بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 70

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 70: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب الإیمان و الكفر

تتمة أبواب الكفر و مساوی الأخلاق

باب 122 حب الدنیا و ذمها و بیان فنائها و غدرها بأهلها و ختل الدنیا بالدین

الآیات:

البقرة: أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الْحَیاةَ الدُّنْیا بِالْآخِرَةِ فَلا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ (1) و قال زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ یَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ اللَّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ (2)

آل عمران: زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِینَ وَ الْقَناطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَیْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ(3)

و قال: مِنْكُمْ مَنْ یُرِیدُ الدُّنْیا وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرِیدُ الْآخِرَةَ(4)

و قال: وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ(5)

الأنعام: وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ


1- 1. البقرة: 86.
2- 2. البقرة: 212.
3- 3. آل عمران: 14- 15.
4- 4. آل عمران: 152.
5- 5. آل عمران: 185.

یَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (1)

و قال تعالی: وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا(2)

الأعراف: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ یَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنی وَ یَقُولُونَ سَیُغْفَرُ لَنا وَ إِنْ یَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ یَأْخُذُوهُ أَ لَمْ یُؤْخَذْ عَلَیْهِمْ مِیثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا یَقُولُوا عَلَی اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَ دَرَسُوا ما فِیهِ وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (3)

التوبة: أَ رَضِیتُمْ بِالْحَیاةِ الدُّنْیا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا فِی الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ (4)

و قال تعالی: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ بِها فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ (5)

و قال تعالی: كَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَ خُضْتُمْ كَالَّذِی خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أَ لَمْ یَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْراهِیمَ وَ أَصْحابِ مَدْیَنَ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِیَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ (6)

یونس: إِنَّ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِینَ هُمْ عَنْ آیاتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (7)

و قال تعالی: إِنَّما مَثَلُ الْحَیاةِ الدُّنْیا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا یَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّی إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّیَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَیْها أَتاها أَمْرُنا لَیْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِیداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ

ص: 2


1- 1. الأنعام: 32.
2- 2. الأنعام: 70.
3- 3. الأعراف: 169.
4- 4. براءة: 38.
5- 5. براءة: 55.
6- 6. براءة: 69- 70.
7- 7. یونس: 7- 8.

بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ (1)

و قال تعالی: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ (2)

و قال تعالی: مَتاعٌ فِی الدُّنْیا ثُمَّ إِلَیْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِیقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِیدَ بِما كانُوا یَكْفُرُونَ (3)

و قال سبحانه: وَ قالَ مُوسی رَبَّنا إِنَّكَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِینَةً وَ أَمْوالًا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا رَبَّنا لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِكَ (4)

هود: مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِیها وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ (5)

الرعد: وَ فَرِحُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا فِی الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ (6)

إبراهیم: الَّذِینَ یَسْتَحِبُّونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا عَلَی الْآخِرَةِ وَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِی ضَلالٍ بَعِیدٍ(7)

الحجر: لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ (8)

النحل: ما عِنْدَكُمْ یَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَ لَنَجْزِیَنَّ الَّذِینَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا یَعْمَلُونَ (9)

و قال تعالی: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَیاةَ الدُّنْیا عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ (10)

أسری: وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ (11)

ص: 3


1- 1. یونس: 24.
2- 2. یونس: 58.
3- 3. یونس: 70.
4- 4. یونس: 88.
5- 5. هود: 15- 16.
6- 6. الرعد: 26.
7- 7. إبراهیم: 3.
8- 8. الحجر: 88.
9- 9. النحل: 96.
10- 10. النحل: 107.
11- 11. أسری: 6.

و قال تعالی: مَنْ كانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ یَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعی لَها سَعْیَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْیُهُمْ مَشْكُوراً كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً انْظُرْ كَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِیلًا(1)

الكهف: تُرِیدُ زِینَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(2)

و قال تعالی: وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَیاةِ الدُّنْیا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ الْباقِیاتُ الصَّالِحاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَیْرٌ أَمَلًا(3)

طه: وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَیْرٌ وَ أَبْقی (4)

القصص: وَ ما أُوتِیتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَمَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ زِینَتُها وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی أَ فَلا تَعْقِلُونَ أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِیهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَیاةِ الدُّنْیا ثُمَّ هُوَ یَوْمَ الْقِیامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِینَ (5)

و قال تعالی: فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قالَ الَّذِینَ یُرِیدُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِیمٍ وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَیْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا یُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ (6)

العنكبوت: ما هذِهِ الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ (7)

ص: 4


1- 1. أسری: 18- 21.
2- 2. الكهف: 28.
3- 3. الكهف: 45- 46.
4- 4. طه: 131.
5- 5. القصص: 60- 61.
6- 6. القصص: 79- 80.
7- 7. العنكبوت: 64.

الروم: یَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (1)

لقمان: یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا یَوْماً لا یَجْزِی والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَیْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(2)

فاطر: یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(3)

ص: فَقالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ (4)

الزمر: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ بَلْ هِیَ فِتْنَةٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ قَدْ قالَهَا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ فَأَصابَهُمْ سَیِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَیُصِیبُهُمْ سَیِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ ما هُمْ بِمُعْجِزِینَ أَ وَ لَمْ یَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَقْدِرُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (5)

المؤمن: وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِیلَ الرَّشادِ یا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَیاةُ الدُّنْیا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِیَ دارُ الْقَرارِ(6)

حمعسق: مَنْ كانَ یُرِیدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ (7)

و قال تعالی: فَما أُوتِیتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَمَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی لِلَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (8)

الزخرف: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ أَ هُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ

ص: 5


1- 1. الروم: 7.
2- 2. لقمان: 33.
3- 3. فاطر: 5.
4- 4. ص: 32.
5- 5. الزمر: 49- 52.
6- 6. المؤمن: 38- 39.
7- 7. الشوری: 20.
8- 8. الشوری: 36.

لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ وَ لَوْ لا أَنْ یَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ وَ لِبُیُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَیْها یَتَّكِؤُنَ وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِینَ (1)

الجاثیة: ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ غَرَّتْكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا فَالْیَوْمَ لا یُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ یُسْتَعْتَبُونَ (2)

محمد: إِنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا یُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا یَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (3)

النجم: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّی عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ یُرِدْ إِلَّا الْحَیاةَ الدُّنْیا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (4)

الحدید: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَكُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِیدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ(5)

المجادلة: لَنْ تُغْنِیَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ (6)

المنافقون: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (7)

ص: 6


1- 1. الزخرف: 31- 35.
2- 2. الجاثیة: 35.
3- 3. القتال: 36.
4- 4. النجم: 29- 30.
5- 5. الحدید: 20.
6- 6. المجادلة: 17.
7- 7. المنافقون: 9.

التغابن: إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ (1)

القیامة: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ(2)

الدهر: إِنَّ هؤُلاءِ یُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ یَذَرُونَ وَراءَهُمْ یَوْماً ثَقِیلًا(3)

النازعات: فَأَمَّا مَنْ طَغی وَ آثَرَ الْحَیاةَ الدُّنْیا فَإِنَّ الْجَحِیمَ هِیَ الْمَأْوی وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَوی فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِیَ الْمَأْوی (4)

الأعلی: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ وَ أَبْقی إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی (5)

الضحی: وَ لَلْآخِرَةُ خَیْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولی (6)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ حُبُّ الدُّنْیَا(7).

بیان: رأس كل خطیئة حبّ الدنیا لأن خصال الشر مطویّة فی حبّ الدنیا و كل ذمائم القوة الشهویة و الغضبیة مندرجة فی المیل إلیها و لذا قال اللّٰه عز و جل مَنْ كانَ یُرِیدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ (8) و لا یمكن التخلّص من حبها إلا بالعلم بمقابحها و منافع الآخرة و تصفیة النفس و تعدیل القوتین.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِی أُسَامَةَ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَی الدُّنْیَا وَ مَنْ أَتْبَعَ بَصَرَهُ مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ كَثُرَ هَمُّهُ وَ لَمْ یُشْفَ غَیْظُهُ

ص: 7


1- 1. التغابن: 15.
2- 2. القیامة: 20- 21.
3- 3. الدهر: 27.
4- 4. النازعات: 37- 41.
5- 5. الأعلی: 16- 19.
6- 6. الضحی: 4.
7- 7. الكافی ج 2 ص 315.
8- 8. الشوری: 20.

وَ مَنْ لَمْ یَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ أَوْ مَشْرَبٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَقَدْ قَصُرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ (1).

بیان: من لم یتعزّ بعزاء اللّٰه قال فی النهایة فیه و من لم یتعزّ بعزاء اللّٰه فلیس منا أی من لم یدع بدعوی الإسلام فیقول یا للإسلام و یا للمسلمین و یا لله و قیل أراد بالتعزی التسلی و التصبر عند المصیبة و أن یقول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كما أمر اللّٰه تعالی و معنی قوله بعزاء اللّٰه أی بتعزیة اللّٰه تعالی إیاه فأقام الاسم مقام المصدر انتهی و قیل العزاء مصدر بمعنی الصبر أو اسم للتعزیة و كلاهما مناسب و علی الأول إسناده إلی اللّٰه تعالی لأنه السبب له و الباء إما للآلیة المجازیة كما قیل فی قوله تعالی فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ (2) أو للسببیة و الحاصل أنه من لم یصبر علی ما فاته من الدنیا و علی البلایا التی تصیبه فیها بما سلاه اللّٰه فی قوله وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (3) و سائر الآیات الواردة فی ذم الدنیا و فنائها و مدح الرضا

بقضائه تعالی تقطعت نفسه للحسرات علی المصائب و علی ما فاته من الدنیا و ربما یحمل الحسرات علی ما یحصل له عند الموت من مفارقتها أو الأعم منها و مما یحصل له فی الدنیا و جمعیة الحسرات مع كونها مصدرا لإرادة الأنواع: و من أتبع نظره ما فی أیدی الناس أی نظر إلی من هو فوقه من أهل الدنیا و ما فی أیدیهم من نعیمها و زبرجها نظر رغبة و تحسّر و تمنّ كثر همه لعدم تیسّرها له فیغتاظ لذلك و یحسدهم علیها و لا یمكنه شفاء غیظه إلا بأن یحصل له مما فی أیدیهم أو یسلب اللّٰه عنهم جمیع ذلك و لا یتیسّر له شی ء من الأمرین فلا یشفی غیظه أبدا و لا یتهنّأ له العیش ما رأی فی نعمة أحدا و لا یتفكر فی أنه إنما منعه اللّٰه تعالی ذلك لأنه علم أنه سبب هلاكه فهو یتمنی حالهم و لا یعلم حقیقة مآلهم كما حكی اللّٰه

ص: 8


1- 1. الكافی ج 2 ص 315.
2- 2. آل عمران: 37.
3- 3. البقرة: 156.

سبحانه عن قوم تمنوا حال قارون حیث قالوا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِیمٍ وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَیْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا یُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فلما خسف اللّٰه به و بداره الأرض أَصْبَحَ الَّذِینَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ یَقُولُونَ وَیْكَأَنَّ اللَّهَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ یَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا لَخَسَفَ بِنا وَیْكَأَنَّهُ لا یُفْلِحُ الْكافِرُونَ (1) و انتفاء الخسف الظاهری بأهل الأموال و التجبر من هذه الأمة لا یوجب انتهاء الخسف فی دركات الشهوات النفسانیة و مهاوی التعلقات الجسمانیة و الحرمان عن درجات القرب و الكمال و خسفهم فی الآخرة فی عظیم النكال و شدید الوبال أعاذنا اللّٰه و سائر المؤمنین من جمیع ذلك و سهل لنا الوصول فی الدارین إلی أحسن الأحوال.

و من لم یر أن لله علیه نعمة إلا فی مطعم أی من توهم أن نعمة اللّٰه علیه منحصرة فی هذه النعم الظاهرة كالمطعم و المشرب و المسكن و أمثالها فإذا فقدها أو شیئا منها ظن أنه لیس لله علیه نعمة فلا ینشط فی طاعة اللّٰه و إن عمل شیئا مع هذه العقیدة الفاسدة و عدم معرفة منعمه لا ینفعه و لا یتقبل منه فیكون عمله قاصرا و عذابه دانیا لأن هذه النعم الظاهرة حقیرة فی جنب نعم اللّٰه العظیمة علیه من الإیمان و الهدایة و التوفیق و العقل و القوی الظاهرة و الباطنة و الصحة و دفع شر الأعادی و غیرها بما لا یحصی بل هذا الفقر أیضا من أعظم نعم اللّٰه علیه وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها(2).

و قال بعض المحققین معنی الحدیث أن من لم یصبر و لم یسل أو لم یحسن الصبر و السلوة علی ما رزقه اللّٰه من الدنیا بل أراد الزیادة فی المال أو الجاه مما لم یرزقه اللّٰه إیاه تقطعت نفسه متحسرا حسرة بعد حسرة علی ما یراه فی یدی غیره ممن فاق علیه فی العیش فهو لم یزل یتبع بصره ما فی أیدی الناس و من أتبع بصره ما فی أیدی الناس كثر همه و لم یشف غیظه فهو لم یر أن لله علیه

ص: 9


1- 1. العنكبوت: 79- 82.
2- 2. إبراهیم: 34.

نعمة إلا نعم الدنیا و إنما یكون كذلك من لا یوقن بالآخرة و من لم یوقن بالآخرة قصر عمله و إذ لیس له من الدنیا إلا قلیل بزعمه مع شدة طمعه فی الدنیا و زینتها فقد دنا عذابه نعوذ باللّٰه من ذلك و منشأ ذلك كله الجهل و ضعف الإیمان و أیضا لما كان عمل أكثر الناس علی قدر ما یرون من نعم اللّٰه علیه عاجلا و آجلا لا جرم من لم یر من النعم علیه إلا القلیل فلا یصدر عنه من العمل إلا قلیل و هذا یوجب قصور العمل و دنو العذاب.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُهَاجِرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی قَرْیَةٍ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا وَ طَیْرُهَا وَ دَوَابُّهَا فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ یَمُوتُوا إِلَّا بِسَخْطَةٍ وَ لَوْ مَاتُوا مُتَفَرِّقِینَ لَتَدَافَنُوا فَقَالَ الْحَوَارِیُّونَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ یُحْیِیَهُمْ لَنَا فَیُخْبِرُونَا مَا كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فَنَجْتَنِبَهَا.

فَدَعَا عِیسَی علیه السلام رَبَّهُ فَنُودِیَ مِنَ الْجَوِّ أَنْ نَادِهِمْ فَقَامَ عِیسَی علیه السلام بِاللَّیْلِ عَلَی شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ یَا أَهْلَ هَذِهِ الْقَرْیَةِ فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ مُجِیبٌ لَبَّیْكَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ فَقَالَ وَیْحَكُمْ مَا كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ قَالَ عِبَادَةُ الطَّاغُوتِ وَ حُبُّ الدُّنْیَا مَعَ خَوْفٍ قَلِیلٍ وَ أَمَلٍ بَعِیدٍ فِی غَفْلَةٍ وَ لَهْوٍ وَ لَعِبٍ فَقَالَ كَیْفَ كَانَ حُبُّكُمْ لِلدُّنْیَا قَالَ كَحُبِّ الصَّبِیِّ لِأُمِّهِ إِذَا أَقْبَلَتْ عَلَیْنَا فَرِحْنَا وَ سُرِرْنَا وَ إِذَا أَدْبَرَتْ عَنَّا بَكَیْنَا وَ حَزِنَّا قَالَ كَیْفَ كَانَتْ عِبَادَتُكُمْ لِلطَّاغُوتِ قَالَ الطَّاعَةُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِی قَالَ كَیْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ أَمْرِكُمْ قَالَ بِتْنَا لَیْلَةً فِی عَافِیَةٍ وَ أَصْبَحْنَا فِی الْهَاوِیَةِ فَقَالَ وَ مَا الْهَاوِیَةُ قَالَ سِجِّینٌ قَالَ وَ مَا سِجِّینٌ قَالَ جِبَالٌ مِنْ جَمْرٍ تُوقَدُ عَلَیْنَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ فَمَا قُلْتُمْ وَ مَا قِیلَ لَكُمْ قَالَ قُلْنَا رُدَّنَا إِلَی الدُّنْیَا فَنَزْهَدَ فِیهَا قِیلَ لَنَا كَذَبْتُمْ قَالَ وَیْحَكَ كَیْفَ لَمْ یُكَلِّمْنِی غَیْرُكَ مِنْ بَیْنِهِمْ قَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ إِنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَیْدِی مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ وَ إِنِّی كُنْتُ فِیهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ عَنْهُمْ فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ عَمَّنِی مَعَهُمْ فَأَنَا مُعَلَّقٌ بِشَعْرَةٍ عَلَی شَفِیرِ جَهَنَّمَ لَا أَدْرِی أُكَبْكَبُ فِیهَا

ص: 10

أَمْ أَنْجُو مِنْهَا.

فَالْتَفَتَ عِیسَی علیه السلام إِلَی الْحَوَارِیِّینَ فَقَالَ یَا أَوْلِیَاءَ اللَّهِ أَكْلُ الْخُبْزِ الْیَابِسِ بِالْمِلْحِ الْجَرِیشِ وَ النَّوْمُ عَلَی الْمَزَابِلِ خَیْرٌ كَثِیرٌ مَعَ عَافِیَةِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(1).

بیان: أما إنهم قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه أما بالتخفیف حرف استفتاح و تنبیه یدخل علی الجمل لتنبیه المخاطب و طلب إصغائه إلی ما یلقی إلیه و قد یحذف ألفها نحو أم و اللّٰه زید قائم إلا بسخطة السخط بالتحریك و بضم أوله و سكون ثانیة الغضب لتدافنوا الظاهر أن التفاعل هنا بمعنی فعل كتوانی و یمكن إبقاؤه علی أصل المشاركة بتكلف فقال الحواریون هم خواص عیسی علیه السلام قیل سموا حواریین لأنهم كانوا قصارین یحورون الثیاب أی یقصرونها و ینقونها من الأوساخ و یبیضونها مشتق من الحور و هو البیاض الخالص.

أقول: و قد قیل إنهم إنما سموا حواریین لنقاء ثیابهم و قیل لنقاء قلوبهم و قیل الحواری بمعنی الناصر و قد كان الحواریون أنصار عیسی علیه السلام و قیل لأنهم كانوا نورانیین علیهم أثر العبادة و نورها و حسنها و قیل إنهم اتبعوا عیسی علیه السلام فكانوا إذا جاعوا قالوا یا روح اللّٰه جعنا فیضرب علیه السلام بیده الأرض سهلا كان أو جبلا و یخرج لكل منهم رغیفین و إذا عطشوا قالوا یا روح اللّٰه عطشنا فیضرب بیده الأرض فیخرج ماء و یشربون فقالوا یا روح اللّٰه من أفضل منا إذا شئنا أطعمنا و إذا شئنا سقینا و قد آمنا بك و اتبعناك فقال عیسی علیه السلام أفضل منكم من یعمل بیده و یأكل من كسبه فصاروا یغسلون الثیاب بالكری بعد ذلك و یأكلون من أجرته و سیأتی فی مطاوی شرح حدیث الكافی فی أواسط هذا الباب كلام أیضا فی معنی الحواریین فانتظره.

و قال بعض العلماء إنهم لم یكونوا قصّارین علی الحقیقة و إنما أُطلق هذا الاسم علیهم رمزا إلی أنهم كانوا ینقّون نفوس الخلائق من الأوساخ و الأوصاف الذمیمة و الكدورات و یرفعونها إلی عالم النور من عالم الظلمات.

ص: 11


1- 1. الكافی ج 2 ص 318.

یا روح اللّٰه أقول فی تسمیته روحا أقوال أحدها أنه إنما سمّاه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئیل علیه السلام فی درع مریم بأمر اللّٰه تعالی و إنما نسبه إلیه لأنه كان بأمره و قیل إنما أضافه إلیه تفخیما لشأنه كما قال الصوم لی و أنا أجزی به و قد یسمی النفخ روحا و الثانی أن المراد به یحیا به الناس فی دینهم كما یحیون بالأرواح و الثالث أن معناه إنسان أحیاه اللّٰه بتكوینه بلا واسطة من جماع و نطفة كما جرت العادة بذلك الرابع أن معناه و رحمة منه و الخامس أن معناه روح من اللّٰه خلقها فصوّرها ثم أرسلها إلی مریم فدخلت فی فیها فصیّرها اللّٰه سبحانه عیسی علیه السلام السادس سماه روحا لأنه كان یحیی الموتی كما أن الروح یصیر سببا للحیاة.

و كذا اختلفوا فی تسمیته كلمة فی قوله سبحانه إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ (1) و قوله تعالی إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ (2) علی أقوال أحدها أنه إنما سمی بذلك لأنه حصل بكلمة من اللّٰه من غیر والد و هو قوله كن كما قال سبحانه إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ (3).

و الثانی أنه سمی بذلك لأن اللّٰه تعالی بشر به فی الكتب السالفة أو بشرت بها مریم علی لسان الملائكة و الثالث أنه یهتدی به الخلق كما اهتدوا بكلام اللّٰه و وحیه.

فنودی من الجو الجو بالفتح و التشدید ما بین السماء و الأرض علی شرف قال الشیخ البهائی قدس سره الشرف المكان العالی قیل و منه سمی الشریف شریفا تشبیها للعلو المعنوی بالعلو المكانی فقال ویحك ویح اسم فعل بمعنی الترحم

ص: 12


1- 1. آل عمران: 45.
2- 2. النساء: 171.
3- 3. آل عمران: 59.

كما أن ویل كلمة عذاب و بعض اللغویین یستعمل كلا منهما مكان الأخری و الطاغوت فلعوت من الطغیان و هو تجاوز الحد و أصله طغیوت فقدموا لأمه علی عینه علی خلاف القیاس ثم قلبوا الیاء ألفا فصار طاغوت و هو یطلق علی الكاهن و الشیطان و الأصنام و علی كل رئیس فی الضلالة و علی كل ما یصد عن عبادة اللّٰه تعالی و علی ما عبد من دون اللّٰه و یجی ء مفردا لقوله

تعالی یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحاكَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ یَكْفُرُوا بِهِ (1) و جمعا كقوله تعالی وَ الَّذِینَ كَفَرُوا أَوْلِیاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ یُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَی الظُّلُماتِ (2).

و قال قدس سره لعلك تظن أن ما تضمنه هذا الحدیث من أن الطاعة لأهل المعاصی عبادة لهم جار علی ضرب من التجوز لا الحقیقة و لیس كذلك بل هو حقیقة فإن العبادة لیست إلا الخضوع و التذلل و الطاعة و الانقیاد و لهذا جعل سبحانه اتباع الهوی و الانقیاد إلیه عبادة للهوی فقال أَ رَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ (3) و جعل طاعة الشیطان عبادة له فقال تعالی أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْكُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ (4).

ثم نقل أخبارا كثیرة فی ذلك فقال بعد ذلك و إذا كان اتباع الغیر و الانقیاد إلیه عبادة له فأكثر الخلق عند التحقیق مقیمون علی عبادة أهواء نفوسهم الخسیسة الدنیة و شهواتهم البهیمیة و السبعیة علی كثرة أنواعها و اختلاف أجناسها و هی أصنامهم التی هم علیها عاكفون و الأنداد التی هم لها من دون اللّٰه عابدون و هذا هو الشرك الخفی نسأل اللّٰه سبحانه أن یعصمنا عنه و یطهر نفوسنا عنه بمنه و كرمه.

و غفلة عطف علی خوف و عطفه علی عبادة الطاغوت بعید فی لهو

ص: 13


1- 1. النساء: 60.
2- 2. البقرة: 257.
3- 3. الفرقان: 43.
4- 4. یس: 60.

قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه لفظة فی هنا إما للظرفیة المجازیة كما فی نحو النجاة فی الصدق أو بمعنی مع كما فی قوله تعالی ادْخُلُوا فِی أُمَمٍ (1) و للسببیة كقوله تعالی فَذلِكُنَّ الَّذِی لُمْتُنَّنِی فِیهِ (2).

إذا أقبلت علینا قال قدس سره الشرطیتان واقعتان موقع أی المفسرة لحب الصبی لأمه.

قال الطاعة لأهل المعاصی قال رحمه اللّٰه ما ذكره هذا الرجل المتكلم لعیسی علی نبینا و آله و علیه السلام فی وصف أصحاب تلك القریة و ما كانوا علیه من الخوف القلیل و الأمل البعید و الغفلة و اللّٰهو و اللعب و الفرح بإقبال الدنیا و الخوف بإدبارها هو بعینه حالنا و حال أهل زماننا بل أكثرهم خال عن ذلك الخوف القلیل أیضا نعوذ باللّٰه من الغفلة و سوء المنقلب: قال جبال من جمر فی القاموس الجمرة النار المتقدة و الجمع جمر قال الشیخ المتقدم ذكره رحمه اللّٰه هذا صریح فی وقوع العذاب فی مدة البرزخ أعنی ما بین الموت و البعث و قد انعقد علیه الإجماع و نطقت به الأخبار و دل علیه القرآن العزیز و قال به أكثر أهل الملل و إن وقع الاختلاف فی تفاصیله و الذی یجب علینا هو التصدیق المجمل بعذاب واقع بعد الموت و قبل الحشر فی الجملة و أما كیفیاتها و تفاصیله فلم نكلف بمعرفتها علی التفصیل و أكثرها مما لا تسعه عقولنا فینبغی ترك البحث و الفحص عن تلك التفاصیل و صرف الوقت فیما هو أهم منها أعنی فیما یصرف ذلك العذاب و یدفعه عنا كیف ما كان و علی أی نوع حصل و هو المواظبة علی الطاعات و اجتناب المنهیات لئلا یكون حالنا فی الفحص عن ذلك و الاشتغال به عن الفكر فیما یدفعه و ینجی منه كحال شخص أخذه السلطان و حبسه لیقطع فی غد یده و یجذع أنفه فترك الفكر فی الحیل المؤدیة إلی خلاصه و بقی طول لیله متفكرا فی أنه هل یقطع بالسكین أو بالسیف و هل

ص: 14


1- 1. الأعراف: 38.
2- 2. یوسف: 32.

القاطع زید أو عمرو؟

قیل لنا كذبتم دل علی أنهم لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ (1) كما نطقت به الآیة أو كذبتم فیما دل علیه قولكم هذا أنه یمكنكم العود و ربما یقرأ بالتشدید أی كذبتم الرسل فلا محیص عن عذابكم.

قال یا روح اللّٰه فی بعض النسخ یا روح اللّٰه و كلمته بقدس اللّٰه فقوله بقدس اللّٰه متعلق بروح اللّٰه و كلمته یعنی أیها الذی صار روح اللّٰه و كلمته بقدس اللّٰه كما قیل و یحتمل أن یكون الباء بمعنی مع أی مع تقدسه عن أن یكون له روح و كلمة حقیقة.

ثم قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه ثم لا یخفی أن ما قاله هذا الرجل من أنه كان فیهم و لم یكن منهم فلما نزل العذاب عمه معهم یشعر بأنه ینبغی المهاجرة عن أهل المعاصی و الاعتزال لهم و أن المقیم معهم شریك لهم فی العذاب و محترق بنارهم و إن لم یشاركهم فی أفعالهم و أقوالهم و قد یستأنس لذلك بعموم قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً(2) و لو لم یكن فی الاعتزال عن الناس فائدة سوی ذلك لكفی و فیه من الفوائد ما لا یعد و لا یحصی نسأل اللّٰه سبحانه أن یوفقنا لذلك بمنه و كرمه.

فأنا معلق هذا كنایة عن أنه مشرف علی الوقوع فیها و لا یبعد أن یراد به معناه الصریح أیضا و الشفیر حافة الوادی و جانبه أكبكب فیها علی البناء للمفعول أی أطرح فیها علی وجهی و فی القاموس جرش الشی ء لم ینعم دقة فهو جریش و فی الصحاح ملح جریش لم یطیب مع عافیة الدنیا أی إذا كان مع عافیة الدنیا من الخطایا و الآخرة من النار أو فیه عافیة الدنیا من تشویش

ص: 15


1- 1. الأنعام: 128.
2- 2. النساء: 97.

البال و مشقة تحصیل الأموال و عافیة الآخرة من العذاب و السؤال.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی عَبْدٍ بَاباً مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنَ الْحِرْصِ مِثْلَهُ (1).

بیان: یدل علی زیادة الحرص بزیادة المال و غیره من مطلوبات الدنیا كما هو المجرب.

«5»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام تَعْمَلُونَ لِلدُّنْیَا وَ أَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَ أَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِیهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَیْلَكُمْ عُلَمَاءَ سَوْءٍ(2) الْأَجْرَ تَأْخُذُونَ وَ الْعَمَلَ تُضَیِّعُونَ یُوشِكُ رَبُّ الْعَمَلِ أَنْ یَقْبَلَ عَمَلَهُ وَ یُوشِكُ أَنْ تُخْرَجُوا مِنْ ضِیقِ الدُّنْیَا إِلَی ظُلْمَةِ الْقَبْرِ كَیْفَ یَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ هُوَ فِی مَسِیرِهِ إِلَی آخِرَتِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَی دُنْیَاهُ وَ مَا یَضُرُّهُ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِمَّا یَنْفَعُهُ (3).

بیان: و أنتم ترزقون فیها بغیر عمل أی كدّ شدید كما قال تعالی وَ ما مِنْ دَابَّةٍ ... إِلَّا عَلَی اللَّهِ رِزْقُها(4) و أنتم لا ترزقون فیها إلا بالعمل كما قال تعالی وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی (5) علماء سَوْء بفتح السین قال الجوهری ساءه یسوؤه سوءا بالفتح نقیض سره و الاسم السوء بالضم و قرئ قوله عَلَیْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ(6) یعنی الهزیمة و الشر و من فتح فهو من المساءة و تقول هذا رجل سوء بالإضافة ثم تدخل علیه الألف و اللام فتقول هذا رجل السوء قال الأخفش و لا یقال الرجل

ص: 16


1- 1. الكافی ج 2 ص 319.
2- 2. ویلكم عملاء سوء ظ.
3- 3. الكافی ج 2 ص 319.
4- 4. هود: 6.
5- 5. النجم: 39.
6- 6. براءة: 98.

السوء لأن السوء لیس بالرجل قال و لا یقال هذا رجل السوء بالضم انتهی (1).

الأجر تأخذون بحذف حرف الاستفهام و هو علی الإنكار و یحتمل أن یكون المراد أجر الدنیا أی نعم اللّٰه سبحانه و علی هذا یحتمل أن یكون توبیخا لا استفهاما و أن یكون المراد أجر الآخرة فالاستفهام متعین فالواو فی قوله و العمل للحالیة أی كیف تستحقون أخذ الأجرة و الحال أنكم تضیعون العمل.

أن یَقْبَل عملَه أی یتوجّه إلی أخذ عمله و هو لا یأخذ و لا یقبل إلا العمل الخالص فهو كنایة عن الطلب و یؤیده أن فی مجالس الشیخ أن یطلب عمله أو هو من الإقبال علی الحذف و الإیصال أی یقبل علی عمله.

و قال بعض الأفاضل أرید برب العمل العابد الذی یقلد أهل العلم فی عبادته أعنی یعمل بما یأخذ عنهم و فیه توبیخ لأهل العلم الغیر العامل و قرأ بعضهم یقیل بالیاء المثناة من الإقالة أی یرد عمله فإن المقیل یرید المتاع.

«6»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ الدُّنْیَا أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی الْفَقْرَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ شَتَّتَ أَمْرَهُ وَ لَمْ یَنَلِ الدُّنْیَا إِلَّا مَا قُسِّمَ لَهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ الْآخِرَةُ أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی الْغِنَی فِی قَلْبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ (2).

بیان: أكبر همه أی قصده أو حزنه جعل اللّٰه الفقر بین عینیه لأنه كلما یحصل له من الدنیا یزید حرصه بقدر ذلك فیزید احتیاجه و فقره أو لضعف توكله علی اللّٰه یسد اللّٰه علیه بعض أبواب رزقه و قیل فهو فقیر فی الآخرة لتقصیره فیما ینفعه فیها و فی الدنیا لأنه یطلبها شدیدا و الغنی من لا یحتاج إلی الطلب و لأن مطلوبه كثیرا ما یفوت عنه و الفقر عبارة عن فوات المطلوب و أیضا یبخل عن نفسه و عیاله خوفا من فوات الدنیا و هو فقر حاضر.

ص: 17


1- 1. الصحاح ص 56.
2- 2. الكافی ج 2 ص 319.

و شتت أمره التشتیت التفریق لأنه لعدم توكله علی ربه لا ینظر إلا إلی الأسباب و یتوسل بكل سبب و وسیلة فیتحیر فی أمره و لا یدری وجه رزقه و لا ینتظم أحواله أو لشدة حرصه لا یقنع بما حصل له و یطلب الزیادة و لا یتیسر له فهو دائما فی السعی و الطلب و لا ینتفع بشی ء و حمله علی تفرق أمر الآخرة بعید.

و لم ینل من الدنیا إلا ما قسم له یدل علی أن الرزق مقسوم و لا یزید بكثرة السعی كما قال تعالی نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا(1) و لذلك منع الصوفیة من طلب الرزق و الحق أن الطلب حسن و قد یكون واجبا و تقدیره لا ینافی اشتراطه بالسعی و الطلب و لزومه علی اللّٰه بدون سعی غیر معلوم و قیل قدر سد الرمق واجب علی اللّٰه و یحتمل أن یكون التقدیر مختلفا فی صورتی الطلب و تركه بأن قدر اللّٰه تعالی قدرا من الرزق بدون الطلب لكن مع التوكل التام علیه و قدرا مع الطلب لكن شدة الحرص و كثرة السعی لا یزیده و به یمكن الجمع بین أخبار هذا الباب و سیأتی القول فیه فی كتاب التجارة إن شاء اللّٰه تعالی.

و قیل المراد بقوله لم ینل من الدنیا إلا ما قسم له أنه لا ینتفع إلا بما قسم له و إن زاد بالسعی فإنه یبقی للوارث و هو حظه و قیل فیه إشارة إلی أن ذا المال الكثیر قد لا ینتفع به بسبب مرض أو غیره و ذا المال القلیل ینتفع به أكثر منه و لا یخفی ما فیه.

جعل اللّٰه الغنی فی قلبه أی بالتوكل علی ربه و الاعتماد علیه و إخراج الحرص و حب الدنیا من قلبه لا بكثرة المال و غیره و لذا نسبه إلی القلب.

و جمع له أمره أی جعل أحواله منتظمة و باله فارغا عن حب الدنیا و تشعب الفكر فی طلبها.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فِیمَا أَعْلَمُ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْحَذَّاءِ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَبْعَدُ مَا یَكُونُ

ص: 18


1- 1. الزخرف: 32.

الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا لَمْ یُهِمَّهُ إِلَّا بَطْنُهُ وَ فَرْجُهُ (1).

بیان: إذا لم یهمه إلا بطنه و فرجه أی لا یكون اهتمامه و عزمه و سعیه و غمه و حزنه إلا فی مشتهیات البطن و الفرج فی القاموس الهم الحزن و ما هم به فی نفسه و همه الأمر حزنه كأهمه فاهتم انتهی فالمراد الإفراط فیهما و قصر همته علیهما و إلا فللبطن و الفرج نصیب عقلا و شرعا و هو ما یحتاج إلیه لقوام البدن و اكتساب العلم و العمل و بقاء النوع.

«8»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ كَثُرَ اشْتِبَاكُهُ بِالدُّنْیَا كَانَ أَشَدَّ لِحَسْرَتِهِ عِنْدَ فِرَاقِهَا(2).

بیان: من كثر اشتباكه بالدنیا أی اشتغاله و تعلق قلبه بها یقال اشتبكت النجوم إذا كثرت و انضمت و كل متداخلین مشتبكان و منه تشبیك الأصابع لدخول بعضها فی بعض و الغرض الترغیب فی رفض الدنیا و ترك محبتها لئلا یشتد الحزن و الحسرة فی مفارقتها.

«9»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ مَا مِنْ عَمَلٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ بُغْضِ الدُّنْیَا فَإِنَّ لِذَلِكَ لَشُعَباً كَثِیرَةً وَ لِلْمَعَاصِی شُعَبٌ فَأَوَّلُ مَا عُصِیَ اللَّهُ بِهِ الْكِبْرُ مَعْصِیَةُ إِبْلِیسَ حِینَ أَبی وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (3) ثُمَّ الْحِرْصُ وَ هِیَ مَعْصِیَةُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ علیهما السلام حِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمَا فَكُلا مِنْ حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِینَ (4) فَأَخَذَا مَا لَا حَاجَةَ بِهِمَا إِلَیْهِ فَدَخَلَ ذَلِكَ عَلَی

ص: 19


1- 1. الكافی ج 2 ص 319.
2- 2. الكافی ج 2 ص 319.
3- 3. البقرة: 34.
4- 4. الأعراف: 19.

ذُرِّیَّتِهِمَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا یَطْلُبُ ابْنُ آدَمَ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَیْهِ ثُمَّ الْحَسَدُ وَ هِیَ مَعْصِیَةُ ابْنِ آدَمَ حَیْثُ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَتَشَعَّبَ مِنْ ذَلِكَ حُبُّ النِّسَاءِ وَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَ حُبُّ الرَّاحَةِ وَ حُبُّ الْكَلَامِ وَ حُبُّ الْعُلُوِّ وَ الثَّرْوَةِ فَصِرْنَ سَبْعَ

خِصَالٍ فَاجْتَمَعْنَ كُلُّهُنَّ فِی حُبِّ الدُّنْیَا فَقَالَتِ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حُبُّ الدُّنْیَا رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ الدُّنْیَا دُنْیَاءَانِ دُنْیَا بَلَاغٌ وَ دُنْیَا مَلْعُونَةٌ(1).

بیان: قد مر هذا الخبر بعینه فی باب ذم الدنیا ما من عمل بعد معرفة اللّٰه یدل علی أن المعرفة أفضل لأنها أصل جمیع الأخلاق و الأعمال و یدخل فی معرفة الرسول معرفة الإمام فإن لذلك كأنه تعلیل لكون بغض الدنیا بعد المعرفة أفضل و فیما مضی و إن كما فی بعض النسخ هنا(2)

و هو أظهر و ذلك إشارة إلی بغض الدنیا أو إلی الدنیا و قیل المشار إلیه العمل یعنی أن للأعمال الصالحة لشعبا یرجع كلها إلی بغض الدنیا و للمعاصی شعبا یرجع كلها إلی حب الدنیا ثم اكتفی ببیان أحدهما عن الآخر و كأن ما ذكرنا أظهر.

و المراد بالشعب الأولی أنواع الأخلاق و الأعمال الفاضلة و بالثانیة أنواع المعاصی و الأولی مندرجة تحت بغض الدنیا و الثانیة تحت حبها فبغضها أفضل الأعمال لاشتماله علی محاسن كثیرة كالتواضع المقابل للكبر و القنوع المقابل للحرص و هكذا و بحكم المقابلة حب الدنیا أقبح الأعمال لاشتماله علی رذائل كثیرة و هی الكبر إلی آخر ما ذكر و ذلك أن و فی بعض النسخ فلذلك أی لدخول الحرص علی ذریتهما و إنما قال أكثر لأن طلب المحتاج إلیه و هو القدر الضروری من الطعام و اللباس و المسكن و نحوها لیس بمذموم بل ممدوح لأنه لا یمكن بدونه تكمیل النفس بالعلم و العمل.

حیث حسد أخاه قیل حسده فی قبول قربانه و قیل فی حب النساء و قیل:

ص: 20


1- 1. الكافی ج 2 ص 316.
2- 2. رواه الكلینی فی ص 130 باب ذمّ الدنیا و الزهد فیها أیضا.

فی حب الدنیا لئلا یكون له نسل یعیرون أولاده فی رد قربانه و كأن المراد بحب الدنیا أولا حب المال أو حب البقاء فی الدنیا و كراهة الموت و به ثانیا حب كل ما لا حاجة به فی تحصیل الآخرة و قیل یمكن أن یكون المراد بالسبع الكبر و الحرص و حب النساء و حب الرئاسة و حب الراحة و حب الكلام و حب العلو و الثروة و هما شعبة واحدة بقرینة عدم ذكر الحب فی المعطوف و أما الحسد فقد اكتفی عنه بذكر شعبه و أنواعه دنیا بلاغ أی كفاف و كفایة أو تبلغ بها إلی الآخرة.

«10»- كا، [الكافی] وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی مُنَاجَاةِ مُوسَی علیه السلام یَا مُوسَی إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبْتُ فِیهَا آدَمَ علیه السلام عِنْدَ خَطِیئَتِهِ وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُونٌ مَا فِیهَا إِلَّا مَا كَانَ فِیهَا لِی یَا مُوسَی إِنَّ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ زَهِدُوا فِی الدُّنْیَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ وَ سَائِرَ الْخَلْقِ رَغِبُوا فِیهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ وَ مَا مِنْ أَحَدٍ عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَیْنُهُ فِیهَا وَ لَا یُحَقِّرُهَا أَحَدٌ إِلَّا انْتَفَعَ بِهَا(1).

بیان: جعلتها ملعونة اللعن الطرد و الإبعاد و السب و كأن المراد بلعنها لعن أهلها أو كراهتها و المنع عن حبها و كل ما نهی اللّٰه تعالی عنها فقد لعنها و طردها و قیل العرب تقول لكل شی ء ضار ملعون و الشجرة الملعونة عندهم هی كل من ذاقها كرهها و لعنها و كذلك حال الدنیا فإن كل من ذاق شهواتها لعنها إذا أحس بضررها.

ملعون ما فیها إلا ما كان فیها لی أقول هذا معیار كامل للدنیا الملعونة و غیرها فكل ما كان فی الدنیا و یوجب القرب إلی اللّٰه تعالی من المعارف و العلوم الحقة و الطاعات و ما یتوصل به إلیها من المعیشة بقدر الضرورة و الكفاف فهی من الآخرة و لیست من الدنیا و كلما یصیر سببا للبعد عن اللّٰه و الاشتغال عن ذكره و یلهی عن درجات الآخرة و كمالاتها و لیس الغرض فیه القرب منه تعالی و الوصول إلی رضاه فهی الدنیا الملعونة.

قیل ما یقع فی الدنیا من الأعمال أربعة أقسام الأول ما یكون ظاهره

ص: 21


1- 1. الكافی ج 2 ص 317.

و باطنه لله كالطاعات و الخیرات الخالصة الثانی ما یكون ظاهره و باطنه للدنیا كالمعاصی و كثیر من المباحات أیضا لأنها مبدأ البطر و الغفلة الثالث ما یكون ظاهره لله و باطنه للدنیا كالأعمال الریائیة الرابع عكس الثالث كطلب الكفاف لحفظ بقاء البدن و القوة علی العبادة و تكمیل النفس بالعلم و العمل.

بقدر علمهم أی بعیوبها و فنائها و مضرتها ما من أحد عظمها فقرت عینه فیها أی من عظمها و تعلق قلبه بها تصیر سببا لبعده عن اللّٰه و لا تبقی الدنیا له لیخسر الدنیا و الآخرة و من حقرها تركها و لم یأخذ منها إلا ما یصیر سببا لتحصیل الآخرة فینتفع بها فی الدارین.

«11»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَزَّازِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ یُدَبِّرُ ابْنَ آدَمَ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ فَإِذَا أَعْیَاهُ جَثَمَ لَهُ عِنْدَ الْمَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ (1).

بیان: فی القاموس جثم الإنسان و الطائر و النعام و الخشف و الیربوع یجثم و یجثم جثما و جثوما لزم مكانه فلم یبرح أو وقع علی صدره أو تلبد بالأرض انتهی و الحاصل أن الشیطان یدبر ابن آدم فی كل شی ء أی یبعثه علی ارتكاب كل ضلالة و معصیة أو یكون معه و یلازمه عند عروض كل شبهة أو شهوة لعله یضله أو یزله فإذا أعیاه المستتر راجع إلی ابن آدم و البارز إلی الشیطان أی لم یقبل منه و لم یطعه حتی أعیاه ترصد له و اختفی عند المال فإذا أتی المال أخذ برقبته فأوقعه فیه بالحرام و الشبهة.

و الحاصل أن المال أعظم مصائد الشیطان إذ قل من لم یفتتن به عند تیسره له و كأنه محمول علی الغالب إذ قد یكون لا یفتتن بالمال و یفتتن بحب الجاه و بعض (2) الشهوات الغالبة و قیل فإذا أعیاه أی أعجزه عن كل شهوة و لذة و ذلك بأن یشیب كما ورد فی حدیث آخر یشیب ابن آدم و یشب فیه خصلتان الحرص و طول الأمل.

ص: 22


1- 1. الكافی ج 2 ص 315 و فیه« ان الشیطان یدیر».
2- 2. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 303.

«12»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ عَنْ أَبِی وَكِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الدِّینَارَ وَ الدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ هُمَا مُهْلِكَاكُمْ (1).

بیان: إن الدینار و الدرهم أی حبهما و صرف العمر فی تحصیلهما و تحصیل ما یتوقف علیهما أهلكا من كان قبلكم لأن حبهما یمنع من حبه تعالی و صرف العمر فیهما یمنع من صرف العمر فی طاعته تعالی و التمكن منهما یورث التمكن من كثیر من المعاصی و یبعثان علی الأخلاق الدنیة و الأعمال السیئة كالظلم و الحسد و الحقد و العداوة و الفخر و الكبر و البخل و منع الحقوق إلی غیر ذلك مما لا یحصی و مفارقتهما عند الموت تورث الحسرة و الندامة و حبهما یمنع من حب لقاء اللّٰه تعالی و تركهما یوجب الراحة فی الدنیا و خفة الحساب فی العقبی.

«13»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یَحْیَی بْنِ عُقْبَةَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَثَلُ الْحَرِیصِ عَلَی الدُّنْیَا كَمَثَلِ دُودَةِ الْقَزِّ كُلَّمَا ازْدَادَتْ مِنَ الْقَزِّ عَلَی نَفْسِهَا لَفّاً كَانَ أَبْعَدَ لَهَا مِنَ الْخُرُوجِ حَتَّی تَمُوتَ غَمّاً.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَغْنَی الْغِنَی مَنْ لَمْ یَكُنْ لِلْحِرْصِ أَسِیراً.

وَ قَالَ: لَا تُشْعِرُوا قُلُوبَكُمُ الِاشْتِغَالَ بِمَا قَدْ فَاتَ فَتَشْغَلُوا أَذْهَانَكُمْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لِمَا لَمْ یَأْتِ (2).

بیان: كمثل دودة القز هذا من أحسن التمثیلات للدنیا و قد أنشد بعضهم فیه:

أ لم تر أن المرء طول حیاته***حریص علی ما لا یزال یناسجه

كدود كدود القز ینسج دائما***فیهلك غما وسط ما هو ناسجه

ص: 23


1- 1. الكافی ج 2 ص 316.
2- 2. الكافی ج 2 ص 316.

قوله علیه السلام أغنی الغنی أی لیس الغنی و عدم الحاجة بكثرة المال بل بترك الحرص فإن الحریص كلما ازداد ماله اشتد حرصه فیكون أفقر و أحوج ممن لا مال له لا تشعروا قلوبكم أی لا تلزموه إیاها و لا تجعلوه شعارها فی القاموس أشعره الأمر و به أعلمه و الشعار ككتاب ما تحت الدثار من اللباس و هو یلی شعر الجسد و استشعره لبسه و أشعره غیره ألبسه إیاه و أشعر الهم قلبی لزق به و كلما ألزقته بشی ء أشعرته به الاشتغال بما قد فات أی من أمور الدنیا سواء لم یحصل أو حصل و فات فإن اشتغال القلب به یوجب غفلته عن ذكر اللّٰه تعالی و حبه فإنه لا یجتمع حبان متضادان فی قلب واحد.

«14»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا ذِئْبَانِ ضَارِیَانِ فِی غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا أَحَدُهُمَا فِی أَوَّلِهَا وَ الْآخَرُ فِی آخِرِهَا بِأَفْسَدَ فِیهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الثَّرْوَةِ فِی دِینِ الْمُسْلِمِ (1).

بیان: بأفسد هنا بمعنی أشد إفسادا و إن كان نادرا.

«15»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا ذِئْبَانِ ضَارِیَانِ فِی غَنَمٍ لَیْسَ لَهَا رَاعٍ هَذَا فِی أَوَّلِهَا وَ هَذَا فِی آخِرِهَا بِأَسْرَعَ فِیهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِی دِینِ الْمُؤْمِنِ (2).

بیان: بأسرع أی فی القتل و الإفناء.

«16»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْیَا تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا یُغْنِی وَ أَمَلٍ لَا یُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا یُنَالُ (3).

بیان: لا یغنی لأنه لا یحصل له ما هو مقتضی حرصه و أمله فی الدنیا

ص: 24


1- 1. الكافی ج 2 ص 315« حب الدنیا و الشرف» خ ل.
2- 2. الكافی ج 2 ص 315« حب الدنیا و الشرف» خ ل.
3- 3. الكافی ج 2 ص 320.

و لا یمكنه الاحتراز عن آفاتها و مصائبها فهو فی الدنیا دائما فی الغم لما فات و الهم لما لم یحصل فإذا فات فهو فی أحزان و حسرات من مفارقتها و لم یقدم منها شیئا ینفعه فهمه لا یغنی أبدا و الفرق بین الأمل و الرجاء أن متعلق الأمل العمر و البقاء فی الدنیا و متعلق الرجاء ما سواه أو متعلق الأمل بعید الحصول و متعلق الرجاء قریب الوصول و معلوم أن محب الدنیا و طالبها یأمل منها ما لا مطمع فی حصوله لكن لشدة حرصه یطلبه و یأمله و یرجو الانتفاع بها فیحول الأجل بینه و بینها أو یرجو الآخرة و جمعها مع الدنیا مع أنه لا یسعی لتحصیل الآخرة و یقصر همه علی تحصیل الدنیا و نعم ما قیل:

یا طالب الرزق.....مجتهدا***أقصر عناك فإن الرزق مقسوم

لا تحرصن علی ما لست تدركه***إن الحریص علی الآمال محروم

تتمة مهمة: قال بعض المحققین اعلم أن معرفة ذم الدنیا لا یكفیك ما لم تعرف الدنیا المذمومة ما هی و ما الذی ینبغی أن یجتنب و ما الذی لا یجتنب فلا بد أن نبین الدنیا المذمومة المأمور باجتنابها لكونها عدوة قاطعة لطریق اللّٰه ما هی فنقول.

دنیاك و آخرتك عبارتان عن حالتین من أحوال قلبك و القریب الدانی منهما یسمی دنیا و هی كل ما قبل الموت و المتراخی المتأخر یسمی آخره و هی ما بعد الموت فكل ما لك فیه حظ و غرض و نصیب و شهوة و لذة فی عاجل الحال قبل الوفاة فهی الدنیا فی حقك إلا أن جمیع ما لك إلیه میل و فیه نصیب و حظ فلیس بمذموم بل هی تنقسم إلی ثلاثة أقسام.

الأول ما یصحبك فی الدنیا و یبقی معك ثمرته بعد الموت و هو شیئان العلم و العمل فقط و أعنی بالعلم العلم باللّٰه و صفاته و أفعاله و ملائكته و كتبه و رسله و ملكوت أرضه و سمائه و العلم بشریعة نبیه و أعنی بالعمل العبادة الخالصة لوجه اللّٰه و قد یأنس العالم بالعلم حتی یصیر ذلك ألذ الأشیاء عنده فیهجر النوم و المنكح و المشرب و المطعم فی لذته لأنه أشهی عنده من جمیعها: فقد

ص: 25

صار حظا عاجلا فی الدنیا و لكنا إذا ذكرنا الدنیا المذمومة لم نعد هذا من الدنیا أصلا بل قلنا إنه من الآخرة و كذلك العابد قد یأنس بعبادته و یستلذها بحیث لو منعت عنه لكان ذلك أعظم العقوبات علیه و هذا أیضا لیس من الدنیا المذمومة.

الثانی و هو المقابل للقسم الأول علی الطرف الأقصی كل ما فیه حظ عاجل و لا ثمرة له فی الآخرة أصلا كالتلذذ بالمعاصی و التنعم بالمباحات الزائدة علی قدر الضرورات و الحاجات الداخلة فی جملة الرفاهیة و الرعونات كالتنعم بالقناطیر المقنطرة من الذهب و الفضة و الخیل المسومة و الأنعام و الحرث و الغلمان و الجواری و الخیول و المواشی و القصور و الدور المشیدة و رفیع الثیاب و لذائذ الأطعمة فحظ العبد من هذه كلها هی الدنیا المذمومة و فیما یعد فضولا و فی محل الحاجة نظر طویل.

الثالث و هو متوسط بین الطرفین كل حظ فی العاجل معین علی أعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام و القمیص الواحد الخشن و كل ما لا بد منه لیتأتی للإنسان البقاء و الصحة التی بها یتوصل إلی العلم و العمل و هذا لیس من الدنیا كالقسم الأول لأنه معین علی القسم الأول و وسیلة إلیه فمهما تناوله العبد علی قصد الاستعانة علی العلم و العمل لم یكن به متناولا للدنیا و لم یصر به من أبنائها و إن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة علی التقوی التحق بالقسم الثانی و صار من جملة الدنیا.

و لا یبقی مع العبد عند الموت إلا ثلاث صفاء القلب و أنسه بذكر اللّٰه و حبه لله و صفاء القلب لا یحصل إلا بالكف عن شهوات الدنیا و الأنس لا یحصل إلا بكثرة ذكر اللّٰه و الحب لا یحصل إلا بالمعرفة و لا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر.

فهذه الثلاث هی المنجیات المسعدات بعد الموت و هی الباقیات الصالحات أما طهارة القلب عن شهوات الدنیا فهی من المنجیات إذ تكون جنة بین العبد و بین عذاب اللّٰه و أما الأنس و الحب فهما من المسعدات و هما موصلان العبد إلی لذة

ص: 26

اللقاء و المشاهدة و هذه السعادة تتعجل عقیب الموت إلی أن یدخل الجنة فیصیر القبر روضة من ریاض الجنة.

و كیف لا یكون كذلك و لم یكن له إلا محبوب واحد و كانت العوائق تعوقه عن الأنس بدوام ذكره و مطالعة جماله فارتفعت العوائق و أفلت من السجن و خلی بینه و بین محبوبه فقدم علیه مسرورا آمنا من العوائق آمنا من الفرق و كیف لا یكون محب الدنیا عند الموت معذبا و لم یكن له محبوب إلا الدنیا و قد غصب منه و حیل بینه و بینه و سدت علیه طرق الحیلة فی الرجوع إلیه و لیس الموت عدما إنما هو فراق لمحاب الدنیا و قدوم علی اللّٰه تعالی فإذن سالك طریق الآخرة هو المواظب علی أسباب هذه الصفات الثلاث و هی الذكر و الفكر و العمل الذی یحفظه من شهوات الدنیا و یبغض إلیه ملاذها و یقطعه عنها و كل ذلك لا یمكن إلا بصحة البدن و صحة البدن لا تنال إلا بالقوت و الملبس و المسكن و یحتاج كل واحد إلی أسباب.

فالقدر الذی لا بد منه من هذه الثلاثة إذا أخذه العبد من الدنیا للآخرة لم یكن من أبناء الدنیا و كانت الدنیا فی حقه مزرعة الآخرة و إن أخذ ذلك علی قصد التنعم و لحظ النفس صار من أبناء الدنیا و الراغبین فی حظوظها إلا أن الرغبة فی حظوظ الدنیا تنقسم إلی ما یعرض صاحبه لعذاب اللّٰه فی الآخرة و یسمی ذلك حراما و إلی ما یحول بینه و بین الدرجات العلی و یعرضه لطول الحساب و یسمی ذلك حلالا.

و البصیر یعلم أن طول الموقف فی عرصات القیامة لأجل المحاسبة أیضا عذاب فمن نوقش فی الحساب عذب فلذلك قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حلالها حساب و حرامها عقاب و قد قال أیضا حلالها عذاب إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام بل لو لم یكن الحساب لكان ما یفوت من الدرجات العلی فی الجنة و ما یرد علی القلب من التحسر علی تفویتها بحظوظ حقیرة خسیسة لا بقاء لها هو أیضا عذاب فالدنیا قلیلها و كثیرها حلالها و حرامها ملعونة إلا ما أعان علی تقوی

ص: 27

اللّٰه فإن ذلك القدر لیس من الدنیا.

و كل من كانت معرفته أقوی و أتقن كان حذره من نعیم الدنیا أشد و لهذا زوی اللّٰه تعالی الدنیا عن نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فكان یطوی أیاما و كان یشد الحجر علی بطنه من الجوع و لهذا سلط اللّٰه البلاء و المحن علی الأنبیاء و الأولیاء ثم الأمثل فالأمثل كل ذلك نظرا لهم و امتنانا علیهم لیتوفر من الآخرة حظهم كما یمنع الوالد الشفیق ولده لذیذ الفواكه و یلزمه ألم الفصد و الحجامة شفقة علیه و حبا له لا بخلا به علیه و قد عرفت بهذا أن كل ما لیس لله فهو للدنیا و ما هو لله فلیس من الدنیا.

فإن قلت فما الذی هو لله فأقول الأشیاء ثلاثة أقسام منها ما لا یتصور أن یكون لله و هو الذی یعبر عنه بالمعاصی و المحظورات و أنواع التنعمات فی المباحات و هی الدنیا المحضة المذمومة فهی الدنیا صورة و معنی.

و منها ما صورتها لله و یمكن أن یجعل لغیر اللّٰه و هی ثلاثة الفكر و الذكر و الكف عن شهوات فهذه الثلاثة إذا جرت سرا و لم یكن علیها باعث سوی أمر اللّٰه و الیوم الآخر فهی لله و لیست من الدنیا و إن كان الغرض من النظر طلب العلم للشرف و طلب

القبول بین الخلق بإظهار المعرفة أو كان الغرض من ترك الشهوة حفظ المال أو الحمیة لصحة البدن أو الاشتهار بالزهد فقد صار هذا من الدنیا بالمعنی و إن كان یظن بصورتها أنها لله.

و منها ما صورتها لحظ النفس و یمكن أن یجعل معناه لله و ذلك كالأكل و النكاح و كل ما لا یرتبط به بقاؤه و بقاء ولده فإن كان القصد حظ النفس فهو من الدنیا و إن كان القصد الاستعانة علی التقوی فهو لله بمعناه و إن كان صورته صورة الدنیا قال صلی اللّٰه علیه و آله من طلب من الدنیا حلالا مكاثرا مفاخرا لقی اللّٰه و هو علیه غضبان و من طلبها استعفافا عن المسألة و صیانة لنفسه جاء یوم القیامة و وجهه كالقمر لیلة البدر.

ص: 28

انظر كیف اختلف ذلك بالقصد فإذا الدنیا حظ نفسك العاجل الذی لا حاجة إلیه لأمر الآخرة و یعبر عنه بالهوی و إلیه أشار قوله تعالی وَ نَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَوی فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِیَ الْمَأْوی (1).

و اعلم أن مجامع الهوی خمسة أمور و هی ما جمعه اللّٰه عز و جل فی قوله أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) و الأعیان التی تحصل منها هذه الأمور سبعة یجمعها قوله تعالی زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِینَ وَ الْقَناطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (3) فقد عرفت أن كل ما هو لله فلیس من الدنیا و قدر ضرورة القوت و ما لا بد منه من مسكن و ملبس فهو لله و إن قصد منه وجه اللّٰه و الاستكثار منه تنعم و هو لغیر اللّٰه و بین التنعم و الضرورة درجة یعبر عنها بالحاجة و لها طرفان و واسطة طرف یقرب من حد الضرورة فلا یضر فإن الاقتصار علی حد الضرورة غیر ممكن و طرف تتاخم جانب التنعم و یقرب منه و ینبغی أن یحذر و بینهما وسائط متشابه و من حام حول الحمی یوشك أن یقع فیه و الحزم فی الحذر و التقوی و التقرب من حد الضرورة ما أمكن اقتداء بالأنبیاء و الأولیاء.

ثم قال اعلم أن الدنیا عبارة من أعیان موجودة و للإنسان فیها حظ و له فی إصلاحها شغل فهذه ثلاثة أمور قد یظن أن الدنیا عبارة عن آحادها و لیس كذلك أما الأعیان الموجودة التی الدنیا عبارة عنها فهی الأرض و ما علیها قال اللّٰه تعالی إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا(4) فالأرض فراش للآدمیین و مهاد و مسكن و مستقر و ما علیها لهم ملبس و مطعم و مشرب و منكح.

ص: 29


1- 1. النازعات: 40- 41.
2- 2. الحدید: 20.
3- 3. آل عمران: 14.
4- 4. الكهف: 7.

و یجمع ما علی الأرض ثلاثة أقسام المعادن و النبات و الحیوان أما المعادن فیطلبها الآدمی للآلات و الأوانی كالنحاس و الرصاص أو للنقد كالذهب و الفضة و لغیر ذلك من المقاصد و أما النبات فیطلبها الآدمی للإقتات و التداوی و أما الحیوان فینقسم إلی الإنسان و البهائم أما البهائم فیطلب لحومها للمأكل و ظهورها للمركب و الزینة و أما الإنسان فقد یطلب الآدمی أن یملك أبدان الناس لیستخدمهم و یستسخرهم كالغلمان أو لیتمتع بهم كالجواری و النسوان و یطلب قلوب الناس لیملكها فیغرس فیها التعظیم و الإكرام و هو الذی یعبر عنه بالجاه إذ معنی الجاه ملك قلوب الآدمیین.

فهذه هی الأعیان التی یعبر عنها بالدنیا و قد جمعها اللّٰه تعالی فی قوله زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِینَ و هذا من الإنس وَ الْقَناطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ و هذا من الجواهر و المعادن و فیه تنبیه علی غیرها من اللآلی و الیواقیت وَ الْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ و هی البهائم و الحیوانات وَ الْحَرْثِ و هو النبات و الزرع.

فهذه هی أعیان الدنیا إلا أن لها مع العبد علاقتین علاقة مع القلب و هو حبه لها و حظه منها و انصراف قلبه إلیها حتی تصیر قلبه كالعبد أو المحب المستهتر بالدنیا و یدخل فی هذه العلاقة جمیع صفات القلب المتعلقة بالدنیا كالكبر و الغل و الحسد و الریاء و السمعة و سوء الظن و المداهنة و حب الثناء و حب التكاثر و التفاخر فهذه هی الدنیا الباطنة و أما الظاهرة فهی الأعیان التی ذكرناها و العلاقة الثانیة مع البدن و هو اشتغاله بإصلاح هذه الأعیان لیصلح لحظوظه و حظوظ غیره و هی جملة الصناعات و الحرف التی الخلق مشغولون بها و الخلق إنما نسوا أنفسهم و مالهم و منقلبهم لهاتین العلاقتین علاقة القلب بالحب و علاقة البدن بالشغل و لو عرف ربه و عرف نفسه و عرف حكمة الدنیا و سرها علم أن هذه الأعیان التی سمیتها دنیا لم تخلق إلا لعلف الدابة التی تسیر بها إلی اللّٰه تعالی و أعنی بالدابة البدن فإنه لا یبقی إلا بمطعم و ملبس و مسكن

ص: 30

كما لا یبقی الإبل فی طریق الحج إلا بعلف و ماء و جلال.

و مثال العبد فی نسیانه نفسه و مقصده مثال الحاج الذی یقف فی منازل الطریق و لا یزال یعلف الدابة و یتعهدها و ینظفها و یكسوها ألوان الثیاب و یحمل إلیها أنواع الحشیش و یبرد لها الماء بالثلج حتی تفوته القافلة و هو غافل عن الحج و عن مرور القافلة و عن بقائه فی البادیة فریسة للسباع هو و ناقته و الحاج البصیر لا یهمه من أمر الجمل إلا القدر الذی یقوی به علی المشی فیتعهده و قلبه إلی الكعبة و الحج و إنما یلتفت إلی الناقة بقدر الضرورة فكذلك البصیر فی سفر الآخرة لا یشغل بتعهد البدن إلا بالضرورة كما لا یدخل بیت الماء إلا للضرورة و لا فرق بین إدخال الطعام فی البدن و بین إخراجه من البطن: و أكثر ما شغل الناس عن اللّٰه البدن فإن القوت ضروری و أمر الملبس و المسكن أهون و لو عرفوا سبب الحاجة إلی هذه الأمور و اقتصروا علیها لم تستغرقهم أشغال الدنیا فإنما استغرقتهم لجهلهم بالدنیا و حكمتها و حظوظهم منها و لكنهم جهلوا و غفلوا و تتابعت أشغال الدنیا و اتصلت بعضها ببعض و تداعت إلی غیر نهایة محدودة فتاهوا فی كثرة الأشغال و نسوا مقصودها.

و أما تفاصیل أشغال الدنیا و كیفیة حدوث الحاجة إلیها و انجرار بعضها إلی بعض فمما یطول ذكرها و خارج عن مقصود كتابنا.

و إذا تأملت فیها علمت أن الإنسان لاضطراره إلی القوت و المسكن و الملبس یحتاج إلی خمس صناعات و هی الفلاحة لتحصیل النبات و الرعایة لحفظ الحیوانات و استنتاجها و الاقتناص لتحصیل ما خلق اللّٰه من صید أو معدن أو حشیش أو حطب و الحیاكة للباس و البناء للمسكن ثم یحتاج بسبب ذلك إلی التجارة و الحدادة و الخرز أی إصلاح جلود الحیوانات و أجزائها ثم لبقاء النوع إلی المنكح ثم إلی حفظ الولد و تربیته ثم لاجتماعهم إلی قریة یجتمعون فیها ثم إلی قاض و حاكم یتحاكمون إلیه ثم إلی جند یحرسهم عن الأعادی ثم إلی خراج یعان به الجند ثم إلی عمال و خزان لذلك ثم إلی ملك یدبرهم

ص: 31

و أمیر مطاع و قائد علی كل طائفة منهم فانظر كیف ابتدأ الأمر من حاجة القوت و المسكن و الملبس و إلی ما ذا انتهی.

هكذا أمور الدنیا لا یفتح منها باب إلا و ینفتح منها بسببه عشرة أبواب أخر و هكذا یتناهی إلی حد غیر محصور و كأنها هاویة لا نهایة لعمقها و من وقع فی مهواة منها سقط منها إلی أخری و هكذا علی التوالی.

فهذه هی الحرف و الصناعات و یتفرع علیها أیضا بناء الحوانیت و الخانات للمتحرفة و التجار و جماعة یتجرون و یحملون الأمتعة من بلد إلی بلد و یتفرع علیها الكرایة و الإجارة ثم یحدث بسبب البیوع و الإجارات و أمثالها الحاجة إلی النقدین لتقع المعاملة بهما فاتخذت النقود من الذهب و الفضة و النحاس ثم مست الحاجة إلی الضرب و النقش و التقدیر فحدثت الحاجة إلی دار الضرب و إلی الصیارفة.

فهذه أشغال الخلق و هی معایشهم و شی ء من هذه الحرف لا یمكن مباشرته إلا بنوع تعلم و تعب فی الابتداء و فی الناس من یغفل عن ذلك فی الصبا فلا یشتغل به أو یمنعه مانع فیبقی عاجزا فیحتاج إلی أن یأكل مما سعی فیه غیره فتحدث منه حرفتان خسیستان اللصوصیة و الكدیة و للصوص أنواع و لهم حیل شتی فی ذلك و أما التكدی فله أسباب مختلفة فمنهم من یطلب ذلك بالتمسخر و المحاكاة و الشعبذة و الأفعال المضحكة و قد یكون بالأشعار مع النغمة أو غیرها فی المدح أو التعشق أو غیرهما أو تسلیم ما یشبه العوض و لیس بعوض كبیع التعویذات و الطلسمات و كأصحاب القرعة و الفال و الزجر من المنجمین و یدخل فی هذا الجنس الوعاظ المتكدون علی رءوس المنابر.

فهذه هی أشغال الخلق و أعمالهم التی أكبوا علیها و جرهم إلی ذلك كله الحاجة إلی القوت و الكسوة و لكن نسوا فی أثناء ذلك أنفسهم و مقصودهم و منقلبهم و مالهم فضلوا و تاهوا و سبق إلی عقولهم الضعیفة بعد أن كدرها زحمة أشغال الدنیا خیالات فاسدة و انقسمت مذاهبهم و اختلفت آراؤهم علی عدة أوجه.

ص: 32

فطائفة غلب علیهم الجهل و الغفلة فلم ینفتح أعینهم للنظر إلی عاقبة أمرهم فقالوا المقصود أن نعیش أیاما فی الدنیا فنجهد حتی نكسب القوت ثم نأكل حتی نقوی علی الكسب ثم نكتسب حتی نأكل فیأكلون لیكسبوا و یكسبون لیأكلوا فهذه مذاهب الملاحین و المتحرفین و من لیس لهم تنعم فی الدنیا و لا قدم فی الدین و طائفة أخری زعموا أنهم تفطنوا للأمر و هو أن لیس المقصود أن

یشقی الإنسان و لا یتنعم فی الدنیا بل السعادة فی أن یقضی وطره من شهوات الدنیا و هی شهوة البطن و الفرج فهؤلاء طائفة نسوا أنفسهم و صرفوا همهم إلی اتباع النسوان و جمع لذائذ الأطعمة یأكلون كما تأكل الأنعام و یظنون أنهم إذا نالوا ذلك فقد أدركوا غایات السعادات فیشغلهم ذلك عن اللّٰه و الیوم الآخر.

و طائفة ظنوا أن السعادة فی كثرة المال و الاستغناء بكنز الكنوز فأسهروا لیلهم و نهارهم فی الجمع فهم یتعبون فی الأسفار طول اللیل و النهار و یترددون فی الأعمال الشاقة و یكسبون و یجمعون و لا یأكلون إلا قدر الضرورة شحا و بخلا علیها أن تنقص و هذه لذتهم و فی ذلك دأبهم و حركتهم إلی أن یأتیهم الموت فیبقی تحت الأرض أو یظفر به من یأكله فی الشهوات و اللذات فیكون للجامع تعبها و وبالها و للآكل لذتها و حسابها ثم إن الذین یجمعون ینظرون إلی أمثال ذلك فی أشباههم و أمثالهم فلا یعتبرون.

و طائفة زعموا أن السعادة فی حسن الاسم و انطلاق الألسن بالثناء و المدح بالتجمل و المروة فهؤلاء یتعبون فی كسب المعایش و یضیقون علی أنفسهم فی المطعم و المشرب و یصرفون جمیع مالهم إلی الملابس الحسنة و الدواب النفیسة و یزخرفون أبواب الدور و ما یقع علیه أبصار الناس حتی یقال إنه غنی و إنه ذو ثروة و یظنون أن ذلك هو السعادة فهمتهم فی لیلهم و نهارهم فی تعهد موقع نظر الناس.

و طائفة أخری ظنوا أن السعادة فی الجاه و الكرامة بین الناس و انقیاد الخلق بالتواضع و التوقیر فصرفوا همتهم إلی استجرار الناس إلی الطاعة بطلب الولایة

ص: 33

و تقلد الأعمال السلطانیة لینفذوا أمرهم بها علی طائفة من الناس و یرون أنهم إذا اتسعت ولایتهم و انقادت لهم رعایاهم فقد سعدوا سعادة عظیمة و أن ذلك غایة المطلب و هذا أغلب الشهوات علی قلوب المتغافلین من الناس فهؤلاء شغلهم حب تواضع الناس لهم عن التواضع لله و عن عبادته و عن التفكر فی آخرتهم و معادهم.

و وراء هذا طوائف یطول حصرها تزید علی نیف و سبعین فرقة كلهم ضلوا و أضلوا عن سواء السبیل و إنما جرهم إلی جمیع ذلك حاجة المطعم و الملبس و المسكن فنسوا ما یراد له هذه الأمور الثلاثة و القدر الذی یكفی منها و انجرت بهم أوائل أسبابها إلی أواخرها و تداعت لهم إلی مبادی لم یمكنهم الترقی منها.

فمن عرف وجه الحاجة إلی هذه الأسباب و الأشغال و عرف غایة المقصود منها فلا یخوض فی شغل و حرفة و عمل إلا و هو عالم بمقصوده و عالم بحظه و نصیبه منه و أن غایة مقصوده تعهد بدنه بالقوة و الكسوة حتی لا یهلك و ذلك أن سلك فیه سبیل التقلیل اندفعت الأشغال و فرغ القلب و غلب علیه ذكر الآخرة و انصرفت الهمة إلی الاستعداد له و إن تعدی به قدر الضرورة كثرت الأشغال و تداعی البعض إلی البعض و تسلسل إلی غیر نهایة فتشعب به الهموم و من تشعب به الهموم فی أودیة الدنیا فلا یبال اللّٰه فی أی واد أهلكه.

فهذا شأن المنهمكین فی أشغال الدنیا و تنبه لذلك طائفة فأعرضوا عن الدنیا فحسدهم الشیطان، فلم یتركهم و أضلهم فی الأعراض أیضا حتی انقسموا إلی طوائف فظنت طائفة أن الدنیا دار بلاء و محنة و أن الآخرة دار سعادة لكل من وصل إلیها سواء تعبد فی الدنیا أو لم یتعبد فرأوا أن الصواب فی أن یقتلوا أنفسهم للخلاص من محنة الدنیا و إلیه ذهب طوائف من عباد الهند فهم یتهجمون علی النار و یقتلون أنفسهم بالإحراق و یظنون أن ذلك خلاص منهم من سجن الدنیا.

و ظنت طائفة أخری أن القتل لا یخلص بل لا بد أولا من إماتة الصفات البشریة و قلعها عن النفس بالكلیة و أن السعادة فی قطع الشهوة و الغضب ثم أقبلوا علی المجاهدة فشدوا علی أنفسهم حتی هلك بعضهم بشدة الریاضة و بعضهم فسد

ص: 34

عقله و جن و بعضهم مرض و انسدت علیه طرق العبادة.

و بعضهم عجز عن قمع الصفات بالكلیة فظن أن ما كلفه الشرع محال و أن الشرع تلبیس لا أصل له فوقع فی الإلحاد و الزندقة و ظهر لبعضهم أن هذا التعب كله لله و أن اللّٰه مستغن عن عبادة العباد لا ینقصه عصیان عاص و لا یزیده عبادة عابد فعادوا إلی الشهوات و سلكوا مسلك الإباحة فطووا بساط الشرع و الأحكام و زعموا أن ذلك من صفاء توحیدهم حیث اعتقدوا أن اللّٰه مستغن عن عبادة العباد.

و ظن طائفة أخری أن المقصود من العبادات المجاهدة حتی یصل العبد بها إلی معرفة اللّٰه تعالی فإذا حصلت المعرفة فقد وصل و بعد الوصال یستغنی عن الوسیلة و الحیلة فتركوا السعی و العبادة و زعموا أنه ارتفع محلهم فی معرفة اللّٰه سبحانه عن أن یمتحنوا بالتكالیف و إنما التكلیف علی عوام الخلق.

و وراء هذا مذاهب باطلة و ضلالة هائلة و خیالات فاسدة یطول إحصاؤها إلی أن یبلغ نیفا و سبعین فرقة و إنما الناجی منها فرقة واحدة و هی السالكة ما كان علیها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه و هو أن لا یتركوا الدنیا بالكلیة و لا یقمع فی الشهوات بالكلیة.

أما الدنیا فیأخذ منها قدر الزاد و أما الشهوات فیقمع منها ما یخرج عن طاعة الشرع و العقل فلا یتبع كل شهوة و لا یترك كل شهوة بل یتبع العدل و لا یترك كل شی ء من الدنیا و لا یطلب كل شی ء من الدنیا بل یعلم مقصود كل ما خلق من الدنیا و یحفظه علی حد مقصوده فیأخذ من القوت ما یقوی به البدن علی العبادة و من المسكن ما یحفظ به من اللصوص و الحر و البرد و من الكسوة كذلك حتی إذا فرغ القلب من شغل البدن أقبل علی اللّٰه بكنه همه و اشتغل بالذكر و الفكر طول العمر و بقی ملازما لسیاسة الشهوات و مراقبا لها حتی لا تجاوز حدود الورع و التقوی و لا یعلم تفصیل ذلك إلا بالاقتداء بالفرقة الناجیة الذین صحت عقائدهم و اتبعوا الرسول و أئمة الهدی صلوات اللّٰه علیهم فی أقوالهم و أفعالهم فإنهم ما كانوا

ص: 35

یأخذون الدنیا للدنیا بل للدین و ما كانوا یترهبون و یهجرون الدنیا بالكلیة و ما كان لهم فی الأمور تفریط و لا إفراط بل كانوا بین ذلك قواما و ذلك هو العدل و الوسط بین الطرفین و هو أحب الأمور إلی اللّٰه تعالی وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ یَا جَابِرُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَمَحْزُونٌ وَ إِنِّی لَمَشْغُولُ الْقَلْبِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا شَغَلَكَ وَ مَا حَزَنَ قَلْبَكَ فَقَالَ یَا جَابِرُ إِنَّهُ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ صَافِی خَالِصِ دِینِ اللَّهِ شُغِلَ قَلْبُهُ عَمَّا سِوَاهُ یَا جَابِرُ مَا الدُّنْیَا وَ مَا عَسَی أَنْ تَكُونَ الدُّنْیَا هَلْ هِیَ إِلَّا طَعَامٌ أَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ أَوِ امْرَأَةٌ أَصَبْتَهَا یَا جَابِرُ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَطْمَئِنُّوا إِلَی الدُّنْیَا بِبَقَائِهِمْ فِیهَا وَ لَمْ یَأْمَنُوا قُدُومَهُمُ الْآخِرَةَ یَا جَابِرُ الْآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ وَ الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ وَ لَكِنَّ أَهْلَ الدُّنْیَا أَهْلُ غَفْلَةٍ وَ كَأَنَّ الْمُؤْمِنِینَ هُمُ الْفُقَهَاءُ أَهْلُ فِكْرَةٍ وَ عِبْرَةٍ لَمْ یُصِمَّهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ وَ لَمْ یُعْمِهِمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَا رَأَوْا مِنَ الزِّینَةِ فَفَازُوا بِثَوَابِ الْآخِرَةِ كَمَا فَازُوا بِذَلِكَ الْعِلْمِ وَ اعْلَمْ یَا جَابِرُ أَنَّ أَهْلَ التَّقْوَی أَیْسَرُ أَهْلِ الدُّنْیَا مَئُونَةً وَ أَكْثَرُهُمْ لَكَ مَعُونَةً تَذْكُرُ فَیُعِینُونَكَ وَ إِنْ نَسِیتَ ذَكَّرُوكَ قَوَّالُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ قَوَّامُونَ عَلَی أَمْرِ اللَّهِ قَطَعُوا مَحَبَّتَهُمْ بِمَحَبَّةِ رَبِّهِمْ وَ وَحَشُوا الدُّنْیَا لِطَاعَةِ مَلِیكِهِمْ وَ نَظَرُوا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ إِلَی مَحَبَّتِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَنْظُورُ إِلَیْهِ لِعَظِیمِ شَأْنِهِ فَأَنْزِلِ الدُّنْیَا كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ ثُمَّ ارْتَحَلْتَ عَنْهُ أَوْ كَمَالٍ وَجَدْتَهُ فِی مَنَامِكَ وَ اسْتَیْقَظْتَ وَ لَیْسَ مَعَكَ مِنْهُ شَیْ ءٌ إِنِّی إِنَّمَا ضَرَبْتُ لَكَ هَذَا مَثَلًا لِأَنَّهَا عِنْدَ أَهْلِ اللُّبِّ وَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ كَفَیْ ءِ الظِّلَالِ یَا جَابِرُ فَاحْفَظْ مَا اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ مِنْ دِینِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ لَا تَسْأَلَنَّ عَمَّا لَكَ عِنْدَهُ إِلَّا مَا لَهُ عِنْدَ نَفْسِكَ فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْیَا عَلَی غَیْرِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَحَوَّلْ إِلَی دَارِ الْمُسْتَعْتَبِ فَلَعَمْرِی لَرُبَّ حَرِیصٍ عَلَی أَمْرٍ قَدْ شَقِیَ بِهِ حِینَ أَتَاهُ وَ لَرُبَّ كَارِهٍ

ص: 36

لِأَمْرٍ قَدْ سَعِدَ بِهِ حِینَ أَتَاهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی وَ لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَمْحَقَ الْكافِرِینَ (1).

بیان: قوله علیه السلام صافی خالص دین اللّٰه كأن إضافة الصافی إلی الخالص للبیان تأكیدا و یحتمل اللامیة أی المحبة الصافیة لله الحاصلة من خالص دینه و فی تحف العقول من دخل قلبه خالص حقیقة الإیمان (2)

و أكلته و أختاها علی صیغة الخطاب و یحتمل التكلم و الغرض أن هذه لذات قلیلة فانیة و لا یختارها العاقل علی النعم الجلیلة الباقیة.

لم یطمئنوا أی لم یلههم الأمل الطویل عن العمل و لم یأمنوا أی فی كل حین قدومهم الآخرة بالموت أو عذاب الآخرة أهل فكرة خبر مبتدأ محذوف استئنافا بیانیا و كذا قوله لم یصمهم استئناف بیانی للاستئناف ما سمعوا بآذانهم من وصف ملاذ الدنیا و زهراتها و حكومة أهلها و بسطة أیدیهم فیها و القصص الملهیة الباطلة.

و لم یعمهم عن ذكر اللّٰه الحاصل بالعبرة من أحوال الدنیا و فنائها ففازوا لترك الدنیا بثواب الآخرة كما فازوا بذلك العلم و هو العلم الیقینی بدناءة الدنیا و فنائها و رفعة الآخرة و بقائها و تمییز الخیر من الشر و الهدی من الضلالة و أهل الدنیا من أهل الآخرة و المحقین من المبطلین و من یجب اتباعه من أهل الآخرة و أئمة الحق و من یجب التبری عنه من أهل الدنیا و أصحابها و أئمة الضلالة فهذه هی الحكمة الحاصلة من الزهد فی الدنیا فلما فازوا بهذا العلم فازوا بنعیم الآخرة.

أیسر أهل الدنیا مئونة المئونة بالفتح القوت و الثقل و ذلك لأنهم یكتفون بقدر الكفایة بل الضرورة و المعونة مصدر بمعنی الإعانة تذكر أی حاجتك لهم فیعینونك فیها و إذا كنت متذكرا لما یوجب صلاح أمر دنیاك و آخرتك

ص: 37


1- 1. الكافی ج 2 ص 132، و الآیة فی آل عمران: 141.
2- 2. تحف العقول ص 295 فی ط و ص 286 فی ط آخر.

أعانوك علی فعله و إن كنت ناسیا له ذكروك و أرشدوك إلیه ثم یعینونك مع الحاجة إلی الإعانة.

قوالون بأمر اللّٰه أی بما أمر اللّٰه به أو بكل أمر یرضی اللّٰه به موعظة و إرشادا و تذكیرا و أمرا بالمعروف و نهیا عن المنكر قوامون علی أمر اللّٰه بحفظ دین اللّٰه و شرائعه و أصول الدین و فروعه و بمنع أهل الباطل و أرباب البدع من التغییر و التحریف فی دین اللّٰه.

قطعوا محبتهم أی عن كل شی ء أو عما لا یرضی اللّٰه بمحبة ربهم أی بسببها أو جعلوا محبتهم تابعین لمحبة اللّٰه و لا یحبون شیئا إلا لحب اللّٰه له كقوله تعالی وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ (1).

وحشوا الدنیا الوحشة ضد الأنس أی لم یستأنسوا بالدنیا لطاعة ملیكهم أی مالكهم و سیدهم أو ذی الملك و السلطنة علیهم إما لأمره بالزهد فی الدنیا أو لأن طاعة اللّٰه مطلقا و الإخلاص فیها لا تجتمع مع حب الدنیا نظروا إلی اللّٰه و إلی محبته بقلوبهم الظرف فی قوله بقلوبهم متعلق بنظروا أی لم ینظروا بعین قلوبهم إلا إلی اللّٰه أی رضاه أو معرفته و مراقبته و ذكره و عدم الالتفات إلی غیره و إلی محبته أی تحصیل حبهم لله أو حب اللّٰه لهم أو الأعم كما قال تعالی یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ (2) أو ما یحبه اللّٰه من الأخلاق و الأعمال و الأقوال.

و علموا أن ذلك أی المذكور و هو اللّٰه و محبته و الإشارة للتعظیم هو المنظور إلیه أی هو الذی ینبغی أن ینظر إلیه لا غیره لعظمة شأنه و حقارة ما سواه بالنسبة إلیه فأنزل الدنیا أی اجعلها عند نفسك كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه بل هذه الدنیا بالنسبة إلی الآخرة أقصر بالمراتب الغیر المتناهیة عن نسبة مدة نزول المنزل بالنسبة إلی مدة عمر الدنیا لأن الأولی نسبة المتناهی إلی غیر المتناهی و الثانیة نسبة المتناهی إلی المتناهی و الغرض العمدة من التشبیه أنها لم تخلق للتوطن بل للعبور

ص: 38


1- 1. الإنسان: 30، التكویر: 29.
2- 2. المائدة: 54.

كما أن منازل المسافر إنما تبنی لذلك و قد قال بعض الشعراء فی هذا المعنی:

نزلنا هاهنا ثم ارتحلنا***كذا الدنیا نزول و ارتحال

أردنا أن نقیل بها و لكن***مقیل المرء فی الدنیا محال

و هذا مثل للمبتدین ثم ذكر مثلا كاملا للكاملین و هو أو كمال وجدته فی منامك إلی آخره فإن أكثر الناس فی الدنیا كالنائمین لغفلتهم عن الآخرة و عما یراد بهم فإذا ماتوا لم یجدوا معهم شیئا مما اكتسبوا فی الدنیا للدنیا كما قال أمیر المؤمنین علیه السلام الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا.

ثم ذكر علیه السلام تمثیلا ثالثا و هو أنها كفیئ الظلال فی سرعة الزوال و الظلال بالكسر جمع الظل و هو و الفی ء بمعنی واحد عند كثیر من الناس و قال ابن قتیبة الظل یكون غدوة و عشیة و الفی ء لا یكون إلا بعد الزوال لأنه ظل فاء عن جانب المغرب إلی جانب المشرق و الفی ء الرجوع و قال ابن السكیت الظل من الطلوع إلی الزوال و الفی ء من الزوال إلی المغرب و قال تغلب الظل للشجرة و غیرها للغداة و الفی ء للعشاء و قال رؤبة كلما كانت علیه الشمس فزالت عنه فهو ظل و فی ء و ما لم تكن علیه الشمس فهو ظل و من هنا قیل الشمس تنسخ الظل و الفی ء ینسخ الشمس و المراد هنا بالفی ء إما المصدر أی كرجوع الظلال أی كما تظل فی ظل شجرة مثلا فتنتفع به ساعة فترجع عنك فتكون فی الشمس أو المراد بالفی ء الظل و بالظلال ما أظلك من شجر و جدار و نحوهما أو المراد بالظلال قطعات السحاب التی تواری الشمس قلیلا ثم تذهب و هذا أنسب قال فی القاموس الظل من كل شی ء شخصه و من السحاب ما واری الشمس منه و الظلالة بالكسر السحابة تراها وحدها و تری ظلها علی الأرض و كسحاب ما أظلك و قال راعیته لاحظته محسنا إلیه و الأمر نظرت إلی م یصیر و أمره حفظه كرعاه و استرعاه إیاهم استحفظه انتهی و فی تحف العقول فاحفظ یا جابر ما أستودعك من دین اللّٰه و حكمته.

قوله علیه السلام و لا تسألن أقول یحتمل وجوها الأول أن یكون المعنی لا تبالغ فی الدعاء و السؤال من اللّٰه عما لك عنده من الرزق و غیره مما ضمن لك و لكن

ص: 39

سله التوفیق عما له عندك من الطاعات و الاستثناء ظاهره الانقطاع و یحتمل الاتصال أیضا لأن التوفیق و الإعانة أیضا مما للعبد عند اللّٰه.

الثانی أن یكون المراد لا تسأل أحدا عما لك عند اللّٰه من الأجر و الرزق و أمثالهما فإنها بید اللّٰه و علمها عنده و لا ینفعك السؤال عنها بل سل العلماء عما لله عندك من الطاعات لتعلم شرائطها و كیفیاتها.

الثالث أن یكون المعنی أنك لا تحتاج إلی السؤال عما لك عند اللّٰه من الثواب فإنه بقدر ما لله عندك من عملك فیمكنك معرفته بالرجوع إلی نفسك و عملك فعلی هذا یحتمل أن یكون التقدیر لا تسأل عما لك عند اللّٰه من أحد إلا مما له عندك فیكون ما له عنده مسئولا و الاستثناء متصلا لكن فی السؤال تجوز و یؤید الأخیر علی الوجهین ما روی فِی الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْیَعْلَمْ مَا لِلَّهِ عِنْدَهُ.

و فی تحف العقول فی هذا الخبر مكان هذه الفقرة هكذا و انظر ما لله عندك فی حیاتك فكذلك یكون لك العهد عنده فی مرجعك.

قوله علیه السلام فإن تكن الدنیا أقول هذه الفقرة أیضا تحتمل وجوها الأول ما ذكره بعض المحققین أن المعنی إن تكن الدنیا عندك علی غیر ما وصف لك فتكون تطمئن إلیها فعلیك أن تتحول فیها إلی دار ترضی فیها ربك یعنی أن تكون فی الدنیا ببدنك و فی الآخرة بروحك تسعی فی فكاك رقبتك و تحصیل رضا ربك عنك حتی یأتیك الموت.

الثانی ما ذكره بعض الأفاضل أن المعنی إن تكن الدنیا عندك علی غیر ذلك فانتقل إلی مقام التوبة و الاستعتاب و الاسترضاء فإن هذه عقیدة سیئة.

الثالث ما خطر بالبال أن المعنی إن لم تكن الدنیا عندك علی ما وصفت لك فتوجه إلی الدنیا و انظر بعین البصیرة فیها و تفكر فی أحوالها من فنائها و تقلبها بأهلها لیتحقق لك حقیقة ما ذكرت و إنما عبر علیه السلام عن ذلك بالتحول إشعارا بأن من أنكر ذلك فكأنه لغفلته و غروره لیس فی الدنیا فلیتحول إلیها

ص: 40

لیعرف ذلك.

الرابع أنه أراد أنه لا بد لكل مكلف من دار استرضاء حتی یرضی فیها ربه بالأعمال الصالحة فإذا لم تكن الدنیا عندك كما وصفتها لك بل تكون منهمكا فی لذاتها حریصا علیها فلتطلب دار استرضاء أخری غیر التی أنت فیها فإنه مما لا بد منه.

الخامس أن یقرأ تحول بصیغة المضارع المخاطب بحذف إحدی التاءین فالمعنی أنه لا یخفی علی ذی عقل قبح الدنیا و فنائها فإن زعمت أنه لیس كذلك فلعلك تقول ذلك لأجل أنها دار یمكن فیها تحصیل رضا اللّٰه و هذا لا ینافی ما ذكرت لك من ذم الركون إلی لذاتها و شهواتها كما عرفت سابقا: السادس أن یكون المراد بدار المستعتب دار الآخرة لأن الكفار یطلبون فیها الرجوع إلی الدنیا عند مشاهدة عذابها كما قال تعالی وَ إِنْ یَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِینَ (1) فالمراد به إن لم تصدق بهذه الأوصاف لهذه الدار فاصبر حتی ترد دار القرار فإنه حینئذ یظهر لك حقیقة هذا الكلام و علی هذا الوجه یمكن أن یقرأ علی اسم الفاعل أیضا.

السابع ما ذكره بعض المدعین للفضل أن المستعتب لعله اسم رجل ذی جاه و مال أصابه الذل و ذهب جمیع ما كان له فقال علیه السلام تحول إلی داره لتعتبر به و إنما ذكرناه لغرابته.

و أقول فی تحف العقول لیس لفظ غیر بل هو هكذا فإن تكن الدنیا عندك علی ما وصفت لك فتحول عنها إلی دار المستعتب الیوم فیؤید المعنی الأول أی إذا عرفت أن الدنیا كذلك و صدقت بما قلت فتحول عنها أی انتقل إلی الآخرة بقلبك و اقطع تعلقك عن الدنیا الیوم اختیارا قبل أن تقلع عنها عند الموت اضطرارا أو إلی مقام الاسترضاء كما مر.

و الظاهر أن المستعتب علی أكثر الاحتمالات مصدر میمی قال فی القاموس

ص: 41


1- 1. فصّلت: 24.

العتبی بالضم الرضا و استعتبه أعطاه العتبی كأعتبه و طلب إلیه العتبی ضد و إن تستعتبوا فما هم من المعتبین أی إن یستقیلوا ربهم لم یقلهم أی لم یردهم إلی الدنیا و فی النهایة المعتبة الغضب و أعتبنی فلان إذا عاد إلی مسرتی و استعتب طلب أن یرضی عنه كما یقول استرضیته فأرضانی و المعتب المرضی

وَ مِنْهُ الْحَدِیثُ: لَا یَتَمَنَّیَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ یَزْدَادُ وَ إِمَّا مُسِیئاً فَلَعَلَّهُ یَسْتَعْتِبُ.

أی یرجع عن الإساءة و یطلب الرضا و منه الحدیث و لا بعد الموت من مستعتب أی لیس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت و انقضی زمانها و ما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل انتهی.

و قوله علیه السلام فلعمری أی أقسم بحیاتی و فی القسم مفتوح غالبا لرب حریص علی أمر من أمور الدنیا قد شقی به حین أتاه أی تعب به فی الدنیا أو صار سببا لشقاوته فی الآخرة و یطلق غالبا علی سوء العاقبة و السعادة ضد الشقاوة و تطلق غالبا علی حسن العاقبة و راحة الآخرة.

فی القاموس الشقاء الشدة و العسر و یمد شقی كرضی شقاوة و یكسر و شقا و شقاء و شقوة و یكسر و قال السعادة خلاف الشقاوة و قد سعد كعلم و عنی فهو سعید و مسعود.

و قال الراغب و السعد و السعادة معاونة الأمور الإلهیة للإنسان علی نیل الخیر و یضاد الشقاوة و قال الشقاوة خلاف السعادة و كما أن السعادة فی الأصل ضربان سعادة أخرویة و سعادة دنیویة ثم السعادة الدنیویة ثلاثة أضرب سعادة نفسیة و بدنیة و خارجیة كذلك الشقاوة علی هذه الأضرب و قال بعضهم قد یوضع الشقاء موضع التعب نحو شقیت فی كذا و كل شقاوة تعب و لیس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة(1).

و فی التحف فلرب حریص علی أمر من أمور الدنیا قد ناله فلما ناله كان علیه وبالا و شقی به و لرب كاره لأمر من أمور الآخرة قد ناله فسعد به و إلی هنا انتهی الخبر فیه.

ص: 42


1- 1. مفردات غریب القرآن 232 و 264.

قوله وَ لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الآیة فی آل عمران عند ذكر غزوة أحد حیث قال تعالی وَ تِلْكَ الْأَیَّامُ نُداوِلُها بَیْنَ النَّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الظَّالِمِینَ وَ لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا قال الطبرسی رحمه اللّٰه بین وجه المصلحة فی مداولة الأیام بین الناس أی و لیبتلی اللّٰه الذین آمنوا وَ یَمْحَقَ الْكافِرِینَ ینقصهم أو لیخلص اللّٰه ذنوب المؤمنین أو ینجی اللّٰه الذین آمنوا من الذنوب بالابتلاء و یهلك الكافرین بالذنوب عند الابتلاء(1).

و أقول هذا الوجه الأخیر أنسب بالخبر لیكون استشهادا للجزئین معا فإن الكافرین كانوا حرصاء فی الغلبة علی المؤمنین فنالوها فصارت سببا لشقاوتهم و مزید عذابهم و المؤمنین كانوا كارهین للمغلوبیة فصارت سببا لمزید سعادتهم و تمحیص ذنوبهم.

قال الراغب أصل المحص تخلیص الشی ء مما فیه من عیب یقال محصت الذهب و محصته إذا أزلت عنه ما یشوبه من خبث قال تعالی وَ لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا فالتمحیص هنا كالتزكیة و التطهیر(2).

«18»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: إِنَّ الدُّنْیَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا أَلَا وَ كُونُوا مِنَ الزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أَلَا إِنَّ الزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ التُّرَابَ فِرَاشاً وَ الْمَاءَ طِیباً وَ قُرِّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْرِیضاً أَلَا وَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا هَانَتْ عَلَیْهِ الْمَصَائِبُ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً كَمَنْ رَأَی أَهْلَ الْجَنَّةِ فِی الْجَنَّةِ مُخَلَّدِینَ وَ كَمَنْ رَأَی أَهْلَ

ص: 43


1- 1. مجمع البیان ج 2 ص 510.
2- 2. المفردات: 464.

النَّارِ فِی النَّارِ مُعَذَّبِینَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ أَنْفُسُهُمْ عَفِیفَةٌ وَ حَوَائِجُهُمْ خَفِیفَةٌ صَبَرُوا أَیَّاماً قَلِیلَةً فَصَارُوا بِعُقْبَی رَاحَةٍ طَوِیلَةٍ أَمَّا اللَّیْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَجْرِی دُمُوعُهُمْ عَلَی خُدُودِهِمْ وَ هُمْ یَجْأَرُونَ إِلَی رَبِّهِمْ یَسْعَوْنَ فِی فَكَاكِ رِقَابِهِمْ وَ أَمَّا النَّهَارَ فَحُكَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِیَاءُ كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ مِنَ الْعِبَادَةِ یَنْظُرُ إِلَیْهِمُ النَّاظِرُ فَیَقُولُ مَرْضَی وَ مَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ أَمْ خُولِطُوا فَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِیمٌ مِنْ ذِكْرِ النَّارِ وَ مَا فِیهَا(1).

توضیح: أن الدنیا قد ارتحلت یقال رحل و ارتحل أی شخص و سار مدبرة المراد بإدبار الدنیا تقضیها و انصرامها و بإقبال الآخرة قرب الموت و ما یكون بعدها من نعیم أو عذاب فشبه الدنیا و حیاتها براكب حمل علی مراكبها أثقالها و هی لذات الدنیا و شهواتها و أموالها و سائر ما یتعلق الإنسان بها و الموت براكب آخر حمل علی مراكبه نعیمه و عذابه و سائر ما یكون بعده فالراكب الأول یوما فیوما و ساعة فساعة فی التقضی و الفناء فهو یبعد عن الإنسان و الراكب الثانی یسیر إلی الإنسان و یقرب منه فعن قریب یصل إلیه فلا بد من الاستعداد لوصوله و تلقیه بالعقائد الحقة و الأعمال الصالحة.

و لكل واحدة منهما بنون استعار علیه السلام لفظ البنین للعباد بالنسبة إلی الدنیا و الآخرة فشبههم لمیل كل منهم إلی إحداهما میل الولد إلی والده و ركون الفصیل إلی أمه و توقع كل منهم توقع النفع من إحداهما و مشابهته بها و كونه مخلوقة لأجلها و شبه كلا منهما بالأب أو بالأم لتأنیثهما أو الآخرة بالأب و الدنیا بالأم لنقصها و لمناسبة الآباء العلویة بالأولی و الأمهات السفلیة بالثانیة فكأن أبناء الدنیا بمنزلة أولاد الزنا لا أب لهم.

فكونوا من أبناء الآخرة لبقائها و خلوص لذاتها و لكونها صادقة فی وعدها و لا تكونوا من أبناء الدنیا لفنائها و كذبها و غرورها و كون لذاتها مشوبة بأنواع الآلام ثم أشار علیه السلام إلی أن المقصود لیس مجرد رفض الدنیا و ترك العمل

ص: 44


1- 1. الكافی ج 2 ص 132.

لها بل مع إزالة حبها من القلب بقوله و كونوا من الزاهدین إلخ.

و البساط فعال بمعنی المفعول أی اكتفوا بالأرض عوضا عن الفرش المبسوطة فی البیوت مع عدم تیسر البساط إلا من الحرام أو الشبهة أو مطلقا و الأول أنسب بالجمع بین الأخبار و كذا فی البواقی و فی الصحاح البساط ما یبسط و بالفتح الأرض الواسعة و التراب فراشا بمعنی المفروش أی عوضا عن الثیاب الناعمة المحشوة بالقطن و غیره للنوم علیها فإن التراب ألین من سائر أجزاء الأرض و الماء طیبا فإن الطیب عمدة منفعته دفع الروائح الكریهة و هو یتحقق بالغسل بالماء و ما قیل من أن المراد التلذذ بشرب الماء بدلا من الأشربة اللذیذة لأن أصل الطیب اللذة كما فی القاموس فهو بعید.

و قرضوا من الدنیا تقریضا علی بناء المفعول من التفعیل من القرض بمعنی القطع و بناء التفعیل للمبالغة و قیل بمعنی التجاوز من قرضت الوادی إذا جزته أو بمعنی العدول من قرضت المكان إذا عدلت عنه و فی النهج ثم قرضوا الدنیا قرضا(1).

قوله علیه السلام سلا عن الشهوات أی نسیها و تركها و فی القاموس سلاه و عنه كدعاه و رضیه سلوا و سلوا و سلوانا و سلیا نسیه و أسلاه عنه فتسلی عن المحرمات و فی بعض النسخ عن الحرمات جمع الحرمة كالغرفات جمع الغرفة هانت علیه المصائب لأنها راجعة إلی فوات الأمور الدنیویة و من زهد فیها سهل عنده فواتها.

قوله علیه السلام كمن رأی أی صاروا من الیقین بمنزلة المعاینة كما مر فی باب الیقین مخلدین أی كأنه یری خلودهم أو یراهم مع علمه بخلودهم و من الأفاضل من قرأ مخلدین علی بناء الفاعل من الإفعال كقولهم أخلد إلیه أی مال و لا یخفی بعده.

و قلوبهم محزونة لهم الآخرة و خوف التقصیر و عدم العلم بالعاقبة أنفسهم

ص: 45


1- 1. نهج البلاغة- تحت الرقم 104 من قسم الحكم.

عفیفة عن المحرمات و الشبهات و حوائجهم خفیفة لاقتصارهم فی الدنیا علی القدر الضروری منها صبروا أیاما قلیلة أی أیام عمرهم فإنها قلیلة فی جنب أیام الآخرة صبروا فیها علی الفقر و الضر و مشقة فعل الطاعات و ترك المحرمات و إیذاء الظلمة و المخالفین فصاروا بعقبی راحة طویلة فی القاموس العقبی جزاء الأمر و قال الراغب العقب و العقبی یختصان بالثواب نحو خَیْرٌ

ثَواباً وَ خَیْرٌ عُقْباً(1) و قال أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَی الدَّارِ(2) فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ(3) و العاقبة إطلاقها یختص بالثواب نحو وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (4) و بالإضافة قد تستعمل فی العقوبة نحو ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای (5) انتهی.

و أقول العقبی غالبه أنه یستعمل فی الثواب و قد یستعمل فی العقاب أیضا كقوله تعالی تِلْكَ عُقْبَی الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَی الْكافِرِینَ النَّارُ(6) و قوله سبحانه وَ لا یَخافُ عُقْباها(7) و قال البیضاوی (8)

فی قوله تعالی أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَی الدَّارِ أی عاقبة الدنیا و ما ینبغی أن یكون مال أهلها و هی الجنة و فی قوله سبحانه تِلْكَ عُقْبَی الَّذِینَ اتَّقَوْا أی الجنة الموصوفة مالهم و منتهی أمرهم و فی قوله وَ سَیَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَی الدَّارِ(9) اللام یدل علی أن المراد بالعقبی العاقبة المحمودة انتهی و الباء فی قوله بعقبی إما بمعنی إلی أو بمعنی مع و إضافة العقبی إلی الراحة للبیان و یحتمل غیره أیضا و فی فقه الرضا فصارت لهم العقبی راحة طویلة.

و أما اللیل ظاهره النصب علی الظرفیة و قیل یحتمل الرفع علی الابتداء و التخصیص به لأن العبادة فیه أشق و أقرب إلی القربة و حضور القلب

ص: 46


1- 1. الكهف: 44.
2- 2. الرعد: 22.
3- 3. الرعد: 24.
4- 4. الأعراف: 128.
5- 5. الروم: 10، راجع مفردات غریب القرآن ص 340.
6- 6. الرعد: 35.
7- 7. الشمس: 15.
8- 8. أنوار التنزیل: 213.
9- 9. الرعد: 42، راجع أنوار التنزیل: 215.

فیه أكثر كما قال تعالی إِنَّ ناشِئَةَ اللَّیْلِ هِیَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِیلًا(1) فصافون أقدامهم أی للصلاة و یدل علی استحباب صف القدمین فی الصلاة بحیث لا یكون أحدهما أقرب من القبلة من الأخری أو تكون الفاصلة بینهما من الأصابع إلی العقبین مساویة و الأول أظهر و علی استحباب التضرع و البكاء فی صلاة اللیل: و فی القاموس جار كمنع جأرا و جؤارا رفع صوته بالدعاء و تضرع و استغاث قوله فی فكاك رقابهم أی من النار كأنهم القداح فی القاموس القدح بالكسر السهم قبل أن یراش و ینصل و الجمع قداح و أقداح و أقادیح انتهی و أشار علیه السلام إلی وجه التشبیه بالقداح بقوله قد براهم الخوف أی نحلهم و ذبلهم كما یبری السهم فی القاموس بری السهم یبریه بریا و ابتراه نحته و براه السفر یبریه بریا هزله و قوله من العبادة إما متعلق بقوله براهم أی نحتهم الخوف بآلة العبادة أی بحمله إیاهم علیها و علی كثرتها أو بقوله كأنهم القداح فیرجع إلی الأول و علی التقدیرین من للسببیة و العلیة أو متعلق بالخوف أی من قلة العبادة و الأول أظهر.

فیقول مرضی أی یظن أنهم مرضی لصفرة وجوههم و نحافة بدنهم فخطأ علیه السلام ظنه و قال و ما بالقوم من مرض بل هم من الأصحاء من الأدواء النفسانیة و الأمراض القلبیة أم خولطوا أی أو یقول خولطوا و یحتمل أن یكون مرضی علی الاستفهام و قوله أم خولطوا معادلا له من كلام الناظر فاعترض جوابه علیه السلام بین أجزاء كلامه.

و الحاصل أنهم لما كانوا لشدة اشتغالهم بحب اللّٰه و عبادته و اعتزالهم عن عامة الخلق و مباینة أطوارهم لأطوارهم و أقوالهم لأقوالهم و یسمعون منهم ما هو فوق إدراكهم و عقولهم فتارة ینسبونهم إلی المرض الجسمانی و تارة إلی المرض الروحانی و هو الجنون و اختلاط العقل بما یفسده فأجاب علیه السلام عن الأول بالنفی المطلق و عن الثانی بأن المخالطة متحققة لكن لا بما یفسد

ص: 47


1- 1. المزّمّل: 6.

العقل بل بما یكمله من خوف النار و حب الملك الغفار.

«19»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ الْحَرِیرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُیُوبَ الدُّنْیَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْیَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ (1).

بیان: قال فی المغرب زهد فی الشی ء و عن الشی ء زهدا و زهادة إذا رغب عنه و لم یرده و من فرق بین زهد فیه و عنه فقد أخطأ و قال فی عدة الداعی

رُوِیَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سَأَلَ جَبْرَئِیلَ علیه السلام عَنْ تَفْسِیرِ الزُّهْدِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام الزَّاهِدُ یُحِبُّ مَنْ یُحِبُّ خَالِقُهُ وَ یُبْغِضُ مَنْ یُبْغِضُ خَالِقُهُ وَ یَتَحَرَّجُ مِنْ حَلَالِ الدُّنْیَا وَ لَا یَلْتَفِتُ إِلَی حَرَامِهَا فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ یَرْحَمُ جَمِیعَ الْمُسْلِمِینَ كَمَا یَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ یَتَحَرَّجُ مِنَ الْكَلَامِ فِیمَا لَا یَعْنِیهِ كَمَا یَتَحَرَّجُ مِنَ الْحَرَامِ وَ یَتَحَرَّجُ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ كَمَا یَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَیْتَةِ الَّتِی قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا وَ یَتَحَرَّجُ مِنْ حُطَامِ الدُّنْیَا وَ زِینَتِهَا كَمَا یَجْتَنِبُ النَّارَ أَنْ یَغْشَاهَا وَ أَنْ یَقْصُرَ أَمَلَهُ وَ كَانَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَجَلُهُ.

و الحكمة العلوم الحقة المقرونة بالعمل أو العلوم الربانیة الفائضة من اللّٰه تعالی بعد العمل بطاعته و قد مر تحقیقها فی كتاب العقل و غیره.

قال الراغب الحكمة إصابة الحق بالعلم و العقل فالحكمة من اللّٰه تعالی معرفة الأشیاء و إیجادها علی غایة الإحكام و من الإنسان معرفة الموجودات و فعل الخیرات و هذا هو الذی وصف به لقمان فی قوله تعالی وَ لَقَدْ آتَیْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ(2) و نبه علی جملتها بما وصفه بها انتهی (3).

قوله علیه السلام داءها و دواءها كأنه بدل اشتمال للعیوب أی المراد بتبصیر العیوب أن یعرفه أدواء الدنیا من ارتكاب المحرمات و الصفات الذمیمة المتفرعة

ص: 48


1- 1. الكافی ج 2 ص 128.
2- 2. لقمان: 12.
3- 3. المفردات: 127.

علی حب الدنیا و یعرفه ما یعالج به تلك الأدواء من التفكرات الصحیحة و المواعظ الحسنة و فعل الطاعات و الریاضات و مجاهدة النفس فی ترك الشهوات كأن یقال الطب حد معرفة الأمراض بأن یعرف ما تحصل منه و أصل المرض و كیفیة علاجه أو یقال الدنیا دنیاءان دنیا بلاغ یصیر سببا لتحصیل الآخرة و دنیا ملعونة فلما ذكر عیوب الدنیا فصلها و بین أن منها ما هو داء و منها ما هو دواء.

و یحتمل حینئذ ارتكاب استخدام بأن یكون المراد بالدنیا أولا الدنیا المذمومة و بالضمیر الأعم و یحتمل أن یكون داؤها تأكیدا لعیوب الدنیا و دواؤها عطفا علی العیوب.

و قیل داؤها و دواؤها مجروران بدلا بعض للدنیا فالمراد بعیوب دواء الدنیا شدتها علی النفس و صعوبتها و ربما یقرأ دواها بالقصر بمعنی الأحمق أی المبتلی بحب الدنیا و لا یخفی بعده و أخرجه من الدنیا سالما من العیوب و المعاصی إلی دار السلام أی الجنة التی من دخلها سلم من جمیع المكاره و الآلام.

«20»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ جَمِیعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: جُعِلَ الْخَیْرُ كُلُّهُ فِی بَیْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِی الدُّنْیَا ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِیمَانِ فِی قَلْبِهِ حَتَّی لَا یُبَالِیَ مَنْ أَكَلَ الدُّنْیَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَرَامٌ عَلَی قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَزْهَدَ فِی الدُّنْیَا(1).

بیان: جعل الخیر كله إلخ لما كان الزهد فی الدنیا سببا لحصول جمیع السعادات العلمیة و العملیة شبه تلك الكمالات بالأمتعة المخزونة فی بیت و الزهد بمفتاح ذلك البیت لا یجد الرجل إلخ شبه صلی اللّٰه علیه و آله الإیمان بشی ء حلو فی

ص: 49


1- 1. الكافی ج 2 ص 128.

میل الطبع السلیم إلیه و أثبت له الحلاوة علی الاستعارة المكنیة و التخییلیة أو استعار لفظ الحلاوة لآثار الإیمان التی تلتذ الروح بها حتی لا یبالی من أكل الدنیا یحتمل أن یكون من اسم موصول و أكل فعلا ماضیا و أن یكون من حرف جر و أكل مصدرا فعلی الأول المعنی أنه لا یعتنی بشأن الدنیا بحیث لا یحسد أحدا علیها و لو كانت كلها لقمة فی فم كلب لم یغتم لذلك و لم یر ذلك له كثیرا و علی الثانی أیضا یرجع إلی ذلك أو المعنی لا یعتنی بأكل الدنیا و التصرف فیها.

«21»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ مِنْ أَعْوَنِ الْأَخْلَاقِ عَلَی الدِّینِ الزُّهْدَ فِی الدُّنْیَا(1).

بیان: إن من أعون الأخلاق إلخ و ذلك لأن الاشتغال بالدنیا و صرف الفكر فی طرق تحصیلها و وجه ضبطها و رفع موانعها مانع عظیم من تفرغ القلب للأمور الدینیة و تفكره فیها بل حبها لا یجتمع مع حب اللّٰه تعالی و طاعته و طلب الآخرة كما روی أن الدنیا و الآخرة ضرتان إذ المیل بأحدهما یضر بالآخر.

«22»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَنِ الزُّهْدِ فَقَالَ عَشَرَةُ أَشْیَاءَ فَأَعْلَی دَرَجَةِ الزُّهْدِ أَدْنَی دَرَجَةِ الْوَرَعِ وَ أَعْلَی دَرَجَةِ الْوَرَعِ أَدْنَی دَرَجَةِ الْیَقِینِ وَ أَعْلَی دَرَجَةِ الْیَقِینِ أَدْنَی دَرَجَةِ الرِّضَا أَلَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِی آیَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (2).

ص: 50


1- 1. الكافی ج 2 ص 128.
2- 2. الكافی ج 2 ص 128، و الآیة فی سورة الحدید: 23.

بیان: قد مر صدر هذا الخبر فی باب الرضا بالقضاء(1) إلی قوله إلا أن الزهد و كان فیه الزهد عشرة أجزاء و منهم من جعل الأجزاء العشرة باعتبار ترك حب عشرة أشیاء المال و الأولاد و اللباس و الطعام و الزوجة و الدار و المركوب و الانتقام من العدو و الحكومة و حب الشهرة بالخیر و هو تكلف مستغنی عنه و الآیات فی الحدید هكذا اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ إلی قوله سبحانه وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ثم قال تعالی بعد آیة ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ لِكَیْلا تَأْسَوْا قال المفسرون أی كتبنا ذلك فی كتاب لِكَیْلا تَأْسَوْا أی تحزنوا عَلی ما فاتَكُمْ من نعم الدنیا وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ أی ما أعطاكم منها و قال الطبرسی رحمه اللّٰه و الذی یوجب نفی الأسی و الفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن اللّٰه تعالی العوض علیه فی الآخرة فلا ینبغی أن یحزن لذلك و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر علیه و الحقوق الواجبة فیه فلا ینبغی أن یفرح به و أیضا فإذا علم أن شیئا منها لا یبقی فلا ینبغی أن یهتم له بل یجب أن یهتم لأمر الآخرة التی تدوم و لا تبید انتهی (2).

و لا یخفی أن هذین الوجهین لا ینطبقان علی التعلیل المذكور فی الآیة إلا أن یقال إن هذه الأمور أیضا من الأمور المكتوبة و لذا قال غیره إن العلة فی ذلك أن من علم أن الكل مقدر هان علیه الأمر.

و قال بعض الأفاضل هو تعلیل لقوله قبل ذلك بثلاث آیات اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ و هذا وجه حسن بحسب المعنی و لا تكلف فی التعلیل حینئذ لكنه بحسب اللفظ بعید و إن كانت الآیات متصلة بحسب المعنی

ص: 51


1- 1. یعنی باب الرضا بالقضاء من الكافی ص 62.
2- 2. مجمع البیان ج 9 ص 240.

مسوقة لأمر واحد و قد مر وجه آخر فی تأویل الآیة فی كتاب الإمامة و أنها نازلة فی أهل البیت علیهم السلام و قد بیناه هناك.

و قال البیضاوی المراد منه نفی الأسی المانع عن التسلیم لأمر اللّٰه و الفرح الموجب للبطر و الاختیال و اللّٰه لا یحب كل مختال فخور إذ قل من یثبت نفسه حالی السراء و الضراء انتهی (1).

وَ رُوِیَ فِی نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الزُّهْدُ كُلُّهُ بَیْنَ كَلِمَتَیْنِ فِی الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ فَمَنْ لَمْ یَأْسَ عَلَی الْمَاضِی وَ لَمْ یَفْرَحْ بِالْآتِی فَقَدْ أَخَذَ الزُّهْدَ بِطَرَفَیْهِ (2).

«23»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كُلُّ قَلْبٍ فِیهِ شَكٌّ أَوْ شِرْكٌ فَهُوَ سَاقِطٌ وَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِالزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا لِتَفْرُغَ قُلُوبُهُمْ لِلْآخِرَةِ(3).

«24»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِینٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ عَلَامَةَ الرَّاغِبِ فِی ثَوَابِ الْآخِرَةِ زُهْدُهُ فِی عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْیَا أَمَا إِنَّ زُهْدَ الزَّاهِدِ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا لَا یَنْقُصُهُ مِمَّا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا وَ إِنْ زَهِدَ وَ إِنَّ حِرْصَ الْحَرِیصِ عَلَی عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْیَا لَا یَزِیدُهُ فِیهَا وَ إِنْ حَرَصَ فَالْمَغْبُونُ مَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْآخِرَةِ(4).

بیان: إن علامة الراغب إشارة إلی ما عرفت من أن الدنیا و الآخرة ضرتان لا یجتمع حبهما فی قلب فالراغب فی أحدهما زاهد فی الآخر لا محالة و إنما أدخل العاجل لأنه السبب لاختیار الناس الدنیا غالبا علی ثواب الآخرة آجلا أو لدلالته علی عدم الثبات و قیل لأن زهرة الدنیا المتعلقة بالآجلة و الآخرة كقدر ما یحتاج إلیه الإنسان لتحصیل ما ینفع فی الآخرة لا ینافی الرغبة فی ثوابها

ص: 52


1- 1. أنوار التنزیل: 423.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 439 من الحكم.
3- 3. الكافی ج 2 ص 129.
4- 4. الكافی ج 2 ص 129.

بل معین لحصوله و المراد بزهرة الدنیا بهجتها أو نضارتها أو متاعها تشبیها له بزهرة النبات لكونها أقل الریاحین ثباتا و هو إشارة إلی قوله تعالی وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَیْرٌ وَ أَبْقی (1)

قال فی القاموس الزهرة و یحرك النبات و نوره أو الأصفر منه و من الدنیا بهجتها و نضارتها و حسنها انتهی قوله علیه السلام فی هذه الدنیا الإشارة للتحقیر و إن زهد أی بالغ فی الزهد و كذا قوله و إن حرص أو المراد بقوله و إن زهد و إن سعی فی صرفها عن نفسه و بقوله و إن حرص أی بالغ فی تحصیلها فالمراد بالزهد و الحرص الأولین القلبیان بالآخرین الجسمانیان.

و الحاصل أن الرزق لكل أحد مقدر و إن كان وصولها إلیه مشروطا بقدر من السعی علی ما أمره الشارع من غیر إفراط یمنعه عن الطاعات و لا تقصیر كثیر بترك السعی مطلقا و لا مدخل لكثرة السعی فی كثرة الرزق فمن ترك الطاعات و ارتكب المحرمات فی ذلك حرم ثواب الآخرة و لا یزید رزقه فی الدنیا فهو مغبون و هذا علی القول بأن مقدار الرزق معین مقدر و لا یزید بالسعی و لا ینقص بتركه و علی القول بأن الرزق المقدر الواجب علی اللّٰه تعالی هو القدر الضروری و یزید بالكسب بالسعی فیحتاج الخبر إلی تأویل بعید و سیأتی الكلام فیه فی محله إن شاء اللّٰه تعالی.

«25»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا أَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْ ءٌ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا أَنْ یَكُونَ فِیهَا جَائِعاً خَائِفاً(2).

بیان: إلا أن یكون فیها كان الاستثناء منقطع و یحتمل الاتصال

ص: 53


1- 1. طه: 131.
2- 2. الكافی ج 2 ص 129.

جائعا أی بسبب الصوم أو الإیثار علی الغیر أو لأن الجوع موجب للقرب من اللّٰه تعالی بخلاف الشبع فإنه موجب للبعد مع أن فی الجوع الاضطراری و الصبر علیه و الرضا بقضائه سبحانه لذة للمقربین خائفا أی من عذاب الآخرة أو من العدو فی الجهاد أیضا أو لأن الضراء فی الدنیا مطلقا موجب للسراء فی الآخرة و قد أشبعنا الكلام فی جوعه و قناعه و تواضعه صلی اللّٰه علیه و آله فی المأكل و الملبس و المجلس و سائر أحواله فی المجلد السادس.

«26»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مَحْزُونٌ فَأَتَاهُ مَلَكٌ وَ مَعَهُ مَفَاتِیحُ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ هَذِهِ مَفَاتِیحُ خَزَائِنِ الدُّنْیَا یَقُولُ لَكَ رَبُّكَ افْتَحْ وَ خُذْ مِنْهَا مَا شِئْتَ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُنْقَصَ شَیْئاً عِنْدِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الدُّنْیَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَ لَهَا یَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ فَقَالَ الْمَلَكُ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ مَلَكٍ یَقُولُ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ حِینَ أُعْطِیتُ الْمَفَاتِیحَ (1).

بیان: خرج النبی أی من البیت أو إلی بعض الغزوات و هو محزون لعل حزنه صلی اللّٰه علیه و آله كان لضعف المسلمین و عدم رواج الدین و قوة المشركین و قلة أسباب الجهاد من غیر أن تنقص علی بناء المجهول قال الجوهری نقص الشی ء و نقصته أنا یتعدی و لا یتعدی انتهی و یمكن أن یقرأ علی بناء المعلوم فالمستتر راجع إلی المفاتیح و فی بعض النسخ علی الغیبة أی ینقص أخذك شیئا من المنزلة و الدرجة التی لك عندی من لا دار له أی فی الآخرة فالمعنی أن الذی یهتم لتحصیل الدنیا و تعمیرها لیست له دار فی الآخرة أو یختار الدنیا من لا یؤمن بأن له دارا فی الآخرة أو من لا دار له أصلا فإن دار الآخرة قد فوتها و دار الدنیا لا تبقی له و لها أی للدنیا و العیش فیها یجمع الأموال و الأسباب من لا عقل له لأن العاقل لا یختار الفانی علی الباقی و ربما یقرأ یجمع علی بناء

ص: 54


1- 1. الكافی ج 2 ص 129.

الإفعال من العزم و الاهتمام فی القاموس الإجماع الاتفاق و صر أخلاف الناقة جمع و جعل الأمر جمیعا بعد تفرقه و الإعداد و الإیباس الإیناس و سوق الإبل جمیعا و العزم علی الأمر أجمعت الأمر و علیه و الأمر مجمع انتهی (1) و یناسب هذا أكثر المعانی لكن الأول أظهر.

«27»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِجَدْیٍ أَسَكَّ مُلْقًی عَلَی مَزْبَلَةٍ مَیْتاً فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كَمْ یُسَاوِی هَذَا فَقَالُوا لَعَلَّهُ لَوْ كَانَ حَیّاً لَمْ یُسَاوِ دِرْهَماً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَلدُّنْیَا أَهْوَنُ عَلَی اللَّهِ مِنْ هَذَا الْجَدْیِ عَلَی أَهْلِهِ (2).

بیان: قال فی النهایة فیه أنه مر بجدی أسكّ أی مصطلم الأذنین مقطوعهما و فی القاموس السكك محركة الصمم و صغر الأذن و لزوقها بالرأس و قلة إشرافها أو صغر قوب الأذن و ضیق الصماخ یكون فی الناس و غیرهم سككت یا جدی و هی أسك و هی سكاء.

و أقول: رَوَی مُسْلِمٌ فِی صَحِیحِهِ هَذَا الْحَدِیثَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ بِالسُّوقِ فَمَرَّ بِجَدْیٍ أَسَكَّ مَیْتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّكُمْ یُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَیْ ءٍ وَ مَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ تُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ حَیّاً كَانَ عَیْباً فِیهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَیْفَ وَ هُوَ مَیْتٌ فَقَالَ فَوَ اللَّهِ لَلدُّنْیَا أَهْوَنُ عَلَی اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَیْكُمْ.

و المزبلة بفتح الباء و الضم لغة موضع یلقی فیه الزبل بالكسر و هو السرقین.

«28»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَیْراً زَهَّدَهُ فِی الدُّنْیَا وَ فَقَّهَهُ فِی الدِّینِ وَ بَصَّرَهُ عُیُوبَهَا وَ مَنْ أُوتِیَهُنَّ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْرَ الدُّنْیَا

ص: 55


1- 1. القاموس ج 3 ص 15.
2- 2. الكافی ج 2 ص 129.

وَ الْآخِرَةِ وَ قَالَ لَمْ یَطْلُبْ أَحَدٌ الْحَقَّ بِبَابٍ أَفْضَلَ مِنَ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ ضِدٌّ لِمَا طَلَبَ أَعْدَاءُ الْحَقِّ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِمَّا ذَا قَالَ مِنَ الرَّغْبَةِ فِیهَا وَ قَالَ أَ لَا مِنْ صَبَّارٍ كَرِیمٍ وَ إِنَّمَا هِیَ أَیَّامٌ قَلَائِلُ إِلَّا أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَیْكُمْ أَنْ تَجِدُوا طَعْمَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَزْهَدُوا فِی الدُّنْیَا.

قَالَ وَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا تَخَلَّی الْمُؤْمِنُ مِنَ الدُّنْیَا سَمَا وَ وَجَدَ حَلَاوَةَ حُبِّ اللَّهِ وَ كَانَ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْیَا كَأَنَّهُ قَدْ خُولِطَ وَ إِنَّمَا خَالَطَ الْقَوْمَ حَلَاوَةُ حُبِّ اللَّهِ فَلَمْ یَشْتَغِلُوا بِغَیْرِهِ.

قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الْقَلْبَ إِذَا صَفَا ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَتَّی یَسْمُوَ(1).

بیان: و بصره عیوبها أی الدنیا و من أوتیهن أی تلك الخصال الثلاث و فیه إشعار بأنها لا تتیسر إلا بتوفیق اللّٰه تعالی فقد أوتی كأنه إشارة إلی قوله تعالی وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً كَثِیراً(2) فالحكمة العلم بالدین أصوله و فروعه و بعیوب الدنیا و الزهد فیها لم یطلب أحد الحق أی الدین بباب أی بسبب و وسیلة أفضل من ترك الدنیا فإنه لیس الباعث لاختیار الباطل مع وضوح الحق و ظهوره إلا حب الدنیا فإنها غالبا مع أهل الباطل.

و یمكن تعمیم الحق فی كل حكم و مسألة فإن الأغراض الدنیویة تعمی القلب عن الحق أو المراد بالحق الرب تعالی أی قربه و وصاله و هو أی الزهد ضد لما طلب أعداء الحق و قوله مما ذا طلب لبیان ما طلبه أعداء الحق فبین علیه السلام بقوله من الرغبة فیها و الرغبة و إن كانت عین الطلب لكن جعلها مطلوبهم مبالغة و یحتمل أن یكون ما فی قوله لما طلب مصدریة فلا یكون مما للبیان بل للتعلیل كما سیأتی.

و یحتمل أن یكون ضمیر هو راجعا إلی الحق أی الحق ضد لمطلوب أعداء

ص: 56


1- 1. الكافی ج 2 ص 130.
2- 2. البقرة: 269.

الحق فمن فی قوله مما للتعلیل و ما ذا للاستفهام أی لأی علة صار ضد الحق مطلوبهم قال لرغبتهم فی الدنیا و قیل أی مما ذا طلب أعداء الحق مطلوبهم.

و الهمزة فی أ لا للاستفهام و لا للنفی و من زائدة لعموم النفی و المعنی أ لا یوجد صبار كریم النفس یصبر علی الدنیا و علی فقرها و شدتها و یزهد فیها و قد یقرأ صبار بكسر الصاد و تخفیف الباء مصدر باب المفاعلة مضافا إلی كریم و قرأ بعضهم إلا بالتشدید استثناء من الرغبة فیها أی إلا أن تكون الرغبة فیها من صبار كریم یطلبها من طرق الحلال و یصبر علی الحرام و علی إخراج الحقوق المالیة و إعانة الفقراء فإن الرغبة فی هذه الدنیا إنما هی للآخرة و أول الوجوه أظهرها.

ثم رغب علیه السلام فی الزهد و سهل تحصیله بقوله فإنما هی أی الدنیا أیام قلائل و هی أیام العمر فالصبر علی ترك الشهوات و تحمل الملاذ(1)

فیها سهل یسیر سیما إذا كان مستلزما للراحة الطویلة الدائمة ألا إنه ألا حرف تنبیه و شبه حصول الإیمان الكامل فی القلب بحیث یظهر أثره فی الجوارح بإدراك طعم شی ء لذیذ مع أن اللذات الروحانیة أعظم من اللذات الجسمانیة.

قوله إذا تخلی المؤمن من الدنیا أی جعل نفسه خالیة من حب الدنیا و قطع تعلقه بها أو تفرغ للعبادة مجتنبا من الدنیا و معرضا عنها قال فی النهایة فیه أن تقول أسلمت وجهی إلی اللّٰه و تخلیت التخلی التفرغ یقال تخلی للعبادة و هو تفعل من الخلو و المراد التبرؤ من الشرك و عقد القلب علی الإیمان و قال السمو العلو یقال سما یسمو سموا فهو سام و یقال فلان یسمو إلی المعالی إذا تطاول إلیها انتهی أی ارتفع من حضیض النقص إلی أوج الكمال أو مال و ارتفع إلی عالم الملكوت و ارتفعت همته عن التدنس بما فی عالم الناسوت.

كأنه قد خولط قال فی القاموس خالطه مخالطة و خلاطا مازجه و الخلاط

ص: 57


1- 1. كذا فی النسخ، و الظاهر تحمل المشاق، أو تجنب الملاذ.

بالكسر أن یخالط الرجل فی عقله و قد خولط و فی النهایة فیه ظن الناس أن قد خولطوا و ما خولطوا و لكن خالط قلبهم هم عظیم یقال خولط فلان فی قلبه إذا اختل عقله فقوله خولط بهذا المعنی و خالط بمعنی الممازجة و هذا أعلی درجات المحبین حیث استقر حب اللّٰه تعالی فی قلوبهم و أخرج حب كل شی ء غیره منها فلا یلتفتون إلی غیره تعالی و یتركون معاشرة عامة الخلق لمباینة طوره أطوارهم فهم یعدونه سفیها مخالطا كما نسبوا الأنبیاء علیهم السلام إلی الجنون لذلك.

إن القلب إذا صفا أی إن القلب أی الروح الإنسانی لما كان من عالم الملكوت و إنما أهبط إلی هذا العالم الأدنی أو ابتلی بالتعلق بالبدن لتحصیل الكمالات و حیازة السعادات كما أن الثوب قد یلوث ببعض الكثافات لیصیر بعد الغسل أشد بیاضا و أصفی مما كان فإذا اختار الشقاوة و تشبث بهذه العلائق الجسمانیة و الشهوات الظلمانیة لحق بالأنعام بل هو أضل سبیلا و إن تمسك بعروة الشریعة الحقة و عمل بالنوامیس الإلهیة و الریاضات البدنیة حتی انفتح له عین الیقین فنظر إلی الدنیا و لذاتها بتلك العین الصحیحة رآها ضیقة مظلمة فانیة موحشة غدارة غرارة ملوثة بأنواع النجاسات المعنویة و الصفات الدنیة استوحش منها و تذكر عالمه الأصلی فرغب إلیها و تعلق بها فجانب المتعلقین بهذا العالم و آنس بالمتعلقین بالملإ الأعلی فلحق بهم و ضاقت به الأرض و صارت همته رفیعة عالیة فلم یرض إلا بالصعود إلی سدرة المنتهی و جنة المأوی فهم مع كونهم بین الخلق أرواحهم معلقة بالملإ الأعلی و یستسعدون بقرب المولی.

أو یقال لما كانت الأرض أعظم أجزاء الإنسان و كانت قواه الظاهرة و الباطنة مائلة إلیها بالطبع لكمال النسبة بینهما كانت الدواعی إلی زهراتها حاضرة و البواعث إلی لذاتها ظاهرة فربما اشتغل بها و اكتسب الأخلاق و الأعمال الفاسدة لتحصیل المقاصد حتی تصیر النفس تابعة لها راضیة بأثرها مشعوفة بعملها متكدرة بالشهوات منغمسة فی اللذات فتحب الاستقرار فی الأرض و تركن

ص: 58

إلیها. و أما إذا منعت تلك القوی عن مقتضاها و صرفتها عن هواها و روضتها بمقامع الشریعة و أدبتها بآداب الطریقة حتی غلبت علیها و صفت عن كدوراتها و طهرت عن خبائث لذاتها و تحلت بالأخلاق الفاضلة و الأعمال الصالحة و الآداب السنیة و الأطوار الرضیة ضاقت بها الأرض حتی تسمو إلی عالم النور فتشاهد العالم الأعلی بالعیان و تنظر إلی الحق بعین العرفان و یزداد لها نور الإیمان و الإیقان فتعاف جملة الدنیا و الاستقرار فی الأرض فبدنها فی هذه الدنیا و هی فی العالم الأعلی فیصیر

كَمَا قَالَ علیه السلام: لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِی كُتِبَتْ عَلَیْهِمْ لَمْ یَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِی أَبْدَانِهِمْ طَرْفَةَ عَیْنٍ. و لذا قال مولی المؤمنین عند الشهادة فزت و رب الكعبة.

«29»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ مَا مِنْ عَمَلٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ بُغْضِ الدُّنْیَا وَ إِنَّ لِذَلِكَ لَشُعَباً كَثِیرَةً وَ لِلْمَعَاصِی شُعَباً فَأَوَّلُ مَا عُصِیَ اللَّهُ بِهِ الْكِبْرُ وَ هِیَ مَعْصِیَةُ إِبْلِیسَ حِینَ أَبی وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (1) وَ الْحِرْصُ وَ هِیَ مَعْصِیَةُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ حِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمَا فَكُلا مِنْ حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِینَ (2) فَأَخَذَا مَا لَا حَاجَةَ بِهِمَا إِلَیْهِ فَدَخَلَ ذَلِكَ عَلَی ذُرِّیَّتِهِمَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا یَطْلُبُ ابْنُ آدَمَ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَیْهِ ثُمَّ الْحَسَدُ وَ هِیَ مَعْصِیَةُ ابْنِ آدَمَ حَیْثُ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَتَشَعَّبَ مِنْ ذَلِكَ حُبُّ النِّسَاءِ وَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَ حُبُّ الرَّاحَةِ وَ حُبُّ الْكَلَامِ وَ حُبُّ الْعُلُوِّ وَ حُبُّ الثَّرْوَةِ فَصِرْنَ سَبْعَ خِصَالٍ فَاجْتَمَعْنَ كُلُّهُنَّ فِی حُبِّ الدُّنْیَا فَقَالَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حُبُّ الدُّنْیَا

ص: 59


1- 1. البقرة: 34.
2- 2. الأعراف: 19.

رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ الدُّنْیَا دُنْیَاءَانِ دُنْیَا بَلَاغٌ وَ دُنْیَا مَلْعُونَةٌ(1).

بیان: و إن لذلك أی لبغض الدنیا لشعبا أی من الصفات الحسنة و الأعمال الصالحة و هی ضد شعب المعاصی كالتواضع مع الكبر و القنوع مع الحرص و الرضا بما آتاه اللّٰه مع الحسد و قد مر ذكر الأضداد كلها فی باب جنود العقل و الجهل و إنما ذكر هنا معظمها و هی معصیة آدم، هی عند الإمامیة مجاز و النهی عندهم نهی تنزیه فدخل ذلك أی الحرص أو أخذ ما لا حاجة به إلیه و ذلك أن أكثر ما یطلب إنما قال أكثر لأن قدر الكفاف لا بد منه فتشعب من ذلك أی من ذلك المذكور و هو الكبر و الحرص و الحسد و التخصیص بالحسد بعید معنی.

حب النساء أی لمحض الشهوة لا لاتباع السنة أو إذا انتهی إلی الحرام و الشبهة و حب الدنیا أی حیاة الدنیا و كراهة الموت لئلا ینافی اجتماعهن فی حب الدنیا و إن احتمل أن یكون المراد اجتماع الخمسة أو الظرفیة المجازیة و حب الرئاسة أی بغیر استحقاق أو الباطلة أو لمحض الاستیلاء و الغلبة و حب الراحة كأن النوم أیضا داخل فیها و حب الكلام أی بغیر فائدة أو للفخر و المراء و حب العلو أی فی المجالس أو الأعم و حب الثروة أی الكثرة فی الأموال أو الأعم منها و من الأولاد و العشائر و الأتباع

وَ رَوَی فِی الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا عُصِیَ اللَّهُ بِهِ سِتٌّ حُبُّ الدُّنْیَا وَ حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَ حُبُّ الطَّعَامِ وَ حُبُّ النِّسَاءِ وَ حُبُّ النَّوْمِ وَ حُبُّ الرَّاحَةِ.

قوله علیه السلام و العلماء أی الأوصیاء أو الأعم و قولهم إما بالوحی أو بعلومهم الكاملة ثم لما كان هنا مظنة أن ارتكاب كل ما فی الدنیا مذموم قسم علیه السلام الدنیا إلی دنیا بلاغ أی تبلغ به إلی الآخرة و یحصل بها مرضاة الرب تعالی أو دنیا تكون بقدر الضرورة و الكفاف فالزائد علیها ملعونة أی ملعون

ص: 60


1- 1. الكافی ج 2 ص 130 و قد مر مثله تحت الرقم 9.

صاحبها فالإسناد علی المجاز أو هی ملعونة أی بعیدة من اللّٰه و الخیر و السعادة قال فی النهایة البلاغ ما یتبلغ و یتوصل به إلی الشی ء المطلوب و فی المصباح البلغة ما یتبلغ به من العیش و لا یفضل یقال تبلغ به إذا اكتفی به و فی هذا بلاغ و بلغة و تبلغ أی كفایة.

«30»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا إِضْرَاراً بِالْآخِرَةِ وَ فِی طَلَبِ الْآخِرَةِ إِضْرَاراً بِالدُّنْیَا فَأَضِرُّوا بِالدُّنْیَا فَإِنَّهَا أَحَقُّ بِالْإِضْرَارِ(1).

بیان: یومئ إلی أن المذموم من الدنیا ما یضر بأمر الآخرة فأما ما لا یضر به كقدر الحاجة فی البقاء و التعیش فلیس بمذموم و لنذكر معنی الدنیا و ما هو مذموم منها فإن ذلك قد اشتبه علی أكثر الخلق فكثیر منهم یسمون أمرا حقا بالدنیا و یذمونه و یختارون شیئا هو عین الدنیا المذمومة و یسمونه زهدا و یشبهون ذلك علی الجاهلین.

اعلم أن الدنیا تطلق علی معان الأول حیاة الدنیا و هی لیست بمذمومة علی الإطلاق و لیست مما یجب بغضه و تركه بل المذموم منها أن یحب البقاء فی الدنیا للمعاصی و الأمور الباطلة أو یطول الأمل فیها و یعتمد علیها فبذلك یسوف التوبة و الطاعات و

ینسی الموت و یبادر بالمعاصی و الملاهی اعتمادا علی أنه یتوب فی آخر عمره عند مشیبه و لذلك یجمع الأموال الكثیرة و یبنی الأبنیة الرفیعة و یكره الموت لتعلقه بالأموال و حبه للأزواج و الأولاد و یكره الجهاد و القتل فی سبیل اللّٰه لحبه للبقاء أو یترك الصوم و قیام اللیل و أمثال ذلك لئلا یصیر سببا لنقص عمره.

و الحاصل أن من یحب العیش و البقاء و العمر للأغراض الباطلة فهو مذموم و من یحبه للطاعات و كسب الكمالات و تحصیل السعادات فهو ممدوح و هو عین الآخرة فلذا طلب الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام طول العمر و البقاء فی الدنیا، وَ قَدْ قَالَ

ص: 61


1- 1. الكافی ج 2 ص 131.

سَیِّدُ السَّاجِدِینَ: عَمِّرْنِی مَا كَانَ عُمُرِی بِذْلَةً فِی طَاعَتِكَ فَإِذَا كَانَ عُمُرِی مَرْتَعاً لِلشَّیْطَانِ فَاقْبِضْنِی إِلَیْكَ وَ لَوْ لَمْ یَكُنِ الْكَوْنُ فِی الدُّنْیَا صَلَاحاً لِلْعِبَادِ لِتَحْصِیلِ الذَّخَائِرِ لِلْمَعَادِ لَمَا أَسْكَنَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ الْمُقَدَّسَةَ فِی تِلْكَ الْأَبْدَانِ الْكَثِیفَةِ.

و سیأتی خطبة أمیر المؤمنین علیه السلام فی ذلك و سنتكلم علیها إن شاء اللّٰه تعالی.

الثانی الدینار و الدرهم و أموال الدنیا و أمتعتها و هذه أیضا لیست مذمومة بأسرها بل المذموم منها ما كان من حرام أو شبهة أو وسیلة إلیها و ما یلهی عن ذكر اللّٰه و یمنع عبادة اللّٰه أو یحبها حبا لا یبذلها فی الحقوق الواجبة و المستحبة و فی سبل طاعة اللّٰه كما مدح اللّٰه تعالی جماعة حیث قال رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ(1).

و بالجملة المذموم من ذلك الحرص علیها و حبها و شغل القلب بها و البخل بها فی طاعة اللّٰه و جعلها وسیلة لما یبعد عن اللّٰه و أما تحصیلها لصرفها فی مرضاة اللّٰه و تحصیل الآخرة بها فهی من أفضل العبادات و موجبة لتحصیل السعادات.

وَ قَدْ رُوِیَ فِی الصَّحِیحِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْیَا فَقَالَ لِی تَصْنَعُ بِهَا مَا ذَا قُلْتُ أَتَزَوَّجُ مِنْهَا وَ أَحُجُّ وَ أُنْفِقُ عَلَی عِیَالِی وَ أُنِیلُ إِخْوَانِی وَ أَتَصَدَّقُ قَالَ لِی لَیْسَ هَذَا مِنَ الدُّنْیَا هَذَا مِنَ الْآخِرَةِ.

وَ قَدْ رُوِیَ: نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ وَ نِعْمَ الْعَوْنُ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ.

و سیأتی بعض الأخبار فی ذلك فی أبواب المكاسب إن شاء اللّٰه تعالی.

الثالث التمتع بملاذ الدنیا من المأكولات و المشروبات و الملبوسات و المنكوحات و المركوبات و المساكن الواسعة و أشباه ذلك و قد وردت أخبار كثیرة فی استحباب التلذذ بكثیر من ذلك ما لم یكن مشتملا علی حرام أو شبهة أو إسراف و تبذیر و فی ذم تركها و الرهبانیة و قد قال تعالی قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (2).

ص: 62


1- 1. النور: 37.
2- 2. الأعراف: 32.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذی یظهر من مجموع الآیات و الأخبار علی ما نفهمه أن الدنیا المذمومة مركبة من مجموع أمور یمنع الإنسان من طاعة اللّٰه و حبه و تحصیل الآخرة فالدنیا و الآخرة ضرتان متقابلتان فكلما یوجب رضی اللّٰه سبحانه و قربه فهو من الآخرة و إن كان بحسب الظاهر من أعمال الدنیا كالتجارات و الصناعات و الزراعات التی یكون المقصود منها تحصیل المعیشة للعیال لأمره تعالی به و صرفها فی وجوه البر و إعانة المحتاجین و الصدقات و صون الوجه عن السؤال و أمثال ذلك فإن هذه كلها من أعمال الآخرة و إن كان عامة الخلق یعدونها من الدنیا.

و الریاضات المبتدعة و الأعمال الرئائیة و إن كان مع الترهب و أنواع المشقة فإنها من الدنیا لأنها مما یبعد عن اللّٰه و لا یوجب القرب إلیه كأعمال الكفار و المخالفین فرب مترهب متقشف یعتزل الناس و یعبد اللّٰه لیلا و نهارا و هو أحب الناس للدنیا و إنما یفعل ذلك لیخدع الناس و یشتهر بالزهد و الورع و لیس فی قلبه إلا جلب قلوب الناس و یحب المال و الجاه و العزة و جمیع الأمور الباطلة أكثر من سائر الخلق و جعل ترك الدنیا ظاهرا مصیدة لتحصیلها و رب تاجر طالب للأجر لا یعده الناس شیئا و هو من الطالبین للآخرة لصحة نیته و عدم حبه للدنیا.

و جملة القول فی ذلك أن المعیار فی العلم بحسن الأشیاء و قبحها و ما یجب فعلها و تركها الشریعة المقدسة و ما صدر فی ذلك عن أهل بیت العصمة صلوات اللّٰه علیهم فما علم من الآیات و الأخبار أن اللّٰه سبحانه أمر به و طلبه من عباده سواء كان صلاة أو صوما أو حجا أو تجارة أو زراعة أو صناعة أو معاشرة للخلق أو عزلة أو غیرها و عملها بشرائطها و آدابها بنیة خالصة فهی من الآخرة و ما لم یكن كذلك فهو من الدنیا المذمومة المبعدة عن اللّٰه و عن الآخرة.

و هی علی أنواع فمنها ما هو حرام و هو ما یستحق به العقاب سواء كان عبادة مبتدعة أو ریاء و سمعة أو معاشرة الظلمة أو ارتكاب المناصب المحرمة أو تحصیل

ص: 63

الأموال من الحرام أو للحرام و غیر ذلك مما یستحق به العقاب.

و منها ما هو مكروه كارتكاب الأفعال و الأعمال و المكاسب المكروهة و كتحصیل الزوائد من الأموال و المساكن و المراكب و غیرها مما لم یكن وسیلة لتحصیل الآخرة و تمنع من تحصیل السعادات الأخرویة.

و منها ما هو مباح كارتكاب الأعمال التی لم یأمر الشارع بها و لم ینه عنها إذا لم تصر مانعة عن تحصیل الآخرة و إن كانت نادرة و یمكن إیقاع كثیر من المباحات علی وجه تصیر عبادة كالأكل و النوم للقوة علی العبادة و أمثال ذلك و ربما كان ترك المباحات بظن أنها عبادة بدعة موجبة لدخول النار كما یصنعه كثیر من أرباب البدع.

«31»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام حَدِّثْنِی بِمَا أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ یَا أَبَا عُبَیْدَةَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَمْ یُكْثِرْ إِنْسَانٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِلَّا زَهِدَ فِی الدُّنْیَا(1).

بیان: كأن المراد بذكر الموت تذكر ما بعده من الأهوال و الشدائد و الحسرات أیضا و إن كان تذكر الموت و فناء الدنیا كافیا لزهد العاقل.

«32»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَیْمَنَ عَنْ دَاوُدَ الْأَبْزَارِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَلَكٌ یُنَادِی كُلَّ یَوْمٍ ابْنَ آدَمَ لِدْ لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعْ لِلْفَنَاءِ وَ ابْنِ لِلْخَرَابِ (2).

بیان: لد للموت اللام لام العاقبة كما فی قوله تعالی فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِیَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً(3) و الأمر لیس علی حقیقته بل الغرض اعلموا أن ولادتكم عاقبتها الموت.

«33»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَی [بْنِ] بَكْرٍ عَنْ أَبِی

ص: 64


1- 1. الكافی ج 2 ص 131.
2- 2. الكافی ج 2 ص 131.
3- 3. القصص: 8.

إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَزَی اللَّهُ الدُّنْیَا عَنِّی مَذَمَّةً بَعْدَ رَغِیفَیْنِ مِنَ الشَّعِیرِ أَتَغَدَّی بِأَحَدِهِمَا وَ أَتَعَشَّی بِالْآخَرِ وَ بَعْدَ شَمْلَتَیِ الصُّوفِ أَتَّزِرُ بِإِحْدَاهُمَا وَ أَرْتَدِی بِالْأُخْرَی (1).

بیان: جزی اللّٰه الدنیا عنی مذمة قوله مذمة مفعول ثان لجزی أی یوفقنی لأن أجزیه و قیل أحال الذم إلی اللّٰه نیابة عنه للدلالة علی كمال ذمه فإن كل فعل من الفاعل القوی قوی و فی النهایة الشملة كساء یتغطی به و یتلفف فیه انتهی و یدل علی جواز لبس الصوف بل استحبابه و ما ورد بالنهی و الذم فمحمول علی المداومة علیه أو علی ما إذا لم یكن للقناعة بل لإظهار الزهد و الفضل

كما ورد فی وصیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأبی ذر رضی اللّٰه عنه یلبسون الصوف فی صیفهم و شتائهم یرون أن لهم بذلك الفضل علی غیرهم و سیأتی الكلام فیه فی أبواب التجمل إن شاء اللّٰه تعالی.

«34»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمُثَنَّی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ كَأَنَّ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا لَمْ یَكُنْ شَیْئاً إِلَّا مَا یَنْفَعُ خَیْرُهُ وَ یَضُرُّ شَرُّهُ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ لَا یَشْغَلُكَ أَهْلٌ وَ لَا مَالٌ عَنْ نَفْسِكَ أَنْتَ یَوْمَ تُفَارِقُهُمْ كَضَیْفٍ بِتَّ فِیهِمْ ثُمَّ غَدَوْتَ عَنْهُمْ إِلَی غَیْرِهِمْ وَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ كَمَنْزِلٍ تَحَوَّلْتَ مِنْهُ إِلَی غَیْرِهِ وَ مَا بَیْنَ الْمَوْتِ وَ الْبَعْثِ إِلَّا كَنَوْمَةٍ نِمْتَهَا ثُمَّ اسْتَیْقَظْتَ مِنْهَا یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ قَدِّمْ لِمَقَامِكَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّكَ مُثَابٌ بِعَمَلِكَ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ یَا مُبْتَغِیَ الْعِلْمِ (2).

بیان: یا مبتغی العلم أی یا طالبه كأن شیئا من الدنیا هذا یحتمل وجوها الأول أن یكون إلا فی قوله إلا ما ینفع كلمة استثناء و ما موصولة فالمعنی أن ما یتصور فی هذه الدنیا إما شی ء ینفع خیره أو شی ء یضر شره كل أحد إلا من رحم اللّٰه فیغفر له إما بالتوبة أو بدونها.

ص: 65


1- 1. الكافی ج 2 ص 134.
2- 2. الكافی ج 2 ص 134.

الثانی أن یكون مثل السابق إلا أنه یكون المعنی أن كل شی ء فی الدنیا له جهة نفع و جهة ضر لكل الناس إلا من رحم اللّٰه فیوفقه للاحتراز عن جهة شره.

الثالث أن یكون كلمة ما مصدریة و الاستثناء من مفعول یضر أی لیس شی ء من الدنیا شیئا إلا نفع خیره و إضرار شره لكل أحد إلا من رحم اللّٰه.

الرابع ما قیل إن ألا بالتخفیف حرف تنبیه و ما نافیة و الضمیران للشی ء و معنی الاستثناء أن المرحوم ینتفع بخیره و لا یتضرر من شره و قیل فی بیان هذا الوجه یعنی أن شیئا من الدنیا لیس شیئا یعتد به و یركن إلیه العاقل لأنه إما خیر أو شر و خیره لا ینفع لأنه فی معرض الفناء و الزوال و شره یضر إلا مع رحمة اللّٰه و هو الذی عصمه من الشر.

الخامس أن كلمة ما مصدریة و ضمیر خیره راجعا إلی شیئا من الدنیا و الإضافة من قبیل إضافة الجزء إلی الكل و الاستثناء من مفعول یضر أی كأن شیئا من الدنیا لم یكن شیئا إلا نفع الطاعة فیه أو إضرار المعصیة فیه كل أحد إلا من رحم اللّٰه بتوفیق التوبة و هذا یرجع إلی المعنی الثالث و علی جمیع التقادیر الاستثناء الثانی مفرغ.

عن نفسك أی عن تحصیل ما ینفعها فی یوم لا ینفع مال و لا بنون و قد قال تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (1) و المراد بالأهل هنا أعم من الزوجة و الأولاد و سائر من فی بیته بل یشمل الأقارب أیضا قال الراغب أهل الرجل من جمعه و إیاهم نسب أو دین أو ما یجری مجراهما من صناعة و بیت و

بلد و ضیعة فأهل الرجل فی الأصل من جمعه و إیاهم مسكن واحد ثم تجوز به فقیل أهل بیت الرجل لمن یجمعه و إیاهم نسب و عبر بأهل الرجل عن امرأته و أهل الإسلام الذین یجمعهم.

قوله كمنزل أی كمنزلین تحولت من إحداهما إلی الآخر و التصریح

ص: 66


1- 1. المنافقون: 9.

بتشبیه الدنیا للإشارة إلی أن الاهتمام هنا ببیان حاله أشد و أكثر و الضمیر فی نمتها راجع إلی النومة فهو بمنزلة مفعول مطلق و هذا بالنسبة إلی المستضعفین و كأن التخصیص بذكرهم لأن المتقین بعد الموت فی النعیم و الجنة و الكفار فی العذاب و النار فلیس بین الدنیا و الآخرة لهما فاصلة فیتحولون من الدنیا إلی الآخرة كما

روی من مات فقد قامت قیامته.

و أما المستضعفون فلما كانوا ملهی عنهم استدرك ذلك بأن حالهم فی البرزخ كنوم لیلة فلا فاصلة بین دنیاهم و آخرتهم حقیقة و یحتمل أن یكون الغرض بیان قلة نعیم البرزخ و حمیمها بالنسبة إلی نعیم الآخرة و جحیمها فكأنهم نائمون أو لأن جل عذابهم بعد السؤال و الضغطة و أمثالهما لما كان روحانیا شبه تلك الحالة بالنومة و لم یتعرض أحد لتحقیق هذه الفقرة مع إشكالها و مخالفتها ظاهرا للآیات و الأخبار الكثیرة.

قوله رحمه اللّٰه قدم أی العمل الصالح لمقامك بین یدی اللّٰه عز و جل أی للحساب كما تدین تدان أی كما تفعل تجازی فهو علی المشاكلة و لا یضر تقدمه أو كما تجازی الرب تجازی و لا تخلو من بعد أو كما تجازی العباد تجازی فیكون تأسیسا قال الجوهری دانه دینا أی جازاه كما یقال كما تدین تدان أی كما تجازی تجازی بفعلك و بحسب ما عملت و قوله تعالی إِنَّا لَمَدِینُونَ (1) أی مجزیون.

یا مبتغی العلم قیل هذا افتتاح كلام آخر تركه المصنف و إنما ذكر لیعلم أن ما ذكره لیس جمیع الخطبة كما مر بعضه فی باب الصمت حیث قال رضی اللّٰه عنه یا مبتغی العلم إن هذا اللسان مفتاح خیر إلخ (2).

«35»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ

ص: 67


1- 1. الصافّات: 53.
2- 2. راجع الكافی ج 2 ص 114، و قد أخرجه المؤلّف العلامة رضوان اللّٰه علیه فی ج 71 ص 301.

بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا لِی وَ الدُّنْیَا وَ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا إِنَّمَا مَثَلِی وَ مَثَلُهَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ رُفِعَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِی یَوْمٍ صَائِفٍ فَقَالَ تَحْتَهَا ثُمَّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا(1).

بیان: ما لی و للدنیا أی أی شغل لی مع الدنیا و قیل ما نافیة أی ما لی محبة مع الدنیا أو للاستفهام أی أی محبة لی معها حتی أرغب فیها ذكره الطیبی فی شرح بعض روایاتهم و ما أنا و الدنیا أی أی مناسبة بینی و بین الدنیا

وَ مِنْ طَرِیقِ الْعَامَّةِ رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَامَ عَلَی حَصِیرٍ فَقَامَ وَ قَدْ أَثَّرَ فِی جَسَدِهِ فَقَالُوا لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَبْسُطَ لَكَ وَ نَعْمَلَ فَقَالَ مَا لِی وَ لِلدُّنْیَا وَ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ أَوْ تَرَكَهَا.

أقول: وجه الشبه سرعة الرحیل و قلة المكث و عدم الرضا به وطنا و قال الكرمانی فی شرح البخاری فیه فرفعت لنا صخرة أی ظهرت لأبصارنا و فیه أیضا فرفع إلی البیت المعمور أی قرب و كشف و عرض.

و قال الجوهری یوم صائف أی حار و لیلة صائفة و ربما قالوا یوم صاف بمعنی صائف كما قالوا یوم راح و قال القائلة الظهیرة یقال أتانا عند القائلة و قد یكون بمعنی القیلولة أیضا و هی النوم فی الظهیرة تقول قال یقیل قیلولة و قیلا و مقیلا و هو شاذ فهو قائل.

و فی المصباح راح یروح رواحا و تروح مثله یكون بمعنی الغدو و بمعنی الرجوع و قد یتوهم بعض الناس أن الرواح لا یكون إلا فی آخر النهار و لیس كذلك بل الرواح و الغدو عند العرب یستعملان فی المسیر أی وقت كان من لیل أو نهار و قال ابن فارس الرواح رواح العشی و هو من الزوال إلی اللیل.

«36»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یَحْیَی بْنِ عُقْبَةَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَثَلُ الْحَرِیصِ عَلَی الدُّنْیَا كَمَثَلِ دُودَةِ الْقَزِّ كُلَّمَا ازْدَادَتْ عَلَی نَفْسِهَا لَفّاً كَانَ أَبْعَدَ لَهَا مِنَ الْخُرُوجِ حَتَّی تَمُوتَ غَمّاً.

ص: 68


1- 1. الكافی ج 2 ص 134.

قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ كَانَ فِیمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ یَا بُنَیَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا قَبْلَكَ لِأَوْلَادِهِمْ فَلَمْ یَبْقَ مَا جَمَعُوا وَ لَمْ یَبْقَ مَنْ جَمَعُوا لَهُ وَ إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مُسْتَأْجَرٌ قَدْ أُمِرْتَ بِعَمَلٍ وَ وُعِدْتَ عَلَیْهِ أَجْراً فَأَوْفِ عَمَلَكَ وَ اسْتَوْفِ أَجْرَكَ وَ لَا تَكُنْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ شَاةٍ وَقَعَتْ فِی زَرْعٍ أَخْضَرَ فَأَكَلَتْ حَتَّی سَمِنَتْ فَكَانَ حَتْفُهَا عِنْدَ سِمَنِهَا وَ لَكِنِ اجْعَلِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ قَنْطَرَةٍ عَلَی نَهَرٍ جُزْتَ عَلَیْهَا وَ تَرَكْتَهَا وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَیْهَا آخِرَ الدَّهْرِ أَخْرِبْهَا وَ لَا تَعْمُرْهَا فَإِنَّكَ لَمْ تُؤْمَرْ بِعِمَارَتِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَرْبَعٍ شَبَابِكَ فِیمَا أَبْلَیْتَهُ وَ عُمُرِكَ فِیمَا أَفْنَیْتَهُ وَ مَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ وَ فِیمَا أَنْفَقْتَهُ فَتَأَهَّبْ لِذَلِكَ وَ أَعِدَّ لَهُ جَوَاباً وَ لَا تَأْسَ عَلَی مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّ قَلِیلَ الدُّنْیَا لَا یَدُومُ بَقَاؤُهُ وَ كَثِیرَهَا لَا یُؤْمَنُ بَلَاؤُهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ جِدَّ فِی أَمْرِكَ وَ

اكْشِفِ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِكَ وَ تَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِ رَبِّكَ وَ جَدِّدِ التَّوْبَةَ فِی قَلْبِكَ وَ اكْمُشْ فِی فَرَاغِكَ قَبْلَ أَنْ یُقْصَدَ قَصْدُكَ وَ یُقْضَی قَضَاؤُكَ وَ یُحَالَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ مَا تُرِیدُ(1).

بیان: قال فی المصباح القز معرب قال اللیث هو ما یعمل منه الإبریسم و لهذا قال بعضهم القز و الإبریسم مثل الحنطة و الدقیق انتهی و لفا تمیز عن نسبة ازدادت و غما مفعول له أو حال فلم یبق ما جمعوا فی بعض النسخ ما جمعوا له و كأنه زید له من النساخ و علی تقدیره كأن المعنی لم یبق الأغراض و المطالب الباطلة التی جمعوا لها الدنیا كالجاه و العزة و الغلبة و الفخر و أمثالها.

فكان حتفها أی هلاكها المعنوی فإن التمتع بالمستلذات الجسمانیة موجبة لقوة القوی الشهوانیة و طغیانها و هذا استعارة تمثیلیة شبه توسع الإنسان فی لذات الدنیا و شهواتها و عدم مبالاته بحرامها و شبهاتها و ابتلائه بعد الموت بعقوباتها بشاة وقعت فی زرع أخضر فأكلت منها حیث شاءت و كیف شاءت بلا مانع حتی إذا سمنت قتلها صاحبها لسمنها.

ص: 69


1- 1. الكافی ج 2 ص 134.

آخر الدهر أی إلی آخر الزمان أی أبدا أخربها أی دعها خرابا بترك ما لا تحتاج إلیه من المطاعم و المشارب و الملابس و المناكح و المساكن و الاقتصار علی القدر الضروری فی كل منها ستسأل قیل السین لمحض التأكید فیما أبلیته كلمة ما فی المواضع الأربعة استفهامیة و إثبات الألف مع حرف الجر فیها شاذ و الثوب البالی هو الذی استعمل حتی أشرف علی الاندراس.

ثم إن العمر لا یستلزم القوة و الشباب فكل منهما نعمة یسأل عنها و مع الاستلزام أیضا تكفی المغایرة للسؤال عن كل منهما.

و أما السؤال عن المال إما لغیر المؤمنین أو لغیر الكاملین منهم لِمَا رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیمَا كَتَبَ إِلَی أَهْلِ مِصْرَ: مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ كَفَاهُ الْمُهِمَّ فِیهِمَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ یا عِبادِ الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (1) فَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا لَمْ یُحَاسِبْهُمْ بِهِ فِی الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا الْحُسْنی وَ زِیادَةٌ(2) وَ الْحُسْنَی هِیَ الْجَنَّةُ وَ الزِّیَادَةُ هِیَ الدُّنْیَا(3).

وَ رَوَی الْبَرْقِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ لَا یُحَاسَبُ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ عَلَیْهِنَّ طَعَامٌ یَأْكُلُهُ وَ ثَوْبٌ یَلْبَسُهُ وَ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعَاوِنُهُ وَ یُحْصِنُ بِهَا فَرْجَهُ (4).

و قد وردت أخبار كثیرة فی تفسیر قوله تعالی ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ (5) إن النعیم ولایة أهل البیت علیهم السلام (6) وَ قَدْ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ وَ غَیْرُهُ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبُو حَنِیفَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ لَهُ مَا النَّعِیمُ عِنْدَكَ یَا نُعْمَانُ قَالَ الْقُوتُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الْمَاءُ الْبَارِدُ فَقَالَ لَئِنْ أَوْقَفَكَ اللَّهُ بَیْنَ یَدَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یَسْأَلَكَ عَنْ كُلِّ أَكْلَةٍ أَكَلْتَهَا أَوْ شَرْبَةٍ شَرِبْتَهَا لَیَطُولَنَّ وُقُوفُكَ

ص: 70


1- 1. الزمر: 10.
2- 2. یونس: 26.
3- 3. راجع أمالی الطوسیّ ج 1 ص 25.
4- 4. راجع المحاسن ص 399.
5- 5. التكاثر: 8.
6- 6. راجع ج 24 ص 48- 66 من هذه الطبعة الحدیثة.

بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ فَمَا النَّعِیمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ نَحْنُ أَهْلَ الْبَیْتِ النَّعِیمُ الَّذِی أَنْعَمَ اللَّهُ بِنَا عَلَی الْعِبَادِ الْخَبَرَ(1).

و یمكن أن یقال السؤال عن مال اكتسبه من حلال أو حرام أو أنفقه فی حلال أو حرام لا ینافی عدم محاسبتهم علی ما أنفقوه فی الحلال من مأكلهم و مسكنهم و ملبسهم و نحو ذلك أو المراد بتلك الأخبار أنهم لا یعاتبون بذلك و لا یقاص من حسناتهم بها فلا ینافی أصل المحاسبة كما

رَوَی الشَّیْخُ فِی مَجَالِسِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: یُوقَفُ الْعَبْدُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ فَیَقُولُ قِیسُوا بَیْنَ نِعَمِی عَلَیْهِ وَ بَیْنَ عَمَلِهِ فَتَسْتَغْرِقُ النِّعَمُ الْعَمَلَ فَیَقُولُونَ قَدِ اسْتَغْرَقَ النِّعَمُ الْعَمَلَ فَیَقُولُ هَبُوا لَهُ نِعَمِی وَ قِیسُوا بَیْنَ الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَوَی الْعَمَلَانِ أَذْهَبَ اللَّهُ الشَّرَّ بِالْخَیْرِ وَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِفَضْلِهِ وَ إِنْ كَانَ عَلَیْهِ فَضْلٌ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَی لَمْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَی وَ اتَّقَی الشِّرْكَ بِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَغْفِرَةِ یَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِرَحْمَتِهِ إِنْ شَاءَ وَ یَتَفَضَّلُ عَلَیْهِ بِعَفْوِهِ (2).

و قال الجوهری تأهب استعد و أهبة الحرب عدتها و قال الأسی بالیاء مفتوح مقصور الحزن و أسی علی مصیبته بالكسر یأسی أسی أی حزن لا یدوم بقاؤه و العاقل لا یتأسف بفوات قلیل لا بقاء له لا یؤمن بلاؤه أی فی الدنیا و الآخرة و العاقل لا یتأسف بفوت ما یتوقع منه الضرر و البلیة مع أن الرب الذی فوتهما علیه أعلم بمصلحته أو المعنی لا تحزن علی ما لم یصل إلیك من الدنیا فإن الصبر علی قلیل الدنیا و قلته سهل فإنه لا یدوم و ینقضی قریبا بالموت و الكثرة محل الآفات.

فخذ حذرك بالكسر أی ما تحذر به من مكاید النفس و الشیطان، فی الدنیا

ص: 71


1- 1. تراه فی مجمع البیان ج 10 ص 534 و 535 فی حدیث طویل، و یوجد فی دعوات الراوندیّ أیضا.
2- 2. أمالی الطوسیّ ص 132، من طبعته الحجریة.

و العذاب فی الآخرة قال الراغب فی قوله تعالی خُذُوا حِذْرَكُمْ (1) أی ما فیه الحذر من السلاح و غیره و جد فی أمرك أی فی تهیئة سفر الآخرة و الاستعداد للقاء اللّٰه من العقائد الحسنة و الأعمال الصالحة و الأخلاق المرضیة فإن من أراد سفرا یأخذ الأسلحة لدفع ضرر الطریق و یجهز و یهیئ ما یحتاج إلیه فی ذلك السفر.

و اكشف الغطاء عن وجهك أی ارفع غطاء الغفلة عن وجه قلبك لتمیز بین الحق و الباطل و الفانی و الباقی أو عن الجهة التی تتوجه إلیه و الطریق الذی تسلكه لئلا یشتبه علیك فتسلك طریقا یؤدیك إلی النار و أنت لا تعلم و تعرض لمعروف ربك بما به یستحق إحسانه و تفضله علیك من صالح النیات و الأعمال و جدد التوبة فی قلبك أی كلما ذكرت معاصیك و فی النسبة إلی القلب إشعار بأن التوبة أمر قلبی و هی الندامة علی ما مضی و العزم علی عدم الإتیان بمثله فیما سیأتی و فیه دلالة علی حسن تكرار التوبة و إن كانت عن معصیة واحدة و اكمش أی أسرع و عجل فی الصحاح الكمش الرجل السریع الماضی و قد كمش بالضم كماشة فهو كمش و كمیش و كمشته تكمیشا أعجلته و انكمش و تكمش أسرع انتهی.

فی فراغك أی فی أن تفرغ من الأمور التی تحتاج إلیه فی الآخرة أو فی فراغك من الدنیا و جعلك نفسك فارغة منها للآخرة أو فی قصدك إلی الآخرة أو أسرع فی العمل فی أیام فراغك قبل أن تشتغل أو تبتلی بشی ء یمنعك عنه فإن الفراغ خلاف الشغل قال فی المصباح فرغ من الشغل فروغا من باب قعد و من باب تعب لغة لبنی تمیم و الاسم الفراغ و فرغت للشی ء و إلیه قصدت.

أقول: و یؤید المعنی الأخیر ما روی فی مجالس الشیخ عن ابن عمر خذ من حیاتك لموتك و خذ من صحتك لسقمك و خذ من فراغك لشغلك فإنك یا عبد اللّٰه ما تدری

ص: 72


1- 1. النساء: 71، 102.

ما اسمك غدا(1).

وَ مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِی مَجَالِسِهِ عَنِ الْكَاظِمِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا تَنْسَ نَصِیبَكَ قَالَ لَا تَنْسَ صِحَّتَكَ وَ قُوَّتَكَ وَ فَرَاغَكَ وَ شَبَابَكَ وَ نَشَاطَكَ أَنْ تَطْلُبَ بِهَا الْآخِرَةَ(2).

قبل أن یقصد علی بناء المجهول قصدك أی نحوك كنایة عن توجه ملك الموت إلیه لقبض روحه أو توجه الأمراض و البلایا من اللّٰه إلیه و یقضی قضاؤك أی یقدر و یحتم موتك و یحال بالموت أو الأعم بینك و بین ما ترید من التوبة و الأعمال الصالحة و لا ینفعه تمنی الحیاة و الرجعة حیث یقول رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَكْتُ فیقال كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (3) أعاذنا اللّٰه و سائر المؤمنین من ندامة تلك الساعة و أهوال هذا الیوم.

«37»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: فِی مَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی علیه السلام یَا مُوسَی لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا رُكُونَ الظَّالِمِینَ وَ رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا أَباً وَ أُمّاً یَا مُوسَی لَوْ وَكَلْتُكَ إِلَی نَفْسِكَ لِتَنْظُرَ إِلَیْهَا إِذاً لَغَلَبَ عَلَیْكَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتُهَا یَا مُوسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ وَ اسْبِقْهُمْ إِلَیْهِ فَإِنَّ الْخَیْرَ كَاسْمِهِ وَ اتْرُكْ مِنَ الدُّنْیَا مَا بِكَ الْغِنَی عَنْهُ وَ لَا تَنْظُرْ عَیْنَكَ إِلَی كُلِّ مَفْتُونٍ بِهَا وَ مُوَكَّلٍ إِلَی نَفْسِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَدْوُهَا حُبُّ الدُّنْیَا وَ لَا تَغْبِطْ أَحَداً بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ تَكْثُرُ الذُّنُوبُ لِوَاجِبِ الْحُقُوقِ وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِرِضَی النَّاسِ عَنْهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ رَاضٍ عَنْهُ وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً(4) بِطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ فَإِنَّ طَاعَةَ النَّاسِ لَهُ وَ اتِّبَاعَهُمْ إِیَّاهُ عَلَی غَیْرِ الْحَقِّ هَلَاكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اتَّبَعَهُ (5).

بیان: یقال ركن إلیه كنصر و علم و منع مال و یطلق غالبا علی المیل القلبی

ص: 73


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 391.
2- 2. أمالی الصدوق 138، و تراه فی معانی الأخبار: 325.
3- 3. المؤمنون: 99- 100.
4- 4. مخلوقا خ ل.
5- 5. الكافی ج 2 ص 135.

لو وكلتك یدل علی أن الزهد فی الدنیا لا یحصل بدون توفیقه تعالی و فی القاموس نظر لهم رثی لهم و أعانهم و قال النظر محركة الفكر فی الشی ء تقدره و تقیسه و الحكم بین القوم و الإعانة و الفعل كنصر و فی النهایة المنافسة الرغبة فی الشی ء و الانفراد به و هو من الشی ء النفیس الجید فی نوعه و نافست فی الشی ء منافسة و نفاسا إذا رغبت فیه.

قوله علیه السلام فإن الخیر كاسمه لعل المعنی أن الخیر لما دل بحسب أصل معناه فی اللغة علی الأفضلیة و ما یطلق علیه فی العرف و الشرع من الأعمال الحسنة أو إیصال النفع إلی الغیر هی خیر الأعمال فالخیر كاسمه أی إطلاق هذا الاسم علی تلك الأمور بالاستحقاق و المعنی المصطلح مطابق للمدلول اللغوی أو المراد به أن الخیر لما كان كل من سمعه یستحسنه فهو حسن واقعا و حسنه حسن واقعی و الحاصل أن ما یحكم به عقول عامة الخلق فی ذلك مطابق للواقع أو المراد باسمه ذكره بین الناس یعنی أن الخیر ینفع فی الآخرة كما یصیر سببا لرفعة الذكر فی الدنیا.

ما بك الغنی عنه أی ما لم یحتج إلیه بل لم تضطر إلیه و لا تنظر علی بناء المجرد عینك بالرفع أو النصب بنزع الخافض أی بعینك و ربما یقرأ تنظر علی بناء الإفعال أی لا تجعلها ناظرة إلی كل مفتون بها أی مبتلی مخدوع بها و المراد النظر إلی كل من لقیه منهم فإنه لا یمكن النظر إلی كلهم أو كنایة عن أن النظر إلی واحد منهم بالإعجاب به و بما معه من زینتها بمنزلة النظر إلی جمیعهم لاشتراك العلة.

و موكل إلی نفسه المتبادر أنه علی بناء المفعول لكن الظاهر حینئذ و موكول إذ لم یأت أوكله فی ما عندنا من كتب اللغة لكن كثیر من الأبنیة المتداولة كذلك و یمكن أن یقرأ علی بناء الفاعل من الإیكال بمعنی الاعتماد فی القاموس وكل باللّٰه یكل و توكل علیه و أوكل و اتكل استسلم إلیه و وكل إلیه الأمر وكلا و وكولا سلمه و تركه.

إن كل فتنة أی ضلالة أو بلیة أو امتحان أو إثم فی القاموس الفتنة بالكسر

ص: 74

الخبرة و إعجابك بالشی ء و الضلال و الإثم و الكفر و الفضیحة و العذاب و إذابة الذهب و الفضة و الإضلال و الجنون و المحنة و المال و الأولاد و اختلاف الناس فی الآراء و أقول یناسب هنا أكثر المعانی و لا تغبط أحدا بأن تتمنی حالة تكثر الذنوب بصیغة المضارع من باب حسن أو مصدر باب التفعل لواجب الحقوق أی للتقصیر فی أداء الحقوق الواجبة غالبا بطاعة الناس له أی فی الباطل.

«38»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْحَیَّةِ مَا أَلْیَنَ مَسَّهَا وَ فِی جَوْفِهَا السَّمُّ النَّاقِعُ یَحْذَرُهَا الرَّجُلُ الْعَاقِلُ وَ یَهْوِی إِلَیْهَا الصَّبِیُّ الْجَاهِلُ (1).

بیان: قال فی النهایة السم الناقع أی القاتل و قد نقعت فلانا إذا قتلته و قیل الناقع الثابت المجتمع من نقع الماء انتهی و ما أحسن هذا التشبیه و أتمه و أكمله.

«39»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی بَعْضِ أَصْحَابِهِ یَعِظُهُ أُوصِیكَ وَ نَفْسِی بِتَقْوَی مَنْ لَا تَحِلُّ مَعْصِیَتُهُ وَ لَا یُرْجَی غَیْرُهُ وَ لَا الْغِنَی إِلَّا بِهِ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَی اللَّهَ عَزَّ وَ قَوِیَ وَ شَبِعَ وَ رَوِیَ وَ رُفِعَ عَقْلُهُ عَنْ أَهْلِ الدُّنْیَا فَبَدَنُهُ مَعَ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ قَلْبُهُ وَ عَقْلُهُ مُعَایِنُ الْآخِرَةِ فَأَطْفَأَ بِضَوْءِ قَلْبِهِ مَا أَبْصَرَتْ عَیْنَاهُ مِنْ حُبِّ الدُّنْیَا فَقَذِرَ حَرَامَهَا وَ جَانَبَ شُبُهَاتِهَا وَ أَضَرَّ وَ اللَّهِ بِالْحَلَالِ الصَّافِی إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ كِسْرَةٍ یَشُدُّ بِهَا صُلْبَهُ وَ ثَوْبٍ یُوَارِی بِهِ عَوْرَتَهُ مِنْ أَغْلَظِ مَا یَجِدُ وَ أَخْشَنِهِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِی مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ثِقَةٌ وَ لَا رَجَاءٌ فَوَقَعَتْ ثِقَتُهُ وَ رَجَاؤُهُ عَلَی خَالِقِ الْأَشْیَاءِ فَجَدَّ وَ اجْتَهَدَ وَ أَتْعَبَ بَدَنَهُ حَتَّی بَدَتِ الْأَضْلَاعُ وَ غَارَتِ الْعَیْنَانِ فَأَبْدَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قُوَّةً فِی بَدَنِهِ وَ شِدَّةً فِی عَقْلِهِ وَ مَا ذُخِرَ لَهُ فِی الْآخِرَةِ أَكْثَرُ.

فَارْفُضِ الدُّنْیَا فَإِنَّ حُبَّ الدُّنْیَا یُعْمِی وَ یُصِمُّ وَ یُبْكِمُ وَ یُذِلُّ الرِّقَابَ فَتَدَارَكْ مَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِكَ وَ لَا تَقُلْ غَداً وَ بَعْدَ غَدٍ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ بِإِقَامَتِهِمْ عَلَی الْأَمَانِیِ

ص: 75


1- 1. الكافی ج 2 ص 136.

وَ التَّسْوِیفِ حَتَّی أَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ بَغْتَةً وَ هُمْ غَافِلُونَ فَنُقِلُوا عَلَی أَعْوَادِهِمْ إِلَی قُبُورِهِمُ الْمُظْلِمَةِ الضَّیِّقَةِ وَ قَدْ أَسْلَمَهُمُ الْأَوْلَادُ وَ الْأَهْلُونَ فَانْقَطِعْ إِلَی اللَّهِ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ مِنْ رَفْضِ الدُّنْیَا وَ عَزْمٍ لَیْسَ فِیهِ انْكِسَارٌ وَ لَا انْخِزَالٌ أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ عَلَی طَاعَتِهِ وَ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ (1).

بیان: قال الراغب الوعظ زجر مقترن بتخویف و قال الخلیل هو التذكیر بالخیر فیما یرق له القلب و العظة و الموعظة الاسم و قال الوصیة التقدم إلی الغیر بما یعمل به مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصیة متصلة النبات یقال أوصاه و وصاه فإن من اتقی اللّٰه علة للوصیة عز أی بعزة واقعیة ربانیة لا تزول بإذلال الناس كما قال تعالی وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (2) و قوی بقوة معنویة إلهیة لا تشبه القوی البدنیة

كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا قَلَعْتُ بَابَ خَیْبَرَ بِقُوَّةٍ جِسْمَانِیَّةٍ بَلْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِیَّةٍ.

و شبع و روی من غیر اكتساب لقوله تعالی وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ (3) أو شبع بالعلوم الدینیة و ارتوی بزلال الحكمة الإلهیة.

و رفع عقله علی بناء المجهول عن أهل الدنیا أی صار عقله أرفع من عقولهم أو أرفع من أن ینظر إلی الدنیا و أهلها و یلتفت إلیهم و یعتنی بشأنهم إلا لهدایتهم و إرشادهم فبدنه مع أهل الدنیا لكونه من جنس أبدانهم فی الصورة الجسدانیة و قلبه و عقله لشدة یقینه معاین الآخرة لتخلیته عن العلائق الجسمانیة.

من حب الدنیا من للبیان أو للتبعیض و إسناد الأبصار إلی الحب علی المجاز أو المصدر بمعنی المفعول أو هو بالكسر قال فی القاموس الحب بالكسر المحبوب شبه علیه السلام ما أبصره أو أحبه بالنار فی الإهلاك استعارة مكنیة و نسبة الإطفاء إلیه تخییلیة.

ص: 76


1- 1. الكافی ج 2 ص 136.
2- 2. المنافقون: 8.
3- 3. الطلاق: 3.

فقذر حرامها أی عدّه قذرا نجسا یجب اجتنابه أو كرهه فی الصحاح القذر ضد النظافة و شی ء قذر بیّن القذارة و قذرت الشی ء بالكسر و تقذّرته و استقذرته إذا كرهته و جانب شبهاتها و هی المشتبهات بالحرام مع عدم العلم بكونها حراما كأموال الظلمة فیكون مكروها علی المشهور أو الذی اشتبه علیه الحكم فیه فاجتنابه مستحب علی المشهور و كأنه علیه السلام لذلك غیر التعبیر فعبر هنا بالاجتناب و فی الحرام بالحكم بالقذارة.

و أضرّ علی بناء المعلوم كنایة عن تركه و عدم الاعتناء به و ترك الالتفات إلیه أو علی بناء المجهول أی یعد نفسه متضررة به أو یتضرر به لعلو حاله بالحلال الصافی من الشبهة فكیف بالحرام و الشبهة و فی المصباح الكسرة القطعة من الشی ء المكسور و منه الكسرة من الخبز و فی القاموس الكسرة بالكسر القطعة من الشی ء المكسور و الجمع كسر انتهی.

یشد بها صلبه أی یقوی بها علی العبادة من أغلظ ما یجد ظاهره استحباب الاكتفاء بالثیاب الخشنة و إن كان قادرا علی الناعمة و هو مخالف لأخبار كثیرة إلا أن یحمل علی أن المراد به من الأغلظ الذی یجده أی إذا لم یجد غیره أو علی ما إذا لم یجد غیره إلا بارتكاب الحرام أو الشبهة أو بصرف جل أوقاته فی تحصیله بحیث یمنعه عن النوافل و فواضل الطاعات أو علی ما إذا علم أنه یصیر سببا لطغیانه و أن علاج كبره و صفاته الذمیمة منحصر فی ذلك.

ثقة و لا رجاء أی بغیره سبحانه كما بینه فی الفقرة الآتیة و فی المصباح الجد بالكسر الاجتهاد و هو مصدر یقال منه جد یجد من بابی ضرب و قتل و الاسم الجد بالكسر و أتعب بدنه أی بالعبادات الشرعیة لا الأعمال المبتدعة.

فأبدل اللّٰه له لأنه تعالی قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ (1) فمن بذل ما أعطاه اللّٰه من الأموال الفانیة عوضه اللّٰه من الأموال الباقیة أضعافها و من بذل قوته البدنیّة فی طاعة اللّٰه أبدله اللّٰه قوّة روحانیة لا یفنی فی الدنیا و الآخرة فتبدو منه

ص: 77


1- 1. إبراهیم: 7.

المعجزات و خوارق العادات و الكرامات و ما لا یقدر علیه بالقوی الجسمانیة و من بذل علمه فی اللّٰه و عمل به ورثه اللّٰه علما لدنیا یزید فی كل ساعة و من بذل عزه الفانی الدنیوی فی رضی اللّٰه تعالی أعطاه اللّٰه عزا حقیقیا لا یتبدل بالذل أبدا كما أن الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام لما بذلوا عزهم الدنیوی فی (1) سبیل اللّٰه أعطاهم اللّٰه عزة فی الدارین لا یشبه عزّ غیرهم فیلوذ الناس بقبورهم و ضرائحهم المقدسة و الملوك یعفرون وجوههم علی أعتابهم و یتبركون بذكرهم.

و من بذل حیاته البدنیة فی الجهاد فی سبیله عوّضه اللّٰه حیاة أبدیة یتصرفون بعد موتهم فی عوالم الملك و الملكوت و لذا قال تعالی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ (2) و من بذل نور بصره و سمعه فی الطاعة أعطاه اللّٰه نورا منه به ینظر فی ملكوت السماوات و الأرض و به یسمع كلام الملائكة المقربین و وحی رب العالمین كما ورد المؤمن ینظر بنور اللّٰه و ورد بی یسمع و بی یبصر و إذا تخلی من إرادته و جعلها تابعة لإرادة اللّٰه جعله بحیث لا یشاء إلا أن یشاء اللّٰه و كان اللّٰه هو الذی یدبر فی بدنه و قلبه و عقله و روحه و الكلام هنا دقیق لا تفی به العبارة و البیان و فی هذا المقام تزل الأقدام.

و الرفض الترك یعمی أی بصر القلب عن رؤیة الحق كما قال تعالی فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(3) و یصم القلب أیضا عن سماع الحق و قبوله و یمكن أن یراد بهما عمی البصر الظاهر لعدم انتفاعه بما یری فكأنه أعمی و صمم

السمع الظاهر لأنه لا ینتفع بما یسمع فكأنه أصم كما قال سبحانه خَتَمَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ عَلی سَمْعِهِمْ وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ(4) و البكم نسبته إلی الظاهر أظهر فإنه لما لم یتكلم بالحق و بما ینفعه فكأنه أبكم و إن أمكن حمله أیضا علی لسان القلب فإن لسان الرأس معبر عنه حقیقة.

و یذل الرقاب لأنه موجب للتذلل عند أهل الدنیا لتحصیله أو یذلها

ص: 78


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 143.
2- 2. آل عمران: 169.
3- 3. الحجّ: 46.
4- 4. البقرة: 7.

لقبول الباطل من أهله من الذل بالكسر و هو ضد الصعوبة فتدارك ما بقی التدارك لیس هنا بمعنی التلافی و لا بمعنی التلاحق بل بمعنی الإدراك أی أدركه و لا تفوته كقوله تعالی لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ (1) أی أدركته بإجابة دعائه كما قاله الطبرسی و یحتمل أن یكون ما بقی ظرفا و المفعول مقدرا أی تلاف ما فات منك فیما بقی من عمرك لكنه بعید و لا تقل غدا أی أتوب أو أعمل غدا حتی أتاهم أمر اللّٰه أی بالموت أو بالعذاب بغتة بالفتح و قد تحرك أی فجاءه و هم غافلون من إتیانه علی أعوادهم أی كائنین علی السرر و التوابیت المعمولة من الأعواد إلی قبورهم المظلمة الضیقة فإنها علی الأشقیاء كذلك و إن كانت للأصفیاء روضة من ریاض الجنة فانقطع أی عن الدنیا و أهلها بقلب أی مع قلب منیب أی تائب راجع عن الذنوب إشارة إلی قوله تعالی مَنْ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ (2) قال الطبرسی أی وافی الآخرة بقلب مقبل علی طاعة اللّٰه راجع إلی اللّٰه بضمائره من رفض الدنیا من تعلیل للإنابة أو للانقطاع و عزم عطف علی قلب لیس فیه انكسار أی وهن و لا انخزال أی تثاقل أو انقطاع فی القاموس الانخزال مشیة فی تثاقل و الانخزال الانفراد و الحذف و الاقتطاع و انخزل عن جوابی لم یعبأ به و فی كلامه انقطع لمرضاته أی لما یوجب رضاه عنا.

«40»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ غَیْرِهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ مَاءِ الْبَحْرِ كُلَّمَا شَرِبَ مِنْهُ الْعَطْشَانُ ازْدَادَ عَطَشاً حَتَّی یَقْتُلَهُ (3).

بیان: كمثل ماء البحر أی المالح و هذا من أحسن التمثیلات للدنیا و هو مجرب فإن الحریص علی جمع الدنیا كلما ازداد منها ازداد حرصه علیها و أیضا كلّما حصل منها لا بد له لحفظه و نموه و سائر ما یلیق به و یناسبه من

ص: 79


1- 1. القلم: 49.
2- 2. ق: 33.
3- 3. الكافی ج 2 ص 137.

أشیاء أخری و لا ینتهی إلی حد فیصرف جمیع عمره فی تحصیلها حتی یموت و یبقی له حسراتها و عقوباتها أعاذنا اللّٰه منها.

«41»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: قَالَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لِلْحَوَارِیِّینَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَأْسَوْا عَلَی مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْیَا كَمَا لَا یَأْسَی أَهْلُ الدُّنْیَا عَلَی مَا فَاتَهُمْ مِنْ دِینِهِمْ إِذَا أَصَابُوا دُنْیَاهُمْ (1).

بیان: قال فی النهایة فیه حواری من أمتی أی خاصتی من أصحابی و ناصری و منه الحواریون أصحاب عیسی علیه السلام أی خلصاؤه و أنصاره و أصله من التحویر التبییض قیل إنهم كانوا قصارین یحورون الثیاب أی یبیضونها و منه الخبز الحواری الذی نخل مرة بعد مرة قال الأزهری الحواریون خلصان الأنبیاء و تأویله الذین أخلصوا و نقوا من كل عیب و قال الراغب الحواریون أنصار عیسی علیه السلام قیل كانوا قصارین و قیل كانوا صیادین.

و قال بعض العلماء إنما سموا حواریین لأنهم كانوا یطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدین و العلم المشار إلیه بقوله إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً(2) قال و إنما قیل كانوا قصارین علی التمثیل و التشبیه و تصور منه من لم یتخصص بمعرفة الحقائق المهنة المتداولة بین العامة قال و إنما قال كانوا صیادین لاصطیادهم نفوس الناس من الحیرة و قودهم إلی الحق انتهی.

أقول: و قد سبق كلام طویل الذیل فی أوائل هذا الباب فی أثناء شرح حدیث من الكافی (3) أیضا فی تحقیق معنی الحواریین فلا تغفل.

و الأسی الحزن علی فوت الفائت و الغرض لا یكون أهل الدنیا علی باطلهم

ص: 80


1- 1. الكافی ج 2 ص 137.
2- 2. الأحزاب: 33.
3- 3. راجع الرقم:

أشد حرصا منكم علی الحق.

«42»- نهج، [نهج البلاغة]: الْحَمْدُ لِلَّهِ غَیْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ وَ لَا مَأْیُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ وَ لَا مُسْتَنْكِفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ الَّذِی لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ وَ لَا تُفْقَدُ مِنْهُ نِعْمَةٌ وَ الدُّنْیَا دَارٌ مُنِیَ لَهَا الْفَنَاءُ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ وَ هِیَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ وَ لَا تَسْأَلُوا فِیهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَ لَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ (1).

«43»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحَبَّ دُنْیَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الدُّنْیَا دُوَلٌ فَاطْلُبْ حَظَّكَ مِنْهَا بِأَجْمَلِ الطَّلَبِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ غَالَبَهُ أَهَانَهُ.

وَ قَالَ: الدَّهْرُ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِنْ كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِنْ كَانَ عَلَیْكَ فَاصْبِرْ فَكِلَاهُمَا عَنْكَ سَیَنْحَسِرُ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَصْبَحَ حَزِیناً عَلَی الدُّنْیَا فَقَدْ أَصْبَحَ سَاخِطاً عَلَی رَبِّهِ تَعَالَی وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا أَكْبَرَ هَمِّهِ طَالَ شَقَاؤُهُ وَ غَمُّهُ الدُّنْیَا لِمَنْ تَرَكَهَا وَ الْآخِرَةُ لِمَنْ طَلَبَهَا الزَّاهِدُ فِی الدُّنْیَا كُلَّمَا ازْدَادَتْ لَهُ تَحَلِّیاً ازْدَادَ عَنْهَا تَخَلِّیاً.

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا طَلَبْتَ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا فَزُوِیَ عَنْكَ فَاذْكُرْ مَا خَصَّكَ اللَّهُ بِهِ مِنْ دِینِكَ وَ صَرَفَهُ عَنْ غَیْرِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْرَی أَنْ تَسْتَحِقَّ نَفْسَكَ بِمَا فَاتَكَ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَا زَعِیمٌ بِثَلَاثٍ لِمَنْ أَكَبَّ عَلَی الدُّنْیَا بِفَقْرٍ لَا غَنَاءَ لَهُ وَ بِشُغُلٍ لَا فَرَاغَ لَهُ وَ بِهَمٍّ وَ حُزْنٍ لَا انْقِطَاعَ لَهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: كُونُوا فِی الدُّنْیَا أَضْیَافاً وَ اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ بُیُوتاً وَ عَوِّدُوا قُلُوبَكُمُ الرِّقَّةَ وَ أَكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَ الْبُكَاءَ وَ لَا تَخْتَلِفَنَّ بِكُمُ الْأَهْوَاءُ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ وَ تَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ وَ تَأْمُلُونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ.

«44»- عُدَّةُ الدَّاعِی، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْیَا وَ أَنْ لَا نُؤْتَاهَا خَیْرٌ لَنَا مِنْ أَنْ نُؤْتَاهَا وَ مَا أُوتِیَ ابْنُ آدَمَ مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا نَقَصَ حَظُّهُ مِنَ الْآخِرَةِ.

ص: 81


1- 1. نهج البلاغة الرقم 45 من الخطب، و قوله« منی لها الفناء» أی قدر لها.

«45»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام (1): دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَ لَا یَسْلَمُ نُزَّالُهَا أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ الْعَیْشُ فِیهَا مَذْمُومٌ وَ الْأَمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فِیهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ تَرْمِیهِمْ بِسِهَامِهَا وَ تُفْنِیهِمْ بِحِمَامِهَا(2)

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فِیهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی سَبِیلِ مَنْ قَدْ مَضَی قَبْلَكُمْ مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَعْمَرَ دِیَاراً وَ أَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً وَ رِیَاحُهُمْ رَاكِدَةً(3)

وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِیَةً وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً وَ اسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَیَّدَةِ وَ بِالنَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ الصُّخُورَ وَ الْأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ وَ الْقُبُورَ اللَّاطِئَةَ الْمُلْحَدَةَ الَّتِی قَدْ بُنِیَ لِلْخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَ شُیِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ بَیْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِینَ وَ أَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِینَ لَا یَسْتَأْنِسُونَ بِالْأَوْطَانِ وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِیرَانِ عَلَی مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ دُنُوِّ الدَّارِ وَ كَیْفَ یَكُونُ بَیْنَهُمْ تَزَاوُرٌ وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَی (4)

وَ أَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّرَی وَ كَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ وَ ارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَكَیْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا یَفْتَرُونَ (5).

ص: 82


1- 1. عدّة الداعی: 80.
2- 2. النزال كنجار جمع نازل، و الحمام بالكسر: الموت.
3- 3. لما كانت الریاح الهابة ذات قوة و شوكة و قدرة هدامة، كنی بها عن ذلك یقال الریح لال فلان: أی تجری الدولة لهم علی أعدائهم، و منه قوله تعالی:« وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِیحُكُمْ» و ركود الریاح كنایة عن عدم القدرة و الشوكة.
4- 4. الكلكل فی الأصل صدر البعیر و هو إذا ظفر بعدوه برك بكلكله علیه و داسه و طحنه بحیث لا یبقی علیه، و كذلك البلی إذا ناء بكلكله علی الأموات و طحنهم عفا علی لحومهم و عظامهم بحیث لا یبقی منها الا التراب.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 224 من الخطب و الآیة فی یونس: 30.

«46»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ مِفْتَاحُ سَدَادٍ وَ ذَخِیرَةُ مَعَادٍ وَ عِتْقٌ مِنْ كُلِّ مَلَكَةٍ وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِهَا یَنْجَحُ الطَّالِبُ وَ یَنْجُو الْهَارِبُ وَ تُنَالُ الرَّغَائِبُ فَاعْمَلُوا وَ الْعَمَلُ یُرْفَعُ وَ التَّوْبَةُ تَنْفَعُ وَ الدُّعَاءُ یُسْمَعُ وَ الْحَالُ هَادِئَةٌ وَ الْأَقْلَامُ جَارِیَةٌ وَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ عُمُراً نَاكِساً أَوْ مَرَضاً حَابِساً أَوْ مَوْتاً خَالِساً فَإِنَّ الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ وَ مُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُمْ وَ مُبَاعِدُ طِیَّاتِكُمْ (1) زَائِرٌ غَیْرُ مَحْبُوبٍ وَ قِرْنٌ غَیْرُ مَغْلُوبٍ وَ وَاتِرٌ غَیْرُ مَطْلُوبٍ قَدْ أَعْلَقَتْكُمْ حَبَائِلُهُ وَ تَكَنَّفَتْكُمْ غَوَائِلُهُ وَ أَقْصَدَتْكُمْ مَعَابِلُهُ (2)

وَ عَظُمَتْ فِیكُمْ سَطْوَتُهُ وَ تَتَابَعَتْ عَلَیْكُمْ عَدْوَتُهُ وَ قَلَّتْ عَنْكُمْ نَبْوَتُهُ فَیُوشِكُ أَنْ تَغْشَاكُمْ دَوَاجِی ظُلَلِهِ وَ احْتِدَامُ عِلَلِهِ وَ حَنَادِسُ غَمَرَاتِهِ وَ غَوَاشِی سَكَرَاتِهِ وَ أَلِیمُ إِزْهَاقِهِ وَ دُجُوُّ أَطْبَاقِهِ وَ جُشُوبَةُ مَذَاقِهِ فَكَأَنْ قَدْ أَتَاكُمْ بَغْتَةً فَأَسْكَتَ نَجِیَّكُمْ وَ فَرَّقَ نَدِیَّكُمْ وَ عَفَّی آثَارَكُمْ وَ عَطَّلَ دِیَارَكُمْ وَ بَعَثَ وُرَّاثَكُمْ یَقْتَسِمُونَ تُرَاثَكُمْ بَیْنَ حَمِیمٍ خَاصٍّ لَمْ یَنْفَعْ وَ قَرِیبٍ مَحْزُونٍ لَمْ یَمْنَعْ وَ آخَرَ شَامِتٍ لَمْ یَجْزَعْ فَعَلَیْكُمْ بِالْجِدِّ وَ الِاجْتِهَادِ وَ التَّأَهُّبِ وَ الِاسْتِعْدَادِ وَ التَّزَوُّدِ فِی مَنْزِلِ الزَّادِ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْیَا كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِیَةِ وَ الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ الَّذِینَ احْتَلَبُوا دِرَّتَهَا وَ أَصَابُوا غِرَّتَهَا وَ أَفْنَوْا عِدَّتَهَا وَ أَخْلَقُوا جِدَّتَهَا أَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً وَ أَمْوَالُهُمْ مِیرَاثاً لَا یَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ وَ لَا یَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ وَ لَا یُجِیبُونَ مَنْ دَعَاهُمْ فَاحْذَرُوا الدُّنْیَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ خَدُوعٌ مُعْطِیَةٌ مَنُوعٌ مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ لَا یَدُومُ رَخَاؤُهَا وَ لَا یَنْقَضِی عَنَاؤُهَا وَ لَا یَرْكُدُ بَلَاؤُهَا(3).

«47»- نَهْجُ الْكَیْدُرِیِّ، عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِهَمَّامٍ فِی وَصْفِ

ص: 83


1- 1. الطیات- جمع طیة بالكسر- النیة و العزم، أی الموت یبعدكم عن مقاصدكم و أهوائكم.
2- 2. المعابل: جمع معبلة- بالكسر- النصل الطویل العریض.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 228 من الخطب.

الْمُتَّقِینَ: أَرَادَتْهُمُ الدُّنْیَا وَ لَمْ یُرِیدُوهَا.

قَالَ مِنْ مُكَاشَفَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا رَوَاهُ الصَّادِقُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنِّی كُنْتُ بِفَدَكَ فِی بَعْضِ حِیطَانِهَا وَ قَدْ صَارَتْ لِفَاطِمَةَ علیها السلام إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ هَجَمَتْ عَلَیَّ وَ فِی یَدِی مِسْحَاةٌ وَ أَنَا أَعْمَلُ بِهَا فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهَا طَارَ قَلْبِی مِمَّا تَدَاخَلَنِی مِنْ جَمَالِهَا فَشَبَّهْتُهَا بِبُثَیْنَةَ(1)

بِنْتِ عَامِرٍ الْجُمَحِیِّ وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ قُرَیْشٍ فَقَالَتْ لِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ هَلْ لَكَ أَنْ تَزَوَّجَنِی وَ أُغْنِیَكَ عَنْ هَذِهِ الْمِسْحَاةِ وَ أَدُلَّكَ عَلَی خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَ یَكُونَ لَكَ الْمُلْكُ مَا بَقِیتَ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ أَنْتِ حَتَّی أَخْطُبَكِ مِنْ أَهْلِكِ فَقَالَتْ أَنَا الدُّنْیَا فَقُلْتُ لَهَا ارْجِعِی فَاطْلُبِی زَوْجاً غَیْرِی فَلَسْتِ مِنْ شَأْنِی وَ أَقْبَلْتُ عَلَی مِسْحَاتِی وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ (2):

لَقَدْ خَابَ مَنْ غَرَّتْهُ دُنْیَا دَنِیَّةٌ***وَ مَا هِیَ إِنْ غَرَّتْ قُرُوناً بِطَائِلٍ

أَتَتْنَا عَلَی زِیِّ الْعَزِیزِ بُثَیْنَةَ***وَ زِینَتُهَا فِی مِثْلِ تِلْكَ الشَّمَائِلِ

فَقُلْتُ لَهَا غُرِّی سِوَایَ فَإِنَّنِی***عَزُوفٌ عَنِ الدُّنْیَا وَ لَسْتُ بِجَاهِلٍ

وَ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا فَإِنَّ مُحَمَّداً***رَهِینٌ بِقَفْرٍ بَیْنَ تِلْكَ الْجَنَادِلِ

وَ هَبْهَا أَتَتْنَا بِالْكُنُوزِ وَ دُرِّهَا***وَ أَمْوَالِ قَارُونَ وَ مُلْكِ الْقَبَائِلِ

أَ لَیْسَ جَمِیعاً لِلْفَنَاءِ مَصِیرُهَا***وَ یُطْلَبُ مِنْ خُزَّانِهَا بِالطَّوَائِلِ

فَغُرِّی سِوَایَ إِنَّنِی غَیْرُ رَاغِبٍ***لِمَا فِیكِ مِنْ عِزٍّ وَ مُلْكٍ وَ نَائِلٍ

وَ قَدْ قَنِعَتْ نَفْسِی بِمَا قَدْ رُزِقْتُهُ***فَشَأْنَكِ یَا دُنْیَا وَ أَهْلَ الْغَوَائِلِ

فَإِنِّی أَخَافُ اللَّهَ یَوْمَ لِقَائِهِ***وَ أَخْشَی عِتَاباً دَائِماً غَیْرَ زَائِلٍ

ص: 84


1- 1. مصغرة علی وزن جهینة، كأنها كانت مشهورة بالحسن و الجمال عند نساء العرب و عامر الجمحی لعله ابن مسعود بن أمیّة بن خلف القرشیّ الجمحی.
2- 2. رواه الكیدری أیضا فی أنوار العقول فی قافیة اللام مرسلا، و ذكره الشهید الثانی فی حدیث طویل عن الصادق علیه السلام فی كتاب الغیبة ص 264 المطبوع مع كشف الفوائد، و سیأتی فی ج 75 ص 363، ج 77 ص 195، ج 78 ص 274.

وَ قَالَ أَیْضاً:

دُنْیَا تُخَادِعُنِی كَأَنِّی***لَسْتُ أَعْرِفُ حَالَهَا

مَدَّتْ إِلَیَّ یَمِینَهَا***فَرَدَدْتُهَا وَ شِمَالَهَا

وَ رَأَیْتُهَا مُحْتَاجَةٌ***فَوَهَبْتُ جُمْلَتَهَا لَهَا

فَهَذَا مَعْنَی قَوْلِهِ علیه السلام أَرَادَتْهُمُ الدُّنْیَا وَ لَمْ یُرِیدُوهَا.

«48»- عِدَّةُ الدَّاعِی، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُصْبِحُ وَ لَا یُمْسِی إِلَّا وَ نَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ فَلَا یَزَالُ زَارِیاً عَلَیْهَا وَ مُسْتَزِیداً لَهَا فَكُونُوا كَالسَّابِقِینَ قَبْلَكُمْ وَ الْمَاضِینَ أَمَامَكُمْ قَوَّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْوِیضَ الرَّاحِلِ وَ طَوَوْهَا طَیَّ الْمَنَازِلِ (1).

«49»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَیْلٌ لِلَّذِینَ یَخْتِلُونَ الدُّنْیَا بِالدِّینِ وَ وَیْلٌ لِلَّذِینَ یَقْتُلُونَ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ وَ وَیْلٌ لِلَّذِینَ یَسِیرُ الْمُؤْمِنُ فِیهِمْ بِالتَّقِیَّةِ أَ بِی یَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَیَّ یَجْتَرِءُونَ فَبِی حَلَفْتُ لَأُتِیحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِیمَ مِنْهُمْ حَیْرَانَ [حَیْرَاناً](2).

بیان: ویل للذین یختلون الدنیا بالدین أی العذاب و الهلاك للذین یطلبون الدنیا بعمل الآخرة بالخدیعة و المكر قال فی النهایة الویل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و قال فیه من أشراط الساعة أن تعطل سیوف الجهاد و أن تختل الدنیا بالدین أی تطلب الدنیا بعمل الآخرة یقال ختله یختله إذا خدعه و راوغه و ختل الذئب الصید إذا تخفی له و الختل الخداع و فی القاموس ختله یختله و یختله ختلا و ختلانا خدعه و الذئب الصید تخفی له و خاتله خادعه و تخاتلوا تخادعوا و اختتل تسمع لسر القوم انتهی (3).

ص: 85


1- 1. عدّة الداعی: 175، و التقویض: الرحیل ینزع الاطناب و الاعواد من الخیام و الخباء.
2- 2. الكافی ج 2 ص 299.
3- 3. القاموس ج 3 ص 366.

و بناء الافتعال كما هو المذكور فی عنوان باب الكافی (1) لم أره بهذا المعنی فی كتب اللغة و فی بعض النسخ اختیال بالیاء و هو تصحیف الذین یأمرون بالقسط أی بالعدل و هم الأئمة علیهم السلام و خواص أصحابهم یسیر المؤمن أی یعیش و یعمل مجازا أ بی یغترون أی بسبب إمهالی و نعمتی یغفلون عن بطشی و عذابی من الاغترار بمعنی الغفلة و یحتمل أن یكون من الاغترار بمعنی الوقوع فی الغرر و الهلاك.

و قال تعالی ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ (2) قال البیضاوی أی شی ء خدعك و جرأك علی عصیانه یجترءون بالهمزة أو بدونه بقلب الهمزة یاء ثم إسقاط ضمها ثم حذفها لالتقاء الساكنین لأتیحن قال فی النهایة فیه فبی حلفت لأتیحنهم فتنة تدع الحلیم منهم حیران یقال أتاح اللّٰه لفلان كذا أی قدره له و أنزله به و تاح له الشی ء و الحلیم ذو الحلم و الأناة و التثبت فی الأمور أو ذو العقل و تنوین حیرانا للتناسب و إنما خص بالذكر لأنه بكلی معنییه أبعد من الحیرة و ذلك لأنه أصبر علی الفتن و الزلازل و الحاصل أنه لا یجد العقلاء و ذوو التثبت و التدبر فی الأمور المخرج من تلك الفتنة.

«50»- لی، [الأمالی للصدوق] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ الْهَاشِمِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ خَلَفٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِفَاطِمَةَ علیها السلام فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَأَطَالَ عِنْدَهَا الْمَكْثَ فَخَرَجَ مَرَّةً فِی سَفَرٍ فَصَنَعَتْ فَاطِمَةُ مَسَكَتَیْنِ (3)

مِنْ وَرِقٍ وَ قِلَادَةً وَ قُرْطَیْنِ وَ سِتْراً لِبَابِ الْبَیْتِ لِقُدُومِ أَبِیهَا وَ زَوْجِهَا علیها السلام فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَخَلَ

ص: 86


1- 1. یعنی باب اختتال الدنیا بالدین.
2- 2. الانفطار: 60.
3- 3. المسكة- محركة- السوار و الخلخال إذا كان من قرن أو عاج، و لذلك قیدها بالورق، و هو الفضة، أی كان سوارها من فضة لا من غیرها، و القلادة معروف و القرط ما یعلق علی شحمة الاذن من درة و نحوها.

عَلَیْهَا فَوَقَفَ أَصْحَابُهُ عَلَی الْبَابِ لَا یَدْرُونَ یَقِفُونَ أَوْ یَنْصَرِفُونَ لِطُولِ مَكْثِهِ عِنْدَهَا.

فَخَرَجَ عَلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ عُرِفَ الْغَضَبُ فِی وَجْهِهِ حَتَّی جَلَسَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَظَنَّتْ فَاطِمَةُ علیها السلام أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ لِمَا رَأَی مِنَ الْمَسَكَتَیْنِ وَ الْقِلَادَةِ وَ الْقُرْطَیْنِ وَ السِّتْرِ فَنَزَعَتْ قِلَادَتَهَا وَ قُرْطَیْهَا وَ مَسَكَتَیْهَا وَ نَزَعَتِ السِّتْرَ فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَتْ لِلرَّسُولِ قُلْ لَهُ تَقْرَأُ عَلَیْكَ ابْنَتُكَ السَّلَامَ وَ تَقُولُ اجْعَلْ هَذَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ فَعَلَتْ فِدَاهَا أَبُوهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَیْسَتِ الدُّنْیَا مِنْ مُحَمَّدٍ وَ لَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَوْ كَانَتِ الدُّنْیَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْخَیْرِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَی فِیهَا كَافِراً شَرْبَةَ مَاءٍ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ عَلَیْهَا(1).

«51»- لی، [الأمالی للصدوق] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْحَی إِلَی الدُّنْیَا أَنْ أَتْعِبِی مَنْ خَدَمَكِ وَ اخْدُمِی مَنْ رَفَضَكِ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ الْعِبَادَةِ وَ ازْهَدُوا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا الزَّاهِدَةِ فِیكُمْ فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ كَمْ مِنْ مُغْتَرٍّ فِیهَا قَدْ أَهْلَكَتْهُ وَ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ خَانَتْهُ وَ كَمْ مِنْ مُعْتَمَدٍ عَلَیْهَا قَدْ خَدَعَتْهُ وَ أَسْلَمَتْهُ (2).

أقول: قد أثبتنا الخبر بتمامه فی باب مواعظ النبی صلی اللّٰه علیه و آله (3).

«52»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبْتُ فِیهَا آدَمَ علیه السلام عِنْدَ خَطِیئَتِهِ وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُوناً مَا فِیهَا إِلَّا مَا كَانَ فِیهَا لِی.

یَا مُوسَی إِنَّ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ زَهِدُوا فِیهَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ بِی وَ سَائِرُهُمْ مِنْ خَلْقِی

ص: 87


1- 1. أمالی الصدوق: 141.
2- 2. أمالی الصدوق 168.
3- 3. لم نجده فی باب مواعظه، صلّی اللّٰه علیه و آله.

رَغِبُوا فِیهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ بِی وَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَیْنُهُ وَ لَمْ یُحَقِّرْهَا أَحَدٌ إِلَّا انْتَفَعَ بِهَا الْخَبَرَ(1).

«53»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فِی مُنَاجَاتِهِ لِمُوسَی علیه السلام یَا مُوسَی إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ عُقُوبَةٍ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(2).

«54»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنْ كَانَتِ الدُّنْیَا فَانِیَةً فَالطُّمَأْنِینَةُ إِلَیْهَا لِمَا ذَا(3).

«55»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَغْفَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ یَتَّعِظْ بِتَغَیُّرِ الدُّنْیَا مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ أَعْظَمُ النَّاسِ فِی الدُّنْیَا خَطَراً مَنْ لَمْ یَجْعَلْ لِلدُّنْیَا عِنْدَهُ خَطَراً(4).

«56»- ن (5)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی للصدوق] الْأَسْتَرْآبَادِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَمْ مِنْ غَافِلٍ یَنْسِجُ ثَوْباً لِیَلْبَسَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ یَبْنِی بَیْتاً لِیَسْكُنَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَعْضِ خُطَبِهِ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا تَخْفَی عَلَیْهِ أَسْرَارُكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَفِی الدُّنْیَا حَیِیتُمْ وَ لِلْآخِرَةِ خُلِقْتُمْ وَ إِنَّمَا الدُّنْیَا كَالسَّمِّ یَأْكُلُهُ مَنْ لَا یَعْرِفُهُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ وَ قَالَ النَّاسُ مَا أَخَّرَ فَقَدِّمُوا فَضْلًا یَكُنْ لَكُمْ وَ لَا تُؤَخِّرُوا كُلًّا یَكُنْ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَیْرَ مَالِهِ وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ ثَقَّلَ بِالصَّدَقَاتِ وَ الْخَیْرَاتِ مَوَازِینَهُ وَ أَحْسَنَ فِی الْجَنَّةِ بِهَا مِهَادَهُ وَ طَیَّبَ عَلَی

ص: 88


1- 1. أمالی الصدوق 396 فی حدیث.
2- 2. ثواب الأعمال: 198.
3- 3. أمالی الصدوق ص 6.
4- 4. أمالی الصدوق: 14.
5- 5. عیون الأخبار ج 1 ص 297 و 298.

الصِّرَاطِ بِهَا مَسْلَكَهُ (1).

أقول: قد أثبتنا كثیرا من الأخبار فی باب مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام.

«57»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ الَّذِی أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ علیه السلام: یَا شَیْخُ إِنَّ الدُّنْیَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَ لَهَا أَهْلٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ لَهَا أَهْلٌ ظَلَفَتْ أَنْفُسُهُمْ عَنْ مُفَاخَرَةِ أَهْلِ الدُّنْیَا لَا یَتَنَافَسُونَ فِی الدُّنْیَا وَ لَا یَفْرَحُونَ بِغَضَارَتِهَا وَ لَا یَحْزَنُونَ لِبُؤْسِهَا یَا شَیْخُ مَنْ خَافَ الْبَیَاتَ قَلَّ نَوْمُهُ مَا أَسْرَعَ اللَّیَالِیَ وَ الْأَیَّامَ فِی عُمُرِ الْعَبْدِ فَاخْزُنْ لِسَانَكَ وَ عُدَّ كَلَامَكَ یَقِلَّ كَلَامُكَ إِلَّا بِخَیْرٍ یَا شَیْخُ ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ وَ آتِ إِلَی النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ یُؤْتَی إِلَیْكَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَی أَهْلِ الدُّنْیَا یُمْسُونَ وَ یُصْبِحُونَ عَلَی أَحْوَالٍ شَتَّی فَبَیْنَ صَرِیعٍ یَتَلَوَّی وَ بَیْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ وَ آخَرَ بِنَفْسِهِ یَجُودُ وَ آخَرَ لَا یُرْجَی وَ آخَرَ مُسَجًّی وَ طَالِبِ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٍ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَلَی أَثَرِ الْمَاضِی یَصِیرُ الْبَاقِی (2).

«58»- فس، [تفسیر القمی] مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَیَّارٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِینَ (3) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَی الدُّنْیَا حَسَرَاتٍ وَ مَنْ رَمَی بِبَصَرِهِ إِلَی مَا فِی یَدَیْ غَیْرِهِ كَثُرَ هَمُّهُ وَ لَمْ یُشْفَ غَیْظُهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَلَیْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَقَدْ قَصُرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ عَلَی اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ شَكَا مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَهُوَ مِمَّنْ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ مَنْ أَتَی ذَا مَیْسَرَةٍ فَتَخَشَّعَ لَهُ طَلَبَ مَا فِی یَدَیْهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ.

ص: 89


1- 1. أمالی الصدوق: 67 و 68.
2- 2. أمالی الصدوق: 237، و تراه فی المعانی: 198.
3- 3. الحجر: 88.

ثُمَّ قَالَ وَ لَا تَعْجَلْ وَ لَیْسَ یَكُونُ الرَّجُلُ یَنَالُ مِنَ الرَّجُلِ الْمِرْفَقَ فَیُبَجِّلُهُ وَ یُوَقِّرُهُ فَقَدْ یَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَیْهِ وَ لَكِنْ تَرَاهُ أَنَّهُ یُرِیدُ بِتَخَشُّعِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَ یُرِیدُ أَنْ یَخْتِلَهُ عَمَّا فِی یَدَیْهِ (1).

«59»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا حَفْصُ مَا أَنْزَلْتُ الدُّنْیَا مِنْ نَفْسِی إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْمَیْتَةِ إِذَا اضْطُرِرْتُ إِلَیْهَا أَكَلْتُ مِنْهَا الْخَبَرَ وَ سَیَأْتِی فِی أَبْوَابِ الْمَوَاعِظِ(2).

«60»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَخَّرَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا خَیْرٌ لَهُ مِمَّا یُعَجِّلُ مِنْهَا ثُمَّ صَغَّرَ الدُّنْیَا إِلَیَّ فَقَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ هِیَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ صَاحِبَ النِّعْمَةِ عَلَی خَطَرٍ إِنَّهُ یَجِبُ عَلَیَّ حُقُوقٌ لِلَّهِ مِنْهَا وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیَكُونَ عَلَیَّ النِّعَمُ مِنَ اللَّهِ فَمَا أَزَالُ مِنْهَا عَلَی وَجَلٍ وَ حَرَّكَ یَدَیْهِ حَتَّی أَخْرَجَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِی تَجِبُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیَّ فِیهَا(3).

«61»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِبَاطٍ رَفَعَهُ قَالَ: شَكَا رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْحَاجَةَ فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ تُصِیبُهُ مِنَ الدُّنْیَا فَوْقَ قُوتِكَ فَإِنَّمَا أَنْتَ فِیهِ خَازِنٌ لِغَیْرِكَ (4).

«62»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حُبُّ الدُّنْیَا رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ(5).

«63»- ل، [الخصال] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ اللَّهَبِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 90


1- 1. تفسیر القمّیّ: 356.
2- 2. تفسیر القمّیّ 493، فی آیة القصص: 83، و تری تمام الحدیث فی ج 78 ص 193 فراجع.
3- 3. قرب الإسناد ص 228 و 229 ط النجف.
4- 4. الخصال ج 1 ص 11.
5- 5. الخصال ج 1 ص 15.

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِیَ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا الْهَوَی فَإِنَّهُ یَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ وَ هَذِهِ الدُّنْیَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ هَذِهِ الْآخِرَةُ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَافْعَلُوا فَإِنَّكُمُ الْیَوْمَ فِی دَارِ عَمَلٍ وَ لَا حِسَابَ وَ أَنْتُمْ غَداً فِی دَارِ حِسَابٍ وَ لَا عَمَلَ (1).

«64»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ مُؤَمِّلِ بْنِ إِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمِصْرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ مَطِیَّتَانِ (2).

«65»- ل، [الخصال] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهَا علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرَّغْبَةُ فِی الدُّنْیَا تُكَثِّرُ الْهَمَّ وَ الْحُزْنَ وَ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا یُرِیحُ الْقَلْبَ وَ الْبَدَنَ (3).

«66»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْیَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا یَفْنَی وَ أَمَلٍ لَا یُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا یُنَالُ (4).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب السكینة و الوقار(5).

«67»- ل، [الخصال] عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ الْقَبْرُ حِصْنُهُ وَ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ وَ الدُّنْیَا جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْقَبْرُ سِجْنُهُ وَ النَّارُ

ص: 91


1- 1. الخصال ج 1 ص 27.
2- 2. الخصال ج 1 ص 35.
3- 3. الخصال ج 1 ص 37.
4- 4. الخصال ج 1 ص 44.
5- 5. راجع ج 71 ص 337. من هذه الطبعة.

مَأْوَاهُ (1).

«68»- ل، [الخصال] عَنِ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسِیدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الصُّوفِیِّ عَنْ أَبِی غَسَّانَ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَشَدُّ مَا یُتَخَوَّفُ عَلَی أُمَّتِی ثَلَاثَةٌ زَلَّةُ عَالِمٍ أَوْ جِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ أَوْ دُنْیَا تَقْطَعُ رِقَابَكُمْ فَاتَّهِمُوهَا عَلَی أَنْفُسِكُمْ (2).

«69»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَی الدُّنْیَا حَسَرَاتٍ وَ اللَّهِ مَا الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ إِلَّا كَكَفَّتَیِ الْمِیزَانِ فَأَیُّهُمَا رَجَحَ ذَهَبَ بِالْآخَرِ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ(3) یَعْنِی الْقِیَامَةَ لَیْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ خَفَضَتْ وَ اللَّهِ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ إِلَی النَّارِ رافِعَةٌ رَفَعَتْ وَ اللَّهِ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ إِلَی الْجَنَّةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَ أَجْمِلْ فِی الطَّلَبِ وَ لَا تَطْلُبْ مَا لَمْ یُخْلَقْ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ مَا لَمْ یُخْلَقْ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ وَ لَمْ یَنَلْ مَا طَلَبَ ثُمَّ قَالَ وَ كَیْفَ یَنَالُ مَا لَمْ یُخْلَقْ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ كَیْفَ یَطْلُبُ مَا لَمْ یُخْلَقْ فَقَالَ مَنْ طَلَبَ الْغِنَی وَ الْأَمْوَالَ وَ السَّعَةَ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّمَا یَطْلُبُ ذَلِكَ لِلرَّاحَةِ وَ الرَّاحَةُ لَمْ تُخْلَقْ فِی الدُّنْیَا وَ لَا لِأَهْلِ الدُّنْیَا إِنَّمَا خُلِقَتِ الرَّاحَةُ فِی الْجَنَّةِ وَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَ التَّعَبُ وَ النَّصْبُ خُلِقَا فِی الدُّنْیَا وَ لِأَهْلِ الدُّنْیَا وَ مَا أُعْطِیَ أَحَدٌ مِنْهَا حَفْنَةً(4)

إِلَّا أُعْطِیَ مِنَ الْحِرْصِ مِثْلَیْهَا وَ مَنْ أَصَابَ مِنَ الدُّنْیَا أَكْثَرَ كَانَ فِیهَا أَشَدَّ فَقْراً لِأَنَّهُ یَفْتَقِرُ إِلَی النَّاسِ فِی حِفْظِ أَمْوَالِهِ وَ یَفْتَقِرُ إِلَی كُلِّ آلَةٍ مِنْ آلَاتِ الدُّنْیَا فَلَیْسَ فِی غِنَی الدُّنْیَا رَاحَةٌ وَ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ یُوَسْوِسُ إِلَی ابْنِ آدَمَ أَنَّ لَهُ فِی جَمْعِ ذَلِكَ رَاحَةً وَ إِنَّمَا یَسُوقُهُ إِلَی التَّعَبِ فِی الدُّنْیَا

ص: 92


1- 1. الخصال ج 1 ص 53.
2- 2. الخصال ج 1 ص 78.
3- 3. الواقعة: 2- 3.
4- 4. الحفنة: مل ء الكف.

وَ الْحِسَابُ عَلَیْهِ فِی الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام كَلَّا مَا تَعِبَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ فِی الدُّنْیَا لِلدُّنْیَا بَلْ تَعِبُوا فِی الدُّنْیَا لِلْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ أَلَا وَ مَنِ اهْتَمَّ لِرِزْقِهِ كُتِبَ عَلَیْهِ خَطِیئَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ إِنَّمَا الدُّنْیَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا(1).

«70»- مع (2)،[معانی الأخبار] ع (3)، [علل الشرائع] ل، [الخصال] عَنِ الْقَطَّانِ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَطْلُوبَاتُ النَّاسِ فِی الدُّنْیَا الْفَانِیَةِ أَرْبَعَةٌ الْغِنَی وَ الدَّعَةُ وَ قِلَّةُ الِاهْتِمَامِ وَ الْعِزُّ فَأَمَّا الْغِنَی فَمَوْجُودٌ فِی الْقَنَاعَةِ فَمَنْ طَلَبَهُ فِی كَثْرَةِ الْمَالِ لَمْ یَجِدْهُ وَ أَمَّا الدَّعَةُ فَمَوْجُودٌ فِی خِفَّةِ الْمَحْمِلِ فَمَنْ طَلَبَهَا فِی ثِقَلِهِ لَمْ یَجِدْهَا وَ أَمَّا قِلَّةُ الِاهْتِمَامِ فَمَوْجُودَةٌ فِی قِلَّةِ الشُّغُلِ فَمَنْ طَلَبَهَا مَعَ كَثْرَتِهِ لَمْ یَجِدْهَا وَ أَمَّا الْعِزُّ فَمَوْجُودٌ فِی خِدْمَةِ الْخَالِقِ فَمَنْ طَلَبَهُ فِی خِدْمَةِ الْمَخْلُوقِ لَمْ یَجِدْهُ (4).

«71»- ل، [الخصال] عَنِ الْفَامِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحُسَیْنِ الْفَارِسِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ سَلِمَ مِنْ أُمَّتِی مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ فَلَهُ الْجَنَّةُ مِنَ الدُّخُولِ فِی الدُّنْیَا وَ اتِّبَاعِ الْهَوَی وَ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَ شَهْوَةِ الْفَرْجِ الْخَبَرَ(5).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الحیاء(6).

«72»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سُلَیْمٍ مَوْلَی طِرْبَالٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ:

ص: 93


1- 1. الخصال ج 1 ص 33.
2- 2. معانی الأخبار ص 230.
3- 3. علل الشرائع ج 2 ص 154.
4- 4. الخصال ج 1 ص 93.
5- 5. الخصال ج 1 ص 106.
6- 6. راجع ج 71 ص 329- 337.

الدُّنْیَا دُوَلٌ فَمَا كَانَ لَكَ فِیهَا أَتَاكَ عَلَی ضَعْفِكَ وَ مَا كَانَ مِنْهَا عَلَیْكَ أَتَاكَ وَ لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْهُ بِقُوَّةٍ ثُمَّ أَتْبَعَ هَذَا الْكَلَامَ بِأَنْ قَالَ مَنْ یَئِسَ مِمَّا فَاتَ أَرَاحَ بَدَنَهُ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا أُوتِیَ قَرَّتْ عَیْنُهُ (1).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام: مِثْلَهُ (2).

«73»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ اللُّؤْلُؤِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ الضَّحَّاكِ عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوَّانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ سَلْمَانُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ: عَجِبْتُ لِسِتٍّ ثَلَاثٌ أَضْحَكَتْنِی وَ ثَلَاثٌ أَبْكَتْنِی فَأَمَّا الَّذِی أَبْكَتْنِی فَفِرَاقُ الْأَحِبَّةِ مُحَمَّدٍ وَ حِزْبِهِ وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا الَّذِی أَضْحَكَتْنِی فَطَالِبُ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ ضَاحِكٌ مِلْ ءَ فِیهِ لَا یَدْرِی أَ رَضِیَ اللَّهُ أَمْ سَخِطَ(3).

«74»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ مَا عُصِیَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِسِتِّ خِصَالٍ حُبِّ الدُّنْیَا وَ حُبِّ الرِّئَاسَةِ وَ حُبِّ النِّسَاءِ وَ حُبِّ الطَّعَامِ وَ حُبِّ النَّوْمِ وَ حُبِّ الرَّاحَةِ(4).

«75»- ل، [الخصال] فِی خَبَرِ أَبِی ذَرٍّ: عَجِبْتُ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا لِمَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا(5).

ص: 94


1- 1. الخصال ج 1 ص 124 و قد مر فی ج 72 ص 327، حدیث بهذا السند و المتن و كان رمز المصدر ن، و قلنا فی الذیل أنا لم نجده فی العیون، فالظاهر أن الصحیح من رمز المصدر ل فلیصحح.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 229.
3- 3. الخصال ج 1 ص 158.
4- 4. تراه فی الخصال ج 1 ص 106.
5- 5. الخصال ج ص.

«76»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وُجِدَ لَوْحٌ تَحْتَ حَائِطِ مَدِینَةٍ مِنَ الْمَدَائِنِ فِیهِ مَكْتُوبٌ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اخْتَبَرَ الدُّنْیَا كَیْفَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْحِسَابِ كَیْفَ یُذْنِبُ (1).

«77»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ:

إِنَّكَ فِی دَارٍ لَهَا مُدَّةٌ***یُقْبَلُ فِیهَا عَمَلُ الْعَامِلِ

أَ لَا تَرَی الْمَوْتَ مُحِیطاً بِهَا***یُكْذَبُ فِیهَا أَمَلُ الْآمِلِ

تَعْجَلُ الذَّنْبَ لِمَا تَشْتَهِی***وَ تَأْمُلُ التَّوْبَةَ فِی قَابِلٍ

وَ الْمَوْتُ یَأْتِی أَهْلَهُ بَغْتَةً***مَا ذَاكَ فِعْلَ الْحَازِمِ الْعَامِلِ (2).

أ- 78- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الْبَیْهَقِیُّ عَنِ الصَّوْلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ أَبِی عَبَّادٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَوْماً یُنْشِدُ شِعْراً:

كُلُّنَا نَأْمُلُ مَدّاً فِی الْأَجَلِ***وَ الْمَنَایَا هُنَّ آفَاتُ الْأَمَلِ

لَا یَغُرَّنْكَ أَبَاطِیلُ الْمُنَی***وَ الْزَمِ الْقَصْدَ وَ دَعْ عَنْكَ الْعِلَلَ

إِنَّمَا الدُّنْیَا كَظِلٍّ زَائِلٍ***حَلَّ فِیهِ رَاكِبٌ ثُمَّ رَحَلَ (3).

«79»- جا(4)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الزَّیَّاتِ عَنِ ابْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَوْ رَأَی الْعَبْدُ أَجَلَهُ وَ سُرْعَتَهُ إِلَیْهِ أَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ تَرَكَ طَلَبَ الدُّنْیَا(5).

ص: 95


1- 1. عیون الأخبار ج 2 ص 44.
2- 2. عیون الأخبار ج 2 ص 176.
3- 3. عیون الأخبار ج 2 ص 177.
4- 4. مجالس المفید: 190.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 76.

«80»- جا(1)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ عَنْبَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمْ طُولُ الْأَمَلِ وَ اتِّبَاعُ الْهَوَی فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ وَ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ تَوَلَّتْ مُدْبِرَةً وَ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَإِنَّ الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ الْآخِرَةَ حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ (2).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الزهد(3).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ حَیْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِیدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَةٍ لَهُ وَ ذَكَرَ: مِثْلَهُ (4).

«81»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْتُمْ أَغْرَاضاً تَنْتَضِلُ فِیكُمُ الْمَنَایَا وَ أَمْوَالُكُمْ نَهْبٌ لِلْمَصَائِبِ مَا طَعِمْتُمْ فِی الدُّنْیَا مِنْ طَعَامٍ فَلَكُمْ فِیهِ غَصَصٌ وَ مَا شَرِبْتُمُوهُ مِنْ شَرَابٍ فَلَكُمْ فِیهِ شَرَقٌ وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا تَنَالُونَ فِی الدُّنْیَا نِعْمَةً تَفْرَحُونَ بِهَا إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی تَكْرَهُونَهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خُلِقْنَا وَ إِیَّاكُمْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفَنَاءِ وَ لَكِنَّكُمْ مِنْ دَارٍ تُنْقَلُونَ فَتَزَوَّدُوا لِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَیْهِ وَ خَالِدُونَ فِیهِ وَ السَّلَامُ (5).

«82»- ف، [تحف العقول] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنِّی أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَ عُمِّرَتْ بِالْآمَالِ وَ تَزَیَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا وَ لَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ لَا تَعْدُو إِذَا

ص: 96


1- 1. مجالس المفید: 212.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 117.
3- 3. راجع ج 70 ص 309- 322.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 236 و فیه غندر بن محمّد.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 320.

هِیَ تَنَاهَتْ إِلَی أُمْنِیَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِیهَا وَ الرِّضَی بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً(1) مَعَ أَنَّ امْرَأً لَمْ یَكُنْ مِنْهَا فِی حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ عَبْرَةً وَ لَمْ یَلْقَ مِنْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً وَ لَمْ تُظِلَّهُ فِیهَا دِیمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَنَتْ عَلَیْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ إِذَا هِیَ أَصْبَحَتْ مُنْتَصِرَةً لَمْ تَأْمَنْ أَنْ تُمْسِیَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً وَ إِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ لِامْرِئٍ وَ احْلَوْلَی أَمَرَّ عَلَیْهِ جَانِبٌ مِنْهَا فَأَوْبَی (2)

وَ مَا أَمْسَی امْرُؤٌ مِنْهَا فِی جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ فِی أَخْوَفِ خَوْفٍ غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِیهَا فَانِیَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَیْهَا لَا خَیْرَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ زَادِهَا إِلَّا التَّقْوَی مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا یُؤْمِنُهُ وَ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ یَدُمْ لَهُ وَ زَالَ عَمَّا قَلِیلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَ ذِی طُمَأْنِینَةٍ إِلَیْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ وَ ذِی حَذَرٍ قَدْ خَدَعَتْهُ وَ كَمْ ذِی أُبَّهَةٍ فِیهَا قَدْ صَیَّرَتْهُ حَقِیراً وَ ذِی نَخْوَةٍ قَدْ رَدَّتْهُ خَائِفاً فَقِیراً وَ كَمْ ذِی تَاجٍ قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْیَدَیْنِ وَ الْفَمِ سُلْطَانُهَا ذُلٌّ وَ عَیْشُهَا رَنِقٌ وَ عَذْبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلْوُهَا صَبِرٌ حَیُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَ صَحِیحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ وَ مَنِیعُهَا بِعَرَضِ اهْتِضَامٍ وَ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَ عَزِیزُهَا مَغْلُوبٌ وَ أَمْنُهَا مَنْكُوبٌ وَ جَارُهَا مَحْرُوبٌ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَ زَفَرَاتُهُ وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفُ بَیْنَ یَدَیِ الْحَاكِمِ الْعَدْلِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی أَ لَسْتُمْ فِی مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَبْیَنَ آثَاراً وَ أَعَدَّ مِنْكُمْ عَدِیداً وَ أَكْثَفَ مِنْكُمْ جُنُوداً وَ أَشَدَّ مِنْكُمْ عُنُوداً تَعَبَّدُوا لِلدُّنْیَا أَیَّ تَعَبُّدٍ وَ آثَرُوهَا أَیَّ إِیْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِالصَّغَارِ أَ فَبِهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ عَلَی هَذِهِ تَحْرِصُونَ أَمْ إِلَیْهَا تَطْمَئِنُّونَ یَقُولُ اللَّهُ مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا

ص: 97


1- 1. الكهف: 45.
2- 2. هتنت: صبت، و أوبی: صار ذا وباء، و سیأتی شرح مشكلاتها و غریبها عند نقلها من النهج.

فِیها وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ (1) فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ یَتَهَیَّأْهَا وَ لَمْ یَكُنْ فِیهَا عَلَی وَجَلٍ وَ اعْلَمُوا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَارِكُوهَا لَا بُدَّ وَ إِنَّمَا هِیَ كَمَا نَعَتَ اللَّهُ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) فَاتَّعِظُوا فِیهَا بِالَّذِینَ كَانُوا یَبْنُونَ بِكُلِّ رِیعٍ آیَةً یَعْبَثُونَ وَ یَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّهُمْ یَخْلُدُونَ وَ بِالَّذِینَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ رَأَیْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ كَیْفَ حُمِلُوا إِلَی قُبُورِهِمْ وَ لَا یُدْعَوْنَ رُكْبَاناً وَ أُنْزِلُوا وَ لَا یُدْعَوْنَ ضِیفَاناً وَ جُعِلَ لَهُمْ مِنَ الضَّرِیحِ أكنانا [أَكْنَانٌ] وَ مِنَ التُّرَابِ أكفانا [أَكْفَانٌ] وَ مِنَ الرُّفَاتِ جیرانا [جِیرَانٌ] فَهُمْ جِیرَةٌ لَا یُجِیبُونَ دَاعِیاً وَ لَا یَمْنَعُونَ ضَیْماً لَا یَزُورُونَ وَ لَا یُزَارُونَ حُلَمَاءُ قَدْ بَادَتْ أَضْغَانُهُمْ جُهَلَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا تُخْشَی فَجْعَتُهُمْ وَ لَا یُرْجَی دَفْعُهُمْ وَ هُمْ كَمَنْ لَمْ یَكُنْ وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِیلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ (3) اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَ بِالسَّعَةِ ضِیقاً وَ بِالْأَهْلِ غُرْبَةً وَ بِالنُّورِ ظُلْمَةً جَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَی الْحَیَاةِ الدَّائِمَةِ وَ إِلَی خُلُودٍ أَبَدٍ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِینَ (4).

«83»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْفَحَّامُ عَنِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ عَمِّ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ صَفَتْ لَهُ دُنْیَاهُ فَاتَّهِمْهُ فِی دِینِهِ (5).

«84»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْفَحَّامُ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ أَبِیهِ

ص: 98


1- 1. هود: 15.
2- 2. الحدید: 20.
3- 3. القصص: 58.
4- 4. تحف العقول: 180 فی ط و 176 فی ط الإسلامیة.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 286.

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: یَا جَابِرُ أَنْزِلِ الدُّنْیَا مِنْكَ كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ تُرِیدُ التَّحَوُّلَ عَنْهُ وَ هَلِ الدُّنْیَا إِلَّا دَابَّةٌ رَكِبْتَهَا فِی مَنَامِكَ فَاسْتَیْقَظْتَ وَ أَنْتَ عَلَی فِرَاشِكَ غَیْرَ رَاكِبٍ وَ لَا أَحَدٌ یَعْبَأُ بِهَا أَوْ كَثَوْبٍ لَبِسْتَهُ أَوْ كَجَارِیَةٍ وَطِئْتَهَا یَا جَابِرُ الدُّنْیَا عِنْدَ ذَوِی الْأَلْبَابِ كَفَیْ ءِ الظِّلَالِ (1).

«85»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی عَمِّی عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی الْجُهَنِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِیَّ وَ قَدْ أُكْرِهَ عَلَی طَعَامٍ فَقَالَ حَسْبِی إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعاً فِی الدُّنْیَا أَكْثَرُهُمْ جُوعاً فِی الْآخِرَةِ یَا سَلْمَانُ إِنَّمَا الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ(2).

«86»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كُنْ فِی الدُّنْیَا كَأَنَّكَ غَرِیبٌ أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِیلٍ وَ عُدَّ نَفْسَكَ فِی أَصْحَابِ الْقُبُورِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا أَمْسَیْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ أَنْ تُصْبِحَ وَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ أَنْ تُمْسِیَ وَ خُذْ مِنْ حَیَاتِكَ لِمَوْتِكَ وَ مِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا اسْمُكَ غَداً(3).

«87»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّمَا الدُّنْیَا فَنَاءٌ وَ عَنَاءٌ وَ عِبَرٌ وَ غِیَرٌ فَمِنْ فَنَائِهَا أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ مُفَوِّقٌ نَبْلَهُ یَرْمِی الصَّحِیحَ بِالسَّقَمِ وَ الْحَیَّ بِالْمَوْتِ وَ مِنْ عَنَائِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَا لَا یَأْكُلُ وَ یَبْنِی مَا لَا یَسْكُنُ وَ مِنْ عِبَرِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً وَ الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً لَیْسَ مِنْهَا إِلَّا نَعِیمٌ زَالَ وَ بُؤْسٌ نَزَلَ (4) وَ مِنْ غِیَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یُشْرِفُ عَلَی أَمَلِهِ فَیَخْتَطِفُهُ مِنْ دُونِهِ أَجَلُهُ.

ص: 99


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 302.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 356.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 391.
4- 4. فی المصدر: نعیم زائل و بؤس نازل.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ مَغْرُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَیْهِ مَفْتُونٌ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ مَا أَبْلَی اللَّهُ عَبْداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ (1).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِقْسَمِیِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ صَبِیحٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مِثْلَهُ بِتَغْیِیرٍ مَا وَ قَدْ أَثْبَتْنَاهُمَا فِی بَابِ الْمَوَاعِظِ(2).

«88»- ف، [تحف العقول] قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ: كُنَّا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ مَنْ قَتَلَهُ أَشْرَفَ عَلَیْنَا مِنْ آخِرِ اللَّیْلِ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ فِیهِ فَقُلْنَا فِی ذَمِّ الدُّنْیَا فَقَالَ عَلَامَ تَذُمُّ الدُّنْیَا یَا جَابِرُ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ یَذُمُّونَ الدُّنْیَا انْتَحَلُوا الزُّهْدَ فِیهَا الدُّنْیَا مَنْزِلُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ مَسْكَنُ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا فِیهَا مَسْجِدُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْیِهِ وَ مُصَلَّی مَلَائِكَتِهِ وَ مَسْكَنُ أَحِبَّائِهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَائِهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا مِنْهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا یَذُمُّ الدُّنْیَا یَا جَابِرُ وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَیْنِهَا وَ نَادَتْ بِانْقِطَاعِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا بِالزَّوَالِ وَ مَثَّلَتْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ وَ شَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ رَاحَتْ بِفَجِیعَةٍ وَ ابْتَكَرَتْ بِنِعْمَةٍ وَ عَافِیَةٍ تَرْهِیباً وَ تَرْغِیباً یَذُمُّهَا قَوْمٌ عِنْدَ النَّدَامَةِ وَ یَحْمَدُهَا آخَرُونَ عِنْدَ السَّلَامَةِ خَدَمَتْهُمْ جَمِیعاً

فَصَدَّقَتْهُمْ وَ ذَكَّرَتْهُمْ فَذَكَرُوا وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا وَ خَوَّفَتْهُمْ فَخَافُوا وَ شَوَّقَتْهُمْ فَاشْتَاقُوا فَأَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَی اسْتَذَمَّتْ إِلَیْكَ بَلْ مَتَی غَرَّتْكَ بِنَفْسِهَا أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَی أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ مِنَ الثَّرَی كَمْ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ وَ عَلَّلْتَ بِكَفَّیْكَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الدَّوَاءَ وَ تَطْلُبُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ تُدْرِكْ فِیهِ طَلِبَتَكَ وَ لَمْ تُسْعَفْ فِیهِ بِحَاجَتِكَ.

ص: 100


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 58.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 107. راجع كتاب الروضة الباب 15 باب مواعظ أمیر المؤمنین و حكمه علیه السّلام ص 404.

بَلْ مَثَّلَتِ الدُّنْیَا بِهِ نَفْسَكَ وَ بِحَالِهِ حَالَكَ غَدَاةَ لَا یَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ وَ لَا یُغْنِی عَنْكَ نِدَاؤُكَ حِینَ یَشْتَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَعَالِینُ الْمَرَضِ (1) وَ أَلِیمُ لَوْعَاتِ الْمَضَضِ حِینَ لَا یَنْفَعُ الْأَلِیلُ وَ لَا یَدْفَعُ الْعَوِیلُ یَحْفَزُ بِهَا الْحَیْزُومُ وَ یُعَضُّ بِهَا الْحُلْقُومُ لَا یُسْمِعُهُ النِّدَاءُ وَ لَا یَرُوعُهُ الدُّعَاءُ فَیَا طُولَ الْحُزْنِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْأَجَلِ ثُمَّ یُرَاحُ بِهِ عَلَی شَرْجَعٍ تُقِلُّهُ أَكُفٌّ أَرْبَعٌ فَیَضْجَعُ فِی قَبْرِهِ فِی مَحَلِّ لَبْثٍ وَ ضِیقِ جَدَثٍ فَذَهَبَتِ الْجِدَةُ وَ انْقَطَعَتِ الْمُدَّةُ وَ رَفَضَتْهُ الْعُطَفَةُ وَ قَطَعَتْهُ اللُّطَفَةُ لَا یُقَارِبُهُ الْأَخِلَّاءُ وَ لَا یُلِمُّ بِهِ الزُّوَّارُ وَ لَا اتَّسَقَتْ بِهِ الدَّارُ انْقَطَعَ دُونَهُ الْأَثَرُ وَ اسْتُعْجِمَ دُونَهُ الْخَبَرُ وَ بَكَّرَتْ وَرَثَتُهُ فَقُسِمَتْ تَرَكَتُهُ وَ لَحِقَهُ الْحُوبُ وَ أَحَاطَتْ بِهِ الذُّنُوبُ فَإِنْ یَكُنْ قَدَّمَ خَیْراً طَابَ مَكْسَبُهُ وَ إِنْ یَكُنْ قَدَّمَ شَرّاً تَبَّ مُنْقَلَبُهُ وَ كَیْفَ یَنْفَعُ نَفْساً قَرَارُهَا وَ الْمَوْتُ قَصَارُهَا وَ الْقَبْرُ مَزَارُهَا فَكَفَی بِهَذَا وَاعِظاً كَفَی یَا جَابِرُ امْضِ مَعِی فَمَضَیْتُ مَعَهُ حَتَّی أَتَیْنَا الْقُبُورَ فَقَالَ یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ وَ یَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ أَمَّا الْمَنَازِلُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْمَوَارِیثُ فَقَدْ قُسِمَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحْنَ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنِّی مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ وَ الَّذِی أَقَلَّ السَّمَاءَ فَعَلَتْ وَ سَطَحَ الْأَرْضَ فَدَحَتْ لَوْ أُذِنَ لِلْقَوْمِ فِی الْكَلَامِ لَقَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوَی ثُمَّ قَالَ یَا جَابِرُ إِذَا شِئْتَ فَارْجِعْ (2).

«89»- ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ صَالِحِ بْنِ

ص: 101


1- 1. كذا فی نسخة الكمبانیّ و هكذا المصدر و لعله مصحف« أعالیل» قیل: هی جمع أعلال، جمع علل، جمع علة: لما یتعلل به من مرض و غیره. أو هی جمع أعلولة أو هی جمع لا واحد له من لفظه، و المضض: بلوغ الحزن الی القلب بحیث یحرقه و اللوعة: المرة أی حرقة الحزن و الهوی و الالیل: الانین من شدة المرض، أو هو بمعنی الجؤار و التضرع فی الدعاء و الاستغاثة و الضجة.
2- 2. تحف العقول: 183 ط الإسلامیة.

سَعِیدٍ عَنْ أَخِیهِ سَهْلٍ الْحُلْوَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا عِیسَی فِی سِیَاحَتِهِ إِذْ مَرَّ بِقَرْیَةٍ فَوَجَدَ أَهْلَهَا مَوْتَی فِی الطُّرُقِ وَ الدُّورِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا بِسَخْطَةٍ وَ لَوْ مَاتُوا بِغَیْرِهَا تَدَافَنُوا قَالَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَدِدْنَا أَنَّا عَرَفْنَا قِصَّتَهُمْ فَقِیلَ لَهُ نَادِهِمْ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْقَرْیَةِ فَأَجَابَهُ مُجِیبٌ مِنْهُمْ لَبَّیْكَ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ مَا حَالُكُمْ وَ مَا قِصَّتُكُمْ قَالَ أَصْبَحْنَا فِی عَافِیَةٍ وَ بِتْنَا فِی الْهَاوِیَةِ قَالَ فَقَالَ مَا الْهَاوِیَةُ قَالَ بِحَارٌ مِنْ نَارٍ فِیهَا جِبَالٌ مِنْ نَارٍ قَالَ وَ مَا بَلَغَ بِكُمْ مَا أَرَی قَالَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ عِبَادَةُ الطَّاغُوتِ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِنْ حُبِّكُمُ الدُّنْیَا قَالَ كَحُبِّ الصَّبِیِّ لِأُمِّهِ إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحَ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِنْ عِبَادَتِكُمُ الطَّاغُوتَ قَالَ كَانُوا إِذَا أَمَرُوا أَطَعْنَاهُمْ قَالَ فَكَیْفَ أَجَبْتَنِی أَنْتَ مِنْ بَیْنِهِمْ قَالَ لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلُجُمٍ مِنْ نَارٍ عَلَیْهِمْ مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ وَ إِنِّی كُنْتُ فِیهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ

مِنْهُمْ فَلَمَّا أَصَابَهُمُ الْعَذَابُ أَصَابَنِی مَعَهُمْ فَأَنَا مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ أَخَافُ أَنْ أُكَبْكَبَ فِی النَّارِ قَالَ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام النَّوْمُ عَلَی الْمَزَابِلِ وَ أَكْلُ خُبْزِ الشَّعِیرِ كَثِیرٌ مَعَ سَلَامَةِ الدِّینِ (1).

ثو(2)، [ثواب الأعمال] مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ: مِثْلَهُ (3).

«90»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ رَفَعَهُ إِلَی عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ رَفَعَهُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما(4) قَالَ كَانَ ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحاً مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَجِبْتُ لِمَنْ یَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ كَیْفَ یَفْرَحُ عَجِبْتُ لِمَنْ یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ عَجِبْتُ لِمَنْ یَذْكُرُ النَّارَ كَیْفَ یَضْحَكُ عَجِبْتُ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَیْفَ

ص: 102


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 152.
2- 2. ثواب الأعمال: 227.
3- 3. معانی الأخبار: 341.
4- 4. الكهف: 81.

یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا(1).

«91»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنَّ رِیحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِیرَةِ أَلْفِ عَامٍ مَا یَجِدُهَا عَاقٌّ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَیْخٌ زَانٍ وَ لَا جَارٌّ إِزَارَهُ خُیَلَاءَ وَ لَا فَنَّانٌ (2)

وَ لَا مَنَّانٌ وَ لَا جَعْظَرِیٌّ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْجَعْظَرِیُّ قَالَ الَّذِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: وَ لَا حَیُّوفٌ وَ هُوَ النَّبَّاشُ وَ لَا زَنُّوفٌ وَ هُوَ الْمُخَنَّثُ وَ لَا جَوَّاضٌ وَ لَا جَعْظَرِیٌّ وَ هُوَ الَّذِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا(3).

«92»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیه السلام عِنْدَ قَبْرٍ وَ هُوَ یَقُولُ إِنَّ شَیْئاً هَذَا آخِرُهُ لَحَقِیقٌ أَنْ یُزْهَدَ فِی أَوَّلِهِ وَ إِنَّ شَیْئاً هَذَا أَوَّلُهُ لَحَقِیقٌ أَنْ یُخَافَ آخِرُهُ (4).

«93»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی خَبَرِ الْمَنَاهِی قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَلَا وَ مَنْ عُرِضَتْ لَهُ دُنْیَا وَ آخِرَةٌ فَاخْتَارَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ لَقِیَ اللَّهَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَیْسَتْ لَهُ حَسَنَةٌ یَتَّقِی بِهَا النَّارَ وَ مَنِ اخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ غَفَرَ لَهُ مَسَاوِیَ عَمَلِهِ (5).

«94»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْیَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا یَفْنَی وَ أَمَلٍ لَا یُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا یُنَالُ (6).

«95»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ:

ص: 103


1- 1. معانی الأخبار: 200.
2- 2. أی ذو فنون من الخدع و فی المصدر: فتان، و قرئ قنات.
3- 3. معانی الأخبار: 330.
4- 4. معانی الأخبار: 343.
5- 5. أمالی الصدوق: 257.
6- 6. الخصال ج 1 ص 44.

قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. مَا مُلِئَ بَیْتٌ قَطُّ خَیْرَهُ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ یُمْلَأَ غَیْرَهُ وَ لَا مُلِئَ بَیْتٌ قَطُّ غَیْرَهُ إِلَّا یُوشِكُ أَنْ یُمْلَأَ خَیْرَهُ (1).

«96»- ل، [الخصال] الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ عَبَدَ الدُّنْیَا وَ آثَرَهَا عَلَی الْآخِرَةِ اسْتَوْخَمَ الْعَاقِبَةَ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَنَا یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا بَالُ مَنْ خَالَفَكُمْ أَشَدُّ بَصِیرَةً فِی ضَلَالَتِهِمْ وَ أَبْذَلُ لِمَا فِی أَیْدِیهِمْ مِنْكُمْ مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّكُمْ رَكَنْتُمْ إِلَی الدُّنْیَا فَرَضِیتُمْ بِالضَّیْمِ وَ شَحَحْتُمْ عَلَی الْحُطَامِ وَ فَرَّطْتُمْ فِیمَا فِیهِ عِزُّكُمْ وَ سَعَادَتُكُمْ وَ قُوَّتُكُمْ عَلَی مَنْ بَغَی عَلَیْكُمْ لَا مِنْ رَبِّكُمْ تَسْتَحْیُونَ فِیمَا أَمَرَكُمْ وَ لَا لِأَنْفُسِكُمْ تَنْظُرُونَ وَ أَنْتُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ تُضَامُونَ وَ لَا تَنْتَبِهُونَ مِنْ رَقْدَتِكُمْ وَ لَا یَنْقَضِی فُتُورُكُمْ (2).

«97»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ عَبْدِ الْعَزِیزِ مَعاً عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ الْآخِرَةُ أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْغِنَی فِی قَلْبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ وَ لَمْ یَخْرُجْ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ الدُّنْیَا أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْفَقْرَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ شَتَّتَ عَلَیْهِ أَمْرَهُ وَ لَمْ یَنَلْ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا مَا قُسِّمَ لَهُ (3).

«98»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ قُتَیْبَةَ الْأَعْشَی قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی علیه السلام أَنْ قَالَ إِنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ بِعَمَلِهِ وَ لَا نَقِمَةَ الْفَاجِرِ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ هِیَ دَارُ الظَّالِمِینَ إِلَّا الْعَامِلَ فِیهَا بِالْخَیْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَتِ الدَّارُ.

ص: 104


1- 1. قرب الإسناد ص 57 فی ط و ص 76 فی ط.
2- 2. راجع الخصال ج 2 ص 155.
3- 3. ثواب الأعمال: 153.

«99»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ تَعَالَی بِهِ مُوسَی لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا رُكُونَ الظَّالِمِینَ وَ رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا أُمّاً وَ أَباً یَا مُوسَی لَوْ وَكَلْتُكَ إِلَی نَفْسِكَ تَنْظُرُهَا لَغَلَبَ عَلَیْكَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتُهَا یَا مُوسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ أَهْلَهُ وَ اسْبِقْهُمْ إِلَیْهِ فَإِنَّ الْخَیْرَ كَاسْمِهِ وَ اتْرُكْ مِنَ الدُّنْیَا مَا بِكَ الْغِنَی عَنْهُ وَ لَا تَنْظُرْ عَیْنَاكَ إِلَی كُلِّ مَفْتُونٍ فِیهَا مَوْكُولٍ إِلَی نَفْسِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَذْرُهَا حُبُّ الدُّنْیَا وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِرِضَا النَّاسِ عَنْهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ رَاضٍ وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ وَ اتِّبَاعِهِمْ إِیَّاهُ عَلَی غَیْرِ الْحَقِّ فَهُوَ هَلَاكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اتَّبَعَهُ.

«100»- سن، [المحاسن] عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْمَسْجُونُ مَنْ سَجَنَتْهُ دُنْیَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ (1).

«101»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ صُورَةٍ رَأْسُهَا الْكِبْرُ وَ عَیْنُهَا الْحِرْصُ وَ أُذُنُهَا الطَّمَعُ وَ لِسَانُهَا الرِّئَاءُ وَ یَدُهَا الشَّهْوَةُ وَ رِجْلُهَا الْعُجْبُ وَ قَلْبُهَا الْغَفْلَةُ وَ كَوْنُهَا الْفَنَاءُ وَ حَاصِلُهَا الزَّوَالُ فَمَنْ أَحَبَّهَا أَوْرَثَتْهُ الْكِبْرُ وَ مَنِ اسْتَحْسَنَهَا أَوْرَثَتْهُ الْحِرْصُ وَ مَنْ طَلَبَهَا أَوْرَدَتْهُ إِلَی الطَّمَعِ وَ مَنْ مَدَحَهَا أَكَبَّتْهُ الرِّئَاءُ وَ مَنْ أَرَادَهَا مَكَّنَتْهُ مِنَ الْعُجْبِ وَ مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَیْهَا رَكِبَتْهُ الْغَفْلَةُ وَ مَنْ أَعْجَبَهُ مَتَاعُهَا فَتَنَتْهُ فِیمَا یَبْقَی وَ مَنْ جَمَعَهَا وَ بَخِلَ بِهَا رَدَّتْهُ إِلَی مُسْتَقَرِّهَا وَ هِیَ النَّارُ(2).

«102»- شا، [الإرشاد] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا مَثَلُ الْحَیَّةِ لَیِّنٌ مَسُّهَا شَدِیدٌ نَهْشُهَا فَأَعْرِضْ عَمَّا یُعْجِبُكَ مِنْهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكَ مِنْهَا وَ كُنْ أَسَرَّ مَا تَكُونُ فِیهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَی سُرُورٍ أَشْخَصَهُ مِنْهَا إِلَی مَكْرُوهٍ وَ السَّلَامُ (3).

ص: 105


1- 1. المحاسن ص 299.
2- 2. مصباح الشریعة ص 23.
3- 3. إرشاد المفید ص 112.

«103»- شا، [الإرشاد] رَوَی الْعُلَمَاءُ بِالْأَخْبَارِ وَ نَقَلَةُ السِّیَرِ وَ الْآثَارِ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یُنَادِی فِی كُلِّ لَیْلَةٍ حِینَ یَأْخُذُ النَّاسُ مَضَاجِعَهُمْ بِصَوْتٍ یَسْمَعُهُ كَافَّةُ مَنْ فِی الْمَسْجِدِ(1)

وَ مَنْ جَاوَرَهُ مِنَ النَّاسِ تَزَوَّدُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَدْ نُودِیَ فِیكُمْ بِالرَّحِیلِ وَ أَقِلُّوا الْعُرْجَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ انْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا یَحْضُرُكُمْ (2) مِنَ الزَّادِ فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَهُولَةً لَا بُدَّ مِنَ الْمَمَرِّ بِهَا وَ الْوُقُوفِ

عَلَیْهَا إِمَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَجَوْتُمْ مِنْ فَضَاعَتِهَا وَ إِمَّا هَلَكَةٌ لَیْسَ بَعْدَهَا انْجِبَارٌ یَا لَهَا حَسْرَةً عَلَی ذِی غَفْلَةٍ أَنْ یَكُونَ عُمُرُهُ عَلَیْهِ حُجَّةً وَ تُؤَدِّیهِ أَیَّامُهُ إِلَی شِقْوَةٍ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ وَ لَا تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَقِمَةٌ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ وَ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(3).

«104»- شا، [الإرشاد]: أَیُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْتُمْ أَغْرَاضاً تَنْتَضِلُ فِیكُمُ الْمَنَایَا وَ أَمْوَالُكُمْ نَهْبٌ لِلْمَصَائِبِ مَا طَعِمْتُمْ فِی الدُّنْیَا مِنْ طَعَامٍ فَلَكُمْ فِیهِ غَصَصٌ وَ مَا شَرِبْتُمْ مِنْ شَرَابٍ فَلَكُمْ فِیهِ شَرَقٌ وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا تَنَالُونَ مِنَ الدُّنْیَا نِعْمَةً تَفْرَحُونَ بِهَا إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی تَكْرَهُونَهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خُلِقْنَا وَ إِیَّاكُمْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفَنَاءِ لَكِنَّ مِنْ دَارٍ إِلَی دَارٍ تُنْقَلُونَ فَتَزَوَّدُوا لِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَیْهِ وَ خَالِدُونَ فِیهِ وَ السَّلَامُ (4).

«105»- سر، [السرائر] عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْیَا فَقَالَ لِی تَصْنَعُ بِهَا مَا ذَا قُلْتُ أَتَزَوَّجُ مِنْهَا وَ أَحُجُّ وَ أُنْفِقُ عَلَی عِیَالِی وَ أُنِیلُ إِخْوَانِی وَ أَتَصَدَّقُ قَالَ لِی لَیْسَ هَذَا مِنَ الدُّنْیَا هَذَا مِنَ الْآخِرَةِ.

ص: 106


1- 1. فی المصدر« كافة أهل المسجد».
2- 2. فی المصدر:« بحضرتكم» و هو مطابق لنسخة النهج، راجع قسم الخطب الرقم 45 و 202.
3- 3. إرشاد المفید: 113.
4- 4. إرشاد المفید: 114.

«106»- سر، [السرائر] عَنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ وَ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: آخِرُ نَبِیٍّ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِمَا أُعْطِیَ فِی الدُّنْیَا.

«107»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِینَ قَالَ الدُّنْیَا(1).

«108»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أَنَّهُ قَالَ یَوْماً لِأَصْحَابِهِ إِخْوَانِی أُوصِیكُمْ بِدَارِ الْآخِرَةِ وَ لَا أُوصِیكُمْ بِدَارِ الدُّنْیَا فَإِنَّكُمْ عَلَیْهَا حَرِیصُونَ وَ بِهَا مُتَمَسِّكُونَ أَ مَا بَلَغَكُمْ مَا قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ قَالَ لَهُمْ الدُّنْیَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا وَ قَالَ أَیُّكُمْ یَبْنِی عَلَی مَوْجِ الْبَحْرِ دَاراً تِلْكُمُ الدَّارُ الدُّنْیَا فَلَا تَتَّخِذُوهَا قَرَاراً(2).

«109»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكِّیِّ عَنْ أَبِی الْعَیْنَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: ازْهَدُوا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی لَمْ یَتَمَتَّعْ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَا تَبْقَی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِكُمْ سَبِیلُكُمْ فِیهَا سَبِیلُ الْمَاضِینَ قَدْ تَصَرَّمَتْ وَ آذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ وَ تَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا فَهِیَ تُخْبِرُ أَهْلَهَا بِالْفَنَاءِ وَ سُكَّانَهَا بِالْمَوْتِ وَ قَدْ أَمَرَّ مِنْهَا مَا كَانَ حُلْواً وَ كَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ صَفْواً فَلَمْ تَبْقَ مِنْهَا إِلَّا سَمَلَةٌ(3) كَسَمَلَةِ الْإِدَاوَةِ أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْإِنَاءِ(4)

ص: 107


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 258، و الآیة فی سورة النحل: 30.
2- 2. مجالس المفید: 34.
3- 3. السملة- بالضم و التحریك- ما بقی فی الاناء من الماء القلیل بعد استخراجه و الاداوة: المطهرة، و اناء صغیر من جلد یشرب منه.
4- 4. فی النهج: و جرعة كجرعة المقلة، و المقلة الحصاة كانوا إذا أعوزهم الماء فی الاسفار یضعونها فی الاناء ثمّ یصبون علیها الماء الی أن یغمرها، یقدرون بذلك و یقتسمون الماء بینهم لیشربوا من أولهم إلی آخرهم.

لَوْ تَمَزَّزَهَا الْعَطْشَانُ (1) لَمْ یَنْقَعْ بِهَا فَأَذِّنُوا بِالرَّحِیلِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمُقَدَّرِ عَلَی أَهْلِهَا الزَّوَالُ الْمَمْنُوعِ أَهْلُهَا مِنَ الْحَیَاةِ الْمُذَلَّلَةِ فِیهَا أَنْفُسُهُمْ بِالْمَوْتِ فَلَا حَیٌّ یَطْمَعُ فِی الْبَقَاءِ وَ لَا نَفْسٌ إِلَّا مُذْعِنَةٌ بِالْمَنُونِ فَلَا یُعَلِّلُكُمُ الْأَمَلُ وَ لَا یَطُولُ عَلَیْكُمُ الْأَمَدُ وَ لَا تَغْتَرُّوا مِنْهَا بِالْآمَالِ وَ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِینَ الْوُلَّهِ الْعِجَالِ (2) وَ دَعَوْتُمْ مِثْلَ حَنِینِ الْحَمَامِ (3) وَ جَأَرْتُمْ جَأْرَ مُتَبَتِّلِی الرُّهْبَانِ (4) وَ خَرَجْتُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلَادِ الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَیْهِ فِی ارْتِفَاعِ الدَّرَجَةِ عِنْدَهُ أَوْ غُفْرَانِ سَیِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كَتَبَتُهُ وَ حَفِظَتْهَا مَلَائِكَتُهُ لَكَانَ قَلِیلًا فِیمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ وَ أَتَخَوَّفُ عَلَیْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِنَ التَّائِبِینَ الْعَابِدِینَ (5).

«110»- مِنْ كِتَابِ عُیُونِ الْحِكَمِ وَ الْمَوَاعِظِ، لِعَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ كَتَبْنَاهُ مِنْ أَصْلٍ قَدِیمٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: احْذَرُوا هَذِهِ الدُّنْیَا الْخَدَّاعَةِ الْغَدَّارَةِ الَّتِی قَدْ تَزَیَّنَتْ بِحُلِیِّهَا وَ فَتَنَتْ بِغُرُورِهَا وَ غَرَّتْ بِآمَالِهَا وَ تَشَوَّفَتْ لِخِطَابِهَا(6)

فَأَصْبَحَتْ كَالْعَرُوسِ الْمَجْلُوَّةِ وَ الْعُیُونُ إِلَیْهَا نَاظِرَةٌ وَ النُّفُوسُ بِهَا مَشْغُوفَةٌ وَ الْقُلُوبُ إِلَیْهَا تَائِقَةٌ وَ هِیَ لِأَزْوَاجِهَا كُلِّهِمْ قَاتِلَةٌ فَلَا الْبَاقِی بِالْمَاضِی مُعْتَبِرٌ وَ لَا الْآخِرُ بِسُوءِ أَثَرِهَا

ص: 108


1- 1. التمزز: تمصص الشراب قلیلا قلیلا كأنّه یتذوقه و لا یرید أن یشربه و النقع سكون العطش و الری من الماء.
2- 2. الوله جمع الوالهة، یطلق علی الناقة إذا اشتد وجدها علی ولدها، و العجال جمع عجلی: الناقة السریعة كأنها تسرع حیاری لتفقد ولدها و لا تجده.
3- 3. الحمام: طائر معروف، و الحنین: الانین، و فی نسخة نهج« دعوتم بهدیل الحمام» و الهدیل صوت الحمام فی بكائه لفقد الفه.
4- 4. الجؤار و الجأر: التضرع و الاستغاثة بصوت عال كما یفعله الرهبان المتبتلون المنقطعون للعبادة المتضرعون إلیه.
5- 5. مجالس المفید: 103.
6- 6. أی تزینت و تطاولت و تعرضت.

عَلَی الْأَوَّلِ مُزْدَجِرٌ وَ لَا اللَّبِیبُ فِیهَا بِالتَّجَارِبِ مُنْتَفِعٌ أَبَتِ الْقُلُوبُ لَهَا إِلَّا حُبّاً وَ النُّفُوسُ إِلَّا صَبّاً(1) وَ النَّاسُ لَهَا طَالِبَانِ طَالِبٌ ظَفِرَ بِهَا فَاغْتَرَّ فِیهَا وَ نَسِیَ التَّزَوُّدَ مِنْهَا لِلظَّعْنِ فَقَلَّ فِیهَا لَبْثُهُ حَتَّی خَلَتْ مِنْهَا یَدُهُ وَ زَلَّتْ عَنْهَا قَدَمُهُ وَ جَاءَتْهُ أَسَرَّ مَا كَانَ بِهَا مَنِیَّتُهُ فَعَظُمَتْ

نَدَامَتُهُ وَ كَثُرَتْ حَسْرَتُهُ وَ جَلَّتْ مُصِیبَتُهُ فَاجْتَمَعَتْ عَلَیْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ فَغَیْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِ وَ آخَرُ اخْتَلَجَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ یَظْفَرَ بِحَاجَتِهِ فَفَارَقَهَا بِغُرَّتِهِ وَ أَسَفِهِ وَ لَمْ یُدْرِكْ مَا طَلَبَ مِنْهَا وَ لَمْ یَظْفَرْ بِمَا رَجَا فِیهَا فَارْتَحَلَا جَمِیعاً مِنَ الدُّنْیَا بِغَیْرِ زَادٍ وَ قَدِمَا عَلَی غَیْرِ مِهَادٍ فَاحْذَرُوا الدُّنْیَا الْحَذَرَ كُلَّهُ وَ ضَعُوا عَنْكُمْ ثِقَلَ هُمُومِهَا لِمَا تَیَقَّنْتُمْ لَوْ شَكَّ زَوَالَهَا وَ كُونُوا أَسَرَّ مَا تَكُونُونَ فِیهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُونَ لَهَا فَإِنَّ طَالِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَی سُرُورٍ أَشْخَصَهُ عَنْهَا مَكْرُوهٌ وَ كُلَّمَا اغْتَبَطَ مِنْهَا بِإِقْبَالٍ نَغَّصَهُ عَنْهَا إِدْبَارٌ وَ كُلَّمَا ثَبَتَتْ عَلَیْهِ مِنْهَا رَجُلًا طَوَتْ عَنْهُ كَشْحاً فَالسَّارُّ فِیهَا غَارٌّ وَ النَّافِعُ فِیهَا ضَارُّ وَصَلَ رَخَاؤُهَا بِالْبَلَاءِ وَ جُعِلَ بَقَاؤُهَا إِلَی الْفَنَاءِ فَرَحُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَ آخَرُ هُمُومِهَا إِلَی الْوَهْنِ فَانْظُرْ إِلَیْهَا بِعَیْنِ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَیْهَا بِعَیْنِ الصَّاحِبِ الْوَامِقِ اعْلَمْ یَا هَذَا أَنَّهَا تَشْخَصُ الْوَادِعَ السَّاكِنَ وَ تُفَجِّعُ الْمُغْتَبِطَ الْآمِنَ لَا یَرْجِعُ مِنْهَا مَا تَوَلَّی فَأَدْبَرَ وَ لَا یُدْرَی مَا هُوَ آتٍ فَیُحْذَرَ أَمَانِیُّهَا كَاذِبَةٌ وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ صَفْوُهَا كَدِرٌ وَ ابْنُ آدَمَ فِیهَا عَلَی خَطَرٍ إِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ وَ إِمَّا بَلِیَّةٌ نَازِلَةٌ وَ إِمَّا مَعْظَمَةٌ جَائِحَةٌ(2)

وَ إِمَّا مَنِیَّةٌ قَاضِیَةٌ فَلَقَدْ كَدِرَتْ عَلَیْهِ الْعِیشَةُ إِنْ عَقَلَ وَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ نَفْسِهَا إِنْ وَعَی وَ لَوْ كَانَ خَالِقُهَا جَلَّ وَ عَزَّ لَمْ یُخْبِرْ عَنْهَا خَبَراً وَ لَمْ یَضْرِبْ لَهَا مَثَلًا وَ لَمْ یَأْمُرْ بِالزُّهْدِ فِیهَا وَ الرَّغْبَةِ عَنْهَا لَكَانَتْ وَقَائِعُهَا وَ فَجَائِعُهَا قَدْ أَنْبَهَتِ النَّائِمَ وَ وَعَظَتِ الظَّالِمَ وَ بَصَّرَتِ الْعَالِمَ وَ كَیْفَ وَ قَدْ جَاءَ عَنْهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَی زَاجِرٌ وَ أَتَتْ مِنْهُ

ص: 109


1- 1. الصب: الشوق فی رقة و حرارة كالصبابة.
2- 2. المعظمة: النازلة الشدیدة، و الجائحة: المهلكة.

فِیهَا الْبَیِّنَاتُ وَ الْبَصَائِرُ فَمَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْرٌ وَ لَا وَزْنٌ وَ لَا خَلْقٌ فِیمَا بَلَغَنَا خَلْقاً أَبْغَضَ إِلَیْهِ مِنْهَا وَ لَا نَظَرَ إِلَیْهَا مُذْ خَلَقَهَا وَ لَقَدْ عَرَضَتْ عَلَی نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله بِمَفَاتِیحِهَا وَ خَزَائِنِهَا لَا یَنْقُصُهُ ذَلِكَ مِنْ حَظِّهِ مِنَ الْآخِرَةِ فَأَبَی أَنْ یَقْبَلَهَا لِعِلْمِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبْغَضَ شَیْئاً فَأَبْغَضَهُ وَ صَغَّرَ شَیْئاً فَصَغَّرَهُ وَ أَنْ لَا یَرْفَعَ مَا وَضَعَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ أَنْ لَا یُكْثِرَ مَا أَقَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ لَمْ یُخْبِرْكَ عَنْ صِغَرِهَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَغَّرَهَا عَنْ أَنْ یُجْعَلَ خَیْرُهَا ثَوَاباً لِلْمُطِیعِینَ وَ أَنْ یُجْعَلَ عُقُوبَتُهَا عِقَاباً لِلْعَاصِینَ لَكَفَی وَ مِمَّا یَدُلُّكَ عَلَی دَنَاءَةِ الدُّنْیَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ زَوَاهَا عَنْ أَوْلِیَائِهِ وَ أَحِبَّائِهِ نَظَراً وَ اخْتِیَاراً وَ بَسَطَهَا لِأَعْدَائِهِ فِتْنَةً وَ اخْتِبَاراً فَأَكْرَمَ عَنْهَا مُحَمَّداً نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ عَصَبَ عَلَی بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ وَ حَمَاهَا مُوسَی نَجِیَّهُ الْمُكَلَّمَ وَ كَانَتْ تُرَی خُضْرَةُ الْبَقْلِ مِنْ صِفَاقِ بَطْنِهِ مِنَ الْهُزَالِ وَ مَا سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ أَوَی إِلَی الظِّلِّ إِلَّا طَعَاماً یَأْكُلُهُ لِمَا جَهَدَهُ مِنَ الْجُوعِ وَ لَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَایَةُ أَنَّهُ قَالَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ صَاحِبِ الرُّوحِ وَ الْكَلِمَةِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام إِذْ قَالَ إِدَامِیَ الْجُوعُ وَ شِعَارِیَ الْخَوْفُ وَ لِبَاسِیَ الصُّوفُ وَ دَابَّتِی رِجْلَایَ وَ سِرَاجِی بِاللَّیْلِ الْقَمَرُ وَ صَلَایَ فِی الشِّتَاءِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ وَ فَاكِهَتِی مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ لِلْأَنْعَامِ أَبِیتُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ لَیْسَ أَحَدٌ أَغْنَی مِنِّی وَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَ مَا أُوتِیَ مِنَ الْمُلْكِ إِذْ كَانَ یَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِیرِ وَ یُطْعِمُ أُمَّهُ الْحِنْطَةَ وَ إِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ لَبِسَ الْمُسُوحَ وَ غَلَّ یَدَهُ إِلَی عُنُقِهِ وَ بَاتَ بَاكِیاً حَتَّی یُصْبِحَ وَ یُكْثِرُ أَنْ یَقُولَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِی وَ تَرْحَمْنِی لَأَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِینَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ فَهَؤُلَاءِ أَنْبِیَاءُ اللَّهِ وَ أَصْفِیَاؤُهُ تَنَزَّهُوا عَنِ الدُّنْیَا وَ زَهِدُوا فِیمَا زَهَّدَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِیهِ مِنْهَا وَ أَبْغَضُوا مَا أَبْغَضَ وَ صَغَّرُوا مَا صَغَّرَ ثُمَّ اقْتَصَّ الصَّالِحُونَ آثَارَهُمْ

ص: 110

وَ سَلَكُوا مِنْهَاجَهُمْ وَ أَلْطَفُوا الْفِكَرَ وَ انْتَفَعُوا بِالْعِبَرِ وَ صَبَرُوا فِی هَذَا الْعُمُرِ الْقَصِیرِ مِنْ مَتَاعِ الْغُرُورِ الَّذِی یَعُودُ إِلَی الْفَنَاءِ وَ یَصِیرُ إِلَی الْحِسَابِ نَظَرُوا بِعُقُولِهِمْ إِلَی آخِرِ الدُّنْیَا وَ لَمْ یَنْظُرُوا إِلَی أَوَّلِهَا وَ إِلَی بَاطِنِ الدُّنْیَا وَ لَمْ یَنْظُرُوا إِلَی ظَاهِرِهَا وَ فَكَّرُوا فِی مَرَارَةِ عَاقِبَتِهَا فَلَمْ یَسْتَمْرِئْهُمْ (1) حَلَاوَةُ عَاجِلِهَا ثُمَّ أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ الصَّبْرَ وَ أَنْزَلُوا الدُّنْیَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَالْمَیْتَةِ الَّتِی لَا یَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ یَشْبَعَ مِنْهَا إِلَّا فِی حَالِ الضَّرُورَةِ إِلَیْهَا وَ أَكَلُوا مِنْهَا بِقَدْرِ مَا أَبْقَی لَهُمُ النَّفَسَ وَ أَمْسَكَ الرُّوحَ وَ جَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ الْجِیفَةِ الَّتِی اشْتَدَّ نَتْنُهَا فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهَا أَمْسَكَ عَلَی فِیهِ فَهُمْ یَتَبَلَّغَونَ بِأَدْنَی الْبَلَاغِ وَ لَا یَنْتَهُونَ إِلَی الشِّبَعِ مِنَ النَّتْنِ وَ یَتَعَجَّبُونَ مِنَ الْمُمْتَلِی مِنْهَا شِبَعاً وَ الرَّاضِی بِهَا نَصِیباً إِخْوَانِی وَ اللَّهُ لَهِیَ فِی الْعَاجِلَةِ وَ الْآجِلَةِ لِمَنْ نَاصَحَ نَفْسَهُ فِی النَّظَرِ وَ أَخْلَصَ لَهَا الْفِكَرَ أَنْتَنُ مِنَ الْجِیفَةِ وَ أَكْرَهُ مِنَ الْمَیْتَةِ غَیْرَ أَنَّ الَّذِی نَشَأَ فِی دِبَاغِ الْإِهَابِ لَا یَجِدُ نَتْنَهُ وَ لَا تُؤْذِیهِ رَائِحَتُهُ مَا تُؤْذِی الْمَارَّ بِهِ وَ الْجَالِسَ عِنْدَهُ وَ قَدْ یَكْفِی الْعَاقِلَ مِنْ مَعْرِفَتِهَا عِلْمُهُ بِأَنَّ مَنْ مَاتَ وَ خَلَّفَ سُلْطَاناً عَظِیماً سَرَّهُ أَنَّهُ عَاشَ فِیهَا سُوقَةً خَامِلًا أَوْ كَانَ فِیهَا مُعَافًی سَلِیماً سَرَّهُ أَنَّهُ كَانَ فِیهَا مُبْتَلًی ضَرِیراً فَكَفَی بِهَذَا عَلَی عَوْرَتِهَا وَ الرَّغْبَةُ عَنْهَا دَلِیلًا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الدُّنْیَا كَانَتْ مَنْ أَرَادَ مِنْهَا شَیْئاً وَجَدَهُ حَیْثُ تَنَالُ یَدَهُ مِنْ غَیْرِ طَلَبٍ وَ لَا تَعَبٍ وَ لَا مَئُونَةٍ وَ لَا نَصَبٍ وَ لَا ظَعْنٍ وَ لَا دَأْبٍ غَیْرَ أَنَّ مَا أَخَذَ مِنْهَا مِنْ شَیْ ءٍ لَزِمَهُ حَقُّ اللَّهِ فِیهِ وَ الشُّكْرُ عَلَیْهِ وَ كَانَ مَسْئُولًا عَنْهُ مُحَاسَباً بِهِ لَكَانَ یَحِقُّ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ لَا یَتَنَاوَلَ مِنْهَا إِلَّا قُوَّتَهُ وَ بُلْغَةَ یَوْمِهِ حَذَراً مِنَ السُّؤَالِ وَ خَوْفاً مِنَ الْحِسَابِ وَ إِشْفَاقاً مِنَ الْعَجْزِ عَنِ الشُّكْرِ فَكَیْفَ بِمَنْ تَجَشَّمَ فِی طَلَبِهَا مِنْ خُضُوعِ رَقَبَتِهِ وَ وَضْعِ خَدِّهِ وَ فَرَطِ عِنَائِهِ وَ الِاغْتِرَابِ عَنْ أَحْبَابِهِ وَ عَظِیمِ أَخْطَارِهِ ثُمَّ لَا یَدْرِی مَا آخِرُ ذَلِكَ الظَّفَرُ أَمِ الْخَیْبَةُ إِنَّمَا الدُّنْیَا ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ یَوْمٌ مَضَی بِمَا فِیهِ فَلَیْسَ بِعَائِدٍ وَ یَوْمٌ أَنْتَ فِیهِ فَحَقٌّ عَلَیْكَ اغْتِنَامُهُ وَ یَوْمٌ لَا تَدْرِی أَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَعَلَّكَ رَاحِلٌ فِیهِ أَمَّا الْیَوْمُ الْمَاضِی

ص: 111


1- 1. استمرأ الطعام: استطیبه وعده و وجده مریئا.

فَحَكِیمٌ مُؤَدِّبٌ وَ أَمَّا الْیَوْمُ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ فَصَدِیقٌ مُوَدِّعٌ وَ أَمَّا غَداً فَإِنَّمَا فِی یَدَیْكَ مِنْهُ الْأَمَلُ فَإِنْ یَكُنْ أَمْسِ سَبَقَكَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ أَبْقَی فِی یَدَیْكَ حِكْمَتَهُ وَ إِنْ یَكُنْ یَوْمُكَ هَذَا آنَسَكَ بِمَقْدَمِهِ عَلَیْكَ فَقَدْ كَانَ طَوِیلَ الْغَیْبَةِ عَنْكَ وَ هُوَ سَرِیعُ الرِّحْلَةِ فَتَزَوَّدْ مِنْهُ وَ أَحْسِنْ وَدَاعَهُ خُذْ بِالثِّقَةِ مِنَ الْعَمَلِ وَ إِیَّاكَ وَ الِاغْتِرَارَ بِالْأَمَلِ وَ لَا تُدْخِلْ عَلَیْكَ الْیَوْمَ هَمَّ غَدٍ یَكْفِی الْیَوْمَ هَمُّهُ وَ غَداً دَاخِلٌ عَلَیْكَ بِشُغُلِهِ إِنَّكَ إِنْ حَمَلْتَ عَلَی الْیَوْمِ هَمَّ غَدٍ زِدْتَ فِی حُزْنِكَ وَ تَعَبِكَ وَ تَكَلَّفْتَ أَنْ تَجْمَعَ فِی یَوْمِكَ مَا یَكْفِیكَ أَیَّاماً فَعَظُمَ الْحُزْنُ وَ زَادَ الشُّغُلُ وَ اشْتَدَّ التَّعَبُ وَ ضَعُفَ الْعَمَلُ لِلْأَمَلِ وَ لَوْ أَخْلَیْتَ قَلْبَكَ مِنَ الْأَمَلِ لَجَدَّدْتَ فِی الْعَمَلِ وَ الْأَمَلُ الْمُمَثَّلُ فِی الْیَوْمِ غَداً أَضَرَّكَ فِی وَجْهَیْنِ سَوَّفْتَ بِهِ الْعَمَلَ وَ زِدْتَ بِهِ فِی الْهَمِّ وَ الْحُزْنِ أَ وَ لَا تَرَی أَنَّ الدُّنْیَا سَاعَةٌ بَیْنَ سَاعَتَیْنِ سَاعَةٌ مَضَتْ وَ سَاعَةٌ بَقِیَتْ وَ سَاعَةٌ أَنْتَ فِیهَا فَأَمَّا الْمَاضِیَةُ وَ الْبَاقِیَةُ فَلَسْتَ تَجِدُ لِرِخَائِهِمَا لَذَّةً وَ لَا لِشِدَّتِهِمَا أَلَماً فَأَنْزِلِ السَّاعَةَ الْمَاضِیَةَ وَ السَّاعَةَ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا مَنْزِلَةَ الضَّیْفَیْنِ نَزَلَا بِكَ فَظَعَنَ الرَّاحِلُ عَنْكَ بِذَمِّهِ إِیَّاكَ وَ حَلَّ النَّازِلُ بِكَ بِالتَّجْرِبَةِ لَكَ فَإِحْسَانُكَ إِلَی الثَّاوِی یَمْحُو إِسَاءَتَكَ إِلَی الْمَاضِی فَأَدْرِكْ مَا أَضَعْتَ بِهِ عِتَابَكَ مِمَّا اسْتَقْبَلْتَ وَ احْذَرْ أَنْ تَجْمَعَ عَلَیْكَ شَهَادَتَهُمَا فَیُوبِقَاكَ وَ لَوْ أَنَّ مَقْبُوراً مِنَ الْأَمْوَاتِ قِیلَ لَهُ هَذِهِ الدُّنْیَا أَوَّلُهَا إِلَی آخِرِهَا تَخَلَّفْهَا لِوَلَدِكَ الَّذِی لَمْ یَكُنْ لَكَ هَمٌّ غَیْرُهُ أَوْ یَوْمٌ نَرُدُّهُ إِلَیْكَ فَتَعْمَلُ فِیهِ لِنَفْسِكَ لَاخْتَارَ یَوْماً یَسْتَعْتِبُ فِیهِ مِنْ سَیِّئِ مَا أَسْلَفَ عَلَی جَمِیعِ الدُّنْیَا بِهِ یُورِثُهَا وَلَداً خَلَّفَهُ فَمَا یَمْنَعُكَ أَیُّهَا الْمُغْتَرُّ الْمُضْطَرُّ الْمُسَوِّفُ أَنْ تَعْمَلَ عَلَی مَهَلٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَ مَا یَجْعَلُ الْمَقْبُورَ أَشَدَّ تَعْظِیماً لِمَا فِی یَدَیْكَ مِنْكَ أَ لَا تَسْعَی فِی تَحْرِیرِ رَقَبَتِكَ وَ فَكَاكِ رِقِّكَ وَ وِقَاءِ نَفْسِكَ مِنَ النَّارِ الَّتِی عَلَیْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ.

وَ قَالَ علیه السلام أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اغْتِنَامِ مَا اسْتَطَعْتُمْ عَمَلًا بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی هَذِهِ الْأَیَّامِ الْخَالِیَةِ بِجَلِیلِ مَا یَشْقَی عَلَیْكُمْ بِهِ الْفَوْتُ

ص: 112

بَعْدَ الْمَوْتِ وَ بِالرَّفْضِ لِهَذِهِ الدُّنْیَا التَّارِكَةِ لَكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَكُونُوا تُحِبُّونَ تَرْكَهَا وَ الْمُبْلِیَةِ لَكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِیدَهَا فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَ مَثَلُهَا كَرَكْبٍ سَلَكُوا سَبِیلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ وَ أَمُّوا عِلْماً فَكَأَنْ قَدْ بَلَغُوهُ وَ كَمْ عَسَی مِنَ الْمَجْرَی إِلَی الْغَایَةِ أَنْ یَجْرِیَ حَتَّی یَبْلُغَهَا فَكَمْ عَسَی أَنْ یَكُونَ بَقَاءَ مَنْ لَهُ یَوْمٌ لَا یَعْدُوهُ وَ مِنْ وَرَائِهِ طَالِبُ حَثِیثٍ یَحْدُوهُ فِی الدُّنْیَا حَتَّی یُفَارِقَهَا فَلَا تَتَنَافَسُوا فِی عِزِّ الدُّنْیَا وَ فَخْرِهَا وَ لَا تُعْجَبُوا بِزِینَتِهَا وَ لَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَ بُؤْسِهَا فَإِنَّ عِزَّ الدُّنْیَا وَ فَخْرَهَا إِلَی انْقِطَاعٍ وَ إِنَّ زِینَتَهَا وَ نَعِیمَهَا إِلَی زَوَالٍ وَ إِنَّ ضَرَّاءَهَا وَ بُؤْسَهَا إِلَی نَفَادٍ وَ كُلُّ مُدَّةٍ فِیهَا إِلَی مُنْتَهًی وَ كُلُّ حَیٍّ فِیهَا إِلَی فَنَاءٍ أَ وَ لَیْسَ لَكُمْ فِی آثَارِ الْأَوَّلِینَ مُزْدَجَرٌ وَ فِی آبَائِكُمُ الْمَاضِینَ تَبْصِرَةٌ وَ مُعْتَبَرٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَ لَمْ تَرَوْا إِلَی الْمَاضِینَ مِنْكُمْ لَا یَرْجِعُونَ وَ إِلَی الْخَلَفِ الْبَاقِی مِنْكُمْ لَا یَبْقَوْنَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ عَلَا وَ حَرامٌ عَلی قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا یَرْجِعُونَ (1) الْآیَةَ وَ الَّتِی بَعْدَهَا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ(2) أَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْیَا یُمْسُونَ وَ یُصْبِحُونَ عَلَی أَحْوَالٍ شَتَّی مَیِّتٌ یَبْلَی وَ آخَرُ یُعَزَّی وَ صَرِیعٌ مُبْتَلًی وَ عَائِدٌ مَعُودٌ وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ یَجُودُ وَ طَالِبٌ وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَلَی أَثَرِ الْمَاضِی مِنَّا یَمْضِی الْبَاقِی فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ الَّذِی یَبْقَی وَ یَفْنَی مَا سِوَاهُ وَ إِلَیْهِ مَوْئِلُ الْخَلْقِ وَ مَرْجِعُ الْأُمُورِ(3)

وَ قَالَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ

ص: 113


1- 1. الأنبیاء: 95.
2- 2. آل عمران: 185.
3- 3. روی هذا الأخیر فی النهج مع اختلاف تحت الرقم 93 من قسم الخطب.

بِالشَّهَوَاتِ وَ رَاقَتْ بِالْقَلِیلِ وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَ عُمِّرَتْ بِالْآمَالِ وَ تَزَیَّنَتْ بِالْغُرُورِ فَلَا تَدُومُ نِعْمَتُهَا وَ لَا تَفْنَی فَجَائِعُهَا غَدَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ لَا تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَی أُمْنِیَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِیهَا وَ الرِّضَا بِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً(1): مَعَ أَنَّ امْرَأً لَمْ یَكُنْ مِنْهَا فِی حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ مِنْهَا بَعْدُ بِعَبْرَةٍ وَ لَمْ یَلْقَ مِنْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا أَعْطَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً وَ لَمْ یَطُلَّهُ فِیهَا دِیمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَنَتْ (2) عَلَیْهِ

مِنْهَا مُزْنَةُ بَلَاءٍ وَ حَرِیٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَكَ مُتَحَبِّرَةً أَنْ تُمْسِیَ لَكَ مُتَنَكِّرَةً(3) وَ إِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ لِامْرِئٍ وَ احْلَوْلَی أَمَرَّ عَلَیْهِ جَانِبٌ فَأَوْبَی وَ إِنْ آنَسَ إِنْسَانٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً أَرْهَقَتْهُ مِنْ بَوَائِقِهَا تَعَباً غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِیهَا فَانٍ مَنْ عَلَیْهَا وَ لَمْ یَمَسَّ امْرُؤٌ مِنْهَا فِی جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ فِی جَوْفِ خَوْفٍ (4)

لَا خَیْرَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ زَادِهَا إِلَّا التَّقْوَی مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا یُوبِقُهُ وَ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَدُمْ لَهُ وَ زَالَتْ عَنْهُ كَمْ وَاثِقٍ بِهَا فَجَعَتْهُ وَ ذِی طُمَأْنِینَةٍ إِلَیْهَا صَرَعَتْهُ وَ ذِی خَدَعٍ فِیهَا خَدَعَتْهُ وَ كَمْ مِنْ ذِی أُبَّهَةٍ فِیهَا قَدْ صَیَّرَتْهُ حَقِیراً وَ ذِی نَخْوَةٍ فِیهَا قَدْ رَدَّتْهُ خَائِفاً فَقِیراً وَ كَمْ مِنْ ذِی تَاجٍ قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْیَدَیْنِ وَ الْفَمِ سُلْطَانُهَا دُوَلٌ وَ عَیْشُهَا رَنِقٌ وَ عَذْبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلْوُهَا صَبِرٌ وَ غِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَ أَسْبَابُهَا رِمَامٌ وَ قِطَافُهَا سَلْعٌ حَیُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَ صَحِیحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ وَ مَنِیعُهَا بِعَرَضِ اهْتِضَامٍ وَ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ

ص: 114


1- 1. الكهف: 45.
2- 2. الطل: المطر الخفیف الضعیف، و قیل الندی، و قیل فوقه، و كأنّه بمعنی الادامة و الاشراف، فان الدیمة أیضا هو المطر إذا نزل بلا رعد و برق مع سكون، و هتنت أی انصبت و جرت، و المزنة: القطعة من المزن، أو هی المطرة نفسها.
3- 3. المتحبرة: المتزینة المتعرضة بحسنها، و فی بعض النسخ نقلا عن كتاب مطالب السؤل« متنصرة» راجع ج 78 ص 15 من هذه الطبعة.
4- 4. خوافی خوف ظ.

وَ عَزِیزُهَا مَغْلُوبٌ وَ ضَیْفُهَا مَنْكُوبٌ وَ جَارُهَا مَحْرُومٌ مَعَ أَنَّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ زَفَرَاتِهِ وَ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفَ بَیْنَ یَدَیْ إِلَهِكُمُ الْحَكَمِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی أَ لَسْتُمْ فِی مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَبْقَی مِنْكُمْ آثَاراً وَ أَعَدَّ مِنْكُمْ عَدِیداً وَ أَكْثَفَ مِنْكُمْ جُنُوداً وَ أَشَدَّ مِنْكُمْ عُنُوداً تَعَبَّدُوا لِلدُّنْیَا أَیَّ تَعَبُّدٍ وَ آثَرُوهَا أَیَّ إِیْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِالصَّغَارِ وَ هَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْیَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْیَةٍ أَوْ صُدَّتْ عَنْهُمْ فِیمَا أَهْلَكَتْهُمْ بِهِ بِخَطْبٍ بَلْ أَوْهَنَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ وَ ضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ وَ مَقَرَتْهُمْ بِالْمَنَاخِرِ وَ أَعَانَهَا عَلَیْهِمْ رَیْبَ الْمَنُونِ فَقَدْ رَأَیْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا وَ آثَرَهَا أَوْ أَخْلَدَ إِلَیْهَا حِینَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ أَبَدٍ أَوْ إِلَی آخِرِ زَوَالٍ هَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبُ أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا إِلَی الضَّنْكِ أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةُ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّارُ أَ لِهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ عَلَیْهَا تَرَبَّصُونَ أَمْ إِلَیْهَا تَطْمَئِنُّونَ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِیها وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ (1) فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ یَتَّهِمْهَا وَ لَمْ یَكُنْ فِیهَا عَلَی وَجَلٍ مِنْهَا اذْكُرُوا عِنْدَ تَصَرُّفِهَا بِكَمْ سُرْعَةٍ انْقِضَاؤُهَا عَنْكُمْ وَ وَشْكِ زَوَالِهَا وَ ضَعْفِ مَجَالِهَا أَ لَمْ تَجِدْكُمْ عَلَی مِثَالِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ وَجَدْتُ مَنْ كَانَ قِبَلَكُمْ عَلَی مِثَالِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ جِیلٌ بَعْدَ جِیلٍ وَ أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ وَ قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ وَ خَلَفٌ بَعْدَ خَلَفٍ فَلَا هِیَ تَسْتَحِی مِنَ الْعَارِ وَ مَا لَا یَنْبَغِی مِنَ الْمُبْدِیَاتِ وَ لَا تَخْجَلْ مِنَ الْغَدْرِ اعْلَمُوا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَارِكُوهَا لَا بُدَّ وَ إِنَّمَا هِیَ كَمَا نَعَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) فَاتَّعِظُوا فِیهَا بِالَّذِینَ كَانُوا یَبْنُونَ بِكُلِّ رَیْعٍ آیَةً یَعْبَثُونَ وَ یَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ

ص: 115


1- 1. هود: 15 و 16.
2- 2. الحدید: 20.

لَعَلَّهُمْ یَخْلُدُونَ (1) وَ بِالَّذِینَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً(2) وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ رَأَیْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ كَیْفَ حُمِلُوا إِلَی قُبُورِهِمْ لَا یُدْعَوْنَ رُكْبَاناً وَ أُنْزِلُوا لَا یُدْعَوْنَ ضِیفَاناً(3)

وَ جُعِلَ لَهُمْ مِنَ الضَّرِیحِ أَجْنَاناً(4)

وَ مِنَ التُّرَابِ أَكْفَاناً وَ مِنَ الرُّفَاتِ جِیرَاناً وَ هُمْ جِیرَةٌ لَا یُجِیبُونَ دَاعِیاً وَ لَا یَمْنَعُونَ ضَیْماً وَ لَا یُبَالُونَ مَنْدَبَةً وَ لَا یَعْرِفُونَ نَسَباً وَ لَا حَسَباً وَ لَا یَشْهَدُونَ زُوراً إِنْ جِیدُوا لَمْ یَفْرَحُوا(5) وَ إِنْ قُحِطُوا لَمْ یَقْنَطُوا جَمِیعٌ وَ هُمْ آحَادٌ وَ جِیرَةٌ وَ هُمْ أَبْعَادٌ وَ مُتَدَانُونَ لَا یَتَزَاوَرُونَ وَ لَا یُزَوِّرُونَ حُلَمَاءُ قَدْ بَادَتْ أَضْغَانُهُمْ جُهَلَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا یُخْشَی فَجْعُهُمْ وَ لَا یُرْجَی دَفْعُهُمْ وَ هُمْ كَمَنْ لَمْ یَكُنْ وَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِیلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ (6) إِنَّ الدُّنْیَا وَهْنٌ مَطْلَبُهَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا رَدِغٌ مَشْرَعُهَا(7)

غَرُورٌ مَاحِلٌ (8) وَ سَمٌّ قَاتِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ تُرِیقُ مُطَّرِفَهَا وَ تُرْدِی مُسْتَزِیدَهَا وَ تُصْرِعُ مُسْتَفِیدَهَا

ص: 116


1- 1. إشارة الی قوم عاد كما فی سورة الشعراء: 128.
2- 2. إشارة الی قوم عاد أیضا كما فی سورة السجدة: 15.
3- 3. یعنی أنهم و ان حملوا علی أكتاف الناس و یمشون لا بأنفسهم، مع ذلك لا یقال انهم ركبان، و انهم و ان انزلوا فی الجدث مع التكریم و الاحترام مع ذلك لا یقال: انهم ضیفان انزلوا بالتكریم و الحبور.
4- 4. الاجنان جمع جنن، و هو الجدث و القبر و فی نسخة مطالب السؤل ص 58 و هكذا تحف العقول ص 178« اكنانا» بدل اجنان و اكنان جمع كن: المختفی و الستر، و قد یقال للبیت: الكن.
5- 5. من الجود: و هو المطر.
6- 6. القصص: 58.
7- 7. الرنق: الكدر، و الردغ: كثیر الطین و الوحل.
8- 8. الماحل: الساعی فی الفتنة و الكائد الی السلاطین بالسعایة.

بِإِنْفَادِ لَذَّتِهَا وَ مُوبِقَاتِ شَهَوَاتِهَا وَ أَسْرِ نَافِرِهَا قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا وَ قَصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا مَائِلًا لِهَنَاتِهَا وَ تُعَلِّلُ بِهِبَاتِهَا لَیَالِیَ عُمُرِهِ وَ أَیَّامَ حَیَاتِهِ قَدْ عَلَّقَتْهُ أَوْهَاقَ الْمَنِیَّةِ فَأَرْدَتْهُ بِمَرَائِرِهَا(1)

قَائِدَةً لَهُ بِحُتُوفِهَا إِلَی ضَنْكِ الْمَضْجَعِ وَ وَحْشَةِ الْمَرْجِعِ وَ مُجَاوَرَةِ الْأَمْوَاتِ وَ مُعَایَنَةِ الْمَحَلِّ وَ ثَوَابِ الْعَمَلِ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَی أَدْنَاهُمْ سُبَاتُ الدُّهُورِ وَ هُمْ لَا یَرْجِعُونَ قَدِ ارْتَهَنَتِ الرِّقَابَ بِسَالِفِ الِاكْتِسَابِ وَ أُحْصِیَتِ الْآثَارُ لِفَصْلِ الْخِطَابِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً.

وَ قَالَ علیه السلام فِی ذَمِّ الدُّنْیَا فِی خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِینُهُ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ وَ دِینِ الْهُدَی لِیُزِیحَ بِهِ عِلَّتَكُمْ وَ لِیُوقِظَ بِهِ غَفْلَتَكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَیِّتُونَ وَ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ وَ مَوْقُوفُونَ عَلَی أَعْمَالِكُمْ وَ مُجْزَوْنَ بِهَا فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا فَإِنَّهَا دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بِالْعَنَاءِ مَعْرُوفَةٌ وَ بِالْغَدْرِ مَوْصُوفَةٌ وَ كُلُّ مَا فِیهَا إِلَی زَوَالٍ وَ هِیَ بَیْنَ أَهْلِهَا دُوَلٌ وَ سِجَالٌ لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَ لَا یَسْلَمُ مِنْ شَرِّهَا بَیْنَا أَهْلُهَا مِنْهَا فِی رَخَاءٍ وَ سُرُورٍ إِذْ هُمْ مِنْهَا فِی بَلَاءٍ وَ غُرُورٍ أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ الْعَیْشُ فِیهَا مَذْمُومٌ وَ الرَّخَاءُ فِیهَا لَا یَدُومُ وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فِیهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ تَرْمِیهِمْ بِسِهَامِهَا وَ تَقْصِمُهُمْ بِحِمَامِهَا وَ كُلٌّ حَتْفُهُ فِیهَا مَقْدُورٌ وَ حَظُّهُ مِنْهَا مَوْفُورٌ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فِیهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی سَبِیلِ مَنْ قَدْ مَضَی مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ بَاعاً وَ أَشَدَّ مِنْكُمْ بَطْشاً وَ أَعْمَرَ دِیَاراً وَ أَبْعَدَ آثَاراً فَأَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً خَامِدَةً مِنْ بَعْدِ طُولٍ تَغْلِبُهَا وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِیَةً وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَیَّدَةِ وَ السُّتُورِ وَ النَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ الصُّخُورَ وَ الْأَحْجَارَ الْمُسْنَدَةَ فِی الْقُبُورِ الَّتِی قَدْ بُنِیَ لِلْخَرَابِ فِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ

ص: 117


1- 1. الاوهاق: جمع وهق، و هو حبال الموت أو هو بالدال المهملة، و هو خشبتان یغمز بهما ساق المجرمین، یقال: عنقه فی وهق و رجله فی دهق. و المرائر جمع مریرة: و هی طاقة الحبل أو الحبل الشدید الفتل و قیل: الحبل الدقیق الطویل.

وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ بَیْنَ أَهْلِ عِمَارَةٍ مُوحِشِینَ وَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُتَشَاغِلِینَ لَا یَسْتَأْنِسُونَ بِالْعُمْرَانِ وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِیرَانِ وَ الْإِخْوَانِ عَلَی مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ دُنُوِّ الدَّارِ وَ كَیْفَ یَكُونُ بَیْنَهُمْ تَوَاصُلٌ وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَی وَ أَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّرَی فَأَصْبَحُوا بَعْدَ الْحَیَاةِ أَمْوَاتاً وَ بَعْدَ غَضَارَةِ الْعَیْشِ رُفَاتاً فُجِعَ بِهِمُ الْأَحْبَابُ وَ سَكَنُوا التُّرَابَ وَ ظَعَنُوا فَلَیْسَ لَهُمْ إِیَابٌ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ فَكَانَ قَدْ صِرْتُمْ إِلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ مِنَ الْبِلَی وَ الْوَحْدَةِ فِی الْمَثْوَی وَ ارْتَهَنْتُمْ فِی ذَلِكَ الْمَضْجَعِ وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَكَیْفَ بِكُمْ لَوْ قَدْ تَنَاهَتِ الْأُمُورُ وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ وَ حُصِّلَ مَا فِی الصُّدُورِ وَ وَقَفْتُمْ لِلتَّحْصِیلِ بَیْنَ یَدَیْ مَلَكٍ جَلِیلٍ فَطَارَتِ الْقُلُوبُ لِإِشْفَاقِهَا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ هَتَكَتْ عَنْكُمُ الْحُجُبُ وَ الْأَسْتَارُ وَ ظَهَرَتْ مِنْكُمُ الْعُیُوبُ وَ الْأَسْرَارُ هُنَالِكَ تُجْزی كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی (1) وَ قَالَ وَ وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ مُشْفِقِینَ مِمَّا فِیهِ وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا كَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا یَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً(2) جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ عَامِلِینَ بِكِتَابِهِ مُتَّبِعِینَ لِأَوْلِیَائِهِ حَتَّی یُحِلَّنَا وَ إِیَّاكُمْ دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: انْظُرُوا إِلَی الدُّنْیَا نَظَرَ الزَّاهِدِینَ فِیهَا فَإِنَّهَا وَ اللَّهِ عَنْ قَلِیلٍ تُزِیلُ الثَّاوِیَ السَّاكِنَ وَ تَفْجَعُ الْمُتْرَفَ الْآمِنَ لَا یَرْجِعُ مَا تَوَلَّی عَنْهَا فَأَدْبَرَ وَ لَا یُدْرَی مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَیَنْتَظِرَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ وَ آخِرُ الْحَیَاةِ فِیهَا إِلَی الضَّعْفِ وَ الْوَهْنِ فَلَا یَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا یُعْجِبُكُمْ فِیهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكُمْ مِنْهَا

ص: 118


1- 1. النجم: 31.
2- 2. الكهف: 46.

رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً تَفَكَّرَ وَ اعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ إِدْبَارَ مَا قَدْ أَدْبَرَ وَ حُضُورَ مَا قَدْ حَضَرَ وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْیَا عَنْ قَلِیلٍ لَمْ یَكُنْ وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الْآخِرَةِ لَمْ یَزُلْ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ لَا یُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِیهَا وَ لَا یُنْجَی بِشَیْ ءٍ كَانَ لَهَا ابْتُلِیَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیْهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَیْرِهَا قَدِمُوا عَلَیْهِ وَ أَقَامُوا فِیهِ وَ إِنَّهَا لِذَوِی الْعُقُولِ كَفَیْ ءِ الظِّلِّ بَیْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّی قَلَصَ وَ زَائِداً حَتَّی نَقَصَ.

«111»- ضه، [روضة الواعظین] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا لِی وَ الدُّنْیَا إِنَّمَا مَثَلِی وَ مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ مَرَّ لِلْقَیْلُولَةِ فِی ظِلِّ شَجَرَةٍ فِی یَوْمِ صَیْفٍ ثُمَّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا الدُّنْیَا فِی الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا یَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِی الْیَمِّ فَلْیَنْظُرْ بِمَ یَرْجِعُ.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الدُّنْیَا دَارٌ مُنِیَ لَهَا الْفَنَاءُ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ وَ هِیَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ فَارْتَحِلُوا عَنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ وَ لَا تَسْأَلُوا فِیهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَ لَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ لَا یُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِیهَا وَ لَا یُنْجَی بِشَیْ ءٍ كَانَ لَهَا ابْتُلِیَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیْهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَیْرِهَا قَدِمُوا عَلَیْهِ وَ أَقَامُوا فِیهِ وَ إِنَّهَا عِنْدَ ذَوِی الْعُقُولِ كَفَیْ ءِ الظِّلِّ بَیْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّی قَلَصَ وَ زَائِداً حَتَّی نَقَصَ.

وَ قَالَ علیه السلام: حَلَاوَةُ الدُّنْیَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ وَ مَرَارَةُ الْآخِرَةِ حَلَاوَةُ الدُّنْیَا.

وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا تَغُرُّ وَ تَضُرُّ وَ تَمُرُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَرْضَهَا ثَوَاباً لِأَوْلِیَائِهِ وَ لَا عِقَاباً لِأَعْدَائِهِ وَ إِنَّ أَهْلَ الدُّنْیَا كَرَكْبٍ بَیْنَا هُمْ حُلُولٌ إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ فَارْتَحَلُوا.

قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: حُبُّ الدُّنْیَا رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ.

وَ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ: إِنَّمَا الدُّنْیَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا.

ص: 119

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرَّغْبَةُ فِی الدُّنْیَا تُكْثِرُ الْهَمَّ وَ الْحُزْنَ وَ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا یُرِیحُ الْقَلْبَ وَ الْبَدَنَ.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا أَصِفُ دَاراً أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا آتَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْحَی إِلَی الدُّنْیَا أَنْ أَتْعِبِی مَنْ خَدَمَكِ وَ اخْدُمِی مَنْ رَفَضَكِ وَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَخَلَّی بِسَیِّدِهِ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ نَاجَاهُ أَثْبَتَ اللَّهُ النُّورَ فِی قَلْبِهِ فَإِذَا قَالَ یَا رَبِّ یَا رَبِّ نَادَاهُ الْجَلِیلُ جَلَّ جَلَالُهُ لَبَّیْكَ عَبْدِی سَلْنِی أُعْطِكَ وَ تَوَكَّلْ عَلَیَّ أَكْفِكَ ثُمَّ یَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ لِمَلَائِكَتِهِ یَا مَلَائِكَتِی انْظُرُوا إِلَی عَبْدِی قَدْ تَخَلَّی فِی جَوْفِ هَذَا اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ الْبَطَّالُونَ

لَاهُونَ وَ الْغَافِلُونَ نِیَامٌ اشْهَدُوا أَنِّی قَدْ غَفَرْتُ لَهُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ الْعِبَادَةِ وَ ازْهَدُوا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا الزَّاهِدَةِ فِیكُمْ فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ كَمْ مِنْ مُغْتَرٍّ بِهَا قَدْ أَهْلَكَتْهُ وَ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ خَانَتْهُ وَ كَمْ مِنْ مُعْتَمِدٍ عَلَیْهَا قَدْ خَدَعَتْهُ وَ أَسْلَمَتْهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَمَامَكُمْ طَرِیقاً بَعِیداً وَ سَفَراً مَهُولًا وَ مَمَرّاً عَلَی الصِّرَاطِ وَ لَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ مِنْ زَادٍ وَ مَنْ لَمْ یَتَزَوَّدْ وَ سَافَرَ عَطِبَ وَ هَلَكَ وَ خَیْرُ الزَّادِ التَّقْوَی إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.

قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: كَانَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَا بَنِی آدَمَ اهْرُبُوا مِنَ الدُّنْیَا إِلَی اللَّهِ وَ أَخْرِجُوا قُلُوبَكُمْ عَنْهَا فَإِنَّكُمْ لَا تَصْلُحُونَ لَهَا وَ لَا تَصْلُحُ لَكُمْ وَ لَا تَبْقُونَ لَهَا وَ لَا تَبْقَی لَكُمْ هِیَ الْخَدَّاعَةُ الْفَجَّاعَةُ الْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا الْمَفْتُونُ مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَیْهَا الْهَالِكُ مَنْ أَحَبَّهَا وَ أَرَادَهَا فَتُوبُوا إِلی اللَّهِ بارِئِكُمْ وَ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا یَوْماً لا یَجْزِی والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَیْئاً.

ص: 120

أَیْنَ آبَاؤُكُمْ وَ أُمَّهَاتُكُمْ أَیْنَ إِخْوَانُكُمْ أَیْنَ أَخَوَاتُكُمْ أَیْنَ أَوْلَادُكُمْ دُعُوا فَأَجَابُوا وَ اسْتُودِعُوا الثَّرَی وَ جَاوَرُوا الْمَوْتَی وَ صَارُوا فِی الْهَلْكَی وَ خَرَجُوا عَنِ الدُّنْیَا وَ فَارَقُوا الْأَحِبَّةَ وَ احْتَاجُوا إِلَی مَا قَدَّمُوا وَ اسْتَغْنَوْا عَمَّا خَلَّفُوا كَمْ تُوعَظُونَ وَ كَمْ تُزْجَرُونَ وَ أَنْتُمْ لَاهُونَ سَاهُونَ مَثَلُكُمْ فِی الدُّنْیَا مَثَلُ الْبَهَائِمِ أَهَمَّتْكُمْ بُطُونُكُمْ وَ فُرُوجُكُمْ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ مِمَّنْ خَلَقَكُمْ قَدْ وَعَدَ مَنْ عَصَاهُ النَّارَ وَ لَسْتُمْ مِمَّنْ یَقْوَی عَلَی النَّارِ وَ وَعَدَ مَنْ أَطَاعَهُ الْجَنَّةَ وَ مُجَاوَرَتَهُ فِی الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی فَتَنَافَسُوا وَ كُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْصِفُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ تَعَطَّفُوا عَلَی ضُعَفَائِكُمْ وَ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْكُمْ وَ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً وَ كُونُوا عَبِیداً أَبْرَاراً وَ لَا تَكُونُوا مُلُوكاً جَبَابِرَةً وَ لَا مِنَ الْفَرَاعِنَةِ الْمُتَمَرِّدِینَ عَلَی اللَّهِ قَهَرَهُمْ بِالْمَوْتِ جَبَّارُ الْجَبَابِرَةِ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَ رَبُّ الْأَرْضِ وَ إِلَهُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مَالِكُ یَوْمِ الدِّینِ شَدِیدُ الْعِقَابِ الْأَلِیمُ الْعَذَابِ لَا یَنْجُو مِنْهُ ظَالِمٌ وَ لَا یَفُوتُهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یَتَوَارَی مِنْهُ شَیْ ءٌ أَحْصَی كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْمَهُ وَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَهُ فِی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ ابْنَ آدَمَ الضَّعِیفَ أَیْنَ تَهْرُبُ مِمَّنْ یَطْلُبُكَ فِی سَوَادِ لَیْلِكَ وَ بَیَاضِ نَهَارِكَ وَ فِی كُلِّ حَالٍ مِنْ حَالاتِكَ فَقَدْ أَبْلَغَ مَنْ وَعَظَ وَ أَفْلَحَ مَنِ اتَّعَظَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُوسَی إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ عُقُوبَةٍ وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُونٌ مَا فِیهَا إِلَّا مَا كَانَ لِی یَا مُوسَی إِنَّ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ زَهِدُوا فِیهَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ وَ سَائِرَهُمْ مِنْ خَلْقِی رَغِبُوا فِیهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ وَ مَا مِنْ خَلْقِی أَحَدٌ عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَیْنُهُ وَ لَمْ یُحَقِّرْهَا أَحَدٌ إِلَّا انْتَفَعَ بِهَا.

ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنْ قَدَرْتُمْ أَلَّا تُعْرَفُوا فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یُثْنِ عَلَیْكَ النَّاسُ وَ مَا عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ یَزْدَادُ كُلَّ یَوْمٍ إِحْسَاناً وَ رَجُلٍ یَتَدَارَكُ سَیِّئَةً بِالتَّوْبَةِ وَ أَنَّی لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ اللَّهِ لَوْ سَجَدَ حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ إِلَّا بِوَلَایَتِنَا.

ص: 121

وَ قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام: مَثَلُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ ضَرَّتَانِ إِنْ أَرْضَی إِحْدَاهُمَا أَسْخَطَتِ الْأُخْرَی.

وَ قِیلَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: كَیْفَ یَكُونُ الرَّجُلُ فِی الدُّنْیَا قَالَ كَمَا تَمُرُّ الْقَافِلَةُ قِیلَ فَكَمِ الْقَرَارُ فِیهَا قَالَ كَقَدْرِ الْمُتَخَلِّفِ عَنِ الْقَافِلَةِ قَالَ فَكَمْ مَا بَیْنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ غَمْضَةُ عَیْنٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ كَأَنَّهُمْ یَوْمَ یَرَوْنَ ما یُوعَدُونَ لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ(1) الْآیَةَ.

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا حُلُمُ الْمَنَامِ أَهْلُهَا عَلَیْهَا مُجَازَوْنَ مُعَاقَبُونَ.

وَ قِیلَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عَلَی سَخْلَةٍ مَنْبُوذَةٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَقَالَ أَ تَرَوْنَ هَذِهِ هَیِّنَةً عَلَی أَهْلِهَا فَوَ اللَّهِ الدُّنْیَا أَهْوَنُ عَلَی اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَی أَهْلِهَا.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَ مَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَ لَهَا یَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ شَهَوَاتِهَا یَطْلُبُ مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ وَ عَلَیْهَا یُعَادِی مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَ عَلَیْهَا یَحْسُدُ مَنْ لَا فِقْهَ لَهُ وَ لَهَا یَسْعَی مَنْ لَا یَقِینَ لَهُ.

وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله: قَرَأَ أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلی نُورٍ مِنْ رَبِّهِ (2) فَقَالَ إِنَّ النُّورَ إِذَا وَقَعَ فِی الْقَلْبِ انْفَسَحَ لَهُ وَ انْشَرَحَ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ لِذَلِكَ عَلَامَةٌ یُعْرَفُ بِهَا قَالَ التَّجَافِی عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَ الْإِنَابَةُ إِلَی دَارِ الْخُلُودِ وَ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ.

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِابْنِ عُمَرَ: كُنْ كَأَنَّكَ غَرِیبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِیلٍ وَ اعْدُدْ نَفْسَكَ مَعَ الْمَوْتَی.

«112»- نبه (3)،[تنبیه الخاطر]: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كَثِیراً مَا یَتَمَثَّلُ:

یَا أَهْلَ لَذَّاتِ دُنْیَا لَا بَقَاءَ لَهَا***إِنَّ اغْتِرَاراً بِظِلٍّ زَائِلٍ حُمْقٌ

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَ مَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَ لَهَا یَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ یَطْلُبُ شَهَوَاتِهَا مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ وَ عَلَیْهَا یُعَادِی مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ

ص: 122


1- 1. الأحقاف: 35.
2- 2. الزمر: 22.
3- 3. تنبیه الخواطر: 69 و 70 و 77، متفرقا.

وَ عَلَیْهَا یَحْسُدُ مَنْ لَا فِقْهَ لَهُ وَ لَهَا یَسْعَی مَنْ لَا یَقِینَ لَهُ.

وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: الدُّنْیَا قَدْ نَعَتْ إِلَیْكَ نَفْسَهَا وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِیهَا وَ إِیَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَی مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِهَا إِلَیْهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَیْهَا فَإِنَّهُمْ كِلَابٌ عَاوِیَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ یَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ یَأْكُلُ عَزِیزُهَا ذَلِیلَهَا وَ یَقْهَرُ كَبِیرُهَا صَغِیرَهَا نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَی مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا.

«113»- نبه، [تنبیه الخاطر] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا دَارُ قُلْعَةٍ وَ لَیْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ دَارٌ هَانَتْ عَلَی رَبِّهَا فَخَلَطَ خَیْرَهَا بِشَرِّهَا وَ حُلْوَهَا بِمُرِّهَا لَمْ یَرْضَهَا لِأَوْلِیَائِهِ وَ لَمْ یَضِنَّ بِهَا عَلَی أَعْدَائِهِ رُبَّ فِعْلٍ یُصَابُ بِهِ وَقْتُهُ فَیَكُونُ سُنَّةً وَ یَخْطَأُ بِهِ وَقْتُهُ فَیَكُونُ سُبَّةً دَخَلَ عُمَرُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَلَی حَصِیرٍ قَدْ أَثَّرَ فِی جَنْبِهِ فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشاً أَوْثَرَ مِنْهُ (1) فَقَالَ مَا لِی وَ لِلدُّنْیَا مَا مَثَلِی وَ مَثَلُ الدُّنْیَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِی یَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیٌّ علیه السلام. وَ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّكُمْ فِی زَمَانٍ الْقَائِلُ فِیهِ بِالْحَقِّ قَلِیلٌ وَ اللِّسَانُ عَنِ الصِّدْقِ كَلِیلٌ وَ اللَّازِمُ لِلْحَقِّ ذَلِیلٌ أَهْلُهُ مُعْتَكِفُونَ فِی الْعِصْیَانِ یَصْطَلِحُونَ عَلَی الْإِدْهَانِ فَتَاهُمْ عَارِمٌ (2) وَ شَائِبُهُمْ آثِمٌ وَ عَالِمُهُمْ مُنَافِقٌ وَ قَارِئُهُمْ مُمَاذِقٌ (3)

وَ لَا یُعَظِّمُ صَغِیرُهُمْ كَبِیرَهُمْ وَ لَا یَعُولُ غَنِیُّهُمْ فَقِیرَهُمْ (4).

بَعْضُهُمْ: إِیَّاكَ وَ هَمَّ الْغَدِ ارْضَ لِلْغَدِ بِرَبِّ الْغَدِ.

ص: 123


1- 1. الوثیر من البساط مالان و سهل و وطئ یقال: ما أوثر فراشك؟ أی ما ألینه.
2- 2. العارم: السیئ الخلق الشرس، و الشائب: الذی ابیض شعره من الهرم، و فی نسخة الكمبانیّ« شابهم» و هو تصحیف، و التصحیح من نسخة النهج.
3- 3. المماذق المنافق الذی یشوب عمله بالریاء- غیر المخلص، و فی نسخة النهج« قارنهم مماذق».
4- 4. نقله فی النهج تحت الرقم 231 من قسم الخطب.

أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: یَوْمُكَ جَمَلُكَ إِذَا أَخَذْتَ بِرَأْسِهِ أَتَاكَ ذَنَبُهُ یَعْنِی إِذَا كُنْتَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فِی خَیْرٍ لَمْ تَزَلْ فِیهِ إِلَی آخِرِهِ.

لُقْمَانُ قَالَ لِابْنِهِ: یَا بُنَیَّ لَا تَدْخُلْ فِی الدُّنْیَا دُخُولًا یُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ لَا تَتْرُكْهَا تَرْكاً تَكُونُ كَلًّا عَلَی النَّاسِ.

عَلِیٌّ علیه السلام. قَلَّمَا اعْتَدَلَ بِهِ الْمِنْبَرُ إِلَّا قَالَ أَمَامَ خُطْبَتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ فَمَا خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَیَلْهُوَ وَ لَا تُرِكَ سُدًی فَیَلْغُوَ وَ مَا دُنْیَاهُ الَّتِی تَحَسَّنَتْ لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الْآخِرَةِ الَّتِی قَبَّحَهَا سُوءُ النَّظَرِ عِنْدَهُ وَ مَا الْمَغْرُورُ الَّذِی ظَفِرَ مِنَ الدُّنْیَا بِأَعْلَی هِمَّتِهِ كَالْآخَرِ الَّذِی ظَفِرَ مِنَ الْآخِرَةِ بِأَدْنَی سَهْمَتِهِ (1).

«114»- ختص، [الإختصاص] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنِ ازْدَادَ فِی اللَّهِ عِلْماً وَ ازْدَادَ لِلدُّنْیَا حُبّاً ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْداً وَ ازْدَادَ اللَّهُ عَلَیْهِ غَضَباً(2).

«115»- ختص، [الإختصاص] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ عَدَلَتِ الدُّنْیَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَی الْكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً(3).

«116»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَثَلَ الدُّنْیَا مَثَلُ الْحَیَّةِ مَسُّهَا لَیِّنٌ وَ فِی جَوْفِهَا السَّمُّ الْقَاتِلُ یَحْذَرُهَا الرَّجُلُ الْعَاقِلُ وَ یَهْوِی إِلَیْهَا الصِّبْیَانُ بِأَیْدِیهِمْ.

«117»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فَضَالَةُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یَسُرُّنِی بِحُبِّكُمُ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا فَقَالَ أُفٍّ لِلدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا وَ مَا هِیَ یَا دَاوُدُ هَلْ هِیَ إِلَّا ثَوْبَانِ وَ مِلْ ءُ بَطْنِكَ.

«118»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر النَّضْرُ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْیَا وَ لَأَنْ لَا نُؤْتَاهَا خَیْرٌ مِنْ أَنْ نُؤْتَاهَا وَ مَا مِنْ عَبْدٍ بَسَطَ اللَّهُ لَهُ مِنْ دُنْیَاهُ إِلَّا نَقَصَ مِنْ حَظِّهِ فِی آخِرَتِهِ.

«119»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ

ص: 124


1- 1. تنبیه الخواطر: 77 و 78 و 79، متفرقا.
2- 2. الاختصاص: 243.
3- 3. الاختصاص: 243.

قَالَ قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا إِسْحَاقُ كَمْ تَرَی أَصْحَابَ هَذِهِ الْآیَةِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ یُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ یَسْخَطُونَ (1) ثُمَّ قَالَ لِی هُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثَیِ النَّاسِ.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی هَذِهِ الْآیَةِ وَ لَوْ لا أَنْ یَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ (2) قَالَ لَوْ فَعَلَ لَكَفَرَ النَّاسُ جَمِیعاً.

«120»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَجَاءَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَیْهِ الدُّنْیَا وَ ذَمَّهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ الدُّنْیَا مَنْزِلُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارُ عَاقِبَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْیِ اللَّهِ وَ مُصَلَّی مَلَائِكَتِهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَائِهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الْجَنَّةَ وَ رَبِحُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ فَلِمَا ذَا تَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَیْنِهَا وَ نَادَتْ بِانْقِطَاعِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا فَمَثَّلَتْ بِبَلَائِهَا إِلَی الْبَلَاءِ وَ شَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ رَاحَتْ بِفَجِیعَةٍ وَ ابْتَكَرَتْ بِعَافِیَةٍ تَحْذِیراً وَ تَرْغِیباً وَ تَخْوِیفاً فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ذَكَرَتْهُمْ فَذَكَرُوا وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا فَیَا أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا الْمُعْتَلُّ بِتَغْرِیرِهَا مَتَی اسْتَذَمَّتْ إِلَیْكَ الدُّنْیَا وَ غَرَّتْكَ أَ بِمَنَازِلِ آبَائِكَ مِنَ الثَّرَی أَمْ بِمَضَاجِعِ

أُمَّهَاتِكَ مِنَ الْبِلَی كَمْ مَرَّضْتَ بِكَفَّیْكَ وَ كَمْ عَلَّلْتَ بِیَدَیْكَ تَبْتَغِی لَهُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ یَنْفَعْهُ إِشْفَاقُكَ وَ لَمْ تَعُقْهُ طَلِبَتُكَ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْیَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعُكَ فَجَدِیرٌ بِكَ أَنْ لَا یَفْنَی بِهِ بُكَاؤُكَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ (3).

«121»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:

ص: 125


1- 1. براءة: 58.
2- 2. الزخرف: 33.
3- 3. كتاب المؤمن مخطوط، و تراه فی النهج تحت الرقم 131 من قسم الحكم.

تَمَثَّلَتِ الدُّنْیَا لِعِیسَی علیه السلام فِی صُورَةِ امْرَأَةٍ زَرْقَاءَ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ قَالَتْ كَثِیراً قَالَ فَكُلٌّ طَلَّقَكِ قَالَتْ بَلْ كُلًّا قَتَلْتُ قَالَ فَوَیْحَ أَزْوَاجِكَ الْبَاقِینَ كَیْفَ لَا یَعْتَبِرُونَ بِالْمَاضِینَ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْبَحْرِ الْمَالِحِ كُلَّمَا شَرِبَ الْعَطْشَانُ مِنْهُ ازْدَادَ عَطَشاً حَتَّی یَقْتُلَهُ.

«122»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فَضَالَةُ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِی حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالسُّوقِ وَ أَقْبَلَ یُرِیدُ الْعَالِیَةَ وَ النَّاسُ یَكْتَنِفُهُ فَمَرَّ بِجَدْیٍ أَسَكَّ عَلَی مَزْبَلَةٍ مُلْقًی وَ هُوَ مَیِّتٌ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ فَقَالَ أَیُّكُمْ یُحِبُّ أَنْ یَكُونَ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ قَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَیْ ءٍ وَ مَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَ فَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا لَا حَتَّی قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ حَیّاً كَانَ عَیْباً فَكَیْفَ وَ هُوَ مَیِّتٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا عَلَیْكُمْ.

«123»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ أَبِی رَجَاءٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ وَ الدُّنْیَا أَكْبَرُ هَمِّهِ شَتَّتَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَمْرَهُ وَ كَانَ فَقْرُهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ لَمْ یَأْتِهِ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَ مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ أَكْبَرَ هَمِّهِ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ ضِیقَهُ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ وَ أَتَتْهُ الدُّنْیَا وَ هِیَ رَاغِمَةٌ.

«124»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: یَا جَابِرُ أَنْزِلِ الدُّنْیَا مِنْكَ كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ ثُمَّ أَرَدْتَ التَّحَرُّكَ مِنْهُ مِنْ یَوْمِكَ ذَلِكَ أَوْ كَمَالٍ اكْتَسَبْتَهُ فِی مَنَامِكَ وَ اسْتَیْقَظْتَ فَلَیْسَ فِی یَدِكَ مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ إِذَا كُنْتَ فِی جَنَازَةٍ فَكُنْ كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمَحْمُولُ وَ كَأَنَّكَ سَأَلْتَ رَبَّكَ الرَّجْعَةَ إِلَی الدُّنْیَا لِتَعْمَلَ عَمَلَ مَنْ عَاشَ فَإِنَّ الدُّنْیَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِثْلُ الظِّلِّ.

«125»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: دَخَلَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ وَ هُوَ عَلَی حَصِیرٍ قَدْ أَثَّرَ فِی جِسْمِهِ وَ وِسَادَةِ لِیفٍ قَدْ أَثَّرَتْ فِی خَدِّهِ فَجَعَلَ یَمْسَحُ وَ یَقُولُ مَا رَضِیَ بِهَذَا كِسْرَی وَ لَا قَیْصَرُ إِنَّهُمْ یَنَامُونَ

ص: 126

عَلَی الْحَرِیرِ وَ الدِّیبَاجِ وَ أَنْتَ عَلَی هَذَا الْحَصِیرِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَنَا خَیْرٌ مِنْهُمَا وَ اللَّهِ لَأَنَا أَكْرَمُ مِنْهُمَا وَ اللَّهِ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ رَجُلٍ رَاكِبٍ مَرَّ عَلَی شَجَرَةٍ وَ لَهَا فَیْ ءٌ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَهَا فَلَمَّا أَنْ مَالَ الظِّلُّ عَنْهَا ارْتَحَلَ فَذَهَبَ وَ تَرَكَهَا.

«126»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنْ أَبِی سَیَّارٍ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ لِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: مَا عَرَضَ لِی قَطُّ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِلدُّنْیَا وَ الْآخَرُ لِلْآخِرَةِ فَآثَرْتُ الدُّنْیَا إِلَّا رَأَیْتُ مَا أَكْرَهُ قَبْلَ أَنْ أُمْسِیَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِبَنِی أُمَیَّةَ إِنَّهُمْ یُؤْثِرُونَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ مُنْذُ ثَمَانِینَ سَنَةً وَ لَیْسَ یَرَوْنَ شَیْئاً یَكْرَهُونَهُ.

«127»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْأَحْمَسِیِّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ: نِعْمَ الْعَوْنُ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ.

«128»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ یَا بَنِی آدَمَ لَا تَأْسَوْا عَلَی مَا فَاتَكُمْ مِنْ دُنْیَاكُمْ كَمَا لَا یَأْسَی أَهْلُ الدُّنْیَا عَلَی مَا فَاتَهُمْ مِنْ آخِرَتِهِمْ إِذَا أَصَابُوا دُنْیَاهُمْ.

«129»- محص، [التمحیص] ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ لِمَنْ عَمِلَ لِدَارِ الْفَنَاءِ وَ تَرَكَ دَارَ الْبَقَاءِ.

«130»- محص، [التمحیص] عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: یَا مَالِكُ إِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الدُّنْیَا مَنْ یُحِبُّ وَ یُبْغِضُ وَ لَا یُعْطِی دِینَهُ إِلَّا مَنْ یُحِبُّ.

«131»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ حُبُّ الدُّنْیَا.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْیَا وَ أَنْ لَا نُعْطَاهَا خَیْرٌ لَنَا وَ مَا أُعْطِیَ أَحَدٌ مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا نَقَصَ حَظُّهُ فِی

ص: 127

الْآخِرَةِ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ اللَّهِ إِنَّا لَنَطْلُبُ الدُّنْیَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام تَصْنَعُ بِهَا مَا ذَا قَالَ أَعُودُ بِهَا عَلَی نَفْسِی وَ عَلَی عِیَالِی وَ أَتَصَدَّقُ مِنْهَا وَ أَصِلُ مِنْهَا وَ أَحُجُّ مِنْهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَیْسَ هَذَا طَلَبَ الدُّنْیَا هَذَا طَلَبُ الْآخِرَةِ(1).

«132»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: أَهْلُ الدُّنْیَا كَرَكْبٍ یُسَارُ بِهِمْ وَ هُمْ نِیَامٌ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كُنْتَ فِی إِدْبَارٍ وَ الْمَوْتُ فِی إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَی (3).

وَ قَالَ علیه السلام: الدَّهْرُ یُخْلِقُ الْأَبْدَانَ وَ یُجَدِّدُ الْآمَالَ وَ یُقَرِّبُ الْمَنِیَّةَ وَ یُبَاعِدُ الْأُمْنِیَّةَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ وَ مَنْ فَاتَهُ تَعِبَ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَی أَجَلِهِ (5).

وَ قَالَ علیه السلام: كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ (6).

«133»- نهج، [نهج البلاغة] وَ مِنْ خَبَرِ ضِرَارِ بْنِ ضَمْرَةَ الضَّبَابِیِّ عِنْدَ دُخُولِهِ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَسْأَلَتِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَیْتُهُ فِی بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَدْ أَرْخَی اللَّیْلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِی مِحْرَابِهِ قَابِضٌ عَلَی لِحْیَتِهِ یَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ وَ یَبْكِی بُكَاءَ الْحَزِینِ وَ یَقُولُ یَا دُنْیَا یَا دُنْیَا إِلَیْكِ عَنِّی أَ بِی تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَیَّ تَشَوَّقْتِ لَا حَانَ حِینُكِ هَیْهَاتَ غُرِّی غَیْرِی لَا حَاجَةَ لِی فِیكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِیهَا فَعَیْشُكِ قَصِیرٌ وَ خَطَرُكِ یَسِیرٌ وَ أَمَلُكِ حَقِیرٌ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ طُولِ الطَّرِیقِ وَ بُعْدِ السَّفَرِ وَ عَظِیمِ الْمَوْرِدِ وَ خُشُونَةِ الْمَضْجَعِ (7).

ص: 128


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 275 و 276.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 64 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 28 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 72 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 74 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 75 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 77 من الحكم.

«134»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: إِنَّ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِیلَانِ مُخْتَلِفَانِ فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْیَا وَ تَوَلَّاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَاشٍ بَیْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الْآخَرِ وَ هُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ (1).

«135»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْحَیَّةِ لَیِّنٌ مَسُّهَا وَ السَّمُّ النَّاقِعُ فِی جَوْفِهَا یَهْوِی إِلَیْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ وَ یَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُ (2).

«136»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ قَدْ سَمِعَ رَجُلًا یَذُمُّ الدُّنْیَا أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا الْمُنْخَدِعُ بِأَبَاطِیلِهَا أَ تَغْتَرُّ بِالدُّنْیَا ثُمَّ تَذُمُّهَا أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَیْهَا أَمْ هِیَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَیْكَ مَتَی اسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَی غَرَّتْكَ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَی أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَی كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّیْكَ وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ تَبْغِی لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ یَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ وَ لَمْ تُسْعَفْ فِیهِ بِطَلِبَتِكَ وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُمْ بِقُوَّتِكَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْیَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَ مُصَلَّی مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْیِ اللَّهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا فِیهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا یَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَیْنِهَا وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ وَ شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ رَاحَتْ بِعَافِیَةٍ وَ ابْتَكَرَتْ بِفَجِیعَةٍ تَرْغِیباً وَ تَرْهِیباً وَ تَخْوِیفاً وَ تَحْذِیراً فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَذَكَرُوا وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا(3).

ص: 129


1- 1. نهج البلاغة الرقم 103 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 119 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 131 من الحكم.

وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا دَارُ مَمَرٍّ إِلَی دَارِ مَقَرٍّ وَ النَّاسُ فِیهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا وَ رَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا(1).

وَ قَالَ علیه السلام: لِكُلِّ مُقْبِلٍ إِدْبَارٌ وَ مَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ یَكُنْ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: الْأَمْرُ قَرِیبٌ وَ الِاصْطِحَابُ قَلِیلٌ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: الرَّحِیلُ وَشِیكٌ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّمَا الْمَرْءُ فِی الدُّنْیَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِیهِ الْمَنَایَا وَ نَهْبٌ تُبَادِرُهُ الْمَصَائِبُ وَ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقٌ وَ فِی كُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصٌ وَ لَا یَنَالُ الْعَبْدُ نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی وَ لَا یَسْتَقْبِلُ یَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا(5) بِفِرَاقِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ فَنَحْنُ أَعْوَانُ الْمَنُونِ وَ أَنْفُسُنَا نُصُبُ الْحُتُوفِ فَمِنْ أَیْنَ نَرْجُو الْبَقَاءَ وَ هَذَا اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ لَمْ یَرْفَعَا مِنْ شَیْ ءٍ شَرَفاً إِلَّا أَسْرَعَا الْكَرَّةَ فِی هَدْمِ مَا بَنَیَا وَ تَفْرِیقِ مَا جَمَعَا(6).

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْیَا الْتَاطَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ هَمٍّ لَا یُغِبُّهُ وَ حِرْصٍ لَا یَتْرُكُهُ وَ أَمَلٍ لَا یُدْرِكُهُ (7).

وَ قَالَ علیه السلام: وَ اللَّهِ لَدُنْیَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنُ فِی عَیْنِی مِنْ عُرَاقِ خِنْزِیرٍ فِی یَدِ مَجْذُومٍ (8).

ص: 130


1- 1. نهج البلاغة الرقم 133 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 152 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 168 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 187 من الحكم.
5- 5. ما بین العلامتین ساقط من نسخة الكمبانیّ.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 191 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 228 من الحكم.
8- 8. نهج البلاغة الرقم 236 من الحكم، و العراق- بالضم- العظم أكل لحمه أو بالكسر- و هو من الحشا ما فوق السرة معترضا بالبطن، كانه یرید به الكرش، و علی الوجهین ما أقذره إذا كان بید مجذوم.

قَالَ علیه السلام: مَرَارَةُ الدُّنْیَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ وَ حَلَاوَةُ الدُّنْیَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ(1).

وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ فِی الدُّنْیَا عَامِلَانِ عَامِلٌ فِی الدُّنْیَا لِلدُّنْیَا قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْیَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ یَخْشَی عَلَی مَنْ یَخْلُفُ الْفَقْرَ وَ یَأْمَنُهُ عَلَی نَفْسِهِ فَیُفْنِی عُمُرَهُ فِی مَنْفَعَةِ غَیْرِهِ وَ عَامِلٌ عَمِلَ فِی الدُّنْیَا لِمَا بَعْدَهَا فَجَاءَهُ الَّذِی لَهُ مِنَ الدُّنْیَا بِغَیْرِ عَمَلٍ فَأَحْرَزَ الْحَظَّیْنِ مَعاً وَ مَلَكَ الدَّارَیْنِ جَمِیعاً فَأَصْبَحَ وَجِیهاً عِنْدَ اللَّهِ لَا یَسْأَلُ اللَّهَ شَیْئاً فَیَمْنَعَهُ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: النَّاسُ أَبْنَاءُ الدُّنْیَا وَ لَا یُلَامُ الرَّجُلُ عَلَی حُبِّ أُمِّهِ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: یَا أَیُّهَا النَّاسُ مَتَاعُ الدُّنْیَا حُطَامٌ مُوبِئٌ (4)

فَتَجَنَّبُوا مَرْعَاهُ قُلْعَتُهَا أَحْظَی مِنْ طُمَأْنِینَتِهَا وَ بُلْغَتُهَا أَزْكَی مِنْ ثَرْوَتِهَا حُكِمَ عَلَی مُكْثِرِیهَا بِالْفَاقَةِ وَ أُعِینَ مَنْ غَنِیَ عَنْهَا بِالرَّاحَةِ مَنْ رَاقَهُ زِبْرِجُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَیْهِ كَمَهاً(5) وَ مَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِهَا مَلَأَتْ ضَمِیرَهُ أَشْجَاناً لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَی سُوَیْدَاءِ قَلْبِهِ هَمٌّ یَشْغَلُهُ وَ هَمٌّ یَحْزُنُهُ كَذَلِكَ حَتَّی یُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ (6) فَیُلْقَی بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعاً أَبْهَرَاهُ هَیِّناً عَلَی اللَّهِ فَنَاؤُهُ وَ عَلَی الْإِخْوَانِ إِلْقَاؤُهُ وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَی الدُّنْیَا بِعَیْنِ الِاعْتِبَارِ

ص: 131


1- 1. نهج البلاغة الرقم 251 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 269 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 303 من الحكم.
4- 4. الموبئ الكثیر الوباء- و مرعی وبی ء: أی مرتع إذا سرج فیه الدوابّ أصابها الوباء و الطاعون. و قوله« قلعتها أحظی من طمأنینتها» القلعة: النزوع و العزلة أی الكف منها أسعد و أحظی من أن تطمئن و تركن إلیها.
5- 5.- الكمه- محركة- العمی، فان حبّ زبرجها و زینتها یعمی البصر عن رؤیة عاقبتها.
6- 6.- الكظم- محركة- الحلقوم، أو مخرج النفس، و الاخذ بالكظم كنایة عن الخنق و الابهر: عرق مستبطن الصلب إذا انقطع لم یبق صاحبه، و فی الصحاح: و هما أبهران یخرجان من القلب ثمّ یتشعب منهما سائر الشرائین. و قیل: هما الوریدان.

وَ یَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ وَ یَسْمَعُ فِیهَا بِأُذُنِ الْمَقْتِ وَ الْإِبْغَاضِ إِنْ قِیلَ أَثْرَی قِیلَ أَكْدَی (1)

وَ إِنْ فُرِحَ لَهُ بِالْبَقَاءِ حُزِنَ لَهُ بِالْفَنَاءِ هَذَا وَ لَمْ یَأْتِهِمْ یَوْمٌ فِیهِ یُبْلِسُونَ (2).

«137»- نهج، [نهج البلاغة] رُوِیَ: أَنَّهُ علیه السلام قَلَّمَا اعْتَدَلَ بِهِ الْمِنْبَرُ إِلَّا قَالَ أَمَامَ خُطْبَتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ فَمَا خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَیَلْهُوَ وَ لَا تُرِكَ سُدًی فَیَلْغُوَ وَ مَا دُنْیَاهُ الَّتِی تَحَسَّنَتْ لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الْآخِرَةِ الَّتِی قَبَّحَهَا سُوءُ النَّظَرِ عِنْدَهُ وَ مَا الْمَغْرُورُ الَّذِی ظَفِرَ مِنَ الدُّنْیَا بِأَعْلَی هِمَّتِهِ كَالْآخَرِ الَّذِی ظَفِرَ مِنَ الْآخِرَةِ بِأَدْنَی سُهْمَتِهِ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: رُبَّ مُسْتَقْبِلٍ یَوْماً لَیْسَ بِمُسْتَدْبِرِهِ وَ مَغْبُوطٍ فِی أَوَّلِ لَیْلَةٍ قَامَتْ بَوَاكِیهِ فِی آخِرِهِ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: الرُّكُونُ إِلَی الدُّنْیَا مَعَ مَا تُعَایِنُ مِنْهَا جَهْلٌ (5).

وَ قَالَ: مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ أَنَّهُ لَا یُعْصَی إِلَّا فِیهَا وَ لَا یُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِتَرْكِهَا(6).

وَ قَالَ علیه السلام: فِی صِفَةِ الدُّنْیَا أَنَّ الدُّنْیَا تَغُرُّ وَ تَضُرُّ وَ تَمُرُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَرْضَهَا ثَوَاباً لِأَوْلِیَائِهِ وَ لَا عِقَاباً لِأَعْدَائِهِ وَ إِنَّ أَهْلَ الدُّنْیَا كَرَكْبٍ بَیْنَا هُمْ حَلُّوا إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ فَارْتَحَلُوا(7).

وَ قَالَ علیه السلام: أَ لَا حُرٌّ یَدَعُ هَذِهِ اللُّمَاظَةَ لِأَهْلِهَا إِنَّهُ لَیْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا

ص: 132


1- 1. أثری: أی صار ذا ثروة و غناء و أكدی: أی صادف الكدیة، فلا یظفر بحاجته و رجع القهقری الی حالته الأولی من الفقر.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 367 من قسم الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 370 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 380 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 384 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 385 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 415 من الحكم.

الْجَنَّةُ فَلَا تَبِیعُوهَا إِلَّا بِهَا(1).

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْهُومَانِ لَا یَشْبَعَانِ طَالِبُ عِلْمٍ وَ طَالِبُ دُنْیَا(2).

وَ قَالَ علیه السلام: الدُّنْیَا خُلِقَتْ لِغَیْرِهَا وَ لَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا(3).

وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ لَا یُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِیهَا وَ لَا یُنْجَی بِشَیْ ءٍ كَانَ لَهَا ابْتُلِیَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیْهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَیْرِهَا قَدِمُوا عَلَیْهِ وَ أَقَامُوا فِیهِ فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِی الْعُقُولِ كَفَیْ ءِ الظِّلِّ بَیْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّی قَلَصَ وَ زَائِداً حَتَّی نَقَصَ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ اسْتَغْنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَیْهَا أَعْمَتْهُ (5).

«138»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: بَعَثَهُ حِینَ لَا عَلَمٌ قَائِمٌ وَ لَا مَنَارٌ سَاطِعٌ وَ لَا مَنْهَجٌ وَاضِحٌ أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا دَارُ شُخُوصٍ وَ مَحَلَّةُ تَنْغِیصٍ سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ وَ قَاطِنُهَا بَائِنٌ تَمِیدُ بِأَهْلِهَا مَیَدَانَ السَّفِینَةِ تَعْصِفُهَا الْعَوَاصِفُ فِی لُجَجِ الْبِحَارِ فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ (6)

وَ مِنْهُمُ النَّاجِی عَلَی مُتُونِ

ص: 133


1- 1. نهج البلاغة الرقم 456 و اللماظة- بالضم: ما بقی من الطعام فی الفم: عبر عن الدنیا الفانیة التی أدبرت و آذنت بوداع باللماظة الباقیة فی الفم بعد أكل الطعام و قبل المضمضة و الاستیاك، كما شبهها فی غیر مورد بصبابة الاناء و سملة الحوض.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 457 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 463 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 61 من الخطب.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 80 من الخطب.
6- 6. الوبق- ككتف- الهالك و الحفز الدفع. و المعنی أن الذی غرق فی البحر حین تكسر به السفینة فلا یستدرك، و لا یمكن خلاصه، و أمّا من حمل علی متن الامواج، و لاقی شدة المحن و الاهوال حین یلقیه موج الی موج، تارة یعلو علی الماء و مرة یعلو الماء. علیه، فهو و ان نجا من هذه المهلكة فی البحر. تترقبه مهلكة أخری فی البر لیفنیها فهو أیضا لیس بناج.

الْأَمْوَاجِ تَحْفِزُهُ الرِّیَاحُ بِأَذْیَالِهَا وَ تَحْمِلُهُ عَلَی أَهْوَالِهَا فَمَا غَرِقَ مِنْهَا فَلَیْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ وَ مَا نَجَا مِنْهَا فَإِلَی مَهْلَكٍ عِبَادَ اللَّهِ الْآنَ فَاعْمَلُوا وَ الْأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ وَ الْأَبْدَانُ صَحِیحَةٌ وَ الْأَعْضَاءُ لَدْنَةٌ وَ الْمُتَقَلَّبُ فَسِیحٌ وَ الْمَجَالُ عَرِیضٌ قَبْلَ إِرْهَاقِ الْفَوْتِ وَ حُلُولِ الْمَوْتِ فَحَقِّقُوا عَلَیْكُمْ نُزُولَهُ وَ لَا تَنْتَظِرُوا قُدُومَهُ (1).

«139»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الدُّنْیَا دَارُ مَجَازٍ وَ الْآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ یَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَفِیهَا اخْتُبِرْتُمْ وَ لِغَیْرِهَا خُلِقْتُمْ إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ قَالَ النَّاسُ مَا تَرَكَ وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ لِلَّهِ آبَاؤُكُمْ فَقَدِّمُوا بَعْضاً یَكُنْ لَكُمْ قَرْضاً وَ لَا تُخْلِفُوا كُلًّا فَیَكُونَ عَلَیْكُمْ كَلًّا(2).

وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَثِیراً مَا یُنَادِی بِهِ أَصْحَابَهُ: تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَدْ نُودِیَ فِیكُمْ بِالرَّحِیلِ وَ أَقِلُّوا الْعُرْجَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ انْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً لَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَیْهَا وَ الْوُقُوفِ عِنْدَهَا: وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَلَاحِظَ الْمَنِیَّةِ نَحْوَكُمْ دَانِیَةٌ وَ كَأَنَّكُمْ بِمَخَالِبِهَا وَ قَدْ نَشِبَتْ فِیكُمْ وَ قَدْ دَهِمَتْكُمْ مِنْهَا مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ وَ مُعْضِلَاتُ الْمَحْذُورِ فَقَطِّعُوا عَلَائِقَ الدُّنْیَا وَ اسْتَظْهِرُوا بِزَادِ التَّقْوَی (3).

«140»- نهج، [نهج البلاغة]: الْحَمْدُ لِلَّهِ غَیْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ وَ لَا

ص: 134


1- 1. نهج البلاغة الرقم 194 من الخطب.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 201 من الخطب و فیه: فرضا علیكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 202 من الخطب.

مَأْیُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ وَ لَا مُسْتَنْكِفٍ مِنْ عِبَادَتِهِ الَّذِی لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ وَ لَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ وَ الدُّنْیَا دَارٌ مُنِیَ لَهَا الْفَنَاءُ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ وَ هِیَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ فَارْتَحِلُوا عَنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ وَ لَا تَسْأَلُوا فَوْقَ الْكَفَافِ وَ لَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ (1).

«141»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحَبَّ دُنْیَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الدُّنْیَا دُوَلٌ فَاطْلُبْ حَظَّكَ مِنْهَا بِأَجْمَلِ الطَّلَبِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَافَهُ وَ مَنْ غَالَبَهُ أَهَانَهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الدَّهْرُ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِنْ كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِنْ كَانَ عَلَیْكَ فَاصْبِرْ فَكِلَاهُمَا غَائِبٌ سَیَحْضُرُ.

باب 123 حب المال و جمع الدینار و الدرهم و كنزهما

الآیات:

الأنفال: وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ (2)

التوبة: وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوی بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (3)

الكهف: الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیاةِ الدُّنْیا(4)

ص: 135


1- 1. نهج البلاغة الرقم 45 من الخطب.
2- 2. الأنفال: 28.
3- 3. براءة: 34- 35.
4- 4. الكهف: 45.

القصص: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیْهِمْ وَ آتَیْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِی الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْفَرِحِینَ وَ ابْتَغِ فِیما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِیبَكَ مِنَ الدُّنْیا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِی الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ قالَ إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ عِنْدِی أَ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً وَ لا یُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قالَ الَّذِینَ یُرِیدُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِیمٍ وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَیْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا یُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِینَ وَ أَصْبَحَ الَّذِینَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ یَقُولُونَ وَیْكَأَنَّ اللَّهَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ یَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا لَخَسَفَ بِنا وَیْكَأَنَّهُ لا یُفْلِحُ الْكافِرُونَ (1)

المنافقون: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (2)

التغابن: إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ (3)

المعارج: تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّی وَ جَمَعَ فَأَوْعی (4)

الفجر: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَیَقُولُ رَبِّی أَكْرَمَنِ وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ فَیَقُولُ رَبِّی أَهانَنِ كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْیَتِیمَ وَ لا تَحَاضُّونَ عَلی طَعامِ الْمِسْكِینِ وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا

ص: 136


1- 1. القصص: 76- 82.
2- 2. المنافقون: 9.
3- 3. التغابن: 15.
4- 4. المعارج: 17- 18.

وَ جِی ءَ یَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ یَوْمَئِذٍ یَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَ أَنَّی لَهُ الذِّكْری یَقُولُ یا لَیْتَنِی قَدَّمْتُ لِحَیاتِی فَیَوْمَئِذٍ لا یُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا یُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ(1)

العادیات: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَ إِنَّهُ عَلی ذلِكَ لَشَهِیدٌ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ أَ فَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ(2)

الهمزة: وَیْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِی جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ یَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَیُنْبَذَنَّ فِی الْحُطَمَةِ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَی الْأَفْئِدَةِ إِنَّها عَلَیْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِی عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنْ كَانَ الْحِسَابُ حَقّاً فَالْجَمْعُ لِمَا ذَا(3).

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَجَاعَةٌ حَتَّی نَبَشُوا الْمَوْتَی فَأَكَلُوهُمْ فَنَبَشُوا قَبْراً فَوَجَدُوا فِیهِ لَوْحاً فِیهِ مَكْتُوبٌ أَنَا فُلَانٌ النَّبِیُّ یَنْبُشُ قَبْرِی حَبَشِیٌّ مَا قَدَّمْنَا وَجَدْنَاهُ وَ مَا أَكَلْنَا رَبِحْنَاهُ وَ مَا خَلَّفْنَا خَسِرْنَاهُ (4).

«3»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ دِرْهَمٍ وَ دِینَارٍ ضُرِبَا فِی الْأَرْضِ نَظَرَ إِلَیْهِمَا إِبْلِیسُ فَلَمَّا عَایَنَهُمَا أَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا عَلَی عَیْنَیْهِ ثُمَّ ضَمَّهُمَا إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً ثُمَّ ضَمَّهُمَا إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ أَنْتُمَا قُرَّةُ عَیْنِی وَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی مَا أُبَالِی مِنْ بَنِی آدَمَ إِذَا أَحَبُّوكُمَا أَنْ لَا یَعْبُدُوا وَثَناً حَسْبِی مِنْ بَنِی آدَمَ أَنْ یُحِبُّوكُمَا(5).

ص: 137


1- 1. الفجر: 15- 16.
2- 2. العادیات: 6- 11.
3- 3. أمالی الصدوق: 6.
4- 4. أمالی الصدوق: 361.
5- 5. أمالی الصدوق: 121.

«4»- فس، [تفسیر القمی] فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ (1) فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ كَنْزَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ أَمَرَ بِإِنْفَاقِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَوْلِهِ یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوی بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ یَغْدُو كُلَّ یَوْمٍ وَ هُوَ بِالشَّامِ فَیُنَادِی بِأَعْلَی صَوْتِهِ بَشِّرْ أَهْلَ الْكُنُوزِ بِكَیٍّ فِی الْجِبَاهِ وَ كَیٍّ بِالْجُنُوبِ وَ كَیٍّ بِالظُّهُورِ أَبَداً حَتَّی یَتَرَدَّدَ الْحَرَقُ فِی أَجْوَافِهِمْ (2).

«5»- ل (3)،[الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الْفَامِیُّ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: لَا یَجْتَمِعُ الْمَالُ إِلَّا بِخِصَالٍ خَمْسٍ بِبُخْلٍ شَدِیدٍ وَ أَمَلٍ طَوِیلٍ وَ حِرْصٍ غَالِبٍ وَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ وَ إِیثَارِ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ(4).

«6»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِإِسْنَادِ الْمُجَاشِعِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَیُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنْ مَالِهِ قَالُوا مَا فِینَا أَحَدٌ یُحِبُّ ذَلِكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ بَلْ كُلُّكُمْ یُحِبُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ یَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِی مَالِی وَ هَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَیْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَیْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَیْتَ وَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَالُ الْوَارِثِ (5).

«7»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدَّنَانِیرِ وَ الدَّرَاهِمِ وَ مَا عَلَی النَّاسِ فِیهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هِیَ خَوَاتِیمُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ جَعَلَهَا اللَّهُ مَصَحَّةً لِخَلْقِهِ وَ بِهَا یَسْتَقِیمُ شُئُونُهُمْ وَ مَطَالِبُهُمْ فَمَنْ أُكْثِرَ لَهُ مِنْهَا فَقَامَ

ص: 138


1- 1. براءة: 34 و 35.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 265.
3- 3. الخصال ج 1 ص 136.
4- 4. عیون الأخبار ج 1 ص 276.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 133.

بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَی فِیهَا وَ أَدَّی زَكَاتَهَا فَذَاكَ الَّذِی طَابَتْ وَ خَلَصَتْ لَهُ وَ مَنْ أُكْثِرَ لَهُ مِنْهَا فَبَخِلَ بِهَا وَ لَمْ یُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ فِیهَا وَ اتَّخَذَ مِنْهَا الْآنِیَةَ فَذَاكَ الَّذِی حَقَّ عَلَیْهِ وَعِیدُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوی بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (1).

«8»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّ مَالٍ یُؤَدَّی زَكَاتُهُ فَلَیْسَ بِكَنْزٍ وَ إِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِینَ وَ كُلُّ مَالٍ لَا تُؤَدَّی زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَ إِنْ كَانَ فَوْقَ الْأَرْضِ (2).

«9»- ل، [الخصال] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَلَی اللَّهُ الْعِبَادَ بِشَیْ ءٍ أَشَدَّ عَلَیْهِمْ مِنْ إِخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ (3).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الغنی (4).

«10»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ زِیَادِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی وَكِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الدِّینَارُ وَ الدِّرْهَمُ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ هُمَا مُهْلِكَاكُمْ (5).

«11»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ حَجَرَانِ مَمْسُوخَانِ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا كَانَ مَعَهُمَا.

قال الصدوق رحمه اللّٰه یعنی من أحبهما حبا یمنع حق اللّٰه منهما(6).

«12»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ

ص: 139


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 133 و الآیة فی براءة: 34.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 133.
3- 3. الخصال ج 1 ص 8.
4- 4. راجع ج 72 ص 56- 68.
5- 5. الخصال ج 1 ص 23.
6- 6. الخصال ج 1 ص 23.

مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْفِتَنُ ثَلَاثٌ حُبُّ النِّسَاءِ وَ هُوَ سَیْفُ الشَّیْطَانِ وَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ هُوَ فَخُّ الشَّیْطَانِ وَ حُبُّ الدِّینَارِ وَ الدِّرْهَمِ وَ هُوَ سَهْمُ الشَّیْطَانِ فَمَنْ أَحَبَّ النِّسَاءَ لَمْ یَنْتَفِعْ بِعَیْشِهِ وَ مَنْ أَحَبَّ الْأَشْرِبَةَ حَرُمَتْ عَلَیْهِ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَحَبَّ الدِّینَارَ وَ الدِّرْهَمَ فَهُوَ عَبْدُ الدُّنْیَا.

وَ قَالَ: قَالَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام الدِّینَارُ دَاءُ الدِّینِ وَ الْعَالِمُ طَبِیبُ الدِّینِ فَإِذَا رَأَیْتُمُ الطَّبِیبَ یَجُرُّ الدَّاءَ إِلَی نَفْسِهِ فَاتَّهِمُوهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ غَیْرُ نَاصِحٍ لِغَیْرِهِ (1).

«13»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ كَمِهَ أَعْمَی مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَبَدَ الدِّینَارَ وَ الدِّرْهَمَ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ نَكَحَ بَهِیمَةً(2).

مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّوْفَلِیِّ: مِثْلَهُ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه قوله علیه السلام ملعون من عبد الدینار و الدرهم یعنی به من یمنع زكاة ماله و یبخل بمواساة إخوانه فیكون قد آثر عبادة الدینار و الدرهم علی عبادة خالقه (3).

«14»- ع، [علل الشرائع] عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَی یَهُودِیٌّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ لِمَ سُمِّیَ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً وَ الدِّینَارُ دِینَاراً فَقَالَ علیه السلام إِنَّمَا سُمِّیَ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً لِأَنَّهُ دَارُ هَمٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ یُنْفِقْهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ النَّارَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الدِّینَارُ دِینَاراً لِأَنَّهُ دَارُ

ص: 140


1- 1. الخصال ج 1 ص 56.
2- 2. الخصال ج 1 ص 64.
3- 3. معانی الأخبار: 403.

النَّارِ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ یُنْفِقْهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ النَّارَ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

«15»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ الْحَجَّاجِ عَمَّنْ سَمِعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّكَاةِ مَا یَأْخُذُ مِنْهَا الرَّجُلُ وَ قُلْتُ لَهُ إِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَیُّمَا رَجُلٍ تَرَكَ دِینَارَیْنِ فَهُمَا كَیٌّ بَیْنَ عَیْنَیْهِ قَالَ فَقَالَ أُولَئِكَ قَوْمٌ كَانُوا أَضْیَافاً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا أَمْسَی قَالَ یَا فُلَانُ اذْهَبْ فَعَشِّ هَذَا وَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ یَا فُلَانُ اذْهَبْ فَغَدِّ هَذَا فَلَمْ یَكُونُوا یَخَافُونَ أَنْ یُصْبِحُوا بِغَیْرِ غَدَاءٍ وَ لَا بِغَیْرِ عَشَاءٍ فَجَمَعَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ دِینَارَیْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَ إِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا یُعْطَوْنَ مِنَ السَّنَةِ إِلَی السَّنَةِ فَلِلرَّجُلِ أَنْ یَأْخُذَ مَا یَكْفِیهِ وَ یَكْفِی عِیَالَهُ مِنَ السَّنَةِ إِلَی السَّنَةِ(2).

«16»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ قَالَ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَرَكَ دِینَارَیْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرَكَ كَثِیراً قَالَ إِنَّ ذَاكَ كَانَ رَجُلًا یَأْتِی أَهْلَ الصُّفَّةِ فَیَسْأَلُهُمْ فَمَاتَ وَ تَرَكَ دِینَارَیْنِ (3).

«17»- مع، [معانی الأخبار] الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ الْعَلَوِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اومیدوار عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ لَا یُحِبُّهُمَا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِمَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ قَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِلَیْهِ إِنَّمَا الذَّهَبُ الَّذِی ذَهَبَ بِالدِّینِ وَ الْفِضَّةُ الَّذِی أَفَاضَ الْكُفْرَ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه هذا حدیث لم أسمعه إلا من الحسن بن حمزة العلوی و لم

ص: 141


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 4.
2- 2. معانی الأخبار: 152.
3- 3. معانی الأخبار: 153.

أروه عن شیخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید و لكنه صحیح عندی

یُؤَیِّدُهُ الْخَبَرُ الْمَنْقُولُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَنَا یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ الْمَالُ لَا یَدُوسُ إِنَّمَا یُدَاسُ بِهِ.

فهو كنایة عمن ذهب بالدین و أفاض الكفر و إنما وقعت الكنایة بهما لأنهما أثمان كل شی ء كما أن الذین كنی عنهم أصول كل كفر و ظلم (1).

«18»- ل (2)،[الخصال] مع، [معانی الأخبار] الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: السُّكْرُ أَرْبَعُ سُكْرَاتٍ سُكْرُ الشَّرَابِ وَ سُكْرُ الْمَالِ وَ سُكْرُ النَّوْمِ وَ سُكْرُ الْمُلْكِ (3).

«19»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی علیه السلام لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَ لَا تَدَعْ ذِكْرِی عَلَی حَالٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ تُنْسِی الذُّنُوبَ وَ تَرْكُ ذِكْرِی یُقْسِی الْقُلُوبَ.

«20»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ (4) قَالَ هُوَ الرَّجُلُ یَدَعُ الْمَالَ لَا یُنْفِقُهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ بُخْلًا ثُمَّ یَمُوتُ فَیَدَعُهُ لِمَنْ یَعْمَلُ بِهِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ فِی مَعْصِیَتِهِ فَإِنْ عَمِلَ بِهِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ رَآهُ فِی مِیزَانِ غَیْرِهِ فَزَادَهُ حَسْرَةً وَ قَدْ كَانَ الْمَالُ لَهُ أَوْ عَمِلَ بِهِ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ فَهُوَ قَوَّاهُ بِذَلِكَ الْمَالِ حَتَّی عَمِلَ بِهِ فِی مَعَاصِی اللَّهِ (5).

«21»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام]: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَسْرَةً قَالَ مَنْ رَأَی مَالَهُ فِی مِیزَانِ غَیْرِهِ وَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِ النَّارَ وَ أَدْخَلَ وَارِثَهُ بِهِ الْجَنَّةَ.

«22»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ

ص: 142


1- 1. معانی الأخبار: 313 و 314.
2- 2. الخصال ج 1 ص 170.
3- 3. معانی الأخبار: 365.
4- 4. البقرة: 167.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 72.

وَ الْفِضَّةَ إِنَّمَا عَنَی بِذَلِكَ مَا جَاوَزَ أَلْفَیْ دِرْهَمٍ (1).

«23»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِیرٍ صَاحِبِ الْأَكْسِیَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مُوَسَّعٌ عَلَی شِیعَتِنَا أَنْ یُنْفِقُوا مِمَّا فِی أَیْدِیهِمْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا حَرَّمَ عَلَی كُلِّ ذِی كَنْزٍ كَنْزَهُ حَتَّی یَأْتِیَهُ فَیَسْتَعِینَ بِهِ عَلَی عَدُوِّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهُ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ (2).

«24»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ یُنْفِقُهُ عَلَی عِیَالِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ فَیَحْمِلُ إِلَیْهِ مَا عِنْدَهُ وَ مَا بَقِیَ مِنْ ذَلِكَ یَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی أَمْرِهِ فَقَدْ أَدَّی مَا یَجِبُ عَلَیْهِ (3).

«25»- جا، [المجالس للمفید] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیه السلام: فِی مَعْنَی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ (4) قَالَ الرَّجُلُ یَكْسِبُ مَالًا فَیُحْرَمُ أَنْ یَعْمَلَ خَیْراً فَیَمُوتُ فَیَرِثُهُ غَیْرُهُ فَیَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحاً فَیَرَی الرَّجُلُ مَا كَسَبَ حَسَنَاتٍ فِی مِیزَانِ غَیْرِهِ (5).

«26»- ضه، [روضة الواعظین] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ عِیسَی بْنَ مَرْیَمَ تَوَجَّهَ فِی بَعْضِ حَوَائِجِهِ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِلَبِنَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَقَالَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا یَقْتُلُ النَّاسَ ثُمَّ مَضَی فَقَالَ أَحَدُهُمْ إِنَّ لِی حَاجَةً فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ لِی حَاجَةٌ فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ لِی حَاجَةٌ فَانْصَرَفَ فَوَافَوْا عِنْدَ الذَّهَبِ ثَلَاثَتُهُمْ فَقَالَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ اشْتَرِ لَنَا طَعَاماً فَذَهَبَ یَشْتَرِی لَهُمَا طَعَاماً فَجَعَلَ فِیهِ سَمّاً لِیَقْتُلَهُمَا كَیْلَا یُشَارِكَاهُ فِی الذَّهَبِ وَ قَالَ الِاثْنَانِ إِذَا جَاءَ قَتَلْنَاهُ كَیْلَا یُشَارِكَنَا فَلَمَّا جَاءَ قَامَا إِلَیْهِ فَقَتَلَاهُ ثُمَّ تَغَدَّیَا فَمَاتَا.

ص: 143


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 87، و الآیة فی براءة: 34.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 87، و الآیة فی براءة: 34.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 87، و الآیة فی براءة: 34.
4- 4. البقرة: 167.
5- 5. مجالس المفید: 127.

فَرَجَعَ إِلَیْهِمْ عِیسَی علیه السلام وَ هُمْ مَوْتَی حَوْلَهُ فَأَحْیَاهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ هَذَا یَقْتُلُ النَّاسَ.

«27»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فَضَالَةُ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَخٍ لَهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ فِی غَنَمٍ قَدْ فَرَّقَهَا رَاعِیهَا أَحَدُهُمَا فِی أَوَّلِهَا وَ الْآخَرُ فِی آخِرِهَا بِأَفْسَدَ فِیهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِی دِینِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ.

«28»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: یَا ابْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ فِیهِ خَازِنٌ لِغَیْرِكَ (1).

وَ قَالَ علیه السلام: وَ قَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَی مَزْبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِیهِ بِالْأَمْسِ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: لَمْ یَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: لِكُلِّ امْرِئٍ فِی مَالِهِ شَرِیكَانِ الْوَارِثُ وَ الْحَوَادِثُ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: لِابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام یَا بُنَیَّ لَا تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ تُخَلِّفُهُ لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِیهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِیتَ بِهِ وَ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِیهِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلَی مَعْصِیَتِهِ وَ لَیْسَ أَحَدُ هَذَیْنِ حَقِیقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَی نَفْسِكَ.

وَ یُرْوَی هَذَا الْكَلَامُ عَلَی وَجْهٍ آخَرَ وَ هُوَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِی فِی یَدَیْكَ مِنَ الدُّنْیَا قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَی أَهْلٍ بَعْدَكَ وَ إِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ عَمِلَ فِیمَا جَمَعْتَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِیتَ بِهِ أَوْ رَجُلٍ عَمِلَ

ص: 144


1- 1. نهج البلاغة الرقم 192 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 195 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 196 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 335 من الحكم.

فِیهِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فَشَقِیَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ وَ لَیْسَ أَحَدُ هَذَیْنِ أَهْلًا أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ تَحْمِلَ لَهُ عَلَی ظَهْرِكَ فَارْجُ لِمَنْ مَضَی رَحْمَةَ اللَّهِ وَ لِمَنْ بَقِیَ رِزْقَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).

باب 124 حب الرئاسة

الآیات:

القصص: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (2)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فَقَالَ إِنَّهُ یُحِبُّ الرِّئَاسَةَ فَقَالَ مَا ذِئْبَانِ ضَارِیَانِ فِی غَنَمٍ قَدْ تَفَرَّقَ رِعَاؤُهَا بِأَضَرَّ فِی دِینِ الْمُسْلِمِ مِنْ طَلَبِ الرِّئَاسَةِ(3).

بیان: أنه ذكر رجلا ضمائر أنه و ذكر و فقال أولا راجعة إلی معمر و یحتمل رجوعها إلی الإمام علیه السلام و الرئاسة الشرف و العلو علی الناس من رأس الرجل یرأس مهموزا بفتحتین رئاسة شرف و علا قدره فهو رئیس و الجمع رؤساء مثل شریف و شرفاء و الضاری السبع الذی اعتاد بالصید و إهلاكه و الرعاء بالكسر و المد جمع راع اسم فاعل و بالضم اسم جمع صرح بالأول صاحب المصباح و بالثانی القاضی و تفرق الرعاء لبیان شدة الضرر فإن الراعی إذا كان حاضرا یمنع الذئب عن الضرر و یحمی القطیع.

و الظاهر أن قوله فی دین المسلم صلة للضرر المقدر أی لیس ضرر الذئبین فی الغنم بأشد من ضرر الرئاسة فی دین المسلم ففی الكلام تقدیم و تأخیر.

ص: 145


1- 1. نهج البلاغة الرقم 416 من الحكم.
2- 2. القصص: 83.
3- 3. الكافی ج 2 ص 297.

و یؤیده ما سیأتی فی باب حب الدنیا مثله (1) هكذا بأفسد فیها من حب المال و الشرف فی دین المسلم.

و قیل فی دین المسلم حال عن الرئاسة قدم علیه و لا یخفی ما فیه و فیه تحذیر عن طلب الرئاسة و للرئاسة أنواع شتی منها ممدوحة و منها مذمومة فالممدوحة منها الرئاسة التی أعطاها اللّٰه تعالی خواص خلقه من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام لهدایة الخلق و إرشادهم و دفع الفساد عنهم و لما كانوا معصومین مؤیدین بالعنایات الربانیة فهم مأمونون من أن یكون غرضهم من ذلك تحصیل الأغراض الدنیة و الأغراض الدنیویة فإذا طلبوا ذلك لیس غرضهم إلا الشفقة علی خلق اللّٰه و إنقاذهم من المهالك الدنیویة و الأخرویة كما قال یوسف علیه السلام اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ (2).

و أما سائر الخلق فلهم رئاسات حقة و رئاسات باطلة و هی مشتبهة بحسب نیاتهم و اختلاف حالاتهم فمنها القضاء و الحكم بین الناس و هذا أمر خطیر و للشیطان فیه تسویلات و لذا وقع التحذیر عنه فی كثیر من الأخبار و أما من یأمن ذلك من نفسه و یظن أنه لا ینخدع من الشیطان، فإذا كان فی زمان حضور الإمام علیه السلام و بسط یده علیه السلام و كلفه ذلك یجب علیه قبوله و أما فی زمان الغیبة فالمشهور أنه یجب علی الفقیه الجامع لشرائط الحكم و الفتوی ارتكاب ذلك إما عینا و إما كفایة.

فإن كان غرضه من ارتكاب ذلك إطاعة إمامه و الشفقة علی عباد اللّٰه و إحقاق حقوقهم و حفظ فروجهم و أموالهم و أعراضهم عن التلف و لم یكن غرضه الترفع علی الناس و التسلط علیهم و لا جلب قلوبهم و كسب المحمدة منهم فلیست رئاسته رئاسة باطلة بل رئاسة حقة أطاع اللّٰه تعالی فیها و نصح إمامه.

ص: 146


1- 1. یعنی باب حبّ الدنیا من الكافی ج 2 ص 315، و قد مر فی الباب 122 تحت الرقم: 14.
2- 2. یوسف: 55.

و إن كان غرضه كسب المال الحرام و جلب قلوب الخواص و العوام و أمثال ذلك فهی الرئاسة الباطلة التی حذر عنها و أشد منها من ادعی ما لیس له بحق كالإمامة و الخلافة و معارضة أئمة الحق فإنه علی حد الشرك باللّٰه و قریب منه ما فعله الكذابون المتصنعون الذین كانوا فی أعصار الأئمة علیهم السلام و كانوا یصدون الناس عن الرجوع إلیهم كالحسن البصری و سفیان الثوری (1) و أبی حنیفة و أضرابهم.

و من الرئاسات المنقسمة إلی الحق و الباطل ارتكاب الفتوی و التدریس و الوعظ فمن كان أهلا لتلك الأمور عالما بما یقول متبعا للكتاب و السنة و كان غرضه هدایة الخلق و تعلیمهم مسائل دینهم فهو من الرئاسة الحقة و یحتمل وجوبه إما عینا أو كفایة و من لم یكن أهلا لذلك و یفسر الآیات برأیه و الأخبار مع عدم فهمها و یفتی الناس بغیر علم فهو ممّن قال اللّٰه سبحانه فیهم قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً(2).

و كذلك من هو أهل لتلك الأمور من جهة العلم لكنه مراء متصنع یحرف الكلم عن مواضعه و یفتی الناس بخلاف ما یعلم أو كان غرضه محض الشهرة و جلب القلوب أو تحصیل الأموال و المناصب فهو أیضا من الهالكین و منها أیضا إمامة الجمعة و الجماعة فهذا أیضا إن كان أهله و صحت نیته فهو من الرئاسات الحقة و إلا فهو أیضا من أهل الفساد.

و الحاصل أن الرئاسة إن كانت بجهة شرعیة و لغرض صحیح فهی ممدوحة و إن كانت علی غیر الجهات الشرعیة أو مقرونة بالأغراض الفاسدة فهی مذمومة فهذه الأخبار محمولة علی أحد هذه الوجوه الباطلة أو علی ما إذا كان المقصود نفس الرئاسة و التسلط.

ص: 147


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 277.
2- 2. الكهف: 103 و 104.

قال بعض المحققین معنی الجاه ملك القلوب و القدرة علیها فحكمها حكم ملك الأموال فإنه غرض من أغراض الحیاة الدنیا و ینقطع بالموت كالمال و الدنیا مزرعة الآخرة فكلما خلق اللّٰه فی الدنیا فیمكن أن یتزود منه إلی الآخرة و كما أنه لا بد من أدنی مال لضرورة المطعم و الملبس فلا بد من أدنی جاه لضرورة المعیشة مع الخلق و الإنسان كما لا یستغنی عن طعام یتناوله فیجوز أن یحب الطعام و المال الذی یبتاع به الطعام فكذلك لا یخلو عن الحاجة إلی خادم یخدمه و رفیق یعینه و أستاد یعلمه و سلطان یحرسه و یدفع عنه ظلم الأشرار.

فحبه أن یكون له فی قلب خادمه من المحل ما یدعوه إلی الخدمة لیس بمذموم و حبه لأن یكون فی قلب رفیقه من المحل ما یحسن به مرافقته و معاونته لیس بمذموم و حبه لأن یكون فی قلب أستاذه من المحل ما یحسن به إرشاده و تعلیمه و العنایة به لیس بمذموم و حبه لأن یكون له من المحل فی قلب سلطانه ما یحثه ذلك علی دفع الشر عنه لیس بمذموم فإن الجاه وسیلة إلی الأغراض كالمال: فلا فرق بینهما إلا أن التحقیق فی هذا یفضی إلی أن یكون المال و الجاه فی أعیانهما محبوبین بل ینزل ذلك منزلة حب الإنسان أن یكون فی داره بیت ماء لأنه یضطر إلیه لقضاء حاجته و بوده لو استغنی عن قضاء الحاجة حتی یستغنی عن بیت الماء و هذا علی التحقیق لیس بحب لبیت الماء فكل ما یراد به التوصل إلی محبوب فالمحبوب هو المقصود المتوصل إلیه.

و تدرك التفرقة بمثال و هو أن الرجل قد یحب زوجته من حیث إنه یدفع بها فضلة الشهوة كما یدفع ببیت الماء فضلة الطعام و لو كفی مئونة الشهوة لكان یهجر زوجته كما لو كفی قضاء الحاجة لكان لا یدخل بیت الماء و لا یدور به و قد یحب زوجته لذاتها حب العشاق و لو كفی الشهوة لبقی مستصحبا لنكاحها.

ص: 148

فهذا هو الحب دون الأول فكذلك الجاه و المال قد یحب كل واحد منهما من هذین الوجهین فحبهما لأجل التوسل إلی مهمات البدن غیر مذموم و حبهما لأعیانهما فیما یجاوز ضرورة البدن و حاجته مذموم و لكنه لا یوصف صاحبه بالفسق و العصیان ما لم یحمله الحب علی مباشرة معصیة و ما لم یتوصل إلی اكتسابه بعبادة فإن التوصل إلی المال و الجاه بالعبادة خیانة علی الدین و هو حرام و إلیه یرجع معنی الرئاء المحظور كما مر.

فإن قلت طلب الجاه و المنزلة فی قلب أستاذه و خادمه و رفیقه و سلطانه و من یرتبط به أمره مباح علی الإطلاق كیف ما كان أو مباح إلی حد مخصوص أو علی وجه مخصوص فأقول یطلب ذلك علی ثلاثة أوجه وجهان منها مباح و وجه منها محظور.

أما المحظور فهو أن یطلب قیام المنزلة فی قلوبهم باعتقادهم فیه صفة هو منفك عنها مثل العلم و الورع و النسب فیظهر لهم أنه علوی أو عالم أو ورع و لا یكون كذلك فهذا حرام لأنه تلبیس و كذب إما بالقول و إما بالفعل.

و أما المباح فهو أن یطلب المنزلة بصفة و هو متصف بها كقول یوسف علیه السلام اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ (1) فإنه طلب المنزلة فی قلبه بكونه حفیظا علیما و كان محتاجا إلیه و كان صادقا فیه.

و الثانی أن یطلب إخفاء عیب من عیوبه و معصیة من معاصیه حتی لا یعلمه فلا تزول منزلته به فهذا أیضا مباح لأن حفظ الستر علی القبائح جائز و لا یجوز هتك الستر و إظهار القبح فهذا لیس فیه تلبیس بل هو سد لطریق العلم بما لا فائدة فی العلم به كالذی یخفی عن السلطان أنه یشرب الخمر و لا یلقی إلیه أنه ورع فإن قوله إنی ورع تلبیس و عدم إقراره بالشرب لا یوجب اعتقاده الورع بل یمنع العلم بالشرب.

و من جملة المحظورات تحسین الصلاة بین یدیه لأن تحسن فیه اعتقاده فإن

ص: 149


1- 1. یوسف: 55.

ذلك رئاء و هو ملبس إذ یخیل إلیه أنه من المخلصین الخاشعین لله و هو مراء بما یفعله فكیف یكون مخلصا فطلب الجاه بهذا الطریق حرام و كذا بكل معصیة و ذلك یجری مجری اكتساب المال من فرق و كما لا یجوز له أن یتملك مال غیره بتلبیس فی عوض أو غیره فلا یجوز له أن یتملك قلبه بتزویر و خداع فإن ملك القلوب أعظم من ملك الأموال.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَخِیهِ أَبِی عَامِرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ (1).

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِیَّاكُمْ وَ هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءَ الَّذِینَ یَتَرَأَّسُونَ فَوَ اللَّهِ مَا خَفَقَتِ النِّعَالُ خَلْفَ رَجُلٍ إِلَّا هَلَكَ وَ أَهْلَكَ (2).

بیان: قال الجوهری رأس فلان القوم یرأس بالفتح رئاسة و هو رئیسهم و رأسته أنا ترئیسا فترأس هو و ارتأس علیهم و قال خفق الأرض بنعله و كل ضرب بشی ء عریض خفق أقول و هذا أیضا محمول علی الجماعة الذین كانوا فی أعصار الأئمة علیهم السلام و یدعون الرئاسة(3) من غیر استحقاق أو تحذیر عن تسویل النفس و تكبرها و استعلائها باتباع العوام و رجوعهم إلیه فیهلك بذلك و یهلكهم بإضلالهم و إفتائهم بغیر علم مع أن زلات علماء الجور مسریة إلی غیرهم لأن كل ما یرون منهم یزعمون أنه حسن فیتبعونهم فی ذلك كَمَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی زَلَّةَ عَالِمٍ.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ أَیُّوبَ عَنْ أَبِی عَقِیلَةَ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا كَرَّامٌ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الرِّئَاسَةَ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَطَأَ أَعْقَابَ الرِّجَالِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ

ص: 150


1- 1. الكافی ج 2 ص 297.
2- 2. الكافی ج 2 ص 297.
3- 3. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 278.

أَمَّا الرِّئَاسَةُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا وَ أَمَّا أَنْ أَطَأَ أَعْقَابَ الرِّجَالِ (1)

فَمَا ثُلُثَا مَا فِی یَدِی إِلَّا مِمَّا وَطِئْتُ أَعْقَابَ الرِّجَالِ فَقَالَ لِی لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِیَّاكَ أَنْ تَنْصِبَ رَجُلًا دُونَ الْحُجَّةِ فَتُصَدِّقَهُ فِی كُلِّ مَا قَالَ (2).

بیان: فی بعض النسخ أبی عقیل و فی بعضها أبی عقیلة و الظاهر أنه كان أیوب بن أبی عقیلة لأن الشیخ ذكر فی الفهرست الحسن بن أیوب بن أبی عقیلة(3) و قال النجاشی له كتاب أصل و كون كتابه أصلا عندی مدح عظیم إلا مما وطئت أعقاب الرجال أی مشیت خلفهم لأخذ الروایة عنهم فأجاب علیه السلام بأنه لیس الغرض النهی عن ذلك بل الغرض النهی عن جعل غیر الإمام المنصوب من قبل اللّٰه تعالی بحیث تصدقه فی كل ما یقول و قیل وطء العقب كنایة عن الاتباع فی الفعال و تصدیق المقال و اكتفی فی تفسیره بأحدهما لاستلزامه الآخر غالبا.

«5»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ وَ غَیْرِهِ رَفَعُوهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَلْعُونٌ مَنْ تَرَأَّسَ مَلْعُونٌ مَنْ هَمَّ بِهَا مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ حَدَّثَ بِهَا نَفْسَهُ (4).

بیان: من ترأس أی ادعی الرئاسة بغیر حق فإن التفعل غالبا یكون للتكلف.

«6»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ الشَّامِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی وَیْحَكَ یَا أَبَا الرَّبِیعِ لَا تَطْلُبَنَّ الرِّئَاسَةَ وَ لَا تَكُنْ ذَنَباً وَ لَا تَأْكُلْ بِنَا النَّاسَ فَیُفْقِرَكَ اللَّهُ وَ لَا تَقُلْ فِینَا مَا لَا نَقُولُ فِی أَنْفُسِنَا فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ لَا مَحَالَةَ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً صَدَّقْنَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً كَذَّبْنَاكَ (5).

ص: 151


1- 1. ما بین العلامتین ساقط من نسخة الكمبانیّ، أضفناه من المصدر.
2- 2. الكافی ج 2 ص 297.
3- 3. و هو الصحیح قطعا كما سیأتی تحت الرقم 10 من معانی الأخبار للصدوق.
4- 4. الكافی ج 2 ص 298.
5- 5. الكافی ج 2 ص 298.

بیان: و لا تكن ذنبا أی تابعا للجهال و المترئسین و علماء السوء قال فی النهایة الأذناب الأتباع جمع ذنب كأنهم فی مقابل الرءوس و هم المقدمون و فی بعض النسخ ذئبا بالهمزة فیكون تأكیدا للفقرة السابقة فإن رؤساء الباطل ذئاب یفترسون الناس و یهلكونهم من حیث لا یعلمون و لا تأكل بنا الناس أی لا تجعل انتسابك إلینا بالتشیع أو العلم أو النسب مثلا وسیلة لأخذ أموال الناس أو إضرارهم أو لا تجعل وضع الأخبار فینا وسیلة لأخذ أموال الشیعة فیفقرك اللّٰه علی خلاف مقصودك.

ما لا نقول فی أنفسنا كالربوبیة و الحلول و الاتحاد و نسبة خلق العالم إلیهم أو كونهم أفضل من نبینا صلی اللّٰه علیه و آله أو الأعم منها و من التقصیر فی حقهم فإنك موقوف أی یوم القیامة و مسئول عما قلت فینا لقوله تعالی وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (1) و فی القاموس لا محالة منه بالفتح لا بد.

«7»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ مَیَّاحٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ أَرَادَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ (2).

«8»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: أَ تَرَانِی لَا أَعْرِفُ خِیَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ بَلَی وَ اللَّهِ وَ إِنَّ شِرَارَكُمْ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یُوطَأَ عَقِبُهُ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَذَّابٍ أَوْ عَاجِزِ الرَّأْیِ (3).

بیان: أ تری علی المعلوم أو المجهول استفهام إنكار أنه لا بد قیل الضمیر اسم إن و راجع إلی أن یوطأ و لا بد جملة معترضة و من كذاب خبر إن و من للابتداء أو الضمیر للشأن و من كذاب ظرف لغو

ص: 152


1- 1. الصافّات: 24.
2- 2. الكافی ج 2 ص 298.
3- 3. الكافی ج 2 ص 299.

متعلق بلا بد تقدیره لا بد لنا من كذاب و قیل أی لا بد فی الأرض من كذاب یطلب الرئاسة و من عاجز الرأی یتبعه.

أقول: و یحتمل أن یكون الضمیر راجعا إلی الموصول و التقدیر لا بد من أن یكون كذابا أو عاجز الرأی لأن الناس یرجعون إلیه فی المسائل و الأمور المشكلة فإن أجابهم كان كذابا غالبا و إن لم یجبهم كان ضعیف العقل عندهم أو واقفا لأنه لا یتم ما أراد بذلك.

«9»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ مَا عُصِیَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِسِتِّ خِصَالٍ حُبِّ الدُّنْیَا وَ حُبِّ الرِّئَاسَةِ وَ حُبِّ الطَّعَامِ وَ حُبِّ النِّسَاءِ وَ حُبِّ النَّوْمِ وَ حُبِّ الرَّاحَةِ(1).

«10»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ حَسَنِ بْنِ أَیُّوبَ بْنِ أَبِی عَقِیلَةَ عَنْ كَرَّامٍ الْخَثْعَمِیِّ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الرِّئَاسَةَ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَطَأَ أَعْقَابَ الرِّجَالِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَمَّا الرِّئَاسَةُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا وَ أَمَّا أَنْ أَطَأَ

أَعْقَابَ الرِّجَالِ فَمَا ثُلُثَا مَا فِی یَدِی إِلَّا مِمَّا وَطِئْتُ أَعْقَابَ الرِّجَالِ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِیَّاكَ أَنْ تَنْصِبَ رَجُلًا دُونَ الْحُجَّةِ فَتُصَدِّقَهُ فِی كُلِّ مَا قَالَ (2).

«11»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَخِیهِ سُفْیَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِیَّاكَ وَ الرِّئَاسَةَ فَمَا طَلَبَهَا أَحَدٌ إِلَّا هَلَكَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ هَلَكْنَا إِذاً لَیْسَ أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا وَ هُوَ یُحِبُّ أَنْ یُذْكَرَ وَ یُقْصَدَ وَ یُؤْخَذَ عَنْهُ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِلَیْهِ إِنَّمَا ذَلِكَ أَنْ تَنْصِبَ رَجُلًا دُونَ الْحُجَّةِ فَتُصَدِّقَهُ فِی كُلِّ مَا قَالَ وَ تَدْعُوَ النَّاسَ إِلَی قَوْلِهِ (3).

ص: 153


1- 1. الخصال ج 1 ص 106.
2- 2. معانی الأخبار: 169.
3- 3. معانی الأخبار: 180.

«12»- ضا، [فقه الرضا علیه السلام] نَرْوِی: مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ لِنَفْسِهِ هَلَكَ فَإِنَّ الرِّئَاسَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَهْلِهَا.

«13»- كش، [رجال الكشی] عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام: مَا ذِئْبَانِ ضَارِیَانِ فِی غَنَمٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا بِأَضَرَّ فِی دِینِ الْمُسْلِمِ مِنْ حُبِّ الرِّئَاسَةِ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ صَفْوَانَ لَا یُحِبُّ الرِّئَاسَةَ(1).

باب 125 الغفلة و اللّٰهو و كثرة الفرح و الإتراف بالنعم

الآیات:

الأعراف: وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِینَ (2)

یونس: وَ الَّذِینَ هُمْ عَنْ آیاتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (3)

و قال تعالی: وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آیاتِنا لَغافِلُونَ (4)

هود: وَ اتَّبَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِیهِ وَ كانُوا مُجْرِمِینَ (5)

أسری: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِیراً(6)

مریم: وَ أَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِیَ الْأَمْرُ وَ هُمْ فِی غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا یُؤْمِنُونَ (7)

الأنبیاء: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِی غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ

ص: 154


1- 1. رجال الكشّیّ: 424.
2- 2. الأعراف: 205.
3- 3. یونس: 7- 8.
4- 4. یونس: 92.
5- 5. هود: 116.
6- 6. أسری: 16.
7- 7. مریم: 39.

ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ یَلْعَبُونَ لاهِیَةً قُلُوبُهُمْ (1)

و قال تعالی: لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلی ما أُتْرِفْتُمْ فِیهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (2)

و قال: یا وَیْلَنا قَدْ كُنَّا فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِینَ (3)

المؤمنون: حَتَّی إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِیهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ یَجْأَرُونَ لا تَجْأَرُوا الْیَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (4)

القصص: وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْیَةٍ بَطِرَتْ مَعِیشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِیلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ (5)

و قال تعالی: إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْفَرِحِینَ وَ ابْتَغِ فِیما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِیبَكَ مِنَ الدُّنْیا(6)

الروم: وَ إِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها(7)

سبأ: وَ ما أَرْسَلْنا فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِینَ إلی قوله تعالی وَ كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَیْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِی فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ(8)

المؤمن: ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (9)

حمعسق: وَ إِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ

ص: 155


1- 1. الأنبیاء: 1- 2.
2- 2. الأنبیاء: 13- 14.
3- 3. الأنبیاء: 97.
4- 4. المؤمنون: 64- 65.
5- 5. القصص: 58.
6- 6. القصص: 76- 77.
7- 7. الروم: 36.
8- 8. سبأ: 34- 35.
9- 9. المؤمن: 75.

بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ(1)

الزخرف: وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلی أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (2)

و قال تعالی: وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ وَ إِنَّهُمْ لَیَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ حَتَّی إِذا جاءَنا قالَ یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرِینُ وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (3)

و قال تعالی: فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یُلاقُوا یَوْمَهُمُ الَّذِی یُوعَدُونَ (4)

الذاریات: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِینَ هُمْ فِی غَمْرَةٍ ساهُونَ (5)

الواقعة: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِینَ (6)

الحدید: لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (7)

المجادلة: اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّیْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (8)

الحشر: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (9)

المنافقون: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (10)

المزمل: وَ ذَرْنِی وَ الْمُكَذِّبِینَ أُولِی النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِیلًا(11)

ص: 156


1- 1. الشوری: 48.
2- 2. الزخرف: 23.
3- 3. الزخرف: 36- 39.
4- 4. الزخرف: 83.
5- 5. الذاریات: 10- 11.
6- 6. الواقعة: 45.
7- 7. الحدید: 23.
8- 8. المجادلة: 19.
9- 9. الحشر: 19.
10- 10. المنافقون: 9.
11- 11. المزّمّل: 11.

«1»- ل (1)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنْ كَانَ الشَّیْطَانُ عَدُوّاً فَالْغَفْلَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْمَوْتُ حَقّاً فَالْفَرَحُ لِمَا ذَا(2).

«2»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحَسَنِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: كُلُّ مَا أَلْهَی عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ مِنَ الْمَیْسِرِ(3).

«3»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لَا یُكَفِّرُهَا صَلَاةٌ وَ لَا صَدَقَةٌ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا یُكَفِّرُهَا قَالَ الْهُمُومُ فِی طَلَبِ الْمَعِیشَةِ.

وَ رُوِیَ: أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ إِلَهِی أَمَرْتَنِی أَنْ أُطَهِّرَ وَجْهِی وَ بَدَنِی وَ رِجْلِی بِالْمَاءِ فَبِمَا ذَا أُطَهِّرُ لَكَ قَلْبِی قَالَ بِالْهُمُومِ وَ الْغُمُومِ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّهُ لَیَأْتِی عَلَی الرَّجُلِ مِنْكُمْ زَمَانٌ لَا یُكْتَبُ عَلَیْهِ سَیِّئَةٌ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُبْتَلًی بِهَمِّ الْمَعَاشِ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِینٍ وَ سُئِلَ أَیْنَ اللَّهُ فَقَالَ عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ الْهَمَّ لَیَذْهَبُ بِذُنُوبِ الْمُسْلِمِ.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا اكْتَحَلَ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَكْحُولِ الْحُزْنِ.

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْمُؤْمِنِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا یُكَفِّرُهَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْحُزْنِ لِیُكَفِّرَهَا بِهِ عَنْهُ.

«4»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الْغِرَّةِ(4).

وَ قَالَ علیه السلام: جَاهِلُكُمْ مُزْدَادٌ وَ عَالِمُكُمْ مُسَوِّفٌ (5).

ص: 157


1- 1. الخصال ج 2 ص 61.
2- 2. أمالی الصدوق: 6.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 346.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 282 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 282 من الحكم.

وَ قَالَ علیه السلام: قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّلِینَ (1).

وَ قَالَ علیه السلام: كُلُّ مُعَاجَلٍ یَسْأَلُ الْإِنْظَارَ وَ كُلُّ مُؤَجَّلٍ یَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِیفِ (2).

باب 126 ذم العشق و علته

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْعِشْقِ قَالَ قُلُوبٌ خَلَتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ حُبَّ غَیْرِهِ (3).

ع، [علل الشرائع] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: مِثْلَهُ (4).

«2»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ حُبِّ الْحُزْنِ (5).

«3»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَی أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی هَذِهِ الْمَكَاسِبُ الْمُحَرَّمَةُ وَ الشَّهْوَةُ الْخَفِیَّةُ وَ الرِّبَا(6).

ص: 158


1- 1. نهج البلاغة الرقم 284 و 285 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 284 و 285 من الحكم.
3- 3. أمالی الصدوق: 396.
4- 4. علل الشرائع ج 1 ص 133.
5- 5. عیون الأخبار ج 2 ص 61.
6- 6. نوادر الراوندیّ: 17.

باب 127 الكسل و الضجر و العجز و طلب ما لا یدرك

«1»- ل (1)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنْ كَانَ الثَّوَابُ مِنَ اللَّهِ فَالْكَسَلُ لِمَا ذَا(2).

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِیَّاكَ وَ خَصْلَتَیْنِ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّكَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَلَی حَقٍّ وَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً(3).

«3»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَتَوَانَی حَتَّی یُفَرِّطَ وَ یُفَرِّطُ حَتَّی یُضَیِّعَ وَ یُضَیِّعُ حَتَّی یَأْثَمَ (4).

«4»- ل، [الخصال] الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِیَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ یُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (5).

«5»- ل، [الخصال] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: الْعَجْزُ مَهَانَةٌ(6).

«6»- ل، [الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: عَشَرَةٌ یَفْتَنُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَی أَنْ قَالَ وَ الَّذِی یَطْلُبُ مَا لَا یُدْرِكُ (7).

ص: 159


1- 1. الخصال ج 2 ص 61. و قد سقط عن المطبوعة.
2- 2. أمالی الصدوق: 6.
3- 3. أمالی الصدوق: 324.
4- 4. الخصال ج 1 ص 60.
5- 5. الخصال ج 2 ص 160.
6- 6. الخصال ج 2 ص 94.
7- 7. الخصال ج 2 ص 54.

«7»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: الْعَجْزُ آفَةٌ وَ الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ(1).

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِیَ ضَیَّعَ الْحُقُوقَ وَ مَنْ أَطَاعَ الْوَاشِیَ ضَیَّعَ الصَّدِیقَ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: فِی وَصِیَّتِهِ لِلْحَسَنِ علیه السلام وَ إِیَّاكَ وَ الِاتِّكَالَ عَلَی الْمُنَی فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَی (3).

باب 128 الحرص و طول الأمل

الآیات:

المعارج: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً(4)

القیامة: بَلْ یُرِیدُ الْإِنْسانُ لِیَفْجُرَ أَمامَهُ یَسْئَلُ أَیَّانَ یَوْمُ الْقِیامَةِ(5)

«1»- ل (6)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: إِنْ كَانَ الرِّزْقُ مَقْسُوماً فَالْحِرْصُ لِمَا ذَا(7).

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَغْنَی النَّاسِ مَنْ لَمْ یَكُنْ لِلْحِرْصِ أَسِیراً(8).

«3»- ل (9)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: نَاقِلًا عَنْ حَكِیمٍ الْحَرِیصِ الْجَشِعُ أَشَدُّ

ص: 160


1- 1. نهج البلاغة الرقم 3 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 239 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 31 من الحكم.
4- 4. المعارج: 19 و 20.
5- 5. القیامة: 5 و 6.
6- 6. الخصال ج 2 ص 61.
7- 7. أمالی الصدوق: 6.
8- 8. أمالی الصدوق: 14.
9- 9. الخصال ج 2 ص 5.

حَرَارَةً مِنَ النَّارِ(1).

كِتَابُ الْغَایَاتِ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ.

«4»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی خَبَرِ الشَّیْخِ الشَّامِیِّ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّ ذُلٍّ أَذَلُّ قَالَ الْحِرْصُ عَلَی الدُّنْیَا(2).

كِتَابُ الْغَایَاتِ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ.

«5»- ل، [الخصال] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَفَعُوهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْهُومَانِ لَا یَشْبَعَانِ مَنْهُومُ عِلْمٍ وَ مَنْهُومُ مَالٍ (3).

«6»- ل، [الخصال] عَنِ الْفَامِیِّ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حُرِمَ الْحَرِیصُ خَصْلَتَیْنِ وَ لَزِمَتْهُ خَصْلَتَانِ حُرِمَ الْقَنَاعَةَ فَافْتَقَدَ الرَّاحَةَ وَ حُرِمَ الرِّضَا فَافْتَقَدَ الْیَقِینَ (4).

«7»- ل، [الخصال] ابْنُ بُنْدَارَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْفَضْلِ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَ یَشِبُّ مِنْهُ اثْنَانِ الْحِرْصُ عَلَی الْمَالِ وَ الْحِرْصُ عَلَی الْعُمُرِ(5).

«8»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَهْلِكُ أَوْ قَالَ یَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَ یَبْقَی مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ وَ الْأَمَلُ (6).

«9»- ل، [الخصال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنِ الْجَازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: لَا یُؤْمِنُ رَجُلٌ فِیهِ الشُّحُّ وَ الْحَسَدُ وَ الْجُبْنُ

ص: 161


1- 1. أمالی الصدوق: 148.
2- 2. أمالی الصدوق: 237.
3- 3. الخصال ج 1 ص 28.
4- 4. الخصال ج 1 ص 36.
5- 5. الخصال ج 1 ص 37.
6- 6. الخصال ج 1 ص 37.

وَ لَا یَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَاناً وَ لَا حَرِیصاً وَ لَا شَحِیحاً(1).

«10»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكَذِبِ (2).

ل، [الخصال] فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِسَنَدٍ آخَرَ: مِثْلَهُ (3).

«11»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ (4).

«12»- ل، [الخصال] عَنْ سَعِیدِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِظْهَارُ الْحِرْصِ یُورِثُ الْفَقْرَ(5).

«13»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: الْحِرْصُ مَفْقَرَةٌ(6).

«14»- ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اعْلَمْ یَا عَلِیُّ أَنَّ الْجُبْنَ وَ الْبُخْلَ وَ الْحِرْصَ غَرِیزَةٌ وَاحِدَةٌ یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِ (7).

«15»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ رَفَعَهُ إِلَی ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: كَانَ فِیمَا سَأَلَ عَنْهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ابْنَهُ الْحَسَنَ علیهما السلام

ص: 162


1- 1. الخصال ج 1 ص 41.
2- 2. الخصال ج 1 ص 62.
3- 3. الخصال ج 1 ص 27.
4- 4. الخصال ج 1 ص 115.
5- 5. الخصال ج 2 ص 94.
6- 6. الخصال ج 2 ص 94.
7- 7. علل الشرائع ج 2 ص 246.

أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَا الْفَقْرُ قَالَ الْحِرْصُ وَ الشَّرَهُ (1).

«16»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمْ خَصْلَتَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ(2).

ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْحَمَّادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِیِّ عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ اللَّهَبِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ (3).

أقول: قد مر فی باب ذم الدنیا و باب ترك الأهواء.

«17»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَبَطَ نُوحٌ علیه السلام مِنَ السَّفِینَةِ أَتَاهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ لَهُ مَا فِی الْأَرْضِ رَجُلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ عَلَیَّ مِنْكَ دَعَوْتَ اللَّهَ عَلَی هَؤُلَاءِ الْفُسَّاقِ فَأَرَحْتَنِی مِنْهُمْ أَ لَا أُعَلِّمُكَ خَصْلَتَیْنِ إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَهُوَ الَّذِی عَمِلَ بِی مَا عَمِلَ وَ إِیَّاكَ وَ الْحِرْصَ فَهُوَ الَّذِی عَمِلَ بِآدَمَ مَا عَمِلَ (4).

«18»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْیَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا یَفْنَی وَ أَمَلٍ لَا یُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا یُنَالُ (5).

«19»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ ابْنِ غَزْوَانَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام

ص: 163


1- 1. معانی الأخبار: 244.
2- 2. الخصال ج 1 ص 27.
3- 3. الخصال ج 1 ص 27.
4- 4. الخصال ج 1 ص 27.
5- 5. الخصال ج 1 ص 44.

قَالَ: مَنْ أَطَالَ أَمَلَهُ سَاءَ عَمَلُهُ (1).

«20»- ل (2)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عِیسَی السَّدُوسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهَا علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ صَلَاحَ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَ الْیَقِینِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشُّحِّ وَ الْأَمَلِ (3).

«21»- ل، [الخصال]: فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ یَا عَلِیُّ أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ بُعْدُ الْأَمَلِ وَ حُبُّ الْبَقَاءِ(4).

«22»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: لَوْ رَأَی الْعَبْدُ أَجَلَهُ وَ سُرْعَتَهُ إِلَیْهِ لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ تَرَكَ طَلَبَ الدُّنْیَا(5).

«23»- جا(6)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (7).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (8).

«24»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی]: فِیمَا أَوْصَی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ وَفَاتِهِ قَصِّرِ الْأَمَلَ وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ وَ ازْهَدْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّكَ رَهْنُ مَوْتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ صَرِیعُ سُقْمٍ (9).

«25»- ع، [علل الشرائع] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ

ص: 164


1- 1. الخصال ج 1 ص 11.
2- 2. الخصال ج 1 ص 40.
3- 3. أمالی الصدوق 137.
4- 4. الخصال: 115.
5- 5. عیون الأخبار ج 2 ص 39.
6- 6. مجالس المفید: 190.
7- 7. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 76.
8- 8. صحیفة الرضا علیه السلام: 14.
9- 9. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 6.

عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ قَالَ: وُجِدَ فِی زَمَنِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ حَجَرٌ فِیهِ كِتَابٌ بِغَیْرِ الْعَرَبِیَّةِ فَطُلِبَ مَنْ یَقْرَؤُهُ فَلَمْ یُوجَدْ حَتَّی أُتِیَ بِهِ ابْنَ مُنَبِّهٍ وَ كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِیهِ یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ رَأَیْتَ قِصَرَ مَا بَقِیَ مِنْ أَجَلِكَ لَزَهِدْتَ فِی طُولِ مَا تَرْجُو مِنْ أَمَلِكَ وَ لَقَلَّ حِرْصُكَ وَ طَلَبُكَ وَ رَغِبْتَ فِی الزِّیَادَةِ فِی عَمَلِكَ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تَلَقَّی یَوْمَكَ لَوْ قَدْ زَلَّتْ قَدَمُكَ فَلَا أَنْتَ إِلَی أَهْلِكَ بِرَاجِعٍ وَ لَا فِی عَمَلِكَ بِزَائِدٍ فَاعْمَلْ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ قَبْلَ الْحَسْرَةِ وَ النَّدَامَةِ(1).

«26»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَا تَحْرِصْ عَلَی شَیْ ءٍ لَوْ تَرَكْتَهُ لَوَصَلَ إِلَیْكَ وَ كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مُسْتَرِیحاً مَحْمُوداً بِتَرْكِهِ وَ مَذْمُوماً بِاسْتِعْجَالِكَ فِی طَلَبِهِ وَ تَرْكِ التَّوَكُّلِ عَلَیْهِ وَ الرِّضَا بِالْقِسْمِ فَإِنَّ الدُّنْیَا خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَی بِمَنْزِلَةِ ظِلِّكَ إِنْ طَلِبْتَهُ أَتْعَبَكَ وَ لَا تَلْحَقْهُ أَبَداً وَ إِنْ تَرَكْتَهُ تَبِعَكَ وَ أَنْتَ مُسْتَرِیحٌ.

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَرِیصُ مَحْرُومٌ وَ هُوَ مَعَ حِرْمَانِهِ مَذْمُومٌ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ كَانَ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ مَحْرُوماً وَ قَدْ فَرَّ مِنْ وَثَاقِ اللَّهِ وَ خَالَفَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَیْثُ یَقُولُ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ یُمِیتُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ (2) وَ الْحَرِیصُ بَیْنَ سَبْعِ آفَاتٍ صَعْبَةٍ فِكْرٍ یَضُرُّ بَدَنَهُ وَ لَا یَنْفَعُهُ وَ هَمٍّ لَا یَتِمُّ لَهُ أَقْصَاهُ وَ تَعَبٍ لَا یَسْتَرِیحُ مِنْهُ إِلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ وَ یَكُونُ عِنْدَ الرَّاحَةِ أَشَدَّ تَعَباً وَ خَوْفٍ لَا یُورِثُهُ إِلَّا الْوُقُوعَ فِیهِ وَ حُزْنٍ قَدْ كَدِرَ عَلَیْهِ عَیْشُهُ بِلَا فَائِدَةٍ وَ حِسَابٍ لَا یُخَلِّصُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ یَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ وَ عِقَابٍ لَا مَفَرَّ لَهُ مِنْهُ وَ لَا حِیلَةَ وَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَی اللَّهِ یُمْسِی وَ یُصْبِحُ فِی كَنَفِهِ وَ هُوَ مِنْهُ فِی عَافِیَةٍ وَ قَدْ عَجَّلَ لَهُ كِفَایَتَهُ وَ هُیِّئَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِیمٌ.

وَ الْحِرْصُ مَا یَجْرِی فِی مَنَافِذِ غَضَبِ اللَّهِ وَ مَا لَمْ یُحْرَمِ الْعَبْدُ الْیَقِینَ لَا یَكُونُ

ص: 165


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 151.
2- 2. الروم: 40.

حَرِیصاً وَ الْیَقِینُ أَرْضُ الْإِسْلَامِ وَ سَمَاءُ الْإِیمَانِ (1).

«27»- ضه، [روضة الواعظین] رُوِیَ: أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ اشْتَرَی وَلِیدَةً بِمِائَةِ دِینَارٍ إِلَی شَهْرٍ فَسَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ أُسَامَةَ الْمُشْتَرِی إِلَی شَهْرٍ إِنَّ أُسَامَةَ لَطَوِیلُ الْأَمَلِ وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ مَا طَرَفْتُ عَیْنَایَ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ شُفْرَیَّ لَا یَلْتَقِیَانِ حَتَّی یَقْبِضَ اللَّهُ رُوحِی وَ لَا رَفَعْتُ طَرْفِی وَ ظَنَنْتُ أَنِّی خَافِضَةٌ حَتَّی أُقْبَضَ وَ لَا تَلَقَّمْتُ لُقْمَةً إِلَّا ظَنَنْتُ أَنِّی لَا أُسِیغُهَا حَتَّی أَغُصَّ بِهَا مِنَ الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ یَا بَنِی آدَمَ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ (2)(3).

«28»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ فَضَالَةَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. مَا أَنْزَلَ الْمَوْتَ حَقَّ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ.

وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. مَا أَطَالَ عَبْدٌ الْأَمَلَ إِلَّا أَسَاءَ الْعَمَلَ.

وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ: لَوْ رَأَی الْعَبْدُ أَجَلَهُ وَ سُرْعَتَهُ إِلَیْهِ لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ طَلَبَ الدُّنْیَا.

«29»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: مَنْ جَرَی فِی عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: أَشْرَفُ الْغِنَی تَرْكُ الْمُنَی (5).

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ (6).

وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ أَكْلَةٍ تَمْنَعُ أَكَلَاتٍ (7).

ص: 166


1- 1. مصباح الشریعة: 22.
2- 2. أساغ الطعام أو الشراب: سهل له دخوله فی الجوف، و الغصص اعتراض شی ء منه فی الحلق یمنعه التنفس بالخناق.
3- 3. و تراه فی تنبیه الخاطر ج 1 ص 271.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 18 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 34 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 36 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 171 من الحكم.

وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ رَأَی الْعَبْدُ الْأَجَلَ وَ مَسِیرَهُ لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ (1).

«30»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ رَفَعَهُ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: خَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ خَصْلَتَانِ هُمَا أَهْلَكَتَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ هُمَا مُهْلِكَتَانِ مَنْ یَكُونُ بَعْدَكُمْ أَمَلٌ یُنْسِی الْآخِرَةَ وَ هَوًی یُضِلُّ عَنِ السَّبِیلِ ثُمَّ نَزَلَ.

«31»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ،: قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ فِی كُلِّ یَوْمٍ تُؤْتَی بِرِزْقِكَ وَ أَنْتَ تَحْزَنُ وَ یَنْقُصُ مِنْ عُمُرِكَ وَ أَنْتَ لَا تَحْزَنُ تَطْلُبُ مَا یُطْغِیكَ وَ عِنْدَكَ مَا یَكْفِیكَ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ یَأْمُلُ أَنْ یَعِیشَ غَداً فَإِنَّهُ یَأْمُلُ أَنْ یَعِیشَ أَبَداً.

وَ عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ أَیْقَنَ أَنَّهُ یُفَارِقُ الْأَحْبَابَ وَ یَسْكُنُ التُّرَابَ وَ یُوَاجِهُ الْحِسَابَ وَ یَسْتَغْنِی عَمَّا خَلَفَ وَ یَفْتَقِرُ إِلَی مَا قَدَّمَ كَانَ حَرِیّاً بِقَصْرِ الْأَمَلِ وَ طُولِ الْعَمَلِ.

وَ رُوِیَ: أَنَّهُ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْحِرْصِ مَا هُوَ قَالَ هُوَ طَلَبُ الْقَلِیلِ بِإِضَاعَةِ الْكَثِیرِ.

ص: 167


1- 1. نهج البلاغة الرقم 334 من الحكم.

باب 129 الطمع و التذلل لأهل الدنیا طلبا لما فی أیدیهم و فضل القناعة

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْقَرُ النَّاسِ الطَّمِعُ (1).

«2»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَا الَّذِی یُثْبِتُ الْإِیمَانَ فِی الْعَبْدِ قَالَ الَّذِی یُثْبِتُهُ فِیهِ الْوَرَعُ وَ الَّذِی یُخْرِجُهُ مِنْهُ الطَّمَعُ (2).

أقول: قد مضی فی باب صفات شرار العباد.

«3»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَقَرَّ عَیْنُكَ وَ تَنَالَ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَاقْطَعِ الطَّمَعَ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ عُدَّ نَفْسَكَ فِی الْمَوْتَی وَ لَا تُحَدِّثَنَّ نَفْسَكَ أَنَّكَ فَوْقَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ مَالَكَ (3).

«4»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: جَاءَ أَبُو أَیُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی وَ أَقْلِلْ لَعَلِّی أَنْ أَحْفَظَ قَالَ أُوصِیكَ بِخَمْسٍ بِالْیَأْسِ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَی وَ إِیَّاكَ وَ الطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ وَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ أَحِبَّ لِأَخِیكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ (4).

ص: 168


1- 1. أمالی الصدوق: 14، و الطمع: ككتف ذو الطماعیة.
2- 2. الخصال ج 1 ص 8.
3- 3. الخصال ج 1 ص 60.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 122.

«5»- فس، [تفسیر القمی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَیَّارٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَتَی ذَا مَیْسَرَةٍ فَتَخَشَّعَ لَهُ طَلَبَ مَا فِی یَدَیْهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ ثُمَّ قَالَ وَ لَا تَعْجَلْ وَ لَیْسَ یَكُونُ الرَّجُلُ یَنَالُ مِنَ الرَّجُلِ الْمِرْفَقَ فَیُجِلَّهُ وَ یُوَقِّرَهُ فَقَدْ یَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَیْهِ وَ لَكِنْ تَرَاهُ أَنَّهُ یُرِیدُ بِتَخَشُّعِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ أَوْ یُرِیدُ أَنْ یَخْتِلَهُ عَمَّا فِی یَدَیْهِ (1).

«6»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: بَلَغَنِی أَنَّهُ سُئِلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ مَا الْأَصْلَحُ فِی الدِّینِ وَ مَا الْأَفْسَدُ فَقَالَ الْأَصْلَحُ الْوَرَعُ وَ الْأَفْسَدُ الطَّمَعُ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ صَدَقْتَ یَا كَعْبَ الْأَحْبَارِ وَ الطَّمَعُ خَمْرُ الشَّیْطَانِ یَسْتَقِی بِیَدِهِ لِخَوَاصِّهِ فَمَنْ سَكِرَ مِنْهُ لَا یَصْحُو إِلَّا فِی أَلِیمِ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ مُجَاوَرَةِ سَاقِیهِ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ فِی الطَّمَعِ إِلَّا مُشَارَاةُ الدِّینِ بِالدُّنْیَا كَانَ عَظِیماً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدی وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَی النَّارِ(2).

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیٌّ علیه السلام. تَفَضَّلْ عَلَی مَنْ شِئْتَ فَأَنْتَ أَمِیرُهُ وَ اسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ فَأَنْتَ نَظِیرُهُ وَ افْتَقِرْ إِلَی مَنْ شِئْتَ فَأَنْتَ أَسِیرُهُ وَ الطَّمِعُ مَنْزُوعٌ عَنْهُ الْإِیمَانُ وَ هُوَ لَا یَشْعُرُ لِأَنَّ الْإِیمَانَ یَحْجُبُ بَیْنَ الْعَبْدِ وَ بَیْنَ الطَّمَعِ مِنَ الْخَلْقِ وَ یَقُولُ یَا صَاحِبِی خَزَائِنُ اللَّهِ مَمْلُوَّةٌ مِنَ الْكَرَامَاتِ وَ هُوَ لَا یُضِیعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا وَ مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّهُ مَشُوبٌ بِالْعِلَلِ وَ یَرُدُّهُ إِلَی التَّوَكُّلِ وَ الْقَنَاعَةِ وَ قَصْرِ الْأَمَلِ وَ لُزُومِ الطَّاعَةِ وَ الْیَأْسِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَ إِنْ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ تَرَكَهُ مَعَ شُؤْمِ الطَّمَعِ وَ فَارَقَهُ (3).

«7»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: أَزْرَی بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ وَ رَضِیَ بِالذُّلِّ مَنْ

ص: 169


1- 1. تفسیر القمّیّ: 356 فی حدیث. و قد مر ص 90 فیما سبق مع اختلاف.
2- 2. البقرة: 175.
3- 3. مصباح الشریعة: 34.

كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ (1).

وَ قَالَ علیه السلام: وَ الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ(2).

وَ قَالَ علیه السلام: أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: الطَّامِعُ فِی وِثَاقِ الذُّلِ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَتَی غَنِیّاً فَتَوَاضَعَ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ (5).

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَیْرُ مُصْدِرٍ وَ ضَامِنٌ غَیْرُ وَفِیٍّ وَ رُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رَیِّهِ فَكُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّیْ ءِ الْمُتَنَافَسِ فِیهِ عَظُمَتِ الرَّزِیَّةُ لِفَقْدِهِ وَ الْأَمَانِیُّ تُعْمِی أَعْیُنَ الْبَصَائِرِ وَ الْحَظُّ یَأْتِی مَنْ لَا یَأْتِیهِ (6).

وَ قَالَ علیه السلام: فِی وَصِیَّتِهِ لِلْحَسَنِ علیه السلام الْیَأْسُ خَیْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَی النَّاسِ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغَنَاءِ(7).

«8»- صِفَاتُ الشِّیعَةِ، لِلصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِیبٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ (8).

«9»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ بَلَغَ بِهِ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ طَمَعٌ یَقُودُهُ وَ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ (9).

ص: 170


1- 1. نهج البلاغة الرقم 2 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 180 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 219 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 226 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 228 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 275 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 31 من الحكم.
8- 8. صفات الشیعة تحت الرقم 45، و فیه حباب الواسطی.
9- 9. الكافی ج 2 ص 320.

بیان: لعل المراد بالطمع ما فی القلب من حب ما فی أیدی الناس و أمله و بالرغبة إظهار ذلك و السؤال و الطلب عن المخلوق و القود یناسب الأول كما أن الذلة تناسب الثانی.

«10»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام: رَأَیْتُ الْخَیْرَ كُلَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِی قَطْعِ الطَّمَعِ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ (1).

بیان: رأیت الخیر كله أی الرفاهیة و خیر الدنیا و سعادة الآخرة لأن الطمع یورث الذل و الحقارة و الحسد و الحقد و العداوة و الغیبة و الوقیعة و ظهور الفضائح و الظلم و المداهنة و النفاق و الریاء و الصبر علی باطل الخلق و الإعانة علیه و عدم التوكل علی

اللّٰه و التضرع إلیه و الرضا بقسمة و التسلیم لأمره إلی غیر ذلك من المفاسد التی لا تحصی و قطع الطمع یورث أضداد هذه الأمور التی كلها خیرات.

«11»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ (3).

بیان: ما أقبح صیغة تعجب و أن تكون مفعوله و المراد الرغبة إلی الناس بالسؤال عنهم و هی التی تصیر سببا للمذلة و أما الرغبة إلی اللّٰه فهی عین العزة و الصفة تحتمل الكاشفة و الموضحة.

«12»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ سَلَّامٍ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الَّذِی یُثْبِتُ الْإِیمَانَ فِی الْعَبْدِ قَالَ الْوَرَعُ وَ الَّذِی یُخْرِجُهُ مِنْهُ قَالَ الطَّمَعُ (4).

بیان: الورع اجتناب المحرمات و الشبهات و فی المقابلة إشعار بأن الطمع یستلزم ارتكابهما.

ص: 171


1- 1. الكافی ج 2 ص 320.
2- 2. الراوی حباب أو حبیب الواسطی كما مرّ عن صفات الشیعة.
3- 3. الكافی ج 2 ص 320.
4- 4. الكافی ج 2 ص 320.

«13»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِلَالٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِیَّاكَ أَنْ تُطْمِحَ بَصَرَكَ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَكَفَی بِمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (1) وَ قَالَ وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(2) فَإِنْ دَخَلَكَ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ فَاذْكُرْ عَیْشَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّمَا كَانَ قُوتُهُ الشَّعِیرَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرَ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ إِذَا وَجَدَهُ (3).

تبیین: أن تطمح بصرك الظاهر أنه علی بناء الإفعال و نصب البصر و یحتمل أن یكون علی بناء المجرد و رفع البصر أی لا ترفع بصرك بأن تنظر إلی من هو فوقك فی الدنیا فتتمنی حاله و لا ترضی بما أعطاك اللّٰه و إذا نظرت إلی من هو دونك فی الدنیا ترضی بما أوتیت و تشكر اللّٰه علیه و تقنع به قال فی القاموس طمح بصره إلیه كمنع ارتفع فهی طامح و أطمح بصره رفعه انتهی فكفی بما قال اللّٰه الباء زائدة أی كفاك للاتعاظ و لقبول ما ذكرت ما قال اللّٰه لنبیه و إن كان المقصود بالخطاب غیره وَ لا تُعْجِبْكَ كذا فی النسخ التی عندنا و الظاهر فلا إذ الآیة فی سورة التوبة فی موضعین أحدهما فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ بِها فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ و الأخری وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُعَذِّبَهُمْ

بِها فِی الدُّنْیا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ و ما ذكر هنا لا یوافق شیئا منهما و إن احتمل أن یكون نقلا بالمعنی إشارة إلی الآیتین معا.

و قال البیضاوی فی الأولی فَلا تُعْجِبْكَ إلخ فإن ذلك استدراج و وبال لهم كما قال إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ بِها بسبب ما یكابدون لجمعها و حفظها

ص: 172


1- 1. براءة: 56 و 85.
2- 2. طه: 131.
3- 3. الكافی ج 2 ص 137.

من المتاعب و ما یرون فیها من الشدائد و المصائب وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ: أی فیموتوا كافرین مشتغلین بالتمتع عن النظر فی العاقبة فیكون ذلك استدراجا لهم (1).

و قال فی الأخری تكریر للتأكید و الأمر حقیق به فإن الأبصار طامحة إلی الأموال و الأولاد و النفوس مغتبطة علیها و یجوز أن یكون هذه فی فریق غیر الأول (2).

وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ قال فی الكشاف أی نظر عینیك و مد النظر تطویله و أن لا یكاد یرده استحسانا للمنظور إلیه و تمنیا أن یكون له مثله و فیه أن النظر غیر الممدود معفو عنه و ذلك مثل نظر من باده الشی ء بالنظر ثم غض الطرف و قد شدد العلماء من أهل التقوی فی وجوب غض البصر عن أبنیة الظلمة و عدد الفسقة فی اللباس و المراكب و غیر ذلك لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشیاء لعیون النظارة فالناظر إلیها محصل لغرضهم و كالمغری لهم علی اتخاذها.

أَزْواجاً مِنْهُمْ قال البیضاوی أصنافا من الكفرة و یجوز أن یكون حالا من الضمیر فی به و المفعول منهم أی إلی الذی متعنا به و هو أصناف بعضهم و ناسا منهم زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا منصوب بمحذوف دل علیه مَتَّعْنا أو به علی تضمینه معنی أعطینا أو بالبدل من محل بِهِ أو من أَزْواجاً بتقدیر مضاف و دونه أو بالضم و هی الزینة و البهجة لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ لنبلوهم و نختبرهم فیه أو لنعذبهم فی الآخرة بسببه وَ رِزْقُ رَبِّكَ و ما ادخره لك فی الآخرة أو ما رزقك من الهدی و النبوة خَیْرٌ مما منحهم فی الدنیا وَ أَبْقی فإنه لا ینقطع (3).

و إنما ذكرنا تتمة الآیتین لأنهما مرادتان و تركنا اختصارا فإن دخلك من ذلك أی من إطماح البصر أو من جملته شی ء أو بسببه شی ء من الرغبة فی الدنیا فاذكر لعلاج ذلك و إخراجه عن نفسك عیش رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی

ص: 173


1- 1. أنوار التنزیل: 175.
2- 2. أنوار التنزیل: 178.
3- 3. أنوار التنزیل: 270.

طریق تعیشه فی الدنیا لتسهل علیك مشاق الدنیا و القناعة فیها فإنه إذا كان أشرف المكونات هكذا تعیشه فكیف لا یرضی من دونه به و إن كان شریفا رفیعا عند الناس مع أن التأسی به صلی اللّٰه علیه و آله لازم.

فإنما كان قوته الشعیر أی خبزه غالبا و حلواه التمر قال فی المصباح الحلواء التی تؤكل تمد و تقصر و جمع الممدود حلاوی مثل صحراء و صحاری بالتشدید و جمع المقصور حلاوی بفتح الواو و قال الأزهری الحلواء اسم لما یؤكل من الطعام إذا كان معالجا بحلاوة و وقودة السعف الوقود بالفتح الحطب و ما یوقد به و السعف أغصان النخل ما دامت بالخوص فإن زال الخوص عنها قیل جریدة الواحدة سعفة ذكره فی المصباح و فی القاموس السعف محركة جرید النخل أو ورقه و أكثر ما یقال إذا یبست و الضمیر فی إن وجده راجع إلی كل من الأمور المذكورة أو إلی السعف وحده و فسر بعضهم السعف بالورق و قال الضمیر راجع إلیه و المعنی أنه كان یكتفی فی خبز الخبز و نحوه بورق النخل فإذا انتهی ذلك و لم یجده كان یطبخ بالجرید بخلاف المسرفین فإنهم یطرحون الورق و یستعملون الجرید ابتداء.

و أقول كأنه رحمه اللّٰه تكلف ذلك لأنه لا فرق بین جرید النخل و غیره فی الإیقاد فأی قناعة فیه و لیس كذلك لأن الجرید أرذل الأحطاب للإیقاد لنتنه و كثرة دخانه و عدم اتقاد جمره و هذا بیّن لمن جربه.

«14»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ جَمِیعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَیْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَی أَغْنَاهُ اللَّهُ (1).

بیان: من استغنی أی عن الناس و ترك الطلب أغناه اللّٰه عنه بإعطاء ما یحتاج إلیه.

ص: 174


1- 1. الكافی ج 2 ص 138.

«15»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْمَعَاشِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ (1).

بیان: رضی اللّٰه عنه قیل لأن كثرة النعمة توجب مزید الشكر فكلما كانت النعمة أقل كان الشكر أسهل و بعبارة أخری یسقط عنه كثیر من العبادات المالیة كالزكاة و الحج و بر الوالدین و صلة الأرحام و إعانة الفقراء و أشباه ذلك و الظاهر أن المراد به أكثر من ذلك من المسامحة و العفو و سیأتی

بروایة الصدوق رحمه اللّٰه (2)

عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام حین سئل عن معنی هذا الحدیث قال یطیعه فی بعض و یعصیه فی بعض.

وَ قَدْ وَرَدَ فِی طَرِیقِ الْعَامَّةِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخْلِصْ قَلْبَكَ یَكْفِكَ الْقَلِیلُ مِنَ الْعَمَلِ.

و قال بعضهم لأن من زهد فی الدنیا و طهر ظاهره و باطنه من الأعمال و الأخلاق القبیحة التی تقتضیها الدنیا و فرغ من المجاهدات التی یحتاج إلیها السالك المبتدی و جعلها وراء ظهره فلم یبق علیه إلا فعل ما ینبغی فعله و هذا یسیر بالنسبة إلی تلك المجاهدات انتهی.

و أقول یحتمل إجراء مثله فی هذا الخبر لأن من رضی بالقلیل فقد زهد فی الدنیا و أخلص قلبه من حبها.

«16»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ ابْنَ آدَمَ كُنْ كَیْفَ شِئْتَ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْیَسِیرَ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ زَكَتْ مَكْسَبَتُهُ وَ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْفُجُورِ(3).

ص: 175


1- 1. الكافی ج 2 ص 138.
2- 2. معانی الأخبار: 260.
3- 3. الكافی ج 2 ص 138.

بیان: كن كیف شئت الظاهر أنه أمر علی التهدید نحو قوله تعالی اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ و قیل كن كما شئت أن یعمل معك و تتوقعه لقوله كما تدین تدان و قد مر معناه خفت مئونته أی مشقته فی طلب المال و حفظه و زكت أی طهرت من الحرام مكسبته لأن ترك الحرام و الشبهة فی القلیل أسهل أو نمت و حصلت فیه بركة مع قلته.

و خرج من حد الفجور أی من قرب الفجور و الإشراف علی الوقوع فی الحرام فإن بین المال القلیل و الوقوع فی الفجور فاصلة كثیرة لقلة الدواعی و صاحب المال الكثیر لكثرة دواعی الشرور و الفجور فیه كأنه علی حد هو منتهی الحلال و بأدنی شی ء یخرج منه إلی الفجور إما بالتقصیر فی الحقوق الواجبة فیه أو بالطغیان اللازم له أو بالقدرة علی المحرمات التی تدعو النفس إلیها أو بالحرص الحاصل منه فلا یكتفی بالحلال و یتجاوز إلی الحرام و أشباه ذلك و یحتمل أن یكون المعنی خرج من حد الفجور الذی تستلزمه كثرة المال إلی الخیر و الصلاح اللازم لقلة المال و الأول أبلغ و أتم.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: مَنْ لَمْ یُقْنِعْهُ مِنَ الرِّزْقِ إِلَّا الْكَثِیرُ لَمْ یَكْفِهِ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا الْكَثِیرُ وَ مَنْ كَفَاهُ مِنَ الرِّزْقِ الْقَلِیلُ فَإِنَّهُ یَكْفِیهِ مِنَ الْعَمَلِ الْقَلِیلُ (1).

«18»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: ابْنَ آدَمَ إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ مِنَ الدُّنْیَا مَا یَكْفِیكَ فَإِنَّ أَیْسَرَ مَا فِیهَا یَكْفِیكَ وَ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِیدُ مَا لَا یَكْفِیكَ فَإِنَّ كُلَّ مَا فِیهَا لَا یَكْفِیكَ (2).

بیان: ما یكفیك أی ما تكتفی و تقنع به أی بقدر الكفاف و الضرورة و قوله فإن أیسر من قبیل وضع الدلیل موضع المدلول أی فیحصل مرادك لأن أیسر ما فی الدنیا یمكن أن یكتفی به و إن كنت ترید ما لا یكفیك أی

ص: 176


1- 1. الكافی ج 2 ص 138.
2- 2. الكافی ج 2 ص 138.

ما لا تكتفی به و ترید أزید منه فلا تصل إلی مقصودك و لا تنتهی إلی حد فإنه إن حصل لك جمیع الدنیا ترید أزید منها لما مر أن كثرة المال یصیر سببا لكثرة الحرص و سیأتی أوضح من ذلك.

«19»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اشْتَدَّتْ حَالُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَوْ أَتَیْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلْتَهُ فَجَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَیْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَی أَغْنَاهُ اللَّهُ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا یَعْنِی غَیْرِی فَرَجَعَ إِلَی امْرَأَتِهِ فَأَعْلَمَهَا فَقَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ فَأَتَاهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَیْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَی أَغْنَاهُ اللَّهُ حَتَّی فَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثَلَاثاً ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ فَاسْتَعَارَ مِعْوَلًا ثُمَّ أَتَی الْجَبَلَ فَصَعِدَهُ فَقَطَعَ حَطَباً ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَبَاعَهُ بِنِصْفِ مُدٍّ مِنْ دَقِیقٍ فَرَجَعَ بِهِ فَأَكَلَهُ ثُمَّ ذَهَبَ مِنَ الْغَدِ فَجَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ فَلَمْ یَزَلْ یَعْمَلُ وَ یَجْمَعُ حَتَّی اشْتَرَی مِعْوَلًا ثُمَّ جَمَعَ حَتَّی اشْتَرَی بَكْرَیْنِ وَ غُلَاماً ثُمَّ أَثْرَی حَتَّی أَیْسَرَ فَجَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْلَمَهُ كَیْفَ جَاءَ یَسْأَلُهُ وَ كَیْفَ سَمِعَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ لَكَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَیْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَی أَغْنَاهُ اللَّهُ (1).

بیان: لو أتیت لو للتمنی إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بشر أی لا یعلم الغیب إلا اللّٰه و هو بشر لا یعلم الغیب أی لم یكن هذا الكلام معك لأنه لا یعلم ما فی ضمیرك أو لا یعلم كنه شدة حالنا و إنما عرف حاجتك فی الجملة و فی الصحاح المعول الفأس العظیمة التی ینقر بها الصخر من الغد من بمعنی فی و البكر بالفتح الفتی من الإبل و یقال أثری الرجل إذا كثرت أمواله و أیسر الرجل أی استغنی كل ذلك ذكره الجوهری.

«20»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 177


1- 1. الكافی ج 2 ص 139.

مَنْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ أَغْنَی النَّاسِ فَلْیَكُنْ بِمَا فِی یَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِی یَدِ غَیْرِهِ (1).

بیان: فلیكن بما فی ید اللّٰه أی فی قدرة اللّٰه و قضائه و قدره أوثق منه بما فی ید غیره و لو نفسه فإنه لا یصل إلیه الأول و لا ینتفع بالثانی إلا بقضاء اللّٰه و قدره و الحاصل أن الغنی عن الخلق لا یحصل إلا بالوثوق باللّٰه سبحانه و التوكل علیه و عدم الاعتماد علی غیره و العلم بأن الضار النافع هو اللّٰه و یفعل بالعباد ما علم صلاحهم فیه و یمنعهم ما علم أنه لا یصلح لهم.

«21»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ أَوْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام قَالَ: مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ (2).

بیان: فهو من أغنی الناس لأن الغنی عدم الحاجة إلی الغیر و القانع بما رزقه اللّٰه لا یحتاج إلی السؤال عن غیره تعالی.

«22»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ: شَكَا رَجُلٌ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ یَطْلُبُ فَیُصِیبُ وَ لَا یَقْنَعُ وَ تُنَازِعُهُ نَفْسُهُ إِلَی مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَ قَالَ عَلِّمْنِی شَیْئاً أَنْتَفِعْ بِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنْ كَانَ مَا یَكْفِیكَ یُغْنِیكَ فَأَدْنَی مَا فِیهَا یُغْنِیكَ وَ إِنْ كَانَ مَا یَكْفِیكَ لَا یُغْنِیكَ فَكُلُّ مَا فِیهَا لَا یُغْنِیكَ (3).

«23»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا یُجْزِیهِ كَانَ أَیْسَرُ مَا فِیهَا یَكْفِیهِ وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا یُجْزِیهِ لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ مِنْهَا یَكْفِیهِ (4).

بیان: أجزأ مهموز و قد یخفف أی أغنی و كفی قال فی المصباح قال الأزهری و الفقهاء یقولون فیه أجزی من غیر همز و لم أجده لأحد من أئمة

ص: 178


1- 1. الكافی ج 2 ص 139.
2- 2. الكافی ج 2 ص 139.
3- 3. الكافی ج 2 ص 139.
4- 4. الكافی ج 2 ص 140.

اللغة و لكن إن همز أجزأ فهو بمعنی كفی و فیه نظر لأنه إن أراد امتناع التسهیل فقد توقف فی غیر موضع التوقف فإن تسهیل همزة الطرف فی الفعل المزید و تسهیل الهمزة الساكنة قیاسی فیقال أرجأت الأمر و أرجیته و أنسأت و أنسیت و أخطأت و أخطیت.

باب 130 الكبر

الآیات:

البقرة: أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوی أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ (1)

و قال تعالی: وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ(2)

النساء: إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً(3)

المائدة: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (4)

الأعراف: فَما یَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِیها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِینَ (5)

و قال تعالی: وَ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ إلی قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ(6)

و قال سبحانه: وَ نادی أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا یَعْرِفُونَهُمْ بِسِیماهُمْ قالُوا ما أَغْنی عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (7)

ص: 179


1- 1. البقرة: 87.
2- 2. البقرة: 206.
3- 3. النساء: 34.
4- 4. المائدة: 82.
5- 5. الأعراف: 13.
6- 6. الأعراف: 36- 40.
7- 7. الأعراف: 48.

و قال: قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِی آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (1)

و قال تعالی: قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ یا شُعَیْبُ (2)

و قال: فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ (3)

و قال تعالی: سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِ (4)

یونس: فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ (5)

هود: حاكیا عن قوم نوح فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِینَ هُمْ أَراذِلُنا بادِیَ الرَّأْیِ وَ ما نَری لَكُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِینَ إلی قوله وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّی أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ وَ یا قَوْمِ مَنْ یَنْصُرُنِی مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِی خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لا أَقُولُ إِنِّی مَلَكٌ وَ لا أَقُولُ لِلَّذِینَ تَزْدَرِی أَعْیُنُكُمْ لَنْ یُؤْتِیَهُمُ اللَّهُ خَیْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِی أَنْفُسِهِمْ إِنِّی إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِینَ (6)

و قال: حاكیا عن قوم شعیب قالُوا یا شُعَیْبُ ما نَفْقَهُ كَثِیراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِینا ضَعِیفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَیْنا بِعَزِیزٍ قالَ یا قَوْمِ أَ رَهْطِی أَعَزُّ عَلَیْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِیًّا إِنَّ رَبِّی بِما تَعْمَلُونَ مُحِیطٌ(7)

إبراهیم: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ(8)

ص: 180


1- 1. الأعراف: 75- 76.
2- 2. الأعراف: 88.
3- 3. الأعراف: 133.
4- 4. الأعراف: 146.
5- 5. یونس: 75.
6- 6. هود: 27- 31.
7- 7. هود: 91- 92.
8- 8. إبراهیم: 15.

و قال تعالی: وَ بَرَزُوا لِلَّهِ جَمِیعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَیْناكُمْ سَواءٌ عَلَیْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِیصٍ (1)

النحل: فَالَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ (2)

و قال تعالی: فَلَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (3)

و قال تعالی: وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (4)

أسری: وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا(5)

المؤمنون: ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسی وَ أَخاهُ هارُونَ بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً عالِینَ فَقالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (6)

الفرقان: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِیراً(7)

الشعراء: وَ ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ إِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِینَ (8)

القصص: وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَیْنا لا یُرْجَعُونَ (9)

لقمان: وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ(10)

ص: 181


1- 1. إبراهیم: 21.
2- 2. النحل: 22- 23.
3- 3. النحل: 29.
4- 4. النحل: 49.
5- 5. أسری: 37- 38.
6- 6. المؤمنون: 45- 47.
7- 7. الفرقان: 21.
8- 8. الشعراء: 186.
9- 9. القصص: 39.
10- 10. لقمان: 18.

التنزیل: وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (1)

فاطر: اسْتِكْباراً فِی الْأَرْضِ (2)

الصافات: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِیلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ یَسْتَكْبِرُونَ (3)

ص: إِلَّا إِبْلِیسَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ إلی قوله تعالی أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِینَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (4)

الزمر: بَلی قَدْ جاءَتْكَ آیاتِی فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ إلی قوله تعالی أَ لَیْسَ فِی جَهَنَّمَ مَثْویً لِلْمُتَكَبِّرِینَ (5)

المؤمن: وَ قالَ مُوسی إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ (6)

و قال تعالی: كَذلِكَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلی كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(7)

و قال تعالی: وَ إِذْ یَتَحاجُّونَ فِی النَّارِ فَیَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِیباً مِنَ النَّارِ قالَ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِیها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَیْنَ الْعِبادِ(8)

و قال تعالی: إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِیهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ(9)

و قال تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِینَ (10)

و قال تعالی: فَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (11)

السجدة: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَ وَ لَمْ

ص: 182


1- 1. التنزیل: 15.
2- 2. فاطر: 43.
3- 3. الصافّات: 35.
4- 4. ص: 74- 76.
5- 5. الزمر: 59- 60.
6- 6. المؤمن: 27.
7- 7. المؤمن: 35.
8- 8. المؤمن: 47 و 48.
9- 9. المؤمن: 56.
10- 10. المؤمن: 60.
11- 11. المؤمن: 76.

یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِی خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ كانُوا بِآیاتِنا یَجْحَدُونَ (1)

نوح: وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً(2)

المدثر: ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ(3)

تفسیر:

أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ (4) الخطاب للیهود رَسُولٌ بِما لا تَهْوی أَنْفُسُكُمُ فی تفسیر الإمام علیه السلام أی أخذ عهودكم و مواثیقكم بما لا تحیبون من اتباع النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بذل الطاعة لأولیاء اللّٰه اسْتَكْبَرْتُمْ عن الإیمان و الاتباع فَفَرِیقاً كَذَّبْتُمْ كموسی و عیسی وَ فَرِیقاً تَقْتُلُونَ أی قتل أسلافكم كزكریا و یحیی و أنتم رمتم قتل محمد و علی فخیب اللّٰه سعیكم (5).

وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ (6) و دع سوء صنیعك أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ أی حملته الأنفة و حمیة الجاهلیة علی الإثم الذی یؤمر باتقائه و ألزمته ارتكابه لجاجا من قولك أخذته بكذا إذا حملته علیه و ألزمته إیاه فیزداد إلی شره شرا و یضیف إلی ظلمه ظلما فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ أی كفاه جزاء و عذابا علی سوء فعله وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ أی الفراش یمهدها و یكون دائما فیها كذا فی تفسیر الإمام علیه السلام (7).

مَنْ كانَ مُخْتالًا(8) أی متكبرا یأنف عن أقاربه و جیرانه و أصحابه و لا یكتنف إلیهم فَخُوراً یتفاخر علیهم.

وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (9) أی عن قبول الحق إذا فهموه و یتواضعون.

فَما یَكُونُ لَكَ (10) أی فما یصح لك أَنْ تَتَكَبَّرَ فِیها و تعصی فإنها

ص: 183


1- 1. السجدة: 15.
2- 2. نوح: 7.
3- 3. المدّثّر: 23- 24.
4- 4. البقرة: 87.
5- 5. تفسیر الإمام: 172.
6- 6. البقرة: 206.
7- 7. تفسیر الإمام: 283.
8- 8. النساء: 34.
9- 9. المائدة: 82.
10- 10. الأعراف: 13.

مكان الخاشع المطیع قیل فیه تنبیه علی أن التكبر لا یلیق بأهل الجنة و أنه تعالی إنما طرده و أهبطه للتكبر لا بمجرد عصیانه إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِینَ أی ممن أهانه اللّٰه تعالی لكبره.

وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها(1) أی عن الإیمان بها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ لأدعیتهم و أعمالهم و لنزول البركة علیهم و لصعود أرواحهم إذا ماتوا وَ فِی الْمَجْمَعِ (2)، عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَتُرْفَعُ أَعْمَالُهُمْ وَ أَرْوَاحُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ فَتُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُهَا وَ أَمَّا الْكَافِرُ فَیَصْعَدُ بِعَمَلِهِ وَ رُوحِهِ حَتَّی إِذَا بَلَغَ إِلَی السَّمَاءِ نَادَی مُنَادٍ اهْبِطُوا بِهِ إِلَی سِجِّینٍ وَ هُوَ وَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ یُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ.

وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ أی لا یدخلون الجنة حتی یكون ما لا یكون أبدا.

الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا(3) أی أنفوا من اتباعه لِلَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا أی للذین استضعفوهم و أذلوهم لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بدل الذین أَ تَعْلَمُونَ قالوه علی سبیل الاستهزاء فَاسْتَكْبَرُوا(4) أی من الإیمان.

سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ (5) أی المنصوبة فی الآفاق و الأنفس أو معجزات الأنبیاء و فی المجمع (6)

ذكر فی معناه وجوه أحدها أنه أراد سأصرف عن نیل الكرامة المتعلقة بآیاتی و الاعتزاز بها كما یناله المؤمنون فی الدنیا و الآخرة المستكبرین و ثانیها أن معناه سأصرفهم عن زیادة المعجزات التی أظهرها علی الأنبیاء بعد قیام الحجة بما تقدم من المعجزات و ثالثها أن معناه سأمنع من

الكذابین و المتكبرین آیاتی و معجزاتی و أصرفهم عنها و أخص بها الأنبیاء و رابعها أن یكون الصرف معناه المنع من إبطال الآیات و الحجج و القدح فیها

ص: 184


1- 1. الأعراف: 40.
2- 2. مجمع البیان ج 4 ص 418.
3- 3. الأعراف: 75، 76.
4- 4. الأعراف: 133.
5- 5. الأعراف: 146.
6- 6. مجمع البیان ج 4 ص 477.

و خامسها أن المراد سأصرف عن إبطال آیاتی و المنع من تبلیغها هؤلاء المتكبرین.

فَاسْتَكْبَرُوا(1) أی عن اتباعها وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ أی معتادین الأجرام فلذلك تهاونوا فی رسالة ربهم و اجترءوا علی ردها.

ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا(2) أی لا مزیة لك علینا تخصك بالنبوة و وجوب الطاعة إِلَّا الَّذِینَ هُمْ أَراذِلُنا أی أخساؤنا(3)

و قال علی بن إبراهیم (4) یعنی المساكین و الفقراء بادِیَ الرَّأْیِ أی ظاهر الرأی من غیر تعمق من البدو أو أول الرأی من البدء و إنما استرذلوهم لفقرهم فإنهم لما لم یعلموا إلا ظاهرا من الحیاة الدنیا كان الأحظ بها أشرف عندهم و المحروم أرذل وَ ما نَری لَكُمْ أی لك و لمتبعیك عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ یؤهلكم للنبوة و استحقاق المتابعة بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِینَ أنت فی دعوی النبوة و إیاهم فی دعوی العلم بصدقك.

وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِینَ آمَنُوا(5) یعنی الفقراء و هو جواب لهم حین سألوا طردهم إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ یلاقونه و یفوزون بقربه فیخاصمون طاردهم فكیف أطردهم وَ لكِنِّی أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ الحق و أهله و تتسفهون علیهم بأن تدعوهم أراذل مَنْ یَنْصُرُنِی مِنَ اللَّهِ یدفع انتقامه إِنْ طَرَدْتُهُمْ و هم بتلك المثابة أَ فَلا تَذَكَّرُونَ لتعرفوا أن التماس طردهم و توفیق الإیمان علیه لیس بصواب.

وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِی خَزائِنُ اللَّهِ (6) أی خزائن رزقه حتی جحدتم فضلی وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ أی و لا أقول أنا أعلم الغیب حتی تكذبونی استبعادا أو

ص: 185


1- 1. یونس: 75.
2- 2. هود: 27.
3- 3. مجمع البیان ج 5 ص 154. أنوار التنزیل: 193.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 301.
5- 5. هود: 29.
6- 6. هود: 31.

حتی أعلم أن هؤلاء اتبعونی بادی الرأی من غیر بصیرة و عقد قلب وَ لا أَقُولُ إِنِّی مَلَكٌ حتی تقولوا ما أنت إلا بشر مثلنا وَ لا أَقُولُ لِلَّذِینَ تَزْدَرِی أَعْیُنُكُمْ أی و لا أقول فی شأن من استرذلتموهم لفقرهم من زری علیه إذا عابه و إسناده إلی الأعین للمبالغة و التنبیه علی أنهم استرذلوهم بادی الرأی من غیر رؤیة لَنْ یُؤْتِیَهُمُ اللَّهُ خَیْراً فإن ما أعد اللّٰه لهم فی الآخرة خیر مما آتاكم فی

الدنیا إِنِّی إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِینَ إن قلت شیئا من ذلك ما نَفْقَهُ (1) أی ما نفهم ضَعِیفاً أی لا قوة لك و لا عز و قال علی بن إبراهیم (2) قد كان ضعف بصره وَ لَوْ لا رَهْطُكَ أی قومك و عزتهم عندنا لكونهم علی ملتنا لَرَجَمْناكَ أی لقتلناك شر قتلة وَ ما أَنْتَ عَلَیْنا بِعَزِیزٍ فتمنعنا عزتك عن القتل بل رهطك هم الأعزة علینا وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِیًّا و جعلتموه كالمنسی المنبوذ وراء الظهر لا یعبأ به.

وَ اسْتَفْتَحُوا(3) أی سألوا من اللّٰه الفتح علی أعدائهم أو القضاء بینهم و بین أعادیهم من الفتاحة بمعنی الحكومة

وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ فِی التَّوْحِیدِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَبَی أَنْ یَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ (4)

عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: الْعَنِیدُ الْمُعْرِضُ عَنِ الْحَقِّ.

وَ بَرَزُوا لِلَّهِ جَمِیعاً(5) یعنی یبرزون یوم القیامة فَقالَ الضُّعَفاءُ أی ضعفاء الرأی و هم الأتباع لِلَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا أی لرؤسائهم

وَ فِی الْمُتَهَجِّدِ: فِی خُطْبَةِ الْغَدِیرِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ تِلَاوَتِهِ لَهَا أَ فَتَدْرُونَ الِاسْتِكْبَارَ مَا هُوَ هُوَ تَرْكُ الطَّاعَةِ لِمَنْ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ وَ التَّرَفُّعُ عَلَی مَنْ

ص: 186


1- 1. هود: 91- 92.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 314.
3- 3. إبراهیم: 15.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 344.
5- 5. إبراهیم: 21.

نُدِبُوا إِلَی مُتَابَعَتِهِ.

إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فی تكذیب الرسل و الإعراض عن نصائحهم فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا أی دافعون عنا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ للإیمان و النجاة من العذاب و قال علی بن إبراهیم (1)

الهدی هنا الثواب مِنْ مَحِیصٍ أی منجی و مهرب من العذاب قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ(2) فی المجمع (3) أی جاحدة للحق یستبعد ما یرد علیها من المواعظ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عن الانقیاد للحق دافعون له

من غیر حجة و الاستكبار طلب الترفع بترك الإذعان للحق إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ أی المتعظمین الذین یأنفون أن یكونوا أتباعا للأنبیاء أی لا یرید ثوابهم و تعظیمهم و أقول

رَوَی الْعَیَّاشِیُ (4): أَنَّهُ مَرَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی مَسَاكِینَ قَدْ بَسَطُوا كِسَاءَهُمْ وَ أَلْقَوْا كِسَراً فَقَالُوا هَلُمَّ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَثَنَّی وَرِكَهُ فَأَكَلَ مَعَهُمْ ثُمَّ تَلَا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ.

فَلَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ أی جهنم وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ أی عن عبادته (5) مَرَحاً(6) أی ذا مرح و فی المجمع (7) معناه لا تمش علی وجه الأشر و البطر و الخیلاء و التكبر قال الزجاج معناه لا تمش فی الأرض مختالا فخورا و قیل المرح شدة الفرح بالباطل إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ إلخ هذا مثل ضربه اللّٰه قال إنك أیها الإنسان لن تشق الأرض من تحت قدمك بكبرك و لن تبلغ الجبال بتطاولك و المعنی أنك لن تبلغ مما ترید كثیر مبلغ كما لا یمكنك أن تبلغ هذا فما وجه المثابرة علی ما هذا سبیله مع أن الحكمة زاجرة عنه و إنما

ص: 187


1- 1. تفسیر القمّیّ: 445.
2- 2. النحل: 22 و 23.
3- 3. مجمع البیان ج 6 ص 355.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 257.
5- 5. النحل: 29 و 49.
6- 6. أسری: 37.
7- 7. مجمع البیان ج 6 ص 416.

قال ذلك لأن من الناس من یمشی فی الأرض بطرا یدق قدمیه علیها لیری بذلك قدرته و قوته و یرفع رأسه و عنقه فبین اللّٰه سبحانه أنه ضعیف مهین لا یقدر أن یخرق الأرض بدق قدمیه علیها حتی ینتهی إلی آخرها و إن طوله لا یبلغ الجبال و إن كان طویلا علم سبحانه عباده التواضع و المروءة و الوقار.

فَاسْتَكْبَرُوا(1) أی عن الإیمان و المتابعة وَ كانُوا قَوْماً عالِینَ أی متكبرین وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ یعنی أن بنی إسرائیل لنا خادمون منقادون لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ (2) أی فی شأنهم وَ عَتَوْا أی تجاوزوا الحد فی الظلم عُتُوًّا كَبِیراً بالغا أقصی مراتبه حیث عاینوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها و اقترحوا لأنفسهم الخبیثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسیة.

بِغَیْرِ الْحَقِ (3) أی بغیر الاستحقاق فإن الكبریاء رداء اللّٰه لا یُرْجَعُونَ أی بالنشور.

وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ (4) قیل أی لا تمله عنهم و لا تولهم صفحة خدك كما یفعله المتكبرون من الصعر و هو داء یعتری البعیر فیلوی عنقه و فی المجمع (5) أی و لا تمل وجهك من الناس تكبرا و لا تعرض عمّن یكلمك استخفافا به و هذا معنی قول ابن عباس و أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل هو أن یسلم علیك فتلوی عنقك تكبرا وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً أی بطرا و خیلاء إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ أی كل متكبر فَخُورٍ علی الناس و قال علی بن إبراهیم (6) وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ أی لا تذل لِلنَّاسِ طمعا فیما عندهم وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً أی فرحا و فی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام أی بالعظمة.

ص: 188


1- 1. المؤمنون: 45.
2- 2. الفرقان: 21.
3- 3. القصص: 39.
4- 4. لقمان: 18.
5- 5. مجمع البیان ج 8 ص 319.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 508.

وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (1) قیل أی عن الإیمان و الطاعة.

یَسْتَكْبِرُونَ (2) أی عن كلمة التوحید أو علی من یدعوهم إلیه.

اسْتَكْبَرَ(3) قیل أی تعظم و صار من الكافرین باستنكاره أمر اللّٰه تعالی و استكباره عن المطاوعة أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِینَ قیل أی تكبرت من غیر استحقاق أو كنت ممن علا و استحق التفوق و قیل استكبرت الآن أم لم تزل كنت من المستكبرین.

و أقول فی بعض الروایات أن المراد بالعالین أنوار الحجج ع.

بَلی قَدْ جاءَتْكَ آیاتِی (4) قال علی بن إبراهیم (5) المراد بالآیات الأئمة علیهم السلام مَثْویً لِلْمُتَكَبِّرِینَ أی عن الإیمان و الطاعة

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی جَهَنَّمَ لَوَادِیاً لِلْمُتَكَبِّرِینَ یُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی شِدَّةَ حَرِّهِ وَ سَأَلَهُ أَنْ یَتَنَفَّسَ فَأَذِنَ لَهُ فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ (6).

إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ(7) قال البیضاوی أی إلا تكبر عن الحق و تعظم عن التفكر و التعلم أو إرادة الرئاسة أو أن النبوة و الملك لا یكون إلا لهم ما هُمْ بِبالِغِیهِ أی ببالغی دفع الآیات أو المراد فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أی فالتجئ إلیه إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ لأقوالكم و أفعالكم.

عَنْ عِبادَتِی (8) فسرت فی الأخبار بالدعاء داخِرِینَ أی صاغرین و فی الكافی (9)

عن الباقر علیه السلام فی هذه الآیة قال هو الدعاء و أفضل العبادة الدعاء و الأخبار فی ذلك كثیرة سیأتی فی كتاب الدعاء إن شاء اللّٰه و فی الصحیفة السجادیة(10)

ص: 189


1- 1. التنزیل: 15.
2- 2. الصافّات: 35.
3- 3. ص: 74- 76.
4- 4. الزمر: 59.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 579.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 579.
7- 7. المؤمن: 56.
8- 8. المؤمن: 60.
9- 9. الكافی ج 2 ص 467.
10- 10. الدعاء: 45 فی وداع شهر رمضان.

بعد ذكر هذه الآیة فسمیت دعاءك عبادة و تركه استكبارا و توعدت علی تركه دخول جهنم داخرین.

فَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (1) فَاسْتَكْبَرُوا(2) أی فتعظموا فیها علی أهلها بغیر استحقاق و اغتروا بقوتهم و شوكتهم هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً أی قدرة وَ كانُوا بِآیاتِنا یَجْحَدُونَ أی یعرفون أنها حق و ینكرونها.

ثُمَّ أَدْبَرَ(3) أی عن الحق وَ اسْتَكْبَرَ عن اتباعه و یُؤْثَرُ أی یروی و یتعلم.

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ حُكَیْمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَدْنَی الْإِلْحَادِ قَالَ إِنَّ الْكِبْرَ أَدْنَاهُ (4).

بیان: قال الراغب ألحد فلان مال عن الحق و الإلحاد ضربان إلحاد إلی الشرك باللّٰه و إلحاد إلی الشرك بالأسباب فالأول ینافی الإیمان و یبطله و الثانی یوهن عراه و لا یبطله و من هذا النحو قوله عز و جل وَ مَنْ یُرِدْ فِیهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ (5).

و قال الكبر الحالة التی یتخصص بها الإنسان من إعجابه بنفسه و ذلك أن یری الإنسان نفسه أكبر من غیره و أعظم التكبر التكبر علی اللّٰه عز و جل بالامتناع من قبول الحق و الإذعان له بالعبادة و الاستكبار یقال علی وجهین أحدهما أن یتحری الإنسان و

یطلب أن یصیر كبیرا و ذلك متی كان علی ما یجب و فی المكان الذی یجب و فی الوقت الذی یجب فمحمود و الثانی أن یتشبع فیظهر من نفسه ما لیس له و هذا

ص: 190


1- 1. المؤمن: 76 و لم یسطر له تفسیر.
2- 2. السجدة: 15.
3- 3. المدّثّر: 23 و 24.
4- 4. الكافی ج 2 ص 309.
5- 5. مفردات غریب القرآن 448، و الآیة فی الحجّ: 25.

هو المذموم.

و علی هذا ما ورد فی القرآن و هو ما قال تعالی أَبی وَ اسْتَكْبَرَ أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوی أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً(1) و قال تعالی فَاسْتَكْبَرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِینَ (2) و قال تعالی الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِ (3) و قال تعالی إِنَّ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ قالُوا ما أَغْنی عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (4) و قوله تعالی فَیَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا قابل المستكبرین بالضعفاء تنبیها علی أن استكبارهم كان بما لهم من القوة فی البدن و المال و قال تعالی قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا(5) فقابل بالمستكبرین المستضعفین و قال عز و جل ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسی وَ هارُونَ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ بِآیاتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ (6) نبه تعالی بقوله فَاسْتَكْبَرُوا علی تكبرهم و إعجابهم بأنفسهم و تعظمهم عن الإصغاء إلیه و نبه بقوله وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ علی أن الذی حملهم علی ذلك هو ما تقدم من جرمهم فإن ذلك لم یكن شیئا حدث منهم بل كان ذلك دأبهم.

قال فَالَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ و قال بعده إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ (7).

ص: 191


1- 1. البقرة: 34، و 78، نوح: 7.
2- 2. العنكبوت: 35.
3- 3. كذا فی نسخة الكمبانیّ، و هكذا المصدر و فی المصحف: فاستكبروا فی الأرض بغیر الحق.
4- 4. الأعراف: 40 و 48.
5- 5. الأعراف: 75.
6- 6. یونس: 75.
7- 7. النحل: 22- 23.

و التكبر یقال علی وجهین أحدهما أن تكون الأفعال الحسنة كثیرة فی الحقیقة و زائدة علی محاسن غیره و علی هذا وصف اللّٰه تعالی بالمتكبر و قال تعالی الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ(1) الثانی أن یكون متكلفا لذلك متشبعا و ذلك فی وصف عامة الناس نحو قوله

عز و جل فَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (2) و قوله تعالی كَذلِكَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلی كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(3) و من وصف بالتكبر علی الوجه الأول فمحمود و من وصف به علی الوجه الثانی فمذموم.

و یدل علی أنه قد یصح أن یوصف الإنسان بذلك و لا یكون مذموما قوله تعالی سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِ (4) فجعل المتكبرین بغیر الحق مصروفا.

و الكبریاء هی الترفع عن الانقیاد و ذلك لا یستحقه غیر اللّٰه قال تعالی وَ لَهُ الْكِبْرِیاءُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (5) و لما قلنا

رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام: یَقُولُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی الْكِبْرِیَاءُ رِدَائِی وَ الْعَظَمَةُ إِزَارِی فَمَنْ نَازَعَنِی فِی شَیْ ءٍ مِنْهُمَا قَصَمْتُهُ.

قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِیاءُ فِی الْأَرْضِ وَ ما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِینَ (6) انتهی (7).

و أقول الآیات و الأخبار فی ذم الكبر و مدح التواضع أكثر من أن تحصی قال الشهید قدس اللّٰه روحه الكبر معصیة و الأخبار كثیرة فی ذلك

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ مَنْ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْكِبْرِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا یُحِبُّ أَنْ یَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً وَ فِعْلُهُ حَسَناً فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِیلٌ یُحِبُّ الْجَمَالَ وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ بَطَرُ الْحَقِّ وَ غَمْصُ النَّاسِ.

بطر الحق رده علی قائله و الغمص بالصاد المهملة الاحتقار و الحدیث مؤول بما یؤدی إلی الكفر أو یراد أنه لا یدخل الجنة مع دخول غیر المتكبر بل بعده

ص: 192


1- 1. الحشر: 23.
2- 2. الزمر: 72.
3- 3. غافر: 35.
4- 4. الأعراف: 146.
5- 5. الجاثیة: 37.
6- 6. یونس: 78.
7- 7. مفردات غریب القرآن 421 و 422.

و بعد العذاب فی النار و قد علم منه أن التجمل لیس من التكبر فی شی ء انتهی.

و قیل الكبر ینقسم إلی باطن و ظاهر و الباطن هو خلق فی النفس و الظاهر هو أعمال تصدر من الجوارح و اسم الكبر بالخلق الباطن أحق و أما الأعمال فإنها ثمرات لذلك الخلق و لذلك إذا ظهر علی الجوارح یقال له تكبر و إذا لم یظهر یقال له فی نفسه كبر فالأصل هو الخلق الذی فی النفس و هو الاسترواح إلی رؤیة النفس فوق المتكبر علیه فإن الكبر یستدعی متكبرا علیه و متكبرا به و به ینفصل الكبر عن العجب فإن العجب لا یستدعی غیر المعجب.

بل لو لم یخلق الإنسان إلا وحده تصور أن یكون معجبا و لا یتصور أن یكون متكبرا إلا أن یكون مع غیره و هو یری نفسه فوق ذلك الغیر فی صفات الكمال بأن یری لنفسه مرتبة و لغیره مرتبة ثم یری مرتبة نفسه فوق مرتبة غیره فعند هذه الاعتقادات الثلاثة یحصل فیه خلق الكبر لا أن هذه الرؤیة هی الكبر بل هذه الرؤیة و هذه العقیدة تنفخ فیه فیحصل فی قلبه اغترار و هزة و فرح و ركون إلی ما اعتقده و عز فی نفسه بسبب ذلك فتلك العزة و الهزة و الركون إلی المعتقد هو خلق الكبر

وَ لِذَلِكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْخَةِ الْكِبْرِیَاءِ.

فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة فی النفس من هذه الاعتقادات و یسمی أیضا عزا و تعظما و لذلك قال ابن عباس فی قوله تعالی إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِیهِ (1) فقال عظمة لا یبلغوها ثم هذه العزة تقتضی أعمالا فی الظاهر و الباطن و هی ثمراته و یسمی ذلك تكبرا فإنه مهما عظم عنده قدر نفسه بالإضافة إلی غیره حقر من دونه و ازدراه و أقصاه من نفسه و أبعده و ترفع عن مجالسته و مؤاكلته و رأی أن حقه أن یقوم ماثلا بین یدیه إن اشتد كبره.

فإن كان كبره أشد من ذلك استنكف عن استخدامه و لم یجعله أهلا للقیام بین یدیه فإن كان دون ذلك یأنف عن مواساته و یتقدم علیه فی مضایق الطرق و ارتفع علیه فی المحافل و انتظر أن یبدأه بالسلام و إن حاج أو ناظر

ص: 193


1- 1. غافر: 55.

استنكف أن یرد علیه و إن وعظ أنف من القبول و إن وعظ عنف فی النصح و إن رد علیه شی ء من قوله غضب و إن علم لم یرفق بالمتعلمین و استذلهم و انتهرهم و امتن علیهم و استخدمهم و ینظر إلی العامة كما ینظر إلی الحمیر استجهالا لهم و استحقارا.

و الأعمال الصادرة من الكبر أكثر من أن تحصی فهذا هو الكبر و آفته عظیمة و فیه یهلك الخواص و العوام و كیف لا تعظم آفته وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ.

و إنما صار حجابا عن الجنة لأنه یحول بین المرء و بین أخلاق المؤمنین كلها و تلك الأخلاق هی أبواب الجنة و الكبر و عز النفس تغلق تلك الأبواب كلها لأنه مع تلك الحالة لا یقدر علی حبه للمؤمنین ما یحب لنفسه و لا علی التواضع و هو رأس أخلاق المتقین و لا علی كظم الغیظ و لا علی ترك الحقد و لا علی الصدق و لا علی ترك الحسد و الغضب و لا علی النصح اللطیف و لا علی قبوله و لا یسلم من الإزراء بالناس و اغتیابهم فما من خلق ذمیم إلا و صاحب الكبر و العز مضطر إلیه لیحفظ به عزه و ما من خلق محمود إلا و هو عاجز عنه خوفا من أن یفوته عزه فعن هذا لم یدخل الجنة.

و شر أنواع الكبر ما یمنع من استفادة العلم و قبول الحق و الانقیاد له و فیه وردت الآیات التی فیها ذم المتكبرین كقوله سبحانه وَ كُنْتُمْ عَنْ آیاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (1) و أمثالها كثیرة وَ لِذَلِكَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: جُحُودَ الْحَقِّ فِی حَدِّ الْكِبْرِ وَ الْكَشْفِ عَنْ حَقِیقَتِهِ.

وَ قَالَ: مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَ غَمَصَ النَّاسَ.

ثم اعلم أن المتكبر علیه هو اللّٰه أو رسله أو سائر الخلق فهو بهذه الجهة ثلاثة أقسام الأول التكبر علی اللّٰه و هو أفحش أنواعه و لا مثار له إلا الجهل المحض و الطغیان مثل ما كان لنمرود و فرعون.

الثانی التكبر علی الرسل و الأوصیاء علیهم السلام كقولهم أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ

ص: 194


1- 1. الأنعام: 93.

مِثْلِنا(1) وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (2) و قالوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَری رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِیراً(3) و هذا قریب من التكبر علی اللّٰه عز و جل و إن كان دونه و لكنه تكبر عن قبول أمر اللّٰه.

الثالث التكبر علی العباد و ذلك بأن یستعظم نفسه و یستحقر غیره فتأبی نفسه عن الانقیاد لهم و تدعوه إلی الترفع علیهم فیزدریهم و یستصغرهم و یأنف عن مساواتهم و هذا و إن كان دون الأول و الثانی فهو أیضا عظیم من وجهین.

أحدهما أن الكبر [و العزة و العظمة لا یلیق إلا بالمالك القادر فأما العبد الضعیف الذلیل المملوك العاجز الذی لا یقدر علی شی ء فمن أین یلیق به الكبر](4) فمهما تكبر العبد فقد نازع اللّٰه تعالی فی صفة لا تلیق إلا بجلاله و إلی هذا المعنی الإشارة بقوله تعالی العظمة إزاری و الكبریاء ردائی فمن نازعنی فیهما قصمته أی أنه خاص صفتی و لا یلیق إلا بی و المنازع فیه منازع فی صفة من صفاتی فإذا كان التكبر علی عباده لا یلیق إلا به فمن تكبر علی عباده فقد جنی علیه إذ الذی استرذل خواص غلمان الملك و یستخدمهم و یترفع علیهم و یستأثر بما حق الملك أن یستأثر به منهم فهو منازع له فی بعض أمره و إن لم یبلغ درجته درجة من أراد الجلوس علی سریره و الاستبداد بملكه كمدعی الربوبیة.

و الوجه الثانی أنه یدعو إلی مخالفة اللّٰه تعالی فی أوامره لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد اللّٰه استنكف عن قبوله و یتشمر بجحده و لذلك تری المناظرین فی مسائل الدین یزعمون أنهم یتباحثون عن أسرار الدین

ص: 195


1- 1. المؤمنون: 47.
2- 2. المؤمنون: 34.
3- 3. الفرقان: 21.
4- 4. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 293.

ثم إنهم یتجاحدون تجاحد المتكبرین و مهما اتضح الحق علی لسان أحدهم أنف الآخر من قبوله و یتشمر بجحده و یحتال لدفعه بما یقدر علیه من التلبیس و ذلك من أخلاق الكافرین و المنافقین إذ وصفهم اللّٰه تعالی فقال وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِیهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (1) و كذلك یحمل ذلك علی الأنفة من قبول الوعظ كما قال تعالی وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ (2) و تكبر إبلیس من ذلك.

فهذه آفة من آفات الكبر عظیمة. وَ لِذَلِكَ شَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْكِبْرَ بِهَاتَیْنِ الْآفَتَیْنِ: إِذْ سَأَلَهُ ثَابِتُ بْنُ قَیْسٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی امْرُؤٌ حُبِّبَ إِلَیَّ مِنَ الْجَمَالِ مَا تَرَی أَ فَمِنَ الْكِبْرِ هُوَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ مِنْ بَطَرِ الْحَقِّ وَ غَمْصِ النَّاسِ. وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: مِنْ سَفَهِ الْحَقِّ.

و قوله غمص الناس أی ازدراهم و استحقرهم و هم عباد اللّٰه أمثاله و خیر منه و هذه الآفة الأولی و قوله سفه الحق هو رده به و هذه الآفة الثانیة.

ثم اعلم أنه لا یتكبر إلا من استعظم نفسه و لا یستعظمها إلا و هو یعتقد لها صفة من صفات الكمال و مجامع ذلك یرجع إلی كمال دینی أو دنیوی و الدینی هو العلم و العمل و الدنیوی هو النسب و الجمال و القوة و المال و كثرة الأنصار فهذه سبعة.

الأول العلم و ما أسرع الكبر إلی العلماء وَ لِذَلِكَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: آفَةُ الْعِلْمِ الْخُیَلَاءُ. فهو یتعزز بعز العلم و یستعظم نفسه و یستحقر الناس و ینظر إلیهم نظرة إلی البهائم و یتوقع منهم الإكرام و الابتداء بالسلام و یستخدمهم و لا یعتنی بشأنهن هذا فیما یتعلق بالدنیا و أما فی الآخرة فبأن یری نفسه عند اللّٰه أعلی و أفضل منهم فیخاف علیهم أكثر مما یخافه علی نفسه و یرجو لنفسه أكثر مما یرجو لهم و هذا بأن یسمی جاهلا أولی من أن یسمی عالما بل العلم الحقیقی

ص: 196


1- 1. فصّلت: 26.
2- 2. البقرة: 206.

هو الذی یعرف الإنسان به نفسه و ربه و خطر الخاتمة و حجة اللّٰه علی العلماء و عظم خطر العمل (1)

فیه و هذه العلوم تزید خوفا و تواضعا و تخشعا و یقتضی أن یری أن كل الناس خیر منه لعظم حجة اللّٰه علیه بالعلم و تقصیره فی القیام بشكر نعمة العلم.

فإن قلت فما بال بعض الناس یزداد بالعلم كبرا و أمنا.

فاعلم أن له سببین أحدهما أن یكون اشتغاله بما یسمی علما و لیس بعلم حقیقی و إنما العلم الحقیقی ما یعرف العبد به نفسه و ربه و خطر أمره فی لقاء اللّٰه و الحجاب عنه و هذا یورث الخشیة و التواضع دون الكبر و الأمن قال اللّٰه تعالی إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ(2) فأما ما وراء ذلك كعلم الطب و الحساب و اللغة و الشعر و النحو و فصل الخصومات و طرق المجادلات فإذا تجرد الإنسان لها حتی امتلأ بها امتلأ كبرا و نفاقا و هذه بأن تسمی صناعات أولی بأن تسمی علوما بل العلم هو معرفة العبودیة و الربوبیة و طریق العبادة و هذا یورث التواضع غالبا.

السبب الثانی أن یخوض العبد فی العلم و هو خبیث الدخلة ردی النفس سیئ الأخلاق فلم یشتغل أولا بتهذیب نفسه و تزكیة قلبه بأنواع المجاهدات و لم یرض نفسه فی عبادة ربه فبقی خبیث الجوهر فإذا خاض فی العلم أی علم كان صادف العلم من قلبه منزلا خبیثا فلم یطب ثمره و لم یظهر فی الخیر أثره.

و قد ضرب وهب لهذا مثلا فقال العلم كالغیث ینزل من السماء حلوا صافیا فتشربه الأشجار بعروقها فتحوله علی قدر طعومها فیزداد المر مرارة و الحلو حلاوة و كذلك العلم یحفظه الرجال فیحوله علی قدر هممهم و أهوائهم فیزید المتكبر تكبرا و المتواضع تواضعا و هذا لأن من كانت همته الكبر و هو جاهل فإذا حفظ العلم وجد ما یتكبر به فازداد كبرا و إذا كان الرجل خائفا مع جهله فإذا ازداد علما علم أن الحجة قد أكدت علیه فیزداد خوفا و إشفاقا و تواضعا فالعلم من أعظم ما به یتكبر.

ص: 197


1- 1. فی شرح الكافی ج 2 ص 294« خطر العلم».
2- 2. فاطر: 28.

الثانی العمل و العبادة و لیس یخلو عن رذیلة العز و الكبر و استمالة قلوب الناس الزهاد و العباد و یترشح الكبر منهم فی الدنیا و الدین أما الدنیا فهو أنهم یرون غیرهم بزیارتهم أولی من أنفسهم بزیارة غیرهم و یتوقعون قیام الناس بحوائجهم و توقیرهم و التوسیع لهم فی المجالس و ذكرهم بالورع و التقوی و تقدیمهم علی سائر الناس فی الحظوظ إلی غیر ذلك مما مر فی حق العلماء و كأنهم یرون عبادتهم منه علی الخلق.

و أما فی الدین فهو أن یری الناس هالكین و یری نفسه ناجیا و هو الهالك تحقیقا مهما رأی ذلك قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا سَمِعْتُمُ الرَّجُلَ یَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ.

وَ رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ یُقَالُ لَهُ خَلِیعُ بَنِی إِسْرَائِیلَ لِكَثْرَةِ فَسَادِهِ مَرَّ بِرَجُلٍ یُقَالُ لَهُ عَابِدُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَتْ عَلَی رَأْسِ الْعَابِدِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ لَمَّا مَرَّ الْخَلِیعُ بِهِ فَقَالَ الْخَلِیعُ فِی نَفْسِهِ أَنَا خَلِیعُ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَیْفَ أَجْلِسُ بِجَنْبِهِ وَ قَالَ الْعَابِدُ هُوَ خَلِیعُ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَیْفَ یَجْلِسُ إِلَیَّ فَأَنِفَ مِنْهُ وَ قَالَ لَهُ قُمْ عَنِّی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی نَبِیِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ مُرْهُمَا فَلْیَسْتَأْنِفَا الْعَمَلَ فَقَدْ غَفَرْتُ لِلْخَلِیعِ وَ أَحْبَطْتُ عَمَلَ الْعَابِدِ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: فَتَحَوَّلَتِ الْغَمَامَةُ إِلَی رَأْسِ الْخَلِیعِ.

و هذه آفة لا ینفك عنها أحد من العباد إلا من عصمه اللّٰه لكن العلماء و العباد فی آفة الكبر علی ثلاث درجات.

الدرجة الأولی أن یكون الكبر مستقرا فی قلبه یری نفسه خیرا من غیره إلا أنه یجتهد و یتواضع و یفعل فعل من یری غیره خیرا من نفسه و هذا قد رسخت فی قلبه شجرة الكبر و لكنه قطع أغصانها بالكلیة.

الثانیة أن یظهر ذلك علی أفعاله بالترفع فی المجالس و التقدم علی الأقران و إظهار الإنكار علی من یقصر فی حقه و أدنی ذلك فی العالم أن یصعر خده للناس كأنه معرض عنهم و فی العابد أن یعبس وجهه و یقطب جبینه كأنه متنزه عن الناس مستقذر لهم أو غضبان علیهم و لیس یعلم المسكین أن الورع لیس فی الجبهة حتی یقبطها و لا فی الوجه حتی یعبس و لا فی الخد حتی یصعر و لا

ص: 198

فی الرقبة حتی یطأطئ و لا فی الذیل حتی یضم إنما الورع فی القلوب قال صلی اللّٰه علیه و آله التقوی هاهنا و أشار إلی صدره.

و هؤلاء أخف حالا ممن هو فی المرتبة الثالثة و هو الذی یظهر الكبر علی لسانه حتی یدعوه إلی الدعوی و المفاخرة و المباهاة و تزكیة النفس أما العابد فإنه یقول فی معرض التفاخر لغیره من العباد من هو و ما عمله و من أین زهده فیطیل اللسان فیهم بالتنقص ثم یثنی علی نفسه و یقول إنی لم أفطر منذ كذا و كذا و لا أنام باللیل و فلان لیس كذلك و قد یزكی نفسه ضمنا فیقول قصدنی فلان فهلك ولده و أخذ ماله أو مرض و ما یجری مجراه هذا یدعی الكرامة لنفسه.

و أما العالم فإنه یتفاخر و یقول أنا متفنن فی العلوم و مطلع علی الحقائق رأیت من الشیوخ فلانا و فلانا و من أنت و ما فضلك و من لقیته و من ذا الذی سمعت من الحدیث كل ذلك لیصغره و یعظم نفسه فهذا كله أخلاق الكبر و آثاره التی یثمرها التعزز بالعلم و العمل و أین من یخلو عن جمیع ذلك أو عن بعضه یا لیت شعری من عرف هذه الأخلاق من نفسه

وَ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله. لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ.

كیف یستعظم نفسه و یتكبر علی غیره و هو بقول رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من أهل النار و إنما العظیم من خلا عن هذا و من خلا عنه لم یكن فیه تعظم و تكبر.

الثالث التكبر بالنسب و الحسب فالذی له نسب شریف یستحقر من لیس له ذلك النسب و إن كان أرفع منه عملا و علما و ثمرته علی اللسان التفاخر به و ذلك عرق رقیق فی النفس لا ینفك عنه نسیب و إن كان صالحا أو عاقلا إلا أنه قد لا یترشح منه عند اعتدال الأحوال فإن غلب غضب أطفأ ذلك نور بصیرته و ترشح منه.

الرابع التفاخر بالجمال و ذلك یجری أكثره بین النساء و یدعو ذلك إلی التنقص و التسبب و الغیبة و ذكر عیوب الناس.

الخامس الكبر بالمال و ذلك یجری بین الملوك فی الخزائن و بین التجار

ص: 199

فی بضائعهم و بین الدهاقین فی أراضیهم و بین المتجملین فی لباسهم و خیولهم و مراكبهم فیستحقر الغنی الفقیر و یتكبر علیه و من ذلك تكبر قارون.

السادس الكبر بالقوة و شدة البطش و التكبر به علی أهل الضعف.

السابع التكبر بالأتباع و الأنصار و التلامیذ و الغلمان و العشیرة و الأقارب و البنین و یجری ذلك بین الملوك فی المكاثرة فی الجنود و بین العلماء بالمكاثرة بالمستفیدین و بالجملة فكل ما هو نعمة و أمكن أن یعتقد كمالا و إن لم یكن فی نفسه كمالا أمكن أن یتكبر به حتی إن المخنث لیتكبر علی أقرانه بزیادة قدرته و معرفته فی صفة المخنثین لأنه یری ذلك كمالا فیفتخر به و إن لم یكن فعله إلا نكالا.

و أما بیان البواعث علی التكبر فاعلم أن الكبر خلق باطن و أما ما یظهر من الأخلاق و الأعمال فهو ثمرتها و نتیجتها و ینبغی أن یسمی تكبرا و یخص اسم الكبر بالمعنی الباطن الذی هو استعظام النفس و رؤیة قدر لها فوق قدر الغیر و هذا الباب الباطن له موجب واحد و هو العجب فإنه إذا أعجب بنفسه و بعلمه و عمله أو بشی ء من أسبابه استعظم نفسه و تكبر و أما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة سبب فی المتكبر و سبب فی المتكبر علیه و سبب یتعلق بغیرهما أما السبب الذی فی المتكبر فهو العجب و الذی یتعلق بالمتكبر علیه فهو الحقد و الحسد و الذی یتعلق بغیرهما هو الرئاء فالأسباب بهذا الاعتبار أربعة العجب و الحقد و الحسد و الرئاء.

أما العجب فقد ذكرنا أنه یورث الكبر الباطن و الكبر الباطن یثمر التكبر الظاهر فی الأعمال و الأقوال و الأفعال.

و أما الحقد فإنه قد یحمل علی التكبر من غیر عجب و یحمله ذلك علی رد الحق إذا جاء من جهته و علی الأنفة من قبول نصحه و علی أن یجتهد فی التقدم علیه و إن علم أنه لا یستحق ذلك.

و أما الحسد فإنه یوجب البغض للمحسود و إن لم یكن من جهته إیذاء

ص: 200

و سبب یقتضی الغضب و الحقد و یدعو الحسد أیضا إلی جحد الحق حتی یمتنع من قبول النصح و تعلم العلم فكم من جاهل یشتاق إلی العلم و قد بقی فی الجهل لاستنكافه أن یستفید من واحد من أهل بلده و أقاربه حسدا و بغیا علیه.

و أما الرئاء فهو أیضا یدعو إلی أخلاق المتكبرین حتی إن الرجل لیناظر من یعلم أنه أفضل منه و لیس بینه و بینه معرفة و لا محاسدة و لا حقد و لكن یمتنع من قبول الحق منه خیفة من أن یقول الناس إنه أفضل منه.

و أما معالجة الكبر و اكتساب التواضع فهو علمی و عملی أما العلمی فهو أن یعرف نفسه و ربه و یكفیه ذلك فی إزالته فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذلیل و أقل من كل قلیل بذاته و أنه لا یلیق به إلا التواضع و الذلة و المهانة و إذا عرف ربه علم أنه لا یلیق العظمة و الكبریاء إلا باللّٰه.

أما معرفة ربه و عظمته و مجده فالقول فیه یطول و هو منتهی علم الصدیقین و أما معرفة نفسه فكذلك أیضا یطول و یكفیه أن یعرف معنی آیة واحدة من كتاب اللّٰه تعالی فإنه فی القرآن علم الأولین و الآخرین لمن فتحت بصیرته و قد قال تعالی قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِیلَ یَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (1) فقد أشار الآیة إلی أول خلق الإنسان و إلی آخر أمره و إلی وسطه فلینظر الإنسان ذلك لیفهم معنی هذه الآیة أما أول الإنسان فهو أنه لم یكن شیئا مذكورا و قد كان ذلك فی كتم العدم دهورا بل لم یكن لعدمه أول فأی شی ء أخس و أقل من المحو و العدم و قد كان كذلك فی القدم ثم خلقه اللّٰه تعالی من أذل الأشیاء ثم من أقذرها إذ خلقه مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ثم جعله عظاما ثم كسی العظام لحما.

فقد كان هذا بدایة وجوده حیث صار شیئا مذكورا فما صار مذكورا إلا

ص: 201


1- 1. عبس: 17- 22.

و هو علی أخس الأوصاف و النعوت إذ لم یخلق فی ابتدائه كاملا بل خلقه جمادا میتا لا یسمع و لا یبصر و لا یحس و لا یتحرك و لا ینطق و لا یبطش و لا یدرك و لا یعلم فبدأ بموته قبل حیاته و بضعفه قبل قوته و بجهله قبل علمه و بعماه قبل بصره و بصممه قبل سمعه و ببكمه قبل نطقه و بضلالته قبل هداه و بفقره قبل غناه و بعجزه قبل قدرته.

فهذا معنی قوله تعالی هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ حِینٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَكُنْ شَیْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ كذلك خلقه أولا ثم امتن علیه فقال ثُمَّ السَّبِیلَ یَسَّرَهُ و هذه إشارة إلی ما تیسر له فی مدة حیاته إلی الموت و لذلك قال مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ فَجَعَلْناهُ سَمِیعاً بَصِیراً إِنَّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ و معناه أنه أحیاه بعد أن كان جمادا میتا ترابا أولا و نطفة ثانیا و أبصره بعد ما كان فاقد البصر و قواه بعد الضعف و علمه بعد الجهل و خلق له الأعضاء بما فیها من العجائب و الآیات بعد الفقد لها و أغناه بعد الفقر و أشبعه بعد الجوع و كساه بعد العری و هداه بعد الضلال.

فانظر كیف دبره و صوره و إلی السبیل كیف یسره و إلی طغیان الإنسان ما أكفره و إلی جهل الإنسان كیف أظهره فقال تعالی أَ وَ لَمْ یَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ (1) وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (2) فانظر إلی نعمة اللّٰه علیه كیف نقله من تلك القلة و الذلة و الخسة و القذارة إلی هذه الرفعة و الكرامة فصار موجودا بعد العدم و حیا بعد الموت و ناطقا بعد البكم و بصیرا بعد العمی و قویا بعد الضعف و عالما بعد الجهل و مهدیا بعد الضلالة و قادرا بعد العجز و غنیا بعد الفقر فكان فی ذاته لا شی ء و أی شی ء أخس من لا شی ء و أی قلة أقل من العدم المحض ثم صار باللّٰه شیئا و إنما خلقه من التراب الذلیل و النطفة القذرة بعد العدم المحض لیعرفه خسة ذاته فیعرف به نفسه و إنما أكمل

ص: 202


1- 1. یس: 77.
2- 2. الروم: 20.

النعمة علیه لیعرف بها ربه و یعلم بها عظمته و جلاله و أنه لا یلیق الكبریاء إلا به عز و جل.

فلذلك امتنّ علیه فقال تعالی أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَیْنِ وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ (1) و عرف خسته أولا فقال أَ لَمْ یَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی ثُمَّ كانَ عَلَقَةً(2) ثم ذكر مننه فقال فَخَلَقَ فَسَوَّی فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی لیدوم وجوده بالتناسل كما حصل وجوده ابتداء بالاختراع فمن كان هذا بدؤه و هذا أحواله فمن أین له البطر و الكبریاء و الفخر و الخیلاء و هو علی التحقیق أخسّ الأخسّاء و أضعف الضعفاء.

نعم لو أكمله و فوض إلیه أمره و أدام له الوجود باختیاره لجاز أن یطغی و ینسی المبدأ و المنتهی و لكنه سلط علیه فی دوام وجوده الأمراض الهائلة و الأسقام العظیمة و الآفات المختلفة و الطبائع المتضادة من المرة و البلغم و الریح و الدم لیهدم البعض من أجزائه البعض شاء أم أبی رضی أم سخط فیجوع كرها و یعطش كرها و یمرض كرها و یموت كرها لا یملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا خیرا و لا شرا یرید أن یعلم الشی ء فیجهله و یرید أن یذكر الشی ء فینساه و یرید أن ینسی الشی ء فیغفل عنه فلا یغفل و یرید أن یصرف قلبه إلی ما یهمه فیجول فی أودیة الوسواس و الأفكار بالاضطرار فلا یملك قلبه قلبه و لا نفسه نفسه.

یشتهی الشی ء و ربما یكون هلاكه فیه و یكره الشی ء و یكون حیاته فیه یستلذ الأطعمة فتهلكه و تردیه و یستبشع الأدویة و هی تنفعه و تحییه لا یأمن فی لحظة من لیله و نهاره أن یسلب سمعه و بصره و علمه و قدرته و تفلج أعضاؤه و یختلس عقله و یختطف روحه و یسلب جمیع ما یهواه فی دنیاه و هو مضطر ذلیل إن ترك ما بقی و إن اختطف فنی عبد مملوك لا یقدر علی شی ء من نفسه و لا من غیره فأی شی ء أذل منه لو عرف نفسه و أنی یلیق الكبر به لو لا جهله؟

ص: 203


1- 1. البلد: 8- 10.
2- 2. القیامة: 37.

فهذا أوسط أحواله فلیتأمله و أما آخره و مورده فهو الموت المشار إلیه بقوله تعالی ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (1) و معناه أنه یسلب روحه و سمعه و بصره و علمه و قدرته و حسه و إدراكه و حركته فیعود جمادا كما كان أول مرة لا تبقی إلا شبه أعضائه و لا صورته لا حس فیها و لا حركة ثم یوضع فی التراب فیصیر جیفة منتنة قذرة كما كان فی الأول نطفة قذرة ثم تبلی أعضاؤه و صورته و تفتت أجزاؤه و تنخر عظامه فتصیر رمیما و رفاتا فتأكل الدود أجزاءه فیبتدئ بحدقتیه فیقلعهما و بخدیه فیقطعهما و بسائر أجزائه فتصیر روثا فی أجواف الدیدان و تكون جیفة تهرب منه الحیوان و یستقذره كل إنسان و یهرب منه لشدة الإنتان: و أحسن أحواله أن یعود إلی ما كان فیصیر ترابا یعمل منه الكیزان أو یعمر به البنیان و یصیر مفقودا بعد ما كان موجودا و صار كأن لم یغن بالأمس حصیدا كما كان أول مرة أمدا مدیدا.

و لیته بقی كذلك فما أحسنه لو ترك ترابا لا بل یحییه بعد طول البلی لیقاسی شدائد البلاء فیخرج من قبره بعد جمع أجزائه المتفرقة و یخرج إلی أهوال القیامة فینظر إلی قیامة قائمة و سماء ممزقة مشققة و أرض مبدلة و جبال مسیرة و نجوم منكدرة و شمس منكسفة و أحوال مظلمة و ملائكة غلاظ شداد و جحیم تزفر و جنة ینظر إلیها المجرم فیتحسر.

و یری صحائف منشورة فیقال له اقْرَأْ كِتابَكَ فیقول و ما هو فیقال كان قد وكل بك فی حیاتك التی كنت تفرح بها و تتكبر بنعیمها و تفتخر بأسبابها ملكان رقیبان یكتبان علیك ما تنطق به أو تعمله من قلیل و كثیر و نقیر و قطمیر و أكل و شرب و قیام و قعود و قد نسیت ذلك و أحصاه اللّٰه فهلم إلی الحساب و استعد للجواب أو یساق إلی دار العذاب فینقطع قلبه هول هذا الخطاب من قبل أن ینشر الصحف و یشاهد ما فیها من مخازیه فإذا شاهدها قال یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا

ص: 204


1- 1. عبس: 21- 22.

الْكِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا كَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها فهذا آخر أمره و هو معنی قوله عز و جل ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ فما لمن هذا حاله و التكبر بل ما له و للفرح فی لحظة فضلا عن البطر و التجبر فقد ظهر له أول حاله و وسطه و لو ظهر آخره و العیاذ باللّٰه ربما اختار أن یكون كلبا و خنزیرا لیصیر مع البهائم ترابا و لا یكون إنسانا یسمع خطابا و یلقی عذابا و إن كان عند اللّٰه مستحقا للنار فالخنزیر أشرف منه و أطیب و أرفع إذ أوله التراب و آخره التراب و هو بمعزل عن الحساب و العذاب و الكلب و الخنزیر لا یهرب منه الخلق.

و لو رأی أهل الدنیا العبد المذنب فی النار لصعقوا من وحشة خلقته و قبح صورته و لو وجدوا ریحه لماتوا من نتنه و لو وقعت قطرة من شرابه الذی یسقاه فی بحار الدنیا لصارت أنتن من الجیف فمن هذا حاله فی العاقبة إلا أن یعفی عنه و هو علی شك من العفو فكیف یتكبر و كیف یری نفسه شیئا حتی یعتقد لها فضلا و أی عبد لم یذنب ذنبا استحق به العقوبة إلا أن یعفو الكریم بفضله.

أ رأیت من جنی علی بعض الملوك بما استحق به ألف سوط فحبس فی السجن و هو منتظر أن یخرج إلی العرض و یقام علیه العقوبة علی ملإ من الخلق و لیس یدری أ یعفی عنه أم لا فكیف یكون ذلة فی السجن و ما من عبد مذنب إلا و الدنیا سجنه و قد استحق العقوبة من اللّٰه تعالی و لا یدری كیف یكون أمره فیكفیه ذلك حزنا و خوفا و إشفاقا و مهانة و ذلا.

فهذا هو العلاج العلمی القاطع لأصل الكبر و أما العلاج العملی فهو التواضع بالفعل لله تعالی و لسائر الخلق بالمواظبة علی أخلاق المتواضعین و ما وصل إلیه من أحوال الصالحین و من أحوال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی أنه كان یأكل علی الأرض و یقول إنما أنا عبد آكل كما یأكل العبد.

و قیل لسلمان لم لا تلبس ثوبا جیدا فقال إنما أنا عبد فإذا أعتقت یوما لبست. أشار به إلی العتق فی الآخرة.

ص: 205

و لا یتم التواضع بعد المعرفة إلا بالعمل فمن عرف نفسه فلینظر إلی كل ما یتقاضاه الكبر من الأفعال فلیواظب علی نقیضها حتی یصیر التواضع له خلقا و قد ورد فی الأخبار الكثیرة علاج الكبر بالأعمال و بیان أخلاق المتواضعین.

قیل اعلم أن التكبر یظهر فی شمائل الرجل كصعر فی وجهه و نظره شزرا و إطراقه رأسه و جلوسه متربعا و متكئا و فی أقواله حتی فی صوته و نغمته و صفته فی الإیراد و یظهر فی مشیته و تبختره و قیامه و جلوسه فی حركاته و سكناته و فی تعاطیه لأفعاله و سائر تقلباته فی أقواله و أفعاله و أعماله.

فمن المتكبرین من یجمع ذلك كله و منهم من یتكبر فی بعض فمنها التكبر بأن یحب قیام الناس له أو بین یدیه

وَ قَدْ قَالَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْیَنْظُرْ إِلَی رَجُلٍ قَاعِدٍ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَوْمٌ قِیَامٌ.

و قال أنس لم یكن شخص أحب إلیهم من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كانوا إذا رأوه لا یقومون له لما یعلمون من كراهته لذلك.

و منها أن لا یمشی إلا و معه غیره یمشی خلفه.

قال أبو الدرداء لا یزال العبد یزداد من اللّٰه بعدا ما مشی خلفه و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی بعض الأوقات یمشی مع الأصحاب فیأمرهم بالتقدم و یمشی فی غمارهم.

و منها أن لا یزور غیره و إن كان یحصل من زیارته خیر لغیره فی الدین و هو ضد التواضع.

و منها أن یستنكف من جلوس غیره بالقرب منه إلا أن یجلس بین یدیه و التواضع خلافه

قال أنس كانت الولیدة من ولائد المدینة تأخذ بید رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لا ینزع منها یده حتی تذهب به حیث شاءت.

و منها أن یتوقی مجالسة المرضی و المعلولین و یتحاشی عنهم و هو كبر دخل رجل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علیه جدری قد یقشر و عنده أصحابه یأكلون فما جلس عند أحد إلا قام من جنبه فأجلسه النبی صلی اللّٰه علیه و آله بجنبه.

و منها أن لا یتعاطی بیده شغلا فی بیته و التواضع خلافه و منها أن لا یأخذ

ص: 206

متاعا و یحمله إلی بیته و هذا خلاف عادة المتواضعین كان رسول اللّٰه یفعل ذلك وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. لَا یَنْقُصُ الرَّجُلُ مِنْ كَمَالِهِ مَا حَمَلَ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَی عِیَالِهِ.

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَیْتُ عَلِیّاً اشْتَرَی لَحْماً بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَهُ فِی مِلْحَفَتِهِ فَقَالَ أَحْمِلُ عَنْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ لَا أَبُو الْعِیَالِ أَحَقُّ أَنْ یَحْمِلَ.

و منها اللباس إذ یظهر به التكبر و التواضع وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِیمَانِ. قیل هی الدون من الثیاب وَ عُوتِبَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی إِزَارٍ مَرْقُوعٍ فَقَالَ: یَقْتَدِی بِهِ الْمُؤْمِنُ وَ یَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ.

وَ قَالَ عِیسَی علیه السلام: جَوْدَةُ الثِّیَابِ خُیَلَاءُ الْقَلْبِ.

وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ زِینَةً لِلَّهِ وَ وَضَعَ ثِیَاباً حَسَنَةً تَوَاضُعاً لِلَّهِ وَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُدْخِلَهُ عَبْقَرِیَّ الْجَنَّةِ.

فإن قلت فقد قال عیسی علیه السلام جودة الثیاب خیلاء القلب وَ قَدْ سُئِلَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله: مِنَ الْجَمَالِ فِی الثِّیَابِ هَلْ هُوَ مِنَ الْكِبْرِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ مِنْ سَفَهِ الْحَقِّ وَ غَمْصِ النَّاسِ.

فكیف طریق الجمع بینهما. فاعلم أن الثوب الجید لیس من ضرورته أن یكون من التكبر فی حق كل أحد فی كل حال و هو الذی أشار إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو الذی عرفه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من حال ثابت بن قیس إذ قال إنی امرؤ حبب إلی الجمال ما تری فعرفه أن میله إلی النظافة و جودة الثیاب لا لیتكبر علی غیره فإنه لیس من ضرورته أن یكون من الكبر و قد یكون ذلك من الكبر كما أن الرضا بالثوب الدون قد یكون من التواضع فإذا انقسمت الأحوال نزل قول عیسی علیه السلام علی بعض الأحوال علی أن قوله خیلاء القلب یعنی قد یورث خیلاء فی القلب و قول نبینا إنه لیس من الكبر یعنی أن الكبر لا یوجبه و یجوز أن لا یوجبه الكبر ثم یكون هو مورثا للكبر.

و بالجملة فالأحوال تختلف فی مثل هذا و المحمود الوسط من اللباس الذی لا یوجب شهرة بالجودة و لا بالرذالة

وَ قَدْ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ الْبَسُوا وَ تَصَدَّقُوا فِی غَیْرِ سَرَفٍ وَ لَا بُخْلٍ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ أَنْ یَرَی أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَی عَبْدِهِ.

ص: 207

و قال بكر بن عبد اللّٰه المزنی البسوا ثیاب الملوك و أمیتوا قلوبكم بالخشیة و إنما خاطب بهذا قوما یطلبون التكبر بثیاب أهل الصلاح

وَ قَالَ عِیسَی علیه السلام: مَا لَكُمْ تَأْتُونِّی وَ عَلَیْكُمْ ثِیَابُ الرُّهْبَانِ وَ قُلُوبُكُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ الضَّوَارِی الْبَسُوا ثِیَابَ الْمُلُوكِ وَ أَلِینُوا قُلُوبَكُمْ بِالْخَشْیَةِ.

و منها أن یتواضع بالاحتمال إذا سب و أوذی و أخذ حقه فذلك هو الأفضل.

و بالجملة فمجامع حسن الأخلاق و التواضع سیرة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فبه ینبغی أن یقتدی و منه ینبغی أن یتعلم و قد قال

ابن أبی سلمة قلت لأبی سعید الخدری ما تری فی ما أحدث الناس من الملبس و المشرب و المركب و المطعم فقال یا ابن أخی كل لله و اشرب لله و كل شی ء من ذلك دخله زهو أو مباهاة أو رئاء أو سمعة فهو معصیة و سرف.

و عالج فی بیتك من الخدمة ما كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یعالج فی بیته كان یعلف الناضح و یعقل البعیر و یقمّ البیت و یحلب الشاة و یخصف النعل و یرقع الثوب و یأكل مع خادمه و یطحن عنه إذا أعیا و یشتری الشی ء من السوق و لا یمنعه الحیاء أن یعلقه بیده أو یجعله فی طرف ثوبه فینقلب إلی أهله یصافح الغنی و الفقیر و الصغیر و الكبیر و یسلم مبتدئا علی كل من استقبله من صغیر أو كبیر أسود أو أحمر حر أو عبد من أهل الصلاة.

لیس له حلة لمدخله و حلة لمخرجه لا یستحیی من أن یجیب إذا دعی و إن كان أشعث أغبر و لا یحقر ما دعی إلیه و إن لم یجد إلا حشف الدقل (1) لا یرفع غداء لعشاء و لا عشاء لغداء هین المقولة لین الخلقة كریم الطبیعة جمیل المعاشرة طلق الوجه بساما من غیر ضحك محزونا من غیر عبوس شدیدا من غیر عنف متواضعا من غیر مذلة جوادا من غیر سرف رحیما بكل

ص: 208


1- 1. فی نسخة الكمبانیّ و شرح الكافی« خشف الزقل» و هو تصحیف، و الحشف: الیابس الفاسد البالی، و الدقل: أردأ التمر.

ذی قربی قریبا من كل ذمی و مسلم رقیق القلب دائم الإطراق لم یبشم قط من شبع و لا یمد یده إلی طمع.

قال أبو سلمة فدخلت علی عائشة فحدثتها كل هذا من أبی سعید فقالت ما أخطأ فیه حرفا و لقد قصر إذ ما أخبرك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یمتلئ قط شبعا و لم یبث إلی أحد شكوی و إن كانت الفاقة أحب إلیه من الیسار و الغنی و إن كان لیظل جائعا یتلوی لیلته حتی یصبح فما یمنعه ذلك عن صیام یومه و لو شاء أن یسأل ربه فیؤتی كنوز الأرض و ثمارها و رغد عیشها من مشارقها و مغاربها لفعل.

و ربما بكیت رحمة له مما أوتی من الجوع فأمسح بطنه بیدی فأقول نفسی لك الفداء لو تبلغت من الدنیا بقدر ما یقوتك و یمنعك من الجوع فیقول یا عائشة إخوانی من أولی العزم من الرسل قد صبروا علی ما هو أشد من هذا فمضوا علی حالهم فقدموا علی ربهم فأكرم مآبهم و أجزل ثوابهم فأجدنی أستحیی إن ترفهت فی معیشتی أن یقصر بی دونهم فأصبر أیاما یسیرة أحب إلی من أن ینقص حظی غدا فی الآخرة و ما من شی ء أحب إلی من اللحوق بإخوانی و أخلائی فقالت عائشة فو اللّٰه ما استكمل بعد ذلك جمعة حتی قبضه اللّٰه تعالی.

فما نقل من أخلاقه صلی اللّٰه علیه و آله یجمع جملة أخلاق المتواضعین فمن طلب التواضع فلیقتد به و من رأی نفسه فوق محله صلی اللّٰه علیه و آله و لم یرض لنفسه بما رضی هو به فما أشد جهله فلقد كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أعظم خلق اللّٰه تعالی منصبا فی الدین و الدنیا فلا عزة و لا رفعة إلا فی الاقتداء به و لذلك لما عوتب بعض الصحابة فی بذاذة هیئته قال أنا قوم أعزنا اللّٰه تعالی بالإسلام فلا نطلب العز فی غیره.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: الْكِبْرُ قَدْ یَكُونُ

ص: 209

فِی شِرَارِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَ الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رِدَاءَهُ لَمْ یَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا سَفَالًا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ فِی بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِینَةِ وَ سَوْدَاءُ تَلْقُطُ السِّرْقِینَ فَقِیلَ لَهَا تَنَحَّیْ عَنْ طَرِیقِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ إِنَّ الطَّرِیقَ لَمُعْرَضٌ فَهَمَّ بِهَا بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْ یَتَنَاوَلَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعُوهَا فَإِنَّهَا جَبَّارَةٌ(1).

بیان: قوله علیه السلام قد یكون أقول یحتمل أن یكون قد للتحقیق و إن كان فی المضارع قلیلا كما قیل فی قوله تعالی قَدْ یَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ (2) قال الزمخشری دخل قد لتوكید العلم و یرجع ذلك إلی توكید الوعید و قیل هو للتقلیل باعتبار قید من كل جنس و قوله من كل جنس أی من كل صنف من أصناف الناس و إن كان دنیا أو من كل جنس من أجناس سبب التكبر من الأسباب التی أشرنا إلیها سابقا و الأول أظهر كما یومئ إلیه قصة السوداء.

و الكبر رداء اللّٰه قَالَ فِی النِّهَایَةِ فِی الْحَدِیثِ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الْعَظَمَةُ إِزَارِی وَ الْكِبْرِیَاءُ رِدَائِی.

ضرب الإزار و الرداء مثلا فی انفراده بصفة العظمة و الكبریاء أی لیستا كسائر الصفات التی قد یتصف بها الخلق مجازا كالرحمة و الكرم و غیرهما و شبههما بالإزار و الرداء لأن المتصف بهما یشملانه كما یشمل الرداء و الإزار الإنسان و لأنه لا یشاركه فی ردائه و إزاره أحد فكذلك اللّٰه لا ینبغی أن یشركه فیهما أحد و مثله الحدیث الآخر تأزر بالعظمة و تردی بالكبریاء و تسربل بالعز انتهی.

قال بعض شراح صحیح مسلم الإزار الثوب الذی یشد علی الوسط و الرداء الذی یمد علی الكتفین و قال محیی الدین و هما لباس و اللباس من خواص الأجسام و هو سبحانه لیس بجسم فهما استعارة للصفة التی هی العظمة و العزة و وجه الاستعارة أن هذین الثوبین لما كانا مختصین بالناس و لا

ص: 210


1- 1. الكافی ج 2 ص 309.
2- 2. النور: 64.

یستغنی عنهما و لا یقبلان الشركة و هما جمال عبر عن العز بالرداء و عن الكبر بالإزار علی وجه الاستعارة المعروفة عند العرب كما یقال فلان شعاره الزهد و دثاره التقوی لا یریدون الثوب الذی هو شعار و دثار بل صفة الزهد كما یقولون فلان غمر الرداء واسع العطیة فاستعاروا لفظ الرداء للعطیة انتهی.

لم یزده اللّٰه إلا سفالا أی فی أعین الخلق مطلقا غالبا علی خلاف مقصوده كما سیأتی أو فی أعین العارفین و الصالحین أو فی القیامة كما سیأتی أنهم یجعلون فی صورة الذر تلقط كتنصر أو علی بناء التفعل بحذف إحدی التاءین فی القاموس لقطة أخذه من

الأرض كالتقطه و تلقطه التقطه من هاهنا و هاهنا و قال السرقین و السرجین بكسرهما الزبل معربا سرگین بالفتح فقیل لها تنحی بالتاء و النون و الحاء المشددة كلها مفتوحة و الیاء الساكنة أمر الحاضرة من باب التفعل أی ابعدی.

لمعرض علی بناء المفعول من الإفعال أو التفعیل و قد یقرأ علی بناء الفاعل من الإفعال فعلی الأولین من قولهم أعرضت الشی ء و عرضته أی جعلته عریضا و علی الثالث من قولهم عرضت الشی ء أی أظهرته فأعرض أی ظهر و هو من النوادر فهم بها أی قصدها أن یتناولها أی یأخذها فینحیها قسرا عن طریقه صلی اللّٰه علیه و آله أو یشتمها من قولهم نال من عرضه أی شتمه و الأول أظهر فإنها جبارة أی متكبرة و ذلك خلقها لا یمكنها تركه أو إذا قهرتموها یظهر منها أكثر من ذلك من البذاء و الفحش.

قال فی النهایة فیه أنه أمر امرأة فتأبت فقال دعوها فإنها جبارة.

أی متكبرة عاتیة و قال الراغب أصل الجبر إصلاح الشی ء بضرب من القهر و تجبر یقال إما لتصور معنی الاجتهاد أو للمبالغة أو لمعنی التكلف و الجبار فی صفة الإنسان یقال لمن یجبر نقیصته بادعاء منزلة من التعالی لا یستحقها و هذا لا یقال إلا علی طریق الذم كقوله تعالی وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ وَ لَمْ یَجْعَلْنِی جَبَّاراً شَقِیًّا(1).

ص: 211


1- 1. إبراهیم: 15، مریم: 32.

إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ (1) كَذلِكَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلی كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ(2) أی متعال عن قبول الحق و الإذعان له و أما فی وصفه تعالی نحو الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ(3) فقد قیل سمی بذلك من قولهم جبرت الفقیر لأنه هو الذی یجبر الناس بفائض نعمه (4)

و قیل لأنه یجبر الناس أی یقهرهم علی ما یریده.

و دفع بعض أهل اللغة ذلك من حیث اللفظ فقال لا یقال من أفعلت فعال فجبار لا یبنی من أجبرت فأجیب عنه بأن ذلك من لفظ الجبر المروی فی قوله لا جبر و لا تفویض لا من الإجبار.

و أنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حیث المعنی فقالوا تعالی اللّٰه عن ذلك و لیس ذلك بمنكر فإن اللّٰه تعالی قد أجبر الناس علی أشیاء لا انفكاك لهم منها حسب ما تقتضیه الحكمة الإلهیة لا علی ما تتوهمه الغواة الجهلة و ذلك لإكراههم علی المرض و الموت و البعث و سخر كلا منهم بصناعة یتعاطاها و طریقه من الأخلاق و الأعمال یتحراها و جعله مجبرا فی صورة مخیر فإما راض بصنعته لا یرید عنها حولا و إما كاره لها یكابدها مع كراهیة لها كأنه لا یجد عنها بدلا قال فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ

حِزْبٍ بِما لَدَیْهِمْ فَرِحُونَ (5) و قال تعالی نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا(6) و علی هذا الحد وصف بالقاهر و هو لا یقهر إلا علی ما تقتضی الحكمة أن یقهر علیه (7).

ص: 212


1- 1. المائدة: 22.
2- 2. غافر: 35.
3- 3. الحشر: 23.
4- 4. فی طبعة الكمبانیّ هاهنا بیاض و هو الصفحة 119 من الجزء الثالث و قد أضفنا ما سقط منها من شرح الكافی ج 2 ص 298، و جعلنا ما سقط بین المعقوفتین.
5- 5. المؤمنون: 53.
6- 6. الزخرف: 32.
7- 7. مفردات غریب القرآن 85 و 86.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: الْعِزُّ رِدَاءُ اللَّهِ وَ الْكِبْرُ إِزَارُهُ فَمَنْ تَنَاوَلَ شَیْئاً مِنْهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ فِی جَهَنَّمَ (1).

بیان: قیل فی علة تشبیه العز بالرداء و الكبر بالإزار إن العزة أمر إضافی كما قیل هی الامتناع من أن ینال و قیل هی الصفة التی تقتضی عدم وجود مثل الموصوف بها و قیل هی الغلبة علی الغیر و الأمر الإضافی أمر ظاهر و الرداء من الأثواب الظاهرة فبینهما مناسبة من جهة الظهور و الكبر بمعنی العظمة و هی صفة حقیقیة إذ العظیم قد یتعاظم فی نفسه من غیر ملاحظة الغیر فهی أخفی من العزة و الإزار ثوب خفی لأنه یستر غالبا بغیره فبینهما مناسبة من هذه الجهة.

أقول: و یحتمل أن یراد بالعز إظهار العظمة و بالكبر نفسها أو بالعز ما یصل إلیه عقول الخلق من كبریائه و بالكبر ما عجز الخلق عن إدراكه أو بالعز ما كان بسبب صفاته العلیة و بالكبر ما كان بحسب ذاته المقدسة و المناسبة علی كل من الوجوه ظاهرة(2).

فمن تناول أی تصرف و أخذ شیئا منه الضمیر راجع إلی كل من

ص: 213


1- 1. الكافی ج 2 ص 309.
2- 2. أقول: و للسیّد الشریف الرضی رضوان اللّٰه علیه فی كتابه المجازات النبویّة ص 282 فی معنی هذا الحدیث مسلك آخر قال قدّس سرّه: و من ذلك قوله علیه السلام فی تعبیر اقوام ذمهم: و رجل ینازع اللّٰه رداءه فان رداءه الكبریاء و ازاره العظمة. و هذا القول مجاز، و المراد بذلك أن الكبریاء و العظمة رداؤه تعالی و ازاره اللذان یكسوهما خلیقته، و یلبسهما بریته، و لا یقدر غیره تعالی علی أن ینزع منهما ما ألبسه، أو یلبس منهما ما نزعه، و المراد بذلك العظمة و الكبریاء علی حقیقتهما، دون ما یعتقده الجهال انه عظمة و كبریاء و لیس بهما، و ذلك مثل ما نشأ هذه من تعظم الجبارین و تكبر المتملكین، فان ذلك لیس بتعظیم من اللّٰه سبحانه لهم و لا بافاضة من ملابس كبریائه. علیهم، و انما العظمة و الكبریاء فی الحقیقة هما الكرامة التی یلقیها اللّٰه سبحانه علی رسله و أنبیائه و القائمین بالقسط من عباده، فیعظمون بها فی العیون، و یحلون فی الصدور و القلوب، و ان كانت هیئاتهم ذمیمة، و ظواهرهم و رقابهم خاضعة، و بطونهم جائعة. فاذا ثبت ما قلنا بأن تسمیة الكبریاء و العظمة رداء اللّٰه و ازاره لیس لانه یكتسیهما و لكن لانه یكسوهما، و ذلك كما یقول القائل و قد رأی علی بعض الناس ثوبا أفاضه علیه عظیم من العظماء أو كریم من الكرماء: هذا ثوب فلان و لم یرد أنّه ملبسه، فأضافه إلیه من حیث كساه لا من حیث اكتساه إلخ.

العز و الكبر و الغالب فی أكب مطاوع كب یقال كبه فأكب و قد یستعمل أكب أیضا متعدیا فی القاموس كبه قلبه و صرعه كأكبه و كبكبه فأكب و هو لازم متعد و فی المصباح كببت زیدا كبا ألقیته علی وجهه فأكب هو و هو من النوادر التی تعدی ثلاثیها و قصر رباعیها و فی التنزیل فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ(1) أَ فَمَنْ یَمْشِی مُكِبًّا عَلی وَجْهِهِ (2).

«4»- كا، [الكافی] عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ(3) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ وَ الْمُتَكَبِّرُ یُنَازِعُ اللَّهَ رِدَاءَهُ (4).

بیان: قال بعض المحققین الإنسان مركب من جوهرین أحدهما أعظم من الآخر و هو الروح التی من أمر الرب و بینها و بین الرب قرب تام لو لا عنان العبودیة لقال كل أحد أنا ربكم الأعلی فكل أحد یحب الربوبیة و لكن یدفعها عن نفسه بالإقرار بالعبودیة و یطلب باعتبار الجوهر الآخر

ص: 214


1- 1. النمل: 27.
2- 2. الملك: 22.
3- 3. الظاهر أنّه: عن معمر بن عمر، عن عطا، كما یظهر من كتب الرجال، منه رحمه اللّٰه.
4- 4. الكافی ج 2 ص 309.

المركوز فیه القوة الشهویة و الغضبیة آثار الربوبیة و خواصها و هی أن یكون فوق كل شی ء و أعلی رتبة منه و یغفل عن أن هذا فی الحقیقة دعوی الربوبیة و كذلك كل صفة من الصفات الرذیلة تتولد من ادعاء آثار الربوبیة كالغضب و الحسد و الحقد و الرئاء و العجب فإن الغضب من جهة الاستیلاء اللازم للربوبیة و الحسد من جهة أنه یكره أن یكون أحد أفضل منه فی الدین و الدنیا و هو أیضا من لوازمها و الحقد یتولد من احتقان الغضب فی الباطن و الرئاء من جهة أنه یرید ثناء الخلق و العجب من جهة أنه یری ذاته كاملة و كل ذلك من آثار الربوبیة و قس علیه سائر الرذائل فإنك إن فتشتها وجدتها مبنیة علی ادعاء الربوبیة و الترفع.

«5»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ لَیْثٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ أَكَبَّهُ اللَّهُ فِی النَّارِ(1).

بیان: شیئا من ذلك أی فی شی ء من الكبر.

«6»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام قَالا: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ(2).

بیان: الذر النمل الأحمر الصغیر واحدتها ذرة و سئل تغلب عنها فقال إن مائة نملة وزن حبة و الذرة واحدة منها و قیل الذرة لیس لها وزن و یراد بها ما یری فی شعاع الشمس الداخل فی النافذة.

و قال فیه لا یدخل الجنة من فی قلبه مثقال حبة من خردل من كبر یعنی كبر الكفر و الشرك كقوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِینَ (3) أ لا تری أنه قابلة فی نقیضه بالإیمان فقال و لا یدخل النار

ص: 215


1- 1. الكافی ج 2 ص 309.
2- 2. الكافی ج 2 ص 310.
3- 3. غافر: 60.

من فی قلبه مثل ذلك من الإیمان أراد دخول تأبید و قیل أراد إذا دخل الجنة نزع ما فی قلبه من الكبر كقوله تعالی وَ نَزَعْنا ما فِی صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ (1) انتهی.

و أقول التأویل الأول حسن و موافق لما فی الخبر الآتی و أما الثانی فلا یخفی بعده لأن المقصود ذم التكبر و تحذیره لا تبشیره برفع الإثم عنه و لذا حمله بعضهم علی المستحل أو عدم الدخول ابتداء بل بعد المجازاة و ما فی الخبر أصوب.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْكِبْرِ قَالَ فَاسْتَرْجَعْتُ فَقَالَ مَا لَكَ تَسْتَرْجِعُ قُلْتُ لِمَا سَمِعْتُ مِنْكَ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ (2) إِنَّمَا أَعْنِی الْجُحُودَ إِنَّمَا هُوَ الْجُحُودُ(3).

بیان: فاسترجعت یقال أرجع فرجع و استرجع فی المصیبة قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ كما فی القاموس و إنما قال ذلك لأنه استشعر بالهلاك و استحقاق دخول النار بحمل الكلام علی ظاهره لأنه كان متصفا ببعض الكبر إنما هو الجحود أی المراد بالكبر إنكار اللّٰه سبحانه أو إنكار أنبیائه أو حججه علیهم السلام و الاستكبار عن إطاعتهم و قبول أوامرهم و نواهیهم مثل تكبر إبلیس لعنه اللّٰه فإنه لما كان مقرونا بالجحود و الإباء عن طاعة اللّٰه و الاستصغار لأمره كما دل علیه قوله لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ (4) و قوله أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِیناً(5) كان سببا لكفره و الكفر یوجب الحرمان من الجنة أبدا و هذا

ص: 216


1- 1. الأعراف: 43، الحجر: 47.
2- 2. إلی هنا انتهی ما أثبتناه من شرح الكافی و متنه فی محل بیاض الصفحة 119 من الجزء الثالث من نسخة الكمبانیّ فراجع.
3- 3. الكافی ج 2 ص 310.
4- 4. الحجر: 33.
5- 5. أسری: 61.

أحد التأویلات للروایات الدالة علی أن صاحب الكبر لا یدخل الجنة كما عرفت و كان المقصود أن هذا الوعید مختص بكبر الجحود لا أن غیره لا یتعلق به الوعید مطلقا و التكریر للتأكید.

«8»- كا، [الكافی] عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْكِبْرُ أَنْ تَغْمِصَ النَّاسَ وَ تَسْفَهَ الْحَقَ (1).

بیان: أن تغمص الناس أی تحقرهم و المراد إما مطلق الناس أو الحجج و الأئمة علیهم السلام كما ورد فی الأخبار أنهم الناس كما قال تعالی ثُمَّ أَفِیضُوا مِنْ حَیْثُ أَفاضَ النَّاسُ (2) فی القاموس غمصه كضرب و سمع احتقره كاغتمصه و عابه و تهاون بحقه و النعمة لم یشكرها و قال سفه نفسه و رأیه مثلثة حمله علی السفه أو نسبه إلیه أو أهلكه و سفه كفرح و كرم علینا جهل و سفه تسفیها جعله سفیها كسفهه كعلمه أو نسبه إلیه و سفه صاحبه كنصر غلبه فی المسافهة.

و فی النهایة فیه إنما ذلك من سفه الحق و غمص الناس أی احتقرهم و لم یرهم شیئا تقول منه غمص الناس یغمصهم غمصا و قال فیه إنما البغی من سفه الحق أی من جهله و قیل جهل نفسه و لم یفكر فیها و رواه الزمخشری من سفه الحق علی أنه اسم مضاف إلی الحق قال و فیه وجهان أحدهما أن یكون علی حذف الجار و إیصال الفعل كان الأصل سفه علی الحق و الثانی أن یضمن معنی فعل متعد كجهل و المعنی الاستخفاف بالحق و أن لا یراه علی ما هو علیه من الرجحان و الرزانة و قال أیضا فیه و لكن الكبر من بطر الحق أی ذو الكبر أی كبر من بطر كقوله تعالی وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقی (3) و هو

ص: 217


1- 1. الكافی ج 2 ص 310.
2- 2. البقرة: 199.
3- 3. البقرة: 189.

أن یجعل ما جعله حقا من توحیده و عبادته باطلا و قیل و هو أن یتجبر عند الحق فلا یراه حقا و قیل هو أن یتكبر عن الحق فلا یقبله.

«9»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی بْنِ أَعْیَنَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَعْظَمَ الْكِبْرِ غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ قَالَ قُلْتُ وَ مَا غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ قَالَ یَجْهَلُ الْحَقَّ وَ یَطْعُنُ عَلَی أَهْلِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رِدَاءَهُ (1).

بیان: قال یجهل الحق النشر علی خلاف ترتیب اللف و كأن المراد بالخلق هنا أیضا أهل الحق و أئمة الدین كالناس فی الخبر السابق و الجملتان متلازمتان فإن جهل الحق أی عدم الإذعان به و إنكاره تكبرا یستلزم الطعن علی أهله و تحقیرهم و هما لازمتان للجحود فالتفاسیر كلها یرجع إلی واحد.

فمن فعل ذلك فقد نازع اللّٰه قیل فإن قلت الغمص و السفه بالتفسیر المذكور لیسا من صفات اللّٰه تعالی و ردائه فكیف نازعه فی ذلك قلت الغمص و السفه أثران من آثار الكبر ففاعل ذلك ینازع اللّٰه من حیث الملزوم علی أنه لا یبعد أن یراد بهما الملزوم مجازا و هو الكبر البالغ إلی هذه المرتبة.

و أقول یحتمل أن یكون المنازعة من حیث إنه إذا لم یقبل إمامة أئمة الحق و نصب غیرهم لذلك فقد نازع اللّٰه فی نصب الإمامة و بیان الحق و هما مختصان به كما أطلق لفظ المشرك فی كثیر من الأخبار علی من فعل ذلك.

«10»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی جَهَنَّمَ لَوَادِیاً لِلْمُتَكَبِّرِینَ یُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شِدَّةَ حَرِّهِ وَ سَأَلَهُ أَنْ یَأْذَنَ لَهُ أَنْ یَتَنَفَّسَ فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ (2).

بیان: فی القاموس الوادی مفرج بین جبال أو تلال أو آكام و أقول ذلك إشارة إلی قوله تعالی تَرَی الَّذِینَ كَذَبُوا عَلَی اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَیْسَ

ص: 218


1- 1. الكافی ج 2 ص 310.
2- 2. الكافی ج 2 ص 310.

فِی جَهَنَّمَ مَثْویً لِلْمُتَكَبِّرِینَ (1) و قال بعد ذكر المشركین فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها فَلَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (2) و قال سبحانه بعد ذكر الكفار و دخولهم النار فَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ فی موضعین (3)

و إلی قوله عز و جل ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ إلی قوله كُنَّا نُكَذِّبُ بِیَوْمِ الدِّینِ (4) و إلی قوله بعد ذكر المكذبین بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله و بالقرآن سَأُصْلِیهِ سَقَرَ وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِی وَ لا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ(5).

و فی النهایة سقر اسم أعجمی لنار الآخرة و لا ینصرف للعجمة و التعریف و قیل هو من قولهم سقرته الشمس أذابته فلا ینصرف للتأنیث و التعریف.

و أقول یظهر من الآیات أن المراد بالمتكبرین فی الخبر من تكبر علی اللّٰه و لم یؤمن به و بأنبیائه و حججه علیهم السلام و الشكایة و السؤال إما بلسان الحال أو المقال منه بإیجاد اللّٰه الروح فیه أو من الملائكة الموكلین به و الإسناد علی المجاز و كأن المراد بتنفسه خروج لهب منه و بإحراق جهنم تسخینها أشد مما كان لها أو إعدامها أو جعلها رمادا فأعادها اللّٰه تعالی كما كانت.

«11»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَخِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ الْمُتَكَبِّرِینَ یُجْعَلُونَ فِی صُوَرِ الذَّرِّ یَتَوَطَّؤُهُمُ النَّاسُ حَتَّی یَفْرُغَ اللَّهُ مِنَ الْحِسَابِ (6).

بیان: یدل علی أنه یمكن أن یخلق الإنسان یوم القیامة أصغر مما كان مع بقاء الأجزاء الأصیلة أو بعضها فیه ثم یضاف إلیه سائر الأجزاء فیكبر إذ یبعد التكاثف إلی هذا الحد و یمكن أن یكون المراد أنهم یخلقون كبارا

ص: 219


1- 1. الزمر: 60.
2- 2. النحل: 29، و ما بین العلامتین ساقط من الكمبانیّ.
3- 3. غافر: 76، الزمر: 72.
4- 4. المدّثّر: 42.
5- 5. المدّثّر: 26- 28.
6- 6. الكافی ج 2 ص 311.

بهذه الصور فإنها أحقر الصور فی الدنیا معاملة معهم بنقیض مقصودهم أو یكون المراد بالصورة الصفة أی یطؤهم الناس كما یطئون الذر فی الدنیا.

و فی بعض أخبار العامة یحشر المتكبرون أمثال الذر فی صورة الرجال و قال بعض شراحهم أی یحشرهم أذلاء یطؤهم الناس بأرجلهم بدلیل أن الأجساد تعاد علی ما كانت علیه من الأجزاء غرلا یعاد منهم ما انفصل عنهم من الغلفة(1) و قرینة المجاز قوله فی صورة الرجال.

و قال بعضهم یعنی أن صورهم صور الإنسان و جثثهم كجثث الذر فی الصغر و هذا أنسب بالسیاق لأنهم شبهوا بالذر و وجه الشبه إما صغر الجثة أو الحقارة و قوله فی صورة الرجال بیان للوجه و حدیث الأجساد تعاد علی ما كانت علیه لا ینافیه لأنه قادر علی إعادة تلك الأجزاء الأصلیة فی مثل الذر.

«12»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا الْكِبْرُ فَقَالَ أَعْظَمُ الْكِبْرِ أَنْ تَسْفَهَ الْحَقَّ وَ تَغْمِصَ النَّاسَ قُلْتُ وَ مَا تَسَفُّهُ الْحَقِّ قَالَ تَجْهَلُ الْحَقَّ وَ تَطْعُنُ عَلَی أَهْلِهِ (2).

بیان: فقال ما تسفه الحق أی ما معنی هذه الجملة و یمكن أن یقرأ بصیغة المصدر من باب التفعل و كأنه سئل عن الجملتین معا و اكتفی بذكر إحداهما أی إلی آخر الكلام بقرینة الجواب أو كان غرضه السؤال عن الأولی فذكر علیه السلام الثانیة أیضا لتلازمهما أو لعلمه بعدم فهم الثانیة أیضا.

«13»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّنِی آكُلُ الطَّعَامَ الطَّیِّبَ وَ أَشَمُّ الرِّیحَ الطَّیِّبَةَ

ص: 220


1- 1. الغلفة: جلیدة یقطعها الخاتن و یقال لها: القلفة بالقاف أیضا و الغرلة، و الجمع غلف، و غرلا أی غیر مختونین جمع اغرل، و الأنثی غرلاء.
2- 2. الكافی ج 2 ص 311.

وَ أَرْكَبُ الدَّابَّةَ الْفَارِهَةَ وَ یَتْبَعُنِی الْغُلَامُ فَتَرَی فِی هَذَا شَیْئاً مِنَ التَّجَبُّرِ فَلَا أَفْعَلُهُ فَأَطْرَقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا الْجَبَّارُ الْمَلْعُونُ مَنْ غَمَصَ النَّاسَ وَ جَهِلَ الْحَقَّ قَالَ عُمَرُ قُلْتُ أَمَّا الْحَقُّ فَلَا أَجْهَلُهُ وَ الْغَمْصُ لَا أَدْرِی مَا هُوَ قَالَ مَنْ حَقَّرَ النَّاسَ وَ تَجَبَّرَ عَلَیْهِمْ فَذَلِكَ الْجَبَّارُ(1).

بیان: فی النهایة دابة فارهة أی نشیطة حادة قویة انتهی و كان السائل إنما سأل عن هذه الأشیاء لأنها سیرة المتكبرین لتفرعها علی الكبر و كون الكبر سبب ارتكابها غالبا فأجاب علیه السلام ببیان معنی التكبر لیعلم أنها إن كانت مستلزمة للتكبر فلا بد من تركها و إلا فلا كیف و سیأتی أن اللّٰه جمیل یحب الجمال و إطراقه و سكوته علیه السلام للإشعار بأنها فی محل الخطر و مستلزمة للتكبر ببعض معانیه و التجبر التكبر و الجبار العاتی.

«14»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثَةٌ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ شَیْخٌ زَانٍ وَ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ مُقِلٌّ مُخْتَالٌ (2).

بیان: لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ إشارة إلی قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (3) و المعنی لا یكلمهم كلام رضا بل كلام سخط مثل اخْسَؤُا فِیها وَ لا تُكَلِّمُونِ (4).

و قیل لا یكلمهم بلا واسطة بل الملائكة یتعرضون لحسابهم و عتابهم و قیل هو كنایة عن الإعراض و الغضب فإن من غضب علی أحد قطع كلامه و قیل أی لا ینتفعون بكلام اللّٰه و آیاته و معنی لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ أنه لا ینظر إلیهم

ص: 221


1- 1. الكافی ج 2 ص 311.
2- 2. الكافی ج 2 ص 311.
3- 3. آل عمران: 77.
4- 4. المؤمنون: 108.

نظر الكرامة و العطف و البر و الرحمة و الإحسان لضعفهم و حقارتهم عنده أو كنایة عن شدة الغضب لأن من اشتد غضبه علی أحد استهان به و أعرض عنه و عن التكلم معه و الالتفات نحوه كما أن من اعتد بغیره یقاوله و یكثر النظر إلیه.

و قیل فی قوله یَوْمَ الْقِیامَةِ إشعار بأن المعاصی المذكورة بل غیرها أیضا لا تمنع من إیصال الخیر و النعمة إلیهم فی الدنیا لأن إفضاله فیها یعم الأبرار و الفجار تأكیدا للحجة علیهم.

وَ لا یُزَكِّیهِمْ أی لا یطهرهم من ذنوبهم أو لا یقبل عملهم أو لا یثنی علیهم و تخصیص الثلاثة بالذكر لیس لأجل أن غیرهم معذور بل لأن عقوبتهم أعظم و أشد لأن المعصیة مع وجود الصارف عنها و عدم الداعی القوی علیها أقبح و أشنع.

و ذلك فی الشیخ لانكسار قوته و انطفاء شهوته و طول أعذاره و مدته و قرب الانتقال إلی اللّٰه فهو حری بأن یتدارك ما فات و یستعد لما هو آت فإذا ارتكب الزنا أشعر ذلك بأنه غیر مقر بالدین و مستخف بنهی رب العالمین فلذا استحق العذاب المهین و فیه إشعار بأن الشیخ فی أكثر المعاصی بل [جمیعها أشد عقوبة من الشاب و علی أن الشاب بالعفة أمدح من الشیخ و الصارف للملك عن كونه جبارا مشاهدة كمال نعمه تعالی علیه](1) حیث سلطه علی عباده و بلاده و جعلهم تحت یده و قدرته فاقتضی ذلك أن یشكر منعمه و یعدل بین خلق اللّٰه و یرتدع عن الظلم و الفساد و یشاهد ضعفه بین یدی الملك المنان فإذا قابل كل ذلك بالكفران استحق عذاب النیران.

و الصارف للمقل الفقیر عن الاختیال و الاستكبار فقره لأن الاختیال أنما هو بالدنیا و لیست عنده فاختیاله عناد و من عاند ربه العظیم صار محروما

ص: 222


1- 1. أضفنا ما بین العلامتین من شرح الكافی ج 2 ص 300.

من رحمته و له عذاب ألیم.

و أقول یحتمل أن لا یكون تخصیص الملك لكون الصارف فیه أكثر بل لكونه أقوی علی الظلم و أقدر.

و فی الصحاح أقل افتقر و قال الراغب الخیلاء التكبر عن تخیل فضیلة تراءت للإنسان من نفسه و منها یتأول لفظ الخیل لما قیل إنه لا یركب أحد فرسا إلا وجد فی نفسه نخوة(1) و فی النهایة فیه من جر ثوبه خیلاء لم ینظر اللّٰه إلیه الخیلاء بالضم و الكسر الكبر و العجب یقال اختال فهو مختال و فیه خیلاء و مخیلة أی كبر.

«15»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَیْدٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ علیه السلام لَمَّا قَدِمَ عَلَیْهِ الشَّیْخُ یَعْقُوبُ علیه السلام دَخَلَهُ عِزُّ الْمُلْكِ فَلَمْ یَنْزِلْ إِلَیْهِ فَهَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا یُوسُفُ ابْسُطْ رَاحَتَكَ فَخَرَجَ مِنْهَا نُورٌ سَاطِعٌ فَصَارَ فِی جَوِّ السَّمَاءِ فَقَالَ یُوسُفُ علیه السلام مَا هَذَا النُّورُ الَّذِی خَرَجَ مِنْ رَاحَتِی فَقَالَ نُزِعَتِ النُّبُوَّةُ عَنْ عَقِبِكَ عُقُوبَةً لِمَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَی الشَّیْخِ یَعْقُوبَ فَلَا یَكُونُ مِنْ عَقِبِكَ نَبِیٌ (2).

بیان: الملك بضم المیم و سكون اللام السلطنة و بفتح المیم و كسر اللام السلطان و بكسر المیم و سكون اللام ما یملك و إضافة العز إلیه لامیة و النزول إما عن الدابة أو عن السریر و كلاهما مرویان و ینبغی حمله علی أن ما دخله لم یكن تكبرا أو تحقیرا لوالده لكون الأنبیاء منزهین عن أمثال ذلك بل راعی فیه المصلحة لحفظ عزته عند عامة الناس لتمكنه من سیاسة الخلق و ترویج الدین إذ كان نزول الملك عندهم لغیره موجبا لذلة و كان رعایة الأدب للأب مع نبوته و مقاساة الشدائد لحبه أهم و أولی من رعایة تلك المصلحة فكان هذا منه علیه السلام تركا للأولی فلذا عوتب علیه و خرج نور النبوة من صلبه لأنهم لرفعة شأنهم و علو درجتهم یعاتبون بأدنی شی ء فهذا كان شبیها بالتكبر و لم

ص: 223


1- 1. مفردات غریب القرآن 162.
2- 2. الكافی ج 2 ص 311.

یكن تكبرا فصار فی جو السماء أی استقر هناك أو ارتفع إلی السماء.

«16»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ فِی رَأْسِهِ حَكَمَةٌ وَ مَلَكٌ یُمْسِكُهَا فَإِذَا تَكَبَّرَ قَالَ لَهُ اتَّضِعْ وَضَعَكَ اللَّهُ فَلَا یَزَالُ أَعْظَمَ النَّاسِ فِی نَفْسِهِ وَ أَصْغَرَ النَّاسِ فِی أَعْیُنِ النَّاسِ وَ إِذَا تَوَاضَعَ رَفَعَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَالَ لَهُ انْتَعِشْ نَعَشَكَ اللَّهُ فَلَا یَزَالُ أَصْغَرَ النَّاسِ فِی نَفْسِهِ وَ أَرْفَعَ النَّاسِ فِی أَعْیُنِ النَّاسِ (1).

بیان: قال الجوهری حكمة اللجام ما أحاط بالحنك و قال فی النهایة یقال أحكمت فلانا أی منعته و منه سمی الحاكم لأنه یمنع الظالم و قیل هو من حكمت الفرس و أحكمته إذا قدعته و كففته و منه الحدیث ما من آدمی إلا و فی رأسه حكمة و فی روایة فی رأس كل عبد حكمة إذا هم بسیئة فإن شاء اللّٰه أن یقدعه بها قدعه الحكمة حدیدة فی اللجام تكون علی أنف الفرس و حنكه تمنعه عن مخالفة راكبه و لما كانت الحكمة تأخذ بفم الدابة و كان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هی فی رأسه كما تمنع الحكمة الدابة و منه الحدیث أن العبد إذا تواضع رفع اللّٰه حكمته أی قدره و منزلته یقال له عندنا حكمة أی قدر و فلان عالی الحكمة و قیل الحكمة من الإنسان أسفل وجهه مستعار من موضع حكمة اللجام و رفعها كنایة عن الإعزاز لأن فی صفة الذلیل تنكیل رأسه انتهی.

و قیل المراد بالحكمة هنا الحالة المقتضیة لسلوك سبیل الهدایة علی سبیل الاستعارة و بإمساك الملك إیاها إرشاده إلی ذلك السبیل و نهیه عن العدول عنه.

اتضع أمر تكوینی أو شرعی وضعك اللّٰه دعاء علیه و دعاء الملك مستجاب أو إخبار بأن اللّٰه أمر بوضعك و قدر مذلتك رفعها اللّٰه أی الحكمة و إنما غیر الأسلوب و لم ینسبها إلی الملك لأن نسبة الخیر و اللطف إلی اللّٰه

ص: 224


1- 1. الكافی ج 2 ص 312.

تعالی أنسب و إن كان الكل بأمره تعالی و قیل هو التنبیه علی أن الرفع مترتب علی التواضع من غیر حاجة إلی دعاء الملك بخلاف الوضع فإنه غیر مترتب علی التكبر ما لم یدعو الملك علیه بالوضع و ما ذكرنا أنسب.

ثم قال له أی الرب تعالی أو الملك انتعش یحتمل الوجهین المتقدمین یقال نعشه اللّٰه كمنعه و أنعشه أی أقامه و رفعه و نعشه فانتعش أی رفعه فارتفع نعشك اللّٰه أیضا إما إخبار بما وقع من الرفع أو دعاء له بالثبات و الاستمرار.

و أقول هذا الخبر فی طرق العامة هكذا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ لَهُ مَلَكَانِ وَ عَلَیْهِ حَكَمَةٌ یُمْسِكَانِهِ بِهَا فَإِنْ هُوَ رَفَعَ نَفْسَهُ جَبَذَاهَا ثُمَّ قَالا اللَّهُمَّ ضَعْهُ فَإِنْ وَضَعَ نَفْسَهُ قَالا اللَّهُمَّ ارْفَعْهُ.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ شَعِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا مِنْ أَحَدٍ یَتِیهُ إِلَّا مِنْ ذِلَّةٍ یَجِدُهَا فِی نَفْسِهِ (1).

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ تَكَبَّرَ أَوْ تَجَبَّرَ إِلَّا لِذِلَّةٍ وَجَدَهَا فِی نَفْسِهِ.

بیان: فی النهایة فیه إنك امرؤ تائه أی متكبر أو ضال متحیر و قد تاه یتیه تیها إذا تحیر و ضل و إذا تكبر انتهی.

أو تجبر یمكن أن یكون التردید من الراوی و إن كان منه علیه السلام فیدل علی فرق بینهما فی المعنی كما یومئ إلیه قوله تعالی الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ و فی الخبر إیماء علی أن التكبر أقوی من التجبر و یمكن أن یقال فی الفرق بینهما إن التجبر یدل علی جبر الغیر و قهره علی ما أراد بخلاف التكبر فإنه جعل نفسه أكبر و أعظم من غیره و إن كانا متلازمین غالبا.

ثم اعلم أن الخبرین یحتملان وجوها الأول أن یكون المراد أن التكبر ینشأ من دناءة النفس و خستها و رداءتها الثانی أن یكون المعنی أن التكبر أنما

ص: 225


1- 1. الكافی ج 2 ص 312.

یكون فیمن كان ذلیلا فعز و أما من نشأ فی العزة لا یتكبر غالبا بل شأنه التواضع الثالث أن التكبر أنما یكون فیمن لم یكن له كمال واقعی فیتكبر لإظهار الكمال الرابع أن یكون المراد المذلة عند اللّٰه أی من كان عزیزا ذا قدر و منزلة عند اللّٰه لا یتكبر الخامس ما قیل إن اللام لام العاقبة أی یصیر ذلیلا بسبب التكبر.

«18»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ علیه السلام: وَ مَنْ ذَهَبَ أَنَّ لَهُ عَلَی الْآخَرِ فَضْلًا فَهُوَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِینَ فَقُلْتُ إِنَّمَا یَرَی أَنَّ لَهُ عَلَیْهِ فَضْلًا بِالْعَافِیَةِ إِذَا رَآهُ مُرْتَكِباً لِلْمَعَاصِی فَقَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ فَلَعَلَّهُ أَنْ یَكُونَ غُفِرَ لَهُ مَا أَتَی وَ أَنْتَ مَوْقُوفٌ مُحَاسَبٌ أَ مَا تَلَوْتَ قِصَّةَ سَحَرَةِ مُوسَی علیه السلام الْحَدِیثَ (1).

«19»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّی عَدَّ تِسْعَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَا إِنَّكَ عَاشِرُهُمْ فِی النَّارِ(2).

بیان: أما إنك عاشرهم فی النار أی إن آباءك كانوا كفارا و هم فی النار فما معنی افتخارك بهم و أنت أیضا مثلهم فی الكفر باطنا إن كان منافقا أو ظاهرا أیضا إن كان كافرا فلا وجه لافتخارك أصلا و الحاصل أن عمدة أسباب الفخر بل أشیعها و أكثرها الفخر بالآباء و هو باطل لأن الآباء إن كانوا ظلمة أو كفرة فهم من أهل النار فینبغی أن یتبرأ منهم لا أن یفتخر بهم و إن كانوا باعتبار أن لهم مالا فلیعلم أن المال لیس بكمال یقع به الافتخار بل ورد فی ذمه كثیر من الأخبار و لو كان كمالا كان لهم لا له و العاقل لا یفتخر بكمال غیره [و إن كان باعتبار أنه كان خیرا أو فاضلا أو عالما فهذا جهل من حیث إنه تعزز بكمال غیره](3) و لذلك قیل: لئن فخرت بآباء ذوی شرف*** لقد صدقت و لكن بئس ما ولدوا

فالمتكبر بالنسب إن كان خسیسا فی صفات ذاته فمن أین یجبر خسّته كمال غیره و أیضا ینبغی أن یعرف نسبه الحقیقی فیعرف أباه و جده فإن أباه نطفة

ص: 226


1- 1. الكافی ج 8 ص 128 فی حدیث طویل.
2- 2. الكافی ج 2 ص 329.
3- 3. راجع شرح الكافی ج 2 ص 316.

قذرة و جده البعید تراب ذلیل و قد عرّفه اللّٰه نسبه فقال الَّذِی أَحْسَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ (1) فمن أصله من التراب المهین الذی یداس بالأقدام ثم خمر طینه حتی صار حمأ مسنونا كیف یتكبر و أخس الأشیاء ما إلیه نسبه فإن قال افتخرت بالأب فالنطفة و المضغة أقرب إلیه من الأب فلیحتقر نفسه بهما.

و السبب الثانی الحسن و الجمال فإن افتخر به فلیعلم أنه قد یزول بأدنی الأمراض و الأسقام و ما هو فی عرضة الزوال لیس بكمال یفتخر به و لینظر أیضا إلی أصله و ما خلق منه كما مر و إلی ما یصیر إلیه فی القبر من جیفة منتنة و إلی ما فی بطنه من الخبائث مثل الأقذار التی فی جمیع أعضائه و الرجیع الذی فی أمعائه و البول الذی فی مثانته و المخاط الذی فی أنفه و الوسخ الذی فی أذنیه و الدم الذی فی عروقه و الصدید الذی تحت بشرته إلی غیر ذلك من المقابح و الفضائح فإذا عرف ذلك لم یفتخر بجماله الذی هو كخضراء الدمن.

الثالث القوة و الشجاعة فمن افتخر بهما فلیعلم أن الذی خلقه هو أشد منه قوة و أن الأسد و الفیل أقوی منه و أن أدنی العلل و الأمراض یجعله أعجز من كل عاجز و أذل من كل ذلیل و أن البعوضة لو دخلت فی أنفه أهلكته و لم یقدر علی دفعها.

الرابع الغنی و الثروة و الخامس كثرة الأنصار و الأتباع و العشیرة و قرب السلاطین و الاقتدار من جهتهم و الكبر و الفخر لهذین السببین أقبح لأنه أمر خارج عن ذات الإنسان و صفاته فلو تلف ماله أو غصب أو نهب أو تغیر علیه السلطان و عزله لبقی ذلیلا عاجزا و إن من فرق الكفار من هو أكثر منه مالا و جاها فالمتكبر بهما فی غایة الجهل.

السادس العلم و هو أعظم الأسباب و أقواها فإنه كمال نفسانی عظیم عند اللّٰه تعالی و عند الخلائق و صاحبه معظم عند جمیع المخلوقات فإذا تكبر

ص: 227


1- 1. السجدة: 7 و 8.

العالم و افتخر فلیعلم أن خطر أهل العلم أكثر من خطر أهل الجهل و أن اللّٰه تعالی یحتمل من الجاهل ما لا یحتمل من العالم و أن العصیان مع العلم أفحش من العصیان مع الجهل و أن عذاب [العالم أشد من عذاب الجاهل و أنه تعالی شبه العالم الغیر العامل تارة بالحمار و تارة بالكلب و أن الجاهل](1) أقرب إلی السلامة من العالم لكثرة آفاته و أن الشیاطین أكثرهم علی العالم و أن سوء العاقبة و حسنها أمر لا یعلمه إلا اللّٰه سبحانه فلعل الجاهل یكون أحسن عاقبة من العالم.

السابع العبادة و الورع و الزهادة و الفخر فیها أیضا فتنة عظیمة و التخلص منها صعب فإذا غلب علیه فلیتفكر أن العالم أفضل منه فلا ینبغی أن یفتخر علیه و لا ینبغی أیضا أن یفتخر علی من تأخر عنه فی العمل أیضا إذ لعل قلیل عمله یكون مقبولا و كثیر عمله مردودا و لا علی الجاهل و الفاسق إذ قد یكون لهما خصلة خفیة و صفة قلبیة موجبة لقرب الرب سبحانه و رحمته و لو فرض خلوهما عن جمیع ذلك بالفعل فلعل الأحوال فی العاقبة تنعكس و قد وقع مثل ذلك كثیرا و لو فرض عدم ذلك فلیتصور أن تكبره فی نفسه شرك فیحبط عمله فیصیر هو فی الآخرة مثلهم بل أقبح منهم وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

«20»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: آفَةُ الْحَسَبِ الِافْتِخَارُ وَ الْعُجْبُ (2).

بیان: الحسب الشرف و المجد الحاصل من جهة الآباء و قد یطلق علی الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة و الأخلاق الكریمة و إن لم تكن من جهة الآباء فی القاموس الحسب ما تعده من مفاخر آبائك أو المال أو الدین أو الكرم أو الشرف فی الفعل أو الفعال الصالح أو الشرف الثابت فی الآباء أو البال أو الحسب و الكرم قد یكونان لمن لا آباء له شرفاء و الشرف و المجد لا یكونان

ص: 228


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 316.
2- 2. الكافی ج 2 ص 328 و مثله فی ص 329.

إلا بهم.

و أقول الخبر یحتمل وجوها الأول أن لكل شی ء آفة تضیعه و آفة الشرافة من جهة الآباء الافتخار و العجب الحاصلان منها فإنه یبطل بهما هذا الشرف الحاصل له بتوسط الغیر عند اللّٰه و عند الناس الثانی أن المراد بالحسب الأخلاق الحسنة و الأفعال الصالحة و تضییعها الافتخار بهما و ذكرهما و الإعجاب بهما كما مر الثالث أن یكون المراد به أن الحسب یستتبع آفة الافتخار و یوجبها لأن آفة الافتخار بالحسب تضییعه كما قیل و الأول أظهر الوجوه.

«21»- كا، [الكافی] عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَنَانٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِیرٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَا عُقْبَةُ بْنُ بَشِیرٍ الْأَسَدِیُّ وَ أَنَا فِی الْحَسَبِ الضَّخْمِ مِنْ قَوْمِی قَالَ فَقَالَ مَا تَمُنُّ عَلَیْنَا بِحَسَبِكَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی رَفَعَ بِالْإِیمَانِ مَنْ كَانَ النَّاسُ یُسَمُّونَهُ وَضِیعاً إِذَا كَانَ مُؤْمِناً وَ وَضَعَ بِالْكُفْرِ مَنْ كَانَ النَّاسُ یُسَمُّونَهُ شَرِیفاً إِذَا كَانَ كَافِراً فَلَیْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا بِالتَّقْوَی (1).

بیان: فی القاموس الضخم بالفتح و التحریك العظیم من كل شی ء ما تمن ما للاستفهام الإنكاری أو نافیة فلیس لأحد إشارة إلی قوله تعالی یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثی وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (2) و كفی بهذه الآیة واعظا و زاجرا عن الكبر و الفخر.

«22»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: عَجَباً لِلْمُخْتَالِ الْفَخُورِ وَ إِنَّمَا خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ یَعُودُ جِیفَةً وَ هُوَ فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ لَا یَدْرِی مَا یُصْنَعُ بِهِ (3).

بیان: عجبا بالتحریك مصدر باب علم و هو إما بتقدیر حرف النداء

ص: 229


1- 1. الكافی ج 2 ص 328.
2- 2. الحجرات: 13.
3- 3. الكافی ج 2 ص 329 و مثله فی ص 328 و فیه« عجبا للمتكبر الفخور» و علیه یبتنی شرح المؤلّف.

أو مفعول مطلق لفعل محذوف أی أعجب عجبا فعلی الأول للمتكبر صفة لقوله عجبا و علی الثانی خبر مبتدأ محذوف بتقدیر هو للمتكبر و الضمیر المحذوف راجع إلی عجبا.

و قال النحویون لا یمكن أن یكون صفة لعجبا لأن الفعل كما لا یكون موصوفا فكذلك النائب الوجوبی له لا یكون موصوفا و حذف الفعل و إقامة المصدر مقامه فی تلك المواضع واجب.

و أقول هذا الخبر و أمثاله نسخ أدویة من الحكماء الربانیة لمعالجة أعظم الأدواء الروحانیة و هو الفخر المترتب علی الكبر و حاصلها أن فی الإنسان كثیر من صفات النقصان و إن كان فیه كمال فمن رب الإنس و الجان فلا یلیق به أن یفتخر علی غیره من الإخوان و فیها إشعار بأن دفع هذا المرض باختیاره و علاجه مركب من أجزاء علمیة و عملیة.

فأما العلمیة فبأن یعرف اللّٰه سبحانه بجلاله و یوحده فی ذاته و صفاته و أفعاله و أن یعلم أن كل موجود سواه مقهور مغلوب عاجز لا وجود له إلا بفیض جوده و رحمته و أن الإنسان مخلوق عن أكثف الأشیاء و أخسها و هو التراب ثم النطفة النجسة القذرة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم الجنین الذی غذاؤه دم الحیض ثم یصیر فی القبر جیفة منتنة یهرب منه أقرب الناس إلیه.

و هو فیما بین ذلك ینقلب من طور إلی طور و من حال إلی حال من مرض إلی صحة و من صحة إلی مرض إلی غیر ذلك من الأحوال المتبادلة و هو لا یملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا حیاة و لا نشورا و إلی هذا أشار علیه السلام بقوله و هو فیما بین ذلك ما یدری ما یصنع به ثم لا یعلم ما یأتی علیه فی البرزخ و القیامة كما ذكرنا سابقا فی باب الكبر(1).

و أنه یعلم أن استكمال كل شی ء سواء كان طبیعیا أو إرادیا لا یتحقق إلا بالانكسار و الضعف فإن العناصر ما لم ینكسر صورة كیفیاتها الصرفة لم تقبل صورة كمالیة معدنیة أو نباتیة أو حیوانیة أو إنسانیة و البذر ما لم یقع فی

ص: 230


1- 1. یرید باب الكبر من الكافی، و قد مر فی صدر الباب.

التراب و لم یقرب من التعفن و الفساد لم یقبل صورة نباتیة و لم تخرج منه سنبلة و لا ثمرة و ماء الظهر ما لم یصر منیا منتنا لم تفض علیها صورة إنسانیة قابلة للخلافة الربانیة فمن تفكر فی أمثال هذه الحكم و المعارف أمكنه التحرز من الكبر و الفخر بفضله تعالی.

و أما العملیة فهی المداومة علی التواضع لكل عالم و جاهل و صغیر و كبیر و الاقتداء بسنن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة الطاهرین صلوات اللّٰه علیهم و تتبع سیرهم و أخلاقهم و حسن معاشرتهم لجمیع الخلق.

«23»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَمْقَتُ النَّاسِ الْمُتَكَبِّرُ(1).

وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ یَسْتَكْبِرْ یَضَعْهُ اللَّهُ.

«24»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: وَقَعَ بَیْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ بَیْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ وَ خُصُومَةٌ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مَنْ أَنْتَ یَا سَلْمَانُ فَقَالَ سَلْمَانُ

أَمَّا أُولَایَ وَ أُولَاكَ فَنُطْفَةٌ قَذِرَةٌ وَ أَمَّا أُخْرَایَ وَ أُخْرَاكَ فَجِیفَةٌ مُنْتِنَةٌ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ وُضِعَتِ الْمَوَازِینُ فَمَنْ ثَقُلَ مِیزَانُهُ فَهُوَ الْكَرِیمُ وَ مَنْ خَفَّتْ مِیزَانُهُ فَهُوَ اللَّئِیمُ (2).

ع، [علل الشرائع] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ (3) وَ قَدْ مَرَّ فِی بَابِ أَحْوَالِ سَلْمَانَ (4).

«25»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَیَّ وَ أَقْرَبَكُمْ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَجْلِساً أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً

ص: 231


1- 1. أمالی الصدوق: 14 و رمز المصدر ساقط عن نسخة الكمبانیّ.
2- 2. أمالی الصدوق: 363.
3- 3. علل الشرائع ج 1 ص 261.
4- 4. راجع ج 22 ص 380 من هذه الطبعة.

وَ أَشَدُّكُمْ تَوَاضُعاً وَ إِنَّ أَبْعَدَكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنِّی الثَّرْثَارُونَ وَ هُمُ الْمُسْتَكْبِرُونَ (1).

«26»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ خَالِدٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَیُبْغِضُ الْبَیْتَ اللَّحِمَ وَ اللَّحِمَ السَّمِینَ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّا لَنُحِبُّ اللَّحْمَ وَ مَا تَخْلُو بُیُوتُنَا مِنْهُ فَكَیْفَ ذَاكَ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِنَّمَا الْبَیْتُ اللَّحِمُ الَّذِی یُؤْكَلُ فِیهِ لُحُومُ النَّاسِ بِالْغِیبَةِ وَ أَمَّا اللَّحِمُ السَّمِینُ فَهُوَ الْمُتَكَبِّرُ الْمُتَبَخْتِرُ الْمُخْتَالُ فِی مَشْیِهِ (2).

ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ (3).

«27»- فس، [تفسیر القمی] فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً(4) یَقُولُ بِالْعَظَمَةِ(5).

«28»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ فِی جَهَنَّمَ لَوَادِیاً لِلْمُتَكَبِّرِینَ یُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَی اللَّهِ شِدَّةَ حَرِّهِ وَ سَأَلَهُ أَنْ یَتَنَفَّسَ فَأَذِنَ لَهُ فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ (6).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ: مِثْلَهُ (7).

سن، [المحاسن] بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ بُكَیْرٍ: مِثْلَهُ (8).

«29»- فس، [تفسیر القمی] فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْفَرَحَ

ص: 232


1- 1. قرب الإسناد: 22.
2- 2. معانی الأخبار: 388.
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 314.
4- 4. لقمان: 18.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 509.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 579، فی آیة الزمر: 60.
7- 7. ثواب الأعمال: 200.
8- 8. المحاسن: 123.

وَ الْمَرَحَ وَ الْخُیَلَاءَ كُلُّ ذَلِكَ فِی الشِّرْكِ وَ الْعَمَلِ فِی الْأَرْضِ بِالْمَعْصِیَةِ(1).

«30»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ رَقَعَ جَیْبَهُ وَ خَصَفَ نَعْلَهُ وَ حَمَلَ سِلْعَتَهُ فَقَدْ أَمِنَ مِنَ الْكِبْرِ(2).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ: مِثْلَهُ (3).

«31»- ل، [الخصال] فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام: یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكِبْرِ(4).

«32»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْفَارِسِیِّ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَمَاعَةٍ فَقَالَ عَلَی مَا اجْتَمَعْتُمْ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَجْنُونٌ یُصْرَعُ فَاجْتَمَعْنَا عَلَیْهِ فَقَالَ لَیْسَ هَذَا بِمَجْنُونٍ وَ لَكِنَّهُ الْمُبْتَلَی ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمَجْنُونِ حَقَّ الْمَجْنُونِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُتَبَخْتِرُ فِی مَشْیِهِ النَّاظِرُ فِی عِطْفَیْهِ الْمُحَرِّكُ جَنْبَیْهِ بِمَنْكِبَیْهِ یَتَمَنَّی عَلَی اللَّهِ جَنَّتَهُ وَ هُوَ یَعْصِیهِ الَّذِی لَا یُؤْمَنُ شَرُّهُ وَ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ فَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَ هَذَا الْمُبْتَلَی (5).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الحسد(6)

و أن اللّٰه یعذب الدهاقنة بالكبر و فی باب جوامع مساوی الأخلاق عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام لا یطمعن ذو الكبر

ص: 233


1- 1. تفسیر القمّیّ 588 فی آیة المؤمن: 77.
2- 2. الخصال ج 1 ص 54.
3- 3. ثواب الأعمال: 162.
4- 4. الخصال ج 1 ص 62.
5- 5. الخصال ج 1 ص 161.
6- 6. باب الحسد هو الباب الذی یتلو تحت الرقم 131، و الحدیث المومی إلیه یأتی فیه عن الخصال أن اللّٰه یعذب ستة بستة، راجعه، و هكذا مر فی باب جوامع مساوی الأخلاق ج 72 ص 190 و 198.

فی الثناء الحسن (1).

«33»- ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: عَجِبْتُ لِابْنِ آدَمَ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَ آخِرُهُ جِیفَةٌ وَ هُوَ قَائِمٌ بَیْنَهُمَا وِعَاءٌ لِلْغَائِطِ ثُمَّ یَتَكَبَّرُ(2).

«34»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِإِبْلِیسَ كُحْلًا وَ لَعُوقاً وَ سَعُوطاً فَكُحْلُهُ النُّعَاسُ وَ لَعُوقُهُ الْكَذِبُ وَ سَعُوطُهُ الْفَخْرُ(3).

«35»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ الهمدانی [الْهَمَذَانِیِ] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا مَشَتْ أُمَّتِی الْمُطَیْطَا وَ خَدَمَتْهُمْ فَارِسُ وَ الرُّومُ كَانَ بَأْسُهُمْ بَیْنَهُمْ (4).

و المطیطا التبختر و مد الیدین فی المشی.

«36»- مع، [معانی الأخبار] الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِرَجُلٍ مَصْرُوعٍ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی مَا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَقِیلَ لَهُ عَلَی مَجْنُونٍ یُصْرَعُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ فَقَالَ مَا هَذَا بِمَجْنُونٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمَجْنُونِ حَقَّ الْمَجْنُونِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الْمَجْنُونَ حَقَّ الْمَجْنُونِ الْمُتَبَخْتِرُ فِی مَشْیِهِ النَّاظِرُ فِی عِطْفَیْهِ الْمُحَرِّكُ جَنْبَیْهِ بِمَنْكِبَیْهِ فَذَاكَ الْمَجْنُونُ وَ هَذَا الْمُبْتَلَی (5).

«37»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ

ص: 234


1- 1. مر فی باب جوامع المساوی تحت الرقم 1 عن الخصال ج 2 ص 53.
2- 2. علل الشرائع ج 1 ص 216.
3- 3. معانی الأخبار: 138، و فیه سعوطه الكبر.
4- 4. معانی الأخبار: 301.
5- 5. معانی الأخبار: 237.

عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ عَبْدٌ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ عَبْدٌ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِیمَانٍ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَلْبَسُ الثَّوْبَ أَوْ یَرْكَبُ الدَّابَّةَ فَیَكَادُ یُعْرَفُ مِنْهُ الْكِبْرُ قَالَ لَیْسَ بِذَاكَ إِنَّمَا الْكِبْرُ إِنْكَارُ الْحَقِّ وَ الْإِیمَانُ الْإِقْرَارُ بِالْحَقِ (1).

مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ: مِثْلَهُ.

«38»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ قُلْتُ إِنَّا نَلْبَسُ الثَّوْبَ الْحَسَنَ فَیَدْخُلُنَا الْعُجْبُ فَقَالَ إِنَّمَا ذَاكَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2).

«39»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ یَزِیدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْكِبْرِ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِیمَانٍ قَالَ فَاسْتَرْجَعْتُ فَقَالَ مَا لَكَ تَسْتَرْجِعُ فَقُلْتُ لِمَا أَسْمَعُ مِنْكَ فَقَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِنَّمَا أَعْنِی الْجُحُودَ إِنَّمَا هُوَ الْجُحُودُ(3).

«40»- مع، [معانی الأخبار] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْكِبْرُ أَنْ یَغْمِصَ النَّاسَ وَ یَسْفَهَ الْحَقَ (4).

«41»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَعْظَمَ الْكِبْرِ غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ قُلْتُ وَ مَا غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ قَالَ یَجْهَلُ الْحَقَّ وَ یَطْعُنُ عَلَی أَهْلِهِ وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی

ص: 235


1- 1. معانی الأخبار: 241.
2- 2. معانی الأخبار: 241.
3- 3. معانی الأخبار: 241.
4- 4. معانی الأخبار: 241.

رِدَائِهِ (1).

«42»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنِ ابْنِ بَقَّاحٍ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُبَرَّأً مِنَ الْكِبْرِ غُفِرَ ذَنْبُهُ قُلْتُ وَ مَا الْكِبْرُ قَالَ غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ قُلْتُ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ یَجْهَلُ الْحَقَّ وَ یَطْعُنُ عَلَی أَهْلِهِ.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه فی كتاب الخلیل بن أحمد تقول فلان غمص الناس و غمص النعمة إذا تهاون بها و بحقوقهم و یقال إنه لمغموص علیه فی دینه أی مطعون علیه و قد غمص النعمة و العافیة إذا لم یشكرها و قال أبو عبیدة فی قوله علیه السلام سفه الحق هو أن یری الحق سفها و جهلا و قال اللّٰه تبارك و تعالی وَ مَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِیمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (2) و قال بعض المفسرین إلا من سفه نفسه یقول سفهها و أما قوله غمص الناس فإنه الاحتقار لهم و الازدراء بهم و ما أشبه ذلك قال و فیه لغة أخری فی غیر هذا الحدیث و غمص بالصاد غیر معجمة و هو بمعنی غمط و الغمص فی عبر العین و القطعة منه غمصة و الغمیصاء كوكب و المغمص فی المعا غلظة و تقطیع و وجع (3).

«43»- سن، [المحاسن] عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَاقَةٌ لَا تُسْبَقُ فَسَابَقَ أَعْرَابِیٌّ بِنَاقَتِهِ فَسَبَقَتْهَا فَاكْتَأَبَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهَا تَرَفَّعَتْ فَحَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ لَا یَرْتَفِعَ شَیْ ءٌ إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ (4).

«44»- سن، [المحاسن] عَنْ أَبِیهِ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُتَكَبِّرِینَ

ص: 236


1- 1. معانی الأخبار ص 241.
2- 2. البقرة: 130.
3- 3. معانی الأخبار: 242 و 243.
4- 4. المحاسن: 122 و الظاهر: أن لا یترفع.

یُجْعَلُونَ فِی صُوَرِ الذَّرِّ فَیَطَؤُهُمُ النَّاسُ حَتَّی یَفْرُغُوا مِنَ الْحِسَابِ (1).

سن، [المحاسن] فِی رِوَایَةِ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ فِی السَّمَاءِ مَلَكَیْنِ مُوَكَّلَیْنِ بِالْعِبَادِ فَمَنْ تَجَبَّرَ وَضَعَاهُ (2).

«45»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخْبَرَنِی (3) جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنَّ رِیحَ الْجَنَّةِ یُوجَدُ مِنْ مَسِیرَةِ أَلْفِ عَامٍ مَا یَجِدُهَا عَاقٌّ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَیْخٌ زَانٍ وَ لَا جَارٌّ إِزَارَهُ خُیَلَاءُ وَ لَا فَتَّانٌ وَ لَا مَنَّانٌ وَ لَا جَعْظَرِیٌّ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْجَعْظَرِیُّ قَالَ الَّذِی لَا یَشْبَعُ مِنَ الدُّنْیَا(4).

باب 131 الحسد

باب 131 الحسد(5)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِینٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ الرَّجُلَ لَیَأْتِی بِأَیِّ بَادِرَةٍ فَیَكْفُرُ وَ إِنَّ الْحَسَدَ لَیَأْكُلُ الْإِیمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ (6).

بیان: فی القاموس البادرة ما یبدر من حدتك فی الغضب من قول أو فعل و فی النهایة البادرة من الكلام الذی یسبق من الإنسان فی الغضب و إذا عرفت هذا فهذه الفقرة تحتمل وجوها.

الأول أن یكون المعنی أن عدم منع النفس عن البوادر و عدم إزالة مواد

ص: 237


1- 1. المحاسن: 123.
2- 2. المحاسن: 123.
3- 3. من هنا یبتدئ بالصفحة 126 من الجزء الثالث من نسخة الكمبانیّ و كلها بیاض.
4- 4. معانی الأخبار: 330، و قد كان سقط ذیل الحدیث و انما أخرجناه بقرینة السند.
5- 5. أضفنا عنوان الباب طبقا لفهرس طبعة الكمبانیّ.
6- 6. الكافی ج 2 ص 306 تحت الرقم 1 من باب الحسد.

الغضب عن النفس و إرخاء عنان النفس فیها ینجر إلی الكفر أحیانا أو غالبا كما نری من كثیر من الناس یصدر منهم عند الغضب التلفظ بما یوجب الكفر من سب اللّٰه سبحانه و سب الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام أو ارتكاب أعمال یوجب الارتداد كوطی المصحف الكریم بالرجل و رمیه.

الثانی أن یراد به الحث علی ترك البوادر مطلقا فإن كل بادرة تصیر سببا لنوع من أنواع الكفر المقابل للإیمان الكامل.

الثالث أن یقرأ فتكفر علی بناء المجهول من باب التفعیل أی البوادر عند الغضب مكفرة غالبا لعذر الإنسان فیه فی الجملة لا سیّما إذا تعقبها ندامة و قلما لم تتعقبها بخلاف الحسد فإنها صفة راسخة فی النفس تأكل الإیمان و یمكن حملها حینئذ علی ما إذا غلب علیه الغضب بحیث ارتفع عنه القصد(1).

و یمكن أن یقرأ بالیاء كما فی النسخ علی هذا البناء أیضا أی ینسب إلی الكفر و إن كان معذورا عند اللّٰه لرفع الاختیار فیكون ذكرا لبعض مفاسد البادرة.

و فی النهایة الحسد أن یری الرجل لأخیه نعمة فیتمنی زوالها عنه و تكون له دونه و الغبطة أن یتمنی أن یكون له مثلها و لا یتمنی زوالها عنه انتهی.

و اعلم أنه لا حسد إلا علی نعمه فإذا أنعم اللّٰه علی أخیك بنعمة فلك فیها حالتان إحداهما أن تكره تلك النعمة و تحب زوالها سواء أردت وصولها إلیك أم لا و هذه الحالة تسمی حسدا و الثانیة أن لا تحب زوالها و لا تكره وجودها و دوامها و لكنك تشتهی لنفسك مثلها و هذه یسمی غبطة و قد یخص باسم المنافسة فأما الأول فهو حرام مطلقا كما هو المشهور أو إظهاره كما یظهر من بعض الأخبار إلا نعمة أصابها كافر أو فاجر و هو یستعین علی تهیج الفتنة و إفساد ذات البین و إیذاء الخلق فلا یضرك كراهتك لها و محبتك لزوالها فإنك لا تحب

ص: 238


1- 1. هنا ینتهی ما أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 286 بالقرینة و ما بعده مسطور فی نسخة الكمبانیّ ص 127.

زوالها من حیث إنها نعمة بل من حیث هی آلة الفساد و لو أمنت فساده لم تغمك تنعمه.

و یظهر من كلام الشیخ كون الحسد من جملة المكروهات لا من المحرمات قال العلامة فی كتاب صوم المختلف مسألة جعل الشیخ رحمه اللّٰه التحاسد من باب ما الأولی تركه و الإمساك عنه و قال ابن إدریس إنه واجب و هو الأقرب لعموم النهی عن الحسد و النهی یقتضی التحریم انتهی.

أقول: نظر الشیخ بها إلی ما أومأنا إلیه آنفا أن بعض الأخبار یدل علی أن الحسد المحرم أنما هو إظهاره لا مع عدم الإظهار و أما أصل الحسد فهو مكروه و لذلك قد یصدر عن بعض الأنبیاء أیضا كما نطق به الآثار و الأخبار فتأمل.

و بالجملة الحسد المذموم لا شك أنه مع قطع النظر عن الآیات الكثیرة و الأخبار المتواترة الواردة فی ذمه و النهی عنه صریح العقل أیضا یحكم بقبحه فإنه سخط لقضاء اللّٰه فی تفضیل بعض عباده علی بعض و أی معصیة تزید علی كراهتك لراحة مسلم من غیر أن یكون لك فیها مضرة و سیأتی ذكر بعض مفاسدها.

و أما المنافسة فلیست بحرام بل هی إما واجبة أو مندوبة كما قال اللّٰه تعالی وَ فِی ذلِكَ فَلْیَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (1) و قال سبحانه سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (2).

فأما الواجبة فهی ما إذا كانت فی نعمة و بنیّة واجبة كالإیمان و الصلاة و الزكاة فإنه إن لم یحب أن یكون له مثل ذلك یكون راضیا بالمعصیة و هو حرام و المندوبة فیما إذا كانت لغیره نعمة مباحة یتنعم فیها علی وجه مباح فیتمنی أن یكون له مثلها یتنعم بها من غیر أن یرید زوالها عنه فی الجمیع.

ص: 239


1- 1. المطففین: 26.
2- 2. الحدید: 21.

و أقول یمكن أن یفرض فیها فرد حرام كان یتمنی منصبا حراما أو مالا حلالا لیصرفه فی الحرام بل مكروه أیضا كان یتمنی مال شبهة أو مالا حلالا لیصرفها فی المصارف المكروهة.

و قیل للحسد أسباب كثیرة یحصر جملتها سبعة العداوة و التعزز و الكبر و التعجب و الخوف من فوت المقاصد المحبوبة و حب الرئاسة و خبث النفس و بخلها فإنه إنما یكره النعمة علیها إما لأنه عدوه فلا یرید له الخیر و إما أن یكون من حیث یعلم أنه یستكبر بالنعمة علیه و هو لا یطیق احتمال كبره و تفاخره لعزة نفسه و هو المراد بالتعزز و إما أن یكون فی طبعه أن یتكبر علی المحسود و یمتنع ذلك علیه بنعمته و هو المراد بالتكبر.

و إما أن یكون النعمة عظیمة و المنصب كبیرا فیتعجب من فوز مثله بمثل تلك النعمة كما أخبر اللّٰه تعالی عن الأمم الماضیة إذ قالوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا(1) و فَقالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنا(2) و أمثال ذلك كثیرة فتعجبوا من أن یفوز برتبة الرسالة و الوحی و القرب مع أنهم بشر مثلهم فحسدوهم و هو المراد بالتعجب.

و إما أن یخاف من فوات مقاصده بسبب نعمه بأن یتوصل بها إلی مزاحمته فی أغراضه و إما أن یكون بحب الرئاسة التی یبتنی علی الاختصاص بنعمة لا یساوی فیها و إما أن لا یكون بسبب من هذه الأسباب بل لخبث النفس و شحها بالخیر لعباد اللّٰه.

فهذه أسباب الحسد و قد یجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جمیعها فی شخص واحد فیعظم الحسد لذلك و یقوی قوة لا یقدر معها علی الإخفاء و المجاملة بل یهتك حجاب المجاملة و یظهر العداوة بالمكاشفة و أكثر المحاسدات یجتمع فیها جملة من هذه الأسباب.

ص: 240


1- 1. یس: 15.
2- 2. المؤمنون: 48.

و اعلم أن الحسد من الأمراض العظیمة للقلوب و لا تداوی أمراض القلوب إلا بالعلم و العمل و العلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقیقا أن الحسد ضرر علیك فی الدنیا و الدین و أنه لا ضرر به علی المحسود فی الدین و الدنیا بل ینتفع بها فی الدنیا و الدین و مهما عرفت هذا عن بصیرة و لم تكن عدو نفسك و صدیق عدوك فارقت الحسد لا محالة.

أما كونه ضررا علیك فی الدین فهو أنك بالحسد سخطت قضاء اللّٰه تعالی و كرهت نعمته التی قسمها لعباده و عدله الذی أقامه فی ملكه بخفی حكمته و استنكرت ذلك و استبشعته و هذا جنایة علی حدقة التوحید و قذی فی عین الإیمان و ناهیك بها جنایة علی الدین و قد انضاف إلیه أنك غششت رجلا من المؤمنین و تركت نصیحته و فارقت أولیاء اللّٰه و أنبیاءه فی حبهم الخیر

لعباد اللّٰه و شاركت إبلیس و سائر الكفار فی حبهم للمؤمنین البلایا و زوال النعم و هذه خبائث فی القلب تأكل حسنات القلب و الإیمان فیه.

و الحاصل أن الحسد مع كونه فی نفسه صفة منافیة للإیمان یستلزم عقائد فاسدة كلها منافیة لكمال الإیمان و أیضا لاشتغال النفس بالتفكر فی أمر المحسود و التدبیر لدفعه یمنعها عن تحصیل الكمالات و التوجه إلی العبادات و حضور القلب فیها و تولد فی النفس صفاتا ذمیمة كلها توجب نقص الإیمان و أیضا یوجب عللا فی البدن و ضعفا فیها یمنع الإتیان بالطاعات علی وجهها فینقص بل یفسد الإیمان علی أی معنی كان و لذا قال علیه السلام یأكل الإیمان كما تأكل النار الحطب.

و أما كونه ضررا فی الدنیا علیك فهو أنه تتألم بحسدك و تتعذب به و لا تزال فی كدر و غم إذ أعداؤك لا یخلیهم اللّٰه عن نعم یفیضها علیهم فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها علیهم و تتأذی و تتألم بكل بلیة تنصرف عنهم فتبقی مغموما محزونا متشعب القلب ضیق النفس كما تشتهیه لأعدائك و كما یشتهی أعداؤك لك فقد كنت ترید المحنة لعدوك فتنجزت فی الحال محنتك و غمك نقدا

كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لِلَّهِ دَرُّ الْحَسَدِ حَیْثُ بَدَأَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ.

ص: 241

و لا تزول النعمة عن المحسود بحسدك و لو لم تكن تؤمن بالبعث و الحساب لكان مقتضی الفطنة إن كنت عاقلا أن تحذر من الحسد لما فیه من ألم القلب و مساءته مع عدم النفع فكیف و أنت عالم بما فی الحسد من العذاب الشدید فی الآخرة.

و أما أنه لا ضرر علی المحسود فی دینه و دنیاه فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك بل ما قدره اللّٰه من إقبال و نعمة فلا بد من أن یدوم إلی أجل قدره اللّٰه فلا حیلة فی دفعه بل كُلُّ شَیْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ و لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ و إما أن المحسود ینتفع به فی الدین و الدنیا فواضح أما منفعته فی الدین فهو أنه مظلوم من جهتك لا سیما إذا أخرجك الحسد إلی القول و الفعل بالغیبة و القدح فیه و هتك ستره و ذكر مساویه فهذه هدایا تهدیها إلیه أعنی أنك بذلك تهدی إلیه حسناتك حتی تلقاه یوم القیامة مفلسا محروما عن النعمة كما حرمت فی الدنیا عن النعمة فأضعفت له نعمة إلی نعمة و لنفسك شقاوة إلی شقاوتك.

و أما منفعته فی الدنیا فهو أن أهم أغراض الخلق مساءة الأعداء و غمهم و شقاوتهم و كونهم معذبین مغمومین و لا عذاب أعظم مما أنت فیه من ألم الحسد و غایة أمانی أعدائك أن یكونوا فی نعمة و أن تكون فی غم و حسرة بسببهم و قد فعلت بنفسك ما هو مرادهم.

ثم اعلم أن الموذی ممقوت بالطبع و من آذاك لا یمكنك أن لا تبغضه غالبا و إذا تیسرت له نعمة فلا یمكنك أن لا تكرهها له حتی یستوی عندك حسن حال عدوك و سوء حاله بل لا تزال تدرك فی النفس بینهما فرقا و لا یزال الشیطان، ینازعك فی الحسد له و لكن إن قوی ذلك فیك حتی یبعثك علی إظهار الحسد بقول أو فعل بحیث یعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختیاریة فأنت إذا حسود عاص بحسدك و إن كففت ظاهرك بالكلیة إلا أنك بباطنك تحب زوال النعمة و لیس فی نفسك كراهة لهذه الحالة فأنت أیضا حسود عاص لأن الحسد صفة القلب لا صفة الفعل.

ص: 242

قال اللّٰه تعالی وَ لا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا(1) و قال وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً(2) و قال إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (3) أما بالفعل فهو غیبة و كذب و هو عمل صادر عن الحسد و لیس هو عین الحسد بل محل الحسد القلب دون الجوارح.

نعم هذا الحسد لیست مظلمة یجب الاستحلال منها بل هو معصیة بینك و بین اللّٰه و إنما تجب الاستحلال من الأسباب الظاهرة علی الجوارح و أما إذا كففت ظاهرك و ألزمت مع ذلك قلبك كراهیة ما یترشح منه بالطبع من حب زوال النعمة حتی كأنك تمقت نفسك علی ما فی طبعها فتكون تلك الكراهیة من جهة العقل فی مقابلة المیل من جهة الطبع فقد أدیت الواجب علیك و لا مدخل تحت اختیارك فی أغلب الأحوال أكثر من هذا.

فأما تغییر الطبع لیستوی عنده الموذی و المحسن فیكون فرحه أو غمه بما تیسر لهما من نعمة و تصب علیهما من بلیة سواء فهذا مما لا یطاوع الطبع علیه ما دام ملتفتا إلی حظوظ الدنیا إلا أن یصیر مستغرقا بحب اللّٰه تعالی مثل السكران الواله فقد ینتهی أمره إلی أن لا یلتفت قلبه إلی تفاصیل أحوال العباد بل ینظر إلی الكل بعین واحدة و هو عین الرحمة و یری الكل عباد اللّٰه و ذلك إن كان فهو كالبرق الخاطف لا یدوم و یرجع القلب بعد ذلك إلی طبعه و یعود العدو إلی منازعته أعنی الشیطان، فإنه ینازع بالوسوسة فمهما قابل ذلك بكراهة ألزم قلبه فقد أدی ما كلفه.

و ذهب الذاهبون إلی أنه لا یأثم إذا لم یظهر الحسد علی جوارحه و روی مرفوعا أنه ثلاثة فی المؤمن له منهن مخرج و مخرجه من الحسد أن لا یبغی و الأولی أن یحمل هذا علی ما ذكرنا من أن یكون فیه كراهة من جهة الدین و العقل

ص: 243


1- 1. الحشر: 9.
2- 2. النساء: 89.
3- 3. آل عمران: 120.

فی مقابلة حب الطبع لزوال النعمة عن العدو و تلك الكراهة تمنعه من البغی و من الإیذاء فإن جمیع ما ورد فی الأخبار فی ذم الحسد یدل ظاهرها علی أن كل حاسد آثم و الحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعال فكل محب لمساءة المسلمین فهو حاسد فأما كونه حاسدا بمجرد حسد القلب من غیر فعل فهو فی محل النظر و الإشكال.

و قد عرفت من هذا أن لك فی أعدائك ثلاثة أحوال.

أحدها أن تحب مساءتهم بطبعك و تكره حبك لذلك و میل قلبك إلیه بعقلك و تمقت نفسك علیه و تود لو كانت لك حیلة فی إزالة ذلك المیل منك و هذا معفو عنه قطعا لأنه یدخل تحت الاختیار أكثر منه.

الثانیة أن تحب ذلك و تظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك فهذا هو الحسد المحظور قطعا.

الثالثة و هی بین الطرفین أن تحسد بالقلب من غیر مقتك لنفسك علی حسدك و من غیر إنكار منك علی قلبك و لكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد فی مقتضاها و هذا محل الخلاف و قیل إنه لا یخلو عن إثم بقدر قوة ذلك الحب و ضعفه.

«2»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْإِیمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ (1).

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا یَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِنَّ عِیسَی بْنَ مَرْیَمَ كَانَ مِنْ شَرَائِعِهِ السَّیْحُ فِی الْبِلَادِ فَخَرَجَ فِی بَعْضِ سَیْحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَصِیرٌ وَ كَانَ كَثِیرَ اللُّزُومِ لِعِیسَی بْنِ مَرْیَمَ فَلَمَّا انْتَهَی عِیسَی إِلَی الْبَحْرِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ یَقِینٍ مِنْهُ فَمَشَی عَلَی ظَهْرِ الْمَاءِ فَقَالَ الرَّجُلُ الْقَصِیرُ

ص: 244


1- 1. الكافی ج 2 ص 306.

حِینَ نَظَرَ إِلَی عِیسَی علیه السلام جَازَهُ بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ یَقِینٍ مِنْهُ فَمَشَی (1)

عَلَی الْمَاءِ وَ لَحِقَ بِعِیسَی علیه السلام فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ هَذَا عِیسَی رُوحُ اللَّهِ یَمْشِی عَلَی الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِی عَلَی الْمَاءِ فَمَا فَضْلُهُ عَلَیَّ قَالَ فَرُمِسَ فِی الْمَاءِ فَاسْتَغَاثَ بِعِیسَی فَتَنَاوَلَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا قُلْتَ یَا قَصِیرُ قَالَ قُلْتُ هَذَا رُوحُ اللَّهِ یَمْشِی عَلَی الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِی فَدَخَلَنِی مِنْ ذَلِكَ عُجْبٌ فَقَالَ لَهُ عِیسَی لَقَدْ وَضَعْتَ نَفْسَكَ فِی غَیْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِی وَضَعَكَ اللَّهُ فِیهِ فَمَقَتَكَ اللَّهُ عَلَی مَا قُلْتَ فَتُبْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا قُلْتَ قَالَ فَتَابَ الرَّجُلُ وَ عَادَ إِلَی الْمَرْتَبَةِ الَّتِی وَضَعَهُ اللَّهُ فِیهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا یَحْسُدَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً(2).

بیان: فی القاموس ساح الماء یسیح سیحا و سیحانا جری علی وجه الأرض و السیاحة بالكسر و السیح الذهاب فی الأرض للعبادة و منه المسیح انتهی.

و أقول كان من شرائع عیسی علیه السلام السیاحة فی الأرض للاطلاع علی عجائب قدرة اللّٰه و هدایة عباد اللّٰه و الفرار من أعدائه و ملاقاة أولیائه فنسخ ذلك فی شرعنا و قد

روی لا سیاحة فی الإسلام و سیاحة هذه الأمة الصیام.

فدخله العجب فإن قیل هذا إما عجب كما صرح به أو غبطة حیث تمنی منزلة عیسی علیه السلام لكنه تجاوز عن حد نفسه حیث لم یكن له أن یتمنی تلك الدرجة الرفیعة التی لا یمكن حصولها له فكیف فرعه علیه السلام علی النهی عن الحسد قلت الظاهر أنه كان الحامل له علی الجرأة علی هذا التمنی الحسد بمنزلة عیسی و اختصاصه بالنبوة حیث قال فما فضله علی أو أنه لما رأی مساواته لعیسی علیه السلام فی فضیلة واحدة حسد عیسی علیه السلام علی نبوته و أنكر فضله علیه كما قال بعض الكفار أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنا(3).

ص: 245


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من المصدر.
2- 2. الكافی ج 2 ص 306.
3- 3. المؤمنون: 48.

فرمس فی الماء أی غمس فیه علی بناء المجهول فیهما لا یقال سیأتی عدم المؤاخذة بالخطورات القلبیة و قصد المعصیة و هنا أخذ بها لأن الظاهر أن قوله فقال المراد به الكلام النفسی لأنا نقول الأفعال القلبیة(1) التی لا مؤاخذة بها هی التی تتعلق بإرادة المعاصی أو كان محض خطور من غیر أن یصیر سببا لشكه فی العقائد الإیمانیة أو حدوث خلل فیها و هاهنا لیس كذلك مع أنه لا یدل ما سیأتی إلا علی أنه لا یعاقب بها و هو لا ینافی حط منزلته عن صدور مثل هذه الغرائب منه.

و قوله علیه السلام یا قصیر دل علی جواز مخاطبة الإنسان ببعض أوصافه المشهورة لا علی وجه الاستهزاء و الظاهر أن ذلك كان تأدیبا له قوله علیه السلام و عاد أی فی نفسه و اعتقاده إلی مرتبته أی الإقرار بحط نفسه عن الارتقاء إلی درجة النبوة و سلم لعیسی علیه السلام فضله و نبوته و ترك الحسد له.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَادَ الْفَقْرُ أَنْ یَكُونَ كُفْراً وَ كَادَ الْحَسَدُ أَنْ یَغْلِبَ الْقَدَرَ(2).

بیان: قوله كاد الفقر أن یكون كفرا أقول هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول ما خطر بالبال أن المراد به الفقر إلی الناس و هذا هو الفقر المذموم فإن سؤال الخلق و عدم التوجه إلی خالقه و من ضمن رزقه فی طلب الرزق و سائر الحوائج نوع من الكفر و الشرك لعدم الاعتماد علی اللّٰه سبحانه و ضمانه و ظنه أن المخلوق العاجز قادر علی إنجاح حوائجه و سوق الرزق إلیه بدون تقدیره و تیسیره و تسبیبه فبعضها یقرب من الكفر و بعضها من الشرك.

الثانی أن المراد به الفقر القاطع لعنان الاصطبار و قد وقعت الاستعاذة منه.

و أما الفقر الممدوح فهو المقرون بالصبر قال الغزالی سبب ذلك أن

ص: 246


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 288.
2- 2. الكافی ج 2 ص 307.

الفقیر إذا نظر إلی شدة حاجته و حاجة عیاله و رأی نعمة جزیلة مع الظلمة و الفسقة و غیرهم ربما یقول ما هذا الإنصاف من اللّٰه و ما هذه القسمة التی لم تقع علی العدل فإن لم یعلم شدة حاجتی ففی علمه نقص و إن علم و منع مع القدرة علی الإعطاء ففی جوده نقص و إن منع لثواب الآخرة فإن قدر علی إعطاء الثواب بدون هذه المشقة الشدیدة فلم منع و إن لم یقدر ففی قدرته نقص.

و مع هذا یضعف اعتقاده بكونه عدلا جوادا كریما مالكا لخزائن السماوات و الأرض و حینئذ یتسلط علیه الشیطان، و یذكر له شبهات حتی یسب الفلك و الدهر و غیرهما و كل ذلك كفر أو قریب منه و إنما یتخلص من هذه الأمور من امتحن اللّٰه قلبه للإیمان و رضی عن اللّٰه سبحانه فی المنع و الإعطاء و علم أن كل ما فعله بالنسبة إلیه فهو خیر له وَ قَلِیلٌ ما هُمْ الثالث ما ذكره الراوندی قدس سره فی كتاب شرح الشهاب كما سیأتی حیث قال معنی الحدیث و اللّٰه أعلم أنه إشارة إلی أن الفقیر یسف إلی المآكل الدنیة و المطاعم الوبیة و إذا وجد أولاده یتضورون من الجوع و العری و رأی نفسه لا یقدر علی تقویم أودهم و إصلاح حالهم و التنفیس عنهم كان بالحری أن یسرق و یخون و یغصب و ینهب و یستحل أموال الناس و یقطع الطریق و یقتل المسلم أو یخدم بعض الظلمة فیأكل مما یغصبه و یظلمه و هذا كله من أفعال من لا یحاسب نفسه و لا یؤمن بیوم الحساب فهو قریب إلی أن یكون كافرا بحتا و فی الأثر عجبت لمن له عیال و لیس له مال كیف لا یخرج علی الناس بالسیف انتهی.

و أقول المعانی متقاربة و المال واحد و أما قوله علیه السلام و كاد الحسد أن یغلب القدر فیه أیضا وجوه الأول ما ذكره الراوندی ره فی الكتاب المذكور علی ما سیجی ء أیضا حیث قال المعنی أن للحسد تأثیرا قویا فی النظر فی إزالة النعمة عن المحسود أو التمنی لذلك فإنه ربما یحمله حسده علی قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه فكأنه سعی فی غلبة المقدور لأن اللّٰه تعالی

ص: 247

قد قدر للمحسود الخیر و النعمة و هو یسعی فی إزالة ذلك عنه و قیل الحسد منصف لأنه یبدأ بصاحبه و قیل الحسود لا یسود و قیل الحسد یأكل الجسد: و كاد یعطی أنه قرب الفعل و لم یكن و یفید فی الحدیث شدة تأثیر الفقر و الحسد و إن لم یكونا یغلبان القدر و یقال إن كاد إذا أوجب به الفعل دل علی النفی و إذا نفی دل علی الوقوع انتهی.

و قریب منه ما قیل فیه مبالغة فی تأثیر الحسد فی فساد النظام المقدر للعالم فإنه كثیرا ما یبعث صاحبه علی قتل النفوس و نهب الأموال و سبی الأولاد و إزالة النعم حتی كأنه غیر راض بقضاء اللّٰه و قدره و یطلب الغلبة علیهما و هو فی حد الشرك باللّٰه.

الثانی ما قیل إن المعنی أن الحسد قد یغلب القدر بأن یزید فی المحسود ما قدر له من النعمة.

الثالث أن یكون المراد غلبة القدر بتغییر نعمة الحاسد و زوال ما قدر له من الخیر.

الرابع أن یكون المراد كاد أن یغلب الحسد فی الوزر و الإثم القول بالقدر مع شدة عذاب القدریة.

الخامس أن یكون إشارة إلی تأثیر العین فإن الباعث علیه الحسد كما فسر جماعة من المفسرین قوله تعالی وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ بإصابة العین (1).

«5»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: آفَةُ الدِّینِ الْحَسَدُ وَ الْعُجْبُ وَ الْفَخْرُ(2).

بیان: الحسد و العجب من معاصی القلب و الفخر من معاصی اللسان و هو

ص: 248


1- 1. و فی شرح الكافی ج 2 ص 288 و 289 تتمة وافیة لهذا الكلام تبحث عن اصابة العین و أنّها حق، راجعه.
2- 2. الكافی ج 2 ص 307.

التفاخر بالآباء و الأجداد و الأنساب الشریفة و بالعلم و الزهد و العبادة و الأموال و المساكن و القبائل و أمثال ذلك فبعض تلك كذب و بعضها رئاء و بعضها عجب و بعضها تكبر و تعزز و تعظم و كل ذلك من ذمائم الأخلاق و من صفات الشیطان، حیث تعزز بأصله فاستكبر عن طاعة ربه.

قال الراغب الفخر المباهاة فی الأشیاء الخارجة عن الإنسان كالمال و الجاه و یقال له الفخر و رجل فاخر و فخور و فخیر علی التكثیر قال تعالی إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ(1) و قال فی النهایة الفخر ادعاء العظم و الكبر و الشرف و فی المصباح فخرت به فخرا من باب نفع و افتخرت مثله و الاسم الفخار بالفتح و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غیر ذلك إما فی المتكلم أو فی آبائه.

«6»- كا، [الكافی] عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی بْنِ عِمْرَانَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلَی مَا آتَیْتُهُمْ مِنْ فَضْلِی وَ لَا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلَی ذَلِكَ وَ لَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِی صَادٌّ لِقَسْمِیَ الَّذِی قَسَمْتُ بَیْنَ عِبَادِی وَ مَنْ یَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَ لَیْسَ مِنِّی (2).

بیان: لا تحسدن الناس إشارة إلی قوله تعالی أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (3) و لا تمدن إشارة إلی قوله سبحانه وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَیْرٌ وَ أَبْقی (4).

قال البیضاوی (5)

أی لا تمدن نظر عینیك إلی ما متعنا به استحسانا له

ص: 249


1- 1. مفردات غریب القرآن 374 و الآیة فی لقمان: 18.
2- 2. الكافی ج 2 ص 307 و السند معلق علی سابقه.
3- 3. النساء: 54.
4- 4. طه: 131.
5- 5. أنوار التنزیل: 270.

و تمنیا أن یكون لك مثله و قال الطبرسی رحمه اللّٰه (1) أی لا ترفعن عینیك من هؤلاء الكفار إلی ما متعناهم و أنعمنا علیهم به أمثالا فی النعم من الأولاد و الأموال و غیر ذلك و قیل لا تنظرن إلی ما فی أیدیهم من النعم و قیل و لا تنظرن و لا یعظمن فی عینیك و لا تمدهما إلی ما متعنا به أصنافا من المشركین نهی اللّٰه رسوله عن الرغبة فی الدنیا فحظر علیه أن یمد عینیه إلیها و كان علیه السلام لا ینظر إلی ما یستحسن من الدنیا.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ یَغْبِطُ وَ لَا یَحْسُدُ وَ الْمُنَافِقَ یَحْسُدُ وَ لَا یَغْبِطُ(2).

بیان: هو بحسب الظاهر إخبار بأن الحاسد منافق كما مر و بحسب المعنی أمر بطلب الغبطة و ترك الحسد و قد مر معناهما لا یقال المغتبط یتمنی فوق مرتبته و الأفضل من نعمته فهو ساخط بالنعمة غیر راض بالقسمة كالحاسد و إلا فما الفرق لأنا نقول الفرق أن الحاسد غیر راض بالقسمة حیث تمنی أن یكون قسمته و نصیبه للغیر و نصیب الغیر له فهو راد للقسمة قطعا و أما المغتبط فقد رضی أن یكون مثل نصیب الغیر له و رضی أیضا بنصیبه إلا أنه لما جوز أن یكون له أیضا مثل نصیب ذلك الغیر و كان ذلك ممكنا فی نفسه و لم یعلم امتناعه بحسب التقدیر الأزلی و لم یدل عدم حصوله علی امتناعه لجواز أن یكون حصوله مشروطا بشرط كالتمنی و الدعاء و نحوهما و هذا مثل من وجد درجة من الكمال یسأل اللّٰه تعالی و یطلب منه التوفیق لما فوقها.

«8»- مع (3)،[معانی الأخبار] لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقَلُّ النَّاسِ لَذَّةً الْحَسُودُ(4).

ص: 250


1- 1. مجمع البیان ج 6 ص 345 فی آیة الحجر: 88.
2- 2. الكافی ج 2 ص 307.
3- 3. معانی الأخبار: 195.
4- 4. أمالی الصدوق: 14، و فی نسخة الكمبانیّ بعد ذلك بیاض نحو سطر.

«9»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الْفَامِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَادَ الْفَقْرُ أَنْ یَكُونَ كُفْراً وَ كَادَ الْحَسَدُ أَنْ یَغْلِبَ الْقَدَرَ(1).

ل، [الخصال] عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ (2).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الحرص و بعضها فی باب البخل و بعضها فی باب أصول الكفر و بعضها فی باب ما أعطی اللّٰه أمة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله.

«10»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْجَازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: لَا یُؤْمِنُ رَجُلٌ فِیهِ الشُّحُّ وَ الْحَسَدُ وَ الْجُبْنُ الْخَبَرَ(3).

«11»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ لِلْحَاسِدِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَ یَتَمَلَّقُ إِذَا شَهِدَ وَ یَشْمَتُ بِالْمُصِیبَةِ(4).

أقول: أثبتنا فی باب وصایا النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی علی بأسانید كثیرة أَنَّهُ قَالَ: یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكَذِبِ (5).

ص: 251


1- 1. أمالی الصدوق: 177.
2- 2. الخصال ج 1 ص 9، و قد أخرجه المؤلّف العلامة فی ج 72 باب فضل الفقر و الفقراء ص 29، و زاد علیه سندا آخر من كتاب الإمامة و التبصرة، ثمّ شرحها شرحا ضافیا من 30- الی 35، راجعه ان شئت و قد سبق فی هذا الباب أیضا شرح له نقلا عن الكافی تحت الرقم 4.
3- 3. الخصال ج 1 ص 41.
4- 4. الخصال ج 1 ص 60.
5- 5. راجع ج 77 ص 44 و 52 و قد مر فیما سبق فی باب الحرص تارة و فی باب الكذب و روایته تارة اخری نقلا عن الخصال ج 1 ص 62.

«12»- ل، [الخصال] فِیمَا أَوْصَی بِهِ الصَّادِقُ علیه السلام: لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ(1).

أقول: قد مضی فی باب الكذب و غیره عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَیْسَتْ لِبَخِیلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذَّةٌ(2).

«13»- ل، [الخصال] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُعَذِّبُ سِتَّةً بِسِتٍّ الْعَرَبَ بِالْعَصَبِیَّةِ وَ الدَّهَاقِنَةَ بِالْكِبْرِ وَ الْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَ الْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ وَ التُّجَّارَ بِالْخِیَانَةِ وَ أَهْلَ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهْلِ (3).

«14»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَعَوَّذُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مِنْ سِتٍّ مِنَ الشَّكِّ وَ الشِّرْكِ وَ الْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ وَ الْبَغْیِ وَ الْحَسَدِ(4).

«15»- ل، [الخصال] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَا یَطْمَعَنَّ الْحَسُودُ فِی رَاحَةِ الْقَلْبِ (5).

«16»- مع، [معانی الأخبار](6)

ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْعَرِیشِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: دَبَّ إِلَیْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْبَغْضَاءُ وَ الْحَسَدُ(7).

«17»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:

ص: 252


1- 1. الخصال ج 1 ص 80 فی حدیث طویل.
2- 2. راجع باب جوامع مساوی الأخلاق ج 72 ص 190 و هكذا ص 193 نقلا عن الخصال ج 1 ص 130.
3- 3. الخصال ج 1 ص 158.
4- 4. الخصال ج 1 ص 160.
5- 5. الخصال ج 1 ص 53.
6- 6. معانی الأخبار ص 367.
7- 7. عیون الأخبار ج 1 ص 313.

كَادَ الْحَسَدُ أَنْ یَسْبِقَ الْقَدَرَ(1).

«18»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ رَفَعَهُ: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ قَالَ أَ مَا رَأَیْتَهُ إِذَا فَتَحَ عَیْنَیْهِ وَ هُوَ یَنْظُرُ إِلَیْكَ هُوَ ذَاكَ (2).

«19»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحَسَدِ فَقَالَ لَحْمٌ وَ دَمٌ یَدُورُ فِی النَّاسِ حَتَّی إِذَا انْتَهَی إِلَیْنَا یَئِسَ وَ هُوَ الشَّیْطَانُ (3).

«20»- جا(4)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَبِی نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا إِنَّهُ قَدْ دَبَّ إِلَیْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ هُوَ الْحَسَدُ لَیْسَ بِحَالِقِ الشَّعْرِ لَكِنَّهُ حَالِقُ الدِّینِ (5) وَ یُنْجِی مِنْهُ أَنْ یَكُفَّ الْإِنْسَانُ یَدَهُ وَ یَخْزُنَ لِسَانَهُ وَ لَا یَكُونَ ذَا غَمْزٍ

ص: 253


1- 1. عیون الأخبار ج 1 ص 132.
2- 2. معانی الأخبار ص 227.
3- 3. معانی الأخبار ص 244.
4- 4. مجالس المفید ص 211.
5- 5. قال السیّد الشریف رضوان اللّٰه علیه فی المجازات النبویّة ص 112: و من ذلك قوله علیه السلام: دب الیكم داء الأمم من قبلكم: الحسد و البغضاء هی الحالقة حالقة الدین لا حالقة الشعر. و هذه استعارة، و المراد بالحالقة هاهنا المبیرة المهلكة، أی هذه الخلة المذمومة تهلك الدین و تستأصله كما تستأصل الموسی الشعر، و المقراض الوبر، و علی هذا قول الشاعر: أرسل علیهم سنة قاشورة***تحتلق الناس احتلاق النورة أی تبیر الناس فتأتی علی نفوسهم، أو تأتی علی أموالهم من الإبل و الشیاة، فتكون كأنها قد أتت علی نفوسهم باتیانها علی ما هو قوام نفوسهم. و انما جعل علیه السلام البغضاء حالقة للدین لأنّها سبب التفانی و التهالك و الایقاع فی المعاطب و المهالك، و الداعی الی سفك الدم الحرام و احتمال أعباء الآثام.

عَلَی أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ (1).

«21»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ لَمْ یَعْرَ مِنْهَا نَبِیٌّ فَمَنْ دُونَهُ الطِّیَرَةُ وَ الْحَسَدُ وَ التَّفَكُّرُ فِی الْوَسْوَسَةِ فِی الْخَلْقِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه معنی الطیرة فی هذا الموضع هو أن یتطیر منهم قومهم فأما هم علیه السلام فلا یتطیرون و ذلك كما قال اللّٰه عز و جل عن قوم صالح قالُوا اطَّیَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ (2) و كما قال آخرون لأنبیائهم إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ (3) الآیة و أما الحسد فی هذا الموضع هو أن یحسدوا لا أنهم یحسدون غیرهم و ذلك كما قال اللّٰه عز و جل أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً(4) و أما التفكر فی الوسوسة فی الخلق فهو بلواهم علیهم السلام بأهل الوسوسة لا غیر ذلك و ذلك كما حكی اللّٰه عنهم عن الولید بن المغیرة المخزومی إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ(5) یعنی قال للقرآن إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ(6).

«22»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَتَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْإِیمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ

ص: 254


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 117.
2- 2. النمل: 47.
3- 3. یس: 18.
4- 4. النساء: 54.
5- 5. المدّثّر: 18 و 19- و بعده 24 و 25.
6- 6. الخصال ج 1 ص 44.

الْحَطَبَ الْیَابِسَ (1).

«23»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الْحَاسِدُ مُضِرٌّ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ یُضِرَّ بِالْمَحْسُودِ كَإِبْلِیسَ أَوْرَثَ بِحَسَدِهِ لِنَفْسِهِ اللَّعْنَةَ وَ لِآدَمَ علیه السلام الِاجْتِبَاءَ وَ الْهُدَی وَ الرَّفْعَ إِلَی مَحَلِّ حَقَائِقِ الْعَهْدِ وَ الِاصْطِفَاءِ فَكُنْ مَحْسُوداً وَ لَا تَكُنْ حَاسِداً فَإِنَّ مِیزَانَ الْحَاسِدِ أَبَداً خَفِیفٌ بِثِقَلِ مِیزَانِ الْمَحْسُودِ وَ الرِّزْقُ مَقْسُومٌ فَمَا ذَا یَنْفَعُ حَسَدُ الْحَاسِدِ فَمَا یَضُرُّ الْمَحْسُودَ الْحَسَدُ وَ الْحَسَدُ أَصْلُهُ مِنْ عَمَی الْقَلْبِ وَ جُحُودِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ هُمَا جَنَاحَانِ لِلْكُفْرِ وَ بِالْحَسَدِ وَقَعَ ابْنُ آدَمَ فِی حَسْرَةِ الْأَبَدِ وَ هَلَكَ مَهْلَكاً لَا یَنْجُو مِنْهُ أَبَداً وَ لَا تَوْبَةَ لِلْحَاسِدِ لِأَنَّهُ مُصِرٌّ عَلَیْهِ مُعْتَقِدٌ بِهِ مَطْبُوعٌ فِیهِ یَبْدُو بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ وَ لَا سَبَبٍ وَ الطَّبْعُ لَا یَتَغَیَّرُ عَنِ الْأَصْلِ وَ إِنْ عُولِجَ (2).

«24»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلی بَعْضٍ (3) قَالَ لَا یَتَمَنَّی الرَّجُلُ امْرَأَةَ الرَّجُلِ وَ لَا ابْنَتَهُ وَ لَكِنْ یَتَمَنَّی مِثْلَهُمَا(4).

«25»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: بَیْنَمَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ یُنَاجِی رَبَّهُ وَ یُكَلِّمُهُ إِذْ رَأَی رَجُلًا تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ فَقَالَ یَا رَبِّ مَنْ هَذَا الَّذِی قَدْ أَظَلَّهُ عَرْشُكَ فَقَالَ یَا مُوسَی هَذَا مِمَّنْ لَمْ یَحْسُدِ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (5).

«26»- جع، [جامع الأخبار] قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِیَّاكُمْ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

ص: 255


1- 1. قرب الإسناد: 22.
2- 2. مصباح الشریعة: 33.
3- 3. النساء: 32.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 239.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 248.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِنِعَمِ اللَّهِ أَعْدَاءً قِیلَ وَ مَا أَعْدَاءُ نِعَمِ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِینَ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلَیْكُمْ بِإِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا فَإِنَّ كُلَّ ذِی نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لِابْنِهِ فِی وَصِیَّتِهِ إِنَّ مِنْ شَرِّ مَفَاضِحِ الْمَرْءِ الْحَسَدَ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَی مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ (1).

«27»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ: رَأَی مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ رَجُلًا تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَقَالَ یَا رَبِّ مَنْ هَذَا الَّذِی أَدْنَیْتَهُ حَتَّی جَعَلْتَهُ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُوسَی هَذَا لَمْ یَكُنْ یَعُقُّ وَالِدَیْهِ وَ لَا یَحْسُدُ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

«28»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: الْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ عَنْ سَلَامَةِ الْأَجْسَادِ(2).

وَ قَالَ علیه السلام: صِحَّةُ الْجَسَدِ مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ(3).

«29»- كَنْزُ الْكَرَاجَكِیِّ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا رَأَیْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الْحَاسِدِ نَفَسٌ دَائِمٌ وَ قَلْبٌ هَائِمٌ وَ حُزْنٌ لَازِمٌ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَی مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ إِلَیْهِ بَخِیلٌ بِمَا لَا یَمْلِكُهُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَسَدُ آفَةُ الدِّینِ وَ حَسْبُ الْحَاسِدَ مَا یَلْقَی.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: یَكْفِیكَ مِنَ الْحَاسِدِ أَنَّهُ یَغْتَمُّ فِی وَقْتِ سُرُورِكَ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَسَدُ لَا یَجْلِبُ إِلَّا مَضَرَّةً وَ غَیْظاً یُوهِنُ قَلْبَكَ وَ یُمْرِضُ جِسْمَكَ وَ شَرُّ مَا اسْتَشْعَرَ قَلْبُ الْمَرْءِ الْحَسَدُ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَسُودُ سَرِیعُ الْوَثْبَةِ بَطِی ءُ الْعَطْفَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحَسُودُ مَغْمُومٌ وَ اللَّئِیمُ مَذْمُومٌ.

ص: 256


1- 1. جامع الأخبار ص 186.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 225 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 256 من الحكم.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا غِنَی مَعَ فُجُورٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدَّةَ لِمُلُوكٍ.

وَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ یَتَبَیَّنُ فِیكَ وَ لَا یَتَبَیَّنُ فِیمَنْ تَحْسُدُهُ.

«30»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَسَدُ یَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

بیان: قال السید رضی اللّٰه عنه فی شرح هذا الخبر هذه استعارة و المراد أن الحسد مخرج لصاحبه إلی الإقدام علی المعاصی و الارتكاس فی المهاوی فیقع فی الدماء الحرام و یحتطب فی حمائل الآثام و یشرع فی نقل النعم من أماكنها و إزعاجها عن مواطنها فیكون عقاب هذه المحظورات محبطا لحسناته و مسقطا لثواب طاعاته علی المذهب الذی أشرنا إلیه فیما تقدم فیصیر الحسد الذی هو السبب فی استحقاق العقاب و إحباط الثواب كأنه یأكل تلك الحسنات لأنه یذهبها و یفنیها و یسقط أعیانها و یعفیها.

و إنما شبه علیه السلام فی أكله الحسنات بالنار التی تأكل الحطب لأن الحسد یجری فی قلب الإنسان مجری النار لاهتیاجه و اتقاده و إرماضه و إحراقه و من هناك قال بعضهم ما رأیت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد نفس یتضور و زفیر یتردد و حزن یتجدد(1).

«31»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَادَ الْفَقْرُ أَنْ یَكُونَ كُفْراً وَ كَادَ الْحَسَدُ أَنْ یَغْلِبَ الْقَدَرَ.

الضوء كاد و عسی كلاهما من أفعال المقاربة و كاد مشبه بعسی و عسی مشبه بلعل فلذلك لم یتصرف لأنه مشبه بحرف و الحرف لا یتصرف و كاد أشد مقاربة من عسی و إنما لم یأت من عسی الفعل المضارع لأن فیه معنی الطمع و الطمع لا یصح إلا فی المستقبل فلو بنی منه المضارع لصلح للحال و الاستقبال معا و الطمع لا یصح فی الحال فلذلك اقتصر فیه علی الماضی و عسی ترفع الاسم و تنصب الخبر إلا أن خبره لا یكون إلا فعلا مضارعا یدخله أن

ص: 257


1- 1. المجازات النبویّة ص 140، و فیه: نفس یتصعد.

و كذلك كاد ترفع الاسم و تنصب الخبر و من شروط كاد أن لا یدخل علی خبره أن كقولك كاد زید و قال تعالی وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَیُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ (1) و كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً(2) و هذا إذا كان للحال و إن كان للاستقبال شبه بعسی فأدخل علی خبره أن كما قال (3).

قد كاد من طول البلی أن یمصحا

فهذا ما علقناه علی شیخنا أبی الحسن النحوی رحمه اللّٰه و معنی الحدیث و اللّٰه أعلم أنه إشارة إلی أن الفقیر یسف إلی المآكل الدنیئة و المطاعم الوبیئة و إذا وجد أولاده یتضورون من الجوع و العری و رأی نفسه لا یقدر علی تقویم أودهم و إصلاح حالهم و التنفیس عنهم كان بالحری أن یسرق و یخون و یغصب و ینهب و یستحل أموال الناس و یقطع الطریق و یقتل المسلم أو یخدم بعض الظلمة فیأكل مما یغصبه و یظلمه و هذا كله من أفعال من لا یحاسب نفسه و لا یؤمن بیوم الحساب فهو قریب إلی أن یكون كافرا بحتا و فی الأثر عجبت لمن له عیال و لیس له مال كیف لا یخرج علی الناس بالسیف.

و قوله علیه السلام كاد الحسد أن یغلب القدر المعنی أن للحسد تأثیرا قویا فی النظر فی إزالة النعمة عن المحسود أو التمنی لذلك فإنه ربما یحمله حسده علی قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه فكأنه سعی فی غلبة المقدور لأن اللّٰه تعالی قد قدر للمحسود الخیر و النعمة و هو یسعی فی إزالة ذلك عنه و قیل الحسد منصف لأنه یبدأ بصاحبه و قیل الحسود لا یسود و قیل الحسد یأكل الجسد و قال الشاعر:

اصبر علی حسد الحسود فإن صبرك قاتله***النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله

و كاد تعطی أنه قرب الفعل و لم یكن و تفید فی الحدیث شدة تأثیر

ص: 258


1- 1. القلم: 51.
2- 2. الجن: 19.
3- 3. یعنی رؤبة: ربع عفاه الدهر طولا فانمحی قد كاد إلخ.

الفقر و الحسد و إن لم یكونا یغلبان القدر و یقال إن كاد إذا أوجب به الفعل دل علی النفی و إذا نفی دل علی الوقوع و قال شاعرهم:

أ نحوی هذا الدهر ما هی لفظة***جرت بلسانی جرهم و ثمود

إذا نفیت و اللّٰه أعلم أوجبت***و إن أوجبت قامت مقام جحود

و هذا كما قال عز و جل كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً و المعنی أنهم لم یكونوا و قال تعالی وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ (1) و قد ذبحوا.

و هذه من أعجب القصص فی الحسد و هی من أعاجیب الدنیا كان أیام موسی الهادی ببغداد رجل من أهل النعمة و كان له جار فی دون حاله و كان یحسده و یسعی بكل مكروه یمكنه و لا یقدر علیه قال فلما طال علیه أمره و جعلت الأیام لا تزیده فیه إلا غیظا اشتری غلاما صغیرا فرباه و أحسن إلیه فلما شب الغلام و اشتدت و قوی غضبه قال له مولاه یا بنی إنی أریدك لأمر من الأمور جسیم فلیت شعری كیف لی أنت عند ذلك قال كیف یكون العبد لمولاه و المنعم علیه المحسن إلیه و اللّٰه یا مولای لو علمت أن رضاك فی أن أتقحم النار لرمیت بنفسی فیها و لو علمت أن رضاك فی أن أغرق نفسی فی لجة البحر لفعلت ذاك و عدد علیه أشیاء فسر بذلك من قوله و ضمه إلی صدره و أكب علیه یترشفه و یقبله و قال أرجو أن تكون ممن یصلح لما أرید قال یا مولای إن رأیت أن تمن علی عبدك فتخبره بعزمك هذا لیعرفه و یضم علیه جوانحه قال لم یأن لذلك بعد و إذا كان ذلك فأنت موضع سری و مستودع أمانتی.

فتركه سنة فدعاه فقال أی بنی قد أردتك للأمر الذی كنت أرشحك له قال له یا مولای مرنی بما شئت فو اللّٰه لا تزیدنی الأیام إلا طاعة لك قال إن جاری فلانا قد بلغ منی مبلغا أحب قتله قال فأنا أفتك به الساعة قال لا أرید هذا و أخاف ألا یمكنك و إن أمكنك أحالوا ذلك علی و لكنی دبرت أن تقتلنی أنت و تطرحنی علی سطحه فیؤخذ و یقتل بی.

ص: 259


1- 1. البقرة: 71.

فقال له الغلام أ تطیب نفسك بنفسك و ما فی ذلك تشف من عدوك و أیضا فهل تطیب نفسی بقتلك و أنت أبر من الوالد الحدب و الأم الرفیقة قال دع عنك هذا فإنما كنت أربیك لهذا فلا تنقض علی أمری فإنه لا راحة لی إلا فی هذا قال اللّٰه اللّٰه فی نفسك یا مولای و أن تتلفها للأمر الذی لا یدری أ یكون أم لا یكون فإن كان لم تر منه ما أملت و أنت میت قال أراك لی عاصیا و ما أرضی حتی تفعل ما أهوی.

قال أما إذا صح عزمك علی ذلك فشأنك و ما هویت لأصیر إلیه بالكرة لا بالرضی فشكره علی ذلك و عمد إلی سكین فشحذها و دفعها إلیه و أشهد علی نفسه أنه دبره و دفع إلیه من صلب ماله ثلاثة آلاف درهم و قال إذا فعلت ذلك فخذ فی أی بلاد اللّٰه شئت فعزم الغلام علی طاعة المولی بعد التمنع و الالتواء.

فلما كان فی آخر لیلة من عمره قال له تأهب لما أمرتك به فإنی موقظك فی آخر اللیل فلما كان فی وجه السحر قام و أیقظ الغلام فقام مذعورا و أعطاه المدیة فجاء حتی تسور حائط جاره برفق فاضطجع علی سطحه فاستقبل القبلة ببدنه و قال للغلام ها و عجل فترك السكین علی حلقه و فری أوداجه و رجع إلی مضجعه و خلاه یتشحط فی دمه.

فلما أصبح أهله خفی علیهم خبره فلما كان فی آخر النهار أصابوه علی سطح جاره مقتولا فأخذ جاره و أحضروا وجوه المحلة لینظروا إلی الصورة و رفعوه و حبسوه و كتبوا بخبره إلی الهادی فأحضره فأنكر أن یكون له علم بذلك و كان الرجل من أهل الصلاح فأمر بحبسه و مضی الغلام إلی أصبهان.

و كان هناك رجل من أولیاء المحبوس و قرابته و كان یتولی العطاء للجند بأصفهان فرأی الغلام و كان عارفا به فسأله عن أمر مولاه و قد كان وقع الخبر إلیه فأخبره الغلام حرفا حرفا فأشهد علی مقالته جماعة و حمله إلی مدینة السلام و بلغ الخبر الهادی فأحضر الغلام فقص أمره كلّه علیه فتعجب الهادی من ذلك و أمر بإطلاق الرجل المحبوس و إطلاق الغلام أیضا.

ص: 260

فائدة الحدیث إعلام أن الفقر من أصعب الأشیاء و مكابرته من أهول الأمور و أن الحسد أمره شدید و الحدیث متضمن للنهی عنه.

«32»- الشِّهَابُ،: إِنَّ الْحَسَدَ لَیَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

الضوء الحسد تمنی زوال نعمة غیرك یقول صلی اللّٰه علیه و آله الحسد یفسد الحسنات و هی الأفعال الحسنة و یلطخها و یغیرها و یغطی علیها و یسوؤها و یجعلها بحیث لا یعتد بها كما تأكل النار الحطب حیث تجعله رمادا أو فحما و ذلك أن الحسود و لو حصلت منه الأفعال الصالحة لكانت مشینة لمكان الحسد ثم إن الحاسد یعارض ربه فیما یفعل لأن النعمة علی المحسود من قبله و هو یتمنی زواله و كأنه یخطئ اللّٰه تعالی فیما أولاه تعالی و تقدس.

و روی عن سفیان قال بلغنی أن اللّٰه تعالی یقول الحاسد عدو نعمتی غیر راض بقسمتی التی قسمت بین عبادی و قال منصور الفقیه:

ألا قل لمن كان بی حاسدا***أ تدری علی من أسأت الأدب

أسأت علی اللّٰه فی فعله***إذا أنت لم ترض لی ما وهب

جزاؤك منه الزیادات لی***و أن لا تنال الذی تطلب

و قیل الحاسد بارز ربه من ستة أوجه أبغض كل نعمة تظهر علی غیره و سخط القسمة و ضاد قضاء اللّٰه و كابر مقدوره و خذل ولیه و أعان عدوه و قیل الحاسد جاحد لأنه لم یرض بحكم الواحد و قیل فی قوله تعالی إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ (1) یعنی الحسد و قیل الحسد منصف لأنه یؤثر فی الحاسد و لا یؤثر فی المحسود.

و قال:

اصبر علی حسد الحسود فإن صبرك قاتله***فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله (2).

ص: 261


1- 1. الأعراف: 33.
2- 2. قد مر بعض هذا آنفا.

و قال:

إنی لأرحم حاسدی لحر ما***ضمنت صدورهم من الأسعار

نظروا صنیع اللّٰه لی فعیونهم***فی جنة و قلوبهم فی نار

و قیل الحسود لا یسود و روی أن فی السماء الخامسة ملكا یمر به عمل عبد له ضوء كضوء الشمس فیقول قف فأنا ملك الحسد أضرب به وجه صاحبه فإنه حاسد و یقال لا یوجد ظالم و هو مظلوم إلا الحاسد و أنشد:

قل للحسود إذا تنفس حسرة***یا ظالما و كأنه مظلوم

و فائدة الحدیث النهی عن الحسد و الأمر بتجنبه.

باب 132 ذم الغضب و مدح التنمر فی ذات اللّٰه

الآیات:

طه: قالَ یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی (1)

الشعراء: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِینَ (2)

«1»- ن (3)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: دَخَلَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام عَلَی هَارُونَ الرَّشِیدِ وَ قَدِ اسْتَخَفَّهُ الْغَضَبُ عَلَی رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا تَغْضَبُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا تَغْضَبْ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا غَضِبَ لِنَفْسِهِ (4).

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا نَسَبَ أَوْضَعُ مِنَ الْغَضَبِ (5).

ص: 262


1- 1. طه: 94.
2- 2. الشعراء: 130.
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 292.
4- 4. أمالی الصدوق: 14.
5- 5. أمالی الصدوق: 193.

أقول: قد مضی الأخبار فی باب الحلم و كظم الغیظ(1).

«3»- لی، [الأمالی للصدوق]: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ قَالَ الَّذِی لَا یَغْضَبُ (2).

«4»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ(3).

«5»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْحَوَارِیُّونَ لِعِیسَی بْنِ مَرْیَمَ یَا مُعَلِّمَ الْخَیْرِ أَعْلِمْنَا أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَشَدُّ فَقَالَ أَشَدُّ الْأَشْیَاءِ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالُوا فَبِمَ یُتَّقَی غَضَبُ اللَّهِ قَالَ بِأَنْ لَا تَغْضَبُوا قَالُوا وَ مَا بَدْءُ الْغَضَبِ قَالَ الْكِبْرُ وَ التَّجَبُّرُ وَ مَحْقَرَةُ النَّاسِ (4).

كِتَابُ الْغَایَاتِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ.

«6»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَعَوَّذُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مِنْ سِتٍّ مِنَ الشَّكِّ وَ الشِّرْكِ وَ الْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ وَ الْبَغْیِ وَ الْحَسَدِ(5).

«7»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ وَ عَمِّهِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِمَا عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ وَ عَمِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ وَ مَنْ حَسُنَ خُلْقُهُ بَلَغَهُ اللَّهُ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ (6).

ص: 263


1- 1. راجع ج 71 ص 397- 428.
2- 2. أمالی الصدوق: 237.
3- 3. الخصال ج 1 ص 7.
4- 4. الخصال ج 1 ص 7.
5- 5. الخصال ج 1 ص 160.
6- 6. عیون الأخبار ج 2 ص 71.

«8»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْقَیْسِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی عَمَلًا لَا یُحَالُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ قَالَ لَا تَغْضَبْ وَ لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَیْئاً وَ ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ الْخَبَرَ(1).

«9»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْغَضَبُ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَغْضَبُ حَتَّی مَا یَرْضَی أَبَداً وَ یَدْخُلُ بِذَلِكَ النَّارَ فَأَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَلْیَجْلِسْ فَإِنَّهُ سَیَذْهَبُ عَنْهُ رِجْزُ الشَّیْطَانِ وَ إِنْ كَانَ جَالِساً فَلْیَقُمْ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَی ذِی رَحِمِهِ فَلْیَقُمْ إِلَیْهِ وَ لْیَدْنُ مِنْهُ وَ لْیَمَسَّهُ فَإِنَّ الرَّحِمَ إِذَا مَسَّتِ الرَّحِمَ سَكَنَتْ (2).

«10»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْفَحَّامِ عَنِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ عَمِّ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْكَاظِمِ علیهم السلام قَالَ: مَنْ لَمْ یَغْضَبْ فِی الْجَفْوَةِ لَمْ یَشْكُرْ فِی النِّعْمَةِ(3).

«11»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ (4).

«12»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنِ النَّاسِ أَقَالَهُ اللَّهُ نَفْسَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(5).

ص: 264


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 121.
2- 2. أمالی الصدوق: 205.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 290.
4- 4. ثواب الأعمال: 120.
5- 5. ثواب الأعمال: 120.

ختص، [الإختصاص] عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: مِثْلَهُ (1).

«13»- ضا، [فقه الرضا علیه السلام] أَرْوِی: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْعَالِمَ أَنْ یُعَلِّمَهُ مَا یَنَالُ بِهِ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَا یُطَوِّلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ.

«14»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَیَغْضَبُ فَمَا یَرْضَی حَتَّی یَدْخُلَ بِهِ النَّارَ فَأَیُّمَا رَجُلٍ مِنْكُمْ غَضِبَ عَلَی ذِی رَحِمِهِ فَلْیَدْنُ مِنْهُ فَإِنَّ الرَّحِمَ إِذَا مَسَّتْهَا الرَّحِمُ اسْتَقَرَّتْ وَ إِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَرْشِ یَنْتَقِضُهُ انْتِقَاضَ الْحَدِیدِ فَیُنَادِی اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَنِی وَ اقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِی وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِی كِتَابِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَیْكُمْ رَقِیباً(2) وَ أَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَلْیَلْزَمِ الْأَرْضَ مِنْ فَوْرِهِ فَإِنَّهُ یُذْهِبُ رِجْزَ الشَّیْطَانِ (3).

«15»- جع، [جامع الأخبار] قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَضَبُ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَضَبُ یُفْسِدُ الْإِیمَانَ كَمَا یُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ وَ كَمَا یُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ.

وَ قَالَ إِبْلِیسُ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ: الْغَضَبُ وَهَقِی (4) وَ مِصْیَادِی وَ بِهِ أَصُدُّ خِیَارَ الْخَلْقِ عَنِ الْجَنَّةِ وَ طَرِیقِهَا.

وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: مَنْ لَمْ یَغْتَبْ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ لَمْ یَغْضَبْ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ لَمْ یَحْسُدْ فَلَهُ الْجَنَّةُ(5).

«16»- ختص، [الإختصاص] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: كَانَ أَبِی مُحَمَّدٌ علیه السلام یَقُولُ أَیُّ شَیْ ءٍ أَشَرُّ مِنَ الْغَضَبِ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَضِبَ یَقْتُلُ النَّفْسَ وَ یَقْذِفُ الْمُحْصَنَةَ(6).

«17»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فَضَالَةُ عَنِ ابْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِیٌ

ص: 265


1- 1. الاختصاص: 229.
2- 2. الآیة الأولی من سورة النساء.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 217.
4- 4. الوهق محركة و تسكن الهاء: حبل فی طرفیه النشوطة یطرح فی عنق الدابّة و الإنسان حتّی تؤخذ، قیل هو معرب وهك.
5- 5. جامع الأخبار: 186.
6- 6. الاختصاص: 243.

إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی شَیْئاً وَاحِداً فَإِنِّی رَجُلٌ أُسَافِرُ فَأَكُونُ فِی الْبَادِیَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ لَا تَغْضَبْ فَاسْتَیْسَرَهَا الْأَعْرَابِیُّ فَرَجَعَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی شَیْئاً وَاحِداً فَإِنِّی أُسَافِرُ فَأَكُونُ فِی الْبَادِیَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَغْضَبْ فَاسْتَیْسَرَهَا الْأَعْرَابِیُّ فَرَجَعَ فَأَعَادَ السُّؤَالَ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَی نَفْسِهِ وَ قَالَ لَا أَسْأَلُ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَ هَذَا إِنِّی وَجَدْتُهُ قَدْ نَصَحَنِی وَ حَذَّرَنِی لِئَلَّا أَفْتَرِیَ حِینَ أَغْضَبُ وَ لِئَلَّا أَقْتُلَ حِینَ أَغْضَبُ.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ. وَ قَالَ: إِنَّ إِبْلِیسَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَحْسَبُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهُمْ فَلَمَّا أُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ حَمِیَ وَ غَضِبَ فَأَخْرَجَ اللَّهُ مَا كَانَ فِی نَفْسِهِ بِالْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ.

«18»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الصَّبَّاحِ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیِّهِ دَاوُدَ علیه السلام إِذَا ذَكَرَنِی عَبْدِی حِینَ یَغْضَبُ ذَكَرْتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی جَمِیعِ خَلْقِی وَ لَا أَمْحَقُهُ فِیمَنْ أَمْحَقُ.

«19»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَضَبُ یُفْسِدُ الْإِیمَانَ كَمَا یُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ أَوْ كَمَا یُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ (1).

كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ.

«20»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ لِأَنَّ صَاحِبَهَا یَنْدَمُ فَإِنْ لَمْ یَنْدَمْ فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكِمٌ (2).

«21»- مُنْیَةُ الْمُرِیدِ،: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُبْعِدُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ لَا تَغْضَبْ.

وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ.

ص: 266


1- 1. نوادر الراوندیّ: 17.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 255 من الحكم.

وَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ یُدْخِلُنِی الْجَنَّةَ قَالَ لَا تَغْضَبْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَضَبُ یُفْسِدُ الْإِیمَانَ كَمَا یُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا غَضِبَ أَحَدٌ إِلَّا أَشْفَی عَلَی جَهَنَّمَ.

وَ ذُكِرَ الْغَضَبُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَغْضَبُ فَمَا یَرْضَی أَبَداً حَتَّی یَدْخُلَ النَّارَ.

وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی علیه السلام یَا مُوسَی أَمْسِكْ غَضَبَكَ عَمَّنْ مَلَّكْتُكَ عَلَیْهِ أَكُفَّ عَنْكَ غَضَبِی.

وَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ هَذَا الْغَضَبَ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ تَتَوَقَّدُ فِی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَیْنَاهُ وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ دَخَلَ الشَّیْطَانُ فِیهِ.

«22»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَضَبُ یُفْسِدُ الْإِیمَانَ كَمَا یُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ (1).

بیان: كما یفسد الخل العسل أی إذا أدخل الخل العسل ذهبت حلاوته و خاصیته و صار المجموع شیئا آخر فكذا الإیمان إذا دخله الغضب فسد و لم یبق علی صرافته و تغیرت آثاره فلا یسمی إیمانا حقیقة أو المعنی أنه إذا كان طعم العسل فی الذائقة فشرب الخل ذهبت تلك الحلاوة بالكلیة فلا یجد طعم العسل فكذا الغضب إذا ورد علی صاحب الإیمان لم یجد حلاوته و ذهبت فوائده.

قال بعض المحققین الغضب شعلة نار اقتبست من نار اللّٰه الموقدة إلا أنها لا تطلع علی الأفئدة و إنها لمستكنة فی طی الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد و یستخرجها الكبر الدفین من قلب كل جبار عنید كما یستخرج الحجر النار من الحدید و قد انكشف للناظرین بنور الیقین أن الإنسان ینزع منه عرق إلی

ص: 267


1- 1. الكافی ج 2 ص 302.

الشیطان، اللعین فمن أسعرته نار الغضب فقد قویت فیه قرابة الشیطان، حیث قال خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (1) فمن شأن الطین السكون و الوقار و شأن النار التلظی و الاستعار و الحركة و الاضطراب و الاصطهار و منه قوله تعالی یُصْهَرُ بِهِ ما فِی بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ(2) و من نتائج الغضب الحقد و الحسد و بهما هلك من هلك و فسد من فسد.

ثم قال اعلم أن اللّٰه تعالی لما خلق الإنسان معرضا للفساد و الموتان بأسباب فی داخل بدنه و أسباب خارجة منه أنعم علیه بما یحمیه الفساد و یدفع عنه الهلاك إلی أجل معلوم سماه فی كتابه.

أما السبب الداخل فإنه ركبه من الرطوبة و الحرارة و جعل بین الرطوبة و الحرارة عداوة و مضادة فلا تزال الحرارة تحلل الرطوبة و تجففها و تبخرها حتی یتفشی أجزاؤها بخارا یتصاعد منها فلو لم یتصل بالرطوبة مدد من الغذاء یجبر ما انحل و تبخر من أجزائها لفسد الحیوان فخلق اللّٰه الغذاء الموافق لبدن الحیوان و خلق للحیوان شهوة تبعثه علی تناول الغذاء كالموكل به فی جبر ما انكسر و سد ما انثلم لیكون حافظا له من الهلاك بهذه الأسباب.

و أما الأسباب الخارجة التی یتعرض لها الإنسان فكالسیف و السنان و سائر المهلكات التی یقصد بها فافتقر إلی قوة و حمیة تثور من باطنه فیدفع المهلكات عنه فخلق اللّٰه الغضب من النار و غرزه فی الإنسان و عجنه بطینته فمهما قصد فی غرض من أغراضه و مقصود من مقاصده اشتعلت نار الغضب و ثارت ثورانا یغلی به دم القلب و ینتشر فی العروق و یرتفع إلی أعالی البدن كما ترتفع النار و كما یرتفع الماء الذی یغلی فی القدر.

و لذلك ینصب إلی الوجه فیحمر الوجه و العین و البشرة بصفائها تحكی لون ما وراءها من حمرة الدم كما تحكی الزجاجة لون ما فیها و إنما ینبسط الدم إذا غضب علی من دونه و استشعر القدرة علیه فإن صدر الغضب علی من هو فوقه

ص: 268


1- 1. الأعراف: 12 ص 76.
2- 2. الحجّ: 20.

و كان معه یأس من الانتقام تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلی جوف القلب و صار حزنا و لذلك یصفر اللون و إن كان الغضب علی نظیر یشك فیه تولد منه تردد بین انقباض و انبساط فیحمر و یصفر و یضطرب.

و بالجملة فقوة الغضب محلها القلب و معناها غلیان دم القلب لطلب الانتقام و إنما یتوجه هذه القوة عند ثورانها إلی دفع الموذیات قبل وقوعها و إلی التشفی و الانتقام بعد وقوعها و الانتقام قوت هذه القوة و شهوتها و فیه لذتها و لا تسكن إلا به.

ثم الناس فی هذه القوة علی درجات ثلاث فی أول الفطرة و بحسب ما یطرأ علیها من الأمور الخارجة من التفریط و الإفراط و الاعتدال أما التفریط فبفقد هذه القوة أو ضعفها بأن لا یستعملها فیما هو محمود عقلا و شرعا مثل دفع الضرر عن نفسه علی وجه سائغ و الجهاد مع أعدائه و البطش علیهم و إقامة الحدود علی الوجه المعتبر و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر فتحصل فیه ملكة الجبن بل ینتهی إلی عدم الغیرة علی حرمه و أشباه ذلك: و هذا مذموم معدود من الرذائل النفسانیة و قد وصف اللّٰه تعالی الصحابة بالشدة و الحمیة فقال أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ(1) و قال تعالی یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ (2) و إنما الغلظة و الشدة من آثار قوة الحمیة و هو الغضب و أما الإفراط فهو الإقدام علی ما لیس بالجمیل و استعمالها فیما هو مذموم عقلا و شرعا مثل الضرب و البطش و الشتم و النهب و القتل و القذف و أمثال ذلك مما لا یجوزه العقل و الشرع.

و أما الاعتدال فهو غضب ینتظر إشارة العقل و الدین فینبعث حیث تجب الحمیة و ینطفئ حیث یحسن الحلم و حفظه علی حد الاعتدال هو الاستقامة التی كلف اللّٰه تعالی به عباده و هو الوسط الذی وصفه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حیث قال:

ص: 269


1- 1. الفتح: 29.
2- 2. التحریم: 9.

خیر الأمور أوساطها فمن مال غضبه إلی الفتور حتی أحس من نفسه ضعف الغیرة و خسة النفس و احتمال الذل و الضیم فی غیر محله فینبغی أن یعالج نفسه حتی یقوی غضبه و من مال غضبه إلی الإفراط حتی جره إلی التهور و اقتحام الفواحش فینبغی أن یعالج نفسه لیسكن من سورة الغضب و یقف علی الوسط الحق بین الطرفین فهو الصراط المستقیم و هو أدق من الشعر و أحد من السیف فینبغی أن یسعی فی ذلك بحسب جهده و یتوسل إلی اللّٰه تعالی فی أن یوفقه لذلك.

«23»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُیَسِّرٍ قَالَ: ذُكِرَ الْغَضَبُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَغْضَبُ فَمَا یَرْضَی أَبَداً حَتَّی یَدْخُلَ النَّارَ فَأَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَی قَوْمٍ وَ هُوَ قَائِمٌ فَلْیَجْلِسْ مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ سَیَذْهَبُ عَنْهُ رِجْزُ الشَّیْطَانِ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَی ذِی رَحِمٍ فَلْیَدْنُ مِنْهُ فَلْیَمَسَّهُ فَإِنَّ الرَّحِمَ إِذَا مُسَّتْ سَكَنَتْ (1).

بیان: فما یرضی أبدا فیه تنبیه علی أنه ینبغی أن لا یغضب و إن غضب لا یستمر علیه بل یعالجه قریبا بالسعی فی الرضا عنه إذ لو استمر علیه اشتد غضبه آنا فآنا و شیئا فشیئا إلی أن یصدر عنه ما یوجب دخوله النار كالقتل و الجرح و أمثالهما أو یصیر الغضب له عادة و خلقا فلا یمكنه تركه حتی یدخل بسببه النار.

و اعلم أن علاج الغضب أمران علمی و فعلی أما العلمی فبأن یتفكر فی الآیات و الروایات التی وردت فی ذم الغضب و مدح كظم الغیظ و العفو و الحلم و یتفكر فی توقعه عفو اللّٰه عن ذنبه و كف غضبه عنه و أما الفعلی فذكر علیه السلام هنا أمران.

الأول قوله فأیما رجل ما زائدة من فوره كان من بمعنی فی و قال الراغب الفور شدة الغلیان و یقال ذلك فی النار نفسها إذا هاجت و فی القدر فی الغضب و یقال فعلت كذا من فوری أی فی غلیان

ص: 270


1- 1. الكافی ج 2 ص 302.

الحال و قبل سكون الأمر(1).

و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ یَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا(2) أی من ساعتهم هذه و هو فی الأصل مصدر فارت القدر إذا غلت فاستعیر للسرعة ثم أطلق للحال التی لا ریث فیها و لا تراخی و المعنی أن یأتوكم فی الحال (3)

و قال فی المصباح فار الماء یفور فورا نبع و جری و فارت القدر فورا و فورانا و قولهم الشفعة علی الفور من هذا أی علی الوقت الحاضر الذی لا تأخیر فیه ثم استعمل فی الحالة التی لا بطء فیها یقال جاء فلان فی حاجته ثم رجع من فوره أی من حركته التی وصل فیها و لم یسكن بعدها و حقیقته أن یصل ما بعد المجی ء بما قبله من غیر لبث انتهی.

و ضمیر فوره للرجل و قیل للغضب و الأول أنسب بالآیة و ذلك صفة فوره فإنه سیذهب كیمنع و الرجز فاعله أو علی بناء الإفعال و الضمیر المستتر فاعله و راجع إلی مصدر فلیجلس و الرجز مفعوله و فی النهایة الرجز بكسر الراء العذاب و الإثم و الذنب و رجز الشیطان، وساوسه انتهی.

و ذهاب ذلك بالجلوس مجرب كما أن من جلس عند حملة الكلب وجده ساكنا لا یحوم حوله و فیه سر لا یعلمه إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ و ربما یقال السر فیه هو الإشعار بأنه من التراب و عبد ذلیل لا یلیق به الغضب أو التوسل بسكون الأرض و ثبوتها.

و أقول كأنه لقلة دواعیه إلی المشی للقتل و الضرب و أشباههما أو للانتقال من حال إلی حال أخری و الاشتغال بأمر آخر فإنهما مما یذهل عن الغضب فی الجملة و لذا ألحق بعض العلماء الاضطجاع و القیام إذا كان جالسا و الوضوء بالماء البارد و شربه بالجلوس فی ذهاب الرجز.

ص: 271


1- 1. مفردات غریب القرآن 387.
2- 2. آل عمران: 125.
3- 3. أنوار التنزیل: 81.

و أقول:

یُؤَیِّدُهُ مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِی مَجَالِسِهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْغَضَبُ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَغْضَبُ حَتَّی مَا یَرْضَی أَبَداً وَ یَدْخُلُ بِذَلِكَ النَّارَ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَلْیَجْلِسْ فَإِنَّهُ سَیَذْهَبُ عَنْهُ رِجْزُ الشَّیْطَانِ وَ إِنْ كَانَ جَالِساً فَلْیَقُمْ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَی ذِی رَحِمِهِ فَلْیَقُمْ إِلَیْهِ وَ لْیَدْنُ مِنْهُ وَ لْیَمَسَّهُ فَإِنَّ الرَّحِمَ إِذَا مَسَّتِ الرَّحِمَ سَكَنَتْ (1).

وَ مَا رَوَاهُ الْعَامَّةُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ جَلَسَ وَ إِذَا غَضِبَ وَ هُوَ جَالِسٌ اضْطَجَعَ فَیَذْهَبُ غَیْظُهُ.

و قال بعضهم علاج الغضب أن تقول بلسانك أعوذ باللّٰه من الشیطان، الرجیم هكذا أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یقال عند الغیظ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا غَضِبَتْ عَائِشَةُ أَخَذَ بِأَنْفِهَا وَ قَالَ یَا عُوَیْشُ قُولِی اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِی ذَنْبِی وَ أَذْهِبْ غَیْظَ قَلْبِی وَ أَجِرْنِی مِنْ مَضَلَّاتِ الْفِتَنِ.

و یستحب أن تقول ذلك و إن لم یزل بذلك فاجلس إن كنت قائما و اضطجع إن كنت جالسا و أقرب من الأرض التی منها خلقت لتعرف بذلك ذل نفسك و اطلب بالجلوس و الاضطجاع السكون فإن سبب الغضب الحرارة و سبب الحرارة الحركة إذ قال صلی اللّٰه علیه و آله إن الغضب جمرة تتوقد أ لم تر إلی انتفاخ أوداجه و حمرة عینیه.

فإن وجد أحدكم من ذلك شیئا فإن كان قائما فلیجلس و إن كان جالسا فلینم فإن لم یزل ذلك فلیتوضأ بالماء البارد و لیغتسل فإن النار لا یطفئها إلا الماء

وَ قَدْ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْیَتَوَضَّأْ وَ لْیَغْتَسِلْ فَإِنَّ الْغَضَبَ مِنَ النَّارِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: أَنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ أَنَّ الشَّیْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَ إِنَّمَا یُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْیَتَوَضَّأْ.

وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ.

وَ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی حُمْرَةِ

ص: 272


1- 1. أمالی الصدوق: 205 و قد مر تحت الرقم 9.

عَیْنَیْهِ وَ انْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً فَلْیَلْصَقْ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ.

و كان هذا إشارة إلی السجود و هو تمكین أعز الأعضاء من أذل المواضع و هو التراب لتستشعر به النفس الذل و تزایل به العزة و الزهو الذی هو سبب الغضب.

و أما العلاج الثانی فهو خاص بذی الرحم حیث قال و أیما رجل غضب علی ذی رحم فلیدن منه أی الغاضب من ذی رحمه إذا مست علی بناء المجهول أی بمثلها و یحتمل المعلوم أی مثلها و ما فی روایة المجالس المتقدم ذكره أظهر و یظهر منها أنه سقط من روایة الكتاب بعض الفقرات متنا و سندا فتفطن إذ هی عین هذه الروایة و الظاهر أن سكنت علی بناء المعلوم المجرد و یحتمل المجهول من بناء التفعیل.

و قیل ضمیر فلیدن راجع إلی ذی الرحم و ضمیر منه إلی الرجل و هو بعید هنا و إن كان له شواهد من بعض الأخبار

مِنْهَا مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی عُیُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَخَلْتُ عَلَی الرَّشِیدِ سَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ یَا مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ خَلِیفَتَیْنِ یُجْبَی إِلَیْهِمَا الْخَرَاجُ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُعِیذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِی وَ إِثْمِكَ وَ تَقْبَلَ الْبَاطِلَ مِنْ أَعْدَائِنَا عَلَیْنَا فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ قَدْ كُذِبَ عَلَیْنَا مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَكَ فَإِنْ رَأَیْتَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَأْذَنَ لِی أُحَدِّثُكَ بِحَدِیثٍ أَخْبَرَنِی بِهِ أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّحِمَ إِذَا مَسَّتِ الرَّحِمَ تَحَرَّكَتْ وَ اضْطَرَبَتْ فَنَاوِلْنِی یَدَكَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ ادْنُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَخَذَ بِیَدِی ثُمَّ جَذَبَنِی إِلَی نَفْسِهِ وَ عَانَقَنِی طَوِیلًا ثُمَّ تَرَكَنِی وَ قَالَ اجْلِسْ یَا مُوسَی فَلَیْسَ عَلَیْكَ بَأْسٌ فَنَظَرْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا أَنَّهُ قَدْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَرَجَعْتُ إِلَی نَفْسِی فَقَالَ صَدَقْتَ وَ صَدَقَ جَدُّكَ لَقَدْ تَحَرَّكَ دَمِی وَ اضْطَرَبَتْ عُرُوقِی حَتَّی غَلَبَتْ عَلَیَّ الرِّقَّةُ وَ فَاضَتْ عَیْنَایَ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

و أقول هذا لا یعین حمل خبر المتن علی دنو الغاضب فإنه یدنو كل من

ص: 273


1- 1. عیون الأخبار ج 1 ص 81.

یرید تسكین الغضب فإنه إذا أراد الغاضب تسكین غضبه یدنو من المغضوب علیه و إذا أراد المغضوب علیه تسكین غضب الغاضب یدنو منه.

«24»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ(1).

بیان: مفتاح كل شر إذ یتولد منه الحقد و الحسد و الشماتة و التحقیر و الأقوال الفاحشة و هتك الأستار و السخریة و الطرد و الضرب و القتل و النهب و منع الحقوق إلی غیر ذلك مما لا یحصی.

«25»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ أَبِی علیه السلام یَقُولُ: أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ بَدَوِیٌّ فَقَالَ إِنِّی أَسْكُنُ الْبَادِیَةَ فَعَلِّمْنِی جَوَامِعَ الْكَلَامِ فَقَالَ آمُرُكَ أَنْ لَا تَغْضَبَ فَأَعَادَ عَلَیْهِ الْأَعْرَابِیُّ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّی رَجَعَ الرَّجُلُ إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ لَا أَسْأَلُ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَ هَذَا مَا أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا بِالْخَیْرِ قَالَ وَ كَانَ أَبِی یَقُولُ أَیُّ شَیْ ءٍ أَشَدُّ مِنَ الْغَضَبِ إِنَّ الرَّجُلَ یَغْضَبُ فَیَقْتُلُ النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ وَ یَقْذِفُ الْمُحْصَنَةَ(2).

بیان: قال فی النهایة فیه أوتیت جوامع الكلم یعنی القرآن جمع اللّٰه بلطفه فی الألفاظ الیسیرة منه معانی كثیرة واحدها جامعة أی كلمة جامعة و منه حدیث فی صفته أنه كان یتكلم بجوامع الكلم أی أنه كان كثیر المعانی قلیل الألفاظ.

فأعاد علیه الأعرابی المسألة ثلاث مرات كان أصل السؤال كان ثلاث مرات فالإعادة مرتان أطلقت علی الثلاث تغلیبا و المعنی أنه صلی اللّٰه علیه و آله فی كل ذلك یجیبه بمثل الجواب الأول حتی رجع الرجل أی تفكر فی أن تكرار السؤال بعد اكتفائه صلی اللّٰه علیه و آله بجواب واحد غیر مستحسن فأمسك و علم أنه صلی اللّٰه علیه و آله لم یجبه بما أجابه إلا لعلمه بفوائد هذه النصیحة و أنها تكفیه أو تفكر فی مفاسد الغضب فعلم أن تخصیصه صلی اللّٰه علیه و آله الغضب بالذكر لتلك الأمور.

ص: 274


1- 1. الكافی ج 2 ص 303.
2- 2. الكافی ج 2 ص 303.

فیقتل النفس أی إحدی ثمرات الغضب قتل النفس مثلا و هو یوجب القصاص فی الدنیا و العذاب الشدید فی الآخرة و الأخری قذف المحصنة و هی العفیفة و هو یوجب الحد فی الدنیا و العقاب العظیم فی الآخرة.

«26»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَلِّمْنِی عِظَةً أَتَّعِظُ بِهَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی عِظَةً أَتَّعِظُ بِهَا فَقَالَ لَهُ انْطَلِقْ فَلَا تَغْضَبْ ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ انْطَلِقْ فَلَا تَغْضَبْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1).

بیان: قال فی المصباح وعظه یعظه عظة أمره بالطاعة و وصاه بها فاتعظ أی ائتمر و كف نفسه و قال بعض المتقدمین الوعظ تذكیر مشتمل علی زجر و تخویف و حمل علی طاعة اللّٰه بلفظ یرق له القلب و الاسم الموعظة.

«27»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ (2).

بیان: ستر اللّٰه عورته أی عیوبه و ذنوبه فی الدنیا فلا یفضحه بها أو فی الآخرة فیكون كفارة عنها أو الأعم منهما و قیل لأنه إذا لم یغضب لا یقوم فیه الناس ما یفضحه و اختلفوا فی أن من كان شدید الغضب و كف غضبه و من لا یغضب أصلا لكونه حلیما بحسب الخلقة أیهما أفضل فقیل الأول لأن الأجر علی قدر المشقة و فیه جهاد النفس و هو أفضل من جهاد العدو.

و غضب النبی صلی اللّٰه علیه و آله مشهور إلا أن غضبه لم یكن من مس الشیطان، و رجزه و إنما كان من بواعث الدین و قیل الثانی لأن الأخلاق الحسنة من الفضائل النفسانیة و صاحب الخلق الحسن بمنزلة الصائم القائم.

«28»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی یَا مُوسَی أَمْسِكْ غَضَبَكَ عَمَّنْ مَلَّكْتُكَ عَلَیْهِ أَكُفُّ عَنْكَ غَضَبِی (3).

ص: 275


1- 1. الكافی ج 2 ص 303.
2- 2. الكافی ج 2 ص 303.
3- 3. الكافی ج 2 ص 303.

بیان: یقال ناجیته أی ساررته عمن ملكتك علیه أی من العبید و الإماء أو الرعیة أو الأعم و هو أولی و غضب الخلق ثوران النفس و حركتها بسبب تصور المؤذی و الضار إلی الانتقام و المدافعة و غضب الخالق عقابه التابع لعلمه بمخالفة أوامره و نواهیه و غیرهما و فیه إشارة إلی نوع من معالجة الغضب و هو أن یذكر الإنسان عند غضبه علی الغیر غضبه تعالی علیه فإن ذلك یبعثه علی الرضا و العفو طلبا لرضاه سبحانه و عفوه لنفسه.

«29»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی بَعْضِ أَنْبِیَائِهِ یَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِی فِی غَضَبِكَ أَذْكُرْكَ فِی غَضَبِی لَا أَمْحَقْكَ فِیمَنْ أَمْحَقُ وَ ارْضَ بِی مُنْتَصِراً فَإِنَّ انْتِصَارِی لَكَ خَیْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ (1).

بیان: المراد بذكره له تعالی ذكر قدرته سبحانه علیه و عقابه و بذكر اللّٰه له ذكر عفوه عن أخیه فیعفو عن زلاته و معاصیه جزاء بما صنع و قوله لا أمحقك بالجزم بدل من أذكرك و المحق هنا إبطال عمله و تعذیبه و محو ذكره أو إحراقه فی القاموس محقه كمنعه أبطله و محاه كمحقه فتمحق و امتحق و امحق كافتعل و اللّٰه الشی ء ذهب ببركته و الحر الشی ء أحرقه و فی النهایة المحق النقص و المحو و الإبطال و الانتصار الانتقام و لما كان الغرض من إمضاء الغضب غالبا هو الانتقام من الظالم رغب سبحانه فی تركه بأنی منتقم من الظالم لك و انتقامی خیر من انتقامك و الخیریة من وجوه شتی.

الأول أن انتقامه علی قدر قدرته و انتقامه سبحانه أشد و أبقی الثانی أن انتقامه یفوت ثوابه و انتقامه تعالی لا یفوته الثالث أن انتقامه یمكن أن یتعدی إلی ما لا یستحقه فیعاقب علیه الرابع أن انتقامه یؤدی غالبا إلی المفاسد الكلیة و الجزئیة بانتهاض الخصم للمعادات بخلاف انتقامه تعالی.

«30»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ

ص: 276


1- 1. الكافی ج 2 ص 303.

عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ وَ إِذَا ظُلِمْتَ بِمَظْلِمَةٍ فَارْضَ بِانْتِصَارِی لَكَ فَإِنَّ انْتِصَارِی لَكَ خَیْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ (1).

بیان: فی هذا الخبر وقع قوله و إذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاری لك مكان قوله فی الخبر السابق و ارض بی منتصرا و مفادهما واحد و لما كان هذا فی اللفظ أطول أطلق علیه لفظ الزیادة و إنما ذكر ما بعدها مع كونه مشتركا بینهما للعلم بموضع الزیادة و فی المصباح الظلم اسم من ظلمه ظلما من باب ضرب و مظلمة بفتح المیم و كسر اللام و یجعل المظلمة اسما لما یطلبه عند الظالم كالظلامة بالضم.

«31»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ جَمِیعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ مُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی قَالَ اذْهَبْ وَ لَا تَغْضَبْ فَقَالَ الرَّجُلُ قَدِ اكْتَفَیْتُ بِذَلِكَ فَمَضَی إِلَی أَهْلِهِ فَإِذَا بَیْنَ قَوْمِهِ حَرْبٌ قَدْ قَامُوا صُفُوفاً وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ لَبِسَ سِلَاحَهُ ثُمَّ قَامَ مَعَهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَغْضَبْ فَرَمَی السِّلَاحَ ثُمَّ جَاءَ یَمْشِی إِلَی الْقَوْمِ الَّذِینَ هُمْ عَدُوُّ قَوْمِهِ فَقَالَ یَا هَؤُلَاءِ مَا كَانَتْ لَكُمْ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ لَیْسَ فِیهِ أَثَرٌ فَعَلَیَّ فِی مَالِی أَنَا أُوفِیكُمُوهُ فَقَالَ الْقَوْمُ فَمَا كَانَ فَهُوَ لَكُمْ نَحْنُ أَوْلَی بِذَلِكَ مِنْكُمْ قَالَ فَاصْطَلَحَ الْقَوْمُ وَ ذَهَبَ الْغَضَبُ (2).

بیان: لیس فیه أثر أی علامة جراحة لتصح مقابلته للجراحة و الأثر بالتحریك بقیة الشی ء و علامته و بالضم و بضمتین أثر الجراح یبقی بعد البرء فعلی فی مالی أی لا أبسطه علی القبیلة لیكون فیه مضایقة أو تأخیر و أنا إما تأكید للضمیر المجرور لأنهم جوزوا تأكیده بالمرفوع المنفصل أو مبتدأ خبره أوفیكموه علی بناء الإفعال أو التفعل و الضمیر راجع إلی الموصول أی علی دیة ما ذكر و الإیفاء و التوفیة إعطاء الحق تماما.

ص: 277


1- 1. الكافی ج 2 ص 304.
2- 2. الكافی ج 2 ص 304.

«32»- كا، [الكافی] عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ هَذَا الْغَضَبَ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ تُوقَدُ فِی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَیْنَاهُ وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ دَخَلَ الشَّیْطَانُ فِیهِ فَإِذَا خَافَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ فَلْیَلْزَمِ الْأَرْضَ فَإِنَّ رِجْزَ الشَّیْطَانِ لَیَذْهَبُ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ (1).

بیان: الجمرة القطعة الملتهبة من النار شبه بها الغضب فی الإحراق و الإهلاك و نسبها إلی الشیطان، لأن بنفخ نزغاته و وساوسه تحدث و تشتد و توقد فی قلب ابن آدم، و تلتهب التهابا عظیما و یغلی بها دم القلب غلیانا شدیدا كغلی الحمیم فیحدث منه دخان بتحلیل الرطوبات و ینتشر فی العروق و یرتفع إلی أعالی البدن و الدماغ و الوجه كما یرتفع الماء و الدخان فی القدر فلذلك تحمر العین و الوجه و البشرة و تنتفخ الأوداج و العروق و حینئذ یتسلط علیه الشیطان، كمال التسلط و یدخل فیه و یحمله علی ما یرید فیصدر منه أفعال شبیهة بأفعال المجانین و لزوم الأرض یشمل الجلوس و الاضطجاع و السجود كما عرفت.

«33»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِیمِ وَ قَالَ مَنْ لَمْ یَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ یَمْلِكْ عَقْلَهُ (2).

بیان: الممحقة مفعلة من المحق و هو النقص و المحو و الإبطال أی مظنة له و إنما خص قلب الحكیم بالذكر لأن المحق الذی هو إزالة النور أنما یتعلق بقلب له نور و قلب غیر الحكیم یعلم بالأولویة و إذا عرفت أن الغضب یمحق قلب الحكیم یعنی عقله ظهر لك حقیقة قوله من لم یملك غضبه لم یملك عقله.

قال بعض المحققین مهما اشتدت نار الغضب و قوی اضطرامها أعمی صاحبه و أصمه عن كل موعظة فإذا وعظ لم یسمع بل تزیده الموعظة غیظا و إن

ص: 278


1- 1. الكافی ج 2 ص 304.
2- 2. الكافی ج 2 ص 305.

أراد أن یستضی ء بنور عقله و راجع نفسه لم یقدر علی ذلك إذ ینطفئ نور العقل و ینمحی فی الحال بدخان الغضب فإن معدن الفكر الدماغ و یتصاعد عند شدة الغضب من غلیان دم القلب دخان إلی الدماغ مظلم مستول علی معادن الفكر.

و ربما یتعدی إلی معادن الحس فیظلم عینه حتی لا یری بعینه و یسود علیه الدنیا بأسرها و یكون دماغه علی مثال كهف أضرمت فیه نار فاسود جوّه و حمی مستقره و امتلأ بالدخان جوانبه و كان فیه سراج ضعیف فانطفأ و انمحی نوره فلا یثبت فیه قدم و لا یسمع فیه كلام و لا تری فیه صورة و لا یقدر علی إطفائه لا من داخل و لا من خارج بل ینبغی أن یصبر إلی أن یحترق جمیع ما یقبل الاحتراق فكذلك یفعل الغضب بالقلب و الدماغ و ربما تقوی نار الغضب فتفنی الرطوبة التی بها حیاة القلب فیموت صاحبه غیظا كما تقوی النار فی الكهف فیتشقق و تنهد أعالیه علی أسافله و ذلك لإبطال النار ما فی جوانبه من القوة الممسكة الجامعة لأجزائه فهكذا حال القلب مع الغضب.

و من آثار هذا الغضب فی الظاهر تغیر اللون و شدة الرعدة فی الأطراف و خروج الأفعال عن الترتیب و النظام و اضطراب الحركة و الكلام حتی یظهر الزبد علی الأشداق و تحمر الأحداق و تنقلب المناخر و تستحیل الخلقة و لو رأی الغضبان فی حال غضبه قبح صورته لسكن غضبه حیاء من قبح صورته و استحالة خلقته و قبح باطنه أعظم من قبح ظاهره فإن الظاهر عنوان الباطن و إنما قبحت صورة الباطن أولا ثم انتشر قبحها إلی الظاهر ثانیا.

فهذا أثره فی الجسد و أما أثره فی اللسان فانطلاقه بالشتم و الفحش و قبیح الكلام الذی یستحیی منه ذوو العقول و یستحیی منه قائله عند فتور الغضب و ذلك مع تخبط النظم و اضطراب اللفظ و أما أثره علی الأعضاء فالضرب و التهجم و التمزیق و القتل و الجرح عند التمكن من غیر مبالاة فإن هرب منه المغضوب علیه أو فاته بسبب و عجز عن التشفی رجع الغضب علی صاحبه فیمزق ثوب نفسه و یلطم وجهه و قد یضرب یده علی الأرض و یعدو عدو الواله السكران و المدهوش

ص: 279

المتحیر و ربما سقط صریعا لا یطیق العدو و النهوض لشدة الغضب و یعتریه مثل الغشیة و ربما یضرب الجمادات و الحیوانات فیضرب القصعة علی الأرض و قد تكسر و تراق المائدة إذا غضب علیها و قد یتعاطی أفعال المجانین فیشتم البهیمة و الجماد و یخاطبه و یقول إلی متی منك كذا و یا كیت و كیت كأنه یخاطب عاقلا حتی ربما رفسته دابة فیرفسها و یقابلها به.

و أما أثره فی القلب مع المغضوب علیه فالحقد و الحسد و إظهار السوء و الشماتة بالمساءة و الحزن بالسرور و العزم علی إفشاء السر و هتك الأستار و الاستهزاء و غیر ذلك من القبائح فهذه ثمرة الغضب المفرط و قد أشیر إلیها فی تلك الأخبار.

«34»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَقَالَ اللَّهُ نَفْسَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنِ النَّاسِ كَفَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْهُ عَذَابَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).

بیان: الأعراض جمع العرض بالكسر و فی القاموس العرض بالكسر الجسد و كل موضع یعرق منه و رائحته رائحة طیبة كانت أو خبیثة و النفس و جانب الرجل الذی یصونه من نفسه و حسبه أن یتنقص و یثلب أو سواء كان فی نفسه أو فی سلفه أو من یلزمه أمره أو موضع المدح و الذم منه أو ما یفتخر به من حسب و شرف (2)

و قال النفس الروح و الدم و الجسد و العظمة و العزة و الهمة و الأنفة و العیب و العقوبة.

و قوله علیه السلام مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَیْ عَنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ بِالْغِیبَةِ وَ الْبُهْتَانِ وَ الشَّتْمِ وَ كَشْفِ عُیُوبِهِمْ وَ أَمْثَالِ ذَلِكَ أَقَالَ اللَّهُ نَفْسَهُ قیل المراد بالنفس هنا العیب.

ص: 280


1- 1. الكافی ج 2 ص 305.
2- 2. القاموس ج 2 ص 334.

و أقول یمكن أن یكون المراد بالنفس هنا أیضا المعنی الشائع لأن الإقالة و إن كان الغالب نسبتها إلی العثرات و الذنوب لكن یمكن نسبتها إلی النفس أیضا فإن الإقالة فی الأصل هو أن یشتری الرجل متاعا فیندم فیأتی البائع فیقول له أقلنی أی اترك ما جری بینی و بینك و رد علی ثمنی و خذ متاعك و استعمل فی غفران الذنوب لأنه بمنزلة معاوضة بینه و بین الرب تعالی فكأنه أعطی الذنب و أخذ العقوبة و النفس مرهونة فی تلك المعاملة یقتص منها فكما یمكن نسبة الإقالة إلی الذنب یمكن نسبتها إلی النفس أیضا بل هو أنسب لأنه یرید أن یفك نفسه عن العقوبة كما قال تعالی كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِینٌ (1) و قال سبحانه كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ(2) وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَلَا إِنَّ أَنْفُسَكُمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكُمْ فَفُكُّوهَا بِاسْتِغْفَارِكُمْ. مع أنه یمكن تقدیر مضاف أی عثرة نفسه.

باب 133 العصبیة و الفخر و التكاثر فی الأموال و الأولاد غیرها

الآیات:

الأنعام: وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِیَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ بَیْنِنا أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِینَ (3)

الكهف: فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ یُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً(4)

مریم: وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا أَیُّ الْفَرِیقَیْنِ خَیْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِیًّا وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً

ص: 281


1- 1. الطور: 21.
2- 2. المدّثّر: 38.
3- 3. الأنعام: 53.
4- 4. الكهف: 34.

وَ رِءْیاً قُلْ مَنْ كانَ فِی الضَّلالَةِ فَلْیَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّی إِذا رَأَوْا ما یُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السَّاعَةَ فَسَیَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً إلی قوله تعالی أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی كَفَرَ بِآیاتِنا وَ قالَ لَأُوتَیَنَّ مالًا وَ وَلَداً أَطَّلَعَ الْغَیْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما یَقُولُ وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَ نَرِثُهُ ما یَقُولُ وَ یَأْتِینا فَرْداً(1)

المؤمنون: وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَ أَتْرَفْناهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (2)

الشعراء: قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قالَ وَ ما عِلْمِی بِما كانُوا یَعْمَلُونَ إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلی رَبِّی لَوْ تَشْعُرُونَ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِینَ (3)

الزخرف: أَمْ أَنَا خَیْرٌ مِنْ هذَا الَّذِی هُوَ مَهِینٌ وَ لا یَكادُ یُبِینُ فَلَوْ لا أُلْقِیَ عَلَیْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِینَ (4)

الدخان: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْكَرِیمُ (5)

الفتح: إِذْ جَعَلَ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ الْجاهِلِیَّةِ(6)

الحجرات: یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثی وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ(7)

الحدید: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(8)

و قال تعالی: وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ(9)

ص: 282


1- 1. مریم: 73- 80.
2- 2. المؤمنون: 33- 34.
3- 3. الشعراء: 111- 114.
4- 4. الزخرف: 52- 53.
5- 5. الدخان: 49.
6- 6. الفتح: 26.
7- 7. الحجرات: 13.
8- 8. الحدید: 20.
9- 9. الحدید: 23.

العلق: فَلْیَدْعُ نادِیَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِیَةَ(1)

التكاثر: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّی زُرْتُمُ الْمَقابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (2)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَصَّبَ أَوْ تُعُصِّبَ لَهُ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِیمَانِ مِنْ عُنُقِهِ (3).

بیان: قال فی النهایة فیه العصبی من یعین قومه علی الظلم العصبی هو الذی یغضب لعصبته و یحامی عنهم و العصبة الأقارب من جهة الأب لأنهم یعصبونه و یعتصب بهم أی یحیطون به و یشتد بهم و منه الحدیث لیس منا من دعا إلی عصبیة أو قاتل عصبیة و التعصب المحاماة و المدافعة.

و قال فی قوله صلی اللّٰه علیه و آله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه الربقة فی الأصل عروة فی حبل تجعل فی عنق البهیمة أو یدها تمسكها فاستعارها للإسلام یعنی ما یشد المسلم به نفسه من عری الإسلام أی حدوده و أحكامه و أوامره و نواهیه و تجمع الربقة علی ربق مثل كسرة و كسر و یقال للحبل الذی تكون فیه الربقة ربق و یجمع علی رباق و أرباق انتهی.

و التعصب المذموم فی الأخبار هو أن یحمی قومه أو عشیرته أو أصحابه فی الظلم و الباطل أو یلج فی مذهب باطل أو ملة باطلة لكونه دینه أو دین آبائه أو عشیرته و لا یكون طالبا للحق بل ینصر ما لا یعلم أنه حق أو باطل للغلبة علی الخصوم أو لإظهار تدربه فی العلوم أو اختار مذهبا ثم ظهر له خطاؤه فلا یرجع عنه لئلا ینسب إلی الجهل أو الضّلال.

فهذه كلها عصبیة باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإیمان و قریب منه

ص: 283


1- 1. العلق: 17- 18.
2- 2. التكاثر: 1- 4.
3- 3. الكافی ج 2 ص 307.

الحمیّة قال سبحانه إِذْ جَعَلَ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ الْجاهِلِیَّةِ(1) قال الطبرسی رحمه اللّٰه الحمیة الأنفة و الإنكار یقال فلان ذو حمیة منكرة إذا كان ذا غضب و أنفة أی حمیت قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم فی الجاهلیة أن لا یذعنوا لأحد و لا ینقادوا له (2)

و قال الراغب عبر عن القوة الغضبیة إذا ثارت بالحمیة فقیل حمیت علی فلان أی غضبت انتهی و أما التعصب فی دین الحق و الرسوخ فیه و الحمایة عنه و كذا فی المسائل الیقینیة و الأعمال الدینیة أو حمایة أهله أو عشیرته بدفع الظلم عنهم فلیس من الحمیة و العصبیة المذمومة بل بعضها واجب.

ثم إن هذا الذم و الوعید فی المتعصب ظاهر و أما المتعصب له فلا بد من تقییده بما إذا كان هو الباعث له و الراضی به و إلا فلا إثم علیه و(3) خلع الإیمان إما كنایة عن خروجه من الإیمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإیمان للإخلال بشریعة عظیمة من شرائعه أو المعنی خلع ربقة من ربق الإیمان التی لزمها الإیمان علیه من عنقه.

كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ (4).

«2»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ عَصَبِیَّةٍ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ أَعْرَابِ الْجَاهِلِیَّةِ(5).

بیان: فی النهایة الأعراب ساكنو البادیة من العرب الذین لا یقیمون فی الأمصار و لا یدخلونها إلا لحاجة و قال الجاهلیة الحال التی كانت علیها العرب قبل الإسلام من الجهل باللّٰه و برسوله و شرائع الدین و المفاخرة بالأنساب و الكبر و التجبر و غیر ذلك انتهی و كأنه محمول علی التعصب فی الدین الباطل.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ خَضِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَصَّبَ عَصَبَهُ اللَّهُ بِعِصَابَةٍ

ص: 284


1- 1. الفتح: 26.
2- 2. مجمع البیان ج 9 ص 125 و 126.
3- 3. راجع شرح الكافی ج 2 ص 290.
4- 4. راجع شرح الكافی ج 2 ص 290.
5- 5. الكافی ج 2 ص 308.

مِنْ نَارٍ(1).

بیان: قال الجوهری العصب الطی الشدید و تقول عصب رأسه بالعصابة تعصیبا و العصب العمامة و كل ما یعصب به الرأس و قال الفیروزآبادی العصابة بالكسر ما عصب به و العمامة و تعصب شد العمامة و أتی بالعصبیة.

«4»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ ابْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ السِّمْطِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: لَمْ تُدْخِلِ الْجَنَّةَ حَمِیَّةٌ غَیْرُ حَمِیَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ ذَلِكَ حِینَ أَسْلَمَ غَضَباً لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَدِیثِ السَّلَی الَّذِی أُلْقِیَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

بیان: لم تدخل الجنة علی بناء الإفعال و الحمیة الأنفة و الغیرة و فی القاموس الحمی من لا یحتمل الضیم و حمی من الشی ء كرضی حمیة أنف و فی النهایة فیه إن المشركین جاءوا بسلا جزور فطرحوه علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو یصلی السلا الجلد الرقیق الذی یخرج فیه الولد من بطن أمه ملفوفا فیه و قیل هو فی الماشیة السلا و فی الناس المشیمة و الأول أشبه لأن المشیمة تخرج بعد الولد و لا یكون الولد فیها حین یخرج.

أقول: قد مرت قصة السلا و إسلام حمزة فی مواضعها و اختلفوا فی سبب إسلامه قال علی بن برهان الدین الحلبی الشافعی و مما وقع له صلی اللّٰه علیه و آله من الأذیة ما كان سببا لإسلام عمه حمزة رضی اللّٰه عنه و هو ما حدث به ابن إسحاق عن رجل من أسلم أن أبا جهل مر برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عند الصفا و قیل عند الحجون فآذاه و شتمه و نال منه ما نكرهه و قیل إنه صب التراب علی رأسه و قیل ألقی علیه فرثا و وطئ برجله علی عاتقه فلم یكلمه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و مولاة لعبد اللّٰه بن جدعان فی مسكن لها تسمع ذلك و تبصره ثم انصرف رسول اللّٰه إلی نادی قریش فجلس معهم.

فلم یلبث حمزة أن أقبل متوشحا بسیفه راجعا من قنصه أی من صیده و كان

ص: 285


1- 1. الكافی ج 2 ص 308.
2- 2. الكافی ج 2 ص 308.

من عادته إذا رجع من قنصه لا یدخل إلی أهله إلا بعد أن یطوف بالبیت فمر علی تلك المولاة فأخبرته الخبر و قیل أخبرته مولاة أخته صفیة قالت له إنه صب التراب علی رأسه و ألقی علیه فرثا و وطئ برجله علی عاتقه و علی إلقاء الفرث علیه اقتصر أبو حیان فقال لها حمزة أنت رأیت هذا الذی تقولین قالت نعم.

فاحتمل حمزة الغضب و دخل المسجد فرأی أبا جهل جالسا فی القوم فأقبل نحوه حتی قام علی رأسه و رفع القوس فضربه فشجه شجة منكرة ثم قال أ تشتمه و أنا علی دینه أقول ما یقول فرد علی ذلك إن استطعت و فی لفظ أن حمزة لما قام علی رأس أبی جهل بالقوس صار أبو جهل یتضرع إلیه و یقول سفه عقولنا و سب آلهتنا و خالف آباءنا فقال و من أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون اللّٰه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا رسول اللّٰه.

فقامت رجال من بنی مخزوم إلی حمزة لینصروا أبا جهل فقالوا ما نراك إلا قد صبأت فقال حمزة ما یمنعنی و قد استبان لی منه أنا أشهد أنه رسول اللّٰه و أن الذی یقوله حق و اللّٰه لا أنزع فامنعونی إن كنتم صادقین فقال لهم أبو جهل دعوا أبا یعلی فإنی و اللّٰه قد أسمعت ابن أخیه شیئا قبیحا.

و تم حمزة علی إسلامه فقال لنفسه لما رجع إلی بیته أنت سید قریش اتبعت هذا الصابی و تركت دین آبائك الموت خیر لك مما صنعت ثم قال اللّٰهم إن كان رشدا فاجعل تصدیقه فی قلبی و إلا فاجعل لی مما وقعت فیه مخرجا فبات بلیلة لم یبت بمثلها من وسوسة الشیطان، حتی أصبح.

فغدا إلی رسول اللّٰه فقال یا ابن أخی إنی وقعت فی أمر لا أعرف المخرج منه و إقامة مثلی علی ما لا أدری أ رشد هو أم غی شدید فأقبل علیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فذكره و وعظه و خوفه و بشره فألقی اللّٰه فی قلبه الإیمان بما قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال أشهد أنك لصادق فأظهر یا ابن أخی دینك و قد قال ابن عباس فی ذلك نزل أَ وَ مَنْ كانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی

ص: 286

النَّاسِ (1) یعنی حمزة كَمَنْ مَثَلُهُ فِی الظُّلُماتِ لَیْسَ بِخارِجٍ مِنْها یعنی أبا جهل و سر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بإسلامه سرورا كثیرا لأنه كان أعز فتی فی قریش و أشدهم شكیمة و من ثم لما عرفت قریش أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد عز كفوا عن بعض ما كانوا ینالون منه و أقبلوا علی بعض أصحابه بالأذیة سیّما المستضعفین منها الذین لا جوار لهم انتهی.

«5»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا یَحْسَبُونَ أَنَّ إِبْلِیسَ مِنْهُمْ وَ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهُمْ فَاسْتَخْرَجَ مَا فِی نَفْسِهِ بِالْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ فَقَالَ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (2).

بیان: كانوا یحسبون أن إبلیس منهم أی فی طاعة اللّٰه و عدم العصیان لمواظبته علی عبادة اللّٰه تعالی فی أزمنة متطاولة و لم یكونوا یجوزون أنه یعصی اللّٰه و یخالفه فی أمره لبعد عدم علم الملائكة بأنه لیس منهم بعد أن أسروه من بین الجن و رفعوه إلی السماء فهو من قبیل

قولهم علیهم السلام سلمان منا أهل البیت.

و یمكن أن یكون المراد كونه من جنسهم و یكون ذلك الحسبان لمشاهدتهم تباین أخلاقه ظاهرا(3)

للجن و تكریم اللّٰه تعالی له و جعله بینهم بل رئیسا علی بعضهم كما قیل فظنوا أنه كان منهم وقع بین الجن أو یقال كان الظان جمع من الملائكة لم یطلعوا علی بدو أمره فاستخرج ما فی نفسه أی أظهر إبلیس ما فی نفسه أی أخذته الحمیة و الأنفة و العصبیة و افتخر و تكبر علی آدم بأن أصل آدم من طین و أصله من نار و النار أشرف من الطین و أخطأ فی ذلك بجهات شتی.

منها أنه إنما نظر إلی جسد آدم و لم ینظر إلی روحه المقدسة التی أودع اللّٰه فیها غرائب الشئون و قد ورد ذلك فی الأخبار و منها أن ما ادعاه من شرافة النار و كونه أعلی من الطین فی محل المنع فإن الطین لتذلله منبع لجمیع الخیرات و منشأ لجمیع الحبوب و الریاحین و الثمرات و النار لرفعتها و اشتعالها یحصل منها جمیع

ص: 287


1- 1. الأنعام: 122.
2- 2. الكافی ج 2 ص 308.
3- 3. راجع شرح الكافی ج 2 ص 291.

الشرور و الصفات الذمیمة و الأخلاق السیئة فثمرتها الفساد و آخرها الرماد.

ثم اعلم أن هذا الخبر مما یدل علی أن إبلیس لم یكن من الملائكة و قد اختلف أصحابنا و المخالفون فی ذلك فالذی ذهب إلیه أكثر المتكلمین من أصحابنا و غیرهم أنه لم یكن من الملائكة قال الشیخ المفید برد اللّٰه مضجعه فی كتاب المقالات إن إبلیس من الجن خاصة و إنه لیس من الملائكة و لا كان منها قال اللّٰه تعالی إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ (1) و جاءت الأخبار متواترة عن الأئمة الهدی من آل محمد صلی اللّٰه علیه و آله بذلك و هو مذهب الإمامیة كلها و كثیر من المعتزلة و أصحاب الحدیث انتهی.

و ذهب طائفة من المتكلمین إلی أنه من الملائكة و اختاره من أصحابنا شیخ الطائفة روح اللّٰه روحه فی التبیان و قال و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الظاهر فی تفاسیرنا ثم قال رحمه اللّٰه ثم اختلف من قال كان منهم فمنهم من قال إنه كان خازنا للجنان و منهم من قال كان له سلطان سماء الدنیا و سلطان الأرض و منهم من قال إنه كان یسوس ما بین السماء و الأرض (2).

«6»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ: سُئِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَنِ الْعَصَبِیَّةِ فَقَالَ الْعَصَبِیَّةُ الَّتِی یَأْثَمُ عَلَیْهَا صَاحِبُهَا أَنْ یَرَی الرَّجُلُ شِرَارَ قَوْمِهِ خَیْراً مِنْ خِیَارِ قَوْمٍ آخَرِینَ وَ لَیْسَ مِنَ الْعَصَبِیَّةِ أَنْ یُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ وَ لَكِنَّ مِنَ الْعَصَبِیَّةِ أَنْ یُعِینَ قَوْمَهُ عَلَی الظُّلْمِ (3).

بیان: أن یری علی بناء المجرد أو الإفعال أن یحب الرجل قومه

ص: 288


1- 1. الكهف: 50.
2- 2. قال المؤلّف العلامة فی ج 11 ص 144 من هذه الطبعة باب سجود الملائكة بعد مثل هذا الكلام، و الحق ما اختاره المفید رحمه اللّٰه و سنورد الاخبار فی ذلك فی كتاب السماء و العالم.
3- 3. الكافی ج 2 ص 308.

إما محض المحبة فإنه من الجبلة الإنسانیة أن یحب الرجل قومه و عشیرته و أقاربه أكثر من غیرهم و قلما ینفك عنه أحد و الظاهر أنه لیس من الصفات الذمیمة أو بالأفعال أیضا بأن یسعی فی حوائجهم أكثر من السعی فی حوائج غیرهم و یبذل لهم المال أكثر من غیرهم و الظاهر أن هذا أیضا غیر مذموم شرعا بل ممدوح فإن أكثره من صلة الرحم و بعضه من رعایة الأخلاء و الإخوان و الأصحاب و قد مر عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی صلة الرحم الحث علی جمیع ذلك و عن غیره علیه السلام فظهر أن العصبیة المذمومة إما إعانة قومه علی الظلم أو إثبات ما لیس فیهم لهم أو التفاخر بالأمور الباطلة التی توجب المنقصة أو تفضیلهم علی غیرهم من غیر فضل و غیر ذلك.

«7»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ عَصَبِیَّةٍ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ أَعْرَابِ الْجَاهِلِیَّةِ(1).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ: مِثْلَهُ (2).

«8»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَعَوَّذُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مِنْ سِتٍّ مِنَ الشَّكِّ وَ الشِّرْكِ وَ الْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ وَ الْبَغْیِ وَ الْحَسَدِ(3).

«9»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الْجَبَلِیِّ بِإِسْنَادِهِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُعَذِّبُ سِتَّةً بِسِتٍّ الْعَرَبَ بِالْعَصَبِیَّةِ وَ الدَّهَاقِنَةَ بِالْكِبْرِ وَ الْأُمَرَاءَ بِالْجَوْرِ وَ الْفُقَهَاءَ بِالْحَسَدِ وَ التُّجَّارَ بِالْخِیَانَةِ وَ أَهْلَ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهْلِ (4).

ص: 289


1- 1. أمالی الصدوق 361.
2- 2. ثواب الأعمال ص 241.
3- 3. الخصال ج 1 ص 160.
4- 4. الخصال ج 1 ص 158.

«10»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ مَنْ یَدْخُلُ النَّارَ أَمِیرٌ مُتَسَلِّطٌ لَمْ یَعْدِلْ وَ ذُو ثَرْوَةٍ مِنَ الْمَالِ لَمْ یُعْطِ الْمَالَ حَقَّهُ وَ فَقِیرٌ فَخُورٌ(1).

«11»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: عَادَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَرَضٍ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ فَلَا تَجْعَلَنَّ عِیَادَتِی إِیَّاكَ فَخْراً عَلَی قَوْمِكَ وَ إِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی أَمْرٍ فَلَا تَخْرُجْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَیْسَ بِالرَّجُلِ غِنًی عَنْ قَوْمِهِ إِذَا خَلَعَ مِنْهُمْ یَداً وَاحِدَةً یَخْلَعُونَ مِنْهُ أَیْدِیَ كَثِیرَةٍ فَإِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی خَیْرٍ فَأَعِنْهُمْ عَلَیْهِ وَ إِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی شَرٍّ فَلَا تَخْذُلَنَّهُمْ فَلْیَكُنْ تَعَاوُنُكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَیْرٍ مَا تَعَاوَنْتُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَنَاهَیْتُمْ عَنْ مَعَاصِیهِ (2).

«12»- ل، [الخصال] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقُضَاعِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَهْلَكَ النَّاسَ اثْنَانِ خَوْفُ الْفَقْرِ وَ طَلَبُ الْفَخْرِ(3).

«13»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْفَارِسِیِّ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ لَا تَزَالُ فِی أُمَّتِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَنْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَ النِّیَاحَةُ وَ إِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تَقُومُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَ دِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ (4).

«14»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ وَ ابْنِ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ:

ص: 290


1- 1. عیون الأخبار ج 2 ص 28.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 357.
3- 3. الخصال ج 1 ص 36.
4- 4. الخصال ج 1 ص 107.

أَنَّهُ قَالَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ تَرَی هَذَا الْخَلْقَ كُلَّهُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ أَلْقِ مِنْهُمُ التَّارِكَ لِلسِّوَاكِ وَ الْمُتَرَبِّعَ فِی مَوْضِعِ الضِّیقِ وَ الدَّاخِلَ فِیمَا لَا یَعْنِیهِ وَ الْمُمَارِیَ فِیمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَ الْمُتَمَرِّضَ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ وَ الْمُتَشَعِّثَ مِنْ غَیْرِ مُصِیبَةٍ وَ الْمُخَالِفَ عَلَی أَصْحَابِهِ فِی الْحَقِّ وَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَیْهِ وَ الْمُفْتَخِرَ یَفْتَخِرُ بِآبَائِهِ وَ هُوَ خِلْوٌ مِنْ صَالِحِ أَعْمَالِهِمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَلَنْجِ (1) یُقْشَرُ لِحاً عَنْ لِحاً حَتَّی یُوصَلَ إِلَی جَوْهَرِیَّتِهِ وَ هُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا(2).

«15»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِیَّةِ الْفَخْرُ بِالْأَنْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَحْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ(3).

«16»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَعَصَّبَ أَوْ تُعُصِّبَ لَهُ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ (4).

«17»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَصَّبَ أَوْ تُعُصِّبَ لَهُ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِیمَانِ مِنْ عُنُقِهِ (5).

«18»- ثو، [ثواب الأعمال] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ حضر [خَضِرٍ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَصَّبَ عَصَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعِصَابَةٍ مِنْ نَارٍ(6).

«19»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ الْعَمِّیِّ رَفَعَهُ

ص: 291


1- 1. شجر كالطرفاء و له زهر أحمر و أصفر و حبّه كالخردل و خشبه متین یصنع منه القصاع لصلابته.
2- 2. الخصال ج 2 ص 39 و الآیة فی سورة الفرقان: 44.
3- 3. معانی الأخبار ص 326.
4- 4. ثواب الأعمال ص 241.
5- 5. ثواب الأعمال ص 241.
6- 6. ثواب الأعمال ص 241.

قَالَ: مَنْ تَعَصَّبَ حَشَرَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ أَعْرَابِ الْجَاهِلِیَّةِ(1).

«20»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: مَنْ صَنَعَ شَیْئاً لِلْمُفَاخَرَةِ حَشَرَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَسْوَدَ(2).

«21»- سن، [المحاسن] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: ثَلَاثٌ إِذَا كُنَّ فِی الْمَرْءِ فَلَا تَتَحَرَّجْ أَنْ تَقُولَ إِنَّهُ فِی جَهَنَّمَ الْبَذَاءُ وَ الْخُیَلَاءُ وَ الْفَخْرُ(3).

«22»- كش، [رجال الكشی] وَجَدْتُ بِخَطِّ جَبْرَئِیلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَنَا وَ صَفْوَانُ بْنُ یَحْیَی وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَ أَظُنُّهُ قَالَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِیرَةِ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُنْدَبٍ وَ هُوَ بِصَرْیَا(4)

قَالَ فَجَلَسْنَا عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قُمْنَا فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ یَا أَحْمَدُ فَاجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَأَقْبَلَ یُحَدِّثُنِی وَ أَسْأَلُهُ وَ یُجِیبُنِی حَتَّی ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّیْلِ فَلَمَّا أَرَدْتُ الِانْصِرَافَ قَالَ لِی یَا أَحْمَدُ تَنْصَرِفُ أَوْ تَبِیتُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ذَاكَ اللَّیْلُ إِنْ أَمَرْتَ بِالانْصِرَافِ انْصَرَفْتُ وَ إِنْ أَمَرْتَ بِالْمُقَامِ أَقَمْتُ قَالَ أَقِمْ فَهَذَا الْحَرَسُ وَ قَدْ هَدَأَ النَّاسُ وَ بَاتُوا فَقَامَ وَ انْصَرَفَ فَلَمَّا ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ خَرَرْتُ لِلَّهِ سَاجِداً فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حُجَّةُ اللَّهِ وَ وَارِثُ عِلْمِ النَّبِیِّینَ آنَسَ بِی مِنْ بَیْنِ إِخْوَانِی وَ حَبَّبَنِی فَأَنَا فِی سَجْدَتِی وَ شُكْرِی فَمَا عَلِمْتُ إِلَّا وَ قَدْ رَفَسَنِی بِرِجْلِهِ ثُمَّ قُمْتُ فَأَخَذَ بِیَدِی فَغَمَزَهَا ثُمَّ قَالَ یَا أَحْمَدُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فِی مَرَضِهِ فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ یَا صَعْصَعَةُ لَا تَفْتَخِرَنَّ عَلَی إِخْوَانِكَ بِعِیَادَتِی إِیَّاكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّی (5).

ص: 292


1- 1. ثواب الأعمال ص 241.
2- 2. ثواب الأعمال ص 228.
3- 3. المحاسن ص 124.
4- 4. صریا: قریة أسسها موسی بن جعفر علیه السلام علی ثلاثة أمیال من المدینة و قد كثر ذكرها فی الحدیث و لم نجد ذكرها فی المعاجم، راجع المناقب ج 4 ص 382.
5- 5. رجال الكشّیّ ص 491.

«23»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَرَّانِیُ (1)

وَ عُثْمَانُ بْنُ حَامِدٍ الْكَشْیَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَزْدَادَ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا علیه السلام فَأَمْسَیْتُ عِنْدَهُ قَالَ فَقُلْتُ أَنْصَرِفُ فَقَالَ لِی لَا تَنْصَرِفْ فَقَدْ أَمْسَیْتَ قَالَ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ قَالَ فَقَالَ لِجَارِیَتِهِ هَاتِی مُضَرَّبَتِی وَ وِسَادَتِی فَافْرُشِی لِأَحْمَدَ فِی ذَلِكِ الْبَیْتِ قَالَ فَلَمَّا صِرْتُ فِی الْبَیْتِ دَخَلَنِی شَیْ ءٌ فَجَعَلَ یَخْطُرُ بِبَالِی مَنْ مِثْلِی فِی بَیْتِ وَلِیِّ اللَّهِ وَ عَلَی مِهَادِهِ فَنَادَانِی یَا أَحْمَدُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالَ یَا صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ لَا تَجْعَلْ عِیَادَتِی إِیَّاكَ فَخْراً عَلَی قَوْمِكَ وَ تَوَاضَعْ لِلَّهِ یَرْفَعْكَ (2).

«24»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی النَّاسِ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ نَخْوَةَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ التَّفَاخُرَ بِآبَائِهَا وَ عَشَائِرِهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ طِینٍ أَلَا وَ إِنَّ خَیْرَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَكْرَمَكُمْ عَلَیْهِ الْیَوْمَ أَتْقَاكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لَهُ أَلَا وَ إِنَّ الْعَرَبِیَّةَ لَیْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ لَكِنَّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ قَصَرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ یُبْلِغْهُ رِضْوَانَ اللَّهِ حَسَبَهُ أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَظْلِمَةٍ أَوْ إِحْنَةٍ كَانَتْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَهِیَ تُطَلُّ تَحْتَ قَدَمِیَّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«25»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی وَ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ: أَصْلُ الْمَرْءِ دِینُهُ وَ حَسَبُهُ خُلُقُهُ وَ كَرَمُهُ تَقْوَاهُ وَ إِنَّ النَّاسَ مِنْ آدَمَ شَرَعٌ سَوَاءٌ.

«26»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ النَّضْرِ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام النَّاسُ یَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَشْرَفُكُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَشْرَفُكُمْ فِی الْإِسْلَامِ فَقَالَ علیه السلام صَدَقُوا وَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُونَ كَانَ أَشْرَفُهُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَسْخَاهُمْ نَفْساً

ص: 293


1- 1. البریانی خ.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 491.

وَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَ أَحْسَنُهُمْ جِوَاراً وَ أَكَفُّهُمْ أَذًی فَذَلِكَ الَّذِی إِذَا أَسْلَمَ لَمْ یَزِدْهُ إِسْلَامُهُ إِلَّا خَیْراً.

«27»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أُوصِی أُمَّتِی بِخَمْسٍ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْهِجْرَةِ وَ الْجِهَادِ وَ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ إِلْحَاحِ الْجَاهِلِیَّةِ فَلَهُ حَثْوَةٌ مِنْ حَثَی جَهَنَّمَ (1).

«28»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: مَا لِابْنِ آدَمَ وَ الْفَخْرِ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَ آخِرُهُ جِیفَةٌ لَا یَرْزُقُ نَفْسَهُ وَ لَا یَدْفَعُ حَتْفَهُ (2).

باب 134 النهی عن المدح و الرضا به

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْمَدْحِ وَ قَالَ احْثُوا فِی وُجُوهِ الْمَدَّاحِینَ التُّرَابَ (3).

«2»- فس، [تفسیر القمی]: رُوِیَ فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ (4) أَنَّهُ إِنْ جَاءَكَ رَجُلٌ وَ قَالَ فِیكَ مَا لَیْسَ فِیكَ مِنَ الْخَیْرِ وَ الثَّنَاءِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَلَا تَقْبَلْهُ مِنْهُ وَ كَذِّبْهُ فَقَدْ ظَلَمَكَ (5).

«3»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَا یَصِیرُ الْعَبْدُ عَبْداً خَالِصاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی یَصِیرَ الْمَدْحُ وَ الذَّمُّ عِنْدَهُ سَوَاءً لِأَنَّ الْمَمْدُوحَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَصِیرُ مَذْمُوماً بِذَمِّهِمْ وَ كَذَلِكَ الْمَذْمُومُ فَلَا تَفْرَحْ بِمَدْحِ أَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا یَزِیدُ فِی مَنْزِلَتِكَ

ص: 294


1- 1. نوادر الراوندیّ ص 21.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 454 من الحكم.
3- 3. أمالی الصدوق ص 256.
4- 4. النساء: 148.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 145.

عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا یُغْنِیكَ عَنِ الْمَحْكُومِ لَكَ وَ الْمَقْدُورِ عَلَیْكَ وَ لَا تَحْزَنْ أَیْضاً بِذَمِّ أَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا یَنْقُصُ عَنْكَ بِهِ ذَرَّةٌ وَ لَا یَحُطُّ عَنْ دَرَجَةِ خَیْرِكَ شَیْئاً وَ اكْتَفِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَی لَكَ وَ عَلَیْكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً(1) وَ مَنْ لَا یَقْدِرُ عَلَی صَرْفِ الذَّمِّ عَنْ نَفْسِهِ وَ لَا یَسْتَطِیعُ عَلَی تَحْقِیقِ الْمَدْحِ لَهُ كَیْفَ یُرْجَی مَدْحُهُ أَوْ یُخْشَی ذَمُّهُ وَ اجْعَلْ وَجْهَ مَدْحِكَ وَ ذَمِّكَ وَاحِداً وَ قِفْ فِی مَقَامٍ تَغْتَنِمُ بِهِ مَدْحَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَكَ وَ رِضَاهُ فَإِنَّ الْخَلْقَ خُلِقُوا مِنَ الْعَجِینِ مِنْ مَاءٍ مَهِینٍ فَلَیْسَ لَهُمْ إِلَّا مَا سَعَوْا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی (2) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا یَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ لا یَمْلِكُونَ مَوْتاً وَ لا حَیاةً وَ لا نُشُوراً(3).

«4»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ،: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام لِرَجُلٍ وَ قَدْ أَكْثَرَ مِنْ إِفْرَاطِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَقْبِلْ عَلَی شَأْنِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَلَقِ یَهْجُمُ عَلَی الظِّنَّةِ وَ إِذَا حَلَلْتَ مِنْ أَخِیكَ فِی مَحَلِّ الثِّقَةِ فَاعْدِلْ عَنِ الْمَلَقِ إِلَی حُسْنِ النِّیَّةِ.

«5»- نهج، [نهج البلاغة]: مَدَحَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْمٌ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِی مِنْ نَفْسِی وَ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْهُمْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَیْراً مِمَّا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا لَا یَعْلَمُونَ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: الثَّنَاءُ بِأَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ مَلَقٌ وَ التَّقْصِیرُ عَنِ الِاسْتِحْقَاقِ عِیٌّ أَوْ حَسَدٌ(5).

وَ قَالَ علیه السلام: رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ (6).

ص: 295


1- 1. النساء: 79.
2- 2. النجم: 39.
3- 3. مصباح الشریعة ص 31، و الآیة فی الفرقان: 3.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 100 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 347 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 462 من الحكم.

باب 135 سوء الخلق

الآیات:

آل عمران: وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (1)

القلم: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِیمٍ (2)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَیُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا یُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ (3).

بیان: سوء الخلق وصف للنفس یوجب فسادها و انقباضها و تغیرها علی أهل الخلطة و المعاشرة و إیذاءهم.

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ (4).

«3»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ خَالِدٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ جَبْرَئِیلَ الرُّوحَ الْأَمِینَ نَزَلَ عَلَیَّ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ عَلَیْكَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ بِخَیْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ أَلَا وَ إِنَّ أَشْبَهَكُمْ بِی أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً(5).

«4»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ یَا أَبَا أَیُّوبَ مَا بَلَغَ مِنْ كَرَمِ أَخْلَاقِكَ قَالَ

ص: 296


1- 1. آل عمران: 159.
2- 2. القلم: 13.
3- 3. الكافی ج 2 ص 321 باب سوء الخلق و فیه خمس روایات لم یخرج غیر هذا الحدیث.
4- 4. أمالی الصدوق ص 124، و مثله فی الكافی.
5- 5. أمالی الصدوق ص 163.

لَا أُوذِی جَاراً فَمَنْ دُونَهُ وَ لَا أَمْنَعُهُ مَعْرُوفاً أَقْدِرُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا وَ لَهُ تَوْبَةٌ وَ مَا مِنْ تَائِبٍ إِلَّا وَ قَدْ تَسْلَمُ لَهُ تَوْبَتُهُ مَا خَلَا سَیِّئَ الْخُلُقِ لَا یَكَادُ یَتُوبُ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا وَقَعَ فِی غَیْرِهِ أَشَرَّ مِنْهُ (1).

«5»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِینَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِی مُسْلِمٍ الْبُخْلُ وَ سُوءُ الْخُلُقِ (2).

«6»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی وَصِیَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ: إِیَّاكَ وَ الْعُجْبَ وَ سُوءَ الْخُلُقِ وَ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ لَا یَسْتَقِیمُ لَكَ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ صَاحِبٌ وَ لَا یَزَالُ لَكَ عَلَیْهَا مِنَ النَّاسِ مُجَانِبٌ وَ الْزَمْ نَفْسَكَ التَّوَدُّدَ الْخَبَرَ(3).

«7»- ل، [الخصال] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لِلثَّوْرِیِّ: یَا سُفْیَانُ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا أَخَ لِمَلُولٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا سُؤْدُدَ لِسَیِّئِ الْخُلُقِ (4).

«8»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخُلُقُ السَّیِّئُ یُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا یُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ (5).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (6).

«9»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نُعَیْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ

ص: 297


1- 1. قرب الإسناد ص 22 فی ط و 31 فی ط.
2- 2. الخصال ج 1 ص 38.
3- 3. الخصال ج 1 ص 72.
4- 4. الخصال ج 1 ص 80.
5- 5. عیون الأخبار ج 2 ص 37.
6- 6. صحیفة الرضا ص 19.

بْنِ شُعْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنِ الْبَاقِرِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ (1).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب حسن الخلق (2).

«10»- ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ الْخُلُقِ السَّیِّئِ بِالتَّوْبَةِ قِیلَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّهُ لَا یَخْرُجُ مِنْ ذَنْبٍ حَتَّی یَقَعَ فِیمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ (3).

«11»- ع، [علل الشرائع] عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ نُوحٍ الْحَنَّاطِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُتِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ لَهُ إِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَدْ مَاتَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَ قَامَ أَصْحَابُهُ فَحُمِلَ فَأَمَرَ بِغُسْلِ سَعْدٍ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی عِضَادَةِ الْبَابِ فَلَمَّا أَنْ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ وَ حُمِلَ عَلَی سَرِیرِهِ تَبِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ ثُمَّ كَانَ یَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً حَتَّی انْتَهَی بِهِ إِلَی الْقَبْرِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی لَحَّدَهُ وَ سَوَّی عَلَیْهِ اللَّبِنَ وَ جَعَلَ یَقُولُ نَاوِلْنِی حَجَراً نَاوِلْنِی تُرَاباً رَطْباً یَسُدُّ بِهِ مَا بَیْنَ اللَّبِنِ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ وَ حَثَا التُّرَابَ عَلَیْهِ وَ سَوَّی قَبْرَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّهُ سَیَبْلَی وَ یَصِلُ إِلَیْهِ الْبِلَی وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُحِبُّ عَبْداً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا فَأَحْكَمَهُ فَلَمَّا أَنْ سَوَّی التُّرْبَةَ عَلَیْهِ قَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ مِنْ جَانِبٍ هَنِیئاً لَكَ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ یَا أُمَّ سَعْدٍ مَهْ لَا تَجْزِمِی عَلَی رَبِّكِ فَإِنَّ سَعْداً قَدْ أَصَابَتْهُ ضَمَّةٌ قَالَ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَجَعَ النَّاسُ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَاكَ صَنَعْتَ عَلَی سَعْدٍ مَا لَمْ تَصْنَعْهُ عَلَی أَحَدٍ إِنَّكَ تَبِعْتَ جَنَازَتَهُ بِلَا رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَقَالَ

ص: 298


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 125.
2- 2. راجع ج 71 ص 372- 396.
3- 3. علل الشرائع ج 2 ص 178.

صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ فَتَأَسَّیْتُ بِهَا قَالُوا وَ كَیْفَ تَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً قَالَ كَانَتْ یَدِی فِی یَدِ جَبْرَئِیلَ آخُذُ حَیْثُ مَا أَخَذَ فَقَالُوا أَمَرْتَ بِغُسْلِهِ وَ صَلَّیْتَ عَلَی جِنَازَتِهِ وَ لَحَّدْتَهُ ثُمَّ قُلْتَ إِنَّ سَعْداً أَصَابَتْهُ ضَمَّةٌ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ إِنَّهُ كَانَ فِی خُلُقِهِ مَعَ أَهْلِهِ سُوءٌ(1).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْغَضَائِرِیُّ عَنِ الصَّدُوقِ: مِثْلَهُ (2).

«12»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَبَی اللَّهُ لِصَاحِبِ الْخُلُقِ السَّیِّئِ بِالتَّوْبَةِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَقَعَ فِی أَعْظَمَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِی تَابَ مِنْهُ (3).

باب 136 البخل

الآیات:

النساء: الَّذِینَ یَبْخَلُونَ وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ یَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِینَ عَذاباً مُهِیناً(4)

و قال تعالی: أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً(5)

أسری: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّی إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْیَةَ الْإِنْفاقِ وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً(6)

محمد: وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا یُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا یَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ إِنْ یَسْئَلْكُمُوها فَیُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَ یُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا

ص: 299


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 292 و رواه فی أمالیه ص 231 مع اختلاف یسیر.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 41.
3- 3. نوادر الراوندیّ ص 18.
4- 4. النساء: 37.
5- 5. النساء: 53.
6- 6. أسری: 100.

فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ یَبْخَلُ وَ مَنْ یَبْخَلْ فَإِنَّما یَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اللَّهُ الْغَنِیُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا یَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَیْرَكُمْ ثُمَّ لا یَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (1)

الحدید: الَّذِینَ یَبْخَلُونَ وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ مَنْ یَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ(2)

القلم: مَنَّاعٍ لِلْخَیْرِ مُعْتَدٍ أَثِیمٍ (3)

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنْ كَانَ الْخَلَفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَقّاً فَالْبُخْلُ لِمَا ذَا(4).

«2»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقَلُّ النَّاسِ رَاحَةً الْبَخِیلُ وَ أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ (5).

«3»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: عَجِبْتُ لِمَنْ یَبْخَلُ بِالدُّنْیَا وَ هِیَ مُقْبِلَةٌ عَلَیْهِ أَوْ یَبْخَلُ بِهَا وَ هِیَ مُدْبِرَةٌ عَنْهُ فَلَا الْإِنْفَاقُ مَعَ الْإِقْبَالِ یَضُرُّهُ وَ لَا الْإِمْسَاكُ مَعَ الْإِدْبَارِ یَنْفَعُهُ (6).

«4»- ل (7)،[الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عِیسَی السَّدُوسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ صَلَاحَ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَ الْیَقِینِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشُّحِّ وَ الْأَمَلِ (8).

«5»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ

ص: 300


1- 1. القتال: 36- 38.
2- 2. الحدید: 24.
3- 3. القلم: 12.
4- 4. أمالی الصدوق ص 6.
5- 5. أمالی الصدوق ص 14.
6- 6. أمالی الصدوق ص 102.
7- 7. الخصال ج 1 ص 40.
8- 8. أمالی الصدوق ص 137.

مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الْغِنَی الْبُخَلَاءُ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا اسْتَغْنَوْا كَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الصَّلَاحَ أَهْلُ الْعُیُوبِ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا صَلَحُوا كَفُّوا عَنْ تَتَبُّعِ عُیُوبِهِمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ یَتَمَنَّی لِلنَّاسِ الْحِلْمَ أَهْلُ السَّفَهِ الَّذِینَ یَحْتَاجُونَ أَنْ یُعْفَی عَنْ سَفَهِهِمْ فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْبُخْلِ یَتَمَنَّوْنَ فَقْرَ النَّاسِ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ الْعُیُوبِ یَتَمَنَّوْنَ مَعَایِبَ النَّاسِ وَ أَصْبَحَ أَهْلُ السَّفَهِ یَتَمَنَّوْنَ سَفَهَ النَّاسِ وَ فِی الْفَقْرِ الْحَاجَةُ إِلَی الْبَخِیلِ وَ فِی الْفَسَادِ طَلَبُ عَوْرَةِ أَهْلِ الْعُیُوبِ وَ فِی السَّفَهِ الْمُكَافَاةُ بِالذُّنُوبِ (1).

ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ (2).

«6»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی خَبَرِ مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَی الْمَنَّانِ وَ الْبَخِیلِ وَ الْقَتَّاتِ (3).

«7»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَطُوفُ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ إِلَی الصَّبَاحِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ قِنِی شُحَّ نَفْسِی فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِغَیْرِ هَذَا الدُّعَاءِ قَالَ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَشَدُّ مِنْ شُحِّ النَّفْسِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (4).

«8»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مَحَقَ الْإِیمَانَ مَحْقَ الشُّحِّ شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِهَذَا الشُّحِّ دَبِیباً كَدَبِیبِ النَّمْلِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشِّرْكِ (5).

أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب الجود و السخاء.

«9»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَوْنِ

ص: 301


1- 1. أمالی الصدوق ص 233.
2- 2. الخصال ج 1 ص 74.
3- 3. أمالی الصدوق ص 259.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 685، و الآیة فی سورة التغابن: 16.
5- 5. الخصال ج 1 ص 15.

بْنِ عُمَارَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِینَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِی مُسْلِمٍ الْبُخْلُ وَ سُوءُ الْخُلُقِ (1).

«10»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ شَاهِینَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یُوسُفَ بْنِ مُوسَی عَنْ حَرِیزِ بْنِ سُهَیْلٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِی یَزِیدَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا یَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَ الْإِیمَانُ فِی قَلْبِ عَبْدٍ أَبَداً(2).

«11»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْمُوبِقَاتُ ثَلَاثٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًی مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ (3).

أقول: و قد مضی بسند آخر عن أنس عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله المهلكات ثلاث.

و كذا فی وصیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی علی علیه السلام. قال الصدوق رحمه اللّٰه- رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الشُّحُّ الْمُطَاعُ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (4).

«12»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنِ الْجَازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: لَا یُؤْمِنُ رَجُلٌ فِیهِ الشُّحُّ وَ الْحَسَدُ وَ الْجُبْنُ وَ لَا یَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَاناً وَ لَا حَرِیصاً وَ لَا شَحِیحاً(5).

«13»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَمِعَ رَجُلًا یَقُولُ الشَّحِیحُ أَعْذَرُ مِنَ الظَّالِمِ فَقَالَ كَذَبْتَ إِنَّ الظَّالِمَ یَتُوبُ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ یَرُدُّ الظُّلَامَةَ عَلَی أَهْلِهَا وَ الشَّحِیحُ إِذَا شَحَّ مَنَعَ الزَّكَاةَ

ص: 302


1- 1. الخصال ج 1 ص 38.
2- 2. الخصال ج 1 ص 38.
3- 3. الخصال ج 1 ص 42.
4- 4. راجع معانی الأخبار ص 314 و تراه فی الخصال ج 1 ص 42 بأسانید مختلفة.
5- 5. الخصال ج 1 ص 41.

وَ الصَّدَقَةَ وَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءَ الضَّیْفِ وَ النَّفَقَةَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ أَبْوَابَ الْبِرِّ وَ حَرَامٌ عَلَی الْجَنَّةِ أَنْ یَدْخُلَهَا شَحِیحٌ (1).

«14»- ب، [قرب الإسناد] ابْنُ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: السَّخَاءُ شَجَرَةٌ فِی الْجَنَّةِ أَغْصَانُهَا فِی الدُّنْیَا مَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذَلِكَ الْغُصْنُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ الْبُخْلُ شَجَرَةٌ فِی النَّارِ أَغْصَانُهَا فِی الدُّنْیَا مَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذَلِكَ الْغُصْنُ إِلَی النَّارِ(2).

«15»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِجَارَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِیَّاكُمْ وَ الشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ أَمَرَهُمْ بِالْكَذِبِ فَكَذَبُوا وَ أَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا وَ أَمَرَهُمْ بِالْقَطِیعَةِ فَقَطَعُوا(3).

«16»- ل، [الخصال] عَنِ الْخَلِیلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ عَنْ قُتَیْبَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِیدٍ الْمَقْبُرِیِّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِیَّاكُمْ وَ الْفُحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ وَ إِیَّاكُمْ وَ الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الظُّلُمَاتُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ إِیَّاكُمْ وَ الشُّحَّ فَإِنَّهُ دَعَا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ حَتَّی سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَ دَعَاهُمْ حَتَّی قَطَّعُوا أَرْحَامَهُمْ وَ دَعَاهُمْ حَتَّی انْتَهَكُوا وَ اسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ (4).

«17»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَلِیِّ بْنِ رَاشِدٍ رَفَعَهُ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: خَمْسٌ هُنَّ كَمَا أَقُولُ لَیْسَتْ لِبَخِیلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذَّةٌ وَ لَا لِمُلُوكٍ وَفَاءٌ(5) وَ لَا لِكَذَّابٍ مُرُوَّةٌ وَ لَا یَسُودُ سَفِیهٌ (6).

ص: 303


1- 1. قرب الإسناد ص 48 ط النجف.
2- 2. قرب الإسناد ص 74 ط النجف.
3- 3. الخصال ج 1 ص 83.
4- 4. الخصال ج 1 ص 83.
5- 5. لملول خ لمملوك خ.
6- 6. الخصال ج 1 ص 130.

«18»- ل، [الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا یَطْمَعَنَّ ذُو الْكِبْرِ فِی الثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَ لَا الْخَبُّ فِی كَثْرَةِ الصَّدِیقِ وَ لَا السَّیِّئُ الْأَدَبِ فِی الشَّرَفِ وَ لَا الْبَخِیلُ فِی صِلَةِ الرَّحِمِ الْخَبَرَ(1).

«19»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: خَطَبَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ سَیَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ یَعَضُّ الْمُؤْمِنُ عَلَی مَا فِی یَدِهِ وَ لَمْ یُؤْمَرْ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ(2) وَ سَیَأْتِی زَمَانٌ یُقَدَّمُ فِیهِ الْأَشْرَارُ وَ یُنْسَأُ فِیهِ الْأَخْیَارُ وَ یُبَایَعُ الْمُضْطَرُّ وَ قَدْ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ بَیْعِ الْمُضْطَرِّ وَ عَنْ بَیْعِ الْغَرَرِ فَاتَّقُوا اللَّهَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ احْفَظُونِی فِی أَهْلِی (3).

«20»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَدَوِیِّ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرُّمَّانِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ:

خُلِقَتِ الْخَلَائِقُ فِی قُدْرَةٍ***فَمِنْهُمْ سَخِیٌّ وَ مِنْهُمْ بَخِیلٌ

فَأَمَّا السَّخِیُّ فَفِی رَاحَةٍ***وَ أَمَّا الْبَخِیلُ فَشُومٌ طَوِیلٌ (4).

«21»- ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عَلِیُّ لَا تُشَاوِرْ جَبَاناً فَإِنَّهُ یُضَیِّقُ عَلَیْكَ الْمَخْرَجَ وَ لَا تُشَاوِرِ الْبَخِیلَ فَإِنَّهُ یَقْصُرُ بِكَ عَنْ غَایَتِكَ وَ لَا تُشَاوِرْ حَرِیصاً فَإِنَّهُ یُزَیِّنُ لَكَ شَرَهاً وَ اعْلَمْ یَا عَلِیُّ أَنَّ الْجُبْنَ وَ الْبُخْلَ وَ الْحِرْصَ غَرِیزَةٌ وَاحِدَةٌ یَجْمَعُهَا

ص: 304


1- 1. الخصال ج 2 ص 53.
2- 2. البقرة: 237.
3- 3. عیون الأخبار ج 2 ص 45.
4- 4. عیون الأخبار ج 2 ص 176.

سُوءُ الظَّنِ (1).

«22»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی الْأَرَّجَانِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْبَخِیلَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ أَنْفَقَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ (2).

«23»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بَلَغَ بِهِ ابْنَ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: فِیمَا سَأَلَ عَلِیٌّ علیه السلام ابْنَهُ الْحَسَنَ علیه السلام أَنْ قَالَ لَهُ مَا الشُّحُّ قَالَ أَنْ تَرَی مَا فِی یَدَیْكَ شَرَفاً وَ مَا أَنْفَقْتَ تَلَفاً(3).

«24»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُعَافَا بْنِ عِمْرَانَ عَنْ إِسْرَائِیلَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ أَنْ تَرَی الْقَلِیلَ سَرَفاً(4).

«25»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّمَا الشَّحِیحُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ وَ أَنْفَقَ فِی غَیْرِ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (5).

«26»- مع، [معانی الأخبار] بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَهْمٍ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْبَخِیلُ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ (6).

«27»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْبَخِیلُ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ (7).

ص: 305


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 246.
2- 2. معانی الأخبار ص 245.
3- 3. معانی الأخبار ص 245.
4- 4. معانی الأخبار ص 401.
5- 5. معانی الأخبار ص 246.
6- 6. معانی الأخبار ص 246.
7- 7. معانی الأخبار ص 246.

«28»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ بُنْدَارَ التَّمِیمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی زَكَرِیَّا عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَخِیلُ حَقّاً مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ یُصَلِّ عَلَیَ (1).

«29»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَ تَدْرِی مَنِ الشَّحِیحُ فَقُلْتُ هُوَ الْبَخِیلُ فَقَالَ الشَّحِیحُ أَشَدُّ مِنَ الْبَخِیلِ إِنَّ الْبَخِیلَ یَبْخَلُ بِمَا فِی یَدَیْهِ وَ إِنَّ الشَّحِیحَ یَشُحُّ بِمَا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ عَلَی مَا فِی یَدَیْهِ حَتَّی لَا یَرَی فِی أَیْدِی النَّاسِ شَیْئاً إِلَّا تَمَنَّی أَنْ یَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ وَ لَا یَشْبَعُ وَ لَا یَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی (2).

«30»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ الْبَخِیلُ مَنْ یُؤَدِّی أَوِ الَّذِی یُؤَدِّی الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ یُعْطِی النَّائِبَةَ فِی قَوْمِهِ وَ إِنَّمَا الْبَخِیلُ حَقُّ الْبَخِیلِ الَّذِی یَمْنَعُ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِی مَالِهِ وَ یَمْنَعُ النَّائِبَةَ فِی قَوْمِهِ وَ هُوَ فِیمَا سِوَی ذَلِكَ یَبْذُرُ(3).

«31»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ إِذَا كُنَّ فِی الرَّجُلِ فَلَا تَحَرَّجْ أَنْ تَقُولَ إِنَّهُ فِی جَهَنَّمَ الْجَفَاءُ وَ الْجُبْنُ وَ الْبُخْلُ وَ ثَلَاثٌ إِذَا كُنَّ فِی الْمَرْأَةِ فَلَا تَحَرَّجْ أَنْ تَقُولَ إِنَّهَا فِی جَهَنَّمَ الْبَذَاءُ وَ الْخُیَلَاءُ وَ الْفَخْرُ(4).

«32»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ

ص: 306


1- 1. معانی الأخبار ص 246.
2- 2. معانی الأخبار ص 245.
3- 3. معانی الأخبار ص 245.
4- 4. الخصال ج 1 ص 76.

ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا كَانَ فِی شِیعَتِنَا فَلَا یَكُونُ فِیهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْیَاءَ لَا یَكُونَ فِیهِمْ مَنْ یَسْأَلُ بِكَفِّهِ وَ لَا یَكُونُ فِیهِمْ بَخِیلٌ وَ لَا یَكُونُ فِیهِمْ مَنْ یُؤْتَی فِی دُبُرِهِ (1).

«33»- جا، [المجالس للمفید] عَنْ أَبِی غَالِبٍ الزُّرَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ بُرَیْدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی الْمَعْرُوفُ هَدِیَّةٌ مِنِّی إِلَی عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ فَإِنْ قَبِلَهَا مِنِّی فَبِرَحْمَتِی وَ مِنِّی وَ إِنْ رَدَّهَا عَلَیَّ فَبِذَنْبِهِ حَرَمَهَا وَ مِنْهُ لَا مِنِّی وَ أَیُّمَا عَبْدٍ خَلَقْتُهُ فَهَدَیْتُهُ إِلَی الْإِیمَانِ وَ حَسَّنْتُ خُلُقَهُ وَ لَمْ أَبْتَلِهِ بِالْبُخْلِ فَإِنِّی أُرِیدُ بِهِ خَیْراً(2).

«34»- مكا، [مكارم الأخلاق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: خِیَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ وَ شِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ وَ مِنْ خَالِصِ الْإِیمَانِ الْبِرُّ بِالْإِخْوَانِ وَ السَّعْیُ فِی حَوَائِجِهِمْ.

وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: شَابٌّ سَخِیٌّ مُرَهَّقٌ فِی الذُّنُوبِ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ شَیْخٍ عَابِدٍ بَخِیلٍ.

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَدَّی مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ أَسْخَی النَّاسِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا مَحَقَ الْإِسْلَامَ مَحْقَ الشُّحِّ شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِهَذَا الشُّحِّ دَبِیباً كَدَبِیبِ النَّمْلِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشِّرْكِ (3).

«35»- ختص، [الإختصاص] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: حَسْبُ الْبَخِیلِ مِنْ بُخْلِهِ سُوءُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ(4).

«36»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: الْبُخْلُ عَارٌ وَ الْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ(5).

وَ قَالَ علیه السلام: الْبُخْلُ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْعُیُوبِ وَ هُوَ زِمَامٌ یُقَادُ بِهِ

ص: 307


1- 1. الخصال ج 1 ص 65.
2- 2. مجالس المفید ص 159.
3- 3. مكارم الأخلاق ص.
4- 4. الاختصاص: 234.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 3 من الحكم.

إِلَی كُلِّ سُوءٍ(1).

«37»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: السَّخِیُّ قَرِیبٌ مِنَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ النَّاسِ قَرِیبٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْبَخِیلُ بَعِیدٌ مِنَ اللَّهِ بَعِیدٌ مِنَ النَّاسِ قَرِیبٌ مِنَ النَّارِ.

باب 137 الذنوب و آثارها و النهی عن استصغارها

الآیات:

البقرة: فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (2)

و قال تعالی: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ (3)

و قال تعالی: بَلی مَنْ كَسَبَ سَیِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِیئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ (4)

النساء: فَكَیْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ (5)

وَ قَالَ: وَ مَنْ یَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما یَكْسِبُهُ عَلی نَفْسِهِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً(6)

المائدة مخاطبا لموسی علیه السلام: فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (7)

و قال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُصِیبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَ إِنَّ كَثِیراً

ص: 308


1- 1. نهج البلاغة الرقم 378 من الحكم.
2- 2. البقرة: 59.
3- 3. البقرة: 61.
4- 4. البقرة: 81.
5- 5. النساء: 64.
6- 6. النساء: 111.
7- 7. المائدة: 26.

مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (1)

و قال: لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ كانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا یَفْعَلُونَ (2)

و قال تعالی: وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ (3)

و قال تعالی: وَ مَا اعْتَدَیْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِینَ (4)

و قال تعالی: وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ (5)

الأنعام: أَ لَمْ یَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَیْهِمْ مِدْراراً وَ جَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِینَ (6)

و قال تعالی: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ إِنَّ الَّذِینَ یَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَیُجْزَوْنَ بِما كانُوا یَقْتَرِفُونَ (7)

و قال تعالی: وَ لا یُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِینَ (8)

و قال تعالی: وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ (9)

الأعراف: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُری آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (10)

و قال: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ (11)

و قال سبحانه: فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا

ص: 309


1- 1. المائدة: 49.
2- 2. المائدة: 78- 79.
3- 3. المائدة: 87.
4- 4. المائدة: 107.
5- 5. المائدة: 108.
6- 6. الأنعام: 6.
7- 7. الأنعام: 120.
8- 8. الأنعام: 147.
9- 9. الأنعام: 151.
10- 10. الأعراف: 96.
11- 11. الأعراف: 160.

عَلَیْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَظْلِمُونَ (1)

و قال تعالی: فی قصة أصحاب السبت كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ إلی قوله تعالی فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ (2)

الأنفال: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآیاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَكُ مُغَیِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلی قَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (3)

التوبة: وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ (4)

هود: فَمَنْ یَنْصُرُنِی مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَیْتُهُ (5)

و قال تعالی حاكیا عن شعیب علیه السلام: وَ یا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنِّی عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ یَأْتِیهِ عَذابٌ یُخْزِیهِ وَ مَنْ هُوَ كاذِبٌ وَ ارْتَقِبُوا إِنِّی مَعَكُمْ رَقِیبٌ (6)

الرعد: إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (7)

النحل: وَ یَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْیِ یَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (8)

أسری: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِیراً وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَ كَفی بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً(9)

الكهف: وَ تِلْكَ الْقُری أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً(10)

ص: 310


1- 1. الأعراف: 162.
2- 2. الأعراف: 163- 166.
3- 3. الأنفال: 52- 53.
4- 4. براءة: 24.
5- 5. هود: 63.
6- 6. هود: 93.
7- 7. الرعد: 11.
8- 8. النحل: 90.
9- 9. أسری: 16- 17.
10- 10. الكهف: 59.

النور: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ وَ مَنْ یَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّیْطانِ فَإِنَّهُ یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ(1)

و قال تعالی: فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (2)

الفرقان: وَ كَفی بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِیراً(3)

الشعراء: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِی إِسْرائِیلَ (4)

النمل: فَتِلْكَ بُیُوتُهُمْ خاوِیَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (5)

و قال تعالی: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (6)

العنكبوت: أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ أَنْ یَسْبِقُونا ساءَ ما یَحْكُمُونَ (7)

فاطر: وَ الَّذِینَ یَمْكُرُونَ السَّیِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ یَبُورُ(8)

الزمر: قُلْ إِنِّی أَخافُ إِنْ عَصَیْتُ رَبِّی عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ (9)

حمعسق: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ إلی قوله تعالی أَوْ یُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَ یَعْفُ عَنْ كَثِیرٍ(10)

الحجرات: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمانِ (11)

الحشر: وَ لِیُخْزِیَ الْفاسِقِینَ (12)

ص: 311


1- 1. النور: 21.
2- 2. النور: 63.
3- 3. الفرقان: 58.
4- 4. الشعراء: 57- 59.
5- 5. النمل: 52.
6- 6. النمل: 90.
7- 7. العنكبوت: 4.
8- 8. فاطر: 10.
9- 9. الزمر: 13.
10- 10. الشوری: 30- 34.
11- 11. الحجرات: 11.
12- 12. الحشر: 5.

الصف: وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ (1)

المعارج: یَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ یَفْتَدِی مِنْ عَذابِ یَوْمِئِذٍ بِبَنِیهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِیهِ وَ فَصِیلَتِهِ الَّتِی تُؤْوِیهِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً ثُمَّ یُنْجِیهِ (2)

نوح: مِمَّا خَطِیئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ یَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً(3)

الجن: وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً(4)

الشمس: فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَ لا یَخافُ عُقْباها(5)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَبِی یَقُولُ: مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَفْسَدَ لِلْقَلْبِ مِنْ خَطِیئَتِهِ إِنَّ الْقَلْبَ لَیُوَاقِعُ الْخَطِیئَةَ فَلَا تَزَالُ بِهِ حَتَّی تَغْلِبَ عَلَیْهِ فَیَصِیرَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ (6).

بیان: أفسد للقلب من خطیئته فإن قلت ما یفسد القلب فهو خطیئة فما معنی التفضیل قلت لا نسلم ذلك فإن كثیرا من المباحات تفسد القلب بل بعض الأمراض و الآلام و الأحزان و الهموم و الوساوس أیضا تفسدها و إن لم تكن مما یستحق علیه العذاب و

هی أعم من الخطایا الظاهرة إذ للظاهر تأثیر فی الباطن بل عند المتكلمین الواجبات البدنیة لطف فی الطاعات القلبیة و من الخطایا القلبیة كالعقائد الفاسدة و الهم بالمعصیة و الصفات الذمیمة كالحقد و الحسد و العجب و أمثالها.

لیواقع الخطیئة أی یباشرها و یخالطها و یرتكبها خطیئة بعد خطیئة أو یقابل و یدافع الخطیئة الواحدة أو جنس الخطیئة فلا تزال به هو من الأفعال الناقصة

ص: 312


1- 1. الصف: 5.
2- 2. المعارج: 11- 14.
3- 3. نوح: 25.
4- 4. الجن: 23.
5- 5. الشمس: 14- 15.
6- 6. الكافی ج 2 ص 268.

و اسمه الضمیر الراجع إلی الخطیئة و به خبره أی ملتبسا به و قیل متعلق بفعل محذوف أی تفعل به و المراد إما جنس الخطیئة أو الخطیئة المخصوصة التی ارتكبها و لم یتب منها فتؤثر فی القلب بحلاوتها حتی تغلب علی القلب بالرین و الطبع أو یدافعها و یحاربها فتغلب علیه حتی یرتكبها لعدم قلع مراد الشهوات عن قلبه علی الاحتمال الثانی.

فیصیر أعلاه أسفله أی یصیر منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب لا یستقر فیه شی ء من الحق و لا یؤثر فیه شی ء من المواعظ

كما روی القلوب ثلاثة قلب منكوس لا یعی شیئا من الخیر و هو قلب الكافر الخبر(1).

و الحاصل أن الخطیئة تلتبس بالقلب و تؤثّر فیه حتی تصیّره مقلوبا لا یستقر فیه شی ء من (2) الخیر بمنزلة الكافر فإن الإصرار علی المعاصی طریق إلی الكفر كما قال سبحانه ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای أَنْ كَذَّبُوا بِآیاتِ اللَّهِ (3) و هذا أظهر الوجوه المذكورة فی تلك الآیة و هذا الذی خطر بالبال أظهر الأقوال من جهة الأخبار و قیل فیه وجوه أخر.

الأول ما ذكره بعض المحققین یعنی فما تزال تفعل تلك الخطیئة بالقلب و تؤثر فیه بحلاوتها حتی یجعل وجهه الذی إلی جانب الحق و الآخرة إلی جانب الباطل و الدنیا الثانی أن المعنی ما تزال تفعل و تؤثر بالقلب بمیله إلی أمثالها من المعاصی حتی تنقلب أحواله و یتزلزل و ترتفع نظامه و حاصله یرجع إلی ما ذكرنا لكن الفرق بین الثالث ما قیل فلا تزال به حتی تغلب علیه فإن لم ترتفع بالتوبة الخالصة فتصیر أعلاه أسفله أی تكدره و تسوده لأن الأعلی صاف و الأسفل ردی من باب التمثیل.

«2»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَی النَّارِ فَقَالَ مَا أَصْبَرَهُمْ عَلَی فِعْلِ مَا یَعْلَمُونَ أَنَّهُ یُصَیِّرُهُمْ إِلَی النَّارِ(4).

ص: 313


1- 1. راجع الكافی ج 2 ص 423.
2- 2. راجع شرح الكافی ج 2 ص 242.
3- 3. الروم: 10.
4- 4. الكافی ج 2 ص 268.

بیان: الآیة فی سورة البقرة هكذا إِنَّ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ یَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا أُولئِكَ ما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدی وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَی النَّارِ(1).

و ذكر البیضاوی قریبا مما ورد فی الخبر قال تعجب من حالهم فی الالتباس بموجبات النار من غیر مبالاة و ما تامة مرفوعة بالابتداء و تخصیصها كتخصیص شر أهر ذا ناب أو استفهامیة و ما بعدها الخبر أو موصولة و ما بعدها صلة و الخبر محذوف (2).

و أقول یعضده قوله تعالی فی الآیة السابقة ما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ و قال البیضاوی فیه إما فی الحال لأنهم أكلوا ما یلتبس بالنار لكونها عقوبة علیه فكأنهم أكلوا النار أو فی المال أی لا یأكلون یوم القیامة إلا النار انتهی.

و أقول: مثله قوله صلی اللّٰه علیه و آله قوموا إلی نیرانكم التی أوقدتموها علی ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فیه أقوال أحدها أن معناه ما أجرأهم علی النار ذهب إلیه الحسن و قتادة و رواه علی بن إبراهیم (3)

بإسناده عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الثانی ما أعملهم بأعمال أهل النار عن مجاهد و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الثالث ما أبقاهم علی النار كما یقال ما أصبر فلانا علی الحبس عن الزجاج و الرابع ما أدومهم علی النار أی ما أدومهم علی عمل أهل النار(4)

كما یقال ما أشبه سخاءك بحاتم أی بسخاء حاتم و علی هذا الوجه فظاهر الكلام التعجب و التعجب لا یجوز علی القدیم سبحانه لأنه عالم بجمیع الأشیاء لا یخفی علیه شی ء و التعجب أنما یكون

ص: 314


1- 1. الآیة: 174- 175.
2- 2. أنوار التنزیل: 47، و فیه« فی الالتباث» بدل« فی الالتباس».
3- 3. تفسیر القمّیّ ص 55.
4- 4. راجع شرح الكافی ج 2 ص 243.

مما لا یعرف سببه و إذا ثبت ذلك فالغرض أن یدلنا علی أن الكفار حلوا محل من یتعجب منه فهو تعجب لنا منهم و الخامس ما روی عن ابن عباس أن المراد أی شی ء أصبرهم علی النار أی حبسهم علیها فتكون للاستفهام.

و یجوز حمل الوجوه الثلاثة المتقدمة علی الاستفهام أیضا فیكون المعنی أی شی ء أجرأهم علی النار و أعملهم بأعمال أهل النار و أبقاهم علی النار و قال الكسائی هو(1) استفهام علی وجه التعجب و قال المبرد هذا حسن لأنه كالتوبیخ لهم و التعجب لنا كما یقال لمن وقع فی ورطة ما اضطرك إلی هذا إذا كان غنیا عن التعرض للوقوع فی مثلها و المراد به الإنكار و التقریع علی اكتساب

سبب الهلاك و تعجب الغیر منه و من قال معناه ما أجرأهم علی النار فإنه عنده من الصبر الذی هو الحبس أیضا لأن بالجرأة یصبر علی الشدة(2).

«3»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ عِرْقٍ یَضْرِبُ وَ لَا نَكْبَةٍ وَ لَا صُدَاعٍ وَ لَا مَرَضٍ إِلَّا بِذَنْبٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ(3) قَالَ ثُمَّ قَالَ وَ مَا یَعْفُو اللَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا یُؤَاخِذُ بِهِ (4).

بیان: النكبة وقوع الرجل علی الحجارة عند المشی أو المصیبة و الأول أظهر كما مرّ و قد وقع التصریح فی بعض الأخبار التی وردت فی هذا المعنی بنكبة قدم (5) و المخاطب فی هذه الآیة من یقع منهم الخطایا و الذنوب لا المعصومون من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام كأنهم فیهم لرفع درجاتهم

كَمَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ: لَمَّا دَخَلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی یَزِیدَ نَظَرَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُ ما أَصابَكُمْ

ص: 315


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من المصدر.
2- 2. مجمع البیان ج 1 ص 259.
3- 3. الشوری: 30.
4- 4. الكافی ج 2 ص 269.
5- 5. سیأتی فی الصفحة التالیة.

مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ فَقَالَ علیه السلام كَلَّا مَا هَذِهِ فِینَا إِنَّمَا نَزَلَ فِینَا ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (1) فَنَحْنُ الَّذِینَ لَا نَأْسَی عَلَی مَا فَاتَنَا وَ لَا نَفْرَحُ بِمَا أُوتِینَا.

وَ رَوَی الْحِمْیَرِیُّ فِی قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ فَقَالَ هُوَ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ قَالَ قُلْتُ مَا أَصَابَ عَلِیّاً وَ أَشْیَاعَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعِینَ مَرَّةً مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ (2).

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ ما أَصابَكُمْ معاشر الخلق مِنْ مُصِیبَةٍ من بلوی فی نفس أو مال فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ من المعاصی وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ منها فلا یعاقب بها قال الحسن الآیة خاصة بالحدود التی تستحق علی وجه العقوبة و قال قتادة هی عامة وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَیْرُ آیَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ هَذِهِ الْآیَةُ یَا عَلِیُّ مَا مِنْ خَدْشِ عُودٍ وَ لَا نَكْبَةِ قَدَمٍ إِلَّا بِذَنْبٍ وَ مَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ یَعُودَ فِیهِ وَ مَا عَاقَبَ عَلَیْهِ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ یُثَنِّیَ عَلَی عَبْدِهِ.

و قال أهل التحقیق إن ذلك خاص و إن خرج مخرج العموم لما یلحق من مصائب الأطفال و المجانین و من لا ذنب له من المؤمنین و لأن الأنبیاء و الأئمة یمتحنون بالمصائب و إن كانوا معصومین من الذنوب لما یحصل لهم فی الصبر علیها من الثواب انتهی (3).

و قیل الذنوب متفاوتة بالذات و بالنسبة إلی الأشخاص و ترك الأولی ذنب بالنسبة إلیهم فلذلك قیل حسنات الأبرار سیئات المقربین و یؤیده ما

ص: 316


1- 1. الحدید: 22- 23.
2- 2. قرب الإسناد ص 103، ط النجف.
3- 3. مجمع البیان ج 9 ص 31.

أصاب آدم، و یونس و غیرهما بسبب تركهم ما هو أولی بهم و لئن سلم فقد یصاب البری بذنب الجری و ما ذكرنا أظهر و أصوب و مؤید بالأخبار.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: لَا تُبْدِیَنَّ عَنْ وَاضِحَةٍ وَ قَدْ عَمِلْتَ الْأَعْمَالَ الْفَاضِحَةَ وَ لَا یَأْمَنِ الْبَیَاتَ مَنْ عَمِلَ السَّیِّئَاتِ (1).

بیان: لا تبدین عن واضحة الإبداء الإظهار و تعدیته بعن لتضمین معنی الكشف و فی الصحاح و القاموس و المصباح الواضحة الأسنان تبدو عند الضحك و فی القاموس فضحه كمنعه كشف مساویه أی لا تضحك ضحكا یبدو به أسنانك و یكشف عن سرور قلبك و قد عملت أعمالا قبیحة افتضحت بها عند اللّٰه و عند ملائكته و عند الرسول و الأئمة علیهم السلام و لا تدری أ غفر اللّٰه لك أم یعذبك علیها.

و لذا كان من علامة المؤمنین أن ضحكهم التبسم و یؤیده

ما روی عنه علیه السلام لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قلیلا و لبكیتم كثیرا.

لكن البشر فی الجملة مطلوب كما مر أن بشره فی وجهه و حزنه فی قلبه و قوله و قد عملت جملة حالیة و لا یأمن البیات بكسر النون لیكون نهیا و الكسرة لالتقاء الساكنین أو بالرفع خبرا بمعنی النهی و ما قیل إنه معطوف علی الجملة الحالیة بعید و المراد بالبیات نزول الحوادث علیه لیلا أو غفلة و إن كان بالنهار فی المصباح البیات بالفتح الإغارة لیلا و هو اسم من بیته تبییتا و بیت الأمر دبره لیلا.

«5»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الذُّنُوبُ كُلُّهَا شَدِیدَةٌ وَ أَشَدُّهَا مَا نَبَتَ عَلَیْهِ اللَّحْمُ وَ الدَّمُ لِأَنَّهُ إِمَّا مَرْحُومٌ أَوْ مُعَذَّبٌ وَ الْجَنَّةُ لَا یَدْخُلُهَا إِلَّا طَیِّبٌ (2).

بیان: كلها شدیدة لأن معصیة الجلیل جلیلة أو استیجاب غضب اللّٰه

ص: 317


1- 1. الكافی ج 2 ص 269.
2- 2. الكافی ج 2 ص 270.

و عقوبته مع عدم العلم بالعفو عظیم أو لأن التوبة المقبولة نادرة مشكلة و شرائطها كثیرة و التوفیق لها عزیزة و أشدها ما نبت علیه اللحم و الدم كأن المراد به ما له دخل فی قوام البدن من المأكول و المشروب الحرامین و یحتمل أن یكون المراد به ذنبا أصر و داوم علیه مدة نبت فیه اللحم و العظم و إطلاق هذه العبارة فی الدوام و الاستمرار شائع فی عرف العرب و العجم بل أخبار الرضاع أیضا ظاهرة فی ذلك.

لأنه إما مرحوم و إما معذب أی آخرا أو فی الجنة و النار لكن لا بد أن یعذب فی البرزخ أو المحشر قدر ما یطیب جسمه الذی نبت علی الذنوب لأن الجنة لا یدخلها إلا الطیب و یؤیده ما رویناه من النهج (1)

و قیل المرحوم من كفرت ذنوبه بالتوبة أو البلایا أو العفو و المعذب من لم تكفر ذنوبه بأحد هذه الوجوه.

و أقول هذا الخبر ینافی ظاهرا عموم الشفاعة و عفو اللّٰه و تكفیر السیئات بالحسنات علی القول به و أجیب بوجوه الأول أن یقال یعنی أن صاحب الذنب الذی نبت علیه اللحم و الدم أمره فی مشیة اللّٰه لأنه لیس بطیب و لا یدخل الجنة قطعا و حتما إلا طیب الثانی أن یخص هذا بغیر تلك الصور أی لا یدخلها بدون الشفاعة و العفو و التكفیر الثالث ما قیل إنه تعالی ینزع عنهم الذنوب فیدخلونها و هم طیبون من الذنوب و یؤیده قوله تعالی وَ نَزَعْنا ما فِی صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ الآیة(2) و هو بعید.

«6»- كا، [الكافی] الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُزْوَی عَنْهُ الرِّزْقُ (3).

بیان: فیزوی عنه الرزق أی یقبض أو یصرف و ینحی عنه أی قد یكون تقتیر الرزق بسبب الذنب عقوبة أو لتكفیر ذنبه و لیس هذا كلیا بل هو

ص: 318


1- 1. راجع النهج الرقم 417 من الحكم.
2- 2. الأعراف: 43.
3- 3. الكافی ج 2 ص 270.

بالنسبة إلی غیر المستدرجین فإن كثیرا من أصحاب الكبائر یوسع علیهم الرزق و فی النهایة زویت الأرض أی جمعت و فی حدیث الدعاء و ما زویت عنی مما أحب أی صرفته عنی و قبضته.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَبَدَ الدِّینَارَ وَ الدِّرْهَمَ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ كَمِهَ أَعْمَی مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ نَكَحَ بَهِیمَةً(1).

بیان: قال الصدوق رضی اللّٰه عنه فی كتاب معانی الأخبار بعد إیراد هذه الروایة قال مصنف هذا الكتاب معنی قوله ملعون من كمه أعمی یعنی من أرشد متحیرا فی دینه إلی الكفر و قرره فی نفسه حتی اعتقده و قوله من عبد الدینار و الدرهم یعنی به من یمنع زكاة ماله و یبخل بمواساة إخوانه فیكون قد آثر عبادة الدینار و الدرهم علی عبادة اللّٰه و أما نكاح البهیمة فمعلوم انتهی (2).

و أقول اللعن الطرد و الإبعاد عن الخیر من اللّٰه تعالی و من الخلق السب و الدعاء و طلب البعد من الخیر و كل من أطاع من یأمره اللّٰه بطاعته فقد عبده كما قال تعالی (3) أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ (4) و قال سبحانه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ (5) و كذا من آثر حب شی ء علی رضا اللّٰه و طاعته فقد عبده كعبادة الدینار و الدرهم.

قال الراغب العبودیة إظهار التذلل و العبادة أبلغ منها لأنها غایة التذلل و لا یستحقها إلا من له غایة الإفضال و هو اللّٰه تعالی و العبد علی أربعة أضرب الأول عبد بحكم الشرع و هو الإنسان الذی یصح بیعه و ابتیاعه و الثانی عبد

ص: 319


1- 1. الكافی ج 2 ص 270.
2- 2. معانی الأخبار ص 403 و قد مر ص 140 فیما سبق من هذا المجلد.
3- 3. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 244.
4- 4. یس: 60.
5- 5. براءة: 31.

بالإیجاد و ذلك لیس إلا لله تعالی و إیاه قصد بقوله إِنْ كُلُّ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِی الرَّحْمنِ عَبْداً(1) الثالث عبد بالعبادة و الخدمة و الناس فی هذا ضربان عبد لله مخلصا و هو المقصود بقوله عز و جل وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَیُّوبَ (2) و أمثاله و عبد للدنیا و أعراضها و هو المعتكف علی خدمتها و مراعاتها و إیاه قصد

النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقوله تعس عبد الدرهم تعس عبد الدینار.

و علی هذا النحو یصح أن یقال لیس كل إنسان عبدا لله فإن العبد علی هذا المعنی العابد لكن العبد أبلغ من العابد انتهی (3).

و أما قوله من كمه أعمی ففی القاموس الكمه محركة العمی یولد به الإنسان أو عام كمه كفرح عمی و صار أعشی و بصره اعترته ظلمة تطمس علیه و المكمه العینین كمعظم من لم تنفتح عیناه و الكامه من یركب رأسه و لا یدری أین یتوجه كالمتكمه و قال الجوهری الأكمه الذی یولد أعمی و قد كمه بالكسر كمها و استعاره سوید فجعله عارضا بقوله.

كمهت عیناه حتی ابیضتا(4).

و أبو سعید الكامه الذی یركب رأسه لا یدری أین یتوجه یقال خرج یتكمه فی الأرض انتهی.

و قال الراغب العمی یقال فی افتقاد البصر و افتقاد البصیرة و یقال فی الأول أعمی و فی الثانی أعمی و عم.

و إذا عرفت هذا فاعلم أن هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول ما مر من الصدوق رحمه اللّٰه و كأنه أظهرها الثانی أن یكون المعنی أضل أعمی البصر عن الطریق و حیره أو لا یهدیه إلیها الثالث أن یقول للأعمی یا أعمی أو یا أكمه معیرا له بذلك الرابع أن یكون المعنی من یذهب طریقا و یختار مذهبا لا یدری هو أحق أم لا كأكثر الناس فیكون كمه بكسر المیم المخففة مأخوذا من الكامه الذی ذكره الجوهری

ص: 320


1- 1. مریم: 93.
2- 2. ص: 41، 17.
3- 3. مفردات غریب القرآن: 319.
4- 4. بعده: فهو یلحی نفسه لما نزع، راجع الصحاح 2247.

و الفیروزآبادی فیكون أعمی حالا عن المستتر فی كمه أی أعمی القلب و هذا وجه وجیه مما خطر بالبال أن كان فعل المجرد استعمل بهذا المعنی كما هو الظاهر.

و لقد أعجب بعض من كان فی عصرنا حیث نقل عبارة القاموس من یركب فرسه فقال و یحتمل كمه بالتخفیف و المعنی من ركب أعمی فهو كنایة عمن لم یسلك الطریق الواضح الخامس أن یقرأ بالتخفیف أیضا و یكون المعنی من كان أعمی مولودا علی العمی لم یهتد إلی الخیر سبیلا قط بخلاف من یكون لواما یتنبه أحیانا و یغفل أحیانا السادس أن یقرأ بضم الكاف و تشدید المیم اسما و یكون عمی الكم كنایة عن البخل.

و أقول الأظهر علی هذا الوجه أن یكون كنایة عن أنه لا یبالی أن یأخذ المال من حرام أو شبهه أو حلال أو یعطی المال كیف ما اتفق و یبذر و لا یعلم مصارفه الشرعیة.

و أما نكاح البهیمة فالظاهر أن المراد به الوطء كما فهمه الصدوق رحمه اللّٰه و غیره و ربما یحتمل العقد فیكون المراد بالبهیمة المرأة المخالفة أو تزویج البنت للمخالف كما مر أن الناس كلهم بهائم إلا قلیلا من المؤمنین و كما قیل فی قولهم علیهم السلام.

لا تنزی حمارا علی عتیقة و ربما یقرأ نكّح بالتشدید علی بعض الوجوه و لا یخفی ما فی الجمیع من التكلف.

«8»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: اتَّقُوا الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا طَالِباً یَقُولُ أَحَدُكُمْ أُذْنِبُ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ سَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَیْ ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ (1) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِی صَخْرَةٍ أَوْ فِی السَّماواتِ أَوْ فِی الْأَرْضِ یَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرٌ(2).

ص: 321


1- 1. یس: 12.
2- 2. الكافی ج 2 ص 270، و الآیة فی سورة لقمان: 16.

بیان: المحقرات علی بناء المفعول من الإفعال أو التفعیل عدها حقیرة فی القاموس الحقر الذلة كالحقریة بالضم و الحقارة مثلثة و المحقرة و الفعل كضرب و كرم و الإذلال كالتحقیر و الاحتقار و الاستحقار و الفعل كضرب و حقر الكلام تحقیرا صغره و المحقرات الصغائر و تحاقر تصاغر و فی المصباح حقر الشی ء بالضم حقارة هان قدره فلا یعبأ به فهو حقیر و یعدی بالحركة فیقال حقرته من باب ضرب و أحقرته و قال الذنب الإثم و الجمع ذنوب و أذنب صار ذا ذنب بمعنی تحمله.

فإن لها طالبا أی إن للذنوب طالبا یعلمها و یكتبها و قرر علیها عقابا و إذا حقرها فهو یصر علیها و تصیر كبیرة فیمكن أن لا یعفو عنها مع أنه قد ورد أنها لا تغفر و لا ینبغی الاتكال علی التوبة و الاستغفار فإنه یمكن أن لا یوفق لها و تدركه المنیة فیذهب بلا توبة.

و قیل یستفاد من الحدیث أن الجرأة علی الذنب اتكالا علی الاستغفار بعده تحقیر له و هو كذلك كیف لا و هذا محقق معجل نقد و ذاك موهوم مؤجل نسیئة إن اللّٰه عز و جل یقول بیان لقوله إن لها طالبا و الآیة فی سورة یس هكذا إِنَّا نَحْنُ نُحْیِ الْمَوْتی وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا و كأنه من النساخ أو الرواة و قیل هذا نقل للآیة بالمعنی لبیان أن هذه الكتابة تكون بعد إحیاء الموتی علی أجسادهم لفضیحتهم.

و قال فی مجمع البیان وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا من طاعاتهم و معاصیهم فی دار الدنیا و قیل نكتب ما قدموه من عمل لیس له أثر وَ آثارَهُمْ أی ما یكون له أثر و قیل یعنی بآثارهم أعمالهم التی صارت سنة بعدهم یقتدی فیها بهم حسنة كانت أم قبیحة و قیل معناه و نكتب خطاهم إلی المساجد و سبب ذلك

ما رواه الخدری أن بنی سلمة كانوا فی ناحیة المدینة فشكوا إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعد منازلهم من المسجد و الصلاة معه فنزلت الآیة.

وَ كُلَّ شَیْ ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ أی و أحصینا و عددنا كل شی ء من

ص: 322

الحوادث فی كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و الوجه فی إحصاء ذلك فیه اعتبار الملائكة به إذا قابلوا به ما یحدث من الأمور و یكون فیه دلالة علی معلومات اللّٰه سبحانه علی التفصیل و قیل أراد به صحائف الأعمال و سمی ذلك مبینا لأنه لا یدرس أثره انتهی (1).

و قد ورد فی كثیر من الأخبار أن الإمام المبین أمیر المؤمنین علیه السلام و قیل أراد بالآثار الأعمال و بما قدموا النیات المقدمة علیها.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی یا بُنَیَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ معناه أن ما فعله الإنسان من خیر أو شر إن كانت مقدار حبة من خردل فی الوزن و یجوز أن یكون الهاء فی إِنَّها ضمیر القصة فَتَكُنْ فِی صَخْرَةٍ أی فتكن تلك الحبة فی جبل أی فی حجرة عظیمة لأن الحبة فیها أخفی و أبعد من الاستخراج أَوْ فِی السَّماواتِ أَوْ فِی الْأَرْضِ ذكر السماوات و الأرض بعد ذكر الصخرة و إن كان لا بد أن تكون الصخرة فی الأرض علی وجه التأكید.

و قال السدی هذه الصخرة لیست فی السماوات و لا فی الأرض و هی تحت سبع أرضین و هذا قول مرغوب عنه یَأْتِ بِهَا اللَّهُ أی یحضرها اللّٰه یوم القیامة و یجازی علیها أی یأت بجزاء ما وازنها من خیر أو شر و قیل معناه یعلمها اللّٰه فیأتی بها إذا شاء كذلك قلیل العمل من خیر أو شر یعلمه اللّٰه فیجازی علیه فهو مثل قوله تعالی فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ (2) إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ باستخراجها خَبِیرٌ بمستقرها انتهی (3).

و قال بعض المحققین خفاء الشی ء إما لغایة صغره و إما لاحتجابه و إما لكونه بعیدا و إما لكونه فی ظلمة فأشار إلی الأول بقوله مِثْقالَ حَبَّةٍ و إلی الثانی بقوله فَتَكُنْ فِی صَخْرَةٍ و إلی الثالث بقوله أَوْ فِی السَّماواتِ و إلی

ص: 323


1- 1. مجمع البیان ج 8 ص 418.
2- 2. الزلزال: 7- 8.
3- 3. مجمع البیان ج 8 ص 319.

الرابع بقوله أَوْ فِی الْأَرْضِ و أقول قد ورد فی بعض الأخبار أن المراد بالصخرة هی التی تحت الأرضین و الاستشهاد بالآیتین لأن یعلم أن اللّٰه سبحانه عالم بجمیع أعمال العباد و أحصاها و كتبها و أوعد علیها العقاب فلا ینبغی تحقیر المعاصی لأن الوعید معلوم و الموعد عالم قادر و العفو غیر معلوم.

«9»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُدْرَأُ عَنْهُ الرِّزْقُ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ إِذْ أَقْسَمُوا لَیَصْرِمُنَّها مُصْبِحِینَ وَ لا یَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَیْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ (1).

بیان: فی القاموس درأه كجعله درأ و درأه دفعه و الفعل هنا علی بناء المجهول و یحتمل المعلوم بإرجاع المستتر إلی الذنب و اللام فی الذنب للعهد الذهنی أی أی ذنب كان بل یمكن شموله للمكروهات و ترك المستحبات كما تشعر به الآیة و إن أمكن حملها علی أنهم لم یؤدوا الزكاة الواجبة أو كان الزكاة عندهم حق الجداد و الصرام أو كان هذا أیضا واجبا فی شرعهم كما قیل بوجوبه فی شرعنا أیضا.

قال الطبرسی قدس سره فی جامع الجوامع إِنَّا بَلَوْناهُمْ أی أهل مكة بالجوع و القحط بدعاء الرسول صلی اللّٰه علیه و آله كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ و هم إخوة كانت لأبیهم هذه الجنة دون صنعاء الیمن بفرسخین فكان یأخذ منها قوت سنة و یتصدق بالباقی و كان یترك للمساكین ما أخطأه المنجل و ما فی أسفل الأكداس و ما أخطأه القطاف من العنب و ما بعد من البساط الذی یبسط تحت النخلة إذا صرمت فكان یجتمع لهم شی ء كثیر.

فلما مات قال بنوه إن فعلنا ما كان یفعل أبونا ضاق علینا الأمر و نحن أولو عیال فحلفوا لَیَصْرِمُنَّها مُصْبِحِینَ داخلین فی وقت الصباح خفیة عن المساكین

ص: 324


1- 1. الكافی ج 2 ص 271، و الآیة فی سورة القلم: 17- 19.

وَ لا یَسْتَثْنُونَ أی لم یقولوا إن شاء اللّٰه فی یمینهم فأحرق اللّٰه جنتهم.

و قال البیضاوی وَ لا یَسْتَثْنُونَ و لا یقولون إن شاء اللّٰه و إنما سماه استثناء لما فیه من الإخراج غیر أن المخرج به خلاف المذكور و المخرج بالاستثناء عینه أو لأن معنی لأخرج إن شاء اللّٰه و لا أخرج إلا أن یشاء اللّٰه واحد أو لا یستثنون حصة المساكین كما كان یخرج أبوهم فَطافَ عَلَیْها علی الجنة طائِفٌ بلاء طائف مِنْ رَبِّكَ مبتدأ منه (1).

و قال فی المجمع أی أحاطت بها النار فاحترقت أو طرقها طارق من أمر اللّٰه وَ هُمْ نائِمُونَ قال مقاتل بعث اللّٰه نارا باللیل إلی جنتهم فأحرقتها حتی صارت مسودة فذلك قوله فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِیمِ أی كاللیل المظلم و الصریمان اللیل و النهار لانصرام أحدهما عن الآخر و قیل كالمصروم ثماره أی المقطوع و قیل أی الذی صرم عنه الخیر فلیس فیه شی ء منه و قیل أی كالرملة انصرمت من معظم الرمل و قیل كالرماد الأسود فَتَنادَوْا مُصْبِحِینَ أی نادی بعضهم بعضا وقت الصباح أَنِ اغْدُوا أی بأن اغدوا عَلی حَرْثِكُمْ الحرث الزرع و الأعناب إِنْ كُنْتُمْ صارِمِینَ أی قاطعین النخل.

فَانْطَلَقُوا أی مضوا إلیها وَ هُمْ یَتَخافَتُونَ یتسارون بینهم أَنْ لا یَدْخُلَنَّهَا الْیَوْمَ عَلَیْكُمْ مِسْكِینٌ هذا ما كانوا یتخافتون به وَ غَدَوْا عَلی حَرْدٍ أی علی قصد منع الفقراء قادِرِینَ عند أنفسهم و فی اعتقادهم علی منعهم و إحراز ما فی جنتهم و قیل علی حرد أی علی جد و جهد من أمرهم و قیل أی خنق و غضب من الفقراء و قیل قادرین مقدرین موافاتهم الجنة فی الوقت الذی قدروا إصرامها فیه و هو وقت الصبح.

فَلَمَّا رَأَوْها أی رأوا الجنة علی تلك الصفة قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ضللنا عن الطریق فلیس هذا بستاننا أو لضالون عن الحق فی أمرنا فلذلك عوقبنا بذلك ثم استدركوا فقالوا بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أی هذه جنتنا و لكن حرمنا

ص: 325


1- 1. أنوار التنزیل: 439.

نفعها و خیرها لمنعنا حقوق المساكین و تركنا الاستثناء قالَ أَوْسَطُهُمْ أی أعدلهم قولا و أفضلهم و أعقلهم أو أوسطهم فی السن أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ كأنه كان حذرهم سوء فعالهم فقال لو لا تستثنون لأن فی الاستثناء التوكل علی اللّٰه و التعظیم لله و الإقرار علی أنه لا یقدر أحد علی فعل شی ء إلا بمشیئة اللّٰه فلذلك سماه تسبیحا و قیل معناه هلا تعظمون اللّٰه بعبادته و اتباع أمره أو هلا تذكرون نعم اللّٰه علیكم فتؤدوا شكرها بأن تخرجوا حق الفقراء من أموالكم أو هلا نزهتم اللّٰه عن الظلم و اعترفتم بأنه لا یظلم و لا یرضی منكم بالظلم و قیل أی لم لا تصلون.

ثم حكی عنهم أنهم قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ فی عزمنا علی حرمان المساكین من حصتهم عند الصرام أو أنه تعالی منزه عن الظلم فلم یفعل بنا ما فعله ظلما و إنما الظلم وقع منا حیث منعنا الحق فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ یَتَلاوَمُونَ أی یلوم بعضهم بعضا علی ما فرط منهم قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِینَ قد علونا فی الظلم و تجاوزنا الحد فیه و الویل غلظ المكروه الشاق علی النفس عَسی رَبُّنا أَنْ یُبْدِلَنا خَیْراً مِنْها أی لما تابوا و رجعوا إلی اللّٰه قالوا لعل اللّٰه یخلف علینا و یولینا خیرا من الجنة التی هلكت إِنَّا إِلی رَبِّنا راغِبُونَ أی نرغب إلی اللّٰه و نسأله ذلك و نتوب إلیه مما فعلناه كَذلِكَ الْعَذابُ فی الدنیا للعاصین وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ (1).

و روی عن ابن مسعود أنه قال بلغنی أن القوم أخلصوا و عرف اللّٰه منهم الصدق فأبدلهم بها جنة یقال لها الحیوان فیها عنب یحمل البغل منها عنقودا و قال أبو خالد الیمامی رأیت الجنة و رأیت كل عنقود كالرجل الأسود القائم (2).

ص: 326


1- 1. ما بین العلامتین ساقط عن نسخة الكمبانیّ، أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 246 طبقا للمصدر.
2- 2. مجمع البیان ج 10 ص 336- 337.

«10»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا أَذْنَبَ الرَّجُلُ خَرَجَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِنْ تَابَ انْمَحَتْ وَ إِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّی تَغْلِبَ عَلَی قَلْبِهِ فَلَا یُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَداً(1).

بیان: خرج فی قلبه نكتة النكتة النقطة و كل نقطة فی شی ء بخلاف لونه فهو نكتة و قیل إن اللّٰه خلق قلب المؤمن نورانیا قابلا للصفات النورانیة فإن أذنب خرج فیه نقطة سوداء فإن تاب زالت تلك النقطة و عاد محلها إلی نورانیته و إن زاد فی الذنب سواء كان من نوع ذلك الذنب أم من غیره زادت نقطة أخری سوداء و هكذا حتی تغلب النقاط السود علی جمیع قلبه فلا یفلح بعدها أبدا لأن القلب حینئذ لا یقبل شیئا من الصفات النورانیة و الظاهر أنه إن تاب من ذنب ثم عاد لم تبطل التوبة الأولی و أنه إن تاب من بعض الذنوب دون بعض فهی صحیحة علی أحد القولین فیها.

أقول: و قال بعض المحققین بعد أن حقق أن القلب هو اللطیفة الربانیة الروحانیة التی لها تعلق بالقلب الصنوبری كما مر ذكره القلب فی حكم مرآة قد اكتنفته هذه الأمور المؤثرة فیه و هذه الآثار علی التوالی واصلة إلی القلب أما الآثار المحمودة فإنها تزید مرآة القلب جلاء و إشراقا و نورا و ضیاء حتی یتلألأ فیه جلیة الحق و تنكشف فیه حقیقة الأمر المطلوب فی الدین و إلی مثل هذا القلب أَشَارَ بِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَیْراً جَعَلَ لَهُ وَاعِظاً مِنْ قَلْبِهِ.

وَ بِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ قَلْبِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ.

و هذا القلب هو الذی یستقر فیه الذكر قال اللّٰه تعالی أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (2).

و أما الآثار المذمومة فإنها مثل دخان مظلم یتصاعد إلی مرآة القلب و لا یزال یتراكم علیه مرة بعد أخری إلی أن یسود و یظلم و یصیر بالكلیة محجوبا

ص: 327


1- 1. الكافی ج 2 ص 271.
2- 2. الرعد: 28.

عن اللّٰه تعالی و هو الطبع و الرین قال اللّٰه تعالی كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (1) و قال اللّٰه أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ نَطْبَعُ عَلی قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَسْمَعُونَ (2) فربط عدم السماع و الطبع بالذنوب كما ربط السماع بالتقوی حیث قال وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْمَعُوا(3) وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ یُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ (4).

و مهما تراكمت الذنوب طبع علی القلب و عند ذلك یعمی القلب عن إدراك الحق و صلاح الدین و یستهین بالآخرة و یستعظم أمر الدنیا و یصیر مقصورا لهم علیه فإذا قرع سمعه أمر الآخرة و ما فیها من الأخطار دخل من أذن و خرج من الأخری و لم یستقر فی القلب و لم یحركه إلی التوبة و التدارك أولئك الذین یَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ(5).

و هذا هو معنی اسوداد القلب بالذنوب كما نطق به القرآن و السنة قَالَ بَعْضُهُمْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: قَلْبُ الْمُؤْمِنِ أَجْرَدُ فِیهِ سِرَاجٌ یَزْهَرُ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَسْوَدُ مَنْكُوسٌ.

فطاعة اللّٰه تعالی بمخالفة الشهوات مصقلات للقلب و معصیته مسودات له فمن أقبل علی المعاصی أسود قلبه و من اتبع السیئة الحسنة و محا أثرها لم یظلم قلبه و لكن ینقص نوره كالمرآة التی یتنفس فیها ثم یمسح ثم یتنفس ثم یمسح فإنها لم تخلو عن كدورة قال اللّٰه تعالی إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (6).

فأخبر أن جلاء القلب و إیضاءه یحصل بالذكر و أنه لا یتمكن منه إلا الذین اتقوا فالتقوی باب الذكر و الذكر باب الكشف و الكشف باب الفوز الأكبر

ص: 328


1- 1. المطففین: 14.
2- 2. الأعراف: 100.
3- 3. المائدة: 108.
4- 4. البقرة: 282.
5- 5. الممتحنة: 13.
6- 6. الأعراف: 201.

و هو الفوز بلقاء اللّٰه تعالی.

أقول: هذا من تحقیقات بعض الصوفیة أوردناه استطرادا و فیه حق و باطل و اللّٰه الملهم للخیر و الصواب.

«11»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ یَسْأَلُ اللَّهَ الْحَاجَةَ فَیَكُونُ مِنْ شَأْنِهِ قَضَاؤُهَا إِلَی أَجَلٍ قَرِیبٍ أَوْ إِلَی وَقْتٍ بَطِی ءٍ فَیُذْنِبُ الْعَبْدُ ذَنْباً فَیَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِلْمَلَكِ لَا تَقْضِ حَاجَتَهُ وَ احْرِمْهُ إِیَّاهَا فَإِنَّهُ تَعَرَّضَ لِسَخَطِی وَ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ مِنِّی (1).

بیان: فیكون من شأنه ضمیر شأنه راجع إلی اللّٰه تعالی و یحتمل رجوعه إلی مصدر یسأل أو العبد و مال الجمیع واحد أی له قابلیة قضاء الحاجة قیل لا یقال هذا ینافی ما فی بعض الروایات من أن العاصی إذا دعاه أجابه بسرعة كراهة سماع صوته لأنا نقول لا منافاة بینهما لأن هناك شیئین أحدهما المعصیة و هی تناسب عدم الإجابة و الثانی كراهة سماع صوته و هی تناسب سرعة الإجابة فربما ینظر إلی الأول فلا یجیبه و ربما ینظر إلی الثانی فیجیبه و لیس فی الأخبار ما یدل علی أن العاصی یجاب

دائما و لو سلم لأمكن حمل هذا الخبر علی أن المؤمن الصالح إن أذنب و تعرض لسخط ربه استوجب الحرمان و لا یقضی اللّٰه حاجته تأدیبا له لینزجر عما یفعله.

«12»- كا، [الكافی] عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّهُ مَا مِنْ سَنَةٍ أَقَلَّ مَطَراً مِنْ سَنَةٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَضَعُهُ حَیْثُ یَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالْمَعَاصِی صَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَدَّرَ لَهُمْ مِنَ الْمَطَرِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ إِلَی غَیْرِهِمْ وَ إِلَی الْفَیَافِی وَ الْبِحَارِ وَ الْجِبَالِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَیُعَذِّبُ الْجُعَلَ فِی جُحْرِهَا فَیَحْبِسُ الْمَطَرَ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِی هِیَ بِمَحَلِّهَا بِخَطَایَا مَنْ بِحَضْرَتِهَا وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا السَّبِیلَ فِی مَسْلَكٍ سِوَی مَحَلَّةِ أَهْلِ الْمَعَاصِی قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ(2).

ص: 329


1- 1. الكافی ج 2 ص 271.
2- 2. الكافی ج 2 ص 272 و السند معلق علی سابقه.

بیان: إلی غیرهم أی من المطیعین إن كانوا مستحقین للمطر و إلا فإلی الفیافی و فی النهایة الفیافی البراری الواسعة جمع فیفاء و فی القاموس الفیف المكان المستوی أو المفازة لا ماء فیها كالفیفاة و الفیفاء و یقصر و قال الجعل كصرد دویبة و فی المصباح الجعل وزان عمر الحرباء و هو ذكر أم حبین و قال المحل بفتح الحاء و الكسر لغة موضع الحلول و المحلة بالفتح المكان الذی ینزله القوم عن الأرض التی هی بمحلها الظاهر أن الضمیر فی قوله بمحلها راجع إلی الجعل أی الأرض التی هی متلبسة بمحل الجعل أی مشتملة علیه أو ضمیر هی راجع إلی الجعل و ضمیر محلها إلی الأرض فیكون إضافة المحل إلی الضمیر من إضافة الجزء إلی الكل و الأول أظهر و ضمیر بحضرتها للجعل.

فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ الاعتبار الاتعاظ و التفكر فی العواقب و قبول النصیحة و أولو الأبصار أصحاب البصائر و العقول أی تفكروا فی أنه إذا كان حال الحیوان الغیر المكلف القلیل الشعور أو عدیمه هكذا فی التضرر بمجاورة أهل المعاصی فكیف تكون حالك فی المعصیة و مجاورة أهلها.

و هذا الخبر مما یدل علی أن للحیوانات شعورا و علما ببعض التكالیف الشرعیة و أفعال العباد و أعمالهم و أن لهم نوعا من التكلیف خلافا لأكثر الحكماء و المتكلمین و یؤیده قصة الهدهد و سائر الأخبار التی أوردتها فی المجلد الرابع عشر و ربما یأول الجعل بأن المراد بها ضعفاء بنی آدم و لا یخفی بعده ثم إن الخبر یدل علی وجوب المهاجرة عن بلاد أهل المعاصی إذا لم یمكن نهیهم عن المنكر.

«13»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ یُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُحْرَمُ صَلَاةَ اللَّیْلِ وَ إِنَّ الْعَمَلَ السَّیِّئَ أَسْرَعُ فِی صَاحِبِهِ مِنَ السِّكِّینِ فِی اللَّحْمِ (1).

بیان: الذنب منصوب مفعول مطلق و اللام للعهد الذهنی أسرع أی نفوذا أو تأثیرا فی صاحبه و كما أن كثرة نفوذ السكین فی المرء یوجب هلاكه البدنی

ص: 330


1- 1. الكافی ج 2 ص 272.

فكذا كثرة الخطایا یوجب هلاكه الروحانی.

«14»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ هَمَّ بِسَیِّئَةٍ فَلَا یَعْمَلْهَا فَإِنَّهُ رُبَّمَا یَعْمَلُ الْعَبْدُ السَّیِّئَةَ فَیَرَاهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَیَقُولُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا أَغْفِرُ لَكَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً(1).

بیان: السیئة أی نوعا من السیئة تكون مع تحقیرها و الاستهانة بها أو غیر ذلك و العزة القدرة و الغلبة و الجلال الكبریاء و العظمة لا أغفر لك أی یستحق لمنع اللطف و عدم التوفیق للتوبة و لا یستحق المغفرة و فیه تحذیر عن جمیع السیئات فإن كل سیئة یمكن أن تكون هذه السیئة.

«15»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: حَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ لَا یُعْصَی فِی دَارٍ إِلَّا أَضْحَاهَا لِلشَّمْسِ حَتَّی تُطَهِّرَهَا(2).

بیان: حق علی اللّٰه أی جعلها اللّٰه سبحانه واجبا لازما علی نفسه أن لا یعصی كأن المراد كثرة وقوع المعاصی فیها إلا أضحاها أی خربها و أظهر أرضها للشمس حتی تشرق علیها و تطهرها من النجاسة المعنویة و هی كنایة عن أن المعاصی تخرب الدیار و فیه إشعار بأن الشمس تطهر الأرض و فی القاموس أضحی الشی ء أظهره و ضحا ضحوا برز للشمس و كسعی و رضی أصابته الشمس و أرض مضحاة لا تكاد تغیب عنها الشمس و ضحی الطریق ضحوا بدا و ظهر.

«16»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَبْدَ لَیُحْبَسُ عَلَی ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ إِنَّهُ لَیَنْظُرُ إِلَی أَزْوَاجِهِ فِی الْجَنَّةِ یَتَنَعَّمْنَ (3).

بیان: قَدْ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَتَّكِلُوا بِشَفَاعَتِنَا فَإِنَّ شَفَاعَتَنَا

ص: 331


1- 1. الكافی ج 2 ص 272.
2- 2. الكافی ج 2 ص 272.
3- 3. الكافی ج 2 ص 272.

قَدْ لَا تَلْحَقُ بِأَحَدِكُمْ إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ.

و فی الخبر دلالة علی أن الذنب یمنع من دخول الجنة فی تلك المدة و لا دلالة فیه علی أنه فی تلك المدة فی النار أو فی شدائد القیامة و فی المصباح النعمة بالفتح اسم من التنعم و التمتع و هو النعیم و نعم عیشه كتعب اتسع و لان و نعّمه اللّٰه تنعیما جعله ذا رفاهیة.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَیْضَاءُ فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجَ فِی النُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِنْ تَابَ ذَهَبَ تِلْكَ السَّوَادُ وَ إِنْ تَمَادَی فِی الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتَّی یُغَطِّیَ الْبَیَاضَ فَإِذَا غَطَّی الْبَیَاضَ لَمْ یَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَی خَیْرٍ أَبَداً وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (1).

بیان: روی مثله عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی النهج (2)

و قال ابن میثم توضیح الكلام أن بأصل الإیمان تظهر نكتة بیضاء فی قلب من آمن أول مرة ثم إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة و إذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت حتی یصیر قلبه نورانیا كالنیر الأعظم و یعكس ذلك فی العمل السیئ.

و تحقیق الكلام فی هذا المقام أن المقصود بالقصد الأول الأعمال الظاهرة و الأمر بمحاسنها و النهی عن مقابحها هو ما تكتسب النفس منها من الأخلاق الفاضلة(3) و الصفات الفاسدة فمن عمل عملا صالحا أثر فی نفسه و بازدیاد العمل یزداد الضیاء و الصفاء حتی تصیر كمرآة مجلوة صافیة و من أذنب ذنبا

ص: 332


1- 1. الكافی ج 2 ص 273، و الآیة فی سورة المطففین: 14 و قد مر مثله.
2- 2. حیث قال: ان الایمان یبدو لمظة فی القلب، كلما ازداد الایمان ازدادت اللمظة و قال السیّد الرضیّ- رضوان اللّٰه علیه- و اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البیاض، و منه قیل: فرس ألمظ: إذا كان بجحفلته شی ء من البیاض، راجع نهج البلاغة تحت الرقم 5 من غرائب الحكم، شرح الكافی ج 2 ص 247، شرح النهج لابن میثم: 612.
3- 3. ما بین العلامتین ساقط من نسخة الكمبانیّ.

أثر ذلك أیضا و أورث لها كدورة فإن تحقق عنده قبحه و تاب عنه زال الأثر و صارت النفس مصقولة صافیة و إن أصر علیه زاد الأثر المیشوم و فشا فی النفس و استمر علیها و صار من أهل الطبع و لم یرجع إلی خیر أبدا إذ دواء هذا الداء هو الانكسار و هضم النفس و الاعتراف بالتقصیر و الرجوع إلی اللّٰه بالتوبة و الاستغفار و الانقلاع عن المعاصی و لا محل لشی ء من ذلك إلی هذا القلب المظلم و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم.

ثم أشار إلی أن ذلك هو الرین المذكور فی الآیة الكریمة بقوله و هو قول اللّٰه عز و جل كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ قیل أی غلب علی قلوبهم ما كانوا یكسبون حتی قبلت الطبع و الختم علی وجه لا یدخل فیها شی ء من الحق.

و المراد بما كانوا یكسبون الأعمال الظاهرة القبیحة و الأخلاق الباطنة الخبیثة فإن ذلك سبب لرین القلب و صداه و موجب لظلمته و عماه فلا یقدر أن ینظر إلی وجوه الخیرات و لا یستطیع أن یشاهد صور المعقولات كما أن المرآة إذا ألقیت فی مواضع الندی ركبها الصداء و أذهب صفاءها و أبطل جلاءها فلا یتنقش فیها صور المحسوسات.

و بالجملة یشبه القلب فی قسوته و غلظته و ذهاب نوره بما یعلوه من الذنوب و الهوی و ما یكسوه من الغفلة و الردی بالمرآة المنكدرة من الندی و كما أن هذه المرآة یمكن إزالة ظلمتها بالعمل المعلوم كذلك هذا القلب یمكن تصفیته من ظلمات الذنوب و كدورات الأخلاق بدوام الذكر و التوبة الخالصة و الأعمال الصالحة و الأخلاق الفاضلة حتی ینظر إلی عالم الغیب بنور الإیمان و یشاهده مشاهدة العیان إلی أن یبلغ إلی أعلی درجات الإحسان فیعبد اللّٰه كأنه یراه و یری الجنة و ما أعد اللّٰه فیها لأولیائه و یری النار و ما أعد اللّٰه فیها لأعدائه.

و قال البیضاوی عند قوله تعالی وَ ما یُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِیمٍ إِذا تُتْلی عَلَیْهِ آیاتُنا قالَ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا

ص: 333

یَكْسِبُونَ (1) رد لما قالوه و بیان لما أدی بهم إلی هذا القول بأن غلب علیهم حب المعاصی بالانهماك فیه حتی صار ذلك صداء علی قلوبهم فعمی علیهم معرفة الحق و الباطل فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كَمَا قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا أَذْنَبَ ذَنْباً حَصَلَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ حَتَّی یُسَوِّدَ قَلْبَهُ.

و الرین الصداء(2).

«18»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا تُبْدِیَنَّ عَنْ وَاضِحَةٍ وَ قَدْ عَمِلْتَ الْأَعْمَالَ الْفَاضِحَةَ وَ لَا تَأْمَنِ الْبَیَاتَ وَ قَدْ عَمِلْتَ السَّیِّئَاتِ (3).

«19»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی وَ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَضَی قَضَاءً حَتْماً لَا یُنْعِمُ عَلَی الْعَبْدِ بِنِعْمَةٍ فَیَسْلُبَهَا إِیَّاهُ حَتَّی یُحْدِثَ الْعَبْدُ ذَنْباً یَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ النَّقِمَةَ(4).

بیان: لا ینعم استئناف بیانی أو منصوب بتقدیر أن و قوله فیسلبها معطوف علی النفی لا علی المنفی و حتی للاستثناء و المشار إلیه فی قوله بذلك إما مصدر(5) یحدث أو الذنب و المال واحد و فی القاموس النقمة بالكسر و الفتح و كفرحه المكافاة بالعقوبة و فیه تلمیح إلی قوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ (6).

«20»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَقالُوا

ص: 334


1- 1. المطففین: 12- 14.
2- 2. أنوار التنزیل: 457.
3- 3. الكافی ج 2 ص 273.
4- 4. الكافی ج 2 ص 273.
5- 5. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی ج 2 ص 247.
6- 6. الرعد: 11.

رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ الْآیَةَ(1)

فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ قُرًی مُتَّصِلَةٌ یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ أَنْهَارٌ جَارِیَةٌ وَ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ فَكَفَرُوا نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ غَیَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ عَافِیَةِ اللَّهِ فَغَیَّرَ اللَّهُ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ وَ خَرَّبَ دِیَارَهُمْ وَ ذَهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَبْدَلَهُمْ مَكَانَ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ثُمَّ قَالَ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ(2).

بیان: الآیات فی سورة سبإ هكذا لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ و قرأ أكثر القراء فی مساكنهم قال الطبرسی قدس سره ثم أخبر سبحانه عن قصة سبإ بما دل علی حسن عاقبة الشكور و سوء عاقبة الكفور فقال لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ و هو أبو عرب الیمن كلها و قد تسمی بها القبیلة وَ فِی الْحَدِیثِ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَیْكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ سَبَإٍ أَ رَجُلٌ هُوَ أَمِ امْرَأَةٌ فَقَالَ هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ تَیَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَ تَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فَأَمَّا الَّذِینَ تَیَامَنُوا فَالْأَزْدُ وَ كِنْدَةُ وَ مَذْحِجٌ وَ الْأَشْعَرُونَ وَ الْأَنْمَارُ وَ حِمْیَرٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا أَنْمَارٌ قَالَ الَّذِینَ مِنْهُمْ خَثْعَمٌ وَ بَجِیلَةُ وَ أَمَّا الَّذِینَ تَشَاءَمُوا فَعَامِلَةُ وَ جُذَامُ وَ لَحْمٌ وَ غَسَّانُ.

فالمراد بسبإ هاهنا القبیلة الذین هم أولاد سبإ بن یشحب بن یعرب بن قحطان.

فِی مَسْكَنِهِمْ أی فی بلدهم آیَةٌ أی حجة علی وحدانیة اللّٰه سبحانه و كمال قدرته و علامة علی سبوغ نعمه ثم فسر سبحانه الآیة فقال جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ أی بستانان عن یمین من آتاهما و شماله و قیل عن یمین البلد و شماله و قیل إنه لم یرد جنتین اثنتین و المراد كانت دیارهم علی وتیرة واحدة إذ كانت البساتین عن یمینهم و شمالهم

ص: 335


1- 1. سبأ: 19.
2- 2. الكافی ج 2 ص 274.

متصلة بعضها ببعض و كان من كثرة النعم أن المرء كانت تمشی و المكتل علی رأسها فیمتلئ بالفواكه من غیر أن تمس بیدها شیئا: و قیل الآیة المذكورة هی أنه لم تكن فی قریتهم بعوضة و لا ذباب و لا برغوث و لا عقرب و لا حیة و كان الغریب إذا دخل بلدهم و فی ثیابه قمل و دواب ماتت عن ابن زید و قیل إن المراد بالآیة خروج الأزهار و الثمار من الأشجار علی اختلاف ألوانها و طعومها.

و قیل إنما كانت ثلاث عشرة قریة فی كل قریة نبی یدعوهم إلی اللّٰه سبحانه یقولون لهم كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ أی كلوا مما رزقكم اللّٰه فی هذه الجنان و اشكروا له یزدكم من نعمة و استغفروه یغفر لكم.

بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ أی هذه بلدة مخصبة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات و لیست بسبخة و لیس فیها شی ء من الهوام المؤذیة و قیل أراد به صحة هوائها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنه لیس فیها حر یؤذی فی القیظ و لا برد یؤذی فی الشتاء.

وَ رَبٌّ غَفُورٌ أی كثیر المغفرة للذنوب فَأَعْرَضُوا عن الحق و لم یشكروا اللّٰه سبحانه و لم یقبلوا ممن دعاهم إلی اللّٰه من أنبیائه فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ و ذلك أن الماء كان یأتی أرض سبإ من أودیة الیمن و كان هناك جبلان یجتمع ماء المطر و السیول بینهما فسدوا ما بین الجبلین فإذا احتاجوا إلی الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوا یسقون زرعهم و بساتینهم فلما كذبوا رسلهم و تركوا أمر اللّٰه بعث اللّٰه جرذا نقبت ذلك الردم و فاض الماء علیهم فأغرقهم (1).

و العرم المسناة التی تحبس الماء واحدها عرمة أخذ من عرامة الماء و هو ذهابه كل مذهب و قیل العرم اسم واد كان یجتمع فیه سیول من أودیة شتی و قیل العرم هنا اسم الجرذ الذی نقب السكر(2)

علیهم و هو الذی یقال له الخلد

ص: 336


1- 1. مجمع البیان ج 8 ص 386.
2- 2. السكر- بالكسر- اسم من سكر النهر: أی سده، و یطلق علی ما سد به النهر. و كأنّ المراد بالسكر هنا الثقب التی كانوا یفتحونها واحدا بعد واحد بقدر الحاجة، و ذلك لان الفارة لا تتمكن أن تأتی علی السد العظیم الذی بنی بالحجارة و النهر مملوء ماء، و انما أتت علی ما سد به الثقبة السافلة الموازیة لسطح النهر، ففار النهر بشدة من ذلك الثقبة و جری السیل العظیم، حتی خرق الثقبة و خرب السد و أباد القریة بأشجارها و زروعها و عمارتها و نفوسها. و الخلد بالضم- یطلق علی الفارة العمیاء، و قیل دابة تحت الأرض یضرب بها المثل فی شدة السمع.

و قیل العرم المطر الشدید(1).

و قال ابن الأعرابی العرم السیل الذی لا یطاق وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ اللتین فیهما أنواع الفواكه و الخیرات جَنَّتَیْنِ أخراوین سماهما جنتین لإزدواج الكلام كما قال تعالی وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ (2) ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ أی صاحبی أكل و هو اسم لثمر كل شجرة و ثمر الخمط هو الأراك و قیل هو شجر الغضا و قیل هو شجر له شوك و الأثل الطرفا عن ابن عباس و قیل ضرب من الخشب و قیل هو السمر وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ یعنی أن الخمط و الأثل كانا أكثر فیهما من السدر و هو النبق قال قتادة كان شجرهم خیر شجر فصیره اللّٰه شر شجرة بسوء أعمالهم.

ذلِكَ أی ما فعلنا بهم جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا أی بكفرهم وَ هَلْ نُجازِی بهذا الجزاء إِلَّا الْكَفُورَ الذی یكفر نعم اللّٰه و قیل معناه هل نجازی بجمیع سیئاته إلا الكافر لأن المؤمن قد كان یكفر عنه بعض سیئاته و قیل إن المجازاة من التجازی و هو التقاضی أی لا یقتضی و لا یرتجع ما أعطی إلا الكافر فإنهم لما كفروا النعمة اقتضوا ما أعطوا أی ارتجع منهم عن أبی مسلم.

وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها قُریً ظاهِرَةً أی و قد

ص: 337


1- 1. مجمع البیان ج 8 ص 385.
2- 2. آل عمران: 54.

كان من قصتهم أنا جعلنا بینهم و بین قری الشام التی باركنا فیها(1)

بالماء و الشجر قری متواصلة و كان متجرهم من أرض الیمن إلی الشام و كانوا یبیتون بقریة و یقیلون بأخری حتی یرجعوا و كانوا لا یحتاجون إلی زاد من وادی سبإ إلی الشام و معنی الظاهرة أن الثانیة كانت تری من الأولی لقربها منها وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ أی جعلنا السیر من القریة إلی القریة نصف یوم و قلنا لهم سِیرُوا فِیها أی فی تلك القری لَیالِیَ وَ أَیَّاماً أی لیلا شئتم المصیر أو نهارا آمِنِینَ من الجوع و العطش و التعب و من السباع و كل المخاوف و فی هذا إشارة إلی تكامل نعمه علیهم فی السفر كما أنه كذلك فی الحضر.

ثم أخبر سبحانه أنهم بطروا و بغوا فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا أی اجعل بیننا و بین الشام فلوات و مفاوز لنركب إلیها الرواحل و نقطع المنازل و هذا كما قالت بنو إسرائیل لما ملوا النعمة اخرج لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها(2) بدل من المن و السلوی وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بارتكاب الكفر و المعاصی فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ لمن بعدهم یتحدثون أمرهم و شأنهم و یضربون بهم المثل فیقولون تفرقوا أیادی سبإ إذا تشتتوا أعظم التشتت وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أی فرقناهم فی كل وجه من البلاد كل تفریق إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ علی الشدائد شكور علی النعماء و قیل لكل صبار عن المعاصی شكور للنعم بالطاعات.

ثم نقل عن الكلبی عن أبی صالح قال ألقت طریفة الكاهنة إلی عمرو بن عامر الذی یقال له مزیقیا بن ماء السماء و كانت قد رأت فی كهانتها أن سد مأرب سیخرب و أنه سیأتی سیل العرم فیخرب الجنتین فباع عمرو بن عامر أمواله و سار هو و قومه حتی انتهوا إلی مكة فأقاموا بها و ما حولها فأصابتهم الحمی و كانوا ببلد لا یدرون فیه ما الحمی فدعوا طریفة و شكوا إلیها الذی أصابهم فقالت

ص: 338


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من شرح الكافی طبقا للمصدر.
2- 2. البقرة: 61.

لهم قد أصابنی الذی تشتكون و هو مفرق بیننا.

قالوا فما ذا تأمرین قالت من كان منكم ذا هم بعید و جمل شدید و مزاد جدید فلیلحق بقصر عمان المشید فكانت أزد عمان ثم قالت من كان منكم ذا جلد و قسر و صبر علی ما أزمات الدهر فعلیه بالأراك من بطن مر فكانت خزاعة ثم قالت (1) من كان منكم یرید الراسیات فی الوحل المطعمات فی المحل فلیلحق بیثرب ذات النخل فكانت الأوس و الخزرج ثم قالت من كان منكم یرید الخمر و الخمیر و الملك و التأمیر و ملابس التاج و الحریر فلیلحق ببصری و غویر و هما من أرض الشام فكان الذین سكنوها آل جفنة بن غسان ثم قالت من كان منكم یرید الثیاب الرقاق و الخیل العتاق و كنوز الأرزاق و الدم المهراق فلیلحق بأرض العراق فكان الذین یسكنونها آل جزیمة الأبرش و من كان بالحیرة و آل محرق (2).

«21»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَی عَبْدٍ نِعْمَةً فَسَلَبَهَا إِیَّاهُ حَتَّی یُذْنِبَ ذَنْباً یَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ السَّلْبَ (3).

«22»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ الْجَزَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَائِهِ إِلَی قَوْمِهِ وَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْیَةٍ وَ لَا نَاسٍ كَانُوا عَلَی طَاعَتِی فَأَصَابَهُمْ فِیهَا سَرَّاءُ فَتَحَوَّلُوا عَمَّا أُحِبُّ إِلَی مَا أَكْرَهُ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا یُحِبُّونَ إِلَی مَا یَكْرَهُونَ وَ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْیَةٍ وَ لَا أَهْلِ بَیْتٍ كَانُوا عَلَی مَعْصِیَتِی فَأَصَابَهُمْ فِیهَا ضَرَّاءُ فَتَحَوَّلُوا عَمَّا أَكْرَهُ إِلَی مَا أُحِبُّ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا یَكْرَهُونَ إِلَی مَا یُحِبُّونَ وَ قُلْ

ص: 339


1- 1. ما بین العلامتین ساقط من نسخة الكمبانیّ.
2- 2. مجمع البیان ج 8 ص 386 و 387.
3- 3. الكافی ج 2 ص 274.

لَهُمْ إِنَّ رَحْمَتِی سَبَقَتْ غَضَبِی فَلَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِی فَإِنَّهُ لَا یَتَعَاظَمُ عِنْدِی ذَنْبُ عَبْدٍ أَغْفِرُهُ وَ قُلْ لَهُمْ لَا یَتَعَرَّضُوا مُعَانِدِینَ (1) لِسَخَطِی وَ لَا یَسْتَخِفُّوا بِأَوْلِیَائِی فَإِنَّ لِی سَطَوَاتٍ عِنْدَ غَضَبِی لَا یَقُومُ لَهَا شَیْ ءٌ مِنْ خَلْقِی (2).

بیان: و لا أناس هم أقل من أهل القریة كأهل بیت كما قال فی الشق الثانی مكانه و لا أهل بیت و فی القاموس السراء المسرة و الضراء الزمانة و الشدة و النقص فی الأموال و الأنفس و فی المصباح سره أفرحه و المسرة منه و هو ما یسر به الإنسان و السراء الخیر و الفضل و الضراء نقیض السراء.

إن رحمتی سبقت غضبی هذا یحتمل وجوها الأول أن یكون المراد بالسبق الغلبة أی رحمتی غالبة علی غضبی و زائدة علیه فإنه إذا اشتد سبب الغضب و كان هناك سبب ضعیف للرحمة یتعلق الرحمة بفضله تعالی.

الثانی أن یكون المراد به السبق المعنوی أیضا علی وجه آخر فإن أسباب الرحمة من إقامة دلائل الربوبیة فی الآفاق و الأنفس و بعثة الأنبیاء و الأوصیاء و إنزال الكتب و خلق الملائكة و بعثهم لهدایة الخلق و إرشادهم و دفع وساوس الشیاطین و غیر ذلك من أسباب التوفیق أكثر من أسباب الضلالة من القوی الشهوانیة و الغضبیة و خلق الشیاطین و عدم دفع أئمة الضلالة و أشباه ذلك من أسباب الخذلان.

الثالث أن یراد به السبق الزمانی فإن تقدیر وجود الإنسان و إیجاده و إعطاء الجوارح و السمع و البصر و سائر القوی و نصب الدلائل و الحجج و غیر ذلك كلها قبل التكلیف و التكلیف مقدم علی الغضب و العقاب و یمكن إرادة الجمیع بل هو الأظهر.

لا یتعرضوا معاندین أی مصرین علی المعاصی فإن من أذنب لغلبة شهوة أو غضب ثم تاب عن قریب لا یكون معاندا و الاستخفاف بالأولیاء شامل لقتلهم

ص: 340


1- 1. ما بین العلامتین أضفناه من المصدر.
2- 2. الكافی ج 2 ص 274.

و ضربهم و شتمهم و إهانتهم و عدم متابعتهم و الإعراض عن مواعظهم و نواهیهم و أوامرهم.

و السطوة القهر و البطش بشدة لا یقوم لها شی ء أی لا یطیقها أو لا یتعرض لدفعها.

«23»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِذَا أُطِعْتُ رَضِیتُ وَ إِذَا رَضِیتُ بَارَكْتُ وَ لَیْسَ لِبَرَكَتِی نِهَایَةٌ وَ إِذَا عُصِیتُ غَضِبْتُ وَ إِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ وَ لَعْنَتِی تَبْلُغُ السَّابِعَ مِنَ الْوَرَاءِ(1).

بیان: باركت أی زدت نعمتی علیهم فی الدنیا و الآخرة و لیس لبركتی نهایة لا فی الشدة و لا فی المدة لعنت أی أبعدتهم من رحمتی و لعنتی أی أثرها تبلغ السابع من الوراء فی الصحاح و القاموس الوراء ولد الولد و یستشكل بأنه أی تقصیر لأولاد الأولاد حتی تبلغ اللعنة إلیهم إلی البطن السابع فمنهم من حمله علی أنه قد یبلغهم و هو إذا رضوا بفعل آبائهم كما ورد أن القائم علیه السلام یقتل أولاد قتلة الحسین علیه السلام لرضاهم بفعل آبائهم.

و أقول یمكن أن یكون المراد به الآثار الدنیویة كالفقر و الفاقة و البلایا و الأمراض و الحبس و المظلومیة كما نشاهد أكثر ذلك فی أولاد الظلمة و ذلك عقوبة لآبائهم فإن الناس یرتدعون عن الظلم بذلك لحبهم لأولادهم و یعوض اللّٰه الأولاد فی الآخرة كما قال تعالی وَ لْیَخْشَ الَّذِینَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ (2) الآیة و هذا جائز علی مذهب العدلیة بناء علی أنه یمكن إیلام شخص لمصلحة الغیر مع التعویض بأكثر منه بحیث یرضی من وصل إلیه الألم مع أن فی هذه الأمور مصالح للأولاد أیضا فإن أولاد المترفین بالنعم إذا كانوا مثل آبائهم یصیر ذلك سببا لبغیهم و طغیانهم أكثر من غیرهم.

ص: 341


1- 1. الكافی ج 2: 275.
2- 2. النساء: 9.

«24»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَیَكْثُرُ بِهِ الْخَوْفُ مِنَ السُّلْطَانِ وَ مَا ذَلِكَ إِلَّا بِالذُّنُوبِ فَتَوَقَّوْهَا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لَا تَمَادَوْا فِیهَا(1).

بیان: و ما ذلك إلا بالذنوب أی الذنوب تصیر سببا لتسلط السلاطین و الخوف منهم و ما قیل إن المراد بالذنوب مخالفة السلاطین أی كما أن من خالف بعض السلاطین یخاف بطشه و عقوبته فلا بد أن یكون خوفه من السلطان الأكبر أعظم و أكثر فلا یخفی بعده ثم أمر علیه السلام بالوقایة من الذنوب بقدر الاستطاعة و نهی عن الإصرار علیها و التمادی فیها علی تقدیر الوقوع و فی المصباح تمادی فلان فی الأمر إذا لج و داوم علی فعله.

«25»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا وَجَعَ أَوْجَعُ لِلْقُلُوبِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ لَا خَوْفَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ وَ كَفَی بِمَا سَلَفَ تَفَكُّراً وَ كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً(2).

بیان: لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب أی الذنوب تصیر سببا لهم القلب و حزنه أزید من غیرها من المخوفات لأن الذنوب تصیر سببا للخوف من عقاب اللّٰه الذی هو أعظم المفاسد و أشدها فالمراد به من الهم الحاصل من الذنوب أو المعنی أن الأوجاع و الأمراض الصوریة و المعنویة و الجسمانیة و الروحانیة العارضة للإنسان لیس شی ء منها أشد تأثیرا فی القلب من الذنوب التی هی من الأمراض الروحانیة و الأوجاع المعنویة.

أو المعنی أن للقلب أمراضا و أوجاعا مختلفة بعضها روحانیة و بعضها جسمانیة و لیس شی ء منها أشد و أوجع و أضر من الذنوب فإنها بنفسها أمراض للقلب كالحقد و الحسد و ضعف التوكل و أمثالها أو سبب لأمراضها فإن الذنوب أسباب لضعف الإیمان و الیقین كما قال سبحانه فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

ص: 342


1- 1. الكافی ج 2 ص 275.
2- 2. الكافی ج 2 ص 275.

فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً(1).

و لا خوف أشد من الموت أی من خوف الموت إذ كل شی ء یخاف وقوعه غیر متیقن بخلاف الموت و لأن الخوف أنما هو من ألم و الموت ألم شدید مع ما یعقبه من الآلام التی لا یعلم النجاة منها و یحتمل أن یراد بالخوف المخوف فلا حاجة إلی تقدیر.

و كفی بما سلف تفكرا الباء بعد كفی فی الموضعین زائدة و تفكرا تمیز و الحاصل أنه كفی التفكر فی ما سلف من أحوال نفسه و أحوال غیره و عدم بقاء لذات الذنوب و بقاء تبعاتها و فناء الدنیا و ذهاب من ذهب قبل بلوغ آماله و حسن عواقب الصالحین و المحسنین و سوء عاقبة الظالمین و الفاسقین و أمثال ذلك.

و كفی بالموت واعظا تمیز كقولهم لله دره فارسا أی یكفی الموت و التفكر فیه و فیما یتعقبه من الأحوال و الأهوال للاتعاظ به و عدم الاغترار بالدنیا و لذاتها فإنه هادم اللذات و مهون المصیبات كما قالوا علیهم السلام فضح الموت الدنیا.

«26»- كا، [الكافی] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ الشَّامِیِّ مَوْلًی لِأَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: كُلَّمَا أَحْدَثَ الْعِبَادُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعْمَلُونَ أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعْرِفُونَ (2).

بیان: ما لم یكونوا یعملون أی من البدع التی أحدثوها أو الذنب الذی لم یصدر منهم قبل ذلك و إن صدر عن غیرهم ما لم یكونوا یعرفون أی لم یروا مثله أو لم یبتلوا بمثله.

«27»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا عَصَانِی مَنْ عَرَفَنِی

ص: 343


1- 1. البقرة: 10.
2- 2. الكافی ج 2 ص 275.

سَلَّطْتُ عَلَیْهِ مَنْ لَا یَعْرِفُنِی (1).

بیان: من عرفنی أی أقر بربوبیتی و بالأنبیاء و الأوصیاء و كان علی دین الحق أو كان ممن یعرف اللّٰه حق المعرفة و لا ینافی صدور الذنب منه نادرا من لا یعرفنی من الكفار و المخالفین أو الأعم منهم و من سائر الظلمة و یمكن شموله للشیاطین أیضا.

«28»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مُنَادِیاً یُنَادِی مَهْلًا مَهْلًا عِبَادَ اللَّهِ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَلَوْ لَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَ صِبْیَةٌ رُضَّعٌ وَ شُیُوخٌ رُكَّعٌ لَصُبَّ عَلَیْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً تُرَضُّونَ بِهِ رَضّاً(2).

بیان: مهلا اسم فعل بمعنی أمهل و قیل مصدر و النصب علی الإغراء أی ألزموا مهلا و المهل بالتسكین و التحریك الرفق و التأنی (3)

و التأخر أی تأن فی المعاصی و لا تعجل أو تأخر عنها و لا تقربها قال فی النهایة

فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام: إِذَا سِرْتُمْ إِلَی الْعَدُوِّ فَمَهْلًا مَهْلًا فَإِذَا وَقَعَتِ الْعَیْنُ عَلَی الْعَیْنِ فَمَهْلًا مَهْلًا.

الساكن الرفق و المتحرك المتقدم أی إذا سرتم فتأنوا و إذا لقیتم فاحملوا كذا قال الأزهری و غیره.

و قال الجوهری المهل بالتحریك التؤدة و التباطی و الاسم المهلة و فلان ذو مهل بالتحریك أی ذو تقدم فی الخیر و لا یقال فی الشر یقال مهلته و أمهلته أی سكنته و أخرته و یقال مهلا للواحد و الاثنین و الجمع و المؤنث بلفظ واحد بمعنی أمهل (4).

و الرتّع و الرضّع و الركّع بالضم و التشدید فی الجمیع جمع راتع و راضع و راكع فی القاموس رتع كمنع رتعا و رتوعا و رتاعا بالكسر أكل و شرب ما شاء

ص: 344


1- 1. الكافی ج 2 ص 276.
2- 2. الكافی ج 2 ص 276.
3- 3. ما بین العلامتین ساقط من نسخة الكمبانیّ.
4- 4. المنقول لا یوافق صحاح الجوهریّ و لعله منقول من المصباح.

فی خصب و سعة أو هو الأكل و الشرب رغدا فی الریف أو بشره و جمل راتع من إبل رتاع كنائم و نیام و رتع كركع و رتع بضمتین و قال رضع أمه كسمع و ضرب فهو راضع و الجمع رضع كركع و رضع ككتف و رضع رضاعة فهو راضع و رضیع من رضع كركع و قال ركع انحنی كبرا أو كبا علی وجهه و افتقر بعد غنی و انحطت حاله و كل شی ء یخفض رأسه فهو راكع و قال الصبی من لم یفطم بعد و الجمع صبیة و یضم و فی الصحاح الصبی الغلام و الجمع صبیة و صبیان و هو من الواو و فی النهایة الرض الدق الجریش و منه الحدیث لصب علیكم العذاب صبا ثم لرض رضا هكذا جاء فی روایة و الصحیح بالصاد المهملة و قال فی المهملة فیه تراصوا فی الصفوف أی تلاصقوا حتی لا یكون بینكم فرج و أصله تراصصوا من رص البناء یرصه رصا إذا لصق

بعضه ببعض فأدغم و منه الحدیث لصب علیكم العذاب صبا ثم لرص رصا انتهی و لا یخفی أن ما فی روایتنا أبلغ و أظهر و الظاهر أن المراد بالعذاب الدنیوی و كفی بنا عجزا و ذلا بسوء فعالنا أن یرحمنا ربنا الكریم ببركة بهائمنا و أطفالنا.

«29»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی أُسَامَةَ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اتَّقُوا الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّهَا لَا تُغْفَرُ قُلْتُ وَ مَا الْمُحَقَّرَاتُ قَالَ الرَّجُلُ یُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیَقُولُ طُوبَی لِی لَوْ لَمْ یَكُنْ لِی غَیْرُ ذَلِكَ (1).

بیان: اتقوا المحقرات لأن التحقیر یوجب الإصرار و ترك الندامة الموجبین للبعد عن المغفرة غیر ذلك أی غیر ذلك الذنب و أقول مثل هذا الكلام یمكن أن یذكر فی مقامین أحدهما بیان كثرة معاصیه و عظمتها و أن له معاصی أعظم من ذلك و ثانیهما بیان حقارة هذا الذنب و عدم الاعتناء به و كأنه محمول علی الوجه الأخیر.

ص: 345


1- 1. الكافی ج 2 ص 287.

«30»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: لَا تَسْتَكْثِرُوا كَثِیرَ الْخَیْرِ وَ لَا تَسْتَقِلُّوا قَلِیلَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ قَلِیلَ الذُّنُوبِ یَجْتَمِعُ حَتَّی یَكُونَ كَثِیراً وَ خَافُوا اللَّهَ فِی السِّرِّ حَتَّی تُعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمُ النَّصَفَ (1).

بیان: فی السر أی فی الخلوة أو فی القلب و علی الأول التخصیص لأن الإخلاص فیه أكثر و لاستلزامه الخوف فی العلانیة أیضا حتی تعطوا أی حتی یبلغ خوفكم درجة تصیر سببا لإعطاء الإنصاف و العدل من أنفسكم للناس و لا ترضون لهم ما لا ترضون لأنفسكم أو حتی تعطوا الإنصاف من أنفسكم أنكم تخافون اللّٰه و لیس عملكم لرئاء الناس و كان الأول أظهر.

«31»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَ الْحَجَّالِ جَمِیعاً عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ زِیَادٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَزَلَ بِأَرْضٍ قَرْعَاءَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ائْتُونَا بِحَطَبٍ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ بِأَرْضٍ قَرْعَاءَ مَا بِهَا مِنْ حَطَبٍ قَالَ فَلْیَأْتِ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَا قَدَرَ عَلَیْهِ فَجَاءُوا بِهِ حَتَّی رَمَوْا بَیْنَ یَدَیْهِ بَعْضَهُ عَلَی بَعْضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا تَجْتَمِعُ الذُّنُوبُ ثُمَّ قَالَ إِیَّاكُمْ وَ الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ طَالِباً أَلَا وَ إِنَّ طَالِبَهَا یَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَیْ ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ (2).

بیان: بأرض قرعاء أی لا نبات و لا شجر فیها تشبیها بالرأس الأقرع و فی القاموس قرع كفرح ذهب شعر رأسه و هو أقرع و هی قرعاء و الجمع قرع و قرعان بضمهما و ریاض قرع بالضم بلا كلإ و فی النهایة القرع بالتحریك هو أن یكون فی الأرض ذات

الكلاء موضع لا نبات فیها كالقرع فی الرأس حتی رموا بین یدیه أی كثر و ارتفع و الطالب للذنوب هو اللّٰه سبحانه و ملائكته ما قَدَّمُوا

ص: 346


1- 1. الكافی ج 2 ص 287.
2- 2. الكافی ج 2 ص 288.

أی أسلفوا فی حیاتهم وَ آثارَهُمْ ما بقی عنهم بعد مماتهم یصل إلیهم ثمرته إما حسنة كعلم علموه أو حبیس وقفوه أو سیئة كإشاعة باطل و تأسیس ظلم أو نحو ذلك.

و الإمام المبین اللوح المحفوظ و قیل القرآن و قیل كتاب الأعمال و فی كثیر من الأخبار أنه أمیر المؤمنین علیه السلام و كأنه من بطون الآیة و أما قوله أحصیناه فیحتمل أن یكون فی الأصل أحصاه فصحف النساخ موافقا للآیة أو هو علی سبیل الحكایة و قرأ بعض الأفاضل نكتب بالنون موافقا للآیة فیكون لفظ الآیة خبرا أی طالبها هذه الآیة علی الإسناد المجازی و له وجه لكنه مخالف للمضبوط فی النسخ.

«32»- لی، [الأمالی للصدوق] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ فَالْمَعْصِیَةُ لِمَا ذَا(1).

«33»- مع (2)،[معانی الأخبار] لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ النَّبِیِّ صلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَالَ: أَزْهَدُ النَّاسِ مَنِ اجْتَنَبَ الْحَرَامَ وَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ (3).

«34»- لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَجِبْتُ لِمَنْ یَحْتَمِی مِنَ الطَّعَامِ مَخَافَةَ الدَّاءِ كَیْفَ لَا یَحْتَمِی مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ(4).

«35»- لی، [الأمالی للصدوق] الطَّالَقَانِیُّ وَ الْعَسْكَرِیُّ مَعاً عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَكِیمٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا عَصَانِی مِنْ خَلْقِی مَنْ یَعْرِفُنِی سَلَّطْتُ عَلَیْهِ مَنْ لَا یَعْرِفُنِی (5).

ص: 347


1- 1. أمالی الصدوق ص 6.
2- 2. معانی الأخبار ص 195.
3- 3. أمالی الصدوق ص 14.
4- 4. أمالی الصدوق ص 109.
5- 5. أمالی الصدوق ص 138.

«36»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاذٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ جَبْرَئِیلَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً صَغِیراً أَوْ كَبِیراً وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ أَنَّ لِی أَنْ أُعَذِّبَهُ أَوْ أَعْفُوَ عَنْهُ لَا غَفَرْتُ لَهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ أَبَداً وَ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً صَغِیراً كَانَ أَوْ كَبِیراً وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّ لِی أَنْ أُعَذِّبَهُ أَوْ أَعْفُوَ عَنْهُ عَفَوْتُ عَنْهُ (1).

«37»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ مَعاً عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَبِی یَقُولُ: مَا شَیْ ءٌ أَفْسَدَ لِلْقَلْبِ مِنَ الْخَطِیئَةِ إِنَّ الْقَلْبَ لَیُوَاقِعُ الْخَطِیئَةَ فَمَا تَزَالُ بِهِ حَتَّی تَغْلِبَ عَلَیْهِ فَیَصِیرَ أَسْفَلُهُ أَعْلَاهُ وَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ (2).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ الصَّدُوقِ: مِثْلَهُ (3).

«38»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَبْدَ لَیُحْبَسُ عَلَی ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ إِنَّهُ لَیَنْظُرُ إِلَی أَزْوَاجِهِ وَ إِخْوَانِهِ فِی الْجَنَّةِ(4).

«39»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ یُطِعِ الشَّیْطَانَ یَعْصِ اللَّهَ وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ یُعَذِّبْهُ اللَّهُ (5).

«40»- فس، [تفسیر القمی]: ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ (6) قَالَ فِی الْبَرِّ فَسَادُ الْحَیَوَانِ إِذَا لَمْ یُمْطَرُوا وَ كَذَلِكَ هَلَاكُ دَوَابِّ الْبَحْرِ بِذَلِكَ.

ص: 348


1- 1. أمالی الصدوق ص 172.
2- 2. أمالی الصدوق ص 239.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 53.
4- 4. أمالی الصدوق ص 247.
5- 5. أمالی الصدوق ص 293.
6- 6. الروم: 41.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: حَیَاةُ دَوَابِّ الْبَحْرِ بِالْمَطَرِ فَإِذَا كُفَّتِ الْمَطَرُ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ذَلِكَ إِذَا كَثُرَتِ الذُّنُوبُ وَ الْمَعَاصِی (1).

«41»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ یَرُدُّ الْقَضَاءَ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَأْتِی الذَّنْبَ فَیُحْرَمُ بِهِ الرِّزْقَ (2).

«42»- ل، [الخصال] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِی شُعَیْبٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ (3).

«43»- مع (4)،[معانی الأخبار] ل، [الخصال] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْفَی سَخَطَهُ فِی مَعْصِیَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَیْئاً مِنْ مَعْصِیَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ (5).

«44»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ (6).

«45»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ یُمِتْنَ الْقَلْبَ الذَّنْبُ عَلَی الذَّنْبِ وَ كَثْرَةُ مُنَاقَشَةِ النِّسَاءِ یَعْنِی مُحَادَثَتَهُنَّ وَ مُمَارَاةُ الْأَحْمَقِ تَقُولُ وَ یَقُولُ وَ لَا یَرْجِعُ إِلَی خَیْرٍ وَ مُجَالَسَةُ الْمَوْتَی فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْمَوْتَی قَالَ كُلُ

ص: 349


1- 1. تفسیر القمّیّ: 504.
2- 2. قرب الإسناد ص 24، ط النجف.
3- 3. الخصال ج 1 ص 11.
4- 4. معانی الأخبار ص 112.
5- 5. الخصال ج 1 ص 99.
6- 6. الخصال ج 1 ص 115.

غَنِیٍّ مُتْرَفٍ (1).

«46»- ثو(2)،[ثواب الأعمال] ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَنْزِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی أُمَّةٍ وَ لَمْ یُنْزِلْ بِهَا الْعَذَابَ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَیْهَا شِرَارُهَا(3).

«47»- ل، [الخصال] الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِیَّةٍ وَ لَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّی الْخَدْشِ وَ الْكَبْوَةِ وَ الْمُصِیبَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ(4).

وَ قَالَ علیه السلام: بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذَا عَاهَدْتُمْ فَمَا زَالَتْ نِعْمَةٌ وَ لَا نَضَارَةُ عَیْشٍ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوا إِنَ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ وَ الْإِنَابَةِ لَمْ تَنْزِلْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ النِّقَمُ وَ زَالَتْ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ لَمْ یَهِنُوا وَ لَمْ یُسْرِفُوا لَأَصْلَحَ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ وَ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ صَالِحٍ (5).

وَ قَالَ علیه السلام: مَا مِنَ الشِّیعَةِ عَبْدٌ یُقَارِفُ أَمْراً نَهَیْنَاهُ عَنْهُ فَیَمُوتُ حَتَّی یُبْتَلَی بِبَلِیَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمَّا فِی مَالٍ وَ إِمَّا فِی وَلَدٍ وَ إِمَّا فِی نَفْسِهِ حَتَّی یَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ وَ إِنَّهُ لَیَبْقَی عَلَیْهِ الشَّیْ ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَیُشَدَّدُ بِهِ عَلَیْهِ

ص: 350


1- 1. الخصال ج 1 ص 108.
2- 2. ثواب الأعمال ص 229.
3- 3. الخصال ج 2 ص 12.
4- 4. الخصال ج 2 ص 158، و الآیة فی سورة الشوری: 30.
5- 5. الخصال ج 2 ص 163.

عِنْدَ مَوْتِهِ (1).

وَ قَالَ علیه السلام: لَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِیلَ الْآثَامِ فَإِنَّ الصَّغِیرَ یُحْصَی وَ یَرْجِعُ إِلَی الْكَبِیرِ(2).

وَ قَالَ علیه السلام: احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ فَیُحْبَسُ عَنْهُ الرِّزْقُ (3).

«48»- لی، [الأمالی للصدوق] أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِیفَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ (4) صَعِدَ إِبْلِیسُ جَبَلًا بِمَكَّةَ یُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ فَصَرَخَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ بِعَفَارِیتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا لِمَ دَعَوْتَنَا قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فَمَنْ لَهَا فَقَامَ عِفْرِیتٌ مِنَ الشَّیَاطِینِ فَقَالَ أَنَا لَهَا بِكَذَا وَ كَذَا قَالَ لَسْتَ لَهَا فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَسْتَ لَهَا فَقَالَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ أَنَا لَهَا قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَعِدُهُمْ وَ أُمَنِّیهِمْ حَتَّی یُوَاقِعُوا الْخَطِیئَةَ فَإِذَا وَاقَعُوا الْخَطِیئَةَ أَنْسَیْتُهُمُ الِاسْتِغْفَارَ فَقَالَ أَنْتَ لَهَا فَوَكَّلَهُ بِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(5).

«49»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ الْمُفَسِّرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَتَبَ الصَّادِقُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ النَّاسِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ یُخْتَمَ بِخَیْرٍ عَمَلُكَ حَتَّی تُقْبَضَ وَ أَنْتَ فِی أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَعَظِّمْ لِلَّهِ حَقَّهُ أَنْ تَبْذُلَ نَعْمَاءَهُ فِی مَعَاصِیهِ وَ أَنْ تَغْتَرَّ بِحِلْمِهِ عَنْكَ وَ أَكْرِمْ كُلَّ مَنْ وَجَدْتَهُ یَذْكُرُنَا أَوْ یَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا ثُمَّ لَیْسَ عَلَیْكَ صَادِقاً كَانَ أَوْ كَاذِباً إِنَّمَا لَكَ نِیَّتُكَ وَ عَلَیْهِ كَذِبُهُ (6).

ص: 351


1- 1. الخصال ج 2 ص 169.
2- 2. الخصال ج 2 ص 158.
3- 3. الخصال ج 2 ص 161.
4- 4. آل عمران: 135.
5- 5. أمالی الصدوق: 278، و أخرجه فی كتاب السماء و العالم ص 5، 6 ط الكمبانیّ.
6- 6. عیون الأخبار ج 2 ص 4.

«50»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ مَا تُنْصِفُنِی أَتَحَبَّبُ إِلَیْكَ بِالنِّعَمِ وَ تَتَمَقَّتُ إِلَیَّ بِالْمَعَاصِی خَیْرِی عَلَیْكَ مُنْزَلٌ وَ شَرُّكَ إِلَیَّ صَاعِدٌ وَ لَا یَزَالُ مَلَكٌ كَرِیمٌ یَأْتِینِی عَنْكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ بِعَمَلٍ قَبِیحٍ یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ سَمِعْتَ وَصْفَكَ مِنْ غَیْرِكَ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ مَنِ الْمَوْصُوفُ لَسَارَعْتَ إِلَی مَقْتِهِ (1).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (2).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (3).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ مَهْرَوَیْهِ: مِثْلَهُ (4).

«51»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْفَحَّامِ عَنِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی مُوسَی عَنْ عِیسَی بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ ابْنُ آدَمَ اذْكُرْنِی حِینَ تَغْضَبُ أَذْكُرْكَ حِینَ أَغْضَبُ وَ لَا أَمْحَقُكَ فِیمَنْ أَمْحَقُ (5).

«52»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَزَالُ أُمَّتِی بِخَیْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ تَهَادَوْا وَ أَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَ قَرَوُا الضَّیْفَ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ فَإِذَا لَمْ یَفْعَلُوا ذَلِكَ ابْتُلُوا بِالْقَحْطِ وَ السِّنِینَ (6).

«53»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عَلِیُّ مِنْ كَرَامَةِ الْمُؤْمِنِ عَلَی اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ یَجْعَلْ لِأَجَلِهِ وَقْتاً حَتَّی یَهُمَّ بِبَائِقَةٍ فَإِذَا هَمَّ بِبَائِقَةٍ قَبَضَهُ إِلَیْهِ.

ص: 352


1- 1. عیون الأخبار ج 2 ص 28.
2- 2. صحیفة الرضا ص 2.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 125 و 126.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 183.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 285.
6- 6. عیون الأخبار ج 2 ص 29.

قَالَ وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام: تَجَنَّبُوا الْبَوَائِقَ یُمَدَّ لَكُمُ الْأَعْمَارُ(1).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (2).

«54»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام: إِنَّ أَعْمَالَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ تُعْرَضُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (4).

«55»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] مِنْ كَلَامِ الرِّضَا علیه السلام الْمَشْهُورُ قَوْلُهُ: الصَّغَائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ طُرُقٌ إِلَی الْكَبَائِرِ وَ مَنْ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ فِی الْقَلِیلِ لَمْ یَخَفْهُ فِی الْكَثِیرِ وَ لَوْ لَمْ یُخَوِّفِ اللَّهُ النَّاسَ بِجَنَّةٍ وَ نَارٍ لَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَیْهِمْ أَنْ یُطِیعُوهُ وَ لَا یَعْصُوهُ لِتَفَضُّلِهِ عَلَیْهِمْ وَ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ مَا بَدَأَهُمْ بِهِ مِنْ إِنْعَامِهِ الَّذِی مَا اسْتَحَقُّوهُ (5).

«56»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ الدُّعَاءَ لَیَرُدُّ الْقَضَاءَ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیُذْنِبُ فَیُحْرَمُ بِهِ الرِّزْقَ (6).

«57»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی إِذَا غَضِبَ عَلَی أُمَّةٍ ثُمَّ لَمْ یُنْزِلْ بِهَا الْعَذَابَ أَغْلَی أَسْعَارَهَا وَ قَصَّرَ أَعْمَارَهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَیْهَا شِرَارُهَا وَ حُبِسَ عَلَیْهَا أَمْطَارُهَا(7).

ص: 353


1- 1. عیون الأخبار ج 2 ص 36.
2- 2. صحیفة الرضا ص 12.
3- 3. عیون الأخبار ج 2 ص 44.
4- 4. صحیفة الرضا ص 35.
5- 5. عیون الأخبار ج 2 ص 180.
6- 6. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 135.
7- 7. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 204.

«58»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ الْمَوْصِلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِیِّ الْعَاصِمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلامَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِیٍّ الشَّامِیِّ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: كُلَّمَا أَحْدَثَ الْعِبَادُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعْمَلُونَ أَحْدَثَ لَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ یَكُونُوا یَعْرِفُونَ (1).

ع، [علل الشرائع] عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَاصِمِیِّ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْعِجْلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام: مِثْلَهُ (2).

«59»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَجْعَلْ لِلْمُؤْمِنِ أَجَلًا فِی الْمَوْتِ یُبْقِیهِ مَا أَحَبَّ الْبَقَاءَ فَإِذَا عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ سَیَأْتِی مَا فِیهِ بَوَارُ دِینِهِ قَبَضَهُ إِلَیْهِ مُكْرِماً(3).

قَالَ أَبُو عَلِیٍّ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِیثَ لِأَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ مَوْلَی الطَّالِبِیِّینَ وَ كَانَ رِوَایَةً لِلْحَدِیثِ فَحَدَّثَنِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَاشِدٍ الطُّفَاوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ یَمُوتُ بِالذُّنُوبِ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَمُوتُ بِالْآجَالِ وَ مَنْ یَعِیشُ بِالْإِحْسَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَعِیشُ بِالْأَعْمَارِ(4).

«60»- ع، [علل الشرائع] عَنِ الْقَطَّانِ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا جَفَّتِ الدُّمُوعُ إِلَّا لِقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَ مَا قَسَتِ الْقُلُوبُ إِلَّا لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ (5).

«61»- ع، [علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنِ

ص: 354


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 333.
2- 2. علل الشرائع ج 2 ص 210.
3- 3. مكرها ظ كما یأتی.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 311.
5- 5. علل الشرائع ج 1 ص 77.

ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ عَلَیْهِ أَرْبَعُونَ جُنَّةً حَتَّی یَعْمَلَ أَرْبَعِینَ كَبِیرَةً فَإِذَا عَمِلَ أَرْبَعِینَ كَبِیرَةً انْكَشَفَتْ عَنْهُ الْجُنَنُ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ مَنِ الْحَفَظَةُ الَّذِینَ مَعَهُ یَا رَبَّنَا هَذَا عَبْدُكَ قَدِ انْكَشَفَتْ عَنْهُ الْجُنَنُ فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ أَنِ اسْتُرُوا عَبْدِی بِأَجْنِحَتِكُمْ فَتَسْتُرُهُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا فَمَا یَدَعُ شَیْئاً مِنَ الْقَبِیحِ إِلَّا قَارَفَهُ حَتَّی یَتَمَدَّحُ إِلَی النَّاسِ بِفِعْلِهِ الْقَبِیحِ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ یَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ مَا یَدَعُ شَیْئاً إِلَّا رَكِبَهُ وَ إِنَّا لَنَسْتَحْیِی مِمَّا یَصْنَعُ فَیُوحِی اللَّهُ إِلَیْهِمْ أَنِ ارْفَعُوا أَجْنِحَتَكُمْ عَنْهُ فَإِذَا فُعِلَ ذَلِكَ أَخَذَ فِی بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرَهُ فِی السَّمَاءِ وَ یَسْتُرُهُ فِی الْأَرْضِ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا عَبْدُكَ قَدْ بَقِیَ مَهْتُوكَ السِّتْرِ فَیُوحِی اللَّهُ إِلَیْهِمْ لَوْ كَانَ لِی فِیهِ حَاجَةٌ مَا أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَرْفَعُوا أَجْنِحَتَكُمْ عَنْهُ (1).

«62»- لی، [الأمالی للصدوق] فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَا تُحَقِّرُوا شَیْئاً مِنَ الشَّرِّ وَ إِنْ صَغُرَ فِی أَعْیُنِكُمْ وَ لَا تَسْتَكْثِرُوا الْخَیْرَ وَ إِنْ كَثُرَ فِی أَعْیُنِكُمْ فَإِنَّهُ لَا كَبِیرَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ وَ لَا صَغِیرَ مَعَ الْإِصْرَارِ(2).

«63»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَخِی الْفُضَیْلِ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی لَا تُغْفَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ یَا لَیْتَنِی لَا أُؤَاخَذُ إِلَّا بِهَذَا(3).

«64»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنِّی لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْهُمْ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًی وَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ (4).

«65»- ع، [علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ

ص: 355


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 219.
2- 2. أمالی الصدوق ص 260.
3- 3. الخصال ج 1 ص 14.
4- 4. الخصال ج 1 ص 59.

الْحَسَنِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ یَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ لَا تَغُرَّنَّكَ النَّاسُ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ الْأَمْرَ یَصِلُ إِلَیْكَ دُونَهُمْ وَ لَا تَقْطَعِ النَّهَارَ عَنْكَ بِكَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ یُحْصِی عَلَیْكَ وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ حَسَنَةً تَعْمَلُهَا فَإِنَّكَ تَرَاهَا حَیْثُ تَسُرُّكَ وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ سَیِّئَةً تَعْمَلُ بِهَا فَإِنَّكَ تَرَاهَا حَیْثُ تَسُوؤُكَ وَ أَحْسِنْ فَإِنِّی لَمْ أَرَ شَیْئاً قَطُّ أَشَدَّ طَلَباً وَ لَا أَسْرَعَ دَرَكاً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِیمٍ (1).

«66»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ لَمْ یُبَالِ مَا قَالَ وَ مَا قِیلَ فِیهِ فَهُوَ شِرْكُ شَیْطَانٍ وَ مَنْ لَمْ یُبَالِ أَنْ یَرَاهُ النَّاسُ مُسِیئاً فَهُوَ شِرْكُ شَیْطَانٍ وَ مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ غَیْرِ تِرَةٍ بَیْنَهُمَا فَهُوَ شِرْكُ شَیْطَانٍ وَ مَنْ شَعَفَ بِمَحَبَّةِ الْحَرَامِ وَ شَهْوَةِ الزِّنَا فَهُوَ شِرْكُ شَیْطَانٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ لِوَلَدِ الزِّنَا عَلَامَاتٍ أَحَدُهَا بُغْضُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ ثَانِیهَا أَنَّهُ یَحِنُّ إِلَی الْحَرَامِ الَّذِی خُلِقَ مِنْهُ وَ ثَالِثُهَا الِاسْتِخْفَافُ بِالدِّینِ وَ رَابِعُهَا سُوءُ الْمَحْضَرِ لِلنَّاسِ وَ لَا یُسِی ءُ مَحْضَرَ إِخْوَانِهِ إِلَّا مَنْ وُلِدَ عَلَی غَیْرِ فِرَاشِ أَبِیهِ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِی حَیْضِهَا(2).

«67»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ تَعْدِلُ سَبْعِینَ حَسَنَةً وَ الْمُذِیعُ بِالسَّیِّئَةِ مَخْذُولٌ وَ الْمُسْتَتِرُ بِالسَّیِّئَةِ مَغْفُورٌ لَهُ (3).

«68»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً وَ هُوَ ضَاحِكٌ دَخَلَ

ص: 356


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 280.
2- 2. الخصال ج 1 ص 102 و تراه فی المعانی ص 400.
3- 3. ثواب الأعمال ص 162.

النَّارَ وَ هُوَ بَاكٍ (1).

«69»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ هَمَّ بِالسَّیِّئَةِ فَلَا یَعْمَلْهَا فَإِنَّهُ رُبَّمَا عَمِلَ الْعَبْدُ السَّیِّئَةَ فَیَرَاهُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَقُولُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا أَغْفِرُ لَهُ أَبَداً(2).

سن، [المحاسن] أَبِی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ: مِثْلَهُ (3).

«70»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِیٍّ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَخَذَ الْقَوْمُ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ كَانُوا رُكْبَاناً كَانُوا مِنْ خَیْلِ إِبْلِیسَ وَ إِنْ كَانُوا رَجَّالَةً كَانُوا مِنْ رَجَّالَتِهِ (4).

سن، [المحاسن] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: مِثْلَهُ (5).

«71»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نَبِیّاً إِلَی قَوْمِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لِقَوْمِكَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْیَةٍ وَ لَا أَهْلِ بَیْتٍ كَانُوا عَلَی طَاعَتِی فَأَصَابَهُمْ شَرٌّ فَانْتَقَلُوا عَمَّا أُحِبُّ إِلَی مَا أَكْرَهُ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا یُحِبُّونَ إِلَی مَا یَكْرَهُونَ (6).

سن، [المحاسن] عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ: مِثْلَهُ (7).

ص: 357


1- 1. ثواب الأعمال ص 201.
2- 2. ثواب الأعمال ص 216.
3- 3. المحاسن ص 117.
4- 4. ثواب الأعمال ص 226.
5- 5. المحاسن ص 116.
6- 6. ثواب الأعمال ص 226.
7- 7. المحاسن ص 117.

«72»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ الشَّكَّ وَ الْمَعْصِیَةَ فِی النَّارِ لَیْسَا مِنَّا وَ لَا إِلَیْنَا(1).

«73»- ف، [تحف العقول] عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی لَا تُغْفَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ (2)

لَیْتَنِی لَمْ أُؤَاخَذْ إِلَّا بِهَذَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام الْإِشْرَاكُ فِی النَّاسِ أَخْفَی مِنْ دَبِیبِ النَّمْلِ عَلَی الْمِسْحِ الْأَسْوَدِ فِی اللَّیْلَةِ الْمُظْلِمَةِ(3).

«74»- سن، [المحاسن] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُحْرَمُ صَلَاةَ اللَّیْلِ وَ إِنَّ عَمَلَ الشَّرِّ أَسْرَعُ فِی صَاحِبِهِ مِنَ السِّكِّینِ فِی اللَّحْمِ (4).

«75»- سن (5)،[المحاسن] فِی رِوَایَةِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُدْرَأُ عَنْهُ الرِّزْقُ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ إِذْ أَقْسَمُوا لَیَصْرِمُنَّها مُصْبِحِینَ وَ لا یَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَیْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ (6).

«76»- سن، [المحاسن] فِی رِوَایَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَنْوِی الذَّنْبَ فَیُحْرَمُ الرِّزْقَ (7).

«77»- سن، [المحاسن] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَا مِنْ سَنَةٍ أَقَلَّ مَطَراً مِنْ سَنَةٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَضَعُهُ حَیْثُ یَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالْمَعَاصِی صَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَدَّرَهُ لَهُمْ مِنَ الْمَطَرِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ إِلَی غَیْرِهِمْ وَ إِلَی الْفَیَافِی وَ الْبِحَارِ وَ الْجِبَالِ

ص: 358


1- 1. ثواب الأعمال ص 231.
2- 2. زیادة أضفناها طبقا لما مر تحت الرقم 63 و ما یأتی عن نسخة الغیبة للشیخ الطوسیّ.
3- 3. تحف العقول ص 487، ط الإسلامیة 517.
4- 4. المحاسن ص 115.
5- 5. المحاسن ص 115.
6- 6. القلم: 19.
7- 7. المحاسن ص 116.

وَ إِنَّ اللَّهَ لَیُعَذِّبُ الْجُعَلَ فِی جُحْرِهَا بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِی هِیَ بِمَحَلَّتِهَا لِخَطَایَا مَنْ بِحَضْرَتِهَا وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ السَّبِیلَ إِلَی مَسْلَكٍ سِوَی مَحَلَّةِ أَهْلِ الْمَعَاصِی قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ(1).

«78»- غط، [الغیبة للشیخ الطوسی] عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ علیه السلام یَقُولُ: مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی لَا تُغْفَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَیْتَنِی لَا أُؤَاخَذُ إِلَّا بِهَذَا فَقُلْتُ فِی نَفْسِی إِنَّ هَذَا لَهُوَ الدَّقِیقُ یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یَتَفَقَّدَ مِنْ أَمْرِهِ وَ مِنْ نَفْسِهِ كُلَّ شَیْ ءٍ فَأَقْبَلَ عَلَیَّ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا هَاشِمٍ صَدَقْتَ فَالْزَمْ مَا حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسُكَ فَإِنَّ الْإِشْرَاكَ فِی النَّاسِ أَخْفَی مِنْ دَبِیبِ الذَّرِّ عَلَی الصَّفَا فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ وَ مِنْ دَبِیبِ الذَّرِّ عَلَی الْمِسْحِ الْأَسْوَدِ(2).

«79»- سن، [المحاسن] عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَنِ اجْتَرَأَ عَلَی اللَّهِ فِی الْمَعْصِیَةِ وَ ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ فَهُوَ كَافِرٌ وَ مَنْ نَصَبَ دِیناً غَیْرَ دِینِ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ (3).

«80»- سن، [المحاسن] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْعَبْدَ أَنْ یَطْلُبَ إِلَیْهِ فِی الْجُرْمِ الْعَظِیمِ وَ یُبْغِضُ الْعَبْدَ أَنْ یَسْتَخِفَّ بِالْجُرْمِ الْیَسِیرِ(4).

«81»- صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ لَا یَغُرَّنَّكَ ذَنْبُ النَّاسِ عَنْ ذَنْبِكَ وَ لَا نِعْمَةُ النَّاسِ عَنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَیْكَ وَ لَا تُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَنْتَ تَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ (5).

ص: 359


1- 1. المحاسن ص 116.
2- 2. غیبة الشیخ الطوسیّ ص 133.
3- 3. المحاسن ص 209.
4- 4. المحاسن ص 293.
5- 5. صحیفة الرضا ص 4.

«82»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً(1) مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ ثُمَّ شَرِبَهَا وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ ثُمَّ زَنَی وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ وَ لَمْ یُؤَدِّهَا(2).

«83»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عِبَادَ اللَّهِ احْذَرُوا الِانْهِمَاكَ فِی الْمَعَاصِی وَ التَّهَاوُنَ بِهَا فَإِنَّ الْمَعَاصِیَ تَسْتَوْلِی الْخِذْلَانَ عَلَی صَاحِبِهَا حَتَّی تُوقِعَهُ فِی رَدِّ وَلَایَةِ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَفْعِ نُبُوَّةِ نَبِیِّ اللَّهِ وَ لَا تَزَالُ أَیْضاً بِذَلِكَ حَتَّی تُوقِعَهُ فِی دَفْعِ تَوْحِیدِ اللَّهِ وَ الْإِلْحَادِ فِی دِینِ اللَّهِ.

«84»- جا، [المجالس للمفید] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ النَّضْرِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: احْذَرُوا سَطَوَاتِ اللَّهِ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَقُلْتُ وَ مَا سَطَوَاتُ اللَّهِ قَالَ أَخْذُهُ عَلَی الْمَعَاصِی (3).

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر النَّضْرُ: مِثْلَهُ.

«85»- جا، [المجالس للمفید] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَا لَكُمْ تَسُوءُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَجُلٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَیْفَ نَسُوؤُهُ قَالَ أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَیْهِ فَإِذَا رَأَی فِیهَا مَعْصِیَةَ اللَّهِ سَاءَهُ ذَلِكَ فَلَا تَسُوءُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُرُّوهُ (4).

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی: مِثْلَهُ.

«86»- ختص، [الإختصاص] قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: إِنَّ الْعَبْدَ لَیَسْأَلُ الْحَاجَةَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْیَا فَیَكُونُ مِنْ شَأْنِ اللَّهِ قَضَاؤُهَا إِلَی أَجَلٍ قَرِیبٍ أَوْ وَقْتٍ بَطِی ءٍ فَیُذْنِبُ الْعَبْدُ عِنْدَ

ص: 360


1- 1. النساء: 137.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 281.
3- 3. أمالی المفید ص 117.
4- 4. أمالی المفید ص 123.

ذَلِكَ ذَنْباً فَیَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِحَاجَتِهِ لَا تُنْجِزْ لَهُ حَاجَتَهُ وَ احْرِمْهُ إِیَّاهَا فَإِنَّهُ تَعَرَّضَ لِسَخَطِی وَ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ مِنِّی (1).

«87»- ختص، [الإختصاص] عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ أَرْبَعِینَ جُنَّةً فَمَتَی أَذْنَبَ ذَنْباً كَبِیراً رَفَعَ عَنْهُ جُنَّةً فَإِذَا عَابَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ بِشَیْ ءٍ یَعْلَمُهُ مِنْهُ انْكَشَفَتْ تِلْكَ الْجُنَنُ عَنْهُ وَ یَبْقَی مَهْتُوكَ السِّتْرِ فَیَفْتَضِحُ فِی السَّمَاءِ عَلَی أَلْسِنَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ فِی الْأَرْضِ عَلَی أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَ لَا یَرْتَكِبُ ذَنْباً إِلَّا ذَكَرُوهُ وَ یَقُولُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهِ یَا رَبَّنَا قَدْ بَقِیَ عَبْدُكَ مَهْتُوكَ السِّتْرِ وَ قَدْ أَمَرْتَنَا بِحِفْظِهِ فَیَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَتِی لَوْ أَرَدْتُ بِهَذَا الْعَبْدِ خَیْراً مَا فَضَحْتُهُ فَارْفَعُوا أَجْنِحَتَكُمْ عَنْهُ فَوَ عِزَّتِی لَا یَئُولُ بَعْدَهَا إِلَی خَیْرٍ أَبَداً(2).

«88»- ختص، [الإختصاص] عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَیْضَاءُ فَإِنْ أَذْنَبَ وَ ثَنَّی خَرَجَ مِنْ تِلْكَ النُّكْتَةِ سَوَادٌ فَإِنْ تَمَادَی فِی الذُّنُوبِ اتَّسَعَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتَّی یُغَطِّیَ الْبَیَاضَ فَإِذَا غَطَّی الْبَیَاضَ لَمْ یَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَی خَیْرٍ أَبَداً وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (3).

«89»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ رُوزْبِهْ وَ كَانَ مِنَ الزَّیْدِیَّةِ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَا مِنْ عَبْدٍ یَعْمَلُ عَمَلًا لَا یَرْضَاهُ اللَّهُ إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ أَوَّلًا فَإِذَا ثَنَّی سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ فَإِذَا ثَلَّثَ أَهْبَطَ اللَّهُ مَلَكاً فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ یَقُولُ لِلنَّاسِ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا.

«90»- ین، [كتاب حسین بن سعید و النوادر] عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام أَنِ ائْتِ عَبْدِی دَانِیَالَ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ

ص: 361


1- 1. الاختصاص: 31.
2- 2. الاختصاص: 220.
3- 3. الاختصاص: 243 و الآیة فی سورة المطففین: 14.

عَصَیْتَنِی الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ قَالَ فَأَتَاهُ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا دَانِیَالُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یَقُولُ لَكَ إِنَّكَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَیْتَنِی الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَقَالَ لَهُ دَانِیَالُ قَدْ بَلَّغْتَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِی السَّحَرِ قَامَ دَانِیَالُ وَ نَاجَی رَبَّهُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ دَاوُدَ نَبِیَّكَ أَخْبَرَنِی عَنْكَ أَنِّی قَدْ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ أَخْبَرَنِی عَنْكَ أَنِّی إِنْ عَصَیْتُكَ الرَّابِعَةَ لَمْ تَغْفِرْ لِی فَوَ عِزَّتِكَ لَأَعْصِیَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِیَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِیَنَّكَ إِنْ لَمْ تَعْصِمْنِی.

«91»- محص، [التمحیص] عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَدْ كَانَتِ الرِّیحُ حَمَلَتِ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِی فِی الْبَدْوِ فَقَالَ یَا مُعَاوِیَةُ فَقُلْتُ لَبَّیْكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ حَمَلَتِ الرِّیحُ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ الْأَعْرَابَ.

«92»- محص، [التمحیص] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِیَّةٍ وَ لَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّی الْخَدْشِ وَ النَّكْبَةِ وَ الْمُصِیبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ(1).

«93»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الرَّجُلَ لَیَجْلِسُ عَلَی بَابِ الْجَنَّةِ مِقْدَارَ عَامٍ بِذَنْبٍ وَاحِدٍ وَ إِنَّهُ لَیَنْظُرُ إِلَی أَكْوَابِهِ وَ أَزْوَاجِهِ (2).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لِلْمُؤْمِنِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ سِتْراً فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً انْهَتَكَتْ عَنْهُ سِتْرٌ فَإِنْ تَابَ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ سَبْعَةً مَعَهُ وَ إِنْ أَبَی إِلَّا قُدُماً قُدُماً فِی الْمَعَاصِی تَهَتَّكَتْ عَنْهُ أَسْتَارُهُ فَإِنْ تَابَ رَدَّهَا اللَّهُ إِلَیْهِ وَ مَعَ كُلِّ سِتْرٍ مِنْهَا سَبْعَةٌ فَإِنْ أَبَی إِلَّا قُدُماً قُدُماً فِی الْمَعَاصِی تَهَتَّكَتْ أَسْتَارُهُ وَ بَقِیَ بِلَا سِتْرٍ وَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی

ص: 362


1- 1. الشوری: 30.
2- 2. نوادر الراوندیّ ص 4.

مَلَائِكَتِهِ أَنِ اسْتُرُوا عَبْدِی بِأَجْنِحَتِكُمْ فَإِنَّ بَنِی آدَمَ یُغِیرُونَ وَ لَا یُغَیِّرُونَ وَ أَنَا أُغَیِّرُ وَ لَا أُغِیرُ فَإِنْ أَبَی إِلَّا قُدُماً قُدُماً فِی الْمَعَاصِی شَكَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی رَبِّهَا وَ رَفَعَتْ أَجْنِحَتَهَا وَ قَالَتْ یَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ هَذَا قَدْ أَقْذَرَنَا مِمَّا یَأْتِی مِنَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ قَالَ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی لَهُمْ كُفُّوا عَنْهُ أَجْنِحَتَكُمْ فَلَوْ عَمِلَ الْخَطِیئَةَ فِی سَوَادِ اللَّیْلِ أَوْ فِی ضَوْءِ النَّهَارِ أَوْ فِی مَفَازَةٍ أَوْ قَعْرِ بَحْرٍ لَأَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَی عَلَی أَلْسِنَةِ النَّاسِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَی أَنْ لَا یَهْتِكَ أَسْتَارَكُمْ (1).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ إِبْلِیسَ رَضِیَ مِنْكُمْ بِالْمُحَقَّرَاتِ وَ الذَّنْبُ الَّذِی لَا یُغْفَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا أُؤَاخَذُ بِهَذَا الذَّنْبِ اسْتِصْغَاراً لَهُ (2).

«94»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا اخْتَلَجَ عِرْقٌ وَ لَا عَثَرَتْ قَدَمٌ إِلَّا بِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیكُمْ وَ مَا یَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ(3).

«95»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَجْعَلْ لِلْمُؤْمِنِ أَجَلًا فِی الْمَوْتِ یُبْقِیهِ مَا أَحَبَّ الْبَقَاءَ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ سَیَأْتِی بِمَا فِیهِ بَوَارُ دِینِهِ قَبَضَهُ إِلَیْهِ مكرها [مُكْرِماً].

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِیثَ لِأَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ مَوْلَی الطَّالِبِیِّینَ وَ كَانَ رَاوِیَةً لِلْحَدِیثِ فَحَدَّثَنِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَسَدٍ الطُّفَاوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ فُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ یَمُوتُ بِالذُّنُوبِ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَمُوتُ بِالْآجَالِ وَ مَنْ یَعِیشُ بِالْإِحْسَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَعِیشُ

ص: 363


1- 1. نوادر الراوندیّ ص 6.
2- 2. نوادر الراوندیّ ص 17.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 183.

بِالْأَعْمَارِ(1).

«96»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَوْ لَمْ یَتَوَعَّدِ اللَّهُ عَلَی مَعْصِیَتِهِ لَكَانَ یَجِبُ أَنْ لَا یُعْصَی شُكْراً لِنِعَمِهِ (2).

وَ قَالَ علیه السلام: تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ(3).

وَ قَالَ علیه السلام: اتَّقُوا مَعَاصِیَ اللَّهِ فِی الْخَلَوَاتِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ (4).

وَ قَالَ علیه السلام: أَقَلُّ مَا یَلْزَمُكُمْ لِلَّهِ أَلَّا تَسْتَعِینُوا بِنِعَمِهِ عَلَی مَعَاصِیهِ (5).

وَ قَالَ علیه السلام: مِنَ الْعِصْمَةِ تَعَذُّرُ الْمَعَاصِی (6).

وَ قَالَ علیه السلام: اذْكُرُوا انْقِطَاعَ اللَّذَّاتِ وَ بَقَاءَ التَّبِعَاتِ (7).

وَ قَالَ علیه السلام: أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ (8).

وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا تَغُرُّ الْمُؤَمِّلَ لَهَا وَ الْمُخْلِدَ إِلَیْهَا وَ لَا تَنَفَّسْ بِمَنْ نَافَسَ فِیهَا وَ تَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَیْهَا وَ ایْمُ اللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِی غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَیْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَی رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ(9).

وَ قَالَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فِی لَیْلِهِمْ

ص: 364


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 311، و قد مر فی ص 354 أیضا.
2- 2. نهج البلاغة الرقم 290 من الحكم.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 170 من الحكم.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 324 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 330 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 345 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 433 من الحكم.
8- 8. نهج البلاغة الرقم 477 من الحكم.
9- 9. نهج البلاغة الرقم 176 من الخطب.

وَ نَهَارِهِمْ لَطُفَ بِهِ خُبْراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْماً أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُكُمْ عُیُونُهُ وَ خَلَوَاتُكُمْ عِیَانُهُ (1).

«97»- كَنْزُ الْكَرَاجَكِیِّ، عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الزَّیَّاتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا ابْنَ آدَمَ مَا تُنْصِفُنِی أَتَحَبَّبُ إِلَیْكَ بِالنِّعَمِ وَ تَتَبَغَّضُ إِلَیَّ بِالْمَعَاصِی خَیْرِی إِلَیْكَ نَازِلٌ وَ شَرُّكَ إِلَیَّ صَاعِدٌ أَ فِی كُلِّ یَوْمٍ یَأْتِینِی عَنْكَ مَلَكٌ كَرِیمٌ بِعَمَلٍ غَیْرِ صَالِحٍ یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ سَمِعْتَ وَصْفَكَ مِنْ غَیْرِكَ وَ أَنْتَ لَا تَدْرِی مَنِ الْمَوْصُوفُ لَسَارَعْتَ إِلَی مَقْتِهِ (2).

وَ مِنْهُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: تَأْخِیرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَ طُولُ التَّسْوِیفِ حَیْرَةٌ وَ الِاعْتِلَالُ عَلَی اللَّهِ هَلَكَةٌ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ فَلا یَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

«98»- عُدَّةُ الدَّاعِی، رُوِیَ فِی زَبُورِ دَاوُدَ علیه السلام: یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ تَسْأَلُنِی وَ أَمْنَعُكَ لِعِلْمِی بِمَا یَنْفَعُكَ ثُمَّ تُلِحُّ عَلَیَّ بِالْمَسْأَلَةِ فَأُعْطِیكَ مَا سَأَلْتَ فَتَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی مَعْصِیَتِی فَأَهُمُّ بِهَتْكِ سِتْرِكَ فَتَدْعُونِی فَأَسْتُرُ عَلَیْكَ فَكَمْ مِنْ جَمِیلٍ أَصْنَعُ مَعَكَ وَ كَمْ مِنْ قَبِیحٍ تَصْنَعُ مَعِی یُوشِكُ أَنْ أَغْضَبَ عَلَیْكَ غَضْبَةً لَا أَرْضَی بَعْدَهَا أَبَداً وَ فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عِیسَی علیه السلام لَا یَغُرَّنَّكَ الْمُتَمَرِّدُ عَلَیَّ بِالْعِصْیَانِ یَأْكُلُ رِزْقِی وَ یَعْبُدُ غَیْرِی ثُمَّ یَدْعُونِی عِنْدَ الْكَرْبِ فَأُجِیبُهُ ثُمَّ یَرْجِعُ إِلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ فَعَلَیَّ یَتَمَرَّدُ أَمْ لِسَخَطِی یَتَعَرَّضُ فَبِی حَلَفْتُ لَآخُذَنَّهُ أَخْذَةً لَیْسَ لَهُ مِنْهَا مَنْجًی وَ لَا دُونِی مَلْجَأٌ أَیْنَ یَهْرُبُ مِنْ سَمَائِی وَ أَرْضِی (3).

ص: 365


1- 1. نهج البلاغة الرقم 197 من الخطب.
2- 2. تراه فی أمالی الطوسیّ ج 1 ص 126.
3- 3. عدّة الداعی ص 152.

باب 138 علل المصائب و المحن و الأمراض و الذنوب التی توجب غضب اللّٰه و سرعة العقوبة

الآیات:

آل عمران: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْها قُلْتُمْ أَنَّی هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ ما أَصابَكُمْ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِیَعْلَمَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لِیَعْلَمَ الَّذِینَ نافَقُوا(1)

الأعراف: وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّكَّرُونَ (2)

و قال: وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ السَّیِّئاتِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (3)

التوبة: أَ وَ لا یَرَوْنَ أَنَّهُمْ یُفْتَنُونَ فِی كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَیْنِ ثُمَّ لا یَتُوبُونَ وَ لا هُمْ یَذَّكَّرُونَ (4)

الرعد: وَ لا یَزالُ الَّذِینَ كَفَرُوا تُصِیبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّی یَأْتِیَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ(5)

الكهف: أَمَّا السَّفِینَةُ فَكانَتْ لِمَساكِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصْباً وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً(6)

الأنبیاء: وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ (7)

ص: 366


1- 1. آل عمران: 165- 166.
2- 2. الأعراف: 130.
3- 3. الأعراف: 168.
4- 4. براءة: 126.
5- 5. الرعد: 31.
6- 6. الكهف: 79- 80.
7- 7. الأنبیاء: 35.

و قال تعالی: أَ فَلا یَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ (1)

الروم: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ إِذا هُمْ یَقْنَطُونَ (2)

و قال تعالی: ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ لِیُذِیقَهُمْ بَعْضَ الَّذِی عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (3)

التنزیل: وَ لَنُذِیقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنی دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (4)

حمعسق: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ فِی الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ(5)

و قال: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ(6)

«1»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، رُوِّینَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ نَزَلَ فِی بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِأَرْضٍ لَا نَبَاتَ بِهَا فَقَالَ اطْلُبُوا لَنَا حَطَباً قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ كَمَا تَرَی بِأَرْضٍ قَرْعَاءَ فَقَالَ افْتَرِقُوا وَ اطْلُبُوا عَلَی ذَلِكَ فَافْتَرَقَ النَّاسُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ یَأْتِی بِالْعُودَیْنِ وَ الثَّلَاثَةِ وَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالْخَلَالِ وَ نَحْوِهِ مِمَّا تَسْفِیهِ الرِّیحُ حَتَّی صَارَ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ ذَلِكَ كَوْمٌ عَظِیمٌ فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ لَكُمْ بِهَذَا مَثَلًا هَكَذَا تَجْتَمِعُ الْحَسَنَاتُ وَ هَكَذَا تَجْتَمِعُ السَّیِّئَاتُ فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً نَظَرَ لِنَفْسِهِ.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَمْسٌ إِنْ أَدْرَكْتُمُوهُنَّ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِی قَوْمٍ قَطُّ حَتَّی یُعْلِنُوهَا إِلَّا ظَهَرَ فِیهِمُ الطَّاعُونُ وَ الْأَوْجَاعُ الَّتِی لَمْ تَكُنْ فِی أَسْلَافِهِمُ الَّذِینَ مَضَوْا وَ لَمْ یَنْقُصُوا الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِینَ وَ شِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَ جَوْرِ السُّلْطَانِ وَ لَمْ یَمْنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَ لَوْ لَا

ص: 367


1- 1. الأنبیاء: 44.
2- 2. الروم: 36.
3- 3. الروم: 41.
4- 4. التنزیل: 21.
5- 5. الشوری: 30- 31.
6- 6. الشوری: 48.

الْبَهَائِمُ لَمْ یُمْطَرُوا وَ لَمْ یَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَ عَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ أَخَذُوا بَعْضَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ وَ لَمْ یَحْكُمُوا بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَیْنَهُمْ (1).

بیان: خمس مبتدأ مع تنكیره مثل كوكب انقض الساعة و الجملة الشرطیة خبره أو خمس فاعل فعل محذوف أی تكون خمس و الفاحشة الزنا و فی القاموس السنة الجدب و القحط و الأرض المجدبة و الجمع سنون و فی النهایة السنة الجدب یقال أخذتهم السنة إذا أجدبوا و أقحطوا و المئونة القوت و شدة المئونة ضیقها و عسر تحصیلها.

و قیل یترتب علی كل واحد منها عقوبة تناسبه فإن الأول لما كان فیه تضییع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه و الثانی لما كان القصد فیه زیادة المعیشة ناسبه القحط و شدة المئونة و جور السلطان بأخذ المال و غیره و الثالث لما كان فیه منع ما أعطاه اللّٰه بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء و الرابع لما كان فیه ترك العدل و الحاكم العادل ناسبه تسلط العدو و أخذ الأموال و الخامس لما كان فیه رفض الشریعة و ترك القوانین العدلیة ناسبه وقوع الظلم بینهم و غلبة بعضهم علی بعض.

و أقول یمكن أن یقال لما كان فی الأول مظنة تكثیر النسل عاملهم اللّٰه بخلافه و فی الثالث لما كان غرضهم توفیر المال منع اللّٰه القطر لیضیق علیهم و أشار بقوله و لو لا البهائم لم یمطروا إلی أن البهائم لعدم صدور المعصیة منهم و عدم تكلیفهم استحقاقهم للرحمة أكثر من الكفرة و أرباب الذنوب و المعاصی كما دلت علیه قصة النملة و استسقاؤها و قولها اللّٰهم لا تؤاخذنا بذنوب بنی آدم و یومئ إلیه قوله تعالی بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا(2).

و المراد بنقض عهد اللّٰه و عهد رسوله نقض الأمان و الذمة التی أمر اللّٰه برعایتها و الوفاء بها و إذا خفرت الذمة أدیل لأهل الشرك من أهل الإسلام و هو الظاهر

ص: 368


1- 1. الكافی ج 2 ص 373.
2- 2. الفرقان: 44.

من الخبر الآتی أیضا و قیل هو نقض العهد بنصرة الإمام الحق و اتباعه فی جمیع الأمور و الأول أظهر.

و لما كان هذا الغدر للغلبة علی الخصم بالحیلة و المكر یعاملهم اللّٰه بما یخالف غرضهم فیجعل بأسهم بینهم فی القاموس البأس العذاب و الشدة فی الحرب أی جعل عذابهم و حربهم بینهم یتسلط بعضهم علی بعض و یتغالبون و یتحاربون و لا ینتصف بعضهم من بعض و ترتب هذا علی الجور فی الحكم ظاهر و یحتمل أن یكون السبب أنهم إذا جاروا فی الحكم و حكموا للظالم علی المظلوم یسلط اللّٰه علی الظالم ظالما آخر یغلبه فیصیر بأسهم و حربهم بینهم و هذا أیضا مجرب.

«3»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَجَدْنَا فِی كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا مِنْ بَعْدِی كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَ إِذَا طُفِّفَ الْمِكْیَالُ وَ الْمِیزَانُ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِینَ وَ النَّقْصِ وَ إِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ مَنَعَتِ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا مِنَ الزَّرْعِ وَ الثِّمَارِ وَ الْمَعَادِنِ كُلِّهَا وَ إِذَا جَارُوا فِی الْأَحْكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَی الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ إِذَا قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ وَ إِذَا لَمْ یَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ لَمْ یَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لَمْ یَتَّبِعُوا الْأَخْیَارَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ شِرَارَهُمْ فَیَدْعُو خِیَارُهُمْ فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُمْ (1).

بیان: فی كتاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صدر هذا الحدیث فی كتاب نكاح الكافی (2) و فیه فی كتاب علی علیه السلام و هو أظهر و لا تنافی بینهما لأن مملی الكتاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الكاتب علی علیه السلام فیجوز نسبته إلی كل منهما و علی تقدیر المغایرة یمكن وجدانه فیهما و فی المصباح فجأت الرجل أفجؤه مهموز من باب تعب و فی لغة بفتحتین جئته بغتة و الاسم الفجاءة بالضم و المد و فی لغة وزان تمرة و فجأة

ص: 369


1- 1. الكافی ج 2 ص 374.
2- 2. الكافی ج 5 ص 541 و سیأتی ما یؤیده تحت الرقم 6.

الأمر مهموز من بابی تعب و نفع أیضا و فاجأه مفاجأة أی عاجله و قال الطفیف مثل القلیل وزنا و معنی و منه قیل تطفیف المكیال و المیزان و قد طففه و هو مطفف إذا كال أو وزن و لم یوف انتهی: و أقول قال تعالی وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ الَّذِینَ إِذَا اكْتالُوا عَلَی النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ قال البیضاوی التطفیف البخس فی الكیل و الوزن لأن ما یبخس طفیف أی حقیر

وَ فِی الْحَدِیثِ: خَمْسٌ بِخَمْسٍ مَا نَقَضَ الْعَهْدَ قَوْمٌ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ مَا حَكَمُوا بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا فَشَا فِیهِمُ الْفَقْرُ وَ مَا ظَهَرَ فِیهِمُ الْفَاحِشَةُ إِلَّا فَشَا فِیهِمُ الْمَوْتُ وَ لَا طَفَّفُوا الْكَیْلَ إِلَّا مَنَعُوا النَّبَاتَ وَ أَخَذُوا بِالسِّنِینَ وَ لَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ.

و قال عَلَی النَّاسِ أی منهم یَسْتَوْفُونَ أی یأخذون حقوقهم وافیة وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ أی كالوا للناس و وزنوا لهم (1).

و المراد بالنقص نقص ریع الأرض من الثمرات و الحبوب كما قال سبحانه وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّكَّرُونَ (2) منعت الأرض علی بناء المعلوم فیكون المفعول الأول محذوفا أی منعت الأرض الناس بركتها أو المجهول فیكون الفاعل هو اللّٰه تعالی و الجور نقیض العدل و هذه الفقرة تحتمل وجهین.

الأول أن الجور فی الحكم و ترك العدل هو معاونة للظالم علی المظلوم فلا یكون علی سیاق سائر الفقرات و كان النكتة فیه أن سوء أثره و هو الاختلال فی نظام العالم لما كان ظاهرا اكتفی بتوضیح أصل الفعل و إظهار قبحه.

الثانی أن یكون المراد أنه تعالی بسبب هذا الفعل یمنع اللطف عنهم فیتعاونون علی الظلم و العدوان حتی یصل ضرره إلی الحاكم و الظالم أیضا كما قال علیه السلام فی الخبر السابق جعل اللّٰه بأسهم بینهم و الظاهر أن المراد بالعهد

ص: 370


1- 1. أنوار التنزیل: 457.
2- 2. الأعراف: 130.

المعاهدة مع الكفار كما عرفت و یحتمل التعمیم و كون قطع الأرحام سببا لجعل الأموال فی أیدی الأشرار مجرب و له أسباب باطنة و ظاهرة فعمده الباطنة قطع لطف اللّٰه تعالی عنهم و من الظاهرة أنهم لا یتعاونون فی دفع الظلم فیتسلط علیهم الأشرار و یأخذون الأموال منهم و منها أنهم یدلون بأموالهم إلی الحكام الجائرین لغلبة بعضهم علی بعض فینتقل أموالهم إلیهم.

و إذا لم یأمروا بالمعروف قیل یحتمل ترتب التسلیط علی ترك كل واحد منهما أو تركهما معا و أقول الثانی أظهر مع أن كلا منهما یستلزم الآخر فإن ترك كل معروف منكر و ترك كل منكر معروف و المراد بالخیار الفاعلون للمعروف الآمرون به و التاركون للمنكر الناهون عنه و عدم استجابة دعائهم لاستحكام الغضب و بلوغه حد الحتم و الإبرام أ لا یری أنه لم تقبل شفاعة خلیل الرحمن علیه السلام لقوم لوط و یحتمل أن یكون المراد بالخیار الذین لم یتركوا المعروف و لم یرتكبوا المنكر لكنهم لم یأمروا و لم ینهوا فعدم استجابة دعائهم لذلك كأصحاب السبت فإن العذاب نزل علی المعتدین و الذین لم ینهوا معا و عدم استجابة دعاء المؤمنین لظهور القائم علیه السلام یحتمل الوجهین.

و اعلم أن عمدة ترك النهی عن المنكر فی هذه الأمة ما صدر عنهم بعد الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فی مداهنة خلفاء الجور و عدم اتباع أئمة الحق علیهم فتسلط علیهم خلفاء الجور من التیمی و العدوی و بنی أمیة و بنی العباس و سائر الملوك الجائرین فكانوا یدعون و یتضرعون فلا یستجاب لهم و ربما یخص الخبر بذلك لقوله و لم یتبعوا الأخیار من أهل بیتی و التعمیم أولی.

«4»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْزَلَ كِتَاباً مِنْ كُتُبِهِ عَلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ فِیهِ أَنَّهُ سَیَكُونُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِی یَلْحَسُونَ الدُّنْیَا بِالدِّینِ یَلْبَسُونَ مُسُوكَ الضَّأْنِ عَلَی قُلُوبٍ كَقُلُوبِ الذِّئَابِ أَشَدَّ مَرَارَةً مِنَ الصَّبِرِ أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ أَعْمَالُهُمُ الْبَاطِنَةُ أَنْتَنُ مِنَ الْجِیَفِ أَ فِیَّ یَغْتَرُّونَ أَمْ إِیَّایَ یَخْدَعُونَ أَمْ عَلَیَّ یَتَجَبَّرُونَ فَبِعِزَّتِی حَلَفْتُ لَأَبْتَعِثَنَ

ص: 371

لَهُمُ الْفِتْنَةَ تَطَأُ فِی خِطَامِهَا حَتَّی تَبْلُغَ أَطْرَافَ الْأَرْضِ یُتْرَكُ الْحَكِیمُ فِیهَا حَیْرَانَ (1).

«5»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ سَنَةٍ أَقَلَّ مَطَراً مِنْ سَنَةٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَضَعُهُ حَیْثُ یَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالْمَعَاصِی صَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَدَّرَ لَهُمْ مِنَ الْمَطَرِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ إِلَی غَیْرِهِمْ وَ إِلَی الْفَیَافِی وَ الْبِحَارِ وَ الْجِبَالِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَیُعَذِّبُ الْجُعَلَ فِی جُحْرِهَا بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِی هِیَ بِمَحَلَّتِهَا لِخَطَایَا مَنْ بِحَضْرَتِهَا وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا السَّبِیلَ إِلَی مَسْلَكٍ سِوَی مَحَلَّةِ أَهْلِ الْمَعَاصِی قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ ثُمَّ قَالَ وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَ إِذَا طُفِّفَ الْمِكْیَالُ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِینَ وَ النَّقْصِ وَ إِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ مَنَعَتِ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا مِنَ الزَّرْعِ وَ الثِّمَارِ وَ الْمَعَادِنِ كُلِّهَا وَ إِذَا جَارُوا فِی الْأَحْكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَی الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ إِذَا قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ وَ إِذَا لَمْ یَأْمُرُوا بِمَعْرُوفٍ وَ لَمْ یَنْهَوْا عَنْ مُنْكَرٍ وَ لَمْ یَتَّبِعُوا الْأَخْیَارَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ شِرَارَهُمْ فَیَدْعُو عِنْدَ ذَلِكَ خِیَارُهُمْ فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُمْ (2).

«6»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: وَجَدْتُ فِی كِتَابِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ(3).

ع، [علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: مِنْ قَوْلِهِ وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیٍ

ص: 372


1- 1. قرب الإسناد: 22.
2- 2. أمالی الصدوق: 185.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 214.

علیه السلام إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ: مِثْلَهُ (2).

«7»- جا(3)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ یَحْیَی عَنْ شَرِیكِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثَةٌ مِنَ الذُّنُوبِ تُعَجَّلُ عُقُوبَتُهَا وَ لَا تُؤَخَّرُ إِلَی الْآخِرَةِ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ الْبَغْیُ عَلَی النَّاسِ وَ كُفْرُ الْإِحْسَانِ (4).

«8»- جا(5)،[المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ یَاسِرٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِذَا كَذَبَ الْوُلَاةُ حُبِسَ الْمَطَرُ وَ إِذَا جَارَ السُّلْطَانُ هَانَتِ الدَّوْلَةُ وَ إِذَا حُبِسَتِ الزَّكَاةُ مَاتَتِ الْمَوَاشِی (6).

«9»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ حَمَّوَیْهِ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی خَلِیفَةَ عَنْ أَبِی الْوَلِیدِ وَ أَبِی كَثِیرٍ مَعاً عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا ظَهَرَ الْبَغْیُ قَطُّ فِی قَوْمٍ إِلَّا ظَهَرَ فِیهِمُ الْمَوْتَانُ وَ لَا ظَهَرَ الْبَخْسُ فِی الْمِیزَانِ إِلَّا وَ ظَهَرَ فِیهِمُ الْخُسْرَانُ وَ الْفَقْرُ قَالَ أَبُو خَلِیفَةَ عَنْ أَبِی كَثِیرٍ إِلَّا ابْتُلُوا بِالسَّنَةِ وَ لَا ظَهَرَ نَقْضُ الْعَهْدِ فِی قَوْمٍ إِلَّا أُدِیلَ عَلَیْهِمْ عَدُوُّهُمْ (7).

«10»- ل، [الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ

ص: 373


1- 1. علل الشرائع ج 2 ص 271.
2- 2. ثواب الأعمال: 225.
3- 3. مجالس المفید: 148.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 13.
5- 5. مجالس المفید: 191.
6- 6. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 77.
7- 7. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 17.

عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْبَعَةٌ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ عُقُوبَةً رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَیْهِ وَ یُكَافِیكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ إِسَاءَةً وَ رَجُلٌ لَا تَبْغِی عَلَیْهِ وَ هُوَ یَبْغِی عَلَیْكَ وَ رَجُلٌ عَاهَدْتَهُ عَلَی أَمْرٍ فَمِنْ أَمْرِكَ الْوَفَاءُ لَهُ وَ مِنْ أَمْرِهِ الْغَدْرُ بِكَ وَ رَجُلٌ یَصِلُ قَرَابَتَهُ وَ یَقْطَعُونَهُ (1).

جا، [المجالس للمفید] عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ وَ فِیهِ وَ رَجُلٌ تَصِلُ قَرَابَتَهُ فَیَقْطَعُكَ (2).

كِتَابُ الْغَایَاتِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: أَرْبَعٌ هُنَّ أَسْرَعُ الْأَشْیَاءِ عُقُوبَةً وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ مَعَ أَدْنَی تَغْیِیرٍ فِی بَعْضِ أَلْفَاظِهِ.

ل، [الخصال] فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ مَنِ اسْتَوْلَی عَلَیْهِ الضَّجَرُ رَحَلَتْ عَنْهُ الرَّاحَةُ(3).

«11»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الذُّنُوبُ الَّتِی تُغَیِّرُ النِّعَمَ الْبَغْیُ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُورِثُ النَّدَمَ الْقَتْلُ وَ الَّتِی تُنْزِلُ النِّقَمَ الظُّلْمُ وَ الَّتِی تَهْتِكُ السُّتُورَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ الَّتِی تَحْبِسُ الرِّزْقَ الزِّنَا وَ الَّتِی تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ قَطِیعَةُ الرَّحِمِ وَ الَّتِی تَرُدُّ الدُّعَاءَ وَ تُظْلِمُ الْهَوَاءَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ (4).

مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْمُعَلَّی: مِثْلَهُ (5).

ص: 374


1- 1. الخصال ج 1 ص 109.
2- 2. مجالس المفید: 106.
3- 3. الخصال ج 1 ص 110.
4- 4. علل الشرائع ج 2 ص 271.
5- 5. معانی الأخبار: 269.

ختص، [الإختصاص] عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (1).

«12»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ: الذُّنُوبُ الَّتِی تُغَیِّرُ النِّعَمَ الْبَغْیُ عَلَی النَّاسِ وَ الزَّوَالُ عَنِ الْعَادَةِ فِی الْخَیْرِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَ كُفْرَانُ النِّعَمِ وَ تَرْكُ الشُّكْرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ (2) وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُورِثُ النَّدَمَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی (3) فِی قِصَّةِ قَابِیلَ حِینَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِیلَ فَعَجَزَ عَنْ دَفْنِهِ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِینَ (4) وَ تَرْكُ صِلَةِ الْقَرَابَةِ حَتَّی یَسْتَغْنُوا وَ تَرْكُ الصَّلَاةِ حَتَّی یَخْرُجَ وَقْتُهَا وَ تَرْكُ الْوَصِیَّةِ وَ رَدِّ الْمَظَالِمِ وَ مَنْعُ الزَّكَاةِ حَتَّی یَحْضُرَ الْمَوْتُ وَ یَنْغَلِقَ اللِّسَانُ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُنْزِلُ النِّقَمَ عِصْیَانُ الْعَارِفِ بِالْبَغْیِ وَ التَّطَاوُلُ عَلَی النَّاسِ وَ الِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ وَ السُّخْرِیَّةُ مِنْهُمْ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَدْفَعُ الْقِسْمَ إِظْهَارُ الِافْتِقَارِ وَ النَّوْمُ عَنِ الْعَتَمَةِ وَ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ اسْتِحْقَارُ النِّعَمِ وَ شَكْوَی الْمَعْبُودِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَهْتِكُ الْعِصَمَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ اللَّعِبُ بِالْقِمَارِ وَ تَعَاطِی مَا یُضْحِكُ النَّاسَ مِنَ اللَّغْوِ وَ الْمِزَاحِ وَ ذِكْرُ عُیُوبِ النَّاسِ وَ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الرَّیْبِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُنْزِلُ الْبَلَاءَ تَرْكُ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَ تَرْكُ مُعَاوَنَةِ الْمَظْلُومِ وَ تَضْیِیعُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُدِیلُ الْأَعْدَاءَ الْمُجَاهَرَةُ بِالظُّلْمِ وَ إِعْلَانُ الْفُجُورِ وَ إِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ وَ عِصْیَانُ الْأَخْیَارِ وَ الِانْطِبَاعُ (5) لِلْأَشْرَارِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ قَطِیعَةُ الرَّحِمِ وَ الْیَمِینُ الْفَاجِرَةُ وَ الْأَقْوَالُ الْكَاذِبَةُ وَ الزِّنَا وَ سَدُّ طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ وَ ادِّعَاءُ الْإِمَامَةِ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی

ص: 375


1- 1. الاختصاص: 238.
2- 2. الرعد: 12.
3- 3. زاد فی المصدر: قال اللّٰه تعالی:« وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ»*.
4- 4. المائدة: 34.
5- 5. یعنی الانقیاد.

تَقْطَعُ الرَّجَاءَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ الثِّقَةُ بِغَیْرِ اللَّهِ وَ التَّكْذِیبُ بِوَعْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُظْلِمُ الْهَوَاءَ السِّحْرُ وَ الْكِهَانَةُ وَ الْإِیمَانُ بِالنُّجُومِ وَ التَّكْذِیبُ بِالْقَدَرِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَكْشِفُ الْغِطَاءَ الِاسْتِدَانَةُ بِغَیْرِ نِیَّةِ الْأَدَاءِ وَ الْإِسْرَافُ فِی النَّفَقَةِ عَلَی الْبَاطِلِ وَ الْبُخْلُ عَلَی الْأَهْلِ وَ الْوَلَدِ وَ ذَوِی الْأَرْحَامِ وَ سُوءُ الْخُلُقِ وَ قِلَّةُ الصَّبْرِ وَ اسْتِعْمَالُ الضَّجَرِ وَ الْكَسَلِ وَ الِاسْتِهَانَةُ بِأَهْلِ الدِّینِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَرُدُّ الدُّعَاءَ سُوءُ النِّیَّةِ وَ خُبْثُ السَّرِیرَةِ وَ النِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَ تَرْكُ التَّصْدِیقِ بِالْإِجَابَةِ وَ تَأْخِیرُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ حَتَّی تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا وَ تَرْكُ التَّقَرُّبِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبِرِّ وَ الصَّدَقَةِ وَ اسْتِعْمَالُ الْبَذَاءِ وَ الْفُحْشُ فِی الْقَوْلِ وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَحْبِسُ غَیْثَ السَّمَاءِ جَوْرُ الْحُكَّامِ فِی الْقَضَاءِ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَ مَنْعُ الزَّكَاةِ وَ الْقَرْضِ وَ الْمَاعُونِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَی أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ وَ ظُلْمُ الْیَتِیمِ وَ الْأَرْمَلَةِ وَ انْتِهَارُ السَّائِلِ وَ رَدُّهُ بِاللَّیْلِ (1).

«13»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَمْسٌ إِذَا أَدْرَكْتُمُوهَا فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ مِنْهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِی قَوْمٍ قَطُّ حَتَّی یُعْلِنُوهَا إِلَّا ظَهَرَ فِیهِمُ الطَّاعُونُ وَ الْأَوْجَاعُ الَّتِی لَمْ تَكُنْ فِی أَسْلَافِهِمُ الَّذِینَ مَضَوْا وَ لَمْ یَنْقُصُوا الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِینَ وَ شِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَ جَوْرِ السُّلْطَانِ وَ لَمْ یَمْنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَ لَوْ لَا الْبَهَائِمُ لَمْ یُمْطَرُوا وَ لَمْ یَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ وَ لَمْ یَحْكُمُوا بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ بَأْسَهُمْ بَیْنَهُمْ (2).

«14»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، سَمِعَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ فَقَالَ أَ یَكُونُ ذَنْبٌ یُعَجِّلُ الْفَنَاءَ فَقَالَ نَعَمْ

ص: 376


1- 1. معانی الأخبار: 270.
2- 2. ثواب الأعمال: 226.

قَطِیعَةُ الرَّحِمِ إِنَّ أَهْلَ بَیْتٍ یَكُونُونَ أَتْقِیَاءَ فَیَقْطَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَیَحْرِمُهُمُ اللَّهُ وَ إِنَّ أَهْلَ بَیْتٍ یَكُونُونَ فَجَرَةً فَیَتَوَاسَوْنَ فَیَرْزُقُهُمُ اللَّهُ.

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: خَمْسٌ إِنْ أَدْرَكْتُمُوهَا فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِی قَوْمٍ قَطُّ حَتَّی یُعْلِنُوهَا إِلَّا ظَهَرَ فِیهِمُ الطَّاعُونُ وَ الْأَوْجَاعُ الَّتِی لَمْ تَكُنْ فِی أَسْلَافِهِمُ الَّذِینَ مَضَوْا وَ لَمْ یَنْقُصُوا الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِینَ وَ شِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَ جَوْرِ السُّلْطَانِ وَ لَمْ یَمْنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَ لَوْ لَا الْبَهَائِمُ لَمْ یُمْطَرُوا وَ لَمْ یَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَ عَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ وَ لَمْ یَحْكُمُوا بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ بَأْسَهُمْ بَیْنَهُمْ.

«14»- عُدَّةُ الدَّاعِی، رَوَی ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا مَمْحَقَةٌ لِلْخَیْرَاتِ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیَنْسَی بِهِ الْعِلْمَ الَّذِی كَانَ قَدْ عَلِمَهُ وَ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُمْنَعُ بِهِ مِنْ قِیَامِ اللَّیْلِ وَ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُحْرَمُ بِهِ الرِّزْقَ وَ قَدْ كَانَ هَنِیئاً لَهُ ثُمَّ تَلَا إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِلَی آخِرِ الْآیَاتِ (1).

باب 139 الإملاء و الإمهال علی الكفار و الفجار و الاستدراج و الافتتان زائدا علی ما مر فی كتاب العدل و من یرحم اللّٰه بهم علی أهل المعاصی

الآیات:

آل عمران: وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ ما كانَ اللَّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلی ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ (2)

ص: 377


1- 1. عدّة الداعی: 151، و الآیات فی سورة القلم: 17- 19.
2- 2. آل عمران: 178- 179.

و قال سبحانه: لا یَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِیلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ(1)

المائدة: وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِیرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ (2)

الأنعام: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَیْ ءٍ حَتَّی إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (3)

الأعراف: وَ ما أَرْسَلْنا فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ یَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّیِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّی عَفَوْا وَ قالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَ السَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (4)

التوبة: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ بِها فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ (5)

یونس: وَ لَوْ یُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَیْرِ لَقُضِیَ إِلَیْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ (6)

و قال تعالی: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ فِیما فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (7)

هود: وَ أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ یَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِیمٌ (8)

الرعد: وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ عِقابِ (9)

الحجر: ذَرْهُمْ یَأْكُلُوا وَ یَتَمَتَّعُوا وَ یُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (10)

النحل: وَ لَوْ یُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَیْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ

ص: 378


1- 1. آل عمران: 196- 197.
2- 2. المائدة: 71.
3- 3. الأنعام: 44.
4- 4. الأعراف: 94- 95.
5- 5. براءة: 85.
6- 6. یونس: 11.
7- 7. یونس: 19.
8- 8. هود: 48.
9- 9. الرعد: 32.
10- 10. الحجر: 3.

یُؤَخِّرُهُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا یَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا یَسْتَقْدِمُونَ (1)

الكهف: وَ رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ یُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا(2)

مریم: فَلا تَعْجَلْ عَلَیْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا(3)

طه: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّی (4)

الأنبیاء: بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتَّی طالَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ(5)

و قال تعالی: وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ (6)

الحج: فَأَمْلَیْتُ لِلْكافِرِینَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ إلی قوله تعالی وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَمْلَیْتُ لَها وَ هِیَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ(7)

المؤمنون: فَذَرْهُمْ فِی غَمْرَتِهِمْ حَتَّی حِینٍ أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ (8)

الفرقان: وَ لكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَ آباءَهُمْ حَتَّی نَسُوا الذِّكْرَ وَ كانُوا قَوْماً بُوراً(9)

الشعراء: أَ تُتْرَكُونَ فِی ما هاهُنا آمِنِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِیمٌ وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً فارِهِینَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ (10)

و قال تعالی: أَ فَرَأَیْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِینَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا یُوعَدُونَ ما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یُمَتَّعُونَ (11)

العنكبوت: وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّی لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَیَأْتِیَنَّهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ

ص: 379


1- 1. النحل: 61.
2- 2. الكهف: 58.
3- 3. مریم: 84.
4- 4. طه: 129.
5- 5. الأنبیاء: 44.
6- 6. الأنبیاء: 111.
7- 7. الحجّ: 44- 48.
8- 8. المؤمنون: 54- 55.
9- 9. الفرقان: 18.
10- 10. الشعراء: 146- 150.
11- 11. الشعراء: 207- 205.

لا یَشْعُرُونَ (1)

لقمان: نُمَتِّعُهُمْ قَلِیلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلی عَذابٍ غَلِیظٍ(2)

فاطر: وَ لَوْ یُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلی ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ یُؤَخِّرُهُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِیراً(3)

یس: وَ إِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِیخَ لَهُمْ وَ لا هُمْ یُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَ مَتاعاً إِلی حِینٍ (4)

المؤمن: فَلا یَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِی الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِیَأْخُذُوهُ وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ عِقابِ (5)

السجدة: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ (6)

حمعسق: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ (7)

الزخرف: بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتَّی جاءَهُمُ الْحَقُّ وَ رَسُولٌ مُبِینٌ (8)

الفتح: لَوْ تَزَیَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِیماً(9)

الذاریات: وَ فِی ثَمُودَ إِذْ قِیلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّی حِینٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ (10)

القلم: فَذَرْنِی وَ مَنْ یُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِیثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ كَیْدِی مَتِینٌ (11)

المدثر: ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَ بَنِینَ

ص: 380


1- 1. العنكبوت: 53.
2- 2. لقمان: 24.
3- 3. فاطر: 45.
4- 4. یس: 43- 44.
5- 5. المؤمن: 4- 5.
6- 6. السجدة: 45.
7- 7. الشوری: 21.
8- 8. الزخرف: 29.
9- 9. الفتح: 25.
10- 10. الذاریات: 44- 43.
11- 11. القلم: 44- 45.

شُهُوداً وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیداً ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآیاتِنا عَنِیداً(1)

المرسلات: كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِیلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (2)

الطارق: إِنَّهُمْ یَكِیدُونَ كَیْداً وَ أَكِیدُ كَیْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً(3)

«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَهْبَطَ مَلَكاً إِلَی الْأَرْضِ فَلَبِثَ فِیهَا دَهْراً طَوِیلًا ثُمَّ عَرَجَ إِلَی السَّمَاءِ فَقِیلَ لَهُ مَا رَأَیْتَ قَالَ رَأَیْتُ عَجَائِبَ كَثِیرَةً وَ أَعْجَبُ مَا رَأَیْتُ أَنِّی رَأَیْتُ عَبْداً مُتَقَلِّباً فِی نِعْمَتِكَ یَأْكُلُ رِزْقَكَ وَ یَدَّعِی الرُّبُوبِیَّةَ فَعَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَیْكَ وَ مِنْ حِلْمِكَ عَنْهُ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَمِنْ حِلْمِی عَجِبْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ قَدْ أَمْهَلْتُهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ لَا یَضْرِبُ عَلَیْهِ عِرْقٌ وَ لَا یُرِیدُ مِنَ الدُّنْیَا شَیْئاً إِلَّا نَالَهُ وَ لَا یَتَغَیَّرُ عَلَیْهِ فِیهَا مَطْعَمٌ وَ لَا مَشْرَبٌ (4).

«2»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مَلَكاً یُنَادِی مَهْلًا مَهْلًا عِبَادَ اللَّهِ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَلَوْ لَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَ صِبْیَةٌ رُضَّعٌ وَ شُیُوخٌ رُكَّعٌ لَصُبَّ عَلَیْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً تُرَضُّونَ بِهِ رَضّاً(5).

«3»- ع، [علل الشرائع] الْفَامِیُّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا رَأَی أَهْلَ قَرْیَةٍ قَدْ أَسْرَفُوا فِی الْمَعَاصِی وَ فِیهَا ثَلَاثُ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ نَادَاهُمْ جَلَّ جَلَالُهُ

ص: 381


1- 1. المدّثّر: 11- 16.
2- 2. المرسلات: 46.
3- 3. الطارق: 15- 17.
4- 4. لا یوجد فی الأمالی.
5- 5. الخصال ج 1 ص 64.

وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ یَا أَهْلَ مَعْصِیَتِی لَوْ لَا مَا فِیكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ الْمُتَحَابِّینَ بِجَلَالِی الْعَامِرِینَ بِصَلَاتِهِمْ أَرْضِی وَ مَسَاجِدِی الْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحَارِ خَوْفاً مِنِّی لَأَنْزَلْتُ بِكُمْ عَذَابِی ثُمَّ لَا أُبَالِی (1).

ع، [علل الشرائع] عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ: مِثْلَهُ (2).

«4»- ع، [علل الشرائع] أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ یُصِیبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ قَالَ لَوْ لَا الَّذِینَ یَتَحَابُّونَ بِجَلَالِی وَ یَعْمُرُونَ مَسَاجِدِی وَ یَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ لَأَنْزَلْتُ عَذَابِی (3).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (4).

«5»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَیَهُمُّ بِعَذَابِ أَهْلِ الْأَرْضِ جَمِیعاً حَتَّی لَا یُرِیدُ أَنْ یُحَاشِیَ مِنْهُمْ أَحَداً إِذَا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئَاتِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَی الشِّیبِ نَاقِلِی أَقْدَامِهِمْ إِلَی الصَّلَوَاتِ وَ الْوِلْدَانِ یَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ رَحِمَهُمْ وَ أَخَّرَ عَنْهُمْ ذَلِكَ (5).

«6»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ یَدْفَعُ بِمَنْ یُصَلِّی مِنْ شِیعَتِنَا عَمَّنْ لَا یُصَلِّی مِنْ شِیعَتِنَا وَ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَی تَرْكِ الصَّلَاةِ لَهَلَكُوا وَ إِنَّ اللَّهَ یَدْفَعُ بِمَنْ یَصُومُ مِنْهُمْ عَمَّنْ لَا یَصُومُ مِنْ شِیعَتِنَا وَ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَی تَرْكِ الصِّیَامِ لَهَلَكُوا وَ إِنَّ اللَّهَ یَدْفَعُ بِمَنْ یُزَكِّی مِنْ شِیعَتِنَا عَمَّنْ لَا یُزَكِّی مِنْهُمْ وَ لَوِ اجْتَمَعُوا

ص: 382


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 234.
2- 2. علل الشرائع ج 2 ص 209.
3- 3. علل الشرائع ج 1 ص 208.
4- 4. ثواب الأعمال: 161.
5- 5. علل الشرائع ج 2 ص 208.

عَلَی تَرْكِ الزَّكَاةِ لَهَلَكُوا وَ إِنَّ اللَّهَ لَیَدْفَعُ بِمَنْ یَحُجُّ مِنْ شِیعَتِنَا عَمَّنْ لَا یَحُجُّ مِنْهُمْ وَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَی تَرْكِ الْحَجِّ لَهَلَكُوا وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْعالَمِینَ (1) فَوَ اللَّهِ مَا أُنْزِلَتْ إِلَّا فِیكُمْ وَ لَا عُنِیَ بِهَا غَیْرُكُمْ (2).

«7»- ختص، [الإختصاص] عَنْ رِبْعِیٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا عَذَّبَ اللَّهُ قَرْیَةً فِیهَا سَبْعَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (3).

«8»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: یَا ابْنَ آدَمَ إِذَا رَأَیْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ یُتَابِعُ عَلَیْكَ نِعَمَهُ وَ أَنْتَ تَعْصِیهِ فَاحْذَرْهُ (4).

وَ قَالَ علیه السلام فِی كَلَامِی لَهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ حَتَّی كَأَنَّهُ غَفَرَ(5).

وَ قَالَ علیه السلام: كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَیْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ مَا ابْتَلَی اللَّهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ (6).

وَ قَالَ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ لِیَرَاكُمُ اللَّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَجِلِینَ كَمَا یَرَاكُمْ مِنَ النَّقِمَةِ فَرِقِینَ إِنَّهُ مَنْ وُسِّعَ عَلَیْهِ فِی ذَاتِ یَدِهِ فَلَمْ یَرَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجاً فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً وَ مَنْ ضُیِّقَ عَلَیْهِ فِی ذَاتِ یَدِهِ فَلَمْ یَرَ ذَلِكَ اخْتِبَاراً فَقَدْ ضَیَّعَ مَأْمُولًا(7).

ص: 383


1- 1. البقرة: 251.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 135.
3- 3. الاختصاص: 30.
4- 4. نهج البلاغة الرقم 24 من الحكم.
5- 5. نهج البلاغة الرقم 29 من الحكم.
6- 6. نهج البلاغة الرقم 116 من الحكم.
7- 7. نهج البلاغة الرقم 358 من الحكم.

باب 140 النهی عن التعییر بالذنب أو العیب و الأمر بالهجرة عن بلاد أهل المعاصی

الآیات:

النساء: إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها(1)

العنكبوت: یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ فَإِیَّایَ فَاعْبُدُونِ (2)

الزمر: أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ(3)

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَنَّبَ مُؤْمِناً أَنَّبَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(4).

بیان: قال الجوهری أنبه تأنیبا عنفه و لامه و تأنیبه عز و جل إما علی الحقیقة ففی الآخرة ظاهر و فی الدنیا و إن لم یستمع لكن یفتضح عند الملإ الأعلی و یعلمه بإخبار المخبر الصادق و أمثال ذلك من نداء اللّٰه تعالی مع عدم سماعه كثیرة و الكل محمول علی ذلك.

و إما المراد به إفشاء عیوبه و ابتلاؤه بمثله فی الدنیا و عقابه علی التأنیب فی الآخرة علی المشاكلة أو تسمیة المسبب باسم السبب.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَذَاعَ فَاحِشَةً كَانَ كَمُبْتَدِئِهَا وَ مَنْ عَیَّرَ مُؤْمِناً بِشَیْ ءٍ لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَرْكَبَهُ (5).

بیان: الفاحشة كل ما نهی اللّٰه عز و جل عنه و ربما یخص بما یشتد قبحه من الذنوب كان كمبتدئها أی فاعلها و إنما عبر عنه بالمبتدئ لأن المذیع كالفاعل فهو بالنسبة إلیه مبتدأ و یحتمل أن یكون المراد بالفاحشة

ص: 384


1- 1. النساء: 97.
2- 2. العنكبوت: 56.
3- 3. الزمر: 10.
4- 4. الكافی ج 2 ص 356.
5- 5. الكافی ج 2 ص 356.

البدعة القبیحة و المعنی من عمل بها و أفشاها بین الناس كان علیه كوزر من ابتدعها أولا و هذا بالنظر إلی الابتداء أظهر كالأول بالنسبة إلی الإذاعة فی القاموس بدأ به كمنع ابتدأ و الشی ء فعله ابتداء كأبدأه و ابتدأه.

و قد یقال هذا الوعید أنما هو فی ذوی الهیئات الحسنة و فیمن لم یعرف بأذیة و لا فساد فی الأرض و أما المولعین بذلك الذین ستروا غیر مرة فلم یكفوا فلا یبعد القول بكشفهم لأن الستر علیهم من المعاونة علی المعاصی و ستر من یندب إلی ستره إنما هو فی معصیة مضت و أما فی معصیة هو متلبس بها فلا یبعد القول بوجوب المبادرة إلی إنكارها و المنع منها لمن قدر علیه فإن لم یقدر رفع إلی والی الأمر ما لم یؤد إلی مفسدة أشد.

و أما جرح الشاهد و الراوی و الأمناء علی الأوقاف و الصدقات و أموال الأیتام فیجب الجرح عند الحاجة إلیه لأنه تترتب علیه أحكام شرعیة و لو رفع إلی الإمام ما یندب الستر فیه لم یأثم إذا كانت نیته رفع معصیة اللّٰه لا كشف ستره و جرح الشاهد إنما هو عند طلب ذلك منه أو یری حاكما یحكم بشهادته و قد علم منه ما یبطلها فلا یبعد القول بحسن رفعه.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ لَقِیَ أَخَاهُ بِمَا یُؤَنِّبُهُ أَنَّبَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(1).

بیان: بما یؤنبه كأن كلمة ما مصدریة فالمستتر فی یؤنبه راجع إلی من و یحتمل أن تكون موصولة فیحتمل إرجاع المستتر إلی من أیضا بتقدیر العائد أی بما یؤنبه به أو إلی ما نفی و الإسناد تجوز.

«4»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ أَبِی غَالِبٍ الزُّرَارِیِّ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حُمَیْدٍ عَنِ الْحَذَّاءِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَفَی بِالْمَرْءِ عَیْباً أَنْ یُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا یَعْمَی عَنْهُ مِنْ

ص: 385


1- 1. الكافی ج 2 ص 356.

نَفْسِهِ وَ أَنْ یُعَیِّرَ النَّاسَ بِمَا لَا یَسْتَطِیعُ تَرْكَهُ وَ أَنْ یُؤْذِیَ جَلِیسَهُ بِمَا لَا یَعْنِیهِ (1).

ل، [الخصال] الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ (2).

«5»- فس، [تفسیر القمی] فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ(3) یَقُولُ لَا تُطِیعُوا أَهْلَ الْفِسْقِ مِنَ الْمُلُوكِ فَإِنْ خِفْتُمُوهُمْ أَنْ یَفْتِنُوكُمْ عَلَی دِینِكُمْ فَإِنَّ أَرْضِی وَاسِعَةٌ وَ هُوَ یَقُولُ فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها(4).

«6»- ل، [الخصال] عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: كَانَ آخِرَ مَا أَوْصَی بِهِ الْخَضِرُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیهما السلام أَنْ قَالَ لَهُ لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِذَنْبٍ وَ إِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَلَاثَةٌ الْقَصْدُ فِی الْجِدَةِ وَ الْعَفْوُ فِی الْمَقْدُرَةِ وَ الرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ وَ مَا رَفَقَ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِی الدُّنْیَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ رَأْسُ الْحِكَمِ مَخَافَةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (5).

أقول: قد مضی فی باب جوامع مساوی الأخلاق عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: سَبْعَةٌ یُفْسِدُونَ أَعْمَالَهُمْ وَ ذَكَرَ مِنْهُمُ السَّرِیعَ إِلَی لَائِمَةِ إِخْوَانِهِ (6).

«7»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَارَقَ مُوسَی الْخَضِرَ علیه السلام قَالَ مُوسَی أَوْصِنِی فَقَالَ

ص: 386


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 105.
2- 2. الخصال ج 1 ص 54.
3- 3. العنكبوت: 56.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 497 و الآیة فی النساء: 97.
5- 5. الخصال ج 1 ص 54.
6- 6. راجع ج 72 ص 195، نقله عن الخصال ج 2 ص 5.

الْخَضِرُ الْزَمْ مَا لَا یَضُرُّكَ مَعَهُ شَیْ ءٌ كَمَا لَا یَنْفَعُكَ مِنْ غَیْرِهِ شَیْ ءٌ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ وَ الْمَشْیَ إِلَی غَیْرِ حَاجَةٍ وَ الضَّحِكَ فِی غَیْرِ تَعَجُّبٍ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِخَطِیئَةٍ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ.

«8»- نهج، [نهج البلاغة]: لَیْسَ بَلَدٌ أَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَدٍ خَیْرُ الْبِلَادِ مَا حَمَلَكَ (1).

باب 141 وقت ما یغلظ علی العبد فی المعاصی و استدراج اللّٰه تعالی

الآیات:

فاطر: وَ هُمْ یَصْطَرِخُونَ فِیها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَیْرَ الَّذِی كُنَّا نَعْمَلُ أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِیرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِینَ مِنْ نَصِیرٍ(2).

أقول: قد مضی بعض أخبار الاستدراج فی باب الإملاء و الإمهال علی الكفار و الفجار و الاستدراج فلا تغفل.

«1»- ع، [علل الشرائع] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَبْدٍ خَیْراً فَأَذْنَبَ ذَنْباً تَبِعَهُ بِنَقِمَةٍ وَ یُذَكِّرُهُ الِاسْتِغْفَارَ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرّاً فَأَذْنَبَ ذَنْباً تَبِعَهُ بِنِعْمَةٍ لِیُنْسِیَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَ یَتَمَادَی بِهِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ (3) بِالنِّعَمِ عِنْدَ الْمَعَاصِی (4).

ص: 387


1- 1. نهج البلاغة الرقم 442، من الحكم.
2- 2. فاطر: 37.
3- 3. الأعراف: 182.
4- 4. علل الشرائع ج 2 ص 248، و فی الكافی ج 2 ص 452، باب الاستدراج مثل ذلك و شرحه فی مرآة العقول ج 2 ص 423.

«2»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ(1) قَالَ تَوْبِیخٌ لِابْنِ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً(2).

«3»- ثو(3)،[ثواب الأعمال] ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَیُكْرِمُ ابْنَ السَّبْعِینَ وَ یَسْتَحْیِی مِنِ ابْنِ الثَّمَانِینَ (4).

«4»- ل، [الخصال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عُمِّرَ أَرْبَعِینَ سَنَةً سَلِمَ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ مَنْ عُمِّرَ خَمْسِینَ سَنَةً رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَیْهِ وَ مَنْ عُمِّرَ سِتِّینَ سَنَةً هَوَّنَ اللَّهُ حِسَابَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ عُمِّرَ سَبْعِینَ سَنَةً كُتِبَتْ حَسَنَاتُهُ وَ لَمْ تُكْتَبْ سَیِّئَاتُهُ وَ مَنْ عُمِّرَ ثَمَانِینَ سَنَةً غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ مَشَی عَلَی الْأَرْضِ مَغْفُوراً لَهُ وَ شُفِّعَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ (5).

«5»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَیْفٍ التَّمَّارِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ الْعَبْدَ لَفِی فُسْحَةٍ مِنْ أَمْرِهِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مَلَكَیْهِ أَنِّی قَدْ عَمَّرْتُ عَبْدِی عُمُراً فَغَلِّظَا وَ شَدِّدَا وَ تَحَفَّظَا وَ اكْتُبَا عَلَیْهِ قَلِیلَ عَمَلِهِ وَ كَثِیرَهُ وَ صَغِیرَهُ وَ كَبِیرَهُ (6).

ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ: مِثْلَهُ (7).

ص: 388


1- 1. فاطر: 37.
2- 2. الخصال ج 2 ص 96.
3- 3. ثواب الأعمال: 171.
4- 4. الخصال ج 2 ص 115.
5- 5. الخصال ج 2 ص 114.
6- 6. أمالی الصدوق: 23.
7- 7. الخصال ج 2 ص 115.

«6»- ل، [الخصال] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَ مُنْتَهَاهُ فَإِذَا طَعَنَ فِی إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ فَهُوَ فِی النُّقْصَانِ وَ یَنْبَغِی لِصَاحِبِ الْخَمْسِینَ أَنْ یَكُونَ كَمَنْ كَانَ فِی النَّزْعِ (1).

«7»- ل، [الخصال] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِذَا أَتَتْ عَلَی الْعَبْدِ أَرْبَعُونَ سَنَةً قِیلَ لَهُ خُذْ حِذْرَكَ فَإِنَّكَ غَیْرُ مَعْذُورٍ وَ لَیْسَ ابْنُ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَحَقَّ بِالْعُذْرِ مِنِ ابْنِ عِشْرِینَ سَنَةً فَإِنَّ الَّذِی یَطْلُبُهُمَا وَاحِدٌ وَ لَیْسَ عَنْهُمَا بِرَاقِدٍ فَاعْمَلْ لِمَا أَمَامَكَ مِنَ الْهَوْلِ وَ دَعْ عَنْكَ فُضُولَ الْقَوْلِ (2).

«8»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ أَرْبَعِینَ سَنَةً آمَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ فَإِذَا بَلَغَ الْخَمْسِینَ خَفَّفَ اللَّهُ حِسَابَهُ فَإِذَا بَلَغَ السِّتِّینَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَیْهِ فَإِذَا بَلَغَ السَّبْعِینَ أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِإِثْبَاتِ حَسَنَاتِهِ وَ إِلْقَاءِ سَیِّئَاتِهِ فَإِذَا بَلَغَ التِّسْعِینَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ كُتِبَ أَسِیرَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ (3).

ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ: مِثْلَهُ (4).

«9»- ل، [الخصال] وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: فَإِذَا بَلَغَ الْمِائَةَ فَذَلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ وَ رُوِیَ أَنَّ أَرْذَلَ الْعُمُرِ أَنْ یَكُونَ عَقْلُهُ عَقْلَ ابْنِ سَبْعِ سِنِینَ (5).

«10»- ل، [الخصال] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُذَكِّرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْأَصَمِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ مَیْسَرَةَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ مُعَمَّرٍ یُعَمَّرُ

ص: 389


1- 1. الخصال ج 2 ص 115.
2- 2. الخصال ج 2 ص 115.
3- 3. الخصال ج 2 ص 115.
4- 4. ثواب الأعمال: 171.
5- 5. الخصال ج 1 ص 115.

أَرْبَعِینَ سَنَةً إِلَّا صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ الْجُنُونَ وَ الْجُذَامَ وَ الْبَرَصَ فَإِذَا بَلَغَ الْخَمْسِینَ لَیَّنَ اللَّهُ عَلَیْهِ حِسَابَهُ فَإِذَا بَلَغَ السِّتِّینَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَیْهِ بِمَا یُحِبُّ وَ یَرْضَی فَإِذَا بَلَغَ السَّبْعِینَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِینَ قَبِلَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِ وَ تَجَاوَزَ عَنْ سَیِّئَاتِهِ فَإِذَا بَلَغَ التِّسْعِینَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ سُمِّیَ أَسِیرَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ شُفِّعَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ (1).

ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْحَمَّادِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّائِغِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَیْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ (2).

«11»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ یَسْتَحْیِی مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِینَ أَنْ یُعَذِّبَهُمْ.

وَ قَالَ علیه السلام: یُؤْتَی بِشَیْخٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیُدْفَعُ إِلَیْهِ كِتَابُهُ ظَاهِرُهُ مِمَّا یَلِی النَّاسَ لَا یَرَی إِلَّا مَسَاوِیَ فَیَطُولُ ذَلِكَ عَلَیْهِ فَیَقُولُ یَا رَبِّ أَ تَأْمُرُ بِی إِلَی النَّارِ فَیَقُولُ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا شَیْخُ إِنِّی أَسْتَحْیِی أَنْ أُعَذِّبَكَ وَ قَدْ كُنْتَ تُصَلِّی لِی فِی دَارِ الدُّنْیَا اذْهَبُوا بِعَبْدِی إِلَی الْجَنَّةِ(3).

«12»- جع (4)،[جامع الأخبار] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَنْظُرُ فِی وَجْهِ الشَّیْخِ الْمُؤْمِنِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَیَقُولُ یَا عَبْدِی كَبِرَ سِنُّكَ وَ دَقَّ عَظْمُكَ وَ رَقَّ جِلْدُكَ وَ قَرُبَ أَجَلُكَ وَ حَانَ قُدُومُكَ عَلَیَّ فَاسْتَحِ مِنِّی فَأَنَا أَسْتَحِی مِنْ شَیْبَتِكَ أَنْ أُعَذِّبَكَ بِالنَّارِ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ الشَّیْبَةُ نُورِی فَلَا أُحْرِقُ نُورِی بِنَارِی.

وَ عَنْ حَازِمِ بْنِ حَبِیبٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا بَلَغْتَ سِتِّینَ

ص: 390


1- 1. الخصال ج 2 ص 116.
2- 2. الخصال ج 2 ص 116.
3- 3. الخصال ج 2 ص 115.
4- 4. جامع الأخبار: 107.

سَنَةً فَاحْسُبْ نَفْسَكَ فِی الْمَوْتَی.

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَبْنَاءُ الْأَرْبَعِینَ زَرْعٌ قَدْ دَنَا حَصَادُهُ أَبْنَاءَ الْخَمْسِینَ مَا ذَا قَدَّمْتُمْ وَ مَا ذَا أَخَّرْتُمْ أَبْنَاءَ السِّتِّینَ هَلُمُّوا إِلَی الْحِسَابِ لَا عُذْرَ لَكُمْ أَبْنَاءَ السَّبْعِینَ عُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَی.

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَیُكْرِمُ أَبْنَاءَ السَّبْعِینَ وَ یَسْتَحْیِی مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِینَ أَنْ یُعَذِّبَهُمْ (1).

باب 142 من أطاع المخلوق فی معصیة الخالق

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ طَلَبَ رِضَی النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ حَامِدَهُ مِنَ النَّاسِ ذَامّاً(2).

بیان: من طلب رضی الناس بسخط اللّٰه هذا النوع فی الخلق كثیر بل أكثرهم كذلك كالذین تركوا متابعة أئمة الحق لرضا أئمة الجور و طلب ما عندهم و كأعوان السلاطین الجائرین و عمالهم و المتقربین إلیهم بالباطل و المادحین لهم علی قبائح أعمالهم و كالذین یتعصبون للأهل و العشائر بالباطل و كشاهد الزور و الحاكم بالجور بین المتخاصمین طلبا لرضا أهل العزة و الغلبة و الذین یساعدون المغتابین و لا ینزجرون عنها طلبا لرضاهم و لئلا یتنفروا من صحبته و أمثال ذلك كثیرة.

و جعل حامدة من الناس ذاما أی بعد ذلك الحمد أو یحمدونه بحضرته و یذمونه فی غیبته أو یكون المراد بالحامد من یتوقع منهم المدح.

ص: 391


1- 1. جامع الأخبار ص 140.
2- 2. الكافی ج 2 ص 372.

«2»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ یُوسُفَ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ طَلَبَ مَرْضَاةَ النَّاسِ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ كَانَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامّاً وَ مَنْ آثَرَ طَاعَةَ اللَّهِ بِغَضَبِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ عَدَاوَةَ كُلِّ عَدُوٍّ وَ حَسَدَ كُلِّ حَاسِدٍ وَ بَغْیَ كُلِّ بَاغٍ وَ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ نَاصِراً وَ ظَهِیراً(1).

بیان: المرضاة مصدر میمی و من آثر طاعة اللّٰه أی فی موضع غیر التقیة فإنها طاعة اللّٰه فی هذا الموضع و الظهیر المعین.

«3»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَی الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عِظْنِی بِحَرْفَیْنِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مَنْ حَاوَی أَمْراً بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ كَانَ أَفْوَتَ لِمَا یَرْجُو وَ أَسْرَعَ لِمَجِی ءِ مَا یَحْذَرُ(2).

بیان: بحرفین أی بجملتین و ما ذكره علیه السلام مع العطف فی حكم جملتین و یحتمل أن یكون الحرفان كنایة عن الاختصار فی الكلام من حاول أی رام و قصد و اللام فی قوله لما یرجو و لمجی ء للتعدیة.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِطَاعَةِ مَنْ عَصَی اللَّهَ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِفِرْیَةِ بَاطِلٍ عَلَی اللَّهِ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِجُحُودِ شَیْ ءٍ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ (3).

بیان: لا دین أی لا إیمان أو لا عبادة لمن دان أی عبد اللّٰه بطاعة من عصی اللّٰه أی غیر المعصوم فإنه لا یجوز طاعة غیر المعصوم فی جمیع الأمور و قیل من عصی اللّٰه من یكون حكمه معصیة و لم یكن أهلا للفتوی لمن دان أی اعتقد أی عبد اللّٰه بافتراء الباطل علی اللّٰه أی جعل هذا الافتراء عبادة أو جعل عبادته مبنیة علی الافتراء.

ص: 392


1- 1. الكافی ج 2 ص 372.
2- 2. الكافی ج 2 ص 373.
3- 3. الكافی ج 2 ص 373.

بجحود شی ء من آیات اللّٰه أی أنكر شیئا من محكمات القرآن و یحتمل أن یكون المراد بالآیات الأئمة علیهم السلام.

«5»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَرْضَی سُلْطَاناً جَائِراً بِسَخَطِ اللَّهِ خَرَجَ مِنْ دِینِ اللَّهِ (1).

بیان: یمكن حمله علی من أرضی خلفاء الجور بإنكار أئمة الحق أو شی ء من ضروریات الدین.

«6»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِطَاعَةِ الْمَخْلُوقِ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ (2).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (3).

«7»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْإِسْنَادِ إِلَی دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَرْضَی سُلْطَاناً بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ خَرَجَ مِنْ دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (4).

«8»- ل، [الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ طَلَبَ رِضَی النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ حَامِدَهُ مِنَ النَّاسِ ذَامّاً(5).

«9»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَبِی غَالِبٍ الزُّرَارِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الطَّیَالِسِیِّ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِطَاعَةِ مَنْ عَصَی اللَّهَ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ بِفِرْیَةِ بَاطِلٍ عَلَی اللَّهِ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ

ص: 393


1- 1. الكافی ج 2 ص 373.
2- 2. عیون الأخبار ج 2 ص 43.
3- 3. صحیفة الرضا علیه السلام: 34.
4- 4. عیون الأخبار ج 2 ص 69.
5- 5. الخصال ج 1 ص 5.

بِجُحُودِ شَیْ ءٍ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ (1).

«10»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْكِنَانِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تُسْخِطُوا اللَّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا تَتَقَرَّبُوا إِلَی أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ بِتَبَاعُدٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ لَیْسَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ شَیْ ءٌ یُعْطِیهِ

بِهِ خَیْراً أَوْ یَصْرِفُ بِهِ عَنْهُ سُوءاً إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ نَجَاحُ كُلِّ خَیْرٍ یُبْتَغَی وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ شَرٍّ یُتَّقَی وَ إِنَّ اللَّهَ یَعْصِمُ مَنْ أَطَاعَهُ وَ لَا یَعْتَصِمُ مِنْهُ مَنْ عَصَاهُ وَ لَا یَجِدُ الْهَارِبُ مِنَ اللَّهِ مَهْرَباً فَإِنَّ أَمْرَ اللَّهِ نَازِلٌ بِإِذْلَالِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْخَلَائِقُ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ یَشَأْ لَمْ یَكُنْ (2).

باب 143 التكلف و الدعوی

الآیات:

ص: وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ (3)

«1»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الْمُتَكَلِّفُ مُخْطِئٌ وَ إِنْ أَصَابَ وَ الْمُتَطَوِّعُ مُصِیبٌ وَ إِنْ أَخْطَأَ وَ الْمُتَكَلِّفُ لَا یَسْتَجْلِبُ فِی عَاقِبَةِ أَمْرِهِ إِلَّا الْهَوَانَ وَ فِی الْوَقْتِ إِلَّا التَّعَبَ وَ الْعَنَاءَ وَ الشَّقَاءَ وَ الْمُتَكَلِّفُ ظَاهِرُهُ رِئَاءٌ وَ بَاطِنُهُ نِفَاقٌ فَهُمَا جَنَاحَانِ یَطِیرُ بِهِمَا الْمُتَكَلِّفُ وَ لَیْسَ فِی الْجُمْلَةِ مِنْ أَخْلَاقِ الصَّالِحِینَ وَ لَا مِنْ شِعَارِ الْمُتَّقِینَ التَّكَلُّفِ فِی أَیِّ بَابٍ كَانَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ وَ قَالَ علیه السلام نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْلِیَاءِ بِرَاءٌ مِنَ التَّكَلُّفِ.

ص: 394


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 76.
2- 2. أمالی الصدوق: 293.
3- 3. سورة ص: 86.

فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اسْتَقِمْ نَفْسَكَ یُغْنِكَ عَنِ التَّكَلُّفِ وَ یَطْبَعُكَ بِطِبَاعِ الْإِیمَانِ وَ لَا تَشْتَغِلْ بِطَعَامٍ آخِرُهُ الْخَلَاءُ وَ لِبَاسٍ آخِرُهُ الْبِلَی وَ دَارٍ آخِرُهَا الْخَرَابُ وَ مَالٍ آخِرُهُ الْمِیرَاثُ وَ إِخْوَانٍ آخِرُهُمُ الْفِرَاقُ وَ عِزٍّ آخِرُهُ الذُّلُّ وَ وَقَارٍ آخِرُهُ الْجَفَاءُ وَ عَیْشٍ آخِرُهُ الْحَسْرَةُ(1).

«2»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الدَّعْوَی بِالْحَقِیقَةِ لِلْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَئِمَّةِ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ أَمَّا الْمُدَّعِی بِغَیْرِ وَاجِبٍ فَهُوَ كَإِبْلِیسَ اللَّعِینِ ادَّعَی النُّسُكَ وَ هُوَ عَلَی الْحَقِیقَةِ مُنَازِعٌ لِرَبِّهِ مُخَالِفٌ لِأَمْرِهِ فَمَنِ ادَّعَی أَظْهَرَ الْكَذِبَ وَ الْكَاذِبُ لَا یَكُونُ أَمِیناً وَ مَنِ ادَّعَی فِیمَا لَا یَحِلُّ لَهُ فُتِحَ عَلَیْهِ أَبْوَابُ الْبَلْوَی وَ الْمُدَّعِی یُطَالَبُ بِالْبَیِّنَةِ لَا مَحَالَةَ وَ هُوَ مُفْلِسٌ فَیَفْتَضِحُ وَ الصَّادِقُ لَا یُقَالُ لَهُ لِمَ.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الصَّادِقُ لَا یَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا هَابَهُ (2).

«3»- نهج، [نهج البلاغة]: مَنْ كَابَدَ الْأُمُورَ عَطِبَ وَ مَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ (3).

باب 144 الفساد

«1»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَسَادُ الظَّاهِرِ مِنْ فَسَادِ الْبَاطِنِ وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِیرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِیَتَهُ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ فِی السِّرِّ لَمْ یَهْتِكْ سِتْرَهُ فِی الْعَلَانِیَةِ وَ أَعْظَمُ الْفَسَادِ أَنْ یَرْضَی الْعَبْدُ بِالْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ وَ هَذَا الْفَسَادُ یَتَوَلَّدُ مِنْ طُولِ الْأَمَلِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكِبْرِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قِصَّةِ قَارُونَ فِی قَوْلِهِ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِی الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ (4) وَ كَانَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ مِنْ صُنْعِ قَارُونَ وَ اعْتِقَادِهِ وَ أَصْلُهَا مِنْ حُبِّ الدُّنْیَا وَ جَمْعِهَا وَ مُتَابَعَةِ النَّفْسِ وَ هَوَاهَا وَ إِقَامَةِ

ص: 395


1- 1. مصباح الشریعة: 24.
2- 2. مصباح الشریعة: 63.
3- 3. نهج البلاغة الرقم 349 من الحكم.
4- 4. القصص: 77.

شَهَوَاتِهَا وَ حُبِّ الْمَحْمَدَةِ وَ مُوَافَقَةِ الشَّیْطَانِ وَ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِهِ وَ كُلُّ ذَلِكَ یَجْتَمِعُ بِحَسَبِ الْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ وَ نِسْیَانِ مِنَنِهِ وَ عِلَاجُ ذَلِكَ الْفِرَارُ مِنَ النَّاسِ وَ رَفْضُ الدُّنْیَا وَ طَلَاقُ الرَّاحَةِ وَ الِانْقِطَاعُ عَنِ الْعَادَاتِ وَ قَلْعُ عُرُوقِ مَنَابِتِ الشَّهَوَاتِ بِدَوَامِ الذِّكْرِ لِلَّهِ وَ لُزُومُ الطَّاعَةِ لَهُ وَ احْتِمَالُ جَفَاءِ الْخَلْقِ وَ مُلَازَمَةِ الْقُرْبَی وَ شَمَاتَةِ الْعَدُوِّ مِنَ الْأَهْلِ وَ الْقَرَابَةِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ فَتَحْتَ عَلَیْكَ بَابَ عَطْفِ اللَّهِ وَ حُسْنِ نَظَرِهِ إِلَیْكَ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ خَرَجْتَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَافِلِینَ وَ فَكَكْتَ قَلْبَكَ مِنْ أَسْرِ الشَّیْطَانِ وَ قَدِمْتَ بَابَ اللَّهِ فِی مَعْشَرِ الْوَارِدِینَ إِلَیْهِ وَ سَلَكْتَ مَسْلَكاً رَجَوْتَ الْإِذْنَ بِالدُّخُولِ عَلَی الْكَرِیمِ الْجَوَادِ الْمَلِكِ الرَّحِیمِ وَ اسْتِیطَاءِ بِسَاطِهِ عَلَی شَرْطِ الْأَدَبِ وَ لَا تَحْرُمُ سَلَامَتُهُ وَ كَرَامَتُهُ لِأَنَّهُ الْمَلِكُ الْكَرِیمُ الْجَوَادُ الرَّحِیمُ (1).

باب 145 القسوة و الخرق و المراء و الخصومة و العداوة

أقول: قد مر كثیر من أخبار هذا الباب فی مطاوی أبواب الكفر و مساوی الأخلاق كما لا یخفی.

«1»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ دُبَیْسٍ (2) عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَبْدَ فِی أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَافِراً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یُحَبِّبَ اللَّهُ إِلَیْهِ الشَّرَّ فَیَقْرَبَ مِنْهُ فَابْتَلَاهُ بِالْكِبْرِ وَ الْجَبَرِیَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَ سَاءَ خُلُقُهُ وَ غَلُظَ وَجْهُهُ وَ ظَهَرَ فُحْشُهُ وَ قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ كَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ وَ رَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ یَنْزِعْ عَنْهَا ثُمَّ رَكِبَ مَعَاصِیَ اللَّهِ وَ أَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَ وَثَبَ عَلَی النَّاسِ لَا یَشْبَعُ مِنَ الْخُصُومَاتِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِیَةَ وَ اطْلُبُوهَا مِنْهُ (3).

ص: 396


1- 1. مصباح الشریعة: 56.
2- 2. خنیس خ ل.
3- 3. الكافی ج 2 ص 330.

بیان: قیل قوله كافرا حال عن العبد فلا یلزم أن یكون كفره مخلوقا لله تعالی.

أقول: كأنه علی المجاز فإنه تعالی لما خلقه عالما بأنه سیكفر فكأنه خلقه كافرا أو الخلق بمعنی التقدیر و المعاصی یتعلق بها التقدیر ببعض المعانی كما مر تحقیقه و كذا تحبیب الشر إلیه مجاز فإنه لما سلب عنه التوفیق لسوء أعماله و خلی بینه و بین نفسه و بین الشیطان، فأحب الشر فكان اللّٰه حببه إلیه قال سبحانه حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ (1) و إن كان الظاهر أن الخطاب لخلص المؤمنین.

فیقرب منه أی العبد من الشر أو الشر من العبد و علی التقدیرین كأنه كنایة عن ارتكابه و قال الجوهری یقال فیه جبریة و جَبْرُوَّة و جبروت و جبّورة مثال فَرُّوجة أی كبر(2) و غلظ الوجه كنایة عن العبوس أو الخشونة و قلة الحیاء و كشف اللّٰه ستره كنایة عن ظهور عیوبه للناس و قیل المراد كشف ستره الحاجز بینه و بین القبائح و هو الحیاء فیكون تأكیدا لما قبله و أقول الأول أظهر كما ورد فی الخبر.

و ركب المحارم أی الصغائر مصرا علیها لقوله فلم ینزع عنها أی لم یتركها ثم ركب معاصی اللّٰه أی الكبائر و قیل المراد بالأول الذنوب مطلقا و بالثانی حبها أو استحلالها بقرینة قوله أبغض طاعته لأن بغض الطاعة یستلزم حب المعصیة أو المراد بها ذنوبه بالنسبة إلی الخلق و الوثوب علی الناس كنایة عن المجادلات و المعارضات.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَمَّتَانِ لَمَّةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ لَمَّةٌ مِنَ الْمَلَكِ

ص: 397


1- 1. الحجرات: 7.
2- 2. الصحاح ص 608.

فَلَمَّةُ الْمَلَكِ الرِّقَّةُ وَ الْفَهْمُ وَ لَمَّةُ الشَّیْطَانِ السَّهْوُ وَ الْقَسْوَةُ(1).

بیان: قال الجزری

فِی حَدِیثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لِابْنِ آدَمَ لَمَّتَانِ لَمَّةٌ مِنَ الْمَلَكِ وَ لَمَّةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ.

اللمة الهمة و الخطرة تقع فی القلب أراد إلمام الملك أو الشیطان، به و القرب منه فما كان من خطرات الخیر فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشیطان، انتهی.

فلمة الملك الرقة و الفهم أی هما ثمرتها أو علامتها و الحمل علی المجاز لأن لمة الملك إلقاء الخیر و التصدیق بالحق فی القلب و ثمرتها رقة القلب و صفاؤها و میله إلی الخیر و كذا لمة الشیطان، إلقاء الوساوس و الشكوك و المیل إلی الشهوات فی القلب و ثمرتها السهو عن الحق و الغفلة عن ذكر اللّٰه و قساوة القلب.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ قَالَ: فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا مُوسَی لَا تُطَوِّلْ فِی الدُّنْیَا أَمَلَكَ فَیَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ الْقَاسِی الْقَلْبِ مِنِّی بَعِیدٌ(2).

بیان: لا تطول فی الدنیا أملك تطویل الأمل هو أن ینسی الموت و یجعله بعیدا و یظن طول عمره أو یأمل أموالا كثیرة لا تحصل إلا فی عمر طویل و ذلك یوجب قساوة القلب و صلابته و شدته أی عدم خشوعه و تأثره من المخاوف و عدم قبوله للمواعظ كما أن تذكر الموت یوجب رقة القلب و وجله عند ذكر اللّٰه و الموت و الآخرة قال الجوهری قسا قلبه قسوة و قساوة و قساء و هو غلظ القلب و شدته و أقساه الذنب و یقال الذنب مقساة القلب.

«4»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَنْ قُسِمَ لَهُ الْخُرْقُ یُحْجَبُ عَنْهُ الْإِیمَانُ (3).

ص: 398


1- 1. الكافی ج 2 ص 330.
2- 2. الكافی ج 2 ص 329.
3- 3. الكافی ج 2 ص 321.

بیان: الظاهر أن الخرق عدم الرفق فی القول و الفعل فی القاموس الخرق بالضم و بالتحریك ضد الرفق و أن لا یحسن الرجل العمل و التصرف فی الأمور و الحمق و فی النهایة فیه الرفق یمن و الخرق شؤم الخرق بالضم الجهل و الحمق انتهی و إنما كان الخرق مجانبا للإیمان لأنه یؤذی المؤمنین و المؤمن من أمن المسلمون من یده و لسانه و لأنه لا یتهیأ له طلب العلم الذی به كمال الإیمان و هو مجانب لكثیر من صفات المؤمنین كما مر ثم إنه إنما یكون مذموما إذا أمكن الرفق و لم ینته إلی حد المداهنة فی الدین

كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ ارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَرْفَقَ وَ اعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِینَ لَا یُغْنِی عَنْكَ.

أی الرفق إلا الشدة(1).

«5»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِیَّاكُمْ وَ الْمِرَاءَ وَ الْخُصُومَةَ فَإِنَّهُمَا یُمْرِضَانِ الْقُلُوبَ عَلَی الْإِخْوَانِ وَ یَنْبُتُ عَلَیْهِمَا النِّفَاقُ.

وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثٌ مَنْ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَیِّ بَابٍ شَاءَ مَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ وَ خَشِیَ اللَّهَ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَحْضَرِ وَ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كَانَ مُحِقّاً(2).

وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: مَنْ نَصَبَ اللَّهَ غَرَضاً لِلْخُصُومَاتِ أَوْشَكَ أَنْ یُكْثِرَ الِانْتِقَالَ (3).

بیان: المراء بالكسر مصدر باب المفاعلة و قیل هو الجدال و الاعتراض علی كلام الغیر من غیر غرض دینی و فی مفردات الراغب الامتراء و المماراة المحاجة فیما فیه مریة و هی التردد فی الأمر و فی النهایة فیه لا تماروا فی القرآن فإن المراء فیه كفر المراء الجدال و التماری و المماراة المجادلة علی مذهب الشك و الریبة و یقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما یستخرج ما عند صاحبه

ص: 399


1- 1. نهج البلاغة الرقم 41 من الرسائل.
2- 2. الكافی ج 2 ص 300.
3- 3. الكافی ج 2 ص 301.

و یمتریه كما یمتری الحالب اللبن من الضرع قال أبو عبید لیس وجه الحدیث عندنا علی الاختلاف فی التأویل و لكنه علی الاختلاف فی اللفظ و هو أن یقرأ الرجل علی حرف فیقول الآخر لیس هو هكذا و لكنه علی خلافه و كلاهما منزل مقروء بهما فإذا جحد كل واحد منهما قراءة صاحبه لم یؤمن أن یكون یخرجه ذلك إلی الكفر لأنه نفی حرفا أنزله اللّٰه علی نبیه.

و قیل إنما جاء هذا فی الجدال و المراء فی الآیات التی فیها ذكر القدر و نحوه من المعانی علی مذهب أهل الكلام و أصحاب الأهواء و الآراء دون ما تضمنت من الأحكام و أبواب الحلال و الحرام لأن ذلك قد جری بین الصحابة و من بعدهم من العلماء و ذلك فیما یكون الغرض و الباعث علیه ظهور الحق لیتبع دون الغلبة و التعجیز و اللّٰه أعلم.

و قال فیه ما أوتی الجدل قوم إلا ضلوا الجدل مقابلة الحجة بالحجة و المجادلة المناظرة و المخاصمة و المراد به فی الحدیث الجدل علی الباطل و طلب المغالبة به فأما المجادلة لإظهار الحق فإن ذلك محمود لقوله تعالی وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ (1).

و قال الراغب الخصم مصدر خصمته أی نازعته خصما یقال خصمته و خاصمته مخاصمة و خصاما و أصل المخاصمة أن یتعلق كل واحد بخصم الآخر أی جانبه و أن یجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب (2).

و أقول هذه الألفاظ الثلاثة متقاربة المعنی و قد ورد النهی عن الجمیع فی الآیات و الأخبار و أكثر ما یستعمل المراء و الجدال فی المسائل العلمیة و المخاصمة فی الأمور الدنیویة و قد یخص المراء بما إذا كان الغرض إظهار الفضل و الكمال و الجدال بما إذا كان الغرض تعجیز الخصم و ذلته.

و قیل الجدل فی المسائل العلمیة و المراء أعم و قیل لا یكون المراء إلا

ص: 400


1- 1. النحل: 125.
2- 2. مفردات غریب القرآن ص 149.

اعتراضا بخلاف الجدال فإنه یكون ابتداء و اعتراضا و الجدل أخص من الخصومة یقال جدل الرجل من باب علم فهو جدل إذا اشتدت خصومته و جادل مجادلة و جدالا إذا خاصم بما یشغل عن ظهور الحق و وضوح الصواب و الخصومة لا تعتبر فیها الشدة و لا الشغل.

و قال الغزالی یندرج فی المراء كل ما یخالف قول صاحبه مثل أن یقول هذا حلو فیقول هذا مر أو یقول من كذا إلی كذا فرسخ فیقول لیس بفرسخ أو یقول شیئا فیقول أنت أحمق أو أنت كاذب و یندرج فی الخصومة كل ما یوجب تأذی خاطر الآخر و ترداد القول بینهما و إذا اجتمعا یمكن تخصیص المراء بالأمور الدینیة و الخصومة بغیرها أو بالعكس.

فإنهما یمرضان القلوب علی الإخوان أی یغیرانها بالعداوة و الغیظ و إنما عبر عنها بالمرض لأنها توجب شغل القلب و توزع البال و كثرة التفكر و هی من أشد المحن و الأمراض و أیضا توجب شغل القلب عن ذكر اللّٰه و عن حضور القلب فی الصلاة و عن التفكر فی المعارف الإلهیة و خلوها عن الصفات الحسنة و تلوثها بالصفات الذمیمة و هی من أشد الأمراض النفسانیة و الأدواء الروحانیة كما قال تعالی فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (1).

و ینبت علیهما النفاق أی التفاوت بین ظاهر كل واحد منهما و باطنه بالنسبة إلی صاحبه و هذا نفاق أو النفاق مع الرب تعالی أیضا إذا كان فی المسائل الدینیة فإنهما یوجبان حدوث الشكوك و الشبهات فی النفس و التصلب فی الباطن للغلبة علی الخصم بل فی الأمور الدنیویة أیضا بالإصرار علی مخالفة اللّٰه تعالی و كل ذلك من دواعی النفاق.

فإن قیل هذا ینافی ما ورد فی الأخبار و الآیات من الأمر بهدایة الخلق و الذب عن الحق و دفع الشبهات عن الدین و قطع حجج المبطلین و قد قال تعالی

ص: 401


1- 1. البقرة: 9.

وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ (1) و قال وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ (2).

قلت هذه الأخبار محمولة علی ما إذا كان الغرض محض إظهار الفضل أو الغلبة علی الخصم أو التعصب و ترویج الباطل أو علی ما إذا كان مع عدم القدرة علی الغلبة و إظهار الحق و كشفه فیصیر سببا لمزید رسوخ الخصم فی الباطل أو علی ما إذا أراد إبطال الباطل بباطل آخر أو مع إمكان الهدایة باللین و اللطف یتعدی إلی الغلظة و الخشونة المثیرتین للفتن أو یترك التقیة فی زمنها و

أما مع عدم التقیة و القدرة علی تبیین الحق فالسعی فی إظهار الحق و إحیائه و إماتة الباطل بأوضح الدلائل و بالتی هی أحسن مع تصحیح النیة فی ذلك من غیر رئاء و لا مراء من أعظم الطاعات لكن للنفس و الشیطان، فی ذلك طرق خفیة ینبغی التحرز عنها و السعی فی الإخلاص فیه أهم من سائر العبادات.

وَ یَدُلُّ عَلَی مَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام فِی تَفْسِیرِهِ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ الصَّادِقِ علیه السلام الْجِدَالُ فِی الدِّینِ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَئِمَّةَ الْمَعْصُومِینَ علیهم السلام قَدْ نَهَوْا عَنْهُ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لَمْ یَنْهَ عَنْهُ مُطْلَقاً لَكِنَّهُ نَهَی عَنِ الْجِدَالِ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ أَ مَا تَسْمَعُونَ اللَّهَ یَقُولُ وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ قَوْلَهُ تَعَالَی ادْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَالْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ قَدْ قَرَنَهُ الْعُلَمَاءُ بِالدِّینِ وَ الْجِدَالُ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ مُحَرَّمٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی شِیعَتِنَا وَ كَیْفَ یُحَرِّمُ اللَّهُ الْجِدَالَ جُمْلَةً وَ هُوَ یَقُولُ وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری قَالَ اللَّهُ تَعَالَی تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ (3) فَجَعَلَ عِلْمَ الصِّدْقِ وَ الْإِیمَانَ بِالْبُرْهَانِ وَ هَلْ یُؤْتَی بِالْبُرْهَانِ إِلَّا فِی الْجِدَالِ بِالَّتِی

ص: 402


1- 1. النحل: 125.
2- 2. العنكبوت: 46.
3- 3. البقرة: 111.

هِیَ أَحْسَنُ قِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ الَّتِی لَیْسَتْ بِأَحْسَنَ قَالَ أَمَّا الْجِدَالُ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ أَنْ تُجَادِلَ مُبْطِلًا فَیُورِدَ عَلَیْكَ بَاطِلًا فَلَا تَرُدَّهُ بِحُجَّةٍ قَدْ نَصَبَهَا اللَّهُ تَعَالَی وَ لَكِنْ تَجْحَدُ قَوْلَهُ أَوْ تَجْحَدُ حَقّاً یُرِیدُ ذَلِكَ الْمُبْطِلُ أَنْ یُعِینَ بِهِ بَاطِلَهُ فَتَجْحَدُ ذَلِكَ الْحَقَّ مَخَافَةَ أَنْ یَكُونَ لَهُ عَلَیْكَ فِیهِ حُجَّةٌ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِی كَیْفَ الْمَخْلَصُ مِنْهُ فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَی شِیعَتِنَا أَنْ یَصِیرُوا فِتْنَةً عَلَی ضُعَفَاءِ إِخْوَانِهِمْ وَ عَلَی الْمُبْطِلِینَ أَمَّا الْمُبْطِلُونَ فَیَجْعَلُونَ ضَعْفَ الضَّعِیفِ مِنْكُمْ إِذَا تَعَاطَی مُجَادَلَتَهُ وَ ضَعْفَ مَا فِی یَدِهِ حُجَّةً لَهُ عَلَی بَاطِلِهِ وَ أَمَّا الضُّعَفَاءُ مِنْكُمْ فَتَعْمَی (1) قُلُوبُهُمْ لِمَا یَرَوْنَ مِنْ ضَعْفِ الْمُحِقِّ فِی یَدِ الْمُبْطِلِ وَ أَمَّا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ نَبِیَّهُ أَنْ یُجَادِلَ بِهِ مَنْ جَحَدَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ إِحْیَاءَهُ لَهُ فَقَالَ اللَّهُ حَاكِیاً عَنْهُ وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِیَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ (2) فَقَالَ اللَّهُ فِی الرَّدِّ عَلَیْهِمْ قُلْ یَا مُحَمَّدُ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ فَأَرَادَ اللَّهُ مِنْ نَبِیِّهِ أَنْ یُجَادِلَ الْمُبْطِلَ الَّذِی قَالَ كَیْفَ یَجُوزُ أَنْ یُبْعَثَ هَذِهِ الْعِظَامُ وَ هِیَ رَمِیمٌ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أَ فَیَعْجِزُ مَنِ ابْتَدَأَ بِهِ لَا مِنْ شَیْ ءٍ أَنْ یُعِیدَهُ بَعْدَ أَنْ یَبْلَی بَلِ ابْتِدَاؤُهُ أَصْعَبُ عِنْدَكُمْ مِنْ إِعَادَتِهِ ثُمَّ قَالَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أَیْ إِذَا كَمَنَ النَّارُ الْحَارَّةُ فِی الشَّجَرَةِ الْأَخْضَرِ الرَّطْبِ وَ یَسْتَخْرِجُهَا فَعَرَّفَكُمْ أَنَّهُ عَلَی إِعَادَةِ مَا بَلِیَ أَقْدَرُ ثُمَّ قَالَ أَ وَ لَیْسَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلی وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِیمُ أَیْ إِذَا كَانَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أَعْظَمَ وَ أَبْعَدَ فِی أَوْهَامِكُمْ وَ قَدَرِكُمْ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِ مِنْ إِعَادَةِ الْبَالِی فَكَیْفَ جَوَّزْتُمْ مِنَ اللَّهِ خَلْقَ هَذَا الْأَعْجَبِ عِنْدَكُمْ وَ الْأَصْعَبِ لَدَیْكُمْ وَ لَمْ تُجَوِّزُوا مِنْهُ مَا هُوَ أَسْهَلُ عِنْدَكُمْ مِنْ إِعَادَةِ الْبَالِی قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَهَذَا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ

ص: 403


1- 1. فتغم خ ل.
2- 2. یس: 78.

أَحْسَنُ لِأَنَّ فِیهَا قَطْعَ عُذْرِ الْكَافِرِینَ وَ إِزَالَةَ شُبَهِهِمْ: وَ أَمَّا الْجِدَالُ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ بِأَنْ تَجْحَدَ حَقّاً لَا یُمْكِنُكَ أَنْ تُفَرِّقَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ بَاطِلِ مَنْ تُجَادِلُهُ وَ إِنَّمَا تَدْفَعُهُ عَنْ بَاطِلِهِ بِأَنْ تَجْحَدَ الْحَقَّ فَهَذَا هُوَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّكَ مِثْلُهُ جَحَدَ هُوَ حَقّاً وَ جَحَدْتَ أَنْتَ حَقّاً آخَرَ قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ فَجَادَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَهْمَا ظَنَنْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ شَیْ ءٍ فَلَا تَظُنَّ بِهِ مُخَالَفَةَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ قَالَ قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ لِمَنْ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا أَ فَتَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَالَفَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فَلَمْ یُجَادِلْ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَ لَمْ یُخْبِرْ عَنِ اللَّهِ بِمَا أَمَرَهُ أَنْ یُخْبِرَ بِهِ (1).

وَ رَوَی أَبُو عَمْرٍو الْكَشِّیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَعِیبُونَ عَلَیَّ بِالْكَلَامِ وَ أَنَا أُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ أَمَّا مِثْلُكَ مَنْ یَقَعُ ثُمَّ یَطِیرُ فَنَعَمْ وَ أَمَّا مَنْ یَقَعُ ثُمَّ لَا یَطِیرُ فَلَا(2).

وَ رُوِیَ أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ عَنِ الطَّیَّارِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بَلَغَنِی أَنَّكَ كَرِهْتَ مُنَاظَرَةَ النَّاسِ فَقَالَ أَمَّا مِثْلُكَ فَلَا یَكْرَهُ مَنْ إِذَا طَارَ یُحْسِنُ أَنْ یَقَعَ وَ إِنْ وَقَعَ یُحْسِنُ أَنْ یَطِیرَ فَمَنْ كَانَ هَكَذَا لَا نَكْرَهُهُ (3).

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا فَعَلَ ابْنُ الطَّیَّارِ قَالَ قُلْتُ مَاتَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ لَقَّاهُ نَضْرَةً وَ سُرُوراً فَقَدْ كَانَ شَدِیدَ الْخُصُومَةِ عَنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ (4).

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنُ الطَّیَّارِ فَقُلْتُ تُوُفِّیَ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الرَّحْمَةَ وَ النَّضْرَةَ فَإِنَّهُ كَانَ یُخَاصِمُ عَنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ (5).

ص: 404


1- 1. تفسیر الإمام العسكریّ ص 242 و 243.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 271.
3- 3. رجال الكشّیّ ص 298.
4- 4. رجال الكشّیّ ص 298.
5- 5. رجال الكشّیّ ص 298.

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَلِّمْ أَهْلَ الْمَدِینَةِ فَإِنِّی أُحِبُّ أَنْ یُرَی فِی رِجَالِ الشِّیعَةِ مِثْلُكَ (1).

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ قَالَ: ذُكِرَ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَصْحَابُ الْكَلَامِ فَقَالَ أَمَّا ابْنُ حَكِیمٍ فَدَعُوهُ (2).

فهذه الأخبار كلها مع كون أكثرها من الصحاح تدل علی تجویز الجدال و الخصومة فی الدین علی بعض الوجوه و لبعض العلماء و تؤید بعض الوجوه التی ذكرناها فی الجمع.

من لقی اللّٰه بهن (3)

أی كن معه إلی الموت أو فی المحشر دخل الجنة من أی باب شاء كأنه مبالغة فی إباحة الجنة له و عدم منعه منها بوجه فی المغیب و المحضر أی یظهر فیه آثار خشیة اللّٰه بترك المعاصی فی حال حضور الناس و غیبتهم و قیل أی عدم ذكر الناس بالشر فی الحضور و الغیبة و الأول أظهر.

و إن كان محقا قد مر أنه لا ینافی وجوب إظهار الحق فی الدین و لا ینافی أیضا جواز المخاصمة لأخذ الحق الدنیوی لكن بدون التعصب و طلب الغلبة و ترك المداراة بل یكتفی بأقل ما ینفع فی المقامین بدون إضرار و إهانة و إلقاء باطل كما عرفت.

من نصب اللّٰه (4)

النصب الإقامة و الغرض بالتحریك الهدف قال فی المصباح الغرض الهدف الذی یرمی إلیه و الجمع أغراض و قولهم غرضه كذا علی التشبیه بذلك أی مرماه الذی یقصده انتهی و هنا كنایة عن كثرة المخاصمة فی ذات اللّٰه سبحانه و صفاته فإن العقول قاصرة عن إدراكها و لذا نهی عن التفكر

ص: 405


1- 1. رجال الكشّیّ ص 374.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 380.
3- 3. شروع فی شرح الحدیث الثانی.
4- 4. شروع فی شرح الحدیث الثالث.

فیها كما مر فی كتاب التوحید و كثرة التفكر و الخصومة فیها یقرب الإنسان من كثرة الانتقال من رأی إلی رأی لحیرة العقول فیها و عجزها عن إدراكها كما تری من الحكماء و المتكلمین المتصدین لذلك فإنهم سلكوا مسالك شتی و الاكتفاء بما ورد فی الكتاب و السنة و ترك الخوض فیها أحوط و أولی.

و یحتمل أن یكون المراد الانتقال من الحق إلی الباطل و من الإیمان إلی الكفر فإن الجدال فی اللّٰه و الخوض فی ذاته و كنه صفاته یورثان الشكوك و الشبهة قال اللّٰه تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدیً وَ لا كِتابٍ مُنِیرٍ(1) و قال جل شأنه وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ (2) إلی غیر ذلك من الآیات فی ذلك.

و أوشك من أفعال المقاربة بمعنی القرب و الدنو و منهم من ذهب هنا إلی ما یترتب علی مطلق الخصومة مع الخلق و قال الانتقال التحول من حال إلی حال كالتحول من الخیر إلی الشر و من حسن الأفعال إلی قبح الأعمال المقتضیة لفساد النظام و زوال الألفة

و الالتیام و قیل المراد كثرة الحلف باللّٰه فی الدعاوی و الخصومات فإنه أوشك أن ینتقل مما حلف علیه إلی ضده خوفا من العقاب فیفتضح بذلك و لا یخفی ما فیهما.

«8»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَا تُمَارِیَنَّ حَلِیماً وَ لَا سَفِیهاً فَإِنَّ الْحَلِیمَ یَقْلِیكَ (3)

وَ السَّفِیهَ یُؤْذِیكَ (4).

بیان: الحلیم یحتمل المعنیین المتقدمین أی العاقل و المتثبت المتأنی فی الأمور و السفیه یحتمل مقابلیهما و المعنیان متلازمان غالبا و كذا مقابلاهما و الحاصل

ص: 406


1- 1. الحجّ: 8.
2- 2. الأنعام: 68.
3- 3. یغلبك خ ل.
4- 4. الكافی ج 2 ص 301.

أن العاقل الحازم المتأنی فی الأمور لا یتصدی للمعارضة و یصیر ذلك سببا لأن یبطن فی قلبه العداوة و الأحمق المتهتك یعارض و یؤذی فی القاموس قلاه كرماه و رضیه قلی و قلاء و مقلیة أبغضه و كرهه غایة الكراهة فتركه أو قلاه فی الهجر و قلیه فی البغض.

«9»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا كَادَ جَبْرَئِیلُ یَأْتِینِی إِلَّا قَالَ یَا مُحَمَّدُ اتَّقِ شَحْنَاءَ الرِّجَالِ وَ عَدَاوَتَهُمْ (1).

بیان: ما كاد فی القاموس كاد یفعل كذا قارب و هم و فی بعض النسخ ما كان و فی الأول المبالغة أكثر أی لم یقرب إتیانه إلا قال و الشحناء بالفتح البغضاء و العداوة و الإضافة إلی المفعول أی العداوة مع الرجال و یحتمل الفاعل أیضا أی العداوة الشائعة بین الرجال و الأول أظهر و عداوتهم تأكید أو المراد بالأول فعل ما یوجب العداوة أو إظهارها قال فی المصباح الشحناء العداوة و البغضاء و شحنت علیه شحنا من باب تعب حقدت و أظهرت العداوة و من باب نفع لغة.

«10»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْكِنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاكَ وَ مُلَاحَاةَ الرِّجَالِ (2).

بیان: قال فی النهایة فیه نهیت عن ملاحاة الرجال أی مقاولتهم و مخاصمتهم یقال لحیت الرجل ألحاه إذا لمته و عذلته و لاحیته ملاحاة و لحاء إذا نازعته.

«11»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِیَّاكُمْ وَ الْمُشَارَّةَ فَإِنَّهَا تُورِثُ الْمَعَرَّةَ وَ تُظْهِرُ الْعَوْرَةَ(3).

بیان: فی النهایة فیه لا تشار أخاك هو تفاعل من الشر أی لا تفعل به شرا یحوجه إلی أن یفعل بك مثله و یروی بالتخفیف و فی الصحاح المشارة المخاصمة فإنها تورث المعرة قال فی القاموس المعرة الإثم و الأذی و الغرم و الدیة و الخیانة

ص: 407


1- 1. الكافی ج 2 ص 301.
2- 2. الكافی ج 2 ص 301.
3- 3. الكافی ج 2 ص 301.

و تظهر العورة أی العیوب المستورة.

و قال الجوهری العورة سوأة الإنسان و كل ما یستحیا منه و فی بعض النسخ المعورة اسم فاعل من أعور الشی ء إذا صار ذا عوار أو ذا عورة و هی العیب و القبیح و كل شی ء یستره الإنسان أنفة أو حیاء فهو عورة و المراد بها هنا القبیح من الأخلاق و الأفعال و علی النسختین المراد ظهور قبائحه و عیوبه إما من نفسه فإنه عند المشاجرة و الغضب لا یملكها فیبدو منه ما كان یخفیه أو من خصمه فإن الخصومة سبب لإظهار الخصم قبح خصمه لینتقص منه و یضع قدره بین الناس.

«12»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِیَّاكُمْ وَ الْخُصُومَةَ فَإِنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ وَ تُورِثُ النِّفَاقَ وَ تَكْسِبُ الضَّغَائِنَ (1).

بیان: فإنها تشغل القلب عن ذكر اللّٰه و بالتفكر فی الشبه و الشكوك و الحیل لدفع الخصم و بالغم و الهم أیضا و الضغائن جمع الضغینة و هی الحقد و تضاغنوا انطووا علی الأحقاد.

«13»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا أَتَانِی جَبْرَئِیلُ قَطُّ إِلَّا وَعَظَنِی فَآخِرُ قَوْلِهِ لِی إِیَّاكَ وَ مُشَارَّةَ النَّاسِ فَإِنَّهَا تَكْشِفُ الْعَوْرَةَ وَ تَذْهَبُ بِالْعِزِّ(2).

بیان:

رَوَی الشَّیْخُ فِی مَجَالِسِهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِیَّاكُمْ وَ مُشَارَّةَ النَّاسِ فَإِنَّهَا تَدْفَنُ الْعُرَّةَ وَ تُظْهِرُ الْغُرَّةَ.

العرة الأولی بالعین المهملة و الثانیة بالمعجمة و كلاهما مضمومتان و روت العامة أیضا من طرقهم هكذا قال فی النهایة فیه إیاكم و مشارة الناس فإنها تدفن العرة و تظهر الغرة الغرة هاهنا الحسن و العمل الصالح شبهه بغرة الفرس و كل

ص: 408


1- 1. الكافی ج 2 ص 301.
2- 2. الكافی ج 2 ص 302.

شی ء ترفع قیمته فهو غرة و العرة هی القذر و عذرة الناس فاستعیر للمساوی و المثالب.

«14»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ صَبِیحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا عَهِدَ إِلَیَّ جَبْرَئِیلُ فِی شَیْ ءٍ مَا عَهِدَ إِلَیَّ فِی مُعَادَاةِ الرِّجَالِ (1).

بیان: كلمة ما فی الأولی نافیة و فی الثانیة مصدریة و المصدر مفعول مطلق للنوع و المراد هنا المداراة مع المنافقین من أصحابه كما فعل صلی اللّٰه علیه و آله أو مع الكفار أیضا قبل الأمر بالجهاد أو الغرض بیان ذلك للناس.

«15»- كا، [الكافی] عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ زَرَعَ الْعَدَاوَةَ حَصَدَ مَا بَذَرَ(2).

بیان: حصد ما بذر فی الصحاح بذرت البذر زرعته أی العداوة مع الناس كالبذر یحصد منه مثله و هو عداوة الناس له.

ص: 409


1- 1. الكافی ج 2 ص 302.
2- 2. الكافی ج 2 ص 302.

كلمة المصحّح

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد للّٰه و الصلاة و السلام علی رسول اللّٰه محمّد و علی آله أمناء اللّٰه.

و بعد: فقد تفضّل اللّٰه علینا و له الفضل و المنّ حیث اختارنا لخدمة الدین و أهله و قیّضنا لتصحیح هذه الموسوعة الكبری و هی الباحثة عن المعارف الإسلامیّة الدائرة بین المسلمین: أعنی بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار علیهم الصلوات و السلام.

و هذا الجزء الذی نخرجه إلی القرّاء الكرام هو الجزء السابع من المجلّد الخامس عشر و قد اعتمدنا فی تصحیح الأحادیث و تحقیقها علی النسخة المصحّحة المشهورة بكمبانیّ بعد تخریجها من المصادر و تعیین موضع النصّ من المصدر و قد سددنا ما كان فی طبعة الكمبانی من الخلل و بیاض مع جهد شدید بقدر الإمكان.

نسأل اللّٰه العزیز أن یوفّقنا لإدامة هذه الخدمة المرضیّة بفضله و منّه.

محمد الباقر البهبودی

ص: 410

بسمه تعالی

إلی هنا انتهی الجزء السابع من المجلّد الخامس عشر و كان آخر أجزائه و هو الجزء السبعون حسب تجزئتنا یحتوی علی أربعة و عشرین باباً من أبواب مساوی الأخلاق.

و لقد بذلنا جهدنا فی تصحیحه و مقابلته و عرضه علی المصادر فخرج بعون اللّٰه و مشیّته نقیّا من الأغلاط إلّا نزراً زهیداً زاغ عنه البصر أو كل عنه النظر و من اللّٰه العصمة و التوفیق.

السیّد إبراهیم المیانجی محمّد الباقر البهبودی

ص: 411

استدراك و اعتذار

وقع فی هامش الصفحة 156 من ج 77 ذیل قول النبیّ صّلی الّله علیه و آله «لكلّ شی ء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البیت» أغلاط مطبعیّة قد یخلّ بالمعنی و یفهم منها أنّ المراد تعمیم شمول آیة التطهیر لغیر أهل البیت المعصومین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین و لیس كذلك كیف و هو باطل باجماع المسلمین بل المراد أنّ المحبّة التی هی أساس الإسلام و هی التی یعبّر عنها بالتولّی لایبعد أن تعمّ غیر أهل البیت علیهم السلام أیضا لقول إبراهیم علیه السلام فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی و قول رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله «سلمان منّا أهل البیت»

و هذه الشبهة إنّما نشأت من تصحیف كلمة واحدة لدی الطباعة و هی كلمة «شمولها» فی السطر 22 و الصحیح «وجوبها» یعنی وجوب تلك المحبّة.

هذا! وقد وقع فی ذیل الصفحة 200 من ج 77 أیضا السطر 20 جملة أخری طغی بها القلم نعتذر بذلك إلی القرّاء الكرام و اللّٰه ولیّ العصمة و التوفیق.

علی اكبر الغفاری

ص: 412

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

عناوین الأبواب/ رقم الصفحة

«122»- باب حبّ الدنیا و ذمّها و بیان فنائها و غدرها بأهلها و ختل الدنیا بالدین 135- 1

«123»- باب حبّ المال و جمع الدینار و الدرهم و كنزهما 145- 135

«124»- باب حبّ الرئاسة 154- 145

«125»- باب الغفلة و اللّٰهو و كثرة الفرح و الإتراف بالنعم 158- 154

«126»- باب ذمّ العشق و علّته 158

«127»- باب الكسل و الضجر و طلب ما لا یدرك 160- 159

«128»- باب الحرص و طول الأمل 167- 160

«129»- باب الطمع و التذلّل لأهل الدنیا طلبا لما فی أیدیهم و فضل القناعة 179- 168

«130»- باب الكبر 237- 179

«131»- باب الحسد 262- 237

«132»- باب ذمّ الغضب و مدح التنمّر فی ذات اللّٰه 281- 262

«133»- باب العصبیة و الفخر و التكاثر فی الأموال و الأولاد و غیرها 294- 281

«134»- باب النهی عن المدح و الرضا به 295- 294

«135»- باب سوء الخلق 299- 296

«136»- باب البخل 308- 299

ص: 413

«137»- باب الذنوب و آثارها و النهی عن استصغارها 365- 308

«138»- باب علل المصائب و المحن و الأمراض و الذنوب التی توجب غضب اللّٰه و سرعة العقوبة 377- 366

«139»- باب الإملاء و الإمهال علی الكفّار و الفجّار و الاستدراج و الافتتان زائدا علی ما مرّ فی كتاب العدل و من یرحم اللّٰه بهم علی أهل المعاصی 383- 377

«140»- باب النهی عن التعییر بالذنب أو العیب و الأمر بالهجرة عن بلاد أهل المعاصی 387- 384

«141»- باب وقت ما یغلظ علی العبد فی المعاصی و استدراج اللّٰه تعالی 391- 387

«142»- باب من أطاع المخلوق فی معصیة الخالق 394- 391

«143»- باب التكلّف و الدّعوی 395- 394

«144»- باب الفساد 396- 395

«145»- باب القسوة و الخرق و المراء و الخصومة و العداوة 409- 396

ص: 414

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 415

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.