بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 75

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 75: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب الروضة

تتمة أبواب المواعظ و الحكم

تتمة باب 15 مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام و خطبه أیضا و حكمه

«49»- كِتَابُ الْغَارَاتِ (1)، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی زَكَرِیَّا الْجَرِیرِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ خُطْبَةٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِینُهُ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَیِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ یَهْدِی اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِیَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ انْتَجَبَهُ بِالْوَلَایَةِ وَ اخْتَصَّهُ بِالْإِكْرَامِ وَ بَعَثَهُ بِالرِّسَالَةِ أَحَبَّ خَلْقِهِ إِلَیْهِ وَ أَكْرَمَهُمْ عَلَیْهِ فَبَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ وَ قَضَی الَّذِی عَلَیْهِ أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ خَیْرُ مَا تَوَاصَتْ بِهِ الْعِبَادُ وَ أَقْرَبُهُ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ وَ خِیَرَةٌ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ فَبِتَقْوَی اللَّهِ أُمِرْتُمْ وَ لَهَا خُلِقْتُمْ فَاخْشَوُا اللَّهَ خَشْیَةً لَیْسَتْ بِسُمْعَةٍ وَ لَا تَعْذِیرٍ(2)

فَإِنَّهُ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَیْسَ بِتَارِكِكُمْ سُدًی (3)

قَدْ أَحْصَی أَعْمَالَكُمْ وَ سَمَّی آجَالَكُمْ وَ كَتَبَ آثَارَكُمْ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ مَغْرُورٌ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا وَ إِلَی فَنَاءٍ مَا هِیَ نَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا وَ رَبَّكُمْ أَنْ یَرْزُقَنَا وَ إِیَّاكُمْ خَشْیَةَ السُّعَدَاءِ وَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَ مُرَافَقَةَ الْأَنْبِیَاءِ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ.


1- 1. مخطوط.
2- 2. عذر فی الامر تعذیرا: قصر فیه بعد جهد.
3- 3. أی لا یترككم مهملا باطلا.

«50»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، خُطْبَةٌ لَهُ علیه السلام: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ تَسْبِیحاً وَ نُمَجِّدُهُ تَمْجِیداً نُكَبِّرُ عَظَمَتَهُ لِعِزِّ جَلَالِهِ وَ نُهَلِّلُهُ تَهْلِیلًا مُوَحِّداً مُخْلِصاً وَ نَشْكُرُهُ فِی مَصَانِعِهِ الْحُسْنَی أَهْلَ الْحَمْدِ وَ الثَّنَاءِ الْأَعْلَی وَ نَسْتَغْفِرُهُ لِلْحَتِّ مِنَ الْخَطَایَا وَ نَسْتَعْفِیهِ مِنْ مَتْحِ ذَنُوبِ الْبَلَایَا(1)

وَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ یَقِیناً فِی أَمْرِهِ وَ نَسْتَهْدِی بِالْهُدَی الْعَاصِمِ الْمُنْقِذِ الْعَازِمِ بِعَزَمَاتِ خَیْرِ قَدَرٍ مُوجِبِ فَصْلِ عَدْلِ فَضَاءٍ نَافِذٍ بِفَوْزٍ سَابِقٍ بِسَعَادَةٍ فِی كِتَابٍ كَرِیمٍ مَكْنُونٍ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مَضِیقِ مَضَایِقِ السُّبُلِ عَلَی أَهْلِهَا بَعْدَ اتِّسَاعِ مَنَاهِجِ الْحَقِّ لِطَمْسِ آیَاتِ مُنِیرِ الْهُدَی بِلُبْسِ ثِیَابِ مَضَلَّاتِ الْفِتَنِ وَ نَشْهَدُ غَیْرَ ارْتِیَابِ حَالٍ دُونَ یَقِینِ مُخْلِصٍ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ مُوَحَّدٌ وَفِیٌّ وَعْدُهُ وَثِیقٌ عَقْدُهُ صَادِقٌ قَوْلُهُ- لَا شَرِیكَ لَهُ فِی الْأَمْرِ وَ لَا وَلِیَّ لَهُ مِنَ الذُّلِّ نُكَبِّرُهُ تَكْبِیراً- لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُهُ بَعِیثُ اللَّهِ لِوَحْیِهِ وَ نَبِیُّهُ بِعَیْنِهِ وَ رَسُولُهُ بِنُورِهِ مُجِیباً مُذَكِّراً مُؤَدِّیاً مُبْقِیاً مَصَابِیحَ شُهُبٍ ضِیَاءٍ مُبْصِرٍ وَ مَاحِیاً مَاحِقاً مُزْهِقاً رُسُومَ أَبَاطِیلِ خَوْضِ الْخَائِضِینَ بِدَارِ اشْتِبَاكِ ظُلْمَةِ كُفْرٍ دَامِسٍ فَجَلَا غَوَاشِیَ أَظْلَامِ لُجِّیٍّ رَاكِدٍ(2) بِتَفْصِیلِ آیَاتِهِ مِنْ بَعْدِ تَوْصِیلِ قَوْلِهِ وَ فَصَّلَ فِیهِ الْقَوْلَ لِلذَّاكِرِینَ بِمُحْكَمَاتٍ مِنْهُ بَیِّنَاتٍ وَ مُشْتَبِهَاتٍ یَتْبَعُهَا الزَّائِغُ قَلْبُهُ ابْتِغَاءَ التَّأْوِیلِ تَعَرُّضاً لِلْفِتَنِ وَ الْفِتَنُ مُحِیطَةٌ بِأَهْلِهَا وَ الْحَقُّ نَهْجٌ مُسْتَنِیرٌ مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ یُطِعِ اللَّهَ وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ یَسْتَحِقَّ الشُّكْرَ مِنَ اللَّهِ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ یُعَایِنْ عُسْرَ الْحِسَابِ لَدَی اللِّقَاءِ قَضَاءً بِالْعَدْلِ عِنْدَ الْقِصَاصِ بِالْحَقِّ یَوْمَ إِفْضَاءِ الْخَلْقِ إِلَی الْخَالِقِ أَمَّا بَعْدُ فَمُنْصِتٌ سَامِعٌ لِوَاعِظٍ نَفَعَهُ إِنْصَاتُهُ وَ صَامِتٌ ذُو لُبٍّ شُغِلَ قَلْبُهُ بِالْفِكْرِ فِی أَمْرِ اللَّهِ حَتَّی أَبْصَرَ فَعَرَفَ فَضْلَ طَاعَتِهِ عَلَی مَعْصِیَتِهِ وَ شَرَفَ نَهْجِ ثَوَابِهِ عَلَی احْتِلَالٍ مِنْ عِقَابِهِ وَ مُخْبِرٌ النَّائِلُ رِضَاهُ عِنْدَ الْمُسْتَوْجِبِینَ غَضَبَهُ عِنْدَ تَزَایُلِ الْحِسَابِ وَ شَتَّی بَیْنَ الْخَصْلَتَیْنِ وَ بَعِیدٌ تَقَارُبُ مَا بَیْنَهُمَا أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ بَارِئِ الْأَرْوَاحِ وَ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ.

ص: 2


1- 1. الحت بتشدید التاء السقوط، و المتح استقاء الماء بالدلو. و الذنوب بفتح الذال المعجمة: الدلو.
2- 2. اللج: معظم الماء.

«51»- مِنْ كِتَابِ مَطَالِبِ السَّئُولِ (1)، لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: ذِمَّتِی بِمَا أَقُولُ رَهِینَةٌ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ (2) لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ حَجَزَهُ التَّقْوَی عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ (3)

حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ (4)

لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ لَقَدْ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِیعٌ نَجَا وَ طَالِبٌ بَطِی ءٌ رَجَا وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ هَوَی الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ(5)

وَ الطَّرِیقُ الْوُسْطَی هِیَ الْجَادَّةُ عَلَیْهَا بَاقِی الْكِتَابِ (6)

وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَیْهَا مَصِیرُ الْعَاقِبَةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ خابَ مَنِ افْتَری وَ خَسِرَ مَنْ بَاعَ الْآخِرَةَ بِالْأُولَی وَ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ.

«52»- وَ مِنْهُ (7)،: لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَرُ وَ زُجِرْتُمْ بِمَا فِیهِ مُزْدَجَرٌ وَ مَا یُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ بَعْدَ رُسُلِ اللَّهِ إِلَّا الْبَشَرُ أَلَا وَ إِنَّ الْغَایَةَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ (8).

ص: 3


1- 1. المصدر ص 28.
2- 2. الزعیم: الضامن. و التصریح: كشف الامر و انكشافه.
3- 3. الشموس: معرب چموش.
4- 4. أمر یأمر- من باب تعب-: كثر.
5- 5. أی طرفی الافراط و التفریط.
6- 6. هو ما یبقی من أثر مشیه و موضع قدمه كانه مشی علی الطریق الوسطی. و قیل باقی الكتاب هو ما لم ینسخ منه لكن الأول هو الصواب.
7- 7. مطالب السئول ص 33.
8- 8. تحدوكم أی تسوقكم. و قوله« تخففوا تلحقوا» أی تخففوا بالقناعة و ترك الحرّ من أو كنایة عن عدم الركون الی الدنیا و اتخاذها دار ممر لا دار مقر. و الانتظار بالأول كنایة. عن كونهم كمن سبق من الرفقة الی بلدة لا یؤذن لهم فی دخولها الا بالاجتماع و لحوق الآخرین أی لا بدّ لكم من ترك هذه الدار و نزول دار القرار و الاجتماع.

«53»- وَ قَالَ علیه السلام یَوْماً وَ قَدْ أَحْدَقَ النَّاسُ بِهِ: أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَ لَیْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ(1)

هَانَتْ عَلَی رَبِّهَا فَخَلَطَ خَیْرَهَا بِشَرِّهَا وَ حُلْوَهَا بِمُرِّهَا لَمْ یَضَعْهَا لِأَوْلِیَائِهِ وَ لَا یَضِنَّنَّ بِهَا عَلَی أَعْدَائِهِ وَ هِیَ دَارُ مَمَرٍّ لَا دَارُ مُسْتَقَرٍّ وَ النَّاسُ فِیهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا(2) وَ رَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا إِنِ اعْذَوْذَبَ مِنْهَا جَانِبٌ فَحَلَا أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَی (3) أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ فِیهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ فَالْإِنْسَانُ فِیهَا غَرَضُ الْمَنَایَا مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ شَرَقٌ وَ مَعَ كُلِّ أَكْلَةٍ غُصَصٌ- لَا تُنَالُ مِنْهَا نِعْمَةٌ إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی.

«54»- وَ قَالَ یَوْماً فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ عِنْدَهُ وُجُوهُ النَّاسِ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِی دَهْرٍ عَنُودٍ وَ زَمَنٍ شَدِیدٍ یُعَدُّ فِیهِ الْمُحْسِنُ مُسِیئاً وَ یَزْدَادُ الظَّالِمُ فِیهِ عُتُوّاً- لَا نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا وَ لَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا وَ لَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّی تَحُلَّ بِنَا وَ النَّاسُ عَلَی أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنْهُمْ مَنْ لَا یَمْنَعُهُ الْفَسَادَ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَهَانَةُ نَفْسِهِ وَ كَلَالَةُ حَدِّهِ وَ نَضِیضُ وَفْرِهِ وَ مِنْهُمُ الْمُصْلِتُ بِسَیْفِهِ الْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ (4)

وَ الْمُجْلِبُ بِخَیْلِهِ وَ رَجِلِهِ قَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ وَ أَوْبَقَ دِینَهُ لِحُطَامٍ یَنْتَهِزُهُ أَوْ مِقْنَبٍ یَقُودُهُ أَوْ مِنْبَرٍ یَفْرَعُهُ (5) وَ لَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَی

ص: 4


1- 1. القلعة- بضم القاف- المال العاریة أو ما لا یدوم. و النجعة- بالضم- طلب الكلاء و قوله« هانت» من المهانة.
2- 2. أوبقها أی أهلكها و أذلها.
3- 3. أی یبتلی بالوباء.
4- 4. القارعة: الداهیة. و نض الماء نضیضا: سال قلیلا قلیلا. و اصلات السیف هو اعلان الشر و الفساد.
5- 5. الانتهاز: الانتظار. و المقنب: جماعة من الخیل تجتمع للغارة جمع مقانب. و فرع الجبل: صعده.

الدُّنْیَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً وَ مِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ عِوَضاً وَ مِنْهُمْ مَنْ یَطْلُبُ الدُّنْیَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَ لَا یَطْلُبُ الْآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْیَا قَدْ طَأْمَنَ مِنْ شَخْصِهِ وَ قَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ وَ شَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ (1)

وَ زَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْأَمَانَةِ وَ اتَّخَذَ سِرَّ اللَّهِ تَعَالَی ذَرِیعَةً إِلَی الْمَعْصِیَةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَقْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِهِ (2) وَ انْقِطَاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَی حَالِهِ فَتَحَلَّی بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ وَ تَزَیَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ وَ لَیْسَ مِنْ ذَلِكَ فِی مَرَاحٍ وَ لَا مَغْدًی (3) وَ بَقِیَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ وَ أَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ فَهُمْ بَیْنَ شَرِیدٍ نَاءٍ وَ خَائِفٍ مَقْمُوعٍ وَ سَاكِتٍ مَكْعُومٍ (4)

وَ دَاعٍ مُخْلِصٍ وَ ثَكْلَانَ مُوجَعٍ قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِیَّةُ وَ شَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ فَهُمْ فِی بَحْرٍ أُجَاجٍ أَفْوَاهُهُمْ خَامِرَةٌ(5)

وَ قُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ قَدْ وَعَظُوا حَتَّی مَلُّوا وَ قُهِرُوا حَتَّی ذَلُّوا وَ قُتِلُوا حَتَّی قَلُّوا فَلْتَكُنِ الدُّنْیَا عِنْدَكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ وَ قُرَاضَةِ الْجَلَمِ (6) وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَبْلَ أَنْ یَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ وَ ارْفُضُوهَا ذَمِیمَةً فَإِنَّهَا رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ فَیَا مَا أَغَرَّ خِدَاعَهَا مُرْضِعَةً وَ یَا مَا أَضَرَّ نَكَالَهَا فَاطِمَةً.

«55»- وَ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ وَ قَدِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ خَلْقٌ كَثِیرٌ: اتَّقُوا اللَّهَ فَمَا

ص: 5


1- 1. طأمن مقلوب طمأن أی سكن، و طأمن منه أی سكنه. و شمر ثوبه أی رفعه عن ساقیه للتنزّه و الاحتراز من النجاسة و القذارة.
2- 2. الضئولة- بالضم-: الحقارة. و رجل ضئیل أی ضعیف نحیف.
3- 3. المراح موضع یروح القوم منه أو إلیه. و المغدی اسم مكان من الغدو.
4- 4. المقموع: المقهور. و المكعوم: الملجم.
5- 5. خمر- كضرب و نصر-: سكت و لم یتكلم.
6- 6. الحثالة- بالضم- ما یسقط من قشر الشعیر و الأرز. و القرظ- بالتحریك- ورق السلم یدبغ به الادیم. و قراضة الجلم یعنی ریزه دم قیچی.

خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَیَلْهُوَ وَ لَا تُرِكَ سُدًی فَیَلْغُوَ وَ مَا دُنْیَاهُ الَّتِی تَحَسَّنَتْ لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الْآخِرَةِ الَّتِی قَبَّحَهَا سُوءُ ظَنِّهِ عِنْدَهُ وَ مَا الْمَغْرُورُ بِزُخْرُفِهَا الَّذِی بِنَاجٍ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِ عِنْدَ مَرَدِّهِ إِلَیْهِ.

«56»- وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ صِلَةٌ بَیْنَ الْإِخْوَانِ وَ دَالٌّ عَلَی الْمُرُوَّةِ وَ تُحْفَةٌ فِی الْمَجَالِسِ وَ صَاحِبٌ فِی السَّفَرِ وَ مُونِسٌ فِی الْغُرْبَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْعَالِمَ الْفَقِیهَ الزَّاهِدَ الْخَاشِعَ الْحَیِیَّ الْعَلِیمَ الْحَسَنَ الْخُلُقِ الْمُقْتَصِدَ الْمُنْصِفَ.

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَوَاضَعَ لِلْمُتَعَلِّمِینَ وَ ذَلَّ لِلْعُلَمَاءِ سَادَ بِعِلْمِهِ فَالْعِلْمُ یَرْفَعُ الْوَضِیعَ وَ تَرْكُهُ یَضَعُ الرَّفِیعَ وَ رَأْسُ الْعِلْمِ التَّوَاضُعُ وَ بَصَرُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ وَ سَمْعُهُ الْفَهْمُ وَ لِسَانُهُ الصِّدْقُ وَ قَلْبُهُ حُسْنُ النِّیَّةِ وَ عَقْلُهُ مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْأُمُورِ وَ مِنْ ثَمَرَاتِهِ التَّقْوَی وَ اجْتِنَابُ الْهَوَی وَ اتِّبَاعُ الْهُدَی وَ مُجَانَبَةُ الذُّنُوبِ وَ مَوَدَّةُ الْإِخْوَانِ وَ الِاسْتِمَاعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَ الْقَبُولُ مِنْهُمْ وَ مِنْ ثَمَرَاتِهِ تَرْكُ الِانْتِقَامِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَ اسْتِقْبَاحُ مُقَارَفَةِ الْبَاطِلِ وَ اسْتِحْسَانُ مُتَابَعَةِ الْحَقِّ وَ قَوْلُ الصِّدْقِ وَ التَّجَافِی عَنْ سُرُورٍ فِی غَفْلَةٍ وَ عَنْ فِعْلِ مَا یُعْقِبُ نَدَامَةً وَ الْعِلْمُ یَزِیدُ الْعَاقِلَ عَقْلًا وَ یُورِثُ مُتَعَلِّمَهُ صِفَاتِ حَمْدٍ فَیَجْعَلُ الْحَلِیمَ أَمِیراً وَ ذَا الْمَشُورَةِ وَزِیراً وَ یَقْمَعُ الْحِرْصَ وَ یَخْلَعُ الْمَكْرَ وَ یُمِیتُ الْبُخْلَ وَ یَجْعَلُ مُطْلَقَ الْوَحْشِ مَأْسُوراً(1) وَ بَعِیدَ السَّدَادِ قَرِیباً.

«58»- وَ قَالَ علیه السلام(2): الْعَقْلُ عَقْلَانِ عَقْلُ الطَّبْعِ وَ عَقْلُ التَّجْرِبَةِ وَ كِلَاهُمَا یُؤَدِّی إِلَی الْمَنْفَعَةِ وَ الْمَوْثُوقُ بِهِ صَاحِبُ الْعَقْلِ وَ الدِّینِ وَ مَنْ فَاتَهُ الْعَقْلُ وَ الْمُرُوَّةُ فَرَأْسُ مَالِهِ الْمَعْصِیَةُ وَ صَدِیقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ وَ لَیْسَ الْعَاقِلُ مَنْ یَعْرِفُ الْخَیْرَ مِنَ الشَّرِّ وَ لَكِنَّ الْعَاقِلَ مَنْ یَعْرِفُ خَیْرَ الشَّرَّیْنِ وَ مُجَالَسَةُ الْعُقَلَاءِ تَزِیدُ فِی الشَّرَفِ وَ الْعَقْلُ الْكَامِلُ قَاهِرُ الطَّبْعِ السَّوْءِ وَ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یُحْصِیَ عَلَی نَفْسِهِ مَسَاوِیَهَا فِی الدِّینِ وَ الرَّأْیِ وَ الْأَخْلَاقِ وَ الْأَدَبِ فَیَجْمَعَ ذَلِكَ فِی صَدْرِهِ أَوْ فِی كِتَابٍ

ص: 6


1- 1. المأسور: الاسیر.
2- 2. مطالب السئول ص 49.

وَ یَعْمَلَ فِی إِزَالَتِهَا.

«59»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِنْسَانُ (1)

عَقْلٌ وَ صُورَةٌ فَمَنْ أَخْطَأَهُ الْعَقْلُ وَ لَزِمَتْهُ الصُّورَةُ لَمْ یَكُنْ كَامِلًا وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا رُوحَ فِیهِ وَ مَنْ طَلَبَ الْعَقْلَ الْمُتَعَارَفَ فَلْیَعْرِفْ صُورَةَ الْأُصُولِ وَ الْفُضُولِ فَإِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ یَطْلُبُونَ الْفُضُولَ وَ یَضَعُونَ الْأُصُولَ فَمَنْ أَحْرَزَ الْأَصْلَ اكْتَفَی بِهِ عَنِ الْفَضْلِ وَ أَصْلُ الْأُمُورِ فِی الْإِنْفَاقِ طَلَبُ الْحَلَالِ لِمَا یُنْفِقُ وَ الرِّفْقُ فِی الطَّلَبِ وَ أَصْلُ الْأُمُورِ فِی الدِّینِ أَنْ یَعْتَمِدَ عَلَی الصَّلَوَاتِ وَ یَجْتَنِبَ الْكَبَائِرَ وَ أُلْزِمَ ذَلِكَ لُزُومَ مَا لَا غِنَی عَنْهُ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ إِنَّ حُرْمَتَهُ هُلْكٌ فَإِنْ جَاوَزْتَهُ إِلَی الْفِقْهِ وَ الْعِبَادَةِ فَهُوَ الْحَظُّ وَ إِنَّ أَصْلَ الْعَقْلِ الْعَفَافُ وَ ثَمَرَتَهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْآثَامِ وَ أَصْلَ الْعَفَافِ الْقَنَاعَةُ وَ ثَمَرَتَهَا قِلَّةُ الْأَحْزَانِ وَ أَصْلَ النَّجْدَةِ الْقُوَّةُ وَ ثَمَرَتَهَا الظَّفَرُ وَ أَصْلَ الْعَقْلِ (2) الْقُدْرَةُ وَ ثَمَرَتَهَا السُّرُورُ وَ لَا یُسْتَعَانُ عَلَی الدَّهْرِ إِلَّا بِالْعَقْلِ وَ لَا عَلَی الْأَدَبِ إِلَّا بِالْبَحْثِ وَ لَا عَلَی الْحَسَبِ إِلَّا بِالْوَفَاءِ وَ لَا عَلَی الْوَقَارِ إِلَّا بِالْمَهَابَةِ وَ لَا عَلَی السُّرُورِ إِلَّا بِاللِّینِ وَ لَا عَلَی اللُّبِّ إِلَّا بِالسَّخَاءِ وَ لَا عَلَی الْبَذْلِ إِلَّا بِالْتِمَاسِ الْمُكَافَاةِ وَ لَا عَلَی التَّوَاضُعِ إِلَّا بِسَلَامَةِ الصَّدْرِ وَ كُلُّ نَجْدَةٍ یَحْتَاجُ إِلَی الْعَقْلِ وَ كُلُّ مَعُونَةٍ تَحْتَاجُ إِلَی التَّجَارِبِ وَ كُلُّ رِفْعَةٍ یَحْتَاجُ إِلَی حُسْنِ أُحْدُوثَةٍ وَ كُلُّ سُرُورٍ یَحْتَاجُ إِلَی أَمْنٍ وَ كُلُّ قَرَابَةٍ یَحْتَاجُ إِلَی مَوَدَّةٍ وَ كُلُّ عِلْمٍ یَحْتَاجُ إِلَی قُدْرَةٍ وَ كُلُّ مَقْدُرَةٍ تَحْتَاجُ إِلَی بَذْلٍ وَ لَا تَعَرَّضْ لِمَا لَا یَعْنِیكَ بِتَرْكِ مَا یَعْنِیكَ فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ قَدْ أَعْطَبَهُ ذَلِكَ.

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَسْتَرْشِدْ إِلَی الْحَزْمِ بِغَیْرِ دَلِیلِ الْعَقْلِ فَتُخْطِئَ مِنْهَاجَ الرَّأْیِ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَقْلِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ بِنَفْسِهِ وَ أَفْضَلَ الْعِلْمِ وُقُوفُ الرَّجُلِ عِنْدَ عِلْمِهِ وَ أَفْضَلَ الْمُرُوَّةِ اسْتِبْقَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ وَجْهِهِ وَ أَفْضَلَ الْمَالِ مَا وُقِیَ بِهِ الْعِرْضُ وَ قُضِیَتْ بِهِ الْحُقُوقُ.

«61»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا انْتَفَعْتُ بِكَلَامٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانْتِفَاعِی

ص: 7


1- 1. المصدر ص 49.
2- 2. كذا و فی بعض النسخ« أصل الفعل».

بِكِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَیَّ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَیَّ أَمَّا بَعْدُ(1)

فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ یَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ یَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ فَلْیَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ وَ لْیَكُنْ أَسَفُكَ عَلَی مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَ مَا نِلْتَ مِنْ دُنْیَاكَ فَلَا تُكْثِرَنَّ بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَكَ مِنْهُ فَلَا تَأْسَ عَلَیْهِ جَزَعاً وَ لْیَكُنْ هَمُّكَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ السَّلَامُ.

«62»- وَ قَالَ علیه السلام لِجَمَاعَةٍ: خُذُوا عَنِّی هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَلَوْ رَكِبْتُمُ الْمَطِیَّ حَتَّی تُنْضُوهَا مَا أَصَبْتُمْ مِثْلَهَا(2)

لَا یَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِی إِذَا لَمْ یَعْلَمْ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ لَا یَسْتَحِی إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَیْرَ فِی جَسَدٍ لَا رَأْسَ لَهُ فَاصْبِرُوا عَلَی مَا كُلِّفْتُمُوهُ رَجَاءَ مَا وُعِدْتُمُوهُ.

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: الشَّیْ ءُ شَیْئَانِ شَیْ ءٌ قُصِرَ عَنِّی لَمْ أُرْزَقْهُ فِیمَا مَضَی وَ لَا أَرْجُوهُ فِیمَا بَقِیَ وَ شَیْ ءٌ لَا أَنَالُهُ دُونَ وَقْتِهِ وَ لَوِ اسْتَعَنْتُ عَلَیْهِ بِقُوَّةِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَمَا أَعْجَبَ أَمْرَ هَذَا الْإِنْسَانِ یَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ وَ لَوْ أَنَّهُ فَكَّرَ لَأَبْصَرَ وَ لَعَلِمَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَ اقْتَصَرَ عَلَی مَا تَیَسَّرَ وَ لَمْ یَتَعَرَّضْ لِمَا تَعَسَّرَ وَ اسْتَرَاحَ قَلْبَهُ مِمَّا اسْتَوْعَرَ فَبِأَیِّ هَذَیْنِ أُفْنِی عُمُرِی فَكُونُوا أَقَلَّ مَا یَكُونُونَ فِی الْبَاطِنِ أَمْوَالًا أَحْسَنَ مَا یَكُونُونَ فِی الظَّاهِرِ أَحْوَالًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَدَّبَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ الْعَارِفِینَ أَدَباً حَسَناً فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ- یَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِیاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِیماهُمْ لا یَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً(3).

«64»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَكُونُ غَنِیّاً حَتَّی یَكُونَ عَفِیفاً وَ لَا یَكُونُ زَاهِداً حَتَّی یَكُونَ مُتَوَاضِعاً وَ لَا یَكُونُ حَلِیماً حَتَّی یَكُونَ وَقُوراً وَ لَا یَسْلَمُ لَكَ قَلْبُكَ حَتَّی تُحِبَّ لِلْمُؤْمِنِینَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ یَرْتَكِبَ مَا نُهِیَ عَنْهُ وَ كَفَی بِهِ عَقْلًا

ص: 8


1- 1. المصدر ص 55. و فی النهج مثله.
2- 2. أنضی البعیر: هزله.
3- 3. البقرة: 273.

أَنْ یُسْلَمَ عَنْ شَرِّهِ فَأَعْرِضْ عَنِ الْجَهْلِ وَ أَهْلِهِ وَ اكْفُفْ عَنِ النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ یُكَفَّ عَنْكَ وَ أَكْرِمْ مَنْ صَافَاكَ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ وَ أَلِنْ جَانِبَكَ وَ اكْفُفْ عَنِ الْأَذَی وَ اصْفَحْ عَنْ سُوءِ الْأَخْلَاقِ وَ لْتَكُنْ یَدُكَ الْعُلْیَا إِنِ اسْتَطَعْتَ وَ وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَی الصَّبْرِ عَلَی مَا أَصَابَكَ وَ أَلْهِمْ نَفْسَكَ الْقُنُوعَ وَ اتَّهِمِ الرَّجَاءَ وَ أَكْثِرِ الدُّعَاءَ تَسْلَمْ مِنْ سَوْرَةِ الشَّیْطَانِ وَ لَا تُنَافِسْ عَلَی الدُّنْیَا وَ لَا تَتَّبِعِ الْهَوَی وَ تَوَسَّطْ فِی الْهِمَّةِ تَسْلَمْ مِمَّنْ یَتَّبَّعُ عَثَرَاتِكَ وَ لَا تَكُ صَادِقاً حَتَّی تَكْتُمَ بَعْضَ مَا تَعْلَمُ احْلُمْ عَنِ السَّفِیهِ یَكْثُرْ أَنْصَارُكَ عَلَیْهِ عَلَیْكَ بِالشِّیَمِ الْعَالِیَةِ تَقْهَرْ مَنْ یُعَادِیكَ قُلِ الْحَقَّ وَ قَرِّبِ الْمُتَّقِینَ وَ اهْجُرِ الْفَاسِقِینَ وَ جَانِبِ الْمُنَافِقِینَ وَ لَا تُصَاحِبِ الْخَائِنِینَ.

«65»- وَ قَالَ علیه السلام: قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تُكَفَّ بِهَا وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَزْدَدْ مِنْهَا وَ قُلْ إِذَا أَبْطَأَتْ عَلَیْكَ الْأَرْزَاقُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ یُوَسَّعْ عَلَیْكَ عَلَیْكَ بِالْمَحَجَّةِ الْوَاضِحَةِ الَّتِی لَا تُخْرِجُكَ إِلَی عِوَجٍ وَ لَا تَرُدُّكَ عَنْ مَنْهَجٍ النَّاسُ ثَلَاثٌ عَالِمٌ رَبَّانِیٌّ وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِیلِ النَّجَاةِ وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الشَّرَفِ التَّوَاضُعُ مِفْتَاحُ الْغِنَی الْیَقِینُ مِفْتَاحُ الْكَرَمِ التَّقْوَی مَنْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ شَرِیفاً فَیَلْزَمُ التَّوَاضُعَ عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ الطُّمَأْنِینَةُ قَبْلَ الْحَزْمِ ضِدُّ الْحَزْمِ الْمُغْتَبَطُ مَنْ حَسُنَ یَقِینُهُ.

«66»- وَ قَالَ علیه السلام: اللَّهْوُ یُسْخِطُ الرَّحْمَنَ وَ یُرْضِی الشَّیْطَانَ وَ یُنْسِی الْقُرْآنَ عَلَیْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّادِقِینَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دِینَهُ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبُ الْإِیمَانِ وَ الصَّادِقُ عَلَی سَبِیلِ نَجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ وَ الْكَاذِبُ عَلَی شَفَا هَلْكٍ وَ هَوْنٍ قُولُوا الْحَقَّ تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا الْحَقَّ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ لَا تَخُونُوا مَنْ خَانَكُمْ وَ صِلُوا أَرْحَامَ مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَی مَنْ حَرَمَكُمْ أَوْفُوا إِذَا عَاهَدْتُمْ وَ اعْدِلُوا إِذَا حَكَمْتُمْ- لَا تَفَاخَرُوا بِالْآبَاءِ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ وَ لَا تَحَاسَدُوا وَ لَا تَبَاغَضُوا وَ لَا تَقَاطَعُوا وَ أَفْشُوا السَّلَامَ وَ رُدُّوا التَّحِیَّةَ بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَ ارْحَمُوا الْأَرْمَلَةَ وَ الْیَتِیمَ وَ أَعِینُوا الضَّعِیفَ وَ الْمَظْلُومَ وَ أَطِیبُوا الْمَكْسَبَ وَ أَجْمِلُوا فِی الطَّلَبِ.

ص: 9

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدَّةَ لِمَلُولٍ وَ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا شَرَفَ لِبَخِیلٍ وَ لَا هِمَّةَ لِمَهِینٍ وَ لَا سَلَامَةَ لِمَنْ أَكْثَرَ مُخَالَطَةَ النَّاسِ الْوَحْدَةُ رَاحَةٌ وَ الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ وَ الْقَنَاعَةُ غُنْیَةٌ وَ الِاقْتِصَادُ بُلْغَةٌ(1)

وَ عَدْلُ السُّلْطَانِ خَیْرٌ مِنْ خِصْبِ الزَّمَانِ وَ الْعَزِیزُ بِغَیْرِ اللَّهِ ذَلِیلٌ وَ الْغَنِیُّ الشَّرِهُ فَقِیرٌ(2)

لَا یُعْرَفُ النَّاسُ إِلَّا بِالاخْتِبَارِ فَاخْتَبِرْ أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ فِی غَیْبَتِكَ وَ صَدِیقَكَ فِی مُصِیبَتِكَ وَ ذَا الْقَرَابَةِ عِنْدَ فَاقَتِكَ وَ ذَا التَّوَدُّدِ وَ الْمَلَقِ عِنْدَ عُطْلَتِكَ (3)

لِتَعْلَمَ بِذَلِكَ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَهُمْ وَ احْذَرْ مِمَّنْ إِذَا حَدَّثْتَهُ مَلَّكَ وَ إِذَا حَدَّثَكَ غَمَّكَ وَ إِنْ سَرَرْتَهُ أَوْ ضَرَرْتَهُ سَلَكَ فِیهِ مَعَكَ سَبِیلَكَ وَ إِنْ فَارَقَكَ سَاءَكَ مَغِیبُهُ بِذِكْرِ سَوْأَتِكَ وَ إِنْ مَانَعْتَهُ بَهَتَكَ وَ افْتَرَی وَ إِنْ وَافَقْتَهُ حَسَدَكَ وَ اعْتَدَی وَ إِنْ خَالَفْتَهُ مَقَتَكَ وَ مَارَی (4)

یَعْجِزُ عَنْ مُكَافَاةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْهِ وَ یُفْرِطُ عَلَی مَنْ بَغَی عَلَیْهِ یُصْبِحُ صَاحِبُهُ فِی أَجْرٍ وَ یُصْبِحُ هُوَ فِی وِزْرٍ لِسَانُهُ عَلَیْهِ لَا لَهُ وَ لَا یَضْبِطُ قَلْبُهُ قَوْلَهُ یَتَعَلَّمُ لِلْمِرَاءِ وَ یَتَفَقَّهُ لِلرِّیَاءِ یُبَادِرُ الدُّنْیَا وَ یُؤَاكِلُ التَّقْوَی فَهُوَ بَعِیدٌ مِنَ الْإِیمَانِ قَرِیبٌ مِنَ النِّفَاقِ مُجَانِبٌ لِلرُّشْدِ مُوَافِقٌ لِلْغَیِّ فَهُوَ بَاغٍ غَاوٍ لَا یَذْكُرُ الْمُهْتَدِینَ.

«68»- وَ قَالَ علیه السلام(5): لَا تُحَدِّثْ مِنْ غَیْرِ ثِقَةٍ فَتَكُونَ كَذَّاباً وَ لَا تُصَاحِبْ هَمَّازاً فَتُعَدَّ مُرْتَاباً وَ لَا تُخَالِطْ ذَا فُجُورٍ فَتُرَی مُتَّهَماً وَ لَا تُجَادِلْ عَنِ الْخَائِنِینَ فَتُصْبِحَ مَلُوماً وَ قَارِنْ أَهْلَ الْخَیْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَایِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ وَ اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ وَ احْذَرِ اللَّجَاجَ تَنْجُ مِنْ كَبْوَتِهِ (6)

وَ لَا تَخُنْ مَنِ ائْتَمَنَكَ وَ إِنْ خَانَكَ فِی أَمَانَتِهِ وَ لَا

ص: 10


1- 1. الغنیة- بالضم- الیسار و الكفایة. و البلغة- بالضم أیضا-: ما یكفی من العیش و لا یفضل.
2- 2. الشره: الحریص.
3- 3. العطلة- بالضم-: البقاء بلا عمل. و المراد الفقر.
4- 4. المماراة: المنازعة و المجادلة.
5- 5. مطالب السئول ص 56.
6- 6. الكبوة السقوط علی الوجه.

تُذِعْ سِرَّ مَنْ أَذَاعَ سِرَّكَ وَ لَا تُخَاطِرْ بِشَیْ ءٍ رَجَاءَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَ خُذِ الْفَضْلَ وَ أَحْسِنِ الْبَذْلَ وَ قُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَ لَا تَتَّخِذْ عَدُوَّ صَدِیقِكَ صَدِیقاً فَتُعَادِیَ صَدِیقَكَ وَ سَاعِدْ أَخَاكَ وَ إِنْ جَفَاكَ وَ إِنْ قَطَعْتَهُ فَاسْتَبْقِ لَهُ بَقِیَّةً مِنْ نَفْسِكَ وَ لَا تُضِیعَنَّ حَقَّ أَخِیكَ فَتَعْدَمَ أُخُوَّتَهُ وَ لَا یَكُنْ أَشْقَی النَّاسِ بِكَ أَهْلُكَ وَ لَا تَرْغَبَنَّ فِیمَنْ زَهِدَ فِیكَ وَ لَیْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ عَاقِبَةَ الْكَذِبِ الذَّمُّ وَ عَاقِبَةَ الصِّدْقِ النَّجَاةُ.

«69»- وَ نُقِلَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ رَأَی جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَدْ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ(1) فَقَالَ علیه السلام یَا جَابِرُ عَلَامَ تَنَفُّسُكَ أَ عَلَی الدُّنْیَا فَقَالَ جَابِرٌ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ یَا جَابِرُ مَلَاذُّ الدُّنْیَا سَبْعَةٌ الْمَأْكُولُ وَ الْمَشْرُوبُ وَ الْمَلْبُوسُ وَ الْمَنْكُوحُ وَ الْمَرْكُوبُ وَ الْمَشْمُومُ وَ الْمَسْمُوعُ فَأَلَذُّ الْمَأْكُولَاتِ الْعَسَلُ وَ هُوَ بَصْقٌ مِنْ ذُبَابَةٍ وَ أَحْلَی الْمَشْرُوبَاتِ الْمَاءُ وَ كَفَی بِإِبَاحَتِهِ وَ سِبَاحَتِهِ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَعْلَی

الْمَلْبُوسَاتِ الدِّیبَاجُ وَ هُوَ مِنْ لُعَابِ دُودَةٍ وَ أَعْلَی الْمَنْكُوحَاتِ النِّسَاءُ وَ هُوَ مَبَالٌ فِی مَبَالٍ وَ مِثَالٌ لِمِثَالٍ وَ إِنَّمَا یُرَادُ أَحْسَنُ مَا فِی الْمَرْأَةِ لِأَقْبَحِ مَا فِیهَا وَ أَعْلَی الْمَرْكُوبَاتِ الْخَیْلُ وَ هُوَ قَوَاتِلُ وَ أَجَلُّ الْمَشْمُومَاتِ الْمِسْكُ وَ هُوَ دَمٌ مِنْ سُرَّةِ دَابَّةٍ وَ أَجَلُّ الْمَسْمُوعَاتِ الْغِنَاءُ وَ التَّرَنُّمُ وَ هُوَ إِثْمٌ فَمَا هَذِهِ صِفَتُهُ لَمْ یَتَنَفَّسْ عَلَیْهِ عَاقِلٌ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا خَطَرَتِ الدُّنْیَا بَعْدَهَا عَلَی قَلْبِی.

«70»- وَ قَالَ علیه السلام فِی الْأَمْثَالِ: بِالصَّبْرِ یُنَاضَلُ (2) الْحَدَثَانُ الْجَزَعُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِرْمَانِ الْعَدْلُ مَأْلُوفٌ وَ الْهَوَی عَسُوفٌ (3)

وَ الْهِجْرَانُ عُقُوبَةُ الْعِشْقِ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ- لَا تَأْمَنَنَّ مَلُولًا إِزَالَةُ الرَّوَاسِی أَسْهَلُ مِنْ تَأْلِیفِ الْقُلُوبِ الْمُتَنَافِرَةِ مَنِ اتَّبَعَ الْهَوَی ضَلَّ الشَّجَاعَةُ صَبْرُ سَاعَةٍ خَیْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا الْقَلْبُ بِالتَّعَلُّلِ رَهِینٌ مَنْ وَمَقَكَ

ص: 11


1- 1. الصعداء- بضم الصاد و فتح العین المهملتین- التنفس الطویل من هم أو تعب.
2- 2. ناضلة مناضلة: باراه فی رمی السهام و ناضل عنه: حامی و جادل و دافع عنه. و حدثان الدهر- بكسر الحاء و فتحها- نوائبه و مصائبه.
3- 3. العسوف- بفتح العین- الشدید العسف أی الجور. و الظلم.

أَعْتَبَكَ (1)

الْقِلَّةُ ذِلَّةٌ الْمَجَاعَةُ مَسْكَنَةٌ خَیْرُ أَهْلِكَ مَنْ كَفَاكَ تَرْكُ الْخَطِیئَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ مَنْ وَلِعَ بِالْحَسَدِ وَلِعَ بِهِ الشُّؤْمُ كَمْ تَلِفَ مَنْ صَلِفَ كَمْ قَرَفَ مَنْ سَرَفَ (2)

عَدُوٌّ عَاقِلٌ خَیْرٌ مِنْ صَدِیقٍ أَحْمَقَ التَّوْفِیقُ مِنَ السَّعَادَةِ وَ الْخِذْلَانُ مِنَ الشَّقَاوَةِ مَنْ بَحَثَ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ فَبِنَفْسِهِ بَدَأَ مَنْ كَانَ فِی حَاجَةِ أَخِیهِ كَانَ اللَّهُ فِی حَاجَتِهِ مَنْ سَلِمَ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ كَانَ سَعِیداً مَنْ صَحِبَ الْمُلُوكَ تَشَاغَلَ بِالدُّنْیَا الْفَقْرُ طَرَفٌ مِنَ الْكُفْرِ مَنْ وَقَعَ فِی أَلْسِنَةِ النَّاسِ هَلَكَ مَنْ تَحَفَّظَ مِنْ سَقَطِ الْكَلَامِ أَفْلَحَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ كَمْ مِنْ غَرِیبٍ خَیْرٌ مِنْ قَرِیبٍ لَوْ أُلْقِیَتِ الْحِكْمَةُ عَلَی الْجِبَالِ لَقَلْقَلَتْهَا(3) كَمْ مِنْ غَرِیقٍ هَلَكَ فِی بَحْرِ الْجَهَالَةِ وَ كَمْ عَالِمٍ قَدْ أَهْلَكَتْهُ الدُّنْیَا خَیْرُ إِخْوَانِكَ مَنْ وَاسَاكَ وَ خَیْرٌ مِنْهُ مَنْ كَفَاكَ خَیْرُ مَالِكَ مَا أَعَانَكَ عَلَی حَاجَتِكَ خَیْرُ مَنْ صَبَرْتَ عَلَیْهِ مَنْ لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ أَحَقُّ مَنْ أَطَعْتَ مُرْشِدٌ لَا یَعْصِیكَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا جَمَعَ لِغَیْرِهِ الْمَعْرُوفُ فَرْضٌ وَ الْأَیَّامُ دُوَلٌ عِنْدَ تَنَاهِی الْبَلَاءِ یَكُونُ الْفَرَجُ مَنْ كَانَ فِی النِّعْمَةِ جَهِلَ قَدْرَ الْبَلِیَّةِ مَنْ قَلَّ سُرُورُهُ كَانَ فِی الْمَوْتِ رَاحَتُهُ قَدْ یَنْمِی الْقَلِیلُ فَیَكْثُرُ وَ یَضْمَحِلُّ الْكَثِیرُ فَیَذْهَبُ رُبَّ أُكْلَةٍ یَمْنَعُ الْأَكَلَاتِ أَفْلَجُ النَّاسِ حُجَّةً مَنْ شَهِدَ لَهُ خَصْمُهُ بِالْفَلْجِ (4) السُّؤَالُ مَذَلَّةٌ وَ الْعَطَاءُ مَحَبَّةٌ مَنْ حَفَرَ لِأَخِیهِ بِئْراً كَانَ بِتَرَدِّیهِ فِیهَا جَدِیراً امْلِكْ عَلَیْكَ لِسَانَكَ حُسْنُ التَّدْبِیرِ مَعَ الْكَفَافِ أَكْفَی مِنَ الْكَثِیرِ مَعَ الْإِسْرَافِ الْفَاحِشَةُ كَاسْمِهَا مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرْقَةٌ مَعَ كُلِّ أُكْلَةٍ غُصَّةٌ بِحَسَبِ السُّرُورِ یَكُونُ التَّنْغِیصُ الْهَوَی یَهْوِی بِصَاحِبِ الْهَوَی عَدُوُّ الْعَقْلِ الْهَوَی اللَّیْلُ أَخْفَی لِلْوَیْلِ صُحْبَةُ الْأَشْرَارِ تُورِثُ سُوءَ الظَّنِّ بِالْأَخْیَارِ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ رُبَّ كَثِیرٍ هَاجَهُ صَغِیرٌ رُبَّ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ الْحُرُّ حُرٌّ وَ لَوْ مَسَّهُ الضُّرُّ مَا ضَلَّ مَنِ

ص: 12


1- 1. ومقه: أحبه.
2- 2. الصلف: التملق. و القرف: النكس من مرض.
3- 3. القلقلة: التحریك.
4- 4. الفلج: الظفر.

اسْتَرْشَدَ وَ لَا حَارَ مَنِ اسْتَشَارَ الْحَازِمُ لَا یَسْتَبِدُّ بِرَأْیِهِ آمَنُ مِنْ نَفْسِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَثِقْتَ بِهِ عَلَی سِرِّكَ الْمَوَدَّةُ بَیْنَ الْآبَاءِ قَرَابَةٌ بَیْنَ الْأَبْنَاءِ.

«71»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُ عَلَیْهِ وَ مَنْ بَالَغَ فِی الْخُصُومَةِ أَثِمَ وَ مَنْ قَصَّرَ فِیهَا ظُلِمَ مَنْ كَرُمَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَیْهِ شَهْوَتُهُ إِنَّهُ لَیْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِیعُوهَا إِلَّا بِهَا مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِكِبَارِهَا الْوِلَایَاتُ مَضَامِیرُ الرِّجَالِ لَیْسَ بَلَدٌ أَحَقَّ مِنْكَ مِنْ بَلَدٍ وَ خَیْرُ الْبِلَادِ مَنْ حَمَلَكَ إِذَا كَانَ فِی الرَّجُلِ خُلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا الْغِیبَةُ جُهْدُ الْعَاجِزِ رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ مَا لِابْنِ آدَمَ وَ الْفَخْرِ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَ آخِرُهُ جِیفَةٌ- لَا یَرْزُقُ نَفْسَهُ وَ لَا یَمْنَعُ حَتْفَهُ الدُّنْیَا تَغُرُّ وَ تَضُرُّ وَ تَمُرُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَرْضَهَا ثَوَاباً بِأَوْلِیَائِهِ وَ لَا عِقَاباً لِأَعْدَائِهِ وَ إِنَّ أَهْلَ الدُّنْیَا كَرَكْبٍ بَیْنَا هُمْ حَلُّوا إِذْ صَاحَ سَائِقُهُمْ فَارْتَحِلُوا مَنْ صَارَعَ الْحَقَّ صَرَعَهُ الْقَلْبُ مُصْحَفُ الْبَصَرِ(1)

التُّقَی رَئِیسُ الْأَخْلَاقِ مَا أَحْسَنَ تَوَاضُعَ الْأَغْنِیَاءِ لِلْفُقَرَاءِ طَلَباً لِمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ تِیهُ الْفُقَرَاءِ عَلَی الْأَغْنِیَاءِ اتِّكَالًا عَلَی اللَّهِ كُلُّ مُقْتَصَرٍ عَلَیْهِ كَافٍ (2) الدَّهْرُ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِنْ كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِنْ كَانَ عَلَیْكَ فَلَا تَضْجَرْ مَنْ طَلَبَ شَیْئاً نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ الرُّكُونُ إِلَی الدُّنْیَا مَعَ مَا یُعَایَنُ مِنْهَا جَهْلٌ وَ التَّقْصِیرُ فِی حُسْنِ الْعَمَلِ مَعَ الْوُثُوقِ بِالثَّوَابِ عَلَیْهِ غَبْنٌ وَ الطُّمَأْنِینَةُ إِلَی كُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ الِاخْتِبَارِ عَجْزٌ وَ الْبُخْلُ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْأَخْلَاقِ نِعَمُ اللَّهِ عَلَی الْعَبْدِ مَجْلَبَةٌ لِحَوَائِجِ النَّاسِ إِلَیْهِ فَمَنْ قَامَ لِلَّهِ فِیهَا بِمَا یَجِبُ عَرَضَهَا لِلدَّوَامِ وَ الْبَقَاءِ وَ مَنْ لَمْ یَقُمْ فِیهَا بِمَا یَجِبُ عَرَضَهَا لِلزَّوَالِ وَ الْفَنَاءِ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ النَّصَبِ وَ الْحَسَدُ مَطِیَّةُ التَّعَبِ مَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِیمَا یَعْنِیهِ مَنْ نَظَرَ فِی عُیُوبِ النَّاسِ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ حَبَّبَهَا(3)

لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ بِعَیْنِهِ الْعَفَافُ

ص: 13


1- 1. استعار لفظ المصحف للقلب باعتبار انتقاشه بصور ما ینبغی التكلم به فی لوح الخیال و ادراك الحس المشترك له من باطن فهو كالمصحف یقرأ منه.
2- 2. أی كل ما یمكن الاقتصار علیه فهو كاف.
3- 3. فی بعض النسخ« ثم رضیها».

زِینَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی رَسُولُكَ تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ وَ كِتَابُكَ أَبْلَغُ مَا یَنْطِقُ عَنْكَ النَّاسُ أَبْنَاءُ الدُّنْیَا وَ لَا یُلَامُ الرَّجُلُ عَلَی حُبِّ أُمِّهِ الطَّمَعُ ضَامِنٌ غَیْرُ وَفِیٍّ وَ الْأَمَانِیُّ تُعْمِی أَعْیُنَ الْبَصَائِرِ- لَا تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ لَا رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لَا قَائِدَ كَالتَّوْفِیقِ وَ لَا حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لَا شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لَا وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ لَا قَرِینَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ.

«72»- وَ سَمِعَ علیه السلام(1)

رَجُلًا مِنَ الْحَرُورِیَّةِ یَقْرَأُ وَ یَتَهَجَّدُ فَقَالَ نَوْمٌ عَلَی یَقِینٍ خَیْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِی شَكٍّ إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلَامُ قَدْرُ الرَّجُلِ قَدْرُ هِمَّتِهِ قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوهُ أَنْفَاسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَی أَجَلِهِ.

«73»- وَ قَالَ علیه السلام: أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ(2) وَ عُمِّرَتْ بِالْآمَالِ وَ تَزَیَّنَتْ بِالْغُرُورِ وَ لَا یُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا وَ لَا یَدُومُ حَبْرَتُهَا(3)

ضَرَّارَةٌ غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ زَائِلَةٌ بَائِدَةٌ أَكَّالَةٌ عَوَّالَةٌ- لَا تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَی أُمْنِیَّةِ أَهْلِ الرِّضَا بِهَا(4)

وَ الرَّغْبَةِ فِیهَا أَنْ یَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (5)

كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ (6) عَلَی أَنَّ امْرَأً لَمْ یَكُنْ فِیهَا فِی حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً وَ لَمْ یَلْقَ

ص: 14


1- 1. مطالب السئول ص 57.
2- 2. أی صارت محبوبة للناس بكونها لذة عاجلة. و النفوس مولعة بحب العاجل.
3- 3. الحبرة: النعمة و السرور.
4- 4. باد أی هلك. و غاله: أهلكه. و عداه یعدوه: جاوزه. و الامنیة: ما یتمناه الإنسان أی یریده و یأمله.
5- 5. الكهف 45.
6- 6. أی غایة موافقة الدنیا لأهلها لا یجاوز المثل المضروب لها فی الكتاب الكریم و المراد بالماء المطر، و اختلاط النبات به دخوله فی خلل النبات عند النمو. و الهشیم نبت یابس مكسر. و تذروه الریاح أی تطیره فیصیر كأنّ لم یكن.

مِنْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً(1)

وَ لَمْ تَطُلَّهُ فِیهَا دِیمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَنَتْ عَلَیْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ(2) وَ حَرِیٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ متنصرة [مُنْتَصِرَةً] أَنْ تُمْسِیَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً فَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ لِامْرِئٍ وَ احْلَوْلَی أَمَرَّ عَلَیْهِ جَانِبٌ فَأَوْبَی وَ إِنْ لَقِیَ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً زَوَّدَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً وَ لَا یُمْسِی امْرُؤٌ مِنْهَا فِی جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ فِی خَوَافِی خَوْفٍ (3) غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِیهَا فَانِیَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَیْهَا مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا یُؤْمِنُهُ (4) وَ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ یَدُمْ لَهُ وَ زَالَ عَمَّا قَلِیلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَ ذِی طُمَأْنِینَةٍ إِلَیْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ وَ ذِی خُدَعٍ قَدْ خَدَعَتْهُ وَ ذِی أُبَّهَةٍ قَدْ صَیَّرَتْهُ حَقِیراً وَ ذِی نَخْوَةٍ قَدْ صَیَّرَتْهُ خَائِفاً فَقِیراً وَ ذِی تَاجٍ قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْیَدَیْنِ وَ الْفَمِ سُلْطَانُهَا دُوَلٌ وَ عَیْشُهَا رَنِقٌ (5)

وَ عَذْبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلْوُهَا صَبِرٌ وَ غِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَ أَسْبَابُهَا رِمَامٌ (6) حَیُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَ صَحِیحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ وَ مَنِیعُهَا بِعَرَضِ اهْتِضَامٍ عَزِیزُهَا مَغْلُوبٌ وَ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَ ضَیْفُهَا مَثْلُوبٌ وَ جَارُهَا مَحْرُوبٌ (7)

ثُمَّ مِنْ وَرَاءِ

ص: 15


1- 1. الحبرة بالفتح: النعمة. و العبرة: الدمعة. و السراء مصدر بمعنی المسرة و و الضراء: الشدة. و یختص البطن بالسراء و الظهر بالضراء لان الاقبال یكون بالأول كما أن الادبار بالثانی، أو لان الترس یكون بطنه إلیك و ظهره الی عدوك.
2- 2. الطل- بالفتح-: المطر الضعیف. و الدیمة- بالكسر-: مطر یدوم فی سكون بلا رعد و برق. و هتنت أی انصبت. و الحری: الجدیر و الخلیق.
3- 3. الخوافی: ریشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحیه خفیت. و فی المثل« لیس القوادم كالخوافی».
4- 4. أی من أخذ القلیل من متاعها أخذ الكثیر ممّا یؤمنه.
5- 5. الدولة- بالفتح- الانقلاب للزمان و الجمع دول مثلثة. و الرنق: الماء الكدر.
6- 6. السمام- بالكسر- جمع سم بالضم و الفتح. و السبب فی أصل الحبل الذی یتوصل به الی الماء، ثمّ استعیر لكل ما یتوصل به الی الشی ء. و الرمم- بالكسر- جمع رمة- بالضم- و هی قطعة جبل بالیة.
7- 7. المثلوب: الملوم، و ثلبه أی عابه و لامه. و المحروب: المسلوب ماله.

ذَلِكَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ- لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی أَ لَسْتُمْ فِی مَنَازِلِ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ آثَاراً وَ أَعَدَّ مِنْكُمْ عَدِیداً وَ أَكْثَفَ جُنُوداً(1) وَ أَشَدَّ مِنْكُمْ عَتُوداً تَعَبَّدُوا الدُّنْیَا أَیَّ تَعَبُّدٍ وَ آثَرُوهَا أَیَّ إِیْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِالصَّغَارِ فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْیَا سَخَتْ لَهُمْ بِفِدْیَةٍ أَوْ أَغْنَتْ عَنْهُمْ فِیمَا قَدْ أَهْلَكَهُمْ مِنْ خَطْبٍ بَلْ قَدْ أَوْهَنَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ (2) وَ ضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ وَ عَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ وَ أَعَانَتْ عَلَیْهِمْ رَیْبَ الْمَنُونِ (3) فَقَدْ رَأَیْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا وَ أَخْلَدَ إِلَیْهَا حَتَّی ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ أَمَدٍ إِلَی آخِرِ الْمُسْتَنَدِ هَلْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ أَوْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا التَّعَبَ أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلَمَ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّارَ فَهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ عَلَی هَذِهِ تَحْرِصُونَ إِلَی هَذِهِ تَطْمَئِنُّونَ یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ- أُولئِكَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِیها وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ (4) فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَا یَتَّهِمُهَا وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ فِیهَا عَلَی وَجَلٍ مِنْهَا اعْلَمُوا وَ أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَارِكُوهَا لَا بُدَّ(5) فَإِنَّمَا هِیَ كَمَا نَعَتَّهَا اللَّهُ تَعَالَی- لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ اتَّعِظُوا

ص: 16


1- 1. أی أكثر جنودا.
2- 2. القوارع جمع القارعة و هی الداهیة.
3- 3. أی سلطته علیهم و ریب المنون: صروف الدهر.
4- 4. هود: 18 و 19.
5- 5. لعل العلم المأمور به هو الیقین المستتبع و هو العمل أی أیقنوا بأنكم ستتركونها و ترتحلون عنها و أنتم تعلمون ذلك لكن علما لا یترتب علیه الاثر. و یحتمل أن یكون المعنی اعلموا ذلك و أنتم من أهل العلم و شأنكم المعرفة و تمییز الخیر من الشر.

بِالَّذِینَ كَانُوا یَبْنُونَ (1) بِكُلِّ رَیْعٍ آیَةً یَعْبَثُونَ وَ یَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّهُمْ یَخْلُدُونَ (2)

وَ اتَّعِظُوا بِالَّذِینَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وَ اتَّعِظُوا بِإِخْوَانِكُمُ الَّذِینَ نُقِلُوا إِلَی قُبُورِهِمْ- لَا یُدْعَوْنَ رُكْبَاناً قَدْ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الضَّرِیحِ أَكْنَاناً وَ مِنَ التُّرَابِ أَكْفَاناً وَ مِنَ الرُّفَاتِ جِیرَاناً فَهُمْ جِیرَةٌ لَا یُجِیبُونَ دَاعِیاً وَ لَا یَمْنَعُونَ ضَیْماً(3) قَدْ بَادَتْ أَضْغَانُهُمْ فَهُمْ كَمَنْ لَمْ یَكُنْ وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِیلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ (4) اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَ بِالسَّعَةِ ضِیقاً وَ بِالْأَهْلِ غُرْبَةً جَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَی خُلُودِ الْأَبَدِ كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِینَ (5).

«74»- وَ قَالَ (6): أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَیْهَا أَمْ هِیَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَیْكَ (7) فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْحَاضِرِینَ بَلْ أَنَا المجترم [الْمُتَجَرِّمُ] عَلَیْهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ فَلِمَ ذَمَمْتَهَا أَ لَیْسَتْ دَارَ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارَ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارَ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا مَسْجِدُ أَحِبَّائِهِ وَ مُصَلَّی أَنْبِیَائِهِ وَ مَهْبِطُ الْمَلَائِكَةِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَائِهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الطَّاعَةَ وَ رَبِحُوا فِیهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا یَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِانْتِهَائِهَا وَ نَادَتْ بِانْقِضَائِهَا وَ أَنْذَرَتْ بِبَلَائِهَا فَإِنْ رَاحَتْ بِفَجِیعَةٍ فَقَدْ غَدَتْ بِمُبْتَغًی وَ إِنْ أَعْصَرَتْ بِمَكْرُوهٍ فَقَدْ أَسْفَرَتْ بِمُشْتَهًی (8) ذَمَّهَا رِجَالٌ یَوْمَ النَّدَامَةِ وَ مَدَحَهَا آخَرُونَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَ ذَكَّرَتْهُمْ فَتَذَكَّرُوا فَیَا أَیُّهَا الذَّامُّ لَهَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَی غَرَّتْكَ أَمْ مَتَی اسْتَذَمَّتْ إِلَیْكَ أَ بِمَصَارِعِ

ص: 17


1- 6. أی یبنون بكل مكان مرتفع علما للمارة للعبث بمن یمر علیهم او قصورا یفتخرون بها، و المصانع جمع المصنع: مأخذ الماء، و قیل قصور مشیدة و حصونا.
2- 1. الریع: المكان المرتفع. و« آیة» أی علما للمارة ببنائها.
3- 2. الضیم: الظلم و التعدی. و الضغن: الحقد، الناحیة، الحضن، المیل.
4- 3. القصص: 58.
5- 4. الأنبیاء: 104.
6- 5. مطالب السئول ص 51.
7- 6. تجرم علی فلان إذا ادعی علی ذنبا لم أفعله.
8- 7. أعصرت: دخلت فی العصر. و أسفر الصبح أی أضاء و أشرق.

آبَائِكَ مِنَ الْبِلَی أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَی كَمْ عَلَّلْتَ بِیَدَیْكَ وَ مَرَّضْتَ وَ أَذَاقَتْكَ شَهْداً وَ صَبِراً فَإِنْ ذَمَمْتَهَا لِصَبِرِهَا فَامْدَحْهَا لِشَهْدِهَا وَ إِلَّا فَاطْرَحْهَا لَا مَدْحَ وَ لَا ذَمَّ فَقَدْ مُثِّلَتْ لَكَ نَفْسُكَ حِینَ مَا یُغْنِی عَنْكَ بُكَاؤُكَ وَ لَا یَرْحَمُكَ أَحِبَّاؤُكَ.

«75»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ آذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ (1) أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْیَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَداً أَلَا وَ إِنَّ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ وَ الْغَایَةَ النَّارُ أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی أَیَّامِ مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ یَحُثُّهُ عَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِی أَیَّامِ مَهَلِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ یَضُرَّهُ أَمَلُهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْمَلْ أَیَّامَ مَهَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ ضَرَّهُ أَمَلُهُ وَ لَمْ یَنْفَعْهُ عَمَلُهُ وَ لَوْ عَاشَ أَحَدُكُمْ أَلْفَ عَامٍ كَانَ الْمَوْتُ بَالِغَهُ وَ نَحْبُهُ لَاحِقَهُ (2) فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْأَمَانِیُّ وَ لَا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ وَ قَدْ كَانَ قَبْلَكُمْ لِهَذِهِ الدُّنْیَا سُكَّانٌ شَیَّدُوا فِیهَا الْبُنْیَانَ وَ وَطَّنُوا الْأَوْطَانَ أَضْحَتْ أَبْدَانُهُمْ (3)

فِی قُبُورِهِمْ هَامِدَةً وَ أَنْفُسُهُمْ خَامِدَةً فَتَلَهَّفَ الْمُفَرِّطُ مِنْهُمْ عَلَی مَا فَرَّطَ یَقُولُ یَا لَیْتَنِی نَظَرْتُ لِنَفْسِی یَا لَیْتَنِی كُنْتُ أَطَعْتُ رَبِّی.

«76»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ بِدَارِ قَرَارٍ وَ لَا مَحَلِّ إِقَامَةٍ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِیهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا وَ ارْتَاحُوا(4) ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا دَخَلُوهَا خِفَافاً وَ ارْتَحَلُوا عَنْهَا ثِقَالًا فَلَمْ یَجِدُوا عَنْهَا نُزُوعاً وَ لَا إِلَی مَا تَرَكُوا بِهَا رُجُوعاً جُدَّ بِهِمْ فَجَدُّوا وَ رَكَنُوا إِلَی الدُّنْیَا فَمَا اسْتَعَدُّوا حَتَّی أَخَذَ بِكَظَمِهِمْ وَ رَحَلُوا إِلَی دَارِ

ص: 18


1- 1. آذنت أی أعلمت و الایذان الاعلام. و الاطلاع: الاشراف من مكان عال و المقبل علی الانحدار أحری بالوصول. و المضمار: مدة تضمیر الفرس و موضعه أیضا و هو ان تعلفه حتی یسمن ثمّ ترده الی القوت و ذلك فی أربعین یوما. و السباق المسابقة.
2- 2. النحب: الموت و الأجل.
3- 3. فی المصدر« أصبحت أبدانهم».
4- 4. عرس القوم تعریسا: نزلوا فی السفر للاستراحة ثمّ ارتحلوا. و ارتاحوا أی نشطوا و سروا و استراحوا، و لعلّ الصواب« فأناخوا». و استقل القوم: ارتحلوا.

قَوْمٍ لَمْ یَبْقَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ خَبَرٌ وَ لَا أَثَرٌ قَلَّ فِی الدُّنْیَا لَبْثُهُمْ وَ أَعْجَلَ بِهِمْ إِلَی الْآخِرَةِ بَعْثُهُمْ وَ أَصْبَحْتُمْ حُلُولًا فِی دِیَارِهِمْ وَ ظَاعِنِینَ عَلَی آثَارِهِمْ وَ الْمَنَایَا بِكُمْ تَسِیرُ سَیْراً مَا فِیهِ أَیْنٌ وَ لَا بُطُوءٌ نَهَارُكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دَءُوبٌ (1)

وَ لَیْلُكُمْ بِأَرْوَاحِكُمْ ذَهُوبٌ وَ أَنْتُمْ تَقْتَفُونَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ حَالًا وَ تَحْتَذُونَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ مِثَالًا- فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِیهَا سَفْرٌ حُلُولٌ وَ الْمَوْتُ بِكُمْ نُزُولٌ فَتَنْتَضِلُ فِیكُمْ مَنَایَاهُ وَ تَمْضِی بِكُمْ مَطَایَاهُ إِلَی دَارِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ وَ جَانَبَ هَوَاهُ وَ عَمِلَ لآِخِرَتِهِ وَ أَعْرَضَ عَنْ زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا.

«77»- وَ قَالَ علیه السلام: كَانَ قَدْ زَالَتْ عَنْكُمُ الدُّنْیَا كَمَا زَالَتْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَأَكْثِرُوا عِبَادَ اللَّهِ اجْتِهَادَكُمْ فِیهَا بِالتَّزَوُّدِ مِنْ یَوْمِهَا الْقَصِیرِ لِیَوْمِ الْآخِرَةِ الطَّوِیلِ فَإِنَّهَا دَارُ الْعَمَلِ وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ دَارُ الْقَرَارِ وَ الْجَزَاءِ فَتَجَافَوْا عَنْهَا فَإِنَّ الْمُغْتَرَّ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا لَنْ تعد [تَعْدُوَ] الدُّنْیَا إِذَا تَنَاهَتْ إِلَیْهَا أُمْنِیَّةُ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِیهَا الْمُطْمَئِنِّینَ إِلَیْهَا الْمُغْتَرِّینَ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی (2)

كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا یَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ أَلَا إِنَّهُ لَمْ یُصِبِ امْرُؤٌ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا حَبْرَةً إِلَّا أَعْقَبَتْهَا عَبْرَةً وَ لَا یُصْبِحُ امْرُؤٌ فِی حَیَاةٍ إِلَّا وَ هُوَ خَائِفٌ مِنْهَا أَنْ تَئُولَ جَائِحَةً أَوْ تَغَیُّرَ نِعَمِهِ أَوْ زَوَالَ عَافِیَتِهِ وَ الْمَوْتُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكُمْ وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ- لِتُجْزی كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی.

«78»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا لَكُمْ وَ الدُّنْیَا فَمَتَاعُهَا إِلَی انْقِطَاعٍ وَ فَخْرُهَا إِلَی وَبَالٍ وَ زِینَتُهَا إِلَی زَوَالٍ وَ نَعِیمُهَا إِلَی بُؤْسٍ وَ صِحَّتُهَا إِلَی سَقَمٍ أَوْ هَرَمٍ وَ مَالُ مَا فِیهَا إِلَی نَفَادٍ وَشِیكٍ (3)

وَ فَنَاءٍ قَرِیبٍ كُلُّ مُدَّةٍ فِیهَا إِلَی مُنْتَهًی وَ كُلُّ حَیٍّ فِیهَا إِلَی مُقَارَنَةِ الْبِلَی أَ لَیْسَ لَكُمْ فِی آثَارِ الْأَوَّلِینَ وَ آبَائِكُمُ الْمَاضِینَ عِبْرَةٌ وَ تَبْصِرَةٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَ لَمْ تَرَوْا إِلَی الْمَاضِینَ مِنْكُمْ لَا یَرْجِعُونَ وَ إِلَی الْخَلَفِ الْبَاقِینَ مِنْكُمْ

ص: 19


1- 1. الاین: الحین، و التعب و المشقة و الاعیاء. و الدءوب: الجد و التعب.
2- 2. یونس: 26.
3- 3. الوشیك السریع.

لَا یَبْقَوْنَ أَ وَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْیَا یُمْسُونَ وَ یُصْبِحُونَ عَلَی أَحْوَالٍ شَتَّی مَیِّتٌ یُبْكَی وَ آخَرُ یُعَزَّی وَ صَرِیعٌ مُبْتَلًی وَ عَائِدٌ یَعُودُ وَ دَنِفٌ بِنَفْسِهِ یَجُودُ(1) وَ طَالِبٌ لِلدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ عَلَی أَثَرِ الْمَاضِی یَمْضِی الْبَاقِی وَ إِلَی اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.

«79»- وَ قَالَ علیه السلام: انْظُرُوا إِلَی الدُّنْیَا نَظَرَ الزَّاهِدِینَ فِیهَا فَإِنَّهَا عَنْ قَلِیلٍ تُزِیلُ السَّاكِنَ وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ (2) فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا یُعْجِبُكُمْ فِیهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكُمْ مِنْهَا فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَفَكَّرَ وَ اعْتَبَرَ وَ أَبْصَرَ إِدْبَارَ مَا قَدْ أَدْبَرَ وَ حُضُورَ مَا قَدْ حَضَرَ فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْیَا عَنْ قَلِیلٍ لَمْ یَكُنْ وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الْآخِرَةِ لَمْ یَزَلْ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لَا یُدْرِكُهُ وَ جَامِعٍ مَا لَا یَأْكُلُهُ وَ مَانِعٍ مَا لَا یَتْرُكُهُ وَ لَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ أَوْ حَقٍّ مَنَعَهُ أَصَابَهُ حَرَاماً وَ وَرِثَهُ عُدْوَاناً فَاحْتَمَلَ مَا ضَرَّهُ وَ بَاءَ بِوِزْرِهِ (3)

وَ قَدِمَ عَلَی رَبِّهِ آسِفاً لَاهِفاً- خَسِرَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةَ وَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ.

«80»- وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا مِثْلُ الْحَیَّةِ لَیِّنٌ مَسُّهَا قَاتِلٌ سَمُّهَا فَأَعْرِضْ عَمَّا یُعْجِبُكَ فِیهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكَ مِنْهَا وَ كُنْ آنَسَ مَا یَكُونُ إِلَیْهَا أَوْحَشَ مَا تَكُونُ مِنْهَا(4) فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَی سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ إِلَی مَكْرُوهٍ فَقَدْ یَسُرُّ الْمَرْءُ بِمَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ لَیَحْزَنُ لِفَوَاتِ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ أَبَداً وَ إِنْ جَهَدَ فَلْیَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ مِنْ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ وَ لْتَكُنْ أَسَفُكَ عَلَی مَا فَرَّطْتَ فِیهِ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا تَكُنْ

ص: 20


1- 1. الصریع: المطروح علی الأرض. و الدنف: المریض. و جاد بنفسه أی سمح بها عند الموت فكانه یدفعها كما یدفع الإنسان ماله.
2- 2. المترف- كمكرم-: المتروك بنعمته یصنع فیها ما یشاء و لا یمنع.
3- 3. باء یبوء إلیه: رجع و باء بالحق أو بالذنب: أقر.
4- 4. آنس حال و« ما» مصدریة و خبر كان احذر ای كن حال انسك بها احذر اكوانك منها. و قوله« فان صاحبها- الخ» أی ان سكون صاحبها الی اللذة بها مستلزم العذاب المكروه فی الآخرة.

عَلَی مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْیَا حَزِیناً وَ مَا أَصَابَكَ مِنْهَا فَلَا تَنْعَمْ بِهِ سُرُوراً وَ اجْعَلْ هَمَّكَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَ إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ.

«81»- وَ قَالَ علیه السلام(1): انْظُرُوا إِلَی الدُّنْیَا نَظَرَ الزَّاهِدِینَ فِیهَا فَإِنَّهَا وَ اللَّهِ عَنْ قَلِیلٍ تُشْقِی الْمُتْرَفَ وَ تُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَ تُزِیلُ الثَّاوِیَ (2) صَفْوُهَا مَشُوبٌ بِالْكَدِرِ وَ سُرُورُهَا مَنْسُوجٌ بِالْحُزْنِ وَ آخِرُ حَیَاتِهَا مُقْتَرِنٌ بِالضَّعْفِ فَلَا یُعْجِبَنَّكُمْ مَا یَغُرُّكُمْ مِنْهَا فَعَنْ كَثَبٍ تُنْقَلُونَ عَنْهَا(3) وَ كُلَّمَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ وَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا یَفْتَرُونَ (4).

«82»- وَ قَالَ علیه السلام: أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا لَیْسَتْ بِدَارِ غِبْطَةٍ قَدْ تَزَیَّنَتْ بِغُرُورِهَا وَ غَرَّتْ بِزِینَتِهَا لِمَنْ كَانَ یَنْظُرُ إِلَیْهَا فَاعْرِفُوهَا كُنْهَ مَعْرِفَتِهَا فَإِنَّهَا دَارٌ هَانَتْ عَلَی رَبِّهَا قَدِ اخْتَلَطَ حَلَالُهَا بِحَرَامِهَا وَ حُلْوُهَا بِمُرِّهَا وَ خَیْرُهَا بِشَرِّهَا وَ لَمْ یَذْكُرِ اللَّهَ شَیْئاً اخْتَصَّهُ مِنْهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِیَائِهِ وَ لَا أَنْبِیَائِهِ وَ لَمْ یَصْرِفْهَا مِنْ أَعْدَائِهِ فَخَیْرُهَا زَهِیدٌ وَ شَرُّهَا عَتِیدٌ(5)

وَ جَمْعُهَا یَنْفَدُ وَ مُلْكُهَا یُسْلَبُ وَ عِزُّهَا یَبِیدُ فَالْمُتَمَتِّعُونَ مِنَ الدُّنْیَا تَبْكِی قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ فَرِحُوا وَ یَشْتَدُّ مَقْتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ إِنِ اغْتُبِطُوا بِبَعْضِ مَا رُزِقُوا الدُّنْیَا فَانِیَةٌ لَا بَقَاءَ لَهَا وَ الْآخِرَةُ بَاقِیَةٌ لَا فَنَاءَ لَهَا الدُّنْیَا مُقْبِلَةٌ وَ الْآخِرَةُ مَلْجَأُ الدُّنْیَا وَ لَیْسَ لِلْآخِرَةِ مُنْتَقَلٌ وَ لَا مُنْتَهًی مَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا هَمَّهُ اشْتَدَّ لِذَلِكَ غَمُّهُ وَ مَنْ آثَرَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ حَلَّتْ بِهِ الفَاقِرَةُ(6).

ص: 21


1- 1. مطالب السئول ص 52.
2- 2. الثاوی هو الذی اقام فی مكان.
3- 3. الكثب: القرب، یقال: رماه من كثب أو عن كثب أی رماه اذ كان قریبا منه.
4- 4. أی فی ذلك المقام تختبر كل نفس ما قدمت من عمل. و قوله تعالی:« رُدُّوا إِلَی اللَّهِ» أی الی جزائه، و قوله« ضل عنهم» أی بطل و هلك عنهم ما كانوا یدعونه افتراء علی اللّٰه سبحانه.
5- 5. العتید: الحاضر المهیأ.
6- 6. الفاقرة: الداهیة الشدیدة.

«83»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ وَ عَنَاءٍ وَ غِیَرٍ وَ عِبَرٍ فَمِنْ فَنَائِهَا أَنَّكَ تَرَی الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ مُفَوِّقٌ نَبْلَهُ یَرْمِی الصَّحِیحَ بِالسَّقِیمِ وَ الْحَیَّ بِالْمَیِّتِ وَ الْبَرِی ءَ بِالْمُتَّهَمِ وَ مِنْ عَنَائِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَا لَا یَأْكُلُ وَ یَبْنِی مَا لَا یَسْكُنُ وَ یَأْمُلُ مَا لَا یُدْرِكُ وَ مِنْ غِیَرِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً وَ الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً لَیْسَ بَیْنَهُمْ إِلَّا نَعِیمٌ زَالَ أَوْ مُثْلَةٌ حَلَّتْ أَوْ مَوْتٌ نَزَلَ وَ مِنْ عِبَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یُشْرِفُ عَلَیْهِ أَمَلُهُ حَتَّی یَخْتَطِفَهُ دُونَهُ أَجَلُهُ.

«84»- قَالَ علیه السلام: اجْعَلِ الدُّنْیَا شَوْكاً وَ انْظُرْ أَیْنَ تَضَعُ قَدَمَكَ مِنْهَا فَإِنَّ مَنْ رَكِنَ إِلَیْهَا خَذَلَتْهُ وَ مَنْ أَنِسَ فِیهَا أَوْحَشَتْهُ وَ مَنْ یَرْغَبُ فِیهَا أَوْهَنَتْهُ وَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَیْهَا قَتَلَتْهُ وَ مَنْ طَلَبَهَا أَرْهَقَتْهُ وَ مَنْ فَرِحَ بِهَا أَتْرَحَتْهُ (1)

وَ مَنْ طَمِعَ فِیهَا صَرَعَتْهُ وَ مَنْ قَدَّمَهَا أَخَّرَتْهُ وَ مَنْ أَلْزَمَهَا أَهَانَتْهُ وَ مَنْ آثَرَهَا بَاعَدَتْهُ مِنَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ بَعُدَ مِنَ الْآخِرَةِ قَرُبَ إِلَی النَّارِ فَهِیَ دَارُ عُقُوبَةٍ وَ زَوَالٍ وَ فَنَاءٍ وَ بَلَاءٍ نُورُهَا ظُلْمَةٌ وَ عَیْشُهَا كَدِرٌ وَ غَنِیُّهَا فَقِیرٌ وَ صَحِیحُهَا سَقِیمٌ وَ عَزِیزُهَا ذَلِیلٌ فَكُلُّ مُنْعَمٍ بِرَغْدِهَا شَقِیٌّ وَ كُلُّ مَغْرُورٍ بِزِینَتِهَا مَفْتُونٌ وَ عِنْدَ كَشْفِ الْغِطَاءِ یَعْظُمُ النَّدَمُ وَ یُحْمَدُ الصَّدْرُ أَوْ یُذَمُّ.

«85»- وَ قَالَ علیه السلام: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ لَا یُعْرَفُ فِیهِ إِلَّا الْمَاحِلُ وَ لَا یُظَرَّفُ فِیهِ إِلَّا الْفَاجِرُ(2) وَ لَا یُؤْتَمَنُ فِیهِ إِلَّا الْخَائِنُ وَ لَا یَخُونُ إِلَّا الْمُؤْتَمَنُ یَتَّخِذُونَ الْفَیْ ءَ مَغْنَماً وَ الصَّدَقَةَ مَغْرَماً وَ صِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً وَ الْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَی النَّاسِ وَ تَعَدِّیاً وَ ذَلِكَ یَكُونُ عِنْدَ سُلْطَانِ النِّسَاءِ وَ مُشَاوَرَةِ الْإِمَاءِ وَ إِمَارَةِ الصِّبْیَانِ.

«86»- وَ قَالَ علیه السلام: احْذَرُوا الدُّنْیَا إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَ أَضَاعُوا الْأَمَانَاتِ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ وَ اسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ وَ أَكَلُوا الرِّبَا وَ أَخَذُوا الرُّشَی وَ شَیَّدُوا الْبِنَاءَ وَ اتَّبَعُوا الْهَوَی وَ بَاعُوا الدِّینَ بِالدُّنْیَا وَ اسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ وَ رَكَنُوا إِلَی الرِّیَاءِ وَ تَقَاطَعَتِ الْأَرْحَامُ وَ كَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً وَ الظُّلْمُ فَخْراً

ص: 22


1- 1. الارهاق أن یحمل الإنسان علی ما لا یطیقه. و أترحه أی أحزنه.
2- 2. الماحل: الساعی الی السلطان. و لا یظرف أی لا ینسب الی الظرافة.

وَ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً وَ الْوُزَرَاءُ كَذِبَةً وَ الْأُمَنَاءُ خَوَنَةً وَ الْأَعْوَانُ ظَلَمَةً وَ الْقُرَّاءُ فَسَقَةً وَ ظَهَرَ الْجَوْرُ وَ كَثُرَ الطَّلَاقُ وَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَ حُلِّیَتِ الْمَصَاحِفُ وَ زُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ وَ طُوِّلَتِ الْمَنَابِرُ وَ نُقِضَتِ الْعُهُودُ وَ خَرِبَتِ الْقُلُوبُ وَ اسْتَحَلُّوا الْمَعَازِفَ وَ شُرِبَتِ الْخُمُورُ وَ رُكِبَتِ

الذُّكُورُ وَ اشْتَغَلَ النِّسَاءُ وَ شَارَكْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِی التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَی الدُّنْیَا وَ عَلَتِ الْفُرُوجُ السُّرُوجَ وَ یُشْبِهْنَ بِالرِّجَالِ فَحِینَئِذٍ عَدُّوا أَنْفُسَكُمْ فِی الْمَوْتَی وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا فَإِنَّ النَّاسَ اثْنَانِ بَرٌّ تَقِیٌّ وَ آخَرُ شَقِیٌّ وَ الدَّارُ دَارَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا وَ الْكِتَابُ وَاحِدٌ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا كَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها أَلَا وَ إِنَّ حُبَّ الدُّنْیَا رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ بَابُ كُلِّ بَلِیَّةٍ وَ مَجْمَعُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَ دَاعِیَةُ كُلِّ رِیبَةٍ الْوَیْلُ لِمَنْ جَمَعَ الدُّنْیَا وَ أَوْرَثَهَا مَنْ لَا یَحْمَدُهُ وَ قَدِمَ عَلَی مَنْ لَا یَعْذِرُهُ الدُّنْیَا دَارُ الْمُنَافِقِینَ وَ لَیْسَتْ بِدَارِ الْمُتَّقِینَ فَلْتَكُنْ حَظُّكَ مِنَ الدُّنْیَا قِوَامُ صُلْبِكَ وَ إِمْسَاكُ نَفْسِكَ وَ تَزَوُّدٌ لِمَعَادِكَ.

«87»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا دُنْیَا یَا دُنْیَا أَ بِی تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَیَّ تَشَوَّقْتِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ غُرِّی غَیْرِی قَدْ بَتَتُّكِ ثَلَاثَةً- لَا رَجْعَةَ لِی فِیكِ فَعُمُرُكِ قَصِیرٌ وَ عَیْشُكِ حَقِیرٌ وَ خَطَرُكِ كَبِیرٌ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ وَحْشَةِ الطَّرِیقِ.

«88»- وَ قَالَ علیه السلام: احْذَرُوا الدُّنْیَا فَإِنَّ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ وَ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ مَنْ صَحَّ فِیهَا هَرِمَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهَا نَدِمَ وَ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَنْ أَتَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ بَعُدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ وَ مَنْ بَصُرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ إِنْ أَقْبَلَتْ غَرَّتْ وَ إِنْ أَدْبَرَتْ ضَرَّتْ.

«89»- فِی وَصْفِهِ الْمُؤْمِنِینَ (1)

قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُونَ هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ هَدَاهُمُ السُّكُوتُ وَ هَیْئَتُهُمُ الْخُشُوعُ وَ سَمْتُهُمُ التَّوَاضُعُ (2)

خَاشِعِینَ غَاضِّینَ أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ رَافِعِینَ أَسْمَاعَهُمْ إِلَی الْعِلْمِ نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِی الْبَلَاءِ كَمَا نَزَلَتْ فِی الرَّخَاءِ لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِی كُتِبَتْ عَلَیْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِی أَبْدَانِهِمْ طَرْفَةَ

ص: 23


1- 1. مطالب السئول ص 53.
2- 2. الهدی- بالفتح-: الطریقة و السیرة. و السمت: هیئة أهل الخیر.

عَیْنٍ شَوْقاً إِلَی الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ صَغُرَ مَا دُونَهُ فِی أَعْیُنِهِمْ فَهُمْ كَأَنَّهُمْ قَدْ رَأَوُا الْجَنَّةَ وَ نَعِیمَهَا وَ النَّارَ وَ عَذَابَهَا فَقُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَ حَوَائِجُهُمْ خَفِیفَةٌ وَ أَنْفُسُهُمْ ضَعِیفَةٌ وَ مَعُونَتُهُمْ لِإِخْوَانِهِمْ عَظِیمَةٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ رَفَضُوا الدُّنْیَا رَفْضاً وَ صَبَرُوا أَیَّاماً قَلِیلَةً فَصَارَتْ عَاقِبَتُهُمْ رَاحَةً طَوِیلَةً تِجَارَتُهُمْ مُرْبِحَةٌ یُبَشِّرُهُمْ بِهَا رَبٌّ كَرِیمٌ أَرَادَتْهُمُ الدُّنْیَا فَلَمْ یُرِیدُوهَا وَ طَلَبَتْهُمْ فَهَرَبُوا مِنْهَا أَمَّا اللَّیْلَ فَأَقْدَامُهُمْ مُصْطَفَّةٌ(1)

یَتْلُونَ الْقُرْآنَ یُرَتِّلُونَهُ تَرْتِیلًا فَإِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَشْوِیقٌ رَكَنُوا إِلَیْهَا طَمَعاً وَ تَطَلَّعَتْ أَنْفُسُهُمْ تَشَوُّقاً(2)

فَیُصَیِّرُونَهَا نُصْبَ أَعْیُنِهِمْ وَ إِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَخْوِیفٌ أَصْغَوْا إِلَیْهَا بِقُلُوبِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ فَاقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ وَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ خَوْفاً وَ فَرَقاً(3)

نَحَلَتْ لَهَا أَبْدَانُهُمْ وَ ظَنُّوا أَنَّ زَفِیرَ جَهَنَّمَ وَ شَهِیقَهَا وَ صَلْصَلَةَ حَدِیدِهَا فِی آذَانِهِمْ مُكِبِّینَ عَلَی وُجُوهِهِمْ وَ أَكُفِّهِمْ تَجْرِی دُمُوعُهُمْ عَلَی خُدُودِهِمْ یَجْأَرُونَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فِی فَكَاكِ رِقَابِهِمْ وَ أَمَّا

النَّهَارَ فَعُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِیَاءُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ فَهُمْ أَمْثَالُ الْقِدَاحِ (4) إِذَا نَظَرَ إِلَیْهِمُ النَّاظِرُ یَقُولُ بِهِمْ مَرَضٌ وَ مَا بِهِمْ مَرَضٌ وَ یَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَ مَا خُولِطُوا(5) إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ وَ شِدَّةَ سُلْطَانِهِ وَ ذَكَرُوا الْمَوْتَ وَ أَهْوَالَ الْقِیَامَةِ وَجَفَتْ قُلُوبُهُمْ

ص: 24


1- 1. اصطف القوم: قاموا صفوفا.
2- 2. التطلع الی الشی ء: الاستشراف له و الانتظار لوروده.
3- 3. الفرق- بالتحریك-: الخوف. و نحلت أی هزلت و ضعفت.
4- 4. بری السهم نحته. و القداح جمع قدح بالكسر فیهما و هو السهم قبل أن یراش و ینصل و هو كنایة عن نحافة البدن و ضعف الجسد.
5- 5. خولط فلان فی عقله إذا اختل عقله و صار مجنونا. و خالطه إذا مازجه و المعنی كما قاله بعض شراح النهج یظن الناظر بهم الجنون و ما بهم من جنة بل مازج قلوبهم أمر عظیم و هو الخوف فتولهوا لاجله.

وَ طَاشَتْ حُلُومُهُمْ وَ ذَهَلَتْ عُقُولُهُمْ (1) فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إِلَی اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِیَةِ- لَا یَرْضَوْنَ بِالْقَلِیلِ وَ لَا یَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِیرَ فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ إِنْ زُكِّیَ أَحَدُهُمْ خَافَ اللَّهَ وَ غَائِلَةَ التَّزْكِیَةِ(2) قَالَ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْ غَیْرِی وَ رَبِّی أَعْلَمُ بِی مِنِّی اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا یَقُولُونَ وَ اجْعَلْنِی كَمَا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لِی مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ مِنْ عَلَامَاتِ أَحَدِهِمْ أَنْ یَكُونَ لَهُ حَزْمٌ فِی لِینٍ وَ إِیمَانٌ فِی یَقِینٍ وَ حِرْصٌ فِی تَقْوَی وَ فَهْمٌ فِی فِقْهٍ وَ حِلْمٌ فِی عِلْمٍ وَ كَیْسٌ فِی رِفْقٍ وَ قَصْدٌ فِی غِنًی وَ خُشُوعٌ فِی عِبَادَةٍ وَ تَحَمُّلٌ فِی فَاقَةٍ وَ صَبْرٌ فِی شِدَّةٍ وَ إِعْطَاءٌ فِی حَقٍّ وَ طَلَبٌ لِحَلَالٍ وَ نَشَاطٌ فِی هُدًی وَ تَحَرُّجٌ عَنْ طَمَعٍ وَ تَنَزُّهٌ عَنْ طَبَعٍ وَ بِرٌّ فِی اسْتِقَامَةٍ وَ اعْتِصَامٌ بِاللَّهِ مِنْ مُتَابَعَةِ الشَّهَوَاتِ وَ اسْتَعَاذَةٌ بِهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ یُمْسِی وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ وَ یُصْبِحُ وَ شُغْلُهُ الْفِكْرُ(3)

أُولَئِكَ الْآمِنُونَ الْمُطْمَئِنُّونَ الَّذِینَ یُسْقَوْنَ مِنْ كَأْسٍ لا لَغْوٌ فِیها وَ لا تَأْثِیمٌ (4).

«90»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِینَ عَرَفُوا مَا أَمَامَهُمْ فَذَبَلَتْ شِفَاهُهُمْ وَ غَشِیَتْ عُیُونُهُمْ وَ شَحَبَتْ أَلْوَانُهُمْ (5) حَتَّی عُرِفَتْ فِی وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِینَ فَهُمْ عِبَادُ اللَّهِ الَّذِینَ مَشَوْا عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً وَ اتَّخَذُوهَا بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً فَرَفَضُوا الدُّنْیَا وَ أَقْبَلُوا عَلَی الْآخِرَةِ عَلَی مِنْهَاجِ الْمَسِیحِ ابْنِ مَرْیَمَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ یُعْرَفُوا وَ إِنْ غَابُوا لَمْ یُفْتَقَدُوا وَ إِنْ مَرِضُوا لَمْ یُعَادُوا صُوَّامُ الْهَوَاجِرِ قُوَّامُ الدَّیَاجِرِ(6)

ص: 25


1- 1. و جف الشی ء اضطرب، و القلب: خفق. و طاش أی ذهب عقله. و الحلوم جمع حلم و هو العقل. و الذهول. النیسان و الغیبة.
2- 2. الغائلة الداهیة و الفساد و المهلكة. و غائلة التزكیة عطف علی« اللّٰه» یعنی خاف اللّٰه أولا و غائلة التزكیة ثانیا.
3- 3. فی بعض النسخ« یمسی و همته الشكر و یصبح و شغله الذكر».
4- 4. أثمه من باب التفعیل نسبه الی الاثم.
5- 5. شحبت لونه: تغیر من جوع أو مرض و نحوهما.
6- 6. الهواجر جمع الهاجرة و هی شدة حرارة النهار. و الدیجور: الظلام.

یَضْمَحِلُّ عِنْدَهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ وَ یَنْجَلِی عَنْهُمْ كُلُّ شُبْهَةٍ أُولَئِكَ أَصْحَابِی فَاطْلُبُوهُمْ فِی أَطْرَافِ الْأَرَضِینَ فَإِنْ لَقِیتُمْ مِنْهُمْ أَحَداً فَاسْأَلُوهُ أَنْ یَسْتَغْفِرَ لَكُمْ.

«91»- وَ قَالَ علیه السلام(1): شِیعَتُنَا الْمُتَبَاذِلُونَ فِی وَلَایَتِنَا الْمُتَحَابُّونَ فِی مَوَدَّتِنَا الْمُتَوَازِرُونَ فِی أَمْرِنَا الَّذِینَ إِنْ غَضِبُوا لَمْ یَظْلِمُوا وَ إِنْ رَضُوا لَمْ یُسْرِفُوا بَرَكَةٌ عَلَی مَنْ جَاوَرَهُ سِلْمٌ لِمَنْ خَالَطُوهُ أُولَئِكَ هُمُ السَّائِحُونَ النَّاحِلُونَ الزَّابِلُونَ ذَابِلَةٌ شِفَاهُهُمْ خَمِیصَةٌ بُطُونُهُمْ (2) مُتَغَیِّرَةٌ أَلْوَانُهُمْ مُصْفَرَّةٌ وُجُوهُهُمْ كَثِیرٌ بُكَاؤُهُمْ جَارِیَةٌ دُمُوعُهُمْ یَفْرَحُ النَّاسُ وَ یَحْزَنُونَ وَ یَنَامُ النَّاسُ وَ یَسْهَرُونَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ یُعْرَفُوا وَ إِذَا غَابُوا لَمْ یُفْتَقَدُوا وَ إِذَا خَطَبُوا الْأَبْكَارَ لَمْ یُزَوَّجُوا قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَ أَنْفُسُهُمْ عَفِیفَةٌ وَ حَوَائِجُهُمْ خَفِیفَةٌ ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الْعَطَشِ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الْجُوعِ عُمْشُ الْعُیُونِ مِنَ السَّهَرِ الرَّهْبَانِیَّةُ عَلَیْهِمْ لَائِحَةٌ وَ الْخَشْیَةُ لَهُمْ لَازِمَةٌ كُلَّمَا ذَهَبَ مِنْهُمْ سَلَفٌ خَلَفَ فِی مَوْضِعِهِ خَلَفٌ أُولَئِكَ الَّذِینَ یَرِدُونَ الْقِیَامَةَ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَیْلَةَ الْبَدْرِ تَغْبِطُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا ...

یَحْزَنُونَ.

«92»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ یَرْغَبُ فِیمَا یَبْقَی وَ یَزْهَدُ فِیمَا یَفْنَی یَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ وَ الْعِلْمَ بِالْعَمَلِ بَعِیدٌ كَسَلُهُ دَائِمٌ نَشَاطُهُ قَرِیبٌ أَمَلُهُ حَیٌّ قَلْبُهُ ذَاكِرٌ لِسَانُهُ- لَا یُحَدِّثُ بِمَا لَا یُؤْتَمَنُ عَلَیْهِ الْأَصْدِقَاءُ وَ لَا یَكْتُمُ شَهَادَةَ الْأَعْدَاءِ- لَا یَعْمَلُ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ رِیَاءً وَ لَا یَتْرُكُهُ حَیَاءً الْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ إِنْ كَانَ فِی الذَّاكِرِینَ لَمْ یُكْتَبْ فِی الْغَافِلِینَ وَ إِنْ كَانَ فِی الْغَافِلِینَ كُتِبَ فِی الذَّاكِرِینَ وَ یَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ یُعْطِی مَنْ حَرَمَهُ وَ یَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ وَ یُحْسِنُ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهِ- لَا یَعْزُبُ حِلْمُهُ وَ لَا یُعَجِّلُ فِیمَا یُرِیبُهُ بَعِیدٌ جَهْلُهُ لَیِّنٌ قَوْلُهُ قَرِیبٌ مَعْرُوفُهُ غَائِبٌ مُنْكَرُهُ صَادِقٌ كَلَامُهُ حَسَنٌ فِعْلُهُ مُقْبِلٌ خَیْرُهُ مُدْبِرٌ شَرُّهُ فِی الزَّلَازِلِ وَقُورٌ وَ فِی الْمَكَارِهِ

ص: 26


1- 1. مطالب السئول ص 53.
2- 2. نحل جسمه أی سقم، و الناحل الرقیق الجسم من مرض أو تعب. و ذبل النبات: قل ماؤه و ذهبت نضارته. و الذبل: الیابسة الشفة. و الخمیصة أی الضامرة.

صَبُورٌ وَ فِی الرَّخَاءِ شَكُورٌ- لَا یَحِیفُ عَلَی مَنْ یُبْغِضُ وَ لَا یَأْثَمُ فِیمَنْ یُحِبُّ وَ لَا یَدَّعِی مَا لَیْسَ لَهُ وَ لَا یَجْحَدُ حَقّاً عَلَیْهِ یَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ یُشْهَدَ عَلَیْهِ وَ لَا یُضِیعُ مَا اسْتُحْفِظَ وَ لَا یَرْغَبُ فِیمَا لَا تَدْعُوهُ الضَّرُورَةُ إِلَیْهِ- لَا یَتَنَابَزُ بِالْأَلْقَابِ وَ لَا یَبْغِی عَلَی أَحَدٍ وَ لَا یَهْزَأُ بِمَخْلُوقٍ وَ لَا یُضَارُّ بِالْجَارِ وَ لَا یَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ مُؤَدَّبٌ بِأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ مُسَارِعٌ إِلَی الطَّاعَاتِ مُحَافِظٌ عَلَی الصَّلَوَاتِ بَطِی ءٌ فِی الْمُنْكَرَاتِ- لَا یَدْخُلُ عَلَی الْأُمُورِ بِجَهْلٍ وَ لَا یَخْرُجُ عَنِ الْحَقِّ بِعَجْزٍ إِنْ صَمَتَ فَلَا یَغُمُّهُ الصَّمْتُ وَ إِنْ نَطَقَ لَا یَقُولُ الْخَطَأَ وَ إِنْ ضَحِكَ فَلَا تَعْلُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا یَجْمَحُ بِهِ الْغَضَبُ (1)

وَ لَا تَغْلِبُهُ الْهَوَی وَ لَا یَقْهَرُهُ الشُّحُّ وَ لَا تَمْلِكُهُ الشَّهْوَةُ یُخَالِطُ النَّاسَ لِیَعْلَمَ وَ یَصْمُتُ لِیَسْلَمَ وَ یَسْأَلُ لِیَفْهَمَ یُنْصِتُ إِلَی الْخَیْرِ لِیَعْمَلَ بِهِ وَ لَا یَتَكَلَّمُ بِهِ لِیَفْخَرَ عَلَی مَا سِوَاهُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِی عَنَاءٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ یُتْعِبُ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ وَ یَعْصِی هَوَاهُ لِطَاعَةِ رَبِّهِ بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ مِنْهُ نَزَاهَةٌ وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِینٌ وَ رَحْمَةٌ لَیْسَ بُعْدُهُ بِكِبْرٍ وَ لَا قُرْبُهُ خَدِیعَةً مُقْتَدٍ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْإِیمَانِ إِمَامٌ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْبَرَرَةِ الْمُتَّقِینَ.

«93»- وَ قَالَ علیه السلام: طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللَّهِ مِهَاداً وَ تُرَابَهَا وِسَاداً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ جَعَلُوا الْكِتَابَ شِعَاراً وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً وَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی عَبْدِهِ الْمَسِیحِ علیه السلام أَنْ قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ- لَا تَدْخُلُوا بَیْتاً مِنْ بُیُوتِی إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ وَ أَكُفٍّ نَقِیَّةٍ وَ أَعْلِمْهُمْ أَنِّی لَا أُجِیبُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةً وَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ.

«94»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ ثَبُوتٌ عِنْدَ الْمَكَارِهِ صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ- لَا یَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ وَ لَا یَتَحَامَلُ لِلْأَصْدِقَاءِ(2)

النَّاسُ مِنْهُ رَاحَةٌ وَ نَفْسُهُ مِنْهُ فِی تَعَبٍ الْعِلْمُ خَلِیلُهُ وَ الْعَقْلُ قَرِینُهُ

ص: 27


1- 1. جمع الفرس: تغلب علی راكبه و لا ینقاد له.
2- 2. أی لا یحتمل الوزر لاجلهم، أو یتحامل عنهم ما لا یطیق الإتیان به من الأمور المشاقة فیعجز عنها.

وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الصَّبْرُ أَمِیرُهُ وَ الرِّفْقُ أَخُوهُ وَ اللِّینُ وَالِدُهُ.

«95»- وَ قَوْلُهُ علیه السلام لِنَوْفٍ الْبِكَالِیِّ أَ تَدْرِی یَا نَوْفُ مَنْ شِیعَتِی قَالَ لَا وَ اللَّهِ قَالَ شِیعَتِی الذُّبُلُ الشِّفَاهِ الْخُمْصُ الْبُطُونِ الَّذِینَ تُعْرَفُ الرَّهْبَانِیَّةُ فِی وُجُوهِهِمْ رُهْبَانٌ بِاللَّیْلِ أُسُدٌ بِالنَّهَارِ الَّذِینَ إِذَا جَنَّهُمُ اللَّیْلُ ائْتَزَرُوا عَلَی أَوْسَاطِهِمْ وَ ارْتَدَوْا عَلَی أَطْرَافِهِمْ (1) وَ صَفُّوا أَقْدَامَهُمْ وَ افْتَرَشُوا جِبَاهَهُمْ تَجْرِی دُمُوعُهُمْ عَلَی خُدُودِهِمْ یَجْأَرُونَ إِلَی اللَّهِ فِی فَكَاكِ أَعْنَاقِهِمْ (2) وَ أَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ كِرَامٌ نُجَبَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِیَاءُ یَا نَوْفُ شِیعَتِی مَنْ لَمْ یَهِرَّ هَرِیرَ الْكَلْبِ وَ لَمْ یَطْمَعْ طَمَعَ الْغُرَابِ وَ لَمْ یَسْأَلِ النَّاسَ وَ لَوْ مَاتَ جُوعاً إِنْ رَأَی مُؤْمِناً أَكْرَمَهُ وَ إِنْ رَأَی فَاسِقاً هَجَرَهُ هَؤُلَاءِ وَ اللَّهِ شِیعَتِی.

«96»- قَالَ نَوْفٌ: عَرَضَتْ لِی حَاجَةٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَاسْتَتْبَعْتُ إِلَیْهِ جُنْدَبَ بْنَ زُهَیْرٍ وَ الرَّبِیعَ بْنَ خُثَیْمٍ وَ ابْنَ أَخِیهِ هَمَّامَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ خُثَیْمٍ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَرَانِسِ الْمُتَعَبِّدِینَ فَأَقْبَلْنَا إِلَیْهِ فَأَلْفَیْنَاهُ حِینَ خَرَجَ یَؤُمُّ الْمَسْجِدَ فَأَفْضَی وَ نَحْنُ مَعَهُ إِلَی نَفَرٍ مُتَدَیِّنِینَ قَدْ أَفَاضُوا فِی الْأُحْدُوثَاتِ تَفَكُّهاً وَ هُمْ یُلْهِی بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَأَسْرَعُوا إِلَیْهِ قِیَاماً وَ سَلَّمُوا عَلَیْهِ فَرَدَّ التَّحِیَّةَ ثُمَّ قَالَ مَنِ الْقَوْمُ فَقَالُوا أُنَاسٌ مِنْ شِیعَتِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُمْ خَیْراً ثُمَّ قَالَ یَا هَؤُلَاءِ مَا لِی لَا أَرَی فِیكُمْ سِمَةَ شِیعَتِنَا وَ حِلْیَةَ أَحِبَّتِنَا فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ حَیَاءً فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ جُنْدَبٌ وَ الرَّبِیعُ فَقَالا لَهُ مَا سِمَةُ شِیعَتِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَسَكَتَ فَقَالَ هَمَّامٌ كَانَ عَابِداً مُجْتَهِداً أَسْأَلُكَ بِالَّذِی أَكْرَمَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ خَصَّكُمْ وَ حَبَاكُمُ لَمَّا أَنْبَأْتَنَا بِصِفَةِ شِیعَتِكَ فَقَالَ لَا تُقْسِمْ فَسَأُنَبِّئُكُمْ جَمِیعاً وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی مَنْكِبِ هَمَّامٍ وَ قَالَ:

ص: 28


1- 1. أی یشدون المئزر علی وسطهم احتیاطا لستر العورة فانهم كانوا لا یلبسون السراویل أو المراد شد الوسط بالازار كالمنطقة لیجمع الثیاب. و قیل هو كنایة عن الاهتمام فی العبادة.( قاله المؤلّف) و قوله« و ارتدوا علی أطرافهم» أی یلبسون الرداءة أو یشدونها علی أطرافهم و یشتملون بها.
2- 2. حأر إلی اللّٰه: تضرع و رفع صوته بالبكاء.

شِیعَتُنَا هُمُ الْعَارِفُونَ بِاللَّهِ الْعَامِلُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ أَهْلُ الْفَضَائِلِ النَّاطِقُونَ بِالصَّوَابِ مَأْكُولُهُمُ الْقُوتُ وَ مَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَ مَشْیُهُمُ التَّوَاضُعُ بَخَعُوا لِلَّهِ تَعَالَی بِطَاعَتِهِ (1)

وَ خَضَعُوا لَهُ بِعِبَادَتِهِ فَمَضَوْا غَاضِّینَ أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَاقِفِینَ أَسْمَاعَهُمْ عَلَی الْعِلْمِ بِدِینِهِمْ نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِی الْبَلَاءِ كَالَّذِی نَزَلَتْ مِنْهُمْ فِی الرَّخَاءِ رَضُوا عَنِ اللَّهِ تَعَالَی بِالْقَضَاءِ فَلَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِی أَبْدَانِهِمْ طَرْفَةَ عَیْنٍ شَوْقاً إِلَی لِقَاءِ اللَّهِ وَ الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنْ أَلِیمِ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ صَغُرَ مَا دُونَهُ فِی أَعْیُنِهِمْ فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ رَآهَا فَهُمْ عَلَی أَرَائِكِهَا مُتَّكِئُونَ وَ هُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ رَآهَا فَهُمْ فِیهَا مُعَذَّبُونَ صَبَرُوا أَیَّاماً قَلِیلَةً فَأَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِیلَةً أَرَادَتْهُمُ الدُّنْیَا فَلَمْ یُرِیدُوهَا وَ طَلَبَتْهُمْ فَأَعْجَزُوهَا أَمَّا اللَّیْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالُونَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ یُرَتِّلُونَهُ تَرْتِیلًا یَعِظُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَمْثَالِهِ وَ یَسْتَشْفُونَ لِدَائِهِمْ بِدَوَائِهِ تَارَةً وَ تَارَةً یَفْتَرِشُونَ جِبَاهَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ وَ رُكَبَهُمْ وَ أَطْرَافَ أَقْدَامِهِمْ تَجْرِی دُمُوعُهُمْ عَلَی خُدُودِهِمْ یُمَجِّدُونَ جَبَّاراً عَظِیماً وَ یَجْأَرُونَ إِلَیْهِ فِی فَكَاكِ أَعْنَاقِهِمْ هَذَا لَیْلُهُمْ وَ أَمَّا نَهَارَهُمْ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِیَاءُ بَرَاهُمْ خَوْفُ بَارِیهِمْ (2)

فَهُمْ كَالْقِدَاحِ تَحْسَبُهُمْ مَرْضَی وَ قَدْ خُولِطُوا وَ مَا هُمْ بِذَلِكَ بَلْ خَامَرَهُمْ مِنْ عَظَمَةِ رَبِّهِمْ وَ شِدَّةِ سُلْطَانِهِ مَا طَاشَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَ ذَهَلَتْ مِنْهُ عُقُولُهُمْ فَإِذَا اشْتَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِالْأَعْمَالِ الزَّكِیَّةِ- لَا یَرْضَوْنَ لَهُ بِالْقَلِیلِ وَ لَا یَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْجَزِیلَ فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ یَرَی لِأَحَدِهِمْ قُوَّةً فِی دِینٍ وَ حَزْماً فِی لِینٍ (3) وَ إِیمَاناً فِی یَقِینٍ وَ حِرْصاً عَلَی

ص: 29


1- 1. بخع نفسه- بتقدیم الباء علی الخاء المعجمة المفتوحة-: أنهكها و كاد یهلكها من غم أو غضب. و بخع- بكسر الخاء- بالحق: أقر و أذعن.
2- 2. أی نحتهم خوف ربهم، فانما یخشی اللّٰه من عباده العلماء. و القداح جمع القدح بالكسر فیهما: السهم.
3- 3. الحزم فی اللین أن یكون لینه حزما و فی موضعه، لا عن مهانة و ذلة.

عِلْمٍ وَ فَهْماً فِی فِقْهٍ وَ عِلْماً فِی حِلْمٍ وَ كِیساً فِی قَصْدٍ وَ قَصْداً فِی غِنًی وَ تَجَمُّلًا فِی فَاقَةٍ وَ صَبْراً فِی شِدَّةٍ وَ خُشُوعاً فِی عِبَادَةٍ وَ رَحْمَةً فِی مَجْهُودٍ وَ إِعْطَاءً فِی حَقٍّ وَ رِفْقاً فِی كَسْبٍ وَ طَلَباً مِنْ حَلَالٍ وَ تَعَفُّفاً فِی طَمَعٍ وَ طَمَعاً فِی غَیْرِ طَبَعٍ وَ نَشَاطاً فِی هُدًی وَ اعْتِصَاماً فِی شَهْوَةٍ وَ بِرّاً فِی اسْتِقَامَةٍ- لَا یَغُرُّهُ مَا جَهِلَهُ وَ لَا یَدَعُ إِحْصَاءَ مَا عَمِلَهُ یَسْتَبْطِئُ نَفْسَهُ فِی الْعَمَلِ وَ هُوَ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ عَلَی وَجَلٍ یُصْبِحُ وَ شُغْلُهُ الذِّكْرُ وَ یُمْسِی وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ یَبِیتُ حَذِراً مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ وَ یُصْبِحُ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ وَ إِنِ اسْتَصْعَبَ عَلَیْهِ نَفْسُهُ فِیمَا تَكْرَهُ لَمْ یُطِعْهَا سُؤْلَهَا مِمَّا إِلَیْهِ تَسُرُّهُ رَغْبَتُهُ فِیمَا یَبْقَی وَ زَهَادَتُهُ فِیمَا یَفْنَی قَدْ قَرَنَ الْعِلْمَ بِالْعَمَلِ وَ الْعَمَلَ بِالْحِلْمِ وَ یَظَلُّ دَائِماً نَشَاطُهُ بَعِیداً كَسَلُهُ قَرِیباً أَمَلُهُ قَلِیلًا زَلَلُهُ مُتَوَقِّعاً أَجَلُهُ خَاشِعاً قَلْبُهُ ذَاكِراً رَبَّهُ قَانِعَةً نَفْسُهُ عَازِباً جَهْلَهُ مُحْرِزاً دِینَهُ مَیِّتاً دَاؤُهُ كَاظِماً غَیْظَهُ صَافِیاً خُلُقُهُ آمِناً مِنْهُ جَارُهُ سَهْلًا أَمْرُهُ مَعْدُوماً كِبْرُهُ مَتِیناً صَبْرُهُ كَثِیراً ذِكْرُهُ- لَا یَعْمَلُ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ رِیَاءً وَ لَا یَتْرُكُهُ حَیَاءً أُولَئِكَ شِیعَتُنَا وَ أَحِبَّتُنَا وَ مِنَّا وَ مَعَنَا آهاً وَ شَوْقاً إِلَیْهِمْ فَصَاحَ هَمَّامٌ صَیْحَةً وَ وَقَعَ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْیَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَی فَغُسِّلَ وَ صَلَّی عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَحْنُ مَعَهُ- فَشِیعَتُهُ علیه السلام هَذِهِ صِفَتُهُمْ وَ هِیَ صِفَةُ الْمُؤْمِنِینَ وَ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا.

«97»- وَ قَالَ علیه السلام: الْجَنَّةُ الَّتِی أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَی لِلْمُؤْمِنِینَ خَطَّافَةٌ لِأَبْصَارِ النَّاظِرِینَ فِیهَا دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلَاتٌ وَ مَنَازِلُ مُتَعَالِیَاتٌ- لَا یَبِیدُ نَعِیمُهَا وَ لَا یَضْمَحِلُّ حُبُورُهَا وَ لَا یَنْقَطِعُ سُرُورُهَا وَ لَا یَظْعَنُ مُقِیمُهَا وَ لَا یَهْرَمُ خَالِدُهَا وَ لَا یَبْؤُسُ سَاكِنُهَا آمِنٌ سُكَّانُهَا مِنَ الْمَوْتِ فَلَا یَخَافُونَ صَفّاً لَهُمُ الْعَیْشُ وَ دَامَتْ لَهُمُ النِّعْمَةُ فِی أَنْهَارٍ مِنْ ماءٍ غَیْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ یَتَغَیَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِینَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّی وَ لَهُمْ فِیها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ عَلَی فُرُشٍ مَوْزُونَةٍ وَ أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ حُورٌ عِینٌ كَأَنَّهُنَّ اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ- وَ فاكِهَةٍ كَثِیرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ

ص: 30

وَ الْمَلائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ- سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ.

أقول: قد مضی فی كتاب الإیمان و الكفر فی باب المؤمن و صفاته خبر همام و طلبه عنه علیه السلام ذكر صفات المؤمن و أنه علیه السلام قال الخطبة بمسجد الكوفة بعده طرق من كتب عدیدة و لكن بینها أنواع من الاختلافات و كذلك بینها و بین هذا الخبر فلا تغفل ثم قد سبق فی ذلك الباب كلام ابن أبی الحدید من كون همام هذا هو همام بن شریح بن یزید بن مرة و المذكور هنا ینافیه كما لا یخفی.

«98»- جع (1)،[جامع الأخبار]: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ جِئْتُكَ لِأَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعَةِ مَسَائِلَ فَقَالَ علیه السلام سَلْ وَ إِنْ كَانَ أَرْبَعِینَ فَقَالَ أَخْبِرْنِی مَا الصَّعْبُ وَ مَا الْأَصْعَبُ وَ مَا الْقَرِیبُ وَ مَا الْأَقْرَبُ وَ مَا الْعَجَبُ وَ مَا الْأَعْجَبُ وَ مَا الْوَاجِبُ وَ مَا الْأَوْجَبُ فَقَالَ علیه السلام الصَّعْبُ الْمَعْصِیَةُ وَ الْأَصْعَبُ فَوْتُ ثَوَابِهَا وَ الْقَرِیبُ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ وَ الْأَقْرَبُ هُوَ الْمَوْتُ وَ الْعَجَبُ هُوَ الدُّنْیَا وَ غَفْلَتُنَا فِیهَا أَعْجَبُ وَ الْوَاجِبُ هُوَ التَّوْبَةُ وَ تَرْكُ الذُّنُوبِ هُوَ الْأَوْجَبُ.

«99»- قِیلَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ جِئْتُكَ مِنْ سَبْعِمِائَةِ فَرْسَخٍ لِأَسْأَلَكَ عَنْ سَبْعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ علیه السلام سَلْ مَا شِئْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَیُّ شَیْ ءٍ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَضْعَفُ مِنَ الْیَتِیمِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَحَرُّ مِنَ النَّارِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَبْرَدُ مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْبُهْتَانُ عَلَی الْبَرِی ءِ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْحَقُّ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ نَمَائِمُ الْوُشَاةِ أَضْعَفُ مِنَ الْیَتِیمِ (2) وَ الْحِرْصُ أَحَرُّ مِنَ النَّارِ وَ حَاجَتُكَ إِلَی الْبَخِیلِ أَبْرَدُ مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ الْبَدَنُ الْقَانِعُ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ.

«100»- ختص (3)،[الإختصاص] رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْمُفْتَخِرُ بِنَفْسِهِ أَشْرَفُ

ص: 31


1- 1. جامع الأخبار ص 161. الفصل السادس و التسعون.
2- 2. الواشی هو النمام عند الامیر أو الحاكم او السلطان و جمعه الوشاة.
3- 3. الاختصاص: 188.

مِنَ الْمُفْتَخِرِ بِأَبِیهِ لِأَنِّی أَشْرَفُ مِنْ أَبِی وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْرَفُ مِنْ أَبِیهِ وَ إِبْرَاهِیمُ أَشْرَفُ مِنْ تَارُخَ.

«101»- قِیلَ وَ بِمَ الِافْتِخَارُ قَالَ بِإِحْدَی ثَلَاثٍ مَالٍ ظَاهِرٍ أَوْ أَدَبٍ بَارِعٍ أَوْ صِنَاعَةٍ لَا یَسْتَحِی الْمَرْءُ مِنْهَا.

«102»- قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَصْبَحْتُ آكُلُ وَ أَنْتَظِرُ أَجَلِی.

«103»- قِیلَ لَهُ علیه السلام فَمَا تَقُولُ فِی الدُّنْیَا قَالَ فَمَا أَقُولُ فِی دَارٍ أَوَّلُهَا غَمٌّ وَ آخِرُهَا الْمَوْتُ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا افْتَقَرَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا النَّارُ.

«104»- قِیلَ فَمَنْ أَغْبَطُ النَّاسِ قَالَ جَسَدٌ تَحْتَ التُّرَابِ قَدْ أَمِنَ مِنَ الْعِقَابِ وَ یَرْجُو الثَّوَابَ.

«105»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ زَارَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِی اللَّهِ نَادَاهُ اللَّهُ أَیُّهَا الزَّائِرُ طِبْتَ وَ طَابَتْ لَكَ الْجَنَّةُ.

«106»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا قَضَی مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ حَاجَةً إِلَّا نَادَاهُ اللَّهُ عَلَیَّ ثَوَابُكَ وَ لَا أَرْضَی لَكَ بِدُونِ الْجَنَّةِ.

«107»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثَةٌ یَضْحَكُ اللَّهُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَجُلٌ یَكُونُ عَلَی فِرَاشِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَ هُوَ یُحِبُّهَا فَیَتَوَضَّأُ وَ یَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَیُصَلِّی وَ یُنَاجِی رَبَّهُ وَ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَ لَمْ یُصِبْ مَاءً فَقَامَ إِلَی الثَّلْجِ فَكَسَرَهُ ثُمَّ دَخَلَ فِیهِ وَ اغْتَسَلَ وَ رَجُلٌ لَقِیَ عَدُوّاً وَ هُوَ مَعَ أَصْحَابِهِ وَ جَاءَهُمْ مُقَاتِلٌ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ.

«108»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّعْزِیَةُ تُورِثُ الْجَنَّةَ.

«109»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا حَمَلْتَ بِجَوَانِبِ سَرِیرِ الْمَیِّتِ خَرَجْتَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا وَلَدَتْكَ أُمُّكَ.

«110»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اشْتَرَی لِعِیَالِهِ لَحْماً بِدِرْهَمٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ.

ص: 32

«111»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ شَرِبَ مِنْ سُؤْرِ أَخِیهِ تَبَرُّكاً بِهِ خَلَقَ اللَّهُ بَیْنَهُمَا مَلَكاً یَسْتَغْفِرُ لَهُمَا حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ.

«112»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی سُؤْرِ الْمُؤْمِنِ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعِینَ دَاءً.

«113»- ختص،(1)

[الإختصاص] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ یَرْفَعُهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ أَوْقَفَ نَفْسَهُ مَوْقِفَ التُّهَمَةِ فَلَا یَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِیَرَةُ فِی یَدِهِ وَ كُلُّ حَدِیثٍ جَاوَزَ

اثْنَیْنِ فَشَی وَ ضَعْ أَمْرَ أَخِیكَ عَلَی أَحْسَنِهِ حَتَّی یَأْتِیَكَ مِنْهُ مَا یَغْلِبُكَ وَ لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِیكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِی الْخَیْرِ مَحْمِلًا وَ عَلَیْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَكَثِّرْ فِی اكْتِسَابِهِمْ عُدَّةً عِنْدَ الرَّخَاءِ وَ جُنْداً عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ شَاوِرْ حَدِیثَكَ الَّذِینَ یَخَافُونَ اللَّهَ وَ أَحْبِبِ الْإِخْوَانَ عَلَی قَدْرِ التَّقْوَی وَ اتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِیَارِهِنَّ عَلَی حَذَرٍ إِنْ أَمَرْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَخَالِفُوهُنَّ حَتَّی لَا یَطْمَعْنَ فِی الْمُنْكَرِ.

«114»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الشَّارِبِ بْنِ ذِرَاعٍ (3)

عَنْ أَخِیهِ یَسَارٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَا فِیهِمْ إِذْ ذَكَرُوا الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفَهَا بِأَهْلِهَا فَذَمَّهَا رَجُلٌ فَذَهَبَ فِی ذَمِّهَا كُلَّ مَذْهَبٍ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَیْهَا أَمْ هِیَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَیْكَ فَقَالَ بَلْ أَنَا الْمُتَجَرِّمُ عَلَیْهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَبِمَ تَذُمُّهَا أَ لَیْسَتْ مَنْزِلَ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارَ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارَ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ مَسَاجِدَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ مَهْبِطَ وَحْیِهِ وَ مُصَلَّی مَلَائِكَتِهِ وَ مَتْجَرَ أَوْلِیَائِهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ وَ رَجَوْا فِیهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا یَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَیْنِهَا وَ نَادَتِ بِانْقِطَاعِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا

ص: 33


1- 1. المصدر ص 226 و فیه محمّد بن الحسن.
2- 2. الأمالی ج 2 ص 207.
3- 3. فی المصدر« بشار بن ذراع».

فَمَثَّلَتْ بِبَلَائِهَا الْبِلَی وَ شَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ تَخْوِیفاً وَ تَرْغِیباً فَابْتَكَرَتْ بِعَافِیَةٍ وَ رَاحَتْ بِفَجِیعَةٍ فَذَمَّهَا رِجَالٌ فَرَّطُوا غَدَاةَ النَّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ اكْتَسَبُوا فِیهِ الْخَیْرَ فَیَا أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَی اسْتَذَمَّتْ إِلَیْكَ أَوْ مَتَی غَرَّتْكَ أَمْ بِمَضَاجِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَی أَمْ بِمَصَارِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَی كَمْ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ وَ عَالَجْتَ بِكَفَّیْكَ تَلْتَمِسُ لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ تَنْفَعْهُمْ بِشَفَاعَتِكَ وَ لَمْ تُسْعِفْهُمْ فِی طَلِبَتِكَ مَثَّلَتْ لَكَ وَیْحَكَ الدُّنْیَا بِمَصْرَعِهِمْ مَصْرَعَكَ وَ بِمَضْجَعِهِمْ مَضْجَعَكَ حِینَ لَا یُغْنِی بُكَاؤُكَ وَ لَا یَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَهْلِ الْمَقَابِرِ فَقَالَ یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ وَ یَا أَهْلَ الْقُرْبَةِ أَمَّا الْمَنَازِلُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی.

«115»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْهَیْبَةُ خَیْبَةٌ(2) وَ الْفُرْصَةُ خُلْسَةٌ وَ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَاطْلُبُوهَا وَ لَوْ عِنْدَ الْمُشْرِكِ تَكُونُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا.

«116»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الضَّرِیرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا الْمَكِّیِّ عَنْ كَثِیرِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: خَطَبَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْقِدَمِ وَ الْأَزَلِیَّةِ الَّذِی لَیْسَ لَهُ غَایَةٌ فِی دَوَامِهِ وَ لَا لَهُ أَوَّلِیَّةٌ أَنْشَأَ صُنُوفَ الْبَرِیَّةِ لَا عَنْ أُصُولٍ كَانَتْ بَدِیَّةً-(4) وَ ارْتَفَعَ مِنْ مُشَارَكَةِ الْأَنْدَادِ

ص: 34


1- 1. الأمالی ج 2 ص 237 و 238.
2- 2. یعنی من تهیب أمرا خاب من ادراكه. و الخلسة- بضم الخاء-: الفرصة المناسبة و فی المثل« الخلسة سریعة الفوت بطیئة العود» و یأتی نظیره عن قریب.
3- 3. الأمالی ج 2 ص 315.
4- 4. البدء و البدیئة: اول الحال و النشأة.

وَ تَعَالَی عَنِ اتِّخَاذِ صَاحِبَةٍ وَ أَوْلَادٍ هُوَ الْبَاقِی بِغَیْرِ مُدَّةٍ وَ الْمُنْشِئُ لَا بِأَعْوَانٍ- لَا بِآلَةٍ فَطَرَ وَ لَا بِجَوَارِحَ صَرَفَ مَا خَلَقَ- لَا یَحْتَاجُ إِلَی مُحَاوَلَةِ التَّفْكِیرِ وَ لَا مُزَاوَلَةِ مِثَالٍ وَ لَا تَقْدِیرٍ أَحْدَثَهُمْ عَلَی صُنُوفٍ مِنَ التَّخْطِیطِ وَ التَّصْوِیرِ- لَا بِرُؤْیَةٍ وَ لَا ضَمِیرٍ سَبَقَ عِلْمُهُ فِی كُلِّ الْأُمُورِ وَ نَفَذَتْ مَشِیَّتُهُ فِی كُلِّ مَا یُرِیدُ فِی الْأَزْمِنَةِ وَ الدُّهُورِ وَ انْفَرَدَ بِصَنْعَةِ الْأَشْیَاءِ فَأَتْقَنَهَا بِلَطَائِفِ التَّدْبِیرِ سُبْحَانَهُ مِنْ لَطِیفٍ خَبِیرٍ- لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ.

«117»- كِتَابُ الْغَارَاتِ (1)، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَیْمٍ عَنْ أَشْیَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ كَثِیراً مَا یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ أَهْلَهَا بِوَدَاعٍ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ آذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْیَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَداً أَلَا وَ إِنَّ السَّبْقَ الْجَنَّةُ وَ الْغَایَةَ النَّارُ أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی أَیَّامِ مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ یَحُثُّهُ عَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِی أَیَّامِ مَهَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ یَضُرَّهُ أَمَلُهُ أَلَا وَ إِنَّ الْأَمَلَ یُسْهِی الْقَلْبَ وَ یُكَذِّبُ الْوَعْدَ وَ یُكْثِرُ الْغَفْلَةَ وَ یُورِثُ الْحَسْرَةَ فَاعْزُبُوا عَنِ الدُّنْیَا(2)

كَأَشَدِّ مَا أَنْتُمْ عَنْ شَیْ ءٍ تَعْزُبُونَ فَإِنَّهَا مِنْ وُرُودِ صَاحِبِهَا مِنْهَا فِی غِطَاءٍ مُعَنًّی وَ افْزَعُوا إِلَی قِوَامِ دِینِكُمْ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لِأَهْلِهَا(3)

وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ الْخُشُوعِ لَهُ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ خَوْفِ الْمَعَادِ وَ إِعْطَاءِ السَّائِلِ وَ إِكْرَامِ الضَّیْفِ وَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَ اعْمَلُوا بِهِ وَ اصْدُقُوا الْحَدِیثَ وَ آثِرُوهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِذَا ائْتَمَنْتُمْ وَ ارْغَبُوا فِی ثَوَابِ اللَّهِ وَ خَافُوا عِقَابَهُ فَإِنِّی لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا فَتَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْیَا مَا تَحُوزُوا بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً مِنَ النَّارِ وَ اعْمَلُوا بِالْخَیْرِ تُجْزَوْا بِالْخَیْرِ یَوْمَ یَفُوزُ أَهْلُ الْخَیْرِ بِالْخَیْرِ.

ص: 35


1- 1. مخطوط.
2- 2. عزب: بعد و غاب و خفی.
3- 3. فی بعض النسخ« أداء الزكاة لمحلها».

باب 16 ما جمع من جوامع كلم أمیر المؤمنین صلی اللّٰه علیه و علی ذریته

أقول: و قد جمع الجاحظ من علماء العامة مائة كلمة من مفردات كلامه علیه السلام و هی رسالة معروفة شائعة و قد جمع بعض علمائنا أیضا كلماته علیه السلام فی كتاب نثر اللآلی و السید الرضی رحمه اللّٰه قد أورد كلماته علیه السلام فی مطاوی نهج البلاغة و لا سیما فی أواخره و كذا فی كتاب خصائص الأئمة علیهم السلام ثم جمع بعده الآمدی من أصحابنا أیضا كثیرا من ذلك فی كتاب الغرر و الدرر و هو كتاب مشهور متداول.

ثم قد أوردها مع كلمات النبی و سائر الأئمة علیهم السلام جماعة أخری من العامة و الخاصة أیضا فی مؤلفاتهم و منهم الحسن بن علی بن شعبة فی كتاب تحف العقول و الحسین بن محمد بن الحسن فی كتاب النزهة الناظر و الشهید فی كتاب الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة و كذا الشیخ علی بن محمد اللیثی الواسطی فی كتاب عیون الحكم و المواعظ و خیرة المتعظ و الواعظ الذی قد سمینا بكتاب العیون و المحاسن و هو یشتمل علی كثیر من كلماته و كلمات باقی الأئمة ع.

و قد جمع الشیخ سعد بن عبد القاهر أیضا من علمائنا بین كلمات النبی صلی اللّٰه علیه و آله المذكور فی كتاب الشهاب للقاضی القضاعی من العامة و بین كلماته علیه السلام المذكورة فی النهج فی كتاب مجمع البحرین و نحن قد أوردنا كل كلام له علیه السلام و له خبر فی باب یناسبه فی مطاوی هذا الكتاب أعنی كتابنا بحار الأنوار بقدر الإمكان و الآن لنذكر شطرا صالحا من ذلك إن شاء اللّٰه تعالی.

«1»- ف (1)،[تحف العقول] قَالَ علیه السلام: مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ الْبِرُّ وَ إِخْفَاءُ الْعَمَلِ وَ الصَّبْرُ عَلَی

ص: 36


1- 1. التحف ص 200.

الرَّزَایَا(1)

وَ كِتْمَانُ الْمَصَائِبِ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: حُسْنُ الْخُلُقِ خَیْرُ قَرِینٍ وَ عُنْوَانُ صَحِیفَةِ الْمُؤْمِنِ حُسْنُ خُلُقِهِ.

«3»- وَ قَالَ علیه السلام: الزَّاهِدُ فِی الدُّنْیَا مَنْ لَمْ یَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَهُ وَ لَمْ یَشْغَلِ الْحَلَالُ شُكْرَهُ.

«4»- وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (2) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ یَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ یَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ فَلْیَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَهُ مِنْ آخِرَتِكَ وَ لْیَكُنْ أَسَفُكَ عَلَی مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَ مَا نِلْتَهُ مِنَ الدُّنْیَا فَلَا تُكْثِرَنَّ بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلَا تَأْسَفَنَّ عَلَیْهِ حَزَناً وَ لْیَكُنْ هَمُّكَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی ذَمِّ الدُّنْیَا أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ(3)

فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنْ صَحَّ فِیهَا أَمِنَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهَا نَدِمَ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ (4) وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ وَ مَنْ نَظَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ (5).

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: أَحْبِبْ حَبِیبَكَ هَوْناً مَا عَسَی أَنْ یَعْصِیَكَ یَوْماً مَا(6)

وَ أَبْغِضْ بَغِیضَكَ هَوْناً مَا عَسَی أَنْ یَكُونَ حَبِیبَكَ یَوْماً مَا.

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا غِنَی مِثْلُ الْعَقْلِ وَ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُ.

ص: 37


1- 1. الرزایا: جمع الرزیة: المصیبة العظیمة.
2- 2. منقول فی النهج بادنی اختلاف.
3- 3. العناء: النصب و التعب.
4- 4.« ساعاها» أی غالبها فی السعی. و فی كنز الفوائد« فاتنه».
5- 5. أی نظرها بعین الحقیقة نظر تأمل و تفكر. و فی كنز الفوائد« و من نظر إلیها ألهته و من تهاون بها نصرته».
6- 6. الهون: الرفق، السهل، السكینة و المراد احببه حبا مقتصدا لا افراط فیه. و أبغضه بغضا مقتصدا.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: قُرِنَتِ الْهَیْبَةُ بِالْخَیْبَةِ(1) وَ الْحَیَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَلْیَطْلُبْهَا وَ لَوْ فِی أَیْدِی أَهْلِ الشَّرِّ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ أَنَّ حَمَلَةَ الْعِلْمِ حَمَلُوهُ بِحَقِّهِ لَأَحَبَّهُمُ اللَّهُ وَ مَلَائِكَتُهُ وَ أَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَكِنَّهُمْ حَمَلُوهُ لِطَلَبِ الدُّنْیَا فَمَقَتَهُمُ اللَّهُ وَ هَانُوا عَلَی النَّاسِ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الْعِبَادِةِ الصَّبْرُ وَ الصَّمْتُ وَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ.

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلنَّكَبَاتِ غَایَاتٍ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَهِیَ إِلَیْهَا فَإِذَا حُكِمَ عَلَی أَحَدِكُمْ بِهَا فَلْیُطَأْطِئْ لَهَا وَ یَصْبِرُ حَتَّی تَجُوزَ(2)

فَإِنَّ إِعْمَالَ الْحِیلَةِ فِیهَا عِنْدَ إِقْبَالِهَا زَائِدٌ فِی مَكْرُوهِهَا.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام لِلْأَشْتَرِ یَا مَالِكُ احْفَظْ عَنِّی هَذَا الْكَلَامَ وَ عِهْ یَا مَالِكُ بَخَسَ مُرُوَّتَهُ مَنْ ضَعُفَ یَقِینُهُ وَ أَزْرَی بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ (3)

وَ رَضِیَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ وَ هَانَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَطْلَعَ عَلَی سِرِّهِ وَ أَهْلَكَهَا مَنْ أَمَّرَ عَلَیْهِ لِسَانَهُ (4)

الشَّرَهُ جَزَّارُ

الْخَطَرِ مَنْ أَهْوَی إِلَی مُتَفَاوِتٍ خَذَلَتْهُ الرَّغْبَةُ(5) الْبُخْلُ عَارٌ وَ الْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ الشُّكْرُ ثَرْوَةٌ وَ الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الْمُقِلُّ غَرِیبٌ فِی بَلَدِهِ (6) وَ الْفَقْرُ یُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ (7) وَ نِعْمَ الْقَرِینُ

ص: 38


1- 1. الهیبة. المخافة. و الخیبة: عدم الظفر بالمطلوب. و قد مر آنفا.
2- 2. طأطأ: خفض و خضع.
3- 3. أی احتقرها. یقال: أزری به أی عابه و وضع من حقه.
4- 4. أمر لسانه أی جعله أمیرا علی نفسه.
5- 5.- الشره: اشد الحرص و طلب المال مع القناعة. و الجزار: الذباح. و المتفاوت: المتباعد و فی كنز الفوائد« الی متفاوت الأمور» و فی النهج« من أومأ الی متفاوت خذلته الحیل» أی من طلب تحصیل المتباعدات و ضم بعضها الی بعض لم ینجح فیها فخذلته الحیل و الرغبة فیما یرید.
6- 6. المقل: الفقیر. و فی النهج« فی بلدته».
7- 7. الفطن.- بفتح فكسر-: الفاطن أی صاحب الفطنة و الحذاقة.

الرِّضَی الْأَدَبُ حُلَلٌ جُدُدٌ(1) وَ مَرْتَبَةُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ وَ صَدْرُهُ خِزَانَةُ سِرِّهِ وَ التَّثَبُّتُ حَزْمٌ وَ الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِیَةٌ وَ الْحِلْمُ سَجِیَّةٌ فَاضِلَةٌ وَ الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ (2) وَ أَعْمَالُ الْقَوْمِ فِی عَاجِلِهِمْ نُصْبَ أَعْیُنِهِمْ فِی آجِلِهِمْ وَ الِاعْتِبَارُ تَدَبُّرٌ صُلْحٌ (3) وَ الْبَشَاشَةُ فَخُّ الْمَوَدَّةِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ كَمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ لَا إِیمَانَ لَهُ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: أَنْتُمْ فِی مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ وَ مَعَكُمْ أَمَلٌ یَعْتَرِضُ دُونَ الْعَمَلِ فَاغْتَنِمُوا الْمَهَلَ وَ بَادِرُوا الْأَجَلَ وَ كَذِّبُوا الْأَمَلَ وَ تَزَوَّدُوا مِنَ الْعَمَلِ هَلْ مِنْ خَلَاصٍ أَوْ مَنَاصٍ أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَجَازٍ أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ لَا- فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةٌ لِلطَّالِبِ الرَّاجِی وَ ثِقَةٌ لِلْهَارِبِ الرَّاجِی اسْتَشْعِرُوا التَّقْوَی شِعَاراً بَاطِناً وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً تَحْیَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَیَاةِ وَ تَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجَاةِ وَ انْظُرُوا إِلَی الدُّنْیَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ فَإِنَّهَا تُزِیلُ الثَّاوِیَ السَّاكِنَ (4)

وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الْآمِنَ- لَا یُرْجَی مِنْهَا مَا وَلَّی فَأَدْبَرَ وَ لَا یُدْرَی مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَیُسْتَنْظَرَ وَصَلَ الرَّخَاءُ مِنْهَا بِالْبَلَاءِ وَ الْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَی الْفَنَاءِ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَ الْبَقَاءُ مِنْهَا إِلَی الضَّعْفِ وَ الْوَهْنِ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْخُیَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ وَ التَّجَبُّرَ مِنَ النَّخْوَةِ وَ النَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ یَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُ الْمُسْلِمِ

ص: 39


1- 1. الحلل: جمع الحلّة- بالضم-: كل ثوب جدید. و الجدد: جمع جدید.
2- 2. انجحت حاجته: قضیت، و الرجل: فاز و ظفر بها.
3- 3. كذا و الصحیح« و الاعتبار منذر صالح» كما فی النهج. و الفخ. المصیدة أی آلة یصاد بها. و فی النهج« و البشاشة حبالة المودة» و الحبالة- بالضم- شبكة الصید.
4- 4. الثاوی: القائم. یعنی أن الدنیا تزیل من اقام بها و اتخذها وطنا.

فَلَا تَخَاذَلُوا وَ لَا تَنَابَزُوا فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّینِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ مَنْ فَارَقَهَا مَحَقَ وَ مَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ (1)

لَیْسَ الْمُسْلِمُ بِالْكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ وَ لَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَ لَا بِالْخَائِنِ إِذَا ائْتُمِنَ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَقْلُ خَلِیلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ اللِّینُ أَخُوهُ وَ لَا بُدَّ لِلْعَاقِلِ مِنْ ثَلَاثٍ أَنْ یَنْظُرَ فِی شَأْنِهِ وَ یَحْفَظَ لِسَانَهُ وَ یَعْرِفَ زَمَانَهُ أَلَا وَ إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَ أَشَدَّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ وَ أَشَدَّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ أَلَا وَ إِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ وَ أَفْضَلَ مِنْ سَعَةِ الْمَالِ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ أَفْضَلَ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَی الْقَلْبِ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ یُنَاجِی فِیهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ یُحَاسِبُ فِیهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ یُخَلِّی بَیْنَ نَفْسِهِ وَ بَیْنَ لَذَّاتِهَا فِیمَا یَحِلُّ وَ یَجْمُلُ وَ لَیْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِی ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشِهِ (2) وَ خُطْوَةٍ لِمَعَادِهِ أَوْ لَذَّةٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ [مِنْ] مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ (3) وَ كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ مَا ابْتَلَی اللَّهُ عَبْداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ (4)

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً(5).

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: لِیَجْتَمِعْ فِی قَلْبِكَ الِافْتِقَارُ إِلَی النَّاسِ وَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُمْ یَكُونُ افْتِقَارُكَ إِلَیْهِمْ فِی لِینِ كَلَامِكَ وَ حُسْنِ بِشْرِكَ (6)

وَ یَكُونُ اسْتِغْنَاؤُكَ عَنْهُمْ فِی

ص: 40


1- 1. محق: هلك. و مرق: خرج من الدین بضلالة أو بدعة.
2- 2. رممت الشی ء- بالتثقیل-: اصلحته. و المرمة: الإصلاح.
3- 3. استدرجه اللّٰه من حیث لا یعلم بالانعام و الاحسان إلیه؛ و هو یعصی اللّٰه و لا یعلم أن ذلك بلاغا للحجة علیه و اقامة للمعذرة فی أخذه.
4- 4. الاملاء: الامهال.
5- 5. سورة آل عمران: 178.
6- 6. البشر- بالكسر-: بشاشة الوجه. و النزاهة: العفة و البعد عن المكروه.

نَزَاهَةِ عِرْضِكَ وَ بَقَاءِ عِزِّكَ.

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَغْضَبُوا وَ لَا تَعْضَبُوا(1) أَفْشُوا السَّلَامَ وَ أَطِیبُوا الْكَلَامَ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: الْكَرِیمُ یَلِینُ إِذَا اسْتُعْطِفُ وَ اللَّئِیمُ یَقْسُو إِذَا أُلْطِفَ.

«24»- وَ قَالَ علیه السلام: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِالْفَقِیهِ حَقَّ الْفَقِیهِ مَنْ لَمْ یُرَخِّصِ النَّاسَ فِی مَعَاصِی اللَّهِ وَ لَمْ یُقَنِّطْهُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لَمْ یُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ لَمْ یَدَعِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَی مَا سِوَاهُ وَ لَا خَیْرَ فِی عِبَادَةٍ لَیْسَ فِیهَا تَفَقُّهٌ وَ لَا خَیْرَ فِی عِلْمٍ لَیْسَ فِیهِ تَفَكُّرٌ وَ لَا خَیْرَ فِی قِرَاءَةٍ لَیْسَ فِیهَا تَدَبُّرٌ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ إِذَا جَمَعَ النَّاسَ نَادَی فِیهِمْ مُنَادٍ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَقْرَبَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ مِنْهُ خَوْفاً وَ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَی اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ لَهُ عَمَلًا وَ إِنَّ أَفْضَلَكُمْ عِنْدَهُ مَنْصَباً أَعْمَلُكُمْ (2) فِیمَا عِنْدَهُ رَغْبَةً وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَیْهِ أَتْقَاكُمْ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: عَجِبْتُ لِأَقْوَامٍ یَحْتَمُونَ الطَّعَامَ مَخَافَةَ الْأَذَی كَیْفَ لَا یَحْتَمُونَ الذُّنُوبَ مَخَافَةَ النَّارِ(3) وَ عَجِبْتُ مِمَّنْ یَشْتَرِی الْمَمَالِیكَ بِمَالِهِ كَیْفَ لَا یَشْتَرِی الْأَحْرَارَ بِمَعْرُوفِهِ فَیَمْلِكَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ لَا یُعْرَفَانِ إِلَّا بِالنَّاسِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الْخَیْرَ(4)

فَاعْمَلِ الْخَیْرَ تَعْرِفْ أَهْلَهُ وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الشَّرَّ فَاعْمَلِ الشَّرَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ.

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا أَخْشَی عَلَیْكُمُ اثْنَیْنِ طُولَ الْأَمَلِ وَ اتِّبَاعَ الْهَوَی أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ وَ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَإِنَّهُ یَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ.

«28»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ بِالْبَصْرَةِ عَنِ الْإِخْوَانِ فَقَالَ الْإِخْوَانُ صِنْفَانِ إِخْوَانُ الثِّقَةِ وَ إِخْوَانُ الْمُكَاشَرَةِ فَأَمَّا إِخْوَانُ الثِّقَةِ فَهُمُ الْكَهْفُ وَ الْجَنَاحُ (5) وَ الْأَهْلُ وَ

ص: 41


1- 1. فی بعض النسخ« و لا تغضبوا» و الصحیح كما فی المتن« و لا تعضبوا» أی لا تقطعوا.
2- 2. فی بعض النسخ« أعلمكم».
3- 3. یحتمون أی یتقون.
4- 4. فی بعض النسخ« أن تعمل الخیر».
5- 5. المكاشرة- مفاعلة من كشر كضرب- و كشر الرجل عن أسنانه أی أبدی و أظهر و یكون فی الضحك. و المكاشر: المتبسم فی وجه. و الكهف: الملجأ. و رواه الصدوق فی الخصال و فیه« فهم الكف و الجناح و الأصل و الاهل و المال» و الجناح من الإنسان: الید: لانه بمنزلة جناح الطائر.

الْمَالُ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَخِیكَ عَلَی حَدِّ الثِّقَةِ فَابْذُلْ لَهُ مَالَكَ وَ یَدَكَ وَ صَافِ مَنْ صَافَاهُ (1) وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ اكْتُمْ سِرَّهُ وَ عَیْبَهُ وَ أَظْهِرْ مِنْهُ الْحَسَنَ اعْلَمْ أَیُّهَا السَّائِلُ أَنَّهُمْ أَقَلُّ مِنَ الْكِبْرِیتِ الْأَحْمَرِ وَ أَمَّا إِخْوَانُ الْمُكَاشَرَةِ فَإِنَّكَ تُصِیبُ مِنْهُمْ لَذَّتَكَ فَلَا تَقْطَعَنَّ مِنْهُمْ لَذَّتَكَ وَ لَا تَطْلُبَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِیرِهِمْ وَ ابْذُلْ لَهُمْ مَا بَذَلُوا لَكَ مِنْ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَ حَلَاوَةِ اللِّسَانِ.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِیقِكَ صَدِیقاً فَتُعْدِیَ صَدِیقَكَ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَی ارْتِیَابٍ وَ لَا تَقْطَعْهُ دُونَ اسْتِعْتَابٍ (2).

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِ أَنْ یَجْتَنِبَ مُؤَاخَاةَ ثَلَاثَةٍ الْفَاجِرِ(3)

وَ الْأَحْمَقِ وَ الْكَذَّابِ فَأَمَّا الْفَاجِرُ فَیُزَیِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَ یُحِبُّ أَنَّكَ مِثْلُهُ وَ لَا یُعِینُكَ عَلَی أَمْرِ دِینِكَ وَ مَعَادِكَ فَمُقَارَنَتُهُ جَفَاءٌ وَ قَسْوَةٌ وَ مَدْخَلُهُ عَارٌ عَلَیْكَ (4)

وَ أَمَّا الْأَحْمَقُ فَإِنَّهُ لَا یُشِیرُ عَلَیْكَ بِخَیْرٍ وَ لَا یرجه [یُرْجَی] لِصَرْفِ السُّوءِ عَنْكَ وَ لَوْ جَهَدَ نَفْسَهُ (5)

وَ رُبَّمَا أَرَادَ نَفْعَكَ فَضَرَّكَ فَمَوْتُهُ خَیْرٌ مِنْ حَیَاتِهِ وَ سُكُوتُهُ خَیْرٌ مِنْ نُطْقِهِ وَ بُعْدُهُ خَیْرٌ مِنْ قُرْبِهِ وَ أَمَّا الْكَذَّابُ فَإِنَّهُ لَا یَهْنَؤُكَ مَعَهُ عَیْشٌ یَنْقُلُ حَدِیثَكَ وَ یَنْقُلُ إِلَیْكَ الْحَدِیثَ كُلَّمَا أَقْنَی أُحْدُوثَةً مَطَاهَا بِأُخْرَی مِثْلِهَا(6) حَتَّی أَنَّهُ

ص: 42


1- 1. صافی فلانا: أخلص له الود.
2- 2. لا تصرم أی لا تقطع. و الاستعتاب: الاسترضاء.
3- 3. رواه الكلینی رحمه اللّٰه فی الكافی ج 2 ص 639 و فیه« الماجن الفاجر».
4- 4. فی الكافی« مقاربته جفاء». و« مدخله» أی زیارته و مواجهته.
5- 5. فی الكافی« و لو أجهد نفسه.».
6- 6. مطا یمطو: أسرع فی سیره، و مطا بالقوم: مد بهم فی السیر، و فی الكافی« مطرها» و فی بعض نسخه« مطها».

یُحَدِّثُ بِالصِّدْقِ فَلَا یُصَدَّقُ یُغْرِی بَیْنَ النَّاسِ بِالْعَدَاوَةِ(1)

فَیُثْبِتُ الشَّحْنَاءَ فِی الصُّدُورِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ انْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا عَلَیْكَ (2)

أَنْ تَصْحَبَ ذَا الْعَقْلِ وَ إِنْ لَمْ تَجْمُدْ كَرَمُهُ (3)

وَ لَكِنِ انْتَفِعْ بِعَقْلِهِ وَ احْتَرِسْ مِنْ سَیِّئِ أَخْلَاقِهِ وَ لَا تَدَعَنَّ صُحْبَةَ الْكَرِیمِ وَ إِنْ لَمْ تَنْتَفِعْ بِعَقْلِهِ وَ لَكِنِ انْتَفِعْ بِكَرَمِهِ بِعَقْلِكَ وَ افْرِرِ الْفِرَارَ كُلَّهُ مِنَ اللَّئِیمِ الْأَحْمَقِ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ ثَلَاثَةٌ الصَّبْرُ عَلَی الْمُصِیبَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَی الطَّاعَةِ وَ الصَّبْرُ عَنِ الْمَعْصِیَةِ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ یَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ فَهُوَ خَلِیقٌ بِأَنْ لَا یَنْزِلَ بِهِ مَكْرُوهٌ أَبَداً قِیلَ وَ مَا هُنَّ قَالَ الْعَجَلَةُ وَ اللَّجَاجَةُ وَ الْعُجْبُ وَ التَّوَانِی.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةٌ فَرَائِضُ وَ فَضَائِلُ وَ مَعَاصِی فَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَبِأَمْرِ اللَّهِ وَ مَشِیئَتِهِ وَ بِرِضَاهُ وَ بِعِلْمِهِ وَ بِقَدَرِهِ یَعْمَلُهَا الْعَبْدُ فَیَنْجُو مِنَ اللَّهِ بِهَا وَ أَمَّا الْفَضَائِلُ فَلَیْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ لَكِنْ بِمَشِیئَتِهِ وَ بِرِضَاهُ وَ بِعِلْمِهِ وَ بِقَدَرِهِ یَعْمَلُهَا الْعَبْدُ فَیُثَابُ عَلَیْهَا وَ أَمَّا الْمَعَاصِی

فَلَیْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ لَا بِمَشِیئَتِهِ وَ لَا بِرِضَاهُ لَكِنْ بِعِلْمِهِ وَ بِقَدَرِهِ یُقَدِّرُهَا لِوَقْتِهَا فَیَفْعَلُهَا الْعَبْدُ بِاخْتِیَارِهِ فَیُعَاقِبُهُ اللَّهُ عَلَیْهَا لِأَنَّهُ قَدْ نَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ یَنْتَهِ.

«36»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلَّهِ فِی كُلِّ نِعْمَةٍ حَقّاً فَمَنْ أَدَّاهُ زَادَهُ وَ مَنْ قَصَّرَ عَنْهُ خَاطَرَ بِزَوَالِ النِّعْمَةِ وَ تَعَجُّلِ الْعُقُوبَةِ فَلْیَرَاكُمُ اللَّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَجِلِینَ كَمَا یَرَاكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ فَرِقِینَ (4).

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ ضُیِّقَ عَلَیْهِ فِی ذَاتِ یَدِهِ فَلَمْ یَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ حُسْنُ نَظَرٍ

ص: 43


1- 1. یغری أی القی بینهم العداوة و الشحناء: العداوة و البغضاء امتلأت منها النفس من شحن أی ملاء. و فی الكافی« یفرق بین الناس بالعداوة فینبت السخائم فی الصدور».
2- 2. أی لا بأس بك و لا حرج.
3- 3. جمدت یده: بخل.
4- 4.« وجلین» أی خائفین.« فرفین» أی فزعین.

مِنَ اللَّهِ لَهُ فَقَدْ ضَیَّعَ مَأْمُولًا وَ مَنْ وُسِّعَ عَلَیْهِ فِی ذَاتِ یَدِهِ فَلَمْ یَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنَ اللَّهِ فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً(1).

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا أَیُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْیَقِینَ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِی الْعَافِیَةِ فَإِنَّ أَجَلَّ النِّعَمِ الْعَافِیَةُ وَ خَیْرَ مَا دَامَ فِی الْقَلْبِ الْیَقِینُ وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دِینَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ حَسُنَ یَقِینُهُ.

«39»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِیمَانِ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُخْطِئَهُ وَ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ.

«40»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُ بِشَیْ ءٍ هُوَ أَشَدُّ عَلَیْهِ مِنْ خِصَالٍ ثَلَاثٍ یُحْرَمُهَا قِیلَ وَ مَا هُنَّ قَالَ الْمُوَاسَاةُ فِی ذَاتِ یَدِهِ وَ الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ كَثِیراً أَمَا إِنِّی لَا أَقُولُ لَكُمْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَكِنْ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ لَهُ وَ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ مَا حَرَّمَ عَلَیْهِ.

«41»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا یُجْزِیهِ كَانَ أَیْسَرُ مَا فِیهِ یَكْفِیهِ وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا یُجْزِیهِ لَمْ یَكُنْ فِیهَا شَیْ ءٌ یَكْفِیهِ.

«42»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَنِیَّةُ لَا الدَّنِیَّةُ وَ التَّجَلُّدُ لَا التَّبَلُّدُ(2)

وَ الدَّهْرُ یَوْمَانِ فَیَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِذَا كَانَ عَلَیْكَ فَلَا تَحْزَنْ فَبِكِلَیْهِمَا سَتُخْتَبَرُ.

«43»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضِلْ عَلَی مَنْ شِئْتَ یَكُنْ أَسِیرَكَ.

«44»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ وَ لَا الْحَسَدُ إِلَّا فِی طَلَبِ

ص: 44


1- 1. ذات یده: ما یملكه. و مأمولا أی ما أمل و رجا. أی من كان فی ضیق بحسب المال و لم یظن ان ذلك إحسانا من اللّٰه و امتحانا منه فقد ضیع أجرا مأمولا، و هكذا إذا لم یظن أن نعمته استدرجا منه فقد أمن من مكر اللّٰه.
2- 2. المنیة: الموت أی یكون الموت و لا یكون ارتكاب الدنیة. و التجلد: تكلف الجلد- محركة- و الصبر علیه و التبلد: ضد التجلد و التلهف. و نظیر هذا الكلام منقول فی النهج و فیه« و التقلل و لا التوسل».

الْعِلْمِ.

«45»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْكَانُ الْكُفْرِ أَرْبَعَةٌ الرَّغْبَةُ وَ الرَّهْبَةُ وَ السَّخَطُ وَ الْغَضَبُ.

«46»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الدَّرَكِ وَ النُّجْحُ عُقْبَی مَنْ صَبَرَ(1)

وَ لِكُلِّ طَالِبِ حَاجَةٍ وَقْتٌ یُحَرِّكُهُ الْقَدَرُ.

«47»- وَ قَالَ علیه السلام: اللِّسَانُ مِعْیَارٌ أَطَاشَهُ الْجَهْلُ (2) وَ أَرْجَحَهُ الْعَقْلُ.

«48»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ طَلَبَ شَفَا غَیْظٍ بِغَیْرِ حَقٍّ أَذَاقَهُ اللَّهُ هَوَاناً بِحَقٍّ إِنَّ اللَّهَ عَدُوُّ مَا كَرِهَ.

«49»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا حَارَ مَنِ اسْتَخَارَ وَ لَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ(3).

«50»- وَ قَالَ علیه السلام: عُمِّرَتِ الْبُلْدَانُ بِحُبِّ الْأَوْطَانِ.

«51»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثٌ مَنْ حَافَظَ عَلَیْهَا سَعِدَ إِذَا ظَهَرَتْ عَلَیْكَ نِعْمَةٌ فَاحْمَدِ اللَّهَ وَ إِذَا أَبْطَأَ عَنْكَ الرِّزْقُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ إِذَا أَصَابَتْكَ شِدَّةٌ فَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

«52»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ الْفِقْهُ لِلْأَدْیَانِ وَ الطِّبُّ لِلْأَبْدَانِ وَ النَّحْوُ لِلِّسَانِ.

«53»- وَ قَالَ علیه السلام: حَقُّ اللَّهِ فِی الْعُسْرِ الرِّضَی وَ الصَّبْرُ وَ حَقُّهُ فِی الْیُسْرِ الْحَمْدُ وَ الشُّكْرُ.

«54»- وَ قَالَ علیه السلام: تَرْكُ الْخَطِیئَةِ أَیْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ وَ كَمْ مِنْ شَهْوَةِ سَاعَةٍ قَدْ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِیلًا وَ الْمَوْتُ فَضَحَ الدُّنْیَا فَلَمْ یَتْرُكْ لِذِی لُبٍّ فِیهَا فَرَحاً وَ لَا لِعَاقِلٍ لَذَّةً.

«55»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعِلْمُ قَائِدٌ وَ الْعَمَلُ سَائِقٌ وَ النَّفْسُ حَرُونٌ (4).

«56»- وَ قَالَ علیه السلام: كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَی مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام

ص: 45


1- 1. النجح- بالضم-: الفوز و الظفر.
2- 2. أطاشه أی خفه. و بالفارسیة« یعنی سبك می كند او را».
3- 3. الحور- بالفتح-: التحیر و الرجوع الی النقصان.
4- 4. الحرون من الخیل: الذی لا ینقاد لراكبه فإذا استدر جریه وقف.

خَرَجَ یَقْتَبِسُ لِأَهْلِهِ نَاراً فَكَلَّمَهُ اللَّهُ وَ رَجَعَ نَبِیّاً وَ خَرَجَتْ مَلِكَةُ سَبَإٍ فَأَسْلَمَتْ مَعَ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ خَرَجَتْ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ یَطْلُبُونَ الْعِزَّ لِفِرْعَوْنَ فَرَجَعُوا مُؤْمِنِینَ.

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ بِأُمَرَائِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِمْ.

«58»- وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ بِعَاقِلٍ مَنِ انْزَعَجَ (1)

مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فِیهِ وَ لَا بِحَكِیمٍ مَنْ رَضِیَ بِثَنَاءِ الْجَاهِلِ عَلَیْهِ النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا یُحْسِنُونَ وَ قَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُ فَتَكَلَّمُوا فِی الْعِلْمِ تَبَیَّنْ أَقْدَارُكُمْ.

«59»- وَ قَالَ علیه السلام: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَاغِبٌ رَبَّهُ (2) وَ تَوَكَّفَ ذَنْبَهُ وَ كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ زَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوَی بِزِمَامٍ وَ أَلْجَمَهَا مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ فَقَادَهَا إِلَی الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَا وَ قَدَعَهَا عَنِ الْمَعْصِیَةِ بِلِجَامِهَا(3)

رَافِعاً إِلَی الْمَعَادِ طَرْفَهُ مُتَوَقِّعاً فِی كُلِّ أَوَانٍ حَتْفَهُ دَائِمَ الْفِكْرِ طَوِیلَ السَّهَرِ عَزُوفاً عَنِ الدُّنْیَا كَدُوحاً لآِخِرَتِهِ (4) جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ وَ دَوَاءَ [دَاءِ] جَوَاهُ (5)

فَاعْتَبَرَ وَ قَاسَ فَوَتَرَ الدُّنْیَا وَ النَّاسَ یَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَ السَّدَادِ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرُ الْمَعَادِ فَطَوَی مِهَادَهُ (6)

وَ هَجَرَ وِسَادَهُ قَدْ عَظُمَتْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَتُهُ وَ اشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ یُظْهِرُ دُونَ مَا یَكْتُمُ وَ یَكْتَفِی بِأَقَلَّ مِمَّا یَعْلَمُ أُولَئِكَ وَدَائِعُ اللَّهِ فِی بِلَادِهِ الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَی اللَّهِ لَأَبَرَّهُ- آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ.

ص: 46


1- 1. ازعجه فانزعج: أقلقه و قلعه من مكانه فقلق و انقلع.
2- 2. فی بعض النسخ« راقب دینه». و التوكف: التجنب. و المكابرة: المعاندة و المغالبة.
3- 3. قدع الفرس باللجام: كبحه أی جذبه به لتقف و تجری.
4- 4. سهر سهرا- كفرح- اذا لم ینم لیلا. عزفت نفسه عن الشی ء: انصرفت و زهدت فیه. و الكدح: السعی فی مشقة و تعب.
5- 5. الجوی: الحرقة و شدة الوجد من عشق أو حزن.
6- 6. طوی نقیض نشر. و المهاد: الفراش. و هجره أی تركه و أعرض عنه.

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: وُكِلَ الرِّزْقُ بِالْحُمْقِ وَ وُكِلَ الْحِرْمَانُ بِالْعَقْلِ وَ وُكِلَ الْبَلَاءُ بِالصَّبْرِ.

«61»- وَ قَالَ علیه السلام لِلْأَشْعَثِ (1) یُعَزِّیهِ بِأَخِیهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ جَزِعْتَ فَحَقَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفَیْتَ وَ إِنْ صَبَرْتَ فَحَقَّ اللَّهِ أَدَّیْتَ عَلَی أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ جَرَی عَلَیْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَحْمُودٌ وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَی عَلَیْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَذْمُومٌ (2) فَقَالَ الْأَشْعَثُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَدْرِی مَا تَأْوِیلُهَا فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَأَنْتَ غَایَةُ الْعِلْمِ وَ مُنْتَهَاهُ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهِ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْمُلْكِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْهُلْكِ (3).

«62»- وَ رَكِبَ علیه السلام یَوْماً فَمَشَی مَعَهُ قَوْمٌ فَقَالَ علیه السلام لَهُمْ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ مَشْیَ الْمَاشِی مَعَ الرَّاكِبِ مَفْسَدَةٌ لِلرَّاكِبِ وَ مَذَلَّةٌ لِلْمَاشِی انْصَرِفُوا.

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَانَ لَكَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعْهُ (4)

وَ أَمْرٌ بَانَ

ص: 47


1- 1. الظاهر هو اشعث بن قیس المكنی بأبی محمّد ذكروه فی جملة أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و كان اسر بعد النبیّ« ص» فی ردة أهل یاسر و عفا عنه أبو بكر و زوجه اخته أمّ فروة و كانت عوراء فولدت له محمد. و كان أشعث سكن الكوفة و هو عامل عثمان علی آذربیجان، و كان أبا زوجة عمر بن عثمان و كتب أمیر المؤمنین علیه السلام إلیه بعد فتح البصرة فسار و قدم علی علیّ علیه السلام و حضر صفّین، ثمّ صار خارجیا ملعونا. و قال ابن أبی الحدید كل فساد كان فی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام و كل اضطراب فأصله الاشعث، و هو الذی شرك فی دمه علیه السلام، و ابنته جعدة سمت الحسن علیه السلام، و محمّد ابنه شرك فی دم الحسین علیه السلام.
2- 2. فی النهج عزّاه عن ابن له قال:« یا اشعث ان تحزن علی ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم. و ان تصبر ففی اللّٰه من كل مصیبة خلف. یا أشعث ان صبرت جری علیك القدر و انت مأجور، و ان جزعت جری علیك القدر و أنت مأزور یا أشعث ابنك سرك و هو بلاء و فتنة و حزنك و هو ثواب و رحمة».
3- 3. الهلك- بالضم-: الهلاك.
4- 4. فی بعض النسخ« فارتكبه».

لَكَ غَیُّهُ فَاجْتَنِبْهُ وَ أَمْرٌ أَشْكَلَ عَلَیْكَ فَرَدَدْتَهُ إِلَی عَالِمِهِ (1).

«64»- وَ قَالَ 1 لَهُ علیه السلام جَابِرٌ یَوْماً كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام وَ بِنَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ رَبِّنَا مَا لَا نُحْصِیهِ مَعَ كَثْرَةِ مَا نَعْصِیهِ فَلَا نَدْرِی مَا نَشْكُرُ أَ جَمِیلُ مَا یَنْشُرُ أَمْ قَبِیحُ مَا یَسْتُرُ.

«65»- وَ عَزَّی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَوْلُودٍ صَغِیرٍ مَاتَ لَهُ فَقَالَ علیه السلام لَمُصِیبَةٌ فِی غَیْرِكَ لَكَ أَجْرُهَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ مُصِیبَةٍ فِیكَ لِغَیْرِكَ ثَوَابُهَا فَكَانَ لَكَ الْأَجْرُ لَا بِكَ وَ حَسُنَ لَكَ الْعَزَاءُ لَا عَنْكَ وَ عَوَّضَكَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ الَّذِی عَوَّضَهُ مِنْكَ.

«66»- وَ قِیلَ لَهُ مَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ فَقَالَ علیه السلام نَدَمٌ بِالْقَلْبِ وَ اسْتِغْفَارٌ بِاللِّسَانِ وَ الْقَصْدُ عَلَی أَنْ لَا یَعُودَ(2).

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً وَ مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً(3)

وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً وَ كَائِنُونَ رُفَاتاً وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً وَ مَدِینُونَ حِسَاباً فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْداً اقْتَرَبَ فَاعْتَرَفَ وَ وَجِلَ فَعَمِلَ وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ وَ عُمِّرَ فَاعْتَبَرَ وَ حُذِّرَ فَازْدَجَرَ وَ أَجَابَ فَأَنَابَ وَ رَاجَعَ فَتَابَ وَ اقْتَدَی فَاحْتَذَی (4)

فَبَاحَثَ طَلَباً وَ نَجَا هَرَباً وَ أَفَادَ ذَخِیرَةً وَ أَطَابَ سَرِیرَةً وَ تَأَهَّبَ لِلْمَعَادِ وَ اسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ لِیَوْمِ رَحِیلِهِ (5)

وَ وَجْهِ سَبِیلِهِ وَ حَالِ حَاجَتِهِ وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ فَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ فَمَهِّدُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ غَضَارَةِ الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِیَ الْهَرَمِ وَ أَهْلُ بَضَاضَةِ الصِّحَّةِ(6)

إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا مُفَاجَاةَ الْفَنَاءِ وَ اقْتِرَافَ الْفَوْتِ وَ دُنُوَّ الْمَوْتِ؟

ص: 48


1- 1. فی بعض النسخ« فرده الی عالمه».
2- 2. فی بعض النسخ« العقد علی أن لا یعود».
3- 3. فی بعض النسخ[ انتشارا]. و الاقتسار: عدم الاختیار، أی رباهم اللّٰه من عند كونهم أجنة فی بطون أمهاتهم الی كبرهم من غیر اختیار منهم. و فی بعض النسخ« و مضمون أحداثا.
4- 4. الاحتذاء: الاقتداء أی أتی بكل ما للاقتداء من معنی.
5- 5. استظهر بالزاد: استعان به.
6- 6. الحوانی جمع حین. و البضاضة: رقة اللون و صفاؤه.

«68»- وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِیداً وَ جَدَّ تَشْمِیراً وَ انْكَمَشَ فِی مَهَلٍ وَ أَشْفَقَ فِی وَجَلٍ (1)

وَ نَظَرَ فِی كَثْرَةِ الْمَالِ وَ عَاقِبَةِ الصَّبْرِ وَ مَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ (2) فَكَفَی بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصِیراً وَ كَفَی بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالًا(3)

وَ كَفَی بِالنَّارِ عِقَاباً وَ نَكَالًا وَ كَفَی بِكِتَابِ اللَّهِ حَجِیجاً وَ خَصِیماً(4).

«69»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ السُّنَّةِ وَ الْبِدْعَةِ وَ الْفُرْقَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا السُّنَّةُ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الْبِدْعَةُ فَمَا خَالَفَهَا(5)

وَ أَمَّا الْفُرْقَةُ فَأَهْلُ الْبَاطِلِ وَ إِنْ كَثُرُوا وَ أَمَّا الْجَمَاعَةُ فَأَهْلُ الْحَقِّ وَ إِنْ قَلُّوا وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله (6)

لَا یَرْجُو الْعَبْدُ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِی الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ (7) وَ الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ.

«70»- وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِی فَقَالَ علیه السلام أُوصِیكَ أَنْ لَا یَكُونَنَّ لِعَمَلِ الْخَیْرِ عِنْدَكَ غَایَةٌ فِی الْكَثْرَةِ وَ لَا لِعَمَلِ الْإِثْمِ عِنْدَكَ غَایَةٌ فِی الْقِلَّةِ.

«71»- وَ قَالَ لَهُ آخَرُ أَوْصِنِی فَقَالَ علیه السلام لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِفَقْرٍ وَ لَا طُولِ عُمُرٍ.

«72»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِأَهْلِ الدِّینِ عَلَامَاتٍ یُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقَ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ وَ صِلَةً لِلْأَرْحَامِ وَ رَحْمَةً لِلضُّعَفَاءِ وَ قِلَّةَ مُؤَاتَاةٍ

ص: 49


1- 1. التشمیر: السرعة و الخفة. و انكمش أی أسرع وجد فیه. و المهل- بفتح فسكون و بالتحریك- مصدر بمعنی الرفق و الامهال.
2- 2. المغبة- بفتح المیم و الغین و تشدید الباء-: العاقبة.
3- 3. النوال: العطاء و النصیب.
4- 4. الحجیج: المغالب باظهار الحجة.
5- 5. فی بعض النسخ« فمن خالفها».
6- 6. كذا فی جمیع النسخ.
7- 7. فی الكافی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال:« للعالم إذا سئل عن شی ء و هو لا یعلمه أن یقول: اللّٰه أعلم و لیس لغیر العالم أن یقول ذلك. ج 1 ص 42.

لِلنِّسَاءِ(1)

وَ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ سَعَةَ الْحِلْمِ وَ اتِّبَاعَ الْعِلْمِ وَ مَا یُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ زُلْفَی وَ طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ.

«73»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَطَالَ الْعَبْدُ الْأَمَلَ إِلَّا أَنْسَاهُ الْعَمَلَ.

«74»- وَ قَالَ علیه السلام: ابْنُ آدَمَ أَشْبَهُ شَیْ ءٍ بِالْمِعْیَارِ إِمَّا نَاقِصٌ بِجَهْلٍ أَوْ رَاجِحٌ بِعِلْمٍ.

«75»- وَ قَالَ علیه السلام: سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فِسْقٌ وَ قِتَالُهُ كُفْرٌ وَ حُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ.

«76»- وَ قَالَ علیه السلام: ابْذُلْ لِأَخِیكَ دَمَكَ وَ مَالَكَ وَ لِعَدُوِّكَ عَدْلَكَ وَ إِنْصَافَكَ وَ لِلْعَامَّةِ بِشْرَكَ وَ إِحْسَانَكَ تسلم [سَلِّمْ] عَلَی النَّاسِ یُسَلِّمُوا عَلَیْكَ.

«77»- وَ قَالَ علیه السلام: سَادَةُ النَّاسِ فِی الدُّنْیَا الْأَسْخِیَاءُ وَ فِی الْآخِرَةِ الْأَتْقِیَاءُ.

«78»- وَ قَالَ علیه السلام: الشَّیْ ءُ شَیْئَانِ فَشَیْ ءٌ غَیْرِی لَمْ أُرْزَقْهُ فِیمَا مَضَی وَ لَا آمُلُهُ فِیمَا بَقِیَ وَ شَیْ ءٌ لَا أَنَالُهُ دُونَ وَقْتِهِ وَ لَوْ أَجْلَبْتُ عَلَیْهِ بِقُوَّةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَبِأَیِّ هَذَیْنِ أَفْنَی عُمُرِی.

«79»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا نَظَرَ اعْتَبَرَ وَ إِذَا سَكَتَ تَفَكَّرَ وَ إِذَا تَكَلَّمَ ذَكَرَ وَ إِذَا اسْتَغْنَی شَكَرَ وَ إِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ صَبَرَ فَهُوَ قَرِیبُ الرِّضَی بَعِیدُ السَّخَطِ یُرْضِیهِ عَنِ اللَّهِ الْیَسِیرُ وَ لَا یُسْخِطُهُ الْكَثِیرُ وَ لَا یَبْلُغُ بِنِیَّتِهِ إِرَادَتُهُ فِی الْخَیْرِ یَنْوِی كَثِیراً مِنَ الْخَیْرِ وَ یَعْمَلُ بِطَائِفَةٍ مِنْهُ وَ یَتَلَهَّفُ عَلَی مَا فَاتَهُ مِنَ الْخَیْرِ كَیْفَ لَمْ یَعْمَلْ بِهِ (2)

وَ الْمُنَافِقُ إِذَا نَظَرَ لَهَا وَ إِذَا سَكَتَ سَهَا وَ إِذَا تَكَلَّمَ لَغَا(3) وَ إِذَا اسْتَغْنَی طَغَا وَ إِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ ضَغَا(4) فَهُوَ قَرِیبُ السَّخَطِ بَعِیدُ الرِّضَی یُسْخِطُ عَلَی اللَّهِ الْیَسِیرُ وَ لَا

ص: 50


1- 1. المواتاة: المطاوعة.
2- 2. تلهف أی حزن علیه و تحسر.
3- 3.« لها» أی لعب.« سها» أی غفل و نسی و ذهب قلبه الی غیره. و« لغا» أی خطأ و تكلم من غیر تفكر و رویة.
4- 4.« ضغا» أی تذلل و ضعف.

یُرْضِیهِ الْكَثِیرُ یَنْوِی كَثِیراً مِنَ الشَّرِّ وَ یَعْمَلُ بِطَائِفَةٍ مِنْهُ وَ یَتَلَهَّفُ عَلَی مَا فَاتَهُ مِنَ الشَّرِّ كَیْفَ لَمْ یَعْمَلْ بِهِ.

«80»- وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ عَدُوَّانِ مُتَعَادِیَانِ وَ سَبِیلَانِ مُخْتَلِفَانِ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا وَ وَالاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَ عَادَاهَا مَثَلُهُمَا مَثَلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْمَاشِی بَیْنَهُمَا لَا یَزْدَادُ مِنْ أَحَدِهِمَا قُرْباً إِلَّا ازْدَادَ مِنَ الْآخَرِ بُعْداً.

«81»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ خَافَ الْوَعِیدَ قَرُبَ عَلَیْهِ الْبَعِیدُ(1) وَ مَنْ كَانَ مِنْ قُوتِ الدُّنْیَا لَا یَشْبَعُ لَمْ یَكْفِهِ مِنْهَا مَا یَجْمَعُ وَ مَنْ سَعَی لِلدُّنْیَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ إِنَّمَا الدُّنْیَا ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلَی أَجَلٍ مَعْدُودٍ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی الرَّشَادِ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ نَاجٍ هَادٍ فَنَجَا(2)

قَدَّمَ صَالِحاً وَ عَمِلَ صَالِحاً قَدَّمَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَی غَرَضاً(3) وَ قَدَّمَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ (4) لَزِمَ الطَّرِیقَةَ الْغَرَّاءَ وَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ وَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

«82»- وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ كَیْفَ أَنْتُمْ فَقَالَ نَرْجُو وَ نَخَافُ فَقَالَ علیه السلام مَنْ رَجَا شَیْئاً طَلَبَهُ وَ مَنْ خَافَ شَیْئاً هَرَبَ مِنْهُ مَا أَدْرِی مَا خَوْفُ رَجُلٍ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فَلَمْ یَدَعْهَا لِمَا خَافَ مِنْهُ وَ مَا أَدْرِی مَا رَجَاءُ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ بَلَاءٌ فَلَمْ یَصْبِرْ عَلَیْهِ لِمَا یَرْجُو.

«83»- وَ قَالَ علیه السلام لِعَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍ (5) وَ قَدْ سَأَلَهُ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِی نَقُومُ

ص: 51


1- 1. الوعید یستعمل فی الشر كما أن الوعد یستعمل فی الخیر غالبا.
2- 2. الحجزة- كغرفة-: معقد الازار، و استعیر لهدی الهادی؛ و لزوم قصده و الاقتداء به.
3- 3. الغرض- بالتحریك-: الهدف الذی یرمی إلیه. و كابر: عاند و غالب.
4- 4. العدة- بالضم- الاستعداد و ما أعددته. و فی الخبر« استعدوا للموت» أی اطلبوا العدة للموت و هی التقوی. و الغراء: البیضاء.
5- 5. هو عبایة بن عمرو بن ربعی الأسدی من أصحاب أمیر المؤمنین و الحسن علیهما السلام بل من خواصهما و معتمد علیه فی الحدیث.

وَ نَقْعُدُ وَ نَفْعَلُ إِنَّكَ سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ فَهَلْ تَمَلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهِ فَسَكَتَ عَبَایَةُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ وَ إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ فَقَالَ عَبَایَةُ فَمَا أَقُولُ قَالَ علیه السلام تَقُولُ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِی یَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ فَإِنْ مَلَّكَكَ إِیَّاهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ وَ إِنْ سَلَبَكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ فَهُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ وَ الْقَادِرُ عَلَی مَا عَلَیْهِ أَقْدَرَكَ (1).

«84»- قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ(2)

سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِیثٍ یَنْبَغِی لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ یَعِیَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَقَالَ علیه السلام مَا عَاقَبَ اللَّهُ عَبْداً مُؤْمِناً فِی هَذِهِ الدُّنْیَا إِلَّا كَانَ أَجْوَدَ وَ أَمْجَدَ مِنْ أَنْ یَعُودَ فِی عِقَابِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَی عَبْدٍ مُؤْمِنٍ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا وَ عَفَا عَنْهُ إِلَّا كَانَ أَمْجَدَ وَ أَجْوَدَ وَ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ یَعُودَ فِی عَفْوِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ یَبْتَلِی اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلِیَّةِ فِی بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وُلْدِهِ أَوْ أَهْلِهِ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ- ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ(3) وَ ضَمَّ یَدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ یَقُولُ- وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ.

«85»- وَ قَالَ علیه السلام: أَوَّلُ الْقَطِیعَةِ السَّجَا وَ لَا تَأْسَ أَحَداً إِذَا كَانَ مَلُولًا(4)

ص: 52


1- 1. فی بعض النسخ« و القادر لما علیه قدرك».
2- 2. أصبغ بن نباتة المجاشعی كان من خاصّة أمیر المؤمنین علیه السلام و عمر بعده و روی عهده لمالك الأشتر الذی عهد إلیه أمیر المؤمنین علیه السلام لما ولاه مصر، و روی أیضا وصیة أمیر المؤمنین الی ابنه محمّد الحنفیة و كان یوم صفّین علی شرطة الخمیس و كان شیخا شریفا ناسكا عابدا و كان من ذخائر علیّ علیه السلام ممن قد بایعه علی الموت، و هو من فرسان أهل العراق و كان عند سلمان رضی اللّٰه عنه وقت وفاته و بكائه علی أمیر المؤمنین« ع» عند بابه لما ضربه ابن ملجم لعنه اللّٰه و دخوله علیه- و هو معصوب الرأس بعمامة صفراء و قد نزف الدم و اصفر وجه- مشهور.
3- 3. سورة الشوری: 30.
4- 4. السجا: الستر، سجا اللیل یسجو: ستر بظلمته. و فی النهج« و لا تأمنن ملولا».

أَقْبَحُ الْمُكَافَاةِ الْمُجَازَاةُ بِالْإِسَاءَةِ.

«86»- وَ قَالَ علیه السلام: أَوَّلُ إِعْجَابِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ فَسَادُ عَقْلِهِ مَنْ غَلَبَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ مَنْ لَمْ یُصْلِحْ خَلَائِقَهُ كَثُرَتْ بَوَائِقُهُ (1)

مَنْ سَاءَ خُلْقُهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ رُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً الشُّكْرُ عِصْمَةٌ مِنَ الْفِتْنَةِ الصِّیَانَةُ رَأْسُ الْمُرُوَّةِ شَفِیعُ الْمُذْنِبِ خُضُوعُهُ أَصْلُ الْحَزْمِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ فِی سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ.

«87»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَصَائِبُ بِالسَّوِیَّةِ مَقْسُومَةٌ بَیْنَ الْبَرِیَّةِ- لَا ییأس [تَیْأَسْ] لِذَنْبِكَ وَ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ الرُّشْدُ فِی خِلَافِ الشَّهْوَةِ تَارِیخُ الْمُنَی الْمَوْتُ النَّظَرُ إِلَی الْبَخِیلِ یُقْسِی الْقَلْبَ النَّظَرُ إِلَی الْأَحْمَقِ یُسْخِنُ الْعَیْنَ (2) السَّخَاءُ فِطْنَةٌ وَ اللَّوْمُ تَغَافُلٌ.

«88»- وَ قَالَ علیه السلام: الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ وَ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ وَ هُوَ نِصْفُ الْعَیْشِ وَ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ(3)

وَ مَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ وَ الصَّنِیعَةُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ أَوْ دِینٍ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ الْمَغْبُونُ لَا مَحْمُودٌ وَ لَا مَأْجُورٌ الْبِرُّ لَا یَبْلَی وَ الذَّنْبُ لَا یُنْسَی.

«89»- وَ قَالَ علیه السلام: اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ (4) تَكْسِبُوا الْحَمْدَ وَ اسْتَشْعِرُوا الْحَمْدَ یُؤْنِسْ بِكُمُ الْعُقَلَاءُ وَ دَعُوا الْفُضُولَ یُجَانِبْكُمُ السُّفَهَاءُ وَ أَكْرِمُوا الْجَلِیسَ تُعْمَرْ نَادِیكُمْ (5)

وَ حَامُوا عَنِ الْخَلِیطِ یُرْغَبْ فِی جِوَارِكُمْ وَ أَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ یُوثَقْ بِكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّهَا رِفْعَةٌ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْأَخْلَاقَ الدَّنِیَّةَ فَإِنَّهَا تَضَعُ الشَّرِیفَ وَ تَهْدِمُ الْمَجْدَ.

«90»- وَ قَالَ علیه السلام: اقْنَعْ تَعِزَّ.

ص: 53


1- 1. الخلائق: جمع خلیقة: الطبیعة. و البوائق جمع بائقة: الشر و الغائلة و الداهیة.
2- 2. سخنت عینه: نقیض قرت.
3- 3. أی ما افتقر امرؤ ان أخذ بالاقتصاد. و فی النهج« ما أعال». و ما عطب أی ما هلك.
4- 4. اصطنعوا: اعطوا و احسنوا و اكرموا.
5- 5. النادی: المجلس جمعه أندیة.

«91»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ وَ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَ التَّجَمُّلُ اجْتِنَابُ الْمَسْكَنَةِ وَ الْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ لَجَأَ إِلَیْهَا.

«92»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَسَاهُ الْعِلْمُ ثَوْبَهُ اخْتَفَی عَنِ النَّاسِ عَیْبُهُ.

«93»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا عَیْشَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدَّةَ لملوك [لِمَلُولٍ] وَ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ.

«94»- وَ قَالَ علیه السلام: تَرَوَّحْ إِلَی بَقَاءِ عِزِّكَ بِالْوَحْدَةِ.

«95»- وَ قَالَ علیه السلام: كُلُّ عَزِیزٍ دَاخِلٍ تَحْتَ الْقُدْرَةِ فَذَلِیلٌ.

«96»- وَ قَالَ علیه السلام: أَهْلَكَ النَّاسَ اثْنَانِ خَوْفُ الْفَقْرِ وَ طَلَبُ الْفَخْرِ.

«97»- وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ حُبَّ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ بَابُ كُلِّ بَلِیَّةٍ وَ قِرَانُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَ دَاعِی كُلِّ رَزِیَّةٍ(1).

«98»- وَ قَالَ علیه السلام: جُمِعَ الْخَیْرُ كُلُّهُ فِی ثَلَاثِ خِصَالٍ النَّظَرِ وَ السُّكُوتِ وَ الْكَلَامِ فَكُلُّ نَظَرٍ لَیْسَ فِیهِ اعْتِبَارٌ فَهُوَ سَهْوٌ وَ كُلُّ سُكُوتٍ لَیْسَ فِیهِ فِكْرَةٌ فَهُوَ غَفْلَةٌ وَ كُلُّ كَلَامٍ لَیْسَ فِیهِ ذِكْرٌ فَهُوَ لَغْوٌ فَطُوبَی لِمَنْ كَانَ نَظَرُهُ عِبْرَةً وَ سُكُوتُهُ فِكْرَةً وَ كَلَامُهُ ذِكْراً وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ أَمِنَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِ.

«99»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَعْجَبَ هَذَا الْإِنْسَانَ مَسْرُورٌ بِدَرْكِ مَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ مَحْزُونٌ عَلَی فَوْتِ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ وَ لَوْ أَنَّهُ فَكَّرَ لَأَبْصَرَ وَ عَلِمَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَ أَنَّ الرِّزْقَ عَلَیْهِ مُقَدَّرٌ وَ لَاقْتَصَرَ عَلَی مَا تَیَسَّرَ وَ لَمْ یَتَعَرَّضْ لِمَا تَعَسَّرَ(2).

«100»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا طَافَ فِی الْأَسْوَاقِ وَ وَعَظَهُمْ قَالَ یَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ قَدِّمُوا الِاسْتِخَارَةَ وَ تَبَرَّكُوا بِالسُّهُولَةِ وَ اقْتَرِبُوا مِنَ الْمُبْتَاعِینَ (3) وَ تَزَیَّنُوا بِالْحِلْمِ وَ تَنَاهَوْا عَنِ الْیَمِینِ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ وَ تَخَافُوا عَنِ الظُّلْمِ (4) وَ أَنْصِفُوا الْمَظْلُومِینَ وَ لَا تَقْرَبُوا الرِّبَا وَ أَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ- وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ

ص: 54


1- 1. الرزیة: المصیبة.
2- 2. فی بعض النسخ« لاقتصر علی ما یتیسر، و لم یتعرض لما یتعسر».
3- 3. أی تغاربوا بالمشتری و امضوا المعاملة.
4- 4. فی بعض النسخ« تجافوا».

وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ.

«101»- وَ سُئِلَ أَیُّ شَیْ ءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَحْسَنُ فَقَالَ علیه السلام الْكَلَامُ فَقِیلَ أَیُّ شَیْ ءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَقْبَحُ قَالَ الْكَلَامُ ثُمَّ قَالَ بِالْكَلَامِ ابْیَضَّتِ الْوُجُوهُ وَ بِالْكَلَامِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ.

«102»- وَ قَالَ علیه السلام: قُولُوا الْخَیْرَ تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ.

«103»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا حَضَرَتْ بَلِیَّةٌ فَاجْعَلُوا أَمْوَالَكُمْ دُونَ أَنْفُسِكُمْ وَ إِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ فَاجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ دُونَ دِینِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ دِینُهُ وَ الْحَرِبَ مَنْ سُلِبَ دِینَهُ (1)

أَلَا وَ إِنَّهُ لَا فَقْرَ بَعْدَ الْجَنَّةِ وَ لَا غِنَی بَعْدَ النَّارِ.

«104»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِیمَانِ حَتَّی یَتْرُكَ الْكَذِبَ هَزْلَهُ وَ جِدَّهُ (2).

«105»- وَ قَالَ علیه السلام: یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ یَجْتَنِبَ مُؤَاخَاةَ الْكَذَّابِ إِنَّهُ یَكْذِبُ حَتَّی یَجِی ءَ بِالصِّدْقِ فَمَا یُصَدَّقُ.

«106»- وَ قَالَ علیه السلام: أَعْظَمُ الْخَطَایَا اقْتِطَاعُ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَیْرِ حَقٍ (3).

«107»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ خَافَ الْقِصَاصَ كَفَّ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ.

«108»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا رَأَیْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الْحَاسِدِ.

«109»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَامِلُ بِالظُّلْمِ وَ الْمُعِینُ عَلَیْهِ وَ الرَّاضِی بِهِ شُرَكَاءُ ثَلَاثَةٌ.

«110»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ حَسَنٌ جَمِیلٌ وَ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ الذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرٌ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ حَسَنٌ جَمِیلٌ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْكَ فَیَكُونُ ذَلِكَ حَاجِزاً.

ص: 55


1- 1. الحرب الذی سلب ماله و ترك بلا شی ء.
2- 2. الهزل فی الكلام: ضد الجد أی المزح و الهذی.
3- 3. اقتطع مال فلان أی أخذه لنفسه.

«111»- وَ قَالَ علیه السلام: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ بِی حَاجَةً إِلَی أَحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَ مَا جَعَلْتَ بِی مِنْ حَاجَةٍ فَاجْعَلْهَا إِلَی أَحْسَنِهِمْ وَجْهاً وَ أَسْخَاهُمْ بِهَا نَفْساً وَ أَطْلَقِهِمْ بِهَا لِسَاناً وَ أَقَلِّهِمْ عَلَیَّ بِهَا مَنّاً.

«112»- وَ قَالَ علیه السلام: طُوبَی لِمَنْ یَأْلَفُ النَّاسَ وَ یَأْلَفُونَهُ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ.

«113»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ مِنْ حَقِیقَةِ الْإِیمَانِ أَنْ یُؤْثِرَ الْعَبْدُ الصِّدْقَ حَتَّی نَفَرَ عَنِ الْكَذِبِ حَیْثُ یَنْفَعُ وَ لَا یعد [یَعْدُوَ] الْمَرْءُ بِمَقَالَتِهِ عِلْمَهُ.

«114»- وَ قَالَ علیه السلام: أَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ لَوْ إِلَی قَاتِلِ وُلْدِ الْأَنْبِیَاءِ(1).

«115»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّقْوَی سِنْخُ الْإِیمَانِ.

«116»- وَ قَالَ علیه السلام: أَلَا إِنَّ الذُّلَّ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَقْرَبُ إِلَی الْعِزِّ مِنَ التَّعَاوُنِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ.

«117»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَالُ وَ الْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْیَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَ قَدْ جَمَعَهَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ.

«118»- وَ قَالَ علیه السلام: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ فِی صَحِیفَتَیْنِ إِحْدَاهُمَا مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ إِلَی مَنْ یُخَالِفُهُ عَلَی دِینِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ إِلَی عَدُوِّهِ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِیٍّ طَلَباً لِمَا عِنْدَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ (2)

وَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ قَالَ فِی الصَّحِیفَةِ الْأُخْرَی مَنْ لَمْ یَسْتَشِرْ یَنْدَمْ وَ مَنْ یَسْتَأْثِرْ مِنَ الْأَمْوَالِ یَهْلِكْ (3)

وَ الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ.

«119»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِنْسَانُ لُبُّهُ لِسَانُهُ وَ عَقْلُهُ دِینُهُ وَ مُرُوَّتُهُ حَیْثُ یَجْعَلُ

ص: 56


1- 1. فی كنز الفوائد« الی قاتل الأنبیاء».
2- 2. لان الخضوع لغیر اللّٰه أداء عمل لغیره و استعظام المال ضعف فی الیقین فلم یبق الا الإقرار باللسان.
3- 3. استأثر بالمال: اختص نفسه به و اختاره.

نَفْسَهُ وَ الرِّزْقُ مَقْسُومٌ وَ الْأَیَّامُ دُوَلٌ وَ النَّاسُ إِلَی آدَمَ شَرَعٌ سَوَاءٌ(1).

«120»- وَ قَالَ علیه السلام لِكُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ رُوَیْدَكَ لَا تَشْهَرْ(2)

وَ أَخْفِ شَخْصَكَ لَا تُذْكَرْ تَعَلَّمْ تَعْلَمْ وَ اصْمُتْ تَسْلَمْ- لَا عَلَیْكَ إِذَا عَرَّفَكَ دِینَهُ- لَا تَعْرِفُ النَّاسَ وَ لَا یَعْرِفُونَكَ.

«121»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ الْحَكِیمُ مَنْ لَمْ یُدَارِ مَنْ لَا یَجِدُ بُدّاً مِنْ مُدَارَاتِهِ.

«122»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعٌ لَوْ ضَرَبْتُمْ فِیهِنَّ أَكْبَادَ الْإِبِلِ (3)

لَكَانَ ذَلِكَ یَسِیراً- لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِی أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ إِذَا هُوَ لَمْ یَعْلَمْ وَ لَا یَسْتَكْبِرُ أَنْ یَتَعَلَّمَ إِذَا لَمْ یَعْلَمْ.

«123»- وَ كَتَبَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَاطْلُبْ مَا یَعْنِیكَ وَ اتْرُكْ مَا لَا یَعْنِیكَ فَإِنَّ فِی تَرْكِ مَا لَا یَعْنِیكَ دَرَكَ مَا یَعْنِیكَ وَ إِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَی مَا أَسْلَفْتَ لَا عَلَی مَا خَلَّفْتَ وَ ابْنِ مَا تَلْقَاهُ غَداً عَلَی مَا تَلْقَاهُ السَّلَامُ.

«124»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ أَحْسَنَ مَا یَأْلَفُ بِهِ النَّاسُ قُلُوبَ أَوِدَّائِهِمْ وَ نَفَوْا بِهِ الضِّغْنَ عَنْ قُلُوبِ أَعْدَائِهِمْ حُسْنُ الْبِشْرِ عِنْدَ لِقَائِهِمْ وَ التَّفَقُّدُ فِی غَیْبَتِهِمْ وَ الْبَشَاشَةُ بِهِمْ عِنْدَ حُضُورِهِمْ.

«125»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِیمَانِ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُخْطِئَهُ وَ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ.

«126»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا رَبِّ مَا أَشْقَی جِدَّ مَنْ لَمْ یَعْظُمْ فِی عَیْنِهِ وَ قَلْبِهِ مَا رَأَی مِنْ مُلْكِكَ وَ سُلْطَانِكَ فِی جَنْبِ مَا لَمْ تَرَ عَیْنُهُ وَ قَلْبُهُ مِنْ مُلْكِكَ وَ سُلْطَانِكَ وَ أَشْقَی مِنْهُ مَنْ لَمْ یَصْغَرْ فِی عَیْنِهِ وَ قَلْبِهِ مَا رَأَی وَ مَا لَمْ یَرَ مِنْ مُلْكِكَ وَ سُلْطَانِكَ فِی جَنْبِ عَظَمَتِكَ وَ جَلَالِكَ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ.

«127»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا الدُّنْیَا فَنَاءٌ وَ عَنَاءٌ وَ غِیَرٌ وَ عِبَرٌ فَمِنْ فَنَائِهَا أَنَّكَ

ص: 57


1- 1.« دول» أی لا ثبات فیها و لإقرار. و الشرع- بكسر فسكون و بفتحتین-: المثل.
2- 2. رویدك- مصدر- أی امهل.
3- 3. ضرب أكباد الإبل فی طلب الشی ء كنایة من أن یرحل إلیه.

تَرَی الدَّهْرَ مُوتِراً قَوْسَهُ مُفَوِّقاً نَبْلَهُ (1) لَا تُخْطِئُ سِهَامُهُ وَ لَا تُشْفَی جِرَاحُهُ یَرْمِی الصَّحِیحَ بِالسَّقَمِ وَ الْحَیَّ بِالْمَوْتِ وَ مِنْ عَنَائِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَا لَا یَأْكُلُ وَ یَبْنِی مَا لَا یَسْكُنُ ثُمَّ یَخْرُجُ إِلَی اللَّهِ لَا مَالًا حَمَلَ وَ لَا بِنَاءً نَقَلَ وَ مِنْ غِیَرِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً

وَ الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً لَیْسَ بَیْنَهُمْ إِلَّا نَعِیْمٌ زَالَ وَ بُؤْسٌ نَزَلَ وَ مِنْ عِبَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یُشْرِفُ عَلَی أَمَلِهِ فَیَتَخَطَّفُهُ أَجَلُهُ فَلَا أَمَلٌ مَدْرُوكٌ وَ لَا مُؤَمَّلٌ مَتْرُوكٌ فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا وَ أَظْمَأَ رِیَّهَا وَ أَضْحَی فَیْئَهَا فَكَأَنَّ مَا كَانَ مِنَ الدُّنْیَا لَمْ یَكُنْ وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ قَدْ كَانَ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ هِیَ دَارُ الْمُقَامِ وَ دَارُ الْقَرَارِ وَ جَنَّةٌ وَ نَارٌ صَارَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ إِلَی الْأَجْرِ بِالصَّبْرِ وَ إِلَی الْأَمَلِ بِالْعَمَلِ.

«128»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَی اللَّهِ جُرْعَتَانِ جُرْعَةُ غَیْظٍ تَرُدُّهَا بِحِلْمٍ وَ جُرْعَةُ حُزْنٍ تَرُدُّهَا بِصَبْرٍ وَ مِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَی اللَّهِ قَطْرَتَانِ قَطْرَةُ دُمُوعٍ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ قَطْرَةُ دَمٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ مِنْ أَحَبِّ السُّبُلِ إِلَی اللَّهِ خُطْوَتَانِ خُطْوَةُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ یَشُدُّ بِهَا صَفّاً فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ خُطْوَةٌ فِی صِلَةِ الرَّحِمِ وَ هِیَ أَفْضَلُ مِنْ خُطْوَةٍ یَشُدُّ(2)

بِهَا صَفّاً فِی سَبِیلِ اللَّهِ.

«129»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَكُونُ الصَّدِیقُ لِأَخِیهِ صَدِیقاً حَتَّی یَحْفَظَهُ فِی نَكْبَتِهِ وَ غَیْبَتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ.

«130»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ قُلُوبَ الْجُهَّالِ تَسْتَفِزُّهَا الْأَطْمَاعُ وَ تَرْهَنُهَا الْمُنَی وَ تَسْتَعْلِقُهَا الْخَدَائِعُ (3).

ص: 58


1- 1. موترا قوسه: مشد وترها.« مفوقا نبله» أی موضع فوقته فی الوتر لیرمی به. و الفوق: موضع الوتر من رأس السهم حیث یقع الوتر.
2- 2. فی بعض النسخ[ یشهد] فی الموضعین.
3- 3.« تستفزها» أی تستخفها و تخرجها من مقرها و« ترهنها المنی» فی الكافی« ترتهنها» و هی اراده ما لا یتوقع حصوله، أو المراد بها ما یعرض للإنسان من أحادیث النفس، و تسویل الشیطان. أی تأخذها و تجعلها مشغولة بها و لا تتركها الا بحصول ما تتمناه، كما أن الرهن لا ینفك الا بأداء المال و قوله:« تستعلقها» بالعین المهملة ثمّ القاف أی تصیدها و تربطها. بالحبال من قولهم:« علق الوحش بالحبالة» اذا تعوق و تشب فیها. و فی بعض النسخ بالقافین أی تجعلها الخدائع منزعجة منقلعة من مكانها. و فی بعضها بالغین المعجمة ثمّ القاف من قولهم:« استغلقنی فی بیعه» أی لم یجعل لی خیارا فی رده.( قاله المؤلّف).

«131»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَحْكَمَتْ لِی فِیهِ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْخَیْرِ اغْتَفَرْتُ مَا سِوَاهَا وَ لَا أَغْتَفِرُ فَقْدَ عَقْلٍ وَ لَا دِینٍ مُفَارَقَةُ الدِّینِ مُفَارَقَةُ الْأَمْنِ وَ لَا حَیَاةَ مَعَ مَخَافَةٍ وَ فَقْدُ الْعَقْلِ فَقْدُ الْحَیَاةِ وَ لَا یُقَاسُ إِلَّا بِالْأَمْوَاتِ (1).

«132»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمَةِ فَلَا یَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِیَرَةُ فِی یَدِهِ (2).

«133»- قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُعَذِّبُ سِتَّةً بِسِتَّةٍ- الْعَرَبَ بِالْعَصَبِیَّةِ وَ الدَّهَاقِینَ بِالْكِبْرِ وَ الْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَ الْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ وَ التُّجَّارَ بِالْخِیَانَةِ وَ أَهْلَ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهْلِ.

«134»- وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَی التَّقْوَی أَهْوَنُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَی عَذَابِ اللَّهِ.

«135»- وَ قَالَ علیه السلام: الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ الْوَرَعُ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.

«136»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْأَشْیَاءَ لَمَّا ازْدَوَجَتْ ازْدَوَجَ الْكَسَلُ وَ الْعَجْزُ فَنُتِجَ مِنْهُمَا الْفَقْرُ(3).

ص: 59


1- 1. كذا. و فی الكافی ج 1 ص 27« عن أمیر المؤمنین علیه السلام من استحكمت لی فیه خصلة من خصال الخیر احتملته علیها و اعتفرت فقد ما سواها، و لا أغتقر فقد عقل و لا دین، لان مفارقة الدین مفارقة الامن فلا یتهنأ بحیاة مع مخافة، و فقد العقل فقد الحیاة و لا یقاس الا بالاموات». و استحكمت أی أثبتت و صارت ملكة راسخة: و احتملته أی قبلته و رحمته علی تلك الخصلة. و قوله« لا یقاس الا بالاموات» ذلك لعدم اطلاعه علی وجوه مفاسده و مصالحه و عدم اهتدائه الی دفع مضاره و جلب منافعه.
2- 2. الخیرة: الخیار و ذلك لان من أسر عزیمة فله الخیار بخلاف من أفشاها.
3- 3. فی بعض النسخ من المصدر« بینهما الفقر».

«137»- وَ قَالَ علیه السلام: أَلَا إِنَّ الْأَیَّامَ ثَلَاثَةٌ یَوْمٌ مَضَی لَا تَرْجُوهُ وَ یَوْمٌ بَقِیَ لَا بُدَّ مِنْهُ (1) وَ یَوْمٌ یَأْتِی لَا تَأْمَنُهُ فَالْأَمْسِ مَوْعِظَةٌ وَ الْیَوْمَ غَنِیمَةٌ وَ غَداً لَا تَدْرِی مَنْ أَهْلُهُ أَمْسِ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ وَ الْیَوْمَ أَمِینٌ مُؤَدٍّ وَ غَدٌ یَجْعَلُ بِنَفْسِكَ سَرِیعَ الظَّعْنِ (2) طَوِیلَ الْغَیْبَةِ أَتَاكَ وَ لَمْ تَأْتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبَقَاءَ بَعْدَ الْفَنَاءِ وَ لَمْ تَكُنْ إِلَّا وَ قَدْ وَرِثْنَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا وَ لَنَا وَارِثُونَ بَعْدَنَا فَاسْتَصْلِحُوا مَا تَقْدَمُونَ عَلَیْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ وَ اسْلُكُوا سُبُلَ الْخَیْرِ وَ لَا تَسْتَوْحِشُوا فِیهَا لِقِلَّةِ أَهْلِهَا وَ اذْكُرُوا حُسْنَ صُحْبَةِ اللَّهِ لَكُمْ فِیهَا أَلَا وَ إِنَّ الْعَوَارِیَ الْیَوْمَ وَ الْهِبَاتِ غَداً وَ إِنَّمَا نَحْنُ فُرُوعٌ لِأُصُولٍ قَدْ مَضَتْ فَمَا بَقَاءُ الْفُرُوعِ بَعْدَ أُصُولِهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ إِنْ آثَرْتُمُ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ أَسْرَعْتُمْ إِجَابَتَهَا إِلَی الْعَرَضِ الْأَدْنَی وَ رَحَلَتْ مَطَایَا آمَالِكُمْ إِلَی الْغَایَةِ الْقُصْوَی یورد [تُورِدُ] مَنَاهِلَ عَاقِبَتُهَا النَّدَمُ وَ تُذِیقُكُمْ مَا فَعَلَتْ بِالْأُمَمِ الْخَالِیَةِ وَ الْقُرُونِ الْمَاضِیَةِ مِنْ تَغَیُّرِ الْحَالاتِ وَ تَكَوُّنِ الْمَثُلَاتِ.

«138»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍّ وَ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِیفٍ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّیَامُ وَ أَفْضَلُ عَمَلِ الْمَرْءِ انْتِظَارُهُ فَرَجَ اللَّهِ وَ الدَّاعِی بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِی بِلَا وَتَرٍ وَ مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ وَ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ التَّقْدِیرُ نِصْفُ الْعَیْشِ وَ التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ وَ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ وَ مَنْ حَزَنَ وَالِدَیْهِ عَقَّهُمَا وَ مَنْ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ حَبِطَ أَجْرُهُ وَ الصَّنِیعَةُ لَا تَكُونُ صَنِیعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ أَوْ دِینٍ وَ اللَّهُ یُنْزِلُ الرِّزْقَ عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ فَمَنْ قَدَّرَ رَزَقَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللَّهُ وَ الْأَمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ وَ الْخِیَانَةُ تَجُرُّ الْفَقْرَ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِالنَّمْلَةِ صَلَاحاً مَا أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحاً.

«139»- وَ قَالَ علیه السلام: مَتَاعُ الدُّنْیَا حُطَامٌ وَ تُرَاثُهَا كُبَابٌ بُلْغَتُهَا أَفْضَلُ مِنْ

ص: 60


1- 1. فی بعض النسخ من المصدر« لا تدمنه» أی لا تدومه.
2- 2. الظعن: الرحلة.

أَثَرَتِهَا وَ قُلْعَتُهَا أَرْكَنُ مِنْ طُمَأْنِینَتِهَا(1)

حُكِمَ بِالْفَاقَةِ عَلَی مُكْثِرِهَا وَ أُعِینَ بِالرَّاحَةِ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا مَنْ رَاقَهُ رُوَاؤُهَا(2) أَعْقَبَتْ نَاظِرَیْهِ كَمَهاً(3) وَ مَنِ اسْتَشْعَرَ شَعَفَهَا مَلَأَتْ قَلْبَهُ أَشْجَاناً لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَی سُوَیْدَاءِ قَلْبِهِ كَرَقِیصِ الزُّبْدَةِ عَلَی أَعْرَاضِ الْمِدْرَجَةِ(4)

هَمٌّ یَحْزُنُهُ وَ هَمٌّ یَشْغَلُهُ (5) كَذَلِكَ حَتَّی یُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ وَ یُقْطَعَ أَبْهَرَاهُ وَ یَلْقَی هَاماً لِلْقَضَاءِ طَرِیحاً هَیِّناً عَلَی اللَّهِ مَدَاهُ (6) وَ عَلَی الْأَبْرَارِ مَلْقَاهُ (7) وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَی الدُّنْیَا بِعَیْنِ الِاعْتِبَارِ وَ یَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ وَ یَسْمَعُ فِیهَا بِأُذُنِ النَّفْثِ (8).

ص: 61


1- 1. الحطام- كغراب-: ما تكسر من یبس النبات. و الكباب- كغراب-: الكثیر من الإبل و الغنم و التراب و الطین اللازب و أمثالها. و البلغة: الكفاف. و الاثرة- كقصبة-: الاختیار و اختصاص المرء بالشی ء دون غیره. و القلعة: الرحلة.
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« من راقه زبرجها» و فی بعضها« من فاقه رواها». و راقه الشی: أعجبه، و الرواء- بضم الراء-: حسن المنظر، و الزبرج: الزینة و كل شی ء حسن و الذهب.
3- 3. الكمه.- محركة-: العمی.
4- 4. فی بعض النسخ« من استشعف برواها» و الشعف- محركة-: الولوع و شدة التعلق و غلبة الحب. و فی بعض نسخ الحدیث و النهج« و من استشعر الشعف بها». و الاشجان: الاحزان: و الرقص الغلیان و الاضطراب، و استعار علیه السلام لفظ الرقص لتعاقب الاحزان و الهموم و اضطرابهما فی قلبه. و الزبدة ما یستخرج من اللبن بالمخض.
5- 5. فی بعض نسخ المصدر« هم یعمره و هم یسفره».
6- 6. الكظم- بالضم و التحریك-: مخرج النفس. و الابهران: العرقان اللذان یخرجان من القلب. و الهامة: الجثة. و المدی: الغایة و المنتهی. و فی النهج« هینا علی اللّٰه فناؤه و علی الاخوان القاؤه» أی طرحه فی قبره.
7- 7. الملقی: الموضع.
8- 8.« یقتات» فی بعض النسخ« بقبات» و هو تصحیف من النسّاخ. و فی النهج« و یسمع فیها باذن المقت و الابغاض.» و لعله هو الصحیح.

«140»- وَ قَالَ علیه السلام: تَعَلَّمُوا الْحِلْمَ فَإِنَّ الْحِلْمَ خَلِیلُ الْمُؤْمِنِ وَ وَزِیرُهُ وَ الْعِلْمُ دَلِیلُهُ وَ الرِّفْقُ أَخُوهُ وَ الْعَقْلُ رَفِیقُهُ وَ الصَّبْرُ أَمِیرُ جُنُودِهِ.

«141»- وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِی التَّقَشُّفِ (1)

یَا هَذَا أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ- وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (2) فَوَ اللَّهِ لَابْتِذَالُكَ نِعَمَ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ.

«142»- وَ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحَلِّهَا وَ أُوصِیكَ بِمَغْفِرَةِ الذَّنْبِ وَ كَظْمِ الْغَیْظِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَاهِلِ وَ التَّفَقُّهِ فِی الدِّینِ وَ التَّثَبُّتِ فِی الْأَمْرِ وَ التَّعَهُّدِ لِلْقُرْآنِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا فِی كُلِّ مَا عُصِیَ اللَّهُ فِیهِ.

«143»- وَ قَالَ علیه السلام: قِوَامُ الدُّنْیَا بِأَرْبَعَةٍ بِعَالِمٍ مُسْتَعْمِلٍ لِعِلْمِهِ وَ بِغَنِیٍّ بَاذِلٍ لِمَعْرُوفِهِ وَ بِجَاهِلٍ لَا یَتَكَبَّرُ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ بِفَقِیرٍ لَا یَبِیعُ آخِرَتَهُ بِدُنْیَا غَیْرِهِ وَ إِذَا عَطَّلَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ وَ أَمْسَكَ الْغَنِیُّ مَعْرُوفَهُ وَ تَكَبَّرَ الْجَاهِلُ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ بَاعَ الْفَقِیرُ آخِرَتَهُ بِدُنْیَا غَیْرِهِ فَعَلَیْهِمُ الثُّبُورُ.

«144»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ یَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ فَهُوَ خَلِیقٌ بِأَنْ لَا یَنْزِلَ بِهِ مَكْرُوهٌ أَبَداً قِیلَ وَ مَا هُنَّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ الْعَجَلَةُ وَ اللَّجَاجَةُ وَ الْعُجْبُ وَ التَّوَانِی.

«145»- وَ قَالَ علیه السلام: اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ التَّقْوَی حِصْنٌ حَصِینٌ وَ الْفُجُورَ حِصْنٌ ذَلِیلٌ لَا یَمْنَعُ أَهْلَهُ وَ لَا یُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ أَلَا وَ بِالتَّقْوَی تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَایَا(3) وَ بِالصَّبْرِ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ یُنَالُ ثَوَابُ اللَّهِ وَ بِالْیَقِینِ تُدْرَكُ الْغَایَةُ الْقُصْوَی عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَحْظُرْ عَلَی أَوْلِیَائِهِ مَا فِیهِ نَجَاتُهُمْ (4) إِذْ دَلَّهُمْ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُقَنِّطْهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ

ص: 62


1- 1. تقشف الرجل فی لباسه إذا لم یتعاهد النظافة.
2- 2. سورة الضحی: 11.
3- 3. الحمة: السم. و حمة البرد: شدته.
4- 4. لم یحظر ای لم یمنع. و فی بعض نسخ المصدر« ما فیه تجارتهم».

لِعِصْیَانِهِمْ إِیَّاهُ إِنْ تَابُوا إِلَیْهِ.

«146»- وَ قَالَ: الصَّمْتُ حُكْمٌ وَ السُّكُوتُ سَلَامَةٌ وَ الْكِتْمَانُ طَرَفٌ مِنَ السَّعَادَةِ.

«147»- وَ قَالَ علیه السلام: تَذِلُّ الْأُمُورُ لِلْمَقْدُورِ حَتَّی تَصِیرَ الْآفَةُ فِی التَّدْبِیرِ(1).

«148»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَتِمُّ مُرُوَّةُ الرَّجُلِ حَتَّی یَتَفَقَّهَ فِی دِینِهِ وَ یَقْتَصِدَ فِی مَعِیشَتِهِ وَ یَصْبِرَ عَلَی النَّائِبَةِ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ وَ یَسْتَعْذِبَ مَرَارَةَ إِخْوَانِهِ.

«149»- وَ سُئِلَ علیه السلام مَا الْمُرُوَّةُ فَقَالَ- لَا تَفْعَلُ شَیْئاً فِی السِّرِّ تَسْتَحْیِی مِنْهُ فِی الْعَلَانِیَةِ.

«150»- وَ قَالَ علیه السلام: الِاسْتِغْفَارُ مَعَ الْإِصْرَارِ ذُنُوبٌ مُجَدَّدَةٌ.

«151»- وَ قَالَ علیه السلام: سَكِّنُوا فِی أَنْفُسِكُمْ مَعْرِفَةَ مَا تَعْبُدُونَ حَتَّی یَنْفَعَكُمْ مَا تُحَرِّكُونَ مِنَ الْجَوَارِحِ بِعِبَادَةِ مَنْ تَعْرِفُونَ.

«152»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُسْتَأْكِلُ بِدِینِهِ حَظُّهُ مِنْ دِینِهِ مَا یَأْكُلُهُ.

«153»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ قَوْلٌ مَقْبُولٌ (2) وَ عَمَلٌ مَعْمُولٌ وَ عِرْفَانٌ بِالْعُقُولِ.

«154»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ عَلَی أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ التَّوَكُّلِ عَلَی اللَّهِ وَ التَّفْوِیضِ إِلَی اللَّهِ وَ التَّسْلِیمِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ الرِّضَی بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ أَرْكَانُ الْكُفْرِ أَرْبَعَةٌ الرَّغْبَةُ وَ الرَّهْبَةُ وَ الْغَضَبُ وَ الشَّهْوَةُ(3).

«155»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَجْزَعْ مِنْ ذُلِّهَا وَ لَمْ یُنَافِسْ فِی عِزِّهَا(4)

هَدَاهُ اللَّهُ بِغَیْرِ هِدَایَةٍ مِنْ مَخْلُوقٍ وَ عَلَّمَهُ بِغَیْرِ تَعْلِیمٍ وَ أَثْبَتَ الحِكْمَةَ فِی

ص: 63


1- 1. و فی النهج« تذل الأمور للمقادیر حتّی یكون الحتف فی التدبیر». و أیضا فی موضع آخر منه« یغلب المقدار علی التقدیر حتّی تكون الآفة فی التدبیر». و التقدیر: القیاس.
2- 2. و فی بعض النسخ« مقول».
3- 3. و فی الكافی ج 2 ص 47، 289 بتقدیم و تأخیر.
4- 4. نافس فلانا فی الامر: فاخره و باراه فیه.

صَدْرِهِ وَ أَجْرَاهَا عَلَی لِسَانِهِ.

«156»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً عَامَلُوهُ بِخَالِصٍ مِنْ سِرِّهِ فَشَكَرَ لَهُمْ بِخَالِصٍ مِنْ شُكْرِهِ فَأُولَئِكَ تَمُرُّ صُحُفُهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فُرُغاً(1)

فَإِذَا وَقَفُوا بَیْنَ یَدَیْهِ مَلَأَهَا لَهُمْ مِنْ سِرِّ مَا أَسَرُّوا إِلَیْهِ.

«157»- وَ قَالَ علیه السلام: ذَلِّلُوا أَخْلَاقَكُمْ بِالْمَحَاسِنِ وَ قَوِّدُوهَا إِلَی الْمَكَارِمِ وَ عَوِّدُوا أَنْفُسَكُمُ الْحِلْمَ وَ اصْبِرُوا عَلَی الْإِیثَارِ عَلَی أَنْفُسِكُمْ فِیمَا تُحْمَدُونَ عَنْهُ وَ لَا تُدَاقُّوا النَّاسَ وَزْناً بِوَزْنٍ (2)

وَ عَظِّمُوا أَقْدَارَكُمْ بِالتَّغَافُلِ عَنِ الدَّنِیِّ مِنَ الْأُمُورِ وَ أَمْسِكُوا رَمَقَ الضَّعِیفِ (3) بِجَاهِكُمْ وَ بِالْمَعُونَةِ لَهُ إِنْ عَجَزْتُمْ عَمَّا رَجَاهُ عِنْدَكُمْ وَ لَا تَكُونُوا بَحَّاثِینَ عَمَّا غَابَ عَنْكُمْ (4) فَیَكْثُرَ عَائِبُكُمْ (5)

وَ تَحَفَّظُوا مِنَ الْكَذِبِ فَإِنَّهُ مِنْ أَدْنَی الْأَخْلَاقِ قَدْراً وَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْفُحْشِ وَ ضَرْبٌ مِنَ الدَّنَاءَةِ وَ تَكَرَّمُوا بِالتَّعَامِی عَنِ الِاسْتِقْصَاءِ وَ رُوِیَ بِالتَّعَامُسِ مِنَ الِاسْتِقْصَاءَ(6).

«158»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَی بِالْأَجَلِ حِرْزاً إِنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ مَعَهُ حَفَظَةٌ مِنَ اللَّهِ یَحْفَظُونَهُ أَنْ لَا یَتَرَدَّی فِی بِئْرٍ وَ لَا یَقَعَ عَلَیْهِ حَائِطٌ وَ لَا یُصِیبَهُ سَبُعٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَجَلِهِ.

أقول: وجدت فی مناقب ابن الجوزی (7) فصلا فی كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فأحببت إیراده قال قال أبو نعیم فی الحلیة.

«1»- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَیْرٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِیمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الرِّحَالِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ

ص: 64


1- 1. فرغا أی خالیا فارغا.
2- 2. أی لا تحاسبهم بالدقة فی الأمور و لا تستقصهم فیها.
3- 3. فی بعض نسخ المصدر« من الضعیف». و الجاه: القدر و الشرف.
4- 4. فی بعض نسخ المصدر« بحانین».
5- 5. فی بعض النسخ« فیكبر غائبكم».
6- 6. تعامی فلان: اظهر من نفسه العمی و المراد التغافل عنه. و التعامس: التغافل.
7- 7. المصدر ص 77 مع اختلاف كثیر.

عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: قَالَ لِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیْسَ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ مَالُكَ وَ وُلْدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ عِلْمُكَ وَ یَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِیَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَ لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَهُوَ یَتَدَارَكُ ذَلِكَ بِتَوْبَةٍ أَوْ رَجُلٍ یُسَارِعُ فِی الْخَیْرَاتِ وَ لَا یَقِلُّ عَمَلٌ فِی تَقْوَی وَ كَیْفَ یَقِلُّ مَا یُتَقَبَّلُ.

«2»- وَ قَالَ أَبُو نُعَیْمٍ حَدَّثَنَا أَبِی حَدَّثَنَا إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ كَتَبَ إِلَیَّ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هِشَامٍ الدِّمَشْقِیُّ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ الْقَاسِمُ بْنُ یَزِیدَ بْنِ عَوَانَةَ عَنِ ابْنِ حَرْثٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: شَیَّعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَنَازَةً فَلَمَّا وُضِعَتْ فِی لَحْدِهَا عَجَّ أَهْلُهَا(1) وَ بَكَوْا فَقَالَ مَا تَبْكُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَایَنُوا مَا عَایَنَ مَیِّتُهُمْ لَأَذْهَلَهُمْ ذَلِكَ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَیْهِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّ لَهُ إِلَیْهِمْ لَعَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْهُمْ أَحَداً ثُمَّ قَامَ فِیهِمْ فَقَالَ أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذِی ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَ وَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ وَ جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً تَعِی مَا عَنَاهَا وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ غِشَاهَا وَ أَفْئِدَةً تَفْهَمُ مَا دَهَاهَا فِی تَرْكِیبِ صُوَرِهَا وَ مَا أَعْمَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ یَضْرِبْ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً بَلْ أَكْرَمَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ وَ أَرْفَدَكُمْ بِأَوْفَرِ الرَّوَافِغِ وَ أَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ وَ أَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ جِدُّوا فِی الطَّلَبِ وَ بَادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ مُقَطِّعِ النَّهَمَاتِ (2)

وَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ (3) وَ مُفَرِّقِ الْجَمَاعَاتِ فَإِنَّ الدُّنْیَا لَا یَدُومُ نَعِیمُهَا وَ لَا تُؤْمَنُ فَجَائِعُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَ شَبَحُ فَائِلٌ (4) وَ سِنَادٌ مَائِلٌ وَ نَعِیمٌ زَائِلٌ.

ص: 65


1- 1. عج یعج عجا: صاح و رفع صوته.
2- 2. النهمة: بلوغ الهمة و الشهوة فی الشی ء، یقال« له فی هذا الامر نهمة» أی شهوة و« قضی منه نهمته» أی شهوته.
3- 3. الهاذم بالذال المعجمة بمعنی الهادی و یستعمل مع الموت.
4- 4. الشبح: الشخص. و ما ینظر بالعین من إبل و غنم و بناء. و الفائل- فاعل من فال یفیل رأیه: أخطأ و ضعف.

وَ جِیدٌ عَاطِلٌ فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ وَ اعْتَبِرُوا بِالْآیَاتِ وَ الْأَثَرِ وَ ازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ وَ انْتَفِعُوا بِالْمَوَاعِظِ فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخَالِبُ الْمَنِیَّةِ وَ أَحَاطَتْ بِكُمُ الْبَلِیَّةُ وَ ضَمَّكُمْ بَیْتُ التُّرَابِ وَ دَهِمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ بِنَفْخَةِ الصُّورِ وَ بَعْثَرَةِ الْقُبُورِ وَ سِیَاقَةِ الْمَحْشَرِ وَ مَوْقِفِ

الْحِسَابِ فِی الْمَنْشَرِ وَ بَرَزَ الْخَلَائِقُ حُفَاةً عُرَاةً- وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ وَ نُوقِشَ النَّاسُ عَلَی الْقَلِیلِ وَ الْكَثِیرِ وَ الْفَتِیلِ وَ النَّقِیرِ(1) وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِی ءَ بِالنَّبِیِّینَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ فَارْتَجَّتْ (2) لِذَلِكَ الْیَوْمِ الْبِلَادُ وَ خَشَعَ الْعِبَادُ وَ نَادَ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ وَ حُشِرَتِ الْوُحُوشُ وَ زُوِّجَتِ النُّفُوسُ مَكَانَ مَوَاطِنِ الْحَشْرِ وَ بَدَتِ الْأَسْرَارُ وَ هَلَكَتِ الْأَشْرَارُ وَ ارْتَجَّتِ الْأَفْئِدَةُ فَنَزَلَتْ بِأَهْلِ النَّارِ مِنَ اللَّهِ سَطْوَةٌ مُجِیحَةٌ وَ عُقُوبَةٌ مُنِیحَةٌ(3) وَ بُرِّزَتِ الْجَحِیمُ لَهَا كَلَبٌ وَ لَجَبٌ وَ قَصِیفُ رَعْدٍ(4)

وَ تَغَیُّظٌ وَ وَعِیدٌ قَدْ تَأَجَّجَ جَحِیمُهَا(5)

وَ غَلَا حَمِیمُهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ تَقِیَّةَ مَنْ كَنَعَ فَخَنَعَ (6) وَ جَلَّ وَ رَحَلَ وَ حُذِّرَ فَأَبْصَرَ وَ ازْدَجَرَ فَاحْتَثَّ طَلَباً(7)

وَ نَجَا هَرَباً وَ قَدَّمَ لِلْمَعَادِ وَ اسْتَظْهَرَ مِنَ الزَّادِ وَ كَفَی بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ بِالْكِتَابِ خَصِیماً وَ حَجِیجاً وَ بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَعِیماً وَ بِالنَّارِ وَبَالًا وَ عِقَاباً وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

ص: 66


1- 1. النقیر. النكتة فی ظهر النواة. و هو كنایة عن القلیل.
2- 2. ارتج البحر: اضطرب.
3- 3. المجیحة: المهلكة و المستأصلة- و المنیحة أی الشدیدة المحرقة.
4- 4. الكلب: الشدة، و اللجب: صوت الهیاج و اضطراب الامواج. و قصیف الرعد: شدة صوته.
5- 5. التأجج: التلهب و الاضطرام.
6- 6. كنع أی جبن و هرب. و خنع أی خضع و ذل. و جل أی خرج من بلده.
7- 7. احتث علی الامر و احتثه: حضه و نشطه علی فعله.

قُلْتُ (1)

قَدْ رَفَعْتَ إِلَیْنَا أَلْفَاظاً مِنْ هَذَا الْكِتَابِ یَشْتَمِلُ عَلَی فَصْلِ الْخِطَابِ حَذَفْنَا إِسْنَادَهَا طَلَباً لِلِاخْتِصَارِ وَ خَوْفاً لِلْإِكْثَارِ.

«3»- قَوْلُهُ علیه السلام: الدُّنْیَا دَارُ مَمَرٍّ وَ الْآخِرَةُ دَارُ مَقَرٍّ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ یَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَفِیهَا اخْتُبِرْتُمْ وَ لِغَیْرِهَا خُلِقْتُمْ إِنَّ الْجِنَازَةَ إِذَا حُمِلَتْ قَالَ النَّاسُ مَا ذَا تَرَكَ وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا ذَا قَدَّمَ فَقَدِّمُوا بَعْضاً یَكُنْ لَكُمْ وَ لَا تُؤَخِّرُوا كُلًّا یَكُنْ عَلَیْكُمْ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا رَأَیْتُمُ اللَّهَ تَتَابَعَ نِعَمَهُ عَلَیْكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ فَاحْذَرُوهُ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ كَفَّارَةِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَ التَّنَفُّسُ عَنِ الْمَكْرُوبِ.

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كُنْتَ فِی إِدْبَارٍ وَ الْمَوْتُ فِی إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَی.

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ وَ سَیِّئَةٌ تَسُوؤُكَ خَیْرٌ مِنْ حَسَنَةٍ تَسُرُّكَ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: الدَّهْرُ یُخْلِقُ الْأَبْدَانَ (2) وَ یُجَدِّدُ الْآمَالَ وَ یُقَرِّبُ الْمَنِیَّةَ وَ یُبَاعِدُ الْأُمْنِیَّةَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ تَعِبَ وَ مَنْ فَاتَهُ نَصِبَ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: عَجِبْتُ لِمَنْ یَقْنَطُ وَ مَعَهُ الِاسْتِغْفَارُ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: لَكَانَ فِی الْأَرْضِ أَمَانَانِ فَرُفِعَ أَحَدُهُمَا وَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَمَسَّكُوا بِالْآخَرِ وَ هُوَ الِاسْتِغْفَارُ قَالَ تَعَالَی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ الْآیَةَ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَصْلَحَ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ وَ مَنْ عَمِلَ لآِخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْیَاهُ وَ مَنْ كَانَ لَهُ فِی نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ.

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَیْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ شَتَّانَ بَیْنَ عَمَلَیْنِ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَ یَبْقَی تَبِعَتُهُ وَ عَمَلٍ

ص: 67


1- 1. القائل هو سبط ابن الجوزی قاله فی المناقب ص 78.
2- 2. خلق الثوب- بكسر اللام-: بلی.

تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ وَ تَبْقَی أَجْرُهُ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ فَمَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطَاءِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ التَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الشُّكْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ وَ قَالَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الدُّعَاءِ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ قَالَ فِی التَّوْبَةِ- إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَی اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ الْآیَةَ وَ قَالَ فِی الِاسْتِغْفَارِ- وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ الْآیَةَ وَ قَالَ فِی الشُّكْرِ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: الِاسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ الْعِلِّیِّینَ وَ هُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَی سِتَّةِ مَعَانٍ أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَی الْفِعْلِ وَ الثَّانِی الْعَزْمُ عَلَی التَّرْكِ وَ أَنْ لَا یَعُودَ وَ الثَّالِثُ تَأْدِیَةُ الْحُقُوقِ لِیَلْقَی اللَّهَ تَعَالَی وَ لَیْسَ عَلَیْهِ تَبِعَةٌ وَ الرَّابِعُ أَنْ یَعْمِدَ إِلَی كُلِّ فَرِیضَةٍ فَیُؤَدِّیَ حَقَّهَا وَ الْخَامِسُ أَنْ یُذِیبَ اللَّحْمَ الَّذِی نَبَتَ منه [مِنَ] السُّحْتِ بِالْهُمُومِ وَ الْأَحْزَانِ حَتَّی یَكْتَسِیَ لَحْماً آخَرَ مِنَ الْحَلَالِ وَ السَّادِسُ أَنْ یُذِیقَ جِسْمَهُ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَاقَهُ لَذَّةَ الْمَعْصِیَةِ.

«16»- وَ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: لَا تَكُنْ مِمَّنْ یُرِیدُ الْآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْیَا أَوْ بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ یُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ یَقُولُ فِی الدُّنْیَا قَوْلَ الزَّاهِدِینَ وَ یَعْمَلُ فِیهَا عَمَلَ الرَّاغِبِینَ إِنْ أُعْطِیَ مِنْهَا لَمْ یَشْبَعْ وَ إِنْ مَلَكَ الْكَثِیرَ لَمْ یَقْنَعْ یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا یَأْتَمِرُ وَ یَنْهَی وَ لَا یَنْتَهِی یُحِبُّ الصَّالِحِینَ وَ لَا یَعْمَلُ بِعَمَلِهِمْ وَ یُبْغِضُ الْعَاصِینَ وَ هُوَ أَحَدُهُمْ یَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ وَ یُقِیمُ عَلَی مَا یَكْرَهُ اللَّهُ مِنْهُ تُعْجِبُهُ

نَفْسُهُ إِذَا عُوفِیَ وَ یَقْنَطُ إِذَا ابْتُلِیَ إِنْ أَصَابَهُ بَلَاءٌ دَعَا مُضْطَرّاً وَ إِنْ نَالَهُ رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَی مَا یَظُنُّ وَ لَا یَغْلِبُهَا عَلَی مَا یَسْتَیْقِنُ إِنِ اسْتَغْنَی بَطِرَ وَ إِنِ افْتَقَرَ قَنَطَ یُقَدِّمُ الْمَعْصِیَةَ وَ یُسَوِّفُ التَّوْبَةَ یَصِفُ الْعِبَرَ وَ لَا یَعْتَبِرُ وَ یُبَالِغُ فِی الْمَوْعِظَةِ وَ لَا یَتَّعِظُ فَهُوَ مِنَ الْقَوْلِ مُكْثِرٌ وَ مِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ یُنَاقِشُ فِیمَا یَفْنَی وَ یُسَامِحُ فِیمَا یَبْقَی یَرَی

ص: 68

الْمَغْنَمَ مَغْرَماً وَ الْمَغْرَمَ مَغْنَماً یَخْشَی الْمَوْتَ وَ لَا یُبَادِرُ الْفَوْتَ یَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعَاصِی غَیْرِهِ مَا یَسْتَقِلُّهُ مِنْ مَعَاصِی نَفْسِهِ وَ یَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا یَحْتَقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَیْرِهِ فَهُوَ عَلَی النَّاسِ طَاعِنٌ وَ لِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ اللَّغْوُ مَعَ الْأَغْنِیَاءِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ یُرْشِدُ غَیْرَهُ وَ یُغْوِی نَفْسَهُ- أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ إِلَی مَخْلُوقٍ مِثْلَهُ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَی غَنِیّاً یَتَوَاضَعُ لَهُ لِأَجْلِ دُنْیَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ قَالُوا وَ مَعْنَی هَذَا أَنَّ الْمَرْءَ إِنْسَانٌ بِجَسَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ التَّوَاضُعُ یَحْتَاجُ فِیهِ إِلَی اسْتِعْمَالِ الْجَسَدِ وَ اللِّسَانِ فَإِنْ أَضَافَ إِلَی ذَلِكَ الْقَلْبَ ذَهَبَ جَمِیعُ دِینِهِ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِیدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوهُ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: احْذَرُوا نِفَارَ النِّعَمِ فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ(1).

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مَا أُكْرِهَتْ عَلَیْهِ نَفْسُكَ.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ لَمْ یَتَوَاعَدِ اللَّهُ عِبَادَهُ عَلَی مَعْصِیَتِهِ لَكَانَ الْوَاجِبُ أَلَّا یُعْصَی شُكْراً لِنِعَمِهِ وَ مِنْ هَاهُنَا أَخَذَ الْقَائِلُ وَ قِیلَ إِنَّهَا لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

هَبِ الْبَعْثَ لَمْ تَأْتِنَا رُسُلُهُ***وَ جَاحِمَةُ النَّارِ لَمْ تُضْرَمْ

أَ لَیْسَ مِنَ الْوَاجِبِ الْمُسْتَحَقِّ***حَیَاءُ الْعِبَادِ مِنَ الْمُنْعِمِ (2).

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وَ مَا أَقَلَّ الْمُعْتَبِرِینَ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: أَقَلُّ مَا یَلْزَمُكَ لِلَّهِ تَعَالَی أَلَّا تَسْتَعِینُوا بِنِعَمِهِ عَلَی مَعَاصِیهِ.

«24»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُدَّةُ وَ إِنْ طَالَتْ قَصِیرَةٌ وَ الْمَاضِی لِلْمُقِیمِ عِبْرَةٌ وَ الْمَیِّتُ لِلْحَیِّ عِظَةٌ وَ لَیْسَ الأمس [لِلْأَمْسِ] عَوْدَةٌ وَ لَا أَنْتَ مِنْ غَدٍ عَلَی ثِقَةٍ وَ كُلٌّ لِكُلٍّ مُفَارِقٌ

ص: 69


1- 1. نفار النعم: النعم الزائلة. و نفورها بعدم أداء الحق منها. و الشارد: النافر.
2- 2. جحم النار: أوقدها، و جحمة النار توقدها. و ضرمت النار: اشتعلت.

وَ بِهِ لَاحِقٌ فَاسْتَعِدُّوا لِیَوْمٍ لا یَنْفَعُ فِیهِ مالٌ وَ لا بَنُونَ- إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ وَ اصْبِرُوا عَلَی عَمَلٍ لَا غِنَی لَكُمْ عَنْ ثَوَابِهِ وَ ارْجِعُوا عَنْ عَمَلٍ لَا صَبْرَ لَكُمْ عَلَی عِقَابِهِ فَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَی الطَّاعَةِ أَهْوَنُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَی الْعَذَابِ وَ إِنَّمَا أَنْتُمْ نَفَسٌ مَعْدُودٌ وَ أَمَلٌ مَمْدُودٌ وَ أَجَلٌ مَحْدُودٌ وَ لَا بُدَّ لِلْأَجَلِ أَنْ یَتَنَاهَی وَ لِلنَّفَسِ أَنْ یُحْصَی وَ لِلْعَمَلِ أَنْ یُطْوَی- وَ إِنَّ عَلَیْكُمْ لَحافِظِینَ كِراماً كاتِبِینَ- یَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا مَعَاصِیَ اللَّهِ فِی الْخَلَوَاتِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لَا یَبْلُغُهُ وَ بَانٍ مَا لَا یَسْكُنُهُ مِمَّا سَوْفَ یَتْرُكُهُ وَ لَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ أَصَابَهُ حَرَاماً وَ احْتَمَلَ مِنْهُ آثَاماً وَ رُبَّمَا اسْتَقْبَلَ الْإِنْسَانُ یَوْماً وَ لَمْ یَسْتَدْبِرْهُ وَ رُبَّ مَغْبُوطٍ فِی أَوَّلِ یَوْمِهِ قَامَتْ بَوَاكِیهِ فِی آخِرِهِ وَ مِنْ هَاهُنَا أَخَذَ الْقَائِلُ:

یَا رَاقِدَ اللَّیْلِ مَسْرُوراً بِأَوَّلِهِ***إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ یُطْرِقْنَ أَسْحَاراً

أَفْنَی الْقُرُونَ الَّتِی كَانَتْ مُسَلَّطَةً***مِنَ الْحَوَادِثِ إِقْبَالًا وَ إِدْبَاراً

یَا مَنْ یُكَابِدُ دُنْیَا لَا بَقَاءَ لَهَا***یُمْسِی وَ یُصْبِحُ تَحْتَ الْأَرْضِ سَیَّاراً

كَمْ قَدْ أَبَادَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ مِنْ مَلِكٍ***قَدْ كَانَ فِی الْأَرْضِ نَفَّاعاً وَ ضَرَّاراً

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: الزُّهْدُ كُلُّهُ فِی كَلِمَتَیْنِ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ فَمَنْ لَمْ یَأْسَ عَلَی الْمَاضِی وَ لَمْ یَفْرَحْ بِالْآتِی فَهُوَ الزَّاهِدُ.

«28»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاؤُهُ.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: أخذوا [فَاحْذَرُوا] مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَ اخْشَوْهُ خَشْیَةً یَظْهَرُ أَثَرُهَا عَلَیْكُمْ وَ اعْمَلُوا بِغَیْرِ رِیَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ فَإِنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَیْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی مَنْ عَمِلَ لَهُ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: یُوشِكُ أَنْ یَفْقِدَ النَّاسُ ثَلَاثاً دِرْهَماً حَلَالًا وَ لِسَاناً صَادِقاً وَ أَخاً یُسْتَرَاحُ إِلَیْهِ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: اسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ غَمَامُهُ وَ كُونُوا قَوْماً صِیحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا وَ انْتَهَوْا فَمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ سِوَی الْمَوْتِ وَ إِنَّ غَایَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ

ص: 70

وَ تَهْدِمُهَا السَّاعَةُ لَجَدِیرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ وَ إِنَّ غَائِباً یَحْدُوهُ الْجَدِیدَانِ لَحَرِیٌّ بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ(1)

فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ حِكْمَةً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی خَلَاصِ نَفْسِهِ فَدَنَا وَ اسْتَقَامَ عَلَی الطَّرِیقَةِ فَنَجَا وَ أَحَبَّ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ وَ قَدَّمَ صَالِحاً وَ عَمِلَ خَالِصاً وَ اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً وَ رَمَی غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً وَ كَابَدَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ وَ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةً عِنْدَ وَفَاتِهِ رَكِبَ الطَّرِیقَ الْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ وَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام فِی صِفَةِ الدُّنْیَا: دَارٌ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ وَ حَلَالُهَا فِیهِ حِسَابٌ وَ حَرَامُهَا فِیهِ عِقَابٌ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَنْ سَعَی إِلَیْهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یُقْنِعْهُ الْیَسِیرُ(2) لَمْ یَنْفَعْهُ الْكَثِیرُ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكَ بِمُدَارَاةِ النَّاسِ وَ إِكْرَامِ الْعُلَمَاءِ وَ الصَّفْحِ عَنْ زَلَّاتِ الْإِخْوَانِ فَقَدْ أَدَّبَكَ سَیِّدُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ بِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله اعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَ أَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: وَ قَدْ مَرَّ عَلَی الْمَقَابِرِ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ الْقُبُورِ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ خَلَفٌ وَ إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ أَمَّا الْمَسَاكِنُ فَسُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَنُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَلَیْتَ شِعْرِی مَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِنْ نَطَقُوا لَقَالُوا وَجَدْنَا التَّقْوَی خَیْرُ زَادٍ.

ص: 71


1- 1.« غایة تنقصها اللحظة» الغایة هی الأجل و« تنقصها» أی تنقص أمد الانتهاء إلیها و كل لحظة تمر فهی تنقص فی الامد بیننا و بین الأجل. و الساعة تهدم ركنا من ذلك الامد و ما كان كذلك فهو جدیر بقصر المدة. و المراد بالغائب: الموت. و یحدوه أی یسوقه. و المراد بالجدیدان: اللیل و النهار. و الاوبة: الرجوع.
2- 2. فی المصدر« من لم ینفعه الیسیر».

«36»- وَ قَالَ كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ: سَمِعَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَائِلًا یُنْشِدُ أَبْیَاتِ الْأَسْوَدِ بْنِ یَعْفُرَ:

مَا ذَا أُؤَمِّلُ بَعْدَ آلِ مُحَرِّقٍ***تَرَكُوا مَنَازِلَهُمْ وَ بَعْدَ إِبَادٍ

فَقَالَ هَلَّا قَرَأْتُمْ- كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ الْآیَةَ(1).

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَجَبُ مِمَّنْ یَدْعُو وَ یَسْتَبْطِئُ الْإِجَابَةَ وَ قَدْ سَدَّ طَرِیقَهَا بِالْمَعَاصِی.

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی وَصْفِ التَّائِبِینَ غَرَسُوا أَشْجَارَ ذُنُوبِهِمْ نُصْبَ عُیُونِهِمْ وَ قُلُوبِهِمْ وَ سَقَوْهَا بِمِیَاهِ النَّدَمِ فَأَثْمَرَتْ لَهُمُ السَّلَامَةَ وَ أَعْقَبَتْهُمُ الرِّضَا وَ الْكَرَامَةَ.

«39»- وَ قَالَ علیه السلام فِی صِفَةِ الْأَوْلِیَاءِ قَالَ أَبُو نُعَیْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو یَحْیَی الرَّازِیُّ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنِ ابْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: طُوبَی لِمَنْ عَرَفَ النَّاسَ وَ لَمْ یَعْرِفْهُ النَّاسُ أُولَئِكَ مَصَابِیحُ الْهُدَی بِهِمْ یَكْشِفُ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلَّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ أُولَئِكَ سَیُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِی رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ لَیْسُوا بِالْمَذَایِیعِ الْبُذُرِ(2)

وَ لَا الْجُفَاةِ الْمُرَاءِینَ الْمِذْیَاعُ الَّذِی لَا یَكْتُمُ السِّرَّ.

«40»- وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الدُّنْیَا حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ الْجَعْدِیِّ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ أَبِی أَرَاكَةَ قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَلَّمَ انْفَتَلَ عَنْ یَمِینِهِ ثُمَّ مَكَثَ كَأَنَّ عَلَیْهِ كَآبَةٌ حَتَّی إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ عَلَی حَائِطِ الْمَسْجِدِ قِیدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَیْنِ (3)

قَلَبَ یَدَهُ وَ قَالَ لَقَدْ رَأَیْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا أَرَی الْیَوْمَ شَیْئاً یُشْبِهُهُمْ لَقَدْ كَانُوا یُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً صُفْراً بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ أَمْثَالُ رُكَبِ الْمِعْزَی قَدْ بَاتُوا لِلَّهِ سُجَّداً وَ قِیَاماً یَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ یُرَاوِحُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ

ص: 72


1- 1. الدخان: 25.
2- 2. و البذر- ككتف-: الذی یفشی السر.
3- 3. القید- بفتح القاف-: القدر.

وَ أَقْدَامِهِمْ (1)

فَإِذَا أَصْبَحُوا فَذَكَرُوا اللَّهَ مَادُوا كَمَا تَمِیدُ الشَّجَرُ فِی یَوْمِ رِیحٍ عَاصِفٍ وَ هَمَلَتْ عُیُونُهُمْ (2)

حَتَّی تَبُلَّ ثِیَابَهُمْ وَ اللَّهِ لَكَانَ الْقَوْمُ بَاتُوا غَافِلِینَ ثُمَّ نَهَضَ فَمَا رُئِیَ مُفْتَرّاً حَتَّی (3)

ضَرَبَهُ اللَّعِینُ ابْنُ مُلْجَمٍ.

«41»- وَ رَوَی مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْماً قَدْ وَصَفَ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ حُزْنُهُ فِی قَلْبِهِ وَ بِشْرُهُ فِی وَجْهِهِ وَ أَوْسَعُ النَّاسِ صَدْراً وَ أَرْفَعُهُمْ قَدْراً یَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ لَا یُحِبُّ السُّمْعَةَ طَوِیلٌ غَمُّهُ بَعِیدٌ هَمُّهُ كَثِیرٌ صَمْتُهُ مَشْغُولٌ بِمَا یَنْفَعُهُ صَبُورٌ شَكُورٌ قَلْبُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ مَعْمُورٌ سَهْلُ الْخَلِیقَةِ لَیِّنُ الْعَرِیكَةِ.

«42»- وَ فِی رِوَایَةٍ عَنْ أَبِی أَرَاكَةَ وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَیْضاً قَالا سَمِعْنَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ یَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْخَلَائِقَ حِینَ خَلَقَهُمْ وَ هُوَ غَنِیٌّ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَ لَا یَتَضَرَّرُ بِمَعْصِیَتِهِمْ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِیَةُ مَنْ عَصَاهُ وَ لَا یَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ وَ اتَّقَاهُ فَالْمُتَّقُونَ فِی هَذِهِ الدَّارِ هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَ مَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَ عَیْشُهُمُ التَّوَاضُعُ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ

عَنِ الْمَحَارِمِ وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَی الْعِلْمِ النَّافِعِ وَ لَوْ لَا الرَّجَاءُ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِی أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَیْنٍ شَوْقاً إِلَی جَزِیلِ الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنْ وَبِیلِ الْعِقَابِ (4) عَظُمَ الْخَالِقُ فِی أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِی أَعْیُنِهِمْ فَهُمْ فِی الْجَنَّةِ كَمَنْ قَدْ رَآهَا مُنَعَّمُونَ وَ فِی النَّارِ كَمَنْ قَدْ رَآهَا مُعَذَّبُونَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ أَجْسَادُهُمْ نَحِیفَةٌ وَ حَاجَاتُهُمْ خَفِیفَةٌ صَبَرُوا أَیَّاماً یَسِیرَةً فَأَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِیلَةً.

أَمَّا اللَّیْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِینَ كَلَامَ رَبِّهِمْ یُحَبِّرُونَهُ تَحْبِیراً(5) وَ یُرَتِّلُونَهُ

ص: 73


1- 1. المراوحة بین العملین أن یعمل هذا مرة، و هذا مرة، و المراوحة بین الرجلین أن یقوم علی كل مرة.
2- 2. ماد یمید:- تحرك. و الریح العاصف: الشدیدة. و هملت عینه: فاضت دموعا.
3- 3. فتر یفتر تفتیرا- سكن بعد حدة و لان بعد شدة.
4- 4. الوبیل: الشدید.
5- 5. حبر الكلام أو الخط أو الشعر: حسنه و زینه.

تَرْتِیلًا فَإِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَشْوِیقٌ رَكَنُوا إِلَیْهَا طَمَعاً وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَیْهَا شَوْقاً وَ هَلَعاً(1)

وَ إِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَخْوِیفٌ أَصْغَوْا إِلَیْهَا بِمَسَامِعِ قُلُوبِهِمْ وَ مَثَّلُوا زَفِیرَ جَهَنَّمَ فِی آذَانِهِمْ فَهُمْ مُفْتَرِشُونَ جِبَاهَهُمْ وَ رُكَبَهُمْ وَ أَطْرَافَ أَقْدَامِهِمْ یَجْأَرُونَ إِلَی اللَّهِ فِی فَكِّ رِقَابِهِمْ وَ أَمَّا النَّهَارَ فَعُلَمَاءُ حُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِیَاءُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْیَ الْقِدَاحِ یَنْظُرُ إِلَیْهِمُ النَّاظِرُ فَحَسِبَهُمْ مَرْضَی وَ مَا بِالْقَوْمِ مَرَضٌ وَ یَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَ لَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِیمٌ- لَا یَرْضَوْنَ فِی أَعْمَالِهِمْ بِالْقَلِیلِ وَ لَا یَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِیرَ فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ إِذَا زُكِّیَ أَحَدُهُمْ خَافَ أَشَدَّ الْخَوْفِ یَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْ غَیْرِی اللَّهُمَّ فَلَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا یَقُولُونَ وَ اجْعَلْنِی أَفْضَلَ مِمَّا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لِی مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ مِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَی لَهُ قُوَّةً فِی دِینٍ وَ وَرَعاً فِی یَقِینٍ وَ حَزْماً فِی عِلْمٍ وَ عَزْماً فِی حِلْمٍ وَ قَصْداً فِی غِنًی وَ خُشُوعاً فِی عِبَادَةٍ وَ تَجَمُّلًا فِی فَاقَةٍ وَ صَبْراً فِی شِدَّةٍ وَ طَلَباً لِلْحَلَالِ وَ تَحَرُّجاً عَنِ الطَّمَعِ یَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ عَلَی وَجَلٍ وَ یَجْتَهِدُ فِی إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَیْنِ یُمْسِی وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ وَ یُصْبِحُ وَ شُغُلُهُ الْفِكْرُ الْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ وَ یَعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ یُعْطِی مَنْ حَرَمَهُ وَ یَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ وَ فِی الزَّلَازِلِ صَبُورٌ وَ فِی الْمَكَارِهِ وَقُورٌ وَ فِی الرِّضَا شَكُورٌ- لَا یُنَابِزُ بِالْأَلْقَابِ وَ لَا یَعْرِفُ الْعَابَ وَ لَا یُؤْذِی الْجَارَ وَ لَا یَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ وَ لَا یَدْخُلُ فِی الْبَاطِلِ وَ لَا یَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ إِنْ بُغِیَ عَلَیْهِ صَبَرَ لِیَكُونَ اللَّهُ تَعَالَی هُوَ الْمُنْتَقِمَ لَهُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِی عَنَاءٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِأُخْرَاهُ وَ زَهِدَ فِی الْفَانِی شَوْقاً إِلَی مَوْلَاهُ.

«43»- قَالَ علیه السلام فِی صِفَةِ الْفَقِیهِ قَالَ أَبُو نُعَیْمٍ حَدَّثَنَا أَبِی حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الدَّوْرَقِیِّ عَنْ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ زِیَادِ بْنِ خَیْثَمَةَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ الْفَقِیهَ كُلَّ الْفَقِیهِ هُوَ الَّذِی لَمْ یُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَا یُؤْمِنُهُمْ مِنْ عَذَابِهِ وَ لَا یُرَخِّصُ لَهُمْ فِی مَعْصِیَتِهِ وَ لَا یَدَعُ الْقُرْآنَ رَغْبَةً فِی غَیْرِهِ

ص: 74


1- 1. الهلع- بكسر اللام-: الحزین.

وَ لَا خَیْرَ فِی عِبَادَةٍ لَا عِلْمَ فِیهَا وَ لَا خَیْرَ فِی قِرَاءَةٍ لَا تَدَبُّرَ فِیهَا.

«44»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْمُرُوَّةِ فَقَالَ علیه السلام إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ تَعَاهُدُ الْإِخْوَانِ وَ كَفُّ الْأَذَی عَنِ الْجِیرَانِ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ الْآیَةَ(1).

«45»- وَ مِنْ وَصَایَاهُ علیه السلام أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِی أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ یُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِیُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْیَانَ النَّسَوِیُّ حَدَّثَنَا جَدِّی الْحَسَنُ بْنُ سُفْیَانَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ السَّرِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِیِّ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: یَا أَیُّهَا النَّاسُ خُذُوا عَنِّی هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَلَوْ رَكِبْتُمُ الْمَطِیَّ حَتَّی تُنْضُوهَا مَا أَصَبْتُمْ مِثْلَهَا- لَا یَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِی إِذَا لَمْ یَعْلَمْ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ لَا یَسْتَحِی إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ اعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَیْرَ فِی جَسَدٍ لَا رَأْسَ لَهُ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ وَ لَا أَهْلِ دَارٍ وَ لَا أَهْلِ قَرْیَةٍ یَكُونُونَ لِی عَلَی مَا أُحِبُّ فَیَتَحَوَّلُونَ إِلَی مَا أَكْرَهُ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ مِمَّا یُحِبُّونَ إِلَی مَا یَكْرَهُونَ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَ لَا قَرْیَةٍ یَكُونُونَ لِی عَلَی مَا أَكْرَهُ فَیَتَحَوَّلُونَ إِلَی مَا أُحِبُّ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ مِمَّا یَكْرَهُونَ إِلَی مَا یُحِبُّونَ.

«46»- ذَكَرَ وَصِیَّتَهُ علیه السلام لِكُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِیٍّ الصُّوفِیُّ أَخْبَرَنَا عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التَّمِیمِیُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْبَادِ أَخْبَرَنَا حَبِیبُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَزَّازُ حَدَّثَنَا مُوسَی بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِیُّ حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ(2)

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ حُمَیْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِیُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ كُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: أَخَذَ بِیَدِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَأَخْرَجَنِی إِلَی نَاحِیَةِ الْجَبَّانِ فَلَمَّا أَصْحَرْنَا جَلَسَ فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ.

ص: 75


1- 1. النحل: 9.
2- 2. فی المصدر« ضرار بن صرد» و كذا فی الحلیة.

ثُمَّ قَالَ یَا كُمَیْلَ بْنَ زِیَادٍ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِیَةٌ فَخَیْرُهَا أَوْعَاهَا احْفَظْ مَا أَقُولُ لَكَ النَّاسُ ثَلَاثَةٌ عَالِمٌ رَبَّانِیٌّ وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِیلِ نَجَاةٍ وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ یَمِیلُونَ مَعَ كُلِّ رِیحٍ لَمْ یَسْتَضِیئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَ لَمْ یَلْجَئُوا إِلَی رُكْنٍ وَثِیقٍ یَا كُمَیْلُ الْعِلْمُ خَیْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ یَحْرُسُكَ وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ الْعِلْمُ یَزْكُو عَلَی الْإِنْفَاقِ وَ الْمَالُ یَزُولُ وَ مَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِینٌ یُدَانُ بِهِ وَ بِهِ یَكْسِبُ الْعَالِمُ الطَّاعَةَ فِی حَیَاتِهِ وَ جَمِیلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ مَمَاتِهِ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَیْهِ یَا كُمَیْلُ مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَ هُمْ أَحْیَاءٌ وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِیَ الدَّهْرُ أَعْیَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَ أَمْثَالُهُمْ فِی الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ ثُمَّ قَالَ آهِ آهِ إِنَّ هَاهُنَا عِلْماً جَمّاً لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ بَلَی قَدْ أَصَبْتُ لَقِناً غَیْرَ مَأْمُونٍ عَلَیْهِ یَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِّینِ لِلدُّنْیَا یَسْتَظْهِرُ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ بِحُجَجِهِ عَلَی كِتَابِهِ أَوْ مُعَانِدٍ لِأَهْلِ الْحَقِّ یَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِی قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ- لَا ذَا وَ لَا ذَاكَ بَلْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّاتِ سَلِسَ الْقِیَادِ لِلشَّهَوَاتِ مُغْرَی بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَ الِادِّخَارِ لَیْسَ مِنَ الدِّینِ فِی شَیْ ءٍ أَقْرَبُ شَبَهاً بِالْبَهَائِمِ السَّائِمَةِ كَذَلِكَ یَمُوتُ الْعِلْمُ

بِمَوْتِ حَامِلِیهِ اللَّهُمَّ بَلَی لَنْ تَخْلُوَ الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ لِكَیْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ عَلَی عِبَادِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً بِهِمْ یَحْفَظُ اللَّهُ دِینَهُ حَتَّی یُؤَدُّونَهُ إِلَی نُظَرَائِهِمْ وَ یَزْرَعُونَهُ فِی قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ وَ فِی رِوَایَةٍ بِهِمْ یَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَی حَقِیقَةِ الْأَمْرِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ صَحِبُوا الدُّنْیَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَی أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ دُعَاتُهُ إِلَی دِینِهِ آهِ ثُمَّ آهِ وَا شَوْقَاهْ إِلَی رُؤْیَتِهِمْ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكَ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ.

«47»- وَصِیَّتُهُ لِبَنِیهِ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ بِهِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِیُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِیمُ بْنُ سَعِیدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ ضِرَارِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ: أَوْصَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 76

بَنِیهِ فَقَالَ یَا بَنِیَّ عَاشِرُوا النَّاسَ بِالْمَعْرُوفِ مُعَاشَرَةً إِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَیْكُمْ وَ إِنْ مِتُّمْ بَكَوْا عَلَیْكُمْ ثُمَّ قَالَ:

أُرِیدُ بِذَاكُمْ أَنْ تَهُشُّوا لِطَلْقَتِی***وَ أَنْ تُكْثِرُوا بَعْدِی الدُّعَاءَ عَلَی قَبْرِی

وَ أَنْ یَمْنَحُونِی فِی الْمَجَالِسِ وُدَّهُمْ***وَ إِنْ كُنْتُ عَنْهُمْ غَائِباً أَحْسِنُوا ذِكْرِی

«48»- وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَ رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَوْصِنِی فَقَالَ لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِفَقْرٍ وَ لَا بِطُولِ عُمُرٍ.

«49»- وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ أَحَادِیثِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ رِوَایَةِ الشَّعْبِیِّ عَنْ ضِرَارِ بْنِ ضَمْرَةَ وَ عَبْدِ خَیْرٍ قَالا: قِیلَ لَهُ مَا سَبَبُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِی الْحَدِیثِ فَقَالَ النَّاسُ أَرْبَعَةٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِسْلَامِ وَ قَلْبُهُ یَأْبَی الْإِیمَانَ- لَا یَتَحَرَّجُ عَنِ الْكَذِبِ كَذَبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَعَمِّداً فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ حَالَهُ مَا أَخَذُوا عَنْهُ وَ لَكِنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْمُنَافِقِینَ بِمَا أَخْبَرَ وَ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَ ثُمَّ إِنَّهُمْ عَاشُوا بَعْدَهُ فَتَقَرَّبُوا إِلَی أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ الدُّعَاةِ إِلَی النَّارِ بِالزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَوَلَّوْهُمُ الْأَعْمَالَ وَ جَعَلُوهُمْ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْیَا وَ إِنَّمَا هُمْ تَبَعٌ لِلْمُلُوكِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ رَجُلٌ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَوْلًا أَوْ رَآهُ یَعْمَلُ عَمَلًا ثُمَّ غَابَ عَنْهُ وَ نُسِخَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَ الْفِعْلُ وَ لَمْ یَعْلَمْ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ نُسِخَ مَا حَدَّثَ بِهِ وَ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَیْضاً أَنَّهُ نُسِخَ لَمَا نَقَلُوهُ عَنْهُ وَ رَجُلٌ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَوْلًا فَوَهِمَ فِیهِ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَهِمَ فِیهِ لَمَا حَدَّثَ عَنْهُ وَ- لَا عَمِلَ بِهِ وَ رَجُلٌ لَمْ یَكْذِبْ وَ لَمْ یَغِبْ حَدَّثَ بِمَا سَمِعَ وَ عَمِلَ بِهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا اعْتِبَارَ بِرِوَایَتِهِ وَ لَا یَحِلُّ الْأَخْذُ عَنْهُ وَ أَمَّا الْبَاقُونَ فَیَنْزِعُونَ إِلَی غَایَةٍ وَ یَرْجِعُونَ إِلَی نِهَایَةٍ وَ یُسْقَوْنَ مِنْ قَلِیبٍ وَاحِدٍ وَ كَلَامُهُمْ أَشْرَقَ بِنُورِ النُّبُوَّةِ ضِیَاؤُهُ وَ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ اقْتُبِسَتْ نَارُهُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ قَالَ: فِی أَیْدِی النَّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلًا وَ صِدْقاً وَ كَذِباً وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً وَ عَامّاً وَ خَاصّاً وَ مُحْكَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ حِفْظاً وَ وَهَماً وَ قَدْ كُذِبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَهْدِهِ حَتَّی قَامَ خَطِیباً فَقَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ

ص: 77

مِنَ النَّارِ وَ إِنَّمَا یَأْتِیكَ الحدیث [بِالْحَدِیثِ] أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَیْسَ لَهُمْ خَامِسٌ وَ ذَكَرَهُمْ.

قلت و قد روی عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هذا الحدیث و هو قوله من كذب علی عامدا فلیتبوأ مقعده من النار عدة من الصحابة منهم العشرة(1)

فأما الطریق إلی أمیر المؤمنین فأنبأ غیر واحد عن عبد الأول الصوفی أنبأ ابن المظفر الداوی أنبأ ابن أعین أنبأ السرخسی أنبأ الفربری أنبأ البخاری أنبأ علی بن الجعد أنبأ شعبة عن منصور عن ربعی بن خراش قال سمعت علیا علیه السلام یقول سمعت النبی صلی اللّٰه علیه و آله یقول من كذب علی و ذكر متفق علیه و قد أخرجه أحمد فی المسند و الجماعة.

«50»- كشف (2)،[كشف الغمة] ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ أَخْبَاراً رَوَاهَا الْجَوَادُ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: بَعَثَنِی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْیَمَنِ فَقَالَ لِی وَ هُوَ یُوصِینِی یَا عَلِیُّ مَا حَارَ مَنِ اسْتَخَارَ وَ لَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ یَا عَلِیُّ عَلَیْكَ بِالدُّلْجَةِ(3)

فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَی بِاللَّیْلِ مَا لَا تُطْوَی بِالنَّهَارِ یَا عَلِیُّ اغْدُ بِاسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَارَكَ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا.

«51»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَفَادَ أَخاً فِی اللَّهِ فَقَدِ اسْتَفَادَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ.

«52»- وَ عَنْهُ علیه السلام: وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّیَّتَهَا عَلَی النَّارِ فَقَالَ خَاصٌّ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ.

«53»- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ فِی كِتَابِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: ابْنُ آدَمَ أَشْبَهُ شَیْ ءٍ بِالْمِعْیَارِ إِمَّا رَاجِحٌ بِعِلْمٍ وَ قَالَ مَرَّةً بِعَقْلٍ أَوْ نَاقِصٌ بِجَهْلٍ.

«54»- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: قَالَ لِأَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا غَضِبْتَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَی دُنْیَاهُمْ وَ خِفْتَهُمْ عَلَی دِینِكَ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ رَتْقاً عَلَی عَبْدٍ ثُمَّ اتَّقَی اللَّهَ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا مَخْرَجاً- لَا یُؤْنِسَنَّكَ إِلَّا الْحَقُّ وَ لَا یُوحِشَنَّكَ إِلَّا الْبَاطِلُ.

ص: 78


1- 1. فی المصدر« مائة و عشرون من الصحابة ذكرتهم فی كتابی المترجم بحق الیقین».
2- 2. كشف الغمّة ج 3 ص 135 فی أحوال الامام التاسع أبی جعفر الجواد علیه السلام.
3- 3. الدلجة: السیر فی اللیل.

«55»- وَ عَنْهُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِقَیْسِ بْنِ سَعْدٍ وَ قَدْ قَدِمَ عَلَیْهِ مِنْ مِصْرَ یَا قَیْسُ إِنَّ لِلْمِحَنِ غَایَاتٍ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَهِیَ إِلَیْهَا فَیَجِبُ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَنَامَ لَهَا إِلَی إِدْبَارِهَا فَإِنَّ مُكَابَدَتَهَا بِالْحِیلَةِ عِنْدَ إِقْبَالِهَا زِیَادَةٌ فِیهَا.

«56»- وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مَنْ وَثِقَ بِاللَّهِ أَرَاهُ السُّرُورَ وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ كَفَاهُ الْأُمُورَ وَ الثِّقَةُ بِاللَّهِ حِصْنٌ لَا یَتَحَصَّنُ فِیهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ أَمِینٌ وَ التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ حِرْزٌ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ وَ الدِّینُ عِزٌّ وَ الْعِلْمُ كَنْزٌ وَ الصَّمْتُ نُورٌ وَ غَایَةُ الزُّهْدِ الْوَرَعُ وَ لَا هَدْمَ لِلدِّینِ مِثْلُ الْبِدَعِ وَ لَا أَفْسَدَ لِلرِّجَالِ مِنَ الطَّمَعِ وَ بِالرَّاعِی تَصْلُحُ الرَّعِیَّةُ وَ بِالدُّعَاءِ تُصْرَفُ الْبَلِیَّةُ وَ مَنْ رَكِبَ مَرْكَبَ الصَّبْرِ اهْتَدَی إِلَی مِضْمَارِ النَّصْرِ وَ مَنْ عَابَ عِیبَ وَ مَنْ شَتَمَ أُجِیبَ وَ مَنْ غَرَسَ أَشْجَارَ التُّقَی اجْتَنَی ثِمَارَ الْمُنَی.

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعُ خِصَالٍ تُعِینُ الْمَرْءَ عَلَی الْعَمَلِ الصِّحَّةُ وَ الْغِنَی وَ الْعِلْمُ وَ التَّوْفِیقُ.

«58»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً یَخُصُّهُمْ بِالنِّعَمِ وَ یُقِرُّهَا فِیهِمْ مَا بَذَلُوهَا فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَ حَوَّلَهَا إِلَی غَیْرِهِمْ.

«59»- وَ قَالَ: مَا عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا عَظُمَتْ عَلَیْهِ مَئُونَةُ النَّاسِ فَمَنْ لَمْ یَحْتَمِلْ تِلْكَ الْمَئُونَةَ عَرَضَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ.

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: أَهْلُ الْمَعْرُوفِ إِلَی اصْطِنَاعِهِ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ إِلَیْهِ لِأَنَّ لَهُمْ أَجْرَهُ وَ فَخْرَهُ وَ ذِكْرَهُ فَمَهْمَا اصْطَنَعَ الرَّجُلُ مِنْ مَعْرُوفٍ فَإِنَّمَا یَبْدَأُ فِیهِ بِنَفْسِهِ فَلَا یَطْلُبَنَّ شُكْرَ مَا صَنَعَ إِلَی نَفْسِهِ مِنْ غَیْرِهِ.

«61»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَمَّلَ إِنْسَاناً فَقَدْ هَابَهُ وَ مَنْ جَهِلَ شَیْئاً عَابَهُ وَ الْفُرْصَةُ خُلْسَةٌ وَ مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ جَسَدُهُ وَ الْمُؤْمِنُ لَا یَشْتَفِی غَیْظُهُ وَ عُنْوَانُ صَحِیفَةِ الْمُؤْمِنِ حُسْنُ خُلُقِهِ.

وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ: عُنْوَانُ صَحِیفَةِ السَّعِیدِ حُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ.

«62»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَغْنَی بِاللَّهِ افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَیْهِ وَ مَنِ اتَّقَی اللَّهَ أَحَبَّهُ النَّاسُ وَ إِنْ كَرِهُوا.

ص: 79

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّ طَلَبَهُ فَرِیضَةٌ وَ الْبَحْثَ عَنْهُ نَافِلَةٌ وَ هُوَ صِلَةٌ بَیْنَ الْإِخْوَانِ وَ دَلِیلٌ عَلَی الْمُرُوَّةِ وَ تُحْفَةٌ فِی الْمَجَالِسِ وَ صَاحِبٌ فِی السَّفَرِ وَ أُنْسٌ فِی الْغُرْبَةِ.

«64»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعِلْمُ عِلْمَانِ مَطْبُوعٌ وَ مَسْمُوعٌ وَ لَا یَنْفَعُ مَسْمُوعٌ إِذَا لَمْ یَكُ مَطْبُوعٌ وَ مَنْ عَرَفَ الْحِكْمَةَ لَمْ یَصْبِرْ عَنِ الِازْدِیَادِ مِنْهَا الْجَمَالُ فِی اللِّسَانِ وَ الْكَمَالُ فِی الْعَقْلِ.

«65»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَفَافُ زِینَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی وَ الصَّبْرُ زِینَةُ الْبَلَاءِ وَ التَّوَاضُعُ زِینَةُ الْحَسَبِ وَ الْفَصَاحَةُ زِینَةُ الْكَلَامِ وَ الْعَدْلُ زِینَةُ الْإِیمَانِ وَ السَّكِینَةُ زِینَةُ الْعِبَادَةِ وَ الْحِفْظُ زِینَةُ الرِّوَایَةِ وَ خَفْضُ الْجَنَاحِ زِینَةُ الْعِلْمِ وَ حُسْنُ الْأَدَبِ زِینَةُ الْعَقْلِ وَ بَسْطُ الْوَجْهِ زِینَةُ الْحِلْمِ وَ الْإِیثَارُ زِینَةُ الزُّهْدِ وَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ زِینَةُ النَّفْسِ وَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ زِینَةُ الْخَوْفِ وَ التَّقَلُّلُ زِینَةُ الْقَنَاعَةِ وَ تَرْكُ الْمَنِّ زِینَةُ الْمَعْرُوفِ وَ الْخُشُوعُ زِینَةُ الصَّلَاةِ وَ تَرْكُ مَا لَا یَعْنِی زِینَةُ الْوَرَعِ.

«66»- وَ قَالَ علیه السلام: حَسْبُ الْمَرْءِ مِنْ كَمَالِ الْمُرُوَّةِ تَرْكُهُ مَا لَا یَجْمُلُ بِهِ وَ مِنْ حَیَائِهِ أَنْ لَا یَلْقَی أَحَداً بِمَا یَكْرَهُ وَ مِنْ عَقْلِهِ حُسْنُ رِفْقِهِ وَ مِنْ أَدَبِهِ أَنْ لَا یَتْرُكَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَ مِنْ عِرْفَانِهِ عِلْمُهُ بِزَمَانِهِ وَ مِنْ وَرَعِهِ غَضُّ بَصَرِهِ وَ عِفَّةُ بَطْنِهِ وَ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ كَفُّهُ أَذَاهُ وَ مِنْ سَخَائِهِ بِرُّهُ بِمَنْ یَجِبُ حَقُّهُ عَلَیْهِ وَ إِخْرَاجُهُ حَقَّ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ وَ مِنْ إِسْلَامِهِ تَرْكُهُ مَا لَا یَعْنِیهِ وَ تَجَنُّبُهُ الْجِدَالَ وَ الْمِرَاءَ فِی دِینِهِ وَ مِنْ كَرَمِهِ إِیثَارُهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ مِنْ صَبْرِهِ قِلَّةُ شَكْوَاهُ وَ مِنْ عَقْلِهِ إِنْصَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ مِنْ حِلْمِهِ تَرْكُهُ الْغَضَبَ عِنْدَ مُخَالَفَتِهِ وَ مِنْ إِنْصَافِهِ قَبُولُهُ الْحَقَّ إِذَا بَانَ لَهُ وَ مِنْ نُصْحِهِ نَهْیُهُ عَمَّا لَا یَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ مِنْ حِفْظِهِ جِوَارَكَ تَرْكُهُ تَوْبِیخَكَ عِنْدَ إِسَاءَتِكَ مَعَ عِلْمِهِ

بِعُیُوبِكَ وَ مِنْ رِفْقِهِ تَرْكُهُ عَذْلَكَ عِنْدَ غَضَبِكَ بِحَضْرَةِ مَنْ تَكْرَهُ (1)

وَ مِنْ حُسْنِ صُحْبَتِهِ لَكَ إِسْقَاطُهُ عَنْكَ مَئُونَةَ أَذَاكَ وَ مِنْ صَدَاقَتِهِ كَثْرَةُ مُوَافَقَتِهِ وَ قِلَّةُ مُخَالَفَتِهِ وَ مِنْ صَلَاحِهِ شِدَّةُ خَوْفِهِ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ مِنْ شُكْرِهِ مَعْرِفَةُ إِحْسَانِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْهِ وَ مِنْ تَوَاضُعِهِ

ص: 80


1- 1. العذل- محركة-: الملامة.

مَعْرِفَتُهُ بِقَدْرِهِ وَ مِنْ حِكْمَتِهِ عِلْمُهُ بِنَفْسِهِ وَ مِنْ سَلَامَتِهِ قِلَّةُ حِفْظِهِ لِعُیُوبِ غَیْرِهِ وَ عِنَایَتُهُ بِإِصْلَاحِ عُیُوبِهِ.

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: لَنْ یَسْتَكْمِلَ الْعَبْدُ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی یُؤْثِرَ دِینَهُ عَلَی شَهْوَتِهِ وَ لَنْ یَهْلِكَ حَتَّی یُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَی دِینِهِ.

«68»- وَ قَالَ علیه السلام: الْفَضَائِلُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ أَحَدُهَا الْحِكْمَةُ وَ قِوَامُهَا فِی الْفِكْرَةِ وَ الثَّانِی الْعِفَّةُ وَ قِوَامُهَا فِی الشَّهْوَةِ وَ الثَّالِثُ الْقُوَّةُ وَ قِوَامُهَا فِی الْغَضَبِ وَ الرَّابِعُ الْعَدْلُ وَ قِوَامُهُ فِی اعْتِدَالِ قُوَی النَّفْسِ.

«69»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَامِلُ بِالظُّلْمِ وَ الْمُعِینُ لَهُ وَ الرَّاضِی بِهِ شُرَكَاءُ.

«70»- وَ قَالَ علیه السلام: یَوْمُ الْعَدْلِ عَلَی الظَّالِمِ أَشَدُّ مِنْ یَوْمِ الْجَوْرِ عَلَی الْمَظْلُومِ.

«71»- وَ قَالَ علیه السلام: أَقْصَدُ الْعُلَمَاءِ لِلْمَحَجَّةِ الْمُمْسِكُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ الْجَدَلُ یُورِثُ الرِّیَاءَ(1) وَ مَنْ أَخْطَأَ وُجُوهَ الْمَطَالِبِ خَذَلَتْهُ الْحِیَلُ وَ الطَّامِعُ فِی وَثَاقِ الذُّلِّ وَ مَنْ أَحَبَّ الْبَقَاءَ فَلْیُعِدَّ لِلْمَصَائِبِ قَلْباً صَبُوراً.

«72»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعُلَمَاءُ غُرَبَاءُ لِكَثْرَةِ الْجُهَّالِ بَیْنَهُمْ.

«73»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ عَلَی الْمُصِیبَةِ مُصِیبَةٌ عَلَی الشَّامِتِ بِهَا.

«74»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّوْبَةُ عَلَی أَرْبَعَةِ دَعَائِمَ نَدَمٍ بِالْقَلْبِ وَ اسْتِغْفَارٍ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٍ بِالْجَوَارِحِ وَ عَزْمٍ أَنْ لَا یَعُودَ وَ ثَلَاثٌ مِنْ عَمَلِ الْأَبْرَارِ إِقَامَةُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ احْتِرَاسٌ مِنَ الْغَفْلَةِ فِی الدِّینِ وَ ثَلَاثٌ یُبَلِّغْنَ بِالْعَبْدِ رِضْوَانَ اللَّهِ كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ وَ خَفْضُ الْجَانِبِ وَ كَثْرَةُ الصَّدَقَةِ وَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ اسْتَكْمَلَ الْإِیمَانَ مَنْ أَعْطَی لِلَّهِ وَ مَنَعَ فِی اللَّهِ وَ أَحَبَّ لِلَّهِ وَ أَبْغَضَ فِیهِ وَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ لَمْ یَنْدَمْ تَرْكُ الْعَجَلَةِ وَ الْمَشُورَةُ وَ التَّوَكُّلُ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

«75»- وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ سَكَتَ الْجَاهِلُ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ.

«76»- وَ قَالَ علیه السلام: مَقْتَلُ الرَّجُلِ بَیْنَ لَحْیَیْهِ وَ الرَّأْیُ مَعَ الْأَنَاةِ وَ بِئْسَ الظَّهِیرُ الرَّأْیُ الْفَطِیرُ(2).

ص: 81


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« یورث الشك».
2- 2. الفطیر: كل ما أعجل عن ادراكه یقال:« ایاك و الرأی الفطیر» أی بدیهی. من غیر رویة.

«77»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثُ خِصَالٍ تُجْتَلَبُ بِهِنَّ الْمَحَبَّةُ الْإِنْصَافُ فِی الْمُعَاشَرَةِ وَ الْمُوَاسَاةُ فِی الشِّدَّةِ وَ الِانْطِوَاعِ وَ الرُّجُوعُ عَلَی قَلْبٍ سَلِیمٍ (1).

«78»- وَ قَالَ علیه السلام: فَسَادُ الْأَخْلَاقِ بِمُعَاشَرَةِ السُّفَهَاءِ وَ صَلَاحُ الْأَخْلَاقِ بِمُنَافَسَةِ الْعُقَلَاءِ وَ الْخَلْقُ أَشْكَالٌ فَ كُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاكِلَتِهِ وَ النَّاسُ إِخْوَانٌ فَمَنْ كَانَتْ إِخْوَتُهُ فِی غَیْرِ ذَاتِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَحُوزُ عَدَاوَةً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی- الْأَخِلَّاءُ یَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِینَ (2).

«79»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَحْسَنَ قَبِیحاً كَانَ شَرِیكاً فِیهِ.

«80»- وَ قَالَ علیه السلام: كُفْرُ النِّعْمَةِ دَاعِیَةُ الْمَقْتِ وَ مَنْ جَازَاكَ بِالشُّكْرِ فَقَدْ أَعْطَاكَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْكَ.

«81»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یُفْسِدُكَ الظَّنُّ عَلَی صَدِیقٍ وَ قَدْ أَصْلَحَكَ الْیَقِینُ لَهُ وَ مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرّاً فَقَدْ زَانَهُ وَ مَنْ وَعَظَهُ عَلَانِیَةً فَقَدْ شَانَهُ اسْتِصْلَاحُ الْأَخْیَارِ بِإِكْرَامِهِمْ وَ الْأَشْرَارِ بِتَأْدِیبِهِمْ وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ كَفَی بِالْأَجَلِ حِرْزاً وَ لَا یَزَالُ الْعَقْلُ وَ الْحُمْقُ یَتَغَالَبَانِ عَلَی الرَّجُلِ إِلَی ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً فَإِذَا بَلَغَهَا غَلَبَ عَلَیْهِ أَكْثَرُهُمَا فِیهِ وَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی عَبْدٍ نِعْمَةً فَعَلِمَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ لَهُ شُكْرَهَا قَبْلَ أَنْ یُحَمِّدَهُ عَلَیْهَا وَ لَا أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَیْهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ یَسْتَغْفِرَهُ.

«82»- وَ قَالَ علیه السلام: الشَّرِیفُ كُلُّ الشَّرِیفِ مَنْ شَرَّفَهُ عِلْمُهُ وَ السُّؤْدُدُ(3)

حَقُّ السُّؤْدُدِ لِمَنِ اتَّقَی اللَّهَ رَبَّهُ وَ الْكَرِیمُ (4)

مَنْ أَكْرَمَ عَنْ ذُلِّ النَّارِ وَجْهَهُ.

ص: 82


1- 1. الانطواع: الانقیاد. و القیاس الانطیاع بالیاء.
2- 2. الزخرف: 67.
3- 3. السؤدد: القدر الرفیع، كرم المنصب، السیادة.
4- 4. كذا و الظاهر سقط« كل الكریم» من قلم الناسخ.

«83»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَمَّلَ فَاجِراً كَانَ أَدْنَی عُقُوبَتِهِ الْحِرْمَانَ.

«84»- وَ قَالَ علیه السلام: اثْنَانِ عَلِیلَانِ أَبَداً صَحِیحٌ مُحْتَمٍ وَ عَلِیلٌ مُخَلِّطٌ(1)

مَوْتُ الْإِنْسَانِ بِالذُّنُوبِ أَكْثَرُ مِنْ مَوْتِهِ بِالْأَجَلِ وَ حَیَاتُهُ بِالْبِرِّ أَكْثَرُ مِنْ حَیَاتِهِ بِالْعُمُرِ.

«85»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُعَاجِلُوا الْأَمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا وَ لَا یَطُولَنَّ عَلَیْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ وَ ارْحَمُوا ضُعَفَاءَكُمْ وَ اطْلُبُوا الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ بِالرَّحْمَةِ لَهُمْ.

«86»- مِنْ كِتَابِ مَطَالِبِ السَّئُولِ (2)، مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: غَرَّكَ عِزُّكَ فَصَارَ قُصَارُ ذَلِكَ ذُلَّكَ فَاخْشَ فَاحِشَ فِعْلِكَ فَعَلَّكَ بِهَذَا تَهْدَأُ.

«87»- وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: الْعَالَمُ حَدِیقَةٌ سَیَّاحُهَا الشَّرِیعَةُ وَ الشَّرِیعَةُ سُلْطَانٌ تَجِبُ لَهُ الطَّاعَةُ وَ الطَّاعَةُ سِیَاسَةٌ یَقُومُ بِهَا الْمَلِكُ وَ الْمَلِكُ رَاعٍ یَعْضُدُهُ الْجَیْشُ وَ الْجَیْشُ أَعْوَانٌ یَكْفُلُهُمُ الْمَالُ وَ الْمَالُ رِزْقٌ یَجْمَعُهُ الرَّعِیَّةُ وَ الرَّعِیَّةُ سَوَادٌ یَسْتَعْبِدُهُمُ الْعَدْلُ وَ الْعَدْلُ أَسَاسٌ بِهِ قِوَامُ الْعَالَمِ.

«88»- نهج (3)،[نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: الْأَقَاوِیلُ مَحْفُوظَةٌ وَ السَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ(4)

وَ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ وَ النَّاسُ مَنْقُوصُونَ مَدْخُولُونَ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ (5) سَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ وَ مُجِیبُهُمْ مُتَكَلِّفٌ یَكَادُ أَفْضَلُهُمْ رَأْیاً یَرُدُّهُ عَنْ فَضْلِ رَأْیِهِ الرِّضَا وَ السُّخْطُ وَ یَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُوداً تَنْكَؤُهُ اللَّحْظَةُ وَ تَسْتَحِیلُهُ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ(6)

مَعَاشِرَ النَّاسِ اتَّقُوا اللَّهَ

ص: 83


1- 1. احتمی المریض: امتنع و منه اتقاه. و خلط المریض- من باب التفعیل. أكل ما یضرّه.
2- 2. المصدر ص 61.
3- 3. المصدر أبواب الحكم تحت رقم 343.
4- 4. بلاها اللّٰه و اختبرها و علمها. یرید أن ظاهر الاعمال و خفیها معلوم للّٰه.
5- 5. منقوصون: أی مغبونون. أو مأخوذون عن رشدهم و كمالهم. و مدخولون أی مغشوشون مصابون بالدخل- محركة- و هو مرض العقل و القلب.
6- 6. أصلبهم: أی أثبتهم قدما فی دینه. و تنكؤه- كتمنعه- أی تسیل جرحه و تأخذ بقلبه. و اللحظة: النظرة الی مشتهی. و تسحیله: تحوله عما هو علیه، أراد اللحظة و الكلمة ممن تستهویه الدنیا و تسحیله لغیره.

فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لَا یَبْلُغُهُ وَ بَانٍ مَا لَا یَسْكُنُهُ وَ جَامِعٍ مَا سَوْفَ یَتْرُكُهُ وَ لَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَ مِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ أَصَابَهُ حَرَاماً وَ احْتَمَلَ بِهِ آثَاماً فَبَاءَ بِوِزْرِهِ وَ قَدِمَ عَلَی رَبِّهِ آسِفاً لَاهِفاً قَدْ خَسِرَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ.

«89»- وَ قَالَ علیه السلام(1): الْمَنِیَّةُ وَ لَا الدَّنِیَّةُ وَ التَّقَلُّلُ وَ لَا التَّوَسُّلُ (2)

وَ مَنْ لَمْ یُعْطِ قَاعِداً لَمْ یُعْطَ قَائِماً وَ الدَّهْرُ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِذَا كَانَ عَلَیْكَ فَاصْبِرْ.

«90»- وَ قَالَ علیه السلام(3): مِسْكِینٌ ابْنُ آدَمَ مَكْتُومُ الْأَجَلِ مَكْنُونُ الْعِلَلِ مَحْفُوظُ الْعَمَلِ تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وَ تَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ وَ تُنَتِّنُهُ الْعَرْقَةُ(4).

«91»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (5)،: وَ رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَرَّ عَلَی الْمَدَائِنِ فَلَمَّا رَأَی آثَارَ كِسْرَی وَ قُرْبَ خَرَابِهَا قَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ مَعَهُ:

جَرَتِ الرِّیَاحُ عَلَی رُسُومِ دِیَارِهِمْ***فَكَأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَی مِیعَادٍ

فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ فَلَا قُلْتُمْ- كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ- وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ- وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ- كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ- فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ (6).

«92»- مِنْ كِتَابِ مَطَالِبِ السَّئُولِ (7)، لِكَمَالِ الدِّینِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ مِنْ

ص: 84


1- 1. النهج أبواب الحكم تحت رقم 396.
2- 2. المنیة: الموت. و الدنیة: التذلل و النفاق. و التقلیل: الاكتفاء بالقلیل. یعنی الشریف یرضی بالقلیل و لا یتوسل الی الناس أو الدنیا.
3- 3. النهج أبواب الحكم تحت رقم 419.
4- 4. البقة: حیوان عدسی مفرطح، خبیث الرائحة، لذاع. و شرق بریقه غص. و العرقة واحدة العرق.
5- 5. المصدر ص 145.
6- 6. الدخان: 25 الی 29.
7- 7. المصدر ص 61.

نَظْمِهِ علیه السلام:

دَلِیلُكَ أَنَّ الْفَقْرَ خَیْرٌ مِنَ الْغِنَی***وَ أَنَّ قَلِیلَ الْمَالِ خَیْرٌ مِنَ الْمُثْرِی (1)

لِقَاؤُكَ مَخْلُوقاً عَصَی اللَّهَ بِالْغِنَی***وَ لَمْ تَرَ مَخْلُوقاً عَصَی اللَّهَ بِالْفَقْرِ

وَ قَوْلُهُ:

لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِیلَیْنِ فُرْقَةٌ***وَ كُلُّ الَّذِی دُونَ الْوَفَاةِ قَلِیلٌ

وَ إِنَّ افْتِقَادِی وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ***دَلِیلٌ عَلَی أَنْ لَا یَدُومَ خَلِیلٌ

وَ قَوْلُهُ:

عَلِّلِ النَّفْسَ بِالْكَفَافِ وَ إِلَّا***طَلَبَتْ مِنْكَ فَوْقَ مَا یَكْفِیهَا

مَا لِمَا قَدْ مَضَی وَ لَا لِلَّذِی لَمْ***یَأْتِ مِنْ لَذَّةٍ لِمُسْتَحِلِّیهَا

إِنَّمَا أَنْتَ طُولَ مُدَّةِ مَا***عُمِّرْتَ كَالسَّاعَةِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: یَرْثِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:

أَ مِنْ بَعْدِ تَكْفِینِ النَّبِیِّ وَ دَفْنِهِ***بِأَثْوَابِهِ آسَی عَلَی هَالِكٍ ثَوَی

رُزِینَا رَسُولَ اللَّهِ فِینَا فَلَنْ نَرَی***بِذَاكَ عَدِیلًا مَا حَیِینَا مِنَ الرَّزَی

وَ كَانَ لَنَا كَالْحِصْنِ مِنْ دُونِ أَهْلِهِ***لَهُمْ مَعْقِلٌ فِیهَا حَصِینٌ مِنَ الْعِدَی

وَ كُنَّا بِمَرْآهُ نَرَی النُّورَ وَ الْهُدَی***صَبَاحَ مَسَاءَ رَاحَ فِینَا أَوِ اغْتَدَی

فَقَدْ غَشِیَتْنَا ظُلْمَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ***نَهَاراً وَ قَدْ زَادَتْ عَلَی ظُلْمَةِ الدُّجَی

فَیَا خَیْرَ مَنْ ضَمَّ الْجَوَانِحَ وَ الْحَشَا***وَ یَا خَیْرَ مَیْتٍ ضَمَّهُ التُّرْبُ وَ الثَّرَی

كَأَنَّ أُمُورَ النَّاسِ بَعْدَكَ ضُمِّنَتْ***سَفِینَةَ مَوْجِ الْبَحْرِ وَ الْبَحْرُ قَدْ سَمَا(2)

وَ ضَاقَ فَضَاءُ الْأَرْضِ عَنْهُمْ بِرُحْبِهِ***لِفَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ قِیلَ قَدْ مَضَی

فَقَدْ نَزَلَتْ لِلْمُسْلِمِینَ مُصِیبَةٌ***كَصَدْعِ الصَّفَا لَا شِعْبَ لِلصَّدْعِ فِی الصَّفَا

فَلَنْ یَسْتَقِلَّ النَّاسُ تِلْكَ مُصِیبَةً***وَ لَنْ یُجْبَرَ الْعَظْمُ الَّذِی مِنْهُمُ وَهَی

وَ فِی كُلِّ وَقْتٍ لِلصَّلَاةِ یَهِیجُهُ***بِلَالٌ وَ یَدْعُو بِاسْمِهِ كُلُّ مَنْ دَعَا

ص: 85


1- 1. المثری من الثروة و هو كثیر المال.
2- 2. فی المصدر« و البحر قد طمی» و راجع فی شرح مشكل هذه الاشعار أواخر ج 12.

وَ یَطْلُبُ أَقْوَامٌ مَوَارِیثَ هَالِكٍ***وَ فِینَا مَوَارِیثُ النُّبُوَّةِ وَ الْهُدَی

وَ قَدْ نُقِلَتْ (1)

هَذِهِ الْمَرْثِیَةُ عَنْهُ بِزِیَادَةٍ أُخْرَی فَمَا رَأَیْتُ إِسْقَاطَهَا فَأُثَبِّتُهَا عَلَی صُورَتِهَا وَ هِیَ هَذِهِ:

أَ مِنْ بَعْدِ تَكْفِینِ النَّبِیِّ وَ دَفْنِهِ***بِأَثْوَابِهِ آسَی عَلَی مَیِّتٍ ثَوَی

لَقَدْ غَابَ فِی وَقْتِ الظَّلَامِ لِدَفْنِهِ***عَنِ النَّاسِ مَنْ هُوَ خَیْرُ مَنْ وَطِئَ الْحَصَا

رُزِینَا رَسُولَ اللَّهِ فِینَا فَلَنْ نَرَی***لِذَاكَ عَدِیلًا مَا حَیِینَا مِنَ الرَّزَی

رُزِینَا رَسُولَ اللَّهِ فِینَا وَ وَحْیَهُ***فَخَیْرُ خِیَارٍ مَا رُزِینَا وَ لَا سِوَی

فَمِثْلُ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ حَانَ یَوْمُهُ***لِفِقْدَانِهِ فَلْیَبْكِ یَا عَیْشُ مَنْ بَكَی

وَ كَانَ لَنَا كَالْحِصْنِ مِنْ دُونِ أَهْلِهِ***لَهُمْ مَعْقِلٌ مِنْهُ حَصِینٌ مِنَ الْعِدَی

وَ كُنَّا بِرُؤْیَاهُ نَرَی النُّورَ وَ الْهُدَی***صَبَاحَ مَسَاءَ رَاحَ فِینَا أَوِ اغْتَدَی

فَقَدْ غَشِیَتْنَا ظُلْمَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ***نَهَاراً فَقَدْ زَادَتْ عَلَی ظُلْمَةِ الدُّجَی

وَ كُنَّا بِهِ شَمَّ الْأَنُوفِ بِنَجْوَةٍ***عَلَی مَوْضِعٍ لَا یُسْتَطَاعُ وَ لَا یَرَی

فَیَا خَیْرَ مَنْ ضَمَّ الْجَوَانِحَ وَ الْحَشَا***وَ یَا خَیْرَ مَیْتٍ ضَمَّهُ التُّرْبُ وَ الثَّرَی

كَأَنَّ أُمُورَ النَّاسِ بَعْدَكَ ضُمِّنَتْ***سَفِینَةَ مَوْجِ الْبَحْرِ وَ الْبَحْرُ قَدْ طَمَی

وَ هُمْ كَالْأُسَارَی مِنْ تَوَقُّعِ هَجْمَةٍ***مِنَ الشَّرِّ یَرْجُو مَنْ رَجَاهَا عَلَی شَفَا

وَ ضَاقَ فَضَاءُ الْأَرْضِ عَنْهُمْ بِرُحْبِهِ***لِفَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ قِیلَ قَدْ قَضَی

فَیَا لَانْقِطَاعُ الْوَحْیِ عَنَّا بِنُورِهِ***إِذَا أَمْرُنَا أَعْشَی لِفَقْدِكَ أَوْ دَجَی

لَقَدْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِینَ مُصِیبَةٌ***كَصَدْعِ الصَّفَا لَا شِعْبَ لِلصَّدْعِ فِی الصَّفَا

فَیَا حُزْنَنَا إِنَّا رُزِینَا نَبِیَّنَا***عَلَی حِینَ تَمَّ الدِّینُ وَ اشْتَدَّتِ الْقُوَی

فَلَنْ یَسْتَقِلَّ النَّاسُ تِلْكَ مُصِیبَةً***وَ لَنْ یُجْبَرَ الْعَظْمُ الَّذِی مِنْهُمْ وَهَی

كَأَنَّا لِأُولَی شُبْهَةٍ سَفْرُ لَیْلَةٍ***أَضَلُّوا الْهُدَی لَا نَجْمَ فِیهَا وَ لَا ضَوَا

فَیَا مَنْ لِأَمْرٍ اعْتَرَانَا بِظُلْمَةٍ***وَ كُنْتَ لَهُ بِالنُّورِ فِینَا إِذَا اعْتَرَی

ص: 86


1- 1. من كلام المؤلّف أو أحد تلامیذه لان ما یأتی من المراثی الی قوله« الا طرق الناعی» لیس فی مطالب السئول.

فَتَجْلُو الْعَمَی عَنَّا فَیُصْبِحُ مُسْفِراً***لَنَا الْحَقُّ مِنْ بَعْدِ الرَّخَا مُسْفِرَ اللِّوَا

وَ تَجْلُو بِنُورِ اللَّهِ عَنَّا وَ وَحْیِهِ***عَمَی الشِّرْكِ حَتَّی یَذْهَبَ الشَّكُّ وَ الْعَمَی

تَطَاوَلَ لَیْلِی أَنَّنِی لَا أَرَی لَهُ***شَبِیهاً وَ لَمْ یُدْرِكْ لَهُ الْخَلْقُ مُنْتَهَی

وَ فِی كُلِّ وَقْتٍ لِلصَّلَاةِ یَهِیجُهُ***بِلَالٌ وَ یَدْعُو بِاسْمِهِ كُلُّ مَنْ دَعَا

یُذَكِّرُنِی رُؤْیَا الرَّسُولِ بِدَعْوَةٍ***یُنَوِّهُ فِیهَا بِاسْمِهِ كُلُّ مَنْ دَعَا

فَوَلَّی أَبَا بَكْرٍ إِمَامَ صَلَاتِنَا***وَ كَانَ الرِّضَا مِنَّا لَهُ حِینَ یُجْتَبَی

أَبَی الصَّبْرُ إِلَّا أَنْ یَقُومَ مَقَامَهُ***وَ خَافَ بِأَنْ یَقْلِبَ الصَّبْرَ وَ الْعَنَا(1)

وَ قَوْلُهُ علیه السلام یَرْثِیهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2):

أَلَا طَرَقَ النَّاعِی بِلَیْلٍ فَرَاعَنِی***وَ أَرَّقَنِی لَمَّا اسْتَهَلَّ مُنَادِیاً

فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا رَأَیْتُ الَّذِی أَتَی***أَ غَیْرَ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ كُنْتَ نَاعِیاً

فَحُقِّقَ مَا أَشْفَقْتُ مِنْهُ وَ لَمْ یُبَلْ***وَ كَانَ خَلِیلِی عِزَّنَا وَ جُمَالِیاً

فَوَ اللَّهِ مَا أَنْسَاكَ أَحْمَدُ مَا مَشَتْ***بِیَ الْعِیسُ فِی أَرْضٍ تَجَاوَزْنَ وَادِیاً

وَ كُنْتُ مَتَی أَهْبِطُ مِنَ الْأَرْضِ تَلْعَةً***أَرَی أَثَراً مِنْهُ جَدِیداً وَ عَافِیاً

شَدِیدٌ جَرِیُّ الصَّدْرِ نَهْدٌ مُصَدَّرٌ***هُوَ الْمَوْتُ مَعْذُورٌ عَلَیْهِ وَ عَادِیاً

وَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُ علیه السلام قَوْلُهُ وَ قِیلَ هُمَا لِغَیْرِهِ:

زَعَمَ الْمُنَجِّمُ وَ الطَّبِیبُ كِلَاهُمَا***أَنْ لَا مَعَادَ فَقُلْتُ ذَاكَ إِلَیْكُمَا

إِنْ صَحَّ قَوْلُكُمَا فَلَسْتُ بِخَاسِرٍ***أَوْ صَحَّ قَوْلِی فَالْوَبَالُ عَلَیْكُمَ

وَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُ علیه السلام قَوْلُهُ:

وَ لِی فَرَسٌ لِلْخَیْرِ بِالْخَیْرِ مُلْجَمٌ***وَ لِی فَرَسٌ لِلشَّرِّ بِالشَّرِّ مُسْرَجٌ

فَمَنْ رَامَ تَقْوِیمِی فَإِنِّی مُقَوَّمٌ***وَ مَنْ رَامَ تَعْوِیجِی فَإِنِّی مُعَوَّجٌ

وَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُ علیه السلام قَوْلُهُ:

وَ لَوْ أَنِّی أُطِعْتُ حَمَلْتُ قَوْمِی***عَلَی رُكْنِ الْیَمَامَةِ وَ الشَّامِ

ص: 87


1- 1. كذا، و ما أدری من أی كتاب نقلها هنا من نقلها مع لحن الألفاظ و تكرارها و ما دس فیها من زیادة بعض الأبیات.
2- 2. مطالب السئول ص 62.

وَ لَكِنِّی مَتَی أَبْرَمْتُ أَمْراً***تُنَازِعُنِی أَقَاوِیلُ الطَّغَامِ

وَ قَوْلُهُ: یَرْثِی عَمَّهُ حَمْزَةَ لَمَّا قُتِلَ بِأُحُدٍ:

أَتَانِی أَنَّ هِنْداً حِلَّ صَخْرٍ***دَعَتْ دَرَكاً وَ بَشَّرَتِ الْهُنُودَا

فَإِنْ تَفْخَرْ بِحَمْزَةَ یَوْمَ وَلَّی***مَعَ الشُّهَدَاءِ مُحْتَسِباً شَهِیداً

فَإِنَّا قَدْ قَتَلْنَا یَوْمَ بَدْرٍ***أَبَا جَهْلٍ وَ عُتْبَةَ وَ الْوَلِیدَا

وَ شَیْبَةَ قَدْ قَتَلْنَا یَوْمَ أُحُدٍ***عَلَی أَثْوَابِهِ عَلَقاً جَسِیداً

فَبُوِّئَ فِی جَهَنَّمَ شَرِّ دَارٍ***عَلَیْهِ لَمْ یَجِدْ عَنْهَا مَحِیداً

فَمَا سِیَّانِ مَنْ هُوَ فِی حَمِیمٍ***یَكُونُ شَرَابُهُ فِیهَا صَدِیداً

وَ مَنْ هُوَ فِی الْجِنَانِ یُدَرُّ فِیهَا***عَلَیْهِ الرِّزْقُ مُغْتَبِطاً حَمِیداً

وَ قَوْلُهُ:

أَلَا أَیُّهَا الْمَوْتُ الَّذِی لَیْسَ تَارِكِی***أَرِحْنِی فَقَدْ أَفْنَیْتَ كُلَّ خَلِیلٍ

أَرَاكَ بَصِیراً بِالَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***كَأَنَّكَ تَسْعَی نَحْوَهُمْ بِدَلِیلٍ

وَ قَوْلُهُ أَیْضاً فِیهِ یَرْثِیهِ:

رَأَیْتُ الْمُشْرِكِینَ بَغَوْا عَلَیْنَا***وَ لَجُّوا فِی الْغَوَایَةِ وَ الضَّلَالِ

وَ قَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ إِذْ نَفَرْنَا***غَدَاةَ الرَّوْعِ بِالْأَسَلِ النَّبَالِ

فَإِنْ یَبْغُوا وَ یَفْتَخِرُوا عَلَیْنَا***بِحَمْزَةَ فَهْوَ فِی غُرَفِ الْعَوَالِی

فَقَدْ أَوْدَی بِعُتْبَةَ یَوْمَ بَدْرٍ***وَ قَدْ أَبْلَی وَ جَاهَدَ غَیْرَ آلٍ

وَ قَدْ غَادَرْتُ كَبْشَهُمْ جِهَاداً***بِحَمْدِ اللَّهِ طَلْحَةَ فِی الْمَجَالِ

فَخَرَّ لِوَجْهِهِ وَ رَفَعْتُ عَنْهُ***رَقِیقَ الْحَدِّ حُودِثَ بِالصِّقَالِ

وَ حَضَرَ لَدَیْهِ إِنْسَانٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُخْبِرَنِی عَنْ وَاجِبٍ وَ أَوْجَبَ وَ عَجَبٍ وَ أَعْجَبَ وَ صَعْبٍ وَ أَصْعَبَ وَ قَرِیبٍ وَ أَقْرَبَ فَمَا انْبَجَسَ بَیَانُهُ بِكَلِمَاتِهِ وَ لَا خَنَسَ لِسَانُهُ فِی لَهَوَاتِهِ حَتَّی أَجَابَهُ علیه السلام بِأَبْیَاتِهِ وَ قَالَ:

تَوْبُ رَبِّ الْوَرَی وَاجِبٌ عَلَیْهِمْ***وَ تَرْكُهُمْ لِلذُّنُوبِ أَوْجَبُ

وَ الدَّهْرُ فِی صَرْفِهِ عَجِیبٌ***وَ غَفْلَةُ النَّاسِ فِیهِ أَعْجَبُ

ص: 88

وَ الصَّبْرُ فِی النَّائِبَاتِ صَعْبٌ***لَكِنَّ فَوْتَ الثَّوَابِ أَصْعَبُ

وَ كُلُّ مَا یُرْتَجَی قَرِیبٌ***وَ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ ذَاكَ أَقْرَبُ

فیا ما أوضح لذوی الهدایة جوابه المتین و یا ما أفصح عند أولی الدرایة نظم خطابه المستبین فلقد عبر أسلوبا من علم البیان مستوعرا عند المتأدبین و مهد مطلوبا من حقیقة الإیمان مستعذبا عند المقربین.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْیَا فَأَنْفِقْ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا بقی [تَبْقَی] وَ إِذَا مَا أَدْبَرَتْ فَأَنْفِقْ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَفْنَی وَ أَنْشَدَ:

لَا تَبْخَلَنَّ بِدُنْیَا وَ هِیَ مُقْبِلَةٌ***فَلَیْسَ یَنْقُصُهَا التَّبْذِیرُ وَ السَّرَفُ

وَ إِنْ تَوَلَّتْ فَأَحْرَی أَنْ تَجُودَ بِهَا***فَالْحَمْدُ مِنْهَا إِذَا مَا أَدْبَرَتْ خَلَفٌ

وَ قَوْلُهُ علیه السلام:

إِذَا جَادَتِ الدُّنْیَا عَلَیْكَ فَجُدْ بِهَا***عَلَی الْخَلْقِ طُرّاً إِنَّهَا تَتَقَلَّبُ

فَلَا الْجُودُ یُفْنِیهَا إِذَا هِیَ أَقْبَلَتْ***وَ لَا الْبُخْلُ یُبْقِیهَا إِذَا هِیَ تَذْهَبُ

وَ قَوْلُهُ علیه السلام:

أَصُمُّ عَنِ الْكَلِمِ الْمُحَفَّظَاتِ***وَ أَحْلُمُ وَ الْحِلْمُ بِی أَشْبَهُ

وَ إِنِّی لَأَتْرُكُ بَعْضَ الْكَلَامِ***لِئَلَّا أُجَابَ بِمَا أَكْرَهُ

إِذَا مَا اجْتَرَرْتُ سِفَاهَ السَّفِیهِ***عَلَیَّ فَإِنِّی إِذَنْ أَسْفَهُ

فَلَا تَغْتَرِرْ بِرُوَاءِ الرِّجَالِ***وَ إِنْ زَخْرَفُوا لَكَ أَوْ مَوَّهُوا

فَكَمْ مِنْ فَتًی تُعْجِبُ النَّاظِرِینَ***لَهُ أَلْسُنٌ وَ لَهُ أَوْجُهٌ

وَ قَوْلُهُ علیه السلام:

أَتَمُّ النَّاسِ أَعْلَمُهُمْ بِنَقْصِهِ***وَ أَقْمَعُهُمْ لِشَهْوَتِهِ وَ حِرْصِهِ

فَلَا تَسْتَغْلِ عَافِیَةً بِشَیْ ءٍ***وَ لَاتَسْتَرْخِصَنَّ دَاءً لِرَخْصِهِ

«93»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ(1)، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْعَفْوُ عَنِ الْمُقِرِّ لَا عَنِ الْمُصِرِّ وَ مَا أَقْبَحَ الْخُشُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَاءِ

ص: 89


1- 1. مخطوط.

بَلَاءُ الْإِنْسَانِ مِنَ اللِّسَانِ اللِّسَانُ سَبُعٌ إِنْ خُلِّیَ عَنْهُ عَقَرَ الْعَافِیَةَ وَ الْعَافِیَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِی الصَّمْتِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَ وَاحِدٌ فِی تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ وَ الْعَاقِلُ مَنْ رَفَضَ الْبَاطِلَ عِمَادُ الدِّینِ الْوَرَعُ وَ فَسَادُهُ الطَّمَعُ.

«94»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِ (1)، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَیْفَ یَكُونُ حَالُ مَنْ یَفْنَی بِبَقَائِهِ وَ یَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَ یُؤْتَی مَا مِنْهُ یَفِرُّ.

وَ قَالَ علیه السلام: فِی كُلِّ جُرْعَةٍ شَرْقَةٌ وَ مَعَ كُلِّ أُكْلَةٍ غُصَّةٌ وَ قَالَ النَّاسُ فِی أَجَلٍ مَنْقُوصٍ وَ عَمَلٍ مَحْفُوظٍ.

نهج (2)،[نهج البلاغة] قَالَ: عَیْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ جَدُّكَ.

«95»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (3)، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ ضَاقَ صَدْرُهُ لَمْ یَصْبِرْ عَلَی أَدَاءِ حَقٍّ مَنْ كَسِلَ لَمْ یُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ مَنْ عَظَّمَ أَوَامِرَ اللَّهِ أَجَابَ سُؤَالَهُ مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ سَارَعَ إِلَیْهِ عَفْوُ اللَّهِ وَ مَنْ تَوَاضَعَ قَلْبُهُ لِلَّهِ لَمْ یَسْأَمْ بَدَنُهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ الدَّاعِی بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِی بِلَا وَتَرٍ لَیْسَ مَعَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَ لَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًی عِنْدَ تَصْحِیحِ الضَّمَائِرِ تُغْفَرُ الْكَبَائِرُ تَصْفِیَةُ الْعَمَلِ خَیْرٌ مِنَ الْعَمَلِ عِنْدَ الْخَوْفِ یَحْسُنُ الْعَمَلُ رَأْسُ الدِّینِ صِحَّةُ الْیَقِینِ أَفْضَلُ مَا لَقِیتَ اللَّهَ بِهِ نَصِیحَةٌ مِنْ قَلْبٍ وَ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ إِیَّاكُمْ وَ الْجِدَالَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الشَّكَّ فِی دِینِ اللَّهِ بِضَاعَةُ الْآخِرَةِ كَاسِدَةٌ فَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا فِی أَوَانِ كَسَادِهَا دُخُولُ الْجَنَّةِ رَخِیصٌ وَ دُخُولُ النَّارِ غَالٍ التَّقِیُّ سَابِقٌ إِلَی كُلِّ خَیْرٍ مَنْ غَرَسَ أَشْجَارَ التُّقَی جَنَی ثِمَارَ الْهُدَی الْكَرِیمُ مَنْ أَكْرَمَ عَنْ ذُلِّ النَّارِ وَجْهَهُ ضَاحِكٌ مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِهِ أَفْضَلُ مِنْ بَاكٍ مُدِلٍّ عَلَی رَبِّهِ مَنْ عَرَفَ عَیْبَ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَیْبِ غَیْرِهِ مَنْ نَسِیَ خَطِیئَتَهُ اسْتَعْظَمَ خَطِیئَةَ غَیْرِهِ وَ مَنْ نَظَرَ فِی عُیُوبِ النَّاسِ وَ رَضِیَهَا لِنَفْسِهِ فَذَاكَ الْأَحْمَقُ بِعَیْنِهِ كَفَاكَ أَدَبُكَ لِنَفْسِكَ مَا كَرِهْتَهُ

ص: 90


1- 1. مخطوط.
2- 2. المصدر باب الحكم و المواعظ تحت رقم 51. و الجد- بالفتح-: الحظ أی ما دامت الدنیا مقبلة علیك.
3- 3. المصدر ص 128.

لِغَیْرِكَ اتَّعِظْ بِغَیْرِكَ وَ لَا تَكُنْ مُتَّعِظاً بِكَ- لَا خَیْرَ فِی لَذَّةٍ تُعْقِبُ نَدَامَةً تَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُ الْمَعَاصِی مِنْ أَحَبِّ الْمَكَارِمِ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ جَهْلُ الْمَرْءِ بِعُیُوبِهِ مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِهِ مَنْ أَحَبَّكَ نَهَاكَ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَغْرَاكَ مَنْ أَسَاءَ اسْتَوْحَشَ مَنْ عَابَ عِیبَ وَ مَنْ شَتَمَ أُجِیبَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ لَوْ إِلَی قَاتِلِ الْأَنْبِیَاءِ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ الْعَطَبِ وَ التَّعَبُ مَطِیَّةُ النَّصَبِ وَ الشَّرُّ دَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِی الْأُمُورِ غَیْرَ نَاظِرٍ فِی الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَدْرَجَاتِ النَّوَائِبِ مَنْ لَزِمَ الِاسْتِقَامَةَ لَزِمَتْهُ السَّلَامَةُ.

«96»- وَ قَالَ علیه السلام(1): الْعَفَافُ زِینَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی وَ الصَّبْرُ زِینَةُ الْبَلَاءِ وَ التَّوَاضُعُ زِینَةُ الْحَسَبِ وَ الْفَصَاحَةُ زِینَةُ الْكَلَامِ وَ الْعَدْلُ زِینَةُ الْإِمَارَةِ وَ السَّكِینَةُ زِینَةُ الْعِبَادَةِ وَ الْحِفْظُ زِینَةُ الرِّوَایَةِ وَ خَفْضُ الْجَنَاحِ زِینَةُ الْعِلْمِ وَ حُسْنُ الْأَدَبِ زِینَةُ الْعَقْلِ وَ بَسْطُ الْوَجْهِ زِینَةُ الْحِلْمِ وَ الْإِیثَارُ زِینَةُ الزُّهْدِ وَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ زِینَةُ الْمَعْرُوفِ وَ الْخُشُوعُ زِینَةُ الصَّلَاةِ تَرْكُ مَا لَا یَعْنِی زِینَةُ الْوَرَعِ.

«97»- وَ مِنْ بَدِیعِ كَلَامِهِ علیه السلام(2): أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ عَلَیْهِ خُطْبَتَهُ وَ قَالَ لَهُ صِفْ لَنَا الدُّنْیَا فَقَالَ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا بَلَاءٌ حَلَالُهَا حِسَابٌ حَرَامُهَا عِقَابٌ مَنْ صَحَّ فِیهَا أَمِنَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهَا نَدِمَ وَ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَیْهَا أَلْهَتْهُ وَ مَنْ تَهَاوَنَ بِهَا نَصَرَتْهُ ثُمَّ عَاوَدَ إِلَی مَكَانِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ.

«98»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (3)، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْجَوَادُ مَنْ بَذَلَ مَا یَضَنُّ بِنَفْسِهِ مَنْ كَرُمَ أَصْلُهُ حَسُنَ فِعْلُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام(4): أَزْرَی بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ مَنْ أَهْوَی إِلَی مُتَفَاوِتِ الْأُمُورِ خَذَلَتْهُ الرَّغْبَةُ أَشْرَفُ الْغِنَی تَرْكُ الْمُنَی مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً الْحِرْصُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَ دَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ وَ الشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْعُیُوبِ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ قَلَّمَا تُصَدِّقُكَ الْأُمْنِیَّةُ رُبَ

ص: 91


1- 1. الكنز ص 138.
2- 2. المصدر ص 160.
3- 3. المصدر ص 163.
4- 4. المصدر ص 163.

طَمَعٍ كَاذِبٍ وَ أَمَلٍ خَائِبٍ مَنْ لَجَأَ إِلَی الرَّجَاءِ سَقَطَتْ كَرَامَتُهُ هِمَّةُ الزَّاهِدِ مُخَالَفَةُ الْهَوَی وَ السُّلُوُّ عَنِ الشَّهَوَاتِ مَا هَدَمَ الدِّینَ مِثْلُ الْبِدَعِ وَ لَا أَفْسَدَ الرَّجُلَ مِثْلُ الطَّمَعِ إِیَّاكَ وَ الْأَمَانِیَّ فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَی (1)

لَنْ یُكْمِلَ الْعَبْدُ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی یُؤْثِرَ دِینَهُ عَلَی شَهْوَتِهِ وَ لَنْ یَهْلِكَ حَتَّی یُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَی دِینِهِ مَنْ تَیَقَّنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَرَاهُ وَ هُوَ یَعْمَلُ بِمَعَاصِیهِ فَقَدْ جَعَلَهُ أَهْوَنَ النَّاظِرِینَ.

«99»- وَ قَالَ علیه السلام(2): إِیَّاكُمْ وَ سَقَطَاتِ الِاسْتِرْسَالِ فَإِنَّهَا لَا تُسْتَقَالُ (3).

«100»- وَ قَالَ علیه السلام(4): صَدِیقُ كُلِّ إِنْسَانٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ وَ الْعُقُولُ ذَخَائِرُ وَ الْأَعْمَالُ كُنُوزٌ وَ النُّفُوسُ أَشْكَالٌ فَمَا تَشَاكَلَ مِنْهَا اتَّفَقَ وَ النَّاسُ إِلَی أَشْكَالِهِمْ أَمْیَلُ.

«101»- وَ قَالَ علیه السلام(5): الْفِكْرَةُ مِرْآةٌ صَافِیَةٌ وَ الِاعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ مَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ اعْتَزَلَ وَ مَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ الْعَجَبُ مِمَّنْ خَافَ الْعِقَابَ فَلَمْ یَكُفَّ وَ رَجَا الثَّوَابَ فَلَمْ یَعْمَلْ الِاعْتِبَارُ یَقُودُ إِلَی الرَّشَادِ كُلُّ قَوْلٍ لَیْسَ لِلَّهِ فِیهِ ذِكْرٌ فَلَغْوٌ وَ كُلُّ صَمْتٍ لَیْسَ فِیهِ فِكْرٌ فَسَهْوٌ وَ كُلُّ نَظَرٍ لَیْسَ فِیهِ اعْتِبَارٌ فَلَهْوٌ.

«102»- وَ تُرْوَی (6)

هَذِهِ الْأَبْیَاتُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:

إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْفِرَاقَ***فِرَاقَ الْحَیَاةِ قَرِیبٌ قَرِیبٌ

وَ أَنَّ الْمُعِدَّ جَهَازَ الرَّحِیلِ***لِیَوْمِ الرَّحِیلِ مُصِیبٌ مُصِیبٌ

وَ أَنَّ الْمُقَدِّمَ مَا لَا یَفُوتُ***عَلَی مَا یَفُوتُ مَعِیبٌ مَعِیبٌ

ص: 92


1- 1. النوكی جمع أنوك و هو الاحمق.
2- 2. الكنز ص 194.
3- 3. الاسترسال فی الكلام: الاتساع و الانبساط. و استقاله عثرته: سأله أن ینهضه من سقوطه.
4- 4. المصدر ص 194.
5- 5. المصدر ص 255.
6- 6. المصدر ص 271.

وَ أَنْتَ عَلَی ذَاكَ لَا تَرْعَوِی***فَأَمْرُكَ عِنْدِی عَجِیبٌ عَجِیبٌ

«103»- قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام(1): مَا زَالَتْ نِعْمَةٌ عَنْ قَوْمٍ وَ لَا غَضَارَةُ عَیْشٍ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا إِنَ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ.

«104»- وَ قَالَ علیه السلام(2): الْمَرْءُ حَیْثُ یَجْعَلُ نَفْسَهُ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ التُّهَمَةَ فَلَا یَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ مَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ مَنِ اقْتَحَمَ الْبَحْرَ غَرِقَ الْمِزَاحُ یُورِثُ الْعَدَاوَةَ مَنْ عَمِلَ فِی السِّرِّ عَمَلًا یَسْتَحْیِی مِنْهُ فِی الْعَلَانِیَةِ فَلَیْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ مَا ضَاعَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ اعْرِفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَفَهُ لَكَ رَفِیعاً كَانَ أَمْ وَضِیعاً مَنْ تَعَدَّی الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ مَنْ جَهِلَ شَیْئاً عَادَاهُ أَسْوَأُ النَّاسِ حَالًا مَنْ لَمْ یَثِقْ بِأَحَدٍ لِسُوءِ ظَنِّهِ وَ لَمْ یَبْقَ بِهِ أَحَدٌ لِسُوءِ فِعْلِهِ- لَا دَلِیلَ أَنْصَحُ مِنِ اسْتِمَاعِ الْحَقِّ مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ الْكَرِیمُ یَلِینُ إِذَا اسْتُعْطِفَ وَ اللَّئِیمُ یَقْسُو إِذَا لُوطِفَ حُسْنُ الِاعْتِرَافِ یَهْدِمُ الِاقْتِرَافَ أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ أَحْسِنْ إِذَا أَحْبَبْتَ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ إِذَا جُحِدَ الْإِحْسَانُ حَسُنَ الِامْتِنَانُ الْعَفْوُ یُفْسِدُ مِنَ اللَّئِیمِ بِقَدْرِ إِصْلَاحِهِ مِنَ الْكَرِیمِ مَنْ بَالَغَ فِی الْخُصُومَةِ أَثِمَ وَ مَنْ قَصَّرَ عَنْهَا خُصِمَ- لَا تُظْهِرِ الْعَدَاوَةَ لِمَنْ لَا سُلْطَانَ لَكَ عَلَیْهِ.

«105»- وَ قَالَ علیه السلام: الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَ السَّلَامَةُ نِصْفُ الْغَنِیمَةِ.

«106»- أَعْلَامُ الدِّینِ (3)، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَفْضَلُ رِدَاءٍ تَرَدَّی بِهِ الْحِلْمُ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِیماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ أَوْشَكَ أَنْ یَكُونَ مِنْهُمْ.

قَالَ علیه السلام: النَّاسُ فِی الدُّنْیَا صِنْفَانِ عَامِلٌ فِی الدُّنْیَا لِلدُّنْیَا قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْیَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ یَخْشَی عَلَی مَنْ یُخَلِّفُهُ الْفَقْرَ وَ یَأْمَنُهُ عَلَی نَفْسِهِ فَیُفْنِی عُمُرَهُ فِی مَنْفَعَةِ غَیْرِهِ وَ آخَرُ عَمِلَ فِی الدُّنْیَا لِمَا بَعْدَهَا فَجَاءَهُ الَّذِی لَهُ مِنَ الدُّنْیَا بِغَیْرِ عَمَلِهِ فَأَصْبَحَ مَلَكاً لَا یَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی شَیْئاً فَیَمْنَعَهُ.

ص: 93


1- 1. الكنز ص 271.
2- 2. المصدر ص 283.
3- 3. مخطوط.

«107»- وَ قَالَ علیه السلام: عَجِبْتُ لِلْبَخِیلِ الَّذِی اسْتَعْجَلَ الْفَقْرَ الَّذِی مِنْهُ هَرَبَ وَ فَاتَهُ الْغِنَی الَّذِی إِیَّاهُ طَلَبَ یَعِیشُ فِی الدُّنْیَا عَیْشَ الْفُقَرَاءِ وَ یُحَاسَبُ فِی الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِیَاءِ وَ عَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِی كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً وَ هُوَ غَداً جِیفَةٌ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِی اللَّهِ وَ هُوَ یَرَی خَلْقَ اللَّهِ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ نَسِیَ الْمَوْتَ وَ هُوَ یَرَی مَنْ یَمُوتُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ وَ هُوَ یَرَی النَّشْأَةَ الْأُولَی وَ عَجِبْتُ لِعَامِرِ الدُّنْیَا دَارِ الْفَنَاءِ وَ هُوَ نَازِلٌ دَارَ الْبَقَاءِ.

«108»- وَ قَالَ علیه السلام: الْفَقِیهُ كُلُّ الْفَقِیهِ الَّذِی لَا یُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لَا یُؤْمِنُهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ لَا یُؤْیِسُهُمْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ لَا یُرَخِّصُ لَهَا فِی مَعَاصِی اللَّهِ.

باب 17 ما صدر عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی العدل فی القسمة و وضع الأموال فی مواضعها

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ فَإِنَّا نَحْمَدُ رَبَّنَا وَ إِلَهَنَا وَ وَلِیَّ النِّعْمَةِ عَلَیْنَا ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً بِغَیْرِ حَوْلٍ مِنَّا وَ لَا قُوَّةٍ إِلَّا امْتِنَاناً عَلَیْنَا وَ فَضْلًا لِیَبْلُوَنَا أَ نَشْكُرُ أَمْ نَكْفُرُ فَمَنْ شَكَرَ زَادَهُ وَ مَنْ كَفَرَ عَذَّبَهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعِبَادِ وَ الْبِلَادِ وَ الْبَهَائِمِ وَ الْأَنْعَامِ نِعْمَةً أَنْعَمَ بِهَا وَ مَنّاً وَ فَضْلًا صلی اللّٰه علیه و آله.

فَأَفْضَلُ النَّاسِ أَیُّهَا النَّاسُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَ أَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ خَطَراً أَطْوَعُهُمْ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ أَتْبَعُهُمْ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَحْیَاهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عِنْدَنَا فَضْلٌ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ اتِّبَاعِ كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَهْدُ نَبِیِّ اللَّهِ وَ سِیرَتُهُ فِینَا- لَا یَجْهَلُهَا إِلَّا جَاهِلٌ مُخَالِفٌ مُعَانِدٌ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ اللَّهُ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ

ص: 94


1- 1. التحف ص 183 و منقول فی النهج.

وَ أُنْثی وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (1) فَمَنِ اتَّقَی اللَّهَ فَهُوَ الشَّرِیفُ الْمُكَرَّمُ الْمُحِبُّ وَ كَذَلِكَ أَهْلُ طَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ- إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (2) وَ قَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْكافِرِینَ (3) ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ یَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ أَ تَمُنُّونَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ بِإِسْلَامِكُمْ وَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَیْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّهُ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَ أَكَلَ ذَبِیحَتَنَا وَ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَجْرَیْنَا عَلَیْهِ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ وَ أَقْسَامَ الْإِسْلَامِ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقِینَ وَ أَوْلِیَائِهِ وَ أَحِبَّائِهِ الَّذِینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِیهَا وَ أَصْبَحَتْ تَعِظُكُمْ وَ تَرْمِیكُمْ لَیْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِی خُلِقْتُمْ لَهُ وَ لَا الَّذِی دُعِیتُمْ إِلَیْهِ أَلَا وَ إِنَّهَا لَیْسَتْ بِبَاقِیَةٍ لَكُمْ وَ لَا تَبْقَوْنَ عَلَیْهَا فَلَا یَغُرَّنَّكُمْ عَاجِلُهَا فَقَدْ حُذِّرْتُمُوهَا وَ وُصِفَتْ لَكُمْ وَ جَرَّبْتُمُوهَا فَأَصْبَحْتُمْ لَا تَحْمَدُونَ عَاقِبَتَهَا فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَی مَنَازِلِكُمُ الَّتِی أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا فَهِیَ الْعَامِرَةُ الَّتِی لَا تَخْرَبُ أَبَداً وَ الْبَاقِیَةُ الَّتِی لَا تَنْفَدُ رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِیهَا وَ دَعَاكُمْ إِلَیْهَا وَ جَعَلَ لَكُمُ الثَّوَابَ فِیهَا فَانْظُرُوا یَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ أَهْلِ دِینِ اللَّهِ مَا وُصِفْتُمْ بِهِ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ نَزَلْتُمْ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَاهَدْتُمْ عَلَیْهِ فِیمَا فُضِّلْتُمْ بِهِ أَ بِالْحَسَبِ وَ النَّسَبِ أَمْ بِعَمَلٍ وَ طَاعَةٍ فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَهُ عَلَیْكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالصَّبْرِ لِأَنْفُسِكُمْ وَ الْمُحَافَظَةِ عَلَی

ص: 95


1- 1. سورة الحجرات: 14.
2- 2. سورة آل عمران: 31.
3- 3. مضمون مأخوذ من الآیة 32 سورة آل عمران.

مَنِ اسْتَحْفَظَكُمُ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ أَلَا وَ إِنَّهُ لَا یَضُرُّكُمْ تَوَاضُعُ شَیْ ءٍ مِنْ دُنْیَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ وَصِیَّةَ اللَّهِ وَ التَّقْوَی وَ لَا یَنْفَعُكُمْ شَیْ ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْیَاكُمْ بَعْدَ تَضْیِیعِ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ التَّقْوَی فَعَلَیْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالتَّسْلِیمِ لِأَمْرِهِ وَ الرِّضَا بِقَضَائِهِ وَ الصَّبْرِ عَلَی بَلَائِهِ فَأَمَّا هَذَا الْفَیْ ءُ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهِ عَلَی أَحَدٍ أَثَرَةٌ(1) قَدْ فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَسْمِهِ فَهُوَ مَالُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بِهِ أَقْرَرْنَا وَ عَلَیْهِ شَهِدْنَا وَ لَهُ أَسْلَمْنَا وَ عَهْدُ نَبِیِّنَا بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمَنْ لَمْ یَرْضَ بِهَذَا فَلْیَتَوَلَّ كَیْفَ شَاءَ فَإِنَّ الْعَامِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَاكِمَ بِحُكْمِ اللَّهِ لَا وَحْشَةَ عَلَیْهِ أُولَئِكَ الَّذِینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ- أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا وَ إِلَهَنَا أَنْ یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ وَ أَنْ یَجْعَلَ رَغْبَتَنَا وَ رَغْبَتَكُمْ فِیمَا عِنْدَهُ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

«2»- ف (2)،[تحف العقول]: لَمَّا رَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِصِفِّینَ مَا یَفْعَلُهُ مُعَاوِیَةُ بِمَنِ انْقَطَعَ إِلَیْهِ وَ بَذْلَهُ لَهُمُ الْأَمْوَالَ وَ النَّاسُ أَصْحَابُ دُنْیَا قَالُوا لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَعْطِ هَذَا الْمَالَ وَ فَضِّلِ الْأَشْرَافَ وَ مَنْ تَخَوَّفُ خِلَافَهُ وَ فِرَاقَهُ حَتَّی إِذَا اسْتَتَبَ (3)

لَكَ مَا تُرِیدُ عُدْتَ إِلَی أَحْسَنِ مَا كُنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الْعَدْلِ فِی الرَّعِیَّةِ وَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ(4)

فَقَالَ أَ تَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِیمَنْ وُلِّیتُ عَلَیْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَ اللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ بِهِ سَمِیرٌ(5) وَ مَا أَمَّ نَجْمٌ فِی السَّمَاءِ نَجْماً(6) وَ لَوْ كَانَ مَالُهُمْ

ص: 96


1- 1. الاثرة- محركة-: الاختیار و اختصاص المرء باحسن شی ء دون غیره.
2- 2. التحف ص 185.
3- 3. استتب: استقام و اطرد و استمر.
4- 4. رواه الشیخ أبو علیّ ابن الشیخ فی أمالیه مع اختلاف یسیر أشرنا إلی بعضها.
5- 5. لا أطور به: لا أقاربه. و السمیر: الدهر أی لا اقاربه مدی الدهر و لا أفعله أبدا. و فی الأمالی( أ تأمرونی أن أطلب النصر بالجور و اللّٰه لا افعلن ما طلعت شمس و لاح فی السماء نجم و اللّٰه لو كان مالی لواسیت بینهم و كیف و انما هو أموالهم).
6- 6. أم: قصد أی ما قصد نجم نجما.

مَالِی لَسَوَّیْتُ بَیْنَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا هِیَ أَمْوَالُهُمْ ثُمَّ أَزَمَ طَوِیلًا سَاكِتاً(1) ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِیَّاهُ وَ الْفَسَادَ فَإِنَّ إِعْطَاءَكَ الْمَالَ فِی غَیْرِ وَجْهِهِ تَبْذِیرٌ(2) وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ یَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ فِی النَّاسِ وَ یَضَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ (3)

وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ خَیْرُهُ لِغَیْرِهِ فَإِنْ بَقِیَ مَعَهُ مِنْهُمْ مَنْ یُرِیهِ الْوُدَّ وَ یُظْهِرُ لَهُ الشُّكْرَ فَإِنَّمَا هُوَ مَلَقٌ وَ كَذِبٌ (4) وَ إِنَّمَا یَقْرُبُ لِیَنَالَ مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ الَّذِی كَانَ یَأْتِی إِلَیْهِ قَبْلُ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِ النَّعْلُ وَ احْتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِ وَ مُكَافَاتِهِ فَأَشَرُّ خَلِیلٍ وَ آلَمُ خَدِینٍ (5) مَقَالَةُ جُهَّالٍ مَا دَامَ عَلَیْهِمْ مُنْعِماً وَ هُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ بَخِیلٌ فَأَیُّ حَظٍّ أَبْوَرُ وَ أَخَسُّ مِنْ هَذَا الْحَظِّ وَ أَیُّ مَعْرُوفٍ أَضْیَعُ وَ أَقَلُّ عَائِدَةً مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ فَمَنْ أَتَاهُ مَالٌ فَلْیَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ وَ لْیُحْسِنْ بِهِ الضِّیَافَةَ وَ لْیَفُكَّ بِهِ الْعَانِیَ (6)

وَ الْأَسِیرَ وَ لْیُعِنْ بِهِ الْغَارِمِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ الْفُقَرَاءَ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لْیُصَبِّرْ نَفْسَهُ عَلَی الثَّوَابِ وَ الْحُقُوقِ فَإِنَّهُ یَحُوزُ بِهَذِهِ الْخِصَالِ شَرَفاً فِی الدُّنْیَا(7)

وَ دَرْكَ فَضَائِلِ الْآخِرَةِ.

ص: 97


1- 1. أزم: امسك.
2- 2. فی بعض النسخ« فی غیره تبذیر» و فی الأمالی« فی غیر حقه تبذیر».
3- 3. فی الأمالی« و هو و ان كان ذكرا لصاحبه فی الدنیا و الآخرة فهو یضیعه عند اللّٰه».
4- 4. ملق- بفتح فكسر ككذب مصدر-: التودد و التذلل و الاظهار باللسان من الإكرام و الود ما لیس فی القلب. و فی الأمالی« و كان لغیره ودّهم فان بقی معه من یوده یظهر له الشكر- الخ».
5- 5. كذا و لعله ألام فصحف و الخدین: الحبیب و الصدیق.
6- 6. العانی: السائل.
7- 7. فی الأمالی« فان النور بهذه الخصال شرف مكارم الدنیا».

باب 18 ما أوصی به أمیر المؤمنین علیه السلام عند وفاته

«1»- جا، [المجالس] للمفید ما،(1)

[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الزَّیَّاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ الْإِسْكَافِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَامَةَ الْغَنَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَامِرِیِّ عَنْ أَبِی مَعْمَرٍ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنِ الْفُجَیْعِ الْعُقَیْلِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ وَالِدِیَ الْوَفَاةُ أَقْبَلَ یُوصِی فَقَالَ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَخُو مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صَاحِبُهُ أَوَّلُ وَصِیَّتِی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُهُ وَ خِیَرَتُهُ اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ وَ ارْتَضَاهُ لِخِیَرَتِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ بَاعِثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ سَائِلُ النَّاسِ عَنْ أَعْمَالِهِمْ عَالِمٌ بِمَا فِی الصُّدُورِ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ یَا حَسَنُ وَ كَفَی بِكَ وَصِیّاً بِمَا أَوْصَانِی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ یَا بُنَیَّ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ وَ لَا تَكُنِ الدُّنْیَا أَكْبَرَ هَمِّكَ وَ أُوصِیكَ یَا بُنَیَّ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ وَقْتِهَا وَ الزَّكَاةِ فِی أَهْلِهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا وَ الصَّمْتِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ الِاقْتِصَادِ وَ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ إِكْرَامِ الضَّیْفِ وَ رَحْمَةِ الْمَجْهُودِ وَ أَصْحَابِ الْبَلَاءِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ حُبِّ الْمَسَاكِینِ وَ مُجَالَسَتِهِمْ وَ التَّوَاضُعِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَ قَصِّرِ الْأَمَلَ وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ وَ ازْهَدْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّكَ رَهِینُ مَوْتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ صَرِیعُ سُقْمٍ وَ أُوصِیكَ بِخَشْیَةِ اللَّهِ فِی سِرِّ أَمْرِكَ وَ عَلَانِیَتِكَ وَ أَنْهَاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ بِالْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ وَ إِذَا عَرَضَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَابْدَأْ بِهِ وَ إِذَا عَرَضَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا فَتَأَنَّ حَتَّی تُصِیبَ رُشْدَكَ فِیهِ وَ إِیَّاكَ وَ مَوَاطِنَ التُّهَمَةِ وَ الْمَجْلِسَ الْمَظْنُونَ بِهِ السُّوءُ فَإِنَّ قَرِینَ السَّوْءِ یُغَیِّرَ جَلِیسَهُ- وَ كُنْ لِلَّهِ یَا بُنَیَّ عَامِلًا وَ عَنِ الْخَنَی زَجُوراً(2)

وَ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِیاً وَ وَاخِ الْإِخْوَانَ فِی اللَّهِ

ص: 98


1- 1. مجالس المفید ص 129 و أمالی الطوسیّ ج 1 ص 6.
2- 2. الخنی- مقصورا-: الفحش.

وَ أَحِبَّ الصَّالِحَ لِصَلَاحِهِ وَ دَارِ الْفَاسِقَ عَنْ دِینِكَ وَ أَبْغِضْهُ بِقَلْبِكَ وَ زَایِلْهُ بِأَعْمَالِكَ كَیْلَا تَكُونَ مِثْلَهُ وَ إِیَّاكَ وَ الْجُلُوسَ فِی الطُّرُقَاتِ وَ دَعِ الْمُمَارَاةَ وَ مُجَارَاةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا عِلْمَ وَ اقْصِدْ یَا بُنَیَّ فِی مَعِیشَتِكَ وَ اقْتَصِدْ فِی عِبَادَتِكَ وَ عَلَیْكَ فِیهَا بِالْأَمْرِ الدَّائِمِ الَّذِی تُطِیقُهُ وَ الْزَمِ الصَّمْتَ تَسْلَمْ وَ قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَغْنَمْ وَ تَعَلَّمِ الْخَیْرَ تَعْلَمْ وَ كُنْ لِلَّهِ ذَاكِراً عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ ارْحَمْ مِنْ أَهْلِكَ الصَّغِیرَ وَ وَقِّرْ مِنْهُمُ الْكَبِیرَ وَ لَا تَأْكُلَنَّ طَعَاماً حَتَّی تَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِهِ وَ عَلَیْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ زَكَاةُ الْبَدَنِ وَ جُنَّةٌ لِأَهْلِهِ وَ جَاهِدْ نَفْسَكَ وَ احْذَرْ جَلِیسَكَ وَ اجْتَنِبْ عَدُوَّكَ وَ عَلَیْكَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَ أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنِّی لَمْ آلُكَ یَا بُنَیَّ نُصْحاً وَ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ وَ أُوصِیكَ بِأَخِیكَ مُحَمَّدٍ خَیْراً فَإِنَّهُ شَقِیقُكَ وَ ابْنُ أَبِیكَ وَ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّی لَهُ وَ أَمَّا أَخُوكَ الْحُسَیْنُ فَهُوَ ابْنُ أُمِّكَ وَ لَا أُرِیدُ الْوَصَاةَ بِذَلِكَ (1)

وَ اللَّهُ الْخَلِیفَةُ عَلَیْكُمْ وَ إِیَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ یُصْلِحَكُمْ وَ أَنْ یَكُفَّ الطُّغَاةَ وَ الْبُغَاةَ عَنْكُمْ وَ الصَّبْرَ الصَّبْرَ حَتَّی یُنْزِلَ اللَّهُ الْأَمْرَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

«2»- ف (2)،[تحف العقول]: وَصِیَّتُهُ علیه السلام عِنْدَ الْوَفَاةِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أُوصِی الْمُؤْمِنِینَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ سَلَّمَ ثُمَ إِنَّ صَلاتِی وَ نُسُكِی وَ مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ- لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِینَ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ یَا حَسَنُ وَ جَمِیعَ وُلْدِی وَ أَهْلَ بَیْتِی وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی مِنَ الْمُؤْمِنِینَ بِتَقْوَی اللَّهِ رَبِّكُمْ- وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ- وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً وَ لا تَفَرَّقُوا فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَیْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ إِنَّ الْمُبِیرَةَ وَ هِیَ الْحَالِقَةُ لِلدِّینِ (3) فَسَادُ ذَاتِ الْبَیْنِ

ص: 99


1- 1. فی أمالی الطوسیّ« و لا أزید الوطأة بذلك».
2- 2. التحف ص 197. و فی الكافی باب صدقات النبیّ« ص».
3- 3. فی الكافی« من عامة الصلاة و الصیام. و ان المبیرة الحالقة للدین فساد ذات البین».

وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ انْظُرُوا ذَوِی أَرْحَامِكُمْ فَصِلُوهُمْ یُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَیْكُمُ الْحِسَابَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْأَیْتَامِ (1)

لَا یَضِیعُوا بِحَضْرَتِكُمْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ عَالَ یَتِیماً حَتَّی یَسْتَغْنِیَ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ الْجَنَّةَ كَمَا أَوْجَبَ لِآكِلِ مَالِ الْیَتِیمِ النَّارَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْقُرْآنِ فَلَا یَسْبِقَنَّكُمْ إِلَی الْعِلْمِ (2) بِهِ غَیْرُكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی جِیرَانِكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی بِهِمْ مَا زَالَ یُوصِی بِهِمْ حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّهُ سَیُوَرِّثُهُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی بَیْتِ رَبِّكُمْ فَلَا یَخْلُو مِنْكُمْ مَا بَقِیتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا وَ أَدْنَی مَا یَرْجِعُ بِهِ مَنْ أَمَّهُ أَنْ یُغْفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ (3) اللَّهَ اللَّهَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خَیْرُ الْعَمَلِ إِنَّهَا عِمَادُ دِینِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ رَبِّكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی صِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ صِیَامَهُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ فَشَارِكُوهُمْ فِی مَعَایِشِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ فَإِنَّمَا یُجَاهِدُ رَجُلَانِ إِمَامٌ هُدًی أَوْ مُطِیعٌ لَهُ مُقْتَدٍ بِهُدَاهُ اللَّهَ اللَّهَ فِی ذُرِّیَّةِ نَبِیِّكُمْ- لَا تُظْلَمَنَّ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَی الْمَنْعِ عَنْهُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی أَصْحَابِ نَبِیِّكُمُ الَّذِینَ لَمْ یُحْدِثُوا حَدَثاً وَ لَمْ یَأْوُوا مُحْدِثاً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی بِهِمْ وَ لَعَنَ الْمُحْدِثَ مِنْهُمْ وَ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ الْمُؤْوِیَ لِلْمُحْدِثِینَ اللَّهَ اللَّهَ فِی النِّسَاءِ وَ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ نَبِیُّكُمْ أَنْ قَالَ أُوصِیكُمْ بِالضَّعِیفَیْنِ النِّسَاءِ وَ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ- لَا تَخَافُوا فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ یَكْفِكُمْ مَنْ أَرَادَكُمْ

ص: 100


1- 1. فی الكافی« لا یغیروا أفواههم و لا یضیعوا بحضرتكم».
2- 2. فی الكافی« الی العمل به».
3- 3.« من أمه» أی من قصده.

وَ بَغَی عَلَیْكُمْ (1)

قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ وَ لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَیُوَلِّیَ اللَّهُ أَمْرَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا یُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَیْهِمْ عَلَیْكُمْ یَا بَنِیَّ بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ وَ التَّبَادُرِ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّقَاطُعَ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّفَرُّقَ- وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ وَ حَفِظَكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ وَ حَفِظَ نَبِیَّكُمْ فِیكُمْ (2) أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّی مَضَی.

باب 19 مواعظ الحسن بن علی علیه السلام

«1»- مع (3)،[معانی الأخبار] الطَّالَقَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ أُمَیَّةَ الْبَلَدِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُعَافَی بْنِ عِمْرَانَ عَنْ إِسْرَائِیلَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَیْحِ بْنِ هَانِی عَنْ أَبِیهِ شُرَیْحٍ قَالَ: سَأَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ ابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَا الْعَقْلُ قَالَ حِفْظُ قَلْبِكَ مَا اسْتَوْدَعْتَهُ قَالَ فَمَا الْحَزْمُ قَالَ أَنْ تَنْتَظِرَ فُرْصَتَكَ وَ تُعَاجِلَ مَا أَمْكَنَكَ قَالَ فَمَا الْمَجْدُ قَالَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ وَ ابْتِنَاءُ الْمَكَارِمِ قَالَ فَمَا السَّمَاحَةُ قَالَ إِجَابَةُ السَّائِلِ وَ بَذْلُ النَّائِلِ (4)

قَالَ فَمَا الشُّحُّ قَالَ أَنْ تَرَی الْقَلِیلَ سَرَفاً وَ مَا أَنْفَقْتَ تَلَفاً قَالَ فَمَا الرِّقَّةُ قَالَ طَلَبُ الْیَسِیرِ وَ مَنْعُ الْحَقِیرِ قَالَ فَمَا الْكُلْفَةُ قَالَ التَّمَسُّكُ بِمَنْ لَا یُؤْمِنُكَ وَ النَّظَرُ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ قَالَ فَمَا الْجَهْلُ قَالَ سُرْعَةُ الْوُثُوبِ عَلَی الْفُرْصَةِ قَبْلَ الِاسْتِمْكَانِ مِنْهَا

ص: 101


1- 1. فی الكافی« یكفیكم اللّٰه من أذاكم و بغی علیكم».
2- 2. أی حفظ رعایته و امتثال أمره. و فی الكافی بتقدیم« نبیكم» علی« فیكم».
3- 3. معانی الأخبار ص 401.
4- 4. النائل: ما ینال.

وَ الِامْتِنَاعُ عَنِ الْجَوَابِ وَ نِعْمَ الْعَوْنُ الصَّمْتُ فِی مَوَاطِنَ كَثِیرَةٍ وَ إِنْ كُنْتَ فَصِیحاً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْحُسَیْنِ ابْنِهِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ مَا السُّؤْدُدُ قَالَ اصْطِنَاعُ الْعَشِیرَةِ وَ احْتِمَالُ الْجَرِیرَةِ قَالَ فَمَا الْغِنَی قَالَ قِلَّةُ أَمَانِیِّكَ وَ الرِّضَا بِمَا یَكْفِیكَ قَالَ فَمَا الْفَقْرُ قَالَ الطَّمَعُ وَ شِدَّةُ الْقُنُوطِ قَالَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ إِحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَ إِسْلَامُهُ عِرْسَهُ قَالَ فَمَا الْخُرْقُ قَالَ مُعَادَاتُكَ أَمِیرَكَ وَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی ضُرِّكَ وَ نَفْعِكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ فَقَالَ یَا حَارِثُ عَلِّمُوا هَذِهِ الْحِكَمَ أَوْلَادَكُمْ فَإِنَّهَا زِیَادَةٌ فِی الْعَقْلِ وَ الْحَزْمِ وَ الرَّأْیِ.

«2»- ف (1)،[تحف العقول]: أَجْوِبَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَنْ مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنْهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَوْ غَیْرُهُ فِی مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَا الزُّهْدُ قَالَ الرَّغْبَةُ فِی التَّقْوَی وَ الزَّهَادَةُ فِی الدُّنْیَا قِیلَ فَمَا الْحِلْمُ قَالَ كَظْمُ الْغَیْظِ وَ مِلْكُ النَّفْسِ قِیلَ مَا السَّدَادُ قَالَ دَفْعُ الْمُنْكَرِ بِالْمَعْرُوفِ قِیلَ فَمَا الشَّرَفُ قَالَ اصْطِنَاعُ الْعَشِیرَةِ وَ حَمْلُ الْجَرِیرَةِ قِیلَ فَمَا النَّجْدَةُ(2)

قَالَ الذَّبُّ عَنِ الْجَارِ وَ الصَّبْرُ فِی الْمَوَاطِنِ وَ الْإِقْدَامُ عِنْدَ الْكَرِیهَةِ قِیلَ فَمَا الْمَجْدُ قَالَ أَنْ تُعْطِیَ فِی الْغُرْمِ (3)

وَ أَنْ تَعْفُوَ عَنِ الْجُرْمِ قِیلَ فَمَا الْمُرُوَّةُ قَالَ حِفْظُ الدِّینِ وَ إِعْزَازُ النَّفْسِ وَ لِینُ الْكَنَفِ (4)

وَ تَعَهُّدُ الصَّنِیعَةِ وَ أَدَاءُ الْحُقُوقِ وَ التَّحَبُّبُ إِلَی النَّاسِ قِیلَ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ الِابْتِدَاءُ بِالْعَطِیَّةِ قَبْلَ

ص: 102


1- 1. التحف ص 225.
2- 2. اصطناع العشیرة: الاحسان الیهم. و الجریرة: الذنب و الجنایة. و النجدة: الشجاعة و الشدة و البأس.
3- 3. الغرم- بتقدیم المعجمة المضمومة: ما یلزم اداؤه.
4- 4. الكنف- محركة-: الجانب و الناحیة. و كنف الإنسان: حضنه و العضدان و الصدر. و قوله:« و تعهد الصنیعة» أی اصلاحها و انماؤها.

الْمَسْأَلَةِ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ فِی الْمَحْلِ (1) قِیلَ فَمَا الدَّنِیئَةُ قَالَ النَّظَرُ فِی الْیَسِیرِ وَ مَنْعُ الْحَقِیرِ قِیلَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ قِلَّةُ النَّدَی وَ أَنْ یُنْطَقَ بِالْخَنَا(2)

قِیلَ فَمَا السَّمَاحُ قَالَ الْبَذْلُ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ قِیلَ فَمَا الشُّحُّ قَالَ أَنْ تَرَی مَا فِی یَدَیْكَ شَرَفاً وَ مَا أَنْفَقْتَهُ تَلَفاً قِیلَ فَمَا الْإِخَاءُ قَالَ الْإِخَاءُ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ قِیلَ فَمَا الْجُبْنُ قَالَ الْجُرْأَةُ عَلَی الصَّدِیقِ وَ النُّكُولُ عَنِ الْعَدُوِّ قِیلَ فَمَا الْغِنَی قَالَ رِضَی النَّفْسِ بِمَا قُسِمَ لَهَا وَ إِنْ قَلَّ قِیلَ فَمَا الْفَقْرُ قَالَ شَرَهُ النَّفْسِ إِلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قِیلَ فَمَا الْجُودُ قَالَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ قِیلَ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ الْحِفَاظُ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ(3) قِیلَ فَمَا الْجُرْأَةُ قَالَ مُوَاقَفَةُ الْأَقْرَانِ (4) قِیلَ فَمَا الْمَنْعَةُ قَالَ شِدَّةُ الْبَأْسِ وَ مُنَازَعَةُ أَعَزِّ النَّاسِ (5)

قِیلَ فَمَا الذُّلُّ قَالَ الْفَرَقُ عِنْدَ الْمَصْدُوقَةِ(6)

قِیلَ فَمَا الْخُرْقُ قَالَ مُنَاوَاتُكَ أَمِیرَكَ وَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی ضُرِّكَ (7) قِیلَ فَمَا السَّنَاءُ قَالَ إِتْیَانُ الْجَمِیلِ وَ تَرْكُ الْقَبِیحِ (8)

قِیلَ فَمَا الْحَزْمُ قَالَ طُولُ الْأَنَاةِ وَ الرِّفْقُ بِالْوُلَاةِ وَ الِاحْتِرَاسُ

ص: 103


1- 1. المحل- بالفتح-: الشدة و الجدب. یقال: زمان ماحل أی مجدب.
2- 2. اللؤم- مصدر من لؤم الرجل لؤما و ملاءمة- كان دنیّ الأصل شحیح النفس فهو لئیم. و الندی- كعمی-: الجود و الفضل و الخیر. و الخنی- مقصورا-: الفحش فی الكلام.
3- 3. الحفاظ- ككتاب-: الذب عن المحارم و المنع لها و المحافظة علی العهد و الوفاء و التمسك بالود.
4- 4. فی بعض النسخ« قیل: فما الجزاء». و المواقفة- بتقدیم القاف-: المحاربة، یقال: واقفه فی الحرب أو الخصومة أی وقف كل منهما مع الآخر.
5- 5. المنعة: العز و القوّة. و لعلّ المراد بالبأس و المنازعة: الجهاد فی اللّٰه أو الهیبة فی أعین الناس. و بأعز الناس أقواهم.
6- 6. الفرق- محركة-: الخوف و الفزع. و المصدوقة: الصدق.
7- 7. المناواة: المعاداة.
8- 8. السناء- بالمهملة ممدودا-: الرفعة.

مِنْ جَمِیعِ النَّاسِ (1) قِیلَ فَمَا الشَّرَفُ قَالَ مُوَافَقَةُ الْإِخْوَانِ وَ حِفْظُ الْجِیرَانِ قِیلَ فَمَا الْحِرْمَانُ قَالَ تَرْكُكَ حَظَّكَ وَ قَدْ عَرَضَ عَلَیْكَ قِیلَ فَمَا السَّفَهُ قَالَ اتِّبَاعُ الدُّنَاةِ وَ مُصَاحَبَةُ الْغُوَاةِ قِیلَ فَمَا الْعِیُ (2)

قَالَ الْعَبَثُ بِاللِّحْیَةِ وَ كَثْرَةُ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ الْمَنْطِقِ قِیلَ فَمَا الشَّجَاعَةُ قَالَ مُوَاقَفَةُ الْأَقْرَانِ وَ الصَّبْرُ عِنْدَ الطِّعَانِ قِیلَ فَمَا الْكُلْفَةُ قَالَ كَلَامُكَ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ قِیلَ وَ مَا السَّفَاهُ (3) قَالَ الْأَحْمَقُ فِی مَالِهِ الْمُتَهَاوِنُ بِعِرْضِهِ قِیلَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ إِحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَ إِسْلَامُهُ عِرْسَهُ (4).

«3»- ف (5)،[تحف العقول] وَ مِنْ حِكَمِهِ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَصَحَ لِلَّهِ وَ أَخَذَ قَوْلَهُ دَلِیلًا هُدِیَ لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلرَّشَادِ وَ سَدَّدَهُ لِلْحُسْنَی فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ مَخْذُولٌ فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَ اخْشَوُا اللَّهَ بِالتَّقْوَی وَ تَقَرَّبُوا إِلَی اللَّهِ بِالطَّاعَةِ فَإِنَّهُ قَرِیبٌ مُجِیبٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْیَسْتَجِیبُوا لِی وَ لْیُؤْمِنُوا بِی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ (6) فَاسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ یَتَعَاظَمَ فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ یَتَوَاضَعُوا وَ عِزَّ الَّذِینَ یَعْرِفُونَ مَا جَلَالُ اللَّهِ أَنْ یَتَذَلَّلُوا لَهُ وَ سَلَامَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا قُدْرَةُ اللَّهِ أَنْ یَسْتَسْلِمُوا لَهُ وَ لَا یُنْكِرُوا أَنْفُسَهُمْ

ص: 104


1- 1. الاناة: الوقار و الحلم. و فی بعض النسخ« الاناءة».
2- 2. العی: العجر فی الكلام.
3- 3. السفاه- بالكسر-: الجهل و أیضا جمع سفیه.
4- 4. العرس- بالكسر-: حلیلة الرجل و رحلها.
5- 5. التحف ص 227 و مضمون هذا الخبر مرویّ فی روضة الكافی عن أمیر المؤمنین( ع) فی خطبته التی خطبها بذی قار و لا عجب أن یشتبه الكلامان لان مستقاهما من قلیب و مفرغهما من ذنوب كما قال المعصوم علیه السلام.
6- 6. سورة البقرة 182.

بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ لَا یَضِلُّوا بَعْدَ الْهُدَی (1)

وَ اعْلَمُوا عِلْماً یَقِیناً أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا التُّقَی حَتَّی تَعْرِفُوا صِفَةَ الْهُدَی (2) وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِمِیثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی نَبَذَهُ وَ لَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی حَرَّفَهُ فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَ التَّكَلُّفَ وَ رَأَیْتُمُ الْفِرْیَةَ عَلَی اللَّهِ وَ التَّحْرِیفَ وَ رَأَیْتُمْ كَیْفَ یَهْوِی مَنْ یَهْوِی وَ لَا یُجْهِلَنَّكُمُ الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ وَ الْتَمِسُوا ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِهِ فَإِنَّهُمْ خَاصَّةُ نُورٍ یُسْتَضَاءُ بِهِمْ وَ أَئِمَّةٌ یُقْتَدَی بِهِمْ بِهِمْ عَیْشُ الْعِلْمِ وَ مَوْتُ الْجَهْلِ وَ هُمُ الَّذِینَ أَخْبَرَكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ جَهْلِهِمْ (3)

وَ حُكْمُ مَنْطِقِهِمْ عَنْ صَمْتِهِمْ وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ- لَا یُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَ لَا یَخْتَلِفُونَ فِیهِ وَ قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سُنَّةٌ(4)

وَ مَضَی فِیهِمْ مِنَ اللَّهِ حُكْمٌ إِنَّ فِی ذَلِكَ لَذِكْرَی لِلذَّاكِرِینَ وَ اعْقِلُوهُ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَایَتِهِ وَ لَا تَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَایَتِهِ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِیرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِیلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

«4»- ف (5)،[تحف العقول] وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی:

«1»- قَالَ علیه السلام: مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا إِلَی رُشْدِهِمْ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: اللُّؤْمُ أَنْ لَا تَشْكُرَ النِّعْمَةَ.

«3»- وَ قَالَ علیه السلام لِبَعْضِ وُلْدِهِ: یَا بُنَیَّ لَا تُوَاخِ أَحَداً حَتَّی تَعْرِفَ مَوَارِدَهُ

ص: 105


1- 1. فی بعض النسخ« و لا ینكرن أنفسهم بعد المعرفة و لا یضلن بعد الهدی».
2- 2. فی بعض النسخ« حتی تعرفوا بصبغة الهدی».
3- 3. كذا. و لعلّ الضمیر فی« جهلهم» راجع الی المخالفین كما یظهر من السیاق و المعنی أخبركم حلمهم عن جهل مخالفیهم. أو عن عدم جهلهم أو انه تصحیف« جهدهم». و فی الروضة« هم عیش العلم و موت الجهل، یخبركم حكمهم عن علمهم و ظاهرهم عن باطنهم إلخ».
4- 4. فی بعض النسخ« من اللّٰه سبقة».
5- 5. التحف 333.

وَ مَصَادِرَهُ فَإِذَا اسْتَنْبَطْتَ الْخِبْرَةَ(1) وَ رَضِیتَ الْعِشْرَةَ فَآخِهِ عَلَی إِقَالَةِ الْعَثْرَةِ وَ الْمُوَاسَاةِ فِی الْعُسْرَةِ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُجَاهِدِ الطَّلَبَ جِهَادَ الْغَالِبِ وَ لَا تَتَّكِلْ عَلَی الْقَدَرِ اتِّكَالَ الْمُسْتَسْلِمِ فَإِنَّ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ مِنَ السُّنَّةِ وَ الْإِجْمَالَ فِی الطَّلَبِ مِنَ الْعِفَّةِ وَ لَیْسَتِ الْعِفَّةُ بِدَافِعَةٍ رِزْقاً وَ لَا الْحِرْصُ بِجَالِبٍ فَضْلًا فَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ وَ اسْتِعْمَالَ الْحِرْصِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْثَمِ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: الْقَرِیبُ مَنْ قَرَّبَتْهُ الْمَوَدَّةُ وَ إِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ وَ الْبَعِیدُ مَنْ بَاعَدَتْهُ الْمَوَدَّةُ وَ إِنْ قَرُبَ نَسَبُهُ- لَا شَیْ ءَ أَقْرَبُ مِنْ یَدٍ إِلَی جَسَدٍ وَ إِنَّ الْیَدَ تُفَلُّ فَتُقْطَعُ وَ تُحْسَمُ (2).

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اتَّكَلَ عَلَی حُسْنِ الِاخْتِیَارِ مِنَ اللَّهِ لَمْ یَتَمَنَ (3)

أَنَّهُ فِی غَیْرِ الْحَالِ الَّتِی اخْتَارَهَا اللَّهُ لَهُ.

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: الْخَیْرُ الَّذِی لَا شَرَّ فِیهِ الشُّكْرُ مَعَ النِّعْمَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَی النَّازِلَةِ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ أَبَلَّ مِنْ عِلَّةٍ(4) إِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَكَ فَاذْكُرْهُ وَ أَقَالَكَ فَاشْكُرْهُ (5).

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَارُ أَهْوَنُ مِنَ النَّارِ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام عِنْدَ صُلْحِهِ لِمُعَاوِیَةَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا ثَنَانَا عَنْ أَهْلِ الشَّامِ بِالسَّلَامَةِ

ص: 106


1- 1. الخبرة- مصدر-: الاختیار و العلم عن تجربة. و العشرة- بالكسر- المخالطة و الصحبة.
2- 2. تفل: تكسر و تثلم. و« تحسم» أصله القطع و المراد به تتابع بالمكواة حتی یبرد.
3- 3. فی بعض النسخ« یتمیز».
4- 4. أبل من مرضه: بری ء منه.
5- 5. الاقالة: فسخ البیع و أقالك اللّٰه أی غفر لك و تجاوز عنك.

وَ الصَّبْرِ فثبت [فَسُلِبَتْ] السَّلَامَةُ(1) بِالْعَدَاوَةِ وَ الصَّبْرُ بِالْجَزَعِ وَ كُنْتُمْ فِی مَبْدَئِكُمْ إِلَی صِفِّینَ وَ دِینُكُمْ أَمَامَ دُنْیَاكُمْ وَ قَدْ أَصْبَحْتُمُ الْیَوْمَ وَ دُنْیَاكُمْ أَمَامَ دِینِكُمْ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَعْرِفُ أَحَداً إِلَّا وَ هُوَ أَحْمَقُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ رَبِّهِ.

«12»- وَ قِیلَ لَهُ فِیكَ عَظَمَةٌ فَقَالَ علیه السلام بَلْ فِیَّ عَزَّةٌ قَالَ اللَّهُ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (2).

ص: 107


1- 1. فیه تصحیف و الصحیح« فسلبت السلامة» كما فی أسد الغابة ج 2 ص 13 و هذه الخطبة تكشف الغطاء عن سر صلح الإمام المجتبی سبط المصطفی علیهما آلاف التحیة و الثناء. مختارها فی هذا الكتاب و كتاب الملاحم و الفتن للسیّد بن طاوس رحمه اللّٰه و تمامها فی كتاب أسد الغابة قد یعجبنی ذكرها بنصها: قال الجزریّ:« أخبرنا أبو محمّد القاسم بن علیّ بن الحسن الدمشقی اجازة أخبرنا أبی أخبرنا أبو السعود، حدّثنا أحمد بن محمّد بن العجلیّ، أخبرنا محمّد بن محمّد ابن أحمد العكبری، أخبرنا محمّد بن أحمد بن خاقان، أخبرنا أبو بكر بن درید قال: قام الحسن بعد موت أبیه أمیر المؤمنین فقال بعد حمد اللّٰه عزّ و جلّ: انا و اللّٰه ما ثنانا عن أهل الشأم شك و لا ندم و انما كنا نقاتل أهل الشأم بالسلامة و الصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، و الصبر بالجزع، و كنتم فی منتدبكم الی صفّین و دینكم أمام دنیاكم، فاصبحتم الیوم و دنیاكم أمام دینكم، ألا و انا لكم كما كنا و لستم لنا كما كنتم، ألا و قد اصبحتم، بین قتیلین قتیل بصفین تبكون له، و قتیل بالنهروان تطلبون بثاره، فاما الباقی فخاذل، و أمّا الباكی فثائر، ألا و ان معاویة دعانا الی أمر لیس فیه عزّ و لا نصفة، فان اردتم الموت رددناه علیه و حاكمناه الی اللّٰه عزّ و جلّ بظباء السیوف، و ان أردتم الحیاة قبلناه و اخذنا لكم الرضی». فناداه القوم من كل جانب: البقیة البقیة فلما أفردوه امضی الصلح». انتهی، و قوله:« البقیة البقیة» تحذیر یعنی احفظ البقیة.
2- 2. المنافقون: 8. و فی نسخة« فیكم» مكان« فیك». و رواه الساروی فی المناقب و فیه: « فیك عظمة».

«13»- وَ قَالَ علیه السلام فِی وَصْفِ أَخٍ كَانَ لَهُ صَالِحٍ (1): كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِی عَیْنِی صَغُرَ الدُّنْیَا فِی عَیْنِهِ (2)

كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ الْجَهَالَةِ فَلَا یَمُدُّ یَداً إِلَّا عَلَی ثِقَةٍ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ لَا یَشْتَكِی وَ لَا یَتَسَخَّطُ وَ لَا یَتَبَرَّمُ كَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَامِتاً فَإِذَا قَالَ بَذَّ الْقَائِلِینَ (3)

كَانَ ضَعِیفاً مُسْتَضْعَفاً فَإِذَا جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ اللَّیْثُ عَادِیاً(4)

كَانَ إِذَا جَامَعَ الْعُلَمَاءَ عَلَی أَنْ یَسْتَمِعَ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَی أَنْ یَقُولَ كَانَ إِذَا غُلِبَ عَلَی الْكَلَامِ لَمْ یُغْلَبْ عَلَی السُّكُوتِ كَانَ لَا یَقُولُ مَا لَا یَفْعَلُ وَ یَفْعَلُ مَا لَا یَقُولُ كَانَ إِذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ- لَا یَدْرِی أَیُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَی رَبِّهِ نَظَرَ أَقْرَبَهُمَا مِنْ هَوَاهُ فَخَالَفَهُ كَانَ لَا یَلُومُ أَحَداً عَلَی مَا قَدْ یَقَعُ الْعُذْرُ فِی مِثْلِهِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَدَامَ الِاخْتِلَافَ إِلَی الْمَسْجِدِ أَصَابَ إِحْدَی ثَمَانٍ آیَةً مُحْكَمَةً وَ أَخاً مُسْتَفَاداً وَ عِلْماً مُسْتَطْرَفاً وَ رَحْمَةً مُنْتَظَرَةً وَ كَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَی الْهُدَی أَوْ تَرُدُّهُ عَنْ رَدًی وَ تَرْكَ الذُّنُوبِ حَیَاءً أَوْ خَشْیَةً.

ص: 108


1- 1. رواه الكلینی( ره) فی الكافی عن الحسن بن علیّ علیهما السلام بنحو أبسط. و أورده الرضیّ( ره) فی النهج عن أمیر المؤمنین علیه السلام هكذا« و قال( ع) كان لی فیما مضی أخ فی اللّٰه- الخ» قال ابن میثم: ذكر هذا الفصل ابن المقفع فی ادبه و نسبه الی الحسن ابن علی علیهما السلام و المشار إلیه قیل: أبو ذرّ الغفاری و قیل: هو عثمان بن مظعون انتهی. و قیل: لا یبعد أن یكون المراد به أباه علیه السلام عبر عنه علیه السلام هكذا لمصلحة.
2- 2. أی كان أعظم الصفات التی صارت سببا لعظمته فی عینی هو أن صغر الدنیا فی عینه، و الصغر كعنب و قفل: خلاف الكبر و بمعنی الذل و الهوان و هو خبر« كان» و فاعل« عظم» ضمیر الأخ و ضمیر« به» عائد الی الموصول و الباء للسببیة.
3- 3. یتبرم ای لا یتسأم و لا یتضجر و لا یغتم. و بذ القائلین. أی غلبهم و سبقهم و فاقهم.
4- 4.« كان ضعیفا مستضعفا» كنایة عن تواضعه و لین كلامه و سجاحة أخلاقه.« فاذا جاء الجد كان لیثا عادیا» اللیث: الأسد و هو كنایة عن التصلب فی ذات اللّٰه و ترك المداهنة فی أمر الدین و اظهار الحق و فی لفظ الجد بعد ذكر الضعف أشعار بذلك. و لعلّ المراد البسالة فی الحرب و الشجاعة.

وَ رُزِقَ غُلَاماً فَأَتَتْهُ قُرَیْشٌ تُهَنِّیهِ فَقَالُوا یُهَنِّیكَ الْفَارِسُ فَقَالَ علیه السلام أَیُّ شَیْ ءٍ هَذَا الْقَوْلُ وَ لَعَلَّهُ یَكُونُ رَاجِلًا فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ كَیْفَ نَقُولُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ علیه السلام إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِكُمْ غُلَامٌ فَأَتَیْتُمُوهُ فَقُولُوا لَهُ شَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَ بُورِكَ لَكَ فِی الْمَوْهُوبِ بَلَغَ اللَّهُ بِهِ أَشُدَّهُ (1)

وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ.

«16»- وَ سُئِلَ عَنِ الْمُرُوَّةِ فَقَالَ علیه السلام شُحُّ الرَّجُلِ عَلَی دِینِهِ وَ إِصْلَاحُهُ مَالَهُ وَ قِیَامُهُ بِالْحُقُوقِ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ أَبْصَرَ الْأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِی الْخَیْرِ مَذْهَبُهُ وَ أَسْمَعَ الْأَسْمَاعِ مَا وَعَی التَّذْكِیرَ وَ انْتَفَعَ بِهِ أَسْلَمُ الْقُلُوبِ مَا طَهُرَ مِنَ الشُّبُهَاتِ.

«18»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ یُخِیلَهُ (2)

قَالَ علیه السلام إِیَّاكَ أَنْ تَمْدَحَنِی فَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْكَ أَوْ تَكْذِبَنِی فَإِنَّهُ لَا رَأْیَ لِمَكْذُوبٍ أَوْ تَغْتَابَ عِنْدِی أَحَداً فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ائْذَنْ لِی فِی الِانْصِرَافِ فَقَالَ علیه السلام نَعَمْ إِذَا شِئْتَ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ مَنْ طَلَبَ الْعِبَادَةَ تَزَكَّی لَهَا إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بِالْفَرِیضَةِ فَارْفُضُوهَا الْیَقِینُ مَعَاذٌ لِلسَّلَامَةِ مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ اعْتَدَّ وَ لَا یَغُشُّ الْعَاقِلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابُ الْعِزَّةِ قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّمِینَ (3)

كُلُّ مُعَاجَلٍ یَسْأَلُ النَّظِرَةَ(4) وَ كُلُّ مُؤَجَّلٍ یَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِیفِ.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ جِدُّوا فِی الطَّلَبِ وَ تُجَاهَ الْهَرَبِ وَ بَادِرُوا الْعَمَلَ قَبْلَ مُقَطَّعَاتِ النَّقِمَاتِ (5)

وَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ فَإِنَّ الدُّنْیَا لَا یَدُومُ نَعِیمُهَا وَ لَا تُؤْمَنُ فَجِیعُهَا وَ لَا تَتَوَقَّی فِی مَسَاوِیهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ (6) فَاتَّعِظُوا

ص: 109


1- 1. و فی بعض النسخ« رشده». و رواه الكلینی فی الكافی قسم الفروع.
2- 2. فی بعض النسخ« یعظه» مكان یخیله ای یغیره و هو أیضا كنایة عن الموعظة.
3- 3. كذا و فی كلام أبیه علیه السلام فی النهج« المعللین».
4- 4. النظرة: الامهال و التأخیر.
5- 5. النقمات: جمع نقمة: اسم من الانتقام.
6- 6. السناد- ككتاب-: الناقة الشدیدة القویة. و من الشی ء عماده.

عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ وَ اعْتَبِرُوا بِالْأَثَرِ وَ ازْدَجِرُوا بِالنَّعِیمِ (1)

وَ انْتَفِعُوا بِالْمَوَاعِظِ فَكَفَی بِاللَّهِ مُعْتَصِماً وَ نَصِیراً وَ كَفَی بِالْكِتَابِ حَجِیجاً وَ خَصِیماً(2) وَ كَفَی بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ كَفَی بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالًا.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا لَقِیَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْیُقَبِّلْ مَوْضِعَ النُّورِ مِنْ جَبْهَتِهِ.

«22»- وَ مَرَّ علیه السلام فِی یَوْمِ فِطْرٍ بِقَوْمٍ یَلْعَبُونَ وَ یَضْحَكُونَ فَوَقَفَ عَلَی رُءُوسِهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ (3)

فَیَسْتَبِقُونَ فِیهِ بِطَاعَتِهِ إِلَی مَرْضَاتِهِ فَسَبَقَ قَوْمٌ فَفَازُوا وَ قَصَّرَ آخَرُونَ فَخَابُوا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ ضَاحِكٍ لَاعِبٍ فِی الْیَوْمِ الَّذِی یُثَابُ فِیهِ الْمُحْسِنُونَ وَ یَخْسَرُ فِیهِ الْمُبْطِلُونَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَعَلِمُوا أَنَّ الْمُحْسِنَ مَشْغُولٌ بِإِحْسَانِهِ وَ الْمُسِی ءَ مَشْغُولٌ بِإِسَاءَتِهِ ثُمَّ مَضَی.

«5»- ف (4)،[تحف العقول] مَوْعِظَةٌ مِنْهُ علیه السلام: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَیْسَ بِتَارِكِكُمْ سُدًی كَتَبَ آجَالَكُمْ وَ قَسَمَ بَیْنَكُمْ مَعَایِشَكُمْ لِیَعْرِفَ كُلُّ ذِی لُبٍّ مَنْزِلَتَهُ وَ أَنَّ مَا قُدِّرَ لَهُ أَصَابَهُ وَ مَا صُرِفَ عَنْهُ فَلَنْ یُصِیبَهُ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ الدُّنْیَا وَ فَرَغَكُمْ لِعِبَادَتِهِ وَ حَثَّكُمْ عَلَی الشُّكْرِ وَ افْتَرَضَ عَلَیْكُمُ الذِّكْرَ وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَی وَ جَعَلَ التَّقْوَی مُنْتَهَی رِضَاهُ وَ التَّقْوَی بَابُ كُلِّ تَوْبَةٍ وَ رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَ شَرَفُ كُلِّ عَمَلٍ بِالتَّقْوَی فَازَ مَنْ فَازَ مِنَ الْمُتَّقِینَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- إِنَّ لِلْمُتَّقِینَ مَفازاً(5) وَ قَالَ وَ یُنَجِّی اللَّهُ الَّذِینَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ- لا یَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (6) فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ وَ یُسَدِّدُهُ فِی

ص: 110


1- 1. كذا، و الظاهر« بالنقم».
2- 2. الحجیج: المغالب باظهار الحجة.
3- 3. المضمار: المدة و الأیّام التی تضمر فیها للسباق. و موضع السباق أیضا.
4- 4. التحف ص 232.
5- 5. سورة النبأ: 32.
6- 6. سورة الزمر: 61.

أَمْرِهِ وَ یُهَیِّئُ لَهُ رُشْدَهُ وَ یُفْلِجُهُ بِحُجَّتِهِ وَ یُبَیِّضُ وَجْهَهُ وَ یُعْطِیهِ رَغْبَتَهُ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً.

«6»- كشف (1)،[كشف الغمة] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: لَا أَدَبَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا هِمَّةَ لَهُ وَ لَا حَیَاءَ لِمَنْ لَا دِینَ لَهُ وَ رَأْسُ الْعَقْلِ مُعَاشَرَةُ النَّاسِ بِالْجَمِیلِ وَ بِالْعَقْلِ تُدْرَكُ الدَّارَانِ جَمِیعاً وَ مَنْ حَرُمَ مِنَ الْعَقْلِ حَرُمَهُمَا جَمِیعاً.

وَ قَالَ علیه السلام: عَلِّمِ النَّاسَ عِلْمَكَ وَ تَعَلَّمْ عِلْمَ غَیْرِكَ فَتَكُونَ قَدْ أَتْقَنْتَ عِلْمَكَ وَ عَلِمْتَ مَا لَمْ تَعْلَمْ وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الصَّمْتِ فَقَالَ هُوَ سِتْرُ الْعَمَی وَ زَیْنُ الْعِرْضِ وَ فَاعِلُهُ فِی رَاحَةٍ وَ جَلِیسُهُ آمِنٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: هَلَاكُ النَّاسِ فِی ثَلَاثٍ الْكِبْرِ وَ الْحِرْصِ وَ الْحَسَدِ فَالْكِبْرُ هَلَاكُ الدِّینِ وَ بِهِ لُعِنَ إِبْلِیسُ وَ الْحِرْصُ عَدُوُّ النَّفْسِ وَ بِهِ أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْحَسَدُ رَائِدُ السُّوءِ وَ مِنْهُ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَأْتِ رَجُلًا إِلَّا أَنْ تَرْجُوَ نَوَالَهُ وَ تَخَافَ یَدَهُ أَوْ یَسْتَفِیدَ مِنْ عِلْمِهِ أَوْ تَرْجُوَ بَرَكَةَ دُعَائِهِ أَوْ تَصِلَ رَحِماً بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ فَجَزِعْتُ لِذَلِكَ فَقَالَ لِی أَ تَجْزَعُ فَقُلْتُ وَ كَیْفَ لَا أَجْزَعُ وَ أَنَا أَرَاكَ عَلَی حَالِكَ هَذِهِ فَقَالَ علیه السلام أَ لَا أُعَلِّمُكَ خِصَالًا أَرْبَعَ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهُنَّ نِلْتَ بِهِنَّ النَّجَاةَ وَ إِنْ أَنْتَ ضَیَّعْتَهُنَّ فَاتَكَ الدَّارَانِ یَا بُنَیَّ لَا غِنَی أَكْبَرُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا فَقْرَ مِثْلُ الْجَهْلِ وَ لَا وَحْشَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا عَیْشَ أَلَذُّ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ فَهَذِهِ سَمِعْتُ عَنِ الْحَسَنِ یَرْوِیهَا عَنْ أَبِیهِ علیه السلام فَارْوِهَا إِنْ شِئْتَ فِی مَنَاقِبِهِ أَوْ مَنَاقِبِ أَبِیهِ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: مَا رَأَیْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنْ حَاسِدٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: اجْعَلْ مَا طَلَبْتَ مِنَ الدُّنْیَا فَلَنْ تَظْفَرَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ یَخْطُرْ بِبَالِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ مُرُوَّةَ الْقَنَاعَةِ وَ الرِّضَا أَكْثَرُ مِنْ مُرُوَّةِ الْإِعْطَاءِ وَ تَمَامَ الصَّنِیعَةِ خَیْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهَا.

ص: 111


1- 1. كشف الغمّة ج 2 ص 196.
2- 2. بین القوسین كلام الأردبیلیّ فی( كشف) و لا یناسب هذا الكتاب.

وَ سُئِلَ عَنِ الْعُقُوقِ فَقَالَ أَنْ تَحْرِمَهُمَا وَ تَهْجُرَهُمَا(1).

وَ رُوِیَ: أَنَّ أَبَاهُ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لَهُ قُمْ فَاخْطُبْ لِأَسْمَعَ كَلَامَكَ فَقَامَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ كَلَامَهُ وَ مَنْ سَكَتَ عَلِمَ مَا فِی نَفْسِهِ وَ مَنْ عَاشَ فَعَلَیْهِ رِزْقُهُ وَ مَنْ مَاتَ فَإِلَیْهِ مَعَادُهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقُبُورَ مَحَلَّتُنَا وَ الْقِیَامَةَ مَوْعِدُنَا وَ اللَّهَ عَارِضُنَا إِنَّ عَلِیّاً بَابٌ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ خَرَجَ عَنْهُ كَانَ كَافِراً فَقَامَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی- ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ.

وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: یَا ابْنَ آدَمَ عِفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ عَابِداً وَ ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ تَكُنْ غَنِیّاً وَ أَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً وَ صَاحِبِ النَّاسَ بِمِثْلِ مَا تُحِبُّ أَنْ یُصَاحِبُوكَ بِهِ تَكُنْ عَدْلًا إِنَّهُ كَانَ بَیْنَ أَیْدِیكُمْ أَقْوَامٌ یَجْمَعُونَ كَثِیراً وَ یَبْنُونَ مَشِیداً وَ یَأْمُلُونَ بَعِیداً أَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بَوَاراً وَ عَمَلُهُمْ غُرُوراً وَ مَسَاكِنُهُمْ قُبُوراً یَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِی هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ فَخُذْ مِمَّا فِی یَدَیْكَ لِمَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ یَتَزَوَّدُ وَ الْكَافِرَ یَتَمَتَّعُ وَ كَانَ علیه السلام یَتْلُو بَعْدَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ- وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی.

وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ فِیهِ مَصَابِیحُ النُّورِ وَ شِفَاءُ الصُّدُورِ فَلْیَجْلُ جَالٍ بِضَوْئِهِ وَ لْیُلْجِمِ الصِّفَةَ فَإِنَّ التَّلْقِینَ (2)

حَیَاةُ الْقَلْبِ الْبَصِیرِ كَمَا یَمْشِی الْمُسْتَنِیرُ فِی الظُّلُمَاتِ بِالنُّورِ.

«7»- د(3)،[العدد القویة] قَالَ علیه السلام: الْعَقْلُ حِفْظُ قَلْبِكَ مَا اسْتَوْدَعْتَهُ وَ الْحَزْمُ أَنْ تَنْتَظِرَ فُرْصَتَكَ وَ تُعَاجِلَ مَا أَمْكَنَكَ وَ الْمَجْدُ حَمْلُ الْمَغَارِمِ وَ ابْتِنَاءُ الْمَكَارِمِ وَ السَّمَاحَةُ إِجَابَةُ السَّائِلِ وَ بَذْلُ النَّائِلِ وَ الرِّقَّةُ طَلَبُ الْیَسِیرِ وَ مَنْعُ الْحَقِیرِ وَ الْكُلْفَةُ

ص: 112


1- 1. یعنی الوالدین.
2- 2. كذا و فی المصدر« و لیلجم الصفة قلبه فان التفكیر حیاة القلب البصیر» و الصواب كما فی الكافی ج 2 ص 599« فلیجل جال بصره، و لیبلغ الصفة نظره فان التفكر حیاة قلب البصیر».
3- 3. مخطوط.

التَّمَسُّكُ لِمَنْ لَا یُؤَاتِیكَ وَ النَّظَرُ بِمَا لَا یَعْنِیكَ وَ الْجَهْلُ وَ إِنْ كُنْتَ فَصِیحاً.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی أَحَدٍ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَخَزَنَ عَنْهُ بَابَ الْإِجَابَةِ وَ لَا فَتَحَ الرَّجُلُ بَابَ عَمَلٍ فَخَزَنَ عَنْهُ بَابَ الْقَبُولِ وَ لَا فَتَحَ لِعَبْدٍ بَابَ شُكْرٍ فَخَزَنَ عَنْهُ بَابَ الْمَزِیدِ.

وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَصْبَحْتُ وَ لِیَ رَبٌّ فَوْقِی وَ النَّارُ أَمَامِی وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُنِی وَ الْحِسَابُ مُحْدِقٌ بِی وَ أَنَا مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِی- لَا أَجِدُ مَا أُحِبُّ وَ لَا أَدْفَعُ مَا أَكْرَهُ وَ الْأُمُورُ بِیَدِ غَیْرِی فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَنِی وَ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنِّی فَأَیُّ فَقِیرٍ أَفْقَرُ مِنِّی.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَعْرُوفُ مَا لَمْ یَتَقَدَّمْهُ مَطْلٌ وَ لَا یَتْبَعُهُ مَنٌّ وَ الْإِعْطَاءُ قَبْلَ السُّؤَالِ مِنْ أَكْبَرِ السُّؤْدُدِ وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْبُخْلِ فَقَالَ هُوَ أَنْ یَرَی الرَّجُلُ مَا أَنْفَقَهُ تَلَفاً وَ مَا أَمْسَكَهُ شَرَفاً.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَدَّدَ نِعَمَهُ مَحَقَ كَرَمَهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْوَحْشَةُ مِنَ النَّاسِ عَلَی قَدْرِ الْفِطْنَةِ بِهِمْ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْوَعْدُ مَرَضٌ فِی الْجُودِ وَ الْإِنْجَازُ دَوَاؤُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْإِنْجَازُ دَوَاءُ الْكَرَمِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُعَاجِلِ الذَّنْبَ بِالْعُقُوبَةِ وَ اجْعَلْ بَیْنَهُمَا لِلِاعْتِذَارِ طَرِیقاً.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمِزَاحُ یَأْكُلُ الْهَیْبَةَ وَ قَدْ أَكْثَرَ مِنَ الْهَیْبَةِ الصَّامِتُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَسْئُولُ حُرٌّ حَتَّی یَعِدَ وَ مُسْتَرَقٌّ الْمَسْئُولُ حَتَّی یُنْجِزَ(1).

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَصَائِبُ مَفَاتِیحُ الْأَجْرِ.

وَ قَالَ علیه السلام: النِّعْمَةُ مِحْنَةٌ فَإِنْ شَكَرْتَ كَانَتْ نِعْمَةً فَإِنْ كَفَرْتَ صَارَتْ نَقِمَةً.

وَ قَالَ علیه السلام: الْفُرْصَةُ سَرِیعَةُ الْفَوْتِ بَطِیئَةُ الْعَوْدِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا یُعْرَفُ الرَّأْیُ إِلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَ خَیْرُ الْغِنَی الْقُنُوعُ وَ شَرُّ الْفَقْرِ الْخُضُوعُ.

ص: 113


1- 1.« بعد» مضارع من وعد، و المسترق هو السائل یعنی هو الذی یطلب الرق.

وَ قَالَ علیه السلام: كَفَاكَ مِنْ لِسَانِكَ مَا أَوْضَحَ لَكَ سَبِیلَ رُشْدِكَ مِنْ غَیِّكَ.

«8»- د، [العدد القویة] رُوِیَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِلْحَسَنِ علیه السلام قُمْ فَاخْطُبْ لِأَسْمَعَ كَلَامَكَ فَقَامَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ كَلَامَهُ وَ مَنْ سَكَتَ عَلِمَ مَا فِی نَفْسِهِ وَ مَنْ عَاشَ فَعَلَیْهِ رِزْقُهُ وَ مَنْ مَاتَ فَإِلَیْهِ مَعَادُهُ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقُبُورَ مَحَلَّتُنَا وَ الْقِیَامَةَ مَوْعِدُنَا وَ اللَّهَ عَارِضُنَا وَ إِنَّ عَلِیّاً بَابٌ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ كَانَ كَافِراً فَقَامَ إِلَیْهِ علیه السلام فَالْتَزَمَهُ وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ.

«9»- د، [العدد القویة]: اعْتَلَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّی الْغَدَاةَ بِالنَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَبْعَثْ نَبِیّاً إِلَّا اخْتَارَ لَهُ نَفْساً وَ رَهْطاً وَ بَیْتاً وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَا یَنْقُصُ أَحَدٌ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا نَقَصَهُ اللَّهُ مِنْ عِلْمِهِ وَ لَا یَكُونُ عَلَیْنَا دَوْلَةٌ إِلَّا كَانَتْ لَنَا عَاقِبَةٌ- وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ.

«10»- د، [العدد القویة] قَالَ مَوْلَانَا الْحَسَنُ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَدَّبَ نَبِیَّهُ أَحْسَنَ الْأَدَبِ فَقَالَ خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ (1) فَلَمَّا وَعَی الَّذِی أَمَرَهُ قَالَ تَعَالَی- ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(2) فَقَالَ لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام وَ مَا الْعَفْوُ قَالَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِیَ مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ- إِنَّكَ لَعَلی خُلُقٍ عَظِیمٍ (3).

وَ قَالَ: السَّدَادُ دَفْعُ الْمُنْكَرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ الشَّرَفُ اصْطِنَاعُ الْعَشِیرَةِ وَ حَمْلُ الْجَرِیرَةِ وَ الْمُرُوَّةُ الْعَفَافُ وَ إِصْلَاحُ الْمَرْءِ مَالَهُ وَ الرِّقَّةُ النَّظَرُ فِی الْیَسِیرِ وَ مَنْعِ الْحَقِیرِ وَ اللُّؤْمُ إِحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَ بَذْلُهُ عِرْسَهُ السَّمَاحَةُ الْبَذْلُ فِی الْعُسْرِ وَ الْیُسْرِ الشُّحُّ أَنْ تَرَی مَا فِی یَدَیْكَ شَرَفاً وَ مَا أَنْفَقْتَهُ تَلَفاً الْإِخَاءُ الْوَفَاءُ فِی الشِّدَّةِ وَ

ص: 114


1- 1. الأعراف: 199.
2- 2. الحشر: 7.
3- 3. القلم: 4.

الرَّخَاءِ الْجُبْنُ الْجُرْأَةُ عَلَی الصَّدِیقِ وَ النُّكُولُ عَنِ الْعَدُوِّ وَ الْغَنِیمَةُ فِی التَّقْوَی وَ الزَّهَادَةُ فِی الدُّنْیَا هِیَ الْغَنِیمَةُ الْبَارِدَةُ الْحِلْمُ كَظْمُ الْغَیْظِ وَ مِلْكُ النَّفْسِ الْغِنَی بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهَا وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّمَا الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ الْفَقْرُ شِدَّةُ النَّفْسِ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ الْمَنَعَةُ شِدَّةُ الْبَأْسِ وَ مُنَازَعَةُ أَشَدِّ النَّاسِ الذُّلُّ التَّضَرُّعُ عِنْدَ الْمَصْدُوقَةِ الْجُرْأَةُ مُوَاقَفَةُ الْأَقْرَانِ الْكُلْفَةُ كَلَامُكَ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ وَ الْمَجْدُ أَنْ تُعْطِیَ فِی الْعَدَمِ وَ أَنْ تَعْفُوَ عَنْ طُولِ الْأَنَاةِ وَ الْإِقْرَارُ بِالْوَلَایَةِ وَ الِاحْتِرَاسُ مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ هُوَ الْحَزْمُ السُّرُورُ مُوَافَقَةُ الْإِخْوَانِ وَ حِفْظُ الْجِیرَانِ السَّفَهُ اتِّبَاعُ الدُّنَاةِ وَ مُصَاحَبَةُ الْغُوَاةِ الْغَفْلَةُ تَرْكُكَ الْمَسْجِدَ وَ طَاعَتُكَ الْمُفْسِدَ الْحِرْمَانُ تَرْكُ حَظِّكَ وَ قَدْ عَرَضَ عَلَیْكَ السَّفِیهُ الْأَحْمَقُ فِی مَالِهِ الْمُتَهَاوِنُ فِی عِرْضِهِ یُشْتَمُ فَلَا یُجِیبُ الْمُتَحَرِّمُ بِأَمْرِ عَشِیرَتِهِ هُوَ السَّیِّدُ.

«11»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(1)، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: الْمَعْرُوفُ مَا لَمْ یَتَقَدَّمْهُ مَطْلٌ وَ لَمْ یَتَعَقَّبْهُ مَنٌّ وَ الْبُخْلُ أَنْ یَرَی الرَّجُلُ مَا أَنْفَقَهُ تَلَفاً وَ مَا أَمْسَكَهُ شَرَفاً مَنْ عَدَّدَ نِعَمَهُ مَحَقَ كَرَمَهُ الْإِنْجَازُ دَوَاءُ الْكَرَمِ- لَا تُعَاجِلِ الذَّنْبَ بِالْعُقُوبَةِ وَ اجْعَلْ بَیْنَهُمَا لِلِاعْتِذَارِ طَرِیقاً التَّفَكُّرُ حَیَاةُ قَلْبِ الْبَصِیرِ أَوْسَعُ مَا یَكُونُ الْكَرِیمُ بِالْمَغْفِرَةِ إِذَا ضَاقَتْ بِالْمُذْنِبِ الْمَعْذِرَةُ.

«12»- أَعْلَامُ الدِّینِ (2)، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: الْمَصَائِبُ مَفَاتِیحُ الْأَجْرِ.

وَ قَالَ علیه السلام: تُجْهَلُ النِّعَمُ مَا أَقَامَتْ فَإِذَا وَلَّتْ عُرِفَتْ.

وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكُمْ بِالْفِكْرِ فَإِنَّهُ حَیَاةُ قَلْبِ الْبَصِیرِ وَ مَفَاتِیحُ أَبْوَابِ الحِكْمَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَوْسَعُ مَا یَكُونُ الْكَرِیمُ بِالْمَغْفِرَةِ إِذَا ضَاقَتْ بِالْمُذْنِبِ الْمَعْذِرَةُ وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام فِیكَ عَظَمَةٌ قَالَ لَا بَلْ فِیَّ عِزَّةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (3).

ص: 115


1- 1. مخطوط.
2- 2. مخطوط.
3- 3. المنافقون: 8.

وَ قَالَ علیه السلام: صَاحِبِ النَّاسَ مِثْلَ مَا تُحِبُّ أَنْ یُصَاحِبُوكَ بِهِ.

وَ كَانَ یَقُولُ علیه السلام: ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِی هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ فَخُذْ مِمَّا فِی یَدَیْكَ لِمَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ یَتَزَوَّدُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ یَتَمَتَّعُ وَ كَانَ یُنَادِی مَعَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ- وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی.

باب 20 مواعظ الحسین بن أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیهما

«1»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: سُئِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقِیلَ لَهُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَصْبَحْتُ وَ لِی رَبٌّ فَوْقِی وَ النَّارُ أَمَامِی وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُنِی وَ الْحِسَابُ مُحْدِقٌ بِی وَ أَنَا مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِی- لَا أَجِدُ مَا أُحِبُّ وَ لَا أَدْفَعُ مَا أَكْرَهُ وَ الْأُمُورُ بِیَدِ غَیْرِی فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَنِی وَ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنِّی فَأَیُّ فَقِیرٍ أَفْقَرُ مِنِّی.

2(2)

ف، [تحف العقول] عَنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی:

«1»- قَالَ علیه السلام فِی مَسِیرِهِ إِلَی كَرْبَلَاءَ(3) إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا قَدْ تَغَیَّرَتْ وَ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصَابَّةِ الْإِنَاءِ وَ خَسِیسُ عَیْشٍ كَالْمَرْعَی الْوَبِیلِ (4) أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لَا یُعْمَلُ بِهِ وَ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا یُنْتَهَی

ص: 116


1- 1. المجالس: المجلس التاسع و الثمانون ص 362.
2- 2. التحف ص 245.
3- 3. ذلك فی موضع یقال: ذی حسم و نقل هذا الكلام الطبریّ فی تاریخه« عن عقبة ابن أبی العیزار قال: قام الحسین علیه السلام بذی حسم فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثمّ قال:« أما بعد انه قد نزل من الامر ما قد ترون ... الخ» مع اختلاف یسیر.
4- 4. الصبابة- بالضم-: بقیة الماء فی الاناء. و المرعی: الكلاء. و الوبیل: الوخیم.

عَنْهُ لِیَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِی لِقَاءِ اللَّهِ مُحِقّاً فَإِنِّی لَا أَرَی الْمَوْتَ إِلَّا الْحَیَاةَ وَ لَا الْحَیَاةَ مَعَ الظَّالِمِینَ إِلَّا بَرَماً إِنَّ النَّاسَ عَبِیدُ الدُّنْیَا وَ الدِّینُ لَعْقٌ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ (1) یَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَایِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ(2) قَلَّ الدَّیَّانُونَ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ اغْتَابَ عِنْدَهُ رَجُلًا یَا هَذَا كُفَّ

عَنِ الْغِیبَةِ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلَابِ النَّارِ.

«3»- وَ قَالَ عِنْدَهُ رَجُلٌ إِنَّ الْمَعْرُوفَ إِذَا أُسْدِیَ إِلَی غَیْرِ أَهْلِهِ ضَاعَ (3)

فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَیْسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنْ تَكُونُ الصَّنِیعَةُ مِثْلَ وَابِلِ الْمَطَرِ تُصِیبُ الْبَرَّ وَ الْفَاجِرَ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَخَذَ اللَّهُ طَاقَةَ أَحَدٍ إِلَّا وَضَعَ عَنْهُ طَاعَتَهُ وَ لَا أَخَذَ قُدْرَتَهُ إِلَّا وَضَعَ عَنْهُ كُلْفَتَهُ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِیدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ وَ هِیَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ.

«6»- وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ ابْتِدَاءً كَیْفَ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ فَقَالَ علیه السلام لَهُ السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ حَتَّی یُسَلِّمَ.

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: الِاسْتِدْرَاجُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ أَنْ یُسْبِغَ عَلَیْهِ النِّعَمَ وَ یَسْلُبَهُ الشُّكْرَ.

«8»- وَ كَتَبَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ حِینَ سَیَّرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ(4) إِلَی

ص: 117


1- 1. فی بعض النسخ« لغو علی ألسنتهم».
2- 2. محص اللّٰه الرجل: اختبره.
3- 3. اسدی إلیه: أحسن إلیه. و الوابل: المطر الشدید.
4- 4. انما وقع هذا التسییر بعد قتل المختار الناهض الوحید لطلب ثار الامام السبط المفدی فالكتاب هذا لا یمكن أن یكون للحسین السبط علیه السلام و لعله لولده الطاهر علیّ بن الحسین السجّاد سلام اللّٰه علیهما فاشتبه علی الراوی علیّ بن الحسین بالحسین بن علی صلوات اللّٰه علیهم.

الْیَمَنِ أَمَّا بَعْدُ بَلَغَنِی أَنَّ ابْنَ الزُّبَیْرِ سَیَّرَكَ إِلَی الطَّائِفِ فَرَفَعَ اللَّهُ لَكَ بِذَلِكَ ذِكْراً وَ حَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً وَ إِنَّمَا یُبْتَلَی الصَّالِحُونَ وَ لَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِیمَا تُحِبُّ لَقَلَّ الْأَجْرُ(1) عَزَمَ اللَّهُ لَنَا وَ لَكَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلْوَی وَ الشُّكْرِ عِنْدَ النُّعْمَی (2)

وَ لَا أَشْمَتَ بِنَا وَ لَا بِكَ عَدُوّاً حَاسِداً أَبَداً وَ السَّلَامُ.

«9»- وَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِی غُرْمٍ فَادِحٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ حَمَالَةٍ مُقَطَّعَةٍ(3) فَقَالَ الرَّجُلُ مَا جِئْتُ إِلَّا فِی إِحْدَاهُنَّ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ دِینَارٍ.

«10»- وَ قَالَ لِابْنِهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَیْ بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ ظُلْمَ مَنْ لَا یَجِدُ عَلَیْكَ نَاصِراً إِلَّا اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ.

«11»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَعْنَی قَوْلِ اللَّهِ- وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (4) قَالَ علیه السلام أَمَرَهُ أَنْ یُحَدِّثَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَیْهِ فِی دِینِهِ.

«12»- وَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ یُرِیدُ أَنْ یَسْأَلَهُ حَاجَةً فَقَالَ علیه السلام یَا أَخَا الْأَنْصَارِ صُنْ وَجْهَكَ عَنْ بِذْلَةِ الْمَسْأَلَةِ(5) وَ ارْفَعْ حَاجَتَكَ فِی رُقْعَةٍ فَإِنِّی آتٍ فِیهَا مَا سَارَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَتَبَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ لِفُلَانٍ عَلَیَّ خَمْسَمِائَةِ دِینَارٍ وَ قَدْ أَلَحَّ بِی فَكَلِّمْهُ یُنْظِرْنِی إِلَی مَیْسَرَةٍ فَلَمَّا قَرَأَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الرُّقْعَةَ دَخَلَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَأَخْرَجَ صُرَّةً(6) فِیهَا أَلْفُ دِینَارٍ وَ قَالَ علیه السلام لَهُ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَاقْضِ بِهَا دَیْنَكَ وَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَی دَهْرِكَ وَ لَا تَرْفَعْ حَاجَتَكَ إِلَّا إِلَی أَحَدِ ثَلَاثَةٍ إِلَی

ص: 118


1- 1. فی بعض النسخ« لقاء الاجر».
2- 2. و النعمی: الدعة و الراحة و خفض العیش.
3- 3. الغرم: أداء شی ء لازم، و ما یلزم أداؤه، و الضرر و المشقة. و الفادح: الصعب المثقل. و المذقع: الملصق بالتراب. و الحمالة: الدیة و الغرامة و الكفالة.
4- 4. سورة الضحی: 11.
5- 5. البذلة: ترك الصون.
6- 6. الصرة- بالضم فالتشدید-: ما یصر فیه الدراهم و الدینار.

ذِی دِینٍ أَوْ مُرُوَّةٍ أَوْ حَسَبٍ فَأَمَّا ذُو الدِّینِ فَیَصُونُ دِینَهُ وَ أَمَّا ذُو الْمُرُوَّةِ فَإِنَّهُ یَسْتَحْیِی لِمُرُوَّتِهِ وَ أَمَّا ذُو الْحَسَبِ فَیَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تُكْرِمْ وَجْهَكَ أَنْ تَبْذُلَهُ لَهُ فِی حَاجَتِكَ فَهُوَ یَصُونُ وَجْهَكَ أَنْ یَرُدَّكَ بِغَیْرِ قَضَاءِ حَاجَتِكَ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِخْوَانُ أَرْبَعَةٌ فَأَخٌ لَكَ وَ لَهُ وَ أَخٌ لَكَ وَ أَخٌ عَلَیْكَ وَ أَخٌ لَا لَكَ وَ لَا لَهُ فَسُئِلَ عَنْ مَعْنَی ذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام الْأَخُ الَّذِی هُوَ لَكَ وَ لَهُ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِی یَطْلُبُ بِإِخَائِهِ بَقَاءَ الْإِخَاءِ وَ لَا یَطْلُبُ بِإِخَائِهِ مَوْتَ الْإِخَاءِ فَهَذَا لَكَ وَ لَهُ لِأَنَّهُ إِذَا تَمَّ الْإِخَاءُ طَابَتْ حَیَاتُهُمَا جَمِیعاً وَ إِذَا دَخَلَ الْإِخَاءُ فِی حَالِ التَّنَاقُصِ بَطَلَ جَمِیعاً وَ الْأَخُ الَّذِی هُوَ لَكَ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِی قَدْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ عَنْ حَالِ الطَّمَعِ إِلَی حَالِ الرَّغْبَةِ فَلَمْ یَطْمَعْ فِی الدُّنْیَا إِذَا رَغِبَ فِی الْإِخَاءِ فَهَذَا مُوَفِّرٌ(1) عَلَیْكَ بِكُلِّیَّتِهِ وَ الْأَخُ الَّذِی هُوَ عَلَیْكَ فَهُوَ الْأَخُ الَّذِی یَتَرَبَّصُ بِكَ الدَّوَائِرَ(2) وَ یُغَشِّی السَّرَائِرَ وَ یَكْذِبُ عَلَیْكَ بَیْنَ الْعَشَائِرِ وَ یَنْظُرُ فِی وَجْهِكَ نَظَرَ الْحَاسِدِ فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ الْوَاحِدِ وَ الْأَخُ الَّذِی لَا لَكَ وَ لَا لَهُ فَهُوَ الَّذِی قَدْ مَلَأَهُ اللَّهُ حُمْقاً فَأَبْعَدَهُ سُحْقاً(3) فَتَرَاهُ یُؤْثِرُ نَفْسَهُ عَلَیْكَ وَ یَطْلُبُ شُحّاً مَا لَدَیْكَ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ دَلَائِلِ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ الْجُلُوسُ إِلَی أَهْلِ الْعُقُولِ وَ مِنْ عَلَامَاتِ أَسْبَابِ الْجَهْلِ الْمُمَارَاةُ لِغَیْرِ أَهْلِ الْكُفْرِ(4) وَ مِنْ دَلَائِلِ الْعَالِمِ انْتِقَادُهُ لِحَدِیثِهِ وَ عِلْمُهُ بِحَقَائِقِ فُنُونِ النَّظَرِ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْمُؤْمِنَ اتَّخَذَ اللَّهَ عِصْمَتَهُ وَ قَوْلَهُ مِرْآتَهُ فَمَرَّةً یَنْظُرُ فِی نَعْتِ الْمُؤْمِنِینَ وَ تَارَةً یَنْظُرُ فِی الْمُتَجَبِّرِینَ فَهُوَ مِنْهُ فِی لَطَائِفَ وَ مِنْ نَفْسِهِ فِی تَعَارُفٍ وَ مِنْ فِطْنَتِهِ فِی یَقِینٍ وَ مِنْ قُدْسِهِ عَلَی تَمْكِینٍ (5).

ص: 119


1- 1. فی بعض النسخ« موفور علیك».
2- 2. الدوائر. النوائب، یقال: دارت الدوائر أی نزلت الدواهی و النوائب.
3- 3. أی فابعده اللّٰه من رحمته بعدا.
4- 4. المماراة: المجادلة و المنازعة. و فی بعض النسخ« لغیر أهل الفكر».
5- 5. أی و من طهارة نفسه علی قدرة و سلطنة.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ مَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُسِی ءُ وَ لَا یَعْتَذِرُ وَ الْمُنَافِقُ كُلَّ یَوْمٍ یُسِی ءُ وَ یَعْتَذِرُ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: لِلسَّلَامِ سَبْعُونَ حَسَنَةً تِسْعٌ وَ سِتُّونَ لِلْمُبْتَدِئِ وَ وَاحِدَةٌ لِلرَّادِّ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: الْبَخِیلُ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ حَاوَلَ أَمْراً(1) بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ كَانَ أَفْوَتَ لِمَا یَرْجُو وَ أَسْرَعَ لِمَا یَحْذَرُ(2).

«3»- ف (3)،[تحف العقول] مَوْعِظَةٌ مِنْهُ علیه السلام: أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ أُحَذِّرُكُمْ أَیَّامَهُ وَ أَرْفَعُ لَكُمْ أَعْلَامَهُ فَكَأَنَّ الْمَخُوفَ قَدْ أَفِدَ بِمَهُولِ وُرُودِهِ وَ نَكِیرِ حُلُولِهِ وَ بَشِعِ مَذَاقِهِ فَاعْتَلَقَ مُهَجَكُمْ (4) وَ حَالَ بَیْنَ الْعَمَلِ وَ بَیْنَكُمْ فَبَادِرُوا بِصِحَّةِ الْأَجْسَامِ فِی مُدَّةِ الْأَعْمَارِ كَأَنَّكُمْ بِبَغَتَاتِ طَوَارِقِهِ (5) فَتَنْقُلُكُمْ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَی بَطْنِهَا وَ مِنْ عُلُوِّهَا إِلَی سُفْلِهَا وَ مِنْ أُنْسِهَا إِلَی وَحْشَتِهَا وَ مِنْ رَوْحِهَا وَ ضَوْئِهَا إِلَی ظُلْمَتِهَا وَ مِنْ سَعَتِهَا إِلَی ضِیقِهَا حَیْثُ لَا یُزَارُ حَمِیمٌ وَ لَا یُعَادُ سَقِیمٌ وَ لَا یُجَابُ صَرِیخٌ أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ عَلَی أَهْوَالِ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ نَجَّانَا وَ إِیَّاكُمْ مِنْ عِقَابِهِ وَ أَوْجَبَ لَنَا وَ لَكُمُ الْجَزِیلَ مِنْ ثَوَابِهِ عِبَادَ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَصْرَ مَرْمَاكُمْ وَ مَدَی مَظْعَنِكُمْ (6) كَانَ حَسْبُ الْعَامِلِ

ص: 120


1- 1. فی بعض النسخ« من حاول أمرءا».
2- 2. فی بعض النسخ« أسرع لمجی ء ما یحذر».
3- 3. التحف ص 239.
4- 4. أفد- كفرح-: عجل و دنا و أزف. و المهول: ذو الهول. و بشع: ضد حسن و طیب ای كریه الطعم و الرائحة. و المهج- كغرف-: جمع مهجة- كغرفة-: الدم، أو دم القلب و المراد به الروح.
5- 5. بغتات: جمع بغتة. و الطوارق: جمع الطارقة: الداهیة.
6- 6. القصر: الجهد و الغایة. و المرمی: مصدر میمی أو مكان الرمی و زمانه. و المدی: الغایة و المنتهی. و یذهل: ینسی و یسلو- من الذهول-: الذهاب عن الامر. بدهشة. ای لو كانت الدنیا آخر أمركم و لیس وراءها شی ء لجدیر بأن الإنسان یجد و یتعب و یسعی لطلب الخلاص من الموت و تبعاته و یشغل عن غیره.

شُغُلًا یَسْتَفْرِغُ عَلَیْهِ أَحْزَانَهُ وَ یَذْهَلُهُ عَنْ دُنْیَاهُ وَ یُكْثِرُ نَصَبَهُ لِطَلَبِ الْخَلَاصِ مِنْهُ فَكَیْفَ وَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُرْتَهَنٌ بِاكْتِسَابِهِ مُسْتَوْقَفٌ عَلَی حِسَابِهِ- لَا وَزِیرَ لَهُ یَمْنَعُهُ وَ لَا ظَهِیرَ عَنْهُ یَدْفَعُهُ وَ یَوْمَئِذٍ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ یُحَوِّلَهُ عَمَّا یَكْرَهُ إِلَی مَا یُحِبُّ وَ یَرْزُقَهُ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُ فَإِیَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ یَخَافُ عَلَی الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ یَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَ لَا یُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

«4»- كشف (1)،[كشف الغمة]: خَطَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ نَافِسُوا فِی الْمَكَارِمِ وَ سَارِعُوا فِی الْمَغَانِمِ وَ لَا تَحْتَسِبُوا بِمَعْرُوفٍ لَمْ تَعْجَلُوا وَ اكْسِبُوا الْحَمْدَ بِالنُّجْحِ وَ لَا تَكْتَسِبُوا بِالْمَطْلِ ذَمّاً فَمَهْمَا یَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ صَنِیعَةٌ لَهُ رَأَی أَنَّهُ لَا یَقُومُ بِشُكْرِهَا فَاللَّهُ لَهُ بِمُكَافَاتِهِ فَإِنَّهُ أَجْزَلُ عَطَاءً وَ أَعْظَمُ أَجْراً وَ اعْلَمُوا أَنَّ حَوَائِجَ النَّاسِ إِلَیْكُمْ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَیْكُمْ فَلَا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحُورَ نِقَماً(2) وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَعْرُوفَ مُكْسِبٌ حَمْداً وَ مُعَقِّبٌ أَجْراً فَلَوْ رَأَیْتُمُ الْمَعْرُوفَ رَجُلًا رَأَیْتُمُوهُ حَسَناً جَمِیلًا تَسُرُّ النَّاظِرِینَ وَ لَوْ رَأَیْتُمُ اللُّؤْمَ رَأَیْتُمُوهُ سَمِجاً(3) مُشَوَّهاً تَنْفِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ وَ تُغَضُّ دُونَهُ الْأَبْصَارُ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ جَادَ سَادَ وَ مَنْ بَخِلَ رَذُلَ وَ إِنَّ أَجْوَدَ النَّاسِ مَنْ أَعْطَی مَنْ لَا یَرْجُوهُ وَ إِنَّ أَعْفَی النَّاسِ مَنْ عَفَا عَنْ قُدْرَةٍ وَ إِنَّ أَوْصَلَ النَّاسِ مَنْ وَصَلَ مَنْ

ص: 121


1- 1. كشف الغمّة ج 2 ص 241.
2- 2. حار یحور حورا: رجع.
3- 3. السمج: القبیح.

قَطَعَهُ وَ الْأُصُولُ عَلَی مَغَارِسِهَا بِفُرُوعِهَا تَسْمُو فَمَنْ تَعَجَّلَ لِأَخِیهِ خَیْراً وَجَدَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَیْهِ غَداً وَ مَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِالصَّنِیعَةِ إِلَی أَخِیهِ كَافَأَهُ بِهَا فِی وَقْتِ حَاجَتِهِ وَ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْیَا مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَ مَنْ نَفَّسَ كُرْبَةَ مُؤْمِنٍ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ أَحْسَنَ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْهِ- وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ.

«5»- وَ خَطَبَ علیه السلام(1) فَقَالَ إِنَّ الْحِلْمَ زِینَةٌ وَ الْوَفَاءَ مُرُوَّةٌ وَ الصِّلَةَ نِعْمَةٌ وَ الِاسْتِكْبَارَ صَلَفٌ (2) وَ الْعَجَلَةَ سَفَهٌ وَ السَّفَهَ ضَعْفٌ وَ الْغُلُوَّ وَرْطَةٌ وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الدَّنَاءَةِ شَرٌّ وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْفِسْقِ رِیبَةٌ.

«6»- كشف (3)،[كشف الغمة]: وَ أَمَّا شِعْرُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَدْ ذَكَرَ الرُّوَاةُ لَهُ شِعْراً وَ وَقَعَ إِلَیَّ شِعْرُهُ علیه السلام بِخَطِّ الشَّیْخِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَشَّابِ النَّحْوِیِّ ره وَ فِیهِ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ یَحْیَی أَكْثَرَ مَا یَرْوِیهِ النَّاسُ مِنْ شِعْرِ سَیِّدِنَا أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ علیهlh السلام إِنَّمَا هُوَ مَا تَمَثَّلَ بِهِ وَ قَدْ أَخَذْتُ شِعْرَهُ مِنْ مَوَاضِعِهِ وَ اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ مَظَانِّهِ وَ أَمَاكِنِهِ وَ رَوَیْتُهُ عَنْ ثِقَاتِ الرِّجَالِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَجَبَةَ الْخُزَاعِیُّ وَ كَانَ عَارِفاً بِأَمْرِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام وَ مِنْهُمُ الْمُسَیَّبُ بْنُ رَافِعٍ الْمَخْزُومِیُّ وَ غَیْرُهُ رِجَالٌ كَثِیرٌ وَ لَقَدْ أَنْشَدَنِی یَوْماً رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِی سَلْعٍ (4) هَذِهِ الْأَبْیَاتَ فَقُلْتُ لَهُ أَكْتِبْنِیهَا فَقَالَ لِی مَا أَحْسَنَ رِدَاءَكَ هَذَا وَ كُنْتُ قَدِ اشْتَرَیْتُهُ یَوْمِی ذَاكَ بِعَشَرَةِ دَنَانِیرَ فَطَرَحْتُهُ عَلَیْهِ فَأَكْتَبَنِیهَا وَ هِیَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیٍّ علیه السلام:

ذَهَبَ الَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***وَ بَقِیتُ فِیمَنْ لَا أُحِبُّهُ

فِی مَنْ أَرَاهُ یَسُبُّنِی***ظَهْرَ الْمَغِیبِ وَ لَا أَسُبُّهُ

ص: 122


1- 1. المصدر ج 2 ص 242.
2- 2. الصلف مجاوزة القدر فی الظرف و البراعة و الادعاء فوق ذلك تكبرا.
3- 3. المصدر ج 2 ص 245.
4- 4. بفتح السین موضع بقرب المدینة.

یَبْغِی فَسَادِی مَا اسْتَطَاعَ***وَ أَمْرُهُ مِمَّا أَرُبُّهُ

حَنَقاً یَدِبُّ إِلَی الضَّرَّاءِ***وَ ذَاكَ مِمَّا لَا أُدِبُّهُ

وَ یَرَی ذُبَابَ الشَّرِّ مِنْ***حَوْلِی یَطِنُّ وَ لَا یَذُبُّهُ

وَ إِذَا خَبَا وَغْرُ الصُّدُورِ***فَلَا یَزَالُ بِهِ یَشُبُّهُ (1)

أَ فَلَا یَعِیجُ بِعَقْلِهِ***أَ فَلَا یَتُوبُ إِلَیْهِ لُبُّهُ (2)

أَ فَلَا یَرَی أَنَّ فِعْلَهُ***مِمَّا یَسُورُ إِلَیْهِ غِبُّهُ

حَسْبِی بِرَبِّی كَافِیاً***مَا أَخْتَشِی وَ الْبَغْیُ حَسْبُهُ

وَ لَقَلَّ مَنْ یُبْغَی عَلَیْهِ***فَمَا كَفَاهُ اللَّهُ رَبُّهُ (3)

وَ قَالَ علیه السلام:

إِذَا مَا عَضَّكَ الدَّهْرُ فَلَا تَجْنَحْ إِلَی خَلْقٍ***وَ لَا تَسْأَلْ سِوَی اللَّهِ تَعَالَی قَاسِمِ الرِّزْقِ

فَلَوْ عِشْتَ وَ طَوَّفْتَ مِنَ الْغَرْبِ إِلَی الشَّرْقِ***لَمَا صَادَفْتَ مَنْ یَقْدِرُ أَنْ یُسْعِدَ أَوْ یُشْقِیَ

وَ قَالَ علیه السلام:

اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّ مَا یُبْدِی یَزِیدُ لِغَیْرِهِ***وَ بِأَنَّهُ لَمْ یَكْتَسِبْهُ بِغَیْرِهِ وَ بِمَیْرِهِ (4)

لَوْ أَنْصَفَ النَّفْسُ الْخَئُونُ لَقَصُرَتْ مِنْ سَیْرِهِ***وَ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَدْنَی شَرَّهُ مِنْ خَیْرِهِ

كذا بخط ابن الخشاب شره بالإضافة و أظنه وهما منه لأنه لا معنی له علی الإضافة و المعنی أنه لو أنصف نفسه أدنی الإنصاف شره علی المفعولیة من خیره أی صار ذا خیر.

قَالَ علیه السلام:

إِذَا اسْتَنْصَرَ الْمَرْءُ امْرَأً لَا یَدَیْ لَهُ***فَنَاصِرُهُ وَ الْخَاذِلُونَ سَوَاءٌ

ص: 123


1- 1. خبا أی سكن. و وغر الصدور: حرها. و یشبه ای یشعله و یوقده.
2- 2. یعیج أی یقیم و یرجع. و یثوب أی یرجع، و اللب: العقل.
3- 3. فی بعض النسخ« إلا كفاه اللّٰه ربّه».
4- 4. غار الرجل. و غار لهم. و مار لهم، و مار بهم و هی الغیرة و المیرة.

أَنَا ابْنُ الَّذِی قَدْ تَعْلَمُونَ مَكَانَهُ***وَ لَیْسَ عَلَی الْحَقِّ الْمُبِینِ طَخَاءٌ(1)

أَ لَیْسَ رَسُولُ اللَّهِ جَدِّی وَ وَالِدِی***أَنَا الْبُدْرَانُ خَلَا النُّجُومِ خَفَاءٌ

أَ لَمْ یَنْزِلِ الْقُرْآنُ خَلْفَ بُیُوتِنَا***صَبَاحاً وَ مِنْ بَعْدِ الصَّبَّاحِ مَسَاءٌ

یُنَازِعُنِی وَ اللَّهِ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ***یَزِیدُ وَ لَیْسَ الْأَمْرُ حَیْثُ یَشَاءُ

فَیَا نُصَحَاءُ اللَّهِ أَنْتُمْ وُلَاتُهُ***وَ أَنْتُمْ عَلَی أَدْیَانِهِ أُمَنَاءُ

بِأَیِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَیَّةِ سُنَّةٍ***تَنَاوَلَهَا عَنْ أَهْلِهَا الْبُعَدَاءُ

وَ هِیَ طَوِیلَةٌ. وَ قَالَ علیه السلام(2):

أَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی***طَالِبٍ الْبَدْرُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ

أَ لَمْ تَرَوْا وَ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبِی***قَاتِلُ عَمْرٍو وَ مُبِیرُ مَرْحَبٍ

وَ لَمْ یَزَلْ قَبْلَ كُشُوفِ الْكُرَبِ***مُجَلِّیاً ذَلِكَ عَنْ وَجْهِ النَّبِیِّ

أَ لَیْسَ مِنْ أَعْجَبِ عَجَبِ الْعَجَبِ***أَنْ یَطْلُبَ الْأَبْعَدُ مِیرَاثَ النَّبِیِّ

وَ اللَّهُ قَدْ أَوْصَی بِحِفْظِ الْأَقْرَبِ

وَ قَالَ علیه السلام(3):

مَا یَحْفَظِ اللَّهُ یُصَنْ*** مَا یَضَعِ اللَّهُ یُهَنْ

مَنْ یُسْعِدِ اللَّهُ یَلِنْ*** لَهُ الزَّمَانُ إِنْ خَشُنَ

أَخِی اعْتَبِرْ لَا تَغْتَرِرْ*** كَیْفَ تَرَی صَرْفَ الزَّمَنِ

یُجْزَی بِمَا أُوتِیَ مِنْ*** فِعْلِ قَبِیحٍ أَوْ حَسَنٍ

أَفْلَحَ عَبْدٌ كُشِفَ*** الْغِطَاءُ عَنْهُ فَفَطَنَ

وَ قَرَّ عَیْناً مَنْ رَأَی*** أَنَّ الْبَلَاءَ فِی اللَّسَنِ

فَمَازَ مِنْ أَلْفَاظِهِ***فِی كُلِّ وَقْتٍ وَ وَزَنَ

ص: 124


1- 1. الطخاء: السحاب المرتفع، و ما فی السماء طخیة- بالضم- أی شی ء من السحاب. و الطخیاء: اللیلة المظلمة و ظلام طاخ.
2- 2. الكشف: ج 2 ص 248.
3- 3. المصدر: ج 2 ص 248.

وَ خَافَ مِنْ لِسَانِهِ***عَزْباً حَدِیداً فَخَزَنَ

وَ مَنْ یَكُنْ مُعْتَصِماً***بِاللَّهِ ذِی الْعَرْشِ فَلَنْ

یَضُرَّهُ شَیْ ءٌ وَ مَنْ***یُعْدِی عَلَی اللَّهِ وَ مَنْ

مَنْ یَأْمَنِ اللَّهَ یَخَفْ***وَ خَائِفُ اللَّهِ أَمِنَ

وَ مَا لِمَا یُثْمِرُهُ***الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ ثَمَنٌ

یَا عَالِمَ السِّرِّ كَمَا***یَعْلَمُ حَقّاً مَا عَلَنَ

صَلِّ عَلَی جَدِّی أَبِی الْ***قَاسِمِ ذِی النُّورِ الْمِنَنِ

أَكْرَمُ مَنْ حَیَّ وَ مَنْ***لُفِّفَ مَیْتاً فِی كَفَنٍ

وَ امْنُنْ عَلَیْنَا بِالرِّضَی***فَأَنْتَ أَهْلٌ لِلْمِنَنِ

وَ أَعْفِنَا فِی دِینِنَا مِنْ***كُلِّ خُسْرٍ وَ غَبَنٍ

مَا خَابَ مَنْ خَابَ كَمَنْ***یَوْماً إِلَی الدُّنْیَا رَكَنَ

طُوبَی لِعَبْدٍ كُشِفَتْ***عَنْهُ غَبَابَاتُ الْوَسَنِ

وَ الْمَوْعِدُ اللَّهُ وَ مَا***یَقْضِ بِهِ اللَّهُ یَكُنْ

وَ هِیَ طَوِیلَةٌ. وَ قَالَ علیه السلام(1):

أَبِی عَلِیٌّ وَ جَدِّی خَاتَمُ الرُّسُلِ***وَ الْمُرْتَضَوْنَ لِدِینِ اللَّهِ مِنْ قَبْلِی

وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ الْقُرْآنُ یَنْطِقُهُ***أَنَّ الَّذِی بِیَدِی مَنْ لَیْسَ یَمْلِكُ لِی

مَا یُرْتَجَی بِامْرِئٍ لَا قَائِلَ عَذَلًا***وَ لَا یَزِیغُ إِلَی قَوْلٍ وَ لَا عَمَلٍ

وَ لَا یَرَی خَائِفاً فِی سِرِّهِ وَجِلًا***وَ لَا یُحَاذِرُ مِنْ هَفْوٍ وَ لَا زَلَلٍ

یَا وَیْحَ نَفْسِی مِمَّنْ لَیْسَ یَرْحَمُهَا***أَ مَا لَهُ فِی كِتَابِ اللَّهِ مِنْ مَثَلٍ

أَ مَا لَهُ فِی حَدِیثِ النَّاسِ مُعْتَبَرٌ***مِنَ الْعَمَالِقَةِ الْعَادِیَةِ الْأُوَلِ

یَا أَیُّهَا الرَّجُلُ الْمَغْبُونُ شِیمَتُهُ***إِنِّی وَرِثْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ رُسُلٍ

أَ أَنْتَ أَوْلَی بِهِ مِنْ آلِهِ فَبِمَا***تَرَی اعْتَلَلْتَ وَ مَا فِی الدِّینِ مِنْ عِلَلٍ

وَ فِیهَا أَبْیَاتٌ أُخَرُ.

ص: 125


1- 1. الكشف: ج 2 ص 249.

وَ قَالَ علیه السلام:

یَا نَكَبَاتِ الدَّهْرِ دُولِی دُولِی***وَ أَقْصِرِی إِنْ شِئْتِ أَوْ أَطِیلِی (1).

مِنْهَا:

رَمَیْتَنِی رَمْیَةً لَا مَقِیلَ***بِكُلِّ خَطْبٍ فَادِحٍ جَلِیلٍ

وَ كُلِّ عَبْ ءٍ أَیِّدٍ ثَقِیلٍ***أَوَّلُ مَا رُزِئْتُ بِالرَّسُولِ

وَ بَعْدُ بِالطَّاهِرَةِ الْبَتُولِ***وَ الْوَالِدِ الْبَرِّ بِنَا الْوُصُولِ

وَ بِالشَّقِیقِ الْحَسَنِ الْجَلِیلِ***وَ الْبَیْتِ ذِی التَّأْوِیلِ وَ التَّنْزِیلِ

وَ زَوْرُنَا الْمَعْرُوفُ مِنْ جِبْرِیلَ***فَمَا لَهُ فِی الزَّرْءِ مِنْ عَدِیلٍ

مَا لَكَ عَنِّی الْیَوْمَ مِنْ عُدُولٍ***وَ حَسْبِیَ الرَّحْمَنُ مِنْ مُنِیلٍ

قَالَ تَمَّ شِعْرُ مَوْلَانَا الشَّهِیدِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ عَزِیزُ الْوُجُودِ.

«7»- جع (2)،[جامع الأخبار]: رُوِیَ أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام جَاءَهُ رَجُلٌ وَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ عَاصٍ وَ لَا أَصْبِرُ عَنِ الْمَعْصِیَةِ فَعِظْنِی بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ علیه السلام افْعَلْ خَمْسَةَ أَشْیَاءَ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ فَأَوَّلُ ذَلِكَ لَا تَأْكُلْ رِزْقَ اللَّهِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الثَّانِی اخْرُجْ مِنْ وَلَایَةِ اللَّهِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الثَّالِثُ اطْلُبْ مَوْضِعاً لَا یَرَاكَ اللَّهُ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الرَّابِعُ إِذَا جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِیَقْبِضَ رُوحَكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الْخَامِسُ إِذَا أَدْخَلَكَ مَالِكٌ فِی النَّارِ فَلَا تَدْخُلْ فِی النَّارِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ.

«8»- ختص (3)،[الإختصاص] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَتَبَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام یَا سَیِّدِی أَخْبِرْنِی بِخَیْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَكَتَبَ علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَی اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ أُمُورَ النَّاسِ وَ مَنْ طَلَبَ رَضِیَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی النَّاسِ وَ السَّلَامُ.

«9»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(4)، قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: إِنَّ حَوَائِجَ النَّاسِ إِلَیْكُمْ

ص: 126


1- 1. دال الایام: دارت. و دال الزمان: انقلب من حال الی حال.
2- 2. جامع الأخبار الفصل 89 و فیه عن علیّ بن الحسین.
3- 3. الاختصاص ص 225.
4- 4. مخطوط.

مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَیْكُمْ فَلَا تَمَلُّوا النِّعَمَ.

وَ قَالَ علیه السلام: اللَّهُمَّ لَا تَسْتَدْرِجْنِی بِالْإِحْسَانِ وَ لَا تُؤَدِّبْنِی بِالْبَلَاءِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ قَبِلَ عَطَاءَكَ فَقَدْ أَعَانَكَ عَلَی الْكَرَمِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَالُكَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَكَ كُنْتَ لَهُ فَلَا تَبْقَ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ لَا یَبْقَی عَلَیْكَ وَ كُلْهُ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَكَ.

«10»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (1)،: قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَوْماً لِابْنِ عَبَّاسٍ- لَا تَتَكَلَّمَنَّ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ الْوِزْرَ وَ لَا تَتَكَلَّمَنَّ فِیمَا یَعْنِیكَ حَتَّی تَرَی لِلْكَلَامِ مَوْضِعاً فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ فَعِیبَ وَ لَا تُمَارِیَنَّ حَلِیماً وَ لَا سَفِیهاً فَإِنَّ الْحَلِیمَ یَقْلِیكَ وَ السَّفِیهَ یُؤْذِیكَ وَ لَا تَقُولَنَّ فِی أَخِیكَ الْمُؤْمِنِ إِذَا تَوَارَی عَنْكَ إِلَّا مَا تُحِبُّ أَنْ یَقُولَ فِیكَ إِذَا تَوَارَیْتَ عَنْهُ وَ اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ یَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ مَجْزِیٌّ بِالْإِحْسَانِ وَ السَّلَامُ.

وَ بَلَغَهُ علیه السلام كَلَامُ نَافِعِ بْنِ جُبَیْرٍ(2) فِی مُعَاوِیَةَ وَ قَوْلُهُ إِنَّهُ كَانَ یُسْكِتُهُ الْحِلْمُ وَ یُنْطِقُهُ الْعِلْمُ فَقَالَ بَلْ كَانَ یُنْطِقُهُ الْبَطَرُ وَ یُسْكِتُهُ الْحَصَرُ.

«11»- أَعْلَامُ الدِّینِ (3)، قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: اعْلَمُوا أَنَّ حَوَائِجَ النَّاسِ إِلَیْكُمْ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَیْكُمْ فَلَا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَتَحَوَّلَ إِلَی غَیْرِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَعْرُوفَ مُكْسِبٌ حَمْداً وَ مُعَقِّبٌ أَجْراً فَلَوْ رَأَیْتُمُ الْمَعْرُوفَ رَجُلًا لَرَأَیْتُمُوهُ حَسَناً جَمِیلًا یَسُرُّ النَّاظِرِینَ وَ یَفُوقُ الْعَالَمِینَ وَ لَوْ رَأَیْتُمُ اللُّؤْمَ رَأَیْتُمُوهُ سَمِجاً قَبِیحاً مُشَوَّهاً تَنْفِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ وَ تُغَضُّ دُونَهُ الْأَبْصَارُ وَ مَنْ نَفَّسَ كُرْبَةَ مُؤْمِنٍ فَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَی عَنْهُ كُرَبَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مَنْ أَحْسَنَ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْهِ- وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ.

وَ تَذَاكَرُوا الْعَقْلَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا یَكْمُلُ الْعَقْلُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا فِی صُدُورِكُمْ إِلَّا شَیْ ءٌ وَاحِدٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَصِفَنَّ لِمَلِكٍ دَوَاءً فَإِنْ نَفَعَهُ لَمْ یَحْمَدْكَ وَ إِنْ ضَرَّهُ اتَّهَمَكَ.

ص: 127


1- 1. المصدر: ص 194.
2- 2. ابن مطعم یكنی أبا محمّد أو أبا عبد اللّٰه مات سنة 99.
3- 3. مخطوط.

وَ قَالَ علیه السلام: رُبَّ ذَنْبٍ أَحْسَنُ مِنَ الِاعْتِذَارِ مِنْهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَالُكَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَكَ كُنْتَ لَهُ مُنْفِقاً فَلَا تُنْفِقْهُ بَعْدَكَ فَیَكُنْ ذَخِیرَةً لِغَیْرِكَ وَ تَكُونُ أَنْتَ الْمُطَالَبَ بِهِ الْمَأْخُوذَ بِحِسَابِهِ اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَبْقَی لَهُ وَ لَا یَبْقَی عَلَیْكَ فَكُلْهُ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَكَ وَ كَانَ علیه السلام یَرْتَجِزُ یَوْمَ قُتِلَ وَ یَقُولُ:

الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ***وَ الْعَارُ خَیْرٌ مِنْ دُخُولِ النَّارِ

وَ اللَّه مِنْ هَذَا وَ هَذَا جَارٍ

وَ قَالَ علیه السلام: دِرَاسَةُ الْعِلْمِ لِقَاحُ الْمَعْرِفَةِ وَ طُولُ التَّجَارِبِ زِیَادَةٌ فِی الْعَقْلِ وَ الشَّرَفُ التَّقْوَی وَ الْقُنُوعُ رَاحَةُ الْأَبْدَانِ وَ مَنْ أَحَبَّكَ نَهَاكَ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَغْرَاكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَحْجَمَ عَنِ الرَّأْیِ وَ عَیِیَتْ بِهِ الْحِیَلُ كَانَ الرِّفْقُ مِفْتَاحَهُ (1).

باب 21 وصایا علی بن الحسین علیه السلام و مواعظه و حكمه

«1»- ف (2)،[تحف العقول] مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام فِی الزَّاهِدِینَ: أَنَّ عَلَامَةَ الزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ تَرْكُهُمْ كُلَّ خَلِیطٍ وَ خَلِیلٍ وَ رَفْضُهُمْ كُلَّ صَاحِبٍ لَا یُرِیدُ مَا یُرِیدُونَ أَلَا وَ إِنَّ الْعَامِلَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ هُوَ الزَّاهِدُ فِی عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْیَا الْآخِذُ لِلْمَوْتِ أُهْبَتَهُ (3) الْحَاثُّ عَلَی الْعَمَلِ قَبْلَ فَنَاءِ الْأَجَلِ وَ نُزُولِ مَا لَا بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ وَ تَقْدِیمِ الْحَذَرِ قَبْلَ الْحَیْنِ (4) فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ- حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً

ص: 128


1- 1. أحجم عن الشی ء: كف أو نكص هیبة.
2- 2. التحف ص 272.
3- 3. الاهبة: العدة و الأسباب.
4- 4. الحین- بالفتح-: الهلاك.

فِیما تَرَكْتُ (1) فَلْیُنْزِلَنَّ أَحَدُكُمْ الْیَوْمَ نَفْسَهُ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا كَمَنْزِلَةِ الْمَكْرُورِ إِلَی الدُّنْیَا النَّادِمِ عَلَی مَا فَرَّطَ فِیهَا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لِیَوْمِ فَاقَتِهِ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّهُ مَنْ خَافَ الْبَیَاتَ تَجَافَی عَنِ الْوِسَادِ وَ امْتَنَعَ مِنَ الرُّقَادِ(2) وَ أَمْسَكَ عَنْ بَعْضِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ مِنْ خَوْفِ سُلْطَانِ أَهْلِ الدُّنْیَا فَكَیْفَ وَیْحَكَ یَا ابْنَ آدَمَ مِنْ خَوْفِ بَیَاتِ سُلْطَانِ رَبِّ الْعِزَّةِ وَ أَخْذِهِ الْأَلِیمِ وَ بَیَاتِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ مَعَ طَوَارِقِ الْمَنَایَا(3) بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَذَلِكَ الْبَیَاتُ الَّذِی لَیْسَ مِنْهُ مَنْجًی وَ لَا دُونَهُ مُلْتَجَأٌ وَ لَا مِنْهُ مَهْرَبٌ فَخَافُوا اللَّهَ أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْبَیَاتِ خَوْفَ أَهْلِ التَّقْوَی فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِی وَ خافَ وَعِیدِ(4)

فَاحْذَرُوا زَهْرَةَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ غُرُورَهَا وَ شُرُورَهَا وَ تَذَكَّرُوا ضَرَرَ عَاقِبَةِ الْمَیْلِ إِلَیْهَا فَإِنَّ زِینَتَهَا فِتْنَةٌ وَ حُبَّهَا خَطِیئَةٌ وَ اعْلَمْ وَیْحَكَ یَا ابْنَ آدَمَ أَنَّ قَسْوَةَ الْبِطْنَةِ وَ فَتْرَةَ الْمَیْلَةِ وَ سُكْرَ الشِّبَعِ وَ غِرَّةَ الْمُلْكِ (5) مِمَّا یُثَبِّطُ وَ یُبْطِئُ عَنِ الْعَمَلِ وَ یُنْسِی الذِّكْرَ وَ یُلْهِی عَنِ اقْتِرَابِ الْأَجَلِ حَتَّی كَأَنَّ الْمُبْتَلَی بِحُبِّ الدُّنْیَا

بِهِ خَبَلٌ مِنْ سُكْرِ الشَّرَابِ (6) وَ إِنَّ الْعَاقِلَ عَنِ اللَّهِ الْخَائِفَ مِنْهُ الْعَامِلَ لَهُ لَیُمَرِّنُ نَفْسَهُ وَ یُعَوِّدُهَا الْجُوعَ حَتَّی مَا تَشْتَاقَ إِلَی الشِّبَعِ وَ كَذَلِكَ تُضَمَّرُ الْخَیْلُ لِسَبْقِ الرِّهَانِ (7)

ص: 129


1- 1. المؤمنون: 100.
2- 2. البیات: الهجوم علی الاعداء لیلا. و تجافی: تنحی. و الوسادة- بالتثلیث: المخدة و المتكاء. و الرقاد: النوم.
3- 3. المنایا: جمع المنیة أی الموت. و طوارق المنیة: دواهی الموت.
4- 4. سورة إبراهیم: 18.
5- 5. البطنة- بالكسر-: الامتلاء الشدید من الاكل. و فی بعض النسخ« نشوة البطنة و فطرة المیلة» و المیلة: الرغبة. و فی بعض النسخ« عزة الملك» و العزة: الحمیة و الغلبة.
6- 6. الخبل- بالتحریك-: اصابة الجنون و فساد فی العقل.
7- 7. تضمیر الفرس أن تعلفه حتّی یسمن ثمّ ترده عن القوت و ذلك فی أربعین یوما.

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ تَقْوَی مُؤَمِّلٍ ثَوَابَهُ وَ خَافٍ عِقَابَهُ (1) فَقَدْ لِلَّهِ أَنْتُمْ أَعْذَرَ وَ أَنْذَرَ وَ شَوَّقَ وَ خَوَّفَ فَلَا أَنْتُمْ إِلَی مَا شَوَّقَكُمْ إِلَیْهِ مِنْ كَرِیمِ ثَوَابِهِ تَشْتَاقُونَ فَتَعْمَلُونَ وَ لَا أَنْتُمْ مِمَّا خَوَّفَكُمْ بِهِ مِنْ شَدِیدِ عِقَابِهِ وَ أَلِیمِ عَذَابِهِ تَرْهَبُونَ فَتَنْكُلُونَ (2) وَ قَدْ نَبَّأَكُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ أَنَّهُ- فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْیِهِ وَ إِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (3) ثُمَّ ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ فِی كِتَابِهِ وَ صَرَّفَ الْآیَاتِ لِتَحْذَرُوا عَاجِلَ زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَقَالَ إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ (4) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِیعُوا- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ وَ مَا أَعْلَمُ إِلَّا كَثِیراً مِنْكُمْ قَدْ نَهَكَتْهُ (5) عَوَاقِبُ الْمَعَاصِی فَمَا حَذَرَهَا وَ أَضَرَّتْ بِدِینِهِ فَمَا مَقَتَهَا أَ مَا تَسْمَعُونَ النِّدَاءَ مِنَ اللَّهِ بِعَیْبِهَا وَ تَصْغِیرِهَا حَیْثُ قَالَ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَكُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِیدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ- سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ (6) وَ قَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ- وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (7)

ص: 130


1- 1. الخاف: الشدید الخوف.
2- 2. تنكلون: تنكصون و تخافون.
3- 3. سورة الأنبیاء: 94.
4- 4. سورة التغابن: 15.
5- 5. نهكه: بالغ فی عقوبته. و نهك العمی فلانا: هزلته و أضنته. و فی بعض النسخ« لقد هلكته».
6- 6. سورة الحدید: 20- 21.
7- 7. سورة الحشر: 18- 19.

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ تَفَكَّرُوا وَ اعْمَلُوا لِمَا خُلِقْتُمْ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ یَتْرُكْكُمْ سُدًی قَدْ عَرَّفَكُمْ نَفْسَهُ وَ بَعَثَ إِلَیْكُمْ رَسُولَهُ وَ أَنْزَلَ عَلَیْكُمْ كِتَابَهُ فِیهِ حَلَالُهُ وَ حَرَامُهُ وَ حُجَجُهُ وَ أَمْثَالُهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فَقَدِ احْتَجَّ عَلَیْكُمْ رَبُّكُمْ فَقَالَ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ- وَ

لِساناً وَ شَفَتَیْنِ- وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ (1) فَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَیْكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لَا تُكْلَانَ إِلَّا عَلَیْهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ نَبِیِّهِ وَ آلِهِ.

«2»- ف (2)،[تحف العقول]: كِتَابُهُ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِیِّ یَعِظُهُ (3)

ص: 131


1- 1. سورة البلد: 8- 10.
2- 2. التحف ص 274.
3- 3. محمّد بن مسلم بن عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه بن شهاب الزهری علی ما یظهر من كتب التراجم من المنحرفین عن أمیر المؤمنین و أبنائه علیهم السلام كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبیر و جده عبید اللّٰه مع المشركین یوم بدر، و كان هو أكثر عمره عاملا لبنی مروان و یتقلب فی دنیاهم، جعله هشام بن عبد الملك معلم أولاده و أمره أن یملی علی أولاده أحادیث فأملی علیهم أربعمائة حدیث. و أنت خبیر بأن الذی خدم بنی أمیّة منذ خمسین سنة ما مبلغ علمه و ما ذا حدیثه و معلوم أن كل ما أملی من هذه الأحادیث هو ما یروق هؤلاء و لا یكون فیه شی ء من فضل علی علیه السلام و ولده. و من هنا أطراه علماؤهم و رفعوه فوق منزلته بحیث تعجب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم. روی ابن أبی الحدید فی شرح النهج علی ما حكاه صاحب تنقیح المقال( ره)- عن جریر بن عبد الحمید عن محمّد بن شیبة قال: شهدت الزهری و عروة بن الزبیر فی مسجد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله جالسان یذكران علیّا علیه السلام و نالا منه فبلغ ذلك علی بن الحسین علیهما السلام فجاء حتّی وقف علیهما فقال: أما أنت یا عروة فان أبی حاكم أباك إلی اللّٰه فحكم لابی علی أبیك، و أمّا أنت یا زهری فلو كنت بمكّة لاریتك كرامتك و فی رجال الشیخ الطوسیّ و العلامة و ابن داود و التفرشی أنّه عدو، و فی المحكی عن السیّد بن طاوس فی التحریر الطاوسی أن سفیان بن سعید و الزهری عدوان متّهمان. و بالتأمل فی رسالة الإمام علیه السلام یعلم صدق ما قلناه.

كَفَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ مِنَ الْفِتَنِ وَ رَحِمَكَ مِنَ النَّارِ فَقَدْ أَصْبَحْتَ بِحَالٍ یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَكَ بِهَا أَنْ یَرْحَمَكَ فَقَدْ أَثْقَلَتْكَ نِعَمُ اللَّهِ بِمَا أَصَحَّ مِنْ بَدَنِكَ وَ أَطَالَ مِنْ عُمُرِكَ وَ قَامَتْ عَلَیْكَ حُجَجُ اللَّهِ بِمَا حَمَّلَكَ مِنْ كِتَابِهِ وَ فَقَّهَكَ فِیهِ مِنْ دِینِهِ وَ عَرَّفَكَ مِنْ سُنَّةِ نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَضَ لَكَ فِی كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ بِمَا عَلَیْكَ وَ فِی كُلِّ حُجَّةٍ احْتَجَّ بِهَا عَلَیْكَ الْفَرْضَ فَمَا قَضَی إِلَّا ابْتَلَی شُكْرَكَ فِی ذَلِكَ وَ أَبْدَی فِیهِ فَضْلَهُ عَلَیْكَ (1) فَقَالَ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِی لَشَدِیدٌ(2) فَانْظُرْ أَیُّ رَجُلٍ تَكُونُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ فَسَأَلَكَ عَنْ نِعَمِهِ عَلَیْكَ كَیْفَ رَعَیْتَهَا وَ عَنْ حُجَجِهِ عَلَیْكَ كَیْفَ قَضَیْتَهَا وَ لَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ قَابِلًا مِنْكَ بِالتَّعْذِیرِ وَ لَا رَاضِیاً مِنْكَ بِالتَّقْصِیرِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ لَیْسَ كَذَلِكَ أَخَذَ عَلَی الْعُلَمَاءِ فِی كِتَابِهِ إِذْ قَالَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ (3)

وَ اعْلَمْ أَنَّ أَدْنَی مَا كَتَمْتَ وَ أَخَفَّ مَا احْتَمَلْتَ أَنْ آنَسْتَ وَحْشَةَ الظَّالِمِ وَ سَهَّلْتَ لَهُ طَرِیقَ الْغَیِّ بِدُنُوِّكَ مِنْهُ حِینَ دَنَوْتَ وَ إِجَابَتِكَ لَهُ حِینَ دُعِیتَ فَمَا أَخْوَفَنِی أَنْ تَكُونَ تَبُوءُ بِإِثْمِكَ غَداً مَعَ الْخَوَنَةِ وَ أَنْ تُسْأَلَ عَمَّا أَخَذْتَ بِإِعَانَتِكَ عَلَی ظُلْمِ الظَّلَمَةِ إِنَّكَ أَخَذْتَ مَا لَیْسَ لَكَ مِمَّنْ أَعْطَاكَ وَ دَنَوْتَ مِمَّنْ لَمْ یَرُدَّ عَلَی أَحَدٍ حَقّاً وَ لَمْ تَرُدَّ بَاطِلًا حِینَ أَدْنَاكَ وَ أَحْبَبْتَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ (4) أَ وَ لَیْسَ بِدُعَائِهِ إِیَّاكَ حِینَ دَعَاكَ جَعَلُوكَ قُطْباً أَدَارُوا بِكَ رَحَی مَظَالِمِهِمْ وَ جِسْراً یَعْبُرُونَ عَلَیْكَ إِلَی بَلَایَاهُمْ وَ سُلَّماً إِلَی ضَلَالَتِهِمْ دَاعِیاً إِلَی غَیِّهِمْ سَالِكاً سَبِیلَهُمْ یُدْخِلُونَ

بِكَ الشَّكَّ عَلَی الْعُلَمَاءِ وَ یَقْتَادُونَ بِكَ قُلُوبَ الْجُهَّالِ إِلَیْهِمْ فَلَمْ یَبْلُغْ أَخَصُّ وُزَرَائِهِمْ وَ لَا أَقْوَی أَعْوَانِهِمْ إِلَّا دُونَ مَا بَلَغْتَ مِنْ إِصْلَاحِ فَسَادِهِمْ

ص: 132


1- 1. فی بعض النسخ« فرضی لك فی كل نعمة أنعم بها علیك و فی كل حجة احتج بها علیك الفرض بما قضی الا ابتلی شكرك الخ».
2- 2. سورة إبراهیم: 7.
3- 3. سورة آل عمران: 187.
4- 4. فی بعض النسخ« و أجبت من حاد اللّٰه».

وَ اخْتِلَافِ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ إِلَیْهِمْ فَمَا أَقَلَّ مَا أَعْطَوْكَ فِی قَدْرِ مَا أَخَذُوا مِنْكَ وَ مَا أَیْسَرَ مَا عَمَرُوا لَكَ فَكَیْفَ مَا خَرَّبُوا عَلَیْكَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا یَنْظُرُ لَهَا غَیْرُكَ وَ حَاسِبْهَا حِسَابَ رَجُلٍ مَسْئُولٍ وَ انْظُرْ كَیْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِیراً وَ كَبِیراً فَمَا أَخْوَفَنِی أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ یَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنی وَ یَقُولُونَ سَیُغْفَرُ لَنا(1) إِنَّكَ لَسْتَ فِی دَارِ مُقَامٍ أَنْتَ فِی دَارٍ قَدْ آذَنَتْ بِرَحِیلٍ فَمَا بَقَاءُ الْمَرْءِ بَعْدَ قُرَنَائِهِ طُوبَی لِمَنْ كَانَ فِی الدُّنْیَا عَلَی وَجَلٍ یَا بُؤْسَ لِمَنْ یَمُوتُ وَ تَبْقَی ذُنُوبُهُ مِنْ بَعْدِهِ احْذَرْ فَقَدْ نُبِّئْتَ وَ بَادِرْ فَقَدْ أُجِّلْتَ إِنَّكَ تُعَامِلُ مَنْ لَا یَجْهَلُ وَ إِنَّ الَّذِی یَحْفَظُ عَلَیْكَ لَا یَغْفُلُ تَجَهَّزْ فَقَدْ دَنَا مِنْكَ سَفَرٌ بَعِیدٌ وَ دَاوِ ذَنْبَكَ فَقَدْ دَخَلَهُ سُقْمٌ شَدِیدٌ وَ لَا تَحْسَبْ أَنِّی أَرَدْتُ تَوْبِیخَكَ وَ تَعْنِیفَكَ وَ تَعْیِیرَكَ (2) لَكِنِّی أَرَدْتُ أَنْ یَنْعَشَ اللَّهُ مَا قَدْ فَاتَ مِنْ رَأْیِكَ وَ یَرُدَّ إِلَیْكَ مَا عَزَبَ مِنْ دِینِكَ (3) وَ ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ- وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ (4) أَ غَفَلْتَ ذِكْرَ مَنْ مَضَی مِنْ أَسْنَانِكَ وَ أَقْرَانِكَ وَ بَقِیتَ بَعْدَهُمْ كَقَرْنٍ أَعْضَبَ (5) انْظُرْ هَلِ ابْتُلُوا بِمِثْلِ مَا ابْتُلِیتَ أَمْ هَلْ وَقَعُوا فِی مِثْلِ مَا وَقَعْتَ فِیهِ أَمْ هَلْ تَرَاهُمْ

ص: 133


1- 1. سورة الأعراف: 168.
2- 2. عنفه: لامه و عتب علیه و لم یرفق به. و ینعش اللّٰه ما فات أی یجبر و یتدارك.
3- 3. عزب- بالعین المهملة و الزای المعجمة-: بعد.
4- 4. سورة الذاریات: 55.
5- 5. الاعضب: المكسور القرن. و لعلّ المراد: بقیت كأحد قرنی الاعضب. و العضباء: الشاة المكسورة القرن.

ذَكَرْتَ خَیْراً عَلِمُوهُ (1) وَ عَلِمْتَ شَیْئاً جَهِلُوهُ بَلْ حَظِیتَ (2) بِمَا حَلَّ مِنْ حَالِكَ فِی صُدُورِ الْعَامَّةِ وَ كَلَّفَهُمْ بِكَ إِذْ صَارُوا یَقْتَدُونَ بِرَأْیِكَ وَ یَعْمَلُونَ بِأَمْرِكَ إِنْ أَحْلَلْتَ أَحَلُّوا وَ إِنْ حَرَّمْتَ حَرَّمُوا وَ لَیْسَ ذَلِكَ عِنْدَكَ وَ لَكِنْ أَظْهَرَهُمْ عَلَیْكَ رَغْبَتُهُمْ فِیمَا لَدَیْكَ ذَهَابُ عُلَمَائِهِمْ وَ غَلَبَةُ الْجَهْلِ عَلَیْكَ وَ عَلَیْهِمْ وَ حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَ طَلَبُ الدُّنْیَا مِنْكَ وَ مِنْهُمْ أَ مَا تَرَی مَا أَنْتَ فِیهِ مِنَ الْجَهْلِ وَ الْغِرَّةِ وَ مَا النَّاسُ فِیهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْفِتْنَةِ قَدِ ابْتَلَیْتَهُمْ وَ فَتَنْتَهُمْ بِالشُّغُلِ عَنْ مَكَاسِبِهِمْ مِمَّا رَأَوْا فَتَاقَتْ نُفُوسُهُمْ (3) إِلَی أَنْ یَبْلُغُوا مِنَ الْعِلْمِ مَا

بَلَغْتَ أَوْ یُدْرِكُوا بِهِ مِثْلَ الَّذِی أَدْرَكْتَ فَوَقَعُوا مِنْكَ فِی بَحْرٍ لَا یُدْرَكُ عُمْقُهُ وَ فِی بَلَاءٍ لَا یُقْدَرُ قَدْرُهُ فَاللَّهُ لَنَا وَ لَكَ وَ هُوَ الْمُسْتَعَانُ أَمَّا بَعْدُ فَأَعْرِضْ عَنْ كُلِّ مَا أَنْتَ فِیهِ حَتَّی تَلْحَقَ بِالصَّالِحِینَ الَّذِینَ دُفِنُوا فِی أَسْمَالِهِمْ (4)

لَاصِقَةً بُطُونُهُمْ بِظُهُورِهِمْ لَیْسَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ حِجَابٌ وَ لَا تَفْتِنُهُمُ الدُّنْیَا وَ لَا یُفْتَنُونَ بِهَا رَغِبُوا فَطُلِبُوا فَمَا لَبِثُوا أَنْ لَحِقُوا فَإِذَا كَانَتِ الدُّنْیَا تَبْلُغُ مِنْ مِثْلِكَ هَذَا الْمَبْلَغَ مَعَ كِبَرِ سِنِّكَ وَ رُسُوخِ عِلْمِكَ وَ حُضُورِ أَجَلِكَ فَكَیْفَ یَسْلَمُ الْحَدَثُ فِی سِنِّهِ الْجَاهِلُ فِی عِلْمِهِ الْمَأْفُونُ فِی رَأْیِهِ (5) الْمَدْخُولُ فِی عَقْلِهِ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ عَلَی مَنِ الْمُعَوَّلُ وَ عِنْدَ مَنِ الْمُسْتَعْتَبُ نَشْكُو إِلَی اللَّهِ بَثَّنَا(6) وَ مَا نَرَی فِیكَ وَ نَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ مُصِیبَتَنَا بِكَ فَانْظُرْ كَیْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِیراً وَ كَبِیراً وَ كَیْفَ إِعْظَامُكَ لِمَنْ

ص: 134


1- 1. فی بعض النسخ« أم هل تری ذكرت خیرا علموه و عملت شیئا جهلوه». و فی بعضها« أم هل تراه ذكرا خیرا عملوه و عملت شیئا جهلوه».
2- 2. من الحظ. رجل حظی إذا كان ذا منزلة.
3- 3. تاقت: اشتاقت.
4- 4. الاسمال: جمع سمل- بالتحریك-: الثوب الخلق البالی.
5- 5. المأفون: الذی ضعف رأیه. و المدخول فی عقله: الذی دخل فی عقله الفساد.
6- 6. المعول: المعتمد و المستغاث. و استعتبه: استرضاه. و البث: الحال، الشتات، أشدّ الحزن.

جَعَلَكَ بِدِینِهِ فِی النَّاسِ جَمِیلًا وَ كَیْفَ صِیَانَتُكَ لِكِسْوَةِ مَنْ جَعَلَكَ بِكِسْوَتِهِ فِی النَّاسِ سَتِیراً وَ كَیْفَ قُرْبُكَ أَوْ بُعْدُكَ مِمَّنْ أَمَرَكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ قَرِیباً ذَلِیلًا مَا لَكَ لَا تَنْتَبِهُ مِنْ نَعْسَتِكَ وَ تَسْتَقِیلُ مِنْ عَثْرَتِكَ فَتَقُولَ وَ اللَّهِ مَا قُمْتُ لِلَّهِ وَاحِداً أَحْیَیْتُ بِهِ لَهُ دِیناً أَوْ أَمَتُّ لَهُ فِیهِ بَاطِلًا فَهَذَا شُكْرُكَ مَنِ اسْتَحْمَلَكَ (1) مَا أَخْوَفَنِی أَنْ تَكُونَ كَمَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ- أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا(2)

اسْتَحْمَلَكَ كِتَابَهُ وَ اسْتَوْدَعَكَ عِلْمَهُ فَأَضَعْتَهَا فَنَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِی عَافَانَا مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَ السَّلَامُ.

«3»- ف (3)،[تحف العقول] وَ رَوَی عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی.

«1»- وَ قَالَ علیه السلام: الرِّضَی بِمَكْرُوهِ الْقَضَاءِ أَرْفَعُ دَرَجَاتِ الْیَقِینِ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَرُمَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَیْهِ الدُّنْیَا.

«3»- وَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ خَطَراً(4) فَقَالَ علیه السلام مَنْ لَمْ یَرَ الدُّنْیَا خَطَراً لِنَفْسِهِ وَ قَالَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ اللَّهُمَّ أَغْنِنِی عَنْ خَلْقِكَ (5) فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ هَكَذَا إِنَّمَا النَّاسُ بِالنَّاسِ وَ لَكِنْ قُلِ اللَّهُمَّ أَغْنِنِی عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ (6).

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ تَقْوَی وَ كَیْفَ یَقِلُّ مَا یُتَقَبَّلُ.

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا الْكَذِبَ الصَّغِیرَ مِنْهُ وَ الْكَبِیرَ فِی كُلِّ جِدٍّ وَ هَزْلٍ.

ص: 135


1- 1. استحملك: سألك أن یحمل. و فی بعض النسخ« من استعملك». أی سألك أن یعمل.
2- 2. سورة مریم: 59.
3- 3. التحف ص 278.
4- 4. الخطر- بالتحریك-: الخطیر أی ذو قدر و مقام.
5- 5. فی بعض النسخ« من خلقك».
6- 6. فی بعض النسخ« كان» موضع« فهو».

فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَذَبَ فِی الصَّغِیرِ اجْتَرَأَ عَلَی الْكَبِیرِ(1).

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَی بِنَصْرِ اللَّهِ لَكَ أَنْ تَرَی عَدُوَّكَ یَعْمَلُ بِمَعَاصِی اللَّهِ فِیكَ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: الْخَیْرُ كُلُّهُ صِیَانَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام لِبَعْضِ بَنِیهِ: یَا بُنَیَّ إِنَّ اللَّهَ رَضِیَنِی لَكَ وَ لَمْ یَرْضَكَ لِی فَأَوْصَاكَ بِی وَ لَمْ یُوصِنِی بِكَ عَلَیْكَ بِالْبِرِّ تُحْفَةً یَسِیرَةً وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا الزُّهْدُ فَقَالَ علیه السلام الزُّهْدُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ(2) فَأَعْلَی دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَی دَرَجَاتِ الْوَرَعِ وَ أَعْلَی دَرَجَاتِ الْوَرَعِ أَدْنَی دَرَجَاتِ الْیَقِینِ وَ أَعْلَی دَرَجَاتِ الْیَقِینِ أَدْنَی دَرَجَاتِ الرِّضَی وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِی آیَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ- لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (3).

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: طَلَبُ الْحَوَائِجِ إِلَی النَّاسِ مَذَلَّةٌ لِلْحَیَاةِ وَ مَذْهَبَةٌ لِلْحَیَاءِ وَ اسْتِخْفَافٌ بِالْوَقَارِ وَ هُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ وَ قِلَّةُ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنَ النَّاسِ هُوَ الْغِنَی الْحَاضِرُ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَی اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ عَمَلًا وَ إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَمَلًا أَعْظَمُكُمْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَةً وَ إِنَّ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ خَشْیَةً لِلَّهِ وَ إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنَ اللَّهِ أَوْسَعُكُمْ خُلُقاً وَ إِنَّ أَرْضَاكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَسْبَغُكُمْ عَلَی عِیَالِهِ (4) وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَی اللَّهِ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ.

ص: 136


1- 1. رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 338 و فیه بعد قوله:« علی الكبیر»:« أ ما علمتم أن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال: ما یزال العبد یصدق حتّی یكتبه اللّٰه صدیقا، و ما یزال العبد یكذب حتّی یكتبه اللّٰه كذابا».
2- 2. رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 129 بإسناده عن هاشم بن برید عن أبیه أن رجلا سأل علیّ بن الحسین علیهما السلام عن الزهد فقال: عشرة أشیاء الحدیث. و فی ص 62: عنه علیه السلام أیضا و فیه عشرة أجزاء و هكذا رواه الصدوق فی الخصال.
3- 3. سورة الحدید: 23.
4- 4. و كذا فی الكافی و الفقیه. و فی بعض النسخ« أسعاكم علی عیاله».

«14»- وَ قَالَ علیه السلام لِبَعْضِ بَنِیهِ: یَا بُنَیَّ انْظُرْ خَمْسَةً فَلَا تُصَاحِبْهُمْ وَ لَا تُحَادِثْهُمْ وَ لَا تُرَافِقْهُمْ فِی طَرِیقٍ فَقَالَ یَا أَبَتِ مَنْ هُمْ (1) قَالَ علیه السلام إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّرَابِ یُقَرِّبُ لَكَ الْبَعِیدَ وَ یُبَعِّدُ لَكَ الْقَرِیبَ وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفَاسِقِ فَإِنَّهُ بَایَعَكَ بِأُكْلَةٍ(2) أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْبَخِیلِ فَإِنَّهُ یَخْذُلُكَ فِی مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَیْهِ وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَنْفَعَكَ فَیَضُرُّكَ وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ فَإِنِّی وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِی كِتَابِ اللَّهِ (3).

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْمَعْرِفَةَ وَ كَمَالَ دَیْنِ الْمُسْلِمِ تَرْكُهُ الْكَلَامَ فِیمَا لَا یَعْنِیهِ وَ قِلَّةُ مِرَائِهِ وَ حِلْمُهُ وَ صَبْرُهُ وَ حُسْنُ خُلُقِهِ (4).

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَیْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ وَ مَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ وَ مَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَ الْحَذَرُ لَكَ دِثَاراً(5) ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ مَبْعُوثٌ وَ مَوْقُوفٌ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً(6).

ص: 137


1- 1. فی الكافی ج 2 ص 641« یا أبه من هم عرفنیهم».
2- 2. الاكلة- بضم الهمزة-: اللقمة.
3- 3. رواه الكلینی( ره) فی الكافی ج 2 ص 641 و فیه: فانی وجدته ملعونا فی كتاب اللّٰه عزّ و جلّ فی ثلاثة مواضع: قال اللّٰه عزّ و جلّ:« فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمی أَبْصارَهُمْ» و قال عزّ و جلّ: « الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِیثاقِهِ وَ یَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ». و قال فی البقرة:« الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِیثاقِهِ وَ یَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ».
4- 4. رواه الصدوق( ره) فی الخصال و الكلینی( ره) فی الكافی ج 2 ص 240 و فیهما« ان المعرفة بكمال دین المسلم».
5- 5. و رواه المفید( ره) فی أمالیه و فیه« و الحزن دثارا». و هكذا فی أمالی الشیخ.
6- 6. فی الأمالی« ابن آدم انك میت و مبعوث بین یدی اللّٰه الخ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا حَسَبَ لِقُرَشِیٍّ وَ لَا لِعَرَبِیٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَی وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِیَّةٍ وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِالتَّفَقُّهِ أَلَا وَ إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَی اللَّهِ مَنْ یَقْتَدِی بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَ لَا یَقْتَدِی بِأَعْمَالِهِ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ مِنْ دُعَائِهِ عَلَی ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ یُدَّخَرَ لَهُ وَ إِمَّا أَنْ یُعَجَّلَ لَهُ وَ إِمَّا أَنْ یُدْفَعَ عَنْهُ بَلَاءٌ یُرِیدُ أَنْ یُصِیبَهُ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْمُنَافِقَ یَنْهَی وَ لَا یَنْتَهِی وَ یَأْمُرُ وَ لَا یَأْتِی إِذَا قَامَ إِلَی الصَّلَاةِ اعْتَرَضَ وَ إِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَ إِذَا سَجَدَ نَقَرَ(1) یُمْسِی وَ هَمُّهُ الْعَشَاءُ وَ لَمْ یَصُمْ (2) وَ یُصْبِحُ وَ هَمُّهُ النَّوْمُ وَ لَمْ یَسْهَرْ وَ الْمُؤْمِنُ خَلَطَ عَمَلَهُ بِحِلْمِهِ یَجْلِسُ لِیَعْلَمَ (3) وَ یُنْصِتُ لِیَسْلَمَ- لَا یُحَدِّثُ بِالْأَمَانَةِ الْأَصْدِقَاءَ وَ لَا یَكْتُمُ الشَّهَادَةَ لِلْبُعَدَاءِ وَ لَا یَعْمَلُ شَیْئاً مِنَ الْحَقِّ رِئَاءً وَ لَا یَتْرُكُهُ حَیَاءً إِنْ زُكِّیَ خَافَ مِمَّا یَقُولُونَ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِمَا لَا یَعْلَمُونَ وَ لَا یَضُرُّهُ جَهْلُ مَنْ جَهِلَهُ.

«20»- وَ رَأَی علیه السلام عَلِیلًا قَدْ بَرَأَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ یَهْنَؤُكَ الطَّهُورُ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَكَ فَاذْكُرْهُ وَ أَقَالَكَ فَاشْكُرْهُ.

ص: 138


1- 1. رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 396 عن أبی حمزة عنه علیه السلام و فیه« یأمر بما لا یأتی و إذا قام الی الصلاة اعترض، قلت: یا ابن رسول اللّٰه و ما الاعتراض؟ قال: الالتفات. و إذا ركع ربض- الخ». و الربوض استقرار الغنم و شبهه علی الأرض و كأنّ المراد انه یسقط نفسه علی الأرض من قبل أن یرفع رأسه من الركوع كإسقاط الغنم عند ربوضه. و النقر التقاط الطائر الحب بمنقاره. أی خفف السجود. و رواه الصدوق رحمه اللّٰه فی الأمالی المجلس 74 بتقدیم و تأخیر مع زیادة.
2- 2. العشاء- بالفتح: الطعام الذی یتعشی به.
3- 3. رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 231 و فیه« یصمت لیسلم و ینطق لیغنم، لا یحدث أمانته الاصدقاء و لا یكتم شهادته من البعداء- الی أن قال-: لا یغره قول من جهله و یخاف إحصاء ما عمله».

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: خَمْسٌ لَوْ رَحَلْتُمْ فِیهِنَّ لَأَنْضَیْتُمُوهُنَ (1) وَ مَا قَدَرْتُمْ عَلَی مِثْلِهِنَّ- لَا یَخَافُ عَبْدٌ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَسْتَحِی الْجَاهِلُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ.

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: یَقُولُ اللَّهُ یَا ابْنَ آدَمَ ارْضَ بِمَا آتَیْتُكَ تَكُنْ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ ابْنَ آدَمَ اعْمَلْ بِمَا افْتَرَضْتُ عَلَیْكَ تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مِمَّا حَرَّمْتُ عَلَیْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِحُسْنِ السَّتْرِ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ.

«24»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا سَوْأَتَاهْ لِمَنْ غَلَبَتْ إِحْدَاتُهُ عَشَرَاتِهِ یُرِیدُ أَنَّ السَّیِّئَةَ بِوَاحِدَةٍ وَ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةٍ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الدُّنْیَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَكُونُوا مِنَ الزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا وَ الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ لِأَنَّ الزَّاهِدِینَ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللَّهِ بِسَاطاً وَ التُّرَابَ فِرَاشاً وَ الْمَدَرَ وِسَاداً وَ الْمَاءَ طِیباً وَ قَرَضُوا الْمَعَاشَ مِنَ الدُّنْیَا تَقْرِیضاً اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْجَنَّةِ سَارَعَ إِلَی الْحَسَنَاتِ وَ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ (2) وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ بَادَرَ بِالتَّوْبَةِ إِلَی اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ رَاجَعَ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ مَنْ زَهِدَ

ص: 139


1- 1. أنضت الدابّة: هزلتها الاسفار. و الظاهر أن الضمیر راجع الی المطیة التی تفهم من فحوی الكلام، و قد مضی هذا الكلام أیضا عن أمیر المؤمنین علیه السلام كرارا، و فی بعض النسخ« لو دخلتم فیهن لأبعتموهن». و رواه الصدوق فی الخصال عن أمیر المؤمنین علیه السلام بدون قوله« لانضیتموهن».
2- 2. سلا عن الشی ء: نسیه و هجره. و اشفق: خاف و حذر. و رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 132 بادنی تفاوت.

فِی الدُّنْیَا هَانَتْ عَلَیْهِ مَصَائِبُهَا وَ لَمْ یَكْرَهْهَا وَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَعِبَاداً قُلُوبُهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِالْآخِرَةِ وَ ثَوَابِهَا وَ هُمْ كَمَنْ رَأَی أَهْلَ الْجَنَّةِ فِی الْجَنَّةِ مُخَلَّدِینَ مُنَّعَمِینَ وَ كَمَنْ رَأَی أَهْلَ النَّارِ فِی النَّارِ مُعَذَّبِینَ فَأُولَئِكَ شُرُورُهُمْ وَ بَوَائِقُهُمْ عَنِ النَّاسِ مَأْمُونَةٌ وَ ذَلِكَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ عَنِ النَّاسِ مَشْغُولَةٌ بِخَوْفِ اللَّهِ فَطَرْفُهُمْ عَنِ الْحَرَامِ مَغْضُوضٌ وَ حَوَائِجُهُمْ إِلَی النَّاسِ خَفِیفَةٌ قَبِلُوا الْیَسِیرَ مِنَ اللَّهِ فِی الْمَعَاشِ وَ هُوَ الْقُوتُ فَصَبَرُوا أَیَّاماً قُصَارَی لِطُولِ الْحَسْرَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

«26»- وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنِّی لَأُحِبُّكَ فِی اللَّهِ حُبّاً شَدِیداً فَنَكَسَ علیه السلام رَأْسَهُ (1) ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُحَبَّ فِیكَ وَ أَنْتَ لِی مُبْغِضٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ أُحِبُّكَ لِلَّذِی تُحِبُّنِی فِیهِ.

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ لَیُبْغِضُ الْبَخِیلَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ.

«28»- وَ قَالَ علیه السلام: رُبَّ مَغْرُورٍ مَفْتُونٍ یُصْبِحُ لَاهِیاً ضَاحِكاً یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ وَ هُوَ لَا یَدْرِی لَعَلَّهُ قَدْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ سَخَطَةٌ یَصْلَی بِهَا نَارَ جَهَنَّمَ (2).

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْإِنْفَاقَ عَلَی قَدْرِ الْإِقْتَارِ(3) وَ التَّوَسُّعَ عَلَی قَدْرِ التَّوَسُّعِ وَ إِنْصَافَ النَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ وَ ابْتِدَاءَهُ إِیَّاهُمْ بِالسَّلَامِ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثٌ مُنْجِیَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ كَفُّ لِسَانِهِ عَنِ النَّاسِ وَ اغْتِیَابِهِمْ وَ إِشْغَالُهُ نَفْسَهُ بِمَا یَنْفَعُهُ لآِخِرَتِهِ وَ دُنْیَاهُ وَ طُولُ الْبُكَاءِ عَلَی خَطِیئَتِهِ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: نَظَرُ الْمُؤْمِنِ فِی وَجْهِ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ لِلْمَوَدَّةِ وَ الْمَحَبَّةِ لَهُ عِبَادَةٌ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ كَانَ فِی كَنَفِ اللَّهِ (4) وَ أَظَلَّهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی ظِلِّ عَرْشِهِ وَ آمَنَهُ مِنْ فَزِعِ الْیَوْمِ الْأَكْبَرِ مَنْ أَعْطَی مِنْ نَفْسِهِ

ص: 140


1- 1. نكس رأسه: طأطأه و خفضه.
2- 2. فی بعض النسخ« یصله بها فی نار جهنم».
3- 3. الاقتار: القلة و التضیق فی الرزق.
4- 4. كنف اللّٰه- بالتحریك-: ظله و حضنه.

مَا هُوَ سَائِلُهُمْ لِنَفْسِهِ وَ رَجُلٌ لَمْ یُقَدِّمْ یَداً وَ لَا رِجْلًا حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ قَدَّمَهَا أَوْ فِی مَعْصِیَتِهِ وَ رَجُلٌ لَمْ یَعِبْ أَخَاهُ بِعَیْبٍ حَتَّی یَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَیْبَ مِنْ نَفْسِهِ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ شُغُلًا بِعَیْبِهِ لِنَفْسِهِ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ مِنْ عِفَّةِ بَطْنٍ وَ فَرْجٍ وَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ أَنْ یُسْأَلَ.

«34»- وَ قَالَ لِابْنِهِ مُحَمَّدٍ علیه السلام افْعَلِ الْخَیْرَ إِلَی كُلِّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْكَ فَإِنْ كَانَ أَهْلَهُ فَقَدْ أَصَبْتَ مَوْضِعَهُ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ بِأَهْلٍ كُنْتَ أَنْتَ أَهْلَهُ وَ إِنْ شَتَمَكَ رَجُلٌ عَنْ یَمِینِكَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَی یَسَارِكَ وَ اعْتَذَرَ إِلَیْكَ فَاقْبَلْ عُذْرَهُ (1).

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: مَجَالِسُ الصَّالِحِینَ دَاعِیَةٌ إِلَی الصَّلَاحِ (2) وَ آدَابُ الْعُلَمَاءِ زِیَادَةٌ فِی الْعَقْلِ وَ طَاعَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ تَمَامُ الْعِزِّ وَ اسْتِنْمَاءُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوَّةِ(3) وَ إِرْشَادُ الْمُسْتَشِیرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَ كَفُّ الْأَذَی مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَ فِیهِ رَاحَةٌ لِلْبَدَنِ عَاجِلًا وَ آجِلًا(4)

«36»- وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ- وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها(5) یَقُولُ علیه السلام سُبْحَانَ مَنْ لَمْ یَجْعَلْ فِی أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلَّا

ص: 141


1- 1. رواه الكلینی فی الروضة و فیها« و ان لم یكن أهله كنت أنت أهله».
2- 2. فی الكافی« مجالسة الصالحین داعیة الی الصلاح».
3- 3. فی الكافی« طاعة ولاة العدل تمام العز، و استثمار المال تمام المروة».
4- 4. قال الفیض- رحمه اللّٰه-: فی كلامه علیه السلام ترغیب الی المعاشرة مع الناس و المؤانسة بهم و استفادة كل فضیلة من أهلها و زجر عن الاعتزال و الانقطاع اللذین هما منبت النفاق و مغرس الوسواس و الحرمان عن المشرب الاتم المحمدی و المقام المحمود الجمعی، و الموجب لترك كثیر من الفضائل و الخیرات و فوت السنن الشرعیة و آداب الجمعة و الجماعات و انسداد أبواب مكارم الأخلاق.
5- 5. سورة إبراهیم: 37. أی لا تحصروها و لا تطیقوا عدّ أنواعها فضلا من أفرادها فانها غیر متناهیة. قاله البیضاوی.

الْمَعْرِفَةَ بِالتَّقْصِیرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا كَمَا لَمْ یَجْعَلْ فِی أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا یُدْرِكُهُ فَشَكَرَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْرِفَةَ الْعَارِفِینَ بِالتَّقْصِیرِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَ جَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِیرِ شُكْراً كَمَا جَعَلَ عِلْمَ الْعَالِمِینَ أَنَّهُمْ لَا یُدْرِكُونَهُ إِیمَاناً عِلْماً مِنْهُ أَنَّهُ قَدْرُ وُسْعِ الْعِبَادِ فَلَا یُجَاوِزُونَ ذَلِكَ.

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الِاعْتِرَافَ بِالنِّعْمَةِ لَهُ حَمْداً سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الِاعْتِرَافَ بِالْعَجْزِ عَنِ الشُّكْرِ شُكْراً.

«4»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ هُوَ یَقُولُ: عَجَباً لِلْمُتَكَبِّرِ الْفَخُورِ الَّذِی كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً وَ هُوَ غَداً جِیفَةٌ وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ شَكَّ فِی اللَّهِ وَ هُوَ یَرَی الْخَلْقَ وَ الْعَجَبُ

كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمَوْتَ وَ هُوَ یَمُوتُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرَی وَ هُوَ یَرَی النَّشْأَةَ الْأُولَی وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ عَمِلَ لِدَارِ الْفَنَاءِ وَ تَرَكَ دَارَ الْبَقَاءِ.

«5»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(2)، قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: خَفِ اللَّهَ تَعَالَی لِقُدْرَتِهِ عَلَیْكَ وَ اسْتَحْیِ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْكَ وَ لَا تُعَادِیَنَّ أَحَداً وَ إِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهُ لَا یَضُرُّكَ وَ لَا تَزْهَدَنَّ صَدَاقَةَ أَحَدٍ وَ إِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَتَی تَرْجُو صَدِیقَكَ وَ لَا تَدْرِی مَتَی تَخَافُ عَدُوَّكَ وَ لَا یَعْتَذِرُ إِلَیْكَ أَحَدٌ إِلَّا قَبِلْتَ عُذْرَهُ وَ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَ لْیَقِلَّ عَیْبُ النَّاسِ عَلَی لِسَانِكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَتَبَ عَلَی الزَّمَانِ طَالَتْ مَعْتَبَتُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا اسْتَغْنَی أَحَدٌ بِاللَّهِ إِلَّا افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَیْهِ وَ مَنِ اتَّكَلَ عَلَی حُسْنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ لَمْ یَتَمَنَّ أَنَّهُ فِی غَیْرِ الْحَالِ الَّتِی اخْتَارَهَا اللَّهُ تَعَالَی لَهُ.

ص: 142


1- 1. الأمالی ج 2 ص 277.
2- 2. مخطوط.

وَ قَالَ علیه السلام: الْكَرِیمُ یَبْتَهِجُ بِفَضْلِهِ وَ اللَّئِیمُ یَفْتَخِرُ بِمِلْكِهِ.

«6»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَعِظُ النَّاسَ یُزَهِّدُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ یُرَغِّبُهُمْ فِی أَعْمَالِ الْآخِرَةِ بِهَذَا الْكَلَامِ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حُفِظَ عَنْهُ وَ كُتِبَ وَ كَانَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ فَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَ بَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَیْحَكَ ابْنَ آدَمَ الْغَافِلُ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ابْنَ آدَمَ إِنَّ أَجَلَكَ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ إِلَیْكَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ حَثِیثاً(2) یَطْلُبُكَ وَ یُوشِكُ أَنْ یُدْرِكَكَ وَ كَأَنْ قَدْ أَوْفَیْتَ أَجَلَكَ وَ قَبَضَ الْمَلَكُ رُوحَكَ وَ صِرْتَ إِلَی مَنْزِلٍ وَحِیداً فَرَدَّ إِلَیْكَ فِیهِ رُوحَكَ- وَ اقْتَحَمَ عَلَیْكَ فِیهِ مَلَكَاكَ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ لِمُسَاءَلَتِكَ وَ شَدِیدِ امْتِحَانِكَ أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا یَسْأَلَانِكَ عَنْ رَبِّكَ الَّذِی كُنْتَ تَعْبُدُهُ وَ عَنْ نَبِیِّكَ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْكَ وَ عَنْ دِینِكَ الَّذِی كُنْتَ تَدِینُ بِهِ وَ عَنْ كِتَابِكَ الَّذِی كُنْتَ تَتْلُوهُ وَ عَنْ إِمَامِكَ الَّذِی كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ ثُمَّ عَنْ عُمُرِكَ فِیمَا أَفْنَیْتَهُ وَ مَالِكَ مِنْ أَیْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَ فِیمَا أَتْلَفْتَهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ أَعِدَّ لِلْجَوَابِ قَبْلَ الِامْتِحَانِ وَ الْمُسَاءَلَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فَإِنْ تَكُ مُؤْمِناً تَقِیّاً عَارِفاً بِدِینِكَ مُتَّبِعاً لِلصَّادِقِینَ مُوَالِیاً لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ لَقَّاكَ اللَّهُ حُجَّتَكَ وَ أَنْطَقَ لِسَانَكَ بِالصَّوَابِ فَأَحْسَنْتَ الْجَوَابَ فَبُشِّرْتَ بِالْجَنَّةِ وَ الرِّضْوَانِ مِنَ اللَّهِ وَ الْخَیْرَاتِ الْحِسَانِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّیْحَانِ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ تَلَجْلَجَ لِسَانُكَ وَ دُحِضَتْ حُجَّتُكَ وَ عَیِیتَ عَنِ الْجَوَابِ (3) وَ بُشِّرْتَ بِالنَّارِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِیمٍ وَ تَصْلِیَةِ جَحِیمٍ (4)

ص: 143


1- 1. المجلس السادس و السبعون ص 301.
2- 2. الحثیث: السریع. اقتحم المنزل: هجمه، و الامر: رمی نفسه فیه بشدة و مشقة.
3- 3. التلجلج: التردد فی الكلام. و الدحض: الابطال، و العی: العجز عن الكلام.
4- 4. النزل- بضم النون-: ما یعد للضیف. و الحمیم النار.

فَاعْلَمْ ابْنَ آدَمَ أَنَّ مِنْ وَرَاءِ هَذَا مَا هُوَ أَعْظَمُ وَ أَفْظَعُ وَ أَوْجَعُ لِلْقُلُوبِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ذلِكَ یَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ یَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ یَجْمَعُ اللَّهُ فِیهِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ ذَلِكَ یَوْمُ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ وَ تُبَعْثَرُ فِیهِ الْقُبُورُ ذَلِكَ یَوْمُ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَی الْحَناجِرِ كاظِمِینَ (1) ذَلِكَ یَوْمٌ لَا تُقَالُ فِیهِ عَثْرَةٌ وَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ أَحَدٍ فِیهِ فِدْیَةٌ وَ لَا تُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ فِیهِ مَعْذِرَةٌ وَ لَا لِأَحَدٍ فِیهِ مُسْتَقْبَلُ تَوْبَةٍ لَیْسَ إِلَّا الْجَزَاءَ بِالْحَسَنَاتِ وَ الْجَزَاءَ بِالسَّیِّئَاتِ فَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ عَمِلَ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَیْرٍ وَجَدَهُ وَ مَنْ كَانَ عَمِلَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ وَجَدَهُ: فَاحْذَرُوا أَیُّهَا النَّاسُ مِنَ الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ فَقَدْ نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهَا وَ حَذَّرَكُمُوهَا فِی الْكِتَابِ الصَّادِقِ وَ الْبَیَانِ النَّاطِقِ وَ لَا تَأْمَنُوا مَكْرَ اللَّهِ وَ شِدَّةَ أَخْذِهِ عِنْدَ مَا یَدْعُوكُمْ إِلَیْهِ الشَّیْطَانُ اللَّعِینُ مِنْ عَاجِلِ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (2) فَاشْعُرُوا قُلُوبَكُمْ لِلَّهِ أَنْتُمْ خَوْفَ اللَّهِ وَ تَذَكَّرُوا مَا قَدْ وَعَدَكُمُ اللَّهُ فِی مَرْجِعِكُمْ إِلَیْهِ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِهِ كَمَا قَدْ خَوَّفَكُمْ مِنْ شَدِیدِ الْعِقَابِ فَإِنَّهُ مَنْ خَافَ شَیْئاً حَذِرَهُ وَ مَنْ حَذِرَ شَیْئاً نَكَلَهُ فَلَا تَكُونُوا مِنَ الْغَافِلِینَ الْمَائِلِینَ إِلَی زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَتَكُونُوا مِنَ الَّذِینَ مَكَرُوا السَّیِّئَاتِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- أَ فَأَمِنَ الَّذِینَ مَكَرُوا السَّیِّئاتِ أَنْ یَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ- أَوْ یَأْخُذَهُمْ فِی تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِینَ- أَوْ یَأْخُذَهُمْ عَلی تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ (3)

فَاحْذَرُوا مَا قَدْ حَذَّرَكُمُ اللَّهُ وَ اتَّعِظُوا بِمَا فَعَلَ بِالظَّلَمَةِ فِی كِتَابِهِ وَ لَا تَأْمَنُوا أَنْ یُنْزِلَ بِكُمْ بَعْضَ مَا تَوَاعَدَ بِهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ فِی الْكِتَابِ تَاللَّهِ لَقَدْ وُعِظْتُمْ بِغَیْرِكُمْ وَ إِنَّ السَّعِیدَ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ لَقَدْ أَسْمَعَكُمُ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ مَا فَعَلَ

ص: 144


1- 1. أزف الرحیل: قرب. و فی المصدر« لدی الحناجر كاظمة».
2- 2. الأعراف: 201. و الطائف: الخیال أو الوسوسة ما یقال له بالفارسیة« خیال».
3- 3. النحل: 44 الی 47. و تقلبهم ای إذا كانوا فی اسفارهم أو مشغولین فی تجاراتهم. و قوله« عَلی تَخَوُّفٍ« أی تنقص شیئا فشیئا حتّی یهلك الجمیع.

بِالْقَوْمِ الظَّالِمِینَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَی قَبْلَكُمْ حَیْثُ قَالَ- وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْیَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِینَ- فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها یَرْكُضُونَ یَعْنِی یَهْرُبُونَ- لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلی ما أُتْرِفْتُمْ فِیهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ- قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ- فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّی جَعَلْناهُمْ حَصِیداً خامِدِینَ (1) وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَعِظَةٌ لَكُمْ وَ تَخْوِیفٌ إِنِ اتَّعَظْتُمْ وَ خِفْتُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی الْقَوْلِ مِنَ اللَّهِ فِی الْكِتَابِ عَلَی أَهْلِ الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ فَقَالَ وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَیَقُولُنَّ یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ (2) فَإِنْ قُلْتُمْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا عَنَی بِهَذَا أَهْلَ الشِّرْكِ فَكَیْفَ ذَاكَ وَ هُوَ یَقُولُ وَ نَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَیْنا بِها وَ كَفی بِنا حاسِبِینَ (3)

اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ لَا تُنْصَبُ لَهُمُ الْمَوَازِینُ وَ لَا تُنْشَرُ لَهُمُ الدَّوَاوِینُ وَ إِنَّمَا تُنْشَرُ الدَّوَاوِینُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَخْتَرْ هَذِهِ الدُّنْیَا وَ عَاجِلَهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِیَائِهِ وَ لَمْ یُرَغِّبْهُمْ فِیهَا وَ فِی عَاجِلِ زَهْرَتِهَا وَ ظَاهِرِ بَهْجَتِهَا وَ إِنَّمَا خَلَقَ الدُّنْیَا وَ خَلَقَ أَهْلَهَا لِیَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا لآِخِرَتِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَقَدْ ضَرَبَ لَكُمْ فِیهَا الْأَمْثَالَ وَ صَرَّفَ الْآیَاتِ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ فَكُونُوا أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَعْقِلُونَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ ازْهَدُوا فِیمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ فِیهِ مِنْ عَاجِلِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- إِنَّما مَثَلُ الْحَیاةِ الدُّنْیا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ الْآیَةَ(4)

فَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَتَفَكَّرُونَ وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَی الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ لِمُحَمَّدٍ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِأَصْحَابِهِ

ص: 145


1- 1. الأنبیاء: 12 الی 15. و فی المصحف« وَ كَمْ قَصَمْنا» و قوله:« أُتْرِفْتُمْ» أی متعتم. و قوله« خامِدِینَ» ای میتین كخمود النار إذا طفئت.
2- 2. الأنبیاء: 46 و قوله:« نَفْحَةٌ» أی وقعة خفیفة.
3- 3. الأنبیاء: 47.
4- 4. یونس: 24.

وَ لا تَرْكَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ(1) وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَی زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا دَارَ قَرَارٍ وَ مَنْزِلَ اسْتِیطَانٍ فَإِنَّهَا دَارُ قُلْعَةٍ وَ بُلْغَةٍ وَ دَارُ عَمَلٍ فَتَزَوَّدُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا مِنْهَا وَ قَبْلَ الْإِذْنِ مِنَ اللَّهِ فِی خَرَابِهَا فَكَانَ قَدْ أَخْرَبَهَا الَّذِی عَمَرَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ ابْتَدَأَهَا وَ هُوَ وَلِیُّ مِیرَاثِهَا وَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمُ الْعَوْنَ عَلَی تَزَوُّدِ التَّقْوَی وَ الزُّهْدِ فِیهَا جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ الزَّاهِدِینَ فِی عَاجِلِ زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ الرَّاغِبِینَ الْعَامِلِینَ لِأَجْلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ.

ف (2)، [تحف العقول] مرسلا: مثله.

«7»- لی (3)،[الأمالی] للصدوق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّصْرِ التَّیْمِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأُطْرُوشِ عَنْ صَالِحِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ السُّكَّرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْزٍ الْأَوْدِیِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ سُلَیْمٍ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ طَاوُسٍ الْیَمَانِیِّ قَالَ: مَرَرْتُ بِالْحِجْرِ فَإِذَا أَنَا بِشَخْصٍ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ فَتَأَمَّلْتُهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقُلْتُ یَا نَفْسُ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ اللَّهِ لَأَغْتَنِمَنَّ دُعَاءَهُ فَجَعَلْتُ أَرْقُبُهُ حَتَّی فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَ رَفَعَ بَاطِنَ كَفَّیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ جَعَلَ یَقُولُ- سَیِّدِی سَیِّدِی هَذِهِ یَدَایَ قَدْ مَدَدْتُهُمَا إِلَیْكَ بِالذُّنُوبِ مَمْلُوءَةً وَ عَیْنَایَ بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً وَ حَقٌّ لِمَنْ دَعَاكَ بِالنَّدَمِ تَذَلُّلًا أَنْ تُجِیبَهُ بِالْكَرَمِ تَفَضُّلًا سَیِّدِی أَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَأُطِیلَ بُكَائِی أَمْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَلَقْتَنِی فَأُبَشِّرَ رَجَائِی (4) سَیِّدِی أَ لِضَرْبِ الْمَقَامِعِ خَلَقْتَ أَعْضَائِی أَمْ لِشُرْبِ الْحَمِیمِ خَلَقْتَ أَمْعَائِی سَیِّدِی لَوْ أَنَّ عَبْداً اسْتَطَاعَ الْهَرَبَ مِنْ مَوْلَاهُ لَكُنْتُ أَوَّلَ الْهَارِبِینَ مِنْكَ لَكِنِّی أَعْلَمُ أَنِّی لَا أَفُوتُكَ سَیِّدِی لَوْ أَنَّ عَذَابِی مِمَّا یَزِیدُ فِی مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَیْهِ غَیْرَ أَنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُ

ص: 146


1- 1. هود: 113. وَ لا تَرْكَنُوا أی لا تمیلوا.
2- 2. التحف: ص 249.
3- 3. المجلس التاسع و الثلاثون ص 132.
4- 4. كذا.

لَا یَزِیدُ فِی مُلْكِكَ طَاعَةُ الْمُطِیعِینَ وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهُ مَعْصِیَةُ الْعَاصِینَ سَیِّدِی مَا أَنَا وَ مَا خَطَرِی هَبْ لِی بِفَضْلِكَ وَ جَلِّلْنِی بِسَتْرِكَ وَ اعْفُ عَنْ تَوْبِیخِی بِكَرَمِ وَجْهِكَ إِلَهِی وَ سَیِّدِی ارْحَمْنِی مَصْرُوعاً عَلَی الْفِرَاشِ تُقَلِّبُنِی أَیْدِی أَحِبَّتِی وَ ارْحَمْنِی مَطْرُوحاً عَلَی الْمُغْتَسَلِ یُغَسِّلُنِی صَالِحُ جِیرَتِی وَ ارْحَمْنِی مَحْمُولًا قَدْ تَنَاوَلَ الْأَقْرِبَاءُ أَطْرَافَ جِنَازَتِی وَ ارْحَمْ فِی ذَلِكَ الْبَیْتِ الْمُظْلِمِ وَحْشَتِی وَ غُرْبَتِی وَ وَحْدَتِی قَالَ طَاوُسٌ فَبَكَیْتُ حَتَّی عَلَا نَحِیبِی فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ مَا یُبْكِیكَ یَا یَمَانِیُّ أَ وَ لَیْسَ هَذَا مَقَامَ الْمُذْنِبِینَ فَقُلْتُ حَبِیبِی حَقِیقٌ عَلَی اللَّهِ أَنْ لَا یَرُدَّكَ وَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَبَیْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ مَعَاشِرَ أَصْحَابِی أُوصِیكُمْ بِالْآخِرَةِ وَ لَسْتُ أُوصِیكُمْ بِالدُّنْیَا فَإِنَّكُمْ بِهَا مُسْتَوْصَوْنَ وَ عَلَیْهَا حَرِیصُونَ وَ بِهَا مُسْتَمْسِكُونَ مَعَاشِرَ أَصْحَابِی إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ مَمَرٍّ وَ الْآخِرَةَ دَارُ مَقَرٍّ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ أَسْرَارُكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ أَ مَا رَأَیْتُمْ وَ سَمِعْتُمْ مَا اسْتُدْرِجَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَ الْقُرُونِ الْمَاضِیَةِ لَمْ تَرَوْا كَیْفَ فُضِحَ مَسْتُورُهُمْ وَ أُمْطِرَ مَوَاطِرُ الْهَوَانِ عَلَیْهِمْ بِتَبْدِیلِ سُرُورِهِمْ بَعْدَ خَفْضِ عَیْشِهِمْ وَ لِینِ رَفَاهِیَتِهِمْ صَارُوا حَصَائِدَ النِّقَمِ وَ مَدَارِجَ الْمَثُلَاثِ أَقُولُ قَوْلِی هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

«8»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: ابْنَ آدَمَ لَا یَزَالُ بِخَیْرٍ مَا كَانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ وَ مَا كَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّكَ وَ مَا كَانَ الْخَوْفُ لَكَ شِعَاراً وَ الْحُزْنُ لَكَ دِثَاراً ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ مَبْعُوثٌ وَ مَوْقُوفٌ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَسْئُولٌ فَأَعِدَّ جَوَاباً.

«9»- ل (2)،[الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ

ص: 147


1- 1. الأمالی ج 1 ص 114.
2- 2. الخصال ج 1 ص 12.

مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: لَا حَسَبَ لِقُرَشِیٍّ وَ لَا لِعَرَبِیٍّ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَی وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِیَّةٍ وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِتَفَقُّهٍ أَلَا وَ إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ یَقْتَدِی بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَ لَا یَقْتَدِی بِأَعْمَالِهِ.

«10»- ل (1)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أَشَدُّ سَاعَاتِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ السَّاعَةُ الَّتِی یُعَایِنُ فِیهَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقُومُ فِیهَا مِنْ قَبْرِهِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقِفُ فِیهَا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَإِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِمَّا إِلَی النَّارِ ثُمَّ قَالَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَأَنْتَ

أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ حِینَ تُوضَعُ فِی قَبْرِكَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ فِی مُقَامِ الْقِیَامَةِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا آدَمُ حِینَ یُحْمَلُ النَّاسُ عَلَی الصِّرَاطِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ حِینَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ ثُمَّ تَلَا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (2) قَالَ هُوَ الْقَبْرُ وَ إِنَّ لَهُمْ فِیهِ لَمَعِیشَةً ضَنْكاً وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَبْرَ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ عَلِمَ سَاكِنُ السَّمَاءِ سَاكِنَ الْجَنَّةِ مِنْ سَاكِنِ النَّارِ فَأَیُّ الرَّجُلَیْنِ أَنْتَ وَ أَیُّ الدَّارَیْنِ دَارُكَ.

كتاب الغایات (3)، لجعفر بن أحمد القمی ره مرسلا: مثله.

«11»- ف (4)،[تحف العقول] مَوْعِظَةٌ وَ زُهْدٌ وَ حِكْمَةٌ: كَفَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ كَیْدَ الظَّالِمِینَ وَ بَغْیَ الْحَاسِدِینَ وَ بَطْشَ الْجَبَّارِینَ

ص: 148


1- 1. الخصال ج 1 ص 59.
2- 2. المؤمنون: 100.
3- 3. مخطوط.
4- 4. التحف: ص 252. و رواه الكلینی فی الروضة و المفید فی المجالس.

أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَا یَفْتِنَنَّكُمُ الطَّوَاغِیتُ وَ أَتْبَاعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِی الدُّنْیَا الْمَائِلُونَ إِلَیْهَا الْمَفْتُونُونَ بِهَا الْمُقْبِلُونَ عَلَیْهَا وَ عَلَی حُطَامِهَا الْهَامِدِ وَ هَشِیمِهَا الْبَائِدِ غَداً(1) وَ احْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْهَا وَ ازْهَدُوا فِیمَا زَهَّدَكُمُ اللَّهُ فِیهِ مِنْهَا وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَی مَا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا رُكُونَ مَنْ أَعَدَّهَا دَاراً وَ قَرَاراً بِاللَّهِ إِنَّ لَكُمْ مِمَّا فِیهِمَا عَلَیْهَا دَلِیلًا(2) مِنْ زِینَتِهَا وَ تَصْرِیفِ أَیَّامِهَا وَ تَغْیِیرِ انْقِلَابِهَا وَ مَثُلَاتِهَا وَ تَلَاعُبِهَا بِأَهْلِهَا إِنَّهَا لَتَرْفَعُ الْخَمِیلَ (3) وَ تَضَعُ الشَّرِیفَ وَ تُورِدُ النَّارَ أَقْوَاماً غَداً فَفِی هَذَا مُعْتَبَرٌ وَ مُخْتَبَرٌ وَ زَاجِرٌ لِمُنْتَبِهٍ (4) وَ إِنَّ الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَیْكُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مِنْ مُظْلِمَاتِ الْفِتَنِ (5) وَ حَوَادِثِ الْبِدَعِ وَ سُنَنِ الْجَوْرِ وَ بَوَائِقِ الزَّمَانِ وَ هَیْبَةِ السُّلْطَانِ وَ وَسْوَسَةِ الشَّیْطَانِ لَتَدْبِیرُ الْقُلُوبِ عَنْ نِیَّتِهَا(6) وَ تُذْهِلُهَا عَنْ مَوْجُودِ الْهُدَی (7) وَ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَّا قَلِیلًا مِمَّنْ عَصَمَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فَلَیْسَ یَعْرِفُ تَصَرُّفَ أَیَّامِهَا وَ تَقَلُّبَ حَالاتِهَا وَ عَاقِبَةَ ضَرَرِ فِتْنَتِهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَ نَهَجَ سَبِیلَ الرُّشْدِ وَ سَلَكَ طَرِیقَ الْقَصْدِ ثُمَّ اسْتَعَانَ عَلَی ذَلِكَ بِالزُّهْدِ فَكَرَّرَ الْفِكْرَ وَ اتَّعَظَ بِالْعِبَرِ وَ ازْدَجَرَ فَزَهَدَ فِی عَاجِلِ بَهْجَةِ الدُّنْیَا.

ص: 149


1- 1. الهامد: البالی المسود المتغیر و الیابس من النبات و الشجر. و الهشیم: الیابس متكسر من كل شجر و كلاء، أصله المكسور. و البائد: الهالك.
2- 2. فی الروضة و أمالی المفید« ركون من اتخذها دار قرار و منزل استیطان» و فی الروضة« و اللّٰه لكم ممّا فیها علیها لدلیلا و تنبیها من تصریف أیامها».
3- 3. الخمیل: الخامل و هو الساقط الذی لا نباهة له.
4- 4. فی بعض النسخ« لمتنبه».
5- 5. فی بعض النسخ الروضة« ملمات الفتن» و فی الأمالی« مضلات الفتن».
6- 6. فی بعض النسخ« لمثبطة القلوب» و فی بعضها و فی الأمالی« لیذر القلوب عن تنبیهها» و فی بعض النسخ« لتثبط القلوب عن نیتها» و فی الروضة« لتثبط القلوب عن تنبیهها».
7- 7. من إضافة الصفة الی الموصوف. و فی الأمالی« عن وجود الهدی».

وَ تَجَافَی عَنْ لَذَّاتِهَا وَ رَغِبَ فِی دَائِمِ نَعِیمِ الْآخِرَةِ- وَ سَعی لَها سَعْیَها وَ رَاقَبَ الْمَوْتَ وَ شَنَأَ الْحَیَاةَ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَظَرَ إِلَی مَا فِی الدُّنْیَا بِعَیْنٍ نَیِّرَةٍ حَدِیدَةِ النَّظَرِ(1) وَ أَبْصَرَ حَوَادِثَ الْفِتَنِ وَ ضَلَالَ الْبِدَعِ وَ جَوْرَ الْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ فَقَدْ لَعَمْرِی اسْتَدْبَرْتُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْمَاضِیَةِ فِی الْأَیَّامِ الْخَالِیَةِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَ الِانْهِمَاكِ فِیهَا مَا تَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَی تَجَنُّبِ الْغُوَاةِ وَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَ الْبَغْیِ وَ الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ فَاسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ ارْجِعُوا إِلَی طَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَی بِالطَّاعَةِ مِنْ طَاعَةِ مَنِ اتُّبِعَ وَ أُطِیعَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ قَبْلِ النَّدَامَةِ وَ الْحَسْرَةِ وَ الْقُدُومِ عَلَی اللَّهِ وَ الْوُقُوفِ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ تَاللَّهِ مَا صَدَرَ قَوْمٌ قَطُّ عَنْ مَعْصِیَةِ اللَّهِ إِلَّا إِلَی عَذَابِهِ وَ مَا آثَرَ قَوْمٌ قَطُّ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ إِلَّا سَاءَ مُنْقَلَبُهُمْ وَ سَاءَ مَصِیرُهُمْ وَ مَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ (2) وَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ إِلَّا إِلْفَانِ مُؤْتَلِفَانِ فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَهُ فَحَثَّهُ الْخَوْفُ عَلَی الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ- وَ إِنَّ أَرْبَابَ الْعِلْمِ وَ أَتْبَاعَهُمُ الَّذِینَ عَرَفُوا اللَّهَ فَعَمِلُوا لَهُ وَ رَغِبُوا إِلَیْهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ- إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ(3)

فَلَا تَلْتَمِسُوا شَیْئاً مِمَّا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ اشْتَغِلُوا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ اغْتَنِمُوا أَیَّامَهَا وَ اسْعَوْا لِمَا فِیهِ نَجَاتُكُمْ غَداً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِلتَّبِعَةِ وَ أَدْنَی مِنَ الْعُذْرِ وَ أَرْجَی لِلنَّجَاةِ فَقَدِّمُوا أَمْرَ اللَّهِ وَ طَاعَتَهُ وَ طَاعَةَ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ بَیْنَ یَدَیِ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَ لَا تُقَدِّمُوا الْأُمُورَ الْوَارِدَةَ عَلَیْكُمْ مِنْ طَاعَةِ الطَّوَاغِیتِ وَ فِتْنَةِ زَهْرَةِ الدُّنْیَا بَیْنَ یَدَیْ أَمْرِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَبِیدُ اللَّهِ وَ نَحْنُ مَعَكُمْ یَحْكُمُ عَلَیْنَا وَ عَلَیْكُمْ سَیِّدٌ حَاكِمٌ غَداً وَ هُوَ مُوقِفُكُمْ وَ مُسَائِلُكُمْ فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَ الْمُسَاءَلَةِ وَ الْعَرْضِ عَلَی رَبِّ الْعَالَمِینَ یَوْمَئِذٍ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا یُصَدِّقُ كَاذِباً وَ لَا یُكَذِّبُ صَادِقاً وَ لَا یَرُدُّ عُذْرَ مُسْتَحِقٍ

ص: 150


1- 1. فی بعض النسخ و الروضة« بعین قرة».
2- 2. فی بعض النسخ و الأمالی« و ما العز باللّٰه».
3- 3. سورة فاطر: 25.

وَ لَا یَعْذِرُ غَیْرَ مَعْذُورٍ بَلْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ عَلَی خَلْقِهِ بِالرُّسُلِ وَ الْأَوْصِیَاءِ بَعْدَ الرُّسُلِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْتَقْبِلُوا مِنْ إِصْلَاحِ أَنْفُسِكُمْ (1) وَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ تَوَلَّوْنَهُ فِیهَا لَعَلَّ نَادِماً قَدْ نَدِمَ عَلَی مَا قَدْ فَرَّطَ بِالْأَمْسِ فِی جَنْبِ اللَّهِ وَ ضَیَّعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ (2) وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَ تُوبُوا إِلَیْهِ فَإِنَّهُ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَ إِیَّاكُمْ وَ صُحْبَةَ الْعَاصِینَ وَ مَعُونَةَ الظَّالِمِینَ وَ مُجَاوَرَةَ الْفَاسِقِینَ احْذَرُوا فِتْنَتَهُمْ وَ تَبَاعَدُوا مِنْ سَاحَتِهِمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ وَ دَانَ بِغَیْرِ دِینِ اللَّهِ وَ اسْتَبَدَّ بِأَمْرِهِ دُونَ أَمْرِ وَلِیِّ اللَّهِ فِی نَارٍ تَلْتَهِبُ تَأْكُلُ أَبْدَاناً قَدْ غَابَتْ عَنْهَا أَرْوَاحُهَا غَلَبَتْ عَلَیْهَا شِقْوَتُهَا فَهُمْ مَوْتَی لَا یَجِدُونَ حَرَّ النَّارِ(3)

فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ وَ

احْمَدُوا اللَّهَ عَلَی مَا هَدَاكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ إِلَی غَیْرِ قُدْرَتِهِ- وَ سَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ ثُمَ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ فَانْتَفِعُوا بِالْعِظَةِ وَ تَأَدَّبُوا بِآدَابِ الصَّالِحِینَ.

«12»- جا(4)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَزْهَدَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِلَّا مَا بَلَغَنِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.

ثُمَّ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا تَكَلَّمَ فِی الزُّهْدِ وَ وَعَظَ أَبْكَی مَنْ بِحَضْرَتِهِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَقَرَأْتُ صَحِیفَةً فِیهَا كَلَامُ زُهْدٍ مِنْ كَلَامِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ كَتَبْتُهَا فِیهَا وَ أَتَیْتُهُ بِهِ فَعَرَضْتُهُ عَلَیْهِ فَعَرَفَهُ وَ صَحَّحَهُ وَ كَانَ فِیهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ كَفَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ كَیْدَ الظَّالِمِینَ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.

ص: 151


1- 1. فی الروضة« فی اصلاح أنفسكم».
2- 2. فی الروضة« من حقوق اللّٰه».
3- 3. ما بین القوسین فی الموضعین كان فی هامش بعض نسخ المصدر. و فی الروضة« فهم موتی لا یجدون حر النار و لو كانوا أحیاء لوجدوا مضض حر النار».
4- 4. مجالس المفید ص 116.

«13»- جا(1)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ حَازِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ خُطْوَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ خُطْوَتَیْنِ خُطْوَةٍ یَسُدُّ بِهَا صَفّاً فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ خُطْوَةٍ إِلَی ذِی رَحِمٍ قَاطِعٍ یَصِلُهَا وَ مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ جُرْعَتَیْنِ جُرْعَةِ غَیْظٍ یَرُدُّهَا مُؤْمِنٌ بِحِلْمٍ وَ جُرْعَةِ جَزَعٍ یَرُدُّهَا مُؤْمِنٌ بِصَبْرٍ وَ مَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَیْنِ قَطْرَةِ دَمٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَطْرَةِ دَمْعٍ فِی سَوَادِ اللَّیْلِ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ.

كِتَابُ الْغَایَاتِ (2)، عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: مَا مِنْ خُطْوَةٍ إِلَی آخِرِ الْحَدِیثِ.

«14»- جا(3)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ حَدِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ رَفَعَهُ قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: وَیْحَ مَنْ غَلَبَتْ وَاحِدَتُهُ عَشَرَتَهُ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ عُمُرَهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ أَظْهِرِ الْیَأْسَ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْغِنَی وَ أَقِلَّ طَلَبَ الْحَوَائِجِ إِلَیْهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ الْیَوْمَ خَیْراً مِنْكَ أَمْسِ وَ غَداً خَیْراً مِنْكَ الْیَوْمَ فَافْعَلْ.

«15»- جا(4)،[المجالس] للمفید بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ ابْنِ فَرْقَدٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: وَیْلٌ لِقَوْمٍ لَا یَدِینُونَ اللَّهَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَنْ یَلِجَ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ حَتَّی یُتِمَّ قَوْلَهُ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ اللَّهَ بِطَاعَةِ الظَّالِمِ ثُمَّ قَالَ وَ كُلُّ الْقَوْمِ أَلْهَاهُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّی زَارُوا الْمَقَابِرَ.

ص: 152


1- 1. مجالس المفید ص 5.
2- 2. مخطوط.
3- 3. المصدر ص 108.
4- 4. المصدر ص 109.

«16»- جا(1)،[المجالس] للمفید بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: مَنْ عَمِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ خَیْرِ النَّاسِ وَ مَنِ اجْتَنَبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ.

«17»- عم (2)،[إعلام الوری]: رُوِیَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام رَأَی یَوْماً الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ وَ هُوَ یَقُصُّ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ لَهُ علیه السلام أَ تَرْضَی یَا حَسَنُ نَفْسَكَ لِلْمَوْتِ قَالَ لَا قَالَ فَعَمَلَكَ لِلْحِسَابِ قَالَ لَا قَالَ فَثَمَّ دَارٌ لِلْعَمَلِ غَیْرُ هَذِهِ الدَّارِ قَالَ لَا قَالَ فَلِلَّهِ فِی أَرْضِهِ مَعَاذٌ غَیْرُ هَذَا الْبَیْتِ قَالَ لَا قَالَ فَلِمَ تَشْغَلُ النَّاسَ عَنِ الطَّوَافِ وَ قِیلَ لَهُ یَوْماً إِنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ قَالَ لَیْسَ الْعَجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ كَیْفَ هَلَكَ وَ إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ نَجَا كَیْفَ نَجَا فَقَالَ علیه السلام أَنَا أَقُولُ لَیْسَ الْعَجَبُ مِمَّنْ نَجَا كَیْفَ نَجَا وَ أَمَّا الْعَجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ كَیْفَ هَلَكَ مَعَ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ.

«18»- كشف (3)،[كشف الغمة] عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (4) یَقُولُ اللَّهُمَّ ارْفَعْنِی فِی أَعْلَی دَرَجَاتِ هَذِهِ النُّدْبَةِ وَ أَعِنِّی بِعَزْمِ الْإِرَادَةِ وَ هَبْنِی حُسْنَ الْمُسْتَعْقَبِ مِنْ نَفْسِی وَ خُذْنِی مِنْهَا حَتَّی تَتَجَرَّدَ خَوَاطِرُ الدُّنْیَا عَنْ قَلْبِی مِنْ بَرْدِ خَشْیَتِی مِنْكَ وَ ارْزُقْنِی قَلْباً وَ لِسَاناً یَتَجَارَیَانِ فِی ذَمِّ الدُّنْیَا وَ حُسْنِ التَّجَافِی مِنْهَا حَتَّی لَا أَقُولَ إِلَّا صِدْقاً(5) وَ أَرِنِی مَصَادِیقَ إِجَابَتِكَ بِحُسْنِ تَوْفِیقِكَ حَتَّی أَكُونَ فِی كُلِّ حَالٍ حَیْثُ أَرَدْتَ.

ص: 153


1- 1. مجالس المفید ص 109.
2- 2. إعلام الوری ص 255.
3- 3. كشف الغمّة ج 2 ص 306.
4- 4. التوبة: 119.
5- 5. فی المصدر« الا صدقت».

فَقَدْ قَرَعَتْ بِی بَابَ فَضْلِكَ فَاقَةٌ(1)***بِحَدِّ سِنَانٍ نَالَ قَلْبِی فُتُوقُهَا

وَ حَتَّی مَتَی أَصِفُ مِحَنَ الدُّنْیَا وَ مَقَامَ الصِّدِّیقِینَ وَ أَنْتَحِلُ عَزْماً مِنْ إِرَادَةِ مُقِیمٍ بِمَدْرَجَةِ الْخَطَایَا أَشْتَكِی ذُلَّ مَلِكَةِ الدُّنْیَا وَ سُوءَ أَحْكَامِهَا عَلَیَّ وَ قَدْ رَأَیْتُ وَ سَمِعْتُ لَوْ كُنْتُ أَسْمَعُ فِی أَدَاةِ فَهْمٍ أَوْ أَنْظُرُ بِنُورِ یَقَظَةٍ.

وَ كُلًّا أُلَاقِی نَكْبَةً وَ فَجِیعَةً***وَ كَأْسَ مَرَارَاتٍ ذُعَافاً أَذُوقُهَا(2) وَ حَتَّی مَتَی أَتَعَلَّلُ بِالْأَمَانِیِّ وَ أَسْكُنُ إِلَی الْغُرُورِ وَ أُعَبِّدُ نَفْسِی لِلدُّنْیَا عَلَی غَضَاضَةِ سُوءِ الِاعْتِدَادِ مِنْ مَلَكَاتِهَا وَ أَنَا أَعْرِضُ لِنَكَبَاتِ الدَّهْرِ عَلَیَّ أَتَرَبَّصُ اشْتِمَالَ الْبَقَاءِ وَ قَوَارِعَ الْمَوْتِ تَخْتَلِفُ حُكْمِی فِی نَفْسِی وَ یَعْتَدِلُ حُكْمُ الدُّنْیَا.

وَ هُنَّ الْمَنَایَا أَیَّ وَادٍ سَلَكْتُهُ***عَلَیْهَا طَرِیقِی أَوْ عَلَیَّ طَرِیقُهَا

وَ حَتَّی مَتَی تَعِدُنِی الدُّنْیَا فَتُخْلِفُ وَ أَئْتَمِنُهَا فَتَخُونُ- لَا تُحْدِثُ جِدَّةً إِلَّا بِخُلُوقِ جِدَّةٍ(3) وَ لَا تَجْمَعُ شَمْلًا إِلَّا بِتَفْرِیقِ شَمْلٍ حَتَّی كَأَنَّهَا غَیْرَی مُحَجَّبَةٌ ضَنّاً تَغَارُ عَلَی الْأُلْفَةِ وَ تَحْسُدُ أَهْلَ النِّعَمِ.

فَقَدْ آذَنَتْنِی بِانْقِطَاعٍ وَ فُرْقَةٍ***وَ أَوْمَضَ لِی مِنْ كُلِّ أُفُقٍ بُرُوقُهَا(4) وَ مَنْ أَقْطَعُ عُذْراً مِنْ مُغِذٍّ سَیْراً(5) یَسْكُنُ إِلَی مُعَرَّسِ غَفْلَةٍ بِأَدْوَاءِ نَبْوَةِ الدُّنْیَا(6) وَ مَرَارَةِ الْعَیْشِ وَ طِیبِ نَسِیمِ الْغُرُورِ وَ قَدْ أَمَرَّتْ تِلْكَ الْحَلَاوَةَ عَلَی الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ وَ حَالَ ذَلِكَ النَّسِیمُ هَبَوَاتٍ (7) وَ حَسَرَاتٍ وَ كَانَتْ حَرَكَاتٍ فَسَكَنَتْ وَ ذَهَبَ كُلُّ عَالِمٍ بِمَا فِیهِ.

ص: 154


1- 1. فی بعض النسخ« قد فزعت الی باب فضلك فاقة».
2- 2. الذعاف- كغراب-: السم.
3- 3. الجدة بتشدید الدال-: الخرقة. جدة الثوب: كونه جدیدا.
4- 4. أومض البرق: لمع خفیفا و ظهر.
5- 5. أغذ فی السیر: أسرع.
6- 6. التعریس: النزول فی السفر فی موضع للاستراحة ثمّ الارتحال عنه و الموضع معرس. و النبوّة: ما ارتفع من الأرض یقال هو یشكو نبوة الزمان و جفوته.
7- 7. الهبوات: جمع الهبوة: الغبار.

فَمَا عَیْشَةٌ إِلَّا تَزِیدُ مَرَارَةً***وَ لَا ضَیْقَةٌ إِلَّا وَ یَزْدَادُ ضِیقُهَا

فَكَیْفَ یَرْقَأُ دَمْعُ لَبِیبٍ أَوْ یَهْدَأُ طَرْفُ مُتَوَسِّمٍ (1) عَلَی سُوءِ أَحْكَامِ الدُّنْیَا وَ مَا تَفْجَأُ بِهِ أَهْلَهَا مِنْ تَصَرُّفِ الْحَالاتِ وَ سُكُونِ الْحَرَكَاتِ وَ كَیْفَ یَسْكُنُ إِلَیْهَا مَنْ یَعْرِفُهَا وَ هِیَ تَفْجَعُ الْآبَاءَ بِالْأَبْنَاءِ وَ تُلْهِی الْأَبْنَاءَ عَنِ الْآبَاءِ تُعْدِمُهُمْ أَشْجَانَ قُلُوبِهِمْ (2) وَ تَسْلُبُهُمْ قُرَّةَ عُیُونِهِمْ.

وَ تَرْمِی قَسَاوَاتِ الْقُلُوبِ بِأَسْهُمٍ***وَ جَمْرِ فِرَاقٍ لَا یَبُوخُ حَرِیقُهَا(3) وَ مَا عَسَیْتُ أَنْ أَصِفَ عَنْ مِحَنِ الدُّنْیَا وَ أَبْلُغَ مِنْ كَشْفِ الْغِطَاءِ عَمَّا وُكِّلَ بِهِ دَوْرُ الْفَلَكِ مِنْ عُلُومِ الْغُیُوبِ وَ لَسْتُ أَذْكُرُ مِنْهَا إِلَّا قَتِیلًا أَفْنَتْهُ أَوْ مُغَیَّبِ ضَرِیحٍ تَجَافَتْ عَنْهُ (4) فَاعْتَبِرْ أَیُّهَا السَّامِعُ بِهَلَكَاتِ الْأُمَمِ وَ زَوَالِ النِّقَمِ وَ فَظَاعَةِ مَا تَسْمَعُ وَ تَرَی مِنْ سُوءِ آثَارِهَا فِی الدِّیَارِ الْخَالِیَةِ وَ الرُّسُومِ الْفَانِیَةِ وَ الرُّبُوعِ الصَّمُوتِ (5)

وَ كَمْ عَاقِلٌ أَفْنَتْ فَلَمْ تَبْكِ شَجْوَهُ (6)***وَ لَا بُدَّ أَنْ تَفْنَی سَرِیعاً لُحُوقُهَا

فَانْظُرْ بِعَیْنِ قَلْبِكَ إِلَی مَصَارِعِ أَهْلِ الْبَذَخِ (7) وَ تَأَمَّلْ مَعَاقِلَ الْمُلُوكِ وَ مَصَانِعَ الْجَبَّارِینَ (8) وَ كَیْفَ عَرَكَتْهُمُ الدُّنْیَا بِكَلَاكِلِ الْفَنَاءِ(9) وَ جَاهَرَتْهُمْ بِالْمُنْكَرَاتِ

ص: 155


1- 1. رقأ الدمع: سكن و جف. و هدأ: سكن.
2- 2. الاشجان جمع الشجن و هو الهم و الحزن.
3- 3. باخ النار أی سكن و خمد.
4- 4. تجافی: أی تنحی و لم یلزم مكانه- و بالفارسیة یعنی پهلو خالی كرد.
5- 5. أی الدور الخالیات.
6- 6. فی المصدر« و كم عالم أفنت». و الشجو: الهم و الحزن، و الحاجة یقال« له عندی شجو» أی حاجة، و الشوط من البكاء.
7- 7. البذخ: الترفع و التكبر.
8- 8. معاقل الملوك یحتمل أن یكون المراد كبراء الملوك و سادتهم و یحتمل أن یكون المراد القصور و الحصون. و یحتمل كلیهما. و قوله« مصانع الجبارین» معناه القصور و القری و الحصون و الدور.
9- 9. عركته الدنیا أی حنكه. و الكلاكل جمع الكلكل: الصدر أو ما بین الترقوتین.

وَ سَحَبَتْ عَلَیْهِمْ أَذْیَالَ الْبَوَارِ وَ طَحَنَتْهُمْ طَحْنَ الرَّحَی لِلْحَبِّ وَ اسْتَوْدَعَتْهُمْ هَوْجَ الرِّیَاحِ (1) تَسْحَبُ عَلَیْهِمْ أَذْیَالَهَا فَوْقَ مَصَارِعِهِمْ فِی فَلَوَاتِ الْأَرْضِ.

فَتِلْكَ مَغَانِیهِمْ وَ هَذِی قُبُورُهُمْ (2)***تَوَارَثَهَا أَعْصَارُهَا وَ قُبُورُهَا

أَیُّهَا الْمُجْتَهِدُ فِی آثَارِ مَنْ مَضَی مِنْ قَبْلِكَ مِنْ أُمَمِ السَّالِفَةِ تَوَقَّفْ وَ تَفَهَّمْ وَ انْظُرْ أَیُّ عِزِّ مُلْكٍ أَوْ نَعِیمِ أُنْسٍ أَوْ بَشَاشَةِ أُلْفٍ إِلَّا نَغَّصَتْ أَهْلَهُ قُرَّةُ أَعْیُنِهِمْ وَ فَرَّقَتْهُمْ أَیْدِی الْمَنُونِ فَأَلْحَقَتْهُمْ بِتَجَافِیفِ التُّرَابِ فَأَضْحَوْا فِی فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ یَتَقَلَّبُونَ وَ فِی بُطُونِ الْهَلَكَاتِ عِظَاماً وَ رُفَاتاً وَ صَلْصَالًا فِی الْأَرْضِ هَامِدُونَ (3)

وَ آلَیْتُ لَا تُبْقِی اللَّیَالِی بَشَاشَةً(4)***وَ لَا جِدَّةً إِلَّا سَرِیعاً خُلُوقُهَا

وَ فِی مَطَالِعِ أَهْلِ الْبَرْزَخِ وَ خُمُودِ تِلْكَ الرَّقْدَةِ وَ طُولِ تِلْكَ الْإِقَامَةِ طُفِیَتْ مَصَابِیحُ النَّظَرِ وَ اضْمَحَلَّتْ غَوَامِضُ الْفِكَرِ وَ ذَمَّ الْغُفُولَ أَهْلُ الْعُقُولِ وَ كَمْ بَقِیتُ مُتَلَذِّذاً فِی طَوَامِسِ هَوَامِدِ تِلْكَ الْغُرُفَاتِ فَنَوَّهْتُ بِأَسْمَاءِ الْمُلُوكِ وَ هَتَفْتُ بِالْجَبَّارِینَ (5) وَ دَعَوْتُ الْأَطِبَّاءَ وَ الْحُكَمَاءَ وَ نَادَیْتُ مَعَادِنَ الرِّسَالَةِ وَ الْأَنْبِیَاءِ أَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ (6) وَ أَبْكِی بُكَاءَ الْحَزِینِ أُنَادِی وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ (7)

سِوَی أَنَّهُمْ كَانُوا فَبَانُوا وَ أَنَّنِی***عَلَی جُدَدِ قَصْدٍ سَرِیعاً لُحُوقُهَا

وَ تَذَكَّرْتُ مَرَاتِبَ الْفَهْمِ وَ غَضَاضَةَ فِطَنِ الْعُقُولِ بِتَذَكُّرِ قَلْبٍ جَرِیحٍ

ص: 156


1- 1. الهوج جمع الهوجاء و هی من الریاح التی لا تستوی فی هبوبها و تقلع البیوت.
2- 2. المغانی: المواضع و المنازل.
3- 3. الهامد: البالی.
4- 4. آلیت أی حلفت. و البشاشة السرور و الابتهاج.
5- 5. طمس الشی ء: درس و انمحی، و نوه الشی ء من باب التفعیل- رفعه، أو دعاه برفع الصوت، أو رفع ذكره. و هتف الحمامة أی صاتت أو مدت صوتها. و هتفت الحمامة: ناحت.
6- 6. تململ أی تقلب علی فراشه مرضا أو غما. و السلیم: اللدیغ أو الجریح المشرف علی الموت.
7- 7. المناص: الخلاص الغضاضة: الذلة و المنقصة.

فَصَدَعَتِ الدُّنْیَا عَمَّا الْتَذَّ بِنَوَاظِرِ فِكَرِهَا مِنْ سُوءِ الْغَفْلَةِ وَ مِنْ عَجَبٍ كَیْفَ یَسْكُنُ إِلَیْهَا مَنْ یَعْرِفُهَا وَ قَدِ اسْتَذْهَلَتْ عَقْلَهُ بِسُكُونِهَا وَ تَزَیُّنِ الْمَعَاذِیرِ وَ خَسَأَتْ أَبْصَارَهُمْ عَنْ عَیْبِ التَّدْبِیرِ وَ كُلَّمَا تَرَاءَتِ الْآیَاتِ وَ نَشْرَهَا مِنْ طَیِّ الدَّهْرِ عَنِ الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ الْمَاضِیَةِ وَ حَالِهِمْ وَ مَالِهِمْ وَ كَیْفَ كَانُوا وَ مَا الدُّنْیَا وَ غُرُورُ الْأَیَّام.

وَ هَلْ هِیَ إِلَّا لَوْعَةٌ مِنْ وَرَائِهَا***جَوَی قَاتِلٍ أَوْ حَتْفُ نَفْسٍ یَسُوقُهَا(1) وَ قَدْ أَغْرَقَ فِی ذَمِّ الدُّنْیَا الْأَدِلَّاءُ عَلَی طُرُقِ النَّجَاةِ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ فَبَكَتِ الْعُیُونُ شَجَنَ الْقُلُوبِ فِیهَا دَماً ثُمَّ دَرَسَتْ تِلْكَ الْمَعَالِمُ فَتَنَكَّرَتِ الْآثَارُ وَ جُعِلَتْ فِی بُرْهَةٍ مِنْ مِحَنِ الدُّنْیَا وَ تَفَرَّقَتْ وَرَثَةُ الْحِكْمَةِ وَ بَقِیَتْ فَرْداً كَقَرْنِ الْأَعْضَبِ (2) وَحِیداً أَقُولُ فَلَا أَجِدُ سَمِیعاً وَ أَتَوَجَّعُ فَلَا أَجِدُ مُشْتَكًی.

وَ إِنْ أُبْكِهِمْ أَجْرُضْ وَ كَیْفَ تَجَلُّدِی***وَ فِی الْقَلْبِمِنِّی لَوْعَةٌ لَا أُطِیقُهَا(3) وَ حَتَّی مَتَی أَتَذَكَّرُ حَلَاوَةَ مَذَاقِ الدُّنْیَا وَ عُذُوبَةَ مَشَارِبِ أَیَّامِهَا وَ أَقْتَفِی آثَارَ الْمُرِیدِینَ وَ أَتَنَسَّمُ أَرْوَاحَ الْمَاضِینَ (4) مَعَ سَبْقِهِمْ إِلَی الْغِلِّ وَ الْفَسَادِ وَ تَخَلُّفِی عَنْهُمْ فِی فَضَالَةِ طُرُقِ الدُّنْیَا مُنْقَطِعاً مِنَ الْأَخِلَّاءِ فَزَادَنِی جَلِیلَ الْخَطْبِ لِفَقْدِهِمْ جَوًی وَ خَانَنِی الصَّبْرُ حَتَّی كَأَنَّنِی أَوَّلُ مُمْتَحَنٍ أَتَذَكَّرُ مَعَارِفَ الدُّنْیَا وَ فِرَاقَ الْأَحِبَّةِ.

فَلَوْ رَجَعَتْ تِلْكَ اللَّیَالِی كَعَهْدِهَا***رَأَتْ أَهْلَهَا فِی صُورَةٍ لَا تَرُوقُهَا

فَمَنْ أَخُصُّ بِمُعَاتَبَتِی وَ مَنْ أُرْشِدُ بِنُدْبَتِی وَ مَنْ أُبْكِی وَ مَنْ أَدَعُ أَشْجُو بِهَلَكَةِ الْأَمْوَاتِ أَمْ بِسُوءِ خَلَفِ الْأَحْیَاءِ وَ كُلٌّ یَبْعَثُ حُزْنِی وَ یَسْتَأْثِرُ بِعَبَرَاتِی وَ مَنْ یُسْعِدُنِی فَأَبْكِی وَ قَدْ سُلِبَتِ الْقُلُوبُ لُبَّهَا وَ رَقَّ الدَّمْعُ وَ حَقٌّ لِلدَّاءِ أَنْ یَذُوبَ عَلَی طُولِ مُجَانَبَةِ الْأَطِبَّاءِ وَ كَیْفَ بِهِمْ وَ قَدْ خَالَفُوا الْأَمْرَیْنِ وَ سَبَقَهُمْ زَمَانُ الْهَادِینَ وَ وُكِّلُوا إِلَی أَنْفُسِهِمْ یَتَنَسَّكُونَ فِی الضَّلَالاتِ فِی دَیَاجِیرِ الظُّلُمَاتِ.

ص: 157


1- 1. الجوی. الحرقة و شدة الحزن و تطاول المرض.
2- 2. الاعضب: الظبی الذی انكسر أحد قرنیه.
3- 3. أجرض أی أهلك. و اللوعة: الحرق و ألمه.
4- 4. فی بعض النسخ« أرواح الصالحین».

حَیَارَی وَ لَیْلُ الْقَوْمِ دَاجٍ نُجُومُهُ***طَوَامِسُ لَا تَجْرِی بَطِی ءٌ خُفُوقُهَا(1) وَ قَالَ علیه السلام(2): مَنْ ضَحِكَ ضَحْكَةً مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةَ عِلْمٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْجَسَدَ إِذَا لَمْ یَمْرَضْ یَأْشَرُ وَ لَا خَیْرَ فِی جَسَدٍ یَأْشَرُ(3).

وَ قَالَ علیه السلام: فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ.

«19»- كِتَابُ نَثْرِ الدُّرَرِ(4)، لِمَنْصُورِ بْنِ الْحَسَنِ الْآبِیِّ: نَظَرَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِلَی سَائِلٍ یَبْكِی فَقَالَ لَوْ أَنَّ الدُّنْیَا كَانَتْ فِی كَفِّ هَذَا ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْهُ مَا كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَبْكِیَ عَلَیْهَا وَ سُئِلَ علیه السلام لِمَ أُوتِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَبَوَیْهِ فَقَالَ لِئَلَّا یُوجَبَ عَلَیْهِ حَقُّ الْمَخْلُوقِ (5) وَ قَالَ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ مُعَادَاةَ الرِّجَالِ فَإِنَّهُ لَنْ یُعْدِمَكَ (6) مَكْرُ حَلِیمٍ أَوْ مُفَاجَاةُ لَئِیمٍ وَ بَلَغَهُ علیه السلام قَوْلُ نَافِعِ بْنِ جُبَیْرٍ(7) فِی مُعَاوِیَةَ حَیْثُ قَالَ كَانَ یُسْكِتُهُ الْحِلْمُ وَ یُنْطِقُهُ الْعِلْمُ فَقَالَ كَذَبَ بَلْ كَانَ یُسْكِتُهُ الْحَصَرُ وَ یُنْطِقُهُ الْبَطَرُ وَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ خَطَراً قَالَ مَنْ لَمْ یَرَ لِلدُّنْیَا خَطَراً لِنَفْسِهِ.

قَالَ وَ رَوَی لَنَا الصَّاحِبُ ره عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمِّهِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَا أَشَدَّ بُغْضَ

ص: 158


1- 1. خفق النجم: غاب. و اللیل: ذهب أكثره. و الطائر: طار. الرجل فی البلاد: ذهب.
2- 2. كشف الغمّة ج 2 ص 314.
3- 3. أشر یأشر أی بطر و مرح.
4- 4. مخطوط.
5- 5. یعنی فی وجوب الإطاعة.
6- 6. فی كتاب نزهة الناظر للحلوانی ص 32« فانك لن تعدم».
7- 7. نافع بن جبیر بن مطعم النوفلیّ یكنی أبا محمّد أو أبا عبد اللّٰه المدنیّ مات سنة تسع و تسعین.

قُرَیْشٍ لِأَبِیكَ قَالَ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ أَوَّلَهُمُ النَّارَ وَ أَلْزَمَ آخِرَهُمُ الْعَارَ قَالَ ثُمَّ جَرَی ذِكْرُ الْمَعَاصِی فَقَالَ عَجِبْتُ لِمَنْ یَحْتَمِی عَنِ الطَّعَامِ لِمَضَرَّتِهِ وَ لَا یَحْتَمِی مِنَ الذَّنْبِ لِمَعَرَّتِهِ (1)

وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ قَالَ أَصْبَحْنَا خَائِفِینَ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَصْبَحَ جَمِیعُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ آمِنِینَ بِهِ.

وَ سَمِعَ علیه السلام رَجُلًا كَانَ یَغْشَاهُ (2) یَذْكُرُ رَجُلًا بِسُوءٍ فَقَالَ إِیَّاكَ وَ الْغِیبَةَ فَإِنَّهُ إِدَامُ كِلَابِ النَّارِ.

وَ مِمَّا أَوْرَدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ حُمْدُونٍ فِی كِتَابِ التَّذْكِرَةِ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام قَالَ: لَا یَهْلِكُ مُؤْمِنٌ بَیْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ شَفَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لِقُدْرَتِهِ عَلَیْكَ وَ اسْتَحْیِ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْكَ إِذَا صَلَّیْتَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَیْسَ بِالتَّعْذِیرِ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الِابْتِهَاجَ بِالذَّنْبِ فَإِنَّ الِابْتِهَاجَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ رُكُوبِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: هَلَكَ مَنْ لَیْسَ لَهُ حَكِیمٌ یُرْشِدُهُ وَ ذَلَّ مَنْ لَیْسَ لَهُ سَفِیهٌ یَعْضُدُهُ.

«20»- ضه (3)،[روضة الواعظین] قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام:

مَلِیكٌ عَزِیزُ لَا یُرَدُّ قَضَاؤُهُ***عَلِیمٌ حَكِیمٌ نَافِذُ الْأَمْرِ قَاهِرٌ

عَنَا كُلُّ ذِی عِزٍّ لِعِزَّةِ وَجْهِهِ***فَكُلُّ عَزِیزٍ لِلْمُهَیْمِنِ صَاغِرٌ(4)

لَقَدْ خَشَعَتْ وَ اسْتَسْلَمَتْ وَ تَضَاءَلَتْ (5)***لِعِزَّةِ ذِی الْعَرْشِ الْمُلُوكُ الْجَبَابِرُ

وَ فِی دُونِ مَا عَایَنْتَ مِنْ فَجَعَاتِهَا***إِلَی رَفْضِهَا دَاعٍ وَ بِالزُّهْدِ آمِرٌ

ص: 159


1- 1. المعرة: الاثم و المساءة، و الاذی و الجنایة.
2- 2. غشی یغشی غشیا. الامر فلانا: غطاه و حل به، و المكان: أتاه.
3- 3. روضة الواعظین ص 523.
4- 4. عنا یعنو له أی خضع و ذل.
5- 5. تضاءل أی صغر و ضعف و تصاغر و تقاصر. و فی المصدر« تصغرت».

فَجِدَّ وَ لَا تَغْفُلْ فَعَیْشُكَ زَائِلٌ***وَ أَنْتَ إِلَی دَارِ الْمَنِیَّةِ صَائِرٌ

وَ لَا تَطْلُبِ الدُّنْیَا فَإِنَّ طِلَابَهَا***فَإِنْ نِلْتَ مِنْهَا غِبَّهَا لَكَ ضَائِرٌ

«21»- ختص (1)،[الإختصاص] قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَشْكُو إِلَیْهِ حَالَهُ فَقَالَ مِسْكِینٌ ابْنُ آدَمَ لَهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ ثَلَاثُ مَصَائِبَ- لَا یَعْتَبِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَ لَوِ اعْتَبَرَ لَهَانَتْ عَلَیْهِ الْمَصَائِبُ وَ أَمْرُ الدُّنْیَا فَأَمَّا الْمُصِیبَةُ الْأُولَی فَالْیَوْمُ الَّذِی یَنْقُصُ مِنْ عُمُرِهِ قَالَ وَ إِنْ نَالَهُ نُقْصَانٌ فِی مَالِهِ اغْتَمَّ بِهِ وَ الدِّرْهَمُ یَخْلُفُ عَنْهُ وَ الْعُمُرُ لَا یَرُدُّهُ شَیْ ءٌ وَ الثَّانِیَةُ أَنَّهُ یَسْتَوْفِی رِزْقَهُ فَإِنْ كَانَ حَلَالًا حُوسِبَ عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ حَرَاماً عُوقِبَ عَلَیْهِ قَالَ وَ الثَّالِثَةُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قِیلَ وَ مَا هِیَ قَالَ مَا مِنْ یَوْمٍ یُمْسِی إِلَّا وَ قَدْ دَنَا مِنَ الْآخِرَةِ مَرْحَلَةً- لَا یَدْرِی عَلَی الْجَنَّةِ أَمْ عَلَی النَّارِ.

وَ قَالَ: أَكْبَرُ مَا یَكُونُ ابْنُ آدَمَ الْیَوْمُ الَّذِی یَلِدُ مِنْ أُمِّهِ قَالَتِ الْحُكَمَاءُ مَا سَبَقَهُ إِلَی هَذَا أَحَدٌ.

«22»- أَعْلَامُ الدِّینِ (2)، قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: لَا یَهْلِكُ مُؤْمِنٌ بَیْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ شَفَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: خَفِ اللَّهَ تَعَالَی لِقُدْرَتِهِ عَلَیْكَ وَ اسْتَحْیِ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُعَادِیَنَّ أَحَداً وَ إِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهُ لَا یَضُرُّكَ وَ لَا تَزْهَدَنَّ فِی صَدَاقَةِ أَحَدٍ وَ إِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُكَ فَإِنَّهُ لَا تَدْرِی مَتَی تَخَافُ عَدُوَّكَ وَ مَتَی تَرْجُو صَدِیقَكَ وَ إِذَا صَلَّیْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ قَالَ علیه السلام فِی جَوَابِ مَنْ قَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ یُسْكِتُهُ الْحِلْمُ وَ یُنْطِقُهُ الْعِلْمُ فَقَالَ بَلْ كَانَ یُسْكِتُهُ الْحَصَرُ وَ یُنْطِقُهُ الْبَطَرُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لِكُلِّ شَیْ ءٍ فَاكِهَةٌ وَ فَاكِهَةُ السَّمْعِ الْكَلَامُ الْحَسَنُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَمَی النَّاسَ بِمَا فِیهِمْ رَمَوْهُ بِمَا لَیْسَ فِیهِ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْ دَاءَهُ

ص: 160


1- 1. الاختصاص ص 342.
2- 2. مخطوط.

أَفْسَدَهُ دَوَاؤُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ علیه السلام كَفُّ الْأَذَی رَفْضُ الْبَذَاءِ(1) وَ اسْتَعِنْ عَلَی الْكَلَامِ بِالسُّكُوتِ فَإِنَّ لِلْقَوْلِ حَالاتٍ تُضِرُّ فَاحْذَرِ الْأَحْمَقَ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَمْتَنِعْ مِنْ تَرْكِ الْقَبِیحِ وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ عُرِفْتَ بِهِ وَ لَا تَزْهَدْ فِی مُرَاجَعَةِ الْجَهْلِ وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ شُهِرْتَ بِخِلَافِهِ وَ إِیَّاكَ وَ الرِّضَا بِالذَّنْبِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ رُكُوبِهِ وَ الشَّرَفُ فِی التَّوَاضُعِ وَ الْغِنَی فِی الْقَنَاعَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا اسْتَغْنَی أَحَدٌ بِاللَّهِ إِلَّا افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: خَیْرُ مَفَاتِیحِ الْأُمُورِ الصِّدْقُ وَ خَیْرُ خَوَاتِیمِهَا الْوَفَاءُ.

وَ قَالَ علیه السلام: كُلُّ عَیْنٍ سَاهِرَةٌ(2) یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا ثَلَاثَ عُیُونٍ عَیْنٌ سَهِرَتْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ عَیْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ عَیْنٌ فَاضَتْ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْكَرِیمُ یَبْتَهِجُ بِفَضْلِهِ وَ اللَّئِیمُ یَفْتَخِرُ بِمِلْكِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الْغِیبَةَ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلَابِ النَّارِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اتَّكَلَ عَلَی حُسْنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَتَمَنَّ أَنَّهُ فِی حَالٍ غَیْرِ حَالٍ الَّتِی اخْتَارَهَا اللَّهُ لَهُ.

قِیلَ تَشَاجَرَ هُوَ علیه السلام وَ بَعْضُ النَّاسِ فِی مَسَائِلَ مِنَ الْفِقْهِ فَقَالَ علیه السلام یَا هَذَا إِنَّكَ لَوْ صِرْتَ إِلَی مَنَازِلِنَا لَأَرَیْنَاكَ آثَارَ جَبْرَئِیلَ فِی رِحَالِنَا أَ فَیَكُونُ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنَّا.

وَ قال علیه السلام [كَانَ]: إِذَا صَلَّی تَبَرَّزَ إِلَی مَكَانٍ خَشِنٍ یَتَخَفَّی وَ یُصَلِّی فِیهِ وَ كَانَ كَثِیرَ الْبُكَاءِ قَالَ فَخَرَجَ یَوْماً فِی حَرٍّ شَدِیدٍ إِلَی الْجِبَالِ لِیُصَلِّیَ فِیهِ فَتَبِعَهُ مَوْلًی لَهُ وَ هُوَ سَاجِدٌ عَلَی الْحِجَارَةِ وَ هِیَ خَشِنَةٌ حَارَّةٌ وَ هُوَ یَبْكِی فَجَلَسَ مَوْلَاهُ حَتَّی فَرَغَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ غَمَسَ رَأْسَهُ وَ وَجْهَهُ فِی الْمَاءِ مِنْ كَثْرَةِ الدُّمُوعِ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ یَا مَوْلَایَ أَ مَا آنَ لِحُزْنِكَ أَنْ یَنْقَضِیَ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنَّ یَعْقُوبَ نَبِیٌّ ابْنُ نَبِیٍّ كَانَ لَهُ

ص: 161


1- 1. البذاء: الكلام القبیح و الفحش.
2- 2. العین الساهرة هی العین التی لم تنم لیلا.

اثْنَا عَشَرَ وَلَداً فَغُیِّبَ عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَبَكَی حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ احْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ وَ شَابَ رَأْسُهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَانَ ابْنُهُ حَیّاً یَرْجُو لِقَاءَهُ فَإِنِّی رَأَیْتُ أَبِی وَ أَخِی وَ أَعْمَامِی وَ بَنِی عَمِّی ثَمَانِیَةَ عَشَرَ مُقَتَّلِینَ صَرْعَی تَسْفِی عَلَیْهِمُ الرِّیحُ فَكَیْفَ یَنْقَضِی حُزْنِی وَ تَرْقَأُ عَبْرَتِی.

باب 22 وصایا الباقر علیه السلام

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: وَصِیَّتُهُ علیه السلام لِجَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِ (2) رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لَهُ یَا جَابِرُ اغْتَنِمْ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ خَمْساً إِنْ حَضَرْتَ لَمْ تُعْرَفْ وَ إِنْ غِبْتَ لَمْ تُفْتَقَدْ وَ إِنْ شَهِدْتَ لَمْ تُشَاوَرْ وَ إِنْ قُلْتَ لَمْ یُقْبَلْ قَوْلُكَ وَ إِنْ خَطَبْتَ لَمْ تُزَوَّجْ وَ أُوصِیكَ بِخَمْسٍ إِنْ ظُلِمْتَ فَلَا تَظْلِمْ وَ إِنْ خَانُوكَ فَلَا تَخُنْ وَ إِنْ كُذِّبْتَ فَلَا تَغْضَبْ وَ إِنْ مُدِحْتَ فَلَا تَفْرَحْ وَ إِنْ ذُمِمْتَ فَلَا تَجْزَعْ- وَ فَكِّرْ فِیمَا قِیلَ فِیكَ فَإِنْ عَرَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ مَا قِیلَ فِیكَ فَسُقُوطُكَ مِنْ عَیْنِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ عِنْدَ غَضَبِكَ مِنَ الْحَقِّ أَعْظَمُ عَلَیْكَ مُصِیبَةً مِمَّا خِفْتَ مِنْ سُقُوطِكَ مِنْ أَعْیُنِ النَّاسِ وَ إِنْ كُنْتَ عَلَی خِلَافِ مَا قِیلَ فِیكَ فَثَوَابٌ اكْتَسَبْتَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَتْعَبَ بَدَنُكَ وَ اعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا تَكُونُ لَنَا وَلِیّاً حَتَّی لَوِ اجْتَمَعَ عَلَیْكَ أَهْلُ مِصْرِكَ وَ قَالُوا إِنَّكَ رَجُلُ سَوْءٍ لَمْ یَحْزُنْكَ ذَلِكَ وَ لَوْ قَالُوا إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ لَمْ یَسُرَّكَ

ص: 162


1- 1. التحف ص 284.
2- 2. الجعفی- علی زنة الكرسیّ-: نسبة الی جعف بن سعد العشیرة بن مذحج أبی حی بالیمن. و هو جابر بن یزید بن الحرث بن عبد یغوث الجعفی من أصحاب الباقر و الصادق علیها السلام و خدم الامام أبا جعفر علیه السلام سنینا متوالیة مات رحمه اللّٰه فی أیام الصادق علیه السلام سنة ثمان و عشرین و مائة.

ذَلِكَ وَ لَكِنِ اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَی مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ سَالِكاً سَبِیلَهُ زَاهِداً فِی تَزْهِیدِهِ رَاغِباً فِی تَرْغِیبِهِ خَائِفاً مِنْ تَخْوِیفِهِ فَاثْبُتْ وَ أَبْشِرْ فَإِنَّهُ لَا یَضُرُّكَ مَا قِیلَ فِیكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُبَایِناً لِلْقُرْآنِ فَمَا ذَا الَّذِی یَغُرُّكَ مِنْ نَفْسِكَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَعْنِیٌّ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ

لِیَغْلِبَهَا عَلَی هَوَاهَا فَمَرَّةً یُقِیمُ أَوَدَهَا(1) وَ یُخَالِفُ هَوَاهَا فِی مَحَبَّةِ اللَّهِ وَ مَرَّةً تَصْرَعُهُ نَفْسُهُ فَیَتَّبِعُ هَوَاهَا فَیَنْعَشُهُ اللَّهُ فَیَنْتَعِشُ (2) وَ یُقِیلُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ فَیَتَذَكَّرُ وَ یَفْزَعُ إِلَی التَّوْبَةِ وَ الْمَخَافَةِ فَیَزْدَادُ بَصِیرَةً وَ مَعْرِفَةً لِمَا زِیدَ فِیهِ مِنَ الْخَوْفِ وَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ- إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (3) یَا جَابِرُ اسْتَكْثِرْ لِنَفْسِكَ مِنَ اللَّهِ قَلِیلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصاً إِلَی الشُّكْرِ وَ اسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ كَثِیرَ الطَّاعَةِ لِلَّهِ إِزْرَاءً عَلَی النَّفْسِ (4) وَ تَعَرُّضاً لِلْعَفْوِ وَ ادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ حَاضِرَ الشَّرِّ بِحَاضِرِ الْعِلْمِ وَ اسْتَعْمِلْ حَاضِرَ الْعِلْمِ بِخَالِصِ الْعَمَلِ وَ تَحَرَّزْ فِی خَالِصِ الْعَمَلِ مِنْ عَظِیمِ الْغَفْلَةِ بِشِدَّةِ التَّیَقُّظِ- وَ اسْتَجْلِبْ شِدَّةَ التَّیَقُّظِ بِصِدْقِ الْخَوْفِ وَ احْذَرْ خَفِیَّ التَّزَیُّنِ (5) بِحَاضِرِ الْحَیَاةِ وَ تَوَقَّ مُجَازَفَةَ الْهَوَی بِدَلَالَةِ الْعَقْلِ (6)

وَ قِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَی بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ وَ اسْتَبْقِ خَالِصَ الْأَعْمَالِ لِیَوْمِ الْجَزَاءِ وَ انْزِلْ سَاحَةَ

ص: 163


1- 1. الاود- محركة-: العوج. و قد یأتی بمعنی القوّة.
2- 2. نعشه اللّٰه: رفعه و أقامه و تداركه من هلكة و سقطة. و ینعش أی ینهض و ینشط.
3- 3. سورة الأعراف: 200. و الطائف فاعل من طاف یطوف أی الخیال و الوسوسة.
4- 4. أزری علی النفس: عابها و عاتبها. و یحتمل أن یكون: ازدراء- من باب الافتعال- أی احتقارا و استخفافا.
5- 5. و فی بعض النسخ« خفی الرین» أی الدنس.
6- 6. جازف فی كلامه: تكلم بدون تبصر و بلا رویة. و جازف فی البیع: بایعه بلا كیل و لا وزن و لا عدد، و جازف بنفسه: خاطر بها.

الْقَنَاعَةِ بِاتِّقَاءِ الْحِرْصِ وَ ادْفَعْ عَظِیمَ الْحِرْصِ (1) بِإِیثَارِ الْقَنَاعَةِ وَ اسْتَجْلِبْ حَلَاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقَصْرِ الْأَمَلِ وَ اقْطَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِبَرْدِ الْیَأْسِ وَ سُدَّ سَبِیلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ وَ تَخَلَّصْ إِلَی رَاحَةِ النَّفْسِ بِصِحَّةِ التَّفْوِیضِ وَ اطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِجْمَامِ الْقَلْبِ (2) وَ تَخَلَّصْ إِلَی إِجْمَامِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَإِ وَ تَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ فِی الْخَلَوَاتِ وَ اسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ وَ تَحَرَّزْ مِنْ إِبْلِیسَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ وَ إِیَّاكَ وَ الرَّجَاءَ الْكَاذِبَ فَإِنَّهُ یُوقِعُكَ فِی الْخَوْفِ الصَّادِقِ وَ تَزَیَّنْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصِّدْقِ فِی الْأَعْمَالِ وَ تَحَبَّبْ إِلَیْهِ بِتَعْجِیلِ الِانْتِقَالِ وَ إِیَّاكَ وَ التَّسْوِیفَ فَإِنَّهُ بَحْرٌ یَغْرَقُ فِیهِ الْهَلْكَی وَ إِیَّاكَ وَ الْغَفْلَةَ فَفِیهَا تَكُونُ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ إِیَّاكَ وَ التَّوَانِیَ فِیمَا لَا عُذْرَ لَكَ فِیهِ فَإِلَیْهِ یَلْجَأُ النَّادِمُونَ وَ اسْتَرْجِعْ سَالِفَ الذُّنُوبِ بِشِدَّةِ النَّدَمِ وَ كَثْرَةِ الِاسْتِغْفَارِ وَ تَعَرَّضْ لِلرَّحْمَةِ وَ عَفْوِ اللَّهِ بِحُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ وَ اسْتَعِنْ عَلَی حُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ بِخَالِصِ الدُّعَاءِ وَ الْمُنَاجَاةِ فِی الظُّلَمِ وَ تَخَلَّصْ إِلَی عَظِیمِ الشُّكْرِ بِاسْتِكْثَارِ قَلِیلِ الرِّزْقِ وَ اسْتِقْلَالِ كَثِیرِ الطَّاعَةِ وَ اسْتَجْلِبْ زِیَادَةَ النِّعَمِ بِعَظِیمِ الشُّكْرِ وَ تَوَسَّلْ إِلَی عَظِیمِ الشُّكْرِ بِخَوْفِ زَوَالِ النِّعَمِ وَ اطْلُبْ بَقَاءَ الْعِزِّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ وَ ادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الْیَأْسِ وَ اسْتَجْلِبْ عِزَّ الْیَأْسِ بِبُعْدِ الْهِمَّةِ وَ تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْیَا بِقَصْرِ الْأَمَلِ وَ بَادِرْ بِانْتِهَازِ الْبُغْیَةِ(3) عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ وَ لَا إِمْكَانَ كَالْأَیَّامِ الْخَالِیَةِ مَعَ صِحَّةِ الْأَبْدَانِ وَ إِیَّاكَ وَ الثِّقَةَ بِغَیْرِ الْمَأْمُونِ فَإِنَّ لِلشَّرِّ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْغِذَاءِ(4) وَ

اعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ كَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَ لَا سَلَامَةَ كَسَلَامَةِ الْقَلْبِ وَ لَا عَقَلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَی وَ لَا خَوْفَ كَخَوْفٍ حَاجِزٍ وَ لَا رَجَاءَ كَرَجَاءٍ مُعِینٍ وَ لَا فَقْرَ

ص: 164


1- 1. فی بعض النسخ« و انزل ساعة القناعة بانفاء الحرص».
2- 2. الجمام- بالفتح-: الراحة. و أجم نفسه أی أتركها.
3- 3. البغیة: مصدر بغی الشی ء ای طلبه. و انتهاز البغیة: اغتنامها و النهوض إلیها مبادرا.
4- 4. الضراوة: الاعتیاد، مصدر ضری بالشی ء: أی اعتاده.

كَفَقْرِ الْقَلْبِ وَ لَا غِنَی كَغِنَی النَّفْسِ وَ لَا قُوَّةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَی وَ لَا نُورَ كَنُورِ الْیَقِینِ وَ لَا یَقِینَ كَاسْتِصْغَارِكَ الدُّنْیَا وَ لَا مَعْرِفَةَ كَمَعْرِفَتِكَ بِنَفْسِكَ وَ لَا نِعْمَةَ كَالْعَافِیَةِ وَ لَا عَافِیَةَ كَمُسَاعَدَةِ التَّوْفِیقِ وَ لَا شَرَفَ كَبُعْدِ الْهِمَّةِ وَ لَا زُهْدَ كَقَصْرِ الْأَمَلِ وَ لَا حِرْصَ كَالْمُنَافَسَةِ فِی الدَّرَجَاتِ (1)

وَ لَا عَدْلَ كَالْإِنْصَافِ وَ لَا تَعَدِّیَ كَالْجَوْرِ وَ لَا جَوْرَ كَمُوَافَقَةِ الْهَوَی وَ لَا طَاعَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ لَا خَوْفَ كَالْحُزْنِ وَ لَا مُصِیبَةَ كَعَدَمِ الْعَقْلِ وَ لَا عَدَمَ عَقْلٍ كَقِلَّةِ الْیَقِینِ وَ لَا قِلَّةَ یَقِینٍ كَفَقْدِ الْخَوْفِ وَ لَا فَقْدَ خَوْفٍ كَقِلَّةِ الْحُزْنِ عَلَی فَقْدِ الْخَوْفِ وَ لَا مُصِیبَةَ كَاسْتِهَانَتِكَ بِالذَّنْبِ وَ رِضَاكَ بِالْحَالَةِ الَّتِی أَنْتَ عَلَیْهَا وَ لَا فَضِیلَةَ كَالْجِهَادِ وَ لَا جِهَادَ كَمُجَاهَدَةِ الْهَوَی وَ لَا قُوَّةَ كَرَدِّ الْغَضَبِ وَ لَا مَعْصِیَةَ كَحُبِّ الْبَقَاءِ(2)

وَ لَا ذُلَّ كَذُلِّ الطَّمَعِ وَ إِیَّاكَ وَ التَّفْرِیطَ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ فَإِنَّهُ مَیْدَانٌ یَجْرِی لِأَهْلِهِ بِالْخُسْرَانِ.

«2»- ف (3)،[تحف العقول]: وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام لِجَابِرٍ أَیْضاً خَرَجَ یَوْماً وَ هُوَ یَقُولُ أَصْبَحْتُ وَ اللَّهِ یَا جَابِرُ مَحْزُوناً مَشْغُولَ الْقَلْبِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حُزْنُكَ وَ شُغْلُ قَلْبِكَ كُلُّ هَذَا عَلَی الدُّنْیَا فَقَالَ علیه السلام لَا یَا جَابِرُ وَ لَكِنْ حُزْنُ هَمِّ الْآخِرَةِ یَا جَابِرُ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ خَالِصُ حَقِیقَةِ الْإِیمَانِ شُغِلَ عَمَّا فِی الدُّنْیَا مِنْ زِینَتِهَا إِنَّ زِینَةَ زَهْرَةِ الدُّنْیَا إِنَّمَا هُوَ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ- وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ یَا جَابِرُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَرْكَنَ وَ یَطْمَئِنَّ إِلَی زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ اعْلَمْ أَنَّ أَبْنَاءَ الدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ غَفْلَةٍ وَ غُرُورٍ وَ جَهَالَةٍ وَ أَنَّ أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْعَامِلُونَ الزَّاهِدُونَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَ الْفِقْهِ وَ أَهْلُ فِكْرَةٍ وَ اعْتِبَارٍ وَ اخْتِبَارٍ- لَا یَمَلُّونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ.

ص: 165


1- 1. المنافسة: المفاخرة و المباراة.
2- 2. یعنی البقاء فی هذه الدنیا الدنیة لاستلزامه البعد عن جوار الرب تعالی.
3- 3. التحف ص 286 و رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 133 عن أبی عبد اللّٰه المؤمن عن جابر« قال: دخلت علی ابی جعفر علیه السلام فقال: یا جابر و اللّٰه انی لمحزون و انی لمشغول القلب ... الخ» و رواه علیّ بن عیسی الاربلی فی كشف الغمّة أیضا مع اختلاف.

وَ اعْلَمْ یَا جَابِرُ أَنَّ أَهْلَ التَّقْوَی هُمُ الْأَغْنِیَاءُ أَغْنَاهُمُ الْقَلِیلُ مِنَ الدُّنْیَا فَمَئُونَتُهُمْ یَسِیرَةٌ إِنْ نَسِیتَ الْخَیْرَ ذَكَّرُوكَ وَ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ أَعَانُوكَ أَخَّرُوا شَهَوَاتِهِمْ وَ لَذَّاتِهِمْ خَلْفَهُمْ وَ قَدَّمُوا طَاعَةَ رَبِّهِمْ أَمَامَهُمْ وَ نَظَرُوا إِلَی سَبِیلِ الْخَیْرِ وَ إِلَی وَلَایَةِ أَحِبَّاءِ اللَّهِ فَأَحَبُّوهُمْ وَ تَوَلَّوْهُمْ وَ اتَّبَعُوهُمْ فَأَنْزِلْ نَفْسَكَ مِنَ الدُّنْیَا كَمَثَلِ مَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ سَاعَةً ثُمَّ ارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَثَلِ مَالٍ اسْتَفَدْتَهُ فِی مَنَامِكَ فَفَرِحْتَ بِهِ وَ سُرِرْتَ ثُمَّ انْتَبَهْتَ (1) مِنْ رَقْدَتِكَ وَ لَیْسَ فِی یَدِكَ شَیْ ءٌ وَ إِنِّی إِنَّمَا ضَرَبْتُ لَكَ مَثَلًا(2)

لِتَعْقِلَ وَ تَعْمَلَ بِهِ إِنْ وَفَّقَكَ اللَّهُ لَهُ فَاحْفَظْ یَا جَابِرُ مَا

أَسْتَوْدِعُكَ (3)

مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ انْصَحْ لِنَفْسِكَ وَ انْظُرْ مَا اللَّهُ عِنْدَكَ فِی حَیَاتِكَ فَكَذَلِكَ یَكُونُ لَكَ الْعَهْدُ عِنْدَهُ فِی مَرْجِعِكَ وَ انْظُرْ فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْیَا عِنْدَكَ عَلَی غَیْرِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَحَوَّلْ عَنْهَا إِلَی دَارِ الْمُسْتَعْتَبِ الْیَوْمَ (4)

فَلَرُبَّ حَرِیصٍ عَلَی أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْیَا قَدْ نَالَهُ فَلَمَّا نَالَهُ كَانَ عَلَیْهِ وَبَالًا وَ شَقِیَ بِهِ وَ لَرُبَّ كَارِهٍ لِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ قَدْ نَالَهُ فَسَعِدَ بِهِ.

«3»- ف (5)،[تحف العقول]: وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام فِی أَحْكَامِ السُّیُوفِ سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ عَنْ

ص: 166


1- 1. فی بعض النسخ« استنبهت» و فی الكافی و الكشف« استیقظت».
2- 2. فی الكافی« هذا مثلا».
3- 3. فی بعض النسخ« ما استودعتك» و فی الكافی و الكشف« ما استرعاك».
4- 4. قال الفیض رحمه اللّٰه: أی ان تكن الدنیا عندك علی غیر ما وصفت لك فتكون تطمئن الیها فعلیك أن تتحول فیها الی دار ترضی فیها ربك یعنی أن تكون فی الدنیا ببدنك و فی الآخرة بروحك تسعی فی فكاك رقبتك و تحصیل رضا ربك حتّی یأتیك الموت. و لیست فی بعض النسخ لفظة« غیر» و علی هذا فلا حاجة الی التكلف فی معناه. و الاستعتاب الاسترضاء.
5- 5. التحف ص 288 و رواه الكلینی( ره) فی الكافی ج 5 ص 8 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن القاسم بن محمّد و علیّ بن محمّد القاسانی عن المنقریّ عن حفص بن غیاث عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال:« سأل رجل عن حروب أمیر المؤمنین علیه السلام و كان القائل من محبینا فقال: بعث اللّٰه محمّدا صلّی اللّٰه علیه و آله بخمسة أسیاف- الخ». و رواه الشیخ الطائفة( ره) أیضا فی التهذیب ص 46 من المجلد الثانی و الصدوق( ره) فی الخصال.

حُرُوبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ علیه السلام لَهُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِخَمْسَةِ أَسْیَافٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ لَا تُغْمَدُ(1)

حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها وَ لَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ فَیَوْمَئِذٍ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً(2) وَ سَیْفٌ مَكْفُوفٌ (3) وَ سَیْفٌ مِنْهَا مَغْمُودٌ سَلُّهُ إِلَی غَیْرِنَا وَ حُكْمُهُ إِلَیْنَا فَأَمَّا السُّیُوفُ الثَّلَاثَةُ الشَّاهِرَةُ فَسَیْفٌ عَلَی مُشْرِكِی الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ- فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ(4)

فَإِنْ تابُوا أَیْ آمَنُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِی الدِّینِ (5) هَؤُلَاءِ لَا یُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَمْوَالُهُمْ فَیْ ءٌ وَ ذَرَارِیُّهُمْ سَبْیٌ عَلَی مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُ سَبَی وَ عَفَا وَ قَبِلَ الْفِدَاءَ وَ السَّیْفُ الثَّانِی عَلَی أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً(6) نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ نَسَخَهَا قَوْلُهُ- قاتِلُوا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ لا یُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا یَدِینُونَ دِینَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِینَ

ص: 167


1- 1. الشاهرة: المجردة من الغمد. و قوله.« حتی تضع الحرب أوزارها» أی ینقضی. و الاوزار: الآلات و الاثقال. و لعلّ طلوع الشمس من مغربها كنایة عن أشراط الساعة و قیام القیامة. كما قاله الفیض رحمه اللّٰه فی الوافی.
2- 2. قوله:« كسبت فی ایمانها خیرا» أی لا ینفع یومئذ نفسا غیر مقدّمة ایمانها أو مقدّمة ایمانها غیر كاسبة فی ایمانها خیرا.
3- 3. فی بعض النسخ« و سیف ملفوف» و كذا فی تفسیره. و مغمود أی مستور فی غلافه. و سله: اخراجه من غلافه.
4- 4. سورة التوبة: 5.
5- 5. سورة التوبة: 11.
6- 6. سورة البقرة: 78.

أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّی یُعْطُوا الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1) فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْجِزْیَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَ مَالُهُمْ فَیْ ءٌ وَ ذَرَارِیُّهُمْ سَبْیٌ فَإِذَا قَبِلُوا الْجِزْیَةَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ حَرُمَ عَلَیْنَا سَبْیُهُمْ وَ حَرُمَتْ أَمْوَالُهُمْ وَ حَلَّتْ لَنَا مَنَاكِحُهُمْ (2)

وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی دَارِ الْحَرْبِ حَلَّ لَنَا سَبْیُهُمْ وَ أَمْوَالُهُمْ وَ لَمْ تَحِلَّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَ لَمْ یُقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا دُخُولُ دَارِ الْإِسْلَامِ (3) وَ الْجِزْیَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَ السَّیْفُ الثَّالِثِ عَلَی مُشْرِكِی الْعَجَمِ- كَالتُّرْكِ وَ الدَّیْلَمِ وَ الْخَزَرِ(4) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی أَوَّلِ السُّورَةِ الَّتِی یَذْكُرُ فِیهَا الَّذِینَ كَفَرُوا فَقَصَّ قِصَّتَهُمْ ثُمَّ قَالَ- فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّی إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ (5) فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها(6) فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ یَعْنِی بَعْدَ السَّبْیِ مِنْهُمْ- وَ إِمَّا فِداءً یَعْنِی الْمُفَادَاةَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهَؤُلَاءِ لَنْ یُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِی الْإِسْلَامِ وَ لَا یَحِلُّ لَنَا نِكَاحُهُمْ (7) مَا دَامُوا فِی دَارِ الْحَرْبِ وَ أَمَّا السَّیْفُ الْمَكْفُوفُ فَسَیْفٌ عَلَی أَهْلِ الْبَغْیِ وَ التَّأْوِیلِ قَالَ اللَّهُ- وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما صُلْحاً فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ (8) فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قَالَ رَسُولُ

ص: 168


1- 1. سورة التوبة: 30.
2- 2. فی الكافی و التهذیب« مناكحتهم».
3- 3. فیهما« یعنی الترك و الدیلم و الخزر- بالتحریك و الخاء المعجمة و الزای ثمّ الراء-: جیل من الناس ضیقة العیون.
4- 4. فیهما« الا الدخول فی دار الإسلام».
5- 5. أی أكثرتم قتلهم و اغلظتموهم. من الثخن.
6- 6. سورة محمد: 4.
7- 7. فیهما« مناكحتهم».
8- 8. سورة الحجرات: 9، و هذه الآیة أصل فی قتال المسلمین و دلیل علی وجوب قتال أهل البغی و علیها بنی أمیر المؤمنین علیه السلام قتال الناكثین و القاسطین و المارقین و ایاها عنی رسول اللّٰه علیه و آله حین قال لعمار بن یاسر:« تقتلك الفئة الباغیة».

اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ بَعْدِی عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی التَّنْزِیلِ فَسُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هُوَ فَقَالَ خَاصِفُ النَّعْلِ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّایَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثاً(1) وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی یَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ(2) لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ.

وَ كَانَتِ السِّیرَةُ فِیهِمْ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِثْلَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ مَكَّةَ- یَوْمَ فَتَحَهَا فَإِنَّهُ لَمْ یَسْبِ لَهُمْ ذُرِّیَّةً وَ قَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ كَذَلِكَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادَی فِیهِمْ لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّیَّةً وَ لَا تُدَفِّفُوا عَلَی جَرِیحٍ (3)

وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ السَّیْفُ الْمَغْمُودُ فَالسَّیْفُ الَّذِی یُقَامُ بِهِ الْقِصَاصُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ (4) فَسَلُّهُ إِلَی أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ وَ حُكْمُهُ إِلَیْنَا فَهَذِهِ السُّیُوفُ الَّتِی بَعَثَ اللَّهُ بِهَا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَمَنْ جَحَدَهَا أَوْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهَا أَوْ شَیْئاً مِنْ سِیَرِهَا وَ أَحْكَامِهَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی مُحَمَّدٍ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 169


1- 1. یوم بدر و یوم أحد و یوم حنین.
2- 2. السعف- بالتحریك-: جریدة النخل أو ورقة قیل ما دامت بالخوض فإذا زال عنها قیل: جریدة، و أكثر ما یقال یبست و إذا كانت رطبة فهی شطبة. و الهجر بالتحریك-: بلدة بالیمن. و اسم لجمیع أرض البحرین. و انما خص هجر لبعد المسافة أو لكثرة النخل بها.
3- 3. دفف علی الجریح: أجهزه علیه و أتم قتله، و فی بعض النسخ« و لا تذیعوا علی جریح» و فی الكافی و التهذیب« لا تجهزوا علی جریح» و الاجهاز علی الجریح: اتمام قتله و الاسراع فیه.
4- 4. سورة المائدة: 47.

«4»- ف (1)،[تحف العقول]: مَوْعِظَةٌ وَ حَضَرَهُ ذَاتَ یَوْمٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الشِّیعَةِ فَوَعَظَهُمْ وَ حَذَّرَهُمْ وَ هُمْ سَاهُونَ لَاهُونَ فَأَغَاظَهُ ذَلِكَ فَأَطْرَقَ مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّ كَلَامِی لَوْ وَقَعَ طَرَفٌ مِنْهُ فِی قَلْبِ أَحَدِكُمْ لَصَارَ مَیِّتاً أَلَا یَا أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ وَ ذُبَاباً بِلَا مِصْبَاحٍ كَأَنَّكُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ(2) وَ أَصْنَامٌ مَرِیدَةٌ أَ لَا تَأْخُذُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْحَجَرِ أَ لَا تَقْتَبِسُونَ الضِّیَاءَ مِنَ النُّورِ الْأَزْهَرِ أَ لَا تَأْخُذُونَ اللُّؤْلُؤَ مِنَ الْبَحْرِ خُذُوا الْكَلِمَةَ الطَّیِّبَةَ مِمَّنْ قَالَهَا وَ إِنْ لَمْ یَعْمَلْ بِهَا فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ (3) وَیْحَكَ یَا مَغْرُورُ أَ لَا تَحْمَدُ مَنْ تُعْطِیهِ فَانِیاً وَ یُعْطِیكَ بَاقِیاً دِرْهَمٌ یَفْنَی بِعَشَرَةٍ تَبْقَی إِلَی سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ مُضَاعَفَةٍ مِنْ جَوَادٍ كَرِیمٍ آتَاكَ اللَّهُ عِنْدَ مُكَافَاةٍ(4)

هُوَ مُطْعِمُكَ وَ سَاقِیكَ وَ كَاسِیكَ وَ مُعَافِیكَ وَ كَافِیكَ وَ سَاتِرُكَ مِمَّنْ یُرَاعِیكَ مَنْ حَفِظَكَ فِی لَیْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ أَجَابَكَ عِنْدَ اضْطِرَارِكَ وَ عَزَمَ لَكَ عَلَی الرُّشْدِ فِی اخْتِبَارِكَ كَأَنَّكَ قَدْ نَسِیتَ لَیَالِیَ أَوْجَاعِكَ وَ خَوْفِكَ دَعَوْتَهُ فَاسْتَجَابَ لَكَ فَاسْتَوْجَبَ بِجَمِیلِ صَنِیعِهِ الشُّكْرَ فَنَسِیتَهُ فِیمَنْ ذَكَرَ وَ خَالَفْتَهُ فِیمَا أَمَرَ وَیْلَكَ إِنَّمَا أَنْتَ لِصٌّ مِنْ لُصُوصِ الذُّنُوبِ (5) كُلَّمَا عَرَضَتْ لَكَ شَهْوَةٌ أَوِ

ص: 170


1- 1. التحف ص 291.
2- 2. شبههم علیه السلام فی عدم الانتفاع بهم بالخشب المسندة الی الحائط و الأصنام المنحوتة من الخشب و ان كانت هیاكلهم معجبة و ألسنتهم ذلقة. و فی بعض النسخ« و اصنام مربذة».
3- 3. سورة الزمر: 18.
4- 4. إشارة الی قوله تعالی فی سورة البقرة: 261.« مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِی كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللَّهُ یُضاعِفُ لِمَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ».
5- 5. اللصّ- بالكسر-: فعل الشی ء فی ستر- و منه قیل للسارق: لص. و جمعه لصوص.

ارْتِكَابُ ذَنْبٍ سَارَعْتَ إِلَیْهِ وَ أَقْدَمْتَ بِجَهْلِكَ عَلَیْهِ فَارْتَكَبْتَهُ كَأَنَّكَ لَسْتَ بِعَیْنِ اللَّهِ أَوْ كَأَنَّ اللَّهَ لَیْسَ لَكَ بِالْمِرْصَادِ یَا طَالِبَ الْجَنَّةِ مَا أَطْوَلَ نَوْمَكَ وَ أَكَلَّ مَطِیَّتَكَ وَ أَوْهَی هِمَّتَكَ (1)

فَلِلَّهِ أَنْتَ مِنْ طَالِبٍ وَ مَطْلُوبٍ وَ یَا هَارِباً مِنَ النَّارِ مَا أَحَثَّ مَطِیَّتَكَ إِلَیْهَا وَ مَا

أَكْسَبَكَ لِمَا یُوقِعُكَ فِیهَا انْظُرُوا إِلَی هَذِهِ الْقُبُورِ سُطُوراً بِأَفْنَاءِ الدُّورِ تَدَانَوْا فِی خِطَطِهِمْ (2) وَ قَرُبُوا فِی مَزَارِهِمْ وَ بَعُدُوا فِی لِقَائِهِمْ عَمَرُوا فَخُرِبُوا وَ أَنِسُوا فَأَوْحَشُوا وَ سَكَنُوا فَأُزْعِجُوا وَ قَطَنُوا فَرَحَلُوا(3)

فَمَنْ سَمِعَ بِدَانٍ بَعِیدٍ وَ شَاحِطٍ قَرِیبٍ (4)

وَ عَامِرٍ مُخَرِّبٍ وَ آنِسٍ مُوحِشٍ وَ سَاكِنٍ مُزْعَجٍ وَ قَاطِنٍ مُرْحَلٍ غَیْرِ أَهْلِ الْقُبُورِ یَا ابْنَ الْأَیَّامِ الثَّلَاثِ یَوْمِكَ الَّذِی وُلِدْتَ فِیهِ وَ یَوْمِكَ الَّذِی تَنْزِلُ فِیهِ قَبْرَكَ وَ یَوْمِكَ الَّذِی تَخْرُجُ فِیهِ إِلَی رَبِّكَ فَیَا لَهُ مِنْ یَوْمٍ عَظِیمٍ یَا ذَوِی الْهَیْئَةِ الْمُعْجِبَةِ وَ الْهِیمِ الْمُعْطَنَةِ(5)

مَا لِی أَرَی أَجْسَامَكُمْ عَامِرَةً وَ قُلُوبَكُمْ دَامِرَةً أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَایَنْتُمْ مَا أَنْتُمْ مُلَاقُوهُ وَ مَا أَنْتُمْ إِلَیْهِ صَائِرُونَ لَقُلْتُمْ- یا لَیْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآیاتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (6) وَ قَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا یُخْفُونَ ...- وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (7).

ص: 171


1- 1. أوهی فلانا: أضعفه و جعله واهیا.
2- 2. الخطط: جمع خطة- بالكسر-: ما یخیطه الإنسان من الأرض لیعلم أنه قد احتازها لیبنیها دارا. و الأرض التی تنزلها و لم ینزلها نازل قبلك- و بالضم-: الامر و الخصلة.
3- 3. القاطن: المقیم.
4- 4. الشاحط: البعید.
5- 5. الهیم: الإبل العطاش. العطن- بالتحریك-: وطن الإبل و مبركها حول الماء. و أعطنت الإبل: حبسها عند الماء فبركت بعد الورود. و عطنت الإبل: رویت ثمّ بركت.
6- 6. سورة الأنعام: 27.
7- 7. سورة الأنعام: 28.

«5»- ف (1)،[تحف العقول] وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی.

«1»- وَ قَالَ علیه السلام: صَانِعِ الْمُنَافِقَ بِلِسَانِكَ وَ أَخْلِصْ مَوَدَّتَكَ لِلْمُؤْمِنِ وَ إِنْ جَالَسَكَ یَهُودِیٌّ فَأَحْسِنْ مُجَالَسَتَهُ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا شِیبَ شَیْ ءٌ بِشَیْ ءٍ أَحْسَنَ مِنْ حِلْمٍ بِعِلْمٍ (2).

«3»- وَ قَالَ علیه السلام: الْكَمَالُ كُلُّ الْكَمَالِ التَّفَقُّهُ فِی الدِّینِ وَ الصَّبْرُ عَلَی النَّائِبَةِ وَ تَقْدِیرُ الْمَعِیشَةِ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: وَ اللَّهِ الْمُتَكَبِّرُ یُنَازِعُ اللَّهَ رِدَاءَهُ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام یَوْماً لِمَنْ حَضَرَهُ مَا الْمُرُوَّةُ فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُرُوَّةُ أَنْ لَا تَطْمَعَ فَتَذِلَّ وَ تَسْأَلَ فَتُقِلَ (3) وَ لَا تَبْخَلَ فَتُشْتَمَ وَ لَا تَجْهَلَ فَتُخْصَمَ فَقِیلَ وَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ كَالنَّاظِرِ فِی الْحَدَقَةِ(4) وَ الْمِسْكِ فِی الطِّیبِ وَ كَالْخَلِیفَةِ فِی یَوْمِكُمْ هَذَا فِی الْقَدْرِ.

«6»- وَ قَالَ یَوْماً رَجُلٌ عِنْدَهُ اللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ جَمِیعِ خَلْقِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَا تَقُلْ هَكَذَا وَ لَكِنْ قُلِ اللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَسْتَغْنِی عَنْ أَخِیهِ.

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: قُمْ بِالْحَقِّ وَ اعْتَزِلْ مَا لَا یَعْنِیكَ وَ تَجَنَّبْ عَدُوَّكَ وَ احْذَرْ صَدِیقَكَ مِنَ الْأَقْوَامِ إِلَّا الْأَمِینَ مَنْ خَشِیَ اللَّهَ وَ لَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ وَ لَا تُطْلِعْهُ عَلَی سِرِّكَ وَ اسْتَشِرْ فِی أمر [أَمْرِكَ] الَّذِینَ یَخْشَوْنَ اللَّهَ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: صُحْبَةُ عِشْرِینَ سَنَةً قَرَابَةٌ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُعَامِلَ أَحَداً إِلَّا وَ لَكَ الْفَضْلُ عَلَیْهِ فَافْعَلْ.

ص: 172


1- 1. التحف ص 292.
2- 2. الشوب: الخلط.
3- 3. یقل الرجل: قل ماله.
4- 4. الناظر: سواد الأصغر الذی فیه إنسان العین. و الحدقة. سواد العین الأعظم.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثَةٌ مِنْ مَكَارِمِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تَحْلُمَ إِذَا جُهِلَ عَلَیْكَ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ ظُلْمٌ لَا یَغْفِرُهُ اللَّهُ وَ ظُلْمٌ یَغْفِرُهُ اللَّهُ وَ ظُلْمٌ لَا یَدَعُهُ اللَّهُ فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لَا یَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی یَغْفِرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لَا یَدَعُهُ اللَّهُ فَالْمُدَائَنَةُ بَیْنَ الْعِبَادِ(1).

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ عَبْدٍ یَمْتَنِعُ مِنْ مَعُونَةِ أَخِیهِ الْمُسْلِمِ وَ السَّعْیِ لَهُ فِی حَاجَتِهِ قُضِیَتْ أَوْ لَمْ تُقْضَ إِلَّا ابْتُلِیَ بِالسَّعْیِ فِی حَاجَةٍ فِیمَا یَأْثَمُ عَلَیْهِ وَ لَا یُؤْجَرُ وَ مَا مِنْ عَبْدٍ یَبْخَلُ بِنَفَقَةٍ یُنْفِقُهَا فِیمَا یُرْضِی اللَّهَ إِلَّا ابْتُلِیَ بِأَنْ یُنْفِقُ أَضْعَافَهَا فِیمَا أَسْخَطَ اللَّهَ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی كُلِّ قَضَاءِ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ إِلْحَاحَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَی بَعْضٍ فِی الْمَسْأَلَةِ وَ أَحَبَّ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ یُحِبُّ أَنْ یُسْأَلَ وَ یُطْلَبَ مَا عِنْدَهُ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظاً فَإِنَّ مَوَاعِظَ النَّاسِ لَنْ تُغْنِیَ عَنْهُ شَیْئاً.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَرْجَحَ مِنْ بَاطِنِهِ خَفَّ مِیزَانُهُ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ لَقِیَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ كَبَّ اللَّهُ عَدُوَّكَ (2) وَ مَا لَهُ مِنْ عَدُوٍّ إِلَّا اللَّهُ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثَةٌ لَا یُسَلَّمُونَ الْمَاشِی إِلَی الْجُمُعَةِ وَ الْمَاشِی خَلْفَ جَنَازَةٍ وَ فِی بَیْتِ الْحَمَّامِ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: عَالِمٌ یُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِینَ أَلْفَ عَابِدٍ.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَكُونُ الْعَبْدُ عَالِماً حَتَّی لَا یَكُونَ حَاسِداً لِمَنْ فَوْقَهُ وَ لَا مُحَقِّراً لِمَنْ دُونَهُ.

ص: 173


1- 1. المداینة من الدین أی ظلم العباد عند المعاملة.
2- 2. كب فلانا: صرعه. و قلبه علی رأسه.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا عَرَفَ اللَّهَ مَنْ عَصَاهُ وَ أَنْشَدَ:

تَعْصِی الْإِلَهَ وَ أَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ***هَذَا لَعَمْرُكَ فِی الْفِعَالِ بَدِیعُ

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لَأَطَعْتَهُ***إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ أَحَبَّ مُطِیعُ

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا مَثَلُ الْحَاجَةِ إِلَی مَنْ أَصَابَ مَالَهُ حَدِیثاً كَمَثَلِ الدِّرْهَمِ فِی فَمِ الْأَفْعَی أَنْتَ إِلَیْهِ مُحْوِجٌ (1) وَ أَنْتَ مِنْهَا عَلَی خَطَرٍ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا یَمُوتُ صَاحِبُهُنَّ أَبَداً حَتَّی یَرَی وَبَالَهُنَّ الْبَغْیُ وَ قَطِیعَةُ الرَّحِمِ وَ الْیَمِینُ الْكَاذِبَةُ یُبَارِزُ اللَّهَ بِهَا وَ إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَاباً لَصِلَةُ الرَّحِمِ وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَیَكُونُونَ فُجَّاراً فَیَتَوَاصَلُونَ فَتَنْمِی أَمْوَالُهُمْ وَ یُثْرُونَ (2)

وَ إِنَّ الْیَمِینَ الْكَاذِبَةَ وَ قَطِیعَةَ الرَّحِمِ لَیَذَرَانِ الدِّیَارَ بَلَاقِعَ مِنْ أَهْلِهَا(3).

«24»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یُقْبَلُ عَمَلٌ إِلَّا بِمَعْرِفَةٍ وَ لَا مَعْرِفَةَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ مَنْ عَرَفَ دَلَّتْهُ مَعْرِفَتُهُ عَلَی الْعَمَلِ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْ فَلَا عَمَلَ لَهُ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمَعْرُوفِ أَهْلًا مِنْ خَلْقِهِ حَبَّبَ إِلَیْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَ حَبَّبَ إِلَیْهِمْ فِعَالَهُ وَ وَجَّهَ لِطُلَّابِ الْمَعْرُوفِ الطَّلَبَ إِلَیْهِمْ وَ یَسَّرَ لَهُمْ قَضَاءَهُ كَمَا یَسَّرَ الْغَیْثَ لِلْأَرْضِ الْمُجْدِبَةِ لِیُحْیِیَهَا وَ یُحْیِیَ أَهْلَهَا(4) وَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمَعْرُوفِ أَعْدَاءً مِنْ خَلْقِهِ بَغَّضَ إِلَیْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَ بَغَّضَ إِلَیْهِمْ فِعَالَهُ وَ حَظَرَ عَلَی طُلَّابِ الْمَعْرُوفِ التَّوَجُّهَ إِلَیْهِمْ وَ حَظَرَ عَلَیْهِمْ قَضَاءَهُ كَمَا یَحْظُرُ الْغَیْثَ عَنْ الْأَرْضِ الْمُجْدِبَةِ لِیُهْلِكَهَا وَ یُهْلِكَ أَهْلَهَا وَ مَا یَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: اعْرِفِ الْمَوَدَّةَ فِی قَلْبِ أَخِیكَ بِمَا لَهُ فِی قَلْبِكَ.

ص: 174


1- 1. أحوج إلیه: افتقر. و أحوجه: جعله محتاجا.
2- 2.« یثرون» أی یكثرون مالا. یقال: ثرا الرجل: كثر ماله.
3- 3.« لیذران» أی لیدعان و یتركان من وذره أی ودعه.« بلاقع» جمع بلقع. الأرض القفر.
4- 4. المجدبة: ذو جدب و هو ضد الخصب و یأتی أیضا بمعنی الماحل.

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ حُبٌّ وَ بُغْضٌ (1).

«28»- وَ قَالَ علیه السلام: وَ اللَّهِ مَا شِیعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَی اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ وَ مَا كَانُوا یُعْرَفُونَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَیْنِ وَ تَعَهُّدِ الْجِیرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ ذَوِی الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِینَ وَ الْأَیْتَامِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِی الْأَشْیَاءِ.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعٌ مِنْ كُنُوزِ الْبِرِّ كِتْمَانُ الْحَاجَةِ وَ كِتْمَانُ الصَّدَقَةِ وَ كِتْمَانُ الْوَجَعِ وَ كِتْمَانُ الْمُصِیبَةِ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَی عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زِیدَ فِی رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زِیدَ فِی عُمُرِهِ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ فَإِنَّهُمَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ مَنْ كَسِلَ لَمْ یُؤَدِّ حَقّاً وَ مَنْ ضَجِرَ لَمْ یَصْبِرْ عَلَی حَقٍّ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اسْتَفَادَ أَخاً فِی اللَّهِ عَلَی إِیمَانٍ بِاللَّهِ وَ وَفَاءٍ بِإِخَائِهِ طَلَباً لِمَرْضَاةِ اللَّهِ فَقَدِ اسْتَفَادَ شُعَاعاً مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ أَمَاناً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ حُجَّةً یُفْلِجُ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ(2) وَ عِزّاً بَاقِیاً وَ ذِكْراً نَامِیاً لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا مَوْصُولٌ وَ لَا مَفْصُولٌ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَا مَعْنَی لَا مَوْصُولٌ وَ لَا مَفْصُولٌ قَالَ لَا مَوْصُولٌ بِهِ أَنَّهُ هُوَ وَ لَا مَفْصُولٌ مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ غَیْرِهِ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَی بِالْمَرْءِ غِشّاً لِنَفْسِهِ أَنْ یُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا یَعْمَی عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهِ أَوْ یَعِیبَ غَیْرَهُ (3) بِمَا لَا یَسْتَطِیعُ تَرْكَهُ أَوْ یُؤْذِیَ جَلِیسَهُ بِمَا لَا یَعْنِیهِ.

ص: 175


1- 1. المراد الحب فی اللّٰه و البغض فیه كما جاء فی الأحادیث.
2- 2. یفلج أی یفوز و یظفر و یغلب بها. و فلج الحجة: أثبتها. و فلج الرجل. ظفر بما طلب، و علی خصمه: غلبه.- و علی القوم فاز.
3- 3. فی بعض النسخ« أو یعیر غیره».

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّوَاضُعُ الرِّضَا بِالْمَجْلِسِ دُونَ شَرَفِهِ وَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَی مَنْ لَقِیتَ وَ أَنْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخُ الْمُؤْمِنِ لَا یَشْتِمُهُ وَ لَا یَحْرِمُهُ وَ لَا یُسِی ءُ بِهِ الظَّنَّ.

«36»- وَ قَالَ علیه السلام لِابْنِهِ: اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَی الْحَقِّ فَإِنَّهُ مَنْ مَنَعَ شَیْئاً فِی حَقٍّ أَعْطَی فِی بَاطِلٍ مِثْلَیْهِ.

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ قُسِمَ لَهُ الْخُرْقُ حُجِبَ عَنْهُ الْإِیمَانُ (1).

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ.

«39»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عُقُوبَاتٍ فِی الْقُلُوبِ وَ الْأَبْدَانِ ضَنْكٌ فِی الْمَعِیشَةِ وَ وَهْنٌ فِی الْعِبَادَةِ وَ مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ.

«40»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نَادَی مُنَادٍ أَیْنَ الصَّابِرُونَ فَیَقُومُ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ (2) ثُمَّ یُنَادِی مُنَادٍ أَیْنَ الْمُتَصَبِّرُونَ فَیَقُومُ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الصَّابِرُونَ وَ الْمُتَصَبِّرُونَ فَقَالَ علیه السلام الصَّابِرُونَ عَلَی أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ الْمُتَصَبِّرُونَ عَلَی تَرْكِ الْمَحَارِمِ.

«41»- وَ قَالَ علیه السلام: یَقُولُ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ اجْتَنِبْ مَا حَرَّمْتُ عَلَیْكَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ.

«42»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ عِفَّةُ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ.

«43»- وَ قَالَ علیه السلام: الْبِشْرُ الْحَسَنُ (3) وَ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ مَكْسَبَةٌ لِلْمَحَبَّةِ وَ قُرْبَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ عُبُوسُ الْوَجْهِ وَ سُوءُ الْبِشْرِ مَكْسَبَةٌ لِلْمَقْتِ وَ بُعْدٌ مِنَ اللَّهِ.

«44»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا تُذُرِّعَ إِلَیَّ بِذَرِیعَةٍ وَ لَا تُوُسِّلَ بِوَسِیلَةٍ هِیَ أَقْرَبُ لَهُ

ص: 176


1- 1. الخرق: ضعف العقل و الرأی، الجهل، الحمق، ضد الرفق.
2- 2. الفئام- ككتاب-: الجماعة من الناس. و فسر فی خطب أمیر المؤمنین علیه السلام بمائة ألف.
3- 3. البشر- بالكسر- طلاقة الوجه و بشاشته. و المقت: البغض.

مِنِّی إِلَی مَا یُحِبُّ مِنْ یَدٍ سَالِفَةٍ مِنِّی إِلَیْهِ أَتْبَعْتُهَا أُخْتَهَا لِیَحْسُنَ حِفْظُهَا وَ رَبُّهَا لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَاخِرِ یَقْطَعُ لِسَانَ شُكْرِ الْأَوَائِلِ (1) وَ مَا سَمَحَتْ لِی نَفْسِی بِرَدِّ بِكْرِ الْحَوَائِجِ.

«45»- وَ قَالَ علیه السلام: الْحَیَاءُ وَ الْإِیمَانُ مَقْرُونَانِ فِی قَرَنٍ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا تَبِعَهُ صَاحِبُهُ.

«46»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا تَعَاطَاهَا الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ وَ إِنَّ هَذَا الدِّینَ لَا یُعْطِیهِ اللَّهُ إِلَّا أَهْلَ خَاصَّتِهِ (2).

«47»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ وَ الْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ بِلَا عَمَلٍ.

«48»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ مَا كَانَ فِی الْقَلْبِ وَ الْإِسْلَامُ مَا عَلَیْهِ التَّنَاكُحُ وَ التَّوَارُثُ وَ حُقِنَتْ بِهِ الدِّمَاءُ وَ الْإِیمَانُ یَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَ الْإِسْلَامُ لَا یَشْرَكُ الْإِیمَانَ.

«49»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَلَّمَ بَابَ هُدًی فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَ لَا یُنْقَصُ أُولَئِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَیْئاً وَ مَنْ عَلَّمَ بَابَ ضَلَالٍ كَانَ عَلَیْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَ لَا یُنْقَصُ أُولَئِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَیْئاً.

«50»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ وَ الْحَسَدُ إِلَّا فِی طَلَبِ الْعِلْمِ (3).

«51»- وَ قَالَ علیه السلام: لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَیْ ءٍ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُهُ أَنْ یَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَ لَیْسَ لِغَیْرِ الْعَالِمِ أَنْ یَقُولَ ذَلِكَ وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ یَقُولُ: لَا أَدْرِی لِئَلَّا یُوقِعَ

ص: 177


1- 1. الظاهر أن المراد التتابع فی الاحسان و العمل و فی حدیث آخر عن الصادق علیه السلام« قال: ما من شی ء أسر الی من ید اتبعها الأخری لان منع الأواخر یقطع لسان شكر الاوائل» ذكره الآبی.
2- 2. التعاطی: التناول. و تناول ما لا یحق. و التنازع فی الاخذ و القیام به. و فی بعض النسخ« لا یعطیه الا أهل اللّٰه خاصّة».
3- 3. الملق- بالتحریك-: التملق و هو الود و اللطف و أن یعطی فی اللسان ما لیس فی القلب.

فِی قَلْبِ السَّائِلِ شَكّاً.

«52»- وَ قَالَ علیه السلام: أَوَّلُ مَنْ شُقَّ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِیَّةِ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ علیهlh السلام وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ لِسَانُهُ عَلَی لِسَانِ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا وَ هُوَ الذَّبِیحُ.

«53»- وَ قَالَ علیه السلام: أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَیْ ءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ یَبْعُدُ السُّلْطَانُ وَ الشَّیْطَانُ مِنْكُمْ فَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ بَلَی أَخْبِرْنَا بِهِ حَتَّی نَفْعَلَهُ فَقَالَ علیه السلام عَلَیْكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَبَكِّرُوا بِهَا فَإِنَّهَا تُسَوِّدُ وَجْهَ إِبْلِیسَ وَ تَكْسِرُ شِرَّةَ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ عَنْكُمْ فِی یَوْمِكُمْ ذَلِكَ (1) وَ عَلَیْكُمْ بِالْحُبِّ فِی اللَّهِ وَ التَّوَدُّدِ(2) وَ الْمُوَازَرَةِ عَلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ یَقْطَعُ دَابِرَهُمَا یَعْنِی السُّلْطَانَ وَ الشَّیْطَانَ وَ أَلِحُّوا فِی الِاسْتِغْفَارِ فَإِنَّهُ مَمْحَاةٌ لِلذُّنُوبِ.

«54»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ كُلِّ خَیْرٍ وَ شَرٍّ فَیَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَخْتِمَ عَلَی لِسَانِهِ كَمَا یَخْتِمُ عَلَی ذَهَبِهِ وَ فِضَّتِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُؤْمِناً أَمْسَكَ لِسَانَهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَی نَفْسِهِ (3)

ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَا یَسْلَمُ أَحَدٌ مِنَ الذُّنُوبِ حَتَّی یَخْزُنَ لِسَانَهُ.

«55»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْغِیبَةِ أَنْ تَقُولَ فِی أَخِیكَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ فَأَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ مِنْهُ مِثْلُ الْحِدَّةِ وَ الْعَجَلَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَقُولَهُ وَ إِنَّ الْبُهْتَانَ أَنْ تَقُولَ فِی أَخِیكَ مَا لَیْسَ فِیهِ (4).

ص: 178


1- 1. الشرة- بالكسر فالفتح مشددة-: الشر و الغضب و الحدة.
2- 2. و فی بعض النسخ« المودة».
3- 3. فی الكافی ج 2 ص 114 عن علیّ بن إبراهیم بإسناده عن الحلبیّ رفعه قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله:« أمسك لسانك فانها صدقة تصدق بها علی نفسك ثمّ قال: و لا یعرف عبد حقیقة الایمان حتّی یخزن من لسانه» أقول: قوله:« فانها» أی الامساك و التأنیث بتأویل الخصلة.
4- 4. رواه الكلینی( ره) فی الكافی ج 2 ص 358 بإسناده عن الصادق علیه السلام و الصدوق فی معانی الأخبار أیضا عنه علیه السلام. و الحدة- بالكسر-: ما یعتری الإنسان من الغضب و النزق. و العجلة- بالتحریك-. السرعة و المبادرة فی الأمور من غیر تأمل.

«56»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَبْدٌ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَی غَیْرِهِ (1).

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَیْهَا بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً فَلَوْ أَنَّ قَاتِلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ائْتَمَنَنِی عَلَی أَمَانَةٍ لَأَدَّیْتُهَا إِلَیْهِ.

«58»- وَ قَالَ علیه السلام: صِلَةُ الْأَرْحَامِ تُزَكِّی الْأَعْمَالَ وَ تُنْمِی الْأَمْوَالَ وَ تَدْفَعُ الْبَلْوَی وَ تُیَسِّرُ الْحِسَابَ وَ تُنْسِئُ فِی الْأَجَلِ (2).

«59»- وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِی هَذِهِ الدَّارِ أَغْرَاضٌ تَنْتَضِلُ فِیكُمُ الْمَنَایَا لَنْ یَسْتَقْبِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ یَوْماً جَدِیداً مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا بِانْقِضَاءِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ فَأَیَّةُ أُكْلَةٍ لَیْسَ فِیهَا غَصَصٌ أَمْ أَیُّ شَرْبَةٍ لَیْسَ فِیهَا شَرَقٌ (3) اسْتَصْلِحُوا مَا تَقْدَمُونَ عَلَیْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ (4)

فَإِنَّ الْیَوْمَ غَنِیمَةٌ وَ غَداً لَا تَدْرِی لِمَنْ هُوَ أَهْلُ الدُّنْیَا سَفْرٌ(5) یَحُلُّونَ عَقْدَ رِحَالِهِمْ فِی غَیْرِهَا قَدْ خَلَتْ مِنَّا أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا فَمَا بَقَاءُ الْفَرْعِ بَعْدَ أَصْلِهِ أَیْنَ الَّذِینَ كَانُوا أَطْوَلَ أَعْمَاراً مِنْكُمْ وَ أَبْعَدَ آمَالًا أَتَاكَ یَا ابْنَ آدَمَ مَا لَا تَرُدُّهُ وَ ذَهَبَ عَنْكَ مَا لَا یَعُودُ فَلَا تَعُدَّنَّ عَیْشاً مُنْصَرِفاً عَیْشاً مَا لَكَ مِنْهُ إِلَّا لَذَّةٌ تَزْدَلِفُ بِكَ إِلَی حِمَامِكَ (6)

وَ تُقَرِّبُكَ مِنْ

ص: 179


1- 1. رواه الكلینی( ره) فی الكافی ج 2 ص 300 بإسناده عن الصادق علیه السلام.
2- 2.« تزكی الاعمال» أی تنمیها فی الثواب أو تطهرها أو تصیرها مقبولة. و النساء بالفتح-: التأخیر.
3- 3. غص غصصا بالطعام: اعترض فی حلقه شی ء منه فمنعه التنفس. و شرق بالماء أو بریقه: غص.
4- 4. الظعن: الرحال و السیر.
5- 5. السفر- بالفتح فالسكون- جمع سافر، أی المسافرون.
6- 6. الحمام- ككتاب-: قضاء الموت و قدره أی تقربك الی موتك. و اخترم: أهلك. و السواد المخترم: الشخص الذی مات. یقال: اخترمهم الدهر و تخرّمهم أی اقتطعهم و استأصلهم.

أَجَلِكَ فَكَأَنَّكَ قَدْ صِرْتَ الْحَبِیبَ الْمَفْقُودَ وَ السَّوَادَ الْمُخْتَرَمَ فَعَلَیْكَ بِذَاتِ نَفْسِكَ وَ دَعْ مَا سِوَاهَا وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ یُعِنْكَ (1).

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صُنِعَ إِلَیْهِ فَقَدْ كَافَأَهُ وَ مَنْ أَضْعَفَ كَانَ شَكُوراً وَ مَنْ شَكَرَ كَانَ كَرِیماً وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا صَنَعَ كَانَ إِلَی نَفْسِهِ لَمْ یَسْتَبْطِئِ النَّاسَ فِی شُكْرِهِمْ وَ لَمْ یَسْتَزِدْهُمْ فِی مَوَدَّتِهِمْ فَلَا تَلْتَمِسْ مِنْ غَیْرِكَ شُكْرَ مَا آتَیْتَهُ إِلَی نَفْسِكَ وَ وَقَیْتَ بِهِ عِرْضَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ طَالِبَ الْحَاجَةِ لَمْ یُكْرِمْ وَجْهَهُ عَنْ مَسْأَلَتِكَ فَأَكْرِمْ وَجْهَكَ عَنْ رَدِّهِ.

«61»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یَتَعَهَّدُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ كَمَا یَتَعَهَّدُ الْغَائِبُ أَهْلَهُ بِالْهَدِیَّةِ وَ یَحْمِیهِ عَنِ الدُّنْیَا كَمَا یَحْمِی الطَّبِیبُ الْمَرِیضَ.

«62»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الدُّنْیَا مَنْ یُحِبُّ وَ یُبْغِضُ وَ لَا یُعْطِی دِینَهُ إِلَّا مَنْ یُحِبُّ.

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا شِیعَةُ عَلِیٍّ علیه السلام الْمُتَبَاذِلُونَ فِی وَلَایَتِنَا الْمُتَحَابُّونَ فِی مَوَدَّتِنَا الْمُتَزَاوِرُونَ لِإِحْیَاءِ أَمْرِنَا الَّذِینَ إِذَا غَضِبُوا لَمْ یَظْلِمُوا وَ إِذَا رَضُوا لَمْ یُسْرِفُوا بَرَكَةٌ عَلَی مَنْ جَاوَرُوا سِلْمٌ لِمَنْ خَالَطُوا.

«64»- وَ قَالَ علیه السلام: الْكَسَلُ یُضِرُّ بِالدِّینِ وَ الدُّنْیَا.

«65»- وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ یَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِی الْمَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَوْ یَعْلَمُ الْمَسْئُولُ مَا فِی الْمَنْعِ مَا مَنَعَ أَحَدٌ أَحَداً.

«66»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مَیَامِینَ مَیَاسِیرَ یَعِیشُونَ وَ یَعِیشُ النَّاسُ فِی أَكْنَافِهِمْ وَ هُمْ فِی عِبَادِهِ مِثْلُ الْقَطْرِ وَ لِلَّهِ عِبَادٌ مَلَاعِینُ مَنَاكِیدُ- لَا یَعِیشُونَ وَ لَا یَعِیشُ النَّاسُ فِی أَكْنَافِهِمْ وَ هُمْ فِی عِبَادِهِ مِثْلُ الْجَرَادِ- لَا یَقَعُونَ عَلَی شَیْ ءٍ إِلَّا أَتَوْا عَلَیْهِ (2).

ص: 180


1- 1. فی بعض النسخ« یغنك».
2- 2. المیامین: جمع میمون بمعنی ذو الیمن و البركة. و المیاسیر: جمع موسر بمعنی الغنی و ذو الیسر. و المناكید جمع نكد- بفتح الكاف و كسره و سكونه-: عسر، قلیل الخیر. و أتوا علیه أی أهلكوه و أفنوه.

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: قُولُوا لِلنَّاسِ أَحْسَنَ مَا تُحِبُّونَ أَنْ یُقَالَ لَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ اللَّعَّانَ السَّبَّابَ الطَّعَّانَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ وَ یُحِبُّ الْحَیِیَّ الْحَلِیمَ الْعَفِیفَ الْمُتَعَفِّفَ (1).

«68»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ إِفْشَاءَ السَّلَامِ.

«6»- ل (2)،[الخصال] عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ الْكِنَانِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیِّ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ جَلِیساً لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ حَیْثُ دَخَلَ الْمَدِینَةَ فَأَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ أَوْ ظُلَامَةٌ فَلْیَأْتِ الْبَابَ فَأَتَی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَعْنِی الْبَاقِرَ علیه السلام فَدَخَلَ إِلَیْهِ مَوْلَاهُ مُزَاحِمٌ فَقَالَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ بِالْبَابِ فَقَالَ لَهُ أَدْخِلْهُ یَا مُزَاحِمُ قَالَ فَدَخَلَ وَ عُمَرُ یَمْسَحُ عَیْنَیْهِ مِنَ الدُّمُوعِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام مَا أَبْكَاكَ یَا عُمَرُ فَقَالَ هِشَامٌ أَبْكَاهُ كَذَا وَ كَذَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَا عُمَرُ إِنَّمَا الدُّنْیَا سُوقٌ مِنَ الْأَسْوَاقِ مِنْهَا خَرَجَ قَوْمٌ بِمَا یَنْفَعُهُمْ وَ مِنْهَا خَرَجُوا بِمَا یَضُرُّهُمْ وَ كَمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ ضَرَّهُمْ بِمِثْلِ الَّذِی أَصْبَحْنَا فِیهِ حَتَّی أَتَاهُمُ الْمَوْتُ فَاسْتَوْعَبُوا فَخَرَجُوا مِنَ الدُّنْیَا مَلُومِینَ لِمَا لَمْ یَأْخُذُوا لِمَا أَحَبُّوا مِنَ الْآخِرَةِ عُدَّةً وَ لَا مِمَّا كَرِهُوا جُنَّةً قَسَمَ مَا جَمَعُوا مَنْ لَا یَحْمَدُهُمْ وَ صَارُوا إِلَی مَنْ لَا یَعْذِرُهُمْ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ مُحِقُّونَ أَنْ نَنْظُرَ إِلَی تِلْكَ الْأَعْمَالِ الَّتِی كُنَّا نَغْبِطُهُمْ بِهَا فَنُوَافِقَهُمْ وَ نَنْظُرَ إِلَی تِلْكَ الْأَعْمَالِ الَّتِی كُنَّا نَتَخَوَّفُ عَلَیْهِمْ مِنْهَا فَنَكُفَّ عَنْهَا فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اجْعَلْ فِی قَلْبِكَ اثْنَتَیْنِ تَنْظُرُ الَّذِی تُحِبُّ أَنْ یَكُونَ مَعَكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَی رَبِّكَ فَقَدِّمْهُ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ تَنْظُرُ الَّذِی تَكْرَهُهُ أَنْ یَكُونَ مَعَكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَی رَبِّكَ فَابْتَغِ بِهِ الْبَدَلَ

ص: 181


1- 1. یقال: ألحف فی المسألة الحافا إذا ألحّ فیها و لزمها، و هو موجب لبغض الرب حیث أعرض عن الغنی الكریم و سأل الفقیر اللئیم. و أنشد بعضهم: اللّٰه یبغض ان تركت سؤاله***و بنو آدم حین یسأل یغضب
2- 2. الخصال ج 1 ص 51.

وَ لَا تَذْهَبَنَّ إِلَی سِلْعَةٍ قَدْ بَارَتْ (1) عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلَكَ تَرْجُو أَنْ تَجُوزَ عَنْكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ یَا عُمَرُ وَ افْتَحِ الْأَبْوَابَ وَ سَهِّلِ الْحِجَابَ وَ انْصُرِ الْمَظْلُومَ وَ رُدَّ الْمَظَالِمَ (2) ثُمَّ قَالَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ اسْتَكْمَلَ الْإِیمَانَ بِاللَّهِ فَجَثَا عُمَرُ عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ قَالَ إِیهِ یَا أَهْلَ بَیْتِ النُّبُوَّةِ فَقَالَ نَعَمْ یَا عُمَرُ مَنْ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی الْبَاطِلِ وَ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنَ الْحَقِّ وَ مَنْ إِذَا قَدَرَ لَمْ یَتَنَاوَلْ مَا لَیْسَ لَهُ فَدَعَا عُمَرُ بِدَوَاةٍ فِی قِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا رَدَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ ظُلَامَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ فَدَكَ.

«7»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ نَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ مَا قَضَیْنَا نُسُكَنَا فَوَدَّعْنَاهُ وَ قُلْنَا لَهُ أَوْصِنَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لِیُعِنْ قَوِیُّكُمْ ضَعِیفَكُمْ وَ لْیَعْطِفْ غَنِیُّكُمْ عَلَی فَقِیرِكُمْ وَ لْیَنْصَحِ الرَّجُلُ أَخَاهُ كَنُصْحِهِ لِنَفْسِهِ وَ اكْتُمُوا أَسْرَارَنَا وَ لَا تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَی أَعْنَاقِنَا وَ انْظُرُوا أَمْرَنَا وَ مَا جَاءَكُمْ عَنَّا فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ لِلْقُرْآنِ مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ وَ إِنْ لَمْ تَجِدُوهُ مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ وَ إِنِ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَیْكُمْ فَقِفُوا عِنْدَهُ وَ رُدُّوهُ إِلَیْنَا حَتَّی نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرِحَ لَنَا فَإِذَا كُنْتُمْ كَمَا أَوْصَیْنَاكُمْ لَمْ تَعَدَّوْا إِلَی غَیْرِهِ فَمَاتَ مِنْكُمْ مَیِّتٌ قَبْلَ أَنْ یَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِیداً وَ إِنْ أَدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِیدَیْنِ وَ مَنْ قَتَلَ بَیْنَ یَدَیْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أَجْرُ عِشْرِینَ شَهِیداً.

«8»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْفَحَّامِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِّ قَالَ: خَدَمْتُ سَیِّدَ الْأَنَامِ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ وَدَّعْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ:

ص: 182


1- 1. السلعة: المتاع. و بار السوق أو السلعة أی كسد.
2- 2. فی المصدر« الظالم».
3- 3. الأمالی ج 1 ص 236.
4- 4. المصدر: ج 1 ص 302.

أَفِدْنِی فَقَالَ بَعْدَ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً یَا جَابِرُ قُلْتُ نَعَمْ إِنَّكُمْ بَحْرٌ لَا یُنْزَفُ وَ لَا یُبْلَغُ قَعْرُهُ (1) قَالَ یَا جَابِرُ بَلِّغْ شِیعَتِی عَنِّی السَّلَامَ وَ أَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یُتَقَرَّبُ إِلَیْهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ لَهُ یَا جَابِرُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ أَحَبَّنَا فَهُوَ وَلِیُّنَا وَ مَنْ عَصَی

اللَّهَ لَمْ یَنْفَعْهُ حُبُّنَا یَا جَابِرُ مَنْ هَذَا الَّذِی سَأَلَ اللَّهَ فَلَمْ یُعْطِهِ أَوْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ فَلَمْ یَكْفِهِ أَوْ وَثِقَ بِهِ فَلَمْ یُنْجِهِ یَا جَابِرُ أَنْزِلِ الدُّنْیَا مِنْكَ كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ تُرِیدُ التَّحَوُّلَ وَ هَلِ الدُّنْیَا إِلَّا دَابَّةٌ رَكِبْتَهَا فِی مَنَامِكَ فَاسْتَیْقَظْتَ وَ أَنْتَ عَلَی فِرَاشِكَ غَیْرَ رَاكِبٍ وَ لَا أَحَدٌ یَعْبَأُ بِهَا أَوْ كَثَوْبٍ لَبِسْتَهُ أَوْ كَجَارِیَةٍ وَطِئْتَهَا یَا جَابِرُ الدُّنْیَا عِنْدَ ذَوِی الْأَلْبَابِ كَفَیْ ءِ الظِّلَالِ- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِعْزَازٌ لِأَهْلِ دَعْوَتِهِ الصَّلَاةُ بَیْتُ الْإِخْلَاصِ وَ تَنْزِیهٌ عَنِ الْكِبْرِ وَ الزَّكَاةُ تَزِیدُ فِی الرِّزْقِ وَ الصِّیَامُ وَ الْحَجُّ تَسْكِینُ الْقُلُوبِ الْقِصَاصُ وَ الْحُدُودُ حِقْنُ الدِّمَاءِ وَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ نِظَامُ الدِّینِ وَ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَیْبِ وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ.

«9»- مع (2)،[معانی الأخبار] عَنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ وَ ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ (3)

وَ ثَلَاثٌ مُنْجِیَاتٌ فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ الصَّلَاةُ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ وَ أَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِی السَّبَرَاتِ وَ الْمَشْیُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ إِلَی الْجَمَاعَاتِ وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَی الصَّلَوَاتِ وَ أَمَّا الْمُوبِقَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًی مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا الْمُنْجِیَاتُ فَخَوْفُ اللَّهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ الْقَصْدُ فِی الْغِنَی وَ

ص: 183


1- 1. لا ینزف أی لا یفنی ماؤها علی كثرة الاستقاء.
2- 2. معانی الأخبار: ص 314 و رواه فی الخصال ج 1 ص 41 بسند آخر.
3- 3. الموبقة: المهلكة، و الموبقات المهلكات من المعاصی و الذنوب.

الْفَقْرِ وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ السَّخَطِ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ ره (1)رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الشُّحُّ الْمُطَاعُ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. وَ أَمَّا السَّبَرَاتُ فَجَمْعُ سَبْرَةٍ وَ هُوَ شِدَّةُ الْبَرْدِ وَ بِهَا سُمِّیَ الرَّجُلُ سَبْرَةَ.

«10»- سن (2)،[المحاسن] عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی النُّعْمَانِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِلشَّاكِّ فِی قُدْرَةِ اللَّهِ وَ هُوَ یَرَی خَلْقَ اللَّهِ وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِلْمُكَذِّبِ بِالنَّشْأَةِ الْأُخْرَی وَ هُوَ یَرَی النَّشْأَةَ الْأُولَی وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِلْمُصَدِّقِ بِدَارِ الْخُلُودِ وَ هُوَ یَعْمَلُ لِدَارِ الْغُرُورِ وَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِلْمُخْتَالِ الْفَخُورِ الَّذِی خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ یَصِیرُ جِیفَةً وَ هُوَ فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ وَ لَا یَدْرِی كَیْفَ یُصْنَعُ بِهِ.

«11»- جا(3)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ حَدِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی النُّعْمَانِ الْعِجْلِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: یَا أَبَا النُّعْمَانِ- لَا تُحَقِّقَنَّ عَلَیْنَا كَذِباً فَتُسْلَبَ الْحَنِیفِیَّةَ یَا أَبَا النُّعْمَانِ لَا تَسْتَأْكِلْ بِنَا النَّاسَ فَلَا تزیدك [یَزِیدَكَ] اللَّهُ بِذَلِكَ إِلَّا فَقْراً یَا أَبَا النُّعْمَانِ لَا تَرَأَّسْ فَتَكُونَ ذَنَباً یَا أَبَا النُّعْمَانِ إِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ لَا مَحَالَةَ فَإِنْ صَدَقْتَ صَدَّقْنَاكَ وَ إِنْ كَذَبْتَ كَذَّبْنَاكَ یَا أَبَا النُّعْمَانِ لَا یَغُرَّكَ النَّاسُ عَنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ الْأَمْرَ یَصِلُ إِلَیْكَ دُونَهُمْ وَ لَا تَقْطَعَنَّ نَهَارَكَ بِكَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ یَحْفَظُ عَلَیْكَ وَ أَحْسِنْ فَلَمْ أَرَ شَیْئاً أَسْرَعَ دَرَكاً وَ لَا أَشَدَّ طَلَباً مِنْ حَسَنَةٍ لِذَنْبٍ قَدِیمٍ.

«12»- كشف (4)،[كشف الغمة] مِنْ كِتَابِ الْحَافِظِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ

ص: 184


1- 1. یعنی الصدوق.
2- 2. المحاسن ص 242 تحت رقم 230.
3- 3. مجالس المفید: ص 108، المجلس الثالث و العشرون.
4- 4. كشف الغمّة ج 2 ص 333 الی 362.

قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: یَا ابْنَ أَرْطَاةَ كَیْفَ تَوَاسِیكُمْ قُلْتُ صَالِحٌ یَا أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ یُدْخِلُ أَحَدُكُمْ یَدَهُ فِی كِیسِ أَخِیهِ فَیَأْخُذَ حَاجَتَهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَیْهِ قُلْتُ أَمَّا هَذَا فَلَا فَقَالَ لَهُ لَوْ فَعَلْتُمْ مَا احْتَجْتُمْ.

«13»- عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: لَا تَصْحَبَنَّ خَمْسَةً وَ لَا تُحَادِثْهُمْ وَ لَا تُصَاحِبْهُمْ فِی طَرِیقٍ وَ قَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِی أَخْبَارِ أَبِیهِ علیهما السلام(1).

«14»- وَ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ حَسَنٍ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ: سِلَاحُ اللِّئَامِ قَبِیحُ الْكَلَامِ.

«15»- وَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ: قَالَ لِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَا جَابِرُ إِنِّی لَمَحْزُونٌ وَ إِنِّی لَمُشْتَغِلُ الْقَلْبِ قُلْتُ وَ مَا حَزَنَكَ وَ مَا شَغَلَ قَلْبَكَ قَالَ یَا جَابِرُ إِنَّهُ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ صَافِی خَالِصِ دِینِ اللَّهِ شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ یَا جَابِرُ مَا الدُّنْیَا وَ مَا عَسَی أَنْ یَكُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا مَرْكَبٌ رَكِبْتَهُ أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ أَوِ امْرَأَةٌ أَصَبْتَهَا یَا جَابِرُ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَطْمَئِنُّوا إِلَی الدُّنْیَا لِلْبَقَاءِ فِیهَا وَ لَمْ یَأْمَنُوا قُدُومَ الْآخِرَةِ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یُصِمَّهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ مِنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ یُعْمِهِمْ عَنْ نُورِ اللَّهِ مَا رَأَوْا بِأَعْیُنِهِمْ مِنَ الزِّینَةِ فَفَازُوا ثَوَابَ الْأَبْرَارِ وَ إِنَّ أَهْلَ التَّقْوَی أَیْسَرُ أَهْلِ الدُّنْیَا مَئُونَةً وَ أَكْثَرُهُمْ لَكَ مَعُونَةً إِنْ نَسِیتَ ذَكَّرُوكَ وَ إِنْ ذَكَرْتَ أَعَانُوكَ قَوَّالِینَ بِحَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوَّامِینَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ قَطَعُوا مَحَبَّتَهُمْ لِمَحَبَّةِ رَبِّهِمْ وَ نَظَرُوا إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی مَحَبَّتِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَ تَوَحَّشُوا مِنَ الدُّنْیَا بِطَاعَةِ مَلِیكِهِمْ وَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مَنْظُورٌ إِلَیْهِ مِنْ شَأْنِهِمْ فَأَنْزِلِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةٍ نَزَلْتَ بِهِ وَ ارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَالٍ أَصَبْتَهُ فِی مَنَامِكَ فَاسْتَیْقَظْتَ وَ لَیْسَ مَعَكَ مِنْهُ شَیْ ءٌ احْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَرْعَاكَ مِنْ دِینِهِ وَ حِكْمَتِهِ.

«16»- وَ فِی كِتَابِ حِلْیَةِ الْأَوْلِیَاءِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: الْإِیمَانُ ثَابِتٌ فِی الْقَلْبِ وَ الْیَقِینُ خَطَرَاتٌ فَیَمُرُّ الْیَقِینُ

ص: 185


1- 1. راجع ص 137 و الكافی ج 2 ص 641.

بِالْقَلْبِ فَیَصِیرُ كَأَنَّهُ زُبَرُ الْحَدِیدِ وَ یَخْرُجُ مِنْهُ فَیَصِیرُ كَأَنَّهُ خِرْقَةٌ بَالِیَةٌ.

وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا دَخَلَ قَلْبَ امْرِئٍ شَیْ ءٌ مِنَ الْكِبْرِ إِلَّا نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِثْلَ مَا دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ.

«17»- وَ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْصُوراً یَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام یَقُولُ: الْغِنَی وَ الْعِزُّ یَجُولَانِ فِی قَلْبِ الْمُؤْمِنِ فَإِذَا وَصَلَا إِلَی مَكَانٍ فِیهِ التَّوَكُّلُ أَقْطَنَاهُ.

«18»- وَ عَنْ زَیْدِ بْنِ خَیْثَمَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الصَّوَاعِقُ یُصِیبُ الْمُؤْمِنَ وَ غَیْرَ الْمُؤْمِنِ وَ لَا تُصِیبُ الذَّاكِرَ.

«19»- وَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أُوْلئِكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا(1) قَالَ الْغُرْفَةُ الْجَنَّةُ بِمَا صَبَرُوا عَلَی الْفِتَنِ فِی الدَّارِ الدُّنْیَا.

«20»- وَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِیراً(2) قَالَ بِمَا صَبَرُوا عَلَی الْفَقْرِ وَ مَصَائِبِ الدُّنْیَا.

«21»- وَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: شِیعَتُنَا مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ.

«22»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِیَّاكُمْ وَ الْخُصُومَةَ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ الْقَلْبَ وَ تُورِثُ النِّفَاقَ.

«23»- وَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام: مَنْ أُعْطِیَ الْخُلُقَ وَ الرِّفْقَ فَقَدْ أُعْطِیَ الْخَیْرَ وَ الرَّاحَةَ وَ حُسْنَ حَالِهِ فِی دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ مَنْ حُرِمَ الْخُلُقَ وَ الرِّفْقَ كَانَ ذَلِكَ سَبِیلًا إِلَی كُلِّ شَرٍّ وَ بَلِیَّةٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ.

«24»- وَ عَنْ یُوسُفَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: شِیعَتُنَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ یَأْكُلُونَ النَّاسَ بِنَا وَ صِنْفٌ كَالزُّجَاجِ یَنُمُ (3)

وَ صِنْفٌ كَالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ

ص: 186


1- 1. الفرقان: 76.
2- 2. الدهر: 13.
3- 3. یعنی لا یكتم السر و أذاع ما فی باطنه من الاسرار.

كُلَّمَا أُدْخِلَ النَّارَ ازْدَادَ جَوْدَةً.

«25»- وَ عَنِ الْأَصْمَعِیِّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ فَإِنَّهُمَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ إِنَّكَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً وَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَلَی حَقٍّ.

«26»- وَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِی الْمَالِ.

«27»- قَالَ الْآبِیُّ فِی كِتَابِ نَثْرِ الدُّرَرِ(1)،: قَالَ علیه السلام لِابْنِهِ جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ خَبَأَ ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ فِی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ خَبَأَ رِضَاهُ فِی طَاعَتِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الطَّاعَةِ شَیْئاً فَلَعَلَّ رِضَاهُ فِیهِ وَ خَبَأَ سَخَطَهُ فِی مَعْصِیَتِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الْمَعْصِیَةِ شَیْئاً فَلَعَلَّ سَخَطَهُ فِیهِ وَ خَبَأَ أَوْلِیَاءَهُ فِی خَلْقِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ أَحَداً فَلَعَلَّ الْوَلِیَّ ذَلِكَ.

«28»- وَ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ غَیْرِهِمْ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ شِیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَی یَرْجِعُ إِلَیْكُمُ الْغَالِی وَ یَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِی قَالُوا لَهُ وَ مَا الْغَالِی قَالَ الَّذِی یَقُولُ فِینَا مَا لَا نَقُولُهُ فِی أَنْفُسِنَا قَالُوا فَمَا التَّالِی قَالَ التَّالِی الَّذِی یَطْلُبُ الْخَیْرَ فَیَزِیدُ بِهِ خَیْراً وَ اللَّهِ مَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ اللَّهِ قَرَابَةٌ وَ لَا لَنَا عَلَی اللَّهِ مِنْ حُجَّةٍ وَ لَا یُتَقَرَّبُ إِلَیْهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِیعاً لِلَّهِ یَعْمَلُ بِطَاعَتِهِ نَفَعَتْهُ وَلَایَتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِیاً لِلَّهِ یَعْمَلُ مَعَاصِیَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ وَلَایَتُنَا وَیْحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا ثَلَاثاً(2).

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِنِعْمَةٍ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِذَا حَزَنَكَ أَمْرٌ فَقُلْ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ إِذَا أَبْطَأَ عَنْكَ رِزْقٌ فَقُلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

«31»- وَ قَالَ ابْنُ حُمْدُونٍ فِی تَذْكِرَتِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: تَوَقِّی الصَّرْعَةِ خَیْرٌ مِنْ سُؤَالِ الرَّجْعَةِ.

ص: 187


1- 1. راجع كشف الغمّة ج 2 ص 360.
2- 2. أی قالها ثلاث مرّات.

«32»- وَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْراً قَالَ مَنْ لَمْ یَرَی الدُّنْیَا لِنَفْسِهِ قَدْراً.

«33»- وَ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْجَاحِظُ: جَمَعَ مُحَمَّدٌ صَلَاحَ شَأْنِ الدُّنْیَا بِحَذَافِیرِهَا فِی كَلِمَتَیْنِ فَقَالَ صَلَاحُ شَأْنِ الْمَعَاشِ وَ التَّعَاشُرِ مِلْ ءَ مِكْیَالٍ ثُلُثَانِ فِطْنَةٌ وَ ثُلُثٌ تَغَافُلٌ.

«34»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(1)، قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ خَبَأَ ثَلَاثَةً فِی ثَلَاثَةٍ خَبَأَ رِضَاهُ فِی طَاعَتِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الطَّاعَةِ شَیْئاً فَلَعَلَّ رِضَاهُ فِیهِ وَ خَبَأَ سَخَطَهُ فِی مَعْصِیَتِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الْمَعْصِیَةِ شَیْئاً فَلَعَلَّ سَخَطَهُ فِیهِ وَ خَبَأَ أَوْلِیَاءَهُ فِی خَلْقِهِ فَلَا تُحَقِّرَنَّ أَحَداً فَلَعَلَّهُ الْوَلِیُّ.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: الْغَلَبَةُ بِالْخَیْرِ فَضِیلَةٌ وَ بِالشَّرِّ قَبِیحَةٌ.

«36»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْراً فَقَالَ مَنْ لَا یَرَی الدُّنْیَا لِنَفْسِهِ قَدْراً.

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا یَأْخُذُ الْمَظْلُومُ مِنْ دِینِ الظَّالِمِ أَكْثَرُ مِمَّا یَأْخُذُ الظَّالِمُ مِنْ دُنْیَا الْمَظْلُومِ.

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَرْجَحَ مِنْ بَاطِنِهِ خَفَّ مِیزَانُهُ.

«39»- أَعْلَامُ الدِّینِ (2)، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الْبَاقِرُ علیهما السلام: كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَی مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام خَرَجَ لِیَقْتَبِسَ نَاراً فَرَجَعَ نَبِیّاً مُرْسَلًا.

«40»- وَ قَالَ لِبَعْضِ شِیعَتِهِ إِنَّا لَا نُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً إِلَّا بِالْوَرَعِ وَ إِنَّ وَلَایَتَنَا لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَسْرَةً مَنْ وَصَفَ عَدْلًا وَ أَتَی جَوْراً.

«41»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَی حُسْنَ نِیَّةٍ مِنْ أَحَدٍ اكْتَنَفَهُ بِالْعِصْمَةِ.

«42»- وَ قَالَ علیه السلام: صَانِعِ الْمُنَافِقَ بِلِسَانِكَ وَ أَخْلِصْ وُدَّكَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ إِنْ جَالَسَكَ یَهُودِیٌّ فَأَحْسِنْ مُجَالَسَتَهُ.

ص: 188


1- 1. مخطوط.
2- 2. مخطوط.

«43»- وَ قَالَ علیه السلام: الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَیْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِی الْهَلَكَةِ وَ تَرْكُكَ حَدِیثاً لَمْ تُرْوَهُ خَیْرٌ مِنْ رِوَایَتِكَ حَدِیثاً لَمْ تُحْصِهِ إِنَّ عَلَی كُلِّ حَقٍّ نُوراً وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَدَعُوهُ إِنَّ أَسْرَعَ الْخَیْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْیُ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ عَیْباً أَنْ یَنْظُرَ إِلَی مَا یَعْمَی عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ یُعَیِّرَ النَّاسَ بِمَا لَا یَنْفِیهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ یَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَا یَعْنِیهِ.

«44»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَمِلَ بِمَا یَعْلَمُ عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ یَعْلَمْ.

«45»- وَ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ غَیْرِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ اتَّقُوا اللَّهَ شِیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَی یَرْجِعُ إِلَیْكُمُ الْغَالِی وَ یَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِی قَالُوا لَهُ وَ مَا الْغَالِی قَالَ الَّذِی یَقُولُ فِینَا مَا لَا نَقُولُهُ فِی أَنْفُسِنَا قَالُوا وَ مَا التَّالِی قَالَ الَّذِی یَطْلُبُ الْخَیْرَ فَیَزِیدُ بِهِ خَیْراً إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ اللَّهِ مِنْ قَرَابَةٍ وَ لَا لَنَا عَلَیْهِ حُجَّةٌ وَ لَا یُتَقَرَّبُ إِلَی اللَّهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِیعاً لِلَّهِ یَعْمَلُ بِطَاعَتِهِ نَفَعَتْهُ وَلَایَتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِیاً لِلَّهِ یَعْمَلُ بِمَعَاصِیهِ لَمْ تَنْفَعْهُ وَلَایَتُنَا وَیْحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا.

«46»- وَ قَالَ لِبَعْضِ شِیعَتِهِ وَ قَدْ أَرَادَ سَفَراً فَقَالَ لَهُ أَوْصِنِی فَقَالَ لَا تَسِیرَنَّ سَیْراً وَ أَنْتَ خاف [حَافٍ] وَ لَا تَنْزِلَنَّ عَنْ دَابَّتِكَ لَیْلًا إِلَّا وَ رِجْلَاكَ فِی خُفٍّ وَ لَا تَبُولَنَّ فِی نَفَقٍ وَ لَا تَذُوقَنَّ بَقْلَةً وَ لَا تَشَمُّهَا حَتَّی تَعْلَمَ مَا هِیَ وَ لَا تَشْرَبْ مِنْ سِقَاءٍ حَتَّی تَعْرِفَ مَا فِیهِ وَ لَا تَسِیرَنَّ إِلَّا مَعَ مَنْ تَعْرِفُ وَ احْذَرْ مَنْ لَا تَعْرِفُ.

«47»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْراً فَقَالَ مَنْ لَا یُبَالِی فِی یَدِ مَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا.

«48»- وَ قَالَ علیه السلام: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةٌ وَ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَ مُذَاكَرَتَهُ تَسْبِیحٌ وَ الْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَ تَعَلُّمَهُ صَدَقَةٌ وَ بَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ وَ الْعِلْمُ ثِمَارُ الْجَنَّةِ وَ أُنْسٌ فِی الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبٌ فِی الْغُرْبَةِ وَ رَفِیقٌ فِی الْخَلْوَةِ وَ دَلِیلٌ عَلَی السَّرَّاءِ وَ عَوْنٌ عَلَی الضَّرَّاءِ وَ دِینٌ عِنْدَ الْأَخِلَّاءِ وَ سِلَاحٌ عِنْدَ الْأَعْدَاءِ یَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ قَوْماً فَیَجْعَلُهُمْ فِی الْخَیْرِ سَادَةً وَ لِلنَّاسِ أَئِمَّةً یُقْتَدَی بِفِعَالِهِمْ وَ یُقْتَصُ

ص: 189

آثَارُهُمْ وَ یُصَلِّی عَلَیْهِمْ كُلُّ رَطْبٍ وَ یَابِسٍ وَ حِیتَانُ الْبَحْرِ وَ هَوَامُّهُ وَ سِبَاعُ الْبَرِّ وَ أَنْعَامُهُ.

باب 23 مواعظ الصادق جعفر بن محمد علیه السلام و وصایاه و حكمه

«1»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّهُ جَاءَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَلِّمْنِی مَوْعِظَةً فَقَالَ لَهُ علیه السلام إِنْ كَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ تَكَفَّلَ بِالرِّزْقِ فَاهْتِمَامُكَ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الرِّزْقُ مَقْسُوماً فَالْحِرْصُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْحِسَابُ حَقّاً فَالْجَمْعُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الثَّوَابُ عَنِ اللَّهِ حَقّاً فَالْكَسَلُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْخَلَفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَقّاً فَالْبُخْلُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْعُقُوبَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ فَالْمَعْصِیَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْمَوْتُ حَقّاً فَالْفَرَحُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْعَرْضُ عَلَی اللَّهِ حَقّاً فَالْمَكْرُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الشَّیْطَانُ عَدُوّاً فَالْغَفْلَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْمَمَرُّ عَلَی الصِّرَاطِ حَقّاً فَالْعُجْبُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ كُلُّ شَیْ ءٍ بِقَضَاءٍ وَ قَدَرٍ فَالْحُزْنُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَتِ الدُّنْیَا فَانِیَةً فَالطُّمَأْنِینَةُ إِلَیْهَا لِمَا ذَا.

ل (2)، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَالْمَعْصِیَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْمَوْتُ حَقّاً فَالْفَرَحُ لِمَا ذَا وَ لَیْسَ فِیهِ وَ إِنْ كَانَ الشَّیْطَانُ عَدُوّاً فَالْغَفْلَةُ لِمَا ذَا.

«2»- لی (3)،[الأمالی] للصدوق عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ

ص: 190


1- 1. المجلس الثانی ص 5.
2- 2. الخصال ج 2 ص 61.
3- 3. المجلس الثالث و الأربعون ص 148.

الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: تَبِعَ حَكِیمٌ حَكِیماً سَبْعَمِائَةِ فَرْسَخٍ فِی سَبْعِ كَلِمَاتٍ فَلَمَّا لَحِقَ بِهِ قَالَ لَهُ یَا هَذَا مَا أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ فَقَالَ لَهُ یَا هَذَا الْحَقُّ أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْعَدْلُ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ غِنَی النَّفْسِ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ الْحَرِیصُ الْجَشِعُ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ الْبُهْتَانُ عَلَی الْبَرِی ءِ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ.

ل (1)، [الخصال] عن ماجیلویه عن محمد العطار: مثله- كتاب الغایات (2)، للشیخ جعفر بن أحمد القمی مرسلا: مثله.

«3»- لی (3)،[الأمالی] للصدوق عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام: قَالَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الْغِنَی الْبُخَلَاءُ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا اسْتَغْنَوْا كُفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الصَّلَاحَ أَهْلُ الْعُیُوبِ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا صَلَحُوا كُفُّوا عَنْ تَتَبُّعِ عُیُوبِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الْحِلْمَ أَهْلُ السَّفَهِ الَّذِینَ یَحْتَاجُونَ أَنْ یُعْفَی عَنْ سَفَهِهِمْ فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْبُخْلِ یَتَمَنَّوْنَ فَقْرَ النَّاسِ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ الْعُیُوبِ یَتَمَنَّوْنَ مَعَایِبَ النَّاسِ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ السَّفَهِ یَتَمَنَّوْنَ سَفَهَ النَّاسِ وَ فِی الْفَقْرِ الْحَاجَةُ إِلَی الْبَخِیلِ وَ فِی الْفَسَادِ طَلَبُ عَوْرَةِ أَهْلِ الْعُیُوبِ وَ فِی السَّفَهِ الْمُكَافَاةُ بِالذُّنُوبِ.

«4»- ب (4)،[قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَمْ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی عَبْدِهِ فِی غَیْرِ عَمَلِهِ وَ كَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ أَمَلًا وَ الْخِیَارُ فِی غَیْرِهِ وَ كَمْ مِنْ سَاعٍ إِلَی حَتْفِهِ وَ هُوَ مُبْطِئٌ عَنْ حَظِّهِ.

ص: 191


1- 1. الخصال ج 2 ص 5.
2- 2. مخطوط.
3- 3. المجلس الحادی و الستون ص 233.
4- 4. قرب الإسناد ص 19.

ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عن المفید عن ابن قولویه عن أبیه عن سعد عن ابن عیسی عن ابن مسكان عن بكر بن محمد عن الصادق علیه السلام: مثله.

«5»- ل (2)،[الخصال] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِی شُعَیْبٍ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ.

«6»- ل (3)،[الخصال] عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الضَّبِّیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الدِّینَوَرِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الْعَبْسِیِّ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ قَالَ: لَقِیتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَوْصِنِی فَقَالَ لِی یَا سُفْیَانُ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا أَخَ لملوك [لِمَلُولٍ] وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا سُؤْدُدَ لِسَیِّئِ الْخُلُقِ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِی فَقَالَ لِی یَا سُفْیَانُ ثِقْ بِاللَّهِ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ غَنِیّاً وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرْتَ تَكُنْ مُسْلِماً وَ لَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ فَیُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ وَ شَاوِرْ فِی أَمْرِكَ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِی فَقَالَ لِی یَا سُفْیَانُ مَنْ أَرَادَ عِزّاً بِلَا عَشِیرَةٍ وَ غِنًی بِلَا مَالٍ وَ هَیْبَةً بِلَا سُلْطَانٍ فَلْیَنْتَقِلْ عَنْ ذُلِّ مَعْصِیَةِ اللَّهِ إِلَی عِزِّ طَاعَتِهِ قُلْتُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لِی یَا سُفْیَانُ أَمَرَنِی وَالِدِی علیه السلام بِثَلَاثٍ وَ نَهَانِی عَنْ ثَلَاثٍ فَكَانَ فِیمَا قَالَ لِی یَا بُنَیَّ مَنْ یَصْحَبْ صَاحِبَ السَّوْءِ لَا یَسْلَمْ وَ مَنْ یَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ یُتَّهَمْ وَ مَنْ لَا یَمْلِكْ لِسَانَهُ یَنْدَمْ ثُمَّ أَنْشَدَنِی:

عَوِّدْ لِسَانَكَ قَوْلَ الْخَیْرِ تَحَظَّ بِهِ***إِنَّ اللِّسَانَ لِمَا عَوَّدْتَ مُعْتَادٌ

مُوَكَّلٌ بِتَقَاضِی مَا سَنَنْتَ لَهُ***فِی الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ كَیْفَ تَعْتَادُ

ص: 192


1- 1. الأمالی ج 1 ص 132.
2- 2. الخصال ج 1 ص 11.
3- 3. المصدر ج 1 ص 8.

«7»- فس (1)، [تفسیر القمی] عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا حَفْصُ مَا مَنْزِلَةُ الدُّنْیَا مِنْ نَفْسِی إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْمَیْتَةِ إِذَا اضْطُرِرْتُ إِلَیْهَا أَكَلْتُ مِنْهَا یَا حَفْصُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلِمَ مَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ وَ إِلَی مَا هُمْ صَائِرُونَ فَحَلُمَ عَنْهُمْ عِنْدَ أَعْمَالِهِمُ السَّیِّئَةِ لِعِلْمِهِ السَّابِقِ فِیهِمْ فَلَا یَغُرَّنَّكَ حُسْنُ الطَّلَبِ مِمَّنْ لَا یَخَافُ الْفَوْتَ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ الْآیَةَ(2)

وَ جَعَلَ یَبْكِی وَ یَقُولُ ذَهَبَ وَ اللَّهِ الْأَمَانِیُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآیَةِ ثُمَّ قَالَ فَازُوا وَ اللَّهِ الْأَبْرَارُ أَ تَدْرِی مَنْ هُمْ هُمُ الَّذِینَ لَا یُؤْذُونَ الذَّرَّ كَفَی بِخَشْیَةِ اللَّهِ عِلْماً وَ كَفَی بِالاغْتِرَارِ بِاللَّهِ جَهْلًا یَا حَفْصُ إِنَّهُ یُغْفَرُ لِلْجَاهِلِ سَبْعُونَ ذَنْباً قَبْلَ أَنْ یُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ وَ مَنْ تَعَلَّمَ وَ عَلِمَ وَ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ دُعِیَ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ عَظِیماً فَقِیلَ تَعَلَّمَ لِلَّهِ وَ عَمِلَ لِلَّهِ وَ عَلَّمَ لِلَّهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ فَقَدْ حَدَّ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (3) إِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِاللَّهِ أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَ أَخْوَفَهُمْ لَهُ أَعْلَمُهُمْ بِهِ وَ أَعْلَمَهُمْ بِهِ أَزْهَدُهُمْ فِیهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَوْصِنِی فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ حَیْثُ كُنْتَ فَإِنَّكَ لَا تَسْتَوْحِشُ.

«8»- ل (4)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ(5)

بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَیْسَ لِلْبَحْرِ جَارٌ وَ لَا لِلْمَلِكِ صَدِیقٌ وَ لَا لِلْعَافِیَةِ ثَمَنٌ وَ كَمْ مِنْ مُنْعَمٍ عَلَیْهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ.

ص: 193


1- 1. تفسیر علیّ بن إبراهیم ص 493.
2- 2. القصص: 83. و تمام الآیة« نَجْعَلُها لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ».
3- 3. الحدید: 23.
4- 4. الخصال ج 1 ص 106.
5- 5. یعنی محمّد بن جعفر الخزاز من أصحاب الرضا علیه السلام.

«9»- ل (1)،[الخصال] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: خَمْسٌ مِنْ خَمْسَةٍ مُحَالٌ النَّصِیحَةُ مِنَ الْحَاسِدِ مُحَالٌ وَ الشَّفَقَةُ مِنَ الْعَدُوِّ مُحَالٌ وَ الْحُرْمَةُ مِنَ الْفَاسِقِ مُحَالٌ وَ الْوَفَاءُ مِنَ الْمَرْأَةِ مُحَالٌ وَ الْهَیْبَةُ مِنَ الْفَقِیرِ مُحَالٌ.

«10»- ل (2)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَلِیِّ بْنِ رَاشِدٍ رَفَعَهُ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: خَمْسٌ هُنَّ كَمَا أَقُولُ لَیْسَتْ لِبَخِیلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذَّةٌ وَ لَا لملوك [لِمَلُولٍ] وَفَاءٌ وَ لَا لِكَذَّابٍ مُرُوَّةٌ وَ لَا یَسُودُ سَفِیهٌ.

«11»- ل (3)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَمْسُ خِصَالٍ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا فَلَیْسَ فِیهِ كَثِیرُ مُسْتَمْتَعٍ أَوَّلُهَا الْوَفَاءُ وَ الثَّانِیَةُ التَّدْبِیرُ وَ الثَّالِثَةُ الْحَیَاءُ وَ الرَّابِعَةُ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الْخَامِسَةُ وَ هِیَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ الْحُرِّیَّةُ.

«12»-(4) وَ قَالَ علیه السلام: خَمْسُ خِصَالٍ مَنْ فَقَدَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً لَمْ یَزَلْ نَاقِصَ الْعَیْشِ زَائِلَ الْعَقْلِ مَشْغُولَ الْقَلْبِ فَأَوَّلُهَا صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ الثَّانِیَةُ الْأَمْنُ وَ الثَّالِثَةُ السَّعَةُ فِی الرِّزْقِ وَ الرَّابِعَةُ الْأَنِیسُ الْمُوَافِقُ قُلْتُ وَ مَا الْأَنِیسُ الْمُوَافِقُ قَالَ الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ وَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ وَ الْخَلِیطُ الصَّالِحُ وَ الْخَامِسَةُ وَ هِیَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ الدَّعَةُ.

«13»- ل (5)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَّالِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: سَبْعَةٌ یُفْسِدُونَ أَعْمَالَهُمْ الرَّجُلُ الْحَلِیمُ ذُو الْعِلْمِ الْكَثِیرِ لَا یُعْرَفُ

ص: 194


1- 1. الخصال ج 1 ص 129.
2- 2. المصدر ج 1 ص 130.
3- 3. المصدر ج 1 ص 136.
4- 4. المصدر ج 1 ص 136.
5- 5. المصدر ج 2 ص 5.

بِذَلِكَ وَ لَا یُذْكَرُ بِهِ وَ الْحَكِیمُ الَّذِی یُدِینُ مَالَهُ كُلَّ كَاذِبٍ مُنْكِرٍ لِمَا یُؤْتَی إِلَیْهِ وَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْمَنُ ذَا الْمَكْرِ وَ الْخِیَانَةِ وَ السَّیِّدُ الْفَظُّ الَّذِی لَا رَحْمَةَ لَهُ وَ الْأُمُّ الَّتِی لَا تَكْتُمُ عَنِ الْوَلَدِ السِّرَّ وَ تُفْشِی عَلَیْهِ وَ السَّرِیعُ إِلَی لَائِمَةِ إِخْوَانِهِ وَ الَّذِی یُجَادِلُ أَخَاهُ مُخَاصِماً لَهُ.

«14»- ل (1)،[الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا یَطْمَعَنَّ ذُو الْكِبْرِ فِی الثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَ لَا الْخِبِّ فِی كَثْرَةِ الصَّدِیقِ وَ لَا السَّیِّئُ الْأَدَبِ فِی الشَّرَفِ وَ لَا الْبَخِیلُ فِی صِلَةِ الرَّحِمِ وَ لَا الْمُسْتَهْزِئُ بِالنَّاسِ فِی صِدْقِ الْمَوَدَّةِ وَ لَا الْقَلِیلُ الْفِقْهِ فِی الْقَضَاءِ وَ لَا الْمُغْتَابُ فِی السَّلَامَةِ وَ لَا الْحَسُودُ فِی رَاحَةِ الْقَلْبِ وَ لَا الْمُعَاقِبُ عَلَی الذَّنْبِ الصَّغِیرِ فِی السُّؤْدُدِ وَ لَا الْقَلِیلُ التَّجْرِبَةِ الْمُعْجَبُ بِرَأْیِهِ فِی رِئَاسَةٍ.

«15»- ل (2)،[الخصال] عَنِ الْمُفَسِّرِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَتَبَ الصَّادِقُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ النَّاسِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ یُخْتَمَ بِخَیْرٍ عَمَلُكَ حَتَّی تُقْبَضَ وَ أَنْتَ فِی أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَعَظِّمْ لِلَّهِ حَقَّهُ أَنْ تَبْذُلَ نَعْمَاءَهُ فِی مَعَاصِیهِ وَ أَنْ تَغْتَرَّ بِحِلْمِهِ عَنْكَ وَ أَكْرِمْ كُلَّ مَنْ وَجَدْتَهُ یَذْكُرُنَا أَوْ یَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا ثُمَّ لَیْسَ عَلَیْكَ صَادِقاً كَانَ أَوْ كَاذِباً إِنَّمَا لَكَ نِیَّتُكَ وَ عَلَیْهِ كَذِبُهُ.

«16»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ عُنْوَانِ صَحِیفَةِ الْمُؤْمِنِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِیهِ إِنْ خَیْراً فَخَیْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً وَ أَوَّلُ تُحْفَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ وَ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَتَهُ ثُمَّ قَالَ یَا فَضْلُ- لَا یَأْتِی الْمَسْجِدَ مِنْ كُلِّ قَبِیلَةٍ إِلَّا وَافِدُهَا وَ مِنْ كُلِّ أَهْلِ

ص: 195


1- 1. المصدر ج 2 ص 53.
2- 2. لم أجده.
3- 3. الأمالی ج 1 ص 45.

بَیْتٍ إِلَّا نَجِیبُهَا یَا فَضْلُ لَا یَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ بِأَقَلَّ مِنْ إِحْدَی ثَلَاثٍ إِمَّا دُعَاءٍ یَدْعُو بِهِ یُدْخِلُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَ إِمَّا دُعَاءٍ یَدْعُو بِهِ فَیَصْرِفُ اللَّهُ عَنْهُ بَلَاءَ الدُّنْیَا وَ إِمَّا أَخٍ یَسْتَفِیدُهُ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَا اسْتَفَادَ امْرُؤٌ مُسْلِمٌ فَائِدَةً بَعْدَ فَائِدَةِ الْإِسْلَامِ مِثْلَ أَخٍ یَسْتَفِیدُهُ فِی اللَّهِ ثُمَّ قَالَ یَا فَضْلُ لَا تَزْهَدُوا فِی فُقَرَاءِ شِیعَتِنَا فَإِنَّ الْفَقِیرَ مِنْهُمْ لَیَشْفَعُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی مِثْلِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ ثُمَّ قَالَ یَا فَضْلُ إِنَّمَا سُمِّیَ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً لِأَنَّهُ یُؤْمِنُ عَلَی اللَّهِ فَیُجِیزُ اللَّهُ أَمَانَهُ ثُمَّ قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی أَعْدَائِكُمْ إِذَا رَأَوْا شَفَاعَةَ الرَّجُلِ مِنْكُمْ لِصَدِیقِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَما لَنا مِنْ شافِعِینَ وَ لا صَدِیقٍ حَمِیمٍ (1).

«17»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ حَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْحَسَنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ فِی كِتَابِهِ عَلَی یَدِ أَبِی نُوحٍ الْكَاتِبِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اسْمَعُوا مِنِّی كَلَاماً هُوَ خَیْرٌ لَكُمْ مِنَ الدُّهْمِ الْمُوَقَّفَةِ(3)

لَا یَتَكَلَّمْ أَحَدُكُمْ بِمَا لَا یَعْنِیهِ وَ لْیَدَعْ كَثِیراً مِنَ الْكَلَامِ فِیمَا یَعْنِیهِ حَتَّی یَجِدَ لَهُ مَوْضِعاً فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ جَنَی عَلَی نَفْسِهِ بِكَلَامِهِ وَ لَا یُمَارِیَنَّ أَحَدُكُمْ سَفِیهاً وَ لَا حَلِیماً فَإِنَّهُ مَنْ مَارَی حَلِیماً أَقْصَاهُ وَ مَنْ مَارَی سَفِیهاً أَرْدَاهُ وَ اذْكُرُوا أَخَاكُمْ إِذَا غَابَ عَنْكُمْ بِأَحْسَنِ مَا تُحِبُّونَ أَنْ تُذْكَرُوا بِهِ إِذَا غِبْتُمْ عَنْهُ وَ اعْمَلُوا عَمَلَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ مُجَازًی بِالْإِحْسَانِ مَأْخُوذٌ بِالاجْتِرَامِ.

«18»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: أَرْبَعٌ فِی التَّوْرَاةِ وَ إِلَی جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا

ص: 196


1- 1. الشعراء: 100.
2- 2. الأمالی ج 1 ص 229.
3- 3. الدهم جمع أدهم: أجود الفرس. و دابة موقفة التی فی قوائمها خطوط سود.
4- 4. الأمالی ج 1 ص 233 و رواه المفید فی المجالس ص 111.

حَزِیناً فَقَدْ أَصْبَحَ عَلَی رَبِّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُرُ مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُرُ رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَی غَنِیّاً فَتَضَعْضَعَ لَهُ لِیُصِیبَ مِنْ دُنْیَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَإِنَّمَا هُوَ مِمَّنْ كَانَ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً- وَ الْأَرْبَعُ الَّتِی إِلَی جَنْبِهِنَّ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَشِرْ نَدِمَ وَ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ.

«19»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَبِی قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَیْسَ لِحَاقِنٍ رَأْیٌ وَ لَا لملوك [لِمَلُولٍ] صَدِیقٌ وَ لَا لِحَسُودٍ غِنًی وَ لَیْسَ بِحَازِمٍ مَنْ لَمْ یَنْظُرْ فِی الْعَوَاقِبِ وَ النَّظَرُ فِی الْعَوَاقِبِ تَلْقِیحٌ لِلْقُلُوبِ.

«20»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ یَا سُفْیَانُ إِنَّكَ رَجُلٌ مَطْلُوبٌ وَ أَنَا رَجُلٌ تَسَرَّعَ إِلَیَّ الْأَلْسُنُ فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ مَا أَتَیْتُكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا لِأَسْتَفِیدَ مِنْكَ خَیْراً قَالَ یَا سُفْیَانُ إِنِّی رَأَیْتُ الْمَعْرُوفَ لَا یَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثٍ تَعْجِیلِهِ وَ سَتْرِهِ وَ تَصْغِیرِهِ فَإِنَّكَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ أَتْمَمْتَهُ وَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظُمَ عِنْدَ مَنْ تُسْدِیهِ إِلَیْهِ یَا سُفْیَانُ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَی أَحَدٍ مِنْكُمْ بِنِعْمَةٍ فَلْیَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا اسْتَبْطَأَ الرِّزْقَ فَلْیَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ إِذَا حَزَنَهُ أَمْرٌ قَالَ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ یَا سُفْیَانُ ثَلَاثٌ أَیُّمَا ثَلَاثٍ نِعْمَتِ الْعَطِیَّةُ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ یَسْمَعُهَا الْمُؤْمِنُ فَیَنْطَوِی عَلَیْهَا حَتَّی یُهْدِیَهَا إِلَی أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ وَ قَالَ علیه السلام الْمَعْرُوفُ كَاسْمِهِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَعْظَمَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ یُحِبُّ أَنْ یَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ یَصْنَعُهُ وَ لَا كُلُّ مَنْ یَرْغَبُ فِیهِ یَقْدِرُ عَلَیْهِ وَ لَا كُلُّ مَنْ یَقْدِرُ عَلَیْهِ یُؤْذَنُ لَهُ فِیهِ فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الرَّغْبَةُ وَ الْقُدْرَةُ وَ الْإِذْنُ فَهُنَالِكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ لِلطَّالِبِ وَ الْمَطْلُوبِ إِلَیْهِ.

ص: 197


1- 1. الأمالی ج 1 ص 307.
2- 2. المصدر ج 2 ص 94.

«21»- ع (1)،[علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لِحُمْرَانَ یَا حُمْرَانُ انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِی الْمَقْدُرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قُسِمَ لَكَ وَ أَحْرَی أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّیَادَةَ مِنْ رَبِّكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِیلَ عَلَی الْیَقِینِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِیرِ عَلَی غَیْرِ یَقِینٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَی الْمُؤْمِنِینَ وَ اغْتِیَابِهِمْ وَ لَا عَیْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ بِالْیَسِیرِ الْمُجْزِی وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ.

«22»- ع (2)،[علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام: أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ- لَا تَغُرَّنَّكَ النَّاسُ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ الْأَمْرَ یَصِلُ إِلَیْكَ دُونَهُمْ وَ لَا تَقْطَعِ النَّهَارَ عَنْكَ كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ یُحْصِی عَلَیْكَ وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ حَسَنَةً تَعْمَلُهَا فَإِنَّكَ تَرَاهَا حَیْثُ تَسُرُّكَ وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ سَیِّئَةً تَعْمَلُ بِهَا فَإِنَّكَ تَرَاهَا حَیْثُ تَسُوؤُكَ وَ أَحْسِنْ فَإِنِّی لَمْ أَرَ شَیْئاً قَطُّ أَشَدَّ طَلَباً وَ لَا أَسْرَعَ دَرَكاً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِیمٍ.

جا(3)، [المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَیْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ یَقُولُ- إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ (4).

ص: 198


1- 1. علل الشرائع الباب الثانی و الخمسون بعد الثلاثمائة ص 559.
2- 2. المصدر الحدیث التاسع و الأربعون من الباب الآخر ص 599. و هذا اشتباه من جامع الكتاب حیث أورد حدیث الباقر علیه السلام فی هذا الباب.
3- 3. المجالس ص 108.
4- 4. هود: 114.

«23»- مع (1)،[معانی الأخبار] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ حُجْزَةُ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ مَا یُدْرِكُ مِنْ نَفْعِ صَلَاتِهِ فَلْیَنْظُرْ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ حَجَزَتْهُ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَ الْمُنْكَرِ فَإِنَّمَا أَدْرَكَ مِنْ نَفْعِهَا بِقَدْرِ مَا احْتَجَزَ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْیَعْلَمْ مَا لِلَّهِ عِنْدَهُ وَ مَنْ خَلَا بِعَمَلٍ فَلْیَنْظُرْ فِیهِ فَإِنْ كَانَ حَسَناً جَمِیلًا فَلْیَمْضِ عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ سَیِّئاً قَبِیحاً فَلْیَجْتَنِبْهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْلَی بِالْوَفَاءِ وَ الزِّیَادَةِ مَنْ عَمِلَ سَیِّئَةً فِی السِّرِّ فَلْیَعْمَلْ حَسَنَةً فِی السِّرِّ وَ مَنْ عَمِلَ سَیِّئَةً فِی الْعَلَانِیَةِ فَلْیَعْمَلْ حَسَنَةً فِی الْعَلَانِیَةِ.

«24»- سن (2)،[المحاسن] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ مَعِی إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ هُوَ بِفَارِسَ مَنِ اتَّقَی اللَّهَ وَقَاهُ وَ مَنْ شَكَرَهُ زَادَهُ وَ مَنْ أَقْرَضَهُ جَزَاهُ.

«25»- سن (3)،[المحاسن] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ أَبِی أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ كُونُوا دُعَاةً إِلَی أَنْفُسِكُمْ بِغَیْرِ أَلْسِنَتِكُمْ وَ كُونُوا زَیْناً وَ لَا تَكُونُوا شَیْناً وَ عَلَیْكُمْ بِطُولِ السُّجُودِ وَ الرُّكُوعِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا طال [أَطَالَ] الرُّكُوعَ یَهْتِفُ إِبْلِیسُ مِنْ خَلْفِهِ وَ قَالَ یَا وَیْلَتَاهُ أَطَاعُوا وَ عَصَیْتُ وَ سَجَدُوا وَ أَبَیْتُ.

«26»- صلی اللّٰه علیه و آله (4)،[قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنِ الصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَا تَمْزَحْ فَیَذْهَبَ نُورُكَ وَ لَا تَكْذِبْ فَیَذْهَبَ بَهَاؤُكَ وَ إِیَّاكَ وَ خَصْلَتَیْنِ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّكَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَلَی حَقٍّ وَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً قَالَ:

ص: 199


1- 1. معانی الأخبار: ص 236.
2- 2. المحاسن للبرقی ص 3 تحت رقم 2.
3- 3. المصدر: ص 18 تحت رقم 50.
4- 4. قصص الأنبیاء مخطوط.

وَ كَانَ الْمَسِیحُ علیه السلام یَقُولُ مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سِقْطَهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ وَ مَنْ لَاحَی الرِّجَالَ ذَهَبَ مُرُوَّتُهُ.

«27»- مص (1)،[مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: أَفْضَلُ الْوَصَایَا وَ أَلْزَمُهَا أَنْ لَا تَنْسَی رَبَّكَ وَ أَنْ تَذْكُرَهُ دَائِماً وَ لَا تَعْصِیَهُ وَ تَعْبُدَهُ قَاعِداً وَ قَائِماً وَ لَا تَغْتَرَّ بِنِعْمَتِهِ وَ اشْكُرْهُ أَبَداً وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ تَحْتِ أَسْتَارِ عَظَمَتِهِ وَ جَلَالِهِ فَتَضِلَّ وَ تَقَعَ فِی مَیْدَانِ الْهَلَاكِ وَ إِنْ مَسَّكَ الْبَلَاءُ وَ الضُّرُّ وَ أَحْرَقَتْكَ نِیرَانُ الْمِحَنِ وَ اعْلَمْ أَنَّ بَلَایَاهُ مَحْشُوَّةٌ بِكَرَامَاتِهِ الْأَبَدِیَّةِ وَ مِحَنُهُ مُورِثَةٌ رِضَاهُ وَ قُرْبَهُ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ فَیَا لَهَا مِنْ مَغْنَمٍ لِمَنْ عَلِمَ وَ وُفِّقَ لِذَلِكَ.

«28»- رُوِیَ أَنَّ رَجُلًا اسْتَوْصَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا تَغْضَبْ قَطُّ فَإِنَّ فِیهِ مُنَازَعَةَ رَبِّكَ فَقَالَ زِدْنِی قَالَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ فَإِنَّ فِیهِ الشِّرْكَ الْخَفِیَّ فَقَالَ زِدْنِی فَقَالَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ فَإِنَّ فِیهَا الْوُصْلَةَ وَ الْقُرْبَی فَقَالَ زِدْنِی فَقَالَ علیه السلام اسْتَحْیِ مِنَ اللَّهِ اسْتِحْیَاءَكَ مِنْ صَالِحِی جِیرَانِكَ فَإِنَّ فِیهَا زِیَادَةَ الْیَقِینِ وَ قَدْ أَجْمَعَ اللَّهُ تَعَالَی مَا یَتَوَاصَی بِهِ الْمُتَوَاصُونَ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ فِی خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ هِیَ التَّقْوَی قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ- وَ لَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِیَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ (2) وَ فِیهِ جِمَاعُ كُلِّ عِبَادَةٍ صَالِحَةٍ وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إِلَی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی وَ الرُّتْبَةِ الْقُصْوَی وَ بِهِ عَاشَ مَنْ عَاشَ مَعَ اللَّهِ بِالْحَیَاةِ الطَّیِّبَةِ وَ الْأُنْسِ الدَّائِمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ- فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیكٍ مُقْتَدِرٍ(3).

«29»- كشف (4)،[كشف الغمة] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: قَالَ جَعْفَرٌ علیه السلام

ص: 200


1- 1. مصباح الشریعة ص 50 الباب الثالث و السبعون.
2- 2. النساء: 131.
3- 3. القمر: 54.
4- 4. كشف الغمّة ج 2 ص 368.

یَوْماً لِسُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ یَا سُفْیَانُ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِنِعْمَةٍ فَأَحْبَبْتَ بَقَاءَهَا فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ وَ الشُّكْرِ عَلَی اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ الْعَزِیزِ- لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ (1) وَ إِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فِی كِتَابِهِ- اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْكُمْ مِدْراراً- وَ یُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ (2) یَعْنِی فِی الدُّنْیَا- وَ یَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ یَا سُفْیَانُ إِذَا حَزَنَكَ أَمْرٌ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَیْرِهِ فَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الْفَرَجِ وَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.

«30»- وَ قَالَ ابْنُ أَبِی حَازِمٍ (3): كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِذَا جَاءَ آذِنُهُ فَقَالَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ بِالْبَابِ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ یَا سُفْیَانُ إِنَّكَ رَجُلٌ یَطْلُبُكَ السُّلْطَانُ وَ أَنَا أَتَّقِی السُّلْطَانَ قُمْ فَاخْرُجْ غَیْرَ مَطْرُودٍ فَقَالَ سُفْیَانُ حَدِّثْنِی حَتَّی أَسْمَعَ وَ أَقُومَ فَقَالَ جَعْفَرٌ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ نِعْمَةً فَلْیَحْمَدِ اللَّهَ وَ مَنِ اسْتَبْطَأَ الرِّزْقَ فَلْیَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ مَنْ حَزَنَهُ أَمْرٌ فَلْیَقُلْ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَامَ سُفْیَانُ قَالَ جَعْفَرٌ خُذْهَا یَا سُفْیَانُ ثَلَاثاً وَ أَیُّ ثَلَاثٍ.

«31»- وَ كَانَ یَقُولُ علیه السلام: لَا یَتِمُّ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِثَلَاثَةٍ تَعْجِیلِهِ وَ تَصْغِیرِهِ وَ سَتْرِهِ.

«32»- وَ سُئِلَ علیه السلام لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا قَالَ لِئَلَّا یَتَمَانَعَ النَّاسُ الْمَعْرُوفَ.

«33»- وَ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ (4) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مُوسَی وَلَدُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ یُوصِیهِ بِهَذِهِ الْوَصِیَّةِ فَكَانَ مِمَّا حَفِظْتُ مِنْهُ أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ اقْبَلْ وَصِیَّتِی

ص: 201


1- 1. إبراهیم: 7.
2- 2. نوح: 10 الی 12.
3- 3. كشف الغمّة ج 2 ص 358.
4- 4. المصدر: ج 2 ص 369.

وَ احْفَظْ مَقَالَتِی فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا تَعِشْ سَعِیداً وَ تَمُتْ حَمِیداً یَا بُنَیَّ إِنَّهُ مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ اسْتَغْنَی وَ مَنْ مَدَّ عَیْنَیْهِ إِلَی مَا فِی یَدِ غَیْرِهِ مَاتَ فَقِیراً وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اتَّهَمَ اللَّهَ تَعَالَی فِی قَضَائِهِ وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ نَفْسِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ غَیْرِهِ وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ غَیْرِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ نَفْسِهِ یَا بُنَیَّ مَنْ كَشَفَ حِجَابَ غَیْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ نَفْسِهِ وَ مَنْ سَلَّ سَیْفَ الْبَغْیِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنْ حَفَرَ لِأَخِیهِ بِئْراً سَقَطَ فِیهَا وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّفَهَاءِ حُقِّرَ وَ مَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ یَا بُنَیَّ قُلِ الْحَقَّ لَكَ وَ عَلَیْكَ وَ إِیَّاكَ وَ النَّمِیمَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ الشَّحْنَاءَ فِی قُلُوبِ الرِّجَالِ یَا بُنَیَّ إِذَا طَلَبْتَ الْجُودَ فَعَلَیْكَ بِمَعَادِنِهِ فَإِنَّ لِلْجُودِ مَعَادِنَ وَ لِلْمَعَادِنِ أُصُولًا وَ لِلْأُصُولِ فُرُوعاً وَ لِلْفُرُوعِ ثَمَراً وَ لَا یَطِیبُ ثَمَرٌ إِلَّا بِفَرْعٍ وَ لَا فَرْعٌ إِلَّا بِأَصْلٍ وَ لَا أَصْلٌ إِلَّا بِمَعِدْنٍ طَیِّبٍ یَا بُنَیَّ إِذَا زُرْتَ فَزُرِ الْأَخْیَارَ وَ لَا تَزُرِ الْفُجَّارَ فَإِنَّهُمْ صَخْرَةٌ لَا یَنْفَجِرُ مَاؤُهَا وَ شَجَرَةٌ لَا یَخْضَرُّ وَرَقُهَا وَ أَرْضٌ لَا یَظْهَرُ عُشْبُهَا.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی علیه السلام فَمَا تَرَكَ أَبِی هَذِهِ الْوَصِیَّةَ إِلَی أَنْ مَاتَ.

«34»- وَ نُقِلَ أَنَّهُ (1)

كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ یَلْزَمُ جَعْفَراً علیه السلام فَفَقَدَهُ فَسُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ یُرِیدُ أَنْ یَسْتَنْقِصَ بِهِ إِنَّهُ نَبَطِیٌّ فَقَالَ جَعْفَرٌ علیه السلام أَصْلُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ وَ حَسَبُهُ دِینُهُ وَ كَرَمُهُ تَقْوَاهُ وَ النَّاسُ فِی آدَمَ مُسْتَوُونَ فَاسْتَحْیَا ذَلِكَ الْقَائِلُ.

«35»- وَ قَالَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ سَمِعْتُ جعفر [جَعْفَراً] الصَّادِقَ علیه السلام یَقُولُ: عَزَّتِ السَّلَامَةُ حَتَّی لَقَدْ خَفِیَ مَطْلَبُهَا فَإِنْ یَكُنْ فِی شَیْ ءٍ فَیُوشِكُ أَنْ یَكُونَ فِی الْخُمُولِ فَإِنْ طُلِبَتْ فِی خُمُولٍ فَلَمْ تُوجَدْ فَیُوشِكُ أَنْ تَكُونَ فِی الصَّمْتِ فَإِنْ طُلِبَتْ فِی الصَّمْتِ فَلَمْ تُوجَدْ فَیُوشِكُ أَنْ تَكُونَ فِی التَّخَلِّی فَإِنْ طُلِبَتْ فِی التَّخَلِّی فَلَمْ تُوجَدْ فَیُوشِكُ أَنْ تَكُونَ فِی كَلَامِ السَّلَفِ

ص: 202


1- 1. الكشف: ج 2 ص 370.

الصَّالِحِ وَ السَّعِیدُ مَنْ وَجَدَ فِی نَفْسِهِ خَلْوَةً یُشْغَلُ بِهَا.

«36»- وَ قَالَ الْحَافِظُ(1)

عَبْدُ الْعَزِیزِ وَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ التُّجَّارِ یَخْتَلِفُ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام یُخَاطِبُهُ وَ یَعْرِفُهُ بِحُسْنِ حَالٍ فَتَغَیَّرَتْ حَالُهُ فَجَعَلَ یَشْكُو إِلَی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ:

فَلَا تَجْزَعْ وَ إِنْ أَعْسَرْتَ یَوْماً***فَقَدْ أَیْسَرْتَ فِی زَمَنٍ طَوِیلٍ

وَ لَا تَیْأَسْ فَإِنَّ الْیَأْسَ كُفْرٌ***لَعَلَّ اللَّهَ یُغْنِی عَنْ قَلِیلٍ

وَ لَا تَظُنَّنَّ بِرَبِّكَ ظَنَّ سَوْءٍ***فَإِنَّ اللَّهَ أَوْلَی بِالْجَمِیلِ

37(2)

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: بُنِیَ الْإِنْسَانُ عَلَی خِصَالٍ فَمَهْمَا بُنِیَ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ لَا یُبْنَی عَلَی الْخِیَانَةِ وَ الْكَذِبِ.

«38»- وَ قَالَ الْحَافِظُ(3) عَبْدُ الْعَزِیزِ رُوِیَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِنَّهُ وَقَعَ بَیْنِی وَ بَیْنَ قَوْمٍ مُنَازَعَةٌ فِی أُمُورٍ وَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَتْرُكَهُ فَیُقَالُ لِی إِنَّ تَرْكَكَ لَهُ ذُلٌّ فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِنَّ الذَّلِیلَ هُوَ الظَّالِمُ.

«39»- وَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا یَعْنِیهِ.

«40»- وَ قَالَ الْحَافِظُ(4)

أَبُو نُعَیْمٍ رُوِیَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الدُّنْیَا أَنِ اخْدُمِی مَنْ خَدَمَنِی وَ أَتْعِبِی مَنْ خَدَمَكِ.

«41»-(5) وَ عَنِ الْأَصْمَعِیِّ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍّ وَ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِیفٍ وَ زَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّیَامُ وَ الدَّاعِی بِلَا عَمَلٍ

ص: 203


1- 1. الكشف: ج 2 ص 374.
2- 2. المصدر: ج 2 ص 375.
3- 3. المصدر: ج 2 ص 377.
4- 4. المصدر: ج 2 ص 395.
5- 5. المصدر: ج 2 ص 396.

كَالرَّامِی بِلَا وَتَرٍ وَ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ وَ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ وَ التَّقْدِیرُ نِصْفُ الْعَیْشِ وَ التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ وَ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ مَنْ حَزَنَ وَالِدَیْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا وَ مَنْ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ فَقَدْ حَبِطَ أَجْرُهُ وَ الصَّنِیعَةُ لَا تَكُونُ صَنِیعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ أَوْ دِینٍ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ وَ یُنْزِلُ الرِّزْقَ عَلَی قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَ مَنْ قَدَّرَ مَعِیشَتَهُ رَزَقَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَذَّرَ مَعِیشَتَهُ حَرَمَهُ اللَّهُ.

«42»- وَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: دَخَلْتُ عَلَیْهِ وَ مُوسَی علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ یُوصِیهِ بِهَذِهِ الْوَصِیَّةِ فَكَانَ مِمَّا حَفِظْتُ مِنْهَا أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ اقْبَلْ وَصِیَّتِی وَ احْفَظْ مَقَالَتِی فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا تَعِشْ سَعِیداً وَ تَمُتْ حَمِیداً یَا بُنَیَّ مَنْ قَنِعَ بِمَا قُسِمَ لَهُ اسْتَغْنَی وَ مَنْ مَدَّ عَیْنَیْهِ إِلَی مَا فِی یَدِ غَیْرِهِ مَاتَ فَقِیراً وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ بِمَا قُسِمَ لَهُ اتَّهَمَ اللَّهَ فِی قَضَائِهِ وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ غَیْرِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ نَفْسِهِ وَ مَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ نَفْسِهِ اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ غَیْرِهِ یَا بُنَیَّ مَنْ كَشَفَ حِجَابَ غَیْرِهِ تُكْشَفُ عَوْرَاتُ بَیْتِهِ وَ مَنْ سَلَّ سَیْفَ الْبَغْیِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنِ احْتَفَرَ لِأَخِیهِ بِئْراً سَقَطَ فِیهَا وَ مَنْ دَخَلَ السُّفَهَاءَ حُقِّرَ وَ مَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السَّوْءِ اتُّهِمَ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ أَنْ تَزْرِیَ بِالرِّجَالِ فَیُزْرَی بِكَ وَ إِیَّاكَ وَ الدُّخُولَ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ فَتَذِلَّ یَا بُنَیَّ قُلِ الْحَقَّ لَكَ وَ عَلَیْكَ تُسْتَشَارُ مِنْ بَیْنِ أَقْرَانِكِ یَا بُنَیَّ كُنْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَالِیاً وَ لِلْإِسْلَامِ فَاشِیاً وَ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِیاً وَ لِمَنْ قَطَعَكَ وَاصِلًا وَ لِمَنْ سَكَتَ عَنْكَ مُبْتَدِئاً وَ لِمَنْ سَأَلَكَ مُعْطِیاً وَ إِیَّاكَ وَ النَّمِیمَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ الشَّحْنَاءَ فِی قُلُوبِ الرِّجَالِ وَ إِیَّاكَ وَ التَّعَرُّضَ لِعُیُوبِ النَّاسِ فَمَنْزِلَةُ الْمُعْتَرِضِ لِعُیُوبِ النَّاسِ كَمَنْزِلَةِ الْهَدَفِ یَا بُنَیَّ إِذَا طَلَبْتَ الْجُودَ فَعَلَیْكَ بِمَعَادِنِهِ فَإِنَّ لِلْجُودِ مَعَادِنَ وَ لِلْمَعَادِنِ أُصُولًا وَ لِلْأُصُولِ فُرُوعاً وَ لِلْفُرُوعِ ثَمَراً وَ لَا یَطِیبُ ثَمَرٌ إِلَّا بِفَرْعٍ وَ لَا فَرْعٌ إِلَّا بِأَصْلٍ وَ لَا أَصْلٌ ثَابِتٌ إِلَّا بِمَعْدِنٍ طَیِّبٍ.

ص: 204

یَا بُنَیَّ إِذَا زُرْتَ فَزُرِ الْأَخْیَارَ وَ لَا تَزُرِ الْفُجَّارَ فَإِنَّهُمْ صَخْرَةٌ لَا یَتَفَجَّرُ مَاؤُهَا وَ شَجَرَةٌ لَا یَخْضَرُّ وَرَقُهَا وَ أَرْضٌ لَا یَظْهَرُ عُشْبُهَا قَالَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی علیه السلام فَمَا تَرَكَ أَبِی هَذِهِ الْوَصِیَّةَ إِلَی أَنْ تُوُفِّیَ.

43(1)

وَ عَنْ عَنْبَسَةَ الْخَثْعَمِیِّ وَ كَانَ مِنَ الْأَخْیَارِ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَقُولُ: إِیَّاكُمْ وَ الْخُصُومَةَ فِی الدِّینِ فَإِنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ وَ تُورِثُ النِّفَاقَ.

«44»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا بَلَغَكَ عَنْ أَخِیكَ شَیْ ءٌ یَسُوؤُكَ فَلَا تَغْتَمَّ بِهِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ كَمَا یَقُولُ كَانَتْ عُقُوبَةً عُجِّلَتْ وَ إِنْ كَانَتْ عَلَی غَیْرِ مَا یَقُولُ كَانَتْ حَسَنَةً لَمْ تعلمها [تَعْمَلْهَا] قَالَ وَ قَالَ مُوسَی علیه السلام یَا رَبِّ أَسْأَلُكَ أَنْ لَا یَذْكُرَنِی أَحَدٌ إِلَّا بِخَیْرٍ قَالَ مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِنَفْسِی.

«45»- وَ قَالَ الْآبِیُ (2): سُئِلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام لِمَا صَارَ النَّاسُ یَكْلَبُونَ أَیَّامَ الْغَلَاءِ عَلَی الطَّعَامِ وَ یَزِیدُ جُوعُهُمْ عَلَی الْعَادَةِ فِی الرُّخْصِ قَالَ لِأَنَّهُمْ بَنُو الْأَرْضِ فَإِذَا قُحِطَتْ قُحِطُوا وَ إِذَا خَصَبَتْ خَصَبُوا.

«46»- وَ شَكَا إِلَیْهِ علیه السلام رَجُلٌ جَارَهُ فَقَالَ اصْبِرْ عَلَیْهِ فَقَالَ یَنْسُبُنِی النَّاسُ إِلَی الذُّلِّ فَقَالَ إِنَّمَا الذَّلِیلُ مَنْ ظَلَمَ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعَةُ أَشْیَاءَ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ النَّارُ وَ الْعَدَاوَةُ وَ الْفَقْرُ وَ الْمَرَضُ.

«47»-(3) وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْیَا عَلَی الْمَرْءِ أَعْطَتْهُ مَحَاسِنَ غَیْرِهِ وَ إِذَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ.

«48»-(4): وَ مَرَّ بِهِ علیه السلام رَجُلٌ وَ هُوَ یَتَغَدَّی فَلَمْ یُسَلِّمْ فَدَعَاهُ إِلَی الطَّعَامِ فَقِیلَ لَهُ السُّنَّةُ أَنْ یُسَلِّمَ ثُمَّ یُدْعَی وَ قَدْ تَرَكَ السَّلَامَ عَلَی عَمْدٍ فَقَالَ هَذَا فِقْهٌ عِرَاقِیٌّ فِیهِ بُخْلٌ.

ص: 205


1- 1. الكشف: ج 2 ص 398.
2- 2. المصدر: ج 2 ص 414. و الآبی: عزّ الدین ابن زینب الحسن بن أبی طالب الیوسفی تلمیذ المحقق و من أعلام القرن السابع.
3- 3. المصدر: ج 2 ص 416.
4- 4. المصدر: ج 2 ص 417.

«49»- وَ قَالَ علیه السلام: الْقُرْآنُ ظَاهِرُهُ أَنِیقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِیقٌ.

«50»- وَ قَالَ: مَنْ أَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ رُضِیَ حَكَماً لِغَیْرِهِ.

«51»- وَ قَالَ علیه السلام(1): أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ لَهُ كَرَامَةً قِیلَ وَ مَا كَرَامَتُهُ قَالَ أَنْ لَا یُقْطَعَ وَ لَا یُوطَأَ وَ إِذَا حَضَرَ لَمْ یُنْتَظَرْ بِهِ غَیْرُهُ (2).

«52»- وَ قَالَ علیه السلام: حِفْظُ الرَّجُلِ أَخَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِی تَرِكَتِهِ كَرَمٌ.

«53»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَسَرَّ إِلَیَّ مِنْ یَدٍ أَتْبَعَهَا الْأُخْرَی لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَاخِرِ بِقَطْعِ لِسَانِ شُكْرِ الْأَوَائِلِ.

«54»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنِّی لَأُمْلِقُ أَحْیَاناً فَأُتَاجِرُ اللَّهَ بِالصَّدَقَةِ(3).

«55»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَزَالُ الْعِزُّ قَلِقاً حَتَّی یَأْتِیَ دَاراً قَدِ اسْتَشْعَرَ أَهْلُهَا الْیَأْسَ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَیُوطِنُهَا.

«56»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا دَخَلْتَ إِلَی مَنْزِلِ أَخِیكَ فَاقْبَلِ الْكَرَامَةَ كُلَّهَا مَا خَلَا الْجُلُوسَ فِی الصُّدُورِ.

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ الْإِحْسَانُ إِلَی الْإِخْوَانِ.

«58»- وَ اشْتَكَی مِرَّةً فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَدَباً لَا غَضَباً.

«59»- وَ قَالَ علیه السلام: الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ وَ الْبَنُونَ نِعَمٌ وَ الْحَسَنَاتُ یُثَابُ عَلَیْهَا وَ النِّعَمُ مَسْئُولٌ عَنْهَا.

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ سَقْطَةَ الِاسْتِرْسَالِ فَإِنَّهَا لَا تُسْتَقَالُ.

«61»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَا طَعْمُ الْمَاءِ قَالَ طَعْمُ الْحَیَاةِ.

«62»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یَسْتَحْیِ مِنَ الْعَیْبِ وَ یرعوی [یَرْعَوِ](4)

عِنْدَ الشَّیْبِ وَ یخشی [یَخْشَ] اللَّهَ بِظَهْرِ الْغَیْبِ فَلَا خَیْرَ فِیهِ.

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: وَ إِنَّ خَیْرَ الْعِبَادِ مَنْ یَجْتَمِعُ فِیهِ خَمْسُ خِصَالٍ إِذَا أَحْسَنَ

ص: 206


1- 1. الكشف: ج 2 ص 417.
2- 2. فی المصدر« سواه».
3- 3. أملق الرجل أنفق ماله حتّی قل.
4- 4. ارعوی من الجهل: كف عنه.

اسْتَبْشَرَ وَ إِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ وَ إِذَا أُعْطِیَ شَكَرَ وَ إِذَا ابْتُلِیَ صَبَرَ وَ إِذَا ظُلِمَ غَفَرَ.

«64»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكُمْ وَ مُلَاحَاةَ الشُّعَرَاءِ(1) فَإِنَّهُمْ یَضَنُّونَ بِالْمَدْحِ وَ یَجُودُونَ بِالْهِجَاءِ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِنِّی لَأُسَارِعُ إِلَی حَاجَةِ عَدُوِّی خَوْفاً أَنْ أَرُدَّهُ فَیَسْتَغْنِیَ عَنِّی.

«65»- كَانَ علیه السلام یَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ بِمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْعَفْوِ أَوْلَی مِنِّی بِمَا أَنَا أَهْلٌ لَهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ.

«66»- وَ أَتَاهُ علیه السلام أَعْرَابِیٌّ وَ قِیلَ بَلْ أَتَی أَبَاهُ الْبَاقِرَ علیه السلام فَقَالَ أَ رَأَیْتَ اللَّهَ حِینَ عَبَدْتَهُ فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَعْبُدَ شَیْئاً لَمْ أَرَهُ قَالَ كَیْفَ رَأَیْتَهُ قَالَ لَمْ تَرَهُ الْأَبْصَارُ بِمُشَاهَدَةِ الْعِیَانِ وَ لَكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقِیقَةِ الْإِیمَانِ- لَا یُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا یُقَاسُ بِالنَّاسِ مَعْرُوفٌ بِالْآیَاتِ مَنْعُوتٌ بِالْعَلَامَاتِ- هُوَ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُ اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ.

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: یَهْلِكُ اللَّهُ سِتّاً بِسِتٍّ الْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَ الْعَرَبَ بِالْعَصَبِیَّةِ وَ الدَّهَاقِینَ بِالْكِبْرِ وَ التُّجَّارَ بِالْخِیَانَةِ وَ أَهْلَ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهْلِ وَ الْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ.

«68»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْعُ الْمَوْجُودِ سُوءُ ظَنٍّ بِالْمَعْبُودِ.

«69»- وَ قَالَ علیه السلام: صِلَةُ الْأَرْحَامِ مَنْسَأَةٌ فِی الْأَعْمَارِ وَ حُسْنُ الْجِوَارِ عِمَارَةٌ لِلدُّنْیَا وَ صَدَقَةُ السِّرِّ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ.

«70»- وَ قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ(2) یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ لَا تُعْذِرُنِی مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَ وُلْدِهِ یَبُثُّونَ الدُّعَاةَ وَ یُرِیدُونَ الْفِتْنَةَ قَالَ قَدْ عَرَفْتَ الْأَمْرَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَإِنْ أَقْنَعَتْكَ مِنِّی آیَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی تَلَوْتُهَا عَلَیْكَ قَالَ هَاتِ قَالَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا یَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَ لَئِنْ قُوتِلُوا لا یَنْصُرُونَهُمْ وَ لَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَیُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا یُنْصَرُونَ (3)

ص: 207


1- 1. الملاحاة: المنازعة و المخاصمة. و الضن: البخل.
2- 2. یعنی الدوانیقی.
3- 3. الحشر: 12.

وَ قَالَ كَفَانِی وَ قَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ.

«71»- وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ أَحْدَثَ سَفَراً یُحْدِثُ اللَّهُ لَكَ رِزْقاً وَ الْزَمْ مَا عَوَّدْتَ مِنْهُ الْخَیْرَ.

«72»- قَالَ علیه السلام: دَعَا اللَّهُ النَّاسَ فِی الدُّنْیَا بِآبَائِهِمْ لِیَتَعَارَفُوا وَ فِی الْآخِرَةِ بِأَعْمَالِهِمْ لِیُجَازُوا فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا- یا أَیُّهَا الَّذِینَ كَفَرُوا.

«73»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَیْقَظَ فِتْنَةً فَهُوَ أُكُلُهَا(1).

«74»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ عِیَالَ الْمَرْءِ أُسَرَاؤُهُ فَمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ نِعْمَةً فَلْیُوَسِّعْ عَلَی أُسَرَائِهِ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ أَوْشَكَ أَنْ تَزُولَ تِلْكَ النِّعْمَةُ.

«75»- وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ: السَّرِیرَةُ إِذَا صَلَحَتْ قَوِیَتِ الْعَلَانِیَةُ.

«76»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا یَصْنَعُ الْعَبْدُ أَنْ یُظْهِرَ حَسَناً وَ یُسِرَّ سَیِّئاً أَ لَیْسَ یَرْجِعُ إِلَی نَفْسِهِ فَیَعْلَمَ أَنْ لَیْسَ كَذَلِكَ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ- بَلِ الْإِنْسانُ عَلی نَفْسِهِ بَصِیرَةٌ(2).

«77»- وَ قَالَ لَهُ أَبُو حَنِیفَةَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا أَصْبَرَكَ عَلَی الصَّلَاةِ فَقَالَ وَیْحَكَ یَا نُعْمَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلَاةَ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍّ وَ أَنَّ الْحَجَّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِیفٍ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّیَامُ وَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ مِنَ اللَّهِ الدَّاعِی بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِی بِلَا وَتَرٍ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ یَا نُعْمَانُ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ وَ حَصِّنُوا الْمَالَ بِالزَّكَاةِ وَ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ التَّقْدِیرُ نِصْفُ الْعَیْشِ وَ التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ وَ الْهَرَمُ نِصْفُ الْهَمِّ وَ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَیْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا وَ مَنْ ضَرَبَ یَدَهُ عَلَی فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ حَبِطَ أَجْرُهُ وَ الصَّنِیعَةُ لَا یَكُونُ صَنِیعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ وَ دِینٍ وَ اللَّهُ یُنْزِلُ الرِّزْقَ عَلَی قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَ یُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ وَ مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِالنَّمْلِ خَیْراً مَا أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحاً.

ص: 208


1- 1. الاكل جمع اكلة و هی اللقمة.
2- 2. القیامة: 14.

زَادَ ابْنُ حُمْدُونٍ فِی رِوَایَتِهِ وَ مَنْ قَدَّرَ مَعِیشَتَهُ رَزَقَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللَّهُ وَ لَمْ یُورِدْ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِالنَّمْلَةِ.

«78»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَا بَلَغَ بِكَ مِنْ حُبِّكَ مُوسَی قَالَ وَدِدْتُ أَنْ لَیْسَ لِی وَلَدٌ غَیْرُهُ حَتَّی لَا یَشْرَكَهُ فِی حُبِّی لَهُ أَحَدٌ.

«79»- وَ قَالَ: ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنَّهَا الْحَقُّ مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ وَ لَا زَكَاةٍ وَ لَا ظُلِمَ أَحَدٌ بِظُلَامَةٍ فَقَدَرَ أَنْ یُكَافِیَ بِهَا فَكَظَمَهَا إِلَّا أَبْدَلَهُ اللَّهُ مَكَانَهَا عِزّاً وَ لَا فَتَحَ عَبْدٌ عَلَی نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فُتِحَ عَلَیْهِ بَابُ فَقْرٍ.

«80»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثَةٌ لَا یَزِیدُ اللَّهُ بِهَا الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ إِلَّا عِزّاً الصَّفْحُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ الْإِعْطَاءُ لِمَنْ حَرَمَهُ وَ الصِّلَةُ لِمَنْ قَطَعَهُ.

«81»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْیَقِینِ أَلَّا تُرْضِیَ النَّاسَ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ وَ لَا تَذُمَّهُمْ عَلَی مَا لَمْ یُؤْتِكَ اللَّهُ وَ لَا تَحْمَدَهُمْ عَلَی مَا رَزَقَ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا یَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِیصٍ وَ لَا یَصْرِفُهُ كُرْهُ كَارِهٍ وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا یَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ الرِّزْقُ كَمَا یُدْرِكُهُ الْمَوْتُ.

«82»- وَ قَالَ علیه السلام: مُرُوَّةُ الرَّجُلِ فِی نَفْسِهِ نَسَبٌ لِعَقِبِهِ وَ قَبِیلَتِهِ.

«83»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَی عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زِیدَ فِی رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِ بَیْتِهِ زِیدَ فِی عُمُرِهِ.

«84»- وَ قَالَ علیه السلام: خُذْ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِطَرَفٍ تُرَوِّحُ بِهِ قَلْبَكَ وَ یَرُوحُ بِهِ أَمْرُكَ (1).

«85»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ وَ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی بَاطِلٍ وَ الَّذِی إِذَا قَدَرَ لَمْ یَأْخُذْ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ.

«86»- وَ مِنْ تَذْكِرَةِ ابْنِ حُمْدُونٍ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: تَأْخِیرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَ طُولُ التَّسْوِیفِ حَیْرَةٌ وَ الِائْتِلَاءُ(2) عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلَكَةٌ وَ الْإِصْرَارُ أَمْنٌ- فَلا یَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

ص: 209


1- 1. فی الكشف: ج 2 ص 420« و یرخ به أمرك».
2- 2. أی الحكم و الحتم.

«87»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا كُلُّ مَنْ أَرَادَ شَیْئاً قَدَرَ عَلَیْهِ وَ لَا كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَی شَیْ ءٍ وُفِّقَ لَهُ وَ لَا كُلُّ مَنْ وُفِّقَ أَصَابَ لَهُ مَوْضِعاً فَإِذَا اجْتَمَعَ النِّیَّةُ وَ الْقُدْرَةُ وَ التَّوْفِیقُ وَ الْإِصَابَةُ فَهُنَاكَ تَجِبُ السَّعَادَةُ.

«88»- وَ قَالَ علیه السلام: صِلَةُ الرَّحِمِ تُهَوِّنُ الْحِسَابَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- وَ الَّذِینَ یَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (1).

«89»- وَ قَالَ علیه السلام(2)

وَ قَدْ قِیلَ بِحَضْرَتِهِ جَاوِرْ مَلِكاً أَوْ بَحْراً فَقَالَ هَذَا الْكَلَامُ مُحَالٌ وَ الصَّوَابُ لَا تُجَاوِرْ مَلِكاً وَ لَا بَحْراً لِأَنَّ الْمَلِكَ یُؤْذِیكَ وَ الْبَحْرَ لَا یُرْوِیكَ.

«90»- وَ سُئِلَ علیه السلام عَنْ فَضِیلَةٍ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمْ یَشْرَكْهُ فِیهَا غَیْرُهُ قَالَ فَضَلَ الْأَقْرَبِینَ بِالسَّبْقِ وَ سَبَقَ الْأَبْعَدِینَ بِالْقَرَابَةِ.

«91»- وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- تِیجَانُ الْعَرَبِ.

«92»- وَ قَالَ علیه السلام: صُحْبَةُ عِشْرِینَ یَوْماً قَرَابَةٌ.

«93»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(3) عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَفْصٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ (4) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ كَتَبَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِمُدَارَسَتِهَا وَ النَّظَرِ فِیهَا وَ تَعَاهُدِهَا وَ الْعَمَلِ بِهَا فَكَانُوا یَضَعُونَهَا فِی مَسَاجِدِ بُیُوتِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ نَظَرُوا فِیهَا- قَالَ وَ حَدَّثَنِی الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ الصَّحَّافِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ مِنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی أَصْحَابِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمُ الْعَافِیَةَ وَ عَلَیْكُمْ بِالدَّعَةِ(5)

وَ الْوَقَارِ وَ السَّكِینَةِ

ص: 210


1- 1. الرعد: 21.
2- 2. یعنی الآبی المترجم فی ص 205.
3- 3. المصدر الحدیث الأول.
4- 4. معطوف علی ابن فضال لان إبراهیم بن هاشم أحد رواته.
5- 5. الدعة: الخفض و الطمأنینة.

وَ عَلَیْكُمْ بِالْحَیَاءِ وَ التَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ قَبْلَكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِمُجَامَلَةِ(1) أَهْلِ الْبَاطِلِ تَحَمَّلُوا الضَّیْمَ مِنْهُمْ وَ إِیَّاكُمْ وَ مُمَاظَّتَهُمْ دِینُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ وَ خَالَطْتُمُوهُمْ وَ نَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلَامَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَ مُخَالَطَتِهِمْ وَ مُنَازَعَتِهِمُ الْكَلَامَ بِالتَّقِیَّةِ الَّتِی أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَأْخُذُوا بِهَا فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ- فَإِذَا ابْتُلِیتُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَیُؤْذُونَكُمْ وَ تَعْرِفُونَ فِی وُجُوهِهِمُ الْمُنْكَرَ وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا(2) بِكُمْ وَ مَا فِی صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا یُبْدُونَ لَكُمْ مَجَالِسُكُمْ وَ مَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ أَرْوَاحُكُمْ وَ أَرْوَاحُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لَا تَأْتَلِفُ- لَا تُحِبُّونَهُمْ أَبَداً وَ لَا یُحِبُّونَكُمْ غَیْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَكْرَمَكُمْ بِالْحَقِّ وَ بَصَّرَكُمُوهُ وَ لَمْ یَجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَتُحَامِلُونَهُمْ وَ تَصْبِرُونَ عَلَیْهِمْ وَ لَا مُجَامَلَةَ لَهُمْ وَ لَا صَبْرَ لَهُمْ عَلَی شَیْ ءٍ(3)

وَ حِیَلُهُمْ و وَسْوَاسُ بَعْضِهِمْ إِلَی بَعْضٍ فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا صَدُّوكُمْ عَنِ الْحَقِّ یَعْصِمُكُمُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تُذْلِقُوا(4) أَلْسِنَتَكُمْ

ص: 211


1- 1. المجاملة: المعاملة بالجمیل. و الضیم: الظلم. و المماظة بالمعجمة-: شدة المنازعة و المخاصمة مع طول اللزوم. و قوله« بالتقیة» متعلق بدینوا. و ما بینهما معترض.
2- 2. السطو: القهر. أی وثبوا علیكم و قهروكم.
3- 3. اعلم أن الحدیث- كما قاله المؤلّف- قد اختل نظمه و ترتیبه بسبب تقدیم بعض الورقات و تأخیر بعضها. و فی بعض النسخ المصحّحة التی رآها المؤلّف قوله« لا صبر لهم» متصل بقوله( فی ص 221)« من اموركم» هكذا« و لا صبر لهم علی شی ء من اموركم تدفعون أنتم السیئة- الخ». و هو الصواب. اه. هذا. و قد یخطر بالبال من اختلاط بعض فصوله و اندماج بعض جمله و اختلاف نسخه أن أصل الكتاب صدر من الإمام علیه السلام لكن لم یخل عن تصرف بعض الرواة أو الناسخین الاولین بتفسیر بعض الجمل و ادخاله فی المتن.
4- 4.« تذلقوا» فی أكثر نسخ المصدر« تزلقوا» بالزای المعجمة.

بِقَوْلِ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ وَ الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنَّكُمْ إِنْ كَفَفْتُمْ أَلْسِنَتَكُمْ عَمَّا یَكْرَهُهُ اللَّهُ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ كَانَ خَیْراً لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تُذْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِهِ فَإِنَّ ذَلْقَ اللِّسَانِ فِیمَا یَكْرَهُهُ اللَّهُ وَ فِیمَا یَنْهَی عَنْهُ (1)

مَرْدَاةٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ وَ مَقْتٌ مِنَ اللَّهِ وَ صَمَمٌ وَ بُكْمٌ وَ عَمًی یُورِثُهُ اللَّهُ إِیَّاهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَتَصِیرُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ- صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَعْقِلُونَ (2) یَعْنِی لَا یَنْطِقُونَ وَ لا یُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَعْتَذِرُونَ وَ إِیَّاكُمْ وَ مَا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ تَرْكَبُوهُ وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّمْتِ إِلَّا فِیمَا یَنْفَعُكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِكُمْ وَ یَأْجُرُكُمْ عَلَیْهِ وَ أَكْثِرُوا مِنَ التَّهْلِیلِ وَ التَّقْدِیسِ وَ التَّسْبِیحِ وَ الثَّنَاءِ عَلَی اللَّهِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَیْهِ وَ الرَّغْبَةِ فِیمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَیْرِ الَّذِی لَا یَقْدِرُ قَدْرَهُ وَ لَا یَبْلُغُ كُنْهَهُ أَحَدٌ فَاشْغَلُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِذَلِكَ عَمَّا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَقَاوِیلِ الْبَاطِلِ الَّتِی تُعْقِبُ أَهْلَهَا خُلُوداً فِی النَّارِ مَنْ مَاتَ عَلَیْهَا وَ لَمْ یَتُبْ إِلَی اللَّهِ وَ لَمْ یَنْزِعْ عَنْهَا- وَ عَلَیْكُمْ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِینَ لَمْ یُدْرِكُوا نَجَاحَ الْحَوَائِجِ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِأَفْضَلَ مِنَ الدُّعَاءِ وَ الرَّغْبَةِ إِلَیْهِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ الْمَسْأَلَةِ لَهُ فَارْغَبُوا فِیمَا رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِیهِ وَ أَجِیبُوا اللَّهَ إِلَی مَا دَعَاكُمْ إِلَیْهِ (3)

لِتُفْلِحُوا وَ تَنْجَحُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ أَنْفُسُكُمْ إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ هَاهُنَا فِی الدُّنْیَا حَالَ اللَّهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ نَعِیمِهَا وَ لَذَّتِهَا وَ كَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ بِئْسَ الْحَظُّ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللَّهَ بِتَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَ رُكُوبِ مَعْصِیَتِهِ فَاخْتَارَ أَنْ یَنْتَهِكَ مَحَارِمَ اللَّهِ فِی لَذَّاتِ دُنْیَا مُنْقَطِعَةٍ زَائِلَةٍ عَنْ أَهْلِهَا عَلَی خُلُودِ نَعِیمٍ فِی الْجَنَّةِ وَ لَذَّاتِهَا وَ كَرَامَةِ أَهْلِهَا وَیْلٌ لِأُولَئِكَ مَا أَخْیَبَ حَظَّهُمْ وَ أَخْسَرَ كَرَّتَهُمْ وَ أَسْوَأَ حَالَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ اسْتَجِیرُوا اللَّهَ أَنْ یُجِیرَكُمْ فِی مِثَالِهِمْ أَبَداً وَ أَنْ

ص: 212


1- 1. فی بعض النسخ« و ما نهی عنه». و المرادة بغیر الهمزة مفعلة من الردی بمعنی الهلاك و فی بعضها« أن تزلقوا ألسنتكم» بالزای.
2- 2. البقرة: 167.
3- 3. زاد فی بعض النسخ« لتفلحوا و تنجحوا من عذاب اللّٰه». و الشره: غلبة الحرص.

یَبْتَلِیَكُمْ بِمَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا وَ لَكُمْ إِلَّا بِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ النَّاجِیَةُ إِنْ أَتَمَّ اللَّهُ لَكُمْ مَا أَعْطَاكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ لَا یَتِمُّ الْأَمْرُ حَتَّی یَدْخُلَ عَلَیْكُمْ مِثْلُ الَّذِی دَخَلَ عَلَی الصَّالِحِینَ قَبْلَكُمْ وَ حَتَّی تُبْتَلَوْا فِی أَنْفُسِكُمْ وَ أَمْوَالِكُمْ (1) وَ حَتَّی تَسْمَعُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَذًی كَثِیراً فَتَصْبِرُوا وَ تَعْرُكُوا بِجُنُوبِكُمْ (2)

وَ حَتَّی یَسْتَذِلُّوكُمْ وَ یُبْغِضُوكُمْ وَ حَتَّی یَحْمِلُوا عَلَیْكُمُ الضَّیْمَ فَتَحَمَّلُوهُ مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ حَتَّی تَكْظِمُوا الْغَیْظَ الشَّدِیدَ فِی الْأَذَی فِی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ یَجْتَرِمُونَهُ (3) إِلَیْكُمْ وَ حَتَّی یُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ وَ یُعَادُوكُمْ فِیهِ وَ یُبْغِضُكُمْ عَلَیْهِ فَتَصْبِرُوا عَلَی ذَلِكَ مِنْهُمْ وَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِی كِتَابِ اللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی نَبِیِّكُمْ سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّكُمْ رسول اللّٰه علیه و آله فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (4) ثُمَّ قَالَ وَ إِنْ یُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ- فَصَبَرُوا عَلی ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا(5) فَقَدْ كُذِّبَ نَبِیُّ اللَّهِ وَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ وَ أُوذُوا مَعَ التَّكْذِیبِ بِالْحَقِّ- فَإِنْ سَرَّكُمْ (6) أَمْرُ اللَّهُ فِیهِمُ الَّذِی خَلَقَهُمْ لَهُ فِی الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِی سَبَقَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنْ یَخْلُقَهُمْ لَهُ فِی الْأَصْلِ وَ مِنَ الَّذِینَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فِی قَوْلِهِ- وَ جَعَلْنا هُمْ

ص: 213


1- 1. قال المؤلّف: لعل المراد: اتقوا اللّٰه و لا تتركوا التقوی عن الشرك و المعاصی عند إرادة اتمام ما أعطاكم من دین الحق، ثمّ بین علیه السلام الاتمام بانه انما یكون بالابتلاء و الافتتان و تسلیط من یؤذیكم علیكم. فالمراد الامر بالتقوی عند الابتلاء بالفتن و ذكر فائدة الابتلاء بانه سبب لتمام الایمان فلذا یبتلیكم.
2- 2. یقال: عرك الاذی بجنبه أی احتمله.
3- 3. فی القاموس: اجترم علیهم و الیهم جریمة: جنی جنایة.
4- 4. الأحقاف: 35. و فیها« و لقد».
5- 5. الأنعام: 34.
6- 6. فی النسخة المصحّحة التی أومأ إلیها المؤلّف قوله« ان سركم» متصل بما سیأتی فی آخر الرسالة« أن تكونوا مع نبی اللّٰه محمد( ص) الی آخر الرسالة.

أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ(1) فَتَدَبَّرُوا هَذَا وَ اعْقِلُوهُ وَ لَا تَجْهَلُوهُ فَإِنَّهُ مَنْ یَجْهَلْ هَذَا وَ أَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ نَهَی عَنْهُ تَرَكَ دِینَ اللَّهِ وَ رَكِبَ مَعَاصِیَهُ فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللَّهِ فَأَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی النَّارِ وَ قَالَ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَیْرِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَ لَا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ یَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِی دِینِهِ بِهَوًی وَ رَأْیٍ وَ لَا مَقَایِیسَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ وَ جَعَلَ فِیهِ تِبْیَانَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ جَعَلَ لِلْقُرْآنِ وَ لِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلًا لَا یَسَعُ أَهْلَ الْقُرْآنِ الَّذِینَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَهُ أَنْ یَأْخُذُوا فِیهِ بِهَوًی وَ لَا رَأْیٍ وَ لَا مَقَایِیسَ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَ خَصَّهُمْ بِهِ وَ وَضَعَهُ عِنْدَهُمْ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ أَكْرَمَهُمْ بِهَا وَ هُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ وَ هُمُ الَّذِینَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَ قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنْ یُصَدِّقَهُمْ وَ یَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوهُ وَ أَعْطَوْهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا یَهْتَدِی بِهِ إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ إِلَی جَمِیعِ سُبُلِ الْحَقِّ وَ هُمُ الَّذِینَ لَا یَرْغَبُ عَنْهُمْ وَ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَ عَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِی أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ جَعَلَهُ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَیْهِ فِی عِلْمِ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِی أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الْأَظِلَّةِ(2)

فَأُولَئِكَ الَّذِینَ یَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ وَ الَّذِینَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَ الْقُرْآنِ وَ وَضَعَهُ عِنْدَهُمْ وَ أَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ وَ أُولَئِكَ الَّذِینَ یَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ وَ مَقَایِیسِهِمْ حَتَّی دَخَلَهُمُ الشَّیْطَانُ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الْإِیمَانِ فِی عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ كَافِرِینَ وَ جَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِی عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنِینَ وَ حَتَّی جَعَلُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَرَاماً وَ جَعَلُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَلَالًا فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ وَ قَدْ عَهِدَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالُوا نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ یَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَیْهِ رَأْیُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعْدَ عَهْدِهِ الَّذِی عَهِدَهُ إِلَیْنَا وَ أَمَرَنَا بِهِ مُخَالِفاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَی اللَّهِ وَ لَا أَبْیَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ یَسَعُهُ وَ اللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عَلَی خَلْقِهِ أَنْ یُطِیعُوهُ وَ یَتَّبِعُوا أَمْرَهُ فِی حَیَاةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 214


1- 1. القصص: 41 و فیها« وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ».
2- 2. أی عالم الأرواح.

وَ بَعْدَ مَوْتِهِ- هَلْ یَسْتَطِیعُ أُولَئِكَ أعد [أَعْدَاءُ] اللَّهِ أَنْ یَزْعُمُوا أَنَّ أَحَداً مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَ رَأْیِهِ وَ مَقَایِیسِهِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَقَدْ كَذَبَ عَلَی اللَّهِ وَ ضَلَّ ضَلالًا بَعِیداً وَ إِنْ قَالَ لَا لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ یَأْخُذَ بِرَأْیِهِ وَ هَوَاهُ وَ مَقَایِیسِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَی نَفْسِهِ وَ هُوَ مِمَّنْ یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ یُطَاعُ وَ یُتَّبَعُ أَمْرُهُ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ یَنْقَلِبْ عَلی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً وَ سَیَجْزِی اللَّهُ الشَّاكِرِینَ (1)

وَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُطَاعُ وَ یُتَّبَعُ أَمْرُهُ فِی حَیَاةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعْدَ قَبْضِ اللَّهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَمَا لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَ لَا رَأْیِهِ وَ لَا مَقَایِیسِهِ خِلَافاً لِأَمْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَذَلِكَ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَ لَا رَأْیِهِ وَ لَا مَقَایِیسِهِ وَ قَالَ دَعُوا رَفْعَ أَیْدِیكُمْ فِی الصَّلَاةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حِینَ تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ(2) فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوكُمْ بِذَلِكَ- وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ أَكْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یَدْعُوهُ وَ قَدْ وَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ بِالاسْتِجَابَةِ وَ اللَّهُ مُصَیِّرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَهُمْ عَمَلًا یَزِیدُهُمْ بِهِ فِی الْجَنَّةِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِی كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ وَ اللَّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ

ص: 215


1- 1. آل عمران: 144.
2- 2. اعلم أن رفع الیدین فی تكبیر الافتتاح لا خلاف فی أنّه مطلوب للشارع بین العامّة و الخاصّة. و المشهور بین الاصحاب الاستحباب و ذهب السیّد- ره- من علمائنا الی الوجوب، و أمّا الرفع فی سائر التكبیرات فالمشهور بین الفریقین أیضا استحبابه. و قال الثوری و أبو حنیفة و النخعیّ: لا رفع الا عند الافتتاح و ذهب السیّد- ره- الی الوجوب فی جمیع التكبیرات. و لما كان فی زمانه علیه السلام عدم استحباب الرفع أشهر بین العامّة فلذا منع الشیعة عن ذلك لئلا یشهروا بذلك فیعرفونهم.( قاله المؤلّف).

الْمُؤْمِنِینَ.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا ذَكَرَهُ بِخَیْرٍ فَأَعْطُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الِاجْتِهَادَ فِی طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُدْرَكُ شَیْ ءٌ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ اجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ فِی ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَ بَاطِنِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ فِی كِتَابِهِ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ (1)

وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ وَ اتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُنَّتَهُ فَخُذُوا بِهَا وَ لَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ وَ آرَاءَكُمْ فَتَضِلُّوا فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ وَ رَأْیَهُ- بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ وَ أَحْسِنُوا إِلَی أَنْفُسِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها- وَ جَامِلُوا النَّاسَ وَ لَا تَحْمِلُوهُمْ عَلَی رِقَابِكُمْ تَجْمَعُوا مَعَ ذَلِكَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ (2) وَ إِیَّاكُمْ وَ سَبَّ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَیْثُ یَسْمَعُونَكُمْ- فَیَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ قَدْ یَنْبَغِی لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ لِلَّهِ كَیْفَ هُوَ إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ فَقَدِ انْتَهَكَ سَبَّ اللَّهِ وَ مَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ لِلَّهِ وَ لِأَوْلِیَائِهِ فَمَهْلًا فَمَهْلًا فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللَّهِ- وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللَّهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ عَلَیْكُمْ بِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُنَّتِهِ وَ آثَارِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ وَ سُنَّتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَدَی وَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَ رَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَ وَلَایَتِهِمْ وَ قَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُدَاوَمَةُ عَلَی الْعَمَلِ فِی اتِّبَاعِ الْآثَارِ وَ السُّنَنِ وَ إِنْ قَلَّ أَرْضَی لِلَّهِ وَ أَنْفَعُ عِنْدَهُ فِی الْعَاقِبَةِ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِی الْبِدَعِ

ص: 216


1- 1. الأنعام: 120.
2- 2. جواب للامر أی انكم إذا جاملتم الناس عشتم مع الامن و عدم حمل الناس علی رقابكم بالعمل بطاعة ربكم فیما أمركم به من التقیة. فی بعض نسخ المصدر« تجمعون» فیكون حالا عن ضمیری الخطاب أی ان أجمعوا طاعة اللّٰه مع المجاملة، لا بأن تتابعوهم فی المعاصی و تشاركوهم فی دینهم بل بالعمل بالتقیة فما أمركم اللّٰه فیه بالتقیة( قاله المؤلّف).

وَ اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ(1) أَلَا إِنَّ اتِّبَاعَ الْأَهْوَاءِ وَ اتِّبَاعَ الْبِدَعِ- بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ ضَلَالٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ فِی النَّارِ- وَ لَنْ یُنَالَ شَیْ ءٌ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ الصَّبْرِ وَ الرِّضَا لِأَنَّ الصَّبْرَ وَ الرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ یُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِیدِهِ حَتَّی یَرْضَی عَنِ اللَّهِ فِیمَا صَنَعَ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ صَنَعَ بِهِ عَلَی مَا أَحَبَّ وَ كَرِهَ وَ لَنْ یَصْنَعَ اللَّهُ بِمَنْ صَبَرَ وَ رَضِیَ عَنِ اللَّهِ إِلَّا مَا هُوَ أَهْلُهُ وَ هُوَ خَیْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَ كَرِهَ وَ عَلَیْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِیَّاكُمْ (2)

وَ عَلَیْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَ تَكَبَّرَ عَلَیْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ اللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ وَ قَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی رَبِّی بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَلْقَی اللَّهُ عَلَیْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَ الْمَحْقَرَةَ حَتَّی یَمْقُتَهُ النَّاسُ وَ اللَّهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللَّهَ فِی إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمَسَاكِینِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَیْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ یُحِبَّ مَنْ أَمْرِ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ عَصَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَاتَ عَلَی ذَلِكَ مَاتَ وَ هُوَ مِنَ الْغَاوِینَ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْعَظَمَةَ وَ الْكِبْرَ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ اللَّهُ وَ أَذَلَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ یَبْغِیَ بَعْضُكُمْ عَلَی بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَیْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِینَ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَی صَیَّرَ اللَّهُ بَغْیَهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ صَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بَغَی عَلَیْهِ وَ مَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ وَ أَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ یَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تُعِینُوا عَلَی مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَیَدْعُوَ اللَّهَ عَلَیْكُمْ وَ یُسْتَجَابَ لَهُ فِیكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَ لْیُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَقُولُ إِنَّ مُعَاوَنَةَ الْمُسْلِمِ

ص: 217


1- 1. هذا من قبیل المماشاة مع الخصم أی لو كان البدعة تنفع و یرضی الرحمن بها علی فرض المحال كان اتباع السنة أنفع.
2- 2.« إیّاكم» عطف علی المؤمنین.

خَیْرٌ وَ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِیَامِ شَهْرٍ وَ اعْتِكَافِهِ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ إِیَّاكُمْ وَ إِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِینَ أَنْ تُعْسِرُوهُ (1)

بِالشَّیْ ءِ یَكُونُ لَكُمْ قِبَلَهُ وَ هُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَقُولُ لَیْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ یُعْسِرَ مُسْلِماً وَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ بِظِلِّهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ إِیَّاكُمْ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلَی مَنْ سِوَاهَا وَ حَبْسَ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ یَوْماً بَعْدَ یَوْمٍ وَ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَی التَّعْجِیلِ لَهُ إِلَی مُضَاعَفَةِ الْخَیْرِ فِی الْعَاجِلِ وَ الْآجِلِ وَ إِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَی تَأْخِیرِ رِزْقِهِ وَ مَنْ حَبَسَ اللَّهُ رِزْقَهُ لَمْ یَقْدِرْ أَنْ یَرْزُقَ نَفْسَهُ فَأَدُّوا إِلَی اللَّهِ حَقَّ مَا رَزَقَكُمْ یُطَیِّبِ اللَّهُ لَكُمْ بَقِیَّتَهُ وَ یُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَكُمُ الْأَضْعَافَ الْكَثِیرَةَ الَّتِی لَا یَعْلَمُ عَدَدَهَا وَ لَا كُنْهَ فَضْلِهِ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا یَكُونَ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الْإِمَامِ (2)

ص: 218


1- 1. عسر الغریم یعسره: طلب منه علی عسرته. كأعسره.( القاموس).
2- 2.« محرج الامام» فی الصحاح: أحرجه إلیه: ألجأه. و فیه: سعی به الی الوالی إذا وشی به یعنی نمه و ذمه عنده. و قال المؤلّف: الظاهر أن المراد لا تكونوا محرج الامام أی بأن تجعلوه مضطرا الی شی ء لا یرضی به، ثمّ بین علیه السلام بان المحرج هو الذی یذم أهل الصلاح عند الامام و یشهد علیهم بفساد و هو كاذب فی ذلك فیثبت ذلك بظاهر حكم الشریعة عند الامام فیلزم الامام ان یلعنهم فإذا لعنهم. و هم غیر مستحقین لذلك تصیر اللعنة علیهم رحمة و ترجع اللعنة الی الواشی الكاذب الذی ألجأ الامام الی ذلك، أو المراد أنه ینسب الواشی الی أهل الصلاح عند الامام شیئا بمحضر جماعة یتقی منهم الامام فیضطر الامام الی أن یلعن من نسب إلیه ذلك تقیة، و یحتمل أن یكون المراد أن محرج الامام هو من یسعی بأهل الصلاح الی أئمة الجور و یجعلهم معروفین عند أئمة الجور بالتشیع فیلزم أئمة الحق لرفع الضرر عن أنفسهم و عن أهل الصلاح أن یلعنوهم و یتبرءوا منهم فیصیر اللعنة الی الساعین و أئمة الجور معا و علی هذا المراد باعداء اللّٰه أئمة الجور. و قوله:« اذا. فعل ذلك عند الامام» یؤید المعنی الأول. هذه من الوجوه التی خطر بالبال و اللّٰه أعلم و من صدر عنه صلوات اللّٰه علیه انتهی.

فَإِنَّ مُحْرِجَ الْإِمَامِ هُوَ الَّذِی یَسْعَی بِأَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ الْمُسَلِّمِینَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِینَ عَلَی أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِینَ بِحُرْمَتِهِ- وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْإِمَامِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْرَجَ الْإِمَامَ إِلَی أَنْ یَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ مِنَ الْمُسَلِّمِینَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِینَ عَلَی أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِینَ بِحُرْمَتِهِ فَإِذَا لَعَنَهُمْ لِإِحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْإِمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ صَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ عَلَی أُولَئِكَ.

وَ اعْلَمُوا أَیَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللَّهِ قَدْ جَرَتْ فِی الصَّالِحِینَ قَبْلُ وَ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَلْقَی اللَّهَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً [حَقّاً] فَلْیَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لْیَبْرَأْ إِلَی اللَّهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَ یُسَلِّمُ لِمَا انْتَهَی إِلَیْهِ مِنْ فَضْلِهِمْ لِأَنَّ فَضْلَهُمْ لَا یَبْلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً(1)

فَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فَكَیْفَ بِهِمْ وَ فَضْلِهِمْ وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یُتِمَّ اللَّهُ لَهُ إِیمَانَهُ حَتَّی یَكُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً فَلْیَفِ لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ الَّتِی اشْتَرَطَهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلَایَتِهِ وَ وَلَایَةِ رَسُولِهِ وَ وَلَایَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِینَ إِقَامَ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءَ الزَّكَاةِ وَ إِقْرَاضَ اللَّهِ قَرْضاً حَسَناً وَ اجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ فَلَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا وَ قَدْ دَخَلَ فِی جُمْلَةِ قَوْلِهِ (2)

فَمَنْ دَانَ اللَّهَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ مُخْلِصاً لِلَّهِ وَ لَمْ یُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِی تَرْكِ شَیْ ءٍ مِنْ هَذَا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ فِی حِزْبِهِ الْغَالِبِینَ وَ هُوَ مِنَ

ص: 219


1- 1. النساء: 69.
2- 2. أی فی الفواحش. فقوله« اجتناب الفواحش» یشمل اجتناب جمیع المحرمات و قوله« فمن دان اللّٰه» أی عبد اللّٰه فیما بینه و بین ربّه ای مختفیا. و لا ینظر الی غیره، و لا یلتفت إلی من سواه.

الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً.

وَ إِیَّاكُمْ وَ الْإِصْرَارَ عَلَی شَیْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فِی ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَ بَطْنِهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ (1) إِلَی هَاهُنَا رِوَایَةُ قَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ (2)

یَعْنِی الْمُؤْمِنِینَ قَبْلَكُمْ إِذَا نَسُوا شَیْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوْا فِی تَرْكِهِمْ ذَلِكَ الشَّیْ ءَ فَاسْتَغْفَرُوا وَ لَمْ یَعُودُوا إِلَی تَرْكِهِ فَذَلِكَ مَعْنَی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَ نَهَی لِیُطَاعَ فِیمَا أَمَرَ بِهِ وَ لِیُنْتَهَی عَمَّا نَهَی عَنْهُ فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَ قَدْ أَدْرَكَ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنَ الْخَیْرِ عِنْدَهُ وَ مَنْ لَمْ یَنْتَهِ عَمَّا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ فَإِنْ مَاتَ عَلَی مَعْصِیَتِهِ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی النَّارِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إِلَّا طَاعَتُهُمْ لَهُ فَاجْتَهِدُوا فِی طَاعَةِ اللَّهِ إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

وَ قَالَ علیه السلام وَ عَلَیْكُمْ بِطَاعَةِ رَبِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّكُمْ.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ التَّسْلِیمُ وَ التَّسْلِیمَ هُوَ الْإِسْلَامُ فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ وَ مَنْ لَمْ یُسَلِّمْ فَلَا إِسْلَامَ لَهُ وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَبْلُغَ إِلَی نَفْسِهِ فِی الْإِحْسَانِ فَلْیُطِعِ اللَّهَ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلَی نَفْسِهِ فِی الْإِحْسَانِ وَ إِیَّاكُمْ وَ مَعَاصِیَ اللَّهِ أَنْ تَرْكَبُوهَا فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِیَ اللَّهِ فَرَكِبَهَا فَقَدْ أَبْلَغَ فِی الْإِسَاءَةِ إِلَی نَفْسِهِ وَ لَیْسَ بَیْنَ الْإِحْسَانِ وَ الْإِسَاءَةِ مَنْزِلَةٌ فَلِأَهْلِ الْإِحْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِمُ الْجَنَّةُ وَ لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عِنْدَ رَبِّهِمُ النَّارُ فَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ اجْتَنِبُوا مَعَاصِیَهُ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ یُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَیْئاً- لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ تَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِینَ عِنْدَ اللَّهِ فَلْیَطْلُبْ إِلَی اللَّهِ أَنْ یَرْضَی عَنْهُ.

ص: 220


1- 1. آل عمران: 145.
2- 2. أی ما یذكر بعده لم یكن فی روایة القاسم بل كان فی روایة حفص و إسماعیل.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ یُصِبْ رِضَی اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ طَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ مَعْصِیَتُهُمْ مِنْ مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ لَمْ یُنْكِرْ لَهُمْ فَضْلًا عَظُمَ أَوْ صَغُرَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمُنْكِرِینَ هُمُ الْمُكَذِّبُونَ وَ أَنَّ الْمُكَذِّبِینَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ وَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِلْمُنَافِقِینَ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ- إِنَّ الْمُنافِقِینَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیراً(1) وَ لَا یُفَرِّقَنَ (2) أَحَدٌ مِنْكُمْ أَلْزَمَ اللَّهُ قَلْبَهُ طَاعَتَهُ وَ خَشْیَتَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ صِفَةِ الْحَقِّ وَ لَمْ یَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَجْعَلْهُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الْحَقِّ فَأُولَئِكَ هُمْ شَیَاطِینُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ إِنَّ لِشَیَاطِینِ الْإِنْسِ حِیلَةً وَ مَكْراً وَ خَدَائِعَ وَ وَسْوَسَةَ بَعْضِهِمْ إِلَی بَعْضٍ یُرِیدُونَ إِنِ اسْتَطَاعُوا أَنْ یَرُدُّوا أَهْلَ الْحَقِّ عَمَّا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ فِی دِینِ اللَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ شَیَاطِینَ الْإِنْسِ مِنْ أَهْلِهِ إِرَادَةَ أَنْ یَسْتَوِیَ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ أَهْلُ الْحَقِّ فِی الشَّكِّ وَ الْإِنْكَارِ وَ التَّكْذِیبِ فَیَكُونُونَ سَوَاءً كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ- وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً(3)

ثُمَّ نَهَی اللَّهُ أَهْلَ النَّصْرِ بِالْحَقِّ أَنْ یَتَّخِذُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَلِیّاً وَ لَا نَصِیراً فَلَا یُهَوِّلَنَّكُمْ وَ لَا یَرُدَّنَّكُمْ عَنِ النَّصْرِ بِالْحَقِّ الَّذِی خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِیلَةِ شَیَاطِینِ الْإِنْسِ وَ مَكْرِهِمْ مِنْ أُمُورِكُمْ تَدْفَعُونَ أَنْتُمُ السَّیِّئَةَ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فِیمَا بَیْنَكُمْ

وَ بَیْنَهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ رَبِّكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ هُمْ خَیْرٌ عِنْدَهُمْ- لَا یَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلَی أُصُولِ دِینِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا مِنْكُمْ فِیهِ شَیْئاً عَادَوْكُمْ عَلَیْهِ وَ رَفَعُوهُ عَلَیْكُمْ وَ جَهَدُوا عَلَی هَلَاكِكُمْ وَ اسْتَقْبَلُوكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ وَ لَمْ یَكُنْ لَكُمُ النَّصَفَةُ مِنْهُمْ فِی دُوَلِ الْفُجَّارِ فَاعْرِفُوا مَنْزِلَتَكُمْ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِأَهْلِ الْحَقِّ أَنْ یُنْزِلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ أَ لَمْ یَعْرِفُوا وَجْهَ قَوْلِ اللَّهِ فِی كِتَابِهِ إِذْ یَقُولُ:

ص: 221


1- 1. النساء: 145.
2- 2. الفرق- محركة-: الخوف و فی أكثر النسخ« لا یعرفن».
3- 3. النساء: 88.

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ كَالْفُجَّارِ(1)

أَكْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلی وَ إِمَامَكُمْ وَ دِینَكُمُ الَّذِی تَدِینُونَ بِهِ عُرْضَةً(2)

لِأَهْلِ الْبَاطِلِ فَتُغْضِبُوا اللَّهَ عَلَیْكُمْ فَتَهْلِكُوا فَمَهْلًا مَهْلًا یَا أَهْلَ الصَّلَاحِ- لَا تَتْرُكُوا أَمْرَ اللَّهِ وَ أَمْرَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِطَاعَتِهِ فَیُغَیِّرَ اللَّهُ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَحِبُّوا فِی اللَّهِ مَنْ وُصِفَ صِفَتَكُمْ وَ أَبْغِضُوا فِی اللَّهِ مَنْ خَالَفَكُمْ وَ ابْذُلُوا مَوَدَّتَكُمْ وَ نَصِیحَتَكُمْ لِمَنْ وُصِفَ صِفَتَكُمْ وَ لَا تَبْتَذِلُوهَا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ صِفَتِكُمْ وَ عَادَاكُمْ عَلَیْهَا وَ بَغَا بَغَی لَكُمُ الْغَوَائِلَ هَذَا أَدَبُنَا أَدَبُ اللَّهِ فَخُذُوا بِهِ وَ تَفَهَّمُوهُ وَ اعْقِلُوهُ وَ لَا تَنْبِذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ مَا وَافَقَ هُدَاكُمْ أَخَذْتُمْ بِهِ وَ مَا وَافَقَ هَوَاكُمْ طَرَحْتُمُوهُ وَ لَمْ تَأْخُذُوا بِهِ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّجَبُّرَ عَلَی اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ عَبْداً لَمْ یُبْتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلَی اللَّهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلَی دِینِ اللَّهِ فَاسْتَقِیمُوا لِلَّهِ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَی أَعْقَابِكُمْ- فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ أَجَارَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ التَّجَبُّرِ عَلَی اللَّهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا وَ لَكُمْ إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ خَلَقَهُ اللَّهُ فِی الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یُكَرِّهَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ یُبَاعِدَهُ عَنْهُ وَ مَنْ كَرَّهَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ بَاعَدَهُ عَنْهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ أَنْ یَدْخُلَهُ وَ الْجَبَرِیَّةِ فَلَانَتْ عَرِیكَتُهُ وَ حَسُنَ خُلُقُهُ وَ طَلُقَ وَجْهُهُ وَ صَارَ عَلَیْهِ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَ سَكِینَتُهُ وَ تَخَشُّعُهُ وَ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ اجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ وَ رَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَ مُجَامَلَتَهُمْ وَ تَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَ الْخُصُومَاتِ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْهَا وَ لَا مِنْ أَهْلِهَا فِی شَیْ ءٍ- وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِی الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ كَافِراً(3)

لَمْ یَمُتْ حَتَّی یُحَبِّبَ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ یُقَرِّبَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَبَّبَ إِلَیْهِ

ص: 222


1- 1. ص: 28.
2- 2. العرضة: الحیلة.
3- 3. ظاهر هذا الكلام هو الجبر الباطل فی مذهب أهل البیت علیهم السلام و سلب الاختیار و مخالف لصریح القرآن قوله تعالی:« فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» فیجب تأویله أو التوقف و ردّ علمه الی أهله.

الشَّرَّ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِیَ بِالْكِبْرِ وَ الْجَبَرِیَّةِ(1) فَقَسَا قَلْبُهُ وَ سَاءَ خُلُقُهُ وَ غَلُظَ وَجْهُهُ وَ ظَهَرَ فُحْشُهُ وَ قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ كَشَفَ اللَّهُ سِرَّهُ وَ رَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ یَنْزِعْ عَنْهَا وَ رَكِبَ مَعَاصِیَ اللَّهِ وَ أَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَ أَهْلَهَا فَبُعْدٌ مَا بَیْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَ حَالِ الْكَافِرِ: سَلُوا اللَّهَ الْعَافِیَةَ

وَ اطْلُبُوهَا إِلَیْهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَی الْبَلَاءِ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلَاءِ فِیهَا وَ الشِّدَّةَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَ وَلَایَتِهِ وَ وَلَایَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلَایَتِهِ خَیْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللَّهِ فِی الْآخِرَةِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْیَا وَ إِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِیمِهَا وَ زَهْرَتِهَا وَ غَضَارَةُ عَیْشِهَا فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ وَلَایَةِ مَنْ نَهَی اللَّهُ عَنْ وَلَایَتِهِ وَ طَاعَتِهِ- فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِوَلَایَةِ الْأَئِمَّةِ الَّذِینَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فِی قَوْلِهِ- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا(2) وَ هُمُ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَلَایَتِهِمْ وَ طَاعَتِهِمْ وَ الَّذِینَ نَهَی اللَّهُ عَنْ وَلَایَتِهِمْ وَ طَاعَتِهِمْ وَ هُمْ أَئِمَّةُ الضَّلَالَةِ الَّذِینَ قَضَی اللَّهُ أَنْ یَكُونَ لَهُمْ دُوَلٌ فِی الدُّنْیَا عَلَی أَوْلِیَاءِ اللَّهِ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ یَعْمَلُونَ فِی دَوْلَتِهِمْ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ مَعْصِیَةِ رَسُولِهِ لِیَحِقَّ عَلَیْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ- وَ لِیَتِمَ (3) أَنْ تَكُونُوا مَعَ نَبِیِّ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فِی كِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلَی بِهِ أَنْبِیَاءَهُ وَ أَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ أَنْ یُعْطِیَكُمُ الصَّبْرَ عَلَی الْبَلَاءِ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الشِدَّةِ وَ الرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِی أَعْطَاهُمْ- وَ إِیَّاكُمْ وَ مُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ عَلَیْكُمْ بِهُدَی الصَّالِحِینَ وَ وَقَارِهِمْ وَ سَكِینَتِهِمْ وَ حِلْمِهِمْ وَ تَخَشُّعِهِمْ وَ وَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ صِدْقِهِمْ وَ وَفَائِهِمْ وَ اجْتِهَادِهِمْ لِلَّهِ فِی الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِینَ قَبْلَكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَإِذَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ أَنْطَقَ لِسَانَهُ بِالْحَقِّ وَ عَقَدَ قَلْبَهُ عَلَیْهِ فَعَمِلَ بِهِ فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ تَمَّ لَهُ إِسْلَامُهُ وَ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ مَاتَ عَلَی ذَلِكَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ حَقّاً وَ إِذَا لَمْ یُرِدِ اللَّهُ تَعَالَی بِعَبْدٍ

ص: 223


1- 1. الجبریة- بكسر الجیم و الراء و سكون الباء. و بكسر الباء أیضا و بفتح الجیم و سكون الباء-: التكبر. و العریكة: الطبیعة.
2- 2. الأنبیاء: 73.
3- 3. هذا موضع آخر من مواضع الاختلاف فی النسخ و فی النسخة التی أشرنا إلیها هكذا« و لیتم أمر اللّٰه فیهم الذی خلقهم له فی الأصل» الی آخر ما مر فی ص 213.

خَیْراً وَكَلَهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ كَانَ صَدْرُهُ ضَیِّقاً حَرَجاً فَإِنْ جَرَی عَلَی لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ یُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَیْهِ وَ إِذَا لَمْ یُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَیْهِ لَمْ یُعْطِهِ اللَّهُ الْعَمَلَ بِهِ فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَیْهِ حَتَّی یَمُوتَ وَ هُوَ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُنَافِقِینَ وَ صَارَ مَا جَرَی عَلَی لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِی لَمْ یُعْطِهِ اللَّهُ أَنْ یُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَیْهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ سَلُوهُ أَنْ یَشْرَحَ صُدُورَكُمْ لِلْإِسْلَامِ وَ أَنْ یَجْعَلَ أَلْسِنَتَكُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ حَتَّی یَتَوَفَّاكُمْ وَ أَنْتُمْ عَلَی ذَلِكَ وَ أَنْ یَجْعَلَ مُنْقَلَبَكُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِینَ قَبْلَكُمْ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ یُحِبُّهُ فَلْیَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ لْیَتَّبِعْنَا أَ لَمْ یَسْتَمِعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ رسول اللّٰه علیه و آله قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (1)

وَ اللَّهِ لَا یُطِیعُ اللَّهَ عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا وَ لَا وَ اللَّهِ لَا یَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إِلَّا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ لَا وَ اللَّهِ لَا یَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إِلَّا أَبْغَضَنَا وَ لَا وَ اللَّهِ لَا یُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إِلَّا عَصَی اللَّهَ وَ مَنْ مَاتَ عَاصِیاً لِلَّهِ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَ أَكَبَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی النَّارِ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ.

«94»- كا(2)،[الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ حُمَیْدُ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَرَأْتُ جَوَاباً مِنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ یُحَوِّلَهُ عَمَّا یَكْرَهُ إِلَی مَا یُحِبُّ وَ یَرْزُقَهُ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُ فَإِیَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تَخَافُ عَلَی الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ یَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ وَ لَا یُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

«95»- كا(3)،[الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ

ص: 224


1- 1. آل عمران: 31.
2- 2. الكافی ج 8 ص 49. تحت رقم 9.
3- 3. المصدر: ج 8 ص 128 تحت رقم 98.

دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ: إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تُعْرَفُوا فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یُثْنِ النَّاسُ عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ مَحْمُوداً عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَقُولُ- لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ یَزْدَادُ فِیهَا كُلَّ یَوْمٍ إِحْسَاناً وَ رَجُلٍ یَتَدَارَكُ مَنِیَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ أَنَّی لَهُ بِالتَّوْبَةِ فَوَ اللَّهِ أَنْ لَوْ سَجَدَ حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ عَمَلًا إِلَّا بِوَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا أَوْ رَجَا الثَّوَابَ بِنَا وَ رَضِیَ بِقُوتِهِ نِصْفَ مُدٍّ كُلَّ یَوْمٍ وَ مَا یَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَ مَا أَكَنَّ بِهِ رَأْسَهُ وَ هُمْ مَعَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ خَائِفُونَ وَجِلُونَ وَدُّوا أَنَّهُ حَظُّهُمْ مِنَ الدُّنْیَا(1) وَ كَذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَیْثُ یَقُولُ- وَ الَّذِینَ یُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ(2) وَ مَا الَّذِی أَتَوْا بِهِ أَتَوْا وَ اللَّهِ بِالطَّاعَةِ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَ الْوَلَایَةِ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ خَائِفُونَ أَلَّا یُقْبَلَ مِنْهُمْ وَ لَیْسَ وَ اللَّهِ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ فِیمَا هُمْ فِیهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّینِ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ یَكُونُوا مُقَصِّرِینَ فِی مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا ثُمَّ قَالَ إِنْ قَدَرْتَ عَلَی أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَیْتِكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ عَلَیْكَ فِی خُرُوجِكَ أَنْ لَا تَغْتَابَ وَ لَا تَكْذِبَ وَ لَا تَحْسُدَ وَ لَا تُرَائِیَ وَ لَا تَصْنَعَ وَ لَا تُدَاهِنَ ثُمَّ قَالَ نِعْمَ صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَیْتُهُ یَكُفُّ فِیهِ بَصَرَهُ وَ لِسَانَهُ وَ نَفْسَهُ وَ فَرْجَهُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِقَلْبِهِ اسْتَوْجَبَ الْمَزِیدَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْلَ أَنْ یُظْهِرَ شُكْرَهَا عَلَی لِسَانِهِ وَ مَنْ ذَهَبَ یَرَی أَنَّ لَهُ عَلَی الْآخَرِ فَضْلًا فَهُوَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِینَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّمَا یَرَی أَنَّ لَهُ عَلَیْهِ فَضْلًا بِالْعَافِیَةِ إِذْ رَآهُ مُرْتَكِباً لِلْمَعَاصِی فَقَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ فَلَعَلَّهُ أَنْ یَكُونَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا أَتَی وَ أَنْتَ مَوْقُوفٌ تُحَاسَبُ أَ مَا تَلَوْتَ قِصَّةَ سَحَرَةِ مُوسَی علیه السلام ثُمَّ قَالَ كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِمَا قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِسَتْرِ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّی لَأَرْجُو النَّجَاةَ

ص: 225


1- 1. أی هم راضون بما قدر لهم من التقیة فی الدنیا و لا یریدون أكثر من ذلك حذرا من أن یصیر سببا لطغیانهم( منه رحمه اللّٰه).
2- 2. المؤمنون: 60.

لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًی وَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ ثُمَّ قَالَ- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (1) ثُمَّ قَالَ یَا حَفْصُ الْحُبُّ أَفْضَلُ مِنَ الْخَوْفِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّ اللَّهَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا وَ وَالَی غَیْرَنَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ أَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَبَكَی رَجُلٌ فَقَالَ أَ تَبْكِی لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّهُمُ اجْتَمَعُوا

یَتَضَرَّعُونَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُنْجِیَكَ مِنَ النَّارِ وَ یُدْخِلَكَ الْجَنَّةَ لَمْ یُشَفَّعُوا فِیكَ ثُمَّ كَانَ لَكَ قَلْبٌ حَیٌّ لَكُنْتَ أَخْوَفَ النَّاسِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ قَالَ یَا حَفْصُ كُنْ ذَنَباً وَ لَا تَكُنْ رَأْساً یَا حَفْصُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ خَافَ اللَّهَ كَلَّ لِسَانُهُ ثُمَّ قَالَ بَیْنَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ یَعِظُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَشَقَّ قَمِیصَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی قُلْ لَهُ- لَا تَشُقَّ قَمِیصَكَ وَ لَكِنِ اشْرَحْ لِی عَنْ قَلْبِكَ ثُمَّ قَالَ مَرَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ علیه السلام بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَانْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ عَلَی حَالِهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی علیه السلام لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِیَدِی لَقَضَیْتُهَا لَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَوْ سَجَدَ حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلْتُهُ حَتَّی یَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَهُ إِلَی مَا أُحِبُّ.

«96»- د(2)،[العدد القویة]: قَالَ السُّفْیَانُ الثَّوْرِیُّ لِلصَّادِقِ علیه السلام لَا أَقُومُ حَتَّی تُحَدِّثَنِی فَقَالَ علیه السلام لَهُ أَمَا إِنِّی أُحَدِّثُكَ وَ مَا كَثْرَةُ الْحَدِیثِ لَكَ بِخَیْرٍ یَا سُفْیَانُ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِنِعْمَةٍ فَأَحْبَبْتَ بَقَاءَهَا وَ دَوَامَهَا فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ وَ الشُّكْرِ عَلَیْهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فِی كِتَابِهِ- لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ (3) فَإِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْكُمْ مِدْراراً- وَ یُمْدِدْكُمْ

ص: 226


1- 1. آل عمران: 31.
2- 2. العدد القویة، مخطوط.
3- 3. إبراهیم: 7.

بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ یَعْنِی فِی الدُّنْیَا- وَ یَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ یَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً(1) یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ یَا سُفْیَانُ إِذَا حَزَنَكَ أَمْرٌ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَیْرِهِ فَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الْفَرَجِ وَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ فَعَقَدَ سُفْیَانُ بِیَدِهِ وَ قَالَ ثَلَاثاً وَ أَیُّ ثَلَاثٍ قَالَ مَوْلَانَا الصَّادِقُ علیه السلام عَقَلَهَا وَ اللَّهِ وَ لَیَنْفَعَنَّهُ بِهَا.

«97»- ین (2)،[كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی لَا أَلْقَاكَ إِلَّا فِی السِّنِینَ فَأَوْصِنِی بِشَیْ ءٍ حَتَّی آخُذَ بِهِ قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَطْمَعَ إِلَی مَنْ فَوْقَكَ وَ كَفَی بِمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَسُولِهِ- فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (3) وَ قَالَ وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(4) فَإِنْ خِفْتَ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ فَاذْكُرْ عَیْشَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّمَا كَانَ قُوتُهُ مِنَ الشَّعِیرِ وَ حَلْوَاؤُهُ مِنَ التَّمْرِ وَ وَقِیدُهُ مِنَ السَّعَفِ إِذَا وَجَدَهُ (5) إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِیبَةٍ فِی نَفْسِكَ أَوْ مَالِكَ أَوْ وُلْدِكَ فَاذْكُرْ مَصَائِبَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ الْخَلَائِقَ لَمْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ قَطُّ.

«98»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ فَضَالَةَ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ حُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكَ وَ إِذَا كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَعَلَیْكَ بِالدُّعَاءِ وَ اجْتَهِدْ وَ لَا تَمْتَنِعْ مِنْ شَیْ ءٍ تَطْلُبُهُ مِنْ رَبِّكَ وَ لَا تَقُولُ هَذَا مَا لَا أُعْطَاهُ وَ ادْعُ فَ إِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ.

«99»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ فَضَالَةَ عَنْ بِشْرٍ الْهُذَلِیِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِی صَالِحٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ وَاسِهِمْ مِنْ مَالِكَ وَ ارْضَ لَهُمْ بِمَا تَرْضَی

ص: 227


1- 1. نوح: 10- 12.
2- 2. مخطوط.
3- 3. التوبة: 87.
4- 4. طه: 131.
5- 5. الوقید و الوقاد و الوقود كلها بمعنی، یعنی ما توقد به النار.

لِنَفْسِكَ وَ اذْكُرِ اللَّهَ كَثِیراً وَ إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ فَإِنَّكَ إِذَا كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَی اللَّهِ حَقَّهُ وَ إِذَا ضَجِرْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَی أَحَدٍ حَقَّهُ.

«100»- مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ رَحِمَهُ اللَّهُ: قِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السلام عَلَی مَا ذَا بَنَیْتَ أَمْرَكَ فَقَالَ عَلَی أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ عَلِمْتُ أَنَّ عَمَلِی لَا یَعْمَلُهُ غَیْرِی فَاجْتَهَدْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُطَّلِعٌ عَلَیَّ فَاسْتَحْیَیْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِی لَا یَأْكُلُهُ غَیْرِی فَاطْمَأْنَنْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ آخِرَ أَمْرِی الْمَوْتُ فَاسْتَعْدَدْتُ.

«101»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خِزْیاً أَجْرَی فَضِیحَتَهُ عَلَی لِسَانِهِ.

«102»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(1)، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ كَانَ الْحَزْمُ حَارِسَهُ وَ الصِّدْقُ جَلِیسَهُ عَظُمَتْ بَهْجَتُهُ وَ تَمَّتْ مُرُوَّتُهُ وَ مَنْ كَانَ الْهَوَی مَالِكَهُ وَ الْعَجْزُ رَاحَتَهُ عَاقَاهُ عَنِ السَّلَامَةِ وَ أَسْلَمَاهُ إِلَی الْهَلَكَةِ.

«103»- وَ قَالَ علیه السلام: جَاهِلٌ سَخِیٌّ أَفْضَلُ مِنْ نَاسِكٍ بِخَیْلٍ.

«104»- وَ قَالَ علیه السلام: اللَّهُمَّ إِنَّكَ بِمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْعَفْوِ أَوْلَی بِمَا أَنَا لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ.

«105»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ سُئِلَ فَوْقَ قَدْرِهِ اسْتَحَقَّ الْحِرْمَانَ الْعِزُّ أَنْ تَذِلَّ لِلْحَقِّ إِذَا لَزِمَكَ مَنْ أَمَّكَ فَأَكْرِمْهُ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِكَ فَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْهُ أَوْلَی النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَی الْعُقُوبَةِ وَ أَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا مَنْ ظَلَمَ دُونَهُ وَ لَمْ یَصْفَحْ عَمَّنِ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ حِشْمَةُ الِانْقِبَاضِ أَبْقَی لِلْعِرْضِ و [مِنْ] أُنْسِ التلافی [التَّلَاقِی](2) الْهَوَی یَقْظَانُ وَ الْعَقْلُ نَائِمٌ- لَا تَكُونَنَّ أَوَّلَ مُشِیرٍ وَ إِیَّاكَ وَ الرَّأْیَ الْفَطِیرَ وَ تَجْتَنِبُ ارْتِجَالَ الْكَلَامِ مُرُوَّةُ الرَّجُلِ فِی نَفْسِهِ نَسَبٌ لِعَقِبِهِ وَ قَبِیلَتِهِ.

«106»- وَ قِیلَ فِی مَجْلِسِهِ علیه السلام جَاوِرْ مَلِكاً أَوْ بَحْراً فَقَالَ هَذَا كَلَامٌ مُحَالٌ وَ الصَّوَابُ لَا تُجَاوِرْ مَلِكاً وَ لَا بَحْراً لِأَنَّ الْمَلِكَ یُؤْذِیكَ وَ الْبَحْرَ لَا یُرْوِیكَ إِذْ كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ سَأَلَهُمْ عَمَّا عَهِدَ إِلَیْهِمْ وَ لَمْ یَسْأَلْهُمْ عَمَّا قَضَی عَلَیْهِمْ قَالَهُ فِی الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ مَنْ أَمَّلَ رَجُلًا هَابَهُ وَ مَنْ قَصُرَ عَنْ شَیْ ءٍ عَابَهُ.

ص: 228


1- 1. مخطوط.
2- 2. كذا.

«107»- ف (1)،[تحف العقول] وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام سَمَّاهُ بَعْضُ الشِّیعَةِ نَثْرَ الدُّرَرِ:

«1»- الِاسْتِقْصَاءُ فُرْقَةٌ الِانْتِقَادُ عَدَاوَةٌ قِلَّةُ الصَّبْرِ فَضِیحَةٌ إِفْشَاءُ السِّرِّ سُقُوطٌ السَّخَاءُ فِطْنَةٌ اللَّوْمُ تَغَافُلٌ.

«2»- ثَلَاثَةٌ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِنَّ نَالَ مِنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ بُغْیَتَهُ (2) مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ وَ رَضِیَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ

«3»- ثَلَاثَةٌ مَنْ فَرَّطَ فِیهِنَّ كَانَ مَحْرُوماً اسْتِمَاحَةُ جَوَادٍ وَ مُصَاحَبَةُ عَالِمٍ وَ اسْتِمَالَةُ سُلْطَانٍ.

«4»- ثَلَاثَةٌ تُورِثُ الْمَحَبَّةَ الدِّینُ وَ التَّوَاضُعُ وَ الْبَذْلُ.

«5»- مَنْ بَرِئَ مِنْ ثَلَاثَةٍ نَالَ ثَلَاثَةً مَنْ بَرِئَ مِنَ الشَّرِّ نَالَ الْعِزَّ وَ مَنْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ نَالَ الْكَرَامَةَ وَ مَنْ بَرِئَ مِنَ الْبُخْلِ نَالَ الشَّرَفَ.

«6»- ثَلَاثَةٌ مَكْسَبَةٌ لِلْبَغْضَاءِ النِّفَاقُ وَ الظُّلْمُ وَ الْعُجْبُ وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ خَصْلَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ یُعَدَّ نَبِیلًا(3)

«7»- مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ عَقْلٌ یَزِینُهُ أَوْ جِدَةٌ تُغْنِیهِ (4) أَوْ عَشِیرَةٌ تَعْضُدُهُ.

«8»- ثَلَاثَةٌ تُزْرِی بِالْمَرْءِ(5) الْحَسَدُ وَ النَّمِیمَةُ وَ الطَّیْشُ.

«9»- ثَلَاثَةٌ لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِی ثَلَاثِ مَوَاطِنَ لَا یُعْرَفُ الْحَلِیمُ إِلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ وَ لَا الشُّجَاعُ إِلَّا عِنْدَ الْحَرْبِ وَ لَا أَخٌ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ.

«10»- ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَ إِنْ صَامَ وَ صَلَّی مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَ إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ.

«11»- احْذَرْ مِنَ النَّاسِ ثَلَاثَةً الْخَائِنَ وَ الظَّلُومَ وَ النَّمَّامَ لِأَنَّ مَنْ خَانَ

ص: 229


1- 1. التحف: 315.
2- 2. البغیة: ما یرغب فیه و یطلب أی المطلوب.
3- 3. النبیل: ذو النجابة.
4- 4. الجدة- مصدر وجد یجد، كعدة-: الغنی و القدرة.
5- 5. ازری به: عابه و وضعه من حقه. و الطیش: النزق و الخفة.

لَكَ خَانَكَ وَ مَنْ ظَلَمَ لَكَ سَیَظْلِمُكَ وَ مَنْ نَمَّ إِلَیْكَ سَیَنُمُّ عَلَیْكَ.

«12»- لَا یَكُونُ الْأَمِینُ أَمِیناً حَتَّی یُؤْتَمَنَ عَلَی ثَلَاثَةٍ فَیُؤَدِّیَهَا عَلَی الْأَمْوَالِ وَ الْأَسْرَارِ وَ الْفُرُوجِ وَ إِنْ حَفِظَ اثْنَیْنِ وَ ضَیَّعَ وَاحِدَةً فَلَیْسَ بِأَمِینٍ.

«13»- لَا تُشَاوِرْ أَحْمَقَ وَ لَا تَسْتَعِنْ بِكَذَّابٍ وَ لَا تَثِقْ بِمَوَدَّةِ مُلُوكٍ فَإِنَّ الْكَذَّابَ یُقَرِّبُ لَكَ الْبَعِیدَ وَ یُبَعِّدُ لَكَ الْقَرِیبَ وَ الْأَحْمَقَ یُجْهِدُ لَكَ نَفْسَهُ وَ لَا یَبْلُغُ مَا تُرِیدُ وَ الْمُلُوكَ أَوْثَقَ مَا كُنْتَ بِهِ خَذَلَكَ وَ أَوْصَلَ مَا كُنْتَ لَهُ قَطَعَكَ.

«14»- أَرْبَعَةٌ لَا تَشْبَعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَرْضٌ مِنْ مَطَرٍ وَ عَیْنٌ مِنْ نَظَرٍ وَ أُنْثَی مِنْ ذَكَرٍ وَ عَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ.

«15»- أَرْبَعَةٌ تُهْرِمُ قَبْلَ أَوَانِ الْهَرَمِ أَكْلُ الْقَدِیدِ وَ الْقُعُودُ عَلَی النَّدَاوَةِ وَ الصُّعُودُ فِی الدَّرَجِ وَ مُجَامَعَةُ الْعَجُوزِ(1)

«16»- النِّسَاءُ ثَلَاثٌ فَوَاحِدَةٌ لَكَ وَ وَاحِدَةٌ لَكَ وَ عَلَیْكَ وَ وَاحِدَةٌ عَلَیْكَ لَا لَكَ فَأَمَّا الَّتِی هِیَ لَكَ فَالْمَرْأَةُ الْعَذْرَاءُ وَ أَمَّا الَّتِی هِیَ لَكَ وَ عَلَیْكَ فَالثَّیِّبُ وَ أَمَّا الَّتِی هِیَ عَلَیْكَ لَا لَكَ فَهِیَ الْمُتْبِعُ الَّتِی لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَیْرِكَ.

«17»- ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ سَیِّداً كَظْمُ الْغَیْظِ وَ الْعَفْوُ عَنِ الْمُسِی ءِ وَ الصِّلَةُ بِالنَّفْسِ وَ الْمَالِ.

«18»- ثَلَاثَةٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ثَلَاثٍ- لَا بُدَّ لِلْجَوَادِ مِنْ كَبْوَةٍ وَ لِلسَّیْفِ مِنْ نَبْوَةٍ وَ لِلْحَلِیمِ مِنْ هَفْوَةٍ(2)

«19»- ثَلَاثَةٌ فِیهِنَّ الْبَلَاغَةُ التَّقَرُّبُ مِنْ مَعْنَی الْبُغْیَةِ وَ التَّبَعُّدُ مِنْ حَشْوِ الْكَلَامِ وَ الدَّلَالَةُ بِالْقَلِیلِ عَلَی الْكَثِیرِ.

«20»- النَّجَاةُ فِی ثَلَاثٍ تُمْسِكُ عَلَیْكَ لِسَانَكَ وَ یَسَعُكَ بَیْتُكَ وَ تَنْدَمُ عَلَی خَطِیئَتِكَ.

«21»- الْجَهْلُ فِی ثَلَاثٍ فِی تُبَدِّلِ الْإِخْوَانِ وَ الْمُنَابَذَةِ بِغَیْرِ بَیَانٍ (3) وَ التَّجَسُّسِ

ص: 230


1- 1. القدید: اللحم المقدد. یقال: قدد اللحم أی جعله قطعا و جففه.
2- 2. الكبوة: السقطة، المرة من كبا یكبو كبوا لوجهه: انكب علی وجهه. و نبا ینبو نبوة السیف: كلّ و لم یقطع. و الهفوة: الزلة و السقطة.
3- 3. المنابذة: المخالفة و المفارقة، یقال: نابذه أی خالفه و فارقه عن عداوة و لعل المراد: المخالفة بلا جهة و علة.

عَمَّا لَا یَعْنِی.

«22»- ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كُنَّ عَلَیْهِ الْمَكْرُ وَ النَّكْثُ وَ الْبَغْیُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ- وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (1)

فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِینَ (2) وَ قَالَ جَلَّ وَ عَزَّ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ (3) وَ قَالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْیُكُمْ عَلی أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(4)

«23»- ثَلَاثٌ یَحْجُزْنَ الْمَرْءَ عَنْ طَلَبِ الْمَعَالِی قَصْرُ الْهِمَّةِ وَ قِلَّةُ الْحِیلَةِ وَ ضَعْفُ الرَّأْیِ.

«24»- الْحَزْمُ فِی ثَلَاثَةٍ(5) الِاسْتِخْدَامِ لِلسُّلْطَانِ وَ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدِ وَ الْخُضُوعِ لِلْمَوْلَی.

«25»- الْأُنْسُ فِی ثَلَاثٍ فِی الزَّوْجَةِ الْمُوَافِقَةِ وَ الْوَلَدِ الْبَارِّ وَ الصَّدِیقِ الْمُصَافِی (6)

«26»- مَنْ رُزِقَ ثَلَاثاً نَالَ ثَلَاثاً وَ هُوَ الْغِنَی الْأَكْبَرُ الْقَنَاعَةُ بِمَا أُعْطِیَ وَ الْیَأْسُ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ تَرْكُ الْفُضُولِ.

«27»- لَا یَكُونُ الْجَوَادُ جَوَاداً إِلَّا بِثَلَاثَةٍ یَكُونُ سَخِیّاً بِمَالِهِ عَلَی حَالِ الْیُسْرِ وَ الْعُسْرِ وَ أَنْ یَبْذُلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَ یَرَی أَنَّ الَّذِی أَخَذَهُ مِنْ شُكْرِ الَّذِی أَسْدَی إِلَیْهِ (7) أَكْثَرُ مِمَّا أَعْطَاهُ.

ص: 231


1- 1. فاطر: 41. لا یحیق أی لا یحیط.
2- 2. النمل: 52.
3- 3. الفتح: 10.
4- 4. یونس: 24.
5- 5. الحزم: ضبط الرجل أمره و الحذر من فواته و الاخذ فیه بالثقة.
6- 6. صافی فلانا: أخلص له الود.
7- 7. فی بعض النسخ« یسدی إلیه».

«28»- ثَلَاثَةٌ لَا یُعْذَرُ الْمَرْءُ فِیهَا مُشَاوَرَةُ نَاصِحٍ وَ مُدَارَاةُ حَاسِدٍ وَ التَّحَبُّبُ إِلَی النَّاسِ.

«29»- لَا یُعَدُّ الْعَاقِلُ عَاقِلًا حَتَّی یَسْتَكْمِلَ ثَلَاثاً إِعْطَاءَ الْحَقِّ مِنْ نَفْسِهِ عَلَی حَالِ الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ أَنْ یَرْضَی لِلنَّاسِ مَا یَرْضَی لِنَفْسِهِ وَ اسْتِعْمَالَ الْحِلْمِ عِنْدَ الْعَثْرَةِ(1)

«30»- لَا تَدُومُ النِّعَمُ إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ (2) مَعْرِفَةٍ بِمَا یُلْزِمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِیهَا وَ أَدَاءِ شُكْرِهَا وَ لَا یَعِیبَ فِیهَا.

«31»- ثَلَاثٌ مَنِ ابْتُلِیَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَمَنَّی الْمَوْتَ فَقْرٌ مُتَتَابِعٌ وَ حُرْمَةٌ فَاضِحَةٌ وَ عَدُوٌّ غَالِبٌ.

«32»- مَنْ لَمْ یَرْغَبْ فِی ثَلَاثٍ ابْتُلِیَ بِثَلَاثٍ مَنْ لَمْ یَرْغَبْ فِی السَّلَامَةِ ابْتُلِیَ بِالْخِذْلَانِ وَ مَنْ لَمْ یَرْغَبْ فِی الْمَعْرُوفِ ابْتُلِیَ بِالنَّدَامَةِ وَ مَنْ لَمْ یَرْغَبْ فِی الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْإِخْوَانِ ابْتُلِیَ بِالْخُسْرَانِ.

«33»- ثَلَاثٌ یَجِبُ عَلَی كُلِّ إِنْسَانٍ تَجَنُّبُهَا مُقَارَنَةُ الْأَشْرَارِ وَ مُحَادَثَةُ النِّسَاءِ وَ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ.

«34»- ثَلَاثَةٌ تَدُلُّ عَلَی كَرَمِ الْمَرْءِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ كَظْمُ الْغَیْظِ وَ غَضُّ الطَرْفِ.

«35»- مَنْ وَثِقَ بِثَلَاثَةٍ كَانَ مَغْرُوراً مَنْ صَدَّقَ بِمَا لَا یَكُونُ وَ رَكِنَ إِلَی مَنْ لَا یَثِقُ بِهِ وَ طَمِعَ فِی مَا لَا یَمْلِكُ.

«36»- ثَلَاثَةٌ مَنِ اسْتَعْمَلَهَا أَفْسَدَ دِینَهُ وَ دُنْیَاهُ مَنْ أَسَاءَ ظَنَّهُ وَ أَمْكَنَ مِنْ سَمْعِهِ وَ أَعْطَی قِیَادَهُ حَلِیلَتَهُ (3)

«37»- أَفْضَلُ الْمُلُوكِ مَنْ أُعْطِیَ ثَلَاثَ خِصَالٍ الرَّأْفَةَ وَ الْجُودَ وَ الْعَدْلَ.

ص: 232


1- 1. العثرة: الزلة. و السقطة.
2- 2. فی بعض النسخ« الا بثلاث».
3- 3. القیاد: حبل یقاد به. و الحلیلة: الزوجة.

«38»- وَ لَیْسَ یُحَبُّ لِلْمُلُوكِ أَنْ یُفَرِّطُوا فِی ثَلَاثٍ (1) فِی حِفْظِ الثُّغُورِ وَ تَفَقُّدِ الْمَظَالِمِ وَ اخْتِیَارِ الصَّالِحِینَ لِأَعْمَالِهِمْ.

«39»- ثَلَاثُ خِلَالٍ (2) تَجِبُ لِلْمُلُوكِ عَلَی أَصْحَابِهِمْ وَ رَعِیَّتِهِمْ الطَّاعَةُ لَهُمْ وَ النَّصِیحَةُ لَهُمْ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ الدُّعَاءُ بِالنَّصْرِ وَ الصَّلَاحِ.

«40»- ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَی السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ مُكَافَاةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِیَزْدَادُوا رَغْبَةً فِیهِ وَ تَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِی ءِ لِیَتُوبَ وَ یَرْجِعَ عَنْ غَیِّهِ (3) وَ تَأَلُّفُهُمْ جَمِیعاً بِالْإِحْسَانِ وَ الْإِنْصَافِ.

«41»- ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ مَنِ احْتَقَرَهَا مِنَ الْمُلُوكِ وَ أَهْمَلَهَا تَفَاقَمَتْ عَلَیْهِ خَامِلٌ قَلِیلُ الْفَضْلِ شَذَّ عَنِ الْجَمَاعَةِ(4) وَ دَاعِیَةٌ إِلَی بِدْعَةٍ جَعَلَ جُنَّتَهُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أَهْلُ بَلَدٍ جَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ رَئِیساً یَمْنَعُ السُّلْطَانَ مِنْ إِقَامَةِ الْحُكْمِ فِیهِمْ.

«42»- الْعَاقِلُ لَا یَسْتَخِفُّ بِأَحَدٍ وَ أَحَقُّ مَنْ لَا یُسْتَخَفُّ بِهِ ثَلَاثَةٌ الْعُلَمَاءُ وَ السُّلْطَانُ وَ الْإِخْوَانُ لِأَنَّهُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْعُلَمَاءِ أَفْسَدَ دِینَهُ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالسُّلْطَانِ أَفْسَدَ دُنْیَاهُ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْإِخْوَانِ أَفْسَدَ مُرُوَّتَهُ.

«43»- وَجَدْنَا بِطَانَةَ السُّلْطَانِ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ (5) طَبَقَةً مُوَافِقَةً لِلْخَیْرِ وَ هِیَ بَرَكَةٌ عَلَیْهَا وَ عَلَی السُّلْطَانِ وَ عَلَی الرَّعِیَّةِ وَ طَبَقَةً غَایَتُهَا الْمُحَامَاةُ عَلَی مَا فِی أَیْدِیهَا فَتِلْكَ لَا مَحْمُودَةٌ وَ لَا مَذْمُومَةٌ بَلْ هِیَ إِلَی الذَّمِّ أَقْرَبُ وَ طَبَقَةً مُوَافِقَةً لِلشَّرِّ وَ هِیَ مَشْئُومَةٌ مَذْمُومَةٌ عَلَیْهَا وَ عَلَی السُّلْطَانِ.

ص: 233


1- 1. یفرطوا فیه: یقصروا و أظهروا العجز فیه.
2- 2. الخلال- بالكسر-: جمع خلة. و- بالفتح-: الخصلة.
3- 3. فی بعض النسخ« عن عتبه».
4- 4. تفاقم الامر: عظم و لم یجر علی استواء. و الخامل: الساقط الذی لا نباهة له. و شذ عنهم أی انفرد و اعتزل.
5- 5. البطانة: الخاصّة.

«44»- ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ یَحْتَاجُ النَّاسُ طُرّاً إِلَیْهَا الْأَمْنُ وَ الْعَدْلُ وَ الْخِصْبُ (1)

«45»- ثَلَاثَةٌ تُكَدِّرُ الْعَیْشَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ وَ الْجَارُ السَّوْءُ وَ الْمَرْأَةُ الْبَذِیَّةُ(2)

«46»- لَا تَطِیبُ السُّكْنَی إِلَّا بِثَلَاثٍ الْهَوَاءِ الطَّیِّبِ وَ الْمَاءِ الْغَزِیرِ الْعَذْبِ وَ الْأَرْضِ الْخَوَّارَةِ(3)

«47»- ثَلَاثَةٌ تُعْقِبُ النَّدَامَةَ الْمُبَاهَاةُ وَ الْمُفَاخَرَةُ وَ الْمُعَازَّةُ(4)

«48»- ثَلَاثَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِی بَنِی آدَمَ الْحَسَدُ وَ الْحِرْصُ وَ الشَّهْوَةُ.

«49»- مَنْ كَانَتْ فِیهِ خَلَّةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ انْتَظَمَتْ فِیهِ ثَلَاثَتُهَا فِی تَفْخِیمِهِ وَ هَیْبَتِهِ وَ جَمَالِهِ مَنْ كَانَ لَهُ وَرَعٌ أَوْ سَمَاحَةٌ أَوْ شَجَاعَةٌ

«50»- ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ رُزِقَهَا كَانَ كَامِلًا الْعَقْلُ وَ الْجَمَالُ وَ الْفَصَاحَةُ.

«51»- ثَلَاثَةٌ تُقْضَی لَهُمْ بِالسَّلَامَةِ إِلَی بُلُوغِ غَایَتِهِمْ الْمَرْأَةُ إِلَی انْقِضَاءِ حَمْلِهَا وَ الْمَلِكُ إِلَی أَنْ یَنْفَدَ عُمُرُهُ وَ الْغَائِبُ إِلَی حِینِ إِیَابِهِ.

«52»- ثَلَاثَةٌ تُورِثُ الْحِرْمَانَ الْإِلْحَاحُ فِی الْمَسْأَلَةِ وَ الْغِیبَةُ وَ الْهُزْءُ(5)

«53»- ثَلَاثَةٌ تُعْقِبُ مَكْرُوهاً حَمْلَةُ الْبَطَلِ (6) فِی الْحَرْبِ فِی غَیْرِ فُرْصَةٍ وَ إِنْ رُزِقَ الظَّفَرَ وَ شُرْبُ الدَّوَاءِ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ وَ إِنْ سَلِمَ مِنْهُ وَ التَّعَرُّضُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِنْ ظَفِرَ الطَّالِبُ بِحَاجَتِهِ مِنْهُ.

«54»- ثَلَاثُ خِلَالٍ یَقُولُ كُلُّ إِنْسَانٍ أَنَّهُ عَلَی صَوَابٍ مِنْهَا دِینُهُ الَّذِی یَعْتَقِدُهُ وَ هَوَاهُ الَّذِی یَسْتَعْلِی عَلَیْهِ وَ تَدْبِیرُهُ فِی أُمُورِهِ.

ص: 234


1- 1. الخصب- بالكسر-: كثرة العشب و الخیر. و فی بعض النسخ« و الحضب» أی سفح الجبل و جانبه و صوت القوس. و الأول أظهر.
2- 2. البذیة: السفیه و التی أفحش فی منطقها.
3- 3. العزیر: الكثیر. و أرض خوارة: السهلة اللینة.
4- 4. المعازة: المعارضة فی العز.
5- 5. الهزء- بالفتح و الضم-: الاستهزاء و الاستخفاف.
6- 6. الحملة- بفتح فسكون-: الكرة فی الحرب.

«55»- النَّاسُ كُلُّهُمْ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ سَادَةٌ مُطَاعُونَ وَ أَكْفَاءٌ مُتَكَافُونَ (1) وَ أُنَاسٌ مُتْعَادُونَ.

«56»- قِوَامُ الدُّنْیَا بِثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ النَّارِ وَ الْمِلْحِ وَ الْمَاءِ.

«57»- مَنْ طَلَبَ ثَلَاثَةً بِغَیْرِ حَقٍّ حُرِمَ ثَلَاثَةً بِحَقٍّ مَنْ طَلَبَ الدُّنْیَا بِغَیْرِ حَقٍّ حُرِمَ الْآخِرَةَ بِحَقٍّ وَ مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ بِغَیْرِ حَقٍّ حُرِمَ الطَّاعَةَ لَهُ بِحَقٍّ وَ مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِغَیْرِ حَقٍّ حُرِمَ بَهَاءَهُ لَهُ بِحَقٍّ.

«58»- ثَلَاثَةٌ لَا یَنْبَغِی لِلْمَرْءِ الْحَازِمِ أَنْ یُقْدِمَ عَلَیْهَا شُرْبُ السَّمِّ لِلتَّجْرِبَةِ وَ إِنْ نَجَا مِنْهُ وَ إِفْشَاءُ السِّرِّ إِلَی الْقَرَابَةِ الْحَاسِدِ وَ إِنْ نَجَا مِنْهُ وَ رُكُوبُ الْبَحْرِ وَ إِنْ كَانَ الْغِنَی فِیهِ.

«59»- لَا یَسْتَغْنِی أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ یَفْزَعُ إِلَیْهِ فِی أَمْرِ دُنْیَاهُمْ وَ آخِرَتِهِمْ فَإِنْ عَدِمُوا ذَلِكَ كَانُوا هَمَجاً(2) فَقِیهٍ عَالِمٍ وَرَعٍ وَ أَمِیرٍ خَیِّرٍ مُطَاعٍ وَ طَبِیبٍ بَصِیرٍ ثِقَةٍ.

«60»- یُمْتَحَنُ الصَّدِیقُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ فَإِنْ كَانَ مُؤَاتِیاً(3) فَهُوَ الصَّدِیقُ الْمُصَافِی وَ إِلَّا كَانَ صَدِیقَ رَخَاءٍ لَا صَدِیقَ شِدَّةٍ تَبْتَغِی مِنْهُ مَالًا أَوْ تَأْمَنُهُ عَلَی مَالٍ أَوْ تُشَارِكُهُ فِی مَكْرُوهٍ.

«61»- إِنْ یَسْلَمِ النَّاسُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ كَانَتْ سَلَامَةً شَامِلَةً لِسَانِ السَّوْءِ وَ یَدِ السَّوْءِ وَ فِعْلِ السَّوْءِ.

«62»- إِذَا لَمْ تَكُنْ فِی الْمَمْلُوكِ خَصْلَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَیْسَ لِمَوْلَاهُ فِی إِمْسَاكِهِ رَاحَةٌ دِینٌ یُرْشِدُهُ أَوْ أَدَبٌ یَسُوسُهُ (4) أَوْ خَوْفٌ یَرْدَعُهُ

ص: 235


1- 1. المتكافون و المتكافئون: المتساوون.
2- 2. الهمج- بالتحریك-: السفلة و الحمقی و الرعاع من الناس، یقال: قوم همج أی لا خیر فیهم.
3- 3. آتاه مؤاتاة: وافقه. و المصافی: المخلص لك الود. و الرخاء: سعة العیش.
4- 4. ساس یسوس سیاسة الامر. قام به.- و القوم دبرهم و تولی أمرهم.- و فلان قد ساس أی أدب.

«63»- إِنَّ الْمَرْءَ یَحْتَاجُ فِی مَنْزِلِهِ وَ عِیَالِهِ إِلَی ثَلَاثِ خِلَالٍ یَتَكَلَّفُهَا وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ فِی طَبْعِهِ ذَلِكَ مُعَاشَرَةٌ جَمِیلَةٌ وَ سَعَةٌ بِتَقْدِیرٍ وَ غَیْرَةٌ بِتَحَصُّنٍ (1)

«64»- كُلُّ ذِی صِنَاعَةٍ مُضْطَرٌّ إِلَی ثَلَاثِ خِلَالٍ یَجْتَلِبُ بِهَا الْمَكْسَبَ وَ هُوَ أَنْ یَكُونَ حَاذِقاً بِعَمَلِهِ مُؤَدِّیاً لِلْأَمَانَةِ فِیهِ مُسْتَمِیلًا لِمَنِ اسْتَعْمَلَهُ (2)

«65»- ثَلَاثٌ مَنِ ابْتُلِیَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَانَ طَائِحَ الْعَقْلِ (3) نِعْمَةٌ مُوَلِّیَةٌ وَ زَوْجَةٌ فَاسِدَةٌ(4) وَ فَجِیعَةٌ بِحَبِیبٍ.

«66»- جُبِلَتِ الشَّجَاعَةُ عَلَی ثَلَاثِ طَبَائِعَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَضِیلَةٌ لَیْسَتْ لِلْأُخْرَی السَّخَاءِ بِالنَّفْسِ وَ الْأَنَفَةِ مِنَ الذُّلِ (5) وَ طَلَبِ الذِّكْرِ فَإِنْ تَكَامَلَتْ فِی الشُّجَاعِ كَانَ الْبَطَلَ الَّذِی لَا یُقَامُ لِسَبِیلِهِ وَ الْمَوْسُومَ بِالْإِقْدَامِ فِی عَصْرِهِ وَ إِنْ تَفَاضَلَتْ فِیهِ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ كَانَتْ شَجَاعَتُهُ فِی ذَلِكَ الَّذِی تَفَاضَلَتْ فِیهِ أَكْثَرَ وَ أَشَدَّ إِقْدَاماً.

«67»- وَ یَجِبُ لِلْوَالِدَیْنِ عَلَی الْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ شُكْرُهُمَا عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ طَاعَتُهُمَا فِیمَا یَأْمُرَانِهِ وَ یَنْهَیَانِهِ عَنْهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ نَصِیحَتُهُمَا فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ تَجِبُ لِلْوَلَدِ عَلَی وَالِدِهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ اخْتِیَارُهُ لِوَالِدَتِهِ وَ تَحْسِینُ اسْمِهِ وَ الْمُبَالَغَةُ فِی تَأْدِیبِهِ (6)

«68»- تَحْتَاجُ الْإِخْوَةُ فِیمَا بَیْنَهُمْ إِلَی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ فَإِنِ اسْتَعْمَلُوهَا وَ إِلَّا تَبَایَنُوا وَ تَبَاغَضُوا وَ هِیَ التَّنَاصُفُ وَ التَّرَاحُمُ وَ نَفْیُ الْحَسَدِ(7)

ص: 236


1- 1. فی بعض النسخ« بحسن» أی تزین به أو صار حسنا.
2- 2. أی عطوفا علیه. و استماله: أماله و استعطفه.
3- 3. طاح یطوح و طاح یطیح: تاه و أشرف علی الهلاك.
4- 4. فی بعض النسخ« مفسدة».
5- 5. الانفة: اسم من أنف- كتعب-: كرهه و ترفع و تنزّه عنه.
6- 6. فی بعض نسخ المصدر« و تجب للولد علی والدته ثلاث خصال».
7- 7. یقال: تناصفوا أی أنصف بعضهم بعضا. و تراحموا: رحم بعضهم بعضا.

«69»- إِذَا لَمْ تَجْتَمِعِ الْقَرَابَةُ عَلَی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ تَعَرَّضُوا لِدُخُولِ الْوَهْنِ عَلَیْهِمْ وَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ بِهِمْ وَ هِیَ تَرْكُ الْحَسَدِ فِیمَا بَیْنَهُمْ لِئَلَّا یَتَحَزَّبُوا فَیَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ وَ التَّوَاصُلُ لِیَكُونَ ذَلِكَ حَادِیاً(1) لَهُمْ عَلَی الْأُلْفَةِ وَ التَّعَاوُنُ لِتَشْمِلَهُمُ الْعِزَّةُ.

«70»- لَا غِنَی بِالزَّوْجِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ زَوْجَتِهِ وَ هِیَ الْمُوَافِقَةُ لِیَجْتَلِبَ بِهَا مُوَافَقَتَهَا وَ مَحَبَّتَهَا وَ هَوَاهَا وَ حُسْنُ خُلُقِهِ مَعَهَا وَ اسْتِعْمَالُهُ اسْتِمَالَةَ قَلْبِهَا بِالْهَیْئَةِ الْحَسَنَةِ فِی عَیْنِهَا وَ تَوْسِعَتُهُ عَلَیْهَا وَ لَا غِنَی بِالزَّوْجَةِ فِیمَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ زَوْجِهَا الْمُوَافِقِ لَهَا عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ وَ هُنَّ صِیَانَةُ نَفْسِهَا عَنْ كُلِّ دَنَسٍ حَتَّی یَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ إِلَی الثِّقَةِ بِهَا فِی حَالِ الْمَحْبُوبِ وَ الْمَكْرُوهِ وَ حِیَاطَتُهُ (2) لِیَكُونَ ذَلِكَ عَاطِفاً عَلَیْهَا عِنْدَ زَلَّةٍ تَكُونُ مِنْهَا وَ إِظْهَارُ الْعِشْقِ لَهُ بِالْخِلَابَةِ(3) وَ الْهَیْئَةِ الْحَسَنَةِ لَهَا فِی عَیْنِهِ.

«71»- لَا یَتِمُّ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِثَلَاثِ خِلَالٍ تَعْجِیلُهُ وَ تَقْلِیلُ كَثِیرِهِ وَ تَرْكُ الِامْتِنَانِ بِهِ.

«72»- وَ السُّرُورُ فِی ثَلَاثِ خِلَالٍ فِی الْوَفَاءِ وَ رِعَایَةِ الْحُقُوقِ وَ النُّهُوضِ فِی النَّوَائِبِ.

«73»- ثَلَاثَةٌ یُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَی إِصَابَةِ الرَّأْیِ (4) حُسْنُ اللِّقَاءِ وَ حُسْنُ الِاسْتِمَاعِ وَ حُسْنُ الْجَوَابِ.

«74»- الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ عَاقِلٌ وَ أَحْمَقُ وَ فَاجِرٌ فَالْعَاقِلُ إِنْ كُلِّمَ أَجَابَ وَ إِنْ نَطَقَ أَصَابَ وَ إِنْ سَمِعَ وَعَی الْأَحْمَقُ إِنْ تَكَلَّمَ عَجَّلَ وَ إِنْ حَدَّثَ ذَهِلَ وَ إِنْ حُمِلَ عَلَی الْقَبِیحِ فَعَلَ وَ الْفَاجِرُ إِنِ ائْتَمَنْتَهُ خَانَكَ وَ إِنْ حَدَّثْتَهُ شَانَكَ.

ص: 237


1- 1. أی یحدوهم و یسیرهم. و یحتمل أن یكون« هادیا». و قد یقرأ فی بعض النسخ« حاویا».
2- 2. حاطه حیاطة: حفظه و تعهده.
3- 3. الخلابة- بكسر الخاء-: الخدیعة باللسان أو بالقول الطیب.
4- 4. كذا. و الظاهر« أصالة الرأی».

«75»- الْإِخْوَانُ ثَلَاثَةٌ فَوَاحِدٌ كَالْغِذَاءِ الَّذِی یُحْتَاجُ إِلَیْهِ كُلَّ وَقْتٍ فَهُوَ الْعَاقِلُ وَ الثَّانِی فِی مَعْنَی الدَّاءِ وَ هُوَ الْأَحْمَقُ وَ الثَّالِثُ فِی مَعْنَی الدَّوَاءِ فَهُوَ اللَّبِیبُ.

«76»- ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ تَدُلُّ عَلَی عَقْلِ فَاعِلِهَا الرَّسُولُ عَلَی قَدْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ وَ الْهَدِیَّةُ عَلَی قَدْرِ مُهْدِیهَا وَ الْكِتَابُ عَلَی قَدْرِ عَقْلِ كَاتِبِهِ.

«77»- الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ آیَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ فَرِیضَةٌ عَادِلَةٌ وَ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ.

«78»- النَّاسُ ثَلَاثَةٌ جَاهِلٌ یَأْبَی أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ عَالِمٌ قَدْ شَفَّهُ عِلْمُهُ وَ عَاقِلٌ یَعْمَلُ لِدُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ (1)

«79»- ثَلَاثَةٌ لَیْسَ مَعَهُنَّ غُرْبَةٌ حُسْنُ الْأَدَبِ وَ كَفُّ الْأَذَی وَ مُجَانَبَةُ الرَّیْبِ.

«80»- الْأَیَّامُ ثَلَاثَةٌ فَیَوْمٌ مَضَی لَا یُدْرَكُ وَ یَوْمٌ النَّاسُ فِیهِ فَیَنْبَغِی أَنْ یَغْتَنِمُوهُ وَ غَداً إِنَّمَا فِی أَیْدِیهِمْ أَمَلُهُ (2)

«81»- مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ لَمْ یَنْفَعْهُ الْإِیمَانُ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ طَلَبِ الْمَحَارِمِ وَ خُلُقٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ.

«82»- ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ اسْتَكْمَلَ الْإِیمَانَ مَنْ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنَ الْحَقِّ وَ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُخْرِجْهُ رِضَاهُ إِلَی الْبَاطِلِ وَ مَنْ إِذَا قَدَرَ عَفَا.

«83»- ثَلَاثُ خِصَالٍ یَحْتَاجُ إِلَیْهَا صَاحِبُ الدُّنْیَا الدَّعَةُ مِنْ غَیْرِ تَوَانٍ (3) وَ السَّعَةُ مَعَ قَنَاعَةٍ وَ الشَّجَاعَةُ مِنْ غَیْرِ كَسْلَانَ.

«84»- ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ لَا یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَنْسَاهُنَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ فَنَاءُ الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفُ الْأَحْوَالِ وَ الْآفَاتُ الَّتِی لَا أَمَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ لَا تُرَی كَامِلَةً فِی وَاحِدٍ قَطُّ الْإِیمَانُ وَ الْعَقْلُ وَ الِاجْتِهَادُ.

ص: 238


1- 1. فی بعض النسخ« للدنیا و الآخرة». و شفه: هزله، رقه، أوهنه.
2- 2. قال بعض الشعراء: ما فات مضی و ما سیأتیك فأین***قم فاغتنم الفرصة بین العدمین
3- 3. أی من غیر فتور، و الدعة: خفض العیش و الراحة.

الْإِخْوَانُ ثَلَاثَةٌ مُوَاسٍ بِنَفْسِهِ وَ آخَرُ مُوَاسٍ بِمَالِهِ وَ هُمَا الصَّادِقَانِ فِی الْإِخَاءِ وَ آخَرُ یَأْخُذُ مِنْكَ الْبُلْغَةَ(1)

وَ یُرِیدُكَ لِبَعْضِ اللَّذَّةِ فَلَا تَعُدَّهُ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ- لَا یَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَكُونَ فِیهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ الْفِقْهُ فِی الدِّینِ وَ حُسْنُ التَّقْدِیرِ فِی الْمَعِیشَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَی الرَّزَایَا وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

«108»- ف (2)،[تحف العقول] وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی.

«1»- قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ رُضِیَ بِهِ حَكَماً لِغَیْرِهِ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ جَوْرٍ وَ أَهْلُهُ أَهْلَ غَدْرٍ فَالطُّمَأْنِینَةُ إِلَی كُلِّ أَحَدٍ عَجْزٌ(3).

«3»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أُضِیفَ الْبَلَاءُ كَانَ مِنَ الْبَلَاءِ عَافِیَةٌ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ صِحَّةَ مَا عِنْدَ أَخِیكَ فَأَغْضِبْهُ فَإِنْ ثَبَتَ لَكَ عَلَی الْمَوَدَّةِ فَهُوَ أَخُوكَ وَ إِلَّا فَلَا.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَعْتَدَّ بِمَوَدَّةِ أَحَدٍ حَتَّی تُغْضِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَثِقَنَّ بِأَخِیكَ كُلَّ الثِّقَةِ فَإِنَّ صَرْعَةَ الِاسْتِرْسَالِ لَا تُسْتَقَالُ (4).

«7»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ وَ الْإِیمَانُ عَلَی الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ وَ الْیَقِینُ

ص: 239


1- 1. أی ما یبلغه و یكفیه.
2- 2. التحف ص 357.
3- 3. فی بعض النسخ« فلا طمأنینة الی كل أحد».
4- 4. الصرعة- بالفتح-: المرة من صرع.- و بالضم- المبالغ فی الصرع أی من یصرعه الناس كثیرا. و الاسترسال: الطمأنینة و الاستیناس الی الغیر و الثقة فیما یحدثه و أصل الاسترسال: السكون و الثبات. و قد مضی نظیر هذا الكلام فیما تقدم. و فی بعض نسخ الحدیث« فان سرعة الاسترسال».

عَلَی الْإِیمَانِ دَرَجَةٌ(1) وَ مَا أُوتِیَ النَّاسُ أَقَلَّ مِنَ الْیَقِینِ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: إِزَالَةُ الْجِبَالِ أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ قَلْبٍ عَنْ مَوْضِعِهِ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ فِی الْقَلْبِ وَ الْیَقِینُ خَطَرَاتٌ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: الرَّغْبَةُ فِی الدُّنْیَا تُورِثُ الْغَمَّ وَ الْحَزَنَ (2)

وَ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا رَاحَةُ الْقَلْبِ وَ الْبَدَنِ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْعَیْشِ دَارٌ یُكْرَی خُبْزٌ یُشْرَی.

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: لِرَجُلَیْنِ تَخَاصَمَا بِحَضْرَتِهِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ یَظْفَرْ بِخَیْرٍ مَنْ ظَفِرَ بِالظُّلْمِ وَ مَنْ یَفْعَلِ السُّوءَ بِالنَّاسِ فَلَا یُنْكِرِ السُّوءَ إِذَا فُعِلَ بِهِ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّوَاصُلُ بَیْنَ الْإِخْوَانِ فِی الْحَضَرِ التَّزَاوُرُ وَ التَّوَاصُلُ فِی السَّفَرِ الْمُكَاتَبَةُ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَصْلُحُ الْمُؤْمِنُ إِلَّا عَلَی ثَلَاثِ خِصَالٍ التَّفَقُّهِ فِی الدِّینِ وَ حُسْنِ التَّقْدِیرِ فِی الْمَعِیشَةِ وَ الصَّبْرِ عَلَی النَّائِبَةِ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ لَا یَغْلِبُهُ فَرْجُهُ وَ لَا یَفْضَحُهُ بَطْنُهُ.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: صُحْبَةُ عِشْرِینَ سَنَةً قَرَابَةٌ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَصْلُحُ الصَّنِیعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ أَوْ دِینٍ وَ مَا أَقَلَّ مَنْ یَشْكُرُ الْمَعْرُوفَ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا یُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یُنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَیَتَّعِظُ أَوْ جَاهِلٌ فَیَتَعَلَّمُ فَأَمَّا صَاحِبُ سَوْطٍ وَ سَیْفٍ فَلَا(3).

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ مَنْ كَانَتْ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ عَالِمٌ بِمَا یَأْمُرُ عَالِمٌ بِمَا یَنْهَی عَادِلٌ فِیمَا یَأْمُرُ عَادِلٌ فِیمَا یَنْهَی رَفِیقٌ بِمَا یَأْمُرُ رَفِیقٌ بِمَا یَنْهَی.

ص: 240


1- 1. كذا و فی الكافی« و التقوی علی الایمان درجة و الیقین علی التقوی درجة».
2- 2. فی بعض النسخ« تورث النقم و الحزن».
3- 3. لانه لا یؤثر فیهما كثیرا لأنّهما صاحبا قدرة و سلطنة و مغروران بما فی أیدیهما.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَعَرَّضَ لِسُلْطَانٍ (1) جَائِرٍ فَأَصَابَتْهُ مِنْهُ بَلِیَّةٌ لَمْ یُؤْجَرْ عَلَیْهَا وَ لَمْ یُرْزَقِ الصَّبْرَ عَلَیْهَا.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَی قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ فَلَمْ یَشْكُرُوهُ فَصَارَتْ عَلَیْهِمْ وَبَالًا وَ ابْتَلَی قَوْماً بِالْمَصَائِبِ فَصَبَرُوا فَكَانَتْ عَلَیْهِمْ نِعْمَةً.

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: صَلَاحُ حَالِ التَّعَایُشِ وَ التَّعَاشُرِ مِلْ ءُ مِكْیَالٍ (2) ثُلُثَاهُ فِطْنَةٌ وَ ثُلُثُهُ تَغَافُلٌ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَقْبَحَ الِانْتِقَامَ بِأَهْلِ الْأَقْدَارِ(3).

«24»- وَ قِیلَ لَهُ مَا الْمُرُوَّةُ فَقَالَ علیه السلام لَا یَرَاكَ اللَّهُ حَیْثُ نَهَاكَ وَ لَا یَفْقِدُكَ مِنْ حَیْثُ أَمَرَكَ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: اشْكُرْ مَنْ أَنْعَمَ عَلَیْكَ وَ أَنْعِمْ عَلَی مَنْ شَكَرَكَ فَإِنَّهُ لَا إِزَالَةَ لِلنِّعَمِ إِذَا شُكِرَتْ وَ لَا إِقَامَةَ لَهَا إِذَا كُفِرَتْ وَ الشُّكْرُ زِیَادَةٌ فِی النِّعَمِ وَ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: فَوْتُ الْحَاجَةِ خَیْرٌ مِنْ طَلَبِهَا مِنْ غَیْرِ أَهْلِهَا وَ أَشَدُّ مِنَ الْمُصِیبَةِ سُوءُ الْخُلُقِ مِنْهَا.

«27»-وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ یُعَلِّمَهُ مَا یَنَالُ بِهِ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَا یُطَوِّلَ عَلَیْهِ (4) فَقَالَ علیه السلام لَا تَكْذِبْ.

«28»- وَ قِیلَ لَهُ مَا الْبَلَاغَةُ فَقَالَ علیه السلام مَنْ عَرَفَ شَیْئاً قَلَّ كَلَامُهُ فِیهِ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الْبَلِیغَ لِأَنَّهُ یَبْلُغُ حَاجَتَهُ بِأَهْوَنِ سَعْیِهِ.

ص: 241


1- 1. أی تصدی لطلب فضله و احسانه.
2- 2. فی بعض النسخ« علی مكیال» و تعایش القوم: عاشوا مجتمعین علی ألفة و مودة و تعاشر القوم: تخالطوا و تصاحبوا.
3- 3. الظاهر أن المراد من یقدر علیهم الرزق و المعیشة أی الضعفاء: و الاقدار: جمع قدر.
4- 4.« و لا یطول» بالتخفیف أی لا یجعله طویلا بل مختصرا موجزا.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: الدَّیْنُ غَمٌّ بِاللَّیْلِ وَ ذُلٌّ بِالنَّهَارِ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا صَلَحَ أَمْرُ دُنْیَاكَ فَاتَّهِمْ دِینَكَ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: بَرُّوا آبَاءَكُمْ یَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ وَ عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ ائْتَمَنَ خَائِناً عَلَی أَمَانَةٍ لَمْ یَكُنْ لَهُ عَلَی اللَّهِ ضَمَانٌ (1).

«33»- وَ قَالَ علیه السلام لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ یَا حُمْرَانُ انْظُرْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فِی الْمَقْدُرَةِ(2)

وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ وَ أَحْرَی أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّیَادَةَ مِنْهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِیلَ عَلَی الْیَقِینِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِیرِ عَلَی غَیْرِ یَقِینٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَی الْمُؤْمِنِینَ وَ اغْتِیَابِهِمْ وَ لَا عَیْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقَنَاعَةِ بِالْیَسِیرِ الْمُجْزِی وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: الْحَیَاءُ عَلَی وَجْهَیْنِ فَمِنْهُ ضَعْفٌ وَ مِنْهُ قُوَّةٌ وَ إِسْلَامٌ وَ إِیمَانٌ.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: تَرْكُ الْحُقُوقِ مَذَلَّةٌ وَ إِنَّ الرَّجُلَ یَحْتَاجُ إِلَی أَنْ یَتَعَرَّضَ فِیهَا لِلْكَذِبِ.

«36»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَ إِذَا رَدَّ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ.

ص: 242


1- 1. الضمان- بالفتح-: ما یلتزم بالرد.
2- 2. المقدرة- بتثلیث الدال-: القوّة و الغنی. و حمران- كسكران- و قیل: كسبحان- ابن أعین كأحمد- الشیبانی الكوفیّ تابعی مشكور یكنی أبا الحسن و قیل: أبا حمزة من أصحاب الصادقین بل من حواریهما علیهما السلام و لقی علیّ بن الحسین علیهما السلام و كان من أكابر مشایخ الشیعة المفضلین الذین لا یشك فیهم، و كان أحد حملة القرآن و قرأ علی أبی جعفر الباقر علیه السلام و قیل: ان حمزة أحد القراء السبعة قرأ علیه و كان عالما بالنحو و اللغة.

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَ الرَّدُّ فَرِیضَةٌ(1).

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ بَدَأَ بِكَلَامٍ قَبْلَ سَلَامٍ فَلَا تُجِیبُوهُ (2).

«39»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ تَمَامَ التَّحِیَّةِ لِلْمُقِیمِ الْمُصَافَحَةُ وَ تَمَامَ التَّسْلِیمِ عَلَی الْمُسَافِرِ الْمُعَانَقَةُ.

«40»- وَ قَالَ علیه السلام: تَصَافَحُوا فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالسَّخِیمَةِ(3).

«41»- وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقِ اللَّهَ بَعْضَ التُّقَی وَ إِنْ قَلَّ وَ دَعْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ سِتْراً وَ إِنْ رَقَّ.

«42»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذَا غَضِبَ وَ إِذَا رَغِبَ وَ إِذَا رَهِبَ وَ إِذَا اشْتَهَی حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَی النَّارِ.

«43»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَافِیَةُ نِعْمَةٌ خَفِیَّةٌ(4) إِذَا وُجِدَتْ نُسِیَتْ وَ إِذَا عُدِمَتْ ذُكِرَتْ.

«44»- وَ قَالَ علیه السلام: لِلَّهِ فِی السَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّفَضُّلِ وَ فِی الضَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّطَهُّرِ(5).

«45»- وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِلَّهِ عَلَی عَبْدِهِ فِی غَیْرِ أَمَلِهِ وَ كَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ أَمَلًا الْخِیَارُ فِی غَیْرِهِ وَ كَمْ مِنْ سَاعٍ إِلَی حَتْفِهِ وَ هُوَ مُبْطِئٌ عَنْ حَظِّهِ.

«46»- وَ قَالَ علیه السلام: قَدْ عَجَزَ مَنْ لَمْ یُعِدَّ لِكُلِّ بَلَاءٍ صَبْراً وَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ شُكْراً وَ لِكُلِّ عُسْرٍ یُسْراً أَصْبِرْ نَفْسَكَ عِنْدَ كُلِّ بَلِیَّةٍ وَ رَزِیَّةٍ فِی وَلَدٍ أَوْ فِی مَالٍ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا یَقْبِضُ عَارِیَتَهُ وَ هِبَتَهُ لِیَبْلُوَ شُكْرَكَ وَ صَبْرَكَ.

«47»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ قِیلَ فَمَا حَدُّ الْیَقِینِ قَالَ علیه السلام أَنْ لَا تَخَافَ شَیْئاً.

ص: 243


1- 1. تطوع: تبرع، و المراد أن السلام تطوع ابتداء.
2- 2. فی الكافی« من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجیبوه».
3- 3. السخیمة: الضغینة و الحقد فی النفس.
4- 4. و فی بعض النسخ« خفیفة».
5- 5. التفضل: النیل من الفضل. و التطهر: التنزّه عن الادناس أی المعاصی.

«48»- وَ قَالَ علیه السلام: یَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَكُونَ فِیهِ ثَمَانُ خِصَالٍ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ(1) صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ- لَا یَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ وَ لَا یَتَحَمَّلُ الْأَصْدِقَاءَ(2) بَدَنُهُ مِنْهُ فِی تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ.

«49»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْعِلْمَ خَلِیلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمَ وَزِیرُهُ وَ الصَّبْرَ أَمِیرُ جُنُودِهِ وَ الرِّفْقَ أَخُوهُ وَ اللِّینَ وَالِدُهُ.

«50»- وَ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ(3): ادْعُ اللَّهَ لِی أَنْ لَا یَجْعَلَ رِزْقِی عَلَی أَیْدِی الْعِبَادِ فَقَالَ علیه السلام أَبَی اللَّهُ عَلَیْكَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ یَجْعَلَ أَرْزَاقَ الْعِبَادِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ لَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ رِزْقَكَ عَلَی أَیْدِی خِیَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ السَّعَادَةِ وَ لَا یَجْعَلَهُ عَلَی أَیْدِی شِرَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ الشَّقَاوَةِ.

«51»- وَ قَالَ علیه السلام: الْعَامِلُ عَلَی غَیْرِ بَصِیرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَی غَیْرِ طَرِیقٍ فَلَا تَزِیدُهُ سُرْعَةُ السَّیْرِ إِلَّا بُعْداً.

«52»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (4) قَالَ یُطَاعُ فَلَا یُعْصَی وَ یُذْكَرُ فَلَا یُنْسَی وَ یُشْكَرُ فَلَا یُكْفَرُ.

«53»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَ اللَّهَ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ عَنِ الدُّنْیَا(5).

«54»- وَ قَالَ علیه السلام: الْخَائِفُ مَنْ لَمْ تَدَعْ لَهُ الرَّهْبَةُ لِسَاناً یَنْطِقُ بِهِ.

ص: 244


1- 1. الوقور- للمذكر و المؤنث-: ذو وقار. الهزاهز. الفتن التی یهز الناس. و تطلق علی الشدائد و الحروب.
2- 2.« یتحمل» أی و لا یحمل علی الاصدقاء و لا یتكلف علیهم و فی الكافی ج 2 ص 232« لا یتحامل للاصدقاء» أی ما یشق علیهم و یضر بحالهم.
3- 3. الظاهر أنّه أبو عبیدة الحذاء زیاد بن عیسی الكوفیّ من أصحاب الباقر و الصادق علیهما السلام و مات فی زمان الصادق علیه السلام.
4- 4. آل عمران: 97.
5- 5. سخیت نفسی عنه ای تركته و لم تنازعنی إلیه نفسی.

«55»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام قَوْمٌ یَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِی وَ یَقُولُونَ نَرْجُو فَلَا یَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی یَأْتِیَهُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ یَتَرَجَّحُونَ فِی الْأَمَانِیِّ كَذَبُوا لَیْسَ یَرْجُونَ (1) إِنَّ مَنْ رَجَا شَیْئاً طَلَبَهُ وَ مَنْ خَافَ مِنْ شَیْ ءٍ هَرَبَ مِنْهُ.

«56»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّا لَنُحِبُّ مَنْ كَانَ عَاقِلًا عَالِماً فَهِماً فَقِیهاً حَلِیماً مُدَارِیاً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِیّاً(2) إِنَّ اللَّهَ خَصَّ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَمَنْ كَانَتْ فِیهِ فَلْیَحْمَدِ اللَّهَ عَلَی ذَلِكَ وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ فَلْیَتَضَرَّعْ إِلَی اللَّهِ وَ لْیَسْأَلْهُ إِیَّاهَا وَ قِیلَ لَهُ وَ مَا هِیَ قَالَ علیه السلام الْوَرَعُ وَ الْقَنَاعَةُ وَ الصَّبْرُ وَ الشُّكْرُ وَ الْحِلْمُ وَ الْحَیَاءُ وَ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ الْغَیْرَةُ وَ صِدْقُ الْحَدِیثِ وَ الْبِرُّ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ الْیَقِینُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الْمُرُوَّةُ.

«57»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ أَوْثَقِ عُرَی الْإِیمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِی اللَّهِ وَ تُعْطِیَ فِی اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِی اللَّهِ.

«58»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا ثَلَاثُ خِلَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا اللَّهُ لَهُ فِی حَیَاتِهِ فَهِیَ تَجْرِی لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ سُنَّةُ هُدًی یُعْمَلُ بِهَا وَ وَلَدٌ صَالِحٌ یَدْعُو لَهُ.

«59»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْكَذِبَةَ لَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ لِلصَّلَاةِ وَ تُفَطِّرُ الصِّیَامَ فَقِیلَ لَهُ إِنَّا نَكْذِبُ فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ هُوَ بِاللَّغْوِ وَ لَكِنَّهُ الْكَذِبُ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الصِّیَامَ لَیْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ لَا مِنَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ إِنَّ مَرْیَمَ علیها السلام قَالَتْ إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً(3) أَیْ صَمْتاً فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ لَا تَحَاسَدُوا وَ لَا تَنَازَعُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْإِیمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

ص: 245


1- 1. كذا و فی الكافی« كذبوا لیسوا براجین». ترجح فی القول: تمیل فیه.
2- 2. الوفی: الكثیر الوفاء. و أیضا الذی یعطی الحق و یأخذ الحق و الجمع اوفیاء كأصدقاء.
3- 3. مریم: 27.

«60»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَعْلَمَ اللَّهَ مَا لَمْ یَعْلَمْ اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُهُ (1).

«61»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتَلَی اللَّهُ مُؤْمِناً بِذَنْبٍ أَبَداً.

«62»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ.

«63»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَعْرُوفُ كَاسْمِهِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ وَ الْمَعْرُوفُ هَدِیَّةٌ مِنَ اللَّهِ إِلَی عَبْدِهِ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ یُحِبُّ أَنْ یَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَی النَّاسِ یَصْنَعُهُ وَ لَا كُلُّ مَنْ رَغِبَ فِیهِ یَقْدِرُ عَلَیْهِ وَ لَا كُلُّ مَنْ یَقْدِرُ عَلَیْهِ یُؤْذَنُ لَهُ فِیهِ فَإِذَا مَنَّ اللَّهُ عَلَی الْعَبْدِ جَمَعَ لَهُ الرَّغْبَةَ فِی الْمَعْرُوفِ وَ الْقُدْرَةَ وَ الْإِذْنَ فَهُنَاكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ وَ الْكَرَامَةُ لِلطَّالِبِ وَ الْمَطْلُوبِ إِلَیْهِ.

«64»- وَ قَالَ علیه السلام: لَمْ یُسْتَزَدْ فِی مَحْبُوبٍ بِمِثْلِ الشُّكْرِ وَ لَمْ یُسْتَنْقَصْ مِنْ مَكْرُوهٍ بِمِثْلِ الصَّبْرِ.

«65»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ لِإِبْلِیسَ جُنْدٌ أَشَدُّ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْغَضَبِ.

«66»- وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ الصَّبْرُ حِصْنُهُ وَ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ وَ الدُّنْیَا جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْقَبْرُ سِجْنُهُ وَ النَّارُ مَأْوَاهُ.

«67»- وَ قَالَ علیه السلام: وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ یَقِیناً لَا شَكَّ فِیهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ- لَا یَقِینَ فِیهِ مِنَ الْمَوْتِ.

«68»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا رَأَیْتُمُ الْعَبْدَ یَتَفَقَّدُ الذُّنُوبَ مِنَ النَّاسِ (2) نَاسِیاً لِذَنْبِهِ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ.

«69»- وَ قَالَ علیه السلام: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الْمُحْتَسِبِ وَ الْمُعَافِی الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُبْتَلَی الصَّابِرِ.

«70»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَنْبَغِی لِمَنْ لَمْ یَكُنْ عَالِماً أَنْ یُعَدَّ سَعِیداً وَ لَا لِمَنْ لَمْ یَكُنْ وَدُوداً أَنْ یُعَدَّ حَمِیداً وَ لَا لِمَنْ لَمْ یَكُنْ صَبُوراً أَنْ یُعَدَّ كَامِلًا وَ لَا لِمَنْ لَا یَتَّقِی

ص: 246


1- 1. فی بعض النسخ« من اعلم اللّٰه ما لا یعلم اهتز عرشه».
2- 2. تفقده أی طلبه عند غیبته.

مَلَامَةَ الْعُلَمَاءِ وَ ذَمَّهُمْ أَنْ یُرْجَی لَهُ خَیْرُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ صَدُوقاً لِیُؤْمَنَ عَلَی حَدِیثِهِ وَ شَكُوراً لِیَسْتَوْجِبَ الزِّیَادَةَ.

«71»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ لَكَ أَنْ تَأْتَمِنَ الْخَائِنَ وَ قَدْ جَرَّبْتَهُ وَ لَیْسَ لَكَ أَنْ تَتَّهِمَ مَنِ ائْتَمَنْتَ.

«72»- وَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ فَقَالَ علیه السلام أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلَّهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ قُلْتُ فَمَنْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَی اللَّهِ قَالَ علیه السلام مَنْ یَتَّهِمُ اللَّهَ قُلْتُ أَحَدٌ یَتَّهِمُ اللَّهَ قَالَ علیه السلام نَعَمْ مَنِ اسْتَخَارَ اللَّهَ فَجَاءَتْهُ الْخِیَرَةُ بِمَا یَكْرَهُ فَیَسْخَطُ فَذَلِكَ یَتَّهِمُ اللَّهَ قُلْتُ وَ مَنْ قَالَ یَشْكُو اللَّهَ قُلْتُ وَاحِدٌ یَشْكُوهُ قَالَ علیه السلام نَعَمْ مَنْ إِذَا ابْتُلِیَ شَكَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَصَابَهُ قُلْتُ وَ مَنْ قَالَ إِذَا أُعْطِیَ لَمْ یَشْكُرْ وَ إِذَا ابْتُلِیَ لَمْ یَصْبِرْ قُلْتُ فَمَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ قَالَ علیه السلام مَنْ إِذَا أُعْطِیَ شَكَرَ وَ إِذَا ابْتُلِیَ صَبَرَ.

«73»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ لِمَلُولٍ (1) صَدِیقٌ وَ لَا لِحَسُودٍ غِنًی وَ كَثْرَةُ النَّظَرِ فِی الْحِكْمَةِ تَلْقَحُ الْعَقْلَ.

«74»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَی بِخَشْیَةِ اللَّهِ عِلْماً وَ كَفَی بِالاغْتِرَارِ بِهِ جَهْلًا.

«75»- وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ التَّوَاضُعُ لَهُ.

«76»- وَ قَالَ علیه السلام: عَالِمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَ أَلْفِ زَاهِدٍ وَ أَلْفِ مُجْتَهِدٍ(2).

«77»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ زَكَاةً وَ زَكَاةُ الْعِلْمِ أَنْ یُعَلِّمَهُ أَهْلَهُ.

«78»- وَ قَالَ علیه السلام: الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ فِی النَّارِ وَ وَاحِدٌ فِی الْجَنَّةِ رَجُلٌ قَضَی بِجَوْرٍ وَ هُوَ یَعْلَمُ فَهُوَ فِی النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَی بِجَوْرٍ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ فَهُوَ فِی النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَی بِحَقٍّ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ فَهُوَ فِی النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَی بِحَقٍّ وَ هُوَ یَعْلَمُ فَهُوَ فِی الْجَنَّةِ.

ص: 247


1- 1. الملول: ذو الملل، صفة بمعنی الفاعل. و قد یقرأ« لملوك» كما مرّ كرارا و فی الخصال« للملك» و فی بعض نسخ أمالی الشیخ« للملوك».
2- 2. أی الذی یجتهد فی العبادة.

«79»- وَ سُئِلَ عَنْ صِفَةِ الْعَدْلِ مِنَ الرَّجُلِ فَقَالَ علیه السلام إِذَا غَضَّ طَرْفَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ لِسَانَهُ عَنِ الْمَآثِمِ وَ كَفَّهُ عَنِ الْمَظَالِمِ.

«80»- وَ قَالَ علیه السلام: كُلُّ مَا حَجَبَ اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُمْ حَتَّی یُعَرِّفَهُمُوهُ.

«81»- وَ قَالَ علیه السلام لِدَاوُدَ الرَّقِّیِ (1)

تُدْخِلُ یَدَكَ فِی فَمِ التِّنِّینِ (2) إِلَی الْمِرْفَقِ خَیْرٌ لَكَ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَی مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَ كَانَ (3).

«82»- وَ قَالَ علیه السلام: قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَی اللَّهِ وَ أَسْبَابُهَا بَعْدَ اللَّهِ الْعِبَادُ تَجْرِی عَلَی أَیْدِیهِمْ فَمَا قَضَی اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ بِالشُّكْرِ وَ مَا زُوِیَ عَنْكُمْ (4) مِنْهَا فَاقْبَلُوهُ عَنِ اللَّهِ بِالرِّضَا وَ التَّسْلِیمِ وَ الصَّبْرِ فَعَسَی أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ خَیْراً لَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِمَا یُصْلِحُكُمْ وَ أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.

«83»- وَ قَالَ علیه السلام: مَسْأَلَةُ ابْنِ آدَمَ لِابْنِ آدَمَ فِتْنَةٌ إِنْ أَعْطَاهُ حَمِدَ مَنْ لَمْ یُعْطِهِ وَ إِنْ رَدَّهُ ذَمَّ مَنْ لَمْ یَمْنَعْهُ.

ص: 248


1- 1. الرقی- بفتح الراء و قیل: بكسرها و تشدید القاف- نسبة الی الرقة اسم لمواضع، بلدة بقوهستان و أخریان من بساتین بغداد صغری و كبری و بلدة اخری فی غربی بغداد و قریة كبیرة أسفل منها بفرسخ علی الفرات غربی الانبار وهیت، كانت مصیف آل المنذر ملوك العراق و منتزه الرشید العباسیّ. قال علماء الرجال:« و هی التی ینصرف الیها اطلاق لفظ الرقة منها داود الرقی» و هو داود بن كثیر بن أبی خالد الرقی مولی بنی أسد من أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السلام ثقة و له أصل و كتاب، عاش الی زمان الرضا علیه السلام.
2- 2. التنین- كسكیت-: الحوت و الحیة العظیمة كنیته أبو مرداس. قیل:« انه شر من الكوسج و فی فمه أنیاب مثل أسنة الرماح و هو طویل كالنخلة السحوق، أحمر العینین مثل الدم، واسع الفم و الجوف، براق العینین، یبلع كثیرا من حیوان البر و البحر، اذا تحرك یموج البحر لقوته الشدیدة».
3- 3. و فی بعض النسخ« فكان» و هو الاصوب.
4- 4. زواه- من باب رمی: نحاه و منعه. و عنه طواه و صرفه. و الشی: جمعه و قبضه.

«84»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ كُلَّ خَیْرٍ فِی التَّزْجِیَةِ(1).

«85»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ مُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ فَإِنَّ مُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ لَا تُؤَدِّی إِلَی خَیْرٍ(2).

«86»- وَ قَالَ علیه السلام: الرَّجُلُ یَجْزَعُ مِنَ الذُّلِّ الصَّغِیرِ فَیُدْخِلُهُ ذَلِكَ فِی الذُّلِّ الْكَبِیرِ.

«87»- وَ قَالَ علیه السلام: أَنْفَعُ الْأَشْیَاءِ لِلْمَرْءِ سَبْقُهُ النَّاسَ إِلَی عَیْبِ نَفْسِهِ وَ أَشَدُّ شَیْ ءٍ مَئُونَةً إِخْفَاءُ الْفَاقَةِ وَ أَقَلُّ الْأَشْیَاءِ غَنَاءً النَّصِیحَةُ لِمَنْ لَا یَقْبَلُهَا وَ مُجَاوَرَةُ الْحَرِیصِ وَ أَرْوَحُ الرَّوْحِ الْیَأْسُ مِنَ النَّاسِ- لَا تَكُنْ ضَجِراً وَ لَا غَلِقاً وَ ذَلِّلْ نَفْسَكَ بِاحْتِمَالِ مَنْ خَالَفَكَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ عَلَیْكَ فَإِنَّمَا أَقْرَرْتَ لَهُ بِفَضْلِهِ (3) لِئَلَّا تُخَالِفَهُ وَ مَنْ لَا یَعْرِفُ لِأَحَدٍ الْفَضْلَ فَهُوَ الْمُعْجَبُ بِرَأْیِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِزَّ لِمَنْ لَا یَتَذَلَّلُ لِلَّهِ وَ لَا رِفْعَةَ لِمَنْ لَا یَتَوَاضَعُ لِلَّهِ.

«88»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ لُبْسَ الْخَاتَمِ (4).

«89»- وَ قَالَ علیه السلام: أَحَبُّ إِخْوَانِی إِلَیَّ مَنْ أَهْدَی إِلَیَّ عُیُوبِی.

«90»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَكُونُ الصَّدَاقَةُ إِلَّا بِحُدُودِهَا فَمَنْ كَانَتْ فِیهِ هَذِهِ الْحُدُودُ أَوْ شَیْ ءٌ مِنْهُ (5) وَ إِلَّا فَلَا تَنْسُبْهُ إِلَی شَیْ ءٍ مِنَ الصَّدَاقَةِ فَأَوَّلُهَا أَنْ تَكُونَ سَرِیرَتُهُ وَ عَلَانِیَتُهُ لَكَ وَاحِدَةً وَ الثَّانِیَةُ أَنْ یَرَی زَیْنَكَ زَیْنَهُ وَ شَیْنَكَ شَیْنَهُ وَ الثَّالِثَةُ أَنْ لَا تُغَیِّرَهُ عَلَیْكَ وِلَایَةٌ وَ لَا مَالٌ وَ الرَّابِعَةُ لَا یَمْنَعُكَ شَیْئاً تَنَالُهُ مَقْدُرَتُهُ (6) وَ الْخَامِسَةُ

ص: 249


1- 1. زجا یزجو زجوا و زجی تزجیة و أزجی ازجاء، و ازدجی فلانا: ساقه، دفعه برفق، یقال:« زجی فلان حاجتی» أی سهل تحصیلها. و فی بعض النسخ« فی الترجیة».
2- 2. فی بعض نسخ الحدیث« لا تؤول الی خیر».
3- 3. أی ذلل نفسك فلعل من خالفك كان له الفضل علیك.
4- 4. و فی بعض النسخ« لباس الخاتم».
5- 5. كذا.
6- 6. المقدرة- بتثلیث الدال-: القوّة و الغنی.

وَ هِیَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ أَنْ لَا یُسْلِمَكَ عِنْدَ النَّكَبَاتِ.

«91»- وَ قَالَ علیه السلام: مُجَامَلَةُ النَّاسِ ثُلُثُ الْعَقْلِ (1).

«92»- وَ قَالَ علیه السلام: ضِحْكُ الْمُؤْمِنِ تَبَسُّمٌ.

«93»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أُبَالِی إِلَی مَنِ ائْتَمَنْتُ خَائِناً أَوْ مُضَیِّعاً(2)

«94»- وَ قَالَ علیه السلام لِلْمُفَضَّلِ (3) أُوصِیكَ بِسِتِّ خِصَالٍ تُبْلِغُهُنَّ شِیعَتِی قُلْتُ وَ مَا هُنَّ یَا سَیِّدِی قَالَ علیه السلام أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكَ وَ أَنْ تَرْضَی لِأَخِیكَ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ لِلْأُمُورِ أَوَاخِرَ فَاحْذَرِ الْعَوَاقِبَ وَ أَنَّ لِلْأُمُورِ بَغَتَاتٍ (4) فَكُنْ عَلَی حَذَرٍ وَ إِیَّاكَ وَ مُرْتَقَی جَبَلٍ سَهْلٍ إِذَا كَانَ الْمُنْحَدَرُ وَعْراً(5) وَ لَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ وَعْداً لَیْسَ فِی یَدِكَ وَفَاؤُهُ.

«95»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثٌ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِیهِنَّ رُخْصَةً بِرُّ الْوَالِدَیْنِ بَرَّیْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَیْنِ وَ وَفَاءٌ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ.

«96»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنِّی لَأَرْحَمُ ثَلَاثَةً وَ حَقٌّ لَهُمْ أَنْ یُرْحَمُوا عَزِیزٌ أَصَابَتْهُ مَذَلَّةٌ بَعْدَ الْعِزِّ وَ غَنِیٌّ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ بَعْدَ الْغِنَی وَ عَالِمٌ یَسْتَخِفُّ بِهِ أَهْلُهُ وَ الْجَهَلَةُ.

«97»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْیَا تَعَلَّقَ مِنْ ضَرَرِهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا یَفْنَی وَ أَمَلٍ لَا یُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا یُنَالُ.

ص: 250


1- 1. المجاملة: حسن الصنیعة مع الناس و المعاملة بالجمیل.
2- 2. أی لا فرق عندی بین الخائن و المضیع، أو المراد ان الرجل إذا ائتمن احدا فلا یبالی به إذا كان خائنا أو مضیعا.
3- 3. هو أبو عبد اللّٰه مفضل بن عمر الجعفی الكوفیّ من أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السلام. قیل: هو من شیوخ أصحاب الصادق علیه السلام و خاصته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحین صاحب رسالة المعروف بتوحید المفضل المروی عن الصادق علیه السلام.
4- 4. البغتات- جمع بغتة- أی الفجأة.
5- 5. المنحدر: مكان الانحدار أی الهبوط و النزول. و الوعر: ضد السهل أی المكان الصلب و هو الذی مخیف الوحش.

«98»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ لَا یُخْلَقُ عَلَی الْكَذِبِ وَ لَا عَلَی الْخِیَانَةِ وَ خَصْلَتَانِ لَا یَجْتَمِعَانِ فِی الْمُنَافِقِ سَمْتٌ حَسَنٌ (1)

وَ فِقْهٌ فِی سُنَّةٍ.

«99»- وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ وَ الْمَرْءُ كَثِیرٌ بِأَخِیهِ (2) وَ لَا خَیْرَ فِی صُحْبَةِ مَنْ لَمْ یَرَ لَكَ مِثْلَ الَّذِی یَرَی لِنَفْسِهِ.

«100»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ زَیْنِ الْإِیمَانِ الْفِقْهُ وَ مِنْ زَیْنِ الْفِقْهِ الْحِلْمُ وَ مِنْ زَیْنِ الْحِلْمِ الرِّفْقُ وَ مِنْ زَیْنِ الرِّفْقِ اللِّینُ وَ مِنْ زَیْنِ اللَّیِّنِ السُّهُولَةُ.

«101»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ غَضِبَ عَلَیْكَ مِنْ إِخْوَانِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ یَقُلْ فِیكَ مَكْرُوهاً فَأَعِدَّهُ لِنَفْسِكَ.

«102»- وَ قَالَ علیه السلام: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ لَیْسَ فِیهِ شَیْ ءٌ أَعَزَّ مِنْ أَخٍ أَنِیسٍ وَ كَسْبِ دِرْهَمٍ حَلَالٍ.

«103»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ وَقَفَ نَفْسَهُ مَوْقِفَ التُّهَمَةِ فَلَا یَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِیَرَةُ فِی یَدِهِ (3)

وَ كُلُّ حَدِیثٍ جَاوَزَ اثْنَیْنِ فَاشٍ (4)

وَ ضَعْ أَمْرَ أَخِیكَ عَلَی أَحْسَنِهِ وَ لَا تَطْلُبَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِیكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِی الْخَیْرِ مَحْمِلًا وَ عَلَیْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ(5)وَ جُنَّةٌ

ص: 251


1- 1. السمت: الطریق و المحجة. و أیضا. هیئة أهل الخیر و هی المراد هنا أی السكینة و الوقار و حسن السیرة و الطریقة و استقامة المنظر و الهیئة. یقال: فلان حسن السمت أی حسن المذهب فی الأمور كلها.
2- 2. أی لیس هو وحده بل هو كثیر بأخیه.
3- 3. الخیرة- بفتح فسكون أو بكسر ففتح-: الاختیار.
4- 4. قال الشاعر: كل سرّ جاوز الاثنین شاع***كل علم لیس فی القرطاس ضاع
5- 5. العدة- بالضم-: الاستعداد و ما أعددته أی هیأته للحوادث و النوائب و بالفتح-: الجماعة.

عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ شَاوِرْ فِی حَدِیثِكَ الَّذِینَ یَخَافُونَ اللَّهَ وَ أَحْبِبِ الْإِخْوَانَ عَلَی قَدْرِ التَّقْوَی وَ اتَّقِ شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُنْ مِنْ خِیَارِهِنَّ عَلَی حَذَرٍ وَ إِنْ أَمَرْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَخَالِفُوهُنَّ حَتَّی لَا یَطْمَعْنَ مِنْكُمْ فِی الْمُنْكَرِ.

«104»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُنَافِقُ إِذَا حَدَّثَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ كَذَبَ وَ إِذَا وَعَدَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَخْلَفَ وَ إِذَا مَلَكَ خَانَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِی مَالِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِی قُلُوبِهِمْ إِلی یَوْمِ یَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا یَكْذِبُونَ (1) وَ قَوْلُهُ وَ إِنْ یُرِیدُوا خِیانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ (2).

«105»- وَ قَالَ علیه السلام: كَفَی بِالْمَرْءِ خِزْیاً أَنْ یَلْبَسَ ثَوْباً یُشَهِّرُهُ (3)

أَوْ یَرْكَبَ دَابَّةً مَشْهُورَةً قُلْتُ وَ مَا الدَّابَّةُ الْمَشْهُورَةُ قَالَ البَلْقَاءُ(4).

«106»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَبْلُغُ أَحَدُكُمْ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی یُحِبَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِی اللَّهِ وَ یُبْغِضَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِی اللَّهِ.

«107»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ نِعْمَةً فَعَرَفَهَا بِقَلْبِهِ وَ عَلِمَ أَنَّ الْمُنْعِمَ عَلَیْهِ اللَّهُ فَقَدْ أَدَّی شُكْرَهَا وَ إِنْ لَمْ یُحَرِّكْ لِسَانَهُ وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُعَاقِبَ عَلَی الذُّنُوبِ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَغْفَرَ وَ إِنْ لَمْ یُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ وَ قَرَأَ- إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ الْآیَةَ(5).

- 10وَ قَالَ علیه السلام: خَصْلَتَیْنِ مُهْلِكَتَیْنِ (6) تُفْتِی النَّاسَ بِرَأْیِكَ أَوْ تَدِینُ بِمَا لَا تَعْلَمُ.

ص: 252


1- 1. التوبة: 78.
2- 2. الأنفال: 72.
3- 3. فی بعض النسخ« لشهرة».
4- 4. البلقاء: مؤنث الأبلق- كحمراء و أحمر-: الذی كان فی لونه سواد و بیاض.
5- 5. البقرة: 284.
6- 6. كذا. تقدیر الكلام: اتق خصلتین.

«109»- وَ قَالَ علیه السلام لِأَبِی بَصِیرٍ(1) یَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَا تُفَتِّشِ النَّاسَ عَنْ أَدْیَانِهِمْ فَتَبْقَی بِلَا صَدِیقٍ.

«110»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّفْحُ الْجَمِیلُ أَنْ لَا تُعَاقِبَ عَلَی الذَّنْبِ وَ الصَّبْرُ الْجَمِیلُ الَّذِی لَیْسَ فِیهِ شَكْوَی.

«111»- قَالَ علیه السلام: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ مُؤْمِناً وَ إِنْ كَانَ مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ ذُنُوباً الصِّدْقُ وَ الْحَیَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الشُّكْرُ.

«112»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّی تَكُونَ خَائِفاً رَاجِیاً وَ لَا تَكُونُ خَائِفاً رَاجِیاً حَتَّی تَكُونَ عَامِلًا لِمَا تَخَافُ وَ تَرْجُو.

«113»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ الْإِیمَانُ بِالتَّحَلِّی وَ لَا بِالتَّمَنِّی وَ لَكِنَّ الْإِیمَانَ مَا خَلَصَ فِی الْقُلُوبِ وَ صَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ.

«114»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا زَادَ الرَّجُلُ عَلَی الثَّلَاثِینَ فَهُوَ كَهْلٌ وَ إِذَا زَادَ عَلَی الْأَرْبَعِینَ فَهُوَ شَیْخٌ.

«115»- وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ فِی التَّوْحِیدِ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مُثْبِتٍ وَ نَافٍ وَ مُشَبِّهٍ فَالنَّافِی مُبْطِلٌ وَ الْمُثْبِتُ مُؤْمِنٌ وَ الْمُشَبِّهُ مُشْرِكٌ.

«116»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ وَ نِیَّةٌ وَ الْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ (2).

«117»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ(3) بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَخِیكَ وَ أَبْقِ مِنْهَا فَإِنَّ ذَهَابَ الْحِشْمَةِ ذَهَابُ الْحَیَاءِ وَ بَقَاءَ الْحِشْمَةِ بَقَاءُ الْمَوَدَّةِ.

ص: 253


1- 1. هو یحیی بن أبی القاسم إسحاق الأسدی الكوفیّ المكنی بابی بصیر و أبی محمّد المتوفّی سنة 150 امامی ثقة عدل من أصحاب الإجماع و من خواص أصحاب الباقرین علیهما السلام، و قد أفرد جماعة من العلماء رسالة فی ترجمته و اطال الكلام فیه صاحب تنقیح المقال و قیل: هو خال شعیب العقرقوفی.
2- 2. المراد بالنیة: الإخلاص و الإقرار بالقلب.
3- 3. الحشمة: الحیاء. الانقباض. الغضب. و احتشم: غضب، انقبض، استحیا.

«118»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ احْتَشَمَ أَخَاهُ حَرُمَتْ وُصْلَتُهُ وَ مَنِ اغْتَمَّهُ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ.

«119»- وَ قِیلَ لَهُ خَلَوْتَ بِالْعَقِیقِ (1) وَ تَعَجَّلْتَ الْوَحْدَةَ فَقَالَ علیه السلام لَوْ ذُقْتَ حَلَاوَةَ الْوَحْدَةِ لَاسْتَوْحَشْتَ مِنْ نَفْسِكَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَقَلُّ مَا یَجِدُ الْعَبْدُ فِی الْوَحْدَةِ [أَمْنُ] مُدَارَاةِ النَّاسِ (2).

«120»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی عَبْدٍ بَاباً مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا فَتَحَ عَلَیْهِ مِنَ الْحِرْصِ مِثْلَیْهِ (3).

«121»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ فِی الدُّنْیَا غَرِیبٌ لَا یَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَ لَا یَتَنَافَسُ أَهْلَهَا فِی عِزِّهَا.

«122»- وَ قِیلَ لَهُ أَیْنَ طَرِیقُ الرَّاحَةِ فَقَالَ علیه السلام فِی خِلَافِ الْهَوَی قِیلَ فَمَتَی یَجِدُ الرَّاحَةَ فَقَالَ علیه السلام عِنْدَ أَوَّلِ یَوْمٍ یَصِیرُ فِی الْجَنَّةِ.

«123»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَجْمَعُ اللَّهُ لِمُنَافِقٍ وَ لَا فَاسِقٍ حُسْنَ السَّمْتِ وَ الْفِقْهَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ أَبَداً.

«124»- وَ قَالَ علیه السلام: طَعْمُ الْمَاءِ الْحَیَاةُ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ وَ ضَعْفُ الْبَدَنِ وَ قُوَّتُهُ مِنْ شَحْمِ الْكُلْیَتَیْنِ (4) وَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ وَ الْقَسْوَةُ وَ الرِّقَّةُ فِی الْقَلْبِ.

ص: 254


1- 1. خلا به یخلو خلوة و خلوا و خلاء: اجتمع معه علی خلوة. و خلا الرجل بنفسه: انفرد. و العقیق: خرز أحمر و الواحدة العقیقة. و فی بعض النسخ« العفیفة». و لعل المراد بها امرأة الرجل و هی كنایة عن الوحدة و الانزواء. ای انك مقیم فی بیتك و لم تخرج الی الناس.
2- 2. كذا. و الظاهر سقطت كلمة« الراحة» قبل« من».
3- 3. حرص علی حفظ ما ناله و حرص علی الزیادة.
4- 4. أی منوطة به. و فی الحدیث« لا یستلقین أحدكم فی الحمام فانه یذیب شحم الكلیتین». و فی حدیث آخر« ادمانه كل یوم یذیب شحم الكلیتین». مكارم الأخلاق.

«125»- وَ قَالَ علیه السلام: الْحَسَدُ حَسَدَانِ حَسَدُ فِتْنَةٍ وَ حَسَدُ غَفَلَةٍ فَأَمَّا حَسَدُ الْغَفْلَةِ فَكَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حِینَ قَالَ اللَّهُ- إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ (1) أَیِ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِیفَةَ مِنَّا وَ لَمْ یَقُولُوا حَسَداً لآِدَمَ مِنْ جِهَةِ الْفِتْنَةِ وَ الرَّدِّ وَ الْجُحُودِ وَ الْحَسَدُ الثَّانِی الَّذِی یَصِیرُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَی الْكُفْرِ وَ الشِّرْكِ فَهُوَ حَسَدُ إِبْلِیسَ فِی رَدِّهِ عَلَی اللَّهِ وَ إِبَائِهِ عَنِ السُّجُودِ لآِدَمَ علیه السلام.

«126»- وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ فِی الْقُدْرَةِ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ رَجُلٍ یَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَیْهِ فَقَدْ وَهَّنَ اللَّهَ فِی سُلْطَانِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَ رَجُلٍ یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَی الْمَعَاصِی وَ كَلَّفَهُمْ مَا لَا یُطِیقُونَ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ فِی حُكْمِهِ فَهُوَ هَالِكٌ وَ رَجُلٍ یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ الْعِبَادَ مَا یُطِیقُونَهُ وَ لَمْ یُكَلِّفْهُمْ مَا لَا یُطِیقُونَهُ فَإِذَا أَحْسَنَ حَمِدَ اللَّهَ وَ إِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ فَهَذَا مُسْلِمٌ بَالِغٌ.

«127»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَشْیُ الْمُسْتَعْجِلُ یَذْهَبُ بِبَهَاءِ الْمُؤْمِنِ وَ یُطْفِئُ نُورَهُ.

«128»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الْغَنِیَّ الظَّلُومَ.

«129»- وَ قَالَ علیه السلام: الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِیمِ وَ مَنْ لَمْ یَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ یَمْلِكْ عَقْلَهُ.

«130»- وَ قَالَ الْفُضَیْلُ بْنُ الْعِیَاضِ (2): قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ تَدْرِی مَنِ

ص: 255


1- 1. سورة البقرة: 28.
2- 2. هو أبو علیّ الفضل بن عیاض بن مسعود بن بشر التمیمی الفندینی الزاهد الصوفی المشهور أحد رجال الطریقة ولد بأبیورد من بلاد خراسان و قیل: بسمرقند و نشأ بأبیورد من أصحاب الصادق علیه السلام ثقة عظیم المنزلة قیل: لكنه عامی. و حكی أنّه كان فی أول أمره شاطرا یقطع الطریق بین أبیورد و سرخس و كان سبب توبته أنّه عشق جاریة فبینما هو یرتقی الجدران إلیها سمع تالیا یتلو:« أَ لَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ». فقال: یا ربّ قد آن، فرجع و أوی اللیل الی خربة فإذا فیها رفقة فقال بعضهم: نرتحل و قال بعضهم حتّی نصبح فان فضیلا علی الطریق یقطع علینا فتاب الفضیل و آمنهم فصار من كبار. السادات، قدم الكوفة و سمع الحدیث بها، ثمّ انتقل الی مكّة و جاور بها الی أن مات فی المحرم سنة 187 و قبره بها. و له كلمات و مواعظ مشهورة و كان له ولدا یسعی بعلی الفضیل و هو أفضل من أبیه فی الزهد و العبادة فكان شابا سربا من كبار الصالحین و هو معدود من الذین قتلهم محبة اللّٰه فلم یتمتع بحیاته كثیرا و ذلك انه كان یوما فی المسجد الحرام واقعا بقرب ماء زمزم فسمع قارئا یقرأ:« وَ تَرَی الْمُجْرِمِینَ یَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ سَرابِیلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَ تَغْشی وُجُوهَهُمُ النَّارُ» فصعق و مات.

الشَّحِیحُ قُلْتُ هُوَ الْبَخِیلُ فَقَالَ علیه السلام الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ إِنَّ الْبَخِیلَ یَبْخَلُ بِمَا فِی یَدِهِ وَ الشَّحِیحَ یَشُحُّ عَلَی مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ عَلَی مَا فِی یَدِهِ حَتَّی لَا یَرَی فِی أَیْدِی النَّاسِ شَیْئاً إِلَّا تَمَنَّی أَنْ یَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ- لَا یَشْبَعُ وَ لَا یَنْتَفِعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ.

«131»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْبَخِیلَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ أَنْفَقَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ.

«132»- وَ قَالَ علیه السلام لِبَعْضِ شِیعَتِهِ مَا بَالُ أَخِیكَ یَشْكُوكَ فَقَالَ یَشْكُونِی أَنِ اسْتَقْصَیْتُ عَلَیْهِ حَقِّی فَجَلَسَ علیه السلام مُغْضَباً ثُمَّ قَالَ كَأَنَّكَ إِذَا اسْتَقْصَیْتَ عَلَیْهِ حَقَّكَ لَمْ تُسِئْ أَ رَأَیْتَكَ مَا حَكَی اللَّهُ عَنْ قَوْمٍ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أَ خَافُوا أَنْ یَجُورَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لَا وَ لَكِنْ خَافُوا الِاسْتِقْصَاءَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ سُوءَ الْحِسَابِ فَمَنِ اسْتَقْصَی فَقَدْ أَسَاءَ.

«133»- وَ قَالَ علیه السلام: كَثْرَةُ السُّحْتِ یَمْحَقُ الرِّزْقَ (1).

«135»- وَ قَالَ علیه السلام: سُوءُ الْخُلُقِ نَكِدٌ(2).

ص: 256


1- 1.« السحت»- بالضم-: المال الحرام و كل ما لا یحل كسبه. و فی بعض النسخ« الصخب» و فی بعضها« السخب» و السخب و الصخب- بالتحریك-: الصیحة و اضطراب الأصوات.
2- 2. نكد العیش- كعلم-: اشتد و عسر.- و الرجل: ضاق خلقه، و ضد یسر و سهل، فهو نكد- بسكون الكاف و فتحها و كسرها- أی شؤم عسر.- و بالضم-: قیل الخیر و العطاء.

«135»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْإِیمَانَ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَی فَوْقَ الْإِیمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ (1) فَقَدْ یَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِی لِسَانِهِ بَعْضُ الشَّیْ ءِ الَّذِی لَمْ یَعِدِ اللَّهُ عَلَیْهِ النَّارَ وَ قَالَ اللَّهُ- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِیماً(2) وَ یَكُونُ الْآخَرُ وَ هُوَ الْفَهِمُ لِسَاناً(3) وَ هُوَ أَشَدُّ لِقَاءً لِلذُّنُوبِ وَ كِلَاهُمَا مُؤْمِنٌ وَ الْیَقِینُ فَوْقَ التَّقْوَی بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ یُقْسَمْ (4) بَیْنَ النَّاسِ شَیْ ءٌ أَشَدُّ مِنَ الْیَقِینِ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَشَدُّ یَقِیناً مِنْ بَعْضٍ وَ هُمْ مُؤْمِنُونَ وَ بَعْضَهُمْ أَصْبَرُ مِنْ بَعْضٍ عَلَی الْمُصِیبَةِ وَ عَلَی الْفَقْرِ وَ عَلَی الْمَرَضِ وَ عَلَی الْخَوْفِ وَ ذَلِكَ مِنَ الْیَقِینِ.

«136»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْغِنَی وَ الْعِزَّ یَجُولَانِ فَإِذَا ظَفِرَا بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ أَوْطَنَاهُ (5).

«137»- وَ قَالَ علیه السلام: حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الدِّینِ وَ هُوَ یَزِیدُ فِی الرِّزْقِ.

«138»- وَ قَالَ علیه السلام: الْخُلُقُ خُلُقَانِ أَحَدُهُمَا نِیَّةٌ وَ الْآخَرُ سَجِیَّةٌ قِیلَ فَأَیُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ علیه السلام النِّیَّةُ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّجِیَّةِ مَجْبُولٌ عَلَی أَمْرٍ لَا یَسْتَطِیعُ غَیْرَهُ وَ صَاحِبَ النِّیَّةِ یَتَصَبَّرُ عَلَی الطَّاعَةِ تَصَبُّراً فَهَذَا أَفْضَلُ.

«139»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ سُرْعَةَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْأَبْرَارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ لَمْ یُظْهِرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَسُرْعَةِ اخْتِلَاطِ مَاءِ السَّمَاءِ بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَ إِنَّ بُعْدَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْفُجَّارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ أَظْهَرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَبُعْدِ الْبَهَائِمِ مِنَ التَّعَاطُفِ

ص: 257


1- 1. أی ان الایمان بعضه فوق بعض و بعضه أعلی درجة من بعض فالایمان ذو مراتب.
2- 2. النساء 35.
3- 3. الفهم- ككتف-: السریع الفهم و لعلّ المراد لممه فیكون الآخر أشدّ لما من غیره من جهة اللسان.
4- 4. فی بعض النسخ« و لم یقم». و فی الكافی« و ما قسم فی الناس شی ء أقل من الیقین».
5- 5. أوطناه أی اتخذاه وطنا و أقاما فیه.

وَ إِنْ طَالَ اعْتِلَافُهَا(1) عَلَی مِذْوَدٍ وَاحِدٍ(2).

«140»- وَ قَالَ علیه السلام: السَّخِیُّ الْكَرِیمُ الَّذِی یُنْفِقُ مَالَهُ فِی حَقِّ اللَّهِ.

«141»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا أَهْلَ الْإِیمَانِ وَ مَحَلَّ الْكِتْمَانِ تَفَكَّرُوا وَ تَذَكَّرُوا عِنْدَ غَفَلَةِ السَّاهِینَ.

«142»- قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ(3): سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْحَسَبِ فَقَالَ علیه السلام الْمَالُ قُلْتُ فَالْكَرَمُ قَالَ علیه السلام التَّقْوَی قُلْتُ فَالسُّؤْدُدُ(4) قَالَ علیه السلام السَّخَاءُ وَیْحَكَ أَ مَا رَأَیْتَ حَاتِمَ طَیٍ (5) كَیْفَ سَادَ قَوْمَهُ وَ مَا كَانَ بِأَجْوَدِهِمْ مَوْضِعاً(6).

«143»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُرُوَّةُ مُرُوَّتَانِ مُرُوَّةُ الْحَضَرِ وَ مُرُوَّةُ السَّفَرِ فَأَمَّا مُرُوَّةُ الْحَضَرِ فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَ حُضُورُ الْمَسَاجِدِ وَ صُحْبَةُ أَهْلِ الْخَیْرِ وَ النَّظَرُ فِی التَّفَقُّهِ وَ أَمَّا مُرُوَّةُ السَّفَرِ فَبَذْلُ الزَّادِ وَ الْمِزَاحُ فِی غَیْرِ مَا یُسْخِطُ اللَّهَ وَ قِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَی مَنْ صَحِبَكَ وَ تَرْكُ الرِّوَایَةِ عَلَیْهِمْ إِذَا أَنْتَ فَارَقْتَهُمْ.

«144»- وَ قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ ضَارِبَ عَلِیٍّ علیه السلام بِالسَّیْفِ وَ قَاتِلَهُ لَوِ ائْتَمَنَنِی وَ اسْتَنْصَحَنِی وَ اسْتَشَارَنِی ثُمَّ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ لَأَدَّیْتُ إِلَیْهِ الْأَمَانَةَ.

«145»- وَ قَالَ سُفْیَانُ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَجُوزُ أَنْ یُزَكِّی الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا اضْطُرَّ إِلَیْهِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ یُوسُفَ- اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ

ص: 258


1- 1. اعتلفت الدابّة: أكلت.
2- 2. المذود- كمنبر-: معتلف الدوابّ.
3- 3. هو المفضل من عمر المعروف الذی تقدم ذكره ص 250.
4- 4. السؤدد- أحد مصادر ساد یسود-: یعنی الشرف و المجد.
5- 5. هو حاتم بن عبد اللّٰه الطائی كان جوادا یضرب به المثل فی الجود و كان شجاعا شاعرا. و أخبار حاتم مذكورة فی الأغانی و عقد الفرید و المستطرف و غیرها: و ابنه عدی بن حاتم كان من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و خواص أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام و ترجمة حالاته و قصته و كلامه فی محضر معاویة بعد فوت علیّ علیه السلام مشهورة و مذكورة فی السیر و التواریخ.
6- 6. أی لا یكون موضعه جیدا من جهة الحسب النسب.

إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ (1) وَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِینٌ (2).

«146»- وَ قَالَ علیه السلام: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ تُرِیدُ وَ أُرِیدُ فَإِنِ اكْتَفَیْتَ بِمَا أُرِیدُ مِمَّا تُرِیدُ كَفَیْتُكَ مَا تُرِیدُ وَ إِنْ أَبَیْتَ إِلَّا مَا تُرِیدُ أَتْعَبْتُكَ فِیمَا تُرِیدُ وَ كَانَ مَا أُرِیدُ.

«147»- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَیْسٍ (3): سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْفِئَتَیْنِ یَلْتَقِیَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ أَبِیعُهُمَا السِّلَاحَ فَقَالَ علیه السلام بِعْهُمَا مَا یَكُنُّهُمَا الدِّرْعَ وَ الْخَفْتَانَ (4) وَ الْبَیْضَةَ وَ نَحْوَ ذَلِكَ.

«148»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعٌ لَا تَجْرِی فِی أَرْبَعٍ الْخِیَانَةُ وَ الْغُلُولُ وَ السَّرِقَةُ وَ الرِّیَاءُ- لَا تَجْرِی فِی حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ وَ لَا جِهَادٍ وَ لَا صَدَقَةٍ.

«149»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الدُّنْیَا مَنْ یُحِبُّ وَ یُبْغِضُ وَ لَا یُعْطِی الْإِیمَانَ إِلَّا أَهْلَ صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ.

«150»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَی نَفْسِهِ وَ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ.

«151»- قِیلَ لَهُ مَا كَانَ فِی وَصِیَّةِ لُقْمَانَ فَقَالَ علیه السلام كَانَ فِیهَا الْأَعَاجِیبُ وَ كَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا فِیهَا أَنْ قَالَ لِابْنِهِ خَفِ اللَّهَ خِیفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَیْنِ لَعَذَّبَكَ

ص: 259


1- 1. یوسف: 55. و الظاهر أن سفیان هو سفیان الثوری المعروف الذی تقدم آنفا.
2- 2. الأعراف: 66.
3- 3. محمّد بن قیس فی أصحاب الصادق علیه السلام مشترك بین محمّد بن قیس البجلیّ الثقة صاحب كتاب قضایا أمیر المؤمنین علیه السلام، و محمّد بن قیس الأسدی من فقهاء الصادقین علیهما السلام و اعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتیا و الاحكام- و هم أصحاب الأصول المدونة و المصنّفات المشهورة- و محمّد بن قیس أبی نصر الأسدی الكوفیّ وجه من وجوه العرب بالكوفة و كان خصیصا بعمر بن عبد العزیز ثمّ یزید بن عبد الملك، و كان أحدهما أنفذه الی بلد الروم فی فداء المسلمین و له أیضا كتاب.
4- 4. الخفتان- بالفتح-: ضرب من الثیاب. دخیل.

وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَیْنِ لَرَحِمَكَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِی قَلْبِهِ نُورَانِ نُورُ خِیفَةٍ وَ نُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ یَزِدْ عَلَی هَذَا وَ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ یَزِدْ عَلَی هَذَا.

«152»- قَالَ أَبُو بَصِیرٍ(1): سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ علیه السلام الْإِیمَانُ بِاللَّهِ أَنْ لَا یُعْصَی قُلْتُ فَمَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ علیه السلام مَنْ نَسَكَ نُسُكَنَا وَ ذَبَحَ ذَبِیحَتَنَا.

«153»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِكَلِمَةِ هُدًی فَیُؤْخَذُ بِهَا إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا وَ لَا یَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةِ ضَلَالَةٍ فَیُؤْخَذُ بِهَا إِلَّا كَانَ عَلَیْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا.

وَ قِیلَ لَهُ إِنَّ النَّصَارَی یَقُولُونَ إِنَّ لَیْلَةَ الْمِیلَادِ فِی أَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِینَ مِنْ كَانُونَ فَقَالَ كَذَبُوا بَلْ فِی النِّصْفِ مِنْ حَزِیرَانَ وَ یَسْتَوِی اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ فِی النِّصْفِ مِنْ آذَارَ(2).

«154»- وَ قَالَ علیه السلام: كَانَ إِسْمَاعِیلُ أَكْبَرَ مِنْ إِسْحَاقَ بِخَمْسِ سِنِینَ وَ كَانَ الذَّبِیحُ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام أَ مَا سَمِعَ قَوْلَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ (3) إِنَّمَا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَهُ غُلَاماً مِنَ الصَّالِحِینَ فَقَالَ فِی سُورَةِ الصَّافَّاتِ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ (4) یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ ثُمَّ قَالَ- وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ (5) فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِیلَ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ.

«155»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام الْبِرُّ وَ السَّخَاءُ وَ الصَّبْرُ عَلَی النَّائِبَةِ وَ الْقِیَامُ بِحَقِّ الْمُؤْمِنِ.

ص: 260


1- 1. هو یحیی بن أبی القاسم الذی مر ترجمته آنفا.
2- 2. لاستاذنا العلامة المیرزا أبو الحسن الشعرانی هنا تحقیق راجع شرح أصول الكافی للمولی صالح المازندرانی ج 4 ص 351.
3- 3. الصافّات: 98.
4- 4. الصافّات: 99.
5- 5. الصافّات: 112.

«157»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَعُدَّنَّ مُصِیبَةً أُعْطِیتَ عَلَیْهَا الصَّبْرَ وَ اسْتَوْجَبْتَ عَلَیْهَا مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً بِمُصِیبَةٍ إِنَّمَا الْمُصِیبَةُ أَنْ یَحْرُمَ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا وَ ثَوَابَهَا إِذَا لَمْ یَصْبِرْ عِنْدَ نُزُولِهَا.

«158»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مِنْ خَلْقِهِ فِی أَرْضِهِ یُفْزَعُ إِلَیْهِمْ فِی حَوَائِجِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ- أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا آمِنُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَلَا وَ إِنَّ أَحَبَّ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی اللَّهِ مَنْ أَعَانَ الْمُؤْمِنَ الْفَقِیرَ مِنَ الْفَقْرِ فِی دُنْیَاهُ وَ مَعَاشِهِ وَ مَنْ أَعَانَ وَ نَفَعَ وَ دَفَعَ الْمَكْرُوهَ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ.

«159»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ الْبِرَّ لَیُهَوِّنَانِ الْحِسَابَ وَ یَعْصِمَانِ مِنَ الذُّنُوبِ فَصِلُوا إِخْوَانَكُمْ وَ بَرُّوا إِخْوَانَكُمْ وَ لَوْ بِحُسْنِ السَّلَامِ وَ رَدِّ الْجَوَابِ.

«160»- قَالَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ: دَخَلْتُ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ أَوْصِنِی بِوَصِیَّةٍ أَحْفَظُهَا مِنْ بَعْدِكَ قَالَ علیه السلام وَ تَحْفَظُ یَا سُفْیَانُ قُلْتُ أَجَلْ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ علیه السلام یَا سُفْیَانُ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا إِخَاءَ لملوك [لِمَلُولٍ] وَ لَا خُلَّةَ لِمُخْتَالٍ وَ لَا سُؤْدُدَ لِسَیِّئِ الْخُلُقِ (1)

ثُمَّ أَمْسَكَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِی فَقَالَ علیه السلام یَا سُفْیَانُ ثِقْ بِاللَّهِ تَكُنْ عَارِفاً وَ ارْضَ بِمَا قَسَمَهُ لَكَ تَكُنْ غَنِیّاً صَاحِبْ بِمِثْلِ مَا یُصَاحِبُونَكَ بِهِ تَزْدَدْ إِیمَاناً وَ لَا تُصَاحِبِ الْفَاجِرَ فَیُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ وَ شَاوِرْ فِی أَمْرِكَ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ أَمْسَكَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِی فَقَالَ علیه السلام یَا سُفْیَانُ مَنْ أَرَادَ عِزّاً بِلَا سُلْطَانٍ وَ كَثْرَةً بِلَا إِخْوَانٍ وَ هَیْبَةً بِلَا مَالٍ فَلْیَنْتَقِلْ مِنْ ذُلِّ مَعَاصِی اللَّهِ إِلَی عِزِّ طَاعَتِهِ ثُمَّ أَمْسَكَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا ابْنَ بِنْتِ 14 رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِی فَقَالَ علیه السلام یَا سُفْیَانُ أَدَّبَنِی أَبِی علیه السلام بِثَلَاثٍ وَ نَهَانِی عَنْ ثَلَاثٍ فَأَمَّا اللَّوَاتِی أَدَّبَنِی بِهِنَّ فَإِنَّهُ قَالَ لِی یَا بُنَیَّ مَنْ یَصْحَبْ صَاحِبَ السَّوْءِ لَا یَسْلَمْ وَ مَنْ لَا یُقَیِّدْ أَلْفَاظَهُ یَنْدَمْ وَ مَنْ یَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ یُتَّهَمْ قُلْتُ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا الثَّلَاثُ اللَّوَاتِی نَهَاكَ عَنْهُنَّ قَالَ علیه السلام نَهَانِی أَنْ أُصَاحِبَ حَاسِدَ نِعْمَةٍ وَ شَامِتاً بِمُصِیبَةٍ أَوْ حَامِلَ نَمِیمَةٍ.

ص: 261


1- 1. و فی بعض النسخ« لختال». و السودد و السؤدد: الشرف و المجد.

«161»- وَ قَالَ علیه السلام: سِتَّةٌ لَا تَكُونُ فِی مُؤْمِنٍ الْعُسْرُ وَ النَّكَدُ(1)

وَ الْحَسَدُ وَ اللَّجَاجَةُ وَ الْكَذِبُ وَ الْبَغْیُ.

«162»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ بَیْنَ مَخَافَتَیْنِ ذَنْبٍ قَدْ مَضَی لَا یَدْرِی مَا یَصْنَعُ اللَّهُ فِیهِ وَ عُمُرٍ قَدْ بَقِیَ لَا یَدْرِی مَا یَكْتَسِبُ فِیهِ مِنَ الْمَهَالِكِ فَهُوَ لَا یُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَ لَا یُمْسِی إِلَّا خَائِفاً وَ لَا یُصْلِحُهُ إِلَّا الْخَوْفُ.

«163»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْیَسِیرَ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ زَكَتْ مُكْتَسَبُهُ وَ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْعَجْزِ.

«164»- وَ قَالَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ إِنِّی لَمَحْزُونٌ وَ إِنِّی لَمُشْتَغِلُ الْقَلْبِ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَا أَحْزَنَكَ وَ مَا شَغَلَ قَلْبَكَ فَقَالَ علیه السلام لِی یَا ثَوْرِیُّ إِنَّهُ مَنْ دَاخَلَ قَلْبَهُ صَافِی خَالِصِ دِینِ اللَّهِ شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ یَا ثَوْرِیُّ مَا الدُّنْیَا وَ مَا عَسَی أَنْ تَكُونَ هَلِ الدُّنْیَا إِلَّا أَكْلٌ أَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ أَوْ مَرْكَبٌ رَكِبْتُهُ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَطْمَئِنُّوا فِی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَأْمَنُوا قُدُومَ الْآخِرَةِ دَارُ الدُّنْیَا دَارُ زَوَالٍ وَ دَارُ الْآخِرَةِ دَارُ قَرَارٍ أَهْلُ الدُّنْیَا أَهْلُ غَفْلَةٍ إِنَّ أَهْلَ التَّقْوَی أَخَفُّ أَهْلِ الدُّنْیَا مَئُونَةً وَ أَكْثَرُهُمْ مَعُونَةً إِنْ نَسِیتَ ذَكَّرُوكَ وَ إِنْ ذَكَّرُوكَ أَعْلَمُوكَ فَأَنْزِلِ الدُّنْیَا كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ فَارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَالٍ أَصَبْتَهُ فِی مَنَامِكَ فَاسْتَیْقَظْتَ وَ لَیْسَ فِی یَدِكَ شَیْ ءٌ مِنْهُ فَكَمْ مِنْ حَرِیصٍ عَلَی أَمْرٍ قَدْ شَقِیَ بِهِ حِینَ أَتَاهُ وَ كَمْ مِنْ تَارِكٍ لِأَمْرٍ قَدْ سَعِدَ بِهِ حِینَ أَتَاهُ.

«165»- وَ قِیلَ لَهُ مَا الدَّلِیلُ عَلَی الْوَاحِدِ فَقَالَ علیه السلام مَا بِالْخَلْقِ مِنَ الْحَاجَةِ.

«166»- وَ قَالَ علیه السلام: لَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِینَ حَتَّی تَعُدُّوا الْبَلَاءَ نِعْمَةً وَ الرَّخَاءَ مُصِیبَةً.

ص: 262


1- 1. عسر الرجل: ضاق خلقه، و ضد یسر و سهل. و النكد- بفتح و ضم-: قلیل الخیر و العطاء. و قد مر.

«167»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَالُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَنْزٌ وَ لَمْ یَجْتَمِعْ عِشْرُونَ أَلْفاً مِنْ حَلَالٍ وَ صَاحِبُ الثَّلَاثِینَ أَلْفاً هَالِكٌ وَ لَیْسَ مِنْ شِیعَتِنَا مَنْ یَمْلِكُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

«168»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ صِحَّةِ یَقِینِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا یُرْضِیَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَا یَحْمَدَهُمْ عَلَی مَا رَزَقَ اللَّهُ وَ لَا یَلُومَهُمْ عَلَی مَا لَمْ یُؤْتِهِ اللَّهُ فَإِنَّ رِزْقَهُ (1) لَا یَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِیصٍ وَ لَا یَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا یَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا یُدْرِكُهُ الْمَوْتُ.

«169»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ شِیعَتِنَا مَنْ لَا یَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا شَحْنُهُ أُذُنَهُ (2)

وَ لَا یَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً(3) وَ لَا یُوَاصِلُ لَنَا مُغْضَباً وَ لَا یُخَاصِمُ لَنَا وَلِیّاً وَ لَا یُجَالِسُ لَنَا عَائِباً قَالَ لَهُ مِهْزَمٌ (4) فَكَیْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَیِّعَةِ(5) قَالَ علیه السلام فِیهِمُ التَّمْحِیصُ وَ فِیهِمُ التَّمْیِیزُ(6) وَ فِیهِمُ التَّنْزِیلُ تَأْتِی عَلَیْهِمْ سِنُونَ تُفْنِیهِمْ وَ طَاعُونٌ یَقْتُلُهُمْ وَ اخْتِلَافٌ یُبَدِّدُهُمْ- شِیعَتُنَا مَنْ لَا یَهِرُّ هَرِیرَ كَلْبٍ (7) وَ لَا یَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ وَ لَا یَسْأَلُ وَ إِنْ مَاتَ جُوعاً قُلْتُ فَأَیْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ علیه السلام اطْلُبْهُمْ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ

ص: 263


1- 1. مروی فی الكافی ج 2 ص 57 و فیه« فان الرزق لا یسوقه حرص حریص و لا یرده كراهیة كاره».
2- 2. كذا. و فی الكافی« و لا شحناؤه بدنه».
3- 3. فی بعض نسخ المصدر« و لا یمتدح بمعاملنا». قوله:« و لا یواصل لنا مغضبا» أی لا یواصل عدونا.
4- 4. هو مهزم بن أبی برزة الأسدی الكوفیّ كان من أصحاب الباقر و الصادق و الكاظم علیهما السلام.
5- 5. فی بعض نسخ المصدر« الشیعة».
6- 6. التمحیص: الاختبار و الامتحان. و فیهم التنزیل أی نزول البلیة و العذاب، و فی الكافی« و فیهم التبدیل» و السنون: جمع سنة أی القحط و الجدب.
7- 7. الهریر: صوت الكلب دون نباحه من قلة صبره علی البرد.

أُولَئِكَ الْخَفِیضُ عَیْشُهُمْ (1) الْمُنْتَقِلَةُ دَارُهُمْ الَّذِینَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ یُعْرَفُوا وَ إِنْ غَابُوا لَمْ یُفْتَقَدُوا وَ إِنْ مَرِضُوا لَمْ یُعَادُوا وَ إِنْ خَطَبُوا لَمْ یُزَوَّجُوا وَ إِنْ رَأَوْا مُنْكَراً أَنْكَرُوا وَ إِنْ خَاطَبَهُمُ جَاهِلٌ سَلَّمُوا وَ إِنْ لَجَأَ إِلَیْهِمْ ذُو الْحَاجَةِ مِنْهُمْ رَحِمُوا وَ عِنْدَ الْمَوْتِ هُمْ لَا یَحْزَنُونَ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ رَأَیْتَهُمْ اخْتَلَفَتْ بِهِمُ الْبُلْدَانُ.

«170»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَرَادَ أَنْ یُطَوِّلَ اللَّهَ عُمُرَهُ فَلْیُقِمْ أَمْرَهُ وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَحُطَّ وِزْرَهُ فَلْیُرْخِ سِتْرَهُ (2) وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یُرْفَعَ ذِكْرُهُ فَلْیُخْمِلْ أَمْرَهُ (3).

«171»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثُ خِصَالٍ هُنَّ أَشَدُّ مَا عَمِلَ بِهِ الْعَبْدُ إِنْصَافُ الْمُؤْمِنِ مِنْ نَفْسِهِ وَ مُوَاسَاةُ الْمَرْءِ لِأَخِیهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ قِیلَ لَهُ فَمَا مَعْنَی ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ قَالَ علیه السلام یَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ مَعْصِیَةٍ یَهُمُّ بِهَا فَیَحُولُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَعْصِیَةِ.

«172»- وَ قَالَ علیه السلام: الْهَمْزُ زِیَادَةٌ فِی الْقُرْآنِ (4).

ص: 264


1- 1. خفض العیش: دناءته، أی القلیل المكفی.
2- 2. أرخی الستر: أرسله و أسدله. و المراد بالستر الحیاء و الخوف.
3- 3. أخمله: جعله خاملا أی خفیا، مستورا. و فی بعض نسخ المصدر« فلیحمل» و فی بعضها« فلیجمل».
4- 4. فی رجال النجاشیّ فی ترجمة أبان بن تغلب عن محمّد بن موسی بن أبی مریم صاحب اللؤلؤ قال: سمعت أبان بن تغلب- و ما رأیت أحدا أقرأ منه- قد یقول:« انما الهمز ریاضة» و ذكر قراءته- الی آخر كلامه. و ذكر بعض العلماء فی الهامش: قد فصل فی كتب الصرف أن العرب قد اختلف فی كیفیة التكلم بالهمزة فالقریش و أكثر أهل الحجاز خففها لأنّها أدخل حروف الحلق و لها نبرة كریهة یجری مجری التهوع فثقلت بذلك علی اللافظ، و عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال:« ینزل القرآن بلسان قریش و لیسوا بأهل نبر- أی همز و لو لا أن جبرئیل نزل بالهمزة علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ما همزنا» و أمّا باقی العرب كتمیم و قیس حققها قیاسا لها علی سائر الحروف. و قول أبان هذا« انما الهمز ریاضة» اختیار منه- ره- لغة قریش علی غیرها یقول: انما الهمز أی التكلم بها و الافصاح عنها مشقة و ریاضة بلا ثمر فلا بد فیها من التخفیف. انتهی.

«173»- وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكُمْ (1) وَ الْمِزَاحَ فَإِنَّهُ یَجُرُّ السَّخِیمَةَ وَ یُورِثُ الضَّغِینَةَ وَ هُوَ السَّبُّ الْأَصْغَرُ.

«174»- وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ(2) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ وَ لَكِنِ اذْكُرْهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِكَ فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ إِمَّا كِفَایَةً وَ إِمَّا مَعُونَةً بِجَاهٍ أَوْ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً أَوْ مَشُورَةً بِرَأْیٍ.

«175»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَكُونَنَّ دَوَّاراً فِی الْأَسْوَاقِ وَ لَا تَكُنْ شَرَّاءَ دَقَائِقِ الْأَشْیَاءِ بِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ یُكْرَهُ لِلْمَرْءِ ذِی الْحَسَبِ وَ الدِّینِ أَنْ یَلِیَ دَقَائِقَ الْأَشْیَاءِ بِنَفْسِهِ (3) إِلَّا فِی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ شِرَاءِ الْعَقَارِ وَ الرَّقِیقِ وَ الْإِبِلِ.

«176»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَكَلَّمْ بِمَا لَا یَعْنِیكَ وَ دَعْ كَثِیراً مِنَ الْكَلَامِ فِیمَا یَعْنِیكَ حَتَّی تَجِدَ لَهُ مَوْضِعاً فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ بِمَا یَعْنِیهِ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ فَتَعِبَ وَ لَا تُمَارِیَنَّ سَفِیهاً وَ لَا حَلِیماً فَإِنَّ الْحَلِیمَ یَغْلِبُكَ وَ السَّفِیهَ یُرْدِیكَ وَ اذْكُرْ أَخَاكَ إِذَا تَغَیَّبَ بِأَحْسَنِ مَا تُحِبُّ أَنْ یَذْكُرُكَ بِهِ إِذَا تَغَیَّبْتَ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْعَمَلُ وَ اعْمَلْ عَمَلَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ مَجْزِیٌّ بِالْإِحْسَانِ مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ.

«177»- وَ قَالَ لَهُ یُونُسُ (4)

لَوَلَائِی لَكُمْ وَ مَا عَرَّفَنِی اللَّهُ مِنْ حَقِّكُمْ أَحَبُ

ص: 265


1- 1. و فی بعض النسخ« ایاك».
2- 2. هو الحسن بن راشد مولی بنی العباس بغدادیّ كوفیّ من أصحاب الصادق علیه السلام و أدرك الكاظم علیه السلام و روی عنه أیضا. و یمكن أن یكون هو حسن بن راشد الطفاوی من أصحاب الصادق علیه السلام یروی عن الضعفاء له، كتاب نوادر، كثیر العلم.
3- 3. دقائق الأشیاء: محقراتها. و العقار: الضیعة، المتاع، و كل ما له أصل و قرار. و العقار فی الأحادیث كل ملك ثابت له أصل كالارض و الضیاع و النخل. و الرقیق: المملوك للذكر و الأنثی.
4- 4. الظاهر أنّه أبو علیّ یونس بن یعقوب بن قیس البجلیّ الكوفیّ من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا علیهم السلام، ثقة معتمد علیه من أصحاب الأصول المدونة و من أعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الاحكام و الفتیا و له كتاب و كان یتوكل لابی الحسن علیه السلام أمه منیة بنت عمّار بن أبی معاویة الدهنی اخت معاویة بن عمار- مات رحمه اللّٰه فی أیام الرضا علیه السلام بالمدینة و بعث إلیه أبو الحسن الرضا علیه السلام بحنوطه و كفنه و جمیع ما یحتاج إلیه.

إِلَیَّ مِنَ الدُّنْیَا بِحَذَافِیرِهَا قَالَ یُونُسُ فَتَبَیَّنْتُ الْغَضَبَ فِیهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا یُونُسُ قِسْتَنَا بِغَیْرِ قِیَاسٍ مَا الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا هَلْ هِیَ إِلَّا سَدُّ فَوْرَةٍ أَوْ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَ أَنْتَ لَكَ بِمَحَبَّتِنَا الْحَیَاةُ الدَّائِمَةُ.

«178»- وَ قَالَ علیه السلام: یَا شِیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لَیْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ یَمْلِكْ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ لَمْ یُحْسِنْ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ وَ مُرَافَقَةَ مَنْ رَافَقَهُ وَ مُصَالَحَةَ مَنْ صَالَحَهُ وَ مُخَالَفَةَ مَنْ خَالَفَهُ یَا شِیعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

«179»- وَ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَی (1): كُنْتُ فِی حَلْقَةٍ بِالْمَدِینَةِ فَذَكَرُوا الْجُودَ فَأَكْثَرُوا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یُكَنَّی أَبَا دُلَیْنٍ إِنَّ جَعْفَراً وَ إِنَّهُ لَوْ لَا أَنَّهُ ضَمَّ یَدَهُ فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام تُجَالِسُ أَهْلَ الْمَدِینَةِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ علیه السلام فَمَا حُدِّثْتَ بَلِّغْنِی فَقَصَصْتُ عَلَیْهِ الْحَدِیثَ فَقَالَ علیه السلام وَیْحَ أَبِی دُلَیْنٍ إِنَّمَا مَثَلُهُ مَثَلُ الرِّیشَةِ تَمُرُّ بِهَا الرِّیحُ فَتُطَیِّرُهَا(2) ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَ أَفْضَلُ

ص: 266


1- 1. هو عبد الأعلی مولی آل سام من أصحاب الصادق علیه السلام و أنّه اذن له فی الكلام لانه یقع و یطیر، و قد تضمن عدة اخبار أنّه علیه السلام دعاه الی الاكل معه من طعامه المعتاد و من طعام أهدی له. و یمكن أن یكون الراوی هو عبد الأعلی بن أعین العجلیّ مولاهم الكوفیّ من أصحاب الصادق علیه السلام. و قیل باتحادهما.
2- 2. الریشة: واحدة الریش و هو للطائر بمنزلة الشعر لغیره. و لعلّ المراد أنه فی خفته كالریشة تتبع كل ناعق و تمیل مع كل ریح و هو لم یستضئ بنور العلم الحقیقی و لم یلجأ الی ركن وثیق. و أبو دلین فی بعض النسخ« أبا دكین»- بالتصغیر- و الصحیح ابن دكین و هو فضل بن دكین المكنی بأبی نعیم كان من أكابر محدثی قدماء الإسلام و روی عنه كلا الطائفتین ولد سنة 130 و قدم بغداد فنزل الرمیلة و هی محلة بها فاجتمع الهجرة التارك لهذا الامر بعد معرفته». فلا یعبد أن یراد بالكلام معنی عاما یشمل الیه أصحاب الحدیث و نصبوا له كرسیا صعد علیه و أخذ یعظ الناس و یذكرهم و یروی لهم الأحادیث و توفی بالكوفة سنة 210.

الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًی (1) وَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَ الْیَدُ الْعُلْیَا خَیْرٌ مِنَ السُّفْلَی وَ لَا یَلُومُ اللَّهُ عَلَی الْكَفَافِ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ بِخَیْلٌ وَ تَرَوْنَ أَنَّ شَیْئاً أَجْوَدُ مِنَ اللَّهِ إِنَّ الْجَوَادَ السَّیِّدَ مَنْ وَضَعَ حَقَّ اللَّهِ مَوْضِعَهُ وَ لَیْسَ الْجَوَادُ مَنْ یَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ یَضَعُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَی اللَّهَ وَ لَمْ أَتَنَاوَلَ مَا لَا یَحِلُّ بِی وَ مَا وَرَدَ عَلَیَّ حَقُّ اللَّهِ إِلَّا أَمْضَیْتُهُ وَ مَا بِتُّ لَیْلَةً قَطُّ وَ لِلَّهِ فِی مَالِی حَقٌّ لَمْ أَرُدَّهُ.

«180»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ (2) وَ لَا وِصَالَ فِی صِیَامٍ وَ لَا یُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَ لَا صَمْتَ یَوْمٍ إِلَی اللَّیْلِ وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ(3) وَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ

ص: 267


1- 1. قال الجزریّ: و فیه خیر الصدقة ما كان عن ظهر غنی أی ما كان عفوا قد فضل عن غنی، و قیل: أراد ما فضل عن العیال و الظهر قد یزاد فی مثل هذا اشباعا للكلام و تمكینا، كأن صدقته مستندة الی ظهر قوی من المال. انتهی، مثله:« خیر الصدقة ما أبقیت غنی» أی أبقیت بعدها لك و لعیالك غنی و المراد نفس الغنی لكنه اضیف للایضاح و البیان كما قیل: ظهر الغیب و المراد نفس الغیب فالإضافة بیانیة طلبا للتأكید كما فی حقّ الیقین و دار الآخرة. و المراد بالید العلیا: المعطیة المتعففة. و الید السفلی: المانعة أو السائلة.
2- 2. أی كل طفل شرب اللبن بعد فصله عن الرضاع من امرأة اخری لم ینشر ذلك الرضاع الحرمة، لانه رضاع بعد فطام.« و لا وصال فی صیام» أی یحرم ذلك الصوم فلا یجوز.« و لا یتم بعد احتلام» أی لا یطلق الیتیم علی الصبی الذی فقد أباه إذا احتلم و بلغ و الیتم- بفتح و ضم-: مصدر یتم ییتم فهو یتیم.« و لا صمت یوم الی اللیل» أی لیس صومه صوما و لا یكون مشروعا فلا فضیلة له و فی الحدیث« صوم الصمت حرام».
3- 3.« لا تعرب بعد الهجرة» أی یحرم الالتحاق ببلاد الكفر و الإقامة فیها من غیر عذر، و فی الخبر« من الكفر التعرب بعد الهجرة». و روی أیضا« أن المتعرب بعد. كل مورد بحسب الزمان و المقام. و لذا قیل:« التعرب بعد الهجرة فی زماننا هذا أن یشتغل الإنسان بتحصیل العلم ثمّ یتركه و یصیر منه غریبا». و لعلّ المراد بالفتح فتح مكّة أو مطلق الفتح فیراد به معنی عاما.

الْفَتْحِ وَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَ لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَ لَا یَمِینَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ (1) وَ لَا لِمَمْلُوكٍ مَعَ مَوْلَاهُ وَ لَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا وَ لَا نَذْرَ فِی مَعْصِیَةٍ وَ لَا یَمِینَ فِی قَطِیعَةٍ.

«181»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ مِنْ أَحَدٍ وَ إِنْ سَاعَدَتْهُ الْأُمُورُ بِمُسْتَخْلِصٍ غَضَارَةَ عَیْشٍ (2)

إِلَّا مِنْ خِلَالِ مَكْرُوهٍ وَ مَنِ انْتَظَرَ بِمُعَاجَلَةِ الْفُرْصَةِ مُؤَاجَلَةَ الِاسْتِقْصَاءِ(3) سَلَبَتْهُ الْأَیَّامُ فُرْصَتَهُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْأَیَّامِ السَّلْبَ وَ سَبِیلَ الزَّمَنِ الْفَوْتُ.

«182»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمَعْرُوفُ زَكَاةُ النِّعَمِ وَ الشَّفَاعَةُ زَكَاةُ الْجَاهِ وَ الْعِلَلُ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ وَ مَا أَدَّیْتَ زَكَاتَهُ فَهُوَ مَأْمُونُ السَّلْبِ.

«183»- وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْ مُصِیبَتِی فِی دِینِی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ مُصِیبَتِی أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ كَانَتْ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی الْأَمْرِ الَّذِی شَاءَ أَنْ یَكُونَ وَ كَانَ.

ص: 268


1- 1. لعل المراد به نفی الصحة فلا ینعقد من الأصل كما یمكن أن یراد بها نفی اللزوم فینعقد الا أنّه لا یلزم.
2- 2. الغضارة- بالفتح-: طیب العیش یقال: انهم لفی غضارة من العیش أی فی خیر و خصب- من غضر غضارة-: أخصب، طاب عیشه، كثر ماله.« من خلال مكروه» بفتح الخاء أی المكروهات. و خلال الدیار بالكسر: ما بین بیوتها أو ما حوالی حدودها. و لعلّ المراد ان النیل بغضارة العیش لكل أحد لا تحصل الا بعد التعب و المشقة.
3- 3. لعل المراد ان من وجد الفرصة و لم یستقدمها و ینتظر زمنا حتّی یستوفی من المطلوب بنحو أتم ذهبت هذه الفرصة أیضا و لم ینل بشی ء من المطلوب أبدا.

«184»- وَ قَالَ علیه السلام: یَقُولُ اللَّهُ مَنِ اسْتَنْقَذَ حَیْرَانَ مِنْ حَیْرَتِهِ سَمَّیْتُهُ حَمِیداً وَ أَسْكَنْتُهُ جَنَّتِی (1).

«185»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا أَقْبَلَتْ دُنْیَا قَوْمٍ كُسُوا مَحَاسِنَ غَیْرِهِمْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ سُلِبُوا مَحَاسِنَ أَنْفُسِهِمْ.

«186»- وَ قَالَ علیه السلام: الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ وَ الْبَنُونَ نِعَمٌ فَالْحَسَنَاتُ تُثَابُ عَلَیْهِنَّ وَ النِّعْمَةُ تُسْأَلُ عَنْهَا.

«109»- ف (2)، تحف العقول وَ مِنْ حِكَمِهِ علیه السلام: لَا یَصْلُحُ مَنْ لَا یَعْقِلُ (3)

وَ لَا یَعْقِلُ مَنْ لَا یَعْلَمُ وَ سَوْفَ یَنْجُبُ مَنْ یَفْهَمُ وَ یَظْفَرُ مَنْ یَحْلُمُ وَ الْعِلْمُ جُنَّةٌ وَ الصِّدْقُ عِزٌّ وَ الْجَهْلُ ذُلٌّ وَ الْفَهْمُ مَجْدٌ(4) وَ الْجُودُ نُجْحٌ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ مَجْلَبَةٌ لِلْمَوَدَّةِ وَ الْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَهْجُمُ عَلَیْهِ اللَّوَابِسُ (5) وَ الْحَزْمُ مِشْكَاةُ الظَّنِ (6) وَ اللَّهُ وَلِیُّ مَنْ عَرَفَهُ وَ عَدُوُّ مَنْ تَكَلَّفَهُ وَ الْعَاقِلُ غَفُورٌ وَ الْجَاهِلُ خَتُورٌ(7) وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُكْرَمَ فَلِنْ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُهَانَ فَاخْشُنْ وَ مَنْ كَرُمَ أَصْلُهُ لَانَ قَلْبُهُ وَ مَنْ خَشُنَ عُنْصُرُهُ غَلُظَ كَبِدُهُ (8)

وَ مَنْ فَرَّطَ تَوَرَّطَ(9) وَ مَنْ خَافَ الْعَاقِبَةَ تَثْبُتُ فِیمَا لَا یَعْلَمُ وَ مَنْ هَجَمَ عَلَی أَمْرٍ بِغَیْرِ عِلْمٍ جَدَعَ أَنْفَ نَفْسِهِ (10) وَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ لَمْ یَفْهَمْ وَ مَنْ لَمْ یَفْهَمْ لَمْ یَسْلَمْ وَ مَنْ لَمْ یَسْلَمْ لَمْ یُكْرَمْ وَ مَنْ لَمْ یُكْرَمْ تُهْضَمْ وَ مَنْ تُهْضَمْ كَانَ أَلْوَمَ (11)

وَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَحْرَی أَنْ

ص: 269


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« اسمیه»، قوله:« حمیدا». و فی بعض النسخ:« جهیدا» و یمكن أن یقرأ« جهبذا».
2- 2. التحف: 356.
3- 3. رواها الكلینی فی الكافی ج 1 ص 26 و فیه« لا یفلح من لا یعقل».
4- 4. المجد: العز و الرفعة. و النجح: الفوز و الظفر.
5- 5. اللبس- بالفتح-: الشبهة، أی لا تدخل علیه الشبهات.
6- 6. المشكاة: كوة غیر نافذة، و أیضا: ما یوضع فیها المصباح. و فی الكافی« و الحزم مساءة الظنّ» و المساءة مصدر میمی.
7- 7. ختر- كضرب و نصر- ختورا: خبث و فسد. و الختر: الغدر و الخدیعة.
8- 8. العنصر: الأصل.« و غلظ كبده» أی قسا قلبه.
9- 9. أی من قصر فی طلب الحق و فعل الطاعات أوقع نفسه فی ورطات المهالك.
10- 10. أی ذل نفسه.
11- 11. تهضم من باب التفعیل. و فی بعض النسخ« یهضم» فی الموضعین أی یظلم و یغضب.

یَنْدَمَ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تُعْرَفَ فَافْعَلْ وَ مَا عَلَیْكَ إِذَا لَمْ یُثْنِ النَّاسُ عَلَیْكَ وَ مَا عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَقُولُ- لَا خَیْرَ فِی الْحَیَاةِ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ یَزْدَادُ كُلَّ یَوْمٍ فِیهَا إِحْسَاناً وَ رَجُلٍ یَتَدَارَكُ مَنِیَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ(1)

إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَیْتِكَ فَافْعَلْ وَ إِنَّ عَلَیْكَ فِی خُرُوجِكَ أَنْ لَا تَغْتَابَ وَ لَا تَكْذِبَ وَ لَا تَحْسُدَ وَ لَا تُرَائِیَ وَ لَا تَتَصَنَّعَ وَ لَا تُدَاهِنَ صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَیْتُهُ یَحْبِسُ فِیهِ نَفْسَهُ وَ بَصَرَهُ وَ لِسَانَهُ وَ فَرْجَهُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِقَلْبِهِ اسْتَوْجَبَ الْمَزِیدَ مِنَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ یُظْهِرَ شُكْرَهَا عَلَی لِسَانِهِ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِسَتْرِ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَیْهِ- إِنِّی لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًی وَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ الْحُبُّ أَفْضَلُ مِنَ الْخَوْفِ وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّ اللَّهَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا وَ وَالَی غَیْرَنَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ أَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ كُنْ ذَنَباً وَ لَا تَكُنْ رَأْساً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ خَافَ كَلَّ لِسَانُهُ.

«110»- سر(2)،[السرائر] ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ الْجَزَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِی إِلَی عِزِّ التَّقْوَی أَغْنَاهُ اللَّهُ بِلَا مَالٍ وَ أَعَزَّهُ بِلَا عَشِیرَةٍ وَ آنَسَهُ بِلَا بِشْرٍ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ خَافَ مِنْهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْمَعَاشِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَحْیِ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ وَ قَنِعَ بِهِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نُعِّمَ أَهْلُهُ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهِ لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُیُوبَ الدُّنْیَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْیَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ.

«111»- سر(3)،[السرائر] مِنْ كِتَابِ أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْصِنِی قَالَ أَعِدَّ جَهَازَكَ وَ قَدِّمْ زَادَكَ وَ كُنْ وَصِیَ

ص: 270


1- 1. فی بعض نسخ الكافی« سیئته بالتوبة».
2- 2. السرائر باب النوادر آخر أبواب الكتاب.
3- 3. السرائر باب النوادر آخر أبواب الكتاب.

نَفْسِكَ- لَا تَقُلْ لِغَیْرِكَ یَبْعَثُ إِلَیْكَ بِمَا یُصْلِحُكَ.

«112»- أَقُولُ رَوَی الشَّهِیدُ الثَّانِی رَحِمَهُ اللَّهُ (1)

بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ فَإِذَا بِمَوْلًی لِعَبْدِ اللَّهِ النَّجَاشِیِّ قَدْ وَرَدَ عَلَیْهِ فَسَلَّمَ وَ أَوْصَلَ إِلَیْهِ كِتَابَهُ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ فَإِذَا أَوَّلُ سَطْرٍ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَیِّدِی وَ جَعَلَنِی مِنْ كُلِّ سُوءٍ فِدَاءَهُ وَ لَا أَرَانِی فِیهِ مَكْرُوهاً فَإِنَّهُ وَلِیُّ ذَلِكَ وَ الْقَادِرُ عَلَیْهِ- اعْلَمْ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ إِنِّی بُلِیتُ بِوِلَایَةِ الْأَهْوَازِ فَإِنْ رَأَی سَیِّدِی أَنْ یَحُدَّ لِیَ حَدّاً أَوْ یُمَثِّلَ لِی مَثَلًا لِأَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَی مَا یُقَرِّبُنِی إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ یُلَخِّصَ فِی كِتَابِهِ مَا یَرَی لِیَ الْعَمَلَ بِهِ وَ فِیمَا بَذْلُهُ وَ أَبْتَذِلُهُ وَ أَیْنَ أَضَعُ زَكَاتِی وَ فِیمَنْ أَصْرِفُهَا وَ بِمَنْ آنَسُ وَ إِلَی مَنْ أَسْتَرِیحُ وَ مَنْ أَثِقُ وَ آمَنُ وَ أَلْجَأُ إِلَیْهِ فِی سِرِّی فَعَسَی أَنْ یُخَلِّصَنِی اللَّهُ بِهِدَایَتِكَ وَ دَلَالَتِكَ فَإِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ أَمِینُهُ فِی بِلَادِهِ لَا زَالَتْ نِعْمَتُهُ عَلَیْكَ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ فَأَجَابَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ جَامَلَكَ اللَّهُ بِصُنْعِهِ وَ لَطَفَ بِكَ بِمَنِّهِ وَ كَلَأَكَ بِرِعَایَتِهِ فَإِنَّهُ وَلِیُّ ذَلِكَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَ إِلَیَّ رَسُولُكَ بِكِتَابِكَ فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُ جَمِیعَ مَا ذَكَرْتَهُ وَ سَأَلْتَ عَنْهُ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ بُلِیتَ بِوِلَایَةِ الْأَهْوَازِ فَسَرَّنِی ذَلِكَ وَ سَاءَنِی وَ سَأُخْبِرُكَ بِمَا سَاءَنِی مِنْ ذَلِكَ وَ مَا سَرَّنِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَمَّا سُرُورِی بِوِلَایَتِكَ فَقُلْتُ عَسَی أَنْ یُغِیثَ اللَّهُ بِكَ مَلْهُوفاً خَائِفاً مِنْ أَوْلِیَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُعِزَّ بِكَ ذَلِیلَهُمْ وَ یَكْسُوَ بِكَ عَارِیَهُمْ وَ یُقَوِّیَ بِكَ ضَعِیفَهُمْ وَ یُطْفِئَ بِكَ نَارَ الْمُخَالِفِینَ عَنْهُمْ وَ أَمَّا الَّذِی سَاءَنِی مِنْ

ذَلِكَ فَإِنَّ أَدْنَی مَا أَخَافُ عَلَیْكَ أَنْ تَعْثُرَ بِوَلِیٍّ لَنَا فَلَا تَشَمَّ حَظِیرَةَ الْقُدْسِ فَإِنِّی مُلَخِّصٌ لَكَ جَمِیعَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْهُ

ص: 271


1- 1. كتاب الغیبة الملحق بكشف الفوائد ص 264 و قد مر بعضه فی مواعظ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ج 77 ص 189 مع اختلاف فی بعض الموارد. و الظاهر المنقول هاهنا من نسخة و هنالك من نسخة اخری و كان فیهما اختلاف.

رَجَوْتُ أَنْ تَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

أَخْبَرَنِی یَا عَبْدَ اللَّهِ أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنِ اسْتَشَارَهُ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ فَلَمْ یَمْحَضْهُ النَّصِیحَةَ سَلَبَهُ اللَّهُ لُبَّهُ وَ اعْلَمْ أَنِّی سَأُشِیرُ عَلَیْكَ بِرَأْیٍ إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ تَخَلَّصْتَ مِمَّا أَنْتَ مُتَخَوِّفُهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ خَلَاصَكَ وَ نَجَاتَكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَ كَفِّ الْأَذَی مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّةِ وَ التَّأَنِّی وَ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ لِینٍ فِی غَیْرِ ضَعْفٍ وَ شِدَّةٍ فِی غَیْرِ عُنْفٍ وَ مُدَارَاةِ صَاحِبِكَ وَ مَنْ یَرِدُ عَلَیْكَ مِنْ رُسُلِهِ وَ ارْتُقْ فَتْقَ رَعِیَّتِكَ (1) بِأَنْ تُوَفِّقَهُمْ عَلَی مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ الْعَدْلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِیَّاكَ وَ السُّعَاةَ وَ أَهْلَ النَّمَائِمِ فَلَا یَلْتَزِقَنَّ مِنْهُمْ بِكَ أَحَدٌ وَ لَا یَرَاكَ اللَّهُ یَوْماً وَ لَیْلَةً وَ أَنْتَ تَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا فَیَسْخَطَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ یَهْتِكَ سِتْرَكَ وَ احْذَرْ مَكْرَ خُوزِ الْأَهْوَازِ(2) فَإِنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ الْإِیمَانُ لَا یَثْبُتُ فِی قَلْبِ یَهُودِیٍّ وَ لَا خُوزِیٍّ أَبَداً فَأَمَّا مَنْ تَأْنَسُ بِهِ تَسْتَرِیحُ إِلَیْهِ وَ تُلْجِئُ أُمُورَكَ إِلَیْهِ فَذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُمْتَحَنُ الْمُسْتَبْصِرُ الْأَمِینُ الْمُوَافِقُ لَكَ عَلَی دِینِكَ وَ مَیِّزْ أَعْوَانَكَ وَ جَرِّبِ الْفَرِیقَیْنِ (3)

فَإِنْ رَأَیْتَ هُنَالِكَ رُشْداً فَشَأْنَكَ وَ إِیَّاهُ وَ إِیَّاكَ أَنْ تُعْطِیَ دِرْهَماً أَوْ تَخْلَعَ ثَوْباً أَوْ تَحْمِلَ عَلَی دَابَّةٍ فِی غَیْرِ ذَاتِ اللَّهِ لِشَاعِرٍ أَوْ مُضْحِكٍ أَوْ مُتَمَزِّحٍ إِلَّا أَعْطَیْتَ مِثْلَهُ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ لْتَكُنْ جَوَائِزُكَ وَ عَطَایَاكَ وَ خِلَعُكَ لِلْقُوَّادِ وَ الرُّسُلِ وَ الْأَجْنَادِ(4)

وَ أَصْحَابِ الرَّسَائِلِ وَ أَصْحَابِ الشُّرَطِ وَ الْأَخْمَاسِ وَ مَا أَرَدْتَ تَصْرِفُهُ فِی وُجُوهِ الْبِرِّ وَ النَّجَاحِ الْعِتْقِ وَ الصَّدَقَةِ وَ الْحَجِّ وَ

ص: 272


1- 1. الرتق: ضد الفتق أی أصلح ذات بینهم.
2- 2. الخوز بالمعجمتین و ضم أولهما جیل من الناس و اسم لجمیع بلاد خوزستان.
3- 3. أی اجعل لهم علامة یعرفون بها و علی هذا فمعنی« جرب الفریقین أی جرب من تأنس و أعوانك، و یمكن أن یراد بتمییز الاعوان تشخیص العدو و الصدیق منهم فیكون التجربة متعلقة بهما.
4- 4. كذا. و فی نسخة« الاخبار».

الْمَشْرَبِ وَ الْكِسْوَةِ الَّتِی تُصَلِّی فِیهَا وَ تَصِلُ بِهَا وَ الْهَدِیَّةِ الَّتِی تُهْدِیهَا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَطْیَبِ كَسْبِكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ اجْهَدْ أَنْ لَا تَكْنِزَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآیَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ (1) وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ مِنْ حُلْوٍ أَوْ فَضْلِ طَعَامٍ تَصْرِفُهُ فِی بُطُونٍ خَالِیَةً لِتُسَكِّنَ بِهَا غَضَبَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ اعْلَمْ أَنِّی سَمِعْتُ مِنْ أَبِی یُحَدِّثُ مِنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً مَا آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَ جَارُهُ جَائِعٌ فَقُلْنَا هَلَكْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مِنْ فَضْلِ طَعَامِكُمْ وَ مِنْ فَضْلِ تَمْرِكُمْ وَ رِزْقِكُمْ وَ خَلَقِكُمْ وَ خِرَقِكُمْ تُطْفِئُونَ بِهَا غَضَبَ الرَّبِ (2) وَ سَأُنَبِّئُكَ بِهَوَانِ الدُّنْیَا وَ هَوَانِ شَرَفِهَا عَلَی مَا مَضَی مِنَ السَّلَفِ وَ التَّابِعِینَ فَقَدْ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ علیه السلام لَمَّا تَجَهَّزَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی الْكُوفَةِ أَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ أَنْ یَكُونَ هُوَ الْمَقْتُولَ بِالطَّفِّ فَقَالَ أَنَا أَعْرَفُ بِمَصْرَعِی مِنْكَ وَ مَا وَكْدِی مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا فِرَاقَهَا(3)

أَ لَا أُخْبِرُكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ بِحَدِیثِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الدُّنْیَا فَقَالَ لَهُ بَلَی لَعَمْرِی إِنِّی لَأُحِبُّ أَنْ تُحَدِّثَنِی بِأَمْرِهَا فَقَالَ أَبِی فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ- حَدَّثَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ إِنِّی كُنْتُ بِفَدَكَ فِی بَعْضِ حِیطَانِهَا وَ قَدْ صَارَتْ لِفَاطِمَةَ علیها السلام قَالَ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ هَجَمَتْ عَلَیَّ وَ فِی یَدِی مِسْحَاةٌ وَ أَنَا أَعْمَلُ بِهَا فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهَا طَارَ قَلْبِی مِمَّا تَدَاخَلَنِی مِنْ جَمَالِهَا فَشَبَّهْتُهَا بِبُثَیْنَةَ بِنْتِ عَامِرٍ الْجُمَحِیِّ وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ قُرَیْشٍ فَقَالَتْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ هَلْ

ص: 273


1- 1. التوبة: 35.
2- 2. قوله:« فقلنا هلكنا» أی هلكنا بما قلت، أو نحن نشبع و جیراننا یبیتون جیاعا و لیس عندنا ما یشبعهم، فقال( ص):« من فضل طعامكم» أی انفقوا فضل طعامكم و فضل ثیابكم و ان كان خلقا بالیا خرقا، تسكن به غضب ربكم.
3- 3. الوكد- كفلس-: المراد، و المقصد، و الهم. و- كقفل-: السعی و الجهد.

لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِی فَأُغْنِیَكَ عَنْ هَذِهِ الْمِسْحَاةِ وَ أَدُلَّكَ عَلَی خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَیَكُونَ لَكَ الْمُلْكُ مَا بَقِیتَ وَ لِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ حَتَّی أَخْطُبَكِ مِنْ أَهْلِكِ فَقَالَتْ أَنَا الدُّنْیَا قَالَ لَهَا فَارْجِعِی وَ اطْلُبِی زَوْجاً غَیْرِی فَلَسْتِ مِنْ شَأْنِی وَ أَقْبَلْتُ عَلَی مِسْحَاتِی وَ أَنْشَأَتُ أَقُولُ:

لَقَدْ خَابَ مَنْ غَرَّتْهُ دُنْیَا دَنِیَّةٌ***وَ مَا هِیَ إِنْ غَرَّتْ قُرُوناً بِنَائِلٍ

أَتَتْنَا عَلَی زِیِّ الْعَزِیزِ بُثَیْنَةَ***وَ زِینَتُهَا فِی مِثْلِ تِلْكَ الشَّمَائِلِ

فَقُلْتُ لَهَا غُرِّی سِوَایَ فَإِنَّنِی***عَزُوفٌ عَنِ الدُّنْیَا فَلَسْتُ بِجَاهِلٍ

وَ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا فَإِنَّ مُحَمَّداً***أَحَلَّ صَرِیعاً بَیْنَ تِلْكَ الْجَنَادِلِ (1)

وَ هَبْهَا أَتَتْنَا بِالْكُنُوزِ وَ دُرِّهَا***وَ أَمْوَالِ قَارُونَ وَ مُلْكِ القَبَائِلِ

أَ لَیْسَ جَمِیعاً لِلْفَنَاءِ مَصِیرُنَا***وَ یُطْلَبُ مِنْ خُزَّانِهَا بِالطَّوَائِلِ (2)

فَغُرِّی سِوَایَ إِنَّنِی غَیْرُ رَاغِبٍ***بِمَا فِیكِ مِنْ مُلْكٍ وَ عِزٍّ وَ نَائِلٍ

فَقَدْ قَنِعَتْ نَفْسِی بِمَا قَدْ رُزِقْتُهُ***فَشَأْنَكَ یَا دُنْیَا وَ أَهْلَ الْغَوَائِلِ

فَإِنِّی أَخَافُ اللَّهَ یَوْمَ لِقَائِهِ***وَ أَخْشَی عَذَاباً دَائِماً غَیْرَ زَائِلٍ

فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَیْسَ فِی عُنُقِهِ تَبِعَةٌ لِأَحَدٍ حَتَّی لَقِیَ اللَّهَ مَحْمُوداً غَیْرَ مَلُومٍ وَ لَا مَذْمُومٍ ثُمَّ اقْتَدَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ بِمَا قَدْ بَلَغَكُمْ لَمْ یَتَلَطَّخُوا بِشَیْ ءٍ مِنْ بَوَائِقِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ أَحْسَنَ مَثْوَاهُمْ: وَ قَدْ وَجَّهْتُ إِلَیْكَ بِمَكَارِمِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ عَنِ الصَّادِقِ الْمُصَدَّقِ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِمَا نَصَحْتُ لَكَ فِی كِتَابِی هَذَا ثُمَّ كَانَتْ عَلَیْكَ مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْخَطَایَا كَمِثْلِ أَوْزَانِ الْجِبَالِ وَ أَمْوَاجِ الْبِحَارِ رَجَوْتُ اللَّهَ أَنْ یَتَجَافَی عَنْكَ جَلَّ وَ عَزَّ بِقُدْرَتِهِ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِیَّاكَ أَنْ تُخِیفَ مُؤْمِناً فَإِنَّ أَبِی مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حَدَّثَنِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ مَنْ نَظَرَ إِلَی مُؤْمِنٍ نَظْرَةً لِیُخِیفَهُ بِهَا

ص: 274


1- 1. الجنادل: الصخور.
2- 2. الطوائل جمع طائلة و هی العداوة.

أَخَافَهُ اللَّهُ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ حَشَرَهُ فِی صُورَةِ الذَّرِّ لَحْمَهُ وَ جَسَدَهُ وَ جَمِیعَ أَعْضَائِهِ حَتَّی یُورِدَهُ مَوْرِدَهُ.

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَغَاثَ لَهْفَاناً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَغَاثَهُ اللَّهُ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ آمَنَهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ آمَنَهُ عَنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ وَ مَنْ قَضَی لِأَخِیهِ الْمُؤْمِنِ حَاجَةً قَضَی اللَّهُ لَهُ حَوَائِجَ كَثِیرَةً إِحْدَاهَا الْجَنَّةُ وَ مَنْ كَسَا أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عُرْیٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ سُنْدُسِ الْجَنَّةِ وَ إِسْتَبْرَقِهَا وَ حَرِیرِهَا وَ لَمْ یَزَلْ یَخُوضُ فِی رِضْوَانِ اللَّهِ مَا دَامَ عَلَی الْمَكْسُوِّ مِنْهَا سِلْكٌ وَ مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ مِنْ جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ طَیِّبَاتِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ سَقَاهُ مِنْ ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ رَیَّةً وَ مَنْ أَخْدَمَ أَخَاهُ أَخْدَمَهُ اللَّهُ مِنَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِینَ وَ أَسْكَنَهُ مَعَ أَوْلِیَائِهِ الطَّاهِرِینَ وَ مَنْ حَمَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ رَحْلِهِ حَمَلَهُ اللَّهُ عَلَی نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ وَ بَاهَی بِهِ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ زَوَّجَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ امْرَأَةً یَأْنَسُ بِهَا وَ یَشُدُّ عَضُدَهُ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَیْهَا زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ وَ آنَسَهُ بِمَنْ أَحَبَّ مِنَ الصِّدِّیقِینَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ وَ إِخْوَانِهِ وَ آنَسَهُمْ بِهِ وَ مَنْ أَعَانَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ عَلَی سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَی إِجَازَةِ الصِّرَاطِ عِنْدَ زَلْزَلَةِ الْأَقْدَامِ وَ مَنْ زَارَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ إِلَی مَنْزِلِهِ- لَا لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهِ كُتِبَ مِنْ زُوَّارِ اللَّهِ وَ كَانَ حَقِیقاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُكْرِمَ زَائِرَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ لَیْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ یُؤْمِنْ بِقَلْبِهِ فَلَا تَتَّبَّعُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَّعَ عَثْرَةَ مُؤْمِنٍ اتَّبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ فَضَحَهُ فِی جَوْفِ بَیْتِهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا یُصَدَّقَ فِی مَقَالَتِهِ وَ لَا یَنْتَصِفَ مِنْ عَدُوِّهِ وَ عَلَی أَنْ لَا یَشْفِیَ غَیْظَهُ إِلَّا بِفَضِیحَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مُلْجَمٌ وَ ذَلِكَ لِغَایَةٍ قَصِیرَةٍ وَ رَاحَةٍ طَوِیلَةٍ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الْمُؤْمِنِ عَلَی أَشْیَاءَ

ص: 275

أَیْسَرُهَا عَلَیْهِ مُؤْمِنٌ مِثْلُهُ یَقُولُ بِمَقَالَتِهِ یَبْغِیهِ وَ یَحْسُدُهُ وَ الشَّیْطَانُ یُغْوِیهِ وَ یَمْقُتُهُ وَ السُّلْطَانُ یَقْفُو أَثَرَهُ وَ یَتَّبَّعُ عَثَرَاتِهِ وَ كَافِرٌ بِالَّذِی هُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ یَرَی سَفْكَ دَمِهِ دِیناً وَ إِبَاحَةَ حَرِیمِهِ غُنْماً فَمَا بَقَاءُ الْمُؤْمِنِ بَعْدَ هَذَا.

یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ اشْتَقَقْتُ لِلْمُؤْمِنِ اسْماً مِنْ أَسْمَائِی سَمَّیْتُهُ مُؤْمِناً فَالْمُؤْمِنُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ مَنِ اسْتَهَانَ بِمُؤْمِنٍ فَقَدِ اسْتَقْبَلَنِی بِالْمُحَارَبَةِ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ یَوْماً یَا عَلِیُّ لَا تُنَاظِرْ رَجُلًا حَتَّی تَنْظُرَ فِی سَرِیرَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ سَرِیرَتُهُ حَسَنَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَكُنْ لِیَخْذُلَ وَلِیَّهُ وَ إِنْ كَانَتْ سَرِیرَتُهُ رَدِیَّةً فَقَدْ یَكْفِیهِ مَسَاوِیهِ فَلَوْ جَهَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِلَهُ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَدْنَی الْكُفْرِ أَنْ یَسْمَعَ الرَّجُلُ عَنْ أَخِیهِ الْكَلِمَةَ فَیَحْفَظَهَا عَلَیْهِ یُرِیدُ أَنْ یَفْضَحَهُ بِهَا- أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ (1) یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ فِی مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْ عَیْنَاهُ وَ سَمِعَتْ أُذُنَاهُ مَا یَشِینُهُ وَ یَهْدِمُ مُرُوَّتَهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (2) یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ مَنْ رَوَی عَنْ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ رِوَایَةً یُرِیدُ بِهَا هَدْمَ مُرُوَّتِهِ وَ ثَلْبَهُ أَوْبَقَهُ اللَّهُ بِخَطِیئَتِهِ (3) حَتَّی یَأْتِیَ

ص: 276


1- 1. أی لا نصیب لهم فی الآخرة.
2- 2. النور: 19.
3- 3. ثلبه أی عابه و لامه و اغتابه أو سبه. و أوبقه أی أهلكه و ذلّله. و فی بعض النسخ« بخطبه» و الخطب الامر العظیم المكروه.

بِمَخْرَجٍ مِمَّا قَالَ وَ لَنْ یَأْتِیَ بِالْمَخْرَجِ مِنْهُ أَبَداً- وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ سُرُوراً فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام سُرُوراً وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ سُرُوراً فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُرُوراً وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُرُوراً فَقَدْ سَرَّ اللَّهَ وَ مَنْ سَرَّ اللَّهَ فَحَقِیقٌ عَلَیْهِ أَنْ یُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ حِینَئِذٍ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیثَارِ طَاعَتِهِ وَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ فَإِنَّهُ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِ اللَّهِ- فَقَدْ هُدِیَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تُؤْثِرْ أَحَداً عَلَی رِضَاهُ وَ هَوَاهُ فَإِنَّهُ وَصِیَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی خَلْقِهِ- لَا یَقْبَلُ مِنْهُمْ غَیْرَهَا وَ لَا یُعَظِّمُ سِوَاهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِقَ لَمْ یُوَكَّلُوا بِشَیْ ءٍ أَعْظَمَ مِنَ التَّقْوَی فَإِنَّهُ وَصِیَّتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَنَالَ مِنَ الدُّنْیَا شَیْئاً تُسْأَلُ عَنْهُ غَداً فَافْعَلْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُ الصَّادِقِ علیه السلام إِلَی النَّجَاشِیِّ نَظَرَ فِیهِ فَقَالَ صَدَقَ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَوْلَایَ فَمَا عَمِلَ أَحَدٌ بِمَا فِی هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا نَجَا فَلَمْ یَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ یَعْمَلُ بِهِ فِی أَیَّامِ حَیَاتِهِ.

«113»- كِتَابُ الْأَرْبَعِینَ (1)، فِی قَضَاءِ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَعْلَامُ الدِّینِ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ یُدَارِی وَ لَا یُمَارِی.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اعْتَدَلَ یَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ وَ مَنْ كَانَ فِی غَدِهِ شَرّاً مِنْ یَوْمِهِ فَهُوَ مَفْتُونٌ وَ مَنْ لَمْ یَتَفَقَّدِ النُّقْصَانَ فِی نَفْسِهِ دَامَ نَقْصُهُ وَ مَنْ دَامَ نَقْصُهُ فَالْمَوْتُ خَیْرٌ لَهُ وَ مَنْ أدب [أَذْنَبَ] مِنْ غَیْرِ عَمْدٍ كَانَ لِلْعَفْوِ أَهْلًا.

وَ قَالَ علیه السلام: اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَ لَوْ بِخَوْضِ اللُّجَجِ وَ شَقِّ الْمُهَجِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَجَاهِلٌ سَخِیٌّ خَیْرٌ مِنْ نَاسِكٍ بِخَیْلٍ.

وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ التَّوَاضُعِ فَقَالَ هُوَ أَنْ تَرْضَی مِنَ الْمَجْلِسِ بِدُونِ شَرَفِكَ وَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَی مَنْ لَقِیتَ وَ أَنْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا دُقَّ الْعِرْضُ اسْتُصْعِبَ جَمْعُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ وَ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی بَاطِلٍ وَ الَّذِی إِذَا قَدَرَ لَمْ یَأْخُذْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ.

ص: 277


1- 1. مخطوط.

وَ قَالَ علیه السلام: كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ عَلَی الْعِبَارَةِ وَ الْإِشَارَةِ وَ اللَّطَائِفِ وَ الْحَقَائِقِ فَالْعِبَارَةُ لِلْعَوَامِّ وَ الْإِشَارَةُ لِلْخَوَاصِّ وَ اللَّطَائِفُ لِلْأَوْلِیَاءِ وَ الْحَقَائِقُ لِلْأَنْبِیَاءِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ سَأَلَ فَوْقَ قَدْرِهِ اسْتَحَقَّ الْحِرْمَانَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَكْرَمَكَ فَأَكْرِمْهُ وَ مَنِ اسْتَخَفَّكَ فَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِ الْإِجَابَةُ قَبْلَ أَنْ یَسْمَعَ وَ الْمُعَارَضَةُ قَبْلَ أَنْ یَفْهَمَ وَ الْحُكْمُ بِمَا لَا یَعْلَمُ.

وَ قَالَ علیه السلام: سِرُّكَ مِنْ دَمِكَ فَلَا تُجْرِیهِ فِی غَیْرِ أَوْدَاجِكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: صَدْرُكَ أَوْسَعُ لِسِرِّكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَوْلَی النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَی الْعُقُوبَةِ وَ أَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا مَنْ ظَلَمَ مَنْ دُونَهُ وَ لَمْ یَصْفَحْ عَمَّنِ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ وَ الْقَادِرُ عَلَی الشَّیْ ءِ سُلْطَانٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْقَلْبَ یَحْیَا وَ یَمُوتُ فَإِذَا حَیِیَ فَأَدِّبْهُ بِالتَّطَوُّعِ وَ إِذَا مَاتَ فَاقْصُرْهُ عَلَی الْفَرَائِضِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُحَدِّثْ مَنْ تَخَافُ أَنْ یُكَذِّبَكَ وَ لَا تَسْأَلْ مَنْ تَخَافُ أَنْ یَمْنَعَكَ وَ لَا تَثِقْ إِلَی مَنْ تَخَافُ أَنْ یُعَذِّبَكَ (1)

وَ مَنْ لَمْ یُوَاخِ إِلَّا مَنْ لَا عَیْبَ فِیهِ قَلَّ صَدِیقُهُ وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ مِنْ صَدِیقِهِ إِلَّا بِإِیثَارِهِ عَلَی نَفْسِهِ دَامَ سَخَطُهُ وَ مَنْ عَاتَبَ عَلَی كُلِّ ذَنْبٍ كَثُرَ تَبِعَتُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ عَذُبَ لِسَانُهُ زَكَا عَقْلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زِیدَ فِی رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زِیدَ فِی عُمُرِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الزُّهَّادَ فِی الدُّنْیَا نُورُ الْجَلَالِ عَلَیْهِمْ وَ أَثَرُ الْخِدْمَةِ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُونَ كَذَلِكَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَنْقَطِعُ إِلَی بَعْضِ مُلُوكِ الدُّنْیَا فَیُرَی عَلَیْهِ أَثَرُهُ فَكَیْفَ بِمَنْ یَنْقَطِعُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی لَا یُرَی أَثَرُهُ عَلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: صِلَةُ الرَّحِمِ تُهَوِّنُ الْحِسَابَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- وَ الَّذِینَ یَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (2).

ص: 278


1- 1. كذا و الظاهر« یغدر بك».
2- 2. الرعد: 22.

باب 24 ما روی عن الصادق علیه السلام من وصایاه لأصحابه

«1»- ف (1)،[تحف العقول] وَصِیَّتُهُ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ (2)

رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ: یَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ نَصَبَ إِبْلِیسُ حَبَائِلَهُ فِی دَارِ الْغُرُورِ فَمَا یَقْصِدُ فِیهَا إِلَّا أَوْلِیَاءَنَا وَ لَقَدْ جَلَّتِ الْآخِرَةُ فِی أَعْیُنِهِمْ حَتَّی مَا یُرِیدُونَ بِهَا بَدَلًا ثُمَّ قَالَ آهِ آهِ عَلَی قُلُوبٍ حُشِیَتْ نُوراً وَ إِنَّمَا كَانَتِ الدُّنْیَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الشُّجَاعِ الْأَرْقَمِ (3)

وَ الْعَدُوِّ الْأَعْجَمِ (4) أَنِسُوا بِاللَّهِ وَ اسْتَوْحَشُوا مِمَّا بِهِ اسْتَأْنَسَ الْمُتْرَفُونَ أُولَئِكَ أَوْلِیَائِی حَقّاً وَ بِهِمْ تُكْشَفُ كُلُّ فِتْنَةٍ وَ تُرْفَعُ كُلُّ بَلِیَّةٍ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ حَقٌّ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ یَعْرِفُنَا أَنْ یَعْرِضَ عَمَلَهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ عَلَی نَفْسِهِ فَیَكُونَ مُحَاسِبَ نَفْسِهِ فَإِنْ رَأَی حَسَنَةً اسْتَزَادَ مِنْهَا وَ إِنْ رَأَی سَیِّئَةً اسْتَغْفَرَ مِنْهَا لِئَلَّا یَخْزَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِعَبْدٍ لَمْ یَغْبِطِ الْخَاطِئِینَ عَلَی مَا أُوتُوا مِنْ

ص: 279


1- 1. التحف ص 301.
2- 2. بضم الكاف و سكون النون و فتح الدال. هو عبد اللّٰه بن جندب البجلیّ الكوفیّ ثقة جلیل القدر من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا علیهم السلام و انه من المخبتین و كان وكیلا لابی إبراهیم و أبی الحسن علیهما السلام. كان عابدا رفیع المنزلة لدیهما علی ما ورد فی الاخبار. و لما مات رحمه اللّٰه قام مقامه علیّ بن مهزیار.
3- 3. حشیت أی ملات. و الشجاع- بالكسر و الضم-: الحیة العظیمة التی تواثب الفارس و ربما قلعت رأس الفارس و تكون فی الصحاری و یقوم علی ذنبه. و الارقم: الحیة التی فیها سواد و بیاض و هو أخبث الحیات، و یحتمل أن یكون« الشجاع الاقرع» و هو حیة قد تمعط شعر رأسها لكثرة سمها.
4- 4. الاعجم الدابّة و سمیت به لأنّها لا تتكلم. و كل من لا یقدر علی الكلام أو لا یفهم الكلام فهو أعجم.

نَعِیمِ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتِهَا طُوبَی لِعَبْدٍ طَلَبَ الْآخِرَةَ وَ سَعَی لَهَا طُوبَی لِمَنْ لَمْ تُلْهِهِ الْأَمَانِیُّ الْكَاذِبَةُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ قَوْماً كَانُوا سِرَاجاً وَ مَنَاراً كَانُوا دُعَاةً إِلَیْنَا بِأَعْمَالِهِمْ وَ مَجْهُودِ طَاقَتِهِمْ لَیْسُوا كَمَنْ یُذِیعُ أَسْرَارَنَا یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ یَخَافُونَ اللَّهَ وَ یُشْفِقُونَ أَنْ یُسْلَبُوا مَا أُعْطُوا مِنَ الْهُدَی فَإِذَا ذَكَرُوا اللَّهَ وَ نَعْمَاءَهُ وَجِلُوا وَ أَشْفَقُوا- وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً مِمَّا أَظْهَرَهُ مِنْ نَفَاذِ قُدْرَتِهِ وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ قَدِیماً عَمِرَ الْجَهْلُ وَ قَوِیَ أَسَاسُهُ وَ ذَلِكَ لِاتِّخَاذِهِمْ دِینَ اللَّهِ لَعِباً حَتَّی لَقَدْ كَانَ الْمُتَقَرِّبُ مِنْهُمْ إِلَی اللَّهِ بِعَمَلِهِ یُرِیدُ سِوَاهُ- أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَوْ أَنَّ شِیعَتَنَا اسْتَقَامُوا لَصَافَحَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ لَأَظَلَّهُمُ

الْغَمَامُ وَ لَأَشْرَقُوا نَهَاراً وَ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ لَمَا سَأَلُوا اللَّهَ شَیْئاً إِلَّا أَعْطَاهُمْ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَا تَقُلْ فِی الْمُذْنِبِینَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِكُمْ إِلَّا خَیْراً وَ اسْتَكِینُوا إِلَی اللَّهِ فِی تَوْفِیقِهِمْ وَ سَلُوا التَّوْبَةَ لَهُمْ فَكُلُّ مَنْ قَصَدَنَا وَ تَوَلَّانَا وَ لَمْ یُوَالِ عَدُوَّنَا وَ قَالَ مَا یَعْلَمُ وَ سَكَتَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَیْهِ فَهُوَ فِی الْجَنَّةِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ یَهْلِكُ الْمُتَّكِلُ عَلَی عَمَلِهِ وَ لَا یَنْجُو الْمُجْتَرِئُ عَلَی الذُّنُوبِ الْوَاثِقُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ قُلْتُ فَمَنْ یَنْجُو قَالَ الَّذِینَ هُمْ بَیْنَ الرَّجَاءِ وَ الْخَوْفِ كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ فِی مِخْلَبِ طَائِرٍ شَوْقاً إِلَی الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یُزَوِّجَهُ اللَّهُ الْحُورَ الْعِینَ وَ یُتَوِّجَهُ بِالنُّورِ فَلْیُدْخِلْ عَلَی أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ السُّرُورَ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ أَقِلَّ النَّوْمَ بِاللَّیْلِ وَ الْكَلَامَ بِالنَّهَارِ فَمَا فِی الْجَسَدِ شَیْ ءٌ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ الْعَیْنِ وَ اللِّسَانِ فَإِنَّ أُمَّ سُلَیْمَانَ قَالَتْ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ النَّوْمَ فَإِنَّهُ یُفْقِرُكَ یَوْمَ یَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَی أَعْمَالِهِمْ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ لِلشَّیْطَانِ مَصَائِدَ یَصْطَادُ بِهَا فَتَحَامَوْا شِبَاكَهُ (1) وَ مَصَائِدَهُ

ص: 280


1- 1. فتحاموا شباكه: اجتنبوها و توقوها. و الشباك- جمع شبكة- بالتحریك-: شركة الصیاد یعنی حبائل الصید.

قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا هِیَ قَالَ أَمَّا مَصَائِدُهُ فَصَدٌّ عَنْ بِرِّ الْإِخْوَانِ وَ أَمَّا شِبَاكُهُ فَنَوْمٌ عَنْ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الَّتِی فَرَضَهَا اللَّهُ أَمَا إِنَّهُ مَا یُعْبَدُ اللَّهُ بِمِثْلِ نَقْلِ الْأَقْدَامِ إِلَی بِرِّ الْإِخْوَانِ وَ زِیَارَتِهِمْ وَیْلٌ لِلسَّاهِینَ عَنِ الصَّلَوَاتِ النَّائِمِینَ فِی الْخَلَوَاتِ الْمُسْتَهْزِءِینَ بِاللَّهِ وَ آیَاتِهِ فِی الْفَتَرَاتِ (1) أُولَئِكَ الَّذِینَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (2) یَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ أَصْبَحَ مَهْمُوماً لِسِوَی فَكَاكِ رَقَبَتِهِ فَقَدْ هَوَّنَ عَلَیْهِ الْجَلِیلَ وَ رَغِبَ مِنْ رَبِّهِ فِی الْوَتْحِ الْحَقِیرِ(3)

وَ مَنْ غَشَّ أَخَاهُ وَ حَقَّرَهُ وَ نَاوَاهُ (4)

جَعَلَ اللَّهُ النَّارَ مَأْوَاهُ وَ مَنْ حَسَدَ مُؤْمِناً انْمَاثَ الْإِیمَانُ فِی قَلْبِهِ كَمَا یَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِی الْمَاءِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْمَاشِی فِی حَاجَةِ أَخِیهِ كَالسَّاعِی بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ قَاضِی حَاجَتِهِ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یَوْمَ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ مَا عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً إِلَّا عِنْدَ اسْتَهَانَتِهِمْ بِحُقُوقِ فُقَرَاءِ إِخْوَانِهِمْ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ بَلِّغْ مَعَاشِرَ شِیعَتِنَا وَ قُلْ لَهُمْ- لَا تَذْهَبَنَّ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَ اللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَایَتُنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ فِی الدُّنْیَا وَ مُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ فِی اللَّهِ وَ لَیْسَ مِنْ شِیعَتِنَا مَنْ یَظْلِمُ النَّاسَ: یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّمَا شِیعَتُنَا یُعْرَفُونَ بِخِصَالٍ شَتَّی بِالسَّخَاءِ وَ الْبَذْلِ لِلْإِخْوَانِ وَ بِأَنْ یُصَلُّوا الْخَمْسِینَ لَیْلًا وَ نَهَاراً شِیعَتُنَا لَا یَهِرُّونَ هَرِیرَ الْكَلْبِ وَ لَا یَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ وَ لَا یُجَاوِرُونَ لَنَا عَدُوّاً وَ لَا یَسْأَلُونَ لَنَا مُبْغِضاً وَ لَوْ مَاتُوا جُوعاً شِیعَتُنَا لَا یَأْكُلُونَ الْجِرِّیَ (5)

وَ لَا یَمْسَحُونَ عَلَی الْخُفَّیْنِ وَ یُحَافِظُونَ عَلَی الزَّوَالِ وَ لَا

ص: 281


1- 1. الفترة: الضعف و الانكسار، و المراد بها زمان ضعف الدین.
2- 2. آل عمران: 77.
3- 3. كذا فی الوافی« الوتح الحقیر» و الوتح- بالتحریك و ككتف-: القلیل التافه من الشی ء. و فی أكثر نسخ المصدر« الربح».
4- 4. أی عاداه و أصله الهمزة من النوء. بمعنی النهوض و الطلوع.
5- 5. الجری- كذمی-: سمك طویل أملس و لیس علیه فصوص. و قیل: مارماهی.

یَشْرَبُونَ مُسْكِراً قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَیْنَ أَطْلُبُهُمْ قَالَ علیه السلام عَلَی رُءُوسِ الْجِبَالِ وَ أَطْرَافِ الْمُدُنِ وَ إِذَا دَخَلْتَ مَدِینَةً فَسَلْ (1)

عَمَّنْ لَا یُجَاوِرُهُمْ وَ لَا یُجَاوِرُونَهُ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ- وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِینَةِ رَجُلٌ یَسْعی (2) وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ حَبِیبَ النَّجَّارِ وَحْدَهُ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ كُلُّ الذُّنُوبِ مَغْفُورَةٌ سِوَی عُقُوقِ أَهْلِ دَعْوَتِكَ وَ كُلُّ الْبِرِّ مَقْبُولٌ إِلَّا مَا كَانَ رِئَاءً یَا ابْنَ جُنْدَبٍ أَحْبِبْ فِی اللَّهِ وَ أَبْغِضْ فِی اللَّهِ وَ اسْتَمْسِكْ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَی وَ اعْتَصِمْ بِالْهُدَی یُقْبَلْ عَمَلُكَ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی (3) فَلَا یُقْبَلُ إِلَّا الْإِیمَانُ وَ لَا إِیمَانَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِیَقِینٍ وَ لَا یَقِینَ إِلَّا بِالْخُشُوعِ وَ مِلَاكُهَا كُلُّهَا الْهُدَی فَمَنِ اهْتَدَی یُقْبَلُ عَمَلُهُ وَ صَعِدَ إِلَی الْمَلَكُوتِ مُتَقَبَّلًا- وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (4) یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُجَاوِرَ الْجَلِیلَ فِی دَارِهِ وَ تَسْكُنَ الْفِرْدَوْسَ فِی جِوَارِهِ فَلْتَهُنْ عَلَیْكَ الدُّنْیَا وَ اجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَیْنِكَ وَ لَا تَدَّخِرْ شَیْئاً لِغَدٍ وَ اعْلَمْ أَنَّ لَكَ مَا قَدَّمْتَ وَ عَلَیْكَ مَا أَخَّرْتَ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ مَنْ حَرَمَ نَفْسَهُ كَسْبَهُ فَإِنَّمَا یَجْمَعُ لِغَیْرِهِ وَ مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ فَقَدْ أَطَاعَ عَدُوَّهُ مَنْ یَثِقْ بِاللَّهِ یَكْفِهِ مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ یَحْفَظْ لَهُ مَا غَابَ عَنْهُ وَ قَدْ عَجَزَ مَنْ لَمْ یُعِدَّ لِكُلِّ بَلَاءٍ صَبْراً وَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ شُكْراً وَ لِكُلِّ عُسْرٍ یُسْراً صَبِّرْ نَفْسَكَ عِنْدَ كُلِّ بَلِیَّةٍ فِی وَلَدٍ أَوْ مَالٍ أَوْ رَزِیَّةٍ(5)

فَإِنَّمَا یَقْبِضُ عَارِیَتَهُ وَ یَأْخُذُ

ص: 282


1- 1. الظاهر أن مراده علیه السلام فی دولة الفسق و زمن الكفر.
2- 2. یس: 19.
3- 3. طه: 84. و فی المصدر« الا من آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی».
4- 4. البقرة: 210.
5- 5. الرزیة: المصیبة أصله من رزأ أی أصاب منه شیئا و نقض. و فی بعض النسخ« أو ذرّیة» و هی الصواب.

هِبَتَهُ لِیَبْلُوَ فِیهِمَا صَبْرَكَ وَ شُكْرَكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَا یُجَرِّئُكَ عَلَی مَعْصِیَتِهِ وَ خَفْهُ خَوْفاً لَا یُؤْیِسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ الْجَاهِلِ وَ لَا بِمَدْحِهِ فَتَكَبَّرَ وَ تَجَبَّرَ وَ تُعْجَبَ بِعَمَلِكَ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ الْعِبَادَةُ وَ التَّوَاضُعُ فَلَا تُضَیِّعْ مَالَكَ وَ تُصْلِحَ مَالَ غَیْرِكَ مَا خَلَّفْتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ وَ اقْنَعْ بِمَا قَسَمَهُ اللَّهُ لَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَّا إِلَی مَا عِنْدَكَ وَ لَا تَتَمَنَّ مَا لَسْتَ تَنَالُهُ فَإِنَّ مَنْ قَنِعَ شَبِعَ وَ مَنْ لَمْ یَقْنَعْ لَمْ یَشْبَعْ وَ خُذْ حَظَّكَ مِنْ آخِرَتِكَ وَ لَا تَكُنْ بَطِراً فِی الْغِنَی وَ لَا جَزِعاً فِی الْفَقْرِ- وَ لَا تَكُنْ فَظّاً غَلِیظاً یَكْرَهُ النَّاسُ قُرْبَكَ وَ لَا تَكُنْ وَاهِناً یُحَقِّرُكَ مَنْ عَرَفَكَ وَ لَا تُشَارَّ(1)

مَنْ فَوْقَكَ وَ لَا تَسْخَرْ بِمَنْ هُوَ دُونَكَ- وَ لَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَ لَا تُطِعِ السُّفَهَاءَ وَ لَا تَكُنْ مَهِیناً تَحْتَ كُلِّ أَحَدٍ وَ لَا تَتَّكِلَنَّ عَلَی كِفَایَةِ أَحَدٍ وَ قِفْ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ حَتَّی تَعْرِفَ مَدْخَلَهُ مِنْ مَخْرَجِهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِیهِ فَتَنْدَمَ وَ اجْعَلْ قَلْبَكَ قَرِیباً تُشَارِكُهُ (2) وَ اجْعَلْ عِلْمَكَ وَالِداً تَتَّبِعُهُ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ عَدُوّاً تُجَاهِدُهُ وَ عَارِیَّةً تَرُدُّهَا فَإِنَّكَ قَدْ جُعِلْتَ طَبِیبَ نَفْسِكَ وَ عُرِّفْتَ آیَةَ الصِّحَّةِ وَ بُیِّنَ لَكَ الدَّاءُ وَ دُلِلْتَ عَلَی الدَّوَاءِ فَانْظُرْ قِیَامَكَ عَلَی نَفْسِكَ وَ إِنْ كَانَتْ لَكَ یَدٌ عِنْدَ إِنْسَانٍ فَلَا تُفْسِدْهَا بِكَثْرَةِ الْمِنَنِ وَ الذِّكْرِ لَهَا وَ لَكِنِ أَتْبِعْهَا بِأَفْضَلَ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْمَلُ بِكَ فِی أَخْلَاقِكَ وَ أَوْجَبَ لِلثَّوَابِ فِی آخِرَتِكَ وَ عَلَیْكَ بِالصَّمْتِ تُعَدَّ حَلِیماً جَاهِلًا كُنْتَ أَوْ عَالِماً فَإِنَّ الصَّمْتَ زَیْنٌ لَكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَ سَتْرٌ لَكَ عِنْدَ الْجُهَّالِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِأَخِیهِ فَرَأَی ثَوْبَهُ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ بَعْضِ عَوْرَتِهِ أَ كَانَ كَاشِفاً عَنْهَا كُلِّهَا أَمْ یَرُدُّ

عَلَیْهَا مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالُوا بَلْ نَرُدُّ عَلَیْهَا قَالَ كَلَّا بَلْ تَكْشِفُونَ عَنْهَا كُلِّهَا فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَهُمْ فَقِیلَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَیْفَ ذَلِكَ- قَالَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ یَطَّلِعُ عَلَی الْعَوْرَةِ مِنْ أَخِیهِ فَلَا یَسْتُرُهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَا تُصِیبُونَ مَا تُرِیدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَ لَا تَنَالُونَ مَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ

ص: 283


1- 1. و لا تشار أی و لا تخاصم.
2- 2. فی بعض النسخ« تتنازله» و فی بعضها« تشاوره».

إِیَّاكُمْ وَ النَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِی الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَ كَفَی بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً طُوبَی لِمَنْ جَعَلَ بَصَرَهُ فِی قَلْبِهِ وَ لَمْ یَجْعَلْ بَصَرَهُ فِی عَیْنِهِ- لَا تَنْظُرُوا فِی عُیُوبِ النَّاسِ كَالْأَرْبَابِ وَ انْظُرُوا فِی عُیُوبِكُمْ كَهَیْئَةِ الْعَبِیدِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُبْتَلًی وَ مُعَافًی فَارْحَمُوا الْمُبْتَلَی وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَی الْعَافِیَةِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَ أَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَ أَحْسِنْ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ وَ سَلِّمْ عَلَی مَنْ سَبَّكَ وَ أَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ وَ اعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ كَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ یُعْفَی عَنْكَ فَاعْتَبِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكَ أَ لَا تَرَی أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَی الْأَبْرَارِ وَ الْفُجَّارِ وَ أَنَّ مَطَرَهُ یَنْزِلُ عَلَی الصَّالِحِینَ وَ الْخَاطِئِینَ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ لَا تَتَصَدَّقْ عَلَی أَعْیُنِ النَّاسِ لِیُزَكُّوكَ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَوْفَیْتَ أَجْرَكَ وَ لَكِنْ إِذَا أَعْطَیْتَ بِیَمِینِكَ فَلَا تُطْلِعْ عَلَیْهَا شِمَالَكَ فَإِنَّ الَّذِی تَتَصَدَّقُ لَهُ سِرّاً یُجْزِیكَ عَلَانِیَةً عَلَی رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فِی الْیَوْمِ الَّذِی لَا یَضُرُّكَ أَنْ لَا یُطْلِعَ النَّاسَ عَلَی صَدَقَتِكَ وَ اخْفِضِ الصَّوْتَ إِنَّ رَبَّكَ الَّذِی یَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ قَدْ عَلِمَ مَا تُرِیدُونَ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ وَ إِذَا صُمْتَ فَلَا تَغْتَبْ أَحَداً وَ لَا تَلْبِسُوا صِیَامَكُمْ بِظُلْمٍ وَ لَا تَكُنْ كَالَّذِی یَصُومُ رِئَاءَ النَّاسِ مُغْبَرَّةً وُجُوهُهُمْ شَعِثَةً رُءُوسُهُمْ یَابِسَةً أَفْوَاهُهُمْ لِكَیْ یَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُمْ صِیَامٌ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْخَیْرُ كُلُّهُ أَمَامَكَ وَ إِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ أَمَامَكَ وَ لَنْ تَرَی الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ إِلَّا بَعْدَ الْآخِرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ جَعَلَ الْخَیْرَ كُلَّهُ فِی الْجَنَّةِ وَ الشَّرَّ كُلَّهُ فِی النَّارِ لِأَنَّهُمَا الْبَاقِیَانِ وَ الْوَاجِبُ عَلَی مَنْ وَهَبَ اللَّهُ لَهُ الْهُدَی وَ أَكْرَمَهُ بِالْإِیمَانِ وَ أَلْهَمَهُ رُشْدَهُ وَ رَكَّبَ فِیهِ عَقْلًا یَتَعَرَّفُ بِهِ نِعَمَهُ وَ آتَاهُ عِلْماً وَ حُكْماً یُدَبِّرُ بِهِ أَمْرَ دِینِهِ وَ دُنْیَاهُ (1) أَنْ یُوجِبَ عَلَی نَفْسِهِ أَنْ یَشْكُرَ اللَّهَ وَ لَا یَكْفُرَهُ وَ أَنْ یَذْكُرَ اللَّهَ وَ لَا یَنْسَاهُ وَ أَنْ یُطِیعَ اللَّهَ وَ لَا یَعْصِیَهُ لِلْقَدِیمِ الَّذِی تَفَرَّدَ لَهُ بِحُسْنِ النَّظَرِ وَ لِلْحَدِیثِ الَّذِی أَنْعَمَ عَلَیْهِ بَعْدَ إِذْ أَنْشَأَهُ مَخْلُوقاً وَ لِلْجَزِیلِ الَّذِی وَعْدَهُ وَ الْفَضْلِ الَّذِی لَمْ یُكَلِّفْهُ مِنْ طَاعَتِهِ فَوْقَ طَاعَتِهِ وَ مَا یَعْجِزُ عَنِ الْقِیَامِ بِهِ وَ ضَمِنَ لَهُ الْعَوْنَ عَلَی تَیْسِیرِ مَا حَمَلَهُ مِنْ ذَلِكَ

ص: 284


1- 1.« الواجب» مبتدأ و خبره جملة« أن یوجب علی نفسه إلخ».

وَ نَدَبَهُ إِلَی الِاسْتِعَانَةِ عَلَی قَلِیلِ مَا كَلَّفَهُ وَ هُوَ مُعْرِضٌ (1)

عَمَّا أَمَرَهُ وَ عَاجِزٌ عَنْهُ قَدْ لَبِسَ ثَوْبَ الِاسْتِهَانَةِ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ رَبِّهِ مُتَقَلِّداً لِهَوَاهُ مَاضِیاً فِی شَهَوَاتِهِ مُؤْثِراً لِدُنْیَاهُ عَلَی آخِرَتِهِ وَ هُوَ فِی ذَلِكَ یَتَمَنَّی جِنَانَ الْفِرْدَوْسِ وَ مَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَطْمَعَ أَنْ یَنْزِلَ بِعَمَلِ الْفُجَّارِ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ أَمَا إِنَّهُ لَوْ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَ قَامَتِ الْقِیَامَةُ وَ جَاءَتِ الطَّامَّةُ وَ نَصَبَ الْجَبَّارُ الْمَوَازِینَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ بَرَزَ الْخَلَائِقُ لِیَوْمِ الْحِسَابِ أَیْقَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ لِمَنْ تَكُونُ الرِّفْعَةُ وَ الْكَرَامَةُ وَ بِمَنْ تَحِلُّ الْحَسْرَةُ وَ النَّدَامَةُ فَاعْمَلِ الْیَوْمَ فِی الدُّنْیَا بِمَا تَرْجُو بِهِ الْفَوْزَ

فِی الْآخِرَةِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِی بَعْضِ مَا أَوْحَی إِنَّمَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ مِمَّنْ یَتَوَاضَعُ لِعَظَمَتِی وَ یَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ أَجْلِی وَ یَقْطَعُ نَهَارَهُ بِذِكْرِی وَ لَا یَتَعَظَّمُ عَلَی خَلْقِی وَ یُطْعِمُ الْجَائِعَ وَ یَكْسُو الْعَارِیَ وَ یَرْحَمُ الْمُصَابَ وَ یُؤْوِی الْغَرِیبَ (2) فَذَلِكَ یُشْرِقُ نُورُهُ مِثْلَ الشَّمْسِ أَجْعَلُ لَهُ فِی الظُّلْمَةِ نُوراً وَ فِی الْجَهَالَةِ حِلْماً أَكْلَأُهُ بِعِزَّتِی (3) وَ أَسْتَحْفِظُهُ مَلَائِكَتِی یَدْعُونِی فَأُلَبِّیهِ وَ یَسْأَلُنِی فَأُعْطِیهِ فَمَثَلُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عِنْدِی كَمَثَلِ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ لَا یُسْبَقُ أَثْمَارُهَا وَ لَا تَتَغَیَّرُ عَنْ حَالِهَا یَا ابْنَ جُنْدَبٍ الْإِسْلَامُ عُرْیَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَیَاءُ وَ زِینَتُهُ الْوَقَارُ وَ مُرُوَّتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ عِمَادُهُ الْوَرَعُ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ أَسَاسٌ وَ أَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ یَا ابْنَ جُنْدَبٍ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سُوراً مِنْ نُورٍ مَحْفُوفاً بِالزَّبَرْجَدِ وَ الْحَرِیرِ مُنَجَّداً بِالسُّنْدُسِ (4) وَ الدِّیبَاجِ یُضْرَبُ هَذَا السُّورُ بَیْنَ أَوْلِیَائِنَا وَ بَیْنَ أَعْدَائِنَا فَإِذَا غَلَی الدِّمَاغُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَ نُضِجَتِ الْأَكْبَادُ مِنْ طُولِ

ص: 285


1- 1. الضمیر یرجع الی« من وهب اللّٰه».
2- 2. فی بعض النسخ« و یواسی الغریب» یقال: واسی الرجل ای آساه و عاونه.
3- 3. كلأ اللّٰه فلانا: حفظه و حرسه.
4- 4. منجدا أی مزینا.

الْمَوْقِفِ أُدْخِلَ فِی هَذَا السُّورِ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ فَكَانُوا فِی أَمْنِ اللَّهِ وَ حِرْزِهِ لَهُمْ فِیهَا مَا تَشْتَهِی الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْیُنُ وَ أَعْدَاءُ اللَّهِ قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ وَ قَطَعَهُمُ الْفَرَقُ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فَیَقُولُونَ- ما لَنا لا نَری رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ(1) فَیَنْظُرُ إِلَیْهِمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ فَیَضْحَكُونَ مِنْهُمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِیًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ(2) وَ قَوْلُهُ فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ- عَلَی الْأَرائِكِ یَنْظُرُونَ (3) فَلَا یَبْقَی أَحَدٌ مِمَّنْ أَعَانَ مُؤْمِناً مِنْ أَوْلِیَائِنَا بِكَلِمَةٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ.

«2»- ف (4)،[تحف العقول] وَصِیَّتُهُ علیه السلام لِأَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ (5)

ص: 286


1- 1. ص: 26.
2- 2. ص: 63.
3- 3. المطففین: 34، 35.
4- 4. التحف ص 307.
5- 5. هو أبو جعفر محمّد بن علیّ بن النعمان الكوفیّ المعروف عندنا بصاحب الطاق أو مؤمن الطاق و المخالفون یلقبونه شیطان الطاق، كان صیرفیا فی طاق المحامل بالكوفة یرجع إلیه فی النقد فیخرج كما ینقد فیقال: شیطان الطاق و هو من أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السلام كان رحمه اللّٰه ثقة، متكلما، حاذقا، كثیر العلم، حسن الخاطر، حاضر الجواب حكی عن أبی خالد الكابلی أنّه قال: رأیت أبا جعفر صاحب الطاق و هو قاعد فی الروضة قد قطع أهل المدینة ازاره و هو دائب یجیبهم و یسألونه فدنوت منه و قلت: ان أبا عبد اللّٰه علیه السلام نهانا عن الكلام. فقال: و أمرك أن تقول لی؟ فقلت: لا و اللّٰه و لكنه أمرنی أن لا اكلم أحدا قال: فاذهب و أطعه فیما أمرك. فدخلت علی أبی عبد اللّٰه علیه السلام فأخبرته بقصة صاحب الطاق و ما قلت له و قوله: اذهب و أطعه فیما أمرك. فتبسم أبو عبد اللّٰه علیه السلام و قال: یا أبا خالد ان صاحب الطاق یكلم الناس فیطیر و ینقض و أنت ان قصوك لن تطیر اه. و له مع أبی حنیفة حكایات نقلها المؤرخون و أهل السیر فمنها أنّه لما مات الصادق علیه السلام رأی أبو حنیفة مؤمن الطاق فقال له: مات امامك، قال: نعم أما امامك فمن المنظرین الی یوم الوقت المعلوم. و له كتب منها كتاب الإمامة و كتاب المعرفة. و كتاب الرد علی المعتزلة فی امامة المفضول و كتاب فی اثبات الوصیة و غیر ذلك. و ما قیل: ان الطاق حصن بطبرستان و به سكن محمّد بن النعمان المعروف سهو و لعل أصله منها و الا كان رحمه اللّٰه یسكن الكوفة كما یظهر من مباحثاته مع أبی حنیفة و أمثاله.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ لِیَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَیَّرَ أَقْوَاماً فِی الْقُرْآنِ بِالْإِذَاعَةِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَیْنَ قَالَ قَالَ قَوْلُهُ وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ (1)

ثُمَّ قَالَ الْمُذِیعُ عَلَیْنَا سِرَّنَا كَالشَّاهِرِ بِسَیْفِهِ عَلَیْنَا رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ بِمَكْنُونِ عِلْمِنَا فَدَفَنَهُ تَحْتَ قَدَمَیْهِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ بِشِرَارِكُمْ مِنَ الْبَیْطَارِ بِالدَّوَابِّ شِرَارُكُمُ الَّذِینَ لَا یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ إِلَّا هَجْراً وَ لَا یَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دَبْراً وَ لَا یَحْفَظُونَ أَلْسِنَتَهُمْ (2)

اعْلَمْ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا طُعِنَ وَ اخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَیْهِ سَلَّمَ الْأَمْرَ لِمُعَاوِیَةَ فَسَلَّمَتْ عَلَیْهِ الشِّیعَةُ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام مَا أَنَا بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَكِنِّی مُعِزُّ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُكُمْ لَیْسَ بِكُمْ عَلَیْهِمْ قُوَّةٌ سَلَّمْتُ الْأَمْرَ لِأَبْقَی أَنَا وَ أَنْتُمْ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا عَابَ الْعَالِمُ السَّفِینَةَ لِتَبْقَی لِأَصْحَابِهَا وَ كَذَلِكَ نَفْسِی وَ أَنْتُمْ لِنَبْقَی بَیْنَهُمْ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنِّی لَأُحَدِّثُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ بِحَدِیثٍ فَیَتَحَدَّثُ بِهِ عَنِّی فَأَسْتَحِلُّ بِذَلِكَ لَعَنْتَهُ وَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ فَإِنَّ أَبِی كَانَ یَقُولُ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَقَرُّ لِلْعَیْنِ مِنَ التَّقِیَّةِ إِنَّ التَّقِیَّةَ جُنَّةُ الْمُؤْمِنِ (3) وَ لَوْ لَا التَّقِیَّةُ مَا عُبِدَ اللَّهُ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً(4)

ص: 287


1- 1. النساء: 82.
2- 2. الهجر- بالضم-: الهذیان و القبیح من الكلام. و الدبر- بضم فسكون أو بضمتین- من كل شی ء مؤخره و عقبه.
3- 3. لان بها یحفظ أساس الإسلام و أصوله، و رواه الكلینی فی الكافی عن محمّد بن عجلان.
4- 4. آل عمران: 27.

یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِیَّاكَ وَ الْمِرَاءَ فَإِنَّهُ یُحْبِطُ عَمَلَكَ وَ إِیَّاكَ وَ الْجِدَالَ فَإِنَّهُ یُوبِقُكَ وَ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّهَا تُبْعِدُكَ مِنَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا یَتَعَلَّمُونَ الصَّمْتَ وَ أَنْتُمْ تَتَعَلَّمُونَ الْكَلَامَ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَرَادَ التَّعَبُّدَ یَتَعَلَّمُ الصَّمْتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَشْرِ سِنِینَ فَإِنْ كَانَ یُحْسِنُهُ وَ یَصْبِرُ عَلَیْهِ تَعَبَّدَ وَ إِلَّا قَالَ مَا أَنَا لِمَا أَرُومُ بِأَهْلٍ (1) إِنَّمَا یَنْجُو مَنْ أَطَالَ الصَّمْتَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ صَبَرَ فِی دَوْلَةِ الْبَاطِلِ عَلَی الْأَذَی أُولَئِكَ النُّجَبَاءُ الْأَصْفِیَاءُ الْأَوْلِیَاءُ حَقّاً وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَیَّ الْمُتَرَاسُّونَ (2)

الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمَائِمِ الْحَسَدَةُ لِإِخْوَانِهِمْ لَیْسُوا مِنِّی وَ لَا أَنَا مِنْهُمْ إِنَّمَا أَوْلِیَائِیَ الَّذِینَ سَلَّمُوا لِأَمْرِنَا وَ اتَّبَعُوا آثَارَنَا وَ اقْتَدَوْا بِنَا فِی كُلِّ أُمُورِنَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ

أَحَدُكُمْ مِلْ ءَ الْأَرْضِ ذَهَباً عَلَی اللَّهِ ثُمَّ حَسَدَ مُؤْمِناً لَكَانَ ذَلِكَ الذَّهَبُ مِمَّا یُكْوَی بِهِ فِی النَّارِ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ الْمُذِیعَ لَیْسَ كَقَاتِلِنَا بِسَیْفِهِ بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً بَلْ هُوَ أَعْظَمُ وِزْراً یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّهُ مَنْ رَوَی عَلَیْنَا حَدِیثاً(3) فَهُوَ مِمَّنْ قَتَلَنَا عَمْداً وَ لَمْ یَقْتُلْنَا خَطَاءً یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِذَا كَانَتْ دَوْلَةُ الظُّلْمِ فَامْشِ وَ اسْتَقْبِلْ مَنْ تَتَّقِیهِ بِالتَّحِیَّةِ فَإِنَّ الْمُتَعَرِّضَ لِلدَّوْلَةِ قَاتِلُ نَفْسِهِ (4)

وَ مُوبِقُهَا إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ لا تُلْقُوا بِأَیْدِیكُمْ إِلَی التَّهْلُكَةِ(5)

ص: 288


1- 1. رام الشی ء یروم روما: أراده.
2- 2. تراس القوم الخبر: تساروه. و ارتس الخبر فی الناس: فشا و انتشر. و یحتمل أن یكون كما فی بعض نسخ الحدیث« المترأسون» بالهمزة من ترأس أی صار رئیسا.
3- 3. فی بعض النسخ« حدیثنا».
4- 4. كان ذلك إذا حفظ بها أصول الإسلام و أساس الدین و ضروریاته و الا فلا یجوز بل حرام فلیس هذا بعمل التقیة.
5- 5. البقرة: 195.

یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَا یَزَالُ الشَّیْطَانُ یُدْخِلُ فِینَا مَنْ لَیْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْ أَهْلِ دِینِنَا فَإِذَا رَفَعَهُ وَ نَظَرَ إِلَیْهِ النَّاسُ أَمَرَهُ الشَّیْطَانُ فَیَكْذِبُ عَلَیْنَا وَ كُلَّمَا ذَهَبَ وَاحِدٌ جَاءَ آخَرُ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَقَالَ لَا أَدْرِی فَقَدْ نَاصَفَ الْعِلْمَ وَ الْمُؤْمِنُ یَحْقِدُ مَا دَامَ فِی مَجْلِسِهِ فَإِذَا قَامَ ذَهَبَ عَنْهُ الْحِقْدُ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ الْعَالِمَ لَا یَقْدِرُ أَنْ یُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا یَعْلَمُ لِأَنَّهُ سِرُّ اللَّهِ الَّذِی أَسَرَّهُ إِلَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدٍ علیه السلام وَ أَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ علیه السلام إِلَی مَنْ أَسَرَّهُ فَلَا تَعْجَلُوا فَوَ اللَّهِ لَقَدْ قَرُبَ هَذَا الْأَمْرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَذَعْتُمُوهُ فَأَخَّرَهُ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا لَكُمْ سِرٌّ إِلَّا وَ عَدُوُّكُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ ابْقَ عَلَی نَفْسِكَ فَقَدْ عَصَیْتَنِی لَا تُذِعْ سِرِّی فَإِنَّ الْمُغِیرَةَ بْنَ سَعِیدٍ(1) كَذَبَ عَلَی أَبِی وَ أَذَاعَ سِرَّهُ فَأَذَاقَهُ اللَّهُ حَرَّ الْحَدِیدِ وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ

ص: 289


1- 1. كان هو من الكذابین الغالین كبنان و الحارث الشامیّ و عبد اللّٰه بن عمر بن الحرث و أبی الخطاب و حمزة بن عمارة البربری و صائد النهدی و محمّد بن فرات و أمثالهم ممن اعیروا الایمان فانسلخ منهم و انهم یدسون الأحادیث فی كتب الحدیث حتّی أنهم علیهم السلام قالوا: لا تقبلوا علینا ما خالف قول ربّنا و سنة نبیّنا. و لا تقبلوا علینا الا ما وافق الكتاب و السنة. و فی المستدرك عن قاضی مصر نعمان بن محمّد بن منصور المعروف بأبی حنیفة المغربی المتوفی 363 صاحب دعائم الإسلام أنه ذكر قصة الغلاة فی عصر أمیر المؤمنین علیه السلام و احراقه ایاهم بالنار ثمّ قال: و كان فی أعصار الأئمّة من ولده علیهم السلام من قبل ذلك ما یطول الخبر بذكرهم كالمغیرة بن سعید من أصحاب أبی جعفر محمّد بن علی علیهما السلام و دعائه فاستزله الشیطان- الی أن قال:- و استحل المغیرة و أصحابه المحارم كلها و أباحوها و عطلوا الشرائع و تركوها و انسلخوا من الإسلام جملة، و بانوا من جمیع شیعة الحق و اتباع الأئمّة، و أشهر. أبو جعفر علیه السلام لعنهم و البراءة منهم إلخ. و قد تظافرت الروایات بكونه كذابا كان یكذب علی أبی جعفر علیه السلام و فی روایة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّه یقول:« كان المغیرة بن سعید تتعمد الكذب علی أبی و یأخذ كتب أصحابه و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبی یأخذون الكتب من أصحاب أبی فیدفعونها الی المغیرة فكان یدس فیها الكفر و الزندقة و یسدوها الی أبی ثمّ یدفعها الی أصحابه فیأمرهم أن یبثوها فی الشیعة فكل ما كان فی كتب أصحاب أبی من الغلوّ فذاك مما دسه المغیرة بن سعید فی كتبهم» و فی روایة قال أبو جعفر علیه السلام: هل تدری ما مثل المغیرة؟ قال- الراوی-: قلت: لا. قال علیه السلام: مثله مثل بلعم بن باعور. قلت: و من بلعم؟ قال علیه السلام: الذی قال اللّٰه عزّ و جلّ:« الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ» و أمّا أبو الخطاب فهو محمّد بن مقلاص أبی زینب الأسدی الكوفیّ البراد یكنی أبا ظبیان غال ملعون من أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی أول أمره ثمّ أصابه ما أصاب المغیرة فانسلخ من الدین و كفر، وردت روایات كثیرة فی ذمه و لعنه و حكی عن قاضی نعمان أنّه ممن استحل المحارم كلها و رخص لاصحابه فیها و كانوا كلما ثقل علیهم أداء فرض أتوه فقالوا: یا أبا الخطاب خفف عنا، فیأمرهم بتركه حتّی تركوا جمیع الفرائض و استحلوا جمیع المحارم و أباح لهم أن یشهد بعضهم لبعض بالزور و قال: من عرف الامام حل له كل شی ء كان حرم علیه، فبلغ أمره جعفر بن محمّد علیهما السلام فلم یقدر علیه بأكثر من أن یلعنه و یتبرأ منه و جمع أصحابه فعرفهم ذلك و كتب الی البلدان بالبراءة منه و باللعنة علیه و عظم أمره علی أبی عبد اللّٰه علیه السلام و استفظعه و استهاله انتهی، و لعنه الصادق علیه السلام و دعا علیه بإذاقة حر الحدید فاستجاب اللّٰه دعاءه فقتله عیسی بن موسی العباسیّ والی الكوفة. و لمزید الاطلاع راجع الرجال لابی عمرو الكشّیّ- رحمه اللّٰه-

كَذَبَ عَلَیَّ وَ أَذَاعَ سِرِّی فَأَذَاقَهُ اللَّهُ حَرَّ الْحَدِیدِ وَ مَنْ كَتَمَ أَمْرَنَا زَیَّنَهُ اللَّهُ بِهِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعْطَاهُ حَظَّهُ وَ وَقَاهُ حَرَّ الْحَدِیدِ وَ ضِیقَ الْمَحَابِسِ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ قُحِطُوا حَتَّی هَلَكَتِ الْمَوَاشِی وَ النَّسْلُ فَدَعَا اللَّهَ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام فَقَالَ یَا مُوسَی إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا الزِّنَی وَ الرِّبَا وَ عَمَرُوا الْكَنَائِسَ وَ أَضَاعُوا الزَّكَاةَ فَقَالَ إِلَهِی تَحَنَّنْ

ص: 290

بِرَحْمَتِكَ عَلَیْهِمْ (1) فَإِنَّهُمْ لَا یَعْقِلُونَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی مُرْسِلٌ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ مُخْتَبِرُهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَأَذَاعُوا ذَلِكَ وَ أَفْشَوْهُ فَحَبَسَ عَنْهُمُ الْقَطْرَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ أَنْتُمْ قَدْ قَرُبَ أَمْرُكُمْ فَأَذَعْتُمُوهُ فِی مَجَالِسِكُمْ یَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا لَكُمْ وَ لِلنَّاسِ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ وَ لَا تَدْعُوا أَحَداً إِلَی هَذَا الْأَمْرِ(2)

فَوَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یُضِلُّوا عَبْداً یُرِیدُ اللَّهُ هُدَاهُ مَا اسْتَطَاعُوا أَنْ یُضِلُّوهُ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ وَ لَا یَقُلْ أَحَدُكُمْ أَخِی وَ عَمِّی وَ جَارِی فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً طَیَّبَ رُوحَهُ فَلَا یَسْمَعُ مَعْرُوفاً إِلَّا عَرَفَهُ وَ لَا مُنْكَراً إِلَّا أَنْكَرَهُ ثُمَّ قَذَفَ اللَّهُ فِی قَلْبِهِ كَلِمَةً یَجْمَعُ بِهَا أَمْرَهُ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ یَصْفُوَ لَكَ وُدُّ أَخِیكَ فَلَا تُمَازِحَنَّهُ وَ لَا تُمَارِیَنَّهُ وَ لَا تُبَاهِیَنَّهُ (3)

وَ لَا تُشَارَّنَّهُ وَ لَا تُطْلِعْ صَدِیقَكَ مِنْ سِرِّكَ إِلَّا عَلَی مَا لَوِ اطَّلَعَ عَلَیْهِ عَدُوُّكَ لَمْ یَضُرَّكَ فَإِنَّ الصَّدِیقَ قَدْ یَكُونُ عَدُوَّكَ یَوْماً یَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَا یَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّی یَكُونَ فِیهِ ثَلَاثُ سُنَنٍ سُنَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِهِ وَ سُنَّةٌ مِنَ الْإِمَامِ فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فَهُوَ أَنْ

ص: 291


1- 1. تحنن علیه: ترحم علیه.
2- 2. أی كفوا عن دعوتهم الی دین الحق فی زمن شدة التقیة. قال علیه السلام هذا الكلام فی زمان العسرة و الشدة علی المؤمنین فی دولة العباسیة، و حاصل الكلام أن من یرید اللّٰه هدایته لن یستطیع أحد أن یضله و هكذا من لم یرد اللّٰه أن یهدیه لن یستطیع أحد أن یهدیه. و رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 213 عن ثابت بن سعید و فیه« لا تدعو أحدا الی أمركم فو اللّٰه لو أن أهل الأرضین اجتمعوا علی أن یهدوا عبدا یرید اللّٰه ضلالته ما استطاعوا علی أن یهدوه و لو أن أهل السماوات و أهل الأرضین اجتمعوا علی أن یضلوا عبدا ... الخ».
3- 3. أی لا تفاخرنه. و« لا تشارنه» أی و لا تخاصمنه.

یَكُونَ كَتُوماً لِلْأَسْرَارِ یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ- عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً(1) وَ أَمَّا الَّتِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ أَنْ یُدَارِیَ النَّاسَ وَ یُعَامِلَهُمْ بِالْأَخْلَاقِ الْحَنِیفِیَّةِ وَ أَمَّا الَّتِی مِنَ الْإِمَامِ فَالصَّبْرُ فِی الْبَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ حَتَّی یَأْتِیَهُ اللَّهُ بِالْفَرَجِ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَیْسَتِ الْبَلَاغَةُ بِحِدَّةِ اللِّسَانِ وَ لَا بِكَثْرَةِ الْهَذَیَانِ وَ لَكِنَّهَا إِصَابَةُ الْمَعْنَی وَ قَصْدُ الْحُجَّةِ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ مَنْ قَعَدَ إِلَی سَابِّ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ فَقَدْ عَصَی اللَّهَ وَ مَنْ كَظَمَ غَیْظاً فِینَا لَا یَقْدِرُ عَلَی إِمْضَائِهِ كَانَ مَعَنَا فِی السَّنَامِ الْأَعْلَی (2) وَ مَنِ اسْتَفْتَحَ نَهَارَهُ بِإِذَاعَةِ سِرِّنَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ حَرَّ الْحَدِیدِ وَ ضِیقَ الْمَحَابِسِ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِثَلَاثٍ لِتُرَائِیَ بِهِ وَ لَا لِتُبَاهِیَ بِهِ وَ لَا لِتُمَارِیَ وَ لَا تَدَعْهُ لِثَلَاثٍ رَغْبَةٍ فِی الْجَهْلِ وَ زَهَادَةٍ فِی الْعِلْمِ وَ اسْتِحْیَاءٍ مِنَ النَّاسِ وَ الْعِلْمُ الْمَصُونُ كَالسِّرَاجِ الْمُطْبَقِ عَلَیْهِ یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً نَكَتَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةً بَیْضَاءَ فَجَالَ الْقَلْبُ بِطَلَبِ الْحَقِّ ثُمَّ هُوَ إِلَی أَمْرِكُمْ أَسْرَعُ مِنَ الطَّیْرِ إِلَی وَكْرِهِ (3)

یَا ابْنَ النُّعْمَانِ إِنَّ حُبَّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ یُنْزِلُهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ خَزَائِنَ تَحْتَ الْعَرْشِ كَخَزَائِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ لَا یُنْزِلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ وَ لَا یُعْطِیهِ إِلَّا خَیْرَ الْخَلْقِ وَ إِنَّ لَهُ غَمَامَةً كَغَمَامَةِ الْقَطْرِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَخُصَّ بِهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ أَذِنَ لِتِلْكَ الْغَمَامَةِ فَتَهَطَّلَتْ كَمَا تَهَطَّلَ السَّحَابُ (4) فَتُصِیبُ الْجَنِینَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ.

ص: 292


1- 1. الجن: 26.
2- 2. أی فی الدرجة الرفیعة العالیة.
3- 3. الوكر: عش الطائر أی بیته و موضعه.
4- 4. تهطل المطر: نزل متتابعا عظیم القطر.

«3»- ف (1)، [تحف العقول]: رِسَالَتِهِ علیه السلام إِلَی جَمَاعَةِ شِیعَتِهِ وَ أَصْحَابِهِ (2)

أَمَّا بَعْدُ فَسَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِیَةَ وَ عَلَیْكُمْ بِالدَّعَةِ وَ الْوَقَارِ(3) وَ السَّكِینَةِ وَ الْحَیَاءِ وَ التَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ مِنْكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ تَحَمَّلُوا الضَّیْمَ مِنْهُمْ وَ إِیَّاكُمْ وَ مُمَاظَّتَهُمْ (4) دِینُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ وَ خَالَطْتُمُوهُمْ وَ نَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلَامَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَ مُخَالَطَتِهِمْ وَ مُنَازَعَتِهِمْ بِالتَّقِیَّةِ(5)

الَّتِی أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهَا فَإِذَا ابْتُلِیتُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَیُؤْذُونَكُمْ وَ یَعْرِفُونَ فِی وُجُوهِكُمُ الْمُنْكَرَ وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ یَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ (6)

وَ مَا فِی صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا یُبْدُونَ لَكُمْ مَجَالِسُكُمْ وَ مَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِی الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یُكَرِّهَ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ یُبَاعِدَهُ مِنْهُ وَ مَنْ كَرَّهَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ بَاعَدَهُ مِنْهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ أَنْ یَدْخُلَهُ وَ الْجَبَرِیَّةِ فَلَانَتْ عَرِیكَتُهُ (7)

وَ حَسُنَ خُلُقُهُ وَ طَلُقَ وَجْهُهُ وَ صَارَ عَلَیْهِ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَ سَكِینَتُهُ وَ

تَخَشُّعُهُ وَ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ اجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ وَ رَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَ مُجَامَلَتَهُمْ وَ تَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَ الْخُصُومَاتِ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْهَا وَ لَا مِنْ أَهْلِهَا فِی شَیْ ءٍ وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِی الْأَصْلِ أَصْلِ الْخَلْقِ كَافِراً(8)

لَمْ یَمُتْ

ص: 293


1- 1. التحف ص 313.
2- 2. هذه الرسالة مختارة من التی رواها الكلینی( ره) فی الروضة و نقله المؤلّف فی هذا الجزء ص 210.
3- 3. الدعة: الخفض و الطمأنینة.
4- 4. المجاملة: المعاملة بالجمیل. و الضیم: الظلم. و المماظة- بالمعجمة-: شدة المنازعة و المخاصمة مع طول اللزوم.
5- 5.« بالتقیة» متعلق بدینوا و ما بینهما معترض.
6- 6. السطو: القهر. ای وثبوا علیكم و قهروكم، و فی بعض النسخ« لبطشوا بكم».
7- 7. العریكة: الطبیعة و الخلق و النفس.
8- 8. مر كلام فیه ص 222.

حَتَّی یُحَبِّبَ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ یُقَرِّبَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَبَّبَ إِلَیْهِ الشَّرَّ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِیَ بِالْكِبْرِ وَ الْجَبَرِیَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَ سَاءَ خُلُقُهُ وَ غَلُظَ وَجْهُهُ وَ ظَهَرَ فُحْشُهُ وَ قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ كَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ وَ رَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ یَنْزِعْ عَنْهَا وَ رَكِبَ مَعَاصِیَ اللَّهِ وَ أَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَ أَهْلَهَا فَبُعْدٌ مَا بعد [بَیْنَ] حَالِ الْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ فَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِیَةَ وَ اطْلُبُوهَا إِلَیْهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الَّذِینَ یَدْعُونَهُ وَ قَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ الِاسْتِجَابَةَ وَ اللَّهُ مُصَیِّرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَهُمْ عَمَلًا یَزِیدُهُمْ بِهِ فِی الْجَنَّةِ وَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِی كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ وَ اللَّهُ ذَاكِرٌ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا ذَكَرَهُ بِخَیْرٍ وَ عَلَیْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَی الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطی وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (1) كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَ تَكَبَّرَ عَلَیْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ اللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ وَ قَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی رَبِّی بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَلْقَی اللَّهُ عَلَیْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَ الْمَحْقَرَةَ حَتَّی یَمْقُتَهُ النَّاسُ (2) أَشَدَّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللَّهَ فِی إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِینَ الْمَسَاكِینِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَیْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ یُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ عَصَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَاتَ عَلَی ذَلِكَ مَاتَ مِنَ الْغَاوِینَ إِیَّاكُمْ وَ الْعَظَمَةَ وَ الْكِبْرَ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ اللَّهُ وَ أَذَلَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِیَّاكُمْ أَنْ یَبْغِیَ بَعْضُكُمْ عَلَی بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَیْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِینَ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَی صَیَّرَ اللَّهُ بَغْیَهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ صَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بُغِیَ عَلَیْهِ وَ مَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ

ص: 294


1- 1. حقره استصغره و هان قدره و صغر. و مقت فلانا: أبغضه.
2- 2. المحقرة: الحقارة أی الذلة و الهوان.

وَ أَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ إِیَّاكُمْ أَنْ یَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ(1) إِیَّاكُمْ أَنْ تُعِینُوا عَلَی مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَیَدْعُوَ اللَّهَ عَلَیْكُمْ وَ یُسْتَجَابَ لَهُ فِیكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ إِیَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ نُفُوسُكُمْ (2) إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ هَاهُنَا فِی الدُّنْیَا حَالَ اللَّهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ نَعِیمِهَا وَ لَذَّتِهَا وَ كَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الْآبِدِینَ.

«4»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی كَهْمَشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْصِنِی فَقَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِیهِ وَ انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَكَثِیراً مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَسُولِهِ رسول اللّٰه علیه و آله فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (4) وَ قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(5) فَإِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قُوتُهُ الشَّعِیرَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِیبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً وَ لَنْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً.

ص: 295


1- 1. لان الشیطان أول من حسد فكفر و أخرجه اللّٰه من الجنة.
2- 2. شره فلان- كفرح-: غلب حرصه و اشتد میله.
3- 3. الأمالی ج 2 ص 294.
4- 4. التوبة: 55 و 85. المنافقون: 4 نظیرها.
5- 5. طه: 131.

باب 25 مواعظ موسی بن جعفر و حكمه علیه السلام

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: وَصِیَّتُهُ علیه السلام لِهِشَامٍ وَ صِفَتُهُ لِلْعَقْلِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (2) بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ الْفَهْمِ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ

ص: 296


1- 1. التحف ص 383.
2- 2. رواه الكلینی فی المجلد الأول من كتابه الكافی مع اختلاف نشیر إلیه. و هشام هو أبو محمّد و قیل: أبو الحكم هشام بن الحكم البغدادیّ الكندی مولی بنی شیبان ممن اتفق الاصحاب علی وثاقته و عظم قدره و رفعة منزلته عند الأئمّة علیهم السلام، و كانت له مباحث كثیرة مع المخالفین فی الأصول و غیرها، صحب أبا عبد اللّٰه و بعده أبا الحسن موسی علیهما السلام و كان من أجلة أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام و بلغ من مرتبة علوه عنده أنّه دخل علیه بمنی و هو غلام أول ما اختط عارضاه و فی مجلسه شیوخ الشیعة كحمران بن أعین و قیس الماصر و یونس بن یعقوب و أبی جعفر الاحول و غیرهم فرفعه علی جماعتهم و لیس فیهم الا من هو أكبر سنا منه، فلما رأی أبو عبد اللّٰه علیه السلام أن ذلك الفعل كبر علی أصحابه قال:« هذا ناصرنا بقلبه و لسانه و یده». و كان له أصل و له كتب كثیرة، و ان الاصحاب كانوا یأخذون عنه. مولده بالكوفة و منشؤه واسط و تجارته بغداد و كان بیاع الكرابیس و ینزل الكرخ من مدینة السلام بغداد فی درب الجنب، ثمّ انتقل الی الكوفة فی أواخر عمره و نزل قصر و ضاح و توفّی سنة 199 أو 179 فی أیّام الرشید مستترا و كان لاستتاره قصة مشهورة فی المناظرات، و ترحم علیه الرضا علیه السلام و قیل فی شأنه:« انه من متكلمی الشیعة و بطائنهم و من دعی له الصادق علیه السلام فقال: أقول لك ما قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لحسان: لا تزل مؤیدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. و هو الذی فتق الكلام فی الإمامة و هذب المذهب و سهل طریق الحجاج فیه. و كان حاذقا بصناعة الكلام، حاضر الجواب. و كان أولا من أصحاب الجهم بن صفوان ثمّ انتقل الی القول بالامامة بالدلائل و النظر و هو منقطعا الی البرامكة ملازما لیحیی بن خالد و كان القیم بمجالس كلامه و نظره ثمّ تبع الصادق علیه السلام فانقطع إلیه و توفی بعد نكبة البرامكة بمدة یسیره و قیل: بل فی خلافة المأمون. و ان العامّة طعنوا فیه. و ورد فی الاخبار ذمّ له من جهة القول بالتجسم و ان الاصحاب اخذوا فی الذب عنه تنزیها لساحته عن ذلك، و وردت روایات فی مدحه و دلّ علی جلالته هذه الروایات المذكورة فی المتن الجامعة لابواب الخیر و الفلاح.

فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (1) یَا هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَكْمَلَ لِلنَّاسِ (2)

الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ وَ أَفْضَی إِلَیْهِمْ بِالْبَیَانِ وَ دَلَّهُمْ عَلَی رُبُوبِیَّتِهِ بِالْأَدِلَّاءِ فَقَالَ وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ- لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِیمُ (3)

إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ إِلَی قَوْلِهِ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (4)

یَا هِشَامُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ دَلِیلًا عَلَی مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً فَقَالَ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (5) وَ قَالَ حم- وَ الْكِتابِ الْمُبِینِ- إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (6) وَ قَالَ وَ مِنْ آیاتِهِ یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَیُحْیِی بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (7) یَا هِشَامُ ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ رَغَّبَهُمْ فِی الْآخِرَةِ فَقَالَ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (8) وَ قَالَ:

ص: 297


1- 1. الزمر: 19.
2- 2. فی بعض النسخ« أكمل الناس».
3- 3. البقرة: 162.
4- 4. البقرة: 163. و المراد باختلافهما ذهابهما و مجیئهما.
5- 5. النحل: 12.
6- 6. الزخرف: 1، 2، 3.
7- 7. الروم: 23.« خوفا» أی للمسافر. و« طمعا» للحاضر.
8- 8. الأنعام: 32.

وَ ما أُوتِیتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَمَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ زِینَتُها وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی أَ فَلا تَعْقِلُونَ (1) یَا هِشَامُ ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِینَ لَا یَعْقِلُونَ عَذَابَهُ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِینَ- وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَیْهِمْ مُصْبِحِینَ- وَ بِاللَّیْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (2) یَا هِشَامُ ثُمَّ بَیَّنَ أَنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ فَقَالَ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ (3) یَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ الَّذِینَ لَا یَعْقِلُونَ فَقَالَ وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَیْنا عَلَیْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا یَعْقِلُونَ شَیْئاً وَ لا یَهْتَدُونَ (4) وَ قَالَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ (5) وَ قَالَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا

یَعْقِلُونَ (6)

ثُمَّ ذَمَّ الْكَثْرَةَ فَقَالَ- وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِی الْأَرْضِ یُضِلُّوكَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ (7) وَ قَالَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ (8) وَ أَكْثَرَهُمْ

ص: 298


1- 1. القصص: 60.
2- 2. الصافّات: 137، 138، 139.
3- 3. العنكبوت: 43.
4- 4. البقرة: 165. ألفینا أی وجدنا.
5- 5. الأنفال: 22. و مثلها قوله تعالی فی سورة البقرة: 41، 166. و سورة یونس: 43، و سورة الفرقان: 46. و سورة الحشر: 14.
6- 6. هذه الآیة فی سورة لقمان: 24 و فیه« بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ» كما فی بعض نسخ الكافی و لعله سهو من الراوی أو اشتباه من النسّاخ.
7- 7. الأنعام: 116.
8- 8. الأنعام: 37. و نظیرها قوله تعالی:« بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ» النحل: 77 و آیة 103. و سورة الأنبیاء آیة 24. و سورة النمل آیة 62. و سورة لقمان: 24. و سورة الزمر: 30 و كذا قوله تعالی:« بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ» سورة العنكبوت: 63 و قوله تعالی:« وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ» سورة المائدة: 102.

لَا یَشْعُرُونَ (1)

یَا هِشَامُ ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ فَقَالَ وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ(2) وَ قَالَ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ (3) وَ قَالَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِیلٌ (4): یَا هِشَامُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِی الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ وَ حَلَّاهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْیَةِ فَقَالَ یُؤْتِی الْحِكْمَةَ مَنْ یَشاءُ وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً كَثِیراً وَ ما یَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (5)

یَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ (6) یَعْنِی الْعَقْلَ وَ قَالَ وَ لَقَدْ آتَیْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ(7) قَالَ الْفَهْمَ وَ الْعَقْلَ یَا هِشَامُ إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ (8) یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا بَحْرٌ عَمِیقٌ قَدْ غَرِقَ فِیهِ عَالَمٌ كَثِیرٌ فَلْتَكُنْ سَفِینَتُكَ فِیهَا تَقْوَی اللَّهِ وَ حَشْوُهَا الْإِیمَانَ (9)

وَ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ وَ قَیِّمُهَا الْعَقْلَ وَ دَلِیلُهَا الْعِلْمَ وَ سُكَّانُهَا الصَّبْرَ.

ص: 299


1- 1. مضمون مأخوذ من آی القرآن.
2- 2. سبأ: 13.
3- 3. ص: 23.« ما» تأكید القلة.
4- 4. هود: 42.
5- 5. البقرة: 272. و نظیرها فی سورة آل عمران: 187. و سورة الرعد: 19 و سورة ص: 28، و سورة الزمر: 12. و سورة المؤمن: 56.
6- 6. ق: 36.
7- 7. لقمان: 11. إلی هنا كان فی الكافی بتقدیم و تأخیر.
8- 8. و زاد فی الكافی« و ان الكیس لدی الحق یسیر».
9- 9. الحشو: ما حشی به الشی ء أی ملاء به و الظاهر أن ضمیر« فیها» یرجع الی. الدنیا و ضمیر حشوها و ما بعده یرجع الی السفینة. و فی بعض النسخ« فلتكن سفینتك منها». و« حشوها» فی بعض النسخ« جسرها». و شراع السفینة- بالكسر-: ما یرفع فوقها من ثوب و غیره لیدخل فیه الریح فتجریها.

یَا هِشَامُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ دَلِیلٌ وَ دَلِیلُ الْعَاقِلِ التَّفَكُّرُ وَ دَلِیلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ مَطِیَّةٌ وَ مَطِیَّةُ الْعَاقِلِ التَّوَاضُعُ (1)

وَ كَفَی بِكَ جَهْلًا أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِیتَ عَنْهُ یَا هِشَامُ لَوْ كَانَ فِی یَدِكَ جَوْزَةٌ وَ قَالَ النَّاسُ فِی یَدِكَ لُؤْلُؤَةٌ مَا كَانَ یَنْفَعُكَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا جَوْزَةٌ وَ لَوْ كَانَ فِی یَدِكَ لُؤْلُؤَةٌ وَ قَالَ النَّاسُ إِنَّهَا جَوْزَةٌ مَا ضَرَّكَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا لُؤْلُؤَةٌ یَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِیَاءَهُ وَ رُسُلَهُ إِلَی عِبَادِهِ إِلَّا لِیَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً لِلَّهِ وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا وَ أَعْقَلُهُمْ (2) أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ یَا هِشَامُ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ مَلَكٌ آخِذٌ بِنَاصِیَتِهِ فَلَا یَتَوَاضَعُ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ وَ لَا یَتَعَاظَمُ إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ یَا هِشَامُ إِنَّ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حُجَّتَیْنِ حُجَّةً ظَاهِرَةً وَ حُجَّةً بَاطِنَةً فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرَّسُولُ وَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ وَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ یَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ الَّذِی لَا یَشْغَلُ الْحَلَالُ شُكْرَهُ وَ لَا یَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ یَا هِشَامُ مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَی ثَلَاثٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَی هَدْمِ عَقْلِهِ مَنْ أَظْلَمَ نُورُ فِكْرِهِ (3) بِطُولِ أَمَلِهِ وَ مَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ وَ أَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَی هَدْمِ عَقْلِهِ وَ مَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ أَفْسَدَ عَلَیْهِ دِینَهُ وَ دُنْیَاهُ.

ص: 300


1- 1. فی الكافی مكان العاقل« العقل» فی الموضعین.
2- 2. فی الكافی« و أكملهم عقلا».
3- 3. فی الكافی« من أظلم نور تفكره».

یَا هِشَامُ كَیْفَ یَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ عَمَلُكَ وَ أَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ عَقْلَكَ عَنْ أَمْرِ رَبِّكَ وَ أَطَعْتَ هَوَاكَ عَلَی غَلَبَةِ عَقْلِكَ یَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَی الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْیَا وَ الرَّاغِبِینَ فِیهَا وَ رَغِبَ فِیمَا عِنْدَ رَبِّهِ وَ كَانَ اللَّهُ آنِسَهُ فِی الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبَهُ فِی الْوَحْدَةِ وَ غِنَاهُ فِی الْعَیْلَةِ وَ مُعِزَّهُ فِی غَیْرِ عَشِیرَةٍ(1)

یَا هِشَامُ نُصِبَ الْخَلْقُ لِطَاعَةِ اللَّهِ (2)

وَ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ الطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ وَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَ التَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ یُعْتَقَدُ(3)

وَ لَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِیٍّ وَ مَعْرِفَةُ الْعَالِمِ بِالْعَقْلِ یَا هِشَامُ قَلِیلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَاقِلِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَ كَثِیرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَی وَ الْجَهْلِ مَرْدُودٌ یَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِیَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْیَا مَعَ الْحِكْمَةِ وَ لَمْ یَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْیَا فَلِذَلِكَ رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ یَا هِشَامُ إِنْ كَانَ یُغْنِیكَ مَا یَكْفِیكَ فَأَدْنَی مَا فِی الدُّنْیَا یَكْفِیكَ وَ إِنْ كَانَ لَا یُغْنِیكَ مَا یَكْفِیكَ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ مِنَ الدُّنْیَا یُغْنِیكَ یَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْیَا فَكَیْفَ الذُّنُوبَ وَ تَرْكُ الدُّنْیَا مِنَ الْفَضْلِ وَ تَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ (4) یَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِی الدُّنْیَا وَ رَغِبُوا فِی الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَ

ص: 301


1- 1. العیلة: الفاقة.
2- 2. نصب- من باب علم-: تعب و أعیا. و فی الكافی« و نصب الحق لطاعة اللّٰه».
3- 3. اعتقد الشی ء: نقیض حله. و فی بعض النسخ« یعتقل» هو أیضا نقیض حل أی یمسك و یشد.
4- 4. و زاد فی الكافی« یا هشام ان العاقل نظر الی الدنیا و الی أهلها فعلم أنّها لا تنال الا بالمشقة و نظر الی الآخرة فعلم انها لا تنال الا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما».

الدُّنْیَا طَالِبَةٌ وَ مَطْلُوبَةٌ(1) وَ الْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَ مَطْلُوبَةٌ فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْیَا حَتَّی یَسْتَوْفِیَ مِنْهَا رِزْقَهُ وَ مَنْ طَلَبَ الدُّنْیَا طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ فَیَأْتِیهِ الْمَوْتُ فَیُفْسِدُ عَلَیْهِ دُنْیَاهُ وَ آخِرَتَهُ یَا هِشَامُ مَنْ أَرَادَ الْغِنَی بِلَا مَالٍ وَ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَ السَّلَامَةَ فِی الدِّینِ فَلْیَتَضَرَّعْ إِلَی اللَّهِ فِی مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ یُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا یَكْفِیهِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا یَكْفِیهِ اسْتَغْنَی وَ مَنْ لَمْ یَقْنَعْ بِمَا یَكْفِیهِ لَمْ یُدْرِكِ الْغِنَی أَبَداً یَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ حَكَی عَنْ قَوْمٍ صَالِحِینَ أَنَّهُمْ قَالُوا رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَیْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (2) حِینَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِیغُ وَ تَعُودُ إِلَی عَمَاهَا وَ رَدَاهَا(3)

إِنَّهُ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ یَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ یَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ لَمْ یُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَی مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ یُبْصِرُهَا وَ یَجِدُ حَقِیقَتَهَا فِی قَلْبِهِ وَ لَا یَكُونُ أَحَدٌ كَذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً وَ سِرُّهُ لِعَلَانِیَتِهِ مُوَافِقاً لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَدُلَ (4) عَلَی الْبَاطِنِ الْخَفِیِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَ نَاطِقٍ عَنْهُ یَا هِشَامُ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ مَا مِنْ شَیْ ءٍ عُبِدَ اللَّهُ بِهِ (5)

أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَ مَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّی یَكُونَ فِیهِ خِصَالٌ شَتَّی الْكُفْرُ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ (6)

وَ الرُّشْدُ وَ الْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولَانِ (7)

وَ فَضْلُ مَالِهِ مَبْذُولٌ وَ فَضْلُ قَوْلِهِ مَكْفُوفٌ نَصِیبُهُ

ص: 302


1- 1. فی الكافی« أن الدنیا طالبة مطلوبة و أن الآخرة طالبة و مطلوبة.
2- 2. آل عمران: 7.
3- 3. الردی: الهلاك.
4- 4. فی بعض النسخ« لا یدل».
5- 5. فی الكافی« ما عبد اللّٰه بشی ء».
6- 6. الكفر فی الاعتقاد، و الشر فی القول و العمل، و الكل ینشأ من الجهل. و فی بعض النسخ« مأمون».
7- 7. الرشد فی الاعتقاد و الخیر فی القول و الكل ناش من العقل. و فی بعض النسخ« مأمول».

مِنَ الدُّنْیَا الْقُوتُ وَ لَا یَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَیْهِ مَعَ اللَّهِ مِنَ الْعِزِّ مَعَ غَیْرِهِ وَ التَّوَاضُعُ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الشَّرَفِ یَسْتَكْثِرُ قَلِیلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَیْرِهِ وَ یَسْتَقِلُّ كَثِیرَ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَفْسِهِ وَ یَرَی النَّاسَ كُلَّهُمْ خَیْراً مِنْهُ وَ أَنَّهُ شَرُّهُمْ فِی نَفْسِهِ وَ هُوَ تَمَامُ الْأَمْرِ(1)

یَا هِشَامُ مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَی عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زِیدَ فِی رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِإِخْوَانِهِ وَ أَهْلِهِ مُدَّ فِی عُمُرِهِ یَا هِشَامُ لَا تَمْنَحُوا الْجُهَّالَ الْحِكْمَةَ فَتَظْلِمُوهَا(2)

وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ یَا هِشَامُ كَمَا تَرَكُوا لَكُمُ الْحِكْمَةَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْیَا(3)

یَا هِشَامُ لَا دِینَ

لِمَنْ لَا مُرُوَّةَ لَهُ وَ لَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِی لَا یَرَی الدُّنْیَا لِنَفْسِهِ خَطَراً(4)

أَمَا إِنَّ أَبْدَانَكُمْ لَیْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِیعُوهَا بِغَیْرِهَا(5)

ص: 303


1- 1. أی ملاك الامر و تمامه فی أن یكون الإنسان كاملا تام العقل هو كونه متصفا بمجموعة هذه الخصال.
2- 2. لا تمنحوا الجهال أی لا تعطوهم و لا تعلموهم. و المنحة: العطاء.
3- 3. فی الكافی هاهنا« یا هشام ان العاقل لا یكذب و ان كان فیه هواه».
4- 4. أی قدرا و رفعة. و الخطر: الحظ و النصیب و القدر و المنزلة.
5- 5. هاهنا كلام نقله صاحب الوافی عن استاذه- رحمهما اللّٰه- قال: ذلك لان الأبدان فی التناقص یوما فیوما لتوجه النفس منها الی عالم آخر فان كانت النفس سعیدة كانت غایة سعیه فی هذه الدنیا و انقطاع حیاته البدنیة إلی اللّٰه سبحانه و الی نعیم الجنة لكونه علی منهج الهدایة و الاستقامة فكأنّه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع اللّٰه تعالی و لهذا خلقه اللّٰه عزّ و جلّ و ان كانت شقیة كانت غایة سعیه و انقطاع أجله و عمره الی مقارنة الشیطان و عذاب النیران لكونه علی طریق الضلالة فكأنّه باع بدنه بثمن الشهوات الفانیة و اللذات الحیوانیة التی ستصیر نیرانات محرقة مؤلمة و هی الیوم كامنة مستورة عن حواس أهل الدنیا و ستبرز یوم القیامة« و برزت الجحیم لمن یری» معاملة مع الشیطان و خسر هنالك المبطلون.

یَا هِشَامُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَقُولُ (1)

لَا یَجْلِسُ فِی صَدْرِ الْمَجْلِسِ إِلَّا رَجُلٌ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ یُجِیبُ إِذَا سُئِلَ وَ یَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ الْكَلَامِ وَ یُشِیرُ بِالرَّأْیِ الَّذِی فِیهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ فَمَنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِ شَیْ ءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ فَهُوَ أَحْمَقُ- وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ فَاطْلُبُوهَا مِنْ أَهْلِهَا قِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ أَهْلُهَا قَالَ الَّذِینَ قَصَّ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ ذَكَرَهُمْ فَقَالَ إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (2) قَالَ هُمْ أُولُو الْعُقُولِ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مُجَالَسَةُ الصَّالِحِینَ دَاعِیَةٌ إِلَی الصَّلَاحِ وَ أَدَبُ الْعُلَمَاءِ(3)

زِیَادَةٌ فِی الْعَقْلِ وَ طَاعَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ تَمَامُ الْعِزِّ وَ اسْتِثْمَارُ الْمَالِ (4) تَمَامُ الْمُرُوَّةِ وَ إِرْشَادُ الْمُسْتَشِیرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَ كَفُّ الْأَذَی مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَ فِیهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلًا وَ آجِلًا یَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا یُحَدِّثُ مَنْ یَخَافُ تَكْذِیبَهُ وَ لَا یَسْأَلُ مَنْ یَخَافُ مَنْعَهُ وَ لَا یَعِدُ مَا لَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ وَ لَا یَرْجُو مَا یُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ (5) وَ لَا یَتَقَدَّمُ عَلَی مَا یَخَافُ الْعَجْزَ عَنْهُ (6)

وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُوصِی أَصْحَابَهُ یَقُولُ أُوصِیكُمْ بِالْخَشْیَةِ

ص: 304


1- 1. فی الكافی« ان من علامة العاقل أن یكون فیه ثلاث خصال: یجیب إذا سئل و ینطق إذا عجز القوم عن الكلام. و یشیر بالرأی الذی یكون فیه صلاح أهله، فمن لم یكن فیه من هذه الخصال الثلاث شی ء فهو أحمق، ان أمیر المؤمنین علیه السلام قال: لا یجلس فی صدر المجلس الا رجل فیه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن- الخ».
2- 2. الزمر: 12.
3- 3. فی الكافی« و آداب العلماء».
4- 4. أی استنماؤه بالكسب و التجارة.
5- 5. التعنیف: اللؤم و التوبیخ و التقریع. و المراد ان العاقل لا یرجو فوق ما یستحقه و ما لم یستعده.
6- 6. فی الكافی« و لا یقدم علی ما یخاف فوته بالعجز عنه». أی لا یبادر الی فعل قبل أوانه خوفا من أن یفوته بالعجز عنه فی وقته.

مِنَ اللَّهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الِاكْتِسَابِ فِی الْفَقْرِ وَ الْغِنَی وَ أَنْ تَصِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ تَعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَ تُعْطُوا(1) عَلَی مَنْ حَرَمَكُمْ وَ لْیَكُنْ نَظَرُكُمْ عَبَراً وَ صَمْتُكُمْ فِكْراً وَ قَوْلُكُمْ ذِكْراً وَ طَبِیعَتُكُمُ السَّخَاءَ(2) فَإِنَّهُ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَخِیلٌ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ سَخِیٌّ یَا هِشَامُ رَحِمَ اللَّهُ مَنِ اسْتَحْیَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَیَاءِ فَحَفِظَ الرَّأْسَ وَ مَا حَوَی (3)

وَ الْبَطْنَ وَ مَا وَعَی وَ ذَكَرَ الْمَوْتَ وَ الْبِلَی وَ عَلِمَ أَنَّ الْجَنَّةَ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَكَارِهِ (4) وَ النَّارَ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ یَا هِشَامُ مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنِ النَّاسِ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا یَكْذِبُ وَ إِنْ كَانَ فِیهِ هَوَاهُ یَا هِشَامُ وُجِدَ فِی ذُؤَابَةِ(5) سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ أَعْتَی النَّاسِ عَلَی اللَّهِ

ص: 305


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« و تعطفوا».
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« و إیّاكم و البخل و علیكم بالسخاء».
3- 3.« و ما حوی» أی ما حواه الرأس من الاوهام و الأفكار بأن یحفظها و لا یبدیها و یمكن أن یكون المراد ما حواه الرأس من العین و الاذن و سائر المشاعر بأن یحفظها عما یحرم علیه. و ما وعی أی ما جمعه من الطعام و الشراب بأن لا یكونا من حرام. و البلی- بالكسر-: الاندراس و الاضمحلال.
4- 4. المحفوفة: المحیطة و المكاره: جمع مكرهة- بفتح الراء و ضمها-: ما یكرهه الإنسان و یشق علیه. و المراد أن الجنة محفوفة بما یكره النفس من الأقوال و الافعال فتعمل بها، فمن عمل بها دخل الجنة، و النار محفوفة بلذات النفس و شهواتها، فمن أعطی نفسه لذتها و شهوتها دخل النار.
5- 5. الذؤابة من كل شی ء: أعلاه. و من السیف: علاقته. و من السوط: طرفه. و من الشعر: ناصیته. و عتا یعتو عتوا، و عتی یعنی عتیا بمعنی واحد أی استكبر و تجاوز الحد، و العتو: الطغیان و التجاوز عن الحدود و التجبر.

مَنْ ضَرَبَ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ قَتَلَ غَیْرَ قَاتِلِهِ وَ مَنْ تَوَلَّی غَیْرَ مَوَالِیهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً(1)

أَوْ آوَی مُحْدِثاً لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا یَا هِشَامُ أَفْضَلُ مَا یَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَی اللَّهِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ الصَّلَاةُ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ وَ تَرْكُ الْحَسَدِ وَ الْعُجْبِ وَ الْفَخْرِ یَا هِشَامُ أَصْلَحُ أَیَّامِكَ الَّذِی هُوَ أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ وَ أَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَ أَهْلَهُ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِیلَةٌ قَصِیرَةٌ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَی ثَوَابَ عَمَلِكَ لتكن [لِتَكُونَ] أَطْمَعَ فِی ذَلِكَ وَ اعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ انْظُرْ(2)

فِی تَصَرُّفِ الدَّهْرِ وَ أَحْوَالِهِ فَإِنَّ مَا هُوَ آتٍ مِنَ الدُّنْیَا كَمَا وَلَّی مِنْهَا فَاعْتَبِرْ بِهَا- وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ جَمِیعَ مَا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ فِی مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا بَحْرِهَا وَ بَرِّهَا وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا عِنْدَ وَلِیٍّ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَقِّ اللَّهِ كَفَیْئِ الظِّلَالِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَ وَ لَا حُرٌّ یَدَعُ هَذِهِ اللُّمَاظَةَ لِأَهْلِهَا(3)

یَعْنِی الدُّنْیَا فَلَیْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِیعُوهَا بِغَیْرِهَا فَإِنَّهُ مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالدُّنْیَا فَقَدْ رَضِیَ بِالْخَسِیسِ یَا هِشَامُ إِنَّ كُلَّ النَّاسِ یُبْصِرُ النُّجُومَ وَ لَكِنْ لَا یَهْتَدِی بِهَا إِلَّا مَنْ یَعْرِفُ مَجَارِیَهَا وَ مَنَازِلَهَا وَ كَذَلِكَ أَنْتُمْ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ وَ لَكِنْ لَا یَهْتَدِی بِهَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا یَا هِشَامُ إِنَّ الْمَسِیحَ علیه السلام قَالَ لِلْحَوَارِیِّینَ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ یَهُولُكُمْ طُولُ النَّخْلَةِ(4)

وَ تَذْكُرُونَ شَوْكَهَا وَ مَئُونَةَ مَرَاقِیهَا وَ تَنْسَوْنَ طِیبَ ثَمَرِهَا

ص: 306


1- 1. الحدث: الامر الحادث الذی لیس بمعتاد و لا معروف فی السنة.
2- 2.« عقل عن اللّٰه»: عرف عنه و بلغ عقله الی حدّ یأخذ العلم عن اللّٰه فكأنّه أخذ العلم عن كتاب اللّٰه و سنة نبیه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- 3. اللماظة- بالضم- بقیة الطعام فی الفم. و أیضا بقیة الشی ء القلیل. و المراد بها هنا الدنیا.
4- 4. یهولكم أی یفزعكم و عظم علیكم.

وَ مَرَافِقَهَا(1)

كَذَلِكَ تَذْكُرُونَ مَئُونَةَ عَمَلِ الْآخِرَةِ فَیَطُولُ عَلَیْكُمْ أَمَدُهُ وَ تَنْسَوْنَ مَا تُفْضُونَ إِلَیْهِ مِنْ نَعِیمِهَا وَ نَوْرِهَا وَ ثَمَرِهَا(2)

یَا عَبِیدَ السَّوْءِ نَقُّوا الْقَمْحَ وَ طَیِّبُوهُ وَ أَدِقُّوا طَحْنَهُ تَجِدُوا طَعْمَهُ وَ یَهْنِئْكُمْ أَكْلُهُ كَذَلِكَ فَأَخْلِصُوا الْإِیمَانَ وَ أَكْمِلُوهُ تَجِدُوا حَلَاوَتَهُ وَ یَنْفَعْكُمْ غِبُّهُ (3)

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَوْ وَجَدْتُمْ سِرَاجاً یَتَوَقَّدُ بِالْقَطِرَانِ (4)

فِی لَیْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَاسْتَضَأْتُمْ بِهِ وَ لَمْ یَمْنَعْكُمْ مِنْهُ رِیحُ نَتْنِهِ كَذَلِكَ یَنْبَغِی لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الْحِكْمَةَ مِمَّنْ وَجَدْتُمُوهَا مَعَهُ وَ لَا یَمْنَعْكُمْ مِنْهُ سُوءُ رَغْبَتِهِ فِیهَا- یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ- لَا تُدْرِكُونَ شَرَفَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تُحِبُّونَ فَلَا تُنْظِرُوا بِالتَّوْبَةِ غَداً فَإِنَّ دُونَ غَدٍ یَوْماً وَ لَیْلَةً وَ قَضَاءَ اللَّهِ (5)

فِیهِمَا یَغْدُو وَ یَرُوحُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ لَیْسَ عَلَیْهِ دَیْنٌ مِنَ النَّاسِ أَرْوَحُ وَ أَقَلُّ هَمّاً مِمَّنْ عَلَیْهِ الدَّیْنُ وَ إِنْ أَحْسَنَ الْقَضَاءَ وَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ یَعْمَلِ الْخَطِیئَةَ أَرْوَحُ هَمّاً [مِمَّنْ] عَمِلَ الْخَطِیئَةَ وَ إِنْ أَخْلَصَ التَّوْبَةَ وَ أَنَابَ وَ إِنَّ صِغَارَ الذُّنُوبِ وَ مُحَقَّرَاتِهَا(6) مِنْ مَكَایِدِ إِبْلِیسَ یُحَقِّرُهَا لَكُمْ وَ یُصَغِّرُهَا فِی أَعْیُنِكُمْ فَتَجْتَمِعُ وَ تَكْثُرُ فَتُحِیطُ بِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ فِی الْحِكْمَةِ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَ صَدَّقَهَا بِفِعْلِهِ وَ رَجُلٌ أَتْقَنَهَا

ص: 307


1- 1. مئونة المراقی: شدة الارتقاء. و المرافق: المنافع و هی جمع مرفق- بالفتح-: ما انتفع به.
2- 2. الامد: الغایة و منتهی الشی ء، یقال: طال علیهم الامد أی الأجل. و النور بالفتح-: الزهرة.
3- 3. الغب- بالكسر-: العاقبة. و أیضا بمعنی البعد.
4- 4. القطران- بفتح القاف و سكون الطاء و كسرها أو بكسر القاف و سكون الطاء-: سیال دهنی شبیه النفط، یتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر و الأرز فیهنأ به الإبل الجربی و یسرع فیه اشعال النار. و قوله:« نتنه» أی خبث رائحته.
5- 5. كنایة عن الموت فانه یأتی فی الغداة و الرواح.
6- 6. فی بعض النسخ« و محقرتها».

بِقَوْلِهِ وَ ضَیَّعَهَا بِسُوءِ فِعْلِهِ فَشَتَّانَ بَیْنَهُمَا فَطُوبَی لِلْعُلَمَاءِ بِالْفِعْلِ وَ وَیْلٌ لِلْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلِ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ اتَّخِذُوا مَسَاجِدَ رَبِّكُمْ سُجُوناً لِأَجْسَادِكُمْ وَ جِبَاهِكُمْ وَ اجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ بُیُوتاً لِلتَّقْوَی وَ لَا تَجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ مَأْوًی لِلشَّهَوَاتِ إِنَّ أَجْزَعَكُمْ عِنْدَ الْبَلَاءِ لَأَشَدُّكُمْ حُبّاً لِلدُّنْیَا وَ إِنَّ أَصْبَرَكُمْ عَلَی الْبَلَاءِ لَأَزْهَدُكُمْ فِی الدُّنْیَا یَا عَبِیدَ السَّوْءِ لَا تَكُونُوا شَبِیهاً بِالْحِدَاءِ الْخَاطِفَةِ(1)

وَ لَا بِالثَّعَالِبِ الْخَادِعَةِ وَ لَا بِالذِّئَابِ الْغَادِرَةِ وَ لَا بِالْأُسُدِ الْعَاتِیَةِ كَمَا تَفْعَلُ بالفراس [بِالْفَرَائِسِ](2)

كَذَلِكَ تَفْعَلُونَ بِالنَّاسِ فَرِیقاً تَخْطَفُونَ وَ فَرِیقاً تَخْدَعُونَ وَ

فَرِیقاً تَغْدِرُونَ بِهِمْ (3) بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ- لَا یُغْنِی عَنِ الْجَسَدِ أَنْ یَكُونَ ظَاهِرُهُ صَحِیحاً وَ بَاطِنُهُ فَاسِداً كَذَلِكَ لَا تُغْنِی أَجْسَادُكُمُ الَّتِی قَدْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ قَدْ فَسَدَتْ قُلُوبُكُمْ وَ مَا یُغْنِی عَنْكُمْ أَنْ تُنَقُّوا جُلُودَكُمْ وَ قُلُوبُكُمْ دَنِسَةٌ- لَا تَكُونُوا كَالْمُنْخُلِ (4) یُخْرِجُ مِنْهُ الدَّقِیقَ الطَّیِّبَ وَ یُمْسِكُ النُّخَالَةَ كَذَلِكَ أَنْتُمْ تُخْرِجُونَ الْحِكْمَةَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ وَ یَبْقَی الْغِلُّ فِی صُدُورِكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ السِّرَاجِ یُضِی ءُ لِلنَّاسِ وَ یُحْرِقُ نَفْسَهُ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِی مَجَالِسِهِمْ وَ لَوْ جُثُوّاً عَلَی الرُّكَبِ (5) فَإِنَّ اللَّهَ یُحْیِی الْقُلُوبَ الْمَیْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا یُحْیِی الْأَرْضَ الْمَیْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ(6)

ص: 308


1- 1. الحداء- بالكسر-: جمع حدأة- كعنبة-: طائر من الجوارح و هو نوع من الغراب یخطف الأشیاء، و الخاطفة من خطف الشی ء یخطف كعلم یعلم-: استلبه بسرعة و الغادرة: الخائنة. و العاتی: الجبار.
2- 2. الفریسة: ما یفترسه الأسد و نحوه. و فی بعض النسخ« بالفراش».
3- 3. فی بعض النسخ« و فریقا تقدرون بهم».
4- 4. المنخل- بضم المیم و الخاء أو بفتح الخاء-: ما ینخل به. و النخالة- بالضم-: ما بقی فی المنخل من القشر و نحوه.
5- 5. جثا یجثو. و جثی یجثی: جلس علی ركبته أو قام علی أطراف الأصابع. و فی بعض النسخ« حبوا» أی زحفا علی الركب من حبا یحبو و حبی یحبی: إذا مشی علی أربع.
6- 6. الوابل: المطر الشدید الضخم القطر.

یَا هِشَامُ مَكْتُوبٌ فِی الْإِنْجِیلِ طُوبَی لِلْمُتَرَاحِمِینَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُصْلِحِینَ بَیْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُتَوَاضِعِینَ فِی الدُّنْیَا أُولَئِكَ یَرْتَقُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا هِشَامُ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِیمٌ فَعَلَیْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ حَسَنَةٌ وَ قِلَّةُ وِزْرٍ وَ خِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْحِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ وَ الْمَشَّاءَ إِلَی غَیْرِ أَرَبٍ (1) وَ یَجِبُ عَلَی الْوَالِی أَنْ یَكُونَ كَالرَّاعِی لَا یَغْفُلُ عَنْ رَعِیَّتِهِ وَ لَا یَتَكَبَّرُ عَلَیْهِمْ فَاسْتَحْیُوا مِنَ اللَّهِ فِی سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْیُونَ مِنَ النَّاسِ فِی عَلَانِیَتِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْكَلِمَةَ مِنَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَیْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ یُرْفَعَ وَ رَفْعُهُ غَیْبَةُ عَالِمِكُمْ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ یَا هِشَامُ تَعَلَّمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا جَهِلْتَ وَ عَلِّمِ الْجَاهِلَ مِمَّا عُلِّمْتَ عَظِّمِ الْعَالِمَ لِعِلْمِهِ وَ دَعْ مُنَازَعَتَهُ وَ صَغِّرِ الْجَاهِلَ لِجَهْلِهِ وَ لَا تَطْرُدْهُ وَ لَكِنْ قَرِّبْهُ وَ عَلِّمْهُ یَا هِشَامُ إِنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ عَجَزْتَ عَنْ شُكْرِهَا بِمَنْزِلَةِ سَیِّئَةٍ تُؤَاخَذُ بِهَا وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً كَسَرَتْ قُلُوبَهُمْ خَشْیَةٌ فَأَسْكَتَتْهُمْ عَنِ الْمَنْطِقِ وَ إِنَّهُمْ لَفُصَحَاءُ عُقَلَاءُ یَسْتَبِقُونَ إِلَی اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الزَّكِیَّةِ- لَا یَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِیرَ وَ لَا یَرْضَوْنَ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالْقَلِیلِ یَرَوْنَ فِی أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَشْرَارٌ وَ إِنَّهُمْ لَأَكْیَاسٌ وَ أَبْرَارٌ(2) یَا هِشَامُ الْحَیَاءُ مِنَ الْإِیمَانِ وَ الْإِیمَانُ فِی الْجَنَّةِ وَ الْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ(3)

وَ الْجَفَاءُ فِی النَّارِ

ص: 309


1- 1. المشاء: الكثیر المشی. و أیضا النمام و المراد هاهنا الأول. و الارب- بفتحتین. الحاجة.
2- 2. الاكیاس: جمع كیس- كسید-: الفطن، الظریف، الحسن الفهم و الأدب.
3- 3. البذاء: الفحش. و البذی- علی فعیل-: السفیه و الذی أفحش فی منطقه.

یَا هِشَامُ الْمُتَكَلِّمُونَ ثَلَاثَةٌ فَرَابِحٌ وَ سَالِمٌ وَ شَاجِبٌ (1)

فَأَمَّا الرَّابِحُ فَالذَّاكِرُ لِلَّهِ وَ أَمَّا السَّالِمُ فَالسَّاكِتُ وَ أَمَّا الشَّاجِبُ فَالَّذِی یَخُوضُ فِی الْبَاطِلِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَی كُلِّ فَاحِشٍ بَذِیٍّ قَلِیلِ الْحَیَاءِ لَا یُبَالِی مَا قَالَ وَ لَا مَا قِیلَ فِیهِ وَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ خَیْرٍ وَ مِفْتَاحُ شَرٍّ فَاخْتِمْ عَلَی فِیكَ كَمَا تَخْتِمُ عَلَی ذَهَبِكَ وَ وَرِقِكَ یَا هِشَامُ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ یَكُونُ ذَا وَجْهَیْنِ وَ ذَا لِسَانَیْنِ یُطْرِی أَخَاهُ إِذَا شَاهَدَهُ (2) وَ یَأْكُلُهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ إِنْ أُعْطِیَ حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِیَ خَذَلَهُ إِنَّ أَسْرَعَ الْخَیْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْیُ وَ إِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ تُكْرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحْشِهِ وَ هَلْ یَكُبُّ النَّاسَ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ وَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُ مَا لَا یَعْنِیهِ یَا هِشَامُ لَا یَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً حَتَّی یَكُونَ خَائِفاً رَاجِیاً وَ لَا یَكُونُ خَائِفاً رَاجِیاً حَتَّی یَكُونَ عَامِلًا لِمَا یَخَافُ وَ یَرْجُو یَا هِشَامُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ عَظَمَتِی وَ قُدْرَتِی وَ بَهَائِی وَ عُلُوِّی فِی مَكَانِی- لَا یُؤْثِرُ عَبْدٌ هَوَایَ عَلَی هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ الْغِنَی فِی نَفْسِهِ وَ هَمَّهُ فِی آخِرَتِهِ وَ كَفَفْتُ عَلَیْهِ ضَیْعَتَهُ (3) وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ(4)

یَا هِشَامُ الْغَضَبُ مِفْتَاحُ الشَّرِّ وَ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِینَ إِیمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَ إِنْ خَالَطْتَ النَّاسَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُخَالِطَ أَحَداً مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ كَانَتْ یَدُكَ عَلَیْهِ الْعُلْیَا(5)

فَافْعَلْ

ص: 310


1- 1. الشاجب: الهذاء المكثار أی كثیر الهذیان و كثیر الكلام. و أیضا الهالك. و هو الانسب.
2- 2. أی یحسن الثناء و بالغ فی مدحه إذا شاهده، و یعیبه بالسوء و یذمه إذا غاب.
3- 3. الضیعة- بالفتح-: حرفة الرجل و صناعته و فی بعض النسخ« صنعته».
4- 4. أی مضافا علی ربح تجارتهم.
5- 5. الید العلیاء: المعطیة المتعففة.

یَا هِشَامُ عَلَیْكَ بِالرِّفْقِ فَإِنَّ الرِّفْقَ یُمْنٌ وَ الْخُرْقُ شُؤْمٌ إِنَّ الرِّفْقَ وَ الْبِرَّ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ یَعْمُرُ الدِّیَارَ وَ یَزِیدُ فِی الرِّزْقِ (1)

یَا هِشَامُ قَوْلُ اللَّهِ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ (2) جَرَتْ فِی الْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ وَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ مَنْ صُنِعَ إِلَیْهِ مَعْرُوفٌ فَعَلَیْهِ أَنْ یُكَافِئَ بِهِ وَ لَیْسَتِ الْمُكَافَاةُ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ حَتَّی تَرَی فَضْلَكَ فَإِنْ صَنَعْتَ كَمَا صَنَعَ فَلَهُ الْفَضْلُ بِالابْتِدَاءِ(3)

یَا هِشَامُ إِنَّ مَثَلَ الدُّنْیَا مَثَلُ الْحَیَّةِ مَسُّهَا لَیِّنٌ وَ فِی جَوْفِهَا السَّمُّ الْقَاتِلُ یَحْذَرُهَا الرِّجَالُ ذَوُو الْعُقُولِ وَ یَهْوِی إِلَیْهَا الصِّبْیَانُ بِأَیْدِیهِمْ یَا هِشَامُ اصْبِرْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ اصْبِرْ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَإِنَّمَا الدُّنْیَا سَاعَةٌ فَمَا مَضَی مِنْهَا فَلَیْسَ تَجِدُ لَهُ سُرُوراً وَ لَا حُزْناً وَ مَا لَمْ یَأْتِ مِنْهَا فَلَیْسَ تَعْرِفُهُ فَاصْبِرْ عَلَی تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا فَكَأَنَّكَ قَدِ اغْتَبَطْتَ (4) یَا هِشَامُ مَثَلُ الدُّنْیَا مَثَلُ مَاءِ الْبَحْرِ كُلَّمَا شَرِبَ مِنْهُ الْعَطْشَانُ ازْدَادَ عَطَشاً حَتَّی یَقْتُلَهُ یَا هِشَامُ إِیَّاكَ وَ الْكِبْرَ فَإِنَّهُ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَهُ رِدَاءَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ فِی النَّارِ عَلَی وَجْهِهِ یَا هِشَامُ لَیْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ یُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَإِنْ عَمِلَ حَسَناً اسْتَزَادَ مِنْهُ وَ إِنْ عَمِلَ سَیِّئاً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ وَ تَابَ إِلَیْهِ یَا هِشَامُ تَمَثَّلَتِ الدُّنْیَا لِلْمَسِیحِ علیه السلام فِی صُورَةِ امْرَأَةٍ زَرْقَاءَ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ فَقَالَتْ كَثِیراً قَالَ فَكُلٌّ طَلَّقَكِ قَالَتْ لَا بَلْ كُلًّا قَتَلْتُ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام فَوَیْحٌ لِأَزْوَاجِكَ الْبَاقِینَ كَیْفَ لَا یَعْتَبِرُونَ بِالْمَاضِینَ.

ص: 311


1- 1. كذا.
2- 2. الرحمن: 60.
3- 3. أی له الفضیلة بسبب ابتدائه بالاحسان، فهو أفضل منك.
4- 4. اغتبط: كان فی مسرة و حسن حال. و فی بعض النسخ« قد احتبطت».

یَا هِشَامُ إِنَّ ضَوْءَ الْجَسَدِ فِی عَیْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَصَرُ مُضِیئاً اسْتَضَاءَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَ إِنَّ ضَوْءَ الرُّوحِ الْعَقْلُ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ عَاقِلًا كَانَ عَالِماً بِرَبِّهِ وَ إِذَا كَانَ عَالِماً بِرَبِّهِ أَبْصَرَ دِینَهُ وَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا بِرَبِّهِ لَمْ یَقُمْ لَهُ دِینٌ وَ كَمَا لَا یَقُومُ الْجَسَدُ إِلَّا بِالنَّفْسِ الْحَیَّةِ فَكَذَلِكَ لَا یَقُومُ الدِّینُ إِلَّا بِالنِّیَّةِ الصَّادِقَةِ وَ لَا تَثْبُتُ النِّیَّةُ الصَّادِقَةُ إِلَّا بِالْعَقْلِ یَا هِشَامُ إِنَّ الزَّرْعَ یَنْبُتُ فِی السَّهْلِ وَ لَا یَنْبُتُ فِی الصَّفَا(1) فَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمَرُ فِی قَلْبِ الْمُتَوَاضِعِ وَ لَا تَعْمَرُ فِی قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ التَّوَاضُعَ آلَةَ الْعَقْلِ وَ جَعَلَ التَّكَبُّرَ مِنْ آلَةِ الْجَهْلِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَمَخَ إِلَی السَّقْفِ (2) بِرَأْسِهِ شَجَّهُ (3)

وَ مَنْ خَفَضَ رَأْسَهُ اسْتَظَلَّ تَحْتَهُ وَ أَكَنَّهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ یَتَوَاضَعْ لِلَّهِ خَفَضَهُ اللَّهُ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ یَا هِشَامُ مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَی وَ أَقْبَحَ الْخَطِیئَةَ بَعْدَ النُّسُكِ وَ أَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الْعَابِدُ لِلَّهِ ثُمَّ یَتْرُكُ عِبَادَتَهُ یَا هِشَامُ لَا خَیْرَ فِی الْعَیْشِ إِلَّا لِرَجُلَیْنِ لِمُسْتَمِعٍ وَاعٍ وَ عَالِمٍ نَاطِقٍ یَا هِشَامُ مَا قُسِمَ بَیْنَ الْعِبَادِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَقْلِ نَوْمُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا عَاقِلًا حَتَّی یَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ جَمِیعِ جَهْدِ الْمُجْتَهِدِینَ وَ مَا أَدَّی الْعَبْدُ فَرِیضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ حَتَّی عَقَلَ عَنْهُ (4) یَا هِشَامُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمُ الْمُؤْمِنَ صَمُوتاً فَادْنُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ یُلْقِی الْحِكْمَةَ وَ الْمُؤْمِنُ قَلِیلُ الْكَلَامِ كَثِیرُ الْعَمَلِ وَ الْمُنَافِقُ كَثِیرُ الْكَلَامِ قَلِیلُ الْعَمَلِ یَا هِشَامُ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام قُلْ لِعِبَادِی- لَا تَجْعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ

ص: 312


1- 1. الصفا: الحجر الصلد الضخم.
2- 2. شمخ- من باب منع-: علا و رفع.
3- 3. أی كسره و جرحه.
4- 4. أی ما یؤدی العبد فریضة من فرائض اللّٰه حتّی عرف اللّٰه الی حدّ التعقل، أو أخذ عنه.

عَالِماً مَفْتُوناً بِالدُّنْیَا فَیَصُدَّهُمْ عَنْ ذِكْرِی وَ عَنْ طَرِیقِ مَحَبَّتِی (1)

وَ مُنَاجَاتِی أُولَئِكَ قُطَّاعُ الطَّرِیقِ مِنْ عِبَادِی إِنَّ أَدْنَی مَا أَنَا صَانِعٌ بِهِمْ أَنْ أَنْزِعَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِی وَ مُنَاجَاتِی مِنْ قُلُوبِهِمْ یَا هِشَامُ مَنْ تَعَظَّمَ فِی نَفْسِهِ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَی إِخْوَانِهِ وَ اسْتَطَالَ عَلَیْهِمْ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ (2)

وَ مَنِ ادَّعَی مَا لَیْسَ لَهُ فَهُوَ أَعْنَی لِغَیْرِ رُشْدِهِ (3)

یَا هِشَامُ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی

دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ حَذِّرْ فَأَنْذِرْ(4) أَصْحَابَكَ عَنْ حُبِّ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ الْمُعَلَّقَةَ قُلُوبُهُمْ شَهَوَاتِ الدُّنْیَا قُلُوبُهُمْ مَحْجُوبَةٌ عَنِّی یَا هِشَامُ إِیَّاكَ وَ الْكِبْرَ عَلَی أَوْلِیَائِی وَ الِاسْتِطَالَةَ بِعِلْمِكَ فَیَمْقُتُكَ اللَّهُ فَلَا تَنْفَعُكَ بَعْدَ مَقْتِهِ دُنْیَاكَ وَ لَا آخِرَتُكَ وَ كُنْ فِی الدُّنْیَا كَسَاكِنِ دَارٍ لَیْسَتْ لَهُ إِنَّمَا یَنْتَظِرُ الرَّحِیلَ یَا هِشَامُ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الدِّینِ شَرَفُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مُشَاوَرَةُ الْعَاقِلِ النَّاصِحِ یُمْنٌ وَ بَرَكَةٌ وَ رُشْدٌ وَ تَوْفِیقٌ مِنَ اللَّهِ فَإِذَا أَشَارَ(5) عَلَیْكَ الْعَاقِلُ النَّاصِحُ فَإِیَّاكَ وَ الْخِلَافَ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ الْعَطَبَ (6)

یَا هِشَامُ إِیَّاكَ وَ مُخَالَطَةَ النَّاسِ وَ الْأُنْسَ بِهِمْ إِلَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُمْ عَاقِلًا وَ مَأْمُوناً فَأْنَسْ بِهِ وَ اهْرُبْ مِنْ سَائِرِهِمْ كَهَرَبِكَ مِنَ السِّبَاعِ الضَّارِیَةِ(7)

وَ یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ إِذَا

ص: 313


1- 1. فی بعض النسخ« عبادتی».
2- 2. استطال علیهم: أی تفضل علیهم.
3- 3. أعنی اعناء- یائی- الرجل: أذاه و كلفه ما یشق علیه. و فی بعض النسخ« أعنی لغیره» أی یدخل غیره فی العناء و التعب.
4- 4. فی بعض النسخ« و انذر» و فی بعضها« و نذر».
5- 5. فی بعض النسخ« فاذا استشار».
6- 6. العطب: الهلاك.
7- 7. الضاری: الحیوان السبع، من ضری الكلب بالصید یضری: تعوده و أولع به. و أیضا: تطعم بلحمه و دمه.

عَمِلَ عَمَلًا أَنْ یَسْتَحْیِیَ مِنَ اللَّهِ وَ إِذَا تَفَرَّدَ لَهُ بِالنِّعَمِ أَنْ یُشَارِكَ فِی عَمَلِهِ أَحَداً غَیْرَهُ (1) وَ إِذَا خَرَّ بِكَ (2)

أَمْرَانِ لَا تَدْرِی أَیُّهُمَا خَیْرٌ وَ أَصْوَبُ فَانْظُرْ أَیُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَی هَوَاكَ فَخَالِفْهُ فَإِنَّ كَثِیرَ الصَّوَابِ فِی مُخَالَفَةِ هَوَاكَ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَغْلِبَ الْحِكْمَةَ وَ تَضَعَهَا فِی الْجَهَالَةِ(3)

قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ وَجَدْتُ رَجُلًا طَالِباً لَهُ غَیْرَ أَنَّ عَقْلَهُ لَا یَتَّسِعُ لِضَبْطِ مَا أُلْقِی إِلَیْهِ قَالَ علیه السلام فَتَلَطَّفْ لَهُ فِی النَّصِیحَةِ فَإِنْ ضَاقَ قَلْبُهُ فَلَا تَعْرِضَنَّ نَفْسَكَ لِلْفِتْنَةِ وَ احْذَرْ رَدَّ الْمُتَكَبِّرِینَ فَإِنَّ الْعِلْمَ یَذِلُّ عَلَی أَنْ یُمْلَی عَلَی مَنْ لَا یُفِیقُ (4) قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَجِدْ مَنْ یَعْقِلُ السُّؤَالَ عَنْهَا قَالَ علیه السلام فَاغْتَنِمْ جَهْلَهُ عَنِ السُّؤَالِ حَتَّی تَسْلَمَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَوْلِ وَ عَظِیمِ فِتْنَةِ الرَّدِّ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَرْفَعِ الْمُتَوَاضِعِینَ بِقَدْرِ تَوَاضُعِهِمْ وَ لَكِنْ رَفَعَهُمْ بِقَدْرِ عَظَمَتِهِ وَ مَجْدِهِ وَ لَمْ یُؤْمِنِ الْخَائِفِینَ بِقَدْرِ خَوْفِهِمْ وَ لَكِنْ آمَنَهُمْ بِقَدْرِ كَرَمِهِ وَ جُودِهِ وَ لَمْ یُفَرِّجِ الْمَحْزُونِینَ (5) بِقَدْرِ حُزْنِهِمْ وَ لَكِنْ بِقَدْرِ رَأْفَتِهِ وَ رَحْمَتِهِ فَمَا ظَنُّكَ بِالرَّءُوفِ الرَّحِیمِ الَّذِی یَتَوَدَّدُ إِلَی مَنْ یُؤْذِیهِ بِأَوْلِیَائِهِ فَكَیْفَ بِمَنْ یُؤْذَی فِیهِ وَ مَا ظَنُّكَ بِالتَّوَّابِ

ص: 314


1- 1. كذا. أی إذا اختص العاقل بنعمة ینبغی له أن یشارك غیره فی هذه النعمة بأن یعطیه منها. و فی بعض النسخ« اذ تفرد له». و الظاهر سقطت لفظة« لا» من قوله« أن یشارك» و المعنی واضح.
2- 2. فی بعض النسخ« و إذا مر بك أمران» و خرّ به أمر أی نزل به و أهمه.
3- 3. قال المؤلّف- رحمه اللّٰه-: و فیه حذفا و ایصالا أی تغلب علی الحكمة أی یأخذها منك قهرا من لا یستحقها بأن یقرأ علی صیغة المجهول أو علی المعلوم أی تغلب علی الحكمة فانها تأبی عمن لا یستحقها. و یحتمل أن یكون بالفاء و التاء من الافلات بمعنی الإطلاق فانهم یقولون: انفلت منی كلام أی صدر بغیر رویة. و فی بعض النسخ المنقولة من الكتاب« و ایاك أن تطلب الحكمة و تضعها فی الجهال».
4- 4. الافاقة: الرجوع عن السكر و الاغماء و الغفلة الی حال الاستقامة. و فی بعض النسخ« فان العلم یدلّ علی أن یحمل علی من لا یفیق» و فی بعضها« یجلی» مكان یملی.
5- 5. فی بعض النسخ« و لم یفرح المحزونین».

الرَّحِیمِ الَّذِی یَتُوبُ عَلَی مَنْ یُعَادِیهِ فَكَیْفَ بِمَنْ یَتَرَضَّاهُ (1)

وَ یَخْتَارُ عَدَاوَةَ الْخَلْقِ فِیهِ یَا هِشَامُ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا ذَهَبَ خَوْفُ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ وَ مَا أُوتِیَ عَبْدٌ عِلْماً فَازْدَادَ لِلدُّنْیَا حُبّاً إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْداً وَ ازْدَادَ اللَّهُ عَلَیْهِ غَضَباً یَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ اللَّبِیبَ مَنْ تَرَكَ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ وَ أَكْثَرُ الصَّوَابِ فِی خِلَافِ الْهَوَی وَ مَنْ طَالَ أَمَلُهُ سَاءَ عَمَلُهُ یَا هِشَامُ لَوْ رَأَیْتَ مَسِیرَ الْأَجَلِ لَأَلْهَاكَ عَنِ الْأَمَلِ یَا هِشَامُ إِیَّاكَ وَ الطَّمَعَ وَ عَلَیْكَ بِالْیَأْسِ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ أَمِتِ الطَّمَعَ مِنَ الْمَخْلُوقِینَ فَإِنَّ الطَّمَعَ مِفْتَاحٌ لِلذُّلِ (2) وَ اخْتِلَاسُ الْعَقْلِ وَ اخْتِلَاقُ الْمُرُوَّاتِ (3) وَ تَدْنِیسُ الْعِرْضِ وَ الذَّهَابُ بِالْعِلْمِ وَ عَلَیْكَ بِالاعْتِصَامِ بِرَبِّكَ وَ التَّوَكُّلِ عَلَیْهِ وَ جَاهِدْ نَفْسَكَ لِتَرُدَّهَا عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَیْكَ كَجِهَادِ عَدُوِّكَ- قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ لَهُ فَأَیُّ الْأَعْدَاءِ أَوْجَبُهُمْ مُجَاهَدَةً قَالَ علیه السلام أَقْرَبُهُمْ إِلَیْكَ وَ أَعْدَاهُمْ لَكَ وَ أَضَرُّهُمْ بِكَ وَ أَعْظَمُهُمْ لَكَ عَدَاوَةً وَ أَخْفَاهُمْ لَكَ شَخْصاً مَعَ دُنُوِّهِ مِنْكَ وَ مَنْ یُحَرِّضُ (4)

أَعْدَاءَكَ عَلَیْكَ وَ هُوَ إِبْلِیسُ الْمُوَكَّلُ بِوَسْوَاسٍ مِنَ الْقُلُوبِ فَلَهُ فَلْتَشْتَدَّ عَدَاوَتُكَ (5) وَ لَا یَكُونَنَّ أَصْبَرَ عَلَی مُجَاهَدَتِكَ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلَی صَبْرِكَ لِمُجَاهَدَتِهِ فَإِنَّهُ أَضْعَفُ مِنْكَ رُكْناً فِی قُوَّتِهِ (6)

وَ أَقَلُّ مِنْكَ ضَرَراً فِی كَثْرَةِ شَرِّهِ

ص: 315


1- 1. یترضاه: أی یطلب رضاه.
2- 2. فی بعض النسخ« الذل».
3- 3. الاختلاق: الافتراء. و فی بعض النسخ« و اخلاق» و الظاهر أنّه جمع خلق- بالتحریك- أی البالی. و العرض: النفس و الخلیقة المحمودة- و أیضا: ما یفتخر الإنسان من حسب و شرف.
4- 4. و فی بعض النسخ« و من یحرص».
5- 5. فی بعض النسخ« فلتشد».
6- 6. الركن: العز و المنعة. و أیضا: ما یقوی به. و الامر العظیم. أی لا یكون صبره فی المجاهدة قوی منك فمع قوته و كثرة شره أضعف منك ركنا و أقل ضررا.

إِذَا أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِیتَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ یَا هِشَامُ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِثَلَاثٍ فَقَدْ لَطُفَ بِهِ عَقْلٍ یَكْفِیهِ مَئُونَةَ هَوَاهُ وَ عِلْمٍ یَكْفِیهِ مَئُونَةَ جَهْلِهِ وَ غِنًی یَكْفِیهِ مَخَافَةَ الْفَقْرِ یَا هِشَامُ احْذَرْ هَذِهِ الدُّنْیَا وَ احْذَرْ أَهْلَهَا فَإِنَّ النَّاسَ فِیهَا عَلَی أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ رَجُلٌ مُتَرَدِّئٌ مُعَانِقٌ لِهَوَاهُ وَ مُتَعَلِّمٌ مُقْرِئٌ (1)

كُلَّمَا ازْدَادَ عِلْماً ازْدَادَ كِبْراً یَسْتَعْلِی (2)

بِقِرَاءَتِهِ وَ عِلْمِهِ عَلَی مَنْ هُوَ دُونَهُ وَ عَابِدٌ جَاهِلٌ یَسْتَصْغِرُ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِی عِبَادَتِهِ یُحِبُّ أَنْ یُعَظَّمَ وَ یُوَقَّرَ وَ ذُو بَصِیرَةٍ عَالِمٌ عَارِفٌ بِطَرِیقِ الْحَقِّ یُحِبُّ الْقِیَامَ بِهِ فَهُوَ عَاجِزٌ أَوْ مَغْلُوبٌ وَ لَا یَقْدِرُ عَلَی الْقِیَامِ بِمَا یَعْرِفُهُ فَهُوَ مَحْزُونٌ مَغْمُومٌ بِذَلِكَ فَهُوَ أَمْثَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ (3) وَ أَوْجَهُهُمْ عَقْلًا یَا هِشَامُ اعْرِفِ الْعَقْلَ وَ جُنْدَهُ وَ الْجَهْلَ وَ جُنْدَهُ تَكُنْ مِنَ الْمُهْتَدِینَ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا نَعْرِفُ إِلَّا مَا عَرَّفْتَنَا فَقَالَ علیه السلام یَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَقْلَ وَ هُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنَ الرُّوحَانِیِّینَ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ (4)

فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِیماً وَ كَرَّمْتُكَ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِی ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ الظُّلْمَانِیِّ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ یُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً

ص: 316


1- 1. فاعل من قرأ و فی بعض النسخ« متقری».
2- 2. فی بعض النسخ« یستعلن».
3- 3. الامثل: الافضل.
4- 4. عن یمین العرش أی أقوی جانبیه و أشرفهما. و« من نوره» أی من نور ذاته. « فقال له إلخ» مضی بیان ما فیه فی أوائل ج 77 من كلمات رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی حكمه مواعظه فلیطلبه هنا. قوله علیه السلام:« فلا یكون خلفا أعظم منه» اذ به یقوم كل شی ء فیكون أكرم من كل مخلوق. و الجهل یكون منبع الشرور فله قابلیة لكل شر.

وَ سَبْعِینَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَی الْجَهْلُ مَا كَرَّمَ اللَّهُ بِهِ الْعَقْلَ وَ مَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ یَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِی خَلَقْتَهُ وَ كَرَّمْتَهُ وَ قَوَّیْتَهُ وَ أَنَا ضِدُّهُ وَ لَا قُوَّةَ لِی بِهِ أَعْطِنِی مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَیْتَهُ فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی نَعَمْ فَإِنْ عَصَیْتَنِی بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وَ جُنْدَكَ مِنْ جِوَارِی وَ مِنْ رَحْمَتِی فَقَالَ قَدْ رَضِیتُ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ خَمْسَةً وَ سَبْعِینَ جُنْداً فَكَانَ مِمَّا أَعْطَی الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَ السَّبْعِینَ جُنْداً(1) الْخَیْرُ وَ هُوَ وَزِیرُ الْعَقْلِ وَ جَعَلَ ضِدَّهُ الشَّرَّ وَ هُوَ وَزِیرُ الْجَهْلِ الْإِیمَانُ الْكُفْرُ التَّصْدِیقُ التَّكْذِیبُ الْإِخْلَاصُ النِّفَاقُ الرَّجَاءُ الْقُنُوطُ الْعَدْلُ الْجَوْرُ الرِّضَی السَّخَطُ الشُّكْرُ الْكُفْرَانُ الْیَأْسُ الطَّمَعُ التَّوَكُّلُ الْحِرْصُ الرَّأْفَةُ الْغِلْظَةُ الْعِلْمُ الْجَهْلُ الْعِفَّةُ التَّهَتُّكُ الزُّهْدُ الرَّغْبَةُ الرِّفْقُ الْخُرْقُ الرَّهْبَةُ الْجُرْأَةُ التَّوَاضُعُ الْكِبْرُ التُّؤَدَةُ(2)

الْعَجَلَةُ الْحِلْمُ السَّفَهُ الصَّمْتُ الْهَذَرُ(3)

الِاسْتِسْلَامُ الِاسْتِكْبَارُ التَّسْلِیمُ التَّجَبُّرُ الْعَفْوُ الْحِقْدُ الرَّحْمَةُ الْقَسْوَةُ الْیَقِینُ الشَّكُّ الصَّبْرُ الْجَزَعُ الصَّفْحُ الِانْتِقَامُ الْغِنَی الْفَقْرُ التَّفَكُّرُ السَّهْوُ الْحِفْظُ النِّسْیَانُ التَّوَاصُلُ الْقَطِیعَةُ الْقَنَاعَةُ الشَّرَهُ (4)

الْمُؤَاسَاةُ الْمَنْعُ الْمَوَدَّةُ الْعَدَاوَةُ

ص: 317


1- 1. المذكور هنا 71 جندا و فی الكافی ثمانیة و سبعون لكنه تكرر بعض الجنود و لا یخفی أن الجنود أكثر لكن ذكر منها الأهمّ.
2- 2. التؤدة- بالضم-: الرزانة و التأنی، یقال: توأد فی الامر أی تأتی و تمهل.
3- 3. الهذر- بالتحریك-: الهذیان و الكلام الذی لا یعبأ به، یقال: هذر فلان فی منطقه- من باب ضرب و نصر-. خلط و تكلم بما لا ینبغی.
4- 4. الشره- بالتحریك- مصدر باب فرح-: الحرص یقال: شره الی الطعام: اشتد میله إلیه. و یمكن أن یكون كما فی بعض النسخ« الشرّة» بالكسر فالتشدید أی الحدة و الحرص.

الْوَفَاءُ الْغَدْرُ الطَّاعَةُ الْمَعْصِیَةُ الْخُضُوعُ التَّطَاوُلُ (1)

السَّلَامَةُ الْبَلَاءُ الْفَهْمُ الْغَبَاوَةُ(2)

الْمَعْرِفَةُ الْإِنْكَارُ الْمُدَارَاةُ الْمُكَاشَفَةُ سَلَامَةُ الْغَیْبِ الْمُمَاكَرَةُ(3) الْكِتْمَانُ الْإِفْشَاءُ الْبِرُّ الْعُقُوقُ الْحَقِیقَةُ التَّسْوِیفُ (4)

الْمَعْرُوفُ الْمُنْكَرُ التَّقِیَّةُ الْإِذَاعَةُ الْإِنْصَافُ الظُّلْمُ التُّقَی الْحَسَدُ(5) النَّظَافَةُ الْقَذَرُ الْحَیَاءُ الْقِحَةُ(6) الْقَصْدُ الْإِسْرَافُ الرَّاحَةُ التَّعَبُ السُّهُولَةُ الصُّعُوبَةُ الْعَافِیَةُ الْبَلْوَی الْقَوَامُ الْمُكَاثَرَةُ(7) الْحِكْمَةُ الْهَوَی الْوَقَارُ الْخِفَّةُ السَّعَادَةُ الشَّقَاءُ التَّوْبَةُ الْإِصْرَارُ الْمُحَافَظَةُ التَّهَاوُنُ (8) الدُّعَاءُ الِاسْتِنْكَافُ النَّشَاطُ الْكَسَلُ الْفَرَحُ الْحَزَنُ الْأُلْفَةُ الْفُرْقَةُ السَّخَاءُ الْبُخْلُ الْخُشُوعُ الْعُجْبُ صَوْنُ الْحَدِیثِ النَّمِیمَةُ(9)

الِاسْتِغْفَارُ الِاغْتِرَارُ الْكِیَاسَةُ الْحُمْقُ

ص: 318


1- 1. التطاول: التكبر و الترفع.
2- 2. الغباوة: الغفلة و قلة الفطنة.
3- 3. المماكرة: المخادعة.
4- 4. التسویف: المطل و التأخیر.
5- 5. فی بعض النسخ« النفی، الحسد» و لعله تصحیف. و فی بعضها« النقی».
6- 6. القح- بالضم- الجافی. و یمكن أن یكون قحة مصدر وقح: الوقاحة و قلة الحیاء. و فی بعض النسخ« القیحة».
7- 7. القوام- بالفتح-: العدل و الاعتدال. و المكاثرة: المفاخرة و المغالبة فی الكثرة بالمال أو العدد.
8- 8. فی بعض النسخ« المخافة التهاون».
9- 9. فی بعض النسخ« صدق الحدیث، النمیمة».

یَا هِشَامُ لَا تُجْمَعُ (1) هَذِهِ الْخِصَالُ إِلَّا لِنَبِیٍّ أَوْ وَصِیٍّ أَوْ مُؤْمِنٍ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ وَ أَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَا یَخْلُو مِنْ أَنْ یَكُونَ فِیهِ بَعْضُ هَذِهِ الْجُنُودِ مِنَ أَجْنَادِ الْعَقْلِ یَتَخَلَّصُ مِنْ جُنُودِ الْجَهْلِ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَكُونُ فِی الدَّرَجَةِ الْعُلْیَا مَعَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ علیهم السلام وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ.

«2»- لی، [الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بِشْرِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: كَتَبَ هَارُونُ الرَّشِیدُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام عِظْنِی وَ أَوْجِزْ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مَا مِنْ شَیْ ءٍ تَرَاهُ عینیك [عَیْنُكَ] إِلَّا وَ فِیهِ مَوْعِظَةٌ.

«3»- ف (2)،[تحف العقول] وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی:

«1»- وَ قَالَ علیه السلام: یَنْبَغِی لِمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ لَا یَسْتَبْطِئَهُ (3) فِی رِزْقِهِ وَ لَا یَتَّهِمَهُ فِی قَضَائِهِ.

«2»- وَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْیَقِینِ فَقَالَ علیه السلام یَتَوَكَّلُ عَلَی اللَّهِ وَ یُسَلِّمُ لِلَّهِ وَ یَرْضَی بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ یُفَوِّضُ إِلَی اللَّهِ.

«3»- وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ یَحْیَی (4): كَتَبْتُ إِلَیْهِ فِی دُعَاءٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَی عِلْمِهِ فَكَتَبَ علیه السلام لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَی عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَیْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهًی وَ لَكِنْ قُلْ مُنْتَهَی رِضَاهُ.

«4»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْجَوَادِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ لِكَلَامِكَ وَجْهَیْنِ فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِینَ فَإِنَّ الْجَوَادَ الَّذِی یُؤَدِّی مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ الْبَخِیلَ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْنِی الْخَالِقَ فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَی وَ هُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَاكَ أَعْطَاكَ مَا لَیْسَ لَكَ وَ إِنْ مَنَعَكَ مَنَعَكَ مَا لَیْسَ لَكَ.

«5»- وَ قَالَ لِبَعْضِ شِیعَتِهِ أَیْ فُلَانُ اتَّقِ اللَّهَ وَ قُلِ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ فِیهِ هَلَاكُكَ

ص: 319


1- 1. فی بعض النسخ« لا تجتمع».
2- 2. التحف ص 408.
3- 3. أی لا یجده بطیئا.
4- 4. رواه الصدوق- رحمه اللّٰه- فی التوحید باب العلم بإسناده عن الكاهلیّ عن موسی بن جعفر علیهما السلام. و عبد اللّٰه بن یحیی الكاهلیّ الأسدی الكوفیّ أخو إسحاق بن یحیی من وجوه أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السّلام و له كتاب.

فَإِنَّ فِیهِ نَجَاتَكَ أَیْ فُلَانُ اتَّقِ اللَّهَ وَ دَعِ الْبَاطِلَ وَ إِنْ كَانَ فِیهِ نَجَاتُكَ فَإِنَّ فِیهِ هَلَاكَكَ.

«6»- وَ قَالَ لَهُ وَكِیلُهُ وَ اللَّهِ مَا خُنْتُكَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ خِیَانَتُكَ وَ تَضْیِیعُكَ عَلَیَّ مَالِی سَوَاءٌ وَ الْخِیَانَةُ شَرُّهُمَا عَلَیْكَ.

«7»- وَ قالَ علیه السلام: إِیَّاكَ أَنْ تَمْنَعَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ فَتُنْفِقَ مِثْلَیْهِ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ مِثْلُ كَفَّتَیِ الْمِیزَانِ كُلَّمَا زِیدَ فِی إِیمَانِهِ زِیدَ فِی بَلَائِهِ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: عِنْدَ قَبْرٍ حَضَرَهُ (1) إِنَّ شَیْئاً هَذَا آخِرُهُ لَحَقِیقٌ أَنْ یُزْهَدَ فِی أَوَّلِهِ وَ إِنَّ شَیْئاً هَذَا أَوَّلُهُ لَحَقِیقٌ أَنْ یُخَافَ آخِرُهُ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَكَلَّمَ فِی اللَّهِ هَلَكَ وَ مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ وَ مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ الدُّنْیَا وَ الدِّینِ فَأَمَّا مَئُونَةُ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ لَا تَمُدُّ یَدَكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ فَاجِراً قَدْ سَبَقَكَ إِلَیْهِ وَ أَمَّا مَئُونَةُ الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَاناً یُعِینُونَكَ عَلَیْهِ.

«12»- وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ فَتُّ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ وَ ثَلَاثٌ یَجْلِینَ الْبَصَرَ النَّظَرُ إِلَی الْخُضْرَةِ وَ النَّظَرُ إِلَی الْمَاءِ الْجَارِی وَ النَّظَرُ إِلَی الْوَجْهِ الْحَسَنِ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَی وَ لَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَی الْأَذَی.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَخِیكَ (2) وَ أَبْقِ مِنْهَا فَإِنَّ ذَهَابَهَا ذَهَابُ الْحَیَاءِ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام لِبَعْضِ وُلْدِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ أَنْ یَرَاكَ اللَّهُ فِی مَعْصِیَةٍ نَهَاكَ عَنْهَا وَ إِیَّاكَ أَنْ یَفْقِدَكَ اللَّهُ عِنْدَ طَاعَةٍ أَمَرَكَ بِهَا وَ عَلَیْكَ بِالْجِدِّ وَ لَا تُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ

ص: 320


1- 1. و فی بعض النسخ« حفره».
2- 2. الحشمة: الانقباض و الاستحیاء.

مِنَ التَّقْصِیرِ فِی عِبَادَةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُعْبَدُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وَ إِیَّاكَ وَ الْمِزَاحَ فَإِنَّهُ یَذْهَبُ بِنُورِ إِیمَانِكَ وَ یَسْتَخِفُّ مُرُوَّتَكَ وَ إِیَّاكَ وَ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُمَا یَمْنَعَانِ حَظَّكَ مِنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ الْجَوْرُ أَغْلَبَ مِنَ الْحَقِّ لَمْ یَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ یَظُنَّ بِأَحَدٍ خَیْراً حَتَّی یَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ الْقُبْلَةُ عَلَی الْفَمِ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ وَ الْوَلَدِ الصَّغِیرِ.

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: اجْتَهِدُوا فِی أَنْ یَكُونَ زَمَانُكُمْ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ سَاعَةً لِمُنَاجَاةِ اللَّهِ وَ سَاعَةً لِأَمْرِ الْمَعَاشِ وَ سَاعَةً لِمُعَاشَرَةِ الْإِخْوَانِ وَ الثِّقَاتِ الَّذِینَ یُعَرِّفُونَكُمْ عُیُوبَكُمْ وَ یُخْلِصُونَ لَكُمْ فِی الْبَاطِنِ وَ سَاعَةً تَخْلُونَ فِیهَا لِلَذَّاتِكُمْ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ وَ بِهَذِهِ السَّاعَةِ تَقْدِرُونَ عَلَی الثَّلَاثَةِ سَاعَاتٍ- لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِفَقْرٍ وَ لَا بِطُولِ عُمُرٍ فَإِنَّهُ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْفَقْرِ بَخِلَ وَ مَنْ حَدَّثَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ یَحْرِصُ اجْعَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَظّاً مِنَ الدُّنْیَا بِإِعْطَائِهَا مَا تَشْتَهِی مِنَ الْحَلَالِ وَ مَا لَا یَثْلِمُ الْمُرُوَّةَ وَ مَا لَا سَرَفَ فِیهِ وَ اسْتَعِینُوا بِذَلِكَ عَلَی أُمُورِ الدِّینِ فَإِنَّهُ رُوِیَ لَیْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ دُنْیَاهُ لِدِینِهِ أَوْ تَرَكَ دِینَهُ لِدُنْیَاهُ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: تَفَقَّهُوا فِی دِینِ اللَّهِ فَإِنَّ الْفِقْهَ مِفْتَاحُ الْبَصِیرَةِ وَ تَمَامُ الْعِبَادَةِ وَ السَّبَبُ إِلَی الْمَنَازِلِ الرَّفِیعَةِ وَ الرُّتَبِ الْجَلِیلَةِ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا وَ فَضْلُ الْفَقِیهِ عَلَی الْعَابِدِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَی الْكَوَاكِبِ وَ مَنْ لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِهِ لَمْ یَرْضَ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام لِعَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ (1) كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ الْإِحْسَانُ إِلَی الْإِخْوَانِ.

ص: 321


1- 1. هو علیّ بن یقطین بن موسی مولی بنی أسد كوفیّ الأصل سكن بغداد من أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السلام قال الشیخ فی الفهرست: علی بن یقطین- رحمه اللّٰه- ثقة جلیل القدر له منزلة عظیمة عند أبی الحسن موسی علیه السلام، عظیم المكان فی الطائفة. و كان یقطین من وجوه الدعاة. فطلبه مروان فهرب، و ابنه علیّ بن یقطین هذا- رحمه اللّٰه ولد بالكوفة سنة 124 و هربت به أمه و بأخیه عبید بن یقطین الی المدینة فلما ظهرت الدولة الهاشمیة ظهر یقطین و عادت أم علی بعلی و عبید فلم یزل یقطین بخدمة السفاح و أبی جعفر. المنصور و مع ذلك كان یتشیع و یقول بالامامة و كذلك ولده و كان- رحمه اللّٰه- یحمل الأموال الی أبی عبد اللّٰه جعفر الصادق علیه السلام و نم خبره الی المهدی فصرف اللّٰه عنه كیدهما و توفی علیّ بن یقطین بمدینة السلام ببغداد سنة 182 و سنه یومئذ 57 سنة و صلی علیه ولی العهد محمّد بن الرشید، و توفی أبوه بعده سنة 185 و لعلی بن یقطین كتب منها كتاب ما سأل عن الصادق علیه السلام من الملاحم و كتاب مناظرة الشاك بحضرته. انتهی. و كان وفاة علی بن یقطین فی أیّام كان أبو الحسن علیه السلام محبوسا فی سجن هارون ببغداد و بقی علیه السلام أربع سنین فیه بعد علیّ بن یقطین. و له أیضا مسائل عن أبی الحسن علیه السلام و استأذنه فی ترك عمل السلطان فلم یأذن له و قال علیه السلام:« لا تفعل فان لنا بك أنسا و لاخوانك لك عزا و عسی أن یجبر اللّٰه بك كسرا و یكسر بك نائرة المخالفین عن أولیائه یا علی كفّارة أعمالكم الاحسان الی اخوانكم». و ضمن علیّ بن یقطین لابی الحسن علیه السلام أن لا یأتیه ولی له الا أكرمه. فضمن أبو الحسن علیه السلام له ثلاث خصال: لا یظله سقف سجن أبدا و لا یناله حدّ سیف أبدا و لا یدخل الفقر فیه أبدا.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: كُلَّمَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعْمَلُونَ أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعُدُّونَ.

«22»- وَ قَالَ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَ عَلَیْكَ الشُّكْرُ وَ إِذَا كَانَ جَائِراً كَانَ عَلَیْهِ الْوِزْرُ وَ عَلَیْكَ الصَّبْرُ.

«23»- وَ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ(1): حَجَجْتُ فِی أَیَّامِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام فَلَمَّا

ص: 322


1- 1. هو نعمان بن ثابت بن زوطی أحد الأئمّة الأربعة كان جده من الفرس من موالی تیم اللّٰه بن ثعلبة فمسه الرق فاعتق فكان أبو حنیفة من أبناء الفرس ولد سنة 80 بالكوفة و كان خزازا یبیع الخز، صاحب الرأی و القیاس و الفتاوی المعروفة فی الفقه و قال هو بالقیاس و الاستحسان حتّی أنّه قاس فی أمور معاشه أیضا، و هو أول من قاس فی الإسلام، و قیل: أجاز وضع الحدیث علی وفق مذهبه و عدوه أیضا من المرجئة الذین یقولون لا تضر مع الایمان معصیة؛ رد علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أربعمائة حدیث أو أكثر فقال: لو أدركنی. رسول اللّٰه لاخذ بكثیر من قولی، و نقل الخطیب فی تاریخ بغداد بعضها و یعاب علیه بقواعد العربیة. مات سنة 150 و اتفق أنّه فی یوم وفاته ولد الشافعی و دفن فی مقبرة الخیزران ببغداد و هی مشهورة معروفة عند العامّة بالامام الأعظم و بنی شرف الملك أبو سعد محمّد بن منصور الخوارزمی مستوفی مملكة السلطان ملكشاه السلجوقی علی قبره مشهدا و قبة و بنی عنده مدرسة كبیرة للحنفیة و قیل: ان الذی أمر ببناء هذه العمارة هو ألب أرسلان محمّد والد السلطان ملكشاه و كان الامیر أبو سعد نائبا علیها. و فی الاخبار: ان أبا حنیفة: جاء یوما الی الصادق علیه السلام لیسمع منه و خرج علیه السلام یتوكأ علی عصا فقال له أبو حنیفة یا ابن رسول اللّٰه ما بلغت من السن ما یحتاج منه الی العصا قال: هو كذلك و لكنها عصا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله اردت أتبرك بها فوثب أبو حنیفة إلیها و قال له: اقبلها یا ابن رسول اللّٰه؟ فحسر علیه السلام عن ذراعه و قال: و اللّٰه لقد علمت أن هذا بشر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و ان هذا من شعره فما قبلته و تقبل عصاه.

أَتَیْتُ الْمَدِینَةَ دَخَلْتُ دَارَهُ فَجَلَسْتُ فِی الدِّهْلِیزِ أَنْتَظِرُ إِذْنَهُ إِذْ خَرَجَ صَبِیٌّ یَدْرُجُ (1)

فَقُلْتُ یَا غُلَامُ أَیْنَ یَضَعُ الْغَرِیبُ الْغَائِطَ مِنْ بَلَدِكُمْ قَالَ عَلَی رِسْلِكَ (2) ثُمَّ جَلَسَ مُسْتَنِداً إِلَی الْحَائِطِ ثُمَّ قَالَ تَوَقَّ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ وَ مَسَاقِطَ الثِّمَارِ وَ أَفْنِیَةَ الْمَسَاجِدِ وَ قَارِعَةَ الطَّرِیقِ (3)

وَ تَوَارَ خَلْفَ جِدَارٍ وَ شُلْ ثَوْبَكَ (4)

وَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا وَ ضَعْ حَیْثُ شِئْتَ فَأَعْجَبَنِی مَا سَمِعْتُ مِنَ الصَّبِیِّ فَقُلْتُ لَهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ أَنَا مُوسَی بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ لَهُ یَا غُلَامُ مِمَّنِ

الْمَعْصِیَةُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ السَّیِّئَاتِ لَا تَخْلُو مِنْ إِحْدَی ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ اللَّهِ وَ لَیْسَتْ مِنْهُ فَلَا یَنْبَغِی لِلرَّبِّ أَنْ یُعَذِّبَ الْعَبْدَ عَلَی مَا لَا

ص: 323


1- 1. درج الصبی: مشی قلیلا فی أول ما یمشی.
2- 2. الرسل و الرسلة: الرفق و التمهل. یقال: علی رسلك یا رجل أی علی مهلك.
3- 3. قارعة الطریق: أعلاه و معظمه و هی موضع قرع المارة.
4- 4. أی ارفع ثوبك.- من شال یشول شولا الشی ء أی رفعه.

یَرْتَكِبُ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ وَ مِنَ الْعَبْدِ وَ لَیْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا یَنْبَغِی لِلشَّرِیكِ الْقَوِیِّ أَنْ یَظْلِمَ الشَّرِیكَ الضَّعِیفَ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْعَبْدِ وَ هِیَ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا فَبِكَرَمِهِ وَ جُودِهِ وَ إِنْ عَاقَبَ فَبِذَنْبِ الْعَبْدِ وَ جَرِیرَتِهِ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ فَانْصَرَفْتُ وَ لَمْ أَلْقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ اسْتَغْنَیْتُ بِمَا سَمِعْتُ.

«24»- وَ قَالَ لَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْخُرَاسَانِیُّ الْكُفْرُ أَقْدَمُ أَمِ الشِّرْكُ (1) فَقَالَ علیه السلام لَهُ مَا لَكَ وَ لِهَذَا مَا عَهْدِی بِكَ تُكَلِّمُ النَّاسَ قُلْتُ أَمَرَنِی هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ (2) أَنْ أَسْأَلَكَ فَقَالَ قُلْ لَهُ الْكُفْرُ أَقْدَمُ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ إِبْلِیسُ- أَبی وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (3) وَ الْكُفْرُ شَیْ ءٌ وَاحِدٌ وَ الشِّرْكُ یُثْبِتُ وَاحِداً وَ یُشْرِكُ مَعَهُ غَیْرَهُ وَ رَأَی رَجُلَانِ یَتَسَابَّانِ فَقَالَ علیه السلام الْبَادِی أَظْلَمُ وَ وِزْرُهُ وَ وِزْرُ صَاحِبِهِ عَلَیْهِ مَا لَمْ یَعْتَدِ الْمَظْلُومُ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَی اللَّهِ أَجْرٌ فَلْیَقُمْ فَلَا یَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: السَّخِیُّ الْحَسَنُ الْخُلُقِ فِی كَنَفِ اللَّهِ- لَا یَتَخَلَّی اللَّهُ عَنْهُ حَتَّی یُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا سَخِیّاً وَ مَا زَالَ أَبِی یُوصِینِی بِالسَّخَاءِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ حَتَّی مَضَی.

«27»- وَ قَالَ السِّنْدِیُّ بْنُ شَاهَكَ وَ كَانَ الَّذِی وَكَّلَهُ الرَّشِیدُ بِحَبْسِ مُوسَی علیه السلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعْنِی أُكَفِّنْكَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ حَجُّ صَرُورَتِنَا(4) وَ مُهُورُ نِسَائِنَا وَ أَكْفَانُنَا مِنْ طَهُورِ أَمْوَالِنَا.

ص: 324


1- 1. رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 385 عن موسی بن بكر الواسطی و العیّاشیّ فی تفسیره. عنه قال: سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن الكفر و الشرك أیهما أقدم الی آخر الآیة-
2- 2. و كذا فی تفسیر العیّاشیّ و لكن فی الكافی« هشام بن سالم».
3- 3. البقرة: 32.
4- 4. الصرور- بالصاد المهملة- الذی لم یتزوج أو لم یحج.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام لِفَضْلِ بْنِ یُونُسَ (1) أَبْلِغْ خَیْراً وَ قُلْ خَیْراً وَ لَا تَكُنْ إِمَّعَةً(2) قُلْتُ وَ مَا الْإِمَّعَةُ قَالَ لَا تَقُلْ أَنَا مَعَ النَّاسِ وَ أَنَا كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ نَجْدُ خَیْرٍ وَ نَجْدُ شَرِّ فَلَا یَكُنْ نَجْدُ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَیْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَیْرِ(3)

«30»- وَ رُوِیَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ دَمِیمِ الْمَنْظَرِ(4) فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ نَزَلَ عِنْدَهُ وَ حَادَثَهُ طَوِیلًا ثُمَّ عَرَضَ علیه السلام عَلَیْهِ نَفْسَهُ فِی الْقِیَامِ بِحَاجَةٍ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ فَقِیلَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَنْزِلُ إِلَی هَذَا ثُمَّ تَسْأَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ وَ هُوَ إِلَیْكَ أَحْوَجُ فَقَالَ علیه السلام عَبْدٌ مِنْ عَبِیدِ اللَّهِ وَ أَخٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ جَارٌ فِی بِلَادِ اللَّهِ یَجْمَعُنَا وَ إِیَّاهُ خَیْرُ الْآبَاءِ آدَمُ علیه السلام وَ أَفْضَلُ الْأَدْیَانِ الْإِسْلَامُ وَ لَعَلَّ الدَّهْرَ یَرُدُّ مِنْ حَاجَاتِنَا إِلَیْهِ

ص: 325


1- 1. فضل بن یونس الكاتب البغدادیّ عده الشیخ من أصحاب الكاظم علیه السلام و قال: أصله كوفیّ تحول الی بغداد مولی واقفی. انتهی. و وثقه النجاشیّ، و روی الكشّیّ ما یدلّ علی غایة اخلاصه للامام الكاظم علیه السلام قال: وجدت بخط محمّد بن الحسن بن بندار القمّیّ فی كتابه حدّثنی علیّ بن إبراهیم عن محمّد بن سالم قال: لما حمل سیدی موسی بن جعفر علیهما السلام الی هارون جاء إلیه هشام بن إبراهیم العباسیّ فقال له یا سیدی قد كتبت لی صك الی الفضل ابن یونس فتسأله أن یروج أمری فركب إلیه أبو الحسن فدخل علیه حاجبه و قال: یا سیدی! أبو الحسن موسی علیه السلام بالباب فقال: ان كنت صادقا فأنت حر و لك كذا و كذا، فخرج الفضل حافیا یعد و حتّی وصل إلیه فوقع علی قدمیه یقبلهما، ثمّ سأله أن یدخل فقال له: اقض حاجة هشام بن إبراهیم فقضاها، ثمّ قال: یا سیدی قد حضر الغذاء فتكرمنی أن تتغذی عندی فقال: هات فجاء بالمائدة و علیها البوارد فأجال أبو الحسن علیه السلام یده فی البارد ثمّ قال: البار تجال الید فیه و جاءوا بالحار فقال أبو الحسن علیه السلام: الحار حمی.
2- 2. الإمّع و الامعة- بالكسر فالتشدید- قیل: أصله« انی معك».
3- 3. النجد: الطریق الواضح المرتفع. و قوله علیه السلام:« انما هما نجدان» فالظاهر إشارة الی قوله فی سورة البلد 10« وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ».
4- 4. دمیم المنظر أی قبیح المنظر من دمّ دمامة: كان حقیرا و قبح منظره.

فَیَرَانَا بَعْدَ الزَّهْوِ(1) عَلَیْهِ مُتَوَاضِعِینَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام:

نُوَاصِلُ مَنْ لَا یَسْتَحِقُّ وِصَالَنَا*** مَخَافَةَ أَنْ نَبْقَی بِغَیْرِ صَدِیقٍ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَصْلُحُ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا فِی ثَلَاثَةٍ فِی دَمٍ مُنْقَطِعٍ (2) أَوْ غُرْمٍ مُثْقِلٍ أَوْ حَاجَةٍ مُدْقِعَةٍ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: عَوْنُكَ لِلضَّعِیفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: تَعَجُّبُ الْجَاهِلِ مِنَ الْعَاقِلِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَجُّبِ الْعَاقِلِ مِنَ الْجَاهِلِ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُصِیبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: یَعْرِفُ شِدَّةَ الْجَوْرِ مَنْ حُكِمَ بِهِ عَلَیْهِ.

«4»- ف (3)،[تحف العقول] رُوِیَ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ النَّوَافِلِ قُرْبَانٌ إِلَی اللَّهِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِیفٍ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْجَسَدِ صِیَامُ النَّوَافِلِ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ وَ مَنْ دَعَا قَبْلَ الثَّنَاءِ عَلَی اللَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ كَمَنْ رَمَی بِسَهْمٍ بِلَا وَتَرٍ- وَ مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ وَ إن [مَا عَالَ] امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ التَّدْبِیرُ نِصْفُ الْعَیْشِ وَ التَّوَدُّدُ إِلَی النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ وَ كَثْرَةُ الْهَمِّ یُورِثُ الْهَرَمَ وَ الْعَجَلَةُ هِیَ الْخُرْقُ وَ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ وَ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَیْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا وَ مَنْ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی فَخِذِهِ أَوْ ضَرَبَ بِیَدِهِ الْوَاحِدَةِ عَلَی الْأُخْرَی عِنْدَ الْمُصِیبَةِ فَقَدْ حَبِطَ أَجْرُهُ وَ الْمُصِیبَةُ لَا تَكُونُ مُصِیبَةً یَسْتَوْجِبُ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا إِلَّا بِالصَّبْرِ وَ الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ وَ الصَّنِیعَةُ لَا تَكُونُ صَنِیعَةً إِلَّا عِنْدَ ذِی دِینٍ أَوْ حَسَبٍ

ص: 326


1- 1. الزهو: الفخر و الكبر. قال الشاعر: لا تهین الفقیر علك أن***تركع یوما و الدهر قد رفعه
2- 2. أی دم من لیس لقاتله مال حتّی یؤدی دیته. و المدقعة: الشدیدة یفضی صاحبه الی الدقعاء أی التراب أو یفضی صاحبه الی الدقع و هو سوء احتمال الفقر. و المدقع الملصق بالتراب و الذی لا یكون عنده ما یتقی به التراب.
3- 3. التحف ص 403.

وَ اللَّهُ یُنْزِلُ الْمَعُونَةَ عَلَی قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَ یُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَی قَدْرِ الْمُصِیبَةِ- وَ مَنِ اقْتَصَدَ وَ قَنِعَ بَقِیَتْ عَلَیْهِ النِّعْمَةُ وَ مَنْ بَذَّرَ وَ أَسْرَفَ زَالَتْ عَنْهُ النِّعْمَةُ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ الصِّدْقُ یَجْلِبَانِ الرِّزْقَ وَ الْخِیَانَةُ وَ الْكَذِبُ یَجْلِبَانِ الْفَقْرَ وَ النِّفَاقَ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالذَّرَّةِ(1)

شَرّاً أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحَیْنِ فَطَارَتْ فَأَكَلَهَا الطَّیْرُ وَ الصَّنِیعَةُ لَا تَتِمُّ صَنِیعَةً عِنْدَ الْمُؤْمِنِ لِصَاحِبِهَا إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ تَصْغِیرِهَا وَ سَتْرِهَا وَ تَعْجِیلِهَا فَمَنْ صَغَّرَ الصَّنِیعَةَ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ فَقَدْ عَظَّمَ أَخَاهُ وَ مَنْ عَظَّمَ الصَّنِیعَةَ عِنْدَهُ فَقَدْ صَغَّرَ أَخَاهُ وَ مَنْ كَتَمَ مَا أَوْلَاهُ (2)

مِنْ صَنِیعَةٍ فَقَدْ كَرُمَ فَعَالُهُ وَ مَنْ عَجَّلَ مَا وَعَدَ فَقَدْ هَنِئَ (3) الْعَطِیَّةَ.

«5»- كشف (4)،[كشف الغمة] قَالَ الْآبِیُّ فِی كِتَابِ نَثْرِ الدُّرَرِ: سَمِعَ مُوسَی علیه السلام رَجُلًا یَتَمَنَّی الْمَوْتَ فَقَالَ لَهُ هَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ قَرَابَةٌ یُحَامِیكَ لَهَا قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ لَكَ حَسَنَاتٌ قَدَّمْتَهَا تَزِیدُ عَلَی سَیِّئَاتِكَ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ إِذاً تَتَمَنَّی هَلَاكَ الْأَبَدِ.

وَ قَالَ علیه السلام مَنِ اسْتَوَی یَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ وَ مَنْ كَانَ آخِرُ یَوْمَیْهِ شَرَّهُمَا فَهُوَ مَلْعُونٌ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفِ الزِّیَادَةَ فِی نَفْسِهِ فَهُوَ فِی نُقْصَانٍ وَ مَنْ كَانَ إِلَی النُّقْصَانِ فَالْمَوْتُ خَیْرٌ لَهُ مِنَ الْحَیَاةِ.

وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: اتَّخِذُوا الْقِیَانَ فَإِنَّ لَهُنَّ فِطَناً وَ عُقُولًا لَیْسَتْ لِكَثِیرٍ مِنَ النِّسَاءِ كَأَنَّهُ أَرَادَ النَّجَابَةَ فِی أَوْلَادِهِنَّ.

قُلْتُ الْقِیَانُ جَمْعُ قَیْنَةٍ وَ هِیَ الْأَمَةُ مُغَنِّیَةً كَانَتْ أَوْ غَیْرَ مُغَنِّیَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَ كُلُّ عَبْدٍ هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ قَیْنٌ وَ الْأَمَةُ قَیْنَةٌ وَ بَعْضُ النَّاسِ یَظُنُّ الْقَیْنَةَ الْمُغَنِّیَةَ خَاصَّةً وَ لَیْسَ كَذَلِكَ.

ص: 327


1- 1. فی بعض النسخ« بالنملة».
2- 2. یقال: أولاه معروفا أی صنعه إلیه.
3- 3. هنی الطعام- من باب علم-: تهنأ به أی ساغ له الطعام و لذ. و فی بعض النسخ« هنوء»- من باب شرف-: صار هنیئا. و فی بعضها« فقد هنأ» من باب التفعیل.
4- 4. كشف الغمّة ج 3 ص 42.

وَ قَالَ ابْنُ حُمْدُونٍ فِی تَذْكِرَتِهِ (1) قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام: وَجَدْتُ عِلْمَ النَّاسِ فِی أَرْبَعٍ أَوَّلُهَا أَنْ تَعْرِفَ رَبَّكَ وَ الثَّانِیَةُ أَنْ تَعْرِفَ مَا صَنَعَ بِكَ وَ الثَّالِثَةُ أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَ مِنْكَ وَ الرَّابِعَةُ أَنْ تَعْرِفَ مَا یُخْرِجُكَ مِنْ دِینِكَ.

مَعْنَی هَذِهِ الْأَرْبَعِ الْأُولَی وُجُوبُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَی الَّذِی هِیَ اللُّطْفُ الثَّانِیَةُ مَعْرِفَةُ مَا صَنَعَ بِكَ مِنَ النِّعَمِ الَّتِی یَتَعَیَّنُ عَلَیْكَ لِأَجْلِهَا الشُّكْرُ وَ الْعِبَادَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَهُ مِنْكَ فِیمَا أَوْجَبَهُ عَلَیْكَ وَ نَدَبَكَ إِلَی فِعْلِهِ لِتَفْعَلَهُ عَلَی الْحَدِّ الَّذِی أَرَادَهُ مِنْكَ فَتَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ الثَّوَابَ وَ الرَّابِعَةُ أَنْ تَعْرِفَ الشَّیْ ءَ الَّذِی یُخْرِجُكَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَتَجْتَنِبَهُ.

«6»- كش (2)،[رجال الكشی] عَنْ حَمْدَوَیْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوَیْدٍ السَّائِیِ (3) قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام وَ هُوَ فِی الْحَبْسِ أَسْأَلُهُ فِیهِ عَنْ حَالِهِ وَ عَنْ جَوَابِ مَسَائِلَ كَتَبْتُ بِهَا إِلَیْهِ فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ الَّذِی بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِینَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ ابْتَغَی إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَدْیَانِ الشَّتَّی فَمُصِیبٌ وَ مُخْطِئٌ وَ ضَالٌّ وَ مهتدی [مُهْتَدٍ] وَ سَمِیعٌ وَ أَصَمُّ وَ أَعْمَی وَ بَصِیرٌ وَ حَیْرَانُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَرَّفَ وَصْفَ دِینِهِ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ امْرُؤٌ أَنْزَلَكَ اللَّهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بِمَنْزِلَةٍ خَاصَّةٍ مَوَدَّةً بِمَا أَلْهَمَكَ مِنْ رُشْدِكَ وَ بَصَّرَكَ مِنْ أَمْرِ دِینِكَ بِفَضْلِهِمْ وَ رَدِّ الْأُمُورِ إِلَیْهِمْ وَ الرِّضَا بِمَا قَالُوا فِی كَلَامٍ طَوِیلٍ وَ قَالَ ادْعُ إِلَی صِرَاطِ رَبِّكَ فِینَا مَنْ رَجَوْتَ إِجَابَتَهُ وَ لَا تَحْصُرْ حَصْرَنَا(4)

ص: 328


1- 1. المصدر: ج 3 ص 45.
2- 2. اختیار رجال الكشّیّ ص 386.
3- 3. السائی نسبة الی سایة: اسم واد من حدود الحجاز. و قیل: قریة من قری المدینة المشرفة، و قیل: إنّها قریة بمكّة، و قیل واد بین الحرمین. و قال فی منهج المقال قریة بالمدینة.
4- 4. فی بعض النسخ« و لا تحصن بحصن ریاء».

وَ وَالِ آلَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَقُلْ لِمَا بَلَغَكَ عَنَّا أَوْ نُسِبَ إِلَیْنَا هَذَا بَاطِلٌ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ خِلَافَهُ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی لِمَا قُلْنَاهُ وَ عَلَی أَیِّ وَجْهٍ وَصَفْنَاهُ آمِنْ بِمَا أَخْبَرْتُكَ وَ لَا تُفْشِ مَا اسْتَكْتَمْتُكَ أُخْبِرُكَ أَنَّ مِنْ أَوْجَبِ حَقِّ أَخِیكَ أَنْ لَا تَكْتُمَهُ شَیْئاً یَنْفَعُهُ لِأَمْرِ دُنْیَاهُ وَ لِأَمْرِ آخِرَتِهِ (1).

«7»- كا(2)،[الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوَیْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوَیْدٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوَیْدٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام وَ هُوَ فِی الْحَبْسِ كِتَاباً أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ وَ عَنْ مَسَائِلَ كَثِیرَةٍ فَاحْتَبَسَ الْجَوَابُ عَلَی أَشْهُرٍ ثُمَّ أَجَابَنِی بِجَوَابٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ الَّذِی بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِینَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابْتَغَی مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَدْیَانِ الْمُتَضَادَّةِ فَمُصِیبٌ وَ مُخْطِئٌ وَ ضَالٌّ وَ مُهْتَدٍ وَ سَمِیعٌ وَ أَصَمُّ وَ بَصِیرٌ وَ أَعْمَی وَ حَیْرَانُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَرَفَ وَ وَصَفَ دِینَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله (3).

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ امْرُؤٌ أَنْزَلَكَ اللَّهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بِمَنْزِلَةٍ خَاصَّةٍ وَ حَفِظَ مَوَدَّةَ مَا

ص: 329


1- 1. فی المصدر« لا من دنیاه و لا من آخرته».
2- 2. فی الكافی ج 8 ص 124.
3- 3.« عرف و وصف» كذا فی بعض النسخ، فقوله« عرف» بتخفیف الراء أی عرف محمّد دینه و وصفه. و فی بعض النسخ« عز و وصف» أی عزّ هو تعالی و وصف للخلق دینه محمّد و فی بعض النسخ« محمّدا» بالنصب فعرف بتشدید الراء. و الأول أظهر و أصوب.

اسْتَرْعَاكَ مِنْ دِینِهِ (1)

وَ مَا أَلْهَمَكَ مِنْ رُشْدِكَ وَ بَصَّرَكَ مِنْ أَمْرِ دِینِكَ بِتَفْضِیلِكَ إِیَّاهُمْ وَ بِرَدِّكَ الْأُمُورَ إِلَیْهِمْ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِی عَنْ أُمُورٍ كُنْتُ مِنْهَا فِی تَقِیَّةٍ وَ مِنْ كِتْمَانِهَا فِی سَعَةٍ فَلَمَّا انْقَضَی سُلْطَانُ الْجَبَابِرَةِ وَ جَاءَ سُلْطَانُ ذِی السُّلْطَانِ الْعَظِیمِ (2)

بِفِرَاقِ الدُّنْیَا الْمَذْمُومَةِ إِلَی أَهْلِهَا الْعُتَاةِ عَلَی خَالِقِهِمْ (3) رَأَیْتُ أَنْ أُفَسِّرَ لَكَ مَا سَأَلْتَنِی عَنْهُ مَخَافَةَ أَنْ یَدْخُلَ الْحَیْرَةُ عَلَی ضُعَفَاءِ شِیعَتِنَا مِنْ قِبَلِ جَهَالَتِهِمْ فَاتَّقِ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ خُصَّ بِذَلِكَ الْأَمْرِ أَهْلَهُ وَ احْذَرْ أَنْ تَكُونَ سَبَبَ بَلِیَّةٍ عَلَی الْأَوْصِیَاءِ أَوْ حَارِشاً عَلَیْهِمْ (4)

بِإِفْشَاءِ مَا اسْتَوْدَعْتُكَ وَ إِظْهَارِ مَا اسْتَكْتَمْتُكَ وَ لَنْ تَفْعَلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- إِنَّ أَوَّلَ مَا أَنْهَی إِلَیْكَ أَنِّی أَنْعَی إِلَیْكَ نَفْسِی فِی لَیَالِیَّ هَذِهِ غَیْرَ جَازِعٍ وَ لَا نَادِمٍ وَ لَا شَاكٍّ فِیمَا هُوَ كَائِنٌ مِمَّا قَدْ قَضَی اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ حَتَمَ فَاسْتَمْسِكْ بِعُرْوَةِ الدِّینِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَی الْوَصِیِّ بَعْدَ الْوَصِیِّ وَ الْمُسَالَمَةِ لَهُمْ وَ الرِّضَا بِمَا قَالُوا وَ لَا تَلْتَمِسْ دِینَ مَنْ لَیْسَ مِنْ شِیعَتِكَ وَ لَا تُحِبَّنَّ دِینَهُمْ فَإِنَّهُمُ الْخَائِنُونَ الَّذِینَ خَانُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ خَانُوا أَمَانَاتِهِمْ وَ تَدْرِی مَا خَانُوا أَمَانَاتِهِمُ ائْتُمِنُوا عَلَی كِتَابِ اللَّهِ فَحَرَّفُوهُ وَ بَدَّلُوهُ وَ دُلُّوا عَلَی وُلَاةِ الْأَمْرِ مِنْهُمْ فَانْصَرَفُوا عَنْهُمْ فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا یَصْنَعُونَ.

ص: 330


1- 1.« حفظ مودة» كانه معطوف علی قوله« منزلة» أی جعلك تحفظ مودة امر استرعاك و هو دینه، و یمكن أن یقرأ حفظ علی صیغة الماضی لیكون معطوفا علی قوله« أنزلك».
2- 2. أی كنت أتقی هذه الظلمة فی أن أكتب جوابك لكن فی تلك الأیّام دنا أجلی و انقضت أیامی و لا یلزمنی الآن التقیة و جاء سلطان اللّٰه فلا أخاف من سلطانهم.
3- 3.« المذمومة الی أهلها» لعل المراد أنّها مذمومة بما یصل منها الی أهلها الذین ركنوا إلیها كما یقال: استذم إلیه أی فعل ما یذمه علی فعله، یحتمل أن تكون الی بمعنی اللام أو بمعنی عند أی انما هی لهم بئست الدار و أمّا للصالحین فنعمت الدار فان فیها یتزودون لدار القرار.
4- 4. التحریش الاغراء علی الضرر، و الحرش: الصید، و یطلق علی الخدیعة و المعنی الأول هنا أنسب.

وَ سَأَلْتَ عَنْ رَجُلَیْنِ اغْتَصَبَا رَجُلًا مَالًا كَانَ یُنْفِقُهُ عَلَی الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِیلِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَلَمَّا اغْتَصَبَاهُ ذَلِكَ لَمْ یَرْضَیَا حَیْثُ غَصَبَاهُ حَتَّی حَمَّلَاهُ إِیَّاهُ كُرْهاً فَوْقَ رَقَبَتِهِ إِلَی مَنَازِلِهِمَا فَلَمَّا أَحْرَزَاهُ تَوَلَّیَا إِنْفَاقَهُ أَ یَبْلُغَانِ بِذَلِكَ كُفْراً وَ لَعَمْرِی لَقَدْ نَافَقَا قَبْلَ ذَلِكَ وَ رَدَّا عَلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ كَلَامَهُ وَ هَزِئَا بِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمَا الْكَافِرَانِ عَلَیْهِمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ اللَّهِ مَا دَخَلَ قَلْبَ أَحَدٍ مِنْهُمَا شَیْ ءٌ مِنَ الْإِیمَانِ مُنْذُ خُرُوجِهِمَا مِنْ حَالَتَیْهِمَا وَ مَا ازْدَادَ إِلَّا شَكّاً كَانَا خَدَّاعَیْنِ مُرْتَابَیْنِ مُنَافِقَیْنِ حَتَّی تَوَفَّتْهُمَا مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِلَی مَحَلِّ الْخِزْیِ فِی دَارِ الْمُقَامِ.

وَ سَأَلْتَ عَمَّنْ حَضَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَ هُوَ یُغْصَبُ مَالُهُ وَ یُوضَعُ عَلَی رَقَبَتِهِ مِنْهُمْ عَارِفٌ وَ مُنْكِرٌ فَأُولَئِكَ أَهْلُ الرِّدَّةِ الْأُولَی مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَعَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ.

وَ سَأَلْتَ عَنْ مَبْلَغِ عِلْمِنَا وَ هُوَ عَلَی ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مَاضٍ وَ غَابِرٍ وَ حَادِثٍ فَأَمَّا الْمَاضِی فَمُفَسَّرٌ وَ أَمَّا الْغَابِرُ فَمَزْبُورٌ أَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِی الْقُلُوبِ وَ نَقْرٌ فِی الْأَسْمَاعِ وَ هُوَ أَفْضَلُ عِلْمِنَا وَ لَا نَبِیَّ بَعْدَ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (1).

وَ سَأَلْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَ عَنْ نِكَاحِهِمْ وَ عَنْ طَلَاقِهِمْ فَأَمَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَهُنَّ عَوَاهِرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(2)

نِكَاحٌ بِغَیْرِ وَلِیٍّ وَ طَلَاقٌ بِغَیْرِ عِدَّةٍ(3)

وَ أَمَّا مَنْ دَخَلَ فِی دَعْوَتِنَا فَقَدْ هَدَمَ إِیمَانُهُ ضَلَالَهُ وَ یَقِینُهُ شَكَّهُ.

وَ سَأَلْتَ عَنِ الزَّكَاةِ فِیهِمْ فَمَا كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّا قَدْ أَحْلَلْنَا

ص: 331


1- 1. أی لا یتوهم أن القاء الملك مستلزم للنبوة بل یكون للائمة علیهم السلام و لا نبوة بعد نبیّنا.
2- 2. العواهر: الزوانی لان تلك السبایا لما سبین بغیر اذن الامام فكلهن أو خمسهن للامام و لم یرخص الامام لغیر الشیعة فی وطیهن.
3- 3. أی طلاقهم طلاق فی غیر الزمان الذی یمكن فیه إنشاء العدة أی طهر غیر المواقعة مع أنّه تعالی قال« فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ».

ذَلِكَ لَكُمْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ وَ أَیْنَ كَانَ.

وَ سَأَلْتَ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَالضَّعِیفُ مَنْ لَمْ تُرْفَعْ إِلَیْهِ حُجَّةٌ وَ لَمْ یَعْرِفِ الِاخْتِلَافَ فَإِذَا عَرَفَ الِاخْتِلَافَ فَلَیْسَ بِضَعِیفٍ.

وَ سَأَلْتَ عَنِ الشَّهَادَةِ لَهُمْ فَأَقِمِ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ عَلَی نَفْسِكَ أَوِ الْوَالِدَیْنِ وَ الْأَقْرَبِینَ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ فَإِنْ خِفْتَ عَلَی أَخِیكَ ضَیْماً(1) فَلَا وَ ادْعُ إِلَی شَرَائِطِ اللَّهِ (2) عَزَّ ذِكْرُهُ بِمَعْرِفَتِنَا مَنْ رَجَوْتَ إِجَابَتَهُ وَ لَا تَحَصَّنْ بِحِصْنِ رِیَاءٍ(3) وَ وَالِ آلَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ لَا تَقُلْ لِمَا بَلَغَكَ عَنَّا وَ نُسِبَ إِلَیْنَا هَذَا بَاطِلٌ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ مِنَّا خِلَافَهُ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی لِمَا قُلْنَاهُ وَ عَلَی أَیِّ وَجْهٍ وَصَفْنَاهُ آمِنْ بِمَا أُخْبِرُكَ وَ لَا تُفْشِ مَا اسْتَكْتَمْنَاكَ مِنْ خَبَرِكَ إِنَّ مِنْ وَاجِبِ حَقِّ أَخِیكَ أَنْ لَا تَكْتُمَهُ شَیْئاً تَنْفَعُهُ بِهِ لِأَمْرِ دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ لَا تَحْقِدَ عَلَیْهِ وَ إِنْ أَسَاءَ وَ أَجِبْ دَعْوَتَهُ إِذَا دَعَاكَ وَ لَا تُخَلِّ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَدُوِّهِ مِنَ النَّاسِ وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَیْهِ مِنْكَ وَ عُدْهُ فِی مَرَضِهِ لَیْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِینَ الْغِشُّ وَ لَا الْأَذَی وَ لَا الْخِیَانَةُ وَ لَا الْكِبْرُ وَ لَا الْخَنَا وَ لَا الْفُحْشُ وَ لَا الْأَمْرُ بِهِ فَإِذَا رَأَیْتَ الْمُشَوَّهَ الْأَعْرَابِیَّ فِی جَحْفَلٍ جَرَّارٍ فَانْتَظِرْ فَرَجَكَ (4) وَ لِشِیعَتِكَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَی السَّمَاءِ وَ انْظُرْ مَا فَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْمُجْرِمِینَ فَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ جُمَلًا مُجْمَلًا وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الْأَخْیَارِ.

ص: 332


1- 1. الضیم: الظلم یعنی إذا كان یعلم مثلا أن المدعی علیه معسر و یعلم أنّه مع شهادته یجبره الحاكم علی أدائه فلا یلزم اقامة تلك الشهادة.
2- 2. أی الی الشرائط التی اشترطها اللّٰه علی الناس بسبب معرفة الأئمّة من ولایتهم و محبتهم و طاعتهم و التبری من أعدائهم و مخالفیهم، و یحتمل أن یكون المراد بالشرائط الوعد و الوعید و التأكید و التهدید الذی ورد فی أصل المعرفة و تركها.
3- 3. فی بعض النسخ« و لا تحضر حصن زناء».
4- 4. الجحفل- كجعفر-: الجیش الكبیر، و یقال: كتیبة جرارة أی ثقیلة السیر لكثرتها.

«8»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(1)، قَالَ الْكَاظِمُ علیه السلام: الْمَعْرُوفُ غُلٌّ لَا یَفُكُّهُ إِلَّا مُكَافَاةٌ أَوْ شُكْرٌ لَوْ ظَهَرَتِ الْآجَالُ افْتَضَحَتِ الْآمَالُ مَنْ وَلَّدَهُ الْفَقْرُ أَبْطَرَهُ الْغِنَی مَنْ لَمْ یَجِدْ لِلْإِسَاءَةِ مَضَضاً(2) لَمْ یَكُنْ لِلْإِحْسَانِ عِنْدَهُ مَوْقِعٌ مَا تَسَابَّ اثْنَانِ إِلَّا انْحَطَّ الْأَعْلَی إِلَی مَرْتَبَةِ الْأَسْفَلِ.

«9»- أَعْلَامُ الدِّینِ (3)، قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام: أَوْلَی الْعِلْمِ بِكَ مَا لَا یَصْلُحُ لَكَ الْعَمَلُ إِلَّا بِهِ وَ أَوْجَبُ الْعَمَلِ عَلَیْكَ مَا أَنْتَ مَسْئُولٌ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ وَ أَلْزَمُ الْعِلْمِ لَكَ مَا دَلَّكَ عَلَی صَلَاحِ قَلْبِكَ وَ أَظْهَرَ لَكَ فَسَادَهُ وَ أَحْمَدُ الْعِلْمِ عَاقِبَةً مَا زَادَ فِی عِلْمِكَ الْعَاجِلِ فَلَا تَشْتَغِلَنَّ بِعِلْمِ مَا لَا یَضُرُّكَ جَهْلُهُ وَ لَا تَغْفُلَنَّ عَنْ عِلْمِ مَا یَزِیدُ فِی جَهْلِكَ تَرْكُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ ظَهَرَتِ الْآجَالُ افْتَضَحَتِ الْآمَالُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَتَی إِلَی أَخِیهِ مَكْرُوهاً فَبِنَفْسِهِ بَدَأَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یَجِدْ لِلْإِسَاءَةِ مَضَضاً لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ لِلْإِحْسَانِ موقعا [مَوْقِعٌ].

وَ قَالَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِیُّ دَخَلْتُ عَلَی الْإِمَامِ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام وَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِیُّ فَتَبَسَّمْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَ تُحِبُّهُ فَقُلْتُ نَعَمْ وَ مَا أَحْبَبْتُهُ إِلَّا لَكُمْ فَقَالَ علیه السلام هُوَ أَخُوكَ وَ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأُمَّهِ وَ أَبِیهِ وَ إِنْ لَمْ یَلِدْهُ أَبُوهُ مَلْعُونٌ مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ مَلْعُونٌ مَنْ غَشَّ أَخَاهُ مَلْعُونٌ مَنْ لَمْ یَنْصَحْ أَخَاهُ مَلْعُونٌ مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا تَسَابَّ اثْنَانِ إِلَّا انْحَطَّ الْأَعْلَی إِلَی مَرْتَبَةِ الْأَسْفَلِ.

وَ قَدِمَ عَلَی الرَّشِیدِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ یُقَالُ لَهُ- نُفَیْعٌ وَ كَانَ عَارِفاً فَحَضَرَ یَوْماً بَابَ الرَّشِیدِ وَ تَبِعَهُ عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ وَ حَضَرَ مُوسَی بْنُ

ص: 333


1- 1. مخطوط.
2- 2. المضض: وجع الالم.
3- 3. مخطوط.

جَعْفَرٍ علیهما السلام عَلَی حِمَارٍ لَهُ فَتَلَقَّاهُ الْحَاجِبُ بِالْإِكْرَامِ وَ الْإِجْلَالِ وَ أَعْظَمَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ وَ عَجَّلَ لَهُ الْإِذْنَ فَقَالَ نُفَیْعٌ لِعَبْدِ الْعَزِیزِ مَنْ هَذَا الشَّیْخُ فَقَالَ لَهُ أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ هَذَا شَیْخُ آلِ أَبِی طَالِبٍ هَذَا مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ نُفَیْعٌ مَا رَأَیْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ یَفْعَلُونَ هَذَا بِرَجُلٍ لَوْ یَقْدِرُ عَلَی زَوَالِهِمْ عَنِ السَّرِیرِ لَفَعَلَ أَمَا إِنْ خَرَجَ لَأَسُوءَنَّهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِیزِ- لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتٍ قَلَّمَا تَعَرَّضَ لَهُمْ أَحَدٌ بِخِطَابٍ إِلَّا وَسَمُوهُ فِی الْجَوَابِ وَسْمَةً یَبْقَی عَارُهَا عَلَیْهِ أَبَدَ الدَّهْرِ وَ خَرَجَ مُوسَی علیه السلام فَقَامَ إِلَیْهِ نُفَیْعٌ فَأَخَذَ بِلِجَامِ حِمَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ یَا هَذَا إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ النَّسَبَ فَأَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ حَبِیبِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ ذَبِیحِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ الْبَلَدَ فَهُوَ الَّذِی فَرَضَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَیْكَ وَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ إِنْ كُنْتَ مِنْهُمُ الْحَجَّ إِلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ الْمُفَاخَرَةَ فَوَ اللَّهِ مَا رَضِیَ مشركی [مُشْرِكُو] قَوْمِی مُسْلِمِی قَوْمِكَ أَكْفَاءً لَهُمْ حَتَّی قَالُوا یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ لَنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَیْشٍ خَلِّ عَنِ الْحِمَارِ فَخَلَّی عَنْهُ وَ یَدُهُ تُرْعَدُ وَ انْصَرَفَ بِخِزْیٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِیزِ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ.

وَ قِیلَ حَجَّ الرَّشِیدُ فَلَقِیَ مُوسَی علیه السلام عَلَی بَغْلَةٍ لَهُ فَقَالَ للرشید [الرَّشِیدُ] مَنْ مِثْلُكَ فِی حَسَبِكَ وَ نَسَبِكَ وَ تَقَدُّمِكَ یَلْقَانِی عَلَی بَغْلَةٍ فَقَالَ تَطَأْطَأَتْ عَنْ خُیَلَاءِ الْخَیْلِ وَ ارْتَفَعَتْ عَنْ ذِلَّةِ الْحَمِیرِ.

باب 26 مواعظ الرضا علیه السلام

«1»- ف (1)،[تحف العقول] رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام فِی قِصَارِ هَذِهِ الْمَعَانِی قَالَ الرِّضَا علیه السلام: لَا یَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّی تَكُونَ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ سُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ وَ سُنَّةٌ مِنْ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُنَّةٌ مِنْ وَلِیِّهِ علیه السلام فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ رَبِّهِ فَكِتْمَانُ السِّرِّ وَ أَمَّا السُّنَّةُ مِنْ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمُدَارَاةُ النَّاسِ وَ أَمَّا السُّنَّةُ مِنْ وَلِیِّهِ

ص: 334


1- 1. التحف ص 442.

علیه السلام فَالصَّبْرُ فِی الْبَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: صَاحِبُ النِّعْمَةِ یَجِبُ أَنْ یُوَسِّعَ عَلَی عِیَالِهِ.

«3»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصِّیَامِ وَ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِی أَمْرِ اللَّهِ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِیَاءِ التَّنَظُّفُ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِینَ الْعِطْرُ وَ إِحْفَاءُ الشَّعْرِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ(1).

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: لَمْ یَخُنْكَ الْأَمِینُ وَ لَكِنِ ائْتَمَنْتَ الْخَائِنَ.

«7»- قَالَ علیه السلام: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْراً سَلَبَ الْعِبَادَ عُقُولَهُمْ فَأَنْفَذَ أَمْرَهُ وَ تَمَّتْ إِرَادَتُهُ فَإِذَا أَنْفَذَ أَمْرَهُ رَدَّ إِلَی كُلِّ ذِی عَقْلٍ عَقْلَهُ فَیَقُولُ كَیْفَ ذَا وَ مِنْ أَیْنَ ذَا.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: الصَّمْتُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ إِنَّ الصَّمْتَ یَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ إِنَّهُ دَلِیلٌ عَلَی كُلِّ خَیْرٍ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ شَیْ ءٍ مِنَ الْفُضُولِ إِلَّا وَ هُوَ یَحْتَاجُ إِلَی الْفُضُولِ مِنَ الْكَلَامِ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: الْأَخُ الْأَكْبَرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ.

«11»- وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ السَّفِلَةِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ شَیْ ءٌ یُلْهِیهِ عَنِ اللَّهِ.

«12»- وَ كَانَ علیه السلام یُتَرِّبُ الْكِتَابَ (2) وَ یَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَكْتُبَ تَذَكُّرَاتِ حَوَائِجِهِ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ یَكْتُبُ مَا یُرِیدُ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا ذَكَرْتَ الرَّجُلَ وَ هُوَ حَاضِرٌ فَكَنِّهِ وَ إِذَا كَانَ غَائِباً فَسَمِّهِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: صَدِیقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ.

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّوَدُّدُ إِلَی النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الْقِیلَ وَ الْقَالَ وَ إِضَاعَةَ الْمَالِ وَ كَثْرَةَ السُّؤَالِ.

ص: 335


1- 1. الاحفاء: القص. و الطروقة: الجماع. و فی بعض النسخ« و اخفاء السر».
2- 2. أی یجعل علیه التراب لیجفه. ترب و أترب الشی ء: جعل علیه التراب.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَتِمُّ عَقْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ حَتَّی تَكُونَ فِیهِ عَشْرُ خِصَالٍ الْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ یَسْتَكْثِرُ قَلِیلَ الْخَیْرِ مِنْ غَیْرِهِ وَ یَسْتَقِلُّ كَثِیرَ الْخَیْرِ مِنْ نَفْسِهِ- لَا یَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَیْهِ وَ لَا یَمَلُّ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ دَهْرِهِ الْفَقْرُ فِی اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الْغِنَی وَ الذُّلُّ فِی اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الْعِزِّ فِی عَدُوِّهِ وَ الْخُمُولُ أَشْهَی إِلَیْهِ مِنَ الشُّهْرَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام الْعَاشِرَةُ وَ مَا الْعَاشِرَةُ قِیلَ لَهُ مَا هِیَ قَالَ علیه السلام لَا یَرَی أَحَداً إِلَّا قَالَ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی وَ أَتْقَی إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ رَجُلٌ خَیْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَی وَ رَجُلٌ شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَی فَإِذَا لَقِیَ الَّذِی شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَی قَالَ لَعَلَّ خَیْرَ هَذَا بَاطِنٌ وَ هُوَ خَیْرٌ لَهُ وَ خَیْرِی ظَاهِرٌ وَ هُوَ شَرٌّ لِی وَ إِذَا رَأَی الَّذِی هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَی تَوَاضَعَ لَهُ لِیَلْحَقَ بِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلَا مَجْدُهُ وَ طَابَ خَیْرُهُ وَ حَسُنَ ذِكْرُهُ وَ سَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ.

«18»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (1) فَقَالَ علیه السلام لِلتَّوَكُّلِ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ تَثِقَ بِهِ فِی أَمْرِكَ كُلِّهِ فِیمَا فَعَلَ بِكَ فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ رَاضِیاً وَ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ یَأْلُكَ خَیْراً وَ نَظَراً(2) وَ تَعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ فِی ذَلِكَ لَهُ فَتَتَوَكَّلَ عَلَیْهِ بِتَفْوِیضِ ذَلِكَ إِلَیْهِ وَ مِنْ ذَلِكَ الْإِیمَانُ بِغُیُوبِ اللَّهِ الَّتِی لَمْ یُحِطْ عِلْمُكَ بِهَا فَوَكَلْتَ عِلْمَهَا إِلَیْهِ وَ إِلَی أُمَنَائِهِ عَلَیْهَا وَ وَثِقْتَ بِهِ فِیهَا وَ فِی غَیْرِهَا.

«19»- وَ سَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ نَجْمٍ (3) عَنِ الْعُجْبِ الَّذِی یُفْسِدُ الْعَمَلَ فَقَالَ علیه السلام لِلْعُجْبِ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ یُزَیَّنَ لِلْعَبْدِ سُوءُ عَمَلِهِ فَیَرَاهُ حَسَناً فَیُعْجِبَهُ وَ یَحْسَبَ أَنَّهُ یُحْسِنُ صُنْعاً وَ مِنْهَا أَنْ یُؤْمِنَ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ فَیَمُنَّ عَلَی اللَّهِ (4) وَ لِلَّهِ الْمِنَّةُ عَلَیْهِ فِیهِ.

ص: 336


1- 1. الطلاق: 3.
2- 2. ألا فی الامر: قصر و أبطأ و ترك الجهد و منه یقال:« لم یأل جهدا».
3- 3. رواه الكلینی- رحمه اللّٰه- فی الكافی ج 2 ص 313 و الصدوق- رضوان اللّٰه علیه فی معانی الأخبار بإسناده عن علیّ بن سوید المدینی عن أبی الحسن موسی علیه السلام. و أمّا أحمد ابن نجم هذا لم نجد الایعاز إلیه فی معاجم الرجال.
4- 4. و فی بعض النسخ« فیمتن».

«20»- قَالَ الْفَضْلُ (1): قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ یَزْعُمُ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إِنَّمَا هِیَ اكْتِسَابٌ قَالَ علیه السلام لَا مَا أَصَابَ إِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الْإِیمَانَ مَنْ یَشَاءُ فَمِنْهُمْ مَنْ یَجْعَلُهُ مُسْتَقَرّاً فِیهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَجْعَلُهُ مُسْتَوْدَعاً عِنْدَهُ فَأَمَّا الْمُسْتَقَرُّ فَالَّذِی لَا یَسْلُبُهُ اللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً وَ أَمَّا الْمُسْتَوْدَعُ فَالَّذِی یُعْطَاهُ الرَّجُلُ ثُمَّ یَسْلُبُهُ إِیَّاهُ.

«21»- وَ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ یَحْیَی (2): سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الْمَعْرِفَةِ هَلْ لِلْعِبَادِ

ص: 337


1- 1. الظاهر أنّه الفضل بن سنان و لعله ابن سهل ذو الرئاستین وزیر المأمون و قد مضی ترجمته. و یونس بن عبد الرحمن هو أبو محمّد مولی آل یقطین ثقة من أصحاب الكاظم و الرضا علیهما السلام، كان وجها فی أصحابنا متقدما عظیم المنزلة قال ابن الندیم: « یونس بن عبد الرحمن من أصحاب موسی بن جعفر علیهما السلام من موالی آل یقطین علامة زمانه كثیر التصنیف و التألیف علی مذاهب الشیعة» ثم عد كتبه. انتهی. و كان یونس من أصحاب الإجماع ولد فی أیّام هشام بن عبد الملك و رأی جعفر بن محمّد علیهما السلام بین الصفا و المروة و لم یرو عنه و روی عن الكاظم و الرضا علیهما السلام و كان الرضا علیه السلام یشیر إلیه فی العلم و الفتیا و كان ممن بذل علی الوقف ما لا جزیلا مات- رحمه اللّٰه- سنة 208.
2- 2. هو أبو محمّد صفوان بن یحیی البجلیّ الكوفیّ، بیاع السابری من أصحاب الامام السابع و الثامن و التاسع علیهم السلام و أقروا له بالفقه و العلم، ثقة من أصحاب الإجماع و كان وكیل الرضا علیه السلام و صنف كتبا كثیرة و كان من الورع و العبادة ما لم یكن أحد فی طبقته. و كان أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحدیث و أعبدهم، كان یصلّی كل یوم خمسین و مائة ركعة و یصوم فی السنة ثلاثة أشهر، و یخرج زكاة ماله كل سنة ثلاث مرّات و ذاك أنّه اشترك هو و عبد اللّٰه بن جندب و علیّ بن النعمان فی بیت اللّٰه الحرام فتعاقدوا جمیعا ان مات واحد منهم یصلی من بقی بعده صلاته و یصوم عنه و یحج عنه و یزكی عنه ما دام حیا فمات صاحباه و بقی صفوان بعدهما و كان یفی لهما بذلك و كان یصلّی عنهما و یزكی عنهما و یصوم عنهما و یحج عنهما و كل شی ء من البر و الصلاح یفعل لنفسه كذلك یفعله عن صاحبیه. كما فی جش و صه. و روی عن أربعین رجلا من أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام. و له كتب كثیرة مثل كتب الحسین بن سعید و له مسائل عن أبی الحسن موسی علیه السلام و روایات. مات- رحمه اللّٰه- بالمدینة و بعث إلیه أبو جعفر بحنوطه و كفنه و أمر إسماعیل بن موسی بالصلاة علیه.

فِیهَا صُنْعٌ قَالَ علیه السلام لَا قُلْتُ لَهُمْ فِیهَا أَجْرٌ قَالَ علیه السلام نَعَمْ تَطَوَّلَ عَلَیْهِمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَ تَطَوَّلَ عَلَیْهِمْ بِالصَّوَابِ (1).

«22»- وَ قَالَ الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ(2): سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَفَاعِیلِ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ هِیَ أَمْ غَیْرُ مَخْلُوقَةٍ قَالَ علیه السلام هِیَ وَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ أَرَادَ خَلْقَ تَقْدِیرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِینٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْإِیمَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَی أَفْضَلُ مِنَ الْإِیمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْیَقِینَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِیمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ یُعْطَ بَنُو آدَمَ أَفْضَلَ مِنَ الْیَقِینِ.

«23»- وَ سُئِلَ عَنْ خِیَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ علیه السلام الَّذِینَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا غَضِبُوا عَفَوْا.

«24»- وَ سُئِلَ علیه السلام عَنْ حَدِّ التَّوَكُّلِ فَقَالَ علیه السلام أَنْ لَا تَخَافَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ السُّنَّةِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ عِنْدَ التَّزْوِیجِ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: الْإِیمَانُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ وَ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ التَّسْلِیمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ التَّفْوِیضُ إِلَی اللَّهِ وَ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (3)

وَ أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ ... فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا.

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: صِلْ رَحِمَكَ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَ أَفْضَلُ مَا تُوصَلُ بِهِ الرَّحِمُ كَفُّ الْأَذَی عَنْهَا وَ قَالَ فِی كِتَابِ اللَّهِ لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذی (4).

«28»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الْفِقْهِ الْحِلْمَ وَ الْعِلْمَ وَ الصَّمْتُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ إِنَّ الصَّمْتَ یَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ إِنَّهُ دَلِیلٌ عَلَی كُلِّ خَیْرٍ(5).

ص: 338


1- 1. كذا. و تطول علیه: امتن علیه.
2- 2. الفضیل بن یسار من أصحاب الإمام الصّادق علیه السلام و مات فی أیامه، و لعله كان قاسم بن الفضیل أو محمّد بن الفضیل لأنّهما من أصحاب الرضا علیه السلام.
3- 3. أراد علیه السلام بالعبد الصالح مؤمن آل فرعون و الآیة فی سورة غافر: 44.
4- 4. البقرة: 266.
5- 5. و فی بعض النسخ« علی كل حق».

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الَّذِی یَطْلُبُ مِنْ فَضْلٍ یَكُفُّ بِهِ عِیَالَهُ أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الْمُجَاهِدِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ.

«30»- وَ قِیلَ لَهُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ علیه السلام أَصْبَحْتُ بِأَجَلٍ مَنْقُوصٍ وَ عَمَلٍ مَحْفُوظٍ وَ الْمَوْتُ فِی رِقَابِنَا وَ النَّارُ مِنْ وَرَائِنَا وَ لَا نَدْرِی مَا یَفْعَلُ بِنَا.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ فَلَا تَرْجُوهُ لِشَیْ ءٍ مِنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مَنْ لَمْ تَعْرِفِ الْوَثَاقَةَ فِی أَرُومَتِهِ (1) وَ الْكَرَمَ فِی طِبَاعِهِ وَ الرَّصَانَةَ فِی خُلُقِهِ (2) وَ النُّبْلَ فِی نَفْسِهِ وَ الْمَخَافَةَ لِرَبِّهِ.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ إِلَّا نُصِرَ أَعْظَمُهُمَا عَفْواً.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: السَّخِیُّ یَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ لِیَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِ وَ الْبَخِیلُ لَا یَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ لِئَلَّا یَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ نَرَی وَعْدَنَا عَلَیْنَا دَیْناً كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْعَافِیَةُ فِیهِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِی اعْتِزَالِ النَّاسِ وَ وَاحِدٌ فِی الصَّمْتِ.

«36»- وَ قَالَ لَهُ مُعَمَّرُ بْنُ خَلَّادٍ(3) عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَكَ فَقَالَ علیه السلام یَا مُعَمَّرُ ذَاكَ فَرَجُكُمْ أَنْتُمْ فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا مِزْوَدٌ فِیهِ كَفُّ سَوِیقٍ مَخْتُومٌ بِخَاتَمٍ.

«37»- وَ قَالَ علیه السلام: عَوْنُكَ لِلضَّعِیفِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ.

«38»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَكُونَ فِیهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ التَّفَقُّهُ فِی الدِّینِ وَ حُسْنُ التَّقْدِیرِ فِی الْمَعِیشَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَی الرَّزَایَا.

ص: 339


1- 1. الارومة: الأصل.
2- 2. رصن- كشرف- أی استحكم و اشتد و ثبت. و النبل- بالضم-: الفضل و النجابة. و فی بعض النسخ« و الرزانة فی خلقه».
3- 3. هو أبو خلّاد معمر بن خلّاد بن أبی خلّاد بغدادیّ ثقة من أصحاب الرضا علیه السلام و له كتب.

«39»- وَ قَالَ علیه السلام لِأَبِی هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِیِ (1) یَا دَاوُدُ إِنَّ لَنَا عَلَیْكُمْ حَقّاً بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَیْنَا حَقّاً فَمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَجَبَ حَقُّهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْ حَقَّنَا فَلَا حَقَّ لَهُ.

«40»- وَ حَضَرَ علیه السلام یَوْماً مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ وَ ذُو الرِّئَاسَتَیْنِ حَاضِرٌ فَتَذَاكَرُوا اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَ أَیُّهُمَا خُلِقَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَسَأَلَ ذُو الرِّئَاسَتَیْنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ تُحِبُّ أَنْ أُعْطِیَكَ الْجَوَابَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَمْ حِسَابِكَ فَقَالَ أُرِیدُهُ أَوَّلًا مِنَ الْحِسَابِ فَقَالَ علیه السلام أَ لَیْسَ تَقُولُونَ إِنَّ طَالِعَ الدُّنْیَا السَّرَطَانُ وَ إِنَّ الْكَوَاكِبَ كَانَتْ فِی أَشْرَافِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَزُحَلُ فِی الْمِیزَانِ وَ الْمُشْتَرِی فِی السَّرَطَانِ وَ الْمِرِّیخُ فِی الْجَدْیِ وَ الزُّهَرَةُ فِی الْحُوتِ وَ الْقَمَرُ فِی الثَّوْرِ وَ الشَّمْسُ فِی وَسَطِ السَّمَاءِ فِی الْحَمَلِ وَ هَذَا لَا یَكُونُ إِلَّا نَهَاراً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ علیه السلام قَوْلُهُ لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ أَیْ إِنَّ النَّهَارَ سَبَقَهُ (2).

ص: 340


1- 1. هو أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب ثقة جلیل القدر عظیم المنزلة عند الأئمّة، و قد شاهد جماعة منهم: الامام الثامن الی الامام الثانی عشر علیهم السلام و له موقع جلیل عندهم و كان منقطعا الیهم و روی عنهم و له منهم أخبار و رسائل و روایات من دلائل أبی الحسن الهادی علیه السلام و قال: ما دخلت علی أبی الحسن و أبی محمّد علیهما السلام الا رأیت منهما دلالة و برهانا. و قال السیّد ابن طاوس: « انه من وكلاء الناحیة الذین لا تختلف الشیعة فیهم» كان أبو هاشم عالما أدیبا ورعا زاهدا ناسكا و لم یكن فی آل أبی طالب مثله فی زمانه فی علو النسب و كان مقدما عند السلطان توفی- رحمه اللّٰه- سنة 261. و كان أبو القاسم بن إسحاق أمیر الیمن رجلا جلیلا و هو ابن خالة مولانا الصادق علیه السلام لان أم حكیم بنت القاسم بن محمّد بن أبی بكر اخت أمّ فروة أم مولانا الصادق علیه السلام.
2- 2. رواه الطبرسیّ- رحمه اللّٰه- فی المجمع عند بیان الآیة من تفسیر العیّاشیّ عن الاشعث بن حاتم هكذا« قال: كنت بخراسان حیث اجتمع الرضا علیه السلام و الفضل بن سهل و المأمون فی ایوان الحبری بمرو فوضعت المائدة فقال الرضا علیه السلام: ان رجلا من بنی إسرائیل سألنی بالمدینة فقال: النهار خلق قبل أم اللیل، فما عندكم؟ قال: فأداروا الكلام فلم یكن عندهم فی ذلك شی ء، فقال الفضل للرضا علیه السلام: أخبرنا بها- أصلحك اللّٰه- قال: نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل: من جهة الحساب فقال: قد علمت یا فضل أن طالع الدنیا السرطان و الكواكب فی مواضع شرفها؟ فزحل فی المیزان و المشتری فی السرطان و الشمس فی الحمل و القمر فی الثور فذلك یدلّ علی كینونة الشمس فی الحمل فی العاشر فی الطالع فی وسط السماء فالنهار خلق قبل اللیل. و فی قوله تعالی« لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ» أی قد سبقه النهار. انتهی. أقول: لما كان وجود اللیل و النهار أمران منتزعان من الشمس و حركته فهما مولودان لدورتها. و تقدم الامر الانتزاعی علی منشأ الانتزاع ممّا ریب فیه. و بعبارة اخری لما كان وجود اللیل و النهار فرع وجود الشمس فإذا كان الشمس كان النهار فإذا كان النهار كان اللیل. فوجود اللیل منتزع من النهار. فتأمل. و فی قوله علیه السلام:« أم حسابك» اشارة الی أن الجواب علی وفق مذهب السائل. و الآیة فی سورة یس: 40.

«41»- قَالَ عَلِیُّ بْنُ شُعَیْبٍ (1): دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ مَعَاشاً قُلْتُ یَا سَیِّدِی أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّی فَقَالَ علیه السلام یَا عَلِیُّ مَنْ حَسَّنَ مَعَاشَ غَیْرِهِ فِی مَعَاشِهِ.

یَا عَلِیُّ مَنْ أَسْوَأُ النَّاسِ مَعَاشاً قُلْتُ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ لَمْ یُعِشْ غَیْرَهُ فِی مَعَاشِهِ.

یَا عَلِیُّ أَحْسِنُوا جِوَارَ النِّعَمِ فَإِنَّهَا وَحْشِیَّةٌ مَا نَأَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَیْهِمْ (2)

ص: 341


1- 1. قال صاحب تنقیح المقال- ره- لم اقف علیه بهذا العنوان فی كتب الرجال و انما وقفنا فیها علی علیّ بن أبی شعیب المدائنی و قال: له كتاب صغیر و الظاهر كونه امامیا.
2- 2. الجوار- بالكسر- مصدر بمعنی المجاورة. و نأت عن قوم أی بعدت عنه. و المراد ان النعمة وحشیة فیجب علی من أصابها و نال منها ان أراد بقاءها و دوامها ان یعامل معها معاملة الحیوان الوحشی الذی إذا هرب لم یعد.

یَا عَلِیُّ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ مَنَعَ رِفْدَهُ وَ أَكَلَ وَحْدَهُ وَ جَلَدَ عَبْدَهُ.

«42»- وَ قَالَ لَهُ علیه السلام رَجُلٌ فِی یَوْمِ الْفِطْرِ إِنِّی أَفْطَرْتُ الْیَوْمَ عَلَی تَمْرٍ وَ طِینِ الْقَبْرِ فَقَالَ علیه السلام جَمَعْتَ السُّنَّةَ وَ الْبَرَكَةَ.

«43»- وَ قَالَ علیه السلام لِأَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ یَا أَبَا هَاشِمٍ الْعَقْلُ حِبَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَ الْأَدَبُ كُلْفَةٌ فَمَنْ تَكَلَّفَ الْأَدَبَ قَدَرَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَكَلَّفَ الْعَقْلَ لَمْ یَزْدَدْ بِذَلِكَ إِلَّا جَهْلًا(1).

«44»- وَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ(2)

وَ الْحُسَیْنُ بْنُ یَزِیدَ: دَخَلْنَا عَلَی الرِّضَا علیه السلام فَقُلْنَا إِنَّا كُنَّا فِی سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ وَ غَضَارَةٍ مِنَ الْعَیْشِ فَتَغَیَّرَتِ الْحَالُ بَعْضَ التَّغَیُّرِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّ ذَلِكَ إِلَیْنَا فَقَالَ علیه السلام أَیَّ شَیْ ءٍ تُرِیدُونَ تَكُونُونَ مُلُوكاً أَ یَسُرُّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ طَاهِرٍ وَ هَرْثَمَةَ(3)

وَ إِنَّكُمْ عَلَی خِلَافِ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ فَقُلْتُ

ص: 342


1- 1. الحباء- بالكسر-: العطیة. و المراد ان العقل غریزة موهبة من اللّٰه فكان فی فطرة الإنسان و جبلته فلیس للكسب فیه أثر فمن لم یكن فیه عقل لیس له صلاحیة اكتساب العقل بخلاف الأدب فان الأدب هو السیرة و الطریقة الحسنة فی المحاورات و المعاشرات فیمكن للإنسان تحصیله بأن یتجشمه و یتكلفه. و أبو هاشم الجعفری هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّٰه ابن جعفر بن أبی طالب الذی تقدم شرح خاله فی ص 340.
2- 2. هو أحمد بن عمر بن أبی شعبة الحلبیّ ثقة من أصحاب الامام السابع و الثامن علیهما السلام و له كتاب. و أمّا الحسین بن یزید هو ابن عبد الملك النوفلیّ المتطبب من أصحاب الامام الثامن. كان أدیبا شاعرا سكن الری و مات بها- رحمه اللّٰه-
3- 3. الظاهر هو أبو الطیب أو أبو طلحة طاهر بن الحسین بن مصعب بن زریق بن ماهان الملقب بذو الیمینین و الی خراسان كان من أكبر قوّاد المأمون و المجاهدین فی تثبیت دولته، كان جده زریق بن ماهان أو باذان مجوسیا فأسلم علی ید طلحة الطلحات الخزاعیّ المشهور بالكرم و الی سجستان و كان مولاه، و لذلك اشتهر الطاهر بالخزاعی، و كان هو الذی سیره المأمون من خراسان الی محاربة أخیه الأمین محمّد بن زبیدة ببغداد لما خلع المأمون بیعته و سیر الأمین علیّ بن عیسی بن ماهان لدفعه فالتقیا بالری و قتل. علی بن عیسی و كسر جیش الأمین و تقدم الطاهر الی بغداد و أخذ ما فی طریقه من البلاد و حاصر بغداد و قتل الأمین سنة 198 و حمل برأسه الی خراسان و عقد للمأمون علی الخلافة فلما استقل المأمون بالملك كتب إلیه و هو مقیم ببغداد و كان والیا علیها بأن یسلم الی الحسن بن سهل جمیع ما افتتحه من البلاد و هی العراق و بلاد الجبل و فارس و أهواز و الحجاز و الیمن و أن یتوجه هو الی الرقة، و ولاه الموصل و بلاد الجزیرة و الشأم و المغرب فكان فیها الی أن قدم المأمون بغداد فجاء إلیه و كان المأمون یرعاه لمناصحته و خدمته و لقبه ذو الیمینین و ذلك لانه ضرب شخصا بیساره فقدّه نصفین فی وقعته مع علیّ بن عیسی بن ماهان حتی قال بعض الشعراء:« كلتا یدیك یمین حین تضربه» فبعثه الی خراسان فكان والیا علیها الی أن توفّی سنة 207 بمرو و هو الذی أسس دولة آل طاهر فی خراسان و ما والاها من 205 الی 259 و كان طاهر من أصحاب الرضا علیه السلام كان متشیعا و ینسب التشیع أیضا الی بنی طاهر كما فی مروج الذهب و غیره. ولد طاهر سنة 159 فی توشنج من بلاد خراسان و له عهد الی ابنه و هو من أحسن الرسائل. و هرثمة هو هرثمة بن أعین كان أیضا من قوّاد المأمون و فی خدمته و كان مشهورا معروفا بالتشیع محبا لاهل البیت من أصحاب الرضا علیه السلام بل من خواصه و أصحاب سره و یأخذ نفسه انه من شیعته و كان قائما بمصالحه و كانت له محبة تامّة و إخلاص كامل له، توفی بمرو سنة 200 فی السجن.

لَا وَ اللَّهِ مَا سَرَّنِی أَنَّ لِیَ الدُّنْیَا بِمَا فِیهَا ذَهَباً وَ فِضَّةً وَ إِنِّی عَلَی خِلَافِ مَا أَنَا عَلَیْهِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ(1) أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ (2) وَ مَنْ رَضِیَ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ قُبِلَ مِنْهُ الْیَسِیرُ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نُعِّمَ أَهْلُهُ وَ بَصَّرَهُ اللَّهُ دَاءَ الدُّنْیَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ.

ص: 343


1- 1. سبأ: 12.
2- 2. قیل: معناه أنّه عزّ و جلّ عند ظنّ عبده فی حسن عمله و سوء عمله لان من حسن عمله حسن ظنه و من ساء عمله ساء ظنه.

«45»- وَ قَالَ لَهُ ابْنُ السِّكِّیتِ (1) مَا الْحُجَّةُ عَلَی الْخَلْقِ الْیَوْمَ فَقَالَ علیه السلام الْعَقْلُ یَعْرِفُ بِهِ الصَّادِقَ عَلَی اللَّهِ فَیُصَدِّقُهُ وَ الْكَاذِبَ عَلَی اللَّهِ فَیُكَذِّبُهُ فَقَالَ ابْنُ السِّكِّیتِ هَذَا وَ اللَّهِ هُوَ الْجَوَابُ.

ص: 344


1- 1. هو أبو یوسف یعقوب بن إسحاق الدورقی الأهوازی من رجال الفرس، المعروف بابن السكیت كان أحد أعلام اللغویین و جهابذة المتأدبین، حامل لواء علم العربیة و الأدب و الشعر و اللغة و یتصرف فی أنواع العلوم، ثقة جلیل القدر عظیم المنزلة و كان من عظماء الشیعة و من خواص أصحاب الامام التاسع و العاشر، و كان المتوكل الخلیفة العباسیّ قد ألزمه تأدیب أولاده و كان فی أول أمره یؤدب مع أبیه بمدینة السلام فی درب القنطرة صبیان العامّة حتی احتاج الی الكسب فجعل یتعلم النحو. و كان أبوه رجلا صالحا و أدیبا عالما و كان من أصحاب الكسائی، حسن المعرفة بالعربیة و حكی عنه أنّه كان قد حج فطاف بالبیت و سعی و سأل اللّٰه تعالی أن یعلم ابنه العلم. كان لابن السكیت تصانیف جیدة مفیدة منها اصلاح المنطق فی اللغة، و نقل عن ابن خلكان أنّه قال بعد نقل كلام:« و لا شك أنّه من الكتب النافعة الممتعة الجامعة لكثیر من اللغة و لا یعرف فی حجمه مثله فی بابه و قد عنی به جماعة و اختصره الوزیر أبو القاسم الحسین بن علی المعروف بابن المغربی. و هذبه الخطیب أبو زكریا التبریزی- الی أن قال. و لم یكن بعد ابن الاعرابی أعلم باللغة من ابن السكیت إلخ». كان مولده- رحمه اللّٰه- فی حوالی سنة 185 و عاش نحو ثمان و خمسین سنة و قتله المتوكل العباسیّ و سببه ان المتوكل قال له یوما: أیما أحبّ ابنای هذان أی المعتز و المؤید أم الحسن و الحسین- علیهما السلام-؟ فقال ابن السكیت: و اللّٰه ان قنبرا خادم علیّ بن أبی طالب خیر منك و من ابنیك. فقال المتوكل للاتراك: سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات. و قیل: أثنی علی الحسن و الحسین( ع)، و لم یذكر ابنیه فأمر المتوكل فداسوا بطنه فحمل الی داره فمات بعد غد ذلك الیوم- رحمة اللّٰه علیه.

«46»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یُقَبِّلِ الرَّجُلُ یَدَ الرَّجُلِ فَإِنَّ قُبْلَةَ یَدِهِ كَالصَّلَاةِ لَهُ (1).

«47»- وَ قَالَ علیه السلام: قُبْلَةُ الْأُمِّ عَلَی الْفَمِ وَ قُبْلَةُ الْأُخْتِ عَلَی الْخَدِّ وَ قُبْلَةُ الْإِمَامِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ.

«48»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ لِبَخِیلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذَّةٌ وَ لَا لِمُلُوكٍ وَفَاءٌ وَ لَا لِكَذُوبٍ مُرُوَّةٌ.

«2»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنْ حَرِیزِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قَالَ لِی عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام ثَلَاثَةٌ مُوَكَّلٌ بِهَا ثَلَاثَةٌ تَحَامُلُ الْأَیَّامِ عَلَی ذَوِی الْأَدَوَاتِ الْكَامِلَةِ وَ اسْتِیلَاءُ الْحِرْمَانِ عَلَی الْمُتَقَدِّمِ فِی صَنَعْتِهِ وَ مُعَادَاةُ الْعَوَامِّ عَلَی أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

أقول: قد مضی بعض حكمه علیه السلام فی النظم فی أبواب أحواله علیه السلام.

«3»- صلی اللّٰه علیه و آله (3)،[قصص الأنبیاء علیهم السلام] بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فَبَعَثَ إِلَی صَالِحِ بْنِ سَعِیدٍ فَحَضَرْنَا جَمِیعاً فَوَعَظَنَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَابِدَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَكُنْ عَابِداً حَتَّی یَصْمُتَ عَشْرَ سِنِینَ فَإِذَا صَمَتَ عَشْرَ سِنِینَ كَانَ عَابِداً ثُمَّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام كُنْ خَیْراً لَا شَرَّ مَعَهُ كُنْ وَرَقاً لَا شَوْكَ مَعَهُ وَ لَا تَكُنْ شَوْكاً لَا وَرَقَ مَعَهُ وَ شَرّاً لَا خَیْرَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُبْغِضُ الْقِیلَ وَ الْقَالَ وَ إِیضَاعَ الْمَالِ وَ كَثْرَةَ السُّؤَالِ- ثُمَّ قَالَ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَالَ لَهُمْ مُوسَی علیه السلام اذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا مَا لَوْنُهَا فَلَمْ یَزَالُوا شُدِّدُوا حَتَّی ذَبَحُوا بَقَرَةً یُمْلَأُ جِلْدُهَا ذَهَباً ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ إِنَّ الْحُكَمَاءَ ضَیَّعُوا الْحِكْمَةَ لَمَّا وَضَعُوا عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهَا.

ص: 345


1- 1. فی الكافی ج 2 ص 185 بإسناده عن رفاعة بن موسی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: لا یقبل رأس أحد و لا یده الا ید رسول اللّٰه أو من أرید به رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- 2. الأمالی ج 2 ص 98.
3- 3. مخطوط.

«4»- ضا، [فقه الرضا علیه السلام](1): سَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِیَةَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ أَنَّهُ قَالَ الْمُلْكُ الْخَفِیُّ إِذَا حَضَرَتْ (2) لَمْ یُؤْبَهْ لَهَا وَ إِنْ غَابَتْ عُرِفَ فَضْلُهَا وَ اجْتَهِدُوا أَنْ یَكُونَ زَمَانُكُمْ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ سَاعَةً لِلَّهِ لِمُنَاجَاتِهِ وَ سَاعَةً لِأَمْرِ الْمَعَاشِ وَ سَاعَةً لِمُعَاشَرَةِ الْإِخْوَانِ الثِّقَاتِ وَ الَّذِینَ یُعَرِّفُونَكُمْ عُیُوبَكُمْ وَ یُخْلِصُونَ لَكُمْ فِی الْبَاطِنِ وَ سَاعَةً تَخْلُونَ فِیهَا لِلَذَّاتِكُمْ وَ بِهَذِهِ السَّاعَةِ تَقْدِرُونَ عَلَی الثَّلَاثِ السَّاعَاتِ- لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِالْفَقْرِ وَ لَا بِطُولِ الْعُمُرِ فَإِنَّهُ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْفَقْرِ بَخِلَ وَ مَنْ حَدَّثَهَا بِطُولِ الْعُمُرِ حَرَصَ اجْعَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَظّاً مِنَ الدُّنْیَا بِإِعْطَائِهَا مَا تَشْتَهِی مِنَ الْحَلَالِ وَ مَا لَمْ یَثْلِمِ الْمُرُوَّةَ وَ لَا سَرَفَ فِیهِ وَ اسْتَعِینُوا بِذَلِكَ عَلَی أُمُورِ الدُّنْیَا فَإِنَّهُ نَرْوِی لَیْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ دُنْیَاهُ لِدِینِهِ وَ دِینَهُ لِدُنْیَاهُ وَ تَفَقَّهُوا فِی دِینِ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَرْوِی مَنْ لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِهِ مَا یُخْطِئُ أَكْثَرُ مِمَّا یُصِیبُ فَإِنَّ الْفِقْهَ مِفْتَاحُ الْبَصِیرَةِ وَ تَمَامُ الْعِبَادَةِ وَ السَّبَبُ إِلَی الْمَنَازِلِ الرَّفِیعَةِ وَ حَازَ الْمَرْءُ الْمَرْتَبَةَ الْجَلِیلَةَ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا فَضْلُ الْفَقِیهِ عَلَی الْعِبَادِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَی الْكَوَاكِبِ وَ مَنْ لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِهِ لَمْ یُزَكِّ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا.

وَ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَوْ وَجَدْتُ شَابّاً مِنْ شُبَّانِ الشِّیعَةِ لَا یَتَفَقَّهُ لَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ وَ رَوَی غَیْرِی عِشْرُونَ سَوْطاً وَ أَنَّهُ قَالَ تَفَقَّهُوا وَ إِلَّا أَنْتُمْ أَعْرَابٌ جُهَّالٌ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْزِلَةُ الْفَقِیهِ فِی هَذَا الْوَقْتِ كَمَنْزِلَةِ الْأَنْبِیَاءِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ.

رُوِیَ: أَنَّ الْفَقِیهَ یَسْتَغْفِرُ لَهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَ الْوَحْشُ وَ الطَّیْرُ وَ حِیتَانُ الْبَحْرِ- وَ عَلَیْكُمْ بِالْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ الْبِرُّ مِنَ الْقَلِیلِ وَ الْكَثِیرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُعْظِمُ شِقَّةَ التَّمْرَةِ حَتَّی یَأْتِیَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ كَجَبَلِ أُحُدٍ.

إِیَّاكُمْ وَ الْحِرْصَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُمَا أَهْلَكَا الْأُمَمَ السَّالِفَةَ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْبُخْلَ فَإِنَّهَا عَاهَةٌ لَا تَكُونُ فِی حُرٍّ وَ لَا مُؤْمِنٍ إِنَّهَا خِلَافُ الْإِیمَانِ.

ص: 346


1- 1. فقه الرضا علیه السلام باب حقّ النفوس من باب الدیات.
2- 2. أی إذا حضرت العافیة لا یلتفت إلیها و إذا غابت ظهر فضلها.

عَلَیْكُمْ بِالتَّقِیَّةِ فَإِنَّهُ رُوِیَ مَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ لَا دِینَ لَهُ وَ رُوِیَ تَارِكُ التَّقِیَّةِ كَافِرٌ وَ رُوِیَ اتَّقِ حَیْثُ لَا یُتَّقَی التَّقِیَّةُ دِینٌ مُنْذُ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَی آخِرِهِ وَ رُوِیَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ یَمْضِی یَوْماً فِی أَسْوَاقِ الْمَدِینَةِ وَ خَلْفَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی فَجَذَبَ رَجُلٌ ثَوْبَ أَبِی الْحَسَنِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَنِ الشَّیْخُ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ (1)

تَزَاوَرُوا تَحَابُّوا وَ تَصَافَحُوا وَ لَا تَحَاشَمُوا فَإِنَّهُ رُوِیَ الْمُحْتَشِمُ وَ الْمُحْتَشَمُ (2) فِی النَّارِ لَا تَأَكَّلُوا النَّاسَ بِآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ التَّأَكُّلَ بِهِمْ كُفْرٌ- لَا تَسْتَقِلُّوا قَلِیلَ الرِّزْقِ فَتُحْرَمُوا كَثِیرَهُ- عَلَیْكُمْ فِی أُمُورِكُمْ بِالْكِتْمَانِ فِی أُمُورِ الدِّینِ وَ الدُّنْیَا فَإِنَّهُ رُوِیَ أَنَّ الْإِذَاعَةَ كُفْرٌ وَ رُوِیَ الْمُذِیعُ وَ الْقَاتِلُ شَرِیكَانِ وَ رُوِیَ مَا تَكْتُمُهُ مِنْ عَدُوِّكَ فَلَا یَقِفْ عَلَیْهِ وَلِیُّكَ- لَا تَغْضَبُوا مِنَ الْحَقِّ إِذَا صَدَعْتُمْ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَكُمْ كَمَا لَا تَصْلُحُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِمَّنِ اطْمَأَنَّ إِلَیْهَا وَ رُوِیَ أَنَّ الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ الْقَبْرَ بَیْتُهُ وَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ وَ الدُّنْیَا جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْقَبْرَ سِجْنُهُ وَ النَّارَ مَأْوَاهُ.

عَلَیْكُمْ بِالصِّدْقِ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ فَإِنَّهُ لَا یَصْلُحُ إِلَّا لِأَهْلِهِ أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ- فَإِنَّهُ أَرْوِی أَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ وَ أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَوَاتِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ علیهم السلام وَ الدُّعَاءَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ فِی آنَاءِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَ احْرِصُوا عَلَی قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَیْهِمْ وَ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلَ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَی الْمُؤْمِنِ- لَا تَدَعُوا الْعَمَلَ الصَّالِحَ وَ الِاجْتِهَادَ فِی الْعِبَادَةِ اتِّكَالًا عَلَی حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام

ص: 347


1- 1. سأل الرجل عن أبی الحسن من الرجل یعنی أبا عبد اللّٰه فقال أبو الحسن علیه السلام« انی لا أعرف» فقط بدون ذكر مفعول لا أعرف، و هذا من أحسن التوریة.
2- 2. حشمه: آذاه و أغضبه بتسمیعه ما یكره. و احتشم منه و عنه غضب و انقبض و استحیا. و فی بعض النسخ« و لا تحاشموا» أی لا تغاضبوا فان المتغاضبان فی النار.

لَا تَدَعُوا حُبَّ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ التَّسْلِیمَ لِأَمْرِهِمْ اتِّكَالًا عَلَی الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ لَا یُقْبَلُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ التَّسْلِیمُ لِمَا عَقَلْنَاهُ وَ مَا لَمْ نَعْقِلْهُ فَإِنَّ رَأْسَ الْمَعَاصِی الرَّدُّ عَلَیْهِمْ وَ إِنَّمَا امْتَحَنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّاسَ بِطَاعَتِهِ لِمَا عَقَلُوهُ وَ مَا لَمْ یَعْقِلُوهُ إِیجَاباً لِلْحُجَّةِ وَ قَطْعاً لِلشُّبْهَةِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِیداً یُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ- وَ یُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ لَا یَفُوتَنَّكُمْ خَیْرُ الدُّنْیَا فَإِنَّ الْآخِرَةَ لَا تُلْحَقُ وَ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالدُّنْیَا.

«5»- ضا(1)،[فقه الرضا علیه السلام]: نَرْوِی انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ دُونَكَ فِی الْمَقْدُرَةِ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ وَ أَحْرَی أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّیَادَةَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِیلَ عَلَی الْیَقِینِ وَ الْبَصِیرَةِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِیرِ عَلَی غَیْرِ یَقِینٍ وَ الْجَهْدِ- وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَی الْمُؤْمِنِ وَ لَا عَیْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا تُخَاصِمِ الْعُلَمَاءَ وَ لَا تُلَاعِبْهُمْ وَ لَا تُحَارِبْهُمْ وَ لَا تُوَاضِعْهُمْ (2) وَ نَرْوِی مَنِ احْتَمَلَ الْجَفَا لَمْ یَشْكُرِ النِّعْمَةَ وَ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً حَبَّبَنَا إِلَی النَّاسِ وَ لَمْ یُبَغِّضْنَا إِلَیْهِمْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ یَرْوُونَ مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَكَانُوا أَعَزَّ وَ لَمَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ یَتَعَلَّقَ عَلَیْهِمْ بِشَیْ ءٍ.

وَ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ أَنَّهُ قَالَ: عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله صَلُّوا فِی عَشَائِرِكُمْ وَ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ عُودُوا مَرْضَاكُمْ وَ احْضُرُوا جَنَائِزَكُمْ كُونُوا زَیْناً وَ لَا تَكُونُوا شَیْناً حَبِّبُونَا إِلَی النَّاسِ وَ لَا تُبَغِّضُونَا جُرُّوا إِلَیْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ وَ ادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِیحٍ وَ مَا قِیلَ فِینَا مِنْ خَیْرٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ مَا قِیلَ فِینَا مِنْ شَرٍّ فَمَا نَحْنُ

ص: 348


1- 1. فقه الرضا علیه السلام أواخر باب مكارم الأخلاق.
2- 2. كذا. و واضعه أی راهنه، و فی الامر: واقفه فیه، و واضعه البیع: تاركه، و الرهان: أبطله.

كَذَلِكَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ یُرْوَی أَنْ رَجُلًا قَالَ لِلصَّادِقِ السَّلَامُ وَ الرَّحْمَةُ عَلَیْهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فِیمَ الْمُرُوَّةُ فَقَالَ أَلَّا یَرَاكَ اللَّهُ حَیْثُ نَهَاكَ وَ لَا یَفْقِدَكَ حَیْثُ أَمَرَكَ.

«6»- كشف (1)،[كشف الغمة] قَالَ الْآبِیُّ فِی نَثْرِ الدُّرَرِ: سُئِلَ الرِّضَا علیه السلام عَنْ صِفَةِ الزَّاهِدِ فَقَالَ مُتَبَلِّغٌ بِدُونِ قُوتِهِ مُسْتَعِدٌّ لِیَوْمِ مَوْتِهِ مُتَبَرِّمٌ بِحَیَاتِهِ وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْقَنَاعَةِ فَقَالَ الْقَنَاعَةُ تَجْتَمِعُ إِلَی صِیَانَةِ النَّفْسِ وَ عِزِّ الْقَدْرِ وَ طَرْحِ مُؤَنِ الِاسْتِكْثَارِ(2)

وَ التَّعَبُّدِ لِأَهْلِ الدُّنْیَا وَ لَا یَسْلُكُ طَرِیقَ الْقَنَاعَةِ إِلَّا رَجُلَانِ إِمَّا مُتَعَلِّلٌ (3) یُرِیدُ أَجْرَ الْآخِرَةِ أَوْ كَرِیمٌ مُتَنَزِّهٌ عَنْ لِئَامِ النَّاسِ وَ امْتَنَعَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ غَسْلِ الْیَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ فَقَالَ اغْسِلْهَا وَ الْغَسْلَةُ الْأُولَی لَنَا وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَلَكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْهَا.

قَالَ علیه السلام(4): فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِیلَ (5) قَالَ عَفْوٌ بِغَیْرِ عِتَابٍ وَ فِی قَوْلِهِ خَوْفاً وَ طَمَعاً(6) قَالَ خَوْفاً لِلْمُسَافِرِ وَ طَمَعاً لِلْمُقِیمِ.

«7»- وَ مِنْ تَذْكِرَةِ(7) ابْنِ حُمْدُونٍ، قَالَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِیَ مِنْهُ بِالْقَلِیلِ مِنَ الْعَمَلِ وَ قَالَ لَا یَعْدَمُ الْمَرْءُ دَائِرَةَ السَّوْءِ مَعَ نَكْثِ الصَّفْقَةِ(8)

وَ لَا یَعْدَمُ تَعْجِیلَ الْعُقُوبَةِ مَعَ ادِّرَاءِ الْبَغْیِ وَ قَالَ النَّاسُ ضَرْبَانِ بَالِغٌ لَا یَكْتَفِی وَ طَالِبٌ لَا یَجِدُ.

ص: 349


1- 1. كشف الغمّة ج 3 ص 96.
2- 2. فی بعض النسخ« مئونة الاستكثار».
3- 3. فی بعض النسخ« متعبد».
4- 4. المصدر ج 3 ص 99.
5- 5. غافر: 84.
6- 6. الرعد: 13.
7- 7. كشف الغمّة ج 3 ص 100.
8- 8. نكث الصفقة أی نقض العهد. و بالفارسیة« پیمان شكنی».

«8»- كش (1)، [رجال الكشی] عَنْ حَمْدَوَیْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ (2)

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَتَبَ الْحُسَیْنُ بْنُ مِهْرَانَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام كِتَاباً قَالَ فَكَانَ یَمْشِی شَاكّاً فِی وُقُوفِهِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ یَأْمُرُهُ وَ یَنْهَاهُ فَأَجَابَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِجَوَابٍ وَ بَعَثَ بِهِ إِلَی أَصْحَابِهِ فَنَسَخُوهُ وَ رَدُّوا إِلَیْهِ لِئَلَّا یَسْتُرَهُ حُسَیْنُ بْنُ مِهْرَانَ وَ كَذَلِكَ كَانَ یَفْعَلُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَیْ ءٍ فَأَحَبَّ سَتْرَ الْكِتَابِ فَهَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِی أَجَابَهُ بِهِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ الرَّجُلَ الَّذِی عَلَیْهِ الْجِنَایَةُ وَ الْعَیْنُ (3)

وَ تَقُولُ أَخَذْتَهُ وَ تَذْكُرُ مَا تَلْقَانِی بِهِ وَ تَبْعَثُ إِلَیَّ بِغَیْرِهِ فَاحْتَجَجْتَ فِیهِ فَأَكْثَرْتَ وَ عَمِیتَ (4)

عَلَیْهِ أَمْراً وَ أَرَدْتَ الدُّخُولَ فِی مِثْلِهِ تَقُولُ إِنَّهُ عَمِلَ (5)

فِی أَمْرِی بِعَقْلِهِ وَ حِیلَتِهِ نَظَراً مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَ إِرَادَةَ أَنْ تَمِیلَ إِلَیْهِ قُلُوبُ النَّاسِ لِیَكُونَ مِثْلَهُ الْأَمْرُ بِیَدِهِ وَلَّیْتُهُ (6) یَعْمَلُ فِیهِ بِرَأْیِهِ وَ یَزْعُمُ أَنِّی طَاوَعْتُهُ فِیمَا أَشَارَ بِهِ عَلَیَّ وَ هَذَا أَنْتَ تُشِیرُ عَلَیَّ فِیمَا یَسْتَقِیمُ عِنْدَكَ فِی الْعَقْلِ وَ الْحِیلَةِ بَعْدَكَ لَا یَسْتَقِیمُ الْأَمْرُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَیْنِ إِمَّا قَبِلْتَ الْأَمْرَ عَلَی مَا كَانَ یَكُونُ عَلَیْهِ وَ إِمَّا أَعْطَیْتَ الْقَوْمَ مَا طَلَبُوا وَ قَطَعْتَ عَلَیْهِمْ وَ إِلَّا فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا مُعَوَّجٌ وَ النَّاسُ غَیْرُ مُسَلِّمِینَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ مِنْ مَالٍ وَ ذَاهِبُونَ بِهِ فَالْأَمْرُ لَیْسَ بِعَقْلِكَ وَ لَا بِحِیلَتِكَ

یَكُونُ وَ لَا تَفْعَلِ الَّذِی نَحَلْتَهُ بِالرَّأْیِ وَ الْمَشُورَةِ(7)

وَ لَكِنَّ الْأَمْرَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ یَفْعَلُ فِی خَلْقِهِ مَا یَشَاءُ مَنْ یَهْدِی اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَ مَنْ یُضْلِلْهُ فَلا هادِیَ لَهُ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُ مُرْشِداً- فَقُلْتُ وَ اعْمَلْ فِی أَمْرِهِمْ وَ احْتَلْ فِیهِ فَكَیْفَ لَكَ بِالْحِیلَةِ وَ اللَّهُ یَقُولُ- وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لا یَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ یَمُوتُ بَلی وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ إِلَی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لِیَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (8) فَلَوْ تُجِیبُهُمْ فِیمَا سَأَلُوا عَنْهُ اسْتَقَامُوا

ص: 350


1- 1. اختیار رجال الكشّیّ ص 500.
2- 2. فی التحریر الطاوسی« إسماعیل ابن موسی».
3- 3. فی المصدر« الخیانة و الغبن».
4- 4. فی المصدر« عممت».
5- 5. فی بعض النسخ« بقولی انه عمل فی أمری».
6- 6. فی المصدر« الامر بیده و إلیه یعمل».
7- 7. فی بعض النسخ« و الشهرة».
8- 8. الأنعام: 113.

وَ أَسْلَمُوا وَ قَدْ كَانَ مِنِّی مَا أَنْكَرْتَ (1) وَ أَنْكَرُوا مِنْ بَعْدِی وَ مُدَّ لِی بَقَائِی وَ مَا كَانَ ذَلِكَ إِلَّا رَجَاءَ الْإِصْلَاحِ لِقَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اقْتَرِبُوا وَ اقْتَرِبُوا وَ سَلُوا وَ سَلُوا فَإِنَّ الْعَلِیمَ یُفِیضُ فَیْضاً وَ جَعَلَ یَمْسَحُ بَطْنَهُ وَ یَقُولُ مَا مُلِئَ طَعَاماً وَ لَكِنْ مَلَأْتُهُ عِلْماً وَ اللَّهِ مَا آیَةٌ أُنْزِلَتْ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ وَ لَا سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ إِلَّا أَنِّی أَعْلَمُهَا وَ أَعْلَمُ فِیمَنْ نَزَلَتْ وَ قَوْلُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی اللَّهِ أَشْكُو أَهْلَ الْمَدِینَةِ إِنَّمَا أَنَا فِیهِمْ كَالشَّعَرِ أَنْتَقِلُ یُرِیدُونَنِی أَلَّا أَقُولَ الْحَقَّ وَ اللَّهِ لَا أَزَالُ أَقُولُ الْحَقَّ حَتَّی أَمُوتَ فَلَمَّا قُلْتُ حَقّاً أُرِیدُ بِهِ حِقْنَ دِمَائِكُمْ وَ جَمْعَ أَمْرِكُمْ عَلَی مَا كُنْتُمْ عَلَیْهِ أَنْ یَكُونَ سِرُّكُمْ مَكْتُوماً عِنْدَكُمْ غَیْرَ فَاشٍ فِی غَیْرِكُمْ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِرّاً أَسَرَّهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ أَسَرَّهُ جَبْرَئِیلُ إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ وَ أَسَرَّهُ عَلِیٌّ إِلَی مَنْ شَاءَ ثُمَّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُحَدِّثُونَ بِهِ فِی الطَّرِیقِ فَأَرَدْتُ حَیْثُ مَضَی صَاحِبُكُمْ أَنْ أَلَّفَ أَمْرَكُمْ عَلَیْكُمْ لِئَلَّا تَضَعُوهُ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ وَ لَا تَسْأَلُوا عَنْهُ غَیْرَ أَهْلِهِ فَیَكُونُ فِی مَسْأَلَتِكُمْ إِیَّاهُمْ هَلَاكُكُمْ فَلَمَّا دَعَا إِلَی نَفْسِهِ (2) وَ لَمْ یَكُنْ دَاخِلَهُ- ثُمَّ قُلْتُمْ لَا بُدَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ یَثْبُتُ عَلَی ذَلِكَ وَ لَا یَتَحَوَّلُ عَنْهُ إِلَی غَیْرِهِ قُلْتُ (3)

لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنَ التَّقِیَّةِ وَ الْكَفُّ أَوْلَی وَ أَمَّا إِذَا تَكَلَّمَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْجَوَابُ فِیمَا یَسْأَلُ عَنْهُ وَ صَارَ الَّذِی كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُذَمُّونَ بِهِ فَإِنَّ الْأَمْرَ مَرْدُودٌ إِلَی غَیْرِكُمْ وَ إِنَّ الْفَرْضَ عَلَیْكُمْ اتِّبَاعُهُمْ فِیهِ إِلَیْكُمْ فَصَبَرْتُمْ (4) مَا اسْتَقَامَ فِی عُقُولِكُمْ وَ آرَائِكُمْ وَ صَحَّ بِهِ الْقِیَاسُ عِنْدَكُمْ بِذَلِكَ لَازِماً لِمَا زَعَمْتُمْ مِنْ أَنْ لَا یَصِحَّ أَمْرُنَا زَعَمْتُمْ حَتَّی یَكُونَ ذَلِكَ عَلَیَّ لَكُمْ فَإِنْ قُلْتُمْ لَمْ یَكُنْ كَذَلِكَ لِصَاحِبِكُمْ فَصَارَ الْأَمْرُ أَنْ وَقَعَ إِلَیْكُمْ نَبَذْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ فَ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِینَ- وَ مَا كَانَ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَكُونُوا كَمَا كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَدْ أُخْبِرْتُمْ أَنَّهَا السُّنَنُ وَ الْأَمْثَالُ الْقُذَّةُ بِالْقُذَّةِ وَ مَا كَانَ یَكُونُ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الْكَفِّ أَوَّلًا وَ مِنَ الْجَوَابِ آخِراً شِفَاءً لِصُدُورِكُمْ

ص: 351


1- 1. فی المصدر« ما كان منی ما امرتك و أنكروا».
2- 2. فی المصدر« فكم دعا الی نفسه».
3- 3. فی بعض النسخ« قلتم».
4- 4. فی بعض النسخ« فصیرتم».

وَ لِإِذْهَابِ شَكِّكُمْ وَ قَدْ كَانَ بُدٌّ مِنْ أَنْ یَكُونَ مَا قَدْ كَانَ مِنْكُمْ وَ لَا یَذْهَبُ عَنْ قُلُوبِكُمْ حَتَّی یُذْهِبَهُ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ لَوْ قَدِرَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَی أَنْ یُحِبُّونَا وَ یَعْرِفُوا حَقَّنَا وَ یُسَلِّمُوا لِأَمْرِنَا فَعَلُوا وَ لَكِنَ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ أَنابَ فَقَدْ أَجَبْتُكَ فِی مَسَائِلَ كَثِیرَةٍ فَانْظُرْ أَنْتَ وَ مَنْ أَرَادَ الْمَسَائِلَ مِنْهَا وَ تَدَبَّرَهَا- فَإِنْ لَمْ یَكُنْ فِی الْمَسَائِلِ شِفَاءٌ فَقَدْ مَضَی إِلَیْكُمْ مِنِّی مَا فِیهِ حُجَّةٌ وَ مُعْتَبَرٌ وَ كَثْرَةُ الْمَسَائِلِ مُعْتِبَةٌ عِنْدَنَا مَكْرُوهَةٌ إِنَّمَا یُرِیدُ أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ الْمِحْنَةَ لِیَجِدُوا سَبِیلًا إِلَی الشُّبْهَةِ وَ الضَّلَالَةِ وَ مَنْ أَرَادَ لَبْساً لَبِسَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ وَكَلَهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ لَا تَرَی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ إِنِّی أَجَبْتُ بِذَلِكَ وَ إِنْ شِئْتُ صَمَتُّ فَذَاكَ إِلَیَّ لَا مَا تَقُولُهُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ لَا تَدْرُونَ كَذَا وَ كَذَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إِذْ نَحْنُ مِنْهُ عَلَی یَقِینٍ وَ أَنْتُمْ مِنْهُ فِی شَكٍ (1).

«9»- د(2)،[العدد القویة] مِنْ كِتَابِ الذَّخِیرَةِ قَالَ الرِّضَا: مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ وَ صَدِیقُ الْجَاهِلِ فِی تَعَبٍ وَ أَفْضَلُ الْمَالِ مَا وُقِیَ بِهِ الْعِرْضُ وَ أَفْضَلُ الْعَقْلِ مَعْرِفَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَ الْمُؤْمِنُ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ عَنْ حَقٍّ وَ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی بَاطِلٍ وَ إِذَا قَدَرَ لَمْ یَأْخُذْ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْغَوْغَاءُ قَتَلَةُ الْأَنْبِیَاءِ(3) وَ الْعَامَّةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَمَی مَا رَضِیَ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ حَتَّی قَالَ- بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا(4).

وَ قَالَ علیه السلام: قَالَ لِیَ الْمَأْمُونُ هَلْ رَوَیْتَ شَیْئاً مِنَ الشِّعْرِ قُلْتُ وَ رَوَیْتُ مِنْهُ الْكَثِیرَ فَقَالَ أَنْشِدْنِی أَحْسَنَ مَا رَوَیْتَهُ فِی الْحِلْمِ فَأَنْشَدْتُهُ (5):

إِذَا كَانَ دُونِی مَنْ بُلِیتُ بِجَهْلِهِ***أَبَیْتُ لِنَفْسِی أَنْ أُقَابِلَ بِالْجَهْلِ

وَ إِنْ كَانَ مِثْلِی فِی مَحَلِّی مِنَ النُّهَی ***هَرَبْتُ لِحِلْمِی كَیْ أَجِلَّ عَنِ الْمِثْلِ

ص: 352


1- 1. اعلم أن النسخ فی هذا المكتوب مشوه لا یسعنا تصحیحها.
2- 2. العدد القویة: مخطوط.
3- 3. كذا.
4- 4. الفرقان: 47.
5- 5. رواه الصدوق فی كتاب عیون أخبار الرضا علیه السلام ص 304.

وَ إِنْ كُنْتُ أَدْنَی مِنْهُ فِی الْفَضْلِ وَ الْحِجَی***عَرَفْتُ لَهُ حَقَّ التَّقَدُّمِ وَ الْفَضْل

قَالَ الْمَأْمُونُ مَنْ قَائِلُهُ قُلْتُ بَعْضُ فِتْیَانِنَا قَالَ فَأَنْشِدْنِی أَحْسَنَ مَا رَوَیْتَهُ فِی السُّكُوتِ عَنِ الْجَاهِلِ فَقُلْتُ:

إِنِّی لَیَهْجُرُنِی الصَّدِیقُ تَجَنُّباً***فَأُرِیهِ أَنَّ لِهَجْرِهِ أَسْبَاباً

وَ أَرَاهُ إِنْ عَاتَبْتُهُ أَغْرَیْتُهُ***فَأَرَی لَهُ تَرَكَ الْعِتَابِ عِتَاباً

وَ إِذَا ابْتُلِیتُ بِجَاهِلٍ مُتَحَلِّمٍ***یَجِدُ الْمُحَالَ مِنَ الْأُمُورِ صَوَاباً

أَوْلَیْتُهُ عَنِّی السُّكُوتَ وَ رُبَّمَا***كَانَ السُّكُوتُ عَنِ الْجَوَابِ جَوَابا

فَقَالَ مَنْ قَائِلُهُ قُلْتُ بَعْضُ فِتْیَانِنَا.

وَ مِنْ كِتَابِ النُّزْهَةِ قَالَ: مَوْلَانَا الرِّضَا علیه السلام: مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِیَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْقَلِیلِ مِنَ الْعَمَلِ مَنْ كَثُرَتْ مَحَاسِنُهُ مُدِحَ بِهَا وَ اسْتَغْنَی التَّمَدُّحَ بِذِكْرِهَا(1) مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَ مَنْ نَسَبَ إِلَیْهِ مَا نَهَی عَنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ مَنْ لَمْ تُتَابِعْ رَأْیَكَ فِی صَلَاحِهِ فَلَا تُصْغِ إِلَی رَأْیِهِ وَ انْتَظِرْ بِهِ أَنْ یُصْلِحَهُ شَرٌّ وَ مَنْ طَلَبَ الْأَمْرَ مِنْ وَجْهِهِ لَمْ یَزِلَّ وَ إِنْ زَلَّ لَمْ تَخْذُلْهُ الْحِیلَةُ- لَا یَعْدَمُ الْمَرْءُ دَائِرَةَ الشَّرِّ مَعَ نَكْثِ الصَّفْقَةِ وَ لَا یَعْدَمُ تَعْجِیلَ الْعُقُوبَةِ مَعَ ادِّرَاعِ الْبَغْیِ النَّاسُ ضَرْبَانِ بَالِغٌ لَا یَكْتَفِی وَ طَالِبٌ لَا یَجِدُ طُوبَی لِمَنْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِشُكْرِ النِّعْمَةِ- لَا یَخْتَلِطْ بِالسُّلْطَانِ فِی أَوَّلِ اضْطِرَابِ الْأُمُورِ یَعْنِی أَوَّلَ الْمُخَالَطَةِ(2)

الْقَنَاعَةُ تَجْمَعُ إِلَی صِیَانَةِ النَّفْسِ وَ عِزِّ الْقُدْرَةِ وَ طَرْحِ مَئُونَةِ الِاسْتِكْثَارِ وَ التَّعَبُّدِ لِأَهْلِ الدُّنْیَا وَ لَا یَسْلُكُ طَرِیقَ الْقَنَاعَةِ إِلَّا رَجُلَانِ إِمَّا مُتَعَبِّدٌ یُرِیدُ أَجْرَ الْآخِرَةِ أَوْ كَرِیمٌ یَتَنَزَّهُ عَنْ لِئَامِ النَّاسِ كَفَاكَ مَنْ یُرِیدُ نُصْحَكَ بِالنَّمِیمَةِ مَا یَجِدُ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ فِی الْعَاقِبَةِ الِاسْتِرْسَالُ بِالْأُنْسِ یُذْهِبُ الْمَهَابَةَ.

وَ قَالَ علیه السلام لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ فِی تَعْزِیَتِهِ التَّهْنِئَةُ بِآجِلِ الثَّوَابِ أَوْلَی مِنَ التَّعْزِیَةِ عَلَی عَاجِلِ الْمُصِیبَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَدَقَ النَّاسَ كَرِهُوهُ الْمَسْكَنَةُ مِفْتَاحُ الْبُؤْسِ، إِنَّ لِلْقُلُوبِ

ص: 353


1- 1. كذا.
2- 2. كذا.

إِقْبَالًا وَ إِدْبَاراً وَ نَشَاطاً وَ فُتُوراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ بَصُرَتْ وَ فَهِمَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ كَلَّتْ وَ مَلَّتْ فَخُذُوهَا عِنْدَ إِقْبَالِهَا وَ نَشَاطِهَا وَ اتْرُكُوهَا عِنْدَ إِدْبَارِهَا وَ فُتُورِهَا- لَا خَیْرَ فِی الْمَعْرُوفِ إِذَا رَخَّصَ.

وَ قَالَ علیه السلام لِلصُّوفِیَةِ لَمَّا قَالُوا لَهُ إِنَّ الْمَأْمُونَ قَدْ رَدَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْكَ وَ إِنَّكَ لَأَحَقُّ النَّاسِ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ یَحْتَاجُ مَنْ یَتَقَدَّمُ مِنْكَ بِقِدَمِكَ إِلَی لُبْسِ الصُّوفِ (1) وَ مَا یَخْشُنُ لُبْسُهُ وَیْحَكُمْ إِنَّمَا یُرَادُ مِنَ الْإِمَامِ قِسْطُهُ وَ عَدْلُهُ إِذَا قَالَ صَدَقَ وَ إِذَا حَكَمَ عَدَلَ وَ إِذَا وَعَدَ أَنْجَزَ وَ الْخَیْرُ مَعْرُوفٌ- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ وَ إِنَّ یُوسُفَ الصِّدِّیقَ لَبِسَ الدِّیبَاجَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَ جَلَسَ عَلَی مُتَّكَآتِ فِرْعَوْنَ.

قَالَ علیه السلام: فِی صِفَةِ الزَّاهِدِ مُتَبَلِّغٌ بِدُونِ قُوتِهِ مُسْتَعِدٌّ لِیَوْمِ مَوْتِهِ مُتَبَرِّمٌ بِحَیَاتِهِ وَ قَالَ فِی تَفْسِیرِ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِیلَ (2) عَفْوٌ بِغَیْرِ عِتَابٍ.

وَ قَالَ لِلْمَأْمُونِ لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ رَجُلٍ إِنَّ اللَّهَ لَا یَزِیدُكَ بِحُسْنِ الْعَفْوِ إِلَّا عِزّاً فَعَفَا عَنْهُ.

وَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ رُوِیَ لَنَا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِیضَ بَلْ أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ فَمَا مَعْنَاهُ قَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَوَّضَ أَمْرَ الْخَلْقِ وَ الرِّزْقِ إِلَی عِبَادِهِ فَقَدْ قَالَ بِالتَّفْوِیضِ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ الْقَائِلُ بِهِ مُشْرِكٌ فَقَالَ نَعَمْ وَ مَنْ قَالَ بِالْجَبْرِ فَقَدْ ظَلَّمَ اللَّهَ تَعَالَی فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ فَقَالَ وُجُودُ السَّبِیلِ إِلَی إِتْیَانِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ تَرْكِ مَا نُهُوا عَنْهُ.

وَ قَالَ: وَ قَدْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَوَّضَ إِلَی الْعِبَادِ أَفْعَالَهُمْ فَقَالَ هُمْ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَقَلُّ قَالَ فَجَبَرَهُمْ قَالَ هُوَ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَجَلُّ قَالَ فَكَیْفَ تَقُولُ قَالَ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ وَ نَهَاهُمْ وَ أَقْدَرَهُمْ عَلَی مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَ نَهَاهُمْ عَنْهُ.

سَأَلَهُ علیه السلام الْفَضْلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ الْخَلْقُ مَجْبُورُونَ قَالَ اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ یُجْبِرَ وَ یُعَذِّبَ قَالَ فَمُطْلَقُونَ قَالَ اللَّهُ أَحْكَمُ أَنْ یُهْمِلَ عَبْدَهُ وَ یَكِلَهُ إِلَی نَفْسِهِ.

ص: 354


1- 1. كذا.
2- 2.. الحجر: 85.

اصْحَبِ السُّلْطَانَ بِالْحَذَرِ وَ الصَّدِیقَ بِالتَّوَاضُعِ وَ الْعَدُوَّ بِالتَّحَرُّزِ وَ الْعَامَّةَ بِالْبِشْرِ الْإِیمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَی فَوْقَ الْإِیمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْیَقِینُ فَوْقَ التَّقْوَی بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ یُقْسَمْ بَیْنَ الْعِبَادِ شَیْ ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْیَقِینِ.

وَ سُئِلَ عَنِ الْمَشِیَّةِ وَ الْإِرَادَةِ فَقَالَ الْمَشِیَّةُ الِاهْتِمَامُ بِالشَّیْ ءِ وَ الْإِرَادَةُ إِتْمَامُ ذَلِكَ الشَّیْ ءِ الْأَجَلُ آفَةُ الْأَمَلِ وَ الْعُرْفُ ذَخِیرَةُ الْأَبَدِ(1)

وَ الْبِرُّ غَنِیمَةُ الْحَازِمِ وَ التَّفْرِیطُ مُصِیبَةُ ذِی الْقُدْرَةِ وَ الْبُخْلُ یُمَزِّقُ الْعِرْضَ وَ الْحُبُّ دَاعِی الْمَكَارِهِ وَ أَجَلُّ الْخَلَائِقِ (2) وَ أَكْرَمُهَا اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ وَ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَ تَحْقِیقُ أَمَلِ الْآمِلِ وَ تَصْدِیقُ مَخِیلَةِ الرَّاجِی وَ الِاسْتِكْثَارُ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ فِی الْحَیَاةِ وَ الْبَاكِینَ بَعْدَ الْوَفَاةِ.

مِنْ كِتَابِ الدُّرِّ(3)، قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا اللَّهَ أَیُّهَا النَّاسُ فِی نِعَمِ اللَّهِ عَلَیْكُمْ فَلَا تُنَفِّرُوهَا عَنْكُمْ بِمَعَاصِیهِ بَلِ اسْتَدِیمُوهَا بِطَاعَتِهِ وَ شُكْرِهِ عَلَی نِعَمِهِ وَ أَیَادِیهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَشْكُرُونَ اللَّهَ بِشَیْ ءٍ بَعْدَ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِحُقُوقِ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام أَحَبَّ إِلَیْكُمْ مِنْ مُعَاوَنَتِكُمْ لِإِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی دُنْیَاهُمُ الَّتِی هِیَ مَعْبَرٌ لَهُمْ إِلَی جَنَّاتِ رَبِّهِمْ فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ اللَّهِ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَقَلَ وَ صَدِیقُ الْجَاهِلِ فِی تَعَبٍ وَ أَفْضَلُ الْمَالِ مَا وُقِیَ بِهِ الْعِرْضُ وَ أَفْضَلُ الْعَقْلِ مَعْرِفَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَ الْمُؤْمِنُ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ غَضَبُهُ عَنْ حَقٍّ وَ إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی بَاطِلٍ وَ إِذَا قَدَرَ لَمْ یَأْخُذْ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ الْغَوْغَاءُ قَتَلَةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْعَامَّةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَمَی مَا رَضِیَ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ حَتَّی قَالَ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا صَدِیقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ الْعَقْلُ حِبَاءٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْأَدَبُ كُلْفَةٌ فَمَنْ تَكَلَّفَ الْأَدَبَ قَدَرَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَكَلَّفَ الْعَقْلَ لَمْ یَزِدْهُ إِلَّا جَهْلًا التَّوَاضُعُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ یَعْرِفَ الْمَرْءُ قَدْرَ نَفْسِهِ فَیُنْزِلَهَا مَنْزِلَتَهَا بِقَلْبٍ سَلِیمٍ، لَا یُحِبُ

ص: 355


1- 1. فی بعض النسخ« و العزم ذخیرة الابد».
2- 2. جمع الخلیقة.
3- 3. كذا.

أَنْ یَأْتِیَ إِلَی أَحَدٍ إِلَّا مِثْلَ مَا یُؤْتَی إِلَیْهِ إِنْ أَتَی إِلَیْهِ سَیِّئَةً وَارَاهَا بِالْحَسَنَةِ كَاظِمُ الْغَیْظِ عَافٍ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ.

«10»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(1)، قَالَ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَ مَنْ نَسَبَ إِلَیْهِ مَا نَهَی عَنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ طَلَبَ الْأَمْرَ مِنْ وَجْهِهِ لَمْ یَزِلَّ فَإِنْ زَلَّ لَمْ تَخْذُلْهُ الْحِیلَةُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَعْدَمُ الْمَرْءُ دَائِرَةَ السَّوْءِ مَعَ نَكْثِ الصَّفْقَةِ وَ لَا یَعْدَمُ تَعْجِیلَ الْعُقُوبَةِ مَعَ ادِّرَاعِ الْبَغْیِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْأُنْسُ یُذْهِبُ الْمَهَابَةَ وَ الْمَسْأَلَةُ مِفْتَاحٌ فِی الْبُؤْسِ وَ أَرَادَ الْمَأْمُونُ قَتْلَ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ علیه السلام مَا تَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا یَزِیدُ بِحُسْنِ الْعَفْوِ إِلَّا عِزّاً فَعَفَا عَنْهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: اصْحَبِ السُّلْطَانَ بِالْحَذَرِ وَ الصَّدِیقَ بِالتَّوَاضُعِ وَ الْعَدُوَّ بِالتَّحَرُّزِ وَ الْعَامَّةَ بِالْبِشْرِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَشِیَّةُ الِاهْتِمَامُ بِالشَّیْ ءِ وَ الْإِرَادَةُ إِتْمَامُ ذَلِكَ الشَّیْ ءِ.

«11»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ الْقُمِّیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: سَبْعَةُ أَشْیَاءَ بِغَیْرِ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ مَنِ اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ یَنْدَمْ بِقَلْبِهِ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ وَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ التَّوْفِیقَ وَ لَمْ یَجْتَهِدْ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ وَ مَنِ اسْتَحْزَمَ وَ لَمْ یَحْذَرْ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ وَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ لَمْ یَصْبِرْ عَلَی الشَّدَائِدِ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ وَ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ لَمْ یَتْرُكْ شَهَوَاتِ الدُّنْیَا فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ وَ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَ لَمْ یَسْتَبِقْ إِلَی لِقَائِهِ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ.

«12»- أَعْلَامُ الدِّینِ (3)، قَالَ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ رَضِیَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی بِالْقَلِیلِ مِنَ

ص: 356


1- 1. مخطوط.
2- 2. المصدر: ص 150.
3- 3. مخطوط.

الرِّزْقِ رَضِیَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْقَلِیلِ مِنَ الْعَمَلِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَ مَنْ نَسَبَ إِلَیْهِ مَا نَهَی عَنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَسْلُكُ طَرِیقَ الْقَنَاعَةِ إِلَّا رَجُلَانِ إِمَّا مُتَعَبِّدٌ یُرِیدُ أَجْرَ الْآخِرَةِ أَوْ كَرِیمٌ یَتَنَزَّهُ مِنْ لِئَامِ النَّاسِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الِاسْتِرْسَالُ بِالْأُنْسِ یُذْهِبُ الْمَهَابَةَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ صَدَقَ النَّاسَ كَرِهُوهُ.

وَ قَالَ علیه السلام لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ قَدْ عَزَّاهُ بِمَوْتِ وَلَدِهِ التَّهْنِئَةُ بِآجِلِ الثَّوَابِ أَوْلَی مِنَ التَّعْزِیَةِ عَلَی عَاجِلِ الْمُصِیبَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالًا وَ إِدْبَاراً وَ نَشَاطاً وَ فُتُوراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ بَصُرَتْ وَ فَهِمَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ كَلَّتْ وَ مَلَّتْ فَخُذُوهَا عِنْدَ إِقْبَالِهَا وَ نَشَاطِهَا وَ اتْرُكُوهَا عِنْدَ إِدْبَارِهَا وَ فُتُورِهَا.

وَ قَالَ علیه السلام لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ قَدْ سَأَلَهُ عَنْ صِفَةِ الزَّاهِدِ فَقَالَ علیه السلام مُتَبَلِّغٌ بِدُونِ قُوتِهِ مُسْتَعِدٌّ لِیَوْمِ مَوْتِهِ مُتَبَرِّمٌ بِحَیَاتِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِیلَ فَقَالَ عَفْواً مِنْ غَیْرِ عُقُوبَةٍ وَ لَا تَعْنِیفٍ وَ لَا عَتْبٍ.

وَ أُتِیَ الْمَأْمُونُ بِرَجُلٍ یُرِیدُ أَنْ یَقْتُلَهُ وَ الرِّضَا علیه السلام جَالِسٌ فَقَالَ مَا تَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یَزِیدُكَ بِحُسْنِ الْعَفْوِ إِلَّا عِزّاً فَعَفَا عَنْهُ.

وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْمَشِیَّةِ وَ الْإِرَادَةِ فَقَالَ الْمَشِیَّةُ الِاهْتِمَامُ بِالشَّیْ ءِ وَ الْإِرَادَةُ إِتْمَامُ ذَلِكَ الشَّیْ ءِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْأَجَلُ آفَةُ الْأَمَلِ وَ الْعُرْفُ ذَخِیرَةُ الْأَبَدِ وَ الْبِرُّ غَنِیمَةُ الْحَازِمِ وَ التَّفْرِیطُ مُصِیبَةُ ذَوِی الْقُدْرَةِ وَ الْبُخْلُ یُمَزِّقُ الْعِرْضَ وَ الْحُبُّ دَاعِی الْمَكَارِهِ وَ أَجَلُّ الْخَلَائِقِ وَ أَكْرَمُهَا اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ وَ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَ تَحْقِیقُ

ص: 357

أَمَلِ الْآمِلِ وَ تَصْدِیقُ مَخِیلَةِ الرَّاجِی وَ الِاسْتِكْثَارُ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ فِی الْحَیَاةِ یُكْثِرُ الْبَاكِینَ بَعْدَ الْوَفَاةِ.

باب 27 مواعظ أبی جعفر محمد بن علی الجواد صلوات اللّٰه علیه

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: قَالَ لِلْجَوَادِ علیه السلام رَجُلٌ أَوْصِنِی قَالَ وَ تَقْبَلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَوَسَّدِ الصَّبْرَ وَ اعْتَنِقِ الْفَقْرَ وَ ارْفَضِ الشَّهَوَاتِ وَ خَالِفِ الْهَوَی وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَخْلُوَ مِنْ عَیْنِ اللَّهِ فَانْظُرْ كَیْفَ تَكُونُ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی بَعْضِ الْأَنْبِیَاءِ أَمَّا زُهْدُكَ فِی الدُّنْیَا فَتُعَجِّلُكَ الرَّاحَةَ وَ أَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَیَّ فَیُعَزِّزُكَ بِی وَ لَكِنْ هَلْ عَادَیْتَ لِی عَدُوّاً أَوْ وَالَیْتَ لِی وَلِیّاً.

وَ كَتَبَ إِلَی بَعْضِ أَوْلِیَائِهِ أَمَّا هَذِهِ الدُّنْیَا فَإِنَّا فِیهَا مُغْتَرِفُونَ وَ لَكِنْ مَنْ كَانَ هَوَاهُ هَوَی صَاحِبِهِ وَ دَانَ بِدِینِهِ فَهُوَ مَعَهُ حَیْثُ كَانَ وَ الْآخِرَةُ هِیَ دَارُ الْقَرَارِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ یَحْتَاجُ إِلَی ثَلَاثِ خِصَالٍ تَوْفِیقٍ مِنَ اللَّهِ وَ وَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَبُولٍ مِمَّنْ یَنْصَحُهُ.

«2»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(2)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِیعٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی سَعْدٍ الْخَیْرِ بِسْمِ [اللَّهِ] الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ فِیهَا السَّلَامَةَ مِنَ

ص: 358


1- 1. التحف ص 455.
2- 2. الكافی ج 8 ص 52 تحت رقم 16.

التَّلَفِ وَ الْغَنِیمَةَ فِی الْمُنْقَلَبِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقِی بِالتَّقْوَی عَنِ الْعَبْدِ مَا عَزَبَ عَنْهُ عَقْلُهُ (1) وَ یُجْلِی بِالتَّقْوَی عَنْهُ عَمَاهُ وَ جَهْلَهُ وَ بِالتَّقْوَی نَجَا نُوحٌ وَ مَنْ مَعَهُ فِی السَّفِینَةِ وَ صَالِحٌ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّاعِقَةِ وَ بِالتَّقْوَی فَازَ الصَّابِرُونَ وَ نَجَتْ تِلْكَ الْعُصَبُ (2)

مِنَ الْمَهَالِكِ وَ لَهُمْ إِخْوَانٌ عَلَی تِلْكَ الطَّرِیقَةِ یَلْتَمِسُونَ تِلْكَ الْفَضِیلَةَ نَبَذُوا طُغْیَانَهُمْ مِنَ الْإِیرَادِ بِالشَّهَوَاتِ لِمَا بَلَغَهُمْ فِی الْكِتَابِ مِنَ الْمَثُلَاتِ حَمِدُوا رَبَّهُمْ عَلَی مَا رَزَقَهُمْ وَ هُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ وَ ذَمُّوا أَنْفُسَهُمْ عَلَی مَا فَرَّطُوا وَ هُمْ أَهْلُ الذَّمِّ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الْحَلِیمَ الْعَلِیمَ إِنَّمَا غَضَبُهُ عَلَی مَنْ لَمْ یَقْبَلْ مِنْهُ رِضَاهُ وَ إِنَّمَا یَمْنَعُ مَنْ لَمْ یَقْبَلْ مِنْهُ عَطَاهُ وَ إِنَّمَا یُضِلُّ مَنْ لَمْ یَقْبَلْ مِنْهُ هُدَاهُ ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ السَّیِّئَاتِ مِنَ التَّوْبَةِ بِتَبْدِیلِ الْحَسَنَاتِ دَعَا عِبَادَهُ فِی الْكِتَابِ إِلَی ذَلِكَ بِصَوْتٍ رَفِیعٍ لَمْ یَنْقَطِعْ وَ لَمْ یَمْنَعْ دُعَاءَ عِبَادِهِ فَلَعَنَ اللَّهُ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ كَتَبَ عَلَی نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فَسَبَقَتْ قَبْلَ الْغَضَبِ فَتَمَّتْ صِدْقاً وَ عَدْلًا فَلَیْسَ یَبْتَدِئُ الْعِبَادَ بِالْغَضَبِ

قَبْلَ أَنْ یُغْضِبُوهُ وَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْیَقِینِ وَ عِلْمِ التَّقْوَی وَ كُلُّ أُمَّةٍ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِلْمَ الْكِتَابِ حِینَ نَبَذُوهُ وَ وَلَّاهُمْ عَدُوَّهُمْ حِینَ تَوَلَّوْهُ وَ كَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ أَقَامُوا حُرُوفَهُ وَ حَرَّفُوا حُدُودَهُ فَهُمْ یَرْوُونَهُ وَ لَا یَرْعَوْنَهُ وَ الْجُهَّالُ یُعْجِبُهُمْ حِفْظُهُمْ لِلرِّوَایَةِ وَ الْعُلَمَاءُ یَحْزُنُهُمْ تَرْكُهُمْ لِلرِّعَایَةِ وَ كَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ وَلَّوْهُ الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ (3)

فَأَوْرَدُوهُمُ الْهَوَی وَ أَصْدَرُوهُمْ إِلَی الرَّدَی وَ غَیَّرُوا عُرَی الدِّینِ ثُمَّ وَرَّثُوهُ فِی السَّفَهِ وَ الصِّبَا(4)

فَالْأُمَّةُ یَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِ

ص: 359


1- 1. عزب أی بعد، و فی بعض النسخ« نفی بالتقوی عن العبد ما عزب عنه عقله».
2- 2. العصب: جمع العصبة أو هی من الرجال و الخیل و الطیر ما بین العشرة الی الأربعین.
3- 3. أی جعلوا ولی الكتاب و القیم علیه و الحاكم به الذین لا یعلمونه و جعلوهم رؤساء علی أنفسهم یتبعونهم فی الفتاوی و غیرها.
4- 4. أی جعلوه میراثا یرثه كل سفیه جاهل أو صبی غیر عاقل. و قوله:« بعد أمر اللّٰه» أی صدوره أو الاطلاع علیه أو تركه، و الورود و الصدور كنایتان عن الإتیان للسؤال و الاخذ و الرجوع بالقبول. كما قال المؤلّف.

النَّاسِ بَعْدَ أَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ عَلَیْهِ یُرَدُّونَ- بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا وَلَایَةُ النَّاسِ بَعْدَ وَلَایَةِ اللَّهِ (1)

وَ ثَوَابُ النَّاسِ بَعْدَ ثَوَابِ اللَّهِ وَ رِضَا النَّاسِ بَعْدَ رِضَا اللَّهِ فَأَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ كَذَلِكَ وَ فِیهِمُ الْمُجْتَهِدُونَ فِی الْعِبَادَةِ عَلَی تِلْكَ الضَّلَالَةِ مُعْجَبُونَ مَفْتُونُونَ فَعِبَادَتُهُمْ فِتْنَةٌ لَهُمْ وَ لِمَنِ اقْتَدَی بِهِمْ- وَ قَدْ كَانَ فِی الرُّسُلِ ذِكْرَی لِلْعَابِدِینَ إِنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ كَانَ یَسْتَكْمِلُ الطَّاعَةَ(2)

ثُمَّ یَعْصِی اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی الْبَابِ الْوَاحِدِ فَیُخْرَجُ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ(3) وَ یُنْبَذُ بِهِ فِی بَطْنِ الْحُوتِ ثُمَّ لَا یُنَجِّیهِ إِلَّا الِاعْتِرَافُ وَ التَّوْبَةُ فَاعْرِفْ أَشْبَاهَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ الَّذِینَ سَارُوا بِكِتْمَانِ الْكِتَابِ وَ تَحْرِیفِهِ- فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِینَ ثُمَّ اعْرِفْ أَشْبَاهَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِینَ أَقَامُوا حُرُوفَ الْكِتَابِ وَ حَرَّفُوا حُدُودَهُ (4) فَهُمْ مَعَ السَّادَةِ وَ الْكُبُرَّةِ فَإِذَا تَفَرَّقَتْ قَادَةُ الْأَهْوَاءِ كَانُوا مَعَ أَكْثَرِهِمْ دُنْیَا وَ ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (5)

لَا یَزَالُونَ كَذَلِكَ فِی

ص: 360


1- 1.« ولایة الناس» هو المخصوص بالذم.
2- 2. اشار به الی یونس علیه السلام. و المراد بعصیانه غضبه علی قومه و هربه منهم بغیر اذن ربّه، روی أنّه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بینهم قبل أن یأمره اللّٰه تعالی. و اعلم أن العصیان هنا ترك الافضل و الأولی و ذلك لانه لم یكن هناك أمر من اللّٰه تعالی حتّی عصاه بترك الإتیان به أو نهی منه حتّی خالفه بارتكابه فاطلاق لفظ العصیان مجاز عن ترك الأولی و الافضل و ذلك بالنسبة الی درجات كمالهم بمنزلة العصیان.
3- 3. اطلاق الجنة علی الدنیا لعلّ بالإضافة الی بطن الحوت. كما فی الوافی.
4- 4. شبه هؤلاء العباد و علماء العوام المفتونین بالحطام بالاحبار و الرهبان لشرائهم الدنیا بالآخرة بكتمانهم العلم و تحریفهم الكلم عن مواضعها و أكل أموال الناس بالباطل و صدهم عن سبیل اللّٰه كما أنهم كانوا كذلك علی ما وصفهم اللّٰه فی القرآن فی عدة مواضع، و المراد بالسادة و الكبرة السلاطین و الحكام و أعوانهم الظلمة. و الكلام یدلّ علی أن التحریف الواقع فی القرآن كان فی معناه لا فی ألفاظه كما توهمه بعض من لا خبرة له بمعاریض الكلام.
5- 5. إشارة الی الآیة 31 من سورة النجم« فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّی عَنْ ذِكْرِنا». و الطبع- بالتحریك-: الرین و- بالسكون- الختم.

طَمَعٍ وَ طَبَعٍ وَ لَا یَزَالُ یُسْمَعُ صَوْتُ إِبْلِیسَ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ بِبَاطِلٍ كَثِیرٍ یَصْبِرُ مِنْهُمُ الْعُلَمَاءُ عَلَی الْأَذَی وَ التَّعْنِیفِ وَ یَعِیبُونَ عَلَی الْعُلَمَاءِ بِالتَّكْلِیفِ (1) وَ الْعُلَمَاءُ فِی أَنْفُسِهِمْ خَانَةٌ إِنْ كَتَمُوا النَّصِیحَةَ إِنْ رَأَوْا تَائِهاً ضَالًّا لَا یَهْدُونَهُ أَوْ مَیِّتاً لَا یُحْیُونَهُ فَبِئْسَ مَا یَصْنَعُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ فِی الْكِتَابِ أَنْ یَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ وَ أَنْ یَنْهَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ وَ أَنْ یَتَعَاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوَی وَ لَا یَتَعَاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ فَالْعُلَمَاءُ مِنَ الْجُهَّالِ فِی جَهْدٍ وَ جِهَادٍ إِنْ وَعَظَتْ قَالُوا طَغَتْ وَ إِنْ عَلَّمُوا الْحَقَ (2)

الَّذِی تَرَكُوا قَالُوا خَالَفَتْ وَ إِنِ اعْتَزَلُوهُمْ قَالُوا فَارَقَتْ وَ إِنْ قَالُوا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَی مَا تُحَدِّثُونَ قَالُوا نَافَقَتْ وَ إِنْ أَطَاعُوهُمْ قَالُوا عَصَتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ (3)

فَهَلَكَ جُهَّالٌ فِیمَا لَا یَعْلَمُونَ أُمِّیُّونَ فِیمَا یَتْلُونَ یُصَدِّقُونَ بِالْكِتَابِ عِنْدَ التَّعْرِیفِ وَ یُكَذِّبُونَ بِهِ عِنْدَ التَّحْرِیفِ فَلَا یُنْكِرُونَ أُولَئِكَ أَشْبَاهُ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ قَادَةٌ فِی الْهَوَی سَادَةٌ فِی الرَّدَی وَ آخَرُونَ مِنْهُمْ جُلُوسٌ بَیْنَ الضَّلَالَةِ وَ الْهُدَی- لَا یَعْرِفُونَ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ مِنَ الْأُخْرَی یَقُولُونَ مَا كَانَ النَّاسُ یَعْرِفُونَ هَذَا وَ لَا یَدْرُونَ مَا هُوَ وَ صَدَّقُوا- تَرْكَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْبَیْضَاءِ(4)

لَیْلُهَا مِنْ نَهَارِهَا لَمْ یَظْهَرْ فِیهِمْ بِدْعَةٌ وَ لَمْ یُبَدَّلْ فِیهِمْ سُنَّةٌ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ وَ لَا اخْتِلَافَ فَلَمَّا غَشِیَ النَّاسَ ظُلْمَةُ خَطَایَاهُمْ صَارُوا إِمَامَیْنِ دَاعٍ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ دَاعٍ إِلَی النَّارِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَطَقَ الشَّیْطَانُ فَعَلَا صَوْتُهُ عَلَی لِسَانِ أَوْلِیَائِهِ وَ كَثُرَ خَیْلُهُ وَ رَجِلُهُ (5) وَ شَارَكَ فِی الْمَالِ وَ الْوَلَدِ مَنْ أَشْرَكَهُ فَعُمِلَ بِالْبِدْعَةِ وَ تُرِكَ الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ وَ نَطَقَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ بِالْحُجَّةِ وَ أَخَذُوا بِالْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ فَتَفَرَّقَ مِنْ ذَلِكَ

ص: 361


1- 1.« منهم» أی من أشباه الاحبار و الرهبان« العلماء» یعنی العلماء باللّٰه الربانیین« بالتكلیف» یعنی تكلیفهم بالحق.
2- 2. فی بعض النسخ« عملوا الحق».
3- 3. لیس فی بعض النسخ« قالوا».
4- 4. یعنی الشریعة، الواضح مجهولها عن معلومها و عالمها عن جاهلها.
5- 5. الخیل: جماعة الفرسان و الرجل: جماعة المشاة أی أعوانه القویة و الضعیفة.

الْیَوْمِ أَهْلُ الْحَقِّ وَ أَهْلُ الْبَاطِلِ وَ تَخَاذَلَ (1)

وَ تَهَادَنَ أَهْلُ الْهُدَی وَ تَعَاوَنَ أَهْلُ الضَّلَالَةِ حَتَّی كَانَتِ الْجَمَاعَةُ مَعَ فُلَانٍ وَ أَشْبَاهِهِ فَاعْرِفْ هَذَا الصِّنْفَ وَ صِنْفٌ آخَرُ فَأَبْصِرْهُمْ رَأْیَ الْعَیْنِ تَحْیَا(2)

وَ الْزَمْهُمْ حَتَّی تَرِدَ أَهْلَكَ فَ إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ.

إِلَی هَاهُنَا رِوَایَةُ الْحُسَیْنِ

وَ فِی رِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی زِیَادَةٌ-: لَهُمْ عِلْمٌ بِالطَّرِیقِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ (3)

بَلَاءٌ فَلَا تَنْظُرْ إِلَیْهِمْ فَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ عَسْفٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْفِ وَ خَسْفٌ (4) وَ دُونَهُمْ بَلَایَا تَنْقَضِی ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی رَخَاءٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ إِخْوَانَ الثِّقَةِ ذَخَائِرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ لَوْ لَا أَنْ تَذْهَبَ بِكَ الظُّنُونُ عَنِّی (5)

لَجَلَیْتُ لَكَ عَنْ أَشْیَاءَ مِنَ الْحَقِّ غَطَّیْتُهَا وَ لَنَشَرْتُ لَكَ أَشْیَاءَ مِنَ الْحَقِّ كَتَمْتُهَا وَ لَكِنِّی أَتَّقِیكَ وَ أَسْتَبْقِیكَ وَ لَیْسَ الْحَلِیمُ الَّذِی لَا یَتَّقِی أَحَداً فِی مَكَانِ التَّقْوَی وَ الْحِلْمُ لِبَاسُ الْعَالِمِ فَلَا تَعْرَیَنَّ مِنْهُ وَ السَّلَامُ.

«3»- كا(6)،[الكافی] رِسَالَةٌ أَیْضاً مِنْهُ إِلَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِیعٍ قَالَ: كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی سَعْدٍ الْخَیْرِ:

ص: 362


1- 1. أی تركوا نصرة الحق. و فی بعض النسخ« تخادن» من الخدن و هو الصدیق. و تهادن من المهادنة بمعنی المصالحة، و فی بعض النسخ« تهاون» أی عن نصرة الحق و هذا أنسب بالتخاذل كما أن التهادن أنسب بالتخادن.
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« نجباء» و فی بعضها« نجیا».
3- 3. فی بعض النسخ« الیه فان دونهم» و هو الصواب أی فلا ینظرون الی البلاء لانها تنقضی و لا تبقی.
4- 4. العسف: الجور و الظلم و هو فی الأصل أن یأخذ المسافر علی غیر طریق و لا جادة و لا علم. قیل: هو ركوب الامر من غیر رویة. و الخسف: النقصان و الهوان. و قوله: « تنقضی» جزاء الشرط.
5- 5. أی یصیر ظنك السیئ بی سببا لانحرافك عنی و عدم اصغائك الی بعد ذلك.
6- 6. الكافی ج 8 ص 56 تحت رقم 17.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ مَعْرِفَةَ مَا لَا یَنْبَغِی تَرْكُهُ وَ طَاعَةَ مَنْ رِضَا اللَّهِ رِضَاهُ فَقَبِلْتُ مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِكَ مَا كَانَتْ نَفْسُكَ مُرْتَهَنَةً لَوْ تَرَكْتَهُ تَعْجَبُ (1) إِنَّ رِضَا اللَّهِ وَ طَاعَتَهُ وَ نَصِیحَتَهُ لَا تُقْبَلُ وَ لَا تُوجَدُ وَ لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِی عِبَادٍ غُرَبَاءَ أَخِلَّاءَ مِنَ النَّاسِ قَدِ اتَّخَذَهُمُ النَّاسُ سِخْرِیّاً لِمَا یَرْمُونَهُمْ بِهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَ كَانَ یُقَالُ لَا یَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّی یَكُونَ أَبْغَضَ إِلَی النَّاسِ مِنْ جِیفَةِ الْحِمَارِ(2) وَ لَوْ لَا أَنْ یُصِیبَكَ مِنَ الْبَلَاءِ مِثْلُ الَّذِی أَصَابَنَا فَتَجْعَلُ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَ أُعِیذُكَ بِاللَّهِ وَ إِیَّانَا مِنْ ذَلِكَ لَقَرُبْتَ عَلَی بُعْدِ مَنْزِلَتِكَ وَ اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّا لَا نَنَالُ مَحَبَّةَ اللَّهِ إِلَّا بِبُغْضِ كَثِیرٍ مِنَ النَّاسِ وَ لَا وَلَایَتَهُ إِلَّا بِمُعَادَاتِهِمْ وَ فَوْتُ ذَلِكَ قَلِیلٌ یَسِیرٌ لِدَرْكِ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ یَا أَخِی إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ فِی كُلٍّ مِنَ الرُّسُلِ بَقَایَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ یَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَی الْهُدَی وَ یَصْبِرُونَ مَعَهُمْ عَلَی الْأَذَی یُجِیبُونَ دَاعِیَ اللَّهِ وَ یَدْعُونَ إِلَی اللَّهِ فَأَبْصِرْهُمْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنَّهُمْ فِی مَنْزِلَةٍ رَفِیعَةٍ وَ إِنْ أَصَابَتْهُمْ فِی الدُّنْیَا وَضِیعَةٌ إِنَّهُمْ یُحْیُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَی وَ یُبْصِرُونَ بِنُورِ اللَّهِ مِنَ الْعَمَی كَمْ مِنْ قَتِیلٍ

لِإِبْلِیسَ قَدْ أَحْیَوْهُ وَ كَمْ مِنْ تَائِهٍ ضَالٍّ قَدْ هَدَوْهُ یَبْذُلُونَ دِمَاءَهُمْ دُونَ هَلَكَةِ الْعِبَادِ وَ مَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَی الْعِبَادِ وَ أَقْبَحَ آثَارَ الْعِبَادِ عَلَیْهِمْ.

«4»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(3)، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْجَوَادُ علیه السلام: كَیْفَ یُضَیَّعُ مَنِ اللَّهُ كَافِلُهُ

ص: 363


1- 1. فی بعض النسخ« فعجب».
2- 2. المستفاد من قوله علیه السلام:« تذكر فیه- الی آخره-» ان سعدا ذكر فی كتابه أنّه عرف كذا و أنّه قبل منه لنفسه كذا و انه تعجب من كذا بأن یكون الی قوله: « و من جیفة الحمار» من كلام سعد و یحتمل أن یكون فعجب أو تعجب الی اختلاف النسختین من كلام الإمام علیه السلام. و قوله:« أخلاء». جمع خلو- بالكسر- و هو الخالی عن الشی ء و یكون بمعنی المنفرد و یقال: اخلاء إذا انفرد أی هم أخلاء عن أخلاق عامة الناس و أطوارهم الباطلة أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم.( المرآة).
3- 3. مخطوط.

وَ كَیْفَ یَنْجُو مَنِ اللَّهُ طَالِبُهُ وَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَی غَیْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ مَنْ عَمِلَ عَلَی غَیْرِ عِلْمٍ مَا یُفْسِدُ أَكْثَرُ مِمَّا یُصْلِحُ الْقَصْدُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِالْقُلُوبِ أَبْلَغُ مِنْ إِتْعَابِ الْجَوَارِحِ بِالْأَعْمَالِ- مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ أَعْطَی عَدُوَّهُ مُنَاهُ مَنْ هَجَرَ الْمُدَارَاةَ قَارَبَهُ الْمَكْرُوهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفِ الْمَوَارِدَ أَعْیَتْهُ الْمَصَادِرُ وَ مَنِ انْقَادَ إِلَی الطُّمَأْنِینَةِ قَبْلَ الْخِبْرَةِ فَقَدْ عَرَضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَكَةِ وَ لِلْعَاقِبَةِ الْمُتْعِبَةِ مَنْ عَتَبَ مِنْ غَیْرِ ارْتِیَابٍ أَعْتَبَ مِنْ غَیْرِ اسْتِعْتَابٍ رَاكِبُ الشَّهَوَاتِ لَا تُسْتَقَالُ لَهُ عَثْرَةٌ اتَّئِدْ تُصِبْ أَوْ تَكَدْ(1) الثِّقَةُ بِاللَّهِ ثَمَنٌ لِكُلِّ غَالٍ وَ سُلَّمٌ إِلَی كُلِّ عَالٍ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الشَّرِیرِ فَإِنَّهُ كَالسَّیْفِ الْمَسْلُولِ یَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَ یَقْبُحُ أَثَرُهُ (2)

إِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ ضَاقَ الْفَضَاءُ كَفَی بِالْمَرْءِ خِیَانَةً أَنْ یَكُونَ أَمِیناً لِلْخَوَنَةِ غِنَی الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ- نِعْمَةٌ لَا تُشْكَرُ كَسَیِّئَةٍ لَا تُغْفَرُ- لَا یَضُرُّكَ سَخَطُ مَنْ رِضَاهُ الْجَوْرُ- مَنْ لَمْ یَرْضَ مِنْ أَخِیهِ بِحُسْنِ النِّیَّةِ لَمْ یَرْضَ بِالْعَطِیَّةِ.

«5»- أَعْلَامُ الدِّینِ (3)، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الْجَوَادُ علیه السلام: كَیْفَ یُضَیَّعُ مَنِ اللَّهُ كَافِلُهُ وَ كَیْفَ یَنْجُو مَنِ اللَّهُ طَالِبُهُ وَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَی غَیْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ مَنْ عَمِلَ عَلَی غَیْرِ عِلْمٍ مَا أَفْسَدَ أَكْثَرُ مِمَّا یُصْلِحُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ أَعْطَی عَدُوَّهُ مُنَاهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ هَجَرَ الْمُدَارَاةَ قَارَنَهُ الْمَكْرُوهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفِ الْمَوَارِدَ أَعْیَتْهُ الْمَصَادِرُ وَ مَنِ انْقَادَ إِلَی الطُّمَأْنِینَةِ قَبْلَ الْخِبْرَةِ فَقَدْ عَرَضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَكَةِ وَ لِلْعَاقِبَةِ الْمُتْعِبَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: قَدْ عَادَاكَ مَنْ سَتَرَ عَنْكَ الرُّشْدَ اتِّبَاعاً لِمَا تَهْوَاهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: رَاكِبُ الشَّهَوَاتِ لَا تُقَالُ عَثْرَتُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الثِّقَةُ بِاللَّهِ تَعَالَی ثَمَنٌ لِكُلِّ غَالٍ وَ سُلَّمٌ إِلَی كُلِّ عَالٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الشَّرِیرِ فَإِنَّهُ كَالسَّیْفِ یَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَ یَقْبُحُ أَثَرُهُ.

ص: 364


1- 1. اتئد فی أمرك- من باب الافتعال- أی تثبت. و التؤدة: الرزانة. و كاد یفعل و كید ای قارب.
2- 2. السیف المسلول هو الذی اخرج من غمده و بالفارسیة شمشیر كشیده شده.
3- 3. مخطوط.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَوَائِجُ تُطْلَبُ بِالرَّجَاءِ وَ هِیَ تَنْزِلُ بِالْقَضَاءِ وَ الْعَافِیَةُ أَحْسَنُ عَطَاءٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ ضَاقَ الْفَضَاءُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُعَادِی أَحَداً حَتَّی تَعْرِفَ الَّذِی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَی فَإِنْ كَانَ مُحْسِناً فَإِنَّهُ لَا یُسْلِمُهُ إِلَیْكَ وَ إِنْ كَانَ مُسِیئاً فَإِنَّ عِلْمَكَ بِهِ یَكْفِیكَهُ فَلَا تُعَادِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَكُنْ وَلِیّاً لِلَّهِ فِی الْعَلَانِیَةِ عَدُوّاً لَهُ فِی السِّرِّ.

وَ قَالَ علیه السلام: التَّحَفُّظُ عَلَی قَدْرِ الْخَوْفِ.

وَ قَالَ علیه السلام: عِزُّ الْمُؤْمِنِ فِی غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ.

وَ قَالَ علیه السلام: نِعْمَةٌ لَا تُشْكَرُ كَسَیِّئَةٍ لَا تُغْفَرُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَضُرُّكَ سَخَطُ مَنْ رِضَاهُ الْجَوْرُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَمْ یَرْضَ مِنْ أَخِیهِ بِحُسْنِ النِّیَّةِ لَمْ یَرْضَ مِنْهُ بِالْعَطِیَّةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْأَیَّامُ تَهْتِكُ لَكَ الْأَمْرَ عَنِ الْأَسْرَارِ الْكَامِنَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: [لَا] تَعْرِفُ عَنِ الشَّیْ ءِ إِذَا صَنَعْتَهُ لِقِلَّةِ صُحْبَتِهِ إِذَا أُعْطِیتَهُ (1).

باب 28 مواعظ أبی الحسن الثالث علیه السلام و حكمه

«1»- ف (2)،[تحف العقول] قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام: الشَّاكِرُ أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِی أَوْجَبْتِ الشُّكْرَ لِأَنَّ النِّعَمَ مَتَاعٌ وَ الشُّكْرَ نِعَمٌ وَ عُقْبَی.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّنْیَا دَارَ بَلْوَی وَ الْآخِرَةَ دَارَ عُقْبَی وَ جَعَلَ بَلْوَی الدُّنْیَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ سَبَباً وَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ مِنْ بَلْوَی الدُّنْیَا عِوَضاً.

«3»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الظَّالِمَ الْحَالِمَ یَكَادُ أَنْ یُعْفَی عَلَی ظُلْمِهِ بِحِلْمِهِ وَ إِنَّ الْمُحِقَّ السَّفِیهَ یَكَادُ أَنْ یُطْفِئَ نُورَ حَقِّهِ بِسَفَهِهِ.

«4»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ جَمَعَ لَكَ وُدَّهُ وَ رَأْیَهُ فَاجْمَعْ لَهُ طَاعَتَكَ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ هَانَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ فَلَا تَأْمَنْ شَرَّهُ.

ص: 365


1- 1. كذا. و فی بعض النسخ« لا تعرف».
2- 2. التحف ص 483.

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا سُوقٌ رَبِحَ فِیهَا قَوْمٌ وَ خَسِرَ آخَرُونَ.

«2»- كشف (1)،[كشف الغمة] مِنْ دَلَائِلِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ فَتْحِ بْنِ یَزِیدَ الْجُرْجَانِیِّ قَالَ: ضَمَّنِی وَ أَبَا الْحَسَنِ طَرِیقُ مُنْصَرَفِی مِنْ مَكَّةَ إِلَی خُرَاسَانَ وَ هُوَ سَائِرٌ إِلَی الْعِرَاقِ فَسَمِعْتُهُ وَ هُوَ یَقُولُ مَنِ اتَّقَی اللَّهَ یُتَّقَی وَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ یُطَاعُ قَالَ فَتَلَطَّفْتُ إِلَی الْوُصُولِ إِلَیْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ وَ أَمَرَنِی بِالْجُلُوسِ وَ أَوَّلُ مَا ابْتَدَأَنِی بِهِ أَنْ قَالَ یَا فَتْحُ مَنْ أَطَاعَ الْخَالِقَ لَمْ یُبَالِ بِسَخَطِ الْمَخْلُوقِ وَ مَنْ أَسْخَطَ الْخَالِقَ فَأَیْقَنَ أَنْ یُحِلَّ بِهِ الْخَالِقُ سَخَطَ الْمَخْلُوقِ وَ إِنَّ الْخَالِقَ لَا یُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَ أَنَّی یُوصَفُ الْخَالِقُ الَّذِی تَعْجِزُ الْحَوَاسُّ أَنْ تُدْرِكَهُ وَ الْأَوْهَامُ أَنْ تَنَالَهُ وَ الْخَطَرَاتُ أَنْ تَحُدَّهُ وَ الْأَبْصَارُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ جَلَّ عَمَّا یَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ وَ تَعَالَی عَمَّا یَنْعَتُهُ النَّاعِتُونَ نَأَی فِی قُرْبِهِ وَ قَرُبَ فِی نَأْیِهِ فَهُوَ فِی نَأْیِهِ قَرِیبٌ وَ فِی قُرْبِهِ بَعِیدٌ كَیَّفَ الْكَیْفَ فَلَا یُقَالُ كَیْفَ وَ أَیَّنَ الْأَیْنَ فَلَا یُقَالُ أَیْنَ إِذْ هُوَ مُنْقَطِعُ الْكَیْفِیَّةِ وَ الْأَیْنِیَّةِ هُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ- لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فَجَلَّ جَلَالُهُ أَمْ كَیْفَ یُوصَفُ بِكُنْهِهِ- مُحَمَّدٌ وَ قَدْ قَرَنَهُ الْجَلِیلُ بِاسْمِهِ وَ شَرِكَهُ فِی عَطَائِهِ وَ أَوْجَبَ لِمَنْ أَطَاعَهُ جَزَاءَ طَاعَتِهِ إِذْ یَقُولُ- وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (2)

وَ قَالَ یَحْكِی قَوْلَ مَنْ تَرَكَ طَاعَتَهُ وَ هُوَ یُعَذِّبُهُ بَیْنَ أَطْبَاقِ نِیرَانِهَا وَ سَرَابِیلِ قَطِرَانِهَا- یا لَیْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا(3) أَمْ كَیْفَ یُوصَفُ بِكُنْهِهِ مَنْ قَرَنَ الْجَلِیلُ طَاعَتَهُمْ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ حَیْثُ قَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4) وَ قَالَ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ (5) وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها(6) وَ قَالَ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

ص: 366


1- 1. كشف الغمّة ج 3 ص 176.
2- 2. التوبة: 75.
3- 3. الأحزاب: 66.
4- 4. النساء: 59.
5- 5. النساء. 83 بدون ما بین القوسین.
6- 6. النساء: 58.

إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (1)

یَا فَتْحُ كَمَا لَا یُوصَفُ الْجَلِیلُ جَلَّ جَلَالُهُ وَ الرَّسُولُ وَ الْخَلِیلُ وَ وَلَدُ الْبَتُولِ فَكَذَلِكَ لَا یُوصَفُ الْمُؤْمِنُ الْمُسَلِّمُ لِأَمْرِنَا فَنَبِیُّنَا أَفْضَلُ الْأَنْبِیَاءِ وَ خَلِیلُنَا أَفْضَلُ الْأَخِلَّاءِ وَ وَصِیُّهُ أَكْرَمُ الْأَوْصِیَاءِ اسْمُهُمَا أَفْضَلُ الْأَسْمَاءِ وَ كُنْیَتُهُمَا(2) أَفْضَلُ الْكُنَی وَ أَحْلَاهَا لَوْ لَمْ یُجَالِسْنَا إِلَّا كُفْوٌ لَمْ یُجَالِسْنَا أَحَدٌ وَ لَوْ لَمْ یُزَوِّجْنَا إِلَّا كُفْوٌ لَمْ یُزَوِّجْنَا أَحَدٌ أَشَدُّ النَّاسِ تَوَاضُعاً أَعْظَمُهُمْ حِلْماً وَ أَنْدَاهُمْ كَفّاً وَ أَمْنَعُهُمْ كَنَفاً وَرِثَ عَنْهُمَا أَوْصِیَاؤُهُمَا عِلْمَهُمَا فَارْدُدْ إِلَیْهِمَا الْأَمْرَ وَ سَلِّمْ إِلَیْهِمْ أَمَاتَكَ اللَّهُ مَمَاتَهُمْ وَ أَحْیَاكَ حَیَاتَهُمْ إِذَا شِئْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ فَتْحٌ فَخَرَجْتُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَلَطَّفْتُ فِی الْوُصُولِ إِلَیْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی مَسْأَلَةٍ اخْتَلَجَ فِی صَدْرِی أَمْرُهَا لَیْلَتِی قَالَ سَلْ وَ إِنْ شَرَحْتُهَا فَلِی وَ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَلِی فَصَحِّحْ نَظَرَكَ وَ تَثْبُتُ فِی مَسْأَلَتِكِ وَ أَصْغِ إِلَی جَوَابِهَا سَمْعَكَ وَ لَا تَسْأَلْ مَسْأَلَةً تَعَنَّتَّ وَ اعْتَنِ بِمَا تَعْتَنِی بِهِ فَإِنَّ الْعَالِمَ وَ الْمُتَعَلِّمَ شَرِیكَانِ فِی الرُّشْدِ مَأْمُورَانِ بِالنَّصِیحَةِ مَنْهِیَّانِ عَنِ الْغِشِّ وَ أَمَّا الَّذِی اخْتَلَجَ فِی صَدْرِكَ لَیْلَتَكَ فَإِنْ شَاءَ الْعَالِمُ أَنْبَأَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُظْهِرْ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ فَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَ الرَّسُولِ كَانَ عِنْدَ الْعَالِمِ وَ كُلُّ مَا اطَّلَعَ عَلَیْهِ الرَّسُولُ فَقَدِ اطَّلَعَ أَوْصِیَاؤُهُ عَلَیْهِ كَیْلَا تَخْلُوَ أَرْضُهُ مِنْ حُجَّةٍ یَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ یَدُلُّ عَلَی صِدْقِ مَقَالَتِهِ وَ جَوَازِ عَدَالَتِهِ یَا فَتْحُ عَسَی الشَّیْطَانُ أَرَادَ اللَّبْسَ عَلَیْكَ فَأَوْهَمَكَ فِی بَعْضِ مَا أَوْدَعْتُكَ وَ شَكَّكَكَ فِی بَعْضِ مَا أَنْبَأْتُكَ حَتَّی أَرَادَ إِزَالَتَكَ عَنْ طَرِیقِ اللَّهِ وَ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِیمِ فَقُلْتَ مَنْ أَیْقَنْتُ أَنَّهُمْ كَذَا فَهُمْ أَرْبَابٌ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ مَرْبُوبُونَ مُطِیعُونَ لِلَّهِ دَاخِرُونَ رَاغِبُونَ فَإِذَا جَاءَكَ الشَّیْطَانُ مِنْ قِبَلِ مَا جَاءَكَ فَاقْمَعْهُ بِمَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ- فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَرَّجْتَ عَنِّی وَ كَشَفْتَ مَا لَبَّسَ الْمَلْعُونُ عَلَیَّ بِشَرْحِكَ فَقَدْ كَانَ أَوْقَعَ

ص: 367


1- 1. الأنبیاء: 7.
2- 2. أی النبیّ و الوصی.

بِخَلَدِی (1)

أَنَّكُمْ أَرْبَابٌ- قَالَ فَسَجَدَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ- رَاغِماً لَكَ یَا خَالِقِی دَاخِراً خَاضِعاً قَالَ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی ذَهَبَ لَیْلِی ثُمَّ قَالَ یَا فَتْحُ كِدْتَ أَنْ تَهْلِكَ وَ تُهْلِكَ وَ مَا ضَرَّ عِیسَی إِذَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ فَاذْهَبْ إِذَا شِئْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ فَخَرَجْتُ وَ أَنَا فَرِحٌ بِمَا كَشَفَ اللَّهُ عَنِّی مِنَ اللَّبْسِ بِأَنَّهُمْ هُمْ وَ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَی مَا قَدَرْتُ عَلَیْهِ فَلَمَّا كَانَ فِی الْمَنْزِلِ الْآخَرِ دَخَلْتُ عَلَیْهِ وَ هُوَ مُتَّكٍ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ حِنْطَةٌ مَقْلُوَّةٌ(2) یَعْبَثُ بِهَا وَ قَدْ كَانَ أَوْقَعَ الشَّیْطَانُ فِی خَلَدِی أَنَّهُ لَا یَنْبَغِی أَنْ یَأْكُلُوا وَ یَشْرَبُوا إِذْ كَانَ ذَلِكَ آفَةً وَ الْإِمَامُ غَیْرُ مَئُوفٍ- فَقَالَ اجْلِسْ یَا فَتْحُ فَإِنَّ لَنَا بِالرُّسُلِ أُسْوَةً كَانُوا یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ یَمْشُونَ فِی الْأَسْواقِ وَ كُلُّ جِسْمٍ مَغْذُوٌّ بِهَذَا إِلَّا الْخَالِقَ الرَّازِقَ لِأَنَّهُ جَسَّمَ الْأَجْسَامَ وَ هُوَ لَمْ یُجَسَّمْ وَ لَمْ یُجَزَّأْ بِتَنَاهٍ وَ لَمْ یَتَزَایَدْ وَ لَمْ یَتَنَاقَصْ مُبَرَّأٌ مِنْ ذَاتِهِ مَا رُكِّبَ فِی ذَاتِ مَنْ جَسَّمَهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِی لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ مُنْشِئُ الْأَشْیَاءِ مُجَسِّمُ الْأَجْسَامِ- وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ الرَّءُوفُ الرَّحِیمُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَمَّا یَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِیراً لَوْ كَانَ كَمَا یُوصَفُ لَمْ یُعْرَفِ الرَّبُّ

مِنَ الْمَرْبُوبِ وَ لَا الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ وَ لَا الْمُنْشِئُ مِنَ الْمُنْشَإِ وَ لَكِنَّهُ فَرَّقَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَنْ جَسَّمَهُ وَ شَیَّأَ الْأَشْیَاءَ إِذْ كَانَ لَا یُشْبِهُهُ شَیْ ءٌ یُرَی وَ لَا یُشْبِهُ شَیْئاً.

«3»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(3)، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُونَ عَلَیْهِ الْغِنَی قِلَّةُ تَمَنِّیكَ وَ الرِّضَا بِمَا یَكْفِیكَ وَ الْفَقْرُ شِرَّةُ النَّفْسِ وَ شِدَّةُ الْقُنُوطِ وَ الرَّاكِبُ الْحَرُونِ أَسِیرُ نَفْسِهِ (4) وَ الْجَاهِلُ أَسِیرُ لِسَانِهِ النَّاسُ فِی الدُّنْیَا بِالْأَمْوَالِ وَ فِی الْآخِرَةِ بِالْأَعْمَالِ.

ص: 368


1- 1. الخلد- بالتحریك-: الضمیر و الباطن.
2- 2. قلی اللحم و غیره: أنضجه فی المقلی. شاید مراد گندم بریان باشد.
3- 3. مخطوط.
4- 4. الحرون الشموس معرب چموش.

وَ قَالَ علیه السلام لِشَخْصٍ وَ قَدْ أَكْثَرَ مِنْ إِفْرَاطِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَقْبِلْ عَلَی مَا شَأْنُكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَلَقِ یَهْجُمُ عَلَی الظِّنَّةِ وَ إِذَا حَلَلْتَ مِنْ أَخِیكَ فِی مَحَلِّ الثِّقَةِ فَاعْدِلْ عَنِ الْمَلَقِ إِلَی حُسْنِ النِّیَّةِ الْمُصِیبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ الْعُقُوقُ ثُكْلُ مَنْ لَمْ یَثْكَلْ الْحَسَدُ مَاحِی الْحَسَنَاتِ وَ الدَّهْرُ جَالِبُ الْمَقْتِ وَ الْعُجْبُ صَارِفٌ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ دَاعٍ إِلَی الغَمْطِ(1) وَ الْجَهْلِ وَ الْبُخْلُ أَذَمُّ الْأَخْلَاقِ وَ الطَّمَعُ سَجِیَّةُ سَیِّئَةٌ وَ الْهَزْءُ فُكَاهَةُ السُّفَهَاءِ وَ صِنَاعَةُ الْجُهَّالِ وَ الْعُقُوقُ یُعْقِبُ الْقِلَّةَ وَ تُؤَدِّی إِلَی الذِّلَّةِ.

«4»- أَعْلَامُ الدِّینِ (2)، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُونَ عَلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَقَادِیرُ تُرِیكَ مَا لَمْ یَخْطُرْ بِبَالِكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَقْبَلَ مَعَ ... وَلِیَ مَعَ انْقِضَائِهِ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: رَاكِبُ الْحَرُونِ أَسِیرُ نَفْسِهِ وَ الْجَاهِلُ أَسِیرُ لِسَانِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ فِی الدُّنْیَا بِالْأَمْوَالِ وَ فِی الْآخِرَةِ بِالْأَعْمَالِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمِرَاءُ یُفْسِدُ الصَّدَاقَةَ الْقَدِیمَةَ وَ یُحَلِّلُ الْعُقْدَةَ الْوَثِیقَةَ وَ أَقَلُّ مَا فِیهِ أَنْ تَكُونَ فِیهِ الْمُغَالَبَةُ وَ الْمُغَالَبَةُ أُسُّ أَسْبَابِ الْقَطِیعَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْعِتَابُ مِفْتَاحُ الثِّقَالِ وَ الْعِتَابُ خَیْرٌ مِنَ الْحِقْدِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمُصِیبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ.

وَ قَالَ یَحْیَی بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ لِرَجُلٍ ذَمَّ إِلَیْهِ وَلَداً لَهُ فَقَالَ الْعُقُوقُ ثُكْلُ مَنْ لَمْ یَثْكَلْ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْهَزْلُ فُكَاهَةُ السُّفَهَاءِ وَ صِنَاعَةُ الْجُهَّالِ.

وَ قَالَ علیه السلام فِی بَعْضِ مَوَاعِظِهِ: السَّهَرُ أَلَذُّ لِلْمَنَامِ وَ الْجُوعُ یَزِیدُ فِی طِیبِ الطَّعَامِ یُرِیدُ بِهِ الْحَثَّ عَلَی قِیَامِ اللَّیْلِ وَ صِیَامِ النَّهَارِ.

ص: 369


1- 1. الغمط: احتقار الناس.
2- 2. مخطوط.
3- 3. فیه سقط.

وَ قَالَ علیه السلام: اذْكُرْ مَصْرَعَكَ بَیْنَ یَدَیْ أَهْلِكَ وَ لَا طَبِیبَ یَمْنَعُكَ وَ لَا حَبِیبَ یَنْفَعُكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: اذْكُرْ حَسَرَاتِ التَّفْرِیطِ بِأَخْذِ تَقْدِیمِ الْحَزْمِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْغَضَبُ عَلَی مَنْ تَمْلِكُ لُؤْمٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحِكْمَةُ لَا تَنْجَعُ فِی الطِّبَاعِ الْفَاسِدَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: خَیْرٌ مِنَ الْخَیْرِ فَاعِلُهُ وَ أَجْمَلُ مِنَ الْجَمِیلِ قَائِلُهُ وَ أَرْجَحُ مِنَ الْعِلْمِ حَامِلُهُ وَ شَرٌّ مِنَ الشَّرِّ جَالِبُهُ وَ أَهْوَلُ مِنَ الْهَوْلِ رَاكِبُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ یَبِینُ فِیكَ وَ لَا یَعْمَلُ فِی عَدُوِّكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْعَدْلُ فِیهِ أَغْلَبُ مِنَ الْجَوْرِ فَحَرَامٌ أَنْ یَظُنَّ بِأَحَدٍ سُوءاً حَتَّی یَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ وَ إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْجَوْرُ أَغْلَبُ فِیهِ مِنَ الْعَدْلِ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یَظُنَّ بِأَحَدٍ خَیْراً مَا لَمْ یَعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ.

وَ قَالَ علیه السلام لِلْمُتَوَكِّلِ فِی جَوَابِ كَلَامٍ دَارَ بَیْنَهُمَا- لَا تَطْلُبِ الصَّفَا مِمَّنْ كَدَرْتَ عَلَیْهِ وَ لَا الْوَفَاءَ لِمَنْ غَدَرْتَ وَ لَا النُّصْحَ مِمَّنْ صَرَفْتَ سُوءَ ظَنِّكَ إِلَیْهِ فَإِنَّمَا قَلْبُ غَیْرِكَ كَقَلْبِكَ لَهُ وَ قَالَ لَهُ وَ قَدْ سَأَلَهُ عَنِ الْعَبَّاسِ (1) مَا تَقُولُ بَنُو أَبِیكَ فِیهِ فَقَالَ مَا یَقُولُونَ فِی رَجُلٍ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَی الْخَلْقِ وَ فَرَضَ طَاعَةَ الْعَبَّاسِ عَلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْقَوُا النِّعَمَ بِحُسْنِ مُجَاوَرَتِهَا وَ الْتَمِسُوا الزِّیَادَةَ فِیهَا بِالشُّكْرِ عَلَیْهَا وَ اعْلَمُوا أَنَّ النَّفْسَ أَقْبَلُ شَیْ ءٍ لِمَا أُعْطِیَتْ وَ أَمْنَعُ شَیْ ءٍ لِمَا مُنِعَتْ.

باب 29 مواعظ أبی محمد العسكری علیه السلام و كتبه إلی أصحابه

«1»- ف (2)،[تحف العقول] قَالَ علیه السلام: لَا تُمَارِ فَیَذْهَبَ بَهَاؤُكَ وَ لَا تُمَازِحْ فَیُجْتَرَأَ عَلَیْكَ.

ص: 370


1- 1. یعنی عبّاس بن عبد المطلب.
2- 2. التحف ص 486.

«2»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ بِدُونِ الشَّرَفِ مِنَ الْمَجْلِسِ لَمْ یَزَلِ اللَّهُ وَ مَلَائِكَتُهُ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ حَتَّی یَقُومَ.

«3»- وَ كَتَبَ علیه السلام: إِلَی رَجُلٍ سَأَلَهُ دَلِیلًا مَنْ سَأَلَ آیَةً أَوْ بُرْهَاناً فَأُعْطِیَ مَا سَأَلَ ثُمَّ رَجَعَ عَمَّنْ طَلَبَ مِنْهُ الْآیَةَ عُذِّبَ ضِعْفَ الْعَذَابِ وَ مَنْ صَبَرَ أُعْطِیَ التَّأْیِیدَ مِنَ اللَّهِ وَ النَّاسُ مَجْبُولُونَ عَلَی حِیلَةِ إِیثَارِ الْكُتُبِ الْمُنَشَّرَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّدَادَ(1) فَإِنَّمَا هُوَ التَّسْلِیمُ أَوِ الْعَطَبُ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.

«4»- وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بَعْضُ شِیعَتِهِ یُعَرِّفُهُ اخْتِلَافَ الشِّیعَةِ فَكَتَبَ علیه السلام إِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ الْعَاقِلَ وَ النَّاسُ فِیَّ عَلَی طَبَقَاتٍ الْمُسْتَبْصِرُ عَلَی سَبِیلِ نَجَاةٍ مُتَمَسِّكٌ بِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِفَرْعِ الْأَصْلِ غَیْرُ شَاكٍّ وَ لَا مُرْتَابٍ لَا یَجِدُ عَنِّی مَلْجَأً وَ طَبَقَةٌ لَمْ تَأْخُذِ الْحَقَّ مِنْ أَهْلِهِ فَهُمْ كَرَاكِبِ الْبَحْرِ یَمُوجُ عِنْدَ مَوْجِهِ وَ یَسْكُنُ عِنْدَ سُكُونِهِ وَ طَبَقَةٌ اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ شَأْنُهُمُ الرَّدُّ عَلَی أَهْلِ الْحَقِّ وَ دَفْعُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ فَدَعْ مَنْ ذَهَبَ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَإِنَّ الرَّاعِیَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَجْمَعَ غَنَمَهُ جَمَعَهَا بِأَهْوَنِ سَعْیٍ وَ إِیَّاكَ وَ الْإِذَاعَةَ وَ طَلَبَ الرِّئَاسَةِ فَإِنَّهُمَا یَدْعُوَانِ إِلَی الْهَلَكَةِ.

«5»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی لَا تُغْفَرُ لَیْتَنِی لَا أُؤَاخَذُ إِلَّا بِهَذَا(2).

ثُمَّ قَالَ علیه السلام: الْإِشْرَاكُ فِی النَّاسِ أَخْفَی مِنْ دَبِیبِ النَّمْلِ عَلَی الْمِسْحِ الْأَسْوَدِ فِی اللَّیْلَةِ الْمُظْلِمَةِ(3).

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- أَقْرَبُ إِلَی اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مِنْ سَوَادِ الْعَیْنِ إِلَی بَیَاضِهَا

ص: 371


1- 1. أی من عادة الناس أن یكتبوا كتبا مزورة و ینتشرونها. و العطب: الهلاك.
2- 2. أی قول الرجل المذنب ذلك إذا قیل له: لا تعص.
3- 3. المسح- بالكسر-: البلاس و التقید بالاسود تأكید فی اخفائه و عدم رؤیته بخلاف ما إذا كان غیر الأسود لانه ربما یمكن أن یراه إذا كان أبیضا.

«7»- وَ خَرَجَ فِی بَعْضِ تَوْقِیعَاتِهِ علیه السلام عِنْدَ اخْتِلَافِ قَوْمٍ مِنْ شِیعَتِهِ فِی أَمْرِهِ مَا مُنِیَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِی بِمِثْلِ مَا مُنِیتُ بِهِ مِنْ شَكِّ هَذِهِ الْعِصَابَةِ فِیَّ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ أَمْراً اعْتَقَدَتْمُوُهُ وَ دِنْتُمْ بِهِ إِلَی وَقْتٍ ثُمَّ یَنْقَطِعُ فَلِلشَّكِّ مَوْضِعٌ وَ إِنْ كَانَ مُتَّصِلًا مَا اتَّصَلَتْ أُمُورُ اللَّهِ فَمَا مَعْنَی هَذَا الشَّكِّ.

«8»- وَ قَالَ علیه السلام: حُبُّ الْأَبْرَارِ لِلْأَبْرَارِ ثَوَابٌ لِلْأَبْرَارِ وَ حُبُّ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ فَضِیلَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ زَیْنٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْأَبْرَارِ لِلْفُجَّارِ خِزْیٌ عَلَی الْفُجَّارِ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ التَّوَاضُعِ السَّلَامُ عَلَی كُلِّ مَنْ تَمُرُّ بِهِ وَ الْجُلُوسُ دُونَ شَرَفِ الْمَجْلِسِ.

«10»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْجَهْلِ الضَّحِكُ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ.

«11»- وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْفَوَاقِرِ الَّتِی تَقْصِمُ الظَّهْرَ(1) جَارٌ إِنْ رَأَی حَسَنَةً أَخْفَاهَا وَ إِنْ رَأَی سَیِّئَةً أَفْشَاهَا.

«12»- وَ قَالَ علیه السلام لِشِیعَتِهِ: أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ فِی دِینِكُمْ وَ الِاجْتِهَادِ لِلَّهِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَ طُولِ السُّجُودِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ فَبِهَذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله صَلُّوا فِی عَشَائِرِهِمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ (2)

وَ أَدُّوا حُقُوقَهُمْ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إِذَا وَرِعَ فِی دِینِهِ وَ صَدَقَ فِی حَدِیثِهِ وَ أَدَّی الْأَمَانَةَ وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ النَّاسِ قِیلَ هَذَا شِیعِیٌّ فَیَسُرُّنِی ذَلِكَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا زَیْناً وَ لَا تَكُونُوا شَیْناً جَرُّوا إِلَیْنَا كُلَّ مَوَدَّةٍ وَ ادْفَعُوا عَنَّا كُلَّ قَبِیحٍ فَإِنَّهُ مَا قِیلَ فِینَا مِنْ حُسْنٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ مَا قِیلَ فِینَا مِنْ سُوءٍ فَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ لَنَا حَقٌّ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَطْهِیرٌ مِنَ اللَّهِ لَا یَدَّعِیهِ أَحَدٌ غَیْرُنَا إِلَّا كَذَّابٌ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ وَ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ احْفَظُوا مَا

ص: 372


1- 1. الفواقر: جمع فاقرة أی الداعیة العظیمة فكأنها تكسر فقر الظهر.
2- 2. الضمیر یرجع الی المخالفین أو مطلق الناس. و فی المصدر كلها بضمیر الخطاب.

وَصَّیْتُكُمْ بِهِ وَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ.

«13»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَتِ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصِّیَامِ وَ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِی أَمْرِ اللَّهِ.

«14»- وَ قَالَ علیه السلام: بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ یَكُونُ ذَا وَجْهَیْنِ وَ ذَا لِسَانَیْنِ یُطْرِی أَخَاهُ شَاهِداً(1)

وَ یَأْكُلُهُ غَائِباً إِنْ أُعْطِیَ حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِیَ خَانَهُ (2).

«15»- وَ قَالَ علیه السلام: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ.

«16»- وَ قَالَ علیه السلام لِشِیعَتِهِ فِی سَنَةِ سِتِّینَ وَ مِائَتَیْنِ أَمَرْنَاكُمْ بِالتَّخَتُّمِ فِی الْیَمِینِ وَ نَحْنُ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ (3) وَ الْآنَ نَأْمُرُكُمْ بِالتَّخَتُّمِ فِی الشِّمَالِ لِغَیْبَتِنَا عَنْكُمْ إِلَی أَنْ یُظْهِرَ اللَّهُ أَمْرَنَا وَ أَمْرَكُمْ فَإِنَّهُ مِنْ أَدَلِّ دَلِیلٍ عَلَیْكُمْ فِی وَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَخَلَعُوا خَوَاتِیمَهُمْ مِنْ أَیْمَانِهِمْ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ لَبِسُوهَا فِی شَمَائِلِهِمْ وَ قَالَ علیه السلام لَهُمْ حَدِّثُوا بِهَذَا شِیعَتَنَا.

«17»- وَ قَالَ علیه السلام: أَقَلُّ النَّاسِ رَاحَةً الْحَقُودُ(4).

«18»- وَ قَالَ علیه السلام: أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ عَلَی الْفَرَائِضِ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ.

«19»- وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّكُمْ فِی آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَیَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَ الْمَوْتُ یَأْتِی بَغْتَةً مَنْ یَزْرَعْ خَیْراً یَحْصُدْ غِبْطَةً وَ مَنْ یَزْرَعْ شَرّاً یَحْصُدْ نَدَامَةً لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ- لَا یُسْبَقُ بَطِی ءٌ بِحَظِّهِ وَ لَا یُدْرِكُ حَرِیصٌ مَا لَمْ یُقَدَّرْ لَهُ مَنْ أُعْطِیَ خَیْراً فَاللَّهُ أَعْطَاهُ وَ مَنْ وُقِیَ شَرّاً فَاللَّهُ وَقَاهُ.

ص: 373


1- 1. أطرا فلانا: أحسن الثناء علیه و بالغ فی مدحه.
2- 2. فی بعض النسخ« خذله».
3- 3. أی بینكم و فی جماعتكم.
4- 4. الحقود: الكثیر الحقد.

«20»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ بَرَكَةٌ عَلَی الْمُؤْمِنِ وَ حُجَّةٌ عَلَی الْكَافِرِ.

«21»- وَ قَالَ علیه السلام: قَلْبُ الْأَحْمَقِ فِی فَمِهِ وَ فَمُ الْحَكِیمِ فِی قَلْبِهِ.

«22»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَشْغَلْكَ رِزْقٌ مَضْمُونٌ عَنْ عَمَلٍ مَفْرُوضٍ.

«23»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَعَدَّی فِی طَهُورِهِ كَانَ كَنَاقِضِهِ.

«24»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا تَرَكَ الْحَقَّ عَزِیزٌ إِلَّا ذَلَّ وَ لَا أَخَذَ بِهِ ذَلِیلٌ إِلَّا عَزَّ.

«25»- وَ قَالَ علیه السلام: صَدِیقُ الْجَاهِلِ تَعَبٌ.

«26»- وَ قَالَ علیه السلام: خَصْلَتَانِ لَیْسَ فَوْقَهُمَا شَیْ ءٌ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ نَفْعُ الْإِخْوَانِ.

«27»- وَ قَالَ علیه السلام: جُرْأَةُ الْوَلَدِ عَلَی وَالِدِهِ فِی صِغَرِهِ تَدْعُو إِلَی الْعُقُوقِ فِی كِبَرِهِ.

«28»- وَ قَالَ علیه السلام: لَیْسَ مِنَ الْأَدَبِ إِظْهَارُ الْفَرَحِ عِنْدَ الْمَحْزُونِ.

«29»- وَ قَالَ علیه السلام: خَیْرٌ مِنَ الْحَیَاةِ مَا إِذَا فَقَدْتَهُ بغضت [أَبْغَضْتَ] الْحَیَاةَ وَ شَرٌّ مِنَ الْمَوْتِ مَا إِذَا نَزَلَ بِكَ أَحْبَبْتَ الْمَوْتَ.

«30»- وَ قَالَ علیه السلام: رِیَاضَةُ الْجَاهِلِ وَ رَدُّ الْمُعْتَادِ عَنْ عَادَتِهِ كَالْمُعْجِزِ.

«31»- وَ قَالَ علیه السلام: التَّوَاضُعُ نِعْمَةٌ لَا یُحْسَدُ عَلَیْهَا.

«32»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا تُكْرِمِ الرَّجُلَ بِمَا یَشُقُّ عَلَیْهِ.

«33»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرّاً فَقَدْ زَانَهُ وَ مَنْ وَعَظَهُ عَلَانِیَةً فَقَدْ شَانَهُ.

«34»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ بَلِیَّةٍ إِلَّا وَ لِلَّهِ فِیهَا نِعْمَةٌ تُحِیطُ بِهَا.

«35»- وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ.

«2»- ف (1)،[تحف العقول]: كِتَابُهُ علیه السلام إِلَی إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ النَّیْسَابُورِیِّ سَتَرَنَا اللَّهُ (2) وَ إِیَّاكَ بِسِتْرِهِ وَ تَوَلَّاكَ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ بِصُنْعِهِ فَهِمْتُ كِتَابَكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ وَ نَحْنُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ نِعْمَتِهِ أَهْلُ بَیْتٍ نَرِقُّ عَلَی أَوْلِیَائِنَا وَ نُسَرُّ بِتَتَابُعِ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَیْهِمْ وَ فَضْلِهِ لَدَیْهِمْ وَ نَعْتَدُّ بِكُلِّ نِعْمَةٍ یُنْعِمُهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیْهِمْ فَأَتَمَّ اللَّهُ عَلَیْكَ یَا إِسْحَاقُ وَ عَلَی

ص: 374


1- 1. التحف ص 484.
2- 2. هو ثقة من أصحاب أبی محمّد العسكریّ علیه السلام و ممن كانت ترد علیهم التوقیعات أیضا.

مَنْ كَانَ مِثْلَكَ مِمَّنْ قَدْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ بَصَّرَهُ بَصِیرَتَكَ نِعْمَتَهُ وَ قَدَّرَ تَمَامَ نِعْمَتِهِ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَ لَیْسَ مِنْ نِعْمَةٍ وَ إِنْ جَلَّ أَمْرُهَا وَ عَظُمَ خَطَرُهَا إِلَّا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ عَلَیْهَا مُؤَدٍّ شُكْرَهَا وَ أَنَا أَقُولُ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ أَفْضَلَ مَا حَمِدَهُ حَامِدُهُ إِلَی أَبَدِ الْأَبَدِ بِمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَیْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ نَجَّاكَ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ سَهَّلَ سَبِیلَكَ عَلَی الْعَقَبَةِ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّهَا(2)

لَعَقَبَةٌ كَئُودٌ شَدِیدٌ أَمْرُهَا صَعْبٌ مَسْلَكُهَا عَظِیمٌ بَلَاؤُهَا قَدِیمٌ فِی الزُّبُرِ الْأُولَی ذِكْرُهَا وَ لَقَدْ كَانَتْ مِنْكُمْ فِی أَیَّامِ الْمَاضِی علیه السلام إِلَی أَنْ مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ فِی أَیَّامِی هَذِهِ أُمُورٌ كُنْتُمْ فِیهَا عِنْدِی غَیْرَ مَحْمُودِی الرَّأْیِ وَ لَا مُسَدَّدِی التَّوْفِیقِ فَاعْلَمْ یَقِیناً یَا إِسْحَاقُ أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا أَعْمَی- فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا یَا إِسْحَاقُ (3) لَیْسَ تَعْمَی الْأَبْصَارُ- وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ حِكَایَةً عَنِ الظَّالِمِ إِذْ یَقُولُ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِی أَعْمی وَ قَدْ كُنْتُ بَصِیراً- قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آیاتُنا فَنَسِیتَها وَ كَذلِكَ الْیَوْمَ تُنْسی (4) وَ أَیُّ آیَةٍ أَعْظَمُ مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ أَمِینِهِ فِی بِلَادِهِ وَ شَهِیدِهِ عَلَی عِبَادِهِ مِنْ بَعْدِ مَنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِهِ الْأَوَّلِینَ النَّبِیِّینَ وَ آبَائِهِ الْآخِرِینَ الْوَصِیِّینَ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَأَیْنَ یُتَاهُ بِكُمْ (5) وَ أَیْنَ تَذْهَبُونَ كَالْأَنْعَامِ عَلَی وُجُوهِكُمْ عَنِ الْحَقِّ تَصْدِفُونَ وَ بِالْبَاطِلِ تُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَكْفُرُونَ أَوْ تَكُونُونَ مِمَّنْ یُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَ یَكْفُرُ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ یَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ وَ مِنْ غَیْرِكُمْ إِلَّا خِزْیٌ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ طُولُ عَذَابٍ فِی الْآخِرَةِ الْبَاقِیَةِ وَ ذلِكَ وَ اللَّهِ الْخِزْیُ الْعَظِیمُ إِنَّ اللَّهَ بِمَنِّهِ وَ رَحْمَتِهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَیْكُمُ الْفَرَائِضَ لَمْ یَفْرِضْ ذَلِكَ عَلَیْكُمْ لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْكُمْ

ص: 375


1- 1. فی بعض النسخ« فأنا أقول».
2- 2. فی بعض النسخ« و انها أیم اللّٰه».
3- 3. فی بعض النسخ« یا ابن إسماعیل».
4- 4. طه: 126.
5- 5. تاه یتیه: ضل و ذهب متحیرا.

بَلْ رَحْمَةً مِنْهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَیْكُمْ لِیَمِیزَ ... الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَ لِیَبْتَلِیَ ... ما فِی صُدُورِكُمْ وَ لِیُمَحِّصَ ما فِی قُلُوبِكُمْ لِتُسَابِقُوا إِلَی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لِتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُمْ فِی جَنَّتِهِ فَفَرَضَ عَلَیْكُمُ الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ وَ إِقَامَ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمَ وَ الْوَلَایَةَ وَ جَعَلَ لَكُمْ بَاباً تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ أَبْوَابَ الْفَرَائِضِ وَ مِفْتَاحاً إِلَی سَبِیلِهِ- لَوْ لَا مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَوْصِیَاءُ مِنْ وُلْدِهِ لَكُنْتُمْ حَیَارَی (1) كَالْبَهَائِمِ لَا تَعْرِفُونَ فَرْضاً مِنَ الْفَرَائِضِ وَ هَلْ تُدْخَلُ مَدِینَةٌ(2)

إِلَّا مِنْ بَابِهَا فَلَمَّا مَنَّ عَلَیْكُمْ بِإِقَامَةِ الْأَوْلِیَاءِ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِیناً(3) فَفَرَضَ عَلَیْكُمْ لِأَوْلِیَائِهِ حُقُوقاً أَمَرَكُمْ بِأَدَائِهَا لِیَحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءِ ظُهُورِكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَ أَمْوَالِكُمْ وَ مَآكِلِكُمْ وَ مَشَارِبِكُمْ قَالَ اللَّهُ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (4) وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ بَخِلَ فَإِنَّما یَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اللَّهُ الْغَنِیُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ- لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ لَقَدْ طَالَتِ الْمُخَاطَبَةُ فِیمَا هُوَ لَكُمْ وَ عَلَیْكُمْ وَ لَوْ لَا مَا یُحِبُّ اللَّهُ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ لَمَا رَأَیْتُمْ لِی خَطّاً وَ لَا سَمِعْتُمْ مِنِّی حَرْفاً مِنْ بَعْدِ مُضِیِّ الْمَاضِی علیه السلام وَ أَنْتُمْ فِی غَفْلَةٍ مِمَّا إِلَیْهِ مَعَادُكُمْ (5)

وَ مِنْ بَعْدِ إِقَامَتِی لَكُمْ إِبْرَاهِیمَ بْنَ عَبْدَةَ(6)

وَ كِتَابِیَ الَّذِی حَمَلَهُ إِلَیْكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی النَّیْسَابُورِیُّ- وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تُفَرِّطُوا فِی جَنْبِ اللَّهِ فَتَكُونُوا مِنَ الْخَاسِرِینَ فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِمَنْ رَغِبَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ لَمْ یَقْبَلْ مَوَاعِظَ أَوْلِیَائِهِ فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ طَاعَةِ أُولِی الْأَمْرِ رَحِمَ اللَّهُ ضَعْفَكُمْ وَ غَفْلَتَكُمْ وَ

ص: 376


1- 1. الحیاری- بالفتح و الضم-: جمع حیران.
2- 2. فی بعض النسخ« قریة».
3- 3. المائدة: 5.
4- 4. الشوری: 23.
5- 5. فی بعض النسخ« معاذكم».
6- 6. إبراهیم بن عبده و محمّد بن موسی النیسابوریّ كانا من أصحاب الهادی و العسكریّ علیهما السلام و روی الكشّیّ- ره- بعض توقیعات فی حقهما.

صَبَّرَكُمْ عَلَی أَمْرِكُمْ فَمَا أَغَرَّ الْإِنْسَانَ بِرَبِّهِ الْكَرِیمِ وَ لَوْ فَهِمَتِ الصُّمُّ الصِّلَابُ بَعْضَ مَا هُوَ فِی هَذَا الْكِتَابِ لَتَصَدَّعَتْ (1)

قَلَقاً وَ خَوْفاً مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ رُجُوعاً إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ- فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ ثُمَ سَتُرَدُّونَ إِلی عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (2)

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ.

كش (3)، [رجال الكشی]: حَكَی بَعْضُ الثِّقَاتِ بِنَیْسَابُورَ أَنَّهُ خَرَجَ لِإِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ مِنْ أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام تَوْقِیعٌ فَوَقَّعَ علیه السلام یَا إِسْحَاقَ بْنَ إِسْمَاعِیلَ سَتَرَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ بِسِتْرِهِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ مَعَ تَغْیِیرٍ وَ زِیَادَاتٍ أَوْرَدْتُهَا فِی أَبْوَابِ تَارِیخِهِ ع.

«3»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(4)، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام: إِنَّ لِلسَّخَاءِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَ لِلْحَزْمِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ جُبْنٌ وَ لِلِاقْتِصَادِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ بُخْلٌ وَ لِلشَّجَاعَةِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ تَهَوُّرٌ- كَفَاكَ أَدَباً تَجَنُّبُكَ مَا تَكْرَهُ مِنْ غَیْرِكَ احْذَرْ كُلَّ ذَكِیٍّ سَاكِنِ الطَّرْفِ وَ لَوْ عَقَلَ أَهْلُ الدُّنْیَا [حزبت] خَرَبَتْ خَیْرُ إِخْوَانِكَ مَنْ نَسِیَ ذَنْبَكَ إِلَیْهِ أَضْعَفُ الْأَعْدَاءِ كَیْداً مَنْ أَظْهَرَ عَدَاوَتَهُ- حُسْنُ الصُّورَةِ جَمَالٌ ظَاهِرٌ وَ حُسْنُ الْعَقْلِ جَمَالٌ بَاطِنٌ مِنْ أَنِسَ بِاللَّهِ اسْتَوْحَشَ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ یَتَّقِ وُجُوهَ النَّاسِ لَمْ یَتَّقِ اللَّهَ جُعِلَتِ الْخَبَائِثُ فِی بَیْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الْكَذِبَ إِذَا نَشِطَتِ الْقُلُوبُ فَأَوْدِعُوهَا وَ إِذَا نَفَرَتْ فَوَدِّعُوهَا اللَّحَاقُ بِمَنْ تَرْجُو خَیْرٌ مِنَ الْمُقَامِ مَعَ مَنْ لَا تَأْمَنُ شَرَّهُ مَنْ أَكْثَرَ الْمَنَامَ رَأَی الْأَحْلَامَ.

الظاهر أنه علیه السلام یعنی أن طلب الدنیا كالنوم و ما یصیر منها كالحلم.

وَ قَالَ علیه السلام: الْجَهْلُ خَصْمٌ وَ الْحِلْمُ حُكْمٌ وَ لَمْ یَعْرِفْ رَاحَةَ الْقَلْبِ مَنْ لَمْ یُجَرِّعْهُ

ص: 377


1- 1. فی بعض النسخ« لصدعت».
2- 2. اقتباس من الآیة الواردة فی سورة التوبة: 106.
3- 3. مختار رجال الكشّیّ ص 481.
4- 4. مخطوط.

الْحِلْمُ غُصَصَ الْغَیْظِ إِذَا كَانَ الْمَقْضِیُّ كَائِناً فَالضَّرَاعَةُ لِمَا ذَا نَائِلُ الْكَرِیمِ یُحَبِّبُكَ إِلَیْهِ وَ نَائِلُ اللَّئِیمِ یَضَعُكَ لَدَیْهِ مَنْ كَانَ الْوَرَعُ سَجِیَّتَهُ وَ الْإِفْضَالُ حِلْیَتَهُ انْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ تُحَصَّنُ بِالذِّكْرِ الْجَمِیلِ مِنْ وُصُولِ نَقْصٍ إِلَیْهِ.

وَ قَالَ بَعْضُ الثِّقَاتِ وَجَدْتُ بِخَطِّهِ علیه السلام مَكْتُوباً عَلَی ظَهْرِ كِتَابٍ-: قَدْ صَعِدْنَا ذُرَی الْحَقَائِقِ بِأَقْدَامِ النُّبُوَّةِ وَ الْوَلَایَةِ وَ نَوَّرْنَا السَّبْعَ الطَّرَائِقَ بِأَعْلَامِ الْفُتُوَّةِ فَنَحْنُ لُیُوثُ الْوَغَی وَ غُیُوثُ النَّدَی وَ فِینَا السَّیْفُ وَ الْقَلَمُ فِی الْعَاجِلِ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَ الْعَلَمُ فِی الْآجِلِ وَ أَسْبَاطُنَا خُلَفَاءُ الدِّینِ وَ حُلَفَاءُ الْیَقِینِ وَ مَصَابِیحُ الْأُمَمِ وَ مَفَاتِیحُ الْكَرَمِ فَالْكَلِیمُ أُلْبِسَ حُلَّةَ الِاصْطِفَاءِ لَمَّا عَهِدْنَا مِنْهُ الْوَفَاءَ وَ رُوحُ الْقُدُسِ فِی جِنَانِ الصَّاقُورَةِ ذَاقَ مِنْ حَدَائِقِنَا الْبَاكُورَةِ(1) وَ شِیعَتُنَا الْفِئَةُ النَّاجِیَةُ وَ الْفِرْقَةُ الزَّاكِیَةُ صَارُوا لَنَا رِدْءاً وَ صَوْناً وَ عَلَی الظَّلَمَةِ أَلْباً وَ عَوْناً وَ سَیَنْفَجِرُ لَهُمْ یَنَابِیعُ الْحَیَوَانِ بَعْدَ لَظَی النِّیرَانِ لِتَمَامِ الطَّوَاوِیَةِ وَ الطَّوَاسِینِ مِنَ السِّنِینَ.

أقول: هذه حكمة بالغة و نعمة سابغة تسمعها الآذان الصم و تقصر علیها الجبال الشم صلوات اللّٰه علیهم و سلامه.

«4»- أَعْلَامُ الدِّینِ (2)، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام: مَنْ مَدَحَ غَیْرَ الْمُسْتَحِقِّ فَقَدْ قَامَ مَقَامَ الْمُتَّهَمِ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا یَعْرِفُ النِّعْمَةَ إِلَّا الشَّاكِرُ وَ لَا یَشْكُرُ النِّعْمَةَ إِلَّا الْعَارِفُ.

وَ قَالَ علیه السلام: ادْفَعِ الْمَسْأَلَةَ مَا وَجَدْتَ التَّحَمُّلَ یُمْكِنُكَ فَإِنَّ لِكُلِّ یَوْمٍ رِزْقاً جَدِیداً وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِلْحَاحَ فِی الْمَطَالِبِ یَسْلُبُ الْبَهَاءَ وَ یُورِثُ التَّعَبَ وَ الْعَنَاءَ فَاصْبِرْ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ لَكَ بَاباً یَسْهُلُ الدُّخُولُ فِیهِ فَمَا أَقْرَبَ الصَّنِیعَ مِنَ الْمَلْهُوفِ وَ الْأَمْنَ مِنَ الْهَارِبِ الْمَخُوفِ فَرُبَّمَا كَانَتِ الْغِیَرُ نوع [نَوْعاً] مِنْ أَدَبِ اللَّهِ وَ الْحُظُوظُ مَرَاتِبُ

ص: 378


1- 1. كذا. و الصاقورة: السماء الثالثة. و باطن القحف المشرف علی الدماغ و المراد الأول. و الباكورة: أول ما یدرك من الفاكهة، و أول كل شی ء.
2- 2. مخطوط.

فَلَا تَعْجَلْ عَلَی ثَمَرَةٍ لَمْ تُدْرِكْ وَ إِنَّمَا تَنَالُهَا فِی أَوَانِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَبِّرَ لَكَ أَعْلَمُ بِالْوَقْتِ الَّذِی یَصْلُحُ حَالُكَ فِیهِ فَثِقْ بِخِیَرَتِهِ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ یَصْلُحْ حَالُكَ وَ لَا تَعْجَلْ بِحَوَائِجِكَ قَبْلَ وَقْتِهَا فَیَضِیقَ قَلْبُكَ وَ صَدْرُكَ وَ یَخْشَاكَ الْقُنُوطُ وَ اعْلَمْ أَنَّ لِلسَّخَاءِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَ إِنَّ لِلْحَزْمِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ تَهَوُّرٌ وَ احْذَرْ كُلَّ ذَكِیٍّ سَاكِنِ الطَّرْفِ وَ لَوْ عَقَلَ أَهْلُ الدُّنْیَا خَرِبَتْ.

وَ قَالَ علیه السلام: خَیْرُ إِخْوَانِكَ مَنْ نَسِیَ ذَنْبَكَ وَ ذَكَرَ إِحْسَانَكَ إِلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَضْعَفُ الْأَعْدَاءِ كَیْداً مَنْ أَظْهَرَ عَدَاوَتَهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: حُسْنُ الصُّورَةِ جَمَالٌ ظَاهِرٌ وَ حُسْنُ الْعَقْلِ جَمَالٌ بَاطِنٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَوْلَی النَّاسِ بِالْمَحَبَّةِ مِنْهُمْ مَنْ أَمَّلُوهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ آنَسَ بِاللَّهِ اسْتَوْحَشَ النَّاسَ وَ عَلَامَةُ الْأُنْسِ بِاللَّهِ الْوَحْشَةُ مِنَ النَّاسِ.

وَ قَالَ علیه السلام: جُعِلَتِ الْخَبَائِثُ فِی بَیْتٍ وَ الْكَذِبُ مَفَاتِیحُهَا.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا نَشِطَتِ الْقُلُوبُ فَأَوْدِعُوهَا وَ إِذَا نَفَرَتْ فَوَدِّعُوهَا.

وَ قَالَ علیه السلام: اللَّحَاقُ بِمَنْ تَرْجُو خَیْرٌ مِنَ الْمُقَامِ مَعَ مَنْ لَا تَأْمَنُ شَرَّهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْجَهْلُ خَصْمٌ وَ الْحِلْمُ حُكْمٌ وَ لَمْ یَعْرِفْ رَاحَةَ الْقُلُوبِ مَنْ لَمْ یُجَرِّعْهُ الْحِلْمُ غُصَصَ الصَّبْرِ وَ الْغَیْظِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ رَكِبَ ظَهْرَ الْبَاطِلِ نَزَلَ بِهِ دَارَ النَّدَامَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَقَادِیرُ الْغَالِبَةُ لَا تُدْفَعُ بِالْمُغَالَبَةِ وَ الْأَرْزَاقُ الْمَكْتُوبَةُ لَا تُنَالُ بِالشَّرَهِ وَ لَا تُدْفَعُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهَا.

وَ قَالَ علیه السلام: نَائِلُ الْكَرِیمِ یُحَبِّبُكَ إِلَیْهِ وَ یُقَرِّبُكَ مِنْهُ وَ نَائِلُ اللَّئِیمِ یُبَاعِدُكَ مِنْهُ وَ یُبْغِضُكَ إِلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَانَ الْوَرَعُ سَجِیَّتَهُ وَ الْكَرَمُ طَبِیعَتَهُ وَ الْحِلْمُ خَلَّتَهُ كَثُرَ صَدِیقُهُ وَ الثَّنَاءُ عَلَیْهِ وَ انْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: السَّهَرُ أَلَذُّ لِلْمَنَامِ وَ الْجُوعُ أَزْیَدُ فِی طِیبِ الطَّعَامِ. (رغب به علیه السلام علی صوم النهار و قیام اللیل).

ص: 379

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الْوُصُولَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَفَرٌ- لَا یُدْرَكُ إِلَّا بِامْتِطَاء اللَّیْلِ مَنْ لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یَمْنَعَ لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُعْطِیَ.

وَ قَالَ علیه السلام لِلْمُتَوَكِّلِ- لَا تَطْلُبِ الصَّفَا مِمَّنْ كَدَرْتَ عَلَیْهِ وَ لَا النُّصْحَ مِمَّنْ صَرَفْتَ سُوءَ ظَنِّكَ إِلَیْهِ فَإِنَّمَا قَلْبُ غَیْرِكَ لَكَ كَقَلْبِكَ لَهُ.

باب 30 مواعظ القائم علیه السلام و حكمه

«1»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ،: مِمَّا كَتَبَهُ علیه السلام جَوَاباً لِإِسْحَاقَ بْنِ یَعْقُوبَ إِلَی الْعَمْرِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا ظُهُورُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ إِلَی اللَّهِ وَ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِیهَا إِلَی رُوَاةِ حَدِیثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِی عَلَیْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ وَ أَمَّا الْمُتَلَبِّسُونَ بِأَمْوَالِنَا فَمَنِ اسْتَحَلَّ مِنْهَا شَیْئاً فَأَكَلَ فَإِنَّمَا یَأْكُلُ النِّیرَانَ وَ أَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ أُبِیحَ لِشِیعَتِنَا وَ جُعِلُوا مِنْهُ فِی حِلٍّ إِلَی وَقْتِ ظُهُورِ أَمْرِنَا لِتَطِیبَ وِلَادَتُهُمْ وَ لَا تَخْبُثَ وَ أَمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَیْبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْیاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (1) إِنَّهُ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِی إِلَّا وَ قَدْ وَقَعَتْ فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ لِطَاغِیَةِ زَمَانِهِ وَ إِنِّی أَخْرُجُ حِینَ أَخْرُجُ وَ لَا بَیْعَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِیتِ فِی عُنُقِی وَ أَمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِی فِی غَیْبَتِی فَكَالانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ إِذَا غَیَّبَهَا عَنِ الْأَبْصَارِ السَّحَابُ وَ إِنِّی أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاءِ.

باب 31 وصیة المفضل بن عمر لجماعة الشیعة

«1»- ف (2)،[تحف العقول]: أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

ص: 380


1- 1. مائدة: 101.
2- 2. التحف ص 513.

وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ ابْتَغُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَ اخْشَوْا سَخَطَهُ وَ حَافِظُوا عَلَی سُنَّةِ اللَّهِ وَ لَا تَتَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ وَ رَاقِبُوا اللَّهَ فِی جَمِیعِ أُمُورِكُمْ وَ ارْضَوْا بِقَضَائِهِ فِیمَا لَكُمْ وَ عَلَیْكُمْ أَلَا وَ عَلَیْكُمْ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَلَا وَ مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْكُمْ فَزِیدُوهُ إِحْسَاناً وَ اعْفُوا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَیْكُمْ وَ افْعَلُوا بِالنَّاسِ مَا تُحِبُّونَ أَنْ یَفْعَلُوهُ بِكُمْ أَلَا وَ خَالِطُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَا تَقْدِرُونَ عَلَیْهِ وَ إِنَّكُمْ أَحْرَی أَنْ لَا تَجْعَلُوا عَلَیْكُمْ سَبِیلًا عَلَیْكُمْ بِالْفِقْهِ فِی دِینِ اللَّهِ وَ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَ حُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكُمْ بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً أَلَا وَ عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ الشَّدِیدِ فَإِنَّ مِلَاكَ الدِّینِ الْوَرَعُ صَلُّوا الصَّلَوَاتِ لِمَوَاقِیتِهَا وَ أَدَّوُا الْفَرَائِضَ عَلَی حُدُودِهَا.

أَلَا وَ لَا تُقَصِّرُوا فِیمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ بِمَا یَرْضَی عَنْكُمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ تَفَقَّهُوا فِی دِینِ اللَّهِ وَ لَا تَكُونُوا أَعْرَاباً فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِ اللَّهِ لَمْ یَنْظُرِ اللَّهُ إِلَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْكُمْ بِالْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ اسْتَعِینُوا بِبَعْضِ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ فَإِنِّی سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ اسْتَعِینُوا بِبَعْضِ هَذِهِ عَلَی هَذِهِ وَ لَا تَكُونُوا كَلًّا عَلَی النَّاسِ عَلَیْكُمْ بِالْبِرِّ بِجَمِیعِ مَنْ خَالَطْتُمُوهُ وَ حُسْنِ الصَّنِیعِ إِلَیْهِ أَلَا وَ إِیَّاكُمْ وَ الْبَغْیَ فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ یَقُولُ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْیُ أَدُّوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ سَائِرِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ أَدُّوا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ إِلَی أَهْلِهَا فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ یَا مُفَضَّلُ قُلْ لِأَصْحَابِكَ یَضَعُونَ الزَّكَاةَ فِی أَهْلِهَا وَ إِنِّی ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ لَهُمْ- عَلَیْكُمْ بِوَلَایَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ لا یَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً تَزَاوَرُوا وَ تَحَابُّوا وَ لْیُحْسِنْ بَعْضُكُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ تَلَاقَوْا وَ تَحَدَّثُوا وَ لَا یُبْطِنَنَّ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ (1)

وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّصَارُمَ

ص: 381


1- 1. فی بعض النسخ« و لا یبطئن» و لعلّ المراد و لا ینسأ بعضكم بعضا، یقال: بطا علیه و أبطا أی أخره. و التصارم التقاطع.

وَ إِیَّاكُمْ وَ الْهِجْرَانَ فَإِنِّی سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ وَ اللَّهِ لَا یَفْتَرِقُ رَجُلَانِ مِنْ شِیعَتِنَا عَلَی الْهِجْرَانِ إِلَّا بَرِئْتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ لَعَنْتُهُ وَ أَكْثَرُ مَا أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكِلَیْهِمَا فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ (1) جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا یَدْعُو أَخَاهُ إِلَی صِلَتِهِ سَمِعْتُ أَبِی وَ هُوَ یَقُولُ إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ مِنْ شِیعَتِنَا فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْیَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَی صَاحِبِهِ حَتَّی یَقُولَ لَهُ یَا أَخِی أَنَا الظَّالِمُ حَتَّی یَنْقَطِعَ الْهِجْرَانُ فِیمَا بَیْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی حَكَمٌ عَدْلٌ یَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ- لَا تُحَقِّرُوا وَ لَا تَجْفُوا فُقَرَاءَ شِیعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ أَلْطِفُوهُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنَ الْحَقِّ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِی أَمْوَالِكُمْ وَ أَحْسِنُوا إِلَیْهِمْ- لَا تَأْكُلُوا النَّاسَ بِآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّی سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ افْتَرَقَ النَّاسُ فِینَا عَلَی ثَلَاثِ فِرَقٍ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا انْتِظَارَ قَائِمِنَا لِیُصِیبُوا مِنْ دُنْیَانَا فَقَالُوا وَ حَفِظُوا كَلَامَنَا وَ قَصَّرُوا عَنْ فِعْلِنَا فَسَیَحْشُرُهُمُ اللَّهُ إِلَی النَّارِ وَ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا وَ سَمِعُوا كَلَامَنَا وَ لَمْ یُقَصِّرُوا عَنْ فِعْلِنَا لِیَسْتَأْكِلُوا النَّاسَ بِنَا فَیَمْلَأُ اللَّهُ بُطُونَهُمْ نَاراً یُسَلِّطُ عَلَیْهِمُ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا وَ حَفِظُوا قَوْلَنَا وَ أَطَاعُوا أَمْرَنَا وَ لَمْ یُخَالِفُوا فِعْلَنَا فَأُولَئِكَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ وَ لَا تَدَعُوا صِلَةَ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَنْ كَانَ غَنِیّاً فَبِقَدْرِ غِنَاهُ وَ مَنْ كَانَ فَقِیراً فَبِقَدْرِ فَقْرِهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ یَقْضِیَ اللَّهُ لَهُ أَهَمَّ الْحَوَائِجِ إِلَیْهِ فَلْیَصِلْ آلَ مُحَمَّدٍ وَ شِیعَتَهُمْ بِأَحْوَجِ مَا یَكُونُ إِلَیْهِ مِنْ مَالِهِ- لَا تَغْضَبُوا مِنَ الْحَقِّ إِذَا قِیلَ لَكُمْ وَ لَا تُبْغِضُوا أَهْلَ الْحَقِّ إِذَا صَدَعُوكُمْ بِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَغْضَبُ مِنَ الْحَقِّ إِذَا صُدِعَ بِهِ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَرَّةً وَ أَنَا مَعَهُ یَا مُفَضَّلُ كَمْ أَصْحَابُكَ فَقُلْتُ وَ قَلِیلٌ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَی الْكُوفَةِ أَقْبَلَتْ عَلَیَّ الشِّیعَةُ فَمَزَّقُونِی كُلَّ مُمَزَّقٍ یَأْكُلُونَ لَحْمِی وَ یَشَمُّونَ عِرْضِی حَتَّی إِنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَقْبَلَنِی فَوَثَبَ فِی وَجْهِی وَ بَعْضُهُمْ قَعَدَ لِی فِی

ص: 382


1- 1. معتب- بضم المیم و فتح العین و تشدید التاء المكسورة- هو مولی أبی عبد اللّٰه علیه السلام بل من خواص أصحابه و أیضا من أصحاب الامام السابع علیه السلام، ثقة و قد روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام انه قال: موالی عشرة خیرهم معتب.

سِكَكِ الْكُوفَةِ یُرِیدُ ضَرْبِی وَ رَمَوْنِی بِكُلِّ بُهْتَانٍ حَتَّی بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَیْهِ فِی السَّنَةِ الثَّانِیَةِ كَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَنِی بِهِ بَعْدَ تَسْلِیمِهِ عَلَیَّ أَنْ قَالَ یَا مُفَضَّلُ مَا هَذَا الَّذِی بَلَغَنِی أَنَّ هَؤُلَاءِ یَقُولُونَ لَكَ وَ فِیكَ قُلْتُ وَ مَا عَلَیَّ مِنْ قَوْلِهِمْ قَالَ أَجَلْ بَلْ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ أَ یَغْضَبُونَ بُؤْسٌ لَهُمْ إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّ أَصْحَابَكَ قَلِیلٌ- لَا وَ اللَّهِ مَا هُمْ لَنَا شِیعَةً وَ لَوْ كَانُوا شِیعَةً مَا غَضِبُوا مِنْ قَوْلِكَ وَ مَا اشْمَأَزُّوا مِنْهُ لَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ شِیعَتَنَا بِغَیْرِ مَا هُمْ عَلَیْهِ وَ مَا شِیعَةُ جَعْفَرٍ إِلَّا مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ وَ عَمِلَ لِخَالِقِهِ وَ رَجَا سَیِّدَهُ وَ خَافَ اللَّهَ حَقَّ خِیفَتِهِ وَیْحَهُمْ أَ فِیهِمْ مَنْ قَدْ صَارَ كَالْحَنَایَا مِنْ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ قَدْ صَارَ كَالتَّائِهِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ كَالضَّرِیرِ مِنَ الْخُشُوعِ أَوْ كَالضَّنِیِّ مِنَ الصِّیَامِ أَوْ كَالْأَخْرَسِ مِنْ طُولِ الصَّمْتِ وَ السُّكُوتِ أَوْ هَلْ فِیهِمْ مَنْ قَدْ أَدْأَبَ لَیْلَهُ مِنْ طُولِ الْقِیَامِ وَ أَدْأَبَ نَهَارَهُ مِنَ الصِّیَامِ أَوْ مَنَعَ نَفْسَهُ لَذَّاتِ الدُّنْیَا وَ نَعِیمَهَا خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَ شَوْقاً إِلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ أَنَّی یَكُونُونَ لَنَا شِیعَةً وَ إِنَّهُمْ لَیُخَاصِمُونَ عَدُوَّنَا فِینَا حَتَّی یَزِیدُوهُمْ عَدَاوَةً وَ إِنَّهُمْ لَیَهِرُّونَ هَرِیرَ الْكَلْبِ وَ یَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ أَمَا إِنِّی لَوْ لَا أَنَّنِی أَتَخَوَّفُ عَلَیْهِمْ أَنْ أُغْرِیَهُمْ بِكَ لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَدْخُلَ بَیْتَكَ وَ تُغْلِقَ بَابَكَ ثُمَّ لَا تَنْظُرَ إِلَیْهِمْ مَا بَقِیتَ وَ لَكِنْ إِنْ جَاءُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ احْتَجَّ بِهِمْ عَلَی غَیْرِهِمْ- لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْیَا وَ مَا تَرَوْنَ فِیهَا مِنْ نَعِیمِهَا وَ زَهْرَتِهَا وَ بَهْجَتِهَا وَ مُلْكِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ لِأَهْلِهَا.

باب 32 قصة بلوهر و یوذاسف

«1»- ك (1)،[إكمال الدین] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیِ (2) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِیَّا أَنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ الْهِنْدِ كَانَ كَثِیرَ الْجُنْدِ وَاسِعَ الْمَمْلَكَةِ

ص: 383


1- 1. كمال الدین ص 317 مع اختلاف فیه.
2- 2. هو أحد مشایخ أبی علی القطان.

مَهِیباً فِی أَنْفُسِ النَّاسِ مُظَفَّراً عَلَی الْأَعْدَاءِ وَ كَانَ مَعَ ذَلِكَ عَظِیمَ النَّهْمَةِ(1)

فِی شَهَوَاتِ الدُّنْیَا وَ لَذَّاتِهَا وَ مَلَاهِیهَا مُؤْثِراً لِهَوَاهُ مُطِیعاً لَهُ وَ كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَیْهِ وَ أَنْصَحُهُمْ لَهُ فِی نَفْسِهِ مَنْ زَیَّنَ لَهُ حَالَهُ وَ حَسَّنَ رَأْیَهُ وَ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَیْهِ وَ أَغَشُّهُمْ لَهُ فِی نَفْسِهِ مَنْ أَمَرَهُ بِغَیْرِهَا وَ تَرَكَ أَمْرَهُ فِیهَا- وَ كَانَ قَدْ أَصَابَ الْمُلْكَ فِیهَا فِی حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَ عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ وَ كَانَ لَهُ رَأْیٌ أَصِیلٌ وَ لِسَانٌ بَلِیغٌ وَ مَعْرِفَةٌ بِتَدْبِیرِ النَّاسِ وَ ضَبْطِهِمْ فَعَرَفَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ فَانْقَادُوا لَهُ وَ خَضَعَ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ وَ ذَلُولٍ وَ اجْتَمَعَ لَهُ سُكْرُ الشَّبَابِ وَ سُكْرُ السُّلْطَانِ وَ الشَّهْوَةُ وَ الْعُجْبُ ثُمَّ قَوِیَ ذَلِكَ مَا أَصَابَ مِنَ الظَّفَرِ عَلَی مَنْ نَاصَبَهُ وَ الْقَهْرِ لِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ انْقِیَادِ النَّاسِ لَهُ فَاسْتَطَالَ عَلَی النَّاسِ وَ احْتَقَرَهُمْ ثُمَّ ازْدَادَ عُجْباً بِرَأْیِهِ وَ نَفْسِهِ لَمَّا مَدَحَهُ النَّاسُ وَ زَیَّنُوا أَمْرَهُ عِنْدَهُ فَكَانَ لَا هِمَّةَ لَهُ إِلَّا الدُّنْیَا وَ كَانَتِ الدُّنْیَا لَهُ مُؤَاتِیَةً لَا یُرِیدُ مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا نَالَهُ غَیْرَ أَنَّهُ كَانَ مِئْنَاثاً(2) لَا یُولَدُ لَهُ ذَكَرٌ- وَ قَدْ كَانَ الدِّینُ فَشَا فِی أَرْضِهِ قَبْلَ مُلْكِهِ وَ كَثُرَ أَهْلُهُ فَزَیَّنَ لَهُ الشَّیْطَانُ عَدَاوَةَ الدِّینِ وَ أَهْلِهِ وَ أَضَرَّ بِأَهْلِ الدِّینِ فَأَقْصَاهُمْ مَخَافَةً عَلَی مُلْكِهِ وَ قَرَّبَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَ صَنَعَ لَهُمْ أَصْنَاماً مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ وَ فَضَّلَهُمْ وَ شَرَّفَهُمْ وَ سَجَدَ لِأَصْنَامِهِمْ فَلَمَّا رَأَی النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ سَارَعُوا إِلَی عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِأَهْلِ الدِّینِ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ سَأَلَ یَوْماً عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بِلَادِهِ كَانَتْ لَهُ مِنْهُ مَنْزِلَةٌ حَسَنَةٌ وَ مَكَانَةٌ رَفِیعَةٌ وَ كَانَ أَرَادَ أَنْ یَسْتَعِینَ بِهِ عَلَی بَعْضِ أُمُورِهِ وَ یَحْبُوَهُ وَ یُكْرِمَهُ فَقِیلَ لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ خَلَعَ الدُّنْیَا وَ خُلِّیَ مِنْهَا وَ لَحِقَ بِالنُّسَّاكِ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَی الْمَلِكِ وَ شَقَّ عَلَیْهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَیْهِ فَأُوتِیَ بِهِ- فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ فِی زِیِّ النُّسَّاكِ وَ تَخَشُّعِهِمْ

ص: 384


1- 1. النهمة- بفتح النون- بلوغ الهمة و الشهوة فی الشی ء و یقال: للّٰه فی هذا الامر نهمة» أی شهوة.
2- 2. المئناث: التی اعتادت أن تلد الاناث و كذلك الرجل لأنّهما یستویان فی مفعال. و یقابله المذكار و هی التی تلد الذكور كثیرا.

زَبَرَهُ وَ شَتَمَهُ (1) وَ قَالَ لَهُ بَیْنَا أَنْتَ مِنْ عَبِیدِی وَ عُیُونِ أَهْلِ مَمْلَكَتِی وَ وَجْهِهِمْ وَ أَشْرَافِهِمْ إِذْ فَضَحْتَ نَفْسَكَ وَ ضَیَّعْتَ أَهْلَكَ وَ مَالَكَ وَ اتَّبَعْتَ أَهْلَ الْبِطَالَةِ وَ الْخَسَارَةِ حَتَّی صِرْتَ ضُحْكَةً وَ مَثَلًا وَ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُكَ لِمُهِمِّ أُمُورِی وَ الِاسْتِعَانَةِ بِكَ عَلَی مَا یَنُوبُنِی فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنْ لَمْ یَكُنْ لِی عَلَیْكَ حَقٌّ فَلِعَقْلِكَ عَلَیْكَ حَقٌّ فَاسْتَمِعْ قَوْلِی بِغَیْرِ غَضَبٍ ثُمَّ أْمُرْ بِمَا بَدَا لَكَ بَعْدَ الْفَهْمِ وَ التَّثْبِیتِ فَإِنَّ الْغَضَبَ عَدُوُّ الْعَقْلِ وَ لِذَلِكَ یَحُولُ مَا بَیْنَ صَاحِبِهِ وَ بَیْنَ الْفَهْمِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ قُلْ مَا بَدَا لَكَ قَالَ النَّاسِكُ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ فِی ذَنْبِی عَلَی نَفْسِی عَتَبْتَ عَلَیَّ أَمْ فِی ذَنْبٍ مِنِّی إِلَیْكَ سَالِفٍ قَالَ الْمَلِكُ إِنَّ ذَنْبَكَ إِلَی نَفْسِكَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدِی وَ لَیْسَ كُلَّمَا أَرَادَ رَجُلٌ مِنْ رَعِیَّتِی أَنْ یُهْلِكَ نَفْسَهُ أُخَلِّی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ ذَلِكَ وَ لَكِنِّی أَعُدُّ إِهْلَاكَهُ لِنَفْسِهِ كَإِهْلَاكِهِ لِغَیْرِهِ مِمَّنْ أَنَا وَلِیُّهُ وَ الْحَاكِمُ عَلَیْهِ وَ لَهُ فَأَنَا أَحْكَمُ عَلَیْكَ لِنَفْسِكَ وَ آخَذُ لَهَا مِنْكَ إِذْ ضَیَّعْتَ أَنْتَ ذَلِكَ- فَقَالَ لَهُ النَّاسِكُ أَرَاكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ لَا تَأْخُذُنِی إِلَّا بِحُجَّةٍ وَ لَا نَفَاذَ لِحُجَّةٍ إِلَّا عِنْدَ قَاضٍ- وَ لَیْسَ عَلَیْكَ مِنَ النَّاسِ قَاضٍ لَكِنْ عِنْدَكَ قُضَاةٌ وَ أَنْتَ لِأَحْكَامِهِمْ مُنْفِذٌ وَ أَنَا بِبَعْضِهِمْ رَاضٍ وَ مِنْ بَعْضِهِمْ مُشْفِقٌ قَالَ الْمَلِكُ وَ مَا أُولَئِكَ الْقُضَاةُ قَالَ أَمَّا الَّذِی أَرْضَی قَضَاءَهُ فَعَقْلُكَ وَ أَمَّا الَّذِی أَنَا مُشْفِقٌ مِنْهُ فَهَوَاكَ قَالَ الْمَلِكُ قُلْ مَا بَدَا لَكَ وَ اصْدُقْنِی خَبَرَكَ وَ مَتَی كَانَ هَذَا رَأْیَكَ وَ مَنْ أَغْوَاكَ قَالَ أَمَّا خَبَرِی فَإِنِّی كُنْتُ سَمِعْتُ كَلِمَةً فِی حَدَاثَةِ سِنِّی وَقَعَتْ فِی قَلْبِی فَصَارَتْ كَالْحَبَّةِ الْمَزْرُوعَةِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَنْمِی حَتَّی صَارَتْ شَجَرَةً إِلَی مَا تَرَی وَ ذَلِكَ أَنِّی كُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ قَائِلًا یَقُولُ یَحْسَبُ الْجَاهِلُ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ لَا شَیْ ءَ شَیْئاً وَ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ الشَّیْ ءُ لَا شَیْ ءَ وَ مَنْ لَمْ یَرْفَضِ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ لَا شَیْ ءَ لَمْ یَنَلِ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ شَیْ ءٌ وَ مَنْ لَمْ یُبْصِرِ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ الشَّیْ ءُ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِرَفْضِ الْأَمْرِ الَّذِی هُوَ لَا شَیْ ءَ وَ الشَّیْ ءُ هُوَ الْآخِرَةُ وَ لَا شَیْ ءَ هُوَ الدُّنْیَا فَكَانَ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ عِنْدِی قَرَارٌ لِأَنِّی وَجَدْتُ الدُّنْیَا حَیَاتَهَا مَوْتاً وَ غَنَاهَا فَقْراً وَ فَرَحَهَا تَرَحاً وَ صِحَّتَهَا سُقْماً وَ

ص: 385


1- 1. النساك: العباد. و زبره أی زجره.

قُوَّتَهَا ضَعْفاً وَ عِزَّهَا ذُلًّا وَ كَیْفَ لَا تَكُونُ حَیَاتُهَا مَوْتاً وَ إِنَّمَا یَحْیَا فِیهَا صَاحِبُهَا لِیَمُوتَ وَ هُوَ مِنَ الْمَوْتِ عَلَی یَقِینٍ وَ مِنَ الْحَیَاةِ عَلَی قُلْعَةٍ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ غَنَاؤُهَا فَقْراً وَ لَیْسَ أُصِیبَ أَحَدٌ مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا احْتَاجَ لِذَلِكَ الشَّیْ ءِ إِلَی شَیْ ءٍ آخَرَ یُصْلِحُهُ وَ إِلَی أَشْیَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا: وَ مِثْلُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا یَحْتَاجُ إِلَی دَابَّةٍ فَإِذَا أَصَابَهَا احْتَاجَ إِلَی عَلَفِهَا وَ قَیِّمِهَا وَ مَرْبَطِهَا(1)

وَ أَدَوَاتِهَا ثُمَّ احْتَاجَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَی شَیْ ءٍ آخَرَ یُصْلِحُهُ وَ إِلَی أَشْیَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا فَمَتَی تَنْقَضِی حَاجَةُ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ وَ فَاقَتُهُ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ فَرَحُهَا تَرَحاً وَ هِیَ مَرْصَدَةٌ لِكُلِّ مَنْ أَصَابَ مِنْهَا قُرَّةَ أَعْیُنٍ أَنْ یَرَی مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ بِعَیْنِهِ أَضْعَافَهُ مِنَ الْحُزْنِ إِنْ رَأَی سُرُوراً فِی وَلَدِهِ فَمَا یَنْتَظِرُ مِنَ الْأَحْزَانِ فِی مَوْتِهِ وَ سُقْمِهِ وَ جَائِحَةٌ إِنْ أَصَابَتْهُ أَعْظَمُ مِنْ سُرُورِهِ بِهِ وَ إِنْ رَأَی السُّرُورَ فِی مَالٍ فَمَا یَتَخَوَّفُ مِنَ التَّلَفِ أَنْ یَدْخُلَ عَلَیْهِ أَعْظَمُ مِنْ سُرُورِهِ بِالْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَحَقُّ النَّاسِ بِأَنْ لَا یَتَلَبَّسَ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا مَنْ عَرَفَ هَذَا مِنْهَا- وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ صِحَّتُهَا سُقْماً وَ إِنَّمَا صِحَّتُهَا مِنْ أَخْلَاطِهَا وَ أَصَحُّ أَخْلَاطِهَا وَ أَقْرَبُهَا مِنَ الْحَیَاةِ الدَّمُ وَ أَظْهَرُ مَا یَكُونُ الْإِنْسَانُ دَماً أَخْلَقُ مَا یَكُونُ صَاحِبُهُ بِمَوْتِ الْفَجْأَةِ وَ الذُّبْحَةِ وَ الطَّاعُونِ (2) وَ الْآكِلَةِ وَ الْبِرْسَامِ- وَ كَیْفَ لَا تَكُونُ قُوَّتُهَا ضَعْفاً وَ إِنَّمَا تَجْمَعُ الْقُوَی فِیهَا مَا یَضُرُّهُ وَ یُوبِقُهُ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ عِزُّهَا ذُلًّا وَ لَمْ یُرَ فِیهَا عَزٌّ قَطُّ إِلَّا أَوْرَثَ أَهْلَهَا ذُلًّا طَوِیلًا غَیْرَ أَنَّ أَیَّامَ الْعِزِّ قَصِیرَةٌ وَ أَیَّامَ الذُّلِّ طَوِیلَةٌ فَأَحَقُّ النَّاسِ بِذَمِّ الدُّنْیَا مَنْ بُسِطَتْ لَهُ الدُّنْیَا فَأَصَابَ حَاجَتَهُ مِنْهَا فَهُوَ یَتَوَقَّعُ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ سَاعَةٍ وَ طَرْفَةِ عَیْنٍ أَنْ یُعْدَی عَلَی مَالِهِ فَیَحْتَاجَ وَ عَلَی حَمِیمِهِ فَیُخْتَطَفَ وَ عَلَی جَمْعِهِ فَیُنْهَبَ وَ أَنْ یُؤْتَی بُنْیَانُهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَیُهْدَمَ وَ أَنْ یَدِبَّ الْمَوْتُ إِلَی جَسَدِهِ فَیَسْتَأْصِلَ وَ یُفْجَعَ بِكُلِّ مَا هُوَ بِهِ ضَنِینٌ.

ص: 386


1- 1. المربط- بفتح الباء و كسرها- موضع ربط الدوابّ.
2- 2. الذبحة- بضم الذال و فتح الباء و العامّة تسكن الباء- ورم حارّ فی العضلات من جانب الحلقوم التی بها یكون البلع. و قال العلامة: و قد یطلق الذبحة علی الاختناق. و الشیخ لا یفرق بینهما، و قیل هی ورم اللوزتین( بحر الجواهر).

فَأَذُمُّ إِلَیْكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ الدُّنْیَا الْآخِذَةَ مَا تُعْطِی وَ الْمُوَرِّثَةَ بَعْدَ ذَلِكَ التَّبِعَةَ السَّالِبَةَ لِمَنْ تَكْسُو وَ الْمُوَرِّثَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعُرَی الْمُوَاضِعَةَ لِمَنْ تَرْفَعُ وَ الْمُوَرِّثَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْجَزَعَ التَّارِكَةَ لِمَنْ یَعْشَقُهَا وَ الْمُوَرِّثَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الشِّقْوَةَ الْمُغْوِیَةَ لِمَنْ أَطَاعَهَا وَ اغْتَرَّ بِهَا الْغَدَّارَةَ بِمَنِ ائْتَمَنَهَا وَ رَكِنَ إِلَیْهَا هِیَ الْمَرْكَبُ الْقَمُوصُ (1)

وَ الصَّاحِبُ الْخَئُونُ وَ الطَّرِیقُ الزَّلَقُ وَ الْمَهْبَطُ الْمُهْوِی هِیَ الْمَكْرُمَةُ الَّتِی لَا تُكْرِمُ أَحَداً إِلَّا أَهَانَتْهُ الْمَحْبُوبَةُ الَّتِی لَا تُحِبُّ أَحَداً الْمَلْزُومَةُ الَّتِی لَا تَلْزَمُ أَحَداً یُوَفَّی لَهَا وَ تَغْدِرُ وَ یُصْدَقُ لَهَا وَ تَكْذِبُ وَ یُنْجَزُ لَهَا وَ تُخْلِفُ هِیَ الْمُعْوَجَّةُ لِمَنِ اسْتَقَامَ بِهَا الْمُتَلَاعِبَةُ بِمَنِ اسْتَمْكَنَتْ (2) مِنْهُ بَیْنَا هِیَ تُطْعِمُهُ إِذْ حَوَّلَتْهُ مَأْكُولًا وَ بَیْنَا هِیَ تَخْدُمُهُ إِذْ جَعَلَتْهُ خَادِماً وَ بَیْنَا هِیَ تُضْحِكُهُ إِذْ ضَحِكَتْ مِنْهُ وَ بَیْنَا هِیَ تَشْتِمُهُ إِذْ شَتَمَتْ مِنْهُ (3) وَ بَیْنَا هِیَ تُبْكِیهِ إِذَا بَكَتْ عَلَیْهِ وَ بَیْنَا هِیَ قَدْ بُسِطَتْ یَدُهُ بِالْعَطِیَّةِ إِذْ بَسَطَتْهَا بِالْمَسْأَلَةِ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا عَزِیزٌ إِذْ أَذَلَّتْهُ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا مُكْرَمٌ إِذْ أَهَانَتْهُ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا مُعَظَّمٌ إِذْ صَارَ مَحْقُوراً وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا رَفِیعٌ إِذْ وَضَعَتْهُ وَ بَیْنَا هِیَ لَهُ مُطِیعَةٌ إِذْ عَصَتْهُ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا مَسْرُورٌ إِذْ أَحْزَنَتْهُ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا شَبْعَانُ إِذْ أَجَاعَتْهُ وَ بَیْنَا هُوَ فِیهَا حَیٌّ إِذْ أَمَاتَتْهُ.

فَأُفٍّ لَهَا مِنْ دَارٍ إِذْ كَانَ هَذَا فِعَالَهَا وَ هَذِهِ صِفَتَهَا تَضَعُ التَّاجَ عَلَی رَأْسِهِ غُدْوَةً وَ تُعَفِّرُ خَدَّهُ بِالتُّرَابِ عَشِیَّةً وَ تَجْعَلُهَا فِی الْأَغْلَالِ غُدْوَةً [تُحَلِّی الْأَیْدِیَ بِأَسْوِرَةِ الذَّهَبِ عَشِیَّةً وَ تَجْعَلُهَا فِی الْأَغْلَالِ غُدْوَةً] وَ تُقْعِدُ الرَّجُلَ عَلَی السَّرِیرِ غُدْوَةً وَ تَرْمِی بِهِ فِی السِّجْنِ عَشِیَّةً تَفْرُشُ لَهُ الدِّیبَاجَ عَشِیَّةً وَ تَفْرُشُ لَهُ التُّرَابَ غُدْوَةً وَ تَجْمَعُ لَهُ الْمَلَاهِیَ وَ الْمَعَازِفَ غُدْوَةً وَ تَجْمَعُ عَلَیْهِ النَّوَائِحَ وَ النَّوَادِبَ عَشِیَّةً تُحَبِّبُ إِلَی أَهْلِهِ قُرْبَهُ عَشِیَّةً وَ تُحَبِّبُ إِلَیْهِمْ بُعْدَهُ غُدْوَةً تُطَیِّبُ رِیحَهُ غُدْوَةً وَ تُنَتِّنُ رِیحَهُ عَشِیَّةً فَهُوَ مُتَوَقِّعٌ لِسَطَوَاتِهَا غَیْرُ نَاجٍ مِنْ فِتْنَتِهَا وَ بَلَائِهَا تَمَتَّعُ نَفْسُهُ مِنْ

ص: 387


1- 1. القموص- علی وزن چموش- و بمعناه.
2- 2. فی بعض النسخ« استمسكت».
3- 3. فی بعض النسخ« و بینا هی تشمته إذا تشمت منه».

أَحَادِیثِهَا وَ عَیْنُهُ مِنْ أَعَاجِیبِهَا وَ یَدُهُ مَمْلُوَّةٌ مِنْ جَمْعِهَا ثُمَّ تُصْبِحُ الْكَفُّ صِفْراً وَ الْعَیْنُ هَامِدَةً ذَهَبَ مَا ذَهَبَ وَ هَوَی مَا هَوَی وَ بَادَ مَا بَادَ وَ هَلَكَ مَا هَلَكَ تَجِدُ فِی كُلٍّ مِنْ كُلٍّ خَلَفاً وَ تَرْضَی بِكُلٍّ مِنْ كُلٍّ بَدَلًا تُسْكِنُ دَارَ كُلِّ قَرْنٍ قَرْناً وَ تُطْعِمُ سُؤْرَ كُلِّ قَوْمٍ قَوْماً تُقْعِدُ الْأَرَاذِلَ مَكَانَ الْأَفَاضِلِ وَ الْعَجَزَةَ مَكَانَ الْحَزَمَةِ(1) تَنْقُلُ أَقْوَاماً مِنَ الْجَدْبِ إِلَی الْخِصْبِ (2) وَ مِنَ الرِّجْلَةِ إِلَی الْمَرْكَبِ وَ مِنَ الْبُؤْسِ إِلَی النِّعْمَةِ وَ مِنَ الشِّدَّةِ إِلَی الرَّخَاءِ وَ مِنَ الشَّقَاءِ إِلَی الْخَفْضِ وَ الدَّعَةِ حَتَّی إِذَا غَمَسَتْهُمْ فِی ذَلِكَ انْقَلَبَتْ بِهِمْ فَسَلَبَتْهُمُ الْخِصْبَ وَ نَزَعَتْ مِنْهُمُ الْقُوَّةَ فَعَادُوا إِلَی أَبْأَسِ الْبُؤْسِ وَ أَفْقَرِ الْفَقْرِ وَ أَجْدَبِ الْجَدْبِ- فَأَمَّا قَوْلُكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ فِی إِضَاعَةِ الْأَهْلِ وَ تَرْكِهِمْ فَإِنِّی لَمْ أُضَیِّعْهُمْ وَ لَمْ أَتْرُكْهُمْ بَلْ وَصَلْتُهُمْ وَ انْقَطَعْتُ إِلَیْهِمْ وَ لَكِنِّی كُنْتُ وَ أَنَا أَنْظُرُ بِعَیْنٍ مَسْحُورَةٍ لَا أَعْرِفُ بِهَا الْأَهْلَ مِنَ الْغُرَبَاءِ وَ لَا الْأَعْدَاءَ مِنَ الْأَوْلِیَاءِ فَلَمَّا انْجَلَی عَنِّی السِّحْرُ اسْتَبْدَلْتُ بِالْعَیْنِ الْمَسْحُورَةِ عَیْناً صَحِیحَةً وَ اسْتَبَنْتُ الْأَعْدَاءَ مِنَ الْأَوْلِیَاءِ وَ الْأَقْرِبَاءَ مِنَ الْغُرَبَاءِ فَإِذَا الَّذِینَ كُنْتُ أَعُدُّهُمْ أَهْلِینَ وَ أَصْدِقَاءَ وَ إِخْوَاناً وَ خُلَطَاءَ إِنَّمَا هُمْ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ(3)

لَا هِمَّةَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْكُلَنِی وَ تَأْكُلَ بِی غَیْرَ أَنَّ اخْتِلَافَ مَنَازِلِهِمْ فِی ذَلِكَ عَلَی قَدْرِ الْقُوَّةِ فَمِنْهُمْ كَالْأَسَدِ فِی شِدَّةِ السَّوْرَةِ(4) وَ مِنْهُمْ كَالذِّئْبِ فِی الْغَارَةِ وَ النُّهْبَةِ وَ مِنْهُمْ كَالْكَلْبِ فِی الْهَرِیرِ وَ الْبَصْبَصَةِ وَ مِنْهُمْ كَالثَّعْلَبِ فِی الْحِیلَةِ وَ السَّرِقَةِ فَالطُّرُقُ وَاحِدَةٌ وَ الْقُلُوبُ مُخْتَلِفَةٌ فَلَوْ أَنَّكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ فِی عَظِیمِ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ مُلْكِكَ وَ كَثْرَةِ مَنْ تَبِعَكَ مِنْ أَهْلِكَ وَ جُنُودِكَ وَ حَاشِیَتِكَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ نَظَرْتَ فِی أَمْرِكَ عَرَفْتَ أَنَّكَ وَحِیدٌ فَرِیدٌ لَیْسَ مَعَكَ أَحَدٌ مِنْ جَمِیعِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ عَامَّةَ الْأُمَمِ

ص: 388


1- 1. فی بعض النسخ« الفجرة مكان البررة».
2- 2. الجدب: القحط، مقابل الخصب.
3- 3. الضاری من الكلاب ما لهج بالصید و تعود أكله.
4- 4. السورة: الحدة.

عَدُوٌّ لَكَ وَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ الَّتِی أُوتِیتَ الْمُلْكَ عَلَیْهَا كَثِیرَةُ الْحَسَدِ(1)

مِنْ أَهْلِ الْعَدَاوَةِ وَ الْغِشِّ لَكَ الَّذِینَ هُمْ أَشَدُّ عَدَاوَةً لَكَ مِنَ السِّبَاعِ الضَّارِیَةِ وَ أَشَدُّ حَنَقاً عَلَیْكَ مِنْ كُلِّ الْأُمَمِ الْغَرِیبَةِ وَ إِذَا صِرْتَ إِلَی أَهْلِ طَاعَتِكَ وَ مَعُونَتِكَ وَ قَرَابَتِكَ وَجَدْتَ لَهُمْ قَوْماً یَعْمَلُونَ عَمَلًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ یَحْرِصُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ یَنْقُصُوكَ مِنَ الْعَمَلِ فَیَزْدَادُوكَ مِنَ الْأَجْرِ وَ إِذَا صِرْتَ إِلَی أَهْلِ خَاصَّتِكَ وَ قَرَابَتِكَ صِرْتَ إِلَی قَوْمٍ جَعَلْتَ كَدَّكَ وَ كَدْحَكَ (2) وَ مُهَنَّأَكَ وَ كَسْبَكَ لَهُمْ فَأَنْتَ تُؤَدِّی إِلَیْهِمْ كُلَّ یَوْمٍ الضَّرِیبَةَ وَ لَیْسَ كُلُّهُمْ وَ إِنْ وَزَعْتَ

بَیْنَهُمْ جَمِیعَ كَدِّكَ عَنْكَ بِرَاضٍ فَإِنْ أَنْتَ حَبَسْتَ عَنْهُمْ ذَلِكَ فَلَیْسَ مِنْهُمْ الْبَتَّةَ بِرَاضٍ أَ فَلَا تَرَی أَنَّكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ وَحِیدٌ لَا أَهْلَ لَكَ وَ لَا مَالَ فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّ لِی أَهْلًا وَ مَالًا وَ إِخْوَاناً وَ أَخَوَاتاً وَ أَوْلِیَاءَ- لَا یَأْكُلُونِّی وَ لَا یَأْكُلُونَ بِی یُحِبُّونِّی وَ أُحِبُّهُمْ فَلَا یُفْقَدُ الْحُبُّ بَیْنَنَا یَنْصَحُونِّی وَ أَنْصَحُهُمْ فَلَا غِشَّ بَیْنَنَا وَ یَصْدُقُونِّی وَ أَصْدُقُهُمْ فَلَا تَكَاذُبَ بَیْنَنَا وَ یُوَالُونِّی وَ أُوَالِیهِمْ فَلَا عَدَاوَةَ بَیْنَنَا یَنْصُرُونِّی وَ أَنْصُرُهُمْ فَلَا تَخَاذُلَ بَیْنَنَا یَطْلُبُونَ الْخَیْرَ الَّذِی إِنْ طَلَبْتُهُ مَعَهُمْ لَمْ یَخَافُوا أَنْ أَغْلِبَهُمْ عَلَیْهِ أَوْ أَسْتَأْثِرَ بِهِ دُونَهُمْ فَلَا فَسَادَ بَیْنَنَا وَ لَا تَحَاسُدَ یَعْمَلُونَ لِی وَ أَعْمَلُ لَهُمْ بِأُجُورٍ لَا تَنْفَدُ وَ لَا یَزَالُ الْعَمَلُ قَائِماً بَیْنَنَا هُمْ هُدَاتِی إِنْ ضَلَلْتُ وَ نُورُ بَصَرِی إِنْ عَمِیتُ وَ حِصْنِی إِنْ أُتِیتُ وَ مِجَنِّی إِنْ رُمِیتُ (3)

وَ أَعْوَانِی إِذَا فَزِعْتُ وَ قَدْ تَنَزَّهْنَا عَنِ الْبُیُوتِ وَ الْمَخَانِی (4) فَلَا یَزِیدُهَا وَ تَرَكْنَا الذَّخَائِرَ وَ الْمَكَاسِبَ لِأَهْلِ الدُّنْیَا فَلَا تَكَاثُرَ بَیْنَنَا وَ لَا تَبَاغِیَ وَ لَا تَبَاغُضَ وَ لَا تَفَاسُدَ وَ لَا تَحَاسُدَ وَ لَا تَقَاطُعَ فَهَؤُلَاءِ أَهْلِی أَیُّهَا الْمَلِكُ وَ إِخْوَانِی وَ أَقْرِبَائِی وَ أَحِبَّائِی أَحْبَبْتُهُمْ وَ انْقَطَعْتُ إِلَیْهِمْ وَ تَرَكْتُ الَّذِینَ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ بِالْعَیْنِ الْمَسْحُورَةِ لَمَّا عَرَفْتُهُمْ وَ الْتَمَسْتُ السَّلَامَةَ مِنْهُمْ.

ص: 389


1- 1. فی بعض النسخ« الحشد» و هو الجماعة.
2- 2. الكد: السعی و الجد، و الكدح فی العمل: المجاهدة فیه.
3- 3. المجن: الترس و كل ما وقی من السلاح.
4- 4. لعله جمع خان و هو الحانوت و الفندق. و فی بعض النسخ« المخابی».

فَهَذِهِ الدُّنْیَا أَیُّهَا الْمَلِكُ الَّتِی أَخْبَرْتُكَ أَنَّهَا لَا شَیْ ءَ فَهَذَا نَسَبُهَا وَ حَسَبُهَا وَ مَسِیرُهَا إِلَی مَا قَدْ سَمِعْتَ قَدْ رَفَضْتُهَا لِمَا عَرَفْتُهَا وَ أَبْصَرْتُ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ الشَّیْ ءُ فَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْ أَصِفَ لَكَ مَا أَعْرِفُ عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ الَّتِی هِیَ الشَّیْ ءُ فَاسْتَعِدَّ إِلَی السَّمَاعِ تَسْمَعُ غَیْرَ مَا كُنْتَ تَسْمَعُ بِهِ مِنَ الْأَشْیَاءِ فَلَمْ یَزِدْهُ الْمَلِكُ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ قَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَمْ تُصِبْ شَیْئاً وَ لَمْ تَظْفَرْ إِلَّا بِالشَّقاءِ وَ الْعَنَاءِ فَاخْرُجْ وَ لَا تُقِیمَنَّ فِی شَیْ ءٍ مِنْ مَمْلَكَتِی فَإِنَّكَ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ وَ وُلِدَ لِلْمَلِكِ فِی تِلْكَ الْأَیَّامِ بَعْدَ إِیَاسِهِ مِنَ الذُّكُورِ غُلَامٌ لَمْ یَرَ النَّاسُ مَوْلُوداً مِثْلَهُ قَطُّ حُسْناً وَ جَمَالًا وَ ضِیَاءً فَبَلَغَ السُّرُورُ مِنَ الْمَلِكِ مَبْلَغاً عَظِیماً كَادَ یُشْرِفُ مِنْهُ عَلَی هَلَاكِ نَفْسِهِ مِنَ الْفَرَحِ وَ زَعَمَ أَنَّ الْأَوْثَانَ الَّتِی كَانَ یَعْبُدُهَا هِیَ الَّتِی وَهَبَتْ لَهُ الْغُلَامَ فَقَسَمَ عَامَّةَ مَا كَانَ فِی بُیُوتِ أَمْوَالِهِ عَلَی بُیُوتِ أَوْثَانِهِ وَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْأَكْلِ وَ الشُّرْبِ سَنَةً وَ سَمَّی الْغُلَامَ یُوذَاسُفَ وَ جَمَعَ الْعُلَمَاءَ وَ الْمُنَجِّمِینَ لِتَقْوِیمِ مِیلَادِهِ فَرَفَعَ الْمُنَجِّمُونَ إِلَیْهِ أَنَّهُمْ یَجِدُونَ الْغُلَامَ یَبْلُغُ مِنَ الشَّرَفِ وَ الْمَنْزِلَةِ مَا لَا یَبْلُغُهُ أَحَدٌ قَطُّ فِی أَرْضِ الْهِنْدِ وَ اتَّفَقُوا عَلَی ذَلِكَ جَمِیعاً غَیْرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ مَا أَظُنُّ الشَّرَفَ وَ الْمَنْزِلَةَ وَ الْفَضْلَ الَّذِی وَجَدْنَاهُ یَبْلُغُهُ هَذَا الْغُلَامُ إِلَّا شَرَفَ الْآخِرَةِ وَ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ إِمَاماً فِی الدِّینِ وَ النُّسُكِ وَ ذَا فَضِیلَةٍ فِی دَرَجَاتِ الْآخِرَةِ لِأَنِّی أَرَی الشَّرَفَ الَّذِی تَبْلُغُهُ لَیْسَ یُشْبِهُ شَیْئاً مِنْ شَرَفِ الدُّنْیَا وَ هُوَ شَبِیهٌ بِشَرَفِ الْآخِرَةِ فَوَقَعَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنَ الْمَلِكِ مَوْقِعاً كَادَ أَنْ یُنَغِّصَهُ سُرُورَهُ بِالْغُلَامِ وَ كَانَ الْمُنَجِّمُ الَّذِی أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ الْمُنَجِّمِینَ فِی نَفْسِهِ وَ أَعْلَمِهِمْ وَ أَصْدَقِهِمْ عِنْدَهُ وَ أَمَرَ الْمَلِكُ لِلْغُلَامِ بِمَدِینَةٍ فَأَخْلَاهَا وَ تَخَیَّرَ لَهُ مِنَ الظُّؤْرَةِ(1)

وَ الْخَدَمِ كُلَّ ثِقَةٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ أَنْ لَا یُذْكَرَ فِیمَا بَیْنَهُمْ مَوْتٌ وَ لَا آخِرَةٌ وَ لَا حُزْنٌ وَ لَا مَرَضٌ وَ لَا فَنَاءٌ حَتَّی تَعْتَادَ ذَلِكَ أَلْسِنَتُهُمْ وَ تَنْسَاهُ قُلُوبُهُمْ وَ أَمَرَهُمْ إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ أَنْ لَا یَنْطِقُوا عِنْدَهُ بِذِكْرِ شَیْ ءٍ مِمَّا یَتَخَوَّفُونَهُ عَلَیْهِ خَشْیَةَ أَنْ یَقَعَ فِی قَلْبِهِ مِنْهُ شَیْ ءٌ فَیَكُونَ ذَلِكَ دَاعِیَةً إِلَی اهْتِمَامِهِ

ص: 390


1- 1. جمع الظئر: المرضعة.

بِالدِّینِ وَ النُّسُكِ وَ أَنْ یَتَحَفَّظُوا وَ یَتَحَرَّزُوا مِنْ ذَلِكَ وَ یَتَفَقَّدَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ ازْدَادَ الْمَلِكُ عِنْدَ ذَلِكَ حَنَقاً عَلَی النُّسَّاكِ مَخَافَةً عَلَی ابْنِهِ وَ كَانَ لِذَلِكَ الْمَلِكُ وَزِیرٌ قَدْ كَفَلَ أَمْرَهُ وَ حَمَلَ عَنْهُ مَئُونَةَ سُلْطَانِهِ وَ كَانَ لَا یَخُونُهُ وَ لَا یَكْذِبُهُ وَ لَا یَكْتُمُهُ وَ لَا یُؤْثِرُ عَلَیْهِ وَ لَا یَتَوَانَی فِی شَیْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ وَ لَا یُضَیِّعُهُ وَ كَانَ الْوَزِیرُ مَعَ ذَلِكَ رَجُلًا لَطِیفاً طَلِقاً مَعْرُوفاً بِالْخَیْرِ یُحِبُّهُ النَّاسُ وَ یَرْضَوْنَ بِهِ إِلَّا أَنَّ أَحِبَّاءَ الْمَلِكِ وَ أَقْرِبَاءَهُ كَانُوا یَحْسُدُونَهُ وَ یَبْغُونَ عَلَیْهِ وَ یَسْتَثْقِلُونَ بِمَكَانِهِ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ إِلَی الصَّیْدِ وَ مَعَهُ ذَلِكَ الْوَزِیرُ فَأَتَی بِهِ فِی شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ عَلَی رَجُلٍ قَدْ أَصَابَتْهُ زَمَانَةٌ شَدِیدَةٌ فِی رِجْلَیْهِ مُلْقًی فِی أَصْلِ شَجَرَةٍ لَا یَسْتَطِیعُ بَرَاحاً(1)

فَسَأَلَهُ الْوَزِیرُ عَنْ شَأْنِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ السِّبَاعَ أَصَابَتْهُ فَرَقَّ لَهُ الْوَزِیرُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ضُمَّنِی إِلَیْكَ وَ احْمِلْنِی إِلَی مَنْزِلِكَ فَإِنَّكَ تَجِدُ عِنْدِی مَنْفَعَةً فَقَالَ الْوَزِیرُ إِنِّی لَفَاعِلٌ وَ إِنْ لَمْ أَجِدْ عِنْدَكَ مَنْفَعَةً وَ لَكِنْ یَا هَذَا مَا الْمَنْفَعَةُ الَّتِی تَعِدُنِیهَا هَلْ تَعْمَلُ عَمَلًا أَوْ تُحْسِنُ شَیْئاً فَقَالَ الرَّجُلُ نَعَمْ أَنَا أَرْتِقُ الْكَلَامَ (2) فَقَالَ وَ كَیْفَ تَرْتِقُ الْكَلَامَ قَالَ إِذَا كَانَ فِیهِ فَتْقٌ أَرْتِقُهُ حَتَّی لَا یَجِی ءَ مِنْ قِبَلِهِ فَسَادٌ فَلَمْ یَرَ الْوَزِیرُ قَوْلَهُ شَیْئاً وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ أَمَرَ لَهُ بِمَا یُصْلِحُهُ- حَتَّی إِذْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ احْتَالَ أَحِبَّاءُ الْمَلِكِ لِلْوَزِیرِ وَ ضَرَبُوا لَهُ الْأُمُورَ ظَهْراً وَ بَطْناً فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی أَنْ دَسُّوا رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذَا الْوَزِیرَ یَطْمَعُ فِی مُلْكِكَ أَنْ یَغْلِبَ عَلَیْهِ عَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَهُوَ یُصَانِعُ النَّاسَ عَلَی ذَلِكَ وَ یَعْمَلُ عَلَیْهِ دَائِباً فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ صِدْقَ ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَكَ أَنْ تَرْفِضَ الْمُلْكَ وَ تَلْحَقَ بِالنُّسَّاكِ فَإِنَّكَ سَتَرَی مِنْ فَرَحِهِ بِذَلِكَ مَا تَعْرِفُ بِهِ أَمْرَهُ وَ كَانَ الْقَوْمُ قَدْ عَرَفُوا مِنَ الْوَزِیرِ رِقَّةً عِنْدَ ذِكْرِ فَنَاءِ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتِ وَ لِیناً لِلنُّسَّاكِ وَ حُبّاً لَهُمْ فَعَمِلُوا فِیهِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِی ظَنُّوا أَنَّهُمْ یَظْفَرُونَ بِحَاجَتِهِمْ مِنْهُ فَقَالَ الْمَلِكُ لَئِنْ

ص: 391


1- 1. أی لا یستطیع تحولا.
2- 2. رتق الفتق: أصلحه. یقال هو راتق أی مصلح الامر.

هَجَمْتُ مِنْهُ عَلَی هَذَا لَمْ أَسْأَلْ عَمَّا سِوَاهُ فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَیْهِ الْوَزِیرُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ إِنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ حِرْصِی عَلَی الدُّنْیَا وَ طَلَبِ الْمُلْكِ وَ إِنِّی ذَكَرْتُ مَا مَضَی مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْ مَعِی مِنْهُ طَائِلًا وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الَّذِی بَقِیَ مِنْهُ كَالَّذِی مَضَی فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَنْقَضِیَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَجْمَعِهِ فَلَا یَصِیرَ فِی یَدِی مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَعْمَلَ فِی حَالِ الْآخِرَةِ عَمَلًا قَوِیّاً عَلَی قَدْرِ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِی فِی الدُّنْیَا وَ قَدْ بَدَا لِی أَنْ أَلْحَقَ بِالنُّسَّاكِ وَ أُخَلِّیَ هَذَا الْعَمَلَ لِأَهْلِهِ فَمَا رَأْیُكَ قَالَ فَرَقَّ الْوَزِیرُ لِذَلِكَ رِقَّةً شَدِیدَةً حَتَّی عَرَفَ الْمَلِكُ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ الْبَاقِیَ وَ إِنْ كَانَ عَزِیزاً لَأَهْلٌ أَنْ یُطْلَبَ وَ إِنَّ الْفَانِیَ وَ إِنِ اسْتَمْكَنْتَ مِنْهُ لَأَهْلٌ أَنْ یُرْفَضَ وَ نِعْمَ الرَّأْیُ رَأَیْتَ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَجْمَعَ اللَّهُ لَكَ مَعَ الدُّنْیَا شَرَفَ الْآخِرَةِ قَالَ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَی الْمَلِكِ وَ وَقَعَ مِنْهُ كُلُّ مَوْقِعٍ وَ لَمْ یُبْدِ لَهُ شَیْئاً غَیْرَ أَنَّ الْوَزِیرَ عَرَفَ الثِّقْلَ فِی وَجْهِهِ- فَانْصَرَفَ إِلَی أَهْلِهِ كَئِیباً حَزِیناً لَا یَدْرِی مِنْ أَیْنَ أُتِیَ وَ لَا مَنْ دَهَاهُ (1)

وَ لَا یَدْرِی مَا دَوَاءُ الْمَلِكِ فِیمَا اسْتَنْكَرَ عَلَیْهِ فَسَهِرَ لِذَلِكَ عَامَّةَ اللَّیْلِ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ الَّذِی زَعَمَ أَنَّهُ یَرْتِقُ الْكَلَامَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ كُنْتَ ذَكَرْتَ لِی ذِكْراً مِنْ رَتْقِ الْكَلَامِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَجَلْ فَهَلِ احْتَجْتَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْوَزِیرُ نَعَمْ أُخْبِرُكَ أَنِّی صَحِبْتُ هَذَا الْمَلِكَ قَبْلَ مُلْكِهِ وَ مُنْذُ صَارَ مَلِكاً فَلَمْ أَسْتَنْكِرْهُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُ قَطُّ لِمَا یَعْرِفُهُ مِنْ نَصِیحَتِی وَ شَفَقَتِی وَ إِیثَارِی إِیَّاهُ عَلَی نَفْسِی وَ عَلَی جَمِیعِ النَّاسِ حَتَّی إِذَا كَانَ هَذَا الْیَوْمُ اسْتَنْكَرْتُهُ اسْتِنْكَاراً شَدِیداً- لَا أَظُنُّ خَیْراً عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاتِقُ هَلْ لِذَلِكَ سَبَبٌ أَوْ عِلَّةٌ قَالَ الْوَزِیرُ نَعَمْ دَعَانِی أَمْسِ وَ قَالَ لِی كَذَا وَ كَذَا فَقُلْتُ لَهُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ مِنْ هَاهُنَا جَاءَ الْفَتْقُ وَ أَنَا أَرْتِقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمَلِكَ قَدْ ظَنَّ أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ یَنْجَلِیَ هُوَ عَنْ مُلْكِهِ وَ تَخْلُفَهُ أَنْتَ فِیهِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ فَاطْرَحْ عَنْكَ ثِیَابَكَ وَ حِلْیَتَكَ وَ الْبَسْ أَوْضَعَ مَا تَجِدُهُ مِنْ ذِی النُّسَّاكِ وَ أَشْهَرَهُ ثُمَّ احْلِقْ رَأْسَكَ وَ امْضِ عَلَی وَجْهِكَ إِلَی بَابِ الْمَلِكِ فَإِنَّ الْمَلِكَ سَیَدْعُو بِكَ وَ یَسْأَلُكَ عَنِ الَّذِی صَنَعْتَ فَقُلْ لَهُ هَذَا الَّذِی دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ وَ لَا

ص: 392


1- 1. فی بعض النسخ« ما دهاه».

یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یُشِیرَ عَلَی صَاحِبِهِ بِشَیْ ءٍ إِلَّا وَاسَاهُ فِیهِ وَ صَبَرَ عَلَیْهِ وَ مَا أَظُنُّ الَّذِی دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ إِلَّا خَیْراً مِمَّا نَحْنُ فِیهِ فَقُمْ إِذَا بَدَا لَكَ فَفَعَلَ الْوَزِیرُ ذَلِكَ فَتَخَلَّی عَنْ نَفْسِ الْمَلِكِ مَا كَانَ فِیهَا عَلَیْهِ ثُمَّ أَمَرَ الْمَلِكُ بِنَفْیِ النُّسَّاكِ مِنْ جَمِیعِ بِلَادِهِ وَ تَوَعَّدَهُمْ بِالْقَتْلِ فَجَدُّوا فِی الْهَرَبِ وَ الِاسْتِخْفَاءِ- ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ مُتَصَیِّداً فَوَقَعَ بَصَرُهُ عَلَی شَخْصَیْنِ مِنْ بَعِیدٍ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِمَا فَأُتِیَ بِهِمَا فَإِذَا هُمَا نَاسِكَانِ فَقَالَ لَهُمَا مَا بَالُكُمَا لَنْ تَخْرُجَا مِنْ بِلَادِی- قَالا قَدْ أَتَتْنَا رُسُلُكَ وَ نَحْنُ عَلَی سَبِیلِ الْخُرُوجِ قَالَ وَ لِمَ خَرَجْتُمَا رَاجِلَیْنِ قَالا لِأَنَّا قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لَیْسَ لَنَا دَوَابُّ وَ لَا زَادٌ وَ لَا نَسْتَطِیعُ الْخُرُوجَ إِلَّا بِالتَّقْصِیرِ قَالَ الْمَلِكُ إِنَّ مَنْ خَافَ الْمَوْتَ أَسْرَعَ بِغَیْرِ دَابَّةٍ وَ لَا زَادٍ فَقَالا لَهُ إِنَّا لَا نَخَافُ الْمَوْتَ بَلْ لَا نَنْظُرُ قُرَّةَ عَیْنٍ فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ إِلَّا فِیهِ قَالَ الْمَلِكُ وَ كَیْفَ لَا تَخَافَانِ الْمَوْتَ وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنَّ رُسُلَنَا لَمَا أَتَتْكُمُ وَ أَنْتُمْ عَلَی سَبِیلِ الْخُرُوجِ أَ فَلَیْسَ هَذَا هُوَ الْهَرَبَ مِنَ الْمَوْتِ قَالا إِنَّ الْهَرَبَ مِنَ الْمَوْتِ لَیْسَ مِنَ الْفَرَقِ (1)

فَلَا تَظُنُّ أَنَّا فَرَقْنَاكَ وَ لَكِنَّا هَرَبْنَا مِنْ أَنْ یعینك [نُعِینَكَ] عَلَی أَنْفُسِنَا فَأَسِفَ الْمَلِكُ وَ أَمَرَ بِهِمَا أَنْ یُحْرَقَا بِالنَّارِ وَ أَذِنَ فِی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ بِأَخْذِ النُّسَّاكِ وَ تَحْرِیقِهِمْ بِالنَّارِ فَتَجَرَّدَ رُؤَسَاءُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِی طَلَبِهِمْ وَ أَخَذُوا مِنْهُمْ بَشَراً كَثِیراً وَ أَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ فَمِنْ ثَمَّ صَارَ التَّحْرِیقُ سُنَّةً بَاقِیَةً فِی أَرْضِ الْهِنْدِ وَ بَقِیَ فِی جَمِیعِ تِلْكَ الْأَرْضِ قَوْمٌ قَلِیلٌ مِنَ النُّسَّاكِ كَرِهُوا الْخُرُوجَ مِنَ الْبِلَادِ وَ اخْتَارُوا الْغَیْبَةَ وَ الِاسْتِخْفَاءَ لِیَكُونُوا دُعَاةً وَ هُدَاةً لِمَنْ وَصَلُوا إِلَی كَلَامِهِ فَنَبَتَ ابْنُ الْمَلِكِ أَحْسَنَ نَبَاتٍ فِی جِسْمِهِ وَ عَقْلِهِ وَ عِلْمِهِ وَ رَأْیِهِ وَ لَكِنَّهُ لَمْ یُؤْخَذْ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْآدَابِ إِلَّا بِمَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ الْمُلُوكُ مِمَّا لَیْسَ فِیهِ ذِكْرُ مَوْتٍ وَ لَا زَوَالٍ وَ لَا فَنَاءٍ وَ أُوتِیَ الْغُلَامُ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْحِفْظِ شَیْئاً كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَ كَانَ أَبُوهُ لَا یَدْرِی أَ یَفْرَحُ بِمَا أُوتِیَ ابْنُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ یَحْزَنُ لَهُ لِمَا یَتَخَوَّفُ عَلَیْهِ أَنْ یَدْعُوَهُ ذَلِكَ إِلَی مَا قِیلَ فِیهِ فَلَمَّا فَطَنَ الْغُلَامُ بِحَصْرِهِمْ إِیَّاهُ فِی الْمَدِینَةِ وَ مَنَعَهُمْ إِیَّاهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَ النَّظَرِ وَ الِاسْتِمَاعِ وَ تَحَفُّظِهِمْ عَلَیْهِ ارْتَابَ لِذَلِكَ وَ سَكَتَ عَنْهُ وَ قَالَ فِی نَفْسِهِ هَؤُلَاءِ أَعْلَمُ بِمَا

ص: 393


1- 1. الفرق- محركة-: الخوف.

یُصْلِحُنِی مِنِّی حَتَّی إِذَا ازْدَادَ بِالسِّنِّ وَ التَّجْرِبَةِ عِلْماً قَالَ مَا أَرَی لِهَؤُلَاءِ عَلَیَّ فَضْلًا وَ مَا أَنَا بِحَقِیقٍ أَنْ أُقَلِّدَهُمْ أَمْرِی فَأَرَادَ أَنْ یُكَلِّمَ أَبَاهُ إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ وَ یَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِ حَصْرِهِ إِیَّاهُ ثُمَّ قَالَ مَا هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَ مَا كَانَ لِیُطْلِعَنِی عَلَیْهِ وَ لَكِنِّی حَقِیقٌ أَنْ أَلْتَمِسَ

عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ حَیْثُ أَرْجُو إِدْرَاكَهُ- وَ كَانَ فِی خَدَمِهِ رَجُلٌ كَانَ أَلْطَفَهُمْ بِهِ وَ أَرْأَفَهُمْ بِهِ وَ كَانَ الْغُلَامُ إِلَیْهِ مُسْتَأْنِساً فَطَمِعَ الْغُلَامُ فِی إِصَابَةِ الْخَبَرِ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَازْدَادَ لَهُ مُلَاطَفَةً وَ بِهِ اسْتِینَاساً ثُمَّ إِنَّ الْغُلَامَ وَاضَعَهُ الْكَلَامَ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ بِاللِّینِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَالِدِهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ بِالتَّرْغِیبِ وَ التَّرْهِیبِ وَ قَالَ لَهُ إِنِّی لَأَظُنُّ هَذَا الْمُلْكَ سائر [سَائِراً] لِی بَعْدَ وَالِدِی وَ أَنْتَ فِیهِ سَائِرُ أَحَدِ رَجُلَیْنِ إِمَّا أَعْظَمُ النَّاسِ فِیهِ مَنْزِلَةً وَ إِمَّا أَسْوَأُ النَّاسِ حَالًا قَالَ لَهُ الْحَاضِنُ (1)

وَ بِأَیِّ شَیْ ءٍ أَتَخَوَّفُ فِی مُلْكِكَ سُوءَ الْحَالِ قَالَ بِأَنْ تَكْتُمَنِی الْیَوْمَ أَمْراً أَفْهَمُهُ غَداً مِنْ غَیْرِكَ فَأَنْتَقِمَ مِنْكَ بِأَشَدِّ مَا أَقْدِرُ عَلَیْكَ- فَعَرَفَ الْحَاضِنُ مِنْهُ الصِّدْقَ وَ طَمِعَ مِنْهُ فِی الْوَفَاءِ فَأَفْشَی إِلَیْهِ خَبَرَهُ وَ الَّذِی قَالَ الْمُنَجِّمُونَ لِأَبِیهِ وَ الَّذِی حَذَرَ أَبُوهُ مِنْ ذَلِكَ فَشَكَرَ لَهُ الْغُلَامُ ذَلِكَ وَ أَطْبَقَ عَلَیْهِ حَتَّی إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ أَبُوهُ قَالَ یَا أَبَهْ إِنِّی وَ إِنْ كُنْتُ صَبِیّاً فَقَدْ رَأَیْتُ فِی نَفْسِی وَ اخْتِلَافِ حَالِی أَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَذْكُرُ وَ أَعْرِفُ بِمَا لَا أَذْكُرُ مِنْهُ مَا أَعْرِفُ- وَ أَنَا أَعْرِفُ أَنِّی لَمْ أَكُنْ عَلَی هَذَا الْمِثَالِ وَ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَی هَذِهِ الْحَالِ وَ لَا أَنْتَ كَائِنٌ عَلَیْهَا إِلَی الْأَبَدِ وَ سَیُغَیِّرُكَ الدَّهْرُ عَنْ حَالِكَ هَذِهِ فَلَئِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تُخْفِیَ عَنِّی أَمْرَ الزَّوَالِ فَمَا خَفِیَ عَلَی ذَلِكَ وَ لَئِنْ كُنْتَ حَبَسْتَنِی عَنِ الْخُرُوجِ وَ حُلْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَ النَّاسِ لِكَیْلَا تَتُوقَ نَفْسِی إِلَی غَیْرِ مَا أَنَا فِیهِ لَقَدْ تَرَكْتَنِی بِحَصْرِكَ إِیَّایَ وَ إِنَّ نَفْسِی لَقَلِقَةٌ مِمَّا تَحُولُ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ حَتَّی مَا لِی هَمٌّ غَیْرُهُ وَ لَا أَرَدْتُ سِوَاهُ حَتَّی لَا یَطْمَئِنُّ قَلْبِی إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا أَنَا فِیهِ وَ لَا أَنْتَفِعُ بِهِ وَ لَا آلَفُهُ فَخَلِّ عَنِّی وَ أَعْلِمْنِی بِمَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ تَحْذَرُهُ حَتَّی أَجْتَنِبَهُ وَ أُوثِرَ مُوَافَقَتَكَ وَ رِضَاكَ عَلَی مَا سِوَاهُمَا.

ص: 394


1- 1. الحاضن فاعل من حضنه أی جعله فی حضنه و الحضن ما دون الابط الی الكشح أو الصدر و العضدان و ما بینهما أی الحافظ و المؤدّب.

فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ ذَلِكَ مِنِ ابْنِهِ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مَا الَّذِی یَكْرَهُهُ وَ أَنَّهُ مِنْ حَبْسِهِ وَ حَصْرِهِ لَا یَزِیدُهُ إِلَّا إِغْرَاءً وَ حِرْصاً عَلَی مَا یُحَالُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَا أَرَدْتُ بِحَصْرِی إِیَّاكَ إِلَّا أَنْ أُنَحِّیَ عَنْكَ الْأَذَی فَلَا تَرَی إِلَّا مَا یُوَافِقُكَ وَ لَا تَسْمَعُ إِلَّا مَا یَسُرُّكَ فَأَمَّا إِذَا كَانَ هَوَاكَ فِی غَیْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ آثَرَ الْأَشْیَاءِ عِنْدِی مَا رَضِیتَ وَ هَوِیتَ ثُمَّ أَمَرَ الْمَلِكُ أَصْحَابَهُ أَنْ یُرْكِبُوهُ فِی أَحْسَنِ زِینَةٍ وَ أَنْ یُنَحُّوا عَنْ طَرِیقِهِ كُلَّ مَنْظَرٍ قَبِیحٍ وَ أَنْ یُعِدُّوا لَهُ الْمَعَازِفَ وَ الْمَلَاهِیَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَجَعَلَ بَعْدَ رَكْبَتِهِ تِلْكَ یُكْثِرُ الرُّكُوبَ فَمَرَّ ذَاتَ یَوْمٍ عَلَی طَرِیقٍ قَدْ غَفَلُوا عَنْهُ فَأَتَی عَلَی رَجُلَیْنِ مِنَ السُّؤَّالِ (1)

أَحَدُهُمَا قَدْ تَوَرَّمَ وَ ذَهَبَ لَحْمُهُ وَ اصْفَرَّ جِلْدُهُ وَ ذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ وَ سَمُجَ مَنْظَرُهُ وَ الْآخَرُ أَعْمَی یَقُودُهُ قَائِدٌ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ اقْشَعَرَّ مِنْهُمَا وَ سَأَلَ عَنْهُمَا فَقِیلَ لَهُ إِنَّ هَذَا الْمُوَرَّمَ مِنْ سُقْمٍ بَاطِنٍ وَ هَذَا الْأَعْمَی مِنْ زَمَانَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْمَلِكِ وَ إِنَّ هَذَا الْبَلَاءَ لَیُصِیبُ غَیْرَ وَاحِدٍ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ هَلْ یَأْمَنُ أَحَدٌ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ یُصِیبَهُ مِثْلُ هَذَا قَالُوا لَا وَ انْصَرَفَ یَوْمَئِذٍ مَهْمُوماً ثَقِیلًا مَحْزُوناً بَاكِیاً مُسْتَخِفّاً بِمَا هُوَ فِیهِ مِنْ مُلْكِهِ وَ مُلْكِ أَبِیهِ فَلَبِثَ بِذَلِكَ أَیَّاماً ثُمَّ رَكِبَ رَكْبَةً فَأَتَی فِی مَسِیرِهِ عَلَی شَیْخٍ كَبِیرٍ قَدِ انْحَنَی مِنَ الْكِبَرِ وَ تَبَدَّلَ خَلْقُهُ وَ ابْیَضَّ شَعْرُهُ وَ اسْوَدَّ لَوْنُهُ وَ تَقَلَّصَ جِلْدُهُ (2) وَ قَصُرَ خَطْوُهُ فَعَجِبَ مِنْهُ وَ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا هَذَا الْهَرَمُ فَقَالَ وَ فِی كَمْ یَبْلُغُ الرَّجُلُ مَا أَرَی قَالُوا فِی مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَ قَالَ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالُوا الْمَوْتُ قَالَ فَمَا یُخَلَّی بَیْنَ الرَّجُلِ وَ بَیْنَ مَا یُرِیدُ مِنَ الْمُدَّةِ قَالُوا لَا وَ لَیُصَیَّرَنَّ إِلَی هَذَا فِی قَلِیلٍ مِنَ الْأَیَّامِ فَقَالَ الشَّهْرُ ثَلَاثُونَ یَوْماً وَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً وَ انْقِضَاءُ الْعُمُرِ مِائَةَ سَنَةٍ فَمَا أَسْرَعَ الْیَوْمَ فِی الشَّهْرِ وَ مَا أَسْرَعَ الشَّهْرَ فِی السَّنَةِ وَ مَا أَسْرَعَ السَّنَةَ فِی الْعُمُرِ فَانْصَرَفَ الْغُلَامُ وَ هَذَا كَلَامُهُ یُبْدِیهِ وَ یُعِیدُهُ مُكَرِّراً لَهُ.

ص: 395


1- 1. فی بعض النسخ« فأتی علیه رجلان من السؤال».
2- 2. تقلص أی انضم و انزوی.

ثُمَّ سَهَرَ لَیْلَتَهُ كُلَّهَا وَ كَانَ لَهُ قَلْبٌ حَیٌّ ذَكِیٌّ وَ عَقْلٌ لَا یَسْتَطِیعُ مَعَهُ نِسْیَاناً وَ لَا غَفْلَةً فَعَلَاهُ الْحُزْنُ وَ الِاهْتِمَامُ فَانْصَرَفَ نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ كَانَ فِی ذَلِكَ یُدَارِی أَبَاهُ وَ یَتَلَطَّفُ عِنْدَهُ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ أَصْغَی بِسَمْعِهِ إِلَی كُلِّ مُتَكَلِّمٍ بِكَلِمَةٍ طَمِعَ أَنْ یَسْمَعَ شَیْئاً یَدُلُّهُ عَلَی غَیْرِ مَا هُوَ فِیهِ وَ خَلَا بِحَاضِنِهِ الَّذِی كَانَ أَفْضَی إِلَیْهِ بِسِرِّهِ فَقَالَ لَهُ هَلْ تَعْرِفُ مِنَ النَّاسِ أَحَداً شَأْنُهُ غَیْرُ شَأْنِنَا قَالَ نَعَمْ قَدْ كَانَ قَوْمٌ یُقَالُ لَهُمُ النُّسَّاكُ رَفَضُوا الدُّنْیَا وَ طَلَبُوا الْآخِرَةَ وَ لَهُمْ كَلَامٌ وَ عِلْمٌ لَا یُدْرَی مَا هُوَ غَیْرَ أَنَّ النَّاسَ عَادُوهُمْ وَ أَبْغَضُوهُمْ وَ حَرَّقُوهُمْ وَ نَفَاهُمُ الْمَلِكُ عَنْ هَذِهِ الْأَرْضِ فَلَا یُعْلَمُ الْیَوْمَ بِبِلَادِنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّهُمْ قَدْ غَیَّبُوا أَشْخَاصَهُمْ یَنْتَظِرُونَ الْفَرَجَ وَ هَذِهِ سُنَّةٌ فِی أَوْلِیَاءِ اللَّهِ قَدِیمَةٌ یَتَعَاطُونَهَا فِی دُوَلِ الْبَاطِلِ فَاغْتَصَّ لِذَلِكَ الْخَبَرِ فُؤَادُهُ وَ طَالَ بِهِ اهْتِمَامُهُ وَ صَارَ كَالرَّجُلِ الْمُلْتَمِسِ ضَالَّتَهُ الَّتِی لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَ ذَاعَ خَبَرُهُ فِی آفَاقِ الْأَرْضِ وَ شُهِرَ بِتَفَكُّرِهِ وَ جَمَالِهِ وَ كَمَالِهِ وَ فَهْمِهِ وَ عَقْلِهِ وَ زَهَادَتِهِ فِی الدُّنْیَا وَ هَوَانِهَا عَلَیْهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنَ النُّسَّاكِ یُقَالُ لَهُ بِلَوْهَرُ بِأَرْضٍ یُقَالُ لَهَا سراندیب [سَرَنْدِیبُ] وَ كَانَ رَجُلًا نَاسِكاً حَكِیماً فَرَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّی أَتَی أَرْضَ سولابط ثُمَّ عَمَدَ إِلَی بَابِ ابْنِ الْمَلِكِ فَلَزِمَهُ وَ طَرَحَ عَنْهُ زِیَّ النُّسَّاكِ وَ لَبِسَ زِیَّ التُّجَّارِ وَ تَرَدَّدَ إِلَی بَابِ ابْنِ الْمَلِكِ حَتَّی عَرَفَ الْأَهْلَ وَ الْأَحِبَّاءَ وَ الدَّاخِلِینَ إِلَیْهِ فَلَمَّا اسْتَبَانَ لَهُ لُطْفُ الْحَاضِنِ بِابْنِ الْمَلِكِ وَ حُسْنُ مَنْزِلَتِهِ مِنْهُ أَطَافَ بِهِ بِلَوْهَرُ حَتَّی أَصَابَ مِنْهُ خَلْوَةً- فَقَالَ لَهُ إِنِّی رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ سراندیب [سَرَنْدِیبَ] قَدِمْتُ مُنْذُ أَیَّامٍ وَ مَعِی سِلْعَةٌ عَظِیمَةٌ نَفِیسَةُ الثَّمَنِ عَظِیمَةُ الْقَدْرِ فَأَرَدْتُ الثِّقَةَ لِنَفْسِی فَعَلَیْكَ وَقَعَ اخْتِیَارِی وَ سِلْعَتِی خَیْرٌ مِنَ الْكِبْرِیتِ الْأَحْمَرِ وَ هِیَ تُبْصِرُ الْعُمْیَانَ وَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ تُدَاوِی مِنَ الْأَسْقَامِ وَ تُقَوِّی مِنَ الضَّعْفِ وَ تَعْصِمُ مِنَ الْجُنُونِ وَ تَنْصُرُ عَلَی الْعَدُوِّ وَ لَمْ أَرَ بِهَذَا أَحَداً هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ هَذَا الْفَتَی فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ تَذْكُرَ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرْتَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِیهَا حَاجَةٌ أَدْخَلْتَنِی عَلَیْهِ فَإِنَّهُ لَمْ یَخْفَ عَنْهُ فَضْلُ سِلْعَتِی لَوْ قَدْ نَظَرَ إِلَیْهَا- قَالَ الْحَاضِنُ لِلْحَكِیمِ إِنَّكَ لَتَقُولُ شَیْئاً مَا سَمِعْنَا بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ وَ لَا أَرَی بِكَ بَأْساً وَ مَا مِثْلِی یَذْكُرُ مَا لَا یَدْرِی بِهِ مَا هُوَ فَاعْرِضْ عَلَیَّ سِلْعَتَكَ أَنْظُرْ إِلَیْهَا فَإِنْ رَأَیْتُ شَیْئاً یَنْبَغِی لِی أَنْ أَذْكُرَهُ ذَكَرْتُهُ، قَالَ لَهُ

ص: 396

بِلَوْهَرُ إِنِّی رَجُلٌ طَبِیبٌ وَ إِنِّی لَأَرَی فِی بَصَرِكَ ضَعْفاً فَأَخَافُ إِنْ نَظَرْتَ إِلَی سِلْعَتِی أَنْ یَلْتَمِعَ بَصَرُكَ وَ لَكِنِ ابْنُ الْمَلِكِ صَحِیحُ الْبَصَرِ حَدَثُ السِّنِّ وَ لَسْتُ أَخَافُ عَلَیْهِ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی سِلْعَتِی فَإِنْ رَأَی مَا یُعْجِبُهُ كَانَتْ لَهُ مَبْذُولَةً عَلَی مَا یُحِبُّ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَیْهِ مَئُونَةٌ وَ لَا مَنْقَصَةٌ وَ هَذَا أَمْرٌ عَظِیمٌ لَا یَسَعُكَ أَنْ تُحَرِّمَهُ إِیَّاهُ أَوْ تَطْوِیَهُ دُونَهُ- فَانْطَلَقَ الْحَاضِنُ إِلَی ابْنِ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ فَحَسَّ قَلْبُ ابْنِ الْمَلِكِ بِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ حَاجَتَهُ فَقَالَ عَجِّلْ إِدْخَالَ الرَّجُلِ عَلَیَّ لَیْلًا وَ لْیَكُنْ ذَلِكَ فِی سِرٍّ وَ كِتْمَانٍ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا یَتَهَاوَنُ بِهِ فَأَمَرَ الْحَاضِنُ بِلَوْهَرَ بِالتَّهَیُّؤِ لِلدُّخُولِ عَلَیْهِ فَحَمَلَ مَعَهُ سَفَطاً فِیهِ كُتُبٌ لَهُ فَقَالَ الْحَاضِنُ مَا هَذَا السَّفَطُ قَالَ بِلَوْهَرُ فِی هَذَا السَّفَطِ سِلْعَتِی فَإِذَا شِئْتَ فَأَدْخِلْنِی عَلَیْهِ فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّی أَدْخَلَهُ عَلَیْهِ- فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ بِلَوْهَرُ سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ حَیَّاهُ وَ أَحْسَنَ ابْنُ الْمَلِكِ إِجَابَتَهُ وَ انْصَرَفَ الْحَاضِنُ وَ قَعَدَ الْحَكِیمُ عِنْدَ الْمَلِكِ فَأَوَّلُ مَا قَالَ لَهُ بِلَوْهَرُ رَأَیْتُكَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ زِدْتَنِی فِی التَّحِیَّةِ عَلَی مَا تَصْنَعُ بِغِلْمَانِكَ وَ أَشْرَافِ أَهْلِ بِلَادِكَ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ ذَلِكَ لِعَظِیمِ مَا رَجَوْتُ عِنْدَكَ قَالَ بِلَوْهَرُ لَئِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِی فَقَدْ كَانَ رَجُلًا مِنَ الْمُلُوكِ فِی بَعْضِ الْآفَاقِ یُعْرَفُ بِالْخَیْرِ وَ یُرْجَی فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ یَوْماً فِی مَوْكِبِهِ إِذْ عَرَضَ لَهُ فِی مَسِیرِهِ رَجُلَانِ مَاشِیَانِ لِبَاسُهُمَا الْخَلِقَانِ وَ عَلَیْهِمَا أَثَرُ الْبُؤْسِ وَ الضُّرِّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمَا الْمَلِكُ لَمْ یَتَمَالَكْ أَنْ وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ فَحَیَّاهُمَا وَ صَافَحَهُمَا فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ وُزَرَاؤُهُ اشْتَدَّ جَزَعُهُمْ مِمَّا صَنَعَ الْمَلِكُ فَأَتَوْا أَخاً لَهُ وَ كَانَ جَرِیّاً عَلَیْهِ فَقَالُوا إِنَّ الْمَلِكَ أَزْرَی بِنَفْسِهِ وَ فَضَحَ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ وَ خَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ لِإِنْسَانَیْنِ دَنِیَّیْنِ فَعَاتِبْهُ عَلَی ذَلِكَ كَیْلَا یَعُودَ وَ لُمْهُ عَلَی مَا صَنَعَ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَخُ الْمَلِكِ فَأَجَابَهُ الْمَلِكُ بِجَوَابٍ لَا یُدْرَی مَا حَالُهُ فِیهِ أَ سَاخِطٌ عَلَیْهِ الْمَلِكُ أَمْ رَاضٍ عَنْهُ فَانْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ حَتَّی إِذَا كَانَ بَعْدَ أَیَّامٍ أَمَرَ الْمَلِكُ مُنَادِیاً وَ كَانَ یُسَمَّی مُنَادِیَ الْمَوْتِ فَنَادَی فِی فِنَاءِ دَارِهِ وَ كَانَتْ تِلْكَ سُنَّتَهُمْ فِیمَنْ أَرَادُوا قَتْلَهُ- فَقَامَتِ النَّوَائِحُ وَ النَّوَادِبُ فِی دَارِ أَخِ الْمَلِكِ وَ لَبِسَ ثِیَابَ الْمَوْتَی وَ انْتَهَی إِلَی بَابِ الْمَلِكِ وَ هُوَ یَبْكِی بُكَاءً شَدِیداً وَ نَتَفَ شَعْرَهُ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَلِكَ دَعَا بِهِ فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ الْمَلِكُ دَخَلَ

ص: 397

عَلَیْهِ وَ وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ وَ نَادَی بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ رَفَعَ یَدَهُ بِالتَّضَرُّعِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ اقْتَرِبْ أَیُّهَا السَّفِیهُ أَنْتَ تَجْزَعُ مِنْ مُنَادٍ نَادَی مِنْ بَابِكَ بِأَمْرِ مَخْلُوقٍ وَ لَیْسَ بِأَمْرِ خَالِقٍ وَ أَنَا أَخُوكَ وَ قَدْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ لَكَ إِلَیَّ ذَنْبٌ أَقْتُلُكَ عَلَیْهِ ثُمَّ أَنْتُمْ تَلُومُونَنِی عَلَی وُقُوعِی إِلَی الْأَرْضِ حِینَ نَظَرْتُ إِلَی مُنَادِی رَبِّی إِلَیَّ وَ أَنَا أَعْرَفُ مِنْكُمْ بِذُنُوبِی فَاذْهَبْ فَإِنِّی قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَغَرَّكَ وُزَرَائِی وَ سَیَعْلَمُونَ خَطَأَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ الْمَلِكُ بِأَرْبَعَةِ تَوَابِیتَ فَصُنِعَتْ لَهُ مِنْ خَشَبٍ فَطَلَا تَابُوتَیْنِ مِنْهَا بِالذَّهَبِ وَ تَابُوتَیْنِ بِالْقَارِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا مَلَأَ تَابُوتَیِ الْقَارِ ذَهَباً وَ یَاقُوتاً وَ زَبَرْجَداً وَ مَلَأَ تَابُوتَیِ الذَّهَبِ جِیَفاً وَ دَماً وَ عَذِرَةً وَ شَعْراً ثُمَّ جَمَعَ الْوُزَرَاءَ وَ الْأَشْرَافَ الَّذِینَ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا صَنِیعَهُ بِالرَّجُلَیْنِ الضَّعِیفَیْنِ النَّاسِكِینَ فَعَرَضَ عَلَیْهِمُ التَّوَابِیتَ الْأَرْبَعَةَ وَ أَمَرَهُمْ بِتَقْوِیمِهَا فَقَالُوا أَمَّا فِی ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَ مَا رَأَیْنَا وَ مَبْلَغِ عَلِمْنَا فَإِنَّ تَابُوتَیِ الذَّهَبِ لَا ثَمَنَ لَهُمَا لِفَضْلِهِمَا وَ تَابُوتَیِ الْقَارِ لَا ثَمَنَ لَهُمَا لِرَذَالَتِهِمَا فَقَالَ الْمَلِكُ أَجَلْ هَذَا لِعِلْمِكُمْ بِالْأَشْیَاءِ وَ مَبْلَغِ رَأْیِكُمْ فِیهَا ثُمَّ أَمَرَ بِتَابُوتَیِ الْقَارِ فَنُزِعَتْ عَنْهُمَا صَفَائِحُهُمَا فَأَضَاءَ الْبَیْتُ بِمَا فِیهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ فَقَالَ هَذَانِ مَثَلُ الرَّجُلَیْنِ الَّذِینَ ازْدَرَیْتُمْ لِبَاسَهُمَا وَ ظَاهِرَهُمَا وَ هُمَا مَمْلُوَّانِ عِلْماً وَ حِكْمَةً وَ صِدْقاً وَ بِرّاً وَ سَائِرَ مَنَاقِبِ الْخَیْرِ الَّذِی هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْیَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْجَوْهَرِ وَ الذَّهَبِ ثُمَّ أَمَرَ بِتَابُوتَیِ الذَّهَبِ فَنُزِعَ عَنْهُمَا أَبْوَابُهُمَا فَاقْشَعَرَّ الْقَوْمُ مِنْ سُوءِ مَنْظَرِهِمَا وَ تَأَذَّوْا بِرِیحِهِمَا وَ نَتْنِهِمَا فَقَالَ الْمَلِكُ وَ هَذَانِ مَثَلُ الْقَوْمِ الْمُتَزَیِّنِینَ بِظَاهِرِ الْكِسْوَةِ وَ اللِّبَاسِ وَ أَجْوَافُهُمَا مَمْلُوَّةٌ جَهَالَةً وَ عَمًی وَ كَذِباً وَ جَوْراً وَ سَائِرَ أَنْوَاعِ الشَّرِّ الَّتِی هِیَ أَفْظَعُ وَ أَشْنَعُ وَ أَقْذَرُ مِنَ الْجِیَفِ قَالَ الْقَوْمُ قَدْ فُقِّهْنَا وَ اتَّعَظْنَا أَیُّهَا الْمَلِكُ ثُمَّ قَالَ بِلَوْهَرُ هَذَا مَثَلُكَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ فِیمَا تَلَقَّیْتَنِی بِهِ مِنَ التَّحِیَّةِ وَ الْبِشْرِ فَانْتَصَبَ یُوذَاسُفُ ابْنُ الْمَلِكِ وَ كَانَ مُتَّكِئاً ثُمَّ قَالَ زِدْنِی مَثَلًا قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّ الزَّارِعَ خَرَجَ بِبَذْرِهِ الطَّیِّبِ لِیَبْذُرَهُ فَلَمَّا مَلَأَ كَفَّهُ وَ نَثَرَهُ وَقَعَ بَعْضُهُ عَلَی حَافَّةِ الطَّرِیقِ فَلَمْ یلبثان [یَلْبَثْ] أَنِ الْتَقَطَهُ الطَّیْرُ وَ وَقَعَ بَعْضُهُ عَلَی صَفَاةٍ قَدْ أَصَابَهَا نَدًی وَ طِینٌ،

ص: 398

فَمَكَثَ حَتَّی اهْتَزَّ فَلَمَّا صَارَتْ عُرُوقُهُ إِلَی یُبْسِ الصَّفَاةِ مَاتَ وَ یَبِسَ وَ وَقَعَ بَعْضُهُ بِأَرْضٍ ذَاتِ شَوْكٍ فَنَبَتَ حَتَّی سَنْبَلَ وَ كَادَ أَنْ یُثْمِرَ فَمَنَعَهُ الشَّوْكُ فَأَبْطَلَهُ وَ أَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ وَقَعَ فِی الْأَرْضِ الطَّیِّبَةِ وَ إِنْ كَانَ قَلِیلًا فَإِنَّهُ سَلِمَ وَ طَابَ وَ زَكِیَ فَالزَّارِعُ حَامِلُ الْحِكْمَةِ وَ أَمَّا الْبَذْرُ فَفُنُونُ الْكَلَامِ وَ أَمَّا مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَی حَافَّةِ الطَّرِیقِ فَالْتَقَطَهُ الطَّیْرُ فَمَا لَا یُجَاوِزُ السَّمْعَ مِنْهُ حَتَّی یَمُرَّ صَفْحاً وَ أَمَّا مَا وَقَعَ عَلَی الصَّخْرَةِ فِی النَّدَی فَیَبِسَ حِینَ بَلَغَتْ عُرُوقُهُ الصَّفَاةَ فَمَا اسْتَحْلَاهُ صَاحِبُهُ حَتَّی سَمِعَهُ بِفَرَاغِ قَلْبِهِ وَ عَرَفَهُ بِفَهْمِهِ وَ لَمْ یَفْقَهْ بِحَصَافَةِ وَلَایَتِهِ- وَ أَمَّا مَا نَبَتَ مِنْهُ وَ كَادَ أَنْ یُثْمِرَ فَمَنَعَهُ الشَّوْكُ فَأَهْلَكَهُ فَمَا وَعَاهُ صَاحِبُهُ حَتَّی إِذَا كَانَ عِنْدَ الْعَمَلِ بِهِ حَفَّتْهُ الشَّهَوَاتُ فَأَهْلَكَتْهُ وَ أَمَّا مَا زَكِیَ وَ طَابَ وَ سَلِمَ مِنْهُ وَ انْتُفِعَ بِهِ رَآهُ الْبَصَرُ وَ وَعَاهُ الْحِفْظُ وَ أَنْفَذَهُ الْعَزْمُ بِقَمْعِ الشَّهَوَاتِ وَ تَطْهِیرِ الْقُلُوبِ مِنْ دَنَسِهَا قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ إِنِّی أَرْجُو أَنْ یَكُونَ مَا تَبْذُرَهُ أَیُّهَا الْحَكِیمُ مَا یَزْكُو وَ یَسْلَمُ وَ یَطِیبُ فَاضْرِبْ لِی مَثَلَ الدُّنْیَا وَ غُرُورِ أَهْلِهَا بِهَا قَالَ بِلَوْهَرُ بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ عَلَیْهِ فِیلٌ مُغْتَلِمٌ (1)

فَانْطَلَقَ مُوَلِّیاً هَارِباً وَ أَتْبَعَهُ الْفِیلُ حَتَّی غَشِیَهُ فَاضْطَرَّهُ إِلَی بِئْرٍ فَتَدَلَّی فِیهَا وَ تَعَلَّقَ بِغُصْنَیْنِ نَابِتَیْنِ عَلَی شَفِیرِ الْبِئْرِ وَ وَقَعَتْ قَدَمَاهُ عَلَی رُءُوسِ حَیَّاتٍ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ الْغُصْنَیْنِ فَإِذَا فِی أَصْلِهِمَا جُرَذَانٌ یَقْرِضَانِ الْغُصْنَیْنِ أَحَدُهُمَا أَبْیَضُ وَ الْآخَرُ أَسْوَدُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی تَحْتِ قَدَمَیْهِ فَإِذَا رُءُوسُ أَرْبَعِ أَفَاعٍ قَدْ طَلَعْنَ مِنْ جُحْرِهِنَّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی قَعْرِ الْبِئْرِ إِذَا بِتِنِّینٍ فَاغِرٍ فَاهُ (2) نَحْوَهُ یُرِیدُ الْتِقَامَهُ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی أَعْلَی الْغُصْنَیْنِ إِذَا عَلَیْهِمَا شَیْ ءٌ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ فَتَطَعَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْعَسَلِ فَأَلْهَاهُ مَا طَعِمَ مِنْهُ وَ مَا نَالَ مِنْ لَذَّةِ الْعَسَلِ وَ حَلَاوَتِهِ عَنِ الْفِكْرِ فِی أَمْرِ الْأَفَاعِی اللَّوَاتِی لَا یَدْرِی مَتَی یُبَادِرْنَهَ وَ أَلْهَاهُ عَنِ التِّنِّینِ الَّذِی لَا یَدْرِی كَیْفَ مَصِیرُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِی لَهَوَاتِهِ.

أَمَّا الْبِئْرُ فَالدُّنْیَا مَمْلُوَّةَ آفَاتٍ وَ بَلَایَا وَ شُرُورٍ وَ أَمَّا الْغُصْنَانِ فَالْعُمُرُ وَ أَمَّا

ص: 399


1- 1. أی شدید الشهوة یعنی فیل مست، اغتلم الشراب: اشتدت سورته.
2- 2. الفاغر الفاتح فاه.

الْجِرْذَانُ فَاللَّیْلُ وَ النَّهَارُ یُسْرِعَانِ فِی الْأَجَلِ وَ أَمَّا الْأَفَاعِی الْأَرْبَعَةُ فَالْأَخْلَاطُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِی هِیَ السُّمُومُ الْقَاتِلَةُ مِنَ الْمِرَّةِ وَ الْبَلْغَمِ وَ الرِّیحِ وَ الدَّمِ الَّتِی لَا یَدْرِی صَاحِبُهَا مَتَی تُهَیِّجُ بِهِ وَ أَمَّا التِّنِّینُ الْفَاغِرُ فَاهُ لِیَلْتَقِمَهُ فَالْمَوْتُ الرَّاصِدُ الطَّالِبُ وَ أَمَّا الْعَسَلُ الَّذِی اغْتَرَّ بِهِ الْمَغْرُورُ فَمَا یَنَالُ النَّاسُ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ نَعِیمِهَا وَ دَعَتِهَا مِنْ لَذَّةِ المَطْعَمِ وَ الْمَشْرَبِ وَ الشَّمِّ وَ اللَّمْسِ وَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ إِنَّ هَذَا الْمَثَلَ عَجِیبٌ وَ إِنَّ هَذَا التَّشْبِیهَ حَقٌّ فَزِدْنِی مَثَلًا لِلدُّنْیَا وَ صَاحِبِهَا الْمَغْرُورِ بِهَا الْمُتَهَاوِنِ بِمَا یَنْفَعُهُ فِیهَا قَالَ بِلَوْهَرُ زَعَمُوا أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ قُرَنَاءَ وَ كَانَ قَدْ آثَرَ أَحَدَهُمْ عَلَی النَّاسِ جَمِیعاً وَ یَرْكَبُ الْأَهْوَالَ وَ الْأَخْطَارَ بِسَبَبِهِ وَ یُغَرِّرُ بِنَفْسِهِ لَهُ وَ یُشْغَلُ لَیْلَهُ وَ نَهَارَهُ فِی حَاجَتِهِ وَ كَانَ الْقَرِینُ الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةً وَ هُوَ عَلَی ذَلِكَ حَبِیبٌ إِلَیْهِ مُشْفِقٌ عِنْدَهُ وَ یُكْرِمُهُ وَ یُلَاطِفُهُ وَ یَخْدُمُهُ وَ یُطِیعُهُ وَ یَبْذُلُ لَهُ وَ لَا یَغْفُلُ عَنْهُ وَ كَانَ الْقَرِینُ الثَّالِثُ مَحْقُوراً مُسْتَثْقِلًا لَیْسَ لَهُ مِنْ وُدِّهِ وَ مَالِهِ إِلَّا أَقَلُّهُ حَتَّی إِذَا نَزَلَ بِالرَّجُلِ الْأَمْرُ الَّذِی یَحْتَاجُ فِیهِ إِلَی قُرَنَائِهِ الثَّلَاثَةِ فَأَتَاهُ جَلَاوِزَةُ الْمَلِكِ لِیَذْهَبُوا بِهِ فَفَزِعَ إِلَی قَرِینِهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ لَهُ قَدْ عَرَفْتَ إِیثَارِی إِیَّاكَ وَ بَذْلَ نَفْسِی لَكَ وَ هَذَا الْیَوْمُ یَوْمُ حَاجَتِی إِلَیْكَ فَمَا ذَا عِنْدَكَ قَالَ مَا أَنَا لَكَ بِصَاحِبٍ وَ إِنَّ لِی أَصْحَاباً یَشْغَلُونِی عَنْكَ هُمُ الْیَوْمَ أَوْلَی بِی مِنْكَ وَ لَكِنْ لَعَلِّی أُزَوِّدُكَ ثَوْبَیْنِ لِتَنْتَفِعَ بِهِمَا ثُمَّ فَزِعَ إِلَی قَرِینِهِ الثَّانِی ذِی الْمَحَبَّةِ وَ اللُّطْفِ فَقَالَ لَهُ قَدْ عَرَفْتَ كَرَامَتِی إِیَّاكَ وَ لُطْفِی بِكَ وَ حِرْصِی عَلَی مَسَرَّتِكَ وَ هَذَا یَوْمُ حَاجَتِی إِلَیْكَ فَمَا ذَا عِنْدَكَ فَقَالَ إِنَّ أَمْرَ نَفْسِی یَشْغَلُنِی عَنْكَ وَ عَنْ أَمْرِكَ فَاعْمِدْ لِشَأْنِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ الَّذِی بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ أَنَّ طَرِیقِی غَیْرُ طَرِیقِكَ إِلَّا أَنِّی لَعَلِّی أَخْطُو مَعَكَ خُطُوَاتٍ یَسِیرَةً لَا تَنْتَفِعُ بِهَا ثُمَّ أَنْصَرِفُ إِلَی مَا هُوَ أَهُمُّ إِلَیَّ مِنْكَ ثُمَّ فَزِعَ إِلَی قَرِینِهِ الثَّالِثِ الَّذِی كَانَ یُحَقِّرُهُ وَ یَعْصِیهِ وَ لَا یَلْتَفِتُ إِلَیْهِ أَیَّامَ رَخَائِهِ فَقَالَ لَهُ إِنِّی مِنْكَ لَمُسْتَحٍ وَ لَكِنَّ الْحَاجَةَ اضْطَرَّتْنِی إِلَیْكَ فَمَا ذَا لِی عِنْدَكَ قَالَ:

ص: 400

لَكَ عِنْدِی الْمُوَاسَاةُ وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَیْكَ وَ قِلَّةُ الْغَفْلَةِ عَنْكَ فَأَبْشِرْ وَ قَرَّ عَیْناً فَإِنِّی صَاحِبُكَ الَّذِی لَا یَخْذُلُكَ وَ لَا یُسْلِمُكَ فَلَا یُهِمُّكَ قِلَّةُ مَا أَسْلَفْتَنِی وَ اصْطَنَعْتَ إِلَیَّ فَإِنِّی قَدْ كُنْتُ أَحْفَظُ لَكَ ذَلِكَ وَ أُوَفِّرُهُ عَلَیْكَ كُلَّهُ ثُمَّ لَمْ أَرْضَ لَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِهِ حَتَّی اتَّجَرْتُ لَكَ بِهِ فَرَبِحْتُ أَرْبَاحاً كَثِیرَةً فَلَكَ الْیَوْمُ عِنْدِی مِنْ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَا وَضَعْتَ عِنْدِی مِنْهُ فَأَبْشِرْ وَ إِنِّی أَرْجُو أَنْ یَكُونَ فِی ذَلِكَ رِضَی الْمَلِكِ عَنْكَ الْیَوْمَ وَ فَرَجاً مِمَّا أَنْتَ فِیهِ فَقَالَ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَلِكَ مَا أَدْرِی عَلَی أَیِّ الْأَمْرَیْنِ أَنَا أَشَدُّ حَسْرَةً عَلَیْهِ عَلَی مَا فَرَّطْتُ فِی الْقَرِینِ الصَّالِحِ أَمْ عَلَی مَا اجْتَهَدْتُ فِیهِ مِنَ الْمَحَبَّةِ لِقَرِینِ السَّوْءِ قَالَ بِلَوْهَرُ فَالْقَرِینُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَالُ وَ الْقَرِینُ الثَّانِی هُوَ الْأَهْلُ وَ الْوَلَدُ وَ الْقَرِینُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ إِنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ فَزِدْنِی مَثَلًا لِلدُّنْیَا وَ غُرُورِهَا وَ صَاحِبِهَا الْمَغْرُورِ بِهَا الْمُطْمَئِنِّ إِلَیْهَا قَالَ بِلَوْهَرُ كَانَ أَهْلُ مَدِینَةٍ یَأْتُونَ الرَّجُلَ الْغَرِیبَ الْجَاهِلَ بِأَمْرِهِمْ فَیُمَلِّكُونَهُ عَلَیْهِمْ سَنَةً فَلَا یَشُكُّ أَنَّ مُلْكَهُ دَائِمٌ عَلَیْهِمْ لِجَهَالَتِهِ بِهِمْ فَإِذَا انْقَضَتِ السَّنَةُ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَدِینَتِهِمْ عُرْیَاناً مُجَرَّداً سَلِیباً فَیَقَعُ فِی بَلَاءٍ وَ شَقَاءٍ لَمْ یُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ فَصَارَ مَا مَضَی عَلَیْهِ مِنْ مُلْكِهِ وَبَالًا وَ حُزْناً وَ مُصِیبَةً وَ أَذًی ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِینَةِ أَخَذُوا رَجُلًا آخَرَ فَمَلَّكُوهُ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا رَأَی الرَّجُلُ غُرْبَتَهُ فِیهِمْ لَمْ یَسْتَأْنِسْ بِهِمْ وَ طَلَبَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ أَرْضِهِ خَبِیراً بِأَمْرِهِمْ حَتَّی وَجَدَهُ- فَأَفْضَی إِلَیْهِ بِسِرِّ الْقَوْمِ وَ أَشَارَ إِلَیْهِ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی الْأَمْوَالِ الَّتِی فِی یَدَیْهِ فَیُخْرِجَ مِنْهَا مَا اسْتَطَاعَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ حَتَّی یُحْرِزَهُ فِی الْمَكَانِ الَّذِی یُخْرِجُونَهُ إِلَیْهِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ الْقَوْمُ صَارَ إِلَی الْكِفَایَةِ وَ السَّعَةِ بِمَا قَدَّمَ وَ أَحْرَزَ فَفَعَلَ مَا قَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَ لَمْ یُضَیِّعْ وَصِیَّتَهُ قَالَ بِلَوْهَرُ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ الَّذِی لَمْ یَسْتَأْنِسْ بِالْغُرَبَاءِ وَ لَمْ یَغْتَرَّ بِالسُّلْطَانِ وَ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِی طَلَبْتَ وَ لَكَ عِنْدِی الدَّلَالَةُ وَ الْمَعْرِفَةُ وَ الْمَعُونَةُ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدَقْتَ أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ وَ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ

ص: 401

وَ أَنْتَ طَلِبَتِیَ الَّتِی كُنْتُ طَلَبْتُهَا فَصِفْ لِی أَمْرَ الْآخِرَةِ تَامّاً فَأَمَّا الدُّنْیَا فَلَعَمْرِی لَقَدْ صَدَقْتَ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ مِنْهَا مَا یَدُلُّنِی عَلَی فَنَائِهَا وَ یُزَهِّدُنِی فِیهَا وَ لَمْ یَزَلْ أَمْرُهَا حَقِیراً عِنْدِی قَالَ بِلَوْهَرُ إِنَّ الزَّهَادَةَ فِی الدُّنْیَا یَا ابْنَ الْمَلِكِ مِفْتَاحُ الرَّغْبَةِ إِلَی الْآخِرَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ فَأَصَابَ بَابَهَا دَخَلَ مَلَكُوتَهَا وَ كَیْفَ لَا تَزْهَدُ فِی الدُّنْیَا وَ قَدْ آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْعَقْلِ مَا آتَاكَ وَ قَدْ تَرَی أَنَّ الدُّنْیَا كُلَّهَا وَ إِنْ كَثُرَتْ إِنَّمَا یَجْمَعُهَا أَهْلُهَا لِهَذِهِ الْأَجْسَادِ الْفَانِیَةِ وَ الْجَسَدُ لَا قِوَامَ لَهُ وَ لَا امْتِنَاعَ بِهِ فَالْحَرُّ یُذِیبُهُ وَ الْبَرْدُ یُجْمِدُهُ وَ السُّمُومُ یَتَخَلَّلُهُ وَ الْمَاءُ یُغْرِقُهُ وَ الشَّمْسُ تُحْرِقُهُ وَ الْهَوَاءُ یُسْقِمُهُ وَ السِّبَاعُ یَفْتَرِسُهُ وَ الطَّیْرُ تَنْقُرُهُ وَ الْحَدِیدُ یَقْطَعُهُ وَ الصَّدْمُ یَحْطِمُهُ ثُمَّ هُوَ مَعْجُونٌ بِطِیْنَةٍ مِنْ أَلْوَانِ الْأَسْقَامِ وَ الْأَوْجَاعِ وَ الْأَمْرَاضِ فَهُوَ مُرْتَهَنٌ بِهَا مُتَرَقِّبٌ لَهَا وَجِلٌ مِنْهَا غَیْرُ طَامِعٍ فِی السَّلَامَةِ مِنْهَا ثُمَّ هُوَ مُقَارِنُ الْآفَاتِ السَّبْعِ الَّتِی لَا یَتَخَلَّصُ مِنْهَا ذُو جَسَدٍ وَ هِیَ الْجُوعُ وَ الظَّمَأُ وَ الْحَرُّ وَ الْبَرْدُ وَ الْوَجَعُ وَ الْخَوْفُ وَ الْمَوْتُ فَأَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْهُ مِنَ الْأَمْرِ الْآخِرَةِ فَإِنِّی أَرْجُو أَنْ تَجِدَ مَا تَحْسَبُهُ بَعِیداً قَرِیباً وَ مَا كُنْتَ تَحْسَبُهُ عَسِیراً یَسِیراً وَ مَا كُنْتَ تَحْسَبُهُ قَلِیلًا كَثِیراً قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَ رَأَیْتَ الْقَوْمَ الَّذِینَ كَانَ وَالِدِی حَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ وَ نَفَاهُمْ أَ هُمْ أَصْحَابُكَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَی عَدَاوَتِهِمْ وَ سُوءِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ قَالَ بِلَوْهَرُ نَعَمْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ قَالَ فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ أَیُّهَا الْحَكِیمُ قَالَ بِلَوْهَرُ أَمَّا قَوْلُكَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ فِی سُوءِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ فَمَا عَسَی أَنْ یَقُولُوا فِیمَنْ یَصْدُقُ وَ لَا یَكْذِبُ وَ یَعْلَمُ وَ لَا یَجْهَلُ وَ یَكُفُّ وَ لَا یؤدی [یُؤْذِی] وَ یُصَلِّی وَ لَا یَنَامُ وَ یَصُومُ وَ لَا یُفْطِرُ وَ یَبْتَلِی فَیَصْبِرُ وَ یَتَفَكَّرُ فَیَعْتَبِرُ وَ یُطَیِّبُ نَفْسَهُ عَنِ الْأَمْوَالِ وَ الْأَهْلِینَ وَ لَا یَخَافُهُمُ النَّاسُ عَلَی أَمْوَالِهِمْ وَ أَهْلِیهِمْ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَكَیْفَ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَی عَدَاوَتِهِمْ وَ هُمْ فِیمَا بَیْنَهُمْ مُخْتَلِفُونَ قَالَ بِلَوْهَرُ مَثَلُهُمْ فِی ذَلِكَ مَثَلُ كِلَابٍ اجْتَمَعُوا عَلَی جِیفَةٍ تَنْهَشُهَا وَ یَهَارُّ بَعْضُهَا بَعْضاً مُخْتَلِفَةَ الْأَلْوَانِ وَ الْأَجْنَاسِ فَبَیْنَا هِیَ تُقْبِلُ عَلَی الْجِیفَةِ إِذْ دَنَا رَجُلٌ مِنْهُمْ فَتَرَكَ بَعْضُهُنَّ بَعْضاً وَ أَقْبَلْنَ عَلَی الرَّجُلِ فَیَهِرُّنَّ عَلَیْهِ جَمِیعاً مُعَاوِیَاتٍ عَلَیْهِ وَ لَیْسَ لِلرَّجُلِ فِی جِیفَتِهِنَّ حَاجَةٌ

ص: 402

وَ لَا أَرَادَ أَنْ یُنَازِعَهُنَّ فِیهَا وَ لَكِنَّهُنَّ عَرَفْنَ غُرْبَتَهُ مِنْهُنَّ فَاسْتَوْحَشْنَ مِنْهُ وَ اسْتَأْنَسَ بَعْضُهُنَّ بِبَعْضٍ وَ إِنْ كُنَّ مُخْتَلِفَاتٍ مُتَعَادِیَاتٍ فِیمَا بَیْنَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَرِدَ الرَّجُلُ عَلَیْهِنَّ قَالَ بِلَوْهَرُ فَمَثَلُ الْجِیفَةِ مَتَاعُ الدُّنْیَا وَ مَثَلُ صُنُوفِ الْكِلَابِ ضُرُوبُ الرِّجَالِ الَّذِینَ یَقْتَتِلُونَ عَلَی الدُّنْیَا وَ یُهْرِقُونَ دِمَاءَهُمْ وَ یُنْفِقُونَ لَهَا أَمْوَالَهُمْ وَ مَثَلُ الرَّجُلِ الَّذِی اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِ الْكِلَابُ وَ لَا حَاجَةَ لَهُ فِی جِیَفِهِنَّ كَمَثَلِ صَاحِبِ الدِّینِ الَّذِی رَفَضَ الدُّنْیَا وَ خَرَجَ مِنْهَا فَلَیْسَ یُنَازِعُ فِیهَا أَهْلَهَا وَ لَا یَمْنَعُ ذَلِكَ النَّاسَ مِنْ أَنْ یعادونه [یُعَادُوهُ] لِغُرْبَتِهِ عِنْدَهُمْ فَإِنْ عَجِبْتَ فأعجبت [فَاعْجَبْ] مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا هِمَّةَ لَهُمْ إِلَّا الدُّنْیَا وَ جَمْعُهَا وَ التَّكَاثُرُ وَ التَّفَاخُرُ وَ التَّغَالُبُ عَلَیْهَا حَتَّی إِذَا رَأَوْا مَنْ قَدْ تَرَكَهَا فِی أَیْدِیهِمْ وَ تَخَلَّی عَنْهَا كَانُوا لَهُ أَشَدَّ قِتَالًا عَلَیْهِ وَ أَشَدَّ حَنَقاً مِنْهُمْ لِلَّذِی یُشَاحُّهُمْ عَلَیْهَا فَأَیُّ حُجَّةٍ لِلَّهِ یَا ابْنَ الْمَلِكِ أَدْحَضَ مِنْ تَعَاوُنِ الْمُخْتَلِفِینَ عَلَی مَنْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ عَلَیْهِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَعْمِدْ لِحَاجَتِی- قَالَ بِلَوْهَرُ إِنَّ الطَّبِیبَ الرَّفِیقَ إِذْ رَأَی الْجَسَدَ قَدْ أَهْلَكَتْهُ الْأَخْلَاطُ الْفَاسِدَةُ فَأَرَادَ أَنْ یُقَوِّیَهُ وَ یُسْمِنَهُ لَمْ یُغَذِّهِ بِالطَّعَامِ الَّذِی یَكُونُ مِنْهُ اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الْقُوَّةُ لِأَنَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَی أَدْخَلَ الطَّعَامَ عَلَی الْأَخْلَاطِ الْفَاسِدَةِ أَضَرَّ بِالْجَسَدِ وَ لَمْ یَنْفَعْهُ وَ لَمْ یُقَوِّهِ وَ لَكِنْ یَبْدَأُ بِالْأَدْوِیَةِ وَ الْحِمْیَةِ مِنَ الطَّعَامِ فَإِذَا أَذْهَبَ مِنْ جَسَدِهِ الْأَخْلَاطَ الْفَاسِدَةَ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بِمَا یُصْلِحُهُ مِنَ الطَّعَامِ فَحِینَئِذٍ یَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ وَ یَسْمَنُ وَ یَقْوَی وَ یَحْمِلُ الثِّقْلَ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَخْبِرْنِی مَا ذَا تُصِیبُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ قَالَ الْحَكِیمُ زَعَمُوا أَنَّ مَلِكاً مِنَ الْمُلُوكِ كَانَ عَظِیمَ الْمُلْكِ كَثِیرَ الْجُنْدِ وَ الْأَمْوَالِ وَ أَنَّهُ بَدَا لَهُ أَنْ یَغْزُوَ مَلِكاً آخَرَ لِیَزْدَادَ مُلْكاً إِلَی مُلْكِهِ وَ مَالًا إِلَی مَالِهِ فَسَارَ إِلَیْهِ بِالْجُنُودِ وَ الْعِدَدِ وَ الْعُدَّةِ وَ النِّسَاءِ وَ الْأَوْلَادِ وَ الْأَثْقَالِ فَأَقْبَلُوا نَحْوَهُ فَظَهَرُوا عَلَیْهِ وَ اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَهُ فَهَرَبَ وَ سَاقَ امْرَأَتَهُ وَ أَوْلَادَهُ صِغَاراً فَأَلْجَأَهُ الطَّلَبُ عِنْدَ الْمَسَاءِ إِلَی أَجَمَةٍ عَلَی شَاطِئِ النَّهَرِ فَدَخَلَهَا مَعَ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ سَیَّبَ دَوَابَّهُ مَخَافَةَ أَنْ تَدُلُّ عَلَیْهِ

ص: 403

بِصَهِیلِهَا فَبَاتُوا فِی الْأَجَمَةِ وَ هُمْ یَسْمَعُونَ وَقْعَ حَوَافِرِ الْخَیْلِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَأَصْبَحَ الرَّجُلُ لَا یُطِیقُ بَرَاحاً وَ أَمَّا النَّهَرُ فَلَا یَسْتَطِیعُ عُبُورَهُ وَ أَمَّا الْفَضَاءُ فَلَا یَسْتَطِیعُ الْخُرُوجَ إِلَیْهِ لِمَكَانِ الْعَدُوِّ فَهُمْ فِی مَكَانٍ ضَیِّقٍ قَدْ أَذَاهُمُ الْبَرْدُ وَ أَهْجَرَهُمُ الْخَوْفُ وَ طَوَاهُمُ الْجُوعُ وَ لَیْسَ لَهُمْ طَعَامٌ وَ لَا مَعَهُمْ زَادٌ وَ لَا إِدَامٌ وَ أَوْلَادُهُ صِغَارٌ جِیَاعٌ یَبْكُونَ مِنَ الضُّرِّ الَّذِی قَدْ أَصَابَهُمْ فَمَكَثَ بِذَلِكَ یَوْمَیْنِ- ثُمَّ إِنَّ أَحَدَ بَنِیهِ مَاتَ فَأَلْقَوْهُ فِی النَّهَرِ فَمَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ یَوْماً آخَرَ فَقَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إِنَّا مُشْرِفُونَ عَلَی الْهَلَاكِ جَمِیعاً وَ إِنْ بَقِیَ بَعْضُنَا وَ هَلَكَ بَعْضُنَا كَانَ خَیْراً مِنْ أَنْ نَهْلِكَ جَمِیعاً وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أُعَجِّلَ ذِبْحَ صَبِیٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الصِّبْیَانِ فَنَجْعَلَهُ قُوتاً لَنَا وَ لِأَوْلَادِنَا إِلَی أَنْ یَأْتِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْفَرَجِ فَإِنْ أَخَّرْنَا ذَلِكَ هَزَلَ الصِّبْیَانُ حَتَّی لَا یُشْبِعَ لُحُومُهُمْ وَ تَضْعُفُ حَتَّی لَا نَسْتَطِیعَ الْحَرَكَةَ إِنْ وَجَدْنَا إِلَی ذَلِكَ سَبِیلًا- وَ طَاوَعَتْهُ امْرَأَتُهُ فَذَبَحَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ وَ وَضَعُوهُ بَیْنَهُمْ یَنْهَشُونَهُ فَمَا ظَنُّكَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْمُضْطَرِّ أَ أَكْلَ الْكَلِبِ الْمُسْتَكْثِرِ یَأْكُلُ أَمْ أَكْلَ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَقِلِّ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ بَلْ أَكْلَ الْمُسْتَقِلِّ قَالَ الْحَكِیمُ كَذَلِكَ أَكْلِی وَ شُرْبِی یَا ابْنَ الْمَلِكِ فِی الدُّنْیَا- فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمَلِكِ أَ رَأَیْتَ هَذَا الَّذِی تَدْعُونِی إِلَیْهِ أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَ هُوَ شَیْ ءٌ نَظَرَ النَّاسُ فِیهِ بِعُقُولِهِمْ وَ أَلْبَابِهِمْ حَتَّی اخْتَارُوهُ عَلَی مَا سِوَاهُ لِأَنْفُسِهِمْ أَمْ دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَیْهِ فَأَجَابُوا قَالَ الْحَكِیمُ عَلَا هَذَا الْأَمْرُ وَ لَطُفَ عَنْ أَنْ یَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَوْ بِرَأْیِهِمْ دَبَّرُوهُ وَ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ لَدَعَوْا إِلَی عَمَلِهَا وَ زِینَتِهَا وَ حِفْظِهَا وَ دَعَتِهَا وَ نَعِیمِهَا وَ لَذَّتِهَا وَ لَهْوِهَا وَ لَعِبِهَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ لَكِنَّهُ أَمْرٌ غَرِیبٌ وَ دَعْوَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَاطِعَةٌ وَ هُدًی مُسْتَقِیمٌ نَاقِضٌ عَلَی أَهْلِ الدُّنْیَا أَعْمَالَهُمْ مُخَالِفٌ لَهُمْ عَائِبٌ عَلَیْهِمْ وَ طَاعِنٌ نَاقِلٌ لَهُمْ عَنْ أَهْوَائِهِمْ دَاعٍ لَهُمْ إِلَی طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَبَیِّنٌ لِمَنْ تَنَبَّهَ مَكْتُومٌ عِنْدَهُ عَنْ غَیْرِ أَهْلِهِ حَتَّی یُظْهِرَ اللَّهُ الْحَقَّ بَعْدَ خَفَائِهِ وَ یَجْعَلَ كَلِمَتَهُ الْعُلْیَا وَ كَلِمَةَ الَّذِینَ جَهِلُوا السُّفْلَی قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدَقْتَ أَیُّهَا الْحَكِیمُ ثُمَّ قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ تَفَكَّرَ قَبْلَ مَجِی ءِ الرُّسُلِ علیهم السلام فَأَصَابَ وَ مِنْهُمْ مَنْ دَعَتْهُ الرُّسُلُ بَعْدَ مَجِیئِهَا فَأَجَابَ وَ أَنْتَ یَا ابْنَ الْمَلِكِ مِمَّنْ تَفَكَّرَ بِعَقْلِهِ فَأَصَابَ

ص: 404

قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَهَلْ تَعْلَمُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ یَدْعُو إِلَی التَّزْهِیدِ فِی الدُّنْیَا غَیْرَكُمْ قَالَ الْحَكِیمُ أَمَّا فِی بِلَادِكُمْ هَذِهِ فَلَا وَ أَمَّا فِی سَائِرِ الْأُمَمِ فَفِیهِمْ قَوْمٌ یَنْتَحِلُونَ الدِّینَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ لَمْ یَسْتَحِقُّوهُ بِأَعْمَالِهِمْ فَاخْتَلَفَ سَبِیلُنَا وَ سَبِیلُهُمْ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ كَیْفَ صِرْتُمْ أَوْلَی بِالْحَقِّ مِنْهُمْ وَ إِنَّمَا أَتَاكُمْ هَذَا الْأَمْرُ الْغَرِیبُ مِنْ حَیْثُ أَتَاهُمْ قَالَ الْحَكِیمُ الْحَقُّ كُلُّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی دَعَا الْعِبَادَ إِلَیْهِ فَقَبِلَهُ قَوْمٌ بِحَقِّهِ وَ شُرُوطِهِ حَتَّی أَدَّوْهُ إِلَی أَهْلِهِ كَمَا أُمِرُوا لَمْ یَظْلِمُوا وَ لَمْ یُخْطِئُوا وَ لَمْ یُضَیِّعُوا وَ قَبِلَهُ آخَرُونَ فَلَمْ یَقُومُوا بِحَقِّهِ وَ شُرُوطِهِ وَ لَمْ یُؤَدُّوهُ إِلَی أَهْلِهِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ فِیهِ عَزِیمَةٌ وَ لَا عَلَی الْعَمَلِ بِهِ نِیَّةُ ضَمِیرٍ فَضَیَّعُوهُ وَ اسْتَثْقَلُوهُ فَالْمُضَیِّعُ لَا یَكُونُ مِثْلَ الْحَافِظِ وَ الْمُفْسِدُ لَا یَكُونُ كَالْمُصْلِحِ وَ الصَّابِرُ لَا یَكُونُ كَالْجَازِعِ فَمِنْ هَاهُنَا كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ وَ أَوْلَی ثُمَّ قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّهُ لَیْسَ یَجْرِی عَلَی لِسَانِ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِنَ الدِّینِ وَ التَّزْهِیدِ وَ الدُّعَاءِ إِلَی الْآخِرَةِ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَصْلِ الْحَقِ (1) الَّذِی عَنْهُ أَخَذْنَا وَ لَكِنَّهُ فَرَّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ أَحْدَاثُهُمُ الَّتِی أَحْدَثُوا وَ ابْتِغَاؤُهُمُ الدُّنْیَا وَ إِخْلَادُهُمْ إِلَیْهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ لَمْ تَزَلْ تَأْتِی وَ تَظْهَرُ فِی الْأَرْضِ مَعَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فِی الْقُرُونِ الْمَاضِیَةِ عَلَی أَلْسِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ كَانَ أَهْلُ دَعْوَةِ الْحَقِّ أَمْرُهُمْ مُسْتَقِیمٌ وَ طَرِیقُهُمْ وَاضِحٌ وَ دَعْوَتُهُمْ بَیِّنَةٌ- لَا فُرْقَةَ فِیهِمْ وَ لَا اخْتِلَافَ فَكَانَتِ الرُّسُلُ علیهم السلام إِذَا بَلَّغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَ احْتَجُّوا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی عِبَادِهِ بِحُجَّةٍ وَ إِقَامَةِ مَعَالِمِ الدِّینِ وَ أَحْكَامِهِ قَبَضَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ وَ مُنْتَهَی مُدَّتِهِمْ وَ مَكَثَتِ الْأُمَّةُ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَ نَبِیِّهَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهَا لَا تَغَیَّرَ وَ لَا تَبَدَّلَ ثُمَّ صَارَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ یُحْدِثُونَ الْأَحْدَاثَ وَ یَبْتَغُونَ الشَّهَوَاتِ وَ یُضَیِّعُونَ الْعِلْمَ فَكَانَ الْعَالِمُ الْبَالِغُ الْمُسْتَبْصِرُ مِنْهُمْ یُخْفِی شَخْصَهُ وَ لَا یُظْهِرُ عِلْمَهُ فَیَعْرِفُونَهُ بِاسْمِهِ وَ لَا یَهْتَدُونَ إِلَی مَكَانِهِ وَ لَا یَبْقَی مِنْهُمْ إِلَّا الْخَسِیسُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ یَسْتَخِفُّ بِهِ أَهْلُ الْجَهْلِ وَ الْبَاطِلِ فَیَخْمُلُ الْعِلْمُ وَ یَظْهَرُ الْجَهْلُ وَ تَتَنَاسَلُ الْقُرُونُ فَلَا یَعْرِفُونَ إِلَّا الْجَهْلَ.

ص: 405


1- 1. فی المصدر« أهل الحق».

وَ یَزْدَادُ الْجُهَّالُ اسْتِعْلَاءً وَ كَثْرَةً وَ الْعُلَمَاءُ خُمُولًا وَ قِلَّةً فَحَوَّلُوا مَعَالِمَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْ وُجُوهِهَا وَ تَرَكُوا قَصْدَ سَبِیلِهَا وَ هُمْ مَعَ ذَلِكَ مُقِرُّونَ بِتَنْزِیلِهِ مُتَّبِعُونَ شِبْهَهُ ابْتِغَاءَ تَأْوِیلِهِ مُتَعَلِّقُونَ بِصِفَتِهِ تَارِكُونَ لِحَقِیقَتِهِ نَابِذُونَ لِأَحْكَامِهِ- فَكُلُّ صِفَةٍ جَاءَتِ الرُّسُلُ تدعوا [تَدْعُو] إِلَیْهَا فَنَحْنُ لَهُمْ مُوَافِقُونَ فِی تِلْكَ الصِّفَةِ مُخَالِفُونَ لَهُمْ فِی أَحْكَامِهِمْ وَ سِیرَتِهِمْ وَ لَسْنَا نُخَالِفُهُمْ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا وَ لَنَا عَلَیْهِمُ الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ وَ الْبَیِّنَةُ الْعَادِلَةُ مِنْ نَعْتِ مَا فِی أَیْدِیهِمْ مِنَ الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَكُلُّ مُتَكَلِّمٍ مِنْهُمْ یَتَكَلَّمُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْحِكْمَةِ فَهِیَ لَنَا وَ هِیَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ تَشْهَدُ لَنَا عَلَیْهِمْ بِأَنَّهَا تُوَافِقُ صِفَتَنَا وَ سِیرَتَنَا وَ حُكْمَنَا وَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ بِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِمْ وَ أَعْمَالِهِمْ فَلَیْسُوا یَعْرِفُونَ مِنَ الْكِتَابِ إِلَّا وَصْفَهُ وَ لَا مِنَ الذِّكْرِ إِلَّا اسْمَهُ فَلَیْسُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَقِیقَةً حَتَّی یُقِیمُوهُ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَمَا بَالُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ علیهم السلام یَأْتُونَ فِی زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ مَلِكٍ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ مَوَاتٌ لَا عُمْرَانَ فِیهَا فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یُقْبِلَ عَلَیْهَا بِعِمَارَتِهِ أَرْسَلَ إِلَیْهَا رَجُلًا جَلْداً أَمِیناً نَاصِحاً ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یَعْمُرَ تِلْكَ الْأَرْضَ وَ أَنْ یَغْرِسَ فِیهَا صُنُوفَ الشَّجَرِ وَ أَنْوَاعَ الزَّرْعِ ثُمَّ سَمَّی لَهُ الْمَلِكُ أَلْوَاناً مِنَ الْغَرْسِ مَعْلُومَةً وَ أَنْوَاعاً مِنَ الزَّرْعِ مَعْرُوفَةً ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ لَا یَعْدُوَ مَا سَمَّی لَهُ وَ أَنْ لَا یُحْدِثَ فِیهَا مِنْ قِبَلِهِ شَیْئاً لَمْ یَكُنْ أَمَرَهُ بِهِ سَیِّدُهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُخْرِجَ لَهَا نَهَراً وَ یَسُدَّ عَلَیْهَا حَائِطاً وَ یَمْنَعَهَا مِنْ أَنْ یُفْسِدَهَا مُفْسِدٌ- فَجَاءَ الرَّسُولُ الَّذِی أَرْسَلَهُ الْمَلِكُ إِلَی تِلْكَ الْأَرْضِ فَأَحْیَاهَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَ عَمَرَهَا بَعْدَ خَرَابِهَا وَ غَرَسَ فِیهَا وَ زَرَعَ مِنَ الصُّنُوفِ الَّتِی أَمَرَهُ بِهَا ثُمَّ سَاقَ نَهَرَ الْمَاءِ إِلَیْهَا حَتَّی نَبَتَ الْغَرْسُ وَ اتَّصَلَ الزَّرْعُ ثُمَّ لَمْ یَلْبَثْ قَلِیلًا حَتَّی مَاتَ قَیِّمُهَا وَ أَقَامَ بَعْدَهُ مَنْ یَقُومُ مَقَامَهُ وَ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِ خَلَفٌ خَالَفُوا مِنْ إِقَامَةِ الْقَیِّمِ بَعْدَهُ وَ غَلَبُوهُ عَلَی أَمْرِهِ فَأَخْرَبُوا الْعُمْرَانَ وَ طَمُّوا الْأَنْهَارَ فَیَبِسَ الْغَرْسُ وَ هَلَكَ الزَّرْعُ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَلِكَ خِلَافُهُمْ عَلَی الْقَیِّمِ بَعْدَ رَسُولِهِ وَ خَرَابُ أَرْضِهِ أَرْسَلَ إِلَیْهَا رَسُولًا آخَرَ یُحْیِیهَا وَ یُعِیدُهَا وَ یُصْلِحُهَا كَمَا كَانَتْ فِی مَنْزِلَتِهَا الْأُولَی وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الرُّسُلُ علیهم السلام یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ فَیُصْلِحُ أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَ فَسَادِهِ

ص: 406

قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَ یَخُصُّ الْأَنْبِیَاءَ وَ الرُّسُلَ عَلَیْهِمْ إِذَا جَاءَتْ بِمَا یَبْعَثُ بِهِ أَمْ تُعَمُّ قَالَ بِلَوْهَرُ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ وَ الرُّسُلَ إِذَا جَاءَتْ تَدْعُو عَامَّةَ النَّاسِ فَمَنْ أَطَاعَهُمْ كَانَ مِنْهُمْ وَ مَنْ عَصَاهُمْ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ وَ مَا تَخْلُو الْأَرْضُ قَطُّ مِنْ أَنْ یَكُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا مُطَاعٌ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ مِنْ أَوْصِیَائِهِ- وَ إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ طَائِرٍ كَانَ فِی سَاحِلِ الْبَحْرِ یُقَالُ لَهُ قدمٌ (1) یَبِیضُ بَیْضاً كَثِیراً وَ كَانَ شَدِیدَ الْحُبِّ لِلْفِرَاخِ وَ كَثْرَتِهَا وَ كَانَ یَأْتِی عَلَیْهِ زَمَانٌ یَتَعَذَّرُ عَلَیْهِ فِیهِ مَا یُرِیدُهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا یَجِدُ بُدّاً مِنِ اتِّخَاذِ أَرْضٍ أُخْرَی حَتَّی یَذْهَبَ ذَلِكَ الزَّمَانُ فَیَأْخُذُ بَیْضَهُ مَخَافَةً عَلَیْهِ مِنْ أَنْ یَهْلِكَ مِنْ شَفَقَتِهِ فَیُفَرِّقُهُ فِی أَعْشَاشِ الطَّیْرِ فَتَحْضُنُ الطَّیْرُ بَیْضَتَهُ مَعَ بَیْضَتِهَا وَ تَخْرُجُ فِرَاخُهُ مَعَ فِرَاخِهَا فَإِذَا طَالَ مَكْثُ فِرَاخِ قدمٍ مَعَ فِرَاخِ الطَّیْرِ أَلِفَهَا بَعْضُ فِرَاخِ الطَّیْرِ وَ اسْتَأْنَسَ بِهَا فَإِذَا كَانَ الزَّمَانُ الَّذِی یَنْصَرِفُ فِیهِ قدمٌ إِلَی مَكَانِهِ مَرَّ بِأَعْشَاشِ الطَّیْرِ وَ أَوْكَارِهَا بِاللَّیْلِ فَأَسْمَعَ فِرَاخَهُ وَ غَیْرَهَا صَوْتَهُ فَإِذَا سَمِعَتْ فِرَاخُهُ صَوْتَهُ تَبِعَتْهُ وَ تَبِعَ فِرَاخَهُ مَا كَانَ أَلِفَهَا مِنْ فِرَاخِ سَائِرِ الطَّیْرِ وَ لَمْ یُجِبْهُ مَا لَمْ یَكُنْ مِنْ فِرَاخِهِ وَ لَا مَا لَمْ یَكُنْ أَلِفَ فِرَاخَهُ وَ كَانَ قَدْ یَضُمُّ إِلَیْهِ مَنْ أَجَابَهُ مِنْ فِرَاخِهِ حُبّاً لِلْفِرَاخِ وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِیَاءُ إِنَّمَا یَسْتَعْرِضُونَ النَّاسَ جَمِیعاً بِدُعَائِهِمْ فَیُجِیبُهُمْ أَهْلُ الْحِكْمَةِ وَ الْعَقْلِ لِمَعْرِفَتِهِمْ لِفَضْلِ الْحِكْمَةِ- فَمَثَلُ الطَّیْرِ الَّذِی دَعَا بِصَوْتِهِ مَثَلُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ الَّتِی تَعُمُّ النَّاسَ بِدُعَائِهِمْ وَ مَثَلُ الْبَیْضِ الْمُتَفَرِّقِ فِی أَعْشَاشِ الطَّیْرِ مَثَلُ الْحِكْمَةِ وَ مَثَلُ سَائِرِ فِرَاخِ الطَّیْرِ الَّتِی أَلِفَتْ فِرَاخَ قدمٍ مَثَلُ مَنْ أَجَابَ الْحُكَمَاءَ قَبْلَ مَجِی ءِ الرُّسُلِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِأَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّأْیِ مَا لَمْ یَجْعَلْ لِغَیْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ وَ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْحُجَجِ وَ النُّورِ وَ الضِّیَاءِ مَا لَمْ یُعْطِ غَیْرَهُمْ وَ ذَلِكَ لِمَا یُرِیدُ مِنْ بُلُوغِ رِسَالَتِهِ وَ مَوَاقِعِ حُجَجِهِ وَ كَانَتِ الرُّسُلُ إِذَا جَاءَتْ وَ أَظْهَرَتْ دَعْوَتَهَا أَجَابَهُمْ مِنَ النَّاسِ أَیْضاً مَنْ لَمْ یَكُنْ أَجَابَ الْحُكَمَاءَ وَ ذَلِكَ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی دَعْوَتِهِمْ مِنَ الضِّیَاءِ وَ الْبُرْهَانِ.

قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَ فَرَأَیْتَ مَا یَأْتِی بِهِ الرُّسُلُ وَ الْأَنْبِیَاءُ إِذْ زَعَمْتُ أَنَّهُ لَیْسَ

ص: 407


1- 1. فی بعض النسخ« قرم» و لعلّ الصواب« قرلی».

بِكَلَامِ النَّاسِ وَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ كَلَامٌ وَ كَلَامُ مَلَائِكَتِهِ كَلَامٌ قَالَ الْحَكِیمُ أَ مَا رَأَیْتَ النَّاسَ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ یُفْهِمُوا بَعْضَ الدَّوَابِّ وَ الطَّیْرِ مَا یُرِیدُونَ مِنْ تَقَدُّمِهَا وَ تَأَخُّرِهَا وَ إِقْبَالِهَا وَ إِدْبَارِهَا لَمْ یَجِدُوا الدَّوَابَّ وَ الطَّیْرَ یَحْتَمِلُ كَلَامَهُمُ الَّذِی هُوَ كَلَامُهُمْ فَوَضَعُوا مِنَ النَّقْرِ وَ الصَّفِیرِ وَ الرجز [الزَّجْرِ] مَا یَبْلُغُوا بِهِ حَاجَتَهُمْ وَ مَا عَرَفُوا أَنَّهَا تُطِیقُ حَمْلَهُ وَ كَذَلِكَ الْعِبَادُ یعجزوا [یَعْجِزُونَ] أَنْ یَعْلَمُوا كَلَامَ

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَلَامَ مَلَائِكَتِهِ عَلَی كُنْهِهِ وَ كَمَالِهِ وَ لُطْفِهِ وَ صِفَتِهِ فَصَارَ مَا تَرَاجَعَ النَّاسُ بَیْنَهُمْ مِنَ الْأَصْوَاتِ الَّتِی سَمِعُوا بِهَا الْحِكْمَةَ شَبِیهاً بِمَا وَضَعَ النَّاسُ لِلدَّوَابِّ وَ الطَّیْرِ وَ لَمْ یَمْنَعْ ذَلِكَ الصَّوْتُ مَكَانَ الْحِكْمَةِ المُخْبِرَةِ فِی تِلْكَ الْأَصْوَاتِ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ وَاضِحَةً بَیْنَهُمْ قَوِیَّةً مُنِیرَةً شَرِیفَةً عَظِیمَةً وَ لَمْ یَمْنَعْهَا مِنْ وُقُوعِ مَعَانِیهَا عَلَی مَوَاقِعِهَا وَ بُلُوغِ مَا احْتَجَّ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْعِبَادِ فِیهَا فَكَانَ الصَّوْتُ لِلْحِكْمَةِ جَسَداً وَ مَسْكَناً وَ كَانَتِ الْحِكْمَةُ لِلصَّوْتِ نَفْساً وَ رُوحاً وَ لَا طَاقَةَ لِلنَّاسِ أَنْ یُنْفِذُوا غَوْرَ كَلَامِ الْحِكْمَةِ وَ لَا یُحِیطُوا بِهِ بِعُقُولِهِمْ فَمِنْ قِبَلِ ذَلِكَ تَفَاضَلَتِ الْعُلَمَاءُ فِی عِلْمِهِمْ فَلَا یَزَالُ عَالِمٌ یَأْخُذُ عِلْمَهُ مِنْ عَالِمٍ حَتَّی یَرْجِعَ الْعِلْمُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِی جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ وَ كَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ قَدْ یُصِیبُونَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ الْعِلْمِ مَا یُنْجِیهِمْ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَكِنْ لِكُلِّ ذِی فَضْلٍ فَضْلُهُ كَمَا أَنَّ النَّاسَ یَنَالُونَ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ مَا یَنْتَفِعُونَ بِهِ فِی مَعَایِشِهِمْ وَ أَبْدَانِهِمْ وَ لَا یَقْدِرُونَ أَنْ یُنْفِذُوهَا بِأَبْصَارِهِمْ فَهِیَ كَالْعَیْنِ الْغَزِیرَةِ الظَّاهِرِ مَجْرَاهَا الْمَكْنُونِ عُنْصُرُهَا فَالنَّاسُ قَدْ یُجِیبُونَ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ مَائِهَا وَ لَا یُدْرِكُونَ غَوْرَهَا وَ هِیَ كَالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ الَّتِی یَهْتَدِی بِهَا النَّاسُ وَ لَا یَعْلَمُونَ مَسَاقِطَهَا فَالْحِكْمَةُ أَشْرَفُ وَ أَرْفَعُ وَ أَعْظَمُ مِمَّا وَصَفْنَاهَا بِهِ كُلِّهِ- هِیَ مِفْتَاحُ بَابِ كُلِّ خَیْرٍ یُرْتَجَی وَ النَّجَاةُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ یُتَّقَی وَ هِیَ شَرَابُ الْحَیَاةِ الَّتِی مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ یَمُتْ أَبَداً وَ الشِّفَاءُ لِلسَّقَمِ الَّذِی مَنِ اسْتَشْفَی بِهِ لَمْ یَسْقُمْ أَبَداً وَ الطَّرِیقُ الْمُسْتَقِیمُ الَّذِی مَنْ سَلَكَهُ لَمْ یَضِلَّ أَبَداً هِیَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِینُ الَّذِی لَا یُخْلِقُهُ طُولُ التَّكْرَارِ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ انْجَلَی عَنْهُ الْعَمَی وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِهِ فَازَ وَ اهْتَدَی وَ أَخَذَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَی قَالَ فَمَا بَالُ هَذِهِ الْحِكْمَةِ الَّتِی وَصَفْتَ بِمَا وَصَفْتَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الشَّرَفِ

ص: 408

وَ الِارْتِفَاعِ وَ الْقُوَّةِ وَ الْمَنْفَعَةِ وَ الْكَمَالِ وَ الْبُرْهَانِ لَا یَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ جَمِیعاً قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّمَا مَثَلُ الْحِكْمَةِ كَمَثَلِ الشَّمْسِ الطَّالِعَةِ عَلَی جَمِیعِ النَّاسِ الْأَبْیَضِ وَ الْأَسْوَدِ مِنْهُمْ وَ الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ فَمَنْ أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِهَا لَمْ تَمْنَعْهُ وَ لَمْ یَحُلْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا مِنْ أَقْرَبِهِمْ وَ أَبْعَدِهِمْ وَ مَنْ لَمْ یُرِدِ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَلَا حُجَّةَ لَهُ عَلَیْهَا وَ لَا تَمْنَعُ الشَّمْسُ عَلَی النَّاسِ جَمِیعاً وَ لَا یَحُولُ بَیْنَ النَّاسِ وَ بَیْنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ وَ حَالُهَا بَیْنَ النَّاسِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ الْحِكْمَةُ قَدْ عَمَّتِ النَّاسَ جَمِیعاً إِلَّا أَنَّ النَّاسَ یَتَفَاضَلُونَ فِی ذَلِكَ وَ الشَّمْسَ ظَاهِرَةٌ إِذْ طَلَعَتْ عَلَی الْأَبْصَارِ النَّاظِرَةِ فَرَّقَتْ بَیْنَ النَّاسِ عَلَی ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ فَمِنْهُمُ الصَّحِیحُ الْبَصَرِ الَّذِی یَنْفَعُهُ الضَّوْءُ وَ یَقْوَی عَلَی النَّظَرِ وَ مِنْهُمُ الْأَعْمَی الْقَرِیبُ مِنَ الضَّوْءِ الَّذِی لَوْ طَلَعَتْ عَلَیْهِ شَمْسٌ أَوْ شُمُوسٌ لَمْ تُغْنِ عَنْهُ شَیْئاً وَ مِنْهُمُ الْمَرِیضُ الْبَصَرِ الَّذِی لَا یُعَدُّ فِی الْعُمْیَانِ وَ لَا فِی أَصْحَابِ الْبَصَرِ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ هِیَ شَمْسُ الْقُلُوبِ إِذَا طَلَعَتْ تَفَرَّقَ عَلَی ثَلَاثِ مَنَازِلَ مَنْزِلٍ لِأَهْلِ الْبَصَرِ الَّذِینَ یَعْقِلُونَ الْحِكْمَةَ فَیَكُونُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَ یَعْمَلُونَ بِهَا وَ مَنْزِلٍ لِأَهْلِ الْعَمَی الَّذِینَ تَنْبُو الْحِكْمَةُ عَنْ قُلُوبِهِمْ لِإِنْكَارِهِمُ الْحِكْمَةَ وَ تَرْكِهِمْ قَبُولَهَا كَمَا یَنْبُو ضَوْءُ الشَّمْسِ عَنِ الْعُمْیَانِ وَ مَنْزِلٍ لِأَهْلِ مَرَضِ الْقُلُوبِ الَّذِینَ یَقْصُرُ عِلْمُهُمْ وَ یَضْعُفُ عَمَلُهُمْ وَ یَسْتَوِی فِیهِمُ السَّیِّئُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحَقُّ وَ الْبَاطِلُ وَ إِنَّ أَكْثَرَ مَنْ تَطْلُعُ عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ هِیَ الْحِكْمَةُ مِمَّنْ یَعْمَی عَنْهَا قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَهَلْ یَسَعُ الرَّجُلَ الْحِكْمَةُ فَلَا یُجِیبُ إِلَیْهَا حَتَّی یَلْبَثَ زَمَاناً نَاكِباً عَنْهَا ثُمَّ یُجِیبُ وَ یُرَاجِعُهَا قَالَ بِلَوْهَرُ نَعَمْ هَذَا أَكْثَرُ حَالاتِ النَّاسِ فِی الْحِكْمَةِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ تَرَی وَالِدِی سَمِعَ شَیْئاً مِنْ هَذَا الْكَلَامِ قَطُّ قَالَ بِلَوْهَرُ لَا أَرَاهُ سَمِعَ سَمَاعاً صَحِیحاً رَسَخَ فِی قَلْبِهِ وَ لَا كَلَّمَهُ فِیهِ نَاصِحٌ شَفِیقٌ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ وَ كَیْفَ تَرَكَ ذَلِكَ الْحُكَمَاءُ مِنْهُ طُولَ دَهْرِهِمْ قَالَ بِلَوْهَرُ تَرَكُوهُ لِعِلْمِهِمْ بِمَوَاضِعِ كَلَامِهِمْ فَرُبَّمَا تَرَكُوا ذَلِكَ مِمَّنْ هُوَ أَحْسَنُ إِنْصَافاً وَ أَلْیَنُ عَرِیكَةً وَ أَحْسَنُ اسْتِمَاعاً مِنْ أَبِیكَ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ لیعاش [لَیُعَایِشُ] الرَّجُلَ طُولَ عُمُرِهِ بَیْنَهُمَا الِاسْتِینَاسُ وَ الْمَوَدَّةُ وَ الْمُفَاوَضَةُ وَ لَا یُفَرِّقُ بَیْنَهُمَا شَیْ ءٌ إِلَّا الدِّینُ وَ الْحِكْمَةُ

ص: 409

وَ هُوَ مُتَفَجِّعٌ عَلَیْهِ مُتَوَجِّعٌ لَهُ ثُمَّ لَا یُفْضِی إِلَیْهِ أَسْرَارَ الْحِكْمَةِ إِذْ لَمْ یَرَهُ لَهَا مَوْضِعاً وَ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ مَلِكاً مِنَ الْمُلُوكِ كَانَ عَاقِلًا قَرِیباً مِنَ النَّاسِ مُصْلِحاً لِأُمُورِهِمْ حَسَنَ النَّظَرِ وَ الْإِنْصَافِ لَهُمْ وَ كَانَ لَهُ وَزِیرُ صِدْقٍ صَالِحٌ یُعِینُهُ عَلَی الْإِصْلَاحِ وَ یَكْفِیهِ مَئُونَتَهُ وَ یُشَاوِرُهُ فِی أُمُورِهِ وَ كَانَ الْوَزِیرُ أَدِیباً عَاقِلًا لَهُ دِینٌ وَ وَرَعٌ وَ نَزَاهَةٌ عَلَی الدُّنْیَا(1)

وَ كَانَ قَدْ لَقِیَ أَهْلَ الدِّینِ وَ سَمِعَ كَلَامَهُمْ وَ عَرَفَ فَضْلَهُمْ فَأَجَابَهُمْ وَ انْقَطَعَ إِلَیْهِمْ بِإِخَائِهِ وَ وُدِّهِ وَ كَانَتْ لَهُ مِنَ الْمَلِكِ مَنْزِلَةٌ حَسَنَةٌ وَ خَاصَّةٌ وَ كَانَ الْمَلِكُ لَا یَكْتُمُهُ شَیْئاً مِنْ أَمْرِهِ وَ كَانَ الْوَزِیرُ لَهُ أَیْضاً بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لِیُطْلِعَهُ عَلَی أَمْرِ الدِّینِ وَ لَا یُفَاوِضُهُ أَسْرَارَ الْحِكْمَةِ فَعَاشَا بِذَلِكَ زَمَاناً طَوِیلًا- وَ كَانَ الْوَزِیرُ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَی الْمَلِكِ سَجَدَ الْأَصْنَامَ وَ عَظَّمَهَا وَ أَخَذَ شَیْئاً فِی طَرِیقِ الْجَهَالَةِ وَ الضَّلَالَةِ تَقِیَّةً لَهُ فَأَشْفَقَ الْوَزِیرُ عَلَی الْمَلِكِ مِنْ ذَلِكَ وَ اهْتَمَّ بِهِ وَ اسْتَشَارَ فِی ذَلِكَ أَصْحَابَهُ وَ إِخْوَانَهُ فَقَالُوا لَهُ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنْ رَأَیْتَهُ مَوْضِعاً لِلْكَلَامِ فَكَلِّمْهُ وَ فَاوِضْهُ وَ إِلَّا فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُعِینُهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ تُهَیِّجُهُ عَلَی أَهْلِ دِینِكَ فَإِنَّ السُّلْطَانَ لَا یَغْتَرُّ بِهِ وَ لَا تُؤْمَنُ سَطْوَتُهُ- فَلَمْ یَزَلِ الْوَزِیرُ عَلَی اهْتِمَامِهِ بِهِ مُصَافِیاً لَهُ رَفِیقاً بِهِ رَجَاءَ أَنْ یَجِدَ فُرْصَةً فَیَنْصَحَهُ أَوْ یَجِدَ لِلْكَلَامِ مَوْضِعاً فَیُفَاوِضَهُ وَ كَانَ الْمَلِكُ مَعَ ضَلَالَتِهِ مُتَوَاضِعاً سَهْلًا قَرِیباً حَسَنَ السِّیرَةِ فِی رَعِیَّتِهِ حَرِیصاً عَلَی إِصْلَاحِهِمْ مُتَفَقِّداً لِأُمُورِهِمْ فَاصْطَحَبَ الْوَزِیرُ الْمَلِكَ عَلَی هَذَا بُرْهَةً مِنْ زَمَانِهِ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِلْوَزِیرِ ذَاتَ لَیْلَةٍ مِنَ اللَّیَالِی بَعْدَ مَا هَدَأَتِ الْعُیُونُ هَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ فَنَسِیرَ فِی الْمَدِینَةِ فَنَنْظُرَ إِلَی حَالِ النَّاسِ وَ آثَارِ الْأَمْطَارِ الَّتِی أَصَابَتْهُمْ فِی هَذِهِ الْأَیَّامِ فَقَالَ الْوَزِیرُ نَعَمْ فَرَكِبَا جَمِیعاً یَجُولَانِ فِی نَوَاحِی الْمَدِینَةِ فَمَرَّا فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ عَلَی مَزْبَلَةٍ تُشْبِهُ الْجَبَلَ فَنَظَرَ الْمَلِكُ إِلَی ضَوْءِ النَّارِ تَبْدُو فِی نَاحِیَةِ الْمَزْبَلَةِ فَقَالَ لِلْوَزِیرِ إِنَّ لِهَذِهِ النَّارِ لَقِصَّةً فَانْزِلْ بِنَا نَمْشِی حَتَّی نَدْنُوَ مِنْهَا فَنَعْلَمَ خَبَرَهَا فَفَعَلَا ذَلِكَ فَلَمَّا انْتَهَیَا إِلَی مَخْرَجِ الضَّوْءِ وَجَدَا نَقْباً شَبِیهاً بِالْغَارِ وَ فِیهِ مِسْكِینٌ مِنَ الْمَسَاكِینِ ثُمَّ نَظَرَا فِی الْغَارِ مِنْ حَیْثُ لَا یَرَاهُمَا الرَّجُلُ فَإِذَا الرَّجُلُ مُشَوَّهُ الْخَلْقِ عَلَیْهِ ثِیَابٌ

ص: 410


1- 1. فی المصدر« و زهاده عن الدنیا».

خُلْقَانٌ مِنْ خُلْقَانِ الْمَزْبَلَةِ مُتَّكِئٌ عَلَی مُتَّكَإٍ قَدْ هَیَّأَهُ مِنَ الزِّبْلِ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ إِبْرِیقٌ فَخَّارٌ فِیهِ شَرَابٌ وَ فِی یَدِهِ طُنْبُورٌ یَضْرِبُ بِیَدِهِ وَ امْرَأَتُهُ فِی مِثْلِ خَلَقِهِ وَ لِبَاسِهِ قَائِمَةً بَیْنَ یَدَیْهِ تَسْقِیهِ إِذَا اسْتَسْقَی مِنْهَا وَ تَرْقُصُ لَهُ إِذَا ضَرَبَ وَ تُحَیِّیهِ بِتَحِیَّةِ الْمُلُوكِ كُلَّمَا شَرِبَ وَ هُوَ یُسَمِّیهَا سَیِّدَةَ النِّسَاءِ وَ هُمَا یَصِفَانِ أَنْفُسَهُمَا بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ وَ بَیْنَهُمَا مِنَ السُّرُورِ وَ الضَّحِكِ وَ الطَّرَبِ مَا لَا یُوصَفُ- فَقَامَ الْمَلِكُ عَلَی رِجْلَیْهِ مَلِیّاً وَ الْوَزِیرُ یَنْظُرُ كَذَلِكَ وَ یَتَعَجَّبَانِ مِنْ لَذَّتِهِمَا وَ إِعْجَابِهِمَا بِمَا هُمَا فِیهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْمَلِكُ وَ الْوَزِیرُ فَقَالَ الْمَلِكُ مَا أَعْلَمَنِی وَ إِیَّاكَ أَصَابَنَا الدَّهْرُ مِنَ اللَّذَّةِ وَ السُّرُورِ وَ الْفَرَحِ مِثْلَ مَا أَصَابَ هَذَیْنِ اللَّیْلَةَ مَعَ أَنِّی أَظُنُّهُمَا یَصْنَعَانِ كُلَّ لَیْلَةٍ مِثْلَ هَذَا فَاغْتَنَمَ الْوَزِیرُ ذَلِكَ مِنْهُ وَ وَجَدَ فُرْصَةً فَقَالَ لَهُ أَخَافُ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْ یَكُونَ دُنْیَانَا هَذِهِ مِنَ الْغُرُورِ وَ یَكُونَ مُلْكُكَ وَ مَا نَحْنُ فِیهِ مِنَ الْبَهْجَةِ وَ السُّرُورِ فِی أَعْیُنِ مَنْ یَعْرِفُ الْمَلَكُوتَ الدَّائِمَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَزْبَلَةِ وَ مِثْلَ هَذَیْنِ الشَّخْصَیْنِ اللَّذَیْنِ رَأَیْنَاهُمَا وَ تَكُونَ مَسَاكِنُنَا وَ مَا شَیَّدْنَا مِنْهَا عِنْدَ مَنْ یَرْجُو مَسَاكِنَ السَّعَادَةِ وَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ مِثْلَ هَذَا الْغَارِ فِی أَعْیُنِنَا وَ تَكُونَ أَجْسَادُنَا عِنْدَ مَنْ یَعْرِفُ الطَّهَارَةَ وَ النَّضَارَةَ وَ الْحُسْنَ وَ الصِّحَّةَ مِثْلَ جَسَدِ هَذِهِ الْمُشَوَّهِ الْخَلْقِ فِی أَعْیُنِنَا وَ یَكُونَ تَعَجُّبُهُمْ عَنْ إِعْجَابِنَا بِمَا نَحْنُ فِیهِ كَتَعَجُّبِنَا مِنْ إِعْجَابِ هَذَیْنِ الشَّخْصَیْنِ بِمَا هُمَا فِیهِ قَالَ الْمَلِكُ وَ هَلْ تَعْرِفُ لِهَذِهِ الصِّفَةِ أَهْلًا قَالَ الْوَزِیرُ نَعَمْ قَالَ الْمَلِكُ مَنْ هُمْ قَالَ الْوَزِیرُ أَهْلُ الدِّینِ الَّذِینَ عَرَفُوا مُلْكَ الْآخِرَةِ وَ نَعِیمَهَا فَطَلَبُوهُ قَالَ الْمَلِكُ وَ مَا مُلْكُ الْآخِرَةِ قَالَ الْوَزِیرُ هُوَ النَّعِیمُ الَّذِی لَا بُؤْسَ بَعْدَهُ وَ الْغِنَی الَّذِی لَا فَقْرَ بَعْدَهُ وَ الْفَرَحُ الَّذِی لَا تَرَحَ بَعْدَهُ وَ الصِّحَّةُ الَّتِی لَا سُقْمَ بَعْدَهَا وَ الرِّضَی الَّذِی لَا سَخَطَ بَعْدَهُ وَ الْأَمْنُ الَّذِی لَا خَوْفَ بَعْدَهُ وَ الْحَیَاةُ الَّتِی لَا مَوْتَ بَعْدَهَا وَ الْمُلْكَ الَّذِی لَا زَوَالَ لَهُ الَّتِی هِیَ دَارُ الْبَقَاءِ وَ دَارُ الْحَیَوَانِ الَّتِی لَا انْقِطَاعَ لَهَا وَ لَا تَغَیُّرَ فِیهَا رَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ سَاكِنِیهَا فِیهَا السُّقْمَ وَ الْهَرَمَ وَ الشَّقَاءَ وَ النَّصَبَ وَ الْمَرَضَ وَ الْجُوعَ وَ الظَّمَأَ وَ الْمَوْتَ فَهَذِهِ صِفَةُ مُلْكِ الْآخِرَةِ وَ خَبَرُهَا أَیُّهَا الْمَلِكُ.

ص: 411

قَالَ الْمَلِكُ وَ هَلْ تُدْرِكُونَ إِلَی هَذِهِ الدَّارِ مَطْلَباً وَ إِلَی دُخُولِهَا سَبِیلًا قَالَ الْوَزِیرُ نَعَمْ هِیَ مُهَیَّأَةٌ لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْ وَجْهِ مَطْلَبِهَا وَ مَنْ أَتَاهَا مِنْ بَابِهَا ظَفِرَ بِهَا قَالَ الْمَلِكُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِی بِهَذَا قَبْلَ الْیَوْمِ قَالَ الْوَزِیرُ مَنَعَنِی مِنْ ذَلِكَ إِجْلَالُكَ وَ الْهَیْبَةُ لِسُلْطَانِكَ قَالَ الْمَلِكُ لَئِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِی وَصَفْتَ یَقِیناً فَلَا یَنْبَغِی لَنَا أَنْ نُضَیِّعَهُ وَ لَا نَتْرُكَ الْعَمَلَ بِهِ فِی إِصَابَتِهِ وَ لَكِنَّا نَجْتَهِدُ حَتَّی یَصِحَّ لَنَا خَبَرُهُ قَالَ الْوَزِیرُ أَ فَتَأْمُرُنِی أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْ أُوَاظِبَ عَلَیْكَ فِی ذِكْرِهِ وَ التَّكْرِیرِ لَهُ قَالَ الْمَلِكُ بَلْ آمُرُكَ أَنْ لَا تَقْطَعَ عَنِّی لَیْلًا وَ لَا نَهَاراً وَ لَا تُرِیحَنِی وَ لَا تُمْسِكَ عَنِّی ذِكْرَهُ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ عَجِیبٌ لَا یُتَهَاوَنُ بِهِ وَ لَا یُغْفَلُ عَنْ مِثْلِهِ وَ كَانَ سَبِیلُ ذَلِكَ الْمَلِكِ وَ الْوَزِیرِ إِلَی النَّجَاةِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ مَا أَنَا بِشَاغِلٍ نَفْسِی بِشَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنْ هَذَا السَّبِیلِ وَ لَقَدْ حَدَّثْتُ نَفْسِی بِالْهَرَبِ مَعَكَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ حَیْثُ بَدَا لَكَ أَنْ تَذْهَبَ قَالَ بِلَوْهَرُ وَ كَیْفَ تَسْتَطِیعُ الذَّهَابَ مَعِی وَ الصَّبْرَ عَلَی صُحْبَتِی وَ لَیْسَ لِی جُحْرٌ یَأْوِینِی وَ لَا دَابَّةٌ تَحْمِلُنِی وَ لَا أَمْلِكُ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً وَ لَا أَدَّخِرُ غِذَاءَ الْعِشَاءِ وَ لَا یَكُونُ عِنْدِی فَضْلُ ثَوْبٍ وَ لَا أَسْتَقِرُّ بِبَلْدَةٍ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی أَتَحَوَّلَ عَنْهَا وَ لَا أَتَزَوَّدُ مِنْ أَرْضٍ إِلَی أَرْضٍ أُخْرَی رَغِیفاً أَبَداً قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ إِنِّی أَرْجُو أَنْ یُقَوِّیَنِی الَّذِی قَوَّاكَ قَالَ بِلَوْهَرُ أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَبَیْتَ إِلَّا صُحْبَتِی كُنْتَ خَلِیقاً أَنْ تَكُونَ كَالْفَتَی الَّذِی صَاهَرَ الْفَقِیرَ قَالَ یُوذَاسُفُ وَ كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَ بِلَوْهَرُ زَعَمُوا أَنَّ فَتًی كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَغْنِیَاءِ فَأَرَادَ أَبُوهُ أَنْ یُزَوِّجَهُ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ ذَاتَ جَمَالٍ وَ مَالٍ فَلَمْ یُوَافِقْ ذَلِكَ الْفَتَی وَ لَمْ یُطْلِعْ أَبَاهُ عَلَی كَرَاهَتِهِ حَتَّی خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَوَجِّهاً إِلَی أَرْضٍ أُخْرَی فَمَرَّ فِی طَرِیقِهِ عَلَی جَارِیَةٍ عَلَیْهَا ثِیَابٌ خُلْقَانٌ لَهَا قَائِمَةٍ عَلَی بَابِ بَیْتٍ مِنْ بُیُوتِ الْمَسَاكِینِ فَأَعْجَبَتْهُ الْجَارِیَةُ- فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ أَیَّتُهَا الْجَارِیَةُ قَالَتِ ابْنَةُ شَیْخٍ كَبِیرٍ فِی هَذَا الْبَیْتِ فَنَادَی الْفَتَی الشَّیْخَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ هَلْ تُزَوِّجُنِی ابْنَتَكَ هَذِهِ- قَالَ مَا أَنْتَ بِمُتَزَوِّجٍ لِبَنَاتِ الْفُقَرَاءِ وَ أَنْتَ فَتًی مِنَ الْأَغْنِیَاءِ قَالَ أَعْجَبَتْنِی هَذِهِ الْجَارِیَةُ وَ لَقَدْ خَرَجْتُ هَارِباً مِنِ امْرَأَةٍ ذَاتِ حَسَبٍ وَ مَالٍ أَرَادُوا مِنِّی تَزْوِیجَهَا فَكَرِهْتُهَا

ص: 412

فَزَوِّجْنِی ابْنَتَكَ فَإِنَّكَ وَاجِدٌ عِنْدِی خَیْراً إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الشَّیْخُ كَیْفَ أُزَوِّجُكَ ابْنَتِی وَ نَحْنُ لَا تَطِیبُ أَنْفُسُنَا أَنْ تَنْقُلَهَا عَنَّا وَ لَا أَحْتَسِبُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَكَ یَرْضَوْنَ أَنْ تَنْقُلَهَا إِلَیْهِمْ قَالَ الْفَتَی فَنَحْنُ مَعَكُمْ فِی مَنْزِلِكُمْ هَذَا- قَالَ الشَّیْخُ إِنْ صَدَقْتَ فِیمَا تَقُولُ فَاطْرَحْ عَنْكَ زِیَّكَ وَ حِلْیَتَكَ هَذِهِ قَالَ فَفَعَلَ الْفَتَی ذَلِكَ وَ أَخَذَ أَطْمَاراً رَثَّةً مِنْ أَطْمَارِهِمْ فَلَبِسَهَا وَ قَعَدَ مَعَهُمْ فَسَأَلَهُ الشَّیْخُ عَنْ شَأْنِهِ وَ عَرَضَ لَهُ بِالْحَدِیثِ حَتَّی فَتَّشَ عَقْلَهُ فَعَرَفَ أَنَّهُ صَحِیحُ الْعَقْلِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَحْمِلْهُ عَلَی مَا صَنَعَ السَّفَهُ- فَقَالَ لَهُ الشَّیْخُ أَمَّا إِذَا اخْتَرْتَنَا وَ رَضِیتَ بِنَا فَقُمْ مَعِی إِلَی هَذَا السَّرْبِ فَأَدْخَلَهُ فَإِذَا خَلْفَ مَنْزِلِهِ بُیُوتٌ وَ مَسَاكِنُ لَمْ یَرَ مِثْلَهُ قَطُّ سَعَةً وَ حُسْناً وَ لَهُ خَزَائِنُ مِنْ كُلِّ مَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ ثُمَّ دَفَعَ إِلَیْهِ مَفَاتِیحَهُ وَ قَالَ إِنَّ كُلَّ مَا هَاهُنَا لَكَ فَاصْنَعْ بِهِ مَا أَحْبَبْتَ فَنِعْمَ الْفَتَی أَنْتَ وَ أَصَابَ الْفَتَی مَا كَانَ یُرِیدُهُ قَالَ یُوذَاسُفُ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبَ هَذَا الْمَثَلِ إِنَّ الشَّیْخَ فَتَّشَ عَقْلَ هَذَا الْغُلَامِ حَتَّی وَثِقَ بِهِ فَلَعَلَّكَ تَطَوَّلُ بِی عَلَی تَفْتِیشِ عَقْلِی فَأَعْلِمْنِی مَا عِنْدَكَ فِی ذَلِكَ- قَالَ الْحَكِیمُ لَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَیَّ- لَاكْتَفَیْتُ مِنْكَ بِأَدْنَی الْمُشَافَهَةِ وَ لَكِنَّ فَوْقَ رَأْسِی

سُنَّةً قَدْ سَنَّهَا أَئِمَّةُ الْهُدَی فِی بُلُوغِ الْغَایَةِ فِی التَّوْفِیقِ وَ عِلْمِ مَا فِی الصُّدُورِ فَإِنِّی أَخَافُ إِنْ خَالَفْتُ السُّنَّةَ أَنْ أَكُونَ قَدْ أَحْدَثْتُ بِدْعَةً وَ أَنَا مُنْصَرِفٌ عَنْكَ اللَّیْلَةَ وَ حَاضِرٌ بَابَكَ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ فَفَكِّرْ فِی نَفْسِكَ بِهَذَا وَ اتَّعِظْ بِهِ وَ لْیَحْضُرْكَ فَهْمُكَ وَ تَثْبُتُ وَ لَا تُعَجِّلْ بِالتَّصْدِیقِ لِمَا یُورِدُهُ عَلَیْكَ هَمُّكَ حَتَّی تَعْلَمَهُ بَعْدَ التُّؤَدَةِ وَ الْأَنَاةِ وَ عَلَیْكَ بِالاحْتِرَاسِ فِی ذَلِكَ أَنْ یَغْلِبَكَ الْهَوَی وَ الْمَیْلُ إِلَی الشُّبْهَةِ وَ الْعَمَی وَ اجْتَهِدْ فِی الْمَسَائِلِ الَّتِی تَظُنُّ أَنَّ فِیهَا شُبْهَةً ثُمَّ كَلِّمْنِی فِیهَا وَ أَعْلِمْنِی رَأْیَكَ فِی الْخُرُوجِ إِذَا أَرَدْتَ وَ افْتَرَقَا عَلَی هَذَا تِلْكَ اللَّیْلَةَ ثُمَّ عَادَ الْحَكِیمُ إِلَیْهِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ دَعَا لَهُ ثُمَّ جَلَسَ فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ أَنْ قَالَ- أَسْأَلُ اللَّهَ الْأَوَّلَ الَّذِی لَمْ یَكُنْ قَبْلَهُ شَیْ ءٌ وَ الْآخِرَ الَّذِی لَا یَبْقَی مَعَهُ شَیْ ءٌ وَ الْبَاقِیَ الَّذِی لَا فَنَاءَ لَهُ وَ الْعَظِیمَ الَّذِی لَا مُنْتَهَی لَهُ وَ الْوَاحِدَ الْفَرْدَ الصَّمَدَ الَّذِی لَیْسَ مَعَهُ غَیْرُهُ وَ الْقَاهِرَ الَّذِی لَا شَرِیكَ لَهُ الْبَدِیعَ الَّذِی لَا خَالِقَ مَعَهُ.

ص: 413

الْقَادِرَ الَّذِی لَیْسَ لَهُ ضِدٌّ الصَّمَدَ الَّذِی لَیْسَ لَهُ نِدٌّ الْمَلِكَ الَّذِی لَیْسَ مَعَهُ أَحَدٌ أَنْ یَجْعَلَكَ مَلِكاً عَدْلًا إِمَاماً فِی الْهُدَی قَائِداً إِلَی التَّقْوَی وَ مُبْصِراً مِنَ الْعَمَی وَ زَاهِداً فِی الدُّنْیَا وَ مُحِبّاً لِذَوِی النُّهَی وَ مُبْغِضاً لِأَهْلِ الرَّدَی حَتَّی یُفْضِیَ بِنَا وَ بِكَ إِلَی مَا وَعَدَ اللَّهُ أَوْلِیَاءَهُ عَلَی أَلْسِنَةِ أَنْبِیَائِهِ مِنْ جَنَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ فَإِنَّ رَغْبَتَنَا إِلَی اللَّهِ فِی ذَلِكَ سَاطِعَةٌ وَ رَهْبَتَنَا مِنْهُ بَاطِنَةٌ وَ أَبْصَارَنَا إِلَیْهِ شَاخِصَةٌ(1)

وَ أَعْنَاقَنَا لَهُ خَاضِعَةٌ وَ أُمُورَنَا إِلَیْهِ صَائِرَةٌ فَرَقَّ ابْنُ الْمَلِكِ لِذَلِكَ الدُّعَاءِ رِقَّةً شَدِیدَةً وَ ازْدَادَ فِی الْخَیْرِ رَغْبَةً وَ قَالَ مُتَعَجِّباً مِنْ قَوْلِهِ أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَعْلِمْنِی كَمْ أَتَی لَكَ مِنَ الْعُمُرِ فَقَالَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً فَارْتَاعَ لِذَلِكَ ابْنُ الْمَلِكِ وَ قَالَ ابْنُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً طِفْلٌ وَ أَنْتَ مَعَ مَا أَرَی مِنَ التَّكَهُّلِ كَابْنِ سِتِّینَ سَنَةً قَالَ الْحَكِیمُ أَمَّا الْمَوْلِدُ فَقَدْ رَاهَقَ السِّتِّینَ سَنَةً وَ لَكِنَّكَ سَأَلْتَنِی عَنِ الْعُمُرِ وَ إِنَّمَا الْعُمُرُ الْحَیَاةُ وَ لَا حَیَاةَ إِلَّا فِی الدِّینِ وَ الْعَمَلِ بِهِ وَ التَّخَلِّی مِنَ الدُّنْیَا وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ لِی إِلَّا مِنِ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِّی كُنْتُ مَیِّتاً وَ لَسْتُ أَعْتَدُّ فِی عُمُرِی بِأَیَّامِ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ كَیْفَ تَجْعَلُ الْآكِلَ وَ الشَّارِبَ وَ الْمُتَقَلِّبَ مَیِّتاً قَالَ الْحَكِیمُ لِأَنَّهُ شَارَكَ الْمَوْتَی فِی الْعَمَی وَ الصَّمِّ وَ الْبَكَمِ وَ ضَعْفِ الْحَیَاةِ وَ قِلَّةِ الْغِنَی فَلَمَّا شَارَكَهُمْ فِی الصِّفَةِ وَافَقَهُمْ فِی الِاسْمِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ لَئِنْ كُنْتَ لَا تَعُدُّ حَیَاتَكَ تِلْكَ حَیَاةً وَ لَا غِبْطَةً مَا یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَعُدَّ مَا تَتَوَقَّعُ مِنَ الْمَوْتِ مَوْتاً وَ لَا تَرَاهُ مَكْرُوهاً- قَالَ الْحَكِیمُ تَغْرِیرِی فِی الدُّخُولِ عَلَیْكَ بِنَفْسِی یَا ابْنَ الْمَلِكِ مَعَ عِلْمِی لِسَطْوَةِ أَبِیكَ عَلَی أَهْلِ دِینِی یَدُلُّكَ عَلَی أَنِّی لَا أَرَی الْمَوْتَ مَوْتاً وَ لَا أَرَی هَذِهِ الْحَیَاةَ حَیَاةً وَ لَا مَا أَتَوَقَّعُ مِنَ الْمَوْتِ مَكْرُوهاً فَكَیْفَ یَرْغَبُ فِی الْحَیَاةِ مَنْ قَدْ تَرَكَ حَظَّهُ مِنْهَا أَوْ یَهْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ أَمَاتَ نَفْسَهُ بِیَدِهِ أَ وَ لَا تَرَی یَا ابْنَ الْمَلِكِ أَنَّ صَاحِبَ الدِّینِ قَدْ رَفَضَ الدُّنْیَا مِنْ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ وَ مَا لَا یَرْغَبُ فِیهَا إِلَّا لَهُ (2) وَ احْتَمَلَ مِنْ نَصَبِ الْعِبَادَةِ مَا لَا یُرِیحُهُ مِنْهُ إِلَّا

ص: 414


1- 1. فی بعض النسخ« و أبصارنا إلیه خاشعة».
2- 2. كذا.

الْمَوْتُ فَمَا حَاجَةُ مَنْ لَا یَتَمَتَّعُ بِلَذَّةِ الْحَیَاةِ إِلَی الْحَیَاةِ أَوْ یَهْرُبُ مَنْ لَا رَاحَةَ لَهُ إِلَّا فِی الْمَوْتِ مِنَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدَقْتَ أَیُّهَا الْحَكِیمُ فَهَلْ یَسُرُّكَ أَنْ یَنْزِلَ بِكَ الْمَوْتُ مِنْ غَدٍ قَالَ الْحَكِیمُ بَلْ یَسُرُّنِی أَنْ یَنْزِلَ بِیَ اللَّیْلَةَ دُونَ غَدٍ فَإِنَّهُ مَنْ عَرَفَ السَّیِّئَ وَ الْحَسَنَ وَ عَرَفَ ثَوَابَهُمَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَرَكَ السَّیِّئَ مَخَافَةَ عِقَابِهِ وَ عَمِلَ الْحَسَنَ رَجَاءَ ثَوَابِهِ وَ مَنْ كَانَ مُوقِناً بِاللَّهِ وَحْدَهُ مُصَدِّقاً بِوَعْدِهِ فَإِنَّهُ یُحِبُّ الْمَوْتَ لِمَا یَرْجُو بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الرَّخَاءِ وَ یَزْهَدُ فِی الْحَیَاةِ لِمَا یَخَافُ عَلَی نَفْسِهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ الدُّنْیَا وَ الْمَعْصِیَةِ لِلَّهِ فِیهَا فَهُوَ یُحِبُّ الْمَوْتَ مُبَادِرَةً مِنْ ذَلِكَ- فَقَالَ ابْنُ الْمَلِكِ إِنَّ هَذَا لَخَلِیقٌ أَنْ یُبَادِرَ الْهَلَكَةَ لِمَا یَرْجُو فِی ذَلِكَ مِنَ النَّجَاةِ فَاضْرِبْ لِی مَثَلَ أُمَّتِنَا هَذِهِ وَ عُكُوفِهَا عَلَی أَصْنَامِهَا قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ یَعْمُرُهُ وَ یُحْسِنُ الْقِیَامَ عَلَیْهِ إِذْ رَأَی فِی بُسْتَانِهِ ذَاتَ یَوْمٍ عُصْفُوراً وَاقِعاً عَلَی شَجَرَةٍ مِنْ شَجَرَةِ الْبُسْتَانِ یُصِیبُ مِنْ ثَمَرِهَا فَغَاضَهُ ذَلِكَ فَنَصَبَ فَخّاً فَصَادَهُ فَلَمَّا هَمَّ بِذَبْحِهِ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِقُدْرَتِهِ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ إِنَّكَ تَهْتَمُّ بِذَبْحِی وَ لَیْسَ فِیَّ مَا یُشْبِعُكَ مِنْ جُوعٍ وَ لَا یُقَوِّیكَ مِنْ ضَعْفٍ فَهَلْ لَكَ فِیَّ خَیْرٌ عَمَّا هَمَمْتَ بِهِ قَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ قَالَ الْعُصْفُورُ تُخَلِّی سَبِیلِی وَ أُعَلِّمُكَ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهُنَّ كُنَّ خَیْراً لَكَ مِنْ أَهْلٍ وَ مَالٍ هُوَ لَكَ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَأَخْبِرْنِی بِهِنَّ قَالَ الْعُصْفُورُ احْفَظْ عَنِّی مَا أَقُولُ لَكَ- لَا تَأْسَ عَلَی مَا فَاتَكَ وَ لَا تُصَدِّقَنَّ بِمَا لَا یَكُونُ وَ لَا تَطْلُبَنَّ مَا لَا تُطِیقُ فَلَمَّا قَضَی الْكَلِمَاتِ خَلَّی سَبِیلَهُ فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَی بَعْضِ الْأَشْجَارِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ لَوْ تَعْلَمُ مَا فَاتَكَ مِنِّی لَعَلِمْتَ أَنَّكَ قَدْ فَاتَكَ مِنِّی عَظِیمٌ جَسِیمٌ مِنَ الْأَمْرِ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ الْعُصْفُورُ لَوْ كُنْتَ قَضَیْتَ عَلَی مَا هَمَمْتَ بِهِ مِنْ ذَبْحِی- لَاسْتَخْرَجْتَ مِنْ حَوْصَلَتِی دُرَّةً كَبَیْضَةِ الْإِوَزَّةِ فَكَانَ لَكَ فِی ذَلِكَ غِنَی الدَّهْرِ فَلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ مِنْهُ ذَلِكَ أَسَرَّ فِی نَفْسِهِ نَدَماً عَلَی مَا فَاتَهُ وَ قَالَ دَعْ عَنْكَ مَا مَضَی وَ هَلُمَّ أَنْطَلِقْ بِكَ إِلَی مَنْزِلِی فَأُحَسِّنَ صُحْبَتَكَ وَ أُكْرِمَ مَثْوَاكَ فَقَالَ لَهُ الْعُصْفُورُ أَیُّهَا الْجَاهِلُ مَا أَرَاكَ حَفِظْتَنِی إِذَا ظَفِرْتَ

ص: 415

بِی وَ لَا انْتَفَعْتَ بِالْكَلِمَاتِ الَّتِی افْتَدَیْتُ بِهَا مِنْكَ نَفْسِی أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْكَ أَلَّا تَأْسَ عَلَی مَا فَاتَكَ وَ لَا تُصَدِّقَ مَا لَا یَكُونُ وَ لَا تَطْلُبَ مَا لَا یُدْرَكُ- أَمَّا أَنْتَ مُتَفَجِّعٌ عَلَی مَا فَاتَكَ وَ تَلْتَمِسُ مِنِّی رَجْعَتِی إِلَیْكَ وَ تَطْلُبُ مَا لَا تُدْرِكُ وَ تُصَدِّقُ أَنَّ فِی حَوْصَلَتِی دُرَّةً كَبَیْضَةِ الْإِوَزَّةِ وَ جَمِیعِی أَصْغَرُ مِنْ بَیْضِهَا وَ قَدْ كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَیْكَ أَنْ لَا تُصَدِّقَ بِمَا لَا یَكُونُ وَ إِنَّ أُمَّتَكُمْ صَنَعُوا أَصْنَامَهُمْ بِأَیْدِیهِمْ ثُمَّ زَعَمُوا أَنَّهَا هِیَ الَّتِی خَلَقَتْهُمْ وَ حَفِظُوهَا مِنْ أَنْ تُسْرَقَ مَخَافَةً عَلَیْهَا وَ زَعَمُوا أَنَّهَا هِیَ الَّتِی تَحْفَظُهُمْ وَ أَنْفَقُوا عَلَیْهَا مِنْ مَكَاسِبِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ وَ زَعَمُوا أَنَّهَا هِیَ الَّتِی تَرْزُقُهُمْ فَطَلَبُوا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا یُدْرَكُ وَ صَدَّقُوا بِمَا لَا یَكُونُ فَلَزِمَهُمْ مِنْهُ مَا لَزِمَ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ- قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدَقْتَ أَمَّا الْأَصْنَامُ فَإِنِّی لَمْ أَزَلْ عَارِفاً بِأَمْرِهَا زَاهِداً فِیهَا آیِساً مِنْ خَیْرِهَا فَأَخْبِرْنِی بِالَّذِی تَدْعُونِی إِلَیْهِ وَ الَّذِی ارْتَضَیْتَهُ لِنَفْسِكَ مَا هُوَ قَالَ بِلَوْهَرُ جِمَاعُ الدِّینِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْآخَرُ الْعَمَلُ بِرِضْوَانِهِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ وَ كَیْفَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ الْحَكِیمُ أَدْعُوكَ إِلَی أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَیْسَ لَهُ شَرِیكٌ لَمْ یَزَلْ فَرْداً رَبّاً وَ مَا سِوَاهُ مَرْبُوبٌ وَ أَنَّهُ خَالِقٌ وَ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ وَ أَنَّهُ قَدِیمٌ وَ مَا سِوَاهُ مُحْدَثٌ وَ أَنَّهُ صَانِعٌ وَ مَا سِوَاهُ مَصْنُوعٌ وَ أَنَّهُ مُدَبِّرٌ وَ مَا سِوَاهُ مُدَبَّرٌ وَ أَنَّهُ بَاقٍ وَ مَا سِوَاهُ فَانٍ وَ أَنَّهُ عَزِیزٌ وَ مَا سِوَاهُ ذَلِیلٌ وَ أَنَّهُ لَا یَنَامُ وَ لَا یَغْفُلُ وَ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا یَضْعُفُ وَ لَا یُغْلَبُ وَ لَا یَعْجِزُ وَ لَا یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ الْهَوَاءُ وَ الْبَرُّ وَ الْبَحْرُ وَ أَنَّهُ كَوَّنَ الْأَشْیَاءَ لَا مِنْ شَیْ ءٍ وَ أَنَّهُ لَمْ یَزَلْ وَ لَا یَزَالُ وَ لَا تُحْدِثُ فِیهِ الْحَوَادِثُ وَ لَا تُغَیِّرُهُ الْأَحْوَالُ وَ لَا تُبَدِّلُهُ الْأَزْمَانُ وَ لَا یَتَغَیَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ لَا یَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَ لَا یَشْتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ وَ لَا یَكُونُ مِنْ مَكَانٍ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَی مَكَانٍ وَ لَا یَغِیبُ عَنْهُ شَیْ ءٌ عَالِمٌ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ شَیْ ءٌ قَدِیرٌ لَا یَفُوتُهُ شَیْ ءٌ وَ أَنْ تَعْرِفَهُ بِالرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْعَدْلِ وَ أَنَّ لَهُ ثَوَاباً أَعَدَّهُ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ عَذَاباً أَعَدَّهُ لِمَنْ عَصَاهُ وَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ بِرِضَاهُ وَ تَجْتَنِبَ سَخَطَهُ.

ص: 416

قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَمَا یَرْضَی الْوَاحِدُ الْخَالِقُ مِنَ الْأَعْمَالِ قَالَ الْحَكِیمُ یَا ابْنَ الْمَلِكِ أَنْ تُطِیعَهُ وَ لَا تَعْصِیَهُ وَ أَنْ تَأْتِیَ إِلَی غَیْرِكَ مَا تُحِبُّ أَنْ یُؤْتَی إِلَیْكَ وَ تَكُفَّ عَنْ غَیْرِكَ مَا تُحِبُّ أَنْ یُكَفَّ عَنْكَ فِی مِثْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَدْلٌ وَ فِی الْعَدْلِ رِضَاهُ وَ فِی اتِّبَاعِ آثَارِ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ بِأَنْ لَا تَعْدُوَ سُنَّتَهُمْ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ زِدْنِی أَیُّهَا الْحَكِیمُ تَزْهِیداً فِی الدُّنْیَا وَ أَخْبِرْنِی بِحَالِهَا قَالَ الْحَكِیمُ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُ الدُّنْیَا دَارَ تَصَرُّفٍ وَ زَوَالٍ وَ تَقَلُّبٍ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ رَأَیْتُ أَهْلَهَا فِیهَا أَغْرَاضاً لِلْمَصَائِبِ وَ رَهَائِنَ لِلْمَتَالِفِ وَ رَأَیْتُ صِحَّةً بَعْدَهَا سُقْماً وَ شَبَاباً بَعْدَهُ هَرَماً وَ غِنًی بَعْدَهُ فَقْراً وَ فَرَحاً بَعْدَهُ حُزْناً وَ عِزّاً بَعْدَهُ ذُلًّا وَ رَخَاءً بَعْدَهُ شِدَّةً وَ أَمْناً بَعْدَهُ خَوْفاً وَ حَیَاةً بَعْدَهَا مماة [مَمَاتاً] وَ رَأَیْتُ أَعْمَاراً قَصِیرَةً وَ حُتُوفاً رَاصِدَةً(1) وَ سِهَاماً قَاصِدَةً وَ أَبْدَاناً ضَعِیفَةً مُسْتَسْلِمَةً غَیْرَ مُمْتَنِعَةٍ وَ لَا حَصِینَةٍ عَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْیَا مُنْقَطِعَةٌ بَالِیَةٌ فَانِیَةٌ وَ عَرَفْتُ بِمَا ظَهَرَ لِی مِنْهَا مَا غَابَ عَنِّی مِنْهَا وَ عَرَفْتُ بِظَاهِرِهَا بَاطِنَهَا وَ غَامِضَهَا بِوَاضِحِهَا وَ سِرَّهَا بِعَلَانِیَتِهَا وَ صُدُورَهَا بِوُرُودِهَا فَحَذَرتُهَا لِمَا عَرَفْتُهَا وَ فَرَرْتُ مِنْهَا لِمَا أَبْصَرْتُهَا- بَیْنَا تَرَی الْمَرْءَ فِیهَا مُغْتَبِطاً مَحْبُوراً(2)

وَ مَلِكاً مَسْرُوراً(3) فِی خَفْضٍ وَ دَعَةٍ وَ نِعْمَةٍ وَ سَعَةٍ فِی بَهْجَةٍ مِنْ شَبَابِهِ وَ حَدَاثَةٍ مِنْ سِنِّهِ وَ غِبْطَةٍ مِنْ مُلْكِهِ وَ بَهَاءٍ مِنْ سُلْطَانِهِ وَ صِحَّةٍ مِنْ بَدَنِهِ إِذَا انْقَلَبَتِ الدُّنْیَا بِهِ أَسَرَّ مَا كَانَ فِیهَا نَفْساً وَ أَقَرَّ مَا كَانَ فِیهَا عَیْناً فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مُلْكِهَا وَ غِبْطَتِهَا وَ خَفْضِهَا وَ دَعَتِهَا وَ بَهْجَتِهَا فَأَبْدَلَتْهُ بِالْعِزِّ ذُلًّا وَ بِالْفَرَحِ تَرَحاً وَ بِالسُّرُورِ حُزْناً وَ بِالنِّعْمَةِ بُؤْساً وَ بِالْغِنَی فَقْراً وَ بِالسَّعَةِ ضِیقاً وَ بِالشَّبَابِ هَرَماً وَ بِالشَّرَفِ ضَعَةً وَ بِالْحَیَاةِ مَوْتاً فَدَلَّتْهُ فِی حُفْرَةٍ ضَیِّقَةٍ شَدِیدَةِ الْوَحْشَةِ وَحِیداً فَرِیداً غَرِیباً قَدْ فَارَقَ الْأَحِبَّةَ وَ فَارَقُوهُ خَذَلَهُ إِخْوَانُهُ فَلَمْ یَجِدْ عِنْدَهُمْ دَفْعاً وَ صَارَ عِزُّهُ وَ مُلْكُهُ وَ أَهْلُهُ وَ مَالُهُ نُهْبَةً مِنْ بَعْدِهِ كَأَنْ لَمْ یَكُنْ فِی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَذْكُرْ فِیهَا سَاعَةً قَطُّ وَ لَمْ

ص: 417


1- 1. الحتف الموت من غیر قتل و الجمع حتوف. و الراصد: المراقب.
2- 2. أی مسرورا و الحبر- بفتح الحاء و كسرها- السرور و الجمع حبور و أحبار.
3- 3. فی بعض النسخ« مشعوفا».

یَكُنْ لَهُ فِیهَا خَطَرٌ وَ لَمْ یَمْلِكْ مِنَ الْأَرْضِ حَظّاً قَطُّ فَلَا تَتَّخِذْ فِیهَا یَا ابْنَ الْمَلِكِ دَاراً وَ لَا تَتَّخِذَنَّ فِیهَا عُقْدَةً وَ لَا عَقَاراً فَأُفٍّ لَهَا وَ تُفٍّ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أُفٍّ لَهَا وَ لِمَنْ یَغْتَرُّ بِهَا إِذْ كَانَ هَذَا حَالَهَا وَ رَقَّ ابْنُ الْمَلِكِ وَ قَالَ زِدْنِی أَیُّهَا الْحَكِیمُ مِنْ حَدِیثِكَ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا فِی صَدْرِی قَالَ الْحَكِیمُ إِنَّ الْعُمُرَ قَصِیرٌ وَ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ یُسْرِعَانِ فِیهِ وَ الِارْتِحَالَ مِنَ الدُّنْیَا حَثِیثٌ قَرِیبٌ وَ إِنَّهُ وَ إِنْ طَالَ الْعُمُرُ فِیهَا فَإِنَّ الْمَوْتَ نَازِلٌ وَ الظَّاعِنَ لَا مَحَالَةَ رَاحِلٌ فَیَصِیرُ مَا جَمَعَ فِیهَا مُفَرَّقاً وَ مَا عَمِلَ فِیهَا مُتَبَّراً وَ مَا شَیَّدَ فِیهَا خَرَاباً وَ یَصِیرُ اسْمُهُ مَجْهُولًا وَ ذِكْرُهُ مَنْسِیّاً وَ حَسَبُهُ خَامِلًا وَ جَسَدُهُ بَالِیاً وَ شَرَفُهُ وَضِیعاً وَ نِعْمَتُهُ وَبَالًا وَ كَسْبُهُ خَسَاراً وَ یُورَثُ سُلْطَانُهُ وَ یُسْتَذَلُّ عَقِبُهُ وَ یُسْتَبَاحُ حَرِیمُهُ وَ تُنْقَضُ عُهُودُهُ وَ تُخْفَرُ ذِمَّتُهُ وَ تُدْرَسُ آثَارُهُ وَ یُوَزَّعُ مَالُهُ وَ یُطْوَی رَحْلُهُ وَ یَفْرَحُ عَدُوُّهُ وَ یَبِیدُ مُلْكُهُ وَ یُورَثُ تَاجُهُ وَ یُخْلَفُ عَلَی سَرِیرِهِ وَ یُخْرَجُ مِنْ مَسَاكِنِهِ مَسْلُوباً مَخْذُولًا فَیُذْهَبُ بِهِ إِلَی قَبْرِهِ فَیُدْلَی فِی حُفْرَتِهِ فِی وَحْدَةٍ وَ غُرْبَةٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ وَحْشَةٍ وَ مَسْكَنَةٍ وَ ذِلَّةٍ قَدْ فَارَقَ الْأَحِبَّةَ وَ أَسْلَمَتْهُ الْعَصَبَةُ فَلَا تُؤْنَسُ وَحْشَتُهُ أَبَداً وَ لَا تُرَدُّ غُرْبَتُهُ أَبَداً- وَ اعْلَمْ أَنَّهَا یَحِقُّ عَلَی الْمَرْءِ اللَّبِیبِ مِنْ سِیَاسَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً كَسِیَاسَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ الْحَازِمِ الَّذِی یُؤَدِّبُ الْعَامَّةَ وَ یَسْتَصْلِحُ الرَّعِیَّةَ وَ یَأْمُرُهُمْ بِمَا یُصْلِحُهُمْ وَ یَنْهَاهُمْ عَمَّا یُفْسِدُهُمْ ثُمَّ یُعَاقِبُ مَنْ عَصَاهُ مِنْهُمْ وَ یُكْرِمُ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْهُمْ فَكَذَلِكَ لِلرَّجُلِ اللَّبِیبِ أَنْ یُؤَدِّبَ نَفْسَهُ فِی جَمِیعِ أَخْلَاقِهَا وَ أَهْوَائِهَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ أَنْ تَحْمِلَهَا وَ إِنْ كَرِهَتْ عَلَی لُزُومِ مَنَافِعِهَا فِیمَا أَحَبَّتْ وَ كَرِهَتْ وَ عَلَی اجْتِنَابِ مَضَارِّهَا وَ أَنْ یَجْعَلَ لِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِهِ ثَوَاباً وَ عِقَاباً مِنْ مَكَانِهَا مِنَ السُّرُورِ إِذَا أَحْسَنَتْ وَ مِنْ مَكَانِهَا مِنَ الْغَمِّ إِذَا أَسَاءَتْ وَ مِمَّا یَحِقُّ عَلَی ذِی الْعَقْلِ النَّظَرُ فِیمَا وَرَدَ عَلَیْهِ مِنْ أُمُورِهِ وَ الْأَخْذُ بِصَوَابِهَا وَ یَنْهَی نَفْسَهُ عَنْ خَطَائِهَا وَ أَنْ یَحْتَقِرَ عَمَلَهُ وَ نَفْسَهُ فِی رَأْیِهِ لِكَیْلَا یَدْخُلَهُ عُجْبٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ مَدَحَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ ذَمَّ أَهْلَ الْعُجْبِ وَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ بِالْعَقْلِ یُدْرَكُ كُلُّ خَیْرٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بِالْجَهْلِ تَهْلِكُ النُّفُوسُ وَ إِنَّ مِنْ أَوْثَقِ

ص: 418

الثِّقَاتِ عِنْدَ ذَوِی الْأَلْبَابِ مَا أَدْرَكَتْهُ عُقُولُهُمْ وَ بَلَغَتْهُ تَجَارِبُهُمْ وَ نَالَتْهُ أَبْصَارُهُمْ فِی التَّرْكِ لِلْأَهْوَاءِ وَ الشَّهَوَاتِ وَ لَیْسَ ذُو الْعَقْلِ بِجَدِیرٍ أَنْ یَرْفُضَ مَا قَوِیَ عَلَی حِفْظِهِ مِنَ الْعَمَلِ احْتِقَاراً لَهُ إِذَا لَمْ یَقْدِرْ عَلَی مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَ إِنَّمَا هَذَا مِنْ أَسْلِحَةِ الشَّیْطَانِ الْغَامِضَةِ الَّتِی لَا یُبْصِرُهَا إِلَّا مَنْ تَدَبَّرَهَا وَ لَا یَسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهَا وَ مِنْ أَسْلِحَتِهِ سِلَاحَانِ أَحَدُهُمَا إِنْكَارُ الْعَقْلِ أَنْ یُوقِعَ فِی قَلْبِ الْإِنْسَانِ الْعَاقِلِ أَنَّهُ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا بَصَرَ وَ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِی عَقْلِهِ وَ بَصَرِهِ وَ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّهُ عَنْ مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَ طَلَبِهِ وَ یُزَیِّنُ لَهُ الِاشْتِغَالَ بِغَیْرِهِ مِنْ مَلَاهِی الدُّنْیَا فَإِنْ أَتْبَعَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ ظَفَرُهُ وَ إِنْ عَصَاهُ وَ غَلَبَهُ فَرَغَ إِلَی السِّلَاحِ الْآخَرِ وَ هُوَ أَنْ یَجْعَلَ الْإِنْسَانَ إِذَا عَمِلَ شَیْئاً وَ أَبْصَرَهُ عَرَضَ لَهُ بِأَشْیَاءَ لَا یُبْصِرُهَا لِیُغْمِزَهُ وَ یُضْجِرَهُ بِمَا لَا یَعْلَمُ حَتَّی یُبْغِضَ إِلَیْهِ مَا هُوَ فِیهِ بِتَضْعِیفِ عَقْلِهِ عِنْدَهُ وَ بِمَا یَأْتِیهِ مِنَ الشُّبْهَةِ وَ یَقُولُ أَ لَسْتَ تَرَی أَنَّكَ لَا تَسْتَكْمِلُ هَذَا الْأَمْرَ وَ لَا تُطِیقُهُ أَبَداً فَبِمَ تُعْنِی نَفْسَكَ وَ تُشْقِیهَا فِیمَا لَا طَاقَةَ لَكَ بِهِ فَبِهَذَا السِّلَاحِ صَرَعَ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ فَاحْتَرِسْ مِنْ أَنْ تَدَعَ اكْتِسَابَ عِلْمِ مَا تَعْلَمُهُ وَ أَنْ تُخْدَعَ عَمَّا اكْتَسَبْتَ مِنْهُ فَإِنَّكَ فِی دَارٍ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَی أَكْثَرِ أَهْلِهَا الشَّیْطَانُ بِأَلْوَانِ حِیَلِهِ وَ وُجُوهِ ضَلَالَتِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ ضَرَبَ عَلَی سَمْعِهِ وَ عَقْلِهِ وَ قَلْبِهِ فَتَرَكَهُ لَا یَعْلَمُ شَیْئاً وَ لَا یَسْأَلُ عَنْ عِلْمِ مَا جَهِلَ مِنْهُ كَالْبَهِیمَةِ وَ إِنَّ لِعَامَّتِهِمْ أَدْیَاناً مُخْتَلِفَةً فَمِنْهُمُ الْمُجْتَهِدُونَ فِی الضَّلَالَةِ حَتَّی إِنَّ بَعْضَهُمْ لَیَسْتَحِلُّ دَمَ بَعْضٍ وَ أَمْوَالَهُمْ وَ یُمَوِّهُ ضَلَالَتَهُمْ بِأَشْیَاءَ مِنَ الْحَقِّ لِیَلْبِسَ عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ وَ یُزَیِّنَهُ لِضَعِیفِهِمْ وَ یَصُدَّهُمْ عَنِ الدِّینِ الْقَیِّمِ- فَالشَّیْطَانُ وَ جُنُودُهُ دَائِبُونَ فِی إِهْلَاكِ النَّاسِ وَ تَضْلِیلِهِمْ لَا یَسْأَمُونَ وَ لَا یَفْتُرُونَ وَ لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ وَ لَا یُسْتَطَاعُ دَفْعُ مَكَایِدِهِمْ إِلَّا بِعَوْنٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الِاعْتِصَامِ بِدِینِهِ فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَوْفِیقاً لِطَاعَتِهِ وَ نَصْراً عَلَی عَدُوِّنَا فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ صِفْ لِیَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی حَتَّی كَأَنِّی أَرَاهُ- قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ لَا یُوصَفُ بِالرُّؤْیَةِ وَ لَا یُبْلَغُ بِالْعُقُولِ كُنْهُ صِفَتِهِ وَ لَا تَبْلُغُ الْأَلْسُنُ كُنْهَ مِدْحَتِهِ وَ لَا یُحِیطُ الْعِبَادُ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا عَلَّمَهُمْ مِنْهُ عَلَی أَلْسِنَةِ أَنْبِیَائِهِ علیهم السلام

ص: 419

بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَ لَا تُدْرِكُ الْأَوْهَامُ عِظَمَ رُبُوبِیَّتِهِ هُوَ أَعْلَی مِنْ ذَلِكَ وَ أَجَلُّ وَ أَعَزُّ وَ أَعْظَمُ وَ أَمْنَعُ وَ أَلْطَفُ فَتَّاحٌ لِلْعِبَادِ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا أَحَبَّ وَ أَظْهَرَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ عَلَی مَا أَرَادَ وَ أَدَلَّهُمْ عَلَی مَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ رُبُوبِیَّتِهِ بِإِحْدَاثِ مَا لَمْ یَكُنْ وَ إِعْدَامِ مَا أَحْدَثَ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ وَ مَا الْحُجَّةُ قَالَ إِذَا رَأَیْتَ شَیْئاً مَصْنُوعاً غَابَ عَنْكَ صَانِعُهُ عَلِمْتَ بِعَقْلِكَ أَنَّ لَهُ صَانِعاً فَكَذَلِكَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا بَیْنَهُمَا فَأَیُّ حُجَّةٍ أَقْوَی مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ فَأَخْبِرْنِی أَیُّهَا الْحَكِیمُ أَ بِقَدَرٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُصِیبُ النَّاسَ مَا یُصِیبُهُمْ مِنَ الْأَسْقَامِ وَ الْأَوْجَاعِ وَ الْفَقْرِ وَ الْمَكَارِهِ أَوْ بِغَیْرِ قَدَرٍ قَالَ بِلَوْهَرُ لَا بَلْ بِقَدَرٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَعْمَالِهِمُ السَّیِّئَةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ سَیِّئِ أَعْمَالِهِمْ بَرِی ءٌ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْجَبَ الثَّوَابَ الْعَظِیمَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ الْعِقَابَ الشَّدِیدَ لِمَنْ عَصَاهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَنْ أَعْدَلُ النَّاسِ وَ مَنْ أَجْوَرُهُمْ وَ مَنْ أَكْیَسُهُمْ وَ مَنْ أَحْمَقُهُمْ وَ مَنْ أَشْقَاهُمْ وَ مَنْ أَسْعَدُهُمْ قَالَ أَعْدَلُهُمْ أَنْصَفُهُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَجْوَرُهُمْ مَنْ كَانَ جَوْرُهُ عِنْدَهُ عَدْلًا وَ عَدْلُ أَهْلِ الْعَدْلِ عِنْدَهُ جَوْراً وَ أَمَّا أَكْیَسُهُمْ فَمَنْ أَخَذَ لِآخِرَتِهِ أُهْبَتَهَا(1) وَ أَحْمَقُهُمْ مَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا هَمَّهُ وَ الْخَطَایَا عَمَلَهُ وَ أَسْعَدُهُمْ مَنْ خَتَمَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ بِخَیْرٍ وَ أَشْقَاهُمْ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَالَ مَنْ دَانَ النَّاسَ بِمَا إِنْ دُیِّنَ بِمِثْلِهِ هَلَكَ فَذَلِكَ الْمُسْخِطُ لِلَّهِ الْمُخَالِفُ لِمَا یُحِبُّ وَ مَنْ دَانَهُمْ بِمَا إِنْ دُیِّنَ بِمِثْلِهِ صَلَحَ فَذَلِكَ الْمُطِیعُ لِلَّهِ الْمُوَافِقُ لِمَا یُحِبُّ الْمُجْتَنِبُ لِسَخَطِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تَسْتَقْبِحَنَّ الْحَسَنَ وَ إِنْ كَانَ فِی الْفُجَّارِ وَ لَا تَسْتَحْسِنَنَّ الْقَبِیحَ وَ إِنْ كَانَ فِی الْأَبْرَارِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی أَیُّ النَّاسِ أَوْلَی بِالسَّعَادَةِ وَ أَیُّهُمْ أَوْلَی بِالشَّقَاوَةِ قَالَ بِلَوْهَرُ أَوْلَاهُمْ بِالسَّعَادَةِ الْمُطِیعُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی أَمْرِهِ وَ الْمُجْتَنِبُ لِنَوَاهِیهِ وَ أَوْلَاهُمْ بِالشَّقَاوَةِ الْعَامِلُ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ التَّارِكُ لِطَاعَتِهِ الْمُؤْثِرُ لِشَهْوَتِهِ عَلَی رِضَی اللَّهِ

ص: 420


1- 1. الاهبة: العدة، یقال أخذ للسفر أهبته أی أسبابه.

عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَتْبَعُهُمْ لِأَمْرِهِ وَ أَقْوَاهُمْ فِی دِینِهِ وَ أَبْعَدُهُمْ مِنَ الْعَمَلِ بِالسَّیِّئَاتِ- قَالَ فَمَا الْحَسَنَاتُ وَ السَّیِّئَاتُ قَالَ الْحَسَنَاتُ صِدْقُ النِّیَّةِ وَ الْعَمَلِ وَ الْقَوْلُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ السَّیِّئَاتُ سُوءُ النِّیَّةِ وَ سُوءُ الْعَمَلِ وَ الْقَوْلُ السَّیِّئُ قَالَ فَمَا صِدْقُ النِّیَّةِ قَالَ الِاقْتِصَادُ فِی الْهِمَّةِ قَالَ فَمَا سُوءُ الْقَوْلِ قَالَ الْكَذِبُ قَالَ فَمَا سُوءُ الْعَمَلِ قَالَ مَعْصِیَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَخْبِرْنِی كَیْفَ الِاقْتِصَادُ فِی الْهِمَّةِ قَالَ التَّذَكُّرُ لِزَوَالِ الدُّنْیَا وَ انْقِطَاعِ أَمْرِهَا وَ الْكَفُّ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِی فِیهَا النَّقِمَةُ وَ التَّبِعَةُ فِی الْآخِرَةِ قَالَ فَمَا السَّخَاءُ قَالَ إِعْطَاءُ الْمَالِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَمَا الْكَرَمُ قَالَ التَّقْوَی قَالَ فَمَا الْبُخْلُ قَالَ مَنْعُ الْحُقُوقِ عَنْ أَهْلِهَا وَ أَخْذِهَا مِنْ غَیْرِ وَجْهِهَا قَالَ فَمَا الْحِرْصُ قَالَ الْإِخْلَادُ إِلَی الدُّنْیَا وَ الطِّمَاحُ إِلَی الْأُمُورِ الَّتِی فِیهَا الْفَسَادُ وَ ثَمَرَتُهَا عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ قَالَ فَمَا الصِّدْقُ قَالَ طَرِیقَةٌ فِی الدِّینِ بِأَنْ لَا یُخَادِعَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ وَ لَا یَكْذِبَهَا قَالَ فَمَا الْحُمْقُ قَالَ الطُّمَأْنِینَةُ إِلَی الدُّنْیَا وَ تَرْكُ مَا یَدُومُ وَ یَبْقَی قَالَ فَمَا الْكَذِبُ قَالَ أَنْ یَكْذِبَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَلَا یَزَالُ بِهَوَاهُ شَعَفاً وَ لِدِینِهِ مُسَوِّفاً- قَالَ أَیُّ الرِّجَالِ أَكْمَلُهُمْ فِی الصَّلَاحِ قَالَ أَكْمَلُهُمْ فِی الْعَقْلِ وَ أَبْصَرُهُمْ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِخُصُومَةٍ وَ أَشَدُّهُمْ مِنْهُمُ احْتِرَاساً قَالَ أَخْبِرْنِی مَا تِلْكَ الْعَاقِبَةُ وَ مَا أُولَئِكَ الْخُصَمَاءُ الَّذِینَ یَعْرِفُهُمُ الْعَاقِلُ فَیَحْتَرِسُ مِنْهُمْ قَالَ الْعَاقِبَةُ الْآخِرَةُ وَ الْعَنَاءُ الدُّنْیَا قَالَ فَمَا الْخُصَمَاءُ قَالَ الْحِرْصُ وَ الْغَضَبُ وَ الْحَسَدُ وَ الْحَمِیَّةُ وَ الشَّهْوَةُ وَ الرِّیَاءُ وَ اللَّجَاجَةُ قَالَ أَیُّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ عَدَدْتَ أَقْوَی وَ أَجْدَرُ أَنْ لَا یَسْلَمَ مِنْهُ قَالَ الْحِرْصُ أَقَلُّ رِضًا وَ أَفْحَشُ غَضَباً وَ الْغَضَبُ أَجْوَرُ سُلْطَاناً وَ أَقَلُّ شُكْراً وَ أَكْسَبُ لِلْبَغْضَاءِ وَ الْحَسَدُ أَسْوَأُ الْخَیْبَةِ لِلنِّیَّةِ وَ أَخْلَفُ لِلظَّنِّ وَ الْحَمِیَّةُ أَشَدُّ لَجَاجَةً وَ أَفْظَعُ مَعْصِیَةً وَ الْحِقْدُ أَطْوَلُ تَوَقُّداً وَ أَقَلُّ رَحْمَةً وَ أَشَدُّ سَطْوَةً وَ الرِّیَاءُ أَشَدُّ خَدِیعَةً وَ أَخْفَی اكْتِنَاناً وَ أَكْذَبُ وَ اللَّجَاجَةُ أَعْیَا خُصُومَةً وَ أَقْطَعُ مَعْذِرَةً.

ص: 421

قَالَ أَیُّ مَكَایِدِ الشَّیْطَانِ لِلنَّاسِ فِی هَلَاكِهِمْ أَبْلَغُ قَالَ تَعْمِیَتُهُ عَلَیْهِمُ الْبِرَّ وَ الْإِثْمَ وَ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ وَ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ فِی ارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ قَالَ أَخْبِرْنِی بِالْقُوَّةِ الَّتِی قَوَّی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا الْعِبَادَ فِی تَغَالُبِ تِلْكَ الْأُمُورِ السَّیِّئَةِ وَ الْأَهْوَاءِ الْمُرْدِیَةِ قَالَ الْعِلْمُ وَ الْعَقْلُ وَ الْعَمَلُ بِهِمَا وَ صَبْرُ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا وَ الرَّجَاءُ لِلثَّوَابِ فِی الدِّینِ وَ كَثْرَةُ الذِّكْرِ لِفَنَاءِ الدُّنْیَا وَ قُرْبِ الْأَجَلِ وَ الِاحْتِفَاظُ مِنْ أَنْ یَنْقُضَ مَا یَبْقَی بِمَا یَفْنَی وَ اعْتِبَارُ مَاضِی الْأُمُورِ بِعَاقِبَتِهَا وَ الِاحْتِفَاظُ بِمَا لَا یَعْرِفُ إِلَّا عِنْدَ ذَوِی الْعُقُولِ وَ كَفُّ النَّفْسِ عَنِ الْعَادَةِ السَّیِّئَةِ

وَ حَمْلُهَا عَلَی الْعَادَةِ الْحَسَنَةِ وَ الْخُلُقِ الْمَحْمُودِ وَ أَنْ یَكُونَ أَمَلُ الْمَرْءِ بِقَدْرِ عَیْشِهِ حَتَّی یَبْلُغَ غَایَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقُنُوعُ وَ عَمَلُ الصَّبْرِ وَ الرِّضَا بِالْكَفَافِ وَ اللُّزُومُ لِلْقَضَاءِ وَ الْمَعْرِفَةُ بِمَا فِیهِ فِی الشِّدَّةِ مِنَ التَّعَبِ وَ مَا فِی الْإِفْرَاطِ مِنَ الِاغْتِرَافِ وَ حُسْنِ الْعَزَاءِ عَمَّا فَاتَ وَ طِیبُ النَّفْسِ عَنْهُ وَ تَرْكُ مُعَالَجَةِ مَا لَا یَتِمُّ وَ الصَّبْرُ بِالْأُمُورِ الَّتِی إِلَیْهَا یُرَدُّ وَ اخْتِیَارُ سَبِیلِ الرُّشْدِ عَلَی سَبِیلِ الْغَیِّ وَ تَوْطِینُ النَّفْسِ عَلَی أَنَّهُ إِنْ عَمِلَ خَیْراً جُزِیَ بِهِ وَ إِنْ عَمِلَ شَرّاً جُزِیَ بِهِ وَ الْمَعْرِفَةُ بِالْحُقُوقِ وَ الْحُدُودِ فِی التَّقْوَی وَ عَمَلُ النَّصِیحَةِ وَ كَفُّ النَّفْسِ عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَی وَ رُكُوبِ الشَّهَوَاتِ وَ حَمْلُ الْأُمُورِ عَلَی الرَّأْیِ وَ الْأَخْذُ بِالْحَزْمِ وَ الْقُوَّةِ فَإِنْ أَتَاهُ الْبَلَاءُ أَتَاهُ وَ هُوَ مَعْذُورٌ غَیْرُ مَلُومٍ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَیُّ الْأَخْلَاقِ أَكْرَمُ وَ أَعَزُّ قَالَ التَّوَاضُعُ وَ لِینُ الْكَلِمَةِ لِلْإِخْوَانِ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَیُّ الْعِبَادَةِ أَحْسَنُ قَالَ الْوَقَارُ وَ الْمَوَدَّةُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ الشِّیَمِ أَفْضَلُ قَالَ حُبُّ الصَّالِحِینَ قَالَ أَیُّ الذِّكْرِ أَفْضَلُ قَالَ مَا كَانَ فِی الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ فَأَیُّ الْخُصُومِ أَلَدُّ قَالَ ترك [ارْتِكَابُ] الذُّنُوبِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَخْبِرْنِی أَیُّ الْفَضْلِ أَفْضَلُ قَالَ الرِّضَا بِالْكَفَافِ قَالَ أَخْبِرْنِی أَیُّ الْأَدَبِ أَحْسَنُ قَالَ أَدَبُ الدِّینِ قَالَ أَیُّ الشَّیْ ءِ أَجْفَلُ قَالَ السُّلْطَانُ الْعَاتِی وَ الْقَلْبُ الْقَاسِی قَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَبْعَدُ غَایَةً قَالَ عَیْنُ الْحَرِیصِ الَّتِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا قَالَ أَیُّ الْأُمُورِ أَخْبَثُ عَاقِبَةً قَالَ الْتِمَاسُ رِضَی النَّاسِ فِی سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَسْرَعُ تَقَلُّباً قَالَ قُلُوبُ الْمُلُوكِ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ لِلدُّنْیَا

ص: 422

قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ الْفُجُورِ أَفْحَشُ قَالَ إِعْطَاءُ عَهْدِ اللَّهِ وَ الْغَدْرُ فِیهِ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَسْرَعُ انْقِطَاعاً قَالَ مَوَدَّةُ الْفَاسِقِ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَخْوَنُ قَالَ لِسَانُ الْكَاذِبِ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَشَدُّ اكْتِتَاماً قَالَ شَرُّ الْمُرَائِی الْمُخَادِعِ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَشْبَهُ بِأَحْوَالِ الدُّنْیَا قَالَ أَحْلَامُ النَّائِمِ قَالَ أَیُّ الرِّجَالِ أَفْضَلُ رِضًی قَالَ أَحْسَنُهُمْ ظَنّاً بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَتْقَاهُمْ وَ أَقَلُّهُمْ غَفْلَةً عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ انْقِطَاعِ الْمُدَّةِ قَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ مِنَ الدُّنْیَا أَقَرُّ لِلْعَیْنِ قَالَ الْوَلَدُ الْأَدِیبُ وَ الزَّوْجَةُ الْمُوَافِقَةُ الْمُؤَاتِیَةُ الْمُعِینَةُ عَلَی أَمْرِ الْآخِرَةِ قَالَ أَیُّ الدَّاءِ أَلْزَمُ فِی الدُّنْیَا قَالَ الْوَلَدُ السَّوْءُ وَ الزَّوْجَةُ السَّوْءُ اللَّذَیْنِ لَا یَجِدُ مِنْهُمَا بُدّاً قَالَ أَیُّ الْخَفْضِ أَخْفَضُ قَالَ رِضَی الْمَرْءِ بِحَظِّهِ وَ اسْتِینَاسُهُ بِالصَّالِحِینَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ لِلْحَكِیمِ فَرِّغْ لِی ذِهْنَكَ فَقَدْ أَرَدْتُ مُسَاءَلَتَكَ عَنْ أَهَمِّ الْأَشْیَاءِ إِلَیَّ بَعْدَ إِذْ بَصَّرَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَمْرِی مَا كُنْتُ بِهِ جَاهِلًا وَ رَزَقَنِی مِنَ الدِّینِ مَا كُنْتُ مِنْهُ آیِساً قَالَ الْحَكِیمُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ أَ رَأَیْتَ مَنْ أُوتِیَ الْمُلْكَ طِفْلًا وَ دِینُهُ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ وَ قَدْ غُذِّیَ بِلَذَّاتِ الدُّنْیَا وَ اعْتَادَهَا وَ نَشَأَ فِیهَا إِلَی أَنْ كَانَ رَجُلًا وَ كَهْلًا لَا یَنْتَقِلُ مِنْ حَالَتِهِ تِلْكَ فِی جَهَالَتِهِ بِاللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ إِعْطَائِهِ نَفْسَهُ شَهَوَاتِهَا مُتَجَرِّداً لِبُلُوغِ الْغَایَةِ فِیمَا زُیِّنَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الشَّهَوَاتِ مُشْتَغِلًا بِهَا مُؤْثِراً لَهَا جَرِیّاً عَلَیْهَا لَا یَرَی الرُّشْدَ إِلَّا فِیهَا وَ لَا تَزِیدُهُ الْأَیَّامُ إِلَّا حُبّاً لَهَا وَ اغْتِرَاراً بِهَا وَ عَجَباً وَ حُبّاً لِأَهْلِ مِلَّتِهِ وَ رَأْیِهِ وَ قَدْ دَعَتْهُ بَصِیرَتُهُ فِی ذَلِكَ إِلَی أَنْ جَهِلَ أَمْرَ آخِرَتِهِ وَ أَغْفَلَهَا فَاسْتَخَفَّهَا وَ سَهَا عَنْهَا قَسَاوَةَ قَلْبٍ وَ خُبْثَ نِیَّةٍ وَ سُوءَ رَأْیٍ وَ اشْتَدَّتْ عَدَاوَتُهُ لِمَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَهْلِ الدِّینِ وَ الِاسْتِخْفَاءِ بِالْحَقِّ وَ الْمُغَیِّبِینَ لِأَشْخَاصِهِمُ انْتِظَاراً لِلْفَرَجِ مِنْ ظُلْمِهِ وَ عَدَاوَتِهِ هَلْ یُطْمَعُ لَهُ إِنْ طَالَ عُمُرُهُ فِی النُّزُوعِ عَمَّا هُوَ عَلَیْهِ وَ الْخُرُوجِ مِنْهُ إِلَی مَا الْفَضْلُ فِیهِ بَیِّنٌ وَ الْحُجَّةُ فِیهِ وَاضِحَةٌ وَ الْحَظُّ جَزِیلٌ مِنْ لُزُومِ مَا أَبْصَرْتُ مِنَ الدِّینِ فَیَأْتِی مَا یُرْجَی لَهُ بَعْدَ مَغْفِرَةِ مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ حُسْنِ الثَّوَابِ فِی مَآبِهِ قَالَ الْحَكِیمُ قَدْ عَرَفْتُ هَذِهِ الصِّفَةَ وَ مَا دَعَاكَ إِلَی هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟

ص: 423

قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ مَا ذَاكَ مِنْكَ بِمُسْتَنْكَرٍ لِفَضْلِ مَا أُوتِیتَ مِنَ الْفَهْمِ وَ خُصِصْتَ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ قَالَ الْحَكِیمُ أَمَّا صَاحِبُ هَذِهِ الصِّفَةِ فَالْمَلِكُ وَ الَّذِی دَعَاكَ إِلَیْهِ الْعِنَایَةُ بِمَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ الِاهْتِمَامُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِ وَ الشَّفَقَةُ عَلَیْهِ مِنْ عَذَابِ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ كَانَ

عَلَی مِثْلِ رَأْیِهِ وَ طَبْعِهِ وَ هَوَاهُ مَعَ مَا نَوَیْتَ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِی أَدَاءِ حَقٍّ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْكَ لَهُ وَ أَحْسَبُكَ تُرِیدُ بُلُوغَ غَایَةِ الْعُذْرِ فِی التَّلَطُّفِ لِإِنْفَاذِهِ وَ إِخْرَاجِهِ عَنْ عَظِیمِ الْهَوْلِ وَ دَائِمِ الْبَلَاءِ الَّذِی لَا انْقِطَاعَ لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَی السَّلَامَةِ وَ رَاحَةِ الْأَبَدِ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ لَمْ تحرم [تَجْرِمْ] حَرْفاً عَمَّا أَرَدْتُ فَأَعْلِمْنِی رَأْیَكَ فِیمَا عَنَوْتُ مِنْ أَمِرْ الْمَلِكِ وَ حَالَةِ الَّتِی أَتَخَوَّفُ أَنْ یُدْرِكَهُ الْمَوْتُ عَلَیْهَا فَتُصِیبَهُ الْحَسْرَةُ وَ النَّدَامَةُ حِینَ لَا أُغْنِیَ عَنْهُ شَیْئاً فَاجْعَلْنِی مِنْهُ عَلَی یَقِینٍ وَ فَرِّجْ عَنِّی فَأَنَا بِهِ مَغْمُومٌ شَدِیدُ الِاهْتِمَامِ بِهِ فَإِنِّی قَلِیلُ الْحِیلَةِ فِیهِ قَالَ الْحَكِیمُ أَمَّا رَأْیُنَا فَإِنَّا لَا نُبَعِّدُ مَخْلُوقاً مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ خَالِقِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا نَأْیَسُ لَهُ مِنْهَا مَا دَامَ فِیهِ الرُّوحُ وَ إِنْ كَانَ عَاتِیاً طَاغِیاً ضَالًّا لِمَا قَدْ وَصَفَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِهِ نَفْسَهُ مِنَ التَّحَنُّنِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ دَلَّ عَلَیْهِ مِنَ الْإِیمَانِ وَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ وَ فِی هَذَا فَضْلُ الطَّمَعِ لَكَ فِی حَاجَتِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ فِی زَمَنٍ مِنَ الْأَزْمَانِ مَلِكٌ عَظِیمُ الصَّوْتِ فِی الْعِلْمِ رَفِیقٌ سَائِسٌ یُحِبُّ الْعَدْلَ فِی أُمَّتِهِ وَ الْإِصْلَاحَ لِرَعِیَّتِهِ عَاشَ بِذَلِكَ زَمَاناً بِخَیْرِ حَالٍ ثُمَّ هَلَكَ فَجَزِعَتْ عَلَیْهِ أُمَّتُهُ وَ كَانَ بِامْرَأَةٍ لَهُ حَمْلٌ- فَذَكَرَ الْمُنَجِّمُونَ وَ الْكَهَنَةُ أَنَّهُ غُلَامٌ وَ كَانَ یُدَبِّرُ مُلْكَهُمْ مَنْ كَانَ یَلِی ذَلِكَ فِی زَمَانِ مُلْكِهِمْ فَاتَّفَقَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَجِّمُونَ وَ الْكَهَنَةُ وَ وُلِدَ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ غُلَامٌ فَأَقَامُوا عِنْدَ مِیلَادِهِ سَنَةً بِالْمَعَازِفِ وَ الْمَلَاهِی وَ الْأَشْرِبَةِ وَ الْأَطْعِمَةِ ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْفِقْهِ وَ الرَّبَّانِیِّینَ قَالُوا لِعَامَّتِهِمْ إِنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ إِنَّمَا هُوَ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَدْ جَعَلْتُمُ الشُّكْرَ لِغَیْرِهِ وَ إِنْ كَانَ هِبَةً مِنْ غَیْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ

ص: 424

أَدَّیْتُمُ الْحَقَّ إِلَی مَنْ أَعْطَاكُمُوهُ وَ اجْتَهَدْتُمْ فِی الشُّكْرِ لِمَنْ رَزَقَكُمُوهُ فَقَالَ لَهُمُ الْعَامَّةُ مَا وَهَبَهُ لَنَا إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَا امْتَنَّ بِهِ عَلَیْنَا غَیْرُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَإِنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الَّذِی وَهَبَهُ لَكُمْ فَقَدْ أَرْضَیْتُمْ غَیْرَ الَّذِی أَعْطَاكُمُ وَ أَسْخَطْتُمُ اللَّهَ الَّذِی وَهَبَهُ لَكُمْ فَقَالَتْ لَهُمُ الرَّعِیَّةُ فَأَشِیرُوا لَنَا أَیُّهَا الْحُكَمَاءُ وَ أَخْبِرُونَا أَیُّهَا الْعُلَمَاءُ فَنَتَّبِعَ قَوْلَكُمْ وَ نَتَقَبَّلَ نَصِیحَتَكُمْ وَ مُرُونَا بِأَمْرِكُمْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ فَإِنَّا نَرَی لَكُمْ أَنْ تَعْدِلُوا عَنِ اتِّبَاعِ مَرْضَاةِ الشَّیْطَانِ بِالْمَعَازِفِ وَ الْمَلَاهِی وَ الْمُسْكِرِ إِلَی ابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ شُكْرِهِ عَلَی مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَیْكُمْ أَضْعَافَ شُكْرِكُمُ الشَّیْطَانَ حَتَّی یُغْفَرَ لَكُمْ مَا كَانَ مِنْكُمْ قَالَتِ الرَّعِیَّةُ- لَا تَحْمِلُ أَجْسَادُنَا كُلَّ الَّذِی قُلْتُمْ وَ أَمَرْتُمْ بِهِ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ یَا أُولِی الْجَهْلِ كَیْفَ أَطَعْتُمْ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَیْكُمْ وَ تَعْصُونَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ الْوَاجِبُ عَلَیْكُمْ وَ كَیْفَ قَوِیتُمْ عَلَی مَا لَا یَنْبَغِی وَ تَضْعُفُونَ عَمَّا یَنْبَغِی قَالُوا لَهُمْ یَا أَئِمَّةَ الْحُكَمَاءِ عَظُمَتْ فِینَا الشَّهَوَاتُ وَ كَثُرَتْ فِینَا اللَّذَّاتُ فَقَوِینَا بِمَا عَظُمَ فِینَا مِنْهَا عَلَی الْعَظِیمِ مِنْ مُشْكِلِهَا وَ ضَعُفَتْ مِنَّا النِّیَّاتُ فَعَجَزْنَا عَنْ حَمْلِ الْمُثْقِلَاتِ فَارْضَوْا مِنَّا فِی الرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ یَوْماً فَیَوْماً وَ لَا تُكَلِّفُونَا كُلَّ هَذَا الثَّقَلِ- قَالُوا لَهُمْ یَا مَعْشَرَ السُّفَهَاءِ أَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْجَهْلِ وَ إِخْوَانَ الضَّلَالِ حِینَ خَفَّتْ عَلَیْكُمُ الشِّقْوَةُ وَ ثَقُلَتْ عَلَیْكُمُ السَّعَادَةُ قَالُوا لَهُمْ أَیُّهَا السَّادَةُ الْحُكَمَاءُ وَ الْقَادَةُ الْعُلَمَاءُ إِنَّا نَسْتَجِیرُ مِنْ تَعْنِیفِكُمْ إِیَّانَا بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ نَسْتَتِرُ مِنْ تَعْیِیرِكُمْ لَنَا بِعَفْوِهِ فَلَا تُؤَنِّبُونَا(1)

وَ لَا تُعَیِّرُونَا بِضَعْفِنَا وَ لَا تَعِیبُوا الْجَهَالَةَ عَلَیْنَا فَإِنَّا إِنْ أَطَعْنَا اللَّهَ مَعَ عَفْوِهِ وَ حِلْمِهِ وَ تَضْعِیفِهِ الْحَسَنَاتِ أَوِ اجْتَهَدْنَا فِی عِبَادَتِهِ مِثْلَ الَّذِی بَذَلْنَا لِهَوَانَا مِنَ الْبَاطِلِ بَلَغْنَا حَاجَتَنَا وَ بَلَّغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَا غَایَتَنَا وَ رَحِمَنَا كَمَا خَلَقَنَا فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ أَقَرَّهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ وَ رَضُوا قَوْلَهُمْ فَصَلُّوا وَ صَامُوا وَ تَعَبَّدُوا وَ أَعْظَمُوا الصَّدَقَاتِ سَنَةً كَامِلَةً فَلَمَّا انْقَضَی ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَتِ الْكَهَنَةُ إِنَّ الَّذِی صَنَعَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَی هَذَا الْمَوْلُودِ یُخْبِرُ أَنَّ هَذَا الْمَلِكَ یَكُونُ فَاجِراً وَ یَكُونُ بَارّاً وَ یَكُونُ مُتَجَبِّراً وَ یَكُونُ مُتَوَاضِعاً وَ یَكُونُ مُسِیئاً وَ یَكُونُ مُحْسِناً وَ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقِیلَ لَهُمْ كَیْفَ قُلْتُمْ ذَلِكَ قَالَ الْكَهَنَةُ قُلْنَا هَذَا مِنْ قِبَلِ اللَّهْوِ وَ الْمَعَازِفِ وَ الْبَاطِلِ الَّذِی صُنِعَ عَلَیْهِ وَ مَا صُنِعَ عَلَیْهِ مِنْ ضِدِّهِ

ص: 425


1- 1. أنبه- بشد النون-: عنفه و لامه.

بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ قُلْنَا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اسْتِقَامَةِ الزُّهَرَةِ وَ الْمُشْتَرِی فَنَشَأَ الْغُلَامُ بِكِبْرٍ- لَا یُوصَفُ عَظَمَتُهُ وَ مَرَحٍ لَا یُنْعَتُ وَ عُدْوَانٍ لَا یُطَاقُ فَعَسَفَ وَ جَارَ وَ ظَلَمَ فِی الْحُكْمِ وَ غَشَمَ وَ كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَیْهِ مَنْ وَافَقَهُ عَلَی ذَلِكَ وَ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَیْهِ مَنْ خَالَفَهُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ وَ اغْتَرَّ بِالشَّبَابِ وَ الصِّحَّةِ وَ الْقُدْرَةِ وَ الظَّفَرِ وَ النَّظَرِ فَامْتَلَأَ سُرُوراً وَ إِعْجَاباً بِمَا هُوَ فِیهِ وَ رَأَی كُلَّمَا یُحِبُّهُ وَ سَمِعَ كُلَّمَا اشْتَهَی حَتَّی بَلَغَ اثْنَتَیْنِ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً ثُمَّ جَمَعَ نِسَاءً مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَ صِبْیَاناً وَ الْجَوَارِیَ وَ الْمُخَدَّرَاتِ وَ خَیْلَهُ الْمُطَهَّمَاتِ الْعَنَاقَ (1)

وَ أَلْوَانَ مَرَاكِبِهِ الْفَاخِرَةِ وَ وَصَائِفَهُ وَ خُدَّامَهُ الَّذِینَ یَكُونُونَ فِی خِدْمَتِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَلْبَسُوا أَجَدَّ ثِیَابِهِمْ وَ یَتَزَیَّنُوا بِأَحْسَنِ زِینَتِهِمْ وَ أَمَرَ بِبِنَاءِ مَجْلِسٍ مُقَابِلَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ صَفَائِحُ أَرْضِهِ الذَّهَبُ مُفَضَّضاً بِأَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ طُولُهُ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ ذِرَاعاً وَ عَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً مُزَخْرَفاً سَقْفُهُ وَ حِیطَانُهُ قَدْ زُیِّنَ بِكَرَائِمِ الْحُلِیِّ وَ صُنُوفِ الْجَوْهَرِ وَ اللُّؤْلُؤِ النَّظِیمِ وَ فَاخِرِهِ وَ أَمَرَ بِضُرُوبِ الْأَمْوَالِ فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْخَزَائِنِ وَ نُضِّدَتْ سِمَاطَیْنِ (2)

أَمَامَ مَجْلِسِهِ- وَ أَمَرَ جُنُودَهُ وَ أَصْحَابَهُ وَ قُوَّادَهُ وَ كُتَّابَهُ وَ حُجَّابَهُ وَ عُظَمَاءَ أَهْلِ بِلَادِهِ وَ عُلَمَاءَهُمْ فَحَضَرُوا فِی أَحْسَنِ هَیْئَتِهِمْ وَ أَجْمَلِ جَمَالِهِمْ وَ تَسَلَّحَ فُرْسَانُهُ وَ رَكِبَتْ خُیُولُهُ فِی عُدَّتِهِمْ ثُمَّ وَقَفُوا عَلَی مَرَاكِزِهِمْ وَ مَرَاتِبِهِمْ صُفُوفاً وَ كَرَادِیسَ وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِزَعْمِهِ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی مَنْظَرٍ رَفِیعٍ حَسَنٍ تُسَرُّ بِهِ نَفْسُهُ وَ تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ إِلَی مَجْلِسِهِ فَأَشْرَفَ عَلَی مَمْلَكَتِهِ فَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً فَقَالَ لِبَعْضِ غِلْمَانِهِ قَدْ نَظَرْتُ فِی أَهْلِ مَمْلَكَتِی إِلَی مَنْظَرٍ حَسَنٍ وَ بَقِیَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَی صُورَةِ وَجْهِی فَدَعَا بِمِرْآةٍ فَنَظَرَ إِلَی وَجْهِهِ فَبَیْنَا هُوَ یَقْلِبُ طَرْفَهُ فِیهَا إِذْ لَاحَتْ لَهُ شَعْرَةٌ بَیْضَاءُ مِنْ لِحْیَتِهِ كَغُرَابٍ أَبْیَضَ بَیْنَ غِرْبَانٍ سُودٍ وَ اشْتَدَّ مِنْهَا ذُعْرُهُ وَ فَزَعُهُ (3) وَ تَغَیَّرَ فِی عَیْنِهِ حَالَةٌ وَ ظَهَرَتِ الْكَآبَةُ وَ الْحُزْنُ فِی وَجْهِهِ وَ تَوَلَّی السُّرُورُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ فِی نَفْسِهِ هَذَا حِینٌ نَعَی إِلَیَّ شَبَابِی وَ بَیَّنَ لِی أَنَّ مُلْكِی فِی ذَهَابٍ وَ أُوذِنْتُ

ص: 426


1- 1. أی تام الحسن.
2- 2. نضد المتاع- بشد الضاد و تخفیفها- رتبه و ضم بعضه الی بعض متسقا أو مركوما. و السماط: الشی ء المصطف. و سماط الطریق جانباه.
3- 3. الذعر: الخوف و الفزع.

بِالنُّزُولِ عَنْ سَرِیرِ مُلْكِی ثُمَّ قَالَ هَذِهِ مُقَدِّمَةُ الْمَوْتِ وَ رَسُولُ الْبَلَاءِ(1)

لَمْ یَحْجُبْهُ عَنِّی حَاجِبٌ وَ لَمْ یَمْنَعْهُ عَنِّی حَارِسٌ فَنَعَی إِلَی نَفْسِی وَ أَذَّنَ لِی بِزَوَالِ مُلْكِی فَمَا أَسْرَعَ هَذَا فِی تَبْدِیلِ بَهْجَتِی وَ ذَهَابِ سُرُورِی وَ هَدْمِ قُوَّتِی لَمْ یَمْنَعْهُ مِنِّی الْحُصُونُ وَ لَمْ تَدْفَعْهُ عَنِّی الْجُنُودُ هَذَا سَالِبُ الشَّبَابِ وَ الْقُوَّةِ وَ مَاحِقُ الْعِزِّ وَ الثَّرْوَةِ وَ مُفَرِّقُ الشَّمْلِ وَ قَاسِمُ التُّرَاثِ بَیْنَ الْأَوْلِیَاءِ وَ الْأَعْدَاءِ مُفْسِدُ الْمَعَاشِ وَ مُنَغِّصُ اللَّذَّاتِ وَ مُخَرِّبُ الْعِمَارَاتِ وَ مُشَتِّتُ الْجَمْعِ وَ وَاضِعُ الرَّفِیعِ وَ مُذِلُّ الْمَنِیعِ قَدْ أَنَاخَتْ بِی أَثْقَالُهُ (2)

وَ نَصَبَ لِی حِبَالَهُ ثُمَّ نَزَلَ عَنْ مَجْلِسِهِ حَافِیاً مَاشِیاً وَ قَدْ صَعِدَ إِلَیْهِ مَحْمُولًا ثُمَّ جَمَعَ إِلَیْهِ جُنُودَهُ وَ دَعَا إِلَیْهِ ثِقَاتَهُ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلَأُ مَا ذَا صَنَعْتُ فِیكُمْ وَ مَا

أَتَیْتُ إِلَیْكُمْ مُنْذُ مَلَكْتُكُمْ وَ وُلِّیتُ أُمُورَكُمْ قَالُوا لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ الْمَحْمُودُ عَظُمَ بَلَاؤُكَ عِنْدَنَا وَ هَذِهِ أَنْفُسُنَا مَبْذُولَةً فِی طَاعَتِكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ- قَالَ طَرَقَنِی عَدُوٌّ نَحِیفٌ (3)

لَمْ تَمْنَعُونِی مِنْهُ حَتَّی نَزَلَ بِی وَ كُنْتُمْ عُدَّتِی وَ ثِقَاتِی قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَیْنَ هَذَا الْعَدُوُّ أَ یُرَی أَمْ لَا یُرَی قَالَ یُرَی بِأَثَرٍ وَ لَا یُرَی عَیْنُهُ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ هَذِهِ عُدَّتُنَا كَمَا تَرَی وَ عِنْدَنَا سَكَنٌ وَ فِینَا ذَوُو الْحِجَی وَ النُّهَی فَأَرِنَاهُ نَكْفِكَ مَا مِثْلُهُ یُكْفَی قَالَ قَدْ عَظُمَ الِاغْتِرَارُ مِنِّی بِكُمْ وَ وَضَعْتُ الثِّقَةَ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهَا حِینَ اتَّخَذْتُكُمْ وَ جَعَلْتُكُمْ لِنَفْسِی جُنَّةً وَ إِنَّمَا بَذَلْتُ لَكُمُ الْأَمْوَالَ وَ رَفَعْتُ شَرَفَكُمْ وَ جَعَلْتُكُمُ الْبِطَانَةَ دُونَ غَیْرِكُمْ لِتَحْفَظُونِی مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ تَحْرُسُونِی مِنْهُمْ ثُمَّ أَیَّدْتُكُمْ عَلَی ذَلِكَ بِتَشْیِیدِ الْبُلْدَانِ وَ تَحْصِینِ الْمَدَائِنِ وَ الثِّقَةِ مِنَ الصَّلَاحِ وَ نَحَّیْتُ عَنْكُمُ الْهُمُومَ (4)

وَ فَرَّغْتُكُمْ لِلنَّجْدَةِ

ص: 427


1- 1. فی بعض النسخ« رسول البلی».
2- 2. أناخ البلاء علی فلان: أقام علیه، و أناخ به الحاجة: أنزلها به. أناخ الجمل: أبركه.
3- 3. طرق القوم: أتاهم لیلا.
4- 4. نحاه عنه أی أبعده عنه و أزاله- و النجدة: الشجاعة و الشدة و البأس.

وَ الِاحْتِفَاظِ وَ لَمْ أَكُنْ أَخْشَی أَنْ أُرَاعَ مَعَكُمْ وَ لَا أَتَخَوَّفُ الْمَنُونَ عَلَی بُنْیَانِی وَ أَنْتُمْ عُكُوفٌ مُطِیفُونَ بِهِ فَطُرِقْتُ وَ أَنْتُمْ حَوْلِی وَ أُتِیتُ وَ أَنْتُمْ مَعِی فَلَئِنْ كَانَ هَذَا ضعف [ضَعْفاً] مِنْكُمْ فَمَا أَخَذْتُ أَمْرِی بِثِقَةٍ وَ إِنْ كَانَتْ غَفْلَةً مِنْكُمْ فَمَا أَنْتُمْ بِأَهْلِ النَّصِیحَةِ وَ لَا عَلَیَّ بِأَهْلِ الشَّفَقَةِ- قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَمَّا شَیْ ءٌ نُطِیقُ دَفْعَهُ بِالْخَیْلِ وَ الْقُوَّةِ فَلَیْسَ بِوَاصِلٍ إِلَیْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ نَحْنُ أَحْیَاءٌ وَ أَمَّا مَا لَا یُرَی فَقَدْ غُیِّبَ عَنَّا عِلْمُهُ وَ عَجَزَتْ قُوَّتُنَا عَنْهُ قَالَ أَ لَیْسَ اتَّخَذْتُكُمْ لِتَمْنَعُونِی مِنْ عَدُوِّی قَالُوا بَلَی قَالَ فَمِنْ أَیِّ عَدُوٍّ تَحْفَظُونِی مِنَ الَّذِی یَضُرُّنِی أَوْ مِنَ الَّذِی لَا یَضُرُّنِی قَالُوا مِنَ الَّذِی یَضُرُّكَ قَالَ أَ فَمِنْ كُلِّ ضَارٍّ لِی أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا مِنْ كُلِّ ضَارٍّ قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ الْبِلَی قَدْ أَتَانِی یَنْعَی إِلَی نَفْسِی وَ مُلْكِی وَ یَزْعُمُ أَنَّهُ یُرِیدُ خَرَابَ مَا عُمِّرْتُ وَ هَدْمَ مَا بَنَیْتُ وَ تَفْرِیقَ مَا جَمَعْتُ وَ فَسَادَ مَا أَصْلَحْتُ وَ تَبْذِیرَ مَا أَحْرَزْتُ وَ تَبْدِیلَ مَا عَمِلْتُ وَ تَوْهِینَ مَا وَثِقْتُ وَ زَعَمَ أَنَّ مَعَهُ الشَّمَاتَةَ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ قَدْ قَرَّتْ بِی أَعْیُنُهُمْ فَإِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یُعْطِیَهُمْ مِنِّی شِفَاءَ صُدُورِهِمْ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ سَیَهْزِمُ جَیْشِی وَ یُوحِشُ أُنْسِی وَ یُذْهِبُ عِزِّی وَ یؤتم [یُوتِمُ] وُلْدِی وَ یُفَرِّقُ جُمُوعِی وَ یُفْجِعُ بِی إِخْوَانِی وَ أَهْلِی وَ قَرَابَتِی وَ یَقْطَعُ أَوْصَالِی وَ یُسْكِنُ مَسَاكِنَ أَعْدَائِی- قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّمَا نَمْنَعُكَ مِنَ النَّاسِ وَ السِّبَاعِ وَ الْهَوَامِّ وَ دَوَابِّ الْأَرْضِ فَأَمَّا الْبَلَاءُ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا عَلَیْهِ وَ لَا امْتِنَاعَ لَنَا مِنْهُ فَقَالَ فَهَلْ مِنْ حِیلَةٍ فِی دَفْعِ ذَلِكَ مِنِّی قَالُوا لَا قَالَ فَشَیْ ءٌ دُونَ ذَلِكَ تُطِیقُونَهُ قَالُوا وَ مَا هُوَ- قَالَ الْأَوْجَاعُ وَ الْأَحْزَانُ وَ الْهُمُومُ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّمَا قَدْ قَدَّرَ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ قَوِیٌّ لَطِیفٌ وَ ذَلِكَ یَثُورُ مِنَ الْجِسْمِ وَ النَّفْسِ وَ هُوَ یَصِلُ إِلَیْكَ إِذَا لَمْ یُوصَلْ وَ لَا یُحْجَبُ عَنْكَ وَ إِنْ حُجِبَ (1) قَالَ فَأَمْرٌ دُونَ ذَلِكَ قَالُوا وَ مَا هُوَ قَالَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنَ الْقَضَاءِ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ وَ مَنْ ذَا غَالَبَ الْقَضَاءَ فَلَمْ یُغْلَبْ وَ مَنْ ذَا كَابَرَهُ فَلَمْ یُقْهَرْ قَالَ فَمَا ذَا عِنْدَكُمْ قَالُوا مَا نَقْدِرُ عَلَی دَفْعِ الْقَضَاءِ وَ قَدْ أَصَبْتَ التَّوْفِیقَ وَ التَّسْدِیدَ فَمَا ذَا الَّذِی تُرِیدُ- قَالَ أُرِیدُ أَصْحَاباً یَدُومُ عَهْدُهُمْ وَ یَفُوا لِی وَ تَبْقَی لِی أُخُوَّتُهُمْ وَ لَا

ص: 428


1- 1. فی بعض النسخ« و ان حجب لم یحجب».

یَحْجُبُهُمْ عَنِّی الْمَوْتُ وَ لَا یَمْنَعُهُمُ الْبِلَی عَنْ صُحْبَتِی وَ لَا یَشْتَمِلُ بِهِمُ الِامْتِنَاعُ عَنْ صُحْبَتِی (1) وَ لَا یُفْرِدُونِی إِنْ مِتُّ وَ لَا یُسَلِّمُونِی إِنْ عِشْتُ وَ یَدْفَعُونَ عَنِّی مَا عَجَزْتُمْ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْمَوْتِ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ وَ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ وَصَفْتَ قَالَ هُمُ الَّذِینَ أَفْسَدْتُهُمْ بِاسْتِصْلَاحِكُمْ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ فَلَا تَصْطَنِعُ عِنْدَنَا وَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفاً فَإِنَّ أَخْلَاقَكَ تَامَّةٌ وَ رَأْفَتَكَ عَظِیمَةٌ قَالَ إِنَّ فِی صُحْبَتِكُمْ إِیَّایَ السَّمَّ الْقَاتِلَ وَ الصَّمَمَ وَ الْعَمَی فِی طَاعَتِكُمْ وَ الْبَكَمَ فِی مُوَافَقَتِكُمْ- قَالُوا كَیْفَ ذَاكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ صَارَتْ صُحْبَتُكُمْ إِیَّایَ فِی الِاسْتِكْثَارِ وَ مُوَافَقَتُكُمْ عَلَی الْجَمْعِ وَ طَاعَتُكُمْ إِیَّایَ فِی الِاغْتِفَالِ فَبَطَّأْتُمُونِی عَنِ الْمَعَادِ وَ زَیَّنْتُمْ لِیَ الدُّنْیَا وَ لَوْ نَصَحْتُمُونِی ذَكَّرْتُمُونِیَ الْمَوْتَ وَ لَوْ أَشْفَقْتُمْ عَلَیَّ ذَكَّرْتُمُونِیَ الْبَلَاءَ وَ جَمَعْتُمْ لِی مَا یَبْقَی وَ لَمْ تَسْتَكْثِرُوا لِی مَا یَفْنَی فَإِنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ الَّتِی ادَّعَیْتُمُوهَا ضَرَرٌ وَ تِلْكَ الْمَوَدَّةَ عَدَاوَةٌ وَ قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَیْكُمْ لَا حَاجَةَ لِی فِیهَا مِنْكُمْ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ الْحَكِیمُ الْمَحْمُودُ قَدْ فَهِمْنَا مَقَالَتَكَ وَ فِی أَنْفُسِنَا إِجَابَتُكَ وَ لَیْسَ لَنَا أَنْ نَحْتَجَّ عَلَیْكَ فَقَدْ رَأَیْنَا مَكَانَ الْحُجَّةِ فَسُكُوتُنَا عَنْ حُجَّتِنَا فَسَادٌ لِمُلْكِنَا وَ هَلَاكٌ لِدُنْیَانَا وَ شَمَاتَةٌ لِعَدُوِّنَا وَ قَدْ نَزَلَ بِنَا أَمْرٌ عَظِیمٌ بِالَّذِی تَبَدَّلَ مِنْ رَأْیِكَ وَ أَجْمَعَ عَلَیْهِ أَمْرُكَ قَالَ قُولُوا آمِنِینَ وَ اذْكُرُوا مَا بَدَا لَكُمْ غَیْرَ مَرْعُوبِینَ فَإِنِّی كُنْتُ إِلَی الْیَوْمِ مَغْلُوباً بِالْحَمِیَّةِ وَ الْأَنَفَةِ وَ أَنَا الْیَوْمَ غَالِبٌ لَهُمَا وَ كُنْتُ إِلَی الْیَوْمِ مَقْهُوراً لَهُمَا وَ أَنَا الْیَوْمَ قَاهِرٌ لَهُمَا وَ كُنْتُ إِلَی الْیَوْمِ مَلِكاً عَلَیْكُمْ فَقَدْ صِرْتُ عَلَیْكُمْ مَمْلُوكاً وَ أَنَا الْیَوْمَ عَتِیقٌ وَ أَنْتُمْ مِنْ مَمْلَكَتِی طُلَقَاءُ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ مَا الَّذِی كُنْتَ مَمْلُوكاً إِذْ كُنْتَ عَلَیْنَا مَلِكاً- قَالَ كُنْتُ مَمْلُوكاً لِهَوَایَ مَقْهُوراً بِالْجَهْلِ مُسْتَعْبِداً لِشَهَوَاتِی فَقَدْ قَطَعْتُ تِلْكَ الطَّاعَةَ عَنِّی وَ نَبَذْتُهَا خَلْفَ ظَهْرِی قَالُوا فَقُلْ مَا أَجْمَعْتَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ الْقُنُوعَ وَ التَّخَلِّیَ لِآخِرَتِی وَ تَرْكَ هَذَا الْغُرُورِ وَ نَبْذَ هَذَا الثَّقَلِ عَنْ ظَهْرِی وَ الِاسْتِعْدَادَ لِلْمَوْتِ وَ التَّأَهُّبَ لِلْبَلَاءِ فَإِنَّ رَسُولَهُ عِنْدِی قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِمُلَازَمَتِی وَ الْإِقَامَةِ مَعِی

ص: 429


1- 1. فی بعض النسخ« و لا یستحیل بهم الاطماع عن نصیحتی» و فی بعضها« لا یستمیل».

حَتَّی یَأْتِیَنِی الْمَوْتُ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ وَ مَنْ هَذَا الرَّسُولُ الَّذِی قَدْ أَتَاكَ وَ لَمْ نَرَهُ وَ هُوَ مُقَدِّمَةُ الْمَوْتِ الَّذِی لَا نَعْرِفُهُ قَالَ أَمَّا الرَّسُولُ فَهَذَا الْبَیَاضُ یَلُوحُ بَیْنَ السَّوَادِ وَ قَدْ صَاحَ فِی جَمِیعِهِ بِالزَّوَالِ فَأَجَابُوا وَ أَذْعَنُوا وَ أَمَّا مُقَدِّمَةُ الْمَوْتِ فَالْبَلَاءُ الَّذِی هَذَا الْبَیَاضُ طُرُقُهُ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ فَتَدَعُ مَمْلَكَتَكَ وَ تُهْمِلُ رَعِیَّتَكَ وَ كَیْفَ لَا تَخَافُ الْإِثْمَ فِی تَعْطِیلِ أُمَّتِكَ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَعْظَمَ الْأَمْرِ فِی اسْتِصْلَاحِ النَّاسِ وَ أَنَّ رَأْسَ الصَّلَاحِ الطَّاعَةُ لِلْأُمَّةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَكَیْفَ لَا تَخَافُ مِنَ الْإِثْمِ وَ فِی هَلَاكِ الْعَامَّةِ مِنَ الْإِثْمِ فَوْقَ الَّذِی تَرْجُو مِنَ الْأَجْرِ فِی صَلَاحِ الْخَاصَّةِ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ الْعَمَلُ وَ أَنَّ أَشَدَّ الْعَمَلِ السِّیَاسَةُ فَإِنَّكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ مَا فِی یَدَیْكَ عَدْلٌ عَلَی رَعِیَّتِكَ مُسْتَصْلِحٌ لَهَا بِتَدْبِیرِكَ فَإِنَّ لَكَ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا اسْتَصْلَحْتَ أَ لَسْتَ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِذَا خَلَّیْتَ مَا فِی یَدَیْكَ مِنْ صَلَاحِ أُمَّتِكَ فَقَدْ أَرَدْتَ فَسَادَهُمْ وَ إِذَا أَرَدْتَ فَسَادَهُمْ فَقَدْ حَمَلْتَ مِنَ الْإِثْمِ فِیهِمْ أَعْظَمَ مِمَّا أَنْتَ تُصِیبُ مِنَ الْأَجْرِ فِی خَاصَّةِ یَدَیْكَ أَ لَسْتَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا مَنْ أَتْلَفَ نَفْساً فَقَدِ اسْتَوْجَبَ لِنَفْسِهِ الْفَسَادَ وَ مَنْ أَصْلَحَهَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الصَّلَاحَ لِبَدَنِهِ وَ أَیُّ فَسَادٍ أَعْظَمُ مِنْ رَفْضِ هَذِهِ الرَّعِیَّةِ الَّتِی أَنْتَ إِمَامُهَا وَ الْإِقَامَةِ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِی أَنْتَ نِظَامُهَا حَاشَا لَكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْ تَخْلَعَ عَنْكَ لِبَاسَ الْمَلِكِ الَّذِی هُوَ الْوَسِیلَةُ إِلَی شَرَفِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ قَدْ فَهِمْتُ الَّذِی ذَكَرْتُمْ وَ عَقَلْتُ الَّذِی وَصَفْتُمْ فَإِنْ كُنْتُ إِنَّمَا أَطْلُبُ الْمُلْكَ عَلَیْكُمْ لِلْعَدْلِ فِیكُمْ وَ الْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِی اسْتِصْلَاحِكُمْ بِغَیْرِ أَعْوَانٍ یَرْفِدُونَنِی وَ وُزَرَاءٍ یَكْفُونَنِی فَمَا عَسَیْتُ أَنْ أَبْلُغَ بِالْوَحْدَةِ فِیكُمْ أَ لَسْتُمْ جَمِیعاً نُزُعاً إِلَی الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ لَا آمَنُ أَنْ أُخْلِدَ إِلَی الدُّنْیَا الَّتِی أَرْجُو أَنْ أَدَعَهَا وَ أَرْفِضَهَا فَإِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ أَتَانِی الْمَوْتُ عَلَی غِرَّةٍ فَأَنْزَلَنِی عَنْ سَرِیرِ مُلْكِی إِلَی بَطْنِ الْأَرْضِ وَ كَسَانِی التُّرَابَ بَعْدَ الدِّیبَاجِ وَ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَ نَفِیسِ الْجَوْهَرِ وَ ضَمَّنِی إِلَی الضِّیقِ بَعْدَ السَّعَةِ وَ أَلْبَسَنِی الْهَوَانَ بَعْدَ الْكَرَامَةِ فَأَصْبِرُ فَرِیداً بِنَفْسِی لَیْسَ مَعِی أَحَدٌ مِنْكُمْ فِی الْوَحْدَةِ قَدْ أَخْرَجْتُمُونِی مِنَ الْعُمْرَانِ وَ أَسْلَمْتُمُونِی إِلَی الْخَرَابِ.

ص: 430

وَ خَلَّیْتُمْ بَیْنَ لَحْمِی وَ سِبَاعِ الطَّیْرِ وَ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ فَأَكَلَتْ مِنِّی النَّمْلَةُ فَمَا فَوْقَهَا مِنَ الْهَوَامِّ وَ صَارَ جَسَدِی دُوداً وَ جِیفَةً قَذِرَةً الذُّلُّ لِی حَلِیفٌ وَ الْعِزُّ مِنِّی غَرِیبٌ أَشَدُّكُمْ حُبّاً إِلَیَّ أَسْرَعُكُمْ إِلَی دَفْنِی وَ التَّخْلِیَةِ بَیْنِی وَ بَیْنَ مَا قَدَّمْتُ مِنْ عَمَلِی أَسْلَفْتُ مِنْ ذُنُوبِی فَیُورِثُنِی ذَلِكَ الْحَسْرَةَ وَ یُعْقِبُنِی النَّدَامَةَ- وَ قَدْ كُنْتُمْ وَعَدْتُمُونِی أَنْ تَمْنَعُونِی مِنْ عَدُوِّی الضَّارِّ فَإِذَا أَنْتُمْ لَا مَنْعَ عِنْدَكُمْ وَ لَا قُوَّةَ عَلَی ذَلِكَ لَكُمْ وَ لَا سَبِیلَ لَكُمْ أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی مُحْتَالٌ لِنَفْسِی إِذْ جِئْتُمْ بِالْخِدَاعِ وَ نَصَبْتُمْ لِی شِرَاكَ الْغُرُورِ(1)

فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ الْمَحْمُودُ لَسْنَا الَّذِی كُنَّا كَمَا أَنَّكَ لَسْتَ الَّذِی كُنْتَ وَ قَدْ أَبْدَلَنَا الَّذِی أَبْدَلَكَ وَ غَیَّرَنَا الَّذِی غَیَّرَكَ فَلَا تَرُدَّ عَلَیْنَا تَوْبَتَنَا وَ بَذْلَ نَصِیحَتِنَا قَالَ أَنَا مُقِیمٌ فِیكُمْ مَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ وَ مُفَارِقُكُمْ إِذَا خَالَفْتُمُوهُ- فَأَقَامَ ذَلِكَ الْمَلِكُ فِی مُلْكِهِ وَ أَخَذَ جُنُودُهُ بِسِیرَتِهِ وَ اجْتَهَدُوا فِی الْعِبَادَةِ فَخَصَبَتْ بِلَادُهُمْ وَ غَلَبُوا عَدُوَّهُمْ وَ ازْدَادَ مُلْكُهُمْ حَتَّی هَلَكَ ذَلِكَ الْمَلِكُ وَ قَدْ صَارَ فِیهِمْ بِهَذِهِ السِّیرَةِ اثْنَتَیْنِ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَكَانَ جَمِیعُ مَا عَاشَ أَرْبَعاً وَ سِتِّینَ سَنَةً قَالَ یُوذَاسُفُ قَدْ سُرِرْتُ بِهَذَا الْحَدِیثِ جِدّاً فَزِدْنِی مِنْ نَحْوِهِ أَزْدَدْ سُرُوراً وَ لِرَبِّی شُكْراً قَالَ الْحَكِیمُ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ الصَّالِحِینَ وَ كَانَ لَهُ جُنُودٌ یَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَعْبُدُونَهُ وَ كَانَ فِی مُلْكِ أَبِیهِ شِدَّةٌ مِنْ زَمَانِهِمْ وَ التَّفَرُّقُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ تَنْقُصُ الْعَدُوُّ مِنْ بِلَادِهِمْ وَ كَانَ یَحُثُّهُمْ عَلَی تَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَشْیَتِهِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَ مُرَاقَبَتِهِ وَ الْفَزَعِ إِلَیْهِ فَلَمَّا مَلَكَ ذَلِكَ الْمَلِكُ قَهَرَ عَدُوَّهُ وَ اسْتَجْمَعَتْ رَعِیَّتُهُ وَ صَلَحَتْ بِلَادُهُ وَ انْتَظَمَ لَهُ الْمُلْكُ فَلَمَّا رَأَی مَا فَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَتْرَفَهُ ذَلِكَ وَ أَبْطَرَهُ وَ أَطْغَاهُ حَتَّی تَرَكَ عِبَادَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَفَرَ نِعَمَهُ وَ أَسْرَعَ فِی قَتْلِ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَ دَامَ مُلْكُهُ وَ طَالَتْ مُدَّتُهُ حَتَّی ذَهَلَ النَّاسُ عَمَّا كَانُوا عَلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ قَبْلَ

ص: 431


1- 1. الشراك: آلة الصید.

مُلْكِهِ وَ نَسُوهُ وَ أَطَاعُوهُ فِیمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَ أَسْرَعُوا إِلَی الضَّلَالَةِ- فَلَمْ یَزَلْ عَلَی ذَلِكَ فَنَشَأَ فِیهِ الْأَوْلَادُ وَ صَارَ لَا یُعْبَدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ وَ لَا یُذْكَرُ بَیْنَهُمْ اسْمُهُ وَ لَا یَحْسَبُونَ أَنَّ لَهُمْ إِلَهاً غَیْرَ الْمَلِكِ وَ كَانَ ابْنُ الْمَلِكِ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی حَیَاةِ أَبِیهِ إنْ هُوَ مَلَكَ یَوْماً أَنْ یَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَمْرٍ لَمْ یَكُنْ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْمُلُوكِ یَعْمَلُونَ بِهِ وَ لَا یَسْتَطِیعُونَهُ فَلَمَّا مَلَكَ أَنْسَاهُ الْمُلْكُ رَأْیَهُ الْأَوَّلَ وَ نِیَّتَهُ الَّتِی كَانَ عَلَیْهَا وَ سَكِرَ سُكْرَ صَاحِبِ الْخَمْرِ فَلَمْ یَكُنْ یَصْحُو وَ یُفِیقُ (1)

وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ لُطْفِ الْمَلِكِ رَجُلٌ صَالِحٌ أَفْضَلُ أَصْحَابِهِ مَنْزِلَةً عِنْدَهُ فَتَوَجَّعَ لَهُ مِمَّا رَأَی مِنْ ضَلَالَتِهِ فِی دِینِهِ وَ نِسْیَانِهِ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَیْهِ وَ كَانَ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ یَعِظَهُ ذَكَرَ عُتُوَّهُ وَ جَبَرُوتَهُ وَ لَمْ یَكُنْ بَقِیَ مِنْ تِلْكَ الْأُمَّةِ غَیْرُهُ وَ غَیْرُ رَجُلٍ آخَرَ فِی نَاحِیَةِ أَرْضِ الْمَلِكِ- لَا یُعْرَفُ مَكَانُهُ وَ لَا یُدْعَی بِاسْمِهِ فَدَخَلَ

ذَاتَ یَوْمٍ عَلَی الْمَلِكِ بِجُمْجُمَةٍ قَدْ لَفَّهَا فِی ثِیَابِهِ فَلَمَّا جَلَسَ عَنْ یَمِینِ الْمَلِكِ انْتَزَعَهَا عَنْ ثِیَابِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا بِرِجْلِهِ فَلَمْ یَزَلْ یَفْرُكُهَا(2) بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ وَ عَلَی بِسَاطِهِ حَتَّی دَنِسَ مَجْلِسُ الْمَلِكِ بِمَا تَحَاتُّ مِنْ تِلْكَ الْجُمْجُمَةِ فَلَمَّا رَأَی الْمَلِكُ مَا صَنَعَ غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ غَضَباً شَدِیداً وَ شَخَصَتْ إِلَیْهِ أَبْصَارُ جُلَسَائِهِ وَ اسْتَعَدَّتِ الْحَرَسُ بِأَسْیَافِهِمْ انْتِظَاراً لِأَمْرِهِ إِیَّاهُمْ بِقَتْلِهِ وَ الْمَلِكُ فِی ذَلِكَ مَالِكٌ لِغَضَبِهِ وَ قَدْ كَانَتِ الْمُلُوكُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ مَعَ جَبَرُوتِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ ذَوِی أَنَاةٍ وَ تُؤَدَةٍ اسْتِصْلَاحاً لِلرَّعِیَّةِ عَلَی عِمَارَةِ أَرْضِهِمْ لِیَكُونَ ذَلِكَ أَعْوَنَ لِلْجَلْبِ وَ أَدَّی لِلْخَرَاجِ- فَلَمْ یَزَلِ الْمَلِكُ سَاكِتاً عَلَی ذَلِكَ حَتَّی قَامَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَفَّ تِلْكَ الْجُمْجُمَةَ فِی ثَوْبِهِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی وَ الثَّالِثِ فَلَمَّا رَأَی أَنَّ الْمَلِكَ لَا یَسْأَلُهُ عَنْ تِلْكَ الْجُمْجُمَةِ وَ لَا یَسْتَنْطِقُهُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ شَأْنِهَا أَدْخَلَ مَعَ تِلْكَ الْجُمْجُمَةِ مِیزَاناً وَ قَلِیلًا مِنْ تُرَابٍ فَلَمَّا صَنَعَ بِالْجُمْجُمَةِ مَا كَانَ یَصْنَعُ أَخَذَ الْمِیزَانَ وَ جَعَلَ فِی إِحْدَی كَفَّتَیْهِ دِرْهَماً وَ فِی الْأُخْرَی بِوَزْنِهِ تُرَاباً ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ

ص: 432


1- 1. صحا السكران: ذهب سكره و أفاق.
2- 2. فرك الثوب: دلكه، الشی ء عن الثوب أزاله و حكه حتّی تفتت.

التُّرَابَ فِی عَیْنِ تِلْكَ الْجُمْجُمَةِ ثُمَّ أَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَوَضَعَهَا فِی مَوْضِعِ الْفَمِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْجُمَةِ: فَلَمَّا رَأَی الْمَلِكُ مَا صَنَعَ قَلَّ صَبْرُهُ وَ بَلَغَ مَجْهُودَهُ فَقَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ إِنَّمَا اجْتَرَأْتَ عَلَی مَا صَنَعْتَ لِمَكَانِكَ مِنِّی وَ إِدْلَالِكَ عَلَیَّ وَ فَضْلِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِی وَ لَعَلَّكَ تُرِیدُ بِمَا صَنَعْتَ أَمْراً فَخَرَّ الرَّجُلُ لِلْمَلِكِ سَاجِداً وَ قَبَّلَ قَدَمَیْهِ وَ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَقْبِلْ عَلَیَّ بِعَقْلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّ مَثَلَ الْكَلِمَةِ كَمَثَلِ السَّهْمِ إِذَا رُمِیَ بِهِ فِی أَرْضٍ لَیِّنَةٍ یَثْبُتُ فِیهَا وَ إِذَا رُمِیَ فِی الصَّفَا لَمْ یَثْبُتْ وَ مَثَلَ الْكَلِمَةِ كَمَثَلِ الْمَطَرِ إِذَا أَصَابَ أَرْضاً طَیِّبَةً مَزْرُوعَةً یُنْبِتُهُ فِیهَا وَ إِذَا أَصَابَ السِّبَاخَ لَمْ یُنْبِتْ وَ إِنَّ أَهْوَاءَ النَّاسِ مُتَفَرِّقَةٌ وَ الْعَقْلُ وَ الْهَوَی یَصْطَرِعَانِ فِی الْقَلْبِ فَإِنْ غَلَبَ هَوًی الْعَقْلَ عَمِلَ الرَّجُلُ بِالطَّیْشِ وَ السَّفَهِ وَ إِنْ كَانَ الْهَوَی هُوَ الْمَغْلُوبَ لَمْ یُوجَدْ فِی أَمْرِ الرَّجُلِ سَقْطَةٌ فَإِنِّی لَمْ أَزَلْ مُنْذُ كُنْتُ غُلَاماً أُحِبُّ الْعِلْمَ وَ أَرْغَبُ فِیهِ وَ أُوثِرُهُ عَلَی الْأُمُورِ كُلِّهَا فَلَمْ أَدَعْ عِلْماً إِلَّا بَلَغْتُ مِنْهُ أَفْضَلَ مَبْلَغٍ فَبَیْنَا أَنَا ذَاتَ یَوْمٍ أَطُوفُ بَیْنَ الْقُبُورِ إِذْ قَدْ بَصُرْتُ بِهَذِهِ الْجُمْجُمَةِ بَارِزَةً مِنْ قُبُورِ الْمُلُوكِ فَغَاظَنِی مَوْقِعُهَا وَ فِرَاقُهَا جَسَدَهَا غَضَباً لِلْمُلُوكِ فَضَمَمْتُهَا إِلَیَّ وَ حَمَلْتُهَا إِلَی مَنْزِلِی فَأَلْبَسْتُهَا الدِّیبَاجَ وَ نَضَحْتُهَا بِالْمَاءِ الْوَرْدِ وَ الطِّیبِ وَ وَضَعْتُهَا عَلَی الْفُرُشِ وَ قُلْتُ إِنْ كَانَ مِنْ جَمَاجِمِ الْمُلُوكِ فَسَیُؤْثِرُ فِیهَا إِكْرَامِی إِیَّاهَا وَ تَرْجِعُ إِلَی جَمَالِهَا وَ بَهَائِهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ جَمَاجِمِ الْمَسَاكِینِ فَإِنَّ الْكَرَامَةَ لَا تَزِیدُهَا شَیْئاً فَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِهَا أَیَّاماً فَلَمْ أَسْتَنْكِرْ مِنْ هَیْئَتِهَا شَیْئاً فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ دَعَوْتُ عَبْداً هُوَ أَهْوَنُ عَبْدِی عِنْدِی فَأَهَانَهَا فَإِذَا هِیَ فِی حَالَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِهَانَةِ وَ الْإِكْرَامِ فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ أَتَیْتُ الْحُكَمَاءَ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهَا فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُمْ عِلْماً بِهَا ثُمَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْمَلِكَ مُنْتَهَی الْعِلْمِ وَ مَأْوَی الْحِلْمِ فَأَتَیْتُكَ خَائِفاً عَلَی نَفْسِی فَلَمْ یَكُنْ لِی أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی تَبْدَأَنِی بِهِ وَ أُحِبُّ أَنْ تُخْبِرَنِی أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ جُمْجُمَةُ مَلِكٍ أَمْ جُمْجُمَةُ مِسْكِینٍ فَإِنَّهَا لَمَّا أَعْیَانِی أَمْرُهَا تَفَكَّرْتُ فِی أَمْرِهَا وَ فِی عَیْنِهَا الَّتِی كَانَتْ لَا یَمْلَؤُهَا شَیْ ءٌ حَتَّی لَوْ قَدَرَتْ عَلَی مَا دُونَ السَّمَاءِ مِنْ شَیْ ءٍ تَطَلَّعَتْ إِلَی أَنْ تَتَنَاوَلَ مَا فَوْقَ السَّمَاءِ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا الَّذِی یَسُدُّهَا وَ یَمْلَأُهَا فَإِذَا وَزْنُ دِرْهَمٍ مِنْ تُرَابٍ قَدْ سَدَّهَا وَ مَلَأَهَا وَ

ص: 433

نَظَرْتُ إِلَی فِیهَا(1) الَّذِی لَمْ یَكُنْ یَمْلَؤُهُ شَیْ ءٌ فَمَلَأَتْهُ قَبْضَةٌ مِنْ تُرَابٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنِی أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنَّهَا جُمْجُمَةُ مِسْكِینٍ احْتَجَجْتُ عَلَیْكَ بِأَنِّی قَدْ وَجَدْتُهَا وَسَطَ قُبُورِ الْمُلُوكِ ثُمَّ أَجْمَعُ جَمَاجِمَ مُلُوكٍ وَ جَمَاجِمَ مَسَاكِینَ فَإِنْ كَانَ لِجَمَاجِمِكُمْ عَلَیْهَا فَضْلٌ فَهُوَ كَمَا قُلْتَ وَ إِنْ أَخْبَرْتَنِی بِأَنَّهَا مِنْ جَمَاجِمِ الْمُلُوكِ أَنْبَأْتُكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَلِكَ الَّذِی كَانَتْ هَذِهِ جُمْجُمَتَهُ قَدْ كَانَ مِنْ بَهَاءِ الْمَلِكِ وَ جَمَالِهِ وَ عِزَّتِهِ فِی مِثْلِ مَا أَنْتَ فِیهِ الْیَوْمَ فَحَاشَاكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْ تَصِیرَ إِلَی حَالِ هَذِهِ الْجُمْجُمَةِ فَتُوطَأَ بِالْأَقْدَامِ وَ تُخْلَطَ بِالتُّرَابِ وَ یَأْكُلَكَ الدُّودُ وَ تُصْبِحَ بَعْدَ الْكَثْرَةِ قَلِیلًا وَ بَعْدَ الْعِزَّةِ ذَلِیلًا وَ تَسَعَكَ حُفْرَةٌ طُولُهَا أَدْنَی مِنْ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَ یُورَثَ مُلْكُكَ وَ یَنْقَطِعَ خَبَرُكَ وَ یَفْسُدَ صَنَائِعُكَ وَ یُهَانَ مَنْ أَكْرَمْتَ وَ یُكْرَمَ مَنْ أَهَنْتَ وَ یَسْتَبْشِرَ أَعْدَاؤُكَ وَ یَضِلَّ أَعْوَانُكَ وَ یَحُولَ التُّرَابُ دُونَكَ فَإِنْ دَعَوْنَاكَ لَمْ تَسْمَعْ وَ إِنْ أَكْرَمْنَاكَ لَمْ تَقْبَلْ وَ إِنْ أَهَنَّاكَ لَمْ تَغْضَبْ فَیَصِیرُ بَنُوكَ یَتَامَی وَ نِسَاؤُكَ أَیَامَی (2) وَ أَهْلُكَ یُوشِكُ أَنْ یَسْتَبْدِلَنَّ أَزْوَاجاً غَیْرَكَ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ ذَلِكَ فَزِعَ قَلْبُهُ وَ انْسَكَبَتْ عَیْنَاهُ یَبْكِی وَ یَقُولُ وَ یَدْعُو بِالْوَیْلِ فَلَمَّا رَأَی الرَّجُلُ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ قَدِ اسْتَمْكَنَ مِنَ الْمَلِكِ وَ قَوْلَهُ قَدْ أَنْجَعَ فِیهِ زَادَهُ ذَلِكَ جُرْأَةً عَلَیْهِ وَ تَكْرِیراً لِمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّی خَیْراً وَ جَزَی مَنْ حَوْلِی مِنَ الْعُظَمَاءِ شَرّاً لَعَمْرِی لَقَدْ عَلِمْتُ مَا أَرَدْتَ بِمَقَالَتِكَ هَذِهِ وَ قَدْ أَبْصَرْتُ أَمْرِی فَسَمِعَ النَّاسُ خَبَرَهُ فَتَوَجَّهُوا أَهْلُ الْفَضْلِ إِلَیْهِ وَ خُتِمَ لَهُ بِالْخَیْرِ وَ بَقِیَ عَلَیْهِ إِلَی أَنْ فَارَقَ الدُّنْیَا قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ زِدْنِی مِنْ هَذَا الْمَثَلِ قَالَ الْحَكِیمُ زَعَمُوا أَنَّ مَلِكاً كَانَ فِی أَوَّلِ الزَّمَانِ وَ كَانَ حَرِیصاً عَلَی أَنْ یُولَدَ لَهُ وَ كَانَ لَا یَدَعُ شَیْئاً مِمَّا یُعَالِجُ بِهِ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَتَاهُ وَ صَنَعَهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِهِ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ لَهُ مِنْ نِسَائِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَاماً فَلَمَّا نَشَأَ وَ تَرَعْرَعَ (3)

خَطَا ذَاتَ یَوْمَ خُطْوَةً فَقَالَ مَعَادَكُمْ تَجْفُونَ ثُمَّ خَطَا أُخْرَی فَقَالَ تَهْرَمُونَ ثُمَّ خَطَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ ثُمَّ تَمُوتُونَ ثُمَّ عَادَ كَهَیْئَتِهِ

ص: 434


1- 1. یعنی فمها.
2- 2. أی لا زوج لهنّ.
3- 3. ترعرع الصبی نشأ و شب.

یَفْعَلُ كَمَا یَفْعَلُ الصَّبِیُّ.

فَدَعَا الْمَلِكُ الْعُلَمَاءَ وَ الْمُنَجِّمِینَ فَقَالَ أَخْبِرُونِی خَبَرَ ابْنِی هَذَا فَنَظَرُوا فِی شَأْنِهِ وَ أَمْرِهِ فَأَعْیَاهُمْ أَمْرُهُ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَهُمْ فِیهِ عِلْمٌ فَلَمَّا رَأَی الْمَلِكُ أَنَّهُ لَیْسَ عِنْدَهُمْ فِیهِ عِلْمٌ دَفَعَهُ إِلَی الْمُرْضِعَاتِ فَأَخَذْنَ فِی إِرْضَاعِهِ إِلَّا أَنَّ مُنَجِّماً مِنْهُمْ قَالَ إِنَّهُ سَیَكُونُ إِمَاماً وَ جَعَلَ عَلَیْهِ حُرَّاساً لَا یُفَارِقُونَهُ- حَتَّی إِذَا شَبَّ انْسَلَّ یَوْماً مِنْ عِنْدِهِ مُرْضِعِیهِ وَ الْحَرَسُ فَأَتَی السُّوقَ فَإِذَا هُوَ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا إِنْسَاناً مَاتَ قَالَ مَا أَمَاتَهُ قَالُوا كَبُرَ وَ فَنِیَتْ أَیَّامُهُ وَ دَنَا أَجَلُهُ فَمَاتَ قَالَ وَ كَانَ صَحِیحاً حَیّاً یَمْشِی وَ یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ مَضَی فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ شَیْخٍ كَبِیرٍ فَقَامَ یَنْظُرُ إِلَیْهِ مُتَعَجِّباً مِنْهُ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا رَجُلٌ شَیْخٌ كَبِیرٌ قَدْ فَنِیَ شَبَابُهُ وَ كَبِرَ قَالَ وَ كَانَ صَغِیراً ثُمَّ شَابَ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ مَضَی فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَرِیضٍ مستلقی [مُسْتَلْقٍ] عَلَی ظَهْرِهِ فَقَامَ یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ یَتَعَجَّبُ مِنْهُ فَسَأَلَهُمْ مَا هَذَا قَالُوا رَجُلٌ مَرِیضٌ فَقَالَ أَ وَ كَانَ هَذَا صَحِیحاً ثُمَّ مَرِضَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ فَإِنَّ النَّاسَ لَمَجْنُونُونَ فَافْتَقَدَ الْغُلَامُ عِنْدَ ذَلِكَ فَطُلِبَ فَإِذَا هُوَ بِالسُّوقِ فَأَتَوْهُ فَأَخَذُوهُ وَ ذَهَبُوا بِهِ فَأَدْخَلُوهُ الْبَیْتَ فَلَمَّا دَخَلَ الْبَیْتَ اسْتَلْقَی عَلَی قَفَاهُ یَنْظُرُ إِلَی خَشَبِ سَقْفِ الْبَیْتِ وَ یَقُولُ كَیْفَ كَانَ هَذَا قَالُوا كَانَتْ شَجَرَةً ثُمَّ صَارَتْ خَشَباً ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ بُنِیَ هَذَا الْبَیْتُ ثُمَّ جُعِلَ هَذَا الْخَشَبُ عَلَیْهِ فَبَیْنَا هُوَ فِی كَلَامِهِ إِذْ أَرْسَلَ الْمَلِكُ إِلَی الْمُوَكَّلِینَ بِهِ انْظُرُوا هَلْ یَتَكَلَّمُ أَوْ یَقُولُ شَیْئاً قَالُوا نَعَمْ وَ قَدْ وَقَعَ فِی كَلَامٍ مَا نَظُنُّهُ إِلَّا وَسْوَاساً- فَلَمَّا رَأَی الْمَلِكُ ذَلِكَ وَ سَمِعَ جَمِیعَ مَا لَفَظَ بِهِ الْغُلَامُ دَعَا الْعُلَمَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَلَمْ یَجِدْ فِیهِ عِنْدَهُمْ عِلْماً إِلَّا الرَّجُلَ الْأَوَّلَ فَأَنْكَرَ قَوْلَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَیُّهَا الْمَلِكُ لَوْ زَوَّجْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُ الَّذِی تَرَی وَ أَقْبَلَ وَ عَقَلَ وَ أَبْصَرَ فَبَعَثَ الْمَلِكُ فِی الْأَرْضِ یَطْلُبُ وَ یَلْتَمِسُ لَهُ امْرَأَةً فَوُجِدَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَ أَجْمَلِهِمْ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ فَلَمَّا أَخَذُوا فِی وَلِیمَةِ عُرْسِهِ أَخَذَ اللَّاعِبُونَ یَلْعَبُونَ وَ الزَّمَّارُونَ یُزَمِّرُونَ فَلَمَّا سَمِعَ الْغُلَامُ جَلَبَتَهُمْ (1)

ص: 435


1- 1. جلب القوم: ضجوا و اختلطت اصواتهم. و الجلاب و المجلب- بشد اللام-: المصوت.

وَ أَصْوَاتَهُمْ قَالَ مَا هَذَا- قَالُوا هَؤُلَاءِ لَعَّابُونَ وَ زَمَّارُونَ جُمِعُوا لِعُرْسِكَ فَسَكَتَ الْغُلَامُ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْعُرْسِ وَ أَمْسَوْا دَعَا الْمَلِكُ امْرَأَةَ ابْنِهِ فَقَالَ لَهَا إِنَّهُ لَمْ یَكُنْ لِی وَلَدٌ غَیْرُ هَذَا الْغُلَامِ فَلَمَّا دَخَلْتِ عَلَیْهِ فَالْطُفِی بِهِ وَ اقْرُبِی مِنْهُ وَ تَحَبَّبِی إِلَیْهِ فَلَمَّا دَخَلَتِ الْمَرْأَةُ عَلَیْهِ أَخَذَتْ تَدْنُو مِنْهُ وَ تَتَقَرَّبُ إِلَیْهِ فَقَالَ الْغُلَامُ عَلَی رِسْلِكِ (1)

فَإِنَّ اللَّیْلَ طَوِیلٌ بَارَكَ اللَّهُ فِیكِ وَ اصْبِرِی حَتَّی نَأْكُلَ وَ نَشْرَبَ فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَجَعَلَ یَأْكُلُ فَلَمَّا فَرَغَ جَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَشْرَبُ فَلَمَّا أَخَذَ الشَّرَابُ مِنْهَا نَامَتْ فَقَامَ الْغُلَامُ فَخَرَجَ مِنَ الْبَیْتِ وَ انْسَلَّ مِنَ الْحَرَسِ وَ الْبَوَّابِینَ حَتَّی خَرَجَ وَ تَرَدَّدَ فِی الْمَدِینَةِ فَلَقِیَهُ غُلَامٌ مِثْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ فَأَتْبَعَهُ وَ أَلْقَی ابْنُ الْمَلِكِ عَنْهُ تِلْكَ الثِّیَابَ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِ وَ لَبِسَ ثِیَابَ الْغُلَامِ وَ تَنَكَّرَ جُهْدُهُ وَ خَرَجَا جَمِیعاً مِنَ الْمَدِینَةِ فَسَارَا لَیْلَتَهُمَا حَتَّی إِذَا قَرُبَ الصُّبْحُ خَشِیَا الطَّلَبَ فَكَمَنَا فَأُتِیَتِ الْجَارِیَةُ عِنْدَ الصُّبْحِ فَوَجَدُوهَا نَائِمَةً فَسَأَلُوهَا أَیْنَ زَوْجُكِ قَالَتْ كَانَ عِنْدِی السَّاعَةَ فَطُلِبَ الْغُلَامُ فَلَمْ یُقْدَرْ عَلَیْهِ فَلَمَّا أَمْسَی الْغُلَامُ وَ صَاحِبُهُ سَارَا ثُمَّ جَعَلَا یَسِیرَانِ اللَّیْلَ وَ یَكْمُنَانِ النَّهَارَ حَتَّی خَرَجَا مِنْ سُلْطَانِ أَبِیهِ وَ وَقَعَا فِی مُلْكِ سُلْطَانٍ آخَرَ وَ قَدْ كَانَ لِذَلِكَ الْمَلِكِ الَّذِی صَارَا إِلَی سُلْطَانِهِ ابْنَةٌ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَنْ لَا یُزَوِّجَهَا أَحَداً إِلَّا مَنْ هوته [هَوِیَتْهُ] وَ رَضِیَتْهُ وَ بَنَی لَهَا غُرْفَةً عَالِیَةً مُشْرِفَةً عَلَی الطَّرِیقِ فَهِیَ فِیهَا جَالِسَةٌ تَنْظُرُ إِلَی كُلِّ مَنْ أَقْبَلَ وَ أَدْبَرَ فَبَیْنَمَا هِیَ كَذَلِكَ إِذْ نَظَرَتْ إِلَی الْغُلَامِ یَطُوفُ فِی السُّوقِ وَ صَاحِبُهُ مَعَهُ فِی خُلْقَانِهِ فَأَرْسَلَتْ إِلَی أَبِیهَا أَنِّی قَدْ هَوِیتُ رَجُلًا فَإِنْ كُنْتَ مُزَوِّجِی أَحَداً مِنَ النَّاسِ فَزَوِّجْنِی مِنْهُ وَ أُتِیَتْ أُمُّ الْجَارِیَةِ فَقِیلَ لَهَا إِنَّ ابْنَتَكَ قَدْ هَوِیَتْ رَجُلًا وَ هِیَ تَقُولُ كَذَا وَ كَذَا فَأَقْبَلَتْ إِلَیْهَا فَرِحَةً حَتَّی تَنْظُرَ إِلَی الْغُلَامِ فَأَرَوْهَا إِیَّاهُ فَنَزَلَتْ أُمُّهَا مُسْرِعَةً حَتَّی دَخَلَتْ عَلَی الْمَلِكِ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَتَكَ قَدْ هَوِیَتْ غُلَاماً فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ یَنْظُرُ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَرُونِیهِ فَأَرَوْهُ مِنْ بُعْدٍ فَأَمَرَ أَنْ یُلْبَسَ ثِیَاباً أُخْرَی وَ نَزَلَ فَسَأَلَهُ وَ اسْتَنْطَقَهُ وَ قَالَ مَنْ أَنْتَ وَ مِنْ أَیْنَ أَنْتَ- قَالَ الْغُلَامُ وَ مَا سُؤَالُكَ عَنِّی أَنَا رَجُلٌ مِنْ مَسَاكِینِ النَّاسِ فَقَالَ إِنَّكَ لَغَرِیبٌ وَ مَا یُشْبِهُ لَوْنُكَ أَلْوَانَ

ص: 436


1- 1. أی علی مهلك یعنی امهل و تأن.

أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِینَةِ فَقَالَ الْغُلَامُ مَا أَنَا بِغَرِیبٍ فَعَالَجَهُ الْمَلِكُ أَنْ یَصْدُقَهُ قِصَّتَهُ فَأَبَی فَأَمَرَ الْمَلِكُ أُنَاساً أَنْ یَحْرُسُوهُ وَ یَنْظُرُوا أَیْنَ یَأْخُذُ وَ لَا یَعْلَمُ بِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ الْمَلِكُ إِلَی أَهْلِهِ فَقَالَ رَأَیْتُ رَجُلًا كَأَنَّهُ ابْنُ مَلِكٍ وَ مَا لَهُ حَاجَةٌ فِیمَا تُرَاوِدُونَهُ عَلَیْهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ الْمَلِكَ یَدْعُوكَ فَقَالَ الْغُلَامُ وَ مَا أَنَا وَ الْمَلِكُ یَدْعُونِی وَ مَا لِی إِلَیْهِ حَاجَةٌ وَ مَا یَدْرِی مَنْ أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ عَلَی كُرْهٍ مِنْهُ حَتَّی دَخَلَ عَلَی الْمَلِكِ فَأَمَرَ بِكُرْسِیٍّ فَوُضِعَ لَهُ فَجَلَسَ عَلَیْهِ وَ دَعَا الْمَلِكُ امْرَأَتَهُ وَ ابْنَتَهُ فَأَجْلَسَهُمَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ خَلْفَهُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ دَعَوْتُكَ لِخَیْرٍ إِنَّ لِیَ ابْنَةً قَدْ رَغِبَتْ فِیكَ أُرِیدُ أَنْ أُزَوِّجَهَا مِنْكَ فَإِنْ كُنْتَ مِسْكِیناً أَغْنَیْنَاكَ وَ رَفَعْنَاكَ وَ شَرَّفْنَاكَ- قَالَ الْغُلَامُ مَا لِی فِیمَا تَدْعُونِّی إِلَیْهِ حَاجَةٌ فَإِنْ شِئْتَ ضَرَبْتُ لَكَ مَثَلًا أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ فَافْعَلْ قَالَ الْغُلَامُ زَعَمُوا أَنَّ مَلِكاً مِنَ الْمُلُوكِ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَ كَانَ لِابْنِهِ أَصْدِقَاءُ صَنَعُوا لَهُ طَعَاماً وَ دَعَوْهُ إِلَیْهِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا وَ شَرِبُوا حَتَّی سَكِرُوا فَنَامُوا فَاسْتَیْقَظَ ابْنُ الْمَلِكِ فِی وَسَطِ اللَّیْلِ فَذَكَرَ أَهْلَهُ فَخَرَجَ عَائِداً إِلَی مَنْزِلِهِ وَ لَمْ یُوقَظْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَبَیْنَا هُوَ فِی مَسِیرِهِ إِذْ بَلَغَ مِنْهُ الشَّرَابُ فَبَصُرَ بِقَبْرٍ عَلَی الطَّرِیقِ فَظَنَّ أَنَّهُ مَدْخَلُ بَیْتِهِ فَدَخَلَهُ فَإِذَا هُوَ بِرِیحِ الْمَوْتَی فَحَسِبَ ذَلِكَ لِمَا كَانَ بِهِ السُّكْرُ أَنَّهُ رِیَاحٌ طَیِّبَةٌ فَإِذَا هُوَ بِعِظَامٍ لَا یَحْسَبُهَا إِلَّا فُرُشَهُ الْمُمَهَّدَةَ فَإِذَا هُوَ بِجَسَدٍ قَدْ مَاتَ حَدِیثاً وَ قَدْ أَرْوَحَ فَحَسِبَهُ أَهْلَهُ فَقَامَ إِلَی جَانِبِهِ فَاعْتَنَقَهُ وَ قَبَّلَهُ وَ جَعَلَ یَعْبَثُ بِهِ عَامَّةَ لَیْلِهِ فَأَفَاقَ حِینَ أَفَاقَ وَ نَظَرَ حِینَ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ عَلَی جَسَدٍ مَیِّتٍ وَ رِیحٍ مُنْتِنَةٍ قَدْ دَنِسَ ثِیَابُهُ وَ جِلْدُهُ وَ نَظَرَ إِلَی الْقَبْرِ وَ مَا فِیهِ مِنَ الْمَوْتَی فَخَرَجَ وَ بِهِ مِنَ السُّوءِ مَا یَخْتَفِی بِهِ مِنَ النَّاسِ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَیْهِ مُتَوَجِّهاً إِلَی بَابِ الْمَدِینَةِ فَوَجَدَهُ مَفْتُوحاً فَدَخَلَهُ حَتَّی أَتَی أَهْلَهُ فَرَأَی أَنَّهُ قَدْ أُنْعِمَ عَلَیْهِ حَیْثُ لَمْ یَلْقَهُ أَحَدٌ فَأَلْقَی عَنْهُ ثِیَابَهُ تِلْكَ وَ اغْتَسَلَ وَ لَبِسَ لِبَاساً أُخْرَی وَ تَطَیَّبَ عَمَّرَكَ اللَّهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ تَرَاهُ رَاجِعاً إِلَی مَا كَانَ فِیهِ وَ هُوَ یَسْتَطِیعُ قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّی أَنَا هُوَ فَالْتَفَتَ الْمَلِكُ إِلَی امْرَأَتِهِ وَ ابْنَتِهِ وَ قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُ فِیمَا تَدْعُونَهُ رَغْبَةٌ قَالَتْ أُمُّهَا لَقَدْ قَصَّرْتَ فِی النَّعْتِ لِابْنَتِی وَ الْوَصْفِ لَهَا أَیُّهَا الْمَلِكُ

ص: 437

وَ لَكِنِّی خَارِجَةٌ إِلَیْهِ وَ مُتَكَلِّمَةٌ فَقَالَ الْمَلِكُ لِلْغُلَامِ إِنَّ امْرَأَتِی تُرِیدُ أَنْ تُكَلِّمَكَ وَ تَخْرُجُ إِلَیْكَ وَ لَمْ تَخْرُجْ إِلَی أَحَدٍ قَبْلَكَ فَقَالَ الْغُلَامُ لِتَخْرُجْ إِنْ أَحَبَّتْ فَخَرَجَتْ وَ جَلَسَتْ فَقَالَتْ لِلْغُلَامِ تَعَالِ إِلَی مَا قَدْ سَاقَ اللَّهُ إِلَیْكَ مِنَ الْخَیْرِ وَ الرِّزْقِ فَأُزَوِّجَكَ ابْنَتِی فَإِنَّكَ لَوْ قَدْ رَأَیْتَهَا وَ مَا قَسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا مِنَ الْجَمَالِ وَ الْهَیْئَةِ لَاغْتَبَطْتَ فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ أَ فَلَا أَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا قَالَ بَلَی قَالَ إِنَّ سُرَّاقاً تَوَاعَدُوا أَنْ یَدْخُلُوا خِزَانَةَ الْمَلِكِ لِیَسْرِقُوا فَنَقَبُوا حَائِطَ الْخِزَانَةِ فَدَخَلُوهَا فَنَظَرُوا إِلَی مَتَاعٍ لَمْ یَرَوْا مِثْلَهُ قَطُّ وَ إِذَا هُمْ بِقُلَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ مَخْتُومَةٍ بِالذَّهَبِ فَقَالُوا لَا نَجِدُ شَیْئاً أَعْلَی مِنْ هَذِهِ الْقُلَّةِ هِیَ ذَهَبٌ مَخْتُومَةٌ بِالذَّهَبِ وَ الَّذِی فِیهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّذِی رَأَیْنَا فَاحْتَمَلُوهَا وَ مَضَوْا بِهَا حَتَّی دَخَلُوا غَیْضَةً- لَا یَأْمَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَیْهَا فَفَتَحُوهَا فَإِذَا فِی وَسَطِهَا أَفَاعٍ فَوَثَبْنَ فِی وُجُوهِهِمْ فَقَتَلْنَهُمْ أَجْمَعِینَ عَمَّرَكَ اللَّهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ فَتَرَی أَحَداً عَلِمَ بِمَا أَصَابَهُمْ وَ مَا لَقُوهُ یُدْخِلُ یَدَهُ فِی تِلْكَ الْقُلَّةِ وَ فِیهَا مِنْ الْأَفَاعِی قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّی أَنَا هُوَ فَقَالَتِ الْجَارِیَةُ لِأَبِیهَا ائْذَنْ لِی فَأَخْرُجَ إِلَیْهِ بِنَفْسِی وَ أُكَلِّمَهُ فَإِنَّهُ لَوْ قَدْ نَظَرَ إِلَیَّ وَ إِلَی جِمَالِی وَ حُسْنِی وَ هَیْئَتِی وَ مَا قَسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِی مِنَ الْجَمَالِ لَمْ یَتَمَالَكْ أَنْ یُجِیبَ فَقَالَ الْمَلِكُ لِلْغُلَامِ إِنَّ ابْنَتِی تُرِیدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَیْكَ وَ لَمْ تَخْرُجْ إِلَی رَجُلٍ قَطُّ قَالَ لِتَخْرُجْ إِنْ أَحَبَّتْ فَخَرَجَتْ عَلَیْهِ وَ هِیَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهاً وَ قَدّاً وَ طَرَفاً وَ هَیْكَلًا فَسَلَّمَتْ عَلَی الْغُلَامِ وَ قَالَتْ لِلْغُلَامِ هَلْ رَأَیْتَ مِثْلِی قَطُّ أَوْ أَتَمَّ أَوْ أَجْمَلَ أَوْ أَكْمَلَ أَوْ أَحْسَنَ وَ قَدْ هَوِیتُكَ وَ أَحْبَبْتُكَ فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ أَ فَلَا أَضْرِبُ لَهَا مَثَلًا قَالَ بَلَی قَالَ الْغُلَامُ زَعَمُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنَّ مَلِكاً لَهُ ابْنَانِ فَأَسَرَ أَحَدَهُمَا مَلِكٌ آخَرُ فَحَبَسَهُ فِی بَیْتٍ وَ أَمَرَ أَنْ لَا یَمُرَّ عَلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا رَمَاهُ بِحَجَرٍ فَمَكَثَ بِذَلِكَ حِیناً ثُمَّ إِنَّ أَخَاهُ قَالَ لِأَبِیهِ ائْذَنْ لِی فَأَنْطَلِقَ إِلَی أَخِی فَأَفْدِیَهُ وَ أَحْتَالَ لَهُ قَالَ فَانْطَلِقْ وَ خُذْ مَعَكَ مَا شِئْتَ مِنْ مَالٍ وَ مَتَاعٍ وَ دَوَابَّ فَاحْتَمَلَ مَعَهُ الزَّادَ وَ الرَّاحِلَةَ وَ انْطَلَقَ

ص: 438

مَعَهُ الْمُغَنِّیَاتُ وَ النَّوَائِحُ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَدِینَةِ ذَلِكَ الْمَلِكِ أُخْبِرَ الْمَلِكُ بِقُدُومِهِ فَأَمَرَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ إِلَیْهِ وَ أَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ خَارِجٍ مِنَ الْمَدِینَةِ فَنَزَلَ الْغُلَامُ فِی ذَلِكَ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا جَلَسَ فِیهِ وَ نَشَرَ مَتَاعَهُ وَ أَمَرَ غِلْمَانَهُ أَنْ یَبِیعُوا النَّاسَ وَ یُسَاهِلُوهُمْ فِی بَیْعِهِمْ وَ یُسَامِحُوهُمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَی النَّاسَ قَدْ شُغِلُوا بِالْبَیْعِ انْسَلَّ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ قَدْ عَلِمَ أَیْنَ سُجِنَ أَخِیهِ ثُمَّ أَتَی السِّجْنَ فَأَخَذَ حَصَاةً فَرَمَی بِهَا لِیَنْظُرَ مَا بَقِیَ مِنْ نَفَسِ أَخِیهِ فَصَاحَ حِینَ أَصَابَتْهُ الْحَصَاةُ وَ قَالَ قَتَلْتَنِی فَفَزِعَ الْحَرَسُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ خَرَجُوا إِلَیْهِ وَ سَأَلُوهُ لِمَ صِحْتَ وَ مَا شَأْنُكَ وَ مَا بَدَا لَكَ وَ مَا رَأَیْنَاكَ تَكَلَّمْتَ وَ نَحْنُ نُعَذِّبُكَ مُنْذُ حِینٍ وَ یَضْرِبُكَ وَ یَرْمِیكَ كُلُّ مَنْ یَمُرُّ بِكَ بِحَجَرٍ وَ رَمَاكَ هَذَا الرَّجُلُ بِحَصَاةٍ فَصِحْتَ مِنْهَا فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا مِنْ أَمْرِی عَلَی جَهَالَةٍ وَ رَمَانِی هَذَا عَلَی عِلْمٍ فَانْصَرَفَ أَخُوهُ رَاجِعاً إِلَی مَنْزِلِهِ وَ مَتَاعِهِ وَ قَالَ لِلنَّاسِ إِذَا كَانَ غَداً فَائْتَوْنِی أَنْشُرْ عَلَیْكُمْ بَزّاً وَ مَتَاعاً لَمْ تَرَوْا مِثْلَهُ قَطُّ فَانْصَرَفُوا یَوْمَئِذٍ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَوْا عَلَیْهِ بِأَجْمَعِهِمْ فَأَمَرَ بِالْبَزِّ فَنُشِرُوا وَ أَمَرَ بِالْمُغَنِّیَاتِ وَ النَّائِحَاتِ وَ كُلِّ صِنْفٍ مَعَهُ مِمَّا یُلْهَی بِهِ النَّاسُ فَأَخَذُوا فِی شَأْنِهِمْ فَاشْتَغَلَ النَّاسُ فَأَتَی أَخَاهُ فَقَطَعَ عَنْهُ أَغْلَالَهُ وَ قَالَ أَنَا أُدَاوِیكَ فَاخْتَلَسَهُ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْمَدِینَةِ فَجَعَلَ عَلَی جِرَاحَاتِهِ دَوَاءً كَانَ مَعَهُ حَتَّی إِذَا وَجَدَ رَاحَةً أَقَامَهُ عَلَی الطَّرِیقِ ثُمَّ قَالَ لَهُ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ سَتَجِدُ سَفِینَةً قَدْ سَیَّرْتُ لَكَ فِی الْبَحْرِ فَانْطَلَقَ سَائِراً فَوَقَعَ فِی جُبٍّ فِیهِ تِنِّینٌ وَ عَلَی الْجُبِّ شَجَرَةٌ نَابِتَةٌ فَنَظَرَ إِلَی الشَّجَرَةِ فَإِذَا عَلَی رَأْسِهَا اثْنَا عَشَرَ غُولًا وَ فِی أَسْفَلِهَا اثْنَا عَشَرَ سَیْفاً وَ تِلْكَ السُّیُوفُ مَسْلُولَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَلَمْ یَزَلْ یَتَحَمَّلُ وَ یَحْتَالُ حَتَّی أَخَذَ بِغُصْنٍ مِنَ الشَّجَرِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَ تَخَلَّصَ وَ سَارَ حَتَّی أَتَی الْبَحْرَ فَوَجَدَ سَفِینَةً قَدْ أُعِدَّتْ لَهُ إِلَی جَانِبِ السَّاحِلِ فَرَكِبَ فِیهَا حَتَّی أَتَوْا بِهِ أَهْلَهُ عَمَّرَكَ اللَّهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَ تَرَاهُ عَائِدٌ إِلَی مَا قَدْ عَایَنَ وَ لَقِیَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّی أَنَا هُوَ فَیَئِسُوا مِنْهُ- فَجَاءَ الْغُلَامُ الَّذِی صَحِبَهُ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ قَالَ اذْكُرْنِی لَهَا وَ أَنْكِحْنِیهَا فَقَالَ الْغُلَامُ لِلْمَلِكِ إِنَّ هَذَا یَقُولُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ یُنْكِحَنِیهَا الْمَلِكُ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ قَالَ أَ فَلَا أَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا قَالَ بَلَی.

ص: 439

قَالَ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِی قَوْمٍ فَرَكِبُوا سَفِینَةً فَسَارُوا فِی الْبَحْرِ لَیَالِیَ وَ أَیَّاماً ثُمَّ انْكَسَرَتْ سَفِینَتُهُمْ بِقُرْبِ جَزِیرَةٍ فِی الْبَحْرِ فِیهَا الْغِیلَانُ فَغَرِقُوا كُلُّهُمْ سِوَاهُ وَ أَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَی الْجَزِیرَةِ وَ كَانَتِ الْغِیلَانُ یُشْرِفْنَ مِنَ الْجَزِیرَةِ إِلَی الْبَحْرِ فَأَتَی غُولًا فَهَوِیَهَا وَ نَكَحَهَا حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الصُّبْحِ قَتَلَتْهُ وَ قَسَمَتْ أَعْضَاءَهُ بَیْنَ صَوَاحِبَاتِهَا وَ اتَّفَقَ مِثْلُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ آخَرَ فَأَخَذَتْهُ ابْنَةُ مَلِكِ الْغِیلَانِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ فَبَاتَ مَعَهَا یَنْكِحُهَا وَ قَدْ عَلِمَ الرَّجُلُ مَا لَقِیَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَیْسَ یَنَامُ حَذَراً حَتَّی إِذَا كَانَ مَعَ الصُّبْحِ قَامَتِ الْغُولَةُ فَانْسَلَّ الرَّجُلُ حَتَّی أَتَی السَّاحِلَ فَإِذَا هُوَ بِسَفِینَةٍ فَنَادَی أَهْلَهَا وَ اسْتَغَاثَ بِهِمْ فَحَمَلُوهُ حَتَّی أَتَوْا بِهِ أَهْلَهُ- فَأَصْبَحَتِ الْغِیلَانُ فَأَتَوُا الْغُولَةَ الَّتِی بَاتَتْ مَعَهُ فَقَالُوا لَهَا أَیْنَ الرَّجُلُ الَّذِی بَاتَ مَعَكِ قَالَتْ إِنَّهُ قَدْ فَرَّ مِنِّی فَكَذَّبُوهَا وَ قَالُوا أَكَلْتِهِ وَ اسْتَأْثَرْتِ بِهِ عَلَیْنَا فَنَقْتُلَنَّكِ إِنْ لَمْ تَأْتِنَا بِهِ فَمَرَّتْ فِی الْمَاءِ حَتَّی أَتَتْهُ فِی مَنْزِلِهِ وَ رَحْلِهِ فَدَخَلَتْ عَلَیْهِ وَ جَلَسَتْ عِنْدَهُ وَ قَالَتْ لَهُ مَا لَقِیتَ فِی سَفَرِكَ هَذَا قَالَ لَقِیتُ بَلَاءً خَلَّصَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ وَ قَصَّ عَلَیْهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ وَ قَدْ تَخَلَّصْتَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ أَنَا الْغُولَةُ وَ جِئْتُ لِآخُذَكَ فَقَالَ لَهَا أَنْشُدُكِ اللَّهُ أَنْ تُهْلِكَنِی فَإِنِّی أَدُلُّكِ عَلَی مَكَانِ رَجُلٍ قَالَتْ إِنِّی أَرْحَمُكَ فَانْطَلَقَا حَتَّی دَخَلَا عَلَی الْمَلِكِ قَالَتْ اسْمَعْ مِنَّا أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ إِنِّی تَزَوَّجْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ وَ هُوَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَیَّ ثُمَّ إِنَّهُ كَرِهَنِی وَ كَرِهَ صُحْبَتِی فَانْظُرْ فِی أَمْرِنَا فَلَمَّا رَآهَا الْمَلِكُ أَعْجَبَهُ جَمَالُهَا فَخَلَا بِالرَّجُلِ فَسَارَّهُ وَ قَالَ إِنِّی قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَتْرُكَهَا فَأَتَزَوَّجَهَا قَالَ نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ فَتَزَوَّجَ بِهَا الْمَلِكُ وَ بَاتَ مَعَهَا حَتَّی إِذَا كَانَتْ مَعَ السَّحَرِ ذَبَحَتْهُ وَ قَطَعَتْ أَعْضَاءَهُ وَ حَمَلَتْهُ إِلَی صَوَاحِبَاتِهَا أَ فَتَرَی أَیُّهَا الْمَلِكُ أَحَداً یَعْلَمُ بِهَذَا ثُمَّ یَنْطَلِقُ إِلَیْهِ قَالَ لَا قَالَ الْخَاطِبُ لِلْغُلَامِ فَإِنِّی لَا أُفَارِقُكَ وَ لَا حَاجَةَ لِی فِیمَا أَرَدْتُ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ یَعْبُدَانِ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ وَ یَسِیحَانِ فِی الْأَرْضِ فَهَدَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمَا أُنَاساً كَثِیراً وَ بَلَغَ شَأْنُ الْغُلَامِ وَ ارْتَفَعَ ذِكْرُهُ فِی الْآفَاقِ فَذَكَرَ وَالِدَهُ وَ قَالَ لَوْ بَعَثْتُ إِلَیْهِ لَاسْتَنْقَذْتُهُ مِمَّا هُوَ فِیهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ رَسُولًا فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ قَصَّ عَلَیْهِ خَبَرَهُ وَ أَمْرَهُ فَأَتَاهُ وَالِدُهُ وَ أَهْلُهُ فَاسْتَنْقَذَهُمْ مِمَّا كَانُوا فِیهِ.

ص: 440

ثُمَّ إِنَّ بِلَوْهَرَ رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ اخْتَلَفَ إِلَی یُوذَاسُفَ أَیَّاماً حَتَّی عَرَفَ أَنَّهُ فَتَحَ لَهُ الْبَابَ وَ دَلَّهُ عَلَی السَّبِیلِ ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ إِلَی غَیْرِهَا وَ بَقِیَ یُوذَاسُفُ حَزِیناً مُغْتَمّاً فَمَكَثَ بِذَلِكَ حَتَّی بَلَغَ وَقْتَ خُرُوجِهِ إِلَی النُّسَّاكِ لَیُنَادِیَ بِالْحَقِّ وَ یَدْعُوَ إِلَیْهِ أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا رَأَی مِنْهُ خَلْوَةً ظَهَرَ لَهُ وَ قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَكَ الْخَیْرُ وَ السَّلَامَةُ أَنْتَ إِنْسَانٌ بَیْنَ الْبَهَائِمِ الظَّالِمِینَ الْفَاسِقِینَ مِنَ الْجُهَّالِ أَتَیْتُكَ بِالتَّحِیَّةِ مِنَ الْحَقِّ وَ إِلَهُ الْخَلْقِ بَعَثَنِی إِلَیْكَ لِأُبَشِّرَكَ وَ أَذْكُرَ لَكَ مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ أُمُورِ دُنْیَاكَ وَ آخِرَتِكَ فَاقْبَلْ بِشَارَتِی وَ مَشُورَتِی وَ لَا تَغْفُلْ عَنْ قَوْلِی اخْلَعْ عَنْكَ الدُّنْیَا وَ انْبِذْ عَنْكَ شَهَوَاتِهَا وَ ازْهَدْ فِی الْمُلْكِ الزَّائِلِ وَ السُّلْطَانِ الْفَانِی الَّذِی لَا یَدُومُ وَ عَاقِبَتُهُ النَّدَمُ وَ الْحَسْرَةُ وَ اطْلُبِ الْمُلْكَ الَّذِی لَا یَزُولُ وَ الْفَرَحَ الَّذِی لَا یَنْقَضِی وَ الرَّاحَةَ الَّتِی لَا یَتَغَیَّرُ وَ كُنْ صِدِّیقاً مُقْسِطاً فَإِنَّكَ تَكُونُ إِمَامَ النَّاسِ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ فَلَمَّا سَمِعَ یُوذَاسُفُ كَلَامَهُ خَرَّ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَاجِداً وَ قَالَ إِنِّی لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی مُطِیعٌ وَ إِلَی وَصِیَّتِهِ مُنْتَهٍ فَمُرْنِی بِأَمْرِكَ فَإِنِّی لَكَ حَامِدٌ وَ لِمَنْ بَعَثَكَ إِلَیَّ شَاكِرٌ فَإِنَّهُ رَحِمَنِی وَ رَءُوفٌ بِی وَ لَمْ یَرْفُضْنِی بَیْنَ الْأَعْدَاءِ فَإِنِّی كُنْتُ بِالَّذِی أَتَیْتَ لَهُ مُهْتَمّاً قَالَ الْمَلَكُ إِنِّی أَرْجِعُ إِلَیْكَ بَعْدَ أَیَّامٍ ثُمَّ أُخْرِجُكَ فَتَهَیَّأْ لِلْخُرُوجِ وَ لَا تَغْفُلْ عَنْهُ فَوَطَّنَ یُوذَاسُفُ نَفْسَهُ عَلَی الْخُرُوجِ وَ جَعَلَ هِمَّتَهُ كُلَّهُ فِیهِ وَ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَی ذَلِكَ أَحَداً حَتَّی إِذَا جَاءَ وَقْتُ خُرُوجِهِ أَتَی الْمَلَكُ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَاخْرُجْ وَ لَا تُؤَخِّرْ ذَلِكَ فَقَامَ وَ لَمْ یُفْشِ سِرَّهُ إِلَی أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَیْرِ وَزِیرِهِ فَبَیْنَا هُوَ یُرِیدُ الرُّكُوبَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ شَابٌّ جَمِیلٌ كَانَ قَدْ مَلَكَهُمْ بِلَادَهُ فَسَجَدَ لَهُ وَ قَالَ أَیْنَ تَذْهَبُ یَا ابْنَ الْمَلِكِ وَ قَدْ أَصَابَنَا الْعُسْرُ أَیُّهَا الْمُصْلِحُ الْحَكِیمُ الْكَامِلُ وَ تَتْرُكُنَا وَ تَتْرُكُ مُلْكَكَ وَ بِلَادَكَ أَقِمْ عِنْدَنَا فَإِنَّا كُنَّا مُنْذُ وُلِدْتَ فِی رَخَاءٍ وَ كَرَامَةٍ وَ لَمْ تَنْزِلْ بِنَا عَاهَةٌ وَ لَا مَكْرُوهٌ فَسَكَّتَهُ یُوذَاسُفُ وَ قَالَ لَهُ امْكُثْ أَنْتَ فِی بِلَادِكَ وَ دَارِ أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ فَأَمَّا أَنَا فَذَاهِبٌ حَیْثُ بُعِثْتُ وَ عَامِلٌ مَا أُمِرْتُ بِهِ فَإِنْ أَنْتَ أَعَنْتَنِی

ص: 441

كَانَ لَكَ فِی عَمَلِی نَصِیباً ثُمَّ رَكِبَ فَسَارَ مَا قَضَی اللَّهُ لَهُ أَنْ یَسِیرَ ثُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ وَزِیرُهُ یَقُودُ فَرَسَهُ وَ یَبْكِی أَشَدَّ الْبُكَاءِ وَ یَقُولُ لِیُوذَاسُفَ بِأَیِّ وَجْهٍ أَسْتَقْبِلُ أَبَوَیْكَ وَ بِمَا أُجِیبُهُمَا عَنْكَ وَ بِأَیِّ عَذَابٍ أَوْ مَوْتٍ یَقْتُلَانِّی وَ أَنْتَ كَیْفَ تُطِیقُ الْعُسْرَ وَ الْأَذَی الَّذِی لَمْ تَتَعَوَّدْهُ وَ كَیْفَ لَا تَسْتَوْحِشُ وَ أَنْتَ لَمْ تَكُنْ وَحْدَكَ یَوْماً قَطُّ وَ جَسَدُكَ كَیْفَ تَحْمِلُ الْجُوعَ وَ الظَّمَأَ وَ التَّقَلُّبَ عَلَی الْأَرْضِ وَ التُّرَابِ فَسَكَّتَهُ وَ عَزَّاهُ وَ وَهَبَ لَهُ فَرَسَهُ وَ الْمِنْطَقَةَ فَجَعَلَ یُقَبِّلُ قَدَمَیْهِ وَ یَقُولُ- لَا تَدَعْنِی وَرَاءَكَ یَا سَیِّدِی اذْهَبْ بِی مَعَكَ حَیْثُ خَرَجْتَ فَإِنَّهُ لَا كَرَامَةَ لِی بَعْدَكَ وَ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَنِی وَ لَمْ تَذْهَبْ بِی مَعَكَ خَرَجْتُ فِی الصَّحْرَاءِ وَ لَمْ أَدْخُلْ مَسْكَناً فِیهِ إِنْسَانٌ أَبَداً فَسَكَّتَهُ أَیْضاً وَ عَزَّاهُ وَ قَالَ لَا تَجْعَلْ فِی نَفْسِكَ إِلَّا خَیْراً فَإِنِّی بَاعِثٌ إِلَی الْمَلِكِ وَ مُوصِیهِ فِیكَ أَنْ یُكْرِمَكَ وَ یُحْسِنَ إِلَیْكَ ثُمَّ نَزَعَ عَنْهُ لِبَاسَ الْمَلِكِ وَ دَفَعَهُ إِلَی وَزِیرِهِ وَ قَالَ لَهُ الْبَسْ ثِیَابِی وَ أَعْطَاهُ الْیَاقُوتَةَ الَّتِی كَانَ یَجْعَلُهَا فِی رَأْسِهِ وَ قَالَ انْطَلِقْ بِهَا مَعَكَ وَ فَرَسِی وَ إِذَا أَتَیْتَهُ فَاسْجُدْ لَهُ وَ أَعْطِهِ هَذِهِ الْیَاقُوتَةَ وَ أَقْرِئْهُ السَّلَامَ ثُمَّ الْأَشْرَافَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنِّی لَمَّا نَظَرْتُ فِیمَا بَیْنَ الْبَاقِی وَ الزَّائِلِ رَغِبْتُ فِی الْبَاقِی وَ زَهِدْتُ فِی الزَّائِلِ وَ لَمَّا اسْتَبَانَ لِی أَصْلِی وَ حَسَبِی وَ فَضَّلْتُ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ الْأَعْدَاءِ وَ الْقُرَبَاءِ رَفَضْتُ الْأَعْدَاءَ وَ الْقُرَبَاءَ وَ انْقَطَعْتُ إِلَی أَصْلِی وَ حَسَبِی- فَأَمَّا وَالِدِی فَإِنَّهُ إِذَا أَبْصَرَ الْیَاقُوتَةَ طَابَتْ نَفْسُهُ فَإِذَا أَبْصَرَ كِسْوَتِی عَلَیْكَ ذَكَرَنِی وَ ذَكَرَ حُبِّی لَكَ وَ مَوَدَّتِی إِیَّاكَ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ أَنْ یَأْتِیَ إِلَیْكَ مَكْرُوهاً: ثُمَّ رَجَعَ وَزِیرُهُ وَ تَقَدَّمَ یُوذَاسُفُ أَمَامَهُ یَمْشِی حَتَّی بَلَغَ فَضَاءً وَاسِعاً فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَی شَجَرَةً عَظِیمَةً عَلَی عَیْنٍ مِنْ مَاءٍ أَحْسَنَ مَا یَكُونُ مِنَ الشَّجَرِ وَ أَكْثَرَهَا فَرْعاً وَ غُصْناً وَ أَحْلَاهَا ثَمَراً وَ قَدِ اجْتَمَعَ إِلَیْهَا مِنَ الطَّیْرِ مَا لَا یُعَدُّ كَثْرَةً فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمَنْظَرِ وَ فَرِحَ بِهِ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْهِ حَتَّی دَنَا مِنْهُ وَ جَعَلَ یُعَبِّرُهُ فِی نَفْسِهِ وَ یُفَسِّرُهُ فَشَبَّهَ الشَّجَرَ بِالْبُشْرَی الَّتِی دَعَا إِلَیْهَا وَ عَیْنَ الْمَاءِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْعِلْمِ وَ الطَّیْرَ بِالنَّاسِ الَّذِینَ یَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ وَ یَقْبَلُونَ مِنْهُ الدِّینَ فَبَیْنَا هُوَ قَائِمٌ إِذْ أَتَاهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ

ص: 442

علیهم السلام یَمْشُونَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَأَتْبَعَ آثَارَهُمْ حَتَّی رَفَعُوهُ فِی جَوِّ السَّمَاءِ وَ أُوتِیَ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْحِكْمَةِ مَا عَرَفَ بِهِ الْأُولَی وَ الْوُسْطَی وَ الْأُخْرَی وَ الَّذِی هُوَ كَائِنٌ ثُمَّ أَنْزَلُوهُ إِلَی الْأَرْضِ وَ قَرَّنُوا مَعَهُ قَرِیناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْأَرْبَعَةِ فَمَكَثَ فِی تِلْكَ الْبِلَادِ حِیناً ثُمَّ إِنَّهُ أَتَی أَرْضَ سولابط فَلَمَّا بَلَغَ وَالِدَهُ قُدُومُهُ خَرَجَ یَسِیرُ هُوَ وَ الْأَشْرَافُ فَأَكْرَمُوهُ وَ قَرَّبُوهُ وَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَهْلُ بَلَدِهِ مَعَ ذَوِی قَرَابَتِهِ وَ حَشَمِهِ وَ قَعَدُوا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ سَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ كَلَّمَهُمُ الْكَلَامَ الْكَثِیرَ وَ فَرَشَ لَهُمُ الْإِینَاسَ وَ قَالَ لَهُمْ اسْمَعُوا إِلَیَّ بِأَسْمَاعِكُمْ وَ فَرِّغُوا إِلَیَّ قُلُوبَكُمْ لِاسْتِمَاعِ حِكْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّتِی هِیَ نُورُ الْأَنْفُسِ وَ تُقِرُّوا بِالْعِلْمِ الَّذِی هُوَ الدَّلِیلُ عَلَی سَبِیلِ الرَّشَادِ وَ أَیْقِظُوا عُقُولَكُمْ وَ افْهَمُوا الْفَصْلَ الَّذِی بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ الضَّلَالِ وَ الْهُدَی وَ اعْلَمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ دَیْنُ الْحَقِّ الَّذِی أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ علیهم السلام وَ الْقُرُونِ الْأُولَی فَخَصَّنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ فِی هَذَا الْقَرْنِ بِرَحْمَتِهِ بِنَا وَ رَأْفَتِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ تَحَنُّنِهِ عَلَیْنَا وَ فِیهِ خَلَاصٌ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ أَلَا إِنَّهُ لَا یَنَالُ الْإِنْسَانُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ لَا یَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا بِالْإِیمَانِ وَ عَمَلِ الْخَیْرِ فَاجْتَهِدُوا فِیهِ لِتُدْرِكُوا بِهِ الرَّاحَةَ الدَّائِمَةَ وَ الْحَیَاةَ الَّتِی لَا تَنْقَطِعُ أَبَداً وَ مَنْ آمَنَ مِنْكُمْ بِالدِّینِ فَلَا یَكُونَنَّ إِیمَانُهُ طَمَعاً فِی الْحَیَاةِ وَ رَجَاءً لِمُلْكِ الْأَرْضِ وَ طَلَبِ مَوَاهِبِ الدُّنْیَا- وَ لْیَكُنْ إِیمَانُكُمْ طَمَعاً فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ رَجَاءَ الْخَلَاصِ وَ طَلَبَ النَّجَاةِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ بُلُوغَ الرَّاحَةِ وَ الْفَرَجِ فِی الْآخِرَةِ فَإِنَّ مُلْكَ الْأَرْضِ وَ سُلْطَانَهَا زَائِلٌ وَ لَذَّاتِهَا مُنْقَطِعَةٌ فَمَنِ اغْتَرَّ بِهَا هَلَكَ وَ افْتَضَحَ لَوْ قَدْ وَقَفَ عَلَی دَیَّانِ الدِّینِ الَّذِی لَا یَدِینُ إِلَّا بِالْحَقِّ فَإِنَّ الْمَوْتَ مَقْرُونٌ مَعَ أَجْسَادِكُمْ وَ هُوَ یَتَرَاصَدُ أَرْوَاحَكُمْ أَنْ یُكَبْكِبَهَا مَعَ الْأَجْسَادِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الطَّیْرَ لَنْ یَقْدِرَ عَلَی الْحَیَاةِ وَ النَّجَاةِ مِنَ الْأَعْدَاءِ مِنَ الْیَوْمِ إِلَی غَدِ هَذِهِ إِلَّا بِقُوَّةٍ مِنَ الْبَصَرِ وَ الْجَنَاحَیْنِ وَ الرِّجْلَیْنِ فَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ لَا یَقْدِرُ عَلَی الْحَیَاةِ وَ النَّجَاةِ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْإِیمَانِ وَ أَعْمَالِ الْخَیْرِ الْكَامِلَةِ فَتَفَكَّرْ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنْتَ وَ الْأَشْرَافُ فِیمَا تَسْتَمِعُونَ وَ افْهَمُوا وَ اعْتَبِرُوا وَ اعْبُرُوا الْبَحْرَ مَا دَامَتِ السَّفِینَةُ وَ اقْطَعُوا الْمَسَافَةَ مَا دَامَ الدَّلِیلُ وَ الظَّهْرُ وَ الزَّادُ وَ اسْلُكُوا سَبِیلَكُمْ مَا دَامَ الْمِصْبَاحُ

ص: 443

وَ أَكْثِرُوا مِنْ كُنُوزِ الْبِرِّ مَعَ النُّسَّاكِ وَ شَارِكُوهُمْ فِی الْخَیْرِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ أَصْلِحُوا التَّبَعَ وَ كُونُوا لَهُمْ أَعْوَاناً وَ أَمَّرُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ لِیَنْزِلُوا مَعَكُمْ مَلَكُوتَ النُّورِ وَ اقْبَلُوا النُّورَ وَ احْتَفِظُوا بِفَرَائِضِكُمْ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تَتَوَثَّقُوا إِلَی أَمَانِیِّ الدُّنْیَا وَ شُرْبِ الْخُمُورِ وَ شَهْوَةِ النِّسَاءِ مِنْ كُلِّ ذَمِیمَةٍ وَ قَبِیحَةٍ مُهْلِكَةٍ لِلرُّوحِ وَ الْجَسَدِ وَ اتَّقُوا الْحَمِیَّةَ وَ الْغَضَبَ وَ الْعَدَاوَةَ وَ النَّمِیمَةَ وَ مَا لَمْ تَرْضَوْهُ أَنْ یُؤْتَی إِلَیْكُمْ فَلَا تَأْتُوهُ إِلَی أَحَدٍ وَ كُونُوا طَاهِرِی الْقُلُوبِ صَادِقِی النِّیَّاتِ لِتَكُونُوا عَلَی الْمِنْهَاجِ إِذَا أَتَاكُمُ الْأَجَلُ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ أَرْضِ سولابط وَ سَارَ فِی بِلَادٍ وَ مَدَائِنَ كَثِیرَةٍ حَتَّی أَتَی أَرْضاً تُسَمَّی قِشْمِیرَ فَسَارَ فِیهَا وَ أَحْیَا مَیِّتَهَا وَ مَكَثَ حَتَّی أَتَاهُ الْأَجَلُ الَّذِی خَلَعَ الْجَسَدَ وَ ارْتَفَعَ إِلَی النُّورِ وَ دَعَا قَبْلَ مَوْتِهِ تِلْمِیذاً لَهُ اسْمُهُ- یابدُ الَّذِی كَانَ یَخْدُمُهُ وَ یَقُومُ عَلَیْهِ وَ كَانَ رَجُلًا كَامِلًا فِی الْأُمُورِ كُلِّهَا وَ أَوْصَی إِلَیْهِ وَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ دَنَا ارْتِفَاعِی عَنِ الدُّنْیَا وَ احْتَفِظُوا بِفَرَائِضِكُمْ وَ لَا تَزِیغُوا عَنِ الْحَقِّ وَ خُذُوا بِالنُّسُكِ ثُمَّ أَمَرَ یابدَ أَنْ یَبْنِیَ لَهُ مَكَاناً فَبَسَطَهُ هُوَ رِجْلَیْهِ وَ هَیَّأَ رَأْسَهُ إِلَی الْمَغْرِبِ وَ وَجْهَهُ إِلَی الْمَشْرِقِ ثُمَّ قَضَی نَحْبَهُ.

باب 33 نوادر المواعظ و الحكم

«1»- ل، [الخصال] ن (1)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ تَمِیمٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْهَرَوِیِّ وَ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ إِذَا أَصْبَحْتَ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یَسْتَقْبِلُكَ فَكُلْهُ وَ الثَّانِی فَاكْتُمْهُ وَ الثَّالِثُ فَاقْبَلْهُ وَ الرَّابِعُ فَلَا تُؤْیِسْهُ وَ الْخَامِسُ فَاهْرَبْ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ مَضَی فَاسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ أَسْوَدُ عَظِیمٌ فَوَقَفَ وَ قَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ آكُلَ هَذَا وَ بَقِیَ مُتَحَیِّراً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ إِنَّ رَبِّی جَلَّ جَلَالُهُ لَا یَأْمُرُنِی إِلَّا بِمَا أُطِیقُ فَمَشَی إِلَیْهِ لِیَأْكُلَهُ فَلَمَّا

ص: 444


1- 1. الخصال ج 1 ص 128، و العیون ص 152. و قد مر بنصه فی المجلد الأول ص 18.

دَنَا مِنْهُ صَغُرَ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ فَوَجَدَهُ لُقْمَةً فَأَكَلَهَا فَوَجَدَهَا أَطْیَبَ شَیْ ءٍ أَكَلَهُ ثُمَّ مَضَی فَوَجَدَ طَسْتاً مِنْ ذَهَبٍ قَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَكْتُمَ هَذَا فَحَفَرَ لَهُ وَ جَعَلَهُ فِیهِ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ التُّرَابَ ثُمَّ مَضَی فَالْتَفَتَ فَإِذَا الطَّسْتُ قَدْ ظَهَرَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَمَضَی فَإِذَا هُوَ بِطَیْرٍ وَ خَلْفَهُ بَازِیٌّ وَ طَافَ الطَّیْرُ حَوْلَهُ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَقْبَلَ هَذَا فَفَتَحَ كُمَّهُ فَدَخَلَ الطَّیْرُ فِیهِ فَقَالَ لَهُ الْبَازِی أَخَذْتَ صَیْدِی وَ أَنَا خَلْفَهُ مُنْذُ أَیَّامٍ فَقَالَ إِنَّ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ لَا أُویِسَ هَذَا فَقَطَعَ مِنْ فَخِذِهِ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إِلَیْهِ ثُمَّ مَضَی فَلَمَّا مَضَی فَإِذَا هُوَ بِلَحْمِ مَیْتَةٍ مُنْتِنٍ مَدُودٍ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَهْرُبَ مِنْ هَذَا فَهَرَبَ مِنْهُ وَ رَجَعَ وَ رَأَی فِی الْمَنَامِ كَأَنَّهُ قَدْ قِیلَ لَهُ إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَهَلْ تَدْرِی مَا ذَا كَانَ قَالَ لَا قِیلَ لَهُ أَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ الْغَضَبُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا غَضِبَ لَمْ یَرَ نَفْسَهُ وَ جَهِلَ قَدْرَهُ مِنْ عِظَمِ الْغَضَبِ فَإِذَا حَفِظَ نَفْسَهُ وَ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ سَكَنَ غَضَبُهُ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ كَاللُّقْمَةِ الطَّیِّبَةِ الَّتِی أَكَلْتَهَا وَ أَمَّا الطَّسْتُ فَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ إِذَا كَتَمَهُ الْعَبْدُ وَ أَخْفَاهُ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا أَنْ یُظْهِرَهُ لِیُزَیِّنَهُ بِهِ مَعَ مَا یُدَّخَرُ لَهُ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَ أَمَّا الطَّیْرُ فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ بِنَصِیحَةٍ فَاقْبَلْهُ وَ اقْبَلْ نَصِیحَتَهُ وَ أَمَّا الْبَازِی فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ فِی حَاجَةٍ فَلَا تُؤْیِسْهُ وَ أَمَّا اللَّحْمُ الْمُنْتِنُ فَهُوَ الْغِیبَةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا.

«2»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَجَاعَةٌ حَتَّی نَبَشُوا الْمَوْتَی فَأَكَلُوهُمْ فَنَبَشُوا قَبْراً فَوَجَدُوا فِیهِ لَوْحاً مَكْتُوباً أَنَا فُلَانٌ النَّبِیُّ نَبَشَ قَبْرِی حَبَشِیٌّ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ وَ مَا أَكَلْنَاهُ رَبِحْنَاهُ وَ مَا خَلَّفْنَاهُ خَسِرْنَاهُ.

«3»- ل (2)،[الخصال] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ صَالِحٍ یَرْفَعُهُ

ص: 445


1- 1. المجلس الثامن و الثمانون ص 361.
2- 2. الخصال ج 1 ص 113.

بِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَرْبَعَةٌ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ النَّارُ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ وَ النَّوْمُ الْقَلِیلُ مِنْهُ كَثِیرٌ وَ الْمَرَضُ الْقَلِیلُ مِنْهُ كَثِیرٌ وَ الْعَدَاوَةُ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ.

«4»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْكَاتِبِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی طَلْحَةَ الْخُزَاعِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِی فُرَاتٍ (2)

قَالَ: قَرَأْتُ فِی كِتَابٍ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَ إِذًا مَكْتُوبٌ فِی صَدْرِ الْكِتَابِ هَذَا مَا وَضَعَتِ الْحُكَمَاءُ فِی كُتُبِهَا الِاجْتِهَادُ فِی عِبَادَةِ اللَّهِ أَرْبَحُ تِجَارَةٍ وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ أَدَبٌ تَسْتَفِیدُهُ خَیْرٌ مِنْ مِیرَاثٍ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ خَیْرُ رَفِیقٍ وَ التَّوْفِیقُ خَیْرُ قَائِدٍ وَ لَا ظَهْرَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَ لَا وَحْشَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا تَطْمَعَنَّ صَاحِبُ الْكِبْرِ فِی حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ.

«5»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی قَتَادَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَصِیَّةُ وَرَقَةِ بْنِ نَوْفَلٍ لِخَدِیجَةَ بِنْتِ خُوَیْلِدٍ علیها السلام إِذَا دَخَلَ عَلَیْهَا یَقُولُ لَهَا یَا بِنْتَ أَخِی لَا تُمَارِ جَاهِلًا وَ لَا عَالِماً فَإِنَّكَ مَتَی مَارَیْتِ جَاهِلًا أَذَلَّكِ وَ مَتَی مَارَیْتِ عَالِماً مَنَعَكِ عِلْمُهُ وَ إِنَّمَا یَسْعَدُ بِالْعُلَمَاءِ مَنْ أَطَاعَهُمْ أَیْ بُنَیَّةِ إِیَّاكِ وَ صُحْبَةَ الْأَحْمَقِ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ یُرِیدُ نَفْعَكِ فَیَضُرُّكِ وَ یُقَرِّبُ مِنْكِ الْبَعِیدَ وَ یُبَعِّدُ عَنْكِ الْقَرِیبَ إِنِ ائْتَمَنْتِهِ خَانَكِ وَ إِنِ ائْتَمَنَكِ أَهَانَكِ وَ إِنْ حَدَّثَكِ كَذَبَكِ وَ إِنْ حَدَّثْتِهِ كَذَّبَكِ وَ أَنْتِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ السَّرَابِ الَّذِی یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّی إِذَا جَاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً وَ اعْلَمِی أَنَّ الشَّابَّ الْحَسَنَ الْخُلُقِ مِفْتَاحٌ لِلْخَیْرِ مِغْلَاقٌ لِلشَّرِّ وَ أَنَّ الشَّابَّ الشَّحِیحَ الْخُلُقِ مِغْلَاقٌ لِلْخَیْرِ مِفْتَاحٌ لِلشَّرِّ وَ اعْلَمِی أَنَّ الْآجُرَّ إِذَا انْكَسَرَ لَمْ یَشْعَبْ وَ لَمْ یَعُدْ طِیناً.

«6»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ ابْنِ مَخْلَدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 446


1- 1. الأمالی ج 1 ص 185.
2- 2. فی المصدر« أبی تراب».
3- 3. الأمالی ج 1 ص 308.
4- 4. المصدر ج 2 ص 8.

مَسْرُوقٍ قَالَ: أَنْشَدَنِی بَعْضُ أَصْحَابِنَا اجْعَلْ تِلَادَكَ فِی الْمُهِمِّ مِنَ الْأُمُورِ إِذَا اقْتَرَبَ حَسِّنِ التَّصَبُّرَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّبَبُ- لَا تَسْهُ عَنْ أَدَبِ الصَّغِیرِ وَ إِنْ شَكَا أَلَمَ التَّعَبِ وَ دَعِ الْكَبِیرَ لِشَأْنِهِ كَبِّرِ الْكَبِیرَ عَنِ الْأَدَبِ- لَا تَصْحَبِ النُّطَفَ الْمُرِیبَ فَقُرْبُهُ إِحْدَی الرِّیَبِ وَ اعْلَمْ بِأَنَّ ذُنُوبَهُ تُعْدَی كَمَا یُعْدَی الْجَرَبُ.

«7»- ل، [الخصال] مع (1)، [معانی الأخبار] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَبِعَ حَكِیمٌ حَكِیماً سَبْعَمِائَةِ فَرْسَخٍ فِی سَبْعِ كَلِمَاتٍ فَلَمَّا لَحِقَ بِهِ قَالَ لَهُ یَا هَذَا مَا أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ فَقَالَ لَهُ یَا هَذَا إِنَّ الْحَقَّ أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْعَدْلَ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ غِنَی النَّفْسِ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ

قَلْبَ الْكَافِرِ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ الْحَرِیصَ الْجَشِعَ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ الْیَأْسَ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ الْبُهْتَانَ عَلَی الْبَرِی ءِ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ.

«8»- ل (2)،[الخصال] عَنِ ابْنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ حُمَیْدٍ عَنْ الثُّمَالِیِّ قَالَ: فَدَعَا حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ ابْنَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَوْصَی إِلَیْهِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ أَظْهِرِ الْیَأْسَ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّ فِیهِ الْغِنَی وَ إِیَّاكَ وَ طَلَبَ الْحَاجَاتِ إِلَی النَّاسِ فَإِنَّهُ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَ كُنِ الْیَوْمَ خَیْراً مِنْكَ أَمْسِ وَ إِذَا أَنْتَ صَلَّیْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ لِلدُّنْیَا كَأَنَّكَ لَا تَرْجِعُ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ.

«9»- ل (3)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِ

ص: 447


1- 1. الخصال ج 2 ص 5. و المعانی ص 177.
2- 2. المجلس الثانی و الخمسون ص 194.
3- 3. الخصال ج 1 ص 21.

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: قَامَ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَنَا جُنْدَبُ بْنُ سَكَنٍ فَاكْتَنَفَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَرَادَ سَفَراً لَاتَّخَذَ فِیهِ مِنَ الزَّادِ مَا یُصْلِحُهُ فَسَفَرُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَ مَا تُرِیدُونَ فِیهِ مَا یُصْلِحُكُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَرْشِدْنَا فَقَالَ صُمْ یَوْماً شَدِیدَ الْحَرِّ لِلنُّشُورِ وَ حُجَّ حَجَّةً لِعَظَائِمِ الْأُمُورِ وَ صَلِّ رَكْعَتَیْنِ فِی سَوَادِ اللَّیْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ كَلِمَةُ خَیْرٍ تَقُولُهَا وَ كَلِمَةُ شَرٍّ تَسْكُتُ عَنْهَا أَوْ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَی مِسْكِینٍ لَعَلَّكَ تَنْجُو بِهَا یَا مِسْكِینُ مِنْ یَوْمٍ عَسِیرٍ اجْعَلِ الدُّنْیَا دِرْهَمَیْنِ دِرْهَماً أَنْفَقْتَهُ عَلَی عِیَالِكَ وَ دِرْهَماً قَدَّمْتَهُ لِآخِرَتِكَ وَ الثَّالِثُ یَضُرُّ وَ لَا یَنْفَعُ فَلَا تُرِدْهُ اجْعَلِ الدُّنْیَا كَلِمَتَیْنِ كَلِمَةً فِی طَلَبِ الْحَلَالِ وَ كَلِمَةً لِلْآخِرَةِ وَ الثَّالِثَةُ تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ لَا تُرِدْهَا ثُمَّ قَالَ قَتَلَنِی هَمُّ یَوْمٍ لَا أُدْرِكُهُ.

جا(1)، [المجالس] للمفید عن أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن أحمد بن محمد بن الولید(2)

عن أبیه عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام: مثله.

«10»- جا، [المجالس] للمفید ما(3)، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ حَبِیبِ بْنِ بَصِیرٍ(4) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْیَمَانِیِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ یَقُولُ لِابْنِهِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِیَكُنْ كَنْزُكَ الَّذِی تَدَّخِرُهُ الْعِلْمَ كُنْ بِهِ أَشَدَّ اغْتِبَاطاً مِنْكَ بِكَثْرَةِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ فَإِنِّی مُودِعُكَ كَلَاماً إِنْ أَنْتَ وَعَیْتَهُ اجْتَمَعَ لَكَ بِهِ خَیْرُ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ- لَا تَكُنْ مِمَّنْ یَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ یُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ

لِطُولِ الْأَمَلِ وَ یَقُولُ فِی الدُّنْیَا قَوْلَ الزَّاهِدِینَ وَ یَعْمَلُ فِیهَا عَمَلَ الرَّاغِبِینَ إِنْ أُعْطِیَ مِنْهَا لَمْ یَشْبَعْ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ یَقْنَعْ یَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِیَ وَ یَبْغِی الزِّیَادَةَ فِیمَا بَقِیَ وَ یَأْمُرُ بِمَا لَا یَأْتِی یُحِبُّ الصَّالِحِینَ وَ لَا یَعْمَلُ عَمَلَهُمْ وَ یُبْغِضُ الْفُجَّارَ وَ هُوَ أَحَدُهُمْ وَ یَقُولُ لِمَ أَعْمَلُ فَأَتَعَنَّی أَ لَا أَجْلِسُ فَأَتَمَنَّی فَهُوَ یَتَمَنَّی الْمَغْفِرَةَ وَ قَدْ دَأَبَ فِی الْمَعْصِیَةِ قَدْ عُمِّرَ

ص: 448


1- 1. مجالس المفید ص 125 و 126.
2- 2. فی المصدر محمّد بن محمّد بن الولید.
3- 3. مجالس المفید 195، و الأمالی ج 1 ص 110.
4- 4. فی المجالس« حبیب بن نصر».

مَا یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ یَقُولُ فِیمَا ذَهَبَ لَوْ كُنْتُ عَمِلْتُ وَ نَصِبْتُ كَانَ ذُخْراً لِی وَ یَعْصِی رَبَّهُ تَعَالَی فِیمَا بَقِیَ غَیْرَ مُكْتَرِثٍ إِنْ سَقِمَ نَدِمَ عَلَی الْعَمَلِ (1) وَ إِنْ صَحَّ أَمِنَ وَ اغْتَرَّ وَ أَخَّرَ الْعَمَلَ مُعْجَباً بِنَفْسِهِ مَا عُوفِیَ وَ قَانِطاً إِذَا ابْتُلِیَ إِنْ رَغِبَ أَشِرَ وَ إِنْ بُسِطَ لَهُ هَلَكَ تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَی مَا یَظُنُّ وَ لَا یَغْلِبُهَا عَلَی مَا یَسْتَیْقِنُ- لَا یَثِقُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَهُ وَ لَا یَقْنَعُ بِمَا قُسِمَ لَهُ لَمْ یَرْغَبْ قَبْلَ أَنْ یَنْصَبَ وَ لَا یَنْصَبُ فِیمَا یَرْغَبُ إِنِ اسْتَغْنَی بَطِرَ وَ إِنِ افْتَقَرَ قَنَطَ فَهُوَ یَبْتَغِی الزِّیَادَةَ وَ إِنْ لَمْ یَشْكُرْ وَ یُضَیِّعُ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ أَكْبَرُ یَكْرَهُ الْمَوْتَ لِإِسَاءَتِهِ وَ لَا یَدَعُ الْإِسَاءَةَ فِی حَیَاتِهِ إِنْ عَرَضَتْ شَهْوَتُهُ وَاقَعَ الْخَطِیئَةَ ثُمَّ تَمَنَّی التَّوْبَةَ وَ إِنْ عَرَضَ لَهُ عَمَلُ الْآخِرَةِ دَافَعَ یَبْلُغُ فِی الرَّغْبَةِ حِینَ یَسْأَلُ وَ یُقَصِّرُ فِی الْعَمَلِ حِینَ یَعْمَلُ فَهُوَ بِالطَّوْلِ مُدِلٌّ وَ فِی الْعَمَلِ مُقِلٌّ یُبَادِرُ فِی الدُّنْیَا یُعْبَأُ بِمَرَضٍ فَإِذَا أَفَاقَ وَاقَعَ الْخَطَایَا وَ لَمْ یُعْرِضْ یَخْشَی الْمَوْتَ وَ لَا یَخَافُ الْفَوْتَ یَخَافُ عَلَی غَیْرِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَنْبِهِ وَ یَرْجُو لِنَفْسِهِ بِدُونِ عَمَلِهِ وَ هُوَ عَلَی النَّاسِ طَاعِنٌ وَ لِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ یَرْجُو الْأَمَانَةَ مَا رَضِیَ وَ یَرَی الْخِیَانَةَ إِنْ سَخِطَ إِنْ عُوفِیَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ تَابَ وَ إِنِ ابْتُلِیَ طَمِعَ فِی الْعَافِیَةِ وَ عَادَ- لَا یَبِیتُ قَائِماً وَ لَا یُصْبِحُ صَائِماً یُصْبِحُ وَ هَمُّهُ الْغِذَاءُ وَ یُمْسِی وَ نِیَّتُهُ الْعَشَاءُ وَ هُوَ مُفْطِرٌ یَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْ فَوْقِهِ وَ لَا یَنْجُو بِالْعَوْذِ مِنْهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ یَهْلِكُ فِی بُغْضِهِ إِذَا أَبْغَضَ وَ لَا یُقَصِّرُ فِی حُبِّهِ إِذَا أَحَبَّ یَغْضَبُ فِی الْیَسِیرِ وَ یَعْصِی عَلَی الْكَثِیرِ فَهُوَ یُطَاعُ وَ یَعْصِی اللَّهَ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

«11»- صلی اللّٰه علیه و آله (2)،[قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَارَقَ مُوسَی الْخَضِرَ قَالَ مُوسَی أَوْصِنِی فَقَالَ الْخَضِرُ الْزَمْ مَا لَا یَضُرُّكَ مَعَهُ شَیْ ءٌ كَمَا لَا یَنْفَعُكَ مِنْ غَیْرِهِ شَیْ ءٌ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ وَ الْمَشْیَ إِلَی غَیْرِ حَاجَةٍ وَ الضَّحِكَ فِی غَیْرِ تَعَجُّبٍ یَا ابْنَ عِمْرَانَ- لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِخَطِیئَتِهِ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ.

«12»- ك (3)،[إكمال الدین] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ

ص: 449


1- 1. كذا و الظاهر« علی ترك العمل».
2- 2. مخطوط.
3- 3. كمال الدین ص 101.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ مَهْدِیِّ بْنِ سَابِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: جَمَعَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وُلْدَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمِعَا تَكْفِیهِ الْبَقْلَةُ وَ تَرْوِیهِ الْمَذْقَةُ وَ مَنْ عَیَّرَكَ شَیْئاً فَفِیهِ مِثْلُهُ وَ مَنْ ظَلَمَ وَجَدَ مَنْ یَظْلِمُهُ- مَتَی عَدَلْتَ عَلَی نَفْسِكَ عُدِلَ عَلَیْكَ مِنْ فَوْقِكَ فَإِذَا نَهَیْتَ عَنْ شَیْ ءٍ فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ وَ لَا تَجْمَعْ مَا لَا تَأْكُلُ وَ لَا تَأْكُلْ مَا لَا تَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ إِذَا ادَّخَرْتَ فَلَا تَكُونَنَّ كَنْزُكَ إِلَّا فِعْلَكَ وَ كُنْ عَفَّ الْعَیْلَةِ مُشْتَرَكَ الْغِنَی تَسُدُّ قَوْمَكَ- وَ لَا تُشَاوِرَنَّ مَشْغُولًا وَ إِنْ كَانَ حَازِماً وَ لَا جَائِعاً وَ إِنْ كَانَ فَهِماً وَ لَا مَذْعُوراً وَ إِنْ كَانَ نَاصِحاً وَ لَا تَضَعَنَّ فِی عُنُقِكَ طَوْقاً لَا یُمْكِنُكَ نَزْعُهُ إِلَّا بِشِقِّ نَفْسِكَ وَ إِذَا خَاصَمْتَ فَاعْدِلْ وَ إِذَا قُلْتَ فَاقْتَصِدْ وَ لَا تَسْتَوْدِعَنَّ أَحَداً دِینَكَ وَ إِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ تَزَلْ وَجِلًا وَ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْخِیَارِ فِی الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ كُنْتَ لَهُ عَبْداً مَا بَقِیتَ فَإِنْ جَنَی عَلَیْكَ كُنْتَ أَوْلَی بِذَلِكَ وَ إِنْ وَفَی كَانَ الْمَمْدُوحُ دُونَكَ عَلَیْكَ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِیئَةَ وَ كَانَ قُسٌّ لَا یَسْتَوْدِعُ دِینَهُ أَحَداً وَ كَانَ یَتَكَلَّمُ بِمَا یَخْفَی مَعْنَاهُ عَلَی الْعَوَامِّ وَ لَا یَسْتَدْرِكُهُ إِلَّا الْخَوَاصُّ.

«13»- صح (1)،[صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: وُجِدَ لَوْحٌ تَحْتَ حَائِطِ مَدِینَةٍ مِنَ الْمَدَائِنِ مَكْتُوبٌ فِیهِ أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اخْتَبَرَ الدُّنْیَا كَیْفَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْحِسَابِ كَیْفَ یُذْنِبُ.

«14»- جا(2)،[المجالس] للمفید عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَا لَكَ مِنْ عَیْشِكَ إِلَّا لَذَّةٌ تَزْدَلِفُ بِكَ إِلَی حِمَامِكَ وَ یُقَرِّبُكَ إِلَی نَوْمِكَ فَأَیُّ أُكْلَةٍ لَیْسَ مَعَهَا غَصَصٌ أَوْ شَرْبَةٍ لَیْسَ مَعَهَا شَرَقٌ فَتَأَمَّلْ أَمْرَكَ فَكَأَنَّكَ قَدْ صِرْتَ الْحَبِیبَ الْمَفْقُودَ وَ الْخَیَالَ الْمُخْتَرَمَ أَهْلُ الدُّنْیَا أَهْلُ سَفَرٍ لَا یُحِلُّونَ عَقْدَ رِحَالِهِمْ إِلَّا فِی غَیْرِهَا.

ص: 450


1- 1. صحیفة الرضا: ص 35.
2- 2. مجالس المفید ص 10.

«15»- جا(1)، [المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ وَ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ مَعاً عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَانَ یَقُولُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ كَأَنَّ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا لَمْ یَكُنْ شَیْئاً إِلَّا عَمَلًا یَنْفَعُ خَیْرُهُ وَ یَضُرُّ شَرُّهُ إِلَّا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ لَا یَشْغَلْكَ أَهْلٌ وَ لَا مَالٌ عَنْ نَفْسِكَ أَنْتَ یَوْمَ تُفَارِقُهُمْ كَضَیْفٍ بِتَّ فِیهِمْ ثُمَّ غَدَوْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ إِلَی غَیْرِهِمْ وَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ ثُمَّ عَدَلْتَ عَنْهُ إِلَی غَیْرِهِ وَ مَا بَیْنَ الْمَوْتِ وَ الْبَعْثِ إِلَّا كَنَوْمَةٍ نِمْتَهَا ثُمَّ اسْتَیْقَظْتَ مِنْهَا یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ قَدِّمْ لِمَقَامِكَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ فَإِنَّكَ مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِكَ وَ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ صَلِّ قَبْلَ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَی لَیْلٍ وَ لَا نَهَارٍ تُصَلِّی فِیهِ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ لِصَاحِبِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَی سُلْطَانٍ فَأَنْصَتَ لَهُ حَتَّی فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ مَا دَامَ فِی صَلَاتِهِ لَمْ یَزَلِ اللَّهُ یَنْظُرُ إِلَیْهِ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ تَصَدَّقْ قَبْلَ أَنْ لَا تَقْدِرَ أَنْ تُعْطِیَ شَیْئاً وَ لَا تَمْنَعْ مِنْهُ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِهَا كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْقَوْمُ بِدَمٍ فَقَالَ لَا تَقْتُلُونِی وَ اضْرِبُوا لِی أَجَلًا لِأَسْعَی فِی مَرْضَاتِكُمْ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ حَلَّ بِهَا عُقْدَةً فِی رَقَبَتِهِ حَتَّی یَتَوَفَّی اللَّهُ أَقْوَاماً وَ قَدْ رَضِیَ عَنْهُمْ وَ مَنْ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَتَقَ مِنَ النَّارِ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ إِنَّ قَلْباً لَیْسَ مِنْهُ مِنَ الْحَقِّ شَیْ ءٌ كَالْبَیْتِ الْخَرَابِ

الَّذِی لَا عَامِرَ لَهُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ خَیْرٍ وَ مِفْتَاحُ شَرٍّ فَاخْتِمْ عَلَی قَلْبِكَ كَمَا تَخْتِمُ عَلَی ذَهَبِكَ وَ وَرِقِكَ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ الْأَمْثَالَ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ- وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ.

ما(2)، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْقَاسِمِ یَعْنِی أَبَا بَصِیرٍ عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ فِیهِ یَا بَاغِیَ الْعِلْمِ فِی الْمَوَاضِعِ وَ فِی بَعْضِ الْفِقَرَاتِ تَقْدِیمٌ وَ تَأْخِیرٌ.

«16»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: بَكَی

ص: 451


1- 1. المصدر: ص 106.
2- 2. الأمالی ج 2 ص 157.
3- 3. الأمالی ج 2 ص 313.

أَبُو ذَرٍّ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ تَعَالَی حَتَّی اشْتَكَی بَصَرَهُ فَقِیلَ لَهُ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ یَشْفِی بَصَرَكَ فَقَالَ إِنِّی عَنْ ذَلِكَ مَشْغُولٌ وَ مَا هُوَ بِأَكْبَرِ هَمِّی قَالُوا وَ مَا یَشْغَلُكَ عَنْهُ قَالَ الْعَظِیمَتَانِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ.

«17»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ أَبُو ذَرٍّ مَا مَالُكَ قَالَ عَمَلِی قِیلَ لَهُ إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَقَالَ مَا أُصْبِحُ فَلَا أُمْسِی وَ مَا أُمْسِی فَلَا أُصْبِحُ لَنَا كُنْدُوجٌ نَرْفَعُ فِیهِ خَیْرَ مَتَاعِنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كُنْدُوجُ الْمُؤْمِنِ قَبْرُهُ.

«18»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ ره جَزَی اللَّهُ عَنِّی الدُّنْیَا مَذَمَّةً بَعْدَ رَغِیفَیْنِ مِنَ الشَّعِیرِ أَتَغَدَّی بِأَحَدِهِمَا وَ أَتَعَشَّی بِالْآخَرِ وَ بَعْدَ شَمْلَتَیِ الصُّوفِ آتَزِرُ بِإِحْدَاهُمَا وَ أَرْتَدِی بِالْأُخْرَی.

«19»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ(3)،: أَوْصَی آدَمُ ابْنَهُ شیث [شِیثاً] علیه السلام بِخَمْسَةِ أَشْیَاءَ وَ قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهَا وَ أَوْصِ بِهَا بَنِیكَ مِنْ بَعْدِكَ أَوَّلُهَا لَا تَرْكَنُوا إِلَی الدُّنْیَا الْفَانِیَةِ فَإِنِّی رَكَنْتُ إِلَی الْجَنَّةِ الْبَاقِیَةِ فَمَا صَحِبَ لِی وَ أُخْرِجْتُ مِنْهَا الثَّانِیَةُ لَا تَعْمَلُوا بِرَأْیِ نِسَائِكُمْ فَإِنِّی عَمِلْتُ بِهَوَی امْرَأَتِی وَ أَصَابَتْنِی النَّدَامَةُ الثَّالِثَةُ إِذَا عَزَمْتُمْ عَلَی أَمْرٍ فَانْظُرُوا إِلَی عَوَاقِبِهِ فَإِنِّی لَوْ نَظَرْتُ فِی عَاقِبَةِ أَمْرِی لَمْ یُصِبْنِی مَا أَصَابَنِی الرَّابِعَةُ إِذَا نَفَرَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَاجْتَنِبُوهُ فَإِنِّی حِینَ دَنَوْتُ مِنَ الشَّجَرَةِ لِأَتَنَاوَلَ مِنْهَا نَفَرَ قَلْبِی فَلَوْ كُنْتُ امْتَنَعْتُ مِنَ الْأَكْلِ مَا أَصَابَنِی مَا أَصَابَنِی.

نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ یُنْسَبُ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَیْهِ الدُّنْیَا.

«20»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِ (4)،: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عُزَیْرٍ علیه السلام یَا عُزَیْرُ إِذَا وَقَعْتَ فِی مَعْصِیَةٍ فَلَا تَنْظُرْ إِلَی صِغَرِهَا وَ لَكِنِ انْظُرْ مَنْ عَصَیْتَ وَ إِذَا أُوتِیتَ رِزْقاً مِنِّی فَلَا تَنْظُرْ إِلَی قِلَّتِهِ وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَی مَنْ أَهْدَاهُ وَ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ بَلِیَّةٌ فَلَا تَشْكُ إِلَی

ص: 452


1- 1. الأمالی ح 2 ص 313.
2- 2. الأمالی ح 2 ص 313.
3- 3. مخطوط.
4- 4. مخطوط.

خَلْقِی كَمَا لَا أَشْكُوكَ إِلَی مَلَائِكَتِی عِنْدَ صُعُودِ مَسَاوِیكَ وَ فَضَائِحِكَ.

«21»- عُدَّةُ الدَّاعِی (1)،: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ إِنِّی وَضَعْتُ خَمْسَةً فِی خَمْسَةٍ وَ النَّاسُ یَطْلُبُونَهَا فِی خَمْسَةٍ غَیْرِهَا فَلَا یَجِدُونَهَا وَضَعْتُ الْعِلْمَ فِی الْجُوعِ وَ الْجَهْدِ وَ هُمْ یَطْلُبُونَهُ فِی الشِّبَعِ وَ الرَّاحَةِ فَلَا یَجِدُونَهُ وَضَعْتُ الْعِزَّ فِی طَاعَتِی وَ هُمْ یَطْلُبُونَهُ فِی خِدْمَةِ السُّلْطَانِ فَلَا یَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ الْغِنَی فِی الْقَنَاعَةِ وَ هُمْ یَطْلُبُونَهُ فِی كَثْرَةِ الْمَالِ فَلَا یَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ رِضَایَ فِی سَخَطِ النَّفْسِ وَ هُمْ یَطْلُبُونَهُ فِی رِضَا النَّفْسِ فَلَا یَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ الرَّاحَةَ فِی الْجَنَّةِ وَ هُمْ یَطْلُبُونَهَا فِی الدُّنْیَا فَلَا یَجِدُونَهَا.

«22»- كِتَابُ الْمُسَلْسَلَاتِ، حَدَّثَنِی أَبُو الْقَاسِمِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَلَوِیُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ السِّنَانِیَّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ الْعَلَوِیَّ الْعُرَیْضِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَظِیمِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِیسَی الْعَلَوِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا صَادِقٍ یَقُولُ سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَقُولُ: تَمْثِیلٌ لِأَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ ره:

أَنْتَ فِی غَفْلَةٍ وَ قَلْبُكَ سَاهٍ***نَفِدَ الْعُمُرُ وَ الذُّنُوبُ كَمَا هِیَ

جُمَّةً حَصَّلْتَ عَلَیْكَ جَمِیعاً***فِی كِتَابٍ وَ أَنْتَ عَنْ ذَاكَ سَاهِی

لَمْ تُبَادِرْ بِتَوْبَةٍ مِنْكَ حَتَّی***صِرْتَ شَیْخاً وَ حَبْلُكَ الْیَوْمَ وَاهِی

عَجَباً مِنْكَ كَیْفَ تَضْحَكُ جَهْلًا***وَ خَطَایَاكَ قَدْ بَدَتْ لِإِلَهِی

فَتَفَكَّرْ فِی نَفْسِكَ الْیَوْمَ جَهْداً***وَ سَلْ عَنْ نَفْسِكَ الْكِرَی یَا تَاهِی (2).

«23»- كِتَابُ الْغَایَاتِ (3)، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: كَانَ أَحَدُ مَا أَوْصَی بِهِ الْخَضِرُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِذَنْبٍ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَی اللَّهِ ثَلَاثَةٌ الْقَصْدُ فِی الْجِدَةِ وَ الْعَفْوُ فِی الْمَقْدُرَةِ وَ الرِّفْقُ لِعِبَادِ اللَّهِ وَ مَا رَفَقَ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِی الدُّنْیَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ.

«24»- ختص (4)،[الإختصاص] عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ:

ص: 453


1- 1. المصدر: ص 126.
2- 2. الكری: النعاس.
3- 3. مخطوط.
4- 4. الاختصاص ص 230. و رواه الصدوق فی الخصال ج 1 ص 158.

عَجِبْتُ بِسِتٍّ ثَلَاثَةٌ أَضْحَكَتْنِی وَ ثَلَاثَةٌ أَبْكَتْنِی فَأَمَّا الَّتِی أَبْكَتْنِی فَفِرَاقُ الْأَحِبَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا الَّتِی أَضْحَكَتْنِی فَطَالِبُ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ ضَاحِكٌ مِلْ ءَ فِیهِ وَ لَا یَدْرِی أَ رَضِیَ لَهُ أَمْ سَخِطَ.

«25»- ختص (1)،[الإختصاص] عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَفَعَهُ قَالَ: تَبِعَ حَكِیمٌ حَكِیماً تِسْعَ مِائَةِ فَرْسَخٍ فَلَمَّا لَحِقَهُ قَالَ یَا هَذَا مَا أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَا أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ مَا أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ مَا أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ مَا أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ مَا أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ مَا أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ فَقَالَ الْحَقُّ أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْعَدْلُ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ غِنَی النَّفْسِ أَغْنَی مِنَ الْبَحْرِ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَی مِنَ الْحَجَرِ وَ الْحَرِیصُ الْجَشِعُ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ الْیَأْسُ مِنْ قَرِیبٍ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِیرِ وَ الْبُهْتَانُ عَنِ الْبَرِی ءِ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ.

«26»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (2)،: قِیلَ لِبَعْضِهِمْ كَیْفَ حَالُكَ فَقَالَ كَیْفَ حَالُ مَنْ یَفْنَی بِبَقَائِهِ وَ یَسْقُمُ بِسَلَامَتِهِ وَ یُؤْتَی مِنْ مَأْمَنِهِ وَ قِیلَ لِبَعْضِ حُكَمَاءِ الْعَرَبِ مَنْ أَنْعَمُ النَّاسِ عَیْشاً قَالَ مَنْ تَحَلَّی بِالْعَفَافِ وَ رَضِیَ بِالْكَفَافِ وَ تَجَاوَزَ مَا یَخَافُ إِلَی مَا لَا یَخَافُ وَ قِیلَ فَمَنْ أَعْلَمُهُمْ قَالَ مَنْ صَمَتَ فَادَّكَرَ وَ نَظَرَ فَاعْتَبَرَ وَ وَعَظَ فَازْدَجَرَ.

وَ رُوِیَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ فِی كُلِّ یَوْمٍ یُؤْتَی رِزْقُكَ وَ أَنْتَ تَحْزَنُ وَ یَنْقُصُ عُمُرُكَ وَ أَنْتَ لَا تَحْزَنُ تَطْلُبُ مَا یُطْغِیكَ وَ عِنْدَكَ مَا یَكْفِیكَ وَ قِیلَ أَغْبَطُ النَّاسِ مَنِ اقْتَصَدَ فَقَنِعَ وَ مَنْ قَنِعَ فُكَّ رَقَبَتُهُ مِنْ عُبُودِیَّةِ الدُّنْیَا وَ ذُلِّ الْمَطَامِعِ وَ قِیلَ الْفَقِیرُ مَنْ طَمِعَ وَ الْغَنِیُّ مَنْ قَنِعَ وَ قِیلَ مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ.

ص: 454


1- 1. المصدر: ص 247.
2- 2. المصدر: ص 139.

وَ قِیلَ لَا یَزَالُ الْعَبْدُ بِخَیْرٍ مَا دَامَ لَهُ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ وَ كَانَتْ مُحَاسَبَتُهُ مِنْ هَمِّهِ وَ وَعَظَ رَجُلٌ فَقَالَ عِبَادَ اللَّهِ الْحَذَرَ الْحَذَرَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ حَتَّی كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ وَ لَقَدْ أَمْهَلَ حَتَّی كَأَنَّهُ قَدْ أَهْمَلَ وَ قِیلَ الْعَجَبُ لِمَنْ یَغْفُلُ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یُغْفَلُ عَنْهُ وَ لِمَنْ یَهْنَؤُهُ عَیْشُهُ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ إِلَی مَا ذَا یَصِیرُ أَمْرُهُ وَ قِیلَ إِنَّ لِلْبَاقِی بِالْفَانِی مُعْتَبَراً وَ لِلْآخِرِ بِالْأَوَّلِ مُزْدَجَراً فَالسَّعِیدُ لَا یَرْكَنُ إِلَی الْخَدْعِ وَ لَا یَغْتَرُّ

بِالطَّمَعِ وَ قَالَ آخَرُ كَیْفَ أُؤَخِّرُ عَمَلِی وَ لَسْتُ أَدْرِی مَتَی یَحِلُّ أَجَلِی أَمْ كَیْفَ تَشْتَدُّ حَاجَتِی إِلَی الدُّنْیَا وَ لَیْسَتْ بِدَارِی أَمْ كَیْفَ أَجْمَعُ وَ فِی غَیْرِهَا قَرَارِی أَمْ كَیْفَ لَا أَمْهَدُ لِرَجْعَتِی قَبْلَ انْصِرَافِ مُدَّتِی.

وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِی ذَرٍّ ره عِظْنِی قَالَ لَهُ ارْضَ بِالْقُوتِ وَ خَفِ الْفَوْتَ وَ اجْعَلْ صَوْمَكَ الدُّنْیَا وَ فِطْرَكَ الْمَوْتَ وَ قَالَ آخَرُ عَجَباً لِمَنْ یَكْتَحِلُ عَیْنَهُ بِرُقَادٍ وَ الْمَوْتُ ضَجِیعُهَا عَلَی وِسَادٍ وَ قَالَ آخَرُ نَظَرْنَا فَوَجَدْنَا الصَّبْرَ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ أَهْوَنَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَی عَذَابِ اللَّهِ وَ قَالَ آخَرُ عَجَباً لِمَنْ یَحْتَمِی مِنَ الطَّیِّبَاتِ مَخَافَةَ الدَّاءِ وَ لَا یَحْتَمِی مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ وَ قِیلَ كَیْفَ یَصْفُو عَیْشُ مَنْ هُوَ مَسْئُولٌ عَمَّا عَلَیْهِ مَأْخُوذٌ بِمَا لَدَیْهِ مُحَاسَبٌ عَلَی مَا وَصَلَ إِلَیْهِ وَ قَالَ آخَرُ عَجَباً لِمَنْ یَحْسِرُ عَنِ الْوَاضِحَةِ(1)

وَ قَدْ یَعْمَلُ بِالفَاضِحَةِ وَ قِیلَ إِذَا فَلَلْتَ (2)

فَارْجِعْ وَ إِذَا أَذْنَبْتَ فَأَقْلِعْ وَ إِذَا أَسَأْتَ فَانْدَمْ وَ إِذَا ائْتُمِنْتَ فَاكْتُمْ.

وَ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام: تَعْمَلُونَ لِلدُّنْیَا وَ أَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ

ص: 455


1- 1. الواضحة مقدم الأضراس.
2- 2. فی المصدر:« إذا زللت».

لِلْآخِرَةِ وَ أَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِیهَا إِلَّا بِعَمَلٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا عَمِلْتَ الْحَسَنَةَ فَالْهَ عَنْهَا فَإِنَّهَا عِنْدَ مَنْ لَا یُضَیِّعُهَا وَ إِذَا عَمِلْتَ السَّیِّئَةَ فَاجْعَلْهَا نُصْبَ عَیْنِكَ.

وَ قِیلَ لِحَكِیمٍ لِمَ تُدْمِنُ (1)

إِمْسَاكَ الْعَصَا وَ لَسْتَ بِكَبِیرٍ وَ لَا مَرِیضٍ قَالَ لِأَعْلَمَ أَنِّی مُسَافِرٌ.

وَ قِیلَ مَنْ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فِی شَیْبَتِهِ لَقَّاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی بُلُوغِهِ أَشُدَّهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ- وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ (2) وَ لَا بَأْسَ أَنْ یَعْذِلَ الْمُقَصِّرُ الْمُقَصِّرَ(3).

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ-: لَا یَمْنَعْكُمْ مَعَاشِرَ السَّامِعِینَ سُوءُ مَا تَعْلَمُونَ مِنَّا أَنْ تَقْلِبُوا أَحْسَنَ مَا تَسْمَعُونَ مِنَّا.

قَالَ الْخَلِیلُ بْنُ أَحْمَدَ-: اعْمَلْ بِعِلْمِی وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی عَمَلِی یَنْفَعْكَ عِلْمِی وَ لَا یَضُرُّكَ تَقْصِیرِی نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ یَكُونَ مَا عَلِمْنَا حُجَّةً عَلَیْنَا لَا لَنَا انْظُرْ یَا أَخِی إِلَی نَفْسِكَ وَ لَا تَكُنْ مِمَّنْ جَمَعَ عِلْمَ الْعُلَمَاءِ وَ طَرَائِفَ الْحُكَمَاءِ وَ جَرَی فِی الْعَمَلِ مَجْرَی السُّفَهَاءِ.

وَ رُوِیَ: أَنَ (4)

امْرَأَةَ الْعَزِیزِ وَقَفَتْ عَلَی الطَّرِیقِ فَمَرَّتْ بِهَا الْمَوَاكِبُ حَتَّی مَرَّ یُوسُفُ علیه السلام فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْعَبِیدَ مُلُوكاً بِطَاعَتِهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْمُلُوكَ عَبِیداً بِمَعْصِیَتِهِ.

وَ ذَكَرُوا: أَنَّ المتمناة ابْنَةَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ دَخَلَتْ عَلَی بَعْضِ مُلُوكِ الْوَقْتِ فَقَالَتْ إِنَّا كُنَّا مُلُوكَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ یُجْبَی إِلَیْنَا خِرَاجُهَا وَ یُطِیعُنَا أَهْلُهَا فَصَاحَ بِنَا صَائِحُ الدَّهْرِ فَشَقَّ عَصَانَا وَ فَرَّقَ مَلَأَنَا- وَ قَدْ أَتَیْتُكَ فِی هَذَا الْیَوْمِ أَسْأَلُكَ مَا أَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی صُعُوبَةِ الْوَقْتِ فَبَكَی الْمَلِكُ وَ أَمَرَ لَهَا بِجَائِزَةٍ حَسَنَةٍ فَلَمَّا أَخَذَتْهَا أَقْبَلَتْ بِوَجْهِهَا

ص: 456


1- 1. ادمن الشی ء: أدامه.
2- 2. یوسف: 23.
3- 3. العذل: اللوم.
4- 4. الكنز: ص 145.

عَلَیْهِ فَقَالَتْ إِنِّی مُحَیِّیكَ بِتَحِیَّةٍ كُنَّا نُحَیَّی بِهَا فَأَصْغَی إِلَیْهَا فَقَالَتْ شَكَوْتُكَ یَداً افْتَقَرَتْ بَعْدَ غِنًی وَ لَأَطَلْتُكَ (1)

یَداً اسْتَغْنَتْ بَعْدَ فَقْرٍ وَ أَصَابَ اللَّهُ بِمَعْرُوفِكَ مَوَاضِعَهُ وَ قَلَّدَكَ الْمِنَنَ فِی أَعْنَاقِ الرِّجَالِ وَ لَا أَزَالَ اللَّهُ عَنْ عَبْدٍ نِعْمَةً إِلَّا جَعَلَكَ السَّبَبَ لِرَدِّهَا عَلَیْهِ وَ السَّلَامُ فَقَالَ اكْتُبُوهَا فِی دِیوَانِ الْحِكْمَةِ.

وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْأَزْدِیِّ الْبَصْرِیِ (2) رَفَعَهُ إِلَی أَبِی شِهَابٍ قَالَ-: قَدْ بَلَغَنِی أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام قَالَ لِلدُّنْیَا یَا امْرَأَةُ كَمْ لَكَ مِنْ زَوْجٍ قَالَتْ كَثِیرٌ قَالَ فَكُلُّهُمْ طَلَّقَكِ قَالَتْ لَا بَلْ كُلَّهُمْ قَتَلْتُ قَالَ هَؤُلَاءِ الْبَاقُونَ لَا یَعْتَبِرُونَ بِإِخْوَانِهِمُ الْمَاضِینَ كَیْفَ تُورِدِینَهُمُ الْمَهَالِكَ وَاحِداً وَاحِداً فَیَكُونُوا مِنْكَ عَلَی حَذَرٍ قَالَتْ لَا.

وَ بَلَغَنَا(3)

أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَی الَّذِی أَنْزَلَهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ذُو بَكَّةَ مُفْقِرُ الزُّنَاةِ وَ تَارِكُ تَارِكِی الصَّلَاةِ عُرَاةً.

وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ره (4)

خَمْسُ خِصَالٍ تُورِثُ خَمْسَةَ أَشْیَاءَ مَا فَشَتِ الْفَاحِشَةُ فِی قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالْمَوْتِ وَ مَا طَفَّفَتْ قَوْمٌ الْمِیزَانَ إِلَّا أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِینَ وَ مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ مَا جَارَ قَوْمٌ فِی الْحُكْمِ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَیْنَهُمْ وَ مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ.

وَ قَالَ لُقْمَانُ الْحَكِیمُ لِابْنِهِ فِی وَصِیَّتِهِ یَا بُنَیَّ أَحُثُّكَ عَلَی سِتِّ خِصَالٍ لَیْسَ مِنْهَا خَصْلَةٌ إِلَّا وَ هِیَ تُقَرِّبُكَ إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تُبَاعِدُكَ مِنْ سَخَطِهِ الْأُولَی أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ لَا تُشْرِكَ بِهِ شَیْئاً وَ الثَّانِیَةُ الرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ فِیمَا أَحْبَبْتَ أَوْ كَرِهْتَ وَ الثَّالِثَةُ أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِی اللَّهِ وَ الرَّابِعَةُ أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ تَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ الْخَامِسَةُ [أَنْ] تَكْظِمَ الْغَیْظَ وَ تُحْسِنَ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ وَ السَّادِسَةُ تَرْكُ الْهَوَی وَ مُخَالَفَةُ الرَّدَی.

ص: 457


1- 1. فی المصدر« و لا ملكتك».
2- 2. الكنز: ص 159.
3- 3. المصدر: ص 271.
4- 4. المصدر: ص 272.

«27»- أَعْلَامُ الدِّینِ (1)،: وَصِیَّةُ لُقْمَانَ لِوَلَدِهِ قَالَ یَا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ فَإِنَّمَا مَثَلُهَا فِی دِینِ اللَّهِ كَمَثَلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَإِنَّ الْعَمُودَ إِنِ اسْتَقَامَ اسْتَقَامَ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الظِّلَالُ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَقِمْ لَمْ یَنْفَعْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ وَ لَا ظِلَالٌ أَیْ بُنَیَّ صَاحِبِ الْعُلَمَاءَ وَ جَالِسْهُمْ وَ زُرْهُمْ فِی بُیُوتِهِمْ لَعَلَّكَ أَنْ تُشْبِهَهُمْ فَتَكُونَ مِنْهُمْ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنِّی قَدْ ذُقْتُ الصَّبِرَ وَ أَنْوَاعَ الْمُرِّ فَلَمْ أَجِدْ أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ فَإِذَا افْتَقَرْتَ یَوْماً فَاجْعَلْ فَقْرَكَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِفَقْرِكَ فَتَهُونَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ وَثِقَ بِاللَّهِ فَلَمْ یُنْجِهِ یَا بُنَیَّ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ مَنْ ذَا الَّذِی أَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ یَا بُنَیَّ مَنْ یُرِدْ رِضْوَانَ اللَّهِ یَسْخَطْ نَفْسَهُ كَثِیراً وَ مَنْ لَا یَسْخَطْ نَفْسَهُ لَا یَرْضَی رَبَّهُ وَ مَنْ لَا یَكْظِمْ غَیْظَهُ یُشْمِتْ عَدُوَّهُ- یَا بُنَیَّ تَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ تَشَرَّفْ بِهَا فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَدُلُّ عَلَی الدِّینِ وَ تُشَرِّفُ الْعَبْدَ عَلَی الْحُرِّ وَ تَرْفَعُ الْمِسْكِینَ عَلَی الْغَنِیِّ وَ تُقَدِّمُ الصَّغِیرَ عَلَی الْكَبِیرِ وَ تُجْلِسُ الْمِسْكِینَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ وَ تَزِیدُ الشَّرِیفَ شَرَفاً وَ السَّیِّدَ سُؤْدُداً وَ الْغَنِیَّ مَجْداً وَ كَیْفَ یَظُنُّ ابْنُ آدَمَ أَنْ یَتَهَیَّأَ لَهُ أَمْرُ دِینِهِ وَ مَعِیشَتِهِ بِغَیْرِ حِكْمَةٍ وَ لَنْ یُهَیِّئَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ مَثَلُ الْحِكْمَةِ بِغَیْرِ طَاعَةٍ مَثَلُ الْجَسَدِ بِغَیْرِ نَفْسٍ وَ مَثَلُ الصَّعِیدِ بِغَیْرِ مَاءٍ وَ لَا صَلَاحَ لِلْجَسَدِ بِغَیْرِ نَفْسٍ وَ لَا لِلصَّعِیدِ بِغَیْرِ مَاءٍ وَ لَا لِلْحِكْمَةِ بِغَیْرِ طَاعَةٍ.

قد تم كتاب الروضة من كتاب بحار الأنوار و یتلوه كتاب الطهارة و الصلاة إن شاء اللّٰه تعالی و الحمد لله وحده.

ص: 458


1- 1. مخطوط. إلی هنا تمّ المجلد السابع عشر و تمّ ما علقت علیه. و أرجو من المولی سبحانه القبول. و أشكر الأستاذ المعظم السیّد جلال الدین المحدث الأرمویّ أبقاه اللّٰه تعالی علما للحق حیث تفضل بارسال نسختین مخطوطتین من الكتاب حین وقوفه علی طبعه و ذلك بعد ما خرج من الطبع ما جاوز الثلث من الكتاب فالواجب علینا أن نسدی جمیل الثناء إلیه و الشكر له. و أنا الاقل علی أكبر الغفاری 1386 ه.

كلمة المصحّح

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

نحمدك اللّٰهمّ علی التوفیق و نصلّی علی رسولك و آله هداة الطریق.

أمّا بعد: فإنّی لمغتبط بهذه الفرصة التی أتیحت لی لتصحیح هذا الجزء الذی هو فی أجزاء الكتاب كالكوكب الدّریّ و فی نظام هذا السلك المنضّد كالدّر الوضی ء لما فیه من عقائل الأدب و كرائم الخطب و ینابیع الحكم و المواعظ و الزواجر و العبر و محاسن

الكتب و الأثر ما یشفی الغلیل من غلّته و یبری ء العلیل من علّته و یطهّر النفوس عن درن الرذائل و یرحض القلوب عن ظلمة الآثام فمن امتثل أوامره و ائتمر و انتهی عن نواهیه و ازدجر، و اتّعظ بمواعظه و اعتبر فهو أفضل من تقمّص و ائتزر.

و الكتاب بما فی غضونه من الدروس الراقیة یغنینا عن سرد جمل الثناة علیه أو تسطیر الكلم فی إطرائه غیر أنّه لم یخرج فی زمان مؤلّفه الفحل و البطل و سارع إلی رحمة ربّه الكریم و لم یمهله الأجل فبقی مسودّة دون تصحیح ألفاظه و تفسیر غرائبه و لغاته.

فهو مع كونه جؤنة مشحونة بنفائس الأعلاق ذو حظّ وافر من الأسقاط و الأغلاط فقاسیت ما قاسیت فی تصحیحه و لم آل جهداً فی تحقیقه، و تحمّلت المشاقّ فی توضیحه و لم أرم الإطناب فی تعلیقه مع أنّ الباع قصیر و الأمر خطیر.

و لست بمستعظم عملی و لا مستكثر جهدی و ما أبرّء نفسی و أنا معترف بأنّ الذی خلق من عجل قلّما یسلم من الخطأ و الزلل فالمرجوّ من أساتذتی العظام أن یمرّوا علی هفواتی مرّ الكرام، فإنّ العصمة للّٰه الملك العلّام و ما توفیقی إلّا باللّٰه علیه توكّلت و إلیه أنیب.

علی أكبر الغفاری

ص: 459

ص: 460

فهرس ما فی هذا الجزء

عناوین الأبواب/ رقم الصفحة

«15»- تتمة باب مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام و خطبه أیضا و حكمه 1- 35

«16»- باب ما جمع من جوامع كلم أمیر المؤمنین علیه السلام 36- 93

«17»- باب ما صدر عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی العدل فی القسمة و وضع الأموال فی مواضعها 94- 97

«18»- باب ما أوصی به أمیر المؤمنین علیه السلام عند وفاته 98- 100

«19»- باب مواعظ الحسن بن علی علیهما السلام 101- 116

«20»- باب مواعظ الحسین بن أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیهما 116- 128

«21»- باب وصایا علی بن الحسین علیهما السلام و مواعظه و حكمه 128- 162

«22»- باب وصایا الباقر علیه السلام 162- 190

«23»- باب مواعظ الصادق جعفر بن محمد علیهما السلام و وصایاه و حكمه 190- 278

«24»- باب ما روی عن الصادق علیه السلام من وصایاه لأصحابه 279- 295

«25»- باب مواعظ موسی بن جعفر علیهما السلام و حكمه 296- 334

«26»- باب مواعظ الرضا علیه السلام 334- 358

«27»- باب مواعظ أبی جعفر محمد بن علی الجواد صلوات اللّٰه علیه 358- 365

«28»- باب مواعظ أبی الحسن الثالث علیه السلام و حكمه 365- 370

«29»- باب مواعظ أبی محمد العسكری علیهما السلام و كتبه إلی أصحابه 370- 380

«30»- باب مواعظ القائم علیه السلام و حكمه 380

«31»- باب وصیة المفضل بن عمر لجماعة الشیعة 380- 383

«32»- باب قصّة بلوهر و یوذاسف 383- 444

«33»- باب نوادر المواعظ و الحكم 444- 458

ص: 461

ص: 462

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 463

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.