بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 79: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یُغَسِّلْ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ لَا هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ یَوْمَ صِفِّینَ وَ دَفَنَهُمَا فِی ثِیَابِهِمَا وَ صَلَّی عَلَیْهِمَا(1).
بیان: لا خلاف بین الأصحاب فی أن الشهید لا یغسل و لا یكفن و المشهور أنه یشترط فیه أن یقتل بین یدی إمام عادل أو من نصبه فی نصرته و قال فی المعتبر الأقرب اشتراط الجهاد السائغ حسب فقد یجب الجهاد و إن لم یكن الإمام موجودا و اختاره الشهید و جماعة من المتأخرین و لا خلاف فی أنه لا یشمل غیر هؤلاء ممن أطلقت الشهادة علیهم كالمقتول دون أهله و ماله و المطعون و الغریق و غیرهم.
و اشترطوا أیضا موته فی المعركة فلو حمل من المعركة و به رمق ثم مات نزع عنه ثیابه و غسل و كفن و یظهر من بعض الأخبار أنه و إن وجد و به رمق ثم مات یغسل و یكفن.
و لا خلاف بین الأصحاب فی وجوب دفنه بثیابه قال فی المعتبر و یدفن الشهید بجمیع ثیابه أصابها الدم أو لم یصبها و هو إجماع المسلمین و لا خلاف أیضا فی وجوب الصلاة علیه و ذهب بعض العامة إلی سقوط الصلاة أیضا كما یستفاد من بعض أخبارنا أیضا.
«2»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمَیِّتُ فِی الْبَحْرِ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ وَ حُنِّطَ ثُمَّ یُوثَقُ فِی رِجْلِهِ حَجَرٌ فَیُرْمَی بِهِ فِی الْمَاءِ(1).
إیضاح: قطع الشیخ و الأكثر بأن من مات فی سفینة فی البحر یغسل و یحنط و یكفن و یصلی علیه و ینقل إلی البر مع المكنة فإن تعذر لم یتربص به بل یوضع فی خابیة أو نحوها و یسد رأسها و یلقی فی البحر أو یثقل لیرسب فی الماء ثم یلقی فیه و ظاهر المقنعة و المعتبر جواز ذلك ابتداء و إن لم یتعذر البر و العمل بالمشهور أحوط و ورد فی بعض الأخبار جعله فی خابیة و هذا الخبر خال عنها و جمع بینهما بالتخییر و یمكن حمل هذا علی ما إذا لم تكن الخابیة كما هو الغالب و الأولی و الأحوط العمل بها مع الإمكان لصحة خبرها.
«3»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی الْجَوْزَاءِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: یُنْزَعُ عَنِ الشَّهِیدِ الْفَرْوُ وَ الْخُفُّ وَ الْقَلَنْسُوَةُ وَ الْعِمَامَةُ وَ الْمِنْطَقَةُ وَ السَّرَاوِیلُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ أَصَابَهُ دَمٌ فَیُتْرَكُ وَ
ص: 2
لَا یُتْرَكُ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ مَعْقُودٌ إِلَّا حُلَ (1).
دعائم الإسلام، عن علی علیه السلام: مثله (2)
توضیح: القلنسوة بفتح القاف و ضم السین و العمامة بكسر العین معروفتان و المنطقة بكسر المیم و فتح الطاء ما یشد فی الوسط قوله إلا أن یكون أصابه الضمیر إما راجع إلی السراویل أو إلی كل واحد من المذكورات.
و اختلف الأصحاب فیما ینزع منه اختلافا كثیرا قال فی الذكری بعد إیراد هذا الخبر قال ابن بابویه تنزع هذه الأشیاء إلا أن یصیب شیئا منها دم و ابن الجنید ینزع عنه الجلود و الحدید المفرد و المنسوج مع غیره و السراویل إلا أن یكون فیه دم و هذا یمكن عود الاستثناء فیه إلی الأخیر و كذلك الروایة فی عود الاستثناء و یمكن فیهما العود إلی الجمیع و فی النهایة یدفن جمیع ما علیه مما أصابه الدم إلا الخفین و قد روی أنه إذا أصابهما الدم دفنا معه و فی الخلاف یدفن بثیابه و لا ینزع منه إلا الجلود و المفید ینزع عنه السراویل إلا أن یصیبه دم و ینزع عنه الفرو و القلنسوة و إن أصابهما دم دفنا معه و ینزع الخف عنه علی كل حال.
و ابن إدریس یدفن بثیابه و إن لم یصبها الدم و بالخف و الفرو و القلنسوة إن أصابها دم و إن لم یصبها دم نزعت و فی المعتبر دفنه بثیابه و إن لم یصبها دم أجمع علیه المسلمون و قال الأوجه وجوب دفن السروال لأنه من الثیاب و ظاهره أنه ینزع عنه الخف و الفرو و الجلود و إن أصابها الدم لأن دفنها تضییع انتهی و المسألة فی هذا الزمان قلیلة الجدوی كما لا یخفی.
«4»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ الْقُمِّیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَی الْمَصْلُوبِ
ص: 3
قَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ جَدِّی صَلَّی عَلَی عَمِّهِ قُلْتُ أَعْلَمُ ذَلِكَ وَ لَكِنِّی لَمْ أَفْهَمْهُ مُبَیَّناً قَالَ أُبَیِّنُهُ لَكَ إِنْ كَانَ وَجْهُ الْمَصْلُوبِ إِلَی الْقِبْلَةِ فَقُمْ عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ وَ إِنْ كَانَ قَفَاهُ إِلَی الْقِبْلَةِ فَقُمْ عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْسَرِ فَإِنَّ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ وَ إِنْ كَانَ مَنْكِبُهُ الْأَیْسَرُ إِلَی الْقِبْلَةِ فَقُمْ عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ وَ إِنْ كَانَ مَنْكِبُهُ الْأَیْمَنُ إِلَی الْقِبْلَةِ فَقُمْ عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْسَرِ وَ كَیْفَ كَانَ مُنْحَرِفاً فَلَا تُزَایِلَنَّ مَنَاكِبَهُ وَ لْیَكُنْ وَجْهُكَ إِلَی مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَا تَسْتَقْبِلْهُ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهُ الْبَتَّةَ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام قَدْ فَهِمْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قال الصدوق رحمه اللّٰه هذا حدیث غریب نادر لم أجده فی شی ء من الأصول و المصنفات و لا أعرفه إلا بهذا الإسناد(1).
تبیان: فی الكافی (2) قال أبو هاشم و قد فهمت إن شاء اللّٰه فهمته و اللّٰه قوله أ ما علمت أن جدی یعنی الصادق علیه السلام قوله علی عمه یعنی زید بن علی بن الحسین علیه السلام قال الشهید رحمه اللّٰه فی الذكری و إنما یجب الاستقبال مع الإمكان فیسقط لو تعذر من المصلی و الجنازة كالمصلوب الذی یتعذر إنزاله كما روی أبو هاشم الجعفری و هذه الروایة و إن كانت غریبة نادرة كما قال الصدوق و أكثر الأصحاب لم یذكروا مضمونها فی كتبهم إلا أنه لیس لها معارض و لا راد و قد قال أبو الصلاح و ابن زهرة یصلی علی المصلوب و لا یستقبل وجهه الإمام فی التوجه فكأنهما عاملان بها و كذا صاحب الجامع الشیخ نجیب الدین یحیی بن سعید و الفاضل فی المختلف قال إن عمل بها فلا بأس و ابن إدریس نقل عن بعض الأصحاب إن صلی علیه و هو علی خشبته استقبل وجهه المصلی و یكون هو مستدبر القبلة ثم حكم بأن الأظهر إنزاله بعد الثلاثة
ص: 4
و الصلاة علیه قلت هذا النقل لم نظفر به و إنزاله قد یتعذر كما فی قصة زید انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.
أقول: إن المتعرضین لهذا الخبر لم یتكلموا فی معناه و لم یتفكروا فی مغزاه و لم ینظروا إلی ما یستنبط من فحواه فأقول و باللّٰه التوفیق إن مبنی هذا الخبر علی أنه یلزم المصلی أن یكون مستقبلا للقبلة و أن یكون محاذیا بجانبه الأیسر فإن لم یتیسر ذلك فیلزمه مراعاة الجانب فی الجملة مع رعایة القبلة الاضطراریة و هو ما بین المشرق و المغرب فبین علیه السلام محتملات ذلك فی قبلة أهل العراق المائلة عن خط نصف النهار إلی جانب الیمین فأوضح ذلك أبین إیضاح و أفصح أظهر إفصاح.
ففرض علیه السلام أولا كون وجه المصلوب إلی القبلة فقال قم علی منكبه الأیمن لأنه لا یمكن محاذاة الجانب الأیسر مع رعایة القبلة فیلزم مراعاة الجانب فی الجملة فإذا قام محاذیا لمنكبه الأیمن یكون وجهته داخلة فیما بین المشرق و المغرب من جانب القبلة لمیل قبلة أهل العراق إلی الیمین عن نقطة الجنوب إذ لو كان المصلوب محاذیا لنقطة الجنوب كان الواقف علی منكبه واقفا علی خط مقاطع لخط نصف النهار علی زوایا قوائم فیكون مواجها لنقطة مشرق الاعتدال فلما انحرف المصلوب عن تلك النقطة بقدر انحراف قبلة البلد الذی هو فیه ینحرف الواقف علی منكبه بقدر ذلك عن المشرق إلی الجنوب و ما بین المشرق و المغرب قبلة
إما للمضطر كما هو المشهور و هذا المصلی مضطر أو مطلقا كما هو ظاهر بعض الأخبار و ظهر لك أن هذا المصلی لو وقف علی منكبه الأیسر كان خارجا عما بین المشرق و المغرب محاذیا لنقطة من الأفق منحرفا عن نقطة مغرب الاعتدال إلی جانب الشمال بقدر انحراف القبلة.
ثم فرض علیه السلام كون المصلوب مستدبرا للقبلة فأمره حینئذ بالقیام علی منكبه الأیسر لیكون مواجها لما بین المشرق و المغرب واقفا علی منكبه الأیسر كما هو اللازم فی حال الاختیار ثم بین علة الأمر فی كل من الشقین
ص: 5
بقوله فإن ما بین المشرق و المغرب قبلة.
ثم فرض علیه السلام كون منكبه الأیسر إلی القبلة فأمره بالقیام علی منكبه الأیمن لیكون مراعیا لمطلق الجانب لتعذر رعایة خصوص المنكب الأیسر و العكس ظاهر.
ثم لما أوضح علیه السلام بعض الصور بین القاعدة الكلیة فی ذلك لیستنبط منه باقی الصور المحتملة و هی رعایة ما بین المشرق و المغرب مع رعایة أحد الجانبین و نهاه عن استقبال المیت و استدباره فی حال من الأحوال.
فإذا حققت ذلك فاعلم أن الأصحاب اتفقوا علی وجوب كون المیت فی حال الصلاة مستلقیا علی قفاه و كون رأسه إلی یمین المصلی و لم یذكروا لذلك مستندا إلا عمل السلف فی كل عصر و زمان حتی إن بعض مبتدعی المتأخرین أنكر ذلك فی عصرنا و قال یلزم أن یكون المیت فی حال الصلاة علی جانبه الأیمن مواجها للقبلة علی هیئته فی اللحد و تمسك بأن هذا الوضع لیس من الاستقبال فی شی ء.
أقول: هذا الخبر علی ما فسرناه و أوضحناه ظاهر الدلالة علی رعایة محاذاة أحد الجانبین علی كل حال و بانضمام الخبر الوارد بلزوم كون رأس المیت إلی یمین المصلی یتعین القیام علی یساره إذ لا یقول هذا القائل أیضا فضلا عن أحد من أهل العلم بجواز كون المیت منبطحا علی وجهه حال الصلاة مع أن عمل الأصحاب فی مثل هذه الأمور التی تتكرر فی كل یوم و لیلة فی أعصار الأئمة علیهم السلام و بعدها من أقوی المتواترات و أوضح الحجج و أظهر البینات.
«5»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی الشَّهِیدِ إِذَا قُتِلَ فِی مَكَانِهِ فَمَاتَ دُفِنَ فِی ثِیَابِهِ وَ لَمْ یُغَسَّلْ فَإِنْ كَانَ بِهِ رَمَقٌ وَ نُقِلَ عَنْ مَكَانِهِ فَمَاتَ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ (1)
قَالَ وَ قَدْ كَفَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَمْزَةَ علیه السلام فِی ثِیَابِهِ الَّتِی أُصِیبَ فِیهَا
ص: 6
وَ زَادَهُ بُرْداً(1).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ بَدْرٍ فَأُصِیبَ مَنْ أُصِیبَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِدَفْنِهِمْ فِی ثِیَابِهِمْ وَ أَنْ یُنْزَعَ عَنْهُمُ الْفِرَاءُ وَ صَلَّی عَلَیْهِمْ (2).
«6»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی شُهَدَاءِ أُحُدٍ زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ وَ ثِیَابِهِمْ (3).
بیان: قال فی النهایة فی حدیث قتلی أحد زملوهم بثیابهم و دمائهم أی لفوهم فیها یقال تزمل بثوبه إذا التف فیه.
«7»- الْمُعْتَبَرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ لِلْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ: الْمَقْتُولُ إِذَا قُطِعَ أَعْضَاؤُهُ یُصَلَّی عَلَی الْعُضْوِ الَّذِی فِیهِ الْقَلْبُ (4).
وَ عَنِ الْجَامِعِ أَیْضاً عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ: بَلَغَنِی عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ یُصَلَّی عَلَی كُلِّ عُضْوٍ رِجْلًا كَانَ أَوْ یَداً أَوِ الرَّأْسَ جُزْءاً فَمَا زَادَ فَإِذَا نَقَصَ عَنْ رَأْسٍ أَوْ یَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَمْ یُصَلَّ عَلَیْهِ (5).
تنقیح قوله علی العضو الذی فیه القلب و فی الكافی (6) بسند آخر إذا كان المیت نصفین صلی علی النصف الذی فیه القلب و هو یحتمل وجوها الأول اشتراط كون القلب فیه الثانی أن یكون المراد به النصف الذی یكون فیه القلب و إن لم یكن عند الوجدان فیه و لعله أظهر الثالث أن یكون المراد به أن مع وجود النصفین یقف عند الصلاة علی النصف الذی فیه القلب و محاذیا له و لا یخفی بعده.
ثم اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب فی حكم تلك المسألة اختلافا كثیرا
ص: 7
قال فی المنتهی لو وجد بعض المیت إما بأن أكله سبع أو احترق بالنار أو غیر ذلك فإن كان فیه عظم وجب غسله بلا خلاف بین علمائنا و یكفن و إن كان صدره صلی علیه و إلا فلا ثم قال أما لو لم یكن فیها عظم فإنه لا یجب غسلها و كان حكمها حكم السقط قبل أربعة أشهر و كذا البحث لو أبینت القطعة من حی.
و قال فی المعتبر و إذا وجد بعض المیت و فیه الصدر فهو كما لو وجد كله و هو مذهب المفید و قال الشیخ إن كان صدره و ما فیه قلبه صلی علیه ثم قال و الذی یظهر لی أنه لا تجب الصلاة إلا أن یوجد ما فیه القلب أو الصدر و الیدان أو عظام المیت ثم ذكر الخبرین المتقدمین مع أخبار أخر.
و قال فی الذكری و ما فیه الصدر یغسل و كذا عظام المیت تغسل و كذا تغسل قطعة فیها عظم ذكره الشیخان و احتج علیه فی الخلاف بإجماعنا و یلوح ما ذكره الشیخان من خبر علی بن جعفر و لو كان لحم بغیر عظم فلا غسل.
قال ابن إدریس و لا كفن و لا صلاة و أوجب سلار لفها فی خرقة و دفنها و لم یذكره الشیخان انتهی.
أقول: الظاهر من أكثر الأخبار هو مختار المعتبر و أما مرسلة ابن المغیرة فیمكن حملها علی الاستحباب و لعل المراد بالعضو فیها العضو التام الذی رواه ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِی الْكَافِی (1)
بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِیلًا فَإِنْ وُجِدَ لَهُ عُضْوٌ تَامٌّ صُلِّیَ عَلَیْهِ وَ دُفِنَ وَ إِنْ لَمْ یُوجَدْ لَهُ عُضْوٌ تَامٌّ لَمْ یُصَلَّ عَلَیْهِ وَ دُفِنَ.
و العضو التام فیه یحتمل وجوها الأول أن یكون المراد به تمام عضو له اسم مخصوص فیشمل بعض الأعضاء التی لا عظم لها كالأذن و العین و الذكر و الأنثیین و اللسان و أمثالها الثانی أن یراد به العضو الذی لا یكون جزء لعضو آخر كالرأس فإنه لیس جزء من عضو آخر له اسم مخصوص الثالث أن یراد به العضو
ص: 8
ذو العظم و إن كان جزء لآخر الرابع أن یراد به العضو الذی یكون فقده سببا لفقد الحیاة كما رُوِیَ (1)
فِی دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یُصَلَّی عَلَی مَا وُجِدَ مِنَ الْإِنْسَانِ مِمَّا یُعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا فَارَقَهُ مَاتَ.
و حمله ابن الجنید علی الثالث حیث قال و لا یصلی علی عضو المیت و لا یغسل إلا أن یكون عضوا تاما بعظامه أو یكون عظما مفردا و یغسل ما كان من ذلك لغیر الشهید كما یغسل بدنه و لم یفصل بین الصدر و غیره.
أقول: و یمكن حمل كلامه علی المحمل الثانی للخبر و علی التقادیر حمله علی الاستحباب أظهر و اللّٰه یعلم.
«8»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: وَ إِنْ كَانَ الْمَیِّتُ أَكَلَهُ السَّبُعُ فَاغْسِلْ مَا بَقِیَ مِنْهُ وَ إِنْ لَمْ یَبْقَ مِنْهُ إِلَّا عِظَامٌ جَمَعْتَهَا وَ غَسَّلْتَهَا وَ صَلَّیْتَ عَلَیْهَا وَ دَفَنْتَهَا(2) وَ إِنْ مَاتَ فِی سَفِینَةٍ فَاغْسِلْهُ وَ كَفِّنْهُ وَ ثَقِّلْ رِجْلَیْهِ وَ أَلْقِهِ فِی الْبَحْرِ(3)
وَ إِنْ كَانَ الْمَیِّتُ قَتِیلَ الْمَعْرَكَةِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ یُغَسَّلْ وَ دُفِنَ فِی ثِیَابِهِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا بِدِمَائِهِ وَ لَا یُنْزَعُ مِنْهُ مِنْ ثِیَابِهِ شَیْ ءٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا یُتْرَكُ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ مَعْقُودٌ وَ تُحَلُّ تِكَّتُهُ وَ مِثْلُ الْمِنْطَقَةِ وَ الْفَرْوَةِ إِنْ أَصَابَهُ شَیْ ءٌ مِنْ دَمِهِ لَمْ یُنْزَعْ مِنْهُ شَیْ ءٌ إِلَّا أَنَّهُ یُحَلُّ الْمَعْقُودُ وَ لَمْ یُغَسَّلْ إِلَّا أَنْ یَكُونَ بِهِ رَمَقٌ ثُمَّ یَمُوتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ غُسِّلَ كَمَا یُغَسَّلُ الْمَیِّتُ وَ كُفِّنَ كَمَا یُكَفَّنُ الْمَیِّتُ وَ لَا یُتْرَكُ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ مِنْ ثِیَابِهِ (4) وَ إِنْ كَانَ قُتِلَ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ غُسِّلَ كَمَا یُغَسَّلُ الْمَیِّتُ وَ ضُمَّ رَأْسُهُ إِلَی عُنُقِهِ فَیُغَسَّلُ مَعَ الْبَدَنِ كَمَا وَصَفْنَاهُ فِی بَابِ الْغُسْلِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ جُعِلَ عَلَی عُنُقِهِ قُطْناً وَ ضُمَّ إِلَیْهِ الرَّأْسُ وَ شُدَّ مَعَ الْعُنُقِ شَدّاً شَدِیداً(5)
وَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَ هِیَ حَامِلَةٌ وَ وَلَدُهَا یَتَحَرَّكُ فِی بَطْنِهَا شُقَّ بَطْنُهَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَیْسَرِ وَ أُخْرِجَ الْوَلَدُ وَ إِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِی جَوْفِهَا وَ لَمْ یَخْرُجْ أَدْخَلَ إِنْسَانٌ یَدَهُ فِی
ص: 9
فَرْجِهَا وَ قَطَعَ الْوَلَدَ بِیَدِهِ فَأَخْرَجَهُ وَ رُوِیَ أَنَّهَا تُدْفَنُ مَعَ وَلَدِهَا إِذَا مَاتَ فِی بَطْنِهَا(1) وَ إِذَا أَسْقَطَتِ الْمَرْأَةُ وَ كَانَ السِّقْطُ تَامّاً غُسِّلَ وَ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ وَ دُفِنَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ تَامّاً فَلَا یُغَسَّلُ وَ یُدْفَنُ بِدَمِهِ وَ حَدُّ إِتْمَامِهِ إِذَا أَتَی عَلَیْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ(2)
وَ إِنْ كَانَ الْمَیِّتُ مَرْجُوماً بَدَأَ بِغُسْلِهِ وَ تَحْنِیطِهِ وَ تَكْفِینِهِ ثُمَّ رُجِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ الْقَاتِلُ إِذَا أُرِیدُ قَتْلُهُ قَوَداً(3) وَ إِنْ كَانَ الْمَیِّتُ مَصْلُوباً أُنْزِلَ مِنْ خَشَبَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ غُسِّلَ وَ دُفِنَ وَ لَا یَجُوزُ صَلْبُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ (4).
بیان: قوله علیه السلام إلا عظام یدل علی وجوب الصلاة علی مجموع العظام كما مر قوله إلا أن یكون به رمق.
أقول: رَوَی الْكُلَیْنِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ (5) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الَّذِی یُقْتَلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَ یُغَسَّلُ وَ یُكَفَّنُ وَ یُحَنَّطُ قَالَ یُدْفَنُ كَمَا هُوَ فِی ثِیَابِهِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ بِهِ رَمَقٌ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ یُغَسَّلُ وَ یُكَفَّنُ وَ یُحَنَّطُ وَ یُصَلَّی عَلَیْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی عَلَی حَمْزَةَ وَ كَفَّنَهُ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ جُرِّدَ.
فقوله علیه السلام إلا أن یكون به رمق یحتمل أن یكون المراد به أن یكون به رمق عند إدراك المسلمین له فمناط وجوب التغسیل إدراك المسلمین إیاه و به رمق و إن لم یدرك كذلك لم یجب تغسیله كما فهمه الشهید و المحقق الشیخ علی و غیرهما من المتأخرین من هذا الخبر و إن لم یحكموا بموجبه و یحتمل أن یكون المراد أن یكون بعد الإخراج من المعركة به رمق أو وجدوه و به رمق ثم مات بعد الإخراج و علی هذا ینطبق علی ما ذكره الأصحاب من إناطة الفرق بالموت فی المعركة و عدمه.
قوله و إن كان قتل فی معصیة اللّٰه ذكر هذا المضمون فی الفقیه و رواه
ص: 10
الشیخ بسند(1) مجهول عن الصادق علیه السلام.
قوله و إذا ماتت المرأة رواه الشیخ فی الصحیح و الموثق و غیرهما(2) و عمل به الأصحاب و لیس فی سائر الأخبار التقیید بالأیسر و ذكره الصدوق فی الفقیه و تبعه الأكثر و فی بعض الأخبار أنه یخاط بطنها و ذكره بعض الأصحاب و قال فی الذكری و لا عبرة بكونه مما یعیش عادة أو لا لظاهر الخبر.
و أما تقطیع الولد و إخراجه مع موته فهو مذهب الأصحاب و نقل الشیخ فی الخلاف الإجماع فیه و استدلوا علیه بروایة وهب الآتیة و قال فی المعتبر و وهب هذا عامی ضعیف لا یعمل بما ینفرد به و الوجه أنه إن أمكن التوصل إلی إسقاطه صحیحا بشی ء من العلاجات و إلا توصل إلی إخراجه بالأرفق فالأرفق و یتولی ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن یتولاه غیرهم دفعا عن نفس الحی انتهی و لا یخفی قوته و متانته و الروایة لا تنافیه.
أما ما ذكر من أنه إذا تم للسقط أربعة أشهر غسل و كفن و حنط فهو المشهور بین الأصحاب و ذكر بعض الأصحاب مكان التكفین و التحنیط لفه فی خرقة و أوجب الشهید و من تأخر عنه تكفینه بالقطع الثلاث و تحنیطه كما هو مدلول الروایة و هو أقوی و منهم من عبر عنه بمن ولج فیه الروح لادعاء التلازم بینه و بین بلوغ أربعة أشهر و هو فی محل المنع.
و أما الصلاة علیه فإنها غیر واجبة و لا مستحبة بإجماع علمائنا قاله فی المعتبر و ذكر الأكثر فی السقط إذا لم یلجه الروح أو لم یبلغ أربعة أشهر أنه یلف فی خرقة و یدفن و الروایات خالیة من ذكر اللف.
و أما عدم الغسل فلا خلاف فیه بیننا ظاهرا و المشهور بین الأصحاب أنه
ص: 11
یؤمر من وجب قتله بالاغتسال أولا غسل الأموات بالخلیطین ثم لا یغسل بعده و كذا یقدم التحنیط علی ما ذكره الشیخ و أتباعه و زاد ابنا بابویه و المفید تقدیم التكفین كما فی هذا الخبر و ظاهر الأكثر عدم مشروعیة الغسل و التكفین و التحنیط بعده و أما الصلاة علیه بعده فلا خلاف فی وجوبها.
قوله و لا یجوز صلبه أكثر من ثلاثة أیام قال فی المعتبر هذا مذهب الأصحاب و رَوَاهُ السَّكُونِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تُقِرُّوا الْمَصْلُوبَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ حَتَّی یُنْزَلَ وَ یُدْفَنَ.
«9»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی الْمَرْأَةِ یَمُوتُ فِی بَطْنِهَا الْوَلَدُ فَیُتَخَوَّفُ عَلَیْهَا قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ یُدْخِلَ الرَّجُلُ یَدَهُ فَیَقْطَعَهُ وَ یُخْرِجَهُ إِذَا لَمْ تَرْفُقْ بِهِ النِّسَاءُ(1).
«10»- كِتَابُ مَقْصَدِ الرَّاغِبِ، قَالَ: قَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی قَتْلَی صِفِّینَ وَ الْجَمَلِ وَ النَّهْرَوَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ یُنْظَرَ فِی جِرَاحَاتِهِمْ فَمَنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ مِنْ خَلْفِهِ لَمْ یُصَلِّ عَلَیْهِ وَ قَالَ فَهُوَ الْفَارُّ مِنَ الزَّحْفِ وَ مَنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ مِنْ قُدَّامِهِ صَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ.
بیان: لعله علیه الصلاة و السلام علم أن الفارین من المخالفین فلذا لم یصل علیهم.
«11»- وَ مِنْهُ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ إِنِّی زَنَیْتُ فَطَهِّرْنِی فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ لَكَ زَوْجَةٌ قَالَ نَعَمْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ إِلَی أَنْ قَالَ لَمَّا ثَبَتَ عَلَیْهِ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَخْرَجَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ أَخَذَ حَجَراً فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِیرَاتٍ ثُمَّ رَمَاهُ بِهِ ثُمَّ أَخَذَ الْحَسَنُ علیه السلام مِثْلَهُ ثُمَّ أَخَذَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِثْلَهُ فَلَمَّا مَاتَ
ص: 12
أَخْرَجَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَصَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ لَا تُغَسِّلُهُ قَالَ قَدِ اغْتَسَلَ بِمَا هُوَ مِنْهَا طَاهِرٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.
بیان: لعله علیه السلام أمره قبل ذلك بالغسل و إن لم یذكر فی الخبر.
«11»- كِتَابُ زَیْدٍ الزَّرَّادِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّی أَنْ یَكُونَ بِبَعْضِ مَسَاجِدِهِ شَیْ ءٌ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا یَأْمَنُ أَنْ یَمُوتَ فِی مَوْضِعٍ لَا یُعْرَفُ فَیَحْضُرَهُ الْمُسْلِمُ فَلَا یَدْرِی عَلَی مَا یَدْفِنُهُ.
ص: 13
الآیات:
المرسلات: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً(1)
تفسیر:
قال الطبرسی رحمه اللّٰه: كفت الشی ء یكفته كفتا و كفاتا إذا ضمه و منه الحدیث اكفتوا صبیانكم أی ضموهم إلی أنفسكم و یقال للوعاء كفت و كفیت (2)
قوله تعالی كِفاتاً أی للعباد تكفتهم أحیاء علی ظهرها فی دورهم و منازلهم و تكفتهم أمواتا فی بطنها أی تحوزهم و تضمهم
قال بنان خرجنا فی جنازة مع الشعبی فنظر إلی الجبان فقال هذه كفات الأموات ثم نظر إلی البیوت فقال هذه كفات الأحیاء و روی ذلك عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
و قیل كِفاتاً أی وعاء و هذا كفته أی وعاؤه و قوله تعالی أَحْیاءً وَ أَمْواتاً أی منه ما ینبت و منه ما لا ینبت فعلی هذا یكون أحیاء و أمواتا نصبا علی الحال و علی القول الأول علی المفعول به (3).
«1»- الْعِلَلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ الرَّافِقِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام: أَنَّ قَبْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله رُفِعَ شِبْراً مِنَ الْأَرْضِ وَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِرَشِّ الْقُبُورِ(4).
ص: 14
بیان: المشهور بین الأصحاب استحباب رفع القبر مقدار أربع أصابع مفرجات لا أكثر من ذلك و ابن زهرة خیر بینها و بین شبر و فی خبر سماعة(1) یرفع من الأرض قدر أربع أصابع مضمومة و علیه ابن أبی عقیل قال فی الذكری قلت اختلاف الروایة دلیل التخییر و ما رووه (2)
عن جابر: أن قبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله رفع قدر شبر. و رویناه عن إبراهیم (3) بن علی عن الصادق علیه السلام أیضا یقارب التفریج و لما كان المقصود من رفع القبر أن یعرف لیزار و یحترم كان مسمی الرفع كافیا و قال ابن البراج شبرا و أربع أصابع انتهی.
و قال فی المنتهی یستحب أن یرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات و هو قول العلماء ثم قال و قد روی استحباب ارتفاعه أربع أصابع مفرجات و روی أربع أصابع مضمومات و الكل جائز ثم قال یكره أن یرفع أكثر من ذلك و هو فتوی العلماء انتهی.
و أما رش القبر فلا خلاف فی استحبابه قال فی المنتهی و علیه فتوی العلماء و المشهور فی كیفیته أنه یستحب أن یستقبل الصاب القبلة و یبدأ بالرش من قبل رأسه ثم یدور علیه إلی أن ینتهی إلی الرأس فإن فضل من الماء شی ء صبه علی وسط القبر لِرِوَایَةِ مُوسَی بْنِ أُكَیْلٍ (4) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السُّنَّةُ فِی رَشِّ الْمَاءِ عَلَی الْقَبْرِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَ تَبْدَأَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ إِلَی عِنْدِ الرِّجْلِ ثُمَّ تَدُورَ عَلَی الْقَبْرِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثُمَّ تَرُشَّ عَلَی وَسَطِ الْقَبْرِ فَذَلِكَ السُّنَّةُ.
أقول: مقتضی غیرها من الروایات إجزاء النضح كیف اتفق و الظاهر
ص: 15
تأدی أصل السنة بذلك و إن كان إیقاعه علی الهیئة الواردة فی هذا الخبر أفضل و أحوط ثم قولهم فإن فضل من الماء شی ء فلا یخفی ما فیه إذ ظاهر الخبر الذی هو مستندهم ظاهرا لزوم الإتیان به علی كل حال لكن فی الفقه الرضوی ورد موافقا للمشهود و قال فی الفقیه من غیر أن یقطع الماء و فی دلالة الخبر علیه أیضا خفاء لكنه موافق لما فی الفقه.
ثم إنه لا یظهر من الأخبار و لا من كلام القوم تعین الابتداء من الجانب الذی یلیه أو الجانب الذی یلی القبلة فالظاهر التخییر بینهما.
«2»- مُنْتَهَی الْمَطْلَبِ، رَوَی الْجُمْهُورُ عَنِ السَّاجِیِّ فِی كِتَابِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لُحِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُصِبَ عَلَیْهِ اللِّبِنُ نَصْباً وَ رُفِعَ قَبْرُهُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ.
وَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ یَا أُمَّهْ اكْشِفِی لِی عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَاحِبَیْهِ فَكَشَفَتْ لِی عَنْ ثَلَاثِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَ لَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ.
«3»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ جَدَّدَ قَبْراً أَوْ مَثَّلَ مِثَالًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ (1).
تبیین: قال الصدوق فی الفقیه (2)
بعد إیراد هذا الخبر مرسلا و اختلف مشایخنا فی معنی هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار ره هو جدد بالجیم لا غیر و كان شیخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید یحكی عنه أنه قال لا یجوز تجدید القبر و لا تطیین جمیعه بعد مرور الأیام علیه و بعد ما طین فی الأول و لكن إذا مات میت فطین قبره فجائز أن یرم سائر القبور من غیر أن یجدد و ذكر عن سعد بن عبد اللّٰه ره أنه كان یقول إنما هو حدد قبرا بالحاء غیر المعجمة یعنی به
ص: 16
من سنم قبرا و ذكر عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی إنما هو من جدث قبرا و تفسیر الجدث القبر فلا ندری ما عنی به.
و الذی أذهب إلیه أنه جدد بالجیم و معناه نبش قبرا لأن من نبش قبرا فقد جدده و أحوج إلی تجدیده و قد جعله جدثا محفورا.
و أقول إن التجدید علی المعنی الذی ذهب إلیه محمد بن الحسن الصفار و التحدید بالحاء غیر المعجمة الذی ذهب إلیه سعد بن عبد اللّٰه و الذی قاله البرقی من أنه جدث كله داخل فی معنی الحدیث و أن من خالف الإمام علیه السلام فی التجدید و التسنیم و النبش و استحل شیئا من ذلك فقد خرج من الإسلام.
و الذی أقوله فی قوله علیه السلام من مثل مثالا أنه یعنی به من أبدع بدعة و دعا إلیها أو وضع دینا فقد خرج من الإسلام و قولی فی ذلك قول أئمتی علیهم السلام فإن أصبت فمن اللّٰه علی ألسنتهم و إن أخطأت فمن عند نفسی.
و قال الشیخ فی التهذیب (1)
بعد نقل كلام البرقی و یمكن أن یكون المعنی بهذه الروایة النهی أن یجعل القبر دفعة أخری قبرا لإنسان آخر لأن الجدث هو القبر فیجوز أن یكون الفعل مأخوذا منه ثم قال و كان شیخنا محمد بن محمد بن النعمان یقول إن الخبر بالخاء و الدالین و ذلك مأخوذ من قوله تعالی البروج قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ(2) و الخد هو الشق یقال خددت الأرض خدا أی شققتها و علی هذه الروایات یكون النهی تناول شق القبر إما لیدفن فیه أو علی جهة النبش علی ما ذهب إلیه محمد بن علی و كل ما ذكرناه من الروایات و المعانی محتمل و اللّٰه أعلم بالمراد و الذی صدر الخبر عنه علیه السلام.
و قال الشهید قدس سره فی الذكری قلت اشتغال هؤلاء الأفاضل بتحقیق هذه اللفظة مؤذن بصحة الحدیث عندهم و إن كان طریقه ضعیفا كما فی أحادیث كثیرة اشتهرت و علم موردها و إن ضعف إسنادها فلا یرد ما ذكره فی المعتبر من
ص: 17
ضعف محمد بن سنان و أبی الجارود راوییه.
علی أنه قد ورد نحوه مِنْ طَرِیقِ أَبِی الْهَیَّاجِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: أَبْعَثُكَ عَلَی مَا بَعَثَنِی عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَرَی قَبْراً مُشْرِفاً إِلَّا سَوَّیْتَهُ وَ لَا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ (1).
و قد نقله الشیخ فی الخلاف و هو من صحاح العامة و هو یعطی صحة الروایة بالحاء المهملة لدلالة الإشراف و التسویة علیه و یعطی أن المثال هنا هو المثال هناك و هو الصورة و قد روی فی النهی عن التصویر و إزالة التصاویر أخبار مشهورة و أما الخروج عن الإسلام بهذین فإما علی طریقة المبالغة زجرا عن الاقتحام علی ذلك و إما لأنه فعل ذلك مخالفة للإمام علیه السلام انتهی.
و ربما یقال علی تقدیر أن یكون اللفظ جدد بالجیم و الدال و جدث بالجیم و الثاء یحتمل أن یكون المراد قتل مؤمن عدوانا لأن من قتله فقد جدد قبرا مجددا بین القبور و جعله جدثا و هو مستقل فی هذا التجدید فیجوز إسناده إلیه بخلاف ما لو قتل بحكم الشرع و هذا أنسب بالمبالغة بخروجه من الإسلام و یحتمل أن یكون المراد بالمثال الصنم للعبادة.
أقول: لا یخفی بعد ما ذكره فی التجدید و أما المثال فهو قریب و ربما یقال المراد به إقامة رجل بحذاه كما یفعله المتكبرون و یؤیده ما ذكره
الصَّدُوقُ ره فِی كِتَابِ مَعَانِی الْأَخْبَارِ(2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّهِیكِیِّ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَثَّلَ مِثَالًا أَوِ اقْتَنَی كَلْباً فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَقِیلَ لَهُ هَلَكَ إِذاً كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ ذَهَبْتُمْ إِنِّی عَنَیْتُ بِقَوْلِی مَنْ مَثَّلَ مِثَالًا مَنْ نَصَبَ دِیناً غَیْرَ دِینِ اللَّهِ وَ دَعَا النَّاسَ إِلَیْهِ وَ بِقَوْلِی مَنِ اقْتَنَی كَلْباً مُبْغِضاً لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ اقْتَنَاهُ وَ أَطْعَمَهُ وَ سَقَاهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ.
ثم اعلم أن للإسلام و الإیمان فی الأخبار معانی شتی فیمكن أن یراد هنا
ص: 18
معنی یخرج ارتكاب بعض المعاصی عنه و أما إثبات حكم بمجرد تلك القراءات و الاحتمالات بخبر واحد فلا یخفی ما فیه و ما ذكره القوم من التفسیرات و التأویلات لا یدل علی تصحیحها و العمل بها نعم یصلح مؤیدا لأخبار أخر وردت فی كل من تلك الأحكام و لعله یصح لإثبات الكراهة أو الاستحباب و إن كان فیه أیضا مجال مناقشة.
«4»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَبْنُوا عَلَی الْقُبُورِ وَ لَا تُصَوِّرُوا سُقُوفَ الْبُیُوتِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَرِهَ ذَلِكَ (1).
تحقیق و تفصیل قال فی الذكری المشهور كراهة البناء علی القبر و اتخاذه مسجدا و كذا یكره القعود علی القبر و فی المبسوط نقل الإجماع علی كراهة البناء علیه و فی النهایة یكره تجصیص القبور و تظلیلها و كذا یكره المقام عندها لما فیه من إظهار السخط لقضاء اللّٰه أو الاشتغال عن مصالح العباد و المعاش أو لسقوط الاتعاظ بها
وَ قَدْ رَوَی یُونُسُ بْنُ ظَبْیَانَ (2)
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُصَلَّی عَلَی قَبْرٍ أَوْ یُعْقَدَ عَلَیْهِ أَوْ یُبْنَی عَلَیْهِ. و قد روی مثله من صحاح العامة.
ثم قال وَ رَوَی (3) عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام: لَا یَصْلُحُ الْبِنَاءُ عَلَیْهِ وَ لَا الْجُلُوسُ. و ظاهره الكراهیة فیحمل النهی الأول و غیره علیها و زاد الشیخ فی الخلاف الاتكاء علیه و المشی و نقله فی المعتبر عن العلماء وَ قَدْ نَقَلَ الصَّدُوقُ فِی الْفَقِیهِ (4) عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام لیه السلام: إِذَا دَخَلْتَ الْمَقَابِرَ فَطَأِ الْقُبُورَ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً اسْتَرْوَحَ إِلَی ذَلِكَ وَ مَنْ كَانَ مُنَافِقاً وَجَدَ أَلَمَهُ. و یمكن حمله علی القاصد زیارتهم بحیث لا یتوصل إلی قبر إلا بالمشی علی آخر أو یقال تختص الكراهیة بالقعود لما فیه من
ص: 19
اللبث المنافی للتعظیم.
وَ رَوَی الصَّدُوقُ عَنْ سَمَاعَةَ(1): أَنَّهُ سَأَلَهُ علیه السلام عَنْ زِیَارَةِ الْقُبُورِ وَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِیهَا فَقَالَ زِیَارَةُ الْقُبُورِ لَا بَأْسَ بِهَا وَ لَا یُبْنَی عِنْدَهَا مَسَاجِدُ.
وَ قَالَ الصَّدُوقُ (2) وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِی قِبْلَةً وَ لَا مَسْجِداً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَعَنَ الْیَهُودَ حَیْثُ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِیَائِهِمْ مَسَاجِدَ.
قلت هذه الأخبار رواها الصدوق و الشیخان و جماعة المتأخرین فی كتبهم و لم یستثنوا قبرا و لا ریب فی أن الإمامیة مطبقة علی مخالفة قضیتین من هذه إحداهما البناء و الأخری الصلاة فی المشاهد المقدسة فیمكن القدح فی هذه الأخبار لأنها آحاد و بعضها ضعیف الإسناد و قد عارضها أخبار أشهر منها.
و قال ابن الجنید لا بأس بالبناء علیه و ضرب الفسطاط یصونه و من یزوره أو تخصیص هذه العمومات بإجماعهم فی عهود كانت الأئمة ظاهرة فیهم و بعدهم من غیر نكیر و بالأخبار الدالة علی تعظیم قبورهم و عمارتها و أفضلیة الصلاة عندها ثم أورد بعض ما سیأتی من الأخبار الدالة علی فضل زیارتهم علیهم السلام و عمارة قبورهم و تعاهدها و الصلاة عندها.
ثم قال و الأخبار فی ذلك كثیرة و مع ذلك فقبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مبنی علیه فی أكثر الأعصار و لم ینقل عن أحد من السلف إنكاره بل جعلوه أنسب لتعظیمه.
و أما اتخاذ القبور مسجدا فقد قیل هو لمن یصلی فیه جماعة أما فرادی فلا.
«5»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام: أَنَّهُ أُلْحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّحْدُ هُوَ أَنْ یُشَقَّ لِلْمَیِّتِ فِی الْقَبْرِ مَكَانُهُ الَّذِی یُضْجَعُ فِیهِ مِمَّا یَلِی الْقِبْلَةَ مَعَ حَائِطِ الْقَبْرِ وَ الضَّرِیحُ أَنْ یُشَقَّ لَهُ وَسَطُ الْقَبْرِ(3).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ ضَرَّحَ لِأَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام احْتَاجَ إِلَی ذَلِكَ
ص: 20
لِأَنَّهُ كَانَ جَسِیماً(1).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ فَرَشَ فِی لَحْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَطِیفَةً لِأَنَّ الْمَوْضِعَ كَانَ نَدِیّاً سَبِخاً(2).
وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا یُنْزِلُ الْمَرْأَةَ فِی قَبْرِهَا إِلَّا مَنْ كَانَ یَرَاهَا فِی حَیَاتِهَا وَ یَكُونُ أَوْلَی النَّاسِ بِهَا یَلِی مُؤَخَّرَهَا وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالرِّجَالِ یَلِی مُقَدَّمَهُ وَ كُرِهَ لِلرَّجُلِ أَنْ یَنْزِلَ فِی قَبْرِ وَلَدِهِ خَوْفاً مِنْ رِقَّةِ قَلْبِهِ عَلَیْهِ (3).
وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لِكُلِّ بَیْتٍ بَابٌ وَ بَابُ الْقَبْرِ مِمَّا یَلِی رِجْلَیِ الْمَیِّتِ فَمِنْهُ یَجِبُ أَنْ یُنْزَلَ وَ یُصْعَدَ مِنْهُ (4).
وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جِنَازَةً فَأَمَرَهُمْ فَوَضَعُوا الْمَیِّتَ عَلَی شَفِیرِ الْقَبْرِ مِمَّا یَلِی الْقِبْلَةَ وَ أَمَرَهُمْ فَنَزَلُوا وَ اسْتَقْبَلُوا اسْتِقْبَالًا فَأَنْزَلُوهُ فِی لَحْدِهِ وَ قَالَ لَهُمْ قُولُوا عَلَی مِلَّةِ اللَّهِ وَ مِلَّةِ رَسُولِهِ (5).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ یُبْسَطَ عَلَی قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ ثَوْبٌ وَ هُوَ أَوَّلُ قَبْرٍ بُسِطَ عَلَیْهِ ثَوْبٌ (6).
وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ جِنَازَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا أَنْزَلُوهُ فِی قَبْرِهِ قَالَ أَضْجِعُوهُ فِی لَحْدِهِ عَلَی جَنْبِهِ الْأَیْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ لَا تَكُبُّوهُ لِوَجْهِهِ وَ لَا تُلْقُوهُ لِظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِلَّذِی وَلِیَهُ ضَعْ یَدَكَ عَلَی أَنْفِهِ حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَكَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ثُمَّ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ حُجَّتَهُ وَ صَعِّدْ رُوحَهُ وَ لَقِّهِ مِنْكَ رِضْوَاناً(7).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا دَفَنَ جِنَازَةً حَثَا فِی الْقَبْرِ ثَلَاثَ حَثَیَاتٍ (8).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَثَا فِی الْقَبْرِ قَالَ إِیمَاناً بِكَ وَ تَصْدِیقاً لِرُسُلِكَ وَ إِیقَاناً بِبَعْثِكَ- هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قَالَ مَنْ فَعَلَ
ص: 21
هَذَا كَانَ لَهُ بِمِثْلِ كُلِّ ذَرَّةٍ مِنَ التُّرَابِ (1).
وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّهُ لَمَّا دَفَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَبَّعَ قَبْرَهُ (2).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ دَعَا بِحَجَرٍ فَوَضَعَهُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ وَ قَالَ یَكُونُ عَلَماً لِیُدْفَنَ إِلَیْهِ قَرَابَتِی (3).
وَ عَنْ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ یُعَمَّقَ الْقَبْرُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَ أَنْ یُزَادَ عَلَیْهِ تُرَابٌ غَیْرُ مَا خَرَجَ مِنْهُ (4).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَشَّ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِالْمَاءِ بَعْدَ أَنْ سَوَّی عَلَیْهِ التُّرَابَ (5).
«6»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ یَرُشُّ قَبْرَهُ وَ یَضَعُ یَدَهُ عَلَی قَبْرِهِ لِیُعْرَفَ أَنَّهُ قَبْرُ الْعَلَوِیَّةِ وَ بَنِی هَاشِمٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَصَارَتْ بِدْعَةً فِی النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ لَا یَجُوزُ ذَلِكَ.
«7»- كِتَابُ عَبَّادٍ الْعُصْفُرِیِّ، عَنِ ابْنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ حَوْسِ بْنِ بعر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِكُلِّ بَیْتٍ بَاباً وَ إِنَّ بَابَ الْقَبْرِ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَیْنِ.
«8»- الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: كَانَ فِیمَا كَتَبَ الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ مِنْ مَحْضِ الْإِسْلَامِ الْمَیِّتُ یُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ وَ یُرْفَقُ بِهِ إِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ (6).
«9»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَیْثَمِ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّنَانِیِّ وَ جَمَاعَةٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: الْمَیِّتُ یُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ سَلًّا وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ الْقُبُورُ
ص: 22
تُرَبَّعُ وَ لَا تُسَنَّمُ (1).
بیان: اعلم أن الأصحاب ذكروا استحباب وضع الرجل مما یلی الرجلین و المرأة مما یلی القبلة و أن یؤخذ الرجل من قبل الرجلین سابقا برأسه و المرأة عرضا و قال السید فی المدارك المسند فی ذلك مرفوعة
عَبْدُ الصَّمَدِ(2)
بْنُ هَارُونَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا أَدْخَلْتَ الْمَیِّتَ الْقَبْرَ إِنْ كَانَ رَجُلًا سَلِّ سَلًّا وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ عَرْضاً فَإِنَّهُ أَسْتَرُ.
و أكثر الأخبار واردة بسل المیت من قبل الرجلین من غیر فرق بین الرجل و المرأة انتهی.
و ربما یقال یفهم من أخذ المرأة عرضا وضعها بأحد جنبی القبر لأنه أسهل للأخذ كذلك و تعیین جهة القبلة لشرافتها.
و لا یخفی أنه بعد ورود هذا الخبر مع تأیده بما فی الفقه الرضوی و ما فی الدعائم بحمله علی المرأة جمعا و عمل قدماء الأصحاب لا یحتاج إلی تلك التكلفات و لا یرد ما أورده السید قدس سره إذ یستفاد من السل السبق بالرأس مع ملاحظة الهیئة التی یوضع المیت علیها عند رجلی القبر و باقی الأحكام مصرحة فیه.
و قال الصدوق فی الفقیه المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد و یقف زوجها فی موضع یتناول وركها و یؤخذ الرجل من قبل رجلیه یسل سلا و قول أمثاله كاشف عن النص فینبغی تخصیص الأخبار المطلقة بالرجل.
«10»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَشِّ الْمَاءِ عَلَی الْقَبْرِ قَالَ یَتَجَافَی عَنْهُ الْعَذَابُ مَا دَامَ النَّدَی فِی التُّرَابِ (3).
«11»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ
ص: 23
بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُرَّةَ مَوْلَی مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِیلُ فَانْتَهَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی الْقَبْرِ أَرْسَلَ نَفْسَهُ فَقَعَدَ عَلَی حَاشِیَةِ الْقَبْرِ وَ لَمْ یَنْزِلْ فِی الْقَبْرِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِبْرَاهِیمَ وَلَدِهِ (1).
توضیح:
رَوَی الْكُلَیْنِیُ (2)
هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَتَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْقَبْرَ فَأَرْخَی نَفْسَهُ فَقَعَدَ ثُمَّ قَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَ صَلَّی عَلَیْكَ وَ لَمْ یَنْزِلْ فِی قَبْرِهِ وَ قَالَ هَكَذَا فَعَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِبْرَاهِیمَ.
و یدل علی كراهیة إدخال الوالد ولده فی القبر و علی عدم كراهة القعود قبل دفن المیت بل علی استحبابه.
أما الأول فظاهر الأخبار اختصاص الكراهة بنزول الوالد فی قبر ولده و المشهور بین الأصحاب عموم الكراهة لجمیع ذوی الأرحام و الأقارب إذا كان المیت رجلا و حملوا ما یدل علی الاختصاص علی نفی الكراهة المؤكدة فی غیره و هو إنما یستقیم مع وجود المعارض و قد ورد فی خبر(3)
وفاة إبراهیم أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله أمیر المؤمنین علیه السلام بالنزول فی قبره و یدل علی عدم الكراهیة أیضا ما رووه من إدخال أمیر المؤمنین علیه السلام قثم بن العباس و العباس و فی روایة الفضل بن العباس و أسامة مولی النبی صلی اللّٰه علیه و آله ضریحه و كلهم كانوا ذوی رحمه و لو اعتذر فی أمیر المؤمنین بأنه كان یلزمه ذلك إذ المعصوم لا یتولی أمره إلا المعصوم فلا یجری ذلك فی صاحبیه مع تقریره علیه السلام لهما علی ذلك و لورود أخبار كثیرة فی جواز دفن الولد والده.
و من الغرائب أن العلامة ره قال فی المنتهی و یستحب أن ینزل إلی القبر الولی أو من یأمره الولی إن كان رجلا و إن كان امرأة لا ینزل إلی قبرها
ص: 24
إلا زوجها أو ذو رحم لها و هو وفاق العلماء ثم قال الرجال أولی بدفن الرجال بلا خلاف بین العلماء فی ذلك و الرجال أولی بدفن النساء أیضا.
ثم قال فی كراهة إهالة الأب علی ولده و بالعكس و كذا ذو الرحم لرحمه معللا بأنه یورث القساوة یكره لمن ذكرنا أن ینزل إلی القبر أیضا للعلة و قد روی جواز نزول الولد إلی قبر والده انتهی و كذا فعل فی التذكرة.
أقول: التنافی بین الكلامین ظاهر فإن قیل أراد بالأولویة التی أثبتها أولا أن له ولایة ذلك أعم من أن یتولاه بنفسه أو یأمر غیره بذلك فلا ینافی كراهة أن یتولاه بنفسه قلت ما أورده من الدلائل یدل علی استحباب أن یتولاه بنفسه فلا یجدیه هذا التوجیه و التعلیل بالقساوة ضعیف معارض بأنه أرفق للمیت و أشفق علیه و كراهة الإهالة إنما هی لعدم ضرورة داعیة إلیها بخلاف ارتكاب الدفن و إدخال القبر فإن فیه مصلحة للمیت و إرفاقا له بل قلما یرضی غیر ذی الرحم بذلك فقیاسه علیها مع بطلانه رأسا قیاس مع الفارق فالأظهر عدم كراهة إنزال غیر الولد من الأقارب القبر و اللّٰه یعلم.
و أما الثانی و هو عدم كراهة جلوس المشیع قبل الدفن فذهب إلیه الشیخ فی الخلاف و ابن الجنید و ذهب المحقق و العلامة و ابن أبی عقیل و ابن حمزة إلی كراهته قال فی الذكری اختلف الأصحاب فی كراهة جلوس المشیع قبل الوضع فی اللحد فجوزه فی الخلاف و نفی عنه البأس ابن الجنید للأصل و لروایة
عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ (1)
أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانَ فِی جِنَازَةٍ لَمْ یَجْلِسْ حَتَّی تُوضَعَ فِی اللَّحْدِ فَقَالَ یَهُودِیٌّ إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ فَجَلَسَ وَ قَالَ خَالِفُوهُمْ.
ص: 25
و كرهه ابن عقیل و ابن حمزة و الفاضلان و هو الأقرب
لِصَحِیحِ ابْنِ سِنَانٍ (1)
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: یَنْبَغِی لِمَنْ شَیَّعَ جِنَازَةً أَنْ لَا یَجْلِسَ حَتَّی تُوضَعَ فِی لَحْدِهِ.
و الحدیث حجة لنا لأن كان یدل علی الدوام و الجلوس لمجرد إظهار المخالفة و لأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة خاصة و لأن القول أقوی من الفعل عند التعارض و الأصل یخالف لدلیل انتهی.
و یرد علیه أن لابن الجنید أن یقول إن احتجاجی لیس بمجرد الفعل بل بقوله صلی اللّٰه علیه و آله أیضا.
و أقول لا یبعد أن یكون خبر النهی محمولا علی التقیة للأخبار الكثیرة الدالة علی أن الأئمة علیهم السلام كانوا یجلسون قبل ذلك و لكون المنع بین المخالفین أشهر.
«12»- إِخْتِیَارُ الرِّجَالِ لِلْكَشِّیِّ، عَنِ الْعَیَّاشِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحَسَنِ یَقُولُ: مَاتَ یُونُسُ بْنُ یَعْقُوبَ بِالْمَدِینَةِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام بِحَنُوطِهِ وَ كَفَنِهِ وَ جَمِیعِ مَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ أَمَرَ مَوَالِیَهُ وَ مَوَالِیَ أَبِیهِ وَ جَدِّهِ أَنْ یَحْضُرُوا جِنَازَتَهُ وَ قَالَ لَهُمْ هَذَا مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ وَ قَالَ لَهُمْ احْفِرُوا لَهُ فِی الْبَقِیعِ فَإِنْ قَالَ لَكُمْ أَهْلُ الْمَدِینَةِ إِنَّهُ عِرَاقِیٌّ وَ لَا نَدْفِنُهُ فِی الْبَقِیعِ فَقُولُوا لَهُمْ هَذَا مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ فَإِنْ مَنَعْتُمُونَا أَنْ نَدْفِنَهُ فِی الْبَقِیعِ مَنَعْنَاكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا مَوَالِیَكُمْ فِی الْبَقِیعِ فَدُفِنَ فِی الْبَقِیعِ وَ وَجَّهَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی إِلَی زَمِیلِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُبَابِ وَ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ صَلِّ عَلَیْهِ أَنْتَ (2).
عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِیدِ قَالَ: رَآنِی صَاحِبُ الْمَقْبَرِ وَ أَنَا عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِی مَنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی علیهما السلام أَوْصَانِی بِهِ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَرُشَّ قَبْرَهُ أَرْبَعِینَ شَهْراً أَوْ أَرْبَعِینَ یَوْماً
ص: 26
فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّةً فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّكُّ مِنِّی.
قَالَ وَ قَالَ لِی صَاحِبُ الْمَقْبَرَةِ إِنَّ السَّرِیرَ عِنْدِی یَعْنِی سَرِیرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ صَرَّ السَّرِیرُ فَأَقُولُ أَیُّهُمْ مَاتَ حَتَّی أَعْلَمَ بِالْغَدَاةِ فَصَرَّ السَّرِیرُ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی مَاتَ فِیهَا هَذَا الرَّجُلُ فَقُلْتُ لَا أَعْرِفُ أَحَداً مِنْهُمْ مَرِیضاً فَمَنْ ذَا الَّذِی مَاتَ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءُوا فَأَخَذُوا مِنِّی السَّرِیرَ وَ قَالُوا مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ (1).
بیان: ما تضمنه من استمرار الرش علی إحدی المدتین خلاف المشهور و لم أر قائلا به و لا بأس بالعمل به فی أقل المدتین و أبو الحسن كنیة علی بن الحسن بن فضال و صاحب المقبرة هو الذی كان یتولی أمر الموتی و السریر و خدمة القبور بالبقیع.
«13»- مِصْبَاحُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام لَمَّا احْتُضِرَتْ أَوْصَتْ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَتْ إِذَا أَنَا مِتُّ فَتَوَلَّ أَنْتَ غُسْلِی وَ جَهِّزْنِی وَ صَلِّ عَلَیَّ وَ أَنْزِلْنِی قَبْرِی وَ أَلْحِدْنِی وَ سَوِّ التُّرَابَ عَلَیَّ وَ اجْلِسْ عِنْدَ رَأْسِی قُبَالَةَ وَجْهِی فَأَكْثِرْ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ یَحْتَاجُ الْمَیِّتُ فِیهَا إِلَی أُنْسِ الْأَحْیَاءِ وَ أَنَا أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أُوصِیكَ فِی وُلْدِی خَیْراً ثُمَّ ضَمَّتْ إِلَیْهَا أُمَّ كُلْثُومٍ فَقَالَتْ لَهُ إِذَا بَلَغَتْ فَلَهَا مَا فِی الْمَنْزِلِ ثَمَّ اللَّهُ لَهَا فَلَمَّا تُوُفِّیَتْ فَعَلَ ذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ دَفَنَهَا لَیْلًا فِی دَارِ عَقِیلٍ فِی الزَّاوِیَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَدْرِ الدَّارِ.
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا وَضَعَ- فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْقَبْرِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَلَّمْتُكِ أَیَّتُهَا الصِّدِّیقَةُ إِلَی مَنْ هُوَ أَوْلَی بِكِ مِنِّی وَ رَضِیتُ لَكِ بِمَا رَضِیَ اللَّهُ تَعَالَی لَكِ ثُمَّ قَرَأَ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری فَلَمَّا سَوَّی عَلَیْهَا التُّرَابَ أَمَرَ بِقَبْرِهَا فَرُشَّ عَلَیْهِ الْمَاءُ ثُمَ
ص: 27
جَلَسَ عِنْدَ قَبْرِهَا بَاكِیاً حَزِیناً فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ بِیَدِهِ فَانْصَرَفَ بِهِ.
وَ مِنْهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الشَّفْعُ یَدْخُلُ الْقَبْرَ أَوِ الْوَتْرُ فَقَالَ سَوَاءٌ عَلَیْكَ أَدْخَلَ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا الْقَبْرَ أَرْبَعَةٌ.
«14»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فَقُلْتُ لِأَیِّ عِلَّةٍ یُولَدُ الْإِنْسَانُ هَاهُنَا وَ یَمُوتُ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا خَلَقَ خَلْقَهُ خَلَقَهُمْ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ فَمَرْجِعُ كُلِّ إِنْسَانٍ إِلَی تُرْبَتِهِ (1).
بیان: لعله إشارة إلی التربة التی تذر فی النطفة فی الرحم و یحتمل أن یكون عند خلق آدم علیه السلام جعل كل جزء من طینه لشخص من ولده كما یظهر من بعض الأخبار.
«15»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا جِئْتَ بِأَخِیكَ إِلَی الْقَبْرِ فَلَا تَفْدَحْهُ بِهِ ضَعْهُ أَسْفَلَ مِنَ الْقَبْرِ بِذِرَاعَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ حَتَّی یَأْخُذَ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ ثُمَّ ضَعْهُ فِی لَحْدِهِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُلْصِقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ وَ تَحْسِرَ مِنْ خَدِّهِ فَافْعَلْ وَ لْیَكُنْ أَوْلَی النَّاسِ بِهِ مِمَّا یَلِی رَأْسَهُ وَ لْیَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ لْیَقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ ثُمَّ لْیَقُلْ مَا یَعْلَمُ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی صَاحِبِهِ (2).
قَالَ وَ رُوِیَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: إِذَا أَتَیْتَ بِالْمَیِّتِ الْقَبْرَ فَلَا تَفْدَحْ بِهِ الْقَبْرَ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ أَهْوَالًا عَظِیمَةً وَ تَعَوَّذْ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ لَكِنْ ضَعْهُ قُرْبَ شَفِیرِ الْقَبْرِ وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ هُنَیْئَةً ثُمَّ قَدِّمْهُ قَلِیلًا وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ لِیَأْخُذَ أُهْبَتَهُ ثُمَّ قَدِّمْهُ إِلَی شَفِیرِ الْقَبْرِ(3).
توضیح: قوله علیه السلام فلا تفدحه به قال فی القاموس فدحه الدین كمنعه
ص: 28
أثقله أقول لعل المراد لا تجعل القبر و دخوله ثقیلا علی میتك بإدخاله مفاجأة قوله علیه السلام أسفل من القبر قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه لعل المراد بوضعه أسفل القبر من قبل رجلیه و هو باب القبر و قال الجوهری تأهب استعد و أهبة الحرب عدتها و یدل علی اطلاع الروح علی تلك الأحوال و علی سؤال القبر و عذابه و علی استحباب الوضع قبل الوصول إلی القبر بذراعین أو ثلاثة و بمضمونها أفتی ابن الجنید و المحقق فی المعتبر.
و الخبر المرسل الأخیر یدل علی النقل ثلاث مرات كما ذكره الصدوق ره فی الفقیه موافقا للفقه الرضوی و كأنه أخذه منه و إلیه ذهب أكثر الأصحاب و لا تدل الأخبار المنقولة فی الكتب المشهورة إلا علی الوضع مرة و لعله یكفی فی المستحبات مثل هذا الخبر المرسل مع تأیده بعمل الصدوق و ما فی الفقه و اللّٰه یعلم و یدل علی رجحان إبراز وجه المیت و وضعه علی التراب و قد ذكره الشیخ فی النهایة و العلامة فی المنتهی و الشهید فی الدروس و لم یتعرض له بعض المتأخرین إلا أنه لم یرده أحد و وردت به الأخبار و قال الشیخ البهائی ره لا ریب فی استحبابه قوله و إن استطعت أی إذا لم یكن من تتقیه و لیكن أولی الناس به أی الوارث القریب و أولاهم به من جهة المذهب و الولایة و المحبة.
قوله علیه السلام ثم لیقل و فی الكافی (1)
و لیتشهد و یذكر ما یعلم حتی ینتهی إلی صاحبه و المراد بما یعلم العقائد الحقة و الإقرار بالأئمة و بصاحبه إمام الزمان علیهم السلام و قال فی القاموس هنیة مصغر هنة أصلها هنوة أی شی ء یسیر و یروی هنیهة بإبدال الیاء هاء و قال فی باب الهمزة و هنیئة فی صحیح البخاری أی شی ء یسیر و صوابه ترك الهمزة.
«16»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ
ص: 29
أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلِ یَقُولُ: لَا تَنْزِلْ فِی الْقَبْرِ وَ عَلَیْكَ الْعِمَامَةُ وَ لَا الْقَلَنْسُوَةُ وَ لَا الْحِذَاءُ وَ لَا الطَّیْلَسَانُ وَ حُلَّ أَزْرَارَكَ فَذَلِكَ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ فَالْخُفُّ قَالَ فَلَا أَرَی بِهِ بَأْساً قُلْتُ لِمَ یُكْرَهُ الْحِذَاءُ قَالَ مَخَافَةَ أَنْ یَعْثُرَ بِرِجْلِهِ فَیَهْدِمَ.
قال الصدوق ره لا یجوز دخول القبر بخف و لا حذاء و لا أعرف الرخصة فی الخف إلا فی هذا الخبر و إنما أوردته لمكان العلة(1).
بیان: الطیلسان بفتح الطاء و اللام علی الأشبه الأفصح و حكی كسر اللام و ضمها و حكی عن مطالع الأنوار أنه قال الطیلسان شبه الأردیة یوضع علی الرأس و الكتفین و الظهر و قال فی الجمهرة وزنه فیعلان و ربما یسمی طیلسا و قال ابن الأثیر فی شرح مسند الشافعی الرداء الثوب الذی یطرح علی الأكتاف یلقی فوق الثیاب و هو مثل الطیلسان یكون علی الرأس و الأكتاف و ربما ترك فی بعض الأوقات علی الرأس و سمی رداء كما یسمی الرداء طیلسانا انتهی و لم یذكر الأصحاب وضع الرداء و الطیلسان مع اشتمال الأخبار علیهما و لعلهم اكتفوا عن ذكر الطیلسان بكشف الرأس.
و قال فی المعتبر یستحب لمن دخل قبر المیت أن یحل أزراره و أن یتحفی و یكشف رأسه هذا مذهب الأصحاب و قال فی الذكری یستحب لملحده حل أزراره و كشف رأسه و حفاؤه إلا لضرورة ثم قال و لیس ذلك واجبا إجماعا انتهی و الظاهر أن تجویز الخف للتقیة لما
رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُ (2)
عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَنْزِلِ الْقَبْرَ وَ عَلَیْكَ الْعِمَامَةُ وَ لَا الْقَلَنْسُوَةُ وَ لَا رِدَاءٌ وَ لَا حِذَاءٌ وَ حُلَّ أَزْرَارَكَ قَالَ قُلْتُ وَ الْخُفُّ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْخُفِّ فِی وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَ التَّقِیَّةِ. و قال الشیخ و یجوز أن ینزل بالخفین عند الضرورة و التقیة.
«17»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْبَرَاءُ
ص: 30
بْنُ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِیُّ بِالْمَدِینَةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ وَ الْمُسْلِمُونَ یُصَلُّونَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَأَوْصَی إِذَا دُفِنَ أَنْ یُجْعَلَ وَجْهُهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَرَتْ فِیهِ السُّنَّةُ وَ نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ (1).
بیان: لعله لم یكن فی شرعهم تعیین لتوجیه المیت إلی جهة و كانوا مخیرین فی الجهات فاختار تلك الجهة للاستحسان العقلی أو لما ثبت عنده شرعا من تعظیم الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و علی التقدیرین یدل إما علی حجیة أحدهما أو علی أن الإنسان یثاب علی ما یفعله موافقا للواقع و إن لم یكن مستندا إلی دلیل معتبر و بأمثال ذلك استدل المحقق الأردبیلی قدس سره علیه و علی الاكتفاء بالتقلید فی الأصول و للكلام فیه مجال.
«18»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَنْبَغِی أَنْ یَتَخَلَّفَ عِنْدَ قَبْرِ الْمَیِّتِ أَوْلَی النَّاسِ بِهِ بَعْدَ انْصِرَافِ النَّاسِ عَنْهُ وَ یَقْبِضَ عَلَی التُّرَابِ بِكَفَّیْهِ وَ یُلَقِّنَهُ وَ یَرْفَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كُفِیَ الْمَیِّتُ الْمَسْأَلَةَ فِی قَبْرِهِ (2).
بیان: لا یبعد أن یكون اشتراط انصراف الناس و وضع الفم عند الرأس كما ورد فی أخبار أخر للتقیة و الأولی مراعاة ذلك كله و التلقینات المرویة ثلاثة أولها عند الاحتضار لرفع وساوس الشیطان، و ثانیها بعد دخول القبر قبل وضع اللبن و ثالثها بعد طم القبر و انصراف الناس و هو المذكور هنا و لا خلاف فی استحباب الجمیع.
و ادعی فی المنتهی و غیره إجماع العلماء علی استحباب هذا التلقین و أنكره أكثر الجمهور مع أنهم رووا
عَنْ أَبِی أُمَامَةَ الْبَاهِلِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ وَ سَوَّیْتُمْ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَلْیَقُمْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ ثُمَّ لْیَقُلْ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ یَسْمَعُ وَ لَا یُجِیبُ ثُمَّ یَقُولُ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الثَّانِیَةَ فَیَسْتَوِی قَاعِداً ثُمَ
ص: 31
لْیَقُلْ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ یَقُولُ أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ فَیَقُولُ اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَیْهِ مِنَ الدُّنْیَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ رَضِیتَ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِالْإِسْلَامِ دِیناً وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِیّاً وَ بِالْقُرْآنِ إِمَاماً فَإِنَّ مُنْكَراً وَ نَكِیراً یَتَأَخَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَیَقُولُ انْطَلِقْ فَمَا یُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وَ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ یَعْرِفْ أُمَّهُ قَالَ فَلْیَنْسِبْهُ إِلَی حَوَّاءَ.
انتهی.
و قد نقل الشهید رحمه اللّٰه عن بعض العامة كالرافعی منهم القول باستحبابه و یدل علی سؤال القبر و هو من ضروریات الدین و علی سقوط السؤال بهذا التلقین و ذكره جماعة من أصحابنا و علی كون الملقن أولی الناس به إما بحسب النسب و الإرث أو بحسب التوافق فی المذهب و المحبة و المعاشرة أیضا كما مر قال فی الذكری أجمع الأصحاب علی تلقین الولی أو من یأمره المیت بعد انصراف الناس عنه انتهی.
و علی ما حملوا علیه الخبر یشكل إلحاق من یأمره الولی به و هل یلقن الطفل قال فی الذكری و أما الطفل فظاهر التعلیل یشعر بعدم تلقینه و یمكن أن یقال یلقن إقامة للشعائر و خصوصا الممیز كما فی الجریدتین انتهی و إطلاق الأخبار یدل علی الجواز و یشكل التخصیص بالتعلیل و قال ابن إدریس یستقبل الملقن القبلة و القبر أیضا و قال أبو الصلاح و ابن البراج و الشیخ یحیی بن سعید یستقبل القبلة و القبر أمامه و ما وصل إلینا من الروایات خالیة عن تلك الخصوصیات فالظاهر جوازه كیف ما اتفق و إن كان اتباع ما ذكروه أحوط.
«19»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ وَ ابْنِ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَ لَا سِكِّیرٌ وَ لَا عَاقٌّ وَ لَا شَدِیدُ السَّوَادِ وَ لَا دَیُّوثٌ وَ لَا قَلَّاعٌ وَ هُوَ الشُّرْطِیُّ وَ لَا رَتُوقٌ وَ هُوَ الْخُنْثَی وَ لَا خیوفٌ وَ هُوَ النَّبَّاشُ
ص: 32
وَ لَا عَشَّارٌ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا قَدَرِیٌ (1).
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْفَارِسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام: مِثْلَهُ مَعَ زِیَادَاتٍ (2) وَ أَوْرَدْتُهُ فِی بَابِ مَسَاوِی الْأَخْلَاقِ وَ أَبْوَابِ الْمَنَاهِی (3).
«20»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ أَنَّ رِیحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِیرَةِ أَلْفِ عَامٍ مَا یَجِدُهَا عَاقٌّ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَیْخٌ زَانٍ وَ لَا جَارٌّ إِزَارَهُ خُیَلَاءَ وَ لَا قَتَّاتٌ وَ لَا مَنَّانٌ وَ لَا جَعْظَرِیٌّ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْجَعْظَرِیُّ قَالَ الَّذِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا.
وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: وَ لَا جیوفٌ وَ هُوَ النَّبَّاشُ وَ لَا رنوفٌ وَ هُوَ الْمُخَنَّثُ وَ لَا جَوَّاظٌ وَ لَا جَعْظَرِیٌّ وَ هُوَ الَّذِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا(4).
بیان: الخبرین السكیر بالتشدید الكثیر السكر و فی النهایة فیه لا یدخل الجنة قلاع و لا دیبوب القلاع هو الساعی إلی السلطان بالباطل فی حق الناس سمی به لأنه یقلع المتمكن من قلب الأمیر فیزیله عن رتبته كما یقلع النبات من الأرض و نحوه و القلاع أیضا القواد و الكذاب و النباش و الشرطی و الرتوق الفجرة و الربیة أو هو بالزای و الباء الموحدة من قولهم زبق لحیته أی نتفها و فی أكثر النسخ فی الحدیث الثانی رنوف بالراء المهملة و الفاء قال فی القاموس الرانفة أسفل الألیة إذا كنت قائما و أرنفت الناقة بأذنیها أرختها إعیاء و البعیر سار فحرك رأسه فتقدمت جلدة هامته و الرجل أسرع انتهی و لا مناسبة لتلك
ص: 33
المعانی بما فی الخبر إلا بتكلف.
و فی النهایة فیه لا یدخل الجنة جیاف هو النباش سمی به لأنه یأخذ الثیاب عن جیف الموتی انتهی و یحتمل أن یكون فی الأصل جیافا فصحف أو جاء جیوف بمعناه و أما الخیوف بالیاء أو بالنون فلم أر بهذا المعنی.
و فی النهایة فیه أهل النار كل جعظری جواظ الجعظری الفظ الغلیظ المتكبر و قیل هو المنتفخ بما لیس عنده و فیه قصر و الجواظ الجموع المنوع و قیل الكثیر اللحم المختال فی مشیته و قیل القصیر البطین و فی القاموس الجعظری الفظ الغلیظ أو الأكول الغلیظ و القصیر المنتفخ بما لیس عنده و الجعنظار الشره النهم و الأكول الضخم.
«21»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی الْمَقَابِرِ فَقَالَ یَا حَمَّادُ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ وَ نَظَرَ إِلَی الْبُیُوتِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْیَاءِ ثُمَّ تَلَا أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً(1).
«22»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ: نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی رُجُوعِهِ مِنْ صِفِّینَ إِلَی الْمَقَابِرِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ أَیْ مَسَاكِنُهُمْ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی بُیُوتِ الْكُوفَةِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْیَاءِ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَی أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً(2).
«23»- الْإِحْتِجَاجُ، وَ غَیْبَةُ الطُّوسِیِّ،: فِیمَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیُّ إِلَی الْقَائِمِ علیه السلام سُئِلَ عَنْ طِینِ الْقَبْرِ یُوضَعُ مَعَ الْمَیِّتِ فِی قَبْرِهِ هَلْ یَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ علیه السلام یُوضَعُ مَعَ الْمَیِّتِ فِی قَبْرِهِ وَ یُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (3).
بیان: ما ورد فی الخبر من خلط التربة بالحنوط لم أر به قائلا و أما الوضع
ص: 34
فی القبر فقد ذكره الأصحاب و اختلفوا فی كیفیته و ظاهر الخبر استحبابه بأی وضع كان و قال فی المختلف قال الشیخ فی الإقتصاد و یضع شیئا من تربة الحسین علیه السلام فی وجهه و نقل ابن إدریس عنه هذا القول و قولا آخر و هو جعل التربة فی لحده مقابلة وجهه و عن المفید جعل التربة تحت خده و قواه و الكل عندی جائز لأن التبرك موجود فی الجمیع.
«24»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: مَاتَ لِبَعْضِ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَلَدٌ فَحَضَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جِنَازَتَهُ فَلَمَّا أُلْحِدَ تَقَدَّمَ أَبُوهُ لِیَطْرَحَ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَأَخَذَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِكَفَّیْهِ وَ قَالَ لَا تَطْرَحْ عَلَیْهِ التُّرَابَ وَ مَنْ كَانَ مِنْهُ ذَا رَحِمٍ فَلَا یَطْرَحْ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَقُلْنَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَنْهَی عَنْ هَذَا وَحْدَهُ فَقَالَ أَنْهَاكُمْ أَنْ تَطْرَحُوا التُّرَابَ عَلَی ذَوِی الْأَرْحَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ یُورِثُ الْقَسْوَةَ وَ مَنْ قَسَا قَلْبُهُ بَعُدَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).
بیان: یدل علی المنع من إهالة ذی الرحم و المشهور فیه الكراهة قال فی المعتبر و علیه فتوی الأصحاب قوله عن هذا وحده أی خصوص الابن أو خصوص هذا المیت و الأخیر أظهر للتصریح بالتعمیم فی ذوی الأرحام و فی الكافی (2) بعد قوله فلا یطرح علیه التراب فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی أن یطرح الوالد أو ذو رحم علی میته التراب فركاكة السؤال تجری فی الوجهین معا و قال الشیخ البهائی قدس سره قول الراوی أ تنهانا عن هذا وحده أی حال كون النهی عنه منفردا عن العلة فی ذلك النهی مجردا عما یترتب علیه من الأثر و حاصله طلب العلة فی ذلك فبینها علیه السلام بقوله فإن ذلك یورث القسوة فی القلب
ص: 35
انتهی و فی التهذیب (1) أیضا كما هنا.
«25»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لِأَیِّ عِلَّةٍ یُرَبَّعُ الْقَبْرُ قَالَ لِعِلَّةِ الْبَیْتِ لِأَنَّهُ نَزَلَ مُرَبَّعاً(2).
بیان: لیس المراد بالتربیع المربع المتساوی الأضلاع لتعطیل كثیر من الأرض و عدم كونه معهودا فی الزمن السالفة كما یری فیما بقی آثارها من القبور فیحتمل أن یكون المراد به التربیع خلاف التدویر و التسدیس و أمثالهما أو یكون المراد به خلاف التسنیم كما فهمه بعض الأصحاب و یدل علیه خبر الأعمش (3). قال فی التذكرة یربع القبر مسطحا و یكره التسنیم ذهب إلیه علماؤنا أجمع و به قال الشافعی لأن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سطح قبر ابنه إبراهیم و قال أبو حنیفة و مالك و الثوری و أحمد السنة فی التسنیم انتهی و قد روی التسطیح مخالفونا أیضا لكن قالوا لما صار شعارا للروافض عدلنا عنه إلی التسنیم.
«26»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ الرَّشَّ عَلَی الْقُبُورِ كَانَ عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ یُجْعَلُ الْجَرِیدُ الرَّطْبُ عَلَی الْقَبْرِ حِینَ یُدْفَنُ الْإِنْسَانُ فِی أَوَّلِ الزَّمَانِ وَ یُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْمَیِّتِ (4).
بیان: لعله كانت السنة أولا جعل الجرید علی القبر ثم صارت السنة جعله فی الكفن أو هو محمول علی حالة الاضطرار أو هذا مستحب آخر.
ص: 36
«27»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام: أَنَّ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رُفِعَ مِنَ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ وَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَ رُشَّ عَلَیْهِ الْمَاءُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ السُّنَّةُ أَنْ یُرَشَّ عَلَی الْقَبْرِ الْمَاءُ(1).
بیان: لعل زیادة الأربع أصابع بالنسبة إلی بعض أطراف القبر لیوافق ما ورد أن قبره صلی اللّٰه علیه و آله رفع شبرا أو یحمل علی اختلاف الأشبار(2)
أو هذا محمول علی التقیة بقرینة أن الراوی عامی.
«28»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْأَبْهَرِیِّ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ شُعَیْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُجَصَّصَ الْمَقَابِرُ وَ یُصَلَّی فِیهَا(3).
«29»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الزَّنْجَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی عُبَیْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ تَقْصِیصِ الْقُبُورِ وَ هُوَ التَّجْصِیصُ وَ ذَاكَ أَنَّ الْجِصَّ یُقَالُ لَهُ الْقَصَّةُ یُقَالُ مِنْهُ قَصَصْتُ الْقُبُورَ وَ الْبُیُوتَ إِذَا جَصَصْتَهَا(4).
بیان: قال فی النهایة فیه أنه نهی عن تقصیص القبور هو بناؤها بالقصة و هی الجص و المشهور بین الأصحاب كراهة تجصیص القبر مطلقا و ظاهرهم أن الكراهة تشمل تجصیص داخله و خارجه قال فی المنتهی و یكره تجصیص القبر و هو فتوی علمائنا و قال فی المعتبر و مذهب الشیخ أنه لا بأس بذلك ابتداء و أن الكراهیة إنما هی إعادتها بعد اندراسها
وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُ (5) عَنِ الْعِدَّةِ
ص: 37
عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام مِنْ بَغْدَادَ وَ مَضَی إِلَی الْمَدِینَةِ مَاتَتْ لَهُ ابْنَةٌ بِفَیْدَ فَدَفَنَهَا وَ أَمَرَ بَعْضَ مَوَالِیهِ أَنْ یُجَصِّصَ قَبْرَهَا وَ یَكْتُبَ عَلَی لَوْحٍ اسْمَهَا وَ یَجْعَلَهُ فِی الْقَبْرِ.
و قال فی المعتبر بعد إیراد تلك الروایة الوجه حمل هذه علی الجواز و الأولی علی الكراهیة مطلقا انتهی.
و أقول یمكن حمل التجصیص المنهی عنه علی تجصیص داخل القبر و هذا الخبر علی تجصیص خارجه و یمكن أن یقال هذا من خصائص الأئمة و أولادهم علیهم السلام لئلا یندرس قبورهم الشریفة و لا یحرم الناس من فضل زیارتهم كما قال السید قدس سره فی المدارك و كیف كان فیستثنی من ذلك قبور الأنبیاء و الأئمة لإطباق الناس علی البناء علی قبورهم من غیر نكیر و استفاضة الروایات بالترغیب فی ذلك بل لا یبعد استثناء قبور العلماء و الصلحاء أیضا استضعافا لسند المنع و التفاتا إلی أن فی ذلك تعظیما لشعائر الإسلام و تحصیلا لكثیر من المصالح الدینیة كما لا یخفی انتهی.
و هذا الحمل أولی مما حمله العلامة ره من أن المراد بالتجصیص التطیین و یؤید ما ذكرنا ما سیأتی فی كتاب المزار من استحباب تعمیر قبور النبی و الأئمة علیهم السلام.
و أما تطیین القبر فقد ورد فی خبر ضعیف علی المشهور(1) النهی عن التطیین بغیر طین القبر
و فی موثقة علی بن جعفر(2): لا یصلح البناء علی القبر و لا الجلوس علیه و لا تجصیصه و لا تطیینه.
و ظاهر بعض الأصحاب كراهة التطیین مطلقا و قال الشیخ فی النهایة و یكره تجصیص القبور و التظلیل علیها و المقام عندها و تجدیدها بعد اندراسها و لا بأس بتطیینها ابتداء و كذا قال العلامة فی المنتهی و الأولی الترك مطلقا.
ص: 38
أقول: قد مر كثیر من الأخبار المناسبة لهذا الباب فی باب الصلاة علی المیت و باب التكفین و باب التجهیز.
«30»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: وَ إِذَا حَمَلْتَهُ إِلَی قَبْرِهِ فَلَا تُفَاجِئْ بِهِ الْقَبْرَ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ أَهْوَالًا عَظِیمَةً وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ لَكِنْ ضَعْهُ دُونَ شَفِیرِ الْقَبْرِ وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ هُنَیْئَةً ثُمَّ قَدِّمْهُ إِلَی شَفِیرِ الْقَبْرِ وَ یُدْخِلُهُ الْقَبْرَ مَنْ یَأْمُرُهُ وَلِیُّ الْمَیِّتِ إِنْ شَاءَ شَفْعاً وَ إِنْ شَاءَ وَتْراً(1)
وَ قُلْ إِذَا نَظَرْتَ إِلَی الْقَبْرِ- اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ وَ لَا تَجْعَلْهَا حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ فَإِذَا دَخَلْتَ الْقَبْرَ فَاقْرَأْ أُمَّ الْكِتَابِ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ فَإِذَا تَوَسَّطْتَ الْمَقْبَرَةَ فَاقْرَأْ أَلْهَیكُمُ التَّكَاثُرُ وَ اقْرَأْ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (2) وَ إِذَا تَنَاوَلْتَ الْمَیِّتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- ثُمَّ ضَعْهُ فِی لَحْدِهِ عَلَی یَمِینِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ حُلَّ عُقَدَ كَفَنِهِ وَ ضَعْ خَدَّهُ عَلَی التُّرَابِ وَ قُلِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَیْهِ وَ صَعِّدْ إِلَیْكَ رُوحَهُ وَ لَقِّهِ مِنْكَ رِضْوَاناً ثُمَّ تُدْخِلُ یَدَكَ الْیُمْنَی تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ وَ تَضَعُ یَدَكَ الْیُسْرَی عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْسَرِ وَ تُحَرِّكُهُ تَحْرِیكاً شَدِیداً وَ تَقُولُ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اللَّهُ رَبُّكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیُّكَ وَ الْإِسْلَامُ دِینُكَ وَ عَلِیٌّ وَلِیُّكَ وَ إِمَامُكَ وَ تُسَمِّی الْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً إِلَی آخِرِهِمْ علیهم السلام ثُمَّ تُعِیدُ عَلَیْهِ التَّلْقِینَ مَرَّةً أُخْرَی (3)
فَإِذَا وَضَعْتَ عَلَیْهِ اللَّبِنَ فَقُلِ اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ صِلْ وَحْدَتَهُ بِرَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ نَزَلَ بِسَاحَتِكَ وَ أَنْتَ خَیْرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِی إِحْسَانِهِ وَ إِنْ كَانَ مُسِیئاً فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَ اغْفِرْ لَهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ (4)
وَ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَخُذْهَا بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ تَأْخُذُ الرَّجُلَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ تَسُلُّهُ سَلًّا فَإِذَا أُدْخِلَتِ الْمَرْأَةُ الْقَبْرَ وَقَفَ زَوْجُهَا مِنْ مَوْضِعٍ یَنَالُ وَرِكَهَا
ص: 39
فَإِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْقَبْرِ فَقُلْ وَ أَنْتَ تَنْفُضُ یَدَیْكَ مِنَ التُّرَابِ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (1) ثُمَّ احْثُ التُّرَابَ عَلَیْهِ بِظَهْرِ كَفَّیْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِیمَاناً بِكَ وَ تَصْدِیقاً بِكِتَابِكَ- هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَإِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ ذَرَّةٍ حَسَنَةً(2)
فَإِذَا اسْتَوَی قَبْرُهُ فَصُبَّ عَلَیْهِ مَاءً وَ تَجْعَلُ الْقَبْرَ أَمَامَكَ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَبْدَأُ بِصَبِّ الْمَاءِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَ تَدُورُ بِهِ عَلَی الْقَبْرِ ثُمَّ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِ الْقَبْرِ حَتَّی تَرْجِعَ مِنْ غَیْرِ أَنْ تَقْطَعَ الْمَاءَ فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَاءِ شَیْ ءٌ
فَصُبَّهُ عَلَی وَسَطِ الْقَبْرِ(3) ثُمَّ ضَعْ یَدَكَ عَلَی الْقَبْرِ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ فَقُلِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ آمِنْ رَوْعَتَهُ وَ أَفِضْ عَلَیْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ أَسْكِنْ إِلَیْهِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَ سَعَةِ غُفْرَانِكَ وَ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً یَسْتَغْنِی بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ وَ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ یَتَوَلَّاهُ (4)
وَ مَتَی مَا زُرْتَ قَبْرَهُ فَادْعُ لَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ یَدَاكَ عَلَی الْقَبْرِ(5)
وَ یُسْتَحَبُّ أَنْ یَتَخَلَّفَ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْلَی النَّاسِ بِهِ بَعْدَ انْصِرَافِ النَّاسِ عَنْهُ وَ یَقْبِضَ عَلَی التُّرَابِ بِكَفَّیْهِ وَ یُلَقِّنَهُ بِرَفْعِ صَوْتِهِ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كُفِیَ الْمَسْأَلَةَ فِی قَبْرِهِ (6) وَ السُّنَّةُ أَنَّ الْقَبْرَ تُرْفَعُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مُفَرَّجَةً مِنَ الْأَرْضِ وَ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا بَأْسَ وَ یَكُونُ مُسَطَّحاً لَا یَكُونُ مُسَنَّماً(7)
وَ قَالَ قَالَ الْعَالِمُ علیه السلام كَتَبَ أَبِی فِی وَصِیَّتِهِ أَنْ أُكَفِّنَهُ فِی ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ وَ شَقَقْنَا لَهُ الْقَبْرَ شَقّاً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا بَدِیناً وَ أَمَرَنِی
ص: 40
أَنْ أَجْعَلَ ارْتِفَاعَ قَبْرِهِ أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ مُفَرَّجَاتٍ (1)
وَ قَالَ تَتَوَضَّأُ إِذَا أَدْخَلْتَ الْقَبْرَ الْمَیِّتَ وَ اغْتَسِلْ إِذَا غَسَّلْتَ وَ لَا تَغْتَسِلُ إِذَا حَمَلْتَهُ (2)
وَ قَالَ علیه السلام إِذَا أَتَیْتَ بِهِ الْقَبْرَ فَسُلَّهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَ إِذَا وَضَعْتَهُ فِی الْقَبْرِ فَاقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِی قَبْرِهِ وَ أَلْحِقْهُ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُلْ كَمَا قُلْتَ فِی الصَّلَاةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ اسْتَغْفِرْ لَهُ مَا اسْتَطَعْتَ (3)
قَالَ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا أَدْخَلَ الْمَیِّتَ الْقَبْرَ قَامَ عَلَی قَبْرِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَیْهِ وَ صَعِّدْ عَمَلَهُ وَ لَقِّهِ مِنْكَ رِضْوَاناً(4).
إیضاح: قال فی النهایة هول المطلع یرید به الموقف یوم القیامة أو ما یشرف علیه من أمر الآخرة عقیب الموت فشبهه بالمطلع الذی یشرف علیه من موضع عال انتهی قوله و یدخله القبر روی الكلینی مضمونه بسند صحیح (5)
و یدل علی عدم تعین عدد مخصوص لذلك و علی جواز إدخال الشفع و الوتر و علی أن الاختیار فی ذلك إلی الولی و ربما یستفاد منه عدم دخول الولی نفسه و فیه نظر قال فی المنتهی لا توقیف فی عدد من ینزل القبر و به قال أحمد و قال الشافعی یستحب أن یكون العدد وترا.
قوله فاقرأ أم الكتاب كذا ذكره فی الفقیه نقلا عن أبیه و رواه فی الكافی (6) عن الصادق علیه السلام بزیادة قل هو اللّٰه أحد قوله بسم اللّٰه أی أضعه فی اللحد متبركا أو مستعینا أو مستعیذا من عذاب اللّٰه باسمه الأقدس و فی سبیل اللّٰه أی سبیل رضاه و قربه و طاعته فإن تلك الأعمال لكونها بأمره تعالی من
ص: 41
سبیل قربه و رضوانه أی كائنا فی سبیله و كائنا علی ملة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مطابقا لأمرنا به و فی حسنة الحلبی (1)
بعد ذلك اللّٰهم افسح له فی قبره و ألحقه بنبیه.
و أما الاستقبال بالمیت فی القبر فالمشهور بین الأصحاب وجوبه و ذهب ابن حمزة إلی الاستحباب و الأشهر أظهر.
قوله اللّٰهم جاف الأرض أی أبعد الأرض عن جنبیه و لا تضیق القبر علیه بالضغطة أو المراد به وسعة مكانه و حسن حاله فی عالم البرزخ و صعد إلیك أی إلی قربك و جوارك فی الجنة أو إلی أعلی علیین أو إلی أولیائك من الأنبیاء و الأئمة صلوات اللّٰه علیهم أجمعین.
و الرضوان بالكسر و قد یضم الرضا أی ابعث بشارة رضوانك أو ما یوجبه رضوانك من المثوبات تلقاء وجهه و التنوین للتفخیم و یحتمل التحقیر أیضا إیذانا بأن القلیل من رضاك كثیر و إرادة خازن الجنان منه بعیدة هنا.
قوله علیه السلام ثم أدخل یدك الیمنی هذا موافق لما فی الفقیه إلی قوله فإذا وضعت و لم أر فی سائر الأخبار هذه الكیفیة و لم یروه فی الفقیه روایة بل یحتمل أن یكون من كلامه أو من كلام والده فی رسالته إلیه و قد یتوهم أنه من تتمة روایة سالم بن مكرم (2) و هو بعید عندی و زاد بعد قوله إلی آخرهم أئمتك أئمة هدی أبرار.
قوله علیه السلام فإذا وضعت إلخ رواه فی الكافی (3) فی الحسن عن محمد بن مسلم بتغییر و زیادة و فی إسناد الأنس إلی الوحشة و الوصل إلی الوحدة تجوز أی كن أنیسه فی وحشته و صله برحمتك فی وحدته.
قوله وقف زوجها رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: یَكُونُ أَوْلَی النَّاسِ
ص: 42
بِالْمَرْأَةِ فِی مُؤَخَّرِهَا(1).
و لا ریب فی استحباب حثو التراب ثلاث مرات لكن الأصحاب ذكروا استحباب الإهالة بظهور الأكف كما فی هذه الروایة و روایة مرسلة رواها(2) الشیخ عن أبی الحسن علیه السلام و سائر الأخبار ظاهرها أخذ التراب ببطن الكف و الرمی بها فالظاهر التخییر بینهما و لعل الرمی ببطن الكف أولی و ذكر القوم الترجیع عند الحثو و اعترف الأكثر بعدم النص و هذه الروایة تدل علی استحبابه عند نقض الید.
و أما الدعاء و فضله فقد رواه فی الكافی (3)
عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلی عن السكونی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. و رواه أیضا بسند حسن (4) و زاد فی آخره و ما زادنا إلا إیمانا و تسلیما و فیهما و تصدیقا ببعثك.
قوله علیه السلام إیمانا بك و تصدیقا نصبهما إما بالمفعولیة المطلقة أی أومن بك إیمانا و أصدق ببعثك تصدیقا أو بأن یكون كل منهما مفعولا لأجله أی أفعل تلك الأفعال لإیمانی بك و بما أتی به نبیك و لتصدیقی بأنه یبعث و ینفعه تلك الأعمال أو بأن یكون كل منهما مفعولا به أی زادنا ما رأینا إیمانا و تصدیقا أو أوقعنا إیمانا و تصدیقا و لعل الثانی أظهر من الجمیع.
قوله ثم ضع یدك ذكر نحوا من ذلك فی الفقیه و یمكن استنباطه متفرقا من الأخبار قوله علیه السلام و إن كان أكثر أی إلی شبر جمعا.
قوله علیه السلام قال العالم المراد به الصادق علیه السلام كما روی فی سائر كتب الحدیث عنه علیه السلام قوله علیه السلام و شققنا یدل علی أن اللحد أولی من الشق و أنه مع الضرورة تتأتی السنة بالشق و كونه علیه السلام بدینا إنما كان
ص: 43
یمنع من اللحد لعدم إمكان توسیع اللحد بحیث یسع جثته علیه السلام لرخاوة أرض المدینة و قال فی المنتهی اللحد أفضل من الشق و هو قول العلماء رَوَی الْجُمْهُورُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: اللَّحْدُ لَنَا وَ الشَّقُّ لِغَیْرِنَا.
و لا بأس بالشق لأن الواجب مواراته فی الأرض و هی تحصل معه و معنی اللحد أنه إذا بلغ أرض القبر حفر فی جانبه مما یلی القبلة مكانا یوضع المیت فیه و معنی الشق أن یحفر فی أرض القبر شقا یوضع المیت فیه و یسقف علیه و ذلك یختلف باختلاف الأراضی فی القوة و الضعف فالمستحب فی الأرض القویة اللحد و فی الضعیفة الشق للأمن من الانخساف و علیه یحمل حدیث الباقر علیه السلام انتهی.
قوله علیه السلام رجلا بدینا فی أكثر نسخ الحدیث بادنا و فی القاموس البادن و البدین و المبدن كمعظم الجسیم قوله علیه السلام تتوضأ المراد بالتوضی غسل الید كما
رَوَی الْكُلَیْنِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ (1) عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ الرَّجُلُ یُغَمِّضُ عَیْنَ الْمَیِّتِ عَلَیْهِ غُسْلٌ قَالَ إِذَا مَسَّهُ بِحَرَارَتِهِ فَلَا وَ لَكِنْ إِذَا مَسَّهُ بَعْدَ مَا یَبْرُدُ فَلْیَغْتَسِلْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ قُلْتُ فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَیْهِ غُسْلٌ قَالَ لَا قُلْتُ فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ عَلَیْهِ وُضُوءٌ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یَتَوَضَّأَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ إِنْ شَاءَ.
فإن الظاهر منه أیضا أن المراد أنه یغسل یده مما أصابها من تراب القبر و أما الحمل علی التیمم بتراب القبر فلا یخلو من بعد إذ إطلاق الوضوء علی التیمم غیر مأنوس و أیضا فلا ثمرة للتخصیص بتراب القبر.
قوله علیه السلام إذا أتیت به القبر رواه الكلینی و غیره فی الحسن كالصحیح عن الحلبی (2) إلی قوله و لقه منك رضوانا و فیه فسله من قبل رجلیه و هو أصوب و علی ما هنا لعل المعنی سابقا برأسه فالضمیر راجع إلی المیت و فیه و قل كما قلت فی الصلاة علیه مرة واحدة من عند اللّٰهم إن كان
ص: 44
محسنا فزد فی إحسانه و إن كان مسیئا فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه و روی الحلبی فی الصلاة(1)
نحوا مما مر فی باب الصلاة نقلا من الفقه الرضوی (2)
بعد قوله باب آخر فی الصلاة علی المیت فیحتمل أن یكون المراد قراءة ما ذكر بعد التكبیر الأول أو ما ذكر بعد جمیع التكبیرات.
قوله علیه السلام و صعد عمله أی تقبله و اكتبه فی دیوان المقربین و فی الكافی (3) و صاعد عمله و فی الفقیه (4)
و صعد إلیك روحه.
«31»- مُنْتَهَی الْمَطْلَبِ، قَالَ رُوِیَ: أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَزْنِی وَ تَضَعُ أَوْلَادَهَا فَتُحْرِقُهُمْ بِالنَّارِ خَوْفاً مِنْ أَهْلِهَا وَ لَمْ یَعْلَمْ بِهَا غَیْرُ أُمِّهَا فَلَمَّا مَاتَتْ دُفِنَتْ فَانْكَشَفَ التُّرَابُ عَنْهَا وَ لَمْ تَقْبَلْهَا الْأَرْضُ فَنُقِلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَی غَیْرِهِ فَجَرَی لَهَا ذَلِكَ فَجَاءَ أَهْلُهَا إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام وَ حَكَوْا لَهُ الْقِصَّةَ فَقَالَ لِأُمِّهَا مَا كَانَتْ تَصْنَعُ هَذِهِ فِی حَیَاتِهَا مِنَ الْمَعَاصِی فَأَخْبَرَتْهُ بِبَاطِنِ أَمْرِهَا فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَقْبَلُ هَذِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُعَذِّبُ خَلْقَ اللَّهِ بِعَذَابِ اللَّهِ اجْعَلُوا فِی قَبْرِهَا مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَفُعِلَ ذَلِكَ بِهَا فَسَتَرَهَا اللَّهُ تَعَالَی (5).
«32»- الْمِصْبَاحُ لِلشَّیْخِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِیسَی أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: مَا عَلَی أَحَدِكُمْ إِذَا دَفَنَ الْمَیِّتَ وَ وَسَّدَهُ التُّرَابَ أَنْ یَضَعَ مُقَابِلَ وَجْهِهِ لَبِنَةً مِنَ الطِّینِ وَ لَا یَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ (6).
بیان: الظاهر أن اللام فی الطین للعهد و المراد طین قبر الحسین علیه السلام كما فهمه الشیخ و أورد الروایة فی أخبار فضل التربة المقدسة.
ص: 45
«33»- الْعُیُونُ وَ الْعِلَلُ، فِی عِلَلِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِدَفْنِ الْمَیِّتِ قِیلَ لِئَلَّا یَظْهَرَ النَّاسُ عَلَی فَسَادِ جَسَدِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ وَ تَغْیِیرِ رِیحِهِ وَ لَا یَتَأَذَّی بِهِ الْأَحْیَاءُ وَ بِرِیحِهِ وَ رُبَّمَا یَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنَ الْآفَةِ وَ الْفَسَادِ وَ لِیَكُونَ مَسْتُوراً عَنِ الْأَوْلِیَاءِ وَ الْأَعْدَاءِ فَلَا یَشْمَتَ عَدُوٌّ وَ لَا یَحْزَنَ صَدِیقٌ (1).
«34»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، وَ أَعْلَامُ الدِّینِ، بِإِسْنَادِهِمَا إِلَی أَبِی هُرَیْرَةَ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ احْتَفَرَ لِمُسْلِمٍ قَبْراً مُحْتَسِباً حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَی النَّارِ وَ بَوَّأَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ أَوْرَدَهُ حَوْضاً فِیهِ مِنَ الْأَبَارِیقِ عَدَدَ النُّجُومِ عَرْضُهُ مَا بَیْنَ أُبُلَّةَ وَ صَنْعَاءَ(2).
بیان: الْأُبُلَّةُ كَعُتُلَّة موضع بالبصرة أحد جنان الدنیا(3) و فی بعض النسخ بالیاء المثناة و هو بالفتح اسم جبل بین مكة و المدینة قرب ینبع و بالكسر قریة بباخور و موضعان آخران ذكرهما الفیروزآبادی.
«35»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ وَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ وَ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِیِّ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ نَاتَانَةَ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هِشَامٍ الْمُؤَدِّبِ وَ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ كُلِّهِمْ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ
ص: 46
الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِی حَدِیثٍ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ سَیُحْفَرُ لِی فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَأْمُرُهُمْ أَنْ یَحْفِرُوا لِی سَبْعَ مَرَاقِیَ إِلَی أَسْفَلَ وَ أَنْ یُشَقَّ لِی ضَرِیحَهُ فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ یَلْحَدُوا فَتَأْمُرُهُمْ أَنْ یَجْعَلُوا اللَّحْدَ ذِرَاعَیْنِ وَ شِبْراً فَإِنَّ اللَّهَ سَیُوَسِّعُهُ مَا شَاءَ(1).
بیان: لعل اختیار الشق هنا لأمر یخصه علیه السلام أو یخصه ذلك المكان كما أن الحفر سبع مراقی كذلك و یدل علی استحباب توسیع اللحد.
«36»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَبِی اسْتَوْدَعَنِی مَا هُنَاكَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ ادْعُ لِی شُهُوداً فَدَعَوْتُ أَرْبَعَةً مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ اكْتُبْ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ یَعْقُوبُ بَنِیهِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَوْصَی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُكَفِّنَهُ فِی بُرْدِهِ الَّذِی كَانَ یُصَلِّی فِیهِ الْجُمُعَةَ وَ أَنْ یُعَمِّمَهُ بِعِمَامَتِهِ وَ أَنْ یُرَبِّعَ قَبْرَهُ وَ یَرْفَعَهُ أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ وَ أَنْ یَحُلَّ عَنْهُ أَطْمَارَهُ عِنْدَ دَفْنِهِ الْحَدِیثَ (2).
إیضاح: ما هناك أی من الكتب و السلاح و غیرهما من آثار النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سائر الأنبیاء علیهم السلام و الأطمار جمع الطمر بالكسر و هو الثوب الخلق و الكساء البالی و لعل المراد به حل عقد الأكفان عند الرأس و الرجلین و قیل أمره أن لا یدفنه فی ثیابه المخیطة.
«37»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْخَیْرَانِیِّ عَنْ جَارِیَةٍ لِأَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّ أُمَّ الْمَهْدِیِّ علیه السلام مَاتَتْ فِی حَیَاةِ أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام وَ عَلَی قَبْرِهَا لَوْحٌ مَكْتُوبٌ عَلَیْهِ هَذَا قَبْرُ أُمِّ مُحَمَّدٍ(3).
بیان: یدل علی استحباب نصب علامة فی القبر لیعرف و یزار و علی استحباب كتابة الاسم علیه لذلك لا سیما فی من فی زیارته مزید فضل و إن أمكن تخصیصه به.
ص: 47
قال فی الذكری یستحب أن یوضع عند رأسه حجر أو خشبة علامة لیزار و یترحم علیه كما فعل النبی صلی اللّٰه علیه و آله حیث أمر رجلا بحمل صخرة لیعلم بها قبر عثمان بن مظعون فعجز الرجل فحصر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن ذراعیه فوضعها عند رأسه و قال أعلم بها قبر أخی و أدفن إلیه من مات من أهله.
وَ رُوِّینَا عَنْ یُونُسَ بْنِ (1)
یَعْقُوبَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْكَاظِمُ علیه السلام مِنْ بَغْدَادَ إِلَی الْمَدِینَةِ مَاتَتِ ابْنَةٌ لَهُ فِی رُجُوعِهِ بِفَیْدَ وَ أَمَرَ بَعْضَ مَوَالِیَهُ أَنْ یُجَصِّصَ قَبْرَهَا وَ یَكْتُبَ عَلَی لَوْحٍ اسْمَهَا وَ یَجْعَلَهُ فِی الْقَبْرِ.
و فیه دلالة علی إباحة الكتابة علی القبر و قد روی فیه نهی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله من طریق العامة و لو صح حمل علی الكراهة لأنه من زینة الدنیا انتهی.
«38»- الذِّكْرَی، عَنْ حَمَّادٍ اللَّحَّامِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی یَوْمِ بَدْرٍ أَمَرَ بِمُوَارَاةِ كَمِیشِ الذَّكَرِ أَیْ صَغِیرِهِ وَ قَالَ إِنَّهُ لَا یَكُونُ إِلَّا فِی كِرَامِ النَّاسِ (2).
قال الشهید و أورده الشیخ فی الخلاف (3) و المبسوط(4) عن علی علیه السلام.
بیان: قال فی الذكری لو اشتبه المسلم بالكافر فالأقرب الصلاة علی الجمیع بنیة الصلاة علی المسلمین لتوقف الواجب علیه ثم ذكر هذه الروایة و قال فحینئذ یمكن العمل به فی الصلاة فی كل مشتبه لعدم تعقل معنی فی اختصاص الشهید و فی المبسوط أورد الروایة فی اشتباه قتلی المسلمین بالمشركین و بنی علیها الصلاة ثم قوی ما قلناه أولا و احتاط بأن یصلی علی كل واحد واحد بشرط إسلامه (5).
ص: 48
قال فی المعتبر و لو قیل بمواراة الجمیع ترجیحا لجانب حرمة المسلم كان صوابا و هذا فیه طرح للروایة لضعفها و الصلاة علی الجمیع حینئذ بالطریق الأولی.
«39»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ نُوحٍ الْخَیَّاطِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْیَسَعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ إِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَدْ مَاتَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَامَ أَصْحَابُهُ فَحُمِلَ فَأَمَرَ فَغُسِّلَ عَلَی عِضَادَةِ الْبَابِ.
فَلَمَّا أَنْ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ وَ حُمِلَ عَلَی سَرِیرِهِ تَبِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ كَانَ یَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً حَتَّی انْتَهَی بِهِ إِلَی الْقَبْرِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی لَحَدَهُ وَ سَوَّی عَلَیْهِ اللَّبِنَ وَ جَعَلَ یَقُولُ نَاوِلْنِی حَجَراً نَاوِلْنِی تُرَاباً رَطْباً یَسُدُّ بِهِ مَا بَیْنَ اللَّبِنِ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ وَ حَثَا التُّرَابَ عَلَیْهِ وَ سَوَّی قَبْرَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّهُ سَیَبْلَی وَ یَصِلُ إِلَیْهِ الْبِلَی وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یجب [یُحِبُ] عَبْداً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا فَأَحْكَمَهُ فَلَمَّا أَنْ سَوَّی التُّرْبَةَ عَلَیْهِ قَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ مِنْ جَانِبٍ هَنِیئاً لَكَ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَعْدٍ مَهْ لَا تَجْزِمِی عَلَی رَبِّكِ فَإِنَّ سَعْداً قَدْ أَصَابَ ضَمَّةً قَالَ وَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَجَعَ النَّاسُ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَاكَ صَنَعْتَ عَلَی سَعْدٍ مَا لَمْ تَصْنَعْهُ عَلَی أَحَدٍ أَنَّكَ تَبِعْتَ جَنَازَتَهُ بِلَا رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ فَتَأَسَّیْتُ بِهَا قَالُوا وَ كُنْتَ تَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَتْ یَدِی فِی یَدِ جَبْرَئِیلَ آخُذُ حَیْثُ مَا أَخَذَ فَقَالُوا أَمَرْتَ بِغُسْلِهِ وَ صَلَّیْتَ عَلَی جِنَازَتِهِ وَ لَحَدْتَهُ ثُمَّ قُلْتَ إِنَّ سَعْداً قَدْ أَصَابَ ضَمَّةً فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ إِنَّهُ كَانَ فِی
ص: 49
خُلُقِهِ مَعَ أَهْلِهِ سُوءٌ(1).
توضیح: یدل علی استحباب تشریج اللبن علی اللحد و سد فرجها بالطین و الحجر قال فی المنتهی إذا وضعه فی اللحد شرج علیه اللبن لئلا یصل التراب إلیه و لا نعلم فیه خلافا و یقوم مقام اللبن مساویه فی المنع من تعدی التراب إلیه كالحجر و القصب و الخشب إلا أن اللبن أولی من ذلك كله لأنه المنقول من السلف المعروف فی الاستعمال و ینبغی أن یسد الخلل بالطین لأنه أبلغ فی المنع و روی ما یقاربه الشیخ فی الموثق عن إسحاق بن عمار(2)عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام انتهی.
و تركه صلی اللّٰه علیه و آله الرداء لغیر قریبه لعلة خاصة بینها یمنع التأسی مع ما ورد من عموم المنع و الیمنة و الیسرة بفتح الیاء فیهما الجهتان المعروفتان و ضمة القبر ضغطته.
«40»- غَیْبَةُ الشَّیْخِ، وَ فَلَاحُ السَّائِلِ، عَنِ ابْنِ نُوحٍ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی جِیدٍ الْقُمِّیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّلَّالِ قَالَ: أُدْخِلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ یَعْنِی وَكِیلَ مَوْلَانَا الْمَهْدِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرْجَهُ یَوْماً لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ فَوَجَدْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ سَاجَةً وَ نَقَّاشٌ یَنْقُشُ عَلَیْهَا وَ یَكْتُبُ عَلَیْهَا آیاً مِنَ الْقُرْآنِ وَ أَسْمَاءَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام مِنْ جَوَانِبِهَا فَقُلْتُ لَهُ یَا سَیِّدِی مَا هَذِهِ السَّاجَةُ فَقَالَ لِی هَذِهِ لِقَبْرِی تَكُونُ فِیهِ أُوضَعُ عَلَیْهَا أَوْ قَالَ أُسْنَدُ إِلَیْهَا وَ قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ وَ أَنَا كُلُّ یَوْمٍ أَنْزِلُ إِلَیْهِ وَ أَقْرَأُ أَجْزَاءً مِنَ الْقُرْآنِ فِیهِ وَ أَصْعَدُ وَ أَظُنُّهُ قَالَ وَ أَخَذَ بِیَدِی وَ أَرَانِیهِ فَإِذَا كَانَ مِنْ یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا صِرْتُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ دُفِنْتُ فِیهِ وَ هَذِهِ السَّاجَةُ مَعَهُ قَالَ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَثْبَتُّ مَا ذَكَرَهُ وَ لَمْ أَزَلْ مُتَرَقِّباً ذَلِكَ فَمَا تَأَخَّرَ الْأَمْرُ حَتَّی اعْتَلَّ أَبُو جَعْفَرٍ فَمَاتَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی ذَكَرَهُ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِی قَالَهُ
ص: 50
مِنَ السَّنَةِ الَّتِی ذَكَرَهَا وَ دُفِنَ (1).
«41»- فلاح السائل، رأیت فی كتاب الإستیعاب فی الجزء الرابع أن سفیان بن الحارث بن عبد المطلب حفر قبره قبل أن یموت بثلاثة أیام و كان أخا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من الرضاعة و ذكر محمد بن سعید فی الجزء السابع من كتاب الطبقات حفر قبر سفیان بن الحارث بن عبد المطلب فی حیاته قال و كان جدی ورام بن أبی فراس قدس اللّٰه جل جلاله روحه و هو ممن یقتدی بفعله قد أوصی أن یجعل فی فمه بعد وفاته فص عقیق علیه أسماء أئمته صلوات اللّٰه علیهم فنقشت أنا فصا عقیقا علیه اللّٰه ربی و محمد نبیی و علی و سمیت الأئمة علیهم السلام إلی آخرهم أئمتی و وسیلتی و أوصیت أن یجعل فی فمی بعد الموت لیكون جواب الملكین عند المساءلة فی القبر سهلا إن شاء اللّٰه.
وَ رَأَیْتُ فِی كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ لِلزَّمَخْشَرِیِّ فِی بَابِ اللِّبَاسِ وَ الْحُلِیِّ عَنْ بَعْضِ الْأَمْوَاتِ: أَنَّهُ كَتَبَ عَلَی فَصٍّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَوْصَی أَنْ یُجْعَلَ فِی فَمِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (2)
ثُمَّ قَالَ وَ یُجْعَلُ مَعَهُ شَیْ ءٌ مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَدْ رُوِیَ أَنَّهُ أَمَانٌ (3).
وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ أَوَّلَ مَا یُبَشَّرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ أَنْ یُقَالَ لَهُ قَدِمْتَ خَیْرَ مَقْدَمٍ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لِمَنْ شَیَّعَكَ وَ اسْتَجَابَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَكَ وَ قَبِلَ مِمَّنْ شَهِدَ لَكَ (4) ثُمَّ یُلَقَّنُ الْمَیِّتُ وَ یُشَرَّجُ اللَّبِنُ عَلَیْهِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَ أَسْكِنْ إِلَیْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً یَسْتَغْنِی بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ وَ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ یَتَوَلَّاهُ (5) فَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَشْرِیجِ اللَّبِنِ عَلَیْهِ خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ مِنْ جِهَةِ رِجْلَیْهِ وَ أَهَالَ
ص: 51
التُّرَابَ عَلَیْهِ وَ یُهِیلُ مَنْ حَضَرَ هُنَاكَ بِظُهُورِ أَكُفِّهِمْ إِلَّا مَنْ كَانَتْ لَهُ بِهِ رَحِمٌ وَ یَقُولُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إِیمَاناً وَ تَسْلِیماً(1).
بیان: الاكتفاء فی وضع الفص فی فم المیت بمثل ذلك لا یخلو من إشكال و لم أر غیره قدس اللّٰه روحه تعرض لذلك.
«42»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لِكُلِّ شَیْ ءٍ بَابٌ وَ بَابُ الْقَبْرِ عِنْدَ رِجْلَیِ الْمَیِّتِ وَ یُسْتَحَبُّ أَنْ یَنْزِلَ الْقَبْرَ حَافِیاً مَكْشُوفَ الرَّأْسِ.
بیان: روی الجزء الأول الشیخ بسند فیه جهالة عن جبیر بن نفیر(2) الحضرمی عنه صلی اللّٰه علیه و آله: و یمكن أن یستدل به علی استحباب الدخول و الخروج و إدخال المیت من قبل الرجلین لأن الباب محل جمیع ذلك و لعل العلامة ره لذلك قال فی المنتهی باستحباب الدخول أیضا من قبل الرجلین حیث قال یستحب له أن یخرج من قبل الرجلین لأنه قد استحب الدخول منه فكذا الخروج و لقوله علیه السلام باب القبر من قبل الرجلین.
أقول: لم أر غیره تعرض لاستحباب ذلك عند الدخول و لعله لضعف دلالة الخبر مع أنه روی الكلینی عن العدة(3) عن سهل رفعه قال قال: یدخل الرجل القبر من حیث یشاء و لا یخرج إلا من قبل رجلیه. بل یمكن أن یقال ظاهر الخبر بیان إدخال المیت منه لأن القبر بیته و المقصود إدخاله.
و یؤیده مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ فِی الْمُوَثَّقِ (4) عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لِكُلِّ شَیْ ءٍ بَابٌ وَ بَابُ الْقَبْرِ مِمَّا یَلِی الرِّجْلَیْنِ إِذَا وَضَعْتَ الْجِنَازَةَ فَضَعْهَا مِمَّا یَلِی الرِّجْلَیْنِ یَخْرُجُ الرَّجُلُ مِمَّا یَلِی الرِّجْلَیْنِ وَ یُدْعَی لَهُ حَتَّی یُوضَعَ فِی حُفْرَتِهِ
ص: 52
وَ یُسَوَّی عَلَیْهِ التُّرَابُ.
و الحاصل أن عموم الخبر و شموله لما ذكر غیر معلوم إذ یكفی ذلك فی إطلاق الباب علیه و أما الخروج من قبل الرجلین فروی الْكُلَیْنِیُّ أَیْضاً بِسَنَدٍ فِیهِ (1) ضَعْفٌ عَلَی الْمَشْهُورِ بِالسَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ دَخَلَ الْقَبْرَ فَلَا یَخْرُجْ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَیْنِ. و فیه أیضا إیماء إلی تجویز الدخول من أی جهة شاء.
و قال فی الذكری یستحب الخروج من قبل الرجلین لخبر عمار: لكل شی ء باب و باب القبر مما یلی الرجلین. و لروایة السكونی و الظاهر أن هذا النفی أو النهی للكراهیة و وافق ابن الجنید فی الرجل و قال فی المرأة یخرج من قبل رأسها لإنزالها عرضا أو للبعد عن العورة و الأحادیث مطلقة انتهی.
و أما الحفاء و كشف الرأس فقد مر الكلام فیهما.
«43»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا نَظَرْتَ إِلَی الْقَبْرِ فَقُلِ- اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ وَ لَا تَجْعَلْهَا حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ وَ قَالَ إِذَا تَنَاوَلْتَ الْمَیِّتَ فَقُلْ- بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِلَی رَحْمَتِكَ لَا إِلَی عَذَابِكَ ثُمَّ تَسُلُّ الْمَیِّتَ سَلًّا فَإِذَا وَضَعْتَهُ فِی قَبْرِهِ فَضَعْهُ عَلَی یَمِینِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ حُلَّ عُقَدَ كَفَنِهِ وَ ضَعْ خَدَّهُ عَلَی التُّرَابِ وَ قُلْ- أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ اقْرَأِ الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ یَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ نَزَلَ بِكَ وَ أَنْتَ خَیْرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِی إِحْسَانِهِ وَ إِنْ كَانَ مُسِیئاً فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَ أَلْحِقْهُ بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَالِحِ شِیعَتِهِ وَ اهْدِنَا وَ إِیَّاهُ إِلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ اللَّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ ثُمَّ تَضَعُ یَدَكَ الْیُسْرَی عَلَی عَضُدِهِ الْأَیْسَرِ وَ تُحَرِّكُهُ تَحْرِیكاً شَدِیداً ثُمَّ تُدْنِی فَمَكَ إِلَی أُذُنِهِ وَ تَقُولُ یَا فُلَانُ إِذَا سُئِلْتَ فَقُلِ اللَّهُ رَبِّی وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی وَ الْإِسْلَامُ دِینِی وَ الْقُرْآنُ كِتَابِی وَ عَلِیٌّ إِمَامِی حَتَّی تَسُوقَ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام ثُمَّ تَعَوَّدُ الْقَوْلَ عَلَیْهِ ثُمَّ تَقُولُ أَ فَهِمْتَ یَا فُلَانُ
ص: 53
وَ قَالَ علیه السلام فَإِنَّهُ یُجِیبُ وَ یَقُولُ نَعَمْ ثُمَّ تَقُولُ ثَبَّتَكَ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ وَ هَدَاكَ اللَّهُ إِلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ عَرَّفَ اللَّهُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَوْلِیَائِكَ فِی مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِهِ ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَیْهِ وَ اصْعَدْ بِرُوحِهِ إِلَیْكَ وَ لَقِّنْهُ مِنْكَ بُرْهَاناً اللَّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ ثُمَّ تَضَعُ الطِّینَ وَ اللَّبِنَ وَ إِذَا وَضَعْتَ الطِّینَ وَ اللَّبِنَ تَقُولُ اللَّهُمَّ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ آمِنْ رَوْعَتَهُ وَ أَسْكِنْ إِلَیْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً تُغْنِیهِ بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ فَإِنَّمَا رَحْمَتُكَ لِلظَّالِمِینَ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنَ الْقَبْرِ وَ تَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ اللَّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ وَ اخْلُفْ عَلَی عَقِبِهِ فِی الْغَابِرِینَ وَ عِنْدَكَ نَحْتَسِبُهُ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ فَلَمَّا أَنْ دَفَنُوهُ تَضَعُ كَفَّكَ عَلَی قَبْرِهِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ فَرِّجْ أَصَابِعَكَ وَ اغْمِزْ كَفَّكَ عَلَیْهِ بَعْدَ مَا تَنْضِحُ بِالْمَاءِ فَإِذَا انْصَرَفُوا فَضَعِ الْفَمَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ تُنَادِیهِ بِأَعْلَی صَوْتٍ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَلْ أَنْتَ عَلَی الْعَهْدِ الَّذِی فَارَقْتَنَا عَلَیْهِ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِمَامُكَ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ حَتَّی تَأْتِیَ إِلَی آخِرِهِمْ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ أَحَدُ الْمَلَكَیْنِ لِصَاحِبِهِ قَدْ كُفِینَا الدُّخُولَ إِلَیْهِ فِی مَسْأَلَتِنَا إِلَیْهِ فَإِنَّهُ یُلَقَّنُ فَیَنْصَرِفَانِ عَنْهُ وَ لَا یَدْخُلَانِ إِلَیْهِ.
وَ قَالَ: السُّنَّةُ فِی رَشِّ الْمَاءِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَ تَبْدَأَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ إِلَی عِنْدِ الرِّجْلِ ثُمَّ تَدُورَ عَلَی الْقَبْرِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثُمَّ تَرُشَّ عَلَی وَسَطِ الْقَبْرِ.
وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا جِئْتَ بِالْمَیِّتِ ضَعْهُ دُونَ قَبْرِهِ بِذِرَاعَیْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَ دَعْهُ حَتَّی یَتَأَهَّبَ لِلْقَبْرِ وَ لَا تَفْدَحْهُ بِهِ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ أَحَدٍ یَقُولُ عِنْدَ قَبْرِ مَیِّتٍ إِذَا دُفِنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا تُعَذِّبَ هَذَا الْمَیِّتَ إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ إِلَی یَوْمِ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ.
وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ أَتَی قَبْرَ أَخِیهِ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی الْقَبْرِ وَ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمِنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ.
ص: 54
وَ عَنْ أَبِی الْمِقْدَامِ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بِالْبَقِیعِ فَمَرَرْنَا بِقَبْرِ رَجُلٍ مِنَ الشِّیعَةِ قَالَ فَوَقَفَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ أَسْكِنْ إِلَیْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً یَسْتَغْنِی بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ وَ أَلْحِقْهُ بِمَنْ كَانَ یَتَوَلَّاهُ.
بیان: كلمة من فی قوله من رحمتك بیانیة أو سببیة قوله و عندك نحتسبه أی أجر مصیبته أی أصبر علیها احتسابا و طالبا للأجر أو الضمیر راجع إلی ما فعل من الدفن و غیره بهذا المعنی أو راجع إلی المیت بمعنی أنی أظنه عندك فی جوار رحمتك و كرامتك أو عند أولیائك.
«44»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ عَنْ أَسَدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ السُّلَمِیِّ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ مَعاً عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْمُفِیدِ الْجَرْجَرَائِیِّ عَنْ أَبِی الدُّنْیَا الْمُعَمَّرِ الْمَغْرِبِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِی عِیداً وَ لَا تَتَّخِذُوا قُبُورَكُمْ مَسَاجِدَ وَ لَا بُیُوتَكُمْ قُبُوراً الْخَبَرَ.
45 مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِی بَكْرٍ: مِثْلَهُ (1)
توضیح: هذا الخبر رواه فی فردوس الأخبار و غیره من كتب المخالفین عن علی علیه السلام و قال الطیبی فی شرح المشكاة فی قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا تتخذوا قبری عیدا أی لا تجعلوا زیارة قبری عیدا أو قبری مظهر عید أی لا تجتمعوا لزیارتی اجتماعكم للعید فإنه یوم لهو و سرور و حال الزیارة بخلافه و كان دأب أهل الكتاب فأورثهم القسوة و من هجیری (2)
عبدة الأوثان حتی عبدوا الأموات أو اسم من الاعتیاد من عاده و اعتاده إذا صار عادة له و اعتیاده یؤدی إلی سوء الأدب و ارتفاع الحشمة و یؤیده قوله فإن صلاتكم تبلغنی حیث كنتم أی لا تتكلفوا المعاودة
ص: 55
إلی فقد استغنیتم عنه بالصلاة علی.
و قال فی شرح الشفاء و یحتمل كون النهی لرفع المشقة عن أمته أو لكراهة أن یجاوزوا فی تعظیم قبره فیقسو به و ربما یؤدی إلی الكفر و قال الكرمانی فی شرح البخاری بیان ملائمة الصدر للعجز أن معناه لا تجعلوا بیوتكم كالقبور الخالیة عن عبادة اللّٰه و كذا لا تجعلوا القبور كالبیوت محلا للاعتیاد لحوائجكم و مكانا للعیادة أو مرجعا للسرور و الزینة كالعید.
و فی النهایة فی قوله صلی اللّٰه علیه و آله: لا تجعلوا بیوتكم مقابر. أی لا تجعلوها لكم كالقبور فلا تصلوا فیها لأن العبد إذا مات و صار فی قبره لم یصل و یشهد له قوله فیه اجعلوا من صلاتكم فی بیوتكم و لا تتخذوها قبورا و قیل معناه لا تجعلوها كالمقابر التی لا تجوز الصلاة فیها و الأول أوجه انتهی.
و قال الطیبی فی شرح المشكاة هذا محتمل لمعان أحدها أن القبور مساكن الأموات الذین سقط عنهم التكلیف فلا یصلی فیها و لیس كذلك البیوت فصلوا فیها و ثانیها أنكم نهیتم عن الصلاة فی المقابر لا عنها فی البیوت فصلوا فیها و لا تشبهوها بها و الثالث
أن مثل الذاكر كالحی و غیر الذاكر كالمیت فمن لم یصل فی البیت جعل نفسه كالمیت و بیته كالقبر و الرابع قول الخطابی لا تجعلوا بیوتكم أوطانا للنوم فلا تصلوا فیها فإن النوم أخو الموت و قد حمل بعضهم علی النهی عن الدفن فی البیوت و ذلك ذهاب عما یقتضیه نسق الكلام علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله دفن فی بیت عائشة مخافة أن یتخذوه مسجدا.
و قال الطیبی فی شرح ما رووه عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَعَنَ اللَّهُ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِیَائِهِمْ مَسَاجِدَ. كانوا یجعلونها قبلة یسجدون إلیها فی الصلاة كالوثن أما من اتخذ مسجدا فی جوار رجل صالح أو صلی فی مقبرة قاصدا بها الاستظهار بروحه أو وصول أثر من آثار عبادته إلیه لا التوجه إلیه و التعظیم له فلا حرج علیه أ لا یری أن مرقد إسماعیل فی الحجر فی المسجد الحرام و الصلاة فیه أفضل.
ص: 56
أقول: سیأتی تمام القول فیه فی كتاب الصلاة.
«46»- الْهِدَایَةُ،: إِذَا نَظَرْتَ إِلَی الْقَبْرِ فَقُلِ- اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ وَ لَا تَجْعَلْهَا حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ (1).
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لِكُلِّ شَیْ ءٍ بَابٌ وَ بَابُ الْقَبْرِ عِنْدَ رِجْلَیِ الْمَیِّتِ وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ الرَّجُلُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ یُسَلُّ سَلًّا وَ یَدْخُلُ الْقَبْرَ مَنْ یَأْمُرُهُ الْوَلِیُّ وَلِیُّ الْمَیِّتِ إِنْ شَاءَ شَفْعاً وَ إِنْ شَاءَ وَتْراً(2).
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا دَخَلْتَ الْقَبْرَ فَاقْرَأْ أُمَّ الْكِتَابِ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِ (3).
وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا وَضَعْتَ الْمَیِّتَ فِی لَحْدِهِ فَضَعْهُ عَلَی یَمِینِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ حُلَّ عُقَدَ كَفَنِهِ وَ ضَعْ خَدَّهُ عَلَی التُّرَابِ (4).
وَ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَقُولُ: مَنْ یَضَعُ الْمَیِّتَ فِی لَحْدِهِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَیْهِ وَ صَعِّدْ إِلَیْكَ رُوحَهُ وَ لَقِّهِ مِنْكَ رِضْوَاناً ثُمَّ یَضَعُ یَدَهُ الْیُسْرَی عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْسَرِ وَ یُدْخِلُ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ وَ یُحَرِّكُهُ تَحْرِیكاً شَدِیداً وَ یَقُولُ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اللَّهُ رَبُّكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیُّكَ وَ الْإِسْلَامُ دِینُكَ وَ الْقُرْآنُ كِتَابُكَ وَ الْكَعْبَةُ قِبْلَتُكَ وَ عَلِیٌّ وَلِیُّكَ وَ إِمَامُكَ وَ یُسَمِّی الْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً إِلَی آخِرِهِمْ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی الْقَائِمِ علیه السلام أَئِمَّتُكَ أَئِمَّةُ هُدًی أَبْرَارٌ ثُمَّ یُعِیدُ عَلَیْهِ التَّلْقِینَ مَرَّةً أُخْرَی (5) وَ قَالَ علیه السلام إِذَا وَضَعْتَ اللَّبِنَ عَلَی اللَّحْدِ فَقُلِ- اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَ صِلْ وَحْدَتَهُ وَ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَ آمِنْ رَوْعَتَهُ وَ أَسْكِنْ إِلَیْهِ رَحْمَةً وَاسِعَةً یَسْتَغْنِی بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ وَ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ یَتَوَلَّاهُ وَ تَقُولُ مَتَی زُرْتَهُ هَذَا الْقَوْلَ (6)
ص: 57
وَ قَالَ علیه السلام إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْقَبْرِ فَقُلْ وَ أَنْتَ تَنْفُضُ یَدَیْكَ مِنَ التُّرَابِ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ ثُمَّ احْثُ التُّرَابَ عَلَیْهِ بِظَهْرِ كَفَّیْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِیمَاناً بِكَ وَ تَصْدِیقاً بِكِتَابِكَ- هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَإِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ ذَرَّةٍ حَسَنَةً(1).
وَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا سُوِّیَ قَبْرُ الْمَیِّتِ فَصُبَّ عَلَی قَبْرِهِ الْمَاءَ وَ تَجْعَلُ الْقَبْرَ أَمَامَكَ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَبْدَأُ بِصَبِّ الْمَاءِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ تَدُورُ بِهِ عَلَی قَبْرِهِ مِنْ أَرْبَعَةِ جَوَانِبِهِ حَتَّی تَرْجِعَ إِلَی الرَّأْسِ مِنْ غَیْرِ أَنْ تَقْطَعَ الْمَاءَ فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَاءِ شَیْ ءٌ فَصُبَّهُ عَلَی وَسَطِ الْقَبْرِ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: وَ الرَّشُّ بِالْمَاءِ عَلَی الْقَبْرِ حَسَنٌ یَعْنِی فِی كُلِّ وَقْتٍ (2).
أقول: قد مر كثیر من الأخبار المناسبة للباب فی باب التجهیز و باب التكفین و باب الصلاة علی المیت لا سیما خبر دفن فاطمة بنت أسد رضی اللّٰه عنها و خبر دفن إبراهیم بن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هما مشتملان علی أحكام و سیأتی ذكر الصلاة بعد الدفن فی كتاب الصلاة.
ص: 58
«1»- الْمِصْبَاحُ،: نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِی یُوضَعُ عِنْدَ الْجَرِیدَةِ مَعَ الْمَیِّتِ یَقُولُ قَبْلَ أَنْ یَكْتُبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌّ- وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ ثُمَّ یُكْتَبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمُّونَ فِی هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ أَخَاهُمْ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَ یُذْكَرُ اسْمُ الرَّجُلِ أَشْهَدَهُمْ وَ اسْتَوْدَعَهُمْ وَ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِجَمِیعِ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ علیهم السلام وَ أَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ وَ إِمَامُهُ وَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ أَئِمَّتُهُ وَ أَنَّ أَوَّلَهُمُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ الْقَائِمُ الْحُجَّةُ علیهم السلام وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ وَ الْخَلِیفَةُ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُسْتَخْلَفُهُ فِی أُمَّتِهِ مُؤَدِّیاً لِأَمْرِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنَیْهَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِبْطَاهُ وَ إِمَامَا الْهُدَی وَ قَائِدَا الرَّحْمَةِ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَ مُحَمَّداً وَ جَعْفَراً وَ مُوسَی وَ عَلِیّاً وَ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ حَسَناً وَ الْحُجَّةَ علیهم السلام أَئِمَّةٌ وَ قَادَةٌ وَ دُعَاةٌ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حُجَّةٌ عَلَی عِبَادِهِ ثُمَّ یَقُولُ لِلشُّهُودِ یَا فُلَانُ وَ یَا فُلَانُ المُسَمَّیْنَ فِی هَذَا الْكِتَابِ أَثْبِتُوا إِلَیَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ عِنْدَكُمْ حَتَّی تَلْقَوْنِی بِهَا عِنْدَ الْحَوْضِ.
ص: 59
ثُمَّ یَقُولُ الشُّهُودُ یَا فُلَانُ نَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ الشَّهَادَةُ وَ الْإِقْرَارُ وَ الْإِخَاءُ مَوْعُودَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ بَرَكَاتِهِ ثُمَّ تُطْوَی الصَّحِیفَةُ وَ تُطْبَعُ وَ تُخْتَمُ بِخَاتَمِ الشُّهُودِ وَ خَاتَمِ الْمَیِّتِ وَ تُوضَعُ عَنْ یَمِینِ الْمَیِّتِ مَعَ الْجَرِیدَةِ وَ تُكْتَبُ الصَّحِیفَةُ بِكَافُورٍ وَ عُودٍ عَلَی جَبْهَتِهِ غَیْرِ مُطَیَّبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ بِهِ التَّوْفِیقُ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ آلِهِ الْأَخْیَارِ الْأَبْرَارِ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً.
بیان: قوله و أن أولهم الحسن و الحسین لعل اسم إن مقدر فیما بعد الأول بما یناسبه أو الحسین معطوف علی الأول و خبره و خبر ما بعده مقدر و قوله علیه السلام و الشهادة مبتدأ و ما بعده معطوف علیه و موعودة خبر للجمیع.
قوله و عود لعل المعنی أنه یكتب بعود غیر مطیب مكان القلم و قوله علی جبهته أی من غیر أن یبری أو المعنی من غیر أن یضم إلی الكافور أو یلطخ العود بشی ء مطیب أو مطلقا كالمداد و احتمال كون العود جزء للمداد بعید جدا.
«2»- عُدَّةُ الدَّاعِی، رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِیُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ أَنَّهُ مُرَاءٍ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ فَلَمْ یَشْهَدْ جِنَازَتَهُ دَاوُدُ علیه السلام قَالَ فَقَامَ أَرْبَعُونَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا فَاغْفِرْ لَهُ قَالَ فَلَمَّا غُسِّلَ أَتَی الْأَرْبَعُونَ غَیْرُ الْأَرْبَعِینَ وَ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا فَاغْفِرْ لَهُ.
فَلَمَّا وُضِعَ فِی قَبْرِهِ قَامَ أَرْبَعُونَ غَیْرُهُمْ فَقَالُوا اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا فَاغْفِرْ لَهُ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَیْهِ فَقَالَ دَاوُدُ لِلَّذِی أَخْبَرْتَنِی قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ قَوْمٌ فَأَجَزْتُ شَهَادَتَهُمْ وَ غَفَرْتُ لَهُ مَا عَلِمْتُ مِمَّا لَا یَعْلَمُونَ.
ص: 60
«3»- كِتَابُ الْحُسَیْنِ بْنِ السَّعِیدِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ فَأُعْجِبَ بِهِ دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یُعْجِبْكَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ مُرَاءٍ قَالَ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَأُتِیَ دَاوُدُ فَقِیلَ لَهُ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَالَ ادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ قَالَ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ قَالُوا كَیْفَ لَمْ یَحْضُرْهُ قَالَ فَلَمَّا قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً فَلَمَّا صَلَّوْا عَلَیْهِ قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا مَنَعَكَ أَنْ تَشْهَدَ فُلَاناً قَالَ الَّذِی أَطْلَعْتَنِی عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِهِ قَالَ إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ وَ لَكِنْ شَهِدَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ فَشَهِدُوا لِی مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً فَأَجَزْتُ شَهَادَتَهُمْ عَلَیْهِ وَ غَفَرْتُ لَهُ عِلْمِی فِیهِ.
ص: 61
«1»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام نُصَلِّی عَنِ الْمَیِّتِ قَالَ نَعَمْ حَتَّی إِنَّهُ لَیَكُونُ فِی ضِیقٍ فَیُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَیْهِ ذَلِكَ الضِّیقَ ثُمَّ یُؤْتَی فَیُقَالُ لَهُ خُفِّفَ عَنْكَ هَذَا الضِّیقُ بِصَلَاةِ فُلَانٍ أَخِیكَ عَنْكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَأُشْرِكُ بَیْنَ رَجُلَیْنِ فِی رَكْعَتَیْنِ قَالَ نَعَمْ (1)
قَالَ وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْمَیِّتَ لَیَفْرَحُ بِالتَّرَحُّمِ عَلَیْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ كَمَا یَفْرَحُ الْحَیُّ بِالْهَدِیَّةِ تُهْدَی إِلَیْهِ (2).
«2»- عُدَّةُ الدَّاعِی، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: یَدْخُلُ عَلَی الْمَیِّتِ فِی قَبْرِهِ الصَّلَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الصَّدَقَةُ وَ الْبِرُّ وَ الدُّعَاءُ وَ یُكْتَبُ أَجْرُهُ لِلَّذِی یَفْعَلُهُ وَ لِلْمَیِّتِ.
قَالَ وَ قَالَ علیه السلام مَنْ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ عَنْ مَیِّتٍ عَمَلًا صَالِحاً أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَهُ وَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ الْمَیِّتَ.
وَ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ یَبَرَّ وَالِدَیْهِ حَیَّیْنِ وَ مَیِّتَیْنِ یُصَلِّیَ عَنْهُمَا وَ یَتَصَدَّقَ عَنْهُمَا وَ یَصُومَ عَنْهُمَا فَیَكُونَ الَّذِی صَنَعَ لَهُمَا وَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَیَزِیدُهُ اللَّهُ بِبِرِّهِ خَیْراً كَثِیراً(3).
ص: 62
مشكاة الأنوار، نقلا من كتاب المحاسن عن الصادق علیه السلام: مثله (1).
«3»- عُدَّةُ الدَّاعِی، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ وَ قَرَأَ سُورَةَ یس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ یَوْمَئِذٍ وَ كَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِیهَا حَسَنَاتٌ.
«4»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یَلْحَقُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ سُنَّةٌ سَنَّهَا یُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَیَكُونُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ یَعْمَلُ بِهَا مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَیْ ءٌ وَ الصَّدَقَةُ الْجَارِیَةُ تَجْرِی مِنْ بَعْدِهِ وَ الْوَلَدُ الطَّیِّبُ یَدْعُو لِوَالِدَیْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَ یَحُجُّ وَ یَتَصَدَّقُ وَ یُعْتِقُ عَنْهُمَا وَ یُصَلِّی وَ یَصُومُ عَنْهُمَا فَقُلْتُ أُشْرِكُهُمَا فِی حَجَّتِی قَالَ نَعَمْ (2).
«5»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُصَلِّی عَنْ وَلَدِهِ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ رَكْعَتَیْنِ وَ عَنْ وَالِدَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ رَكْعَتَیْنِ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كَیْفَ صَارَ لِلْوَلَدِ اللَّیْلُ قَالَ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لِلْوَلَدِ قَالَ وَ كَانَ یَقْرَأُ فِیهِمَا إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ وَ إِنَّا أَعْطَیْناكَ الْكَوْثَرَ(3).
«6»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیُّ شَیْ ءٍ یَلْحَقُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ یَلْحَقُهُ الصَّلَاةُ عَنْهُ وَ الصَّدَقَةُ عَنْهُ وَ الْحَجُّ عَنْهُ (4).
«7»- تَنْبِیهُ الْخَاطِرِ، لِلْوَرَّامِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِنِیَّةِ الْمَیِّتِ أَمَرَ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ أَنْ یَحْمِلَ إِلَی قَبْرِهِ سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ فِی یَدِ كُلِّ مَلَكٍ
ص: 63
طَبَقٌ فَیَحْمِلُونَ إِلَی قَبْرِهِ وَ یَقُولُونَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا وَلِیَّ اللَّهِ هَذِهِ هَدِیَّةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِلَیْكَ فَیَتَلَأْلَأُ قَبْرُهُ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَلْفَ مَدِینَةٍ فِی الْجَنَّةِ وَ زَوَّجَهُ أَلْفَ حَوْرَاءَ وَ أَلْبَسَهُ أَلْفَ حُلَّةٍ وَ قَضَی لَهُ أَلْفَ حَاجَةٍ.
وَ مِنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا قَرَأَ الْمُؤْمِنُ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ جَعَلَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِأَهْلِ الْقُبُورِ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مَلَكاً یُسَبِّحُ لَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.
«8»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ قَالَ سَبْعِینَ مَرَّةً یَا أَسْمَعَ السَّامِعِینَ وَ یَا أَبْصَرَ النَّاظِرِینَ وَ یَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِینَ وَ یَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِینَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فِی دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ أَنْ یَلْقَاهُ اللَّهُ بِبِشَارَةٍ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ لَهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ بَیْتٌ فِی الْجَنَّةِ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَیَّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَیَّ نُورٌ فِی الْقَبْرِ وَ نُورٌ عَلَی الصِّرَاطِ وَ نُورٌ فِی الْجَنَّةِ.
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ ن فِی فَرِیضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی علیه السلام قُمْ فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ اجْعَلْ قَبْرَكَ رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: زُورُوا قُبُورَ مَوْتَاكُمْ وَ سَلِّمُوا عَلَیْهِمْ فَإِنَّ لَكُمْ فِیهِمْ عِبْرَةً.
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ لَمْ یَدْخُلْهُ وَحْشَةٌ فِی الْقَبْرِ.
وَ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُومُ الرَّجُلُ عِنْدَ قَبْرِ قَرِیبِهِ أَوْ غَیْرِ قَرِیبِهِ هَلْ یَنْفَعُهُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ إِنَّ ذَلِكَ یَدْخُلُ عَلَیْهِ كَمَا یَدْخُلُ عَلَی أَحَدِكُمُ الْهَدِیَّةُ یَفْرَحُ بِهَا.
وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا ضَرَبَ خِبَاءَهُ عَلَی قَبْرٍ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّهُ قَبْرٌ فَقَرَأَ تَبارَكَ الَّذِی بِیَدِهِ الْمُلْكُ فَسَمِعَ صَائِحاً یَقُولُ هِیَ الْمُنْجِیَةُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هِیَ الْمُنْجِیَةُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
ص: 64
«9»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَعْظَمُ حَقّاً عَلَی الرَّجُلِ قَالَ وَالِدَاهُ (1).
وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الرَّجُلَ یَكُونُ بَارّاً بِوَالِدَیْهِ وَ هُمَا حَیَّانِ فَإِذَا لَمْ یَسْتَغْفِرْ لَهُمَا كُتِبَ عَاقّاً لَهُمَا وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَكُونُ عَاقّاً لَهُمَا فِی حَیَاتِهِمَا فَإِذَا مَاتَا أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمَا فَكُتِبَ بَارّاً(2).
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یُخَفِّفَ اللَّهُ عَنْهُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَلْیَكُنْ بِقَرَابَتِهِ وَصُولًا وَ بِوَالِدَیْهِ بَارّاً فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ لَمْ یُصِبْهُ فِی حَیَاتِهِ فَقْرٌ أَبَداً(3).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مِنْ حَقِّ الْوَالِدَیْنِ عَلَی وَلَدِهِمَا أَنْ یَقْضِیَ دُیُونَهُمَا وَ یُوفِیَ نُذُورَهُمَا وَ لَا یَسْتَسِبَّ لَهُمَا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ بَارّاً بِهِمَا وَ إِنْ كَانَ عَاقّاً لَهُمَا فِی حَیَاتِهِمَا وَ إِنْ لَمْ یَقْضِ دُیُونَهُمَا وَ لَمْ یُوفِ نُذُورَهُمَا وَ اسْتَسَبَّ لَهُمَا كَانَ عَاقّاً وَ إِنْ كَانَ بَارّاً بِهِمَا فِی حَیَاتِهِمَا(4).
أقول: سیأتی أخبار إیقاع الصلاة و العبادات للمیت فی كتاب الصلاة و أحادیث فضل زیارة المؤمن و آدابها فی كتاب المزار و إنما أوردنا هاهنا شذرا منهما لئلا یخلو هذا المجلد منهما و أخبار ما یوجب النجاة من شدائد الموت و القبر و أهوال القیامة مفرقة علی الأبواب و أوردنا طرفا منها فی كتاب المعاد.
ص: 65
«1»- كَامِلُ الزِّیَارَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی نُوحٍ وَ هُوَ فِی السَّفِینَةِ أَنْ یَطُوفَ بِالْبَیْتِ أُسْبُوعاً فَطَافَ بِالْبَیْتِ أُسْبُوعاً كَمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ ثُمَّ نَزَلَ فِی الْمَاءِ إِلَی رُكْبَتَیْهِ فَاسْتَخْرَجَ تَابُوتاً فِیهِ عِظَامُ آدَمَ علیه السلام فَحَمَلَ التَّابُوتَ فِی جَوْفِ السَّفِینَةِ حَتَّی طَافَ بِالْبَیْتِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَطُوفَ ثُمَّ وَرَدَ إِلَی بَابِ الْكُوفَةِ فِی وَسَطِ مَسْجِدِهَا
فَفِیهَا قَالَ اللَّهُ لِلْأَرْضِ ابْلَعِی ماءَكِ فَبَلِعَتْ مَاءَهَا مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ كَمَا بَدَأَ الْمَاءُ مِنْ مَسْجِدِهَا وَ تَفَرَّقَ الْجَمْعُ الَّذِی كَانَ مَعَ نُوحٍ فِی السَّفِینَةِ فَأَخَذَ نُوحٌ التَّابُوتَ فَدَفَنَهُ فِی الْغَرِیِ (1).
«2»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شِیرَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَیْهِ أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَیِّتِ یَمُوتُ بِعَرَفَاتٍ یُدْفَنُ بِعَرَفَاتٍ أَوْ یُنْقَلُ إِلَی الْحَرَمِ فَأَیُّهُمَا أَفْضَلُ فَكَتَبَ یُحْمَلُ إِلَی الْحَرَمِ وَ یُدْفَنُ فَهُوَ أَفْضَلُ (2).
التَّهْذِیبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَیِّتِ یَمُوتُ بِمِنًی أَوْ عَرَفَاتٍ الْوَهْمُ مِنِّی ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ (3).
«3»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ رُفِعَ إِلَیْهِ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ
ص: 66
بِالرُّسْتَاقِ (1)
فَحَمَلُوهُ إِلَی الْكُوفَةِ فَأَنْهَكَهُمْ عُقُوبَةً وَ قَالَ ادْفِنُوا الْأَجْسَادَ فِی مَصَارِعِهَا وَ لَا تَفْعَلُوا كَفِعْلِ الْیَهُودِ یَنْقُلُونَ مَوْتَاهُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (2) وَ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ یَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَتِ الْأَنْصَارُ لِتَحْمِلَ قَتْلَاهَا إِلَی دُورِهَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنَادِیاً فَنَادَی ادْفِنُوا الْأَجْسَادَ فِی مَصَارِعِهَا(3).
قِصَصُ الْأَنْبِیَاءِ، لِلرَّاوَنْدِیِّ بِأَسَانِیدِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِینٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَ یَعْقُوبُ علیه السلام حَمَلَهُ یُوسُفُ علیه السلام فِی تَابُوتٍ إِلَی أَرْضِ الشَّامِ فَدَفَنَهُ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ.
«4»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: احْتَبَسَ الْقَمَرُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی علیه السلام أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ یُوسُفَ علیه السلام مِنْ مِصْرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ إِذَا أَخْرَجَ عِظَامَهُ فَسَأَلَ مُوسَی علیه السلام عَمَّنْ یَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَقِیلَ لَهُ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعْلَمُ عِلْمَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهَا فَأُتِیَ بِعَجُوزٍ مُقْعَدَةٍ عَمْیَاءَ فَقَالَ لَهَا أَ تَعْرِفِینَ مَوْضِعَ قَبْرِ یُوسُفَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرِینِی بِهِ قَالَتْ لَا حَتَّی تُعْطِیَنِی أَرْبَعَ خِصَالٍ تُطْلِقَ لِی رِجْلَیَّ وَ تُعِیدَ إِلَیَّ شَبَابِی وَ تُعِیدَ إِلَیَّ بَصَرِی وَ تَجْعَلَنِی مَعَكَ فِی الْجَنَّةِ.
قَالَ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَی مُوسَی علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُوسَی أَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُعْطِی عَلَیَّ فَفَعَلَ فَدَلَّتْهُ عَلَیْهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَاطِئِ النِّیلِ فِی صُنْدُوقِ مَرْمَرٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ طَلَعَ الْقَمَرُ فَحَمَلَهُ إِلَی الشَّامِ فَلِذَلِكَ یَحْمِلُ أَهْلُ الْكِتَابِ
ص: 67
مَوْتَاهُمْ إِلَی الشَّامِ (1).
بیان: الظاهر أن خروجهم من مصر و دخولهم البحر كانا موقوفین علی طلوع القمر و كان أوحی إلی موسی علیه السلام أنه لا یطلع القمر حتی تخرج عظام یوسف.
«5»- إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، لِلدَّیْلَمِیِّ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْخَلْوَةَ بِنَفْسِهِ أَتَی طَرَفَ الْغَرِیِّ فَبَیْنَمَا هُوَ ذَاتَ یَوْمٍ هُنَاكَ مُشْرِفٌ عَلَی النَّجَفِ فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الْبَرِّیَّةِ رَاكِباً عَلَی نَاقَةٍ وَ قُدَّامَهُ جِنَازَةٌ فَحِینَ رَأَی عَلِیّاً علیه السلام قَصَدَهُ حَتَّی وَصَلَ إِلَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ وَ قَالَ مِنْ أَیْنَ قَالَ مِنَ الْیَمَنِ قَالَ وَ مَا هَذِهِ الْجِنَازَةُ الَّتِی مَعَكَ قَالَ جِنَازَةُ أَبِی لِأَدْفِنَهُ فِی هَذِهِ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لِمَ لَا دَفَنْتَهُ فِی أَرْضِكُمْ قَالَ أَوْصَی بِذَلِكَ وَ قَالَ إِنَّهُ یُدْفَنُ هُنَاكَ رَجُلٌ یُدْعَی فِی شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ أَ تَعْرِفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَالَ لَا قَالَ أَنَا وَ اللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ ثَلَاثاً فَادْفِنْ فَقَامَ وَ دَفَنَهُ.
«6»- الْمِصْبَاحُ، قَالَ: لَا یُنْقَلُ الْمَیِّتُ مِنْ بَلَدٍ إِلَی بَلَدٍ فَإِنْ نُقِلَ إِلَی الْمَشَاهِدِ كَانَ فِیهِ فَضْلٌ مَا لَمْ یُدْفَنْ وَ قَدْ رَوَیْتُ بِجَوَازِ نَقْلِهِ إِلَی بَعْضِ الْمَشَاهِدِ رِوَایَةً وَ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ (2).
«7»- النِّهَایَةُ لِلشَّیْخِ،: فَإِذَا دُفِنَ فِی مَوْضِعٍ فَلَا یَجُوزُ تَحْوِیلُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَ قَدْ وَرَدَتْ رِوَایَةٌ بِجَوَازِ نَقْلِهِ إِلَی بَعْضِ مَشَاهِدِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام سَمِعْنَاهَا مُذَاكَرَةً وَ الْأَصْلُ مَا قَدَّمْنَاهُ (3).
«8»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ یَعْقُوبُ حَمَلَهُ یُوسُفُ علیه السلام فِی تَابُوتٍ إِلَی أَرْضِ الشَّامِ فَدَفَنَهُ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (4).
ص: 68
تبیین: اعلم أن المشهور بین الأصحاب كراهة نقل المیت إلی غیر بلد موته من غیر المشاهد المشرفة بل نقل المحقق فی المعتبر و العلامة فی التذكرة و غیرهما إجماع العلماء علیه و المشهور بینهم جواز النقل إلی المشاهد بل استحبابه و قال فی المعتبر إنه مذهب علمائنا خاصة قال و علیه عمل الأصحاب من زمن الأئمة علیهم السلام إلی الآن و هو مشهور بینهم لا یتناكرونه.
و نقل عمل الإمامیة و إجماعهم علی ذلك فی التذكرة و الذكری و استدل فی الذكری بحدیث عظام یوسف و قال فی التذكرة و لأن موسی علیه السلام لما حضرته الوفاة سأل اللّٰه عز و جل أن یدنیه إلی الأرض المقدسة رمیة حجر قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله لو كنت ثم لأریتكم قبره عند الكثیب الأحمر.
و قال المفید فی العزیة و قد جاء حدیث یدل علی رخصة فی نقل المیت إلی بعض مشاهد آل الرسول صلی اللّٰه علیه و آله إن وصی المیت بذلك و قال صاحب الجامع لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلی الحرم.
ثم قال الشهید ره و لو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحب الحمل إلیها لتناله بركتهم و بركة زیارتهم و لو كان بمكة أو بالمدینة فبمقبرتیهما أما الشهید فالأولی دفنه حیث قتل
لما روی عن النبی صلی اللّٰه علیه. ادفنوا القتلی فی مصارعهم. ثم قال و یستحب جمع الأقارب فی مقبرة لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما دفن عثمان بن مظعون قال أدفن إلیه من مات من أهله. و لأنه أسهل لزیارتهم فیقدم الأب ثم من یلیه فی الفضل و الذكر علی الأنثی انتهی. و قال الشهید الثانی ره یجب تقیید جواز النقل إلی المشاهد بما إذا لم یخف هتك المیت لبعد المسافة أو غیرها و لا یخفی متانته لأنه هتك لحرمة المیت و إضرار بالمؤمنین مع أن النقل المنقول عن الأصحاب و فی الأخبار المعتبرة إنما كان من المسافات القریبة التی لم یستلزم النقل إلیها مثل ذلك.
هذا كله فی النقل قبل الدفن فأما بعده فالأكثر علی عدم جوازه و جوز الشیخ و جماعة نقله إلی المشاهد المشرفة و قال ابن إدریس لا یجوز نقله
ص: 69
و هو بدعة فی شریعة الإسلام سواء كان النقل إلی مشهد أو غیره و أسند الجواز فی التذكرة إلی بعض علمائنا و جعله ابن حمزة مكروها و قال ابن الجنید و لا بأس بتحویل الموتی من الأرض المغصوبة و لصلاح یراد بالمیت.
و المسألة فی غایة الإشكال إذ الأخبار الدالة علی النقل بعضها غیر جیدة الإسناد و غیر مذكورة فی الأصول المعتبرة و بعضها دالة علی الجواز قبل الدفن و من الأمكنة القریبة و بعضها حكایة لما وقع فی الشریعة السابقة و الاستدلال بالتقریر مشكل لأنه
غیر معلوم و یعارضها أن التبرك بجوارهم أمر مرغوب فیه و قد وردت أخبار كثیرة فی فضل الدفن فی المشاهد لا سیما الغری و الحائر علی مشرفهما الصلاة و السلام و العمدة فی تحریم النبش الإجماع و إثباته هاهنا مشكل لقول جماعة من الأصحاب بالجواز و اللّٰه یعلم حقائق الأحكام و نرجو من فضله سبحانه أن لا یقبضنا إلا فی تلك الأماكن المقدسة لئلا یشكل الأمر علی من یتولی أمرنا و اللّٰه ولی التوفیق.
«9»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ زِیَادٍ الْمُخَارِقِیِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ علیه السلام الْوَفَاةُ اسْتَدْعَی الْحُسَیْنَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَخِی إِنِّی مُفَارِقُكَ وَ لَاحِقٌ بِرَبِّی فَإِذَا قَضَیْتُ نَحْبِی فَغَمِّضْنِی وَ غَسِّلْنِی وَ كَفِّنِّی وَ احْمِلْنِی عَلَی سَرِیرِی إِلَی قَبْرِ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ رُدَّنِی إِلَی قَبْرِ جَدَّتِی فَاطِمَةَ فَادْفِنِّی هُنَاكَ (1).
بیان: أقول روی هذا المضمون فی أخبار كثیرة تقدمت فی باب شهادة الحسن علیه السلام و یدل علی استحباب تقریب المیت إلی الضرائح المقدسة و الزیارة بهم كما هو الشائع فی المشاهد المقدسة و علی استحباب الدفن بقرب الأقارب و الصلحاء و المقدسین و یشهد بذلك دفن ثلاثة من الأئمة بعده بجنبه صلوات اللّٰه علیهم أجمعین و فی الصحاح النحب النذر و المدة و الوقت یقال قضی فلان نحبه إذا مات.
ص: 70
«1»- الْعِلَلُ، عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَنْبَغِی لِصَاحِبِ الْمُصِیبَةِ أَنْ لَا یَلْبَسَ الرِّدَاءَ وَ أَنْ یَكُونَ فِی قَمِیصٍ حَتَّی یُعْرَفَ وَ یَنْبَغِی لِجِیرَانِهِ أَنْ یُطْعِمُوا عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ.
وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَلْعُونٌ مَنْ وَضَعَ رِدَاءً فِی مُصِیبَةِ غَیْرِهِ (1).
تبیین: ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصیبة و الظاهر الرجوع فی ذلك إلی العرف و یحتمل أن یكون بناؤه علی شدة التأثر و التألم أو الارتباط و الخلطة لا القرابة و الأول أظهر و یظهر منه أن المراد بالرداء الثوب المتعارف الذی یلبسه الناس فوق الثیاب (2) غالبا لیكون وضعه سببا للامتیاز و من هذا التعلیل فهموا غیر ذلك من أنواع الامتیاز خصوصا فی الأزمنة التی لا یصلح وضع الرداء للامتیاز و ظاهر الخبر المرسل تحریم وضع الرداء لغیر صاحب المصیبة كما ذهب إلیه ابن حمزة و إثبات التحریم بمثله مشكل و الأحوط الترك و قد مر الكلام فیه فی باب التشییع.
و أما استحباب بعث الطعام ثلاثة أیام إلی صاحب المصیبة فلا خلاف بین الأصحاب فی ذلك و فیه إیماء إلی استحباب اتخاذ المأتم ثلاثة بل علی استحباب تعاهدهم و تعزیتهم ثلاثة أیضا فإن الإطعام عنه یدل علی اجتماع الناس للمصیبة.
قال فی الذكری بعد ذكر بعض أحكام التعزیة و لا حد لزمانها عملا بالعموم نعم لو أدت التعزیة إلی تجدید حزن قد نسی كان تركها أولی و یمكن القول
ص: 71
بثلاثة أیام لنقل الصَّدُوقُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: یُصْنَعُ لِلْمَیِّتِ مَأْتَمٌ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنْ یَوْمَ مَاتَ.
وَ نَقَلَ الصَّدُوقُ (1) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ فَاطِمَةَ علیها السلام أَنْ تَأْتِیَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَیْسٍ وَ نِسَاءَهَا وَ أَنْ تَصْنَعَ لَهُمْ طَعَاماً ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ. وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ إِلَّا الْمَرْأَةِ عَلَی زَوْجِهَا حَتَّی تَنْقَضِیَ عِدَّتُهَا.
قَالَ: وَ أَوْصَی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ لِمَأْتَمِهِ وَ كَانَ یَرَی ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِاتِّخَاذِ طَعَامٍ لِآلِ جَعْفَرٍ(2).
و فی كل هذه إیماء إلی ذلك و الشیخ أبو الصلاح قال من السنة تعزیة أهله ثلاثة أیام و حمل الطعام إلیهم.
و الشیخ فی المبسوط نقل الإجماع علی كراهیة الجلوس للتعزیة یوما أو یومین أو ثلاثة و رده ابن إدریس بأنه اجتماع و تزاور و نصره المحقق بأنه لم ینقل عن أحد من الصحابة و الأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف و لا یبلغ التحریم.
قلت الأخبار المذكورة مشعرة به و شهادة الإثبات مقدمة إلا أن یقال لا یلزم من عمل المأتم الجلوس للتعزیة بل هو مقصور علی الاهتمام بأمور أهل المیت لاشتغالهم بحزنهم لكن اللغة و العرف یشهدان بخلافه قال الجوهری المأتم النساء یجتمعن قال و عند العامة المصیبة و قال غیره المأتم المناحة و هما مشعران بالاجتماع انتهی.
«2»- الْعِلَلُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ علیه السلام مَا بَالُنَا نَجِدُ بِأَوْلَادِنَا مَا لَا یَجِدُونَ بِنَا قَالَ لِأَنَّهُمْ لَسْتُمْ مِنْهُمْ (3).
بیان: یمكن أن یكون لخلقهم من أجزاء بدن الآباء مدخل فی ذلك و أن
ص: 72
یكون المراد أنكم ربیتموهم بمشقة شدیدة و آنستم بهم فی صغرهم فلذا تحزنون علی موتهم أكثر منهم علی موتكم أو لأنكم حصلتموهم للانتفاع بهم فلذا تحزنون علی حرمانك و الأول أظهر.
«3»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ فَلْیَذْكُرْ مُصِیبَتَهُ بِی فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ (1).
مسكن الفؤاد، عن ابن عباس: مثله (2)
بیان: لعل العلة فی ذلك أن تذكر عظام المصائب یهون صغارها كما هو المجرب.
«4»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُنَزِّلُ الْمَعُونَةَ عَلَی قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَ یُنَزِّلُ الصَّبْرَ عَلَی قَدْرِ شِدَّةِ الْبَلَاءِ(3).
«5»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ فَرَغْنَا مِنْ جِنَازَتِهِ جَلَسَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام وَ جَلَسْنَا حَوْلَهُ وَ هُوَ مُطْرِقٌ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا دَارُ فِرَاقٍ وَ دَارُ الْتِوَاءٍ- لَا دَارُ اسْتِوَاءٍ عَلَی أَنَّ لِفِرَاقِ الْمَأْلُوفِ حُرْقَةً لَا تُدْفَعُ وَ لَوْعَةً لَا تُرَدُّ وَ إِنَّمَا یَتَفَاضَلُ النَّاسُ بِحُسْنِ الْعَزَاءِ وَ صِحَّةِ الْفِكْرَةِ فَمَنْ لَمْ یَثْكَلْ أَخَاهُ ثَكِلَهُ أَخُوهُ وَ مَنْ لَمْ یُقَدِّمْ
ص: 73
وَلَداً كَانَ هُوَ الْمُقَدَّمَ دُونَ الْوَلَدِ.
ثُمَّ تَمَثَّلَ علیه السلام بِقَوْلِ أَبِی خِرَاشٍ الْهُذَلِیِّ یَرْثِی أَخَاهُ:
وَ لَا تَحْسَبِی أَنِّی تَنَاسَیْتُ عَهْدَهُ***وَ لَكِنَّ صَبْرِی یَا أُمَامُ جَمِیلٌ (1)
بیان: قال الفیروزآبادی لواه فتله و ثناه فالتوی و تلوی و عن الأمر تثاقل كالتوی و فلانا علی فلان آثره و تلوی انعطف كالتوی و البقل ذوی و به ذهب و بما فی الإناء استأثر به و غلب علی غیره و به العقاب طارت به و بهم الدهر أهلكهم و بكلامه خالف به عن جهته انتهی و الأكثر مناسب كما لا یخفی أی دار ذهاب و انعطاف إلی دار أخری و دار استیثار و استبداد و بوار و هلاك و یتلوی فیها للمصائب لا دار استواء أی اعتدال و استقامة أو استیلاء علی المطلوب و اللوعة حرقة فی القلب و الثكل بالضم الموت و الهلاك و فقدان الحبیب أو الولد و قد ثكله كفرح و أمام بالضم مرخم أمامة اسم امرأة.
«6»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَسْتَرْآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النَّاصِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ الرِّضَا عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ: رَأَی الصَّادِقُ علیه السلام رَجُلًا قَدِ اشْتَدَّ جَزَعُهُ عَلَی وَلَدِهِ فَقَالَ یَا هَذَا جَزِعْتَ لِلْمُصِیبَةِ الصُّغْرَی وَ غَفَلْتَ عَنِ الْمُصِیبَةِ الْكُبْرَی لَوْ كُنْتَ لِمَا صَارَ إِلَیْهِ وَلَدُكَ مُسْتَعِدّاً لَمَا اشْتَدَّ عَلَیْهِ جَزَعُكَ فَمُصَابُكَ بِتَرْكِكَ الِاسْتِعْدَادَ لَهُ أَعْظَمُ مِنْ مُصَابِكَ بِوَلَدِكَ (2).
«7»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحُسَیْنِ الْفَارِسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ
ص: 74
لَا تَزَالُ فِی أُمَّتِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَنْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَ النِّیَاحَةُ وَ إِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تَقُومُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَ دِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ (1).
بیان: فی القاموس السربال بالكسر القمیص أو الدرع أو كل ما لیس انتهی و القطران ما یتحلب من الأبهل فیطبخ فیهنأ به الإبل الجرباء فیحرق الجرب بحدته و هو أسود منتن یشتعل فیه النار بسرعة یطلی بها جلود أهل النار حتی یكون طلاء لهم كالقمیص لیجمع علیهم لدغ القطران و وحشة لونه و نتن ریحه مع إسراع النار فی جلودهم و قرأ یعقوب فی الآیة من قطر آن (2)
و القطر النحاس أو الصفر المذاب و الآنی المتناهی حره و یمكن أن یقرأ هاهنا أیضا هكذا.
«8»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مُرُوا أَهَالِیَكُمْ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ عِنْدَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ أَبُوهَا سَاعَدَتْهَا بَنَاتُ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَتْ دَعُوا التَّعْدَادَ وَ عَلَیْكُمْ بِالدُّعَاءِ(3).
بیان: لعلها صلوات اللّٰه علیها إنما نهت عن تعداد الفضائل للتعلیم إذ ذكر فضائله صلی اللّٰه علیه و آله كان صدقا و كان من أعظم الطاعات فكان غرضها علیها السلام أن لا یذكروا أمثال ذلك فی موتاهم لكونها مشتملة علی الكذب غالبا و انتفاع المیت بالاستغفار و الدعاء أكثر علی تقدیر كونها صدقا و المراد بالقول الحسن أن لا یقولوا فیما
ص: 75
یذكرونه للمیت من مدائحه كذبا أو الدعاء و الاستغفار و ترك ذكر المدائح مطلقا إلا فیما یتعلق به غرض شرعی.
«9»- الْعُیُونُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ امْرَأَةً عَلَی صُورَةِ الْكَلْبِ وَ النَّارُ تَدْخُلُ فِی دُبُرِهَا وَ تَخْرُجُ مِنْ فِیهَا وَ الْمَلَائِكَةُ یَضْرِبُونَ رَأْسَهَا وَ بَدَنَهَا بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ فَسُئِلَ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْهَا فَقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ قَیْنَةً نَوَّاحَةً حَاسِدَةً(1).
بیان: القینة الأمة المغنیة أو أعم ذكره الفیروزآبادی.
«10»- مَجَالِسُ ابْنِ طُوسِیٍّ، عَنْ أَبِیهِ ره بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِیمُ بَكَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی جَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَی لِحْیَتِهِ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ تَنْهَی عَنِ الْبُكَاءِ وَ أَنْتَ تَبْكِی فَقَالَ لَیْسَ هَذَا بُكَاءً وَ إِنَّمَا هِیَ رَحْمَةٌ وَ مَنْ لَا یَرْحَمْ لَا یُرْحَمْ (2).
«11»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: فِی هَذِهِ الْآیَةِ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ (3) قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِفَاطِمَةَ علیها السلام إِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَخْمِشِی عَلَیَّ وَجْهاً وَ لَا تُرْخِی عَلَیَّ شَعْراً وَ لَا تُنَادِی بِالْوَیْلِ وَ لَا تُقِیمِی عَلَیَّ نَائِحَةً ثُمَّ قَالَ هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ- وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ (4).
بیان: قال الطبرسی قدس سره وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ هو جمیع ما أمرهن به لأنه صلی اللّٰه علیه و آله لا یأمر إلا بالمعروف و المعروف نقیض المنكر و هو
ص: 76
كل ما دل العقل و السمع علی وجوبه أو ندبه و قیل عنی بالمعروف النهی عن النوح و تمزیق الثیاب و جز الشعر و شق الجیب و خمش الوجه و الدعاء بالویل عن المقاتلین و الكلبی و الأصل أن المعروف كل بر و تقوی و أمر وافق طاعة اللّٰه تعالی انتهی (1).
و قال علی بن إبراهیم فی تفسیره: إنها نزلت یوم فتح مكة و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قعد فی المسجد یبایع الرجال إلی صلاة الظهر و العصر ثم قعد لبیعة النساء و أخذ قدحا من ماء فأدخل یده فیه ثم قال للنساء من أراد أن یبایع فلیدخل یده فی القدح فإنی لا أصافح النساء ثم قرأ علیهن ما أنزل اللّٰه من شروط البیعة علیهن فقال عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَ فقامت أم حكیم بنت الحارث بن عبد المطلب فقالت یا رسول اللّٰه ما هذا المعروف الذی أمرنا اللّٰه به أن لا نعصیك فیه فقال أن لا تخمشن وجها و لا تلطمن خدا و لا تنتفن شعرا و لا تمزقن جیبا و لا تسودن ثوبا و لا تدعون بالویل و الثبور و لا تقمن عند قبر فبایعهن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی هذه الشروط. انتهی (2).
و لا یبعد أن یكون ذكر هذه الأمور علی سبیل المثال أو لبیان ما هو أهم بحسب حالهن لما رواه علی بن إبراهیم أیضا عن أحمد بن إدریس عن أحمد بن محمد عن علی عن عبد اللّٰه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن قول اللّٰه عز و جل وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ قال هو ما فرض اللّٰه علیهن من الصلاة و الزكاة و ما أمرهن به من خیر(3).
و فی القاموس خمش وجهه یخمشه و یخمشه خدشه و لطمه و ضربه و قطع عضوا
ص: 77
منه و فی النهایة الویل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و كل من وقع فی هلكة دعا بالویل و معنی النداء منه یا ویلی و یا حزنی و یا عذابی احضر فهذا وقتك و أوانك.
«12»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَیَّارٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِینَ (1) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَی الدُّنْیَا حَسَرَاتٍ وَ مَنْ رَمَی بِبَصَرِهِ إِلَی مَا فِی یَدَیْ غَیْرِهِ كَثُرَ هَمُّهُ وَ لَمْ یُشْفَ غَیْظُهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَلَیْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَقَدْ قَصَرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ عَلَی اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ شَكَا مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَهُوَ مِمَّنْ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ مَنْ أَتَی ذَا مَیْسَرَةٍ فَتَخَشَّعَ لَهُ طَلَبَ مَا فِی یَدَیْهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ ثُمَّ قَالَ وَ لَا تَعْجَلْ وَ لَیْسَ یَكُونُ الرَّجُلُ یَنَالُ مِنَ الرَّجُلِ الْمِرْفَقَ فَیُجِلُّهُ وَ یُوَقِّرُهُ فَقَدْ یَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَیْهِ وَ لَكِنْ یُرِیهُ أَنَّهُ یُرِیدُ بِتَخَشُّعِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَ یُرِیدُ أَنْ یَخْتِلَهُ عَمَّا فِی یَدَیْهِ (2).
بیان: قال فی النهایة فی الحدیث من لم یتعز بعزاء اللّٰه فلیس منا قیل أراد بالتعزی التأسی و التصبر عند المصیبة و أن یقول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كما أمر اللّٰه تعالی و معنی قوله بعزاء اللّٰه أی بتعزیة اللّٰه إیاه فأقام الاسم مقام المصدر قوله علیه السلام و لا تعجل أی لا تبادر فی هذا الحكم الذی ذكرت لك بأن تحكم علی كل من یتواضع لغنی أنه كذلك فإنه إذا نال الرجل من غیره رفقا و لطفا ثم یجله و یوقره قضاء لحق النعمة فلا یجب ذلك أی ما ذكرت لك من ذهاب ثلثی دینه له أی لذلك الفعل علیه أی علی ذلك الموقر و یحتمل أن
ص: 78
یكون فی الكلام تقدیر أی داخلا فیه فقوله فقد یجب تعلیل له و ضمیر له راجع إلی الموقر علی المجهول.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله و لكن یریه أی و لكن یدخل فی ذلك من یری غیره أنه أراد بتخشعه أجر الآخرة و غرضه أن یخدعه و یأخذ ما فی یدیه فهذا الذی یذهب ثلثا دینه و قال الجوهری ختله و خاتله خادعه.
«13»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّنَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا أَدْرِی أَیُّهُمْ أَعْظَمُ جُرْماً الَّذِی یَمْشِی خَلْفَ جَنَازَةٍ فِی مُصِیبَةِ غَیْرِهِ بِغَیْرِ رِدَاءٍ أَوِ الَّذِی یَضْرِبُ یَدَهُ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ أَوِ الَّذِی یَقُولُ ارْفُقُوا بِهِ وَ تَرَحَّمُوا عَلَیْهِ یَرْحَمْكُمُ اللَّهُ (1).
«14»- وَ مِنْهُ،: فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ لَیْسَ عَلَی النِّسَاءِ جُمُعَةٌ وَ لَا جَمَاعَةٌ وَ لَا عِیَادَةُ مَرِیضٍ وَ لَا اتِّبَاعُ جَنَازَةٍ وَ لَا تُقِیمُ عِنْدَ قَبْرٍ تَمَامَ الْخَبَرِ(2).
«15»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ عَزَّی مُصَاباً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْمُصَابِ شَیْ ءٌ(3).
ثواب الأعمال، عن محمد بن موسی بن المتوكل عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی عن أبیه عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد الصادق عن أبیه عن آبائه علیهم السلام: مثله (4).
«16»- فِقْهُ الرِّضَا علیه السلام: إِیَّاكَ أَنْ تَقُولَ ارْفُقُوا بِهِ وَ تَرَحَّمُوا عَلَیْهِ أَوْ تَضْرِبَ
ص: 79
یَدَكَ عَلَی فَخِذِكَ فَإِنَّهُ یُحْبِطُ أَجْرَكَ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ(1)
وَ قَالَ علیه السلام بَعْدَ ذِكْرِ سُنَنِ الدَّفْنِ وَ عَزِّ وَلِیَّهُ فَإِنَّهُ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ مَنْ عَزَّی أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كُسِیَ فِی الْمَوْقِفِ حُلَّةً(2) وَ السُّنَّةُ فِی أَهْلِ الْمُصِیبَةِ أَنْ یُتَّخَذَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ طَعَامٌ لِشُغُلِهِمْ فِی الْمُصِیبَةِ(3) وَ إِنْ كَانَ الْمُعَزَّی یَتِیماً فَامْسَحْ یَدَكَ عَلَی رَأْسِهِ فَقَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنْ مَسَحَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِ یَتِیمٍ تَرَحُّماً لَهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَیْهِ یَدُهُ حَسَنَةً(4)
وَ إِنْ وَجَدْتَهُ بَاكِیاً فَسَكِّتْهُ بِلُطْفٍ وَ رِفْقٍ فَإِنَّهُ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّهُ إِذَا بَكَی الْیَتِیمُ اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ فَیَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ مَنْ هَذَا الَّذِی أَبْكَی عَبْدِیَ الَّذِی سَلَبْتُهُ أَبَوَیْهِ فِی صِغَرِهِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ ارْتِفَاعِی فِی مَكَانِی- لَا أَسْكَتَهُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ إِلَّا أَوْجَبْتُ لَهُ الْجَنَّةَ(5).
«17»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ مُوسَی النَّخَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ عَزَّی رَجُلًا بِابْنٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ اللَّهُ خَیْرٌ لِابْنِكَ مِنْكَ وَ ثَوَابُ اللَّهِ خَیْرٌ لَكَ مِنْهُ فَلَمَّا بَلَغَهُ جَزَعُهُ عَلَیْهِ عَادَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا لَكَ بِهِ أُسْوَةٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ كَانَ مُرَاهِقاً فَقَالَ إِنَّ أَمَامَهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَنْ یَفُوتَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (6).
توضیح: بابن له أی بسبب فقد ابنه قوله علیه السلام اللّٰه خیر لابنك منك أقول لما كان الغالب أن الحزن علی الأولاد یكون لتوهم أمرین باطلین أحدهما أنه علی تقدیر وجود الولد یصل النفع من الوالد إلیه أو أن هذه النشأة
ص: 80
خیر له من النشأة الأخری و الحیاة خیر له من الموت فأزال علیه السلام وهمه بأن اللّٰه سبحانه و رحمته خیر لابنك منك و مما تتوهم من نفع توصله إلیه علی تقدیر الحیاة و الموت مع رحمة اللّٰه خیر من الحیاة و ثانیهما توقع النفع منه مع حیاته أو الاستیناس به فأبطل علیه السلام ذلك بأن ما عوضك اللّٰه تعالی من الثواب علی فقده خیر لك من كل نفع توهمته أو قدرته فی حیاته.
قوله فعاد إلیه یفهم منه استحباب تكرار التعزیة مع بقاء الجزع.
قوله علیه السلام فما لك به أسوة قال فی القاموس الأسوة و تضم القدوة و ما یأتسی به الحزین و الجمع أسی و یضم و أساه تأسیة فتأسی عزاه فتعزی و فی النهایة الأسوة بكسر الهمزة و ضمها القدوة إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام یحتمل وجهین الأول أن یكون المراد بالأسوة القدوة و المعنی أنك تتأسی به و لا بد لك من التأسی به فی الموت فلأی شی ء تجزع إذ بعد الموت تجتمع مع ابنك و الحاصل أنه لو كان لأحد بقاء فی الدنیا كان ذلك لأشرف الخلق فإذا لم یخلد هو فی الدنیا فكیف تطمع أنت فی البقاء و مع تیقن الموت لا ینبغی الجزع لما ذكر أو أنه ینبغی لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك و لا تحزن علی فقد غیرك.
الثانی أن یكون المراد بالأسوة ما یأتسی به الحزین أی ینبغی أن یحصل لك به و بسبب مصیبته و تذكرها تأس و تعز عن كل مصیبة لأنه من أعظم المصائب و تذكر عظام المصائب یهون صغارها كما مر و قیل أراد أنك من أهل التأسی به صلی اللّٰه علیه و آله و من أمته فینبغی أن تكون مصیبتك بفقده أعظم و ما ذكرنا أظهر.
قوله إنه كان مراهقا فی بعض النسخ مرهقا كما فی الكافی فهو علی بناء المجهول من باب التفعیل أو من الإفعال علی البناءین قال فی النهایة الرهق السفه و غشیان المحارم و فیه فلان مرهق أی متهم بسوء و سفه و یروی مرهق أی ذو رهق و فی القاموس الرهق محركة السفه و النوك و الخفة و
ص: 81
ركوب الشر و الظلم و غشیان المحارم و المرهق كمكرم من أدرك و كمعظم الموصف بالرهق أو من یظن به السوء انتهی.
فالمراد أن حزنی لیس بسبب فقده بل بسبب أنه كان یغشی المحارم و أخاف أن یكون معذبا فعزاه علیه السلام بذكر وسائل النجاة و أسباب الرجاء و أما علی نسخة المراهق فهو من قولهم راهق الغلام أی قارب الحلم فإما أن یكون أطلق المراهق علی المدرك مجازا أو توهم أن المراهق أیضا معذب و الحاصل أنه خرج من حد الصغر و أخاف أن یكون مأخوذا بأعماله و الأول أصوب.
«18»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاطِمَةَ علیها السلام أَنْ تَتَّخِذَ طَعَاماً لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ وَ تَأْتِیَهَا [وَ] نِسَاءَهَا فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ مِنْ أَنْ یُصْنَعَ لِأَهْلِ الْمَیِّتِ طَعَامٌ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (1).
«19»- الْمَحَاسِنُ (2)، عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُصْنَعُ لِلْمَیِّتِ الطَّعَامُ لِلْمَأْتَمِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ بِیَوْمٍ مَاتَ فِیهِ (3).
«20»- وَ مِنْهُ (4)، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَنْبَغِی لِصَاحِبِ الْجَنَازَةِ أَنْ یُلْقِیَ رِدَاءَهُ حَتَّی یُعْرَفَ وَ یَنْبَغِی لِجِیرَانِهِ أَنْ یُطْعِمُوا عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (5).
ص: 82
«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاطِمَةَ علیها السلام أَنْ تَتَّخِذَ طَعَاماً لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ تَأْتِیَهَا وَ تُسَلِّیَهَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ أَنْ یُصْنَعَ لِأَهْلِ الْمُصِیبَةِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ طَعَامٌ (1).
«22»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَأْتِیَ فَاطِمَةُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَیْسٍ هِیَ وَ نِسَاؤُهَا وَ تُقِیمَ عِنْدَهَا ثَلَاثاً وَ تَصْنَعَ لَهَا طَعَاماً ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (2).
«23»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِی علیه السلام عَنِ الْمَأْتَمِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِ قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام دَخَلَ عَلَی أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ امْرَأَةِ جَعْفَرٍ فَقَالَ أَیْنَ بَنِیَّ فَدَعَتْ بِهِمْ وَ هُمْ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ اللَّهِ وَ عَوْنٌ وَ مُحَمَّدٌ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رُءُوسَهُمْ فَقَالَتْ إِنَّكَ تَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَیْتَامٌ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عَقْلِهَا فَقَالَ یَا أَسْمَاءُ أَ لَمْ تَعَلَمِی أَنَّ جَعْفَراً رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ اسْتُشْهِدَ فَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَبْكِی فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (3) [جَبْرَئِیلَ] أَخْبَرَنِی أَنَّ لَهُ جَنَاحَیْنِ فِی الْجَنَّةِ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ جَمَعْتَ النَّاسَ وَ أَخْبَرْتَهُمْ بِفَضْلِ جَعْفَرٍ لَا یُنْسَی فَضْلُهُ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عَقْلِهَا ثُمَّ قَالَ ابْعَثُوا إِلَی أَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً فَجَرَتِ السُّنَّةُ(4).
و منه عن أبیه عن حماد بن عیسی عن مرازم قال سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام: و ذكر مثله بتغییر ما و قد مر فی أحواله رضی اللّٰه عنه (5).
ص: 83
«24»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَبِسَ نِسَاءُ بَنِی هَاشِمٍ السَّوَادَ وَ الْمُسُوحَ وَ كُنَّ لَا یَشْتَكِینَ مِنْ حَرٍّ وَ لَا بَرْدٍ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَعْمَلُ لَهُنَّ الطَّعَامَ لِلْمَأْتَمِ (1).
بیان: المسوح بالضم جمع المسح بالكسر و هو البلاس و كن لا یشتكین أی لا یشكون و لا یبالین لشدة المصیبة من إصابة الحر و البرد.
«25»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ ظَرِیفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: مَاتَتِ ابْنَةٌ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَنَاحَ عَلَیْهَا سَنَةً ثُمَّ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ فَنَاحَ عَلَیْهِ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ إِسْمَاعِیلُ فَجَزِعَ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً فَقَطَعَ النَّوْحَ فَقِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ یُنَاحُ فِی دَارِكَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَمَّا مَاتَ حَمْزَةُ لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِیَ لَهُ (2).
«26»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، لِلشَّهِیدِ الثَّانِی: أَنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام نَاحَتْ عَلَی أَبِیهَا وَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِالنَّوْحِ عَلَی حَمْزَةَ(3).
وَ مِنْهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عَظُمَتْ عِنْدَهُ مُصِیبَةٌ فَلْیَذْكُرْ مُصِیبَتَهُ بِی فَإِنَّهَا سَتَهُونُ عَلَیْهِ (4).
وَ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ فِی مَرَضِ مَوْتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ أَیُّمَا عَبْدٍ مِنْ أُمَّتِی أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ مِنْ بَعْدِی فَلْیَتَعَزَّ بِمُصِیبَتِهِ بِی عَنِ الْمُصِیبَةِ الَّتِی تُصِیبُهُ بَعْدِی فَإِنَّ أَحَداً مِنْ أُمَّتِی لَنْ یُصَابَ بِمُصِیبَةٍ بَعْدِی أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ مُصِیبَتِی (5).
«27»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَنْزِلُ الصَّبْرُ
ص: 84
عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ وَ مَنْ ضَرَبَ یَدَهُ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِیبَتِهِ حَبِطَ أَجْرُهُ (1).
بیان: رُوِیَ فِی الْكَافِی بِسَنَدٍ فِیهِ (2) ضَعْفٌ عَلَی الْمَشْهُورِ بِالسَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: ضَرْبُ الْمُسْلِمِ یَدَهُ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ إِحْبَاطٌ لِأَجْرِهِ.
و روی بسند آخر فیه أیضا ضعف (3) عن أبی الحسن الأول علیه السلام: مثله و ظاهرها الحرمة و یمكن حملها علی الكراهة كما هو ظاهر أكثر الأصحاب و الأحوط الترك و یدل علی الإحباط فی الجملة.
«28»- كَشْفُ الْغُمَّةِ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِی جَنَازَةِ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ قَمِیصُهُ مَشْقُوقٌ فَكَتَبَ إِلَیْهِ ابْنُ عَوْنٍ مَنْ رَأَیْتَ أَوْ بَلَغَكَ مِنَ الْأَئِمَّةِ شَقَّ قَمِیصَهُ فِی مِثْلِ هَذَا فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام یَا أَحْمَقُ مَا یُدْرِیكَ مَا هَذَا قَدْ شَقَّ مُوسَی عَلَی هَارُونَ (4).
«29»- إِخْتِیَارُ الرِّجَالِ، لِلْكَشِّیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ كُلْثُومٍ السَّرَخْسِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ وَ غَیْرِهِ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَبُو عَوْنٍ الْأَبْرَشُ قَرَابَةُ نَجَاحِ بْنِ سَلَمَةَ(5).
«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْخَضِیبِ الْأَنْبَارِیِّ قَالَ: كَتَبَ أَبُو عَوْنٍ الْأَبْرَشُ قَرَابَةُ نَجَاحِ بْنِ سَلَمَةَ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَوْهَنُوا مِنْ شَقِّكَ ثَوْبَكَ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ یَا أَحْمَقُ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ قَدْ شَقَّ مُوسَی عَلَی هَارُونَ عَلَی نَبِیِّنَا وَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ إِنَّ مِنَ
ص: 85
النَّاسِ مَنْ یُولَدُ مُؤْمِناً وَ یَحْیَا مُؤْمِناً وَ یَمُوتُ مُؤْمِناً وَ مِنْهُمْ مَنْ یُولَدُ كَافِراً وَ یَحْیَا كَافِراً وَ یَمُوتُ كَافِراً وَ مِنْهُمْ مَنْ یُولَدُ مُؤْمِناً وَ یَحْیَا مُؤْمِناً وَ یَمُوتُ كَافِراً وَ إِنَّكَ لَا تَمُوتُ حَتَّی تَكْفُرَ وَ یُغَیَّرَ عَقْلُكَ فَمَا مَاتَ حَتَّی حَجَبَهُ وَلَدُهُ عَنِ النَّاسِ وَ حَبَسُوهُ فِی مَنْزِلِهِ مِنْ ذَهَابِ الْعَقْلِ وَ الْوَسْوَسَةِ وَ كَثْرَةِ التَّخْلِیطِ وَ یَرُدُّ عَلَی أَهْلِ الْإِمَامَةِ وَ انْتَكَثَ عَمَّا كَانَ عَلَیْهِ (1).
«31»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الْكُوفَةَ قَادِماً مِنْ صِفِّینَ مَرَّ بِالشِّبَامِیِّینَ فَسَمِعَ بُكَاءَ النَّاسِ عَلَی قَتْلَی صِفِّینَ فَقَالَ لِشُرَحْبِیلَ الشِّبَامِیِّ أَ تَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ عَلَی مَا أَسْمَعُ أَ لَا تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الرَّنِینِ (2).
بیان: فی القاموس الشبام كسحاب و كتاب موضع بالشام و جبل لهمدان بالیمن و بلد لحمیر تحت جبل كوكبان و بلد حبیب عند ذمرمر و بلد فی حضرموت انتهی و لعل النهی عن الرنین فی تلك الواقعة كان أشد لأنه كان یصیر سببا لخذلانهم و تركهم الجهاد.
«32»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ إِسْمَاعِیلَ بْنَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْوَفَاةُ جَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً فَلَمَّا أَنْ أَغْمَضَهُ دَعَا بِقَمِیصٍ غَسِیلٍ أَوْ جَدِیدٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ تَسَرَّحَ وَ خَرَجَ یَأْمُرُ وَ یَنْهَی قَالَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ ظَنَنَّا أَنْ لَا نَنْتَفِعَ بِكَ زَمَاناً لِمَا رَأَیْنَا مِنْ جَزَعِكَ قَالَ علیه السلام إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ نَجْزَعُ مَا لَمْ تَنْزِلِ الْمُصِیبَةُ وَ إِذَا نَزَلَتْ صَبَرْنَا(3).
«33»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْبَحْرَانِیِّ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْبَكَّاءُونَ خَمْسَةٌ آدَمُ
ص: 86
وَ یَعْقُوبُ وَ یُوسُفُ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهم السلام فَأَمَّا آدَمُ فَبَكَی عَلَی الْجَنَّةِ حَتَّی صَارَ فِی خَدَّیْهِ أَمْثَالُ الْأَوْدِیَةِ وَ أَمَّا یَعْقُوبُ فَبَكَی عَلَی یُوسُفَ حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ حَتَّی قِیلَ لَهُ تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوسُفَ حَتَّی تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِینَ وَ أَمَّا یُوسُفُ فَبَكَی عَلَی یَعْقُوبَ حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تَبْكِیَ اللَّیْلَ وَ تَسْكُتَ بِالنَّهَارِ وَ إِمَّا أَنْ تَبْكِیَ النَّهَارَ وَ تَسْكُتَ بِاللَّیْلِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ أَمَّا فَاطِمَةُ فَبَكَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی تَأَذَّی بِهَا أَهْلُ الْمَدِینَةِ فَقَالُوا لَهَا قَدْ آذَیْتِنَا بِكَثْرَةِ بُكَائِكِ وَ كَانَتْ تَخْرُجُ إِلَی مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ فَتَبْكِی حَتَّی تَقْضِیَ حَاجَتَهَا ثُمَّ تَنْصَرِفُ وَ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَبَكَی عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام عِشْرِینَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِینَ سَنَةً مَا وُضِعَ بَیْنَ یَدَیْهِ طَعَامٌ إِلَّا بَكَی حَتَّی قَالَ لَهُ مَوْلًی لَهُ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِینَ قَالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ إِنِّی لَمْ أَذْكُرْ مَصْرَعَ بَنِی فَاطِمَةَ إِلَّا خَنَقَتْنِی لِذَلِكَ عَبْرَةٌ(1).
مجالس الصدوق، عن الحسین بن أحمد بن إدریس عن أبیه عن أحمد بن محمد بن عیسی عن العباس بن معروف: مثله (2) و قد مضی أمثال ذلك فی أبواب شهادته علیه السلام.
«34»- إِخْتِیَارُ الرِّجَالِ، لِلْكَشِّیِّ عَنْ حَمْدَوَیْهِ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَیْ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْعَطَّارِ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ: ذَكَرْتُ أَبَا الْخَطَّابِ وَ مَقْتَلَهُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فَرَقَقْتُ عِنْدَ ذَلِكَ فَبَكَیْتُ فَقَالَ أَ تَأْسَی عَلَیْهِمْ فَقُلْتُ لَا وَ لَكِنْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَتَلَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ فَأَصْبَحَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام یَبْكُونَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تَأْسَوْنَ عَلَیْهِمْ فَقَالُوا لَا إِنَّا ذَكَرْنَا الْأُلْفَةَ الَّتِی
ص: 87
كُنَّا عَلَیْهَا وَ الْبَلِیَّةَ الَّتِی أَوْقَعَتْهُمْ فَلِذَلِكَ رَقَقْنَا عَلَیْهِمْ قَالَ لَا بَأْسَ (1).
«35»- فَلَاحُ السَّائِلِ، رَوَی غِیَاثُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی كِتَابِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: التَّعْزِیَةُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ قَبْلَ أَنْ یُدْفَنَ وَ بَعْدَ مَا یُدْفَنُ (2).
وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی التَّعْزِیَةِ مَا مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ هَذَا الْمَیِّتُ قَدْ قَرَّبَكَ مَوْتُهُ مِنْ رَبِّكَ أَوْ بَاعَدَكَ عَنْ ذَنْبِكَ فَهَذِهِ لَیْسَتْ مُصِیبَةً وَ لَكِنَّهَا لَكَ رَحْمَةٌ وَ عَلَیْكَ نِعْمَةٌ وَ إِنْ كَانَ مَا وَعَظَكَ وَ لَا بَاعَدَكَ عَنْ ذَنْبِكَ وَ لَا قَرَّبَكَ مِنْ رَبِّكَ فَمُصِیبَتُكَ بِقَسَاوَةِ قَلْبِكَ أَعْظَمُ مِنْ مُصِیبَتِكَ بِمَیِّتِكَ إِنْ كُنْتَ عَارِفاً بِرَبِّكَ (3).
«36»- وَ مِنْهُ، عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: یُصْنَعُ لِلْمَیِّتِ مَأْتَمٌ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنْ یَوْمَ مَاتَ (4).
«37»- أَعْلَامُ الدِّینِ، لِلدَّیْلَمِیِّ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یُعَزِّی قَوْماً عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ بِهِ یَأْخُذُ الْحَازِمُ وَ إِلَیْهِ یَرْجِعُ الْجَازِعُ.
وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ قَدْ عَزَّاهُ بِمَوْتِ وَلَدِهِ التَّهْنِئَةُ بِآجِلِ الثَّوَابِ أَوْلَی مِنَ التَّعْزِیَةِ عَلَی عَاجِلِ الْمُصِیبَةِ.
38 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ.
وَ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام: الْمُصِیبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ.
«39»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوْحِ عَلَی الْمَیِّتِ أَ یَصْلُحُ قَالَ یُكْرَهُ (5).
«40»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ التَّعْزِیَةَ تُورِثُ الْجَنَّةَ وَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَیْهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ فَقَالَ علیه السلام مَا لِی
ص: 88
أَرَاكَ حَزِیناً فَقَالَ كَانَ لِیَ ابْنٌ قُرَّةُ عَیْنٍ فَمَاتَ فَتَمَثَّلَ علیه السلام:
عَطِیَّتُهُ إِذَا أَعْطَی سُرُورٌ***وَ إِنْ أَخَذَ الَّذِی أَعْطَی أَثَابَا
فَأَیُّ النِّعْمَتَیْنِ أَعَمُّ شُكْراً***وَ أَجْزَلُ فِی عَوَاقِبِهَا إِیَاباً
أَ نِعْمَتُهُ الَّتِی أَبْدَتْ سُرُوراً***أَمِ الْأُخْرَی الَّتِی ادَّخَرَتْ ثَوَاباً
وَ قَالَ علیه السلام إِذَا أَصَابَكَ مِنْ هَذَا شَیْ ءٌ فَأَفِضْ مِنْ دُمُوعِكَ فَإِنَّهَا تُسَكِّنُ.
«41»- كِتَابُ الصِّفِّینِ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ الْفَائِشِیِّ قَالَ: لَمَّا مَرَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِالثَّوْرِیِّینَ سَمِعَ الْبُكَاءَ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ قِیلَ هَذَا الْبُكَاءُ عَلَی مَنْ قُتِلَ بِصِفِّینَ قَالَ أَمَا إِنِّی شَهِیدٌ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ صَابِراً مُحْتَسِباً لِلشَّهَادَةِ ثُمَّ مَرَّ بِالْفَائِشِیِّینَ فَسَمِعَ الْأَصْوَاتَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَرَّ بِالشِّبَامِیِّینَ فَسَمِعَ رَنَّةً شَدِیدَةً وَ صَوْتاً مُرْتَفِعاً عَالِیاً فَخَرَجَ إِلَیْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِیلَ الشِّبَامِیُّ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ أَ لَا تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الصِّیَاحِ وَ الرَّنِینِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كَانَتْ دَاراً أَوْ دَارَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً قَدَرْنَا عَلَی ذَلِكَ وَ لَكِنْ مِنْ هَذَا الْحَیِّ ثَمَانُونَ وَ مِائَةُ قَتِیلٍ فَلَیْسَ مِنْ دَارٍ إِلَّا وَ فِیهَا بُكَاءٌ أَمَّا نَحْنُ مَعَاشِرَ الرِّجَالِ فَإِنَّا لَا نَبْكِی وَ لَكِنْ نَفْرَحُ لَهُمْ بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ قَتْلَاكُمْ وَ مَوْتَاكُمْ.
«42»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، لِلشَّهِیدِ الثَّانِی عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: أَشَدُّ الْجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالْوَیْلِ وَ الْعَوِیلِ وَ لَطْمُ الْوَجْهِ وَ الصَّدْرِ وَ جَزُّ الشَّعْرِ وَ مَنْ أَقَامَ النُّوَاحَةَ فَقَدْ تَرَكَ الصَّبْرَ وَ أَخَذَ فِی غَیْرِ طَرِیقِهِ وَ مَنْ صَبَرَ وَ اسْتَرْجَعَ وَ حَمِدَ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ فَقَدْ رَضِیَ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ وَ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ جَرَی عَلَیْهِ الْقَضَاءُ وَ هُوَ ذَمِیمٌ وَ أَحْبَطَ اللَّهُ أَجْرَهُ.
بیان: فی القاموس الصرخة الصیحة الشدیدة و كغراب الصوت أو شدیدة و قال أعول رفع صوته بالبكاء و الصیاح كعول و الاسم العول و العولة و العویل و قال اللطم ضرب الخد و صفحة الجسد بالكف مفتوحة انتهی.
ص: 89
ثم اعلم أن هذا الخبر و أمثاله تدل علی أن هذه الأمور خلاف طریقة الصابرین فهی مكروهة و لا تدل علی الحرمة و أما ذم إقامة النواحة فهو إما محمول علی ما إذا اشتملت علی تلك الأمور المرجوحة أو علی أنها تنافی الصبر الكامل فلا ینافی ما یدل علی الجواز.
قوله علیه السلام و وقع قال البیضاوی الوقوع و الوجوب متقاربان و المعنی ثبت أجره عند اللّٰه ثبوت الأمر الواجب و فی القاموس ذمه ذما و مذمة فهو مذموم و ذمیم.
«43»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: یَا إِسْحَاقُ لَا تَعُدَّنَّ مُصِیبَةً أُعْطِیتَ عَلَیْهَا الصَّبْرَ وَ اسْتَوْجَبْتَ عَلَیْهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الثَّوَابَ إِنَّمَا الْمُصِیبَةُ الَّتِی تَحْرُمُ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا وَ ثَوَابَهَا إِذَا لَمْ یَصْبِرْ عِنْدَ نُزُولِهَا.
وَ فِی مُنَاجَاةِ مُوسَی علیه السلام أَیْ رَبِّ أَیُّ خَلْقِكَ أَحَبُّ إِلَیْكَ قَالَ مَنْ إِذَا أَخَذْتُ حَبِیبَهُ سَالَمَنِی قَالَ فَأَیُّ خَلْقِكَ أَنْتَ عَلَیْهِ سَاخِطٌ قَالَ مَنْ یَسْتَخِیرُنِی فِی الْأَمْرِ فَإِذَا قَضَیْتُ لَهُ سَخِطَ قَضَائِی.
وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَأَتَی إِبْرَاهِیمَ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ فَوَضَعَهُ فِی حِجْرِهِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنِّی لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً وَ ذَرَفَتْ عَیْنَاهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَبْكِی أَ وَ لَمْ تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ قَالَ إِنَّمَا نَهَیْتُ عَنِ النَّوْحِ عَنْ صَوْتَیْنِ أَحْمَقَیْنِ فَاجِرَیْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نِعَمٍ لَعِبٍ وَ لَهْوٍ وَ مَزَامِیرِ شَیْطَانٍ وَ صَوْتٍ عِنْدَ مُصِیبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَ شَقِّ جُیُوبٍ وَ رَنَّةِ شَیْطَانٍ إِنَّمَا هَذِهِ رَحْمَةٌ مَنْ لَا یَرْحَمْ لَا یُرْحَمْ لَوْ لَا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَ وَعْدٌ صِدْقٌ وَ سَبِیلٌ بِاللَّهِ وَ أَنَّ آخِرَنَا سَیَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنَّا عَلَیْكَ حَزَناً أَشَدَّ مِنْ هَذَا وَ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَبْكِی الْعَیْنُ وَ یَدْمَعُ الْقَلْبُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی یَحْزَنُ الْقَلْبُ وَ تَدْمَعُ الْعَیْنُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ
ص: 90
وَ إِنَّا عَلَی إِبْرَاهِیمَ لَمَحْزُونُونَ.
وَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ یَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّاسُ انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ سَمِعَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ آیَتَانِ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ- لَا تَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَیَاتِهِ وَ إِذَا رَأَیْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَی الْمَسَاجِدِ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَبْكِی وَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ تَدْمَعُ الْعَیْنُ وَ یُفْجَعُ الْقَلْبُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ وَ اللَّهِ یَا إِبْرَاهِیمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِیمُ مَا كَانَ مِنْ حُزْنٍ فِی الْقَلْبِ أَوْ فِی الْعَیْنِ فَإِنَّمَا هُوَ رَحْمَةٌ وَ مَا كَانَ مِنْ حُزْنٍ بِاللِّسَانِ وَ بِالْیَدِ فَهُوَ مِنَ الشَّیْطَانِ.
وَ رَوَی الزُّبَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا خُرِجَ بِإِبْرَاهِیمَ خَرَجَ یَمْشِی ثُمَّ جَلَسَ عَلَی قَبْرِهِ ثُمَّ وَلَّی وَ لَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ وُضِعَ فِی الْقَبْرِ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَلَمَّا رَأَی الصَّحَابَةُ ذَلِكَ بَكَوْا حَتَّی ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْكِی وَ أَنْتَ تَنْهَی عَنِ الْبُكَاءِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله تَدْمَعُ الْعَیْنُ وَ یَوْجَعُ الْقَلْبُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ بَكَی طَوِیلًا فَلَمَّا رُفِعَ السَّرِیرُ قَالَ طُوبَاكَ یَا عُثْمَانُ لَمْ تَلْبَسْكَ الدُّنْیَا وَ لَمْ تَلْبَسْهَا.
وَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: أُتِیَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأُمَامَةَ بِنْتِ زَیْنَبَ وَ نَفْسُهَا تَتَقَعْقَعُ فِی صَدْرِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَ لِلَّهِ مَا أَعْطَی وَ كُلٌّ إِلَی أَجَلٍ مُسَمًّی وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ تَبْكِی وَ قَدْ نَهَیْتَ عَنِ الْبُكَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا هِیَ رَحْمَةٌ یَجْعَلُهَا اللَّهُ فِی قُلُوبِ عِبَادِهِ وَ إِنَّمَا یَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ.
بیان: قال فی النهایة فی الحدیث فجی ء بالصبی و نفسه تتقعقع أی تضطرب
ص: 91
و تتحرك أراد كلما صار إلی حال لم یلبث أن ینتقل إلی أخری تقربه من الموت.
«44»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ،: لَمَّا أُصِیبَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَی رَسُولُ اللَّهِ أَسْمَاءَ فَقَالَ لَهَا أَخْرِجِی لِی وُلْدَ جَعْفَرٍ فَأُخْرِجُوا إِلَیْهِ فَضَمَّهُمْ إِلَیْهِ وَ شَمَّهُمْ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أُصِیبَ جَعْفَرٌ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ أُصِیبَ الْیَوْمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَحْفَظُ حِینَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّی فَنَعَی لَهَا أَبِی وَ نَظَرْتُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَمْسَحُ عَلَی رَأْسِی وَ رَأْسِ أَخِی وَ عَیْنَاهُ تُهْرِقَانِ الدُّمُوعَ حَتَّی تَقْطُرُ لِحْیَتَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ جَعْفَراً قَدْ قَدِمَ إِلَی أَحْسَنِ الثَّوَابِ فَاخْلُفْهُ فِی ذُرِّیَّتِهِ بِأَحْسَنِ مَا خَلَفْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ فِی ذُرِّیَّتِهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَسْمَاءُ أَ لَا أُبَشِّرُكِ قَالَتْ بَلَی بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا فِی الْجَنَّةِ وَ لَمَّا انْصَرَفَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أُحُدٍ رَاجِعاً إِلَی الْمَدِینَةِ لَقِیَتْهُ خَمِیسَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فَنَعَی لَهَا النَّاسُ أَخَاهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فَاسْتَرْجَعَتْ وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ نَعَی لَهَا خَالَهَا فَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ نَعَی لَهَا زَوْجَهَا مُصْعَبَ بْنَ عُمَیْرٍ فَصَاحَتْ وَ وَلْوَلَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ مِنْهَا لَبِمَكَانٍ لِمَا رَأَی صَبْرَهَا عَلَی أَخِیهَا وَ خَالِهَا وَ صِیَاحَهَا عَلَی زَوْجِهَا ثُمَّ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی دُورٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَسَمِعَ الْبُكَاءَ وَ النَّوَائِحَ عَلَی قَتْلَاهُمْ فَذَرَفَتْ عَیْنَاهُ وَ بَكَی ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِیَ لَهُ فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ إِلَی دُورِ بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَمَرَا نِسَاءَهُمْ أَنْ یَذْهَبْنَ فَیَبْكِینَ عَلَی عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بُكَاءَهُنَّ عَلَی حَمْزَةَ خَرَجَ إِلَیْهِنَّ وَ هُنَّ عَلَی بَابِ مَسْجِدِهِ یَبْكِینَ فَقَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ارْجِعْنَ یَرْحَمُكُنَّ اللَّهُ فَقَدْ وَاسَیْتُنَّ بِأَنْفُسِكُنَّ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلَ الرَّحْمَنِ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَهُ ابْنَةً تَبْكِیهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
ص: 92
بیان: یدل علی رجحان البكاء فی المصائب لا سیما علی الأب و علی استحباب إقامة المأتم و علی رجحان طلب ما یوجب بقاء الذكر بعد الموت.
«45»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَ شَقَّ الْجُیُوبَ.
وَ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَنَ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا وَ الشَّاقَّةَ جَیْبَهَا وَ الدَّاعِیَةَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ.
وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ خَالِدٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا یُحْبِطُ الْأَجْرَ فِی الْمُصِیبَةِ قَالَ تَصْفِیقُ الرَّجُلِ بِیَمِینِهِ عَلَی شِمَالِهِ وَ الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَی مَنْ رَضِیَ فَلَهُ الرِّضَا وَ مَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَا بَرِی ءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَ صَلَقَ أَیْ حَلَقَ الشَّعْرَ وَ رَفَعَ صَوْتَهُ.
بیان: قال فی النهایة فی باب السین فیه لیس منا من سلق أو حلق سلق أی رفع صوته عند المصیبة و قیل هو أن تصك المرأة وجهها و تمرشه و الأول أصح و منه الحدیث لعن اللّٰه السالقة و الحالقة و یقال بالصاد ثم قال فی باب الصاد فیه لیس منا من صلق أو حلق الصلق الصوت الشدید یرید رفعه عند المصائب و عند الفجیعة بالموت و یدخل فیه النوح و یقال بالسین و منه الحدیث: أنا بری ء من السالقة و الحالقة.
«46»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنْ أَبِی مَالِكٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ تُقَامُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ.
وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّائِحَةَ وَ الْمُسْتَمِعَةَ ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ هَذَا النَّهْیُ مَحْمُولٌ عَلَی الْبَاطِلِ كَمَا یَظْهَرُ مِنْهَا وَ بِهِ یُجْمَعُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ.
وَ رَوَی عَمْرُو بْنُ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ قَالُوا لَا قَالَ إِنِ اسْتَغَاثَكَ أَغِثْهُ وَ إِنِ اسْتَقْرَضَكَ أَقْرِضْهُ وَ إِنِ
ص: 93
افْتَقَرَ عُدْتَ إِلَیْهِ وَ إِنْ أَصَابَهُ خَیْرٌ هَنَّأْتَهُ وَ إِنْ مَرِضَ عُدْتَهُ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ عَزَّیْتَهُ وَ إِنْ مَاتَ تَبِعْتَ جَنَازَتَهُ وَ لَا تَسْتَطِیلُ عَلَیْهِ بِالْبِنَاءِ فَتَحْجُبَ عَنْهُ الرِّیحَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ إِذَا اشْتَرَیْتَ فَاكِهَةً فَأَهْدِهَا لَهُ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرّاً وَ لَا یَخْرُجْ بِهَا وُلْدُكَ یَغِیضُ بِهَا وُلْدَهُ وَ لَا تُؤْذِهِ بِرِیحِ قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا.
وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ عَزَّی مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ.
وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَزَّی مُصَاباً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْقُصَهُ اللَّهُ مِنْ أَجْرِهِ شَیْئاً وَ مَنْ كَفَّنَ مُسْلِماً كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ وَ حَرِیرٍ وَ مَنْ حَفَرَ قَبْراً لِمُسْلِمٍ بَنَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ فِی ظِلِّهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.
وَ عَنْ جَابِرٍ أَیْضاً رَفَعَهُ: مَنْ عَزَّی حَزِیناً أَلْبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَی وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی رُوحِهِ فِی الْأَرْوَاحِ وَ سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْمُصَافَحِ فِی التَّعْزِیَةِ فَقَالَ هُوَ سَكَنٌ لِلْمُؤْمِنِ وَ مَنْ عَزَّی مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمِیرَةَ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ: مَنْ عَادَ مَرِیضاً فَلَا یَزَالُ فِی الرَّحْمَةِ حَتَّی إِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِیهَا ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا یَزَالُ یَخُوضُ فِیهَا حَتَّی یَرْجِعَ مِنْ حَیْثُ خَرَجَ وَ مَنْ عَزَّی أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ مُصِیبَتِهِ كَسَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَزَّی ثَكْلَی كُسِیَ بُرْداً فِی الْجَنَّةِ.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَزَّی أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ مُصِیبَةٍ كَسَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حُلَّةً خَضْرَاءَ یُحَبَّرُ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُحَبَّرُ بِهَا قَالَ یُغْبَطُ بِهَا.
ص: 94
وَ رُوِیَ: أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ یُعَزِّی الْحَزِینَ عَلَی الْمَصَائِبِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ قَالَ جَزَاؤُهُ أَنْ أَكْسُوَهُ رِدَاءً مِنْ أَرْدِیَةِ الْإِیمَانِ أَسْتُرُهُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَ أُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ قَالَ یَا إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ شَیَّعَ الْجَنَائِزَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ قَالَ جَزَاؤُهُ أَنْ تُشَیِّعَهُ الْمَلَائِكَةُ یَوْمَ یَمُوتُ إِلَی قَبْرِهِ وَ أَنْ أُصَلِّیَ عَلَی رُوحِهِ فِی الْأَرْوَاحِ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام سَأَلَ رَبَّهُ فَقَالَ أَیْ رَبِّ مَا جَزَاءُ مَنْ بَلَّ الدَّمْعُ وَجْهَهُ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ صَلَوَاتِی وَ رِضْوَانِی قَالَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ یُصَبِّرُ الْحَزِینَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ أَكْسُوهُ ثِیَاباً مِنَ الْإِیمَانِ یَتَبَوَّأُ بِهَا الْجَنَّةَ وَ یَتَّقِی بِهَا النَّارَ قَالَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ سَدَّدَ الْأَرْمَلَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ أُقِیمُهُ فِی ظِلِّی وَ أُدْخِلُهُ جَنَّتِی قَالَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ شَیَّعَ الْجَنَازَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ تُصَلِّی مَلَائِكَتِی عَلَی جَسَدِهِ وَ تُشَیِّعُ رُوحَهُ.
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا عَزَّی قَالَ آجَرَكُمُ اللَّهُ وَ رَحِمَكُمْ وَ إِذَا هَنَّأَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَ بَارَكَ عَلَیْكُمْ.
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ تُوُفِّیَ لِمُعَاذٍ وَلَدٌ فَاشْتَدَّ وَجْدُهُ عَلَیْهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی مُعَاذٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ أَعْظَمَ اللَّهُ (1)
لَكَ الْأَجْرَ وَ أَلْهَمَكَ الصَّبْرَ وَ رَزَقَنَا وَ إِیَّاكَ الشُّكْرَ إِنَّ أَنْفُسَنَا وَ أَهَالِیَنَا وَ أَمْوَالَنَا وَ أَوْلَادَنَا مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِیئَةِ وَ عَوَارِیهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ(2)
یُمَتَّعُ بِهَا إِلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَ یُقْبَضُ لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ(3)
ثُمَّ افْتَرَضَ عَلَیْنَا(4) الشُّكْرَ إِذَا أَعْطَانَا(5)
وَ الصَّبْرَ إِذَا
ص: 95
ابْتَلَانَا(1)
وَ قَدْ كَانَ ابْنُكَ مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِیئَةِ وَ عَوَارِیهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ مَتَّعَكَ اللَّهُ بِهِ فِی غِبْطَةٍ وَ سُرُورٍ وَ قَبَضَهُ مِنْكَ بِأَجْرٍ كَثِیرٍ مَذْخُورَ الصَّلَاةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْهُدَی إِنْ صَبَرْتَ وَ احْتَسَبْتَ فَلَا تَجْمَعَنَّ عَلَیْكَ مُصِیبَتَیْنِ فَیَحْبَطَ لَكَ أَجْرُكَ وَ تَنْدَمَ عَلَی مَا فَاتَكَ فَلَوْ
قَدِمْتَ عَلَی ثَوَابِ مُصِیبَتِكَ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُصِیبَةَ قَدْ قَصُرَتْ فِی جَنْبِ اللَّهِ عَنِ الثَّوَابِ فَتَنَجَّزْ مِنَ اللَّهِ مَوْعُودَهُ وَ لْیَذْهَبْ أَسَفُكَ عَلَی مَا هُوَ نَازِلٌ بِكَ فَكَأَنْ قَدْ وَ السَّلَامُ.
بیان: هذا من قبیل الاكتفاء ببعض الكلام أی فكان قدمت أو وصل إلیك ثواب صبرك أقول رواه فی أعلام الدین إلی قوله فلا تجمعن أن یحبط جزعك أجرك و أن تندم غدا علی ثواب مصیبتك فإنك لو قدمت علی ثوابها علمت أن المصیبة قد قصرت عنها و اعلم أن الجزع لا یرد فائتا و لا یدفع حزن قضاء فلیذهب أسفك ما هو نازل بك مكان ابنك و السلام.
«47»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ النَّبِیُّ مُسَجًّی وَ فِی الْبَیْتِ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ بَیْتِ الرَّحْمَةِ- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ الْآیَةَ(2)
إِنَّ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ خَلَفاً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَ دَرَكاً لِمَا فَاتَ فَبِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَثِقُوا وَ إِیَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ هَذَا آخِرُ وَطْئِی مِنَ الدُّنْیَا.
وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَزَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ یَسْمَعُونَ الْحِسَّ وَ لَا یَرَوْنَ الشَّخْصَ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ إِنَّ فِی اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ خَلَفاً مِنْ كُلِ
ص: 96
فَائِتٍ فَبِاللَّهِ فَثِقُوا وَ إِیَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّمَا الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ فِی الدَّلَائِلِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَحْدَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ فَبَكَوْا حَوْلَهُ وَ اجْتَمَعُوا وَ دَخَلَ رَجُلٌ أَشْهَبُ اللِّحْیَةِ وَ جَسِیمٌ صَبِیحٌ فَتُخْطِئُ رِقَابَهُمْ فَبَكَی ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ فِی اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ عِوَضاً مِنْ كُلِّ فَائْتٍ وَ خَلَفاً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ فَإِلَی اللَّهِ فَأَنِیبُوا وَ إِلَیْهِ فَارْغَبُوا وَ نَظَرُهُ إِلَیْكُمْ فِی الْبَلَاءِ فَانْظُرُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ لَمْ یُجْبَرْ وَ انْصَرَفَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَعْرِفُونَ الرَّجُلَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام نَعَمْ هَذَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْخَضِرُ علیه السلام.
بیان: مسجی أی مغطی بالثوب بعد وفاته صلی اللّٰه علیه و آله یا أهل بیت الرحمة أی أهل بیت تنزل فیه رحمات اللّٰه الخاصة الكاملة علی أهله أو أهل بیت منسوبین إلی الرحمة فإنهم رحمة اللّٰه علی العالمین و ببركتهم أفیضت الرحمة علی الأولین و الآخرین كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ أی ینزل بها الموت لا محالة كأنها ذاقنة أو ذائقة مقدمات الموت و سكراته و شدائده وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ أی تعطون جزاء أعمالكم وافیا یَوْمَ الْقِیامَةِ إن خیرا فخیرا و ثوابا و إن شرا فشرا و عقابا.
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ أی بوعد من نار جهنم و نحی عنها وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ أی نال المنیة و ظفر بالبغیة و نجا من الهلكة وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ أی و ما لذات الدنیا و زینتها و شهواتها إلا متعة متعكموها للغرور و الخداع المضمحل الذی لا حقیقة له عند الاختبار و قیل متاع الغرور القواریر و هی فی الأصل ما لا بقاء له و قیل شبهها بالمتاع الذی دلس به علی المستام و یغیر حتی یشتریه و هذا لمن آثرها علی الآخرة فأما من طلب بها الآخرة فهی له متاع بلاغ و الغرور مصدر أو جمع غار.
إن فی اللّٰه عزاء قد مر أن العزاء بمعنی الصبر و المراد به هنا ما یوجب
ص: 97
التعزیة و التسلیة أی فی ذات اللّٰه فإن اللّٰه باق لكل أحد بعد فوت كل شی ء أو فی ثواب اللّٰه سبحانه و ما أعده للصابرین و وعدهم أو فی التفكر فیها أو فی التفكر فی أن اللّٰه حكیم لا یفعل إلا الأصلح بعباده ما یوجب التصبر و التسلی و الرضا بالمصیبة.
و یحتمل أن یكون الكلام مبنیا علی التجرید كما قال فی الكشاف فی قوله تعالی رِیحٍ فِیها صِرٌّ(1) بعد ذكر وجهین الثالث أن یكون من قوله تعالی لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ(2) و من قولك إن ضیعنی فلان ففی اللّٰه كاف و كافل قال و فی الرحمن للضعفاء كاف.
و قال فی تلخیص المفتاح و فی شرحه فی عد أقسام التجرید و منها ما یكون بدخول فی المنتزع منه نحو قوله تعالی لَهُمْ فِیها دارُ الْخُلْدِ(3) أی فی جهنم و هی دار الخلد انتزع منها دارا أخری و جعلها معدة فی جهنم لأجل الكفار تهویلا لأمرها و مبالغة فی اتصافها بالشدة انتهی.
و الدرك محركة اللحاق و الوصول أی یحصل به تعالی أو بثوابه الخلف و العوض من كل هالك و تدارك ما قد فات أو الوصول إلی ما یتوهم فوته عن الإنسان من المنافع بفوات من مات.
فباللّٰه فثقوا هذا مما قدر فیه أما و الفاء دلیل علیه قال الرضی رضی اللّٰه عنه و قد یحذف أما لكثرة الاستعمال نحو قوله تعالی وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِیابَكَ فَطَهِّرْ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ(4) و هذا فَلْیَذُوقُوهُ (5) فَبِذلِكَ فَلْیَفْرَحُوا(6)
ص: 98
و إنما یطرد ذلك إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهیا و ما قبلها منصوبا به أو بمفسر به فلا یقال زید فضربت و لا زیدا فضربته بتقدیر أما و أما قولك زید فوجد فالفاء فیه زائدة.
و قال ابن هشام الفاء فی نحو بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ(1) جواب لأما مقدرة عند بعضهم و فیه إجحاف و زائدة عند الفارسی و فیه بعد و عاطفة عند غیره و الأصل تنبه فاعبد اللّٰه ثم حذف تنبه و قدم المنصوب علی الفاء إصلاحا للفظ كیلا تقع الفاء صدرا كما قال الجمیع فی الفاء فی نحو أما زیدا فاضرب إذ الأصل مهما یكن من شی ء فاضرب زیدا.
و قال الزمخشری فی قوله تعالی قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْیَفْرَحُوا(2) فحذف أحد الفعلین لدلالة المذكور علیه و الفاء داخلة لمعنی الشرط كأنه قیل إنه فرحوا بشی ء فلیخصوهما بالفرح فإنه لا مفروح به أحق منهما و یجوز أن یراد بفضل اللّٰه و برحمته فلیعتنوا فبذلك فلیفرحوا.
فإن المصاب أی لم تقع المصیبة علی من أصیب فی الدنیا بفوت مال أو حمیم و أحرز ثواب الآخرة بل المصیبة مصیبة من حرم ثواب الآخرة و إن كان له الدنیا بحذافیرها هذا آخر وطئی من الدنیا أی آخر نزولی إلی الأرض و مشیی علیها و یعارضه أخبار كثیرة و یمكن حمله علی أن المراد آخر نزولی لإنزال الوحی أو المراد به قلة النزول بعد ذلك فإن القلیل فی حكم المعدوم و قال الجوهری الحس و الحسیس الصوت الخفی و مقتضی الجمع بین الأخبار أن جبرئیل و الخضر علیهما السلام كلاهما أتیا للتعزیة.
«48»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، رُوِّینَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَاهُمْ آتٍ یَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَ لَا یَرَوْنَ شَخْصَهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما
ص: 99
تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ إِنَّ فِی اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ خَلَفاً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ فَاللَّهَ فَارْجُوا وَ إِیَّاهُ فَاعْبُدُوا وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ وَ عَلَیْكُمُ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1)
فَقِیلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام مَنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ الْمُتَكَلِّمَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ كُنَّا نَرَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام (2).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أَبُو سَلَمَةَ جَزِعَتْ عَلَیْهِ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُولِی یَا أُمَّ سَلَمَةَ- اللَّهُمَّ أَعْظِمْ أَجْرِی فِی مُصِیبَتِی وَ عَوِّضْنِی خَیْراً مِنْهُ قَالَتْ وَ أَیْنَ لِی مِثْلُ أَبِی سَلَمَةَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعَادَ عَلَیْهَا فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ فَرَدَّ عَلَیْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ فِی نَفْسِهَا أَرُدُّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَتْهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَیْهَا خَیْراً مِنْ أَبِی سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3).
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أُصِیبَ مِنْكُمْ بِمُصِیبَةٍ بَعْدِی فَلْیَذْكُرْ مُصَابَهُ بِی فَإِنَّ مُصَابَهُ بِی أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مُصَابٍ (4).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: تَعْزِیَةُ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ الَّذِی یُعَزِّیهِ اسْتِرْجَاعٌ عِنْدَهُ وَ تَذْكِرَةٌ لِلْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَهُ وَ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ قَالَ وَ كَذَلِكَ الذِّمِّیُّ إِذَا كَانَ لَكَ جَاراً فَأُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ تَقُولُ لَهُ أَیْضاً مِثْلَ ذَلِكَ وَ إِنْ عَزَّاكَ عَنْ مَیِّتٍ فَقُلْ هَدَاكَ اللَّهُ (5).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: مَاتَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی فَغَسَّلْتُهُ وَ كَفَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَنَّطَهُ وَ قَالَ لِی احْمِلْهُ یَا عَلِیُّ فَحَمَلْتُهُ حَتَّی جِئْتُ بِهِ إِلَی الْبَقِیعِ فَصَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ أَتَی الْقَبْرَ فَقَالَ لِی انْزِلْ یَا عَلِیُّ فَنَزَلْتُ وَ دَلَّاهُ عَلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَآهُ مُنْصَبّاً بَكَی علیه السلام فَبَكَی الْمُسْلِمُونَ لِبُكَائِهِ حَتَّی ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الرِّجَالِ عَلَی أَصْوَاتِ النِّسَاءِ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشَدَّ النَّهْیِ
ص: 100
وَ قَالَ تَدْمَعُ الْعَیْنُ وَ یَحْزَنُ الْقَلْبُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ وَ إِنَّا بِكَ لَمُصَابُونَ وَ إِنَّا عَلَیْكَ لَمَحْزُونُونَ ثُمَّ سَوَّی قَبْرَهُ وَ وَضَعَ یَدَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ غَمَزَهَا حَتَّی بَلَغَتِ الْكُوعَ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ خَتَمْتُكَ مِنَ الشَّیْطَانِ أَنْ یُدْخِلَكَ الْحَدِیثَ (1).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: بَكَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ مَوْتِ بَعْضِ وُلْدِهِ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْكِی وَ أَنْتَ تَنْهَانَا عَنِ الْبُكَاءِ فَقَالَ لَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ الْبُكَاءِ وَ إِنَّمَا نَهَیْتُكُمْ عَنِ النَّوْحِ وَ الْعَوِیلِ وَ إِنَّمَا هِیَ رِقَّةٌ وَ رَحْمَةٌ یَجْعَلُهَا اللَّهُ فِی قَلْبِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَ یَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ وَ إِنَّمَا یَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ(2).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَ قَالَ النَّفْسُ مُصَابَةٌ وَ الْعَیْنُ دَامِعَةٌ وَ الْعَهْدُ قَرِیبٌ فَقُولُوا مَا أَرْضَی اللَّهَ وَ لَا تَقُولُوا الْهُجْرَ(3).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ أَوْصَی عِنْدَ مَا احْتُضِرَ فَقَالَ لَا یُلْطَمَنَّ عَلَی خَدٍّ وَ لَا یُشَقَّنَّ عَلَی جَیْبٍ فَمَا مِنِ امْرَأَةٍ تَشُقُّ جَیْبَهَا إِلَّا صُدِعَ لَهَا فِی جَهَنَّمَ صَدْعٌ كُلَّمَا زَادَتْ زِیدَتْ (4).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْعَةَ عَلَی النِّسَاءِ أَنْ لَا یَنُحْنَ وَ لَا یَخْمِشْنَ وَ لَا یَقْعُدْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِی الْخَلَاءِ(5).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ أَعْمَالِ الْجَاهِلِیَّةِ- لَا یَزَالُ فِیهَا النَّاسُ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَنْسَابِ وَ النِّیَاحَةُ عَلَی الْمَوْتَی (6).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَی رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَاضِیهِ عَلَی الْأَهْوَازِ وَ إِیَّاكَ وَ النَّوْحَ عَلَی الْمَیِّتِ بِبَلَدٍ یَكُونُ لَكَ بِهِ سُلْطَانٌ (7).
وَ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ یُبْغِضُهُمَا اللَّهُ إِعْوَالٌ عِنْدَ مُصِیبَةٍ
ص: 101
وَ صَوْتٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ یَعْنِی النَّوْحَ وَ الْغِنَاءَ(1).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نِیحَ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ سَنَةً فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ ثَلَاثَ سِنِینَ مِنَ الْیَوْمِ الَّذِی أُصِیبَ فِیهِ وَ كَانَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتُونَ مُسْتَتِرِینَ مُتَقَنِّعِینَ فَیَسْتَمِعُونَ وَ یَبْكُونَ.
و قد عثرنا علی بعض الأئمة نیح علیهم و بعضهم لم ینح علیهم فمن نیح علیه منهم فلعظیم رزئه و لأن اللّٰه عز و جل لم یسو بأحد منهم أحدا من خلقه و هم أهل البكاء و النیاحة علیهم علی خلاف سائر الناس الذین لا ینبغی ذلك لهم و من لم ینح علیه منهم فلأمرین إما بوصیة منه كما ذكرنا عن جعفر بن محمد علیه السلام تواضعا لربه و استكانة إلیه و إما أن یكون الإمام بعده قد آثر الصبر علی عظیم الرزیة و تجرع غصص الحزن رجاء عظیم ثواب اللّٰه علیه فلزم الصبر و ألزمه من سواه لما یكون من الغبطة و السعادة فی عقباه لما وعد اللّٰه الصابرین علی المصائب (2).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْیُ جَعْفَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَهْلِهِ اصْنَعُوا طَعَاماً وَ احْمِلُوهُ إِلَی أَهْلِ جَعْفَرٍ مَا كَانُوا فِی شُغُلِهِمْ ذَلِكَ وَ كُلُوا مَعَهُمْ فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا یَشْغَلُهُمْ عَنْ أَنْ یَصْنَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ (3).
«49»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ (4) قَالَ الْمَعْرُوفُ أَنْ لَا یَشْقُقْنَ جَیْباً وَ لَا یَلْطِمْنَ وَجْهاً وَ لَا یَدْعُونَ وَیْلًا وَ لَا یُقِمْنَ عِنْدَ قَبْرٍ وَ لَا یُسَوِّدْنَ ثَوْباً وَ لَا یَنْشُرْنَ شَعْراً(5).
ص: 102
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ فَجَاءَ عِنْدَ تِلْكَ النِّعْمَةِ بِمِزْمَارٍ فَقَدْ كَفَرَهَا وَ مَنْ أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ فَجَاءَ عِنْدَ تِلْكَ الْمُصِیبَةِ بِنَائِحَةٍ فَقَدْ أَحْبَطَهَا(1).
«50»- شِهَابُ الْأَخْبَارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: النِّیَاحَةُ عَمَلُ الْجَاهِلِیَّةِ.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَی.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ كُنُوزِ الْبِرِّ كِتْمَانُ الْمَصَائِبِ وَ الْأَمْرَاضِ وَ الصَّدَقَةِ.
بیان: قوله عند الصدمة قال فی النهایة أی عند فورة المصیبة و شدتها و الصدم ضرب الشی ء الصلب بمثله و الصدمة المرة منه انتهی و قال الأزهری البر هو الجنة و منه قوله تعالی لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ(2) و قد جاء من وجه آخر من كنوز الجنة.
«51»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: أَمَرَنِی أَبِی یَعْنِی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنْ آتِیَ الْمُفَضَّلَ بْنَ عُمَرَ فَأُعَزِّیَهُ بِإِسْمَاعِیلَ وَ قَالَ أَقْرِئِ الْمُفَضَّلَ السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ أُصِبْنَا بِإِسْمَاعِیلَ فَصَبَرْنَا فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرْنَا إِذَا أَرَدْنَا أَمْراً وَ أَرَادَ اللَّهُ أَمْراً سَلَّمْنَا لِأَمْرِ اللَّهِ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ الطَّاهِرُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَكَتْ خَدِیجَةُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ تَجِدِیهِ قَائِماً لَكِ عَلَی بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَآكِ أَخَذَ بِیَدِكِ فَأَدْخَلَكِ أَطْهَرَهَا مَكَاناً وَ أَطْیَبَهَا قَالَتْ فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُ أَعَزُّ وَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ یَسْلُبَ عَبْداً ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَیَصْبِرُ وَ یَتَحَسَّرُ وَ یَحْمَدُ اللَّهَ ثُمَّ یُعَذِّبَهُ (4).
«52»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ
ص: 103
عَنِ النَّوْحِ فَكَرِهَهُ (1).
«53»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ یَعْرِفِ الْبَلَاءَ یَصْبِرْ عَلَیْهِ وَ مَنْ لَا یَعْرِفْهُ یُنْكِرْهُ (2).
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ یَصْبِرْ عَلَی الرَّزِیَّةِ یُغِثْهُ اللَّهُ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَبْهَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا الْجَوْهَرِیِّ عَنْ شُعَیْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الرَّنَّةِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَ نَهَی عَنِ النِّیَاحَةِ وَ الِاسْتِمَاعِ إِلَیْهَا وَ نَهَی عَنْ تَصْفِیقِ الْوَجْهِ (4).
تبیین: الرنة الصوت رن یرن رنینا صاح و المراد بتصفیق الوجه ضرب الید علیه عند المصیبة أو ضرب الماء علی الوجه عند الوضوء كما مر(5)
و الأول أظهر.
قال العلامة قدس اللّٰه روحه فی المنتهی البكاء علی المیت جائز غیر مكروه إجماعا قبل خروج الروح و بعده إلا الشافعی فإنه كره بعد الخروج.
وَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ (6) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا جَاءَتْهُ وَفَاةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَیْتَهُ كَثُرَ بُكَاؤُهُ عَلَیْهِمَا جِدّاً وَ یَقُولُ كَانَا یُحَدِّثَانِّی وَ یُؤْنِسَانِّی فَذَهَبَا جَمِیعاً
ص: 104
وَ لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1) مِنْ وَقْعَةِ أُحُدٍ إِلَی الْمَدِینَةِ سَمِعَ مِنْ كُلِّ دَارٍ قُتِلَ مِنْ أَهْلِهَا قَتِیلٌ نَوْحاً وَ بُكَاءً وَ لَمْ یَسْمَعْ مِنْ دَارِ حَمْزَةَ عَمِّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِیَ لَهُ فَآلَی أَهْلُ الْمَدِینَةِ أَنْ لَا یَنُوحُوا عَلَی مَیِّتٍ وَ لَا یَبْكُوهُ حَتَّی یَبْدَءُوا بِحَمْزَةَ فَیَنُوحُوا عَلَیْهِ وَ یَبْكُوهُ فَهُمْ إِلَی الْیَوْمِ عَلَی ذَلِكَ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ خَافَ عَلَی نَفْسِهِ مِنْ وَجْدٍ بِمُصِیبَةٍ فَلْیُفِضْ مِنْ دُمُوعِهِ فَإِنَّهُ یَسْكُنُ عَنْهُ (2).
ثم قال ره الندب لا بأس به و هو عبارة عن تعدید محاسن المیت و ما لقوه بفقده بلفظة النداء بوا مثل قولهم وا رجلاه وا كریماه وا انقطاع ظهراه وا مصیبتاه غیر أنه مكروه لأنه لم ینقل عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لا أحد من أهل البیت علیهم السلام.
و النیاحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق فجائزة إجماعا و یحرم ضرب الخدود و نتف الشعر و شق الثوب إلا فی موت الأب و الأخ فقد سوغ فیهما شق الثوب للرجل و كذا یكره الدعاء بالویل و الثبور.
وَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ (3)
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ حِینَ قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَا تَدْعِینَ بِذُلٍّ وَ لَا بِثَكَلٍ وَ لَا حَرَبٍ وَ مَا قُلْتِ فِیهِ فَقَدْ صَدَقْتِ.
وَ رَوَی (4)
قَالَ: لَمَّا قُبِضَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیُّ علیهما السلام رُئِیَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَ قَدْ شُقَّ قَمِیصُهُ مِنْ خَلْفٍ وَ قُدَّامٍ.
و قال الشهید نور اللّٰه ضریحه فی الذكری یحرم اللطم و الخدش و جز الشعر إجماعا قاله فی المبسوط لما فیه من السخط لقضاء اللّٰه و لروایة خَالِدُ بْنُ سَدِیرٍ(5)
ص: 105
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَا شَیْ ءَ فِی لَطْمِ الْخُدُودِ سِوَی الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ. و فِی صِحَاحِ الْعَامَّةِ: أَنَا بَرِی ءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَ صَلَقَ أی حلق الشعر و رفع صوته و استثنی الأصحاب إلا ابن إدریس شق الثوب علی موت الأب و الأخ لفعل العسكری علی الهادی علیهما السلام و فعل الفاطمیات علی الحسین علیه السلام وَ رَوَی فِعْلَ الْفَاطِمِیَّاتِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَدِیرٍ(1)
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: وَ سَأَلَهُ عَنْ شَقِّ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ عَلَی أَبِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَخِیهِ أَوْ عَلَی قَرِیبٍ لَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِشَقِّ الْجُیُوبِ قَدْ شَقَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَی أَخِیهِ هَارُونَ.
و لا یشق الوالد علی ولده و لا زوج علی امرأته و تشق المرأة علی زوجها و فی نهایة الفاضل یجوز شق النساء الثوب مطلقا و فی الخبر إیماء إلیه
وَ رَوَی الْحَسَنُ الصَّفَّارُ(2)
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَا یَنْبَغِی الصِّیَاحُ عَلَی الْمَیِّتِ وَ لَا شَقُّ الثِّیَابِ وَ ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ.
وَ فِی الْمَبْسُوطِ: رُوِیَ جَوَازُ تَخْرِیقِ الثَّوْبِ عَلَی الْأَبِ وَ الْأَخِ وَ لَا یَجُوزُ عَلَی غَیْرِهِمَا وَ یَجُوزُ النَّوْحُ بِالْكَلَامِ الْحَسَنِ وَ تَعْدَادُ فَضَائِلِهِ بِاعْتِمَادِ الصِّدْقِ فَإِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام فَعَلَتْهُ فِی قَوْلِهَا:
یَا أَبَتَاهْ مِن رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ***یَا أَبَتَاهْ إِلَی جَبْرَئِیلَ أَنْعَاهُ
یَا أَبَتَاهْ أَجَابَ رَبّاً دَعَاهُ
وَ رُوِیَ: أَنَّهَا صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهَا أَخَذَتْ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَتْهَا عَلَی عَیْنَیْهَا وَ أَنْشَدَتْ:
مَا ذَا عَلَی الْمُشْتَمِّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ***أَنْ لَا یَشَمَّ مَدَی الزَّمَانِ غَوَالِیَا
صُبَّتْ عَلَیَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا***صُبَّتْ عَلَی الْأَیَّامِ صِرْنَ لَیَالِیَا
و لما مر من روایة حمزة
وَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ: أَنَّ الْبَاقِرَ علیه السلام أَوْصَی أَنْ یُنْدَبَ لَهُ فِی الْمَوَاسِمِ عَشْرَ
ص: 106
سِنِینَ(1) وَ سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ أَجْرِ النَّائِحَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ قَدْ نِیحَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).
وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ: لَا بَأْسَ بِكَسْبِ النَّائِحَةِ إِذَا قَالَتْ صِدْقاً(3) وَ فِی خَبَرِ أَبِی بَصِیرٍ عَنْهُ علیه السلام: لَا بَأْسَ بِأَجْرِ النَّائِحَةِ.
وَ رَوَی حَنَانٌ عَنْهُ علیه السلام: لَا تُشَارِطُ وَ تَقْبَلُ مَا أُعْطِیَتْ (4). وَ رَوَی أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام (5): مَاتَ ابْنُ الْمُغِیرَةِ فَسَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَأْذَنَ لَهَا فِی الْمُضِیِّ إِلَی مَنَاحَتِهِ فَأَذِنَ لَهَا وَ كَانَ ابْنَ عَمِّهَا فَقَالَتْ:
أَنْعَی الْوَلِیدَ بْنَ الْوَلِیدِ***أَبَا الْوَلِیدِ فَتَی الْعَشِیرَةِ
حَامِی الْحَقِیقَةِ مَاجِداً***یَسْمُو إِلَی طَلَبِ الْوَتِیرَةِ
قَدْ كَانَ غَیْثاً لِلسِّنِینَ***وَ جَعْفَراً غَدَقاً وَ مِیرَةً
وَ فِی تَمَامِ الْحَدِیثِ فَمَا عَابَ عَلَیْهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ وَ لَا قَالَ شَیْئاً. ثم قال قدس سره یجوز الوقف علی النوائح لأنه فعل مباح فجاز صرف المال إلیه و لخبر یُونُسُ بْنُ یَعْقُوبَ (6) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قِفْ مِنْ مَالِی كَذَا وَ كَذَا لِنَوَادِبَ تَنْدُبُنِی عَشْرَ سِنِینَ بِمِنًی أَیَّامَ مِنًی.
و المراد بذلك تنبیه الناس علی فضائله و إظهارها لیقتدی بها و یعلم ما كان علیها أهل هذا البیت لیقتفی آثارهم لزوال التقیة بعد الموت. و الشیخ فی المبسوط و ابن حمزة حرما النوح و ادعی الشیخ الإجماع و الظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل علی المحرم كما قیده فی النهایة و فی التهذیب جعل كسبها مكروها بعد روایته أحادیث النوح.
ثم أول الشهید ره أحادیث المنع المرویة من طرق المخالفین بالحمل
ص: 107
علی ما كان مشتملا علی الباطل أو المحرم لأن نیاحة الجاهلیة كانت كذلك غالبا ثم قال المراثی المنظومة جائزة عندنا و قد سمع الأئمة علیهم السلام المراثی و لم ینكروها.
ثم قال روح اللّٰه روحه لا یعذب المیت بالبكاء علیه سواء كان بكاء مباحا أو محرما لقوله تعالی وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری (1)
وَ مَا فِی الْبُخَارِیِّ وَ مُسْلِمٍ فِی خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْمَیِّتَ لَیُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ. وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: إِنَّ اللَّهَ لَیَزِیدُ الْكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ.
و یُرْوَی: أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَی عُمَرَ فَقَالَ مَهْلًا یَا بُنَیَّةِ أَ لَمْ تَعْلَمِی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ الْمَیِّتَ یُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَیْهِ مؤول.
قیل و أحسنه أن أهل الجاهلیة كانوا ینوحون و یعدون جرائمه كالقتل و شن الغارات و هم یظنونها خصالا محمودة فهو یعذب بما یبكون علیه و یشكل أن الحدیث ظاهر فی المنع عن البكاء بسبب استلزامه عذاب المیت بحیث ینتفی التعذیب بسبب انتفاء البكاء قضیة للعلیة و التعذیب بجرائمه غیر منتف بكی علیه أو لا.
و قیل لأنهم كانوا یوصون بالندب و النیاحة و ذلك حمل منهم علی المعصیة و هو ذنب فإذا عمل بوصیتهم زیدوا عذابا و رد بأن ذنب المیت الحمل علی الحرام و الأمر به فلا یختلف عذابه بالامتثال و عدمه و لو كان للامتثال أثر لبقی الإشكال بحاله.
و قیل لأنهم إذا ندبوه یقال له كنت كما یقولون و رد بأن هذا توبیخ و تخویف له و هو نوع من العذاب فلیس فی هذا سوی بیان نوع التعذیب فلم یعذب بما یفعلون.
و عن عائشة رحم اللّٰه ابن عمر و اللّٰه ما كذب و لكنه أخطأ أو نسی إنما مر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بقبر یهودیة و هم یبكون علیها فقال إنهم یبكون و إنها لتعذب بجرمه. و فی هذا نسبة الراوی إلی الخطاء و هو علة من العلل المخرجة للحدیث
ص: 108
عن شرط الصحة.
و لك أن تقول إن الباء بمعنی مع أی یعذب مع بكاء أهله علیه یعنی المیت یعذب بأعماله و هم یبكون علیه فما ینفعه بكاؤهم و یكون زجرا عن البكاء لعدم نفعه و یطابق الحدیث الآخر.
توضیح: قوله لا تدعین بذل و فی بعض النسخ بویل بأن تقول وا ذلاه أو وا ویلاه أو وا ثكلاه و الثكل بالضم الموت و الهلاك و فقدان الحبیب أو الولد و یحرك و لا حرب و فی بعض النسخ و لا حزن بأن تقول وا حرباه أو وا حزناه یقال حربه أی سلبه ما معه أی هلم الذل و الویل و الثكل و الحرب فهذه أوان مجیئكن و وقت عروضكن.
قوله و ما قلت فیه فقد صدقت أی ما قلت فیه من الكمالات فأنت صادقة لأنه كان متصفا بها أو اصدقی فیما تقولین فیه و لا تقولی كذبا و الأول أظهر قوله أنعی الولید النعی خبر الموت و فی القاموس المولدة بین العرب كالولیدة و لیس فی بعض النسخ ابن الولید و فی نسخ التهذیب موجود و الفتی الشاب الكریم و یقال فلان حامی الحقیقة إذا حمی ما یحق علیه حمایته و الوتر و الوتیرة الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من قتل أو نهب أو سبی و الموتور الذی قتل له قتیل فلم یدرك بدمه و یقال سما إلی المعالی إذا تطاول إلیها و السنة القحط و الجعفر النهر الصغیر و الكبیر الواسع ضد و الماء الغدق بالتحریك الكثیر و المیرة بالكسر الطعام یمتاره الإنسان.
«54»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ الْحَافِظِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَتَبَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ یُعَزُّونَهُ عَنِ ابْنَةٍ لَهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكُمْ تُعَزُّونِّی بِفُلَانَةَ فَعِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُهَا تَسْلِیماً لِقَضَائِهِ وَ صَبْراً عَلَی بَلَائِهِ أَوْجَعَتْنَا الْمَصَائِبُ وَ فَجَعَتْنَا النَّوَائِبُ بِالْأَحِبَّةِ الْمَأْلُوفَةِ الَّتِی كَانَتْ بِنَا حَفِیَّةً وَ الْإِخْوَانِ
ص: 109
الْمُحِبِّینَ الَّذِینَ كَانَ یُسَرُّ بِهِمُ النَّاظِرُونَ وَ تَقَرُّ بِهِمُ الْعُیُونُ أَضْحَوْا قَدِ اخْتَرَمَتْهُمُ الْأَیَّامُ وَ نَزَلَ بِهِمُ الْحِمَامُ فَخَلَّفُوا الْخُلُوفَ وَ أَوْدَتْ بِهِمُ الْحُتُوفُ فَهُمْ صَرْعَی فِی عَسَاكِرِ الْمَوْتَی مُتَجَاوِرُونَ فِی غَیْرِ مَحَلَّةِ التَّجَاوُرِ وَ لَا صِلَاتٌ بَیْنَهُمْ وَ لَا تَزَاوُرٌ- لَا یَتَلَاقَوْنَ عَنْ قُرْبِ جِوَارِهِمْ أَجْسَامُهُمْ نَائِیَةٌ مِنْ أَهْلِهَا خَالِیَةٌ مِنْ أَرْبَابِهَا قَدْ أَخْشَعَهَا إِخْوَانُهَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَ دَارِهَا دَاراً وَ لَا مِثْلَ قَرَارِهَا قَرَاراً فِی بُیُوتٍ مُوحِشَةٍ وَ حُلُولٍ مُضْجِعَةٍ قَدْ صَارَتْ فِی تِلْكَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ وَ خَرَجَتْ مِنَ الدِّیَارِ الْمُونِسَةِ فَفَارَقْتُهَا مِنْ غَیْرِ قِلًی فَاسْتَوْدَعْتُهَا لِلْبِلَی وَ كَانَتْ أَمَةً مَمْلُوكَةً سَلَكَتْ سَبِیلًا مَسْلُوكَةً صَارَ إِلَیْهَا الْأَوَّلُونَ وَ سَیَصِیرُ إِلَیْهَا الْآخِرُونَ وَ السَّلَامُ (1).
بیان: فعند اللّٰه أحتسبها أی أحتسب الأجر بصبری علی مصیبتها و فجعته المصیبة أی أوجعته و كذلك التفجیع و الحفاوة المبالغة فی السؤال عن الرجل و العنایة فی أمره و اخترمهم الدهر أی اقتطعهم و استأصلهم و الحمام بالكسر قدر الموت و قال الفیروزآبادی (2) الخلف بالتحریك و السكون كل من یجی ء بعد من مضی إلا أنه بالتحریك فی الخیر و بالتسكین فی الشر و فی حدیث ابن مسعود ثم إنه تخلف من بعده خلوف هی جمع خلف.
و أودی به الموت ذهب و الحتوف بالضم جمع الحتف و هو الموت و عن فی قوله عن قرب جوارهم لعلها للتعلیل أی لا یقع منهم الملاقاة الناشئة عن قرب الجوار بل أرواحهم یتزاورون بحسب درجاتهم و كمالاتهم و قوله علیه السلام قد أخشعها كذا فی أكثر النسخ و لا یناسب المقام و فی بعضها بالجیم و الجشع الجزع لفراق الإلف و لا یبعد أن یكون تصحیف اجتنبها و الحلول بالضم جمع حال من قولهم حل بالمكان أی نزل فیه و مضجعة بضم المیم من أضجعه وضع جنبه إلی الأرض و فی أكثر النسخ مخضعة و القلی بالكسر البغض.
«55»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ
ص: 110
أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: التَّعْزِیَةُ تُورِثُ الْجَنَّةَ(1).
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ عَزَّی حَزِیناً كُسِیَ فِی الْمَوْقِفِ حُلَّةً یُحَبَّرُ بِهَا(2).
الْمُقْنِعُ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ (3)
وَ فِیهِ مَنْ عَزَّی مُؤْمِناً.
الهدایة، روی: الخبرین معا مرسلا(4): تبیین روی فی الكافی الخبر الأخیر عن علی بن إبراهیم (5) عن أبیه عن النوفلی عن السكونی عن الصادق عن آبائه علیهم السلام عن النبی صلی اللّٰه علیه. و قال فی الذكری التعزیة هی تفعلة من العزاء أی الصبر یقال عزیته أی صبرته و المراد بها طلب التسلی عن المصاب و التصبر عن الحزن و الانكسار بإسناد الأمر إلی اللّٰه و نسبته إلی عدله و حكمته و ذكر ما وعد اللّٰه علی الصبر مع الدعاء للمیت و المصاب لتسلیته عن مصیبته و هی مستحبة إجماعا و لا كراهة فیها بعد الدفن عندنا انتهی.
و فی النهایة التعزیة مستحبة قبل الدفن و بعده بلا خلاف بین العلماء فی ذلك إلا للثوری فإنه قال لا تستحب التعزیة بعد الدفن و قال فی التذكرة قال الشیخ التعزیة بعد الدفن أفضل و هو جید و قال المحقق فی المعتبر التعزیة مستحبة و أقلها أن یراه صاحب التعزیة و باستحبابها قال أهل العلم مطلقا خلافا للثوری فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما روایة إسحاق بن عمار فلیس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه یرید عند القبر بعد الدفن أو قبله و قال الشیخ بعد الدفن أفضل و هو حق انتهی.
ص: 111
و أقول: رِوَایَةُ إِسْحَاقَ هِیَ مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ وَ غَیْرُهُ (1) بِسَنَدٍ مُوَثَّقٍ وَ بِسَنَدٍ آخَرَ فِیهِ ضَعْفٌ (2) عَلَی الْمَشْهُورِ عَنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَیْسَ التَّعْزِیَةُ إِلَّا عِنْدَ الْقَبْرِ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ لَا یَحْدُثُ فِی الْمَیِّتِ حَدَثٌ فَیَسْمَعُونَ الصَّوْتَ.
وَ رُوِیَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْهُ علیه السلام (3) قَالَ: التَّعْزِیَةُ لِأَهْلِ الْمُصِیبَةِ بَعْدَ مَا یُدْفَنُ. وَ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ عَنْهُ علیه السلام (4)
قَالَ: التَّعْزِیَةُ الْوَاجِبَةُ بَعْدَ الدَّفْنِ. وَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ لَا یَقْصُرُ عَنِ الصَّحِیحِ (5) عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: رَأَیْتُ مُوسَی علیه السلام یُعَزِّی قَبْلَ الدَّفْنِ وَ بَعْدَهُ.
فظهر من تلك الأخبار أن التعزیة مستحبة قبل الدفن و بعده و أن بعده (6) أفضل و یستفاد من بعضها عدم استحباب استمرار المأتم و التعزیة و لعله محمول علی عدم تأكد استحبابها و قد مر الكلام فیه.
و قال فی القاموس الحلة بالضم إزار و رداء برد أو غیره و لا یكون حلة إلا من ثوبین أو ثوب له بطانة و قال فیه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة و الحسن و بالفتح السرور كالحبور و الحبرة و الحبر محركة و أحبره سره النعمة كالحبرة و قال تحبیر الخط و الشعر و غیرهما تحسینه و فی النهایة الحبر بالكسر و قد یفتح الجمال و الهیئة الحسنة یقال حبرت الشی ء تحبیرا إذا حسنته انتهی.
أقول: فیمكن أن یقرأ علی المجهول مشددا أی یحسن و یزین بها و مخففا أی تسیر بها.
و روی فی الذكری یحبی بها من الحبوة و هی العطاء ثم قال و روی یحبر بها أی یسر.
ص: 112
«56»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی بِهِ مُوسَی علیه السلام رَبَّهُ قَالَ یَا رَبِّ مَا لِمَنْ عَزَّی الثَّكْلَی قَالَ أُظِلُّهُ فِی ظِلِّی یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّی (1).
بیان: فی القاموس ناجاه مناجاة ساره و قال الثكل بالضم الموت و الهلاك و فقدان الحبیب أو الولد و یحرك و قد ثكله كفرح فهو ثاكل و ثكلان و هی ثاكل و ثكلانة قلیل و ثكول و ثكلی انتهی و المراد هنا المرأة التی مات ولدها أو حمیمها أو الطائفة الثكلی أعم من الرجال و النساء و الأول أظهر و لعل التخصیص لكون المرأة أشد جزعا و حزنا فی المصائب من الرجل و الإطلاق إما محمول علی الحقیقة أو المجاز.
قال فی النهایة و فی الحدیث سبعة یظلهم اللّٰه بظلة و فی حدیث آخر سبعة فی ظل العرش أی فی ظل رحمته و قال الكرمانی فی شرح صحیح البخاری سبعة فی ظله أضافه إلیه للتشریف أی ظل عرشه أو ظل طوبی أو الجنة و قال النووی فی شرح صحیح مسلم و قیل الظل عبارة عن الراحة و النعیم نحو هو فی عیش ظلیل و المراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها و سائر العالم تحت العرش و قیل أی كنه من المكاره و وهج الموقف و ظاهره أنه فی ظله من الحر و الوهج و أنفاس الخلق و هو قول الأكثر.
و یوم لا ظل إلا ظله أی حین دنت منهم الشمس و اشتد الحر و أخذهم العرق و قیل أی لا یكون من له ظل كما فی الدنیا.
أقول: و یؤید أن المراد به ظل العرش ما رواه فِی الْكَافِی (2) عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: مَنْ عَزَّی الثَّكْلَی أَظَلَّهُ اللَّهُ فِی ظِلِّ عَرْشِهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.
ص: 113
«1»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الْمِصْرِیِّ عَنْ ثُؤَابَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: تُوُفِّیَ ابْنٌ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَیْهِ حَتَّی اتَّخَذَ مِنْ دَارِهِ مَسْجِداً یَتَعَبَّدُ فِیهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَا عُثْمَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَكْتُبْ عَلَیْنَا الرَّهْبَانِیَّةَ إِنَّمَا رَهْبَانِیَّةُ أُمَّتِی الْجِهَادُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ- لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةُ أَبْوَابٍ وَ لِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ أَ فَمَا یَسُرُّكَ أَنْ لَا تَأْتِیَ بَاباً مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ ابْنَكَ إِلَی جَنْبِكَ آخِذاً بِحُجْزَتِكَ یَشْفَعُ لَكَ إِلَی رَبِّكَ قَالَ بَلَی فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَ لَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فِی فَرَطِنَا مَا لِعُثْمَانَ قَالَ نَعَمْ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمْ وَ احْتَسَبَ تَمَامَ الْخَبَرِ(1).
«2»- وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَنْ قَدَّمَ أَوْلَاداً یَحْتَسِبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ حَجَبُوهُ مِنَ النَّارِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2).
ثواب الأعمال، عن أبیه عن عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری عن أحمد بن محمد بن عیسی: مثله (3)
ص: 114
توضیح: قال فی النهایة فیه من صام شهر رمضان إیمانا و احتسابا أی طلبا لوجه اللّٰه و ثوابه و الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد و إنما قیل لمن ینوی بعمله وجه اللّٰه احتسبه لأن له حینئذ أن یعتد عمله فجعل فی حال مباشرة الفعل كأنه معتد به و الحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد و الاحتساب فی الأعمال الصالحات و عند المكروهات هو البدار إلی طلب الأجر و تحصیله بالتسلیم و الصبر أو باستعمال أنواع البر و القیام بها علی الوجه المرسوم فیها طلبا للثواب المرجو منها و منه الحدیث من مات له ولد فاحتسبه أی احتسب الأجر بصبره علی مصیبته یقال فلان احتسب ابنا له إذا مات كبیرا و افترطه إذا مات صغیرا و معناه اعتد مصیبته به فی جملة بلایا اللّٰه التی یثاب علی الصبر علیها انتهی و قال فی المغرب احتسب ولده معناه اعتد أجر مصابه فیما یدخر.
«3»- الْخِصَالُ، عَنِ الْخَلِیلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْمَخْلَدِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِی غُسَانَةَ الْمَعَافِرِیِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَثْكَلَ ثَلَاثَةً مِنْ صُلْبِهِ فَاحْتَسَبَهُمْ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ(1).
«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبُنْدَارِ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْحَمَّادِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّائِغِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَهْلٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ أَبِی سَلَّامٍ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِی سَالِمٍ رَاعِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: خَمْسٌ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِی الْمِیزَانِ- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ یُتَوَفَّی لِمُسْلِمٍ فَیَصْبِرُ وَ یَحْتَسِبُ (2).
«5»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَنْبَسَةَ السُّلَمِیِّ قَالَ:
ص: 115
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَیُّمَا رَجُلٍ قَدَّمَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ لَمْ یَبْلُغُوا الْحِنْثَ أَوِ امْرَأَةٍ قَدَّمَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فَهُمْ حُجَّابٌ یَسْتُرُونَهُ مِنَ النَّارِ(1).
«6»- و منه، بهذا الإسناد عن سیف بن عمیرة عن أشعث بن سوار عن الأحنف بن قیس عن أبی ذر الغفاری رحمة اللّٰه علیه قال: ما من مسلمین یقدمان علیهما ثلاثة أولاد لم یبلغوا الحنث إلا أدخلهم اللّٰه الجنة بفضل رحمته (2).
بیان: قال الشهید الثانی قدس سره بعد إیراد الروایتین الحنث بكسر الحاء المهملة و آخره مثلثة الإثم و الذنب و المعنی أنهم لم یبلغوا السن الذی یكتب علیهم فیه الذنوب قال الخلیل بلغ الغلام الحنث أی جری علیه القلم و فی النهایة فیه من مات له ثلاثة من الولد لم یبلغوا الحنث أی لم یبلغوا مبلغ الرجال و یجری علیهم القلم فیكتب علیهم الحنث و هو الإثم و قال الجوهری مبلغ الغلام الحنث أی المعصیة و الطاعة.
«7»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُیَسِّرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَلَدٌ وَاحِدٌ یُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِینَ وَلَداً یَبْقَوْنَ بَعْدَهُ یُدْرِكُونَ الْقَائِمَ علیه السلام (3).
«8»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَیْسَرَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَلَدٌ وَاحِدٌ یُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِینَ یَخْلُفُونَهُ مِنْ بَعْدِهِ كُلُّهُمْ قَدْ رَكِبَ الْخَیْلَ وَ قَاتَلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ.
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: ثَوَابُ الْمُؤْمِنِ مِنْ وُلْدِهِ الْجَنَّةُ صَبَرَ أَوْ لَمْ یَصْبِرْ.
وَ عَنْهُ علیه السلام: مَنْ أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ جَزِعَ عَلَیْهَا أَوْ لَمْ یَجْزَعْ صَبَرَ عَلَیْهَا أَوْ لَمْ یَصْبِرْ كَانَ ثَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ.
إیضاح: یدل علی أن الجزع لا یحبط أجر المصیبة و یمكن حمله علی ما إذا لم یقل و لم یفعل ما یسخط الرب عز و جل أو علی ما إذا صدر منه بغیر اختیاره.
ص: 116
«9»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: بَخْ بَخْ خَمْسٌ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِی الْمِیزَانِ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ یُتَوَفَّی لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فَیَحْتَسِبُهُ.
قال رحمه اللّٰه بخ بخ كلمة تقال عند المدح و الرضا بالشی ء و تكرر للمبالغة و ربما شددت و معناها تفخیم الأمر و تعظیمه و معنی یحتسبه أی یجعله حسبه و كفایة عند اللّٰه عز و جل أی یحتسبه بصبره علی مصیبته بموته و رضاه بالقضاء
وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنِّی رَأَیْتُ الْبَارِحَةَ عَجَباً فَذَكَرَ حَدِیثاً طَوِیلًا وَ فِیهِ رَأَیْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِی قَدْ خَفَّ مِیزَانُهُ فَجَاءَ أَفْرَاطُهُ فَثَقَّلُوا مِیزَانَهُ.
قال ره الفرط بفتح الفاء و الراء هو الذی لم یدرك من الأولاد الذكور و الإناث و یتقدم وفاته علی أبویه أو أحدهما یقال فرط القوم إذا تقدمهم و أصله الذی یتقدم الركب إلی الماء یهیئ لهم أسبابه.
وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ حَنِیفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَزَوَّجُوا فَإِنِّی مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّی إِنَّ السِّقْطَ لَیَظَلُّ مُحْبَنْطِئاً عَلَی بَابِ الْجَنَّةِ یُقَالُ لَهُ ادْخُلْ یَقُولُ حَتَّی یَدْخُلَ أَبَوَایَ.
قال قدس سره السقط مثلث السین و الكسر أكثر هو الذی یسقط من بطن أمه قبل تمامه و محبنطئا بالهمز و تركه هو المتغضب المستبطئ للشی ء.
بیان: قال الجزری بعد نقل الحدیث المحبنطئ بالهمز و تركه المتغضب المستبطئ للشی ء و قیل هو الممتنع امتناع طلبة لا امتناع إباء یقال احبنطأت و احبنطیت و الحبنطی القصیر البطین و النون و الهمزة و الألف و الیاء من زوائد الإلحاق.
«10»- الْمُسَكِّنُ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: النُّفَسَاءُ یَجُرُّهَا وَلَدُهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِسَرَرِهِ إِلَی الْجَنَّةِ.
قال قدس سره النفساء بضم النون و فتح الفاء المرأة إذا ولدت و السرر بفتح السین المهملة و كسرها ما تقطعه القابلة من سرة المولود التی هی موضع القطع
ص: 117
و ما بقی بعد القطع فهو السرة و كان یرید الولد الذی لم تقطع سرته.
بیان: قال فی النهایة السرر بضم السین و فتح الراء و قیل هو بفتح السین و الراء و قیل بكسر السین و منه حدیث السقط أنه یجر والدیه بسرره حتی یدخلهما الجنة(1).
«11»- الْمُسَكِّنُ، عَنْ عُبَیْدِ بْنِ عُمَیْرٍ اللَّیْثِیِّ قَالَ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ خَرَجَ وِلْدَانُ الْمُسْلِمِینَ مِنَ الْجَنَّةِ بِأَیْدِیهِمُ الشَّرَابُ قَالَ فَیَقُولُ لَهُمُ النَّاسُ اسْقُونَا اسْقُونَا فَیَقُولُونَ أَبَوَیْنَا أَبَوَیْنَا قَالَ حَتَّی السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً [عَلَی] بَابِ الْجَنَّةِ یَقُولُ لَا أَدْخُلُ حَتَّی یَدْخُلَ أَبَوَایَ.
وَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نُودِیَ فِی أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ أَنِ اخْرُجُوا مِنْ قُبُورِكُمْ فَیَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ ثُمَّ یُنَادَی فِیهِمْ أَنِ امْضُوا إِلَی الْجَنَّةِ زُمَراً فَیَقُولُونَ رَبَّنَا وَ وَالِدَیْنَا مَعَنَا ثُمَّ یُنَادَی فِیهِمُ الثَّانِیَةَ أَنِ امْضُوا إِلَی الْجَنَّةِ زُمَراً فَیَقُولُونَ رَبَّنَا وَ وَالِدَیْنَا مَعَنَا فَیَقُولُ فِی الثَّالِثَةِ وَ وَالِدَیْكُمْ مَعَكُمْ فَیَثِبُ كُلُّ طِفْلٍ إِلَی أَبَوَیْهِ فَیَأْخُذُونَ بِأَیْدِیهِمْ فَیَدْخُلُونَ بِهِمُ الْجَنَّةَ فَهُمْ أَعْرَفُ بِآبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ یَوْمَئِذٍ مِنْ أَوْلَادِكُمُ الَّذِینَ فِی بُیُوتِكُمْ.
قال رحمه اللّٰه الزمر الأفواج المتفرقة بعضها فی أثر بعض و قیل فی زمر(2) الذین اتقوا من الطبقات المختلفة الشهداء و الزهاد و العلماء و القراء و المحدثون و غیرهم.
وَ رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ یَجِی ءُ بِصَبِیٍّ لَهُ مَعَهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ مَاتَ فَاحْتَبَسَ وَالِدُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ صَبِیُّهُ الَّذِی رَأَیْتَهُ مَعَهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله هَلَّا آذَنْتُمُونِی فَقُومُوا إِلَی أَخِینَا نُعَزِّیهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ إِذَا الرَّجُلُ حَزِینٌ وَ بِهِ كَآبَةٌ فَعَزَّاهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُنْتُ أَرْجُوهُ
ص: 118
لِكِبَرِ سِنِّی وَ ضَعْفِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا یَسُرُّكَ أَنْ یَكُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِإِزَائِكَ فَیُقَالَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَیَقُولَ یَا رَبِّ وَ أَبَوَایَ فَلَا یَزَالُ یَشْفَعُ حَتَّی یُشَفِّعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیكُمْ فَیُدْخِلَكُمْ جَمِیعاً الْجَنَّةَ. قال قدس اللّٰه روحه احتبس أی تخلف عن المجی ء إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و آذنتمونی بالمد أخبرتمونی و الكآبة بالمد تغیر النفس بالانكسار من شدة الهم و الحزن و الضعف بضم المعجمة و فتحها و بإزائك أی بحذائك.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ أَ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِی فَیَقُولُونَ بِحَمْدِكَ نَعَمْ فَیَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَیَقُولُونَ نَعَمْ فَیَقُولُ مَا ذَا قَالَ عَبْدِی فَیَقُولُونَ حَمِدَكَ وَ اسْتَرْجَعَ فَیَقُولُ اللَّهُ ابْنُوا لِعَبْدِی بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ سَمُّوهُ بَیْتَ الْحَمْدِ.
بیان: روی قریبا منه فی الكافی عن علی عن أبیه عن النوفلی عن السكونی (1) عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قال فی النهایة فیه إذا مات ولد العبد قال اللّٰه لملائكته قبضتم ثمرة فؤاده فیقولون نعم قیل للولد ثمرة لأن الثمر نتیجة الشجر و الولد نتیجة الأب انتهی و أقول إضافة الثمرة إلی الفؤاد أی القلب لأنه أشرف الأعضاء و لأنه محل الحب فلما كان حبه لازقا بالقلب لا ینفك عنه فكأنه ثمرته و قال الطیبی ثمرة فؤاده أی نقاوة خلاصته فإن خلاصة الإنسان الفؤاد و الفؤاد إنما یعتد به لما هو مكان اللطیفة التی خلق لها و بها شرفه و كرامته.
«12»- الْمُسَكِّنُ، رُوِیَ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا مَرِیضٌ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ یَشْفِیَ ابْنِی هَذَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ لَكِ فَرَطٌ قَالَتْ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَوْ فِی الْإِسْلَامِ قَالَتْ بَلْ فِی الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جُنَّةٌ حَصِینَةٌ جُنَّةٌ حَصِینَةٌ.
قال رحمه اللّٰه الجنة بالضم الوقایة أی وقایة لك من النار أو من جمیع الأهوال و حصینة بمعنی فاعل أی محصنة لصاحبها و ساترة من أن یصل
ص: 119
إلیه شی ء.
وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ دَفَنَ ثَلَاثَةً فَصَبَرَ عَلَیْهِمْ وَ احْتَسَبَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَتْ أُمُّ أَیْمَنَ وَ اثْنَیْنِ فَقَالَ مَنْ دَفَنَ اثْنَیْنِ وَ صَبَرَ عَلَیْهِمَا وَ احْتَسَبَهُمَا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَتْ أُمُّ أَیْمَنَ وَ وَاحِداً فَسَكَتَ وَ أَمْسَكَ ثُمَّ قَالَ یَا أُمَّ أَیْمَنَ مَنْ دَفَنَ وَاحِداً فَصَبَرَ عَلَیْهِ وَ احْتَسَبَهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.
وَ عَنْ بُرَیْدَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَعَاهَدُ الْأَنْصَارَ وَ یَعُودُهُمْ وَ یَسْأَلُ عَنْهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ ابْنٌ لَهَا فَجَزِعَتْ عَلَیْهِ فَأَتَاهَا فَأَمَرَهَا بِتَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الصَّبْرِ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی امْرَأَةٌ رَقُوبٌ لَا أَلِدُ وَ لَمْ یَكُنْ لِی وَلَدٌ غَیْرُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الرَّقُوبُ الَّتِی یَبْقَی لَهَا وَلَدُهَا ثُمَّ قَالَ مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ لَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ یَمُوتُ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا الْجَنَّةَ فَقِیلَ لَهُ وَ اثْنَانِ فَقَالَ وَ اثْنَانِ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهَا أَ مَا تُحِبِّینَ أَنْ تَرَیِنَّهُ عَلَی بَابِ الْجَنَّةِ وَ هُوَ یَدْعُوكِ إِلَیْهَا فَقَالَتْ بَلَی قَالَ فَإِنَّهُ كَذَلِكِ.
قال رحمه اللّٰه الرقوب بفتح الراء هو الذی لا یولد له و لا یعیش ولده هذا بحسب اللغة و قد خصه النبی صلی اللّٰه علیه و آله بما ذكر.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی مَجْلِسٍ مِنْ بَنِی سَلِمَةَ فَقَالَ یَا بَنِی سَلِمَةَ مَا الرَّقُوبُ فِیكُمْ قَالُوا الَّذِی لَا یُولَدُ لَهُ قَالَ بَلْ هُوَ الَّذِی لَا فَرَطَ لَهُ قَالَ مَا الْمُعْدِمُ فِیكُمْ قَالُوا الَّذِی لَا مَالَ لَهُ قَالَ بَلْ هُوَ الَّذِی یَقْدَمُ وَ لَیْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ
وَ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: وَ دَخَلَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی امْرَأَةٍ یُعَزِّیهَا بِابْنِهَا فَقَالَ بَلَغَنِی أَنَّكِ جَزِعْتِ جَزَعاً شَدِیداً فَقَالَتْ وَ مَا یَمْنَعُنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ تَرَكَنِی عَجُوزاً رَقُوباً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَسْتِ بالرَّقُوبِ إِنَّمَا الرَّقُوبُ الَّتِی تُتَوَفَّی وَ لَیْسَ لَهَا فَرَطٌ وَ لَا یَسْتَطِیعُ النَّاسُ یَعُودُونَ عَلَیْهَا وَ مِنْ أَفْرَاطِهِمْ فَتِلْكَ الرَّقُوبُ.
إیضاح: قال الجزری فیه إنه قال ما تعدون الرقوب فیكم؟ قالوا
ص: 120
الذی لا یبقی له ولد قال بل الرقوب الذی لم یقدم من ولده شیئا الرقوب فی اللغة الرجل و المرأة إذا لم یعش لهما ولد لأنه یرقب موته و یرصده خوفا علیه فنقله صلی اللّٰه علیه و آله إلی الذی لم یقدم من الولد شیئا أی یموت قبله تعریفا أن الأجر و الثواب لمن قدم شیئا من الولد و إن الاعتداد به أكثر و النفع فیه أعظم و إن فقدهم و إن كان فی الدنیا عظیما فإن فقد الأجر و الثواب علی الصبر و التسلیم للقضاء فی الآخرة أعظم و إن المسلم ولده فی الحقیقة من قدمه و احتسبه و من لم یرزق ذلك فهو كالذی لا ولد له و لم یقله إبطالا لتفسیره اللغوی كما قال إنما المحروب من حرب دینه لیس علی أن من أخذ ماله غیر محروب.
«13»- الْمُسَكِّنُ، عَنْ قَبِیصَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِی فَإِنَّهُ لَیْسَ یَعِیشُ لِی وَلَدٌ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَمْ مَاتَ لَكَ وَلَدٌ قَالَتْ ثَلَاثَةٌ قَالَ لَقَدِ احْتَظَرْتَ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ شَدِیدٍ.
قال قدس اللّٰه لطیفه الحظار بكسر الحاء المهملة و الظاء المشالة الحظیرة تعمل للإبل من شجر لتقیها البرد و الریح و منها محظور للمحرم أی الممنوع من الدخول فیه كان علیه حظیرة تمنع من دخوله.
تأیید قال فی النهایة الحظیرة الموضع الذی یحاط علیه لیأوی إلیه الغنم و الإبل تقیها البرد و الریح و منه الحدیث: لا حمی فی الأراك فقال له رجل أراكة فی حظاری.
أراد الأرض التی فیها الزرع المحاط علیها كالحظیرة و تفتح الحاء و تكسر و منه الحدیث: أتته امرأة فقالت یا نبی اللّٰه ادع اللّٰه لی فقد دفنت ثلاثة فقال لقد احتظرت بحظار شدید من النار. و الاحتظار فعل الحظار أراد لقد احتمیت بحمی عظیم من النار یقیك حرها و یؤمنك دخولها.
«14»- الْمُسَكِّنُ، عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: مَاتَ وَلَدٌ لِدَاوُدَ علیه السلام فَحَزِنَ عَلَیْهِ حَزَناً كَثِیراً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ وَ مَا كَانَ یَعْدِلُ هَذَا الْوَلَدُ عِنْدَكَ قَالَ كَانَ یَا رَبِّ یَعْدِلُ عِنْدِی مِلْ ءَ الْأَرْضِ ذَهَباً قَالَ فَلَكَ عِنْدِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ثَوَاباً.
وَ حَكَی الشَّیْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ فِی كِتَابِ مِصْبَاحِ الظَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ:
ص: 121
أَنَّ رَجُلًا أَوْصَی بَعْضَ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ حَجَّ أَنْ یَقْرَأَ سَلَامَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَدْفِنَ رُقْعَةً مَخْتُومَةً أَعْطَاهَا لَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ الشَّرِیفِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ حَجِّهِ أَكْرَمَهُ الرَّجُلُ وَ قَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً لَقَدْ بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ فَتَعَجَّبَ الْمُبَلِّغُ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ بِتَبْلِیغِهَا قَبْلَ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَنْشَأَ یُحَدِّثُهُ قَالَ كَانَ لِی أَخٌ مَاتَ وَ تَرَكَ ابْناً صَغِیراً فَرَبَّیْتُهُ وَ أَحْسَنْتُ تَرْبِیَتَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ یَبْلُغَ الْحُلُمَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتُ لَیْلَةٍ رَأَیْتُ فِی الْمَنَامِ أَنَّ الْقِیَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَ الْحَشْرَ قَدْ وَقَعَتْ وَ النَّاسَ قَدِ اشْتَدَّ بِهِمُ الْعَطَشُ مِنْ شِدَّةِ الْجَهْدِ وَ بِیَدِ ابْنِ أَخِی مَاءٌ فَالْتَمَسْتُ أَنْ یَسْقِیَنِی فَأَبَی وَ قَالَ أَبِی أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ فَعَظُمَ عَلَیَّ ذَلِكَ وَ انْتَبَهْتُ فَزِعاً فَلَمَّا أَصْبَحْتُ تَصَدَّقْتُ بِجُمْلَةِ دَنَانِیرِی وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی وَلَداً ذَكَراً فَرَزَقَنِیهِ وَ اتَّفَقَ سَفَرُكَ فَكَتَبْتُ لَكَ تِلْكَ الرُّقْعَةَ وَ مَضْمُونُهَا التَّوَسُّلُ بِالنَّبِیِّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قَبُولِهِ مِنِّی رَجَاءَ أَنْ أَجِدَهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ حُمَّ وَ مَاتَ وَ كَانَ ذَلِكَ یَوْمَ وُصُولِكَ فَعَلِمْتُ أَنَّكَ بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ.
و من كتاب النوم و الرؤیا لأبی الصقر الموصلی عن علی بن الحسین بن جعفر عن أبیه عن بعض أصحابنا ممن أثق بدینه و فهمه قال أتیت المدینة لیلا فبت فی بقیع الغرقد بین أربعة قبور عندها قبر محفور فرأیت فی منامی أربعة أطفال قد خرجوا من تلك القبور و هم یقولون:
أنعم اللّٰه بالحبیبة عینا***و بمرآك یا أمیم إلینا
عجبا ما عجبت من ضغطة القبر***و مغداك یا أمیم إلینا
فقلت إن لهذه الأبیات لشأنا و أقمت حتی طلعت الشمس فإذا جنازة قد أقبلت فقلت من هذه قالوا امرأة من المدینة فقلت اسمها أمیم قالوا نعم قلت أ قدمت فرطا قالوا أربعة أولاد فأخبرتهم الخبر.
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْمَصَائِبُ مَفَاتِیحُ الْأَجْرِ.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا وَجَّهْتُ إِلَی عَبْدٍ مِنْ عَبِیدِی مُصِیبَةً
ص: 122
فِی بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ ذَلِكَ بِصَبْرٍ جَمِیلٍ اسْتَحْیَیْتُ مِنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَنْ أَنْصِبَ لَهُ مِیزَاناً أَوْ أَنْشُرَ لَهُ دِیوَاناً.
وَ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَ كَانَ عَلَیْهِ عَزِیزاً وَ بِهِ ضَنِیناً وَ مَاتَ فَصَبَرَ عَلَی مُصِیبَتِهِ وَ احْتَسَبَهُ أَبْدَلَ اللَّهُ الْمَیِّتَ دَاراً خَیْراً مِنْ دَارِهِ وَ قَرَاراً خَیْراً مِنْ قَرَارِهِ وَ أَبْدَلَ الْمُصَابَ الصَّلَاةَ وَ الرَّحْمَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ وَ الرِّضْوَانَ.
«15»- أَعْلَامُ الدِّینِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: تَجِی ءُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِینَ عِنْدَ عَرْضِ الْخَلَائِقِ لِلْحِسَابِ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام اذْهَبْ بِهَؤُلَاءِ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَقِفُونَ عَلَی أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَ یَسْأَلُونَ عَنْ آبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ فَتَقُولُ لَهُمُ الْخَزَنَةُ آبَاؤُكُمْ وَ أُمَّهَاتُكُمْ لَیْسُوا كَأَمْثَالِكُمْ لَهُمْ ذُنُوبٌ وَ سَیِّئَاتٌ یُطَالَبُونَ بِهَا فَیَصِیحُونَ صَیْحَةً بَاكِینَ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ الصَّیْحَةُ فَیَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ هَؤُلَاءِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُونَ لَا نَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَتَّی یَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَ أُمَّهَاتُنَا فَیَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی یَا جَبْرَئِیلُ تَخَلَّلِ الْجَمْعَ وَ خُذْ بِیَدِ آبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ فَأَدْخِلْهُمْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِی.
«16»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: وَلَدٌ وَاحِدٌ یُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِینَ وَلَداً یَبْقَوْنَ بَعْدَهُ شَاكِینَ فِی السِّلَاحِ مَعَ الْقَائِمِ علیه السلام.
بیان: فی النهایة الشكة بالكسر السلاح و رجل شاك السلاح و شاك فی السلاح.
«17»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوُلْدِ فَاحْتَسَبَهُمْ حَجَبُوهُ مِنَ النَّارِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اثْنَانِ قَالَ وَ اثْنَانِ (1).
«18»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ مِهْرَانَ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَشْكُو إِلَیْهِ مُصَابَهُ بِوَلَدِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ یَخْتَارُ مِنْ مَالِ الْمُؤْمِنِ وَ مِنْ وُلْدِهِ أَنْفَسَهُ لِیَأْجُرَهُ عَلَی ذَلِكَ (2).
ص: 123
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْوَلَدُ الصَّالِحُ مِیرَاثُ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ إِذَا قَبَضَهُ (1).
بیان: الظاهر أن الضمیر فی قبضه راجع إلی المؤمنین (2) أی ما یصل إلی اللّٰه مما یخلفه المؤمن من أهله و ماله و ولده الولد الصالح لأنه ینفع لدین اللّٰه و إحیاء شریعته و یحتمل كون الضمیر راجعا إلی الولد كما فهمه الأكثر و لذا أوردناه فی هذا الباب و لا یخفی بعده إذ المیراث إنما یطلق علی ما یبقی بعد الموت و أیضا التقیید بالولد الصالح لا یناسب هذا المعنی.
ص: 124
الآیات:
البقرة: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ- الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (1)
و قال تعالی: وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ إلی قوله وَ الصَّابِرِینَ فِی الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (2)
لقمان: وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ(3)
الزمر: إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (4)
تفسیر:
وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ أی و لنصیبنكم إصابة من یختبر أحوالكم هل تصبرون علی البلاء و تستسلمون للقضاء بِشَیْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ أی بقلیل من ذلك و إنما قلله بالإضافة إلی ما وقاهم عنه لیخفف عنهم و یریهم أن رحمته لا تفارقهم أو بالنسبة إلی ما یصیب به معاندیهم فی الآخرة وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ عطف علی شی ء أو الخوف و قیل الخوف خوف اللّٰه و الجوع صوم شهر رمضان و النقص من الأموال الزكوات و الصدقات و من الأنفس الأمراض و من الثمرات موت الأولاد فإنهم ثمرات القلوب كما مر فی الخبر و التعمیم فی
ص: 125
الجمیع أولی.
وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ الخطاب للرسول صلی اللّٰه علیه و آله أو لمن یتأتی منه البشارة و المصیبة تعم ما یصیب الإنسان من مكروه أی أخبرهم بما لهم علی الصبر فی تلك المشاق و المكاره من المثوبة الجزیلة و العاقبة الجمیلة.
قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ معنی إِنَّا لِلَّهِ إقرار له بالعبودیة أی نحن عبید اللّٰه و ملكه فله التصرف فینا بالحیاة و الموت و الصحة و المرض و المالك علی الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه و اعتراض المملوك علیه من سفاهته وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إقرار بالبعث و النشور و تسلیة للنفس بأن اللّٰه تعالی عند رجوعنا إلیه یثیبنا علی ما أصابنا من المكاره و الآلام أحسن الثواب كما وعدنا و ینتقم لنا ممن ظلمنا و فیه تسلیة من جهة أخری و هی أنه إذ كان رجوعنا جمیعا إلی اللّٰه و إلی ثوابه فلا نبالی بافتراقنا بالموت و لا ضرر علی المیت أیضا فإنه ینتقل من دار إلی دار أحسن من الأولی و رجع إلی رب كریم هو مالك الدنیا و العقبی.
وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: قَوْلُنَا إِنَّا لِلَّهِ إِقْرَارٌ عَلَی أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ وَ قَوْلُنَا وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِقْرَارٌ عَلَی أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ.
و فی الحدیث: من استرجع عند المصیبة جبر اللّٰه مصیبته و أحسن عقباه و جعل له خلفا صالحا یرضاه.
و قال علیه السلام: من أصیب بمصیبة فأحدث استرجاعا و إن تقادم عهدها كتب اللّٰه له من الأجر مثله یوم أصیب (1).
و الصلاة فی الأصل الدعاء و من اللّٰه التزكیة و الثناء الجمیل و المغفرة و جمعها للتنبیه علی كثرتها و تنوعها و المراد بالرحمة اللطف و الإحسان وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ للحق و الصواب حیث استرجعوا و سلموا لقضاء اللّٰه.
وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُ (2) فِی الصَّحِیحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّی جَعَلْتُ الدُّنْیَا
ص: 126
بَیْنَ عِبَادِی قَرْضاً فَمَنْ أَقْرَضَنِی مِنْهَا قَرْضاً أَعْطَیْتُهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْراً إِلَی سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَ مَا شِئْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ مَنْ لَمْ یُقْرِضْنِی مِنْهَا فَأَخَذْتُ مِنْهُ شَیْئاً قَسْراً فَصَبَرَ أَعْطَیْتُهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَوْ أَعْطَیْتُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ مَلَائِكَتِی لَرَضُوا بِهَا مِنِّی ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَی- الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ- وَ رَحْمَةٌ اثْنَتَانِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ثَلَاثٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذَا لِمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِنْهُ شَیْئاً قَسْراً.
وَ الصَّابِرِینَ فِی الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ قیل البأساء البؤس و الفقر و الضراء الوجع و العلة وَ حِینَ الْبَأْسِ وقت القتال و جهاد العدو أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا فی الدین و اتباع الحق و طلب البر وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ عن الكفر و سائر الرذائل.
إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أی الصبر أو كل ما أمره مما عزمه اللّٰه من الأمور أی قطعه قطع إیجاب.
أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ أی أجرا لا یهتدی إلیه حساب الحساب.
أقول: قد مرت سائر الآیات الواردة فی الصبر فی بابه (1) فی كتاب الإیمان و الكفر.
«1»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُصَابُ بِمُصِیبَةٍ فِی الدُّنْیَا فَیَسْتَرْجِعُ عِنْدَ مُصِیبَتِهِ حِینَ تَفْجَأُهُ الْمُصِیبَةُ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا مَضَی مِنْ ذُنُوبِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ الَّتِی أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهَا النَّارَ قَالَ وَ كُلَّمَا ذَكَرَ مُصِیبَةً فِیمَا یَسْتَقْبِلُ مِنْ عُمُرِهِ فَاسْتَرْجَعَ عِنْدَهَا وَ حَمِدَ اللَّهَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ ذَنْبٍ اكْتَسَبَهُ فِیمَا بَیْنَ الِاسْتِرْجَاعِ الْأَوَّلِ إِلَی الِاسْتِرْجَاعِ
ص: 127
الثَّانِی إِلَّا الْكَبَائِرَ مِنَ الذُّنُوبِ (1).
«2»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أُلْهِمَ الِاسْتِرْجَاعَ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ(2).
بیان: فی القاموس أرجع فی المصیبة قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كرجع و استرجع.
«3»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَنْ صَبَرَ عَلَی مُصِیبَةٍ زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِزّاً عَلَی عِزِّهِ وَ أَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3).
«4»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النَّاصِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ قَالَ: نُعِیَ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام إِسْمَاعِیلُ وَ هُوَ أَكْبَرُ أَوْلَادِهِ وَ هُوَ یُرِیدُ أَنْ یَأْكُلَ وَ قَدِ اجْتَمَعَ نُدَمَاؤُهُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ دَعَا بِطَعَامِهِ فَقَعَدَ مَعَ نُدَمَائِهِ وَ جَعَلَ یَأْكُلُ أَحْسَنَ مِنْ أَكْلِهِ سَائِرَ الْأَیَّامِ وَ یَحُثُّ نُدَمَاءَهُ وَ یَضَعُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ یَعْجَبُونَ مِنْهُ لَا یَرَوْنَ لِلْحُزْنِ فِی وَجْهِهِ أَثَراً فَلَمَّا فَرَغَ قَالُوا لَقَدْ رَأَیْنَا مِنْكَ عَجَباً أُصِبْتَ بِمِثْلِ هَذَا الِابْنِ وَ أَنْتَ كَمَا نَرَی فَقَالَ مَا لِی لَا أَكُونُ كَمَا تَرَوْنَ وَ قَدْ جَاءَنِی خَبَرُ أَصْدَقِ الصَّادِقِینَ أَنِّی مَیِّتٌ وَ إِیَّاكُمْ إِنَّ قَوْماً عَرَفُوا الْمَوْتَ فَلَمْ یُنْكِرُوا مَا یَخْطَفُهُ الْمَوْتُ مِنْهُمْ وَ سَلَّمُوا لِأَمْرِ خَالِقِهِمْ عَزَّ وَ جَلَ (4).
ص: 128
«5»- الْعُیُونُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ أَبِی مَسْرُوقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَنْ بُلِیَ مِنْ شِیعَتِنَا بِبَلَاءٍ فَصَبَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ أَلْفِ شَهِیدٍ(1).
بیان: لعل المراد شهداء سائر الأمم.
«6»- صِفَاتُ الشِّیعَةِ، لِلصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَكُونُونَ مُؤْمِنِینَ حَتَّی تَكُونُوا مُؤْتَمَنِینَ وَ حَتَّی تَعُدُّوا النِّعْمَةَ وَ الرَّخَاءَ مُصِیبَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَی الْبَلَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَافِیَةِ عِنْدَ الرَّخَاءِ(2).
«7»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عِمْرَانَ عُمَرَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: الْعَبْدُ بَیْنَ ثَلَاثٍ بَیْنَ بَلَاءٍ وَ قَضَاءٍ وَ نِعْمَةٍ فَعَلَیْهِ لِلْبَلَاءِ مِنَ اللَّهِ الصَّبْرُ فَرِیضَةً وَ عَلَیْهِ لِلْقَضَاءِ مِنَ اللَّهِ التَّسْلِیمُ فَرِیضَةً وَ عَلَیْهِ لِلنِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ الشُّكْرُ فَرِیضَةً(3).
«8»- مَجَالِسُ الْمُفِیدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجِعَابِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَیْدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَوَّابٍ الْهِبَّارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْ كَانَ عِصْمَتُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (4).
مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ فِی نُورِ اللَّهِ
ص: 129
الْأَعْظَمِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
«9»- مَجَالِسُ الْمُفِیدِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی هَاشِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ قَالَ: لَمَّا وَصَلَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَفَاةُ الْأَشْتَرِ جَعَلَ یَتَلَهَّفُ وَ یَتَأَسَّفُ عَلَیْهِ وَ یَقُولُ لِلَّهِ دَرُّ مَالِكٍ لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ أَعْظَمَ أَرْكَانِهِ وَ لَوْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ كَانَ صَلْداً أَمَا وَ اللَّهِ لَیَهُدَّنَّ مَوْتُكَ فَعَلَی مِثْلِكَ فَلْتَبْكِ الْبَوَاكِی ثُمَّ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ إِنِّی أَحْتَسِبُهُ عِنْدَكَ فَإِنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَصَائِبِ الدَّهْرِ فَرَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً قَدْ وَفَی بِعَهْدِهِ وَ قَضی نَحْبَهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ مَعَ أَنَّا قَدْ وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا أَنْ نَصْبِرَ عَلَی كُلِّ مُصِیبَةٍ بَعْدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمُصِیبَةِ(1).
«10»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَنْ یَا مُوسَی مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ وَ إِنِّی إِنَّمَا أَبْتَلِیهِ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَهُ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا یُصْلِحُ عَبْدِی وَ لْیَصْبِرْ عَلَی بَلَائِی وَ لْیَشْكُرْ نَعْمَائِی وَ لْیَرْضَ بِقَضَائِی أَكْتُبْهُ فِی الصِّدِّیقِینَ عِنْدِی إِذَا عَمِلَ بِمَا یُرْضِینِی وَ أَطَاعَ أَمْرِی (2).
«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعٌ فِی التَّوْرَاةِ وَ أَرْبَعٌ إِلَی جَنْبِهِنَّ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ سَاخِطاً عَلَی رَبِّهِ وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ (3) الْحَدِیثَ.
«12»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی كَهْمَشٍ
ص: 130
عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ إِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قُوتُهُ الشَّعِیرَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ إِذَا وَجَدَهُ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِیبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ النَّاسَ لَنْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً(1).
«13»- أَعْلَامُ الدِّینِ،: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ثَلَاثَةٌ بِهِنَّ یَكْمُلُ الْمُسْلِمُ التَّفَقُّهُ فِی الدِّینِ وَ التَّقْدِیرُ فِی الْمَعِیشَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَی النَّوَائِبِ.
وَ مِنْهُ وَ رُوِیَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَمِعَ إِنْسَاناً یَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقَالَ قَوْلُنَا إِنَّا لِلَّهِ إِقْرَارٌ لَهُ مِنَّا بِالْمُلْكِ وَ قَوْلُنَا إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِقْرَارٌ عَلَی أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ.
«14»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَقِیلَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَنْ تَعَزَّی عَنِ الدُّنْیَا بِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَقَدْ تَعَزَّی عَنْ حَقِیرٍ بِخَطِیرٍ وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ عَدَّ فَائِتَهُ سَلَامَةً نَالَهَا وَ غَنِیمَةً أُعِینَ عَلَیْهَا(2).
«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی كَهْمَشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِیبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ وَ لَنْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً(3).
«16»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْجَزَعُ أَتْعَبُ مِنَ الصَّبْرِ.
ص: 131
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ لَمْ یَرْضَ بِقَضَائِی وَ لَمْ یَشْكُرْ لِنَعْمَائِی وَ لَمْ یَصْبِرْ عَلَی بَلَائِی فَلْیَتَّخِذْ رَبّاً سِوَایَ وَ قَالَ مَنْ أَصْبَحَ حَزِیناً عَلَی الدُّنْیَا أَصْبَحَ سَاخِطاً عَلَی اللَّهِ وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عُزَیْرٍ یَا عُزَیْرُ إِذَا وَقَعْتَ فِی مَعْصِیَةٍ فَلَا تَنْظُرْ إِلَی صِغَرِهَا وَ لَكِنِ انْظُرْ مَنْ عَصَیْتَ وَ إِذَا أُوتِیتَ رِزْقاً مِنِّی فَلَا تَنْظُرْ إِلَی قِلَّتِهِ وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَی مَنْ أَهْدَاهُ وَ إِذَا نَزَلَتْ إِلَیْكَ بَلِیَّةٌ فَلَا تَشْكُ إِلَی خَلْقِی كَمَا لَا أَشْكُوكَ إِلَی مَلَائِكَتِی عِنْدَ صُعُودِ مَسَاوِیكَ وَ فَضَائِحِكَ.
وَ رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: بِئْسَ الشَّیْ ءُ الْوَلَدُ إِنْ عَاشَ كَدَّنِی وَ إِنْ مَاتَ هَدَّنِی فَبَلَغَ ذَلِكَ زَیْنَ الْعَابِدِینَ علیه السلام فَقَالَ كَذَبَ وَ اللَّهِ نِعْمَ الشَّیْ ءُ الْوَلَدُ إِنْ عَاشَ فَدُعَاءٌ حَاضِرٌ وَ إِنْ مَاتَ فَشَفِیعٌ سَابِقٌ.
وَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ فَقَالَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِی مِنْ مُصِیبَتِی وَ أَعْقِبْنِی خَیْراً مِنْهُ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ قَالَ فَلَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ وَ مَنْ مِثْلُ أَبِی سَلَمَةَ فَأَعْقَبَنِیَ اللَّهُ بِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَزَوَّجَنِی.
وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُصَابُ بِمُصِیبَةٍ فِی الدُّنْیَا فَیَسْتَرْجِعُ عِنْدَ مُصِیبَتِهِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا مَضَی مِنْ ذُنُوبِهِ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ مُسْلِمٍ یُصَابُ بِمُصِیبَةٍ وَ إِنْ قَدُمَ عَهْدُهَا فَأَحْدَثَ لَهَا اسْتِرْجَاعاً إِلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ مَنْزِلَةً وَ أَعْطَاهُ مِثْلَ مَا أَعْطَاهُ یَوْمَ أُصِیبَ بِهَا وَ مَا مِنْ نِعْمَةٍ وَ إِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا تَذَكَّرَهَا الْعَبْدُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابَهُ كَیَوْمَ وَجَدَهَا وَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْمُصِیبَةِ لَتَنْزِلُ بِهِمُ الْمُصِیبَةُ فَیَجْزَعُونَ فَیَمُرُّ بِهِمْ مَارٌّ مِنَ النَّاسِ فَیَسْتَرْجِعُ فَیَكُونُ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ أَهْلِهَا.
ص: 132
وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْ مُصِیبَتِی فِی دِینِی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ مُصِیبَتِی أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ لَكَانَتْ وَ كَانَ لِلصَّادِقِ علیه السلام ابْنٌ فَبَیْنَا هُوَ یَمْشِی بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ غَصَّ فَمَاتَ فَبَكَی وَ قَالَ لَئِنْ أَخَذْتَ لَقَدْ بَقَّیْتَ وَ لَئِنِ ابْتَلَیْتَ لَقَدْ عَافَیْتَ ثُمَّ حَمَلَ إِلَی النِّسَاءِ فَلَمَّا رَأَیْنَهُ صَرَخْنَ فَأَقْسَمَ عَلَیْهِنَّ أَنْ لَا یَصْرُخْنَ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ لِلدَّفْنِ قَالَ سُبْحَانَ مَنْ یَقْتُلُ أَوْلَادَنَا وَ لَا نَزْدَادُ لَهُ إِلَّا حُبّاً فَلَمَّا دَفَنَهُ قَالَ یَا بُنَیَّ وَسَّعَ اللَّهُ فِی ضَرِیحِكَ وَ جَمَعَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ نَبِیِّكَ وَ قَالَ علیه السلام إِنَّا قَوْمٌ نَسْأَلُ اللَّهَ مَا نُحِبُّ فِیمَنْ نُحِبُّ فَیُعْطِینَا فَإِذَا أَحَبَّ مَا نَكْرَهُ فِیمَنْ نُحِبُّ رَضِینَا وَ قَالَ علیه السلام نَحْنُ صُبَّرٌ وَ شِیعَتُنَا وَ اللَّهِ أَصْبَرُ مِنَّا لِأَنَّا صَبَرْنَا عَلَی مَا عَلِمْنَا وَ صَبَرُوا عَلَی مَا لَمْ یَعْلَمُوا.
بیان: علی ما علمنا أی نزوله قبل وقوعه و ذلك مما یهون المصیبة أو قدر الأجر الذی یترتب علی الصبر علیها بعلم الیقین و لعل الأول أظهر.
«17»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: یُصْبِحُ الْمُؤْمِنُ حَزِیناً وَ یُمْسِی حَزِیناً وَ لَا یُصْلِحُهُ إِلَّا ذَاكَ وَ سَاعَاتُ الْغُمُومِ كَفَّارَاتُ الذُّنُوبِ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ قَصُرَ عُمُرُهُ كَانَتْ مُصِیبَتُهُ فِی نَفْسِهِ وَ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ تَوَاتَرَتْ مَصَائِبُهُ وَ رَأَی فِی نَفْسِهِ وَ أَحِبَّائِهِ مَا یَسُوؤُهُ.
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ صَبُورٌ فِی الشَّدَائِدِ وَقُورٌ فِی الزَّلَازِلِ قَنُوعٌ بِمَا أُوتِیَ لَا یَعْظُمُ عَلَیْهِ الْمَصَائِبُ وَ لَا یَحِیفُ عَلَی مُبْغِضٍ وَ لَا یَأْثَمُ فِی مُحِبٍّ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ وَ النَّفْسُ مِنْهُ فِی شِدَّةٍ.
وَ قَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام: مَا أُصِیبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمُصِیبَةٍ إِلَّا صَلَّی فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ تَصَدَّقَ عَلَی سِتِّینَ مِسْكِیناً وَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ قَالَ لِأَوْلَادِهِ إِذَا أُصِبْتُمْ بِمُصِیبَةٍ فَافْعَلُوا بِمِثْلِ مَا أَفْعَلُ فَإِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا یَفْعَلُ فَاتَّبِعُوا أَثَرَ نَبِیِّكُمْ وَ لَا تُخَالِفُوهُ فَیُخَالِفَ اللَّهُ بِكُمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ:
ص: 133
وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ثُمَّ قَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام فَمَا زِلْتُ أَعْمَلُ بِعَمَلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام.
وَ قَالَ علیه السلام: الرِّضَا بِالْمَكْرُوهِ أَرْفَعُ دَرَجَاتِ الْمُتَّقِینَ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْمَصَائِبُ بِالسَّوِیَّةِ مَقْسُومَةٌ بَیْنَ الْبَرِیَّةِ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ مُوسَی علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ نِلْتُ بِهِ رِضَاكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنَّ رِضَایَ فِی كُرْهِكَ وَ لَنْ تُطِیقَ ذَلِكَ قَالَ فَخَرَّ مُوسَی علیه السلام سَاجِداً بَاكِیاً فَقَالَ یَا رَبِّ خَصَصْتَنِی بِالْكَلَامِ وَ لَمْ تُكَلِّمْ بَشَراً قَبْلِی وَ لَمْ تَدُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ أَنَالُ بِهِ رِضَاكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّ رِضَایَ فِی رِضَاكَ بِقَضَائِی.
«18»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ: وَ قَدْ عَزَّی الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ عَنِ ابْنٍ لَهُ یَا أَشْعَثُ إِنْ تَحْزَنْ عَلَی ابْنِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ مِنْكَ الرَّحِمُ وَ إِنْ تَصْبِرْ فَفِی اللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ خَلَفٌ یَا أَشْعَثُ إِنْ صَبَرْتَ جَرَی عَلَیْكَ الْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْجُورٌ وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَی عَلَیْكَ الْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْزُورٌ(1)
سَرَّكَ وَ هُوَ بَلَاءٌ وَ فِتْنَةٌ وَ حَزَنَكَ وَ هُوَ ثَوَابٌ وَ رَحْمَةٌ(2).
وَ قَالَ علیه السلام: عَلَی قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاعَةَ دُفِنَ إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِیلٌ إِلَّا عَنْكَ وَ إِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِیحٌ إِلَّا عَلَیْكَ وَ إِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِیلٌ وَ إِنَّهُ قَبْلَكَ وَ بَعْدَكَ لَجَلَلٌ (3).
بیان: قال الجوهری الوزر الإثم و الثقل قال الأخفش تقول منه وزر یوزر و وزر یزر و وزر یوزر فهو موزور و إنما قال فی الحدیث مأزورات لمكان مأجورات و لو أفرد لقال موزورات انتهی.
ص: 134
قوله علیه السلام و هو بلاء و فتنة لقوله تعالی إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ(1) قوله علیه السلام لجلل قال فی النهایة الجلل من الأضداد یكون للعظیم و الحقیر انتهی إن كل مصیبة قبلك و بعدك سهل هین بالنسبة إلی مصابك و قیل أراد به أن المصاب به قبله عظیم علی المسلمین لحذرهم منه و بعده عظیم لاختلال أمرهم و أمر الدین بفقده و الأول أظهر.
«19»- النهج، [نهج البلاغة] سَمِعَ علیه السلام رَجُلًا یَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقَالَ إِنَّ قَوْلَنَا إِنَّا لِلَّهِ إِقْرَارٌ عَلَی أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ وَ قَوْلَنَا إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِقْرَارٌ عَلَی أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ (2).
وَ قَالَ علیه السلام: یَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ وَ مَنْ ضَرَبَ یَدَهُ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِیبَةٍ حَبِطَ أَجْرُهُ (3).
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ (4)
وَ عَزَّی علیه السلام قَوْماً عَنْ مَیِّتٍ مَاتَ لَهُمْ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَیْسَ بِكُمْ بَدْءٌ وَ لَا إِلَیْكُمُ انْتَهَی وَ قَدْ كَانَ صَاحِبُكُمْ هَذَا یُسَافِرُ فَعُدُّوهُ فِی بَعْضِ سَفَرَاتِهِ فَإِنْ قَدِمَ عَلَیْكُمْ وَ إِلَّا قَدِمْتُمْ عَلَیْهِ (5).
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَبَرَ صَبْرَ الْأَحْرَارِ وَ إِلَّا سَلَا سُلُوَّ الْأَغْمَارِ(6).
وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ: إِنَّهُ علیه السلام قَالَ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ مُعَزِّیاً إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ الْأَكَارِمِ
ص: 135
وَ إِلَّا سَلَوْتَ سُلُوَّ الْبَهَائِمِ (1).
بیان: قال فی القاموس سلاه و عنه كدعاه و رضیه سلوا و سلوا نسیه فتسلی و فی النهایة الأغمار جمع غمر بالضم و هو الجاهل الغر الذی لم یجرب الأمور.
«20»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، وَ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ علیه السلام: مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِكِبَارِهَا(2).
بیان: قوله بكبارها أی فی الدنیا أو أعم من الدنیا و العقبی فإن تعظیم المصیبة یوجب الجزع الموجب للنار أو لحبط الأعمال المنجیة منها.
«21»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: الصَّبْرُ سِتْرٌ مِنَ الْكُرُوبِ وَ عَوْنٌ عَلَی الْخُطُوبِ.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ أَفْضَلُ مِنْهُ الصَّبْرُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مِنْ كُنُوزِ الْإِیمَانِ الصَّبْرُ عَلَی الْمُصَابِ.
وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ.
وَ قَالَ علیه السلام: اطْرَحْ عَنْكَ الْهُمُومَ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْیَقِینِ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَبَرَ سَاعَةً حُمِدَ سَاعَاتٍ.
وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ صَبْرٌ عَلَی الْمَعْصِیَةِ وَ صَبْرٌ عَلَی الْمُصِیبَةِ وَ صَبْرٌ عَلَی الطَّاعَةِ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ جَعَلَ لَهُ الصَّبْرَ وَالِیاً لَمْ یَكُنْ بِحَدَثٍ مُبَالِیاً.
«22»- مُسَكِّنُ الْفُؤَادِ، لِلشَّهِیدِ الثَّانِی قُدِّسَ سِرُّهُ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ تُرِیدُ وَ أُرِیدُ وَ إِنَّمَا یَكُونُ مَا أُرِیدُ فَإِنْ سَلَّمْتَ لِمَا أُرِیدُ كَفَیْتُكَ مَا تُرِیدُ وَ إِنْ لَمْ تُسَلِّمْ لِمَا أُرِیدُ أَتْعَبْتُكَ فِیمَا تُرِیدُ ثُمَّ لَا یَكُونُ إِلَّا مَا أُرِیدُ.
ص: 136
وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِیمَانِ.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ أَقَلِّ مَا أُوتِیتُمُ الْیَقِینُ وَ عَزِیمَةُ الصَّبْرِ وَ مَنْ أُعْطِیَ حَظَّهُ مِنْهُمَا لَمْ یُبَالِ مَا فَاتَهُ مِنْ قِیَامِ اللَّیْلِ وَ صِیَامِ النَّهَارِ وَ لَأَنْ تَصْبِرُوا عَلَی مِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ یُوَافِیَنِی كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمِثْلِ عَمَلِ جَمِیعِكُمْ وَ لَكِنِّی أَخَافُ أَنْ یُفْتَحَ عَلَیْكُمُ الدُّنْیَا بَعْدِی فَیُنْكِرَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ یُنْكِرَكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ عِنْدَ ذَلِكَ فَمَنْ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ ظَفِرَ بِكَمَالِ ثَوَابِهِ ثُمَّ قَرَأَ ما عِنْدَكُمْ یَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَ لَنَجْزِیَنَّ الَّذِینَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ (1) الْآیَةَ
وَ سُئِلَ علیه السلام مَا الْإِیمَانُ قَالَ الصَّبْرُ.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّبْرُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.
وَ قِیلَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام تَخَلَّقْ بِأَخْلَاقِی وَ إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِی الصَّبْرَ.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ فَسَكَتُوا فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَ مَا عَلَامَةُ إِیمَانِكُمْ فَقَالُوا نَشْكُرُ عَلَی الرَّخَاءِ وَ نَصْبِرُ عَلَی الْبَلَاءِ وَ نَرْضَی بِالْقَضَاءِ فَقَالَ مُؤْمِنُونَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی الصَّبْرِ عَلَی مَا نَكْرَهُ خَیْرٌ كَثِیرٌ.
وَ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام: إِنَّكُمْ لَا تُدْرِكُونَ مَا تُحِبُّونَ إِلَّا بِصَبْرِكُمْ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ.
وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: بُنِیَ الْإِیمَانُ عَلَی أَرْبَعِ دَعَائِمَ الْیَقِینِ وَ الصَّبْرِ وَ الْجِهَادِ وَ الْعَدْلِ.
وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا جَسَدَ لِمَنْ لَا رَأْسَ لَهُ وَ لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ.
وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ بِهِ یَأْخُذُ الْحَازِمُ وَ إِلَیْهِ یَعُودُ الْجَازِعُ.
وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ شَجَرَةً یُقَالُ
ص: 137
لَهَا شَجَرَةُ الْبَلْوَی یُؤْتَی بِأَهْلِ الْبَلَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَا یُرْفَعُ لَهُمْ دِیوَانٌ وَ لَا یُنْصَبُ لَهُمْ مِیزَانٌ یُصَبُّ عَلَیْهِمُ الْأَجْرُ صَبّاً وَ قَرَأَ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (1).
وَ عَنْهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنْ جُرْعَةِ غَیْظٍ كَظَمَهَا رَجُلٌ أَوْ جُرْعَةِ صَبْرٍ عَلَی مُصِیبَةٍ وَ مَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَطْرَةِ دَمْعٍ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ أَوْ قَطْرَةِ دَمٍ أُهَرِیقَتْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ.
وَ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام قَالَ: إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ یُنَادِی مُنَادٍ أَیْنَ الصَّابِرُونَ لِیَدْخُلُوا الْجَنَّةَ جَمِیعاً بِغَیْرِ حِسَابٍ قَالَ فَیَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَیَقُولُونَ إِلَی أَیْنَ یَا بَنِی آدَمَ فَیَقُولُونَ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَقُولُونَ وَ قَبْلَ الْحِسَابِ فَقَالُوا نَعَمْ قَالُوا وَ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا الصَّابِرُونَ قَالُوا وَ مَا كَانَ صَبْرُكُمْ قَالُوا صَبَرْنَا عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ صَبَرْنَا عَنْ مَعْصِیَةِ اللَّهِ حَتَّی تَوَفَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالُوا أَنْتُمْ كَمَا قُلْتُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ- فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ.
وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ رُزِقَهُنَّ فَقَدْ رُزِقَ خَیْرَ الدَّارَیْنِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَ الصَّبْرُ عَلَی الْبَلَاءِ وَ الدُّعَاءُ فِی الرَّخَاءِ.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا غُلَامُ أَوْ یَا غُلَیْمُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ یَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ فَقُلْتُ بَلَی فَقَالَ احْفَظِ اللَّهَ یَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَی اللَّهِ فِی الرَّخَاءِ یَعْرِفْكَ فِی الشِّدَّةِ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ فَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ فِی الصَّبْرِ عَلَی مَا نَكْرَهُ خَیْراً كَثِیراً وَ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَ أَنَ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً.
وَ عَنْهُ علیه السلام: إِذَا أُدْخِلَ الرَّجُلُ الْقَبْرَ قَامَتِ الصَّلَاةُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ وَ الْبِرُّ یُظَلِّلُ عَلَیْهِ وَ الصَّبْرُ نَاحِیَةً یَقُولُ دُونَكُمْ صَاحِبِی فَإِنِّی مِنْ وَرَائِهِ یَعْنِی إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَدْفَعُوا عَنْهُ الْعَذَابَ وَ إِلَّا فَأَنَا أَكْفِیكُمْ ذَلِكَ وَ أَدْفَعُ عَنْهُ الْعَذَابَ.
ص: 138
وَ عَنْهُ علیه السلام: عَجَباً لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَیْرٌ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَیْراً لَهُ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَیْراً لَهُ.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّبْرُ خَیْرُ مَرْكَبٍ مَا رَزَقَ اللَّهُ عَبْداً خَیْراً لَهُ وَ لَا أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ وَ سُئِلَ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مِنْ رَجُلٍ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ قَالَ نَعَمْ كُلُّ رَحِیمٍ صَبُورٍ.
وَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ الْحُرَّ حُرٌّ عَلَی جَمِیعِ أَحْوَالِهِ إِنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ صَبَرَ لَهَا وَ إِنْ تَدَاكَّتْ عَلَیْهِ الْمَصَائِبُ لَمْ تَكْسِرْهُ وَ إِنْ أُسِرَ وَ قُهِرَ وَ اسْتُبْدِلَ بِالْیُسْرِ عُسْراً كَمَا كَانَ یُوسُفُ الصِّدِّیقُ الْأَمِینُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمْ یَضْرُرْ حُرِّیَّتَهُ أَنِ اسْتُعْبِدَ وَ قُهِرَ وَ لَمْ تَضْرُرْهُ ظُلْمَةُ الْجُبِّ وَ وَحْشَتُهُ وَ مَا نَالَهُ أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِ فَجَعَلَ الْجَبَّارَ الْعَاتِیَ لَهُ عَبْداً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَالِكاً فَأَرْسَلَهُ وَ رَحِمَ بِهِ أُمُّهُ وَ كَذَلِكَ الصَّبْرُ یُعْقِبُ خَیْراً فَاصْبِرُوا وَ وَطِّئُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الصَّبْرِ تُؤْجَرُوا.
بیان: النوب نزول الأمر و التداكك الازدحام قوله أن من اللّٰه أی إلی أن أو فی أن من اللّٰه.
«23»- الْمُسَكِّنُ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الصَّبْرُ ثَلَاثَةٌ صَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَ صَبْرٌ عَلَی الطَّاعَةِ وَ صَبْرٌ عَنِ الْمَعْصِیَةِ فَمَنْ صَبَرَ عَلَی الْمُصِیبَةِ حَتَّی یَرُدَّهَا بِحُسْنِ عَزَائِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ دَرَجَةٍ مَا بَیْنَ الدَّرَجَةِ إِلَی الدَّرَجَةِ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ وَ مَنْ صَبَرَ عَلَی الطَّاعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ سِتَّ مِائَةِ دَرَجَةٍ مَا بَیْنَ الدَّرَجَةِ إِلَی الدَّرَجَةِ كَمَا بَیْنَ تُخُومِ الْأَرْضِ إِلَی الْعَرْشِ وَ مَنْ صَبَرَ عَنِ الْمَعْصِیَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ تِسْعَمِائَةِ دَرَجَةٍ مَا بَیْنَ الدَّرَجَةِ إِلَی الدَّرَجَةِ كَمَا بَیْنَ تُخُومِ الْأَرْضِ إِلَی مُنْتَهَی الْعَرْشِ.
وَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ:
ص: 139
مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِیبُهُ مُصِیبَةٌ فَیَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِی فِی مُصِیبَتِی وَ أَخْلِفْ عَلَیَّ خَیْراً مِنْهَا إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مُصِیبَتِهِ وَ أَخْلَفَ لَهُ خَیْراً مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ وَ أَیُّ رَجُلٍ خَیْرٌ مِنْ أَبِی سَلَمَةَ أَوَّلِ بَیْتٍ هَاجَرَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ إِنِّی قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِحَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ یَخْطُبُنِی فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ لِی بِنْتاً وَ أَنَا غَیُورٌ فَقَالَ أَمَّا بِنْتُهَا فَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ یُغْنِیَهَا عَنْهَا وَ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ یَذْهَبَ بِالْغَیْرَةِ عَنْهَا وَ فِی آخَرَ قَالَتْ أَتَانِی أَبُو سَلَمَةَ یَوْماً مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلًا سُرِرْتُ بِهِ قَالَ لَا یُصِیبُ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِینَ مُصِیبَةٌ فَیَسْتَرْجِعُ عِنْدَ مُصِیبَتِهِ فَیَقُولُ اللَّهُمَّ أْجُرْنِی فِی مُصِیبَتِی وَ أَخْلِفْ لِی خَیْراً مِنْهَا إِلَّا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَحَفِظْتُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو سَلَمَةَ اسْتَرْجَعْتُ وَ قُلْتُ اللَّهُمَّ أْجُرْنِی فِی مُصِیبَتِی وَ أَخْلِفْ لِی خَیْراً مِنْهُ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَی نَفْسِی فَقُلْتُ مِنْ أَیْنَ لِی خَیْرٌ مِنْ أَبِی سَلَمَةَ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِی اسْتَأْذَنَ عَلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أَدْبُغُ إِهَاباً لِی فَغَسَلْتُ یَدِی مِنَ الْقَرَظِ وَ أَذِنْتُ لَهُ فَوَضَعْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِیفٌ فَقَعَدَ عَلَیْهَا فَخَطَبَنِی إِلَی نَفْسِی فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا بِی إِلَّا أَنْ یَكُونَ بِكَ الرَّغْبَةُ وَ لَكِنِّی امْرَأَةٌ فِیَّ غَیْرَةٌ شَدِیدَةٌ فَأَخَافُ أَنْ تَرَی مِنِّی شَیْئاً یُعَذِّبُنِی اللَّهُ بِهِ وَ أَنَا امْرَأَةٌ قَدْ دَخَلْتُ فِی السِّنِّ وَ أَنَا ذَاتُ عِیَالٍ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِی مِثْلُ الَّذِی أَصَابَكِ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِیَالِ فَإِنَّمَا عِیَالُكِ عِیَالِی قَالَتْ فَقَدْ سَلَّمْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَدْ أَبْدَلَنِیَ اللَّهُ بِأَبِی سَلَمَةَ خَیْراً مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
بیان: فی مصباح اللغة القرظ حب معروف یخرج فی غلف كالعدس من الشجر الغضاة و بعضهم یقول القرظ ورق السلم یدبغ به الأدیم و هو تسامح فإن الورق لا یدبغ به و إنما یدبغ بالحب.
ص: 140
«24»- الْمُسَكِّنُ وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعاً فَإِذَا أَتَی أَحَدَكُمْ وَفَاةُ أَخِیهِ فَلْیَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ اكْتُبْهُ عِنْدَكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ وَ اجْعَلْ كِتَابَهُ فِی عِلِّیِّینَ وَ اخْلُفْ عَلَی عَقِبِهِ فِی الْآخِرِینَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَ لَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ.
وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ فَقَالَ إِذَا ذَكَرَهَا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَهَا مِثْلَ مَا كَانَ لَهُ یَوْمَ أَصَابَتْهُ.
و عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت قال لما حضرت عبادة الوفاة قال أخرجوا فراشی إلی الصحن یعنی الدار ففعلوا ذلك ثم قال أجمعوا لی موالی و خدمی و جیرانی و من كان یدخل علی فجمعوا فقال إن یومی هذا لا أراه إلا آخر یوم یأتی علی من الدنیا و أولی لیلة من لیالی الآخرة و إنی لا أدری لعله قد فرط منی إلیكم بیدی أو بلسانی شی ء و هو و الذی نفس عبادة بیده القصاص یوم القیامة فأحرج علی أحد منكم فی نفسه شی ء من ذلك إلا اقتص منی قبل أن تخرج نفسی فقالوا بل كنت والدا و كنت مؤدبا و ما قال لخادم سوءا قط قال أ غفرتم لی ما كان من ذلك قالوا نعم قال اللّٰهم اشهدهم ثم قال أما فاحفظوا وصیتی أحرج علی إنسان منكم یبكی فإذا خرجت نفسی فتوضئوا و أحسنوا الوضوء ثم لیدخل كل إنسان منكم مسجدا یصلی ثم لیستغفر لعبادة و لنفسه فإن اللّٰه عز و جل قال اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ(1) ثم أسرعوا بی إلی حفرتی و لا تتبعونی بنار و لا تضعوا تحتی أرجوانا بیان فی النهایة فی الدعاء علی ما فرط منی أی سبق و تقدم و قال فیه فی قتل الحیات فلیحرج علیها هو أن یقول لها أنت فی حرج أی ضیق إن عدت إلینا.
و منه اللّٰهم إنی أحرج حق الضعیفین أی أضیقه و أحرمه علی من ظلمهما.
ص: 141
«25»- الْمُسَكِّنُ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الصَّبْرَ وَ الْبَلَاءَ یَسْتَبِقَانِ إِلَی الْمُؤْمِنِ فَیَأْتِیهِ الْبَلَاءُ وَ هُوَ صَبُورٌ وَ إِنَّ الْجَزَعَ وَ الْبَلَاءَ یَسْتَبِقَانِ إِلَی الْكَافِرِ فَیَأْتِیهِ الْبَلَاءُ وَ هُوَ جَزُوعٌ.
وَ عَنْ أَبِی مَیْسَرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَجَاءَهُ رَجُلٌ وَ شَكَا إِلَیْهِ مُصِیبَتَهُ فَقَالَ لَهُ أَمَا إِنَّكَ إِنْ تَصْبِرْ تُؤْجَرْ وَ إِنْ لَا تَصْبِرْ یَمْضِ عَلَیْكَ قَدَرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِی قَدَّرَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ أَنْتَ مَذْمُومٌ.
و كان أبو ذر رضی اللّٰه عنه لا یعیش له ولد فقیل له إنك امرؤ لا یبقی لك ولد فقال الحمد لله الذی یأخذهم فی دار الفناء و یدخرهم فی دار البقاء.
وَ رُوِیَ: أَنَّ قَوْماً كَانُوا عِنْدَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَاسْتَعْجَلَ خَادِماً بِشِوَاءٍ فِی التَّنُّورِ فَأَقْبَلَ بِهِ مُسْرِعاً فَسَقَطَ السَّفُّودُ مِنْ یَدِهِ عَلَی ابْنٍ لَهُ علیه السلام فَأَصَابَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ فَوَثَبَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَمَّا رَأَی ابْنَهُ مَیِّتاً قَالَ لِلْغُلَامِ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَتَعَمَّدْهُ وَ أَخَذَ فِی جَهَازِ ابْنِهِ.
وَ رَوَی الصَّدُوقُ: أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ ذَرُّ بْنُ أَبِی ذَرٍّ وَقَفَ عَلَی قَبْرِهِ وَ مَسَحَ الْقَبْرَ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا ذَرُّ وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ بِی لَبَرّاً وَ لَقَدْ قُبِضْتَ وَ إِنِّی عَنْكَ رَاضٍ وَ اللَّهِ مَا بِی فَقْدُكَ وَ لَا عَلَیَّ مِنْ غَضَاضَةٍ وَ مَا لِی إِلَی أَحَدٍ سِوَی اللَّهِ مِنْ حَاجَةٍ وَ لَوْ لَا هَوْلُ الْمُطَّلَعِ لَسَرَّنِی أَنْ أَكُونَ مَكَانَكَ وَ قَدْ شَغَلَنِی الْحُزْنُ لَكَ عَنِ الْحُزْنِ عَلَیْكَ وَ اللَّهِ مَا بَكَیْتُ لَكَ بَلْ بَكَیْتُ عَلَیْكَ فَلَیْتَ شِعْرِی مَا قُلْتَ وَ مَا قِیلَ لَكَ اللَّهُمَّ إِنِّی وَهَبْتُ مَا افْتَرَضْتَ عَلَیْهِ مِنْ حَقِّی فَهَبْ لَهُ مَا افْتَرَضْتَ عَلَیْهِ مِنْ حَقِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْجُودِ مِنِّی وَ الْكَرَمِ.
بیان: إن فی قوله إن كنت مخففة ما بی فقدك أی لیس بی غم من فقدك و لا علی بأس و منقصة من فوتك و الغضاضة الذلة و المنقصة و لو لا هول المطلع بالفتح أی ما یشرف علیه من أهوال الآخرة و ربما یقرأ بالكسر أی الرب تعالی.
«26»- الْمُسَكِّنُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلَاهُ فَإِنْ صَبَرَ اجْتَبَاهُ وَ إِنْ رَضِیَ اصْطَفَاهُ.
ص: 142
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَعْطُوا اللَّهَ الرِّضَا مِنْ قُلُوبِكُمْ تَظْفَرُوا بِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَی یَوْمَ فَقْرِكُمْ وَ الْإِفْلَاسِ.
وَ فِی أَخْبَارِ مُوسَی علیه السلام: أَنَّهُمْ قَالُوا اسْأَلْ لَنَا رَبَّكَ أَمْراً إِذَا نَحْنُ فَعَلْنَاهُ یَرْضَی بِهِ عَنَّا فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ یَرْضَوْنَ عَنِّی حَتَّی أَرْضَی عَنْهُمْ.
وَ فِی أَخْبَارِ دَاوُدَ علیه السلام: مَا لِأَوْلِیَائِی وَ الْهَمَّ بِالدُّنْیَا إِنَّ الْهَمَّ یُذْهِبُ حَلَاوَةَ مُنَاجَاتِی مِنْ قُلُوبِهِمْ یَا دَاوُدُ إِنَّ مَحَبَّتِی مِنْ أَوْلِیَائِی أَنْ یَكُونُوا رُوحَانِیِّینَ لَا یَغْتَمُّونَ.
وَ رُوِیَ أَنَّ مُوسَی علیه السلام قَالَ: یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَی أَمْرٍ فِیهِ رِضَاكَ عَنِّی أَعْمَلْهُ (1)
فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّ رِضَایَ فِی كُرْهِكَ وَ أَنْتَ مَا تَصْبِرُ عَلَی مَا تَكْرَهُ قَالَ یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَیْهِ قَالَ فَإِنَّ رِضَایَ فِی رِضَاكَ بِقَضَائِی.
و عن ابن عباس قال أول من یدعی إلی الجنة یوم القیامة الذین یحمدون اللّٰه تعالی علی كل حال.
وَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِیٍّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ ذَكَرَ مُصِیبَةً وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِی عَلَی مُصِیبَتِی وَ أَخْلِفْ عَلَیَّ أَفْضَلَ مِنْهَا- كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا كَانَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ.
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ فِی مَرَضِ مَوْتِهِ: أَیُّهَا النَّاسُ أَیُّمَا عَبْدٍ مِنْ أُمَّتِی أُصِیبَ بِمُصِیبَةٍ مِنْ بَعْدِی فَلْیَتَعَزَّ بِمُصِیبَتِهِ بِی عَنِ الْمُصِیبَةِ الَّتِی تُصِیبُهُ بِغَیْرِی فَإِنَّ أَحَداً مِنْ أُمَّتِی لَنْ یُصَابَ بِمُصِیبَةٍ بَعْدِی أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ مُصِیبَتِی.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: لَمَّا أُصِیبَ عَلِیٌّ علیه السلام بَعَثَنِی الْحَسَنُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ بِالْمَدَائِنِ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ یَا لَهَا مِنْ مُصِیبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا مَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ أُصِیبَ مِنْكُمْ بِمُصِیبَةٍ فَلْیَذْكُرْ مُصَابِی فَإِنَّهُ لَنْ یُصَابَ بِمُصِیبَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا.
ص: 143
وَ رَوَی إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَا إِسْحَاقُ لَا تَعُدَّنَّ مُصِیبَةً أُعْطِیتَ عَلَیْهَا الصَّبْرَ وَ اسْتَوْجَبْتَ عَلَیْهَا مِنَ اللَّهِ الثَّوَابَ إِنَّمَا الْمُصِیبَةُ الَّتِی یُحْرَمُ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا وَ ثَوَابَهَا إِذَا لَمْ یَصْبِرْ عِنْدَ نُزُولِهَا.
وَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِیهِ.
بیان: لعل الأمر للتسویة كقوله صاحب الحسن أو ابن سیرین أو للتهدید.
«27»- أَعْلَامُ الدِّینِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام: الْمُصِیبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ.
«28»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، قَالَ علیه السلام: مَرَارَةُ الدُّنْیَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ وَ حَلَاوَةُ الدُّنْیَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ(1).
«29»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ مَرَّ عَلَی امْرَأَةٍ تَبْكِی عَلَی قَبْرٍ فَقَالَ لَهَا اصْبِرِی أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ یَا هَذَا الرَّجُلُ اذْهَبْ إِلَی عَمَلِكَ فَإِنَّهُ وَلَدِی وَ قُرَّةُ عَیْنِی فَمَضَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَرَكَهَا وَ لَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ عَرَفَتْهُ فَقِیلَ لَهَا إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَقَامَتْ تَشْتَدُّ حَتَّی لَحِقَتْهُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَعْرِفْكَ فَهَلْ لِی مِنْ أَجْرٍ إِنْ صَبَرْتُ قَالَ الْأَجْرُ مَعَ الصَّدْمَةِ الْأُولَی (2).
وَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: إِیَّاكَ وَ الْجَزَعَ فَإِنَّهُ یَقْطَعُ الْأَمَلَ وَ یُضَعِّفُ الْعَمَلَ وَ یُورِثُ الْهَمَّ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمَخْرَجَ فِی أَمْرَیْنِ مَا كَانَتْ فِیهِ حِیلَةٌ فَالاحْتِیَالُ وَ مَا لَمْ تَكُنْ فِیهِ حِیلَةٌ فَالاصْطِبَارُ(3).
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ مَرَّ عَلَی قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِی بَیْتٍ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ وَ وَقَفَ فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ قَالُوا مُؤْمِنُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَ فَمَعَكُمْ بُرْهَانُ ذَلِكَ قَالُوا:
ص: 144
نَعَمْ قَالَ هَاتُوا قَالُوا نَشْكُرُ اللَّهَ فِی الرَّخَاءِ وَ نَصْبِرُ عَلَی الْبَلَاءِ وَ نَرْضَی بِالْقَضَاءِ قَالَ أَنْتُمْ إِذَا أَنْتُمْ (1).
«30»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ فِی نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَیْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِیئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ (2).
وَ مِنْهُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: لَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِینَ حَتَّی تَعُدُّوا الْبَلَاءَ نِعْمَةً وَ الرَّخَاءَ مُصِیبَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَی الْبَلَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الْغَفْلَةِ عِنْدَ الرَّخَاءِ(3).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ أُعْطِیَ قَلْباً شَاكِراً وَ لِسَاناً ذَاكِراً وَ جَسَداً فِی الْبَلَاءِ صَابِراً وَ زَوْجَةً صَالِحَةً إِلَّا وَ قَدْ أُعْطِیَ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(4).
«31»- جَوَامِعُ الْجَوَامِعِ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا نُشِرَتِ الدَّوَاوِینُ وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِینُ لَمْ یُنْصَبْ لِأَهْلِ الْبَلَاءِ مِیزَانٌ وَ لَمْ یُنْشَرْ لَهُمْ دِیوَانٌ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (5).
«32»- الْإِقْبَالُ، لِلسَّیِّدِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ شَیْخِ الطَّائِفَةِ عَنِ الْمُفِیدِ وَ ابْنِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَ عَنِ الشَّیْخِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الْأَهْوَازِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِیِّ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَیُّوبَ الْخَثْعَمِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ عَطِیَّةَ بْنِ نَجِیحِ بْنِ مُطَهَّرٍ الرَّازِیِّ وَ
ص: 145
إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالا مَعاً: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام كَتَبَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ حِینَ حُمِلَ هُوَ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ یُعَزِّیهِ عَمَّا صَارَ إِلَیْهِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِلَی الْخَلَفِ الصَّالِحِ وَ الذُّرِّیَّةِ الطَّیِّبَةِ مِنْ وُلْدِ أَخِیهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ أَمَّا بَعْدُ فَلَئِنْ كُنْتَ قَدْ تَفَرَّدْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَكَ بِمَا أَصَابَكُمْ مَا انْفَرَدْتَ بِالْحُزْنِ وَ الْغَیْظِ وَ الْكَآبَةِ وَ أَلِیمِ وَجَعِ الْقَلْبِ دُونِی فَلَقَدْ نَالَنِی مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْقَلَقِ وَ حَرِّ الْمُصِیبَةِ مِثْلُ مَا نَالَكَ وَ لَكِنْ جَرَتْ إِلَی مَا أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِهِ الْمُتَّقِینَ مِنَ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْعَزَاءِ حِینَ یَقُولُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْیُنِنا(1) وَ حِینَ یَقُولُ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ (2) وَ حِینَ یَقُولُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ مُثِّلَ بِحَمْزَةَ- وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ لِلصَّابِرِینَ (3) وَ صَبَرَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُعَاقِبْ وَ حِینَ یَقُولُ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها- لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوی (4) وَ حِینَ یَقُولُ الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (5) وَ حِینَ یَقُولُ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (6) وَ حِینَ یَقُولُ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ(7) وَ حِینَ یَقُولُ عَنْ مُوسَی- قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (8) وَ حِینَ یَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
ص: 146
الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ(1) وَ حِینَ یَقُولُ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ(2) وَ حِینَ یَقُولُ وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ (3) وَ حِینَ یَقُولُ وَ
كَأَیِّنْ مِنْ نَبِیٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّیُّونَ كَثِیرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الصَّابِرِینَ (4) وَ حِینَ یَقُولُ وَ الصَّابِرِینَ وَ الصَّابِراتِ (5) وَ حِینَ یَقُولُ وَ اصْبِرْ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ (6) وَ أَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِیرٌ وَ اعْلَمْ أَیْ عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ یُبَالِ بِضُرِّ الدُّنْیَا لِوَلِیِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَا شَیْ ءَ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنَ الضُّرِّ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُبَالِ بِنَعِیمِ الدُّنْیَا لِعَدُوِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ یَقْتُلُونَ أَوْلِیَاءَهُ وَ یُخِیفُونَهُمْ وَ یَمْنَعُونَهُمْ وَ أَعْدَاؤُهُ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ عَالُونَ ظَاهِرُونَ قَاهِرُونَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قُتِلَ زَكَرِیَّا وَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فِی بَغِیٍّ مِنَ الْبَغَایَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قُتِلَ جَدُّكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لِمَا قَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ ظُلْماً وَ عَمُّكَ الْحُسَیْنُ بْنُ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا اضْطِهَاداً وَ عُدْوَاناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِی كِتَابِهِ- وَ لَوْ لا أَنْ یَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ (7)
ص: 147
وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ فِی كِتَابِهِ- أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ- نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ (1) وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ لَوْ لَا أَنْ یَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ لَجَعَلْتُ لِلْكَافِرِ عِصَابَةً مِنْ حَدِیدٍ- لَا یُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ الدُّنْیَا لَا تُسَاوِی عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا سَقَی كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَی قُلَّةِ جَبَلٍ- لَابْتَعَثَ اللَّهُ لَهُ كَافِراً أَوْ مُنَافِقاً یُؤْذِیهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً أَوْ أَحَبَّ عَبْداً صَبَّ عَلَیْهِ الْبَلَاءَ صَبّاً فَلَا یَخْرُجُ مِنْ غَمٍّ إِلَّا وَقَعَ فِی غَمٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ مَا مِنْ جُرْعَتَیْنِ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَجْرَعَهُمَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ فِی الدُّنْیَا مِنْ جُرْعَةِ غَیْظٍ كَظَمَ عَلَیْهَا وَ جُرْعَةِ حُزْنٍ عِنْدَ مُصِیبَةٍ صَبَرَ عَلَیْهَا بِحُسْنِ عَزَاءٍ وَ احْتِسَابٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ یَدْعُونَ عَلَی مَنْ ظَلَمَهُمْ بِطُولِ الْعُمُرِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ كَثْرَةِ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا خَصَّ رَجُلًا بِالتَّرَحُّمِ عَلَیْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ اسْتُشْهِدَ فَعَلَیْكُمْ یَا عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ وَ بَنِی عُمُومَتِی وَ إِخْوَتِی بِالصَّبْرِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِیمِ وَ التَّفْوِیضِ إِلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ الرِّضَا وَ الصَّبْرِ عَلَی قَضَائِهِ وَ التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ وَ النُّزُولِ عِنْدَ أَمْرِهِ أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَ عَلَیْكُمُ الصَّبْرَ وَ خَتَمَ لَنَا وَ لَكُمْ بِالْأَجْرِ وَ السَّعَادَةِ وَ أَنْقَذَكُمْ وَ إِیَّانَا مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ- إِنَّهُ سَمِیعٌ قَرِیبٌ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ (2).
مسكن الفؤاد، بالسند الأول من السندین: مثله.
ص: 148
«1»- مسكن الفؤاد، للشهید الثانی رفع اللّٰه درجته قال أسند أبو العباس بن مسروق عن الأوزاعی قال حدثنا بعض الحكماء قال خرجت و أنا أرید الرباط حتی إذا كنت بعریش مصر إذا أنا بمظلة و فیها رجل قد ذهبت عیناه و استرسلت یداه و رجلاه و هو یقول لك الحمد سیدی و مولای اللّٰهم إنی أحمدك حمدا یوافی محامد خلقك كفضلك علی سائر خلقك إذ فضلتنی علی كثیر ممن خلقت تفضیلا فقلت و اللّٰه لأسألنه أعلمه أو ألهمه إلهاما فدنوت منه و سلم علیه فرد علی السلام فقلت له رحمك اللّٰه إنی أسألك عن شی ء أ تخبرنی به أم لا فقال إن كان عندی منه علم أخبرتك به فقلت رحمك اللّٰه علی أی فضیلة من فضائله تشكره فقال أ و لیس تری ما قد صنع بی فقلت بلی فقال و اللّٰه لو أن اللّٰه تبارك و تعالی صب علی نارا تحرقنی و أمر الجبال فدمرتنی و أمر البحار فغرقتنی و أمر الأرض فخسفت بی ما ازددت فیه سبحانه إلا حبا و لا ازددت له إلا شكرا و إن لی إلیك حاجة تقضیها لی فقلت نعم قل ما تشاء فقال بنی لی كان یتعاهدنی أوقات صلاتی و یطعمنی عند إفطاری و قد فقدته منذ أمس فانظر هل تجده لی قال فقلت فی نفسی إن فی قضاء حاجته لقربة إلی اللّٰه عز و جل فقمت و خرجت فی طلبه حتی إذا صرت بین كثبان الرمال إذا أنا بسبع قد افترس الغلام یأكله فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كیف آتی هذا العبد الصالح بخبر ابنه قال فأتیته و سلمت علیه فرد علی السلام فقلت یرحمك اللّٰه إن سألتك عن شی ء تخبرنی به فقال إن كان عندی منه علم أخبرتك به قال
ص: 149
قلت إنك أكرم علی اللّٰه عز و جل و أقرب منزلة أو نبی اللّٰه أیوب صلوات اللّٰه و سلامه علیه فقال بل أیوب أكرم علی اللّٰه تعالی منی و أعظم عند اللّٰه منزلة منی فقلت إنه ابتلاه اللّٰه تعالی فصبر حتی استوحش منه من كان یأنس به و كان غرضا لمرار الطریق و اعلم أن ابنك الذی أخبرتنی به و سألتنی أن أطلبه لك افترسه السبع فأعظم اللّٰه أجرك فیه فقال الحمد لله الذی لم یجعل فی قلبی حسرة من الدنیا ثم شهق شهقة و سقط علی وجهه فجلست ساعة ثم حركته فإذا هو میت فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كیف أعمل فی أمره و من یعیننی علی غسله و كفنه و حفر قبره و دفنه فبینما أنا كذلك إذا أنا بركب یریدون الرباط فأشرت إلیهم فأقبلوا نحوی حتی وقفوا علی فقالوا ما أنت و ما هذا فأخبرتهم بقصتی فعقلوا رواحلهم و أعانونی حتی غسلناه بماء البحر و كفناه بأثواب كانت معهم و تقدمت فصلیت علیه مع الجماعة و دفناه فی مظلته و جلست عند قبره آنسا به أقرأ القرآن إلی أن مضی من اللیل ساعة فغفوت غفوة فرأیت صاحبی فی أحسن صورة و أجمل زی فی روضة خضراء علیه ثیاب خضر قائما یتلو القرآن فقلت له أ لست بصاحبی قال بلی قلت فما الذی صیرك إلی ما أری فقال اعلم أننی وردت مع الصابرین لله عز و جل فی درجة لم ینالوها إلا بالصبر علی البلاء و الشكر عند الرخاء فانتبهت.
وَ رُوِیَ فِی عُیُونِ الْمَجَالِسِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ یُحِبُّ ابْنَهُ حُبّاً شَدِیداً فَمَرِضَ فَخَافَتْ- أُمُّ سُلَیْمٍ عَلَی أَبِی طَلْحَةَ الْجَزَعَ حِینَ قُرْبِ مَوْتِ الْوَلَدِ فَبَعَثَتْهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ دَارِهِ تُوُفِّیَ الْوَلَدُ فَسَجَّتْهُ أُمُّ سُلَیْمٍ بِثَوْبٍ وَ عَزَلَتْهُ فِی نَاحِیَةٍ مِنَ الْبَیْتِ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إِلَی أَهْلِ بَیْتِهَا وَ قَالَتْ لَهُمْ لَا تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ بِشَیْ ءٍ ثُمَّ إِنَّهَا صَنَعَتْ طَعَاماً ثُمَّ مَسَّتْ شَیْئاً مِنَ الطِّیبِ فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا فَعَلَ ابْنِی فَقَالَتْ لَهُ هَدَأَتْ
ص: 150
نَفْسُهُ ثُمَّ قَالَ هَلْ لَنَا مَا نَأْكُلُ فَقَامَتْ فَقَرَّبَتْ إِلَیْهِ الطَّعَامَ ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لَهُ فَوَقَعَ عَلَیْهَا فَلَمَّا اطْمَأَنَّ قَالَتْ لَهُ یَا أَبَا طَلْحَةَ أَ تَغْضَبُ مِنْ وَدِیعَةٍ كَانَتْ عِنْدَنَا فَرَدَدْنَاهَا إِلَی أَهْلِهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا فَقَالَتِ ابْنُكَ كَانَ عِنْدَنَا وَدِیعَةً فَقَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ فَأَنَا أَحَقُّ بِالصَّبْرِ مِنْكِ ثُمَّ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ فَاغْتَسَلَ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِصَنِیعِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِی وَقْعَتِكُمَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ فِی أُمَّتِی مِثْلَ صَابِرَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ مِنْ خَبَرِهَا فَقَالَ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ امْرَأَةٌ وَ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَ لَهَا مِنْهُ غُلَامَانِ فَأَمَرَهَا بِطَعَامٍ لِیَدْعُوَ عَلَیْهِ النَّاسَ فَفَعَلَتْ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِی دَارِهِ فَانْطَلَقَ الْغُلَامَانِ یَلْعَبَانِ فَوَقَعَا فِی بِئْرٍ كَانَتْ فِی الدَّارِ فَكَرِهَتْ أَنْ تُنَغِّصَ عَلَی زَوْجِهَا الضِّیَافَةَ فَأَدْخَلَتْهُمَا الْبَیْتَ وَ سَجَّتْهُمَا بِثَوْبٍ فَلَمَّا فَرَغُوا دَخَلَ زَوْجُهَا فَقَالَ أَیْنَ ابْنَایَ قَالَتْ هُمَا فِی الْبَیْتِ وَ إِنَّهَا كَانَتْ تَمَسَّحَتْ بِشَیْ ءٍ مِنَ الطِّیبِ وَ تَعَرَّضَتْ لِلرَّجُلِ حَتَّی وَقَعَ عَلَیْهَا ثُمَّ قَالَ أَیْنَ ابْنَایَ قَالَتْ هُمَا فِی الْبَیْتِ فَنَادَاهُمَا أَبُوهُمَا فَخَرَجَا یَسْعِیَانِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَا مَیِّتَیْنِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَحْیَاهُمَا ثَوَاباً لِصَبْرِی.
و قریب من هذا ما رویناه فی دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال دخلنا علی رجل من الأنصار و هو مریض فلم نبرح حتی قضی فبسطنا علیه ثوبا و أم له عجوز كبیرة عند رأسه فقلنا لها یا هذا احتسبی مصیبتك علی اللّٰه عز و جل فقالت و مات ابنی قلنا نعم قالت حقا تقولون قلنا نعم قال فمدت یدها فقالت اللّٰهم إنك تعلم أنی أسلمت لك و هاجرت إلی رسولك رجاء أن تعیننی عند كل شدة و رخاء فلا تحمل علی هذه المصیبة الیوم فكشف الثوب عن وجهه ثم ما برحنا حتی طعمنا معه قال قدس سره و هذا الدعاء من المرأة رحمها اللّٰه إدلال علی اللّٰه و استیناس منه یقع للمحبین كثیرا فیقبل دعاءهم و إن كان فی التذكیر بنحو ذلك
ص: 151
ما یظهر منه قلة الأدب لو وقع عن غیرهم و لذلك بحث طویل و شواهد من الكتاب و السنة یخرج ذكره عن مناسبة المقام و قال أبان بن تغلب دخلت علی امرأة و قد نزل بابنها الموت فقامت إلیه فغمضته و سجته ثم قالت یا بنی ما الجزع فیما لا یزول و ما البكاء فیما ینزل بك غدا یا بنی تذوق ما ذاق أبوك و ستذوقه من بعدك أمك و إن أعظم الراحة لهذا الجسد النوم و النوم أخو الموت فما علیك إن كنت نائما علی فراشك أو علی غیره و إن غدا السؤال و الجنة أو النار فإن كنت من أهل الجنة فما ضرك الموت و إن كنت من أهل النار فما ینفعك الحیاة و لو كنت أطول الناس عمرا یا بنی لو لا أن الموت أشرف الأشیاء لابن آدم لما أمات اللّٰه نبیه صلی اللّٰه علیه و آله و أبقی عدوه إبلیس و عن مسلم بن یسار قال قدمت البحرین فأضافتنی امرأة لها بنون و رقیق و مال و یسار و كنت أراها محزونة فغبت عنها مدة طویلة ثم أتیتها فلم أر ببابها إنسا فاستأذنت علیها فإذا هی ضاحكة مسرورة فقلت لها ما شأنك قالت إنك لما غبت عنا لم نرسل شیئا فی البحر إلا غرق و لا فی البر شیئا إلا عطب و ذهب الرقیق و مات البنون فقلت لها یرحمك اللّٰه رأیتك محزونة فی ذلك الیوم و مسرورة فی هذا الیوم فقالت نعم إنی لما كنت فیما كنت فیه من سعة الدنیا خشیت أن یكون اللّٰه قد عجل لی حسناتی فی الدنیا فلما ذهب مالی و ولدی و رقیقی رجوت أن یكون اللّٰه قد ذخر لی عنده شیئا و عن بعضهم قال خرجت أنا و صدیق لی إلی البادیة فضللنا الطریق فإذا نحن بخیمة عن یمین الطریق فقصدنا نحوها فسلمنا فإذا بامرأة ترد علینا السلام و قالت من أنتم قلنا ضالون فأتیناكم فاستأنسنا بكم فقالت یا هؤلاء ولوا وجوهكم عنی حتی أقضی من حقكم ما أنتم له أهل ففعلنا فألقت لنا مسحا فقالت اجلسوا علیه إلی أن یأتی ابنی ثم جعلت ترفع طرف الخیمة و
ص: 152
تردها إلی أن رفعته مرة فقالت أسأل اللّٰه بركة المقبل أما البعیر فبعیر ابنی و أما الراكب فلیس هو به قال فوقف الراكب علیها و قال یا أم عقیل عظم اللّٰه أجرك فی عقیل ولدك فقالت له ویحك مات قال نعم قالت و ما سبب موته قال ازدحمت علیه الإبل فرمت به فی البئر فقالت انزل و اقض ذمام القوم و دفعت إلیه كبشا فذبحه و أصلحه و قرب إلینا الطعام فجعلنا نأكل و نتعجب من صبرها فلما فرغنا خرجت إلینا و قالت یا قوم هل فیكم من یحسن من كتاب اللّٰه شیئا فقلت نعم قالت فاقرأ علی آیات أتعزی بها عن ولدی فقلت یقول اللّٰه عز و جل وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ- الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ قالت باللّٰه إنها فی كتاب اللّٰه هكذا قلت و اللّٰه إنها لفی كتاب اللّٰه هكذا فقالت السلام علیكم ثم صفت قدمیها و صلت ركعات ثم قالت اللّٰهم إنی قد فعلت ما أمرتنی به فأنجز لی ما وعدتنی به و لو بقی أحد لأحد قال فقلت فی نفسی لبقی ابنی لحاجتی إلیه فقالت لبقی محمد صلی اللّٰه علیه و آله لأمته فخرجت و أنا أقول ما رأیت أكمل منها و لا أجزل ذكرت ربها بأكمل خصاله و أجمل خلاله ثم إنها لما علمت أن الموت لا مدفع له و لا محیص عنه و إن الجزع لا یجدی نفعا و البكاء لا یرد هالكا رجعت إلی الصبر الجمیل و احتسبت ابنها عند اللّٰه ذخیرة نافعة لیوم الفقر و الفاقة.
وَ رُوِیَ: أَنَّ یُونُسَ علیه السلام قَالَ لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام دُلَّنِی عَلَی أَعْبَدِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدَلَّهُ عَلَی رَجُلٍ قَدْ قَطَعَ الْجُذَامُ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ ذَهَبَ بِبَصَرِهِ وَ سَمْعِهِ وَ هُوَ یَقُولُ مَتَّعْتَنِی بِهَا مَا شِئْتَ وَ سَلَبْتَنِی مَا شِئْتَ وَ أَبْقَیْتَ لِی فِیكَ الْأَمَلَ یَا بَرُّ یَا وَصُولُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ عِیسَی علیه السلام مَرَّ بِرَجُلٍ أَعْمَی أَبْرَصَ مُقْعَدٍ مَضْرُوبِ الْجَنْبَیْنِ بِالْفَالِجِ وَ قَدْ تَنَاثَرَ لَحْمُهُ مِنَ الْجُذَامِ وَ هُوَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَافَانِی مِمَّا
ص: 153
ابْتَلَی بِهِ كَثِیراً مِنْ خَلْقِهِ فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام یَا هَذَا وَ أَیُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْبَلَاءِ أَرَاهُ مَصْرُوفاً عَنْكَ فَقَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ أَنَا خَیْرٌ مِمَّنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ فِی قَلْبِهِ مَا جَعَلَ فِی قَلْبِی مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ هَاتِ یَدَكَ فَنَاوَلَهُ یَدَهُ فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهاً وَ أَفْضَلُهُمْ هَیْئَةً قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كَانَ بِهِ فَصَحِبَ عِیسَی علیه السلام وَ تَعَبَّدَ مَعَهُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ فَقِیهٌ عَابِدٌ عَالِمٌ مُجْتَهِدٌ وَ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَ كَانَ بِهَا مُعْجَباً فَمَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَیْهَا وَجْداً شَدِیداً حَتَّی خَلَا فِی بَیْتٍ وَ أَغْلَقَ عَلَی نَفْسِهِ وَ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ فَلَمْ یَكُنْ یَدْخُلُ عَلَیْهِ أَحَدٌ ثُمَّ إِنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ سَمِعَتْ بِهِ فَجَاءَتْهُ فَقَالَتْ لِی إِلَیْهِ حَاجَةٌ أَسْتَفْتِیهِ فِیهَا لَیْسَ یُجْزِئُنِی إِلَّا أَنْ أُشَافِهَهُ بِهَا فَذَهَبَ النَّاسُ وَ لَزِمَتِ الْبَابَ فَأُخْبِرَ فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ أَسْتَفْتِیكَ فِی أَمْرٍ قَالَ مَا هُوَ قَالَتْ إِنِّی اسْتَعَرْتُ مِنْ جَارَةٍ لِی حُلِیّاً فَكُنْتُ أَلْبَسُهُ زَمَاناً ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَیَّ أَ فَأَرُدُّهُ إِلَیْهِمْ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ قَالَتْ إِنَّهُ قَدْ مَكَثَ عِنْدِی زَمَاناً قَالَ ذَاكِ أَحَقُّ بِرَدِّكِ إِیَّاهُ فَقَالَتْ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ أَ فَتَأْسَفُ عَلَی مَا أَعَارَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْكَ وَ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ فَأَبْصَرَ مَا كَانَ فِیهِ وَ نَفَعَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهَا.
وَ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ قَالَ: كَانَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام ابْنٌ یُحِبُّهُ حُبّاً شَدِیداً فَمَاتَ فَحَزِنَ عَلَیْهِ حُزْناً شَدِیداً فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مَلَكَیْنِ فِی هَیْئَةِ الْبَشَرِ فَقَالَ مَا أَنْتُمَا قَالا خَصْمَانِ قَالَ اجْلِسَا بِمَجْلِسِ الْخُصُومِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّی زَرَعْتُ زَرْعاً فَأَتَی هَذَا فَأَفْسَدَهُ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مَا یَقُولُ هَذَا قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُ زَرَعَ فِی الطَّرِیقِ وَ إِنِّی مَرَرْتُ فَنَظَرْتُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَإِذَا الزَّرْعُ فَرَكِبْتُ قَارِعَةَ الطَّرِیقِ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ فَسَادُ زَرْعِهِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ مَا حَمَلَكَ عَلَی أَنْ تَزْرَعَ فِی الطَّرِیقِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الطَّرِیقَ سَبِیلُ النَّاسِ وَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ یَسْلُكُوا سَبِیلَهُمْ فَقَالَ لَهُ أَحَدُ الْمَلَكَیْنِ أَ وَ مَا عَلِمْتَ یَا سُلَیْمَانُ إِنَّ الْمَوْتَ سَبِیلُ النَّاسِ وَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ أَنْ یَسْلُكُوا سَبِیلَهُمْ قَالَ فَكَأَنَّمَا كُشِفَ عَنْ سُلَیْمَانَ علیه السلام الْغِطَاءُ وَ لَمْ یَجْزَعْ عَلَی وَلَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ رواه ابن أبی الدنیا.
ص: 154
وَ رُوِیَ أَیْضاً: أَنَّ قَاضِیاً كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَاتَ لَهُ ابْنٌ فَجَزِعَ عَلَیْهِ وَ صَاحَ فَلَقِیَهُ رَجُلَانِ فَقَالا لَهُ اقْضِ بَیْنَنَا فَقَالَ مِنْ هَذَا فَرَرْتُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّ هَذَا مَرَّ بِغَنَمِهِ عَلَی زَرْعِی فَأَفْسَدَهُ فَقَالَ الْآخَرُ إِنَّ هَذَا زَرَعَ بَیْنَ الْجَبَلِ وَ النَّهَرِ وَ لَمْ یَكُنْ لِی طَرِیقٌ غَیْرُهُ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِی أَنْتَ حِینَ زَرَعْتَ بَیْنَ الْجَبَلِ وَ النَّهَرِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ طَرِیقُ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فَأَنْتَ حِینَ وُلِدَ لَكَ وَلَدٌ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ یَمُوتُ فَارْجِعْ إِلَی قَضَائِكَ ثُمَّ عَرَجَا وَ كَانَا مَلَكَیْنِ.
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ مُقْعَدَانِ كَانَ لَهُمَا ابْنٌ شَابٌّ فَكَانَ إِذَا أَصْبَحَ نَقَلَهُمَا فَأَتَی بِهِمَا الْمَسْجِدَ فَكَانَ یَكْتَسِبُ عَلَیْهِمَا یَوْمَهُ فَإِذَا كَانَ الْمَسَاءُ احْتَمَلَهُمَا فَأَقْبَلَ بِهِمَا فَافْتَقَدَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِیلَ لَهُ مَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ تُرِكَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ تُرِكَ ابْنُ الْمُقْعَدَیْنِ.
انتهی ما أردنا إخراجه من كتاب مسكن الفؤاد.
ص: 155
«1»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ،: مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام بَعْدَ تِلَاوَتِهِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّی زُرْتُمُ الْمَقابِرَ یَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ وَ زَوْراً مَا أَغْفَلَهُ وَ خَطَراً مَا أَفْظَعَهُ لَقَدِ اسْتَخْلَوْا مِنْهُمْ أَیَّ مُدَّكِرٍ وَ تَنَاوَشُوهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِیدٍ أَ فَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ یَفْخَرُونَ أَمْ بِعَدِیدِ الْهَلْكَی یَتَكَاثَرُونَ یَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ وَ حَرَكَاتٍ سَكَنَتْ وَ لَأَنْ یَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ یَكُونُوا مُفْتَخَراً وَ لَأَنْ یَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ أَحْجَی مِنْ أَنْ یَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ لَقَدْ نَظَرُوا إِلَیْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَةِ وَ ضَرَبُوا مِنْهُمْ فِی غَمْرَةِ جَهَالَةٍ وَ لَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْكَ الدِّیَارِ الْخَاوِیَةِ وَ الرُّبُوعِ الْخَالِیَةِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا فِی الْأَرْضِ ضُلَّالًا وَ ذَهَبْتُمْ فِی أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا تَطَئُونَ فِی هَامِهِمْ وَ تَسْتَثْبِتُونَ فِی أَجْسَادِهِمْ وَ تَرْتَعُونَ فِیمَا لَفَظُوا وَ تَسْكُنُونَ فِیمَا خَرَّبُوا وَ إِنَّمَا الْأَیَّامُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَكُمْ بَوَاكٍ وَ نَوَائِحُ عَلَیْكُمْ أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَایَتِكُمْ وَ فُرَّاطُ مَنَاهِلِكُمُ الَّذِینَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ الْعِزِّ وَ حَلَبَاتُ الْفَخْرِ مُلُوكاً وَ سُوَقاً سَلَكُوا فِی بُطُونِ الْبَرْزَخِ سَبِیلًا سُلِّطَتِ الْأَرْضُ عَلَیْهِمْ فِیهِ فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَ شَرِبْتَ مِنْ دِمَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِی فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا یَنْمُونَ وَ ضِمَاراً لَا یُوجَدُونَ- لَا یُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الْأَهْوَالِ وَ لَا یَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ الْأَحْوَالِ وَ لَا یَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ وَ لَا یَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ غُیَّباً لَا یُنْتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لَا یَحْضُرُونَ وَ إِنَّمَا كَانُوا جَمِیعاً فَتَشَتَّتُوا وَ أُلَّافاً فَافْتَرَقُوا وَ مَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ وَ لَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ عَمِیَتْ أَخْبَارُهُمْ وَ صَمَّتْ دِیَارُهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً وَ بِالسَّمْعِ صَمَماً وَ بِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً
ص: 156
فَكَأَنَّهُمْ فِی ارْتِجَالِ الصِّفَةِ صَرْعَی سُبَاتٍ جِیرَانٌ لَا یَتَأَنَّسُونَ وَ أَحِبَّاءُ لَا یَتَزَاوَرُونَ بَلِیَتْ بَیْنَهُمْ عُرَی التَّعَارُفِ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الْإِخَاءِ فَكُلُّهُمْ وَحِیدٌ وَ هُمْ جَمِیعٌ وَ بِجَانِبِ الْهَجْرِ وَ هُمْ أَخِلَّاءُ- لَا یَتَعَارَفُونَ لِلَیْلٍ صَبَاحاً وَ لَا لِنَهَارٍ مَسَاءً أَیُّ الْجَدِیدَیْنِ ظَعَنُوا فِیهِ كَانَ عَلَیْهِمْ سَرْمَداً شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا وَ رَأَوْا مِنْ آیَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا فَكِلَا الْغَایَتَیْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَی مَبَاءَةٍ فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَوْ كَانُوا یَنْطِقُونَ بِهَا لَعَیُّوا بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَایَنُوا وَ لَئِنْ عَمِیَتْ آثَارُهُمْ وَ انْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِیهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ وَ سَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ وَ تَكَلَّمُوا مِنْ غَیْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ فَقَالُوا كَلَحَتِ الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ وَ خَوَتِ الْأَجْسَادُ النَّوَاعِمُ وَ لَبِسْنَا أَهْدَامَ البلاء [الْبِلَی] وَ تَكَاءَدَنَا ضِیقُ الْمَضْجَعِ وَ تَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ وَ تَهَكَّمَتْ عَلَیْنَا الرُّبُوعُ الصُّمُوتُ فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وَ تَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَتْ فِی مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا وَ لَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً وَ لَا مِنْ ضِیقٍ مُتَّسَعاً فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِكَ أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ وَ قَدِ ارْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَكَّتْ وَ اكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَابِ فَخَسَفَتْ وَ تَقَطَّعَتِ الْأَلْسِنَةُ فِی أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا وَ هَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِی صَدْرِهِمْ بَعْدَ یَقَظَتِهَا وَ عَاثَ فِی كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِیدُ بِلًی سَمَّجَهَا وَ سَهَّلَ طُرُقَ الْآفَةِ إِلَیْهَا مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَیْدٍ تَدْفَعُ وَ لَا قُلُوبٌ تَجْزَعُ لَرَأَیْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقْذَاءَ عُیُونٍ لَهُمْ مِنْ كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ وَ غَمْرَةٌ لَا تَنْجَلِی وَ كَمْ أَكَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ عَزِیزِ جَسَدٍ وَ أَنِیقِ لَوْنٍ كَانَ فِی الدُّنْیَا غَذِیَّ تَرَفٍ وَ رَبِیبَ شَرَفٍ یَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِی سَاعَةِ حُزْنِهِ وَ یَفْزَعُ إِلَی السَّلْوَةِ إِنْ مُصِیبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَیْشِهِ وَ شَحَاحَةً بِلَهْوِهِ وَ لَعِبِهِ فَبَیْنَا هُوَ یَضْحَكُ إِلَی الدُّنْیَا وَ تَضْحَكُ إِلَیْهِ فِی ظِلِّ عَیْشٍ غَفُولٍ إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِهِ حَسَكَهُ وَ نَقَضَتِ الْأَیَّامُ قُوَاهُ وَ نَظَرَتْ إِلَیْهِ الْحُتُوفُ مِنْ كَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثٌ
ص: 157
لَا یَعْرِفُهُ وَ نَجِیُّ هَمٍّ مَا كَانَ یَجِدُهُ وَ تَوَلَّدَتْ فِیهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِهِ فَفَزِعَ إِلَی مَا كَانَ عَوَّدَهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِینِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ وَ تَحْرِیكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ یُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا ثَوَّرَ حَرَارَةً وَ لَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَیَّجَ بُرُودَةً وَ لَا اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ حَتَّی فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَ تَعَایَا أَهْلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّائِلینَ عَنْهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِیَّ خَبَرٍ یَكْتُمُونَهُ فَقَائِلٌ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنٍّ لَهُمْ إِیَابَ عَافِیَتِهِ وَ مُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَی فَقْدِهِ یُذَكِّرُهُمْ أُسَی الْمَاضِینَ مِنْ قَبْلِهِ فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَی جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا وَ تَرْكِ الْأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَیَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ وَ یَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَیَّ عَنْ رَدِّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤْلِمٍ لِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ مِنْ كَبِیرٍ كَانَ یُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِیرٍ كَانَ یَرْحَمُهُ وَ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِیَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَی عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْیَا(1).
بیان: قیل نزلت سورة التكاثر فی الیهود قالوا نحن أكثر من بنی فلان و بنو فلان أكثر من بنی فلان حتی ماتوا ضلالا و قیل فی فخذ من الأنصار و قیل فی حیین من قریش بنی عبد مناف بن قصی و بنی سهم بن عمرو تكاثرا فعدوا أشرافهم فكثرهم بنو عبد مناف ثم قالوا نعد موتانا حتی زاروا القبور و قالوا هذا قبر فلان و هذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم لأنهم كانوا أكثر عددا فی الجاهلیة.
و كلامه علیه السلام یدل علی الأخیر أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ أی شغلكم عن طاعة اللّٰه و عن ذكر الآخرة التكاثر بالأموال و الأولاد و التفاخر بكثرتها حَتَّی زُرْتُمُ الْمَقابِرَ أی حتی أدرككم الموت علی تلك الحال و لم تتوبوا أو حتی عددتم الأموات فی القبور.
یا له مراما ما أبعد اللام للتعجب كقولهم یا للدواهی و مراما و زورا
ص: 158
و خطرا منصوبات علی التمیز و المرام المقصد و المعنی التعجب من بعد ذلك المرام فإن الغایة المطلوبة لا یدركها الإنسان لأن كل غایة بلغها فإن فوقها غایة أخری قد أدركها غیره فیطمح نفسه إلیها أو ما أبعده عن نظر العقل و عما هو الغایة الأصلیة التی لا بد من السعی فی الوصول إلیها و زورا ما أغفله الزور الزائرون أو مصدر لزار یزور فنسبة الغفلة إلیه توسع أی ما أغفل صاحبه و هو أنسب بالمرام و الخطر الإشراف علی الهلاك و السبق الذی یتراهن علیه و خطر الرجل قدره و منزلته و فظع الشی ء بالضم و هو فظیع أی شدید شنیع مجاوز للحد و الخطر الفظیع الموت أو شدائد الآخرة اللازمة لتلك الغفلة.
لقد استخلوا منهم أی مدكر الضمیر فی استخلوا للأحیاء و فی منهم للأموات و كنی بالمدكر عما خلفوه من الآثار التی هی محل العبرة و أی مدكر استفهام علی سبیل التعجب من ذلك المدكر فی حسن إفادته للعبر لأولی الأبصار و استخلوا أی اتخذوا تخلیة الذكر دأبهم و شأنهم و قیل استخلوا أی وجدوه خالیا كذا ذكره ابن میثم و قال ابن أبی الحدید استخلوا أی ذكروا من خلا من آبائهم أی من مضی یقال هذا الأمر من الأمور الخالیة و هذا القرن من القرون الخالیة أی الماضیة و استخلا فلان فی حدیثه أی حدث عن أمور خالیة و المعنی أنه علیه السلام استعظم ما یوجبه حدیثهم عما خلا و عمن خلا من أسلافهم و آثار أسلافهم من التذكیر فقال أی مذكر و واعظ فی ذلك و روی أی مدكر بمعنی المصدر كالمعتقد بمعنی الاعتقاد.
و تناوشوهم أی تناولوهم من مكان بعید عنهم و عن تناولهم فإنهم بأن یكونوا عبرا أحق من أن یكونوا مفتخرا و قال الجوهری عددته أحصیته عدا و الاسم العدد و العدید.
و یرتجعون منهم أجسادا خوت یقال خوت الدار أی خلت أو سقطت أی خلت عن الروح أو سقطت و خربت و المعنی یذكرون آباءهم فكأنهم یردونهم إلی الدنیا بذكرهم و الافتخار بهم أو هو استفهام علی الإنكار و المفتخر محل الافتخار.
ص: 159
و لأن یهبطوا بهم جناب ذله الجناب الناحیة أی یذلوا و یخشعوا بذكر مصارعهم أو یذكروهم بالموت و الاندراس و الذلة و أحجی بمعنی أولی و أجدر و أحق من قولهم حجی بالمكان إذا أقام و ثبت و العشوة مرض فی العین و الضرب فی الأرض السیر فیها و قال الخلیل فی العین الضرب یقع علی كل فعل و الغمر الماء الكثیر و الغمرة الشدة و مزدحم الشی ء أی صاروا بسببهم فی بیداء جهالة أو ألقوا أنفسهم فی شدتها و مزدحمها أو خاضوا فی بحرها.
و لو استنطقوا عنهم عرصات تلك الدیار الخاویة أی لو طلب الأحیاء أن تنطق العرصات و الربوع و تفصح عن أحوال الأموات لنطقت بلسان حالها أو مقالها بناء علی شعورها و بینت أحوال الأموات استطردت بیان حال الأحیاء فالضمیر فی استنطقوا راجع إلی الأحیاء و فی عنهم إلی الأموات و العكس بعید و یحتمل إرجاع الضمیر فی عنهم إلی الجمیع فلا یكون بیان حال الأحیاء استطرادا و الدیار و الربوع منازلهم حال حیاتهم أو قبورهم و الخاویة الخالیة أو الساقطة و الربع الدار و المحلة و الهامة الرأس و الجمع هام أی تمشون علی رءوسهم.
و تستثبتون أی تنصبون الأشیاء الثابتة كالعمود و الأساطین و فی بعض النسخ تستنبتون أی تزرعون النبات و رتعت الماشیة أی أكلت ما شاءت و لفظت الشی ء رمیته و تسكنون فیما خربوا أی فارقوها و أخلوها فكأنهم خربوها أو لم یعمروها بالذكر و العبادة.
أولئكم سلف غایتكم السلف المتقدمون و الغایة الحد الذی ینتهی إلیه حسا أو معنی و المراد هنا الموت و فرط القوم من سبقهم إلی الماء و المنهل المورد و هو عین ماء ترده الإبل فی المراعی و تسمی المنازل التی فی المفاوز علی طرق السفار مناهل لأن فیها ماء.
و مقاوم العز دعائمه جمع مقوم و أصلها الخشبة التی تمسكها الحراث و حلبات الفخر جمع حلبة و هی الخیل تجمع للسباق و السوق جمع سوقة و هو من دون
ص: 160
الملك و البرزخ الحاجز بین الشیئین و ما بین الدنیا و الآخرة من وقت الموت إلی البعث فالمراد هنا القبر لأنه حاجز بین المیت و الدنیا و یحتمل الثانی أی بطون القبور الواقعة فی البرزخ و فی بعض النسخ و فی بطون القبور و الفجوة هی الفرجة المتسعة بین الشیئین.
جمادا لا ینمون من النمو و یروی بتشدید المیم من النمیمة و هی الهمس و الحركة و قال فی النهایة المال الضمار الغائب الذی لا یرجی و إذا رجی فلیس بضمار من أضرمت الشی ء إذا غیبته فعال بمعنی فاعل و مفعل.
و لا یحزنهم تنكر الأحوال أی الأحوال الحادثة فی الدنیا و أسباب الحزن لأهلها أو اندراس أجزاء أبدانهم و تشتتها و لا ینافی عذاب القبر و لا یحفلون أی لا یبالون بالرواجف أی الزلازل و لا یأذنون للقواصف أی لا یسمعون الأصوات الشدیدة یقال رعد قاصف أی شدید الصوت غیبا لا ینتظرون علی بناء المجهول أی لا ینتظر الناس حضورهم أو المعلوم أی لا یطمع الموتی فی حضور الناس عندهم و شهودا لا یحضرون إذ أبدانهم شاهدة و أرواحهم غائبة و ما عن طول عهدهم أی لیس عدم علمنا بأخبارهم و عدم سماعهم للأصوات أو عدم سماعنا صوتا منهم فی قبورهم لطول عهد بیننا و بینهم كالمسافر الذی یغیب عنا خبره و لا نسمع صوته أو لا یسمع صوتنا فإنهم حال موتهم بلا تراخی زمان كذلك بل لأنهم سقوا كأس الموت فصار نطقهم مبدلا بالخرس و سمعهم بالصمم و نسبة الصمم إلی دیارهم التی هی القبور تجوز.
و قوله علیه السلام و بالسمع صمما یدل علی أن المراد بقوله صمت دیارهم عدم سماعهم صوتنا لا عدم سماعنا صوتهم.
قوله علیه السلام فی ارتجال الصفة قال الجوهری ارتجال الخطبة و الشعر ابتداؤه من غیر تهیئة قبل ذلك انتهی أی و لو وصفهم واصف بلا تهیئة و تأمل بل بحسب ما یبدو له فی بادی الرأی لقال هم سقطوا علی الأرض لسبات و السبات نوم للمریض و الشیخ المسن و هو النومة الخفیفة و أصله من السبت و هو القطع
ص: 161
و ترك الأعمال أو الراحة و السكون.
أحباء لا یتزاورون الأحباء بالموحدة جمع حبیب كخلیل و الأخلاء أی هم أحباء لتقاربهم بأبدانهم أو لأنهم كانوا أحباء قبل موتهم فی الدنیا و فی بعض النسخ المصححة الأحیاء بالمثناة التحتانیة فالظاهر أنه جمع حی بمعنی القبیلة قال الجوهری الحی واحد أحیاء العرب و یحتمل أن یراد أنهم أحیاء بنفوسهم لا یتزاورون بأبدانهم.
بلیت بینهم أی اندرست أسباب التعارف بینهم و السبب فی الأصل الحبل ثم استعیر لكل ما یتوصل به إلی شی ء ذكره الجزری و قیل لفظة جنب موضوعة فی الأصل للمباعدة و منه قولهم الجار الجنب أی جارك من قوم آخرین و لذا یقولون فلان فی جانب الهجر و فی جانب القطیعة و لا یقولون فی جانب المواصلة و الظعن السیر و الجدیدان اللیل و النهار و السرمد الدائم.
و قال ابن أبی الحدید لیس المراد أنهم و هم موتی یشعرون بالوقت الذی ماتوا فیه و لا یشعرون بما یتعقبه من الأوقات بل المراد أن صورة ذلك الوقت لو بقیت عندهم لبقیت من غیر أن یزیلها وقت آخر یطرأ علیها و یجوز أن یفسر علی مذهب من قال ببقاء الأنفس فیقال إن النفس التی تفارق لیلا تبقی اللیلة و الظلمة حاصلة عندها أبدا و لا تزول بطریان نهار علیها لأنها قد فارقت الحواس فلا سبیل لها إلی أن یرتسم فیها شی ء من المحسوسات بعد المفارقة و إنما حصل ما حصل من غیر زیادة علیه و كذلك الأنفس التی تفارق نهارا.
مما قدروا أی تصوروا و جعلوا له مقدارا بأوهامهم.
فكلا الغایتین اللام العهدی فی الكلام إشارة إلی الغایتین المعهودتین بین المتكلم و المخاطب أی غایة السعداء و الأشقیاء و یحتمل أن یكون المراد بالغایة امتداد المسافة أی مدة البرزخ أو منتهی الامتداد و هو البرزخ لأنه غایة حیاة الدنیا و هو یمتد إلی أن ینتهی إلی مباءة هی الجنة أو النار.
و یحتمل أن یكون إشارة إلی الغایتین المفهومتین من الفقرتین السابقتین
ص: 162
أی الأخطار و الآیات البالغتین الغایة أو إلی المدتین المنتهیتین إلی غایة أی مدة حیاة السعداء و الأشقیاء لا زمان كونهم فی عالم البرزخ و قیل إشارة إلی الجدیدین المذكورین سابقا.
و المباءة المنزل و الموضع الذی یبوء الإنسان إلیه أی یرجع فاتت مبالغ الخوف أی تجاوزت عن أن یبلغها خوف خائف أو رجاء راج لعظمها و شدتها و قال الجوهری العی خلاف البیان و قد عی فی منطقه و عیی أیضا و الإدغام أكثر و تقول فی الجمع عیوا مخففا كما قلناه فی حیوا و یقال أیضا عیوا بالتشدید انتهی.
لقد رجعت فیهم أبصار العبر رجع یكون لازما و متعدیا قال اللّٰه تعالی ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَیْنِ أی فرد البصر و أدرها فی خلق اللّٰه و استقص فی النظر مرة بعد أخری و تكلموا أی بلسان الحال و فی النهایة الكلوح العبوس یقال كلح الرجل و كلحه الهم و النظرة الحسن و الرونق و فی النهایة الأهدام الأخلاق من الثیاب واحدها هدم بالكسر و هدمت الثوب رقعته.
تكاءدنا أی شق علینا و توارثنا الوحشة قیل لما مات الأب فاستوحش أهله منه ثم مات الابن فاستوحش أهله منه صار الابن وارثا لتلك الوحشة من أبیه و قیل لما أصاب كل ابن بعد أبیه وحشة القبر فكأنه ورثها من أبیه.
أقول: و یحتمل أن یكون المعنی استوحش أهالینا و دیارنا منا و استوحشنا منهم و منها أو صارت القبور سببا لوحشتنا و صرنا سببا لوحشة القبور.
و تهكمت علینا الربوع الصموت قال ابن أبی الحدید یروی تهدمت بالدال یقال تهدم فلان علی فلان غضبا إذا اشتد و یجوز أن یكون تهدمت أی تساقطت و یروی تهكمت بالكاف و هو كقولك تهدمت بالتفسیرین جمیعا و یعنی بالربوع الصموت القبور لأنه لا نطق فیها كقولك نهاره صائم انتهی و فی أكثر النسخ المعروضة علی المصنف بالكاف و یحتمل أن یكون بمعنی الاستهزاء أو بمعنی التكبر لكونهم أذلاء فی القبور أو بمعنی التندم و التأسف و قد ورد بتلك
ص: 163
المعانی فی اللغة و لعلها أنسب بوصف الربوع بالصموت و یحتمل أیضا أن یكون المراد بالربوع مساكنهم فی الدنیا و فی الصحاح امرأة حسنة المعارف أی الوجه و ما یظهر منها و الواحد معرف.
و لم نجد من كرب أی من بعد كرب أو هو متعلق بفرجا أو كشف عنهم محجوب الغطاء لك من إضافة الصفة إلی الموصوف و المحجوب بمعنی الحاجب كقوله سبحانه حِجاباً مَسْتُوراً و قال ابن میثم أی ما حجب بأغطیة التراب و لا یخفی ما فیه لأن ما حجب هی أبدانهم و لا یكشف عنهم إلا أن یرید به الأكفان المستورة بالتراب.
و قد ارتسخت قال ابن أبی الحدید لیس معناه ثبتت كما ظنه القطب الراوندی لأنها لم تثبت و إنما ثبتت الهوام فیها بل الصحیح أنه من رسخ الغدیر إذا نش ماؤه و نضب و یقال قد ارتسخ المطر بالتراب إذا ابتلعته حتی یلتقی الثریان انتهی.
أقول: لعل الراوندی رحمه اللّٰه حمل الكلام علی القلب و هو أوفق بما فی اللغة.
و فی القاموس استكت المسامع أی صمت و ضاقت فخسفت أی غارت و ذهبت فی الرأس و ذلاقة اللسان حدتها و همدت أی سكنت و خمدت و العیث الإفساد و قوله سمجها أی قبح صورتها بیان لإفساد البلی الجدید مستسلمات أی منقادات طائعات لیس لها ید تدفع منها الآفات.
لرأیت جواب لو و الأشجان جمع الشجن و هو الحزن و الأقذاء جمع قذی و هو ما یسقط فی العین فیؤذیها لا تنتقل أی إلی حسن و صلاح و الغمرة الشدة و الأنیق الحسن المعجب غذی ترف أی كان معتادا فی الدنیا بأن یتغذی بالترف و هو التنعم المطغی و ربیب شرف أی قد ربی فی العز و الشرف و قال الجوهری تعلل به أی تلهی به و یفزع إلی السلوة أی یلجأ إلی ما یسلیه عن الهم ضنا بالكسر أی بخلا كقوله شحاحة و الغضارة طیب
ص: 164
العیش یضحك إلی الدنیا أی كان الدنیا تحبه و هو یحب الدنیا قال ابن میثم ضحكه إلی الدنیا كنایة عن ابتهاجه بها و بما فیها و غایة إقباله علیها فإن غایة المبتهج بالشی ء أن یضحك له.
فی ظل عیش غفول أی عیش غافل عن صاحبه فهو مستغرق فی العیش لم یتنبه له الدهر فیكدر علیه أو عیش تكثر الغفلة فیه لطیبه من قبیل نهاره صائم أو ذی غفلة یغفل فیه صاحبه كقوله سبحانه عِیشَةٍ راضِیَةٍ إذا وطئ الدهر به حسكه الباء للتعدیة و الحسك جمع حسكة شوكة صلبة معروفة و استعار لفظ الحسك للآلام و الأمراض و مصائب الدهر و رشح بذكر الوطء و الحتوف جمع الحتف و هو الموت و الكثب بالتحریك القرب و الجمع إما باعتبار تعدد أسبابه أو لأن بطلان كل قوة و ضعف كل عضو موت و البث الحزن و باطن الأمر الدخیل و نجی فعیل من المناجاة و الفترة الانكسار و الضعف و قال ابن أبی الحدید الفترات أوائل المرض.
آنس ما كان بصحته قال ابن میثم انتصاب آنس علی الحال و ما بمعنی الزمان و كان تامة و بصحته متعلق بآنس أی حال ما هو آنس زمان مدة صحته و قیل ما مصدریة و التقدیر آنس كونه علی أحواله بصحته.
من تسكین الحار إنما استعمل فی البارد التسكین و فی الحار التهییج لأن الحرارة شأنها التهییج و البرودة شأنها التسكین و التجمید فلم یطفئ ببارد أی لم یزد إطفاء الحرارة ببارد إلا ثور حرارة أی غلبت الحرارة الطبیعیة علی الدواء و ظهر بعده الداء فكأن الدواء ثورها و لا اعتدل بممازج أی ما أراد الاعتدال بدواء مركب من الحار و البارد إلا أعان صاحب المرض كل طبیعة ذات داء و مرض من تلك الطبائع بمرض زائد علی الأول أو بقوة زائدة علی ما كان ففاعل أمد الشخص و یحتمل الممازج و یظهر من ابن میثم أنه جعل أمد بمعنی صار مادة و لا یخفی بعده.
حتی فتر معلله قال الجوهری علله بالشی ء لهاه به كما یعلل الصبی بشی ء
ص: 165
من الطعام یتجزأ به عن اللبن انتهی أی ضعف عن التعلیل لطول المرض أو لأن المعلل یكون له نشاط فی أوائل المرض لو جاء البرء فإذا رأی أمارات الهلاك فترت همته و فی الصحاح مرضته تمریضا إذا قمت علیه فی مرضه و تعایا أهله أی عجزوا عن تحقیق مرضه قال الجوهری عییت بأمری إذا لم تهتد لوجهه و أعیانی هو و أعیا علیه الأمر و تعیا و تعایا بمعنی.
و خرسوا أی سكتوا عن جواب السائلین عنه لأنهم لا یخبرون عن عافیة لعدمها و لا عن عدمها لكونه غیر موافق لنفوسهم و تنازعوا دونه شجی خبر الشجی ما اعترض فی الحلق من عظم و نحوه و الشجو الهم و الحزن أی تخاصموا فی خبر معترض فی حلوقهم لا یمكنهم إساغته لشدته و لا بثه لفظاعته و قال ابن أبی الحدید أی تخاصموا فی خبر ذی شجی أو خبر ذی غصة یتنازعونه و هم حول المریض سرا دونه و هو لا یعلم بنجواهم فقائل منهم هو لما به أی قد أشفی علی الموت و ممن لهم أی یمنیهم إیاب عافیته أی عودها یقول رأینا من بلغ أعظم من هذا ثم عوفی أسی الماضین الأسی جمع أسوة أی التأسی بالماضین أو صبر الماضین قال الجوهری الأسوة و الأسوة بالكسر و الضم لغتان و هو ما یأتسی به الحزین و یتعزی به و جمعها أسی و إسی ثم سمی الصبر أسی و لا تأتس بمن لیس لك بأسوة أی لا تقتد بمن لیس لك بقدوة انتهی.
و الغصص جمع غصة و هو ما یعترض فی مجری الأنفاس فكم من مهم من جوابه كوصیة أرادها أو مال مدفون أراد أن یعرفه أهله فعی أی عجز فتصام عنه أی أظهر الصمم لأنه لا حیلة له ثم وصف علیه السلام ذلك الدعاء فقال من كبیر كان یعظمه كصراخ الوالد علی الولد و الولد یسمع و لا یستطیع الكلام أو صغیر كان یرحمه كصراخ الولد علی الوالد و إن للموت لغمرات أی شدائد هی أشد و أشنع من أن یبین بوصف كما هو حق بیانها و أو تعتدل علی عقول أهل الدنیا أی لا تستقیم علی العقول و لا تقبلها أو لا یقدر أهل الدنیا علی تعقلها.
ص: 166
«2»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ فَقَالَ ادْنُ مِنِّی یَا أَبَا ذَرٍّ أَسْتَنِدْ إِلَیْكَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَاسْتَنَدَ إِلَی صَدْرِی إِلَی أَنْ دَخَلَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ لِی قُمْ یَا أَبَا ذَرٍّ فَإِنَّ عَلِیّاً أَحَقُّ بِهَذَا مِنْكَ فَجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاسْتَنَدَ إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِی هَاهُنَا بَیْنَ یَدَیَّ فَجَلَسْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لِی اعْقِدْ بِیَدِكَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِحَجَّةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِعُمْرَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِطَعَامِ مِسْكِینٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِجِهَادٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لَوْ قَدْرَ فُوَاقِ النَّاقَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ(1).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رُبَّمَا أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ علیه السلام فَرَدَّدَ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ لِیُخْرِجَهَا مِنْ أَهْوَنِ الْمَوَاضِعِ عَلَیْهِ وَ یَرَی النَّاسُ أَنَّهُ شُدِّدَ عَلَیْهِ وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رُبَّمَا أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِالتَّشْدِیدِ عَلَی الْكَافِرَ فَیَجْذِبُ نَفْسَهُ جَذْبَةً وَاحِدَةً كَمَا یُجْذَبُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ وَ یَرَی النَّاسُ أَنَّهُ هُوِّنَ عَلَیْهِ (2).
بیان: السفود بالتشدید الحدیدة التی یشوی بها اللحم.
«3»- الدَّعَائِمُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَتَكُونُ لَهُ الْمَنْزِلَةُ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَا یَبْلُغُهَا بِشَیْ ءٍ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّی یُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَ لَمْ یَبْلُغْ تِلْكَ الدَّرَجَةَ فَیُشَدَّدُ عَلَیْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَیَبْلُغُهَا(3).
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ أَوْصَی رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أُوصِیكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ یُسَلِّیكَ عَنْ أَمْرِ الدُّنْیَا(4).
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ قَالَ الْمَوْتُ فَإِنَّ أَكْیَسَ الْمُؤْمِنِینَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ
ص: 167
أَشَدُّهُمْ لَهُ اسْتِعْدَاداً(1).
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَكْیَسُ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ أَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَاداً لَهُ (2).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّهُ أَوْصَی بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مَا أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِنْسَانٌ إِلَّا زَهِدَ فِی الدُّنْیَا(3).
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْمَوْتُ رَیْحَانَةُ الْمُؤْمِنِ (4).
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مُسْتَرِیحٌ وَ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ فَأَمَّا الْمُسْتَرِیحُ فَالْعَبْدُ الصَّالِحُ اسْتَرَاحَ مِنْ غَمِّ الدُّنْیَا وَ مَا كَانَ فِیهِ مِنَ الْعِبَادَةِ إِلَی الرَّاحَةِ وَ نَعِیمِ الْآخِرَةِ(5) وَ أَمَّا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ فَالْفَاجِرُ یَسْتَرِیحُ مِنْهُ مَلَكَاهُ (6).
وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ: أَلَا رُبَّ مَسْرُورٍ مَقْبُورٍ وَ هُوَ لَا یَشْعُرُ یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ وَ یَضْحَكُ وَ حَقٌّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أَنْ سَیَصْلَی السَّعِیرَ(7).
وَ عَنْ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ ابْنَ آدَمَ أَحْمَقَ مَا عَاشَ وَ لَوْ عَلِمَتِ الْبَهَائِمُ أَنَّهَا تَمُوتُ كَمَا تَعْلَمُونَ مَا سَمِنَتْ لَكُمْ (8).
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَیْتُ إِیمَاناً مَعَ یَقِینٍ أَشْبَهَ مِنْهُ بِشَكٍّ إِلَّا هَذَا الْإِنْسَانَ إِنَّهُ كُلَّ یَوْمٍ یُوَدِّعُ وَ إِلَی الْقُبُورِ یُشَیِّعُ وَ إِلَی غُرُورِ الدُّنْیَا یَرْجِعُ وَ عَنِ الشَّهْوَةِ وَ اللَّذَّةِ لَا یُقْلِعُ فَلَوْ لَمْ یَكُنْ لِابْنِ آدَمَ الْمِسْكِینِ ذَنْبٌ یَتَوَقَّعُهُ وَ لَا حِسَابٌ یُوقَفُ عَلَیْهِ إِلَّا مَوْتٌ یُبَدِّدُ شَمْلَهُ وَ یُفَرِّقُ جَمْعَهُ وَ یُؤْتِمُ وُلْدَهُ لَكَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُحَاذِرَ مَا هُوَ فِیهِ وَ لَقَدْ غَفَلْنَا عَنِ الْمَوْتِ غَفْلَةَ أَقْوَامٍ غَیْرِ نَازِلٍ بِهِمْ وَ رَكِنَّا إِلَی الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتِهَا رُكُونَ أَقْوَامٍ لَا یَرْجُونَ حِسَاباً وَ لَا یَخَافُونَ عِقَاباً(9).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غُشِیَ عَلَیْهِ فَبَكَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَأَفَاقَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ تَقُولُ مَنْ لَنَا بَعْدَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ:
ص: 168
أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِی (1).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ رَخَّصَ فِی زِیَارَةِ الْقُبُورِ وَ قَالَ تُذَكِّرُكُمُ الْآخِرَةَ(2).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ وَ تَقُومُ عَلَیْهِ وَ كَانَتْ فِی كُلِّ سَنَةٍ تَأْتِی قُبُورَ الشُّهَدَاءِ مَعَ نِسْوَةٍ مَعَهَا فَیَدْعُونَ وَ یَسْتَغْفِرُونَ (3).
وَ عَنْ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالْقُبُورِ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الدِّیَارِ وَ إِنَّا بِكُمْ لَاحِقُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (4).
وَ عَنْهُ علیه السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ تَخَطِّی الْقُبُورِ وَ الضَّحِكِ عِنْدَهَا(5).
«4»- الْهِدَایَةُ، قَالَ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ مُؤْمِنٍ فَقَرَأَ عِنْدَهُ إِنَّا أَنْزَلْناهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَ لِصَاحِبِ الْقَبْرِ وَ مَنْ یَزُورُ الْقَبْرَ یَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ یَضَعُ یَدَهُ عَلَی الْقَبْرِ إِلَّا أَنْ یَزُورَ إِمَاماً فَإِنَّهُ یَجِبُ أَنْ یَسْتَقْبِلَهُ بِوَجْهِهِ وَ یَجْعَلَ ظَهْرَهُ إِلَی الْقِبْلَةِ(6).
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَمَّا أَشْرَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْقُبُورِ قَالَ یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ یَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ فَهَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الصَّحَابَةِ فَقَالَ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ إِنَ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی (7).
وَ رُوِیَ: أَنَّ مَنْ مَسَحَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِ یَتِیمٍ تَرَحُّماً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَی یَدِهِ حَسَنَةً(8).
«5»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ،: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ
ص: 169
إِذَا حَضَرَ جِنَازَةٌ وَ حَضَرَ مَجْلِسُ عَالِمٍ أَیُّهُمَا أَحَبُّ إِلَیْكَ أَنْ أَشْهَدَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنْ كَانَ لِلْجِنَازَةِ مَنْ یَتْبَعُهَا وَ یَدْفِنُهَا فَإِنَّ حُضُورَ مَجْلِسِ عَالِمٍ أَفْضَلُ مِنْ حُضُورِ أَلْفِ جِنَازَةٍ وَ مِنْ عِیَادَةِ أَلْفِ مَرِیضٍ وَ مِنْ قِیَامِ أَلْفِ لَیْلَةٍ وَ مِنْ صِیَامِ أَلْفِ یَوْمٍ وَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ یُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَی الْمَسَاكِینِ وَ مِنْ أَلْفِ حَجَّةٍ سِوَی الْفَرِیضَةِ وَ مِنْ أَلْفِ غَزْوَةٍ سِوَی الْوَاجِبِ تَغْزُوهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِمَالِكَ وَ بِنَفْسِكَ وَ أَیْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْمَشَاهِدُ مِنْ مَشْهَدِ عَالِمٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ یُطَاعُ بِالْعِلْمِ وَ یُعْبَدُ بِالْعِلْمِ وَ خِیَرَةُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مَعَ الْعِلْمِ وَ شَرُّ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مَعَ الْجَهْلِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَقْوَامٍ لَیْسُوا بِأَنْبِیَاءَ وَ لَا شُهَدَاءَ یَغْبِطُهُمُ النَّاسُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِمَنَازِلِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ قِیلَ مَنْ هُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمُ الَّذِینَ یُحَبِّبُونَ عِبَادَ اللَّهِ إِلَی اللَّهِ وَ یُحَبِّبُونَ اللَّهَ إِلَی عِبَادِهِ قُلْنَا هَذَا حَبَّبُوا اللَّهَ إِلَی عِبَادِهِ فَكَیْفَ یُحَبِّبُونَ عِبَادَ اللَّهِ إِلَی اللَّهِ قَالَ یَأْمُرُونَهُمْ بِمَا یُحِبُّ اللَّهُ وَ یَنْهَوْنَهُمْ عَمَّا یَكْرَهُ اللَّهُ فَإِذَا أَطَاعُوهُمْ أَحَبَّهُمُ اللَّهُ (1).
وَ مِنْهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أُسَلِّمُ عَلَی أَهْلِ الْقُبُورِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَیْفَ أَقُولُ قَالَ تَقُولُ السَّلَامُ عَلَی أَهْلِ الدِّیَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَ إِنَّا بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَاجِعُونَ (2).
وَ مِنْهُ قَالَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: أَنْزِلِ الدُّنْیَا مِنْكَ كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ ثُمَّ أَرَدْتَ التَّحَوُّلَ عَنْهُ مِنْ یَوْمِكَ أَوْ كَمَالٍ اكْتَسَبْتَهُ فِی مَنَامِكَ وَ لَیْسَ فِی یَدِكَ مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ إِذَا حَضَرْتَ فِی جَنَازَةٍ فَكُنْ كَأَنَّكَ الْمَحْمُولُ عَلَیْهَا وَ كَأَنَّكَ سَأَلْتَ رَبَّكَ الرَّجْعَةَ إِلَی الدُّنْیَا فَرَدَّكَ فَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ قَدْ عَایَنَ (3).
وَ مِنْهُ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا فِیمَا مَضَی مِنَ الدَّهْرِ كَانَ لَا یُرْفَعُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا یُرْفَعُ لَهُ وَ لَمْ
ص: 170
یَكُنْ لَهُ سَیِّئَةٌ فَأَحَبَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَأْذَنَ لَهُ فَیَنْزِلَ إِلَیْهِ فَیُسَلِّمَ عَلَیْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَنَزَلَ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ یُصَلِّی فَجَلَسَ الْمَلَكُ وَ جَاءَ أَسَدٌ فَوَثَبَ عَلَی الرَّجُلِ فَقَطَعَهُ أَرْبَعَةَ آرَابٍ وَ فُرِّقَ فِی كُلِّ جِهَةٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ إِرْباً وَ انْطَلَقَ فَقَامَ الْمَلَكُ فَجَمَعَ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ فَدَفَنَهَا ثُمَّ مَضَی عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مُشْرِكٍ تُعْرَضُ عَلَیْهِ أَلْوَانُ الْأَطْعِمَةِ فِی آنِیَةِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ هُوَ مَلِكُ الْهِنْدِ وَ هُوَ كَذَلِكَ إِذْ تَكَلَّمَ بِالشِّرْكِ فَصَعِدَ الْمَلَكُ فَدُعِیَ فَقِیلَ لَهُ مَا رَأَیْتَ فَقَالَ مِنْ أَعْجَبِ مَا رَأَیْتُ عَبْدُكَ فُلَانٌ الَّذِی لَمْ یَكُنْ یُرْفَعُ لِأَحَدٍ مِنَ الْآدَمِیِّینَ مِنَ الْحَسَنَاتِ مِثْلُ مَا یُرْفَعُ لَهُ سَلَّطْتَ عَلَیْهِ كَلْباً فَقَطَعَهُ إِرْباً ثُمَّ مَرَرْتُ بِعَبْدٍ لَكَ قَدْ مَلَّكْتَهُ تُعْرَضُ عَلَیْهِ آنِیَةُ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فِیهَا أَلْوَانُ الْأَطْعِمَةِ فَیُشْرِكُ بِكَ وَ هُوَ سَوِیٌّ قَالَ فَلَا تَعْجَبَنَّ مِنْ عَبْدِیَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ سَأَلَنِی مَنْزِلَةً مِنَ الْجَنَّةِ لَمْ یَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ فَسَلَّطْتُ عَلَیْهِ الْكَلْبَ لِأُبْلِغَهُ الدَّرَجَةَ الَّتِی أَرَادَهَا وَ أَمَّا عَبْدِیَ الْآخَرُ فَإِنِّی اسْتَكْثَرْتُ لَهُ شَیْئاً صَنَعْتُهُ بِهِ لِمَا یَصِیرُ إِلَیْهِ غَداً مِنْ عَذَابِی (1).
«6»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ الْمَوْتُ وَ قَالَ الْمَوْتُ كَفَّارَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَ إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ ثُلِمَ فِی الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا یَسُدُّ مَكَانَهَا شَیْ ءٌ وَ بَكَتْ عَلَیْهِ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِی كَانَ یَعْبُدُ اللَّهَ فِیهَا.
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ انْتَقَی الْمَوْتُ خِیَارَ أُمَّتِی كَمَا یَنْتَقِی أَحَدُكُمْ خِیَارَ الرُّطَبِ مِنَ الطَّبَقِ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَیْسَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلَّا الْمَوْتُ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: هَوْلٌ لَا تَدْرِی مَتَی یَغْشَاكَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَسْتَعِدَّ لَهُ قَبْلَ أَنْ یَفْجَأَكَ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا أَنْزَلَ الْمَوْتَ حَقَّ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ
ص: 171
وَ مَا أَطَالَ عَبْدٌ الْأَمَلَ إِلَّا أَسَاءَ الْعَمَلَ وَ طَلَبَ الدُّنْیَا.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ لَمْ یُكْثِرْ عَبْدٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِلَّا زَهِدَ فِی الدُّنْیَا.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ نَظَرْتُمْ إِلَی الْأَجَلِ وَ مَسِیرِهِ لَأَبْغَضْتُمُ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ إِنَّ لِكُلِّ سَاعٍ غَایَةً وَ غَایَةَ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ سَمِیناً عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ عَجِبْتُ لِمُؤَمِّلِ دُنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ لَمَّا دَنَا وَفَاةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَیَّ رَسُولًا حَتَّی آخُذَ أُهْبَةً قَالَ لَهُ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الشَّیْبَ رَسُولِی.
وَ حَدَّثَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ رَأَیْتُكَ فِی النَّوْمِ كَأَنِّی أَقُولُ لَكَ كَمْ بَقِیَ مِنْ أَجَلِی فَقُلْتَ لِی بِیَدِكَ هَكَذَا وَ أَوْمَأْتَ إِلَی خَمْسٍ وَ قَدْ شُغِلَ ذَلِكَ قَلْبِی فَقَالَ علیه السلام إِنَّكَ سَأَلْتَنِی عَنْ شَیْ ءٍ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هِیَ خَمْسٌ تَفَرَّدَ اللَّهُ بِهَا- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ(1) إِلَی آخِرِهَا.
وَ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: سُبْحَانَ مَنْ لَا یَسْتَأْنِسُ بِشَیْ ءٍ أَبْقَاهُ وَ لَا یَسْتَوْحِشُ مِنْ شَیْ ءٍ أَفْنَاهُ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ- لا یَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ یَمُوتُ (2) أَ فَتُرَاكَ تَجْمَعُ بَیْنَ أَهْلِ الْقِسْمَیْنِ فِی دَارٍ وَاحِدَةٍ وَ هِیَ النَّارُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ إِنَّ فُلَاناً جَارِی یُؤْذِینِی قَالَ اصْبِرْ عَلَی أَذَاهُ كُفَّ أَذَاكَ عَنْهُ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ وَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ جَارِی قَدْ مَاتَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله كَفَی بِالدَّهْرِ وَاعِظاً وَ كَفَی بِالْمَوْتِ مُفَرِّقاً.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا رَبِّ أَیُّ عبادی [عِبَادِكَ] أَحَبُّ إِلَیْكَ قَالَ الَّذِی یَبْكِی لِفَقْدِ الصَّالِحِینَ كَمَا یَبْكِی الصَّبِیُّ عَلَی فَقْدِ أَبَوَیْهِ.
ص: 172
وَ قَالَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام: مَا مِنْ شِیعَتِنَا إِلَّا صِدِّیقٌ شَهِیدٌ قُلْتُ أَنَّی یَكُونُ ذَلِكَ وَ هُمْ یَمُوتُونَ عَلَی فُرُشِهِمْ فَقَالَ أَ مَا تَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ- الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (1) ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَوْ لَمْ تَكُنِ الشَّهَادَةُ إِلَّا لِمَنْ قُتِلَ بِالسَّیْفِ لَأَقَلَّ اللَّهُ الشُّهَدَاءَ.
وَ قَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام: أَشَدُّ سَاعَاتِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ السَّاعَةُ الَّتِی یُعَایِنُ فِیهَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقُومُ فِیهَا مِنْ قَبْرِهِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقِفُ فِیهَا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ أَوْ إِلَی النَّارِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ حِینَ تُوضَعُ فِی قَبْرِكَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِینَ یُحْمَلُ النَّاسُ عَلَی الصِّرَاطِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِینَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ ثُمَّ تَلَا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (2) قَالَ هُوَ الْقَبْرُ وَ إِنَّ لَهُمْ فِیهِ مَعِیشَةً ضَنْكاً وَ اللَّهِ إِنَّ الْقُبُورَ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.
وَ قَالَ علیه السلام: الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَیْسَرُ مِنْهُ وَ إِنْ لَمْ یَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ.
وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: مَنْ مَاتَ عَلَی مُوَالاتِنَا فِی غَیْبَةِ قَائِمِنَا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ أَلْفِ شَهِیدٍ مِثْلَ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ.
وَ قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا شَأْنُكَ جَاوَرْتَ الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ إِنِّی أَجِدُهُمْ جِیرَانَ صِدْقٍ یَكُفُّونَ السَّیِّئَةَ وَ یُذَكِّرُونَ الْآخِرَةَ.
بیان: الانتقاء الاختیار قوله علیه السلام من الموت أی من شدائد الموت و العقوبات بعده أی لو كانوا مكلفین و علموا ترتب العقاب علی أعمالهم السیئة لكانوا دائما مهتمین لذلك فیهزلون و لم تجدوا منهم سمینا فلا ینافی ما ورد أن الموت مما لم تبهم عنه البهائم أو المعنی لو كانوا یعلمون كعلمكم بالتجارب و إخبار اللّٰه و الأنبیاء
ص: 173
و الأوصیاء و الصالحین لكانوا كذلك فإنهم و إن علموا الموت مجملا و یحذرون منه لكن لا یعلمون كعلمكم و الأول أظهر.
قوله علیه السلام بین أهل القسمین الظاهر أن القسم الآخر قوله تعالی فی سورة التغابن قُلْ بَلی وَ رَبِّی لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ (1) و یحتمل أن یكون إشارة إلی تتمة تلك الآیة بَلی وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فإنه فی قوة القسم لكنه بعید و كأن فی الحدیث سقطا.
«7»- أَعْلَامُ الدِّینِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: النَّاسُ اثْنَانِ رَجُلٌ أَرَاحَ وَ آخَرُ اسْتَرَاحَ فَأَمَّا الَّذِی اسْتَرَاحَ فَالْمُؤْمِنُ اسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْیَا وَ نَصَبِهَا وَ أَفْضَی إِلَی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ كَرِیمِ ثَوَابِهِ وَ أَمَّا الَّذِی أَرَاحَ فَالْفَاجِرُ اسْتَرَاحَ مِنْهُ النَّاسُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ أَفْضَی إِلَی مَا قَدَّمَ.
«8»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا رَأَی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً علیه السلام حَیْثُ تَقَرُّ عَیْنُهُ وَ لَا مُشْرِكٌ یَمُوتُ إِلَّا رَآهُمَا حَیْثُ یَسُوؤُهُ.
«9»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: إِنَّ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ ثَلَاثَةَ أَخِلَّاءَ فَخَلِیلٌ یَقُولُ لَهُ أَنَا مَعَكَ حَیّاً وَ مَیِّتاً وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ خَلِیلٌ یَقُولُ لَهُ أَنَا مَعَكَ حَتَّی تَمُوتَ وَ هُوَ مَالُهُ فَإِذَا مَاتَ صَارَ لِلْوَارِثِ وَ خَلِیلٌ یَقُولُ لَهُ أَنَا مَعَكَ إِلَی بَابِ قَبْرِكَ ثُمَّ أُخَلِّیكَ وَ هُوَ وَلَدُهُ (2).
الخصال، عن أبیه عن عبد اللّٰه الحمیری عن هارون: مثله (3).
«10»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبَانِ
ص: 174
بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَاتَ بَیْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ الْخَمِیسِ إِلَی زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ(1).
«11»- وَ مِنْهُ، وَ مِنَ الْعُیُونِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ الْوَفَاةُ بَكَی فَقِیلَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَبْكِی وَ مَكَانُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی أَنْتَ بِهِ وَ قَالَ فِیكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَالَ فِیكَ وَ قَدْ حَجَجْتَ عِشْرِینَ حَجَّةً مَاشِیاً وَ قَدْ قَاسَمْتَ رَبَّكَ مَالَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّی النَّعْلَ وَ النَّعْلَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّمَا أَبْكِی لِخَصْلَتَیْنِ لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ(2).
«12»- الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ (3) قُلْتُ یَا رَبِّ أَ یَمُوتُ الْخَلَائِقُ وَ یَبْقَی الْأَنْبِیَاءُ فَنَزَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ (4).
بیان: لعله صلی اللّٰه علیه و آله إنما سأل عن ذلك بعد نزول تلك الآیة لاحتمال كون الكلام مسوقا علی الاستفهام الإنكاری.
«13»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَشِیشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ خَلَفٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ ابْنِ جُرَیْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَیِّتٍ إِنَّمَا الْمَیِّتُ مَیِّتُ الْأَحْیَاءِ(5).
ص: 175
«14»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَذَكَرُوا عِنْدَهُ الْمُؤْمِنَ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا أَبَا الْفَضْلِ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ قُلْتُ بَلَی فَحَدِّثْنِی قَالَ فَقَالَ إِذَا قَبَضَ اللَّهُ رُوحَ الْمُؤْمِنِ صَعِدَ مَلَكَاهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالا رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلَانٌ وَ نِعْمَ الْعَبْدُ كَانَ لَكَ سَرِیعاً فِی طَاعَتِكَ بَطِیئاً عَنْ مَعْصِیَتِكَ وَ قَدْ قَبَضْتَهُ إِلَیْكَ فَمَا ذَا تَأْمُرُنَا مِنْ بَعْدِهِ قَالَ فَیَقُولُ اللَّهُ لَهُمَا اهْبِطَا إِلَی الدُّنْیَا وَ كُونَا عِنْدَ قَبْرِ عَبْدِی فَمَجِّدَانِی وَ سَبِّحَانِی وَ هَلِّلَانِی وَ كَبِّرَانِی وَ اكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِی حَتَّی أَبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أَزِیدُكَ فَقُلْتُ بَلَی فَزِدْنِی فَقَالَ إِذَا بَعَثَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ یَقْدُمُهُ أَمَامَهُ فَكُلَّمَا رَأَی الْمُؤْمِنُ هَوْلًا مِنْ أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ لَهُ الْمِثَالُ لَا تَحْزَنْ وَ لَا تَفْزَعْ وَ أَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ مِنَ اللَّهِ فَمَا یَزَالُ یُبَشِّرُهُ بِالسُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی یَقِفَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَیُحَاسِبُهُ حِسَاباً یَسِیراً وَ یَأْمُرُ بِهِ إِلَی الْجَنَّةِ وَ الْمِثَالُ أَمَامَهُ فَیَقُولُ لَهُ الْمُؤْمِنُ رَحِمَكَ اللَّهُ نِعْمَ الْخَارِجُ خَرَجْتَ مَعِی مِنْ قَبْرِی مَا زِلْتَ تُبَشِّرُنِی بِالسُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی رَأَیْتُ ذَلِكَ فَمَنْ أَنْتَ فَیَقُولُ لَهُ الْمِثَالُ أَنَا السُّرُورُ الَّذِی كُنْتَ تُدْخِلُهُ عَلَی أَخِیكَ الْمُؤْمِنِ فِی الدُّنْیَا خَلَقَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ لِأَسُرَّكَ (1).
15 مَجَالِسُ الْمُفِیدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ (2).
«16»- مُنْتَهَی الْمَطْلَبِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا یَتَمَنَّی أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ وَ لْیَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْیِنِی مَا كَانَتِ الْحَیَاةُ خَیْراً لِی وَ تَوَفَّنِی إِذَا كَانَتِ
ص: 176
الْوَفَاةُ خَیْراً لِی (1).
«17»- الْعُیُونُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَاسِرٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَجَعَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْجَامِعِ وَ قَدْ أَصَابَهُ الْعَرَقُ وَ الْغُبَارُ رَفَعَ یَدَیْهِ وَ قَالَ- اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَرَجِی مِمَّا أَنَا فِیهِ بِالْمَوْتِ فَعَجِّلْهُ لِیَ السَّاعَةَ وَ لَمْ یَزَلْ مَغْمُوماً إِلَی أَنْ قُبِضَ (2).
بیان: یدل علی جواز تمنی الموت فی بعض الأحوال و یحتمل أن یكون ذلك لإزالة وهم بعض الجاهلین الذین كانوا یظنون أنه علیه السلام مسرور بقرب المأمون راض بأفعاله متوقع لولایة عهده.
«18»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام یَقُولُ: إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِی كَانَ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلَیْهَا وَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ الَّتِی كَانَ یَصْعَدُ بِأَعْمَالِهِ فِیهَا وَ ثُلِمَ فِی الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا یَسُدُّهَا شَیْ ءٌ قَالَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِینَ الْفُقَهَاءَ حُصُونُ الْمُسْلِمِینَ كَحِصْنِ سُورِ الْمَدِینَةِ لَهَا(3).
منیة المرید، عن الكاظم علیه السلام: مثله.
بیان: بكاء البقاع و الأبواب المراد به بكاء أهلهما من الملائكة أو هو كنایة عن ظهور آثار فقده فیهما أو تمثیل لبیان عظم المصیبة فكأنه تبكی علیه السماء و الأرض كما هو الشائع فی العرف أنهم یذكرون ذلك لبیان شدة المصیبة و عمومها و الثلمة بالضم فرجة المكسور و المهدوم و إضافة الحصن إلی السور بیانیة أو أرید به المعنی المصدری.
«19»- مَجَالِسُ الْمُفِیدِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبِ عَنْ عِیسَی بْنِ حُمَیْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِیَّ یَقُولُ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِیُ
ص: 177
قَالَ: دَخَلْتُ الْبَصْرَةَ فَبَیْنَا أَنَا أَمْشِی بِشَارِعِهَا إِذْ أَبْصَرْتُ بِجَارِیَةٍ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً وَ إِذَا هِیَ كَالشَّنِّ الْبَالِی فَلَمْ أَزَلْ أَتْبَعُهَا وَ أَحْبِسُ نَفْسِی عَنْهَا حَتَّی انْتَهَتْ مِنَ الْمَقَابِرِ إِلَی قَبْرٍ فَجَلَسَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ بِصَوْتٍ مَا یَكَادُ یُبِینُ هَذَا وَ اللَّهِ الْمَسْكَنُ لَا مَا بِهِ نَغُرُّ أَنْفُسَنَا هَذَا وَ اللَّهِ الْمُفَرِّقُ بَیْنَ الْأَحْبَابِ وَ الْمُقَرِّبُ مِنَ الْحِسَابِ وَ بِهِ عِرْفَانُ الرَّحْمَةِ مِنَ الْعَذَابِ یَا أَبَهْ فَسَحَ اللَّهُ فِی قَبْرِكَ وَ تَغَمَّدَكَ بِمَا تَغَمَّدَ بِهِ نَبِیَّكَ أَمَا إِنِّی لَا أَقُولُ خِلَافَ مَا أَعْلَمُ كُنْتُ عِلْمِی بِكَ جَوَاداً إِذَا أُتِیتَ أُتِیتَ وِسَاداً وَ إِذَا اعْتُمِدْتَ وُجِدْتَ عِمَاداً ثُمَّ قَالَتْ:
یَا لَیْتَ شِعْرِی كَیْفَ غَیَّرَكَ الْبِلَی***أَمْ كَیْفَ صَارَ جَمَالُ وَجْهِكَ فِی الثَّرَی
لِلَّهِ دَرُّكَ أَیَّ كَهْلٍ غَیَّبُوا***تَحْتَ الْجَنَادِلِ لَا تُحَسُّ وَ لَا تُرَی
لُبّاً وَ حِلْماً بَعْدَ حَزْمٍ زَانَهُ***بَأْسٌ وَ جُودٌ حِینَ یُطْرَقُ لِلْقِرَی
لَمَّا نُقِلْتَ إِلَی الْمَقَابِرِ وَ الْبِلَی***دَنَتِ الْهُمُومُ فَغَابَ عَنْ عَیْنِی الْكِرَی (1).
«20»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ بَابَوَیْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیهما السلام یَا عِیسَی هَبْ لِی مِنْ عَیْنِكَ الدُّمُوعَ وَ مِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَ اكْحُلْ عَیْنَكَ بِمِیلِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ وَ قُمْ عَلَی قُبُورِ الْأَمْوَاتِ فَنَادِهِمْ بِالصَّوْتِ الرَّفِیعِ لَعَلَّكَ تَأْخُذُ مَوْعِظَتَكَ مِنْهُمْ وَ قُلْ إِنِّی لَاحِقٌ بِهِمْ فِی اللَّاحِقِینَ (2).
«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمَوْتُ
ص: 178
كَفَّارَةٌ لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِینَ (1).
«22»- أَعْلَامُ الدِّینِ، لِلدَّیْلَمِیِّ: فِیمَا أَوْصَی لُقْمَانُ ابْنَهُ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّ الْمَوْتَ عَلَی الْمُؤْمِنِ كَنَوْمَةٍ نَامَهَا وَ بَعْثَهُ كَانْتِبَاهِهِ مِنْهَا.
«23»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَمُوتُ فِی غُرْبَتِهِ إِلَّا بَكَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ رَحْمَةً لَهُ حَیْثُ قَلَّتْ بَوَاكِیهِ وَ فُسِحَ لَهُ فِی قَبْرِهِ بِنُورٍ یَتَلَأْلَأُ مِنْ حَیْثُ دُفِنَ إِلَی مَسْقَطِ رَأْسِهِ (2).
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمَوْتُ رَیْحَانَةُ الْمُؤْمِنِ (3).
«24»- كِتَابُ الصِّفِّینِ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ وَ جَازَ دُورَ بَنِی عَوْفٍ وَ كُنَّا مَعَهُ إِذَا نَحْنُ عَنْ أَیْمَانِنَا بِقُبُورٍ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِیَةٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا هَذِهِ الْقُبُورُ فَقَالَ لَهُ قُدَامَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ الْأَزْدِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ تُوُفِّیَ بَعْدَ مَخْرَجِكَ فَأَوْصَی أَنْ یُدْفَنَ فِی الظَّهْرِ وَ كَانَ النَّاسُ یُدْفَنُونَ فِی دُورِهِمْ وَ أَفْنِیَتِهِمْ فَدُفِنَ النَّاسُ إِلَی جَنْبِهِ.
فَقَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ خَبَّاباً فَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً وَ هَاجَرَ طَائِعاً وَ عَاشَ مُجَاهِداً وَ ابْتُلِیَ فِی جَسَدِهِ أَحْوَالًا وَ لَنْ یُضِیعَ اللَّهُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا فَجَاءَ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَ فَرَطٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ وَ بِكُمْ عَمَّا قَلِیلٍ لَاحِقُونَ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لَهُمْ وَ تَجَاوَزْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مِنْهَا خَلَقَنَا وَ فِیهَا یُعِیدُنَا وَ عَلَیْهَا یَحْشُرُنَا طُوبَی لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ وَ عَمِلَ لِلْحِسَابِ وَ قَنِعَ بِالْكَفَافِ وَ رَضِیَ
ص: 179
عَنِ اللَّهِ بِذَلِكَ.
بیان: قال الجوهری الوحشة الخلوة و الهم و قد أوحشت الرجل فاستوحش و أرض وحشة و بلد وحش بالتسكین أی قفر و توحشت الأرض صارت وحشة و أوحشت الأرض وجدتها وحشة و قال القفر مفازة لا نبات فیها و لا ماء یقال أرض قفر و مفازة قفرة و أقفرت الدار خلت.
«25»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ،: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّینَ فَأَشْرَفَ عَلَی الْقُبُورِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ وَ الْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ یَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ یَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ یَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لَاحِقٌ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ إِنَ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی (1).
وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً یُنَادِی فِی كُلِّ یَوْمٍ لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ وَ ابْنُوا لِلْخَرَابِ (2).
وَ قَالَ علیه السلام: الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ (3).
وَ قَالَ علیه السلام: فِیمَا كَتَبَ إِلَی الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِلَّا بِشَرْطٍ وَثِیقٍ (4).
بیان: أی لا تتمن الموت إلا مشروطا بالمغفرة أو بعد تحصیل ما یوجب رفع درجات الآخرة فی بقیة العمر و قال ابن أبی الحدید أی لا تتمن الموت إلا و أنت واثق من أعمالك الصالحة أنها تؤدیك إلی الجنة و تنقذك من النار.
أقول: علی هذا یحتمل أن یكون نهیا عن تمنی الموت مطلقا فإن ذلك
ص: 180
الوثوق لا یكاد یحصل لأحد سوی الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام.
«26»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كَتَبَ صَاحِبُ الرُّومِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ عَجَزَ عَنْهَا فَبَعَثَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ یَسْأَلُهُ عَنْهَا فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَیْنَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُسْلِمِینَ وَ أَیْنَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ علیه السلام تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُسْلِمِینَ عَیْناً فِی الْجَنَّةِ تُسَمَّی سَلْمَی وَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ فِی جُبٍّ فِی النَّارِ یُسَمَّی بَرَهُوتَ الْخَبَرَ.
«27»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ: إِنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِی عَامِرٍ تَزَوَّجَ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی كَانَ فِی صَبِیحَتِهَا حَرْبُ أُحُدٍ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُقِیمَ عِنْدَ أَهْلِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ- فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ (1) فَأَقَامَ عِنْدَ أَهْلِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ وَ هُوَ جُنُبٌ فَحَضَرَ الْقِتَالَ فَاسْتُشْهِدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِی صِحَافِ فِضَّةٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَكَانَ یُسَمَّی غَسِیلَ الْمَلَائِكَةِ(2).
بیان: ربما یستدل به علی أن الجنب إذا استشهد یغسل للجنابة و لا یخفی وهنه.
«28»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، رُوِیَ: أَنَّهُ كَانَ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً یَا ابْنَ آدَمَ- لَا تَشْتَهِی تَمُوتُ حَتَّی تَتُوبَ وَ أَنْتَ لَا تَتُوبُ حَتَّی تَمُوتَ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْیَسِیرِ وَ قِیلَ إِنَّ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْیَا أَنَّكَ تَبْكِی عَلَی مَنْ تَدْفِنُهُ وَ تَطْرَحُ التُّرَابَ عَلَی وَجْهِ مَنْ تُكْرِمُهُ.
وَ مِنْهُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَوْتُ الْأَبْرَارِ رَاحَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ وَ مَوْتُ الْفُجَّارِ رَاحَةٌ لِلْعَالَمِ.
وَ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لَهُ بَابٌ یَصْعَدُ مِنْهُ
ص: 181
عَمَلُهُ وَ یَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَإِذَا مَاتَ بَكَیَا عَلَیْهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ (1).
و قال الكراجكی ره بعد إیراد الخبر هذه الآیة نزلت فی قوم فرعون و إهلاكهم و فیها وجوه من التأویل أحدها ما ورد فی هذا الخبر و معنی البكاء هاهنا الإخبار عن الاختلال بعده كما یقال بكی منزل فلان بعده قال مزاحم العقیلی:
بكت دارهم من بعدهم فتهللت***دموعی فأی الجازعین ألوم
أ مستعبرا یبكی من الهون و البلاء***و آخر یبكی شجوه و یهیم
فإذا لم یكن لهؤلاء القوم الذین أخبر اللّٰه تعالی ببوارهم مقام صالح فی الأرض و لا عمل كریم یرفع إلی السماء جاز أن یقال فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ و قد روی عن ابن عباس أنه قیل له و قد سئل عن هذه الآیة أ تبكی السماء و الأرض علی أحد فقال نعم مصلاه فی الأرض و مصعد عمله فی السماء.
و الثانی أن یكون تعالی أراد المبالغة فی وصف القوم بصغر القدر و سقوط المنزلة لأن العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالهالك قالت كسفت لفقده الشمس و أظلم القمر و بكاه اللیل و النهار و السماء و الأرض قال جریر یرثی عمر بن عبد العزیز:
الشمس طالعة لیست بكاسفة***تبكی علیك نجوم اللیل و القمر
و الثالث أن یكون اللّٰه تعالی أراد ببكائهما بكاء أهلهما كما فی قوله تعالی وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ(2).
و الرابع أن یكون المعنی لم یأخذ آخذ بثأرهم و لا أحد انتصر لهم لأن العرب كانت لا تبكی علی قتیل إلا بعد الأخذ بثأره فكنی بهذا اللفظ عن فقد الانتصار و الأخذ بالثأر علی مذهب القوم الذین خوطبوا بالقرآن.
ص: 182
و الخامس أن یكون البكاء كنایة عن المطر و السقیا لأن العرب تشبه المطر بالبكاء فمعنی الآیة أن السماء لم تسق قبورهم و لم تجد بقطرها علیهم علی مذهب العرب المعهود بینهم لأنهم كانوا یستسقون السحائب لقبور من فقدوه من أعزائهم و یستنبتون الزهر و الریاض لمواقع حفرهم قال النابغة:
فلا زال قبر بین تبنی و حاسم***علیه من الوسمی طل و وابل
فینبت حوذانا و غوفا منورا***سأتبعه من خیر ما قال قائل
و كانوا یجرون هذا الدعاء مجری الاسترحام و مسألة اللّٰه تعالی لهم الرضوان و الفعل إذا أضیف إلی السماوات كان لا تجوز إضافته إلی الأرض فقد یصح عطف الأرض علی السماء بأن یقدر فعل یصح نسبته إلیها و العرب تفعل مثل هذا قال الشاعر:
یا لیت زوجك قد غدا***متقلدا سیفا و رمحا
بعطف الرمح علی السیف و إن كان التقلد لا یجوز فیه و مثل هذا یقدر فی الآیة فیقال إنه تعالی أراد السماء لم تسق قبورهم و أن الأرض لم تعشب علیها و كل هذا كنایة عن حرمانهم رحمه اللّٰه عز و جل و ربما شبه الشعراء النبات بضحك الأرض كما شبهوا المطر ببكاء السماء و فی ذلك یقول أبو تمام:
إن السماء إذا لم تبك مقلتها***لم تضحك الأرض عن شی ء من الخضر
و الزهر لا تنجلی أبصاره أبدا***إلا إذا رمدت من كثرة المطر
بیان: قال الفیروزآبادی هام یهیم هیما و هیمانا أحب امرأة و الهیام بالضم كالجنون من العشق و قال تبنی بالضم موضع و قال حاسم كصاحب موضع و قال الوسمی مطر الربیع الأول و قال الطل المطر الضعیف و الوابل المطر الشدید الضخم القطر و قال الجوهری الحوذان نبت نوره أصفر و فی القاموس الغوف نبات طیب الرائحة.
«29»- عُدَّةُ الدَّاعِی، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ صَعِدَ مَلَكَاهُ فَقَالا یَا رَبَّنَا أَمَتَّ فُلَاناً فَیَقُولُ انْزِلَا فَصَلِّیَا عَلَیْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَ هَلِّلَانِی وَ كَبِّرَانِی وَ اكْتُبَا
ص: 183
مَا تَعْمَلَانِ لَهُ.
«30»- أَعْلَامُ الدِّینِ، لِلدَّیْلَمِیِّ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ بَیْتٍ إِلَّا وَ مَلَكُ الْمَوْتِ یَقِفُ عَلَی بَابِهِ كُلَّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَإِذَا وَجَدَ الْإِنْسَانَ قَدْ نَفِدَ أَجَلُهُ وَ انْقَطَعَ أُكُلُهُ أَلْقَی عَلَیْهِ الْمَوْتَ فَغَشِیَتْهُ كُرُبَاتُهُ وَ غَمَرَتْهُ غَمَرَاتُهُ فَمِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ النَّاشِرَةُ شَعْرَهَا وَ الضَّارِبَةُ وَجْهَهَا الصَّارِخَةُ بِوَیْلِهَا الْبَاكِیَةُ بِشَجْوِهَا فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَیْلَكُمْ مِمَّ الْفَزَعُ وَ فِیمَ الْجَزَعُ وَ اللَّهِ مَا أَذْهَبْتُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَالًا وَ لَا قَرَّبْتُ لَهُ أَجَلًا وَ لَا أَتَیْتُهُ حَتَّی أُمِرْتُ وَ لَا قَبَضْتُ رُوحَهُ حَتَّی اسْتُؤْمِرْتُ وَ إِنَّ لِی إِلَیْكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً حَتَّی لَا أُبْقِیَ مِنْكُمْ أَحَداً.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ یَرَوْنَ مَكَانَهُ وَ یَسْمَعُونَ كَلَامَهُ لَذَهِلُوا عَنْ مَیِّتِهِمْ وَ بَكَوْا عَلَی نُفُوسِهِمْ حَتَّی إِذَا حُمِلَ الْمَیِّتُ عَلَی نَعْشِهِ رَفْرَفَ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ وَ هُوَ یُنَادِی یَا أَهْلِی وَ وُلْدِی- لَا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْیَا كَمَا لَعِبَتْ بِی جَمَعْتُهُ مِنْ حِلِّهِ وَ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ خَلَّفْتُهُ لِغَیْرِی وَ الْمَهْنَأُ لَهُ وَ التَّبِعَاتُ عَلَیَّ فَاحْذَرُوا مِنْ مِثْلِ مَا نَزَلَ بِی.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ (1) قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ اسْتَثْنَی اللَّهُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِذَا قَبَضَ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْخَلَائِقِ قَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِیَ قَالَ یَقُولُ سُبْحَانَكَ رَبِّی تَبَارَكْتَ رَبِّی وَ تَعَالَیْتَ رَبِّی ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ بَقِیَ جَبْرَائِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ فَیَقُولُ خُذْ نَفْسَ إِسْرَافِیلَ فَیَأْخُذُ نَفْسَ إِسْرَافِیلَ قَالَ فَیَقُولُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِیَ قَالَ فَیَقُولُ سُبْحَانَكَ رَبِّی تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَیْتَ رَبِّی ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ بَقِیَ جَبْرَائِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ فَیَقُولُ خُذْ نَفْسَ مِیكَائِیلَ قَالَ فَیَأْخُذُ نَفْسَ مِیكَائِیلَ فَیَقَعُ كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ فَیَقُولُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ
ص: 184
مَنْ بَقِیَ فَیَقُولُ تَبَارَكْتَ رَبِّی وَ تَعَالَیْتَ بَقِیَ جَبْرَئِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ فَیَقُولُ مُتْ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَیَمُوتُ قَالَ فَیَقُولُ یَا جَبْرَئِیلُ مَنْ بَقِیَ فَیَقُولُ تَبَارَكْتَ رَبِّی وَ تَعَالَیْتَ ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ وَجْهُكَ الْبَاقِی الدَّائِمُ وَ جَبْرَئِیلُ الْمَیِّتُ الْفَانِی قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ لَا بُدَّ مِنَ الْمَوْتِ فَیَخِرُّ سَاجِداً فَیَخْفِقُ بِجَنَاحَیْهِ فَیَقُولُ سُبْحَانَكَ رَبِّی تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَیْتَ ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَعِنْدَ ذَلِكَ یَمُوتُ جَبْرَئِیلُ وَ هُوَ آخِرُ مَنْ یَمُوتُ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ.
«31»- إِخْتِیَارُ ابْنِ الْبَاقِی، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْمَقْبَرَةِ وَ یُرْوَی بِالْمَقَابِرِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ الْمَقْبَرَةِ وَ التُّرْبَةِ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَنَازِلَ بَعْدَكُمْ قَدْ سُكِنَتْ وَ أَنَّ الْأَمْوَالَ بَعْدَكُمْ قَدْ قُسِمَتْ وَ أَنَّ الْأَزْوَاجَ بَعْدَكُمْ قَدْ نُكِحَتْ فَهَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ مِنَ الْمَقَابِرِ نَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ لَا نَرَی شَخْصَهُ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَمَّا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَقَدْ وَجَدْنَا مَا وُعِدْنَاهُ وَ رَبِحْنَا مَا قَدَّمْنَاهُ وَ خَسِرْنَا مَا خَلَّفْنَاهُ فَالْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ سَمِعْتُمْ قَالُوا نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی.
«32»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِیداً- أَوْ خَلْقاً مِمَّا یَكْبُرُ فِی صُدُورِكُمْ (1) قَالَ الْخَلْقُ الَّذِی یَكْبُرُ فِی صُدُورِكُمْ الْمَوْتُ (2).
بیان: قال فی مجمع البیان فی تفسیر هذه الآیة أی اجهدوا فی أن لا تعادوا و لا تحشروا أو كونوا إن استطعتم حجارة أو حدیدا فی الشدة أو خلقا هو أعظم من ذلك عندكم و أصعب فإنكم لا تفوتون اللّٰه و یحییكم بعد الموت و قیل یعنی
ص: 185
بقوله ما یكبر فی صدوركم الموت عن ابن عباس و ابن جبیر أی لو كنتم الموت لأماتكم اللّٰه (1)
و لیس شی ء أكبر فی صدور بنی آدم من الموت و قیل یعنی به السماوات و الأرض و الجبال (2).
قد فرغ من تسوید هذا الجزء من المجلد الثامن عشر مؤلفه الحقیر المقر بالتقصیر فی رابع عشر شهر صفر ختم بالخیر و الظفر من شهور سنة أربع و تسعین بعد الألف الهجریة و الحمد لله أولا و آخرا و صلی اللّٰه علی سید المرسلین محمد و عترته الأكرمین الأقدسین.
ص: 186
القسم الثانی : كتاب الصلاة
ص: 187
الآیات:
البقرة: وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ(1)
و قال تعالی: وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ فی مواضع (2)
و قال تعالی: وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ- الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ (3)
و قال تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ(4)
ص: 188
و قال تعالی: وَ أَقامُوا الصَّلاةَ(1)
المائدة: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ(2)
الأنعام: وَ أَنْ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ اتَّقُوهُ (3)
و قال تعالی: وَ الَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِیعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِینَ (4)
الأنفال: الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ(5)
التوبة: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِیلَهُمْ (6)
و قال: إِنَّما یَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَی الزَّكاةَ(7)
و قال تعالی: وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ(8)
الرعد: وَ أَقامُوا الصَّلاةَ(9)
إبراهیم: قُلْ لِعِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا یُقِیمُوا الصَّلاةَ وَ یُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِیَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا بَیْعٌ فِیهِ وَ لاخِلالٌ (10)
و قال تعالی: رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ إلی قوله رَبِّ اجْعَلْنِی مُقِیمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی (11)
مریم: وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا(12)
ص: 189
و قال تعالی: وَ كانَ یَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ(1)
طه: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوی (2)
الأنبیاء: وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِمْ فِعْلَ الْخَیْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ(3)
الحج: الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ(4)
و قال تعالی: فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ(5)
النور: وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (6)
النمل: هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ- الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ(7)
العنكبوت: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ(8)
الروم: وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِینَ (9)
لقمان: هُدیً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِینَ- الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ (10)
و قال: یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ(11)
فاطر: إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَیْبِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ(12)
ص: 190
و قال تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِیَةً یَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ(1)
حمعسق: وَ الَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ(2)
المجادلة: فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ(3)
المزمل: وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ(4)
المدثر: قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ (5)
القیامة: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی (6)
العلق: أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی- عَبْداً إِذا صَلَّی (7)
البینة: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفاءَ وَ یُقِیمُوا الصَّلاةَ وَ یُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِینُ الْقَیِّمَةِ(8)
تفسیر:
وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ(9) بإتمام ركوعها و سجودها و حفظ مواقیتها و حدودها و صیانتها مما یفسدها أو ینقصها و فسر فی تفسیر الإمام علیه السلام (10) بالصلاة علی محمد و آل محمد و هو بطن من بطونها.
وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ(11) أی استعینوا علی حوائجكم أو علی قربه سبحانه و الوصول إلی درجات الآخرة بالصبر عن المعاصی و علی الطاعات و فی المصائب و بكل صلاة فریضة أو نافلة و فیه دلالة علی مطلوبیة الصلاة فی
ص: 191
كل وقت لا سیما عند عروض حاجة و قیل أی بالجمع بینهما بأن تصلوا صابرین علی تكلیف الصلاة محتملین لمشاقها و ما یجب من شرائطها و آدابها.
و قیل استعینوا علی البلایا و النوائب بالصبر علیها و الالتجاء إلی الصلاة كما روی: أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان إذا حزبه (1) أمر فزع إلی الصلاة.
و عن ابن عباس أنه نعی إلیه أخوه قثم و هو فی سفر فاسترجع و تنحی عن الطریق فصلی ركعتین و أطال فیهما الجلوس ثم قام یمشی إلی راحلته و هو یقول اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ(2) و سیأتی فی أخبار كثیرة أن المراد بالصبر الصوم و أنه ینبغی أن یستعین فی الحوائج و غموم الدنیا بالصوم و الصلاة
و فی تفسیر الإمام علیه السلام: اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ عن الحرام علی تأدیة الأمانات و عن الرئاسات الباطلة و علی الاعتراف بالحق و استحقاق الغفران و الرضوان و نعیم الجنان و بالصلوات الخمس وَ الصَّلاةِ علی النبی و آله الطاهرین علی قرب الوصول إلی جنات النعیم.
وَ إِنَّها(3) أی الاستعانة بهما أو إن الصلاة أو جمیع الأمور التی أمر بها بنو إسرائیل من قوله اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ إلی قوله وَ اسْتَعِینُوا كما قیل
ص: 192
و فی تفسیر الإمام علیه السلام: أن هذه الفعلة من الصلوات الخمس و الصلاة علی محمد و آله مع الانقیاد لأوامرهم و الإیمان بسرهم و علانیتهم و ترك معارضتهم بلم و كیف (1).
لَكَبِیرَةٌ لشاقة ثقیلة كقوله كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ (2) إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ أی الخائفین عقاب اللّٰه فی مخالفته فی أعظم فرائضه و ذلك نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة فی مقابلتها ما یستخف لأجله مشاقها و یستلذ بسببه متاعبها كما قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: جُعِلَتْ قُرَّةُ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ وَ كَانَ یَقُولُ أَرِحْنَا یَا بِلَالُ.
الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (3) فِی التَّوْحِیدِ وَ الْإِحْتِجَاجِ وَ تَفْسِیرِ الْعَیَّاشِیِ (4) عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّ الْمَعْنَی یُوقِنُونَ أَنَّهُمْ یُبْعَثُونَ وَ الظَّنُّ مِنْهُمْ یَقِینٌ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله اللِّقَاءُ الْبَعْثُ وَ الظَّنُّ هَاهُنَا الْیَقِینُ.
وَ فِی تَفْسِیرِ الْإِمَامِ علیه السلام: وَ یَتَوَقَّعُونَ أَنَّهُمْ یَلْقَوْنَ رَبَّهُمُ اللِّقَاءَ الَّذِی هُوَ أَعْظَمُ كَرَامَتِهِ لِعِبَادِهِ (5).
و قیل أی یتوقعون لقاء ثوابه و نیل ما عنده و فی مصحف عبد اللّٰه یعلمون و معناه یعلمون أنه لا بد من لقاء الجزاء فیعلمون علی حسب ذلك و أما من لم یوقن بالجزاء و لم یرج الثواب كانت علیه مشقة خالصة فثقلت علیه كالمنافقین و المراءین.
و فی المجمع بعد حمل الظن علی الیقین و قیل إنه بمعنی الظن غیر الیقین أی یظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم لشدة إشفاقهم من الإقامة علی معصیة
ص: 193
اللّٰه قال الرمانی و فیه بعد لكثرة الحذف و قیل الذین یظنون انقضاء آجالهم و سرعة موتهم فهم أبدا علی حذر و وجل و لا یركنون إلی الدنیا كما یقال لمن مات لقی اللّٰه (1).
وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ قال الإمام أی إلی كراماته و نعیم جناته قال و إنما قال یظنون لأنهم لا یدرون بما ذا یختم لهم لأن العاقبة مستورة عنهم لا یعلمون ذلك یقینا لأنهم لا یأمنون أن یغیروا و یبدلوا انتهی (2) و یسئل و یقال ما معنی الرجوع هنا و هم ما كانوا قط فی الآخرة فیعودوا إلیها و یجاب بوجوه أحدها أنهم راجعون بالإعادة فی الآخرة و ثانیها أنهم كانوا أمواتا فأحیوا ثم یموتون فیرجعون أمواتا كما كانوا و ثالثها أنهم راجعون بالموت إلی موضع لا یملك أحدهم ضرا و لا نفعا غیره تعالی كما كانوا فی بدء الخلق فإنهم فی أیام حیاتهم قد یملك غیره الحكم علیهم و التدبیر لنفعهم و ضرهم.
و الحق أنه لما دلت الأخبار علی أن الأرواح خلقت قبل الأجساد فهی قبل تعلقها بالأجساد كانت فی حالة تعود بعد قطع التعلق إلیها.
وَ الَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ (3) أی یتمسكون به و قرأ أبو بكر یمسكون بتسكین المیم و تخفیف السین و الباقون بالتشدید علی بناء التفعیل یقال أمسك و مسك و تمسك و استمسك بالشی ء بمعنی واحد أی استعصم به و الكتاب التوراة أو القرآن وَ أَقامُوا الصَّلاةَ فی تخصیص الصلاة بالذكر من بین سائر العبادات دلالة علی جلالة موقعها و شدة تأكدها.
و كذا قوله سبحانه فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا
ص: 194
سَبِیلَهُمْ (1) یدل علی اشتراط الإیمان بإقامة الصلاة و إیتاء الزكاة و قیل أی قبلوا إقامة الصلاة و إیتاء الزكاة لأن عصمة الدم لا یتوقف علی فعلهما فَخَلُّوا سَبِیلَهُمْ أی دعوهم یتصرفون فی بلاد الإسلام لهم ما للمسلمین و علیهم ما علیهم و قیل دعوهم یحجوا معكم و قال الطبرسی رحمه اللّٰه استدل بها علی أن من ترك الصلاة متعمدا یجب قتله لأن اللّٰه أوجب الامتناع من قتل المشركین بشرط أن یتوبوا و یقیموا الصلاة فإذا لم یقیموها وجب قتلهم انتهی (2).
و یمكن أن یقال إظهار الإسلام بعد الكفر لا یقبل إلا بالإتیان بهاتین الفریضتین اللتین هما من عمدة شرائعه.
وَ أَقامَ الصَّلاةَ(3) فی حصر تعمیر المساجد فیمن أتی بعد الإیمان باللّٰه و الیوم الآخر بهاتین الفریضتین دلالة علی جلالة شأنهما.
بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ (4) أی أنصار بعض أو متولی أمورهم.
یُقِیمُوا الصَّلاةَ(5) أی أقیموا الصلاة یقیموا أو لیقیموا لا بَیْعٌ فِیهِ فیبتاع المقصر ما یتدارك به تقصیره أو یفدی به نفسه وَ لا خِلالٌ و لا مخالة فیشفع له خلیله.
وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی أی و بعض ذریتی (6).
وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ(7) أی أهل بیتك و أهل دینك كما ذكره الطبرسی أو أهل بیتك خاصة كما رواه
أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ كَانَ
ص: 195
رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتِی بَابَ فَاطِمَةَ وَ عَلِیٍّ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ فَیَقُولُ الصَّلَاةَ یَرْحَمُكُمُ اللَّهُ- إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً. رواه الطبرسی (1) و قال و رواه ابن عقدة من طرق كثیرة عن أهل البیت علیهم السلام و عن غیرهم مثل أبی برزة و ابن أبی رافع
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یَخُصَّ أَهْلَهُ دُونَ النَّاسِ لِیَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ لِأَهْلِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً لَیْسَتْ لِلنَّاسِ فَأَمَرَهُمْ مَعَ النَّاسِ عَامَّةً وَ أَمَرَهُمْ خَاصَّةً.
وَ فِی الْعُیُونِ (2)، وَ غَیْرِهِ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فِی هَذِهِ الْآیَةِ قَالَ خَصَّنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْخُصُوصِیَّةِ إِذْ أَمَرَنَا مَعَ الْأُمَّةِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ خَصَّنَا مِنْ دُونِ الْأُمَّةِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَجِی ءُ عَلَی بَابِ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كُلَّ یَوْمٍ عِنْدَ حُضُورِ كُلِّ صَلَاةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَیَقُولُ الصَّلَاةَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ أَحَداً مِنْ ذَرَارِیِّ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام بِمِثْلِ هَذِهِ الْكَرَامَةِ الَّتِی أَكْرَمَنَا بِهَا وَ خَصَّنَا مِنْ دُونِ جَمِیعِ أَهْلِ بَیْتِهِمْ.
وَ فِی نَهْجِ الْبَلَاغَةِ(3): وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَصِباً بِالصَّلَاةِ بَعْدَ التَّبْشِیرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها فَكَانَ یَأْمُرُ بِهَا وَ یَصْبِرُ عَلَیْهَا نَفْسَهُ.
ثم اعلم أن الظاهر من الأخبار الماضیة و ما أوردنا سابقا فی مجلدات الحجة أن المراد من یختص به من أهل بیته لا أهل دینه مطلقا و أنه إنما أمر بذلك لبیان شرفهم و كرامتهم علیه تعالی فما قیل إنه یجب علینا أیضا أمر أهالینا بدلالة التأسی محل نظر و إن أمكن أن یقال هذا لا ینافی لزوم التأسی و یؤیده قوله تعالی قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِیكُمْ ناراً الآیة(4)
و عمومات الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر.
ص: 196
وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها بالمداومة علیها و احتمال مشاقها بل الأمر بها و احتمال مشاقه أیضا فهو صلی اللّٰه علیه و آله مأمور بها علی أبلغ وجه لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً لا نكلفك شیئا من الرزق لا لنفسك و لا لغیرك نَحْنُ نَرْزُقُكَ ما یكفیك و أهلك فیحتمل أن یكون المراد ترك التوصل إلی تحصیل الرزق و كسب المعیشة بالكلیة و یكون من خصائصه صلی اللّٰه علیه و آله لمنافاة تحصیل الرزق لتعرض أشغال النبوة و تحمل أعبائها و یحتمل العموم
كما ورد: من كان لله كان اللّٰه له و من أصلح أمر دینه أصلح اللّٰه أمر دنیاه و من أصلح ما بینه و بین اللّٰه أصلح اللّٰه ما بینه و بین الناس.
و قال تعالی وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ (1) و لعل الأولی حینئذ أن یراد ترك الاعتناء و الاهتمام لا ترك الطلب بالكلیة و سیأتی تمام القول فیه فی محله وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوی أی العاقبة المحمودة لأهل التقوی.
الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ (2) ورد فی الأخبار الكثیرة أنها نزلت فی الأئمة و قائمهم علیهم السلام.
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ(3) قال الطبرسی رحمه اللّٰه (4)
فی هذا دلالة علی أن فعل الصلاة لطف للمكلف فی ترك القبیح و المعاصی التی ینكرها العقل و الشرع فإن انتهی عن القبیح یكون توفیقا و إلا فقد أتی المكلف من قبل نفسه و قیل إن الصلاة بمنزلة الناهی بالقول إذا قال لا تفعل الفحشاء و المنكر و ذلك أن فیها التكبیر و التسبیح و التهلیل و القراءة و الوقوف بین یدی اللّٰه سبحانه و غیر ذلك من صنوف العبادة و كل ذلك یدعو إلی شكره و یصرف عن ضده فیكون مثل الأمر و النهی بالقول و كل دلیل مؤد إلی المعرفة بالحق فهو داع إلیه و صارف عن الباطل الذی هو ضده.
ص: 197
و قیل معناه أن الصلاة تنهی صاحبها عن الفحشاء و المنكر ما دام فیها و قیل معناه أنه ینبغی أن تنهاه كقوله وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً(1) و قال ابن عباس فی الصلاة منهی و مزدجر عن معاصی اللّٰه فمن لم تنهه صلاته عن المعاصی لم یزدد من اللّٰه إلا بعدا وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ لَمْ یَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً.
وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ یُطِعِ الصَّلَاةَ وَ طَاعَةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْهَی عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ.
و معنی ذلك أن الصلاة إذا كانت ناهیة عن المعاصی فمن أقامها ثم لم ینته عن المعاصی لم تكن صلاته بالصفة التی وصفها اللّٰه بها فإن تاب من بعد ذلك و ترك المعاصی فقد تبین أن صلاته كانت نافعة له و ناهیته و إن لم ینته إلا بعد زمان.
وَ رُوِیَ: أَنَّ فَتًی مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ یُصَلِّی الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَرْتَكِبُ الْفَوَاحِشَ فَوُصِفَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ صَلَاتَهُ تَنْهَاهُ یَوْماً مَا فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ تَابَ.
وَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قِیلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ فُلَاناً یُصَلِّی بِالنَّهَارِ وَ یَسْرِقُ بِاللَّیْلِ فَقَالَ إِنَّ صَلَاتَهُ لَتَرْدَعُهُ.
وَ رَوَی أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ أَ قُبِلَتْ صَلَاتُهُ أَمْ لَمْ تُقْبَلْ فَلْیَنْظُرْ هَلْ مَنَعَتْهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ فَبِقَدْرِ مَا مَنَعَتْهُ قُبِلَتْ مِنْهُ.
انتهی كلام الطبرسی.
وَ رُوِیَ فِی الْكَافِی عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ (2) عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ: أَنَّهُ سَأَلَهُ هَلْ یَتَكَلَّمُ الْقُرْآنُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الضُّعَفَاءَ مِنْ شِیعَتِنَا إِنَّهُمْ أَهْلُ تَسْلِیمٍ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ یَا سَعْدُ وَ الصَّلَاةُ تَتَكَلَّمُ وَ لَهَا صُورَةٌ وَ خَلْقٌ تَأْمُرُ وَ تَنْهَی قَالَ فَتَغَیَّرَ لِذَلِكَ لَوْنِی وَ قُلْتُ هَذَا شَیْ ءٌ لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ فِی النَّاسِ فَقَالَ علیه السلام
ص: 198
وَ هَلِ النَّاسُ إِلَّا شِیعَتُنَا فَمَنْ لَمْ یَعْرِفِ الصَّلَاةَ فَقَدْ أَنْكَرَ حَقَّنَا ثُمَّ قَالَ یَا سَعْدُ أُسْمِعُكَ كَلَامَ الْقُرْآنِ قَالَ سَعْدٌ فَقُلْتُ بَلَی صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ فَقَالَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ فَالنَّهْیُ كَلَامٌ وَ الْفَحْشَاءُ وَ الْمُنْكَرُ رَجُلٌ وَ نَحْنُ ذِكْرُ اللَّهِ وَ نَحْنُ أَكْبَرُ.
أقول: قد مرت الأخبار بأن المراد بالصلاة أمیر المؤمنین علیه السلام و الفحشاء و المنكر أبو بكر و عمر و ذكر اللّٰه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (1)
فقوله علیه السلام الصلاة تتكلم و لها صورة یمكن أن یكون علی سبیل التنظیر أی لا استبعاد فی أن یكون للقرآن صورة كما أن فی بطن تلك الآیة المراد بالصلاة رجل أو المراد أن للصلاة صورة و مثالا یترتب علیه و ینشأ منه آثار الصلاة فكذا القرآن.
و یحتمل أن یكون صورة القرآن فی القیامة أمیر المؤمنین علیه السلام فإنه حامل علمه و المتحلی بأخلاقه كما قال علیه السلام أنا كلام اللّٰه الناطق فإن كل من كمل فیه صفة عمل أو حالة فكأنه جسد لتلك الصفة و شخص لها فأمیر المؤمنین علیه السلام جسد للقرآن و للصلاة و الزكاة و لذكر اللّٰه لكمالها فیه فیطلق علیه تلك الأسامی فی بطن القرآن و یطلق علی مخالفیه الفحشاء و المنكر و البغی و الكفر و الفسوق و العصیان لكمالها فیهم فهم أجساد لتلك الصفات الذمیمة.
و بهذا التحقیق الذی أفیض علی ینحل كثیر من غوامض الأخبار و قد مر بعض الكلام فی ذلك فی أبواب الآیات النازلة فیهم و سیأتی فی كتاب القرآن أیضا.
وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام (2) أَنَّهُ قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ لِأَهْلِ الصَّلَاةِ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِهِمْ إِیَّاهُ أَ لَا تَرَی أَنَّهُ یَقُولُ فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ (3).
ص: 199
وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ وَ حَرَّمَ (1).
و قال الطبرسی (2)
أی و لذكر اللّٰه إیاكم برحمته أكبر من ذكركم إیاه بطاعته عن ابن عباس و غیره و قیل ذكر العبد لربه أكبر مما سواه و أفضل من جمیع أعماله عن سلمان و غیره و علی هذا فیكون تأویله أن أكبر شی ء فی النهی عن الفواحش ذكر العبد ربه و أوامره و نواهیه و ما أعده من الثواب و العقاب فإنه أقوی لطف یدعو إلی الطاعة و ترك المعصیة و هو أكبر من كل لطف و قیل معناه ذكر اللّٰه العبد فی الصلاة أكبر من الصلاة و قیل ذكر اللّٰه هو التسبیح و التقدیس و هو أكبر و أحری بأن ینهی عن الفحشاء و المنكر.
وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِینَ (3) فیه إیماء إلی أن ترك الصلاة نوع من الشرك.
الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ(4) فیه إیماء إلی أن العمدة فی الإحسان إقامة الصلاة.
إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَیْبِ (5) أی بالقلب الذی هو غائب عن الحواس أو هم غائبون عما یخشون اللّٰه بسببه من أحوال الآخرة و أهوالها أو یخشون ربهم فی خلواتهم و غیبتهم عن الخلق وَ أَقامُوا الصَّلاةَ لعل فیه إیماء إلی أن الصلاة المقبولة هی التی تكون لخشیة اللّٰه تعالی و مقرونة بها و إنما خص الإنذار بهم لأنهم المشفعون به دون غیرهم.
إِنَّ الَّذِینَ یَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ (6) فی الصلاة و غیرها لَنْ تَبُورَ
ص: 200
أی لن تكسد و لن تفسد و لن تهلك.
وَ الَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ (1) أی قبلوا ما أمروا به و فی تفسیر علی بن إبراهیم (2) فی إقامة الإمام و یدل علی أن الصلاة من عمدة المأمورات و أشرفها و علی ما فی التفسیر یومی إلی اشتراط قبول الصلاة و سائر الأعمال بالولایة.
قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ (3) یعنی الصلاة الواجبة كما سیأتی من نهج البلاغة و یدل علی مخاطبة الكفار بالفروع و قد مر تأویلها بمتابعة أئمة الدین و بالصلاة علیهم.
فَلا صَدَّقَ (4) أی بما یجب أن یصدق به أو لم یتصدق بشی ء وَ لا صَلَّی أی لم یصل لله.
أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی- عَبْداً إِذا صَلَّی (5) ما ذا یكون جزاؤه و ما یكون حاله
و فی تفسیر علی بن إبراهیم (6)
قال: كان الولید بن المغیرة ینهی الناس عن الصلاة و أن یطاع اللّٰه و رسوله فقال أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی.
و فی مجمع البیان (7)
جاء فی الحدیث: أن أبا جهل قال هل یعفر محمد وجهه بین أظهركم قالوا نعم قال فبالذی یحلف به لئن رأیته یفعل ذلك لأطأن علی رقبته فقیل ها هو ذلك یصلی فانطلق لیطأ علی رقبته فرأی معجزة و نكص علی عقبیه و تركه فأنزل اللّٰه هذه الآیة.
و قد مرت الأخبار فی ذلك.
ص: 201
مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ (1) أی لا یشركوا فی عبادته سبحانه أحدا و یدل علی وجوب الإخلاص و تحریم الریاء حنفاء مائلین عن جمیع الأدیان إلی دین الإسلام وَ ذلِكَ دِینُ الْقَیِّمَةِ أی دین الملة القیمة أو الكتب القیمة و یشعر بأن الإخلال بالصلاة و الزكاة و شرائطهما مخرج من الدین القویم.
«1»- جَامِعُ الْأَخْبَارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّینِ فَمَنْ تَرَكَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّداً فَقَدْ هَدَمَ دِینَهُ وَ مَنْ تَرَكَ أَوْقَاتَهَا یَدْخُلُ الْوَیْلَ وَ الْوَیْلُ وَادٍ فِی جَهَنَّمَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَوَیْلٌ لِلْمُصَلِّینَ- الَّذِینَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (2).
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: حَافِظُوا عَلَی الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَأْتِی بِالْعَبْدِ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یَسْأَلُهُ عَنْهُ الصَّلَاةُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامَّةً وَ إِلَّا زُخَّ فِی النَّارِ(3).
بیان: قال فی النهایة فیه مثل أهل بیتی مثل سفینة نوح من تخلف عنها زخ به فی النار أی دفع و رمی یقال زخه یزخه زخا.
«2»- الْجَامِعُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تُضَیِّعُوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّ مَنْ ضَیَّعَ صَلَاتَهُ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ قَارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ أَخْزَاهُمْ وَ كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُدْخِلَهُ النَّارَ مَعَ الْمُنَافِقِینَ فَالْوَیْلُ لِمَنْ لَمْ یُحَافِظْ صَلَاتَهُ (4).
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ صَلَاتَهُ حَتَّی تَفُوتَهُ مِنْ غَیْرِ عُذْرٍ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ثُمَّ قَالَ بَیْنَ الْعَبْدِ وَ بَیْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ(5).
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَزَالُ الشَّیْطَانُ یَرْعَبُ مِنْ بَنِی آدَمَ مَا حَافَظَ عَلَی الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِذَا ضَیَّعَهُنَّ تَجَرَّأَ عَلَیْهِ وَ أَوْقَعَهُ فِی الْعَظَائِمِ (6).
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَا یَرْجُو ثَوَابَهَا وَ لَا یَخَافُ عِقَابَهَا فَلَا أُبَالِی
ص: 202
أَ یَمُوتُ یَهُودِیّاً أَوْ نَصْرَانِیّاً أَوْ مَجُوسِیّاً(1).
«3»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ التَّمِیمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ هِشَامٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ سَوَّارِ بْنِ مُنِیبٍ عَنْ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَكاً یُسَمَّی سَخَائِیلَ یَأْخُذُ الْبَرَوَاتِ لِلْمُصَلِّینَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ جَلَّ جَلَالُهُ فَإِذَا أَصْبَحَ الْمُؤْمِنُونَ وَ قَامُوا وَ تَوَضَّئُوا وَ صَلَّوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَرَاءَةً لَهُمْ مَكْتُوبٌ فِیهَا أَنَا اللَّهُ الْبَاقِی عِبَادِی وَ إِمَائِی فِی حِرْزِی جَعَلْتُكُمْ وَ فِی حِفْظِی وَ تَحْتَ كَنَفِی صَیَّرْتُكُمْ وَ عِزَّتِی لَا خَذَلْتُكُمْ وَ أَنْتُمْ مَغْفُورٌ لَكُمْ ذُنُوبُكُمْ إِلَی الظُّهْرِ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ فَقَامُوا وَ تَوَضَّئُوا وَ صَلَّوْا أَخَذَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرَاءَةَ الثَّانِیَةَ مَكْتُوبٌ فِیهَا أَنَا اللَّهُ الْقَادِرُ عِبَادِی وَ إِمَائِی بَدَّلْتُ سَیِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ وَ غَفَرْتُ لَكُمُ السَّیِّئَاتِ وَ أَحْلَلْتُكُمْ بِرِضَایَ عَنْكُمْ دَارَ الْجَلَالِ فَإِذَا كَانَتْ وَقْتُ الْعَصْرِ فَقَامُوا وَ تَوَضَّئُوا وَ صَلَّوْا أَخَذَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرَاءَةَ الثَّالِثَةَ مَكْتُوبٌ فِیهَا أَنَا اللَّهُ الْجَلِیلُ جَلَّ ذِكْرِی وَ عَظُمَ سُلْطَانِی عَبِیدِی وَ إِمَائِی حَرَّمْتُ أَبْدَانَكُمْ عَلَی النَّارِ وَ أَسْكَنْتُكُمْ مَسَاكِنَ الْأَبْرَارِ وَ دَفَعْتُ عَنْكُمْ بِرَحْمَتِی شَرَّ الْأَشْرَارِ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ فَقَامُوا وَ تَوَضَّئُوا وَ صَلَّوْا أَخَذَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرَاءَةَ الرَّابِعَةَ مَكْتُوبٌ فِیهَا أَنَا اللَّهُ الْجَبَّارُ الْكَبِیرُ الْمُتَعَالِ عَبِیدِی وَ إِمَائِی صَعِدَ مَلَائِكَتِی مِنْ عِنْدِكُمْ بِالرِّضَا وَ حَقٌّ عَلَیَّ أَنْ أُرْضِیَكُمْ وَ أُعْطِیَكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مُنْیَتَكُمْ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْعِشَاءِ فَقَامُوا وَ تَوَضَّئُوا وَ صَلَّوْا أَخَذَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمُ الْبَرَاءَةَ الْخَامِسَةَ مَكْتُوبٌ فِیهَا إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ غَیْرِی وَ لَا رَبَّ سِوَایَ عِبَادِی وَ إِمَائِی فِی بُیُوتِكُمْ تَطَهَّرْتُمْ وَ إِلَی بُیُوتِی مَشَیْتُمْ وَ فِی ذِكْرِی خُضْتُمْ وَ حَقِّی عَرَفْتُمْ وَ فَرَائِضِی أَدَّیْتُمْ أُشْهِدُكَ یَا سَخَائِیلُ وَ سَائِرَ مَلَائِكَتِی أَنِّی قَدْ رَضِیتُ عَنْهُمْ
ص: 203
قَالَ فَیُنَادِی سَخَائِیلُ بِثَلَاثَةِ أَصْوَاتٍ كُلَّ لَیْلَةٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ یَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ غَفَرَ لِلْمُصَلِّینَ الْمُوَحِّدِینَ فَلَا یَبْقَی مَلَكٌ فِی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ إِلَّا اسْتَغْفَرَ لِلْمُصَلِّینَ وَ دَعَا لَهُمْ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَی ذَلِكَ فَمَنْ رُزِقَ صَلَاةَ اللَّیْلِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قَامَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُخْلِصاً فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً سَابِغاً وَ صَلَّی لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِنِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ قَلْبٍ سَلِیمٍ وَ بَدَنٍ خَاشِعٍ وَ عَیْنٍ دَامِعَةٍ جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلْفَهُ تِسْعَةَ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِی كُلِّ صَفٍّ مَا لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَحَدُ طَرَفَیْ كُلِّ صَفٍّ بِالْمَشْرِقِ وَ الْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ قَالَ فَإِذَا فَرَغَ كُتِبَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ دَرَجَاتٌ قَالَ مَنْصُورٌ كَانَ الرَّبِیعُ بْنُ بَدْرٍ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِیثِ یَقُولُ أَیْنَ أَنْتَ یَا غَافِلُ عَنْ هَذَا الْكَرَمِ وَ أَیْنَ أَنْتَ عَنْ قِیَامِ هَذِهِ اللَّیْلِ وَ عَنْ جَزِیلِ هَذَا الثَّوَابِ وَ عَنْ هَذِهِ الْكَرَامَةِ(1).
«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْقَلَانِسِیِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام: یُؤْتَی بِشَیْخٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیُدْفَعُ إِلَیْهِ كِتَابُهُ ظَاهِرُهُ مِمَّا یَلِی النَّاسَ لَا یَرَی إِلَّا مَسَاوِیَ فَیَطُولُ ذَلِكَ عَلَیْهِ فَیَقُولُ یَا رَبِّ أَ تَأْمُرُنِی إِلَی النَّارِ فَیَقُولُ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا شَیْخُ أَنَا أَسْتَحْیِی أَنْ أُعَذِّبَكَ وَ قَدْ كُنْتَ تُصَلِّی فِی دَارِ الدُّنْیَا اذْهَبُوا بِعَبْدِی إِلَی الْجَنَّةِ(2).
الخصال، عن أبیه عن سعد عن سلمة: مثله (3).
«5»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ: كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام قَالَ مُوسَی إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّی الصَّلَوَاتِ
ص: 204
لِوَقْتِهَا قَالَ أَعْطَیْتُهُ سُؤْلَهُ وَ أُبِیحُهُ جَنَّتِی الْخَبَرَ(1).
«6»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ ثَقَفِیٌّ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ عَمَّا لَهُ مِنَ الثَّوَابِ فِی الصَّلَاةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا قُمْتَ إِلَی الصَّلَاةِ وَ تَوَجَّهْتَ وَ قَرَأْتَ أُمَّ الْكِتَابِ وَ مَا تَیَسَّرَ مِنَ السُّوَرِ ثُمَّ رَكَعْتَ فَأَتْمَمْتَ رُكُوعَهَا وَ سُجُودَهَا وَ تَشَهَّدْتَ وَ سَلَّمْتَ غُفِرَ لَكَ كُلُّ ذَنْبٍ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الصَّلَاةِ الَّتِی قَدَّمْتَهَا إِلَی الصَّلَاةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَهَذَا لَكَ فِی صَلَاتِكَ (2).
أقول: تمامه فی باب فضائل الحج (3).
«7»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَیْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ شِیعَتِنَا یَقُومُ إِلَی الصَّلَاةِ إِلَّا اكْتَنَفَتْهُ بِعَدَدِ مَنْ خَالَفَهُ مَلَائِكَةٌ یُصَلُّونَ خَلْفَهُ یَدْعُونَ اللَّهَ لَهُ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ (4).
ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن بن الولید عن الحسین بن الحسن بن أبان عن الحسین بن سعید عن ابن محبوب عن ابن الفضیل عن الثمالی: مثله (5) مشكاة الأنوار عنه علیه السلام: مثله (6).
ص: 205
«8»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ(1) یَقُولُ ذِكْرُ اللَّهِ لِأَهْلِ الصَّلَاةِ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِهِمْ إِیَّاهُ أَ لَا تَرَی أَنَّهُ یَقُولُ فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ (2).
«9»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُؤْتَی بِعَبْدٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَیْسَتْ لَهُ حَسَنَةٌ فَیُقَالُ لَهُ اذْكُرْ أَوْ تَذَكَّرْ هَلْ لَكَ مِنْ حَسَنَةٍ قَالَ فَیَتَذَكَّرُ فَیَقُولُ یَا رَبِّ مَا بِی مِنْ حَسَنَةٍ إِلَّا أَنَّ فُلَاناً عَبْدَكَ الْمُؤْمِنَ مَرَّ بِی فَطَلَبْتُ مِنْهُ مَاءً فَأَعْطَانِی مَاءً فَتَوَضَّأْتُ بِهِ وَ صَلَّیْتُ لَكَ قَالَ فَیَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ غَفَرْتُ لَكَ أَدْخِلُوا عَبْدِیَ الْجَنَّةَ(3).
«10»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْخَلِیلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ الْبَغَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ الْغَیْزَارِ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الشَّیْبَانِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّلَاةُ وَ الْبِرُّ وَ الْجِهَادُ(4).
«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ كَسِیرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ شُرَحْبِیلَ بْنِ مُسْلِمٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ قَالا سَمِعْنَا أَبَا أُمَامَةَ یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ لَا أُمَّةَ بَعْدَكُمْ أَلَا فَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ صَلُّوا خَمْسَكُمْ وَ صُومُوا شَهْرَكُمْ وَ حُجُّوا بَیْتَ رَبِّكُمْ وَ أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ طَیِّبَةً بِهَا أَنْفُسُكُمْ وَ أَطِیعُوا وُلَاةَ أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ (5).
ص: 206
«12»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَوْ یَعْلَمُ الْمُصَلِّی مَا یَغْشَاهُ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ مَا سَرَّهُ أَنْ یَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ(1).
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَتَی الصَّلَاةَ عَارِفاً بِحَقِّهَا غُفِرَ لَهُ (2).
وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَی الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِلَیْهِ إِبْلِیسُ یَنْظُرُ إِلَیْهِ حَسَداً لِمَا یَرَی مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِی تَغْشَاهُ (3).
«13»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الشَّاهِ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْخُوزِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِیِّ عَنْهُ علیه السلام: وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَدَّی فَرِیضَةً فَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ(4).
«14»- وَ مِنْهُ، بِتِلْكَ الْأَسَانِیدِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَزَالُ أُمَّتِی بِخَیْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ تَهَادَوْا وَ أَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَ قَرَوُا الضَّیْفَ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ فَإِذَا لَمْ یَفْعَلُوا ذَلِكَ ابْتُلُوا بِالْقَحْطِ وَ السِّنِینَ (5).
«15»- وَ مِنْهُ، بِتِلْكَ الْأَسَانِیدِ عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یُدْعَی بِالْعَبْدِ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یُسْأَلُ عَنْهُ الصَّلَاةُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامَّةً
ص: 207
وَ إِلَّا زُخَّ فِی النَّارِ(1).
صحیفة الرضا عنه علیه السلام: مثله (2).
«16»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ كُلَیْبٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَی دِینِ اللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فَأَعِینُونَا عَلَی ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ عَلَیْكُمْ بِالصَّلَاةِ وَ الْعِبَادَةِ عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ (3).
«17»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَحْیَی بْنِ عَیَّاشٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ غُصْناً مِنْهَا فَنَفَضَهُ فَتَسَاقَطَ وَرَقُهُ فَقَالَ أَ لَا تَسْأَلُونِّی عَمَّا صَنَعْتُ فَقُلْنَا أَخْبِرْنَا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ظِلِّ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ غُصْناً مِنْهَا فَنَفَضَهُ فَتَسَاقَطَ وَرَقُهُ فَقَالَ أَ لَا تَسْأَلُونِّی عَمَّا صَنَعْتُ قُلْنَا أَخْبِرْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إِذَا قَامَ إِلَی الصَّلَاةِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَایَاهُ كَمَا تَحَاتَّتْ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ(4).
بیان: فی النهایة تحاتت عنه ذنوبه أی تساقطت.
«18»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَتَنْقُضُنَّ عُرَی الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً كُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِی تَلِیهَا فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضُ الْحُكْمِ وَ آخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ(5).
بیان: لعل المراد بنقض الحكم إبطال الأحكام الشرعیة و تولیها من لا
ص: 208
یستحق إجراءها كالثلاثة.
«19»- أَقُولُ، قَدْ مَضَی بِأَسَانِیدَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ.
وَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ الْبَاقِرُ علیه السلام جَابِرَ الْجُعْفِیَ (2) الصَّلَاةُ بَیْتُ الْإِخْلَاصِ وَ تَنْزِیهٌ عَنِ الْكِبْرِ.
وَ فِی خُطْبَةِ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ تَنْزِیهاً مِنَ الْكِبْرِ(3).
«20»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَمْرٍو الْمُجَاشِعِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ عَنِ الْمُجَاشِعِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: أُوصِیكُمْ بِالصَّلَاةِ وَ حِفْظِهَا فَإِنَّهَا خَیْرُ الْعَمَلِ وَ هِیَ عَمُودُ دِینِكُمْ الْخَبَرَ(4).
«21»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ صَلَاةٍ یَحْضُرُ وَقْتُهَا إِلَّا نَادَی مَلَكٌ بَیْنَ یَدَیِ النَّاسِ أَیُّهَا النَّاسُ قُومُوا إِلَی نِیرَانِكُمُ الَّتِی أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَی ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِصَلَاتِكُمْ (5).
ثواب الأعمال، عن أبیه عن محمد بن یحیی العطار عن محمد بن أحمد
ص: 209
الأشعری عن موسی بن جعفر عن الدهقان: مثله (1) بیان الظاهر اختصاص الصلاة بالفرائض الیومیة و یحتمل التعمیم لیشتمل جمیع الفرائض و النوافل الموقتة و یدل علی تكفیر الحسنات للسیئات فی الجملة و قد سبق القول فیه.
و قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه ما من صلاة من صلة لتأكید النفی إلا نادی ملك استثناء مفرغ و جملة نادی ملك حالیة و المعنی ما حضر وقت صلاة علی حالة من الحالات إلا مقارنا لنداء ملك و إنما صح خلو الماضی الواقع حالا عن الواو و قد فی أمثال هذه المقامات لأنه قصد به تعقیب ما بعد إلا لما قبلها فأشبه الشرط و الجزاء صرح به التفتازانی و غیره.
و قال فی الكشاف حقیقة قول القائل جلست بین یدی فلان أن یجلس بین الجهتین المسامتتین لیمینه و شماله قریبا منه فسمیت الجهتان یدین لكونهما علی سمت الیدین مع القرب منهما توسعا كما یسمی الشی ء باسم غیره إذا جاوره و داناه انتهی (2).
و قوله إلی نیرانكم استعارة مصرحة شبهت الذنوب بالنار فی إهلاك من وقع فیها و أوقدتموها ترشیح و أطفئوها ترشیح آخر و إن جعلت نیرانكم مجازا مرسلا من قبیل تسمیة السبب باسم المسبب فالترشیحان علی ما كانا علیه إذ المجاز المرسل ربما یرشح أیضا كما قالوه فی قوله صلی اللّٰه علیه و آله أسرعكن لحوقا بی أطولكن یدا و لا یبعد أن یجعل الكلام استعارة تمثیلیة من غیر ارتكاب تجوز فی المفردات بأن تشبه الهیئة المنتزعة من المذنب و تلبسه بالذنب المهلك له و تخفیف ذلك بالصلاة بالهیئة المنتزعة من موقد النار علی ظهره ثم إطفائه لها و هاهنا وجه آخر مبنی علی تجسم الأعمال كما ذهب إلیه بعض أصحاب القلوب و قد ورد فی القرآن و الحدیث ما یرشد إلیه فیكون مجازا مرسلا علاقته تسمیة الشی ء باسم ما یؤول إلیه و الترشیح بحاله كما عرفت انتهی كلامه
ص: 210
رفع مقامه.
«22»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْبُنْدَارِ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْحَمَّادِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِیِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: حُبِّبَتْ إِلَیَّ مِنَ الدُّنْیَا ثَلَاثٌ النِّسَاءُ وَ الطِّیبُ وَ جُعِلَتْ قُرَّةُ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ(1).
«23»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ یَسَارٍ مَوْلَی أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: حُبِّبَ إِلَیَّ مِنْ دُنْیَاكُمُ النِّسَاءُ وَ الطِّیبُ وَ جُعِلَ قُرَّةُ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ(2).
قال الصدوق رحمه اللّٰه إن الملحدین یتعلقون بهذا الخبر یقولون إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال حبب إلی من دنیاكم النساء و الطیب و أراد أن یقول الثالث فندم و قال و جعل قرة عینی فی الصلاة و كذبوا لأنه صلی اللّٰه علیه و آله لم یكن مراده بهذا الخبر إلا الصلاة وحدها لأنه قَالَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ: ركعتین [رَكْعَتَانِ] یُصَلِّیهِمَا الْمُتَزَوِّجُ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سَبْعِینَ رَكْعَةً یُصَلِّیهِمَا غَیْرُ مُتَزَوِّجٍ وَ إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَیْهِ النِّسَاءُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ.
وَ هَكَذَا قَالَ: ركعتین [رَكْعَتَانِ] یُصَلِّیهِمَا مُتَعَطِّرٌ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِینَ رَكْعَةً یُصَلِّیهِمَا غَیْرُ مُتَعَطِّرٍ وَ إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَیْهِ الطِّیبُ أَیْضاً لِأَجْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ جُعِلَ قُرَّةُ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَطَیَّبَ وَ تَزَوَّجَ ثُمَّ لَمْ یُصَلِّ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِی التَّزْوِیجِ وَ الطِّیبِ فَضْلٌ وَ لَا ثَوَابٌ (3).
توضیح: أقول ما ذكره رحمه اللّٰه جید متین لكنه إنما یستقیم علی روایة لیس فیها ثلاث و أما علی الروایة التی ذكر فیها الثلاث فلا یستقیم ما ذكره قدس سره و لیت شعری أی إلحاد فیما ذكروه و لعله نسب إلیهم الإلحاد من جهة
ص: 211
أخری علمها منهم و إنما ارتكبوا هذا فی روایة لیس فیها لفظ الثلاث أیضا لأن الصلاة لیست من أمور الدنیا بل من أمور الآخرة و أفضلها و لو كان المراد ما یقع فی الدنیا فلا وجه ظاهرا لتخصیص تلك الأمور بالذكر و یمكن أن یقال المراد به ما یقع فی الدنیا مطلقا و الغرض بیان أن الأولین من اللذات الدنیویة أهم و أفضل من سائرها و الأخیر من العبادات الدینیة أهم من سائرها.
و الحاصل أنی أحببت من اللذات هذین و من العبادات هذه و یحتمل وجها آخر بأن یقال قرة العین فی الصلاة أیضا من اللذات التی تحصل للمقربین فی الدنیا و إن كانت الصلاة من الأعمال الأخرویة فإن التذاذ المقربین بالصلاة و المناجاة أشهی عندهم من جمیع اللذات فلذا عده صلی اللّٰه علیه و آله من لذات الدنیا بل یمكن أن یقال إنما عده صلی اللّٰه علیه و آله فی تلك الأمور إشعارا بأن التذاذه بالنساء و الطیب أیضا من تلك الجهة أی لأن اللّٰه تعالی رضیهما و اختارهما لا للشهوة النفسانیة و قد مر و سیأتی فی ذلك تحقیق منا یقتضی أن التذاذهم علیهم السلام بنعیم الجنة أیضا من تلك الجهة و لو كان النار و العیاذ باللّٰه دار الأخیار و مرضیا للعزیز الجبار لكانوا طالبین لها فلذاتهم فی الدارین مقصورة علی ما اختاره لهم مولاهم و لا یذعن بهذا الكلام حق الإذعان إلا من سعد بالوصول إلی مقامات المحبین رزقنا اللّٰه نیل ذلك و سائر المؤمنین.
ثم اعلم أن القر بالضم ضد الحر و العرب تزعم أن دمع الباكی من شدة السرور بارد و من الحزن حار فقرة العین كنایة عن السرور و الظفر بالمطلوب یقال قرت عینه تقر بالكسر و الفتح قرة بالفتح و الضم.
«24»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لِی یَا أَحْمَدُ الْإِسْلَامُ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَ قَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِیهَا أُولَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ هِیَ الْكَلِمَةُ وَ الثَّانِیَةُ الصَّلَاةُ وَ هِیَ الطُّهْرُ وَ الثَّالِثَةُ الزَّكَاةُ وَ هِیَ الْفِطْرَةُ وَ الرَّابِعَةُ الصَّوْمُ وَ هِیَ الْجُنَّةُ وَ الْخَامِسَةُ
ص: 212
الْحَجُّ وَ هِیَ الشَّرِیعَةُ وَ السَّادِسَةُ الْجِهَادُ وَ هُوَ الْعِزُّ وَ السَّابِعَةُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ هُوَ الْوَفَاءُ وَ الثَّامِنَةُ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ هُوَ الْحُجَّةُ وَ التَّاسِعَةُ الْجَمَاعَةُ وَ هِیَ الْأُلْفَةُ وَ الْعَاشِرَةُ الطَّاعَةُ وَ هِیَ الْعِصْمَةُ ثُمَّ قَالَ حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ إِنَّ مَثَلَ هَذَا الدِّینِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ الْإِیمَانُ أَصْلُهَا وَ الصَّلَاةُ عُرُوقُهَا وَ الزَّكَاةُ مَاؤُهَا وَ الصَّوْمُ سَعَفُهَا وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرَقُهَا وَ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ ثَمَرُهَا فَلَا تَكْمُلُ شَجَرَةٌ إِلَّا بِالثَّمَرِ كَذَلِكَ الْإِیمَانُ لَا یَكْمُلُ إِلَّا بِالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ (1).
بیان: و هی الكلمة أی كلمة التوحید و هی الطهر أی من الذنوب و هی الفطرة أی هی من عمدة شرائع الفطرة أی الملة الحنیفیة التی فطر اللّٰه الناس علیها و بتركها كأنه یخرج الإنسان عنها و هی الشریعة أی شریعة عظیمة من شرائع الإسلام و هو العز أی سبب لعزة الإسلام و غلبته علی الأدیان أو عزة المسلمین أو الأعم و هو الوفاء أی بعهد اللّٰه الذی أخذه علی العباد فیه خصوصا أو فی جمیع الأحكام و هو الحجة أی یصیر سببا لتمام الحجة علی أهل المعاصی و الجماعة هی صلاة الجماعة أو ملازمة جماعة أهل الحق و كل منهما سبب للألفة بین المؤمنین و طاعة الأئمة سبب للعصمة عن الذنوب أو شر الأعادی و المراد بالسعف هنا جرید النخل لا ورقها و یطلق علیهما معا.
«25»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّ جَسَدَهُ وَ ثِیَابَهُ وَ كُلَّ شَیْ ءٍ حَوْلَهُ یُسَبِّحُ (2).
«26»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ مَضَیْتُ
ص: 213
بِأَقْوَامٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ یَنَامُونَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ(1).
«27»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَالُ الزَّانِی لَا تُسَمِّیهِ كَافِراً وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ قَدْ تُسَمِّیهِ كَافِراً وَ مَا الْحُجَّةُ فِی ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ الزَّانِیَ وَ مَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ وَ لِأَنَّهَا تَغْلِبُهُ وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لَا یَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِیَ یَأْتِی الْمَرْأَةَ إِلَّا وَ هُوَ مُسْتَلِذٌّ لِإِتْیَانِهِ إِیَّاهَا قَاصِداً إِلَیْهَا وَ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَیْهَا فَلَیْسَ یَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا لِلِّذَّةِ فَإِذَا انْتَفَتِ اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَ إِذَا وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ(2).
«28»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: قِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا فَرْقٌ بَیْنَ مَنْ نَظَرَ إِلَی امْرَأَةٍ فَزَنَی بِهَا أَوْ خَمْراً فَشَرِبَهَا وَ بَیْنَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَیْثُ لَا یَكُونُ الزَّانِی وَ شَارِبُ الْخَمْرِ مُسْتَخِفّاً كَمَا اسْتَخَفَّ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَ مَا الْحُجَّةُ فِی ذَلِكَ وَ مَا الْعِلَّةُ الَّتِی تَفْرُقُ بَیْنَهُمَا قَالَ الْحُجَّةُ أَنَّ كُلَّ مَا أَدْخَلْتَ نَفْسَكَ فِیهِ وَ لَمْ یَدْعُكَ إِلَیْهِ دَاعٍ وَ لَمْ یَغْلِبْكَ عَلَیْهِ غَالِبُ شَهْوَةٍ مِثْلُ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ فَأَنْتَ دَعَوْتَ نَفْسَكَ إِلَی تَرْكِ الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ ثَمَّ شَهْوَةٌ فَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِعَیْنِهِ وَ هَذَا فَرْقُ مَا بَیْنَهُمَا(3).
العلل، عن أبیه عن هارون: مثل الخبرین معا(4)
بیان: اعلم أن تارك الصلاة مستحلا كافر إجماعا كما ذكره المنتهی ثم قال و لو تركها معتقدا لوجوبها لم یكفر و إن استحق القتل بعد ترك ثلاث صلوات و التعزیر فیهن و قال أحمد فی روایة یقتل لا حدا بل لكفره ثم قال و لا یقتل عندنا فی أول مرة و لا إذا ترك الصلاة و لم یعزر و إنما یجب القتل إذا تركها
ص: 214
مرة فعزر ثم تركها ثانیة فعزر ثم تركها ثالثة فعزر فإذا تركها رابعة فإنه یقتل و إن تاب و قال بعض الجمهور یقتل بأول مرة انتهی.
و حمل تلك الأخبار علی الاستحلال بعید إذ لا فرق حینئذ بین ترك الصلاة و فعل الزنا بل الظاهر أنه محمول علی أحد معانی الكفر التی مضت فی كتاب الإیمان و الكفر و هو مقابل للإیمان الذی یطلق علی یقین لا یصدر معه عن المؤمن ترك الفرائض و فعل الكبائر بدون داع قوی و هذا الكفر لا یترتب علیه وجوب القتل و لا النجاسة و لا استحقاق خلود النار بل استحقاق الحد و التعزیر فی الدنیا و العقوبة الشدیدة فی الآخرة و قد یطلق علی فعل مطلق الكبائر و ترك مطلق الفرائض و علی هذا المعنی لا فرق بین ترك الصلاة و فعل الزنا.
قوله علیه السلام إن كل ما أدخلت الظاهر أن خبر إن مقدر بقرینة ما بعده أو ما قبله أو قوله فهو الاستخفاف خبره و قوله و أنت دعوت معترض بین الاسم و الخبر.
«29»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَلَكٌ مُوَكَّلٌ یَقُولُ مَنْ نَامَ عَنِ الْعِشَاءِ إِلَی نِصْفِ اللَّیْلِ فَلَا أَنَامَ اللَّهُ عَیْنَهُ (1).
بیان: فلا أنام اللّٰه عینه هو دعاء بنفی الصحة و فراغ البال فإن من به وجع أو حزن یرتفع نومه أو بنفی الحیات فإن النوم من لوازمها و الأول أظهر.
«30»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لِلْمُصَلِّی ثَلَاثُ خِصَالٍ إِذَا قَامَ فِی صَلَاتِهِ یَتَنَاثَرُ عَلَیْهِ الْبِرُّ مِنْ أَعْنَانِ السَّمَاءِ إِلَی مَفْرَقِ رَأْسِهِ وَ تَحُفُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْهِ إِلَی أَعْنَانِ السَّمَاءِ وَ مَلَكٌ یُنَادِی أَیُّهَا الْمُصَلِّی لَوْ تَعْلَمُ مَنْ تُنَاجِی مَا انْفَتَلْتَ (2).
ص: 215
إیضاح: قال الجوهری أعنان السماء صفائحها و ما اعترض من أقطارها كأنه جمع عنن و العامة تقول عنان السماء و قال المفرق و المفرق وسط الرأس و هو الذی یفرق فیه الشعر و قال حفوا حوله یحفون حفا أی أطافوا به و استداروا و قال فتله عن وجهه فانفتل صرفه فانصرف و هو قلب لفت.
الْهِدَایَةُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لِلْمُصَلِّی ثَلَاثُ خِصَالٍ وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ مَلَكٌ یُنَادِیهِ لَوْ تَعْلَمُ مَنْ تُنَاجِی وَ مَنْ یَنْظُرُ إِلَیْكَ لَمَا زِلْتَ مِنْ مَوْضِعِكَ أَبَداً(1).
«31»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ یَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِیَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ إِنَّ رَبَّكُمْ رَحِیمٌ یَشْكُرُ الْقَلِیلَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیُصَلِّی الرَّكْعَتَیْنِ تَطَوُّعاً یُرِیدُ بِهِمَا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ وَ إِنَّهُ لَیَتَصَدَّقُ بِالدِّرْهَمِ تَطَوُّعاً یُرِیدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَ إِنَّهُ لَیَصُومُ الْیَوْمَ تَطَوُّعاً یُرِیدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ(2).
«32»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ بُرَیْدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا بَیْنَ الْمُسْلِمِ وَ بَیْنَ أَنْ یَكْفُرَ إِلَّا أَنْ یَتْرُكَ الصَّلَاةَ الْفَرِیضَةَ مُتَعَمِّداً أَوْ یَتَهَاوَنَ بِهَا فَلَا یُصَلِّیَهَا(3).
المحاسن، عن محمد بن علی عن ابن محبوب: مثله (4)
بیان: لعل المعنی أن الإنسان یكفر بشی ء یسیر كترك الصلاة أی لیس بین الإسلام و الكفر فاصلة كثیرة یلزم تحقق أمور كثیرة حتی یكفر بل یحصل بترك
ص: 216
الصلاة أیضا أو المعنی أن المرتبة المتوسطة بین الإیمان و الكفر هی ترك الصلاة أی تارك الصلاة لیس بمؤمن لاشتراط الأعمال فیه و لا كافر یستحق القتل و الخلود بل هو فی درجة متوسطة و علی التقدیرین لعل ذكر الصلاة علی المثال و الاحتمالان جاریان فی الخبر الآتی.
و یؤید الثانی ما رواه
فِی الْكَافِی فِی الصَّحِیحِ (1)
عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَرْتَكِبُ الْكَبِیرَةَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَیَمُوتُ هَلْ یُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ إِنْ عُذِّبَ كَانَ عَذَابُهُ كَعَذَابِ الْمُشْرِكِینَ أَمْ لَهُ مُدَّةٌ وَ انْقِطَاعٌ فَقَالَ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِیرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ فَزَعَمَ أَنَّهَا حَلَالٌ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ عُذِّبَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَ إِنْ كَانَ مُعْتَرِفاً أَنَّهُ أَذْنَبَ وَ مَاتَ عَلَیْهِ أَخْرَجَهُ مِنَ الْإِیمَانِ وَ لَمْ یُخْرِجْهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ كَانَ عَذَابُهُ أَهْوَنَ مِنْ عَذَابِ الْأَوَّلِ.
و یؤید الأول ما سیأتی بروایة عبید بن زرارة و قد مر وجه الجمع بینهما فی كتاب الإیمان و الكفر(2).
«33»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا بَیْنَ الْكُفْرِ وَ الْإِیمَانِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ(3).
«34»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ غَیْرَ نَاسٍ لَهَا حَتَّی تَفُوتَهُ وَتَرَهُ اللَّهُ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(4).
بیان: قال فی النهایة فیه من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله و ماله أی نقص یقال وترته إذا نقصته فكأنك جعلته وترا بعد أن كان كثیرا و قیل هو
ص: 217
من الوتر الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من نهب أو سبی فشبه ما یلحق من فاتته صلاة العصر بمن قتل حمیمه أو سلب أهله و ماله و یروی بنصب الأهل و رفعه فمن نصب جعله مفعولا ثانیا لوتر فأضمر فیها مفعولا لم یسم فاعله عائدا إلی الذی فاتته الصلاة و من رفع لم یضمر و أقام الأهل مقام ما لم یسم فاعله لأنهم المصابون المأخوذون فمن رد النقص إلی الرجل نصبهما
و من رده إلی الأهل و المال رفعهما انتهی و الظاهر أن المراد فوتها مطلقا و یحتمل فوت وقت الفضیلة و سیأتی ما یؤیده فی باب وقت الظهرین.
«35»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّی زَكَاتَهُ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ لِأَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقَائِقَ الْإِیمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ (1).
«36»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّینِ مَثَلُهَا كَمَثَلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ ثَبَتَتِ الْأَوْتَادُ وَ الْأَطْنَابُ وَ إِذَا مَالَ الْعَمُودُ وَ انْكَسَرَ لَمْ یَثْبُتْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ (2).
توضیح:
رَوَاهُ الشَّیْخُ بِسَنَدٍ(3)
فِیهِ جَهَالَةٌ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الْغِشَاءُ وَ إِذَا انْكَسَرَ لَمْ یَنْفَعْ طُنُبٌ وَ لَا وَتِدٌ وَ لَا غِشَاءٌ.
و قال الفیروزآبادی الطنب بضمتین حبل طویل یشد به سرادق البیت أو الوتد و الغشاء الغطاء و الظاهر أنه علیه السلام شبه الإیمان بالخیمة و الصلاة بعمودها و سائر الأعمال بسائر ما تحتاج إلیها لبیان اشتراط الإیمان بالأعمال و مزید اشتراطه بالصلاة أو أنه
ص: 218
ع شبه مجموع الأعمال بالخیمة مع جمیع ما تحتاج إلیها و الصلاة بالعمود لبیان أنها العمدة من بینها.
«37»- الْمَحَاسِنُ، فِی رِوَایَةِ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ: إِذَا اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّی الْقِبْلَةَ اسْتَقْبَلَ الرَّحْمَنَ بِوَجْهِهِ- لَا إِلَهَ غَیْرُهُ (1).
«38»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ- علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ یَكْفُرْ بِالْإِیمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (2) قَالَ تَرْكُ الصَّلَاةِ الَّذِی أَقَرَّ بِهِ قُلْتُ فَمَا مَوْضِعُ تَرْكِ الْعَمَلِ حَتَّی یَدَعَهُ أَجْمَعَ قَالَ مِنْهُ الَّذِی یَدَعُ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّداً لَا مِنْ سُكْرٍ وَ لَا مِنْ عِلَّةٍ(3).
أَقُولُ رَوَاهُ فِی الْكَافِی بِهَذَا السَّنَدِ(4) وَ بِسَنَدٍ آخَرَ أَیْضاً إِلَی قَوْلِهِ: مِنْ ذَلِكَ أَنْ یَتْرُكَ الصَّلَاةَ مِنْ غَیْرِ سُقْمٍ وَ لَا شُغُلٍ.
«39»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ خِدْمَتُهُ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ خِدْمَتِهِ یَعْدِلُ الصَّلَاةَ فَمِنْ ثَمَّ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ (5).
«40»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ علیه السلام، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ صَلَّی الْخَمْسَ كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا بَیْنَ كُلِّ صَلَاتَیْنِ وَ كَانَ كَمَنْ عَلَی بَابِهِ نَهَرٌ جَارٍ یَغْتَسِلُ فِیهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ- لَا تُبْقِی عَلَیْهِ مِنَ الذُّنُوبِ شَیْئاً إِلَّا الْمُوبِقَاتِ الَّتِی هِیَ جَحْدُ النُّبُوَّةِ أَوِ الْإِمَامَةِ أَوْ ظُلْمُ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِینَ أَوْ تَرْكُ التَّقِیَّةِ حَتَّی یُضِرَّ بِنَفْسِهِ وَ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِینَ (6).
ص: 219
«41»- غَوَالِی اللَّآلِی، وَ مَجْمَعُ الْبَیَانِ (1)، وَ الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَحَدَهُمَا علیهما السلام یَقُولُ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیَّةُ آیَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ أَرْجَی عِنْدَكُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ(2) قَالَ حَسَنَةٌ وَ لَیْسَتْ إِیَّاهَا وَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ (3) الْآیَةَ قَالَ حَسَنَةٌ وَ لَیْسَتْ إِیَّاهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ- لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (4) قَالَ حَسَنَةٌ وَ لَیْسَتْ إِیَّاهَا وَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ (5) قَالَ حَسَنَةٌ وَ لَیْسَتْ إِیَّاهَا قَالَ ثُمَّ أَحْجَمَ النَّاسُ فَقَالَ مَا لَكُمْ یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ قَالُوا لَا وَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَیْ ءٌ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَرْجَی آیَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ- وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ (6) وَ قَرَأَ الْآیَةَ كُلَّهَا وَ قَالَ یَا عَلِیُّ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً إِنَّ أَحَدَكُمْ لَیَقُومُ إِلَی وُضُوئِهِ فَتَسَاقَطُ عَنْ جَوَارِحِهِ الذُّنُوبُ فَإِذَا اسْتَقْبَلَ اللَّهَ بِوَجْهِهِ وَ قَلْبِهِ لَمْ یَنْفَتِلْ عَنْ صَلَاتِهِ وَ عَلَیْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ شَیْ ءٌ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَإِنْ أَصَابَ شَیْئاً بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّی عَدَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّمَا مَنْزِلَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِأُمَّتِی كَنَهَرٍ جَارٍ عَلَی بَابِ أَحَدِكُمْ فَمَا ظَنَّ أَحَدُكُمْ لَوْ كَانَ فِی جَسَدِهِ دَرَنٌ ثُمَّ اغْتَسَلَ فِی ذَلِكَ النَّهَرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِی الْیَوْمِ أَ كَانَ یَبْقَی فِی جَسَدِهِ دَرَنٌ فَكَذَلِكَ وَ اللَّهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لِأُمَّتِی (7).
ص: 220
«42»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: إِذَا تَوَجَّهَ الْمُؤْمِنُ إِلَی مُصَلَّاهُ لِیُصَلِّیَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ یَا مَلَائِكَتِی أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی عَبْدِی هَذَا قَدِ انْقَطَعَ عَنْ جَمِیعِ الْخَلَائِقِ إِلَیَّ وَ أَمَّلَ رَحْمَتِی وَ جُودِی وَ رَأْفَتِی أُشْهِدُكُمْ أَنِّی أَخُصُّهُ بِرَحْمَتِی وَ كَرَامَاتِی فَإِذَا رَفَعَ یَدَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ أَثْنَی عَلَی اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ یَا عِبَادِی أَ مَا تَرَوْنَهُ كَیْفَ كَبَّرَنِی وَ عَظَّمَنِی وَ نَزَّهَنِی عَنْ أَنْ یَكُونَ لِی شَرِیكٌ أَوْ شَبِیهٌ أَوْ نَظِیرٌ وَ رَفَعَ یَدَهُ وَ تَبَرَّأَ عَمَّا یَقُولُهُ أَعْدَائِی مِنَ الْإِشْرَاكِ بِی أُشْهِدُكُمْ أَنِّی سَأُكَبِّرُهُ وَ أُعَظِّمُهُ فِی دَارِ جَلَالِی وَ أُنَزِّهُهُ فِی مُتَنَزَّهَاتِ دَارِ كَرَامَتِی وَ أُبْرِئُهُ مِنْ آثَامِهِ وَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَ مِنْ نِیرَانِهَا وَ إِذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ سُورَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ أَ مَا تَرَوْنَ عَبْدِی هَذَا كَیْفَ تَلَذَّذَ بِقِرَاءَةِ كَلَامِی أُشْهِدُكُمْ یَا مَلَائِكَتِی لَأَقُولَنَّ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ اقْرَأْ فِی جِنَانِی وَ ارْقَ فِی دَرَجَاتٍ فَلَا یَزَالُ یَقْرَأُ وَ یَرْقَی بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ دَرَجَةً مِنْ ذَهَبٍ وَ دَرَجَةً مِنْ فِضَّةٍ وَ دَرَجَةً مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ دَرَجَةً مِنْ جَوْهَرٍ وَ دَرَجَةً مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ وَ دَرَجَةً مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ وَ دَرَجَةً مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَإِذَا رَكَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ یَا مَلَائِكَتِی أَ مَا تَرَوْنَ كَیْفَ تَوَاضَعَ لِجَلَالِ عَظَمَتِی أُشْهِدُكُمْ لَأُعَظِّمَنَّهُ فِی دَارِ كِبْرِیَائِی وَ جَلَالِی فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ أَ مَا تَرَوْنَ یَا مَلَائِكَتِی كَیْفَ یَقُولُ أَرْتَفِعُ عَنْ أَعْدَائِكَ كَمَا أَتَوَاضَعُ لِأَوْلِیَائِكَ وَ أَنْتَصِبُ لِخِدْمَتِكَ أُشْهِدُكُمْ یَا مَلَائِكَتِی لَأَجْعَلَنَّ جَمِیلَ الْعَاقِبَةِ لَهُ وَ لَأُصَیِّرَنَّهُ إِلَی جِنَانِی فَإِذَا سَجَدَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَلَائِكَتِهِ یَا مَلَائِكَتِی أَ مَا تَرَوْنَ كَیْفَ تَوَاضَعَ بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ وَ قَالَ لِی وَ إِنْ كُنْتُ جَلِیلًا مَكِیناً فِی دُنْیَاكَ فَأَنَا ذَلِیلٌ عِنْدَ الْحَقِّ إِذَا ظَهَرَ لِی سَوْفَ أَرْفَعُهُ بِالْحَقِّ وَ أَدْفَعُ بِهِ الْبَاطِلَ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَی قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مَلَائِكَتِی أَ مَا تَرَوْنَهُ كَیْفَ قَالَ وَ إِنِّی وَ إِنْ تَوَاضَعْتُ لَكَ فَسَوْفَ أَخْلِطُ الِانْتِصَابَ فِی طَاعَتِكَ بِالذُّلِّ بَیْنَ یَدَیْكَ فَإِذَا سَجَدَ ثَانِیَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی
ص: 221
لِمَلَائِكَتِهِ أَ مَا تَرَوْنَ عَبْدِی هَذَا كَیْفَ عَادَ إِلَی التَّوَاضُعِ لِی لَأُعِیدَنَّ إِلَیْهِ رَحْمَتِی فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَائِماً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مَلَائِكَتِی لَأَرْفَعَنَّهُ بِتَوَاضُعِهِ كَمَا ارْتَفَعَ إِلَی صَلَاتِهِ ثُمَّ لَا یَزَالُ یَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ هَكَذَا فِی كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّی إِذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَ التَّشَهُّدِ الثَّانِی قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مَلَائِكَتِی قَدْ قَضَی خِدْمَتِی وَ عِبَادَتِی وَ قَعَدَ یُثْنِی عَلَیَّ وَ یُصَلِّی عَلَی مُحَمَّدٍ نَبِیِّی لَأُثْنِیَنَّ عَلَیْهِ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَأُصَلِّیَنَّ عَلَی رُوحِهِ فِی الْأَرْوَاحِ فَإِذَا صَلَّی عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی صَلَاتِهِ قَالَ اللَّهُ لَهُ یَا عَبْدِی لَأُصَلِّیَنَّ عَلَیْكَ كَمَا صَلَّیْتَ عَلَیْهِ وَ لَأَجْعَلَنَّهُ شَفِیعَكَ كَمَا اسْتَشْفَعْتَ بِهِ فَإِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ مَلَائِكَتَهُ (1).
أقول: مضی صدر الخبر فی باب الأدعیة المستحبة عند الوضوء(2).
«43»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِ (3) قَالَ إِنَّمَا عَنَی بِهَا الصَّلَاةَ(4).
«44»- وَ مِنْهُ، عَنْ إِدْرِیسَ الْقُمِّیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ الْباقِیاتُ الصَّالِحاتُ فَقَالَ هِیَ الصَّلَاةُ فَحَافِظُوا عَلَیْهَا(5).
«45»- مَجَالِسُ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ سَابِقٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: خَطَبَنَا
ص: 222
رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ بَعْدَ كَلَامٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَیْكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَیْكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِینِكُمْ كَابِدُوا اللَّیْلَ بِالصَّلَاةِ وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً یُكَفِّرْ سَیِّئَاتِكُمْ إِنَّمَا مَثَلُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَثَلُ نَهَرٍ جَارٍ بَیْنَ یَدَیْ بَابِ أَحَدِكُمْ یَغْتَسِلُ مِنْهُ فِی الْیَوْمِ خَمْسَ اغْتِسَالاتٍ فَكَمَا یَنْقَی بَدَنُهُ مِنَ الدَّرَنِ بِتَوَاتُرِ الْغَسْلِ فَكَذَا یَنْقَی مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ مُدَاوَمَتِهِ الصَّلَاةَ فَلَا یَبْقَی مِنْ ذُنُوبِهِ شَیْ ءٌ أَیُّهَا النَّاسُ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ هُوَ یُضْرَبُ عَلَیْهِ بِحَزَائِمَ مَعْقُودَةٍ فَإِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّیْلِ وَ بَقِیَ ثُلُثُهُ أَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَاذْكُرِ اللَّهَ فَقَدْ دَنَا الصُّبْحُ قَالَ فَإِنْ هُوَ تَحَرَّكَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَةٌ وَ إِنْ هُوَ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَ دَخَلَ فِی الصَّلَاةِ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْعُقَدُ كُلُّهُنَّ فَیُصْبِحُ حِینَ یُصْبِحُ قَرِیرَ الْعَیْنِ (1).
إیضاح: قال الجوهری كابدت الأمر إذا قاسیت شدته قوله بحزائم فی بعض النسخ بالحاء المهملة و الزای و فی بعضها بالخاء المعجمة و فی بعضها بالجیم و الراء المهملة و قال فی القاموس حزمه یحزمه شد حزامه و الحزمة بالضم ما حزم و قال خزم البعیر جعل فی جانب منخره الخزامة ككتابة و خزامة النعل بالكسر سیر دقیق یخزم بین الشراكین و فی الصحاح الخزم بالتحریك شجر یتخذ من لحائه الحبال الواحدة خزمة و قال الجریمة الذنب انتهی.
فالمعنی یحمل علی ظهره خزم الخطایا التی اكتسبها أو الجرائم التی اكتسبها أو یعقد فی أنفه خزامة الآثام و ما یلزمه منها و كل ذلك كنایة عما یستحقه و یلزم علیه من العقوبات بسبب ارتكاب السیئات.
«46»- فَلَاحُ السَّائِلِ، مِنْ تَارِیخِ الْخَطِیبِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّیْتُمُ الْفَجْرَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّیْتُمُ الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّیْتُمُ الْعَصْرَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّیْتُمُ الْمَغْرِبَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّیْتُمُ الْعِشَاءَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَنَامُونَ
ص: 223
فَلَا یُكْتَبُ عَلَیْكُمْ حَتَّی تَغْتَسِلُوا(1).
مِنْ كِتَابِ حِلْیَةِ الْأَوْلِیَاءِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُنَادِیاً عِنْدَ حَضْرَةِ كُلِّ صَلَاةٍ فَیَقُولُ یَا بَنِی آدَمَ قُومُوا فَأَطْفِئُوا عَنْكُمْ مَا أَوْقَدْتُمُوهُ عَلَی أَنْفُسِكُمْ فَیَقُومُونَ فَیَتَطَهَّرُونَ فَتَسْقُطُ خَطَایَاهُمْ مِنْ أَعْیُنِهِمْ وَ یُصَلُّونَ فَیُغْفَرُ لَهُمْ مَا بَیْنَهُمَا ثُمَّ تُوقِدُونَ فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الْأُولَی نَادَی یَا بَنِی آدَمَ قُومُوا فَأَطْفِئُوا مَا أَوْقَدْتُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ فَیَقُومُونَ فَیَتَطَهَّرُونَ وَ یُصَلُّونَ فَیُغْفَرُ لَهُمْ مَا بَیْنَهُمَا فَإِذَا حَضَرَتِ الْعَصْرُ فَمِثْلَ ذَلِكَ فَإِذَا حَضَرَتِ الْمَغْرِبُ فَمِثْلَ ذَلِكَ فَإِذَا حَضَرَتِ الْعَتَمَةُ فَمِثْلَ ذَلِكَ فَیَنَامُونَ وَ قَدْ غُفِرَ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمُدْلِجٌ فِی خَیْرٍ وَ مُدْلِجٌ فِی شَرٍّ(2).
بیان: قال الجزری فی حدیث المظاهر احترقت أی هلكت و الإحراق الإهلاك و هو من إحراق النار و منه الحدیث أوحی إلی أن أحرق قریشا أی أهلكهم انتهی قوله صلی اللّٰه علیه و آله فمدلج فی خیر الإدلاج السیر باللیل أی فبعد ذلك فمنهم من یسیر إلی طرق الخیر بكسب الحسنات باللیل و منهم من یرتكب السیئات فیسلك مسلك الأشقیاء فی لیله.
«47»- الْمُقْنِعُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ مِنِّی مَنِ اسْتَخَفَّ بِصَلَاتِهِ- لَا یَرِدُ عَلَیَّ الْحَوْضَ لَا وَ اللَّهِ (3).
«48»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی كَلَامٍ یُوصِی أَصْحَابَهُ تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وَ حَافِظُوا عَلَیْهَا وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَ تَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً أَ لَا تَسْمَعُونَ إِلَی جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِینَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ (4) وَ إِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ
ص: 224
وَ تُطْلِقُهَا إِطْلَاقَ الرِّبَقِ وَ شَبَّهَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلَی بَابِ الرَّجُلِ فَهُوَ یَغْتَسِلُ مِنْهَا فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا عَسَی أَنْ یَبْقَی عَلَیْهِ مِنَ الدَّرَنِ وَ قَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ لَا یَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زِینَةُ مَتَاعٍ وَ لَا قُرَّةُ عَیْنٍ مِنْ وَلَدٍ وَ لَا مَالٍ یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ(1) وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَصِباً بِالصَّلَاةِ بَعْدَ التَّبَاشُرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ- وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها(2) فَكَانَ یَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَ یَصْبِرُ عَلَیْهَا نَفْسَهُ (3).
توضیح: الحت نثر الورق من الغصن و الربق جمع الربقة و هی فی الأصل عروة فی حبل یجعل فی عنق البهیمة و یدها یمسكها ذكره الجزری أی تطلق الصلاة الذنوب كما تطلق الحبال المعقدة و قال فی العین الحمة عین ماء حار و قیل التاء فی إقامة عوض عن العین الساقطة للإعلال فإن أصله إقوام مصدر أقوم كقولك أعرض إعراضا فلما أضیف أقیمت الإضافة مقام حرف التعویض فأسقطت التاء قوله علیه السلام و یصبر علیها نفسه أی یحبس قال تعالی وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ (4).
«49»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَیْقٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ قَالَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ یَعْدِلُ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ لَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ الصَّلَاةِ شَیْ ءٌ یَعْدِلُ الزَّكَاةَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَعْدِلُ الصَّوْمَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَعْدِلُ الْحَجَّ وَ فَاتِحَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْرِفَتُنَا وَ خَاتِمَتُهُ مَعْرِفَتُنَا الْخَبَرَ(5).
«50»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ،: سَأَلَ مُعَاوِیَةُ بْنُ وَهْبٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَفْضَلِ
ص: 225
مَا یَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ إِلَی رَبِّهِمْ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ شَیْئاً بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَ لَا تَرَی أَنَّ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ قَالَ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ(1)
وَ سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ قَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا.
بیان: بعد المعرفة أی معرفة اللّٰه أو معرفة الإمام فإنها المتبادر منها فی عرفهم علیهم السلام أو الأعم منهما و من سائر المعارف الدینیة و الأول یستلزم الأخیرین غالبا و لذا یطلقونها فی الأكثر و الأخیر هنا أظهر و العبارة تحتمل معنیین أحدهما أن المعرفة أفضل الأعمال و بعدها فی المرتبة لیس شی ء أفضل من الصلاة و الحاصل أنها أفضل العبادات البدنیة و الثانی أن الأعمال التی یأتی بها العبد بعد تحصیل المعارف الخمس صلوات أفضل منها إذ لا فضل للعمل بدون المعرفة حتی یكون للصلاة أو تكون أفضل من غیرها مع أنه یقتضی أن یكون لغیرها فضل أیضا.
و قال الشیخ البهائی زاد اللّٰه فی بهائه ما قصده علیه السلام من أفضلیة الصلاة علی غیرها من الأعمال و إن لم یدل علیها منطوق الكلام إلا أن المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما یفهم من قولنا لیس بین أهل البلد أفضل من زید أفضلیته علیهم و إن كان منطوقه نفی أفضلیتهم علیه و هو لا یمنع المساواة.
هذا و فی جعله علیه السلام قول عیسی علی نبینا و آله و علیه السلام وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ الآیة مؤیدا لأفضلیة الصلاة بعد المعرفة علی غیرها من الأعمال نوع خفاء و لعل وجهه ما یستفاد من تقدیمه علیه السلام ما هو من قبیل الاعتقادات فی مفتتح كلامه ثم إردافه ذلك بالأعمال البدنیة و المالیة و تصدیره لها بالصلاة مقدما لها علی الزكاة.
و لا یبعد أن یكون التأیید لمجرد تفضیل الصلاة علی غیرها من الأعمال من غیر ملاحظة تفضیل المعرفة علیها و یؤیده عدم إیراده علیه السلام صدر الآیة فی صدر التأیید و الآیة هكذا قالَ إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا وَ جَعَلَنِی
ص: 226
مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا.
«51»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ،: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ فَإِنَّمَا مَثَلُهَا فِی دِینِ اللَّهِ كَمَثَلِ عَمُودِ فُسْطَاطٍ فَإِنَّ الْعَمُودَ إِذَا اسْتَقَامَ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الظِّلَالُ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَقِمْ لَمْ یَنْفَعْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ وَ لَا ظِلَالٌ.
«52»- عُدَّةُ الدَّاعِی، وَ دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: یَا بَاغِیَ الْعِلْمِ صَلِّ قَبْلَ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَی لَیْلٍ وَ لَا نَهَارٍ تُصَلِّی فِیهِ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ لِصَاحِبِهَا كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَی ذِی سُلْطَانٍ فَأَنْصَتَ لَهُ حَتَّی فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا دَامَ فِی الصَّلَاةِ لَمْ یَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَنْظُرُ إِلَیْهِ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ (1).
«53»- غَوَالِی اللَّآلِی، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ مَا یُنْظَرُ فِی عَمَلِ الْعَبْدِ فِی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فِی صَلَاتِهِ فَإِنْ قُبِلَتْ نُظِرَ فِی غَیْرِهَا وَ إِنْ لَمْ تُقْبَلْ لَمْ یُنْظَرْ فِی عَمَلِهِ بِشَیْ ءٍ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: شَفَاعَتُنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِصَلَاتِهِ.
«54»- الْمُعْتَبَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَزَالُ الشَّیْطَانُ ذَعِراً مِنْ أَمْرِ الْمُؤْمِنِ مَا حَافَظَ عَلَی الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِذَا ضَیَّعَهُنَّ اجْتَرَأَ عَلَیْهِ.
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عَمُودَ الدِّینِ الصَّلَاةُ وَ هِیَ أَوَّلُ مَا یَنْزِلُ فِیهِ مِنْ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ فَإِنْ صَحَّتْ نُظِرَ فِی عَمَلِهِ وَ إِنْ لَمْ تَصِحَّ لَمْ یُنْظَرْ فِی بَقِیَّةِ عَمَلِهِ.
وَ قَالَ علیه السلام: لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَجْهٌ وَ وَجْهُ دِینِكُمُ الصَّلَاةُ.
«55»- الْكَافِی، وَ الْفَقِیهُ، وَ التَّهْذِیبُ، بِأَسَانِیدِهِمْ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: صَلَاةٌ فَرِیضَةٌ خَیْرٌ مِنْ عِشْرِینَ حَجَّةً وَ حَجَّةٌ خَیْرٌ مِنْ بَیْتٍ مَمْلُوٍّ ذَهَباً یُتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّی یَفْنَی أَوْ حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْهُ شَیْ ءٌ(2).
ص: 227
تبیین: أورد علیه إشكالان الأول أنه وردت أخبار دالة علی فضل الحج علی الصلاة فما وجه التوفیق بینهما الثانی أن الحج مشتمل علی الصلاة أیضا و الحج و إن كان مندوبا فالصلاة فیه فرض فما معنی تفضیل الصلاة الفریضة علی عشرین حجة.
و یمكن الجواب عن الأول بوجوه الأول حمل الثواب فی الصلاة علی التفضلی و فی الحج علی الاستحقاقی أی یتفضل اللّٰه سبحانه علی المصلی بأزید مما یستحقه المؤمن بعشرین حجة فلا ینافی كون ما یتفضل به علی الحاج أضعاف ما یعطی المصلی.
فإن قیل قد مر ما یدل علی أن الإنسان لا یستحق شیئا بعمله و إنما یتفضل اللّٰه تعالی بالثواب علیه قلنا یمكن أن یكون للتفضل أیضا مراتب إحداها ما یتوقعه الإنسان فی عمله و إن كان علی سبیل التفضل أو ما یظنه الناس أنه یتفضل به علیه ثم بحسب كرم الكریم و سعة جوده للتفضل مراتب لا تحصی فیمكن أن یسمی الأولی استحقاقیا كما إذا مدح شاعر كریما فهو لا یستحق شیئا عقلا و لا شرعا لكن الناس یتوقعون له بحسب ما یعرفونه من كرم الكریم أنه یعطیه مائة درهم فإذا أعطاه ألفا یقولون أعطاه عشرة أضعاف استحقاقه.
الثانی أن تحمل الفریضة علی الصلوات الخمس الیومیة كما هو المتبادر فی أكثر الموارد و الصلاة التی فضل علیها الحج علی غیرها بقرینة أن الأذان و الإقامة المشتملین علی حی علی خیر العمل مختصان بها فیكون الغرض الحث علی الصلوات الیومیة و المحافظة علیها و الإتیان بشرائطها و حدودها و آدابها و حفظ مواقیتها فإن كثیرا من الحاج یضیعون فرائضهم الیومیة فی طریقهم إلی الحج إما بتفویت أوقاتها أو بأدائها علی المركب أو فی المحمل أو بالتیمم أو مع عدم طهارة الثوب أو البدن إلی غیر ذلك.
فإن قیل فما وجه الجمع بین هذا الخبر علی هذا الوجه و بین الخبر المشهور
ص: 228
بین الخاصة و العامة: إن أفضل الأعمال أحمزها.
قلنا علی تقدیر تسلیم صحته المراد به أن أفضل كل نوع من العمل أحمز ذلك النوع كالوضوء فی البرد و الحر و الحج ماشیا و راكبا و الصوم فی الصیف و الشتاء و أمثال ذلك.
الثالث أن تحمل الفریضة علی عمومها و الحج فی المفضل علیه علی المندوب و فی المفضل علی الفرض.
الرابع أن یراد بالصلاة فی هذا الخبر مطلق الفرض و بها فی الأخبار التی فضل الحج علیها النافلة.
الخامس أن یراد بالحج فی هذا الخبر حج غیر هذه الأمة من الأمم السابقة أی صلاة تلك الأمة أفضل من عشرین حجة أوقعتها الأمم الماضیة.
السادس ما قیل إن المراد أنه لو صرف زمان الحج و العمرة فی الصلاة كان أفضل منهما و لا یخفی أن هذا الوجه إنما یجری فی الخبر الذی تضمن أن خیر أعمالكم الصلاة و أشباهه مما سبق مع أنه بعید فیها أیضا.
السابع أن یقال إنه یختلف بحسب الأحوال و الأشخاص كما نقل: أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله سئل أی الأعمال أفضل فقال الصلاة لأول وقتها و سئل أیضا أی الأعمال أفضل فقال بر الوالدین و سئل أی الأعمال أفضل فقال حج مبرور.
فخص كل سائل بما یلیق بحاله من الأعمال فیقال كان السائل الأول عاجزا عن الحج و لم یكن له والدان فكان الأفضل بحسب حاله الصلاة و الثانی كان له والدان محتاجان إلی بره فكان الأفضل له ذلك و كذا الثالث.
الثامن ما خطر بالبال زائدا علی ما تقدم من أكثر الوجوه بأن یقال لما كان لكل من الأعمال مدخل فی الإیمان و تأثیر فی نفس الإنسان لیس لغیره كما أن لكل من الأغذیة تأثیرا فی بدن الإنسان و مدخلا فی صلاحه لیس ذلك لغیره كالخبز مثلا فإن له تأثیرا فی البدن لیس ذلك للحم و كذا اللحم له أثر
ص: 229
فی البدن لیس للخبز و لیس شی ء منهما یغنی عن الماء و هكذا.
ثم تلك الأغذیة تختلف بحسب شدة حاجة البدن إلیها و ضعفها فإن منها ما لا تبقی الحیاة بدونها و منها ما یضعف البدن بدونها لكن یبقی الحیاة مع تركها فكما أن لبدن الإنسان أعضاء رئیسة و غیر رئیسة منها ما لا یبقی الشخص بدونها كالرأس و القلب و الكبد و الدماغ و منها ما یبقی مع فقدها لكن لا ینتفع بالحیاة بدونها كالعین و السمع و اللسان و الید و الرجل و منها ما ینتفع بدونها بالحیاة لكنه ناقص عن درجة الكمال كما إذا فقد بعض الأصابع أو الأذن أو الأسنان.
و كذلك له أغذیة لا تبقی حیاته بدونها كالماء و الخبز و اللحم و أغذیة یبقی بدونها مع ضعف كالسمن و الأرز و أغذیة یتروح بها كالفواكه و الحلاوات و تعرض له أمراض مهلكة و غیر مهلكة و خلق اللّٰه له أدویة یتداوی بها إذا لم تكن مهلكة و كذا له أثواب یتزین بها و دواب یتقوی بها و خدم یستعین بهم و أصدقاء یتزین بمجالستهم.
فكذا الإیمان بمنزلة شخص له جمیع هذه الأشیاء فأعضاؤه الرئیسة هی عقائده التی إذا فقد شیئا منها یزول رأسا كالأصول الخمسة و الأعضاء الغیر الرئیسة هی العقائد و العلوم التی بها یقوی الإیمان و یترتب علیه الآثار علی اختلاف مراتبها فی ذلك فمنها ما یجب الاعتقاد بها و منها ما یحسن و یتزین الإیمان بها و كذا له أغذیة من الأعمال الصالحة فمنها ما لا یبقی بدونها و هی الفرائض كالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة و منها ما یبقی بدونها مع ضعف شدید یزول ثمرته معه و هی سائر الواجبات و أما النوافل فهی كالفواكه و الأشربة و الأدویة المقویة و منها ما هی بمنزلة الألبسة و الحلی و له مراكب من الأخلاق الحسنة یتقوی بها و أصدقاء من مرافقة العلماء و الصلحاء بهم یحترز عن كید الشیاطین و الذنوب بمنزلة الأمراض المهلكة و غیر المهلكة فالمهلكة منها هی الكبائر و غیر المهلكة الصغائر و التوبة التضرع و الخشوع أدویة لها إذا لم یصل إلی حد لا ینفع فیه الدواء و العیوب التی لا تؤثر فی زواله لكن تحطه
ص: 230
عن درجة كماله.
فإذا عرفت ذلك أمكنك فهم دقایق الأخبار و التوفیق بین الروایات المأثورة فی ذلك عن الأئمة الأبرار فنعرف معنی قولهم الشی ء الفلانی رأس الإیمان و آخر قلب الإیمان و آخر بصر الإیمان و الصلاة عمود و أشباه ذلك.
فنقول علی هذا التحقیق یمكن أن یقال مثلا الصلاة بمنزلة الماء و الحج بمنزلة الخبز فی قوام الإیمان فیمكن أن یقال الصلاة أفضل من حجج كثیرة و الحج أفضل من صلوات كثیرة إذ لكل منهما أثر فی قوام الإیمان لیس للآخر و لا یستغنی بأحدهما عن الآخر كما یمكن أن یقال رغیف خبز أفضل من روایا من الماء و شربة ماء خیر من أرغفة كثیرة و الحاصل أنه یرجع إلی اختلاف الاعتبارات و الجهات و الحیثیات فبجهة الصلاة خیر من الحج و بجهة الحج خیر من الصلاة و أفضل منها و هذا التحقیق ینفعك فی كثیر من المواضع و یعینك علی التوفیق بین كثیر من الآیات و الأخبار.
و أما الإشكال الثانی فینحل بكثیر من الوجوه السابقة و أجیب عنه أیضا بأن المراد بالحج بلا صلاة و اعترض علیه بأن الحج بلا صلاة باطل فلا فضل له حتی یفضل علیه الصلاة و یمكن الجواب بأن المراد به الحج مع قطع النظر عن فضل الصلاة إذا كان معها لا الحج الذی تركت فیه الصلاة.
و إنما بسطنا الكلام فی ذلك لكثرة الحاجة إلیه فی حل الأخبار و قد مر بعض القول فی كتاب الإیمان و الكفر.
«56»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَیْفَرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِیبٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّلَاةُ مِنْ شَرَائِعِ الدِّینِ وَ فِیهَا مَرْضَاةُ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ فَهِیَ مِنْهَاجُ الْأَنْبِیَاءِ
ص: 231
وَ لِلْمُصَلِّی حُبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ هُدًی وَ إِیمَانٌ وَ نُورُ الْمَعْرِفَةِ وَ بَرَكَةٌ فِی الرِّزْقِ وَ رَاحَةٌ لِلْبَدَنِ وَ كَرَاهَةٌ لِلشَّیْطَانِ وَ سِلَاحٌ عَلَی الْكُفَّارِ وَ إِجَابَةٌ لِلدُّعَاءِ وَ قَبُولٌ لِلْأَعْمَالِ وَ زَادٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الدُّنْیَا إِلَی الْآخِرَةِ وَ شَفِیعٌ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ أَنِیسٌ فِی قَبْرِهِ وَ فِرَاشٌ تَحْتَ جَنْبِهِ وَ جَوَابٌ لِمُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ تَكُونُ صَلَاةُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْمَحْشَرِ تَاجاً عَلَی رَأْسِهِ وَ نُوراً عَلَی وَجْهِهِ وَ لِبَاساً عَلَی بَدَنِهِ وَ سِتْراً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّارِ وَ حُجَّةً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ وَ نَجَاةً لِبَدَنِهِ مِنَ النَّارِ وَ جَوَازاً عَلَی الصِّرَاطِ وَ مِفْتَاحاً لِلْجَنَّةِ وَ مُهُوراً لِلْحُورِ الْعِینِ وَ ثَمَناً لِلْجَنَّةِ بِالصَّلَاةِ یَبْلُغُ الْعَبْدُ إِلَی الدَّرَجَةِ الْعُلْیَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْبِیحٌ وَ تَهْلِیلٌ وَ تَحْمِیدٌ وَ تَكْبِیرٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ تَقْدِیسٌ وَ قَوْلٌ وَ دَعْوَةٌ(1).
«57»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: أُوصِیكُمْ بِالصَّلَاةِ الَّتِی هِیَ عَمُودُ الدِّینِ وَ قِوَامُ الْإِسْلَامِ فَلَا تَغْفُلُوا عَنْهَا(2).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: قَالَ لِبَعْضِ شِیعَتِهِ بَلِّغْ مَوَالِیَنَا عَنَّا السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ لَا أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً إِلَّا بِوَرَعٍ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَاةِ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ (3).
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام (4)
قَالَ: لَا حَظَّ فِی الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ(5).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: أَتَی رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ
ص: 232
لِی أَنْ یُدْخِلَنِی الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ أَعِنِّی عَلَیْهِ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ(1).
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَیْنَهُنَّ مَا اجْتَنَبَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَ هِیَ الَّتِی قَالَ اللَّهُ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ (2).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَی اللَّهِ الصَّلَاةُ فَمَا شَیْ ءٌ أَحْسَنَ مِنْ أَنْ یَغْتَسِلَ الرَّجُلُ أَوْ یَتَوَضَّأَ فَیُسْبِغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ یَبْرُزَ حَیْثُ لَا یَرَاهُ أَحَدٌ فَیُشْرِفُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ هُوَ رَاكِعٌ وَ سَاجِدٌ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَجَدَ نَادَی إِبْلِیسُ یَا وَیْلَهُ أَطَاعَ وَ عَصَیْتُ وَ سَجَدَ وَ أَبَیْتُ وَ أَقْرَبُ مَا یَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا سَجَدَ(3).
وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فِی صَلَاتِهِ أَقْبَلَ اللَّهُ إِلَیْهِ بِوَجْهِهِ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَكاً یَلْتَقِطُ الْقُرْآنَ مِنْ فِیهِ الْتِقَاطاً فَإِذَا أَعْرَضَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ وَ وَكَلَهُ إِلَی الْمَلَكِ (4).
«58»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ رَجَاءِ بْنِ یَحْیَی الْعَبَرْتَائِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فِیمَا أَوْصَی إِلَیْهِ یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُرَّةَ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ وَ حَبَّبَهَا إِلَیَّ كَمَا حَبَّبَ إِلَی الْجَائِعِ الطَّعَامَ وَ إِلَی الظَّمْآنِ الْمَاءَ وَ إِنَّ الْجَائِعَ إِذَا أَكَلَ الطَّعَامَ شَبِعَ وَ الظَّمْآنَ إِذَا شَرِبَ الْمَاءَ رَوِیَ وَ أَنَا لَا أَشْبَعُ مِنَ الصَّلَاةِ(5) یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام بِالرَّهْبَانِیَّةِ وَ بُعِثْتُ بِالْحَنِیفِیَّةِ السَّمْحَةِ وَ حُبِّبَ إِلَیَّ النِّسَاءُ وَ الطِّیبُ جُعِلَتْ فِی الصَّلَاةِ قُرَّةُ عَیْنِی (6)
یَا أَبَا ذَرٍّ مَا دُمْتَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّكَ تَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ وَ مَنْ یُكْثِرْ قَرْعَ بَابِ
ص: 233
الْمَلِكِ یُفْتَحْ لَهُ (1) یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَقُومُ إِلَی الصَّلَاةِ إِلَّا تَنَاثَرَ عَلَیْهِ الْبِرُّ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَكٌ یُنَادِی یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ فِی صَلَاتِكَ وَ مَنْ تُنَاجِی مَا سَئِمْتَ وَ مَا الْتَفَتَ (2)
یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ رَجُلٍ یَجْعَلُ جَبْهَتَهُ فِی بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا شَهِدَتْ لَهُ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ(3)
یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ صَبَاحٍ وَ لَا رَوَاحٍ إِلَّا وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ یُنَادِی بَعْضُهَا بَعْضاً یَا جَارَةِ هَلْ مَرَّ بِكِ الْیَوْمَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ عَبْدٌ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَیْكِ سَاجِداً لِلَّهِ فَمِنْ قَائِلَةٍ لَا وَ مِنْ قَائِلَةٍ نَعَمْ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ اهْتَزَّتْ وَ انْشَرَحَتْ وَ تَرَی أَنَّ لَهَا الْفَضْلَ عَلَی جَارَتِهَا(4).
«59»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بُنِیَ الْإِسْلَامُ عَلَی خَمْسَةِ أَشْیَاءَ عَلَی الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَایَةِ قَالَ زُرَارَةُ فَأَیُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ قَالَ الْوَلَایَةُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ وَ الْوَالِی هُوَ الدَّلِیلُ عَلَیْهِنَّ قُلْتُ ثُمَّ الَّذِی یَلِی ذَلِكَ فِی الْفَضْلِ قَالَ الصَّلَاةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الصَّلَاةُ عَمُودُ دِینِكُمْ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ الَّذِی یَلِیهِ فِی الْفَضْلِ قَالَ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ قَرَنَهَا بِهَا وَ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الزَّكَاةُ تَذْهَبُ بِالذُّنُوبِ قُلْتُ فَالَّذِی یَلِیهِ فِی الْفَضْلِ قَالَ الْحَجُّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَا ذَا یَتْبَعُهُ قَالَ الصَّوْمُ قُلْتُ وَ مَا بَالُ الصَّوْمِ صَارَ آخِرَ ذَلِكَ أَجْمَعَ قَالَ أَفْضَلُ الْأَشْیَاءِ مَا إِذَا أَنْتَ فَاتَكَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُ تَوْبَةٌ دُونَ أَنْ تَرْجِعَ
ص: 234
إِلَیْهِ فَتُؤَدِّیَهُ بِعَیْنِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ وَ الزَّكَاةَ وَ الْحَجَّ وَ الْوَلَایَةَ لَیْسَ شَیْ ءٌ یَقَعُ مَكَانَهَا دُونَ أَدَائِهَا وَ إِنَّ الصَّوْمَ إِذَا فَاتَكَ أَوْ قَصَّرْتَ وَ سَافَرْتَ فِیهِ أَدَّیْتَ مَكَانَهُ أَیَّاماً غَیْرَهَا وَ جُبِرَتْ ذَلِكَ الذَّنْبُ بِصَدَقَةٍ وَ لَا قَضَاءَ عَلَیْكَ وَ لَیْسَ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ شَیْ ءٌ یُجْزِیكَ مَكَانَهُ غَیْرُهُ (1).
أقول: الخبر مختصر و قد مر فی كتاب الإیمان و الكفر مشروحا(2) و قد مر كثیر من الأخبار فی فضل الصلاة فی أبواب هذا الكتاب لم نعدها مخافة الإطناب.
«60»- الْهِدَایَةُ لِلصَّدُوقِ،: الدَّعَائِمُ الَّتِی بُنِیَ عَلَیْهَا الْإِسْلَامُ سِتٌّ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الْجِهَادُ وَ الْوَلَایَةُ وَ هِیَ أَفْضَلُهُنَّ وَ مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ عَمْداً مُتَعَمِّداً فَهُوَ كَافِرٌ وَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ وَ الصَّلَاةُ تَتِمُّ بِالنَّوَافِلِ وَ الْوُضُوءُ بِغُسْلِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ(3).
«61»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ وَ صَلَّی الْخَمْسَ تَحَاتَّتْ خَطَایَاهُ كَمَا تَتَحَاتُّ الْوَرَقُ.
قال السید هذه استعارة و المراد أن اللّٰه یكفر خطایاه بسرعة فتسقط عنه آصارها و تنحط أوزارها كما تتساقط الأوراق عن أغصانها إذا هزتها الراح أو زعزعتها الریاح (4).
«62»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، لِعَلِیِّ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّلَاةُ مِیزَانٌ مَنْ وَفَّی اسْتَوْفَی.
«63»- كِتَابُ الْمُثَنَّی بْنِ الْوَلِیدِ الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: دَخَلْتُ
ص: 235
عَلَی حَمِیدَةَ أُعَزِّیهَا بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ شَهِدْتَهُ حِینَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَ قَدْ قُبِضَ إِحْدَی عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِی قَرَابَتِی وَ مَنْ لَطَفَ لِی فَلَمَّا اجْتَمَعُوا حَوْلَهُ قَالَ إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَنْ تَنَالَ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ.
«64»- كِتَابُ الْحُسَیْنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَا یُحَاسَبُ عَلَیْهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ فَإِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ سَائِرُ عَمَلِهِ وَ إِذَا رُدَّتْ عَلَیْهِ رُدَّ عَلَیْهِ سَائِرُ عَمَلِهِ.
«65»- كِتَابُ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ یَقُولُ فِی عِظَتِهِ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ صَلِّ قَبْلَ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَی لَیْلٍ وَ لَا نَهَارٍ تُصَلِّی فِیهِ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ لِصَاحِبِهَا كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَی ذِی سُلْطَانٍ فَأَنْصَتَ لَهُ حَتَّی یَخْرُجَ مِنْ حَاجَتِهِ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی مَا دَامَ فِی صَلَاتِهِ لَمْ یَزَلِ اللَّهُ تَعَالَی یَنْظُرُ إِلَیْهِ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ.
«66»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَوْ كَانَ عَلَی بَابِ أَحَدِكُمْ نَهَرٌ فَاغْتَسَلَ مِنْهُ كُلَّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ كَانَ یَبْقَی عَلَی جَسَدِهِ مِنَ الدَّرَنِ شَیْ ءٌ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ النَّهَرِ الَّذِی یُنَقِّی كُلَّمَا صَلَّی صَلَاةً كَانَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ إِلَّا ذَنْبٍ أَخْرَجَهُ مِنَ الْإِیمَانِ مُقِیمٍ عَلَیْهِ.
ص: 236
«1»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ مَعاً عَنِ الصَّبَّاحِ الْمُزَنِیِّ وَ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَ ابْنِ أُذَیْنَةَ جَمِیعاً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ وَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ وَ الْیَقْطِینِیِّ جَمِیعاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنِ الْمُزَنِیِّ وَ سَدِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُمْ حَضَرُوهُ فَقَالَ یَا عُمَرَ بْنَ أُذَیْنَةَ مَا تَرَی (1)
هَذِهِ النَّاصِبَةُ فِی أَذَانِهِمْ وَ صَلَاتِهِمْ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّ أُبَیَّ بْنَ كَعْبٍ الْأَنْصَارِیَّ رَآهُ فِی النَّوْمِ فَقَالَ علیه السلام كَذَبُوا وَ اللَّهِ إِنَّ دِینَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَعَزُّ مِنْ أَنْ یُرَی فِی النَّوْمِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ الْعَزِیزَ الْجَبَّارَ عَرَجَ بِنَبِیِّهِ إِلَی سَمَائِهِ سَبْعاً(2)
أَمَّا أُولَاهُنَّ فَبَارَكَ عَلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الثَّانِیَةَ عَلَّمَهُ فِیهَا فَرْضَهُ وَ الثَّالِثَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ (3)
الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ عَلَیْهِ مَحْمِلًا مِنْ نُورٍ فِیهِ أَرْبَعُونَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ
ص: 237
النُّورِ كَانَتْ مُحْدِقَةً حَوْلَ الْعَرْشِ- عَرْشِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی تَغْشَی أَبْصَارَ النَّاظِرِینَ أَمَّا وَاحِدٌ مِنْهَا فَأَصْفَرُ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اصْفَرَّتِ الصُّفْرَةُ وَ وَاحِدٌ مِنْهَا أَحْمَرُ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ احْمَرَّتِ الْحُمْرَةُ وَ وَاحِدٌ مِنْهَا أَبْیَضُ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ابْیَضَّ الْبَیَاضُ وَ الْبَاقِی عَلَی عَدَدِ سَائِرِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْوَارِ وَ الْأَلْوَانِ فِی ذَلِكَ الْمَحْمِلِ حَلَقٌ وَ سَلَاسِلُ مِنْ فِضَّةٍ فَجَلَسَ فِیهِ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَنَفَرَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی أَطْرَافِ السَّمَاءِ ثُمَّ خَرَّتْ سُجَّداً فَقَالَتْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّنَا وَ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ مَا أَشْبَهَ هَذَا النُّورَ بِنُورِ رَبِّنَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَسَكَتَ الْمَلَائِكَةُ وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ اجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ جَاءَتْ فَسَلَّمَتْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْوَاجاً ثُمَّ قَالَتْ یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ أَخُوكَ قَالَ بِخَیْرٍ قَالَتْ فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنَّا السَّلَامَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَعْرِفُونَهُ فَقَالُوا كَیْفَ لَمْ نَعْرِفْهُ وَ قَدْ أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِیثَاقَكَ وَ مِیثَاقَهُ مِنَّا وَ إِنَّا لَنُصَلِّی عَلَیْكَ وَ عَلَیْهِ ثُمَّ زَادَهُ أَرْبَعِینَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ النُّورِ- لَا یُشْبِهُ شَیْ ءٌ مِنْهُ ذَلِكَ النُّورَ الْأَوَّلَ وَ زَادَهُ فِی مَحْمِلِهِ حَلَقاً وَ سَلَاسِلَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ بَابِ السَّمَاءِ تَنَافَرَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی أَطْرَافِ السَّمَاءِ وَ خَرَّتْ سُجَّداً وَ قَالَتْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ مَا أَشْبَهَ هَذَا النُّورَ بِنُورِ رَبِّنَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَاجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ فُتِحَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ قَالَتْ یَا جَبْرَئِیلُ مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا وَ قَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجُوا إِلَیَّ شِبْهَ الْمَعَانِیقِ فَسَلَّمُوا وَ قَالُوا أَقْرِئْ أَخَاكَ السَّلَامَ فَقُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونَهُ قَالُوا نَعَمْ وَ كَیْفَ لَا نَعْرِفُهُ وَ قَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَكَ وَ مِیثَاقَهُ وَ مِیثَاقَ شِیعَتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ عَلَیْنَا وَ إِنَّا لَنَتَصَفَّحُ وُجُوهَ شِیعَتِهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْساً یَعْنُونَ فِی وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ زَادَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعِینَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ النُّورِ
ص: 238
لَا تُشْبِهُ الْأَنْوَارَ الْأُولَی وَ زَادَنِی حَلَقاً وَ سَلَاسِلَ ثُمَّ عَرَجَ بِی إِلَی السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَنَفَرَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی أَطْرَافِ السَّمَاءِ وَ خَرَّتْ سُجَّداً وَ قَالَتْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ مَا هَذَا النُّورُ الَّذِی یُشْبِهُ نُورَ رَبِّنَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَاجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ قَالَتْ مَرْحَباً بِالْأَوَّلِ وَ مَرْحَباً بِالْآخِرِ وَ مَرْحَباً بِالْحَاشِرِ وَ مَرْحَباً بِالنَّاشِرِ- مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ عَلِیٌّ خَیْرُ الْوَصِیِّینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلَّمُوا عَلَیَّ وَ سَأَلُونِی عَنْ عَلِیٍّ أَخِی فَقُلْتُ هُوَ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَتِی أَ وَ تَعْرِفُونَهُ فَقَالُوا نَعَمْ وَ كَیْفَ لَا نَعْرِفُهُ وَ قَدْ نَحُجُّ الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ عَلَیْهِ رَقٌّ أَبْیَضُ فِیهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الْأَئِمَّةِ وَ شِیعَتِهِمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّا لَنُبَارِكُ عَلَی رُءُوسِهِمْ بِأَیْدِینَا ثُمَّ زَادَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعِینَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ النُّورِ- لَا تُشْبِهُ شَیْئاً مِنْ تِلْكَ الْأَنْوَارِ الْأُوَلِ وَ زَادَنِی حَلَقاً وَ سَلَاسِلَ ثُمَّ عَرَجَ بِی إِلَی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ تَقُلِ الْمَلَائِكَةُ شَیْئاً وَ سَمِعْتُ دَوِیّاً كَأَنَّهُ فِی الصُّدُورِ وَ اجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ فَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ خَرَجَتْ إِلَیَّ مَعَانِیقَ (1) فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام حَیَّ عَلَی الصَّلَاةِ حَیَّ عَلَی الصَّلَاةِ حَیَّ عَلَی الْفَلَاحِ حَیَّ عَلَی الْفَلَاحِ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ صَوْتَیْنِ مَقْرُونَیْنِ- بِمُحَمَّدٍ تَقُومُ الصَّلَاةُ وَ بِعَلِیٍّ الْفَلَاحُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ هِیَ لِشِیعَتِهِ أَقَامُوهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ اجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَیْنَ تَرَكْتَ أَخَاكَ وَ كَیْفَ هُوَ فَقَالَ لَهُمْ أَ تَعْرِفُونَهُ فَقَالُوا نَعَمْ نَعْرِفُهُ وَ شِیعَتَهُ وَ هُوَ نُورٌ حَوْلَ عَرْشِ اللَّهِ وَ إِنَّ فِی الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ لَرَقّاً مِنْ نُورٍ فِیهِ كِتَابٌ مِنْ نُورٍ فِیهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الْأَئِمَّةِ وَ شِیعَتِهِمْ- لَا یَزِیدُ فِیهِمْ رَجُلٌ وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِنَّهُ لَمِیثَاقُنَا الَّذِی أُخِذَ عَلَیْنَا وَ إِنَّهُ لَیُقْرَأُ عَلَیْنَا فِی كُلِّ یَوْمِ جُمُعَةٍ.
ص: 239
فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْراً فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِی فَإِذَا أَطْنَابُ السَّمَاءِ قَدْ خُرِقَتْ وَ الْحُجُبُ قَدْ رُفِعَتْ ثُمَّ قَالَ لِی طَأْطِئْ رَأْسَكَ وَ انْظُرْ مَا تَرَی فَطَأْطَأْتُ رَأْسِی فَنَظَرْتُ إِلَی بَیْتِكُمْ هَذَا وَ إِلَی حَرَمِكُمْ هَذَا فَإِذَا هُوَ مِثْلُ حَرَمِ ذَلِكَ الْبَیْتِ یَتَقَابَلُ لَوْ أَلْقَیْتُ شَیْئاً مِنْ یَدِی لَمْ یَقَعْ إِلَّا عَلَیْهِ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ هَذَا الْحَرَمُ وَ أَنْتَ الْحَرَامُ وَ لِكُلِّ مِثْلٍ مِثَالٌ ثُمَّ قَالَ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُحَمَّدُ مُدَّ یَدَكَ (1) فَیَتَلَقَّاكَ مَاءٌ یَسِیلُ مِنْ سَاقِ عَرْشِیَ الْأَیْمَنِ فَنَزَلَ الْمَاءُ فَتَلَقَّیْتُهُ بِالْیَمِینِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَوَّلُ الْوُضُوءِ بِالْیُمْنَی ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ خُذْ ذَلِكَ فَاغْسِلْ بِهِ وَجْهَكَ وَ عَلَّمَهُ غَسْلَ الْوَجْهِ فَإِنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَی عَظَمَتِی وَ أَنْتَ طَاهِرٌ ثُمَّ اغْسِلْ ذِرَاعَیْكَ الْیَمِینَ وَ الْیَسَارَ وَ عَلَّمَهُ ذَلِكَ فَإِنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تَتَلَقَّی بِیَدَیْكَ كَلَامِی وَ امْسَحْ بِفَضْلِ مَا فِی یَدَیْكَ مِنَ الْمَاءِ رَأْسَكَ وَ رِجْلَیْكَ إِلَی كَعْبَیْكَ وَ عَلَّمَهُ الْمَسْحَ بِرَأْسِهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ قَالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَمْسَحَ رَأْسَكَ وَ أُبَارِكَ عَلَیْكَ فَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَی رِجْلَیْكَ فَإِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُوطِئَكَ مَوْطِئاً لَمْ یَطَأْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَ لَا یَطَؤُهُ أَحَدٌ غَیْرُكَ فَهَذَا عِلَّةُ الْوُضُوءِ وَ الْأَذَانِ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ اسْتَقْبِلِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَ هُوَ بِحِیَالِی وَ كَبِّرْنِی بِعَدَدِ حُجُبِی فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَ التَّكْبِیرُ سَبْعاً لِأَنَّ الْحُجُبَ سَبْعَةٌ وَ افْتَتِحِ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحُجُبِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَ الِافْتِتَاحُ سُنَّةً وَ الْحُجُبُ مُطَابَقَةً ثَلَاثاً بِعَدَدِ(2) النُّورِ
ص: 240
الَّذِی نَزَلَ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلِذَلِكَ كَانَ الِافْتِتَاحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ التَّكْبِیرُ سَبْعاً وَ الِافْتِتَاحُ ثَلَاثاً فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّكْبِیرِ وَ الِافْتِتَاحِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْآنَ وَصَلْتَ إِلَیَّ فَسَمِّ بِاسْمِی فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- فِی أَوَّلِ السُّوَرِ ثُمَّ قَالَ لَهُ احْمَدْنِی فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نَفْسِهِ شُكْراً فَقَالَ اللَّهُ یَا مُحَمَّدُ أَ قَطَعْتَ حَمْدِی فَسَمِّ بِاسْمِی فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ فِی الْحَمْدِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مَرَّتَیْنِ فَلَمَّا بَلَغَ وَ لَا الضَّالِّینَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ شُكْراً فَقَالَ اللَّهُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ قَطَعْتَ ذِكْرِی فَسَمِّ بِاسْمِی فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- بَعْدَ الْحَمْدِ فِی اسْتِقْبَالِ السُّورَةِ الْأُخْرَی فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كَمَا أُنْزِلَتْ فَإِنَّهَا نِسْبَتِی وَ نَعْتِی ثُمَّ طَأْطِئْ یَدَیْكَ وَ اجْعَلْهُمَا عَلَی رُكْبَتَیْكَ فَانْظُرْ إِلَی عَرْشِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَظَرْتُ إِلَی عَظَمَةٍ ذَهَبَتْ لَهَا نَفْسِی وَ غُشِیَ عَلَیَّ فَأُلْهِمْتُ أَنْ قُلْتُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ لِعِظَمِ مَا رَأَیْتُ فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ تَجَلَّی الْغَشْیُ عَنِّی حَتَّی قُلْتُهَا سَبْعاً أُلْهِمَ ذَلِكَ فَرَجَعَتْ إِلَیَّ نَفْسِی كَمَا كَانَتْ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَ فِی الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ فَقَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِی فَنَظَرْتُ إِلَی شَیْ ءٍ ذَهَبَ مِنْهُ عَقْلِی فَاسْتَقْبَلْتُ الْأَرْضَ بِوَجْهِی وَ یَدَیَّ فَأُلْهِمْتُ أَنْ قُلْتُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ لِعُلُوِّ مَا رَأَیْتُ فَقُلْتُهَا سَبْعاً فَرَجَعَتْ إِلَیَّ نَفْسِی كُلَّمَا قُلْتُ وَاحِدَةً فِیهَا تَجَلَّی عَنِّی الْغَشْیُ فَقَعَدْتُ فَصَارَ السُّجُودُ فِیهِ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ وَ صَارَتِ الْقَعْدَةُ بَیْنَ السَّجْدَتَیْنِ اسْتِرَاحَةً مِنَ الْغَشْیِ وَ عُلُوِّ مَا رَأَیْتُ فَأَلْهَمَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَالَبَتْنِی نَفْسِی أَنْ أَرْفَعَ رَأْسِی فَرَفَعْتُ فَنَظَرْتُ إِلَی ذَلِكَ الْعُلُوِّ فَغُشِیَ عَلَیَّ فَخَرَرْتُ لِوَجْهِی وَ اسْتَقْبَلْتُ الْأَرْضَ بِوَجْهِی وَ یَدَیَّ وَ قُلْتُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ فَقُلْتُهَا سَبْعاً ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِی فَقَعَدْتُ قَبْلَ الْقِیَامِ لِأُثْنِیَ
ص: 241
النَّظَرَ فِی الْعُلُوِّ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَتْ سَجْدَتَیْنِ وَ رَكْعَةً وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَ الْقُعُودُ قَبْلَ الْقِیَامِ قَعْدَةً خَفِیفَةً ثُمَّ قُمْتُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأِ الْحَمْدَ فَقَرَأْتُهَا مِثْلَ مَا قَرَأْتُهَا أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ لِی اقْرَأْ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فَإِنَّهَا نِسْبَتُكَ وَ نِسْبَةُ أَهْلِ بَیْتِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ رَكَعْتُ فَقُلْتُ فِی الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ مِثْلَ مَا قُلْتُ أَوَّلًا وَ ذَهَبْتُ أَنْ أَقُومَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اذْكُرْ مَا أَنْعَمْتُ عَلَیْكَ وَ سَمِّ بِاسْمِی فَأَلْهَمَنِیَ اللَّهُ أَنْ قُلْتُ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَی كُلُّهَا لِلَّهِ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ صَلِّ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِكَ فَقُلْتُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیَّ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِی وَ قَدْ فَعَلَ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِصُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ سَلِّمْ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی أَنَا السَّلَامُ وَ التَّحِیَّةُ وَ الرَّحْمَةُ وَ الْبَرَكَاتُ أَنْتَ وَ ذُرِّیَّتُكَ ثُمَّ أَمَرَنِی رَبِّیَ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ أَنْ لَا أَلْتَفِتَ یَسَاراً وَ أَوَّلُ سُورَةٍ سَمِعْتُهَا بَعْدَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ- إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ السَّلَامُ مَرَّةً وَاحِدَةً تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَ التَّسْبِیحُ فِی السُّجُودِ وَ الرُّكُوعِ شُكْراً.
و قوله سمع اللّٰه لمن حمده لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال سمعت ضجة الملائكة فقلت سمع اللّٰه لمن حمده بالتسبیح و التهلیل فمن أجل ذلك جعلت الركعتان الأولتان كلما أحدث فیها حدث كان علی صاحبها إعادتها و هی الفرض الأول و هی أول ما فرضت عند الزوال یعنی صلاة الظهر(1).
توضیح: قوله إن أبی بن كعب لا خلاف بین علمائنا فی أن شرعیة الأذان كان بالوحی لا بالنوم قال فی المعتبر و المنتهی الأذان عند أهل البیت علیهم السلام وحی علی لسان جبرئیل علیه السلام علمه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علیا علیه السلام و أطبق الجمهور علی خلافه و رووا أنه برؤیا عبد اللّٰه بن زید و عمر و روایة رؤیا أبی غیر مشتهر الآن بینهم و تدل علی أن بالنوم لا تثبت الأحكام و یمكن أن یخص بابتداء
ص: 242
شرعیتها و رأیت فی بعض أجوبة العلامة رحمه اللّٰه عما سئل عنه تجویز العمل بما سمع فی المنام عن النبی و الأئمة علیهم السلام إذا لم یكن مخالفا للإجماع لما روی من أن الشیطان، لا یتمثل بصورتهم و فیه إشكال.
قوله علیه السلام أنزل اللّٰه و فی بعض النسخ و الثالثة أنزل و الظاهر أنها زیدت من المصلحین (1) فأفسدوا الكلام بل هذا تفصیل لما أجمل سابقا و عود إلی أول الكلام كما سیظهر مما سیأتی و الأنوار تحتمل الصوریة و المعنویة أو الأعم منهما.
و أما نفرة الملائكة فلغلبة النور علی أنوارهم و عجزهم عن إدراك الكمالات التی أعطاها اللّٰه نبینا صلی اللّٰه علیه و آله كما قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لِی مَعَ اللَّهِ وَقْتٌ- لَا یَسَعُنِی مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ الْخَبَرَ.
و یؤید المعنویة قول الملائكة ما أشبه هذا النور بنور ربنا و علی تقدیر أن یكون المراد الصوریة فالمعنی ما أشبه هذا النور بنور خلقه اللّٰه فی العرش و علی التقدیرین لما كان كلامهم و فعلهم موهما لنوع من التشبیه قال جبرئیل اللّٰه أكبر تنزیها له عن تلك المشابهة أی أكبر من أن یشبهه أحد أو یعرفه و قد مر تفسیر الأنوار فی كتاب التوحید و التكریر للتأكید أو الأول لنفی المشابهة و الثانی لنفی الإدراك.
و قال الجزری سبوح قدوس یرویان بالضم و الفتح أقیس و الضم أكثر استعمالا و هو من أبنیة المبالغة و المراد بهما التنزیه و قال فیه فانطلقنا معانیق أی مسرعین و فی القاموس المعناق الفرس الجید العنق و الجمع معانیق و العنق بالتحریك ضرب من سیر الدابة و التشبیه فی الإسراع.
ص: 243
و تثنیة التكبیر یمكن أن یكون اختصارا من الراوی أو یكون الزیادة بوحی آخر كما ورد فی تعلیم جبرئیل أمیر المؤمنین علیه السلام أو یكون من النبی صلی اللّٰه علیه و آله كزیادة الركعات بالتفویض أو یكون التكبیران الأولان خارجین عن الأذان كما یومی إلیه حدیث العلل و به یجمع بین الأخبار و الأظهر أن الغرض فی هذا الخبر بیان الإقامة و أطلق علیها الأذان مجازا.
و یمكن أن یكون سؤالهم عن البعثة لزیادة الاطمئنان كما فی سؤال إبراهیم إذ تصفح وجوه شیعة أخیه فی وقت كل صلاة موقوف علی العلم بالبعثة و یمكن أن یكون قولهم و إنا لنتصفح إخبارا عما أمروا به أن یفعلوا بعد ذلك و یؤیده عدم وجوب الصلاة قبل ذلك كما هو الظاهر و إن أمكن أن یكون هذا فی معراج تحقق بعد وجوب الصلاة لكنه بعید عن سیاق الخبر.
و یحتمل أیضا أن یكونوا عرفوه صلی اللّٰه علیه و آله و عرفوا وصیه و شیعة وصیه بأنهم یكونون كذلك و لذا كانوا یتصفحون وجوه شیعته فی أوقات الصلوات لیعرفوا هل وجبت علیهم صلاة أم لا فلا ینافی عدم علمهم بالبعثة و فیه أیضا بعد.
و یحتمل أن یكون التصفح كنایة عن روایة أسمائهم فی رق بیت المعمور كما سیأتی أو عن رؤیة أشباحهم و أمثلتهم حول العرش كما یومی إلیه قولهم و هم نور حول العرش و قریب منه ما ذكره بعض الأفاضل أن علمهم به و بأخیه و شیعته و أحوالهم فی
عالم فوق عالم الحس و هو العالم الذی أخذ علیهم فیه المیثاق و العلم فیه لا یتغیر و هذا لا ینافی جهلهم ببعثه فی عالم الحس الذی یتغیر العلم فیه.
أقول: هذا موقوف علی مقدمات مباینة لطریقة العقل.
قوله مرحبا بالأول أی خلقا و رتبة و مرحبا بالآخر أی ظهورا و بعثه و مرحبا بالحاشر أی بمن یتصل زمان أمته بالحشر و مرحبا بالناشر أی بمن ینشر قبل الخلق و إلیه الجمع و الحساب و قد مر شرح الكل فی مواضعها و الرق بالفتح و یكسر جلد رقیق یكتب فیه و الصحیفة البیضاء و دوی الریح و الطائر و النحل صوتها.
ص: 244
صوتین مقرونین أن نسمع صوتین و فی الكافی صوتان مقرونان معروفان و كونهما مقرونین لأن الصلاة مستلزمة للفلاح و سبب له و یحتمل أن تكون الفقرتان اللتان بعدهما مفسرتین لهما و الغرض بیان اشتراط قبول الصلاة و صحتها بولایتهما.
و یحتمل أن یكون إشارة إلی ما ورد فی بعض الأخبار من تفسیر الصلاة و العبادات بهم أی الصلاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الفلاح أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و هما متحدان من نور واحد مقرونان قولا و فعلا و بما فسر فی هذا الخبر یظهر سر تلك الأخبار و معناها و الضمیر فی قوله لشیعته راجع إلی الرسول أو إلی علی صلوات اللّٰه علیهما و الأخیر أظهر و ترك حی علی خیر العمل الظاهر أنه من الإمام علیه السلام أو من الرواة تقیة و یحتمل أن یكون قرر بعد ذلك كما مر و یؤیده عدم ذكر بقیة فصول الأذان.
و أطناب السماء لعله كنایة عن الأطباق و الجوانب قال الجزری فیه ما بین طنبی المدینة أحوج منی إلیها أی ما بین طرفیها و الطنب أحد أطناب الخیمة فاستعارة للطرف و الناحیة انتهی و فی الكافی أطباق السماء و هو أظهر.
ثم إنه یحتمل أن یكون خرق الأطباق و الحجب من تحته أو من فوقه أو منهما معا و أیضا یحتمل أن یكون هذا فی السماء الرابعة أو بعد عروجه إلی السابعة و الأخیر أوفق بما بعده فعلی الأول إنما خرقت الحجب من تحته لینظر إلی الكعبة و إلی البیت المعمور فلما نظر إلیهما وجدهما متحاذیین متطابقین متماثلین و لذا قال و لكل مثل مثال أی كل شی ء فی الأرض له مثال فی السماء فعلی الثانی یحتمل أن تكون الصلاة تحت العرش محاذیا للبیت المعمور أو فی البیت المعمور بعد النزول و علی التقدیرین استقبال الحجر مجاز أی استقبل ما یحاذیه أو ما یشاكله و یشبهه.
قوله و أنت الحرام أی المحترم المكرم و لعله إشارة إلی أن حرمة البیت إنما هی لحرمتك كما ورد فی غیره و یدل علی استحباب أخذ ماء الوضوء
ص: 245
أولا بالیمنی و فی الكافی صار الوضوء بالیمنی فیمكن أن یفهم منه استحباب الإدارة.
قوله تعالی بعدد حجبی الظاهر أن المراد بالحجب هنا غیر السماوات كما یظهر من سائر الأخبار و أن ثلاثة منها ملتصقة ثم تفصل بینها بحار النور ثم اثنان منها ملتصقان فلذا استحب التوالی بین ثلاث من التكبیرات ثم الفصل بالدعاء ثم بین اثنتین ثم الفصل بالدعاء ثم یأتی باثنتین متصلتین فكل شروع فی التكبیر ابتداء افتتاح و فی الكافی هكذا و الحجب متطابقة بینهن بحار النور و ذلك النور الذی أنزل اللّٰه علی محمد صلی اللّٰه علیه و آله فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لافتتاح الحجب ثلاث مرات فصار التكبیر سبعا و الافتتاح ثلاثا.
و حمل الوالد العلامة الافتتاح ثلاثا علی تكبیرة الإحرام التی هی افتتاح القراءة و تكبیر افتتاح الركوع و تكبیر افتتاح السجود و لعل ما ذكرناه أظهر.
و قوله شكرا یحتمل أن یكون كلام الإمام علیه السلام أی قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی وجه الشكر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ و الظاهر أنه من تتمة التحمید و یؤید الأول أنه ورد تحمید المأموم فی هذا المقام بدون هذه التتمة و یؤید الثانی أنه صلی اللّٰه علیه و آله أضمر شكرا عند قوله الحمد لله رب العالمین أولا و یدل علی استحباب التحمید فی هذا المقام للإمام و المنفرد أیضا و لعله خص بعد ذلك للمأموم.
قوله تعالی قطعت ذكری لعله لما كانت سورة الفاتحة بالوحی و انقطع الوحی بتمامها و حمد اللّٰه من قبل نفسه قال اللّٰه تعالی لما قطعت القرآن بالحمد فاستأنف البسملة فالمراد بالذكر القرآن و قوله علیه السلام كما أنزلت یدل علی تغییر فی سورة التوحید
و فی الكافی هكذا: ثم أوحی اللّٰه عز و جل إلیه اقرأ یا محمد نسبة ربك تبارك و تعالی قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثم أمسك عنه الوحی فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله اللّٰه الواحد الأحد
ص: 246
الصمد فأوحی اللّٰه إلیه لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ كذلك اللّٰه ربنا كذلك اللّٰه ربنا.
قوله تعالی فانظر إلی عرشی أی بالقلب أو بمؤخر العین أو ارفع رأسك فی تلك الحالة فانظر إلیه.
و فی الكافی: فلما قال ذلك أوحی اللّٰه إلیه اركع لربك یا محمد فركع فأوحی اللّٰه إلیه و هو راكع قل سبحان ربی العظیم و بحمده ففعل ذلك ثلاثا ثم أوحی اللّٰه إلیه ارفع رأسك یا محمد ففعل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقام منتصبا فأوحی اللّٰه عز و جل إلیه أن اسجد لربك یا محمد فخر رسول اللّٰه ساجدا فأوحی اللّٰه إلیه قل سبحان ربی الأعلی و بحمده ففعل صلی اللّٰه علیه و آله ذلك ثلاثا ثم أوحی اللّٰه إلیه استو جالسا یا محمد ففعل فلما رفع رأسه عن سجوده و استوی جالسا نظر إلی عظمة تجلت له فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أیضا ثلاثا فأوحی اللّٰه إلیه انتصب قائما ففعل فلم یر ما كان رأی من العظمة فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة و سجدتین.
قوله و علو ما رأیت أی استراحة من شدة و دهشة عرضت لی بسببه أو طلبا لهذا الأمر العالی و إعادة النظر إلیه فیكون منصوبا بنزع الخافض.
و قوله تعالی فإنها نسبتك أی مبینة شرفك و كرامتك و كرامة أهل بیتك أو مشتملة علی نسبتك و نسبتهم إلی الناس و جهة احتیاج الناس إلیك و إلیهم فإن نزول الملائكة و الروح بجمیع الأمور التی یحتاج الناس إلیها إذا كان إلیه و إلیهم فبهذا الجهة هم محتاجون إلیك و إلیهم.
قوله تعالی إنی أنا السلام و التحیة لعل التحیة معطوفة علی السلام تفسیرا و تأكیدا و قوله و الرحمة مبتدأ أی أنت المراد بالرحمة و ذریتك بالبركات أو المراد أن كلا منهم رحمة و بركة و یحتمل أن یكون قوله و التحیة مبتدأ و علی التقادیر حاصل المعنی سلام اللّٰه و تحیته أو رحمته و شفاعته محمد و أهل بیته صلوات اللّٰه علیهم و دعاؤهم و هدایتهم و إعانتهم علیكم أی لكم.
ص: 247
قوله تعالی تجاه القبلة أی من غیر التفات إلی الیسار أو إلی الیمین أیضا كثیرا بأن یحتمل ما فعله صلی اللّٰه علیه و آله علی الالتفات القلیل و یؤیده قوله علیه السلام أن لا ألتفت یسارا و ما قیل من أنه رأی الملائكة و النبیین تجاه القبلة فسلم علیهم لأنهم المقربون لیسوا من أصحاب الیمین و لا من أصحاب الشمال فلا یخفی ما فیه لأن الظاهر أنهم كانوا مؤتمین به صلی اللّٰه علیه و آله.
قوله تعالی صار التسبیح فی السجود فی الكافی كان التكبیر فی السجود شكرا فلعل المعنی أنه صلی اللّٰه علیه و آله لما كان هوته إلی السجود لمشاهدة عظمة تجلت له كبر قبل سجوده شكرا لتلك النعمة كما قال تعالی وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلی ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1) أی علی ما هدی و ما هنا أظهر كما لا یخفی.
قوله علیه السلام عند الزوال لعل المعنی أن هذه الصلاة التی فرضت و علمها اللّٰه نبیه فی السماء أنها فرضت أو وقعت أولا فی الأرض عند الزوال فلا یلزم أن یكون إیقاعها فی السماء عند الزوال مع أنه یحتمل أن یكون النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی ذلك الوقت محاذیا لموضع یكون فی الأرض وقت الزوال لكنه بعید إذ الظاهر من الخبر أنها وقعت فی موضع كان محاذیا لمكة و لما كان الظاهر من الأخبار تعدد المعراج فیمكن حمل هذا الخبر علی معراج وقع فی الیوم و بهذا الوجه یمكن التوفیق بین أكثر الأخبار المختلفة الواردة فی كیفیة المعراج.
ثم إنه یظهر من هذا الخبر أن الصلاة لما كانت معراج المؤمن فكما أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله نفض عن ذیله الأطهر علائق الدنیا الدنیة و توجه إلی عرش القرب و الوصال و مكالمة الكبیر المتعال و كلما خرق حجابا من الحجب الجسمانیة كبر الرب تعالی و كشف بسببه حجابا من الحجب العقلانیة حتی وصل إلی عرش العظمة و الجلال و دخل مجلس الأنس و الوصال فبعد رفع الحجب المعنویة بینه و بین مولاه كلمه و ناجاه فاستحق لأن یتجلی له نور من أنوار الجبروت فركع و خضع لذلك النور فاستحق أن یتجلی علیه نور أعلی منه فرفع رأسه و شاهده و خر
ص: 248
ساجدا لعظمته.
ثم بعد طی تلك المقامات و الوصول إلی درجة الشهود و الاتصال بالرب الودود رفع له الأستار من البین و قربه إلی مقام قاب قوسین فأكرمه بأن یقرن اسمه باسمه فی الشهادتین ثم حباه بالصلاة علیه و علی أهل بیته المصطفین فلما لم یكن بعد الوصول إلا السلام أكرمه بهذا الإنعام أو أمره بأن یسلم علی مقربی جنابه الذین فازوا قبله بمثل هذا المقام تشریفا له بإنعامه و تألیفا بین مقربی جنابه أو أنه لما أذنه بالرجوع عن مقام لی مع اللّٰه الذی لا یرحمه فیه سواه و لم یخطر بباله غیر مولاه التفت إلیهم فسلم علیهم كما یومی إلیه هذا الخبر فكذا ینبغی للمؤمن إذا أراد أن یتوجه إلی جنابه تعالی بعد تشبثه بالعلائق الدنیة و توغله فی العلائق الدنیویة أن یدفع عنه الأنجاس الظاهرة و الباطنة و یتحلی بما یستر عورته الجسمانیة و الروحانیة و یتعطر بروائح الأخلاق الحسنة و یتطهر من دنس الذنوب و الأخلاق الذمیمة و یخرج من بیته الأصنام و الكلاب و الصور و الخمور الصوریة و عن قلبه صور الأغیار و كلب النفس الأمارة و سكر الملك و المال و العزة و أصنام حب الذهب و الفضة و الأموال و الأولاد و النساء و سائر الشهوات الدنیویة.
ثم یتذكر بالأذان و الإقامة ما نسیه بسبب الاشتغال بالشبهات و الأعمال من عظمة اللّٰه و جلاله و لطفه و قهره و فضل الصلاة و سائر العبادات مرة بعد أخری و یتذكر أمور الآخرة و أهوالها و سعاداتها و شقاواتها عند الاستنجاء و الوضوء و الغسل و أدعیتها إذا علم أسرارها ثم یتوجه إلی المساجد التی هی بیوت اللّٰه فی الأرض و یخطر بباله عظمة صاحب البیت و جلاله إذا وصل إلی أبوابها فلا یكون عنده أقل عظمة من أبواب الملوك الظاهرة التی إذا وصل إلیها دهش و تحیر و ارتعد و خضع و استكان.
فإذا دخل المسجد و قرب المحراب الذی هو محل مجاذبة النفس و الشیطان،
ص: 249
استعاذ بالكریم الرحمن من شرورهما و غرورهما و توجه بصورته إلی بیت اللّٰه و بقلبه إلی اللّٰه و أعرض عن كل شی ء سواه ثم یستفتح صلاته بتكبیر اللّٰه و تعظیمه لیضمحل فی نظره من عداه و یخرق بكل تكبیر حجابا من الحجب الظلمانیة الراجعة إلی نقصه و النورانیة الراجعة إلی كمال معبوده فیقبل بعد تلك المعرفة و الانقیاد و التسلیم بشراشره إلی العلیم الحكیم و استعان فی أموره باسم المعبود الرحمن الرحیم و یحمده علی نعمائه و یقر بأنه رب العالمین و أخرجه من كتم العدم إلی أن أوصله إلی مقام العابدین.
ثم بأنه الرحمن الرحیم و بأنه مالك یوم الدین یجزی المطیعین و العاصین و إذا عرفه بهذا الوجه استحق لأن یرجع من مقام الغیبة إلی الخطاب مستعینا بالكریم الوهاب و یطلب منه الصراط المستقیم و صراط المقربین و الأنبیاء و الأئمة المكرمین مقرا بأنهم علی الحق و الیقین و أن أعداءهم ممن غضب اللّٰه علیهم و لعنهم و من الضالین و یتبرأ منهم و من طریقتهم تبرؤ الموقنین.
ثم یصفه سبحانه بتلاوة التوحید بالوحدانیة و التنزیه عما لا یلیق بذاته و صفاته فإذا عبد ربه بتلك الشرائط و عرفه بتلك الصفات یتجلی له نور من أنوار الجلال فیخضع لذلك بالركوع و الخضوع و یقر بأنی أعبدك و إن ضربت عنقی ثم بعد هذا الخضوع و الانقیاد یستحق معرفة أقوی و یناسبه خضوع أدنی فیقر بأنك خلقتنی من التراب و المخلوق منه خلیق بالتذلل عند رب الأرباب ثم بأنك تعیدنی بعد الموت إلی التراب فیناسب تلك الحالة خضوع آخر.
فإذا عبد اللّٰه بتلك الآداب إلی آخر الصلاة و خاض فی خلال ذلك بحار جبروته و اكتسب أنوار فیضه و معرفته وصل إلی مقام القرب و الشهود فیقر بوحدانیة معبوده و یثنی علی مقربی جنابه ثم یسلم علیهم بعد الحضور و الشهود و فی هذا المقام لطائف و دقایق لا یسع المقام ذكرها و أوردنا شذرا منها فی بعض
ص: 250
مؤلفاتنا و إنما أومأنا هاهنا إلی بعضها لمناسبة شرح الروایة و اللّٰه ولی التوفیق و الهدایة.
«2»- الْعِلَلُ، وَ مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ التَّوْحِیدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ [بْنِ] عَلَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِیمِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُ أَبِی سَیِّدَ الْعَابِدِینَ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ یَا أَبَهْ أَخْبِرْنِی عَنْ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا عُرِجَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِخَمْسِینَ صَلَاةً كَیْفَ لَمْ یَسْأَلْهُ التَّخْفِیفَ عَنْ أُمَّتِهِ حَتَّی قَالَ لَهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ علیه السلام ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِیفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِیقُ ذَلِكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَقْتَرِحُ عَلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یُرَاجِعُهُ فِی شَیْ ءٍ یَأْمُرُهُ بِهِ فَلَمَّا سَأَلَهُ مُوسَی علیه السلام ذَلِكَ وَ صَارَ شَفِیعاً لِأُمَّتِهِ إِلَیْهِ لَمْ یَجُزْ لَهُ رَدُّ شَفَاعَةِ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام فَرَجَعَ إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَسَأَلَهُ التَّخْفِیفَ إِلَی أَنْ رَدَّهَا إِلَی خَمْسِ صَلَوَاتٍ قَالَ فَقُلْتُ فَلِمَ لَمْ یَرْجِعْ إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَسْأَلْهُ التَّخْفِیفَ بَعْدَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَالَ یَا بُنَیَّ أَرَادَ علیه السلام أَنْ یُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ التَّخْفِیفَ مَعَ أَجْرِ خَمْسِینَ صَلَاةً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها(1) أَ لَا تَرَی أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا هَبَطَ إِلَی الْأَرْضِ نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ إِنَّهَا خَمْسٌ بِخَمْسِینَ- ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ(2).
بیان: المراد بأجر خمسین ثوابها الاستحقاقی لا التفضلی كما مر تحقیقه قوله ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَ لعل المعنی أنه كان قصدی بالخمسین أن أعطیهم ثوابها
ص: 251
أو أنه تعالی لما قرر لهم خمسین صلاة فلو بدلها و لم یعطهم ثوابها كان ظلما فی جنب عظمته و قدرته و سعته و افتقار خلقه إلیه و عجزهم و قیل هو تأكید لما قبله من الكلام أی ما وعدت من ثواب الخمسین لا یبدل فإنی لا أخلف الوعد و لا أظلم العباد به و التعبیر بصیغه المبالغة علی سائر الوجوه للإشعار بأن مثل هذا ظلم عظیم أو الظلم القلیل من القادر الحكیم الغنی بالذات ظلم
عظیم أو أنه لو كان الظلم من صفاته لكان صفة كمال فكان یتصف بكاملها أو أن كل صفة من العظیم لا بد أن یكون عظیما و قد مر الخبر بتمامه مشروحا مع تحقیقات أخری تركناها هاهنا حذرا من التكرار فی باب المعراج (1).
«3»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الشَّامِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَرِیرٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِیِّ رَفَعَهُ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْتَهَی حَیْثُ انْتَهَی فُرِضَتْ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ خَمْسُونَ صَلَاةً قَالَ فَأَقْبَلَ فَمَرَّ عَلَی مُوسَی علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ كَمْ فُرِضَ عَلَی أُمَّتِكَ قَالَ خَمْسُونَ صَلَاةً قَالَ ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْ أُمَّتِكَ قَالَ فَرَجَعَ ثُمَّ مَرَّ عَلَی مُوسَی فَقَالَ كَمْ فُرِضَ عَلَی أُمَّتِكَ قَالَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الْأُمَمِ ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْ أُمَّتِكَ فَإِنِّی كُنْتُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمْ یَكُونُوا یُطِیقُونَ إِلَّا دُونَ هَذَا فَلَمْ یَزَلْ یَرْجِعُ إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی جَعَلَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَالَ ثُمَّ مَرَّ عَلَی مُوسَی علیه السلام فَقَالَ كَمْ فُرِضَ عَلَی أُمَّتِكَ قَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ قَالَ ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْ أُمَّتِكَ قَالَ قَدِ اسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَبِّی مِمَّا أَرْجِعُ إِلَیْهِ (2).
«4»- وَ مِنْهُ (3)، وَ مِنَ الْعِلَلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ
ص: 252
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الرَّقِّیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ وَقَّتَ هَذِهِ الْخَمْسَ الصَّلَوَاتِ فِی خَمْسِ مَوَاقِیتَ عَلَی أُمَّتِكَ فِی سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ عِنْدَ الزَّوَالِ لَهَا حَلْقَةٌ تَدْخُلُ فِیهَا فَإِذَا دَخَلَتْ فِیهَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَیُسَبِّحُ كُلُّ شَیْ ءٍ دُونَ الْعَرْشِ لِوَجْهِ رَبِّی وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُصَلِّی عَلَیَّ فِیهَا رَبِّی فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیَّ وَ عَلَی أُمَّتِی فِیهَا الصَّلَاةَ وَ قَالَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ (1) وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُؤْتَی فِیهَا بِجَهَنَّمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُوَفَّقُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنْ یَكُونَ سَاجِداً أَوْ رَاكِعاً أَوْ قَائِماً إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَسَدَهُ عَلَی النَّارِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَهِیَ السَّاعَةُ الَّتِی أَكَلَ فِیهَا آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَمَرَ اللَّهُ ذُرِّیَّتَهُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ اخْتَارَهَا لِأُمَّتِی فَهِیَ مِنْ أَحَبِّ الصَّلَوَاتِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَحْفَظَهَا مِنْ بَیْنِ الصَّلَوَاتِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَهِیَ السَّاعَةُ الَّتِی تَابَ اللَّهُ فِیهَا عَلَی آدَمَ وَ كَانَ بَیْنَ مَا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ بَیْنَ مَا تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثَلَاثُ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا وَ فِی أَیَّامِ الْآخِرَةِ یَوْمٌ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَی الْعِشَاءِ فَصَلَّی آدَمُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ رَكْعَةً لِخَطِیئَتِهِ وَ رَكْعَةً لِخَطِیئَةِ حَوَّاءَ وَ رَكْعَةً لِتَوْبَتِهِ فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ الرَّكَعَاتِ عَلَی أُمَّتِی وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُسْتَجَابُ فِیهَا الدُّعَاءُ فَوَعَدَنِی رَبِّی أَنْ یَسْتَجِیبَ لِمَنْ دَعَاهُ فِیهَا وَ هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِی أَمَرَنِی بِهَا رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ فَسُبْحانَ اللَّهِ حِینَ تُمْسُونَ وَ حِینَ تُصْبِحُونَ (2)
وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ ظُلْمَةً وَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ ظُلْمَةً أَمَرَنِیَ اللَّهُ وَ أُمَّتِی بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ لِتُنَوِّرَ لَهُمُ الْقُبُورَ وَ لِیُعْطَوُا النُّورَ عَلَی الصِّرَاطِ
ص: 253
وَ مَا مِنْ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَی صَلَاةِ الْعَتَمَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهَا عَلَی النَّارِ وَ هِیَ الصَّلَاةُ الَّتِی اخْتَارَهُ اللَّهُ لِلْمُرْسَلِینَ قَبْلِی وَ أَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَإِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَطْلُعُ عَلَی قَرْنَیِ الشَّیْطَانِ فَأَمَرَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أُصَلِّیَ صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ أَنْ یَسْجُدَ لَهَا الْكَافِرُ فَتَسْجُدُ أُمَّتِی لِلَّهِ وَ سُرْعَتُهَا أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ وَ هِیَ الصَّلَاةُ الَّتِی تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ(1).
إیضاح: یحتمل أن یكون المراد بالحلقة دائرة نصف النهار المارة بقطبی الأفق و بقطبی معدل النهار و إنما یكون زوال الشمس بمجاوزتها عنها و صیرورتها إلی جانب المغرب منها و لا ریب أنها مختلفة بالنسبة إلی البقاع و البلاد و تختلف أوقات صلوات أهلها فالمراد بقوله علیه السلام فیسبح كل شی ء تسبیح أهل كل بقعة عند بلوغها إلی نصف نهارها و یكون ابتداء التسبیح عند بلوغ نصف نهار أول بلد من المعمورة.
و أما صلاة اللّٰه علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی تلك الساعة فإما أن یعتبر فیها نصف نهار بلده أو یقال بتكررها من ابتداء نصف النهار من أول المعمورة إلی أن یخرج من جمیع أنصاف النهار لها.
و أما الإتیان بجهنم فی تلك الساعة فالمراد بلوغ نصف نهار المحشر تقدیرا إذ لیس للشمس فی القیامة حركة أو یقال جمیع ذلك الیوم لمحاذاة الشمس بسمت رأسهم بمنزلة الزوال فالمعنی أنه لما كانت الشمس یوم القیامة مسامتة لرءوس أهلها لا تزول فینبغی فی الدنیا إذا صارت بتلك الهیئة أن یذكروا أهوالها و شدائدها التی من جملتها إحضار جهنم فیها.
و المراد بكل شی ء دون العرش عنده أو تحته أو العرش و ما دونه كما قیل فی قول أمیر المؤمنین علیه السلام: سلونی عما دون العرش. أو كل شی ء عند عرش علمه تعالی أی جمیع المكونات.
ص: 254
قیل و إنما یسبح لله كل شی ء دون العرش عند الزوال خاصة مع تسبیحه إیاه فی كل وقت علی الدوام لظهور النقص بالزوال و الانحطاط و الهبوط للشمس التی هی رئیس السماء و واهب الضیاء بأمر اللّٰه سبحانه و طاعته و هی مما یعبد من دون اللّٰه و هی أعظم كوكب فی السماء جسما و نورا فیسبح اللّٰه عند ذلك عما یوجب النقص و الأفول قال الخلیل علیه السلام لما أفلت إنی لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِیفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ (1) و إنما یصلی اللّٰه علی نبیه صلی اللّٰه علیه و آله فی تلك الساعة لتسبیحه صلی اللّٰه علیه و آله إیاه فی تلك الساعة زیادة علی غیرها من الساعات و لیشار بذلك إلی أنه لیس لارتفاع منزلته صلی اللّٰه علیه و آله انحطاط و لا لصعوده إلی جنابه سبحانه هبوط و علة فرض الصلاة فی تلك الساعة هی علة التسبیح.
ثم إن الخبر یدل علی أن صلاة العصر هی الوسطی و سیأتی تحقیقها.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله من وقت صلاة العصر و فی الفقیه (2)
ما بین العصر و المراد بالعشاء هو المغرب و الجملة بیان لقوله ثلاث مائة أو خبر بعد خبر لكان و قوله فی أیام الآخرة جملة معترضة لبیان أن الثلاثمائة من أیام الدنیا لا الآخرة فإن أیام الآخرة كل منها كألف سنة من أیام الدنیا و لذا كان ما بین عصره إلی المغرب الذی هو قریب من ثلث الیوم ثلاث مائة سنة التی تقرب من ثلث الألف و یفهم منه أن وقت العصر یدخل بعد مضی سبعة أعشار من الیوم و هو قریب من مضی مثل القامة من الظل.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله إلی صلاة العتمة إلی الجماعة بها أو إلی المسجد لإیقاعها أو الأعم و العتمة وقت صلاة العشاء و یدل علی عدم كراهة تسمیة العشاء بالعتمة و لا الصبح بالفجر خلافا للشیخ ره قال فی المنتهی قال الشیخ یكره تسمیة
ص: 255
العشاء بالعتمة و كأنه نظر إلی ما روی عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله: لا یغلبنكم الأعراب علی اسم صلاتكم فإنها العشاء و إنهم یعتمون بالإبل.
و لكن هذا الحدیث لم یرد من طرق الأصحاب قال و كذا یكره تسمیة الصبح بالفجر انتهی.
و قال فی النهایة فی الحدیث: لا یغلبنكم الأعراب علی اسم صلاتكم العشاء فإن اسمها فی كتاب اللّٰه العشاء و إنما یعتم بحلاب الإبل.
قال الأزهری أرباب النعم فی البادیة یریحون الإبل ثم ینیخونها فی مراحها حتی یعتموا أی یدخلوا فی عتمة اللیل و هی ظلمته و كانت الأعراب یسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمیة بالوقت فنهاهم عن الاقتداء بهم و استحب لهم التمسك بالاسم الناطق به لسان الشریعة و قیل أراد لا یغرنكم فعلهم هذا فتؤخروا صلاتكم و لكن صلوا إذا حان وقتها انتهی.
أقول: الحكم بالكراهة لهذا الخبر العامی مع ورود هذه اللفظة فی الأخبار الكثیرة المعتبرة و احتمال الخبر معنی آخر لا یخلو من غرابة و أغرب و أعجب منه الحكم الثانی مع ورود الفجر بهذا المعنی فی التنزیل الحكیم فی مواضع عدیدة و لا ندری ما العلة فیه إلا أن یرید كراهة إطلاقه علی الصلاة و هو أیضا ضعیف لتفسیر جماعة من المفسرین الفجر بها و عدم ظهور روایة بالمنع و لعلها وصلت إلیه و لیست حجة علینا و كون العلة فیه إشعاره بالفجور بعید.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله جسدها أی الجسد المحمول علیها و یفهم منه حكم القدم بالطریق الأولی أو كل الجسد الذی منه القدم و سیأتی تفسیر الآیات قریبا.
«5»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ وَ انْتَهَیْتُ إِلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی سَمِعْتُ الْأَذَانَ فَإِذَا مَلَكٌ یُؤَذِّنُ لَمْ یُرَ فِی السَّمَاءِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقَ عَبْدِی أَنَا أَكْبَرُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِی أَنَا اللَّهُ
ص: 256
الَّذِی لَا إِلَهَ غَیْرِی فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِی إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدِی وَ رَسُولِی أَنَا بَعَثْتُهُ وَ انْتَجَبْتُهُ فَقَالَ حَیَّ عَلَی الصَّلَاةِ حَیَّ عَلَی الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِی وَ دَعَا إِلَی فَرِیضَتِی فَمَنْ مَشَی إِلَیْهَا رَاغِباً فِیهَا مُحْتَسِباً كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةٌ لِمَا مَضَی مِنْ ذُنُوبِهِ فَقَالَ حَیَّ عَلَی الْفَلَاحِ حَیَّ عَلَی الْفَلَاحِ فَقَالَ اللَّهُ هِیَ الصَّلَاحُ وَ النَّجَاحُ وَ الْفَلَاحُ ثُمَّ أَمَمْتُ الْمَلَائِكَةَ فِی السَّمَاءِ كَمَا أَمَمْتُ الْأَنْبِیَاءَ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ ثُمَّ غَشِیَتْنِی صَبَابَةٌ فَخَرَرْتُ سَاجِداً فَنَادَانِی رَبِّی أَنِّی قَدْ فَرَضْتُ عَلَی كُلِّ نَبِیٍّ كَانَ قَبْلَكَ خَمْسِینَ صَلَاةً وَ فَرَضْتُهَا عَلَیْكَ وَ عَلَی أُمَّتِكَ فَقُمْ بِهَا أَنْتَ فِی أُمَّتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْحَدَرْتُ حَتَّی مَرَرْتُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ فَلَمْ یَسْأَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی مُوسَی فَقَالَ مَا صَنَعْتَ یَا مُحَمَّدُ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ قَالَ رَبِّی فَرَضْتُ عَلَی كُلِّ نَبِیٍّ كَانَ قَبْلَكَ خَمْسِینَ صَلَاةً وَ فَرَضْتُهَا عَلَیْكَ وَ عَلَی أُمَّتِكَ فَقَالَ مُوسَی یَا مُحَمَّدُ إِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ وَ أَضْعَفُهَا وَ إِنَّ رَبَّكَ لَا یَرُدُّهُ شَیْ ءٌ وَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ تَقُومَ بِهَا فَارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِیفَ لِأُمَّتِكَ فَرَجَعْتُ إِلَی رَبِّی حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی فَخَرَرْتُ سَاجِداً ثُمَّ قُلْتُ فَرَضْتَ عَلَیَّ وَ عَلَی أُمَّتِی خَمْسِینَ صَلَاةً وَ لَا أُطِیقُ ذَلِكَ وَ لَا أُمَّتِی فَخَفِّفْ عَنِّی فَوَضَعَ عَنِّی عَشْراً فَرَجَعْتُ إِلَی مُوسَی وَ أَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ لَا تُطِیقُ فَرَجَعْتُ إِلَی رَبِّی فَوَضَعَ عَنِّی عَشْراً فَرَجَعْتُ إِلَی مُوسَی فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ وَ فِی كُلِّ رَجْعَةٍ أَرْجِعُ إِلَیْهِ أَخِرُّ سَاجِداً حَتَّی رَجَعَ إِلَی عَشْرِ صَلَوَاتٍ فَرَجَعْتُ إِلَی مُوسَی وَ أَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا تُطِیقُ فَرَجَعْتُ إِلَی رَبِّی فَوَضَعَ عَنِّی خَمْساً فَرَجَعْتُ إِلَی مُوسَی وَ أَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا تُطِیقُ فَقُلْتُ قَدِ اسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَبِّی وَ لَكِنْ أَصْبِرُ عَلَیْهَا فَنَادَانِی مُنَادٍ كَمَا صَبَرْتَ عَلَیْهَا فَهَذِهِ الْخَمْسُ بِخَمْسِینَ كُلُّ صَلَاةٍ بِعَشْرٍ وَ مَنْ هَمَّ مِنْ أُمَّتِكَ بِحَسَنَةٍ یَعْمَلُهَا فَعَمِلَهَا كَتَبْتُ لَهُ عَشْراً وَ إِنْ لَمْ یَعْمَلْ كَتَبْتُ لَهُ وَاحِدَةً وَ مَنْ هَمَّ مِنْ أُمَّتِكَ بِسَیِّئَةٍ فَعَمِلَهَا كَتَبْتُ عَلَیْهِ وَاحِدَةً وَ إِنْ لَمْ یَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْ
ص: 257
عَلَیْهِ شَیْئاً فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام جَزَی اللَّهُ مُوسَی عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَیْراً(1).
بیان: قال الجوهری الصبابة رقة الشوق و حرارته قوله علیه السلام لا یرده شی ء بالتخفیف أی لا یرد علیه نفع شی ء من عبادة و غیرها و فی بعض النسخ لا یزیده شی ء أی لا یزید فی ملكه طاعة مطیع و قد مر تمام الخبر بطوله فی باب المعراج (2).
«6»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْفَضْلِ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: فُرِضَتْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِهِ الصَّلَاةُ خَمْسِینَ ثُمَّ نُقِصَتْ فَجُعِلَتْ خَمْساً نُودِیَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّهُ لَا یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ إِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِینَ (3).
«7»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی صَارَتْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ إِنَّهَا خَمْسٌ بِخَمْسِینَ (4).
«8»- الْعِلَلُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْخَادِمِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الْمَاضِی علیه السلام لِمَ جُعِلَتْ صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ وَ السُّنَّةِ خَمْسِینَ رَكْعَةً- لَا یُزَادُ فِیهَا وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهَا قَالَ إِنَّ سَاعَاتِ اللَّیْلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ فِیمَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ سَاعَةٌ وَ سَاعَاتِ النَّهَارِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فَجَعَلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَتَیْنِ وَ مَا بَیْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَی سُقُوطِ الشَّفَقِ
ص: 258
غَسَقٌ فَجَعَلَ لِلْغَسَقِ رَكْعَةً(1).
بیان: هذا اصطلاح شرعی للساعات و هی مختلفة باختلاف الاصطلاحات فمنها مستویة و منها معوجة إلی غیر ذلك و الركعة التی جعلت للغسق لعلها ركعتا الوتیرة فإنهما تعدان بركعة و فی الخصال لیس قوله فجعل للغسق ركعة و فیه مكان الشفق القرص فالمراد سقوطه بالكلیة بذهاب الحمرة المشرقیة و ما فی العلل فی الموضعین أظهر و أصح و فی الكافی (2)
أیضا كذلك.
و قال السید الداماد رحمه اللّٰه كون كل من اللیل و النهار اثنتی عشرة ساعة إما بحسب الساعات المعوجة أو بحسب الساعات المستویة فی خط الاستواء أو و فی الآفاق المائلة أیضا عند تساوی اللیل و النهار و ذلك إذا كان مدار الیومی للشمس معدل
النهار و أما إخراج ما بین طلوع الفجر و طلوع الشمس من اللیل و النهار و اعتبار زمانه علی حیاله ساعة برأسها فقد ورد به بعض الأخبار عنهم صلوات اللّٰه علیهم.
و من ذلك
ما رواه جماعة من مشیخة علمائنا رضوان اللّٰه علیهم عن مولانا الصادق علیه السلام أن مطران النصاری سأل أباه الباقر علیه السلام (3)
عن مسائل عدیدة عویصة منها الساعة التی لیست هی من ساعات اللیل و لا من ساعات النهار أیة ساعة هی فقال علیه السلام هی الساعة التی بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس.
فاستشكل ذلك من باعه فی تتبع العلوم و تعرف المذاهب قاصر زاعما أن هذا أمر لم ینعقد علیه اصطلاح و لم یذهب إلیه ذاهب أصلا.
و لعل مزجاة من بضاعة المتمهر حسبك لإزاحة هذه المریة أ لیس هذا
ص: 259
الاصطلاح منقولا فی كتب أعاظم علماء الهیئة عن حكماء الهند و أ لیس الأستاد أبو ریحان البیرونی فی القانون المسعودی ذكر أن براهمة الهند ذهبوا إلی أن ما بین طلوع الفجر و طلوع الشمس و كذلك ما بین غروب الشمس و غروب الشفق غیر داخل فی شی ء من اللیل و النهار بل إن ذلك بمنزلة الفصل المشترك بینهما و أورد ذلك الفاضل البرجندی فی شرح زیج الجدید و فی شرح التذكرة.
ثم إن ما فی أكثر روایاتنا عن أئمتنا المعصومین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین و ما علیه العمل عند أصحابنا رضی اللّٰه تعالی عنهم إجماعا هو أن زمان ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس من النهار و معدود من ساعاته و كذلك زمان غروب الشمس إلی ذهاب الحمرة من جانب المشرق فإن ذلك غروبها فی أفق الغرب فالنهار الشرعی فی باب الصلاة و الصوم و فی سائر الأبواب من طلوع الفجر المستطیر إلی ذهاب الحمرة المشرقیة و هذا هو المعتبر و المعول علیه عند أساطین الإلهیین و الریاضیین من حكماء یونان.
و ثاوذوسیوس بنی أساس الاصطلاح فی كتاب المساكن علیه و حكم أن مبدأ النهار عند ظهور الضیاء و اختفاء الكواكب الثابتة و منتهاه حین اختفاء الضیاء و اشتباك النجوم.
و العلامة الشیرازی قطب فلك التحصیل و التحقیق شارح حكمة الإشراق و كلیات القانون أظهر فی كتبه نهایة الإدراك و التحفة و الإختیارات المظفریة أن أول اللیل فی اصطلاح الشرع و عند علماء الدین مجاوزة الشمس أفق المغرب حیث تذهب الحمرة المشرقیة و تستبین الظلمة فی جانب المشرق و ما ذكره إن هو إلا مذهب الإمامیة.
و أما أصحاب الأحكام من المنجمین فالنهار عندهم محدود فی طرفی المبدإ و المنتهی بطلوع مركز الشمس من أفق المشرق و غروبه فی أفق المغرب و زمان ظهور جرم الشمس إلی طلوع مركزها محسوب عندهم من اللیل و زمان غروب المركز إلی اختفاء الجرم أیضا كذلك فلیتعرف.
ص: 260
«9»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ عِلَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ فِیهَا مَشْغَلَةً لِلنَّاسِ عَنْ حَوَائِجِهِمْ وَ مَتْعَبَةً لَهُمْ فِی أَبْدَانِهِمْ قَالَ فِیهَا عِلَلٌ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لَوْ تُرِكُوا بِغَیْرِ تَنْبِیهٍ وَ لَا تَذْكِیرٍ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَكْثَرَ مِنَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَ بَقَاءِ الْكِتَابِ فِی أَیْدِیهِمْ فَقَطْ لَكَانُوا عَلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ الْأَوَّلُونَ فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا اتَّخَذُوا دِیناً وَ وَضَعُوا كُتُباً وَ دَعَوْا أُنَاساً إِلَی مَا هُمْ عَلَیْهِ وَ قَتَلُوهُمْ عَلَی ذَلِكَ فَدَرَسَ أَمْرُهُمْ وَ ذَهَبَ حِینَ ذَهَبُوا وَ أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ لَا یُنْسِیَهُمْ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَفَرَضَ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةَ یَذْكُرُونَهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ یُنَادُونَ بِاسْمِهِ وَ تَعَبَّدُوا بِالصَّلَاةِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ لِكَیْلَا یَغْفُلُوا عَنْهُ فَیَنْسَوْهُ فَیَنْدَرِسَ ذِكْرُهُ (1).
بیان: درس الرسم یدرس دروسا عفا و درسته الریح یتعدی و لا یتعدی ذكره الجوهری و قال التعبد التنسك.
أقول: لعل ذكر النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی سبیل المثال أو الغرض تذكر ربهم بصفاته الجمیلة و نبیهم و أئمتهم و الحشر و الجنة و النار و سائر ما یمكنهم الغفلة عنه بسبب الأشغال الدنیویة و اللذات الدنیة كما مرت الإشارة إلیه.
«10»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ الصَّحَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: فِیمَا كَتَبَ الرِّضَا علیه السلام عَنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ قَالَ عِلَّةُ الصَّلَاةِ أَنَّهَا إِقْرَارٌ بِالرُّبُوبِیَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَلْعُ الْأَنْدَادِ وَ قِیَامٌ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ جَلَّ جَلَالُهُ بِالذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ وَ الطَّلَبِ لِلْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ وَضْعِ الْوَجْهِ عَلَی الْأَرْضِ كُلَّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ إِعْظَاماً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْ یَكُونَ ذَاكِراً غَیْرَ نَاسٍ وَ لَا بَطَرٍ وَ یَكُونَ
ص: 261
خَاشِعاً مُتَذَلِّلًا رَاغِباً طَالِباً لِلزِّیَادَةِ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الِانْزِجَارِ وَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَی ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ لِئَلَّا یَنْسَی الْعَبْدُ سَیِّدَهُ وَ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَیَبْطَرَ وَ یَطْغَی وَ یَكُونَ فِی ذِكْرِهِ لِرَبِّهِ وَ قِیَامِهِ بَیْنَ یَدَیْهِ زَاجِراً لَهُ مِنَ الْمَعَاصِی وَ مَانِعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ(1).
توضیح: قوله علیه السلام إقرار بالربوبیة قال الوالد قدس سره إما لاشتمالها علی الإقرار بالربوبیة و التوحید و الإخلاص أو لأن أصل عبادته تعالی دون غیره خلع للأنداد و إقرار بالربوبیة و كذا طلب الإقالة و طلب الزیادة یحتملانهما و الند بالكسر المثل و النظیر و الظاهر عطف الاعتراف و وضع الوجه علی الذل و ربما یتوهم عطفهما علی الإقرار و البطر الأشر و شدة المرح و النشاط.
قوله من الانزجار أی عن المعاصی ف إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ و فی أكثر نسخ الفقیه (2) من الإیجاب أی مجرد إیجاب اللّٰه تعالی علی العبد أو إیجاب العبد علی نفسه عبادته تعالی كماله أو سبب كماله و قیل أی إیجاب الذكر إذ لو لم یوجب لنسی و لم یؤت به و فی بعض نسخه الإنجاب بالنون أی یصیر به نجیبا حسن الأخلاق من قولهم أنجب أی صار نجیبا و أنجب أی ولد نجیبا و ما هنا أظهر.
«11»- الْعِلَلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ الدِّینَوَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ رَفْعَ الْحَدِیثِ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ لِمَ صَارَتِ الْمَغْرِبُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَ أَرْبَعاً بَعْدَهَا لَیْسَ فِیهَا تَقْصِیرٌ فِی حَضَرٍ وَ لَا سَفَرٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِكُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَیْنِ فِی الْحَضَرِ فَأَضَافَ إِلَیْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِكُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَیْنِ فِی الْحَضَرِ وَ قَصَّرَ فِیهَا فِی السَّفَرِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَلَمَّا
ص: 262
صَلَّی الْمَغْرِبَ بَلَغَهُ مَوْلِدُ فَاطِمَةَ علیها السلام (1) فَأَضَافَ إِلَیْهَا رَكْعَةً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَنْ وُلِدَ الْحَسَنُ علیه السلام أَضَافَ إِلَیْهَا رَكْعَتَیْنِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَنْ وُلِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَضَافَ إِلَیْهَا رَكْعَتَیْنِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ (2) فَتَرَكَهَا عَلَی حَالِهَا فِی الْحَضَرِ وَ السَّفَرِ(3).
بیان: فتركها أی مجموع الخمس ركعات (4)
لأنها زیدت لشكر نعم لا تذهب علی حال من الأحوال فینبغی أن لا یسقط شكرها أیضا فی وقت من الأوقات.
«12»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقُلْتُ لَهُ مَتَی فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ عَلَی مَا هُمُ الْیَوْمَ عَلَیْهِ قَالَ فَقَالَ بِالْمَدِینَةِ حِینَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ وَ قَوِیَ الْإِسْلَامُ وَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ الْجِهَادَ زَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الصَّلَاةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ فِی الظُّهْرِ رَكْعَتَیْنِ وَ فِی الْعَصْرِ رَكْعَتَیْنِ وَ فِی الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَ فِی الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَیْنِ وَ أَقَرَّ الْفَجْرَ عَلَی مَا فُرِضَتْ بِمَكَّةَ لِتَعْجِیلِ عُرُوجِ مَلَائِكَةِ اللَّیْلِ إِلَی السَّمَاءِ وَ لِتَعْجِیلِ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ إِلَی الْأَرْضِ فَكَانَ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ یَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً(5) یَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ وَ یَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ (6).
ص: 263
العیاشی، عن ابن المسیب: مثله (1) تبیین التعلیل بتعجیل عروج ملائكة اللیل ظاهر إما من حیث إنه سبب لتعجیلهم أو مسبب عنه و أما التعلیل بتعجیل نزول ملائكة النهار فلا یخلو من خفاء و یمكن توجیهه بوجوه الأول أن یكون قصر الصلاة معللا بتعجیل العروج فقط و یكون تعجیل النزول علة لما بعده أعنی شهود ملائكة اللیل و النهار معا و أما أن مدخول الفاء لا یعمل فیما قبله فأمره هین لوقوعه فی القرآن المجید و كلام الفصحاء كثیرا كقوله تعالی وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِیابَكَ فَطَهِّرْ و التأویل مشترك و هذا إنما یستقیم فیه هذا التوجیه.
الثانی أن یقال إذا كانت صلاة الفجر قصیره یتعجلون فی النزول لیدركوها بخلاف ما إذا كانت طویلة لإمكان تأخیرهم النزول إلی الركعة الثالثة أو الرابعة و هذا إنما یتوجه لو لم یلزم شهودهم من أول الصلاة و الظاهر من الخبر خلافه.
الثالث أن یقال إرادة اللّٰه تعالی متعلقة بعدم اجتماع ملائكة اللیل و ملائكة النهار فی الأرض كثیرا لمصلحة من المصالح فیكون تعجیل عروج ملائكة اللیل أمرا مطلوبا فی نفسه و معللا أیضا بتعجیل نزول ملائكة النهار.
الرابع أن یكون شهود ملائكة النار لصلاة الفجر فی الهواء و یكون المراد بنزولهم نزولهم إلی الأرض.
«13»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لِأَیِّ عِلَّةٍ أَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الزَّوَالِ ثَمَانٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانٍ قَبْلَ الْعَصْرِ
وَ لِأَیِّ عِلَّةٍ رَغَّبَ فِی وُضُوءِ الْمَغْرِبِ كُلَّ الرَّغْبَةِ وَ لِأَیِّ عِلَّةٍ أَوْجَبَ الْأَرْبَعَ الرَّكَعَاتِ مِنْ بَعْدِ الْمَغْرِبِ وَ لِأَیِّ عِلَّةٍ كَانَ یُصَلِّی صَلَاةَ اللَّیْلِ فِی آخِرِ اللَّیْلِ وَ لَا یُصَلِّی فِی أَوَّلِ اللَّیْلِ قَالَ لِتَأْكِیدِ الْفَرَائِضِ لِأَنَّ النَّاسَ لَوْ لَمْ یَكُنْ إِلَّا أَرْبَعُ رَكَعَاتِ الظُّهْرِ
ص: 264
لَكَانُوا مُسْتَخِفِّینَ بِهَا حَتَّی كَادَ یَفُوتُهُمُ الْوَقْتُ فَلَمَّا كَانَ شَیْئاً غَیْرَ الْفَرِیضَةِ أَسْرَعُوا إِلَی ذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ وَ كَذَلِكَ الَّتِی مِنْ قَبْلِ الْعَصْرِ لِیُسْرِعُوا إِلَی ذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنْ سَوَّفْنَا وَ نُرِیدُ أَنْ نُصَلِّیَ الزَّوَالَ یَفُوتُنَا الْوَقْتُ وَ كَذَلِكَ الْوُضُوءُ فِی الْمَغْرِبِ یَقُولُونَ حَتَّی نَتَوَضَّأَ یَفُوتُنَا الْوَقْتُ فَیُسْرِعُوا إِلَی الْقِیَامِ وَ كَذَلِكَ الْأَرْبَعَةُ رَكَعَاتٍ الَّتِی مِنْ بَعْدِ الْمَغْرِبِ وَ كَذَلِكَ صَلَاةُ اللَّیْلِ فِی آخِرِ اللَّیْلِ لِیُسْرِعُوا إِلَی الْقِیَامِ إِلَی صَلَاةِ الْفَجْرِ فَلِتِلْكَ الْعِلَّةِ وَجَبَ هَذِهِ هَكَذَا(1).
بیان: حمل الوجوب علی الاستحباب المؤكد و هو شائع فی الأخبار فإن مراتب الطاعات مختلفة فأولها الفرائض و هی التی ثبت وجوبها بالقرآن ثم الواجبات التی ثبت وجوبها بالسنة ثم السنن التی كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یواظب علیها فی أواخر عمره و هی تالیة للواجبات و قد یعبر عنها بالواجب ثم التطوعات و هی المستحبات التی لم یكن النبی صلی اللّٰه علیه و آله یواظب علیها فی آخره عمره للتوسعة علی الأمة و كذا النواهی أولها الكبائر ثم الصغائر ثم المكروهات الشدیدة التی قد یعبر عنها بالحرمة ثم المكروهات الخفیفة.
و حاصل هذا التعلیل أن الإنسان بسبب كثرة أشغاله و كسله یؤخر الأمر الذی یلزم علیه إلی آخر أوقات إمكان الفعل و قد یخطأ فی تقدیر الوقت فیقع بعضها خارجا عن الوقت فضمت النوافل إلی الفرائض لتكون وقایة لها فإذا قدر وقت اثنتی عشرة ركعة للظهر مثلا و أخطأ یقع النقص فی النافلة و تقع الفریضة فی وقتها بخلاف ما إذا قدر وقت الأربع الركعات و أخطأ یقع بعض الفریضة خارج الوقت فظهر أن النوافل كما أنها مكملة كذلك هی وقایة لها.
«14»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَبَطَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ ظَهَرَتْ فِیهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ فِی وَجْهِهِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ فَطَالَ حُزْنُهُ وَ بُكَاؤُهُ عَلَی مَا ظَهَرَ بِهِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ
ص: 265
مَا یُبْكِیكَ یَا آدَمُ قَالَ لِهَذَا الشَّامَةِ الَّتِی ظَهَرَتْ بِی قَالَ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُولَی فَقَامَ فَصَلَّی فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَی عُنُقِهِ فَجَاءَهُ فِی وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِیَةِ فَقَالَ یَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الثَّانِیَةِ فَقَامَ فَصَلَّی فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَی سُرَّتِهِ فَجَاءَهُ فِی الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ یَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ فَقَامَ فَصَلَّی فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَی رُكْبَتَیْهِ فَجَاءَهُ فِی الصَّلَاةِ الرَّابِعَةِ فَقَالَ یَا آدَمُ
قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الرَّابِعَةِ فَقَامَ فَصَلَّی فَانْحَطَّتِ الشَّامَةُ إِلَی رِجْلَیْهِ فَجَاءَهُ فِی الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ فَقَالَ یَا آدَمُ قُمْ فَصَلِّ فَهَذَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ فَقَامَ فَصَلَّی فَخَرَجَ مِنْهَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا آدَمُ مَثَلُ وُلْدِكَ فِی هَذِهِ الصَّلَاةِ كَمَثَلِكَ فِی هَذِهِ الشَّامَةِ مَنْ صَلَّی مِنْ وُلْدِكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا خَرَجْتَ مِنْ هَذِهِ الشَّامَةِ(1).
المحاسن، عن أبیه عن فضالة: مثله (2)
بیان: الشامة بغیر همز الخال و قال الوالد قدس سره یمكن أن یكون ظهور الشامة لردع أولاده عن الخطایا و اعتبارهم أو لأنه كلما كان الصفاء أكثر كان تأثیر المخالفات أشد و یحتمل علی بعد أن تكون الشامة كنایة عن حط رتبته و حطها عن رفعها و یكون ذكر العنق و السرة و الركبة من قبیل تشبیه المعقول بالمحسوس أو یكون كنایة عن ذهاب أثر الخطأ عن تلك الأعضاء و یدل الخبر علی أن الصلاة مكفرة لجمیع الذنوب للجمع المضاف.
«15»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام كَیْفَ صَارَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَیْنِ وَ كَیْفَ إِذَا صَارَتْ سَجْدَتَیْنِ لَمْ تَكُنْ رَكْعَتَیْنِ فَقَالَ إِذَا سَأَلْتَ عَنْ شَیْ ءٍ فَفَرِّغْ قَلْبَكَ لِتَفْهَمَ
ص: 266
إِنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا صَلَّاهَا فِی السَّمَاءِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قُدَّامَ عَرْشِهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ وَ صَارَ عِنْدَ عَرْشِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ یَا مُحَمَّدُ ادْنُ مِنْ صَادٍ فَاغْسِلْ مَسَاجِدَكَ وَ طَهِّرْهَا وَ صَلِّ لِرَبِّكَ فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی حَیْثُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْجَبَّارَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَائِماً فَأَمَرَهُ بِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ فَفَعَلَ.
فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ إِلَی آخِرِهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یَقْرَأَ نِسْبَةَ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهُ الْقَوْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ فَقَالَ قُلْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فَأَمْسَكَ عَنْهُ الْقَوْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّی كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّی كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّی فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَ ارْكَعْ یَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ وَ هُوَ رَاكِعٌ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ یَا مُحَمَّدُ فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ مُنْتَصِباً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ فَقَالَ اسْجُدْ یَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ فَخَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاجِداً فَقَالَ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثاً فَقَالَ لَهُ اسْتَوِ جَالِساً یَا مُحَمَّدُ فَفَعَلَ فَلَمَّا اسْتَوَی جَالِساً ذَكَرَ جَلَالَ رَبِّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَخَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاجِداً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ- لَا لِأَمْرٍ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَسَبَّحَ أَیْضاً ثَلَاثاً فَقَالَ انْتَصِبْ قَائِماً فَفَعَلَ فَلَمْ یَرَ مَا كَانَ رَأَی مِنْ عَظَمَةِ رَبِّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ یَا مُحَمَّدُ وَ افْعَلْ كَمَا فَعَلْتَ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ ذَكَرَ جَلَالَةَ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الثَّانِیَةَ فَخَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاجِداً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ- لَا لِأَمْرٍ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَسَبَّحَ أَیْضاً ثُمَّ قَالَ لَهُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ثَبَّتَكَ اللَّهُ وَ اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لَا رَیْبَ فِیهَا وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ.
ص: 267
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّیْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَ آلِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ فِی أُمَّتِهِ وَ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ فَفَعَلَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ سَلِّمْ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَبَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَجْهُهُ مُطْرِقاً فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ فَأَجَابَهُ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا مُحَمَّدُ بِنِعْمَتِی قَوَّیْتُكَ عَلَی طَاعَتِی وَ بِعِصْمَتِی إِیَّاكَ اتَّخَذْتُكَ نَبِیّاً وَ حَبِیباً ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ إِنَّمَا كَانَتِ الصَّلَاةُ الَّتِی أَمَرَ بِهَا رَكْعَتَیْنِ وَ سَجْدَتَیْنِ وَ هُوَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا سَجَدَ سَجْدَتَیْنِ فِی كُلِّ رَكْعَةٍ عَمَّا أَخْبَرْتُكَ مِنْ تَذَكُّرِهِ لِعَظَمَةِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرْضاً قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا صَادٌ الَّذِی أُمِرَ أَنْ یَغْتَسِلَ مِنْهُ فَقَالَ عَیْنٌ یَنْفَجِرُ مِنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْعَرْشِ یُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَیَاةِ وَ هُوَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ: ص وَ الْقُرْآنِ ذِی الذِّكْرِ إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ یَتَوَضَّأَ وَ یَقْرَأَ وَ یُصَلِّیَ (1).
«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَرْشِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ عِلَّةِ الصَّلَاةِ كَیْفَ صَارَتْ رَكْعَتَیْنِ وَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ أَلَّا كَانَتْ رَكْعَتَیْنِ وَ سَجْدَتَیْنِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِیثِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام یَزِیدُ اللَّفْظَ وَ یَنْقُصُ (2).
بیان: یظهر من هذا الخبر سر كون السجدتین معا ركنا و عدم بطلان الصلاة بزیادة واحدة منهما و نقصانها سهوا لأن ما كان بأمره تعالی كان واحدة منهما و الثانیة كانت من قبله صلی اللّٰه علیه و آله بالتفویض أو بالإلهام فلم یكن لها حكم الفرائض و الأركان فإذا تركنا معا تركت الفریضة و الركن و تبطل الصلاة و كذا إذا زیدتا معا بأن یأتی بأربع فتكرر الفریضة بخلاف ما إذا أتی بثلاث فإنه یحتمل أن یكون المكرر ما زید من قبله صلی اللّٰه علیه و آله فلا یزید الركن.
ص: 268
و ربما یقال الركن هو السجدة الأولی و به یندفع الإشكال المورد هاهنا بأنه إن كان الركن السجدتین یلزم الإخلال به بترك واحدة و إن كان الواحدة أو الطبیعة یلزم الزیادة بالإتیان بسجدتین و أكثر و یرد علیه أنه لا ینفع فی دفع الإشكال إذ لا یعقل حینئذ زیادة الركن أصلا لأن السجدة الأولی لا تتكرر إلا أن یفرض أنه سها عن الأولی و سجد أخری بقصد الأولی فعلی تقدیر تسلیم أنه یصدق علیه تكرر الأولی یلزم زیادة الركن بسجدتین أیضا و یلزم أنه إذا سجد ألف سجدات بغیر هذا الوجه لم یكن زاد ركنا علی أنه لو اعتبرت النیة فی ذلك یلزم بطلان صلاة من ظن أنه سجد سجدة الأولی و سجد بنیة الأخیرة فظهر له بعد تجاوز المحل ترك الأولی و لعله لم یقل به أحد و قیل فی دفع أصل الإشكال أن الركن هو أحد الأمرین من إحداهما و كلتیهما و هو أیضا غیر نافع إذ یرد الإشكال فیما إذا سجد ثلاث سجدات إذ حینئذ یلزم زیادة الركن إن أخذا لا بشرط شی ء و إن أخذا بشرط لا یلزم عدم تحقق الركن فیما إذا سجد ثلاث سجدات.
و تفصی بعضهم بوجه آخر و قال الركن المفهوم المردد بین السجدة الواحدة بشرط لا و السجدتین بشرط لا و ثلاث سجدات بشرط لا فیندفع الإشكال إذ ترك الركن حینئذ إنما یكون بترك السجدة مطلقا أو الإتیان بأربع فما زاد و هذا وجه متین لكن یرد علیه أن القوم إنما جعلوا بطلان الأربع فما زاد لزیادة الركن لا لتركه.
و یخطر بالبال وجه آخر و هو أن یقال الركن أحد الأمرین من سجدة واحدة بشرط لا أو سجدتین لا بشرط شی ء فإذا سجد سجدة واحدة سهوا فقد أتی بفرد من الركن و كذا إذا أتی بهما و لا ینتفی الركن إلا بانتفاء الفردین بأن لا یسجد أصلا و إذا سجد ثلاث سجدات لم یأت إلا بفرد واحد من الركن و هو الاثنتان و أما الواحدة الزائدة فلیست فردا له لكونها مع أخری و ما كان فردا له كان بشرط لا و إذا أتی بأربع فما زاد أتی بفردین من الاثنتین و هذا وجه
ص: 269
وجیه لم أر أحدا سبقنی إلیه و مع ذلك لا یخلو من تكلف.
و الأظهر فی الجواب أن غرضهم إما إیراد الإشكال علی الأخبار فلا إشكال فیها لخلوها عن ذكر الركن و تلك القواعد الكلیة ورد فیها حكم كل ركن من الأركان بوجه مخصوص و ورد حكم السجود هكذا و لا یلزم توافق أجزاء الصلاة فی الأحكام و أما علی كلام الأصحاب رضوان اللّٰه علیهم فلا یرد علیه أیضا لأنه بعد تصریحهم بحكم السجود صارت قاعدتهم الكلیة مخصوصة بغیر السجود و مثل هذا فی كلامهم كثیر و أمثال تلك المناقشات بعد وضوح المقصود لا طائل تحتها.
«17»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ صَارَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَیْنِ وَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ قَالَ لِأَنَّ رَكْعَةً مِنْ قِیَامٍ بِرَكْعَتَیْنِ مِنْ جُلُوسٍ (1).
بیان: لعل الغرض أن العلة فی الحكمین واحدة لأن علة كون الركعتین من جلوس بركعة من قیام كون الصلاة من جلوس أخف علی المصلی و أسهل و هذه العلة بعینها متحققة فی الركوع و السجود.
«18»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِی حَكِیمٍ الزَّاهِدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَیْنَمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَارٌّ بِفِنَاءِ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إِذَا نَظَرَ إِلَی رَجُلٍ یُصَلِّی فَاسْتَحْسَنَ صَلَاتَهُ فَقَالَ یَا هَذَا الرَّجُلُ أَ تَعْرِفُ تَأْوِیلَ صَلَاتِكَ قَالَ الرَّجُلُ یَا ابْنَ عَمِّ خَیْرِ خَلْقِ اللَّهِ وَ هَلْ لِلصَّلَاةِ تَأْوِیلٌ غَیْرُ التَّعَبُّدِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اعْلَمْ یَا هَذَا الرَّجُلُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا بَعَثَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ إِلَّا وَ لَهُ مُتَشَابِهٌ وَ تَأْوِیلٌ وَ تَنْزِیلٌ وَ كُلُّ ذَلِكَ عَلَی التَّعَبُّدِ فَمَنْ لَمْ یَعْرِفْ تَأْوِیلَ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ كُلُّهَا خِدَاجٌ نَاقِصَةٌ غَیْرُ تَامَّةٍ.
فَقَالَ الرَّجُلُ یَا ابْنَ عَمِّ خَیْرِ خَلْقِ اللَّهِ مَا مَعْنَی رَفْعِ یَدَیْكَ فِی التَّكْبِیرَةِ
ص: 270
الْأُولَی فَقَالَ علیه السلام اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الَّذِی لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ- لَا یُقَاسُ بِشَیْ ءٍ وَ لَا یُلْمَسُ بِالْأَخْمَاسِ وَ لَا یُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ قَالَ الرَّجُلُ مَا مَعْنَی مَدِّ عُنُقِكَ فِی الرُّكُوعِ قَالَ تَأْوِیلُهُ آمَنْتُ بِوَحْدَانِیَّتِكَ وَ لَوْ ضَرَبْتَ عُنُقِی قَالَ الرَّجُلُ مَا مَعْنَی السَّجْدَةِ الْأُولَی فَقَالَ تَأْوِیلُهَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ مِنْهَا خَلَقْتَنِی یَعْنِی مِنَ الْأَرْضِ وَ رَفْعُ رَأْسِكَ وَ مِنْهَا أَخْرَجْتَنَا وَ السَّجْدَةُ الثَّانِیَةُ وَ إِلَیْهَا تُعِیدُنَا وَ رَفْعُ رَأْسِكَ مِنَ الثَّانِیَةِ وَ مِنْهَا تُخْرِجُنَا تَارَةً أُخْرَی قَالَ الرَّجُلُ مَا مَعْنَی رَفْعِ رِجْلِكَ الْیُمْنَی وَ طَرْحِكَ الْیُسْرَی فِی التَّشَهُّدِ قَالَ تَأْوِیلُهُ اللَّهُمَّ أَمِتِ الْبَاطِلَ وَ أَقِمِ الْحَقَ (1).
بیان: قال فی النهایة فیه كل صلاة لیست فیها قراءة فهی خداج الخداج النقصان یقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه و إن كان تام الخلق و أخدجته إذا ولدته ناقص الخلق و إن كان لتمام الحمل و إنما قال فهی خداج و الخداج مصدر علی حذف المضاف أی ذات خداج أو یكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله فإنما هی إقبال و إدبار.
«19»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ فِی عِلَلِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ قِیلَ لِأَنَّ فِی الصَّلَاةِ الْإِقْرَارَ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ هُوَ صَلَاحٌ عَامٌّ لِأَنَّ فِیهِ خَلْعَ الْأَنْدَادِ وَ الْقِیَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ بِالذُّلِّ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ وَ طَلَبِ الْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَی الْأَرْضِ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ لِیَكُونَ الْعَبْدُ ذَاكِراً لِلَّهِ تَعَالَی غَیْرَ نَاسٍ لَهُ وَ یَكُونَ خَاشِعاً وَجِلًا مُتَذَلِّلًا طَالِباً رَاغِباً فِی الزِّیَادَةِ لِلدِّینِ وَ الدُّنْیَا مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الِانْزِجَارِ عَنِ الْفَسَادِ وَ صَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ لِئَلَّا یَنْسَی الْعَبْدُ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَیَبْطَرَ وَ یَطْغَی وَ لِیَكُونَ فِی ذِكْرِ خَالِقِهِ وَ الْقِیَامُ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّهِ زَاجِراً لَهُ عَنِ الْمَعَاصِی وَ عَاجِزاً وَ مَانِعاً عَنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ(2) فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَیْنِ وَ لِمَ زِیدَ عَلَی بَعْضِهَا رَكْعَةً وَ عَلَی
ص: 271
بَعْضِهَا رَكْعَتَیْنِ وَ لَمْ یُزَدْ عَلَی بَعْضِهَا شَیْ ءٌ قِیلَ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هِیَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَإِذَا نَقَصَتْ مِنْ وَاحِدٍ فَلَیْسَتْ هِیَ صَلَاةً فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْعِبَادَ لَا یُؤَدُّونَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِی لَا صَلَاةَ أَقَلُّ مِنْهَا بِكَمَالِهَا وَ تَمَامِهَا وَ الْإِقْبَالِ عَلَیْهَا فَقَرَنَ إِلَیْهَا رَكْعَةً لِیَتِمَّ بِالثَّانِیَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْأُولَی فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْعِبَادَ لَا یُؤَدُّونَ هَاتَیْنِ الرَّكْعَتَیْنِ بِتَمَامِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ كَمَالِهِ فَضَمَّ إِلَی الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ لِیَكُونَ فِیهِمَا تَمَامُ الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ یَكُونُ شُغُلُ النَّاسِ فِی وَقْتِهَا أَكْثَرَ لِلِانْصِرَافِ إِلَی الْأَوْطَانِ وَ الْأَكْلِ وَ الْوُضُوءِ وَ التَّهْیِئَةِ لِلْمَبِیتِ فَزَادَ فِیهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً لِیَكُونَ أَخَفَّ عَلَیْهِمْ وَ لِأَنْ تَصِیرَ رَكَعَاتُ الصَّلَاةِ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ فَرْداً ثُمَّ تَرَكَ الْغَدَاةَ عَلَی حَالِهَا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ فِی وَقْتِهَا أَكْثَرُ وَ الْمُبَادَرَةَ إِلَی الْحَوَائِجِ فِیهَا أَعَمُّ وَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ فِیهَا أَخْلَی مِنَ الْفِكْرِ لِقِلَّةِ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ بِاللَّیْلِ وَ لِقِلَّةِ الْأَخْذِ وَ الْإِعْطَاءِ فَالْإِنْسَانُ فِیهَا أَقْبَلُ عَلَی صَلَاتِهِ مِنْهُ فِی غَیْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ الْفِكْرَ قد تقدم [أَقَلُّ لِعَدَمِ] الْعَمَلِ مِنَ اللَّیْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَیْنِ قِیلَ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مِنْ فِعْلِ الْقِیَامِ وَ السُّجُودَ مِنْ فِعْلِ الْقُعُودِ وَ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَی النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقِیَامِ فَضُوعِفَ السُّجُودُ لِیَسْتَوِیَ بِالرُّكُوعِ فَلَا یَكُونَ بَیْنَهُمَا تَفَاوُتٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا هِیَ رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ(1).
بیان: الإقرار بالربوبیة لأن الصلاة مشتملة علی الإقرار بما ذكر أو لأن أصل عبادته تعالی دون غیره خلع للأنداد و إقرار بالربوبیة كما مر و كذا الطلب فی الإقالة و الطلب للدین و الدنیا قوله و هو صلاح الضمیر راجع إلی الإقرار و القیام عطف علی الإقرار و البطر الطغیان بالنعمة و كراهة الشی ء من غیر أن یستحق الكراهة.
ص: 272
«20»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَصْحَابَ الدَّهْرِ یَقُولُونَ كَیْفَ صَارَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَیْنِ وَ لَمْ تَكُنْ رَكْعَتَیْنِ وَ سَجْدَتَیْنِ فَقَالَ إِذَا سَأَلْتَ عَنْ شَیْ ءٍ فَفَرِّغْ قَلْبَكَ لِفَهْمِهِ إِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْأَرْضِ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِهَا وَ كَذَبُوا إِنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِی السَّمَاءِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مُقَابِلَ عَرْشِهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ أَوْحَی إِلَیْهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَدْنُوَ مِنْ صَادٍ فَیَتَوَضَّأَ وَ قَالَ أَسْبِغْ وُضُوءَكَ وَ طَهِّرْ مَسَاجِدَكَ وَ صَلِّ لِرَبِّكَ قُلْتُ لَهُ وَ مَا الصَّادُ قَالَ عَیْنٌ تَحْتَ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْعَرْشِ أُعِدَّتْ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: ص وَ الْقُرْآنِ ذِی الذِّكْرِ فَتَوَضَّأَ وَ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عَرْشَ الرَّحْمَنِ فَقَامَ قَائِماً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ بِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ فَفَعَلَ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَقْرَأَهَا ثُمَّ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنِ اقْرَأْ یَا مُحَمَّدُ نِسْبَةَ رَبِّكَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثُمَّ أَمْسَكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْهُ الْقَوْلَ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنِ اقْرَأْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فَقَرَأَ وَ أَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَوْلَ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ كَذَلِكَ اللَّهُ رَبُّنَا فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ ارْكَعْ لِرَبِّكَ یَا مُحَمَّدُ وَ انْحَرْ(1)
فَاسْتَوَی وَ نَصَبَ نَفْسَهُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اسْجُدْ لِرَبِّكَ فَخَرَّ سَاجِداً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اسْتَوِ جَالِساً یَا مُحَمَّدُ فَفَعَلَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ أَوَّلِ السَّجْدَةِ تَجَلَّی لَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَخَرَّ سَاجِداً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَا لِأَمْرٍ أَمَرَهُ رَبَّهُ فَجَرَی ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).
بیان: قوله و انحر أی رافعا یدك إلی نحرك أو سو بعد الركوع بین نحرك و صدرك و استو قائما أو سو فی الركوع بین نحرك و صدرك و سیأتی تمام
ص: 273
القول فیه.
«21»- أَقُولُ قَالَ السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ: وَجَدْتُ فِی صُحُفِ إِدْرِیسَ علیه السلام عِنْدَ ذِكْرِ قِصَّةِ آدَمَ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ إِقَامَةُ آدَمَ علیه السلام فِی الْجَنَّةِ وَ أَكْلُهُ مِنَ الشَّجَرَةِ خَمْسَ سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارِ ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ ثُمَّ نَادَی اللَّهُ تَعَالَی آدَمَ أَنَّ أَفْضَلَ أَوْقَاتِ الْعِبَادَةِ الْوَقْتُ الَّذِی
أَدْخَلْتُكَ وَ زَوْجَتَكَ الْجَنَّةَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَسَبَّحْتُمَانِی فِیهَا فَكَتَبْتُهَا صَلَاةً وَ سَمَّیْتُهَا لِذَلِكَ الْأُولَی وَ كَانَتْ فِی أَفْضَلِ الْأَیَّامِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَهْبَطْتُكُمَا إِلَی الْأَرْضِ وَقْتَ الْعَصْرِ فَسَبَّحْتُمَانِی فِیهَا فَكَتَبْتُهَا لَكُمَا أَیْضاً صَلَاةً وَ سَمَّیْتُهَا لِذَلِكَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّیْتَ لِی فِیهَا فَسَمَّیْتُهَا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ جَلَسْتَ لِی حِینَ غَابَ الشَّفَقُ فَسَمَّیْتُهَا صَلَاةَ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَالَ وَ قَدْ فَرَضْتُ عَلَیْكَ وَ عَلَی نَسْلِكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ خَمْسِینَ رَكْعَةً فِیهَا مِائَةُ سَجْدَةٍ فَصَلِّهَا یَا آدَمُ أَكْتُبْ لَكَ وَ لِمَنْ صَلَّاهَا مِنْ نَسْلِكَ أَلْفَیْنِ وَ خَمْسَ مِائَةِ صَلَاةٍ(1).
«22»- إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِهِ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ مَفْرُوضاً عَلَیْهِمْ صَلَاتُهَا فِی كَبِدِ اللَّیْلِ وَ أَنْصَافِ النَّهَارِ وَ هِیَ مِنَ الشَّدَائِدِ الَّتِی كَانَتْ وَ قَدْ رَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ فَرَضْتُ عَلَیْهِمْ صَلَاتَهُمْ فِی أَطْرَافِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فِی أَوْقَاتِ نَشَاطِهِمْ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ مَفْرُوضاً عَلَیْهِمْ خَمْسُونَ صَلَاةً فِی خَمْسِینَ وقت [وَقْتاً] وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ وَ قَدْ رَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَیَانِ فَضْلِ أُمَّةِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ عَلَیْهِمْ فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِی خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ اثْنَتَانِ بِاللَّیْلِ وَ ثَلَاثٌ بِالنَّهَارِ ثُمَّ جَعَلَ هَذِهِ الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ تَعْدِلُ خَمْسِینَ صَلَاةً وَ جَعَلَهَا كَفَّارَةَ خَطَایَاهُمْ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ یَقُولُ صَلَاةُ الْخَمْسِ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ مَا اجْتَنَبَ الْعَبْدُ الْكَبَائِرَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَی فِی السَّمَاءِ- لَیْلَةَ عُرِجَ بِهِ إِلَیْهَا مَلَائِكَةً
ص: 274
قِیَاماً وَ رُكُوعاً مُنْذُ خُلِقُوا فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ هَذِهِ هِیَ الْعِبَادَةُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ یُعْطِیَ أُمَّتَكَ الْقُنُوتَ وَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فِی صَلَاتِهِمْ فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ ذَلِكَ- فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْتَدُونَ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ فِی السَّمَاءِ الْخَبَرَ(1).
«23»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی ذَمِّ التَّكَبُّرِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَرَّضَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ بِالصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّیَامِ فِی الْأَیَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِیناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخَشُّعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِیلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِیضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُیَلَاءِ عَنْهُمْ وَ لِمَا فِی ذَلِكَ مِنْ تَعْفِیرِ عَتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ إِلْصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّیَامِ تَذَلُّلًا
إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ مَشْرُوحاً فِی آخِرِ الْمُجَلَّدِ الْخَامِسِ (2).
«24»- كِتَابُ الْعِلَلِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: الْعِلَّةُ فِی الصَّلَاةِ الِاسْتِعْبَادُ وَ الْإِقْرَارُ بِرُبُوبِیَّتِهِ وَ خَلْعُ الْأَنْدَادِ مُكَرَّراً ذَلِكَ عَلَیْهِمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ لِئَلَّا یَنْسَوْا خَالِقَهُمْ وَ رَازِقَهُمْ وَ لَا یَغْفُلُوا عَنْ طَاعَتِهِ وَ یَكُونُوا ذَاكِرِینَ حَامِدِینَ شَاكِرِینَ لِنِعَمِهِ وَ تَفَضُّلِهِ عَلَیْهِمْ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی لِیُذِلَّ فِیهَا كُلَّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ وَ مُتَكَبِّرٍ وَ یَعْتَرِفَ وَ یَخْشَعَ وَ یَخْضَعَ وَ یَسْجُدَ لَهُ وَ یَعْلَمَ أَنَّ لَهُ خَالِقاً وَ رَازِقاً وَ مُحْیِیاً وَ مُمِیتاً وَ حَتَّی تَكُونَ لَهُ فِی قِیَامِهِ بَیْنَ یَدَیْهِ زَاجِراً عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَفِی الصَّلَاةِ عِلَّةُ الِاسْتِعْبَادِ وَ عِلَّةُ نَجَاةِ نَفْسِهِ وَ عِلَّةُ شُكْرِ نِعَمِهِ وَ عِلَّةُ ذُلِّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ وَ مُتَكَبِّرٍ وَ خُشُوعِهِ وَ خُضُوعِهِ وَ عِلَّةُ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ لِتَمَامِ مَا یَنْقُصُ مِنَ الْفَرَائِضِ مِمَّا یَقَعُ فِیهَا مِنَ السَّهْوِ وَ التَّقْصِیرِ وَ التَّخْفِیفِ وَ حَدِیثِ النَّفْسِ وَ السَّهْوِ عَنِ الْوَقْتِ.
قَالَ: وَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ عِلَّةِ مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ وَ لِمَ فُرِضَتْ فِی خَمْسَةِ
ص: 275
أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ لِمَ لَمْ تُفْرَضْ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ فَقَالَ فَرَضَ اللَّهُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ لِأَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ فَرَضَ الظُّهْرَ لِسِتِّ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ فَرَضَ الْعَصْرَ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ فَرَضَ الْمَغْرِبَ لِأَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ فَرَضَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ هِیَ سَعْدٌ فَهَذِهِ إِحْدَی الْعِلَلِ لِمَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ وَ لَا یَجُوزُ أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ السَّعْدِ فَتَصِیرَ فِی أَوْقَاتِ النُّحُوسِ.
ص: 276
الآیات:
البقرة: حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (1).
تفسیر:
المحافظة علیها بأدائها فی أوقاتها و المواظبة علیها بجمیع شروطها و حدودها و إتمام أركانها و یدل بناء علی كون الأمر مطلقا أو خصوص أمر القرآن للوجوب علی وجوب المحافظة علی جمیع الصلوات إلا ما أخرجها الدلیل
ص: 277
و ربما یستدل بها علی وجوب صلاة الجمعة و العیدین و الآیات لكن فی بعض الروایات أن المراد بها الصلوات الخمس و علی تقدیر العموم یمكن تعمیمها بحیث یشمل النوافل و التطوعات أیضا فلا یكون الأمر علی الوجوب و یشمل رعایة السنن فی الصلاة الواجبة أیضا كما یفهم من بعض الأخبار و علی الوجوب أیضا یمكن أن تعم النوافل أیضا بمعنی رعایة ما یوجب صحتها و عدم تطرق بدعة إلیها فیؤول إلی أنه إذا أتیتم بالنافلة فأتوا بها علی ما أمرتم برعایة شرائطها و لوازمها و فیه مجال نظر.
و خص الصلاة الوسطی بذلك بعد التعمیم لشدة الاهتمام بها لمزید فضلها أو لكونها معرضة للضیاع من بینها فهی الوسطی بین الصلوات وقتا أو عددا أو
ص: 278
الفضلی من قولهم للأفضل الأوسط و قد قال بتعیین كل من الصلوات الخمس قوم إلا أن أصحابنا لم یقولوا بغیر الظهر و العصر كما یظهر من المنتهی و غیره.
فقال الشیخ فی الخلاف إنها الظهر و تبعه جماعة من أصحابنا و به قال زید بن ثابت و عائشة و عبد اللّٰه بن شداد لأنها بین صلاتین بالنهار و لأنها فی وسط النهار و لأنها تقع فی شدة الحر و الهاجرة وقت شدة تنازع الإنسان إلی النوم و الراحة فكانت أشق و أفضل العبادات أحمزها و أیضا الأمر بمحافظة ما كان أشق أنسب و أهم و لأنها أول صلاة فرضت و لأنها فی الساعة التی یفتح فیها أبواب السماء فلا تغلق حتی تصلی الظهر و یستجاب فیها الدعاء قیل و لأنها بین البردین صلاة الصبح و صلاة العصر و قیل لأنها بین نافلتین متساویتین كما نقل عن ابن الجنید أنه علل به.
و روی الجمهور من زید بن ثابت قال: كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یصلی الظهر بالهاجرة و لم یكن یصلی صلاة أشد علی أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله منها فنزلت الآیة رواه أبو داود:.
و روی الترمذی و أبو داود عن عائشة عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله: أنه قرأ حافظوا علی الصلوات و الصلاة الوسطی و صلاة العصر.
قال فی المنتهی و العطف یقتضی المغایرة لا یقال الواو زائدة كما فی قوله تعالی وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ لأنا نقول الزیادة منافیة للأصل فلا یصار إلیها إلا لموجب و المثال الذی ذكروه نمنع زیادة الواو فیه بل هی للعطف علی بابها و قال فی مجمع البیان (1)
كونها الظهر هو المروی عن الباقر و الصادق علیه السلام و عن بعض أئمة الزیدیة أنها الجمعة فی یومها و الظهر فی غیرها كما سیأتی فی بعض أخبارنا.
و قال السید المرتضی ره هی صلاة العصر و تبعه جماعة من أصحابنا و به قال أبو هریرة و أبو أیوب و أبو سعید عبیدة السلمانی و الحسن و الضحاك و أبو حنیفة و أصحابه و أحمد و نقله الجمهور عن علی علیه السلام قالوا لأنها بین
ص: 279
صلاتی لیل و صلاتی نهار و احتج السید بإجماع الشیعة و المخالفون بما رووا عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه قال یوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطی صلاة العصر ملأ اللّٰه بیوتهم و قبورهم نارا و روی فی الكشاف عن صفیة أنها قالت لمن كتب لها المصحف إذا بلغت هذه فلا تكتبها حتی أملأها علیك كما سمعت من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقرأ فأملت علیه و الصلاة الوسطی صلاة العصر و بأنها تقع فی حال اشتغال الناس بمعاشهم فیكون الاشتغال بها أشق.
و قال بعض المخالفین هی المغرب لأنها تأتی بین بیاض النهار و سواد اللیل و لأنها متوسطة فی العدد بین الرباعیة و الثنائیة و لأنها لا تتغیر فی السفر و الحضر مع زیادتها علی الركعتین فیناسب التأكید و لأن الظهر هی الأولی إذ قد وجبت أولا فتكون المغرب هی الوسطی.
و قال بعضهم هی العشاء لأنها متوسطة بین صلاتین لا تقصران أو بین لیلیة و نهاریة و لأنها أثقل صلاة علی المنافقین كما روی و قال بعضهم هی الصبح لتوسطها بین صلاتی اللیل و صلاتی النهار و بین الظلام و الضیاء و لأنها لا تجمع مع أخری فهی منفردة بین مجتمعتین و لمزید فضلها لشهود ملائكة اللیل و ملائكة النهار و عندها و لأنها تأتی فی وقت مشقة من برد فی الشتاء و طیب النوم فی الصیف و فتور الأعضاء و كثرة النعاس و غفلة الناس و استراحتهم فكانت معرضة للضیاع فخصت لذلك بشدة المحافظة و به قال مالك و الشافعی و قال و لذا عقبه بالقنوت فإنه لا یشرع عنده فی فریضة إلا الصبح إلا عند نازلة فیعم.
و قیل هی مخفیة مثل لیلة القدر و ساعة الإجابة و اسم اللّٰه الأعظم لئلا یتطرق التساهل إلی غیرها بل یهتم غایة الاهتمام بكل منها فیدرك كمال الفضل فی الكل.
و الظاهر أنها الجمعة و الظهر و إنما أبهم بعض الإبهام لتلك الفائدة و غیرها مما قیل فی إخفاء أمثالها و سیتضح لك ذلك فی تضاعیف ما یقرع سمعك
ص: 280
من الأخبار.
«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّلَاةَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّلَاةَ عَلَی عَشَرَةِ أَوْجُهٍ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَ صَلَاةَ السَّفَرِ وَ صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ صَلَاةَ الْعِیدَیْنِ وَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی الْمَیِّتِ (1).
الهدایة، مرسلا عنه علیه السلام: مثله (2)
بیان: و سن أی شرع و قرر و بین أعم من الوجوب و الاستحباب لدخول الاستسقاء و العیدین مع فقد الشرائط فیها و أما عدها عشرة مع كونها إحدی عشرة فلعد العیدین واحدة لاتحاد سببهما و هو كونه عیدا أو عد الكسوفین واحدة لتشابه سببهما أو یقال المقصود عد الصلوات الواجبة غالبا فیكون ذكر الاستسقاء استطرادا أو عد الصلوات الحقیقیة و یكون ذكر صلاة المیت استطرادا أو بعطفها علی العشرة و إفرازها عنها لتلك العلة و علی الوجوه الأخر یدل علی كونها صلاة حقیقة.
فإن قیل بعض تلك الصلوات ظهر من القرآن كصلاة السفر و الخوف قلنا لعل المعنی أن أكثرها ظهر من السنة أو آدابها و شرائطها و تفاصیلها و أما أنواع صلاة الخوف فهی الصلاة المقصورة و المطاردة و شدة الخوف أو ذات الرقاع و عسفان و بطن النخل و الأول أظهر و إنها ترجع إلی القسم الأول و صلاة الجمعة داخلة فی صلاة الحضر و لا یضر خروج الصلاة الملتزمة لأن المقصود عد ما وجب بالأصالة و أما صلاة الطواف فیمكن عدها فی صلاة السفر إذ الغالب وقوعها فیه أو یقال إنها داخلة فی أفعال الحج و المقصود عد ما لم یكن كذلك أو یقال الغرض عد الصلوات المتكررة الكثیرة الوقوع.
ص: 281
«2»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِیِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّنَانِیِّ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ مَشَایِخِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَجُمْلَةُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ- لَا تَقْصِیرَ فِیهَا فِی سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ فِی السَّحَرِ وَ هِیَ صَلَاةُ اللَّیْلِ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ(1).
العیون، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علی بن محمد بن قتیبة عن الفضل بن شاذان: فیما كتب الرضا علیه السلام للمأمون مثله (2) تحف العقول، مرسلا: مثله (3).
«3»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ مَعاً عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ قُلْتُ هَلْ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ تَعَالَی وَ بَیَّنَهُنَّ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ- أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ (4) وَ دُلُوكُهَا زَوَالُهَا فَفِیمَا بَیْنَ دُلُوكِ
ص: 282
الشَّمْسِ إِلَی غَسَقِ اللَّیْلِ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ سَمَّاهُنَّ وَ بَیَّنَهُنَّ وَ وَقَّتَهُنَّ وَ غَسَقُ اللَّیْلِ انْتِصَافُهُ ثُمَّ قَالَ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فَهَذِهِ الْخَامِسَةُ وَ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی ذَلِكَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ(1) وَ طَرَفَاهُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَ الْغَدَاةِ- وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ فَهِیَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی (2) وَ هِیَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ هِیَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ وَسَطُ صَلَاتَیْنِ بِالنَّهَارِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ فِی صَلَاةِ الْوُسْطَی (3).
دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَی وَ هِیَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَ الظُّهْرِ فِی سَائِرِ الْأَیَّامِ (4).
الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ وَ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ مَعاً عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ مِثْلَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ هِیَ وَسَطُ صَلَاتَیْنِ بِالنَّهَارِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَ قَالَ فِی بَعْضِ الْقِرَاءَةِ- حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ فِی صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ وَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَفَرٍ فَقَنَتَ فِیهَا فَتَرَكَهَا عَلَی حَالِهَا وَ أَضَافَ لِلْمُقِیمِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ أَضَافَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَیْنِ
ص: 283
فَمَنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ فَلْیُصَلِّهَا أَرْبَعاً كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِی سَائِرِ الْأَیَّامِ قَالَ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی وَقْتِ الظُّهْرِ فِی سَائِرِ الْأَیَّامِ (1).
تبیین: قوله من الصلاة قال الشیخ البهائی قدس سره لعل تعریف الصلاة للعهد الخارجی و المراد الصلاة التی یلزم الإتیان بها فی كل یوم و لیلة أو السؤال عما فرض اللّٰه سبحانه فی الكتاب العزیز دون ما ثبت بالسنة و علی الوجهین لا إشكال فی الحصر فی الخمس كما یستفاد من سوق الكلام بخروج صلاة الآیات و الأموات و الطواف مثلا.
فإن قلت فی الحمل علی الوجه الأول یشكل صلاة الجمعة فإنه مما لا یلزم الإتیان به كل یوم و ما یلزم الآیتان به كذلك أقل من خمس و الحمل علی الوجه الثانی أیضا مشكل فإن الجمعة و العید مما فرضه اللّٰه سبحانه فی الكتاب قال جل و علا إِذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ الآیة قال فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ(2) و قد قال جماعة من المفسرین أن المراد صلاة العید بقرینة قوله تعالی وَ انْحَرْ أی انحر الهدی
و روی: أنه كان ینحر ثم یصلی فأمر أن یصلی ثم ینحر.
قلت الجمعة مندرجة تحت الظهر و منخرطة فی سلكها فالإتیان بالظهر فی قوة الإتیان بالجمعة و تفسیر الصلاة فی الآیة الثانیة بصلاة العید و النحر بنحر الهدی و إن قال به جماعة من المفسرین إلا أن المروی عن أئمتنا أن المراد رفع الیدین إلی النحر حال التكبیر فی الصلاة انتهی.
قوله علیه السلام سماهن قیل المراد بالتسمیة المعنی اللغوی و قیل
ص: 284
المراد بها و بالتبیین الإجمالیان و قیل علی لسان النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو بفعله و وقتهن إذ یعلم من الآیة أن هذا الوقت وقت لمجموع هذه الصلوات الأربع و لیس بین الأوقات فصل كما قال به بعضهم.
قوله علیه السلام فی ذلك أی فی بیان الصلوات قوله و قال فی بعض القراءة الظاهر أنه كلام الإمام علیه السلام و یحتمل أن یكون من كلام الراوی بقرینة أن الصدوق أسقطه فی معانی الأخبار ثم إن النسخ مختلفة هاهنا ففی التهذیب (1)
و صلاة العصر كما فی العلل و فی الفقیه
و الكافی (2)
بدون الواو و قد قرئ فی الشواذ بهما قال فی الكشاف فی قراءة ابن عباس و عائشة مع الواو و فی قراءة حفصة بدونها فمع الواو أورده علیه السلام تأییدا و بدونها تبهیما للتقیة أو هو من الراوی كما أومأنا إلیه.
قوله فی صلاة العصر أقول فی الكافی و الفقیه و التهذیب و غیرها فی صلاة الوسطی فالظاهر أنه كلام الإمام علیه السلام ذكره تفسیرا للآیة و قد تمت القراءة عند قوله و صلاة العصر و علی ما فی العلل یحتمل أن یكون تتمة للقراءة أو تفسیرا بناء علی هذه القراءة و الظاهر أنه من تصحیف النساخ و ما فی الكتب المشهورة أصح و أصوب و یدل علی وجوب القنوت أو تأكده فی صلاة الجمعة و لذا كرر فیه القنوت و تركها علی حالها أی لم یضف إلیها ركعتین أخریین كما أضاف للمقیم فی الظهر و العصر و العشاء و فی الكافی و غیره فی السفر و الحضر.
و قال السید الداماد قدس سره فالفرائض الیومیة الحضریة یوم الجمعة خمس عشرة ركعة و فی سائر الأیام سبع عشرة ركعة(3)
و هی فی
ص: 285
السفر إحدی عشرة ركعة فهی من حیث صلاة الجمعة متوسطة بحسب العدد بین السفریة و الحضریة فی غیر یوم الجمعة فهذا وجه ثالث لیكون صلاة الجمعة هی الصلاة الوسطی و قوله علیه السلام وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ فی صلاة الوسطی أیضا یؤكد هذا القول لمزید اختصاص الجمعة بالقنوت لأن فیها قنوتین فلیتعرف انتهی.
و إنما وضعت الركعتان أی وضع اللّٰه الركعتین و رفعهما عن المقیم الذی یصلی جماعة لأجل الخطبتین فإنهما مكان الركعتین و یحتمل أن یكون المراد إنما قررت الركعتان المزیدتان للمقیم الذی یصلی منفردا عوضا عن الخطبتین.
و قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه المراد بالمقیم فی قوله علیه السلام و أضاف للمقیم ما یشمل من كان مقیما فی غیر یوم الجمعة و من كان مقیما فیه غیر مكلف بصلاة الجمعة و المراد بالمقیم المذكور ثانیا أما الأول علی أن یكون لامه للعهد الذكری فالجار متعلق بقوله أضافهما و أما من فرضه الجمعة فالجار متعلق بقوله وضعت أی سقطت لأجله و أما الظرف أعنی قوله یوم الجمعة فمتعلق بقوله وضعت علی التقدیرین انتهی.
أقول: فی الكافی و غیرها و تركها علی حالها فی السفر و الحضر و أضاف للمقیم ركعتین و إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبی صلی اللّٰه علیه و آله یوم الجمعة للمقیم و لو كان هذا مراده بأضافهما لكان فی غایة البعد و الركاكة و یدل الخبر علی أن وقت صلاة الجمعة وقت النافلة سائر الأیام و سیأتی القول فیه و تفسیر سائر الآیات فی الأبواب الآتیة.
«4»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَرَأَ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی- وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ قَالَ إِقْبَالُ الرَّجُلِ عَلَی صَلَاتِهِ وَ مُحَافَظَتُهُ حَتَّی لَا یُلْهِیَهُ وَ
ص: 286
لَا یَشْغَلَهُ عَنْهَا شَیْ ءٌ(1).
«5»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ مَقْبُرَةَ الْقَزْوِینِیِّ مَعاً عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حُكَیْمٍ عَنْ أَبِی یُونُسَ مَوْلَی عَائِشَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَمَرَتْنِی عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفاً وَ قَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآیَةَ فَاكْتُبْ- حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ ثُمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُهَا وَ اللَّهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).
«6»- وَ مِنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِی یُونُسَ قَالَ: كَتَبْتُ لِعَائِشَةَ مُصْحَفاً فَقَالَتْ إِذَا مَرَرْتَ بِآیَةِ الصَّلَاةِ فَلَا تَكْتُبْهَا حَتَّی أُمْلِئَهَا عَلَیْكَ فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهَا أَمْلَتْهَا عَلَیَ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ(3).
«7»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِی زَهْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفاً لِحَفْصَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآیَةَ فَاكْتُبْ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
قال الصدوق ره هذه الأخبار حجة لنا علی المخالفین و صلاة الوسطی صلاة الظهر(4).
«8»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: صَلَاةُ الْوُسْطَی صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ هِیَ أَوَّلُ صَلَاةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5).
ص: 287
أقول: قد سبق فی باب علل الصلاة خبر نفر من الیهود سألوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله و فیه ما یدل علی أن الصلاة الوسطی صلاة العصر.
«9»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَائِذٍ الْأَحْمَسِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی سَیِّدِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ
اللَّهِ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ اللَّهِ إِنَّا لَوُلْدُهُ وَ مَا نَحْنُ بِذَوِی قَرَابَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِی یَا عَائِذُ إِذَا لَقِیتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَفْرُوضَاتِ لَمْ یَسْأَلْكَ اللَّهُ عَمَّا سِوَی ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُنَا أَیُّ شَیْ ءٍ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَتَّی أَجَابَكَ بِهَذَا قَالَ مَا بَدَأْتُ بِسُؤَالٍ وَ لَكِنِّی رَجُلٌ لَا یُمْكِنُنِی قِیَامُ اللَّیْلِ وَ كُنْتُ خَائِفاً أَنْ أُوخَذَ بِذَلِكَ فَأَهْلِكَ فَابْتَدَأَنِی علیه السلام بِجَوَابٍ مَا كُنْتُ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ (1).
بیان: عما سوی ذلك أی من النوافل أو مطلقا تفضلا و الأول أظهر كما یشعر به آخر الخبر.
«10»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَی صَلَاةُ الْجُمُعَةِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الظُّهْرُ سَائِرَ الْأَیَّامِ (2).
«11»- فِقْهُ الرِّضَا علیه السلام، قَالَ الْعَالِمُ علیه السلام: صَلَاةُ الْوُسْطَی الْعَصْرُ(3).
«12»- تَفْسِیرُ الْعَیَّاشِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَی فَقَالَ- حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ وَ الْوُسْطَی هِیَ الظُّهْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَ یَقْرَؤُهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (4).
«13»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُمَا سَأَلَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام
ص: 288
عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی قَالَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ فِیهَا فَرَضَ اللَّهُ الْجُمُعَةَ(1).
«14»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَی الظُّهْرُ(2).
«15»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَلَاةُ الْوُسْطَی هِیَ الْوُسْطَی مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَ هِیَ الظُّهْرُ وَ إِنَّمَا یُحَافِظُ أَصْحَابُنَا عَلَی الزَّوَالِ مِنْ أَجْلِهَا(3).
«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ وَ طَرَفَاهُ الْمَغْرِبُ وَ الْغَدَاةُ- وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ هِیَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ(4).
فَلَاحُ السَّائِلِ، الَّذِی نَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَی الصِّحَّةِ وَ الصَّوَابِ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ فُرِضَتْ عَلَی الْعِبَادِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ أَنَّهَا هِیَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَی وَ كَانَتْ رَكْعَتَیْنِ وَ الْأَخْبَارُ فِی أَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ وَ أَنَّهَا كَانَتْ رَكْعَتَیْنِ كَثِیرَةٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَی ذِكْرِهَا لِظُهُورِهَا عِنْدَ الْقُدْوَةِ مِنَ الْمُصْطَفَیْنَ (5)
وَ أَمَّا أَنَّهَا الْوُسْطَی فَإِنَّنِی
رَوَیْتُ مِنْ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ أُذَیْنَةَ فِی مَا رَوَاهُ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالا: سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام وَ سَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی فَقَالَ هِیَ الصَّلَاةُ الظُّهْرُ وَ فِیهَا فَرَضَ اللَّهُ الْجُمُعَةَ وَ فِیهَا السَّاعَةُ الَّتِی لَا یَسْأَلُ اللَّهَ فِیهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ خَیْراً إِلَّا أَعْطَاهُ إِیَّاهُ (6).
وَ رَوَیْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَتَبَتْ امْرَأَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ مُصْحَفاً فَقَالَ الْحَسَنُ لِلْكَاتِبِ لَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآیَةَ اكْتُبْ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی- وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (7).
ص: 289
وَ رَوَیْتُ مِنْ كِتَابِ إِبْرَاهِیمَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (1).
وَ رَوَاهُ أَیْضاً الْحَاكِمُ النَّیْسَابُورِیُّ فِی الْجُزْءِ الثَّانِی مِنْ تَارِیخِ نَیْسَابُورَ مِنْ طَرِیقِهِمْ فِی تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ السُّلَمِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَرَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ أَنْ یُكْتَبَ لَهَا مُصْحَفٌ فَقَالَ لِلْكَاتِبِ إِذَا أَتَیْتَ عَلَی آیَةِ الصَّلَاةِ فَأَرِنِی حَتَّی آمُرَكَ أَنْ تَكْتُبَهَا كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا آذَنَهَا أَمَرَتْهُ أَنْ یَكْتُبَهَا حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ(2).
و روی أبو جعفر محمد بن بابویه فی كتاب معانی الأخبار فی باب معنی الصلاة الوسطی: مثل هذا الحدیث عن عائشة و ذكر عبد اللّٰه بن سلیمان بن الأشعث السجستانی فی الجزء الأول من كتاب جمیع المصاحف ستة أحادیث أن ذلك كان فی مصحفها و ثمانی أحادیث أنه كان كذلك فی مصحف حفصة و روی حدیثین أن ذلك كان كذلك فی مصحف أم سلمة(3).
أقول: فقد صار تعیین أن الصلاة الوسطی صلاة الظهر مرویا من الطریقین و ذكر الشیخ المعظم محمد بن علی الكراجكی فی رسالته إلی ولده فی فضل صلاة الظهر من یوم الجمعة ما هذا لفظه لصلاة الظهر یا بنی من هذا الیوم شرف عظیم و هی أول صلاة فرضت علی سیدنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و روی أنها الصلاة الوسطی التی میزها اللّٰه تعالی فی الأمر بالمحافظة علی الصلوات فقال جل من قائل حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی و روی الكراجكی ما قدمناه من حدیث زرارة و محمد بن مسلم (4).
أَقُولُ وَ وَجَدْتُ فِی كِتَابٍ مِنَ الْأُصُولِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَلَاةُ الْوُسْطَی صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ هِیَ أَوَّلُ صَلَاةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5).
وَ رَأَیْتُ فِی كِتَابِ تَفْسِیرِ الْقُرْآنِ عَنِ الصَّادِقَیْنِ علیهم السلام مِنْ نُسْخَةٍ عَتِیقَةٍ مَلِیحَةٍ عِنْدَنَا
ص: 290
الْآنَ أَرْبَعَةَ أَحَادِیثَ بِعِدَّةِ طُرُقٍ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ علیهما السلام: أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَی صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قَرَأَ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. و فیه حدیثان آخران بعد ذكر أحادیث.
قلت أنا و ذهب أبو جعفر محمد بن بابویه فی كتاب معانی الأخبار إلی أن الصلاة الوسطی صلاة الظهر و أورد فی ذلك أخبارا من طریقین
وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی كِتَابِ مَدِینَةِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَی صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ هِیَ أَوَّلُ صَلَاةٍ فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
أقول: لعل المراد بالوسطی أی العظمی كما قال تعالی وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً(1) و یمكن أن یكون لأنها بین الصلاتین فی نهار واحد و أنها عند وسط النهار.
و قد تعجبت كیف خفی تعظیم صلاة الظهر و أنها هی الصلاة الوسطی مع الاتفاق علی أنها أول صلاة فرضت و أن الجمعة المفروضة تقع فیها و أن الساعة المتضمنة بالإجابة فیها و أنها وقت فتح أبواب السماء و أنها وقت صلاة الأوابین مع الروایة بأن صلاة العصر معطوفة علیها غیرها(2).
«18»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أُوصِیكَ یَا عَلِیُّ فِی نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا إِلَی أَنْ قَالَ وَ السَّادِسَةُ الْأَخْذُ بِسُنَّتِی فِی صَلَاتِی وَ صَوْمِی وَ صَدَقَتِی فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَالْخَمْسُونَ رَكْعَةً فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ اللَّیْلِ یُكَرِّرُهَا أَرْبَعاً وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَیْكَ بِرَفْعِ یَدَیْكَ إِلَی رَبِّكَ وَ كَثْرَةِ تَقَلُّبِهَا الْحَدِیثَ (3).
«19»- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّیعَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَمِّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ
ص: 291
أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: شِیعَتُنَا أَهْلُ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَ الْأَمَانَةِ وَ أَهْلُ الزُّهْدِ وَ الْعِبَادَةِ وَ أَصْحَابُ الْإِحْدَی وَ خَمْسِینَ رَكْعَةً فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ الْقَائِمُونَ بِاللَّیْلِ الصَّائِمُونَ بِالنَّهَارِ یُزَكُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَ یَحُجُّونَ الْبَیْتَ وَ یَجْتَنِبُونَ كُلَّ مُحَرَّمٍ (1).
«20»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ یُحافِظُونَ (2) قَالَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْخَمْسِینَ صَلَاةً مِنْ شِیعَتِنَا(3).
بیان: أطلقت الصلاة علی الركعة مجازا.
«21»- الْمِصْبَاحُ لِلشَّیْخِ، عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام قَالَ: عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ وَ عَدَّ مِنْهَا صَلَاةَ الْإِحْدَی وَ خَمْسِینَ (4).
«22»- إِخْتِیَارُ الرِّجَالِ لِلْكَشِّیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی حَبِیبٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَفْضَلِ مَا یَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَی اللَّهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ سِتٌّ وَ أَرْبَعُونَ رَكْعَةً فَرَائِضُهُ وَ نَوَافِلُهُ فَقُلْتُ هَذِهِ رِوَایَةُ زُرَارَةَ(5)
فَقَالَ أَ تَرَی أَحَداً كَانَ أَصْدَعَ بِحَقٍّ مِنْ زُرَارَةَ(6).
ص: 292
بیان: أصدع بحق أی أنطق به و أشد إظهارا له قال الجوهری یقال صدعت بالحق إذا تكلمت به جهارا.
«23»- الْإِخْتِیَارُ، عَنْ حَمْدَوَیْهِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبُنْدَارِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ وَ ابْنَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ: وَ عَلَیْكَ بِالصَّلَاةِ السِّتَّةِ وَ الْأَرْبَعِینَ (1)
وَ عَلَیْكَ بِالْحَجِّ أَنْ تُهِلَّ بِالْإِفْرَادِ وَ تَنْوِیَ الْفَسْخَ إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ ثُمَّ قَالَ وَ الَّذِی أَتَاكَ بِهِ أَبُو بَصِیرٍ مِنْ صَلَاةِ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ وَ الْإِهْلَالِ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ وَ مَا أَمَرْنَاهُ بِهِ مِنْ أَنْ یُهِلَّ بِالتَّمَتُّعِ فَلِذَلِكَ عِنْدَنَا مَعَانٍ وَ تَصَارِیفُ لِذَلِكَ مَا یَسَعُنَا وَ یَسَعُكُمْ وَ لَا یُخَالِفُ شَیْ ءٌ مِنْهُ الْحَقَّ وَ لَا یُضَادُّهُ (2).
«24»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُكَتِّبِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ
ص: 293
بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا فَرَضَ عَلَی النَّاسِ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مَنْ أَتَی بِهَا لَمْ یَسْأَلْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَمَّا سِوَاهَا وَ إِنَّمَا أَضَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهَا مِثْلَیْهَا لِیَتِمَّ بِالنَّوَافِلِ مَا یَقَعُ فِیهَا مِنَ النُّقْصَانِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُعَذِّبُ عَلَی كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ (1) وَ لَكِنَّهُ یُعَذِّبُ عَلَی خِلَافِ السُّنَّةِ(2).
بیان: علی خلاف السنة أی تبدیلها بأن یزید علیها أو ینقص منها معتقدا أن العمل بهذه الكیفیة و هذا العدد فی تلك الأوقات مطلوبة بخصوصه كصلاة الضحی و أمثالها من البدع و إلا فالصلاة خیر موضوع و فی التهذیب (3) فی روایة أخری و لكن یعذب علی ترك السنة و المراد به أیضا ما ذكرنا و ما قیل إن المراد ترك جمیع السنن فهو بعید و مستلزم للقول بوجوب كل سنة بالوجوب التخییری و تخصیص التخییر بما إذا كان بین أشیاء محصورة أو القول بأنه إنما یعاقب لما یستلزمه من الاستخفاف و الاستهانة بها فلا یخلو كل منهما من تكلف كما لا یخفی.
«25»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَصَمِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ یَحْیَی أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: لَا یَسْأَلُ اللَّهُ عَبْداً عَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ وَ لَا عَنْ صَدَقَةٍ بَعْدَ الزَّكَاةِ وَ لَا عَنْ صَوْمٍ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ (4).
تحقیق و تفصیل
اعلم أن الروایات مختلفة فی أعداد الصلوات اختلافا كثیرا فمنها أربع
ص: 294
و ثلاثون بعد ركعتی الوتیرة ركعة و هذا مما لا خلاف بین الأصحاب كما ذكره الأكثر و نقل الشیخ علیه الإجماع و فی بعض الأخبار أنها تسع و عشرون بإسقاط الوتیرة و أربع ركعات من نافلة العصر و هی روایة زرارة و فی بعضها أنها سبع و عشرون بإسقاط الركعتین من نافلة المغرب أیضا و الوجه فی الجمع بین تلك الروایات أن یحمل ما تضمن الأقل علی شدة الاستحباب و الأمر بالأقل لا یوجب نفی استحباب الأكثر و ما ورد فی بعض أخبار الأقل أن هذا جمیع ما جرت به السنة(1) لعله محمول علی السنة الأكیدة.
و قال الشیخ فی التهذیب یجوز أن یكون قد سوغ لزرارة الاقتصار علی هذه الصلوات لعذر كان فی زرارة و لا بأس به و ما ذكرناه أولی.
ثم المشهور بین الأصحاب أن نافلة الظهر ثمان ركعات قبلها و كذا نافلة العصر و نقل القطب الراوندی عن بعض أصحابنا أنه جعل الست عشرة للظهر و قال الشیخ البهائی و الظاهر أن مراده بالظهر وقته لا صلاته كما یلوح من رِوَایَةِ حَنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی ثَمَانَ رَكَعَاتِ الزَّوَالِ وَ أَرْبَعاً الْأُولَی وَ ثَمَانِیَ بَعْدَهَا(2) الْخَبَرَ. فإنه بظاهره یعطی أن هذه النافلة للزوال لا لصلاة الظهر و نقل عن ابن الجنید أنه قال یصلی قبل الظهر ثمان ركعات و ثمان ركعات بعدها منها ركعتان نافلة العصر لروایة سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: صلاة النافلة ثمان ركعات حین تزول الشمس قبل الظهر و ست ركعات بعد الظهر و ركعتان قبل العصر(3).
ص: 295
و قال فی الذكری و معظم الأخبار و المصنفات خالیة من التعیین للعصر و غیرها و الحق أنه لا صراحة فی شی ء من الروایات بالتعیین بل ظاهرها ذلك و فی روایة البزنطی أنه یصلی أربعا بعد الظهر و أربعا قبل العصر(1) و فی روایة أبی بصیر و بعد الظهر ركعتان و قبل العصر ركعتان و بعد المغرب ركعتان و قبل العتمة ركعتان (2)
فالأولی الاقتصار فی النیة علی امتثال ما ندب إلیه فی هذا الوقت من غیر إضافة إلی صلاة.
و قد یقال تظهر فائدة الخلاف فی اعتبار إیقاع الست قبل القدمین أو المثل إن جعلناها للظهر و فیما إذا نذر نافلة العصر قیل و یمكن المناقشة فی الموضعین أما الأول فبأن مقتضی النصوص اعتبار إیقاع الثمان التی قبل الظهر قبل القدمین أو المثل و الثمان التی بعدها قبل الأربعة أو المثلین سواء جعلنا الست منها للظهر أو العصر و أما الثانی فلأن النذر یتبع قصد الناذر فإن قصد الثمانی أو الركعتین وجب و إن قصد ما وظفه الشارع للعصر أمكن التوقف فی صحة النذر لعدم ثبوت الاختصاص.
فائدة قال الصدوق ره (3)
أفضل هذه الرواتب ركعتا الفجر ثم ركعة الوتر ثم ركعتا الزوال ثم نافلة المغرب ثم تمام صلاة اللیل ثم تمام نوافل النهار و قال ابن أبی عقیل لما عد النوافل و ثمانی عشرة ركعة باللیل منها نافلة المغرب و العشاء ثم قال بعضها أوكدها الصلوات التی تكون باللیل لا رخصة فی تركها فی سفر و لا حضر كذا نقل عنه و فی الخلاف ركعتا الفجر أفضل من الوتر بإجماعنا.
و قال فی المعتبر ركعتا الفجر أفضل من الوتر ثم نافلة المغرب ثم صلاة اللیل و ذكر روایات تدل علی فضل تلك الصلوات و قال فی الذكری بعد نقلها و نعم ما قال هذه التمسكات غایتها الفضیلة أما الأفضلیة فلا دلالة فیها
ص: 296
علیها انتهی نعم یمكن أن یقال الترغیب فی صلاة اللیل أكثر من غیرها لكن ینبغی للمتدین المتبع لسنة نبیه صلی اللّٰه علیه و آله أن لا یترك شیئا منها إلا لعذر مبین و اللّٰه الموفق و المعین.
«26»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ فَفَرَضَهَا خَمْسِینَ صَلَاةً فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ ثُمَّ رَحِمَ اللَّهُ خَلْقَهُ وَ لَطَفَ بِهِمْ فَرَدَّهَا إِلَی خَمْسِ صَلَوَاتٍ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ لَمَّا أَسْرَی بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عَلَی النَّبِیِّینَ فَلَمْ یَسْأَلْهُ أَحَدٌ حَتَّی انْتَهَی إِلَی مُوسَی علیه السلام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ فَاطْلُبْ إِلَیْهِ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْ أُمَّتِكَ فَإِنِّی لَمْ أَزَلْ أَعْرِفُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ الطَّاعَةَ حَتَّی نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ فَأَنْكَرْتُهُمْ فَرَجَعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَ رَبَّهُ فَحَطَّ عَنْهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی مُوسَی أَخْبَرَهُ فَقَالَ ارْجِعْ فَرَجَعَ فَحَطَّ عَنْهُ خَمْساً فَلَمْ یَزَلْ یَرُدُّهُ مُوسَی وَ یَحُطُّ عَنْهُ خَمْساً بَعْدَ خَمْسٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی خَمْسٍ فَاسْتَحْیَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُعَاوِدَ رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَزَی اللَّهُ مُوسَی عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَیْراً(1).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ ذَكَرَ الْفَرِیضَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ ثُمَّ قَالَ وَ السُّنَّةُ ضِعْفَا ذَلِكَ جُعِلَتْ وَفَاءً لِلْفَرِیضَةِ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ أَوْ غَفَلَ أَوْ سَهَا عَنْهُ مِنَ الْفَرِیضَةِ أَتَمَّهَا بِالسُّنَّةِ(2).
وَ عَنْهُ علیه السلام: إِنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ السُّنَّةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ لَعَلَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهَا فَرِیضَةٌ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقُولُ فِیهَا إِلَّا بِقَوْلِكَ فَقَالَ هَذِهِ صَلَاةٌ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَأْخُذُ نَفْسَهُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْهَا فِی لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ هِیَ مِثْلَا الْفَرِیضَةِ(3).
وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ أَنَّهُ رَوَی عَنْهُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ الصَّلَاةِ مَفْرُوضَةٌ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَیْنَ ذَهَبَ لَیْسَ هَكَذَا حَدَّثْتُهُ إِنَّمَا قُلْتُ
ص: 297
إِنَّهُ مَنْ صَلَّی فَأَقْبَلَ عَلَی صَلَاتِهِ وَ لَمْ یُحَدِّثْ نَفْسَهُ فَمَا أَقْبَلَ عَلَیْهَا أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَرُبَّمَا رُفِعَ مِنَ الصَّلَاةِ رُبُعُهَا وَ نِصْفُهَا وَ خُمُسُهَا وَ ثُلُثُهَا وَ إِنَّمَا أُمِرَ بِالسُّنَّةِ لِیَكْمُلَ بِهَا مَا ذَهَبَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ(1).
وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَقْصُرَ عَنْ تَمَامِ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ رَكْعَةً فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ قِیلَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ هِیَ صَلَاةُ الزَّوَالِ وَ صَلَاةُ الْأَوَّابِینَ حِینَ تَزُولُ الشَّمْسُ قَبْلَ الْفَرِیضَةِ وَ أَرْبَعٌ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ وَ أَرْبَعٌ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ وَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّی تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَ یَبْدَأُ فِی صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِالْفَرِیضَةِ ثُمَّ یُصَلِّی بَعْدَهَا صَلَاةَ السُّنَّةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَ بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَالِسِ (2) لِغَیْرِ عِلَّةٍ عَلَی النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ ثُمَّ صَلَاةُ اللَّیْلِ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ وَ الْوَتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِثْلَا الْفَرِیضَةِ وَ الْفَرِیضَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَصَارَ الْجَمِیعُ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ رَكْعَةً فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ(3).
«27»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَبِی ذَرٍّ بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِی بَابِ فَضْلِ الصَّلَاةِ: یَا أَبَا ذَرٍّ أَیُّمَا رَجُلٍ تَطَوَّعَ فِی یَوْمٍ بِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ رَكْعَةً سِوَی الْمَكْتُوبَةِ كَانَ لَهُ حَقّاً وَاجِباً بَیْتٌ فِی الْجَنَّةِ(4).
بیان: یحتمل أن یكون المراد بعض النوافل الیومیة أو غیرها من التطوعات.
«28»- كِتَابُ الْعِلَلِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: الَّذِی انْتَهَی إِلَیْنَا
ص: 298
مِنْ عِلْمِ عُلَمَائِنَا الَّذِینَ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ وَ أَوْجَبَ وَلَایَتَهُمْ وَ مِنْ وُجُوهِ الصَّلَاةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَجْهاً فَأَوَّلُ وَجْهِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ(1) یَعْنِی إِذَا وَجَبَتِ الصَّلَاةُ- فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِكُمْ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام الصَّحِیحُ یُصَلِّی قَائِماً بِرُكُوعٍ وَ سُجُودٍ تَامٍّ فَهَذَا أَوَّلُ وَجْهِ الصَّلَاةِ وَ الْوَجْهُ الثَّانِی قَوْلُهُ وَ قُعُوداً قَالَ وَ هُوَ الْمَرِیضُ یُصَلِّی جَالِساً وَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَ عَلی جُنُوبِكُمْ وَ هُوَ الَّذِی لَا یَقْدِرُ أَنْ یُصَلِّیَ جَالِساً یُصَلِّی مُضْطَجِعاً بِالْإِیمَاءِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَ صَلَاةُ الْخَوْفِ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ (2) فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَقُومُ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَیُصَلِّی بِالطَّائِفَةِ الَّتِی مَعَهُ رَكْعَةً وَ یَقُومُ فِی الثَّانِیَةِ فَیَقُومُونَ مَعَهُ وَ یُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ وَ الْإِمَامُ قَائِمٌ وَ یَجْلِسُونَ وَ یَتَشَهَّدُونَ وَ یُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ فَیَقُومُونَ مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ وَ تَجِی ءُ الطَّائِفَةُ الَّذِینَ لَمْ یُصَلُّوا فَیَقُومُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَیُصَلِّی بِهِمُ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ لَهُ وَ هِیَ لَهُمُ الْأُولَی وَ یَقْعُدُ وَ یَقُومُونَهُمْ فَیُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِیَةَ وَ یُسَلِّمُ الْإِمَامُ عَلَیْهِمْ وَ الْوَجْهُ الثَّانِی مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ هُوَ الَّذِی یَخَافُ اللُّصُوصَ وَ السِّبَاعَ وَ هُوَ فِی السَّفَرِ فَإِنَّهُ یَتَوَجَّهُ إِلَی الْقِبْلَةِ وَ یَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ وَ یَمُرُّ فِی وَجْهِهِ الَّذِی هُوَ فِیهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَ أَرَادَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ وَلَّی وَجْهَهُ إِلَی الْقِبْلَةِ إِنْ قَدَرَ عَلَیْهِ إِذَا كَانَ
رَاجِلًا وَ إِنْ لَمْ یَقْدِرْ رَكَعَ وَ سَجَدَ حَیْثُمَا تَوَجَّهَ وَ إِنْ كَانَ رَاكِباً یُومِی إِیمَاءً بِرَأْسِهِ وَ صَلَاةُ الْمُجَادَلَةِ وَ هِیَ الْمُضَارَبَةُ فِی الْحَرْبِ إِذَا لَمْ یَقْدِرْ أَنْ یَنْزِلَ وَ یُصَلِّیَ كَبَّرَ
ص: 299
لِكُلِّ رَكْعَةٍ تَكْبِیرَةً حَیْثُمَا تَوَجَّهَ فَهَذِهِ وُجُوهُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَ صَلَاةُ الْحَیْرَةِ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَوَجْهٌ مِنْهَا هُوَ الرَّجُلُ یَكُونُ فِی مَفَازَةٍ وَ لَا یَعْرِفُ الْقِبْلَةَ یُصَلِّی إِلَی أَرْبَعِ جَوَانِبَ وَ الْوَجْهُ الثَّانِی مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَیُّ صَلَاةٍ هِیَ فَإِنَّهُ یَجِبُ أَنْ یُصَلِّیَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَ رَكْعَتَیْنِ فَإِنْ كَانَتِ الَّتِی فَاتَتْهُ الْعِشَاءَ فَقَدْ قَضَاهَا وَ إِنْ كَانَتِ الظُّهْرَ فَقَدْ قَضَاهَا وَ إِنْ كَانَتِ الْعَصْرَ فَقَدْ قَضَاهَا وَ إِنْ كَانَتِ الْفَجْرَ فَقَدْ قَضَاهَا وَ كَذَا الْمَغْرِبُ وَ مَنْ كَانَ عَلَیْهِ ثَوْبَانِ فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا بَوْلٌ أَوْ قَذَرٌ أَوْ جَنَابَةٌ وَ لَمْ یَدْرِ أَیَّ الثَّوْبَیْنِ أَصَابَ الْقَذَرُ فَإِنَّهُ یُصَلِّی فِی هَذَا وَ هَذَا فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ غَسَلَهُمَا جَمِیعاً وَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ عَشْرُ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَ صَلَاةُ الْعِیدَیْنِ رَكْعَتَانِ وَ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَ صَلَاةُ مَنْ یَخُوضُ الْمَاءَ وَ تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ وَ لَا یَقْدِرُ أَنْ یَخْرُجَ مِنَ الْمَاءِ یُومِی إِیمَاءً وَ صَلَاةُ الْعُرْیَانِ یَقْعُدُ مُنْقَبِضاً وَ یُومِی بِالرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ إِنَّمَا یَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ وَ صَلَاةُ الْجَنَائِزِ.
بیان: لعله عد الكسوفین و العیدین كلا منهما اثنتین و فی بعض النسخ تسعة عشر فعد الكسوف أربعا بإضافة الزلزلة و الآیات.
«29»- الْهِدَایَةُ،: الصَّلَاةُ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ إِحْدَی وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً الْفَرِیضَةُ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ مَا سِوَی ذَلِكَ سُنَّةٌ وَ نَافِلَةٌ فَأَمَّا الْفَرِیضَةُ فَالظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْغَدَاةُ رَكْعَتَانِ وَ أَمَّا السُّنَّةُ وَ النَّافِلَةُ فَأَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا نَافِلَةُ الظُّهْرِ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثَمَانٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانٌ بَعْدَهَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَ نَافِلَةُ الْمَغْرِبِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ فَإِنْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ یَبْلُغَ آخِرَ اللَّیْلِ فَیُصَلِّی الْوَتْرَ یَكُونُ قَدْ مَضَی عَلَی الْوَتْرِ وَ صَلَاةُ اللَّیْلِ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَ
ص: 300
ثَلَاثُونَ رَكْعَةً(1).
«30»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ الْفَرِیضَةَ وَ النَّافِلَةَ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ إِحْدَی وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً الْفَرْضُ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَرِیضَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً سُنَّةً الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْغَدَاةُ رَكْعَتَانِ فَهَذِهِ فَرِیضَةُ الْحَضَرِ(2)
وَ صَلَاةُ السَّفَرِ الْفَرِیضَةُ إِحْدَی عَشْرَةَ رَكْعَةً الظُّهْرُ رَكْعَتَانِ وَ الْعَصْرُ رَكْعَتَانِ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ رَكْعَتَانِ وَ الْغَدَاةُ رَكْعَتَانِ (3)
وَ النَّوَافِلُ فِی الْحَضَرِ مِثْلَا الْفَرِیضَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَرَضَ عَلَیَّ رَبِّی سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَفَرَضْتُ عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ شِیعَتِی بِإِزَاءِ كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَیْنِ لِتَتِمَّ بِذَلِكَ الْفَرَائِضُ مَا یَلْحَقُهُ مِنَ التَّقْصِیرِ وَ الثَّلْمِ مِنْهَا ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ (4)
وَ هِیَ صَلَاةُ الْأَوَّابِینَ وَ ثَمَانٌ بَعْدَ الظُّهْرِ وَ هِیَ صَلَاةُ الْخَاشِعِینَ وَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ هِیَ صَلَاةُ الذَّاكِرِینَ وَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مِنْ جُلُوسٍ تُحْسَبُ رَكْعَةً مِنْ قِیَامٍ وَ هِیَ صَلَاةُ الشَّاكِرِینَ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ صَلَاةُ اللَّیْلِ وَ هِیَ صَلَاةُ الْخَائِفِینَ وَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ الْوَتْرُ وَ هِیَ صَلَاةُ الرَّاغِبِینَ وَ رَكْعَتَانِ عِنْدَ الْفَجْرِ وَ هِیَ صَلَاةُ الْحَامِدِینَ (5) وَ النَّوَافِلُ فِی السَّفَرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مِنْ جُلُوسٍ وَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً صَلَاةُ اللَّیْلِ مَعَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ وَ إِنْ لَمْ یَقْدِرْ بِاللَّیْلِ قَضَاهَا بِالنَّهَارِ أَوْ مِنْ قَابِلِهِ فِی وَقْتِ صَلَاةِ اللَّیْلِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ (6).
ص: 301
«31»- كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْكَاهِلِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: رُبَّ سَائِلٍ یَسْأَلُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صِیَامِهِ فَأُخْبِرُهُ بِهَا فَیَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا یُعَذِّبُ عَلَی الزِّیَادَةِ كَأَنَّهُ یَظُنُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
بیان: لعله محمول علی ما إذا وقع الزیادة بقصد كونها من السنة أو لیزید فعله علی فعله صلی اللّٰه علیه و آله و استحقارا لعمله.
ص: 302
«1»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ آدَمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ آدَمَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: الصَّلَاةُ لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ بَابٍ (1).
«2»- الْمَنَاقِبُ، لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لِلصَّلَاةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ حُدُودٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أَرْبَعَةُ آلَافِ بَابٍ (2).
بیان: فسر الشهید رفع اللّٰه درجته الأبواب و الحدود بواجبات الصلاة و مندوباتها و جعل الواجبات ألفا تقریبا و صنف لها الألفیة و المندوبات ثلاثة آلاف و ألف لها النفلیة.
و قال الوالد قدس اللّٰه روحه لعل المراد بالأبواب و الحدود المسائل المتعلقة بها و هی تبلغ أربعة آلاف بلا تكلف أو أسباب الربط إلی جناب قدسه تعالی فإنه لا یخفی علی العارف أنه من حین توجهه إلیه تعالی و شروعه فی مقدمات الصلاة إلی أن یفرغ منها
یفتح له من أبواب المعارف ما لا یحصیه إلا اللّٰه سبحانه أو المراد بالحدود المسائل و بالأبواب أبواب الفیض و الفضل فإن الصلاة معراج المؤمن انتهی.
و ربما یقال المراد بالأبواب أبواب السماء التی ترفع منها إلیها الصلاة
ص: 303
من كل باب أو الأبواب علی التعاقب فكل صلاة تمر علی كل الأبواب أو یراد بالأبواب مقدماتها التی تتوقف صحة الصلاة علیها من المعارف الضروریة و غیرها.
و قال السید الداماد قدس سره فی حل هذا الخبر و إن هنالك مما أوعی البال و وسع المجال الآن ذكره وجوها عدیدة منها أن الباب استعیر هاهنا لما یناط به افتتاح صحة الصلاة و كمالها من الوظائف و الآداب كما قال فی المغرب الأبواب فی المزارعة مفاتح الماء جمع باب علی الاستعارة و أصل الحد فی اللغة المنع و الفصل بین الشیئین و الحد أیضا الحاجز بین الموضعین تسمیة بالمصدر و منها حدود الحرم و نهایات الجسم و حدود الشرع أحكامه لأنها فاصلة بین الحلال و الحرام و الفرض و النفل و المندوب و المكروه و مانعة من التخطی إلی ما وراءها و إذ فی ما لا محید عن مراعاته من أبواب الصلاة و حدودها من المفروضات و المسنونات و المصححات و المتممات مقدمات و مقارنات و منافیات تبلغ من مراتب العدد أربعة آلاف قد أحصاها شیخنا الشهید قدس اللّٰه تعالی لطیفه فی رسالتیه و قال أحصیت ذلك ابتغاء للعدد المذكور فی الخبرین تقریبا و إن كان المعدود لم یقع فی الخلد تحقیقا.
و منها أن أقل المراتب من المفروض ألف و من المسنون ألف و یتبع الأول ألف حرام و الأخیر ألف مكروه علی ما ذكره غیر واحد من المحققین أن كل واجب ضده العام حرام و كل مندوب ضده العام مكروه فیكمل نصاب العدد.
و منها أن واجبات الصلوات و أحكامها المبحوث عنها فی كتب الفقه تبلغ مبلغ النصاب المذكور فضلا عن مستحباتها.
و منها أن مسائل أبواب العبادات من الطهارة و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و فروعها فی المدونات من الكتب و الرسائل تبلغ ذلك المبلغ و تتجاوزه علی التضاعف و جمیع العبادات
ص: 304
قد نیط بها قبول الصلاة كما فی الحدیث أن تارك الزكاة لا تقبل صلاته و أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد أخرج من المسجد من لم یؤد الزكاة فقد رجع جمیع ذلك إلی حدود الصلاة و كانت الغایة القصوی منها جمیعا الصلاة كما الغایة القصوی من الصلاة أیضا استتمام المعرفة و استكمال نصاب الاستعداد التام للمعارف الربوبیة فمن الذائعات المستبینة المتقررة فی مقرها أن السمعیات ألطاف فی العقلیات و الواجبات السمعیة مقربة للمكلف من الواجبات العقلیة و المندوبات السمعیة من المندوبات العقلیة.
و منها أن الصلاة فی حد أنفسها لها حكم الزكاة الأتم و منزلة الصوم الأعظم و الحج الأبر و الجهاد الأكبر و الأمر الأخص بالمعروف و النهی الأعم عن المنكر علی ما قد استبان فی مظان بیان أسرار الصلاة و روح الصلاة صلاة القلب السلیم.
و فی الخبر عن مولانا الصادق علیه السلام: أن القلب السلیم الذی یلقی ربه و لیس فیه أحد غیره.
و عنه علیه السلام: إن من الصلاة لما یقبل نصفها و ثلثها و ربعها إلی العشر و إن منها لما تلف كما یلف الثوب الخلق و یضرب بها وجه صاحبها.
و إن المقبول منها ما كان القلب فیها منصرفا عن ملاحظة ما سوی الجناب الحق علی الإطلاق.
فإذن حقیقة الصلاة الحقیقیة التی هی صلاة القلب و هی روح صلاة الجسد و الجهاد الأكبر مع النفس و الصوم الحق عما عدا بارئها و قطع منازل درجات العرفان و الاستقرار فی الدرجة الأخیرة التی هی عزل اللحظ عن لحاظ شی ء غیره و استشعار موجود سواه مطلقا حتی لحاظ هذه الدرجة.
فالصلاة منزلتها منزلة جملة العبادات و أحكام سائر العبادات راجعة إلی أحكامها و وظائفها إلی وظائفها و لتحقیق ذلك بیان تفصیلی موكول إلی حیزه و مقامه.
و منها أن أبواب الصلاة هی أبواب عروجها و طرق صعود الملائكة الموكلة علیها بها و هی السماوات إلی السماء الرابعة و الملائكة السماویة فی كل
ص: 305
سماء سماء بوابون و موكلون علی الرد و القبول و هم كثیرون لا یحصیهم كثرة إلا اللّٰه سبحانه كما فی التنزیل الكریم وَ ما یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَطَّتِ السَّمَاءُ وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ فَمَا فِیهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِیهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ.
فالتعبیر عن ملائكة كل سماء و هم أبواب نقد الصلاة الصاعدة إلیهم و التفتیش عنها روم لبیان التكثیر لا تعیین للمرتبة العددیة بخصوصها.
و منها أن الصلاة یصعد بها إلی سماء سماء إلی السماء السابعة التی هی أقصی أفلاك الكواكب السبعة السیارة ثم منها إلی الكرسی و هو فلك الثوابت ثم مستودعها العرش و هو الفلك الأقصی فالأفلاك الثمانیة بملائكتها من العقول و النفوس السمائیة أبواب رفع الصلاة و طرق الصعود بها و حدود نقدها و ردها و قبولها علی ما تكرر ذكره فی الأحادیث عنهم صلوات اللّٰه علیهم و لا یحیط بطبقات الخلق و الأمر علما و خبرا و لا یحصیها عددا و قدرا إلا بارئها القیوم القیام العلیم العلام تعالی شأنه و تعاظم سلطانه و غایة ما یسر للبشر من عباده سبیلا إلی معرفته إثبات الملائكة القاهرة و المدبرة هنالك بعدد الكرات السماویة و بعدد
الدرجات الفلكیة و محیط كل فلك ثلاثمائة و ستون درجة و إنما المرصود من الكواكب سبعة سیارة و ألف و تسعة و عشرون من الثوابت و الأفلاك الكلیة لها بحسب حركاتها المرصودة بادئ النظر السماوات السبع و الفلك الثامن الذی هو الكرسی و تنحل عند تفصیل الحركات و حل ما أعضل من الإشكالات إلی ثمانین كرة تقریبا فإذن یستتم نصاب أربعة آلاف من العدد فی إزاء عدد الدرجات و عدد الكرات و الكواكب كما یستبین بالحساب فهی بأسرها أبواب الصلاة و حدودها و ذلك أقل ما لیس عن إثباته بد علی ما هو المنصرح لدی البصیرة النافذة و أما فی جانب الكثرة فلا سبیل لنا إلی العلم و المعرفة فهذه سبعة من وجوه التفسیر لهذین الحدیثین الشریفین فلنقتصر الآن علیها و اللّٰه سبحانه أعلم و هو ولی العلم و الحكمة و به الاعتصام و منه العصمة انتهی.
أقول: و إن كان قدس سره بلغ الدرجة القصوی فی التدقیق عند إبداء
ص: 306
تلك الوجوه الكثیرة لكن ما سوی الوجوه التی أشرنا إلیها أولا بعضها فی غایة البعد عن الأذهان المستقیمة و بعضها مخالفة للأصول المبینة فی الملة القویمة و اللّٰه أعلم بالحق و الصواب فی جمیع الأبواب.
«3»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَارِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنِ ابْنِ جُرَیْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی ذَرٍّ ره قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی الْمَسْجِدِ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقَالَ لِی یَا أَبَا ذَرٍّ لِلْمَسْجِدِ تَحِیَّةٌ قُلْتُ وَ مَا تَحِیَّتُهُ قَالَ رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِی بِالصَّلَاةِ فَمَا الصَّلَاةُ قَالَ خَیْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَ مَنْ شَاءَ أَكْثَرَ(1).
أعلام الدین، و مجالس الشیخ، عن أبی ذر: مثله (2).
«4»- الْعُیُونُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍ (3).
«5»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مِثْلَهُ (4) كتاب الإمامة و التبصرة، لعلی بن بابویه عن الحسن بن حمزة العلوی عن علی بن محمد بن أبی القاسم عن أبیه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبیه عن آبائه علیهم السلام قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله: و ذكر مثله
ص: 307
بیان: قال فی النهایة القربان مصدر من قرب یقرب
و منه الحدیث: الصلاة قربان كل تقی.
أی إن الأتقیاء من الناس یتقربون بها إلی اللّٰه تعالی أی یطلبون القرب منه بها انتهی.
أقول: بل الأظهر أن المراد أن الصلاة تصیر سببا لقرب المتقین لا لغیرهم كما قال تعالی إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (1) و استدل به علی شرعیة الصلاة فی كل وقت و علی كل حال إلا ما أخرجه الدلیل.
«6»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْوَاسِطِیِّ النَّخَّاسِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: صَلَوَاتُ النَّوَافِلِ قُرُبَاتُ كُلِّ مُؤْمِنٍ (2).
«7»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ صَلَّی مَا بَیْنَ الْجُمُعَتَیْنِ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ فَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَا یَتَمَنَّی مِنْ خَیْرٍ(3).
«8»- الْبَصَائِرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام: وَ ذُكِرَ عِنْدَهُ الصَّلَاةُ فَقَالَ إِنَّ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ الَّذِی أَمْلَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یُعَذِّبُ عَلَی كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ وَ لَكِنْ یَزِیدُهُ جَزَاءً خَیْراً(4).
«9»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّلَاةُ خَیْرُ مَوْضُوعٍ
ص: 308
فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ وَ مَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ.
«10»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ كَانَتِ الرِّیحُ تُمِیلُهُ بِمَنْزِلَةِ السُّنْبُلَةِ(1).
بیان: تمیله أی لنحافته و ضعفه أو لشدة توجهه إلی جانب الحق كأنه جسد بلا روح.
«11»- الْعُیُونُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِیِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَی بَابِ الدَّارِ الَّتِی حُبِسَ فِیهَا الرِّضَا علیه السلام بِسَرَخْسَ وَ قَدْ قُیِّدَ وَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَیْهِ السَّجَّانَ فَقَالَ لَا سَبِیلَ لَكَ عَلَیْهِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا صَلَّی فِی یَوْمِهِ وَ لَیْلَتِهِ أَلْفَ رَكْعَةٍ الْحَدِیثَ (2).
«12»- الْعِلَلُ، عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُظَفَّرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ یَقُولُ: مَا رَأَیْتُ هَاشِمِیّاً أَفْضَلَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَانَ یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ حَتَّی خَرَجَ بِجَبْهَتِهِ وَ آثَارِ سُجُودِهِ مِثْلُ كِرْكِرَةِ الْبَعِیرِ(3).
بیان: فی النهایة الكركرة بالكسر زور البعیر أی وسط صدره الذی إذا برك أصاب الأرض و هی ناتئة من جسمه كالقرصة.
«13»- الْخِصَالُ، عَنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِیِّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّیَالِسِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ كَمَا كَانَ یَفْعَلُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَتْ لَهُ خَمْسُ مِائَةِ نَخْلَةٍ وَ كَانَ یُصَلِّی عِنْدَ
ص: 309
كُلِّ نَخْلَةٍ رَكْعَتَیْنِ الْحَدِیثَ (1).
«14»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍ (2).
وَ قَالَ علیه السلام: تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وَ حَافِظُوا عَلَیْهَا وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَ تَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ(3).
«15»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍ (4).
وَ قَالَ: لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَجْهٌ وَ وَجْهُ دِینِكُمُ الصَّلَاةُ(5).
وَ رُوِّینَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ یَتَطَوَّعُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ بِأَلْفِ رَكْعَةٍ(6).
«16»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَفَّارِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ خَلَعَ عَلَی دِعْبِلٍ قَمِیصاً مِنْ خَزٍّ وَ قَالَ لَهُ احْتَفِظْ بِهَذَا الْقَمِیصِ فَقَدْ صَلَّیْتُ فِیهِ أَلْفَ لَیْلَةٍ كُلَّ لَیْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ خَتَمْتُ فِیهِ الْقُرْآنَ أَلْفَ خَتْمَةٍ الْخَبَرَ(7).
«17»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیَأْكُلُ أَكْلَةَ الْعَبْدِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ كَانَ یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ
ص: 310
اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ(1).
«18»- كِتَابُ الْمَلْهُوفِ، لِلسَّیِّدِ بْنِ طَاوُسٍ نَقْلًا مِنَ الْجُزْءِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْعِقْدِ لِابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَا أَقَلَّ وُلْدَ أَبِیكَ قَالَ أَتَعَجَّبُ كَیْفَ وُلِدْتُ لَهُ كَانَ یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ(2) فَمَتَی كَانَ یَتَفَرَّغُ لِلنِّسَاءِ(3).
ص: 311
الآیات:
آل عمران: مخاطبا لزكریا علیه السلام وَ سَبِّحْ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ(1)
النساء: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً(2)
هود: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ وَ اصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ (3)
أسری: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً(4)
مریم: فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا(5)
طه: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اللَّیْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضی (6)
الأنبیاء: إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ (7)
الروم: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِینَ تُمْسُونَ وَ حِینَ تُصْبِحُونَ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِیًّا وَ حِینَ تُظْهِرُونَ (8)
الأحزاب: وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا(9)
المؤمن: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ(10)
ص: 312
الفتح: وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا(1)
ق: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَ مِنَ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ(2)
الطور: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ وَ مِنَ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ (3)
الدهر: وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا- وَ مِنَ اللَّیْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَیْلًا طَوِیلًا(4)
تفسیر:
وَ سَبِّحْ (5) قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی نزه اللّٰه سبحانه و أراد التسبیح المعروف و قیل معناه صل یقال فرغت من سبحتی أی صلاتی بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ فی آخر النهار و أوله و قال العشی من حین زوال الشمس إلی غروبها و العشاء من لدن غروب الشمس إلی أن یولی صدر اللیل و الإبكار من حین طلوع الشمس إلی وقت الضحی (6).
إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ (7) أی صارت (8).
ص: 313
أو تكون كان زائدة فی تلك المواضع كما فی قوله تعالی عز و جل وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً
ص: 314
حَكِیماً(1) و أمثاله أو المعنی كانت علی الأمم السالفة كذلك و ما سیأتی من أخبار صلاة سلیمان علیه السلام یؤید الثانی عَلَی الْمُؤْمِنِینَ تخصیص المؤمنین لتحریصهم و ترغیبهم علی حفظها و حفظ أوقاتها حالتی الأمن و الخوف و مراعاة جمیع حدودها فی حال الأمن و إیماء بأن ذلك من مقتضی الإیمان و شعار أهله فلا یجوز أن یفوتهم و إن التساهل فیها یخل بالإیمان و إنهم هم المنتفعون بها لعدم صحتها من غیرهم.
كِتاباً مَوْقُوتاً قال الطبرسی رحمه اللّٰه (2) اختلف فی تأویله فقیل معناه واجبة مفروضة عن ابن عباس و هو المروی عن الباقر و الصادق علیهما السلام و قیل معناه فرضا موقتا أی منجما یؤدونها فی أنجمها عن ابن مسعود و قتادة
و فی الكافی (3) عن الصادق علیه السلام: مَوْقُوتاً أی ثابتا. و لیس إن عجلت قلیلا و أخرت قلیلا بالذی یضرك ما لم تضع تلك الإضاعة فإن اللّٰه عز و جل یقول لقوم أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا(4).
أَقِمِ الصَّلاةَ(5) قیل معنی إقامة الصلاة تعدیل أركانها و حفظها من أن یقع زیغ فی فرائضها و سننها و آدابها من أقام العود(6) إذا قومه أو المداومة
ص: 315
و المحافظة علیها من قامت السوق إذا نفقت لأنها إذا حوفظ علیها كانت كالشی ء النافق الذی یتوجه إلیه أهل الرغبة و یتنافسون فیه و إذا عطلت و أضیعت كانت كالشی ء الكاسد الذی لا یرغب فیه أو التجلد و التشمر لأدائها و أن لا یكون فی مؤدیها فتور و لا توان من قولهم قام بالأمر و قامت الحرب علی ساق أو أداؤها فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القیام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت و بالركوع و بالسجود.
أقول: و یظهر من بعض ما سبق من الأخبار أنه شبه الصلاة من بین أجزاء الإیمان بعمود الفسطاط فنسب إلیها الإقامة لكونها من لوازمه و ملائماته.
طَرَفَیِ النَّهارِ أی غدوة و عشیة و انتصابه علی الظرف لأنه مضاف إلیه وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ أی و ساعة منه قریبة من النهار فإنه من أزلفه إذا قربه و هو جمع زلفة فهو معطوف علی طرفی النهار و یمكن عطفه علی الصلاة أی أقم قربة أی ذا قربة فی اللیل و الأول أظهر و قیل صلاة أحد الطرفین الفجر و الآخر الظهر و العصر لأن ما بعد الزوال عشی و صلاة الزلف المغرب و العشاء و عن ابن عباس و غیره أن طرفی النهار وقت صلاة الفجر و المغرب و الزلف وقت صلاة العشاء
ص: 316
الآخرة و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث زرارة كما مر.
و هذا مما یوهم كون أول النهار من طلوع الشمس لیكون طرفاه معا خارجین و یمكن الجواب بأن المتبادر من الطرف أن یكون داخلا فإذا ارتكب التجوز فی أحد الطرفین لا یلزم ارتكابه فی الآخر مع أنه یمكن أنه تكون النكتة فیه الحث علی المبادرة إلی إیقاع المغرب قریبا من الیوم و من قال بدخول وقت المغرب بغیبوبة القرص یمكنه أن یقول بامتداد النهار إلی ذهاب الحمرة فیستقیم فی الجملة و قیل بناء هذا القول ظاهرا علی أن النهار من طلوع الفجر إلی غروب الشفق و لعله لم یقل به أحد.
و قال فی مجمع البیان و ترك ذكر الظهر و العصر(1)
لأحد أمرین
ص: 317
إما لظهورهما فی أنهما صلاة النهار فكأنه قال و أقم الصلاة طرفی النهار مع المعروفة من صلاة النهار أو لأنهما مذكوران علی التبع للطرف الآخر لأنهما بعد الزوال فهما أقرب إلیه و قیل صلاة طرفی النهار الغداة و الظهر و العصر و صلاة الزلف المغرب و العشاء
قَالَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمَغْرِبُ وَ الْعِشَاءُ زُلْفَتَا اللَّیْلِ.
و قیل أراد بطرفی النهار صلاة الفجر و صلاة العصر(1).
و قیل علی تقدیر كون المراد بقوله وَ زُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ أقم صلوات لیقرب بها إلی اللّٰه عز و جل فی بعض اللیل یحتمل أن یكون إشارة إلی صلاة اللیل المشهورة و حینئذ ینبغی إدخال العشاءین فی صلاة طرفی النهار.
أقول: علی الوجه الآخر أیضا یحتمل أن یكون المراد صلاة اللیل بأن یكون المراد بالزلف الساعات القریبة من الصبح.
إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ قال الطبرسی قیل معناه أن الصلوات الخمس تكفر ما بینها بأن تكون اللام للعهد عن ابن عباس و أكثر المفسرین و قد مر فی باب فضل الصلاة خبر الثمالی (2)
و هو یدل علی ذلك.
ص: 318
وَ رَوَی الْوَاحِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ غُصْناً یَابِساً مِنْهَا فَهَزَّهُ حَتَّی تَحَاتَّتْ وَرَقُهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَا تَسْأَلُنِی لِمَ أَفْعَلُ هَذَا قُلْتُ وَ لِمَ تَفْعَلُهُ قَالَ هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا مَعَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ مِنْهُ غُصْناً یَابِساً فَهَزَّهُ حَتَّی تَحَاتَّتْ وَرَقُهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَا تَسْأَلُنِی یَا سَلْمَانُ لِمَ أَفْعَلُ هَذَا قُلْتُ وَ لِمَ فَعَلْتَهُ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّی الصَّلَاةَ الْخَمْسَ تَحَاتَّتْ خَطَایَاهُ كَمَا تَحَاتَّتْ هَذِهِ الْوَرَقُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ إِلَی آخِرِهَا.
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَسْجِدِ نَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أَصَبْتُ ذَنْباً فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَلَمَّا قَضَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّلَاةَ قَامَ الرَّجُلُ فَأَعَادَ الْقَوْلَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَیْسَ قَدْ صَلَّیْتَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ أَحْسَنْتَ لَهَا الطَّهُورَ قَالَ بَلَی قَالَ فَإِنَّهَا كَفَّارَةُ ذَنْبِكَ (1).
وَ فِی الْحَدِیثِ النَّبَوِیِّ الْمَشْهُورِ: أَنَّ الصَّلَاةَ إِلَی الصَّلَاةِ كَفَّارَةُ مَا بَیْنَهُمَا مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ. وَ فِی مَجَالِسِ الصَّدُوقِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّ اللَّهَ یُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَیِّئَةً ثُمَّ تَلَا الْآیَةَ. وَ فِی الْكَافِی وَ غَیْرِهِ (2) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فِی تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ إِنَّ صَلَاةَ الْمُؤْمِنِ بِاللَّیْلِ یَذْهَبُ بِمَا عَمِلَ مِنْ ذَنْبٍ بِالنَّهَارِ.
و هذا مما یؤید كون صلاة اللیل داخلة فی عداد الصلوات الماضیة إذ ظاهر سیاق الخبر نافلة اللیل و قیل معناه إن المداومة علی فعل الحسنات تدعو إلی ترك السیئات فكأنها تذهب بها و قیل المراد بالحسنات التوبة و لا یخفی بعده.
ذلِكَ أی ما مر من تكفیر السیئات أو الأعم ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ تذكار و موعظة لمن تذكر به و فكر فیه وَ اصْبِرْ علی الصلاة أو مطلق الطاعات أو تبلیغ الرسالات فَإِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ أی المصلین أو الأعم و
ص: 319
هو أظهر.
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ (1) اللام للتوقیت مثلها فی قولهم لثلاث خلون و فی مجمع البیان قال قوم دلوك الشمس زوالها و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام و قال قوم هو غروبها و القول الأول هو الأوجه لتكون الآیة جامعة للصلوات الخمس (2) فصلاتا دلوك الشمس الظهر و العصر و صلاتا غسق اللیل هما المغرب و العشاء و قرآن الفجر صلاة الفجر و غسق اللیل هو أول بدو اللیل و قیل هو غروب الشمس و قیل سواد اللیل و ظلمته و قیل هو انتصاف اللیل عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام و استدل قوم من أصحابنا بالآیة علی أن وقت صلاة الظهر و العصر موسع إلی آخر النهار لأنه سبحانه أوجب إقامة الصلاة من وقت دلوكها إلی غسق اللیل و ذلك یقتضی أن ما بینهما وقت.
و الحاصل أنه تعالی جعل من دلوك الشمس الذی هو الزوال إلی غسق اللیل وقتا للصلوات الأربع إلا أن الظهر و العصر اشتركا فی الوقت من الزوال
ص: 320
إلی الغروب و المغرب و العشاء الآخرة اشتركا فی الوقت من الغروب إلی الغسق و أفرد صلاة الفجر بالذكر فی قوله وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ ففی الآیة بیان وجوب الصلوات الخمس و بیان أوقاتها(1).
أقول: و یدل علیه صحیحة زرارة المتقدمة و روایة عبید بن زرارة الآتیة و غیرهما و یدل علی أن آخر وقت العشاءین نصف اللیل و یمكن حمله علی المختار للأخبار الكثیرة الدالة علی أن وقتها للمضطر ممتد إلی الفجر و سیأتی القول فیه.
وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ عطف علی الصلاة أی و أقم قرآن الفجر(2) و أهل البصرة علی أن النصب علی الإغراء أی علیك بصلاة الفجر و الأول أظهر و إطلاق قرآن الفجر علی صلاته من قبیل تسمیة الكل باسم الجزء كما مر و لعل الوجه فی تخصیص هذه الصلاة من بینها بهذا الاسم لأن القراءة مع الجهر بها
ص: 321
مستغرقة لجمیع ركعتها دون باقی الصلاة أو لأن القراءة فیها أهم مرغب فیها أكثر منها فی غیرها و لذلك كانت أطول الصلاة قراءة فكأنها تغلب باقی أجزائها فغلب فی الاسم و كرر التعبیر عنها به تنبیها علیه و ترغیبا فیه و هذا أظهر ففیها دلالة علی استحباب قراءة السور الطوال فیها كما ورد فی الأخبار أیضا.
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً أی تشهده ملائكة اللیل و ملائكة النهار كما مر فی الخبر أو من حقه أن یشهده الجم الغفیر كما قیل أو یشهده الكثیر من المصلین فی العادة أو هو المشهود بشواهد القدرة و بدائع الصنع و لطائف التدبیر من تبدل الظلمة بالضیاء و النوم الذی هو أخو الموت بالانتباه الذی هو ارتجاع الحیاة و حدوث الضوء المستطیل علی الاستقامة فی طول الفلك و استعقاب غلس الظلام ثم انتشار الضیاء المستطیر المعترض فی عرض الأفق كما قیل و ما فی الخبر هو المؤثر.
فَأَوْحی إِلَیْهِمْ (1) قال الطبرسی أی أشار إلیهم و قیل كتب لهم فی الأرض أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا أی صلوا فیهما و تسمی الصلاة سبحة و تسبیحا لما فیها من التسبیح و قیل أراد التسبیح بعینه (2).
وَ سَبِّحْ (3) المراد بالتسبیح إما ظاهره فیراد المداومة علی التسبیح و
ص: 322
التحمید فی عموم الأوقات أو الأوقات المعینة أو الصلاة كما هو المشهور بین المفسرین و یؤید الأول ما رواه فی الخصال (1)
عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ فَرِیضَةٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ یَقُولَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِیكَ لَهُ- لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ- یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ هُوَ حَیٌّ لَا یَمُوتُ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.
و یؤید الثانی ما رواه فی
الْكَافِی عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام (2): فِی قَوْلِهِ وَ أَطْرافَ النَّهارِ قَالَ یَعْنِی تَطَوَّعْ بِالنَّهَارِ.
بِحَمْدِ رَبِّكَ فی موضع الحال أی و أنت حامد لربك علی أن وفقك للتسبیح و أعانك علیه أو علی أعم من ذلك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها الأشهر أن التسبیح قبل الطلوع صلاة الصبح و قبل الغروب الظهر و العصر وَ مِنْ آناءِ اللَّیْلِ فَسَبِّحْ أی و تعمد من ساعاته جمع إنی بالكسر و القصر و آناء بالفتح و المد یعنی المغرب و العشاء علی المشهور.
وَ أَطْرافَ النَّهارِ تكریر لصلاتی الصبح و المغرب علی إرادة الاختصاص (3)
ص: 323
كما فی قوله حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی (1) و مجیئه بلفظ الجمع لأمن الالتباس كقوله صَغَتْ قُلُوبُكُما(2) ففیها دلالة علی وجوب الصلوات الخمس و سعة أوقاتها فی الجملة قیل و یدل علی اشتراك الصلاتین فی جمیع الوقت و علی أن وقت العشاءین جمیع اللیل إلا أن یراد بمن آناء اللیل بعض معین منه حملا للإضافة علی العهد.
و قیل أطراف النهار إشارة إلی العصر تخصیصا لها لأنها الصلاة الوسطی و الجمع باعتبار أن كل جزء من أوقاتها كأنه طرف و قد یؤید بقراءة وَ أَطْرافَ النَّهارِ بالكسر عطفا علی آناءِ اللَّیْلِ فإن الظاهر أن من للتبعیض و قبل غروبها صلاة العصر و أطراف النهار هو الظهر لأن وقته الزوال و هو آخر النصف الأول من النهار و أول النصف الثانی.
و قیل المراد بآناء اللیل صلاة العشاء و أطراف النهار صلاة الظهر و المغرب لأن الظهر فی آخر الطرف الأول من النهار و أول الطرف الآخر فهو طرفان منه و الطرف الثالث غروب الشمس فیه صلاة المغرب و لا یخفی وهنه.
و یفهم من الكشاف قول آخر و هو أن یكون آناء اللیل العشاء و أطراف النهار المغرب و الصبح أیضا علی طریق الاختصاص و قد احتمل أن یكون أطراف النهار باعتبار التطوع فی أجزائه آنا فآنا من دون فریضة أو معها كما نقل الطبرسی رحمه اللّٰه (3) عن ابن عباس فی آناء اللیل أنها صلاة اللیل كله و یحمل الأمر علی معنییه أو الرجحان المطلق أو الاستحباب باعتبار جواز الترك بالاقتصار علی الفریضة أو باختصاص الأمر بالنوافل فإن إطلاق السبحة و إرادة النافلة فی روایاتنا شائعة و فی الخبر المتقدم عن الباقر علیه السلام دلالة علیه و ربما احتمل ذلك فی قوله قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أیضا.
ص: 324
و قیل یحتمل وجوه أخری منها أن یكون معنی وَ مِنْ آناءِ اللَّیْلِ و تعمد بعض آناء اللیل مختصا لها بسبحتها بقرینة التكرار و یكون فَسَبِّحْ عطفا علی سبح أی فسبح من آناء اللیل و أطراف النهار فیكون الفاء حرف عطف لا جواب الأمر و یكون الكلام تضمن تكرار التسبیح فی هذه الأوقات إما علی تكرارها كل یوم أو الأول للفرائض و الثانی للنوافل و علی الأول یحتمل شمولها لهما بل للتعقیب و نحوه.
و منها أن یكون الإغراء مجابا بقوله فَسَبِّحْ و یكون أَطْرافَ النَّهارِ إشارة إلی الصبح و العصر أو الصلوات النهاریة جمیعا علی طریق الاختصاص لكثرة عروض الموانع فی النهار هذا مع الاختصاص بالفرائض أو شمول النوافل أیضا و ربما احتمل حینئذ أن یكون وَ أَطْرافَ النَّهارِ إشارة إلی أوقات الخمس لكنه بعید جدا.
و منها أن یكون قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ شاملا للمغرب و العشاء أیضا وَ قَبْلَ غُرُوبِها للظهر و العصر وَ مِنْ آناءِ اللَّیْلِ إلخ للصلوات الخمس جمیعا مرة أخری فإن أرید بالأخیر النوافل أمكن التأكید بالإغراء لكونها فی معرض التهاون لعدم الوجوب انتهی و لا یخفی ما فی الأكثر من التكلف و التعسف مع عدم الاستناد إلی حجة و روایة نعم التعمیم بشمول الفرائض و النوافل و الصلوات و التسبیحات و سائر الأذكار وجه جمع بین الأخبار و اللّٰه یعلم تأویل الآیات و حججه الأخیار.
لَعَلَّكَ تَرْضی أی بالشفاعة و الدرجة الرفیعة و قیل بجمیع ما وعدك اللّٰه به من النصر و إعزاز الدین فی الدنیا و الشفاعة و الجنة فی الآخرة.
إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ (1) أی الأنبیاء الذین تقدم ذكرهم كانوا یبادرون إلی الطاعات و العبادات و قال الطبرسی رحمه اللّٰه (2)
فیها دلالة
ص: 325
علی أن المسارعة إلی كل طاعة مرغب فیها و علی أن الصلاة فی أول الوقت أفضل.
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِینَ تُمْسُونَ وَ حِینَ تُصْبِحُونَ (1) قال البیضاوی إخبار فی معنی الأمر بتنزیه اللّٰه تعالی و الثناء علیه فی هذه الأوقات أو دلالة علی أن ما یحدث فیها من الشواهد ناطقة بتنزیهه و استحقاقه للحمد ممن له تمیز من أهل السماوات و الأرض و تخصیص التسبیح بالمساء و الصباح لأن آثار القدرة و العظمة فیهما أظهر و تخصیص الحمد بالعشاء الذی هو آخر النهار من عشی العین إذا نقص نورها و الظهیرة التی هی وسطه لأن تجدد النعم فیهما أكثر و یجوز أن یكون عَشِیًّا معطوفا علی حِینَ تُمْسُونَ و قوله وَ لَهُ الْحَمْدُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ اعتراضا و عن ابن عباس أن الآیة جامعة(2) للصلوات الخمس تُمْسُونَ صلاتا المغرب و العشاء و تُصْبِحُونَ صلاة الفجر و عَشِیًّا صلاة العصر و تُظْهِرُونَ صلاة الظهر انتهی.
و قیل یحتمل أن یكون المراد بتسبیح المساء المغرب و بعشیا العشاء و بتظهرون الظهرین و أن یراد بعشیا المغرب و العشاء و بتمسون العصر و بتظهرون الظهر و قد یقال معنی أمسی دخل فی المساء و أصبح دخل فی الصباح فتقیید ذلك بحین یقتضی نوع اختصاص بأول الوقت فلا یبعد حمل الطلب فیه علی الاستحباب و قال الطبرسی رحمه اللّٰه (3) و إنما خص تعالی هذه الأوقات بالذكر لأنها أوقات تذكر
ص: 326
بإحسان اللّٰه و ذلك لأن انقضاء إحسان أول إلی إحسان ثان یقتضی الحمد عند تمام الإحسان الأول و الأخذ فی الآخر كما أخبر سبحانه عن حمد أهل الجنة بقوله وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (1) لأن ذلك حال الانتقال من نعیم الدنیا إلی الجنة.
و إنما خص صلاة اللیل باسم التسبیح و صلاة النهار باسم الحمد لأن الإنسان فی النهار متقلب فی أحوال توجب الحمد لله علیها و فی اللیل علی أحوال توجب تنزیه اللّٰه تعالی من الأسواء فیها فلذلك صار الحمد بالنهار أخص فسمیت به صلاة النهار و التسبیح باللیل أخص فسمیت به صلاة اللیل.
وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا(2) قال الطبرسی رحمه اللّٰه (3)
أی نزهوه سبحانه عن جمیع ما لا یلیق به بالغداة و العشی و الأصیل العشی و قیل یعنی به صلاة الصبح و صلاة العصر و قیل صلاة الصبح و صلاة العشاء الآخرة خصهما بالذكر لأن لهما مزیة علی غیرهما و قال الكلبی أما بكرة فصلاة الفجر و أما أصیلا فصلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء و سمی الصلاة تسبیحا لما فیها من التسبیح و التنزیه.
وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ(4) قال فی المعالم قال الحسن یعنی صلاة العصر و صلاة الفجر و قال ابن عباس الصلوات الخمس و قیل كان الواجب بمكة ركعتان بكرة و ركعتان عشیة.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا أی و تصلوا لله بالغداة و العشی (5) وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ (6) التسبیح كما مر إما محمول علی ظاهره
ص: 327
أو علی الصلاة أو علیهما و الصلاة قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الفجر وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ الظهران و قیل العصر وَ مِنَ اللَّیْلِ العشاءان و قیل التهجد وَ أَدْبارَ السُّجُودِ التسبیح فی أعقاب الصلوات و السجود و الركوع یعبر بهما من الصلاة و قیل النوافل بعد المكتوبات و الأدبار جمع دبر و قرئ بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت و معناه وقت انقطاع السجود.
وَ قَالَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ (1) رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَالَ تَقُولُ حِینَ تُصْبِحُ وَ حِینَ تُمْسِی عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِیكَ لَهُ- لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ یُمِیتُ وَ یُحْیِی- وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.
و قال فی أدبار السجود أقوال أحدها أن المراد به الركعتان بعد المغرب و إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر عن علی بن أبی طالب و الحسن بن علی علیهما السلام و عن ابن عباس مرفوعا إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ثانیها أنه التسبیح بعد كل صلاة عن ابن عباس و مجاهد و ثالثها أنه النوافل بعد المفروضات و رابعها أنه الوتر من آخر اللیل و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
حِینَ تَقُومُ (2) قال علی بن إبراهیم لصلاة اللیل (3) و قال الطبرسی رحمه اللّٰه (4)
من نومك و قیل حین تقوم إلی الصلاة المفروضة فقل سبحانك اللّٰهم و بحمده و قیل معناه و صل بأمر ربك حین تقوم من منامك و قیل الركعتان قبل صلاة الفجر عن ابن عباس و قیل حین تقوم من نوم القائلة و هی صلاة الظهر و قیل معناه اذكر اللّٰه بلسانك حین تقوم إلی الصلاة إلی أن تدخل فی الصلاة و قیل حین تقوم من المجلس فقل سبحانك اللّٰهم و بحمدك لا إله إلا أنت اغفر لی و تب علی و قد روی مرفوعا أنه
ص: 328
كفارة المجلس انتهی أقول
وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكْتَالَ بِالْمِكْیَالِ الْأَوْفَی فَلْیَكُنْ آخِرُ كَلَامِهِ مِنْ مَجْلِسِهِ- سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ- وَ سَلامٌ عَلَی الْمُرْسَلِینَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (1).
وَ مِنَ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ قال علی بن إبراهیم یعنی صلاة اللیل وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ ره رَوَی زُرَارَةُ وَ حُمْرَانُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی هَذِهِ الْآیَةِ قَالا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَقُومُ مِنَ اللَّیْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَیَنْظُرُ فِی آفَاقِ السَّمَاءِ فَیَقْرَأُ خَمْسَ آیَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ- إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَی إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ ثُمَّ یَفْتَتِحُ صَلَاةَ اللَّیْلِ.
الخبر و قیل معناه صل المغرب و العشاء الآخرة.
وَ إِدْبارَ النُّجُومِ یعنی الركعتین قبل صلاة الفجر عن ابن عباس و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام و ذلك حین تدبر النجوم أی تغیب بضوء الصبح و قیل یعنی صلاة الفجر المفروضة و قیل إن المعنی لا تغفل عن ذكر ربك صباحا و مساء و نزهه فی جمیع أحوالك لیلا و نهارا فإنه لا یغفل عنك و عن حفظك و قیل فیها وجوه أخری لم تستند إلی خبر و لا أثر فلذا لم نتعرض لها.
وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا(2) یمكن حمله علی صلوات طرفی النهار وَ مِنَ اللَّیْلِ فَاسْجُدْ لَهُ علی فرائض اللیل وَ سَبِّحْهُ لَیْلًا طَوِیلًا علی التهجد قال الطبرسی رحمه اللّٰه رُوِیَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ سَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ وَ قَالَ مَا ذَلِكَ التَّسْبِیحُ قَالَ صَلَاةُ اللَّیْلِ (3).
«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، لِلْحِمْیَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِیِّ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِیَ الْمَغْرِبَ حَتَّی
ص: 329
دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَالَ یُصَلِّی الْعِشَاءَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ (1).
بیان: حتی دخل وقت العشاء أی وقته المختص من آخر الوقت بحیث لم یبق مقدار خمس ركعات فإنه إذا كان بقی مقدار خمس ركعات یأتی بهما
ص: 330
جمیعا و إلا یأتی بالعشاء و یقضی المغرب علی المشهور بین الأصحاب من القول بالاختصاص إذ ذهب معظم الأصحاب إلی اختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها تامة الأفعال و الشروط بأقل واجباتها بحسب حال المكلف باعتبار كونه مقیما و مسافرا خائفا و غیر خائف صحیحا و مریضا سریع الحركات و القراءة و بطیئها مستجمعا بعد دخول الوقت لشرائط الصلاة و فاقدا لها فإن المعتبر مضی مقدار أدائها و تحصیل شرائطها المفقودة بحسب حال المكلف و هذا مما یختلف اختلافا فاحشا و كذا اختصاص العصر من آخر الوقت بمقدار أدائها علی الوجه المذكور و المنقول عن الصدوق اشتراك الوقت بین الظهرین من أوله إلی آخره و كذا الشهرة و الخلاف فی وقت العشاءین.
و تظهر الفائدة علی ما ذكره القوم فی أمور الأول من صلی العصر فی الوقت المختص بالظهر ساهیا أو صلی الظهرین ظانا دخول الوقت ثم اتفق العصر فی الوقت المختص فعلی القول بالاشتراك یصح العصر و علی القول بالاختصاص یبطل و ربما یناقش فی هذه الفائدة.
الثانی من ظن ضیق الوقت إلا عن أداء العصر فإنه یتعین علیه الإتیان بالعصر فإذا صلی ثم تبین الخطأ و لم یبق من الوقت إلا مقدار ركعة مثلا فحینئذ یجب علیه الإتیان بالظهر أداء علی القول بالاشتراك حسب.
الثالث من أدرك من آخر وقت العشاء مقدار أدائها فإنه یجب الإتیان بالعشاءین علی القول بالاشتراك و یتعین العشاء علی القول الآخر.
الرابع من صلی الظهر ظانا سعة الوقت ثم تبین الخطأ و وقوعها فی الوقت المختص بالعصر فحینئذ یجب قضاؤهما علی القول بالاختصاص حسب و یتفرع علیه أحكام أخری فی الحلف و النذر و تعلیق الظهار و أمثالها لا جدوی كثیرا فی إیرادها.
«2»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَیْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَیْدَ بْنَ زُرَارَةَ یَقُولُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَكُونُ
ص: 331
أَصْحَابُنَا مُجْتَمِعِینَ فِی مَنْزِلِ الرَّجُلِ مِنَّا فَیَقُومُ بَعْضُنَا یُصَلِّی الظُّهْرَ وَ بَعْضُنَا یُصَلِّی الْعَصْرَ وَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِی وَقْتِ الظُّهْرِ قَالَ لَا بَأْسَ الْأَمْرُ وَاسِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ نِعْمَتِهِ (1).
«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ یَأْمُرُ الصِّبْیَانَ یَجْمَعُونَ بَیْنَ
ص: 332
الصَّلَاتَیْنِ الْأُولَی وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ یَقُولُ مَا دَامُوا عَلَی وُضُوءٍ قَبْلَ أَنْ یَشْتَغِلُوا(1).
«4»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: رَأَیْتُ أَبِی وَ جَدِّیَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ(2) یَجْمَعَانِ مَعَ الْأَئِمَّةِ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ فِی اللَّیْلَةِ الْمَطِیرَةِ وَ لَا یُصَلِّیَانِ بَیْنَهُمَا شَیْئاً(3).
«5»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَجْمَعُ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فِی اللَّیْلَةِ الْمَطِیرَةِ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً(4).
«6»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِیهِ سَعِیدِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: الْجَمْعُ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ یَزِیدُ فِی الرِّزْقِ (5).
«7»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِینَارٍ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمَعَ بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ عَامَ تَبُوكَ (6).
ص: 333
«8»- الْعِلَلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ مَكَانَهُ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ وَ لَا سَبَبٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَ كَانَ أَجْرَأَ الْقَوْمِ عَلَیْهِ أَ حَدَثَ فِی الصَّلَاةِ شَیْ ءٌ قَالَ لَا وَ لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُوَسِّعَ عَلَی أُمَّتِی (1).
«9»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُمِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ أَ جَمَعَ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ قَالَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرَادَ التَّخْفِیفَ عَنْ أُمَّتِهِ (2).
«10»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ وَ صَلَّی بِهِمُ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ بَعْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ فِی جَمَاعَةٍ وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَتَّسِعَ الْوَقْتُ عَلَی أُمَّتِهِ (3).
«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَقْبُرَةَ مَعاً عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَعِیدٍ الْأَزْرَقِ عَنْ زُهَیْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ مِنْ غَیْرِ خَوْفٍ وَ لَا سَفَرٍ فَقَالَ أَرَادَ أَنْ [لَا] یَحْرَجَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ (4).
12 وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ عَوْنِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِثْلَهُ (5).
«13»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ
ص: 334
الْجُمَحِیِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی بِالْمَدِینَةِ مُقِیماً غَیْرَ مُسَافِرٍ جَمِیعاً وَ تَمَاماً جَمْعاً(1).
«14»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْوَرَّاقِ وَ ابْنِ مَقْبُرَةَ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنْ أَبِی یَعْلَی بْنِ اللَّیْثِ عَنْ أَخِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّیْثِ عَنْ عَوْنِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَیْسٍ الْفَرَّاءِ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمَعَ بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ مِنْ غَیْرِ مَطَرٍ وَ لَا سَفَرٍ قَالَ فَقِیلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ بِهِ قَالَ أَرَادَ التَّوَسُّعَ لِأُمَّتِهِ (2).
«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْوَرَّاقِ عَنِ ابْنِ خُثَیْمَةَ زُهَیْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُلَیَّةَ عَنْ لَیْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمَعَ بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فِی السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ(3).
تبیین: و لنتكلم فی تلك الأخبار و ما یتلخص منها قوله أن لا یحرج كیعلم أی لا یضیق قوله جمیعا أی جماعة.
ثم اعلم أن الذی یستفاد من الأخبار أن التفریق بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء أفضل من الجمع بینهما(4)
و إنما جمع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 335
أحیانا لبیان الجواز و التوسعة علی الأمة و قد جوز للصبیان و أشباههم من أصحاب العلل و الحوائج لكن التفریق یتحقق بفعل النافلة بینهما و لا یلزم أكثر من ذلك و یجوز أن یأتی فی أول الوقت بالنافلة ثم بالظهر ثم بنافلة العصر ثم بها و لا یلزمه تأخیر الفرضین و لا نوافلهما إلی وقت آخر بل إنما جعل الذراع و الذراعان لئلا یزاحم النافلة الفریضة و لا یوجب تأخیرها عن وقت فضیلتها و أما التقدیم فلا حرج فیه بل یستفاد من بعضها أنه أفضل (1) و قد
ورد فی خبر رجاء بن أبی الضحاك: أن الرضا علیه السلام كان لا یفرق بین الصلاتین الظهر و العصر بغیر النافلة و التعقیب و لكنه كان یؤخر العشاء إلی قریب من ثلث اللیل (2).
و ما ورد من أنه سبب لزیادة الرزق لعله محمول علی هذا النوع من الجمع بأن یأتی بالفرضین و النوافل فی مكان واحد ثم یذهب إلی السوق لئلا یصیر سببا لتفرق حرفائه أو جوزوا ذلك لمن كان حاله كذلك للعذر فجوزوا له ترك النافلة
لَمَّا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عَبَّاسٍ النَّاقِدِ بِسَنَدٍ فِیهِ جَهَالَةٌ قَالَ: تَفَرَّقَ مَا كَانَ بِیَدِی وَ تَفَرَّقَ عَنِّی حُرَفَائِی فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام فَقَالَ لِی اجْمَعْ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ الظُّهْرَ
ص: 336
وَ الْعَصْرَ تَرَی مَا تُحِبُ (1).
وَ بِسَنَدٍ فِیهِ جَهَالَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: الْجَمْعُ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ إِذَا لَمْ یَكُنْ بَیْنَهُمَا تَطَوُّعٌ فَإِذَا كَانَ بَیْنَهُمَا تَطَوُّعٌ فَلَا جَمْعَ (2).
وَ بِسَنَدٍ فِیهِ ضَعْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِذَا جَمَعْتَ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ فَلَا تَطَوَّعْ بَیْنَهُمَا(3).
و قال فی المنتهی لا یستحب تأخیر العصر لما قدمناه من استحباب التعجیل و هو قول عمرو بن مسعود و عائشة و ابن المبارك و أهل المدینة و الأوزاعی و الشافعی و إسحاق و أحمد و روی عن ابن شبرمة و أبی قلابة أن تأخیرها أفضل و هو قول أصحاب الرأی ثم نقل الأخبار و قال
وَ فِی الصَّحِیحِ عَنْ زُرَارَةَ(4)
قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ حَدٌّ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لَا وَ إِذَا لَمْ یَكُنْ بَیْنَهُمَا حَدٌّ مُعَیَّنٌ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ حِینَ الْفَرَاغِ مِنَ الظُّهْرِ فَیَكُونُ فِعْلُهَا فِیهِ أَوْلَی.
و قال فی الذكری لا خلاف عندنا فی جواز الجمع بین الظهر و العصر حضرا و سفرا للمختار و غیره و رواه العامة عن علی علیه السلام و ابن عباس و ابن عمر و ابن موسی و جابر و سعد بن أبی وقاص و عائشة ثم نقل نحوا من ما مر من الأخبار من صحاحهم ثم قال نعم الأقرب استحباب تأخیر العصر إلی أن یخرج وقت فضیلة الظهر إما المقدر بالنافلتین و الظهر و إما المقدر بما سلف من المثل و الأقدام و غیرهما لأنه معلوم من حال النبی صلی اللّٰه علیه و آله حتی إن روایة الجمع بین الصلاتین تشهد بذلك و قد صرح بذلك المفید رحمه اللّٰه فی باب غسل الجمعة قال و الفرق بین الصلاتین فی سائر الأیام مع الاختیار و عدم العوارض أفضل
ص: 337
و ثبتت السنة به إلا فی یوم الجمعة و ظهری عرفة و عشائی المزدلفة و ابن الجنید حیث قال لا یختار أن یأتی الحاضر بالعصر عقیب الظهر التی صلاها مع الزوال إلا مسافرا أو علیلا أو خائفا ما یقطعه عنها بل الاستحباب للحاضر أن یقدم بعد الزوال و قبل فریضة الظهر شیئا من التطوع إلی أن تزول الشمس قدمین أو ذراعا من وقت زوالها ثم یأتی بالظهر و یعقبها بالتطوع من التسبیح أو الصلاة إلی أن یصیر الفی ء أربعة أقدام أو ذراعین ثم یصلی العصر و لمن أراد الجمع بینهما من غیر صلاة أن یفصل بینهما بمائة تسبیحة.
و الأصحاب فی المعنی قائلون باستحباب التأخیر و إنما لم یصرح بعضهم به اعتمادا عن صلاة النافلة بین الفریضتین و قد رووا ذلك فی أحادیثهم كثیرا مثل حدیث إتیان جبرئیل بمواقیت الصلوات
رَوَاهَا مُعَاوِیَةُ بْنُ وَهْبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ مَیْسَرَةَ وَ أَبُو خَدِیجَةَ وَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَ ذَرِیحٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی الظُّهْرَ عَلَی ذِرَاعٍ وَ الْعَصْرَ عَلَی نَحْوِ ذَلِكَ.
ثم أورد الروایات فی ذلك إلی أن أورد روایة عبد اللّٰه بن سنان الآتیة من كتابه و قال هذا نص فی الباب و لم أقف علی ما ینافی استحباب التفریق من روایة الأصحاب سوی ما رواه عباس الناقد و هو إن صح أمكن تأویله بجمع لا یقتضی طول التفریق لامتناع أن یكون ترك النافلة بینهما مستحبا أو یحمل علی ظهر الجمعة و أما باقی الأخبار فمقصورة علی جواز الجمع و هو لا ینافی استحباب التفریق.
و قال الشیخ كل خبر دل علی أفضلیة أول الوقت محمول علی الوقت الذی یلی وقت النافلة.
و بالجملة كما علم من مذهب الإمامیة جواز الجمع بین الصلاتین مطلقا(1) علم منه استحباب التفریق بینهما بشهادة النصوص و المصنفات بذلك.
ص: 338
و أورد علی المحقق نجم الدین تلمیذه جمال الدین بن یوسف بن حاتم الشامی المشغری و كان أیضا تلمیذ السیدین ابنی طاوس أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله إن كان یجمع بین الصلاتین فلا حاجة إلی الأذان الثانیة إذ هو للإعلام و للخبر المتضمن لأن عند الجمع بین الصلاتین یسقط الأذان و إن كان یفرق فلم ندبتم إلی الجمع و جعلتموه أفضل فأجابه المحقق أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان یجمع تارة و یفرق أخری ثم ذكر الروایات كما ذكرنا و قال إنما استحب فیها الجمع فی الوقت الواحد إذا أتی بالنوافل و الفریضتین فیه لأنه مبادرة إلی تفریغ الذمة من الفرض حیث ثبت دخول وقت الصلاتین ثم ذكر خبر
عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: وَ سَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی ثَمَانِیَ رَكَعَاتِ الزَّوَالِ ثُمَّ یُصَلِّی الْأَرْبَعَ الْأُولَی وَ ثَمَانِیَ بَعْدَهَا وَ أَرْبَعاً الْعَصْرَ وَ ثَلَاثاً الْمَغْرِبَ وَ أَرْبَعاً بَعْدَهَا وَ الْعِشَاءَ أَرْبَعاً وَ ثَمَانِیَ اللَّیْلَ وَ ثَلَاثاً الْوَتْرَ وَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ وَ الْغَدَاةَ رَكْعَتَیْنِ.
ثم قال معظم العامة علی عدم جواز الجمع بین الصلاتین لغیر عذر ثم رد علیهم بما روی فی صحاحهم من أخبار الجمع إلی أن قال
و روی مالك: أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله جمع بین الصلاتین فی السفر.
و هو دلیل الجواز و لا یحمل علی أنه صلی الأولی آخر وقتها و الثانیة أوله لأن ذلك لا یسمی جمعا(1)
و ابن المنذر
ص: 339
من أئمة العامة لما صح عنده أحادیث الجمع ذهب إلی جوازه انتهی كلامه المتین حشره اللّٰه مع الشهداء الأولین و ینبغی أن یحمل علیه كلام العلامة قدس اللّٰه روحه.
«16»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (1) قَالَ دُلُوكُهَا زَوَالُهَا وَ غَسَقُ اللَّیْلِ انْتِصَافُهُ وَ قُرْآنُ الْفَجْرِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً قَالَ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ ثُمَّ قَالَ وَ مِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ قَالَ صَلَاةُ اللَّیْلِ وَ قَالَ سَبَبُ النُّورِ فِی الْقِیَامَةِ الصَّلَاةُ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ (2).
«17»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً(3) قَالَ مُوجَباً إِنَّمَا یَعْنِی بِذَلِكَ وُجُوبَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ لَوْ كَانَتْ كَمَا یَقُولُونَ لَهَلَكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حِینَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ أَنْ تَغِیبَ كَانَ وَقْتاً وَ لَیْسَ صَلَاةٌ أَطْوَلَ وَقْتاً مِنَ الْعَصْرِ(4).
ص: 340
توضیح: و تأیید: قال الصدوق رضی اللّٰه عنه فی الفقیه (1) بعد إیراد مثل هذه الروایة أن الجهال من أهل الخلاف یزعمون أن سلیمان علیه السلام اشتغل ذات یوم بعرض الخیل حتی توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخیل و أمر بضرب سوقها و أعناقها و قال إنها شغلتنی عن ذكر ربی و لیس كما یقولون جل نبی اللّٰه سلیمان علیه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم یكن للخیل ذنب فیضرب سوقها و أعناقها لأنها لم تعرض نفسها علیه و لم تشغله و إنما عرضت علیه و هی بهائم غیر مكلفة.
و الصحیح فی ذلك
مَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام عُرِضَ عَلَیْهِ ذَاتَ یَوْمٍ بِالْعَشِیِّ الْخَیْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَیْهَا حَتَّی تَوَارَتِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَیَّ حَتَّی أُصَلِّیَ صَلَاتِی فِی وَقْتِهَا فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَطَفِقَ فَمَسَحَ سَاقَیْهِ وَ عُنُقَهُ وَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِینَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ طَلَعَتِ النُّجُومُ
وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ- إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ بِالْعَشِیِّ الصَّافِناتُ الْجِیادُ- فَقالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ- رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ (2).
و قد أخرجت هذا الحدیث مسندا فی كتاب الفوائد.
أقول: قد أوردت فی أبواب قصص سلیمان علیه السلام تأویل هذه الآیة و تفصیل تلك القصة فلا نعیدها هاهنا(3).
و قوله موجبا الظاهر أنه تفسیر لقوله مَوْقُوتاً فیكون تأكیدا لقوله كِتاباً و یحتمل علی بعد أن یكون تفسیرا لقوله كِتاباً و یكون قوله
ص: 341
و لو كانت كما یقولون نفیا لما فهمه المخالفون من تضییق الأوقات و لعله علیه السلام حمل التواری بالحجاب علی أنها توارت خلف الجدران و خرج وقت الفضیلة فاستردها لإدراك الفضیلة فقوله علیه السلام لأنه لو صلاها بیان لأنه لم یكن خرج وقت الأداء و لو أراد أن یصلی فی تلك الحال كانت أداء لكن إنما طلب ردها لإدراك الفضل.
و یحتمل أن یكون المراد لو صلاها المصلی و یمكن حمل التواری علی الغروب و یكون قوله لأنه لو صلاها علة لترتب الهلاك علی قولهم أی بناء علی قولهم لا یكون للصلاة وقتا إلا قبل الغروب فیكون سلیمان تاركا للصلاة بالكلیة بتأخیرها عن الغروب علی قولهم (1) و أما إذا قلنا إن الوقت وقت للعامد و لمن لا یكون له عذر و یجوز القضاء بعد الوقت لا یرد هذا لكن تحمل تأخیره علیه السلام الصلاة لهذا العذر مشكل و تجویز النسیان أشكل و ما ذكرنا أولا بالأصول أوفق.
قوله و لیس صلاة أطول وقتا من العصر أی وقت الفضیلة فیكون بیانا لخطإ آخر منهم فإنهم ضیقوا وقت الفضیلة أیضا أو وقت الأداء فالمراد بعدم كونه أطول إما معناه الحقیقی فكون الظهر مساویة لها فی الوقت لا ینافی ذلك أو معناه المجازی المتبادر من تلك العبارة و هو كونها أطول الصلوات وقتا فیكون الحصر إضافیا.
و علی التقدیرین یفهم منه عدم امتداد وقت الإجزاء للعشاءین إلی الفجر
ص: 342
لكن لا ینافی ما اخترناه لأنا لا نجوز التأخیر عن نصف اللیل فی حال الاختیار لكن یرد علیه أن العشاء علی عدم القول بالاختصاص وقتها نصف اللیل و العصر وقتها نصف النهار فلا یكون وقت العصر أطول و علی القول بالاختصاص یكون وقت العشاء أطول بمقدار ركعة و وقت المغرب علی التقدیرین مساو لوقت العصر.
فإن قیل نصف اللیل الشرعی أقصر من نصف النهار إذ ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس مع كونه داخلا فی حساب اللیل محسوب شرعا من النهار و كذا ما بین الغروب إلی ذهاب الحمرة.
قلنا الوقتان المضافان إلی النهار غیر ملحوظین فی اعتبار النصف فإن الزوال نصف ما بین الطلوع إلی الغروب بل الجواب أن الوقتین و إن لم یحسبا فی أخذ النصف من النهار لكنهما خارجان من حساب اللیل فیكون نصف اللیل أقصر فإن فی أول الحمل مثلا عند تساوی اللیل و النهار الیوم الذی یعتبر نصفه وقت العصر اثنتا عشرة ساعة و اللیل الشرعی علی المشهور عشر ساعات و علی مذهب من یكتفی بغیبوبة القرص یزید نصف ساعة تقریبا فعلی التقدیرین یزید نصف النهار علی نصف اللیل و علی مذهب ذهاب الحمرة ینقص ما بینه و بین غیبوبة القرص من اللیل و یزید فی النصف الثانی من النهار و یزید به وقت العصر.
فهذا الخبر مما یدل علی أن ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس داخل فی النهار كم هو مختار العلماء الأخیار و سیأتی القول فیه علی أنه یمكن أن یكون الحصر بالإضافة إلی غیر العشاء أیضا لكنه بعید و یحتمل أیضا أن یكون الكلام مبنیا علی العادة فإن الوقت الذی یمكن للناس الإتیان بالعشاءین فیه غالبا قلیل لاشتغالهم بالأكل و النوم بخلاف العصر فإنه وقت فراغهم منهما و من أمثالهما فیكون أطول بتلك الجهة فیظهر منه وجه ترجیحها علی الظهر أیضا لأن أكثر وقتها مصروف فی القیلولة و الاستراحة هذا ما حضر لنا من الكلام فی هذا الخبر الصادر عن معدن الوحی و الإلهام و فی المقام خبایا تركناها لأولی الأفهام
ص: 343
و اللّٰه أعلم بالمرام و حججه الكرام علیهم الصلاة و السلام.
«18»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّی الْفَجْرَ فِی یَوْمِ غَیْمٍ أَوْ فِی بَیْتٍ وَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَ قَعَدَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ حَتَّی شَكَّ فَلَمْ یَدْرِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا فَظَنَّ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ لَا یُؤَذِّنُ حَتَّی یَطْلُعَ الْفَجْرُ قَالَ أَجْزَأَهُ أَذَانُهُمْ (1).
بیان: اختلف الأصحاب فی أنه هل یجوز التعویل علی الظن عند التمكن من العلم المشهور عدم الجواز بل قیل لا یعلم فیه مخالف و ظاهر العلامة فی بعض كتبه و الشیخ الجواز و الأول أقوی و إن كان هذا الخبر یدل علی الجواز لمعارضته بِمَا رَوَاهُ الشَّهِیدُ ره فِی الذِّكْرَی (2)
قَالَ رَوَی ابْنُ أَبِی قُرَّةَ بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام: فِی الرَّجُلِ یَسْمَعُ الْأَذَانَ فَیُصَلِّی الْفَجْرَ وَ لَا یَدْرِی أَ طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا غَیْرَ أَنَّهُ یَظُنُّ لِمَكَانِ الْأَذَانِ أَنَّهُ طَلَعَ قَالَ لَا یُجْزِیهِ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّهُ طَلَعَ.
لكن إطلاق بعض الأخبار الواردة بالاكتفاء بوقوع جزء من الصلاة فی الوقت إذا صلی ظانا دخوله شامل لهذا الفرد و أما إذا لم یتمكن من العلم فالمشهور بین الأصحاب (3) جواز التعویل علی الأمارات المفیدة للظن و عدم وجوب الصبر إلی حصول الیقین بل نقل بعضهم الإجماع علیه و قال ابن الجنید لیس للشاك یوم الغیم و لا غیره أن یصلی إلا عند یقینه بالوقت و صلاته فی آخر الوقت مع الیقین خیر من صلاته مع الشك و قال السید المرتضی
ص: 344
لا تصح الصلاة سواء كان جهلا أو سهوا و لا بد من أن یكون جمیع الصلاة واقعة فی الوقت المضروب لها فإن صادف شی ء من أجزائها ما هو خارج الوقت لم تكن مجزیة و بهذا یفتی محصلو أصحابنا و محققوهم فقد وردت روایات به و إن كان فی كتب بعض أصحابنا ما یخالف ذلك من الروایة.
و قال ابن أبی عقیل (1)
من صلی صلاة فرض أو سنة قبل دخول وقتها فعلیه الإعادة ساهیا كان أو متعمدا فی أی وقت كان إلا سنن اللیل فی السفر.
و المشهور لا یخلو من قوة و إن كان الاحتیاط فی الصبر إلی أن یتیقن دخول الوقت فلو صلی بالظن و انكشف وقوع جمیع الصلاة قبل الوقت أعاد إجماعا و إن دخل و هو متلبس بالصلاة و لو بالتشهد أجزأ علی المشهور و الأقوی و قد عرفت قول السید و الابنین بوجوب الإعادة و هو أحوط.
و لو صلی قبل الوقت عامدا أو ناسیا أو جاهلا و دخل الوقت و هو متلبس فلا ریب فی العامد أنه یجب علیه الإعادة و إن كان قول الشیخ فی النهایة موهما للصحة و أما الناسی أی ناسی مراعاة الوقت فالمشهور البطلان و ظاهر كلام الشیخ و أبی الصلاح و ابن البراج الصحة و هو أقوی و الإعادة أحوط.
و أما الجاهل بالوقت أو بوجوب المراعاة فالمشهور البطلان كما هو الأقوی و نقل عن أبی الصلاح الصحة و لو وقع جمیع صلاته فی الوقت فالأحوط الإعادة أیضا كما اختاره جماعة.
«19»- الذِّكْرَی، قَالَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ
ص: 345
الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ(1).
قَالَ وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ(2).
بیان: ما دل علیه الخبران من إدراك الصلاة بإدراك ركعة منها فی الوقت مع الشرائط المفقودة بمعنی وجود الإتیان بها مجمع علیه بین الأصحاب بل قال فی المنتهی إنه لا خلاف فیه بین أهل العلم لكن اختلفوا فی كونها أداء أو قضاء فذهب الشیخ فی الخلاف إلی أنها أداء بأجمعها و نقل فیه الإجماع و تبعه المحقق و جماعة و اختار السید المرتضی علی ما نقل عنه أن جمیعها قضاء و ذهب جماعة إلی أن ما وقع فی الوقت أداء و ما وقع فی خارجه قضاء.
و تظهر فائدة الخلاف فی النیة و أمرها هین و قال فی الذكری إنها تظهر أیضا فی الترتب علی الفائتة السابقة فعلی القضاء تترتب دون الأداء و هو فی غایة الوهن إذ الظاهر أن الإجماع منعقد علی وجوب تقدیم الصلاة التی قد أدرك من وقتها مقدار ركعة مع الشرائط علی غیرها من الفوائت.
«20»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ صَلَّی صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا لَمْ تُجْزِهِ وَ عَلَیْهِ الْإِعَادَةُ كَمَا أَنَّ رَجُلًا لَوْ صَامَ شَعْبَانَ لَمْ یُجْزِهِ مِنْ رَمَضَانَ (3).
وَ رُوِّینَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ رَخَّصَ فِی الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فِی السَّفَرِ وَ فِی مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ فِی الْحَضَرِ إِذَا
ص: 346
كَانَ عُذْرٌ مِنْ مَطَرٍ أَوْ ظُلْمَةٍ یَجْمَعُ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَیْنِ یُؤَخِّرُ وَ یُصَلِّی الْأُولَی فِی آخِرِ وَقْتِهَا وَ الثَّانِیَةَ فِی أَوَّلِ وَقْتِهَا وَ إِنْ صَلَّاهُمَا جَمِیعاً فِی وَقْتِ الْأُولَی مِنْهُمَا أَوْ فِی وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إِذَا جَمَعَهُمَا(1).
«21»- أَرْبَعِینُ الشَّهِیدِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ أَوْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَتَی جَبْرَئِیلُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ فَأَتَاهُ حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ زَادَ الظِّلُّ قَامَةً فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ سَقَطَ الشَّفَقُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الصُّبْحَ ثُمَّ أَتَاهُ الْغَدَاةُ حِینَ زَادَ الظِّلُّ قَامَةً فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ زَادَ الظِّلُّ قَامَتَیْنِ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّیْلِ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِینَ نَوَّرَ الصُّبْحُ فَأَمَرَهُ فَصَلَّی الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ مَا بَیْنَهُمَا وَقْتٌ (2).
«22»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ فِیمَا رَوَاهُ مِنَ الْعِلَلِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام.
فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الصَّلَوَاتُ فِی هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَ لَمْ تُقَدَّمْ وَ لَمْ تُؤَخَّرْ قِیلَ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَشْهُورَةَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِی تَعُمُّ أَهْلَ الْأَرْضِ فَیَعْرِفُهَا الْجَاهِلُ وَ الْعَالِمُ أَرْبَعَةٌ غُرُوبُ الشَّمْسِ مَعْرُوفٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْمَغْرِبُ وَ سُقُوطُ الشَّفَقِ مَشْهُورٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ وَ طُلُوعُ الْفَجْرِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْغَدَاةُ وَ زَوَالُ الشَّمْسِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الظُّهْرُ وَ لَمْ یَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَجُعِلَ وَقْتُهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِی قَبْلَهَا(3)
ص: 347
وَ عِلَّةٌ أُخْرَی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ أَنْ یَبْدَأَ النَّاسُ فِی كُلِّ عَمَلٍ أَوَّلًا بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَمَرَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَنْ یَبْدَءُوا بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ یَنْتَشِرُوا فِیمَا أَحَبُّوا مِنْ مَرَمَّةِ دُنْیَاهُمْ فَأَوْجَبَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ عَلَیْهِمْ فَإِذَا كَانَ نِصْفُ النَّهَارِ وَ تَرَكُوا مَا كَانُوا فِیهِ مِنَ الشُّغُلِ وَ هُوَ وَقْتٌ یَضَعُ النَّاسُ فِیهِ ثِیَابَهُمْ وَ یَسْتَرِیحُونَ وَ یَشْتَغِلُونَ بِطَعَامِهِمْ وَ قَیْلُولَتِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَبْدَءُوا أَوَّلًا بِذِكْرِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الظُّهْرَ ثُمَّ یَتَفَرَّغُوا لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا قَضَوْا وَطَرَهُمْ وَ أَرَادُوا الِانْتِشَارَ فِی الْعَمَلِ لِآخِرِ النَّهَارِ بَدَءُوا أَیْضاً بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ صَارُوا إِلَی مَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْعَصْرَ ثُمَّ یَنْتَشِرُونَ فِیمَا شَاءُوا مِنْ مَرَمَّةِ دُنْیَاهُمْ فَإِذَا جَاءَ اللَّیْلُ وَ وَضَعُوا زِینَتَهُمْ وَ عَادُوا إِلَی أَوْطَانِهِمْ ابْتَدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ ثُمَّ یَتَفَرَّغُونَ لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْمَغْرِبَ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ النَّوْمِ وَ فَرَغُوا مِمَّا كَانُوا بِهِ مُشْتَغِلِینَ أَحَبَّ أَنْ یَبْدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَتِهِ وَ طَاعَتِهِ ثُمَّ یَصِیرُونَ إِلَی مَا شَاءُوا أَنْ یَصِیرُوا إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ فَیَكُونُوا قَدْ بَدَءُوا فِی كُلِّ عَمَلٍ بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْعَتَمَةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ یَنْسَوْهُ وَ لَمْ یَغْفُلُوا عَنْهُ وَ لَمْ تَقْسُ قُلُوبُهُمْ وَ لَمْ تَقِلَّ رَغْبَتُهُمْ فَإِنْ قِیلَ فَلِمَ إِذَا لَمْ یَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ أَوْجَبَهَا بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَمْ یُوجِبْهَا بَیْنَ الْعَتَمَةِ وَ الْغَدَاةِ أَوْ بَیْنَ الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ قِیلَ لِأَنَّهُ لَیْسَ وَقْتٌ عَلَی النَّاسِ أَخَفَّ وَ لَا أَیْسَرَ وَ لَا أَحْرَی أَنْ یَعُمَّ فِیهِ الضَّعِیفَ وَ الْقَوِیَّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ
عَامَّتَهُمْ یَشْتَغِلُونَ فِی أَوَّلِ النَّهَارِ بِالتِّجَارَاتِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ الذَّهَابِ فِی الْحَوَائِجِ وَ إِقَامَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَرَادَ أَنْ لَا یَشْغَلَهُمْ عَنْ طَلَبِ مَعَاشِهِمْ وَ مَصْلَحَةِ دُنْیَاهُمْ وَ لَیْسَ یَقْدِرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَی قِیَامِ اللَّیْلِ وَ لَا یَشْعُرُونَ بِهِ وَ لَا یَنْتَبِهُونَ لِوَقْتِهِ لَوْ كَانَ وَاجِباً وَ لَا یُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَی عَنْهُمْ وَ لَمْ یَجْعَلْهَا فِی أَشَدِّ الْأَوْقَاتِ عَلَیْهِمْ وَ لَكِنْ جَعَلَهَا فِی أَخَفِّ الْأَوْقَاتِ عَلَیْهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ یُرِیدُ اللَّهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُرِیدُ
ص: 348
بِكُمُ الْعُسْرَ(1).
بیان: یدل علی أن أول وقت العشاء سقوط الشفق المغربی و حمل علی أول وقت الفضیلة كما سیأتی و علی أن وقت العصر بعد الفراغ من الظهر فیدل علی اختصاص أول الوقت بالظهر و لو حمل علی الفضل فلعله محمول علی غیر المتنفل أو المراد العصر و نافلتها علی الترتیب و فی العلل بعد ذلك إلی أن یصیر الظل من كل شی ء أربعة أضعافه و هو غریب (2) مخالف لسائر الأخبار و لذا أسقطه فی العیون و لعله كان أربعة أسباعه مع أنه أیضا لا یستقیم كثیرا.
و یمكن أن یكون المراد به الظل الذی یحدث بعد الزوال إلی أن یفرغ من الفرضین أو من الظهر و نافلتها و غالبا یكون بقدر قدم فإذا ضوعف ثلاث مرات یكون مع الأصل أربعا یكون ثمانیة أقدام أو أربع مرات حقیقة فیقرب من المثلین أو یكون المراد ما یحدث من الظل بعد الفراغ من الظهر و نوافلها فیكون قدمین تقریبا فإذا حملت الأضعاف علی الأمثال یستقیم من غیر تكلف و بناء جمیع الوجوه علی إرجاع ضمیر أضعافه إلی الظل لا الشی ء.
و یدل الخبر أیضا علی أن أول النهار من طلوع الفجر و علی أن وقت القیلولة بین الظهرین و علی استحباب التفریق بین الصلاتین فی الظهرین و العشاءین.
«23»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَیْنِ أَوَّلٌ وَ آخِرٌ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَ آخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ (3) وَ نُرَوَّی أَنَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَةَ أَوْقَاتٍ أَوَّلٌ وَ أَوْسَطُ وَ آخِرٌ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ
ص: 349
رِضْوَانُ اللَّهِ وَ أَوْسَطُهُ عَفْوُ اللَّهِ وَ آخِرُهُ غُفْرَانُ اللَّهِ وَ أَوَّلُ الْوَقْتِ أَفْضَلُهُ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یَتَّخِذَ آخِرَ الْوَقْتِ وَقْتاً وَ إِنَّمَا جُعِلَ آخِرُ الْوَقْتِ لِلْمَرِیضِ وَ الْمُعْتَلِّ وَ لِلْمُسَافِرِ(1)
وَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ یُصَلِّی فِی وَقْتٍ وَ مَا فَاتَهُ مِنَ الْوَقْتِ خَیْرٌ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ (2) وَ قَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَلَا أُحِبُّ أَنْ یَسْبِقَنِی أَحَدٌ بِالْعَمَلِ لِأَنِّی أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ صَحِیفَتِی أَوَّلَ صَحِیفَةٍ یُرْفَعُ فِیهَا الْعَمَلُ الصَّالِحُ (3) وَ قَالَ مَا یَأْمَنُ أَحَدُكُمُ الْحَدَثَانَ فِی تَرْكِ الصَّلَاةِ وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَ هُوَ فَارِغٌ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ یُحافِظُونَ (4) قَالَ یُحَافِظُونَ عَلَی الْمَوَاقِیتِ وَ قَالَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ دائِمُونَ قَالَ یَدُومُونَ عَلَی أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ النَّوَافِلِ فَإِنْ فَاتَهُمْ بِاللَّیْلِ قَضَوْا بِالنَّهَارِ وَ إِنْ فَاتَهُمْ بِالنَّهَارِ قَضَوْا بِاللَّیْلِ (5) وَ قَالَ أَنْتُمْ رُعَاةُ الشَّمْسِ وَ النُّجُومِ وَ مَا أَحَدٌ یُصَلِّی صَلَاتَیْنِ وَ لَا یُؤْجَرُ أَجْرَیْنِ غَیْرُكُمْ لَكُمْ أَجْرٌ فِی السِّرِّ وَ أَجْرٌ فِی الْعَلَانِیَةِ(6).
بیان: أجمع علماؤنا علی أنه لا یجوز تقدیم الصلاة علی الوقت المقدر لها شرعا و لا تأخیرها عنه و ذهب الأكثر إلی أنها تجب بأول الوقت وجوبا موسعا و یظهر من كلام المفید التضییق حیث قال و لا ینبغی لأحد أن یؤخر الصلاة عن أول وقتها و هو ذاكر لها غیر ممنوع فیها و إن أخرها ثم اخترم فی الوقت قبل أن یؤدیها كان مضیعا لها و إن بقی حتی یؤدیها فی آخر الوقت أو فی ما بین الأول و الآخر عفی عن ذنبه فی تأخیرها و الأخبار المستفیضة تنفیه
ص: 350
و لعل مراد المفید أیضا تأكد الاستحباب كما أول الشیخ كلامه به.
و قد استدل فی الذكری له بما
رواه الصدوق رحمه اللّٰه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. أول الوقت رضوان اللّٰه و آخره عفو اللّٰه.
قال و العفو لا یكون إلا عن ذنب (1)
قال و جوابه بجواز توجه العفو بترك الأولی مثل عفا اللّٰه عنك و ربما یؤول بغفران سائر الذنوب.
قوله علیه السلام أنتم رعاة الشمس و النجوم من الرعایة أو الرعی فإنهم لمحافظتهم علی رعایة النجوم لمعرفة أوقات الصلوات فكأنهم رعاتها كما روی عن بعض الصحابة أنه قال صرنا رعاة الشمس و القمر بعد ما كنا رعاة الإبل
ص: 351
و الغنم و البقر.
و ما أحد یصلی صلاتین أی صلاة تحسب صلاتین فتكون الجملة الثانیة مؤكدة و موضحة بها أو المراد الصلاة مع المخالفین تقیة و الصلاة فی البیت بآدابها(1) أو المراد نوعان من الصلاة أی قد یصلون بطریقة المخالفین تقیة و قد یصلون بغیر تقیة فله النوعان من الصلاة و كذا قوله علیه السلام لكم أجر فی السر و أجر فی العلانیة أی فی الأعمال التی تأتون بها سرا و الأعمال التی تأتون بها علانیة أو ما تأتون به ظاهرا من موافقتهم و ما تسرون من مخالفتهم و عدم الاعتناء بصلاتهم و أعمالهم.
«24»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیه السلام: قَالَ فِی صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِی السَّفَرِ- لَا یَضُرُّكَ أَنْ تُؤَخِّرَ سَاعَةً ثُمَّ تُصَلِّیَهَا إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُصَلِّیَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ إِنْ شِئْتَ مَشَیْتَ سَاعَةً إِلَی أَنْ تَغِیبَ الشَّفَقُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی صَلَاةَ الْهَاجِرَةِ وَ الْعَصْرَ جَمِیعاً وَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ جَمِیعاً وَ كَانَ یُقَدِّمُ وَ یُؤَخِّرُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً(2) إِنَّمَا عَنَی وُجُوبَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَعْنِ غَیْرَهُ إِنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا یَقُولُونَ لَمْ یُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا وَ كَانَ أَعْلَمَ وَ أَخْبَرَ وَ لَوْ كَانَ خَیْراً لَأَمَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
ص: 352
وَ قَدْ فَاتَ النَّاسَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَبَّرُوا وَ هَلَّلُوا وَ سَبَّحُوا رِجَالًا وَ رُكْبَاناً لِقَوْلِ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ (1) فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ فَصَنَعُوا ذَلِكَ (2).
«25»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَوْلُ اللَّهِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ یَعْنِی كِتَاباً مَفْرُوضاً وَ لَیْسَ یَعْنِی وَقْتاً وَقَّتَهَا إِنْ جَازَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ثُمَّ صَلَّاهَا لَمْ یَكُنْ صَلَاةً مُؤَدَّاةً لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَهَلَكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حِینَ صَلَّاهَا لِغَیْرِ وَقْتِهَا وَ لَكِنَّهُ مَتَی مَا ذَكَرَهَا صَلَّاهَا(3).
بیان: قوله إن جاز ذلك الوقت بیان و تفسیر للتوقیت و فی الفقیه (4) لیس یعنی وقت فوتها إن جاز إلخ قوله علیه السلام لم تكن صلاة مؤداة أی صحیحا مثابا علیها و إن كان قضاء فلا تكون الصحة مخصوصة بالوقت المعین و یحتمل أن یكون وقت المنفی تعینه وقت الفضیلة و الاختیار كما مرت الإشارة إلیه فهو بیان لتوسعة الوقت و حینئذ یكون لفظ المؤداة بالمعنی الاصطلاحی و یحتمل الأعم منهما.
«26»- الْعَیَّاشِیُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ لَوْ كَانَتْ مَوْقُوتاً كَمَا یَقُولُونَ (5) لَهَلَكَ النَّاسُ وَ لَكَانَ الْأَمْرُ ضَیِّقاً وَ لَكِنَّهَا كَانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ
ص: 353
كِتَاباً مَوْجُوباً(1).
«27»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً فَقَالَ إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَ الْأَمْرُ فِیهِ وَاسِعٌ یُقَدَّمُ مَرَّةً وَ یُؤَخَّرُ مَرَّةً إِلَّا الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هُوَ وَقْتٌ وَاحِدٌ وَ إِنَّمَا عَنَی اللَّهُ كِتاباً مَوْقُوتاً أَیْ وَاجِباً یَعْنِی بِهَا أَنَّهَا الْفَرِیضَةُ(2).
«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ لَوْ عَنَی أَنَّهَا فِی وَقْتٍ لَا تُقْبَلُ إِلَّا فِیهِ كَانَتْ مُصِیبَةً وَ لَكِنْ مَتَی أَدَّیْتَهَا فَقَدْ أَدَّیْتَهَا(3).
«29»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: فِی قَوْلِ اللَّهِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ إِنَّمَا یَعْنِی وُجُوبَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ لَوْ كَانَ كَمَا یَقُولُونَ إِذاً لَهَلَكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام حِینَ قَالَ حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ (4) لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ فِی وَقْتٍ وَ لَیْسَ صَلَاةٌ أَطْوَلَ وَقْتاً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ(5).
«30»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً فَقَالَ یَعْنِی بِذَلِكَ وُجُوبَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ لَیْسَ لَهَا وَقْتٌ مَنْ تَرَكَهُ أَفْرَطَ الصَّلَاةَ وَ لَكِنْ لَهَا تَضْیِیعٌ (6).
«31»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَوَّاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ إِنَّمَا عَنَی وُجُوبَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ لَمْ یَعْنِ غَیْرَهُ (7).
ص: 354
«32»- وَ مِنْهُ، عَنْ عُبَیْدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَوْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ كِتَابٌ وَاجِبٌ أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ مِثْلَ وَقْتِ الْحَجِّ وَ لَا رَمَضَانَ إِذَا فَاتَكَ فَقَدْ فَاتَكَ وَ إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا صَلَّیْتَ فَقَدْ صَلَّیْتَ (1).
«33»- وَ مِنْهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنِ الْعُبَیْدِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ: لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَانِ وَ وَقْتُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ قَالَ یَعْدِلُونَ بَیْنَ الظُّلُمَاتِ وَ النُّورِ وَ بَیْنَ الْجَوْرِ وَ الْعَدْلِ (2).
بیان: لعله علی هذا التأویل قوله بِرَبِّهِمْ متعلق بقوله كَفَرُوا و مناسبة الآیة للمقام لعلها من جهة أن المخالفین یعدلون بین أجزاء النور و أجزاء الظلمة و لا یفرقون بین الجمعة و غیرها و لا بین وقت الفضیلة و وقت الإجزاء و للظلمات و النور تأویل و هو الجور و العدل و هم یعدلون بینهما أیضا و یقولون بخلافة العادل و الجائر.
«34»- السَّرَائِرُ، مِنْ كِتَابِ حَرِیزٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَبَداً أَفْضَلُ فَعَجِّلِ الْخَیْرَ مَا اسْتَطَعْتَ وَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مَا دَامَ عَلَیْهِ الْعَبْدُ وَ إِنْ قَلَ (3).
«35»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ قَالَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ قُلْتُ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وَ بَیَّنَهُنَّ فِی كِتَابِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ دُلُوكُهَا زَوَالُهَا فِیمَا بَیْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَی غَسَقِ اللَّیْلِ أَرْبَعُ
ص: 355
صَلَوَاتٍ سَمَّاهُنَّ وَ بَیَّنَهُنَّ وَ وَقَّتَهُنَّ وَ غَسَقُ اللَّیْلِ انْتِصَافُهُ وَ قَالَ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً هَذِهِ الْخَامِسَةُ(1).
«36»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ قَالَ دُلُوكُ الشَّمْسِ زَوَالُهَا عِنْدَ كَبِدِ السَّمَاءِ- إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ إِلَی انْتِصَافِ اللَّیْلِ فَرَضَ اللَّهُ فِیمَا بَیْنَهُمَا أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ- وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ یَعْنِی الْقِرَاءَةَ- إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً قَالَ یَجْتَمِعُ فِی صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَرَسُ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ وَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاتَیْنِ لَیْسَ نَفْلٌ إِلَّا السُّبْحَةَ الَّتِی جَرَتْ بِهَا السُّنَّةُ أَمَامَهَا- قُرْآنَ الْفَجْرِ قَالَ رَكْعَتَانِ الْفَجْرِ وَ وَضَعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَقَّتَهُنَّ لِلنَّاسِ (2).
«37»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ قَالَ زَوَالُهَا إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ إِلَی نِصْفِ اللَّیْلِ ذَلِكَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَضَعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَقَّتَهُنَّ لِلنَّاسِ- وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ.
وَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْحَلَبِیُّ عَنْ أَحَدِهِمَا: وَ غَسَقُ اللَّیْلِ نِصْفُهَا بَلْ زَوَالُهَا وَ قَالَ أُفْرِدَ الْغَدَاةُ وَ قَالَ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فَرَكْعَتَا الْفَجْرِ یَحْضُرُهُمَا الْمَلَائِكَةُ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ(3).
«38»- وَ مِنْهُ، عَنْ سَعِیدٍ الْأَعْرَجِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ مُغْضَبٌ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَ هُوَ یَقُولُ تُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَالَ وَ هُمْ سُكُوتٌ قَالَ فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا نُصَلِّی حَتَّی یُؤَذِّنَ مُؤَذِّنُ مَكَّةَ قَالَ فَلَا بَأْسَ أَمَا إِنَّهُ إِذَا أَذَّنَ فَقَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ فَقَدْ دَخَلَتْ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ فِیمَا بَیْنَ هَذَیْنِ الْوَقْتَیْنِ وَ أَفْرَدَ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَقَالَ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فَمَنْ صَلَّی قَبْلَ أَنْ تَزُولَ
ص: 356
الشَّمْسُ فَلَا صَلَاةَ لَهُ (1).
بیان: یدل علی جواز الاعتماد علی المؤذنین فی دخول الوقت و إن كانوا مخالفین بل ربما یستدل به علی العمل بخبر الموثق (2)
و قد یحمل علی ما إذا حصل العلم باتفاق جماعة من المؤذنین علی الأذان بحیث یستحیل تواطؤهم علی الكذب و هو بعید و ظاهر المعتبر أنه یجوز التعویل علی أذان الثقة الذی یعرف منه الاستظهار عند التمكن من العلم لقول النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ.
وَ رَوَی الشَّیْخُ (3) عَنْ ذَرِیحٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَلِّ الْجُمُعَةَ بِأَذَانِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ شَیْ ءٍ مُوَاظَبَةً عَلَی الْوَقْتِ.
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْقَسْرِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَخَافُ أَنْ نَكُونَ نُصَلِّی الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَالَ إِنَّمَا ذَاكَ عَلَی الْمُؤَذِّنِینَ (4).
و یعارضها خبر علی بن جعفر المتقدم و یمكن حمله علی الكراهة جمعا أو حمل تلك الأخبار علی حصول العلم و الثانی أحوط.
و أما الاعتماد علی شهادة العدلین فظاهر الأكثر الجواز و فی العدل الواحد عدم الجواز و ظاهر المبسوط عدم جواز التعویل علی الغیر مع عدم المانع مطلقا و هو أحوط.
«39»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَنْ قَوْلِهِ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ قَالَ جُمِعَتِ الصَّلَاةُ كُلُّهُنَّ وَ دُلُوكُ الشَّمْسِ زَوَالُهَا وَ غَسَقُ اللَّیْلِ انْتِصَافُهُ وَ قَالَ إِنَّهُ یُنَادِی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ لَیْلَةٍ إِذَا انْتَصَفَ اللَّیْلُ مَنْ رَقَدَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَی هَذِهِ السَّاعَةِ فَلَا نَامَتْ عَیْنَاهُ- وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ قَالَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ كانَ مَشْهُوداً
ص: 357
قَالَ تَحْضُرُهُ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ(1).
«40»- وَ مِنْهُ، عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ أَوَّلُ وَقْتِهَا مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَی انْتِصَافِ اللَّیْلِ مِنْهَا صَلَاتَانِ أَوَّلُ وَقْتِهِمَا مِنْ عِنْدِ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَی غُرُوبِهَا إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ وَ مِنْهَا صَلَاتَانِ أَوَّلُ وَقْتِهِمَا مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَی انْتِصَافِ اللَّیْلِ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ (2).
بیان: هذا الخبر و أمثاله مما استدل به للصدوق رحمه اللّٰه علی اشتراك الوقت بین الصلاتین من أوله إلی آخره من غیر اختصاص كما مر و ربما یؤول بأن المراد بدخول الوقتین دخولهما موزعین علی الصلاتین كما یشعر به قولهم علیهم السلام فی بعض الأخبار إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر و العصر جمیعا إلا أن هذه قبل هذه و قال المحقق رحمه اللّٰه فی المعتبر بعد إیراد تلك الروایات و یمكن أن یتأول ذلك من وجوه أحدها أن الحدیث تضمن إلا أن هذه قبل هذه و ذلك یدل علی أن المراد بالاشتراك ما بعد الاختصاص.
الثانی أنه لم یكن للظهر وقت مقدر بل أی وقت فرض وقوعها فیه أمكن وقوعها فیما هو أقل منه حتی لو كانت الظهر تسبیحة كصلاة شدة الخوف كانت العصر بعدها و لأنه لو ظن الزوال و صلی ثم دخل الوقت قبل إكمالها بلحظة أمكن وقوع العصر فی أول الوقت إلا ذلك القدر فلقلة الوقت و عدم ضبطه كان التعبیر عنه بما ذكر فی الروایة ألخص العبارات و أحسنها.
الثالث أن هذا الإطلاق مقید فی روایة ابن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر فإذا مضی قدر أربع ركعات دخل وقت الظهر و العصر حتی یبقی من الشمس مقدار ما یصلی أربع ركعات
ص: 358
فإذا بقی مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقی وقت العصر حتی تغیب الشمس (1).
و أخبار الأئمة علیهم السلام و إن تعددت فی حكم الخبر الواحد انتهی.
و لا یخفی قوة ما اختاره و إن أمكن المناقشة فی بعض ما ذكره قدس سره و المسألة لا تخلو من إشكال.
«41»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْخَادِمِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْمَاضِی علیه السلام قَالَ: مَا بَیْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَی سُقُوطِ الْقُرْصِ غَسَقٌ (2).
«42»- إِخْتِیَارُ الرِّجَالِ لِلْكَشِّیِّ، عَنْ حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَا وَ حُمْرَانُ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ مَا تَقُولُ فِیمَا یَقُولُ زُرَارَةُ فَقَدْ خَالَفْتُهُ فِیهِ قَالَ فَمَا هُوَ قَالَ یَزْعُمُ أَنَّ مَوَاقِیتَ الصَّلَاةِ مُفَوَّضَةٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ الَّذِی وَضَعَهَا قَالَ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام أَتَاهُ فِی الْیَوْمِ الْأَوَّلِ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی بِالْوَقْتِ الْأَخِیرِ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ مَا بَیْنَهُمَا وَقْتٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا حُمْرَانُ- زُرَارَةُ یَقُولُ إِنَّمَا جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام مُشِیراً عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَدَقَ زُرَارَةُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَهُ وَ أَشَارَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ (3).
«43»- فَلَاحُ السَّائِلِ، مِنْ كِتَابِ مَدِینَةِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَضْلُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَلَی الْأَخِیرِ كَفَضْلِ الْآخِرَةِ عَلَی الدُّنْیَا(4).
وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: لَفَضْلُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَلَی الْآخِرِ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ (5).
«44»- تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 359
علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی إِذَا حَجَبَ عَنْ عِبَادِهِ عَیْنَ الشَّمْسِ الَّتِی جَعَلَهَا دَلِیلًا عَلَی أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَمُوَسَّعٌ عَلَیْهِمْ تَأْخِیرُ الصَّلَوَاتِ لِیَتَبَیَّنَ لَهُمُ الْوَقْتُ بِظُهُورِهَا وَ یَسْتَیْقِنُوا أَنَّهَا قَدْ زَالَتْ (1).
«45»- الْإِخْتِصَاصُ، لِلْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ (2) الْآیَةَ فَقَالَ إِنَّ لِلشَّمْسِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ فَأَوَّلُ سَجْدَةٍ إِذَا صَارَتْ (3)
فِی طُولِ السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ یَطْلُعَ الْفَجْرُ قُلْتُ بَلَی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ لِأَنَّ الشَّمْسَ تَخْرُجُ سَاجِدَةً وَ هِیَ فِی طَرَفِ الْأَرْضِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَمَّا السَّجْدَةُ الثَّانِیَةُ فَإِنَّهَا إِذَا صَارَتْ فِی وَسَطِ الْقُبَّةِ
وَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ رَكَدَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِذَا صَارَتْ بِحِذَاءِ الْعَرْشِ رَكَدَتْ وَ سَجَدَتْ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا زَالَتْ عَنْ وَسَطِ الْقُبَّةِ فَیَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الزَّوَالِ وَ أَمَّا السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنَّهَا إِذَا غَابَتْ مِنَ الْأُفُقِ خَرَّتْ سَاجِدَةً فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا زَالَ اللَّیْلُ كَمَا أَنَّهَا حِینَ زَالَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ دَخَلَ وَقْتُ الزَّوَالِ زَوَالِ النَّهَارِ(4).
بیان: الظاهر أن السجدة فی تلك الآیة كنایة عن تذلل تلك الأشیاء عند قدرته و عدم تأبیها عن تدبیره و كونها مسخرة لأمره أو دلالتها بذلها علی عظمة مدبرها فإن السجود فی اللغة تذلل مع تطامن قال الشاعر:
ص: 360
تری الأكم فیها سجدا للحوافر
فلعل تخصیص تلك الأوقات بسجود الشمس لكون أثر الذل و التسخیر فیها عندها أظهر من سائر الأوقات و الدلالة علی المدبر و الصانع فیها أبین.
أما الصبح فلأنه أول ظهور انقیادها بعد غفلة الناس عنها بالغروب و بدو ظهور أثر النعمة بها و لأن الظهور بعد الخفاء و الوجود بعد العدم و الكمال بعد النقص من لوازم الإمكان.
و أما عند الزوال فلأنها تأخذ فی الهبوط بعد الصعود و فی النقص بعد القوة و هو دلیل العجز و الإمكان و التسخیر و أیضا فی تلك الحالة تتم النعمة بوجودها لوصولها إلی الكمال فدلت علی كمال قدرة مدبرها و رحمته.
و كذا عند الغروب و الأفول سجدت و أقرت لمدبرها بالقدرة و لنفسها بالعجز و التسخیر فناسب تلك الحالة أن یتذكر الناس مدبرها و یعبدوه و یعلموا أن لا بقاء لشی ء من الممكنات فینبغی قطع التعلق عنها و التوجه إلی من لا یعتریه نقص و لا عجز و لا زوال و أیضا أبدل نعمة الیوم بنعمة أخری هی اللیل فناسب أن یعبدوه و یشكروه و الارتفاع من السجود عند زوال اللیل لأنها تأخذ فی الارتفاع بعد الانحطاط فكأنها رفعت رأسها من السجدة(1)
و لعل فیه إیماء بأن نصف اللیل إنما هو عند تجاوزها من دائرة نصف النهار تحت الأرض فیناسب رأی من جعل ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس من اللیل و سیأتی القول فیه.
و الركود السكون و الثبات و أول هاهنا بعدم ظهور حركتها بقدر یعتد بها عند الزوال و عدم ظهور زیادة الظل حینئذ(2) إذ لو قیل بالركود حقیقة عند زوال
ص: 361
الشمس فی كل بلد یلزم سكونها دائما إذ كل نقطة من مدار الشمس محاذیة لسمت رأس أفق من الآفاق و تخصیص الركود بأفق خاص كمكة أو المدینة مع بعده یستلزم سكونها فی البلاد الأخری بحسبها فی أوقات أخری فإن ظهر مكة یقع فی وقت الضحی فی بلد آخر فیلزم ركودها فی ضحی ذلك البلد و هو فی غایة البعد و قد مر القول فیه و السكوت عن تلك الأخبار البعیدة عن ظواهر العقول و التسلیم إجمالا لما قصد المعصوم بها علی تقدیر ثبوتها أحوط و أولی.
ثم اعلم أنه سقطت من النسخ إحدی السجدات و الظاهر أنه كان كذا فإذا ارتفعت من سجودها دخل وقت المغرب و أما السجدة الرابعة فإذا صارت فی وسط القبة تحت الأرض فإذا ارتفعت من سجودها زال اللیل.
«46»- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: صَلَّیْتُ یَوْماً بِالْمَدِینَةِ الظُّهْرَ وَ السَّمَاءُ مُغِیمَةٌ وَ انْصَرَفْتُ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَإِذَا هِیَ حِینَ زَالَتْ فَأَتَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَا تَعُدْ وَ لَا تَعُودُنَ (1).
بیان: قال الجوهری الغیم السحاب و قد غامت السماء و أغامت و أغیمت و تغیمت كله بمعنی و قال فی التهذیب (2)
بعد إیراد تلك الروایة فالموجه فی هذا الخبر أنه إنما نهاه عن المعاودة إلی مثله لأن ذلك فعل من لا یصلی النوافل و لا ینبغی الاستمرار علی ترك النوافل و إنما یسوغ ذلك عند العوارض و العلل انتهی.
و الأظهر أنه لما صلی بالظن فظهر أنه كان صلاته فی الوقت حكم علیه السلام بصحة صلاته و نهاه عن أن یصلی بعد ذلك قبل حصول الیقین بالوقت تنزیها علی المشهور لعدم إمكان تحصیل العلم للغیم و تحریما علی قول ابن الجنید و جماعة فیدل علی مختارهم علی أنه لو خالف و أوقع صلاته قبل العلم و ظهر وقوعها فی الوقت تكون صحیحة و إن كان فعل محرما و مع العلم بالمسألة مشكل و الظاهر
ص: 362
هنا الجهل و یحتمل أن یكون المراد بقوله حین زالت وقوع الزوال فی أثناء صلاته و هو احتمال قریب فیدل علی المشهور فی ذلك كما عرفت.
«47»- السَّرَائِرُ، مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَعْقُوبَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا یُفُوتُ الصَّلَاةُ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ- لَا تَفُوتُ صَلَاةُ النَّهَارِ حَتَّی تَغِیبَ الشَّمْسُ وَ لَا صَلَاةُ اللَّیْلِ حَتَّی یَطْلُعَ الْفَجْرُ وَ لَا صَلَاةُ الْفَجْرِ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ (1).
«48»- الذِّكْرَی، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ فِی السَّفَرِ یَجْمَعُ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ وَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مُسْتَعْجِلًا قَالَ وَ قَالَ علیه السلام وَ تَفْرِیقُهُمَا أَفْضَلُ (2).
«49»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیهما السلام: فِی الرَّجُلِ یَسْمَعُ الْأَذَانَ فَیُصَلِّی الْفَجْرَ وَ لَا یَدْرِی طَلَعَ أَمْ لَا غَیْرَ أَنَّهُ یَظُنُّ لِمَكَانِ الْأَذَانِ أَنَّهُ طَلَعَ قَالَ لَا یُجْزِیهِ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ (3).
«50»- الْعُیُونُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَرَوِیِ (4) عَنْ أَبِیهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَی سَطْحٍ فَقَالَ لِی ادْنُ مِنِّی فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّی حَاذَیْتُهُ ثُمَّ قَالَ لِی أَشْرِفْ إِلَی الْبَیْتِ فِی الدَّارِ فَأَشْرَفْتُ فَقَالَ لِی مَا تَرَی قُلْتُ ثَوْباً مَطْرُوحاً فَقَالَ انْظُرْ حَسَناً فَتَأَمَّلْتُهُ وَ نَظَرْتُ فَتَیَقَّنْتُ فَقُلْتُ رَجُلٌ سَاجِدٌ إِلَی أَنْ قَالَ فَقَالَ هَذَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام إِنِّی أَتَفَقَّدُهُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ فَلَمْ
ص: 363
أَجِدْهُ فِی وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا عَلَی الْحَالَةِ الَّتِی أُخْبِرُكَ بِهَا أَنَّهُ یُصَلِّی الْفَجْرَ فَیُعَقِّبُ سَاعَةً فِی دُبُرِ صَلَاتِهِ إِلَی أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ یَسْجُدُ سَجْدَةً فَلَا یَزَالُ سَاجِداً حَتَّی تَزُولَ الشَّمْسُ وَ قَدْ وَكَّلَ مَنْ یَتَرَصَّدُ لَهُ الزَّوَالَ فَلَسْتُ أَدْرِی مَتَی یَقُولُ لَهُ الْغُلَامُ قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ إِذْ یَثِبُ فَیَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُحْدِثَ وُضُوءاً فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ یَنَمْ فِی سُجُودِهِ وَ لَا أَغْفَی فَلَا یَزَالُ إِلَی أَنْ یَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِذَا صَلَّی الْعَصْرَ سَجَدَ سَجْدَةً فَلَا یَزَالُ سَاجِداً إِلَی أَنْ تَغِیبَ الشَّمْسُ فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ وَثَبَ مِنْ سَجْدَتِهِ فَصَلَّی الْمَغْرِبَ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُحْدِثَ حَدَثاً وَ لَا یَزَالُ فِی صَلَاتِهِ وَ تَعْقِیبِهِ إِلَی أَنْ یُصَلِّیَ الْعَتَمَةَ فَإِذَا صَلَّی الْعَتَمَةَ أَفْطَرَ عَلَی شَوِیٍ (1) یُؤْتَی بِهِ ثُمَّ یُجَدِّدُ الْوُضُوءَ ثُمَّ یَسْجُدُ ثُمَّ یَرْفَعُ رَأْسَهُ فَیَنَامُ نَوْمَةً خَفِیفَةً ثُمَّ یَقُومُ فَیُجَدِّدُ الْوُضُوءَ ثُمَّ یَقُومُ فَلَا یَزَالُ یُصَلِّی فِی جَوْفِ اللَّیْلِ حَتَّی یَطْلُعَ الْفَجْرُ فَلَسْتُ أَدْرِی مَتَی یَقُولُ الْغُلَامُ إِنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ إِذْ وَثَبَ هُوَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَهَذَا دَأْبُهُ مُنْذُ حُوِّلَ إِلَیَّ الْحَدِیثَ (2).
بیان: فی القاموس غفا غفوا و غفوا نام أو نعس كأغفی و قال تصغیر شی ء شی ء لا شوی أو لغیة عن إدریس بن موسی النحوی انتهی.
أقول: المتعارف عند العرب الآن شوی بقلب الهمزة یاء و فی بعض النسخ شواء و هو بالكسر اللحم المشوی و الأول أكثر و أظهر و یدل ظاهرا علی جواز الاتكال علی قول الغیر فی دخول الوقت و إن كان واحدا لكن الظاهر أنه علیه السلام كان عارفا بالوقت بما یخصه من العلم و إنما وكل الغلام لمعرفة ذلك تقیة و مع ذلك لا یخلو عن تأیید لسائر الأخبار.
«51»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام َنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ أَبِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَأْمُرُ الصِّبْیَانَ أَنْ یُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ جَمِیعاً فَقِیلَ لَهُ یُصَلُّونَ الصَّلَاةَ فِی غَیْرِ وَقْتِهَا قَالَ هُوَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَنَامُوا عَنْهَا(3).
ص: 364
«52»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ،: مِنْ كِتَابِهِ علیه السلام إِلَی أُمَرَائِهِ فِی الصَّلَاةِ أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حِینَ تَفِی ءُ الشَّمْسُ مِثْلَ مَرْبِضِ الْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَیْضَاءُ حَیَّةٌ فِی عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ حِینَ یُسَارُ فِیهَا فَرْسَخَانِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِینَ یُفْطِرُ الصَّائِمُ وَ یَدْفَعُ الْحَاجُّ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِینَ یَتَوَارَی الشَّفَقُ إِلَی ثُلُثِ اللَّیْلِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ الرَّجُلُ یَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَا تَكُونُوا فَتَّانِینَ (1).
بیان: مربض العنز بكسر الباء و قد یفتح محل بروكها فإن أرید عرضه فهو قریب من الذراع و القدمین و إن أرید الطول فهو قریب من خمسة أقدام و الأول أوفق بسائر الأخبار و الثانی بتتمة الخبر إذ فیه شوب تقیة و فی النهایة فیه أنه كان یصلی العصر و الشمس حیة أی صافیة اللون لم یدخلها التغیر بدنو المغیب كأنه جعل مغیبها لها موتا و أراد تقدیم وقتها و قال الجوهری العضو و العضو واحد الأعضاء و عضیت الشاء تعضیت إذا جزیتها أعضاء.
و فی النهایة فیه أنه دفع من عرفات أی ابتدأ السیر و دفع نفسه منها و نحاها أو دفع ناقته و حملها علی السیر و لا تكونوا فتانین أی تفتنون الناس و تضلونهم بترك الجماعة بسبب إطالة الصلاة فإنها مستلزمة لتخلف الضعفاء و العاجزین و المضطرین
رَوَوْا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: یَا مُعَاذُ إِیَّاكَ أَنْ تَكُونَ فَتَّاناً لِلْمُسْلِمِینَ و فی أخری أ فتان أنت یا معاذ.
«53»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی الْخَشَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ أَخِی الضَّبِّیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: تَزُولُ الشَّمْسُ فِی النِّصْفِ مِنْ حَزِیرَانَ عَلَی نِصْفِ قَدَمٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ تَمُّوزَ عَلَی قَدَمٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ آبَ عَلَی قَدَمَیْنِ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ أَیْلُولَ عَلَی ثَلَاثَةِ أَقْدَامٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ تِشْرِینَ الْأَوَّلِ عَلَی خَمْسَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی
ص: 365
النِّصْفِ مِنْ تِشْرِینَ الْآخِرِ عَلَی سَبْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ عَلَی تِسْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ كَانُونَ الْآخِرِ عَلَی سَبْعَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ شُبَاطَ عَلَی خَمْسَةِ أَقْدَامٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ آذَارَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ نَیْسَانَ عَلَی قَدَمَیْنِ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ أَیَّارَ عَلَی قَدَمٍ وَ نِصْفٍ وَ فِی النِّصْفِ مِنْ حَزِیرَانَ عَلَی نِصْفِ قَدَمٍ (1).
المناقب، لابن شهرآشوب عن عبد اللّٰه بن سنان: مثله (2)
تبیین: قوله علیه السلام علی نصف قدم أی تزول الشمس بعد ما بقی من الظل نصف قدم و القدم علی المشهور سبع الشاخص فإن الأكثر یقسمون كل شاخص بسبعة أقسام و یسمون كل قسم قدما بناء علی أن قامة الإنسان المستوی الخلقة تساوی سبعة أضعاف قدمه قال فی المنتهی اعلم أن المقیاس قد یقسم مرة باثنی عشر قسما و مرة بسبعة أقسام أو بستة و نصف أو بستین قسما فإن قسم باثنی عشر قسما سمیت الأقسام أسابع فظله ظل الأسابع و إن قسم بسبعة أقسام أو بستة و نصف سمیت أقداما و إن قسم بستین قسما سمیت أجزاء ثم قال ره الظاهر أن هذه الروایة مختصة بالعراق و الشام و ما قاربهما.
و قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه الظاهر أن هذا الحدیث مختص بالعراق و ما قاربها كما قاله بعض علمائنا رضوان اللّٰه علیهم لأن عرض البلاد العراقیة یناسب ذلك و لأن الراوی لهذا الحدیث و هو عبد اللّٰه بن سنان عراقی فالظاهر أنه علیه السلام بین علامة الزوال فی بلاده انتهی.
و لنفصل الكلام بعض التفصیل لیتضح اشتباه بعض الأعلام فی هذا المقام و یندفع ما یرد علی هذا الخبر بعد التأمل و فی بادی النظر.
فأما ما یرد علیه فی بادئ الرأی فهو أنه لا یریب أحد فی أن العروض المختلفة فی الآفاق المائلة لا یكاد یصح اتفاقها فی هذا التقدیر و الجواب أنه
ص: 366
لا فساد فی ذلك إذ لا یلزم أن تكون القاعدة المنقولة عنهم علیهم السلام فی تلك الأمور عامة شاملة لجمیع البلاد و العروض و الآفاق بل یمكن أن یكون الغرض بیان حكم بلد الخطاب أو بلد المخاطب أو غیرهما مما كان معهودا بین الإمام علیه السلام و بین راویه من البلاد التی كان عرضها أكثر من المیل الكلی إذ ما كان عرضه متساویا للمیل ینعدم فیه الظل یوما واحدا حقیقة و بحسب الحس أیاما و ما كان عرضه أقل ینعدم فیه الظل یومین حقیقة و أیاما حسا.
و أما ما یرد علیه بعد التأمل و إمعان النظر فأمور الأول أن انقسام السنة الشمسیة عند الروم إلی هذه الشهور الاثنی عشر التی بعضها كشباط ثمانیة و عشرون یوما فی غیر الكبیسة و فیها تسعة و عشرون یوما و بعضها كحزیران و أیلول و تشرین الآخر و
نیسان ثلاثون یوما و بعضها كباقی الشهور أحد و ثلاثون یوما إنما هو محض اصطلاح منهم لم یذكر أحد من المحصلین وجها أو نكتة لهذا الاختلاف و ما توهم بعضهم من أنه مبنی علی اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثنی عشر ظاهر البطلان و غیر خفی علی من تذكر مدة مكث الشمس فی تلك البروج أن الأمر فیه لیس علی طبقة كیف و كانون الأول الذی اعتبروه أحدا و ثلاثین هو بین القوس و الجدی و كل منهما تسعة و عشرون.
إذا عرفت هذا فقد ظهر لك أن انتقاص الظل أو ازدیاده المبنیین علی ارتفاع الشمس و انخفاضها فی البروج و أجزاؤها لا یطابق الشهور الرومیة تحقیقا أ لا تری أن انتقال الشمس من أول الحمل إلی أول المیزان الذی یعود فیه الظل إلی مثل ما كان فی أول الحمل إنما یكون فی قریب من مائة و سبعة و ثمانین یوما و من نصف آذار إلی نصف أیلول الذی جعل فی الروایة موافقا للوقتین إنما یكون فی أقل من مائة و أربعة و ثمانین یوما و علی هذا القیاس.
الثانی أن ظل الزوال یزداد من أول السرطان إلی أول الجدی ثم ینتقص إلی أول السرطان یوما فیوما و شهرا فشهرا علی سبیل التزاید و التناقص و المعنی أن ازدیاده و انتقاصه فی الیوم الثانی و الشهر الثانی أزید من ازدیاده و انتقاصه فی الیوم الأول
ص: 367
و الشهر الأول و هكذا فی الثالث بالنسبة إلی الثانی و فی الرابع بالنسبة إلی الثالث حتی ینتهی إلی غایة الزیادة أو النقصان التی هی بدایة الآخر و من هذا القبیل مال ازدیاد الساعات و انتقاصها فی أیام الشهر و لیالیها و وجه الجمیع ظاهر علی الناقد الخبیر فكون ازدیاد الظل فی ثلاثة أشهر قدما قدما و فی الثلاثة الأخری قدمین قدمین كما فی الروایة خلاف ما تحكم به الدرایة.
الثالث أن كون نهایة انتقاص الظل إلی نصف قدم و غایة ازدیاده إلی تسعة أقدام و نصف كما یظهر من الروایة إنما یستقیم إذا كان تفاوت ارتفاعی الشمس فی الوقتین بقدر ضعف المیل الكلی فإن الأول إنما یكون فی أول السرطان و الثانی فی أول الجدی و بعد كل منهما من المعدل بقدر المیل الكلی و لیس الحال كذلك فإن ارتفاع الشمس حین كون الظل نصف قدم یقرب من ست و ثمانین درجة و حین كونه تسعة أقدام و نصفا یقرب من ست و ثلاثین درجة فالتفاوت خمسون و هو زائد علی ضعف المیل الكلی بقریب من ثلاث درجات.
الرابع أن یكون الظل نصف قدم فی أول السرطان أو كونه تسعة أقدام و نصف فی أول الجدی لیس موافقا لأفق من آفاق البلدان المشهورة فضلا عما ینبغی أن یكون موافقا له كالمدینة المشرفة التی هی بلد الخطاب أو الكوفة التی هی بلد المخاطب فإن عرض المدینة خمس و عشرون درجة و عرض الكوفة إحدی و ثلاثون درجة و نصف درجة فارتفاع أول السرطان فی المدینة قریب من ثمان و ثمانین درجة و نصف درجة و الظل حینئذ أنقص من خمس قدم و فی الكوفة قریب من اثنتین و ثمانین درجة و الظل حینئذ أزید من قدم و خمس قدم و ارتفاع الجدی فی المدینة قریب من إحدی و أربعین درجة و نصف درجة و الظل حینئذ أنقص من ثمانیة أقدام و فی الكوفة قریب من خمس و ثلاثین درجة و الظل حینئذ عشرة أقدام علی ما استخرجه بعض الأفاضل فی زماننا.
و بالجملة ما فی الروایة من قدر الظلین زائد علی الواقع بالنسبة إلی المدینة و ناقص بالنسبة إلی الكوفة و هكذا حال أكثر ما فی المراتب بل كلها
ص: 368
عند التحقیق كما یظهر من الرجوع إلی العروض و الارتفاعات و الأظلال فی مدونات هذا الفن.
و وجه التفصی من تلك الإشكالات أن بناء هذه الأمور الحسابیة فی المحاورات علی التقریب و التخمین لا التحقیق و الیقین فإنه لا ینفع بیان الأمور التحقیقیة فی تلك الأمور إذ السامع العامل بالحكم لا بد له من أن یبنی أمره علی التقریب لأنه إما أن یتبین ذلك بقامته و قدمه كما هو الغالب و لا یمكن تحقیق حقیقة الأمر فیه بوجه أو بالسطوح المستویة و الشواخص القائمة علیها و هذا مما یتعسر تحصیله علی أكثر الناس و مع إمكانه فالأمر فیه أیضا لا محالة علی التقریب لكنه أقرب إلی التحقیق من الأول.
و یمكن إیراد نكتة لهذا أیضا و هی أن فائدة معرفة الزوال إما معرفة أول وقت فضیلة الظهر و نوافلها و ما یتعلق بها المنوطة بأصل الزوال و إما معرفة آخره أو الأول و الآخر من وقت فضیلة العصر و بعض نوافلها المنوطة بمعرفة الفی ء الزائد علی ظل الزوال فالمقصود من التفصیل المذكور فی الروایة لا ینبغی أن یكون هو الفائدة الأولی لأن العلامات العامة المعروفة كزیادة الظل بعد نقصانه أو میله عن الجنوب إلی المشرق مغنیة عنها دون العكس.
فإنا إذا رأینا الظل فی نصف حزیران مثلا زائدا علی نصف قدم أو فی نصف تموز زائدا علی قدم و نصف لم یتمیز به عدم دخول الوقت عن مضیه إلا بضم ما هو مغن عنه من العلامات المعروفة فیكون المقصود بها الفائدة الثانیة و هی المحتاج إلیها كثیرا و لا تفی بها العلامات المذكورة.
لأنا بعد معرفة الزوال و زیادة الظل نحتاج لمعرفة تلك الأوقات إلی معرفة قدر الفی ء الزائد علی ظل الزوال بحسب الأقدام و التمیز بینهما و لا یتیسر ذلك لاختلافه بحسب الأزمان إلا بمعرفة التفصیل المذكور إذ به یعرف حینئذ أن الفی ء الزائد هل زاد علی قدمین ففات وقت نافلة الظهر أو علی أربعة أقدام ففات وقت فضیلة فریضة الظهر علی قول أو علی سبعة أقدام ففات وقت فضیلة الظهر
ص: 369
أو دخل وقت فضیلة العصر علی قول آخر فعلی هذا إن حملنا الروایة علی بیان حال المدینة المشرفة ینبغی أن توجه المساهلة التی فیها باعتبار الزیادة علی الواقع بالنسبة إلیها بحملها علی رعایة الاحتیاط بالنسبة إلی أوائل الأوقات المذكورة و إن حملناها علی بیان حال الكوفة ینبغی أن توجه المساهلة التی بالنسبة إلیها باعتبار النقصان بحملها علی رعایة الاحتیاط بالنسبة إلی أواخرها و إن حملناها علی معرفة أول الزوال كما فهمه الأكثر فحملها علی المدینة أولی بل هو متعین إذ مع هذا المقدار من الزیادة یحصل العلم بدخول الوقت بخلاف ما إذا حملنا علی الكوفة فإنه مخالف للاحتیاط علی هذا التقدیر.
و نظیر هذا الاحتیاط وقع فی بعض الروایات نحو
مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (1)
فِی التَّهْذِیبِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُصَلِّی مِنَ النَّهَارِ شَیْئاً حَتَّی تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَ النَّهَارُ قَدْرَ إِصْبَعٍ صَلَّی ثَمَانِیَ رَكَعَاتٍ. الخبر فإن الظاهر أن اعتبار زیادة الإصبع طولا أو عرضا علی الاحتمالین للاحتیاط فی دخول الوقت.
قال السید الداماد قدس سره الشمس فی زماننا هذا درجة تقویمها فی النصف من حزیران بحسب التقریب الثالثة من سرطان و فی النصف من تموز الثانیة من الأسد و فی النصف من آب الأولی من السنبلة و فی النصف من أیلول الثانیة من المیزان و فی النصف من تشرین الأول الأولی من العقرب و فی النصف من تشرین الآخر الثالثة من القوس و فی النصف من كانون الأول الثالثة من الجدی و فی النصف من كانون الآخر الخامسة من الدلو و فی النصف من شباط الخامسة من الحوت و فی النصف من الآذار الرابعة من الحمل و فی النصف من نیسان الرابعة من الثور و فی النصف من أیار الرابعة من الجوزاء و هذا الأمر التقریبی أیضا متغیر علی مر الدهور تغییرا یسیرا.
ص: 370
و قال بعض أفاضل الأزكیاء إن حساب السنة الشمسیة عند الروم كما مر مبنی علی مقتضی رصد أبرخس فی كون الكسر الزائد علی ثلاث مائة و خمسة و ستین یوما هو الربع التام و عند المتأخرین علی الأرصاد المقتضیة لكونه أقل من الربع بعده دقایق فیدور كل جزء من إحدی السنتین فی الأخری بمر الدهور فإذا كان نصف حزیران مطابقا لأول السرطان مثلا فی زمان كما یظهر من الروایة أنه كان فی زمن الصادق علیه السلام كذلك یصیر فی هذه الأزمان علی حساب المتأخرین موافقا تقریبا للدرجة الثالثة من السرطان علی رصد بطلمیوس و التاسعة منه علی رصد التبانی و ما بینهما علی سائر الأرصاد و علی هذا القیاس.
فإن كان حساب الروم حقا مطابقا للواقع فلا یختلف حال الأظلال المذكورة فی الروایة بحسب الأزمان فیكون الحكم فیها عاما و إن كان حساب بعض المتأخرین حقا فلا بد من أن یكون حكمها خاصا ببعض الأزمنة و لا بأس بذلك كما لا بأس بكون حكمها مختصا ببعض البلاد دون بعض كما عرفت.
و هكذا حال كل ما یتعلق ببعض هذه الشهور فی زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة صلوات اللّٰه علیهم مثل ما روی عنهم من استحباب اتخاذ ماء المطر فی نیسان بآداب مفصلة فی الاستشفاء فإن الظاهر أن نیسان الذی مبدؤه فی زماننا مطابق للثالث و العشرین من فروردین الجلالی إذا خرج بمرور الأیام عن فصل الربیع أو أوائله مطلقا و انقطع فیه نزول المطر انتهی زمان الحكم المنوط به فلا یبعد علی ذلك احتمال الرجوع فی العمل المذكور إلی أوائل الربیع التی كانت مطابقة فی زمنهم علیهم السلام لنیسان و العلم عند اللّٰه و أهله.
و لنذكر هنا مقدار ظل الزوال فی بلدتنا هذه أصبهان و ما وافقها أو قاربها فی العرض أعنی یكون عرضها اثنتین و ثلاثین درجة أو قریبا من ذلك ثم لنشر إلی ساعات الأقدام لینتفع بها المحافظ علی الصلوات المواظب علی النوافل فی معرفة الأوقات فنقول
ص: 371
ظل الزوال هناك فی أول السرطان قدم و عشر قدم و فی وسطه قدم و خمس قدم و فی أول الأسد قدم و نصف تقریبا و فی وسطه قدمان و فی أول السنبلة قدمان و تسعة أعشار قدم تقریبا و فی نصفه ثلاثة أقدام و نصف و فی أول المیزان أربعة أقدام و نصف تقریبا و فی وسطه خمسة أقدام و نصف تقریبا و فی أول العقرب ستة أقدام و ثلاثة أرباع قدم و فی وسطه ثمانیة أقدام و فی أول القوس تسعة أقدام و سدس قدم و فی وسطه عشرة أقدام تقریبا و فی أول الجدی عشرة أقدام و ثلث و فی وسطه عشرة تقریبا و فی أول الدلو تسعة أقدام و عشر و فی وسطه ثمانیة أقدام و فی أول الحوت ستة أقدام و ثلثا قدم و فی وسطه خمسة أقدام و نصف تقریبا و فی أول الحمل أربعة أقدام و نصف تقریبا و فی وسطه ثلاثة أقدام و نصف و فی أول الثور قدمان و ثلثا قدم و فی وسطه قدمان و فی أول الجوزاء قدم و نصف تقریبا و فی وسطه قدم و خمس.
و أما ساعات الأقدام فی العرض المذكور ففی أول الحمل یذهب القدمان فی ساعتین تقریبا و الأربعة الأقدام فی ساعتین و أربع و أربعین دقیقة و الستة أقدام فی ثلاث ساعات و ست عشرة دقیقة السبعة أعنی مثل القامة فی ثلاث ساعات و ثمان و عشرین دقیقة و الثمانیة فی ثلاث ساعات و ثمان و ثلاثین دقیقة تقریبا و القامتان فی أربع ساعات و ثلث ساعة تقریبا.
و فی أول الثور یزید الفی ء قدمین فی ساعتین و دقیقتین و أربعة أقدام فی ساعتین و ثمان و خمسین دقیقة و ستة أقدام فی ثلاث ساعات و قامة فی ثلاث ساعات و ثلثی ساعة تقریبا و ثمانیة أقدام فی ثلاث ساعات و خمسین دقیقة تقریبا و قامتین فی أربع ساعات و أربعین دقیقة.
و فی أول الجوزاء یزید الفی ء قدمین فی ساعة و ست و أربعین دقیقة و أربعة أقدام فی ساعتین و خمس و أربعین دقیقة و ستة أقدام فی ثلاث ساعات و خمس و عشرین دقیقة و قامة فی ثلاث ساعات و إحدی و أربعین دقیقة و ثمانیة أقدام فی أربع ساعات تقریبا و قامتین فی خمس ساعات تقریبا.
ص: 372
و فی أول السرطان یزید الفی ء قدمین فی ساعة و عشر دقایق تقریبا و أربعة أقدام فی ساعتین و ثلث ساعة و ستة أقدام فی ثلاث ساعات و نصف تقریبا و قامة فی ثلاث ساعات و ثلثی ساعة تقریبا و ثمانیة أقدام فی أربع ساعات تقریبا و قامتین فی خمس ساعات تقریبا.
و الأسد كالجوزاء فی جمیع التقادیر و المقادیر و السنبلة مثل الثور و المیزان مثل الحمل.
و فی أول العقرب یزید الفی ء قدمین فی قریب من ساعتین و أربعة أقدام فی ساعتین و نصف تقریبا و ستة أقدام فی ثلاث ساعات و ثلث ساعة تقریبا و قامة فی ثلاث ساعات و تسع دقائق و ثمانیة أقدام فی ثلاث ساعات و ثمان عشرة دقیقة و قامتین فی
أربع ساعات و فی أول القوس یزید الفی ء قدمین فی ساعة و أربعین دقیقة و أربعة أقدام فی ساعتین و ثلث تقریبا و ستة أقدام فی ساعتین و ثلثی ساعة تقریبا و قامة فی ساعتین و خمسین دقیقة و ثمانیة أقدام فی ثلاث ساعات تقریبا و قامتین فی ثلاث ساعات و ثلاث و ثلاثین دقیقة.
و فی أول الجدی یزید قدمین فی ساعة و ثمان و عشرین دقیقة و أربعة أقدام فی ساعتین و ثمان دقایق و ستة أقدام فی ساعتین و اثنتین و ثلاثین دقیقة و قامة فی ساعتین و ثلثی ساعة و ثمانیة أقدام فی ساعتین و ثمان و أربعین دقیقة و قامتین فی ثلاث ساعات و اثنتین و أربعین دقیقة و الدلو مثل القوس و الحوت مثل العقرب و یمكن تحصیل ما بین التقدیرین بما ذكرنا بالتقریب و التخمین و اللّٰه موفق الصالحین و مؤید العابدین.
ص: 373
تصویر
«1»- صورة فتوغرافیة من النسخة المخطوطة تراها فی ص 9 من هذا الجزء
ص: 374
تصویر
«2»- صورة فتوغرافیة من آخر النسخة المخطوطة و فیها تاریخ تحریرها
ص: 375
ص: 376
بسمه تعالی
انتهی الجزء الثالث من المجلّد الثامن عشر من كتاب بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار صلوات اللّٰه و سلامه علیهم ما دام اللیل و النهار و هو الجزء الثانی و الثمانون حسب تجزئتنا فی هذه الطبعة النفیسة الرائقة.
و قد بذلنا جهدنا فی تصحیحه و مقابلته فخرج بحمد اللّٰه و مشیّته نقیّا من الأغلاط إلّا نزراً زهیداً زاغ عنه البصر و كلّ عنه النظر لا یكاد یخفی علی القاری ء الكریم و من اللّٰه نسأل العصمة و هو ولیّ التوفیق.
السیّد إبراهیم المیانجی محمّد الباقر البهبودی
ص: 377
ص: 378
بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم
الحمد للّٰه ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی رسوله محمّد و عترته الطاهرین.
و بعد: فهذا هو الجزء الثالث من المجلّد الثامن عشر و قد انتهی رقمه حسب تجزئتنا إلی الثانی و الثمانین، حوی فی طیّه عشرة أبواب تتمّة كتاب الطهارة و خمسة أبواب من كتاب الصلاة.
و قد قابلناه علی طبعة الكمبانیّ المشهورة بطبع أمین الضرب و هكذا علی نصّ المصادر التی أخرجت الأحادیث منها ثمّ من أول الجزء إلی تمام أبواب كتاب الطهارة علی نسخة ثمینة كتبت بخطّ أحد كتّاب المؤلّف العلّامة و أحد أعوانه فی تسوید هذه الموسوعة الكبیرة (حیث إنّ أكثر أجزاء البحار التی وصلت إلینا و روایته كان بخطّه تمامه أو أكثره وكان یكتب لنفسه نسخة أخری كهذه النسخة و كما مرّ فی مقدّمة الجزء المتمّم للثمانین تعریف نسخة مع صورتها بخطّ هذا الكاتب و كان فی هامش نسخته خطّ المؤلّف العلّامة و مثل ما مرّ فی آخر أجزاء المزار ج 102 ص 306- 308 صورة نسخة أخری مصحّحة بخطّ هذا الكاتب و فی هامشها خطّ المؤلّف العلّامة و تحشیته).
و فیما یلی صورتان فتوغرافیّتان من خطّه و تری فی ثانیها أنّ كتابة هذه النسخة كانت أثناء تسوید المؤلّف العلّامة لنسخته الأصل أو بعده بقلیل حیث كان تاریخ فراغ المؤلّف العلّامة من تسویده الرابع عشر من شهر صفر سنة 1094 و تاریخ فراغ التحریر من هذه النسخة: الحادی عشر من شهر ربیع الأول من هذه السنة.
ص: 379
و هذه النسخة قد قوبلت علی أصل المؤلّف العلّامة و فی هامشها خطّ أحد كتّابه یشبه خطّ المؤلّف العلّامة إلّا فی میزة یعرفها أهل الفنّ استدراك حین مقابلة هذه النسخة مع أصل المؤلّف ما كان سقط عنها كما تراها فی الصورة الفتوغرافیّة الأولی.
و النسخة (كما مرّت الإشارة إلیه فی مقدّمة الجزء 81) لخزانة كتب الفاضل البحّاث الوجیه الموفّق المرزا فخر الدین النصیریّ الأمینیّ زاده اللّٰه توفیقا لحفظ كتب سلفنا الصالحین أودعها سماحته للعرض و المقابلة خدمة للدین و أهله فجزاه اللّٰه عنّا و عن المسلمین أهل العلم خیر جزاء المحسنین.
محمد الباقر البهبودیّ
ص: 380
عناوین الأبواب/ رقم الصفحة
«54»- باب أحكام الشهید و المصلوب و المرجوم و المقتصّ منه و الجنین و أكیل السبع و أشباههم فی الغسل و الكفن و الصلاة 13- 1
«55»- باب الدفن و آدابه و أحكامه 58- 14
«56»- باب شهادة أربعین للمیّت 61- 59
«57»- باب استحباب الصلاة عن المیّت و الصوم و الحجّ و الصدقة و البرّ و العتق عنه و الدعاء له و الترحّم علیه و بیان ما یوجب التخلّص من شدّة الموت و عذاب القبر و بعده 65- 62
«58»- باب نقل الموتی و الزیارة بهم 70- 66
«59»- باب التعزیة و المأتم و آدابهما و أحكامها 113- 71
«60»- باب أجر المصائب 124- 114
«61»- باب فضل التعزّی و الصبر عند المصائب و المكاره 148- 125
«62»- باب آخر فی ذكر صبر الصابرین و الصابرات 155- 149
«63»- باب النوادر 186- 156
ص: 381
ص: 382
فهرس كتاب الصلاة
عناوین الأبواب/ رقم الصفحة
«1»- باب فضل الصلاة و عقاب تاركها 236- 188
«2»- باب علل الصلاة و نوافلها و سننها 237
«3»- باب أنواع الصلاة و المفروض و المسنون منها و معنی الصلاة الوسطی 302- 277
«4»- باب أنّ للصلاة أربعة آلاف باب و أنّها قربان كلّ تقیّ و خیر موضوع و فضل إكثارها 311- 303
«5»- باب أوقات الصلوات 373- 312
ص: 383
ص: 384
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا علیه السلام
ضا: لفقه الرضا علیه السلام
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 385