَّیْلِ وَ هِیَ الْمَغْرِبُ وَ صَلَاةُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ اقْنُتْ فِی أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ الْفَجْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعَتَمَةِ وَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَ الْقُنُوتُ كُلُّهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِرَاءَةِ(3)
وَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِی السَّفَرِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی الْحَضَرِ نَحْوُ وَقْتِ الظُّهْرِ فِی غَیْرِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ(4) وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا كَلَامَ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ لَا الْتِفَاتَ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَیْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَتَیْنِ جُعِلَتَا مَكَانَ الرَّكْعَتَیْنِ الْأَخِیرَتَیْنِ فَهِیَ صَلَاةٌ حَتَّی یَنْزِلَ الْإِمَامُ (5) وَ الَّذِی جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ أَنَّ الْقُنُوتَ فِی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَصَحِیحٌ وَ هُوَ لِلْإِمَامِ الَّذِی یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ الَّتِی تَنُوبُ عَنِ الرَّكْعَتَیْنِ فَفِی تِلْكَ الصَّلَاةِ یَكُونُ الْقُنُوتُ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ قَبْلَ الرُّكُوعِ (6) وَ أُقْرِنَ بِهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلَیْسَ بَیْنَهُمَا نَافِلَةٌ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ لَا تُصَلِّ یَوْمَ الْجُمُعَةِ
ص: 193
بَعْدَ الزَّوَالِ غَیْرَ الْفَرْضَیْنِ وَ النَّوَافِلُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا(1).
35- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ فِی السَّفَرِ جُمُعَةٌ وَ لَا أَضْحًی وَ لَا فِطْرٌ.
و قال و رواه أبی عن خلف بن حماد عن ربعی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (2).
36- السَّرَائِرُ، قَالَ قَالَ الْبَزَنْطِیُّ فِی كِتَابِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ الْجُمُعَةَ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ الْمُؤَذِّنُ فَأَذَّنَ وَ خَطَبَ الْإِمَامُ وَ یُكْثِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِی الْخُطْبَةِ وَ أَوْرَدَ دُعَاءً تَرَكْتُ ذِكْرَهُ (3).
37- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی-(4)
وَ هِیَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ وَسَطُ صَلَاتَیْنِ بِالنَّهَارِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ فِی الصَّلَاةِ الْوُسْطَی وَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَفَرٍ فَقَنَتَ فِیهَا وَ تَرَكَهَا عَلَی حَالِهَا فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَ أَضَافَ لِلْمُقِیمِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ أَضَافَهُمَا یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْمُقِیمِ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَیْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَمَنْ صَلَّی الْجُمُعَةَ فِی غَیْرِ الْجَمَاعَةِ فَلْیُصَلِّهَا أَرْبَعاً كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِی سَائِرِ الْأَیَّامِ قَالَ قَوْلُهُ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ قَالَ مُطِیعِینَ رَاغِبِینَ (5).
بیان: یدل هذا الخبر علی أن الأصل فی الصلوات كلها كان ركعتین فأضاف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله للمقیم فی غیر الجمعة ركعتین و فی یوم الجمعة خطبتین و مع الانفراد
ص: 194
یصلی أربع ركعات و فیه إشعار بأن مع تحقق شرائط الجمعة تجب الجمعة و لفظ الإمام الواقع فی مقابلة غیر الجماعة مفاده معلوم و یدل علی أن الصلاة الوسطی المخصوصة من بین سائر الصلوات بمزید التأكید هی صلاة الجمعة.
38- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُمَا سَأَلَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی قَالَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ فِیهَا فَرَضَ اللَّهُ الْجُمُعَةَ وَ فِیهَا السَّاعَةُ الَّتِی لَا یُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَیَسْأَلُ خَیْراً إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِیَّاهُ (1).
بیان: و فیها فرض اللّٰه أی فی الصلاة الوسطی فیدل علی أن الصلاة الوسطی المراد بها صلاة الجمعة فی یوم الجمعة و الظهر فی سائر الأیام أو المعنی فی هذه الكلمة و هی الصلاة الوسطی فرض اللّٰه الجمعة فیوافق الخبر السابق و فیها أی فی الجمعة بمعنی الیوم ففیه استخدام أو یقدر الصلاة فی الأول.
39- مَنَاقِبُ ابْنِ شَهْرَآشُوبَ، [تَفْسِیرَا] مُجَاهِدٍ وَ أَبِی یُوسُفَ یَعْقُوبَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً إِنَّ دِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ جَاءَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الشَّامِ بِالْمِیرَةِ فَنَزَلَ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّیْتِ ثُمَّ ضَرَبَ بِالطُّبُولِ لِیُؤْذِنَ النَّاسَ بِقُدُومِهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَیْهِ إِلَّا عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ فَاطِمَةُ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ صُهَیْبٌ وَ تَرَكُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً یَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَی مَسْجِدِی فَلَوْ لَا الْفِئَةُ الَّذِینَ جَلَسُوا فِی مَسْجِدِی لَأُضْرِمَتِ الْمَدِینَةُ عَلَی أَهْلِهَا وَ حُصِبُوا بِالْحِجَارَةِ كَقَوْمِ لُوطٍ وَ نَزَلَ فِیهِمْ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ(2) الْآیَةَ.
40- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْمَحَامِلِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا زِینَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ الْأَرْدِیَةُ فِی الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ(3).
ص: 195
41- كِتَابُ الْیَقِینِ، لِلسَّیِّدِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ سُهَیْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ دَاوُدَ النَّجَّارِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: فِی حَدِیثِ الْمِعْرَاجِ قَالَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ هَلْ تَدْرِی مَا الدَّرَجَاتُ قُلْتُ أَنْتَ أَعْلَمُ یَا سَیِّدِی قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِی الْمَكْرُوهَاتِ وَ الْمَشْیُ عَلَی الْأَقْدَامِ إِلَی الْجُمُعَاتِ مَعَكَ وَ مَعَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْخَبَرَ(1).
و رواه الشیخ حسن بن سلیمان فی كتاب المحتضر نقلا من تفسیر محمد بن العباس: مثله (2)
بیان: لا یخفی أن هذا الخبر مع جهالته إنما یدل علی أن الجمعة مع النبی و الأئمة من ولده علیهم السلام أتم و أكمل و أدخل فی رفع الدرجات لا الاشتراط بقرینة ضمه مع المستحبات سابقا و لاحقا.
42- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی خُذُوا زِینَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ أَیْ خُذُوا ثِیَابَكُمُ الَّتِی تَتَزَیَّنُونَ بِهَا لِلصَّلَاةِ فِی الْجُمُعَاتِ وَ الْأَعْیَادِ(3).
43- كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْوَاجِبُ فِی حُكْمِ اللَّهِ وَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ بَعْدَ مَا یَمُوتُ إِمَامُهُمْ أَوْ یَقْتُلُ ضَالًّا كَانَ أَوْ مَهْدِیّاً أَنْ لَا یَعْمَلُوا عَمَلًا وَ لَا یُقَدِّمُوا یَداً وَ لَا رِجْلًا قَبْلَ أَنْ یَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ إِمَاماً عَفِیفاً عَالِماً وَرِعاً عَارِفاً بِالْقَضَاءِ وَ السُّنَّةِ یَجْبِی فَیْئَهُمْ وَ یُقِیمُ حَجَّهُمْ وَ جُمُعَتَهُمْ وَ یَجْبِی صَدَقَاتِهِمْ الْخَبَرَ(4).
ص: 196
بیان: كون إقامة الجمعة من فوائد قیام الإمام بالأمر لا یدل علی الاشتراط لأن الإمام یقیم جمیع شرائط الإسلام بین الناس كما أن إقامة الحج لا یدل علی اشتراطه به.
44- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ،(1)
بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كُلُّ وَاعِظٍ قِبْلَةٌ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثٌ لَوْ یَعْلَمُ أُمَّتِی مَا لَهُمْ فِیهَا لَضَرَبُوا عَلَیْهَا بِالسِّهَامِ الْأَذَانُ وَ الْغُدُوُّ إِلَی یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ یَسْتَأْنِفُونَ الْعَمَلَ الْمَرِیضُ إِذَا بَرِئَ وَ الْمُشْرِكُ إِذَا أَسْلَمَ وَ الْحَاجُّ إِذَا فَرَغَ وَ الْمُنْصَرِفُ مِنَ الْجُمُعَةِ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِیراً فَلَا یَحْبِسْهُ عَنِ الْجُمُعَةِ-(2)
فَیَشْتَرِكَانِ فِی الْأَجْرِ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِتْیَانُ إِلَی الْجُمُعَةِ زِیَارَةٌ وَ جَمَالٌ قِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الْجَمَالُ قَالَ ضَوْءُ الْفَرِیضَةِ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَیْفَ بِكُمْ إِذَا تَهَیَّأَ أَحَدُكُمْ لِلْجُمُعَةِ كَمَا یَتَهَیَّأُ الْیَهُودُ عَشِیَّةَ الْجُمُعَةِ لِسَبْتِهِمْ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ یَكُونُ فِی زِحَامٍ فِی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَحْدَثَ وَ لَا یَقْدِرُ عَلَی الْخُرُوجِ فَقَالَ یَتَیَمَّمُ وَ یُصَلِّی مَعَهُمْ وَ یُعِیدُ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: نَهَی عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ یَشْرَبَ الدَّوَاءَ یَوْمَ الْخَمِیسِ مَخَافَةَ أَنْ یَضْعُفَ عَنِ الْجُمُعَةِ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: التَّهْجِیرُ إِلَی الْجُمُعَةِ حَجُّ فُقَرَاءِ أُمَّتِی.
ص: 197
بیان: كل واعظ قبلة أی للموعوظ و رواه فی الفقیه (1) عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مرسلا و أضاف إلیه و كل موعوظ قبلة للواعظ ثم قال یعنی فی الجمعة و العیدین و صلاة الاستسقاء و المراد استقبال كل منهما الآخر باستدبار الإمام القبلة و استقبال المأموم القبلة أو الانحراف إلیه كما مر لضربوا علیها بالسهام أی لنازعوا فیها حتی احتاجوا إلی القرعة بالسهام و یدل علی فضل المباكرة.
یستأنفون العمل أی یبتدءونه كنایة عن مغفرة ما مضی من ذنوبهم فیشتركان أی إن لم یحبسه و زیارة أی لقاء الإخوان ضوء الفریضة أی نورها أی یظهر فی الوجه كما قال تعالی سِیماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ(2) و أما الإعادة لمن صلی بتیمم إذا
منعه الزحام فقد مر أنه مختار الشیخ و ابن الجنید و المشهور عدم الإعادة و یمكن حمله علی الاستحباب أو الصلاة مع المخالف و لعل فی قوله معهم إیماء إلیه و حمل النهی عن شرب الدواء فی الخمیس علی الكراهة.
و التهجیر إلی الجمعة المبادرة إلیها بإدراك أول الخطبة أو المباكرة إلی المسجد قال فی النهایة فیه لو یعلم الناس ما فی التهجیر لاستبقوا إلیه التهجیر التبكیر إلی كل شی ء و المبادرة إلیه أراد المبادرة إلی أول الصلاة و منه حدیث الجمعة فالمهجر إلیها كالمهدی بدنة أی المبكر إلیها انتهی و قیل أراد السیر فی الهاجرة و شدة الحر عقیب الزوال أو قریبا منه.
45- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنِ الْحُكَیْمِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ
ص: 198
مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَیْرَةَ وَ خَرَجَ إِلَی مَكَّةَ وَ صَلَّی بِنَا أَبُو هُرَیْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِی الرَّكْعَةِ الثَّانِیَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَیْرَةَ حِینَ انْصَرَفْتُ فَقُلْتُ لَهُ سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ سُورَتَیْنِ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقْرَؤُهُمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَأُ بِهِمَا(1).
دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُمُعَةُ حَجُّ الْمَسَاكِینِ.
46- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا تُسَافِرْ فِی یَوْمِ جُمُعَةٍ حَتَّی تَشْهَدَ الصَّلَاةَ إِلَّا فَاصِلًا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَوْ فِی أَمْرٍ تُعْذَرُ بِهِ (2).
بیان: فاصلا أی شاخصا قال تعالی وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِیرُ(3) و اعلم أنه نقل العلامة و غیره الإجماع علی تحریم السفر بعد الزوال لمن وجبت علیه الصلاة(4)
و كذا علی كراهته بعد الفجر و اعترض علی الأول بأن علة تحریم السفر استلزامه لفوات الجمعة و مع التحریم یجوز إیقاعها(5) فتنتفی العلة فكذا المعلول و هو التحریم و هذا دور فقهی و هو ما یستلزم وجوده عدمه و أجیب بأن علة حرمة السفر استلزام جوازه لجواز تفویت الواجب و الاستلزام المذكور ثابت سواء كان السفر
ص: 199
حراما أو مباحا فتأمل.
47- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ.
48- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی بِالنَّاسِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ دَخَلَتْ مِیرَةٌ وَ بَیْنَ یَدَیْهَا قَوْمٌ یَضْرِبُونَ بِالدُّفُوفِ وَ الْمَلَاهِی فَتَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَ مَرُّوا یَنْظُرُونَ إِلَیْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً.
أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَتْ وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ یَعْنِی لِلَّذِینَ اتَّقَوْا- وَ اللَّهُ خَیْرُ الرَّازِقِینَ (1).
49- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا یَأْتِی الْجُمُعَةَ إِلَّا نَزْراً وَ لَا یَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا هَجْراً.
بیان: النزر القلیل و فی النهایة فیه من الناس من لا یذكر اللّٰه إلا مهاجرا یرید هجران القلب و ترك الإخلاص فی الذكر فكان قلبه مهاجر للسانه غیر مواصل له و منه و لا یسمعون القرآن إلا هجرا یرید الترك له و الإعراض عنه یقال هجرت الشی ء هجرا إذا تركته.
50- عُدَّةُ الدَّاعِی، قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: أَوَّلُ وَقْتِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَی أَنْ تَمْضِیَ سَاعَةٌ تُحَافِظُ عَلَیْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ- لَا یَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی فِیهَا خَیْراً إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَی (2).
ص: 200
51- جُنَّةُ الْأَمَانِ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: مَا یَأْمَنُ مَنْ سَافَرَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا یَحْفَظَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی سَفَرِهِ وَ لَا یَخْلُفَهُ فِی أَهْلِهِ وَ لَا یَرْزُقَهُ مِنْ فَضْلِهِ (1).
52- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ فِی الْعِلَلِ الَّتِی رَوَاهَا عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِذَا كَانَتْ بِغَیْرِ إِمَامٍ رَكْعَتَیْنِ وَ رَكْعَتَیْنِ قِیلَ لِعِلَلٍ شَتَّی مِنْهَا أَنَّ النَّاسَ یَتَخَطَّوْنَ إِلَی الْجُمُعَةِ مِنْ بُعْدٍ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْهُمْ لِمَوْضِعِ التَّعَبِ الَّذِی صَارُوا إِلَیْهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ یَحْبِسُهُمْ لِلْخُطْبَةِ وَ هُمْ مُنْتَظِرُونَ لِلصَّلَاةِ وَ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِی صَلَاةٍ فِی حُكْمِ التَّمَامِ وَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَتَمُّ وَ أَكْمَلُ لِعِلْمِهِ وَ فِقْهِهِ وَ عَدْلِهِ وَ فَضْلِهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْجُمُعَةَ عِیدٌ وَ صَلَاةُ الْعِیدِ رَكْعَتَانِ وَ لَمْ یُقَصَّرْ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَیْنِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ قِیلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَشْهَدٌ عَامٌّ فَأَرَادَ أَنْ یَكُونَ الْإِمَامُ سَبَباً لِمَوْعِظَتِهِمْ وَ تَرْغِیبِهِمْ فِی الطَّاعَةِ وَ تَرْهِیبِهِمْ عَنِ الْمَعْصِیَةِ وَ تَوْقِیفِهِمْ عَلَی مَا أَرَادَ مِنْ مَصْلَحَةِ دِینِهِمْ وَ دُنْیَاهُمْ وَ یُخْبِرُهُمْ بِمَا وَرَدَ عَلَیْهِمْ مِنَ الْآفَاتِ وَ مِنَ الْأَهْوَالِ الَّتِی لَهُمْ فِیهَا الْمَضَرَّةُ وَ الْمَنْفَعَةُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ خُطْبَتَیْنِ قِیلَ لِأَنْ یَكُونَ وَاحِدَةٌ لِلثَّنَاءِ وَ التَّمْجِیدِ وَ التَّقْدِیسِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْأُخْرَی لِلْحَوَائِجِ وَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ الدُّعَاءِ وَ مَا یُرِیدُ أَنْ یُعَلِّمَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ مَا فِیهِ الصَّلَاحُ وَ الْفَسَادُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَ جُعِلَتْ فِی الْعِیدَیْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قِیلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَمْرٌ دَائِمٌ تَكُونُ فِی الشَّهْرِ مِرَاراً وَ فِی السَّنَةِ كَثِیراً فَإِذَا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَی النَّاسِ صَلَّوْا وَ تَرَكُوهُ وَ لَمْ یُقِیمُوا عَلَیْهِ وَ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَجُعِلَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِیَحْتَبِسُوا عَلَی الصَّلَاةِ وَ لَا یَتَفَرَّقُوا وَ لَا یَذْهَبُوا وَ أَمَّا الْعِیدَیْنِ فَإِنَّمَا هُوَ فِی السَّنَةِ
ص: 201
مَرَّتَیْنِ وَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَ الزِّحَامُ فِیهِ أَكْثَرُ وَ النَّاسُ فِیهِ أَرْغَبُ فَإِنْ تَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَقِیَ عَامَّتُهُمْ وَ لَیْسَ هُوَ بِكَثِیرٍ فَیَمَلُّوا وَ یَسْتَخِفُّوا بِهِ قَالَ الصَّدُوقُ جَاءَ هَذَا الْخَبَرُ هَكَذَا وَ الْخُطْبَتَانِ فِی الْجُمُعَةِ وَ الْعِیدَیْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَتَیْنِ الْأُخْرَاوَیْنِ وَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَتَیْنِ عُثْمَانُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ لَمْ یَكُنِ النَّاسُ یَقِفُونَ عَلَی خُطْبَتِهِ وَ یَقُولُونَ مَا نَصْنَعُ بِمَوَاعِظِهِ وَ قَدْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْخُطْبَتَیْنِ لِیَقِفَ النَّاسُ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ فَلَا یَتَفَرَّقُوا عَنْهُ (1)
فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ یَكُونُ عَلَی فَرْسَخَیْنِ- لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قِیلَ لِأَنَّ مَا یُقَصَّرُ فِیهِ الصَّلَاةُ بَرِیدَانِ ذَاهِباً أَوْ بَرِیدٌ ذَاهِباً وَ جَائِیاً وَ الْبَرِیدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَوَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ هُوَ عَلَی نِصْفِ الْبَرِیدِ الَّذِی یَجِبُ فِیهِ التَّقْصِیرُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یَجِی ءُ فَرْسَخَیْنِ وَ یَذْهَبُ فَرْسَخَیْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ هُوَ نِصْفُ طَرِیقِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ زِیدَ فِی صَلَاةِ السُّنَّةِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قِیلَ تَعْظِیماً لِذَلِكَ الْیَوْمِ وَ تَفْرِقَةً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَائِرِ الْأَیَّامِ (2).
أقول: فی العلل فهو فی الصلاة إلی قوله فأراد أن یكون للأمیر سبب إلی موعظتهم إلی قوله و فعلهم و توقیفهم علی ما أرادوا بما ورد علیهم من الآفات و فی بعض النسخ من الآفات من الأهوال التی لهم فیها المضرة و المنفعة و لا یكون الصائر فی الصلاة منفصلا و لیس بفاعل غیره ممن یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة فإن قال إلی قوله واحدة للتمجید إلی قوله و تكون فی الشهور و السنة كثیرا و إذا كثر ذلك علی الناس ملوا إلی قوله و لیس هو كثیرا إلی قوله لم یكن الناس لیقفوا.
ص: 202
ركعتین و ركعتین أی أربع ركعات و هم ینتظرون للصلاة یدل علی تقدیم الخطبة كما سیصرح به فی حكم التمام أی هذا فی حكم إتمام الصلاة لأن الخطبتین مكان ركعتین و الحاصل أن كونه بمنزلة من هو فی الصلاة إنما هو فی إتمام ثواب الصلاة لا فی جمیع الأحكام و لم تقصر لمكان الخطبتین أقول یخطر بالبال فیه وجوه.
الأول أن یكون المراد بیان أمر آخر و هو أن الجمعة مع كونها ركعتین لمشابهة العید أو غیر ذلك فلیست من الصلوات المقصورة لأن الركعتین بمنزلة الخطبتین. الثانی أن یكون المعنی أنها لا توقع فی السفر قصرا لأن الجمعة لا تكون جمعة إلا بالخطبة و الخطبة بمنزلة الركعتین فإذا أتی بها فی السفر یكون بمنزلة الإتمام فی السفر و هو غیر جائز.
الثالث أن یكون بیانا لعلة قصر العیدین فیقرأ لم بكسر اللام فیكون استفهاما أی إنما تقصر صلاة العید للخطبتین و فیه بعد.
قوله و المنفعة لعلها معطوفة علی الأهوال أو یقدر فی الكلام شی ء كما فی قولهم علفته تبنا و ماء باردا و لا یبعد أن یكون الأهوال تصحیف الأحوال.
قوله و لا یكون الصائر فی الصلاة هذه الفقرات لیست فی العیون كما عرفت و لعله أسقطه هناك لعدم اتضاح معناها و یخطر بالبال فی حلها وجوه الأول أن یكون المراد بیان كون حالة الخطبة حالة متوسطة بین الصلاة و غیرها فتقدیر الكلام لا یكون الصائر فی الصلاة أی الكائن فیها منفصلا عنها فی غیر یوم الجمعة و فی یوم الجمعة فی حال الخطبة كذلك و لیس فاعل غیر الصلاة یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة و فیه كذلك لأن الإمام فی حالة الخطبة بمنزلة الإمام للناس یستمعون له و یجتمعون إلیه و لیست الخطبة بصلاة و علی هذا و إن كان الظاهر غیرها لكن یمكن إرجاع ضمیر المذكر إلیه بتأویل الفعل و نحوه.
ص: 203
الثانی أن یكون بیان علة أخری للخطبة بأن یكون و لیس بفاعل غیره تأكیدا لقوله منفصلا و قوله ممن یؤم متعلقا بقوله منفصلا أی لا یكون المصلی فی یوم الجمعة منفصلا عن المصلی فی غیره بأن تكون صلاته ركعتین و لا یكون فاعلا غیر فعل المصلی فی غیره أو لا یكون فاعلا مغایرا له فی الصفة بل یكونان سواء لكون الخطبتین بمنزلة الركعتین.
الثالث أن یكون المعنی أنما جعلت الخطبة قبلها لئلا یكون الصائر فی الصلاة قبل الدخول منفصلا عن الصلاة بل یكون فی حكم من كان فی الصلاة و قوله و لیس بفاعل غیره المراد به أن الإمام فی غیر یوم الجمعة أیضا كذلك و لیس بمنفصل عن الصلاة لإیقاع النافلة قبلها و لما لم تكن فی یوم الجمعة نافلة بعد الزوال جعلت الخطبة مكانها فقوله و لیس بفاعل إما حال أی لا یكون منفصلا و الحال أن غیره منفصل فیكون هو مثلهم و غیره فاعل فاعل أی لیس بفاعل غیر هذا الفعل أحد ممن یؤم أو استدراك و الأول أظهر.
الرابع أن یكون المعنی و لا یكون الصائر فی الصلاة أی إمام هذه الصلاة منفصلا أی عن العمل بما یعظ الناس به فی الخطبة لقوله سبحانه أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (1) و غیره و لیس بفاعل غیره بالإضافة أی لا یكون فاعلا غیر ما یقول فی الخطبة
ممن یؤم أی من بینهم لیكون حالا عن الصائر و یمكن أن یقرأ حینئذ فاعل بالتنوین و غیره بالرفع لیكون فاعله أی لیس یصدر الخطبة من أئمة الصلوات غیر الجمعة فلا بد فیها من ذلك.
الخامس أن یكون ممن یؤم خبر كان و قوله منفصلا و قوله و لیس بفاعل حالین عن الصائر أی لامتیاز إمام الجمعة باعتبار اشتراط علمه بالخطبة عن إمام غیر الجمعة و هذا أبعد الوجوه.
و أما تأخیر الخطبة فی الجمعة فقد عرفت أنه مما تفرد به الصدوق و لم أظفر علی موافق له فی ذلك فما عد من بدع عثمان إنما هو تقدیم خطبة العیدین و جعل
ص: 204
الخطبتین مكان الساقطتین (1).
إذا عرفت مضمون الخبر مع إشكاله و إغلاقه فاعلم أن بعض المنكرین لوجوب الجمعة فی زمن الغیبة الشارطین للإمام علیه السلام أو نائبه فیها استدلوا علی مطلوبهم بهذا الخبر من وجوه الأول من لفظة الإمام المتكرر ذكره فی الخبر حیث زعموا أنه حقیقة فی إمام الكل.
الثانی من قوله منها أن الصلاة مع الإمام أتم و أكمل حیث قالوا یدل علی اشتراط العلم و الفقه و الفضل من إمام الجمعة زائدا علی ما یشترط فی إمام الجماعة و القائلون بالغیبة لا یفرقون بینهما و غیرهم یشرطون الإمام أو نائبه فلا بد من حمله علیه.
الثالث من قوله علیه السلام فأراد أن یكون للإمام أو للأمیر سبب إلی موعظتهم إلی قوله من الأهوال التی فیها المضرة و المنفعة قالوا الإمام و الأمیر یدلان علی ما قلنا و أیضا ظاهر أن تلك الفوائد لیست إلا شأن الإمام أو الحاكم من قبله لا سیما الإخبار بما یرد علیه من الآفاق مما فیه المضرة و المنفعة لا كل عادل.
الرابع من قوله و لیس بفاعل غیره ممن یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة فإنه یدل علی أن صلاة الجمعة لا یفعلها من یؤم فی غیر الجمعة فیدل علی اشتراط الإمام أو نائبه بالتقریب المتقدم.
الخامس من قوله للحوائج و الإعذار و الإنذار و إعلام الأمر و النهی كلها من شئون إمام الكل و الأمیر و الحاكم لا كل إمام.
و الجواب من وجوه الأول أن السند غیر صحیح علی طریقتهم فإن ابن عبدوس غیر مذكور فی شی ء من كتب الرجال و لا وثقه أحد و ابن قتیبة و إن كان
ص: 205
ممدوحا لم یوثقه أیضا أحد.
ثم إن الفضل ره ذكر أولا تلك العلل من غیر روایة ثم لما سأله ابن قتیبة هل قلت جمیع ذلك برأیك أو عن خبر قال بل سمعتها من مولای أبی الحسن علی بن موسی الرضا المرة بعد المرة و الشی ء بعد الشی ء فجمعتها و یظهر من الصدوق ره أنه حمل هذا الكلام علی أن بعضها سماعی و بعضها استنباطی و لذا تراه یقول فی مواضع و غلط الفضل بن شاذان فی ذلك و هذا مما یضعف الاحتجاج به.
الثانی ما ذكره من الاستدلال بلفظ الإمام فقد عرفت جوابه مما سبق.
الثالث أنا لا نسلم دلالة قوله لعلمه و فقهه و عدله و فضله علی اشتراط هذه الأمور إذ یمكن أن یكون التعلیل مبنیا علی أن فی الغالب من یتصدی فیها یكون متصفا بتلك الأوصاف أو یكون مبنیا علی تأكد استحباب كون الإمام أعلم و أفضل
كَمَا مَرَّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِمَامُ الْقَوْمِ وَافِدُهُمْ فَقَدِّمُوا أَفْضَلَكُمْ.
و لما كان الاجتماع هنا أكثر فیكون زیادة الفضل هنا مستلزما لمزید فضل فی نفسه كما لا یخفی.
و الحق أن هذه الصلاة لما كان السعی إلیها واجبا علی الجمیع إلا جماعة قلیلة فلا بد فی إمامها من مزید فضل لیكون أفضلهم فیظهر وجه التخصیص و یكفی هذا لصحة التعلیل علی أنه لا یلزم اطراد التعلیل فجاز أن یكون لصلاة حضر فیها الإمام أو الأمیر المنصوب من قبله فإنه لا ریب أنهما مع حضورهما أولی من غیرهما.
و أكثر التعلیلات الواردة فی هذا الخبر الطویل غیر مطرد كعلة الجهر و الإخفات و غسل المیت و القصر فی السفر و أشباهها و إنما هی مناسبات یكفی فیها التحقق فی الجملة و أیضا قد بینا أن إمام الجمعة یزید علی إمام غیرها بالعلم بالخطبة و القدرة علی إیقاعها و العلم بأحكام خصوص الجمعة من الوقت و العدد و الشرائط و الآداب.
ص: 206
الرابع أن التعبیر بالأمیر لا یستلزم التخصیص بل یمكن أن یكون علی المثال أو ذكر أفضل أفراده لیكون العلة فیه أتم و أظهر مع أن فی العیون مكانه الإمام و قد عرفت أن ظاهره مطلق إمام الجماعة فی المقام.
و الخامس أن كون إخبارهم بما ورد علیه من الآفاق مخصوصا بالإمام أو النائب ممنوع إذ یمكن أن یخبر كل واعظ و خطیب الناس بما سنح فی الأطراف من هجوم الكفار و أعادی المؤمنین و قوتهم و شوكتهم لیهتموا فی الدعاء و الخیرات و بذل الصدقات.
مع أنه فی أكثر نسخ العیون بما ورد علیهم من الآفاق و من الأهوال فیمكن أن یكون المراد إخبارهم بآفات زروعهم و أشجارهم و أسعارهم و بأن علتها المعاصی و شرور أنفسهم ثم یأمرهم بالتوبة و الإنابة كما اشتمل علیه كثیر من الخطب المنقولة.
علی أن كون شی ء علة لحدوث حكم لا یستلزم بقاء العلة إلی یوم القیامة كما مر أن علة التكبیرات السبع أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كلما صعد سماء كبر تكبیرة و لما رأی من نور عظمته سبحانه ركع و لما رأی نورا أشد من ذلك سجد و لما رأی النبیین خلفه سلم فلو كانت العلة موجبة للتخصیص فلا تلزم هذه الأمور لغیره و لا له إلا فی المعراج.
السادس لا نسلم دلالة ذكر الحوائج و الإعذار و الإنذار و إعلام ما فیه الصلاح و الفساد بالإمام فإن مدار الخطباء و الوعاظ علی ذكر ما یحتاج إلیه الناس من أمور دینهم و دنیاهم نقلا عن أئمتهم و یتمون حجة اللّٰه علیهم و ینذرونهم عقابه و یدعون لهم و لأنفسهم و یأمرونهم بما فیه صلاحهم و ینهونهم عما فیه فسادهم و لو سلم فیرد علیه ما مر فی الوجه السابق.
السابع الاستدلال بقوله و لیس بفاعل مع أن معناه غیر معلوم و المقصود منه غیر مفهوم و إنما قطعوا من الكلام جزء غیر تام و استدلوا به و هذا فی غایة الغرابة و الظرافة و قد عرفت الوجوه الدقیقة التی حملنا الكلام علیها و لیس فی
ص: 207
شی ء منها دلالة علی مطلوبهم.
علی أن هذه الفقرة غیر مذكورة فی العیون مع أنه أورد فیه سائر أجزاء الخبر و إنما توجد فی نسخ العلل و هذا مما یضعفها و الاحتجاج بها.
قوله لأن ما یقصر فیه الصلاة أقول هذا أیضا یحتمل عندی وجوها الأول أن المراد أن هذه الصلاة لما كانت واسطة بین صلاة التمام و القصر من جهة أنها ركعتان و أن الخطبتین مكان الركعتین فناسب كون المسافة المعتبرة فیها نصف المسافة المعتبرة فی القصر.
الثانی أنه إذا لوحظ من الجانبین یصیر بقدر مسافة القصر و مسافة القصر موجبة للتخفیف فلذا أسقطت عمن بعد عنها أكثر من فرسخین.
الثالث أن مسافة القصر أربعة فراسخ و إن لم یرد الرجوع من یومه بل أراد الرجوع قبل أن یقطع سفره كما عرفت فقطع أربع فراسخ موجب للقصر فی الجملة فناسب تخفیف الحكم علیه و شی ء من الوجوه لا یخلو من التكلف بحسب اللفظ و المعنی و لعل بناء التعلیل علی مناسبة واقعیة فی عدل اللّٰه تعالی و حكمته بین العلتین هی خفیة علینا(1).
53- كِتَابُ الْعَرُوسِ، لِلشَّیْخِ الْفَقِیهِ أبو [أَبِی] مُحَمَّدٍ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْقُمِّیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ عَلَی النَّاسِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ صَلَاةً مِنْهَا وَاحِدَةٌ فَرَضَهَا فِی جَمَاعَةٍ وَ هِیَ الْجُمُعَةُ وَ وَضَعَهَا عَنْ تِسْعَةٍ عَنِ
الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمُسَافِرِ وَ الْعَبْدِ وَ الْمَرِیضِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الْأَعْمَی وَ مَنْ كَانَ عَلَی رَأْسِ فَرْسَخَیْنِ وَ رُوِیَ مَكَانَ الْمَجْنُونِ الْأَعْرَجُ وَ قَالَ صَلَاةُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَرِیضَةٌ وَ الِاجْتِمَاعُ إِلَیْهَا فَرِیضَةٌ مَعَ الْإِمَامِ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ یَرْكَعَ الْآخِرَةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ وَ إِذَا أَدْرَكْتَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَهِیَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بِمَنْزِلَةِ
ص: 208
الظُّهْرِ وَ خُصُوصِیَّتُهَا لِلَّذِی أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأَخِیرَةَ یُضِیفُ إِلَیْهَا رَكْعَةً أُخْرَی وَ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ لَا یَعْتَبِرُ بِمَا فَاتَهُ مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَتَیْنِ مَكَانَ الرَّكْعَتَیْنِ وَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ إِذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأَخِیرَةَ یُضِیفُ إِلَیْهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الَّتِی فَاتَتْهُ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تُصَلِّیَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِی صَدْرِ النَّهَارِ وَ سِتَّ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَ رَكْعَتَانِ مَعَ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّیْتَ الْفَرِیضَةَ إِنْ كُنْتَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ فَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ تُصَلِّی بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَ رُوِیَ یُصَلِّی بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ سِتَّ رَكَعَاتٍ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَكْعَتَیِ الزَّوَالِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْأَذَانِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَ الْأَذَانِ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: تُصَلِّی الْعَصْرَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی وَقْتِ الظُّهْرِ فِی غَیْرِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ قَالَ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ وَقْتُهَا فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ وَاحِدٌ أَوْ هِیَ فِی الْمُضَیَّقِ وَقْتٌ وَاحِدٌ حِینَ تَزُولُ الشَّمْسُ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ الْمُؤْمِنِینَ بِالْجُمُعَةِ فَسَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِشَارَةً لَهُمْ وَ الْمُنَافِقِینَ تَوْبِیخاً لِلْمُنَافِقِینَ وَ لَا یَنْبَغِی تَرْكُهُمَا فَمَنْ تَرَكَهُمَا مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
بیان: اعلم أن المراد بالجمعة الیوم أو الصلاة أو السورة و المراد بالضمیر السورة فعلی الأولیین فیه استخدام و قوله و المنافقین عطف علی الضمیر البارز فی سنها و حمل لا صلاة له علی نفی الكمال.
54- الْعَرُوسُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْقُنُوتُ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ إِذَا كُنْتَ وَحْدَكَ فَفِی الثَّانِیَةِ وَ إِنْ كَانَ الْإِمَامُ فَفِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی.
وَ رَوَی حَرِیزٌ: أَنَّ الْقُنُوتَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قُنُوتَانِ قُنُوتٌ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ قُنُوتٌ فِی الثَّانِیَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَقْتُ الظُّهْرِ یَوْمَ
ص: 209
الْجُمُعَةِ حِینَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ لْیَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ فِی الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ یَقْنُتُ.
وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: الرَّجُلُ إِذَا صَلَّی الْجُمُعَةَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ یَجْهَرُ فِیهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلَ مَا صَلَّی فِی السَّمَاءِ صَلَاةَ الظُّهْرِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ جَهَرَ بِهَا.
بیان: قوله علیه السلام إذا كان وحده لعله بیان للفرد الخفی و كذا قوله إذا صلی الجمعة أربع ركعات و المشهور بین قدماء الأصحاب استحباب الجهر بالظهر یوم الجمعة و نقل المحقق فی المعتبر عن بعض الأصحاب المنع من الجهر بالظهر مطلقا و قال إن ذلك أشبه بالمذهب و قال ابن إدریس یستحب الجهر بالظهر إن صلیت جماعة لا انفرادا و یدفعه صریحا روایة زرارة هنا و حسنة الحلبی فی التهذیب (1)
و الأول أقوی.
55- الْعَرُوسُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَنْبَغِی لِلْإِمَامِ الَّذِی یَخْطُبُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ یَلْبَسَ عِمَامَةً فِی الشِّتَاءِ وَ الصَّیْفِ وَ یَتَرَدَّی بِبُرْدٍ یَمَنِیَّةٍ أَوْ عِبْرِیٍّ وَ یَخْطُبُ وَ هُوَ قَائِمٌ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَیْسَ عَلَی أَهْلِ الْقُرَی جَمَاعَةٌ وَ لَا خُرُوجٌ فِی الْعِیدَیْنِ.
وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِی مِصْرٍ یُقَامُ فِیهِ الْحُدُودُ.
بیان: روی الشیخ فی التهذیب هذه الروایة عن طلحة بن زید(2) و الذی قبله عن حفص بن غیاث (3)
و الأول ضعیف علی المشهور و الثانی موثق و حملهما الشیخ علی التقیة لأنهما موافقان لمذاهب أكثر العامة أو علی حصول البعد بأكثر من فرسخین مع اختلال الشرائط عندهم و ردهما فی المنتهی بالضعف و الحمل علی
ص: 210
ما ذكر و قال المصر لیس شرطا فی الجمعة(1)
و هو قول علمائنا ثم قال و قال أبو حنیفة لا تجب علی أهل السواد و قال فی الذكری لیس من شرط الجمعة المصر علی الأظهر فی الفتاوی و الأشهر فی الروایات ثم قال و قال ابن أبی عقیل صلاة الجمعة فرض علی المؤمنین حضورها مع الإمام فی المصر الذی هو فیه و حضورها مع أمرائه فی الأمصار و القری النائیة عنه و فی
المبسوط لا تجب علی أهل البادیة و الأكراد لأنه لا دلیل علیه ثم قال لو قلنا إنما تجب علیهم إذا حضر العدد لكان قویا انتهی و استدلال جماعة بالخبرین علی اشتراط الإمام طریف.
56- قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ: لَمَّا سَوَّی رَسُولُ اللَّهِ الصُّفُوفَ بِأُحُدٍ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أُوصِیكُمْ بِمَا أَوْصَانِی بِهِ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ مِنَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ التَّنَاهِی عَنْ مَحَارِمِهِ وَ سَاقَ الْخُطْبَةَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ مَنْ كَانَ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَیْهِ بِالْجُمُعَةِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا صَبِیّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَرِیضاً أَوْ عَبْداً مَمْلُوكاً وَ مَنِ اسْتَغْنَی بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَی اللَّهُ عَنْهُ وَ اللَّهُ غَنِیٌّ حَمِیدٌ الْخَبَرَ(2).
بیان: قال فی النهایة استغنی اللّٰه عنه أی أطرحه اللّٰه و رمی به من عینه فعل
ص: 211
من استغنی عن الشی ء فلم یلتفت إلیه و قیل جزاه جزاء استغنائه عنها كقوله تعالی نَسُوا اللَّهَ فَنَسِیَهُمْ (1).
57- رِسَالَةُ الْجُمُعَةِ، فِی أَعْمَالِ الْجُمُعَةِ لِلشَّهِیدِ الثَّانِی قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُمُعَةُ حَجُّ الْمَسَاكِینِ.
وَ كَانَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ یَقُولُ: الْجُمُعَةُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ حَجَّةِ تَطَوُّعٍ.
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: یَقْرَأُ فِی الْجُمُعَةِ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ لِیُحَرِّضَ بِهَا الْمُؤْمِنِینَ وَ فِی الثَّانِیَةِ بِسُورَةِ الْمُنَافِقِینَ لِیُفْزِعَ بِهَا الْمُنَافِقِینَ وَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَی الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَ أَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَیْنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ وَ زِیَادَةَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اغْتَسَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ مَسَّ مِنْ طِیبِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ لَهَا وَ لَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِیَابِهِ ثُمَّ لَمْ یَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ وَ لَمْ یَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَیْنَهُمَا وَ مَنْ لَغَا وَ تَخَطَّی رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ طُهْراً وَ قَالَ مَنْ تَكَلَّمَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ فَهُوَ كَالْحِمَارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً وَ الَّذِی یَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَا جُمُعَةَ لَهُ وَ قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ اسْتَنَّ وَ مَسَّ مِنْ طِیبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِیَابِهِ ثُمَّ خَرَجَ یَأْتِی الْمَسْجِدَ وَ لَمْ یَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ ثُمَّ یَرْكَعُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَرْكَعَ وَ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِی قَبْلَهَا وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بُرْدٌ یَلْبَسُهُ فِی الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ سِوَی ثَوْبِ مِهْنَتِهِ.
وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ.
وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَی بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ یَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَ جَاءُوا یَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.
ص: 212
وَ قَالَ علیه السلام یَجْلِسُ النَّاسُ مِنَ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی قَدْرِ رَوَاحِهِمْ إِلَی الْجُمُعَاتِ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِی وَ الثَّالِثُ.
قوله من اللّٰه أی من كرامة و نحوها.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اغْتَسَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَ مَنْ رَاحَ فِی السَّاعَةِ الثَّانِیَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَ مَنْ رَاحَ فِی السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً وَ مَنْ رَاحَ فِی السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَ مَنْ رَاحَ فِی السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَیْضَةً وَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ یَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: یَجْلِسُ الْمَلَائِكَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَیَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ وَ الثَّانِیَ حَتَّی یَخْرُجَ الْإِمَامُ.
وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَضَّلَ اللَّهُ الْجُمُعَةَ عَلَی غَیْرِهَا مِنَ الْأَیَّامِ وَ إِنَّ الْجِنَانَ لَتُزَخْرَفُ وَ تُزَیَّنُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَنْ أَتَاهَا وَ إِنَّكُمْ لَتَتَسَابَقُونَ إِلَی الْجَنَّةِ عَلَی قَدْرِ سَبْقِكُمْ إِلَی الْجُمُعَةِ- وَ إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَتُفَتَّحُ لِصُعُودِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ(1).
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ غَسَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ اغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَ ابْتَكَرَ وَ مَشَی وَ لَمْ یَرْكَبْ وَ دَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَ اسْتَمَعَ وَ لَمْ یَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِیَامِهَا وَ قِیَامِهَا.
وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: مَشْیُكَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ انْصِرَافُكَ إِلَی أَهْلِكَ فِی الْأَجْرِ سَوَاءٌ.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِلَّا یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ قَالَ إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَجَّرُ كُلَّ یَوْمٍ إِلَّا یَوْمَ الْجُمُعَةِ.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ یغیر [بِغَیْرِ] الْجُمُعَةِ.
وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعِیدٍ قَالَ: كُنَّا لَا نُقِیلُ وَ لَا نَتَغَدَّی إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَ كُنَّا نُصَلِّی
ص: 213
مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْجُمُعَةَ ثُمَّ تَكُونُ الْقَائِلَةُ(1).
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَافَرَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَیْهِ مَلَكَاهُ أَنْ لَا یُصَاحَبَ فِی سَفَرِهِ وَ لَا تُقْضَی لَهُ حَاجَةٌ وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَی سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ یُوَدِّعُهُ لِسَفَرٍ فَقَالَ لَا تَعْجَلْ حَتَّی تُصَلِّیَ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ تَفُوتَنِی أَصْحَابِی ثُمَّ عَجَّلَ فَكَانَ سَعِیدٌ یَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّی قَدِمَ قَوْمٌ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رِجْلَهُ انْكَسَرَتْ فَقَالَ سَعِیدٌ إِنِّی كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّهُ سَیُصِیبُهُ ذَلِكَ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ صَیَّاداً كَانَ یَخْرُجُ فِی الْجُمُعَةِ- لَا یُحْرِجُهُ مَكَانُ الْجُمُعَةِ مِنَ الْخُرُوجِ فَخُسِفَ بِهِ وَ بِبَغْلَتِهِ فَخَرَجَ النَّاسُ وَ قَدْ ذَهَبَتْ بَغْلَتُهُ فِی الْأَرْضِ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلَّا أُذُنَاهَا وَ ذَنَبُهَا.
وَ رُوِیَ: أَنَّ قَوْماً خَرَجُوا إِلَی سَفَرٍ حِینَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ فَاضْطَرَمَ عَلَیْهِمْ خِبَاؤُهُمْ نَاراً مِنْ غَیْرِ نَارٍ یَرَوْنَهَا.
وَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ ره قَالَ: قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرِی مَا یَوْمُ الْجُمُعَةِ قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی جَمَعَ اللَّهُ فِیهِ بَیْنَ أَبَوَیْكُمْ- لَا یَبْقَی مِنَّا عَبْدٌ فَیُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ یَأْتِی الْمَسْجِدَ لِجُمُعَةٍ إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَی مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ.
وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: النَّهْیُ عَنِ الِاحْتِبَاءِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ قِیلَ وَ الْمَعْنِیُّ فِیهِ أَنَّ الْحَبْوَةَ تَجْلِبُ النَّوْمَ فَتَعْرِضُ طَهَارَتُهُ لِلنَّقْضِ وَ یَمْنَعُ مِنِ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لَكُمْ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ حَجَّةً وَ عُمْرَةً فَالْحَجَّةُ الْهِجْرَةُ إِلَی الْجُمُعَةِ وَ الْعُمْرَةُ انْتِظَارُ الْعَصْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا رَاحَ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَی الْجُمُعَةِ كَانَ كَسَبْعِینَ مِنْ قَوْمِ مُوسَی الَّذِینَ وَفَدُوا إِلَی رَبِّهِمْ وَ أَفْضَلَ.
ص: 214
بیان: قال فی النهایة فیه ما علی أحدكم لو اشتری ثوبین لیوم الجمعة سوی ثوبی مهنته أی بذلته و خدمته و الروایة بفتح المیم و قد تكسر و خطأ الزمخشری الكسر انتهی غسل الجنابة أی كغسلها و یحتمل الحقیقة كما یظهر استحباب الجماع قبل الذهاب إلی الجمعة من بعض روایات العامة.
قوله علیه السلام غسل یوم الجمعة و اغتسل قال فی النهایة ذهب كثیر من الناس إلی أن غسل أراد به المجامعة قبل الخروج إلی الصلاة لأن ذلك یجمع غض الطرف فی الطریق یقال غسل الرجل امرأته بالتشدید و بالتخفیف أی جامعها و قد روی مخففا و قیل أراد غسل غیره و اغتسل هو لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلی الغسل و قیل أراد بالغسل غسل أعضائه للوضوء ثم یغتسل للجمعة و
قیل هما بمعنی واحد كرر للتأكید انتهی و قال بعضهم غسل معناه غسل الرأس خاصة لأن العرب لهم شعور یبالغون فی غسلها فأفردها بالذكر و اغتسل یعنی غسل سائر جسده.
أقول: و یحتمل أن یراد به غسل الرأس بالخطمی و السدر أو غسل الثیاب.
و بكر و ابتكر قال فی النهایة بكر إلی الصلاة أتی أول وقتها و كل من أسرع إلی شی ء فقد بكر إلیه و أما ابتكر فمعناه أدرك أول الخطبة و أول كل شی ء باكورته و ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفواكه.
و قیل معنی اللفظین واحد فعل و افتعل و إنما كررا للمبالغة و التوكید كما قالوا جاد مجدا انتهی و قال بعضهم معنی بكر أی تصدق قبل خروجه كما
فی الحدیث: باكروا بالصدقة فإن البلاء لا یتخطاها.
أقول: هذه الأخبار أكثرها عامیة أوردناها تبعا للشیخ المتقدم ذكره قدس اللّٰه لطیفه.
58- الْمَكَارِمُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: فِیمَا أَوْصَی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً یَا عَلِیُّ لَیْسَ عَلَی النِّسَاءِ جُمُعَةٌ وَ لَا جَمَاعَةٌ وَ لَا أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ لَا تَسْمَعُ
ص: 215
الْخُطْبَةَ وَ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَیْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ الْخَبَرَ(1).
59- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ یَحْیَی الْمَدِینِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ فِی السَّفَرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ(2).
60- الْكَشِّیُّ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی الْجُمُعَةِ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ خَمْسَةٌ أَحَدُهُمُ الْإِمَامُ فَلَهُمْ أَنْ یُجَمِّعُوا(3).
61- الْمُعْتَبَرُ، نَقْلًا مِنْ جَامِعِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا بِخُطْبَةٍ وَ إِنَّمَا جُعِلَتْ رَكْعَتَیْنِ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَیْنِ (4).
62- الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ وَقْتُهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ رَكْعَتَیْنِ قَبْلَ الْفَرِیضَةِ فَإِنْ أَبْطَأْتَ حَتَّی یَدْخُلَ الْوَقْتُ هُنَیْئَةً فَابْدَأْ بِالْفَرِیضَةِ وَ دَعِ الرَّكْعَتَیْنِ حَتَّی تُصَلِّیَهُمَا بَعْدَ الْفَرِیضَةِ(5).
وَ مِنْهُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ وَ جَعَلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَیْنِ إِلَّا الْجُمُعَةَ فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ فَإِنَّهُ علیه السلام قَالَ وَقْتُهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَ هِیَ فِیمَا سِوَی الْجُمُعَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَانِ وَ قَالَ إِیَّاكَ أَنْ تُصَلِّیَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَوَ اللَّهِ مَا أُبَالِی بَعْدَ الْعَصْرِ صَلَّیْتُهَا أَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (6).
ص: 216
وَ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَی أَنْ تَمْضِیَ سَاعَةٌ تُحَافِظُ عَلَیْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ- لَا یَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی عَبْدٌ فِیهَا خَیْراً إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ (1).
وَ رَوَی حَرِیزٌ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: أَمَّا أَنَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بَدَأْتُ بِالْفَرِیضَةِ وَ أَخَّرْتُ الرَّكْعَتَیْنِ إِذَا لَمْ أَكُنْ صَلَّیْتُهُمَا(2).
وَ مِنْهُ رَوَی ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنِّی لَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا یَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یَتَمَتَّعَ وَ لَوْ مَرَّةً وَ أَنْ یُصَلِّیَ الْجُمُعَةَ فِی جَمَاعَةٍ(3).
بیان: قد یستدل بهذا الخبر علی الوجوب التخییری لصلاة الجمعة لقوله لأحب و هو ظاهر فی الاستحباب و لذكرها مع المتعة و هی مستحبة اتفاقا و الجواب أن قوله لأحب لا ظهور له فی الاستحباب بحیث یصلح لتخصیص تلك العمومات و لذا ضمها مع مستحب لا دلالة فیه علی الاستحباب بل هو نكتة باعثة للتعبیر عنهما بقوله لأحب لیشملهما.
علی أنه لا ریب أن للجمعة أفرادا واجبة و أفرادا مستحبة كمن بعد بأزید من فرسخین و الأعمی و المریض و المسافر و سائر من تقدم ذكره فلو لم یمكن حملها علی الواجبة فلتحمل علی الأفراد المستحبة و لا تعیین فی الروایة أن أی فرد من أفرادها المستحبة أرید بها حتی یتعین حملها علیه مع أنه یمكن حملها علی الصلاة مع المخالفین تقیة جمعا بین الأخبار(4).
63- الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِی یُسْتَجَابُ فِیهَا الدُّعَاءُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ مَا بَیْنَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ إِلَی أَنْ تَسْتَوِیَ الصُّفُوفُ بِالنَّاسِ وَ سَاعَةٌ أُخْرَی مِنْ آخِرِ النَّهَارِ إِلَی غُرُوبِ
ص: 217
الشَّمْسِ (1).
64- الْمَجَالِسُ،(2)
وَ الْخِصَالُ لِلصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ سَبْعِ خِصَالٍ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ بَیْنِ النَّبِیِّینَ وَ أَعْطَی أُمَّتَكَ مِنْ بَیْنِ الْأُمَمِ فَقَالَ أَعْطَانِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ الْأَذَانَ وَ الْجَمَاعَةَ فِی الْمَسْجِدِ وَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی الْجَنَائِزِ وَ الْإِجْهَارَ فِی ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ وَ الرُّخْصَةَ لِأُمَّتِی عِنْدَ الْأَمْرَاضِ وَ السَّفَرِ وَ الشَّفَاعَةَ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ قَالَ وَ أَمَّا یَوْمُ الْجُمُعَةِ فَیَوْمٌ یَجْمَعُ اللَّهُ فِیهِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ مَشَی فِیهِ إِلَی الْجُمُعَةِ إِلَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَهْوَالَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ یُؤْمَرُ بِهِ إِلَی الْجَنَّةِ(3).
65- الصَّحِیفَةُ السَّجَّادِیَّةُ،:(4) وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ علیه السلام فِی یَوْمِ الْأَضْحَی وَ یَوْمِ
ص: 218
الْجُمُعَةِ:
اللَّهُمَّ هَذَا یَوْمٌ مُبَارَكٌ مَیْمُونٌ وَ الْمُسْلِمُونَ فِیهِ مُجْتَمِعُونَ فِی أَقْطَارِ أَرْضِكَ یَشْهَدُ السَّائِلُ مِنْهُمْ وَ الطَّالِبُ وَ الرَّاغِبُ وَ الرَّاهِبُ- إِلَی قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَ أَصْفِیَائِكَ وَ مَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِی الدَّرَجَةِ الرَّفِیعَةِ الَّتِی اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا
وَ أَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ إِلَی قَوْلِهِ- حَتَّی عَادَ صِفْوَتُكَ وَ خُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِینَ مَقْهُورِینَ مُبْتَزِّینَ یَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا وَ كِتَابَكَ مَنْبُوذاً- إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ عَجِّلِ الْفَرَجَ وَ الرَّوْحَ وَ النُّصْرَةَ وَ التَّمْكِینَ وَ التَّأْیِیدَ لَهُمْ- إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ(1).
بیان: لا یخفی علی العارف بأسالیب البلاغة أن هذا الدعاء یدل علی مطلوبیة اجتماع المؤمنین فی الجمعة و الأعیاد للصلاة و الدعاء و السؤال و الرغبة و بث الحوائج فی جمیع الأحوال و الأزمان لأنه معلوم أن أدعیة الصحیفة الشریفة مما أملاها علیه السلام لتقرأها الشیعة إلی آخر الدهر و هی كالقرآن المجید من البركات المستمرة إلی یوم الوعید.
و وجه الدلالة أنه ذكر فی وصف الیوم و بیان فضله أن المسلمین یجتمعون فی أقطار الأرض و معلوم أن اجتماعهم كانوا لصلاة الجمعة و العید و لم یكونوا مأذونین منه علیه السلام لغایة خوفه و اختفائه و كذا الأزمان بعده إلی زمان القائم فلا بد من مصداق لهذا الاجتماع فی زمانه علیه السلام و أكثر الأزمان بعده حتی یحسن تعلیمهم مثل هذا الدعاء.
و لما كان فی البلاد الذی كان فیه حاضرا فارغا لم یجز لغیره التقدم علیه أشار إلی خصوص هذا المقام فقال علیه السلام إن هذا المقام لخلفائك و شكا إلی اللّٰه سبحانه ذلك أو أنه لما كان من الحكم العظیمة للجمعات و الأعیاد ظهور دولتهم علیهم السلام و تمكنهم و أمرهم و نهیهم و إرشادهم و كان فی تلك الأزمان الأمر بعكس ذلك تظهر فیها دولة المتغلبین و الغاصبین و تقوی فیها بدعهم و إضلالهم فأشار بتلك المناسبة
ص: 219
إلی الخلافة الكبری التی ادعوها و ابتزوها و غصبوها.
فإن قیل ذكر اجتماعهم لا یدل علی رجحان بل هو بیان لأمر واقعی قلنا معلوم من سیاق الكلام حیث ذكر لبیان كرامة الیوم و شرافته و لتمهید الدعاء و إدخال نفسه المقدسة فی جملتهم إما تواضعا أو تعلیما أنه فی مقام التحسین و التجویز و لو كان اجتماعهم كذلك بدعة و حراما لكان مثل أن یقول أحد اللّٰهم إن هذا یوم مبارك یجتمع فیه الناس فی أقطار الأرض لشرب الخمور و ضرب الدفوف و المعازف و اللعب بالقمار و الملاهی و یطلبون حوائجهم فأسألك أن توفر حظی و نصیبی منه.
و العجب أن جماعة من المانعین استدلوا بالعبارة الأخیرة علی عدم وجوب صلاة الجمعة فی أزمنة الغیبة بل بعضهم علی حرمتها حیث قالوا هذا المقام إشارة إلی إمامة الجمعة و العید و الخطبة و قوله لخلفائك یدل علی الاختصاص بهم و كذا قوله قد اختصصتهم بها و قوله قد ابتزوها فإن الابتزاز هو الاستلاب و الأخذ قهرا.
و الجواب أما أولا فبما عرفت أن المشار إلیه بهذا المقام یحتمل أن یكون الخلافة الكبری لظهور آثارها فی هذا الیوم بقرینة قوله بعد ذلك حتی عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبین مقهورین مبتزین یرون حكمك مبدلا و كتابك منبوذا و فرائضك محرفة من جهات إشراعك و سنن نبیك متروكة إذ ظاهر أن الأمور المذكورة مما یترتب علی الولایة الكبری و الخلافة العلیا.
و ثانیا بأنه علی تقدیر تسلیم إرجاع الضمیر إلی الصلاة و الخطبة یمكن إرجاعه إلی الصلاة المخصوصة إذ إرجاع الضمیر إلی الخاص أولی من إرجاعه إلی العام المتحقق فی ضمن الخاص كما إذا أشیر إلی هذا بزید و أرید به زید أو الإنسان المتحقق فی ضمنه و ظاهر أن الأول أظهر و أحق بكونه حقیقة و الصلاة المخصوصة كانت صلاة محرمة لحضور الإمام بغیر إذنه علیه السلام مع قهره علیه السلام علی الحضور و الاقتداء به فلا یدل علی المنع من غیرها.
ص: 220
و ثالثا بأنه علی تقدیر تسلیم إرجاع الضمیر إلی مطلق الصلاة یكفی لصدق الاختصاص المستفاد من اللام كونهم أحق بها فی الجملة مع أنه قد حقق المحقق الدوانی فی حواشیه علی شرح المختصر العضدی أن هذا الاختصاص لیس بمعنی الحصر بل یكفی فیه ارتباط مخصوص كما یقال الجل للفرس و قد حققنا ذلك فی الفرائد الطریقة فی شرح الحمد لله.
و قوله ابتزوها فی بعض النسخ علی بناء الفاعل و فی بعضها علی بناء المفعول فعلی الأول ظاهر أن الضمیر المرفوع راجع إلی خلفاء الجور و أتباعهم الغاصبین لحقوقهم و علی الثانی أیضا المراد ذلك لأن شیعتهم و موالیهم الذین یفعلونها إطاعة لأمرهم و إحیاء لذكرهم لا یصدق علیهم أنهم ابتزوها منهم كما أن النائب الخاص خارج منهم اتفاقا.
و رابعا بأنه یمكن تعمیم الخلفاء و الأصفیاء و الأمناء بحیث تشمل فقهاء الشیعة و رواة أخبار الأئمة
كَمَا رَوَی الصَّدُوقُ وَ غَیْرُهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِی قِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ خُلَفَاؤُكَ قَالَ الَّذِینَ یَأْتُونَ مِنْ بَعْدِی یَرْوُونَ حَدِیثِی وَ سُنَّتِی.
و فی روایة أخری زاد فیه و یعلمون الناس بعدی لكن فی هذا الوجه بعد نعم لا یبعد حمل الأمناء بل الأصفیاء علی الشیعة لا سیما علماؤهم و التأسیس أولی من التأكید.
أقول: جملة القول فی هذه المسألة التی تحیرت فیها الأوهام و اضطرب فیها الأعلام أنه لا أظن عاقلا یریب فی أنه لو لم یكن الإجماع المدعی فیها لم یكن لأحد مجال شك فی وجوبها علی الأعیان فی جمیع الأحیان و الأزمان كما فی سائر الفرائض الثابتة بالكتاب و السنة فكما لیس لأحد أن یقول لعل وجوب صلاة العصر و زكاة الغنم مشروطان بوجود الإمام و حضوره و إذنه كذا هاهنا لعدم الفرق بین الأدلة الدالة علیها.
لكن طرأ هاهنا نقل إجماع من الشیخ و تبعه جماعة ممن تأخر عنه كما هو دأبهم فی سائر المسائل فهو عروتهم الوثقی و حجتهم العظمی به یتصاولون
ص: 221
و علیه یتطاولون فاشتهر فی الأصقاع و مالت إلیه الأطباع و الإجماع عندنا علی ما حققه علماؤنا رضوان اللّٰه علیهم فی الأصول هو قول جماعة من الأمة یعلم دخول قول المعصوم فی أقوالهم و حجیته أنما هو باعتبار دخول قوله علیه السلام فهو كاشف عن الحجة و الحجة أنما هی قوله علیه السلام.
قال المحقق ره فی المعتبر و أما الإجماع فهو عندنا حجة بانضمام قول المعصوم فلو خلا المائة من فقهائنا من قوله لما كان حجة و لو حصل فی اثنین لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله و لا تغتر إذا بمن یتحكم فیدعی الإجماع باتفاق الخمسة و العشرة من الأصحاب مع جهالته قول الباقین إلا مع العلم القطعی بدخول الإمام فی الجملة انتهی.
و الإجماع بهذا المعنی لا ریب فی حجیته علی فرض تحققه و الكلام فی ذلك.
ثم إنهم قدس اللّٰه أرواحهم لما رجعوا إلی الفروع كأنهم نسوا ما أسسوه فی الأصول فادعوا الإجماع فی أكثر المسائل سواء ظهر الاختلاف فیها أم لا وافق الروایات المنقولة فیها أم لا حتی أن السید رضی اللّٰه عنه و أضرابه كثیرا ما یدعون الإجماع فیما یتفردون فی القول به أو یوافقهم علیه قلیل من أتباعهم و قد یختار هذا المدعی للإجماع قولا آخر فی كتابه الآخر و كثیرا ما یدعی أحدهم الإجماع علی مسألة و یدعی غیره الإجماع علی خلافه.
فیغلب الظن علی أن مصطلحهم فی الفروع غیر ما جروا علیه فی الأصول (1) بأن سموا الشهرة عند جماعة من الأصحاب إجماعا كما نبه علیه الشهید ره فی الذكری و هذا بمعزل عن الحجیة و لعلهم إنما احتجوا به فی مقابلة المخالفین ردا علیهم أو تقویة لغیره من الدلائل التی ظهرت لهم.
و لا یخفی أن فی زمان الغیبة لا یمكن الاطلاع علی الإجماع إذ مع فرض
ص: 222
إمكان الاطلاع علی مذاهب جمیع الإمامیة مع تفرقهم و انتشارهم فی أقطار البلاد و العلم بكونهم متفقین علی مذهب واحد لا حجة فیه لما عرفت أن العبرة عندنا بقول المعصوم و لا یعلم دخوله فیها.
و ما یقال من أنه یجب حینئذ علی المعصوم أن یظهر القول بخلاف ما أجمعوا علیه لو كان باطلا فلو لم یظهر ظهر أنه حق لا یتم سیما إذا كانت فی روایات أصحابنا روایة بخلاف ما أجمعوا علیه إذ لا فرق بین أن یكون إظهار الخلاف علی تقدیر وجوبه بعنوان أنه قول فقیه و بین أن یكون الخلاف مدلولا علیه بالروایة الموجودة فی روایات أصحابنا.
بل قیل إنه علی هذا لا یبعد القول أیضا بأن قول الفقیه المعلوم النسب أیضا یكفی فی ظهور الخلاف و إن كان فی زمان الحضور أی ادعوا أنه یتحقق الإجماع فی زمان حضور إمام من الأئمة علیهم السلام فإن لم یعلم دخول قول الإمام بین أقوالهم فلا حجیة فیه أیضا
و إن علم فقوله كاف و لا حاجة إلی انضمام الأقوال الأخر إلا أن لا یعلم الإمام بخصوصه و إنما یعلم دخوله لأنه من علماء الأمة و هذا فرض نادر یبعد تحققه فی زمان من الأزمنة.
و أیضا دعوی الإجماع أنما نشأ فی زمن السید و الشیخ و من عاصرهما ثم تابعهما القوم و معلوم عدم تحقق الإجماع فی زمانهم فهم ناقلون عمن تقدمهم فعلی تقدیر كون المراد بالإجماع هذا المعنی المعروف لكان فی قوة خبر مرسلا فكیف یرد به الأخبار الصحیحة المستفیضة و مثل هذا یمكن أن یركن إلیه عند الضرورة و فقد دلیل آخر أصلا.
و ما قیل من أن مثل هذا التناقض و التنافی الذی یوجد فی الإجماعات یكون فی الروایات أیضا قلنا حجیة الأخبار و وجوب العمل بها مما تواترت به الأخبار و استقر علیه عمل الشیعة بل جمیع المسلمین فی جمیع الأعصار بخلاف الإجماع الذی لا یعلم حجیته و لا تحققه و لا مأخذه و لا مراد القوم منه و بالجملة من تتبع موارد الإجماعات و خصوصیاتها اتضح علیه حقیقة الأمر فیها.
ص: 223
و أما الإجماع المدعی هاهنا بخصوصه فله جهات مخصوصة من الضعف.
منها تحقق الخلاف فی المسألة من الشیخ المفید الذی هو أفضل و أقدم و الكلینی و الصدوق و أبی الصلاح و الكراجكی فكیف یقبل دعوی الإجماع مع ذلك و مع أنهم عللوا الإجماع هنا بعلة ضعیفة بخلاف سائر الإجماعات قال فی المعتبر و البحث فی مقامین أحدهما فی اشتراط الإمام أو نائبه و المصادمة مع الشافعی و معتمدنا فعل النبی صلی اللّٰه علیه و آله فإنه كان یعین لصلاة الجمعة و كذا الخلفاء بعده كما یعین للقضاء فكما لا یصح أن ینصب الإنسان نفسه قاضیا من دون إذن الإمام كذا إمامة الجمعة و لیس هذا قیاسا بل استدلالا بالعمل المستمر فی الأعصار فمخالفته خرق للإجماع انتهی.
و قال الشهید الثانی مع تسلیم اطراده فی جمیع الأزمنة نمنع دلالته علی الشرطیة بل هو أعم منها و العام لا یدل علی الخاص و الظاهر أن تعیین الأئمة إنما هو لحسم مادة النزاع فی هذه المرتبة و رد الناس إلیه بغیر تردد و اعتمادهم علی تقلیده بغیر ریبة و استحقاقه من بیت المال لسهم وافر من حیث قیامه بهذه الوظیفة الكبیرة من أركان الدین.
و یؤید ذلك أنهم یعینون لإمامة الصلوات الیومیة أیضا و الأذان و غیرهما من الوظائف الدینیة مع عدم اشتراطها بإذن الإمام بإجماع المسلمین و لم یزل الأمر مستمرا فی نصب الأئمة للصلوات الخمس و الأذان و نحوهما أیضا من عهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی یومنا هذا من الخلفاء و السلاطین و أئمة العدل و الجور كل ذلك لما ذكرنا من الوجه لا للاشتراط و هذا أمر واضح لا یخفی علی منصف انتهی.
و منها أن ظاهر كلام أكثرهم أن هذا الشرط أنما هو عند حضور الإمام و التمكن منه كما أومأ إلیه المحقق حیث شبهه بالقضاء فإن التعیین فی القضاء عندهم أنما هو عند حضور الإمام و أما مع غیبته فیجب علی الفقهاء القیام به مع تمكنهم منه.
ص: 224
قال الشهید الثانی روح اللّٰه روحه إن الذی یدل علیه كلام الأصحاب أن موضع الإجماع المدعی أنما هو حال حضور الإمام و تمكنه و الشرط المذكور حینئذ أنما هو إمكانه لا مطلقا فی وجوبها عینا لا تخییرا كما هو مدعاهم حال الغیبة لأنهم یطلقون القول باشتراطه فی الوجوب و یدعون الإجماع علیه أولا ثم یذكرون حال الغیبة و ینقلون الخلاف فیه و یختارون جوازها حینئذ أو استحبابها معترفین بفقد الشرط.
هكذا عبروا به عن المسألة و صرحوا به فی الموضعین فلو كان الإجماع المدعی لهم شاملا لموضع النزاع لما ساغ لهم نقل الخلاف بعد ذلك بل اختیار جواز فعلها بدونه أیضا فإنهم یصرحون بأنه شرط للوجوب ثم یذكرون الحكم بعد الغیبة و یجعلون الخلاف فی الاستحباب فلا یعبرون عن حكمها حینئذ بالوجوب و هو دلیل بین علی أن الوجوب الذی یجعلونه مشروطا بالإمام علیه السلام و ما فی معناه أنما هو حیث یمكن أو فی الوجوب العینی حین حضوره بناء منهم علی أن ما عداه لا یسمونه واجبا و إن أمكن إطلاقه علیه من حیث إنه واجب تخییری و علی هذا الوجه یسقط الاستدلال بالإجماع فی موضع النزاع لو تم فی غیره.
و منها أن كلامهم فی الإذن مشوش فبعض كلماتهم یدل علی الإذن لخصوص الشخص لخصوص الصلاة أو لما یشملها و بعضها علی الإذن الشامل للإذن العام للفقیه و بعضها علی الأعم من ذلك حتی یشمل كل من یصلح للإمامة فتسقط فائدة النزاع.
قال الشیخ فی الخلاف بعد أن اشترط أولا فی الجمعة الإمام أو نائبه و نقل فیه الإجماع ما هذا لفظه فإن قیل أ لیس قد رویتم فیما مضی من كتبكم أنه یجوز لأهل القری و السواد من المؤمنین إذا اجتمعوا العدد الذی ینعقد بهم أن یصلوا جمعة قلنا ذلك مأذون فیه و مرغب فیه فجری ذلك مجری أن ینصب الإمام من یصلی بهم انتهی.
فظهر أن الإذن الذی ادعی الإجماع علی اشتراطه یشمل الإذن العام لسائر
ص: 225
من یمكنه أن یأتی بها فیرد علیه أنه لا ریب أن أصل صلاة الجمعة كانت واجبة عینا و الباعث علی عدم وجوبها فی زمان الغیبة باعتقادكم عدم الإذن فإذا قام الإذن العام مقام النصب الخاص فأی مانع من الوجوب العینی و لذا حمل كلامه هذا جماعة علی الوجوب العینی و قالوا مأذون فیه و مرغب فیه لا ینافی ذلك لما رأوا أنه یلزمه ذلك و إن كان بعیدا من كلامه.
و قال ره فی المبسوط و أما الشروط الراجعة إلی صحة الانعقاد فأربعة السلطان العادل أو من یأمره السلطان و قال بعد ذلك بجواز صلاة الجمعة فی زمان الغیبة و بینهما تناف ظاهرا و یمكن أن یوجه بوجهین أحدهما تخصیص الأول بزمان الحضور و الثانی أن یقال من یأمره السلطان أعم من أن یكون منصوبا بخصوصه أو مأذونا من قبلهم و لو بالألفاظ العامة علی ما استفید من الخلاف.
و قال العلامة قدس سره فی المختلف بعد ما حكی المنع من ابن إدریس و الأقرب الجواز ثم استدل بعموم الآیة و الأخبار ثم حكی حجة ابن إدریس علی المنع بأن شرط انعقاد الجمعة الإمام أو من نصبه الإمام إجماعا ثم قال و الجواب بمنع الإجماع علی خلاف صورة النزاع و أیضا فإنا نقول بموجبه لأن الفقیه المأمون منصوب من قبل الإمام علی العموم انتهی.
و الذی یغلب علی الظن و لعله لیس من بعض الظن أن الذی دعا القوم إلی دعوی الإجماع علی اشتراط الإذن أحد أمرین الأول إطباق الشیعة علی ترك الإتیان بها علانیة فی الأعصار الماضیة خوفا من المخالفین لأنهم كانوا یعینون لذلك أئمة مخصوصین فی البلاد و لم یكن یتمكن أحد من الإتیان بها إلا معهم و كان یلزم المشاهیر من العلماء الحضور فی مساجدهم و لو كانوا یفعلون فی بیوتهم كان نادرا مع نهایة السعی فی الاستتار فظن أن تركهم أنما هو لعدم الإذن.
الثانی أن المخالفین كانوا یشنعون علیهم بترك الجمعة و لم یمكنهم الحكم بفسقهم و كفرهم فكانوا یعتذرون بعدم إذن الإمام و عدم حضوره دفعا لتشنیعهم و
ص: 226
كان غرضهم عدم الإذن للتقیة و علی هذا یظهر وجه تشویش كلام الشیخ و تنافر أجزائه كما لا یخفی علی المتأمل.
فاعتبر أیها العاقل الخبیر أنه یجوز لمنصف أن یعول علی مثل هذا الإجماع مع هذا التشویش و الاضطراب و الاختلاف بین ناقلیه مع ما عرفت مع ما فی أصله من البعد و الوهن و یعرض عن مدلولات الآیات و الأخبار الصریحة الصحیحة و هل یشترط فی التكلیف بالكتاب و السنة عمل الشیخ و من تأخر عنه إلی زمان الشهید حیث یعتبر أقوال أولئك و لا یعتبر أقوال هؤلاء مع أنه لا ریب أن هؤلاء أدق فهما و أذكی ذهنا و أكثر تتبعا منهم و نری أفكارهم أقرب إلی الصواب فی أكثر الأبواب و ابتداء الفحص و التدقیق و ترك التقلید للسلف نشأ من زمان الشهید الأول قدس اللّٰه لطیفه و إن أحدث المحقق و العلامة شیئا من ذلك.
قال الشهید الثانی نور اللّٰه ضریحه فی كتاب الرعایة إن أكثر الفقهاء الذین نشئوا بعد الشیخ كانوا یتبعونه فی الفتوی تقلیدا له لكثرة اعتقادهم فیه و حسن ظنهم به فلما جاء المتأخرون وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشیخ و متابعوه فحسبوها شهرة بین العلماء و ما دروا أن مرجعها إلی الشیخ و أن الشهرة أنما حصلت بمتابعته ثم قال و ممن اطلع علی هذا الذی تبینته و تحققته من غیر تقلید الشیخ الفاضل سدید الدین محمود الحمصی (1)
و السید رضی الدین بن طاوس و جماعة.
قال السید فی كتابه المسمی بالبهجة بثمرة المهجة أخبرنی جدی الصالح ورام بن أبی فراس قدس اللّٰه روحه أن الحمصی حدثه أنه لم یبق للإمامیة مفت علی التحقیق بل كلهم حاك و قال السید عقیب ذلك و الآن قد ظهر أن الذی یفتی به
ص: 227
و یجاب علی سبیل ما حفظ من كلام العلماء المتقدمین.
و قال طیب اللّٰه مضجعه فی رسالة صلاة الجمعة بعد أن أورد بعض الأخبار الدالة علی وجوبها فهذه الأخبار الصحیحة الطرق و الواضحة الدلالة التی لا یشوبها شك و لا یحوم حولها شبهة من طریق أهل البیت فی الأمر بصلاة الجمعة و الحث علیها و إیجابها
علی كل مسلم عدا ما استثنی و التوعد علی تركها بالطبع علی القلب الذی هو علامة الكفر و العیاذ باللّٰه كما نبه علیه تعالی فی كتابه العزیز و تركت غیرها من الأخبار حسما لمادة النزاع و دفعا للشبهة العارضة فی الطریق.
و لیس فی هذه الأخبار مع كثرتها تعرض لشرط الإمام و لا من نصبه و لا لاعتبار حضوره فی إیجاب هذه الفریضة المعظمة فكیف ینبغی للمسلم الذی یخاف اللّٰه إذا سمع مواقع أمر اللّٰه و رسوله و أئمته بهذه الفریضة و إیجابها علی كل مسلم أن یقصر فی أمرها و یهملها إلی غیرها و یتعلل بخلاف بعض العلماء فیها و أمر اللّٰه تعالی و رسوله و خاصته علیه السلام أحق و مراعاته أولی فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ و لعمری لقد أصابهم الأول فلیرتقبوا الثانی إن لم یعف اللّٰه و یسامح نسأل اللّٰه تعالی العفو و العافیة.
و قد یحصل من هذین أن من كان مؤمنا فقد دخل تحت نداء اللّٰه تعالی و أمره فی الآیة الكریمة بهذه الفریضة العظیمة و تهدیده عن الإلهاء عنها و من كان مسلما فقد دخل تحت قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قول الأئمة إنها واجبة علی كل مسلم و من كان عاقلا فقد دخل تحت تهدید قوله تعالی مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ یعنی الإلهاء عنها فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ و قولهم علیهم السلام من تركها علی هذا الوجه طبع اللّٰه علی قلبه لأن من موضوعة لمن یعقل إن لم یكن أعم.
فاختر لنفسك واحدا من هذه الثلاث و انتسب إلی اسم من هذه الأسماء أعنی الإیمان أو الإسلام أو العقل و ادخل تحت مقتضاه أو التزم قسما رابعا إن شئت
ص: 228
نعوذ باللّٰه من قبح المذلة و تیه الغفلة.
ثم قال ره بعد ما بین حقیقة الإجماعات المنقولة و ضعف الاحتجاج بها لا سیما المنقول منها بخبر الواحد و اللّٰه تعالی شهید و كفی باللّٰه شهیدا إن الغرض من كشف هذا كله لیس إلا تبیان الحق الواجب المتوقف علیه لقوة عسر الفطام عن المذهب الذی یألفه الأنام و لولاه لكان عنه أعظم صارف و اللّٰه تعالی یتولی أسرار عباده و یعلم حقائق أحكامه و هو حسبنا و نعم الوكیل.
ثم قال ختم و نصیحة إذا اعتبرت ما ذكرناه من الأدلة علی هذه الفریضة المعظمة و ما ورد من الحث علیها فی غیر ما ذكرناه مضافا إلیه و ما أعده اللّٰه من الثواب الجزیل علیها و علی ما یتبعها و یتعلق بها یوم الجمعة من الوظائف و الطاعات و هی نحو مائة وظیفة و قد أقررنا عیونها فی رسالة مفردة ذكرنا فیها خصوصیات یوم الجمعة و نظرت إلی شرف هذا الیوم المذخور لهذه الأمة كما جعل لكل أمة یوما یفرغون إلیه و فیه یجتمعون علی طاعته و اعتبرت الحكم الإلهیة الباعثة علی الأمر بهذا الاجتماع و إیجاد الخطبة المشتملة علی الموعظة و تذكیر الخلق باللّٰه تعالی و أمرهم بطاعته و زجرهم عن معصیته و تزهیدهم فی هذه الدار الفانیة و ترغیبهم فی الدار الآخرة الباقیة المشتملة علی ما لا عین رأت و لا أذن سمعت و لا خطر علی قلب بشر و حثهم علی التخلق بالأخلاق الحمیدة و اجتناب الصفات الرذیلة و غیر ذلك من المقاصد الجمیلة كما یطلع علیها من طالع الخطب المرویة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أمیر المؤمنین علیه السلام و غیرهما من الأئمة الراشدین و العلماء الصالحین.
علمت أن هذه المقصد العظیم الجلیل لا یلیق من الحكیم إبطاله و لا یحسن من العاقل إهماله بل ینبغی بذل الهمة فیه و صرف الحیلة إلی فعله و بذل الجهد فی تحصیل شرائطه و رفع موانعه لیفوز بهذه الفضیلة الكاملة و یحوز هذه المثوبة الفاضلة.
ثم أورد ره أخبارا كثیرة دالة علی فضل یوم الجمعة و عباداتها و صلاة الجمعة
ص: 229
و المباكرة إلیها و أن الصلاة أشرف العبادات و أن الصلاة الوسطی من بینها أفضلها ثم قال و أصح الأقوال أنها صلاة الظهر و صلاة الظهر یوم الجمعة هی صلاة الجمعة علی ما تحقق أو هی أفضل فردیها علی ما تقرر فقد ظهر من جمیع المقدمات القطعیة أن صلاة الجمعة أفضل الأعمال الواقعة من المكلفین بعد الإیمان مطلقا و أن یومها أفضل الأیام فكیف یسع الرجل المسلم الذی خلقه اللّٰه لعبادته و فضله علی جمیع بریته و بین له مواقع أمره و نهیه و عرضه لتحصیل السعادات الأبدیة و الكمالات النفسیة السرمدیة و أرشده إلی هذه العبادة المعظمة السنیة و دله علی متفرعاتها العلیة أن یتهاون فی هذه العبادة الجلیلة أو بحرمة هذا الیوم الشریف و یصرفه فی البطالة و ما فی معناها فإن من قدر علی اكتساب درة یتیمة قیمتها مائة ألف دینار مثلا فی ساعة خفیفة فأعرض عنها أو اكتسب بدلها خرقة قیمتها فلس یعد عند العقلاء فی جملة السفهاء الأغبیاء و أین نسبة الدنیا بأسرها إلی ثواب فریضة واحدة.
مع ما قد استفاض بطریق أهل البیت أن صلاة فریضة خیر من الدنیا و ما فیها فما ظنك بفریضة هی أعظم الفرائض و أفضلها علی تقدیر السلامة من العقاب و الابتلاء بحرمان الثواب فكیف بالتعرض لعقاب ترك هذه الفریضة العظیمة و التهاون فی حرمتها الكریمة مع ما سمعت من توعد اللّٰه و رسوله و أئمته بالخسران العظیم و الطبع علی القلب و الدعاء علیهم من تلك النفوس الشریفة بما سمعت إلی غیر ذلك من الوعید و ضروب التهدید علی ترك الفرائض مطلقا فضلا عنها.
و تعلل ذوی الكسالة و أهل البطالة المتهاونین بحرمة الجلالة فی تركها بمنع بعض العلماء من فعلها فی بعض الحالات مع ما عرفت من شذوذه و ضعف دلیله معارض بمثله فی الأمر بها و الحث علیها و التهدید لتاركها من اللّٰه و رسوله و أئمته و العلماء الصالحین و السلف الماضین و یبقی بعد المعارضة ما هو أضعاف ذلك فأی وجه لترجح هذا الجانب مع خطره و ضرره لو لا قلة التوفیق و شدة الخذلان و
ص: 230
خدع الشیطان انتهی.
و أقول و ناهیك شدة اهتمام هذا البارع الورع المتین الذی هو أفقه فقهائنا المتأخرین بل المتقدمین و فاز بالسعادة فلحق بالشهداء الأولین فی أعلی علیین فی إظهار هذا الحق المبین مع أنه لم یكن متهما فی ذلك بغرض من أغراض المبطلین إذ لم یكن یمكنه إقامتها فی بلاد المخالفین.
و إنی لم أطل الكلام فی هذا المقام بإیراد حجج الجانبین و نقل كلمات القول و التعرض لمدلولاتها و إیراد الأخبار المذكورة فی سائر الكتب و لم أعمل فی ذلك كتابا و لا رسالة لظنی أن الأمر فی هذه المسألة أوضح من أن یحتاج إلی ذلك.
و أیضا المنكرون لذلك إما علماء لهم أهلیة الترجیح و النظر و الاجتهاد أو جهلة یتلبسون بلباس أهل العلم لا لهم علم یمكنهم به التمییز بین الحق و الباطل و لا ورع به یحترزون عن الافتراء علی اللّٰه و رسوله و القول بغیر علم أو جهال بحت یلزمهم تقلید العلماء فأما الفرقة الأولی فإن خلوا أنفسهم عن الأغراض الدنیویة و بالغوا فی الفحص و النظر و تتبع مدارك الأدلة فأدی اجتهادهم إلی أحد الآراء المتقدمة فلا حرج علیهم فی الدنیا و لا فی الآخرة و إن قصروا فی ذلك فأمرهم إلی اللّٰه و علی أی حال الكتاب و الرسالة لا ینفعان هذه الطائفة و ربما یصیر سببا لمزید رسوخهم فی خطائهم و إن أخطئوا.
و أما الفرقة الثانیة فحالهم معلومة فإنهم فی جل أعمالهم مبتدعون حائرون بائرون لیس لهم علم یغنیهم و لا یرجعون إلی عالم یفتیهم و إنما هم تبع للدنیا و أهلها و یختارون ما هو أوفق لدنیاهم فأی انتفاع لهم بالرسائل و الزبر.
و أما الفرقة الثالثة فحكمهم بذل الجهد فی تحصیل عالم ربانی لا یتبع الهوی و لا یختار علی الآخرة الدنیا و له تتبع تام فی الكتاب و السنة فالرسائل لا تنفعهم أیضا.
ص: 231
و نعم قال الصدوق ره فی الفقیه إن البدعة أنما تماث و تبطل بترك ذكرها و لا قوة إلا باللّٰه.
66- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، قَالَ: أَمَّا أَوَّلُ جُمُعَةٍ جَمَّعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَصْحَابِهِ فَقِیلَ إِنَّهُ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ مُهَاجِراً حَتَّی نَزَلَ قُبَا عَلَی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَ ذَلِكَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ- لِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ حِینَ الضُّحَی فَأَقَامَ بِقُبَا یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ الثَّلَاثَاءِ وَ الْأَرْبِعَاءِ وَ الْخَمِیسِ وَ أَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَیْنِ أَظْهُرِهِمْ یَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامِداً الْمَدِینَةَ فَأَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِی بَنِی سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِی بَطْنِ وَادٍ لَهُمْ قَدِ اتَّخَذُوا الْیَوْمَ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْجِداً وَ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمُعَةُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جَمَّعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْإِسْلَامِ فَخَطَبَ فِی هَذِهِ الْجُمُعَةِ وَ هِیَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْمَدِینَةِ فِیمَا قِیلَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِینُهُ وَ أَسْتَغْفِرُهُ وَ أَسْتَهْدِیهِ وَ أُومِنُ بِهِ وَ لَا أَكْفُرُهُ وَ أُعَادِی مَنْ یَكْفُرُهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَی وَ النُّورِ وَ الْمَوْعِظَةِ عَلَی فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ قِلَّةٍ مِنَ الْعِلْمِ وَ ضَلَالَةٍ مِنَ النَّاسِ وَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ وَ دُنُوٍّ مِنَ السَّاعَةِ وَ قُرْبٍ مِنَ الْأَجَلِ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَ مَنْ یَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَی وَ ضَلَّ ضَلالًا بَعِیداً أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهُ خَیْرُ مَا أَوْصَی بِهِ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ أَنْ یَحُضَّهُ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَنْ یَأْمُرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ عَلَی وَجَلٍ وَ مَخَافَةٍ مِنْ رَبِّهِ عَوْنُ صِدْقٍ عَلَی مَا تَبْغُونَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ مَنْ یُصْلِحِ الَّذِی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ مِنْ أَمْرِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ لَا یَنْوِی بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ یَكُنْ لَهُ ذِكْراً فِی عَاجِلِ أَمْرِهِ وَ ذُخْراً فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ حِینَ یَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَی مَا قَدَّمَ وَ مَا كَانَ مِنْ سِوَی ذَلِكَ یَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَ بَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ وَ الَّذِی صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ نَجَّزَ وَعْدَهُ لَا خُلْفَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ یَقُولُ ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ
ص: 232
لَدَیَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِی عَاجِلِ أَمْرِكُمْ وَ آجِلِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ فَإِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یُكَفِّرْ عَنْهُ سَیِّئاتِهِ وَ یُعْظِمْ لَهُ أَجْراً وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِیماً وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ تُوَقِّی مَقْتَهُ وَ تُوَقِّی عُقُوبَتَهُ وَ تُوَقِّی سَخَطَهُ وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ تُبَیِّضُ الْوُجُوهَ وَ تُرْضِی الرَّبَّ وَ تَرْفَعُ الدَّرَجَةَ خُذُوا بِحَظِّكُمْ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی جَنْبِ اللَّهِ فَقَدْ عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ نَهَجَ لَكُمْ سَبِیلَهُ لِیَعْلَمَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ یَعْلَمَ الْكَاذِبِینَ فَأَحْسِنُوا كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ وَ عَادُوا أَعْدَاءَهُ- وَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِینَ- لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ وَ اعْمَلُوا لِمَا بَعْدَ الْیَوْمِ فَإِنَّهُ مَنْ یُصْلِحْ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ یَكْفِیهِ اللَّهُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ یَقْضِی عَلَی النَّاسِ وَ لَا یَقْضُونَ عَلَیْهِ وَ یَمْلِكُ مِنَ النَّاسِ وَ لَا یَمْلِكُونَ مِنْهُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَلِهَذَا صَارَتِ الْخُطْبَةُ شَرْطاً فِی انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ(1).
بیان: قال الفیروزآبادی الكفر ضد الإیمان و كفر نعمة اللّٰه و بها كفورا و كفرانا جحدها و سترها و الفترة ما بین النبیین و من بعضها ابتدائیة و بعضها صلة كدنو من الساعة و المراد بانقطاع الزمان قرب انقطاعه بقرب القیامة و قوله و من یعصهما یدل علی أن ما یقال إنه صلی اللّٰه علیه و آله قال لمن قال ذلك بئس الخطیب أنت لا أصل له إن كان ذلك المقام مقاما یقتضی التصریح بمقتضی البلاغة.
فإنه الضمیر للشأن علی ما تبغون أی تطلبون و ترجون تود لو أن بینها اقتباس من قوله سبحانه یَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَ بَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ(2) و فی الآیة ضمیر بینها راجع إلی النفس و ضمیر بینه راجع إلی الیوم
ص: 233
أو إلی ما عملت و الظاهر هنا العكس و إن أمكن حمله علی ما فی الآیة بإرجاع الضمیر إلی النفس بقرینتها و فی قوله وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ تهدید بلیغ.
و قوله و الذی صدق یحتمل عطفه علی رءوف و یحتمل القسم و التوقیة الكلاءة و الحفظ بحظكم أی من ثواب الآخرة فی جنب اللّٰه أی قربه و طاعته و نهج لكم أی أوضح لیعلم أی بعد الوقوع أو لیعلم أولیاؤه.
67- الْمُتَهَجِّدُ، رَوَی جَابِرٌ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِی الْقُدْرَةِ وَ السُّلْطَانِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الِامْتِنَانِ أَحْمَدُهُ عَلَی تَتَابُعِ النِّعَمِ وَ أَعُوذُ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَ النِّقَمِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ مُخَالَفَةً لِلْجَاحِدِینَ وَ مُعَانَدَةً لِلْمُبْطِلِینَ وَ إِقْرَاراً بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَفَّی بِهِ الْمُرْسَلِینَ وَ خَتَمَ بِهِ النَّبِیِّینَ وَ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَی آلِهِ أَجْمَعِینَ- وَ قَدْ أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَیْهِ وَ أَكْرَمَ مَثْوَاهُ لَدَیْهِ وَ أَجْمَلَ إِحْسَانَهُ إِلَیْهِ أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذِی هُوَ وَلِیُّ ثَوَابِكُمْ وَ إِلَیْهِ مَرَدُّكُمْ وَ مَآبُكُمْ فَبَادِرُوا بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ الَّذِی لَا یُنْجِیكُمْ مِنْهُ حِصْنٌ مَنِیعٌ وَ لَا هَرْبٌ سَرِیعٌ فَإِنَّهُ وَارِدٌ نَازِلٌ وَ وَاقِعٌ عَاجِلٌ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْأَجَلُ وَ امْتَدَّ الْمَهَلُ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ وَ مَنْ مَهَّدَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ الْمُصِیبُ فَتَزَوَّدُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِیَوْمِ الْمَمَاتِ وَ احْذَرُوا أَلِیمَ هَوْلِ الْبَیَاتِ فَإِنَّ عِقَابَ اللَّهِ عَظِیمٌ وَ عَذَابَهُ أَلِیمٌ نَارٌ تَلْهَبُ وَ نَفْسٌ تُعَذَّبُ وَ شَرَابٌ مِنْ صَدِیدٍ وَ
مَقَامِعُ مِنْ حَدِیدٍ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ النَّارِ وَ رَزَقَنَا وَ إِیَّاكُمْ مُرَافَقَةَ الْأَبْرَارِ وَ غَفَرَ لَنَا وَ لَكُمْ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ كِتَابُ اللَّهِ ثُمَّ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ وَ قَرَأَ سُورَةَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ تَسَعُهُمْ رَحْمَتُهُ وَ یَشْمَلُهُمْ عَفْوُهُ وَ رَأْفَتُهُ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ ثُمَّ جَلَسَ یَسِیراً ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی دَنَا فِی عُلُوِّهِ وَ عَلَا فِی دُنُوِّهِ وَ تَوَاضَعَ كُلُّ شَیْ ءٍ لِجَلَالِهِ وَ
ص: 234
اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَیْ ءٍ لِعَظَمَتِهِ وَ خَضَعَ كُلُّ شَیْ ءٍ لِقُدْرَتِهِ مُقَصِّراً عَنْ كُنْهِ شُكْرِهِ وَ أُومِنُ بِهِ إِذْعَاناً لِرُبُوبِیَّتِهِ وَ أَسْتَعِینُهُ طَالِباً لِعِصْمَتِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ مُفَوِّضاً إِلَیْهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ إِلَهاً وَاحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً وَتْراً لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُصْطَفَی وَ رَسُولُهُ الْمُجْتَبَی وَ أَمِینُهُ الْمُرْتَضَی أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ دَاعِیاً إِلَیْهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَ أَدَّی الْأَمَانَةَ وَ نَصَحَ الْأُمَّةَ وَ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْأَوَّلِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْآخِرِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ الدِّینِ- أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ اجْتِنَابِ مَعْصِیَتِهِ فَإِنَّهُ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِیماً- وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِیداً وَ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً- إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ عَلَی أَنْبِیَائِكَ وَ أَوْلِیَائِكَ (1).
إیضاح: السلطان الحجة و البرهان و قدرة الملك و الامتنان الإنعام و قال الفیروزآبادی قفیت زیدا و به تقفیة أتبعته إیاه و قد أوجب یدل علی وجوب الصلاة علیه صلی اللّٰه علیه و آله فی الجملة و المثوی المنزل ولی ثوابكم أی المتولی له و القائم به و المرد و المآب المرجع فبادروا بذلك أی بالتقوی أی سارعوا إلیه قبل الموت فكان الموت یرید أن یحول بینكم و بینه فبادروا إلیه قبله أو بادروا الناس إلیه قبل ذلك أو لم یعتبر فیه المغالبة بل المعنی عجلوا فی فعله و الأول أبلغ و العاجل السریع.
و قوله علیه السلام فكل ما هو آت تعلیل لذلك و الأجل مدة العمر و غایته و المهل بالتحریك المهلة و السكون و الرفق و البیات هو أن یقصد العدو باللیل
ص: 235
من غیر أن یعلم فیأخذه بغتة تلهب أی تتلهب بحذف إحدی التاءین و تلهب النار اشتعالها و الصدید ماء الجرح الرقیق و الحمیم أغلی حتی خثر.
المقمعة كمكنسة العمود من حدید أو كالمحجن یضرب به رأس الفیل و خشبة یضرب بها الإنسان رأسه دنا فی علوه أی دنوه دنو العلیة و الإحاطة العلمیة و الرأفة و الرحمة و هو لا ینافی علوه عن مناسبة الخلق و مشابهتهم و استغناءه عنهم و عدم وصول عقولهم إلی كنه ذاته و صفاته و كذا العكس بل كل من الجهتین تستلزم الأخری.
لجلاله أی عند جلاله أو عند سبب جلاله و الاحتمالان جاریان فی الفقرتین الآتیتین مقصرا حال إذعانا مفعول مطلق من غیر اللفظ أو مفعول لأجله و یحتمل الحالیة أی مذعنا و أستعینه فی جمیع الأمور لا سیما فی الطاعات طالبا لعصمته عن المعاصی و أتوكل علیه أی أعتمد علیه فی جمیع أموری مفوضا إلیه راضیا بكل ما یأتی به.
إلها أی معبودا أو خالقا و النصب علی الحالیة واحدا لا نظیر له أحدا لا تثنیة فیه بوجه فردا منفردا بخلق الأشیاء صمدا مق