بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 66

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 66: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب الإیمان و الكفر

أبواب الإیمان و الإسلام و التشیع و معانیها و فضلها و صفاتها

باب 28 الدین الذی لا یقبل اللّٰه أعمال العباد إلا به

الآیات:

البقرة: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِیَ مُوسی وَ عِیسی وَ ما أُوتِیَ النَّبِیُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِی شِقاقٍ (1)

أقول:

قد مر تفسیرها فی الباب الأول (2).

«1»- ك، [إكمال الدین] لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ مُوسَی وَ الْوَرَّاقُ مَعاً عَنِ الصُّوفِیِّ عَنِ الرُّویَانِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی سَیِّدِی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَلَمَّا بَصُرَ بِی قَالَ لِی مَرْحَباً بِكَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ أَنْتَ وَلِیُّنَا حَقّاً قَالَ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَیْكَ دِینِی فَإِنْ كَانَ مَرْضِیّاً ثَبَتُّ عَلَیْهِ حَتَّی أَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ هَاتِ یَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقُلْتُ إِنِّی أَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَاحِدٌ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ خَارِجٌ مِنَ الْحَدَّیْنِ حَدِّ الْإِبْطَالِ وَ حَدِّ التَّشْبِیهِ وَ إِنَّهُ لَیْسَ بِجِسْمٍ وَ لَا صُورَةٍ وَ لَا عَرَضٍ وَ لَا جَوْهَرٍ بَلْ هُوَ مُجَسِّمُ الْأَجْسَامِ وَ مُصَوِّرُ الصُّوَرِ وَ خَالِقُ الْأَعْرَاضِ وَ الْجَوَاهِرِ وَ رَبُّ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَالِكُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ مُحْدِثُهُ وَ إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ فَلَا نَبِیَّ بَعْدَهُ إِلَی


1- 1. البقرة: 136- 137.
2- 2. راجع ج 67 ص 20- 21.

یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّ شَرِیعَتَهُ خَاتِمَةُ الشَّرَائِعِ فَلَا شَرِیعَةَ بَعْدَهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْإِمَامَ وَ الْخَلِیفَةَ وَ وَلِیَّ الْأَمْرِ بَعْدَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ ثُمَّ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ ثُمَّ أَنْتَ یَا مَوْلَایَ فَقَالَ علیه السلام وَ مِنْ بَعْدُ الْحَسَنُ ابْنِی فَكَیْفَ لِلنَّاسِ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ فَقُلْتُ وَ كَیْفَ ذَاكَ یَا مَوْلَایَ قَالَ لِأَنَّهُ لَا یُرَی شَخْصُهُ وَ لَا یَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ حَتَّی یَخْرُجَ فَیَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً قَالَ فَقُلْتُ أَقْرَرْتُ وَ أَقُولُ إِنَّ وَلِیَّهُمْ وَلِیُّ اللَّهِ وَ عَدُوَّهُمْ عَدُوُّ اللَّهِ وَ طَاعَتَهُمْ طَاعَةُ اللَّهِ وَ مَعْصِیَتَهُمْ مَعْصِیَةُ اللَّهِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْمِعْرَاجَ حَقٌّ وَ الْمُسَاءَلَةَ فِی الْقَبْرِ حَقٌّ وَ إِنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَ الْمِیزَانَ حَقٌّ وَ إِنَ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ إِنَ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْفَرَائِضَ الْوَاجِبَةَ بَعْدَ الْوَلَایَةِ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الْجِهَادُ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام یَا أَبَا الْقَاسِمِ هَذَا وَ اللَّهِ دِینُ اللَّهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ فَاثْبُتْ عَلَیْهِ ثَبَّتَكَ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ(1).

بیان: حدّ الإبطال هو أن لا تثبت له صفة و حدّ التشبیه أن تثبت له علی وجه یتضمن التشبیه بالمخلوقین كما مر تحقیقه فی كتاب التوحید.

«2»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَهُ صَحِیفَةُ مَسَائِلِ شِبْهِ الْخُصُومَةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هَذِهِ صَحِیفَةُ مُخَاصِمٍ عَلَی الدِّینِ الَّذِی یَقْبَلُ اللَّهُ فِیهِ الْعَمَلَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ هَذَا الَّذِی أُرِیدُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ تُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ الْوَلَایَةِ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِیمِ لَنَا وَ التَّوَاضُعِ وَ الطُّمَأْنِینَةِ وَ انْتِظَارِ أَمْرِنَا فَإِنَ

ص: 2


1- 1. كمال الدین ط اسلامیة ج 2 ص 51 أمالی الصدوق: 204.

لَنَا دَوْلَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَاءَ بِهَا(1).

كا، [الكافی] عن الحسین بن محمد عن المعلی عن الوشاء عن أبان: مثله (2) بیان فی الكافی مخاصم سائل أی مناظر مجادل و ما قیل إنه اسم بعید اشهد بصیغة الأمر و فی الكافی شهادة و تقر أی و أن تقر و علی ما فی الأمالی یحتمل الحالیة و فی الكافی و التسلیم لنا و الورع و التواضع و لیس فیه و الطمأنینة و لعل المراد بها اطمئنان القلب و عدم الاضطراب عند الفتن و بالتواضع التواضع لله و لأولیائه أو الأعم و انتظار أمرنا و فی الكافی قائمنا و هذا یتضمن الإقرار بوجوده و حیاته و ظهوره و عدم الشك فیه و التسلیم لغیبته و عدم الاعتراض فیها و الصبر علی ما یلقی من الأذی فیها و التمسك بما فی یده من آثارهم و الرجوع إلی رواة أخبارهم علیهم السلام و فی الكافی إذا شاء و هو أظهر.

«3»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ عَنْ حَیْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْكَشِّیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْمُخَارِقِیِّ قَالَ: وَصَفْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام دِینِی فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ عَلِیّاً إِمَامٌ عَدْلٌ بَعْدَهُ ثُمَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ ثُمَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ ثُمَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ ثُمَّ أَنْتَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ عِفَّةِ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ تَكُونُوا مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی (3).

«4»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمْزَةَ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَیْ حُمْرَانَ قَالا: اجْتَمَعْنَا عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَجِلَّةِ مَوَالِیهِ وَ فِینَا حُمْرَانُ بْنُ أَعْیَنَ فَخُضْنَا فِی الْمُنَاظَرَةِ وَ حُمْرَانُ سَاكِتٌ فَقَالَ لَهُ

ص: 3


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 182.
2- 2. الكافی: ج 2 ص 23، و فیه: صحیفة مخاصم یسأل عن الدین.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2: 226.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ یَا حُمْرَانُ فَقَالَ یَا سَیِّدِی آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی (1) أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ فِی مَجْلِسٍ تَكُونُ فِیهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِی الْكَلَامِ فَتَكَلَّمْ فَقَالَ حُمْرَانُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً خَارِجٌ مِنَ الْحَدَّیْنِ حَدِّ التَّعْطِیلِ وَ حَدِّ التَّشْبِیهِ وَ أَنَّ الْحَقَّ الْقَوْلُ بَیْنَ الْقَوْلَیْنِ لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِیضَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ لَا یَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ وَ أَنَّ حَسَناً بَعْدَهُ وَ أَنَّ الْحُسَیْنَ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ ثُمَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ ثُمَّ أَنْتَ یَا سَیِّدِی مِنْ بَعْدِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام التُّرُّ تُرُّ حُمْرَانَ ثُمَّ قَالَ یَا حُمْرَانُ مُدَّ الْمِطْمَرَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الْعَالِمِ قُلْتُ یَا سَیِّدِی وَ مَا الْمِطْمَرُ فَقَالَ أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ خَیْطَ الْبَنَّاءِ فَمَنْ خَالَفَكَ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ فَهُوَ زِنْدِیقٌ فَقَالَ حُمْرَانُ وَ إِنْ كَانَ عَلَوِیّاً فَاطِمِیّاً فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ إِنْ كَانَ مُحَمَّدِیّاً عَلَوِیّاً فَاطِمِیّاً(2).

بیان: فخضنا أی شرعنا و دخلنا و فی القاموس التر بالضم الخیط یقدر به البناء و قال المطمار خیط للبناء یقدر به كالمطمر انتهی و هذا الخبر ینفی الواسطة بین الإیمان و الكفر فمن لم یكن إمامیا صحیح العقیدة فهو كافر.

«5»- سن، [المحاسن] عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ سَیْفٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: أَدْخَلْتُ عُمَرَ أَخِی عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ هَذَا عُمَرُ أَخِی وَ هُوَ یُرِیدُ أَنْ یَسْمَعَ مِنْكَ شَیْئاً فَقَالَ لَهُ سَلْ مَا شِئْتَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الَّذِی لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ غَیْرَهُ وَ لَا یَعْذِرُهُمْ عَلَی جَهْلِهِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ حِجُّ الْبَیْتِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جُمْلَةً وَ الِایتِمَامُ بِأَئِمَّةِ الْحَقِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ عُمَرُ سَمِّهِمْ لِی أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَقَالَ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ

ص: 4


1- 1. أی حكمت علیها و ألزمتها.
2- 2. معانی الأخبار ص 212.

بْنُ عَلِیٍّ وَ الْخَیْرُ یُعْطِیهِ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ فَقَالَ لَهُ فَأَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ یَجْرِی لِآخِرِنَا مَا یَجْرِی لِأَوَّلِنَا وَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ فَضْلُهُمَا قَالَ لَهُ فَأَنْتَ قَالَ هَذَا الْأَمْرُ یَجْرِی كَمَا یَجْرِی اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ قَالَ فَأَنْتَ قَالَ هَذَا الْأَمْرُ یَجْرِی كَمَا یَجْرِی حَدُّ الزَّانِی وَ السَّارِقِ قَالَ فَأَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْقُرْآنُ نَزَلَ فِی أَقْوَامٍ وَ هِیَ تَجْرِی فِی النَّاسِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ لَتَزِیدُنِی عَلَی أَمْرٍ(1).

«6»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ هِشَامِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْإِیمَانِ الَّذِی لَا یَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَیْتِ وَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَ الْوَلَایَةُ لَنَا وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ عَدُوِّنَا وَ تَكُونُ مَعَ الصِّدِّیقِینَ (2).

بیان: و تكون مع الصدیقین أی إذا فعلت جمیع ذلك تكون الآخرة مع الصدیقین كما قال تعالی فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ (3) أو المعنی و من الإیمان الكون معهم و متابعتهم كما قال تعالی وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (4).

«7»- كش، [رجال الكشی] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلْتُ عَلَیْهِ وَ هُوَ فِی مَنْزِلِ أَخِیهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَقَّ لَكَ جعلت فداك ما حق لك إِلَی هَذَا الْمَنْزِلِ قَالَ طَلَبُ النُّزْهَةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ لَا أَقُصُّ عَلَیْكَ دِینِیَ الَّذِی أَدِینُ اللَّهَ بِهِ قَالَ بَلَی یَا عَمْرُو قُلْتُ إِنِّی أَدِینُ اللَّهَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجِّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ الْوَلَایَةِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ

ص: 5


1- 1. المحاسن: ص 288. و فیه: هذا الامر یجری لآخرنا كما یجری لأولنا.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 117.
3- 3. النساء: 69.
4- 4. براءة: 120.

أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ الْوَلَایَةِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الْوَلَایَةِ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ الْوَلَایَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ أَئِمَّتِی عَلَیْهِ أَحْیَا وَ عَلَیْهِ أَمُوتُ وَ أَدِینُ اللَّهَ بِهِ قَالَ یَا عَمْرُو هَذَا وَ اللَّهِ دِینِی وَ دِینُ آبَائِیَ الَّذِی نَدِینُ اللَّهَ بِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ كُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ وَ لَا تَقُلْ إِنِّی هَدَیْتُ نَفْسِی بَلْ هَدَاكَ اللَّهُ فَاشْكُرْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ لَا تَكُنْ مِمَّنْ إِذَا أَقْبَلَ طُعِنَ فِی عَیْنَیْهِ وَ إِذَا أَدْبَرَ طُعِنَ فِی قَفَاهُ وَ لَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَی كَاهِلِكَ فَإِنَّهُ یُوشِكُ إِنْ حَمَلْتَ النَّاسَ عَلَی كَاهِلِكَ أَنْ یُصَدِّعُوا شَعَبَ كَاهِلِكَ (1).

كا، [الكافی] عن علی عن أبیه و أبی علی الأشعری عن محمد بن عبد الجبار جمیعا عن صفوان: مثله (2)

بیان: فی القاموس التنزه التباعد و الاسم النزهة بالضم و مكان نزه ككتف و نزیه و أرض نزهة بكسر الزای و نزیهة بعیدة عن الریف و غمق المیاه و ذبان القری و مد البحار و فساد الهواء نزه ككرم و ضرب نزاهة و نزاهیة و الرحل تباعد عن كل مكروه فهو نزیه و استعمال التنزه فی الخروج إلی البساتین و الخضر و الریاض غلط قبیح و هو بنزهة من الماء بالضم ببعد(3).

و أقول كفی باستعماله علیه السلام فی هذا المعنی شاهدا علی صحته و فصاحته و إن أمكن حمله علی بعض المعانی التی ذكرها مع أنهم علیهم السلام قد كانوا یتكلمون بعرف المخاطبین و مصطلحاتهم تقریبا إلی أفهامهم و قال فی المصباح قال ابن السكیت فی فصل ما تضعه العامة فی غیر موضعه خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلی البساتین و إنما

ص: 6


1- 1. رجال الكشّیّ ص 356.
2- 2. الكافی: ج 2 ص 23. مع اختلاف یسیر.
3- 3. القاموس ج 4: 294. و الریف: أرض فیها زرع و خصب، و قیل: حیث تكون الخضر و المیاه، و غمق البحار: نداه یعنی رطوبة الهواء، و ذبان جمع ذباب و هی فی القری لقذارة أرضها و هوائها أكثر منها فی المدن، و مد البحار: نداها فی صمیم الحر تقع علی الناس لیلا.

التنزه التباعد من المیاه و الأریاف و قال ابن قتیبة ذهب أهل العلم فی قول الناس خرجوا یتنزهون إلی البساتین أنه غلط و هو عندی لیس بغلط لأن البساتین فی كل بلد إنما تكون خارج البلد فإذا أراد أحد أن یأتیها فقد أراد البعد عن المنازل و البیوت ثم كثر هذا حتی استعملت النزهة فی الخضر و الجنان.

قوله أدین به فی الكافی أدین اللّٰه به أی أعبد اللّٰه و أطیعه بتلك العقائد و الأعمال و فی الكافی لمحمد بن علی و لك من بعده و أنكم أئمتی قوله علیه السلام فی السر و العلانیة أی بالقلب و اللسان و الجوارح أو فی الخلوة و المجامع مع عدم التقیة و كف لسانك تخصیص كف اللسان بالذكر بعد الأمر بالتقوی مطلقا لكون أكثر الشرور منه و فیه إشعار بالتقیة أیضا و لا تقل إنی هدیت نفسی أی لا تفسد دینك بالعجب و اعلم أن الهدایة من اللّٰه كما قال تعالی قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَیَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ (1) و فی الكافی بل اللّٰه هداك فأد شكر ما أنعم اللّٰه عز و جل به علیك و لا تكن ممن إذا أقبل أی كن من الأخیار لیمدحك الناس فی وجهك و قفاك و لا تكن من الأشرار الذین یذمهم الناس فی حضورهم و غیبتهم أو أمر بالتقیة من المخالفین أو بحسن المعاشرة مطلقا و لا تحمل الناس علی كاهلك أی لا تسلط الناس علی نفسك بترك التقیة أو لا تحملهم علی نفسك بكثرة المداهنة و المداراة معهم بحیث تتضرر بذلك كأن یضمن لهم أو یتحمل عنهم ما لا یطیق أو یطمعهم فی أن یحكم بخلاف الحق أو یوافقهم فیما لا یحل و هذا أفید و إن كان الأول أظهر فی القاموس الكاهل كصاحب الحارك أو مقدم أعلی الظهر مما یلی العنق و هو الثلث الأعلی و فیه ست فقر أو ما بین الكتفین أو موصل العنق فی الصلب و قال الصدع الشق فی شی ء صلب و قال الشعب بالتحریك بعد ما بین المنكبین.

«8»- كش، [رجال الكشی] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ الْجَمَّالِ قَالَ: دَخَلَ خَالِدٌ الْبَجَلِیُّ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی

ص: 7


1- 1. الحجرات: 18.

أُرِیدُ أَنْ أَصِفَ لَكَ دِینِیَ الَّذِی أَدِینُ اللَّهَ بِهِ وَ قَدْ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ فَقَالَ لَهُ سَلْنِی فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُنِی عَنْ شَیْ ءٍ إِلَّا حَدَّثْتُكَ بِهِ عَلَی حِدَةٍ لَا أَكْتُمُهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أُبْدِی أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ لَیْسَ إِلَهٌ غَیْرَهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَذَلِكَ رَبُّنَا لَیْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَیْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ مُقِرٌّ لَهُ بِالْعُبُودِیَّةِ وَ رَسُولُهُ إِلَی خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَی الْعِبَادِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی النَّاسِ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَی الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ صلی اللّٰه علیهما قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ الْحَسَنُ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحُسَیْنِ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَی الْخَلْقِ بَعْدَ الْحَسَنِ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ الْحُسَیْنُ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَی جَمِیعِ الْخَلْقِ كَمَا كَانَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیه السلام كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَی الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْرَثَكَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَسْبُكَ اسْكُتِ الْآنَ فَقَدْ قُلْتَ حَقّاً فَسَكَتُّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً لَهُ عَقِبٌ وَ ذُرِّیَّةٌ إِلَّا أَجْرَی لِآخِرِهِمْ مِثْلَ مَا أَجْرَی لِأَوَّلِهِمْ وَ إِنَّا نَحْنُ ذُرِّیَّةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَجْرَی لِآخِرِنَا مِثْلَ مَا أَجْرَی لِأَوَّلِنَا وَ نَحْنُ عَلَی مِنْهَاجِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله لَنَا مِثْلُ مَا لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ(1).

«9»- كش، [رجال الكشی] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ دَاوُدَ عَنْ یُوسُفَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَصِفُ لَكَ دِینِیَ الَّذِی أَدِینُ اللَّهَ بِهِ فَإِنْ أَكُنْ عَلَی حَقٍّ فَثَبِّتْنِی وَ إِنْ أَكُنْ عَلَی غَیْرِ الْحَقِّ فَرُدَّنِی إِلَی الْحَقِّ قَالَ هَاتِ قَالَ قُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ عَلِیّاً كَانَ إِمَامِی

ص: 8


1- 1. رجال الكشّیّ ص 359.

وَ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ إِمَامِی وَ أَنَّ الْحُسَیْنَ كَانَ إِمَامِی وَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ كَانَ إِمَامِی وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ كَانَ إِمَامِی وَ أَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلَی مِنْهَاجِ آبَائِكَ قَالَ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مِرَاراً رَحِمَكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ دِینُ اللَّهِ وَ دِینُ مَلَائِكَتِهِ وَ دِینِی وَ دِینُ آبَائِیَ الَّذِی لَا یَقْبَلُ اللَّهُ غَیْرَهُ (1).

«10»- كش، [رجال الكشی] عَنْ جَعْفَرٍ وَ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَیْكَ دِینِی وَ إِنْ كُنْتُ فِی حَسَنَاتِی مِمَّنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ هَذَا قَالَ فَآتِهِ قَالَ قُلْتُ إِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِی مِثْلَ مَا قُلْتُ وَ أَنَّ عَلِیّاً إِمَامِی فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَهِلَهُ كَانَ ضَالًّا وَ مَنْ رَدَّ عَلَیْهِ كَانَ كَافِراً ثُمَّ وَصَفْتُ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ مَا الَّذِی تُرِیدُ أَ تُرِیدُ أَنْ أَتَوَلَّاكَ عَلَی هَذَا فَإِنِّی أَتَوَلَّاكَ عَلَی هَذَا(2).

بیان: و إن كنت فی حسناتی أی بسبب أفعالی الحسنة و متابعتی إیاكم فیها و اطمئنانی بها محسوبا ممن فرغ من تصحیح أصول عقائده و فرغ منها و الظاهر أنه كان حسبانی أی ظنی.

«11»- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّیعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَیْسَ مِنْ شِیعَتِنَا مَنْ أَنْكَرَ أَرْبَعَةَ أَشْیَاءَ الْمِعْرَاجَ وَ الْمُسَاءَلَةَ فِی الْقَبْرِ وَ خَلْقَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الشَّفَاعَةَ.

وَ عَنِ ابْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِتَوْحِیدِ اللَّهِ وَ نَفَی التَّشْبِیهَ عَنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَمَّا لَا یَلِیقُ بِهِ وَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ وَ الْإِرَادَةَ وَ الْمَشِیَّةَ وَ الْخَلْقَ وَ الْأَمْرَ وَ الْقَضَاءَ وَ الْقَدَرَ وَ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِیرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِینٍ وَ شَهِدَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً وَ الْأَئِمَّةَ بَعْدَهُ حُجَجُ اللَّهِ وَ وَالَی أَوْلِیَاءَهُمْ وَ عَادَی أَعْدَاءَهُمْ وَ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَ أَقَرَّ بِالرَّجْعَةِ

ص: 9


1- 1. رجال الكشّیّ ص 360.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 361 و فیه فی حسبانی:

وَ الْمُتْعَتَیْنِ وَ آمَنَ بِالْمِعْرَاجِ وَ الْمُسَاءَلَةِ فِی الْقَبْرِ وَ الْحَوْضِ وَ الشَّفَاعَةِ وَ خَلْقِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْمِیزَانِ وَ الْبَعْثِ وَ النُّشُورِ وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً وَ هُوَ مِنْ شِیعَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (1).

«12»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّكُمْ لَا تَكُونُونَ صَالِحِینَ حَتَّی تَعْرِفُوا وَ لَا تَعْرِفُونَ حَتَّی تُصَدِّقُوا وَ لَا تُصَدِّقُونَ حَتَّی تُسَلِّمُوا أَبْوَاباً أَرْبَعَةً لَا یَصْلُحُ أَوَّلُهَا إِلَّا بِآخِرِهَا ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَةِ وَ تَاهُوا تَیْهاً بَعِیداً إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یَقْبَلُ إِلَّا الْعَمَلَ الصَّالِحَ وَ لَا یَتَقَبَّلُ إِلَّا بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَ الْعُهُودِ وَ مَنْ وَفَی لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ وَ اسْتَكْمَلَ مَا وَصَفَ فِی عَهْدِهِ نَالَ مِمَّا عِنْدَهُ وَ اسْتَكْمَلَ وَعْدَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَرَ الْعِبَادَ بِطُرُقِ الْهُدَی وَ شَرَعَ لَهُمْ فِیهَا الْمَنَارَ وَ أَخْبَرَهُمْ كَیْفَ یَسْلُكُونَ فَقَالَ وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی وَ قَالَ إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (2) فَمَنِ اتَّقَی عَزَّ وَ جَلَّ فِیمَا أَمَرَهُ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله.

هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ فَاتَ قَوْمٌ وَ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ یَهْتَدُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ أَشْرَكُوا مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ إِنَّهُ مَنْ أَتَی الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا اهْتَدَی وَ مَنْ أَخَذَ فِی غَیْرِهَا سَلَكَ طَرِیقَ الرَّدَی وَصَلَ اللَّهُ طَاعَةَ وَلِیِّ أَمْرِهِ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ وَ طَاعَةَ رَسُولِهِ بِطَاعَتِهِ فَمَنْ تَرَكَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ لَمْ یُطِعِ اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ وَ هُوَ الْإِقْرَارُ بِمَا نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خُذُوا زِینَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ(3) وَ الْتَمِسُوا الْبُیُوتَ الَّتِی أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ فَإِنَّهُ قَدْ خَبَّرَكُمْ أَنَّهُمْ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ یَخافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ(4) إِنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَخْلَصَ الرُّسُلَ لِأَمْرِهِ ثُمَّ اسْتَخْلَصَهُمْ مُصَدِّقِینَ لِذَلِكَ فِی نُذُرِهِ

ص: 10


1- 1. صفات الشیعة ص 189.
2- 2. طه: 82، و المائدة: 37 علی الترتیب.
3- 3. الأعراف: 31.
4- 4. النور: 36 و 37.

فَقَالَ وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ(1) تَاهَ مَنْ جَهِلَ وَ اهْتَدَی مَنْ أَبْصَرَ وَ عَقَلَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(2) وَ كَیْفَ یَهْتَدِی مَنْ لَمْ یُبْصِرْ وَ كَیْفَ یُبْصِرُ مَنْ لَمْ یُنْذَرْ اتَّبِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقِرُّوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اتَّبِعُوا آثَارَ الْهُدَی فَإِنَّهَا عَلَامَاتُ الْأَمَانَةِ وَ التُّقَی وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ رَجُلٌ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ وَ أَقَرَّ بِمَنْ سِوَاهُ مِنَ الرُّسُلِ لَمْ یُؤْمِنْ اقْتَصُّوا الطَّرِیقَ بِالْتِمَاسِ الْمَنَارِ وَ الْتَمِسُوا مِنْ وَرَاءِ الْحُجُبِ الْآثَارَ تَسْتَكْمِلُوا أَمْرَ دِینِكُمْ وَ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ (3).

بیان: قد مضی الخبر فی كتاب الإمامة(4)

و شرحناه هناك و نوضح هنا بعض التوضیح حتی تعرفوا قیل أی إمام الزمان حتی تصدقوا أی الإمام و تعده صادقا فیما یقول حتی تسلموا أبوابا أربعة قد مضی الكلام فی الأبواب مفصلا و قال المحدث الأسترآبادی رحمه اللّٰه إشارة إلی الإقرار باللّٰه و الإقرار برسوله و الإقرار بما جاء به الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و الإقرار بتراجمة ما جاء به الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و التیه التحیر و الذهاب عن الطریق القصد یقال تاه فی الأرض إذا ذهب متحیرا كما فی القاموس إن اللّٰه أخبر العباد تفصیل لما أجمل علیه السلام سابقا و بیان للأبواب و الشروط و العهود المذكورة و المنار جمع منارة علی غیر قیاس یعنی موضع النور و محله.

و قیل كنی بالمنار عن الأئمة فإنها صیغة جمع علی ما صرح به ابن الأثیر فی نهایته و بتقوی اللّٰه فیما أمره عن الاهتداء إلی الإمام و الاقتداء به و بإتیان أبوابها عن الدخول فی المعرفة من جهة الإمام علیه السلام انتهی.

و استكمل وعده أی استحق وعده كاملا كما قال تعالی أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (5) مات قوم فیما مضی فات قوم و هو أظهر أی فاتوا عنا و لم

ص: 11


1- 1. فاطر 28.
2- 2. الحجّ: 46.
3- 3. الكافی: ج 2 ص 47.
4- 4. مضی شطر منه فی ج 23 ص 96 من هذه الطبعة.
5- 5. البقرة: 40.

یبایعونا أو ماتوا فالثانی تأكید من أتی البیوت أی بیوت الإیمان و العلم و الحكمة من أبوابها و هم الأئمة إشارة إلی تأویل قوله تعالی وَ أْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوابِها(1) وصل اللّٰه إشارة إلی قوله تعالی أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2) و قوله أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (3) و قوله مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (4) خُذُوا زِینَتَكُمْ إما بیان لما نزل أو استئناف و أول علیه السلام الزینة بمعرفة الإمام و المسجد بمطلق العبادة و البیوت ببیوت أهل العصمة سلام اللّٰه علیهم و الرجال بهم علیهم السلام و المراد بعدم إلهائهم التجارة و البیع عن ذكر اللّٰه أنهم یجمعون بین ذین و ذاك لا أنهم یتركونهما رأسا كما ورد النص علیه فی خبر آخر.

قوله علیه السلام ثم استخلصهم الضمیر راجع إلی ولاة الأمر و ذلك إشارة إلی الأمر أی استخلص و اصطفی الأوصیاء حال كونهم مصدقین لأمر الرسالة فی النذر و هم الرسل فقوله فی نذره متعلق بقوله مصدقین و یحتمل أن یكون فی نذره أیضا حالا أی حال كونهم مندرجین فی النذر و یمكن أن یكون ضمیر استخلصهم راجعا إلی الرسل أی ثم بعد إرسال الرسل استخلصهم و أمرهم بأن یصدقوا أمر الخلافة فی النذر بعدهم و هم الأوصیاء علیهم السلام و قیل ثم للتراخی فی الرتبة دون الزمان یعنی وقع ذلك الاستخلاص لهم حال كونهم مصدقین لذلك الاستخلاص فی سائر نذره أیضا بمعنی تصدیق كل منهم لذلك فی الباقین و استشهد علی استمرارهم فی الإنذار بقوله تعالی وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ ثم بین وجوب النذیر و وجوب معرفته بتوقف الاهتداء علی الإبصار و توقف الإبصار علی الإنذار و توقف الإنذار علی وجوب النذیر و معرفته و أشار بآثار الهدی إلی الأئمة علیهم السلام.

و فی بعض النسخ ابتغوا آثار الهدی بتقدیم الموحدة علی المثناة و الغین المعجمة و نبه بقوله لو أنكر رجل عیسی علیه السلام علی وجوب الإیمان بهم جمیعا من غیر تخلف

ص: 12


1- 1. البقرة: 182.
2- 2. النساء: 59.
3- 3. الأنفال: 20.
4- 4. النساء: 80.

عن أحد منهم ثم كرر الوصیة بالاقتداء بهم معللا بأنهم منار طریق اللّٰه و أمر بالتماس آثارهم إن لم یتیسر الوصول إلیهم

«13»- محص، [التمحیص] عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ افْتَرَضْتُ عَلَی عِبَادِی عَشَرَةَ فَرَائِضَ إِذَا عَرَفُوهَا أَسْكَنْتُهُمْ مَلَكُوتِی وَ أَبَحْتُهُمْ جِنَانِی أَوَّلُهَا مَعْرِفَتِی وَ الثَّانِیَةُ مَعْرِفَةُ رَسُولِی إِلَی خَلْقِی وَ الْإِقْرَارُ بِهِ وَ التَّصْدِیقُ لَهُ وَ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةُ أَوْلِیَائِی وَ أَنَّهُمُ الْحُجَجُ عَلَی خَلْقِی مَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالانِی وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَانِی وَ هُمُ الْعَلَمُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ خَلْقِی وَ مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَصْلَیْتُهُ نَارِی وَ ضَاعَفْتُ عَلَیْهِ عَذَابِی وَ الرَّابِعَةُ مَعْرِفَةُ الْأَشْخَاصِ الَّذِینَ أُقِیمُوا مِنْ ضِیَاءِ قُدْسِی وَ هُمْ قُوَّامُ قِسْطِی وَ الْخَامِسَةُ مَعْرِفَةُ الْقُوَّامِ بِفَضْلِهِمْ وَ التَّصْدِیقُ لَهُمْ وَ السَّادِسَةُ مَعْرِفَةُ عَدُوِّی إِبْلِیسَ وَ مَا كَانَ مِنْ ذَاتِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ السَّابِعَةُ قَبُولُ أَمْرِی وَ التَّصْدِیقُ لِرُسُلِی وَ الثَّامِنَةُ كِتْمَانُ سِرِّی وَ سِرِّ أَوْلِیَائِی وَ التَّاسِعَةُ تَعْظِیمُ أَهْلِ صَفْوَتِی وَ الْقَبُولُ عَنْهُمْ وَ الرَّدُّ إِلَیْهِمْ فِیمَا اخْتَلَفْتُمْ فِیهِ حَتَّی یَخْرُجَ الشَّرْحُ

مِنْهُمْ وَ الْعَاشِرَةُ أَنْ یَكُونَ هُوَ وَ أَخُوهُ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا شَرَعاً سَوَاءً فَإِذَا كَانُوا كَذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمْ مَلَكُوتِی وَ آمَنْتُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ كَانُوا عِنْدِی فِی عِلِّیِّینَ.

بیان: كأن الفرق بین الثالثة و الرابعة أن الأولی فی الحجج الموجودین وقت الخطاب كعلی و السبطین علیهم السلام و الثانیة فی الأئمة بعدهم أو الأولی فی سائر الأنبیاء و الأوصیاء و الثانیة فی أئمتنا علیهم السلام.

«14»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنِّی امْرُؤٌ ضَرِیرُ الْبَصَرِ كَبِیرُ السِّنِّ وَ الشُّقَّةُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ بَعِیدَةٌ وَ أَنَا أُرِیدُ أَمْراً أَدِینُ اللَّهَ بِهِ وَ أَحْتَجُّ بِهِ وَ أَتَمَسَّكُ بِهِ وَ أُبَلِّغُهُ مَنْ خَلَّفْتُ قَالَ فَأَعْجَبَ بِقَوْلِی وَ اسْتَوَی جَالِساً فَقَالَ كَیْفَ قُلْتَ یَا أَبَا الْجَارُودِ رُدَّ عَلَیَّ قَالَ فَرَدَدْتُ عَلَیْهِ فَقَالَ نَعَمْ یَا أَبَا الْجَارُودِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجُّ الْبَیْتِ

ص: 13

وَ وَلَایَةُ وَلِیِّنَا وَ عَدَاوَةُ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِیمُ لِأَمْرِنَا وَ انْتِظَارُ قَائِمِنَا وَ الْوَرَعُ وَ الِاجْتِهَادُ.

«15»- كا، [الكافی] بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ تَعْرِفُ مَوَدَّتِی لَكُمْ وَ انْقِطَاعِی إِلَیْكُمْ وَ مُوَالاتِی إِیَّاكُمْ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقُلْتُ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةً تُجِیبُنِی فِیهَا فَإِنِّی مَكْفُوفُ الْبَصَرِ قَلِیلُ الْمَشْیِ لَا أَسْتَطِیعُ زِیَارَتَكُمْ كُلَّ حِینٍ قَالَ هَاتِ حَاجَتَكَ قُلْتُ أَخْبِرْنِی بِدِینِكَ الَّذِی تَدِینُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ لِأَدِینَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ قَالَ إِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ فَقَدْ أَعْظَمْتَ الْمَسْأَلَةَ وَ اللَّهِ لَأُعْطِیَنَّكَ دِینِی وَ دِینَ آبَائِیَ الَّذِی نَدِینُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْإِقْرَارَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ الْوَلَایَةَ لِوَلِیِّنَا وَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِیمَ لِأَمْرِنَا وَ انْتِظَارَ قَائِمِنَا وَ الِاجْتِهَادَ وَ الْوَرَعَ (1).

بیان: أقصرت الخطبة الظاهر أن الخطبة بضم الخاء أی ما یتقدم من الكلام المناسب قبل إظهار المطلوب و كأنه علیه السلام عد خطبته قصیرة مع طولها إعظاما للمسألة و إیذانا بأن هذا المقصود الجلیل یستدعی أطول من ذلك من الخطبة و قیل إقصاره إیاها اكتفاؤه بالاستفهام من غیر بیان و إعلام و منهم من قرأ الخطبة بالكسر مستعارة من خطبة النساء و هو تكلف قال فی النهایة فی الحدیث أن أعرابیا جاءه فقال علمنی عملا یدخلنی الجنة فقال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أی جئت بالخطبة قصیرة و بالمسألة عریضة یعنی قللت الخطبة و أعظمت المسألة.

و التسلیم لأمرنا أی الرضا قلبا بما یصدر عنهم قولا و فعلا من اختیارهم المهادنة أو القتال أو الظهور أو الغیبة و سائر ما یصدر عنهم مما تعجز العقول عن إدراكه و الأفهام عن استنباط علته كما قال تعالی فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً(2)

ص: 14


1- 1. الكافی: ج 2 ص 21.
2- 2. النساء: 65.

و الاجتهاد بذل الجهد فی الطاعات و الورع الاجتناب عن المعاصی بل الشبهات و المكروهات.

«16»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ یَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِی عَنِ الدِّینِ الَّذِی افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْعِبَادِ مَا لَا یَسَعُهُمْ جَهْلُهُ وَ لَا یَقْبَلُ مِنْهُمْ غَیْرَهُ مَا هُوَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَیَّ فَأَعَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَكَتَ قَلِیلًا ثُمَّ قَالَ وَ الْوَلَایَةُ مَرَّتَیْنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْعِبَادِ لَا یَسْأَلُ الرَّبُّ الْعِبَادَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیَقُولَ أَلَّا زِدْتَنِی عَلَی مَا افْتَرَضْتُ عَلَیْكُمْ وَ لَكِنْ مَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَنَّ سُنَناً حَسَنَةً جَمِیلَةً یَنْبَغِی لِلنَّاسِ الْأَخْذُ بِهَا(1).

توضیح: قوله ما لا یسعهم عطف بیان للدین أو مبتدأ و ما هو خبره قوله أعد علی كان الأمر بالإعادة لسماع الحاضرین و إقبالهم إلیه أو لإظهار حسن الكلام و التلذذ بسماعه و كأنه یدخل فی شهادة التوحید ما یتعلق بمعرفة اللّٰه من صفات ذاته و صفات فعله و فی شهادة الرسالة ما یتعلق بمعرفة الأنبیاء و صفاتهم و كذا الإقرار بالمعاد داخل فی الأولی أو فی الثانیة لإخبار النبی بذلك و إقام الصلاة حذفت التاء للاختصار و قیل المراد بإقامتها إدامتها و قیل فعلها علی ما ینبغی و قیل فعلها فی أفضل أوقاتها و قیل جاء علی عرف القرآن فی التعبیر من فعل الصلاة بلفظ الإقامة دون أخواتها و ذلك لما اختصت به من كثرة ما یتوقف علیه من الشرائط و الفرائض و السنن و الفضائل و إقامتها إدامة فعلها مستوفاة جمیع ذلك.

أقول: و یمكن أن تكون ذكر الإقامة لتشبیه الصلاة من الإیمان بمنزلة العمود من الفسطاط كما ورد فی الخبر و إنما لم یذكر الجهاد لأنه لا یجب

ص: 15


1- 1. الكافی: ج 2: 22.

إلا مع الإمام فهو تابع للولایة مندرج تحتها أو لعدم تحقق شرط وجوبه فی ذلك الزمان قوله مرتین أی كرر الولایة تأكیدا قوله علیه السلام هذا الذی فرض اللّٰه علی العباد أی علم فرضها ضرورة من الدین فیقول ألا زدتنی ألا بالتشدید حرف تحضیض و إذا دخل علی الماضی یكون للتعییر و التندیم و كأن المعنی أنه لا یسأل عن شی ء سوی هذه من جنسها كما أنه من أتی بالصلوات الخمس لا یسأل اللّٰه عن النوافل و من أتی بالزكاة الواجبة لا یسأل عن الصدقات المستحبة و هكذا.

باب 29 أدنی ما یكون به العبد مؤمنا و أدنی ما یخرجه عنه

«1»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَعْفَرٍ الْكُنَاسِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ الْعَبْدُ مُؤْمِناً قَالَ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُقِرُّ بِالطَّاعَةِ وَ یَعْرِفُ إِمَامَ زَمَانِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ (1).

«2»- مع، [معانی الأخبار] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ قَالَ: قُلْتُ مَا أَدْنَی مَا یَخْرُجُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْإِیمَانِ قَالَ الرَّأْیُ یَرَاهُ مُخَالِفاً لِلْحَقِّ فَیُقِیمُ عَلَیْهِ (2).

بیان: الرأی یراه أی فی أصول الدین أو الأعم عمدا أو الأعم مع تقصیر و علی كل تقدیر یحمل الإیمان علی معنی من المعانی المتقدمة.

«3»- كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، قَالَ: أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَ أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ كَافِراً وَ

ص: 16


1- 1. معانی الأخبار: 393.
2- 2. معانی الأخبار: 393.

أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ ضَالًّا قَالَ سَأَلْتَ فَاسْمَعِ الْجَوَابَ أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ مُؤْمِناً أَنْ یُعَرِّفَهُ اللَّهُ نَفْسَهُ فَیُقِرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ الْوَحْدَانِیَّةِ وَ أَنْ یُعَرِّفَهُ نَبِیَّهُ فَیُقِرَّ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ بِالْبَلَاغَةِ وَ أَنْ یُعَرِّفَهُ حُجَّتَهُ فِی أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَی خَلْقِهِ فَیُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِنْ جَهِلَ جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ غَیْرَ مَا وَصَفْتَ قَالَ نَعَمْ إِذَا أُمِرَ أَطَاعَ وَ إِذَا نُهِیَ انْتَهَی وَ أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ كَافِراً أَنْ یَتَدَیَّنَ بِشَیْ ءٍ فَیَزْعُمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِهِ مَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ یَنْصِبَهُ فَیَتَبَرَّأَ وَ یَتَوَلَّی وَ یَزْعُمَ أَنَّهُ یَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِی أَمَرَهُ بِهِ (1) وَ أَدْنَی مَا یَكُونُ بِهِ ضَالًّا أَنْ لَا یَعْرِفَ حُجَّةَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَی خَلْقِهِ الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ فَرَضَ وَلَایَتَهُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ سَمِّهِمْ لِی قَالَ الَّذِینَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِیِّهِ فَقَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2) قَالَ أَوْضِحْهُمْ لِی قَالَ الَّذِینَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا ثُمَّ قُبِضَ مِنْ یَوْمِهِ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ أَمْرَیْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَإِنَّ اللَّطِیفَ الْخَبِیرَ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ كَهَاتَیْنِ إِصْبَعَیَّ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا وَ لَا تَقَدَّمُوهُمْ فَتَهْلِكُوا وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَفَرَّقُوا وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ (3).

كا، [الكافی] عن علی عن أبیه عن حماد بن عیسی عن إبراهیم بن عمر الیمانی عن ابن أذینة عن أبان بن أبی عیاش عن سلیم (4): مثله بأدنی تغییر

ص: 17


1- 1. زاد فی الكافی بعده: و انما یعبد الشیطان.
2- 2. النساء: 59.
3- 3. كتاب سلیم: 86.
4- 4. الكافی ج 2 ص 414.

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث علی الجوارح

اشارة

الآیات:

البقرة: وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ و قال تعالی لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِیِّینَ وَ آتَی الْمالَ عَلی حُبِّهِ ذَوِی الْقُرْبی إلی قوله أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (1)

آل عمران: وَ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ (2)

فاطر: إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ (3)

تفسیر:

وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ أی صلاتكم كما سیأتی و استدل به علی أن العمل جزء الإیمان و قال البیضاوی أی ثباتكم علی الإیمان و قیل إیمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلاتكم إلیها لما روی أنه علیه السلام لما وجه إلی الكعبة قالوا كیف بمن مات یا رسول اللّٰه قبل التحویل من إخواننا فنزلت (4) وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ أی بر من آمن أو المراد بالبر البار و مقابلة الإیمان بالأعمال تدل علی المغایرة و آخرها حیث قال أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا أی فی دعوی الإیمان أو فیما التزموه و تمسكوا به یومئ إلی الجزئیة أو الاشتراط و الآیات الدالة علی الطرفین كثیرة مفرقة علی الأبواب و سنتكلم علیها إن شاء اللّٰه. و قوله

ص: 18


1- 1. البقرة: 143 و 176.
2- 2. آل عمران: 97.
3- 3. فاطر: 10.
4- 4. تفسیر البیضاوی ص 44.

سبحانه وَ مَنْ كَفَرَ یدل علی دخول الأعمال فی الإیمان حیث عد ترك الحج كفرا و إن أوله بعضهم بحمله علی جحد فرض الحج أو حمل الكفر علی كفران النعمة فإن ترك المأمور به كفران لنعمة الأمر.

إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ قیل المراد به العقائد الحقة و قیل كلمة التوحید و قیل كل قول حسن و الصعود كنایة عن القبول من صاحبه و الإثابة علیه وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ یحتمل وجهین أحدهما إرجاع المرفوع إلی العمل و المنصوب إلی الكلم أی العمل الصالح یوجب رفع العقائد و صحتها أو كمالها و قبولها و ثانیهما العكس أی العقائد الحقة شرائط لصحة الأعمال و علی الوجه الأول یناسب الباب و قد یقال المرفوع راجع إلی اللّٰه و المنصوب إلی العمل.

«1»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ قَالَ الْإِیمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ مُؤْمِناً قَالَ فَأَیْنَ فَرَائِضُ اللَّهِ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ لَوْ كَانَ الْإِیمَانُ كَلَاماً لَمْ یَنْزِلْ فِیهِ صَوْمٌ وَ لَا صَلَاةٌ وَ لَا حَلَالٌ وَ لَا حَرَامٌ قَالَ وَ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً یَقُولُونَ إِذَا شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ فَلِمَ یُضْرَبُونَ الْحُدُودَ وَ لِمَ یُقْطَعُ أَیْدِیهِمْ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مُؤْمِنٍ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَّ جِوَارَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَّ الْحُورَ الْعِینَ لِلْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَالَ فَمَا بَالُ مَنْ جَحَدَ الْفَرَائِضَ كَانَ كَافِراً(1).

بیان: قوله علیه السلام فأین فرائض اللّٰه أقول حاصله أن الإیمان الذی هو سبب لرفع الدرجات و التخلص من العقوبات فی الدنیا و الآخرة لیس محض العقائد

ص: 19


1- 1. الكافی ج 2 ص 33.

و إلا لم یفرض اللّٰه الفرائض و لم یتوعد علی المعاصی و أیضا ما ورد فی الآیات و الأخبار من كرامة المؤمنین و درجاتهم و منازلهم ینافی إجراء الحدود علیهم و إذلالهم و إهانتهم فلا بد من خروجهم عن الإیمان حین استحقاقهم تلك العقوبات قوله فما بال من جحد لعل المعنی أنه لو كان الإیمان محض التكلم بالشهادتین أو الاعتقاد بهما كما تزعمون لم یكن جحد الفرائض موجبا للكفر مع أنكم توافقوننا فی ذلك لورود الأخبار فیه فلم لا تقولون بعدم إیمان تاركی الفرائض و مرتكبی الكبائر أیضا مع ورود الأخبار الكثیرة فیها أیضا و قیل المراد بجحد الفرائض تركها عمدا من غیر عذر فإنه یؤذن بالاستخفاف و الجحد.

قال الشهید الثانی رفع اللّٰه درجته فی بیان حقیقة الكفر عرفه جماعة بأنه عدم الإیمان عما من شأنه أن یكون مؤمنا سواء كان ذلك العدم بضد أو لا بضد فبالضد كأن یعتقد عدم الأصول التی بمعرفتها یتحقق الإیمان أو عدم شی ء منها و بغیر الضد كالخالی من الاعتقادین أی اعتقاد ما به یتحقق الإیمان و اعتقاد عدمه و ذلك كالشاك أو الخالی بالكلیة كالذی لم یقرع سمعه شی ء من الأمور التی یتحقق الإیمان بها و یمكن إدخال الشاك فی القسم الأول إذ الضد یخطر بباله و إلا لما صار شاكا.

و اعترض علیه بأن الكفر قد یتحقق مع التصدیق بالأصول المعتبرة فی الإیمان كما إذا ألقی إنسان المصحف فی القاذورات عامدا أو وطئه كذلك أو ترك الإقرار باللسان جحدا و حینئذ فینتقض حد الإیمان منعا و حد الكفر جمعا.

و أجیب تارة بأنا لا نسلم بقاء التصدیق لفاعل ذلك و لو سلمنا یجوز أن یكون الشارع جعل وقوع شی ء من ذلك علامة و أمارة علی تكذیب فاعل ذلك و عدم تصدیقه فیحكم بكفره عند صدور ذلك منه و هذا كما جعل الإقرار باللسان علامة علی الحكم بالإیمان مع أنه قد یكون كافرا فی نفس الأمر و تارة بأنه یجوز أن یكون الشارع حكم بكفره ظاهرا عند صدور شی ء من ذلك حسما لمادة جرأة المكلفین علی انتهاك حرماته و تعدی حدوده و إن كان التصدیق فی نفس

ص: 20

الأمر حاصلا و غایة ما یلزم من ذلك جواز الحكم بكون شخص واحد مؤمنا و كافرا و هذا لا محذور فیه لأنا نحكم بكفره ظاهرا و إمكان إیمانه باطنا فالموضوع مختلف فلم یتحقق اجتماع المتقابلین لیكون محالا و نظیر ذلك ما ذكرناه من دلالة الإقرار علی الإیمان فیحكم به مع جواز كونه كافرا فی نفس الأمر.

و أقول أیضا إن النقض المذكور لا یرد علی جامعیة تعریف الكفر و ذلك لأنه قد تبین أن العدم المأخوذ فیه أعم من أن یكون بالضد أو غیره و ما ذكر من موارد النقض داخل فی غیر الضد كما لا یخفی و حینئذ فجامعیته سالمة لصدقه علی الموارد المذكورة و الناقض و المجیب غفلا عن ذلك.

و یمكن الجواب عن مانعیة تعریف الإیمان أیضا بأن نقول من عرف الإیمان بالتصدیق المذكور جعل عدم الإتیان بشی ء من موارد النقض شرطا فی اعتبار ذلك التصدیق شرعا و تحقق حقیقة الإیمان و الحاصل أنا لما وجدنا الشارع حكم بإیمان المصدق و حكم بكفر من ارتكب شیئا من الأمور المذكورة مطلقا علمنا أن ذلك التصدیق إنما یعتبر فی نظر الشارع إذا كان مجردا عن ارتكاب شی ء من موارد النقض و أمثالها الموجبة للكفر فكان عدم الأمور المذكورة شرطا فی حصول الإیمان و لا ریب أن المشروط عدم عند عدم شرطه و شروط المعرف التی یتوقف علیها وجود ماهیته ملحوظة فی التعریف و إن لم یصرح بها فیه للعلم باعتبارها عقلا لما تقرر فی بداهة العقول أنه بدون العلة لا یوجب المعلول و الشرط من أجزاء العلة كما صرحوا به فی بحثها و الكل لا یوجد بدون جزئه و هذا الجواب و اللذان قبله لم نجدها لغیرنا بل هی من هبات الواهب تعالی و تقدس و لم نعدم لذلك مثلا و إن لم نكن له أهلا انتهی كلامه قدس سره.

و أقول هذه التكلفات إنما یحتاج إلیها إذا جعل الإیمان نفس العقائد و لم یدخل فیها الأعمال و مع القول بدخول الأعمال لا حاجة إلیها مع أن هذا التحقیق یهدم ما أسسه سابقا إذ یجری هذه الوجوه فی سائر الأعمال و التروك التی نفی كونها داخلة فی الإیمان و ما ذكره علیه السلام فی آخر الحدیث من الالتزام علی

ص: 21

المخالفین یومی إلی هذا التحقیق فتأمل.

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قَالَ یُسْأَلُ السَّمْعُ عَمَّا سَمِعَ وَ الْبَصَرُ عَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ وَ الْفُؤَادُ عَمَّا عُقِدَ عَلَیْهِ (1).

«4»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ أَوْ غَیْرِهِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ مَا اسْتَقَرَّ فِی الْقُلُوبِ مِنَ التَّصْدِیقِ بِذَلِكَ قَالَ قُلْتُ الشَّهَادَةُ أَ لَیْسَتْ عَمَلًا قَالَ بَلَی قُلْتُ الْعَمَلُ مِنَ الْإِیمَانِ قَالَ نَعَمْ الْإِیمَانُ لَا یَكُونُ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ الْعَمَلُ مِنْهُ وَ لَا یَثْبُتُ الْإِیمَانُ إِلَّا بِعَمَلٍ (2).

بیان: شهادة أن لا إله إلا اللّٰه أی التكلم بكلمة التوحید و الإقرار به ظاهرا و إنما اكتفی بها عن الإقرار بالرسالة لتلازمهما أو هو داخل فی قوله و الإقرار بما جاء من عند اللّٰه و الضمیر فی جاء راجع إلی الموصول أی الإقرار بكل ما أرسله اللّٰه من نبی أو كتاب أو حكم ما علم تفصیلا و ما لم یعلم إجمالا و كل ذلك الإقرار الظاهری و قوله ما استقر فی القلوب الإقرار القلبی بجمیع ذلك و هذا أحد معانی الإیمان كما ستعرف و لا یدخل فیه أعمال الجوارح سوی الإقرار الظاهری بما صدق به قلبا.

و لما كان عند السائل أن الإیمان محض العلوم و العقائد و لا یدخل فیه الأعمال استبعد كون الشهادة التی هی من عمل الجوارح من الإیمان فأجاب علیه السلام بأن العمل جزء الإیمان و لا یثبت الإیمان أی لا یتحقق واقعا أو لا یثبت

ص: 22


1- 1. الكافی ج 2 ص 37، و الآیة فی أسری: 36.
2- 2. الكافی ج 2 ص 38.

الإیمان عند الناس إلا بالإقرار و الشهادة التی هی عمل الجوارح أو لا یستقر الإیمان إلا بأعمال الجوارح فإن التصدیق الذی لم یكن معه عمل یزول و لا یبقی.

«5»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ أَ لَیْسَ هَذَا عَمَلٌ قَالَ بَلَی قُلْتُ فَالْعَمَلُ مِنَ الْإِیمَانِ قَالَ لَا یَثْبُتُ لَهُ الْإِیمَانُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْعَمَلُ مِنْهُ (1).

بیان: أ لیس هذا عمل كذا فی النسخ بالرفع و لعله من النساخ و یمكن أن یقدر فیه ضمیر الشأن أو یكون مبنیا علی لغة بنی تمیم حیث ذهبوا إلی أن لیس إذا انتقض نفیه یحمل علی ما فی الإهمال و النفی هنا منتقض بالاستفهام الإنكاری قوله علیه السلام لا یثبت له الإیمان الضمیر راجع إلی المؤمن المدلول علیه بالإیمان

«6»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَیْدٍ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَیُّهَا الْعَالِمُ أَخْبِرْنِی أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ مَا لَا یَقْبَلُ اللَّهُ شَیْئاً إِلَّا بِهِ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَعْلَی الْأَعْمَالِ دَرَجَةً وَ أَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً وَ أَسْنَاهَا حَظّاً قَالَ قُلْتُ أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْإِیمَانِ أَ قَوْلٌ هُوَ وَ عَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَقَالَ الْإِیمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَ الْقَوْلُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِفَرْضٍ مِنَ اللَّهِ بَیَّنَ فِی كِتَابِهِ وَاضِحٌ نُورُهُ ثَابِتَةٌ حُجَّتُهُ یَشْهَدُ لَهُ بِهِ الْكِتَابُ وَ یَدْعُوهُ إِلَیْهِ قَالَ قُلْتُ صِفْهُ لِی جُعِلْتُ فِدَاكَ حَتَّی أَفْهَمَهُ قَالَ الْإِیمَانُ حَالاتٌ وَ دَرَجَاتٌ وَ طَبَقَاتٌ وَ مَنَازِلُ فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهَی تَمَامُهُ وَ مِنْهُ النَّاقِصُ الْبَیِّنُ نُقْصَانُهُ وَ مِنْهُ الرَّاجِحُ الزَّائِدُ رُجْحَانُهُ قُلْتُ إِنَّ الْإِیمَانَ لَیَتِمُّ وَ یَنْقُصُ وَ یَزِیدُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَرَضَ الْإِیمَانَ عَلَی جَوَارِحِ ابْنِ آدَمَ وَ قَسَمَهُ عَلَیْهَا وَ فَرَّقَهُ

ص: 23


1- 1. الكافی ج 2 ص 38.

فِیهَا فَلَیْسَ مِنْ جَوَارِحِهِ جَارِحَةٌ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ مِنَ الْإِیمَانِ بِغَیْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ أُخْتُهَا فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِی بِهِ یَعْقِلُ وَ یَفْقَهُ وَ یَفْهَمُ وَ هُوَ أَمِیرُ بَدَنِهِ الَّذِی لَا تَرِدُ الْجَوَارِحُ وَ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْیِهِ وَ أَمْرِهِ وَ مِنْهَا عَیْنَاهُ اللَّتَانِ یُبْصِرُ بِهِمَا وَ أُذُنَاهُ اللَّتَانِ یَسْمَعُ بِهِمَا وَ یَدَاهُ اللَّتَانِ یَبْطُشُ بِهِمَا وَ رِجْلَاهُ اللَّتَانِ یَمْشِی بِهِمَا وَ فَرْجُهُ الَّذِی الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَ لِسَانُهُ الَّذِی یَنْطِقُ بِهِ وَ رَأْسُهُ الَّذِی فِیهِ وَجْهُهُ فَلَیْسَ مِنْ هَذِهِ جَارِحَةٌ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ مِنَ الْإِیمَانِ بِغَیْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ أُخْتُهَا بِفَرْضٍ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْمُهُ یَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ لَهَا وَ یَشْهَدُ بِهِ عَلَیْهَا فَفَرَضَ عَلَی الْقَلْبِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ وَ فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْعَیْنَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الْعَیْنَیْنِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی اللِّسَانِ وَ فَرَضَ عَلَی اللِّسَانِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْیَدَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الْیَدَیْنِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْفَرْجِ وَ فَرَضَ عَلَی الْفَرْجِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْوَجْهِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَی الْقَلْبِ مِنَ الْإِیمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ وَ الْعَقْدُ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِیمُ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ إِلَهاً وَاحِداً لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ نَبِیٍّ أَوْ كِتَابٍ فَذَلِكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْقَلْبِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً(1) وَ قَالَ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (2) وَ قَالَ الَّذِینَ آمَنُوا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (3) وَ قَالَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ(4) فَذَلِكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْقَلْبِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ رَأْسُ الْإِیمَانِ

ص: 24


1- 1. النحل: 106.
2- 2. الرعد: 28.
3- 3. المائدة: 41، و نصه یا ایها الرسول لا یحزنك الذین یسارعون فی الكفر من الذین قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم، الآیة.
4- 4. البقرة: 264.

وَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی اللِّسَانِ الْقَوْلَ وَ التَّعْبِیرَ عَنِ الْقَلْبِ بِمَا عُقِدَ عَلَیْهِ وَ أَقَرَّ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْمُهُ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً(1) وَ قَالَ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ مَا أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (2) فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی اللِّسَانِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ أَنْ یَتَنَزَّهَ عَنِ الِاسْتِمَاعِ إِلَی مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ أَنْ یُعْرِضَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَهُ مِمَّا نَهَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ وَ الْإِصْغَاءِ إِلَی مَا أَسْخَطَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ فِی ذَلِكَ وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللَّهِ یُكْفَرُ بِها وَ یُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ (3) ثُمَّ اسْتَثْنَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَوْضِعَ النِّسْیَانِ فَقَالَ وَ إِمَّا یُنْسِیَنَّكَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (4) وَ قَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (5) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ هُمْ فِی صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (6) وَ قَالَ وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ (7) وَ قَالَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً(8) فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی السَّمْعِ مِنَ الْإِیمَانِ أَنْ لَا یُصْغِیَ إِلَی مَا لَا یَحِلُّ لَهُ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ فَرَضَ عَلَی الْبَصَرِ أَنْ لَا یَنْظُرَ إِلَی مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنْ یُعْرِضَ عَمَّا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا لَا یَحِلُّ لَهُ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قُلْ لِلْمُؤْمِنِینَ یَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ یَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (9) فَنَهَاهُمْ مِنْ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَی

ص: 25


1- 1. البقرة: 83.
2- 2. صدر الآیة فی البقرة: 135 و ذیلها فی العنكبوت: 46، فالآیة مختلطة.
3- 3. النساء: 140.
4- 4. الأنعام: 68.
5- 5. الزمر: 18.
6- 6. المؤمنون: 1- 4.
7- 7. القصص: 55.
8- 8. الفرقان: 72.
9- 9. النور: 30 و 31.

عَوْرَاتِهِمْ وَ أَنْ یَنْظُرَ الْمَرْءُ إِلَی فَرْجِ أَخِیهِ وَ یَحْفَظَ فَرْجَهُ مِنْ أَنْ یُنْظَرَ إِلَیْهِ وَ قَالَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ یَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ مِنْ أَنْ یَنْظُرَ إِحْدَاهُنَّ إِلَی فَرْجِ أُخْتِهَا وَ تَحْفَظَ فَرْجَهَا مِنْ أَنْ یُنْظَرَ إِلَیْهَا وَ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنَ الزِّنَا إِلَّا هَذِهِ الْآیَةَ فَإِنَّهَا مِنَ النَّظَرِ(1)

ثُمَّ نَظَمَ مَا فَرَضَ عَلَی الْقَلْبِ وَ اللِّسَانِ وَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ فِی آیَةٍ أُخْرَی فَقَالَ وَ ما كُنْتُمْ

تَسْتَتِرُونَ أَنْ یَشْهَدَ عَلَیْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ (2) یَعْنِی بِالْجُلُودِ الْفُرُوجَ وَ الْأَفْخَاذَ وَ قَالَ وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا(3) فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْعَیْنَیْنِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَ هُوَ عَمَلُهُمَا وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْیَدَیْنِ أَنْ لَا یُبْطَشَ بِهِمَا إِلَی مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ أَنْ یُبْطَشَ بِهِمَا إِلَی مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فَرَضَ عَلَیْهِمَا مِنَ الصَّدَقَةِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الطَّهُورِ لِلصَّلَوَاتِ فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَیْدِیَكُمْ إِلَی الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَی الْكَعْبَیْنِ (4) وَ قَالَ فَإِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّی إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها(5) فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْیَدَیْنِ

ص: 26


1- 1. و ذلك لان حفظ الفرج هاهنا قد قرن بغض البصر، فصار كل واحد منهما قرینة متممة للمراد من الآخر نافیة لاطلاقه، علی حدّ صنعة الاحتباك كما فی قوله تعالی: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً( غافر: 61) و مثله قوله تعالی: « هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً»( یونس: 67) فان تقدیر الآیتین: جعل لكم اللیل مظلما لتسكنوا فیه و النهار مبصرا لتبتغوا فیه من فضله. و هكذا هنا تقدیر الآیة: قل للمؤمنین یغضوا أبصارهم من فروج المؤمنین و یحفظوا فروجهم من أبصار المؤمنین.
2- 2. فصّلت: 22.
3- 3. أسری: 36.
4- 4. المائدة: 6.
5- 5. القتال: 4.

لِأَنَّ الضَّرْبَ مِنْ عِلَاجِهِمَا وَ فَرَضَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ أَنْ لَا یَمْشِیَ بِهِمَا إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ وَ فَرَضَ عَلَیْهِمَا الْمَشْیَ إِلَی مَا یَرْضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا وَ قَالَ وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ(1) وَ قَالَ فِیمَا شَهِدَتِ الْأَیْدِی وَ الْأَرْجُلُ عَلَی أَنْفُسِهِمَا وَ عَلَی أَرْبَابِهِمَا مِنْ تَضْیِیعِهِمَا لِمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ وَ فَرَضَهُ عَلَیْهِمَا الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (2) فَهَذَا أَیْضاً مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْیَدَیْنِ وَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ وَ هُوَ عَمَلُهُمَا وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ فَرَضَ عَلَی الْوَجْهِ السُّجُودَ لَهُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فِی مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (3) فَهَذِهِ فَرِیضَةٌ جَامِعَةٌ عَلَی الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً(4)

وَ قَالَ فِیمَا فَرَضَ عَلَی الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ بِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا صَرَفَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْكَعْبَةِ عَنِ الْبَیْتِ الْمُقَدَّسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ (5) فَسَمَّی الصَّلَاةَ إِیمَاناً فَمَنْ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَافِظاً لِجَوَارِحِهِ مُوفِیاً كُلَّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهَا لَقِیَ اللَّهَ تَعَالَی مُسْتَكْمِلًا لِإِیمَانِهِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ خَانَ فِی شَیْ ءٍ مِنْهَا أَوْ تَعَدَّی مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاقِصَ الْإِیمَانِ قُلْتُ قَدْ فَهِمْتُ نُقْصَانَ الْإِیمَانِ وَ تَمَامَهُ فَمِنْ أَیْنَ جَاءَتْ زِیَادَتُهُ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِیماناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ

ص: 27


1- 1. لقمان: 18 و 19.
2- 2. یس: 65.
3- 3. الحجّ: 77.
4- 4. الجن: 18.
5- 5. البقرة: 143.

رِجْساً إِلَی رِجْسِهِمْ (1) وَ قَالَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً (2) وَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ وَاحِداً لَا زِیَادَةَ فِیهِ وَ لَا نُقْصَانَ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ عَلَی الْآخَرِ وَ لَاسْتَوَتِ النِّعَمُ فِیهِ وَ لَاسْتَوَی النَّاسُ وَ بَطَلَ التَّفْضِیلُ وَ لَكِنْ بِتَمَامِ الْإِیمَانِ دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالزِّیَادَةِ فِی الْإِیمَانِ تَفَاضَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِالنُّقْصَانِ دَخَلَ الْمُفَرِّطُونَ النَّارَ(3) قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ لِلْإِیمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ وَ یَتَفَاضَلُ الْمُؤْمِنُونَ فِیهَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ صِفْهُ لِی رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّی أَفْهَمَهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ سَبَّقَ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ كَمَا یُسَبَّقُ بَیْنَ الْخَیْلِ یَوْمَ الرِّهَانِ ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلَی دَرَجَاتِهِمْ فِی السَّبْقِ إِلَیْهِ فَجَعَلَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَی دَرَجَةِ سَبْقِهِ لَا یَنْقُصُهُ فِیهَا مِنْ حَقِّهِ وَ لَا یَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً وَ لَا مَفْضُولٌ فَاضِلًا تَفَاضَلَ بِذَلِكَ أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَوَاخِرُهَا وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَی الْإِیمَانِ فَضْلٌ عَلَی الْمَسْبُوقِ إِذَنْ لَلَحِقَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا نَعَمْ وَ لَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ یَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَی الْإِیمَانِ الْفَضْلُ عَلَی مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ وَ لَكِنْ بِدَرَجَاتِ الْإِیمَانِ قَدَّمَ اللَّهُ السَّابِقِینَ وَ بِالْإِبْطَاءِ عَنِ الْإِیمَانِ أَخَّرَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِینَ لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ الْآخِرِینَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلًا مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَ صَوْماً وَ حَجّاً وَ زَكَاةً وَ جِهَاداً وَ إِنْفَاقاً وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ سَوَابِقُ یَفْضُلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ الْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُقَدَّمِینَ عَلَی الْأَوَّلِینَ وَ لَكِنْ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُدْرِكَ آخِرَ دَرَجَاتِ الْإِیمَانِ أَوَّلُهَا وَ یُقَدَّمَ فِیهَا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ أَوْ یُؤَخَّرَ فِیهَا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ قُلْتُ أَخْبِرْنِی عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِینَ إِلَیْهِ إِلَی الِاسْتِبَاقِ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ (4) وَ قَالَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (5) وَ قَالَ وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِیَ

ص: 28


1- 1. براءة: 124 و 125.
2- 2. الكهف: 13.
3- 3. الكافی ج 2: 33- 37.
4- 4. الحدید: 21.
5- 5. الواقعة: 10- 11.

اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ (1) فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ عَلَی دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ثُمَّ ثَنَّی بِالْأَنْصَارِ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَی قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا

بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ (2) إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ (3) وَ قَالَ انْظُرْ كَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِیلًا(4) وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (5) وَ قَالَ وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ (6) وَ قَالَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ (7) وَ قَالَ وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً(8) وَ قَالَ لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا(9) وَ قَالَ یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ (10) وَ قَالَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا یُصِیبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَطَؤُنَ مَوْطِئاً یَغِیظُ الْكُفَّارَ وَ لا یَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَیْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ (11) وَ قَالَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَیْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ (12) وَ قَالَ فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ (13) فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِیمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (14).

تبیین: اعلم أن العیاشی ذكر فی التفسیر أكثر أجزاء هذا الخبر متفرقا

ص: 29


1- 1. براءة: 100.
2- 2. البقرة: 253.
3- 3. أسری: 55.
4- 4. أسری: 21.
5- 5. آل عمران: 163.
6- 6. هود: 3.
7- 7. براءة: 20.
8- 8. النساء 95 و 96.
9- 9. الحدید: 10.
10- 10. المجادلة: 11.
11- 11. براءة: 120.
12- 12. البقرة: 110، المزّمّل: 20.
13- 13. الزلزال: 7 و 8.
14- 14. الكافی ج 2 ص 40- 42.

و لما كان ما فی الكافی أجمع و أصح اكتفینا به و فی الكافی أیضا كان فرقه علی بابین (1)

فجمعتهما لاتصالهما معنی و اتصال سندهما و رواه الشیخ الجلیل جعفر بن محمد بن قولویه عن سعد بن عبد اللّٰه بإسناده عن الصادق علیه السلام عن أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فیما ذكر من أنواع آیات القرآن بأدنی تفاوت و سیأتی مثله بروایة النعمانی أیضا عن أمیر المؤمنین علیه السلام فهذا المضمون مستفیض مؤید بأخبار أخر أیضا.

قوله علیه السلام الإیمان باللّٰه هو مبتدأ و أعلی خبره و یحتمل أن یكون المراد به جمیع العقائد الإیمانیة اكتفی بذكر أشرفها و أعظمها للزومها لسائرها مع أن كون التوحید أشرف لا ینافی وجوب البقیة و اشتراطه بها و السنا الضوء و بالمد الرفعة و الحظ النصیب و

المراد بالقول التصدیق القلبی أو هو مع الإقرار اللسانی بالعقائد الإیمانیة و قیل هو الذی یعبر عنه بالكلام النفسی و قد یستدل بقوله عمل كله علی أن التصدیق المكلف به لیس محض العلم إذ هو من قبیل الانفعال بل هو فعل قلبی.

قال شارح المقاصد و المذهب أنه غیر العلم و المعرفة لأن من الكفار من كان یعرف الحق و لا یصدق به عنادا و استكبارا قال اللّٰه تعالی الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ (2) و قال وَ إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ لَیَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ (3) و قال تعالی حكایة عن موسی علیه السلام لفرعون لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (4) فاحتیج إلی الفرق بین العلم بما جاء به النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو معرفته و بین التصدیق لیصح كون الأول حاصلا للمعاندین دون الثانی و كون الثانی إیمانا دون الأول فاقتصر بعضهم علی أن ضد التصدیق هو الإنكار و التكذیب و ضد المعرفة النكارة و الجهالة و إلیه أشار الغزالی حیث فسر التصدیق بالتسلیم فإنه لا یكون مع الإنكار و الاستكبار بخلاف

ص: 30


1- 1. باب أن الایمان مبثوت لجوارح البدن كلها، و باب السبق الی الایمان.
2- 2. البقرة: 146.
3- 3. البقرة: 144.
4- 4. أسری 102.

العلم و المعرفة.

و فصل بعضهم زیادة التفصیل و قال التصدیق عبارة عن ربط القلب بما علم من إخبار المخبر و هو أمر كسبی یثبت باختیار المصدق و لهذا یؤجر و یثاب علیه بل یجعل رأس العبادات بخلاف المعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كمن وقع بصره علی جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر و حققه بعض المتأخرین زیادة تحقیق فقال المعتبر فی الإیمان هو التصدیق الاختیاری و معناه نسبة التصدیق إلی المتكلم اختیارا و بهذا القید یمتاز عن التصدیق المنطقی المقابل للتصور فإنه قد یخلو عن الاختیار كما إذا ادعی النبی النبوة و أظهر المعجزة فوقع فی القلب صدقه ضرورة من غیر أن ینسب إلیه اختیارا فإنه لا یقال فی اللغة إنه صدقه فلا یكون إیمانا شرعیا كیف و التصدیق مأمور به فیكون فعلا اختیاریا زائدا علی العلم لكونه كیفیة نفسانیة أو انفعالا و هو حصول المعنی فی القلب و الفعل القلبی لیس كذلك بل هو إیقاع النسبة اختیارا الذی هو كلام النفس و یسمی عقد القلب فالسوفسطائی عالم بوجود النهار و كذا بعض الكفار بنبوة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لكنهم لیسوا بمصدقین لأنهم لا یحكمون اختیارا بل ینكرون.

و كلام هذا القائل متردد یمیل تارة إلی أن التصدیق المعتبر فی الإیمان نوع من التصدیق المنطقی لكونه مقیدا بالاختیار و كون التصدیق العلمی أعم لا فرق بینهما إلا بلزوم الاختیار و عدمه و تارة إلی أنه لیس من جنس العلم أصلا لكونه فعلا اختیاریا و كون العلم كیفیة أو انفعالا و علی هذا الأخیر أصر بعض المعتنین بتحقیق الإیمان و جزم بأن التسلیم الذی فسر به الغزالی التصدیق لیس من جنس العلم بل أمر وراءه معناه گردن دادن و گرویدن و حق دانستن مر آنرا كه حق دانسته باشی.

و یؤیده ما ذكره إمام الحرمین أن التصدیق علی التحقیق كلام النفس لكن لا یثبت كلام النفس إلا مع العلم و نحن نقول لا شك أن التصدیق المعتبر فی الإیمان هو ما یعبر عنه فی الفارسیة بگرویدن و باور كردن و راست گوی دانستن إذا

ص: 31

أضیف إلی الحاكم و راست دانستن و حق دانستن إذا أضیف إلی الحكم و لا یكفی مجرد العلم و المعرفة الخالی عن هذا المعنی ثم أطال الكلام فی ذلك و آل تحقیقه إلی أنه لیس شی ء وراء العلم و المعرفة.

و قال المحقق الدوانی فی شرح العقائد اعلم أنه لو فسر التصدیق المعتبر فی الإیمان بما هو أحد قسمی العلم فلا بد من اعتبار قید آخر لیخرج الكفر العنادی و قد عبر عنه بعض المتأخرین بالتسلیم و الانقیاد و جعله ركنا من الإیمان و الأقرب أن یفسر التصدیق بالتسلیم الباطنی و الانقیاد القلبی و یقرب منه ما قیل إن التصدیق أن تنسب باختیارك الصدق إلی أحد و هو یحوم حول ذلك و إن لم یصب المنحر انتهی.

و أقول الحق أن إثبات معنی آخر غیر العلم و المعرفة مشكل و كون بعض أفراده حاصلا بغیر اختیار لا ینافی التكلیف به لمن لم یحصل له ذلك و ترتب الثواب علی ما حصل بغیر الاختیار إما تفضل أو هو علی الثبات علیه و إظهاره و العمل بمقتضاه و الكلام النفسی الذی ذكروه لیس وراء التصور و التصدیق شیئا نعم المعنی الذی نفهمه هاهنا زائدا علی العلم هو العزم علی إظهار ما اعتقده أو علی عدم إنكاره ظاهرا بغیر ضرورة تدعو إلیه و یمكن عده من لوازم الإیمان أو شرائطه كما یومئ إلیه بعض الآیات و الأخبار و العلم لو سلم أنه من قبیل الانفعال فعده عملا علی سبیل التوسع باعتبار أسبابه و مبادیه.

قوله علیه السلام بفرض الباء للسببیة و ضمیرا نوره و حجته راجعان إلی الفرض و كذا ضمیرا به و إلیه راجعان إلیه و ضمیر له إلی العامل و قیل إلی كونه عملا و قیل إلی اللّٰه و الأول أظهر و من أرجع ضمیر به إلی الفرض و ضمیر له إلی كونه عملا لو عكس كان أنسب و ضمیر یدعوه المستتر راجع إلی الكتاب و البارز إلی العامل و قیل الظاهر أن یشهد و یدعوه حال عن فرض و أن ضمیر له و إلیه راجع إلی اللّٰه و ضمیر به و البارز فی یدعوه للفرض و المراد بدعاء الكتاب ذلك الفرض إلیه سبحانه نسبته إلیه و بیانه أنه منه و یحتمل أن یكون

ص: 32

حالا عن الإیمان و أن یكون ضمیر له و یدعوه راجعا إلیه و ضمیر به و إلیه للعمل أی یشهد الكتاب للإیمان بأنه عمل و یدعو الكتاب الإیمان إلی أنه عمل انتهی و لا یخفی بعدهما و فی تفسیر العیاشی یشهد له بها الكتاب و یدعو إلیه فضمیر بها راجع إلی الحجة(1)

و قوله واضح و ثابتة نعتان للفرض.

للإیمان حالات كأنه إشارة إلی الحالات الثلاث الآتیة أی التام و الناقص و الراجح و الدرجات مراتب الرجحان فإنها كثیرة بحسب الكمیة و الكیفیة و الطبقات مراتب النقصان و المنازل ما یلزم تلك الدرجات و الطبقات من القرب إلیه سبحانه و البعد عنه و المثوبات و العقوبات المترتبة علیها.

و قیل إشارة إلی أن للإیمان مراتب متكثرة و هی حالات الإنسان باعتبار قیامها به و درجات باعتبار ترقیه من بعضها إلی بعض و طبقات باعتبار تفاوت مراتبها فی نفسها و كون بعضها فوق بعض و منازل باعتبار أن الإنسان ینزل فیها و یأوی إلیها.

فمنه التام و هو إیمان الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام لاشتماله علی جمیع أجزاء الإیمان من فعل الفرائض و ترك الكبائر و إن تفاوتت بانضمام سائر المكملات من المستحبات و ترك المكروهات زیادة و نقصانا أو المراد بالتام المنتهی تمامه درجة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أوصیائه علیهم السلام و منه الناقص البین نقصانه و هو أقل مراتب الإیمان الذی بعده الكفر و منه الراجح و فیه أفراد غیر متناهیة باعتبار التفاوت فی الكمیة و الكیفیة.

ثم إنه یحتمل الكلام وجهین أحدهما أن یكون الإیمان المشتمل علی فعل الفرائض و ترك الكبائر حاصلا فی الجمیع لعدم صدق الإیمان بدون ذلك و یكون الدرجات و المنازل باعتبار تلك الأعمال و نقصها و انضمام فعل سائر الواجبات و ترك سائر المحرمات و فعل المندوبات و ترك المكروهات بل المباحات و الاتصاف بالأخلاق السنیة و الملكات العلیة و ثانیهما أن یكون القدر المشترك حصول

ص: 33


1- 1. فی طبعة الكمبانیّ تقدیم و تأخیر بین الجملتین.

الإیمان فی الجملة و الكامل ما یكون مشتملا علی جمیع الأجزاء و هو الإیمان حقیقة و الناقص التام ما لم یكن فیه سوی العقائد الحقة و الدرجات المتوسطة تختلف باعتبار كثرة أجزاء الإیمان و قلتها فالمؤمن حقیقة هو الفرد الأول و إطلاقه علی البواقی علی التوسع لانتفاء الكل بانتفاء أحد الأجزاء و لكل منهما شواهد لفظا و معنی فتأمل فلما عسر فهمه علی السائل لألفته بمصطلحات المتكلمین أعاد السؤال لمزید التوضیح.

قوله علیه السلام به یعقل و یفقه و یفهم قیل العقل العلم بالقضایا الضروریة و الفقه ترتیبها لإنتاج القضایا النظریة و الفهم العلم بالنتیجة أقول و یحتمل أن یكون العقل معرفة الأصول العقلیة و الفقه العلم بالأحكام الشرعیة و الفهم معرفة سائر الأمور المتعلقة بالمعاش و غیره و المراد بالقلب النفس الناطقة سمیت به لتعلقها أولا بالروح الحیوانی المنبعث منه أو القلب الصنوبری من حیث تعلق النفس به و قیل محل الإدراك هذا الشكل الصنوبری عملا بظواهر الآیات و الأخبار و سیأتی تحقیقه فی محله إن شاء اللّٰه.

قال الراغب فی المفردات قال بعض الحكماء حیث ما ذكر اللّٰه القلب فإشارة إلی العقل و العلم نحو إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ (1) و حیث ما ذكر الصدر فإشارة إلی ذلك و إلی سائر القوی من الشهوة و الهوی و الغضب و نحوها و قوله رَبِّ اشْرَحْ لِی

صَدْرِی (2) فسؤال لإصلاح قواه و كذا قوله وَ یَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ (3) إشارة إلی إشفائهم و قوله وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(4) أی العقول التی هی مندرجة بین سائر القوی و لیست بمهتدیه و اللّٰه أعلم بذلك (5)

و قال قلب الإنسان قیل سمی به لكثرة تقلبه و یعبر بالقلب عن المعانی التی تختص به من الروح و العلم و الشجاعة و سائر ذلك فقوله

ص: 34


1- 1. ق: 37.
2- 2. طه: 25.
3- 3. براءة: 14.
4- 4. الحجّ: 46.
5- 5. مفردات غریب القرآن ص 276.

وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ(1) أی الأرواح إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أی علم و فهم و كذلك وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ (2) و قوله وَ طُبِعَ عَلی قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَفْقَهُونَ (3) و قوله وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ (4) أی تثبت به شجاعتكم و یزول خوفكم و علی عكسه وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ (5) و قوله هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ (6) و قوله وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّی (7) أی متفرقة و قوله وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ قیل العقل و قیل الروح فأما العقل فلا یصح علیه ذلك و مجازه مجاز قوله تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ و الأنهار لا تجری و إنما یجری الماء الذی فیه انتهی (8).

و الورود حضور الماء للشرب و الصدر و الصدور الانصراف عنه و هذا مثل فی أنها لا تفعل شیئا إلا بأمره كما یقال فی الفارسیة لا یشرب الماء إلا بأمره و إذنه و البطش تناول الشی ء بصولة و قوة و الباه فی بعض النسخ بدون الهمزة و فی بعضها بها قال الجوهری الباه مثل الجاه لغة فی الباءة و هو الجماع (9) ینطق به الجملة نعت للفرض و ضمیر به فی الموضعین للفرض و ضمیرا لها و علیها للجارحة و اللام للانتفاع و علی للإضرار و إرجاع ضمیر به إلی الإیمان كما قیل یقتضی خلو الجملة عن العائد و إرجاع ضمیر لها هنا إلی الجارحة یؤید إرجاع ضمیر له سابقا إلی العامل.

قوله فالإقرار أی الإقرار القلبی لأن الكلام فی فعل القلب و إن احتمل أن یكون المراد الإقرار اللسانی لأنه إخبار عن القلب لكن ذكره بعد ذلك فی عمل اللسان ربما یأبی عن ذلك و إن احتمل توجیهه و المعطوفات علیه علی

ص: 35


1- 1. الأحزاب: ص 33.
2- 2. الأنعام: 25.
3- 3. المنافقون: 3.
4- 4. الأنفال: 10.
5- 5. الأحزاب: 26.
6- 6. الفتح: 4.
7- 7. الحشر: 14.
8- 8. مفردات غریب القرآن: 411.
9- 9. الصحاح: 2228.

الأول عطف تفسیر له و كأنها إشارة إلی مراتب الیقین و الإیمان القلبی فإن أقل مراتبه الإذعان القلبی و لو عن تقلید أو دلیل خطابی و المعرفة ما كان عن برهان قطعی و العقد هو العزم علی الإقرار اللسانی و ما یتبعه و یلزمه عن العمل بالأركان و الرضا هو عدم إنكار قضاء اللّٰه و أوامره و نواهیه و أن لا یثقل علیه شی ء من ذلك لمخالفته لهوی نفسه و التسلیم هو الانقیاد التام للرسول فیما یأتی به لا سیما ما ذكر فی أمر أوصیائه و ما یحكم به بینهم كما قال تعالی فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً(1) فظهر أن الإقرار بالولایة أیضا داخل فی ذلك بل جمیع ما جاء به النبی و قوله بأن لا إله متعلق بالإقرار لأن ما ذكر بعده تفسیر و مكمل له و الصاحبة الزوجة و الإقرار عطف علی الإقرار و المراد الإقرار بسائر أنبیاء اللّٰه و كتبه و المستتر فی جاء راجع إلی الموصول و ما قیل إن قوله بأن لا إله إلا اللّٰه إلخ متعلق بالإقرار و المعرفة و العقد و قوله و الإقرار بما جاء من عند اللّٰه معطوف علی أن لا إله فیكون الأولان بیانا للأخیرین و الأخیر بیانا للأول فلا یخفی ما فیه من أنواع الفساد.

و قال المحدث الأسترآبادی ره المعرفة جاء فی كلامهم لمعان أحدها التصور مطلقا و هو المراد من قولهم علی اللّٰه التعریف و البیان أی ذكر المدعی و التنبیه علیها إذ لا یجب خلق الإذعان كما یفهم من باب الشك و غیر ذلك من الأبواب و ثانیها الإذعان القلبی و هو المراد من قولهم أقروا بالشهادتین و لم یدخل معرفة أن محمدا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی قلوبهم و ثالثها عقد القضیة الإجمالیة مثل نعم و بلی و هذا العقد لیس من باب التصور و لا من باب التصدیق و رابعها العلم الشامل للتصور و التصدیق و هو المراد من قولهم العلم و الجهل من صنع اللّٰه فی القلوب انتهی و فیه ما فیه.

ص: 36


1- 1. النساء: 65.

و الآیة الأولی من سورة النحل مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِیمانِهِ (1) قیل بدل من الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ و ما بینهما اعتراض أو من أولئك أو من الكاذبون أو مبتدأ خبره محذوف دل علیه قوله فَعَلَیْهِمْ غَضَبٌ و یجوز أن ینتصب بالذم و أن تكون من شرطیة محذوفة الجواب إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ علی الافتراء أو كلمة الكفر استثناء متصل لأن الكفر لغة یعم القول و العقد كالإیمان كذا ذكره البیضاوی (2) و الظاهر أنه منقطع وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ لم یتغیر عقیدته وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً أی اعتقده و طاب به نفسا فَعَلَیْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ و قد ورد فی أخبار كثیرة من طرق الخاصة و العامة أنها نزلت فی عمار بن یاسر حیث أكرهه و أبویه یاسرا و سمیة كفار مكة علی الارتداد فأبی أبواه فقتلوهما و هما أول قتیلین فی الإسلام و أعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقیل یا رسول اللّٰه إن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا ملئ إیمانا من قرنه إلی قدمه و اختلط الإیمان بلحمه و دمه فأتی عمار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو یبكی فجعل النبی صلی اللّٰه علیه و آله یمسح عینیه و قال ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت و عن الصادق علیه السلام فأنزل اللّٰه فیه إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ الآیة فقال له النبی صلی اللّٰه علیه و آله عندها یا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل اللّٰه عذرك و أمرك أن تعود إن عادوا و بالجملة الآیة تدل علی أن بعض أجزاء الإیمان متعلق بالقلب و إن استدل القوم بها علی أن الإیمان لیس إلا التصدیق القلبی و الآیة الثانیة الَّذِینَ

آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ (3) قیل أی أنسا به و اعتمادا علیه و رجاء منه أو بذكر رحمته بعد القلق من خشیته أو بذكر دلائله الدالة علی وجوده و وحدانیته أو بكلامه یعنی القرآن الذی هو أقوی المعجزات أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أی تسكن إلیه و قال فی المجمع معناه الذین اعترفوا بتوحید اللّٰه علی جمیع صفاته و بنبوة نبیه و قبول ما جاء به من عند اللّٰه و تسكن قلوبهم بذكر اللّٰه و تأنس إلیه و الذكر حضور المعنی للنفس و قد یسمی العلم ذكرا و القول الذی فیه المعنی الحاضر للنفس أیضا

ص: 37


1- 1. النحل: 106.
2- 2. أنوار التنزیل: 233.
3- 3. الرعد: 28.

یسمی ذكرا أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ إلخ هذا حث للعباد علی تسكین القلب إلی ما وعد اللّٰه به من النعیم و الثواب انتهی (1) و كان استدلاله علیه السلام بالآیة مبنی علی أن المراد بذكر اللّٰه العقائد الإیمانیة و الدلائل المفضیة إلیها إذ بها تطمئن القلب من الشك و الاضطراب و یؤیده قوله فی الآیة السابقة وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ قوله الذین آمنوا بأفواههم كأنه نقل لمضمون الآیة إن لم یكن من النساخ أو الرواة و فی المائدة هكذا یا أَیُّهَا الرَّسُولُ لا یَحْزُنْكَ الَّذِینَ یُسارِعُونَ فِی الْكُفْرِ مِنَ الَّذِینَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ و فی روایة النعمانی الَّذِینَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ (2) و هو أظهر.

قوله سبحانه إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ (3) قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی تظهروها و تعلنوها من الطاعة و المعصیة أو العقائد أَوْ تُخْفُوهُ أی تكتموه یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ أی یعلم اللّٰه ذلك فیجازیكم علیه و قیل معناه أن تظهروا الشهادة أو تكتموها و إن اللّٰه یعلم ذلك و یجازیكم به عن ابن عباس و جماعة و قیل إنها عامة فی الأحكام التی تقدم ذكرها فی السورة خوفهم اللّٰه تعالی من العمل بخلافها.

و قال قوم إن هذه الآیة منسوخة بقوله لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها(4) و رووا فی ذلك خبرا ضعیفا و هذا لا یصح لأن تكلیف ما لیس فی الوسع غیر جائز فكیف ینسخ و إنما المراد بالآیة ما یتناوله الأمر و النهی من الاعتقادات و الإرادات و غیر ذلك مما هو مستور عنا و أما ما لا یدخل فی التكلیف من الوساوس و الهواجس مما لا یمكن التحفظ عنه من الخواطر فخارج عنه لدلالة العقل و لقوله علیه السلام یعفی لهذه الأمة عن نسیانها و ما حدثت به أنفسها و علی هذا یجوز أن تكون الآیة الثانیة بینت الأولی و أزالت توهم من صرف ذلك إلی غیر وجه المراد و ظن أن ما یخطر بالبال أو تتحدث به النفس مما لا یتعلق بالتكلیف فإن اللّٰه یؤاخذ به و الأمر بخلاف ذلك فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ منهم رحمة و تفضلا وَ یُعَذِّبُ مَنْ

ص: 38


1- 1. مجمع البیان ج 6 ص 291.
2- 2. كما سیجی ء تحت الرقم 29.
3- 3. البقرة: 284.
4- 4. البقرة: 286.

یَشاءُ منهم ممن استحق العقاب عدلا وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ من المغفرة و العذاب عن ابن عباس.

و لفظ الآیة عام فی جمیع الأشیاء و القول فیما یخطر بالبال من المعاصی إن اللّٰه سبحانه لا یؤاخذ به و إنما یؤاخذ بما یعزم الإنسان و یعقد قلبه علیه مع إمكان التحفظ عنه فیصیر من أفعال القلب فیجازیه به كما یجازیه علی أفعال الجوارح و إنما یجازیه جزاء العزم لا جزاء عین تلك المعصیة لأنه لم یباشرها و هذا بخلاف العزم علی الطاعة فإن العازم علی فعل الطاعة یجازی علی عزمه ذلك جزاء تلك الطاعة كما جاء فی الأخبار أن المنتظر للصلاة فی الصلاة ما دام ینتظرها و هذا من لطائف نعم اللّٰه علی عباده انتهی (1).

و الظاهر من الأخبار الكثیرة التی یأتی بعضها فی هذا الكتاب عدم مؤاخذة هذه الأمة علی الخواطر و العزم علی المعاصی فیمكن تخصیص هذه الآیة بالعقائد كما هو ظاهر هذه الروایة و إن أمكن أن تكون نیة المعصیة و العزم علیها معصیة یغفرها اللّٰه للمؤمنین فالمراد بقوله لِمَنْ یَشاءُ المؤمنون و یؤیده ما ذكره المحقق الطوسی و غیره أن إرادة القبیح قبیحة فتأمل و یظهر من بعض الأخبار أن هذه الآیة منسوخة و قد خففها اللّٰه عن هذه الأمة كَمَا رَوَی الدَّیْلَمِیُّ فِی إِرْشَادِ الْقُلُوبِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ فِی مِعْرَاجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثُمَّ عُرِجَ بِهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاقِ الْعَرْشِ وَ نَاجَاهُ بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ قَالَ تَعَالَی لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ كَانَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قَدْ عُرِضَتْ عَلَی سَائِرِ الْأُمَمِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَی بَعْثِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَبَوْا جَمِیعاً أَنْ یَقْبَلُوهَا مِنْ ثِقَلِهَا وَ قَبِلَهَا مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَأَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ وَ مِنْ أُمَّتِهِ الْقَبُولَ خَفَّفَ عَنْهُ ثِقَلَهَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ تَكَرَّمَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَشْفَقَ عَلَی أُمَّتِهِ مِنْ تَشْدِیدِ الْآیَةِ الَّتِی قَبِلَهَا هُوَ وَ أُمَّتُهُ فَأَجَابَ عَنْ نَفْسِهِ وَ أُمَّتِهِ

ص: 39


1- 1. مجمع البیان ج 2 ص 401.

فَقَالَ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمُ الْمَغْفِرَةُ وَ الْجَنَّةُ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِیُ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ یَعْنِی الْمَرْجِعَ فِی الْآخِرَةِ فَأَجَابَهُ قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِتَائِبِی أُمَّتِكَ قَدْ أَوْجَبْتُ لَهُمُ الْمَغْفِرَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَمَّا إِذَا قَبِلْتَهَا أَنْتَ وَ أُمَّتُكَ وَ قَدْ كَانَتْ عُرِضَتْ مِنْ قَبْلُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأُمَمِ فَلَمْ یَقْبَلُوهَا فَحَقٌّ عَلَیَّ أَنْ أَرْفَعَهَا عَنْ أُمَّتِكَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ مِنْ خَیْرٍ وَ عَلَیْها مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ أَلْهَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ أَنْ قَالَ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْطَیْتُكَ لِكَرَامَتِكَ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

و أما المخالفون فهم اختلفوا فی ذلك قال الرازی فی تفسیر هذه الآیة یروی عن ابن عباس أنه قال لما نزلت هذه الآیة جاء أبو بكر و عمر و عبد الرحمن بن عوف و معاذ و ناس إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا یا رسول اللّٰه كلفنا من العمل ما لا نطیق إن أحدنا لیحدث نفسه بما لا یحب أن یثبت فی قلبه و إنه لذنب فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائیل سمعنا و عصینا فقولوا سمعنا

و أطعنا فقالوا سمعنا و أطعنا و اشتد ذلك علیهم فمكثوا فی ذلك حولا فأنزل اللّٰه تعالی لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فنسخت هذه الآیة فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله إن اللّٰه تجاوز عن أمتی ما حدثوا به أنفسهم ما لم یعملوا أو تكلموا به.

و اعلم أن محل البحث فی هذه الآیة أن قوله إِنْ تُبْدُوا إلخ یتناول حدیث النفس و الخواطر الفاسدة التی ترد علی القلب و لا یتمكن من دفعها فالمؤاخذة بها تجری مجری تكلیف ما لا یطاق و العلماء أجابوا عنه من وجوه.

الأول أن الخواطر الحاصلة فی القلب علی قسمین فمنها ما یوطن الإنسان نفسه علیه و العزم علی إدخاله فی الوجود و منها ما لا یكون كذلك بل یكون أمورا خاطرة بالبال مع أن الإنسان یكرهها و لكنه لا یمكنه دفعها عن نفسه فالقسم الأول یكون مؤاخذا به و الثانی لا یكون مؤاخذا به أ لا تری إلی قوله تعالی

ص: 40


1- 1. إرشاد القلوب المجلد الثانی.

لا یُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِكُمْ وَ لكِنْ یُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (1) و قال فی آخر هذه السورة لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَیْها مَا اكْتَسَبَتْ (2) و قال إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ(3) هذا و هو الجواب المعتمد.

الوجه الثانی أن كل ما كان فی القلب مما لا یدخل فی العمل فإنه فی محل العفو و قوله وَ إِنْ تُبْدُوا إلی آخرها فالمراد منه أن یدخل ذلك العمل فی الوجود إما ظاهرا أو علی سبیل الخفیة و أما ما یوجد فی القلب من العزائم و الإرادات و لم یتصل بالعمل فكل ذلك فی محل العفو و هذا الجواب ضعیف لأن أكثر المؤاخذات إنما یكون بأفعال القلوب أ لا تری أن اعتقاد الكفر و البدع لیس إلا من أعمال القلوب و أعظم أنواع العقاب مرتب علیه أیضا و أفعال الجوارح إذا خلت من أعمال القلوب لا یترتب علیها عقاب كأفعال النائم و الساهی فثبت ضعف هذا الجواب.

و الوجه الثالث أنه تعالی یؤاخذ بها و مؤاخذتها من الغموم فی الدنیا و روی فی ذلك خبرا عن عائشة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

الوجه الرابع أنه تعالی قال یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ و لم یقل یؤاخذكم به اللّٰه و قد ذكرنا فی معنی كونه حسیبا و محاسبا وجوها منها كونه عالما بها فرجع المعنی إلی كونه تعالی عالما بالضمائر و السرائر و روی عن ابن عباس أنه تعالی إذا جمع الخلائق یخبرهم بما كان فی نفوسهم فالمؤمن یخبره و یعفو عنه و أهل الذنوب یخبرهم بما أخفوا من التكذیب و الذنب.

الوجه الخامس أنه تعالی ذكر بعد هذه الآیة فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ فیكون الغفران نصیبا لمن كان كارها لورود تلك الخواطر و العذاب لمن كان مصرا علیها مستحسنا لها.

الوجه السادس قال بعضهم المراد بهذه الآیة كتمان الشهادة و هو ضعیف و إن كان واردا عقیبه.

ص: 41


1- 1. البقرة: 225 و 286.
2- 2. البقرة: 225 و 286.
3- 3. النور: 19.

الوجه السابع ما مر أنها منسوخة بقوله لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و هذا أیضا ضعیف لوجوه أحدها أن هذا النسخ إنما یصح لو قلنا إنهم كانوا قبل هذا النسخ مأمورین بالاحتراز عن تلك الخواطر التی كانوا عاجزین عن دفعها و ذلك باطل لأن التكلیف قط ما ورد إلا بما فی القدرة و لذلك قال صلی اللّٰه علیه و آله بعثت بالحنیفیة السمحة السهلة و الثانی أن النسخ إنما یحتاج إلیه لو دلت الآیة علی حصول العقاب علی تلك الخواطر و قد بینا أنها لا تدل علی ذلك الثالث أن نسخ الخبر لا یجوز و إنما یجوز نسخ الأوامر و النواهی و اختلفوا فی أن الخبر هل ینسخ أم لا انتهی.

و قال أبو المعین النسفی قال أهل السنة و الجماعة العبد مؤاخذ بما عقد بقلبه نحو الزنا و اللواطة و غیر ذلك أما إذا خطر بباله و لم یقصد فلا یؤاخذ به و قال بعضهم لا یؤاخذ فی الصورتین جمیعا

وَ حُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صلی اللّٰه علیه و آله: عُفِیَ عَنْ أُمَّتِی مَا خَطَرَ بِبَالِهِمْ مَا لَمْ یَتَكَلَّمُوا وَ یَفْعَلُوا.

و حجتنا قوله تعالی وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ الآیة فثبت أنه مؤاخذ بقصده و ما ذكرتم من الحدیث فمحمول علی ما خطر بباله و لم یقصد أما إذا قصد فلا انتهی.

و هو رأس الإیمان كان التشبیه بالرأس باعتبار أن بانتفائه ینتفی الإیمان رأسا كما أن بانتفاء الرأس لا تبقی الحیاة و یفسد جمیع البدن قوله علیه السلام القول أی ما یجب التكلم به من الأقوال كإظهار الحق و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و القراءة و الأذكار فی الصلاة و أمثالها فیكون قوله و التعبیر تخصیصا بعد التعمیم لمزید الاهتمام.

وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً(1) قال البیضاوی أی قولا حسنا و سماه حسنا للمبالغة و قرأ حمزة و یعقوب و الكسائی حسنا بفتحتین انتهی

أَقُولُ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَعْنِی قُولُوا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ علیه السلام:

ص: 42


1- 1. البقرة: 83، راجع تفسیر البیضاوی: 35. ط ایران.

نَزَلَتْ فِی الْیَهُودِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ قاتِلُوا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (1) الْآیَةَ.

و فی بعض الروایات أنه حسن المعاشرة و القول الجمیل و فی بعضها أنه الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و كان التعمیم أولی فیناسب التعمیم فی القول أولا و یؤیده ما سیأتی نقلا من تفسیر النعمانی.

ثم إن الآیة الثانیة لیست فی المصاحف هكذا ففی سورة البقرة قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ و فی سورة العنكبوت وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فالظاهر أن التغییر من النساخ أو نقل الآیتین بالمعنی و فی النعمانی موافق للأولی و لعله كان فی الخبر الآیتان فأسقطوا عجز الأولی و صدر الثانیة و التنزه الاجتناب و أن یعرض عطف علی أن یتنزه و الإصغاء عطف علی الموصول فی قوله عما لا یحل.

وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتابِ (2) هذه الآیة فی سورة النساء و فی تفسیر علی بن إبراهیم (3) أن آیات اللّٰه هم الأئمة علیهم السلام و روی العیاشی (4) فی تفسیرها إذا سمعت الرجل یجحد الحق و یكذب به و یقع فی أهله فقم من عنده و لا تقاعده قال الراغب و الخوض الشروع فی الماء و المرور فیه و یستعار فی الأمور و أكثر ما ورد فی القرآن ورد فیما یذم الشروع فیه و تتمة الآیة إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِینَ وَ الْكافِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعاً و الاستثناء فی سورة الأنعام حیث قال وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ وَ إِمَّا یُنْسِیَنَّكَ الشَّیْطانُ (5) الآیة و یحتمل أن یكون قوله تعالی وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی

ص: 43


1- 1. براءة: 290.
2- 2. النساء: 136.
3- 3. تفسیر القمّیّ ص 469- 467.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 281.
5- 5. الأنعام: 68.

الْكِتابِ إشارة إلی ما نزل فی سورة الأنعام فهذه الآیة كالتفسیر لتلك الآیة فذكره علیه السلام آیة النساء لبیان أن الخوض فی الآیات المذكور فی الأنعام هو الكفر و الاستهزاء بها و إلا كان المناسب ذكر الآیة المتصلة بالاستثناء فتفطن و روی العیاشی عن الباقر علیه السلام فی هذه الآیة(1)

قال الكلام فی اللّٰه و الجدال فی القرآن و قال منه القصاص وَ إِمَّا یُنْسِیَنَّكَ الشَّیْطانُ أی النهی فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْری أی بعد أن تذكره مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ أی معهم فوضع الظاهر موضعه تنبیها علی أنهم ظلموا بوضع التكذیب و الاستهزاء موضع التصدیق و الاستعظام و فی الحدیث عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله من كان یؤمن باللّٰه و الیوم الآخر فلا یجلس فی مجلس یسب فیه إمام أو یغتاب فیه مسلم إن اللّٰه تعالی یقول فی كتابه وَ إِذا رَأَیْتَ الآیة(2).

ثم إن الخطاب فی الآیة إما خطاب عام أو الخطاب ظاهرا للرسول و المراد به الأمة لأن النسیان لا یجوز علیه صلی اللّٰه علیه و آله لا سیما إذا كان من الشیطان فإن من جوز السهو و النسیان علیه صلی اللّٰه علیه و آله كالصدوق إنما جوز الإسهاء من اللّٰه تعالی للمصلحة لا من الشیطان فبشر عبادی الإضافة للتشریف و أحسن القول ما فیه رضا اللّٰه أو أشد رضاه و ما هو أشق علی النفس و هذه كلمة جامعة یندرج فیها القول فی أصول الدین و فروعه و الإصلاح بین الناس و التمییز بین الحق و الباطل و إیثار الأفضل فالأفضل و فی روایة هو الرجل یسمع الحدیث فیحدث به كما سمع لا یزید فیه و لا ینقص منه.

أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ لدینه وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (3) أی العقول السلیمة عن منازعة الهوی و الوهم و العادات و عبادی فی النسخ بإثبات الیاء موافقا لروایة أبی عمرو بروایة موسی حیث قرأ فی الوصل بفتح الیاء و فی

ص: 44


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 362.
2- 2. راجع تفسیر القمّیّ ص 192.
3- 3. الزمر: 18.

الوقف بإسكانها و قرأ الباقون بإسقاط الیاء و الاكتفاء بالكسرة.

الَّذِینَ هُمْ فِی صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قیل أی خائفون من اللّٰه متذللون له یلزمون أبصارهم مساجدهم و فی تفسیر علی بن إبراهیم (1)

غضك بصرك فی صلاتك و إقبالك علینا و سیأتی تفسیره فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قیل اللغو ما لا یعنیهم من قول أو فعل و فی تفسیر علی بن إبراهیم یعنی عن الغناء و الملاهی وَ فِی إِرْشَادِ الْمُفِیدِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لیه السلام: كُلُّ قَوْلٍ لَیْسَ فِیهِ ذِكْرٌ فَهُوَ لَغْوٌ.

وَ فِی الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَنْ یَتَقَوَّلَ الرَّجُلُ عَلَیْكَ بِالْبَاطِلِ أَوْ یَأْتِیَكَ بِمَا لَیْسَ فِیكَ فَتُعْرِضُ عَنْهُ لِلَّهِ.

قَالَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ الْغِنَاءُ وَ الْمَلَاهِی.

وَ فِی الْإِعْتِقَادَاتِ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُصَّاصِ أَ یَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ لَهُمْ فَقَالَ لَا.

و الحاصل أن اللغو كل ما لا خیر فیه من الكلام و الأصوات و یكفی فی الاستشهاد كون بعض أفراده حراما مثل الغناء و الدف و الصنج و الطنبور و الأكاذیب و غیرها و قال فی سورة القصص وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ قال علی بن إبراهیم (2) اللغو الكذب و اللّٰهو و الغناء و قال فی الفرقان وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً(3) أی معرضین عنه مكرمین أنفسهم عن الوقوف علیه و الخوض فیه و فی أخبار كثیرة تفسیر اللغو فی هذه الآیة بالغناء و الملاهی قوله من الإیمان من تبعیضیة و أن لا یصغی عطف بیان لهذا و قیل من الإیمان مبتدأ و أن لا یصغی خبره (4) و فیه ما فیه.

قُلْ لِلْمُؤْمِنِینَ یَغُضُّوا(5) الخطاب للرسول صلی اللّٰه علیه و آله و یغضوا مجزوم بتقدیر اللام أی لیغضوا فالمقصود تبلیغهم أمر ربهم أو حكایة لمضمون أمره علیه السلام أو منصوب بتقدیر أن أی مرهم أن یغضوا فإن قل لهم فی معنی مرهم و قیل إنه جواب الأمر أی قل لهم غضوا یغضوا و اعترض بأنه حینئذ ینبغی الفاء أی فیغضوا

ص: 45


1- 1. تفسیر القمّیّ ص 444، و هكذا ما بعده، و الآیة صدر سورة المؤمنون.
2- 2. تفسیر القمّیّ ص 490 و الآیة فی القصص: 55.
3- 3. الفرقان: 72.
4- 4. بل بالعكس.
5- 5. النور: 30.

و فیه أنه سهل لیكن محذوفا و أبعد منه ما یقال إن التقدیر قل لهم غضوا فإنك إن تقل لهم یغضوا و أصل الغض النقصان و الخفض كما فی قوله وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ (1) و أجاز الأخفش أن تكون من زائدة و أباه سیبویه و قال إنه للتبعیض و لعله الوجه و لیس المراد نقص المبصرات و تبعیضها و لا الأبصار بل النظر بها و هو المراد مما قیل المراد غض البصر و خفضه عما یحرم النظر إلیه و الاقتصار به علی ما یحل و كذا قوله وَ یَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أی إلا علی أزواجهم أو ما ملكت أیمانهم فلما كان المستثنی هنا كالشاذ النادر مع كونه معروفا معلوما بخلافه فی غض الأبصار أطلق الحفظ هنا و قید الغض بحرف التبعیض و فی الكشاف و یجوز أن یراد مع حفظها عن الإفضاء إلی ما لا یحل حفظها عن الإبداء و هذه الروایة و غیرها تدل علی أن المراد بحفظ الفرج هنا ستره عن أن ینظر إلیه أحد و كذا ظاهر الروایة تخصیص غض البصر بترك النظر إلی العورة.

قوله علیه السلام ثم نظم أقول فی تفسیر النعمانی ثم نظم تعالی ما فرض علی السمع و البصر و الفرج فی آیة واحدة فقال وَ ما كُنْتُمْ و هو أظهر و ما هنا یحتاج إلی تكلف فی إدخال اللسان و القلب فقیل المراد بالاستتار ترك ذكر الأعمال القبیحة فی المجالس و أَنْ یَشْهَدَ بتقدیر من أن یشهد متعلقا بالاستتار بتضمین معنی الخوف فقوله تَسْتَتِرُونَ إشارة إلی فرض القلب و اللسان معا و یحتمل أن یكون المراد بالآیة الأخری الجنس أی الآیتین و الفؤاد داخل فی الآیة الثانیة و كذا اللسان لأن قوله لا تَقْفُ عبارة عن عدم متابعة غیر المعلوم بعدم التصدیق به بالقلب و عدم إظهار العلم به باللسان وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ قبل هذه الآیة فی حم تنزیل وَ یَوْمَ یُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَی النَّارِ فَهُمْ یُوزَعُونَ حَتَّی إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَیْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا یَعْمَلُونَ وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَیْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنْطَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ (2) قال الطبرسی قدس سره أی شهد علیهم سمعهم بما قرعه من الدعاء

ص: 46


1- 1. لقمان: 19.
2- 2. فصّلت: 20.

إلی الحق فأعرضوا عنه و لم یقبلوه و أبصارهم بما رأوا من الآیات الدالة علی وحدانیة اللّٰه فلم یؤمنوا و سائر جلودهم بما باشروه من المعاصی و الأعمال القبیحة و قیل فی شهادة الجوارح قولان أحدهما أن اللّٰه تعالی یبنیها بنیة الحی (1)

و یلجئها إلی الاعتراف و الشهادة بما فعله أصحابها و الآخر أن اللّٰه تعالی تفعل الشهادة فیها و إنما أضاف الشهادة إلیها مجازا و قیل فی ذلك أیضا وجه ثالث و هو أنه یظهر فیه أماراته الدالة علی كون أصحابها مستحقین للنار فسمی ذلك شهادة مجازا كما یقال عیناك تشهدان بسهرك و قیل إن المراد بالجلود هنا الفروج علی طریق الكنایة عن ابن عباس و المفسرین (2) ثم قال وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ یَشْهَدَ أی من أن یشهد عَلَیْكُمْ سَمْعُكُمْ معناه و ما كنتم تستخفون أی لم یكن مهیئا لكم أن تستتروا أعمالكم عن هذه الأعضاء لأنكم كنتم بها تعملون فجعلها اللّٰه شاهدة علیكم فی القیامة و قیل معناه و ما كنتم تتركون المعاصی حذرا أن تشهد علیكم جوارحكم بها لأنكم ما كنتم تظنون ذلك وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ كَثِیراً مِمَّا كنتم تَعْمَلُونَ لجهلكم باللّٰه تعالی فهان علیكم ارتكاب المعاصی لذلك و روی عن ابن مسعود أنها نزلت فی ثلاثة نفر تساروا فقالوا أ تری أن اللّٰه تعالی یسمع تسارنا و یجوز أن یكون المعنی أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله یخفی علی اللّٰه كما یقال أهلكت نفسی أی عملت عمل من أهلك النفس و قیل إن الكفار كانوا یقولون إن اللّٰه لا یعلم ما فی أنفسنا لكنه یعلم ما نظر عن ابن عباس وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ ذلِكُمْ مبتدأ و ظَنُّكُمُ خبره و أَرْداكُمْ خبر ثان و یجوز أن یكون ظَنُّكُمُ بدلا من ذلِكُمْ و یكون المعنی و ظنكم الذی ظننتم بربكم أنه لا یعلم كثیرا مما تعملون أهلككم إذ هون علیكم أمر المعاصی و أدی بكم إلی الكفر فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِینَ أی فظللتم من جملة من

ص: 47


1- 1. و فی نسخة من المصدر: ینبهها تنبیه الحی.
2- 2. مجمع البیان ج 9 ص 9.

خسرت تجارته لأنكم خسرتم الجنة و خضتم فی النار انتهی (1).

فإن قیل هذه الآیات فی السور المكیة و كذا قوله وَ لا تَقْفُ إلخ كما یدل علیه خبر محمد بن سالم أیضا فكیف صارت أعمال الجوارح فیها أجزاء من الإیمان و كیف توعد علیها قلت لعل الوعید فیها باعتبار كفرهم و شركهم لا أنها تدل علی أنهم إنما فعلوا ذلك كفرا باللّٰه و استهانة بأمره و ظنهم أنه سبحانه لا یعلم كثیرا مما یعملون فالوعید علی شركهم و إتیانهم بتلك الأعمال من جهة الاستخفاف و الاستحلال و قفو ما لیس لهم به علم كان فی أصول الدین مع أنه قد مر أنه لیس فیها وعید بالنار و كون جمیع آیات حم مكیة لم یثبت لعدم الاعتماد علی قول المفسرین من العامة و یحتمل أن یكون الغرض هنا محض كون الأعمال متعلقة بالجوارح و أن لها مدخلا فی الإیمان و إن كان مدخلیتها فی كماله و المقصود فی هذا الخبر أمر آخر و كذا الكلام فی قوله وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً فإنها أیضا مكیة.

قوله إلی ما حرم اللّٰه مثل القتل و الضرب و النهب و السرقة و كتابة الجور و الكذب و الظلم و مس الأجانب و نحوها و فرض علیهما من الصدقة و صلة الرحم إذ إیصال الصدقة إلی الفقراء و الخیر إلی الأقرباء و الضرب و البطش و القتل فی الجهاد و الطهور للصلاة من فروض الید و قیل یفهم منه وجوب استعمال الید فی غسل الوجه و هو إما لأنه الفرد الغالب أو لأنه فرد الواجب التخییری.

و أقول یمكن أن یكون غسل الوجه داخلا فیما سیأتی من قوله و قال فیما فرض اللّٰه.

فَضَرْبَ الرِّقابِ (2) ضرب الرقاب عبارة عن القتل بضرب العنق و أصله فاضربوا الرقاب ضربا حذف الفعل و أقیم المصدر مقامه و أضیف إلی المفعول و الإثخان إكثار القتل أو الجراح بحیث لا یقدر علی النهوض و الوثاق بالفتح و الكسر ما یوثق به و شده كنایة عن الأسر و مَنًّا و فِداءً مفعول مطلق لفعل محذوف أی فإما

ص: 48


1- 1. مجمع البیان ج 9 ص 10 و فیه: حصلتم فی النار.
2- 2. القتال: 4.

تمنون منا و إما تفدون فداء و أوزار الحرب أثقالها و آلاتها كالسیف و السنان و غیرهما و هو كنایة عن انقضاء أمرها و المروی و مذهب الأصحاب أن الأسیر إن أخذ و الحرب قائمة تعین قتله إما بضرب عنقه أو بقطع یده و رجله من خلاف و تركه حتی ینزف و یموت و إن أخذ بعد انقضاء الحرب تخیر الإمام بین المن و الفداء و الاسترقاق و لا یجوز القتل و الاسترقاق علم من السنة و العلاج المزاولة.

أن لا یمشی بصیغة المجهول و الباء فی بهما للآلة و الظرف نائب الفاعل و قوله علیه السلام فقال لعله لیس لتفسیر ما تقدم و الاستدلال علیه بل لبیان نوع آخر من تكلیف الرجلین و هو نوع المشی و ما ذكر سابقا كان غایة المشی و سیأتی ما هو أوفق بالمراد فی روایة النعمانی و قال البیضاوی وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ (1) توسط فیه بین الدبیب و الإسراع و عنه صلی اللّٰه علیه و آله سرعة المشی تذهب بهاء المؤمن وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ و انقص منه و أقصر إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أوحشها لَصَوْتُ الْحَمِیرِ و الحمار مثل فی الذم سیما نهاقه و لذلك یكنی عنه فیقال طویل الأذنین و فی تمثیل الصوت المرتفع بصوته ثم إخراجه مخرج الاستعارة مبالغة شدیدة و توحید الصوت لأن المراد تفضیل الجنس فی النكیر دون الآحاد أو لأنه مصدر.

و قال فی قوله سبحانه الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ (2) بأن نمنعها عن كلامهم وَ تُكَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ إلخ بظهور آثار المعاصی علیها و دلالتها علی أفعالها أو بإنطاق اللّٰه إیاها و فی الحدیث أنهم یجحدون و یخاصمون فیختم علی أفواههم و تكلمهم أیدیهم و أرجلهم انتهی و قیل هذا لا ینافی ما روی أن الناس فی هذا الیوم یحتجون لأنفسهم و یسعی كل منهم فی فكاك رقبته كما قال سبحانه یَوْمَ تَأْتِی كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها(3) و اللّٰه یلقن من یشاء حجته كما فی دعاء الوضوء اللّٰهم لقنی حجتی یوم ألقاك لأن الختم مخصوص بالكفار كما قاله بعض المفسرین أو أن الختم

ص: 49


1- 1. لقمان: 18، راجع البیضاوی: 335.
2- 2. یس: 65.
3- 3. النحل: 111.

یكون بعد الاحتجاج و المجادلة كما فی الروایة السابقة و بالجملة الختم یقع فی مقام و المجادلة فی مقام آخر قوله فهذا أیضا كأنه إشارة إلی ما تشهد به الجوارح فمن فی قوله مما تبعیضیة أو إلی التكلیم و الشهادة فمن تعلیلیة و یحتمل أن یكون إشارة إلی جمیع ما تقدم.

و قال البیضاوی فی قوله تعالی ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا(1) أی فی صلاتكم أمرهم بهما لأنهم ما كانوا یفعلونهما أول الإسلام أو صلوا و عبر عن الصلاة بهما لأنهما أعظم أركانهما أو اخضعوا لله و خروا له سجدا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ بسائر ما تعبدكم به وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ و تحروا ما هو خیر و أصلح فیما تأتون و تذرون كنوافل الطاعات و صلة الأرحام و مكارم الأخلاق لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أی افعلوا هذه كلها و أنتم راجون الفلاح غیر متیقنین له واثقین علی أعمالكم و أقول لعل من اللّٰه موجبة و هذه فریضة جامعة أی ما ذكر فی هذه الآیة من الركوع و السجود و العبادة و فعل الخیر و مدخلیة الأعضاء المذكورة فی تلك الأعمال فی الجملة ظاهرة وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ (2) ظاهره أنه علیه السلام فسر المساجد بالأعضاء السبعة التی یسجد علیها أی خلقت لأن یعبد اللّٰه بها فلا تشركوا معه غیره فی سجودكم علیها و هذا التفسیر هو المشهور بین المفسرین و المذكور فی صحیحة حماد(3) و المروی عن أبی جعفر الثانی علیه السلام حین سأله المعتصم عنها و به قال ابن جبیر و الزجاج و الفراء(4)

فلا عبرة بقول من قال إن المراد بها المساجد المعروفة و لا بقول من قال هی بقاع الأرض كلها و لا بقول من قال هی المسجد الحرام و الجمع باعتبار أنه قبلة لجمیع المساجد و لا بقول من قال هی السجدات جمع مسجد بالفتح مصدرا أی السجودات لله فلا تفعل لغیره

وَ قَالَ فِی الْفَقِیهِ (5)

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 50


1- 1. الحجّ: 77، راجع البیضاوی: 274.
2- 2. الجن: 18.
3- 3. راجع الكافی ج 3 ص 312.
4- 4. راجع مجمع البیان ج 10 ص 372.
5- 5. فقیه من لا یحضره الفقیه ج 2 ص 381.

فِی وَصِیَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ: یَا بُنَیَّ لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ فَرَضَ عَلَی جَوَارِحِكَ كُلِّهَا فَرَائِضَ یَحْتَجُّ بِهَا عَلَیْكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ یَسْأَلُكَ عَنْهَا وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ اسْتَعْبَدَهَا بِطَاعَتِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا إِلَی قَوْلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فَهَذِهِ فَرِیضَةٌ جَامِعَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَی الْجَوَارِحِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ إلخ یَعْنِی بِالْمَسَاجِدِ الْوَجْهَ وَ الْیَدَیْنِ وَ الرُّكْبَتَیْنِ وَ الْإِبْهَامَیْنِ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ.

قوله و قال فیما فرض علی الجوارح من الطهور و الصلاة بها أی بالجوارح و كأن مفعول القول محذوف أی ما قال أو من الطهور مفعوله بزیادة من أو بتقدیر شیئا أو كثیرا أو المراد قال ذلك أی آیة المساجد فیما فرض اللّٰه علی هذه الجوارح من الطهور و الصلاة لأن الطهور أیضا یتعلق بالمساجد و علی التقادیر قوله و ذلك إشارة إلی كون الآیات السابقة دلیلا علی كون الإیمان مبثوثا علی الجوارح لأنها إنما دلت علی أن اللّٰه تعالی فرض أعمالا متعلقة بتلك الجوارح و لم تدل علی أنها إیمان فاستدل علی ذلك بأن اللّٰه تعالی سمی الصلاة المتعلقة بجمیع الجوارح إیمانا فتم به الاستدلال بالآیات المذكورة علی المطلوب و الظاهر أن فی العبارة سقطا أو تحریفا أو اختصارا مخلا من الرواة أو من المصنف كما یدل علیه ما سیأتی نقلا من النعمانی

وَ فِی رِوَایَةِ ابْنِ قُولَوَیْهِ: وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ الْآیَةَ فَرَوَی أَصْحَابُنَا فِی غَیْرِ هَذَا الْحَدِیثِ أَنَّهُ عَنَی عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ هَذِهِ الْجَوَارِحَ الْخَمْسَ وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ فِیمَا فَرَضَ عَلَی هَذِهِ الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا صَرَفَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْكَعْبَةِ عَنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ صَلَاتَنَا الَّتِی كُنَّا نُصَلِّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ مَا حَالُهَا وَ حَالُنَا فِیهَا وَ حَالُ مَنْ مَضَی مِنْ أَمْوَاتِنَا وَ هُمْ یُصَلُّونَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما كانَ اللَّهُ الْآیَةَ.

و یحتمل أن یكون مفعول القول وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ أو مبهما یفسره ذلك حذف لدلالة التعلیل علیه و قوله و ذلك تعلیل للقول أی النزول و قوله فأنزل اللّٰه

ص: 51

لیس جواب لما لعدم جواز دخول الفاء علیه بل الجواب محذوف بتقدیر أنزل وجه الحكمة فی الصرف فأنزل.

قوله فمن لقی اللّٰه عند الموت أو فی القیامة أو الأعم حافظا لجوارحه عن المحرمات موفیا كل جارحة التوفیة إعطاء الحق وافیا تاما و یمكن أن یقرأ كل بالرفع و بالنصب مستكملا لإیمانه أی مكملا له فی القاموس أكمله و استكمله و كمله أتمه و جملة(1) و من خان فی شی ء منها أی من الجوارح بفعل المنهیات أو تعدی ما أمر اللّٰه عز و جل فی الجوارح و یحتمل أن تكون الخیانة أعم من ترك المأمورات و فعل المنهیات و التعدی بإیقاع الفرائض علی وجه البدعة و مخالفا لما أمر اللّٰه و أقول حكم علیه السلام فی الأول بدخول الجنة أی من غیر عقاب و فی الثانی لم یحكم بدخول النار و لا بعدم دخول الجنة لأنه یدخل الجنة و لو بعد حین و لیس دخوله النار مجزوما به لاحتمال عفو اللّٰه تعالی و غفرانه.

قوله فمن أین جاءت زیادته یفهم منه أن السائل فهم من الزیادة كون ما یشترط فی الإیمان متحققا و زائدا علیه لا أنه یكون الزائد بالنسبة إلی الناقص و إلا فلم یحتج إلی السؤال لأن كل نقص إذا سلب كان زائدا بالنسبة إلیه فالأفراد ثلاثة تام الإیمان و هو الذی اعتقد العقائد الحقة كلها و عمل بالفرائض و اجتنب الكبائر و إن أتی بشی ء منها تاب بعده و لم یصر علی الصغائر و ناقص الإیمان و هو الذی أتی مع العقائد الحقة بشی ء من الكبائر و لم یتب منها أو ترك شیئا من الفرائض و لم یتداركها أو أصر

علی الصغائر و زائد الإیمان و هو الذی زاد فی العقائد علی ما یجب كما و كیفا كما سیأتی و فی الأعمال بإتیانه بسائر الواجبات و المستحبات و ترك الصغائر و المكروهات و كلما زادت العقائد و الأعمال كما و كیفا زاد الإیمان.

فإذا عرفت هذا فلم تحتج إلی ما تكلفه بعضهم أنه لما ذكر علیه السلام أن الإیمان مفروض علی الجوارح و أنه یزید و ینقص و علم السائل الأول صریحا من

ص: 52


1- 1. القاموس ج 4 ص 46.

الآیات المذكورة و الثانی ضمنا أو التزاما منها للعلم الضروری بأن العلم یزید و ینقص سأل عن الآیات الدالة علی الثانی صریحا أو قصده من السؤال أنی قد فهمت مما ذكر من نقصان الإیمان العملی و تمامه باعتبار أن العمل یزید و ینقص فمن أین جاءت زیادة الإیمان التصدیقی و أیة آیة تدل علیها و فیه حینئذ استخدام إذ أراد بلفظ الإیمان الإیمان العملی و بضمیره الإیمان التصدیقی و علی التقدیرین لا یرد أنه إذا علم نقصان الإیمان و تمامه فقد علم زیادته لأن فی التام زیادة لیست فی الناقص انتهی.

فَمِنْهُمْ (1) قال البیضاوی فمن المنافقین مَنْ یَقُولُ إنكارا و استهزاء أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِیماناً و قرئ أیكم بالنصب علی إضمار فعل یفسره زادته فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً بزیادة العلم الحاصل من تدبر السورة و انضمام الإیمان بها و بما فیها إلی إیمانهم وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ بنزولها لأنها سبب لزیادة كمالهم و ارتفاع درجاتهم وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ كفر فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَی رِجْسِهِمْ كفرا بها مضموما إلی الكفر بغیرها وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ و استحكم ذلك فیهم حتی ماتوا علیه.

وَ زِدْناهُمْ هُدیً (2) أی هدایة إلی الإیمان أو زدناهم بسبب الإیمان ثباتا و شدة یقین و صبر علی المكاره فی الدین كما قال وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ فهذه الهدایة الخاصة الربانیة زیادة علی الإیمان الذی كانوا به متصفین حیث قال تعالی أولا إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ و لو كان كله واحدا أی كل الإیمان واحدا لا زیادة فیه و لا نقصان لم یكن لأحد من المؤمنین فضل علی الآخر لأن الفضل إنما هو بالإیمان فلا فضل مع مساواتهم فیه و لا استوت النعم أی نعم اللّٰه بالهدایات الخاصة فی الإیمان و لاستوی الناس فی دخول الجنة أو فی الخیر و الشر و بطل تفضیل بعضهم علی بعض بالدرجات و الكمالات و اللوازم كلها باطلة بالكتاب و

ص: 53


1- 1. براءة: 126، راجع البیضاوی: 181.
2- 2. الكهف: 13 و ما ذكر بعدها ذیلها.

السنة و لكن بتمام الإیمان باعتبار أصل التصدیق و العمل بالفرائض أو بالواجبات و ترك الكبائر أو المنهیات دخل المؤمنون المتصفون به الجنة و بالزیادة فی الإیمان بضم سائر الواجبات مع المندوبات أو المندوبات و ترك الصغائر مع المكروهات أو المكروهات و تحصیل الآداب المرغوبة و الأخلاق المطلوبة تفاضل المؤمنون المتصفون بها بدرجات الجنة العالیة و المنازل الرفیعة فی قربه تعالی و بالنقصان فی التصدیق أو التقصیر فی الأعمال الواجبة و ارتكاب المحرمات دخل المفرطون فی النار إن لم ینجو بفضله و عفوه سبحانه.

قوله درجات أی ذو درجات أو نفسه باعتبار إضافة درجات (1) و قیل الدرجات مراتب الترقیات و المنازل مراتب التنزلات و یحتمل أن یكون المقصود منهما واحدا أطلق علیهما اللفظان باعتبارین إن اللّٰه سبق علی بناء التفعیل المعلوم و یسبق علی بناء التفعیل المجهول أی قرر السبق و قدره بینهم فی الإیمان و ندبهم إلیه كما یسابق بین الخیل یوم الرهان و الخیل جماعة الأفراس لا واحد له و قیل واحده خائل لأنه یختال و جمعه أخیال و خیول و یطلق الخیل علی الفرسان أیضا و المراهنة و الرهان بالكسر المسابقة علی الخیل و كأنه علیه السلام شبه مدة الحیاة بالمضمار و الأرواح بالفرسان و الأبدان بالخیول و العلم الذی یسبق إلیه منتهی مراتب الإیمان و السبق الذی یراهن علیه الجنة فمنهم من سبق الكل و بلغ الغایة و هو رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و منهم من تأخر عن الكل و منهم من بقی فی وسط المیدان و منازلهم بحسب العقائد و الأعمال كما و كیفا لا یتناهی.

قوله علیه السلام فجعل كل امرئ منهم أی أعطاه ما یستحقه من الكرامة و الأجر و الذكر الجمیل قیل فی الاقتصار بنفی النقص دون الزیادة إیماء إلی جوازها من باب التفضل و إن لم یستحق و لا یتقدم أی فی الفضل و الثواب مسبوق فی الإیمان سابقا فیه و لا مفضول فی الكمالات و الأعمال الصالحة فاضلا فیها.

تفاضل استئناف بیانی بذلك أی بالسبق أوائل هذه الأمة أی من تقدم

ص: 54


1- 1. لا یحتاج الی هذا التوجیه، فان لفظ الحدیث هكذا:« ان للایمان درجات».

إیمانه من الصحابة أواخرها منهم أو الأعم من الصحابة و غیرهم أو الصحابة علی التابعین و التابعین علی غیرهم و ظاهره السبق الزمانی إشعارا بأن الغاصبین للخلافة و إن فرض منهم تحقق إسلام و عمل صالح فلا یجوز تقدیمهم علی أمیر المؤمنین علیه السلام و قد كان أولهم إیمانا و أسبقهم مع قطع النظر من سائر الكمالات و الفضائل التی استحق بها التقدیم و یحتمل أن یكون المراد أعم من السبق الزمانی و السبق بحسب الرتبة و كمال الیقین فالأكثریة بحسب الأعمال المذكورة بعد ذلك الأكثریة بحسب الكمیة لا الكیفیة فإنها تابعة للكمالات النفسانیة و الحقائق الإیمانیة التی هی من الأعمال القلبیة لكنه بعید عن السیاق.

و قوله نعم تأكید لقوله للحق و قوله و لتقدموهم عطف علی قوله نعم أو علی قوله للحق و قوله إذا لم یكن إعادة للشرط السابق تأكیدا أو المعنی أنه لو لم یكن للسبق الزمانی مدخل فی الفضل للزم أن یجوز لحوق المتأخرین السابقین أو تقدمهم علیهم مع عدم تحقق فضل فی أصل الإیمان و شرائطه و مكملاته للسابقین علی اللاحقین فاللحوق فی صورة المساواة و التقدم فی صورة زیادة إیمان اللاحقین علی إیمان السابقین و الحال أنه لیس كذلك فإن لهم بالتقدم الزمانی فضلا علیهم فالمراد بالفضل ما هو غیر السبق الزمانی و قوله و لكن إضراب عن قوله نعم و لتقدموهم إلخ و المراد بالدرجات ما هو باعتبار السبق الزمانی من الأولین أی من بعضهم مقدمین علی الأولین أی مطلقا و لكن لیس كذلك بل ربما كان بعض الأولین باعتبار السبق أفضل من كثیر من الآخرین و إن كانوا أقل منهم عملا باعتبار تقدمهم و سبقهم و صعوبة الإیمان فی ذلك الزمان و بسبب أن لهم مدخلا عظیما فی إیمان الآخرین.

و الحاصل أن المسابقة تكون بحسب الرتبة و الزمان فمن اجتمعا فیه كأمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فهو الكامل حق الكمال و السابق علی كل حال و من انتفی عنه الأمران فهو الناقص المستحق للخذلان و الوبال و أما إذا تعارض الأمران فظاهر الخبر أن السابق زمانا أفضل و أعلی درجة من الآخر.

ص: 55

و قال بعض المحققین الغرض من هذا الحدیث أن یبین أن تفاضل درجات الإیمان بقدر السبق و المبادرة إلی إجابة الدعوة إلی الإیمان و هذا یحتمل عدة معان.

أحدها أن یكون المراد بالسبق السبق فی الذر و عند المیثاق كَمَا رُوِیَ: أَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَیِّ شَیْ ءٍ سَبَقْتَ وُلْدَ آدَمَ قَالَ إِنَّنِی أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِرَبِّی إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِیثَاقَ النَّبِیِّینَ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلی أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلی فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ (1).

و علی هذا یكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخرها أوائلها و أواخرها فی الإقرار و الإجابة هناك فالفضل للمتقدم فی قوله بلی و المبادر إلی ذلك ثم المتقدم و المبادر.

و المعنی الثانی أن یكون المراد بالسبق السبق فی الشرف و الرتبة و العلم و الحكمة و زیادة العقل و البصیرة فی الدین و وفور سهام الإیمان الآتی ذكرها(2) و لا سیما الیقین كما یستفاد من الأخبار الآتیة و علی هذا یكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخر أوائلها و أواخرها فی مراتب الشرف و العقل و العلم فالفضل للأعقل و الأعلم و الأجمع للكمالات و هذا المعنی یرجع إلی المعنی الأول لتلازمهما و وحدة ما لهما و اتحاد محصلهما و الوجه فی أن الفضل للسابق علی هذین المعنیین ظاهر لا مریة فیه و مما یدل علی إرادة هذین المعنیین اللذین مرجعهما إلی واحد قوله علیه السلام و لو لم یكن سوابق یفضل بها المؤمنون إلی قوله من قدم اللّٰه و لا سیما قوله أبی اللّٰه أن یدرك آخر درجات الإیمان أولها و من تأمل فی تتمة الحدیث أیضا حق التأمل یظهر له أنه المراد إن شاء اللّٰه تعالی.

و المعنی الثالث أن یكون المراد بالسبق السبق الزمانی فی الدنیا عند دعوة

ص: 56


1- 1. راجع الكافی ج 2 ص 10، باب أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أول من أجاب، و الآیة فی الأعراف: 171.
2- 2. یعنی فی الكافی ج 2 ص 42 باب درجات الإیمان، و انما قال هذا- و هو صدر الدین الشیرازی- فانه من شراح الكافی.

النبی صلی اللّٰه علیه و آله إیاهم إلی الإیمان و علی هذا یكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخرها أوائلها و أواخرها فی الإجابة للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و قبول الإسلام و التسلیم بالقلب و الانقیاد للتكالیف الشرعیة طوعا و یعرف الحكم فی سائر الأزمنة بالمقایسة و سبب فضل السابق علی هذا المعنی أن السبق فی الإجابة للحق دلیل علی زیادة البصیرة و العقل و الشرف التی هی الفضیلة و الكمال.

و المعنی الرابع أن یراد بالسبق السبق الزمانی عند بلوغ الدعوة فیعم الأزمنة المتأخرة عن زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هذا المعنی یحتمل وجهین أحدهما أن یكون المراد بالأوائل و الأواخر ما ذكرناه أخیرا و كذا السبب فی الفضل و الآخر أن یكون المراد بالأوائل من كان زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بالأواخر من كان بعد ذلك و یكون سبب فضل الأوائل صعوبة قبول الإسلام و ترك ما نشئوا علیه فی تلك الزمن و سهولته فیما بعد استقرار الأمر و ظهور الإسلام و انتشاره فی البلاد مع أن الأوائل سبب لاهتداء الأواخر إذ بهم و بنصرتهم استقر ما استقر و قوی ما قوی و بان من استبان و اللّٰه المستعان انتهی.

قوله أخبرنی عما ندب اللّٰه لما دل كلامه علیه السلام سابقا علی أنه تعالی طلب منهم الاستباق إلی الإیمان سأله الراوی عن الآیات الدالة علیه سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ كذا فی سورة الحدید و فی سورة آل عمران وَ سارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (1) و كان مقتضی الجمع بین الآیتین أن المراد بالمسارعة المسابقة أی سارعوا مسابقین إلی سبب مغفرة من ربكم من الإیمان و الأعمال الصالحة وَ جَنَّةٍ أی إلی جنة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ و فی آل عمران عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ قال المحقق الأردبیلی قدس سره كنی بالعرض عن مطلق المقدار و هو متعارف و نقل علی ذلك الأشعار فی مجمع البیان أو أنه لما علم عرضه الذی هو أقل من الطول عرفا فی غیر المساوی علم أن طوله أیضا یكون أما أكثر أو مثله (2) و قال القاضی ذكر العرض للمبالغة فی وصفها بالسعة علی طریق التمثیل لأنه دون الطول و عن ابن عباس كسبع سماوات و سبع أرضین

ص: 57


1- 1. آل عمران: 133.
2- 2. زبدة البیان فی أحكام القرآن: 181 ط حجر.

لو وصل بعضها ببعض (1)

و ظاهر الآیة وجوب المسارعة أو رجحانها إلی الطاعة الموجبة للدخول إلی الجنة و أعظمها الإیمان باللّٰه و كتبه و رسله و الیوم الآخر و الترقی إلی مقاماتها العالیة أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ظاهر هذه الآیة و غیرها من الآیات و الروایات أن الجنة مخلوقة الآن و كذا النار و قال به الأصحاب و صرح به الشیخ المفید فی بعض رسائله و قال إن الجنة مخلوقة الآن مسكونة سكنتها الملائكة و ظاهر الآیة أنها فی السماء و الظاهر أن المراد أنه یكون بعضها فی السماء و یكون البعض الآخر فوقها أو یكون أبوابها فیها أو فوق الكل و ما ذكره الحكماء غیر مسموع شرعا و هو ظاهر كما قیل إن النار تحت الأرض فتكون الآیة دلیلا علی بطلان ما قالوه.

و قال البیضاوی فیه دلالة علی أن الجنة مخلوقة و أنها خارجة عن هذا العالم (2) و ذهب جماعة من المعتزلة إلی أنهما غیر مخلوقتین و أنهما تخلقان یوم القیامة و قال البیضاوی فی الواقعة وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (3) قال أی الذین سبقوا إلی الإیمان و الطاعة بعد ظهور الحق من غیر تلعثم و توان أو سبقوا إلی حیازة الفضائل و الكمالات أو الأنبیاء فإنهم مقدمو أهل الأدیان هم

الذین عرفت حالهم و عرفت مآلهم كقول أبی النجم أنا أبو النجم و شعری شعری أو الذین سبقوا إلی الجنة أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ أی الذین قربت درجاتهم فی الجنة و أعلیت مراتبهم.

و قال أی فی التوبة وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ (4) و قد مر الكلام فی ذلك مستوفی فی كتاب المعاد فی المجمع أی السابقون إلی الإیمان أو إلی الطاعات و إنما مدحهم بالسبق لأن السابق إلی الشی ء یتبعه غیره فیكون متبوعا و غیره تابع له فهو إمام فیه و داع له إلی الخیر بسبقه إلیه و كذلك من سبق إلی الشر یكون أسوأ حالا

ص: 58


1- 1. أنوار التنزیل: 81.
2- 2. أنوار التنزیل: 81.
3- 3. الواقعة: 10 و 11، راجع البیضاوی ص 420، و التلعثم: الابطاء.
4- 4. براءة: 100.

لهذه العلة مِنَ الْمُهاجِرِینَ الذین هاجروا من مكة إلی المدینة و إلی الحبشة وَ الْأَنْصارِ أی و من الأنصار الذین سبقوا نظراءهم من أهل المدینة إلی الإسلام و قرأ یعقوب و الأنصار بالرفع فلم یجعلهم من السابقین و جعل السبق للمهاجرین خاصة وَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ أی بأفعال الخیر و الدخول فی الإسلام بعدهم و سلوك منهاجهم و یدخل فی ذلك من بعدهم إلی یوم القیامة رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ قال و فی هذه الآیة دلالة علی فضل السابقین و مزیتهم علی غیرهم لما لحقهم من أنواع المشقة فی نصرة الدین فمنها مفارقة العشائر و الأقربین و منها مباینة المألوف من الدین و منها نصرة الإسلام مع قلة العدد و كثرة العدو و منها السبق إلی الإیمان و الدعاء إلیه انتهی (1).

و قال بعضهم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ هم الذین صلوا إلی القبلتین و شهدوا بدرا و أسلموا قبل الهجرة و من الأنصار أهل بیعة العقبة الأولی و كانوا سبعة نفر و أهل بیعة العقبة الثانیة و كانوا سبعون و قال بعض المخالفین كلمة من للتبیین فیتناول المدح جمیع الصحابة.

قوله علیه السلام ثم ذكر كلمة ثم للتراخی بحسب المرتبة إذ سورة البقرة نزلت قبل سورتی التوبة و الحدید فقال اللّٰه عز و جل أی فی سورة البقرة تِلْكَ الرُّسُلُ قیل إشارة إلی الجماعة المذكورة قصصها فی السورة أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل و اللام للاستغراق فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ بأن خصصناه بمنقبة لیست لغیره مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ تفصیل له و هو موسی و قیل موسی و محمد صلی اللّٰه علیه و آله كلم موسی لیلة الحیرة و فی الطور و محمدا لیلة المعراج حین فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی و بینهما بون بعید و فی المصاحف وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ و لیس فیها فوق بعض (2)

فالزیادة إما من الرواة أو النساخ و یؤیده عدمها فی روایة النعمانی

ص: 59


1- 1. مجمع البیان ج 5 ص: 64.
2- 2. راجع سورة البقرة: 253.

أو منه علیه السلام زاده للبیان و التفسیر و هذه الزیادة مذكورة فی سورة الزخرف حیث قال نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ (1) فیحتمل أن تكون الزیادة للإشارة إلی الآیتین.

قیل و رفع بعضهم درجات بأن فضله علی غیره من وجوه متعددة و بمراتب متباعدة و هو محمد صلی اللّٰه علیه و آله فإنه خص بالدعوة العامة و الحجج المتكاثرة و المعجزات المستمرة و الآیات المترتبة المتعاقبة بتعاقب الدهر و الفضائل العلمیة و العملیة الفائتة للحصر و الإبهام لتفخیم شأنه كأنه العلم المتعین لهذا الوصف المستغنی عن التعیین و قیل إبراهیم خصصه بالخلة التی هی أعلی المراتب و قیل إدریس لقوله تعالی وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِیًّا(2) و قیل أولو العزم من الرسل و بعد ذلك وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ و قال أی فی سورة أسری وَ لَقَدْ فَضَّلْنا إلخ (3) قال البیضاوی أی بالفضائل النفسانیة و التبری عن العلائق الجسمانیة لا بكثرة الأموال و الأتباع حتی داود فإن شرفه بما أوحی إلیه من الكتاب لا بما أوتی من الملك و قیل هو إشارة إلی تفضیل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قوله وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً تنبیه علی وجه تفضیله و هو أنه خاتم الأنبیاء و أمته خیر الأمم المدلول علیه بما كتب فی الزبور من أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ (4) و قال أی فی سورة أسری أیضا قیل هو عطف علی ثم ذكر لا علی قوله فقال لعدم اختصاص ما یذكر بعده بالأولیاء بل هو فی مطلق المؤمنین كَیْفَ فَضَّلْنا قیل أی فی الرزق و فی المجمع بأن جعلنا بعضهم أغنیاء و بعضهم فقراء و بعضهم موالی و بعضهم عبیدا و بعضهم أصحاء و بعضهم مرضی علی حسب

ص: 60


1- 1. الزخرف: 32.
2- 2. مریم: 57.
3- 3. أسری: 55، راجع البیضاوی: 239.
4- 4. الأنبیاء: 105.

ما علمناه من المصالح وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ أی درجاتها و مراتبها أعلی و أفضل فینبغی أن تكون رغبتهم فیها و سعیهم لها أكثر(1).

و قال أی فی آل عمران هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قیل شبهوا بالدرجات لما بینهم من التفاوت فی الثواب و العقاب أو هم ذو درجات فقال وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ (2) و قال أی فی هود وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ أی فی دینه فَضْلَهُ (3) أی جزاء فضله فی الدنیا و الآخرة و یدل علی عدم تفضیل المفضول و قال أی فی التوبة وَ هاجَرُوا أی إلی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و فارقوا الأوطان و تركوا الأقارب و الجیران و طلبوا مرضاة الرحمن وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ بصرفها وَ أَنْفُسِهِمْ ببذلها أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ أی أعلی رتبة و أكثر كرامة ممن لم یستجمع هذه الصفات أو من أهل السقایة و العمارة عندكم إذ قبلها أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ

كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لا یَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ (4) و قال أی فی سورة النساء و قبل الآیة لا یَسْتَوِی الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ أُولِی الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَی الْقاعِدِینَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً(5) قال البیضاوی نصب علی المصدر لأن فضل بمعنی آجر أو المفعول الثانی له لتضمنه معنی الإعطاء كأنه قال و أعطاهم زیادة علی القاعدین أجرا عظیما دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً كل واحد منها بدل من أجرا و یجوز أن ینتصب درجات علی المصدر كقولك ضربته أسواطا و أجرا علی الحال عنها تقدمت علیها لأنها نكرة و مغفرة و رحمة علی المصدر بإضمار

ص: 61


1- 1. راجع مجمع البیان ج 6 ص 407، و الآیة فی أسری: 21.
2- 2. الآیات فی آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
3- 3. الآیات فی آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
4- 4. الآیات فی آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
5- 5. النساء: 95.

فعلهما(1)

و تتمة الآیة وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً و قال أی فی سورة الحدید لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ قال البیضاوی بیان لتفاوت المنفقین باختلاف أحوالهم من السبق و قوة الیقین و تحری الحاجات حثا علی تحری الأفضل منها بعد الحث علی الإنفاق و ذكر القتال للاستطراد و قسیم من أنفق محذوف لوضوحه و دلالة ما بعده علیه و الفتح فتح مكة إذ عز الإسلام به و كثر أهله و قلت الحاجة إلی المقاتلة و الإنفاق مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أی من بعد الفتح (2) و التتمة وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ و قال أی فی سورة المجادلة و الآیة هكذا یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا قِیلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِی الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا یَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَ إِذا قِیلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا یَرْفَعِ اللَّهُ و التفسح التوسع وَ إِذا قِیلَ انْشُزُوا أی انهضوا للتوسعة أو لما أمرتم به كصلاة أو جهاد أو ارتفعوا فی المجلس یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ بالنصر و حسن الذكر فی الدنیا و إیوائهم غرف الجنان فی الآخرة وَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ و یرفع العلماء منهم خاصة دَرَجاتٍ بما جمعوا من العلم و العمل و قد مر تفسیرهم بالأئمة علیهم السلام.

و قال أی فی سورة التوبة حیث قال ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِینَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ یَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا یَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ قیل إشارة إلی ما دل علیه قوله ما كانَ من النهی عن التخلف أو وجوب المتابعة بِأَنَّهُمْ بسبب أنهم لا یُصِیبُهُمْ ظَمَأٌ أی شی ء من العطش وَ لا نَصَبٌ أی تعب وَ لا مَخْمَصَةٌ أی مجاعة فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَطَؤُنَ أی لا یدوسون مَوْطِئاً أی مكانا یَغِیظُ الْكُفَّارَ أی یغضبهم وطؤه وَ لا یَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَیْلًا كالقتل و الأسر و النهب إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ أی إلا استوجبوا الثواب و ذلك مما یوجب المسابقة إِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ (3)

ص: 62


1- 1. تفسیر البیضاوی: 204.
2- 2. تفسیر البیضاوی: 424، و الآیة فی الحدید: 10.
3- 3. براءة: 120.

و قال أی فی المزمل وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَیْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ یمكن أن یكون عدم ذكر تتمة الكلام للاختصار فإن التتمة هُوَ خَیْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً أی من الذی تؤخرونه إلی الوصیة عند الموت و خیرا ثانی مفعولی تجدوه و هو تأكید أو فصل أو هو مبنی

علی قراءة هو خیر بالرفع كما قرئ فی الشواذ فالكلام إلی قوله عِنْدَ اللَّهِ تمام و قوله هو مبتدأ و خیر خبره و هی جملة أخری مؤكدة للأولی وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ الذرة هی النملة الصغیرة أو الهباء المنبث فی الجو.

و بالجملة هذه الآیات كلها تدل علی اختلاف مراتب المؤمنین فی الثواب و الدرجات عند اللّٰه تعالی و المنازل فی الجنة كما لا یخفی.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام الْكَبَائِرُ تُخْرِجُ مِنَ الْإِیمَانِ فَقَالَ نَعَمْ وَ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ (1).

«8»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیٍّ الزَّیَّاتِ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ قَیْسٍ الْمَاصِرُ وَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ وَ أَظُنُّ مَعَهُمَا أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَتَكَلَّمَ ابْنُ قَیْسٍ الْمَاصِرُ فَقَالَ إِنَّا لَا نُخْرِجُ أَهْلَ دَعْوَتِنَا وَ أَهْلَ مِلَّتِنَا مِنَ الْإِیمَانِ فِی الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ یَا ابْنَ قَیْسٍ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدْ قَالَ لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَیْثُ شِئْتَ (2).

«9»- ل، [الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْفَرَّاءِ قَالَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ

ص: 63


1- 1. الكافی ج 2 ص 284.
2- 2. الكافی ج 2 ص 285.

أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.

قال حمزة بن محمد و سمعت عبد الرحمن بن أبی حاتم یقول سمعت أبی یقول و قد روی هذا الحدیث عن أبی الصلت الهروی عبد السلام بن صالح عن علی بن موسی الرضا علیه السلام بإسناده: مثله قال أبو حاتم لو قرئ هذا الإسناد علی مجنون لبرأ(1)

«10»- فس، [تفسیر القمی]: إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ قَالَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَ الْوَلَایَةُ یَرْفَعُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ إِلَی اللَّهِ. وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْكَلِمُ الطَّیِّبُ قَوْلُ الْمُؤْمِنِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِیٌّ وَلِیُّ اللَّهِ وَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَالَ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ إِنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا شَكَّ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ مِصْدَاقاً مِنْ عَمَلٍ یُصَدِّقُهُ أَوْ یُكَذِّبُهُ فَإِذَا قَالَ ابْنُ آدَمَ وَ صَدَّقَ قَوْلَهُ بِعَمَلِهِ رَفَعَ قَوْلَهُ بِعَمَلِهِ إِلَی اللَّهِ وَ إِذَا قَالَ وَ خَالَفَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ رَدَّ قَوْلَهُ عَلَی عَمَلِهِ الْخَبِیثِ وَ هَوِیَ بِهِ إِلَی النَّارِ(2).

«11»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ (3).

ل، [الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عن سلیمان بن أحمد بن أیوب اللخمی عن علی بن عبد العزیز و معاذ بن المثنی عن الهروی بالإسناد: مثله (4)

ص: 64


1- 1. الخصال ج 1: 84، عیون الأخبار ج 1: 227، الأمالی: 160.
2- 2. تفسیر القمّیّ: ... و الآیة فی فاطر: 10.
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 226.
4- 4. الخصال ج 1 ص 84، عیون الأخبار ج 1 ص 227.

نهج، [نهج البلاغة] عن أمیر المؤمنین علیه السلام: مثله (1)

ل، [الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عن ابن بندار عن محمد بن محمد بن جمهور عن محمد بن عمر بن منصور عن أحمد بن محمد بن یزید الجمحی عن الهروی: مثله (2).

«12»- ل، [الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْقِرْمِیسِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ قَالَ كُنْتُ وَاقِفاً عَلَی أَبِی وَ عِنْدَهُ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِیُّ وَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَیْهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ أَبِی لِیُحَدِّثْنِی كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِحَدِیثٍ فَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِیُّ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًا كَمَا سُمِّیَ عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَا هَذَا الْإِسْنَادُ فَقَالَ لَهُ أَبِی هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِینِ إِذَا سُعِطَ بِهِ الْمَجْنُونُ أَفَاقَ (3).

بیان: كان و اللّٰه رضا أی مرضیا عند اللّٰه و عند الخلق سعوط المجانین أی هذا السند لاشتماله علی الأسماء الشریفة المكرمة كأنه دعاء ینبغی أن یستشفی به للمجنون حتی یفیق أو كنایة عن قوته و وثاقته بحیث إذا سمع مجنون یذعن بحقیته فكیف العاقل و الأول أظهر.

«13»- ل، [الخصال] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ الْإِیمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ لَفْظٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ لَا یَكُونُ الْإِیمَانُ إِلَّا هَكَذَا(4).

ص: 65


1- 1. نهج البلاغة عبده ج 2 ص 194، تحت الرقم 227 من الحكم.
2- 2. الخصال ج 1 ص 84 عیون الأخبار ج 1 ص 228.
3- 3. الخصال ج 1 ص 84، عیون الأخبار ج 1 ص 228.
4- 4. الخصال ج 1 ص 84، عیون الأخبار ج 1 ص 227.

مع، [معانی الأخبار] عن أبیه عن سعد عن ابن عیسی: مثله (1).

«14»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ أَخَوَانِ شَرِیكَانِ (2).

مع، [معانی الأخبار] عن أبیه عن علی عن أبیه عن القداح: مثله (3).

«15»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ سُئِلَ مَا بَالُ الزَّانِی لَا تُسَمِّیهِ كَافِراً وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ قَدْ تُسَمِّیهِ كَافِراً وَ مَا الْحُجَّةُ فِی ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ الزَّانِیَ وَ مَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ وَ إِنَّهَا تَغْلِبُهُ وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لَا یَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِیَ یَأْتِی الْمَرْأَةَ إِلَّا وَ هُوَ مُسْتَلِذٌّ لِإِتْیَانِهِ إِیَّاهَا قَاصِداً إِلَیْهَا وَ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَیْهَا فَلَیْسَ یَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا اللَّذَّةَ فَإِذَا انْتَفَتِ اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَ إِذَا وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ(4).

«16»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: وَ قِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا فَرْقٌ بَیْنَ مَنْ نَظَرَ إِلَی امْرَأَةٍ فَزَنَی بِهَا أَوْ خمرا [خَمْرٍ] فَشَرِبَهَا وَ بَیْنَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَیْثُ لَا یَكُونُ الزَّانِی وَ شَارِبُ الْخَمْرِ مُسْتَخِفّاً كَمَا اسْتَخَفَّ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَ مَا الْحُجَّةُ فِی ذَلِكَ وَ مَا الْعِلَّةُ الَّتِی تَفْرُقُ بَیْنَهُمَا قَالَ علیه السلام الْحُجَّةُ أَنَّ كُلَّ مَا أَدْخَلْتَ نَفْسَكَ فِیهِ لَمْ یَدْعُكَ إِلَیْهِ دَاعٍ وَ لَمْ یَغْلِبْكَ عَلَیْهِ غَالِبُ شَهْوَةٍ مِثْلُ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ فَأَنْتَ دَعَوْتَ نَفْسَكَ إِلَی تَرْكِ الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ ثَمَّ شَهْوَةٌ فَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِعَیْنِهِ وَ هَذَا فَرْقُ مَا بَیْنَهُمَا(5).

بیان: قوله علیه السلام أن كل ما أدخلت كأن خبر أن محذوف أی هو

ص: 66


1- 1. معانی الأخبار: 186.
2- 2. قرب الإسناد: 13.
3- 3. معانی الأخبار: 187.
4- 4. قرب الإسناد: 22.
5- 5. قرب الإسناد: 23.

الاستخفاف بقرینة قوله فأنت دعوت و یحتمل أن یكون الخبر لم یدعك و قیل المراد بالحجة المعیار لا الدلیل و المراد بالداعی الباعث القوی و إلا فلا یكون فعل اختیاری بغیر داع و قوله مثل الزنا تشبیه للمنفی.

«17»- ب، [قُرْبُ الْإِسْنَادِ] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَخِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ (1).

«18»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَكُونُ سَجِیَّتُهُ الْكَذِبَ وَ لَا الْبُخْلَ وَ لَا الْفُجُورَ وَ لَكِنْ رُبَّمَا أَلَمَّ بِشَیْ ءٍ مِنْ هَذَا لَا یَدُومُ عَلَیْهِ فَقِیلَ لَهُ أَ فَیَزْنِی قَالَ نَعَمْ هُوَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ وَ لَكِنْ لَا یُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ(2).

بیان: ربما ألم أی نزل أو قارب فی النهایة و إن كنت ألممت بذنب فاستغفری اللّٰه أی قاربت و قیل اللمم مقاربة المعصیة من غیر إیقاع فعل و قیل هو من اللمم صغار الذنوب و قال الفتنة الامتحان و الاختبار و منه الحدیث المؤمن خلق مفتنا أی ممتحنا یمتحنه اللّٰه بالذنب ثم یتوب ثم یعود ثم یتوب یقال فتنته أفتنه فتنا و فتونا إذا امتحنته و یقال فیها افتتنه أیضا.

«19»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ (3).

صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عن الرضا عن آبائه علیهم السلام مثله (4).

«20»- جا، [المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمَالِكِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا عَلِیِّ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:

ص: 67


1- 1. قرب الإسناد ط النجف ص 149 و 165.
2- 2. الخصال ج 1 ص 64.
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 227، و تراه فی ج 2: 28.
4- 4. صحیفة الرضا علیه السلام: 2.

الْإِیمَانُ قَوْلٌ مَقُولٌ وَ عَمَلٌ مَعْمُولٌ وَ عِرْفَانُ الْعُقُولِ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِیثِ فِی مَجْلِسِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ لِی أَحْمَدُ یَا أَبَا الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَی الْمَجَانِینِ لَأَفَاقُوا(1).

«21»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْفَحَّامِ عَنِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ عَمِّ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ: سَأَلْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ تَصْدِیقٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ (2).

«22»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ (3).

«23»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَیْهِ وَ جَعْفَرِ بْنِ إِدْرِیسَ الْقَزْوِینِیَّیْنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْغَازِی عَنِ الرِّضَا وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِی وَ جَدِّی أَحْمَدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَهْدِیِّ بْنِ صَدَقَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ صلوات اللّٰه علیهم عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ لَفْظُ الْحَدِیثِ لِدَاوُدَ.

قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الطَّبَرِیُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رَجَاءٍ الْأَسْتَرْآبَادِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ الرَّازِیِّ وَ أبو [أَبِی] حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِیسَ الْحَنْظَلِیِّ وَ غَیْرِهِمْ جَمِیعاً عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: الْإِیمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.

ص: 68


1- 1. مجالس المفید: 169، أمالی الطوسیّ ج 1 ص 35.
2- 2. أمالی الطوسیّ: ج 1 ص 290.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 379.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَی مَجْنُونٍ لَبَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ هَذَا حَدِیثٌ لَمْ یُحَدِّثْهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مِنْ رِوَایَةِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَجْمَعَ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِیثِ وَ احْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِیثِ عَلَی الْمُرْجِئَةِ وَ لَمْ یُحَدِّثْ بِهِ فِیمَا أَعْلَمُ إِلَّا مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ- عَنْ أَبِیهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ كُنْتُ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً رَوَاهُ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ إِلَّا ابْنَهُ الرِّضَا حَتَّی حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَعْمَرٍ الْكُوفِیُّ وَ مَا كَتَبْتُهُ إِلَّا عَنْهُ.

قال حدثنا عبد اللّٰه بن سعید البصری العابد بسورا قال حدثنا محمد بن صدقة و محمد بن تمیم قالا حدثنا موسی بن جعفر عن أبیه بإسناده: مثله سواء(1).

«24»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِیٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُصْعَبِیُّ قَالَ: كُنْتُ فِی مَجْلِسِ أَخِی طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ بِخُرَاسَانَ وَ فِی الْمَجْلِسِ یَوْمَئِذٍ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَیْهِ الْحَنْظَلِیُّ وَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِیُّ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَ أَصْحَابِ الْحَدِیثِ فَتَذَاكَرُوا

الْإِیمَانَ فَابْتَدَأَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَیْهِ فَتَحَدَّثَ فِیهِ بِعِدَّةِ أَحَادِیثَ وَ خَاضَ الْفُقَهَاءُ وَ أَصْحَابُ الْحَدِیثِ فِی ذَلِكَ وَ أَبُو الصَّلْتِ سَاكِتٌ فَقِیلَ لَهُ یَا بَا الصَّلْتِ أَ لَا تُحَدِّثُنَا فَقَالَ حَدَّثَنِی الرِّضَا عَلِیُّ بْنُ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صلوات اللّٰه علیهم وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًی كَمَا وُسِمَ بِالرِّضَا قَالَ حَدَّثَنَا الْكَاظِمُ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الْبَاقِرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی السَّجَّادُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ- قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الْحُسَیْنُ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الْوَصِیُّ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صلوات اللّٰه علیه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِیمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ فَخَرِسَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ كُلُّهُمْ وَ نَهَضَ أَبُو الصَّلْتِ فَنَهَضَ مَعَهُ إِسْحَاقَ بْنُ رَاهَوَیْهِ وَ الْفُقَهَاءُ فَأَقْبَلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَیْهِ عَلَی أَبِی الصَّلْتِ فَقَالَ لَهُ وَ نَحْنُ نَسْمَعُ یَا بَا الصَّلْتِ أَیُّ إِسْنَادٍ هَذَا فَقَالَ یَا ابْنَ رَاهَوَیْهِ

ص: 69


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 63.

هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِینِ هَذَا عِطْرُ الرِّجَالِ ذَوِی الْأَلْبَابِ (1).

«25»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الطَّاهِرِیُّ الْكَاتِبُ فِی دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِیسَی بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَ بِحَضْرَتِهِ إِمْلَاءً یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِتِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَی الْأُولَی سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ: حَمَلَنِی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ فِی وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ بِرّاً وَاسِعاً إِلَی أَبِی أَحْمَدَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَأَوْصَلْتُهُ وَ وَجَدْتُهُ عَلَی إِضَاقَةٍ شَدِیدَةٍ فَقَبِلَهُ وَ كَتَبَ فِی الْوَقْتِ بَدِیهَةً:

أَیَادِیكَ عِنْدِی مُعْظَمَاتٌ جَلَائِلُ***طِوَالُ الْمَدَی شُكْرِی لَهُنَّ قَصِیرٌ

فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شُكْرِی غَنِیّاً فَإِنَّنِی***إِلَی شُكْرِ مَا أَوْلَیْتَنِی لَفَقِیرٌ

قَالَ فَقُلْتُ أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِیرَ هَذَا حَسَنٌ قَالَ أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرِقْتُهُ مِنْهُ فَقُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدِیثَانِ حَدَّثَنِی بِهِمَا أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَسْرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفْرَانُ النِّعْمَةِ.

وَ حَدَّثَنِی أَبُو الصَّلْتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یُؤْتَی بِعَبْدٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیُوقَفُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَأْمُرُ بِهِ إِلَی النَّارِ فَیَقُولُ أَیْ رَبِّ أَمَرْتَ بِی إِلَی النَّارِ وَ قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَیَقُولُ اللَّهُ أَیْ عَبْدِی إِنِّی أَنْعَمْتُ عَلَیْكَ وَ لَمْ تَشْكُرْ نِعْمَتِی فَیَقُولُ أَیْ رَبِّ أَنْعَمْتَ عَلَیَّ بِكَذَا فَشَكَرْتُكَ بِكَذَا وَ أَنْعَمْتَ عَلَیَّ بِكَذَا فَشَكَرْتُكَ بِكَذَا فَلَا یَزَالُ یُحْصِی النِّعَمَ وَ یُعَدِّدُ الشُّكْرَ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی صَدَقْتَ عَبْدِی إِلَّا أَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَیْتُ لَكَ نِعْمَتِی عَلَی یَدَیْهِ وَ إِنِّی قَدْ آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا أَقْبَلَ شُكْرَ عَبْدٍ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمْتُهَا عَلَیْهِ حَتَّی یَشْكُرَ مَنْ سَاقَهَا مِنْ خَلْقِی إِلَیْهِ قَالَ فَانْصَرَفْتُ بِالْخَبَرِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْفُرَاتِ وَ هُوَ فِی مَجْلِسِ أَبِی الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ

الْفُرَاتِ وَ ذَكَرْتُ مَا جَرَی فَاسْتَحْسَنَ الْخَبَرَ وَ انْتَسَخَهُ وَ رَدَّنِی فِی الْوَقْتِ إِلَی أَبِی أَحْمَدَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِبِرٍّ وَاسِعٍ مِنْ بِرِّ أَخِیهِ فَأَوْصَلْتُهُ إِلَیْهِ فَقَبِلَهُ وَ سُرَّ بِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ:

ص: 70


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 64.

شُكْرَاكَ مَعْقُودٌ بِإِیمَانِی***حَكَمٌ فِی سِرِّی وَ إِعْلَانیِ

عَقْدُ ضَمِیرٍ وَ فَمُّ نَاطِقٍ***وَ فِعْلُ أَعْضَاءٍ وَ أَرْكَان

فَقُلْتُ هَذَا أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِیرَ أَحْسَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَالَ أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرِقْتُهُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ بِنَیْسَابُورَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی مُوسَی الْكَاظِمُ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی جَعْفَرٌ الصَّادِقُ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الْبَاقِرُ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَلِیٌّ السَّجَّادُ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الْحُسَیْنُ السِّبْطُ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِیمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ فَعُدْتُ إِلَی أَبِی الْعَبَّاسِ بْنِ الْفُرَاتِ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِیثَ فَانْتَسَخَهُ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ أَبُو الصَّلْتِ فِی مَجْلِسِ أَخِی بِنَیْشَابُورَ وَ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مُتَفَقِّهَةُ نَیْشَابُورَ وَ أَصْحَابُ الْحَدِیثِ مِنْهُمْ وَ فِیهِمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَیْهِ فَأَقْبَلَ إِسْحَاقُ عَلَی أَبِی الصَّلْتِ فَقَالَ یَا أَبَا الصَّلْتِ أَیُّ إِسْنَادٍ هَذَا مَا أَغْرَبَهُ وَ أَعْجَبَهُ قَالَ هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِینِ الَّذِی إِذَا سُعِطَ بِهِ الْمَجْنُونُ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ حَدَّثْتُ عَلَی أَبِی عَلِیِّ بْنِ هَمَّامٍ عَمَّا تَقَدَّمَهُ مِنْ حَدِیثِهِ عَنْ أَبِی أَحْمَدَ وَ سَأَلَنِی فِی الْحَدِیثِ الثَّانِی أَنْ أُمْلِیَهُ عَلَیْهِ مِنْ أَجْلِ الزِّیَادَةِ فِیهِ وَ الشِّعْرِ فَأَمْلَیْتُهُ عَلَیْهِ (1).

بیان: قوله برا یمكن أن یقرأ بضم الباء و كسرها علی إضافة أی ضیافة و المعنی كان عنده أضیاف كثیرون (2)

قوله ما سرقته منه كأن المعنی ما أخفیته منه و لم أذكره له و الآن أذكره و كأنه سماه سرقة إشارة إلی أنه لما كان قابلا لسماع هذا الحدیث و لم أذكره له فكأنی سرقته منه و یمكن أن

ص: 71


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 65 و 66.
2- 2. فی المصدر« علی اضاقة» و هو المناسب لما بعده، یقال: أضاق الرجل اضاقة: ذهب ماله و افتقر.

یقرأ ما سر علی بناء المفعول من السرور قنه بكسر القاف و تشدید النون أی عبده و الضمیر لابن الفرات منه أی من استماعه و یمكن أن یقرأ سر علی بناء الفاعل أیضا أی یسر القن المرسل إلیه بسببه و الأصوب أنه من السرقة(1) و المعنی ما سرقت هذا الشعر منه لأن الشعر تضمن افتقاره إلی الشكر و الحدیث دل علیه.

قوله شكراك كأن التثنیة باعتبار النعمتین و إفراد الخبر باعتبار كل واحد أو الشكری مصدر كذكری و إن لم یرد فی كتب اللغة و علی الأول یحتمل أن یكون المراد مطلق التكریر كلبیك و فی بعض النسخ شكریك بالیاء أی شكری لك معقود بأیمانی أی ألزمته علی نفسی بالأیمان كقوله تعالی بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ هذا علی فتح همزة الأیمان و كأن كسرها أنسب بالحدیث الذی سرقه منه حكم بالتحریك أی حاكم أو محكم و یحتمل الضم و الفم هنا بالتشدید فی القاموس الفم مثلثة أصله فوه و قد تشدد المیم مثلثة و قوله حدثت إلخ إشارة إلی الحدیث المروی عنه قبل هذا الخبر و كأن الأظهر ما تقدمه.

«26»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ الْإِیمَانُ بِالتَّحَلِّی وَ لَا بِالتَّمَنِّی وَ لَكِنَّ الْإِیمَانَ مَا خَلَصَ فِی الْقَلْبِ وَ صَدَّقَهُ الْأَعْمَالُ (2).

بیان: بالتحلی أی بأن یتزین به ظاهرا من غیر یقین بالقلب و لا بالتمنی بأن یتمنی النجاة بمحض العقائد من غیر عمل.

«27»- مع، [معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الْعَطَّارِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّهُمْ یَقُولُونَ لَنَا أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ فَنَقُولُ نَعَمْ (3) فَیَقُولُونَ أَ لَیْسَ الْمُؤْمِنُونَ فِی الْجَنَّةِ فَنَقُولُ بَلَی فَیَقُولُونَ أَ فَأَنْتُمْ فِی الْجَنَّةِ فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَی أَنْفُسِنَا ضَعُفْنَا وَ انْكَسَرْنَا عَنِ الْجَوَابِ قَالَ

ص: 72


1- 1. و لعلها كانت فی مجموعة بعثت إلیه مع الرجل فسرقها من تلك المجموعة.
2- 2. معانی الأخبار ص 187.
3- 3. فی النسخ هنا زیادة[ ان شاء اللّٰه تعالی] و هو سهو ظاهر.

فَقَالَ علیه السلام إِذَا قَالُوا لَكُمْ أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ فَقُولُوا نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّمَا اسْتَثْنَیْتُمْ لِأَنَّكُمْ شُكَّاكٌ قَالَ فَقُولُوا لَهُمْ وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِشُكَّاكٍ وَ لَكِنِ اسْتَثْنَیْنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِینَ (1) وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَدْخُلُونَهُ أَوَّلًا وَ قَدْ سَمَّی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِینَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مُؤْمِنِینَ وَ لَمْ یُسَمِّ مَنْ رَكِبَ الْكَبَائِرَ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ النَّارَ فِی قُرْآنٍ وَ لَا أَثَرٍ وَ لَا نُسَمِّیهِمْ بِالْإِیمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ (2).

بیان: قوله بالإیمان متعلق بقوله لم یسم و لا نسمیهم معا علی التنازع.

«28»- ید، [التوحید] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: كَتَبْتُ عَلَی یَدَیْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْیَنَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِیمَانِ مَا هُوَ فَكَتَبَ الْإِیمَانُ هُوَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ فَالْإِیمَانُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَ قَدْ یَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ یَكُونَ مُؤْمِناً وَ لَا یَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّی یَكُونَ مُسْلِماً فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِیمَانِ وَ هُوَ یُشَارِكُ الْإِیمَانَ فَإِذَا أَتَی الْعَبْدُ بِكَبِیرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِی أَوْ صَغِیرَةٍ مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِی الَّتِی نَهَی اللَّهُ

عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا كَانَ خَارِجاً مِنَ الْإِیمَانِ وَ سَاقِطاً عَنْهُ اسْمُ الْإِیمَانِ وَ ثَابِتاً عَلَیْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَابَ وَ اسْتَغْفَرَ عَادَ إِلَی الْإِیمَانِ وَ لَمْ یُخْرِجْهُ إِلَی الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَ الِاسْتِحْلَالُ إِذَا قَالَ لِلْحَلَالِ هَذَا حَرَامٌ وَ لِلْحَرَامِ هَذَا حَلَالٌ وَ دَانَ بِذَلِكَ فَعِنْدَهَا یَكُونُ خَارِجاً مِنَ الْإِیمَانِ وَ الْإِسْلَامِ إِلَی الْكُفْرِ وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَأَحْدَثَ فِی الْكَعْبَةِ حَدَثاً فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَ عَنِ الْحَرَمِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صَارَ إِلَی النَّارِ الْخَبَرَ(3).

1. 14- 29- تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِالْإِسْنَادِ الْآتِی فِی كِتَابِ الْقُرْآنِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: وَ أَمَّا الْإِیمَانُ وَ الْكُفْرُ وَ الشِّرْكُ وَ زِیَادَتُهُ وَ نُقْصَانُهُ فَالْإِیمَانُ بِاللَّهِ

ص: 73


1- 1. الفتح: 27.
2- 2. معانی الأخبار ص 413 آخر أحادیث الكتاب.
3- 3. توحید الصدوق ص 230.

تَعَالَی هُوَ أَعْلَی الْأَعْمَالِ دَرَجَةً وَ أَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً وَ أَسْنَاهَا حَظّاً فَقِیلَ لَهُ الْإِیمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَقَالَ الْإِیمَانُ تَصْدِیقٌ بِالْجَنَانِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ هُوَ عَمَلٌ كُلُّهُ وَ مِنْهُ التَّامُّ وَ مِنْهُ الْكَامِلُ تَمَامُهُ وَ مِنْهُ النَّاقِصُ الْبَیِّنُ نُقْصَانُهُ وَ مِنْهُ الزَّائِدُ الْبَیِّنُ زِیَادَتُهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی مَا فَرَضَ الْإِیمَانَ عَلَی جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ بِغَیْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ الْأُخْرَی فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِی یَعْقِلُ بِهِ وَ یَفْقَهُ وَ یَفْهَمُ وَ یَحِلُّ وَ یَعْقِدُ وَ یُرِیدُ وَ هُوَ أَمِیرُ الْبَدَنِ وَ إِمَامُ الْجَسَدِ الَّذِی لَا تُورَدُ الْجَوَارِحُ وَ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْیِهِ وَ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ وَ مِنْهَا لِسَانُهُ الَّذِی یَنْطِقُ بِهِ وَ مِنْهَا أُذُنَاهُ اللَّتَانِ یَسْمَعُ بِهِمَا وَ مِنْهَا عَیْنَاهُ اللَّتَانِ یُبْصِرُ بِهِمَا وَ مِنْهَا یَدَاهُ اللَّتَانِ یَبْطِشُ بِهِمَا وَ مِنْهَا رِجْلَاهُ اللَّتَانِ یَسْعَی بِهِمَا وَ مِنْهَا فَرْجُهُ الَّذِی الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَ مِنْهَا رَأْسُهُ الَّذِی فِیهِ وَجْهُهُ وَ لَیْسَ جَارِحَةٌ مِنْ جَوَارِحِهِ إِلَّا وَ هِیَ مَخْصُوصَةٌ بِفَرْضِهِ وَ فَرَضَ عَلَی الْقَلْبِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ وَ فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْبَصَرِ وَ فَرَضَ عَلَی الْبَصَرِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْیَدَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الْیَدَیْنِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ وَ فَرَضَ عَلَی الرِّجْلَیْنِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْفَرْجِ وَ فَرَضَ عَلَی الْفَرْجِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی الْوَجْهِ وَ فَرَضَ عَلَی الْوَجْهِ غَیْرَ مَا فَرَضَ عَلَی اللِّسَانِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَی الْقَلْبِ مِنَ الْإِیمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ وَ الْعَقْدُ عَلَیْهِ وَ الرِّضَا بِمَا فَرَضَهُ عَلَیْهِ وَ التَّسْلِیمُ لِأَمْرِهِ وَ الذِّكْرُ وَ التَّفَكُّرُ وَ الِانْقِیَادُ إِلَی كُلِّ مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ مَعَ حُصُولِ الْمُعْجِزِ فَیَجِبُ عَلَیْهِ اعْتِقَادُهُ وَ أَنْ یُظْهِرَ مِثْلَ مَا أَبْطَنَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (1) وَ قَوْلِهِ تَعَالَی لا یُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِكُمْ وَ لكِنْ یُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (2) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ الَّذِینَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (3) وَ قَوْلِهِ تَعَالَی أَلا

ص: 74


1- 1. النحل: 106.
2- 2. البقرة: 225.
3- 3. المائدة: 41.

بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (1) وَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ یَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا(2) وَ قَوْلِهِ تَعَالَی أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها(3) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(4) وَ مِثْلُ هَذَا كَثِیرٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ هُوَ رَأْسُ الْإِیمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَی اللِّسَانِ فِی مَعْنَی التَّعْبِیرِ لِمَا عُقِدَ بِهِ الْقَلْبُ وَ أَقَرَّ بِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَی قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ الْآیَةَ(5) وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ(6) وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَیْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ(7) فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِ الْحَقِّ وَ نَهَی عَنْ قَوْلِ الْبَاطِلِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَی الْأُذُنَیْنِ فَالاسْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ الْإِنْصَاتُ إِلَی مَا یُتْلَی مِنْ كِتَابِهِ وَ تَرْكُ الْإِصْغَاءِ إِلَی مَا یُسْخِطُهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (8) وَ قَالَ تَعَالَی وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللَّهِ یُكْفَرُ بِها وَ یُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ (9) الْآیَةَ ثُمَّ اسْتَثْنَی بِرَحْمَتِهِ لِمَوْضِعِ النِّسْیَانِ فَقَالَ وَ إِمَّا یُنْسِیَنَّكَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (10) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (11) وَ قَالَ تَعَالَی وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَیْكُمْ لا نَبْتَغِی الْجاهِلِینَ (12) وَ فِی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی مَا مَعْنَاهُ

ص: 75


1- 1. الرعد: 30.
2- 2. آل عمران: 191.
3- 3. القتال: 24.
4- 4. الحجّ: 46.
5- 5. البقرة: 136.
6- 6. البقرة: 83.
7- 7. النساء: 171.
8- 8. الأعراف: 204.
9- 9. النساء: 134.
10- 10. الأنعام: 68.
11- 11. الزمر: 18.
12- 12. القصص: 55.

مَعْنَی مَا فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَی السَّمْعِ وَ هُوَ الْإِیمَانُ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَی الْعَیْنَیْنِ فَمِنْهُ النَّظَرُ إِلَی آیَاتِ اللَّهِ تَعَالَی وَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ وَ إِلَی الْأَرْضِ كَیْفَ سُطِحَتْ (1) وَ قَالَ تَعَالَی أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ(2) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ انْظُرُوا إِلی ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ یَنْعِهِ (3) وَ قَالَ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِیَ فَعَلَیْها(4) وَ هَذِهِ الْآیَةُ جَامِعَةٌ لِأَبْصَارِ الْعُیُونِ وَ أَبْصَارِ الْقُلُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(5) وَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَی قُلْ لِلْمُؤْمِنِینَ یَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ یَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكی لَهُمْ (6) مَعْنَاهُ لَا یَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَی فَرْجِ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ أَوْ یُمَكِّنُهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَی فَرْجِهِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ یَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ أَیْ مِمَّنْ یُلْحِقُهُنَّ النَّظَرَ كَمَا جَاءَ فِی حِفْظِ الْفَرْجِ وَ النَّظَرُ سَبَبُ إِیقَاعِ الْفِعْلِ مِنَ الزِّنَا وَ غَیْرِهِ ثُمَّ نَظَمَ تَعَالَی مَا فَرَضَ عَلَی السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْفَرْجِ فِی آیَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ یَشْهَدَ عَلَیْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ كَثِیراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (7) یَعْنِی بِالْجُلُودِ هُنَا الْفُرُوجَ وَ الْأَفْخَاذَ وَ قَالَ تَعَالَی وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا(8) فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الْعَیْنَیْنِ مِنْ تَأَمُّلِ الْآیَاتِ وَ الْغَضِّ عَنْ تَأَمُّلِ الْمُنْكَرَاتِ وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ سُبْحَانَهُ عَلَی الْیَدَیْنِ فَالطَّهُورُ وَ هُوَ قَوْلُهُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَیْدِیَكُمْ إِلَی الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا

ص: 76


1- 1. الغاشیة: 16- 19.
2- 2. الأعراف: 185.
3- 3. الأنعام: 99.
4- 4. الأنعام: 104.
5- 5. الحجّ: 46.
6- 6. النور: 31 و 30.
7- 7. فصّلت: 22.
8- 8. أسری: 36.

بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَی الْكَعْبَیْنِ (1) وَ فَرَضَ عَلَی الْیَدَیْنِ الْإِنْفَاقَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَقَالَ أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (2) وَ فَرَضَ تَعَالَی عَلَی الْیَدَیْنِ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِهِمَا وَ عِلَاجِهِمَا فَقَالَ فَإِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّی إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ (3) وَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْإِیمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَی الرِّجْلَیْنِ فَالسَّعْیُ بِهِمَا فِیمَا یُرْضِیهِ وَ اجْتِنَابُ السَّعْیِ فِیمَا یُسْخِطُهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَاسْعَوْا إِلی ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَیْعَ (4) وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً(5) وَ قَوْلُهُ وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ (6) وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا الْقِیَامَ فِی الصَّلَاةِ فَقَالَ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِینَ (7) ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الرِّجْلَیْنِ مِنَ الْجَوَارِحِ الَّتِی تَشْهَدُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حِینَ تُسْتَنْطَقُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (8) وَ هَذَا مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الرِّجْلَیْنِ فِی كِتَابِهِ وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ أَمَّا مَا افْتَرَضَهُ عَلَی الرَّأْسِ فَهُوَ أَنْ

یُمْسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ بِالْمَاءِ فِی وَقْتِ الطَّهُورِ لِلصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ (9) وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ فَرَضَ عَلَی الْوَجْهِ الْغَسْلَ بِالْمَاءِ عِنْدَ الطَّهُورِ وَ قَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (10) وَ فَرَضَ عَلَیْهِ السُّجُودَ وَ عَلَی الْیَدَیْنِ وَ الرُّكْبَتَیْنِ وَ الرِّجْلَیْنِ الرُّكُوعَ وَ هُوَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ قَالَ فِیمَا فَرَضَ عَلَی هَذِهِ الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ وَ سَمَّاهُ فِی كِتَابِهِ إِیمَاناً حِینَ تَحْوِیلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَی الْكَعْبَةِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَتْ صَلَاتُنَا إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ طَهُورُنَا ضَیَاعاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَی الَّذِینَ هَدَی اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ

ص: 77


1- 1. المائدة: 6.
2- 2. البقرة: 267.
3- 3. القتال: 4.
4- 4. الجمعة: 9.
5- 5. لقمان: 18 و 19.
6- 6. لقمان: 18 و 19.
7- 7. البقرة: 238.
8- 8. یس: 65.
9- 9. المائدة: 6.
10- 10. المائدة: 6.

رَحِیمٌ (1) فَسَمَّی الصَّلَاةَ وَ الطَّهُورَ إِیمَاناً.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لَقِیَ اللَّهَ كَامِلَ الْإِیمَانِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ كَانَ مُضَیِّعاً لِشَیْ ءٍ مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی هَذِهِ الْجَوَارِحِ وَ تَعَدَّی مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ ارْتَكَبَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ لَقِیَ اللَّهَ تَعَالَی نَاقِصَ الْإِیمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِیماناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ (2) وَ قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (3)

وَ قَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً (4) وَ قَالَ وَ الَّذِینَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدیً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ (5) وَ قَالَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ الْآیَةَ(6) فَلَوْ كَانَ الْإِیمَانُ كُلُّهُ وَاحِداً لَا زِیَادَةَ فِیهِ وَ لَا نُقْصَانَ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ فَضْلٌ عَلَی أَحَدٍ وَ لَتَسَاوَی النَّاسُ فَبِتَمَامِ الْإِیمَانِ وَ كَمَالِهِ دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ وَ نَالُوا الدَّرَجَاتِ فِیهَا وَ بِذَهَابِهِ وَ نُقْصَانِهِ دَخَلَ الْآخَرُونَ النَّارَ وَ كَذَلِكَ السَّبْقُ إِلَی الْإِیمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (7) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ(8) وَ ثُلُثٌ بِالتَّابِعِینَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (9) وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً(10) وَ قَالَ انْظُرْ كَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ

ص: 78


1- 1. البقرة: 143.
2- 2. براءة: 124 و 125.
3- 3. الأنفال: 2.
4- 4. الكهف: 13.
5- 5. القتال: 17.
6- 6. الفتح: 4.
7- 7. الواقعة: 10 و 11.
8- 8. براءة: 100.
9- 9. البقرة: 253.
10- 10. أسری: 55.

أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِیلًا(1) وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ (2) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ (3) وَ قَالَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ (4) وَ قَالَ تَعَالَی لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی (5) وَ قَالَ تَعَالَی وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً(6) وَ قَالَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا یُصِیبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَطَؤُنَ مَوْطِئاً یَغِیظُ الْكُفَّارَ وَ لا یَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَیْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ (7) فَهَذِهِ دَرَجَاتُ الْإِیمَانِ وَ مَنَازِلُهَا عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ لَنْ یُؤْمِنَ بِاللَّهِ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِرَسُولِهِ وَ حُجَجِهِ فِی أَرْضِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (8) وَ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِیَجْعَلَ لِجَوَارِحِ الْإِنْسَانِ إِمَاماً فِی جَسَدِهِ یَنْفِی عَنْهَا الشُّكُوكَ وَ یُثْبِتُ لَهَا الْیَقِینَ وَ هُوَ الْقَلْبُ وَ یُهْمِلُ ذَلِكَ فِی الْحُجَجِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِینَ (9) وَ قَالَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ (10) وَ قَالَ تَعَالَی أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِیرٍ وَ لا نَذِیرٍ(11) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا(12) الْآیَةَ ثُمَّ فَرَضَ عَلَی الْأُمَّةِ طَاعَةَ وُلَاةِ أَمْرِهِ الْقُوَّامِ بِدِینِهِ كَمَا فَرَضَ عَلَیْهِمْ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ (13)

ص: 79


1- 1. أسری: 21.
2- 2. آل عمران: 163.
3- 3. هود: 3.
4- 4. براءة: 20.
5- 5. الحدید: 10.
6- 6. النساء: 96.
7- 7. براءة: 120.
8- 8. النساء: 80.
9- 9. الأنعام: 149.
10- 10. النساء: 165.
11- 11. المائدة: 19.
12- 12. السجدة: 24.
13- 13. النساء: 59.

ثُمَّ بَیَّنَ مَحَلَّ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِیلِ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (1) وَ عَجَزَ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ تَأْوِیلِ كِتَابِهِ غَیْرَهُمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ الْمَأْمُونُونَ عَلَی تَأْوِیلِ التَّنْزِیلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ (2) إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ قَالَ سُبْحَانَهُ بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ (3) وَ طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ(4) وَ بِالْعِلْمِ اسْتَحَقُّوا عِنْدَ اللَّهِ اسْمَ الصِّدْقِ وَ سَمَّاهُمْ بِهِ صَادِقِینَ وَ فَرَضَ طَاعَتَهُمْ عَلَی جَمِیعِ الْعِبَادِ بِقَوْلِهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (5) فَجَعَلَهُمْ أَوْلِیَاءَهُ وَ جَعَلَ وَلَایَتَهُمْ وَلَایَتَهُ وَ حِزْبَهُمْ حِزْبَهُ فَقَالَ وَ مَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (6) وَ قَالَ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (7) وَ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِنَّمَا هَلَكَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَ ارْتَدَّتْ عَلَی أَعْقَابِهَا بَعْدَ نَبِیِّهَا صلی اللّٰه علیه و آله بِرُكُوبِهَا طَرِیقَ مَنْ خَلَا مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِیَةِ وَ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ الَّذِینَ آثَرُوا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ عَلَی طَاعَةِ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَقْدِیمِهِمْ مَنْ یَجْهَلُ عَلَی مَنْ یَعْلَمُ فَعَقَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْلِهِ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (8) وَ قَالَ فِی الَّذِینَ اسْتَوْلَوْا عَلَی تُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ بِغَیْرِ حَقٍّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ

ص: 80


1- 1. النساء: 83.
2- 2. آل عمران: 13.
3- 3. العنكبوت: 49.
4- 4. فاطر: 28.
5- 5. براءة: 119.
6- 6. المائدة: 56 و 55.
7- 7. المائدة: 56 و 55.
8- 8. الزمر: 9.

یُهْدی فَما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ (1) فَلَوْ جَازَ لِلْأُمَّةِ الِایتِمَامُ بِمَنْ لَا یَعْلَمُ أَوْ بِمَنْ یَجْهَلُ لَمْ یَقُلْ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام لِأَبِیهِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا یَسْمَعُ وَ لا یُبْصِرُ وَ لا یُغْنِی عَنْكَ شَیْئاً(2) فَالنَّاسُ أَتْبَاعُ مَنِ اتَّبَعُوهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَقِّ وَ أَئِمَّةِ الْبَاطِلِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَأُولئِكَ یَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا(3) فَمَنِ ائْتَمَّ بِالصَّادِقِینَ حُشِرَ مَعَهُمْ وَ مَنِ ائْتَمَّ بِالْمُنَافِقِینَ

حُشِرَ مَعَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُحْشَرُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ قَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی (4) وَ أَصْلُ الْإِیمَانِ الْعِلْمُ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ أَهْلًا نَدَبَ إِلَی طَاعَتِهِمْ وَ مَسْأَلَتِهِمْ فَقَالَ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (5) وَ قَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ وَ أْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوابِها(6) وَ الْبُیُوتُ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ اللَّاتِی عَظَّمَ اللَّهُ بِنَاءَهَا بِقَوْلِهِ فِی بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ (7) ثُمَّ بَیَّنَ مَعْنَاهَا لِكَیْلَا یَظُنَّ أَهْلُ الْجَاهِلِیَّةِ أَنَّهَا بُیُوتٌ مَبْنِیَّةٌ فَقَالَ تَعَالَی رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ فِی هَذِهِ الْجِهَةِ أَدْرَكَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَا مَدِینَةُ الْحِكْمَةِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْیَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا وَ كُلُّ هَذَا مَنْصُوصٌ فِی كِتَابِهِ تَعَالَی إِلَّا أَنَّ لَهُ أَهْلًا یَعْلَمُونَ تَأْوِیلَهُ فَمَنْ عَدَلَ مِنْهُمْ إِلَی الَّذِینَ یَنْتَحِلُونَ مَا لَیْسَ لَهُمْ وَ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِیلِهِ وَ هُوَ تَأْوِیلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ وَ لَا دَلِیلٍ وَ لَا هُدًی هَلَكَ وَ أَهْلَكَ وَ خَسِرَتْ صَفْقَتُهُ وَ ضَلَّ سَعْیُهُ یَوْمَ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (8) وَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ إِیمَانٌ وَ كُفْرٌ وَ عِلْمٌ وَ جَهْلٌ وَ سَعَادَةٌ

ص: 81


1- 1. یونس: 35.
2- 2. مریم: 42.
3- 3. أسری: 71.
4- 4. إبراهیم: 36.
5- 5. النحل: 43.
6- 6. البقرة: 189.
7- 7. النور: 36 و 37.
8- 8. البقرة: 166.

وَ شِقْوَةٌ وَ جَنَّةٌ وَ نَارٌ لَنْ یَجْتَمِعَ الْحَقُّ وَ الْبَاطِلُ فِی قَلْبِ امْرِئٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ (1)

وَ إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ حِینَ سَاوَوْا بَیْنَ أَئِمَّةِ الْهُدَی وَ بَیْنَ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَ قَالُوا إِنَّ الطَّاعَةَ مَفْرُوضَةٌ لِكُلِّ مَنْ قَامَ مَقَامَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً فَأْتُوا مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ (2)

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِینَ كَالْمُجْرِمِینَ ما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ (3) وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ(4) فَقَالَ فِیمَنْ سَمَّوْهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ بِأَسْمَاءِ أَئِمَّةِ الْهُدَی مِمَّنْ غَصَبَ أَهْلَ الْحَقِّ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ فِیمَنْ أَعَانَ أَئِمَّةَ الضَّلَالِ عَلَی ظُلْمِهِمْ إِنْ هِیَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ (5) فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعَظِیمِ افْتِرَائِهِمْ عَلَی جُمْلَةِ أَهْلِ الْإِیمَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّما یَفْتَرِی الْكَذِبَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِآیاتِ اللَّهِ (6) وَ قَوْلِهِ

تَعَالَی وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ (7) وَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ (8) وَ بِقَوْلِهِ تَعَالَی أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ هُوَ أَعْمی (9) فَبَیَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فِی كَثِیرٍ مِنْ آیَاتِ الْقُرْآنِ وَ لَمْ یَجْعَلْ لِلْعِبَادِ عُذْراً فِی مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ بَعْدَ الْبَیَانِ وَ الْبُرْهَانِ وَ لَمْ یَتْرُكْهُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ لَقَدْ رَكِبَ الْقَوْمُ الظُّلْمَ وَ الْكُفْرَ

ص: 82


1- 1. الأحزاب: 4.
2- 2. أی أتی هلاكهم من قبل ذلك، یقال: اتی- كعنی- فلان من مأمنه: أی جاءه الهلاك من جهة أمنه.
3- 3. القلم: 35.
4- 4. الرعد: 16.
5- 5. الأعراف: 71.
6- 6. النحل: 105.
7- 7. القصص: 50.
8- 8. السجدة: 18.
9- 9. صدر الآیة فی سورة القتال: 14 و نصها:« أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» و ذیله فی سورة الرعد: 19 و نصها: أَ فَمَنْ یَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمی إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» و الظاهر أن ما بینهما سقط من النسخ.

فِی اخْتِلَافِهِمْ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ وَ تَفْرِیقِهِمُ الْأُمَّةَ وَ تَشْتِیتِ أَمْرِ الْمُسْلِمِینَ وَ اعْتِدَائِهِمْ عَلَی أَوْصِیَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ أَنْ بَیَّنَ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَی الطَّاعَةِ وَ الْعِقَابِ عَلَی الْمَعْصِیَةِ بِالْمُخَالَفَةِ فَاتَّبِعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَ تَرَكُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ رَسُولُهُ قَالَ تَعَالَی وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّنَةُ(1) ثُمَّ أَبَانَ فَضْلَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ(2) ثُمَّ وَصَفَ مَا أَعَدَّهُ مِنْ كَرَامَتِهِ تَعَالَی لَهُمْ وَ مَا أَعَدَّهُ لِمَنْ أَشْرَكَ بِهِ وَ خَالَفَ أَمْرَهُ وَ عَصَی وَلِیَّهُ مِنَ النَّقِمَةِ وَ الْعَذَابِ فَفَرَّقَ بَیْنَ صِفَاتِ الْمُهْتَدِینَ وَ صِفَاتِ الْمُعْتَدِینَ فَجَعَلَ ذَلِكَ مَسْطُوراً فِی كَثِیرٍ مِنْ آیَاتِ كِتَابِهِ وَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها(3) فَتَرَی مَنْ هُوَ الْإِمَامُ الَّذِی یَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَفْرُوضُ عَلَی الْأُمَّةِ طَاعَتُهُ مَنْ لَمْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَی طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ لَمْ یَعْصِهِ فِی دَقِیقَةٍ وَ لَا جَلِیلَةٍ قَطُّ أَمْ مَنْ أَنْفَدَ عُمُرَهُ وَ أَكْثَرَ أَیَّامِهِ فِی عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ثُمَّ أَظْهَرَ الْإِیمَانَ وَ أَبْطَنَ النِّفَاقَ وَ هَلْ مِنْ صِفَةِ الْحَكِیمِ أَنْ یُطَهِّرَ الْخَبِیثَ بِالْخَبِیثِ وَ یُقِیمَ الْحُدُودَ عَلَی الْأُمَّةِ مَنْ فِی جَنْبِهِ الْحُدُودُ الْكَثِیرَةُ وَ هُوَ سُبْحَانَهُ یَقُولُ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (4) أَ وَ لَمْ یَأْمُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِتَبْلِیغِ مَا عَهِدَهُ إِلَیْهِ فِی وَصِیِّهِ وَ إِظْهَارِ إِمَامَتِهِ وَ وَلَایَتِهِ بِقَوْلِهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (5) فَبَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَدْ سَمِعَ وَ عَلِمَ أَنَّ الشَّیَاطِینَ اجْتَمَعُوا إِلَی إِبْلِیسَ فَقَالُوا لَهُ أَ لَمْ تَكُنْ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ مُحَمَّداً إِذَا مَضَی نَكَثَتْ أُمَّتُهُ عَهْدَهُ وَ نَقَضَتْ سُنَّتَهُ وَ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِی جَاءَ بِهِ یَشْهَدُ بِذَلِكَ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ (6) فَكَیْفَ

ص: 83


1- 1. البینة: 4 و 7.
2- 2. البینة: 4 و 7.
3- 3. القتال: 24.
4- 4. البقرة: 44.
5- 5. المائدة: 67.
6- 6. آل عمران: 144.

یَتِمُّ هَذَا وَ قَدْ نَصَبَ لِأُمَّتِهِ عَلَماً وَ أَقَامَ لَهُمْ إِمَاماً فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ لَا تَجْزَعُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّ أُمَّتَهُ یَنْقُضُونَ عَهْدَهُ وَ یَغْدِرُونَ بِوَصِیِّهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ یَظْلِمُونَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ یُهْمِلُونَ ذَلِكَ لِغَلَبَةِ حُبِّ الدُّنْیَا عَلَی قُلُوبِهِمْ وَ تَمَكُّنِ الْحَمِیَّةِ وَ الضَّغَائِنِ فِی نُفُوسِهِمْ وَ اسْتِكْبَارِهِمْ وَ عِزِّهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

بیان: بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِكُمْ قال فی المجمع هو ما یجری علی عادة الناس من قول لا و اللّٰه و بلی و اللّٰه من غیر عقد علی یمین یقتطع بها مال أو یظلم بها أحد و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام و قیل هو أن یحلف و هو یری أنه صادق ثم تبین أنه كاذب فلا إثم علیه و لا كفارة و قیل هو یمین الغضب لا یؤاخذ بالحنث فیها و قال مسروق كل یمین لیس له الوفاء بها فهی لغو و لا تجب فیها كفارة بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ أی بما عزمتم و قصدتم لأن كسب القلب العقد و النیة و فیه حذف أی من أیمانكم و قیل بأن تحلفوا كاذبین أو علی باطل انتهی (2).

و الاستدلال بآیة التفكر لأنه من فعل القلب و كذا التدبر فإن قوله تعالی أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أی أ فلا یتصفحونه و ما فیه من المواعظ و الزواجر حتی لا یجسروا علی المعاصی و ما فیه من الدلائل و البراهین علی جمیع أصول الدین فیرتدعوا عن الكفر بها أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها لا یصل إلیها ذكر و لا ینكشف لها أمر و قیل أم منقطعة و معنی الهمزة فیه التقریر و تنكیر القلوب لأن المراد قلوب بعض منهم أو للإشعار بأنها لإبهام أمرها فی القساوة أو لفرط جهالتها و نكرها كأنها مبهمة منكورة و إضافة الأقفال إلیها للدلالة علی أقفال مناسبة لها مختصة بها لا تجانس الأقفال المعهودة.

وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ أی عن الاعتبار و المعنی لیس الخلل فی مشاعرهم

ص: 84


1- 1. سبأ: 20.
2- 2. مجمع البیان ج 2 ص 323.

و إنما إیفت عقولهم (1)

باتباع الهوی و الانهماك فی التقلید و ذكر الصدور للتأكید سَلامٌ عَلَیْكُمْ قیل متاركة لهم و تودیع و دعاء لهم بالسلامة عما هم فیه لا نَبْتَغِی الْجاهِلِینَ أی لا نطلب صحبتهم و لا نریدها قوله وَ یَنْعِهِ أی نضجه یقال ینع الثمر كمنع و ضرب ینعا و ینعا و ینوعا حان قطافه قوله علیه السلام قال اللّٰه تعالی فَإِنَّها لا تَعْمَی ذكر الآیة هنا بعد ذكرها سابقا للاستشهاد بأن الإبصار و العمی یطلقان فی أبصار الرءوس و أبصار القلوب.

قوله من تأمل الآیات أی آیات القرآن أو آیاته فی الآفاق و الأنفس زادَهُمْ هُدیً قیل أی زادهم اللّٰه بالتوفیق و الإلهام أو قول الرسول وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ أی بین لهم ما یتقون أو أعانهم علی تقواهم أو أعطاهم جزاءها

«30»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ آدَمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أُنَاساً تَكَلَّمُوا فِی هَذَا الْقُرْآنِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ عَلَیْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آیاتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِیلِهِ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ (2) الْآیَةَ فَالْمَنْسُوخَاتُ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ وَ الْمُحْكَمَاتُ مِنَ النَّاسِخَاتِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نُوحاً إِلَی قَوْمِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ وَ أَطِیعُونِ (3) ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَحْدَهُ وَ أَنْ یَعْبُدُوهُ وَ لَا یُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً ثُمَّ بَعَثَ الْأَنْبِیَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ عَلَی ذَلِكَ إِلَی أَنْ بَلَغُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَدَعَاهُمْ إِلَی أَنْ یَعْبُدُوا اللَّهَ وَ لَا یُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ قَالَ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّی بِهِ نُوحاً وَ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ وَ ما وَصَّیْنا بِهِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی وَ عِیسی أَنْ أَقِیمُوا الدِّینَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِیهِ كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ اللَّهُ یَجْتَبِی إِلَیْهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی

ص: 85


1- 1. یقال: آف القوم و أوفوا و ایفوا: دخلت علیهم آفة و هو مئوف.
2- 2. آل عمران: 7.
3- 3. نوح: 3.

إِلَیْهِ مَنْ یُنِیبُ (1) فَبَعَثَ الْأَنْبِیَاءَ إِلَی قَوْمِهِمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَنْ آمَنَ مُخْلِصاً وَ مَاتَ عَلَی ذَلِكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَلِكَ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَكُنْ یُعَذِّبُ عَبْداً حَتَّی یُغَلِّظَ عَلَیْهِ فِی الْقَتْلِ وَ الْمَعَاصِی الَّتِی أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِهَا النَّارَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا فَلَمَّا اسْتَجَابَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مِنْهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً وَ الشِّرْعَةُ وَ الْمِنْهَاجُ سَبِیلٌ وَ سُنَّةٌ وَ قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّا أَوْحَیْنا إِلَیْكَ كَما أَوْحَیْنا إِلی نُوحٍ وَ النَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ (2) وَ أَمَرَ كُلَّ نَبِیٍّ بِالْأَخْذِ بِالسَّبِیلِ وَ السُّنَّةِ وَ كَانَ مِنَ السَّبِیلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِی أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا مُوسَی علیه السلام أَنْ جَعَلَ عَلَیْهِمُ السَّبْتَ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ السَّبْتِ وَ لَمْ یَسْتَحِلَّ أَنْ یَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ وَ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِی نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ فِیهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ وَ ذَلِكَ حَیْثُ اسْتَحَلُّوا الْحِیتَانَ وَ احْتَبَسُوهَا وَ أَكَلُوهَا یَوْمَ السَّبْتِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونُوا أَشْرَكُوا بِالرَّحْمَنِ وَ لَا شَكُّوا فِی شَیْ ءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ (3) ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عِیسَی علیه السلام بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ جَعَلَ لَهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً فَهَدَمَتِ السَّبْتَ الَّذِی أُمِرُوا بِهِ أَنْ یُعَظِّمُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَ عَامَّةَ مَا كَانُوا عَلَیْهِ مِنَ السَّبِیلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِی جَاءَ بِهَا مُوسَی فَمَنْ لَمْ یَتَّبِعْ سَبِیلَ عِیسَی أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ وَ إِنْ كَانَ الَّذِی جَاءَ بِهِ النَّبِیُّونَ جَمِیعاً أَنْ لَا یُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَیْئاً ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِینَ فَلَمْ یَمُتْ بِمَكَّةَ فِی تِلْكَ الْعَشْرِ سِنِینَ أَحَدٌ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِإِقْرَارِهِ وَ هُوَ إِیمَانُ التَّصْدِیقِ وَ لَمْ یُعَذِّبِ اللَّهُ أَحَداً مِمَّنْ مَاتَ وَ هُوَ

ص: 86


1- 1. الشوری: 13.
2- 2. النساء: 163.
3- 3. البقرة: 62.

مُتَّبِعٌ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی ذَلِكَ إِلَّا مَنْ أَشْرَكَ بِالرَّحْمَنِ.

وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ فِی سُورَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِمَكَّةَ وَ قَضی رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً(1) أَدَبٌ وَ عِظَةٌ وَ تَعْلِیمٌ وَ نَهْیٌ خَفِیفٌ وَ لَمْ یَعِدْ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَتَوَاعَدْ عَلَی اجْتِرَاحِ شَیْ ءٍ مِمَّا نَهَی عَنْهُ وَ أَنْزَلَ نَهْیاً عَنْ أَشْیَاءَ حَذَّرَ عَلَیْهَا وَ لَمْ یُغَلِّظْ فِیهَا وَ لَمْ یَتَوَاعَدْ عَلَیْهَا وَ قَالَ وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْیَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِیراً وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِیلًا وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا وَ أَوْفُوا الْكَیْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ ذلِكَ خَیْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِیلًا وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا كُلُّ ذلِكَ كانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذلِكَ مِمَّا أَوْحی إِلَیْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقی فِی جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً(2) وَ أَنْزَلَ فِی وَ اللَّیْلِ إِذَا یَغْشَی فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّی لا یَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَی الَّذِی كَذَّبَ وَ تَوَلَّی (3) فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِی إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ یَدْعُوا ثُبُوراً وَ یَصْلی سَعِیراً إِنَّهُ كانَ فِی أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ یَحُورَ بَلی (4) فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِی تَبَارَكَ كُلَّما أُلْقِیَ فِیها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَذِیرٌ قالُوا بَلی قَدْ جاءَنا نَذِیرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ(5) فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ وَ أَنْزَلَ فِی الْوَاقِعَةِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ

ص: 87


1- 1. أسری: 23- 30.
2- 2. أسری: 31- 39.
3- 3. اللیل: 14- 16.
4- 4. الانشقاق: 10- 14.
5- 5. الملك: 8- 9.

الضَّالِّینَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ (1) فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ وَ أَنْزَلَ فِی الْحَاقَّةِ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَیَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُوتَ كِتابِیَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِیَهْ یا لَیْتَها كانَتِ الْقاضِیَةَ ما أَغْنی عَنِّی مالِیَهْ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّهُ كانَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ (2) فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِی طسم وَ بُرِّزَتِ الْجَحِیمُ لِلْغاوِینَ وَ قِیلَ لَهُمْ أَیْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ یَنْصُرُونَكُمْ أَوْ یَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِیسَ أَجْمَعُونَ (3) جُنُودُ إِبْلِیسَ ذُرِّیَّتُهُ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ قَوْلُهُ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (4) یَعْنِی الْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ اقْتَدَوْا بِهِمْ هَؤُلَاءِ فَاتَّبَعُوهُمْ عَلَی شِرْكِهِمْ وَ هُمْ قَوْمُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ فِیهِمْ مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی أَحَدٌ وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ (5) كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ(6) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ(7) لَیْسَ هُمُ الْیَهُودُ الَّذِینَ قَالُوا عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ لَا النَّصَارَی الَّذِینَ قَالُوا الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ سَیُدْخِلُ اللَّهُ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی النَّارَ وَ یُدْخِلُ كُلَّ قَوْمٍ بِأَعْمَالِهِمْ وَ قَوْلُهُمْ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ إِذْ دَعَوْنَا إِلَی سَبِیلِهِمْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ حِینَ جَمَعَهُمْ إِلَی النَّارِ قالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ وَ قَوْلُهُ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّی إِذَا ادَّارَكُوا فِیها جَمِیعاً(8) بَرِئَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً یُرِیدُ بَعْضُهُمْ أَنْ یُحَجِّجَ بَعْضاً رَجَاءَ الْفَلْجِ فَیُفْلِتُوا مِنْ عَظِیمِ مَا نَزَلَ بِهِمْ وَ لَیْسَ بِأَوَانِ بَلْوَی وَ لَا اخْتِبَارٍ وَ لَا قَبُولِ مَعْذِرَةٍ وَ لَا حِینَ نَجَاةٍ وَ الْآیَاتُ وَ أَشْبَاهُهُنَّ مِمَّا نَزَلَ بِهِ بِمَكَّةَ وَ لَا یُدْخِلُ اللَّهُ النَّارَ إِلَّا مُشْرِكاً

ص: 88


1- 1. الواقعة: 92- 94.
2- 2. الحاقّة: 25- 33.
3- 3. الشعراء: 91- 95.
4- 4. الشعراء: 99.
5- 5. ص: 12.
6- 6. الشعراء: 176.
7- 7. الشعراء: 160.
8- 8. الأعراف: 38، مع تقدیم و تأخیر.

فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ بَنَی الْإِسْلَامَ عَلَی خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ الْبَیْتِ وَ صِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الْحُدُودَ وَ قِسْمَةَ الْفَرَائِضِ وَ أَخْبَرَهُ بِالْمَعَاصِی الَّتِی أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهَا وَ بِهَا النَّارُ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا وَ أَنْزَلَ فِی بَیَانِ الْقَاتِلِ وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِیماً(1) وَ لَا یَلْعَنُ اللَّهُ مُؤْمِناً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِینَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِیراً خالِدِینَ فِیها أَبَداً لا یَجِدُونَ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً(2) وَ كَیْفَ یَكُونُ فِی الْمَشِیَّةِ وَ قَدْ أَلْحَقَ بِهِ حِینَ جَزَاهُ جَهَنَّمَ الْغَضَبَ وَ اللَّعْنَةَ وَ قَدْ بَیَّنَ ذَلِكَ مَنِ الْمَلْعُونُونَ فِی كِتَابِهِ وَ أَنْزَلَ فِی مَالِ الْیَتِیمِ مَنْ أَكَلَهُ ظُلْماً إِنَّ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیراً(3) وَ ذَلِكَ أَنَّ آكِلَ مَالِ الْیَتِیمِ یَجِی ءُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ النَّارُ تَلْتَهِبُ فِی بَطْنِهِ حَتَّی یَخْرُجَ لَهَبُ النَّارِ مِنْ فِیهِ یَعْرِفُ أَهْلُ الْجَمْعِ أَنَّهُ آكِلُ مَالِ الْیَتِیمِ وَ أَنْزَلَ فِی الْكَیْلِ وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ وَ لَمْ یَجْعَلِ الْوَیْلَ لِأَحَدٍ حَتَّی یُسَمِّیَهُ كَافِراً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ یَوْمٍ عَظِیمٍ (4) وَ أَنْزَلَ فِی الْعَهْدِ إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ

اللَّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (5) وَ الْخَلَاقُ النَّصِیبُ فَمَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ نَصِیبٌ فِی الْآخِرَةِ فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَ أَنْزَلَ بِالْمَدِینَةِ الزَّانِی لا یَنْكِحُ إِلَّا زانِیَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِیَةُ لا یَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (6) فَلَمْ یُسَمِّ اللَّهُ الزَّانِیَ مُؤْمِناً وَ لَا الزَّانِیَةَ مُؤْمِنَةً وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ یَمْتَرِی فِیهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ لَا یَزْنِی الزَّانِی حِینَ یَزْنِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ حِینَ یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خُلِعَ عَنْهُ الْإِیمَانُ

ص: 89


1- 1. النساء: 93.
2- 2. الأحزاب: 64 و 65.
3- 3. النساء: 169.
4- 4. مریم: 37.
5- 5. آل عمران: 77.
6- 6. النور: 3.

كَخَلْعِ الْقَمِیصِ.

وَ أَنْزَلَ بِالْمَدِینَةِ وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (1) فَبَرَأَ اللَّهُ مَا كَانَ مُقِیماً عَلَی الْفِرْیَةِ مِنْ أَنْ یُسَمَّی بِالْإِیمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ (2) وَ جَعَلَهُ اللَّهُ مُنَافِقاً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الْمُنافِقِینَ هُمُ الْفاسِقُونَ (3) وَ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَوْلِیَاءِ إِبْلِیسَ قَالَ إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (4) وَ جَعَلَهُ اللَّهُ مَلْعُوناً فَقَالَ إِنَّ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ یَوْمَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا یَعْمَلُونَ (5) وَ لَیْسَتْ تَشْهَدُ الْجَوَارِحُ عَلَی مُؤْمِنٍ إِنَّمَا تَشْهَدُ عَلَی مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیُعْطَی كِتَابَهُ بِیَمِینِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَمَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَأُولئِكَ یَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا(6) وَ سُورَةُ النُّورِ أُنْزِلَتْ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ فِی سُورَةِ النِّسَاءِ وَ اللَّاتِی یَأْتِینَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِی الْبُیُوتِ حَتَّی یَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ یَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِیلًا(7) وَ السَّبِیلُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (8) سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِیها آیاتٍ بَیِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِی دِینِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ

ص: 90


1- 1. النور: 4.
2- 2. السجدة: 18.
3- 3. براءة: 67.
4- 4. الكهف: 50.
5- 5. النور: 23 و 24.
6- 6. أسری: 71 و صدره: فمن أوتی كتابه إلخ.
7- 7. النساء: 14.
8- 8. النور: 1 و 2.

وَ لْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

تبیین و تحقیق

قوله و ذلك أن تعلیل لتكلمهم فیه بغیر علم لأنهم تكلموا فی متشابهه أیضا مع أنه لا یعلم تأویله إلا اللّٰه و الراسخون فی العلم و المحكم فی اللغة المتقن و فی العرف یطلق علی ما له معنی لا یحتمل غیره و علی ما اتضحت دلالته و علی ما كان محفوظا من النسخ أو التخصیص أو منهما جمیعا و علی ما لا یحتمل من التأویل إلا وجها واحدا و المتشابه یقابله بكل من هذه المعانی و قال الراغب المحكم ما لا یعرض فیه شبهة من حیث اللفظ و لا من حیث المعنی و المتشابه من القرآن ما أشكل تفسیره لمشابهة غیره إما من حیث اللفظ أو من حیث المعنی و قال الفقهاء المتشابه ما لا ینبئ ظاهره عن مراده.

و حقیقة ذلك أن الآیات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب محكم علی الإطلاق و متشابه علی الإطلاق و محكم من وجه متشابه من وجه فالمتشابه فی الجملة ثلاثة أضرب متشابه من جهة اللفظ فقط و متشابه من جهة المعنی فقط و متشابه من جهتهما فالمتشابه من جهة اللفظ ضربان أحدهما یرجع إلی الألفاظ المفردة و ذلك إما من جهة غرابته نحو الأب و یزفون و إما من جهة مشاركة فی اللفظ كالید و العین و الثانی یرجع إلی جملة الكلام المركب و ذلك ثلاثة أضرب ضرب لاختصار الكلام نحو وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِی الْیَتامی فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ (2) و ضرب لبسط الكلام نحو لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ(3) لأنه لو قیل لیس مثله شی ء كان أظهر للسامع و ضرب لنظم الكلام نحو أَنْزَلَ عَلی عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً(4) تقدیره الكتاب قیما و لم یجعل له عوجا و المتشابه من جهة المعنی أوصاف اللّٰه تعالی و أوصاف القیامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا تحصل فی نفوسنا صورة ما لم نحسه أو لم یكن من جنس ما نحسه.

ص: 91


1- 1. الكافی: ج 2 ص 28- 33.
2- 2. النساء: 3.
3- 3. الشوری: 11.
4- 4. الكهف: 1.

و المتشابه من جهة المعنی و اللفظ جمیعا خمسة أضرب الأول من جهة الكمیة كالعموم و الخصوص نحو فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ (1) و الثانی من جهة الكیفیة كالوجوب و الندب نحو فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ و الثالث من جهة الزمان كالناسخ و المنسوخ نحو اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (2) و الرابع من جهة المكان و الأمور التی نزلت فیها نحو لَیْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ ظُهُورِها(3) و قوله عز

و جل إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ(4) فإن من لا یعرف عادتهم فی الجاهلیة یتعذر علیه معرفة تفسیر هذه الآیة و الخامس من جهة الشروط التی بها یصح الفعل أو یفسد كشروط الصلاة و النكاح و هذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون فی تفسیر المتشابه لا یخرج عن هذه التقاسیم نحو قول من قال المتشابه الم و قول قتادة المحكم الناسخ و المتشابه المنسوخ و قول الأصم المحكم ما أجمع علی تأویله و المتشابه ما اختلف فیه.

ثم جمیع المتشابه علی ثلاثة أضرب ضرب لا سبیل للوقوف علیه كوقت الساعة و خروج دابة الأرض و كیفیة الدابة و نحو ذلك و ضرب للإنسان سبیل إلی معرفته كالألفاظ الغریبة و الأحكام المغلقة و ضرب متردد بین الأمرین یجوز أن یختص بمعرفة حقیقته بعض الراسخین فی العلم و یخفی علی من دونهم و هو الضرب المشار إلیه بقوله صلی اللّٰه علیه و آله فی علی علیه السلام اللّٰهم فقهه فی الدین و علمه التأویل و إذا عرفت هذه الجملة علم أن الوقوف علی قوله إلا اللّٰه و وصله بقوله و الراسخون فی العلم جائزان و أن لكل واحد منهما وجها حسب ما یدل علیه التفصیل المتقدم انتهی (5).

قوله تعالی مِنْهُ آیاتٌ مُحْكَماتٌ قیل أی أحكمت عباراتها بأن حفظت عن الإجمال هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ أی أصله یرد إلیها غیرها وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ

ص: 92


1- 1. براءة: 6.
2- 2. آل عمران: 102.
3- 3. البقرة: 189.
4- 4. براءة: 38.
5- 5. مفردات غریب القرآن 128 و 224.

قیل أی محتملات لا یتضح مقصودها إلا بالفحص و النظر لیظهر فیها فضل العلماء الربانیین فی استنباط معانیها و ردها إلی المحكمات و لیتوصلوا بها إلی معرفة اللّٰه و توحیده و أقول بل لیعلموا عدم استقلالهم فی علم القرآن و احتیاجهم فی تفسیره إلی الإمام المنصوب من قبل اللّٰه و هم الراسخون فی العلم

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ فَقَالَ الْمُحْكَمُ مَا یُعْمَلُ بِهِ وَ الْمُتَشَابِهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَی جَاهِلِهِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: وَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِی یُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: فَأَمَّا الْمُحْكَمُ فَتُؤْمِنُ بِهِ وَ تَعْمَلُ بِهِ وَ تَدِینُ بِهِ وَ أَمَّا الْمُتَشَابِهُ فَتُؤْمِنُ بِهِ وَ لَا تَعْمَلُ بِهِ (1).

فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ أی میل عن الحق كالمبتدعة فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فیتعلقون بظاهره أو بتأویل باطل ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ أی طلب أن یفتنوا الناس عن دینهم بالتشكیك و التلبیس و مناقضة المحكم بالمتشابه

وَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ الْفِتْنَةَ هُنَا الْكُفْرُ.

وَ ابْتِغاءَ تَأْوِیلِهِ أی و طلب أن یأولوه علی ما یشتهونه وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ الذی یجب أن یحمل علیه إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ الذین تثبتوا و تمكثوا فیه.

و أقول قد مر الكلام منا فی تأویل هذه الآیة فی كتاب الإمامة فی باب أن الراسخین فی العلم هم الأئمة علیهم السلام (2).

قوله علیه السلام فالمنسوخات من المتشابهات كأن هذا الكلام تمهید لما سیأتی من اختلاف الإیمان المأمور به فی مكة قبل الهجرة و فی المدینة بعدها و اختلاف التكالیف فیهما كما و كیفا ردا علی من استدل ببعض الآیات علی أن الإیمان نفس الاعتقاد بالتوحید و النبوة فقط بلا مدخلیة للأعمال أو الولایة فیه بأن تلك الآیات أكثرها نزلت فی مكة و كان الإیمان فیها نفس الاعتقاد بالشهادتین أو التكلم بهما ثم نسخ ذلك فی المدینة بعد وجوب الواجبات و تحریم المحرمات

ص: 93


1- 1. العیّاشیّ ج 1: 162.
2- 2. راجع ج 23 ص 188- 205 من هذه الطبعة.

و نصب الوالی و الأمر بولایته و یحتمل أن لا یكون ذلك من قبیل النسخ و یكون ذكر النسخ لبیان عجزهم عن فهم معانی الآیات و خطائهم فی الاستدلال بها كما أنهم لا یعرفون الناسخ من المنسوخ و یستدلون بالآیات المنسوخة علی الأحكام مع عدم علمهم بنسخها و عد المنسوخات التی لا یعلم نسخها من المتشابهات فالمنسوخة أخص مطلقا من المتشابهة.

و لما كان المحكم غیر المتشابه و الناسخ غیر المنسوخ و نقیض الأخص أعم من نقیض الأعم غیر الأسلوب فی الفقرة الثانیة فقال و المحكمات من الناسخات للإشارة إلی ذلك و تسمیة غیر المنسوخ مطلقا ناسخا إما علی التوسع و إطلاق لفظ الجزء علی الكل أو لكونها ناسخة للشرائع السالفة أو للإباحة الأصلیة التی كانوا متمسكین بها قبلها و یمكن حمل الناسخ علی معناه و حمل الكلام علی القلب بأن یكون الناسخ أیضا أخص من المحكم و لا فساد فیه لعدم انحصار الآیات حینئذ فی الناسخة و المنسوخة.

و قیل لما كان بعض المحكمات مقصور الحكم علی الأزمنة السابقة منسوخا بآیات أخر و نسخها خافیا علی أكثر الناس فیزعمون بقاء حكمها صارت متشابهة من هذه الجهة و لهذا قال علیه السلام فالمنسوخات من المتشابهات و فی بعض النسخ من المشتبهات و إنما غیر الأسلوب فی أختها لأن المحكم أخص من الناسخ من وجه بخلاف المتشابه فإنه أعم من المنسوخ مطلقا انتهی و فیه أن كون المتشابه أعم من مطلق المنسوخ مطلقا لا وجه له إلا أن یخص بمنسوخ لم یعلم نسخه كما أومأنا إلیه و قیل الظاهر أن الفاء للتفسیر لزیادة تفظیع حالهم بأنهم یتبعون المنسوخات و المتشابهات دون المحكمات و الناسخات لأن المنسوخات من باب المتشابهات فی التشابه إذ یشتبه علیهم ثباتها و بقاؤها و المحكمات من قبیل الناسخات فی الثبات و البقاء فإذا اتبعوا المتشابهات اتبعوا المنسوخات لأنهما من باب واحد و إذا اتبعوا المنسوخات لم یتبعوا الناسخات و إذا لم یتبعوا الناسخات لم یتبعوا المحكمات لأنهما أیضا من باب واحد.

ص: 94

قوله علیه السلام إن اللّٰه عز و جل بعث نوحا هذا شروع فی المقصود و حاصله أن الإیمان فی بدایة بعثة كل رسول كان مجرد التصدیق بالتوحید و الرسالة و من مات علیه حینئذ كان مؤمنا و وجبت له الجنة فلما استجابوا لهم ذلك و كثرت أتباعهم وضعوا أعمالا و شرائع و أوجبوها علیهم و أوعدوا علی تركها النار فصارت تلك الأعمال أجزاء للإیمان.

فأول أولی العزم من الأنبیاء كان نوحا علیه السلام فحین بعثه أمرهم أولا بالتوحید و الإقرار بنبوته فقط و كان ذلك الإیمان حیث قال فی سورة نوح إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلی قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ قالَ یا قَوْمِ إِنِّی لَكُمْ نَذِیرٌ مُبِینٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ (1) أی مخلصا من غیر شرك وَ اتَّقُوهُ أی اتقوا عذابه الذی قرره علی الشرك وَ أَطِیعُونِ فیما آمركم به و أذعنوا لنبوتی فلم یذكر فیما أنذرهم به إلا هذین الأمرین ثم دعاهم أی ثم بعد ذلك استمر علی هذه الدعوة زمانا طویلا فكانت دعوته منحصرة فی التوحید و نفی الشریك و كان قبولهم ذلك منه مستلزما للإذعان بنبوته.

ثم بعث الأنبیاء أی ثم بعث سائر أولی العزم فی أول بعثتهم علی هذا الأمر فقط إلی أن انتهت سلسلة أولی العزم و سائر الأنبیاء إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله فكان صلی اللّٰه علیه و آله فی أول بعثته بمكة یدعوهم إلی التوحید و ما یتبعه من الإقرار بالنبوة بل المعاد أیضا فإنه أیضا من الأمور التی نزلت الآیات المشتملة علی التهدیدات العظیمة فیها قبل الهجرة فالمراد جمیع أصول الدین سوی الإمامة و ذكر التوحید علی المثال أو علی أن الإقرار به مستلزم للإقرار بسائر الأصول و یؤیده قوله علیه السلام بعد ذلك الإقرار بما جاء به من عند اللّٰه.

قوله علیه السلام و قال أی فی سورة الشوری و هی مكیة علی ما ذكره المفسرون إلا قوله وَ الَّذِینَ اسْتَجابُوا وَ الَّذِینَ إِذا أَصابَهُمُ إلی قوله لا یُحِبُّ الظَّالِمِینَ (2) عن الحسن و علی قول ابن عباس و قتادة إلا أربع آیات منها نزلت

ص: 95


1- 1. نوح: 1- 3.
2- 2. الآیات 38- 40.

بالمدینة قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إلی قوله لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ(1) و علی التقادیر الآیات المذكورة(2) مكیة و الاستشهاد بالآیة لأن الدین المشترك بین جمیع الأنبیاء هی الأصول الدینیة التی لا تختلف باختلاف الشرائع مع أن قوله سبحانه كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ یشعر بأن الدین فی ذلك الوقت كانت التوحید و نفی الشرك مع الإقرار بالنبوة لقوله تعالی اللَّهُ یَجْتَبِی قال الطبرسی رحمه اللّٰه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّی بِهِ نُوحاً أی بین لكم و نهج و أوضح من الدین و التوحید و البراءة من الشرك ما وصی به نوحا وَ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أی و هو الذی أوحینا إلیك یا محمد وَ هو ما وَصَّیْنا بِهِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی وَ عِیسی ثم بین ذلك بقوله أَنْ أَقِیمُوا الدِّینَ و إقامة الدین التمسك به و العمل بموجبه و الدوام علیه و الدعاء إلیه وَ لا تَتَفَرَّقُوا أی لا تختلفوا فِیهِ و ائتلفوا فیه و اتفقوا و كونوا عباد اللّٰه إخوانا كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ من توحید اللّٰه و الإخلاص له و رفض الأوثان و ترك دین الآباء لأنهم قالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً و قیل معناه ثقل علیهم و عظم اختیارنا لك بما تدعوهم إلیه و تخصیصك بالوحی

و النبوة دونهم اللَّهُ یَجْتَبِی إِلَیْهِ مَنْ یَشاءُ أی لیس لهم الاختیار لأن اللّٰه یصطفی لرسالته من یشاء علی حسب ما یعلم من قیامه بأعباء الرسالة و قیل.

معناه اللّٰه یصطفی من عباده لدینه من یشاء وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ یُنِیبُ أی و یرشد إلی دینه من یقبل إلی طاعته أو یهدی إلی جنته و ثوابه من یرجع إلیه بالنیة و الإخلاص (3).

قوله علیه السلام فمن آمن مخلصا أی بقلبه و لسانه دون لسانه فقط و لم یخلطه بشرك و ذلك أن اللّٰه كأنه إشارة إلی إدخاله الجنة بمجرد الشهادة و الإقرار و إن لم یعمل من الطاعات شیئا و لم یترك سائر المحرمات لأنه كان

ص: 96


1- 1. الآیات: 23- 26.
2- 2. یعنی الآیات: 13- 14.
3- 3. مجمع البیان ج 9 ص 24.

بذلك مؤمنا فی ذلك الزمان و إدخال المؤمن النار ظلم و ذلك أن اللّٰه المشار إلیه بذلك إما عدم تعذیب من ترك العمل بالنار أو أنه إن لم یدخله الجنة و أدخله النار كان ظالما.

و هذا الكلام یحتمل وجهین أحدهما أن تكون المعاصی التی نهی عنها فی مكة من المكروهات و یكون النهی عنها نهی تنزیه و الطاعات التی أمر بها فیها من المستحبات فالتعلیل حینئذ ظاهر لأن التعذیب علی ترك المستحبات و فعل المكروهات فی الآخرة ظلم و ثانیهما أن یكون النهی عن المعاصی نهی تحریم و الأمر بالطاعات أمر وجوب لكن لم یوعد علی فعل المعاصی و ترك الطاعات النار و لم یغلظ فیهما و إنما أوعد النار علی الشرك و الإخلال بالعقائد و إنكار النبوة و المعاد فهی كانت بمنزلة الفرائض و الكبائر و غیرها بمنزلة الصغائر و سائر الواجبات و قد أوجب اللّٰه تعالی علی نفسه لسعة كرمه و رحمته أن لا یؤاخذ مجتنب الكبائر بفعل الصغائر فلو عذبهم بها كان ظلما من حیث الإخلال بما أوجب علی نفسه من العفو عنهم.

أو یقال التعذیب بالنار مع ترك الإیعاد بها ظلم أو یقال التعذیب بالنار العظیم الألیم أبدا أو مدة طویلة بمحض النهی من غیر تهدید و وعید و تغلیظ لا سیما ممن كملت قدرته و وسعت رحمته ظلم أو یقال اللطف علی اللّٰه تعالی واجب و أعظم الألطاف التهدید و الوعید بالنار فتركه ظلم أو یقال أطلق الظلم علی خلاف الأولی مجازا و الكل مبنی علی أن الأعمال و التروك التی هی أجزاء الإیمان إنما هی ما یستحق بتركه الدخول فی النار و فی مكة سوی العقائد لم تكن كذلك و لما شرع فی المدینة شرائع و جعل فیها فرائض و كبائر یستحق بترك الأولی و فعل الثانیة دخول النار جعلتا من أجزاء الإیمان.

جعل لكل نبی إشارة إلی قوله تعالی فی المائدة و هی مدنیة لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً قال البیضاوی (1) شِرْعَةً شریعة و هی الطریقة إلی الماء

ص: 97


1- 1. تفسیر البیضاوی ص 119 و الآیة فی المائدة: 51.

شبه بها الدین لأنه طریق إلی ما هو سبب الحیاة الأبدیة و قرئ بفتح الشین وَ مِنْهاجاً و طریقا واضحا فی الدین من نهج الأمر إذا وضح و استدل به علی أنا غیر متعبدین بالشرائع المتقدمة انتهی.

و قال الراغب الشرع نهج الطریق الواضح یقال شرعت له طریقا و الشرع مصدر ثم جعل اسما للطریق النهج فقیل له شرع و شرعة و شریعة و استعیر ذلك للطریقة الإلهیة من الدین قال تعالی لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً(1) فذلك إشارة إلی أمرین أحدهما ما سخر اللّٰه تعالی علیه كل إنسان من طریق یتحراه مما یعود إلی مصالح عباده و عمارة بلاده و ذلك المشار إلیه بقوله وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا(2) الثانی ما قیض له من الدین و أمره به لیتحراه اختیارا مما یختلف فیه الشرائع و یعترضه النسخ و دل علیه قوله ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلی شَرِیعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها(3) قال ابن عباس الشرعة ما ورد به القرآن و المنهاج ما ورد به السنة و قوله شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّی بِهِ نُوحاً الآیة فإشارة إلی الأصول التی تتساوی فیها الملل و لا یصح علیها النسخ كمعرفة اللّٰه و نحو ذلك من نحو ما دل علیه قوله وَ مَنْ یَكْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ(4) قال بعضهم سمیت الشریعة شریعة تشبیها بشریعة الماء من حیث إن من شرع فیها علی الحقیقة المصدوقة روی و تطهر قال و أعنی بالری ما قال بعض الحكماء كنت أشرب فلا أروی فلما عرفت اللّٰه رویت بلا شرب و بالتطهر ما قال تعالی إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً(5) انتهی.

و الشرعة و المنهاج متقاربان فی المعنی كما أن اللفظین اللذین فسرهما علیه السلام بهما أیضا متقاربان فیحتمل أن یكونا تفسیرین لكل منهما أو یكون

ص: 98


1- 1. المائدة: 51.
2- 2. الزخرف: 32.
3- 3. الجاثیة: 18.
4- 4. النساء: 136.
5- 5. مفردات غریب القرآن ص 258.

علی اللف و النشر فعلی الأول أطلق علی أعمال الدین و أحكامه الشرعة لإیصالها العامل بها إلی الحیاة الأبدیة و التطهر من الأدناس الردیة و المنهاج لأنها كالطریق الواضح الموصل إلی المقصود من الجنة الباقیة و الدرجات العالیة و علی الثانی المراد بالأول الواجبات و بالثانی المستحبات و لذا عبر علیه السلام عن الثانی بالسنة أو بالأول العبادات و بالثانی سائر الأحكام و الوجه الأول أوفق بقوله و كان من السبیل و السنة و إن أمكن أن یكون المراد من مجموعهما و إن كان من أحدهما.

قال الطبرسی رحمه اللّٰه الشرعة و الشریعة واحدة و هی الطریقة الظاهرة و الشریعة هی الطریقة التی یوصل منه إلی الماء الذی فیه الحیاة فقیل الشریعة فی الدین للطریق الذی یوصل منه إلی الحیاة فی النعیم و هی الأمور التی یعبد اللّٰه بها من جهة السمع و الأصل فیه الظهور و المنهاج الطریق المستمر یقال طریق نهج و منهج أی بین و قال المبرد الشرعة ابتداء الطریق و المنهاج الطریق

المستقیم قال و هذه الألفاظ إذا تكررت فلزیادة فائدة فیه و قد جاء أیضا لمعنی واحد كقول الشاعر أقوی و أقفر(1)

و هما بمعنی انتهی (2).

قوله أن جعل علیهم السبت قال الراغب أصل السبت قطع العمل و منه سبت السیر أی قطعه و سبت شعره حلقه و قیل سمی یوم السبت لأن اللّٰه تعالی ابتداء بخلق السماوات و الأرض یوم الأحد فخلقها فی ستة أیام كما ذكره فقطع عمله یوم السبت فسمی بذلك و سبت فلان صار فی السبت و قوله عز و جل یَوْمَ سَبْتِهِمْ قیل یوم قطعهم للعمل وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ قیل معناه لا یقطعون العمل و قیل یوم لا یكونون فی السبت و كلاهما إشارة إلی حالة واحدة و قوله إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ أی ترك العمل فیه انتهی (3).

ص: 99


1- 1. نصه: حییت من طلل تقادم عهده***أقوی و أقفر بعد أم الهیثم.
2- 2. راجع مجمع البیان ج 3 ص 202.
3- 3. مفردات غریب القرآن ص 220، و الآیات فی الأعراف: 163، النحل: 124.

قوله علیه السلام و لم یستحل الظاهر أن المراد بالاستحلال هنا الجرأة علی اللّٰه و انتهاك ما حرم اللّٰه فكأنه عده حلالا لقوله بعد ذلك و لا شكوا فی شی ء مما جاء به موسی و ما قیل دل علی أن مخالفة الأحكام كفر یوجب دخول النار مع الاستحلال و الظاهر أنه لا خلاف فیه بین الأمة و ما ذلك إلا لأن الإقرار بها و العمل بها داخلان فی الإیمان و إذا كان كذلك كان تاركها و إن لم یستحل كافرا یعذب بالنار أیضا فلا یخفی وهنه.

حیث استحلوا الحیتان أی استحلوا صیدها أو أكلها أو حبسها أیضا و قوله یوم السبت ظرف لكل من احتبسوها و أكلوها أو لاستحلوا أیضا أی استحلوا أولا حبسها یوم السبت ثم استحلوا صیدها و أكلها فیه و قیل یوم السبت ظرف لاحتبسوها لا لأكلوها أی احتبسوا یوم السبت فی مضیق بسد الطریق علیها ثم اصطادوها یوم الأحد و أكلوها فعلوا ذلك حیلة و لم تنفعهم لأن احتباسها فیه هتك لحرمته فخرجوا بذلك من الإیمان إلی الكفر و لذلك غضب اللّٰه علیهم من غیر أن یشركوا بالرحمن و أن یشكوا فی رسالة موسی و ما جاء به و لذلك لم یصطادوا یوم السبت فعلم أن الإیمان لیس مجرد التصدیق بل هو مع العمل لأن المؤمن لا یغضب و لا یدخل النار و فیه شی ء لأن استحلالهم الحیتان ینافی ظاهرا عدم شكهم بما جاء به موسی و یمكن دفعه بأن ما جاء به موسی تحریم الحیتان یوم السبت و هم استحلوها یوم الأحد و لحق بهم ما لحق بسبب احتباسهم یوم السبت انتهی.

و أقول قد عرفت معنی الاستحلال و هو معنی شائع فی المحاورات فلا یرد ما أورده و أما الجواب الذی ذكره فهو أیضا لا یسمن و لا یغنی من جوع لأن الاحتباس إذا لم یكن منهیا عنه فكیف عذبوا علیه و إن كان داخلا فیما نهوا عنه عاد الإشكال مع أن ظاهر أكثر الروایات المعتبرة أنهم بعد تلك الحیلة تعدی أكثرهم إلی الصید و الأكل یوم السبت فاعتزلت طائفة منهم فلم یمسخوا و بقیت طائفة منهم فمسخوا أیضا لتركهم النهی عن المنكر و إن اختلف المفسرون

ص: 100

فی ذلك.

قال فی مجمع البیان اختلف فی أنهم كیف اصطادوا فقیل إنهم ألقوا الشبكة فی الماء یوم السبت حتی كان یقع فیها السمك ثم كانوا لا یخرجون الشبكة من الماء إلی یوم الأحد و هذا السبب محظور و فی روایة ابن عباس اتخذوا الحیاض فكانوا یسوقون الحیتان إلیها و لا یمكنها الخروج منها فیأخذونها یوم الأحد و قیل إنهم اصطادوها و تناولوها بالید یوم السبت عن الحسن (1).

وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ (2) قال البیضاوی السبت مصدر سبتت الیهود إذا عظمت یوم السبت و أصله القطع أمروا أن یجردوه للعبادة فاعتدی فیه ناس منهم فی زمن داود علیه السلام و اشتغلوا بالصید و ذلك أنهم كانوا یسكنون قریة علی الساحل یقال لها أیلة و إذا كان یوم السبت لم یبق حوت فی البحر إلا حضر هناك و أخرج خرطومه و إذا مضی تفرقت فحفروا حیاضا و شرعوا إلیها الجداول و كانت الحیتان تدخلها یوم السبت فیصطادونها یوم الأحد فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ جامعین بین صورة القردة و الخسوء و هو الصغار و الطرد قال مجاهد ما مسخت صورهم و لكن قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار فی قوله كَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً(3) و قوله كُونُوا لیس بأمر إذ لا قدرة لهم علیه و إنما المراد به سرعة التكوین و أنهم صاروا كذلك كما أراد بهم انتهی.

قوله علیه السلام فهدمت أی الشرعة و المنهاج أیضا لكونه بمعنی الطریق یجوز فیه التأنیث و یمكن أن یقرأ علی بناء المجهول بإضمار السنة فی السبت و قوله أن یعظموه بدل اشتمال للضمیر و عامة عطف علی السبت سبیل عیسی أی شرائعه المختصة به قوله علیه السلام و إن كان الذی جاء به النبیون أی هدمت

ص: 101


1- 1. مجمع البیان ج 4 ص 491.
2- 2. البقرة: 62، راجع البیضاوی 32.
3- 3. الجمعة: 5.

شریعة عیسی عامة ما كانوا علیه و إن كان الذی جاء به النبیون من التوحید و سائر الأصول باقیا لم یتغیر أو المعنی أدخله اللّٰه النار و إن كان منه الإقرار بما جاء به النبیون و هو التوحید و نفی الشرك و قوله أن لا یشركوا عطف بیان أو بدل للموصول و علی الوجهین یحتمل كون كان تامة و ناقصة و قیل الموصول اسم كان و أن لا یشركوا خبره و له أیضا وجه و إن كان بعیدا.

قوله علیه السلام عشر سنین أقول هذا مخالف لما مر فی تاریخ النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لما هو المشهور من أنه صلی اللّٰه علیه و آله أقام بعد البعثة بمكة ثلاث عشرة سنة فقیل هو مبنی علی إسقاط الكسور بین العددین و هو بعید فی مثل هذا الكسر و الذی سنح لی أنه مبنی علی ما یظهر من الأخبار أنه لما نزل وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَكَ الْأَقْرَبِینَ (1) و كان أول بعثته دعا بنی عبد المطلب و أظهر لهم رسالته و دعاهم إلی بیعته و الإیمان به فلم یؤمن به إلا علی علیه السلام ثم خدیجة رضی اللّٰه عنها ثم جعفر رضی اللّٰه عنه و كان علی ذلك ثلاث سنین حتی نزل

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ (2) فدعا الناس إلی الإسلام فلذا لم یعد علیه السلام تلك الثلاث سنین من أیام البعثة لأنها لم تكن بعثة عامة مؤكدة و قد مرت الأخبار فی المجلد الثالث (3)

فی ذلك و یحتمل أن یكون مبنیا علی إسقاط سنی الهجرة إلی شعب أبی طالب أو إسقاط الثلاث سنین بعد وفاة أبی طالب رضی اللّٰه عنه لعدم تمكنه فی هاتین المدتین من التبلیغ كما ینبغی لكنهما بعیدان و الأظهر ما ذكرنا أولا.

قوله علیه السلام یشهد أن لا إله إلا اللّٰه الظاهر أن المراد به الشهادة القلبیة بالتوحید و الرسالة و ما یلزمهما فقط أو مع الإقرار باللسان أو عدم الإنكار الظاهری لا مجرد الإقرار باللسان بقرینة قوله و هو إیمان التصدیق و قد عرفت أن الإیمان الظاهری فقط لا ینفع فی الآخرة و إن احتمل التعمیم و یكون قوله إلا من أشرك بالرحمن أی قلبا استثناء منه فیرجع إلی ما ذكرنا أولا و علی الأول

ص: 102


1- 1. الشعراء: 214.
2- 2. الحجر: 94.
3- 3. یعنی كتاب المرآة.

یكون الاستثناء منقطعا و علی التقدیرین یكون المراد بقوله و هو إیمان التصدیق أنه الإیمان بمعنی التصدیق فقط و لا یدخل فیه الأعمال لا شرطا و لا شطرا و إن كانت سببا لكماله بخلاف الإیمان بعد الهجرة فإن الأعمال قد دخلت فیه علی أحد الوجهین و ذلك لأنهم لم یكلفوا بعد إلا بالشهادتین فحسب و إنما نهوا عن أشیاء نهی أدب و عظة و تخفیف ثم نسخ ذلك بالتغلیظ فی الكبائر و التواعد علیها و لم یكن التغلیظ و التواعد یومئذ إلا فی الشرك خاصة فلما جاء التغلیظ و الإیعاد بالنار فی الكبائر ثبت الكفر و العذاب بالمخالفة فیها.

و تصدیق ذلك أی دلیل ما ذكرنا من التفاوت فی التكالیف و معنی الإیمان قبل الهجرة و بعدها و قال الفاضل الأسترآبادی بیان لأول الواجبات علی المكلفین و أن تكالیف اللّٰه تعالی ینزل علی التدریج و فی كتاب الأطعمة من تهذیب الأحكام أحادیث صریحة فی التدریج فی التكالیف انتهی.

و لنذكر تفسیر الآیات التی أسقطت اختصارا إما من الإمام علیه السلام أو من الراوی قال تعالی قبل تلك الآیات (1) لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا ثم قال وَ قَضی رَبُّكَ قیل أی أمر أمرا مقطوعا به أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ لأن غایة التعظیم لا تحق إلا لمن له غایة العظمة و نهایة الإنعام وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً أی بأن تحسنوا أو أحسنوا بالوالدین إحسانا لأنهما السبب الظاهر للوجود و التعیش إِمَّا یَبْلُغَنَ إما إن الشرطیة زیدت علیها ما للتأكید عِنْدَكَ الْكِبَرَ فی كنف و كفالتك أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ إن أضجراك وَ لا تَنْهَرْهُما أی و لا تزجرهما إن ضرباك وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِیماً أی حسنا جمیلا وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ أی تذلل لهما و تواضع مِنَ الرَّحْمَةِ أی من فرط رحمتك علیهما وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّیانِی صَغِیراً جزاء لرحمتهما علی و تربیتهما و إرشادهما لی فی صغری.

رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِی نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِینَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً

ص: 103


1- 1. أسری: 22- 25.

عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الْأَوَّابُونَ التَّوَّابُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ (1).

وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَ الْمِسْكِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِیراً و هو صرف المال فیما لا ینبغی و إنفاقه علی وجه الإسراف إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ كانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ أی أمثالهم وَ كانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً أی مبالغا فی الكفر وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَیْسُوراً وَ لا تَجْعَلْ یَدَكَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً أی فتصیر ملوما عند اللّٰه و عند الناس بالإسراف و سوء التدبیر مَحْسُوراً أی نادما أو منقطعا بك لا شی ء عندك إِنَّ رَبَّكَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَقْدِرُ أی یوسعه و یضیقه بمشیته التابعة للحكمة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً یعلم سرهم و علانیتهم.

قوله أدب و عظة أی كلما ذكر فی تلك الآیات سوی صدر الأولی و هو قوله وَ قَضی رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ تأدیب و موعظة و هذا مبنی علی أن قوله وَ بِالْوالِدَیْنِ بتقدیر و أحسنوا عطفا علی جملة قَضی رَبُّكَ لأن فیها تأكیدا و تهدیدا فی الجملة و یحتمل أن یكون المراد جمیعها لكن وقع التهدید علی الشرك فیما مر و فیما سیأتی من الآیات كقوله لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فإن قیل قوله وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ إلی قوله كَفُوراً فیه وعید و تهدید قلنا لیس محض كونهم إخوان الشیاطین تهدیدا و وعیدا صریحا بالنار بل قیل قوله كانُوا یدل علی أن فی أواخر شرائع سائر أولی العزم كانت كذلك فلا یدل صریحا علی أن فی تلك الشریعة أیضا كذلك و الاجتراح الاكتساب.

وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْیَةَ إِمْلاقٍ قیل أی مخافة الفاقة و قتلهم أولادهم وأدهم بناتهم مخافة الفقر فنهاهم عنه و ضمن لهم أرزاقهم فقال نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِیراً أی ذنبا كبیرا لما فیه من قطع التناسل و انقطاع النوع و الخطء الإثم یقال خطأ خطأ كأثم إثما و قرأ ابن عامر خطأ بالتحریك و هو اسم من أخطأ یضاد الثواب و قیل لغة فیه كمثل و مثل و حذر و حذر و قرأ ابن كثیر

ص: 104


1- 1. راجع تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 286، عن أبی بصیر.

خطاء بالمد و الكسر و هو إما لغة أو مصدر خاطأ و قرئ خطاء بالفتح و المد و خطأ بحذف الهمزة مفتوحا و مكسورا و علی التقادیر لیس فیه تصریح بكونه ذنبا و لا ترتب العقوبة علیه.

وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی بالقصد و إتیان المقدمات فضلا أن تباشروه إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً فعلة ظاهرة القبح زائدته وَ ساءَ سَبِیلًا أی و بئس طریقا طریقه و هو الغصب علی الأبضاع المؤدی إلی قطع الأنساب و هیج الفتن وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِ قیل أی إلا بإحدی ثلاث خصال كفر بعد إیمان و زنا بعد إحصان و قتل مؤمن معصوم عمدا وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً غیر مستوجب للقتل فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ للذی یلی أمره بعد وفاته و هو الوارث سُلْطاناً أی تسلطا بالمؤاخذة بمقتضی القتل فَلا یُسْرِفْ أی القاتل فِی الْقَتْلِ بأن یقتل من لا یحق قتله فإن العاقل لا یفعل ما یعود علیه بالهلاك أو الولی بالمثلة أو قتل غیر القاتل إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً علة النهی

علی الاستئناف و الضمیر إما للمقتول فإنه منصور فی الدنیا بثبوت القصاص بقتله و فی الآخرة بالثواب و إما لولیه فإن اللّٰه نصره حیث أوجب القصاص له و أمر الولاة بمعونته و إما للذی یقتله الولی إسرافا بإیجاب القصاص و التعزیر و الوزر علی المسرف.

وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ فضلا أن تتصرفوا فیه إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ أی إلا بالطریقة التی هی أحسن حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ غایة لجواز التصرف الذی یدل علیه الاستثناء وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ بما عاهدكم اللّٰه من تكالیفه أو ما عاهدتموه و غیره إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا مطلوبا یطلب من المعاهد أن لا یضیعه و یفی به أو مسئولا عنه یسأل الناكث و یعاتب علیه أو یسأل العهد لم نكثت تبكیتا للناكث كما یقال للموئودة بِأَیِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ و یجوز أن یراد أن صاحب العهد كان مسئولا وَ أَوْفُوا الْكَیْلَ إِذا كِلْتُمْ و لا تبخسوا فیه وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ بالمیزان السوی و هو رومی عرب و قرأ حمزة و الكسائی و حفص بكسر القاف (1) ذلِكَ خَیْرٌ

ص: 105


1- 1. یعنی و قرأ الباقون بضمها.

وَ أَحْسَنُ تَأْوِیلًا أی و أحسن عاقبة تفعیل من آل إذا رجع.

وَ لا تَقْفُ و لا تتبع ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ما لم یتعلق به علمك تقلیدا أو رجما بالغیب قیل و احتج به من منع من اتباع الظن و جوابه أن المراد بالعلم هو الاعتقاد الراجح المستفاد من سند سواء كان قطعا أو ظنا و استعماله بهذا المعنی شائع و قیل إنه مخصوص بالعقائد و قیل بالرمی و شهادة الزور إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ أی كل هذه الأعضاء فأجراها مجری العقلاء لما كانت مسئولة عن أحوالها شاهدة علی صاحبها هذا و إن أولاء و إن غلب علی العقلاء لكنه من حیث إنه اسم جمع لذا و هو یعم القبیلین جاء لغیرهم كقوله و العیش بعد أولئك الأیام (1) كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فی ثلاثتها ضمیر كل أی كان كل واحد منها مسئولا عن نفسه یعنی عما فعل به صاحبه و یجوز أن یكون الضمیر فی عَنْهُ لمصدر وَ لا تَقْفُ أو لصاحب السمع و البصر و قیل مَسْؤُلًا مسند إلی عَنْهُ كقوله غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ و المعنی یسأل صاحبه عنه و هو خطاء لأن الفاعل و ما یقوم مقامه لا یتقدم و قیل المراد بسؤال الجوارح إما سؤال نفسها أو سؤال أصحابها كما یظهر من أُولئِكَ أو جعلت بمنزلة ذوی العقول أو هم ذوو العقول مع اللّٰه تعالی.

وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً أی ذا مرح و هو الاختیال و فی القاموس المرح شدة الفرح و النشاط إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فیها خرقا بشدة وطأتك وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك و مد عنقك و هو تهكم بالمختال و تعلیل للنهی بأن الاختیال حماقة مجردة لا تعود بجدوی لیس فی التذلل كُلُّ ذلِكَ كانَ سَیِّئُهُ قیل یعنی المنهی عنه فإن المذكور مأمورات و مناهی و قرأ الحجازیان و البصریان (2)

سیئة علی أنها خبر كان و الاسم ضمیر كُلُ و ذلِكَ إشارة إلی

ص: 106


1- 1. عجز بیت صدره: ذم المنازل بعد منزلة اللوی، راجع الصحاح ج 6 ص 2544.
2- 2. الحجازیان: عبد اللّٰه بن كثیر المكی، و نافع بن عبد الرحمن المدنیّ، و البصریان: أحدهما أبو عمرو بن العلاء، من السبعة، و الثانی یعقوب من غیرهم.

ما نهی عنه خاصة و علی هذا قوله عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً بدل من سیئه أو صفة لها محمولة علی المعنی.

ذلِكَ إشارة إلی الأحكام المتقدمة مِمَّا أَوْحی إِلَیْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ التی هی معرفة الحق لذاته و الخیر للعمل به وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ كرره للتنبیه علی أن التوحید مبدأ الأمر و منتهاه و رأس الحكمة و ملاكها مَلُوماً تلوم نفسك مَدْحُوراً مطرودا مبعدا من رحمة اللّٰه.

و أقول هذا شروع فی ذكر الآیات التی نزلت بمكة مشتملة علی الوعید بالنار و التهدید فی الشرك و نحوه بخلاف ما ورد فی غیره مما مضی فإن كونه خطأ كبیرا و فاحشة و مسئولا و مسئولا عنه و مكروها لیس فی شی ء منها تصریح بالعذاب و النكال الأخروی و لا یحتاج إلی ما یتكلف بأن كانَ خِطْأً و كانَ فاحِشَةً و كانَ مَسْؤُلًا و كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا و كانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً محمولة علی أنها كانت فی أواخر الأمم السابقة كذلك و ستصیر فی هذه الأمة أیضا بعد ذلك كذلك فإنه فی غایة البعد و زیادة كان فی هذه المقامات كثیرة فی الذكر الحمید كقوله وَ كانَ رَبُّكَ قَدِیراً و كانَ غَفُوراً رَحِیماً بل الوجه ما ذكرنا فتفطن.

ناراً تَلَظَّی أی تتلهب لا یَصْلاها أی لا یلزمها مقاسیا شدتها إِلَّا الْأَشْقَی قیل أی إلا الكافر فإن الفاسق و إن دخلها لم یلزمها و لكن سماه أشقی و وصفه بقوله الَّذِی كَذَّبَ وَ تَوَلَّی أی كذب بالحق و أعرض عن الطاعة كذا ذكره البیضاوی (1)

و قال فی قوله تعالی بعد ذلك وَ سَیُجَنَّبُهَا الْأَتْقَی أی الذی اتقی الشرك و المعاصی فإنه لا یدخلها فضلا أن یدخلها و یصلاها و مفهوم ذلك أن من اتقی الشرك دون المعصیة لا یجنبها و لا یلزم ذلك صلیها فلا یخالف الحصر السابق انتهی.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه لا یَصْلاها أی لا یدخل تلك النار و لا یلزمها إِلَّا

ص: 107


1- 1. أنوار التنزیل ص 463، و الآیة فی سورة اللیل: 14- 21.

الْأَشْقَی و هو الكافر باللّٰه الَّذِی كَذَّبَ بآیات اللّٰه و رسله وَ تَوَلَّی أی أعرض عن الإیمان وَ سَیُجَنَّبُهَا أی سیجنب النار و یجعل منها علی جانب الْأَتْقَی المبالغ فی التقوی الَّذِی یُؤْتِی مالَهُ أی ینفقه فی سبیل اللّٰه یَتَزَكَّی أی یكون عند اللّٰه زكیا لا یطلب بذلك ریاء و لا سمعة.

قال القاضی قوله لا یَصْلاها الآیة لا یدل علی أنه تعالی لا یدخل النار إلا الكافر علی ما تقوله الخوارج و بعض المرجئة و ذلك لأنه نكر النار المذكورة و لم یعرفها فالمراد بذلك أن نارا من جملة النیران لا یصلیها إلا من هذه حاله و النیران دركات علی ما بینه سبحانه فی سورة النساء فی شأن المنافقین (1) فمن أین عرف أن غیر هذه النار لا یصلیها قوم آخرون و بعد فإن الظاهر من الآیة یوجب أن لا یدخل النار إلا من كذب و تولی و جمع بین الأمرین فلا بد للقوم من القول بخلافه لأنهم یوجبون النار لمن یتولی عن كثیر من الواجبات و إن لم یكذب و قیل إن الأتقی و الأشقی المراد بهما التقی و الشقی (2) انتهی.

ثم اعلم أنه علیه السلام استدل بالآیات الأول علی أن وعید النار فی مكة إنما كان علی الكفار لأنه سبحانه حصر الصلی بالنار علی الأشقی الذی كذب الرسول و تولی عن قبول قوله فی التوحید أو الأعم و من كذب الرسول و أعرض عما جاء به كافر مشرك فظهر أنه لم یكن یومئذ یستحق النار غیر المشركین و الكفار من الفساق و إلیه أشار علیه السلام بقوله فهذا مشرك و هذا وجه حسن و استدلال متین لكن كیف یستقیم علی هذا الآیات التالیة و هی قوله وَ سَیُجَنَّبُهَا الْأَتْقَی إلخ فإنها تدل علی أن غیر الأتقی لا یجنب النار.

و یمكن الجواب عنه بوجوه.

الأول أن المضارع فی قوله تعالی لا یَصْلاها للحال و استعمل الصلی فی

ص: 108


1- 1. كانه یرید قوله تعالی:« إِنَّ الْمُنافِقِینَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیراً» النساء: 144.
2- 2. مجمع البیان ج 10 ص 502.

سببه مجازا أی الحكم فی الحال قبل الهجرة أنه لا یدخلها إلا المشرك و فی قوله سَیُجَنَّبُهَا للاستقبال القریب إخبارا عن التكالیف المدنیة بعد دخول الأعمال فی الإیمان فلا تنافی بینهما و تكون الآیات جمع دالة علی الحكمین صریحا.

الثانی أن یقال إن الآیات التالیة نزلت بالمدینة كما روی فی تفسیر علی بن إبراهیم أنها نزلت فی أبی الدحداح بالمدینة لكن ظاهر الروایة أن الآیات الأول أیضا نزلت بالمدینة الثالث أن یقال إن الآیات الأخیرة و إن كانت دالة علی عدم تجنب الفساق النار لكنها دلالة ضعیفة بالمفهوم فما یدل صریحا علی دخول النار إنما هو فی الكفار و ما یدل علی حكم الفجار فلیس فیه وعید صریح و تهدید عظیم بل یدل دلالة ضعیفة علی عدم الحكم بأنهم لا یدخلونها لا سیما مع الحصر المتقدم و لعل السر فی هذا الإجمال عدم اجترائهم علی المعاصی.

وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (1) أی یؤتی كتابه بشماله من وراء ظهره قیل یغل یمناه إلی عنقه و یجعل یسراه وراء ظهره فَسَوْفَ یَدْعُوا ثُبُوراً أی یتمنی الثبور و یقول وا ثبوراه و هو الهلاك وَ یَصْلی سَعِیراً أی نارا مسعرة إِنَّهُ كانَ فِی أَهْلِهِ أی فی الدنیا مَسْرُوراً بطرا بالمال و الجاه فارغا عن ذكر الآخرة إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ یَحُورَ أی لن یرجع بعد أن یموت بَلی یرجع إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِیراً أی عالما بأعماله فلا یهمله بل یرجعه و یجازیه فهذا مشرك لأنه أنكر البعث و إنكاره كفر أو كان لا ینكره حینئذ إلا المشركون.

كُلَّما أُلْقِیَ فِیها فَوْجٌ (2) أی جماعة من الكفرة سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أی خزنة جهنم أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَذِیرٌ یخوفكم هذا العذاب و هو توبیخ و تبكیت قالُوا بَلی قَدْ جاءَنا نَذِیرٌ فَكَذَّبْنا أی الرسل و أفرطنا فی التكذیب حتی نفینا الإنزال رأسا و بالغنا فی نسبتهم إلی الضلال حیث قالوا بعد ذلك إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِی ضَلالٍ كَبِیرٍ فهؤلاء مشركون لتكذیبهم بكتب اللّٰه و رسله.

ص: 109


1- 1. الانشقاق: 10.
2- 2. الملك: 8.

وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ (1) بالبعث و الرسل و آیات اللّٰه الضَّالِّینَ عن الهدی الذاهبین عن الصواب و الحق فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ أی فنزلهم الذی أعد لهم من الطعام و الشراب من حمیم جهنم وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ أی إدخال نار عظیمة فهؤلاء مشركون للتصریح بأنهم كانوا من المكذبین الضالین.

وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ (2) فَیَقُولُ لما رأی من قبح العمل و سوء العاقبة یا لَیْتَنِی لَمْ أُوتَ كِتابِیَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِیَهْ الهاء فیهما و فیما بعدهما للسكت تثبت فی الوقف و تسقط فی الوصل و قالوا استحب الوقف لثباتها فی الإمام (3) و لذلك قرئ بإثباتها فی الوصل یا لَیْتَها أی یا لیت الموتة التی متها كانَتِ الْقاضِیَةَ أی القاطعة لأمری فلم أبعث بعدها أو یا لیت هذه الحالة كانت الموتة التی قضیت علی أو یا لیت حیاة الدنیا كانت الموتة و لم أخلق حیا ما أَغْنی عَنِّی مالِیَهْ أی ما لی من المال و التبع أو ما نفی و المفعول محذوف أو استفهام إنكار مفعول لأغنی و بعد ذلك هَلَكَ عَنِّی سُلْطانِیَهْ أی ملكی و تسلطی علی الناس أو حجتی التی كنت أحتج بها فی الدنیا خُذُوهُ یقوله اللّٰه لخزنة جهنم فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِیمَ صَلُّوهُ أی ثم لا تصلوه إلا الجحیم و هی النار العظمی لأنه كان یتعظم علی الناس ثُمَّ فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ أی فأدخلوه فیها بأن تلقوه علی جسده إِنَّهُ كانَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ فدل علی أن هذا الوعید بالنار لمن لا یؤمن باللّٰه من الكفار فهذا مشرك.

قوله فی طسم أی فی الشعراء وَ بُرِّزَتِ الْجَحِیمُ لِلْغاوِینَ (4) فیرونها مكشوفة و یتحسرون علی أنهم المسوقون إلیها وَ قِیلَ لَهُمْ أَیْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أی أین آلهتكم الذین تزعمون أنهم شفعاؤكم هَلْ یَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ یَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم لأنهم و آلهتهم یدخلون النار كما

ص: 110


1- 1. الواقعة: 92.
2- 2. الحاقّة: 25.
3- 3. یعنی مصحف عثمان، المسمی بامام المصاحف.
4- 4. الشعراء: 91.

قال فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ أی الآلهة و عبدتهم و الكبكبة تكریر الكب لتكریر معناه كأن من ألقی فی النار ینكب مرة بعد أخری حتی یستقر فی قعرها وَ جُنُودُ إِبْلِیسَ قیل متبعوه من عتاة الثقلین أو شیاطینه أَجْمَعُونَ تأكید للجنود إن جعل مبتدأ خبره ما بعده أو للضمیر و ما عطف علیه و كذا الضمیر المنفصل و ما یعود إلیه فی قوله قالُوا وَ هُمْ فِیها یَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ علی أن اللّٰه ینطق الأصنام فتخاصم العبدة و یؤیده الخطاب فی قوله إِذْ نُسَوِّیكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ أی فی استحقاق العبادة و یجوز أن تكون الضمائر للعبدة كما فی قالوا و الخطاب للمبالغة فی التحسر و الندامة و المعنی أنهم مع تخاصمهم فی مبدإ ضلالهم معترفون بانهماكهم فی الضلالة متحسرون علیها كذا ذكره البیضاوی فی تفسیر تلك الآیات (1) فقوله علیه السلام یعنی المشركین هو خبر لقوله قوله بحذف العائد أی یعنی به و المعنی أن المراد بالمجرمین المشركون الذین اتبعتهم هؤلاء القائلون علی شركهم و كلاهما من أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و تصدیق ذلك أی تصدیق أن المراد بهم المشركون من هذه الأمة أن اللّٰه تعالی ذكر بعد تلك الآیات أحوال المشركین و عبدة الأوثان من كل أمة و لم یدخل فیهم الیهود و النصاری فالظاهر أن یكون المراد هنا أیضا طائفة مخصوصة

و لیس هم الیهود و النصاری لقوله تعالی سابقا فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ لدلالته علی أن معبودیهم فی النار فلم یبق إلا أن یكونوا من هذه الأمة أو یكتفی بالوجه الأول و یقال لما كان الظاهر من الآیات اللاحقة اختصاص الكلام بعبدة الأوثان فالظاهر هنا أیضا أن یكون المراد به من هو من جنسهم و لم یبق من الأمم المشهورة الذین تعرض اللّٰه لذكرهم فی القرآن إلا هذه الأمة فهم المرادون به.

و قوله كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ (2) كأنه نقل بالمعنی لأن تلك الآیات

ص: 111


1- 1. أنوار التنزیل ص 309.
2- 2. الشعراء: 105.

فی سورة الشعراء و لیس فیها قبلهم و إنما هو فی ص و المؤمن (1) و یحتمل أن یكون فی مصحفهم علیهم السلام هكذا هذا ما خطر بالبال و قیل لعل المراد أن القائلین بهذا القول أعنی قولهم وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ هم مشركو قوم نبینا صلی اللّٰه علیه و آله الذین اتبعوا آباءهم المكذبین للأنبیاء بدلیل أن اللّٰه سبحانه ذكر عقیب ذلك فی مقام التفصیل المكذبین للأنبیاء طائفة بعد طائفة و لیس المراد بهم أحدا من الیهود و النصاری الذین صدقوا نبیهم و إنما أشركوا من جهة أخری و إن كان الفریقان یدخلان النار أیضا فقوله سیدخل اللّٰه استدراك لدفع توهم عدم دخولهما النار و عدم دخول غیرهما ممن أساء العمل انتهی.

قوله علیه السلام لیس هم الیهود تأكید لقوله لیس فیهم أو المراد بالأول أنه لیس فی القائلین و المجرمین و بالثانی أنه لیس فی هؤلاء المكذبین من الأمم السابقة و قیل الأول نفی للتشریك و الثانی نفی للاختصاص و الأوسط أظهر و قولهم مبتدأ إذ دعونا إلی سبیلهم ذلك من كلامه علیه السلام ذكره تفسیرا للآیة و قول اللّٰه خبر للمبتدإ و یحتمل أن یكون ذلك مبتدأ ثانیا إشارة إلی قولهم و قول اللّٰه خبره و المجموع خبرا للمبتدإ الأول و حاصله أن القولین حكایتان عن قصة واحدة و قیل حین ظرف لقول اللّٰه مجازا من قبیل وضع الدال موضع المدلول.

ثم اعلم أن الآیات فی سورة الأعراف هكذا حَتَّی إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا یَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَیْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَ شَهِدُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِینَ قالَ ادْخُلُوا فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فِی النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّی إِذَا ادَّارَكُوا فِیها جَمِیعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (2) فظهر أن قوله و قالت أولیهم لأخریهم من سهو النساخ

ص: 112


1- 1. ص: 12، المؤمن: 5.
2- 2. الأعراف: 37- 39.

أو الرواة و أن قوله كُلَّما دَخَلَتْ مقدم علی السابق فی الترتیب فالواو فی قوله و قوله بمعنی مع مع أنه لا یدل علی الترتیب.

كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ أی فی النار لَعَنَتْ أُخْتَها التی ضلت بالاقتداء بها حَتَّی إِذَا ادَّارَكُوا فِیها أصل ادَّارَكُوا تداركوا فأدغم و معناه تلاحقوا أی لحق آخرهم أولهم فی النار قالَتْ أُخْراهُمْ دخولا و منزلة و هم الأتباع لِأُولاهُمْ أی لأجل أولیهم إذا الخطاب مع اللّٰه لا معهم رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا أی سنوا لنا الضلال فاقتدینا بهم فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ أی مضاعفا لأنهم ضلوا و أضلوا قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ أما القادة فبكفرهم و تضلیلهم و أما الأتباع فبكفرهم و تقلیدهم وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ ما لكم أو ما لكل فریق وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ عطفوا كلامهم علی جواب اللّٰه لأخریهم و بنوه علیه أی فقد ثبت أن لا فضل لكم علینا و إنا و إیاكم متساوون فی الضلال و استحقاق العذاب فَذُوقُوا الْعَذابَ من قول القادة أو من قول الفریقین.

أن یحج بعضا بضم الحاء أی یغلبه بالحجة فی القاموس الحج الغلبة بالحجة و فی المصباح حاجه محاجة فحجه بحجة من باب قتل إذا غلبه فی الحجة و قال فلج فلوجا من باب قعد ظفر بما طلب و فلج بحجته أثبتها و أفلج اللّٰه حجته أظهرها و قال أفلت الطائر و غیره إفلاتا تخلص و أفلته أنا إذا أطلقته و خلصته یستعمل لازما و متعدیا و فلت فلتا من باب ضرب لغة و فلته یستعمل أیضا لازما و متعدیا و انفلت خرج بسرعة.

و لیس بأوان بلوی و لا اختبار یعنی أنهم یطمعون فی غیر مطمع فإن الاحتجاج و طلب الدلیل إنما ینفع فی دار التكلیف و الاختبار لا فی دار الجزاء بعد ظهور الأمر و دخول النار و لا حین نجاة أی لیس هذا الزمان حین نجاة یمكن التخلص من العذاب بالتوبة و غیرها.

و فی بعض النسخ و لات حین نجاة مقتسبا من قوله تعالی وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ (1)

ص: 113


1- 1. ص: 3.

قال البیضاوی أی لیس الحین حین مناص و لا هی المشبهة بلیس زیدت علیها تاء التأنیث للتأكید كما زیدت علی رب و ثم و خصت بلزوم الأحیان و حذف أحد المعمولین و قیل هی النافیة للجنس أی و لا حین مناص لهم و قیل للفعل و النصب بإضماره أی و لا أری حین مناص و قیل إن التاء مزیدة علی حین لاتصالها به فی الإمام (1) انتهی.

و الآیات أی تلك الآیات المتقدمة و لا یدخل اللّٰه الجملة حالیة أی نزلت تلك الآیات فی حال كان الحكم فیها أن لا یدخل اللّٰه النار إلا مشركا قوله علیه السلام فلما أذن اللّٰه قال المحدث الأسترآبادی تصریح بأن مصداق الإسلام فی مكة أقل من مصداقه فی المدینة انتهی و عد الشهادتین واحدة لتلازمهما و كأن الولایة أیضا داخلة فیهما كما عرفت و عدم التصریح للتقیة أو أنه علیه السلام استدل بهذا الخبر المشهور بین العامة إلزاما علیهم و كأن ذكر العبادات الأربع و تخصیصها لكونها أهم الفرائض أو لأنها صرحت بها فی القرآن و أكدت علیها دون غیرها أو أنه بنی علیها أولا ثم زید سائر الفرائض.

وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً(2) استدل به من قال بخلود أصحاب الكبائر فی النار و أول بوجوه.

الأول أن المراد بالمتعمد من قتله لإیمانه كما ورد فی أخبار كثیرة فیكون كافرا الثانی أن المراد بالخلود المكث الطویل الثالث أن المراد أن هذا جزاؤه إن جازاه لكنه سبحانه لا یجازیه كما ورد فی بعض أخبارنا الرابع أن المراد بالمتعمد المستحل الخامس أنه یفعل فعلا یستحق به دخول النار و استدل علیه السلام علی عدم إیمانه بأن اللّٰه لعنه و لا یلعن مؤمنا لقوله تعالی إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِینَ و كأنه علیه السلام استدل بمفهوم الوصف فیدل علی حجیته و یمكن أن یكون لخصوص سیاق الآیة أیضا مدخل فیه.

و كیف یكون فی المشیة أی كیف یكون أمر القاتل فی مشیة اللّٰه إن شاء

ص: 114


1- 1. یعنی مصحف عثمان.
2- 2. النساء: 93.

عذبه و إن شاء غفر له و الحال أنه قد ألحق به بعد أن جزاه جهنم الغضب و اللعنة المختصین بالكفار.

أقول: كونه فی المشیة إما مبنی علی ما ذكره أكثر المتكلمین من أن خلف الوعد قبیح و علی اللّٰه محال و أما خلف الوعید فهو حسن و یجوز علی اللّٰه تعالی و لیس بكذب قال الطبرسی قدس سره و روی عاصم بن أبی النجود عن ابن عباس فی قوله فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ قال هی جزاؤه فإن شاء عذبه و إن شاء غفر له و روی عن أبی صالح و بكر بن عبد اللّٰه و غیره أنه كما یقول الإنسان لمن یزجره عن أمر إن فعلت فجزاؤك القتل و الضرب ثم إن لم یجازه بذلك لم یكن ذلك منه كذبا انتهی (1).

أو إشارة إلی قوله تعالی إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ(2) فیدل علی أن ما دون الشرك مما یغفره اللّٰه لمن یشاء و القتل داخل فی ذلك فیكون داخلا فی المشیة كما قال فی مجمع البیان قال جماعة من التابعین الآیة اللینة و هی إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ الآیة نزلت بعد الشدیدة و هی وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الآیة(3)

و علی الأول فكان جوابه مبنی علی أن آیة القتل لیست مشتملة علی الوعید فقط بل علی أنه ممن غضب اللّٰه علیه و لعنه فإذا دخل الجنة من غیر توبة أو غیرها مما یكفره یكون كذبا و لم یكن مغضوبا و لا ملعونا مبعدا من رحمة اللّٰه و علی الثانی مبنی علی وجهین الأول أن القتل المذكور داخل فی الشرك و الكفر حیث لعنه اللّٰه و لا یلعن إلا الكافر و الثانی أنه لا یكون داخلا فیمن یشاء مغفرته حیث أخبر بأنه مغضوب و ملعون و هذا صریح فی عدم المغفرة و الوجوه كأنها متقاربة و قد بین ذلك المشار إلیه آیة الأحزاب أی إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِینَ و أنزل أی فی سورة النساء أیضا من أكله بدل اشتمال لمال الیتیم

ص: 115


1- 1. مجمع البیان ج 3 ص 93.
2- 2. النساء: 47.
3- 3. مجمع البیان ج 3 ص 93.

إِنَّ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً قال فی المجمع أی ینتفعون بأموال الیتامی و یأخذونها ظلما بغیر حق و لم یرد به قصر الحكم علی الأكل و إنما خص لأنه معظم منافع المال المقصودة إِنَّما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً قیل فیه وجهان أحدهما أن النار تلتهب من أفواههم و أسماعهم و آنافهم یوم القیامة لیعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال الیتامی عن السدی وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یُبْعَثُ نَاسٌ مِنْ قُبُورِهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ تَأَجَّجُ أَفْوَاهُهُمْ نَاراً فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ.

و الآخر أنه ذكر ذلك علی وجه المثل من حیث إن من فعل ذلك یصیر إلی جهنم فیمتلئ بالنار أجوافهم عقابا علی أكلهم مال الیتیم وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیراً أی یلزمون النار المسعرة للإحراق و إنما ذكر البطون تأكیدا كما یقال نظرت بعینی و قلت بلسانی و أخذت بیدی و مشیت برجلی انتهی (1).

و أنزل فی الكیل فإن قیل سورة المطففین من السور المكیة و الغرض هنا بیان التكالیف المتجددة بالمدینة قلنا لا عبرة بما ذكره المفسرون فی ذلك مع أنهم اختلفوا فی هذه السورة قال فی مجمع البیان مكیة و قال المعدل مدنیة عن الحسن و الضحاك و عكرمة قال و قال ابن عباس و قتادة إلا ثمانی آیات منها و هی إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا إلی آخر السورة انتهی (2) فالخبر یؤید قول هؤلاء الجماعة و یؤیده ما رواه فی مجمع البیان فی سبب نزول صدر السورة عن عكرمة عن ابن عباس أنه لما قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة كانوا من أخبث الناس كیلا فأنزل اللّٰه عز و جل وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ فأحسنوا الكیل بعد ذلك و روی عن السدی أنه صلی اللّٰه علیه و آله قدم المدینة و بها رجل یقال له أبو جهینة و معه صاعان یكیل بأحدهما و یكتال بالآخر فنزلت الآیات (3)

و یؤنسه أن الطبرسی رحمه اللّٰه ذكرها

ص: 116


1- 1. مجمع البیان ج 3 ص 12 و 13.
2- 2. المصدر ج 10 ص 450.
3- 3. المصدر ج 10 ص 452.

فی ترتیب نزول السور آخر السور المكیة(1) فیمكن أن یكون نزولها بعد الهجرة و قبل نزول المدینة.

و فی القاموس الویل حلول الشر و ویل كلمة عذاب و واد فی جهنم أو بئر أو باب لها انتهی و استدل علیه السلام بأن الویل لم یطلق فی القرآن إلا للكافرین كقوله فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ وَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا یَكْسِبُونَ (2) وَ وَیْلٌ لِلْكافِرِینَ مِنْ عَذابٍ شَدِیدٍ(3) فَوَیْلٌ

لِلَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ یَوْمٍ أَلِیمٍ (4) وَیْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ یا وَیْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا(5) یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِینَ (6) و فی المجمع وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ هم الذین ینقصون المكیال و المیزان و یبخسون الناس حقوقهم فی الكیل و الوزن قال الزجاج و إنما قیل له مطفف لأنه لا یكاد یسرق فی المكیال و المیزان إلا الشی ء الیسیر الطفیف.

و أنزل فی العهد أی فی سورة آل عمران و هی مدنیة إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ (7) لعل المراد بالعهد هنا علی ظاهر سیاق الحدیث ما عاهدوا اللّٰه علیه فخالفوه و بالیمین الأیمان التی یحلفون بها علی المستقبل ثم یخالفونها و یحتمل شموله للیمین الغموس الكاذبة و یحتمل أن یكون العهد شاملا للبیعة و ما عاهدوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم نقضوه و قال الراغب العهد حفظ الشی ء و مراعاته حالا بعد حال و سمی الموثق الذی یلزم مراعاته عهدا قال عز و جل وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا(8) أی أوفوا بحفظ الأیمان و عهد فلان إلی فلان أی ألقی العهد إلیه و أوصاه بحفظه قال عز و جل وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلی آدَمَ (9) و عهد اللّٰه تارة یكون بما ركزه فی عقولنا و تارة یكون بما أمرنا به بكتابه و بسنة

ص: 117


1- 1. المصدر ج 10 ص 405، نقلا عن الحاكم الحسكانی.
2- 2. البقرة: 79.
3- 3. إبراهیم: 2.
4- 4. الزخرف: 65.
5- 5. یس: 52.
6- 6. القلم: 31.
7- 7. آل عمران: 77.
8- 8. أسری: 34.
9- 9. طه: 115.

رسله و تارة بما نلتزمه و لیس بلازم فی أصل الشرع كالنذور و ما یجری مجراها انتهی (1).

و أما ما ذكره المفسرون فی تلك الآیة فقال الطبرسی قدس سره نزلت فی جماعة من أحبار الیهود كتموا ما فی التوراة من أمر محمد صلی اللّٰه علیه و آله و كتبوا بأیدیهم غیره و حلفوا أنه من عند اللّٰه لئلا تفوتهم الرئاسة و ما كان لهم علی أتباعهم عن عكرمة و قیل نزلت فی الأشعث بن قیس و خصم له فی أرض قام لیحلف عند رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلما نزلت الآیة نكل الأشعث و اعترف بالحق عن ابن جریح و قیل نزلت فی رجل حلف یمینا فاجرة فی تنفیق سلعته عن مجاهد و الشعبی ثم قال إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ أی یستبدلون بأمر اللّٰه سبحانه ما یلزمهم الوفاء به و قیل معناه أن الذین یحصلون بنكث عهد اللّٰه و نقضه وَ أَیْمانِهِمْ أی و بالأیمان الكاذبة ثَمَناً قَلِیلًا أی عوضا نزرا لأنه قلیل فی جنب ما یفوتهم من الثواب و یحصل لهم من العقاب و قیل العهد ما أوجبه اللّٰه تعالی علی الإنسان من الطاعة و الكف عن المعصیة و قیل هو ما فی عقل الإنسان من الزجر عن الباطل و الانقیاد للحق أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ أی لا نصیب وافر لهم فِی نعیم الْآخِرَةِ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ أی بما یسرهم أو لا یكلمهم أصلا و تكون المحاسبة بكلام الملائكة استهانة لهم وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أی لا یعطف علیهم و لا یرحمهم كما یقول القائل للغیر انظر إلی یرید ارحمنی وَ

لا یُزَكِّیهِمْ أی لا یطهرهم و قیل لا ینزلهم منزلة الأزكیاء و قیل لا یطهرهم من دنس الذنوب و الأوزار بالمغفرة بل یعاقبهم و قیل لا یحكم بأنهم أزكیاء و لا یسمیهم بذلك بل یحكم بأنهم كفرة فجرة وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ مولم موجع (2) انتهی.

و قال البیضاوی أی یستبدلون بما عاهدوا علیه من الإیمان بالرسول و الوفاء بالأمانات و بأیمانهم و بما حلفوا به من قولهم و اللّٰه لنؤمنن به و لننصرنه ثَمَناً

ص: 118


1- 1. مفردات غریب القرآن ص 350.
2- 2. مجمع البیان ج 2 ص 462 و 463.

قَلِیلًا متاع الدنیا وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ الظاهر أنه كنایة عن غضبه علیهم لقوله وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فإن من سخط علی غیره و استهان به أعرض عنه و عن التكلم معه و الالتفات نحوه كما أن من اعتد بغیره یقاوله و یكثر النظر إلیه وَ لا یُزَكِّیهِمْ و لا یثنی علیهم انتهی (1)

و ظاهر الخبر أن ناقض العهد و الیمین لا یدخل الجنة أصلا فیمكن حمله علی الاستحلال أو علی أنه لا یدخل الجنة ابتداء و حمله علی المشركین و الكافرین كما هو ظاهر المفسرین ینافی سیاق الحدیث و یمكن حمله علی أنهم لا یستحقون دخول الجنة و لا یلزم علی اللّٰه ذلك لعدم الوعد إلا أن یدخلهم الجنة بفضله.

و أنزل بالمدینة أی فی سورة النور و هی مدنیة الزَّانِی لا یَنْكِحُ قال فی مجمع البیان اختلف فی تفسیره علی وجوه أحدها أن یكون المراد بالنكاح العقد و نزلت الآیة علی سبب و هو أن رجلا من المسلمین استأذن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی أن یتزوج أم مهزول و هی امرأة كانت تسافح و لها رایة علی بابها تعرف بها فنزلت الآیة عن ابن عباس و غیره و المراد بالآیة النهی و إن كان ظاهره الخبر و ثانیها أن النكاح هاهنا الجماع و المعنی أنهما اشتركا فی الزنا فهی مثله فیكون نظیر قوله الْخَبِیثاتُ لِلْخَبِیثِینَ وَ الْخَبِیثُونَ لِلْخَبِیثاتِ (2) فی أنه خرج مخرج الأغلب الأعم و ثالثها أن هذا الحكم كان فی كل زان و زانیة ثم نسخ بقوله وَ أَنْكِحُوا الْأَیامی مِنْكُمْ الآیة(3)

عن سعید بن المسیب و جماعة و رابعها أن المراد به العقد و ذلك الحكم ثابت فیمن زنی بامرأة فإنه لا یجوز له أن یتزوج بها روی ذلك عن جماعة من الصحابة و إنما قرن اللّٰه سبحانه بین الزانی و المشرك تعظیما لأمر الزنا و تفخیما لشأنه و لا یجوز أن تكون هذه الآیة خبرا لأنا نجد الزانی یتزوج غیر زانیة و لكن المراد هنا الحكم فی كل زان أو النهی سواء كان المراد بالنكاح الوطء أو العقد و حقیقة النكاح فی اللغة الوطء وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أی حرم

ص: 119


1- 1. أنوار التنزیل: 70.
2- 2. النور: 26.
3- 3. النور: 32.

نكاح الزانیات أو حرم الزنا علی المؤمنین فلا یتزوج بهن و لا یطؤهن إلا زان أو مشرك انتهی (1).

ثم المشهور بین الأصحاب كراهة نكاح المشهورات بالزنا و ذهب الشیخان و جماعة إلی اشتراط التوبة فی الحل سواء زنی بها من أراد نكاحها أو غیره للآیة المتقدمة و بعض الأخبار و أجیب عن الآیة تارة بأن المراد بالنكاح الوطء و أخری بأنها منسوخة بقوله تعالی وَ أَنْكِحُوا الْأَیامی مِنْكُمْ (2) و بقوله فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ (3) أو قوله وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ (4) و فی الأول أنه خلاف الظاهر فإنه إن أرید الوطء لم یظهر للكلام فائدة ظاهرة و فی الثانی أنه خلاف الأصل مع أن الظاهر من طابَ حل و من وَراءَ ذلِكُمْ سائر أصناف النساء و لا ینافیه عروض الحرمة لعروض زنا و نحوه.

و الظاهر أنه علیه السلام استدل بالآیة علی أن اللّٰه تعالی أخرج الزناة و الزوانی فی هذه الآیة من عداد المؤمنین حیث قابل بین المؤمنین و بینهما إذ الظاهر من سیاق الآیة أن المراد أنه لا یلیق نكاح الزانی إلا بزانیة أو مشركة و لا نكاح الزانیة إلا بزان أو مشرك و أما المؤمن فإنه لا یلیق به هذا الفعل و هو محرم علیه إما بمعناه أو بمعنی الكراهة الشدیدة أو بمعنی المحرومیة كما فی قوله سبحانه وَ حَرَّمْنا عَلَیْهِ الْمَراضِعَ (5) فظهر أنه لم یسمهما بالإیمان لما عرفت من المقابلة مع أنه جمع بینهما و بین المشرك و المشركة ففیه أیضا إیماء بعدم إیمانهما.

و هذا وجه حسن خطر بالبال للآیة و الخبر معا فإن حمل الآیة علی وجه آخر لا یستقیم ظاهرا فإنه إذا حمل النكاح علی الوطء فالكلام إما فی قوة النهی أو الخبر فعلی الأول المعنی النهی عن أن یطأ الزانی سوی الزانیة و المشركة و جواز وطئه لهما و فیه ما لا یخفی و كذا العكس و علی الثانی یكون كذبا إن أراد

ص: 120


1- 1. مجمع البیان ج 7 ص 125.
2- 2. النور: 32.
3- 3. النساء: 3.
4- 4. النساء: 23.
5- 5. القصص: 12.

بالوطء غیر الزنا أو الأعم و إن أرید به الزنا كان الكلام خالیا عن الفائدة و إذا حمل علی العقد فلو كان فی قوة النهی كان مفادها النهی عن أن ینكح الزانی سوی الزانیة و المشركة و تجویز نكاحه إیاهما و تجویز نكاح الزانیة بالزانی و المشرك و لم یقل به أحد و لو كان خبرا لزم الكذب فلا بد من حمل الآیة علی ما ذكرنا فیتضح استدلاله علیه السلام غایة الوضوح و یظهر منه عدم تمام الاستدلال بها علی تحریم نكاحهما نعم قوله سبحانه وَ حُرِّمَ ذلِكَ فیه دلالة علی التحریم إن لم نحمله علی معنی الحرمان و حمله علی الكراهة الشدیدة مع وجود المعارض غیر بعید مع أنه یحتمل أن یكون ذلِكَ إشارة إلی الزنا بكون الجملة حالیة أو تعلیلیة.

قوله علیه السلام لیس یمتری الامتراء الشك و الجملة إلی قوله إنه قال معترضة و ضمیر فیه راجع إلی الرسول و قوله إنه قال بدل اشتمال للضمیر و قوله لا یزنی مفعول قال أولا و الاعتراض لبیان أن الخبر معلوم متواتر بین الفریقین و كأن المراد بقوله حین یزنی و حین یسرق حین یصر علیهما و لم یتب و لا فساد فی مفارقة الإیمان بالمعنی الذی ذكرناه حیث اشتمل علی الفرائض و ترك الكبائر عنه و بها یستحق العذاب فی الجملة لا الخلود فی النار و من لم یقل بذلك أوله بتأویلات بعیدة.

قال فی النهایة فی الحدیث لا یزنی الزانی و هو مؤمن قیل معناه النهی و إن كان فی صورة الخبر و الأصل حذف الیاء من یزنی أن لا یزن المؤمن و لا یسرق و لا یشرب فإن هذه الأفعال لا یلیق بالمؤمن و قیل هو وعید یقصد به الردع كقوله لا إیمان لمن لا أمانة له و المسلم من سلم المسلمون من لسانه و یده و قیل معناه لا یزنی و هو كامل الإیمان و قیل معناه أن الهوی یغطی الإیمان فصاحب الهوی لا یری إلا هواه و لا ینظر إلی إیمانه الناهی له عن ارتكاب الفاحشة فكأن الإیمان فی تلك الحالة قد انعدم و قال ابن عباس الإیمان نزه فإذا أذنب العبد فارقه و منه الحدیث الآخر إذا زنی الرجل خرج منه الإیمان فوق رأسه كالظلة

ص: 121

فإذا أقلع رجع إلیه الإیمان و كل هذا محمول علی المجاز و نفی الكمال دون الحقیقة فی رفع الإیمان و إبطاله انتهی.

و قیل إنه لیس بمؤمن إذا كان مستحلا و قیل لیس بمؤمن من العقاب و قیل المقصود نفی المدح أی لا یقال له مؤمن بل یقال زان أو سارق و قیل إنه لنفی البصیرة أی لیس هو ذا بصیرة و قال ابن عباس أی لیس ذا نور و قیل أی لیس بمستحضر الإیمان و قیل أی لیس بعاقل لأن المعصیة مع استحضار العقوبة مرجوحة و الحكم بالمرجوح بخلاف العقول و قیل المقصود نفی الحیاء و الحیاء شعبة من الإیمان أی لیس بمستحی من اللّٰه سبحانه و لا یخفی ما فی أكثر هذه الوجوه من البعد و الركاكة.

و أنزل بالمدینة أی فی سورة النور أیضا وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (1) أی یقذفون العفائف من النساء بالزنا ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أی بأربعة عدول یشهدون أنهم رأوهن یفعلن من رموهن به من الزنا فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً خبر الذین بتأویل وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً خبر ثان و تنكیر شهادة للعموم أی فی أی أمر من الأمور كان أَبَداً تأكید للعموم أی ما لم یتب وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أی هم فی أعلی مراتب الفسق حتی كأنه لا فاسق غیرهم فقد عبر عنهم باسم الإشارة و عرف الخبر و أتی بضمیر الفصل مبالغة فی ادعاء حصر الفسق فیهم و قصره علیهم قیل و یمكن أن یكون حالا أو اعتراضا یجری مجری التعلیل لعدم قبول الشهادة إِلَّا الَّذِینَ تابُوا عن القذف و ندموا و رجعوا بالتدارك مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أی من بعد إقامة الحد و قیل من بعد الرمی وَ أَصْلَحُوا سرائرهم و أعمالهم فاستقاموا علی مقتضی التوبة قالوا و منه الاستسلام للحد و الاستحلال من المقذوف و العزم علی عدم العود إلی ذلك و علی ترك جمیع المناهی علی قول و فی المجمع و من شرط توبة القاذف أن یكذب نفسه فیما قاله فإن لم یفعل ذلك لم یجز قبول شهادته (2)

ص: 122


1- 1. النور: 4.
2- 2. مجمع البیان ج 7 ص 126.

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ علة للاستثناء.

قوله علیه السلام فبرأه اللّٰه الظاهر أنه علیه السلام استدل علی عدم وصفهم بالإیمان بوصفهم بالفسق لأن فی عرف القرآن الفسق لازم للكفر و لم یطلق فیه الفاسق إلا علی الكافر كقوله تعالی أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً(1) فقابل بین الإیمان و الفسق فدل علی أن الفاسق

لیس بمؤمن و قال إِنَّ الْمُنافِقِینَ هُمُ الْفاسِقُونَ (2) فحصر الفاسق فی المنافق فجعله اللّٰه منافقا و جعله من أولیاء إبلیس حیث أطلق الفسق علیهما و أیضا إذا نظرت فی الآیات الكریمة و سبرتها لم تر الفاسق أطلق فیها إلا علی الكافر قال الراغب فسق فلان خرج من حد الشرع و ذلك من قولهم فسق الرطب إذا خرج عن قشره و هو أعم من الكفر و الفسق یقع بالقلیل من الذنوب و بالكثیر لكن تعورف فیما كان كثیرا و أكثر ما یقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع و أقر به ثم أخل بجمیع أحكامه أو ببعضه و إذا قیل للكافر الأصلی فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل و اقتضاه الفطرة قال عز و جل فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (3) فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ (4) وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (5) و أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (6) أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ و قال وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (7) و قال تعالی وَ أَمَّا الَّذِینَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ(8) وَ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا یَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (9) وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ (10) إِنَّ الْمُنافِقِینَ هُمُ الْفاسِقُونَ (11) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا یُؤْمِنُونَ انتهی (12).

ص: 123


1- 1. السجدة: 18.
2- 2. براءة: 67.
3- 3. الكهف: 50.
4- 4. أسری: 16.
5- 5. آل عمران: 110.
6- 6. المائدة: 47.
7- 7. النور: 55.
8- 8. السجدة: 20.
9- 9. الأنعام: 49.
10- 10. براءة: 25.
11- 11. براءة: 68.
12- 12. یونس: 33 راجع المفردات ص 380.

و جعله أی الرامی الْمُحْصَناتِ أی العفائف الْغافِلاتِ مما قذفن به الْمُؤْمِناتِ باللّٰه و رسوله و ما جاء به لُعِنُوا فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ بما طعنوا فیهن وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ لعظم ذنوبهم یَوْمَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ ظرف لما فی لهم من معنی الاستقرار لا للعذاب أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَیْدِیهِمْ (1) یعترفون بها بإنطاق اللّٰه إیاها بغیر اختیارهم أو بظهور آثاره علیها قوله علیه السلام و لیست تشهد یدل علی أن شهادة الجوارح إنما هی للكفار كما ذكره جماعة من المفسرین و ذكره الشیخ البهائی رحمه اللّٰه فی الأربعین.

قوله علیه السلام فیعطی كتابه بیمینه أی فیقرؤه و من تنطق جوارحه یختم علی فیه لقوله تعالی الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ أو لأن سیاق آیات شهادة الجوارح تدل علی غایة الغضب و الآیات النازلة فی المؤمنین مشتملة علی نهایة اللطف كقوله سبحانه یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِیَ أی من المدعوین كِتابَهُ بِیَمِینِهِ أی كتاب عمله فَأُولئِكَ یَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ ابتهاجا بما یرون فیه

وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا(2) أی و لا ینقصون من أجورهم أدنی شی ء و الفتیل المفتول و سمی ما یكون فی شق النواة فتیلا لكونه علی هیئته و قیل هو ما تفتله بین أصابعك من خیط أو وسخ و یضرب به المثل فی الشی ء الحقیر.

ثم اعلم أن هذا المضمون وقع فی مواضع من القرآن المجید أولها فی بنی إسرائیل فَمَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ إلی آخر ما فی الحدیث و ثانیها فی الحاقة فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَیَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِیَهْ (3) و ثالثها فی الإنشقاق فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَسَوْفَ یُحاسَبُ حِساباً یَسِیراً(4) و ما فی الحدیث لا یوافق شیئا منها و إن كان بالأول أنسب فكأنه من تصحیف النساخ أو كان فی قراءتهم علیهم السلام هكذا أو نقل بالمعنی جمعا بین الآیات.

و سورة النور أنزلت كأن هذا جواب عن اعتراض مقدر و هو أنه لما

ص: 124


1- 1. یس: 65.
2- 2. أسری: 71.
3- 3. الحاقّة: 19.
4- 4. الانشقاق: 8.

أنزل اللّٰه فی سورة النساء مرتین إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ و هی تدل علی عدم ترتب العذاب علی غیر الشرك فیمكن كونها ناسخة للآیات الدالة علی عقوبات أصحاب الكبائر و عدم كونهم من المؤمنین.

فأجاب علیه السلام بعد التنزل عن عدم المخالفة بین هذه الآیة و تلك الآیات لأن تجویز المغفرة لمن شاء اللّٰه لا ینافی استحقاقهم للعذاب و العقاب و خروجهم عن الإیمان بأحد معانیه بأن أكثر ما أوردنا من الآیات و استدللنا بها إنما هی فی سورة النور و هی نزلت بعد سورة النساء فكیف تكون آیة النساء ناسخة لها فلو احتاج التوفیق إلی القول بالنسخ لكان الأمر بعكس ما قلتم مع أنه لا قائل بالفصل ثم استدل علیه السلام علی ذلك بأن اللّٰه تعالی قال فی سورة النساء أَوْ یَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِیلًا و السبیل هو الذی ذكره من الحد فی سورة النور و یحتمل أن یكون الغرض إفادة دلیل آخر علی ما سبق من نزول الأحكام مدرجا و نسخ الأشد للأضعف لكن الأول أظهر.

وَ اللَّاتِی یَأْتِینَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ (1) ذهب الأكثر إلی أن المراد بالفاحشة الزنا و قیل هی المساحقة فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ الخطاب للأئمة و الحكام بطلب أربعة رجال من المسلمین شهودا علیهن و قیل الخطاب للأزواج فَإِنْ شَهِدُوا أی الأربعة فَأَمْسِكُوهُنَ أی فاحبسوهن فِی الْبُیُوتِ حَتَّی یَتَوَفَّاهُنَ أی یدركهن الْمَوْتُ قیل أرید به صیانتهن عن مثل فعلهن و الأكثر علی أنه علی وجه الحد علی الزنا.

قالوا كان فی بدو الإسلام إن فجرت المرأة و قام علیها أربعة شهود حبست فی البیت أبدا حتی تموت ثم نسخ ذلك بالرجم فی المحصنین و الجلد فی البكرین أَوْ یَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِیلًا أی ببیان الحكم كما مر و قیل بالتوبة أو بالنكاح المغنی عن السفاح و قالوا لما نزل قوله تعالی الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا

ص: 125


1- 1. النساء: 15.

قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله خذوا عنی قد جعل اللّٰه لهن سبیلا(1) سُورَةٌ أی هذه سورة أو فیما أوحینا إلیك سورة أَنْزَلْناها صفة وَ فَرَضْناها أی فرضنا ما فیها من الأحكام لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فتتقون الحرام الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی قیل أی فیما فرضنا أو أنزلنا حكمهما و هو الجلد و یجوز أن یرفعا بالابتداء و الخبر فَاجْلِدُوا إلی قوله رَأْفَةٌ أی رحمة فِی دِینِ اللَّهِ أی فی طاعته و إقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فیه إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ فإن الإیمان یقتضی الجد فی طاعة اللّٰه.

ثم اعلم أن عدم ذكر الولایة فی هذا الخبر مع أنه الغرض الأصلی منه لنوع من التقیة لأنه علیه السلام ذكره إلزاما علیهم حیث أنكروا كون الولایة جزءا من الإیمان

تذییل نفعه جلیل

اعلم أن الذی ظهر لنا من مجموع الآیات المتضافرة و الأخبار المتكاثرة الواردة فی الإیمان و الإسلام و حقائقهما و شرائطهما أن لكل منهما إطلاقات كثیرة فی الكتاب و السنة و لكل منها فوائد و ثمرات تترتب علیه.

فالأول من معانی الإیمان مجموع العقائد الحقة و الأصول الخمسة و الثمرة المترتبة علیه فی الدنیا الأمان من القتل و نهب الأموال و الإهانة إلا أن یأتی بقتل أو فاحشة یوجب القتل أو الحد أو التعزیر و فی الآخرة صحة أعماله و استحقاق الثواب علیها فی الجملة و عدم الخلود فی النار و استحقاق العفو و الشفاعة و یدخل فی الكفر المقابل لهذا الإیمان من سوی الفرقة الناجیة الإمامیة من فرق الإسلام و غیرهم فإنهم مخلدون فی النار سوی المستضعفین منهم كما سیأتی.

الثانی الاعتقادات المذكورة مع الإتیان بالفرائض التی ظهر وجوبها من

ص: 126


1- 1. و بعده: البكر بالبكر جلد مائة و تغریب عام، و الثیب بالثیب جلد مائة و الرجم راجع مجمع البیان ج 3 ص 21.

القرآن و ترك الكبائر التی أوعد اللّٰه علیها النار و علی هذا المعنی أطلق الكافر علی تارك الصلاة و تارك الزكاة و أشباههم و ورد لا یزنی الزانی و هو مؤمن و لا یسرق السارق و هو مؤمن و ثمرة هذا الإیمان عدم استحقاق الإذلال و الإهانة و العذاب فی الدنیا و الآخرة.

الثالث العقائد المذكورة مع فعل جمیع الواجبات و ترك جمیع المحرمات و ثمرته اللحوق بالمقربین و الحشر مع الصدیقین و تضاعف المثوبات و رفع الدرجات.

الرابع ما ذكر مع ضم فعل المندوبات و ترك المكروهات بل المباحات كما ورد فی أخبار صفات المؤمن و بهذا المعنی یختص بالأنبیاء و الأوصیاء كما ورد فی الأخبار الكثیرة تفسیر المؤمنین فی الآیات بالأئمة الطاهرین علیهم السلام و قد ورد فی تفسیر قوله سبحانه وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (1) أن جمیع معاصی اللّٰه بل التوسل بغیره تعالی داخلة فی الشرك المذكور فی هذه الآیة و ثمرة هذا الإیمان أنه یؤمن علی اللّٰه فیجیز أمانه و أنه لا یرد اللّٰه دعوته و سائر ما ورد فی درجاتهم علیهم السلام و منازلهم عند اللّٰه تعالی.

و أما الإسلام فیطلق غالبا علی التكلم بالشهادتین و الإقرار الظاهری و إن لم یقترن بالإذعان القلبی و لا بالإقرار بالولایة كما عرفت سابقا و ثمرته إنما تظهر فی الدنیا من حقن دمه و ماله و جواز نكاحه و استحقاقه المیراث و سائر الأحكام الظاهرة للمسلمین و لیس له فی الآخرة من خلاق و قد یطلق علی كل

ص: 127


1- 1. یوسف: 106، و ما ورد من الحدیث فی ذلك، رواه القمّیّ بإسناده عن الفضیل عن أبی جعفر علیه السلام و العیّاشیّ ج 2 ص 200 عن زرارة عنه علیه السلام فی هذه الآیة قال: شرك طاعة و لیس شرك عبادة و المعاصی التی یرتكبون فهی شرك طاعة أطاعوا فیها الشیطان فأشركوا باللّٰه الطاعة لغیره، و لیس باشراك عبادة أن یعبدوا غیر اللّٰه و روی العیّاشیّ عن مالك بن عطیة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: هو الرجل یقول: لو لا فلان لهلكت و لو لا فلان لاصبت كذا و كذا، لو لا فلان لضاع عیالی، الحدیث.

من معانی الإیمان حتی المعنی الأخیر فیكون بمعنی الاستسلام و الانقیاد التام.

ثم إن الآیات و الأخبار الدالة علی دخول الأعمال فی الإیمان یحتمل وجوها الأول أن یحمل علی ظواهرها و یقال إن العمل داخل فی حقیقة الإیمان علی بعض المعانی الثانی أن یكون الإیمان أصل العقائد لكن یكون تسمیتها إیمانا مشروطة بالأعمال الثالث أن یقال بزیادة الإیمان و تفاوته شدة و ضعفا و تكون الأعمال كثرة و قلة كاشفة عن حصول كل مرتبة من تلك المراتب فإنه لا شك أن لشدة الیقین مدخلا فی كثرة الأعمال الصالحة و ترك المناهی و قد بسطنا الكلام فی ذلك قلیلا فی كتاب عین الحیوة و سیتضح لك بعض ما ذكرنا فی تضاعیف الأخبار الآتیة و لنذكر هنا بعض ما ذكره أصحابنا فی حقیقة الإیمان و الإسلام و معانیهما و شرائطهما.

قال المحقق الطوسی قدس سره القدوسی فی قواعد العقائد المسألة الخامسة فیما به یحصل استحقاق الثواب و العقاب قالوا الإسلام أعم فی الحكم من الإیمان و هما فی الحقیقة شی ء واحد أما كونه أعم فلأن من أقر بالشهادتین كان حكمه حكم المسلمین قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا(1) و أما كون الإسلام فی الحقیقة هو الإیمان فلقوله تعالی إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ (2) و اختلفوا فی معناه فقال بعض السلف الإیمان إقرار باللسان و تصدیق بالقلب و عمل صالح بالجوارح و قالت المعتزلة أصول الإیمان خمسة التوحید و العدل و الإقرار بالنبوة و بالوعد و الوعید و القیام بالأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و قال الشیعة أصول الإیمان ثلاثة التصدیق بوحدانیة اللّٰه تعالی فی ذاته و العدل فی أفعاله و التصدیق بنبوة الأنبیاء و التصدیق بإمامة الأئمة المعصومین و التصدیق بالأحكام التی یعلم یقینا أنه صلی اللّٰه علیه و آله حكم بها دون ما فیه الخلاف و الاستتار.

و الكفر یقابل الإیمان و الذنب یقابل العمل الصالح و ینقسم إلی كبائر

ص: 128


1- 1. الحجرات: 13.
2- 2. آل عمران: 19.

و صغائر و یستحق المؤمن بالإجماع الخلود فی الجنة و یستحق الكافر الخلود فی العذاب و صاحب الكبیرة عند الخوارج كافر لأنهم جعلوا العمل الصالح جزءا من الإیمان و عند غیرهم خارج فاسق و المؤمن عند المعتزلة و الوعیدیة لا یكون فاسقا و جعلوا الفاسق الذی لا یكون كافرا منزلة بین المنزلتین الإیمان و الكفر و هو عندهم یكون فی النار خالدا و عند غیرهم المؤمن قد یكون فاسقا و قد لا یكون و تكون عاقبة الأمر علی التقدیرین الخلود فی الجنة.

و قال ره فی التجرید الإیمان التصدیق بالقلب و اللسان و لا یكفی الأول لقوله تعالی وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ (1) و نحوه و لا الثانی لقوله تعالی قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا و الكفر عدم الإیمان إما مع الضد أو بدونه و الفسق الخروج عن طاعة اللّٰه تعالی مع الإیمان به و النفاق إظهار الإیمان به و إخفاء الكفر و الفاسق مؤمن لوجود حده فیه.

و قال العلامة نور اللّٰه ضریحه فی الشرح اختلف الناس فی الإیمان علی وجوه كثیرة و لیس هنا موضع ذكرها و الذی اختاره المصنف رضوان اللّٰه أنه عبارة عن التصدیق بالقلب و اللسان معا و لا یكفی أحدهما فیه أما التصدیق القلبی فإنه غیر كاف لقوله تعالی وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ و قوله تعالی فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (2) فأثبت لهم المعرفة و الكفر و أما التصدیق اللسانی فإنه غیر كاف أیضا لقوله تعالی قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الآیة و لا شك فی أن أولئك الأعراب صدقوا بألسنتهم.

و قال ره الكفر فی اللغة هو التغطیة و فی العرف الشرعی هو عدم الإیمان إما مع الضد بأن یعتقد فساد ما هو شرط فی الإیمان أو بدون الضد كالشاك الخالی من الاعتقاد الصحیح و الباطل و الفسق لغة الخروج مطلقا و فی الشرع عبارة عن الخروج عن طاعة اللّٰه تعالی فیما دون الكفر و النفاق فی اللغة هو إظهار خلاف الباطن و فی الشرع إظهار الإیمان و إبطان الكفر.

ص: 129


1- 1. النمل: 14.
2- 2. البقرة: 89.

و اختلف الناس فی الفاسق فقالت المعتزلة إن الفاسق لا مؤمن و لا كافر و أثبتوا له منزلة بین المنزلتین و قال الحسن البصری إنه منافق و قالت الزیدیة إنه كافر نعمة و قالت الخوارج إنه كافر و الحق ما ذهب إلیه المصنف و هو مذهب الإمامیة و المرجئة و أصحاب الحدیث و جماعة الأشعریة أنه مؤمن و الدلیل علیه أن حد المؤمن و هو المصدق بقلبه و لسانه فی جمیع ما جاء به النبی صلی اللّٰه علیه و آله موجود فیه فیكون مؤمنا انتهی.

و قال الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی كتاب المسائل اتفقت الإمامیة علی أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة و الإقرار لا یخرج بذلك عن الإسلام و أنه مسلم و إن كان فاسقا بما معه من الكبائر و الآثام و وافقهم علی هذا القول المرجئة كافة و أصحاب الحدیث قاطبة و نفر من الزیدیة و أجمعت المعتزلة علی خلاف ذلك و زعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق لیس بمؤمن و لا مسلم.

و قال قدس سره اتفقت الإمامیة علی أن الإسلام غیر الإیمان و أن كل مؤمن فهو مسلم و لیس كل مسلم مؤمنا و أن الفرق بین هذین المعنیین فی الدین كما كان فی اللسان و وافقهم علی هذا القول المرجئة و أصحاب الحدیث و أجمعت المعتزلة علی عدم الفرق بینهما.

و قال الشهید الثانی قدس سره فی رسالة حقائق الإیمان اعلم أن الإیمان لغة التصدیق كما نص علیه أهلها و هو إفعال من الأمن بمعنی سكون النفس و اطمئنانها لعدم ما یوجب الخوف لها و حینئذ فكان حقیقة آمن به سكنت نفسه و اطمأنت بسبب قبول قوله و امتثال أمره فتكون الباء للسببیة و یحتمل أن یكون بمعنی أمنه التكذیب و المخالفة كما ذكره بعضهم فتكون الباء فیه زائدة و الأول أولی كما لا یخفی و أوفق لمعنی التصدیق و هو یتعدی باللام كقوله تعالی وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا(1) و فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ(2) و بالباء كقوله تعالی آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ (3)

ص: 130


1- 1. یوسف: 17.
2- 2. العنكبوت: 26.
3- 3. آل عمران: 53.

و أما التصدیق فقد قیل إنه القبول و الإذعان بالقلب كما ذكره أهل المیزان و یمكن أن یقال معناه قبول الخبر أعم من أن یكون بالجنان أو باللسان و یدل علیه قوله تعالی قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا فأخبروا عن أنفسهم بالإیمان و هم من أهل اللسان مع أن الواقع منهم هو الاعتراف باللسان دون الجنان لنفیه عنهم بقوله تعالی قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا و إثبات الاعتراف بقوله تعالی وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا(1) الدال علی كونه إقرارا بالشهادتین و قد سموه إیمانا بحسب عرفهم و الذی نفاه اللّٰه عنهم إنما هو الإیمان فی عرف الشرع.

و أما الإیمان الشرعی فقد اختلف فی بیان حقیقته العبارات بسبب اختلاف الاعتبارات و بیان ذلك أن الإیمان شرعا إما أن یكون من أفعال القلوب فقط أو من أفعال الجوارح فقط أو منهما معا.

فإن كان الأول فهو التصدیق بالقلب فقط و هو مذهب الأشاعرة و جمع من متقدمی الإمامیة و متأخریهم و منهم المحقق الطوسی رحمه اللّٰه فی فصوله لكن اختلفوا فی معنی التصدیق فقال أصحابنا هو العلم و قال الأشعریة هو التصدیق النفسانی و عنوا به أنه عبارة عن ربط القلب علی ما علم من إخبار المخبر فهو أمر كسبی یثبت باختیار المصدق و لذا یثاب علیه بخلاف العلم و المعرفة

فإنها ربما تحصل بلا كسب كما فی الضروریات و قد ذكر حاصل ذلك بعض المحققین فقال التصدیق هو أن تنسب باختیارك الصدق إلی المخبر حتی لو وقع ذلك فی القلب من غیر اختیار لم یكن تصدیقا و إن كان معرفة و سنبین إن شاء اللّٰه تعالی قصور ذلك.

و إن كان الثانی فإما أن یكون عبارة عن التلفظ بالشهادتین فقط و هو مذهب الكرامیة أو عن جمیع أفعال الجوارح من الطاعات بأسرها فرضا و نفلا و هو مذهب الخوارج و قدماء المعتزلة و العلاف و القاضی عبد الجبار أو عن جمیعها من الواجبات و ترك المحظورات دون النوافل و هو مذهب أبی علی الجبائی و ابنه أبی هاشم و أكثر معتزلة البصرة.

ص: 131


1- 1. الحجرات: 13.

و إن كان الثالث فهو إما أن یكون عبارة عن أفعال القلوب مع جمیع أفعال الجوارح من الطاعات و هو قول المحدثین و جمع من السلف كابن مجاهد و غیره فإنهم قالوا إن الإیمان تصدیق بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان أو یكون عبارة عن التصدیق مع كلمتی الشهادة و نسب إلی طائفة منهم أبو حنیفة أو یكون عبارة عن التصدیق بالقلب مع الإقرار باللسان و هو مذهب المحقق نصیر الدین الطوسی رحمه اللّٰه فی تجریده فهذه سبعة مذاهب ذكرت فی الشرح الجدید للتجرید و غیره.

و اعلم أن مفهوم الإیمان علی المذهب الأول یكون تخصیصا للمعنی اللغوی و أما علی المذاهب الباقیة فهو منقول و التخصیص خیر من النقل و هنا بحث و هو أن القائلین بأن الإیمان عبارة عن فعل الطاعات كقدماء المعتزلة و العلاف و الخوارج لا ریب أنهم یوجبون اعتقاد مسائل الأصول و حینئذ فما الفرق بینهم و بین القائلین بأنه عبارة عن أفعال القلوب و الجوارح و یمكن الجواب بأن اعتقاد المعارف شرط عند الأولین و شطر عند الآخرین.

ثم قال اعلم أن المحقق الطوسی رحمه اللّٰه ذكر فی قواعد العقائد أن أصول الإیمان عند الشیعة ثلاثة ثم ذكر ما نقلنا عنه سابقا ثم قال ذكر فی الشرح الجدید للتجرید أن الإیمان فی الشرع عند الأشاعرة هو التصدیق للرسول فیما علم مجیئه به ضرورة فتفصیلا فیما علم تفصیلا و إجمالا فیما علم إجمالا فهو فی الشرع تصدیق خاص انتهی فهؤلاء اتفقوا علی أن حقیقة الإیمان هی التصدیق فقط و إن اختلفوا فی مقدار المصدق به و الكلام هاهنا فی مقامین الأول فی أن التصدیق الذی هو الإیمان المراد به الیقینی الجازم الثابت كما یظهر من كلام من حكینا عنه و الثانی فی أن الأعمال لیست جزءا من حقیقة الإیمان الحقیقی بل هی جزء من الإیمان الكمالی.

أما الدلیل علی الأول فآیات بینات منها قوله تعالی إِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً(1) و الإیمان حق بالنص و الإجماع فلا یكفی فی حصوله و تحققه

ص: 132


1- 1. النجم: 28.

الظن و منها إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ (1) إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ (2) إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (3) فهذه قد اشتركت فی التوبیخ علی اتباع الظن و الإیمان لا یوبخ من حصل له بالإجماع فلا یكون ظنا و منها قوله تعالی إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا(4) فنفی عنهم الریب فیكون الثابت هو الیقین و فی العرف یطلق عدم الریب علی الیقین و من السنة المطهرة قوله صلی اللّٰه علیه و آله یا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلبی علی دینك و الثبات هو الجزم و المطابقة و فیه منع لم لا یجوز أن یكون طلبه علیه السلام لأنه الفرد الأكمل.

و من الدلائل أیضا الإجماع حیث ادعی بعضهم أنه یجب معرفة اللّٰه تعالی التی لا یتحقق الإیمان إلا بها بالدلیل إجماعا من العلماء كافة و الدلیل ما أفاد العلم و الظن لا یفیده و فی صحة دعوی الإجماع بحث لوقوع الخلاف فی جواز التقلید فی المعارف الأصولیة كما سنذكره إن شاء اللّٰه تعالی. و اعلم أن جمیع ما ذكرنا من الأدلة لا یفید شی ء منه العلم بأن الجزم و الثبات معتبر فی التصدیق الذی هو الإیمان إنما یفید الظن باعتبارهما لأن الآیات قابلة للتأویل و غیرها كذلك مع كونها من الآحاد.

ثم قال رفع اللّٰه درجته اعلم أن العلماء أطبقوا علی وجوب معرفة اللّٰه بالنظر و أنها لا تحصل بالتقلید إلا من شذ منهم كعبد اللّٰه بن الحسن العنبری و الحشویة و التعلیمیة حیث ذهبوا إلی جواز التقلید فی العقائد الأصولیة كوجود الصانع و ما یجب له و یمتنع و النبوة و العدل و غیرها بل ذهب بعضهم إلی وجوبه لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة أنه عقلی أو سمعی فالإمامیة و المعتزلة علی الأول و الأشعریة علی الثانی و لا غرض لنا هنا ببیان ذلك بل ببیان أصل الوجوب المتفق علیه.

ثم استدل بوجوب شكر المنعم عقلا و شكره علی وجه یلیق بكمال ذاته

ص: 133


1- 1. النجم: 28.
2- 2. البقرة: 78.
3- 3. الحجرات: 12.
4- 4. الحجرات: 15.

یتوقف علی معرفته و هی لا تحصل بالظنیات كالتقلید و غیره لاحتمال كذب المخبر و خطإ الأمارة فلا بد من النظر المفید للعلم ثم قال و هذا الدلیل إنما یستقیم علی قاعدة الحسن و القبح و الأشاعرة ینكرون ذلك لكن كما یدل علی وجوب المعرفة بالدلیل یدل أیضا علی كون الوجوب عقلیا و اعترض أیضا بأنه مبنی علی وجوب ما لا یتم الواجب المطلق إلا به و فیه أیضا منوع للأشاعرة.

و من ذلك أن الأمة أجمعت علی وجوب المعرفة و التقلید و ما فی حكمه لا یوجب العلم إن أوجبه لزم اجتماع الضدین فی مثل تقلید من یعتقد حدوث العالم و یعتقد قدمه و قد اعترض علی هذا بمنع الإجماع كیف و المخالف معروف بل عورض بوقوع الإجماع علی خلافه و ذلك لتقریر النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه العوام علی إیمانهم و هم الأكثرون فی كل عصر مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة علی الصانع و صفاته مع أنهم كانوا لا یعلمونها و إنما كانوا مقرین باللسان و مقلدین فی المعارف و لو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقریرهم علی ذلك مع الحكم بإیمانهم و أجیب عن هذا بأنهم كانوا یعلمون الأدلة إجمالا كدلیل الأعرابی حیث

قال البعرة تدل علی البعیر و أثر الأقدام علی المسیر أ فسماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج لا تدلان علی اللطیف الخبیر فلذا أقروا و لم یسألوا عن اعتقاداتهم أو أنهم كان یقبل منهم ذلك للتمرین ثم یبین لهم ما یجب علیهم من المعارف بعد حین.

و من ذلك الإجماع علی أنه لا یجوز تقلید غیر المحق و إنما یعلم المحق من غیره بالنظر فی أن ما یقوله حق أم لا و حینئذ فلا یجوز له التقلید إلا بعد النظر و الاستدلال و إذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا فامتنع التقلید فی المعارف الإلهیة و نقض ذلك بلزوم مثله فی الشرعیات فإنه لا یجوز تقلید المفتی إلا إذا كانت فتیاه عن دلیل شرعی فإن اكتفی فی الاطلاع علی ذلك بالظن و إن كان مخطئا فی نفس الأمر لحط ذلك عنه فلیجز مثله فی مسائل الأصول و أجیب بالفرق بأن الخطأ

ص: 134

فی مسائل الأصول یقتضی الكفر بخلافه فی الفروع فساغ فی الثانیة ما لم یسغ فی الأولی.

احتج من أوجب التقلید فی مسائل الأصول بأن العلم باللّٰه تعالی غیر ممكن لأن المكلف به إن لم یكن عالما به تعالی استحال أن یكون عالما بأمره و حال امتناع كونه عالما بأمره یمتنع كونه مأمورا من قبله و إلا لزم تكلیف ما لا یطاق و إن كان عالما به استحال أیضا أمره بالعلم به لاستحالة تحصیل الحاصل و الجواب عن ذلك علی قواعد الإمامیة و المعتزلة ظاهر فإن وجوب النظر و المعرفة عندهم عقلی لا سمعی نعم یلزم ذلك علی قواعد الأشاعرة إذ الوجوب عندهم سمعی.

أقول: و یجاب أیضا معارضة بأن هذا الدلیل كما یدل علی امتناع العلم بالمعارف الأصولیة یدل علی امتناع التقلید فیها أیضا فینسد باب المعرفة باللّٰه تعالی فكل من یرجع إلیه فی التقلید لا بد و أن یكون عالما بالمسائل الأصولیة لیصح تقلیده ثم یجری الدلیل فیه فیقال علم هذا الشخص باللّٰه تعالی غیر ممكن لأنه حین كلف به إن لم یكن عالما به تعالی استحال أن یكون عالما بأمره بالمقدمات و كل ما أجابوا به فهو جوابنا و لا مخلص لهم إلا أن یعترفوا بأن وجوب المعرفة عقلی فیبطل ما ادعوه من أن العلم باللّٰه تعالی غیر ممكن أو سمعی فكذلك.

فإن قیل ربما یحصل العلم لبعض الناس بتصفیة النفس أو إلهامه إلی غیر ذلك فیقلده الباقون قلنا هذا أیضا یبطل قولكم إن العلم باللّٰه تعالی غیر ممكن نعم ما ذكروه یصلح أن یكون دلیلا علی امتناع المعرفة بما یسمع فیكون حجة علی الأشاعرة لا دلیلا علی وجوب التقلید.

و احتجوا أیضا بأن النهی عن النظر قد ورد فی قوله تعالی ما یُجادِلُ فِی آیاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِینَ كَفَرُوا(1) و النظر یفتح باب الجدال فیحرم و لأنه علیه السلام رأی الصحابة یتكلمون فی مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فیها و قال إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم فی هذا و لقوله علیه السلام علیكم بدین العجائز و المراد ترك النظر فلو كان

ص: 135


1- 1. غافر: 4.

واجبا لم یكن منهیا عنه و أجیب عن الأول بأن المراد الجدال بالباطل كما فی قوله تعالی وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ (1) لا الجدال بالحق لقوله تعالی وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ (2) فالأمر بذلك یدل علی أن الجدال مطلقا لیس منهیا عنه و عن الثانی بأن نهیهم عن الكلام فی مسألة القدر علی تقدیر تسلیمه لا یدل علی النهی عن مطلق النظر بل عنه فی مسألة القدر كیف و قد ورد الإنكار علی تارك النظر فی قوله تعالی أَ وَ لَمْ یَتَفَكَّرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ (3) و قد أثنی علی فاعله فی قوله وَ یَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (4) علی أن نهیهم عن الخوض فی القدر لعله لكونه أمرا غیبیا و بحرا عمیقا كما أشار إلیه علی علیه السلام بقوله بحر عمیق فلا تلجه بل كان مراد النبی صلی اللّٰه علیه و آله التفویض فی مثل ذلك إلی اللّٰه تعالی لأن ذلك لیس من الأصول التی یجب اعتقادها و البحث عنها مفصلة.

و هاهنا جواب آخر عنهما معا و هو أن النهی فی الآیة و الحدیث مع قطع النظر عما ذكرناه إنما یدل علی النهی عن الجدال الذی لا یكون إلا عن متعدد بخلاف النظر فإنه یكون من واحد فهو نصب الدلیل علی غیر المدعی و عن الثالث بالمنع من صحة نسبته إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فإن بعضهم ذكر أنه من مصنوعات سفیان الثوری فإنه روی أن عمر بن عبد اللّٰه المعتزلی قال إن بین الكفر و الإیمان منزلة بین المنزلتین فقالت عجوز قال اللّٰه تعالی هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ (5) فلم یجعل من عباده إلا الكافر و المؤمن فسمع سفیان كلامها فقال علیكم بدین العجائز علی أنه لو سلم فالمراد به التفویض إلی اللّٰه تعالی فی قضائه و حكمه و الانقیاد له فی أمره و نهیه.

ص: 136


1- 1. غافر: 5.
2- 2. النحل: 125.
3- 3. الروم: 8 و تمامه: ما خلق اللّٰه السموات و الأرض و ما بینهما الا بالحق.
4- 4. آل عمران: 191.
5- 5. التغابن: 2.

و احتج من جوز التقلید بأنه لو وجب النظر فی المعارف الإلهیة لوجد من الصحابة إذ هم أولی به من غیرهم لكنه لم یوجد و إلا لنقل كما نقل عنهم النظر و المناظرة فی المسائل الفقهیة فحیث لم ینقل لم یقع فلم یجب.

و أجیب بالتزام كونهم أولی به لكنهم نظروا و إلا لزم نسبتهم إلی الجهل بمعرفة اللّٰه تعالی و كون الواحد منا أفضل منهم و هو باطل إجماعا إذا كانوا عالمین و لیس بالضرورة فهو بالنظر و الاستدلال و أما أنه لم ینقل النظر و المناظرة فلاتفاقهم علی العقائد الحقة لوضوح الأمر عندهم حیث كانوا ینقلون عقائدهم عمن لا ینطق عن الهوی فلم یحتاجوا إلی كثرة البحث و النظر بخلاف الأخلاف بعدهم فإنهم لما كثرت شبه الضالین و اختلفت أنظار طالبی الیقین لتفاوت أذهانهم فی إصابة الحق احتاجوا إلی النظر و المناظرة لیدفعوا بذلك شبه المضلین و یقفوا علی الیقین أما مسائل الفروع لما كانت أمورا ظنیة اجتهادیة خفیة لكثرة تعارض الأمارات فیها وقع بینهم الخلاف فیها و المناظرة و التخطئة لبعضهم من بعض فلذا نقل.

و احتجوا أیضا بأن النظر مظنة الوقوع فی الشبهات و التورط فی الضلالات بخلاف التقلید فإنه أبعد عن ذلك و أقرب إلی السلامة فیكون أولی و لأن الأصول أغمض أدلة من الفروغ و أخفی فإذا جاز التقلید فی الأسهل جاز فی الأصعب بطریق أولی و لأنهما سواء فی التكلیف بهما فإذا جاز فی الفروغ فلیجز فی الأصول.

و أجیب عن الأول بأن اعتقاد المعتقد إن كان عن تقلید لزم إما التسلسل أو الانتهاء إلی من یعتقد عن نظر لانتفاء الضرورة فیلزم ما ذكرتم من المحذور مع زیادة و هی احتمال كذب المخبر بخلاف الناظر مع نفسه فإنه لا یكابر نفسه فیما أدی إلیه نظره علی أنه لو اتفق الانتهاء إلی من اتفق له العلم بغیر النظر كتصفیة الباطن كما ذهب إلیه بعضهم أو بالإلهام أو بخلق العلم فیه ضرورة فهو إنما یكون لأفراد نادرة لأنه علی خلاف العادة فلا یتیسر لكل أحد الوصول إلیه مشافهة بل بالوسائط فیكثر احتمال الكذب بخلاف الناظر فإنه لا یكابر نفسه

ص: 137

و لأنه أقرب إلی الوقوع علی الصواب و أما الجواب عن العلاوة فلأنه لما كان الطریق إلی العمل بالفروع إنما هو النقل ساغ لنا التقلید فیها و لم یقدح احتمال كذب المخبر و إلا لانسد باب العلم و العمل بها بخلاف الاعتقادیات فإن الطریق إلیها بالنظر میسر.

ثم قال رحمه اللّٰه بعد إطالة الكلام فی الجواب عن حجة الخصام و أما المقام الثانی و هو أن الأعمال لیست جزءا من الإیمان و لا نفسه فالدلیل علیه من الكتاب العزیز و السنة المطهرة و الإجماع أما الكتاب فمن قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ (1) فإن العطف یقتضی المغایرة و عدم دخول المعطوف فی المعطوف علیه فلو كان عمل الصالحات جزءا من الإیمان أو نفسه لزم خلو العطف عن الفائدة لكونه تكرارا و رد بأن الصالحات جمع معرف یشمل الفرض و النفل و القائل بكون الطاعات جزءا من الإیمان یرید بها فعل الواجبات و اجتناب المحرمات و حینئذ فیصح العطف لحصول المغایرة المفیدة لعموم المعطوف فلم یدخل كله فی المعطوف علیه نعم یصلح دلیلا علی إبطال مذهب القائلین بكون المندوب داخلا فی حقیقة الإیمان كالخوارج.

و منه قوله تعالی وَ مَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ (2) أی حالة إیمانه و هذا یقتضی المغایرة و منه قوله تعالی وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا(3) فإنه أثبت الإیمان لمن ارتكب بعض المعاصی فلا یكون ترك المنهیات جزءا من الإیمان و منه قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (4) فإن أمرهم بالتقوی الذی لا تحصل إلا بفعل الطاعات و الانزجار عن المنهیات مع وصفهم بالإیمان یدل علی عدم حصول التقوی لهم و إلا لكان أمرا بتحصیل

ص: 138


1- 1. تری نصه فی آیات كثیرة منها: البقرة: 277.
2- 2. طه: 112.
3- 3. الحجرات: 9.
4- 4. براءة: 119.

الحاصل و منه الآیات الدالة علی كون القلب محلا للإیمان من دون ضمیمة شی ء آخر كقوله تعالی أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ (1) و لو كان الإقرار أو غیره من الأعمال نفس الإیمان أو جزءه لما كان القلب محل جمیعه و قوله تعالی وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ (2) و قوله تعالی وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (3) و كذا آیات الطبع و الختم تشعر بأن محل الإیمان القلب كقوله تعالی أُولئِكَ الَّذِینَ طَبَعَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ (4) وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ (5) وَ خَتَمَ عَلی سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلی بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ (6) و أما السنة فكقوله صلی اللّٰه علیه و آله یا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلبی علی دینك و روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله سأل جبرئیل عن الإیمان فقال أن تؤمن باللّٰه و رسله و الیوم الآخر.

و أما الإجماع فهو أن الأمة أجمعت علی أن الإیمان شرط لسائر العبادات و الشی ء لا یكون شرطا لنفسه فلا یكون الإیمان هو العبادات.

و أما أهل الثانی و هم الكرامیة(7)

فقد استدلوا علی مذهبهم بأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الصحابة كانوا یكتفون فی الخروج عن الكفر بكلمتی الشهادتین فتكون هی الإیمان إذ لا واسطة بین الكفر و الإیمان لأن الكفر عدم الإیمان و لقوله تعالی فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ (8) و بقوله صلی اللّٰه علیه و آله أمرت أن أقاتل الناس حتی یقولوا لا إله إلا اللّٰه و بقوله صلی اللّٰه علیه و آله لأسامة حین قتل من تكلم بالشهادتین.

ص: 139


1- 1. المجادلة: 22.
2- 2. الحجرات: 13.
3- 3. النحل: 106.
4- 4. النحل: 108.
5- 5. براءة: 93.
6- 6. الجاثیة: 23، و صححنا الآیات بعرضها علی المصحف الشریف.
7- 7. أتباع محمّد بن كرام- كشداد- و من اعتقاده أن معبوده مستقر علی العرش و أنّه جوهر تعالی اللّٰه عن ذلك.
8- 8. التغابن: 2.

هلا شققت قلبه أو هل شققت قلبه علی بعض النسخ یرید بذلك الإنكار علیه حیث لم یكتف بالشهادتین منه.

و الجواب عن الأول أن الخروج عن الكفر بكلمة الشهادة إن أرادوا به الخروج فی نفس الأمر بحیث یصیر مؤمنا عند اللّٰه سبحانه بمجرد ذلك من دون تصدیق فهو ممنوع لم لا یجوز أن یكون اكتفاؤهم بذلك للترغیب فی الإسلام لا للحكم بالإیمان و إن أرادوا به الخروج بحسب الظاهر فهو مسلم لكن لا ینفعهم إذ الكلام فیما یتحقق به الإیمان عند اللّٰه تعالی بحیث یصیر المتصف به مؤمنا فی نفس الأمر لا فیما یتحقق به الإسلام فی ظاهر الشرع حیث لا یمكن الاطلاع علی الباطن أ لا تری أنهم كانوا یحكمون بكفر من ظهر منه النفاق بعد الحكم بإسلامه و لو كان مؤمنا فی نفس الأمر لما جاز ذلك و أما نفی الواسطة(1)

فهو مستقیم علی أخذ الحكم فی نفس الأمر فإن حال المكلف فی نفس الأمر لا یخلو عن أحدهما و أما جعل لا إله إلا اللّٰه غایة للقتال فلا یدل علی أكثر من كونه للترغیب فی الإسلام أیضا بسبب حقن الدماء علی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله ربما لا یطلع علی بواطن الناس فكیف یؤمر بالقتال علی ما لا یطلع علیه.

و أما أهل الثالث و هم قدماء المعتزلة القائلون بأنه جمیع الطاعات فرضا و نفلا فمن أمتن دلائلهم علی ذلك قوله تعالی وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفاءَ وَ یُقِیمُوا الصَّلاةَ وَ یُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِینُ الْقَیِّمَةِ(2) و المشار إلیه بذلك هو جمیع ما حصر بإلا و ما عطف علیه و الدین هو الإسلام لقوله تعالی إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ (3) و الإسلام هو الإیمان لقوله تعالی وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلامِ دِیناً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ (4) و لا ریب أن الإیمان مقبول من مبتغیه للنص و الإجماع فیكون إسلاما فیكون دینا فیعتبر فیه الطاعات كما دلت علیه الآیات.

ص: 140


1- 1. یعنی فی قوله تعالی: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ.
2- 2. البینة: 5.
3- 3. آل عمران: 1.
4- 4. آل عمران: 85.

و الجواب المنع من اتحاد الدینین فی الآیتین فلا یتكرر الوسط و لو سلم اتحادهما فلا نسلم أن الإیمان هو الإسلام لیكون هو الدین فیعتبر فیه الطاعات لم لا یجوز أن یكون الإیمان شرطا للإسلام أو جزءا منه أو بالعكس و شرط الشی ء و جزؤه یقبل مع كونه غیره و لا یلزم من ذلك أن یكون الإیمان هو الدین بل شرطه أو جزؤه علی أنا لو قطعنا النظر عن جمیع ذلك فالآیة الكریمة إنما تدل علی أن من ابتغی و طلب غیر دین الإسلام دینا له فلن یقبل منه ذلك المطلوب و لم تدل علی أن من صدق بما أوجبه الشارع علیه لكنه ترك فعل بعض الطاعات غیر مستحل أنه طالب لغیر دین الإسلام إذ ترك الفعل یجتمع مع طلبه لعدم المنافاة بینهما فإن الشخص قد یكون طالبا للطاعة مریدا لها لكنه تركها إهمالا و تقصیرا و لا یخرج بذلك عن ابتغائهما.

و استدلوا أیضا بقوله تعالی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ (1) أی صلاتكم إلی بیت المقدس و اعترض علیه بأنه لم لا یجوز أن یكون المراد به تصدیقكم بتلك الصلاة سلمنا ذلك لكن لا دلالة لهم فی الآیة و ذلك لأنهم زعموا أن الإیمان جمیع الطاعات و الصلاة إنما هی جزء من الطاعات و جزء الشی ء لا یكون ذلك الشی ء.

و أما أهل الرابع و هم القائلون بكونه عبارة عن جمیع الواجبات و ترك المحظورات دون النوافل فقد یستدل لهم بقوله تعالی إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (2) و التقوی لا یتحقق إلا بفعل المأمور به و ترك المنهی عنه فلا یكون التصدیق مقبولا ما لم یحصل التقوی و بما روی أن الزانی لا یزنی و هو مؤمن و بقوله علیه السلام لا إیمان لمن لا أمانة له و بقوله تعالی وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (3) و قد لا یحكم بما أنزل اللّٰه أو یحكم بما لم

ص: 141


1- 1. البقرة: 143.
2- 2. المائدة: 27.
3- 3. المائدة: 47.

ینزل اللّٰه مصدقا فلو تحقق الإیمان بالتصدیق لزم اجتماع الكفر و الإیمان فی محل واحد و هو محال لتقابلهما بالعدم و الملكة.

و الجواب عن الأول أنه یجوز أن یكون المراد و اللّٰه أعلم الأعمال الندبیة علی أنا نقول إن ظاهر الآیة الكریمة متروك فإنها تدل ظاهرا علی أن من أخلص فی جمیع أفعاله و كان قد سبق منه معصیة واحدة لم یثب علیها و یكون جمیع أعمال الطاعات اللاحقة غیر مقبولة و القول بذلك مع بعده عن حكمة اللّٰه تعالی من أفظع الفظائع فلا یكون مرادا بل المراد و اللّٰه أعلم أن من عمل عملا إنما یكون مقبولا إذا كان متقیا فیه بأن یكون مخلصا فیه لله تعالی و حینئذ فلا دلالة لهم فی الآیة الكریمة مع أنا لو تنزلنا عن ذلك و قلنا بدلالتها علی عدم قبول التصدیق من دون التقوی فلا یحصل بذلك مدعاهم الذی هو كون الإیمان عبارة عن جمیع الواجبات إلخ و لقائل أن یقول لم لا یجوز أن یكون الإیمان عبارة عما ذكرتم مع التصدیق بالمعارف الأصولیة و عدم قبول الجزء إنما هو لعدم قبول الكل.

و أما الحدیث الأول علی تقدیر تسلیمه فیمكن حمله علی المبالغة فی الزجر أو تخصیصه بمن استحل و دلیل التخصیص فی أحادیث أخر أو علی نفی الكمال فی الإیمان و كذا الحدیث الثانی و أما الاستدلال بالآیة فقد تعارض بقوله تعالی وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1) و الفاسق مؤمن علی المذهب الحق و بین المنزلتین علی غیره و یمكن أن یقال الفسق لا ینافی الكفر إذ الكافر فاسق لغة و إن كان فی العرف یباینه لكنه لم یتحقق كونه عرف الشارع بل المعلوم كونه لأهل الشرع و الأصول فلا تعارض حینئذ.

أقول: و الحق فی الجواب أن المراد و اللّٰه أعلم و من لم یحكم بما أنزل أی بما علم قطعا أن اللّٰه سبحانه أنزله فإن العدول عنه إلی غیره مستحلا أو الوقوف عنه كذلك لا ریب فی كونه كفرا لأنه إنكار لما علم ثبوته ضرورة فلا یكون

ص: 142


1- 1. المائدة: 48.

التصدیق حاصلا و حینئذ فلا دلالة فیها علی أن من ارتكب معصیة غیر مستحل أو مستحلا مع كون تحریمها لم یعلم من الدین ضرورة یكون كافرا و إنما ارتكبنا هذا الإضمار فی الآیة لما دل علیه النص و الإجماع من أن الحاكم لو أخطأ فی حكمه لم یكفر مع أنه یصدق علیه أنه لم یحكم بما أنزل اللّٰه.

و اعلم أنه قد ظهر من هذا الجواب وجه آخر للجمع بین الآیتین و رفع التعارض بین ظاهرهما بأن یراد من إحداهما ما ذكرناه فی الجواب و من الأخری و من لم یحكم غیر مستحل مع علمه بالتحریم فهو فاسق و الحاصل أنه یقال لهم إن أردتم بالطاعات و التروك ما علم ثبوته من الدین ضرورة فنحن نقول بموجب ذلك لكن لا یلزم منه مدعاكم لجواز كون الحكم بكفره إما لجحده ما علم من الدین ضرورة فیكون قد أخل بما هو شرط الإیمان و هو عدم الجحد علی ما قدمناه أو لكون المذكورات جزء الإیمان علی ما ذهب إلیه بعضهم و إن أردتم الأعم فلا دلالة لكم فیها أیضا و هو ظاهر.

و أما أهل الخامس القائلون بأنه تصدیق بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان فیستدل لهم بما استدل به أهل التصدیق مع ما استدل به أهل الأعمال و من أضاف الإقرار باللسان إلی الجنان و قد علمت تزییف ما سوی الأول و سیجی ء إن شاء اللّٰه تعالی تزییف أدلة من أضاف الإقرار فلم یبق لمذهبهم قرار.

نعم فی أحادیث أهل البیت علیهم السلام ما یشهد لهم و قد ذكر فی الكافی و غیره منها جملة فمنها ما رواه عن عبد الرحیم القصیر قال كتبت مع عبد الملك بن أعین إلی أبی عبد اللّٰه علیه السلام أسأله عن الإیمان ما هو إلی آخر الخبر(1)

و منها ما رواه عن عجلان أبی صالح قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أوقفنی علی حدود الإیمان الخبر(2) و منها عن محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الإیمان الخبر(3).

ص: 143


1- 1. الكافی ج 2 ص 27. و قد مر فی ج 68 ص 256 تحت الرقم 15 من الباب 24.
2- 2. الكافی ج 2 ص 18 و قد مر فی باب دعائم الإسلام، راجع ج 68 ص 330.
3- 3. راجع الرقم 4 من هذا الباب ص 22.

ثم قال قدس سره و اعلم أن هذه الأحادیث منها ما سنده غیر نقی كالأول فإن فی سنده عبد الرحیم و هو مجهول مع كونه مكاتبة و أما الثانی فإن سنده و إن كان جیدا إلا أن دلالته غیر صریحة فإن كون المذكورات حدود الإیمان لا یقتضی كونها نفس حقیقته إذ حد الشی ء نهایته و ما لا یجوز تجاوزه فإن تجاوزه خرج عنه و نحن نقول بموجب ذلك فإن من تجاوز هذه المذكورات بأن تركها جاحدا لا ریب فی خروجه عن الإیمان لكن لعل ذلك لكونها شروطا للإیمان لا لكونها نفسه و أما الثالث فإن دلالته و إن كانت جیدة إلا أن فی سنده إرسالا مع كون العلاء مشتركا بین المقبول و المجهول و بالجملة فهذه الروایة معارضة بما هو أمتن منها دلالة و قد تقدم ذلك فلیراجع نعم لا ریب فی كونها مؤیدة لما قالوه.

و أما أهل السادس القائلون بأنه التصدیق مع كلمتی الشهادة ففیما مر من الأحادیث ما یصلح شاهدا لهم و كذا ما ذكره الكرامیة مع ما ذكره أهل التصدیق یصلح شاهدا لهم و قد عرفت ما فی الأولین فلا نعیده.

و أما السابع فإنه مذهب جماعة من المتأخرین منهم المحقق الطوسی ره فی تجریده فإنه اعتبر فی حقیقة الإیمان مع التصدیق الإقرار باللسان قال و لا یكفی الأول لقوله تعالی وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ (1) أثبت للكفار الاستیقان النفسی و هو التصدیق القلبی فلو كان الإیمان هو التصدیق القلبی فقط لزم اجتماع الكفر و الإیمان و هو باطل لتقابلهما تقابل العدم و الملكة و لا الثانی یعنی الإقرار باللسان لقوله تعالی قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الآیة و لقوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِینَ (2) فأثبت لهم تعالی فی الآیتین التصدیق باللسان و نفی عنهم الإیمان.

أقول: الاستدلال علی عدم الاكتفاء بالثانی مسلم موجه و كذا علی عدم الاكتفاء بالأول أما علی اعتبار الإقرار ففیه بحث فإن الدلیل أخص من المدعی

ص: 144


1- 1. النمل: 14.
2- 2. الحجرات: 13، البقرة: 8.

إذ المدعی أن الإیمان لا یتحقق إلا بالتصدیق مع الإقرار و بدون ذلك یتحقق الكفر و الآیة الكریمة إنما دلت علی ثبوت الكفر لمن جحد أی أنكر الآیات مع علمه بحقیتها و بینهما واسطة فإن من حصل له التصدیق الیقینی فی أول الأمر و لم یكن تلفظ بكلمات الإیمان لا یقال إنه منكر و لا جاحد و حینئذ فلا یلزم اجتماع الكفر و الإیمان فی مثل هذه الصورة مع أنه غیر مقر و لا تارك للإقرار جحدا كما هو المفروض هذا إن قصد بالآیة الدلالة علی اعتبار الإقرار أیضا و إلا لكان اعتبار الإقرار دعوی مجردة و قد علمت ما علیه.

و أما دلالة الآیة الكریمة علی كفره فی صورة جحده و استیقانه فنقول بموجبه لكن لیس لعدم إقراره فقط بل لأنه ضم إنكارا إلی استیقان و بالجملة فهو من جملة العلامات علی الحكم بالكفر كما جعل الاستخفاف بالشارع أو الشرع و وطء المصحف علامة علی الحكم بالكفر مع أنه قد یكون مصدقا كما سبقت الإشارة إلیه نعم غایة ما یلزم أن یكون إقرار المصدق شرطا لحكمنا بإیمانه ظاهرا و أما قبل ذلك و بعد التصدیق فهو مؤمن عند اللّٰه تعالی إذا لم یكن تركه للإقرار عن جحد علی أنه یلزمه قدس سره أن من حصل له التصدیق بالمعارف الإلهیة ثم عرض له الموت فجأة قبل الإقرار یموت كافرا و یستحق العذاب الدائم مع اعتقاده وحدة الصانع و حقیة ما جاء به النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لا أظن أن مثل هذا المحقق یلتزم ذلك.

و الحاصل أنه إن أراد رحمه اللّٰه أن كون الإنسان مؤمنا عند اللّٰه سبحانه كما هو ظاهر كلامه لا یتحقق إلا بمجموع الأمرین فالواسطة و الالتزام لازمان علیه و إن أراد أن كونه مؤمنا فی ظاهر الشرع لا یتحقق إلا بالأمرین معا فالنزاع لفظی فإن من اكتفی فیه بالتصدیق یرید به كونه مؤمنا عند اللّٰه تعالی فقط و أما عند الناس فلا بد فی العلم بذلك من الإقرار و نحوه.

و اعلم أنه استدل بعضهم علی هذا المذهب أیضا بأنا نعلم بالضرورة أن الإیمان فی اللغة هو التصدیق و الدلائل علیه كثیرة فإما أن یكون فی الشرع

ص: 145

كذلك أو یكون منقولا عن معناه فی اللغة و الثانی باطل لأن أكثر الألفاظ تكرارا فی القرآن و كلام الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لفظ الإیمان فلو كان منقولا عن معناه اللغوی لوجب أن یكون حاله كحال سائر العبادات الظاهرة فی وجوب العلم به فلما لم یكن كذلك علمنا أنه باق علی وضع اللغة.

إذا ثبت هذه فنقول ذلك التصدیق إما أن یكون هو التصدیق القلبی أو اللسانی أو مجموعهما و الأول باطل لقوله تعالی فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (1) فأثبت لهم المعرفة مع أنه حكم بكفرهم و لو كان مجرد المعرفة إیمانا لما صح ذلك و أیضا قوله

تعالی فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آیاتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا(2) و لا یصح أن یكون جحدهم لها بقلوبهم حیث أثبت لهم الاستیقان بها فلا بد أن یكون بألسنتهم حیث لم یقروا بها و إذا كان الجحد باللسان موجبا للكفر كان الإقرار به مع التصدیق القلبی موجبا للإیمان فیكون الإقرار من محققات الإیمان و أیضا قوله تعالی حكایة عن موسی علی نبینا و آله و علیه السلام إذ یقول لفرعون لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (3) فأثبت كونه عالما بأن اللّٰه تعالی هو الذی أنزل الآیات التی جاء بها موسی علیه السلام فلو كان مجرد العلم هو الإیمان لكان فرعون مؤمنا و هو باطل بنص القرآن العزیز و إجماع الأنبیاء علیهم السلام من لدن موسی علیه السلام إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله و أیضا قوله تعالی فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ (4) و معنی ذلك و اللّٰه أعلم أنهم یجحدون ذلك بألسنتهم و لا یكذبونك بقلوبهم أی یعلمون نبوتك و لا یستقیم أن یكون المعنی لا یكذبونك بألسنتهم لمنافاة یجحدون

ص: 146


1- 1. البقرة: 89.
2- 2. النمل: 14، و فی نسخة الكمبانیّ بین صدر الآیة و ذیلها تقدیم و تأخیر، و الظاهر أن النسّاخ نقلوا السقط من الهامش الی المتن فی غیر موضعه.
3- 3. اسری: 102.
4- 4. الأنعام: 33.

بألسنتهم له فیلزم أن یكونوا كذبوا بألسنتهم و لم یكذبوا بها و بطلانه ظاهر فیجب تنزیه القرآن العزیز عنه.

و لك أن تقول لم لا یجوز أن یكون المعنی لا یكذبونك بألسنتهم و لكن یجحدون نبوتك بقلوبهم كما أخبر اللّٰه تعالی عن المنافقین فی سورتهم حیث قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ (1) و كذبهم اللّٰه تعالی حیث شهد سبحانه و تعالی بكذبهم فقال وَ اللَّهُ یَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِینَ لَكاذِبُونَ و المراد فی شهادتهم أی فیما تضمنته من أنها عن صمیم القلب و خلوص الاعتقاد كما ذكره جماعة من المفسرین حیث لم توافق عقیدتهم فقد علم من ذلك أنهم لم یكذبوه بألسنتهم بل شهدوا له بها و لكنهم جحدوا ذلك بقلوبهم حیث كذبهم اللّٰه تعالی فی شهادتهم و الجواب التكذیب لهم ورد علی نفس شهادتهم التی هی باللسان لا علی نفس عقیدتهم و بالجملة فهذا لا یصلح نظیرا لما نحن فیه علی أن معنی الجحد كما قرروه هو الإنكار باللسان مع تصدیق القلب و ما ذكر من الاحتمال عكس هذا المعنی.

ثم قال و الثانی باطل أما أولا فبالاتفاق من الإمامیة و أما ثانیا فلقوله تعالی قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا(2) و لا شك أنهم كانوا صدقوا بألسنتهم و حیث لم یكن كافیا نفی اللّٰه تعالی عنهم الإیمان مع تحصله و قوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِینَ (3) فأثبت لهم الإقرار و التصدیق باللسان و نفی إیمانهم فثبت بذلك أن الإیمان هو التصدیق مع الإقرار.

ثم قال لا یقال لو كان الإقرار باللسان جزء الإیمان للزم كفر الساكت لأنا نقول لو كان الإیمان هو العلم أی التصدیق لكان النائم غیر مؤمن لكن لما كان النوم لا یخرجه عن كونه مؤمنا بالإجماع مع كونه أولی بأن یخرج النائم عن

ص: 147


1- 1. المنافقون: 1 و هكذا ما بعده.
2- 2. الحجرات: 13.
3- 3. البقرة: 8.

الإیمان لأنه لا یبقی معه معنی من الإیمان بخلاف الساكت فإنه قد بقی معه معنی منه و هو العلم لم یكن السكوت مخرجا بطریق أولی نعم لو كان الخروج عن التصدیق و الإقرار أو عن أحدهما علی جهة الإنكار و الجحد لخرج بذلك عن الإیمان و لذلك قلنا إن الإیمان هو التصدیق بالقلب و الإقرار باللسان أو ما فی حكمهما انتهی محصل ما ذكره.

أقول: قوله إن النائم ینتفی عنه العلم أی التصدیق غیر مسلم و إنما المنفی شعوره بذلك العلم و هو غیر العلم فالتصدیق حینئذ باق لكونه من الكیفیات النفسیة فلا یزیله النوم و حینئذ فلا یلزم من عدم الحكم بانتفاء الإیمان عن النائم عدم الحكم بانتفائه عن الساكت بطریق أولی نعم الحكم بعدم انتفائه عن الساكت علی مذهب من جعل الإقرار جزءا إما للزوم الحرج العظیم بدوام الإقرار فی كل وقت أو أن یكون المراد من كون الإقرار جزءا للإیمان الإقرار فی الجملة أو فی وقت ما مع البقاء علیه فلا ینافیه السكوت المجرد و إنما ینافیه مع الجحد لعدم بقاء الإقرار حینئذ.

و أقول الذی ذكره من الدلیل علی عدم النقل لا یدل وحده علی كون الإقرار جزءا و هو ظاهر بل قصد به الدلالة علی بطلان ما عدا مذهب أهل التصدیق.

ثم استدل علی بطلان مذهب التصدیق بما ذكره من الآیات الدالة علی اعتبار الإقرار فی الإیمان فیكون الإیمان الشرعی تخصیصا للغوی كما هو عند أهل التصدیق و هذا جید لكن دلالة الآیات علی اعتبار الإقرار ممنوعة و قد بینا ذلك سابقا أن تكفیرهم إنما كان لجحدهم الإقرار و هو أخص من عدم الإقرار فتكفیرهم بالجحد لا یستلزم تكفیرهم بمطلق عدم الإقرار لیكون الإقرار معتبرا نعم اللازم من الآیات اعتبار عدم الجحد مع التصدیق و هو أعم من الإقرار و اعتبار الأعم لا یستلزم اعتبار الأخص و هو ظاهر.

و هذا جواب عن استدلاله بجمیع الآیات و نزید فی الجواب عن الاستدلال بقوله تعالی فی الحكایة عن موسی علیه و علی نبینا و آله الصلاة و السلام:

ص: 148

لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ(1) الآیة أنه یجوز أن یكون نسب إلی فرعون العلم علی طریق الملاطفة و الملاءمة حیث كان مأمورا علیه السلام بذلك بقوله فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی (2) و هذا شائع فی الاستعمال كما یقال فی المحاورات كثیرا و أنت خبیر بأنه كذا و كذا مع أن المخاطب بذلك قد لا یكون عارفا بذلك المعنی أصلا بل قد لا یكون هناك مخاطب أصلا كما یقع فی

المؤلفات كثیرا و علی هذا فلا تدل الآیة علی ثبوت العلم لفرعون و لو سلم ثبوته كان الحكم بكفره للجحد لا لعدم الإقرار مطلقا كما سبق بیانه.

و اعلم أن المحقق الطوسی قدس سره اختار فی فصوله الاكتفاء بالتصدیق القلبی فی تحقق الإیمان فكأنه رحمه اللّٰه لحظ ما ذكرناه و قد استدل له بعض الشارحین بقوله تعالی أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ (3) و بقوله تعالی وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ (4) فیكون حقیقة فیه فلو أطلق علی غیره لزم الاشتراك أو المجاز و هما خلاف الأصل و الإقرار باللسان كاشف عنه و الأعمال الصالحة ثمراته.

أقول: الذی ظهر مما قررناه أن الإیمان هو التصدیق باللّٰه وحده و صفاته و عدله و حكمته و بالنبوة و بكل ما علم بالضرورة مجی ء النبی صلی اللّٰه علیه و آله به مع الإقرار بذلك و علی هذا أكثر المسلمین بل ادعی بعضهم إجماعهم علی ذلك و التصدیق بإمامة الأئمة الاثنی عشر علیهم السلام و بإمام الزمان و هذا عند الإمامیة.

ص: 149


1- 1. أسری: 102.
2- 2. طه: 44.
3- 3. المجادلة: 22.
4- 4. الحجرات: 13.

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم

الآیة الأنعام الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (1) تفسیر الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال الطبرسی رحمه اللّٰه معناه الذین عرفوا اللّٰه تعالی و صدقوا به و بما أوجبه علیهم و لم یخلطوا ذلك بظلم و الشرك هو الظلم عن ابن عباس و ابن المسیب و أكثر المفسرین و روی عن أبی بن كعب أنه قال أ لم تسمع قوله سبحانه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ (2) و هو المروی عن سلمان و حذیفة

وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ شَقَّ عَلَی النَّاسِ وَ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَیُّنَا لَمْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّهُ لَیْسَ الَّذِی تَعْنُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا إِلَی مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ.

و قال الجبائی یدخل فی الظلم كل كبیرة تحبط ثواب الطاعة قال البلخی و لو اختص الشرك علی ما قالوه لوجب أن یكون مرتكب الكبیرة إذا كان مؤمنا كان آمنا و ذلك خلاف القول بالإرجاء و هذا لا یلزم لأنه قول بدلیل الخطاب و مرتكب الكبیرة غیر آمن و إن كان ذلك معلوما بدلیل آخر أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ من اللّٰه بحصول الثواب و الأمان من العقاب وَ هُمْ مُهْتَدُونَ أی محكوم

لهم بالاهتداء إلی الحق و الدین و قیل إلی الجنة ثم إنه قیل إن هذه الآیة من تمام قول إبراهیم علیه السلام و روی ذلك عن علی علیه السلام و قیل إنها من اللّٰه علی جهة فصل القضاء بین إبراهیم و قومه انتهی (3).

ص: 150


1- 1. الأنعام: 82.
2- 2. لقمان: 13.
3- 3. مجمع البیان ج 4: 327.

و فی الكافی عن الصادق علیه السلام أن الظلم هنا الشك (1) و عنه علیه السلام قال آمنوا بما جاء به محمد صلی اللّٰه علیه و آله من الولایة و لم یخلطوها بولایة فلان و فلان (2)

و یمكن أن یقال الأمن المطلق و الاهتداء الكامل لمن لم یلبس إیمانه بشی ء من الظلم و المعاصی و الأمن من الخلود من النار و الاهتداء فی الجملة لمن صحت عقائده ثم بینهما مراتب كثیرة یختلف بحسبها الأمن و الاهتداء.

«1»- ج، [الإحتجاج] بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی خُطْبَةِ الْغَدِیرِ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَلِیّاً علیه السلام وَ أَوْصِیَاءَهُ أَلَا إِنَّ أَوْلِیَاءَهُمُ الَّذِینَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (3).

«2»- ج، [الإحتجاج] عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لیه السلام: فِی جَوَابِ الزِّنْدِیقِ الْمُدَّعِی لِلتَّنَاقُضِ فِی الْقُرْآنِ (4) قَالَ علیه السلام وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا

ص: 151


1- 1. الكافی ج 2 ص 399.
2- 2. الكافی ج 1 ص 413.
3- 3. الاحتجاج: ص 39، و الآیة فی الانعام: 82.
4- 4. یعنی:[ حیث قال: و أجده یقول:« فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْیِهِ» و یقول:« وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی» أعلم فی الآیة الأولی أن الاعمال الصالحة لا تكفر، و أعلم فی الثانیة أن الایمان و الاعمال الصالحات لا تنفع الا بعد الاهتداء] راجع الاحتجاج: ص 128 و الظاهر أن هذه العبارة التی جعلناه بین المعقوفتین كان فی أصل المصنّف قدّس سرّه ملحقا بالمتن لكنه كان مكتوبا فی الهامش، فنقلها الكتاب فی غیر موضعه مع اسقاط، كما تری شطرا من هذه العبارة فی نسخة الكمبانیّ بعد حدیث العیّاشیّ ج 15 ص 257. و قد مر الحدیث فی ج 68 ص 264 و 265، باب الفرق بین الإیمان و الإسلام تحت الرقم 23 و لفظه هكذا: فی خبر الزندیق الذی سأل أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه عما زعم من التناقض فی القرآن حیث قال: أجد اللّٰه یقول: فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْیِهِ و یقول: وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ، فقال علیه السلام و أمّا قوله فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ الحدیث.

كُفْرانَ لِسَعْیِهِ (1) وَ قَوْلُهُ وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی (2) فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا یُغْنِی إِلَّا مَعَ الِاهْتِدَاءِ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَیْهِ اسْمُ الْإِیمَانِ كَانَ حَقِیقاً بِالنَّجَاةِ مِمَّا هَلَكَ بِهِ الْغُوَاةُ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَنَجَتِ الْیَهُودُ مَعَ اعْتِرَافِهَا بِالتَّوْحِیدِ وَ إِقْرَارِهَا

بِاللَّهِ وَ نَجَا سَائِرُ الْمُقِرِّینَ بِالْوَحْدَانِیَّةِ مِنْ إِبْلِیسَ فَمَنْ دُونَهُ فِی الْكُفْرِ وَ قَدْ بَیَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ وَ بِقَوْلِهِ الَّذِینَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (3).

«3»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ مِنْهُ مَا أَحْدَثَ زُرَارَةُ وَ أَصْحَابُهُ (4).

بیان: منه ما أحدث أی من الظلم المذكور فی الآیة القول الباطل الذی أحدثه و ابتدعه زرارة و كأنه قال بمذهب باطل ثم رجع عنه.

«4»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّهُ قَدْ أَلَحَّ عَلَیَّ الشَّیْطَانُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّی یَقْنَطُنِی قَالَ قُلْ كَذَبْتَ یَا كَافِرُ یَا مُشْرِكُ إِنِّی أُومِنُ بِرَبِّی وَ أُصَلِّی لَهُ وَ أَصُومُ وَ أُثْنِی عَلَیْهِ وَ لَا أَلْبِسُ إِیمَانِی بِظُلْمٍ (5).

«5»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَسِیرٍ لَهُ إِذْ رَأَی سَوَاداً مِنْ بَعِیدٍ فَقَالَ هَذَا سَوَادٌ لَا عَهْدَ لَهُ بِأَنِیسٍ فَلَمَّا دَنَا سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیْنَ أَرَادَ الرَّجُلُ قَالَ أَرَادَ یَثْرِبَ قَالَ وَ مَا أَرَدْتَ بِهَا قَالَ أَرَدْتُ مُحَمَّداً قَالَ فَأَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَیْتُ إِنْسَاناً مُذْ سَبْعَةِ أَیَّامٍ وَ لَا

ص: 152


1- 1. الأنبیاء: 94.
2- 2. طه: 82.
3- 3. الاحتجاج: ص 130 و الآیة الأخیرة فی المائدة: 41.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 365.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 365، و فی طبعة الكمبانیّ بعد تمام الخبر هكذا من دون فصل:[ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی أعلم فی الآیة الأولی ...] الی آخر ما نقلناه عن الاحتجاج فی الحاشیة السابقة و الظاهر أنّه سهو و تخلیط.

طَعِمْتُ طَعَاماً إِلَّا مَا تَنَاوَلَ مِنْهُ دَابَّتِی قَالَ فَعَرَضَ عَلَیْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ قَالَ فَعَضَّتْهُ رَاحِلَتُهُ (1)

فَمَاتَ وَ أَمَرَ بِهِ فَغُسِّلَ وَ كُفِّنَ ثُمَّ صَلَّی عَلَیْهِ النَّبِیُّ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ فِی اللَّحَدِ قَالَ هَذَا مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ (2).

«6»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ الزِّنَا مِنْهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أُولَئِكَ لَا وَ لَكِنَّهُ ذَنْبٌ إِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ قَالَ مُدْمِنُ الزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (3).

«7»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْهُ: فِی قَوْلِهِ وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ الضَّلَالُ فَمَا فَوْقَهُ (4).

«8»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْهُ علیه السلام: بِظُلْمٍ قَالَ بِشَكٍ (5).

«9»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ آمَنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْوَلَایَةِ وَ لَمْ یَخْلِطُوهَا بِوَلَایَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ فَهُوَ اللَّبْسُ بِظُلْمٍ وَ قَالَ أَمَّا الْإِیمَانُ فَلَیْسَ یَنْتَقِضُ كُلُّهُ وَ لَكِنْ یَنْتَقِضُ قَلِیلًا قَلِیلًا قُلْتُ بَیْنَ الضَّلَالِ وَ الْكُفْرِ مَنْزِلَةٌ قَالَ مَا أَكْثَرَ عُرَی الْإِیمَانِ (6).

بیان: أما الإیمان لعله علیه السلام ذكر أولا بعض أفراد الظلم ثم بین أن كل ظلم ینقض الإیمان و ینقصه لكن لا یذهبه بالكلیة كل ظلم فإن بین الكفر و الإیمان الكامل منازل كثیرة.

«10»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ نَعُوذُ بِاللَّهِ یَا بَا بَصِیرٍ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَبَسَ إِیمَانَهُ بِظُلْمٍ

ص: 153


1- 1. العض معروف، و منه عضاض الدابّة یقال: برئت إلیك من العضاض و العضیض، اذا باع دابة و بری ء الی مشتریها من عضها الناس.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 366.
3- 3. المصدر ج 1 ص 366.
4- 4. المصدر ج 1 ص 366.
5- 5. المصدر ج 1 ص 366.
6- 6. المصدر ج 1 ص 366.

ثُمَّ قَالَ أُولَئِكَ الْخَوَارِجُ وَ أَصْحَابُهُمْ (1).

«11»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ بِشَكٍ (2).

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه

الآیات:

آل عمران: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ (3)

الأنعام: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ و قال تعالی وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ (4)

یوسف: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ (5)

إسراء: انْظُرْ كَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِیلًا(6)

الأحقاف: وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ لِیُوَفِّیَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ (7)

الواقعة: وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ قَلِیلٌ مِنَ الْآخِرِینَ إلی قوله لِأَصْحابِ الْیَمِینِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ (8)

ص: 154


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 367.
2- 2. الكافی ج 2 ص 399، و قد مر الإشارة إلیه.
3- 3. آل عمران: 162.
4- 4. الأنعام: 83 و 132.
5- 5. یوسف: 76.
6- 6. أسری: 21.
7- 7. الأحقاف: 19.
8- 8. الواقعة: 7- 39.

و قال تعالی: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ الضَّالِّینَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ (1)

الحدید: لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ الآیة(2)

المجادلة: یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ (3)

الحشر: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ إلی قوله إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ (4)

تفسیر:

هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ شبهوا بالدرجات لما بینهم من التفاوت فی الثواب و العقاب أو هم ذو درجات وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ عالم بأعمالهم و درجاتها فیجازیهم علی حسبها نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ أی فی العلم و العمل وَ لِكُلٍ أی من المكلفین دَرَجاتٌ أی مراتب مما عملوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ فیخفی علیه عمل أو قدر ما یستحق به من ثواب أو عقاب و قرئ بالخطاب.

نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالعلم و الحكمة كما رفعنا درجة یوسف وَ فَوْقَ كُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ أرفع درجة منه فی علمه و استدل به علی أنه علمه سبحانه عین ذاته كَیْفَ فَضَّلْنا أی فی الدنیا وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ أی التفاوت فی الآخرة أكثر و فی المجمع روی أن ما بین أعلی درجات الجنة و أسفلها مثل ما بین السماء و الأرض (5)

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَا تَقُولُنَّ الْجَنَّةُ وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (6) وَ لَا تَقُولُنَّ درجة [الدَّرَجَةُ] وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِنَّمَا تَفَاضَلَ الْقَوْمُ بِالْأَعْمَالِ (7).

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّمَا یَرْتَفِعُ

ص: 155


1- 1. الواقعة: 88- 94.
2- 2. الحدید: 10.
3- 3. المجادلة: 11.
4- 4. الحشر: 8- 10.
5- 5. مجمع البیان ج 6 ص 407 و الآیة فی أسری: 21.
6- 6. الرحمن: 63.
7- 7. تری ذیله فی تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 388، و أخرجه الطبرسیّ فی مجمع البیان ج 9 ص 210، مع زیادة، و قوله« درجات بعضها فوق بعض» اقتباس من القرآن و لیس بنص.

الْعِبَادُ غَداً فِی الدَّرَجَاتِ وَ یَنَالُونَ الزُّلْفَی مِنْ رَبِّهِمْ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

وَ فِی الْكَافِی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ الثَّوَابَ عَلَی قَدْرِ الْعَقْلِ.

وَ لِكُلٍ أی من الجن و الإنس دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أی مراتب مما عملوا من الخیر و الشر أو من أجل ما عملوا قیل و الدرجات غالبة فی المثوبة و هنا جاءت علی التغلیب وَ لِیُوَفِّیَهُمْ أَعْمالَهُمْ أی جزاءها وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ بنقص ثواب و زیادة عقاب.

وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً أی أصنافا فَأَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ قیل أی الیمین و هم الذین یعطون كتبهم بأیمانهم أو یؤخذ بهم ذات الیمین إلی الجنة أو أصحاب الیمن و البركة علی أنفسهم ما أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ أی أی شی ء هم علی التعجیب من حالهم وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ و هم الذین یعطون كتبهم بشمالهم أو یؤخذ بهم ذات الشمال إلی النار أو المشائیم علی أنفسهم بما عملوا من المعصیة ثم عجب سبحانه من حالهم تفخیما لشأنهم فی العذاب فقال ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ثم بین الصنف الثالث فقال وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أی السابقون إلی اتباع الأنبیاء الذین صاروا أئمة الهدی فهم السابقون إلی جزیل الثواب عند اللّٰه أو السابقون إلی طاعة اللّٰه هم السابقون إلی رحمته أو الثانی تأكید للأول و الخبر أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أی السابقون إلی الطاعات یقربون إلی رحمة اللّٰه فی أعلی المراتب و قیل فی السابقین إنهم السابقون إلی الإیمان و قیل إلی الهجرة و قیل إلی الصلوات الخمس و قیل إلی الجهاد و قیل إلی التوبة و أعمال البر و قیل إلی كل ما دعا اللّٰه إلیه و هذا أولی.

وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: السَّابِقُونَ أَرْبَعَةٌ ابْنُ آدَمَ الْمَقْتُولُ وَ السَّابِقُ فِی أُمَّةِ مُوسَی وَ هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ السَّابِقُ فِی أُمَّةِ عِیسَی وَ هُوَ حَبِیبٌ النَّجَّارُ وَ السَّابِقُ فِی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام (1).

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ أی هم ثلة أی جماعة كثیرة العدد من الأمم الماضیة وَ

ص: 156


1- 1. مجمع البیان ج 9 ص 215.

قَلِیلٌ مِنَ الْآخِرِینَ من أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله لأن من سبق إلی إجابة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله قلیل بالإضافة إلی من سبق إلی إجابة النبیین قبله و قیل معناه جماعة من أوائل هذه الأمة و قلیل من أواخرهم ممن قرب حالهم من حال أولئك و قیل علی الوجه الأول لا یخالف ذلك قوله علیه السلام إن أمتی یكثرون سائر الأمم لجواز أن یكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقی هذه الأمة و تابعو هذه أكثر من تابعیهم و لا یرده قوله تعالی فی أصحاب الیمین ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ لأن كثرة الفریقین لا ینافی أكثریة أحدهما انتهی (1).

لِأَصْحابِ الْیَمِینِ أی ما ذكر جزاء لأصحاب الیمین ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ أی جماعة من الأمم الماضیة و جماعة من مؤمنی هذه الأمة و قیل هنا أیضا إن الثلتین من هذه الأمة.

فَأَمَّا إِنْ كانَ أی المتوفی مِنَ الْمُقَرَّبِینَ أی السابقین فَرَوْحٌ أی فله استراحة و قیل هواء تستلذه النفس و یزیل عنها الهم وَ رَیْحانٌ قیل أی رزق طیب و قیل الریحان المشموم من ریحان الجنة یؤتی به عند الموت فیشمه و قیل الروح الرحمة و الریحان كل نباهة و شرف و قیل روح فی القبر و ریحان فی الجنة وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ أی ذات تنعم فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ قیل أی فتری فیهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قیل أی فسلام لك أیها الإنسان الذی هو من أصحاب الیمین من عذاب اللّٰه و سلمت علیك ملائكة اللّٰه و قیل معناه فسلام لك منهم فی الجنة لأنهم یكونون معك فقوله لَكَ بمعنی علیك.

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ أی نزلهم الذی أعد لهم من الطعام و الشراب حمیم جهنم وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ أی إدخال نار عظیمة.

لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا(2) بین سبحانه أن الإنفاق قبل فتح مكة إذا انضم إلیه الجهاد

ص: 157


1- 1. أنوار التنزیل: 420.
2- 2. الحدید: 10.

أكثر ثوابا عند اللّٰه من النفقة و الجهاد بعد ذلك و ذلك أن القتال قبل الفتح كان أشد و الحاجة إلی النفقة و إلی الجهاد كان أكثر و أمس و قسیم من أنفق محذوف لوضوحه و دلالة ما بعده علیه و الفتح فتح مكة إذ عز الإسلام به و كثر أهله و قلت الحاجة إلی المقاتلة و الإنفاق مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أی من بعد الفتح وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی أی كلا من المنفقین وعد اللّٰه المثوبة الحسنی و هی الجنة وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ عالم بظاهره و باطنه فمجازیكم علی حسبه.

یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ (1) قال ابن عباس یرفع اللّٰه الذین أوتوا العلم من المؤمنین درجات علی الذین لم یؤتوا العلم درجات و قیل معناه لكی یرفع اللّٰه الذین آمنوا منكم بطاعتهم للرسول صلی اللّٰه علیه و آله درجة و الذین أوتوا العلم بفضل علمهم و سابقتهم درجات فی الجنة و قیل فی مجلس الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.

لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ (2) فإن كفار مكة أخرجوهم و أخذوا أموالهم یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً حال مقیدة لإخراجهم بما یوجب تفخیم شأنهم وَ یَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ بأنفسهم و أموالهم أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذین ظهر صدقهم فی إیمانهم وَ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِیمانَ عطف علی المهاجرین و المراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدینة و تمكنوا فیهما و قیل المعنی تبوؤا دار الهجرة و دار الإیمان فحذف المضاف من الثانی و المضاف إلیه من الأول و عوض عنه اللام أو تبوؤا الدار و أخلصوا الإیمان مِنْ قَبْلِهِمْ أی من قبل هجرة المهاجرین و قیل تقدیر الكلام و الذین تبوؤا الدار من قبلهم و الإیمان (3)

یُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَیْهِمْ و لا یثقل علیهم وَ لا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ أی فی أنفسهم حاجَةً أی ما یحمل علیه الحاجة كالطلب و الحزازة و الحسد و الغیظ مِمَّا أُوتُوا أی مما أعطی المهاجرون و غیرهم وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ أی

ص: 158


1- 1. المجادلة: 11.
2- 2. الحشر: 8.
3- 3. أنوار التنزیل: 427.

یقدمون المهاجرین علی أنفسهم وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أی حاجة وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتی یخالفها فیما یغلب علیها من حب المال و بغض الإنفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالثناء العاجل و الثواب الآجل.

وَ الَّذِینَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ قیل هم الذین هاجروا من بعد حین قوی الإسلام أو التابعون بإحسان و هم المؤمنون بعد الفریقین إلی یوم القیامة و لذلك قیل إن الآیة قد استوعبت جمیع المؤمنین یَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونا بِالْإِیمانِ أی یدعون و یستغفرون لأنفسهم و لمن سبقهم بالإیمان وَ لا تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِینَ آمَنُوا حقدا و غشا و عداوة رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ أی متعطف علی العباد منعم علیهم.

و أقول إنما أوردناها لدلالتها من جهة الترتیب الذكری علی فضل المهاجرین من الصحابة علی الأنصار و فضلهما علی التابعین لهم بإحسان

«1»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِی الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْإِیمَانَ عَلَی سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عَلَی الْبِرِّ وَ الصِّدْقِ وَ الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ الْوَفَاءِ وَ الْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ بَیْنَ النَّاسِ فَمَنْ جَعَلَ فِیهِ هَذِهِ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ فَهُوَ كَامِلٌ مُحْتَمِلٌ وَ قَسَمَ لِبَعْضِ النَّاسِ السَّهْمَ وَ لِبَعْضٍ السَّهْمَیْنِ وَ لِبَعْضٍ الثَّلَاثَةَ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی السَّبْعَةِ ثُمَّ قَالَ لَا تَحْمِلُوا عَلَی صَاحِبِ السَّهْمِ سَهْمَیْنِ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ السَّهْمَیْنِ ثَلَاثَةً فَتَبْهَظُوهُمْ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی السَّبْعَةِ(1).

توضیح: البر الإحسان إلی نفسه و إلی غیره و یطلق غالبا علی الإحسان بالوالدین و الأقربین و الإخوان من المؤمنین كما ورد من خالص الإیمان البر بالإخوان و الصدق هو القول المطابق للواقع و یطلق أیضا علی مطابقة العمل للقول و الاعتقاد و علی فعل القلب و الجوارح المطابقین للقوانین الشرعیة و الموازین العقلیة و منه الصدیق و هو من حصل له ملكة الصدق فی جمیع هذه الأمور و لا

ص: 159


1- 1. الكافی ج 2 ص 42.

یصدر منه خلاف المطلوب عقلا و نقلا كما صرح به المحقق الطوسی ره فی أوصاف الأشراف.

و الیقین الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و فی عرف الأخبار هو مرتبة من الیقین یصیر سببا لظهور آثاره علی الجوارح و یطلق غالبا علی ما یتعلق بأمور الآخرة و بالقضاء و القدر كما ستعرف و له مراتب أشیر إلیها فی القرآن العزیز و هی علم الیقین و عین

الیقین و حق الیقین كما قال تعالی لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْیَقِینِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِیمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَیْنَ الْیَقِینِ (1) و قال سبحانه وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْیَقِینِ (2) و قالوا الأول مرتبة أرباب الاستدلال كمن لم یر النار و استدل بالدخان علیه و الثانی مرتبة أصحاب المشاهدة و العیان كمن رأی النار بعینها بعینه و الثالث مرتبة أرباب الیقین كمن كان فی وسط النار و اتصف بصفاتها و إن لم یصر عینها كالحدیدة المحماة فی النار فإنك تظنها نارا و لیست بنار و هذا هی التی زلت فیها الأقدام و ضلت العقول و الأحلام و لیس محل تحقیقها هذا المقام.

و الرضا هو اطمئنان النفس بقضاء اللّٰه تعالی عند البلاء و الرخاء و عدم الاعتراض علیه سبحانه قولا و فعلا فی شی ء من الأشیاء و الوفاء هو العمل بعهود اللّٰه تعالی من التكالیف الشرعیة و ما عاهد اللّٰه تعالی علیه و ألزم علی نفسه من الطاعات و الوفاء ببیعة النبی و الأئمة صلوات اللّٰه علیهم و الوفاء بعهود الخلق ما لم تكن فی معصیة و العلم هو معرفة اللّٰه و رسوله و حججه و ما أمر به و نهی عنه و علم الشرائع و الأحكام و الحلال و الحرام و الأخلاق و مقدماتها و الحلم هو ملكة حاصلة للنفس مانعة لها عن المبادرة إلی الانتقام و طلب التسلط و الترفع و الغلبة.

فهو كامل أی فی الإیمان محتمل لشرائطه و أركانه قابل لها كما ینبغی لا تحملوا علی صاحب السهم سهمین أی لما كانت القابلیات و الاستعدادات متفاوتة

ص: 160


1- 1. التكاثر 5- 7.
2- 2. الواقعة: 94.

و لم یكلف اللّٰه كل امرئ إلا علی قدر قابلیته فلا تحملوا فی العلوم و الأعمال و الأخلاق علی كل امرئ إلا بحسب طاقته و وسعه كما مر إنما یداق اللّٰه العباد فی الحساب علی قدر ما آتاهم من العقول فی الدنیا(1) نعم للأعلی أن ینقل الأدنی إلی درجته بالتعلیم و التدریج و الرفق حتی یصل إلی درجته إن كان قابلا لذلك كما سیأتی إن شاء اللّٰه و علی الأدنی أن یسعی و یتضرع إلی اللّٰه تعالی لأن یوفقه للصعود إلی الدرجة العلیا فتبهضوهم فی بعض النسخ بالضاد و فی بعضها بالظاء و هما معجمتان متقاربان معنی قال فی القاموس بهضنی الأمر كمنع و أبهضنی أی فدحنی و بالظاء أكثر و قال بهضه الأمر كمنع غلبه و ثقل علیه و بلغ به مشقة و الراحلة أوقرها فأتعبها.

«2»- كا، [الكافی] عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی جَمِیعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ أَبِی الْیَقْظَانِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا سَرَّاجٍ وَ كَانَ خَادِماً لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَنِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَاجَةٍ وَ هُوَ بِالْحِیرَةِ أَنَا وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِیهِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فِیهَا ثُمَّ رَجَعْنَا مُغْتَمِّینَ (2) قَالَ وَ كَانَ فِرَاشِی فِی الْحَائِرِ الَّذِی كُنَّا فِیهِ نُزُولًا فَجِئْتُ وَ أَنَا بِحَالٍ فَرَمَیْتُ بِنَفْسِی فَبَیْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَقْبَلَ قَالَ فَقَالَ قَدْ أَتَیْنَاكَ أَوْ قَالَ جِئْنَاكَ فَاسْتَوَیْتُ جَالِساً وَ جَلَسَ عَلَی صَدْرِ فِرَاشِی فَسَأَلَنِی عَمَّا بَعَثَنِی لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ جَرَی ذِكْرُ قَوْمٍ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا نَبْرَأُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا یَقُولُونَ مَا نَقُولُ فَقَالَ یَتَوَلَّوْنَا وَ لَا یَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ تَبْرَءُونَ مِنْهُمْ؟

ص: 161


1- 1. الكافی ج 1 ص 11، كتاب العقل و الجهل تحت الرقم 7.
2- 2. معتمین خ ل، و قوله« مغتمین» اسم مفعول من باب الافعال، و أصله من الغتم و هو شدة الحرّ الذی یكاد یأخذ بالنفس، و المغتوم: الذی یجد الحرّ و هو جائع، و عبارة التاج: المغتوم الذی لفحه الحر. و هذا المعنی هو المناسب لما بعده: فجئت و أنا بحال فرمیت بنفسی. و أمّا إذا رجع و هو معتم من الدخول فی العتمة، فان وقت العتمة وقت البرد و هبوب الاریاح فلا یناسب ما بعده.

قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَهُوَ ذَا عِنْدَنَا مَا لَیْسَ عِنْدَكُمْ فَیَنْبَغِی لَنَا أَنْ نَبْرَأَ مِنْكُمْ قَالَ قُلْتُ لَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ هُوَ ذَا عِنْدَ اللَّهِ مَا لَیْسَ عِنْدَنَا أَ فَتَرَاهُ اطَّرَحَنَا قَالَ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا نَفْعَلُ قَالَ فَتَوَلَّوْهُمْ وَ لَا تَبْرَءُوا مِنْهُمْ إِنَّ مِنَ الْمُسْلِمِینَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَهْمَانِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَلَا یَنْبَغِی أَنْ یُحْمَلَ صَاحِبُ السَّهْمِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ السَّهْمَیْنِ وَ لَا صَاحِبُ السَّهْمَیْنِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ وَ لَا صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ وَ لَا صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ وَ لَا صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ السِّتَّةِ وَ لَا صَاحِبُ السِّتَّةِ عَلَی مَا عَلَیْهِ صَاحِبُ السَّبْعَةِ وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا إِنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ جَارٌ وَ كَانَ نَصْرَانِیّاً فَدَعَاهُ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ زَیَّنَهُ لَهُ فَأَجَابَهُ فَأَتَاهُ سُحَیْراً فَقَرَعَ عَلَیْهِ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ الْبَسْ ثَوْبَیْكَ وَ مُرَّ بِنَا إِلَی الصَّلَاةِ قَالَ فَتَوَضَّأَ وَ لَبِسَ ثَوْبَیْهِ وَ خَرَجَ مَعَهُ قَالَ فَصَلَّیَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ صَلَّیَا الْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَا حَتَّی أَصْبَحَا فَقَامَ الَّذِی كَانَ نَصْرَانِیّاً یُرِیدُ مَنْزِلَهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَیْنَ تَذْهَبُ النَّهَارُ قَصِیرٌ وَ الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الظُّهْرِ قَلِیلٌ قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُ إِلَی صَلَاةِ الظُّهْرِ(1) ثُمَّ قَالَ وَ مَا بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ قَلِیلٌ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّی صَلَّی الْعَصْرَ قَالَ ثُمَّ قَامَ وَ أَرَادَ أَنْ یَنْصَرِفَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا آخِرُ النَّهَارِ وَ أَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّی صَلَّی الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ یَنْصَرِفَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا بَقِیَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فَمَكَثَ حَتَّی صَلَّی الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ تَفَرَّقَا فَلَمَّا كَانَ سحیرا [سُحَیْرٌ] غَدَا عَلَیْهِ فَضَرَبَ عَلَیْهِ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ الْبَسْ ثَوْبَیْكَ وَ اخْرُجْ بِنَا فَصَلِّ قَالَ اطْلُبْ لِهَذَا الدِّینِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّی وَ أَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِینٌ وَ عَلَیَّ عِیَالٌ فَقَالَ:

ص: 162


1- 1. الی أن صلی الظهر خ ل، كما فی المصدر.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَدْخَلَهُ فِی شَیْ ءٍ أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَدْخَلَهُ فِی مِثْلِ ذِهِ وَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا(1).

بیان: الحیرة بالكسر بلد كان قرب الكوفة و أنا تأكید للضمیر المنصوب فی بعثنی و تأكید المنصوب و المجرور بالمرفوع جائز و جماعة عطف علی الضمیر أو الواو بمعنی مع معتمین الظاهر أنه بالعین المهملة علی بناء الإفعال و التفعیل فی القاموس العتمة محركة ثلث اللیل الأول بعد غیبوبة الشفق أو وقت صلاة العشاء الآخرة و أعتم و عتم سار فیها أو أورد و أصدر فیها و ظلمة

اللیل و رجوع الإبل من المرعی بعد ما تمسی انتهی (2) أی رجعنا داخلین فی وقت العتمة و فی أكثر النسخ بالغین المعجمة من الغم (3) و كأنه تصحیف و ربما یقرأ مغتنمین من الغنیمة و هو تحریف.

و الحائر المكان المطمئن و البستان و أنا بحال أی بحال سوء من الضعف و الكلال إنهم لا یقولون ما نقول أی من مراتب فضائل الأئمة علیهم السلام و كمالاتهم و مراتب معرفة اللّٰه تعالی و دقائق مسائل القضاء و القدر و أمثال ذلك مما یختلف تكالیف العباد فیها بحسب أفهامهم و استعداداتهم لا فی أصل المسائل الأصولیة أو المراد اختلافهم فی المسائل الفروعیة و الأول أظهر و أما حمله علی أدعیة الصلاة و غیرها من المستحبات كما قیل فهو فی غایة البعد و إن كان یوافقه التمثیل المذكور فی آخر الخبر.

یتولونا و لا یقولون إلی آخره استفهام علی الإنكار فهو ذا عندنا أی من المعارف و العلوم و الأخلاق و الأعمال ما لیس عندكم فینبغی لنا علی الاستفهام اطرحنا أی عن الإیمان و الثواب أو عن درجة الاعتبار.

قوله ما نفعل لما فهم من كلامه علیه السلام نفی التبری تردد فی أنه هل

ص: 163


1- 1. الكافی ج 2 ص 43 و 44.
2- 2. القاموس ج 4: 147.
3- 3. بل من الغتم كما عرفت.

یلزمه التولی أو عدم ارتكاب شی ء من الأمرین فإن نفی أحدهما لا یستلزم ثبوت الآخر.

أن یحمل صاحب السهم علی ما علیه صاحب السهمین أی یقاس حاله بحاله و یتوقع منه ما یتوقع من الثانی من الفهم و المعرفة و العمل و زینه له أی حسن الإسلام فی نظره فأتاه سحیرا و هو تصغیر و هو سدس آخر اللیل أو ساعة آخر اللیل و قیل قبیل الصبح و التصغیر لبیان أنه كان قریبا من الصبح أو بعیدا منه و مر بنا أی معنا و خرج معه أی إلی المسجد ما شاء اللّٰه أی كثیرا حتی أصبحا أی دخلا فی الصباح و المراد الإسفار و انتشار ضوء النهار و ظهور الحمرة فی الأفق قال فی المفردات الصبح و الصباح أول النهار و هو وقت ما أحمر الأفق بحاجب الشمس قوله و أقل من أوله أی مما انتظرت بعد الفجر لصلاة الظهر أدخله فی شی ء أی من الإسلام صار سببا لخروجه من الإسلام رأسا أو المراد بالشی ء الكفر أی أدخله بجهله فی الكفر الذی أخرجه منه أو قال أدخله فی مثل هذا أی العمل الشدید و أخرجه من مثل هذا أی هذا الدین القویم

«3»- كا، [الكافی] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبَانٍ عَنْ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَیْفَ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی هَذَا الْخَلْقَ لَمْ یَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ أَجْزَاءً بَلَغَ بِهَا تِسْعَةً وَ أَرْبَعِینَ جُزْءاً ثُمَّ جَعَلَ الْأَجْزَاءَ أَعْشَاراً فَجَعَلَ الْجُزْءَ عَشَرَةَ أَعْشَارٍ ثُمَّ قَسَمَهُ بَیْنَ الْخَلْقِ فَجَعَلَ فِی رَجُلٍ عُشْرَ جُزْءٍ وَ فِی آخَرَ عُشْرَیْ جُزْءٍ حَتَّی بَلَغَ بِهِ جُزْءاً تَامّاً وَ فِی آخَرَ جُزْءاً وَ عُشْرَ جُزْءٍ وَ فِی آخَرَ جُزْءاً وَ عُشْرَیْ جُزْءٍ وَ فِی آخَرَ جُزْءاً وَ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ جُزْءٍ حَتَّی بَلَغَ بِهِ جُزْءَیْنِ تَامَّیْنِ ثُمَّ بِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّی بَلَغَ بِأَرْفَعِهِمْ تِسْعَةً وَ أَرْبَعِینَ جُزْءاً فَمَنْ لَمْ یُجْعَلْ فِیهِ إِلَّا عُشْرُ جُزْءٍ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی أَنْ یَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْعُشْرَیْنِ وَ كَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُشْرَیْنِ لَا یَكُونُ مِثْلَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ الْأَعْشَارِ وَ كَذَلِكَ مَنْ تَمَّ لَهُ جُزْءٌ لَا یَقْدِرُ عَلَی أَنْ یَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْجُزْءَیْنِ وَ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ هَذَا الْخَلْقَ عَلَی هَذَا

ص: 164

لَمْ یَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً(1).

بیان: لم یلم أحد أحدا أی فی عدم فهم الدقائق و القصور عن بعض المعارف أو فی عدم اكتساب الفضائل و الأخلاق الحسنة و ترك الإتیان بالنوافل و المستحبات و إلا فكیف یستقیم عدم الملامة علی ترك الفرائض و الواجبات و فعل الكبائر و المحرمات و قد مر أن اللّٰه تعالی لا یكلف الناس إلا بقدر وسعهم و لیسوا بمجبورین فی فعل المعاصی و لا فی ترك الواجبات لكن یمكن أن لا یكون فی وسع بعضهم معرفة دقائق الأمور و غوامض الأسرار فلم یكلفوا بها و كذا عن تحصیل بعض مراتب الإخلاص و الیقین و غیرها من المكارم فلیسوا بملومین بتركها فالتكالیف بالنسبة إلی العباد مختلفة بحسب اختلاف قابلیاتهم و استعداداتهم و لا یستحق من لم یكن قابلا لمرتبة من المراتب المذكورة أن یلام لم لا تفهم هذا المعنی و لم لا تفعل الصلاة كما كان أمیر المؤمنین علیه السلام یفعله مثلا و هكذا.

قوله علیه السلام بلغ بها كأنه جعل كل جزء من السهام السبعة المتقدمة سبعة قوله علیه السلام فجعل الجزء عشرة أعشار كأن هذا للتأكید و التوضیح و دفع توهم أن المراد جعل كل جزء عشرا من مرتبة فوقه فیصیر المجموع أربعمائة و تسعین عشرا حتی بلغ به الباء للتعدیة و الضمیر راجع إلی الإیمان أو إلی الرجل المطلق المفهوم من رجل لا إلی الرجل المذكور و لا إلی آخر لاختلال المعنی و هذا أظهر لقوله حتی بلغ بأرفعهم إلا عشر جزء أی من القابلیة أو قابلیة عشر جزء من الإیمان و هكذا فی البواقی.

«4»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْخَزَّازِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْقَرَاطِیسِیِّ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا عَبْدَ الْعَزِیزِ إِنَّ الْإِیمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ یُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ فَلَا یَقُولَنَّ صَاحِبُ الِاثْنَیْنِ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ لَسْتَ عَلَی شَیْ ءٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی الْعَاشِرَةِ فَلَا تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَیُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ

ص: 165


1- 1. الكافی ج 2: 44.

وَ إِذَا رَأَیْتَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ بِدَرَجَةٍ فَارْفَعْهُ إِلَیْكَ بِرِفْقٍ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَیْهِ مَا لَا یُطِیقُ فَتَكْسِرَهُ فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَیْهِ جَبْرُهُ (1).

«5»- ل، [الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ (2): مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ فَلَا یَقُولَنَّ صَاحِبُ الْوَاحِدِ لِصَاحِبِ الِاثْنَیْنِ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ وَ كَانَ الْمِقْدَادُ فِی الثَّامِنَةِ وَ أَبُو ذَرٍّ فِی التَّاسِعَةِ وَ سَلْمَانُ فِی الْعَاشِرَةِ(3).

بیان: القراطیسی بائع القراطیس عشر درجات كأنه علیه السلام عد كل تسعة و أربعین جزءا من السابق درجة أو هذه الدرجات لبعض مراتب الإیمان لا لكلها و قیل یجوز أن یراد بالإیمان هنا التصدیق أو الكامل المركب منه و من العمل یصعد علی بناء المجهول و منه نائب مناب الفاعل و قیل من بمعنی فی و الضمیر راجع إلی السلم و المرقاة بالفتح و الكسر اسم مكان أو آلة و هی الدرجة و فی المصباح المرقی و المرتقی موضع الرقی و المرقاة مثله و یجوز فیها فتح المیم علی أنه موضع الارتقاء و یجوز الكسر تشبیها باسم الآلة كالمطهرة و أنكر أبو عبید الكسر انتهی و هی منصوبة علی الظرفیة للمكان.

لست علی شی ء أی من الإیمان أو الكمال و الظاهر ما فی الكافی و علی ما فی الخصال المعنی أنه إذا سمع ممن هو فوقه فی المعرفة شیئا لا یصل إلیه عقله لا یقدح فیه و لا یكفره فلا تسقط أی من الإیمان أو من درجة الاعتبار من هو دونك أی أسفل منك بدرجة أو أكثر.

فارفعه إلیك فإن قلت كیف یرفعه إلیه مع أنه لا یطیقه كما مر فی الخبر السابق قلت یمكن أن تكون الدرجات المذكورة فی الخبر السابق درجات القابلیات و الاستعدادات و لذا نسبها إلی أصل الخلق

ص: 166


1- 1. الكافی ج 2: 44 و 45.
2- 2. هو حسن بن علیّ بن أبی عثمان المعروف بسجادة غال، یروی عنه أبو عبد اللّٰه الرازیّ و هو الحسین بن عبید اللّٰه بن سهل فی حال استقامته.
3- 3. الخصال ج 2: 59.

و الدرجات المذكورة فی هذا الخبر درجات الفعلیة و التحقق فیمكن أن یكون رجلان فی درجة واحدة من القابلیة فسعی أحدهما و حصل ما كان قابلا له و الآخر لم یسع و بقی فی درجة أسفل منه فلو كلفه أن یفهم دفعة ما فهمه فی أزمنة متطاولة یعسر الأمر علیه بل یصیر سببا لضلالته و حیرته فینبغی أن یرفق به و یكمله تدریجا حتی یبلغ إلی تلك الدرجة كما أن الكاتب الجید الخط إذا كلف أمیا لم یكتب قط أن یكتب مثله فی یوم أو شهر أو سنة لكان تكلیفا لما لا یطاق بل یجب أن یرقیه تدریجا حتی یصل إلی مرتبته و كذا فی المراتب العقلیة من لم یحصل شیئا منها لا یمكن إفهامه دفعة جمیع المسائل الغامضة و لو ألقیت إلیه لتحیر بل لم یطق فهمها و ضل عن السبیل و المعلم الأدیب الكامل یرقیه أولا من البدیهیات إلی أوائل النظریات و منها إلی أوساطها و منها إلی غوامضها فلا ینكسر و لا یتحیر.

و یمكن أن تحمل القدرة المذكورة فی الخبر السابق علی الوسع أی الإمكان بسهولة فلا ینافی المذكور فی هذا الخبر و لكن الأول أظهر و ربما یجاب بأنه لما لم یكن معلوما لصاحب الدرجة العلیا عدم قابلیة صاحب الدرجة السفلی بل ربما یظن أنه قابل للترقی فهو مأمور بهذا رجاء لتحقق مظنونه و لا یخفی ما فیه.

فتكسره أی تكسر إیمانه و تضله لأنه یرفع یده عما هو فیه و لا یصل إلی الدرجة الأخری فیتحیر فی دینه أو یكلفه من الطاعات ما لا یطیقها فیسوء ظنه بما كان یعمله فیتركهما جمیعا كما مر فی الباب السابق فعلیه جبره أی یجب علیه جبره و ربما لا ینجبر و یلزمه إصلاح ما أفسد من إیمانه و ربما لم یصلح.

«6»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی مَنَازِلَ مِنْهُمْ عَلَی وَاحِدَةٍ وَ مِنْهُمْ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ مِنْهُمْ عَلَی ثَلَاثٍ وَ مِنْهُمْ عَلَی أَرْبَعٍ وَ مِنْهُمْ عَلَی خَمْسٍ وَ مِنْهُمْ عَلَی سِتٍّ وَ مِنْهُمْ عَلَی سَبْعٍ فَلَوْ ذَهَبْتَ تَحْمِلُ عَلَی صَاحِبِ الْوَاحِدَةِ ثِنْتَیْنِ لَمْ یَقْوَ وَ عَلَی صَاحِبِ الثِّنْتَیْنِ ثَلَاثاً لَمْ یَقْوَ وَ عَلَی صَاحِبِ الثَّلَاثِ أَرْبَعاً لَمْ یَقْوَ

ص: 167

وَ عَلَی صَاحِبِ الْأَرْبَعِ خَمْساً لَمْ یَقْوَ وَ عَلَی صَاحِبِ الْخَمْسِ سِتّاً لَمْ یَقْوَ وَ عَلَی صَاحِبِ السِّتِّ سَبْعاً لَمْ یَقْوَ وَ عَلَی هَذِهِ الدَّرَجَاتِ (1).

توضیح: المراد بالمنازل الدرجات قوله علیه السلام علی هذه الدرجات كأن المعنی و علی هذا القیاس الدرجات التی تنقسم هذه المنازل إلیها فإن كلا منها ینقسم إلی سبعین درجة كما مر فی الخبر الأول و قیل أی بقیة الدرجات إلی العشر المذكور فی الخبر الثانی أو المراد بالدرجات المنازل أی علی هذا الوجه الذی ذكرنا تنقسم الدرجات فیكون تأكیدا و الأول أظهر.

«7»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا أَنْتُمْ وَ الْبَرَاءَةَ یَبْرَأُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرُ صَلَاةً مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُهُمْ أَنْفَذُ بَصِیرَةً مِنْ بَعْضٍ وَ هِیَ الدَّرَجَاتُ (2).

«8»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ نَضْرِ بْنِ عَلِیٍّ الْجَهْضَمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ وَ خَزَنَ لِسَانَهُ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ لِأَهْلِ بَیْتِ رَسُولِهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقَائِقَ الْإِیمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ (3).

«9»- ل، [الخصال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَذَكَرْتُ لَهُ شَیْئاً مِنْ أَمْرِ الشِّیعَةِ وَ مِنْ أَقَاوِیلِهِمْ فَقَالَ یَا عَبْدَ الْعَزِیزِ الْإِیمَانُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ لَهُ عَشْرُ مَرَاقِیَ وَ تَرْتَقِی مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ فَلَا یَقُولَنَّ صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ لِصَاحِبِ الثَّانِیَةِ لَسْتَ عَلَی شَیْ ءٍ وَ لَا یَقُولَنَّ صَاحِبُ الثَّانِیَةِ لِصَاحِبِ الثَّالِثَةِ لَسْتَ عَلَی شَیْ ءٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْعَاشِرَةِ ثُمَّ قَالَ:

ص: 168


1- 1. الكافی ج 2: 45.
2- 2. المصدر ج 2 ص 45.
3- 3. أمالی الصدوق: 200.

وَ كَانَ سَلْمَانُ فِی الْعَاشِرَةِ وَ أَبُو ذَرٍّ فِی التَّاسِعَةِ وَ الْمِقْدَادُ فِی الثَّامِنَةِ یَا عَبْدَ الْعَزِیزِ لَا تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَیُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ إِذَا رَأَیْتَ الَّذِی هُوَ دُونَكَ فَقَدَرْتَ أَنْ تَرْفَعَهُ إِلَی دَرَجَتِكَ رَفْعاً رَفِیقاً فَافْعَلْ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَیْهِ مَا لَا یُطِیقُهُ فَتَكْسِرَهُ فَإِنَّهُ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَیْهِ جَبْرُهُ لِأَنَّكَ إِذَا ذَهَبْتَ تَحْمِلُ الْفَصِیلَ حَمْلَ الْبَازِلِ فَسَخْتَهُ (1).

بیان: الفصیل ولد الناقة إذا فصل عن أمه و البازل اسم البعیر إذا طلع نابه و ذلك فی تاسع سنیه و الفسخ النقض.

«10»- ل، [الخصال] ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ عَلَی سَبْعِ دَرَجَاتٍ صَاحِبُ دَرَجَةٍ مِنْهُمْ فِی مَزِیدٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُخْرِجُهُ ذَلِكَ الْمَزِیدُ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَی دَرَجَةِ غَیْرِهِ وَ مِنْهُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ مِنْهُمُ النُّجَبَاءُ وَ مِنْهُمُ الْمُمْتَحَنَةُ وَ مِنْهُمُ النُّجَدَاءُ وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الصَّبْرِ وَ مِنْهُمْ أَهْلُ التَّقْوَی وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(2).

«11»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِی الْأَحْوَصِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ عِنْدَنَا أَقْوَاماً یَقُولُونَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ یُفَضِّلُونَهُ عَلَی النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ لَیْسَ یَصِفُونَ مَا نَصِفُ مِنْ فَضْلِكُمْ أَ نَتَوَلَّاهُمْ فَقَالَ لِی نَعَمْ فِی الْجُمْلَةِ أَ لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ مَا لَمْ یَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَا لَیْسَ لَنَا وَ عِنْدَنَا مَا لَیْسَ عِنْدَكُمْ وَ عِنْدَكُمْ مَا لَیْسَ عِنْدَ غَیْرِكُمْ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَضَعَ الْإِسْلَامَ عَلَی سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عَلَی الصَّبْرِ وَ الصِّدْقِ وَ الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ الْوَفَاءِ وَ الْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ بَیْنَ النَّاسِ فَمَنْ جَعَلَ فِیهِ هَذِهِ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ فَهُوَ كَامِلُ الْإِیمَانِ مُحْتَمِلٌ ثُمَّ قَسَمَ لِبَعْضِ النَّاسِ السَّهْمَ وَ لِبَعْضٍ السَّهْمَیْنِ وَ لِبَعْضٍ الثَّلَاثَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ الْخَمْسَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ السِّتَّةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ.

ص: 169


1- 1. الخصال ج 2: 60.
2- 2. الخصال ج 2: 7.

فَلَا تَحْمِلُوا عَلَی صَاحِبِ السَّهْمِ سَهْمَیْنِ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ السَّهْمَیْنِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ الْخَمْسَةِ سِتَّةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَی صَاحِبِ السِّتَّةِ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ فَتُثَقِّلُوهُمْ وَ تُنَفِّرُوهُمْ وَ لَكِنْ تَرَفَّقُوا بِهِمْ وَ سَهِّلُوا لَهُمُ الْمَدْخَلَ وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْتَبِرُ بِهِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ كَافِرٌ وَ كَانَ الْكَافِرُ یَرْفُقُ الْمُؤْمِنَ فَأَحَبَّ الْمُؤْمِنُ لِلْكَافِرِ الْإِسْلَامَ وَ لَمْ یَزَلْ یُزَیِّنُ لَهُ الْإِسْلَامَ وَ یُحَبِّبُهُ إِلَی الْكَافِرِ حَتَّی أَسْلَمَ فَغَدَا عَلَیْهِ الْمُؤْمِنُ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَی الْمَسْجِدِ لِیُصَلِّیَ مَعَهُ الْفَجْرَ فِی جَمَاعَةٍ فَلَمَّا صَلَّی قَالَ لَهُ لَوْ قَعَدْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَعَدَ مَعَهُ فَقَالَ لَوْ تَعَلَّمْتَ الْقُرْآنَ إِلَی أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَ صُمْتَ الْیَوْمَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَعَدَ مَعَهُ وَ صَامَ حَتَّی صَلَّی الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَوْ صَبَرْتَ حَتَّی تُصَلِّیَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَعَدَ مَعَهُ حَتَّی صَلَّی الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ نَهَضَا وَ قَدْ بَلَغَ مَجْهُودَهُ وَ حَمَلَ عَلَیْهِ مَا لَا یُطِیقُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا عَلَیْهِ وَ هُوَ یُرِیدُ بِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَدَقَّ عَلَیْهِ بَابَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اخْرُجْ حَتَّی نَذْهَبَ إِلَی الْمَسْجِدِ فَأَجَابَ أَنِ انْصَرِفْ عَنِّی فَإِنَّ هَذَا دِینٌ شَدِیدٌ لَا أُطِیقُهُ فَلَا تَخْرَقُوا بِهِمْ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ إِمَارَةَ بَنِی أُمَیَّةَ كَانَتْ بِالسَّیْفِ وَ الْعَسْفِ وَ الْجَوْرِ وَ أَنَّ إِمَامَتَنَا بِالرِّفْقِ وَ التَّأَلُّفِ وَ الْوَقَارِ وَ التَّقِیَّةِ وَ حُسْنِ الْخِلْطَةِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ فَرَغِّبُوا النَّاسَ فِی دِینِكُمْ وَ فِیمَا أَنْتُمْ فِیهِ (1).

بیان: الخرق بالضم و بالتحریك ضد الرفق و أن لا یحسن الرجل العمل و التصرف فی الأمور ذكره الفیروزآبادی.

«12»- ل، [الخصال]: فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ سَبْعَةٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ لِأَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ (2).

ص: 170


1- 1. الخصال ج 2: 8.
2- 2. الخصال ج 2: 4 راجع الرقم 8 فی ص 168.

«13»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ(1) فَقَالَ هُمْ الْأَئِمَّةُ وَ اللَّهِ یَا عَمَّارُ دَرَجاتٌ لِلْمُؤْمِنِینَ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِمُوَالاتِهِمْ وَ بِمَعْرِفَتِهِمْ إِیَّانَا یُضَاعِفُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِینَ حَسَنَاتِهِمْ وَ یَرْفَعُ لَهُمُ الدَّرَجَاتِ الْعُلَی وَ أَمَّا قَوْلُهُ یَا عَمَّارُ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ الْمَصِیرُ فَهُمْ وَ اللَّهِ الَّذِینَ جَحَدُوا حَقَّ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه وَ حَقَّ الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ فَبَاءُوا لِذَلِكَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ.

وَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ الدَّرَجَةُ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ (2).

«14»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بِالزِّیَادَةِ فِی الْإِیمَانِ تَفَاضَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ قُلْتُ وَ إِنَّ لِلْإِیمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ یَتَفَاضَلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ صِفْ لِی ذَلِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّی أَفْهَمَهُ قَالَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَقَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ (3) الْآیَةَ وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ (4) وَ قَالَ انْظُرْ كَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ (5) وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (6) فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِیمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ (7).

ص: 171


1- 1. آل عمران: 162 و ما بعدها ذیلها.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1: 205.
3- 3. البقرة: 253.
4- 4. أسری: 55.
5- 5. أسری: 21.
6- 6. آل عمران: 163.
7- 7. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 135، و هی قطعة من الحدیث الذی مر تحت الرقم 6 من الباب 30 ص 28.

«15»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا نَقُولُ درجة [الدَّرَجَةُ] وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِنَّمَا تَفَاضَلَ الْقَوْمُ بِالْأَعْمَالِ (1).

«16»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ شِیعَتُنَا وَ اللَّهِ لَا یُتِیحُهُمُ الذُّنُوبُ وَ الْخَطَایَا هُمْ صَفْوَةُ اللَّهِ الَّذِینَ اخْتَارَهُمْ لِدِینِهِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ ما عَلَی الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ (2).

«17»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ یَتَّخِذُ ما یُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ (3) أَ یُثِیبُهُمْ عَلَیْهِ قَالَ نَعَمْ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ یُثَابُونَ عَلَیْهِ قَالَ نَعَمْ (4).

«18»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَبَّقَ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ كَمَا سُبِّقَ بَیْنَ الْخَیْلِ یَوْمَ الرِّهَانِ قُلْتُ أَخْبِرْنِی عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَی الْإِیمَانِ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ (5) وَ قَالَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ وَ قَالَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِینَ عَلَی دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ثُمَّ ثَنَّی بِالْأَنْصَارِ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَی دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ (6).

«19»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْكَرْخِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ

ص: 172


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 388، و قد مر فی أول الباب ص 155.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2: 105، و الآیة فی براءة: 91.
3- 3. براءة: 99.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 105.
5- 5. قد مرت الإشارة الی مواضیع الآیات، راجع ص 28 و 29 فیما سبق.
6- 6. تفسیر العیّاشیّ ج 2: 105.

إِلَی خَیْثَمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ وَ عَسَی مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِی شِیعَتِنَا الْمُؤْمِنِینَ (1).

«20»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ رَفَعَهُ إِلَی الشَّیْخِ: فِی قَوْلِهِ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً قَالَ قَوْمٌ اجْتَرَحُوا ذُنُوباً مِثْلَ قَتْلِ حَمْزَةَ وَ جَعْفَرٍ الطَّیَّارِ ثُمَّ تَابُوا ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً لَمْ یُوَفَّقْ لِلتَّوْبَةِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ لَا یَقْطَعُ طَمَعَ الْعِبَادِ فِیهِ وَ رَجَاءَهُمْ مِنْهُ وَ قَالَ هُوَ أَوْ غَیْرُهُ إِنَّ عَسَی مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ (2).

«21»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: الْمُعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ قَوْمٌ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً(3).

«22»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِیدٍ سَلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَاعْرِضْ عَلَیْهِ كَلَامِی وَ قُلْ لَهُ إِنِّی أَتَوَلَّاكُمْ وَ أَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ أَقُولُ بِالْقَدَرِ أَ قَوْلِی فِیهِ قَوْلُكَ (4)

قَالَ فَعَرَضْتُ كَلَامَهُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَحَرَّكَ یَدَهُ ثُمَّ قَالَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَا أَعْرِفُهُ مِنْ مَوَالِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قُلْتُ یَزْعُمُ (5) أَنَّ سُلْطَانَ هِشَامٍ لَیْسَ مِنَ اللَّهِ فَقَالَ وَیْلَهُ مَا لَهُ وَیْلَهُ أَ مَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لآِدَمَ دَوْلَةً وَ لِإِبْلِیسَ دَوْلَةً(6).

ص: 173


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 105 نفسه و فیه: فی شیعتنا المذنبین، و الآیة فی براءة: 102.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 106.
3- 3. المصدر ج 2: 106.
4- 4. فی نسخة الكمبانیّ و هكذا المصدر:« و قولی فیه قولك» و هو تصحیف ظاهر فانه سائل یعرض كلامه و عقیدته مستفهما عن صحته و بطلانه، لا متحكما یحكم بأن ما یقوله هو قوله علیه السلام، و قول الراوی:« فحرك یده» معناه أن: لیس هذا قولی، فكانه حرك یده یمینا و شمالا كما یحرك النافی یده منكرا.
5- 5. فی المصدر: یزعم ابن عمر، خ.
6- 6. تفسیر العیّاشیّ ج 2: 106.

بیان: كأن ابن سعید كان یقول بالتفویض و كان لا یقول بمدخلیة هدایة اللّٰه تعالی و توفیقه و خذلانه فی أعمال العباد و هذا هو مراده بالقول بالقدر فلذا عده علیه السلام من الذین خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً و حرك یده مترددا فی قبوله و رده و قال ما أعرفه من موالی أمیر المؤمنین لهذا القول و یحتمل أن یكون من موالی أمیر المؤمنین استفهاما من السائل فقال أبو بكر إنه یزعم أنه لیس لله مدخل أصلا فی سلطنة هشام بن عبد الملك و كان من خلفاء بنی أمیة فأنكر علیه السلام هذا القول و قال إن اللّٰه جعل لإبلیس دولة و لخذلانه تعالی و ترك ألطافه بالنسبة إلی العباد لعدم استحقاقهم بسوء أعمالهم مدخل فی ذلك كذا خطر بالبال و اللّٰه أعلم بحقیقة المقال.

«23»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً قَالَ أُولَئِكَ قَوْمٌ مُذْنِبُونَ یُحْدِثُونَ فِی إِیمَانِهِمْ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی یَعِیبُهَا الْمُؤْمِنُونَ وَ یَكْرَهُهَا فَأُولَئِكَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ (1).

«24»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْنَا لَهُ مَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِیٍّ أَوْ غَیْرِهِ تَوَلَّیْنَاهُ وَ مَنْ خَالَفَنَا بَرِئْنَا مِنْهُ مِنْ عَلَوِیٍّ أَوْ غَیْرِهِ قَالَ یَا زُرَارَةُ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ أَیْنَ الَّذِینَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً(2).

«25»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِینَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِینَ قَالَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ(3).

«26»- كش، [رجال الكشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی وَ حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْقَاسِمِ الصَّیْقَلِ رَفَعَ الْحَدِیثَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَهُ فَتَذَاكَرْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ بَعْضُنَا ذَلِكَ ضَعِیفٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنْ كَانَ لَا یُقْبَلُ مِمَّنْ دُونَكُمْ حَتَّی یَكُونَ مِثْلَكُمْ لَمْ یُقْبَلْ مِنْكُمْ حَتَّی تَكُونُوا مِثْلَنَا(4).

ص: 174


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2: 106.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2: 106.
3- 3. المصدر نفسه و الآیة فی الحجر: 24.
4- 4. رجال الكشّیّ ص، و لم تجده.

«27»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یُوسُفَ عَنِ الْحُصَیْنِ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام وَفَدَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ فِی بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخَیْرِ لَا یُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ فِی بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالشَّرِّ لَا یُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ فِی بِلَادِكَ قَوْمٌ یَجْتَرِحُونَ السَّیِّئَاتِ وَ یَكْتَسِبُونَ الْحَسَنَاتِ قَالَ نَعَمْ قَالَ تِلْكَ خِیَارُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَی یَرْجِعُ إِلَیْهِمُ الْغَالِی وَ یَنْتَهِی إِلَیْهِمُ الْمُقَصِّرُ(1).

بیان: لعل المراد بالفرقة الأولی قوم من أرباب البدع و المراءین شهروا أنفسهم بالخیر فلذا فضل علیهم الفرقة الأخیرة أو المراد أن تلك أیضا من الخیار.

«28»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ فِی عَشَرَةٍ الْمَعْرِفَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ الصَّبْرِ وَ الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِیمِ فَأَیَّهَا فَقَدَ صَاحِبُهُ بَطَلَ نِظَامُهُ.

باب 33 السكینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه

الآیات:

البقرة: قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی (2)

الأنفال: وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً(3)

التوبة: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِیماناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

ص: 175


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2: 262.
2- 2. البقرة: 260.
3- 3. الأنفال: 2.

فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَی رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ (1)

الكهف: إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ (2)

الأحزاب: وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِیماناً وَ تَسْلِیماً(3)

الفتح: هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ (4)

المجادلة: لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِیرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (5)

تفسیر:

قوله تعالی قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی أقول یدل علی أن الإیمان و الیقین قابلان للشدة و الضعف قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی بلی أنا مؤمن و لكن سألت ذاك لأزداد یقینا إلی یقینی و قیل لأعاین ذلك و یسكن قلبی إلی علم العیان بعد علم الاستدلال و قیل لیطمئن قلبی بأنك قد أجبت مسألتی و اتخذتنی خلیلا كما وعدتنی (6).

و قال فی قوله تعالی وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً معناه و إذا قرئ علیهم القرآن زادتهم آیاته تبصرة و یقینا علی یقین و قیل زادتهم تصدیقا مع تصدیقهم بما أنزل إلیهم قبل ذلك عن ابن عباس و المعنی أنهم یصدقون بالأولی و الثانیة و الثالثة و كلما یأتی من عند اللّٰه فیزداد تصدیقهم (7).

و قال القاضی زادتهم إیمانا لزیادة المؤمن به أو لاطمینان النفس و رسوخ الیقین بتظاهر الأدلة أو بالعمل بموجبها و هو قول من قال الإیمان یزید بالطاعة

ص: 176


1- 1. براءة: 124 و 125.
2- 2. الكهف: 13- 14.
3- 3. الأحزاب: 22.
4- 4. الفتح: 4.
5- 5. المجادلة: 22.
6- 6. مجمع البیان ج 2: 373.
7- 7. المصدر ج 4: 519.

و ینقص بالمعصیة بناء علی أن العمل داخل فیه (1).

قوله تعالی فَمِنْهُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه (2) أی من المنافقین مَنْ یَقُولُ علی وجه الإنكار أی یقول بعضهم لبعض أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِیماناً و قیل معناه یقول المنافقون للمؤمنین الذین فی إیمانهم ضعف أیكم زادته هذه السورة إیمانا أی یقینا و بصیرة فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً قال القاضی بزیادة العلم الحاصل من تدبر السورة و انضمام الإیمان بها و بما فیها إلی إیمانهم وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ بنزولها لأنه سبب لزیادة كمالهم و ارتفاع درجاتهم فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَی رِجْسِهِمْ أی كفرا بها مضموما إلی كفرهم بغیرها وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ أی استحكم ذلك فیهم حتی ماتوا علیه (3).

وَ زِدْناهُمْ هُدیً فی المجمع أی بصیرة فی الدین و رغبة فی الثبات علیه بالألطاف المقویة لدواعیهم إلی الإیمان وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أی شددنا علیها بالألطاف و الخواطر المقویة للإیمان حتی وطنوا أنفسهم علی إظهار الحق و الثبات علی الدین و الصبر علی المشاق و مفارقة الوطن (4).

وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ أی و لما عاین المصدقون باللّٰه و رسوله الجماعة الذین تحزبت علی قتال النبی صلی اللّٰه علیه و آله مع كثرتهم قالُوا إلخ فیه قولان.

أحدهما أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان قد أخبرهم أنه یتظاهر علیهم الأحزاب و یقاتلونهم و وعدهم الظفر بهم فلما رأوهم تبین لهم مصداق قوله و كان ذلك معجزا له وَ ما زادَهُمْ مشاهدة عدوهم إِلَّا إِیماناً أی تصدیقا باللّٰه و رسوله وَ تَسْلِیماً لأمره و الآخر أن اللّٰه وعدهم بقوله أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا یَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا إلی قوله إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِیبٌ ما سیكون من الشدة التی تلحقهم من

ص: 177


1- 1. أنوار التنزیل: 161.
2- 2. مجمع البیان ج 5: 84 و الآیة فی براءة: 124.
3- 3. أنوار التنزیل: 182.
4- 4. مجمع البیان ج 6: 454 و الآیة فی الكهف: 13.

عدوهم فلما رأوا الأحزاب قالوا هذه المقالة(1).

هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ هی أن یفعل اللّٰه بهم اللطف الذی یحصل لهم عنده من البصیرة بالحق ما تسكن إلیه نفوسهم و ذلك بكثرة ما ینصب لهم من الأدلة الدالة علیه فهذه النعمة التامة للمؤمنین خاصة و أما غیرهم فتضطرب نفوسهم لأول عارض من شبهة ترد علیهم إذ لا یجدون برد الیقین و روح الطمأنینة فی قلوبهم و قیل هی النصرة للمؤمنین لتسكن بذلك قلوبهم و یثبتوا فی القتال و قیل هی ما أسكن قلوبهم من التعظیم لله و لرسوله لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ أی یقینا إلی یقینهم بما یرون من الفتوح و علو كلمة الإسلام علی وفق ما وعدوا و قیل لیزدادوا تصدیقا بشرائع الإسلام و هو أنهم كلما أمروا بشی ء من الشرائع صدقوا به و ذلك بالسكینة التی أنزلها اللّٰه فی قلوبهم عن ابن عباس و المعنی لیزدادوا معارف علی المعرفة الحاصلة عندهم (2).

أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ أی ثبته فی قلوبهم بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قیل كتب فی قلوبهم علامة الإیمان و معنی ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة علی أنهم مؤمنون وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أی قواهم بنور الإیمان و قیل قواهم بنور الحجج و البرهان حتی اهتدوا للحق و عملوا به و قیل قواهم بالقرآن الذی هو حیاة للقلوب من الجهل و قیل أیدهم بجبرئیل فی كثیر من المواطن ینصرهم و یدفع عنهم (3).

أقول: سیأتی فی الأخبار أن السكینة هی الإیمان و معنی روح الإیمان.

«1»- ب، [قرب الإسناد] ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَیْنِ رُوحُ الْإِیمَانِ یُسَارُّهُ بِالْخَیْرِ وَ الشَّیْطَانُ یُسَارُّهُ بِالشَّرِّ فَأَیُّهُمَا ظَهَرَ عَلَی صَاحِبِهِ غَلَبَهُ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا زَنَی الرَّجُلُ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهُ رُوحَ الْإِیمَانِ

ص: 178


1- 1. مجمع البیان ج 8: 349 و الآیة فی الأحزاب: 22.
2- 2. مجمع البیان ج 9: 111، و الآیة فی الفتح: 4.
3- 3. مجمع البیان ج 9: 254: و الآیة فی المجادلة: 22.

فَقُلْنَا الرُّوحُ الَّتِی قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ إِنَّمَا أَعْنِی مَا دَامَ عَلَی بَطْنِهَا فَإِذَا تَوَضَّأَ وَ تَابَ كَانَ فِی حَالٍ غَیْرِ ذَلِكَ (1).

بیان: فإذا توضأ أی تطهر و اغتسل.

«2»- فس، [تفسیر القمی]: وَ یَزِیدُ اللَّهُ الَّذِینَ اهْتَدَوْا هُدیً رَدٌّ عَلَی مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِیمَانَ لَا یَزِیدُ وَ لَا یَنْقُصُ (2).

«3»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ نَاساً زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا یَزْنِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَأْكُلُ الرِّبَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْفِكُ الدَّمَ الْحَرَامَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَقَدْ ثَقُلَ عَلَیَّ هَذَا وَ حَرِجَ مِنْهُ صَدْرِی حِینَ أَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ یُصَلِّی صَلَاتِی وَ یَدْعُو دُعَائِی وَ یُنَاكِحُنِی وَ أُنَاكِحُهُ وَ یُوَارِثُنِی وَ أُوَارِثُهُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ مِنْ أَجْلِ ذَنْبٍ یَسِیرٍ أَصَابَهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صلوات اللّٰه علیه صَدَقْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ وَ الدَّلِیلُ عَلَیْهِ كِتَابُ اللَّهِ خَلَقَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَی ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَ أَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْكِتَابِ أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ (3) فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ السَّابِقِینَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِیَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَیْرُ مُرْسَلِینَ جَعَلَ اللَّهُ فِیهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِیَاءَ مُرْسَلِینَ وَ غَیْرَ مُرْسَلِینَ وَ بِهَا عَلِمُوا الْأَشْیَاءَ وَ بِرُوحِ الْإِیمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ یُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَاشَهُمْ وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذِیذَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنْ شَبَابِ النِّسَاءِ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ دَبُّوا وَ دَرَجُوا.

ص: 179


1- 1. قرب الإسناد: 17 ط حجر، ص 25 ط النجف.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 413، و الآیة فی مریم: 76.
3- 3. راجع الواقعة: 8- 10.

فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (1) ثُمَّ قَالَ فِی جَمَاعَتِهِمْ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ یَقُولُ أَكْرَمَهُمْ بِهَا فَفَضَّلَهُمْ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْمَیْمَنَةِ وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً بِأَعْیَانِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ فِیهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَلَا یَزَالُ الْعَبْدُ یَسْتَكْمِلُ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الْأَرْبَعَةَ حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیْهِ حَالاتٌ فَقَالَ الرَّجُلُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا هَذِهِ الْحَالاتُ فَقَالَ أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْ لا یَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَیْئاً(2) فَهَذَا یَنْتَقِصُ مِنْهُ جَمِیعُ الْأَرْوَاحِ وَ لَیْسَ بِالَّذِی یَخْرُجُ مِنْ دِینِ اللَّهِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِهِ رَدَّهُ إِلَی أَرْذَلِ الْعُمُرِ فَهُوَ لَا یَعْرِفُ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَ لَا یَسْتَطِیعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّیْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ لَا الْقِیَامَ فِی الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ رُوحِ الْإِیمَانِ وَ لَیْسَ یَضُرُّهُ شَیْئاً وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ لَا یَسْتَطِیعُ جِهَادَ عَدُوِّهِ وَ لَا یَسْتَطِیعُ طَلَبَ الْمَعِیشَةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَصْبَحُ بَنَاتِ آدَمَ لَمْ یَحِنَّ إِلَیْهَا وَ لَمْ یَقُمْ وَ تَبْقَی رُوحُ الْبَدَنِ فِیهِ فَهُوَ یَدِبُّ وَ یَدْرُجُ حَتَّی یَأْتِیَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَذَا بِحَالٍ خَیْرٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ بِهِ وَ قَدْ یَأْتِی عَلَیْهِ حَالاتٌ فِی قُوَّتِهِ وَ شَبَابِهِ فَیَهُمُّ بِالْخَطِیئَةِ فَیُشَجِّعُهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ یُزَیِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَ تَقُودُهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّی تُوقِعَهُ فِی الْخَطِیئَةِ فَإِذَا لَامَسَهَا نَقَصَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ تَفَصَّی مِنْهُ فَلَیْسَ یَعُودُ فِیهِ حَتَّی یَتُوبَ فَإِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ إِنْ عَادَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ فَأَمَّا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فَهُمُ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ (3) یَعْرِفُونَ مُحَمَّداً وَ الْوَلَایَةَ فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ

ص: 180


1- 1. البقرة: 253.
2- 2. النحل: 70.
3- 3. البقرة: 146.

كَمَا یَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فِی مَنَازِلِهِمْ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ إِنَّكَ الرَّسُولُ إِلَیْهِمْ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ (1) فَلَمَّا جَحَدُوا مَا عَرَفُوا ابْتَلَاهُمْ بِذَلِكَ فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ أَسْكَنَ أَبْدَانَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ

رُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَی الْأَنْعَامِ فَقَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ (2) لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَ تَسِیرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ فَقَالَ السَّائِلُ أَحْیَیْتَ قَلْبِی بِإِذْنِ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (3).

ف (4)، [تحف العقول]: أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُنَاساً یَزْعُمُونَ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ (5).

یر، [بصائر الدرجات] عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن محمد بن داود عن أبی هارون العبدی عن محمد عن ابن نباتة: مثله (6).

بیان: و حرج منه أی ضاق حین أزعم أی أعتقد و أدعی موافقا لدعواهم یصلی صلاتی كأن صلاتی مفعول مطلق للنوع و كذا دعائی و المراد الدعوة إلی الدین أو دعاء الرب و طلب الحاجة منه فی الصلاة و غیرها و الأول أنسب و یناكحنی أی یعطینی زوجة كبنته و أخته و قیل المفاعلة فی تلك الأفعال بمعنی الإفعال و یوارثنی كأن فی الإسناد مجازا أی جعل اللّٰه له فی میراثی و لی فی میراثه نصیبا(7)

و عد الذنب یسیرا بالنسبة إلی الخلل فی العقائد أو الیسیر فی مقابل الكثیر و فی البصائر یصلی إلی قبلتی و یدعو دعوتی إلی قوله أخرجه من الإیمان و فیه فقال صدقك أخوك إنی سمعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول خلق اللّٰه الخلق ثم ذكر الآیة بتمامها إلی قوله أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ و علی ما

ص: 181


1- 1. البقرة: 147.
2- 2. الفرقان: 44.
3- 3. الكافی ج 2: 281 و 282.
4- 4. فی نسخة الكمبانیّ برمز قرب الإسناد، و هو سهو.
5- 5. تحف العقول: 185.
6- 6. بصائر الدرجات: 449 و 450.
7- 7. و فی تحف العقول ط اسلامیة: یوارینی و اواریه.

فی الكافی یمكن أن یقرأ صدقت علی بناء المعلوم المخاطب أی القول الذی ذكرت عنهم صدق و حق أو صدقت فی أنهم لا یخرجون من الإیمان رأسا بحیث تنتفی المناكحة و الموارثة و أمثالهما أو فی أنهم لا یخرجون بمحض ارتكاب الذنب بل بالإصرار علیه أو المعلوم الغائب و الضمیر للناس بتأویل أو المجهول المخاطب أی صدقوك فیما أخبروك.

و الاستدلال بالكتاب إما بالآیات المذكورة أو غیرها من الآیات الدالة علی حصر المؤمن فی جماعة موصوفین بصفات مخصوصة و علی الأول كما هو الظاهر الاستدلال بأن الظاهر من التقسیم و ما یأتی بعده أن یكون التقسیم إلی الأنبیاء و الأوصیاء و إلی المؤمنین و إلی الكافرین و وصف أصحاب الیمین و جزاءهم بأوصاف لا تلیق إلا بمن لم یستحق عقوبة و لم یرتكب كبیرة موجبة للنار فلا بد من دخول المصرین علی الكبائر فی أصحاب الشمال أو بأنه تعالی ذكر فی وصف أصحاب الشمال الذین یُصِرُّونَ عَلَی الْحِنْثِ الْعَظِیمِ (1) فالإصرار علی الذنب العظیم یخرج من الإیمان.

قوله علیه السلام جعل اللّٰه فیهم خمسة أرواح أقول الروح یطلق علی النفس الناطقة و علی الروح الحیوانیة الساریة فی البدن و علی خلق عظیم إما من جنس الملائكة أو أعظم منهم كما قال تعالی یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا(2) و الأرواح المذكورة هنا یمكن أن تكون أرواحا مختلفة متباینة بعضها فی البدن و بعضها خارجة عنه أو یكون المراد بالجمیع النفس الناطقة الإنسانیه باعتبار أعمالها و درجاتها و مراتبها أو أطلقت علی تلك الأحوال و الدرجات كما أنه یطلق علیها النفس الأمارة و اللوامة و المطمئنة و الملهمة بحسب درجاتها و مراتبها فی الطاعة و العقل الهیولائی و بالملكة و بالفعل و المستفاد بحسب مراتبها فی العلم و المعرفة و یحتمل أن تكون روح القوة و الشهوة و المدرج كلها الروح الحیوانیة و روح الإیمان و روح القدس النفس الناطقة

ص: 182


1- 1. الواقعة: 46.
2- 2. النبأ: 38.

بحسب كمالاتها أو تكون الأربعة سوی روح القدس مراتب النفس و روح القدس الخلق الأعظم فإن ظاهر أكثر الأخبار مباینة روح القدس للنفس.

و یحتمل أن یكون ارتباط روح القدس متفرعا علی حصول تلك الحالة القدسیة للنفس فتطلق روح القدس علی النفس فی تلك الحالة و علی تلك الحالة و علی الجوهر القدسی الذی یحصل له الارتباط بالنفس فی تلك الحالة كما أن الحكماء یقولون إن النفس بعد تخلیها عن الملكات الردیة و تحلیها بالصفات العلیة و كشف الغواشی الهیولانیة و نقض العلائق الجسمانیة یحصل لها ارتباط خاص بالعقل الفعال كارتباط البدن بالروح فتطالع الأشیاء فیها و تفیض المعارف منه علیها آنا فآنا و ساعة فساعة و به یؤولون علم ما یحدث باللیل و النهار و هذا و إن كان مبتنیا علی أصول فاسدة لا نقول بها لكن إنما ذكرناه للتشبیه و التنظیر و علم جمیع ذلك عند العلیم الخبیر.

قوله علیه السلام خلق اللّٰه الناس علی ثلاث طبقات قیل الخلق بمعنی الإیجاد أو التقدیر و وجه الحصر أن الناس إما كافر أو مؤمن و المؤمن إما أن تكون له قوة قدسیة مقتضیة للعصمة أو لم تكن و الأول أصحاب المشأمة و الأخیر أصحاب المیمنة و الثانی السابقون و ذلك قول اللّٰه إشارة إلی قوله سبحانه فی سورة الواقعة وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ قَلِیلٌ مِنَ الْآخِرِینَ إلی آخر الآیات و قد مر تفسیر الآیات فی باب درجات الإیمان فإنهم بكسر الهمزة و قد یقرأ بفتحها أی فلأنهم أنبیاء كأنه علیه السلام غلب الأنبیاء علی الأوصیاء لأن الأوصیاء فی الأمم السابقة كان أكثرهم أو كلهم أنبیاء فهذا یشمل الأئمة علیهم السلام.

وَ فِی حَدِیثِ جَابِرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فَالسَّابِقُونَ هُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَ خَاصَّةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ (1).

و فی روایة أخری الأنبیاء و الأوصیاء و یمكن عطف غیر مرسلین

ص: 183


1- 1. راجع بصائر الدرجات: 447، و هو یشبه حدیث ابن نباتة.

علی الأنبیاء لكنه أبعد و كأن فیه نوع تقیة و فی البصائر مرسلین و غیر مرسلین و فی القاموس عالجه علاجا و معالجة زاوله و داواه و قال الشباب الفتاء كالشبیبة و جمع شاب كالشبان و قال دب یدب دبا و دبیبا مشی علی هینته و قال درج دروجا مشی و فی الصحاح دب الشیخ مشی مشیا رویدا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم و هاتان الفقرتان لیستا فی البصائر فی شی ء من الروایتین فی الموضعین (1)

و علی ما فی الكافی كأن الذنب مؤول بترك الأولی كما مر مرارا أو كنایتان عن عدم صدورها عنهم.

تلك الرسل قال البیضاوی إشارة إلی الجماعة المذكورة قصصها فی السورة أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل و اللام للاستغراق فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ بأن خصصناه بمنقبة لیست لغیره مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ و هو موسی و قیل موسی و محمد علیهما السلام كلم موسی لیلة الحیرة و فی الطور و محمدا لیلة المعراج حین فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی و بینهما بون بعید وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ بأن فضله علی غیره من وجوه متعددة و بمراتب متباعدة و هو محمد صلی اللّٰه علیه و آله فإنه خص بالدعوة العامة و الحجج المتكاثرة و المعجزات المستمرة و الآیات المتراقیة المتعاقبة بتعاقب الدهر و الفضائل العلمیة و العملیة الفائتة للحصر و الإبهام لتفخیم شأنه كأنه العلم المتعین لهذا الوصف المستغنی عن التعیین و قیل إبراهیم خصصه بالخلة التی هی أعلی المراتب و قیل إدریس لقوله تعالی وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِیًّا و قیل أولو العزم من الرسل (2).

وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ المعجزات الواضحات كإحیاء الموتی و إبراء الأكمه و الأبرص و الإخبار بالمغیبات أو الإنجیل وَ أَیَّدْناهُ و قویناه بِرُوحِ الْقُدُسِ بالروح المقدسة كقولك حاتم الجود و رجل صدق أراد به جبرئیل أو روح عیسی و وصفها به لطهارته عن مس الشیطان أو لكرامته علی اللّٰه و لذلك

ص: 184


1- 1. یعنی روایة جابر عن الصادق علیه السلام، و روایة الأصبغ عن أمیر المؤمنین علیه السلاملیه السلام.
2- 2. أنوار التنزیل: 61.

أضافها إلی نفسه أو لأنه لم تضمها الأصلاب و الأرحام الطوامث أو الإنجیل أو اسم اللّٰه الأعظم الذی كان یحیی به الموتی و خص عیسی علیه السلام بالتعیین لإفراط الیهود و النصاری فی تحقیره و تعظیمه و جعل معجزاته سبب تفضیله لأنها آیات واضحة و معجزات عظیمة لم یستجمعها غیره.

ثم قال فی جماعتهم ظاهره أن المراد أنه قال ذلك فی عموم الأنبیاء و الرسل و هو مخالف لظاهر سیاق الآیات و المشهور بین المفسرین و الآیات هكذا كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِی إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِیرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ و قال البیضاوی أُولئِكَ أی الذین لم یوادوهم (1) و أقول یمكن توجیهه بوجوه.

الأول أن یكون أولئك إشارة إلی الرسل فی قوله وَ رُسُلِی و هو و إن كان بعیدا لفظا فلیس ببعید معنی و لا ینافی ما مر فی بعض الأخبار أنه الروح الذی فی المؤمنین جمیعا و یفارقهم فی وقت المعصیة لأنهم أكمل المؤمنین و فیهم هذا الروح أیضا علی وجه الكمال و إن كان فی سائر المؤمنین صنف منه و هذا غیر روح القدس كما مر فی الخمسة.

الثانی أن یكون إشارة إلی المؤمنین و ذكره علیه السلام هذه الآیة لبیان أنهم أیضا مؤیدون بهذا الروح لأنهم أكمل المؤمنین كما عرفت.

الثالث أن یكون المراد بجماعتهم الجماعة المخصوصین بالرسل من خواص أممهم و أتباعهم و كونه فی خواص أتباعهم یستلزم كونه فیهم أیضا و فی البصائر فی حدیث جابر بعد قوله و روح البدن و بین ذلك فی كتابه حیث قال تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا الآیة و بعدها ثم قال فی جمیعهم وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ و هذا یأبی عن هذا الحمل بل عن الثانی أیضا إلا بتكلف.

ص: 185


1- 1. أنوار التنزیل: 426.

و هم المؤمنون حقا أی یكون إیمانهم واقعیا و لا یكون باطنهم مخالفا لظاهرهم فیكونون منافقین علی بعض الاحتمالات السابقة أو المراد بهم المؤمنون الذین لا یتركون الفرائض و لا یرتكبون الكبائر إلا اللمم فالذین یفعلون ذلك و لا یتوبون داخلون فی أصحاب الشمال لكنه یأبی عنه ما سیأتی من التخصیص بأهل الكتاب و سیأتی القول فیه و قوله بأعیانهم لیس فی روایة جابر و كأن المعنی بخصوصهم أو بأنفسهم من غیر أن یلحق بهم أتباعهم یستكمل هذه الأرواح أی یطلب كمالها و تمامها أو یتصف بها كاملة و فی البصائر بهذه الأرواح و فی روایة جابر مستكملا بهذه الأرواح و هما أظهر و هما علی بناء المفعول فی القاموس استكمله و كمله أتمه و جمله.

إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ فی مجمع البیان أی أدون العمر و أوضعه أی یبقیه حتی یصیر إلی حال الهرم و الخرف فیظهر النقصان فی جوارحه و حواسه و عقله و روی عن علی علیه السلام أن أرذل العمر خمس و سبعون سنة و روی مثل ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و عن قتادة تسعون سنة لِكَیْ لا یَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَیْئاً أی لیرجع إلی حال الطفولیة لنسیان ما كان علمه لأجل الكبر فكأنه لا یعلم شیئا مما كان علیه و قیل لیقل علمه بخلاف ما كان علیه فی حال شبابه انتهی (1) و قال البیضاوی و قیل هو خمس و تسعون سنة(2) و أقول فی روضة الكافی أنه مائة سنة و قیل الكاف فی قوله كما قال اللّٰه لبیان أن القریب من أرذل العمر أیضا داخل فی المراد و لیس بالذی یخرج من دین اللّٰه.

قال بعض المحققین إن قیل قد ثبت أن الإنسان إنما یبعث علی ما مات علیه فإذا مات الكبیر علی غیر معرفة فكیف یبعث عارفا قلنا لما كان مانعه عن الالتفات إلی معارفه أمرا عارضا و هو اشتغاله بتدبیر البدن فلما زال ذلك بالموت برزت له معارفه التی كانت كامنة فی ذاته بخلاف من لم یحصل المعرفة أصلا

ص: 186


1- 1. مجمع البیان ج 6: 372.
2- 2. أنوار التنزیل: 230.

فإنه لیس فی ذاته شی ء لیبرز له.

لأن الفاعل به رده أی إن اللّٰه الفاعل به المدبر لأمره رده أو الرب الفاعل به القوی الأربع و خالقها فیه رده أو فاعل آخر غیر نفسه رده و لا تقصیر له فیه و الأول أظهر و فی البصائر لأن اللّٰه الفاعل ذلك به و هو أصوب و لا یستطیع التهجد باللیل و لا بالنهار كأنه استعمل التهجد هنا فی مطلق العبادة أو یقدر فعل آخر كقولهم

علفتها تبنا و ماء باردا و قیل المراد بالتهجد هنا التیقظ من نوم الغفلة و أصل التهجد مجانبة الهجود فی اللیل للصلاة و فی القاموس الهجود النوم كالتهجد و بالفتح المصلی باللیل و الجمع بالضم و هجد و تهجد استیقظ كهجد ضد و فی البصائر و لا الصیام بالنهار و هو أصوب.

و لا القیام فی الصف أی لصلاة الجماعة و یحتمل الجهاد و لیس یضره شیئا لأن ترك الأفعال مع القدرة علیها یوجب نقص الإیمان لا مع العذر و لا یوجب نقص ثوابه أیضا لما ورد فی الأخبار أنه یكتب له مثل ما كان یعمله فی حال شبابه و قوته و صحته و فیهم أی فی أصحاب المیمنة أو فی أصحاب تلك الحالات من ینتقص منه روح القوة أی هی فقط أو بسبب غیر الكبر فی السن و منهم یحتمل الوجهین المتقدمین و ثالثا و هو إرجاع الضمیر إلی الذین ینتقص منهم روح القوة و علی الوجهین الآخرین كان المراد مع نقص الروح السابقة لقوله و یبقی روح البدن.

لم یحن إلیها أی لا یشتاق إلیها و لم یقم أی إلیها لطلبها و مراودتها و قیل أی لم تقم آلته لها و لا یخفی بعده و فی روایة جابر و قد یأتی علی العبد تارات ینقص منه بعض هذه الأربعة و ذلك قول اللّٰه تعالی وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْ لا یَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَیْئاً(1) فینتقص روح القوة و لا یستطیع مجاهدة العدو و لا معالجة المعیشة و ینتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أحسن بنات

ص: 187


1- 1. النحل: 70.

بنی آدم لم یحن إلیها و تبقی فیه روح الإیمان و روح البدن فبروح الإیمان یعبد اللّٰه و بروح البدن یدب و یدرج حتی یأتیه ملك الموت إلی آخر الخبر و كأنه أظهر.

فهذا بحال خیر أی لا یضره هذا النقص فی الأرواح و قیل المعنی أنه یسقط عنه بعض التكالیف الشرعیة كالجماع فی كل أربعة أشهر و القسمة بین النساء و لا یخفی ما فیه فی قوته كلمة فی للسببیة أو للظرفیة أی وقت قوته نقص النقص یكون لازما و متعدیا و هنا یحتملهما فعلی الأول المعنی نقص بعض الإیمان فمن بمعنی البعض أو نقص شی ء منه فیكون فاعلا و علی الثانی

یكون مفعولا و تفصی منه بالفاء أی خرج من الإیمان أو خرج الإیمان منه فی القاموس أفصی تخلص من خیر أو شر كتفصی و فی النهایة یقال تفصیت من الأمر تفصیا إذا خرجت منه و تخلصت و ربما یقرأ بالقاف أی بعد منه و هو تصحیف.

و إن عاد أی من غیر توبة علی وجه الإصرار و قیل هو من العادة أدخله اللّٰه نار جهنم أی یستحق ذلك و یدخله إن لم یعف عنه لكن یخرجه بعد ذلك إلا أن یصیر مستحلا أو تاركا لولایة أهل البیت علیهم السلام و یؤیده أن فی البصائر هكذا فإذا مسها انتقص من الإیمان و نقصانه من الإیمان لیس بعائد فیه أبدا أو یتوب فإن تاب و عرف الولایة تاب اللّٰه علیه و إن عاد و هو تارك الولایة أدخله اللّٰه نار جهنم.

و أقول كأنه لم یذكر العود مع الولایة و أبهم ذلك إما لعدم اجتراء الشیعة علی المعصیة أو لأن الإصرار یصیر سببا لترك الولایة غالبا أو أحیانا.

فهم الیهود و النصاری كأن ذكرهما علی المثال و المراد جمیع الكفار و المنكرین للعقائد الإیمانیة الذین تمت علیهم الحجة و یؤیده ما فی روایة جابر حیث قال و أما ما ذكرت من أصحاب المشأمة فمنهم أهل الكتاب الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ قال البیضاوی یعنی علماءهم یَعْرِفُونَهُ الضمیر لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 188

و إن لم یسبق ذكره لدلالة الكلام علیه و قیل للعلم أو القرآن أو التحویل یعنی تحویل القبلة كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ یشهد للأول أی یعرفونه بأوصافه كمعرفتهم أبناءهم و لا یلتبسون علیهم بغیرهم وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ تخصیص لمن عاند و استثناء لمن آمن الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ كلام مستأنف و الْحَقُ إما مبتدأ خبره مِنْ رَبِّكَ و اللام للعهد و الإشارة إلی ما علیه الرسول أو الحق الذی یكتمونه أو للجنس و المعنی أن الحق ما ثبت أنه من اللّٰه كالذی أنت علیه لا ما لم یثبت كالذی علیه أهل الكتاب و إما خبر مبتدإ محذوف أی هو الحق و مِنْ رَبِّكَ حال أو خبر بعد خبر و قرئ بالنصب علی أنه بدل من الأول أو مفعول یعلمون فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ الشاكین فی أنه من ربك أو فی كتمانهم الحق عالمین به و لیس المراد به نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن الشك فیه لأنه غیر متوقع منه و لیس بقصد و اختیار بل إما تحقیق الأمر و أنه بحیث لا یشك فیه ناظر أو أمر الأمة باكتساب المعارف المزیحة للشك علی الوجه الأبلغ (1).

قوله و الولایة أی یعرفون محمدا بالنبوة و أوصیاءهم بالإمامة و الولایة و إنما اكتفی بذكر محمد صلی اللّٰه علیه و آله لأن معرفته علی وجه الكمال یستلزم معرفة أوصیائه أو لأنه الأصل و العمدة أنك الرسول إلیهم بیان للحق و فی البصائر الحق من ربك الرسول من اللّٰه إلیهم بالحق و الظاهر أن قراءتهم علیهم السلام كان علی النصب ابتلاهم اللّٰه بذلك أی بسبب ذلك الجحود و قوله فسلبهم بیان للابتلاء.

و أقول یحتمل أن یكون الغرض من ذكر الآیة بیان سلب روح الإیمان من هؤلاء بقوله تعالی فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ فإن الظاهر أن هذا تعریض لهم بأنهم من الشاكین علی أحد وجهین أحدهما أنه لما جحدوا ما عرفوا سلب اللّٰه منهم التوفیق و اللطف فصاروا شاكین و مع الشك لا یبقی الإیمان فسلب منهم روحه لأنه لا یكون مع عدم الإیمان أو سلب منهم أولا الروح المقوی للإیمان

ص: 189


1- 1. أنوار التنزیل: 44 و الآیة فی البقرة: 136.

فصاروا شاكین و ثانیهما أنهم لما أنكروا ظاهرا ما عرفوا یقینا نسبهم إلی الامتراء و ألحقهم بالشاكین لأن الیقین إنما یكون إیمانا إذا لم یقارن الإنكار الظاهری فلذا سلبهم الروح الذی هو لازم الإیمان و یؤیده أن فی البصائر ابتلاهم اللّٰه بذلك الذم و هذان الوجهان مما خطر بالبال فی غایة المتانة.

و أسكن أبدانهم تخصیص تلك الأرواح بالأبدان لأن الروحین الآخرین لیسا مما یسكن البدن و إن كانا متعلقین به.

و اعلم أن الروح یذكر و یؤنث و إنما بسطنا الكلام فی شرح هذا الخبر لأنه لم یتعرض أحد لإیضاح الدقائق المستنبطة منه.

«4»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ صَبَّاحِ بْنِ سَیَابَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ تَرَی الزَّانِی حِینَ یَزْنِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَی بَطْنِهَا سُلِبَ الْإِیمَانُ مِنْهُ فَإِذَا قَامَ رُدَّ عَلَیْهِ قَالَ فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ یَعُودَ قَالَ مَا أَكْثَرَ مَنْ یَهُمُّ أَنْ یَعُودَ ثُمَّ لَا یَعُودُ(1).

«5»- ثو، [ثواب الأعمال] عَنِ ابْنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا زَنَی الرَّجُلُ فَارَقَهُ رُوحُ الْإِیمَانِ قَالَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ذَلِكَ الَّذِی یُفَارِقُهُ (2).

كا، [الكافی] عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن فضال: مثله (3) بیان حاصله أن یفارقه كمال الإیمان و نوره و ما به یترتب علیه آثاره إذ الإیمان و التصدیق بدون تأثیره فی فعل الطاعات و ترك المناهی كبدن بلا روح و قد عرفت أنه قد یطلق علی ملك موكل بقلب المؤمن یهدیه فی مقابلة شیطان یغویه و علی نصرة ذلك الملك و لا ریب فی أن المؤمن إذا زنی فارقه روح الإیمان

ص: 190


1- 1. ثواب الأعمال: 234، و سیأتی مثله عن الكافی ج 2: 281.
2- 2. ثواب الأعمال: 235. و الآیة فی المجادلة: 22.
3- 3. الكافی ج 2 ص 280.

بتلك المعانی فإذا فرغ من العمل فإن تاب یعود إلیه الروح كاملا و إلا یعود إلیه فی الجملة و الضمیر المجرور فی قوله بِرُوحٍ مِنْهُ راجع إلی اللّٰه أو إلی الإیمان و الأول أظهر.

«6»- یر، [بصائر الدرجات] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الرُّوحِ قَالَ یَا جَابِرُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَی ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَ أَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ وَ بَیَّنَ ذَلِكَ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ قَالَ فَأَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (1) فَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنَ السَّابِقِینَ فَهُمْ أَنْبِیَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَیْرُ مُرْسَلِینَ جَعَلَ اللَّهُ فِیهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ وَ بَیَّنَ ذَلِكَ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ قَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (2) ثُمَّ قَالَ فِی جَمِیعِهِمْ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (3) فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِیَاءَ مُرْسَلِینَ وَ غَیْرَ مُرْسَلِینَ وَ بِرُوحِ الْقُدُسِ عَلِمُوا جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ وَ بِرُوحِ الْإِیمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ یُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَایِشَهُمْ وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذَّةَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنَ النِّسَاءِ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ یَدِبُّ وَ یَدْرُجُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَیْمَنَةِ فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً جَعَلَ فِیهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ وَ لَا یَزَالُ الْعَبْدُ مُسْتَكْمِلًا بِهَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْأَرْبَعَةِ حَتَّی یَهُمَّ بِالْخَطِیئَةِ فَإِذَا هَمَّ بِالْخَطِیئَةِ تَزَیَّنَ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَ شَجَّعَهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ قَادَهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّی یُوقِعَهُ فِی

ص: 191


1- 1. الواقعة: 8- 11.
2- 2. البقرة: 253.
3- 3. المجادلة: 22.

تِلْكَ الْخَطِیئَةِ فَإِذَا لَامَسَ الْخَطِیئَةَ انْتَقَصَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ انْتَقَصَ الْإِیمَانُ مِنْهُ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ قَدْ تَأْتِی عَلَی الْعَبْدِ تَارَاتٌ یَنْقُصُ مِنْهُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْ لا یَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَیْئاً(1) فَتَنْتَقِصُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ لَا یَسْتَطِیعُ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ وَ لَا مُعَالَجَةَ الْمَعِیشَةِ وَ تَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَحْسَنُ بَنَاتِ آدَمَ لَمْ یَحِنَّ إِلَیْهَا وَ تَبْقَی فِیهِ رُوحُ الْإِیمَانِ وَ رُوحُ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْإِیمَانِ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ یَدِبُّ وَ یَدْرُجُ حَتَّی یَأْتِیَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَشْأَمَةِ فَمِنْهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ (2) عَرَفُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ الْوَصِیَّ مِنْ بَعْدِهِ وَ كَتَمُوا مَا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ بَغْیاً وَ حَسَداً فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ جَعَلَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَی الْأَنْعَامِ فَقَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا(3) لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَ تَسِیرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ (4).

«7»- سر، [السرائر] مِنْ كِتَابِ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ رَأَیْتَ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ یُنْزَعُ مِنْهُ رُوحُ الْإِیمَانِ قَالَ یُنْزَعُ مِنْهُ رُوحُ الْإِیمَانِ قَالَ قُلْتُ فَحَدِّثْنِی بِرُوحِ الْإِیمَانِ قَالَ هُوَ شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَجْدَرُ أَنْ تَفْهَمَهُ أَ مَا رَأَیْتَ الْإِنْسَانَ یَهُمُّ بِالشَّیْ ءِ فَیَعْرِضُ بِنَفْسِهِ الشَّیْ ءَ یَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ یَنْهَاهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هُوَ ذَاكَ.

جا، [المجالس للمفید] عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِی آخَرِینَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ زَیْدٍ

ص: 192


1- 1. النحل: 70.
2- 2. البقرة: 146 و 147.
3- 3. الفرقان: 44.
4- 4. بصائر الدرجات: 447- 449.

الْعَطَّارِ وَ كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ جَیْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَیْدٍ الْبَانِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَدَخَلَ عَلَیْهِ عُمَرُ بْنُ قَیْسٍ الْمَاصِرُ وَ أَبُو حَنِیفَةَ وَ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْإِیمَانِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَنْظُرُ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ بِمَ نُسَمِّیهِمْ فَقَالَ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ وَ بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما(1) وَ قَالَ الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ(2) فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَنْظُرُ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ یَزِیدَ وَ أَخْبَرَنِی بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ زِرٍّ وَ كَانَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا خَرَجْنَا قَالَ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ لِأَبِی حَنِیفَةَ أَلَّا قُلْتَ مَنْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ مَا أَقُولُ لِرَجُلٍ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3).

بیان: بم نسمیهم بناء سؤاله علی أنه لا واسطة بین الإیمان و الكفر فإذا لم یكونوا مؤمنین فهم كفار و بناء الجواب علی الواسطة كما عرفت من عن رسول اللّٰه أی لم لم تسأله من أخبرك بهذا الحدیث عن رسول اللّٰه فأجاب بأنه إذا ادعی العلم و نسب القول إلیه كیف أستطیع أن أسأله من أخبرك.

«9»- ختص، [الإختصاص] عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ رُوحَ الْإِیمَانِ وَاحِدَةٌ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ وَاحِدٍ وَ یَتَفَرَّقُ فِی أَبْدَانٍ شَتَّی فَعَلَیْهِ ائْتَلَفَتْ وَ بِهِ تَحَابَّتْ وَ سَیَخْرُجُ مِنْ شَتَّی وَ یَعُودُ وَاحِداً وَ یَرْجِعُ إِلَی عِنْدِ وَاحِدٍ(4).

بیان: فیه إیماء إلی أن روح الإیمان هی قوة الإیمان و الملكة الداعیة إلی الخیر فهی معنی واحد و حقیقة واحدة اتصفت بأفرادها النفوس و بعد ذهاب النفوس ترد إلی اللّٰه و إلی علمه فیجازیهم بحسبها و یحتمل أن تكون خلقا واحدا

ص: 193


1- 1. المائدة: 38.
2- 2. النور: 2.
3- 3. مجالس المفید: 20.
4- 4. الاختصاص: 249.

تعین جمیع النفوس علی الطاعة بحسب إیمانهم و قابلیتهم و استعدادهم كما تقول الحكماء فی العقل الفعال و أومأنا إلیه.

«10»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ لِی إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَیَّدَ الْمُؤْمِنَ بِرُوحٍ مِنْهُ تَحْضُرُهُ فِی كُلِّ وَقْتٍ یُحْسِنُ فِیهِ وَ یَتَّقِی وَ تَغِیبُ عَنْهُ فِی كُلِّ وَقْتٍ یُذْنِبُ فِیهِ وَ یَعْتَدِی فَهِیَ مَعَهُ تَهْتَزُّ سُرُوراً عِنْدَ إِحْسَانِهِ وَ تَسِیخُ فِی الثَّرَی عِنْدَ إِسَاءَتِهِ فَتَعَاهَدُوا عِبَادَ اللَّهِ نِعَمَهُ بِإِصْلَاحِكُمْ أَنْفُسَكُمْ تَزْدَادُوا یَقِیناً وَ تَرْبَحُوا نَفِیساً ثَمِیناً رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً هَمَّ بِخَیْرٍ فَعَمِلَهُ أَوْ هَمَّ بِشَرٍّ فَارْتَدَعَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نُؤَیِّدُ الرُّوحَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَ الْعَمَلِ لَهُ (1).

بیان: قد مر تفسیر الروح و الأظهر أن المراد هنا أیضا الملك و المراد بالإحسان الإتیان بالطاعات و بالاتقاء الاجتناب عن المنهیات و الاعتداء التجاوز عن حدود الشریعة أو الظلم علی غیره بل علی نفسه أیضا تهتز أی تتحرك سرورا و فی القاموس هزه و به حركه و الحادی الإبل هزیزا نشطها بحدائه و الهزة بالكسر النشاط و الارتیاح و تهزهز إلیه قلبی ارتاح للسرور و اهتز عرش الرحمن لموت سعد أی ارتاح بروحه و استبشر لكرامته علی ربه (2).

و قال ساخت قوائمه أی خاضت و الشی ء رسب و الأرض بهم انخسفت و الثری قیل هو التراب الندی و هو الذی تحت الظاهر من وجه الأرض فإن لم یكن ندیا فهو تراب و لا یقال ثری و أقول یظهر من الأخبار أنه منتهی المخلوقات السفلیة و عند ذلك ضل علم العلماء و قال الفیروزآبادی الثری الندی و التراب الندی أو الذی إذا بل لم یصر طینا و الأرض و قال تعهده و تعاهده تفقده و أحدث العهد به و فی المصباح عهدت الشی ء ترددت إلیه و أصلحته و حقیقته

ص: 194


1- 1. الكافی ج 2 ص 268.
2- 2. القاموس ج 2: 196.

تجدید العهد به و تعهدته حفظته و قال ابن فارس و لا یقال تعاهدته لأن التفاعل لا یكون إلا من اثنین و قال الفارابی تعهدته أصلح من تعاهدته انتهی.

و الظاهر أن المراد هنا حفظ نعم اللّٰه و استبقاؤها و استعمال ما یوجب دوامها و بقاءها و المراد بالنعم هنا النعم الروحانیة من الإیمان و الیقین و التأیید بالروح و التوفیقات الربانیة و تعاهدها إنما یكون بترك الذنوب و المعاصی و الأخلاق الدنیة التی توجب نقصها أو زوالها كما قال علیه السلام بإصلاحكم أنفسكم و یقینا تمیز و زیادة الیقین لقوله تعالی لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ (1) و أیضا إصلاح النفس یوجب الترقی فی الإیمان و الیقین و ما یوجب الفلاح فی الآخرة كما قال سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها(2) و النفیس الكریم الشریف الذی یتنافس فیه و فی المصباح نفس الشی ء نفاسا كرم فهو نفیس و نفست به مثل ضننت

لنفاسته وزنا و معنی و الثمین العظیم الثمن و المراد بهما هنا الجنة و درجاتها العالیة و نعمها الباقیة هم بخیر أی أراده و قصده فارتدع عنه أی انزجر عنه و تركه و نحن نؤید الروح أی نقویه و فی بعض النسخ نزید فیرجع إلی التأیید أیضا فإنه یتقوی بالطاعة كأنه یزید.

«11»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا زَنَی الرَّجُلُ فَارَقَهُ رُوحُ الْإِیمَانِ قَالَ فَقَالَ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (3) ثُمَّ قَالَ غَیْرُ هَذَا أَبْیَنُ مِنْهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ هُوَ الَّذِی فَارَقَهُ (4).

ص: 195


1- 1. إبراهیم: 7.
2- 2. الشمس: 9 و 10.
3- 3. البقرة: 268.
4- 4. الكافی ج 2 ص 284، و الآیة فی المجادلة: 22.

بیان: لم یكن فی بعض النسخ من قول اللّٰه إلی قول اللّٰه فهو علی قیاس سائر الأخبار و علی تقدیره فصدر الآیة یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّباتِ ما كَسَبْتُمْ أی من حلاله أو من جیاده وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أی و من طیبات ما أخرجنا من الحبوب و الثمر و المعادن فحذف المضاف لتقدم ذكره وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ أی و لا تقصدوا الردی مِنْهُ أی من المال أو مما أخرجنا و تخصیصه بذلك لأن التفاوت فیه أكثر تُنْفِقُونَ حال مقدرة من فاعل تَیَمَّمُوا و یجوز أن یتعلق به مِنْهُ و یكون الضمیر للخبیث و الجملة حالا منه و روی عن ابن عباس أنهم كانوا یتصدقون بحشف التمر و شراره فنهوا عنه و كان وجه التشبیه أن الأعمال الصالحة إنفاق من النفس و إذا فارقها روح الإیمان بسبب الأعمال السیئة تصیر خبیثا فلا یصلح الإنفاق منها إلا بعد تطهیرها بالتوبة و الأعمال الصالحة أو یقال الإنفاق من الإیمان و الإیمان المشوب بالكبائر خبیث كالمال الردی الذی كانوا یخرجونها فی الزكوات و لا یقبل اللّٰه إلا الطیب كما قال تعالی إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ و قیل وجه المماثلة أن إیمان الزانی ناقص لا أنه معدوم بكله كما أن الإنفاق من مال الخبیث ناقص لا أنه لیس بإنفاق أصلا.

«12»- نهج، [نهج البلاغة] فِی حَدِیثِهِ علیه السلام: إِنَّ الْإِیمَانَ یَبْدُو لُمْظَةً فِی الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِیمَانُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَةُ(1).

بیان: قال السید ره بعد هذا الكلام اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البیاض و منه قیل فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شی ء من البیاض انتهی.

و قال ابن أبی الحدید قال أبو عبید هی لمظة بضم اللام و المحدثون یقولون لمظة بالفتح و المعروف من كلام العرب الضم و قال و فی الحدیث حجة علی من أنكر أن یكون الإیمان یزید و ینقص و الجحفلة للبهائم بمنزلة الشفة للإنسان.

ص: 196


1- 1. نهج البلاغة ج 2 ص 204.

«13»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ زَنَی خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ مَنْ أَفْطَرَ یَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ (1).

«14»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ عَنْ یُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَی بَطْنِهَا سُلِبَ الْإِیمَانَ فَإِذَا قَامَ رُدَّ إِلَیْهِ فَإِنْ عَادَ سُلِبَ قُلْتُ فَإِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَعُودَ فَقَالَ مَا أَكْثَرَ مَنْ یُرِیدُ أَنْ یَعُودَ فَلَا یَعُودُ إِلَیْهِ أَبَداً(2).

بیان: سلب الإیمان الإیمان إما مرفوع بنیابة الفاعل أو منصوب بكونه ثانی مفعول سلب و المفعول الأول النائب للفاعل الضمیر الراجع إلی الزانی فقال ما أكثر من یرید الحاصل أنه لیس لإرادة العود حكم العود كما أن إرادة أصل المعصیة لیست كنفس المعصیة فإنها صغیرة مكفرة و لو لم تكن مكفرة بعد الفعل باعتبار ترك التوبة و الإصرار علی الذنب فلا ریب أن أصل الفعل أشد.

«15»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِیٍّ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُسْلَبُ مِنْهُ رُوحُ الْإِیمَانِ مَا دَامَ عَلَی بَطْنِهَا فَإِذَا نَزَلَ عَادَ الْإِیمَانُ قَالَ قُلْتُ أَ رَأَیْتَ إِنْ هَمَّ قَالَ لَا أَ رَأَیْتَ إِنْ هَمَّ أَنْ یَسْرِقَ أَ تُقْطَعُ یَدُهُ (3).

بیان: عاد الإیمان أی إلیه فالمراد به الإیمان الكامل أو الإیمان الذی معه الروح فاللام للعهد و فیه إشارة إلی أن الإیمان الذی فارقه الروح لیس بإیمان كما أن الجسد الذی فارقه الروح لیس بإنسان مع أنه یحتمل أن تكون إضافة الروح إلی الإیمان بیانیة و یحتمل أن یكون المراد عاد الإیمان إلی كماله أو إلی حالة التی كان علیها قبل الزنا أی كما أنه قبل الزنا كان إیمانه قابلا للشدة و الضعف

ص: 197


1- 1. الكافی ج 2: 278.
2- 2. الكافی ج 2: 278.
3- 3. الكافی ج 2 ص 281.

فكذا بعد الزناء قابل لهما بالتوبة و عدمها فلا ینافی ما روی من عدم العود إلیه إلا بعد التوبة.

و قیل لعل المراد أنه یسلب منه شعبة من شعب الإیمان و هی إیمان أیضا فإن المؤمن یعلم أن الزناء مهلك و یزهر نور هذا العلم فی قلبه و یبعثه علی كف الألة عن الفعل المخصوص و كل واحد منهما أعنی العلم و الكف إیمان و شعبة من الإیمان أیضا فإذا غلبت الشهوة علی العقل و أحاطت ظلمتها بالقلب زال عنه نور ذلك العلم و اشتغلت الآلة بذلك الفعل فانتقصت عن الإیمان شعبتان فإذا انقضت الشهوة و عاد العقل إلی ممالكه و علم وقوع الفساد فیها و شرع فی إصلاحها بالندامة عن الغفلة صار ذلك الفعل كالعدم و زالت تلك الظلمة عن القلب و یعود نور ذلك العلم فیعود إیمانه و یصیر كاملا بعد ما صار ناقصا انتهی.

قوله أ رأیت إن هم أی قصد الزنا هل یفارقه روح الإیمان أو إن كان بعد الزنا قاصدا للعود هل یمنع ذلك عود الإیمان قال لا و الأول أظهر أ رأیت إن هم أقول المعنی أنه كما أن قصد السرقة لیس كنفسها فی المفاسد و العقوبات فكذا قصد الزنا لیس كنفسها

فی المفاسد أو یقال لما كان ذكر الزنا علی سبیل المثال و الحكم شاملا للسرقة و غیرها فالغرض التنبیه بالأحكام الظاهرة علی الأحكام الباطنة.

فإن قیل علی الوجهین هذا قیاس فقهی و هو لیس بحجة عند الإمامیة قلت لیس الغرض الاستدلال بالقیاس فإنه علیه السلام لا یحتاج إلی ذلك و قوله فی نفسه حجة بل هو تنبیه بذكر نظیر للتوضیح و رفع استبعاد السائل أو إلزام علی المخالفین علی أن القیاس الفقهی إنما لا یكون حجة لاستنباط العلة و عدم العلم بها أما مع العلم بها فیرجع إلی القیاس المنطقی لكن یرد علیه أنه لما كان العلم بالعلة من جهة قوله علیه السلام فقوله یكفی لثبوت أصل الحكم فیرجع إلی الوجه الأول

«16»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَیْنِ فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِذَنْبٍ قَالَ لَهُ رُوحُ الْإِیمَانِ

ص: 198

لَا تَفْعَلْ وَ قَالَ لَهُ الشَّیْطَانُ افْعَلْ وَ إِذَا كَانَ عَلَی بَطْنِهَا نُزِعَ مِنْهُ رُوحُ الْإِیمَانِ (1).

بیان: علی بطنها أی المرأة المزنی بها كما فی سائر الأخبار.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِی جَوْفِهِ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْمَلَكُ فَیُؤَیِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (2).

«18»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ (3) قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ (4).

بیان: كأن المراد بالسكینة الثبات و طمأنینة النفس و شدة الیقین بحیث لا یتزلزل عند الفتن و عروض الشبهات بل هذا إیمان موهبی یتفرع علی الأعمال الصالحة و المجاهدات الدینیة سوی الإیمان الحاصل بالدلیل و البرهان و لذا قال لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ و الحاصل أن تفسیره علیه السلام السكینة بالإیمان إما لكون هذا الیقین كمال الإیمان أو إیمانا موهبیا ینضم إلی الإیمان الاستدلالی و هذا مما یدل علی أن الیقین یقبل الشدة و الضعف كما سیأتی تحقیقه إن شاء اللّٰه و كأن المراد بالروح أیضا الإیمان الموهبی لأنه قال ذلك بعد قوله كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ أو المراد به قوة الإیمان و كماله و یحتمل أن یكون المراد به

ص: 199


1- 1. الكافی ج 2: 267.
2- 2. الكافی ج 2: 267 و الآیة فی المجادلة: 22، و فی نسخة الكمبانیّ بعد هذا الحدیث حدیث آخر من الكافی مر تحت الرقم 10، مع شرحها نقلا عن المرآة، و لذلك حذفناه.
3- 3. الزیادة من المصدر، و الآیة فی سورة الفتح: 4.
4- 4. الكافی ج 2: 15، و الآیة الأخیرة فی المجادلة: 22.

أنه سبب الإیمان و قوته و كماله لما مر فی الأخبار.

«19»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: السَّكِینَةُ هِیَ الْإِیمَانُ (1).

«20»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ الْبَخْتَرِیِّ وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ غَیْرِهِمَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ (2).

«21»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ جَمِیلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ قَالَ قُلْتُ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوی قَالَ هُوَ الْإِیمَانُ (3).

بیان: فسر أكثر المفسرین كَلِمَةَ التَّقْوی بكلمة التوحید فإنه یتقی بها من عذاب اللّٰه و ما فسرها علیه السلام به أظهر إذ بجمیع العقائد الإیمانیة و اجتماعها یتقی من عذاب اللّٰه و فسرت فی كثیر من الأخبار بالولایة لاستلزامها لسائر العقائد و فی بعضها بأمیر المؤمنین و فی بعضها بجمیع الأئمة علیهم السلام أی ولایتهم و الإقرار بإمامتهم كلمة التقوی أو أنهم یعبرون عن اللّٰه تعالی و ما یتقی به من عذابه.

«22»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَیْلِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ هَلْ لَهُمْ فِیمَا كُتِبَ فِی قُلُوبِهِمْ صُنْعٌ قَالَ لَا(4).

بیان: یدل علی أن الإیمان من اللّٰه و لیس للعباد فیها صنع و عمل و اختیار و إنما كلف العباد بعدم الجحد ظاهرا أو بإخراج التعصب و الأغراض الباطلة عن النفس أو مع السعی فی الجملة أیضا و یمكن تخصیصه بمعرفة الصانع تعالی

ص: 200


1- 1. الكافی ج 2: 15.
2- 2. الكافی ج 2: 15.
3- 3. الكافی ج 2: 15.
4- 4. الكافی ج 2: 15.

كما مر(1)

أو بكمال المعرفة و قد مر تمام القول فیه فی كتاب العدل و فی بعض النسخ صبغ بالباء الموحدة و الغین المعجمة أی هل لهذه الكتابة صبغ و لون و كأنه تصحیف.

تذییل

اعلم أن المتكلمین من الخاصة و العامة اختلفوا فی أن الإیمان هل یقبل الزیادة و النقصان أم لا و منهم من جعل هذا الخلاف فرع الخلاف فی أن الأعمال داخلة فیه أم لا قال إمامهم الرازی فی المحصل الإیمان عندنا لا یزید و لا ینقص لأنه لما كان اسما لتصدیق الرسول فی كل ما علم بالضرورة مجیئه به و هذا لا یقبل التفاوت فسمی الإیمان لا یقبل الزیادة و النقصان و عند المعتزلة لما كان اسما لأداء العبادات كان قابلا لهما و عند السلف لما كان اسما للإقرار و الاعتقاد و العمل فكذلك و البحث لغوی و لكل واحد من الفرق نصوص و التوفیق أن یقال الأعمال من ثمرات التصدیق فما دل علی أن الإیمان لا یقبل الزیادة و النقصان كان مصروفا إلی أصل الإیمان و ما دل علی كونه قابلا لهما فهو مصروف إلی الإیمان الكامل انتهی.

و قال الشهید الثانی قدس سره فی رسالة العقائد حقیقة الإیمان بعد الاتصاف بها بحیث یكون المتصف بها مؤمنا عند اللّٰه تعالی هل تقبل الزیادة أم لا فقیل بالثانی لما تقدم من أنه التصدیق القلبی الذی بلغ الجزم و الثبات فلا تتصور فیه الزیادة عن ذلك سواء أتی بالطاعات و ترك المعاصی أم لا و كذا لا تعرض له النقیصة و إلا لما كان ثابتا و قد فرضناه كذلك هذا خلف و أیضا حقیقة الشی ء لو قبلت الزیادة و النقصان لكانت حقائق متعددة و قد فرضناها واحدة و هذا خلف.

ص: 201


1- 1. مر فی شرحه للكافی راجع كتاب التوحید باب البیان و لزوم الحجة و باب الهدایة أنها من اللّٰه عزّ و جلّ.

إن قلت حقیقة الإیمان من الأمور الاعتباریة للشارع و حینئذ فیجوز أن یعتبر الشارع للإیمان حقائق متعددة متفاوتة زیادة و نقصانا بحسب مراتب المكلفین فی قوة الإدراك و ضعفه فإنا نقطع بتفاوت المكلفین فی العلم و الإدراك قلت لو جاز ذلك و كان واقعا لوجب علی الشارع بیان حقیقة إیمان كل فرقة یتفاوتون فی قوة الإدراك مع أنه لم یبین و ما ورد من جهة الشارع فیما به یتحقق الإیمان من حدیث جبرئیل للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و غیره من الأحادیث قد مر ذكره و لیس فیه شی ء یدل علی تعدد الحقائق بحسب تفاوت قوی المكلفین و أما ما ورد فی الكتاب العزیز و السنة المطهرة مما یشعر بقبوله الزیادة و النقصان كقوله تعالی وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً(1) و قوله تعالی لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ (2) و قوله تعالی لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (3) و كذا ما ورد من أمثال ذلك فی القرآن العزیز فمحمول علی زیادة الكمال و هو أمر خارج عن أصل الحقیقة الذی هو محل النزاع و الآیة الثانیة صریحة فی ذلك فإن قوله تعالی مَعَ إِیمانِهِمْ یدل علی أن أصل الإیمان ثابت أو علی من كان فی عصر النبی صلی اللّٰه علیه و آله حیث كانوا یسمعون فرضا بعد فرض منه علیه السلام فیزداد إیمانهم به لأنهم لم یكونوا مصدقین به قبل أن یسمعوه و حاصله أن الحقیقة الشرعیة للإیمان لم تكن حصلت بتمامها فی ذلك الوقت فكان كلما حصل منها شی ء صدقوا به.

و اعترض بأن من كان بعد عصر النبی صلی اللّٰه علیه و آله یمكن فی حقه تجدد الاطلاع علی تفاصیل الفرائض المتوقف علیها الإیمان فإنه یجب الاعتقاد إجمالا فیما علم إجمالا و تفصیلا فیما علم تفصیلا و لا ریب أن اعتقاد الأمور المتعددة تفصیلا

ص: 202


1- 1. الأنفال: 2.
2- 2. الفتح: 4.
3- 3. المائدة: 93.

أزید و أظهر عند النفس من اعتقادها إجمالا فعلم من ذلك قبول حقیقة الإیمان الزیادة.

أقول: فیه بحث فإن الجازم بحقیقة الجملة جازم بحقیقة كل جزء منها و إن لم یعلمه بعینه أ لا تری أنا بعد علمنا بصدق النبی صلی اللّٰه علیه و آله جازمون بصدق كل ما یخبر به و إن لم نعلم تفصیل ذلك جزءا جزءا حتی لو فصل ذلك علینا واحدا واحدا لما ازداد ذلك الجزم نعم الزائد فی التفصیل إنما هو إدراك الصور المتعددة من حیث التعدد و التشخص و هو لا یوجب زیادة فی التصدیق الإجمالی الجازم فإن هذه الصور قد كانت مجزوما بها علی تقدیر دخولها فی الهیئة الإجمالیة و إنما الشاذ عن النفس إدراك خصوصیاتها و هو أمر خارج عن تحقق الحقیقة المجزوم بها نعم لا ریب فی حصول الأكملیة به و لیس الكلام فیها.

و قد أجاب بعض المفسرین عن الآیة الثالثة بأن تكرار الإیمان فیها لیس فیه دلالة علی الزیادة بل إما أن یكون باعتبار الأزمنة الثلاثة أو باعتبار الأحوال الثلاث حال المؤمن مع نفسه و حاله مع الناس و حاله مع اللّٰه تعالی و لذا بدل الإیمان بالإحسان كما یرشد إلیه قوله صلی اللّٰه علیه و آله فی تفسیره الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه یراك أو باعتبار المراتب الثلاث المبدأ و الوسط و المنتهی أو باعتبار ما ینبغی فإنه ینبغی ترك المحرمات حذرا عن العقاب و ترك الشبهات تباعدا عن الوقوع فی المحرمات و هو مرتبة الورع و ترك بعض المباحات المؤذنة بالنقص حفظا للنفس عنه الخسة و تهذیبا لها عن دنس الطبیعة أو یكون هذا التكرار كنایة عن أنه ینبغی للمؤمن أن یجدد الإیمان فی كل وقت بقلبه و لسانه و أعماله الصالحة و عبر به حرصا منه علی بقائه و الثبات علیه عند الذهول لیصیر الإیمان ملكة للنفس فلا یزلزله عروض شبهة انتهی.

قیل فی بیان قبول الإیمان الزیادة إن الثبات و الدوام علی الإیمان أمر زائد علیه فی كل زمان و حاصل ذلك یرجع إلی أن الإیمان عرض لأنه من الكیفیات النفسانیة و العرض لا یبقی زمانین بل بقاؤه إنما یكون بتجدد الأمثال.

أقول: و هذا مع بنائه علی ما لم یثبت حقیته بل نفیه فلیس من الزیادة فی شی ء إذ لا یقال

ص: 203

للمماثل الحاصل بعد انعدام مثله أنه زائد و هذا ظاهر.

و قیل فی توجیه قبوله الزیادة أنه بمعنی زیادة ثمرته من الطاعات و إشراق نوره و ضیائه فی القلب فإنه یزید بالطاعات و ینقص بالمعاصی.

أقول: هذا التوجیه وجیه لو كان النزاع فی مطلق الزیادة لكنه لیس كذلك بل النزاع إنما هو فی أصل حقیقته لا فی كمالها.

و استدل بعض المحققین علی أن حقیقة التصدیق الجازم الثابت یقبل الزیادة و النقصان بأنا نقطع أن تصدیقنا لیس كتصدیق النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

أقول: لا ریب فی أنا قاطعون بأن تصدیق النبی صلی اللّٰه علیه و آله أقوی من تصدیقنا و أكمل لكن هذا لا یدل علی اختلاف أصل حقیقة الإیمان التی قدرها الشارع باعتقاد أمور مخصوصة علی وجه الجزم و الثبات فإن تلك الحقیقة إنما هی من اعتبارات الشارع و لم یعهد من الشارع اختلاف حقیقة الإیمان باختلاف المكلفین فی قوة الإدراك بحیث یحكم بكفر قوی الإدراك لو كان جزمه بالمعارف الإلهیة كجزم من هو أضعف إدراكا منه نعم الذی تفاوت فیه المكلفون إنما هو مراتب كماله بعد تحقق أصل حقیقته التی یخاطب بتحصیلها كل مكلف و یعتبر بها مؤمنا عند اللّٰه تعالی و یستحق الثواب الدائم و بدونها العقاب الدائم.

و أما تلك الكمالات الزائدة فإنما تكون باعتبار قرب المكلف إلی اللّٰه تعالی بسبب استشعاره لعظمة اللّٰه و كبریائه و شمول قدرته و علمه و ذلك لإشراق نفسه و اطلاعها علی ما فی مصنوعات اللّٰه تعالی من الإحكام و الإتقان و الحكم و المصالح فإن النفس إذا لاحظت هذه البدائع الغریبة العظیمة التی تحار فی تعلقها مع علمها بأنها تشرك فی الإمكان و الافتقار إلی صانع یبدعها و یبدیها متوحد فی ذاته بذاته انكشف علیها كبریاء ذلك الصانع و عظمته و جلاله و إحاطته بكل شی ء فیكثر خوفها و خشیتها و احترامها لذلك الصانع حتی كأنها لا تشاهد سواه و لا تخشی غیره فتنقطع عن غیره إلیه و تسلم أزمة أمورها إلیه حیث علمت أن لا رب غیره و أن المبدأ منه و المعاد إلیه فلا تزال شاخصة منتظرة لأمره حتی تأتیها فتفر

ص: 204

إلیه من ضیق الجهالة إلی سعة معرفته (1) و رحمته و لطفه و فی ذلك فلیتنافس المتنافسون.

و كذا ما ورد من السنة المطهرة مما یشعر بقبوله الزیادة و النقصان یمكن حمله علی ما ذكرناه كحدیث الجوارح ذكره فی الكافی بإسناده عن أبی عمرو الزبیری

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (2)

قَالَ: قُلْتُ صِفْهُ لِی یَعْنِی الْإِیمَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَتَّی أَفْهَمَهُ فَقَالَ الْإِیمَانُ حَالاتٌ وَ دَرَجَاتٌ إِلَی قَوْلِهِ وَ بِالنُّقْصَانِ دَخَلَ الْمُفَرِّطُونَ النَّارَ.

انتهی.

ثم قال رحمه اللّٰه اعلم أن سند هذا الحدیث ضعیف لأن فی طریقه بكر بن صالح الرازی و هو ضعیف جدا كثیر التفرد بالغرائب و أبو عمرو الزبیری و هو مجهول فسقط الاستدلال به و لو سلم سنده فلا دلالة فیه علی اختلاف نفس حقیقة الإیمان أ لا تری أنه قال علیه السلام و لكن بتمام الإیمان دخل المؤمنون الجنة فأشار بذلك إلی نفس حقیقة الإیمان التی یترتب علیها النجاة و جعل الناقص عنها مما یترتب علیه دخول النار فلم یكن إیمانا و إلا لم یدخل صاحبه النار لقوله تعالی وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ (3) و جعل الزیادة فی الإیمان مما یوجب التفاضل فی الدرجات و لا ریب أن هذه الزیادة لو تركت و اقتصر المكلف علی ما یحصل به التمام لم یعاقب علی ترك هذه الزیادة و لأنه علیه السلام جعل التمام موجبا للجنة فكیف یوجب العقاب ترك الزیادة مع أن ما دونه و هو التمام یوجب الجنة و علی هذا فتكون الزیادة غیر مكلف بها فلم تكن داخلة فی أصل حقیقة الإیمان لأنه مكلف به بالنص و الإجماع فیكون من الكمال فظهر بذلك كون هذا الحدیث دلیلا علی عدم قبول حقیقة الإیمان للزیادة و النقصان لا دلیلا علی قبولهما.

ص: 205


1- 1. مغفرته خ ل.
2- 2. مر تحت الرقم 6 ص 23 فراجع.
3- 3. براءة: 72.

و هذا استخراج لم نسبق إلیه و بیان لم یعثر غیرنا علیه علی أن هذا الحدیث لو قطعنا النظر عما ذكرناه و حملناه علی ظاهره لكان معارضا بما سبق من حدیث جبرئیل للنبی صلی اللّٰه علیه و آله حیث سأله عن الإیمان فقال أن تؤمن باللّٰه و رسله و الیوم الآخر أی تصدق بذلك و لو بقی من حقیقته شی ء سوی ما ذكره له لبینه له فدل علی أن حقیقته تتم بما أجابه بالقیاس إلی كل مكلف أما للنبی صلی اللّٰه علیه و آله فلأنه المجاب به حین سأله و أما لغیره فللتأسی به و طریق الجمع بینهما حینئذ حمل ما فی حدیث الجوارح من الزیادة عن ذلك علی مرتبة الكمال كما بیناه سابقا.

و هاهنا بحث و هو أن حقیقة الإیمان لما كانت من الأمور الاعتباریة للشارع كان تحدیدها إنما هو بجعل الشارع و تقریره لها فلا یعلم حینئذ مقداره و حقیقته إلا منه و حیث رأینا ما وصل إلینا من خطاباته تعالی غیر قاطع فی الدلالة علی تعیین قدر مخصوص من أنواع الاعتقاد أو الأعمال بحیث تشترك الكل فی التكلیف به من غیر تفاوت بین قوی الإدراك و ضعیفه بل رأیناها متفاوتة فی الدلالة علی ذلك یعلم ذلك من تتبع آیات الكتاب العزیز و السنة المطهرة و قد سبق نبذة من ذلك و لا یجوز الاختلاف فی خطاباته و لا أن یكلف عباده بأمر لا یبین لهم مراده تعالی منه لاستحالة تكلیف ما لا یطاق و إخلاله باللطف و رأینا الأكثر ورودا فی كتابه بذلك الأمر بالاعتقاد القلبی من غیر تعیین مقدار مخصوص منه بقاطع یوقفنا علی اعتباره أمكن حینئذ أن یكون مراده منه مطلق الاعتقاد العلمی سواء كان علم الطمأنینة أو علم الیقین أو حق الیقین أو عین الیقین فتكون حقیقة واحدة و هو الإذعان القلبی و الاعتقاد العلمی و التفاوت بالزیادة و النقصان إنما هو فی أفراد تلك الحقیقة و من مشخصاتها فلا یكون داخلا فی الحقیقة المذكورة.

و ما ورد مما ظاهره الاختلاف فی الدلالة علی مراد الشارع منه یمكن تنزیله علی تفاوت الأفراد المذكورة كعلم الطمأنینة و علم الیقین و غیرهما فیكون كل واحد منها مرادا و كافیا فی امتثال أمر الشارع و هذا هو المناسب لسهولة التكلیف و اختلاف طبقات المكلفین فی الإدراك كما لا یخفی.

ص: 206

و بذلك یسهل الخطب فی الحكم بإیمان أكثر العوام الذین لا یتیسر لأنفسهم الاتصاف بالعلم الذی لا یقبل تشكیك المشكك فإن علم الطمأنینة متیسر لكل واحد و علی هذا فیكون ما تشعر النفس به من الازدیاد فی التصدیق و الاطمئنان عند ما تشاهده من برهان أو عیان إنما هو انتقال فی أفراد تلك الحقیقة و تبدل واحد بآخر و الحقیقة واحدة.

لا یقال أفراد الحقیقة الواحدة لا تنافی الاجتماع فی القوة العاقلة فإن أفراد الحیوان و الإنسان یصلح اجتماعهما فی القوة العاقلة و ما نحن فیه لیس كذلك إذ لا یمكن اتصاف النفس بحصول علم الطمأنینة و علم الیقین فی حالة واحدة لتضادهما و لهذا یزول الأول بحصول الثانی فلا یكون ما ذكرت أفراد حقیقة واحدة بل حقائق.

قلت لا نسلم أن أفراد كل حقیقة یصح اجتماعها فی الحصول عند القوة العاقلة بل قد لا یصح ذلك لما بینها من التضاد كما فی البیاض و السواد فإنهما فردان لحقیقة واحدة هی اللون مع عدم صحة اجتماعهما فی محل واحد لا خارجا و لا ذهنا.

بقی هاهنا شی ء و هو أنه لا ریب فی تحقق الإیمان الشرعی بالتصدیق الجازم الثابت و إن أخل المتصف به ببعض الطاعات و قارف بعض المنهیات عند من یكتفی فی حصول الإیمان بإذعان الجنان و إذا كان الأمر كذلك فلا معنی للنزاع عند هؤلاء فی أن حقیقة الإیمان هل تقبل الزیادة و النقصان إذ لو قبلت شیئا منهما لم تكن واحدة بل متعددة لأن القابل غیر المقبول و العارض غیر المعروض فإن دخل الزائد فی مفهوم الحقیقة بحیث صار ذاتیا لها تعددت و تبدلت و كذا الناقص إذا خرج عنها فلا تكون واحدة و قد فرضناها كذلك هذا خلف و إن لم یدخل و لم یخرج شی ء منهما كانت واحدة من غیر نقصان و زیادة فیها بل هما راجعان إلی الكمال و عدمه و حینئذ فیبقی محل النزاع هل یقبل كمالها الزیادة

ص: 207

و النقصان و أنت خبیر بأن هذا مما لا یختلف فی صحته اثنان.

و قد ذكر بعض العلماء أن هذا النزاع إنما یتمشی علی قول من جعل الطاعات من الإیمان و أقول الذی یقتضیه النظر أنه لا یتمشی علی قولهم أیضا و ذلك أن ما اعتبروه فی الإیمان من الطاعات إما أن یریدوا به توقف حصول الإیمان علی جمیع ما اعتبروه أو علیه فی الجملة و علی الأول یلزم كون حقیقته واحدة فإذا ترك فرضا من تلك الطاعات یخرج من الإیمان و علی الثانی یلزم كون ما یتحقق به الإیمان من تلك الطاعات داخلا فی حقیقته و ما زاد علیه خارجا فتكون واحدة علی التقدیرین فلیس الزیادة و النقصان إلا فی الكمال علی جمیع الأقوال انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

و قال شارح المقاصد ظاهر الكتاب و السنة و هو مذهب الأشاعرة و المعتزلة و المحكی عن الشافعی و كثیر من العلماء أن الإیمان یزید و ینقص و عند أبی حنیفة و أصحابه و كثیر من العلماء و هو اختیار إمام الحرمین أنه لا یزید و لا ینقص لأنه اسم للتصدیق البالغ حد الجزم و الإذعان و لا یتصور فیه الزیادة و النقصان و المصدق إذا ضم الطاعات إلیه أو ارتكب المعاصی فتصدیقه بحاله لم یتغیر أصلا و إنما یتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة و كثرة و لهذا قال الإمام الرازی و غیره إن هذا الخلاف فرع تفسیر الإیمان فإن قلنا هو التصدیق فلا تتفاوت و إن قلنا هو الأعمال فمتفاوت و قال إمام الحرمین إذا حملنا الإیمان علی

التصدیق فلا یفضل تصدیق تصدیقا كما لا یفضل علم علما و من حمله علی الطاعة سرا و علنا و قد مال إلیه القلانسی فلا یبعد إطلاق القول بأنه یزید بالطاعة و ینقص بالمعصیة و نحن لا نؤثر هذا.

ثم قال و لقائل أن یقول لا نسلم أن التصدیق لا یتفاوت بل یتفاوت قوة و ضعفا كما فی التصدیق بطلوع الشمس و التصدیق بحدوث العالم لأنه إما نفس الاعتقاد القابل للتفاوت أو مبنی علیه قلة و كثرة كما فی التصدیق الإجمالی و التفصیلی الملاحظ لبعض التفاصیل و أكثر فإن ذلك من الإیمان لكونه تصدیقا

ص: 208

بما جاء به النبی صلی اللّٰه علیه و آله إجمالا فیما علم إجمالا و تفصیلا فیما علم تفصیلا.

لا یقال الواجب تصدیق یبلغ حد الیقین و هو لا یتفاوت لأن التفاوت لا یتصور إلا باحتمال النقیض لأنا نقول الیقین من باب العلم و المعرفة و قد سبق أنه غیر التصدیق و لو سلم أنه التصدیق و أن المراد به ما یبلغ حد الإذعان و القبول و یصدق علیه المعنی المسمی بگرویدن لیكون تصدیقا قطعا فلا نسلم أنه لا یقبل التفاوت بل للیقین مراتب من أجلی البدیهیات إلی أخفی النظریات و كون التفاوت راجعا إلی مجرد الجلاء و الخفاء غیر مسلم بل عند الحصول و زوال التردد التفاوت بحاله و كفاك قول الخلیل وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی (1)

وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ یَقِیناً.

علی أن القول بأن المعتبر فی حق الكل هو الیقین و أن لیس للظن الغالب الذی لا یخطر معه النقیض بالبال حكم الیقین محل نظر.

احتج القائلون بالزیادة و النقصان بالعقل و النقل أما العقل فلأنه لو لم یتفاوت لكان إیمان آحاد الأمة بل المنهمك فی الفسق مساویا لتصدیق الأنبیاء و اللازم باطل قطعا و أما النقل فلكثرة النصوص الواردة فی هذا المعنی قال اللّٰه وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً(2) لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ (3) وَ یَزْدادَ الَّذِینَ آمَنُوا إِیماناً(4) وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِیماناً وَ تَسْلِیماً(5) فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً(6) و عن ابن عمر قلنا یا رسول اللّٰه إن الإیمان یزید و ینقص قال نعم یزید حتی یدخل صاحبه الجنة و ینقص حتی یدخل صاحبه النار.

ص: 209


1- 1. البقرة: 260.
2- 2. الأنفال: 2.
3- 3. الفتح: 4.
4- 4. المدّثّر: 31.
5- 5. الأحزاب: 22.
6- 6. براءة: 124.

و أجیب بوجوه الأول أن المراد الزیادة بحسب الدوام و الثبات و كثرة الأزمان و الساعات و هذا ما قال إمام الحرمین النبی صلی اللّٰه علیه و آله یفضل من عداه باستمرار تصدیقه و عصمة اللّٰه إیاه من مخامرة الشكوك و التصدیق عرض لا یبقی فیقع للنبی صلی اللّٰه علیه و آله متوالیا و لغیره علی الفترات فثبت للنبی صلی اللّٰه علیه و آله أعداد من الإیمان لا یثبت لغیره إلا بعضها فیكون إیمانه أكثر و الزیادة بهذا المعنی مما لا نزاع فیه و ما یقال من أن حصول المثل بعد انعدام الشی ء لا یكون زیادة مدفوع بأن المراد زیادة أعداد حصلت و عدم البقاء لا ینافی ذلك.

الثانی أن المراد الزیادة بحسب زیادة المؤمن به و الصحابة كانوا آمنوا فی الجملة و كان یأتی فرض بعد فرض و كانوا یؤمنون بكل فرض خاص و حاصله أن الإیمان واجب إجمالا فیما علم إجمالا و تفصیلا فیما علم تفصیلا و الناس متفاوتون فی ملاحظة التفاصیل كثرة و قلة فیتفاوت إیمانهم زیادة و نقصانا و لا یختص ذلك بعصر النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی ما یتوهم.

الثالث أن المراد زیادة ثمرته و إشراق نوره فی القلب فإنه یزید بالطاعات و ینقص بالمعاصی و هذا مما لا خفاء فیه و هذه الوجوه جیدة فی التأویل لو ثبت لهم أن التصدیق فی نفسه لا یقبل التفاوت و الكلام فیه انتهی.

و الحق أن الإیمان یقبل الزیادة و النقصان سواء كانت الأعمال أجزاءه أو شرائطه أو آثاره الدالة علیه فإن التصدیق القلبی بأی معنی فسر لا ریب أنه یزید و كلما زاد زادت آثاره علی الأعضاء و الجوارح فهی كثرة و قلة تدل علی مراتب الإیمان زیادة و نقصانا و كل منهما یتفرع علی الآخر فإن كل مرتبة من مراتب الإیمان تصیر سببا لقدر من الأعمال یناسبها فإذا أتی بها قوی الإیمان القلبی و حصلت مرتبة أعلی تقتضی عملا أكثر و هكذا.

و جملة القول فی ذلك أن للإیمان و لكل من الأعمال الإیمانیة أفرادا كثیرة و حقیقة و نورا و روحا كالصلاة فإن لها روحا هی الإخلاص مثلا فإذا فارقها كانت جسدا بلا روح لا یترتب علیه أثر و لا ینهی عن الفحشاء و المنكر فللإیمان

ص: 210

أیضا مراتب یترتب علی كل مرتبة منها آثار فإذا ارتكب المؤمن الكبائر نقص إیمانه و فارقه روح الإیمان و حقیقته و كیف یؤمن باللّٰه و بالمعاد و بالجنة و النار و یرتكب ما أخبر اللّٰه بأنه موجب لدخول النار فلا یكون ذلك إلا لضعف فی الیقین كما ورد فی أخبار كثیرة أنهم علیهم السلام سألوا عند ادعاء الإیمان أو الیقین ما حقیقة إیمانك و ما حقیقة یقینك فظهر لهما حقائق مختلفة تظهر بآثارهما.

و روح الإیمان الواردة فی الأخبار یمكن حملها علی ذلك فإن الإیمان إذا ضعف حتی غلب علیه الشهوات البدنیة فكأنه لا روح له و لا یترتب علیه أثر بل لا بقاء له فإن غلب علیه الشهوة و عاد إلی التوبة قوی الإیمان و عاد إلیه الروح و ترتب علیه الآثار و عاد إلیه الملك المؤید له و لذا أطلق الروح فی بعض الأخبار علی ذلك الملك أیضا و قد یعود إلیه بعد انقضاء الشهوة و قوة العقل و الإیمان و تصرف العقل فی ممالكه بعد ما صار مغلوبا مقهورا بالشهوات الدنیة فیتذكر قبح فعله فیعود إلیه الملك المؤید أو شی ء من نور الإیمان و إن لم تكمل له التوبة و لم یقدر علی العزم التام علی تركها فیما سیأتی و لذا ورد فی بعض الأخبار أنه یعود إلیه روح الإیمان بدون التوبة أیضا و قد مر بعض القول فی ذلك و سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی.

ص: 211

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمكان زوال الإیمان

الآیات:

الأنعام: وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ (1)

تفسیر:

قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ أی أبدعكم و خلقكم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أی من آدم علیه السلام لأن اللّٰه تعالی خلقنا جمیعا منه و خلق أمنا حواء من ضلع من أضلاعه انتهی (2).

أقول: و قد مر أن خلقهم من أب واحد لا یقتضی عدم مدخلیة الأم و لا یكون الأم مخلوقة منه لما مر نفی ذلك فی الأخبار فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال المفسرون فیه وجوها الأول مستقر فی الرحم إلی أن یولد و مستودع فی القبر إلی أن یبعث و الثانی مستقر فی بطن الأمهات و مستودع فی أصلاب الآباء الثالث مستقر علی ظهر الأرض فی الدنیا و مستودع عند اللّٰه فی الآخرة الرابع مستقر فی القبر و مستودع فی الدنیا و قیل مستقرها أیام حیاتها و مستودعها حیث یموت.

و أقول قرأ ابن كثیر و أبو عمرو و یعقوب بكسر القاف و الباقون بالفتح و علی ما سیأتی من التأویل فی الأخبار تستقیم القراءتان فبالفتح أی فلكم استقرار فی الإیمان و استیداع فیه أو فمنكم من هو محل استقرار الإیمان و منكم من هو محل استیداعه ففیه حذف و إیصال أی مستقر فیه و بالكسر أی فمنكم مستقر فی الإیمان و منكم مستودع فیه أو فإیمان بعضكم مستقر و إیمان بعضكم مستودع علی القراءتین.

«1»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ

ص: 212


1- 1. الأنعام: 98.
2- 2. مجمع البیان ج 4: 339.

نُعَیْمٍ الصَّحَّافِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ یَكُونُ الرَّجُلُ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِناً قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْإِیمَانُ عِنْدَهُ ثُمَّ یَنْقُلُهُ اللَّهُ بَعْدُ مِنَ الْإِیمَانِ إِلَی الْكُفْرِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْعَدْلُ إِنَّمَا دَعَا الْعِبَادَ إِلَی الْإِیمَانِ بِهِ لَا إِلَی الْكُفْرِ وَ لَا یَدْعُو أَحَداً إِلَی الْكُفْرِ بِهِ فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ثُمَّ ثَبَتَ لَهُ الْإِیمَانُ عِنْدَ اللَّهِ لَمْ یَنْقُلْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْإِیمَانِ إِلَی الْكُفْرِ قُلْتُ لَهُ فَیَكُونُ الرَّجُلُ كَافِراً قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْكُفْرُ عِنْدَ اللَّهِ ثُمَّ یَنْقُلُهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَی الْإِیمَانِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَی الْفِطْرَةِ الَّتِی فَطَرَهُمْ عَلَیْهَا

لَا یَعْرِفُونَ إِیمَاناً بِشَرِیعَةٍ وَ لَا كُفْراً بِجُحُودٍ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ الرُّسُلَ تَدْعُو الْعِبَادَ إِلَی الْإِیمَانِ بِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَی اللَّهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ یَهْدِهِ اللَّهُ (1).

بیان: یمكن أن یكون بناء الجوابین علی أمر واحد و هو أن هدایته تعالی و خذلانه المعبر عنه بالإضلال لیسا علتین مستقلتین للنقل من الكفر إلی الإیمان و من الإیمان إلی الكفر بل كل منهما باختیار العبد و الهدایات الخاصة لبعض لا تصیره مجبورا علی الإیمان و ترك تلك الهدایات لبعض لعدم استحقاقه لها لا یصیره مجبورا علی الكفر كما مر تحقیقه.

و یحتمل أن یكون بناؤها علی الفرق بینهما فحاصل الجواب الأول أن المؤمن الواقعی الذی ثبت إیمانه عند اللّٰه و لم یكن منافقا و مستودعا لا یسلب اللّٰه منه توفیقه و هدایته و لا یرجع عن الإیمان أبدا و من تراه یرجع فلیس بمؤمن واقعی بل هو ممن یظهر الإیمان و لم یستقر فی قلبه كما اختاره بعض المتكلمین و حاصل الثانی أن الكفر لما كان أمرا عدمیا و الناس فی بدو الفطرة لم یتصفوا بالإیمان لكنهم علی الفطرة القابلة للإیمان و للكفر بمعنی الجحود لا الكفر بمعنی عدم الإیمان فإنه متصف به قبل التصدیق و الإذعان فبعث اللّٰه الرسل لإتمام الحجة علیهم ثم بعد ذلك بعضهم یستحق الهدایات و الألطاف الخاصة بحسن اختیاره و عدم إبطاله الفطرة الأصلیة فتشمله تلك الألطاف فیختار الإیمان

ص: 213


1- 1. الكافی ج 2 ص 416.

و بعضهم لم یستحق ذلك فیخذله اللّٰه فیختار الكفر بمعنی الجحود.

و كأن هذا أظهر من الخبر لكن فیه أنه لم یظهر منه أنه هل یمكن أن ینقله اللّٰه من كفر الجحود إلی الإیمان و الظاهر أن مراد السائل كان استعلام ذلك و یمكن الجواب بوجهین الأول أن نحمل كلام السائل ثانیا علی الإخبار أو التعجب لا الاستفهام و لما كان كلامه موهما لكون ذلك علی الجبر أفاد علیه السلام أن هدایته سبحانه و خذلاته لا یوجبان سلب الاختیار فإنهم علی الفطرة القابلة لهما و الثانی أن یقال إنه أفاد علیه السلام قاعدة كلیة یظهر منه جواب ذلك و هو أنه یمكن ذلك لكن بهذا النحو المذكور لا بالجبر.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن المتكلمین اختلفوا فی أن المؤمن بعد اتصافه بالإیمان الحقیقی فی نفس الأمر هل یمكن أن یكفر أم لا و لا خلاف فی أنه لا یمكن ما دام الوصف و إنما النزاع فی إمكان زواله بضد أو غیره فذهب أكثرهم إلی جواز ذلك بل إلی وقوعه و ذلك لأن زوال الضد بطریان ضده أو مثله علی القول بعدم اجتماع الأمثال ممكن لأنه لا یلزم من فرض وقوعه محال و ظاهر كثیر من الآیات الكریمة دال علیه كقوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً(1) و قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ تُطِیعُوا فَرِیقاً مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ یَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِیمانِكُمْ كافِرِینَ (2) و ذهب بعضهم إلی عدم جواز زوال الإیمان الحقیقی بضد أو غیره و قال الشهید الثانی قدس اللّٰه روحه و نسب ذلك إلی السید المرتضی رضی اللّٰه عنه مستدلا بأن ثواب الإیمان دائم و عقاب الكفر دائم و الإحباط و الموافاة عنده باطلان أما الإحباط فلاستلزام أن یكون الجامع بین الإحسان

و الإساءة بمنزلة من لم یفعلهما مع تساویهما أو بمنزلة من لم یحسن إن زادت الإساءة و بمنزلة من لم یسئ مع العكس و اللازم بقسمیه باطل قطعا فالملزوم مثله و أما الموافاة فلیست

ص: 214


1- 1. النساء: 137 و تصحیح الآیة من المصحف الشریف.
2- 2. آل عمران: 100.

عندنا شرطا فی استحقاق الثواب بالإیمان لأن وجوه الأفعال و شروطها التی یستحق بها ما یستحق لا یجوز أن تكون منفصلة عنها و لا متأخرة عن وقت حدوثها و الموافاة منفصلة عن وقت حدوث الإیمان فلا یكون وجها و لا شرطا فی استحقاق الثواب.

لا یقال الثواب إنما یستحقه العبد علی الفعل كما هو مذهب العدلیة و الإیمان لیس فعلا للعبد و إلا لما صح الشكر علیه لكن التالی باطل إذ الأمة مجتمعة علی وجوب شكر اللّٰه تعالی علی نعمة الإیمان فیكون الإیمان من فعل اللّٰه تعالی إذ لا یشكر علی فعل غیره و إذا لم یكن من فعل العبد فلا یستحق علیه ثوابا فلا یتم دلیله علی أنه لا یتعقبه كفر لأن مبناه علی استحقاق الثواب علی الإیمان.

لأنا نقول بل هو من فعل العبد و نلتزم عدم صحة الشكر علیه و نمنع بطلانه قولك فی إثباته الأمة مجتمعة إلخ قلنا الشكر إنما هو علی مقدمات الإیمان و هی تمكین العبد من فعله و إقداره علیه و توفیقه علی تحصیل أسبابه و توفیق ذلك له لا علی نفس الإیمان الذی هو فعل العبد فإن ادعی الإجماع علی ذلك سلمناه و لا یضرنا و إن ادعی الإجماع علی غیره منعناه فلا ینفعهم.

و الاعتراض علیه رحمه اللّٰه من وجوه أحدها توجه المنع إلی المقدمة القابلة بأن الموافاة لیست شرطا فی استحقاق الثواب و ما ذكره فی إثباتها من أن وجوه الأفعال و شروطها التی یستحق بها ما یستحق لا یجوز أن تكون منفصلة عنها و الموافاة منفصلة عن وقت الحدوث فلا یكون وجها لا دلالة له علی ذلك بل إن دل فإنما یدل علی أن الموافاة لیست من وجوه الأفعال لكن لا یلزم من ذلك أن لا یكون شرطا لاستحقاق الثواب فلم لا یجوز أن یكون استحقاق الثواب مشروطا بوجوه الأفعال مع الموافاة أیضا لا بد لنفی ذلك من دلیل.

ثانیها الآیات الكریمة التی مر بعضها فإنها تدل علی إمكان عروض الكفر بعد الإیمان بل بعضها علی وقوعه و أجاب السید عن ذلك بأن المراد و اللّٰه أعلم من وصفهم بالإیمان الإیمان اللسانی دون القلبی و قد وقع مثله كثیرا فی القرآن

ص: 215

العزیز كقوله تعالی آمنوا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (1) و حیث أمكن صحة هذا الإطلاق و لو مجازا سقط الاستدلال بها.

ثالثها أن الشارع جعل للمرتد أحكاما خاصة به لا یشاركه فیها الكافر الأصلی كما هو مذكور فی كتب الفروع و هذا أمر لا یمكن دفعه و لا مدخل للطعن فیه فإن الكتاب العزیز و السنة المطهرة ناطقان بذلك و الإجماع واقع علیه كذلك و لا ریب أن الارتداد

هو الكفر المتعقب للإیمان كما دل علیه قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ (2) وَ مَنْ یَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ فَیَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ(3) الآیة فقد دل علی ما ذكرناه علی أن المؤمن یمكن أن یكفر أقول و للسید رحمه اللّٰه أن یجیب عن ذلك بأن ما ذكر إنما یدل علی أن من اتصف فی ظاهر الشرع بالارتداد فحكمه كذا و كذا و لا یدل علی أنه صار مرتدا بذلك فی نفس الأمر فلعله كان كافرا فی الأصل و حكمنا بإیمانه ظاهرا للإقرار بما یوجب الإیمان مع بقائه علی كفره عند اللّٰه تعالی و بفعله ما یوجب الارتداد ظاهرا حكمنا بارتداده أو كان مؤمنا فی الأصل و هو باق علی إیمانه عند اللّٰه تعالی لكن لاقتحامه حرمات الشارع و تعدیه هذه الحدود العظیمة جعل الشارع الحكم بالارتداد علیه عقوبة له لتنحسم بذلك مادة الاقتحام و التعدی من المكلفین فیتم نظام النوامیس الإلهیة.

و أقول الحق أن المعلومات التی یتحقق الإیمان بالعلم بها أمور متحققة ثابتة لا تقبل التغیر و التبدل إذ لا یخفی أن وحدة الصانع تعالی و وجوده و أزلیته و أبدیته و علمه و قدرته و حیاته إلی غیر ذلك من الصفات أمور تستحیل تغیرها و كذا كونه تعالی عدلا لا یفعل قبیحا و لا یخل بواجب و كذا النبوة و المعاد فإذا علمها الشخص علی وجه الیقین و الثبات صار علمه بها كعلمه بوجود نفسه غیر

ص: 216


1- 1. المائدة: 41.
2- 2. المائدة: 54.
3- 3. البقرة: 217، و قد اختلطت الآیتان علیه.

أن الأول نظری و الثانی بدیهی لكن لما كان النظری إنما یصیر یقینیا بانتهائه إلی البدیهی و لم یبق فرق بین العلمین امتنع تغیر ذلك العلم و تبدله كما یمتنع تغیر علمه بوجود نفسه.

و الحاصل أن العلم إذا انطبق علی المعلوم الحقیقی الذی لا یتغیر أصلا فمحال تغیره و إلا لما كان منطبقا فعلم أن ما یحصل لبعض الناس من تغییر عقیدة الإیمان لم یكن بعد اتصاف أنفسهم بما ذكرناه من العلم بل كان الحاصل لهم ظنا غالبا بتلك المعلومات لا العلم بها و الظن یمكن تبدله و تغیره و إن كان المظنون لا یمكن تبدله لأن الانطباق غیر حاصل و إلا لصار علما.

إن قلت یتصور زوال الإیمان بصدور بعض الأفعال الموجبة للكفر كما تقدم و إن بقی التصدیق الیقینی بالمعارف المذكورة فقد صح أن المؤمن قد یكفر بعد اتصافه بالإیمان.

قلت لا نسلم إمكان صدور فعل یوجب الكفر ممن اتصف بالعلم المذكور بل صار ذلك الفعل ممتنعا بالغیر الذی هو العلم الیقینی و إن أمكن بالذات و حینئذ فصدور بعض الأفعال المذكورة إنما كان لعدم حصول العلم المذكور و بالجملة فكلام علم الهدی و مذهبه هنا رضی اللّٰه عنه فی غایة القوة و المتانة بعد تدقیق النظر و قد ظهر مما حررناه أن القائلین بإمكان زوال الإیمان بعروض الكفر إن أرادوا به إمكان زوال العلم بالأمور المذكورة فظاهر أنه ممتنع بالذات كانقلاب الحقائق و إن أرادوا به إمكان انتفاء الإیمان بعروض شی ء من الأفعال و إن بقی العلم فقد بینا أنه ممتنع بالغیر فإن أرادوا بالإمكان علی هذا التقدیر الإمكان الذاتی فلا نزاع لأحد فیه و إن أرادوا به عدم الامتناع و لو بالغیر فقد بینا منعه و امتناعه.

و بالجملة فظواهر كثیر من الآیات الكریمة و السنة المطهرة تدل علی إمكان طروء الكفر علی الإیمان و علی هذا بناء أحكام المرتدین و هو مذهب أكثر المسلمین نعم فی الاعتبار ما یدل علی عدم جواز طروئه علیه كما أشرنا إلیه إن جعلنا الإیمان عبارة عن التصدیق مع الإقرار أو حكمه لكن الأول هو الأرجح

ص: 217

فی النفس انتهی.

و أقول إذا اكتفی فی الإیمان بالظن الحاصل من التقلید أو غیره فلا ریب فی أنه یجوز تبدل الإیمان بالكفر و إن اشترط فیه العلم القطعی ففی جواز زواله إشكال و لما لم یقم دلیل تام علی عدم الجواز مع أن ظواهر الآیات و الأخبار تدل علی الجواز فالجواز أقوی مع أن كثیرا ما یعرض للإنسان أنه یقطع بأمر بحیث لا یحتمل عنده خلاف ثم یتزلزل لشبهة قویة تعرض له و القول بأنه ظن قوی یتوهم قطعا بعید نعم إن اعتبر فی الإیمان الیقین و فسر بأنه اعتقاد جازم ثابت مطابق للواقع یمتنع زواله فبعد زواله انكشف أنه لم یكن مؤمنا لكن اعتبار ذلك أول الكلام و قد شرحنا الخبر فی مرآة العقول و حققنا ذلك بوجه آخر فإن أردت الاطلاع علیه فارجع إلیه.

«2»- سن، [المحاسن] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحَسْرَةَ وَ النَّدَامَةَ وَ الْوَیْلَ كُلَّهُ لِمَنْ لَمْ یَنْتَفِعْ بِمَا أَبْصَرَ وَ مَنْ لَمْ یَدْرِ الْأَمْرَ الَّذِی هُوَ عَلَیْهِ مُقِیمٌ أَ نَفْعٌ هُوَ لَهُ أَمْ ضَرَرٌ قَالَ قُلْتُ فَبِمَا یُعْرَفُ النَّاجِی قَالَ مَنْ كَانَ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَأُثْبِتَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالنَّجَاةِ وَ مَنْ لَمْ یَكُنْ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَإِنَّمَا ذَلِكَ مُسْتَوْدَعٌ (1).

كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَبِمَا یُعْرَفُ النَّاجِی مِنْ هَؤُلَاءِ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِلَی قَوْلِهِ فَأُثْبِتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ(2).

بیان: إن الحسرة و الندامة و الویل الحسرة اسم من حسرت علی الشی ء حسرا من باب تعب و هی التلهف و التأسف علی فوات أمر مرغوب و الندامة الحزن علی فعل شی ء مكروه و الویل العذاب و واد فی جهنم یعنی هذا كله لمن لم ینتفع بما أبصره و علمه من العقائد و الأحكام و الأعمال و الأخلاق و الآداب و عدم الانتفاع بها بأن لا یعمل بمقتضی علمه بها و لم یدر ما الأمر الذی هو علیه مقیم من العقائد

ص: 218


1- 1. المحاسن: ص 252.
2- 2. الكافی ج 2: 419.

و الأعمال و الأخلاق أ نفع بصیغة المصدر أی نافع و یحتمل الماضی و كذا أو ضر یحتملهما و الأول أظهر فیهما و فیه حث علی مراقبة النفس فی جمیع الحالات و محاسبتها فی جمیع الحركات و السكنات لیعلم ما ینفعها فیجلبها و یزید منها و ما یضرها فیجتنبها.

فبما یعرف الناجی من هؤلاء أی من یكون أمره آئلا إلی النجاة من المهالك و عقوبات الآخرة فقال من كان فعله لقوله موافقا أی لقوله الحق و هو ما یأمر الناس به من الخیرات و الطاعات و ترك المنكرات أو لما یدعیه من الإیمان باللّٰه و الیوم الآخر و الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام فإن مقتضی ذلك العمل بما یأمره اللّٰه تعالی و یوجب الوصول إلی مثوباته و النجاة من عقوباته و متابعة أئمة الدین فی أقوالهم و أفعالهم أو لما یدعی لنفسه من الكمالات و ما نصب نفسه له من الحالات و الدرجات أو الجمیع.

فأثبتت له الشهادة علی صیغة المجهول أی یشهد اللّٰه تعالی و ملائكته و حججه علیهم السلام و كمل المؤمنین بأنه من الناجین لاتصافه بكمال الحكمة النظریة لقوله الحق و كمال الحكمة العملیة لعمله بأقواله الحقة و فی بعض النسخ فأتت و من لم یكن فعله لقوله موافقا أی بأن یكون قوله حقا و فعله باطلا كما هو شأن أكثر الخلق فإنما ذلك مستودع إیمانه غیر ثابت فیه فیحتمل أن یبقی علی الحق و یثبت له الإیمان و تحصل له النجاة و أن یزول عن الحق و یعود إلی الشقاوة و یستحق الویل و الحسرة و الندامة.

«3»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ وَ غَیْرِهِ عَنْ عِیسَی شَلَقَانَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً فَمَرَّ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام وَ مَعَهُ بَهْمَةٌ قَالَ فَقُلْتُ یَا غُلَامُ مَا تَرَی مَا یَصْنَعُ أَبُوكَ یَأْمُرُنَا بِالشَّیْ ءِ ثُمَّ یَنْهَانَا عَنْهُ أَمَرَنَا أَنْ نَتَوَلَّی أَبَا الْخَطَّابِ ثُمَّ أَمَرَنَا أَنْ نَلْعَنَهُ وَ نَتَبَرَّأَ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ هُوَ غُلَامٌ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْإِیمَانِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْكُفْرِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً بَیْنَ ذَلِكَ أَعَارَهُمُ الْإِیمَانَ یُسَمَّوْنَ الْمُعَارِینَ إِذَا

ص: 219

شَاءَ سَلَبَهُمْ وَ كَانَ أَبُو الْخَطَّابِ مِمَّنْ أُعِیرَ الْإِیمَانَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ مَا قَالَ لِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّهُ نَبْعَةُ نُبُوَّةٍ(1).

بیان: فی المصباح البهمة ولد الضأن یطلق علی الذكر و الأنثی و الجمع بهم مثل تمرة و تمر و جمع البهم بهام مثل سهم و سهام و تطلق البهام علی أولاد الضأن و المعز إذا اجتمعت تغلیبا فإذا انفردت قیل لأولاد الضأن بهام و لأولاد المعز سخال و قال ابن فارس البهم صغار الغنم و قال أبو زید یقال لأولاد الغنم ساعة تضعها الضأن و المعز ذكرا كان الولد أو أنثی سخلة ثم هی بهمة و الجمع بهم و قال الغلام الابن الصغیر و أبو الخطاب هو محمد بن مقلاص الأسدی الكوفی و كان فی أول الحال ظاهرا من أجلاء أصحاب الصادق علیه السلام ثم ارتد و ابتدع مذاهب باطلة و لعنه الصادق علیه السلام و تبرأ منه و روی الكشی روایات كثیرة تدل علی كفره و لعنه (2) و اختلف الأصحاب فیما رواه فی حال استقامته و الأكثر علی جواز العمل بها و كأنه متفرع علی المسألة السابقة فمن

ادعی جواز تحقق الإیمان و زواله یجوز العمل بروایته لأنه حینئذ كان مؤمنا و من زعم أنه كاشف من عدم كونه مؤمنا لا یجوز العمل بها.

إنه نبعة نبوة أی علمه من ینبوع النبوة أو هو غصن من شجرة النبوة و الرسالة فی القاموس نبع الماء ینبع مثلثة نبعا و نبوعا خرج من العین و النبع شجر للقسی و للسهام ینبت فی قلة الجبل (3)

«4»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ النَّبِیِّینَ عَلَی نُبُوَّتِهِمْ فَلَا یَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ جَبَلَ الْأَوْصِیَاءَ عَلَی وَصَایَاهُمْ فَلَا یَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ

ص: 220


1- 1. الكافی ج 2: 418.
2- 2. راجع رجال الكشّیّ ص 246- 260 تحت الرقم 135.
3- 3. القاموس ج 3 87.

جَبَلَ بَعْضَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْإِیمَانِ فَلَا یَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ مِنْهُمْ مَنْ یُعِیرُ الْإِیمَانَ عَارِیَّةً فَإِذَا هُوَ دَعَا وَ أَلَحَّ فِی الدُّعَاءِ مَاتَ عَلَی الْإِیمَانِ (1).

بیان: فی القاموس جبلهم اللّٰه یجبل و یجبل خلقهم و علی الشی ء طبعه و جبره كأجبله (2) فإذا هو دعا فیه حث علی الدعاء لحسن العاقبة و عدم الزیغ كما كان دأب الصالحین قبلنا و فیه دلالة أیضا علی أن الإتمام و السلب مسببان عن فعل الإنسان لأنه یصیر بذلك مستحقا للتوفیق و الخذلان.

و جملة القول فی ذلك أن كل واحد من الإیمان و الكفر قد یكون ثابتا و قد یكون متزلزلا یزول بحدوث ضده لأن القلب إذا اشتد ضیاؤه و كمل صفاؤه استقر الإیمان و كل ما هو حق فیه و إذا اشتدت ظلمته و كملت كدورته استقر الكفر و كل ما هو باطل فیه و إذا كان بین ذلك باختلاط الضیاء و الظلمة فیه كان مترددا بین الإقبال و الإدبار و مذبذبا بین الإیمان و الكفر فإن غلب الأول دخل الإیمان فیه من غیر استقرار و إن غلب الثانی دخل الكفر فیه كذلك و ربما یصیر الغالب مغلوبا فیعود من الإیمان إلی الكفر و من الكفر إلی الإیمان فلا بد للعبد من مراعاة قلبه فإن رآه مقبلا إلی اللّٰه عز و جل شكره و بذل جهده و طلب منه الزیادة لئلا یستدبر و ینقلب و یزیغ عن الحق كما ذكر سبحانه عن قوم صالحین رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَیْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (3) و إن رآه مدبرا زائغا عن الحق تاب و استدرك ما فرط فیه و توكل علی اللّٰه و توسل إلیه بالدعاء و التضرع لتدركه العنایة الربانیة فتخرجه من الظلمات إلی النور و إن لم یفعل ربما سلط علیه عدوه الشیطان و استحق من ربه الخذلان فیموت مسلوب الإیمان كما قال سبحانه فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ (4) أعاذنا اللّٰه من ذلك و سائر أهل الإیمان.

ص: 221


1- 1. الكافی ج 2 ص 419.
2- 2. القاموس ج 3 ص 345.
3- 3. آل عمران: 8.
4- 4. الصف: 5.

«5»- كش، [رجال الكشی] عَنْ حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عِیسَی شَلَقَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ غُلَامٌ قَبْلَ أَوَانِ بُلُوغِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذَا الَّذِی یَسْمَعُ مِنْ أَبِیكَ إِنَّهُ أَمَرَنَا بِوَلَایَةِ أَبِی الْخَطَّابِ ثُمَّ أَمَرَنَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَنْبِیَاءَ عَلَی النُّبُوَّةِ فَلَا یَكُونُونَ إِلَّا أَنْبِیَاءَ وَ خَلَقَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْإِیمَانِ فَلَا یَكُونُونَ إِلَّا مُؤْمِنِینَ وَ اسْتَوْدَعَ قَوْماً إِیمَاناً فَإِنْ شَاءَ أَتَمَّهُ وَ إِنْ شَاءَ سَلَبَهُمْ إِیَّاهُ وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ كَانَ مِمَّنْ أَعَارَهُ اللَّهُ الْإِیمَانَ فَلَمَّا كَذَبَ عَلَی أَبِی سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِیمَانَ.

قَالَ فَعَرَضْتُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فَقَالَ لَوْ سَأَلْتَنَا عَنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِیَكُونَ عِنْدَنَا غَیْرُ مَا قَالَ (1).

«6»- ب، [قرب الإسناد] عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ جَعْفَراً علیه السلام كَانَ یَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَالْمُسْتَقَرُّ مَا ثَبَتَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ وَ قَدْ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِأَمْرٍ جَهِلَهُ النَّاسُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَی مَا مَنَّ عَلَیْكُمْ بِهِ (2).

«7»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ هَدَاكُمْ وَ نَوَّرَ لَكُمْ وَ قَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَالْمُسْتَقَرُّ الْإِیمَانُ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ أَ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَهْدِیَ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ (3).

«8»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ مَا یَقُولُ أَهْلُ بَلَدِكَ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ قَالَ قُلْتُ یَقُولُونَ مُسْتَقَرٌّ فِی الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِی الصُّلْبِ فَقَالَ كَذَبُوا الْمُسْتَقَرُّ مَا اسْتَقَرَّ الْإِیمَانُ فِی قَلْبِهِ فَلَا یُنْزَعُ مِنْهُ أَبَداً وَ الْمُسْتَوْدَعُ الَّذِی یُسْتَوْدَعُ الْإِیمَانَ زَمَاناً

ص: 222


1- 1. رجال الكشّیّ: 251.
2- 2. قرب الإسناد ط النجف ص 203، و الآیة فی الانعام: 98.
3- 3. المصدر: 225.

ثُمَّ یُسْلَبُهُ وَ قَدْ كَانَ الزُّبَیْرُ مِنْهُمْ (1).

«9»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: إِنَّ الزُّبَیْرَ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ یَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَا أَغْمِدُهُ حَتَّی أُبَایِعَ لِعَلِیٍّ ثُمَّ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ فَضَارَبَ عَلِیّاً فَكَانَ مِمَّنْ أُعِیرَ الْإِیمَانَ فَمَشَی فِی ضَوْءِ نُورِهِ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ إِیَّاهُ (2).

«10»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَبِی الْأَصْبَغِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ یَسْأَلُ عَنْ مُسْتَقَرٍّ وَ مُسْتَوْدَعٍ قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِی الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِی الصُّلْبِ وَ قَدْ یَكُونُ مُسْتَوْدَعَ الْإِیمَانِ ثُمَّ یُنْزَعُ مِنْهُ وَ لَقَدْ مَشَی الزُّبَیْرُ فِی ضَوْءِ الْإِیمَانِ وَ نُورِهِ حِینَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّی مَشَی بِالسَّیْفِ وَ هُوَ یَقُولُ لَا نُبَایِعُ إِلَّا عَلِیّاً(3).

«11»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام: هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ مَا كَانَ مِنَ الْإِیمَانِ الْمُسْتَقَرِّ فَمُسْتَقَرٌّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَوْ أَبَداً(4) وَ مَا كَانَ مُسْتَوْدَعاً سَلَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ الْمَمَاتِ (5).

«12»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ صَفْوَانَ قَالَ: سَأَلَنِی أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ جَالِسٌ فَقَالَ لِی مَاتَ یَحْیَی بْنُ الْقَاسِمِ الْحَذَّاءُ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ وَ مَاتَ زُرْعَةُ فَقَالَ كَانَ جَعْفَرٌ علیه السلام یَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَمُسْتَقَرٌّ قَوْمٌ یُعْطَوْنَ الْإِیمَانَ وَ یُسْتَقَرُّ فِی قُلُوبِهِمْ وَ الْمُسْتَوْدَعُ قَوْمٌ یُعْطَوْنَ الْإِیمَانَ ثُمَّ یُسْلَبُونَهُ (6).

«13»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ الْمُسْتَقَرُّ الْإِیمَانُ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ(7).

«14»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَقَفَ عَلِیٌّ أَبُو الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام فِی بَنِی زُرَیْقٍ فَقَالَ لِی وَ هُوَ رَافِعٌ صَوْتَهُ یَا أَحْمَدُ قُلْتُ لَبَّیْكَ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ

ص: 223


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 371.
2- 2. المصدر ج 1 ص 371.
3- 3. المصدر ج 1 ص 371.
4- 4. التردید من الراوی.
5- 5. العیّاشیّ ج 1 ص 371.
6- 6. العیّاشیّ ج 1 ص 371.
7- 7. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 372.

رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَهَدَ النَّاسُ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَأَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام جَهَدَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی حَمْزَةَ وَ أَصْحَابُهُ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَأَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ إِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ إِذَا دَخَلَ فِیهِمْ دَاخِلٌ سُرُّوا بِهِ وَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُمْ خَارِجٌ لَمْ یَجْزَعُوا عَلَیْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَی یَقِینٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ إِنَّ أَهْلَ الْبَاطِلِ إِذَا دَخَلَ فِیهِمْ دَاخِلٌ سُرُّوا بِهِ وَ إِذَا خَرَجَ عَنْهُمْ خَارِجٌ جَزِعُوا عَلَیْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَی شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِمْ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْمُسْتَقَرُّ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ(1).

كش، [رجال الكشی] عن حمدویه عن الحسن بن موسی عن داود بن محمد عن أحمد: مثله (2).

«15»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْإِیمَانِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْكُفْرِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً بَیْنَ ذَلِكَ فَاسْتَوْدَعَ بَعْضَهُمُ الْإِیمَانَ فَإِنْ شَاءَ أَنْ یُتِمَّهُ لَهُمْ أَتَمَّهُ وَ إِنْ شَاءَ أَنْ یَسْلُبَهُمْ إِیَّاهُ سَلَبَهُمْ (3).

«16»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیه السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ وَ كَانَ فُلَانٌ مِنْهُمْ مُعَاراً(4).

بیان: خلق خلقا للإیمان قیل اللام لام العاقبة أی خلق خلقا عاقبتهم الإیمان فی العلم الأزلی لا زوال لإیمانهم و هم الأنبیاء و الأوصیاء و التابعون لهم من المؤمنین الثابتین علی الإیمان و خلق خلقا عاقبتهم الكفر فی علمه عز و جل و خلق خلقا مترددین بین الإیمان و الكفر مستضعفین فی علمه فمن آمن منهم كان إیمانه مستودعا فإن یشأ اللّٰه أن یتمه لهم لحسن استعدادهم و إقبالهم إلی اللّٰه عز و جل أتمه

ص: 224


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 372.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 377.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 372.
4- 4. الكافی ج 2 ص 417.

بفضله و توفیقه و جعله ثابتا مستقرا فیهم و إن یشأ أن یسلبهم إیاه لزوال استعدادهم الفطری و فساد استعدادهم الكسبی سلبهم و رفع عنهم توفیقهم و یفهم بالمقایسة حال من كفر منهم.

و أقول من علم أنهم یموتون علی الإیمان كان ینبغی أن یدخلهم فی القسم الأول علی هذا الوجه و من علم أنهم یموتون علی الكفر فی القسم الثانی بل الأحسن أن یقال لما علم اللّٰه سبحانه استعداداتهم و قابلیاتهم و ما یئول إلیه أمرهم و مراتب إیمانهم و كفرهم فمن علم أنهم یكونون راسخین فی الإیمان كاملین فیه و خلقهم فكأنه خلقهم للإیمان الكامل الراسخ و كذا الكفر و من علم أنهم یكونون متزلزلین مترددین بین الإیمان و الكفر فكأنه خلقهم كذلك فهم مستعدون لإیمان ضعیف فمنهم من یختم له بالإیمان و منهم من یختم له بالكفر فهم المعارون.

و الظاهر أن المراد بفلان أبو الخطاب و كنی عنه بفلان لمصلحة فإن أصحابه كانوا جماعة كثیرة كان یحتمل ترتب مفسدة علی التصریح باسمه و یحتمل أن یكون كنایة عن ابن عباس فإنه قد انحرف عن أمیر المؤمنین علیه السلام و ذهب بأموال البصرة إلی الحجاز و وقع بینه علیه السلام و بینه مكاتبات تدل علی شقاوته و ارتداده كما مر و التقیة فیه أظهر لكن سیأتی التصریح بأبی الخطاب فی خبر شلقان (1)

و علی التقدیرین منهم خبر كان و ضمیر الجمع للخلق بین ذلك و معارا خبر بعد خبر و قیل فلان كنایة عن عثمان و الضمیر للخلفاء الثلاثة و الظرف حال عن فلان و معارا خبر كان و لا یخفی بعده لفظا و معنی فإن الثلاثة كانوا كفرة لم یؤمنوا قط.

«17»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ وَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ كُلَیْبِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ

ص: 225


1- 1. یعنی ما مر تحت الرقم 3 مع شرحه فان خبر عیسی شلقان فی الكافی باب علامة المعار تحت الرقم 3، و هذا الخبر تحت الرقم 1، و أمّا التصریح باسم أبی الخطاب فقد عرفت أنه فی غیر واحد من الأحادیث كما مرّ عن الكشّیّ تحت الرقم 5.

أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ یُصْبِحُ مُؤْمِناً وَ یُمْسِی كَافِراً وَ یُصْبِحُ كَافِراً وَ یُمْسِی مُؤْمِناً وَ قَوْمٌ یُعَارُونَ الْإِیمَانَ ثُمَّ یُسْلَبُونَهُ وَ یُسَمَّوْنَ الْمُعَارِینَ ثُمَّ قَالَ فُلَانٌ مِنْهُمْ (1).

بیان: ثم یسلبونه یدل علی أن السلب متعد إلی مفعولین (2) بخلاف ما یظهر من كتب اللغة و یومئ إلیه أیضا تمثیلهم لبدل الاشتمال بقولهم سلب زید ثوبه إذ لو كان متعدیا إلی مفعولین لما احتاج إلی البدلیة لكن لا عبرة بقولهم بعد وروده فی كلام أفصح الفصحاء.

«18»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّبِیِّینَ عَلَی النُّبُوَّةِ فَلَا یَكُونُونَ إِلَّا أَنْبِیَاءَ وَ خَلَقَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْإِیمَانِ فَلَا یَكُونُونَ إِلَّا مُؤْمِنِینَ وَ أَعَارَ قَوْماً إِیمَاناً فَإِنْ شَاءَ تَمَّمَهُ لَهُمْ وَ إِنْ شَاءَ سَلَبَهُمْ إِیَّاهُ وَ قَالَ وَ فِیهِمْ جَرَتْ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ وَ قَالَ لِی إِنَّ فُلَاناً كَانَ مُسْتَوْدَعاً إِیمَانَهُ فَلَمَّا كَذَبَ عَلَیْنَا سُلِبَ

ص: 226


1- 1. الكافی ج 2 ص 417.
2- 2. بل الظاهر من مفهومه و هو الانتزاع و الاختلاس قهرا احتیاجه الی مفعول واحد و هو المسلوب لكنه لما كان المسلوب ممّا یتعلق بالغیر، بحیث لو لم یكن عنده و فی یده لم یتحقّق مفهوم السلب و هو الاخذ و الانتزاع قهرا بعد المدافعة لزم فی الكلام ذكر المسلوب عنه بصورة المفعول ثمّ ذكر المسلوب عنه بعنوان البدل، كما یقال: سلب فلانا ثوبه إذا أخذه قهرا و سلبا، و منه قولهم: سلبه فؤاده و عقله، و قوله تعالی:« وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَیْئاً لا یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ» فلو قیل: سلب ثوب فلان و نحوه انتفی معنی القهر من السالب و المدافعة من المسلوب عنه و صار مرادفا لقولهم أخذ أو سرق. و أمّا قوله علیه السلام« یسلبونه» فضمیر الجمع هو المفعول و هو المبدل منه رفع بنیابة الفاعل، و الضمیر المفرد الراجع الی الایمان لیس الا بدل الاشتمال من المفعول سد مسده، یتراءی فی الظاهر أنّه المفعول الثانی و لو صح الاستناد فی ذلك الی قوله علیه السلام« یسلبونه» لكان الأولی الاستناد الی قوله تعالی« وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَیْئاً».

إِیمَانَهُ ذَلِكَ (1).

بیان: قال تعالی وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال البیضاوی أی فلكم استقرار فی الأصلاب أو فوق الأرض و استیداع فی الأرحام أو تحت الأرض أو موضع الاستقرار و الاستیداع و قرأ ابن كثیر و البصریان (2)

بكسر القاف علی أنه اسم فاعل و المستودع اسم مفعول أی و منكم قار و منكم مستودع لأن الاستقرار منا دون الاستیداع انتهی (3).

و لعل عن علی علیه السلام أنسب بالقراءة الأخیرة أی فمنكم إیمانه مستقر أی ثابت و بعضكم إیمانه مستودع أو بعضكم مستقر فی الإیمان و بعضكم غیر مستقر و مُسْتَوْدَعٌ اسم مفعول أو اسم مكان و علی القراءة الأولی اسم مكان أی بعضكم محل استقرار الإیمان و المستودع یحتمل الوجهین قوله سلب إیمانه یحتمل بناء المفعول و الفاعل و علی الثانی ذلك إشارة إلی الكذب

«19»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: فَمِنَ الْإِیمَانِ مَا یَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِی الْقُلُوبِ وَ مِنْهُ مَا یَكُونُ عَوَارِیَّ بَیْنَ الْقُلُوبِ وَ الصُّدُورِ إِلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوهُ حَتَّی یَحْضُرَهُ الْمَوْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ وَ الْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَی حَدِّهَا الْأَوَّلِ مَا كَانَ لِلَّهِ فِی أَهْلِ الْأَرْضِ حَاجَةٌ مِنْ مُسْتَسِرِّ الْأُمَّةِ وَ مُعْلِنِهَا لَا یَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ فِی الْأَرْضِ فَمَنْ عَرَفَهَا وَ أَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ وَ لَا یَقَعُ اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَی مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَ وَعَاهَا قَلْبُهُ إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا یَحْتَمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ وَ لَا تَعِی حَدِیثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِینَةٌ وَ أَحْلَامٌ رَزِینَةٌ أَیُّهَا النَّاسُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّی بِطُرُقِ الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ فِتْنَةٌ تَطَأُ فِی خِطَامِهَا وَ تَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا(4).

بیان: العواری جمع العاریة بالتشدید فیهما كأنها منسوبة إلی العار فإن

ص: 227


1- 1. الكافی ج 2 ص 418.
2- 2. هما أبو عمرو بن العلاء، و یعقوب كما مرّ ص 106.
3- 3. أنوار التنزیل ص 137.
4- 4. نهج البلاغة ج 1 ص 386 تحت الرقم 187.

طلبها عار و عیب قال ابن میثم رحمه اللّٰه قوله علیه السلام فمن الإیمان إلی آخره قسمة للإیمان إلی قسمین أحدهما الثابت المستقر فی القلوب الذی صار ملكة و ثانیهما ما كان فی معرض الغیر و الانتقال و استعار علیه السلام لفظ العواری لكونه فی معرض الاسترجاع و الرد و كنی علیه السلام بكونه بین القلوب و الصدور عن كونه غیر مستقر فی القلوب و لا متمكن من جواهر النفوس (1).

و قال ابن أبی الحدید أراد علیه السلام من الإیمان ما یكون علی سبیل الإخلاص و منه ما یكون علی سبیل النفاق (2)

و قوله علیه السلام إلی أجل معلوم ترشیح لاستعارة العواری و هذه القسمة إلی القسمین هی الموجودة فی نسخة الرضی رضی اللّٰه عنه بخطه و فی نسخ كثیر من الشارحین و نسخ كثیرة معتبرة ثلاثة أقسام هكذا فمن الإیمان ما یكون ثابتا مستقرا فی القلوب و منه ما یكون عواری فی القلوب و منه ما یكون عواری (3)

بین القلوب و الصدور إلی أجل معلوم.

و قال ابن أبی الحدید فی بیانها إن الإیمان إما أن یكون ثابتا مستقرا بالبرهان و هو الإیمان الحقیقی أو لیس بثابت بالبرهان بل بالدلیل الجدلی ككثیر ممن لم یحقق العلوم العقلیة و هو الذی عبر علیه السلام عنه بقوله عواری فی القلوب فهو و إن كان فی القلب الذی هو محل الإیمان الحقیقی إلا أن حكمه حكم العاریة فی البیت و إما أن یستند إلی تقلید و حسن ظن بالأسلاف و قد جعله علیه السلام عواری بین القلوب و الصدور لأنه دون الثانی فلم یجعله حالا فی القلب و رد قوله علیه السلام إلی أجل معلوم إلی القسمین الأخیرین لأن من لم یبلغ درجة البرهان ربما ینحط إلی درجة المقلد فیكون إیمان كل منهما إلی أجل معلوم لكونه فی معرض الزوال.

فإذا كانت لكم براءة إلخ قیل أی إذا أردتم التبری من أحد فاجعلوه موقوفا إلی حال الموت و لا تسارعوا إلی البراءة منه قبل الموت لأنه یجوز أن یتوب و یرجع فإذا مات و لم یتب جازت البراءة منه لأنه لیس له بعد الموت حالة

ص: 228


1- 1. شرح النهج لابن میثم: 441.
2- 2. شرح النهج لابن أبی الحدید ج 3 ص 215.
3- 3. ساقط من نسخة الكمبانیّ.

تنتظر و ینبغی أن تحمل هذه البراءة علی البراءة المطلقة لجواز التبری من الفاسق و هو حی و من الكافر و هو حی لكن بشرط الاتصاف بأحد الوصفین بخلاف ما بعد الموت.

و قیل المعنی انتظروا حتی یأتیه الموت فإنه ربما یكون معتقدا للحق و یكتم إیمانه لغرض دنیوی و قیل هذا إشارة إلی ما كان یفعله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الصلاة علی المنافقین فإذا كبر أربعا كانوا یعلمون أنه منافق و إذا كبر خمسا كانوا یعلمون أنه مؤمن فأشار علیه السلام إلی أنه عند الموت تقع البراءة و تصح بعلامة تكبیراته الأربع و كلا الوجهین كما تری.

و الظاهر أن المراد بالبراءة قطع العلائق الإیمانیة التی یجوز معها الاستغفار كما یومئ إلیه قوله سبحانه ما كانَ لِلنَّبِیِّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِینَ وَ لَوْ كانُوا أُولِی قُرْبی إلی قوله تعالی فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ (1) و الهجرة قائمة إلخ و أصل الهجرة المأمور بها الخروج من دار الحرب إلی دار الإسلام و قال فی النهایة فیه لا هجرة بعد الفتح و لكن جهاد و نیة و فی حدیث آخر لا تنقطع الهجرة حتی تنقطع التوبة الهجرة فی الأصل اسم من الهجر ضد الوصل و قد هجره هجرا و هجرانا ثم غلب علی الخروج من أرض إلی أرض و ترك الأولی للثانیة یقال منه هاجر مهاجرة.

و الهجرة هجرتان إحداهما التی وعد اللّٰه علیها الجنة فی قوله إِنَّ اللَّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ(2) فكان الرجل یأتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و یدع أهله و ماله لا یرجع فی شی ء منه و ینقطع بنفسه إلی مهاجره و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یكره أن یموت الرجل بالأرض التی هاجر منها فمن ثم قال لكن البائس سعد بن خولة یرثی له أن مات بمكة(3) و قال حین قدم مكة اللّٰهم لا

ص: 229


1- 1. براءة: 114.
2- 2. براءة: 111.
3- 3. أی یترقق و یشفق علیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أن مات سعد بن خولة بمكّة. فی حجة الوداع حین قال: لكن البائس سعد بن خولة قد مات فی الأرض التی هاجر منها راجع ترجمته فی الاستیعاب بذیل الإصابة ج 2 ص 41.

تجعل منایانا بها فلما فتحت مكة صارت دار إسلام كالمدینة و انقطعت الهجرة.

و الهجرة الثانیة من هاجر من الأعراب و غزا مع المسلمین و لم یفعل كما فعل أصحاب الهجرة الأولی فهو مهاجر و لیس بداخل فی فضل من هاجر تلك الهجرة و هو المراد بقوله لا تنقطع الهجرة حتی تنقطع التوبة فهذا وجه الجمع بین الحدیثین و إذا أطلق فی الحدیث ذكر الهجرتین فإنما یراد بهما هجرة الحبشة و هجرة المدینة انتهی.

و قال ابن أبی الحدید هذا كلام من أسرار الوصیة یختص به علی علیه السلام لأن الناس یروون أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال لا هجرة بعد الفتح فشفع عمه العباس فی نعیم بن مسعود الأشجعی أن یستثنیه فاستثناه و هذه الهجرة التی أشار إلیها أمیر المؤمنین علیه السلام لیست تلك بل هی الهجرة إلی الإمام و قال بعض الأصحاب تجب المهاجرة عن بلد الشرك علی من یضعف عن إظهار شعائر الإسلام مع المكنة و یستحب للقادر علی إظهارها تحرزا عن تكثیر سواد المشركین و المراد بها الأمور التی تختص بالإسلام كالأذان و الإقامة و صوم شهر رمضان و غیر ذلك و ألحق بعضهم ببلاد الشرك بلاد الخلاف التی لا یتمكن فیها المؤمن من إقامة شعائر الإیمان مع الإمكان و لو تعذرت الهجرة لمرض أو عدم نفقة أو غیر ذلك فلا حرج لقوله تعالی إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَ لا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا فَأُولئِكَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً(1)

و الظاهر أن قوله علیه السلام ما كان لله فی أهل الأرض حاجة كنایة عن بقاء التكلیف كما یدل علیه قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله لا تنقطع الهجرة حتی تنقطع التوبة و للتجوز مجال واسع و فی الصحیفة السجادیة و لا ترسلنی من یدك إرسال من لا خیر فیه و لا حاجة بك إلیك و قیل كلمة ما هاهنا نافیة و وجهوه بتوجیهات

ص: 230


1- 1. النساء: 97.

ركیكة و السر ما یكتم و استسر أی استتر و اختفی فالمختفی حینئذ كمن لا یختفی بل یعلن نفسه لأنه لا یخاف و لا یتقی لدینه أو غیره و قیل أی ممن أسر دینه أو أظهره و أعلنه و من لبیان الجنس و قیل زائدة و لو حذفت لجر المستسر بدلا من أهل الأرض.

لا تقع اسم الهجرة إلخ أی یشترط فی صدق الهجرة معرفة الإمام و الإقرار به و المراد بقوله فمن عرفها إلخ أنه مهاجر بشرط الخروج إلی الإمام و السفر إلیه أو المراد بالمعرفة المعرفة المستندة إلی المشاهدة و العیان و یحتمل أن یكون المراد أن مجرد معرفة الإمام و الإقرار بوجوب اتباعه كاف فی إطلاق اسم الهجرة كما هو ظاهر الجزء الأخیر من الكلام و یدل علیه بعض أخبارنا فمعرفة الإمام و الإقرار به فی زمانه قائم مقام الهجرة المطلوبة فی زمان الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.

و قال بعض الأصحاب الهجرة فی زمان الغیبة سكنی الأمصار لأنها تقابل البادیة مسكن الأعراب و الأمصار أقرب إلی تحصیل الكمالات من القری و البوادی فإن الغالب علی أهلها الجفاء و الغلظة و البعد عن العلوم و الكمالات كما روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن الجفاء و القسوة فی الفدادین (1)

و قیل هی الخروج إلی طلب العلوم فیعم الخروج عن القری و البوادی و الخروج عن بلد لا یمكن فیه طلب العلم.

و لا یقع اسم الاستضعاف إلخ الاستضعاف عد الشی ء ضعیفا أو وجدانه ضعیفا و استضعفه أی طلب ضعفه و الحجة الدلیل و البرهان و یعبر به عن الإمام لأنه دلیل الحق و المراد به هنا إما دلیل الحق من أصول الدین أو الأعم أو الإمام بتقدیر مضاف أی حجة الحجة.

قال القطب الراوندی رحمه اللّٰه یمكن أن یشیر بهذا الكلام إلی إحدی آیتین إحداهما إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا

ص: 231


1- 1. الفدادون: الجمالون، و الرعیان، و البقارون، و الحمارون، و الفلاحون و أصحاب الوبر، و الذین تعلو اصواتهم فی حروثهم و مواشیهم، و المكثرون من الإبل.

كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً(1) فیكون مراده علیه السلام علی هذا أنه لا یصدق اسم الاستضعاف علی من عرف الإمام و بلغته أحكامه و وعاها قلبه و إن بقی فی ولده و أهله لم یتجشم السفر إلی الإمام كما صدق علی هؤلاء المذكورین فی الآیة و الثانیة قوله تعالی بعد ذلك إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ الآیة فیكون مراده علی هذا أن من عرف الإمام و سمع مقالته و وعاها قلبه لا یصدق علیه اسم الاستضعاف كما صدق علی هؤلاء إذ كان المفروض علی الموجودین فی عصر الرسول المهاجرة بالأبدان دون من بعدهم بل یقنع منهم بمعرفته و العمل بقوله بدون المهاجرة إلیه بالبدن.

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه بعد حكایة كلامه و أقول یحتمل أن یرید بقوله ذلك أنه لا عذر لمن بلغته دعوة الحجة فسمعتها أذنه فی تأخیره عن النهوض و المهاجرة إلیه مع قدرته علی ذلك و لا یصدق علیه اسم الاستضعاف كما یصدق علی المستضعفین من الرجال و النساء و الولدان حتی یكون ذلك عذرا له بل یكون فی تأخره ملوما مستحقا للعقاب كالذین قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ و یكون مخصوصا بالقادرین علی النهوض دون العاجزین فإن اسم الاستضعاف صادق علیهم انتهی (2).

و أقول سیأتی شرح هذا الكلام فی أخبار كثیرة و أن المراد به أن المستضعف المعذور فی معرفة الإمام فی زمان الهدنة فی الجملة إنما هو إذا لم تبلغه الحجة و اختلاف الناس فیه أو بلغه و لم یكن له عقل یتمیز به بین الحق و الباطل كما سنذكر تفصیله إن شاء اللّٰه تعالی.

إن أمرنا صعب مستصعب الصعب العسر و الأبی الذی لا ینقاد بسهولة ضد الذلول و استصعب الأمر أی صار صعبا و استصعبت الأمر أی وجدته صعبا

ص: 232


1- 1. النساء: 97 و ما بعدها ذیلها: 98.
2- 2. شرح النهج لابن میثم: 441.

و حملته و احتملته بمعنی و حملته بالتشدید فاحتمله و الامتحان الاختبار و امتحن اللّٰه قلبه أی شرحه و وسعه.

قال ابن أبی الحدید قال اللّٰه تعالی أُولئِكَ الَّذِینَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوی (1) یقال امتحن فلان لأمر كذا أی جرب للنهوض به فهو قوی علی احتمال مشاقه و یجوز أن یكون بمعنی المعرفة لأن تحقیقك الشی ء إنما یكون باختباره فوضع موضعها فیتعلق اللام بمحذوف أی كائنة له و هی اللام التی فی قولك أنت لهذا الأمر أی مختص به و یكون مع معمولها منصوبة علی الحال و یجوز أن یكون المعنی ضرب اللّٰه قلوبهم بأنواع المحن لأجل التقوی أی لیثبت و یظهر تقواها و یعلم أنهم متقون لأن التقوی لا یعلم إلا عند الصبر علی المحن و الشدائد أو أخلص قلوبهم للتقوی أی أذابه و صفاه و وعیت الحدیث أی حفظته و فهمته و الغرض حفظ الحدیث عن الإذاعة و ضبط الأسرار عن إفضائها إلی غیر أهلها أو الإذعان الكامل به و عدم التزلزل عند العجز عن المعرفة التفصیلیة به فیكون كالتفسیر لما قبله و الحلم بالكسر الأناة و العقل و الرزانة الوقار.

و حاصل الكلام أن شأنهم و ما هم علیه من الكمال و القدرة علی خوارق العادات صعب لا یحصل لغیرهم مستصعب الفهم علی الخلق أو فهم علومهم و إدراك أسرارهم مشكل یستصعبه أكثر الخلق فلا یقبله حق القبول بحیث لا یخرج إلی طرف الإفراط بالغلو أو التفریط بعدم التصدیق أو القول بعدم الحق لسوء الفهم إلا قلب عبد شرحه اللّٰه و صفاه للإیمان فیحمل كلما یأتون به علی وجهه إذا وجد له محملا و یصدق إجمالا بكل ما عجز عن معرفته تفصیلا و یرد علمه إلیهم علیهم السلام.

و المراد بطرق السماء الطرق التی یصعد منها الملائكة و یرفع فیها أعمال العباد أو منازل سكان السماوات و مراتبهم أو الأمور المستقبلة و ما خفی علی الناس مما لا یعلم إلا بتعلیم ربانی فإن مجاری نزولها فی السماء أو أحكام الدین و قواعد الشریعة

ص: 233


1- 1. الحجرات: 3.

و علی ما یقابل كل واحد منها یحمل طرق الأرض.

و شغر البلد كمنع إذا خلا من حافظ یمنعه و بلدة شاغرة برجلها لم تمنع عن غارة أحد و شغرت المرأة رفعت رجلها للنكاح و شغرتها فعلت بها ذلك یتعدی و لا یتعدی و شغر الكلب إذا رفع أحد رجلیه لیبول و قیل الشغر البعد و الاتساع و قیل كنی بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة عن مدبر یردها و یحفظ الأمور و ینظم الدین و یحتمل أن یكون كنایة عن شمولها للبلاد و العباد من الشغر بمعنی الاتساع أو من شغر الكلب أو من شغرة المرأة كنایة عن تكشفها و عدم مبالاتها بظهور عیوبها و إبداء سوأتها و الوطء الدوس بالرجل و الخطم بالفتح من الدابة مقدم أنفها و ككتاب ما یوضع فی أنف البعیر لیقتاد به و الوطء فی الخطام كنایة عن فقد القائد و إذا خلت الناقة من القائد تعثر و تخبط و تفسد ما تمر علیه بقوائمها.

و تذهب بأحلام قومها أی تفسد عقول أهلها فكانت أفعالهم علی خلاف ما یقتضیه العقل فالمراد بأهلها المفسدون أو یتحیر أهل زمانها فلا یهتدون إلی طریق التخلص عنها فأهلها من أصابته البلیة أو یأتی أهل ذلك الزمان إلیها رغبة و رهبة و لا یتفحصون عن كونها فتنة لغفلتهم عن وجه الحق فیها.

ص: 234

باب 35 العلة التی من أجلها لا یكف اللّٰه المؤمنین عن الذنب

«1»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَیْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ جَاءَنَا یَلْتَمِسُ الْفِقْهَ وَ الْقُرْآنَ وَ التَّفْسِیرَ فَدَعُوهُ وَ مَنْ جَاءَنَا یُبْدِی عَوْرَةً قَدْ سَتَرَهَا اللَّهُ فَنَحُّوهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَذْكُرُ حَالِی لَكَ قَالَ إِنْ شِئْتَ قَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَمُقِیمٌ عَلَی ذَنْبٍ مُنْذُ دَهْرٍ أُرِیدُ أَنْ أَتَحَوَّلَ مِنْهُ إِلَی غَیْرِهِ فَمَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ قَالَ لَهُ إِنْ تَكُنْ صَادِقاً فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّكَ وَ مَا یَمْنَعُكَ مِنَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَخَافَهُ (1).

«2»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ یَسَارٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ (2)

وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتُلِیَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ أَبَداً(3).

أقول: سیأتی شرحه و مثله فی باب العجب إن شاء اللّٰه.

ص: 235


1- 1. أمالی المفید ص 14.
2- 2. العجب أن یستعظم الرجل نفسه بما یكون منه من الخیرات و العبادات، فیعد نفسه صالحة مطیعة حقّ الإطاعة فیبتهج بأعماله و یدلّ بها كانه یمن علی اللّٰه باطاعته. و هذا مفسد للعمل.
3- 3. الكافی ج 2: 133.

باب 36 الحب فی اللّٰه و البغض فی اللّٰه

«1»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام ع]، [علل الشرائع] ن (1)،

[عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی للصدوق] الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ذَاتَ یَوْمٍ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَحْبِبْ فِی اللَّهِ وَ أَبْغِضْ فِی اللَّهِ وَ وَالِ فِی اللَّهِ وَ عَادِ فِی اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا تَنَالُ وَلَایَةَ اللَّهِ إِلَّا بِذَلِكَ وَ لَا یَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِیمَانِ وَ إِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَ صِیَامُهُ حَتَّی یَكُونَ كَذَلِكَ وَ قَدْ صَارَتْ مُوَاخَاةُ النَّاسِ یَوْمَكُمْ هَذَا أَكْثَرَهَا فِی الدُّنْیَا عَلَیْهَا یَتَوَادُّونَ وَ عَلَیْهَا یَتَبَاغَضُونَ وَ ذَلِكَ لَا یُغْنِی عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً فَقَالَ لَهُ وَ كَیْفَ لِی أَنْ أَعْلَمَ أَنِّی قَدْ وَالَیْتُ وَ عَادَیْتُ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ وَلِیُّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی أُوَالِیَهُ وَ مَنْ عَدُوُّهُ حَتَّی أُعَادِیَهُ فَأَشَارَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَ تَرَی هَذَا فَقَالَ بَلَی قَالَ وَلِیُّ هَذَا وَلِیُّ اللَّهِ فَوَالِهِ وَ عَدُوُّ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ فَعَادِهِ وَالِ وَلِیَّ هَذَا وَ لَوْ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِیكَ وَ وَلَدِكَ وَ عَادِ عَدُوَّ هَذَا وَ لَوْ أَنَّهُ أَبُوكَ وَ وَلَدُكَ (2).

أقول: قد مر كثیر من أخبار الباب فی باب صفات المؤمن و باب صفات خیار العباد و باب جوامع المكارم و فی أبواب كتاب الحجة.

«2»- ثو(3)،

[ثواب الأعمال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ سَعِیدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مِنْ أَوْثَقِ عُرَی الْإِیمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِی اللَّهِ وَ تُعْطِیَ فِی اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (4).

ص: 236


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 134، عیون أخبار الرضا علیه السلام ج 1 ص 291.
2- 2. أمالی الصدوق: ص 8.
3- 3. ثواب الأعمال ص 152 و الافعال بصیغة الغائب.
4- 4. أمالی الصدوق: ص 345، و اللفظ له.

سن، [المحاسن] عن ابن محبوب: مثله (1)

جا، [المجالس للمفید] عن أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن عیسی: مثله (2).

«3»- لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَحَبَّ كَافِراً فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَ كَافِراً فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام صَدِیقُ عَدُوِّ اللَّهِ عَدُوُّ اللَّهِ (3).

«4»- فس، [تفسیر القمی]: الْأَخِلَّاءُ یَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِینَ (4) یَعْنِی الْأَصْدِقَاءَ یُعَادِی بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَلَا كُلُّ خُلَّةٍ كَانَتْ فِی الدُّنْیَا فِی غَیْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَصِیرُ عَدَاوَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ص وَ لِلظَّالِمِ غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ وَ الرَّحِیلُ وَشِیكٌ وَ لِلْأَخِلَّاءِ نَدَامَةٌ إِلَّا الْمُتَّقِینَ (5).

«5»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: هَلِ الدِّینُ إِلَّا الْحُبُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (6).

«6»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ رِبْعِیٍّ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنْ حُبِّ الرَّجُلِ دِینَهُ حُبُّهُ إِخْوَانَهُ (7).

ص: 237


1- 1. المحاسن: ص 263.
2- 2. مجالس المفید: 97.
3- 3. أمالی الصدوق: ص 360 أواخر المجلس 88.
4- 4. الزخرف: 67.
5- 5. تفسیر القمّیّ.
6- 6. الخصال ص 5، الرقم 69 و الآیة فی آل عمران: 31.
7- 7. الخصال ص 13 تحت الرقم 4.

«7»- ف، [تحف العقول] عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی بَعْضِ الْأَنْبِیَاءِ أَمَّا زُهْدُكَ فِی الدُّنْیَا فَتَعَجُّلُكَ الرَّاحَةَ وَ أَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَیَّ فَتَعَزُّزُكَ بِی وَ لَكِنْ هَلْ عَادَیْتَ لِی عَدُوّاً أَوْ وَالَیْتَ لِی وَلِیّاً(1).

«8»- ف، [تحف العقول] عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ قَالَ: حُبُّ الْأَبْرَارِ لِلْأَبْرَارِ ثَوَابٌ لِلْأَبْرَارِ وَ حُبُّ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ فَضِیلَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ زَیْنٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْأَبْرَارِ لِلْفُجَّارِ خِزْیٌ عَلَی الْفُجَّارِ(2).

سن، [المحاسن] عن علی بن محمد القاسانی عمن ذكره عن عبد اللّٰه بن القاسم الجعفری عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (3)

مع تحریف و سقط.

«9»- سن، [المحاسن] عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ لَهُ قَالَ: یَا زِیَادُ وَیْحَكَ وَ هَلِ الدِّینُ إِلَّا الْحُبُّ أَ لَا تَرَی إِلَی قَوْلِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (4) أَ وَ لَا تَرَی قَوْلَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ وَ قَالَ یُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ الدِّینُ هُوَ الْحُبُّ وَ الْحُبُّ هُوَ الدِّینُ (5).

«10»- سن، [المحاسن] عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَ أَبْغَضَ لِلَّهِ وَ أَعْطَی لِلَّهِ وَ مَنَعَ لِلَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَ إِیمَانُهُ (6).

«11»- سن، [المحاسن] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ أَبْغَضَ عَدُوَّهُ لَمْ یُبْغِضْهُ

ص: 238


1- 1. تحف العقول ص 479.
2- 2. تحف العقول ص 517.
3- 3. المحاسن: ص 266.
4- 4. آل عمران: 31، و ما بعدها فی الحجرات 7، الحشر: 9، علی الترتیب.
5- 5. و المحاسن: 263.
6- 6. و المحاسن: 263.

لِوِتْرٍ وَتَرَهُ فِی الدُّنْیَا ثُمَّ جَاءَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِمِثْلِ زَبَدِ الْبَحْرِ ذُنُوباً كَفَّرَهَا اللَّهُ لَهُ (1).

بیان: یقال وترته نقصته و الوتر بالكسر الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من قتل أو نهب أو سبی.

«12»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ الْبَرْقِیِّ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ سَهْلٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَحَبَّ فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ وَ أَعْطَی فِی اللَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَ إِیمَانُهُ (2).

بیان: من أحب لله أی أحب من أحب لأن اللّٰه یحبه و أمر بحبه من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و الصلحاء من المؤمنین لا للأغراض الدنیویة و الأطماع الدنیة و أبغض لله أی أبغض من أبغض لأن اللّٰه یبغضه و أمر ببغضه من أئمة الضلالة و الكفار و المشركین و المخالفین و الظلمة و الفجار لمخالفتهم لله تعالی و أعطی لله أی أعطی من أمر اللّٰه بإعطائه من أئمة الدین و فقراء المؤمنین و صلحائهم خالصا لله من غیر رئاء و لا سمعة و فی بعض النسخ فی اللّٰه فی المواضع فهو أیضا بمعنی لله و فی لتعلیل أو المعنی الحب فی سبیل طاعته فیرجع إلیه أیضا فهو ممن كمل إیمانه لأن ولایة أولیاء اللّٰه و معاداة أعدائه و إخلاص العمل له عمدة الإیمان و أعظم أركانه.

«13»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ سَعِیدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنْ أَوْثَقِ عُرَی الْإِیمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِی اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِی اللَّهِ وَ تُعْطِیَ فِی اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِی اللَّهِ (3).

إیضاح: العروة ما یكون فی الحبل یتمسك به من أراد الصعود و عروة الكوز و نحوه و الأول هنا أنسب كأنه علیه السلام شبه الإیمان بحبل یرتقی به إلی الجنة

ص: 239


1- 1. المحاسن: 265.
2- 2. الكافی ج 2 ص 124.
3- 3. الكافی ج 2 ص 125.

و الدرجات العالیة و الأعمال الإیمانیة و أخلاقها بالعری التی تكون فیه یتمسك بها من أراد الصعود علیه و فیه إشارة إلی قوله تعالی فَمَنْ یَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی لَا انْفِصامَ لَها(1) و المنع فی اللّٰه أن یكون عدم بذله و إعطائه لكونه سبحانه منع منه كالحد المنتهی إلی التبذیر أو إعطاء الكفار لغیر مصلحة و الفجار لإعانتهم علی الفجور و أمثال ذلك.

«14»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: وُدُّ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ فِی اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِیمَانِ أَلَا وَ مَنْ أَحَبَّ فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ وَ أَعْطَی فِی اللَّهِ وَ مَنَعَ فِی اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَصْفِیَاءِ اللَّهِ (2).

سن، [المحاسن] عن ابن محبوب: مثله (3)

توضیح: فی القاموس الود و الوداد الحب و یثلثان كالودادة و المودة(4)

و فی المصباح الشعبة من الشجرة الغصن المتفرع منها و الجمع شعب مثل غرفة و غرف و الشعبة من الشی ء الطائفة منه و انشعبت أغصان الشجرة تفرعت عن أصلها و تفرقت و یقال هذه المسألة كثیرة الشعب انتهی و شعب الإیمان الأعمال و الأخلاق التی یقتضی الإیمان الإتیان بها و الصفی الحبیب المصافی و خالص كل شی ء.

«15»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الْمُتَحَابِّینَ فِی اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ قَدْ أَضَاءَ نُورُ وُجُوهِهِمْ وَ نُورُ أَجْسَادِهِمْ وَ نُورُ مَنَابِرِهِمْ كُلَّ شَیْ ءٍ

ص: 240


1- 1. البقرة: 256.
2- 2. الكافی: ج 2 125.
3- 3. المحاسن: 263.
4- 4. القاموس ج 1 ص 344.

حَتَّی یُعْرَفُوا بِهِ فَیُقَالُ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ (1).

بیان: المتحابین فی اللّٰه أی الذین یحب كل منهم الآخرین لمحض رضا اللّٰه و كونهم من أحباء اللّٰه لا للأغراض الفانیة و الأغراض الباطلة و یكون أضاء لازما و متعدیا یقال أضاء الشی ء و أضاءه غیره ذكره فی المصباح.

«16»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ أَ مِنَ الْإِیمَانِ هُوَ فَقَالَ وَ هَلِ الْإِیمَانُ إِلَّا الْحُبُّ وَ الْبُغْضُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (2).

سن، [المحاسن] عن أبیه عن حماد: مثله (3) تبیان عن الحب و البغض أی حب الأئمة علیهم السلام و بغض أعدائهم أو الأعم منهما و من حب المؤمنین و الطاعة و بغض المخالفین و المعصیة و الغرض من السؤال إما استعلام أن الاعتقاد بإمامة الأئمة علیهم السلام و محبتهم و التبری عن أعدائهم هل هما من أجزاء الإیمان و أصول الدین كما هو مذهب الإمامیة أو من فروع الدین و الواجبات الخارجة عن حقیقة الإیمان كما ذهب إلیه المخالفون أو استبانة أن حب أولیاء اللّٰه و بغض أعدائه هل هما من الأمور الاختیاریة التی یقع التكلیف بها أو هما من فعل اللّٰه تعالی و لیس للعبد فیه اختیار فلا یكونان مما كلف اللّٰه به و الأول أظهر.

فأجاب علیه السلام علی الاستفهام الإنكاری بأن مدار الإیمان علی الحب و البغض لأن الاعتقاد بالشی ء لا ینفك عن حبه و إنكاره عن بغضه أو عمدة الإیمان ولایة الأئمة علیهم السلام و البراءة من أعدائهم إذ بهما یتم الإیمان و بدونهما لا ینفع شی ء من العقائد و الأعمال كما مر مفصلا فكأن الإیمان منحصر فیهما أو لما كانا

ص: 241


1- 1. الكافی ج 2 ص 125.
2- 2. الحجرات: 7، راجع الكافی ج 2 ص 125.
3- 3. المحاسن: ص 262.

أصل الإیمان و عمدته كیف لم یكونا مكلفا به و كیف لم تكن مبادیهما بالاختیار.

و الاستشهاد بالآیة علی الأول ظاهر و علی الثانی فلأنه لما حصر اللّٰه تعالی الرشد و الصلاح فیهما فلو لم یكونا اختیاریین لزم الجبر و التكلیف بما لا یطاق و هما منفیان بالدلائل العقلیة و النقلة.

و أما الآیة فقال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ أی جعله أحب الأدیان إلیكم بأن أقام الأدلة علی صحته و بما وعد من الثواب علیه وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ بالألطاف الداعیة إلیه وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ بما وصف من العقاب علیه و بوجوه الألطاف الصارفة عنه وَ الْفُسُوقَ أی الخروج عن الطاعة إلی المعاصی وَ الْعِصْیانَ أی جمیع المعاصی و قیل الفسوق الكذب و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ یعنی الذین وصفهم بالإیمان و زینه فی قلوبهم هم المهتدون إلی معالی الأمور و قیل هم الذین أصابوا الرشد و اهتدوا إلی الجنة انتهی (1).

و یحتمل أن یكون المراد بالكفر الإخلال بالعقائد الإیمانیة و بالفسوق الكبائر و بالعصیان الصغائر أو الأعم أو بالكفر ترك الإیمان ظاهرا و باطنا و بالفسوق النفاق و بالعصیان جمیع المعاصی.

و قد ورد فی أخبار كثیرة قد مر بعضها أن الإیمان أمیر المؤمنین و ولایته و الكفر و الفسوق و العصیان الأول و الثانی و الثالث (2) فیؤید المعنی الأول الذی ذكرنا فی صدر الكلام

«17»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ یَحْیَی فِیمَا أَعْلَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُدْرِكٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ أَیُّ عُرَی الْإِیمَانِ أَوْثَقُ فَقَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الزَّكَاةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصِّیَامُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْحَجُ

ص: 242


1- 1. مجمع البیان ج 9 ص 133.
2- 2. راجع ج 23 ص 380 من هذه الطبعة الحدیثة.

وَ الْعُمْرَةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْجِهَادُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِكُلِّ مَا قُلْتُمْ فَضْلٌ وَ لَیْسَ بِهِ وَ لَكِنْ أَوْثَقُ عُرَی الْإِیمَانِ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ وَ تَوَالِی أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ التَّبَرِّی مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ (1).

سن، [المحاسن] عن الیقطینی عن أبی الحسن علی بن یحیی فیما أعلم: مثله (2)

مع، [معانی الأخبار] عن ابن الولید عن الصفار عن الیقطینی عن علی بن یحیی عن علی بن مروك الطائی عن أبی عبد اللّٰه عن آبائه علیهم السلام قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله: و ذكر مثله (3)

بیان: الغرض من السؤال امتحان فهم القوم و شدة اهتمامهم باستعلام ما هو الحق فی ذلك و العمل به و كان اختیار كل منهم فعلا و ذكره علی سبیل الاحتمال أو الاستفهام و لم یكن حكما منهم بأنه كذلك فإنه حینئذ یكون قولا بغیر علم و فتوی بالباطل فهذا حرام فكیف یقررهم صلی اللّٰه علیه و آله به و یحثهم علیه و لیس به ضمیر لیس للفضل المذكور و ضمیر به للأوثق أو ضمیر لیس لكل من المذكورات و ضمیر به للذی أراد صلی اللّٰه علیه و آله و توالی أولیاء اللّٰه الاعتقاد بإمامة الذین جعلهم اللّٰه أولی بالمؤمنین من أنفسهم و أعداء اللّٰه أضدادهم و غاصبوا خلافتهم أو الأعم منهم و من سائر المخالفین و الكفار.

«18»- سن، [المحاسن] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ الْأَحْمَسِیِّ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی أَرْضِ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ فِی ظِلِّ عَرْشِهِ عَنْ یَمِینِهِ وَ كِلْتَا یَدَیْهِ یَمِینٌ وُجُوهُهُمْ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ الطَّالِعَةِ یَغْبِطُهُمْ بِمَنْزِلَتِهِمْ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ

ص: 243


1- 1. الكافی ج 2 ص 125.
2- 2. المحاسن: ص 264.
3- 3. معانی الأخبار ص 398 و لعلّ ما فی سند الحدیث« علی بن مروك الطائی» تصحیف« عمرو بن مدرك الطائی».

وَ كُلُّ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ یَقُولُ النَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ فَیُقَالُ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ (1).

كا، [الكافی] عن العدة عن البرقی عن محمد بن علی عن عمر بن جبلة: مثله (2)

بیان: علی أرض زبرجدة الإضافة كخاتم حدید فی ظل عرشه قال فی النهایة أی فی ظل رحمته و قال النووی (3) قیل الظل عبارة عن الراحة و النعیم نحو هو فی عیش ظلیل و المراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها و سائر العالم تحت العرش و قال الآبی (4) و من جواب شیخنا أنه یحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس و قال عیاض (5)

ظاهره أنه سبحانه یظلهم حقیقة من حر الشمس و وهج الموقف و أنفاس الخلائق و هو تأویل أكثرهم و قال بعضهم هو كنایة عن كنهم و جعلهم فی كنفه و ستره و منه قولهم السلطان ظل اللّٰه و قولهم فلان فی ظل فلان أی فی كنفه و عزه انتهی.

و ظاهر الأخبار و الآیات أن العرش یوضع یوم القیامة فی الموقف و أن له

ص: 244


1- 1. المحاسن: ص 264.
2- 2. الكافی ج 2 ص 126.
3- 3. هو أبو زكریا محیی الدین یحیی بن شرف الدمشقی الشافعی، و النووی منسوب الی نوی بلیدة قرب دمشق، قیل و هی منزل أیوب علیه السلام كان محققا مدققا حافظا للحدیث عارفا بأنواعه له كتاب المنهاج شرح صحیح مسلم بن الحجاج.
4- 4. هو عزّ الدین الحسن بن أبی طالب الیوسفی المعروف بالفاضل الآبی قال فی الكنی و الألقاب: عالم فاضل محقق فقیه قوی الفقاهة شارح نافع و تلمیذ المحقق، شهرته دون فضله، و علمه أكثر من ذكره و نقله، و كتابه كشف الرموز كتاب حسن مشتمل علی فوائد كثیرة و تنبیهات جیدة و له مع شیخه مباحثات و مخالفات فی كثیر من المواضع، فرغ من تألیف كتابه سنة 672.
5- 5. هو أبو الفضل بن موسی بن عیاض المالكی الاندلسی الأصل، كان امام وقته فی الحدیث و علومه، و صنف التصانیف منها مشارق الأنوار فی تفسیر غریب الحدیث المختص بالصحاح الثلاثة: الموطأ، صحیح البخاریّ و صحیح مسلم. توفی بمراكش 544.

یمینا و شمالا فیمكن أن یكون المقربون فی یمینه و من دونهم فی شماله و كلاهما یمین مبارك یأمن من استقر فیهما و قیل یحتمل أن یراد به الرحمة و لها أفراد متفاوتة فأقواهما یمین و أدونهما یسار و كلاهما مبارك ینجی من أهوال القیامة.

و قال فی النهایة فیه و كلتا یدیه یمین أی إن یدیه تبارك و تعالی بصفة الكمال لا نقص فی واحدة منهما لأن الشمال ینقص عن الیمین و كل ما جاء فی القرآن و الحدیث من إضافة الید و الأیدی و الیمین و غیر ذلك من أسماء الجوارح إلی اللّٰه تعالی فإنما هو علی سبیل المجاز و الاستعارة و اللّٰه تعالی منزه عن التشبیه و التجسیم انتهی.

و فی الكافی أشد بیاضا و أضوأ و كأنه سقط قوله من الثلج من النساخ یغبطهم تقول غبطهم كضرب غبطا إذا تمنی مثل ما ناله من غیر أن یرید زواله لما أعجبه من حسنه و كأن المعنی أن الملك و النبی مع جلالة قدرهما و عظم نعمتهما یعجبهما هذه المنزلة و یعدانها عظیمة فلا یستلزم كون منزلته دون منزلتهما و ربما یقرأ یغبطهم علی بناء التفعیل أی یعدانهم ذوی غبطة و حسن حال أو مغبوطین للناس.

«19»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ نَضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِذَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ قَامَ مُنَادٍ فَنَادَی یُسْمِعُ النَّاسَ فَیَقُولُ أَیْنَ الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ قَالَ فَیَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَیُقَالُ لَهُمُ اذْهَبُوا إِلَی الْجَنَّةِ بِغَیْرِ حِسَابٍ قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَیَقُولُونَ إِلَی أَیْنَ فَیَقُولُونَ إِلَی الْجَنَّةِ بِغَیْرِ حِسَابٍ قَالَ فَیَقُولُونَ فَأَیُّ ضَرْبٍ (1) أَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ فَیَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ قَالَ فَیَقُولُونَ وَ أَیَّ شَیْ ءٍ كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ قَالُوا كُنَّا نُحِبُّ فِی اللَّهِ وَ نُبْغِضُ فِی اللَّهِ قَالَ فَیَقُولُونَ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِینَ (2).

ص: 245


1- 1. فأی حزب خ ل.
2- 2. الكافی ج 2 ص 126.

سن، [المحاسن] عن أبیه عن النضر: مثله (1) بیان یسمع الناس علی بناء الإفعال حال عن فاعل فنادی و فی المحاسن ینادی بصوت یسمع فتلقاهم علی بناء المجرد أو علی بناء التفعل بحذف إحدی التاءین أی تستقبلهم و أی شی ء كانت أعمالكم أی منصوب بخبریة كانت أی أیة مرتبة بلغ تحابكم و أی شی ء فعلتم حتی سمیتم بهذا الاسم و قیل هو استبعاد لكون محض التحاب سبب هذه المنزلة و فی المحاسن قالوا و أی شی ء قوله نعم أجر العاملین المخصوص بالمدح محذوف أی أجركم و ما أعطاكم ربكم.

«20»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْمُؤْمِنِ عِلْمُهُ بِاللَّهِ وَ مَنْ یُحِبُّ وَ مَنْ یُبْغِضُ (2).

بیان: علمه باللّٰه أی بذاته و صفاته بقدر وسعه و طاقته و من یحب و من یبغض أی من یحبه اللّٰه من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و أتباعهم و من یبغضه اللّٰه من الكفار و أهل الضلال أو الضمیر فی الفعلین راجع إلی المؤمن أی علمه بمن یجب أن یحبه و یجب أن یبغضه و كأنه أظهر.

«21»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَیُحِبُّكُمْ وَ مَا یَعْرِفُ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِحُبِّكُمْ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیُبْغِضُكُمْ وَ مَا یَعْرِفُ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ بِبُغْضِكُمُ النَّارَ(3).

بیان: قوله علیه السلام إن الرجل لیحبكم أقول یحتمل وجوها الأول أن یكون المراد بهم المستضعفین من المخالفین فإنهم یحبون الشیعة و لا یعرفون مذهبهم و یحتمل دخولهم الجنة بذلك الثانی أن یكون المراد بهم المستضعفین

ص: 246


1- 1. المحاسن: ص 264.
2- 2. الكافی ج 2 ص 126.
3- 3. الكافی ج 2 ص 126.

من الشیعة فإنهم یحبون علماء الشیعة و صلحاءهم و لكن لم یصلوا إلی ما هم علیه من العقائد الحقة و الأعمال الصالحة فیدخلون بذلك الجنة و منهم من یبغض العلماء و الصلحاء فیدخلون بذلك النار فإن كان بغضهم للعلم و الصلاح فهم كفرة و إلا فهم فسقة كما ورد كن عالما أو متعلما أو محبا للعلماء و لا تكن رابعا فتهلك الثالث أن یكون المراد بما أنتم علیه الصلاح و الورع دون التشیع كما ذكره بعض المحققین الرابع أن یكون المراد بما أنتم علیه المعصیة كما روی أن حفصا كان یلعب بالشطرنج (1).

فالمراد أن من أحبكم لظاهر إیمانكم و تشیعكم مع عدم علمه بالمعاصی التی أنتم علیه فبذلك یدخل الجنة و من أبغضكم لكونكم مؤمنین و لم یعلم فسقكم لیبغضكم لذلك فهو من أهل النار لأن بغض المؤمن لإیمانه كفر.

«22»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ فِیكَ خَیْراً فَانْظُرْ إِلَی قَلْبِكَ فَإِنْ كَانَ یُحِبُّ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یُبْغِضُ أَهْلَ مَعْصِیَتِهِ فَفِیكَ خَیْرٌ وَ اللَّهُ یُحِبُّكَ وَ إِذَا كَانَ (2) یُبْغِضُ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ یُحِبُّ أَهْلَ مَعْصِیَتِهِ فَلَیْسَ فِیكَ خَیْرٌ وَ اللَّهُ یُبْغِضُكَ وَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَ (3).

سن، [المحاسن] عن العرزمی عن أبیه عن جابر: مثله (4)

ع، [علل الشرائع] عن ابن الولید عن الصفار عن أحمد بن محمد عن أبیه عن ابن العرزمی:

ص: 247


1- 1. قال النجاشیّ فی رجاله ص 103: حفص بن البختری- ضبطه ابن داود بفتح الباء و سكون الخاء المعجمة- مولی بغدادیّ أصله كوفیّ ثقة، روی عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام ذكره أبو العباس، و انما كان بینه و بین آل أعین نبوة فغمزوا علیه بلعب الشطرنج.
2- 2. فی المصدر المطبوع و هكذا فی نسخة المحاسن و العلل: و ان كان.
3- 3. الكافی ج 2 ص 126.
4- 4. المحاسن: ص 263.

مثله (1)

بیان: یحب أهل طاعة اللّٰه أی سواء وصل منهم ضرر إلی دنیاه أو لم یصل و یبغض أهل معصیته سواء وصل منهم إلیه نفع أو لم یصل و إذا كان یبغض أهل طاعة اللّٰه لضرر دنیوی و یحب أهل معصیته لنفع دنیوی و قیل أصل المحبة المیل و هو علی اللّٰه سبحانه محال فمحبة اللّٰه للعبد رحمته و هدایته إلی بساط قربه و رضاه عنه و إرادته إیصال الخیر إلیه و فعله له فعل المحب و بغضه سلب رحمته عنه و طرده عن مقام قربه و وكوله إلی نفسه و كون المرء مع من أحب لا یستلزم أن یكون مثله فی الدرجات أو فی الدركات فإن دخوله مع محبوبه فی الجنة أو فی النار یكفی لصدق ذلك

«23»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْوَاسِطِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ رَجُلًا لِلَّهِ لَأَثَابَهُ اللَّهُ عَلَی حُبِّهِ إِیَّاهُ وَ إِنْ كَانَ الْمَحْبُوبُ فِی عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَبْغَضَ رَجُلًا لِلَّهِ لَأَثَابَهُ اللَّهُ عَلَی بُغْضِهِ إِیَّاهُ وَ إِنْ كَانَ الْمُبْغَضُ فِی عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ(2).

سن، [المحاسن] عن أبی علی الواسطی: مثله (3)

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ فَیْضِ بْنِ فَیَّاضٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ فِی الْمَوْضِعَیْنِ وَ إِنْ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ وَ الْمُبْغِضِ (4).

بیان: قوله علیه السلام لأثابه اللّٰه أقول هذا إذا لم یكن مقصرا فی ذلك و لم یكن مستندا إلی ضلالته و جهالته كالذین یحبون أئمة الضلالة و یزعمون أن

ص: 248


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 112.
2- 2. الكافی ج 2 ص 127.
3- 3. المحاسن: ص 265.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 234، و فی هذه النسخة من المصدر المطبوع سقط.

ذلك لله فإن ذلك لمحض تقصیرهم عن تتبع الدلائل و اتكالهم علی متابعة الآباء و تقلید الكبراء و استحسان الأهواء بل هو كمن أحب منافقا یظهر الإیمان و الأعمال الصالحة و فی باطنه منافق فاسق فهو یحبه لإیمانه و صلاحه لله و هو مثاب بذلك و كذا الثانی فإن أكثر المخالفین یبغضون الشیعة و یزعمون أنه لله و هم مقصرون فی ذلك كما عرفت.

و أما من رأی شیعة یتقی من المخالفین و یظهر عقائدهم و أعمالهم و لم یر و لا سمع منه ما یدل علی تشیعه فإن أبغضه و لعنه فهو فی ذلك مثاب مأجور و إن كان من أبغضه من أهل الجنة و مثابا عند اللّٰه بتقیته أو كأحد من علماء الشیعة زعم عقیدة من العقائد كفرا أو عملا من الأعمال فسقا و أبغض المتصف بأحدهما لله و لم یكن أحدهما مقصرا فی بذل الجهد فی تحقیق تلك المسألة فهما مثابان و هما من أهل الجنة إن لم یكن أحدهما ضروریا للدین.

«14»- كا، [الكافی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ بَشِیرٍ الْكُنَاسِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَدْ یَكُونُ حُبٌّ فِی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ حُبٌّ فِی الدُّنْیَا فَمَا كَانَ فِی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَثَوَابُهُ عَلَی اللَّهِ وَ مَا كَانَ فِی الدُّنْیَا فَلَیْسَ بِشَیْ ءٍ(1).

سن، [المحاسن] عن أبیه عن النضر: مثله (2)

بیان: قد یكون حب فی اللّٰه و رسوله أی لهما كحب الأنبیاء و الأئمة صلوات اللّٰه علیهم و حب العلماء و السادات و الصلحاء و الإخوان من المؤمنین لعلمهم و سیادتهم و صلاحهم و إیمانهم و لأمره تعالی و رسوله بحبهم و حب فی الدنیا كحب الناس لبذل مال و تحصیله أو لنیل جاه و غرض من الأغراض الدنیویة فلیس بشی ء أی فأقل مراتبه أنه لا ینفع فی الآخرة بل ربما أضر إذا كان لتحصیل الأموال المحرمة و المناصب الباطلة أو لفسقهم أو للعشق الباطل

ص: 249


1- 1. الكافی ج 2 ص 127.
2- 2. المحاسن: ص 265.

و أمثال ذلك.

«25»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَیْنِ یَلْتَقِیَانِ فَأَفْضَلُهُمَا أَشَدُّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ (1).

بیان: فأفضلهما أی عند اللّٰه و أكثرهما ثوابا أشدهما حبا لصاحبه فی اللّٰه كما مر.

«26»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ وَ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا الْتَقَی مُؤْمِنَانِ قَطُّ إِلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِأَخِیهِ (2).

«27»- كا، [الكافی] عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ السَّبِیعِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُلُّ مَنْ لَمْ یُحِبَّ عَلَی الدِّینِ وَ لَمْ یُبْغِضْ عَلَی الدِّینِ فَلَا دِینَ لَهُ (3).

بیان: كل من لم یحب علی الدین إن كان المراد أنه لم یكن شی ء من حبه و بغضه فی الدین فقوله فلا دین له علی الحقیقة لأنه لم یحب النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام أیضا لله و لا أبغض أعداءهم لله و إن كان المراد غالب حبه و بغضه أو حب أهل زمانه أو لم یكن جمیع حبه و بغضه للدین فالمعنی لا دین له كاملا.

«28»- سن، [المحاسن] عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِیرٍ الدَّهَّانِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ الرَّجُلَ لَیُحِبُّ وَلِیَّ اللَّهِ وَ مَا یَعْلَمُ مَا یَقُولُ فَیُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیُبْغِضُ وَلِیَّ اللَّهِ وَ مَا یَعْلَمُ مَا یَقُولُ فَیَمُوتُ وَ یَدْخُلُ النَّارَ(4).

«29»- كِتَابُ الْغَایَاتِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ أَخْبِرُونِی بِأَوْثَقِ عُرَی الْإِسْلَامِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلَاةُ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الزَّكَاةُ قَالَ إِنَّ الزَّكَاةَ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِهَادُ

ص: 250


1- 1. الكافی ج 2 ص 127.
2- 2. الكافی ج 2 ص 127.
3- 3. الكافی ج 2 ص 127.
4- 4. المحاسن: ص 265.

قَالَ إِنَّ الْجِهَادَ قَالَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنَا قَالَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ (1).

بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله إن الصلاة أی لیس الصلاة كذلك أو لها فضل لكن لیست كذلك و یحتمل كون إن نافیة لكنه بعید.

«30»- مص، [مصباح الشریعة] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الْمُحِبُّ فِی اللَّهِ مُحِبُّ اللَّهِ وَ الْمَحْبُوبُ فِی اللَّهِ حَبِیبُ اللَّهِ لِأَنَّهُمَا لَا یَتَحَابَّانِ إِلَّا فِی اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَحَبَّ عَبْداً فِی اللَّهِ فَإِنَّمَا أَحَبَّ اللَّهَ وَ لَا یُحِبُّ اللَّهَ تَعَالَی إِلَّا مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِیِّینَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ الْمُحِبُّونَ لِلَّهِ الْمُتَحَابُّونَ فِیهِ وَ كُلُّ حُبٍّ مَعْلُولٌ یُورِثُ بُعْداً فِیهِ عَدَاوَةٌ إِلَّا هَذَیْنِ وَ هُمَا مِنْ عَیْنٍ وَاحِدَةٍ یَزِیدَانِ أَبَداً وَ لَا یَنْقُصَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ الْأَخِلَّاءُ یَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِینَ (2) لِأَنَّ أَصْلَ الْحُبِّ التَّبَرِّی عَنْ سِوَی الْمَحْبُوبِ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ أَطْیَبَ شَیْ ءٍ فِی الْجَنَّةِ وَ أَلَذَّهُ حُبُّ اللَّهِ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا عَایَنُوا مَا فِی الْجَنَّةِ مِنَ النَّعِیمِ هَاجَتِ الْمَحَبَّةُ فِی قُلُوبِهِمْ فَیُنَادُونَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (3).

«31»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَعَاشِرَ النَّاسِ أَحِبُّوا مَوَالِیَنَا مَعَ حُبِّكُمْ لِآلِنَا هَذَا زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ ابْنُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ مِنْ خَوَاصِّ مَوَالِینَا فَأَحِبُّوهُمَا فَوَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَیَنْفَعُكُمْ حُبُّهُمَا قَالُوا وَ كَیْفَ یَنْفَعُنَا حُبُّهُمَا قَالَ إِنَّهُمَا یَأْتِیَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلِیّاً علیه السلام بِخَلْقٍ عَظِیمٍ أَكْثَرَ مِنْ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ بِعَدَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَیَقُولَانِ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَحَبُّونَا بِحُبِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِحُبِّكَ فَیَكْتُبُ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام جَوَازاً عَلَی الصِّرَاطِ فَیَعْبُرُونَ عَلَیْهِ وَ یَرِدُونَ الْجَنَّةَ سَالِمِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَحَداً لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ سَائِرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا بِجَوَازٍ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام

ص: 251


1- 1. مخطوط.
2- 2. الزخرف: 67.
3- 3. مصباح الشریعة: 65، و الآیة فی یونس: 10.

فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْجَوَازَ عَلَی الصِّرَاطِ سَالِمِینَ وَ دُخُولَ الْجِنَانِ غَانِمِینَ فَأَحِبُّوا بَعْدَ حُبِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ علیهم السلام مَوَالِیَهُ ثُمَّ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ یُعَظِّمَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی مَنَازِلَكُمْ فَأَحِبُّوا شِیعَةَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ جِدُّوا فِی قَضَاءِ حَوَائِجِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی إِذَا أَدْخَلَكُمُ مَعَاشِرَ شِیعَتِنَا وَ مُحِبِّینَا الْجِنَانَ نَادَی مُنَادِیهِ فِی تِلْكَ الْجِنَانَ قَدْ دَخَلْتُمْ عِبَادِیَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِی فَتَقَاسَمُوهَا عَلَی قَدْرِ حُبِّكُمْ لِشِیعَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ قضائكم لِحُقُوقِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِینَ فَأَیُّهُمْ كَانَ أَشَدَّ لِلشِّیعَةِ حُبّاً وَ لِحُقُوقِ إِخْوَانِهِمُ الْمُؤْمِنِینَ أَشَدَّ قَضَاءً كَانَتْ دَرَجَاتُهُ فِی الْجِنَانِ أَعْلَی حَتَّی إِنَّ فِیهِمْ مَنْ یَكُونُ أَرْفَعَ مِنَ الْآخَرِ بِمَسِیرِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ تَرَابِیعِ قُصُورٍ وَ جِنَانٍ.

بیان: كأن المراد بالترابیع المربعات فإنها أحسن الأشكال.

«32»- جع، [جامع الأخبار] عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ حَوْلَ الْعَرْشِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَیْهَا قَوْمٌ لِبَاسُهُمْ وَ وُجُوهُهُمْ نُورٌ لَیْسُوا بِأَنْبِیَاءَ یَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ الشُّهَدَاءُ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ حُلَّ لَنَا قَالَ هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِی اللَّهِ وَ الْمُتَجَالِسُونَ فِی اللَّهِ وَ الْمُتَزَاوِرُونَ فِی اللَّهِ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَنَّ عَبْدَیْنِ تَحَابَّا فِی اللَّهِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَ الْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ لَجَمَعَ اللَّهُ بَیْنَهُمَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ وَ قَالَ علیه السلام عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ ذِكْرِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحُبُّ فِی اللَّهِ فَرِیضَةٌ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ فَرِیضَةٌ(1).

بیان: حل لنا أی بین من حل العقدة استعیر لحل الإشكال قال فی الأساس من المجاز فلان حلال للعقد كاف للمهمات.

«33»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ،: رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ لِمُوسَی علیه السلام هَلْ عَمِلْتَ لِی عَمَلًا قَالَ صَلَّیْتُ لَكَ وَ صُمْتُ وَ تَصَدَّقْتُ وَ ذَكَرْتُ لَكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ أَمَّا الصَّلَاةُ فَلَكَ بُرْهَانٌ (2)

وَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَ الصَّدَقَةُ ظِلٌّ وَ الذِّكْرُ

ص: 252


1- 1. جامع الأخبار ص 149.
2- 2.« لك برهان: أی دلیل علی اسلامك» هذه العبارة فی نسخة الكمبانیّ ص 284 قبل سطرین، ذیل البیان السابق و هو سهو.

نُورٌ فَأَیَّ عَمَلٍ عَمِلْتَ لِی قَالَ مُوسَی علیه السلام دُلَّنِی عَلَی الْعَمَلِ الَّذِی هُوَ لَكَ قَالَ یَا مُوسَی هَلْ وَالَیْتَ لِی وَلِیّاً وَ هَلْ عَادَیْتَ لِی عَدُوّاً قَطُّ فَعَلِمَ مُوسَی أَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ وَ إِلَیْهِ أَشَارَ الرِّضَا علیه السلام بِمَكْتُوبِهِ كُنْ مُحِبّاً لآِلِ مُحَمَّدٍ وَ إِنْ كُنْتَ فَاسِقاً وَ مُحِبّاً لِمُحِبِّیهِمْ وَ إِنْ كَانُوا فَاسِقِینَ وَ مِنْ شُجُونِ الْحَدِیثِ أَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ هُوَ الْآنَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ كرمند قَرْیَةٌ مِنْ نَوَاحِینَا إِلَی أَصْفَهَانَ مَا هِیَ وَ رفعته (1) [وَقْعَتُهُ] أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهَا كَانَ جَمَّالًا لِمَوْلَانَا أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَی خُرَاسَانَ فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَالَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ شَرِّفْنِی بِشَیْ ءٍ مِنْ خَطِّكَ أَتَبَرَّكْ بِهِ وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَامَّةِ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَكْتُوبَ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْثَقُ عُرَی الْإِیمَانِ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ (2).

«34»- جع، [جامع الأخبار]: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی علیه السلام هَلْ عَمِلْتَ لِی عَمَلًا إِلَی قَوْلِهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ (3).

بیان: فی القاموس الشجن الغصن المشتبك و الحدیث ذو شجون فنون و أغراض قوله ما هی أی ما هی من أصفهان لكنها فی تلك الناحیة و فی القاموس راوند موضع بنواحی أصفهان.

و أقول قد مر كثیر من أخبار الباب فی باب صفات المؤمن و صفات الشیعة و كتب الإمامة و سیأتی فی سائر الأبواب.

ص: 253


1- 1. ورایته خ ل.
2- 2. دعوات الراوندیّ مخطوط.
3- 3. جامع الأخبار ص 149.

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء اللّٰه و فیه ذكر بعض الكرامات التی رویت عن الصالحین

الآیات:

یونس: أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (1)

الحج: الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ(2)

المؤمنون: إِنَّ الَّذِینَ هُمْ مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا یُشْرِكُونَ وَ الَّذِینَ یُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلی رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ (3)

النور: فِی بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ یَخافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ لِیَجْزِیَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ (4)

الفرقان: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً وَ الَّذِینَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ یُسْرِفُوا وَ لَمْ یَقْتُرُوا وَ كانَ بَیْنَ ذلِكَ قَواماً وَ الَّذِینَ لا یَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا یَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا یَزْنُونَ وَ مَنْ یَفْعَلْ

ص: 254


1- 1. یونس: 68.
2- 2. الحجّ: 41.
3- 3. المؤمنون: 57- 61.
4- 4. النور: 36 و 38.

ذلِكَ یَلْقَ أَثاماً یُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ یَخْلُدْ فِیهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ مَتاباً وَ الَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَ الَّذِینَ إِذا ذُكِّرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْها صُمًّا وَ عُمْیاناً وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّیَّاتِنا قُرَّةَ أَعْیُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِینَ إِماماً أُوْلئِكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ یُلَقَّوْنَ فِیها تَحِیَّةً وَ سَلاماً خالِدِینَ فِیها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً(1)

السجدة: إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِیمٍ وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَی اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ (2)

الأحقاف: إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِینَ فِیها جَزاءً بِما كانُوا یَعْمَلُونَ وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَیْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّی إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی إِنِّی تُبْتُ إِلَیْكَ وَ إِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ أُولئِكَ الَّذِینَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَیِّئاتِهِمْ فِی أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِی كانُوا یُوعَدُونَ (3)

الذاریات: إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ آخِذِینَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِینَ كانُوا قَلِیلًا مِنَ اللَّیْلِ ما یَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ

ص: 255


1- 1. الفرقان: 63- 76.
2- 2. فصّلت: 29- 33.
3- 3. الأحقاف: 12- 16.

یَسْتَغْفِرُونَ وَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ (1)

المجادلة: لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِیرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ یُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2)

الحاقة: فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَیَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِیَهْ إِنِّی ظَنَنْتُ أَنِّی مُلاقٍ حِسابِیَهْ فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ فِی جَنَّةٍ عالِیَةٍ قُطُوفُها دانِیَةٌ كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِیئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِی الْأَیَّامِ الْخالِیَةِ(3)

المعارج: إِلَّا الْمُصَلِّینَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَ الَّذِینَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ وَ الَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوْمِ الدِّینِ وَ الَّذِینَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَیْرُ مَأْمُونٍ وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلی أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ یُحافِظُونَ أُولئِكَ فِی جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (4)

الدهر: إِنَّ الْأَبْرارَ یَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَیْناً یَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ یُفَجِّرُونَها تَفْجِیراً یُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ یَخافُونَ یَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِیراً وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْكِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِیدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْیَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِیراً إلی

ص: 256


1- 1. الذاریات: 15- 19.
2- 2. المجادلة: 22.
3- 3. الحاقّة: 19- 24.
4- 4. المعارج: 23- 35.

قوله تعالی: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْیُكُمْ مَشْكُوراً(1)

العصر: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ تفسیر أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ (2)

قال المفسرون: أی فی القیامة من العقاب وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ أی لا یخافون و أقول یمكن أن یكون المراد أعم من الدنیا و الآخرة فإنهم لرضاهم بقضاء اللّٰه و عدم تعلقهم بالدنیا و ما فیها لا خوف علیهم للحوق مكروه و لا هم یحزنون لفوات مأمول.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی أولیاء اللّٰه فقیل هم قوم ذكرهم اللّٰه بما هم علیه من سیماء الخیر و الإخبات عن ابن عباس و قیل هم المتحابون فی اللّٰه ذكر ذلك فی خبر مرفوع و قیل هم الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ قد بینهم فی الآیة التی بعدها و قیل إنهم الذین أدوا فرائض اللّٰه و أخذوا بسنن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و تورعوا عن محارم اللّٰه و زهدوا فی عاجل هذه الدنیا و رغبوا فیما عند اللّٰه و اكتسبوا الطیب من رزق اللّٰه لمعایشهم لا یریدون به التفاخر و التكاثر ثم أنفقوه فیما یلزمهم من حقوق واجبة فأولئك الذین یبارك اللّٰه لهم فیما اكتسبوا و یثابون علی ما قدموا منه لآخرتهم و هو المروی عن علی بن الحسین علیه السلام و قیل هم الذین توالت أفعالهم علی موافقة الحق (3).

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أی أعطیناهم ما به یصح الفعل منهم و سلطناهم فی الأرض أدوا الصلاة بحقوقها و أعطوا ما افترض اللّٰه علیهم من الزكاة وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ و هو الحق لأنه تعرف صحته وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ و هو الباطل لأنه لا یمكن معرفة صحته و یدل علی وجوبهما و قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: نَحْنُ هُمْ وَ اللَّهِ. وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أی یبطل كل ملك سوی

ص: 257


1- 1. الدهر: 5- 22.
2- 2. یونس: 68.
3- 3. مجمع البیان ج 5 ص 120.

ملكه فتصیر الأمور إلیه بلا مانع و لا منازع (1).

و قال فی قوله إِنَّ الَّذِینَ هُمْ مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (2) أی من عذاب ربهم خائفون فیفعلون ما أمرهم به و ینتهون عما نهاهم عنه وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُونَ أی بآیات اللّٰه و حججه من القرآن و غیره یصدقون.

أقول: و فی الأخبار أن الآیات هم الأئمة علیهم السلام (3).

وَ الَّذِینَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا یُشْرِكُونَ من الشرك الجلی و الخفی وَ الَّذِینَ یُؤْتُونَ ما آتَوْا أی یعطون ما أعطوا من الزكاة و الصدقة أو أعمال البر كلها كما قال علی بن إبراهیم رحمه اللّٰه من العبادة و الطاعة و یؤیده قراءة یأتون ما أتوا فی الشواذ(4) وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أی خائفة قال الحسن المؤمن جمع إحسانا و شفقة و المنافق جمع إساءة و امتنانا و قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام خائفة أن لا تقبل منهم و فی روایة أخری یؤتی ما آتی و هو خائف راج و قیل إن فی الكلام حذفا و إضمارا و تأویله قلوبهم وجلة أن لا یقبل منهم لعلمهم أَنَّهُمْ إِلی رَبِّهِمْ راجِعُونَ أی لأنهم یوقنون بأنهم یرجعون إلی اللّٰه تعالی یخافون أن لا یقبل منهم و إنما یخافون ذلك لأنهم لا یأمنون التفریط أو یخافون من أن مرجعهم إلیه و هو یعلم ما یخفی علیهم.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَا الَّذِی أَتَوْا أَتَوْا وَ اللَّهِ الطَّاعَةَ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَ الْوَلَایَةِ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ خَائِفُونَ لَیْسَ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ یَكُونُوا مُقَصِّرِینَ فِی

ص: 258


1- 1. مجمع البیان ج 7 ص 88، سورة الحجّ الآیة: 41.
2- 2. المؤمنون: 57 و ما نقله فیما یلی مأخوذ من تفسیر مجمع البیان ج 7 ص 110. تفسیر البیضاوی ص 288، و غیر ذلك.
3- 3. راجع ج 23 ص 206- 211، من هذه الطبعة الحدیثة باب أنهم علیهم السلام آیات اللّٰه و بیناته و كتابه.
4- 4. فی الشواذ قراءة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و عائشة و ابن عبّاس و قتادة و الأعمش« یأتون ما أتوا» مقصورا، كذا فی المجمع.

مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا(1).

أُولئِكَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ معناه الذین جمعوا هذه الصفات هم الذین یبادرون إلی الطاعات و یسابقون إلیها رغبة منهم فیها و علما منهم بما ینالون بها من حسن الجزاء وَ هُمْ لَها سابِقُونَ أی و هم لأجل تلك الخیرات سابقون إلی الجنة أو هم إلیها سابقون قال ابن عباس یسابقون فیها أمثالهم من أهل البر و التقوی و روی علی بن إبراهیم عن الباقر علیه السلام قال هو علی بن أبی طالب علیه السلام لم یسبقه أحد(2).

فِی بُیُوتٍ (3) أی كمشكاة فی بعض بیوت أو توقد فی بیوت أَذِنَ اللَّهُ أی أمر أو قدر أَنْ تُرْفَعَ بالتعظیم وَ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ بالتلاوة و الذكر و الدعاء و نزول الوحی و بیان الأحكام عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: هِیَ بُیُوتُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (4). وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: هِیَ بُیُوتُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَی.

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْهُ علیه السلام: هِیَ بُیُوتُ الْأَنْبِیَاءِ وَ بَیْتُ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْهَا.

یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ فی الفقیه (5)

عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فِی هَذِهِ الْآیَةِ قَالَ كَانُوا أَصْحَابَ تِجَارَةٍ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَرَكُوا التِّجَارَةَ وَ انْطَلَقُوا إِلَی الصَّلَاةِ وَ هُمْ أَعْظَمُ أَجْراً مِمَّنْ لَا یَتَّجِرُ.

و فی المجمع عنهما علیهما السلام: مثله (6) یَخافُونَ یَوْماً مع ما هم علیه من الذكر و الطاعة تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ تضطرب و تتغیر من الهول لِیَجْزِیَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أشیاء لم یعدهم علی أعمالهم و لا تخطر ببالهم

ص: 259


1- 1. الكافی ج 8 ص 229.
2- 2. تفسیر القمّیّ ص 447.
3- 3. النور: 36.
4- 4. الكافی ج 8 ص 331.
5- 5. فقیه من لا یحضره الفقیه ج 3 ص 119 ط دار الكتب بالنجف.
6- 6. مجمع البیان ج 7 ص 144.

وَ اللَّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ تقریر للزیادة و تنبیه علی كمال القدرة و نفاذ المشیة و سعة الإحسان.

وَ عِبادُ الرَّحْمنِ (1) أی عبیده الخلص الذین عملوا بلوازم العبودیة الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً أی بسكینة و تواضع و فی المجمع عن الصادق علیه السلام هو الرجل یمشی بسجیته التی جبل علیها لا یتكلف و لا یتبختر(2).

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی هَذِهِ الْآیَةِ الْأَئِمَّةُ علیهم السلام یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً خَوْفاً مِنْ عَدُوِّهِمْ (3). وَ عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ هُمُ الْأَئِمَّةُ یَتَّقُونَ فِی مَشْیِهِمْ (4). وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: هُمُ الْأَوْصِیَاءُ مَخَافَةً مِنْ عَدُوِّهِمْ (5). وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً قیل أی تسلما منكم و متاركة لكم لا خیر بیننا و لا شر أو سدادا من القول یسلمون فیه من الإیذاء و الإثم وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً أی فی الصلاة و تخصیص البیتوتة لأن العبادة باللیل أحمز و أبعد من الرئاء.

وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ إلی قوله غَراماً أی لازما و منه الغریم لملازمته و هو إیذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق و اجتهادهم فی عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلی اللّٰه فی صرفه عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم و لا وثوقهم علی استمرار أحوالهم إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً الجملتان تحتملان الحكایة و الابتداء من اللّٰه وَ الَّذِینَ إِذا أَنْفَقُوا إلخ قال علی بن إبراهیم الإسراف الإنفاق فی المعصیة فی غیر حق وَ لَمْ یَقْتُرُوا لم یبخلوا عن حق اللّٰه جل و عز و القوام العدل و الإنفاق فیما أمر اللّٰه به.

ص: 260


1- 1. الفرقان: 63.
2- 2. مجمع البیان ج 7 ص 179.
3- 3. تفسیر القمّیّ ص 467.
4- 4. تفسیر القمّیّ ص 467.
5- 5. الكافی ج 1 ص 427.

وَ فِی الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَعْطَی فِی غَیْرِ حَقٍّ فَقَدْ أَسْرَفَ وَ مَنْ مَنَعَ مِنْ حَقٍّ فَقَدْ قَتَّرَ. وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: لَیْسَ فِی الْمَأْكُولِ وَ الْمَشْرُوبِ سَرَفٌ وَ إِنْ كَثُرَ(1). وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِیمَا أَفْسَدَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ قِیلَ فَمَا الْإِقْتَارُ قَالَ أَكْلُ الْخُبْزِ وَ الْمِلْحِ وَ أَنْتَ تَقْدِرُ عَلَی غَیْرِهِ قِیلَ فَمَا الْقَصْدُ قَالَ الْخُبْزُ وَ اللَّحْمُ وَ اللَّبَنُ وَ الْخَلُّ وَ السَّمْنُ مَرَّةً هَذَا وَ مَرَّةً هَذَا. وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ حَصًی وَ قَبَضَهَا بِیَدِهِ قَالَ هَذَا الْإِقْتَارُ الَّذِی ذَكَرَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَی فَأَرْخَی كَفَّهُ كُلَّهَا ثُمَّ قَالَ هَذَا الْإِسْرَافُ ثُمَّ أَخَذَ قَبْضَةً أُخْرَی فَأَرْخَی بَعْضَهَا وَ أَمْسَكَ بَعْضَهَا وَ قَالَ هَذَا الْقَوَامُ.

حَرَّمَ اللَّهُ أی حرمها بمعنی حرم قتلها إِلَّا بِالْحَقِ متعلق بالقتل المحذوف أو ب لا یَقْتُلُونَ یَلْقَ أَثاماً أی جزاء ثم یُضاعَفْ بدل من یلق و قال علی بن إبراهیم أثام واد من أودیة جهنم من صفر مذاب قدامها حرة فی جهنم یكون فیه من عبد غیر اللّٰه و من قتل النفس التی حرم اللّٰه و تكون فیه الزناة و یضاعف لهم فیه العذاب فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فِی الْعُیُونِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ تَجَلَّی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ فَیَقِفُهُ عَلَی ذُنُوبِهِ ذَنْباً ذَنْباً ثُمَّ یَسْتَغْفِرُ لَهُ لَا یُطْلِعُ اللَّهُ عَلَی ذَلِكَ مَلَكاً مُقَرَّباً وَ لَا نَبِیّاً مُرْسَلًا وَ یَسْتُرُ عَلَیْهِ مَا یَكْرَهُ أَنْ یَقِفَ عَلَیْهِ أَحَدٌ ثُمَّ یَقُولُ لِسَیِّئَاتِهِ كُونُوا حَسَنَاتٍ.

و أقول الأخبار فی ذلك كثیرة أوردتها فی الأبواب السابقة لا سیما فی باب الصفح عن الشیعة(2).

وَ مَنْ تابَ بترك المعاصی و الندم علیها وَ عَمِلَ صالِحاً بتلافی ما فرط أو خرج عن المعاصی و دخل فی الطاعة فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ أی یرجع إلیه بذلك مَتاباً مرضیا عند اللّٰه ماحیا للعقاب محصلا للثواب و قال علی بن إبراهیم لا یعود إلی شی ء من ذلك بإخلاص و نیة صادقة وَ الَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ قال لا

ص: 261


1- 1. مجمع البیان ج 7 ص 179.
2- 2. راجع ج 68 ص 98- 149 من هذه الطبعة.

یقیمون الشهادة الباطلة و عن الصادق علیه السلام هو الغناء(1) و قال علی بن إبراهیم الغناء و مجالس اللّٰهو وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً معرضین عنه مكرمین أنفسهم عن الوقوف علیه و الخوض فیه و من ذلك الإغضاء عن الفحشاء و الصفح عن الذنوب و الكنایة عما یستهجن التصریح به و فی المجمع عن الباقر علیه السلام الذین إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه (2) و فی الكافی عن الصادق علیه السلام أنه قال لبعض أصحابه أین نزلتم قالوا علی فلان صاحب القیان فقال كونوا كراما ثم قال أ ما سمعتم قول اللّٰه عز و جل فی كتابه وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً(3)

وَ فِی الْعُیُونِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبَّادٍ: كَانَ مُشْتَهَراً بِالسَّمَاعِ وَ بِشُرْبِ النَّبِیذِ قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ السَّمَاعِ فَقَالَ لِأَهْلِ الْحِجَازِ رَأْیٌ فِیهِ وَ هُوَ فِی حَیِّزِ الْبَاطِلِ وَ اللَّهْوِ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ یَقُولُ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.

وَ الَّذِینَ إِذا ذُكِّرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْها صُمًّا وَ عُمْیاناً أی لم یقیموا علیها غیر واعین لها و لا متبصرین بما فیها كمن لا یسمع و لا یبصر بل أكبوا علیها سامعین بآذان واعیة مبصرین بعیون راعیة و فی الكافی عن الصادق علیه السلام قال مستبصرین لیسوا بشكاك (4) وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّیَّاتِنا قُرَّةَ أَعْیُنٍ بتوفیقهم للطاعة و حیازة الفضائل فإن المؤمن إذا شاركه أهله فی طاعة اللّٰه سر به قلبه و قر بهم عینه لما یری من مساعدتهم له فی الدین و توقع لحوقهم به فی الجنة.

وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِینَ إِماماً فی الجوامع عن الصادق علیه السلام إیانا عنی و فی روایة هی فینا وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: نَحْنُ أَهْلَ الْبَیْتِ. قَالَ وَ رُوِیَ:

ص: 262


1- 1. راجع الكافی ج 6 ص 431، باب الغناء ذیل كتاب الاشربة، و قد مر أن الزور لغة یطلق علی مجلس الغناء.
2- 2. مجمع البیان ج 7 ص 181.
3- 3. الكافی ج 6 ص 432، و القیان. جمع القینة: الجاریة المغنیة.
4- 4. الكافی ج 8 ص 178.

أَنَ أَزْواجِنا خَدِیجَةُ وَ ذُرِّیَّاتِنا فَاطِمَةُ وَ قُرَّةَ أَعْیُنٍ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِینَ إِماماً عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةُ علیهم السلام قَالَ وَ قُرِئَ عِنْدَهُ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةُ فَقَالَ قَدْ سَأَلُوا عَظِیماً أَنْ یَجْعَلَهُمْ لِلْمُتَّقِینَ أَئِمَّةً فَقِیلَ لَهُ كَیْفَ هَذَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ وَ اجْعَلْ لَنَا مِنَ الْمُتَّقِینَ (1).

أُوْلئِكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أی أعلی مواضع الجنة و هی اسم جنس أرید به الجمع بِما صَبَرُوا أی بصبرهم علی المشاق من مضض الطاعات و رفض الشهوات و تحمل المجاهدات وَ یُلَقَّوْنَ فِیها تَحِیَّةً وَ سَلاماً أی دعاء بالتعمیر و بالسلامة أی یحییهم الملائكة و یسلمون علیهم أو یحیی بعضهم بعضها و یسلم علیه أو تبقیه دائمة و سلامة من كل آفة خالِدِینَ فِیها لا یموتون و لا یخرجون.

إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ (2) اعترافا بربوبیته و إقرارا بوحدانیته ثُمَّ اسْتَقامُوا علی مقتضاه و فی أخبار كثیرة أن المراد به الاستقامة علی الولایة و فی نهج البلاغة و إنی متكلم بعدة اللّٰه و حجته قال اللّٰه تعالی إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا الآیة و قد قلتم ربنا اللّٰه فاستقیموا علی كتابه و علی منهاج أمره و علی الطریقة الصالحة من عبادته ثم لا تمرقوا منها و لا تبتدعوا فیها و لا تخالفوا عنها فإن أهل المروق منقطع بهم عند اللّٰه یوم القیامة(3)

و قد ورد فی الأخبار الكثیرة أن المراد بالاستقامة الاستقامة علی ولایة الأئمة علیهم السلام واحدا بعد واحد(4).

تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ قال الطبرسی رحمه اللّٰه یعنی عند الموت و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم فی الموقف بالبشارة من اللّٰه تعالی و قیل إن البشری تكون فی ثلاثة مواطن عند الموت و فی القبر و عند البعث أَلَّا تَخافُوا عقاب اللّٰه وَ لا تَحْزَنُوا فوت الثواب أو

ص: 263


1- 1. تفسیر القمّیّ ص 468 و 469.
2- 2. فصّلت: 29.
3- 3. نهج البلاغة تحت الرقم 174 من الخطب.
4- 4. راجع ج 24 ص 25- 30 من هذه الطبعة الحدیثة.

لا تخافوا مما أمامكم و لا تحزنوا علی ما وراءكم و ما خلفكم من أهل و ولد و قیل لا تخافوا و لا تحزنوا علی ذنوبكم فإنی أغفرها لكم نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ أی أنصاركم و أحباؤكم فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا نتولی إیصال الخیرات إلیكم من قبل اللّٰه تعالی وَ فِی الْآخِرَةِ نتولاكم بأنواع الإكرام و المثوبة و قیل نحرسكم فی الدنیا و عند الموت و فی الآخرة عن أبی جعفر علیه السلام

وَ قَدْ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ غَیْرُهُ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَا یَمُوتُ مُوَالٍ لَنَا وَ مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِنَا إِلَّا وَ یَحْضُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام فَیَرَاهُمْ وَ یُبَشِّرُونَهُ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ مُوَالٍ یَرَاهُمْ بِحَیْثُ یَسُوؤُهُمْ.

و قد مضت الأخبار الكثیرة فی ذلك وَ لَكُمْ فِیها أی فی الآخرة ما تَشْتَهِی أَنْفُسُكُمْ من الملاذ و تتمنونه من المنافع وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ أنه لكم فإن اللّٰه سبحانه یحكم لكم بذلك و قیل ما تشتهی أنفسكم من اللذائذ وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ ما تتمنون من الدعاء بمعنی الطلب و هو أعم من الأول نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِیمٍ حال من تَدَّعُونَ للإشعار بأن ما یتمنون بالنسبة إلی ما یعطون مما لا یخطر ببالهم كالنزل للضیف (1).

و أقول قد مضت الأخبار الكثیرة فی أن هذه الآیات فی شأن الأئمة علیهم السلام و أن الملائكة یخاطبونهم فی الدنیا بحیث یسمعون (2)

و فی البصائر عن الباقر علیه السلام أنه قیل له یبلغنا أن الملائكة تتنزل علیكم قال إی و اللّٰه لتنزل علینا و تطأ فرشنا أ ما تقرأ كتاب اللّٰه إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ الآیة(3).

وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَی اللَّهِ أی إلی معرفته و عبادته و دینه الذی ارتضاه لعباده وَ عَمِلَ صالِحاً فیما بینه و بین ربه وَ قالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ قیل تفاخرا به و اتخاذا للإسلام دینا و مذهبا.

ص: 264


1- 1. مجمع البیان ج 9 ص 12 و 13.
2- 2. مضی فی المجلد السابع كتاب الإمامة من البحار و لم یطبع موضع النصّ منه فی هذه الطبعة، و لك أن تراجع فی ذلك كتاب الكافی ج 1 ص 393.
3- 3. بصائر الدرجات ص 90.

أقول: و یمكن أن یكون المراد به من المنقادین لأئمة الدین.

إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا(1) قیل أی جمعوا بین التوحید الذی هو خلاصة العلم و الاستقامة فی الأمور التی هی منتهی العمل و ثم للدلالة علی تأخیر رتبة العمل و توقف اعتباره علی التوحید و قال علی بن إبراهیم ثم استقاموا علی ولایة أمیر المؤمنین (2) فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ من لحوق مكروه وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ علی فوات محبوب و هذه مرتبة الولایة.

بوالدیه حسنا و قرئ إِحْساناً(3) و فی المجمع عن علی علیه السلام حسنا بفتحتین (4) وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ أی مدتهما ثَلاثُونَ شَهْراً ذلك كله لما تكابده الأم فی تربیة الولد مبالغة فی التوصیة بها حَتَّی إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ أی استحكم قوته و عقله وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أی ألهمنی و أصله أولعنی من أوزعته بكذا نِعْمَتَكَ یعنی نعمة الدین أو ما یعمها و غیرها وَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی أی اجعل لی الصلاح ساریا فی ذریتی راسخا فیهم إِنِّی تُبْتُ إِلَیْكَ عما لا ترضاه أو یشغل عنك وَ إِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ المخلصین لك.

أَحْسَنَ ما عَمِلُوا قیل یعنی طاعاتهم فإن المباح حسن و لا یثاب علیه فِی أَصْحابِ الْجَنَّةِ قیل كائنین فی عدادهم أو مثابین أو معدودین فیهم وَعْدَ الصِّدْقِ

ص: 265


1- 1. الأحقاف: 12.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 592.
3- 3. حق العبارة هكذا:« بِوالِدَیْهِ إِحْساناً» و قرئ« حسنا» أی بالضم، فان« إِحْساناً» قراءة الكوفیین و منهم عاصم بن أبی النجود الذی دار علی قراءته كتابة المصحف الشریف، و القراءة الثانیة لسائر القراء المكی و هو عبد اللّٰه بن كثیر، و المدنیّ و هو نافع بن عبد الرحمن، و البصری و هو أبو عمرو بن العلاء، و الشامیّ و هو عبد اللّٰه بن عامر الیحصبی.
4- 4. مجمع البیان ج 9 ص 84، و فیه روی عن علیّ علیه السلام و أبی عبد الرحمن السلمی.

مصدر مؤكد لنفسه فإن نتقبل و نتجاوز وعد الَّذِی كانُوا یُوعَدُونَ أی فی الدنیا.

و قد مرت أخبار كثیرة فی أن الآیات نزلت فی الحسین صلوات اللّٰه علیه وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ غُلَاماً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَیْنِ كَرِهَتْ حَمْلَهُ وَ حِینَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَمْ تُرَ فِی الدُّنْیَا أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً تَكْرَهُهُ وَ لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِمَا عَلِمَتْ أَنَّهُ سَیُقْتَلُ قَالَ وَ فِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: ثُمَّ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یُبَشِّرُكَ بِأَنَّهُ جَاعِلٌ فِی ذُرِّیَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَایَةَ وَ الْوَصِیَّةَ فَقَالَ إِنِّی رَضِیتُ ثُمَّ بَشَّرَ فَاطِمَةَ علیها السلام بِذَلِكَ فَرَضِیَتْ قَالَ فَلَوْ لَا أَنَّهُ قَالَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی لَكَانَتْ ذُرِّیَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً قَالَ وَ لَمْ یُولَدْ وَلَدٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام (1).

آخِذِینَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ (2) قیل أی قابلین لما أعطاهم راضین به و معناه أن كل ما آتاهم حسن مرضی متلقی بالقبول إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِینَ قد أحسنوا أعمالهم و هو تعلیل لاستحقاقهم ذلك كانُوا قَلِیلًا مِنَ اللَّیْلِ ما یَهْجَعُونَ تفسیر لإحسانهم و عن الصادق علیه السلام كانوا أقل اللیالی یفوتهم لا یقومون فیها(3) و عن الباقر علیه السلام كان القوم ینامون و لكن كلما انقلب أحدهم قال الحمد لله و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ عن الصادق علیه السلام كانوا یستغفرون فی الوتر فی آخر اللیل سبعین مرة وَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌ أی نصیب یستوجبونه علی أنفسهم تقربا إلی اللّٰه و إشفاقا علی الناس لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ

عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِی قَدْ حُرِمَ كَدَّ یَدِهِ فِی الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ. وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: لَیْسَ بِعَقْلِهِ بَأْسٌ وَ لَا یُبْسَطُ لَهُ فِی الرِّزْقِ وَ هُوَ مُحَارَفٌ. و قیل المحروم المتعفف الذی

ص: 266


1- 1. راجع ج 43 ص 260- 237 من هذه الطبعة: باب ولادة الامامین الهمامین الحسن و الحسین علیهما السلام.
2- 2. الذاریات: 15.
3- 3. الكافی ج 3 ص 446.

یظن غنیا فیحرم الصدقة(1).

یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (2) فی المجمع أی یوالون من خالف اللّٰه و رسوله و المعنی لا تجتمع موالاة الكفار مع الإیمان و المراد به الموالاة فی الدین وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أی و إن قربت قرابتهم منهم فإنهم لا یوالونهم إذا خالفوهم فی الدین أُولئِكَ أی الذین لم یوادوهم كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ أی ثبت فی قلوبهم الإیمان بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قیل كتب فی قلوبهم علامة الإیمان و معنی ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة علی أنهم مؤمنون وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أی قواهم بنور الإیمان (3) و فی الكافی عنهما علیهما السلام هو الإیمان وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِی جَوْفِهِ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْمَلَكُ فَیُؤَیِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (4).

و قد مضت الأخبار فی ذلك رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ بإخلاص الطاعة و العبادة منهم وَ رَضُوا عَنْهُ بثواب الجنة و قیل بقضاء اللّٰه علیهم فی الدنیا فلم یكرهوه أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أی جند اللّٰه و أنصار دینه و رعاة خلقه أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أی إن جنود اللّٰه و أولیاءه هم المنجحون الناجون الظافرون بالبغیة فیقول تبجحا و إظهارا للفرح و السرور.

هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِیَهْ (5) هاؤُمُ اسم لخذوا و الهاء فی كِتابِیَهْ و نظائره الآتیة للسكت تثبت فی الوقف و تسقط فی الوصل إِنِّی ظَنَنْتُ أی تیقنت كذا فی التوحید

وَ الْإِحْتِجَاجُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: وَ الظَّنُّ ظَنَّانِ ظَنُّ شَكٍّ وَ ظَنُّ یَقِینٍ فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ یَقِینٍ وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا

ص: 267


1- 1. الكافی ج 3 ص 500.
2- 2. المجادلة: 22.
3- 3. مجمع البیان ج 10 ص 255.
4- 4. الكافی ج 2 ص 267.
5- 5. الحاقّة: 20.

فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ. أَنِّی مُلاقٍ حِسابِیَهْ قال أنی أبعث و أحاسب وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: كُلُّ أُمَّةٍ یُحَاسِبُهَا إِمَامُ زَمَانِهَا وَ یَعْرِفُ الْأَئِمَّةُ أَوْلِیَاءَهُمْ وَ أَعْدَاءَهُمْ بِسِیمَاهُمْ. و هو قوله وَ عَلَی الْأَعْرافِ رِجالٌ و هم الأئمة یَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِیماهُمْ فیعطوا أولیاءهم كتبهم بأیمانهم فیمروا إلی الجنة بغیر حساب و یعطوا أعداءهم كتبهم بشمالهم فیمروا إلی النار بلا حساب فإذا نظر أولیاؤهم فی كتبهم یقولون لإخوانهم هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِیَهْ إِنِّی ظَنَنْتُ أَنِّی مُلاقٍ حِسابِیَهْ فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ قال علی بن إبراهیم أی مرضیة فوضع الفاعل مكان المفعول و قیل أی ذات رضی أو جعل الفعل لها مجازا فِی جَنَّةٍ عالِیَةٍ قیل أی مرتفعة المكان لأنها فی السماء أو الدرجات أو الأبنیة و الأشجار قُطُوفُها جمع قطف و هو ما یجتنی بسرعة و القطف بالفتح المصدر دانِیَةٌ یتناولها القائم و القاعد كُلُوا وَ اشْرَبُوا بإضمار القول و جمع الضمیر للمعنی هَنِیئاً أی أكلا و شربا هنیئا أو هنئتم هنیئا بِما أَسْلَفْتُمْ أی بما قدمتم من الأعمال الصالحة فِی الْأَیَّامِ الْخالِیَةِ أی الماضیة من أیام الدنیا.

إِلَّا الْمُصَلِّینَ (1) روی علی بن إبراهیم عن الباقر علیه السلام قال ثم استثنی فوصفهم بأحسن أعمالهم و هو قضاء ما فاتهم من اللیل بالنهار و ما فاتهم من النهار باللیل وَ الَّذِینَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ فِی الْكَافِی عَنِ السَّجَّادِ علیه السلام: الْحَقُّ الْمَعْلُومُ الشَّیْ ءُ یُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ لَیْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَتَیْنِ هُوَ الشَّیْ ءُ یُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ إِنْ شَاءَ أَكْثَرَ وَ إِنْ شَاءَ أَقَلَّ عَلَی قَدْرِ مَا یَمْلِكُ یَصِلُ بِهِ رَحِماً وَ یُقَوِّی بِهِ ضَعِیفاً وَ یَحْمِلُ بِهِ كَلًّا وَ یَصِلُ بِهِ أَخاً لَهُ فِی اللَّهِ أَوْ لِنَائِبَةٍ تَنُوبُهُ (2).

و فی معناه أخبار أخر وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِی قَدْ حُرِمَ كَدَّ یَدِهِ.

كما مر وَ الَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوْمِ الدِّینِ فی الكافی عن الباقر علیه السلام قال بخروج القائم علیه السلام (3)

قوله مُشْفِقُونَ أی خائفون علی أنفسهم.

ص: 268


1- 1. المعارج: 23.
2- 2. راجع الكافی باب فرض الزكاة الحدیث 11.
3- 3. الكافی ج 8 ص 287.

إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَیْرُ مَأْمُونٍ اعتراض یدل علی أنه لا ینبغی لأحد أن یأمن من عذاب اللّٰه و إن بالغ فی طاعته إِلَّا عَلی أَزْواجِهِمْ شاملة للمتعة أَوْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُهُمْ التحلیل داخل فی أحدهما علی القولین فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الكاملون للعدوان راعُونَ أی حافظون قائِمُونَ لا یكتمون و لا ینكرون یُحافِظُونَ أی یراعون شرائطها و آدابها و أوقاتها و فی الكافی و المجمع عن الباقر علیه السلام قال هی الفریضة و الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ دائِمُونَ النافلة و عن الكاظم علیه السلام أولئك أصحاب الخمسین صلاة من شیعتنا(1) أُولئِكَ فِی جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ أی معظمون مبجلون بما یفعل بهم من الثواب.

مِنْ كَأْسٍ (2) قیل من خمر و هی فی الأصل لقدح تكون فیه كانَ مِزاجُها أی ما یمزج بها كافُوراً لبرده و عذوبته و طیب عرفه عَیْناً یَشْرَبُ بِها أی منها یُفَجِّرُونَها تَفْجِیراً أی یجرونها حیث شاءوا إجراء سهلا و فی المجالس عن الباقر علیه السلام هی عین فی دار النبی صلی اللّٰه علیه و آله یفجر إلی دور الأنبیاء و المؤمنین یُوفُونَ بِالنَّذْرِ أی النذر الذی نذره أهل البیت علیهم السلام لشفاء الحسنین علیهما السلام وَ یَخافُونَ یَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِیراً أی شدائده فاشیة منتشرة غایة الانتشار و عن الباقر علیه السلام كلوحا عابسا عَلی حُبِّهِ أی حب اللّٰه أو حب الطعام و عن الباقر علیه السلام عن شهوتهم للطعام و إیثارهم له مِسْكِیناً قال من مساكین المسلمین وَ یَتِیماً من یتامی المسلمین وَ أَسِیراً من أساری المشركین إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ قال علیه السلام یقولون إذا أطعموهم ذلك قال و اللّٰه ما قالوا هذا لهم و لكنهم أضمروه فی أنفسهم فأخبر اللّٰه بإضمارهم یقولون لا نُرِیدُ مِنْكُمْ جَزاءً تكافئوننا به وَ لا شُكُوراً تثنون علینا به و لكنا إنما أطعمناكم لوجه اللّٰه و طلب ثوابه یَوْماً عَبُوساً تعبس فیه الوجوه قَمْطَرِیراً شدید العبوس نَضْرَةً وَ سُرُوراً قال الباقر علیه السلام نضرة فی الوجوه و سرورا فی القلوب جَنَّةً وَ حَرِیراً قال علیه السلام جنة یسكنونها

ص: 269


1- 1. مجمع البیان ج 10 ص 357، الكافی ج 3 ص 270.
2- 2. الدهر: 5.

و حریرا یفترشونه و یلبسونه.

و قد روی الخاص و العام أن الآیات فی هذه السورة و هی قوله إِنَّ الْأَبْرارَ یَشْرَبُونَ إلی قوله وَ كانَ سَعْیُكُمْ مَشْكُوراً نزلت فی علی و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام و جاریة لهم تسمی فضة و القصة طویلة مرت بأسانید جمة مع تفسیر سائر الآیات فی أبواب فضائلهم علیهم السلام (1).

وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ قیل أقسم بصلاة العصر أو بعصر النبوة إن الإنسان لفی خسر فی مساعیهم و صرف أعمارهم فی مطالبهم إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم اشتروا الآخرة بالدنیا ففازوا بالحیاة الأبدیة و السعادة السرمدیة وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ أی بالثابت الذی لا یصح إنكاره من اعتقاد أو عمل وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ عن المعاصی و الطاعات و علی المصائب و هذا من عطف الخاص علی العام و عن الصادق علیه السلام أن العصر عصر خروج القائم علیه السلام إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ یعنی أعداءنا إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا یعنی بآیاتنا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ یعنی بمواساة الإخوان وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ یعنی الإمامة وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ یعنی بالفترة(2)

و قد سبقت الأخبار فی تأویلها بالولایة و قراءة أهل البیت علیهم السلام فیها(3).

«1»- كش، [رجال الكشی] عَنْ نَصْرِ بْنِ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُضَیْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَی جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ فَسَأَلُوهُ أَنْ یُعِینَهُمْ فِی بِنَاءِ مَسْجِدِهِمْ قَالَ مَا كُنْتُ بِالَّذِی أُعِینُ فِی بِنَاءِ شَیْ ءٍ وَ یَقَعُ مِنْهُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَیَمُوتُ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَ هُمْ یُبَخِّلُونَهُ وَ یُكَذِّبُونَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَمُّوا الدَّرَاهِمَ وَ وَضَعُوا أَیْدِیَهُمْ فِی الْبِنَاءِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ نزلت [زَلَّتْ] قَدَمُ الْبَنَّاءِ

ص: 270


1- 1. راجع ج 35 ص 237- 257 باب نزول هل أتی.
2- 2. راجع اكمال الدین و اتمام النعمة باب نوادر الكتاب تحت الرقم 1،( ص 370 ج 2 ط المكتبة الإسلامیة).
3- 3. راجع ج 36 ص 183 من هذه الطبعة الحدیثة، تفسیر القمّیّ 738.

فَوَقَعَ فَمَاتَ (1).

«2»- كش، [رجال الكشی] عَنْ نَصْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُبَیْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَدَقَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: جَاءَ العَلَاءُ بْنُ شَرِیكٍ بِرَجُلٍ مِنْ جُعْفِیٍّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ جَابِرٍ لَمَّا طَلَبَهُ هِشَامٌ حَتَّی انْتَهَی إِلَی السَّوَادِ قَالَ فَبَیْنَا نَحْنُ قُعُودٌ وَ رَاعِی قَرِیبٌ مِنَّا إِذْ ثَغَتْ نَعْجَةٌ مِنْ شَائِهِ (2) إِلَی حَمَلٍ فَضَحِكَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا یُضْحِكُكَ یَا بَا مُحَمَّدٍ قَالَ إِنَّ هَذِهِ النَّعْجَةَ دَعَتْ حَمَلَهَا فَلَمْ یَجِئْ فَقَالَتْ لَهُ تَنَحَّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّ الذِّئْبَ عَامَ أَوَّلَ أَخَذَ أَخَاكَ مِنْهُ فَقُلْتُ لِأَعْلَمَنَّ حَقِّیَّةَ هَذَا أَوْ كَذِبَهُ فَجِئْتُ إِلَی الرَّاعِی فَقُلْتُ یَا رَاعِی تَبِیعُنِی هَذَا الْحَمَلَ قَالَ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ أُمَّهُ أَفْرَهُ شَاةٍ فِی الْغَنَمِ وَ أَغْزَرُهَا دِرَّةً وَ كَانَ الذِّئْبُ أَخَذَ حَمَلًا لَهَا مُنْذُ عَامِ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَمَا رَجَعَ لَبَنُهَا حَتَّی وَضَعَتْ هَذَا فَدَرَّتْ فَقُلْتُ صَدَقَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَلَمَّا صِرْتُ عَلَی جِسْرِ الْكُوفَةِ نَظَرَ إِلَی رَجُلٍ مَعَهُ خَاتَمُ یَاقُوتٍ فَقَالَ لَهُ یَا فُلَانُ خَاتَمُكَ هَذَا الْبَرَّاقُ أَرِنِیهِ قَالَ فَخَلَعَهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا صَارَ فِی یَدِهِ رَمَی بِهِ فِی الْفُرَاتِ قَالَ الْآخَرُ مَا صَنَعْتَ قَالَ تُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَالَ بِیَدِهِ إِلَی الْمَاءِ فَأَقْبَلَ الْمَاءُ یَعْلُو بَعْضُهُ عَلَی بَعْضٍ حَتَّی إِذَا قَرُبَ تَنَاوَلَهُ وَ أَخَذَهُ (3).

بیان: إذ ثغت بالثاء المثلثة و الغین المعجمة أی صوتت و الثغاء بالضم صوت الشاة و هذا أصح النسخ و فی بعضها إذ لعبت و فی بعضها إذ نقت بالنون و القاف المشددة أی صاحت لكن یطلق غالبا علی صیاح الضفدع و الدجاجة و الهر و فی بعضها لفت باللام و الفاء المشددة و الكل تصحیف إلا الأول و النعجة الأنثی من الضأن و الشاة الواحدة من الغنم للذكر و الأنثی و الجمع شاء و فی بعض النسخ من شائه بالهمز و الحمل بالتحریك الصغیر من أولاد الضأن و الفراهة

ص: 271


1- 1. رجال الكشّیّ ص 171.
2- 2. الشاء جمع شاة، و فی النسخ« من شاته» و هو تصحیف.
3- 3. رجال الكشّیّ ص 172.

الحذق و أفرهت الناقة إذا كانت تنتج الفره (1) أغزرها درة أی أكثرها لبنا.

«3»- كش، [رجال الكشی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِی غَاسِلُ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ: إِنِّی لَأُغَسِّلُ الْفُضَیْلَ بْنَ یَسَارٍ وَ إِنَّ یَدَهُ لَتَسْبِقُنِی إِلَی عَوْرَتِهِ فَخَبَّرْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی رَحِمَ اللَّهُ الْفُضَیْلَ بْنَ یَسَارٍ وَ هُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ (2).

«4»- مع، [معانی الأخبار](3) لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْمُعَلَّی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صلوات اللّٰه علیه لِلشَّیْخِ الَّذِی أَتَاهُ مِنَ الشَّامِ یَا شَیْخُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَیَّقَ الدُّنْیَا عَلَیْهِمْ نَظَراً لَهُمْ فَزَهَّدَهُمْ فِیهَا وَ فِی حُطَامِهَا فَرَغِبُوا فِی دَارِ السَّلَامِ الَّذِی دَعَاهُمْ إِلَیْهِ وَ صَبَرُوا عَلَی ضِیقِ الْمَعِیشَةِ وَ صَبَرُوا عَلَی الْمَكْرُوهِ وَ اشْتَاقُوا إِلَی مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ فَلَقُوا اللَّهَ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِیلُ مَنْ مَضَی وَ مَنْ بَقِیَ فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَیْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ وَ صَبَرُوا عَلَی الْقُوتِ وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ وَ أَحَبُّوا فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضُوا فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُولَئِكَ الْمَصَابِیحُ وَ أَهْلُ النَّعِیمِ فِی الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ الْخَبَرَ(4).

كتاب الغایات، مرسلا: مثله

«5»- مع، [معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: طُوبَی لِعَبْدٍ نُوَمَةٍ عَرَفَ النَّاسَ فَصَاحَبَهُمْ بِبَدَنِهِ وَ لَمْ یُصَاحِبْهُمْ فِی أَعْمَالِهِمْ بِقَلْبِهِ فَعَرَفُوهُ فِی الظَّاهِرِ وَ عَرَفَهُمْ

ص: 272


1- 1. جمع الفاره بصیغة اسم الفاعل.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 186.
3- 3. معانی الأخبار ص 197 باب معنی الغایات تحت الرقم 4.
4- 4. أمالی الصدوق: ص 236: المجلس الثانی و الستون تحت الرقم 4.

فِی الْبَاطِنِ (1).

بیان: قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام أنه ذكر آخر الزمان و الفتن ثم قال خیر أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذی لا یؤبه له و قیل الغامض فی الناس الذی لا یعرف الشر و أهله و قیل النومة بالتحریك الكثیر النوم و أما الخامل الذی لا یؤبه له فهو بالتسكین و من الأول حدیث ابن عباس أنه قال لعلی ما النومة قال الذی یسكت فی الفتنة فلا یبدو منه شی ء انتهی.

وَ فِی نَهْجِ الْبَلَاغَةِ: وَ ذَلِكَ زَمَانٌ لَا یَنْجُو فِیهِ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ إِنْ شَهِدَ لَمْ یُعْرَفْ وَ إِنْ غَابَ لَمْ یُفْتَقَدْ أُولَئِكَ مَصَابِیحُ الْهُدَی وَ أَعْلَامُ السُّرَی لَیْسُوا بِالْمَسَایِیحِ وَ لَا الْمَذَایِیعِ الْبُذُرِ أُولَئِكَ یَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ وَ یَكْشِفُ عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نَقِمَتِهِ.

و قال السید رضی اللّٰه عنه قوله علیه السلام كل مؤمن نومة فإنما أراد به الخامل الذكر القلیل الشر و المساییح جمع مسیاح و هو الذی یسیح بین الناس بالفساد و النمائم و المذاییع جمع مذیاع و هو الذی إذا سمع لغیره بفاحشة أذاعها و نوه بها و البذر جمع بذور و هو الذی یكثر سفهه و یلغو منطقه انتهی (2).

و لم یذكر الجوهری النومة بالهمزة و قال رجل نومة بالضم ساكنة الواو أی لا یؤبه له و رجل نومة بفتح الواو أی نئوم و هو الكثیر النوم و فی القاموس و هو نائم و نئوم و نومة كهمزة و صرد ثم قال و نومة كهمزة و أمیر مغفل أو خامل و الأول بالهمزة و الباقی بالواو.

و افتقده أی طلبه عند غیبته و الجملتان كالتفسیر للنومة علی الظاهر فالمراد

ص: 273


1- 1. معانی الأخبار ص 380 و 381.
2- 2. نهج البلاغة ج 1 ص 213، تحت الرقم 101 من الخطب.

به الخامل (1)

و السری كالهدی السیر عامة اللیل و أعلام السری كلما یهتدی به فی ذلك السیر و فی النهایة لیسوا بالمساییح البذر أی الذین یسعون بالشر و النمیمة و قیل هو من التسییح فی الثوب و هو أن یكون فیه خطوط مختلفة و قال المذاییع جمع مذیاع من أذاع الشی ء إذا أفشاه و قیل أراد الذین یذیعون الفواحش و هو بناء مبالغة و قال البذر جمع بذور یقال بذرت الكلام بین الناس كما تبذر الحبوب أی أفشیته و فرقته انتهی.

یفتح اللّٰه لهم أی ببركاتهم تنزل الخیرات و تندفع الشرور و الآفات و الضراء الحالة التی تضر نقیض السراء.

«6»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِیَائِی عِنْدِی عَبْدٌ مُؤْمِنٌ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاحٍ وَ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ عَبَدَ اللَّهَ فِی السَّرِیرَةِ وَ كَانَ غَامِضاً فِی النَّاسِ فَلَمْ یُشَرْ إِلَیْهِ بِالْأَصَابِعِ وَ كَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَیْهِ تَعَجَّلَتْ بِهِ الْمَنِیَّةُ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّتْ بَوَاكِیهِ ثَلَاثاً(2).

بیان: ثلاثا أی قال قوله فقل إلی آخر الخبر ثلاثا و یحتمل الجمیع لكنه بعید.

«7»- ل، [الخصال] عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَخْفَی أَرْبَعَةً فِی أَرْبَعَةٍ أَخْفَی رِضَاهُ فِی طَاعَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَیْئاً مِنْ طَاعَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ رِضَاهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَی سَخَطَهُ فِی مَعْصِیَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَیْئاً مِنْ مَعْصِیَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَی إِجَابَتَهُ فِی دَعْوَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَیْئاً مِنْ دُعَائِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ إِجَابَتَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَی

ص: 274


1- 1. و روی الصدوق فی معانی الأخبار ص 166 باب معنی النومة عن أبی الطفیل أنه سمع أمیر المؤمنین علیه السلام یقول: ان بعدی فتنا مظلمة عمیاء مشككة لا یبقی فیها الا النومة، قیل: و ما النومة یا أمیر المؤمنین؟ قال: الذی لا یدری الناس ما فی نفسه.
2- 2. قرب الإسناد ص 28، ط النجف.

وَلِیَّهُ فِی عِبَادِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ عَبْداً مِنْ عَبِیدِ اللَّهِ فَرُبَّمَا یَكُونُ وَلِیَّهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ (1).

«8»- ل، [الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ رَبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ نَوْفٍ قَالَ: بِتُّ لَیْلَةً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَانَ یُصَلِّی اللَّیْلَ كُلَّهُ وَ یَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَیَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَتْلُو الْقُرْآنَ قَالَ فَمَرَّ بِی بَعْدَ هُدُوءٍ مِنَ اللَّیْلِ فَقَالَ یَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ قُلْتُ بَلْ رَامِقٌ أَرْمُقُكَ بِبَصَرِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا نَوْفُ طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أُولَئِكَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ الْقُرْآنَ دِثَاراً وَ الدُّعَاءَ شِعَاراً وَ قُرِّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْرِیضاً عَلَی مِنْهَاجِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام قُلْ لِلْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یَدْخُلُونَ بَیْتاً مِنْ بُیُوتِی إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ وَ أَكُفٍّ نَقِیَّةٍ وَ قُلْ لَهُمْ اعْلَمُوا أَنِّی غَیْرُ مُسْتَجِیبٍ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ دَعْوَةً وَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ یَا نَوْفُ إِیَّاكَ أَنْ تَكُونَ عَشَّاراً أَوْ شَاعِراً أَوْ شُرْطِیّاً أَوْ عَرِیفاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِیَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هُوَ

الطَّبْلُ فَإِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ إِنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِی لَا یُرَدُّ فِیهَا دَعْوَةٌ إِلَّا دَعْوَةُ عَرِیفٍ أَوْ دَعْوَةُ شَاعِرٍ أَوْ دَعْوَةُ عَاشِرٍ أَوْ شُرْطِیٍّ أَوْ صَاحِبِ عَرْطَبَةٍ أَوْ صَاحِبِ كُوبَةٍ(2).

بیان: فی القاموس هدأ كمنع هدءا و هدوءا سكن و أتانا بعد هدء من اللیل و هدء و هدأة و هدی ء و مهدإ و هدوء أی حین هدأ اللیل و الرجل و فی النهایة فیه إیاكم و السمر بعد هدأة الرجل الهدأة و الهدء السكون عن الحركات أی بعد ما یسكن الناس عن المشی و الاختلاف فی الطرق اتخذوا الأرض بساطا أی یجلسون علی الأرض من غیر بساط و ترابها فراشا أی ینامون علی التراب من غیر فراش و ماءها طیبا أی یتطیبون بالماء من غیر استعمال طیب لعدم

ص: 275


1- 1. الخصال ج 1 ص 98.
2- 2. الخصال ج 1 ص 164.

قدرتهم علیه و القرآن دثارا أی یلازمون القرآن و الدعاء كلزوم الدثار و الشعار للإنسان فیدل علی أن الدعاء أفضل لأن الشعار أهم و أخص و ألصق أو یبتدءون بالتلاوة قبل النوم بلا دثار كما یبتدئ غیرهم بتحصیل الدثار و لبسه و فی النهج و القرآن شعارا و الدعاء دثارا فالأمر بالعكس فی الإشعار بالفضل و أكف نقیة أی عن التلوث بالحرام و الشبهة أو شاعرا أی بالباطل و فی المصباح الشرطة وزان غرفة و فتح الراء وزان رطبة لغة قلیلة و هی الجند و صاحب الشرطة الحاكم و الجمع شرط مثل رطب و هم أعوان السلطان و إذا نسب إلی هذا قیل شرطی بالسكون و العریف القیم بأمور القبیلة و فی النهایة العرطبة العود و قیل الطنبور و قال الكوبة النرد و قیل الطبل و قیل البربط.

«9»- أَقُولُ قَدْ رُوِیَ هَذَا الْخَبَرُ فِی النَّهْجِ هَكَذَا وَ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِیِّ قَالَ: رَأَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ فِرَاشِهِ فَنَظَرَ إِلَی النُّجُومِ فَقَالَ یَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ فَقُلْتُ بَلْ رَامِقٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا نَوْفُ طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ الْقُرْآنَ شِعَاراً وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْیَا قَرْضاً عَلَی مِنْهَاجِ الْمَسِیحِ علیه السلام.

یَا نَوْفُ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَامَ فِی مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّیْلِ فَقَالَ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا یَدْعُو فِیهَا عَبْدٌ رَبَّهُ إِلَّا اسْتُجِیبَ لَهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِیفاً أَوْ شُرْطِیّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِیَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هِیَ الطَّبْلُ وَ قَدْ قِیلَ أَیْضاً إِنَّ الْعَرْطَبَةَ الطَّبْلُ وَ الْكُوبَةَ الطُّنْبُورُ.

انْتَهَی (1)

وَ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ نَوْفٌ الْبِكَالِیُّ كَانَ حَاجِبَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ الْبِكَالِیُّ بِكِسْرِ الْبَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَی بِكَالَةَ قَرْیَةٌ مِنَ الْیَمَنِ وَ أَقُولُ فِی بَعْضِ النُّسَخِ الْبَكَالِیِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَ الرَّقَدُ بِالْفَتْحِ وَ الرُّقَادُ وَ الرُّقُودُ بِضَمِّهِمَا النَّوْمُ وَ الرُّقَادُ خَاصٌ

ص: 276


1- 1. نهج البلاغة تحت الرقم 104 من الحكم، ط عبده ج 2 ص 165.

بِاللَّیْلِ وَ رَمَقَهُ كَنَصَرَهُ أَیْ لَحَظَهُ لَحْظاً خَفِیفاً وَ أَقُولُ سَیَأْتِی مَزِیدُ شَرْحِ الْخَبَرِ فِی أَبْوَابِ الْمَنَاهِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

«10»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ أَوْلِیاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (1) ثُمَّ قَالَ تَدْرُونَ مَنْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ قَالُوا مَنْ هُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ هُمْ نَحْنُ وَ أَتْبَاعُنَا فَمَنْ تَبِعَنَا مِنْ بَعْدِنَا طُوبَی لَنَا وَ طُوبَی لَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ طُوبَی لَنَا قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا شَأْنُ طُوبَی لَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ طُوبَی لَنَا أَ لَسْنَا نَحْنُ وَ هُمْ عَلَی أَمْرٍ قَالَ لَا لِأَنَّهُمْ حُمِّلُوا مَا لَمْ تُحَمَّلُوا عَلَیْهِ وَ أَطَاقُوا مَا لَمْ تُطِیقُوا(2).

«11»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ إِذَا أَدَّوْا فَرَائِضَ اللَّهِ وَ أَخَذُوا سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَوَرَّعُوا عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ زَهِدُوا فِی عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْیَا وَ رَغِبُوا فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ اكْتَسَبُوا الطَّیِّبَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا یُرِیدُونَ بِهِ التَّفَاخُرَ وَ التَّكَاثُرَ ثُمَّ أَنْفَقُوا فِیمَا یَلْزَمُهُمْ مِنْ حُقُوقٍ وَاجِبَةٍ فَأُولَئِكَ الَّذِینَ بَارَكَ اللَّهُ لَهُمْ فِیمَا اكْتَسَبُوا وَ یُثَابُونَ عَلَی مَا قَدَّمُوا لآِخِرَتِهِمْ (3).

«12»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَاقَانَ عَنْ سُلَیْمٍ الْخَادِمِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الدِّینِ فَكَّرَ فَعَلَتْهُ السَّكِینَةُ وَ اسْتَكَانَ فَتَوَاضَعَ وَ قَنِعَ فَاسْتَغْنَی وَ رَضِیَ بِمَا أُعْطِیَ وَ انْفَرَدَ فَكُفِیَ الْأَحْزَانَ وَ رَفَضَ الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرّاً وَ خَلَعَ الدُّنْیَا فَتَحَامَی الشُّرُورَ وَ طَرَحَ الْحَسَدَ فَظَهَرَتِ الْمَحَبَّةُ وَ لَمْ یُخِفِ النَّاسَ فَلَمْ یَخَفْهُمْ وَ لَمْ یُذْنِبْ إِلَیْهِمْ فَسَلِمَ مِنْهُمْ وَ سَخِطَ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ شَیْ ءٍ فَفَازَ وَ اسْتَكْمَلَ الْفَضْلَ وَ أَبْصَرَ الْعَافِیَةَ فَأَمِنَ النَّدَامَةَ(4).

ص: 277


1- 1. یونس: 68.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 124.
3- 3. المصدر ج 2 ص 124.
4- 4. أمالی المفید ص 40.

بیان: و انفرد أی عن الناس و اعتزل عنهم فصار حرا أی من رق الشهوات و فی القاموس الحر بالضم خیار كل شی ء فتحامی الشرور أی احترز عن الشرور و منع نفسه عنها فإن الشرور كلها تابعة لحب الدنیا و فی بعض النسخ بالسین المهملة أی السرور بلذات الدنیا و الأول أظهر و فی القاموس حمی المریض ما یضره منعه إیاه فاحتمی و تحمی امتنع و تحاماه الناس توقوه و اجتنبوه و لم یخف الناس علی بناء الإفعال فلم یخفهم علی بناء المجرد عن كل شی ء أی بعوض كل شی ء و أبصر العافیة أی عرف أن العافیة فی أی شی ء و اختارها فلم یندم علی شی ء.

«13»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَی نَبِیِّنَا وَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِلَهِی مَنْ أَصْفِیَاؤُكَ مِنْ خَلْقِكَ قَالَ النَّدِیُّ الْكَفَّیْنِ الْبَرِیُّ الْقَدَمَیْنِ یَقُولُ صَادِقاً وَ یَمْشِی هَوْناً فَأُولَئِكَ یَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا یَزُولُونَ قَالَ إِلَهِی فَمَنْ یَنْزِلُ دَارَ الْقُدْسِ عِنْدَكَ قَالَ

الَّذِینَ لَا یَنْظُرُ أَعْیُنُهُمْ إِلَی الدُّنْیَا وَ لَا یُذِیعُونَ أَسْرَارَهُمْ فِی الدِّینِ وَ لَا یَأْخُذُونَ عَلَی الْحُكُومَةِ الرِّشَا الْحَقُّ فِی قُلُوبِهِمْ وَ الصِّدْقُ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ فَأُولَئِكَ فِی سِتْرِی فِی الدُّنْیَا وَ فِی دَارِ القبس [الْقُدْسِ] عِنْدِی فِی الْآخِرَةِ(1).

بیان: الندی الكفین أی كثیر السخاء قال الجوهری یقال فلان ندی الكف إذا كان سخیا و قال الفیروزآبادی تندی تسخی و أفضل كأندی فهو ندی الكف و أندی كثر عطایاه انتهی و فی بعض النسخ الندی القدمین كنایة عن بركتهما و سعیهما فی نفع الناس و فی بعضها البری القدمین أی أنهما بریئان من الخطاء و یحتمل الرسی أی الثابت القدمین فی الخیر فی القاموس رسا رسوا و رسوا ثبت و كغنی العمود الثابت وسط الخباء و الراسخ فی الخیر و الشر

«14»- جا، [المجالس للمفید] أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ

ص: 278


1- 1. أمالی المفید ص 59.

ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی مُعَاذٍ السُّدِّیِّ عَنْ أَبِی أَرَاكَةَ قَالَ: صَلَّیْتُ خَلَفَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام َلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ الْفَجْرَ فِی مَسْجِدِكُمْ فَانْفَتَلَ عَلَی یَمِینِهِ وَ كَانَ عَلَیْهِ كَآبَةٌ وَ مَكَثَ حَتَّی طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَی حَائِطِ مَسْجِدِكُمْ هَذَا قَیْدَ رُمْحٍ وَ لَیْسَ هُوَ عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ الْیَوْمَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُمْ یُكَابِدُونَ هَذَا اللَّیْلَ یُرَاوِحُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ رُكَبِهِمْ كَأَنَّ زَفِیرَ النَّارِ فِی آذَانِهِمْ فَإِذَا أَصْبَحُوا أَصْبَحُوا غُبْراً صُفْراً بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ شِبْهُ رُكَبِ الْمِعْزَی فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَی مَادُوا كَمَا یَمِیدُ الشَّجَرُ فِی یَوْمِ الرِّیحِ وَ انْهَمَلَتْ أَعْیُنُهُمْ حَتَّی تَبْتَلَّ ثِیَابُهُمْ قَالَ ثُمَّ نَهَضَ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّمَا بَاتَ الْقَوْمُ غَافِلِینَ ثُمَّ لَمْ یُرَ مُفْتَرّاً حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ مَا كَانَ (1).

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عن محمد بن سنان: مثله بیان قید رمح بالكسر و قاده قدره و لیس هو أی لم یكن ارتفاع الحائط فی هذا الزمان بهذا المقدار و مكابدة الشی ء تحمل المشاق فی فعله و افتر ضحك ضحكا حسنا و فی ین حتی كان من الرجل الفاسق ما كان.

«15»- كش، [رجال الكشی] عَنْ نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ جَابِرَ بْنَ یَزِیدَ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ تُرِیدُ أَنْ تَرَی أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَسَحَ عَلَی عَیْنَیَّ فَمَرَرْتُ وَ أَنَا أَسْبَقُ الرِّیحَ حَتَّی صِرْتُ إِلَی الْمَدِینَةِ قَالَ فَبَقِیتُ أَنَا لِذَلِكَ مُتَعَجِّباً إِذْ فَكَّرْتُ فَقُلْتُ مَا أَحْوَجَنِی إِلَی وَتِدٍ أُوتِدُهُ فَإِذَا حَجَجْتُ عَاماً قَابِلًا نَظَرْتُ هَاهُنَا هُوَ أَمْ لَا فَلَمْ أَعْلَمْ إِلَّا وَ جَابِرٌ بَیْنَ یَدَیَّ یُعْطِینِی وَتِداً قَالَ فَفَزِعْتُ قَالَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَكَیْفَ لَوْ رَأَیْتَ السَّیِّدَ الْأَكْبَرَ قَالَ ثُمَّ لَمْ أَرَهُ قَالَ فَمَضَیْتُ حَتَّی صِرْتُ إِلَی بَابِ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَإِذَا هُوَ یَصِیحُ بِی ادْخُلْ لَا بَأْسَ عَلَیْكَ فَدَخَلْتُ فَإِذَا

ص: 279


1- 1. أمالی المفید ص 123.

جَابِرٌ عِنْدَهُ قَالَ فَقَالَ لِجَابِرٍ یَا نُوحُ غَرَّقْتَهُمْ أَوَّلًا بِالْمَاءِ وَ غَرَّقْتَهُمْ آخِراً بِالْعِلْمِ (1) فَإِذَا كَسَرْتَ فَاجْبُرْهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أُطِیعَ أَیُّ الْبِلَادِ أَحَبُّ إِلَیْكَ قَالَ قُلْتُ الْكُوفَةُ قَالَ بِالْكُوفَةِ فَكُنْ قَالَ فَسَمِعْتُ أَخَا النُّونِ بِالْكُوفَةِ(2) قَالَ فَبَقِیتُ مُتَعَجِّباً مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ فَجِئْتُ فَإِذَا بِهِ فِی مَوْضِعِهِ الَّذِی كَانَ فِیهِ قَاعِداً قَالَ فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ هَلْ قَامَ أَوْ تَنَحَّی قَالَ فَقَالُوا لَا وَ كَانَ سَبَبُ تَوْحِیدِی أَنْ سَمِعْتُ قَوْلَهُ بِالْإِلَهِیَّةِ فِی الْأَئِمَّةِ.

هَذَا حَدِیثٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِی كَذِبِهِ وَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِالْغُلُوِّ وَ التَّفْوِیضِ (3)

بیان: قوله هذا حدیث موضوع كلام الكشی أو الشیخ لأنه موجود فی اختیاره و لا ریب فی كونه موضوعا و هو مشتمل علی القول بالتناسخ و التشویش فی ألفاظه و معانیه (4)

فلهذا لم نتعرض لشرحه.

«16»- كش، [رجال الكشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ حَمْدَوَیْهِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُوسَی قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِی مَرْیَمَ الْحَنَّاطِ وَ جَابِرٌ عِنْدَهُ جَالِسٌ فَقَامَ أَبُو مَرْیَمَ فَجَاءَ بِدَوْرَقٍ (5)

ص: 280


1- 1. ظاهر النسخة یتبنی علی القول بالتناسخ و أن جابرا كان فی العهد الأول هو نوح النبیّ صلوات اللّٰه علیه و علی نبیّنا و آله، و لذلك قیل: ان فی العبارة تصحیفا و الصواب« یا جابر! ان نوحا غرقهم أولا بالماء و غرقتهم آخرا بالعلم» و لیس بشی ء.
2- 2. فیه تصحیف، و الظاهر أنّه یقول: فلما قال:« بالكوفة فكن». صرت بالكوفة أسمع أصوات الناس أو النوق أو النوف- و هو صوت الضبع- بها.
3- 3. رجال الكشّیّ ص 173.
4- 4. قد عرفت افادة الحدیث للتناسخ، و هكذا تشویش ألفاظه فی قوله« سمعت أخا النون بالكوفة» و أمّا التشویش فی معانیه ففی قوله« و كان سبب توحیدی أن سمعت قوله بالالهیة فی الأئمّة».
5- 5. قال فی قاموس الرجال: و قوله« فجاء بدورق» محرف« فجاء بدردق» ففی. الصحاح: الدردق مكیال للشراب و أراه فارسیا معربا. أقول: نسخ الصحاح فی ضبط هذه الكلمة مختلفة، ففی بعض النسخ- و منه ما راجعه مؤلف قاموس الرجال-« و الدردق مكیال» و یوافقه عبارة القاموس:« و الدردق الاطفال، و صغار الإبل و غیرها، و مكیال للشراب و الدورق الجرة ذات العروة» و لكن فی غالب النسخ كما فی المطبوعة الأخیرة ص 1474« و الدورق: مكیال للشراب و اراه فارسیا معربا». و قال شارح القاموس: مقتضی سیاق كلام القاموس« و مكیال للشراب» انه دردق، و هو غلط و الصواب أنّه الدورق كجوهر كما فی العباب، و فی الاساس: جاءوا بدورق من شراب أو دبس، و هو مكیال فارسی معرب. أقول: و لذلك قال فی أقرب الموارد: الدورق مكیال للشراب- و الجرة ذات العروة، معرب دوره بالفارسیة و الجمع دوارق.

مِنْ مَاءِ بِئْرِ مُبَارَكِ بْنِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ وَیْحَكَ یَا بَا مَرْیَمَ كَأَنِّی بِكَ قَدِ اسْتَغْنَیْتَ عَنْ هَذِهِ الْبِئْرِ وَ اغْتَرَفْتَ مِنْ هَاهُنَا مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مَرْیَمَ مَا أَلُومُ النَّاسَ أَنْ یُسَمُّونَا كَذَّابِینَ وَ كَانَ مَوْلًی لِجَعْفَرٍ كَیْفَ یَجِی ءُ مَاءُ الْفُرَاتِ إِلَی هَاهُنَا قَالَ وَیْحَكَ إِنَّهُ یُحْفَرُ هَاهُنَا نَهَرٌ أَوَّلُهُ عَذَابٌ عَلَی النَّاسِ وَ آخِرُهُ رَحْمَةٌ یَجْرِی فِیهِ مَاءُ الْفُرَاتِ فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ الضَّعِیفَةُ وَ الصَّبِیُّ فَیَغْتَرِفُ مِنْهُ وَ یُجْعَلُ لَهُ أَبْوَابٌ فِی بَنِی رُوَاسٍ وَ فِی بَنِی مَوْهِبَةَ وَ عِنْدَ بِئْرِ بَنِی كِنْدَةَ وَ فِی بَنِی فَزَارَةَ(1)

حَتَّی تَتَغَامَسَ فِیهِ الصِّبْیَانُ قَالَ عَلِیٌّ إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ إِنَّ الَّذِی حَدَّثَ عَلَی عَهْدِهِ (2)

وَ لَعَلَّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ بِهَذَا الْحَدِیثِ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ (3).

ص: 281


1- 1. فی نسخة الكمبانیّ بنی زرارة، و ما فی الصلب مطابق للمصدر و محكیه فی قاموس الرجال ج 2 ص 329.
2- 2. فی بعض النسخ كما فی متن الكمبانیّ« و ان الذی حدث علی و عمره»[ عهده خ ل] و قیل: الصواب« ان الذی حدث علی عروة» كما فی المصدر:« قال علی: انه قد كان ذاك و ان الذی حدث علی عروة بعلانیة أنّه قد سمع بهذا الحدیث قبل أن یكون» و الصحیح ما فی الصلب.
3- 3. رجال الكشّیّ: 173 و 174.

بیان: فی القاموس الدورق الجرة ذات العروة و كان جملة معترضة و كیف تتمة كلام أبی مریم قال علی یعنی ابن الحكم و القول لابن عیسی قوله قد كان ذلك أی قد كان زمان لم یكن النهر جاریا فی هذا الموضع ثم أجروا النهر فیه و قوله و إن الذی كلام ابن عیسی و معناه أنه یظهر من كلام علی أنه سمع هذا الحدیث و عهد الموضع قبل إجراء النهر و فی بعض النسخ مكان و عهده و عمر و هو تصحیف.

«17»- كش، [رجال الكشی] عَنْ حَمْدَوَیْهِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ: كَانَتْ بُنَیَّةٌ لِی سَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ یَدُهَا فَأَتَیْتُ بِهَا التَّیْمِیَّ فَأَخَذَهَا فَنَظَرَ إِلَی یَدِهَا فَقَالَ مُنْكَسِرَةٌ فَدَخَلَ یُخْرِجُ الْجَبَائِرَ وَ أَنَا عَلَی الْبَابِ فَدَخَلَتْنِی رِقَّةٌ عَلَی الصَّبِیَّةِ فَبَكَیْتُ وَ دَعَوْتُ فَخَرَجَ بِالْجَبَائِرِ فَتَنَاوَلَ بِیَدِ الصَّبِیَّةِ فَلَمْ یَرَ بِهَا شَیْئاً ثُمَّ نَظَرَ إِلَی الْأُخْرَی فَقَالَ مَا بِهَا شَیْ ءٌ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ یَا بَا حَمْزَةَ وَافَقَ الدُّعَاءُ الرِّضَا فَاسْتُجِیبَ لَكَ فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ (1).

«18»- كش، [رجال الكشی] قَالَ أَبُو النَّضْرِ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحَسَنِ یَقُولُ: مَاتَ یُونُسُ بْنُ یَعْقُوبَ بِالْمَدِینَةِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام بِحَنُوطِهِ وَ كَفَنِهِ وَ جَمِیعِ مَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ أَمَرَ مَوَالِیَهُ وَ مَوَالِیَ أَبِیهِ وَ جَدِّهِ أَنْ یَحْضُرُوا جِنَازَتَهُ وَ قَالَ لَهُمْ هَذَا مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ وَ قَالَ لَهُمُ احْفِرُوا لَهُ فِی الْبَقِیعِ فَإِنْ قَالَ لَكُمْ أَهْلُ الْمَدِینَةِ إِنَّهُ عِرَاقِیٌّ لَا نَدْفِنُهُ فِی الْبَقِیعِ فَقُولُوا لَهُمْ هَذَا مَوْلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ فَإِنْ مَنَعْتُمُونَا أَنْ نَدْفِنَهُ فِی الْبَقِیعِ مَنَعْنَاكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا مَوَالِیَكُمْ فِی الْبَقِیعِ فَدُفِنَ فِی الْبَقِیعِ وَ وَجَّهَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی علیه السلام إِلَی زَمِیلِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُبَابِ وَ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ صَلِّ عَلَیْهِ أَنْتَ عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِیدِ قَالَ رَآنِی صَاحِبُ الْمَقْبَرَةِ وَ أَنَا عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِی مَنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ فَإِنَّ أَبَا

ص: 282


1- 1. رجال الكشّیّ ص 177.

الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی علیه السلام أَوْصَانِی بِهِ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَرُشَّ قَبْرَهُ أَرْبَعِینَ شَهْراً أَوْ أَرْبَعِینَ یَوْماً فِی كُلِّ یَوْمٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّكُّ مِنِّی قَالَ وَ قَالَ لِی صَاحِبُ الْمَقْبَرَةِ إِنَّ السَّرِیرَ عِنْدِی یَعْنِی سَرِیرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ صَرَّ السَّرِیرُ فَأَقُولُ أَیُّهُمْ مَاتَ حَتَّی أَعْلَمَ بِالْغَدَاةِ فَصَرَّ السَّرِیرُ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی مَاتَ فِیهَا هَذَا الرَّجُلُ فَقُلْتُ لَا أَعْرِفُ أَحَداً مِنْهُمْ مَرِیضاً فَمَنْ ذَا الَّذِی مَاتَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءُوا فأخذا [فَأَخَذُوا] مِنِّی السَّرِیرَ وَ قَالُوا مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ كَانَ یَسْكُنُ الْعِرَاقَ (1).

توضیح: صاحب المقبرة المتولی لأمرها و القائم بأمر الموتی المدفونین فیها و أبو الحسن كنیة علی بن الحسن و فی القاموس صر یصر صرا و صریرا صوت و صاح شدیدا.

«19»- كش، [رجال الكشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: بَیْنَا أَنَا بِالْقَرْعَاءِ(2)

فِی سَنَةِ سِتٍّ وَ عِشْرِینَ وَ مِائَتَیْنِ مُنْصَرَفِی عَنِ الْكُوفَةِ وَ قَدْ خَرَجْتُ فِی آخِرِ اللَّیْلِ أَتَوَضَّأُ وَ أَنَا أَسْتَاكُ وَ قَدِ انْفَرَدْتُ عَنْ رَحْلِی وَ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ فِی أَسْفَلِ مِسْوَاكِی تَلْتَهِبُ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ أَوْ غَیْرِ ذَلِكَ فَلَمْ أَفْزَعْ مِنْهَا وَ بَقِیتُ أَتَعَجَّبُ وَ مَسِسْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ لَهَا حَرَارَةً فَقُلْتُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (3) فَبَقِیتُ أَتَفَكَّرُ فِی مِثْلِ هَذَا وَ أَطَالَتِ النَّارُ الْمَكْثَ طَوِیلًا حَتَّی رَجَعْتُ إِلَی أَهْلِی وَ قَدْ كَانَتِ السَّمَاءُ رَشَّتْ وَ كَانَ غِلْمَانِی یَطْلُبُونَ نَاراً وَ مَعِی رَجُلٌ بَصْرِیٌّ فِی الرَّحْلِ فَلَمَّا أَقْبَلْتُ قَالَ الْغِلْمَانُ قَدْ جَاءَ أَبُو الْحَسَنِ وَ مَعَهُ نَارٌ وَ قَالَ الْبَصْرِیُّ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّی دَنَوْتُ فَلَمَسَ الْبَصْرِیُّ النَّارَ فَلَمْ یَجِدْ لَهَا حَرَارَةً وَ لَا غِلْمَانِی ثُمَّ طَفِئَتْ بَعْدَ

ص: 283


1- 1. رجال الكشّیّ ص 330.
2- 2. القرعاء: منزل فی طریق مكّة من الكوفة بعد المغیثة و قبل واقصة، بینها و بین واقصة ثمانیة فراسخ.
3- 3. یس: 80.

طُولٍ ثُمَّ الْتَهَبَتْ فَلَبِثَتْ قَلِیلًا ثُمَّ طَفِئَتْ قَلِیلًا ثُمَّ الْتَهَبَتْ ثُمَّ طَفِئَتِ الثَّالِثَةَ فَلَمْ تَعُدْ فَنَظَرْنَا إِلَی السِّوَاكِ فَإِذَا لَیْسَ فِیهِ أَثَرُ نَارٍ وَ لَا حَرٌّ وَ لَا شَعْثٌ وَ لَا سَوَادٌ وَ لَا شَیْ ءٌ یَدُلُّ عَلَی أَنَّهُ حُرِقَ فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَخَبَأْتُهُ وَ عُدْتُ بِهِ إِلَی الْهَادِی علیه السلام وَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَ عِشْرِینَ وَ مِائَتَیْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْجَوَادِ علیه السلام فَتَحَتَّمَ الْغَلَطُ فِی التَّنَازُعِ (1) قَابِلًا وَ كَشَفْتُ لَهُ أَسْفَلَهُ وَ بَاقِیهِ مُغَطًّی وَ حَدَّثْتُهُ بِالْحَدِیثِ فَأَخَذَ السِّوَاكَ

مِنْ یَدِی وَ كَشَفَهُ كُلَّهُ وَ تَأَمَّلَهُ وَ نَظَرَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا نُورٌ فَقُلْتُ لَهُ نُورٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ بِمَیْلِكَ إِلَی أَهْلِ الْبَیْتِ وَ بِطَاعَتِكَ لِی وَ لِآبَائِی وَ لِأَبِی وَ بِطَاعَتِكَ لِی وَ لآِبَائِی أَرَاكَهُ اللَّهُ (2).

كش، [رجال الكشی] عن علی عن محمد بن أحمد عن محمد بن عیسی عن علی بن مهزیار: مثله (3)

ص: 284


1- 1. الظاهر أن ما جعلناه بین المعقوفتین لیس من كلام الكشّیّ و روایته، بل كان من كلام بعض المحشین مرتبطا معلقا بهذه الجملة، فاشتبه علی النسّاخ و نقلوه الی المتن، و ذلك لان ابن مهزیار قال فی أول الحدیث: انه فی سنة ست و عشرین و مائتین كان بالقرعاء منصرفه من الكوفة فاتقد مسواكه نورا، ثمّ قال فی آخره« فخبأته و عدت به الی الهادی علیه السلام و ذلك سنة ست و عشرین و مائتین بعد موت الجواد علیه السلام قابلا» یعنی فی العام القابل فكیف یكون السنة القابلة أیضا سنة ست و عشرین و مائتین فتحتم الغلط فی التاریخ، فصحف لفظ التاریخ بالتنازع، و هو غیر عزیز فی نسخة الكشّیّ. و أمّا اعتراض ذاك المحشی فهو وارد، فان قول ابن مهزیار« قابلا» یعنی فی العام القابل، و ان احتمل أن یكون سافر فی تلك السنة مرتین، الا ان قوله« بعد موت الجواد علیه السلام» و قد توفی علیه السلام سنة عشرین و مائتین، یظهر منه أن سفره هذا كان قبل فوته علیه السلام، و لعلّ الصحیح فی صدر الحدیث: سنة عشرین و مائتین، بدون لفظ الست.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 459.
3- 3. المصدر ص 460.

بیان: فی القاموس القرعاء منهل بطریق مكة بین القادسیة و العقبة و قال الرش المطر القلیل و أرشت السماء كرشت قوله و عدت به أقول فی النسخ هنا اختلاف كثیر ففیما عندنا من نسخة اختیار الكشی و عدت به إلی الرضا علیه السلام قابلا فكشفت له (1)

و لیست فیه الزیادة و فی بعض كتب الرجال و عدت به إلی الهادی علیه السلام و ذلك سنة ست و عشرین و مائتین بعد موت الجواد علیه السلام فتخم الغلظ فی التنازع قابلا و كشفت و فی بعضها سنة ست و عشرین بعد موت الجواد علیه السلام فتحتم الغلظ فی التنازع و فی بعضها فتجشم و فی بعضها فی سنة عشرین و هی سنة وفاة الجواد علیه السلام و الحاصل أنه قرب التنازع أو تحتم و التنازع إما فی حقیقة نور السواك أو فی شی ء آخر من الإمامة و غیرها و النسخة الأولی أظهر.

«20»- طا، [الأمان]: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ لِلَّهِ مُخْلِصاً أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَیْ ءٍ رَوَیْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا إِلَی الْبَرْقِیِّ مِنْ كِتَابِهِ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ الْمُؤْمِنَ یَخْشَعُ لَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ یَهَابُهُ كُلُّ شَیْ ءٍ ثُمَّ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْلِصاً لِلَّهِ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَیْ ءٍ حَتَّی هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ سِبَاعَهَا وَ طَیْرَ السَّمَاءِ وَ حِیتَانَ الْبَحْرِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَیْنَاهُ مِنْ كِتَابِ الرِّجَالِ لِلْكَشِّیِّ وَ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِی كِتَابِ الْكَرَامَاتِ وَ لَمْ یَحْضُرْنَا لَفْظُهُ فَنَذْكُرُ الْآنَ مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْضَ خَوَاصِّ مَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ شِیعَتِهِ كَانَ قَدْ سَجَدَ فَتَطَوَّقَ أَفْعًی عَلَی حَلْقِهِ فَلَمْ یَتَغَیَّرْ مِنْ حَالِ سُجُودِهِ وَ مُرَاقَبَةِ مَعْبُودِهِ حَتَّی انْفَصَلَ الْأَفْعَی عَنْ رَقَبَتِهِ بِغَیْرِ حِیلَةٍ مِنْهُ بَلْ بِفَضْلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ رَحْمَتِهِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَیْنَاهُ مَرْوِیّاً عَنْ عَلِیٍّ الزَّاهِدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ السِّبْطِ علیهم السلام أَنَّهُ كَانَ قَائِماً فِی الصَّلَاةِ فَانْحَدَرَ أَفْعَی مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ فَصَعِدَ عَلَی ثِیَابِهِ وَ دَخَلَ مِنْ زِیقِهِ وَ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ ثِیَابِهِ فَلَمْ یَتَغَیَّرْ عَنْ حَالِ صَلَاتِهِ وَ مُرَاقَبَتِهِ لِمَالِكِ حَیَاتِهِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَیْنَاهُ فِی كِتَابِ السَّفَرِ وَ قَدْ نَقَلْنَاهُ بِلَفْظِهِ فِی كِتَابِ الْكَرَامَاتِ

ص: 285


1- 1. و هو یؤید ما ذكرناه.

وَ نَذْكُرُ هَاهُنَا بَعْضَ مَعْنَاهُ أَنَّ علیا [عَلِیَ] بْنَ عَاصِمٍ الزَّاهِدَ كَانَ یَزُورُ الْحُسَیْنَ علیه السلام بِكَرْبَلَاءَ قَبْلَ عِمَارَةِ مَشْهَدِهِ بِالنَّاسِ فَدَخَلَ سَبُعٌ إِلَیْهِ فَلَمْ یَهْرُبْ مِنْهُ وَ رَأَی كَفَّ السَّبُعِ مُنْتَفِخَةً بِقَصَبَةٍ قَدْ دَخَلَتْ فِیهَا فَأَخْرَجَ الْقَصَبَةَ مِنْهُ وَ عَصَرَ كَفَّ السَّبُعِ وَ شَدَّهُ بِبَعْضِ عِمَامَتِهِ وَ لَمْ یَقِفْ مِنَ الزُّوَّارِ لِذَلِكَ بِسُوءٍ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفْنَاهُ نَحْنُ وَ هُوَ أَنَّ بَعْضَ الْجِوَارِ وَ الْعِیَالِ جَاءُونِی لَیْلَةً وَ هُمْ مُنْزَعِجُونَ وَ كُنْتُ إِذْ ذَاكَ مُجَاوِراً بِعِیَالِی لِمَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا قَدْ رَأَیْنَا مَسْلَخَ الْحَمَّامِ تُطْوَی الْحُصُرُ الَّذِی فِیهِ وَ تُنْشَرُ وَ مَا نَنْظُرُ مَنْ یَفْعَلُ ذَلِكَ فَحَضَرْتُ

عِنْدَ بَابِ الْمَسْلَخِ وَ قُلْتُ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ قَدْ بَلَغَنِی عَنْكُمْ مَا قَدْ فَعَلْتُمْ وَ نَحْنُ جِیرَانُ مَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَوْلَادِهِ وَ ضِیفَانُهُ وَ مَا أَسَأْنَا مُجَاوَرَتَكُمْ فَلَا تُكَدِّرُوا عَلَیْنَا مُجَاوَرَتَهُ وَ مَتَی فَعَلْتُمْ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ شَكَوْنَاكُمْ إِلَیْهِ فَلَمْ نَعْرِفْ مِنْهُمْ تَعَرُّضاً لِمَسْلَخِ الْحَمَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَتِی الْحَافِظَةَ الْكَاتِبَةَ شَرَفَ الْأَشْرَافِ كَمَّلَ اللَّهُ لَهَا تُحَفَ الْأَلْطَافِ عَرَّفَتْنِی أَنَّهَا تَسْمَعُ سَلَاماً عَلَیْهَا مِمَّنْ لَا تَرَاهُ فَوَقَفْتُ فِی الْمَوْقِفِ فَقُلْتُ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ أَیُّهَا الرُّوحَانِیُّونَ فَقَدْ عَرَّفَتْنِی ابْنَتِی أَشْرَفُ الْأَشْرَافِ بِالتَّعَرُّضِ لَهَا بِالسَّلَامِ وَ هَذَا الْإِنْعَامُ مُكَدِّرٌ عَلَیْنَا نَحْنُ نَخَافُ مِنْهُ أَنْ یَنْفِرَ بَعْضَ الْعِیَالِ مِنْهُ وَ نَسْأَلُ أَنْ لَا تَتَعَرَّضُوا لَنَا بِشَیْ ءٍ مِنَ الْمُكَدِّرَاتِ وَ تَكُونُوا مَعَنَا عَلَی جَمِیلِ الْعَادَاتِ فَلَمْ یَتَعَرَّضْ لَهَا أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّنِی كُنْتُ أُصَلِّی الْمَغْرِبَ بِدَارِی بِالْحُلَّةِ فَجَاءَتْ حَیَّةٌ فَدَخَلَتْ تَحْتَ خِرْقَةٍ كَانَتْ مَوْضِعَ سُجُودِی فَتَمَّمْتُ الصَّلَاةَ وَ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِی بِسُوءٍ وَ قَتَلْتُهَا بَعْدَ فَرَاغِی مِنَ الصَّلَاةِ وَ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ یَعْرِفُهُ مَنْ رَآهُ أَوْ رَوَاهُ.

توضیح: زیق القمیص بالكسر ما أحاط بالعنق منه

«21»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَمَّارٍ صَاحِبِ الْأَكْسِیَةِ عَنِ الْبُرَیْدِیِّ عَنْ أَبِی أَرَاكَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً كَسَرَتْ قُلُوبَهُمْ خَشْیَةُ اللَّهِ فَاسْتُكْفُوا عَنِ الْمَنْطِقِ وَ إِنَّهُمْ لَفُصَحَاءُ عُقَلَاءُ أَلِبَّاءُ نُبَلَاءُ یَسْبِقُونَ إِلَیْهِ بِالْأَعْمَالِ

ص: 286

الزَّاكِیَةِ لَا یَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِیرَ وَ لَا یَرْضَوْنَ لَهُ الْقَلِیلَ یَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ شِرَارٌ وَ أَنَّهُمُ الْأَكْیَاسُ الْأَبْرَارُ.

«22»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَرَجَ مُرْتَاداً لِغَنَمِهِ وَ بَقَرِهِ مَكَاناً لِلشِّتَاءِ فَسَمِعَ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَتَبِعَ الصَّوْتَ حَتَّی أَتَاهُ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ أَنَا فِی هَذِهِ الْبِلَادِ مُذْ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا رَأَیْتُ أَحَداً یُوَحِّدُ اللَّهَ غَیْرَكَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ كُنْتُ فِی سَفِینَةٍ غَرِقَتْ فَنَجَوْتُ عَلَی لَوْحٍ فَأَنَا هَاهُنَا فِی جَزِیرَةٍ قَالَ فَمِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ مَعَاشُكَ قَالَ أَجْمَعُ هَذِهِ الثِّمَارَ فِی الصَّیْفِ لِلشِّتَاءِ قَالَ انْطَلِقْ حَتَّی تُرِیَنِی مَكَانَكَ قَالَ لَا تَسْتَطِیعُ ذَلِكَ لِأَنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَهَا مَاءُ بَحْرٍ قَالَ فَكَیْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ قَالَ أَمْشِی عَلَیْهِ حَتَّی أَبْلُغَ قَالَ أَرْجُو الَّذِی أَعَانَكَ أَنْ یُعِینَنِی قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَخَذَ الرَّجُلُ یَمْشِی وَ إِبْرَاهِیمُ یَتْبَعُهُ فَلَمَّا بَلَغَا الْمَاءَ أَخَذَ الرَّجُلُ یَنْظُرُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ یَتَعَجَّبُ مِنْهُ حَتَّی عَبَرَا فَأَتَی بِهَا كَهْفاً قَالَ هَاهُنَا مَكَانِی قَالَ فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ وَ أَمَّنْتُ أَنَا قَالَ أَمَا إِنِّی أَسْتَحْیِی مِنْ رَبِّی وَ لَكِنِ ادْعُ أَنْتَ وَ أُؤَمِّنُ أَنَا قَالَ وَ مَا حَیَاؤُكَ قَالَ أَتَیْتُ الْمَوْضِعَ الَّذِی رَأَیْتَنِی فِیهِ فَرَأَیْتُ غُلَاماً أَجْمَلَ النَّاسِ كَأَنَّ خَدَّیْهِ صَفْحَتَا ذَهَبٍ ذَوَّابَةٍ مَعَ غَنَمٍ وَ بَقَرٍ كَأَنَّ عَلَیْهَا الدُّهْنَ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یُرِیَنِی إِبْرَاهِیمَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَ قَدْ أَبْطَأَ ذَلِكَ عَلَیَّ قَالَ فَقَالَ علیه السلام فَأَنَا إِبْرَاهِیمُ فَاعْتَنَقَا.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هُمَا أَوَّلُ اثْنَیْنِ اعْتَنَقَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ.

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ یَرْتَادُّونَ لِأَهْلِهِمْ فَأَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ فَلَجَئُوا إِلَی جَبَلٍ فَوَقَعَتْ عَلَیْهِمْ صَخْرَةٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَفَا الْأَثَرُ وَ وَقَعَ الْحَجَرُ وَ لَا یَعْلَمُ مَكَانَكُمْ إِلَّا اللَّهُ ادْعُوا اللَّهَ بِأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتِ امْرَأَةٌ تُعْجِبُنِی فَطَلَبْتُهَا فَأَبَتْ عَلَیَّ فَجَعَلْتُ لَهَا جُعْلًا

ص: 287

فَطَابَتْ نَفْسُهَا فَلَمَّا جَلَسْتُ مِنْهَا اشْتَدَّ ارْتِعَادُهَا مِنْ خَشْیَتِكَ فَتَرَكْتُهَا(1)

فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَ خَشْیَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا قَالَ فَزَالَ ثُلُثُ الْجَبَلِ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِی وَالِدَانِ وَ كُنْتُ أَحْلُبُ لَهُمَا فَأَتَیْتُهُمَا لَیْلَةً وَ هُمَا نَائِمَانِ (2)

فَقُمْتُ قَائِماً حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا اسْتَیْقَظَا شَرِبَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ ثَوَابِكَ وَ خَشْیَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ فَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی اسْتَأْجَرْتُ یَوْماً أَجِیراً فَعَمِلَ إِلَی نِصْفِ النَّهَارِ فَأُعْطِیهِ أُجْرَتَهُ فَسَخِطَ وَ لَمْ یَأْخُذْهُ فَصَرَفْتُ ذَلِكَ إِلَی التِّجَارَةِ وَ الْمَوَاشِی وَ غَیْرِهَا فَلَمَّا جَاءَ یَطْلُبُ أَجْرَهُ قُلْتُ خُذْ هَذَا كُلَّهُ لَكَ (3)

وَ لَوْ شِئْتُ لَمْ أَعْطِهِ إِلَّا أَجْرَهُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَ خَشْیَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ وَ خَرَجُوا یَتَمَاشَوْنَ.

«23»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِیسَی النَّهْرِیرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ

ص: 288


1- 1. روی البرقی فی المحاسن ص 253 كتاب مصابیح الظلم مثل هذا الحدیث مسندا الی جابر الجعفی رفعه، و فیه:« فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك» الخ.
2- 2. فی المحاسن: فأتیتهما بقعب من لبن فخفت- ان أضعه- أن یمج فیه هامة، و كرهت أن اوقظهما من نومهما فیشق ذلك علیهما، فلم أزل كذلك حتّی استیقظا و شربا» الخ.
3- 3. فی المحاسن: انی استأجرت قوما یحرثون كل رجل منهم بنصف درهم فلما فرغوا أعطیتهم اجورهم فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنین، و اللّٰه لا آخذ الا درهما واحدا: و ترك ماله عندی، فبذرت بذلك النصف الدرهم فی الأرض فأخرج اللّٰه من ذلك رزقا، و جاء صاحب النصف الدرهم فأراده فدفعت إلیه ثمان عشرة ألف» الخ. و سیجی ء نصه فی ج 70 الباب 17 باب الإخلاص و معنی قربه تعالی.

وَ عَظَّمَهُ مَنَعَ فَاهُ مِنَ الْكَلَامِ وَ بَطْنَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَ عَفَی نَفْسَهُ بِالصِّیَامِ وَ الْقِیَامِ قَالُوا بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ قَالَ إِنَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ سَكَتُوا فَكَانَ سُكُوتُهُمْ ذِكْراً وَ نَظَرُوا فَكَانَ نَظَرُهُمْ عِبْرَةً وَ نَطَقُوا فَكَانَ نُطْقُهُمْ حِكْمَةً وَ مَشَوْا فَكَانَ مَشْیُهُمْ بَیْنَ النَّاسِ بَرَكَةً لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِی قَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لَمْ تَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِی أَجْسَادِهِمْ خَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ وَ شَوْقاً إِلَی الثَّوَابِ (1).

لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِیسَی النَّهْرَتِیرِیِّ عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (2)

إِلَّا أَنَّهُ فِیهِ هَكَذَا فَكَانَ سُكُوتُهُمْ فِكْراً وَ تَكَلَّمُوا فَكَانَ كَلَامُهُمْ ذِكْراً.

لی، [الأمالی للصدوق] عن ماجیلویه عن عمه عن الكوفی عن محمد بن سنان: مثله (3)

بیان: قال النجاشی عیسی بن أعین الجریری الأسدی مولی كوفی ثقة و عده من أصحاب الصادق علیه السلام (4)

فما فی المجالس أظهر سندا و متنا لكن فی أكثر نسخ المجالس النهرتیری (5)

بالتاء كما فی بعض نسخ الكافی و فی بعضها النهربیری بالباء الموحدة و فی بعضها النهری و الأخیر كأنه نسبة إلی النهروان (6) و لم أجد الأولین فی اللغة(7)

و قال الشیخ البهائی قدس سره فی حاشیة الأربعین

ص: 289


1- 1. الكافی ج 2: 237.
2- 2. أمالی الصدوق: 182، و فیه« و عنی نفسه بالصیام».
3- 3. أمالی الصدوق: 330.
4- 4. رجال النجاشیّ ص 227، و هكذا عنونه ابن داود فی القسم الأوّل تحت الرقم 1144 و قال: عیسی بن أعین الجریری بضم الجیم و فتح الراءین المهملتین، منسوب الی جریر بن عباد بالضم و التخفیف ابن ضبیعة بن قیس بن ثعلبة الأسدی.
5- 5. و فی بعضها« النهزیزی» كما فی المطبوعة.
6- 6. النسبة الی النهروان« النهروانی» لا غیره.
7- 7. بل قال الفیروزآبادی: و نهر تیری كضیزی بالاهواز، فیكون النسبة إلیه« نهر تیری» ظاهرا.

الجریری بضم الجیم و الراءین المهملتین منسوب إلی جریر بن عباد بضم العین و تخفیف الباء.

من عرف اللّٰه قال الشیخ المتقدم رحمه اللّٰه قال بعض الأعلام أكثر ما تطلق المعرفة علی الأخیر من الإدراكین للشی ء الواحد إذا تخلل بینهما عدم بأن أدركه أولا ثم ذهل عنه ثم أدركه ثانیا فظهر له أنه هو الذی كان قد أدركه أولا و من هاهنا سمی أهل الحقیقة بأصحاب العرفان لأن خلق الأرواح قبل الأبدان كما ورد فی الحدیث و هی كانت مطلعة علی بعض الإشراقات الشهودیة مقرة لمبدعها بالربوبیة كما قال سبحانه أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلی (1) لكنها لإلفها بالأبدان الظلمانیة و انغمارها فی الغواشی الهیولانیة ذهلت عن مولاها و مبدعها فإذا تخلصت بالریاضة من أسر دار الغرور و ترقت بالمجاهدة عن الالتفات إلی عالم الزور تجدد عهدها القدیم الذی كاد أن یندرس بتمادی الأعصار و الدهور و حصل لها الإدراك مرة ثانیة و هی المعرفة التی هی نور علی نور.

من الكلام أی من فضوله و كذا الطعام فإن الإكثار منه یورث الثقل عن العبادة و یحتمل أن یكون كنایة عن الصوم و عفی كذا فی بعض النسخ بالفاء أی جعلها صافیة خالصة أو جعلها مندرسة ذلیلة خاضعة أو وفر كمالاتها قال فی النهایة أصل العفو المحو و الطمس و عفت الریح الأثر محته و طمسته و منه حدیث أم سلمة لا تعف سبیلا كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لحبها(2) أی لا تطمسها و عفا الشی ء كثر و زاد یقال أعفیته و عفیته و عفا الشی ء درس و لم یبق له أثر و عفا الشی ء صفا و خلص انتهی و أقول یمكن أن یحملها بعضهم علی الفناء فی اللّٰه باصطلاحهم و الأظهر ما فی المجالس و غیره و أكثر نسخ الكتاب عنا بالعین المهملة و النون المشددة أی أتعب و العناء بالفتح و المد النصب.

بآبائنا و أمهاتنا قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه هذه الباء یسمیها بعض النحاة باء التفدیة و فعلها محذوف غالبا و التقدیر نفدیك بآبائنا و أمهاتنا و هی

ص: 290


1- 1. الأعراف: 171.
2- 2. یقال: لحب الطریق: سلكه و أوضحه.

فی الحقیقة باء العوض نحو خذ هذا بهذا و عد منه قوله تعالی ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1) هؤلاء أولیاء اللّٰه فهو استفهام محذوف الأداة و یمكن أن یكون خبرا قصد به لازم الحكم و التأكید فی قوله إن أولیاء اللّٰه إلخ لكون الخبر ملقی إلی السائل المتردد علی الأول و لكون المخاطب حاكما بخلافه علی الثانی أن جعل قوله صلی اللّٰه علیه و آله إن أولیاء اللّٰه ردا لقولهم هؤلاء أولیاء اللّٰه أی أولیاء اللّٰه أناس أخر صفاتهم فوق هذه الصفات و إن جعل تصدیقا لقولهم و وصفا للأولیاء بصفات أخری زیادة علی صفاتهم الثلاث السابقة فالتأكید لكون الخبر ملقی إلی الخلص الراسخین فی الإیمان فهو رائج عندهم متقبل لدیهم صادر عنه صلی اللّٰه علیه و آله عن كمال الرغبة و وفور النشاط لأنه فی وصف أولیاء اللّٰه بأعظم الصفات فكأنه مظنة التأكید كما ذكره صاحب الكشاف عند قوله تعالی وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا(2) فكان سكوتهم ذكرا أی عند سكوتهم قلوبهم مشغولة بذكر اللّٰه و تذكر صفاته الكمالیة و آلائه و نعمائه و غرائب صنعه و حكمته و فی روایة المجالس كما أشرنا إلیه فكان سكوتهم فكرا.

و قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه أطلق علی سكوتهم الفكر لكونه لازما له غیر منفك عنه و كذا إطلاق العبرة علی نظرهم و الحكمة علی نطقهم و البركة علی مشیهم و جعل صلی اللّٰه علیه و آله كلامهم ذكرا ثم جعله حكمة إشعارا بأنه لا یخرج عن هذین فالأول فی الخلوة و الثانی بین الناس و لك إبقاء النطق علی معناه المصدری أی إن بما نطقوا به مبنی علی حكمة و مصلحة.

فكان مشیهم بین الناس بركة لأن قصدهم قضاء حوائج الناس و هدایتهم و طلب المنافع لهم و دفع المضار عنهم مع أن وجودهم سبب لنزول الرحمة

ص: 291


1- 1. النحل: 32.
2- 2. البقرة: 14.

علیهم و دفع البلایا عنهم لم تقر أرواحهم فی المجالس لم تستقر.

خوفا من العذاب و شوقا إلی الثواب فیه إشارة إلی تساوی الخوف و الرجاء فیهم و كونهما معا فی الغایة القصوی و الدرجة العلیا كما مضت الأخبار فیه.

ثم اعلم أن كون الشوق إلی الثواب سببا لمفارقة أرواحهم أوكار أبدانهم و طیرانها إلی عالم القدس و محل الإنس و درجات الجنان و نعیمها ظاهر و أما الخوف من العقاب إما لشدة الدهشة و استیلاء الخوف علیهم كما فعل بهمام لعدهم أنفسهم من

المقصرین أو یریدون اللحوق بمنازلهم العالیة حذرا من أن تتبدل أحوالهم و تستولی الشهوات علیهم فیستحقوا بذلك العذاب فلذا یستعجلون فی الذهاب إلی الآخرة.

ثم قال الشیخ المتقدم رفع اللّٰه درجته المراد بمعرفة اللّٰه تعالی الاطلاع علی نعوته و صفاته الجلالیة و الجمالیة بقدر الطاقة البشریة و أما الاطلاع علی حقیقة الذات المقدسة فمما لا مطمع فیه للملائكة المقربین و الأنبیاء المرسلین فضلا عن غیرهم و كفی فی ذلك قول سید البشر ما عرفناك حق معرفتك و فی الحدیث أن اللّٰه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار و إن الملأ الأعلی یطلبونه كما تطلبونه أنتم فلا تلتفت إلی من یزعم أنه قد وصل إلی كنه الحقیقة المقدسة بل أحث التراب فی فیه فقد ضل و غوی و كذب و افتری فإن الأمر أرفع و أظهر من أن یتلوث بخواطر البشر و كلما تصوره العالم الراسخ فهو عن حرم الكبریاء بفراسخ و أقصی ما وصل إلیه الفكر العمیق فهو غایة مبلغه من التدقیق و ما أحسن ما قال.

آنچه پیش تو غیر از او ره نیست***غایت فهم تو است اللّٰه نیست

بل الصفات التی نثبتها له سبحانه إنما هی علی حسب أوهامنا و قدر أفهامنا فإنا نعتقد اتصافه بأشرف طرفی النقیض بالنظر إلی عقولنا القاصرة و هو تعالی أرفع و أجل من جمیع ما نصفه به.

و فی كلام الإمام أبی جعفر محمد بن علی الباقر علیهما السلام إشارة إلی هذا المعنی

ص: 292

حیث قال كلما میزتموه بأوهامكم فی أدق معانیه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إلیكم و لعل النمل الصغار تتوهم أن لله تعالی زبانیتین فإن ذلك كمالها و یتوهم أن عدمها نقصان لمن لا یتصف بهما و هذا حال العقلاء فیما یصفون اللّٰه تعالی به انتهی كلامه صلوات اللّٰه علیه و سلامه.

قال بعض المحققین هذا كلام دقیق رشیق أنیق صدر من مصدر التحقیق و مورد التدقیق و السر فی ذلك أن التكلیف إنما یتوقف علی معرفة اللّٰه تعالی بحسب الوسع و الطاقة و إنما كلفوا أن یعرفوه بالصفات التی ألفوها و شاهدوها فیهم مع سلب النقائص الناشیة عن انتسابها إلیهم و لما كان الإنسان واجبا بغیره عالما قادرا مریدا حیا متكلما سمیعا بصیرا كلف بأن یعتقد تلك الصفات فی حقه تعالی مع سلب النقائص الناشیة عن انتسابها إلی الإنسان بأن یعتقد أنه تعالی واجب لذاته لا بغیره عالم بجمیع المعلومات قادر علی جمیع الممكنات و هكذا فی سائر الصفات و لم یكلف باعتقاد صفة له تعالی لا یوجد فیه مثالها و مناسبها بوجه و لو كلف به لما أمكنه تعقله بالحقیقة و هذا أحد معانی قوله علیه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه انتهی كلامه.

ثم قال قدس سره قد اشتمل هذا الحدیث علی المهم من سمات العارفین و صفات الأولیاء الكاملین فأولها الصمت و حفظ اللسان الذی هو باب النجاة و ثانیها الجوع و هو مفتاح الخیرات و ثالثها إتعاب النفس فی العبادة بصیام النهار و قیام اللیل و هذه الصفة ربما توهم بعض الناس استغناء العارف عنها و عدم حاجته إلیها بعد الوصول و هو وهم باطل إذ لو استغنی عنها أحد لاستغنی عنها سید المرسلین و أشرف الواصلین و قد كان علیه السلام یقوم فی الصلاة إلی أن ورمت قدماه و كان أمیر المؤمنین علی علیه السلام الذی إلیه

ینتهی سلسلة أهل العرفان یصلی كل لیلة ألف ركعة و هكذا شأن جمیع الأولیاء و العارفین كما هو فی التواریخ مسطور و علی الألسنة مشهور.

و رابعها الفكر و فی الحدیث تفكر ساعة خیر من عبادة ستین سنة قال بعض

ص: 293

الأكابر إنما كان الفكر أفضل لأنه عمل القلب و هو أفضل من الجوارح فعمله أشرف من عملها أ لا تری إلی قوله تعالی أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِی (1) فجعل الصلاة وسیلة إلی ذكر القلب و المقصود أشرف من الوسیلة.

و خامسها الذكر و المراد به الذكر اللسانی و قد اختاروا له كلمة التوحید لاختصاصها بمزایا لیس هذا محل ذكرها.

و سادسها نظر الاعتبار كما قال سبحانه فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ(2) و سابعها النطق بالحكمة و المراد بها ما تضمن صلاح النشأتین أو صلاح النشأة الأخری من العلوم و المعارف أما ما تضمن صلاح الحال فی الدنیا فقط فلیس من الحكمة فی شی ء.

و ثامنها وصول بركتهم إلی الناس و تاسعها و عاشرها الخوف و الرجاء و هذه الصفات العشر إذا اعتبرتها وجدتها أمهات صفات السائرین إلی اللّٰه تعالی یسر اللّٰه لنا الاتصاف بها بمنه و كرمه.

«24»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْعِرَاقِیِّینَ رَفَعَهُ قَالَ: خَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَخٍ لِی كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِی عَیْنِی وَ كَانَ رَأْسُ مَا عَظُمَ بِهِ فِی عَیْنِی صِغَرَ الدُّنْیَا فِی عَیْنِهِ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ فَلَا یَشْتَهِی مَا لَا یَجِدُ وَ لَا یُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ فَرْجِهِ فَلَا یَسْتَخِفُّ لَهُ عَقْلَهُ وَ لَا رَأْیَهُ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ الْجَهَالَةِ فَلَا یَمُدُّ یَدَهُ إِلَّا عَلَی ثِقَةٍ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ لَا یَتَشَهَّی وَ لَا یَتَسَخَّطُ وَ لَا یَتَبَرَّمُ كَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَمَّاتاً فَإِذَا قَالَ بَذَّ الْقَائِلِینَ كَانَ لَا یَدْخُلُ فِی مِرَاءٍ وَ لَا یُشَارِكُ فِی دَعْوَی وَ لَا یُدْلِی بِحُجَّةٍ حَتَّی یَرَی قَاضِیاً وَ كَانَ لَا یَغْفُلُ عَنْ إِخْوَانِهِ وَ لَا یَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَیْ ءٍ دُونَهُمْ كَانَ ضَعِیفاً مُسْتَضْعَفاً فَإِذَا جَاءَ الْجِدُّ كَانَ لَیْثاً عَادِیاً.

ص: 294


1- 1. طه: 14.
2- 2. الحشر: 2.

كَانَ لَا یَلُومُ أَحَداً فِیمَا یَقَعُ الْعُذْرُ فِی مِثْلِهِ حَتَّی یَرَی اعْتِذَاراً كَانَ یَفْعَلُ مَا یَقُولُ وَ یَفْعَلُ مَا لَا یَقُولُ كَانَ إِذَا ابْتَزَّهُ أَمْرَانِ لَا یَدْرِی أَیُّهُمَا أَفْضَلُ نَظَرَ إِلَی أَقْرَبِهِمَا إِلَی الْهَوَی فَخَالَفَهُ وَ كَانَ لَا یَشْكُو وَجَعاً إِلَّا عِنْدَ مَنْ یَرْجُو عِنْدَهُ الْبُرْءَ وَ لَا یَسْتَشِیرُ إِلَّا مَنْ یَرْجُو عِنْدَهُ

النَّصِیحَةَ كَانَ لَا یَتَبَرَّمُ وَ لَا یَتَسَخَّطُ وَ لَا یَتَشَكَّی وَ لَا یَتَشَهَّی وَ لَا یَنْتَقِمُ وَ لَا یَغْفُلُ عَنِ الْعَدُوِّ فَعَلَیْكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِیمَةِ إِنْ أَطَقْتُمُوهَا فَإِنْ لَمْ تُطِیقُوهَا كُلَّهَا فَأَخْذُ الْقَلِیلِ خَیْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِیرِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (1).

نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَانَ لِی فِیمَا مَضَی أَخٌ فِی اللَّهِ وَ كَانَ یُعْظِمُهُ فِی عَیْنِی صِغَرُ الدُّنْیَا فِی عَیْنِهِ وَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ إِلَی قَوْلِهِ مِنْ تَرْكِ الْكَثِیرِ(2).

تبیین: قال ابن أبی الحدید قد اختلف الناس فی المعنی بهذا الكلام و من هذا الأخ المشار إلیه فقال قوم هو رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و استبعده قوم لقوله علیه السلام و كان ضعیفا مستضعفا فإنه لا یقال فی صفاته صلی اللّٰه علیه و آله مثل هذه الكلمة و إن أمكن تأویلها علی لین كلامه و سجاحة أخلاقه إلا أنها غیر لائقة به علیه السلام و قال قوم هو أبو ذر الغفاری و استبعده قوم لقوله علیه السلام فإن جاء الجد فهو لیث غاد و صل واد فإن أبا ذر لم یكن من المعروفین بالشجاعة و البسالة و قال قوم هو مقداد بن عمرو المعروف بمقداد بن الأسود و كان من شیعة علی علیه السلام و كان شجاعا مجاهدا حسن الطریقة و قد روی فی فضله حدیث صحیح مرفوع و قال قوم إنه لیس بإشارة إلی أخ معین و لكنه كلام خارج مخرج المثل كقولهم فقلت لصاحبی و یا صاحبی و هذا عندی أقوی الوجوه انتهی (3).

و لا یبعد أن یقال إن قوله علیه السلام فإن جاء الجد فهو لیث غاد إلی آخره لا یقتضی الشجاعة و البسالة فی الحرب بل المراد الوصف بالتصلب فی ذات اللّٰه و

ص: 295


1- 1. الكافی ج 2 ص 237.
2- 2. نهج البلاغة ج 2 ص 214.
3- 3. شرح النهج لابن أبی الحدید ج 4 ص 378.

ترك المداهنة فی أمر الدین و إظهار الحق بل فی العدول عن لفظ الحرب إلی الجد بعد الوصف بالضعف إشعار بذلك و قد كان أبو ذر معروفا بذلك و إفصاحه عن فضائح بنی أمیة فی أیام عثمان و تصلبه فی إظهار الحق أشهر من أن یحتاج إلی البیان.

و قال الشارح ابن میثم ذكر هذا الفصل ابن المقفع فی أدبه و نسبه إلی الحسن بن علی علیهما السلام و المشار إلیه قیل هو أبو ذر الغفاری و قیل هو عثمان بن مظعون انتهی (1).

و أقول لا یبعد أن یكون المراد به أباه علیه السلام عبر هكذا لمصلحة.

و كان رأس ما عظم به فی عینی أی و كان أقوی و أعظم الصفات التی صارت أسبابا لعظمته فی عینی فإن الرأس أشرف ما فی البدن و فی القاموس الرأس أعلی كل شی ء و الصغر وزان عنب و قفل خلاف الكبر و بمعنی الذل و الهوان و هو خبر كان و فاعل عظم ضمیر الأخ و ضمیر به عائد إلی الموصول و الباء للسببیة.

كان خارجا من سلطان بطنه أی سلطنته كنایة عن شدة الرغبة فی المأكول و المشروب كما و كیفا ثم ذكر علیه السلام لذلك علامتین حیث قال فلا یشتهی ما لا یجد و فی النهج فلا یتشهی و یقال تشهی فلان إذا اقترح شهوة بعد شهوة و هو أنسب و لا یكثر فی الأكل إذا وجد و الإكثار من الشی ء الإتیان بالكثیر منه و المراد به إما الاقتصار علی ما دون الشبع أو ترك الإفراط فی الأكل أو ترك الإسراف فی تجوید المأكول و المشروب.

كان خارجا من سلطان فرجه أی لم یكن لشهوة فرجه علیه سلطنة بأن توقعه فی المحرمات أو الشبهات و المكروهات فذكر لذلك أیضا علامتین فقال فلا یستخف له عقله و لا رأیه فی القاموس استخفه ضد استثقله و فلانا عن رأیه حمله

ص: 296


1- 1. شرح النهج لابن میثم ص 616.

علی الجهل و الخفة و أزاله عما كان علیه من الصواب (1) و قال الراغب فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ (2) أی حملهم علی أن یخفوا معه أو وجدهم خفافا فی أبدانهم و عزائمهم قیل معناه وجدهم طائشین و قوله عز و جل وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ (3) أی لا یزعجنك و یزیلنك عن اعتقادك بما یوقعون من الشبه (4)

و قال البیضاوی فی قوله سبحانه فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فطلب منهم الخفة فی مطاوعته أو فاستخف أحلامهم و قال فی قوله تعالی وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ و لا یحملنك علی الخفة و القلق الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ بتكذیبهم و إیذائهم.

و أقول هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول أن یكون المستتر فی فلا یستخف راجعا إلی الفرج و الضمیر فی له راجعا إلی الأخ و یكون عقله و رأیه منصوبین أی كان لا تجعل شهوة الفرج عقله و رأیه خفیفین مطیعین لها الثانی أن یكون الضمیر فی یستخف راجعا إلی الأخ و فی له إلی الفرج أی لا یجعل عقله و رأیه أو لا یجدهما خفیفین سریعین فی قضاء حوائج الفرج الثالث أن یقرأ یستخف علی بناء المجهول و عقله و رأیه مرفوعین و ضمیر له إما راجع إلی الأخ أو إلی الفرج و ما قیل أن یستخف علی بناء المعلوم و عقله و رأیه مرفوعان و ضمیر له للأخ فلا یساعده ما مر من معانی الاستخفاف.

كان خارجا من سلطان الجهالة بفتح الجیم و هی خلاف العلم و العقل فلا یمد یده أی إلی أخذ شی ء كنایة عن ارتكاب الأمور إلا علی ثقة و اعتماد بأنه ینفعه نفعا عظیما فی الآخرة أو فی الدنیا أیضا إذا لم یضر بالآخرة كان لا یتشهی أی لا یكثر شهوة الأشیاء كما مر و لا یتسخط أی لا یسخط كثیرا لفقد المشتهیات أو لا یغضب لإیذاء الخلق له أو لقلة عطائهم فی القاموس السخط بالضم و كعنق

ص: 297


1- 1. القاموس ج 3 ص 136.
2- 2. الزخرف: 54.
3- 3. الروم: 60.
4- 4. مفردات غریب القرآن: 152.

و جبل ضد الرضا و قد سخط كفرح و تسخط و أسخطه أغضبه و تسخطه تكرهه و عطاءه استقله و لم یقع منه موقعا(1)

و لا یتبرم أی لا یمل و لا یسأم من حوائج الخلق و كثرة سؤالهم و سوء معاشرتهم فی القاموس البرم السأمة و الضجر و أبرمه فبرم كفرح و تبرم أمله فمل.

كان أكثر دهره أی عمره و أكثر منصوب علی الظرفیة صماتا بفتح الصاد و تشدید المیم و قرئ بضم الصاد و تخفیف المیم مصدرا فالحمل علی المبالغة و فی النهج صامتا فإن قال بذ القائلین و نقع غلیل السائلین قال فی النهایة فی الحدیث بذ القائلین أی سبقهم و غلبهم یبذهم بذا انتهی و نقع الماء العطش أی سكنه و الغلیل حرارة العطش و یمكن أن یكون البذ بالفصاحة و النقع بالعلم و الجواب الشافی.

كان لا یدخل فی مراء أی مجادلة فی العلوم للغلبة و إظهار الكمال قال فی المصباح ماریته أماریه مماراة و مراء جادلته و یقال ماریته أیضا إذا طعنت فی قوله تزییفا للقول و تصغیرا للقائل و لا یكون المراء إلا اعتراضا و لا یشارك فی دعوی أی فی دعوی غیره لإعانته أو وكالة عنه.

و لا یدلی بحجة حتی یری قاضیا فی المصباح أدلی بحجته أثبتها فوصل بها و فی القاموس أدلی بحجته أحضرها و إلیه بماله دفعه و منه وَ تُدْلُوا بِها إِلَی الْحُكَّامِ (2) أقول و فی النهج حتی یأتی قاضیا و هذه الفقرة أیضا یحتمل وجوها الأول ما ذكره بعض شراح النهج أی لا یدلی بحجته حتی یجد قاضیا و هو من فضیلة العدل فی وضع الأشیاء مواضعها انتهی.

و أقول المعنی أنه لیس من عادته إذا ظلمه أحد أن یبث الشكوی عند الناس كما هو دأب أكثر الخلق بل یصبر إلی أن یجد حاكما یحكم بینه و بین

ص: 298


1- 1. القاموس ج 2 ص 361.
2- 2. البقرة: 188.

خصمه و ذلك فی الحقیقة یئول إلی الكف عن فضول الكلام و التكلم فی غیر موقعه.

الثانی أن یكون المراد أنه یصبر علی الظلم و یؤخر المطالبة إلی یوم القیامة فالمراد بالقاضی الحاكم المطلق و هو اللّٰه سبحانه أو لا ینازع الأعداء إلا عند زوال التقیة فالمراد بالقاضی الإمام الحق النافذ الحكم.

الثالث أن یكون المراد نفی إتیانه القاضی لكفه عن المنازعة و الدعوی و صبره علی الظلم أی لا ینشئ دعوی و لا یأتی بحجة حتی یحتاج إلی إتیان القاضی.

الرابع ما ذكره بعض الأفاضل حیث قرأ یری علی بناء الإفعال و فسر القاضی بالبرهان القاطع الفاصل بین الحق و الباطل أی كان لا یتعرض للدعوی إلا أن یظهر حجة قاطعة و لعله أخذه من قول الفیروزآبادی القضاء الحتم و البیان و سم قاض قاتل و لا یخفی بعده مع عدم موافقته لما فی النهج.

و كان لا یغفل عن إخوانه أی كان یتفقد أحوالهم فی جمیع الأحوال كتفقد الأهل و العیال و لا یخص نفسه بشی ء من الخیرات دونهم بل كان یجعلهم شركاء لنفسه فیما خوله اللّٰه و یحب لهم ما یحب لنفسه و یكره لهم ما یكره لنفسه.

كان ضعیفا أی فقیرا منظورا إلیه بعین الذلة و الفقر كما قیل أو ضعیفا فی القوة البدنیة خلقة و لكثرة الصیام و القیام مستضعفا أی فی أعین الناس للفقر و الضعف و قلة الأعوان یقال استضعفه أی عده ضعیفا و قال بعض شراح النهج استضعفه أی عده ضعیفا و وجده ضعیفا و ذلك لتواضعه و إن كان قویا.

و إذا جاء الجد كان لیثا غادیا فی أكثر النسخ بالعین المهملة و فی بعضها بالمعجمة و فی النهایة فیه ما ذئبان عادیان العادی الظالم و قد عدا یعدو علیه عدوانا و أصله من تجاوز الحد فی الشی ء و السبع العادی أی الظالم الذی یفترس الناس انتهی و الجد بالكسر ضد الهزل و الاجتهاد فی الأمر و المراد به هنا المحاربة و المجاهدة و فی النهج فإن جاء الجد فهو لیث عاد و صل واد و فی أكثر نسخه غاد بالمعجمة من غدا علیه أی تكبر و قال بعض شارحیه الوصف

ص: 299

بالغادی لأنه إذا غدا كان جائعا فصولته أشد و المناسب حینئذ أن یكون لیث منونا و فی النسخ لیث غاد بالإضافة فكأنه من إضافة الموصوف إلی الصفة و فی بعض نسخه بالمهملة كما مر و فی بعضها غاب بالباء الموحدة بعد العین المهملة و هو الأجمة و یسكنها الأسد و المناسب حینئذ الإضافة و قال الجوهری الصل بالكسر الحیة التی لا تنفع منها الرقیة یقال إنها لصل صفا إذا كانت منكرة مثل الأفعی و یقال للرجل إذا كان داهیا منكرا إنه لصل أصلال أی حیة من الحیات و أصله فی الحیات شبه الرجل بها انتهی (1)

و ذكر الوادی لأن الأودیة لانخفاضها تشتد فیها الحرارة فیشتد السم فی حیتها.

كان لا یلوم أحدا فیما یقع العذر فی مثله حتی یری اعتذارا فیما یقع العذر أی فیما یمكن أن یكون له فیه عذر و كلمة المثل إشعار بعدم العلم بكون فاعله معذورا إذ من الجائز أن یكون الفاعل غیر معذور فیجب التوقف حتی یسمع الاعتذار و یظهر الحق فإن لم یكن عذره مقبولا لامه و یحتمل أن یكون حتی للتعلیل أی كان لا یلومه بل یتفحص العذر حتی یجد له عذرا و لو علی سبیل الاحتمال و فی النهج و كان لا یلوم أحدا علی ما یجد العذر فی مثله حتی یسمع اعتذاره و فی بعض النسخ علی ما لا یجد بزیادة حرف النفی فالمعنی لا یلوم علی أمر لا یجد فیه عذرا بمجرد عدم الوجدان إذ یحتمل أن یكون له عذر لا یخطر بباله.

و كان یفعل ما یقول و یفعل ما لا یقول أی یفعل ما یأمر غیره به من الطاعات إشارة إلی قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) و قد قیل إن المعنی لم لا تفعلون ما تقولون فإنه إذا قال و لم یفعل فعدم الفعل قبیح لا القول و یفعل من الخیرات و الطاعات ما لا یقوله لمصلحة تقیة أو عدم انتهاز فرصة أو عدم وجدان قابل كما قال تعالی فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْری (3)

ص: 300


1- 1. الصحاح ص 1745.
2- 2. الصف: 2.
3- 3. الأعلی: 9.

كذا فهمه الأكثر و یخطر بالبال أن المعنی أنه یحسن إلی غیره سواء وعده الإحسان أو لم یعده كما فسرت الآیة المتقدمة فی كثیر من الأخبار بخلف الوعد و فی النهج و كان یقول ما یفعل و لا یقول ما لا یفعل و فی بعض نسخه فی الأول و كان یفعل ما یقول.

كان إذ ابتزه أمران كذا فی أكثر النسخ بالباء الموحدة و الزای علی بناء الافتعال أی استلبه و غلبه و أخذه قهرا كنایة عن شدة میله إلیهما و حصول الدواعی فی كل منهما فی القاموس البز الغلبة و أخذ الشی ء بجفاء و قهر كالابتزاز و بزبز الشی ء سلبه كابتزه و لا یبعد أن یكون فی الأصل انبراه بالنون و الباء الموحدة علی الحذف و الإیصال أی اعترض له و فی النهج و كان إذا بدهه أمران نظر أیهما أقرب إلی الهوی فخالفه یقال بدهه أمر كمنعه أی بغتة و فاجأه.

و هذا الكلام یحتمل معنیین الأول أن یكون المعنی إذا عرضت له طاعتان كان یختار أشقهما علی نفسه لكونها أكثر ثوابا كالوضوء بالماء البارد و الحار فی الشتاء كما ورد ذلك فی فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام و الثانی أن یكون معیارا لحسن الأشیاء و قبحها كما إذا ورد علیه فعل لا یدری فعله أفضل أو تركه فینظر إلی نفسه و كلما تهواه یخالفها كما ورد لا تترك النفس و هواها فإن رداها فی هواها و هذا هو الغالب لكن جعلها قاعدة كلیة كما تقوله المتصوفة مشكل لما نقل عن بعضهم أنه مر بعذرة فعرضها علی نفسه فأبت فأكلها و الظاهر أن أكلها كان عین هواها لتعده الرعاع (1) من الناس شیخا كاملا و لكل عذرة آكلا.

إلا عند من یرجو عنده البرء أی ربه تعالی فإنه الشافی حقیقة أو المراد به الطبیب الحاذق الذی یرجو بمعالجته البرء فإنه حینئذ لیس بشكایة بل هو طلب لعلاجه فالاستثناء منقطع و فی النهج و كان لا یشكو وجعا إلا عند برئه

ص: 301


1- 1. الرعاع بالفتح: سقاط الناس و سفلتهم و غوغاؤهم، الواحد رعاعة، و قیل: لا واحد له من لفظه.

أی یحكیه بعد البرء للشكر و التحدث بنعمة اللّٰه فالاستثناء منقطع أو أطلقت الشكایة علیها علی المشاكلة و قیل أی كان یكتم مرضه عن إخوانه لئلا یتجشموا زیارته.

و لا یستشیر فی المصباح شاورته فی كذا و استشرته راجعته لأری رأیه فیه فأشار علی بكذا أرانی ما عنده فیه من المصلحة فكانت إشارته حسنة و الاسم المشورة و فیه لغتان سكون الشین و فتح الواو و الثانیة ضم الشین و سكون الواو وزان معونة و

یقال هی من شار الدابة إذا عرضه فی المشوار و یقال من أشرت العسل شبه حسن النصیحة بشری العسل إلا من یرجو عنده النصیحة أی خلوص الرأی و عدم الغش و كمال الفهم.

كان لا یتبرم كأن إعادة تلك الخصال مع ذكرها سابقا للتأكید و شدة الاهتمام بترك تلك الخصال أو المراد بها فی الأول تشهی الدنیا و التسخط من فقدها و التبرم بمصائب الدنیا و الشكایة عن الوجع و المراد هنا التبرم من كثرة سؤال الناس و سوء أخلاقهم و التسخط بما یصل إلیه منهم و تشهی ملاذ الدنیا و التشكی عن أحوال الدهر أو عن الإخوان و الشكایة و التشكی و الاشتكاء بمعنی و یمكن الفرق بأمور أخر یظهر بالتأمل فیما ذكرنا.

و لا ینتقم أی من العدو حتی ینتقم اللّٰه له كما مر و لا یغفل عن العدو أی الأعداء الظاهرة و الباطنة كالشیطان و النفس و الهوی.

فعلیكم بمثل هذه الأخلاق فی النهج فعلیكم بهذه الخلائق فالزموها و تنافسوا فیها فإن لم تستطیعوها فاعلموا أن أخذ القلیل خیر من ترك الكثیر.

أقول: لما كان الغرض من ذكر صفات الأخ أن یقتدی السامعون به فی الفضائل المذكورة أمرهم علیهم السلام بلزومها و التنافس فیها أو فی بعضها إن لم یمكن الكل.

قوله علیه السلام من ترك الكثیر أی الكل.

و أقول فی روایة النهج ترك بعض تلك الخصال و فیها زیادة أیضا و هی قوله و كان إن غلب علی الكلام لم یغلب علی السكوت و كان علی ما یسمع أحرص منه

ص: 302

علی أن یتكلم و المراد بالفقرة الأولی أنه إن غلبه أحد بالجدال و الخروج عن الحق عدل إلی السكوت و ترك المراء فكان هو الغالب حقیقة لعدم خروجه عن الحق أو المراد أن سكوته كان أكثر من غیره فالكلام أعم مما هو فی معرض الجدال و أما الثانیة فالحرص علی الاستماع لاحتمال الانتفاع و قیل صیغة التفضیل هنا مثلها فی قوله تعالی أَ ذلِكَ خَیْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ(1).

«25»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالنَّاسِ الصُّبْحَ بِالْعِرَاقِ فَلَمَّا انْصَرَفَ وَعَظَهُمْ فَبَكَی وَ أَبْكَاهُمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدْتُ أَقْوَاماً عَلَی عَهْدِ خَلِیلِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّهُمْ لَیُصْبِحُونَ وَ یُمْسُونَ شُعْثاً غُبْراً خُمُصاً بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ كَرُكَبِ الْمِعْزَی یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیَاماً یُرَاوِحُونَ بَیْنَ أَقْدَامِهِمْ وَ جِبَاهِهِمْ یُنَاجُونَ رَبَّهُمْ وَ یَسْأَلُونَهُ فَكَاكَ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُمْ عَلَی هَذَا وَ هُمْ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ (2).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] عن المفید عن ابن قولویه عن أبیه عن سعد عن ابن عیسی عن ابن محبوب: مثله (3)

توضیح: العراق هنا الكوفة و العراقان الكوفة و البصرة لقد عهدت أی لقیت أو هو فی ذكری و فی بالی و فی المصباح عهدته بمكان كذا لقیته و عهدی به قریب أی لقائی و عهدت الشی ء ترددت إلیه و أصلحته و حقیقته تجدید العهد به و فی القاموس العهد الالتقاء و المعرفة منه عهدی به بموضع كذا و الشعث بالضم جمع الأشعث كالغبر بالضم جمع الأغبر و الشعث تفرق الشعر و عدم إصلاحه و مشطه و تنظیفه و الأغبر المتلطخ بالغبار قال فی المصباح شعث الشعر شعثا فهو شعث من باب تعب تغیر و تلبد لقلة تعهده بالدهن و رجل أشعث و امرأة شعثاء و الشعث

ص: 303


1- 1. الفرقان: 15.
2- 2. الكافی ج 2 ص 236.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 100.

أیضا الوسخ و رجل شعث وسخ الجسد و شعث الرأس أیضا و هو أشعث أغبر من غیر استحداد(1)

و لا تنظف و الشعث أیضا التفرق و تلبد الشعر انتهی.

فإن قیل التمشط و التدهن و التنظف كلها مستحبة مطلوبة للشارع فكیف مدحهم علیهم السلام بتركها قلنا یحتمل أن تكون تلك الأحوال لفقرهم و عدم قدرتهم علی إزالتها فالمدح علی صبرهم علی الفقر أو المعنی أنهم لا یهتمون بإزالتها زائدا علی المستحب أو یقال إذا كان تركها لشدة الاهتمام بالعبادة و غلبة خوف الآخرة یكون ممدوحا.

خمصا جمع الأخمص و قیل الخمیص أی بطونهم خالیة إما للصوم أو للفقر أو لا یشبعون لئلا یكسلوا فی العبادة و قد مر كركب المعزی أی من أثر السجود لكثرته و طوله و فی القاموس الركبة بالضم ما بین أسافل أطراف الفخذ و أعالی الساق أو موضع الوظیف و الذراع أو مرفق الذراع من كل شی ء و الجمع ركب كصرد و قال المعز بالفتح و بالتحریك و المعزی و یمد خلاف الضأن من الغنم و الماعز واحد المعز للذكر و الأنثی و فی المصباح المعز اسم جنس لا واحد من لفظه و هی ذوات الشعر من الغنم الواحدة شاة و المعزی ألفها للإلحاق لا للتأنیث و لهذا تنون فی النكرة و الذكر ماعز و الأنثی ماعزة انتهی.

یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ تضمین لقوله تعالی فی الفرقان وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً(2) قال البیضاوی و تأخیر القیام للروی و هو جمع قائم أو مصدر أجری مجراه انتهی (3)

و قیل فی تقدیم الأقدام علی الجباه مع التأخیر فی الآیة إشارة إلی أن تقدیم السجود فیها لزیادة القرب فیه و لرعایة موافقة الفواصل و فی النهایة فیه أنه كان یراوح بین قدمیه من طول القیام أی یعتمد علی إحداهما مرة و علی الأخری مرة لیوصل الراحة إلی كل منهما و منه حدیث ابن مسعود

ص: 304


1- 1. الاستحداد: الحلق بالحدید.
2- 2. الفرقان: 64.
3- 3. أنوار التنزیل ص 305.

أنه أبصر رجلا صافا قدمیه فقال لو راوح كان أفضل و منه حدیث بكر بن عبد اللّٰه كان ثابت یراوح ما بین جبهته و قدمیه أی قائما و ساجدا یعنی فی الصلاة.

و أقول ظاهر أكثر أصحابنا استحباب أن یكون اعتماده علی قدمیه مساویا و أما هذه الأخبار مع صحتها یمكن أن تكون مخصوصة بالنوافل أو بحالی المشقة و التعب و المناجاة المسارة و هم خائفون من رد أعمالهم للإخلال ببعض شرائطها مشفقون من عذاب اللّٰه و الحاصل أنهم مع هذا الجد و المبالغة فی العمل كانوا یعدون أنفسهم مقصرین و لم یكونوا بأعمالهم معجبین.

«26»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِیِّ قَالَ وَ حَدَّثَنِی الْحُسَیْنُ بْنُ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ سُلَیْمَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ خِیَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ الَّذِینَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا أَغْضَبُوا غَفَرُوا(1).

ل، [الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ (2).

بیان: الإحسان فعل الحسنة و یحتمل الإحسان إلی الغیر و كذا الإساءة یحتملهما و الاستبشار الفرح و السرور.

«27»- كا، [الكافی] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ خِیَارَكُمْ أُولُو النُّهَی قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أُولُو النُّهَی قَالَ هُمْ أُولُو الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَ الْأَحْلَامِ الرَّزِینَةِ وَصَلَةُ الْأَرْحَامِ وَ الْبَرَرَةُ بِالْأُمَّهَاتِ وَ الْآبَاءِ وَ المتعاهدین [الْمُتَعَاهِدُونَ] لِلْفُقَرَاءِ وَ الْجِیرَانِ وَ الْیَتَامَی وَ یُطْعِمُونَ الطَّعَامَ وَ یُفْشُونَ السَّلَامَ

ص: 305


1- 1. الكافی ج 2 ص 240.
2- 2. الخصال ج 1 ص 153، أمالی الصدوق: ص 8.

فِی الْعَالَمِ وَ یُصَلُّونَ وَ النَّاسُ نِیَامٌ غَافِلُونَ (1).

بیان: أولو النهی فی القاموس النهیة بالضم العقل كالنهی و هو یكون جمع نهیة أیضا و قال الراغب النهیة العقل الناهی عن القبائح جمعها نهی قال عز و جل إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِأُولِی النُّهی انتهی (2)

و الأحلام جمع حلم بالكسر بمعنی العقل أو الأناة و عدم التسرع إلی الانتقام و هو هنا أظهر و فی القاموس الرزین الثقیل و ترزن فی الشی ء توقر و صلة الأرحام عطف علی الأحلام و یمكن أن یكون الواو جزء الكلمة و الصاد مفتوحة جمع واصل و المتعاهدین فی أكثر النسخ بالنصب فیكون نصبا علی المدح كما قالوا فی قوله تعالی فی سورة النساء وَ الْمُقِیمِینَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ(3) و یمكن علی الاحتمال الثانی فی وصلة الأرحام نصب الوصلة علی المدح.

و الناس نیام غافلون نیام جمع نائم و غافلون خبر بعد خبر أی بعضهم نیام و بعضهم غافلون أو صفة كاشفة أی المراد بالنیام الغافلون كما

وَرَدَ: النَّاسُ نِیَامٌ فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا.

«28»- كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِی قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَلْیَنُكُمْ كَنَفاً وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَ أَشَدُّكُمْ حُبّاً لِإِخْوَانِهِ فِی دِینِهِ وَ أَصْبَرُكُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ أَكْظَمُكُمْ لِلْغَیْظِ وَ أَحْسَنُكُمْ عَفْواً وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ (4).

بیان: و ألینكم كنفا أی لا یتأذی من مجاورتهم و مجالستهم و من ناحیتهم أحد فی القاموس أنت فی كنف اللّٰه محركة فی حرزه و ستره و هو الجانب و الظل

ص: 306


1- 1. الكافی ج 2 ص 240.
2- 2. مفردات غریب القرآن ص 507، و الآیة فی طه: 128 و 45.
3- 3. النساء: 162.
4- 4. الكافی ج 2 ص 240.

و الناحیة و من الطائر جناحه و فی النهایة فیه أ لا أخبركم بأحبكم إلی و أقربكم منی مجلسا یوم القیامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا هذا مثل و حقیقته من التوطئة و هی التمهید و التذلل و فراش وطی ء لا یؤذی جنب النائم و الأكناف الجوانب أراد الذین جوانبهم وطیئة یتمكن فیها من یصاحبهم و لا یتأذی انتهی.

و أقول فی بالی أن فی بعض الأخبار أكتافا بالتاء أی أنهم لشدة تذللهم كأنه یركب الناس أكتافهم و لا یتأذون بذلك لإخوانه فی دینه أی تكون إخوته بسبب الدین لا بسبب النسب علی الحق أی علی المشقة و الأذیة اللتین تلحقانه بسبب اختیار الحق أو قول الحق فی الرضا أی عن أحد و الغضب أی فی الغضب له

«29»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی بَعْضِ خُطَبِهِ لَقَدْ رَأَیْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا أَرَی أَحَداً یُشْبِهُهُمْ لَقَدْ كَانُوا یُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً قَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَ قِیَاماً یُرَاوِحُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ وَ یَقِفُونَ عَلَی مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ كَانَ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَی مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْیُنُهُمْ حَتَّی تَبُلَّ جُیُوبَهُمْ وَ مَادُوا كَمَا یَمِیدُ الشَّجَرُ یَوْمَ الرِّیحِ الْعَاصِفِ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ وَ رَجَاءً لِلثَّوَابِ (1).

بیان: شعثا غبرا إما لفقرهم فالمدح للصبر علی الفقر أو لتركهم زینة الدنیا و لذاتها علی ما ذكره الأكثر فینبغی التقیید بعدم القدرة أو التخصیص ببعض الأفراد أو لتقشف العبادة و قیام اللیل و صوم النهار و هجر الملاذ فالغبرة كنایة عن صفرة اللون و السجد جمع ساجد كالقیام جمع قائم أو القیام مصدر أجری مجراه و التخصیص باللیل لكون العبادة فیه أحمز و أبعد عن الرئاء و المراوحة بین الجبهة و الخد وضع كل علی الأرض حتی یستریح الآخر أو كأنه یستریح و لیس الغرض الاستراحة و ذلك فی سجدة الشكر و إن كان وضع الجبهة شاملا لسجود الصلاة و الجمر بالفتح جمع جمرة و هی النار المتقدة و وقوفهم

ص: 307


1- 1. نهج البلاغة ج 1 ص 204 تحت الرقم 95.

علی مثل الجمر قلقهم و اضطرابهم من خوف المعاد و عذاب النار و المراد ببین أعینهم جباههم مجازا أو الموضع حقیقة للإرغام فی السجود و الأول أظهر و هملت كضربت و نصرت أی سالت و فاضت و جیب القمیص و نحوه بالفتح طوقه و مادوا تحركوا و اضطربوا و الریح العاصف و العاصفة الشدیدة و خوفا مفعول له لقوله علیه السلام مادوا فقط فسیلان العین للحب و الشوق أو للفعلین جمیعا أو للجمیع علی بعد و یدل علی أن الخوف من العقاب و الرجاء للثواب لا ینافیان الإخلاص.

«30»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام فِی بَعْضِ خُطَبِهِ: أَیْنَ الْقَوْمُ الَّذِینَ دُعُوا إِلَی الْإِسْلَامِ فَقَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ وَ هِیجُوا إِلَی الْجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهَ اللِّقَاحِ إِلَی أَوْلَادِهَا وَ سَلَبُوا السُّیُوفَ أَغْمَادَهَا وَ أَخَذُوا بِأَطْرَافِ الْأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً وَ صَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ وَ بَعْضٌ نَجَا لَا یُبَشَّرُونَ بِالْأَحْیَاءِ وَ لَا یُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَی (1) مُرْهُ الْعُیُونِ مِنَ الْبُكَاءِ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّیَامِ ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ صُفْرُ الْأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ عَلَی وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِینَ أُولَئِكَ إِخْوَانِی الذَّاهِبُونَ فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَیْهِمْ وَ نَعَضَّ الْأَیْدِی عَلَی فِرَاقِهِمْ (2).

بیان: كأن المراد بأحكام القرآن حفظ الألفاظ عن التحریف و التدبر فی معناه و العمل بمقتضاه و أهاجه أثاره و المراد به تحریصهم و ترغیبهم إلیه و الوله بالتحریك ذهاب العقل و التحیر من شدة الوجد من حزن أو فرح و قیل هو شدة الحب یقال وله كفرح و كوعد علی قلة و الوله إلی الشی ء الاشتیاق إلیه و اللقاح ككتاب الإبل أو الناقة ذات اللبن و اللقوح واحدتها و الحاصل أنهم اشتاقوا إلی الحرب بعد الترغیب اشتیاق اللقاح إلی أولادها و فی بعض النسخ فولهوا اللقاح أولادها قیل أی جعلوا اللقاح والهة إلی أولادها بركوبهم إیاها عند خروجهم إلی الجهاد و قوله علیه السلام أولادها نصب بإسقاط الجار إذ الفعل أعنی وله غیر

ص: 308


1- 1. عن الفضلی خ ل.
2- 2. نهج البلاغة ج 1 ص 251 تحت الرقم 119.

متعد إلی مفعولین بنفسه و الغمد بالكسر جفن السیف.

و أخذوا بأطراف الأرض أی أخذوا الأرض بأطرافها كما قیل أو أخذوا علی الناس بأطراف الأرض أی حصروهم یقال لمن استولی علی غیره و ضیق علیه قد أخذ علیه بأطراف الأرض قال الفرزدق:

أخذنا بأطراف السماء علیكم*** لنا قمراها و النجوم الطوالع

و قیل المعنی أخذوا أطراف الأرض من قبیل أخذت بالخطام و یحتمل أن یكون المراد شرعوا فی الجهاد فی أطراف الأرض و المواطن البعیدة و الزحف الجیش یزحفون إلی العدو أی یمشون و مصدر یقال زحف إلیه كمنع زحفا إذا مشی نحوه و الصف واحد الصفوف و یمكن مصدرا و زحفا زحفا أی زحفا بعد زحف متفرقین فی الأطراف و كذلك صفا صفا و النصب علی الحالیة نحو جاءونی رجلا رجلا و قیل زحفا منصوب علی المصدر المحذوف الفعل أی یزحفون زحفا و الثانیة تأكید للأولی و كذلك قوله صفا صفا.

و قوله علیه السلام بعض هلك و بعض نجا إشارة إلی قوله تعالی فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا(1) و العزاء الصبر أو حسن الصبر و عزیته تعزیة أی قلت له أحسن اللّٰه عزاك أی رزقك الصبر الحسن و هو اسم من ذلك نحو سلم سلاما قال ابن میثم رحمه اللّٰه (2)

المعنی أنهم لما قطعوا العلائق الدنیویة إذا ولد لأحدهم مولود لم یبشر به و إذا مات منهم أحد لم یعزوا عنه و كانت نسخته موافقة لما نقلنا و فی بعض النسخ لا یعزون عن القتلی موافقا لما فی نسخة ابن أبی الحدید قال أی لشدة ولههم إلی الجهاد لا یفرحون ببقاء حیهم حتی یبشروا به و لا یحزنون لقتل قتیلهم حتی یعزوا به (3).

مرة العیون یقال مرهت عینه كفرح أی فسدت لترك الكحل و المراد

ص: 309


1- 1. الأحزاب: 23.
2- 2. شرح النهج لابن میثم ص 284.
3- 3. شرح النهج لابن أبی الحدید ج 2 ص 260.

هنا مطلق الفساد و خمص البطن مثلثة المیم أی خلا و خمص الرجل خمصا كقرب أی جاع و ذبل الشی ء ذبولا كقعد ذهبت نداوته و قل ماؤه و السهر بالتحریك عدم النوم فی اللیل كله أو بعضه و الغبرة بالتحریك الغبار و الكدورة فحق لنا أن نفعل علی صیغة المجهول كما فی أكثر النسخ و حققت أن تفعل كذا كعلمت و هو حقیق به أی خلیق جدیر و فی بعض النسخ علی صیغة المعلوم و ظمئ كفرح ظمأ بالتحریك أی عطش و قیل الظمأ أشد العطش و ظمئ إلیه أی اشتاق و عضضت علیه و عضضته كسمع و فی لغة كمنع أی مسكته بأسنانی.

«31»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَی غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ رَكِبَ الطَّرِیقَةَ الْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ (1).

توضیح: سمع حكما بالضم أی حكمة و علما نافعا فوعی أی حفظ علما و عملا و الرشاد الصلاح و هو خلاف الغی و الضلال و هو إصابة الصواب و رشد كتعب و قتل و الاسم الرشاد كذا فی المصباح فدنا أی من الداعی أو الحق و الحجزة بالضم موضع شد الإزار ثم قیل للإزار حجزة للمجاورة و الأخذ بالحجزة مستعار للاعتصام و الالتجاء و التمسك بأحد فنجا أی خلص من الضلالة و عواقبها و المراقبة الترصد و المحافظة و مراقبة الرب الترصد لأمره و العمل به و الإقبال بالقلب إلیه.

قدم خالصا أی عملا خالصا لله لم یشبه رئاء و لا سمعة و تقدیمه فعله قبل أن یخرج الأمر من یده و بعثه إلی دار الجزاء قبل الوصول إلیه و الاكتساب الكسب و المذخور الشی ء النفیس المعد لوقت الحاجة إلیه و هو الأعمال

ص: 310


1- 1. نهج البلاغة ج 1 ص 136 تحت الرقم 74 من الخطب.

الصالحة و المحذور ما یحترز منه من سیئات الأعمال و الأخلاق و الغرض الهدف و المراد رمیه إصابة الحق كمن رمی الغرض فی المراماة ففاز بالسبق و هو المراد بإحراز العوض أی الفوز بالثواب و قیل المراد به أن یقصد بفعله غرضا صحیحا.

«32»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ وَ حَكَمٌ فَصَلَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ سَیِّدُ عِبَادِهِ كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَیْنِ جَعَلَهُ فِی خَیْرِهِمَا لَمْ یُسْهِمْ فِیهِ عَاهِرٌ وَ لَا ضَرَبَ فِیهِ فَاجِرٌ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِلْخَیْرِ أَهْلًا وَ لِلْحَقِّ دَعَائِمَ وَ لِلطَّاعَةِ عِصَماً وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللَّهِ یَقُولُ عَلَی الْأَلْسِنَةِ وَ یُثَبِّتُ الْأَفْئِدَةَ فِیهِ كِفَاءٌ لِمُكْتَفٍ وَ شِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْتَحْفَظِینَ (1)

عِلْمَهُ یَصُونُونَ مَصُونَهُ وَ یُفَجِّرُونَ عُیُونَهُ یَتَوَاصَلُونَ بِالْوَلَایَةِ وَ یَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ وَ یَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِیَّةٍ وَ یَصْدُرُونَ بِرِیَّةٍ لَا تَشُوبُهُمُ الرِّیبَةُ وَ لَا تُسْرِعُ فِیهِمُ الْغِیبَةُ عَلَی ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وَ أَخْلَاقَهُمْ فَعَلَیْهِ یَتَحَابُّونَ وَ بِهِ یَتَوَاصَلُونَ فَكَانُوا كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ یُنْتَقَی فَیُؤْخَذُ مِنْهُ وَ یُلْقَی قَدْ مَیَّزَهُ التَّخْلِیصُ وَ هَذَّبَهُ التَّمْحِیصُ فَلْیَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً بِقَبُولِهَا وَ لْیَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا وَ لْیَنْظُرِ امْرُؤٌ فِی قَصِیرِ أَیَّامِهِ وَ قَلِیلِ مُقَامِهِ فِی مَنْزِلٍ حَتَّی یَسْتَبْدِلَ مَنْزِلًا فَلْیَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِهِ وَ مَعَارِفِ مُنْتَقَلِهِ فَطُوبَی لِذِی قَلْبٍ سَلِیمٍ أَطَاعَ مَنْ یَهْدِیهِ وَ تَجَنَّبَ مَنْ یُرْدِیهِ وَ أَصَابَ سَبِیلَ السَّلَامَةِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَهُ وَ طَاعَةِ هَادٍ أَمَرَهُ وَ بَادَرَ الْهُدَی قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُهُ وَ تُقْطَعَ أَسْبَابُهُ وَ اسْتَفْتَحَ التَّوْبَةَ وَ أَمَاطَ الْحَوْبَةَ فَقَدْ أُقِیمَ عَلَی الطَّرِیقِ وَ هُدِیَ نَهْجَ السَّبِیلِ (2).

بیان: الظاهر أن الضمیر فی أنه راجع إلی اللّٰه و قیل راجع إلی القضاء و القدر المذكور فی صدر الخطبة و الحكم بالتحریك منفذ الحكم و الفصل القطع و القضاء بین الحق و الباطل و النسخ الإزالة و التغییر و الإبطال و قال:

ص: 311


1- 1. المستحفظون خ ل.
2- 2. نهج البلاغة ج 1 ص 456. تحت الرقم 212 من الخطب.

ابن أبی الحدید یعنی كلما قسم اللّٰه الأب الواحد إلی ابنین أعد خیرهما و أفضلهما لولادة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و سمی ذلك نسخا لأن البطن الأول تزول و یخلفه البطن الثانی (1).

لم یسهم فیه عاهر السهم النصیب و الحظ و فی النهایة و أصله واحد السهام التی یضرب بها فی المیسر و هی القداح ثم سمی به ما یفوز به الفاتح سهمه ثم كثر حتی سمی كل نصیب سهما انتهی و السهمة بالضم القرابة و المساهمة المقارعة و أسهم بینهم أی أقرع و كانوا یعملون بالقرعة إذا تنازعوا فی ولد و الكلمة فی بعض النسخ علی صیغة المجرد كیمنع و فی بعضها علی بناء الإفعال و العاهر الزانی قیل أی لم یضرب فیه العاهر بسهم و لم یكن للفجور فی أصله شركة.

و قال ابن أبی الحدید(2) فی الكلام رمز إلی جماعة من الصحابة فی أنسابهم طعن ثم حكی عن الجاحظ أنه قال قام عمر علی المنبر فقال إیاكم و ذكر العیوب و الطعن فی الأصول ثم قال و روی المدائنی هذا الخبر فی كتاب أمهات الخلفاء و قال إنه روی عند جعفر بن محمد علیهما السلام بالمدینة فقال لا تلمه یا ابن أخی إنه أشفق أن یحدج بقصة نفیل بن عبد العزی و صهاك أمة الزبیر بن عبد المطلب ثم قال رحم اللّٰه عمر إنه لم یعد السنة و تلا إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا الآیة(3).

أقول: قد أوردنا هذه القصة فی نسب عمر و الدعامة بالكسر عماد البیت الذی یقوم علیه و العصم كعنب جمع عصمة و هی المنع و الحفظ و كفاء أصله كفایة و الإتیان بالهمزة للازدواج كما قالوا الغدایا و العشایا كما قال صلی اللّٰه علیه و آله مأزورات غیر مأجورات و الأصل الواو و قال ابن أبی الحدید أهل الخیر هم المتقون و دعائم الحق الأدلة الموصلة إلیه المثبتة له فی القلوب و عصم الطاعة هی الإدمان

ص: 312


1- 1. شرح النهج الحدیدی ج 3 ص 22.
2- 2. شرح النهج الحدیدی ج 3 ص 23.
3- 3. النور: 19.

علی فعلها و التمرن علیها لأن المرون علی الفعل یكسب الفاعل ملكة تقتضی سهولة علیه و العون هاهنا هو اللطف المقرب من الطاعة المبعد من القبیح و لما كان العون من اللّٰه سبحانه مستهلا للقول أطلق علیه من باب التوسع أنه یقول علی الألسنة و لما كان اللّٰه تعالی هو الذی یثبت كما قال یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (1) نسب التثبیت إلی اللطف لأنه من فعل اللّٰه.

و قال ابن میثم (2) قوله علیه السلام ألا و إن اللّٰه ترغیب للسامعین أن یكونوا من أهل الخیر و دعائم الحق و عصم الطاعة و كأنه عنی بالعون القرآن قال تعالی لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ (3)

و فیه كفاء أی فی ذلك العون كفایة لطالبی الاكتفاء أی من الكمالات النفسانیة و شفاء لمن طلب الشفاء من أمراض الرذائل الموبقة و یمكن أن یكون المراد بأهل الخیر الأتقیاء و بدعائم الحق النبی و الأئمة علیهم السلام و بعصم الطاعة العبادات التی توجب التوفیق من اللّٰه سبحانه و ترك المعاصی الموجبة لسلبه أو الملائكة العاصمة للعباد عن اتباع الشیاطین و بالعون الملائكة المرغبة فی طاعة اللّٰه كما ورد فی الأخبار.

و المستحفظین فی أكثر النسخ بالنصب علی صیغة اسم المفعول و هو أظهر یقال استحفظته إیاه أی سألته أن یحفظه و فی بعض النسخ علی صیغة اسم الفاعل أی الطالبین للحفظ و فی بعض النسخ بالرفع حملا علی المحل و كونه خبرا بعید و المراد بهم الأئمة علیهم السلام كما ورد فی الأدعیة و الأخبار و قال الشراح المراد بهم العارفون أو الصالحون.

یصونون مصونه أی یكتمون ما ینبغی أن یكتم من أسرار علمه من غیر أهله و یفجرون عیونه أی یفیضون ما ینبغی إفاضته علی عامة الناس أو كل علم

ص: 313


1- 1. إبراهیم: 27.
2- 2. شرح النهج لابن میثم البحرانیّ ص 397.
3- 3. الفرقان: 32.

علی من هو قابل له أو یتقون فی مقام التقیة و یظهرون الحق عند عدمها و الولایة فی النسخ بالكسر قال سیبویه الولایة بالفتح المصدر و بالكسر الاسم و قال ابن أبی الحدید الولایة بفتح الواو المحبة و النصرة أی یتواصلون و هم أولیاء و مثله و یتلاقون بالمحبة كما تقول خرجت بسلاحی أی و أنا متسلح أو یكون المعنی یتواصلون بالقلوب لا بالأجسام كما تقول أنا أراك بقلبی و أزورك بخاطری و أواصلك بضمیری انتهی.

و أقول یحتمل أن یكون المراد ولایة أهل البیت علیهم السلام أی بسببها أو متصفین بها أو مظهرین لها و ماء روی كغنی أی كثیر مرو و روی من الماء كرضی ریا بالفتح و الكسر أی تنعم و الاسم الری بالكسر و الریة فی بعض النسخ بالفتح و فی بعضها بالكسر و لعل المراد التساقی من المعارف و العلوم و الریبة بالكسر التهمة و الشك اسم من الریب بالفتح أی لا تخالطهم شك فی المعارف و العقائد أو تهمة فی حب أحدهم للآخر و عدم إسراع الغیبة فیهم لعدم استحقاقهم للغیبة فی أقوالهم و أعمالهم و اتقائهم مواضع التهم أو المعنی لا یغتابون الناس و لا یتبعون عیوبهم.

و الخلق یكون بمعنی التقدیر و الإبداع و بمعنی الطبیعة كالخلیقة و الأخلاق جمع خلق بالضم و بضمتین و هو السجیة و الطبع و المروة و الدین و یحتمل أن یكون المراد بالخلق ما هو بمنزلة الأصل و المشخص للذات و بالأخلاق الفروع و الشعب و الضمیر فی علیه راجع إلی ما أشیر إلیه بذلك أو إلی العقد.

فكانوا كتفاضل البذر أی كان التفاضل بینهم و بین الناس كالتفاضل بین ما ینتقی من البذر أی یختار و بین ما یلقی فالمعنی كالتفاضل بین الجید و الردی و یحتمل أن یكون المراد أنه كان التفاضل بینهم كالتفاضل بین أفراد المختار من البذر فكما أنه لا تفاضل یعتد به فیما بینها كذلك فیما بینهم.

و خلص الشی ء كنصر أی صار خالصا و خلصه أی جعله كذلك و خلصه أیضا

ص: 314

نجاه و المراد بالتخلیص الانتقاء المذكور أی میزه ذلك عن غیره أو المعنی میزه اللّٰه تخلیصا إیاه عن شرور النفس و الشیطان عن غیره و فی بعض النسخ التلخیص بتقدیم اللام و هو التبیین و التلخیص و التهذیب التنقیة و الإصلاح و التمحیص الابتلاء و الاختبار.

و الكرامة الاسم من التكریم و الإكرام و المراد بها هنا نصحه سبحانه و وعظه و تذكیره أو ما وعده اللّٰه علی تقدیر حسن العمل من المثوبة و الزلفی و قبول الكرامة علی الثانی بالعمل الصالح الموجب للفوز بها و علی الأول العمل بمقتضاه و بقبولها القبول الحسن اللائق بها و قرعه كمنعه أی أتاه فجأة و قرع الباب دقه و قال الأكثر القارعة الموت و یحتمل القیامة لأنها من أسمائها سمیت بها لأنها تقرع القلوب بالفزع و أعدها اللّٰه للعذاب أو الداهیة التی یستحقها العاصی یقال أصابه اللّٰه بقارعة أی بداهیة تهلكه و حلولها نزولها و استبدلت الشی ء بالشی ء أی اتخذت الأول بدلا من الثانی و المراد بالنظر التدبر و التفكر و الظرف فی قوله فی منزل متعلق بالمقام و حتی لانتهاء غایة المقام أی الثبات أو الإقامة أی لیعتبر الإنسان بهذه المدة القصیرة و إقامته القلیلة فی الدنیا المنتهیة إلی الاستبدال بها و اتخاذ غیرها.

و قیل یحتمل أن تكون كلمة فی لإفادة الظرفیة الزمانیة و یكون قوله فی منزل متعلقا بالنظر و مدخول حتی علة غائیة للنظر أی لینظر بنظر الاعتبار و لیتأمل مدة حیاته فی الدنیا فی شأن ذلك المنزل الفانی حتی تتخذ بدله منزلا لائقا للنزول فالاستبدال حینئذ اتخاذ البدل المستحق لذلك أو توطین النفس علی الارتحال و رفض المنزل الفانی.

فلیصنع أی فلیعمل و المتحول بالفتح مكان التحول و كذلك المنتقل و معارف المنتقل قیل هی المواضع التی یعرف الانتقال إلیها و قال ابن أبی الحدید معارف الدار ما یعرفه المتوسم بها واحدها معرف مثل معاهد الدار و معالمها و منه معارف المرأة أی ما یظهر منها كالوجه و الیدین و قیل یحتمل

ص: 315

أن یكون المراد بمعارف المنتقل ما عرف من أحواله و الأمور السانحة فیه فیمكن أن یكون المتحول و المنتقل مصدرین.

من یهدیه یعنی نفسه و الأئمة من ولده علیهم السلام من یردیه أی یهلكه بإلقائه فی مهاوی الجهل و الضلالة و البصر یطلق علی الحاسة و یراد به العلم مجازا و قد یطلق علی العلم یقال بصرت بالشی ء أی علمته و یحتمل أن تكون الإضافة لأدنی ملابسة أی بالبصر الحاصل للمطیع بتبصیر الهادی إیاه و السبب فی الأصل الحبل و إغلاق الأبواب بالموت و جوز بعضهم أن یكون الأبواب و الأسباب عبارة عن نفسه و الأئمة من ذریته علیهم السلام فإنهم أبواب الفوز و الفلاح و الأسباب الممدودة من السماء إلی الأرض بهم یصل العبد إلی اللّٰه سبحانه و الغلق و القطع كنایة عن عدمهم أو غیبتهم علیهم السلام.

و استفتح التوبة أی طلب فتحها كأنها باب مغلق یطلب فتحها للدخول فیها و یمكن أن یكون من الاستفتاح بمعنی الاستنصار أی طلب أن تنصره التوبة و مطت كبعت و أمطت أی تنحیت و كذلك مطت غیری و أمطته أی نحیته و قال الأصمعی مطت أنا و أمطت غیری (1) و الحوبة بالفتح الإثم فقد أقیم علی الطریق أی بهدایة اللّٰه سبحانه و النهج بالفتح الطریق الواضح.

«33»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِیَائِی عِنْدِی رَجُلًا خَفِیفَ الْحَالِ ذَا خَطَرٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فِی الْغَیْبِ وَ كَانَ غَامِضاً فِی النَّاسِ جُعِلَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَیْهِ مَاتَ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّ بَوَاكِیهِ (2).

«34»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَدْ أَحْیَا عَقْلَهُ وَ أَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّی دَقَّ جَلِیلُهُ وَ لَطُفَ غَلِیظُهُ وَ بَرَقَ لَهُ لَامِعٌ كَثِیرُ الْبَرْقِ فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِیقَ وَ سَلَكَ بِهِ السَّبِیلَ وَ تَدَافَعَتْهُ الْأَبْوَابُ إِلَی بَابِ السَّلَامَةِ وَ دَارِ الْإِقَامَةِ وَ ثَبَتَتْ رِجْلَاهُ بِطُمَأْنِینَةِ

ص: 316


1- 1. راجع الصحاح ج 3 ص 1162.
2- 2. مشكاة الأنوار ص 22.

بَدَنِهِ فِی قَرَارِ الْأَمْنِ وَ الرَّاحَةِ بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ وَ أَرْضَی رَبَّهُ (1).

بیان: إحیاء العقل بتحصیل المعارف الربانیة و تسلیطه علی الشیطان و النفس الأمارة و إماتة النفس بجعلها مقهورة للعقل بحیث لا یكون لها تصرف إلا بحكمه فكانت فی حكم المیت فی ارتفاع الشهوات النفسانیة كما قیل موتوا قبل أن تموتوا و دق الشی ء صار دقیقا و هو ضد الغلیظ و الجلیل العظیم و لطف ككرم لطفا و لطافة بالفتح أی صغر و دق و كأن المراد بالجلیل البدن و دقته بكثرة الصیام و القیام و الصبر علی المشاق الواردة فی الشریعة المقدسة و بالغلیظ النفس الأمارة و القوی الشهوانیة و یحتمل العكس و التأكید أیضا.

و برق كنصر أی لمع أو جاء ببرق و برق النجم أی طلع و اللامع هدایة اللّٰه بالأنوار الإلهیة و النفحات القدسیة و الألطاف الغیبیة و كشف الأستار عن أسرار الكتاب و السنة.

و تدافع الأبواب یحتمل وجوها.

الأول أنه لم یزل ینتقل من منزله من منازل قربه سبحانه إلی ما هو فوقه حتی ینتهی إلی مقام إذا دخله كان مستیقنا للسلامة و هی درجة الیقین و منزلة أولیاء اللّٰه المتقین الذین فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ الثانی أنه إذا أدركته التوفیقات الربانیة شرع

فی طلب الحق و تردد فی المذاهب فكلما تفكر فی مذهب من المذاهب الباطلة دفعته العنایة الإلهیة عن الدخول فیه فإذا أصاب الحق قر فیه و سكن و اطمأن

كَمَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: إِنَّ الْقَلْبَ لَیَتَجَلْجَلُ (2) فِی الْجَوْفِ یَطْلُبُ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَهُ اطْمَأَنَّ وَ قَرَّ ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ فَمَنْ یُرِدِ اللَّهُ أَنْ یَهْدِیَهُ یَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ یُرِدْ أَنْ یُضِلَّهُ یَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَیِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما یَصَّعَّدُ فِی السَّماءِ(3). وَ عَنْهُ

ص: 317


1- 1. نهج البلاغة ج 1 ص 465 تحت الرقم 218 من الخطب.
2- 2. التجلجل: التحرك مع الصوت.
3- 3. الأنعام: 125، و الحدیث فی الكافی ج 2 ص 421.

علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِینَ مُبْهَمَةً عَلَی الْإِیمَانِ فَإِذَا أَرَادَ اسْتِنَارَةَ مَا فِیهَا نَضَحَهَا بِالْحِكْمَةِ وَ زَرَعَهَا بِالْعِلْمِ وَ زَارِعُهَا وَ الْقَیِّمُ عَلَیْهَا رَبُّ الْعَالَمِینَ (1).

وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْقَلْبَ لَیُرَجِّجُ فِیمَا بَیْنَ الصَّدْرِ وَ الْحَنْجَرَةِ حَتَّی یُعْقَدَ عَلَی الْإِیمَانِ فَإِذَا عُقِدَ عَلَی الْإِیمَانِ قَرَّ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَ مَنْ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ یَهْدِ قَلْبَهُ (2).

قال یسكن و سیأتی أمثالها إن شاء اللّٰه فی باب القلب.

الثالث أن تكون الأبواب عبارة عن أسباب القرب من الطاعات و ترك اللذات فإن كلا منها باب من أبواب الجنة فینتقل منها حتی ینتهی إلی باب الجنة التی هی قرار الأمن و الراحة.

الرابع أن تكون الأبواب عبارة عن اللذات و المطالب النفسانیة التی یرید الإنسان أن یدخلها بمقتضی طبعه فتمنعه العنایة الإلهیة و العقل السلیم عن دخولها حتی ینتهی إلی باب السلامة و هو باب جنة الخلد فی الآخرة أو الطاعات و العقائد الحقة التی توجب دخولها فی الدنیا.

الخامس أن یكون المراد بالأبواب طرائق أرباب البدع و أبواب علماء السوء فیمنعه التوفیق الربانی عن اعتقاد ضلالاتهم و الدخول فی جهالاتهم حتی یرد باب السلامة و هو اتباع أئمة الحق صلوات اللّٰه علیهم فإنهم أبواب اللّٰه إما بالوصول إلی خدمتهم أو إلی السالكین مسلكهم

و الحافظین لآثارهم و رواة أخبارهم فتثبت رجلاه علی الدین و الصراط المستقیم و لا یفتتن بشبه الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ وَ لَا الضَّالِّینَ و هو قریب من بعض ما مر و هذا أظهر الوجوه.

و ثبات الرجلین ضد الزلق أو عبارة عن السكون و الطمأنینة بضم الطاء المهملة و فتح المیم و سكون الهمزة السكون یقال اطمأن اطمئنانا و طمأنینة قال الشیخ الرضی رضی اللّٰه عنه مصادر ما زید فیه من الرباعی نحو تدحرج و احرنجام و اقشعرار و أما اقشعر قشعریرة و اطمأن طمأنینة فهما اسمان واقعان مقام

ص: 318


1- 1. الكافی ج 2 ص 421، و الآیة فی التغابن: 11، و الاستشهاد بالآیة انما هو علی قراءة« یهدأ» بالهمز، أو بغیر همز بالقلب و الحذف.
2- 2. الكافی ج 2 ص 421، و الآیة فی التغابن: 11، و الاستشهاد بالآیة انما هو علی قراءة« یهدأ» بالهمز، أو بغیر همز بالقلب و الحذف.

المصدر كما فی أنبت نباتا و أعطی عطاء و القرار بالفتح ما قر فیه الشی ء أی سكن و یكون مصدرا و قرار الأمن و الراحة الجنة أو ما یوجبهما كما عرفت

«35»- جا، [المجالس للمفید] عَنِ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی خَیْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ دَاهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: قَالَ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلامَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (1) فَقِیلَ لَهُ مَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِیَاءُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هُمْ قَوْمٌ أَخْلَصُوا لِلَّهِ تَعَالَی فِی عِبَادَتِهِ وَ نَظَرُوا إِلَی بَاطِنِ الدُّنْیَا حِینَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَی ظَاهِرِهَا فَعَرَفُوا آجِلَهَا حِینَ غُرَّ النَّاسُ سِوَاهُمْ بِعَاجِلِهَا فَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَیَتْرُكُهُمْ وَ أَمَاتُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَیُمِیتُهُمْ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الْمُعَلِّلُ نَفْسَهُ بِالدُّنْیَا الرَّاكِضُ عَلَی حَبَائِلِهَا الْمُجْتَهِدُ فِی عِمَارَةِ مَا سَیُخْرَبُ مِنْهَا أَ لَمْ تَرَ إِلَی مَصَارِعِ آبَائِكَ فِی الْبِلَی وَ مَضَاجِعِ أَبْنَائِكَ تَحْتَ الْجَنَادِلِ وَ الثَّرَی كَمْ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ وَ عَلَّلْتَ بِكَفَّیْكَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ وَ تَسْتَعْتِبُ لَهُمُ الْأَحِبَّاءَ فَلَمْ یُغْنِ عَنْهُمْ غِنَاؤُكَ وَ لَا یَنْجَعُ فِیهِمْ دَوَاؤُكَ (2).

«36»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: إِنَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِینَ نَظَرُوا إِلَی بَاطِنِ الدُّنْیَا إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَی ظَاهِرِهَا وَ اشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ یُمِیتَهُمْ وَ تَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَیَتْرُكُهُمْ وَ رَأَوُا اسْتِكْثَارَ غَیْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا وَ دَرَكَهُمْ لَهَا فَوْتاً أَعْدَاءُ مَا سَالَمَ النَّاسُ وَ سَلْمُ مَا عَادَی النَّاسُ بِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَ بِهِ عَلِمُوا وَ بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَ بِهِ قَامُوا لَا یَرَوْنَ مَرْجُوّاً فَوْقَ مَا یَرْجُونَ وَ لَا مَخُوفاً فَوْقَ مَا یَخَافُونَ (3).

تبیان مع أن الظاهر اتحاد الروایتین بینهما اختلاف كثیر و بعض فقرات الروایة الأولی مذكورة فی خطبة أخری سنشیر إلیها و قد مر معنی

ص: 319


1- 1. یونس: 62.
2- 2. مجالس المفید: ص 60.
3- 3. نهج البلاغة ج 2 ص 246 تحت الرقم 432 من الحكم.

الإخلاص و باطن الدنیا ما خفی عن أعین الناس من مضارها و وخامة عاقبتها للراغبین إلیها فالمراد بالنظر إلیه التفكر فیه و عدم الغفلة عنه أو ما لا یلتفت الناس إلیه من تحصیل المعارف و القربات فیها فالمراد بالنظر إلیه الرغبة و طموح البصر إلیه و إنما سماه باطنا لغفلة أكثر الناس عنه و لكونه سر الدنیا و حقیقتها و غایتها التی خلقت لأجلها و المراد بظاهرها شهواتها التی تغر أكثر الناس عن التوجه إلی باطنها و المراد بأجل الدنیا ما یأتی من نعیم الآخرة بعدها أضیف إلیها لنوع من الملابسة أو المراد بأجلها ما یظهر ثمرتها فی الآجل من المعارف و الطاعات و أطلق الآجل علیه مجازا.

و ما علموا أنه سیتركهم الأموال و الأولاد و ملاذ الدنیا و الإماتة الإهلاك المعنوی بحرمان الثواب و حلول العقاب عند الإیاب و ما یمیتهم اتباع الشهوات النفسانیة و الاتصاف بالصفات الذمیمة الدنیة و فی الروایة الثانیة نسبة الخشیة إلی الإماتة و العلم بالترك لأن الترك معلوم لا بد منه بخلاف الإماتة إذ یمكن أن تدركهم رحمة من اللّٰه تلحقهم بالسعداء أو للمبالغة فی اجتناب المنهیات من الأخلاق و الأعمال بأنهم یتركون ما خشوا أن یمیتهم فكیف إذا علموا و الاستكثار عد الشی ء كثیرا أو جمع الكثیر من الشی ء و یقابله الاستقلال بالمعنیین و الدرك محركة اللحاق و الوصول إلی الشی ء یقال أدركته إدراكا و دركا و الضمیر فی دركهم یرجع إلی غیرهم و یحتمل الرجوع إلیهم أیضا.

و السلم بالفتح و الكسر الصلح یذكر و یؤنث و فی نسخ النهج بالكسر و سالمه أی صالحه و ما سالم الناس ما مالوا إلیه من متاع الدنیا و زینتها و ملاذها و ما عادی الناس ما رفضوه من العلوم و العبادات و الرغبة فی الآخرة و ثوابها و بهم علم الكتاب لأنه لولاهم لما علم تفسیر الآیات و تأویل المتشابهات و هذه من أوصاف أئمتنا المقدسین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین و یحتمل أن تشمل الحفظة لأخبارهم المقتبسین من أنوارهم و به علموا لدلالة آیات الكتاب علی فضلهم و شرف منزلتهم كآیات المودة و التطهیر و الولایة و غیرها و لو

ص: 320

عمم الكلام حتی یدخل فیه العلماء الربانیون فالمراد به أنه علم فضلهم بالآیات الدالة علی فضل العلماء كقوله تعالی إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ(1) و قوله عز و جل هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ (2) و قوله سبحانه وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً كَثِیراً(3) إلی غیر ذلك من الآیات و قیل به علموا لاشتهارهم به عند الناس و بهم قام الكتاب أی بهم صارت أحكامه قائمة فی الخلق معمولا بها و به قاموا أی ارتفعت منزلتهم و فازوا بالزلفی بالعمل بما فیه أو ببركته انتظم الأمر فی معاشهم و قال بعض الشارحین أی قاموا بأوامره و نواهیه فلا یكون الباء مثلها فی بهم قام الكتاب و قال بعضهم بهم قام الكتاب لأنهم قرروا البراهین علی صدقه و صحته و به قاموا أی باتباع أوامر الكتاب لأنه لو لا تأدبهم بآداب القرآن و امتثالهم أوامره لما أغنی عنهم علمهم شیئا.

و دون ما یخافون أی غیر ما یخافون من عذاب الآخرة و البعد من رحمة اللّٰه و فی بعض النسخ فوق ما یخافون.

قوله علیه السلام أیها المعلل نفسه أقول بعض هذه الفقرات مذكورة فی كلام له علیه السلام ذكره حین سمع رجلا یذم الدنیا كما سیأتی و قال الجوهری علله بالشی ء أی لهاه به كما یعلل الصبی بشی ء من الطعام یتجزأ به عن اللبن یقال فلان یعلل نفسه بتعلة و تعلل به أی تلهی به و تجزأ و قال الركض تحریك الرجل و ركضت الفرس برجلی إذا استحثثته لیعدو ثم كثر حتی قیل ركض الفرس إذا عدا و الحبائل جمع الحبالة و هی التی یصاد بها أی تركض لأخذ ما وقع فی الحبائل التی نصبتها فی الدنیا كنایة عن شدة الحرص فی تحصیل متمنیاتها أو المعنی نصب لك الشیطان مصاید فیها لیصطادك بها و أنت تركض إلیها حتی

ص: 321


1- 1. فاطر: 28.
2- 2. الزمر: 9.
3- 3. البقرة: 269.

تقع فیها جهلا و غرورا.

المجتهد فی عمارة ما سیخرب منها أی تسعی بغایة جهدك فی عمارة ما تعلم أنه آئل إلی الخراب و لا تنتفع به ثم بین علیه السلام ما یمكن أن یستدل به علی خرابها و عدم بقائها بقوله أ لم تر إلی مصارع آبائك یقال صرع فلان من دابته علی صیغة المجهول أی سقط و صرعه أی طرحه علی الأرض و الموضع مصرع و الثری بالفتح الندی أو التراب الندی و فی المصباح بلی الثوب یبلی من باب تعب بلی بالكسر و القصر و بلاء بالفتح و المد خلق فهو بال و بلی المیت أفنته الأرض و قوله فی البلی كأنه حال عن آبائك و فی النهج متی استهوتك أم متی غرتك أ بمصارع آبائك من البلی أم بمضاجع أمهاتك تحت الثری (1).

و الجنادل جمع جندل كجعفر و هی الحجارة و قال الجوهری مرضته تمریضا إذا قمت علیه فی مرضه (2)

و العلة المرض و علله أی قام علیه فی علته یطلب دواءه و صحته و یتكفل بأموره و قال الجوهری استوصفت الطبیب لدائی إذا سألته أن یصف لك ما تتعالج به (3)

انتهی و الاستعتاب الاسترضاء كنایة عن طلب الدعاء أو رضاهم إذا كانت لهم موجدة و فی بعض النسخ تستغیث و هو أظهر و فی القاموس أغنی عنه غناء فلان و مغناه ناب عنه و أجزأ مجزأه (4) و قال الراغب أغنی عنه كذا إذا اكتفاه قال تعالی ما أَغْنی عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ ما أَغْنی عَنِّی مالِیَهْ و قال لَنْ تُغْنِیَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ ما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یُمَتَّعُونَ و قال لا یُغْنِی مِنَ اللَّهَبِ (5) و فی القاموس نجع الطعام كمنع نجوعا هنأ

ص: 322


1- 1. راجع نهج البلاغة ج 2 ص 173، تحت الرقم 131 من الحكم.
2- 2. الصحاح ص 1106.
3- 3. المصدر: 1439.
4- 4. القاموس ج 4 ص 371.
5- 5. مفردات غریب القرآن ص 366، و الآیات فی المسد: 2، الحاقة: 28، آل عمران: 10 و 116، الشعراء: 207، المرسلات: 31، علی الترتیب.

آكله و العلف فی الدابة و الوعظ و الخطاب فیه دخل فأثر كأنجع و نجع (1).

«37»- نهج، [نهج البلاغة]: طُوبَی لِمَنْ ذَلَّ فِی نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِیقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ یُنْسَبْ إِلَی بِدْعَةٍ(2) قَالَ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَنْسُبُ هَذَا الْكَلَامَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

بیان: الذلة فی النفس التواضع ضد الإعجاب و الترفع و طیب الكسب أن لا یكون مكسبه من الطرق المحرمة و المكروهة و مواضع الشبهة و صلحت كمنعت أو كحسنت باختلاف النسخ و سریرة الرجل و سره باطنه و صلاحها ترك النفاق و إضمار الشر و الخلو عن الحسد و غیره و الخلیقة الطبیعة و إنفاق الفضل من المال أن لا یمسك لنفسه إلا الكفاف و إمساك الفضل من الكلام الاقتصار علی ما یعنیه و عزله كنصره أی نحاه و أبعده و وسعته السنة أی لم تتضیق علیه حتی یخرج إلی البدعة و طلبها و ذلك الخروج إما فی الاعتقاد لعدم الرضا بالسنة و هو مضاد للإیمان كما قال سبحانه فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ (3) الآیة و إما فی العمل لمیل النفس الأمارة إلی الباطل و اتباع الشهوات و هو معصیة منافیة لكمال الإیمان.

«38»- عُدَّةُ الدَّاعِی، رَوَی شُعَیْبٌ الْأَنْصَارِیُّ وَ هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قَالا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ مُوسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ انْطَلَقَ یَنْظُرُ فِی أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَأَتَی رَجُلًا مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ فَلَمَّا أَمْسَی حَرَّكَ الرَّجُلُ شَجَرَةً إِلَی جَنْبِهِ فَإِذَا فِیهَا رُمَّانَتَانِ قَالَ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا أَجِدُ فِی هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا رُمَّانَةً وَاحِدَةً وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا وَجَدْتُ رُمَّانَتَیْنِ قَالَ علیه السلام

ص: 323


1- 1. القاموس ج 3 ص 87.
2- 2. نهج البلاغة ج 2 ص 170 تحت الرقم 123 من الحكم.
3- 3. النساء: 65.

أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْفُلَانِیُّ قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ أَعْبَدُ مِنْهُ كَثِیراً فَلَمَّا أَمْسَی أُوتِیَ بِرَغِیفَیْنِ وَ مَاءٍ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ مَا أُوتِیَ إِلَّا بِرَغِیفٍ وَاحِدٍ وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا أُوتِیتُ بِرَغِیفَیْنِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَالَ مُوسَی هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْحَدَّادُ(1)

فِی مَدِینَةِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَأَتَاهُ فَنَظَرَ إِلَی رَجُلٍ لَیْسَ بِصَاحِبِ عِبَادَةٍ بَلْ إِنَّمَا هُوَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ تَعَالَی وَ إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَامَ فَصَلَّی فَلَمَّا أَمْسَی نَظَرَ إِلَی غَلَّتِهِ فَوَجَدَهَا قَدْ أُضْعِفَتْ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ غَلَّتِی قَرِیبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّیْلَةَ قَدْ أُضْعِفَتْ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَأَخَذَ ثُلُثَ غَلَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَا وَ ثُلُثاً أَعْطَی مَوْلًی لَهُ وَ ثُلُثاً اشْتَرَی بِهِ طَعَاماً فَأَكَلَ هُوَ وَ مُوسَی قَالَ فَتَبَسَّمَ مُوسَی علیه السلام فَقَالَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ تَبَسَّمْتَ قَالَ دَلَّنِی نَبِیُّ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَی فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ مِنْ أَعْبَدِ الْخَلْقِ فَدَلَّنِی عَلَی فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ أَعْبَدَ مِنْهُ فَدَلَّنِی فُلَانٌ عَلَیْكَ وَ زَعَمَ أَنَّكَ أَعْبَدُ مِنْهُ وَ لَسْتُ أَرَاكَ شِبْهَ الْقَوْمِ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مَمْلُوكٌ أَ لَیْسَ تَرَانِی ذَاكِراً لِلَّهِ أَ وَ لَیْسَ تَرَانِی أُصَلِّی الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَ إِذَا أَقْبَلْتُ عَلَی الصَّلَاةِ أَضْرَرْتُ بِغَلَّةِ مَوْلَایَ وَ أَضْرَرْتُ بِعَمَلِ النَّاسِ أَ تُرِیدُ أَنْ تَأْتِیَ بِلَادَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ فَقَالَ الْحَدَّادُ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ قَالَ فَجَاءَتْ قَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِی ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَقَالَ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِی ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَقَالَ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَقَالَ احْمِلِی هَذَا حَمْلَ رَفِیقٍ وَ ضَعِیهِ فِی

ص: 324


1- 1. الظاهر لما یأتی من قوله« أضررت بغلة مولای» أن یكون فدانا، و هو الدهقان.

أَرْضِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَضْعاً رَفِیقاً.

قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَی بِلَادَهُ قَالَ یَا رَبِّ بِمَا بَلَغْتَ هَذَا مَا أَرَی قَالَ إِنَّ عَبْدِی هَذَا یَصْبِرُ عَلَی بَلَائِی وَ یَرْضَی بِقَضَائِی وَ یَشْكُرُ نَعْمَائِی.

«39»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام عِنْدَ تِلَاوَتِهِ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (1) قَالَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الذِّكْرَ جِلاءً لِلْقُلُوبِ تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ الْوَقْرَةِ وَ تُبْصِرُ بِهِ بَعْدَ الْعَشْوَةِ وَ تَنْقَادُ بِهِ بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ وَ مَا بَرِحَ لِلَّهِ عَزَّتْ آلَاؤُهُ فِی الْبُرْهَةِ بَعْدَ الْبُرْهَةِ وَ فِی أَزْمَانِ الْفَتَرَاتِ عِبَادٌ نَاجَاهُمْ فِی فِكْرِهِمْ وَ كَلَّمَهُمْ فِی ذَاتِ عُقُولِهِمْ فَاسْتَصْبَحُوا بِنُورِ یَقَظَةٍ فِی الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ وَ الْأَفْئِدَةِ یُذَكِّرُونَ بِأَیَّامِ اللَّهِ وَ یُخَوِّفُونَ مَقَامَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَدِلَّةِ فِی الْفَلَوَاتِ مَنْ أَخَذَ الْقَصْدَ حَمِدُوا إِلَیْهِ طَرِیقَهُ وَ بَشَّرُوهُ بِالنَّجَاةِ وَ مَنْ أَخَذَ یَمِیناً وَ شِمَالًا ذَمُّوا إِلَیْهِ الطَّرِیقَ وَ حَذَّرُوهُ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ كَانُوا كَذَلِكَ مَصَابِیحَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ وَ أَدِلَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ وَ إِنَّ لِلذِّكْرِ لَأَهْلًا أَخَذُوهُ مِنَ الدُّنْیَا بَدَلًا فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ تِجَارَةٌ وَ لَا بَیْعٌ عَنْهُ یَقْطَعُونَ بِهِ أَیَّامَ الْحَیَاةِ وَ یَهْتِفُونَ بِالزَّوَاجِرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فِی أَسْمَاعِ الْغَافِلِینَ وَ یَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ وَ یَأْتَمِرُونَ بِهِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ فَكَأَنَّمَا قَطَعُوا الدُّنْیَا إِلَی الْآخِرَةِ وَ هُمْ فِیهَا فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا اطَّلَعُوا غُیُوبَ أَهْلِ الْبَرْزَخِ فِی طُولِ الْإِقَامَةِ فِیهِ وَ حَقَّقَتِ الْقِیَامَةُ عَلَیْهِمْ عِدَاتِهَا فَكَشَفُوا غِطَاءَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الدُّنْیَا حَتَّی كَأَنَّهُمْ یَرَوْنَ مَا لَا یَرَی النَّاسُ وَ یَسْمَعُونَ مَا لَا یَسْمَعُونَ فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ لِعَقْلِكَ فِی مَقَاوِمِهِمُ الْمَحْمُودَةِ وَ مَجَالِسِهِمُ الْمَشْهُودَةِ وَ قَدْ نَشَرُوا دَوَاوِینَ أَعْمَالِهِمْ وَ فَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِمْ عَلَی كُلِّ صَغِیرَةٍ وَ كَبِیرَةٍ أُمِرُوا بِهَا فَقَصَّرُوا عَنْهَا وَ نُهُوا عَنْهَا فَفَرَّطُوا فِیهَا وَ حَمَّلُوا ثِقَلَ أَوْزَارِهِمْ ظُهُورَهُمْ فَضَعُفُوا عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِهَا فَنَشَجُوا نَشِیجاً وَ تَجَاوَبُوا نَحِیباً یَعِجُّونَ إِلَی رَبِّهِمْ مِنْ مَقَامِ نَدَمٍ وَ اعْتِرَافٍ لَرَأَیْتَ أَعْلَامَ هُدًی وَ مَصَابِیحَ دُجًی قَدْ حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ

ص: 325


1- 1. النور: 37.

وَ نَزَلَتْ عَلَیْهِمُ السَّكِینَةُ وَ فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أُعِدَّتْ لَهُمْ مَقَاعِدُ الْكَرَامَاتِ فِی مَقَامٍ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِیهِ فَرَضِیَ سَعْیَهُمْ وَ حَمِدَ مَقَامَهُمْ یَتَنَسَّمُونَ بِدُعَائِهِ رَوْحَ التَّجَاوُزِ رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَی فَضْلِهِ وَ أُسَارَی ذِلَّةٍ لِعَظَمَتِهِ جَرَحَ طُولُ الْأَسَی قُلُوبَهُمْ وَ طُولُ الْبُكَاءِ عُیُونَهُمْ لِكُلِّ بَابِ رَغْبَةٍ إِلَی اللَّهِ مِنْهُمْ یَدٌ قَارِعَةٌ بِهَا یَسْأَلُونَ مَنْ لَا تَضِیقُ لَدَیْهِ الْمَنَادِحُ وَ لَا یَخِیبُ عَلَیْهِ الرَّاغِبُونَ فَحَاسِبْ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ غَیْرَهَا مِنَ الْأَنْفُسِ لَهَا حَسِیبٌ غَیْرُكَ (1).

تبیین: اللّٰهو اللعب و ألهانی الشی ء أی شغلنی و الذكر یطلق علی اللسانی و القلبی و لعل الظاهر من الكلمات الآتیة أن المراد به ما یعم ذكره باللسان بالإنذار عن عقابه سبحانه و البشارة بثوابه و الأمر بطاعته و النهی عن معصیته و بالقلب بمحاسبة النفس فی طاعته و معصیته و الإقدام علی طاعته بذكر رحمته و الانتهاء عن معصیته بذكر غضبه و الاعتراف بالذنب و الندم علی المخالفة فإن الجمیع مما ینبعث عن ذكره سبحانه بالقلب بالعظمة و الجلال و المهابة و الإنعام و الإكرام.

و جلا فلان السیف و المرآة جلوا بالفتح و جلاء ككساء أی صقلهما و الوقر الثقل فی الأذن و ذهاب السمع كله و العشوة المرة من العشا بالفتح و القصر أی سوء البصر باللیل و النهار أو العمی و قیل أن لا یبصر باللیل و یبصر بالنهار و برح فلان مكانه كفرح أی زال عنه و ما برح أی دائما و عزت آلاؤه أی عظمت و كرمت نعمه و عطایاه و البرهة بالضم كما فی النسخ و بالفتح أیضا المدة أو الزمان الطویل و الفترة بالفتح ما بین كل نبیین من الزمان و قیل انقطاع الوحی و المناجاة المخاطبة سرا فی الفكر أی الإلهام و كلمهم فی ذات عقولهم أی فی الباطن خفیا كما قیل فی قوله تعالی وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ(2) أی بنفس الصدور أی ببواطنها و خفیاتها و المصباح السراج و استصبح أی استسرج و نور

ص: 326


1- 1. نهج البلاغة ج 1 ص 473 تحت الرقم 220 من الخطب.
2- 2. آل عمران: 154.

الیقظة فی الأسماع الاستماع للحكم و المواعظ و كل كلام نافع فی الدین و الدنیا و العبرة بسماع أحوال الماضین و ترك الإصغاء إلی الملاهی و كل كلام باطل و فی الأبصار النظر بعین العبرة و الاستدلال بآثار الصنع علی العلم و القدرة لا بعین الالتذاذ و المیل إلی المحرمات و الرغبة فی زهرات الدنیا و فی الأفئدة التفكر فی آیات القدرة و كلام اللّٰه عز و جل و أحكامه و الحكم و المسائل الدینیة و التفكر فیما نزل بالماضین و عاقبة المحسنین و المسیئین و ترك الاشتغال بالأفكار الباطلة و ما یلهی عن ذكر اللّٰه عز و جل.

یذكرون بأیام اللّٰه إشارة إلی قوله تعالی وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ (1) و قیل معناه وقائع اللّٰه فی الأمم الخالیة و إهلاك من هلك منهم و أیام العرب حروبها و قیل أی بنعمه و آلائه و روی عن الصادق علیه السلام أنه یرید بأیام اللّٰه سننه و أفعاله فی عباده من إنعام و انتقام و

هو القول الجامع و مقام اللّٰه كنایة عن عظمته و جلالته المستلزمة للهیبة و الخوف و قیل فی قوله تعالی وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (2) أی مقامه بین یدی ربه للحساب.

و الفلاة المفازة لا ماء فیها أو الصحراء الواسعة و القصد الرشد و استقامة الطریق و ضد الإفراط و التفریط و حمدوا إلیه أی منهیا أو متوجها و نحو ذلك كقولهم فی أوائل الكتب أحمد إلیك اللّٰه الذی لا إله إلا هو و كذلك ذموا إلیه و الهلكة بالتحریك و الهلكاء الهلاك و هلكة هلكاء توكید.

و التجارة ككتابة الاسم من قولك تجر فلان كنصر و اتجر أی باع و اشتری و قیل التجارة المعاملة الرابحة و ذكر البیع بعد التجارة مبالغة بالتعمیم بعد التخصیص إن أرید به مطلق المعاوضة أو بأفراد ما هو أعم من قسمی التجارة فإن الربح یتوقع بالشری و یتحقق بالبیع و هذا بناء علی أن یكون كل من الأمرین قسما منها لا جزءا و قیل المراد بالتجارة الشری فإنه أصلها و مبدؤها.

ص: 327


1- 1. إبراهیم: 5.
2- 2. الرحمن: 46.

و هتفت الحمامة كضربت أی صاتت و هتف به هتافا بالضم أی صاح به و دعاه و هتف به هاتف أی سمع صوته و لم یر شخصه و فی بعض النسخ یهتفون بدون حرف العطف و القسط بالكسر العدل یقال قسط كضرب و نصر و أقسط و یقال قسط قسطا كضرب ضربا أی جار و عدل عن الحق فهو من الأضداد و تناهی عن الأمر و انتهی عنه أی امتنع.

قوله علیه السلام إلی الآخرة أی منتهین أو واصلین إلیها و فی بعض النسخ و كأنما بالواو فی الموضعین و غیوب أهل البرزخ ما غاب عن الناس من أحوالهم و الوعد یستعمل فی الخیر و الشر یقال وعدته خیرا و وعدته شرا فإذا أسقطوا الخیر و الشر قالوا فی الخیر الوعد و فی الشر الإیعاد و كشف الغطاء عن العدات بیانها لهم علی أوضح وجه و المقاوم جمع مقام و شهده كسمعه أی حضره و الدیوان بالكسر و قد یفتح مجتمع الصحف و الكتاب یكتب فیه أهل الجیش و أهل العطیة و قیل جریدة الحساب و یطلق علی موضع الحساب و هو معرب.

و فرغوا لمحاسبة أنفسهم أی فرغوا عن سائر الأشغال و تركوها لمحاسبة أنفسهم و حملوا ثقل أوزارهم ظهورهم أی تدبروا فی ثقل الآثام و المعاصی و طاقة حملهم فأذعنوا بأن ثقلها یزید عن قوتهم و لا یطیقون حملها و عذابها و الاستقلال بالشی ء الاستبداد و الانفراد به و استقل القوم أی مضوا و ارتحلوا و استقله أی حمله و رفعه.

و نشج الباكی كضرب نشیجا أی غص بالبكاء فی حلقه من غیر انتحاب و تجاوبوا أی جاوب بعضهم بعضا و النحیب أشد البكاء و الظاهر من التجاوب أن نشر الدواوین و محاسبتهم أنفسهم فی مجمعهم و محضرهم كما هو الظاهر من لفظ المشهودة فی أول الكلام لا أن یحاسب كل واحد نفسه علا حدة و یحتمل التجوز فی لفظ التجاوب و عج كضر كما فی النسخ و كعض (1)

عجا و عجیجا أی صاح و رفع صوته لرأیت الجملة جزاء للشرط السابق و الدجی جمع دجیة بالضم

ص: 328


1- 1. یعنی من بابی ضرب و علم.

أی الظلمة.

و حفت بهم أی أحاطت و طافت حولهم و السكینة الطمأنینة و المهابة و الوقار و لعل المراد به الیقین الذی تسكن به نفوسهم و تطمئن قلوبهم فلا یتزلزل لشبهة أو لما أصابها من فتنة كما قال عز و جل وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَیْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلی وَجْهِهِ (1) و أبواب السماء الأبواب التی تنزل منها الرحمة أو تصعد الأعمال الصالحة و أعده إعدادا هیأه و أحضره و النسم محركة نفس الریح إذا كان ضعیفا كالنسیم و تنسم أی تنفس و تنسم النسیم أی تشممه و الروح بالفتح الراحة و الرحمة و نسیم الریح و المعنی یدعون و یتوقعون بدعائه تجاوزه عن ذنوبهم و الرهینة و المرتهنة الرهن و الأسی الحزن و أبواب الرغبة كلما یتقرب به إلی اللّٰه و الید القارعة تطرق هذه الأبواب بالتقرب بها إلی اللّٰه تعالی و الندح بالفتح و الضم الأرض الواسعة و المنادح المفاوز و علیه متعلق بیخیب علی تضمین معنی القدوم و الوفود و نحو ذلك و الحسیب المحاسب و المراد إما أسرع الحاسبین أو كل أحد من المكلفین فإنه مكلف بأن یحاسب نفسه قبل أن یحاسب فی موقف الحساب.

«40»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ مِنْ دُعَاءٍ لَهُ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الْآنَسِینَ بِأَوْلِیَائِكَ وَ أَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَایَةِ لِلْمُتَوَكِّلِینَ عَلَیْكَ تُشَاهِدُهُمْ فِی سَرَائِرِهِمْ وَ تَطَّلِعُ عَلَیْهِمْ فِی ضَمَائِرِهِمْ وَ تَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَیْكَ مَلْهُوفَةٌ إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ وَ إِنْ صُبَّتْ عَلَیْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَی الِاسْتِجَارَةِ بِكَ عِلْماً بِأَنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِیَدِكَ وَ مَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِی أَوْ عَمِهْتُ عَنْ طَلِبَتِی فَدُلَّنِی عَلَی مَصَالِحِی وَ خُذْ بِقَلْبِی إِلَی مَرَاشِدِی فَلَیْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَایَاتِكَ وَ لَا بِبِدْعٍ مِنْ كِفَایَاتِكَ اللَّهُمَّ احْمِلْنِی عَلَی عَفْوِكَ وَ لَا تَحْمِلْنِی

ص: 329


1- 1. الحجّ: 11.

عَلَی عَدْلِكَ (1).

بیان: إنما أوردت هذا الدعاء لأنه من مناجاة أولیاء اللّٰه و مشتمل علی كثیر من صفاتهم المختصة بهم رزقنا اللّٰه الوصول إلی درجتهم قوله علیه السلام بأولیائك فی بعض النسخ لأولیائك و قال بعضهم الباء أنسب أی أنت أكثرهم أنسا بأولیائك و عطفا و تحننا علیهم و أحضرهم بالكفایة الحضور ضد الغیبة و الحضر بالضم و الإحضار ارتفاع الفرس فی عدوه قیل أی أبلغهم إحضارا لكفایة المتوكلین و أقومهم بذلك و قیل أی أسرعهم إحضارا لما استعد منهم من الكمال و الأظهر أن المعنی أشدهم و أكثرهم حضورا عند الكفایة فإنه لا یغیب عن كفایتهم و لا یعزب عن علمه شی ء و قیل الكفایة بیان للحضور.

و الكافی من یقوم بالأمر و یحصل به الاستغناء عن الغیر و توكل علی اللّٰه أی اعتمد علیه و وثق به و البصیرة المعرفة و عقیدة القلب و الفطنة و قیل البصائر العزائم و الملهوف المكروب و المظلوم المستغیث أی قلوبهم مستغیثة راغبة عند الكرب و الحاجة إلیك و المستجیر الذی یطلب الأمان أو الحفظ و فهه كفرح أی عیی و عمه كفرح أیضا أی تردد فی الضلال أو تحیر فی منازعة أو طریق أو لم یعرف الحجة و المراشد مقاصد الطریق أی ما فیه الاستقامة و الفوز بالمقصد و خذ بقلبی إلی مراشدی أی جره إلیها و النكر العجیب و البدع بالكسر الأمر المبتدع أی لم یعهد مثله و احملنی علی عفوك أی عاملنی یوم الجزاء بعفوك.

ص: 330


1- 1. نهج البلاغة ج 1 ص 484 تحت الرقم 225 من الخطب.

الجزء الثانی من كتاب الإیمان و الكفر

أبواب مكارم الأخلاق

اشارة

ص: 331

أقول: و سیجی ء ما یناسب هذه الأبواب فی كتاب العشرة و فی كتاب الآداب و السنن أیضا إن شاء اللّٰه تعالی

باب 38 جوامع المكارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدی

الآیات:

البقرة: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدیً لِلْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ وَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلی هُدیً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1)

و قال تعالی: یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلًا وَ إِیَّایَ فَاتَّقُونِ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ

ص: 332


1- 1. البقرة: 1- 5.

وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِینَ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ (1)

و قال سبحانه: وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَ ذِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (2)

و قال سبحانه: لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ ... وَ آتَی الْمالَ عَلی حُبِّهِ ذَوِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ السَّائِلِینَ وَ فِی الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَی الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِینَ فِی الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (3)

و قال تعالی: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أُولئِكَ یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (4)

و قال تعالی: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (5)

آل عمران: الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ الصَّابِرِینَ وَ الصَّادِقِینَ وَ الْقانِتِینَ وَ الْمُنْفِقِینَ وَ الْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحارِ(6)

و قال تعالی: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ یَتْلُونَ آیاتِ اللَّهِ آناءَ اللَّیْلِ وَ هُمْ

ص: 333


1- 1. البقرة: 40- 45.
2- 2. البقرة: 83.
3- 3. البقرة: 177.
4- 4. البقرة: 218.
5- 5. البقرة: 277.
6- 6. آل عمران: 16- 17.

یَسْجُدُونَ یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِینَ وَ ما یَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ فَلَنْ یُكْفَرُوهُ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالْمُتَّقِینَ (1)

و قال تعالی: وَ سارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِینَ الْغَیْظَ وَ الْعافِینَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ (2)

و قال: إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ لَآیاتٍ لِأُولِی الْأَلْبابِ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِهِمْ وَ یَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَیْتَهُ وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِیاً یُنادِی لِلْإِیمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَیِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلی رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّی لا أُضِیعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثی بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِینَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أُوذُوا فِی سَبِیلِی وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (3)

النساء: إِنْ تُبْدُوا خَیْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِیراً(4)

ص: 334


1- 1. آل عمران: 113- 115.
2- 2. آل عمران: 133- 136.
3- 3. آل عمران: 190- 195.
4- 4. النساء: 149.

و قال تعالی: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ یُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِیمِینَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِیهِمْ أَجْراً عَظِیماً(1)

المائدة: وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ إلی قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ یَبْسُطُوا إِلَیْكُمْ أَیْدِیَهُمْ فَكَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَی اللَّهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّی مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَیْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِی وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ (2)

و قال تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْكافِرِینَ یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3)

و قال تعالی: لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (4)

الأعراف: قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (5)

ص: 335


1- 1. النساء: 162.
2- 2. المائدة: 7- 12.
3- 3. المائدة: 54 و 55.
4- 4. المائدة: 93.
5- 5. الأعراف: 128.

و قال وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِنا یُؤْمِنُونَ إلی قوله سبحانه وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (1)

و قال: وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ الَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِیعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِینَ (2)

الأنفال: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (3)

التوبة: إِنَّما یَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَی الزَّكاةَ وَ لَمْ یَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسی أُولئِكَ أَنْ یَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِینَ إلی قوله تعالی الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ یُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِیها نَعِیمٌ مُقِیمٌ خالِدِینَ فِیها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ (4)

و قال تعالی: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ

الْمُؤْمِنِینَ (5)

هود: إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِیرٌ(6)

و قال تعالی: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلی رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِیها خالِدُونَ مَثَلُ الْفَرِیقَیْنِ كَالْأَعْمی وَ الْأَصَمِ وَ الْبَصِیرِ وَ السَّمِیعِ

ص: 336


1- 1. الأعراف: 156- 159.
2- 2. الأعراف: 169.
3- 3. الأنفال: 1.
4- 4. براءة: 18- 22.
5- 5. براءة: 112.
6- 6. هود: 11.

هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (1)

الرعد: الَّذِینَ یُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا یَنْقُضُونَ الْمِیثاقَ وَ الَّذِینَ یَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ وَ الَّذِینَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِیَةً وَ یَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّیِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَی الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ یَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ(2)

و قال تعالی: وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ أَنابَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (3)

النحل: إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً وَ لَمْ یَكُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَ هَداهُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (4)

مریم: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا یُظْلَمُونَ شَیْئاً(5)

طه: وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی (6)

الأنبیاء: وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِینَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِمْ فِعْلَ الْخَیْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِیتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِینَ (7)

ص: 337


1- 1. هود: 23 و 24.
2- 2. الرعد: 18- 22.
3- 3. الرعد: 27- 29.
4- 4. النحل: 121 و 122.
5- 5. مریم: 60.
6- 6. طه: 82.
7- 7. الأنبیاء: 72 و 73.

و قال تعالی: إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِینَ (1)

الحج: وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِینَ الَّذِینَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصَّابِرِینَ عَلی ما أَصابَهُمْ وَ الْمُقِیمِی الصَّلاةِ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ (2)

و قال تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَیْكُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِیكُمْ إِبْراهِیمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِینَ مِنْ قَبْلُ وَ فِی هذا لِیَكُونَ الرَّسُولُ شَهِیداً عَلَیْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَی النَّاسِ فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلی وَ نِعْمَ النَّصِیرُ(3)

النور: وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَخْشَ اللَّهَ وَ یَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (4)

الفرقان: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ مَتاباً(5)

الشعراء: إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِیراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا(6)

النمل: هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ (7)

ص: 338


1- 1. الأنبیاء: 90.
2- 2. الحجّ: 34 و 35.
3- 3. الحجّ: 77 و 78.
4- 4. النور: 52.
5- 5. الفرقان: 71 و 72.
6- 6. الشعراء: 227.
7- 7. النمل: 2.

و قال تعالی: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِی حَرَّمَها وَ لَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ (1)

العنكبوت: وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ الَّذِینَ صَبَرُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (2)

لقمان: هُدیً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِینَ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلی هُدیً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (3)

و قال: یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ(4)

و قال تعالی: وَ مَنْ یُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَی اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی وَ إِلَی اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ(5)

الأحزاب: إِنَّ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِینَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِینَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِینَ وَ الصَّابِراتِ وَ الْخاشِعِینَ وَ الْخاشِعاتِ وَ الْمُتَصَدِّقِینَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ وَ الصَّائِمِینَ وَ الصَّائِماتِ وَ الْحافِظِینَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحافِظاتِ وَ الذَّاكِرِینَ اللَّهَ كَثِیراً وَ الذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِیماً(6)

فاطر: إِنَّ الَّذِینَ یَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ

ص: 339


1- 1. النمل: 91.
2- 2. العنكبوت: 58- 59.
3- 3. لقمان: 3- 5.
4- 4. لقمان: 17- 19.
5- 5. لقمان: 22.
6- 6. الأحزاب: 35.

سِرًّا وَ عَلانِیَةً یَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ لِیُوَفِّیَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(1)

الزمر: قُلْ یا عِبادِ الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (2)

ق: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ غَیْرَ بَعِیدٍ هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِیظٍ مَنْ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ (3)

البلد: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِی یَوْمٍ ذِی مَسْغَبَةٍ یَتِیماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِیناً ذا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَیْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ(4)

تفسیر:

هُدیً لِلْمُتَّقِینَ قد مر تفسیر الآیات فی الباب الأول من كتاب الإیمان و الكفر هذا(5).

یا بَنِی إِسْرائِیلَ (6) أی ولد یعقوب اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ فی تفسیر الإمام علیه السلام أن بعثت محمدا و أقررته فی مدینتكم و لم أجشمكم الحط و الترحال إلیه و أوضحت علاماته و دلائل صدقه كیلا یشتبه علیكم حاله وَ أَوْفُوا بِعَهْدِی الذی أخذه علی أسلافكم أنبیاؤهم و أمروهم أن یؤدوه إلی أخلافهم لیؤمنن بمحمد العربی الهاشمی المبان بالآیات و المؤید بالمعجزات الذی من آیاته علی بن أبی طالب شقیقه و رفیقه عقله من عقله و علمه من علمه و حلمه من

ص: 340


1- 1. فاطر: 29 و 30.
2- 2. الزمر: 10.
3- 3. ق: 31- 33.
4- 4. البلد: 11- 20.
5- 5. راجع ج 67 ص 17.
6- 6. البقرة: 40.

حلمه مؤید دینه بسیفه أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الذی أوجبت به لكم نعیم الأبد فی دار الكرامة وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ فی مخالفة محمد فإنی القادر علی صرف بلاء من یعادیكم علی موافقتی و هم یقدرون علی صرف انتقامی عنكم إذا آثرتم مخالفتی.

و روی العیاشی عن الصادق علیه السلام أنه سئل عن هذه الآیة فقال أوفوا بولایة علی فرضا من اللّٰه أوف لكم بالجنة(1).

أقول: و الآیة عامة فی كل عهد علی كل أحد و قال علی بن إبراهیم قال رجل للصادق علیه السلام یقول اللّٰه ادعونی أستجب لكم و إنا ندعو فلا یستجاب لنا فقال إنكم لا تفون لله بعهده فإنه تعالی یقول أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ و اللّٰه لو وفیتم لله سبحانه لوفی لكم.

وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ علی محمد من ذكر نبوته و إمامة أخیه و عترته مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ فإن مثل هذا الذكر فی كتابكم وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ قیل تعریض بأن الواجب أن تكونوا أول من آمن به لأنهم كانوا أهل النظر فی معجزاته و العلم بشأنه و المستفتحین به و المبشرین بزمانه.

و فی تفسیر الإمام علیه السلام هؤلاء یهود المدینة جحدوا نبوة محمد و خانوه و قالوا نحن نعلم أن محمدا نبی و أن علیا وصیه و لكن لست أنت ذلك و لا هذا و لكن یأتیان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلًا فی المجمع عن الباقر علیه السلام فی هذه الآیة أن حیی بن أخطب و كعب بن الأشرف و آخرین من الیهود كانت لهم مأكلة علی الیهود فی كل سنة فكرهوا بطلانها بأمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فحرفوا لذلك آیات من التوراة فیها صفته و ذكره فذلك الثمن الذی أرید به فی الآیة(2) وَ إِیَّایَ فَاتَّقُونِ فی كتمان

أمر محمد و أمر وصیه وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ لا تخلطوه به بأن تقروا به من وجه و تجحدوه من وجه وَ تَكْتُمُوا الْحَقَ من نبوة هذا و إمامة هذا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنكم تكتمونه تكابرون

ص: 341


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 42.
2- 2. مجمع البیان ج 1 ص 95.

علومكم و عقولكم وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ المكتوبة التی جاء بها محمد صلی اللّٰه علیه و آله و أقیموا أیضا الصلاة علی محمد و آله الطاهرین.

وَ آتُوا الزَّكاةَ من أموالكم إذا وجبت و من أبدانكم إذا لزمت و من معونتكم إذا التمست و فی الأخبار الكثیرة أنها شاملة للفطرة بل نزلت فیها لأنها لما نزلت لم یكن للناس أموال و إنما كانت الفطرة وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِینَ أی تواضعوا مع المتواضعین لعظمة اللّٰه فی الانقیاد لأولیاء اللّٰه و قیل أی فی جماعتهم للصلاة و قیل هذا فرد من أفراد ذاك أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ أی بالصدقات و أداء الأمانات وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ تتركونها وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أی التوراة الآمرة لكم بالخیرات الناهیة عن المنكرات أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما علیكم من العقاب فی ذلك.

وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ قال الإمام أی عن الحرام علی تأدیة الأمانات و عن الرئاسات الباطلة علی الاعتراف بالحق و استحقاق الغفران و الرضوان و نعیم الجنان و قیل و عن سائر المعاصی و علی أصناف الطاعات و أنواع المصیبات علی قرب الوصول إلی الجنان و فی كثیر من الأخبار أن الصبر الصیام وَ الصَّلاةِ قال الإمام علیه السلام الصلوات الخمس و الصلاة علی النبی و آله الطاهرین و ظاهرها یشمل كل صلاة فریضة و نافلة(1)

وَ فِی الْمَجْمَعِ وَ الْعَیَّاشِیُّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مَا یَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ غَمٌّ مِنْ غُمُومِ الدُّنْیَا أَنْ یَتَوَضَّأَ ثُمَّ یَدْخُلَ مَسْجِدَهُ فَیَرْكَعَ رَكْعَتَیْنِ فَیَدْعُوَ اللَّهَ فِیهَا أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ یَقُولُ وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ(2).

وَ إِنَّها قال علی بن إبراهیم یعنی الصلاة و قیل الاستعانة بهما و قال الإمام علیه السلام إن هذه الفعلة من الصلوات الخمس و الصلاة علی محمد و آله مع الانقیاد لأوامرهم و الإیمان بسرهم و علانیتهم و ترك معارضتهم بلم و كیف لَكَبِیرَةٌ عظیمة و قیل ثقیلة شاقة كقوله عز و جل كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ قال الإمام أی الخائفین عقاب اللّٰه فی مخالفته

ص: 342


1- 1. تفسیر الإمام ص 91.
2- 2. مجمع البیان ج 1 ص 100، تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 43.

فی أعظم فرائضه الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ فی التوحید و الإحتجاج و العیاشی عن أمیر المؤمنین علیه السلام یوقنون أنهم یبعثون و الظن منهم یقین و قال علیه السلام اللقاء البعث و الظن هاهنا الیقین (1)

و فی تفسیر الإمام علیه السلام یقدرون و یتوقعون أنهم یلقون ربهم اللقاء

الذی هو أعظم كرامته لعباده وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ إلی كرامته و نعیم جناته قال و إنما قال یظنون لأنهم لا یدرون بما ذا یختم لهم لأن العاقبة مستورة عنهم لا یعلمون ذلك یقینا لأنهم لا یأمنون أی یغیروا أو یبدلوا

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَزَالُ الْمُؤْمِنُ خَائِفاً مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ وَ لَا یَتَیَقَّنُ الْوُصُولَ إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ حَتَّی یَكُونَ وَقْتُ نَزْعِ رُوحِهِ وَ ظُهُورِ مَلَكِ الْمَوْتِ لَهُ.

وَ إِذْ أَخَذْنا(2) قال الإمام أی و اذكروا إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ عهدهم المؤكد علیهم لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ لا تشبهوه بخلقه و لا تجوروه فی حكمه و لا تعملوا ما یراد به وجهه تریدون به وجه غیره

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ شَغَلَتْهُ عِبَادَةُ اللَّهِ عَنْ مَسْأَلَتِهِ أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مَا یُعْطِی السَّائِلِینَ.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَی عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ فِی قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ غَیْرُهُ.

وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً و إن تحسنوا بهما إحسانا مكافاة عن إنعامهما علیهم و إحسانهما إلیهم و احتمال المكروه الغلیظ فیهم لترفیههم و قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْضَلُ وَالِدَیْكُمْ وَ أَحَقُّهُمَا بِشُكْرِكُمْ مُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَنَا وَ عَلِیٌّ أَبَوَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَحَقُّنَا عَلَیْهِمْ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ أَبَوَیْ وِلَادَتِهِمْ فَإِنَّا نُنْقِذُهُمْ إِنْ أَطَاعُونَا مِنَ النَّارِ إِلَی دَارِ الْقَرَارِ وَ نُلْحِقُهُمْ مِنَ الْعُبُودِیَّةِ بِخِیَارِ الْأَحْرَارِ. أقول: و هذا أحد وجوه كون المؤمنین إخوة.

وَ ذِی الْقُرْبی أی و أن تحسنوا بقراباتهما لكرامتهما و قال أیضا هم

ص: 343


1- 1. الاحتجاج: ص 128 و 132،- تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 44.
2- 2. البقرة: 83.

قراباتك من أبیك و أمك قیل لك اعرف حقهم كما أخذ العهد به علی بنی إسرائیل و أخذ علیكم معاشر أمة محمد معرفة حق قرابات محمد الذین هم الأئمة بعده و من یلیهم بعد من خیار أهل دینهم

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ رَعَی حَقَّ قَرَابَاتِ أَبَوَیْهِ أُعْطِیَ فِی الْجَنَّةِ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ.

ثم فسر الدرجات ثم قال و من رعی حق قربی محمد و علی أوتی من فضائل الدرجات و زیادة المثوبات علی قدر زیادة فضل محمد و علی علی أبوی نسبه.

وَ الْیَتامی الذین فقدوا آباءهم الكافین لهم أمورهم السائقین إلیهم قوتهم و غذائهم المصلحین لهم معاشهم قال علیه السلام و أشد من یتم هذا الیتیم یتیم عن إمامه لا یقدر علی الوصول إلیه و لا یدری كیف حكمه فیما یبتلی به من شرائع دینه ألا فمن كان من شیعتنا عالما بعلومنا و هذا الجاهل بشریعتنا المنقطع عن مشاهدتنا یتیم فی حجره ألا فمن هداه و أرشده و علمه شریعتنا كان معنا فی الرفیق الأعلی حدثنی بذلك أبی عن آبائه عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ الْمَساكِینِ قال الإمام علیه السلام هو من سكن الضر و الفقر حركته قال ألا فمن واساهم بحواشی ماله وسع اللّٰه علیه جنانه و أناله غفرانه و رضوانه ثم قال علیه السلام إن من محبی محمد مساكین مواساتهم أفضل من مواساة مساكین الفقر و هم الذین سكنت جوارحهم و ضعفت قواهم عن مقابلة أعداء اللّٰه الذین یعیرونهم بدینهم و یسفهون أحلامهم ألا فمن قواهم بفقهه و علمه حتی أزال مسكنتهم ثم سلطهم علی الأعداء الظاهرین من النواصب و علی الأعداء الباطنین إبلیس و مردته حتی یهزموهم عن دین اللّٰه و یذودوهم عن أولیاء آل رسول اللّٰه حول اللّٰه تلك المسكنة إلی شیاطینهم و أعجزهم عن إضلالهم قضی اللّٰه بذلك قضاء حقا علی لسان رسول اللّٰه.

وَ قُولُوا لِلنَّاسِ الذین لا مئونة لهم علیكم حُسْناً عاملوهم بخلق جمیل أقول و سیأتی الكلام فی تفسیرها إن شاء اللّٰه وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ قال الإمام علیه السلام بإتمام ركوعها و سجودها و حفظ مواقیتها و أداء حقوقها التی إذا لم تؤد لم

ص: 344

یتقبلها رب الخلائق أ تدرون ما تلك الحقوق هو اتباعها بالصلاة علی محمد و علی و آلهما منطویا علی الاعتقاد بأنهم أفضل خیرة اللّٰه و القوام بحقوق اللّٰه و النصار لدین اللّٰه قال علیه السلام وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ علی محمد و آله عند أحوال غضبكم و رضاكم و شدتكم و رخائكم و همومكم المعلقة بقلوبكم وَ آتُوا الزَّكاةَ من المال و الجاه و قوة البدن ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ أیها الیهود عن الوفاء بالعهد الذی أداه إلیكم أسلافكم إِلَّا قَلِیلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عن ذلك العهد تاركین له غافلین عنه.

لَیْسَ الْبِرَّ(1) قال الإمام علیه السلام یعنی یا محمد قل لیس البر أی الطاعة التی تنالون بها الجنان و تستحقون بها الغفران و الرضوان أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ بصلاتكم قِبَلَ الْمَشْرِقِ یا أیها النصاری وَ قبل الْمَغْرِبِ یا أیها الیهود و أنتم لأمر اللّٰه مخالفون و علی ولی اللّٰه مغتاظون وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ قیل یعنی البر الذی ینبغی أن یهتم به بر من آمن باللّٰه إلی قوله وَ آتَی الْمالَ عَلی حُبِّهِ أی أعطی فی اللّٰه تعالی المستحقین من المؤمنین علی حبه للمال و شدة حاجته إلیه یأمل الحیاة و یخشی الفقر لأنه صحیح شحیح ذَوِی الْقُرْبی أعطی قرابة النبی صلی اللّٰه علیه و آله الفقراء هدیة و برا لا صدقة لأن اللّٰه أجلهم عن الصدقة و أعطی قرابة نفسه صدقة و برا وَ الْیَتامی من بنی هاشم الفقراء برا لا صدقة و یتامی غیرهم صدقة و صلة وَ الْمَساكِینَ مساكین الناس وَ ابْنَ السَّبِیلِ المجتاز المنقطع به لا نفقة معه وَ السَّائِلِینَ الذین یتكففون وَ فِی الرِّقابِ و فی تخلیصها یعنی المكاتبین یعینهم لیؤدوا حقوقهم فیعتقوا وَ أَقامَ الصَّلاةَ بحدودها وَ آتَی الزَّكاةَ الواجبة علیه لإخوانه المؤمنین وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا قیل عطف علی من آمن یشمل عهد اللّٰه و الناس وَ الصَّابِرِینَ نصبه علی المدح لفضل الصبر علی سائر الأعمال فِی الْبَأْساءِ یعنی فی محاربة الأعداء و لا عدو یحاربه أعدی من إبلیس و مردته یهتف به و یدفعه و إیاهم بالصلاة علی محمد و آله الطیبین وَ الضَّرَّاءِ

ص: 345


1- 1. البقرة: 177.

الفقر و الشدة وَ حِینَ الْبَأْسِ عند شدة القتال یذكر اللّٰه و یصلی علی رسول اللّٰه و علی علی ولی اللّٰه یوالی بقلبه و لسانه أولیاء اللّٰه و یعادی كذلك أعداءه أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا فی إیمانهم و صدقوا أقاویلهم بأفاعیلهم وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لما أمروا باتقائه.

قیل الآیة كما تری جامعة للكلمات الإنسانیة بأسرها دالة علیها صریحا أو ضمنا فإنها بكثرتها و تشعبها منحصرة فی ثلاثة أشیاء صحته الاعتقاد و حسن المعاشرة و تهذیب النفس و قد أشیر إلی الأول بقوله مَنْ آمَنَ إلی وَ النَّبِیِّینَ و إلی الثانی بقوله وَ آتَی الْمالَ إلی وَ فِی الرِّقابِ و إلی الثالث بقوله وَ أَقامَ الصَّلاةَ إلی آخرها و لذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلی إیمانه و اعتقاده و بالتقوی اعتبارا بمعاشرته للخلق و معاملته مع الحق و إلیه أشار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقوله من عمل بهذه الآیة فقد استكمل الإیمان.

و أقول ما لم ننسب إلی تفسیر مخصوص و لم نصدر بقیل فهو من تفسیر الإمام علیه السلام.

إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هاجَرُوا(1) قیل نزلت فی قصة ابن جحش و أصحابه و قتلهم ابن الحضرمی فی رجب حین ظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم فلیس لهم أجر.

وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ(2) قیل عطفهما علی ما یعمهما لا نافتهما علی سائر الأعمال الصالحة وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ من آت وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ علی فائت.

الَّذِینَ یَقُولُونَ إلی قوله بِالْأَسْحارِ(3) قیل حصر لمقامات السالك علی أحسن ترتیب فإن معاملته مع اللّٰه إما توسل و إما طلب و التوسل إما بالنفس و هو منعها عن الرذائل و حبسها علی الفضائل و الصبر یشملهما و إما بالبدن و هو إما قولی

ص: 346


1- 1. البقرة: 218.
2- 2. البقرة: 277.
3- 3. آل عمران: 16 و 17.

و هو الصدق و إما فعلی و هو القنوت الذی هو ملازمة الطاعة و أما بالمال و هو الإنفاق فی سبیل الخیر و أما الطلب فالاستغفار لأن المغفرة أعظم المطالب بل الجامع لها و توسیط الواو بینها للدلالة علی استقلال كل واحدة و كمالهم فیها أو لتغایر الموصوفین بها و تخصیص الأسحار لأن الدعاء فیها أقرب إلی الإجابة لأن العبادة حینئذ أشق و النفس أصفی و الروع أجمع سیما للمتهجدین قیل إنهم كانوا یصلون إلی السحر ثم یستغفرون و یدعون و فی المجمع عن الصادق علیه السلام هم المصلون وقت السحر و قال من استغفر سبعین مرة فی وقت السحر فهو من أهل هذه الآیة(1) و ستأتی الأخبار فی ذلك فی محله إن شاء اللّٰه.

أُمَّةٌ قائِمَةٌ(2) أی علی الحق و هم الذین أسلموا منهم یَتْلُونَ إلخ أی یتلونها فی تهجدهم یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وصفهم بصفات لیست فی الیهود فإنهم منحرفون عن الحق غیر متعبدین باللیل مشركون باللّٰه ملحدون فی صفاته واصفون الیوم الآخر بخلاف صفته مداهنون فی الاحتساب متباطئون عن الخیرات فَلَنْ یُكْفَرُوهُ أی فلن یضیع و لا ینقص ثوابه و لا ینافی ذلك ما سیأتی فی الخبر أن المؤمن مكفر فإن المراد به أنه لا یشكره الناس وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالْمُتَّقِینَ قیل بشارة لهم و إشعار بأن التقوی مبدأ الخیر و حسن العمل.

وَ سارِعُوا(3) أی بادروا إِلی مَغْفِرَةٍ أی إلی أسباب المغفرة و فی المجمع عن أمیر المؤمنین علیه السلام إلی أداء الفرائض وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ عن الصادق علیه السلام إذا وضعوهما كذا و بسط یدیه إحداهما مع الأخری أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ فی الخصال عن أمیر المؤمنین علیه السلام فإنكم لن تنالوها إلا بالتقوی الَّذِینَ یُنْفِقُونَ فِی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ أی فی حالتی الرخاء و الشدة یعنی ینفقون فی أحوالهم كلها ما تیسر لهم من قلیل أو كثیر وَ الْكاظِمِینَ الْغَیْظَ الممسكین علیه الكافین عن إمضائه

ص: 347


1- 1. مجمع البیان ج 2 ص 419.
2- 2. آل عمران: 113- 115.
3- 3. آل عمران: 133- 136.

مع القدرة وَ الْعافِینَ عَنِ النَّاسِ التاركین عقوبة من استحق مؤاخذته وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ قیل یحتمل الجنس و یدخل تحته هؤلاء و العهد فتكون الإشارة إلیهم فی المجمع روی أن جاریة لعلی بن الحسین علیهما السلام جعلت تسكب علیه الماء لیتهیأ للصلاة فسقط الإبریق من یدها فشجه فرفع رأسه إلیها فقالت له الجاریة إن اللّٰه یقول وَ الْكاظِمِینَ الْغَیْظَ فقال لها كظمت غیظی قالت وَ الْعافِینَ عَنِ النَّاسِ قال عفی اللّٰه عنك قالت وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ قال اذهبی فأنت حرة لوجه اللّٰه (1).

وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أی سیئة بالغة فی القبح كالزنا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ قیل بأن أذنبوا أی ذنب كان و قیل الفاحشة الكبیرة و ظلم النفس الصغیرة و قیل الفاحشة ما یتعدی و ظلم النفس ما لیس كذلك و قیل أَوْ ظَلَمُوا أی أذنبوا ذنبا أعظم من الزنا فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ بالندم و التوبة وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ استفهام بمعنی النفی معترض بین المعطوفین و المراد به وصفه تعالی بسعة الرحمة و عموم المغفرة و الحث علی الاستغفار و الوعد بقبول التوبة وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا أی و لم یقیموا علی ذنوبهم غیر مستغفرین و سیأتی معنی الإصرار فی بابه إن شاء اللّٰه وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أی و لم یصروا علی قبیح فعلهم عالمین به وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ أی المغفرة و الجنات

و فی المجالس عن الصادق علیه السلام قال: لما نزلت هذه الآیة صعد إبلیس جبلا فصرخ بأعلا صوته بعفاریته فاجتمعوا إلیه فقالوا یا سیدنا لما دعوتنا قال نزلت هذه الآیة فمن لها فقام عفریت من الشیاطین فقال أنا لها بكذا و كذا قال لست لها فقام آخر فقال مثل ذلك فقال لست لها فقال الوسواس الخناس أنا لها قال بما ذا قال أعدهم و أمنیهم حتی یواقعوا الخطیئة فإذا واقعوا الخطیئة أنسیتهم الاستغفار فقال أنت لها فوكله بها إلی یوم القیامة(2).

و سیأتی قصة بهلول النباش فی ذلك عند ذكر قصص الخائفین (3) لَآیاتٍ لِأُولِی

ص: 348


1- 1. مجمع البیان ج 2 ص 505.
2- 2. أمالی الصدوق: ص 278.
3- 3. أمالی الصدوق: ص 27- 29.

الْأَلْبابِ (1) أی لدلائل واضحة علی التوحید و كمال علمه سبحانه و حكمته و نفاذ قدرته و مشیته لذوی العقول الخالصة عن شوائب الحس و الوهم الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ فی جمیع الأحوال و علی جمیع الهیئات وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ (2). وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: قِیاماً الصَّحِیحُ یُصَلِّی قَائِماً وَ قُعُوداً الْمَرِیضُ یُصَلِّی جَالِساً و عَلی جُنُوبِهِمْ (3) الَّذِی یَكُونُ أَضْعَفَ مِنَ الْمَرِیضِ الَّذِی یُصَلِّی جَالِساً. وَ عَنْهُ علیه السلام: لَا یَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِی صَلَاةٍ مَا كَانَ فِی ذِكْرِ اللَّهِ قَائِماً أَوْ جَالِساً أَوْ مُضْطَجِعاً إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِهِمْ.

وَ یَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و یعتبرون بهما و ستأتی الأخبار فی فضل التفكر رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا الخلق باطِلًا عبثا ضائعا من غیر حكمة یعنی یقولون ذلك سُبْحانَكَ تنزیها لك من العبث و خلق الباطل و هو اعتراض فَقِنا عَذابَ النَّارِ للإخلال بالنظر فیه و القیام بما یقتضیه وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ وضع المظهر موضع المضمر للدلالة علی أن ظلمهم صار سببا لإدخالهم النار و انقطاع النصرة عنهم فی الخلاص و روی العیاشی عن الباقر علیه السلام ما لهم من أئمة یسمونهم بأسمائهم (4) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِیاً هو الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و قیل القرآن فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا قیل أی كبائرنا فإنها ذات تبعات و أذناب وَ كَفِّرْ عَنَّا سَیِّئاتِنا فإنها مستقبحة و لكنها مكفرة عن مجتنب الكبائر وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ مخصوصین بصحبتهم معدودین فی زمرتهم عَلی رُسُلِكَ أی علی ألسنتهم و إنما سألوا ما وعدوا مع أنه لا یخلف اللّٰه وعده تعبدا و استكانة و مخافة أن یكونوا مقصرین فی الأمثال وَ لا تُخْزِنا یَوْمَ الْقِیامَةِ بأن تعصمنا عما یقتضی الخزی إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ بإثابة المؤمن و إجابة الداعی و تكریر ربنا للمبالغة

ص: 349


1- 1. آل عمران: 190- 195.
2- 2. الكافی ج 2 ص 500.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 211.
4- 4. المصدر نفسه ج 1 ص 211.

فی الابتهال و الدلالة علی استقلال المطالب و علو شأنها و فی المجمع عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما نزلت هذه الآیة قال ویل لمن لاكها بین فكیه و لم یتأمل ما فیها(1).

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ إلی طلبتهم أَنِّی لا أُضِیعُ عَمَلَ عامِلٍ إلی قوله بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ لأن الذكر من الأنثی و الأنثی من الذكر أو لأنهما من أصل واحد أو لفرط الاتصال و الاتحاد و لاتفاقهم فی الدین و الطاعة و هو اعتراض فَالَّذِینَ هاجَرُوا الأوطان و العشائر فی الدین وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أُوذُوا فِی سَبِیلِی بسبب إیمانهم باللّٰه و من أجله وَ قاتَلُوا الكفار وَ قُتِلُوا فی الجهاد.

فی مجالس الصدوق أن أمیر المؤمنین علیه السلام لما هاجر من مكة إلی المدینة لیلحق بالنبی و قد قارع الفرسان من قریش و معه فاطمة بنت أسد و فاطمة بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و فاطمة بنت الزبیر فسار ظاهرا قاهرا حتی نزل ضجنان فلزم بها یوما و لیلة و لحق به نفر من ضعفاء المؤمنین و فیهم أم أیمن مولاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان یصلی لیلته تلك هو و الفواطم و یذكرون اللّٰه قیاما و قعودا و علی جنوبهم فلن یزالوا كذلك حتی طلع الفجر فصلی علیه السلام بهم صلاة الفجر ثم سار لوجهه فجعل و هن یصنعون ذلك منزلا بعد منزل یعبدون اللّٰه و یرغبون إلیه كذلك حتی قدم المدینة و قد نزل الوحی بما كان من شأنهم قبل قدومهم الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ الآیات قوله مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثی الذكر علی و الأنثی الفواطم بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ یعنی علی من فاطمة أو قال الفواطم و هن من علی (2).

و أقول ظاهر الآیة یشمل كل من اتصف بهذه الصفات.

إِنْ تُبْدُوا خَیْراً(3) أی تظهروه أَوْ تَعْفُوا عن سوء مع قدرتكم علی

ص: 350


1- 1. مجمع البیان ج 2 ص 554.
2- 2. أمالی الصدوق: ص 00.
3- 3. النساء: 149.

الانتقام و هو المقصود ذكره و ما قبله تمهید له و لذا رتب علیه قوله فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِیراً لم یزل یكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته علی الانتقام.

لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ مِنْهُمْ (1) قالوا أی من الیهود كعبد اللّٰه بن سلام و أصحابه وَ الْمُؤْمِنُونَ أی منهم أو من المهاجرین و الأنصار یُؤْمِنُونَ خبر المبتدإ وَ الْمُقِیمِینَ الصَّلاةَ قیل نصب علی المدح أو عطف علی بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ و المراد بهم الأنبیاء و قرئ بالرفع عطفا علی الراسخون أو الضمیر فی یُؤْمِنُونَ أو علی أنه مبتدأ و الخبر أُولئِكَ سَنُؤْتِیهِمْ أُولئِكَ سَنُؤْتِیهِمْ أَجْراً عَظِیماً لجمعهم بین الإیمان الصحیح و العمل الصالح.

وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ (2) بالإسلام لیذكركم المنعم و یرغبكم فی شكره وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَكُمْ بِهِ قیل یعنی عند إسلامكم بأن تطیعوا اللّٰه فیما یفرضه علیكم سركم أو ساءكم

وَ فِی الْمَجْمَعِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِیثَاقِ مَا بَیَّنَ لَهُمْ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ تَحْرِیمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ كَیْفِیَّةِ الطَّهَارَةِ وَ فَرْضِ الْوَلَایَةِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ (3).

أقول: و هذا داخل فی ذاك إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا قال علی بن إبراهیم لما أخذ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المیثاق علیهم بالولایة قالوا سمعنا و أطعنا ثم نقضوا میثاقه وَ اتَّقُوا اللَّهَ فی إنساء نعمته و نقض میثاقه إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بخفیاتها فضلا عن جلیات أعمالكم قَوَّامِینَ أی بالحق لِلَّهِ خالصا له شُهَداءَ بِالْقِسْطِ أی العدل وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ أی و لا یحملنكم شَنَآنُ قَوْمٍ أی شدة عداوتهم و بغضهم عَلی أَلَّا تَعْدِلُوا فتعتدوا علیهم بارتكاب ما لا یحل كمثلة و قذف و قتل نساء و صبیة و نقض عهد تشفیا مما فی قلوبكم اعْدِلُوا فی أولیائكم و أعدائكم إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ فمجازیكم.

أَنْ یَبْسُطُوا أی یبطشوا إِلَیْكُمْ أَیْدِیَهُمْ بالقتل و الإهلاك فَكَفَّ أَیْدِیَهُمْ

ص: 351


1- 1. النساء: 162.
2- 2. المائدة: 7- 12.
3- 3. مجمع البیان ج 3 ص 168.

عَنْكُمْ منعها أن تمد إلیكم و رد مضرتها عنكم قال علی بن إبراهیم یعنی أهل مكة من قبل فتحها فكف أیدیهم بالصلح یوم الحدیبیة وَ عَلَی اللَّهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فإنه الكافی لإیصال الخیر و دفع الشر اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً كفیلا أمینا شاهدا من كل سبط ینقب عن أحوال قومه و یفتش عنها و یعرف مناقبهم إِنِّی مَعَكُمْ بالنصرة وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِی أی صدقتموهم وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ أی نصرتموهم و قویتموهم وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ بالإنفاق فی سبیله لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ لأغطینها.

مَنْ یَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ (1) جوابه محذوف یعنی فلن یضر دین اللّٰه شیئا فإن اللّٰه لا یخلی دینه من أنصار یحمونه و قال علی بن إبراهیم هو مخاطبة لأصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الذین غصبوا آل محمد حقهم و ارتدوا عن دین اللّٰه یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ یحبهم اللّٰه و یحبون اللّٰه أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ رحماء علیهم من الذل بالكسر الذی هو اللین لا من الذل بالضم الذی هو الهوان أَعِزَّةٍ عَلَی الْكافِرِینَ غلاظ شداد علیهم من عزه إذا غلبه یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بالقتال لإعلاء كلمة اللّٰه و إعزاز دینه وَ لا یَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ فیما یأتون من الجهاد و الطاعة فی المجمع عن الباقر و الصادق علیهما السلام هم أمیر المؤمنین علیه السلام و أصحابه حین قاتل من قاتله من الناكثین و القاسطین و المارقین (2) ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ أی محبتهم لله سبحانه و لین جانبهم للمؤمنین و شدتهم علی الكافرین تفضل من اللّٰه و توفیق و لطف منه و منة من جهته یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ یعطیه من یعلم أنه محل له وَ اللَّهُ واسِعٌ جواد لا یخاف نفاد ما عنده عَلِیمٌ بموضع جوده و عطائه و لا ریب فی نزول آیة إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ فی أمیر المؤمنین علیه السلام و قد مرت الأخبار فی ذلك فی المجلد التاسع (3).

فِیما طَعِمُوا(4) أی من المستلذات أكلا كان أو شربا فإن الطعم یعمهما

ص: 352


1- 1. المائدة: 54 و 55.
2- 2. مجمع البیان ج 3 ص 208.
3- 3. راجع ج 35 ص 183- 206 من هذه الطبعة الحدیثة.
4- 4. المائدة: 93.

و فی المجمع فی تفسیر أهل البیت علیهم السلام فیما طعموا من الحلال إِذا مَا اتَّقَوْا إلی الْمُحْسِنِینَ قال علی بن إبراهیم لما نزل تحریم الخمر و المیسر و التشدید فی أمرهما قال الناس من المهاجرین و الأنصار یا رسول اللّٰه قتل أصحابنا و هم یشربون الخمر و قد سماه اللّٰه رجسا و جعلها من عمل الشیطان و قد قلت ما قلت أ فیضر أصحابنا ذلك شیئا بعد ما ماتوا فأنزل اللّٰه هذه الآیة فهذا لمن مات أو قتل قبل تحریم الخمر و الجناح هو الإثم و هو علی من شربها بعد التحریم و قیل فِیما طَعِمُوا أی مما لم یحرم علیهم إِذا مَا اتَّقَوْا أی المحرم وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أی ثبتوا علی الإیمان و الأعمال الصالحة ثُمَّ اتَّقَوْا أی ما حرم علیهم بعد كالخمر وَ آمَنُوا بتحریمه ثُمَّ اتَّقَوْا أی استمروا و ثبتوا علی اتقاء المعاصی وَ أَحْسَنُوا أی و تحروا الأعمال الجمیلة فاشتغلوا بها.

قیل لما كان لكل من الإیمان و التقوی درجات و منازل كما ورد عنهم علیهم السلام لم یبعد أن یكون تكریرهما فی الآیة إشارة إلی تلك الدرجات و المنازل فإن أوائل درجات الإیمان تصدیقات مشوبة بالشبه و الشكوك علی اختلاف مراتبها و یمكن معها الشرك كما قال سبحانه وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (1) و یعبر عنها بالإسلام كما قال اللّٰه عز و جل قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ (2) و التقوی المتقدمة علیها هی تقوی العام و أواسطها تصدیقات لا یشوبها شك و لا شبهة كما قال اللّٰه عز و جل الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا(3) و أكثر إطلاق الإیمان علیها خاصة كما قال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (4) و التقوی المتقدمة علیها هی تقوی

ص: 353


1- 1. یوسف: 106.
2- 2. الحجرات: 13.
3- 3. الحجرات: 19.
4- 4. الأنفال: 2.

الخاص و أواخرها تصدیقات كذلك مع شهود و عیان و محبة كاملة لله عز و جل كما قال یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ (1) و یعبر عنها تارة بالإحسان كما ورد فی الحدیث النبوی صلی اللّٰه علیه و آله الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه و أخری بالإیقان كما قال وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ (2) و التقوی المتقدمة علیها هی تقوی خاص الخاص و إنما قدمت التقوی علی الإیمان لأن الإیمان إنما یتحصل و یتقوی بالتقوی لأنها كلما ازدادت ازداد الإیمان بحسب ازدیادها و هذا لا ینافی تقدم أصل الإیمان علی التقوی بل ازدیادها بحسب ازدیاده أیضا لأن الدرجة المتقدمة لكل منها غیر الدرجة المتأخرة و مثل ذلك مثل من یمشی بسراج فی ظلمة فكلما أضاء له من الطریق قطعة مشی فیها فیصیر ذلك المشی سببا لإضاءة قطعة أخری منه و هكذا.

وَ اصْبِرُوا(3) أی علی أذیة فرعون و تهدیده إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ الآیة وعد لهم منه بالنصرة و تذكیر لما كان وعدهم من إهلاك القبط و توریثهم دیارهم و فی الأخبار أن الآیة فی الأئمة علیهم السلام یورثهم اللّٰه الأرض فی زمن القائم علیه السلام و هم المتقون و العاقبة لهم (4)

و تدل الآیة علی فضل الاستعانة باللّٰه و الصبر و التقوی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ قیل أی فی الدنیا المؤمن و الكافر بل المكلف و غیره أو فی الدنیا و الآخرة إلا أن قوما لم یدخلوها لضلالهم.

فَسَأَكْتُبُها(5) فسأثبتها و أوجبها فی الآخرة لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ الشرك و المعاصی وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِنا یُؤْمِنُونَ فلا یكفرون بشی ء منها یَهْدُونَ بِالْحَقِ أی بكلمة الحق وَ بِهِ أی و بالحق یَعْدِلُونَ بینهم فی الحكم.

خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ (6) محارم اللّٰه مما یأخذ هؤلاء أَ فَلا یَعْقلُونَ

ص: 354


1- 1. المائدة: 54.
2- 2. البقرة: 4.
3- 3. الأعراف: 128.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 25.
5- 5. الأعراف: 156.
6- 6. الأعراف: 169.

فیعلمون ذلك وَ الَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ إلی قوله أَجْرَ الْمُصْلِحِینَ إما عطف علی الذین یتقون و ما بینهما اعتراض و إما استئناف و وضع الظاهر موضع المضمر لأنه فی معناه و للتنبیه علی أن الإصلاح مانع من الإضاعة و عن الباقر علیه السلام نزلت فی آل محمد و أشیاعهم (1).

فَاتَّقُوا اللَّهَ (2) قیل أی فی الاختلاف و المشاجرة وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ أی الحال التی بینكم بالمواساة و المساعدة فیما رزقكم اللّٰه و تسلیم أمره إلی اللّٰه و الرسول وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فیه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ فإن الإیمان یقتضی ذلك.

إِنَّما یَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ (3) قیل أی إنما یستقیم عمارتها لهؤلاء الجامعین للكمالات العلمیة و العملیة وَ لَمْ یَخْشَ إِلَّا اللَّهَ یعنی فی أبواب الدین بأن لا یختار علی رضا اللّٰه رضا غیره فَعَسی ذكره بصیغة التوقع قطعا لأطماع المشركین فی الاهتداء و الانتفاع بأعمالهم أَعْظَمُ دَرَجَةً أی ممن لم یستجمع هذه الصفات وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ المختصون بالفوز و نیل الحسنی عند اللّٰه مُقِیمٌ أی دائم.

التَّائِبُونَ (4) رفع علی المدح و فی قراءة أهل البیت التائبین إلی قوله و الحافظین و فی الكافی عن الصادق علیه السلام لما نزلت هذه الآیة إِنَّ اللَّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ قام رجل إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا نبی اللّٰه أ رأیتك الرجل یأخذ سیفه فیقاتل حتی یقتل إلا أنه یقترف من هذه المحارم أ شهید هو فأنزل اللّٰه علی رسوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الآیة فبشر النبی صلی اللّٰه علیه و آله المجاهدین من المؤمنین الذین هذه صفتهم و حلیتهم بالشهادة و الجنة و قال التَّائِبُونَ من الذنوب الْعابِدُونَ الذین لا یعبدون إلا اللّٰه و لا یشركون به شیئا الْحامِدُونَ الذین

ص: 355


1- 1. تفسیر القمّیّ ص 229.
2- 2. الأنفال: 1.
3- 3. براءة: 18- 22.
4- 4. براءة: 112.

یحمدون اللّٰه علی كل حال فی الشدة و الرخاء السَّائِحُونَ الصائمون الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الذین یواظبون علی الصلوات الخمس الحافظون لها و المحافظون علیها بركوعها و سجودها و الخشوع فیها و فی أوقاتها الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ بعد ذلك و العاملون به وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنتهون عنه قال فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة الخبر(1).

و أقول إنما فسر السیاحة بالصیام لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله سیاحة أمتی الصیام شبه بها لأنه یعوق عن الشهوات أو لأنه ریاضة نفسانیة یتوصل بها إلی الاطلاع علی خفایا الملك و الملكوت و قیل السائحون للجهاد أو لطلب العلم و قیل فی قوله وَ النَّاهُونَ العاطف فیه للدلالة علی أنه بما عطف علیه فی حكم خصلة واحدة كأنه قال الجامعون بین الوصفین و فی قوله وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ أی فیما بینه و عینه من الحقائق و الشرائع للتنبیه علی أن ما قبله مفصل الفضائل و هذا مجملها و قیل إنه للإیذان بأن التعداد قد تم بالسابع من حیث إن السبعة هو العدد التام و الثامن ابتداء تعداد آخر معطوف علیه و لذلك سمی واو الثمانیة.

وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ قیل یعنی به هؤلاء الموصوفین بتلك الفضائل و وضع المؤمنین موضع ضمیرهم للتنبیه علی أن إیمانهم دعاهم إلی ذلك و أن المؤمن الكامل من كان كذلك و حذف المبشر به للتعظیم كأنه قیل و بشرهم بما یجل عن إحاطة الأفهام و تعبیر الكلام.

إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا(2) أی فی الشدة علی الضراء إیمانا باللّٰه و استسلاما لقضائه وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فی الرخاء شكرا لآلائه سابقها و لاحقها وَ أَخْبَتُوا إِلی رَبِّهِمْ (3) أی اطمأنوا إلیه و خشعوا له مَثَلُ الْفَرِیقَیْنِ أی الكافر و المؤمن

ص: 356


1- 1. الكافی ج 5 ص 15.
2- 2. هود: 11.
3- 3. هود: 23- 24.

كَالْأَعْمی وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِیرِ وَ السَّمِیعِ قیل یجوز أن یراد به تشبیه الكافر بالأعمی لتعامیه عن آیات اللّٰه و بالأصم لتعامیه عن استماع كلام اللّٰه و تأبیه عن تدبر معانیه و شبه المؤمن بالسمیع و البصیر لأن الأمر بالضد فیكون كل منهما مشبها باثنین باعتبار وصفین أو تشبیه الكافر بالجامع بین العمی و الصمم و المؤمن بالجامع بین ضدیهما و العاطف لعطف الصفة علی الصفة مَثَلًا أی تمثیلا أو صفة أو حالا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ بضرب الأمثال و التفكر فیها.

بِعَهْدِ اللَّهِ (1) أی بما عقدوه علی أنفسهم لله وَ لا یَنْقُضُونَ الْمِیثاقَ ما وثقوه من المواثیق بینهم و بین اللّٰه و بین العباد و عن الكاظم علیه السلام أنه میثاق الولایة فی الذر ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ من الرحم و لا سیما رحم آل محمد كما فی الأخبار وَ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فیحاسبون أنفسهم قبل أن یحاسبوا و

عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ الِاسْتِقْصَاءُ و الْمُدَاقَّةُ وَ قَالَ علیه السلام الِاسْتِقْصَاءُ أَنْ تُحْسَبَ عَلَیْهِمُ السَّیِّئَاتُ وَ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ (2).

وَ الَّذِینَ صَبَرُوا علی القیام بأوامر اللّٰه و مشاق التكالیف و عن المصائب فی النفوس و الأموال و عن معاصی اللّٰه ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ أی طلبا لرضاه وَ یَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّیِّئَةَ أی یدفعونها بها فیجازون الإساءة بالإحسان و یتبعون الحسنة السیئة فتمحوها

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ یَا عَلِیُّ مَا مِنْ دَارٍ فِیهَا فَرْحَةٌ إِلَّا تَبِعَهَا مَرْحَةٌ وَ مَا مِنْ هَمٍّ إِلَّا وَ لَهُ فَرَجٌ إِلَّا هَمُّ أَهْلِ النَّارِ إِذَا عَمِلْتَ سَیِّئَةً فَاتَّبِعْهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُهَا سَرِیعاً وَ عَلَیْكَ بِصَنَائِعِ الْخَیْرِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مَصَارِعَ السَّوْءِ(3).

أقول: الخطاب إلیه علیه السلام لتعلیم غیره عُقْبَی الدَّارِ أی عاقبة الدنیا و ما ینبغی أن یكون مال أهلها و هی الجنة و العدن الإقامة أی جنات یقیمون فیها وَ مَنْ صَلَحَ أی یلحق بهم من صلح منهم و من لم یبلغ مبلغ فضلهم تبعا لهم و تعظیما لشأنهم و لیكونوا مسرورین بهم آنسین

ص: 357


1- 1. الرعد: 18- 22.
2- 2. تفسیر القمّیّ ص 340.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 341.

بصحبتهم مِنْ كُلِّ بابٍ من أبواب غرفهم و قصورهم بِما صَبَرْتُمْ أی هذا بسبب صبركم و قال علی بن إبراهیم نزلت فی الأئمة علیهم السلام و شیعتهم الذین صبروا(1).

مَنْ أَنابَ (2) أی أقبل إلی الحق و رجع عن الفساد وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أی تسكن أنسا به و اعتمادا علیه و رجاء منه و روی العیاشی عن الصادق علیه السلام بمحمد تطمئن و هو ذكر اللّٰه و حجابه (3) و قال علی بن إبراهیم الَّذِینَ آمَنُوا الشیعة و ذكر اللّٰه أمیر المؤمنین علیه السلام و الأئمة علیهم السلام و قیل طوبی كبشری و زلفی مصدر من الطیب و فی الأخبار أنه اسم شجرة فی الجنة كما مر و سیأتی (4) و المآب المرجع قانِتاً(5) عن الباقر علیه السلام القانت المطیع و الحنیف المسلم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ أی لأنعم اللّٰه معترفا بها روی أنه كان لا یتغدی إلا مع ضیفه وَ لا یُظْلَمُونَ شَیْئاً(6) أی و لا ینقصون شیئا من جزاء أعمالهم و یجوز أن ینتصب شیئا علی المصدر لِمَنْ تابَ (7) أی من الشرك وَ آمَنَ بما یجب الإیمان به ثُمَّ اهْتَدی إلی ولایة أهل البیت علیهم السلام كما ورد فی الأخبار الكثیرة.

وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً(8) یقتدی بهم یَهْدُونَ الناس إلی الحق بِأَمْرِنا وَ إِقامَ الصَّلاةِ من عطف الخاص علی العام وَ كانُوا لَنا عابِدِینَ موحدین مخلصین فی العبادة و لذا قدم الصلة إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ (9) أی یبادرون إلی أبواب الخیر وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً قال علی بن إبراهیم راغبین راهبین و قیل:

ص: 358


1- 1. تفسیر القمّیّ ص 341.
2- 2. الرعد: 27- 29.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 221.
4- 4. تفسیر القمّیّ ص 342.
5- 5. النحل: 120.
6- 6. مریم: 60.
7- 7. طه: 82.
8- 8. الأنبیاء: 73.
9- 9. الأنبیاء: 90.

لعل المراد الرغبة فی الطاعة لا فی الثواب و الرهبة من المعصیة لا من العقاب لارتفاع مقام الأنبیاء عن ذلك و قد یقال إن أولیاء اللّٰه قد یعملون بعض الأعمال للجنة و صرف النار لأن حبیبهم یحب ذلك أو یقال إن جنة الأولیاء لقاء اللّٰه و قربه و نارهم فراقه و بعده وَ فِی الْكَافِی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الرَّغْبَةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِبَطْنِ كَفَّیْكَ إِلَی السَّمَاءِ وَ الرَّهْبَةُ أَنْ تَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّیْكَ إِلَی السَّمَاءِ(1). وَ كانُوا لَنا خاشِعِینَ أی مخبتین أو دائمین الوجل.

وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِینَ (2) قال علی بن إبراهیم أی العابدین وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ هیبة منه لإشراق أشعة جلاله علیها عَلی ما أَصابَهُمْ من المصائب وَ الْمُقِیمِی الصَّلاةِ فی أوقاتها یُنْفِقُونَ فی وجوه الخیر وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ (3) بسائر ما تعبدكم به وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ أی و تحروا ما هو خیر و أصلح فیما تأتون و تذرون كنوافل الطاعات و صلة الأرحام و مكارم الأخلاق وَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ الأعداء الظاهرة و الباطنة هُوَ اجْتَباكُمْ أی اختاركم لدینه و لنصرته و عن الباقر علیه السلام إیانا عنی و نحن المجتبون (4) مِنْ قَبْلُ أی فی الكتب التی مضت وَ فِی هذا أی القرآن وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ أی وثقوا به فی مجامع أموركم هُوَ مَوْلاكُمْ أی ناصركم و متولی أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلی وَ نِعْمَ النَّصِیرُ هو إذ لا مثل له فی الولایة و النصرة بل لا مولی و لا نصیر سواه فی الحقیقة.

وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (5) فیما یأمرانه أو فی الفرائض و السنن وَ یَخْشَ اللَّهَ فیما صدر عنه من الذنوب وَ یَتَّقْهِ فیما بقی من عمره و قرأ حفص بسكون القاف فشبه تقه بكتف فخفف فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعیم المقیم فَأُوْلئِكَ

ص: 359


1- 1. الكافی ج 2 ص 479.
2- 2. الحجّ: 34 و 35.
3- 3. الحجّ: 77.
4- 4. الكافی ج 1 ص 191.
5- 5. النور: 52.

یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ (1) قد ورد فی أخبار كثیرة مضی بعضها و سیأتی بعضها أن تبدیل السیئات حسنات فی دیوان أعمالهم یوم القیامة و قال الباقر علیه السلام هی فی المذنبین من شیعتنا خاصة فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ أی یرجع إلی اللّٰه وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا(2) قیل هی استثناء للشعراء المؤمنین الصالحین الذین یكثرون ذكر اللّٰه و یكون أكثر أشعارهم فی التوحید و الثناء علی اللّٰه تعالی و الحث علی طاعته و لو قالوا هجوا أرادوا به الانتصار ممن هجاهم من الكفار و مكافاة هجاة المسلمین كحسان و أضرابه و سیأتی الكلام فیه إن شاء اللّٰه تعالی.

هذِهِ الْبَلْدَةِ(3) قال علی بن إبراهیم یعنی مكة شرفها اللّٰه وَ لَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ أی خلقا و ملكا مِنَ الْمُسْلِمِینَ أی المنقادین وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ قیل أی و أن أواظب علی تلاوته لتنكشف لی حقائقه فی تلاوته شیئا فشیئا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ (4) أی لننزلنهم الَّذِینَ صَبَرُوا علی المحن و المشاق و لا یتوكلون إلا علی اللّٰه الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ(5) بیان لإحسانهم أو تخصیص لهذه الثلاثة من شعبه لفضل اعتداد بها وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ لاستجماعهم العقیدة الحقة و العمل الصالح أَقِمِ الصَّلاةَ(6) تكمیلا لنفسك وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ تكمیلا لغیرك وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ من الشدائد و فی المجمع عن علی علیه السلام من المشقة و الأذی فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر(7) إِنَّ ذلِكَ إشارة إلی الصبر أو إلی كل ما أمره مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أی مما عزمه اللّٰه من الأمور أی قطعه قطع إیجاب و إلزام و منه الحدیث أن اللّٰه یحب أن یؤخذ برخصه كما یحب أن یؤخذ بعزائمه وَ لا تُصَعِّرْ

ص: 360


1- 1. الفرقان: 70 و 71.
2- 2. الشعراء: 227.
3- 3. النمل: 91.
4- 4. العنكبوت: 58.
5- 5. لقمان: 4 و 5.
6- 6. لقمان: 17- 19.
7- 7. مجمع البیان ج 8 ص 319.

خَدَّكَ لِلنَّاسِ أی لا تمله عنهم و لا تولهم صفحة خدك كما یفعله المتكبرون و قال علی بن إبراهیم أی لا تذل للناس طمعا فیما عندهم وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً أی فرحا مصدر وقع موقع الحال أو تمرح مرحا أو لأجل المرح و هو البطر و روی علی بن إبراهیم عن الباقر علیه السلام یقول بالعظمة إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ قال الطبرسی أی كل متكبر فخور علی الناس و أقول یطلق الاختیال غالبا علی التكبر فی المشی وَ رُوِیَ فِی الْفَقِیهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی أَنْ یَخْتَالَ الرَّجُلُ فِی مِشْیَتِهِ وَ قَالَ مَنْ لَبِسَ ثَوْباً فَاخْتَالَ فِیهِ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ مِنْ شَفِیرِ جَهَنَّمَ وَ كَانَ قَرِینَ قَارُونَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنِ اخْتَالَ فَخُسِفَ بِهِ وَ بِدَارِهِ الْأَرْضَ وَ مَنِ اخْتَالَ فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ فِی جَبَرُوتِهِ (1).

وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ أی توسط فیه بین الدبیب و الإسراع و قال علی بن إبراهیم أی لا تعجل وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أی اقصر منه و قال علی بن إبراهیم أی لا ترفعه إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أی أوحشها و فی الكافی عن الصادق علیه السلام أنه سئل عنه فقال العطسة القبیحة(2) و فی المجمع عنه علیه السلام قال هی العطسة المرتفعة القبیحة و الرجل یرفع صوته بالحدیث رفعا قبیحا إلا أن یكون داعیا أو یقرأ القرآن (3).

وَ مَنْ یُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَی اللَّهِ (4) بأن فوض أمره إلیه و أقبل بشراشره علیه وَ هُوَ مُحْسِنٌ فی عمله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ أی تعلق بأوثق ما یتعلق به و قال علی بن إبراهیم بالولایة وَ إِلَی اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ إذ الكل صائر إلیه.

إِنَّ الْمُسْلِمِینَ (5) أی الداخلین فی السلم المنقادین لحكم اللّٰه وَ الْمُؤْمِنِینَ أی المصدقین بما یجب أن یصدق به وَ الْقانِتِینَ أی المداومین علی الطاعة وَ الصَّادِقِینَ فی القول و العمل وَ الصَّابِرِینَ علی الطاعات و المعاصی و البلایا

ص: 361


1- 1. الفقیه ج 4 ص 7.
2- 2. الكافی ج 2 ص 656.
3- 3. مجمع البیان ج 8 ص 320.
4- 4. لقمان: 22.
5- 5. الأحزاب: 35.

وَ الْخاشِعِینَ أی المتواضعین لله بقلوبهم و جوارحهم وَ الْمُتَصَدِّقِینَ من أموالهم ابتغاء مرضاة اللّٰه وَ الصَّائِمِینَ لله بنیة صادقة وَ الْحافِظِینَ فُرُوجَهُمْ عن الحرام وَ الذَّاكِرِینَ اللَّهَ كَثِیراً بقلوبهم و ألسنتهم مَغْفِرَةً لذنوبهم وَ أَجْراً عَظِیماً علی طاعتهم.

إِنَّ الَّذِینَ یَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ (1) قیل أی یداومون قراءته أو متابعة ما فیه حتی صارت سمة لهم و عنوانا سِرًّا وَ عَلانِیَةً كیف اتفق من غیر قصد إلیهما و قیل السر فی المسنونة و العلانیة فی المفروضة یَرْجُونَ تِجارَةً تحصیل ثواب بالطاعة و هو خبر إن لَنْ تَبُورَ لن تكسد و لن تهلك بالخسران صفة للتجارة لِیُوَفِّیَهُمْ أُجُورَهُمْ علة لمدلوله أو لمدلول ما عد من امتثالهم أو عاقبة لیرجون وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ علی ما یقابل أعمالهم إِنَّهُ غَفُورٌ لفرطاتهم شَكُورٌ لطاعاتهم أی مجازیهم علیها و هو علة للتوفیة و الزیادة أو خبر إن و یَرْجُونَ حال من واو وَ أَنْفَقُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ (2) أی بلزوم طاعته لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ الظرف إما متعلق بأحسنوا أو بحسنة و علی الأول تشمل الحسنة حسنة الدارین و علی الثانی لا ینافی نیل حسنة الآخرة أیضا و الحسنة فی الدنیا كالصحة و العافیة

وَ فِی مَجَالِسِ الصَّدُوقِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لیه السلام: أَنَّ الْمُؤْمِنَ یَعْمَلُ لِثَلَاثٍ مِنَ الثَّوَابِ إِمَّا لِخَیْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ یُثِیبُهُ بِعَمَلِهِ فِی دُنْیَاهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا لَمْ یُحَاسِبْهُمْ فِی الْآخِرَةِ.

وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ فمن تعسر علیه التوفر علی الإحسان فی وطنه فلیهاجر إلی حیث یتمكن منه إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ علی مشاق الطاعة من احتمال البلاء و مهاجرة الأوطان لها أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ فِی الْكَافِی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَیَأْتُونَ بَابَ الْجَنَّةِ فَیَضْرِبُونَهُ فَیُقَالُ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ فَیَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ الصَّبْرِ فَیُقَالُ لَهُمْ عَلَی مَا صَبَرْتُمْ فَیَقُولُونَ كُنَّا نَصْبِرُ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ نَصْبِرُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَیَقُولُ اللَّهُ

ص: 362


1- 1. فاطر: 29- 30.
2- 2. الزمر: 10.

عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقُوا أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (1).

وَ أُزْلِفَتِ (2) أی قربت غَیْرَ بَعِیدٍ أی مكانا غیر بعید و قال علی بن إبراهیم أُزْلِفَتِ أی زینت غَیْرَ بَعِیدٍ قال بسرعة هذا ما تُوعَدُونَ علی إضمار القول لِكُلِّ أَوَّابٍ أی رجاع إلی اللّٰه بدل من المتقین بإعادة الجار حَفِیظٍ حافظ لحدوده مَنْ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ قیل بدل بعد بدل أو بدل من موصوف أواب أو مبتدأ خبره ادْخُلُوها علی تأویل یقال لهم ادْخُلُوها فإن من بمعنی الجمع و بِالْغَیْبِ حال من الفاعل أو المفعول أو صفة لمصدر أی خشیة متلبسة بالغیب حیث خشی عقابه و هو غائب أو العقاب بعد غیب أو هو غائب عن الأعین لا یراه أحد و تخصیص الرحمن به للإشعار بأنهم رجوا رحمته و خافوا عذابه أو بأنهم یخشون مع علمهم بسعة رحمته و وصف القلب بالإنابة إذ الاعتبار برجوعه إلی اللّٰه فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أی فلم یشكر تلك الأیادی باقتحام العقبة و هو الدخول فی أمر شدید قیل العقبة الطریق فی الجبل استعارها لما فسرها به من الفك و الإطعام ذِی مَسْغَبَةٍ أی مجاعة ذا مَقْرَبَةٍ أی قرابة ذا مَتْرَبَةٍ أی ذا فقر و قال علی بن إبراهیم لا یقیه من التراب شی ء

وَ فِی الْكَافِی عَنِ الرِّضَا علیه السلام: كَانَ إِذَا أَكَلَ أُتِیَ بِصَحْفَةٍ فَتُوضَعُ قُرْبَ مَائِدَتِهِ فَیَعْمِدُ إِلَی أَطْیَبِ الطَّعَامِ مِمَّا یُؤْتَی بِهِ فَیَأْخُذُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ شَیْئاً فَیَضَعُ فِی تِلْكَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ یَأْمُرُ بِهَا لِلْمَسَاكِینِ ثُمَّ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ فَلَا اقْتَحَمَ (3) ثُمَّ یَقُولُ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَیْسَ كُلُّ إِنْسَانٍ یَقْدِرُ عَلَی عِتْقِ رَقَبَةٍ فَجَعَلَ لَهُمُ السَّبِیلَ إِلَی الْجَنَّةِ(4).

و ستأتی الأخبار فی ذلك وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِوَلَایَتِنَا فَقَدْ جَازَ

ص: 363


1- 1. الكافی ج 2 ص 75.
2- 2. ق: 31- 33.
3- 3. البلد: 11- 20.
4- 4. الكافی ج 4 ص 52.

الْعَقَبَةَ وَ نَحْنُ تِلْكَ الْعَقَبَةُ الَّتِی مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا ثُمَّ قَالَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِیدُ النَّارِ غَیْرَكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ اللَّهَ فَكَّ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ قَالَ علیه السلام بِنَا تُفَكُّ الرِّقَابُ وَ بِمَعْرِفَتِنَا وَ نَحْنُ الْمُطْعِمُونَ فِی یَوْمِ الْجُوعِ وَ هُوَ الْمَسْغَبَةُ(1). وَ تَواصَوْا أی أوصی بعضهم بعضا بِالصَّبْرِ علی طاعة اللّٰه بِالْمَرْحَمَةِ أی بالرحمة علی عباده أو بموجبات رحمة اللّٰه أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ أی الیمین أو الیمن وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِنا قیل أی بما نصبناه دلیلا علی الحق من كتاب و حجة أو بالقرآن هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ أی الشمال أو الشؤم عَلَیْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أی مطبقة من أوصدت الباب إذا أطبقته و أغلقته و قال علی بن إبراهیم أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِنا قال الذین خالفوا أمیر المؤمنین علیه السلام هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ قال المشأمة أعداء آل محمد علیهم السلام نارٌ مُؤْصَدَةٌ قال أی مطبقة(2).

«1»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیٌّ علیه السلام. إِنَّ لِأَهْلِ الدِّینِ عَلَامَاتٍ یُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقَ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ وَ رَحْمَةَ الضُّعَفَاءِ وَ قِلَّةَ الْمُرَاقَبَةِ لِلنِّسَاءِ أَوْ قَالَ قِلَّةَ الْمُؤَاتَاةِ لِلنِّسَاءِ وَ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ سَعَةَ الْخُلُقِ وَ اتِّبَاعَ الْعِلْمِ وَ مَا یُقَرِّبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ زُلْفَی طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ وَ طُوبَی شَجَرَةٌ فِی الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِی دَارِ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِی دَارِهِ غُصْنٌ مِنْهَا لَا یَخْطُرُ عَلَی قَلْبِهِ شَهْوَةُ شَیْ ءٍ إِلَّا أَتَاهُ بِهِ ذَلِكَ وَ لَوْ أَنَّ رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِی ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَ لَوْ طَارَ مِنْ أَسْفَلِهَا غُرَابٌ مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّی یَسْقُطَ هَرِماً أَلَا فَفِی هَذَا فَارْغَبُوا إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَفْسِهِ فِی شُغُلٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ إِذَا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ افْتَرَشَ وَجْهَهُ وَ سَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَكَارِمِ بَدَنِهِ یُنَاجِی الَّذِی

ص: 364


1- 1. الكافی ج 1 ص 430.
2- 2. تفسیر القمّیّ ص 726.

خَلَقَهُ فِی فَكَاكِ رَقَبَتِهِ أَلَا فَهَكَذَا كُونُوا(1).

بیان: أن لأهل الدین أی الذین اختاروا دین الإیمان و عملوا بشرائطه و لوازمه و قلة المراقبة للنساء أی المیل إلیهن و الاعتماد علیهن أو الاهتمام بشأنهن و الخوف من مخالفتهن و قیل النظر إلیهن و إلی أدبارهن و هو بعید أو قال أی الصادق علیه السلام و التردید من أبی بصیر و المؤاتاة الموافقة و المطاوعة و فی المصباح رقبته أرقبه من باب قتل حفظته فأنا رقیب و رقبته و ترقبته و ارتقبته انتظرته فأنا رقیب أیضا و راقبت اللّٰه خفت عذابه و قال آتیته علی الأمر بمعنی وافقته و فی لغة لأهل الیمن تبدل الهمزة واوا فیقال واتیته علی الأمر مواتاة و هی المشهور علی ألسنة الناس و فی النهایة فی الحدیث خیر النساء المؤاتیة لزوجها المواتاة حسن المطاوعة و الموافقة و أصله الهمز فخفف و كثر حتی صار یقال بالواو الخالصة و لیس بالوجه.

و بذل المعروف أی الخیر و هو الإحسان بالفضل من المال إلی الغیر و الظاهر أن المراد هنا المال و إن كان المعروف بحسب اللغة أعم و حسن الخلق و سعة الخلق الظاهر أن الخلق بالضم فی الموضعین و المراد أن حسن خلقه عام وسع كل أحد فی جمیع الأحوال فإن بعض الناس مع حسن الخلق قد یقع منهم الطیش العظیم كما یقال نعوذ باللّٰه من غضب الحلیم و ربما یقرأ الأول بالفتح فإن الظاهر عنوان الباطن لكن هذا لیس كلیا فإن حسن الخلق قد یوجد فی غیر أهل الدین كما قال عز و جل فی وصف المنافقین وَ إِذا رَأَیْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ (2) و قیل المراد حسن الأعضاء الظاهرة بالأعمال الفاضلة فإنه من علامات أهل الدین و اتباع العلم أی العمل به و قیل أی عدم اتباع الظن.

و ما یقربهم إلی اللّٰه زلفی أی قربة مفعول مطلق من غیر لفظ الفعل قال الجوهری الزلفة و الزلفی القربة و المنزلة و منه قوله تعالی وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا

ص: 365


1- 1. الكافی ج 2 ص 239.
2- 2. المنافقون: 4.

أَوْلادُكُمْ بِالَّتِی تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفی (1) و هی اسم المصدر كأنه قال بالتی تقربكم عندنا ازدلافا.

طوبی لهم و حسن مآب إشارة إلی قوله سبحانه الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (2) و قال البیضاوی طوبی فعلی من الطیب قلبت یاؤه واوا لضمة ما قبلها و یجوز فیه الرفع و النصب و لذلك قرئ و حسن مآب بالنصب أی حسن مرجع و هو الجنة(3)

و قال فی النهایة طوبی اسم الجنة و قیل هی شجرة فیها و أصلها فعلی من الطیب فلما ضمت الطاء انقلبت الیاء واوا و قد تكررت فی الحدیث و فیه طوبی للشام لأن الملائكة باسطة أجنحتها علیها المراد بها هاهنا فعلی من الطیب لا الجنة و لا الشجرة.

و قال الراغب فی الآیة قیل هو اسم شجرة فی الجنة و قیل بل إشارة إلی كل مستطاب فی الجنة من بقاء بلا فناء و عز بلا ذل و غنی بلا فقر و طوبی شجرة هذا من كلام الصادق علیه السلام أو من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام و لیس من مؤمن كأنه مثال شجرة ولایة أمیر المؤمنین تشعبت فی صدور المؤمنین إلا أتاه به ذلك أی یتدلی و یقربه منه لیأخذه و قیل أی ینبت منه مجدا أی مسرعا صاحب جد و اهتمام فی ظلها أی ما یحاذی أغصانها فإنه لا ظل فی الجنة.

قال فی النهایة و قد یكنی بالظل عن الكنف و الناحیة و منه الحدیث أن فی الجنة شجرة یسیر الراكب فی ظلها مائة عام أی فی ذراها و ناحیتها انتهی و قد روی مسلم فی صحیحه عن أبی سعید الخدری عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال إن فی الجنة شجرة یسیر الراكب الجواد المضمر السریع مائة عام لا یقطعها و فی أخری یسیر الراكب فی ظلها مائة سنة قال عیاض ظلها كنفها و هو ما تستره أغصانها و قد یكون ظلها نعیمها و راحتها من قولهم عیش ظلیل و احتیج إلی تأویل الظل بما ذكر هربا عن الظل فی العرف لأنه ما یقی حر الشمس و لا شمس

ص: 366


1- 1. سبأ: 37.
2- 2. الرعد: 29.
3- 3. أنوار التنزیل ص 213.

فی الجنة و لا برد و إنما نور یتلألأ انتهی.

و قال المازری المضمر بفتح الضاد و شد المیم و رواه بعضهم بكسر المیم الثانیة صفة للراكب المضمر فرسه.

حتی یسقط هرما إنما خص الغراب بالذكر لأنه أطول الطیور عمرا ففی هذا فارغبوا الفاء الثانیة تأكید للفاء الأولی من نفسه فی شغل من بكسر المیم و قد یقرأ بالفتح اسم موصول أی مشغول بإصلاح نفسه لا یلتفت إلی عیوب غیره و لا إلی التعرض لضررهم و لذا الناس منه فی راحة إذا جن علیه اللیل فی مجمع البیان فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ أی أظلم و ستر بظلامه كل ضیاء و قال جن علیه اللیل و جنه اللیل و أجنه اللیل إذا أظل حتی یستره بظلمته انتهی (1).

و المكارم جمع مكرمة أی أعضاؤه الكریمة الشریفة كالوجه و الجبهة و الخدین و الیدین و الركبتین و الإبهامین فی فكاك فی للتعلیل.

«2»- كا، [الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْهَیْثَمِ النَّهْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیُّ الْخِصَالِ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ فَقَالَ وَقَارٌ بِلَا مَهَابَةٍ وَ سَمَاحٌ بِلَا طَلَبِ مُكَافَاةٍ وَ تَشَاغُلٌ بِغَیْرِ مَتَاعِ الدُّنْیَا(2).

بیان: وقار بلا مهابة الوقار الرزانة و المهابة أن یخاف الناس من سطوته و ظلمه و قیل أی من غیر تكبر و فی القاموس الهیبة المخافة و التقیة كالمهابة و قال سمح ككرم سماحا و سماحة و سماحا ككتاب جاد بلا طلب مكافاة من عوض أو ثناء و شكر و أصله مهموز و قد یقلب ألفا بغیر متاع الدنیا من ذكر اللّٰه و ما یقرب العبد إلیه تعالی.

«3»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ خَلِیلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الْعَقْلُ دَلِیلُهُ وَ الْعَمَلُ قَائِدُهُ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ الْبِرُّ أَخُوهُ وَ الصَّبْرُ

ص: 367


1- 1. مجمع البیان ج 4 ص 323.
2- 2. الكافی ج 2 ص 240.

أَمِیرُ جُنُودِهِ (1).

«4»- لی، [الأمالی للصدوق] أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ أَتْقَی النَّاسِ وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ أَغْنَی النَّاسِ وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً(2).

جا، [المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] المفید عن المظفر بن محمد البلخی عن محمد بن همام عن حمید بن زیاد عن إبراهیم بن عبید بن حنان عن الربیع بن سلمان عن السكونی: مثله (3).

«5»- مع، [معانی الأخبار] ل، [الخصال] لی، [الأمالی للصدوق] الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِیكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِی الزِّیَادَةِ مِنْهَا فَذَكَرَهَا عَشَرَةً الْیَقِینَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الصَّبْرَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَیْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوءَةَ(4).

«6»- مع، [معانی الأخبار] لی، [الأمالی للصدوق] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَقَالَ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ صِلَةُ مَنْ قَطَعَكَ وَ إِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَكَ وَ قَوْلُ الْحَقِّ وَ لَوْ عَلَی نَفْسِكَ (5).

ص: 368


1- 1. فی النسخة التی بخط ید المؤلّف قدّس سرّه زیادة بعد ذلك و هی: [ الضوء: العلم ادراك الشی ء بحقیقته، و هو علی ضربین: أحدهما ادراك الذات و الثانی الحكم علی الذات بوجود شی ء له أو نفی شی ء عنه، و الأول یتعدی الی مفعول واحد كقوله تعالی« اللَّهُ یَعْلَمُهُمْ ...] ثم بعده بیاض أربع صفحات.
2- 2. أمالی الصدوق: ص 121.
3- 3. مجالس المفید: ص 215، أمالی الطوسیّ ج 1 ص 120.
4- 4. معانی الأخبار ص 191، الخصال ج 2 ص 51، أمالی الصدوق: ص 133.
5- 5. معانی الأخبار ص 191، أمالی الصدوق: ص 165.

«7»- لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام أَیُّ الْخِصَالِ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ قَالَ وَقَارٌ بِلَا مَهَابَةٍ وَ سَمَاحٌ بِلَا طَلَبِ مُكَافَاةٍ وَ تَشَاغُلٌ بِغَیْرِ مَتَاعِ الدُّنْیَا(1).

ل، [الخصال] العطار عن سعد عن النهدی: مثله (2)

محص، [التمحیص] عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله- ضا، [فقه الرضا علیه السلام] أروی عن العالم علیه السلام: و ذكر مثله.

«8»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ لَمْ یَكُنْ فِیهِ كَثِیرُ مُسْتَمْتَعٍ قِیلَ وَ مَا هُنَّ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ الدِّینُ وَ الْعَقْلُ وَ الْحَیَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ حُسْنُ الْأَدَبِ وَ خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِیهِ لَمْ یَتَهَنَّ بِالْعَیْشِ الصِّحَّةُ وَ الْأَمْنُ وَ الْغِنَی وَ الْقَنَاعَةُ وَ الْأَنِیسُ الْمُوَافِقُ (3).

«9»- مع، [معانی الأخبار] لی، [الأمالی] للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ غُرَفاً یُرَی ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَ بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا یَسْكُنُهَا مِنْ أُمَّتِی مَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَ أَفْشَی السَّلَامَ وَ صَلَّی بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَقَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ یُطِیقُ هَذَا مِنْ أُمَّتِكَ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَ وَ مَا تَدْرِی مَا إِطَابَةُ الْكَلَامِ مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَی سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَی عِیَالِهِ وَ أَمَّا الصَّلَاةُ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَمَنْ صَلَّی الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فِی الْمَسْجِدِ فِی جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا أَحْیَا اللَّیْلَ كُلَّهُ

ص: 369


1- 1. أمالی الصدوق: ص 174.
2- 2. الخصال ج 1 ص 46.
3- 3. أمالی الصدوق: ص 175 و قوله لم یتهن أصله لم یتهنأ.

وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ أَنْ لَا یَبْخَلَ بِالسَّلَامِ عَلَی أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ (1).

«10»- لی، [الأمالی للصدوق] أَبِی عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ هُمْ أَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ رَجُلٌ لَمْ یَدْعُهُ قُدْرَتُهُ فِی حَالِ غَضَبِهِ إِلَی أَنْ یَحِیفَ عَلَی مَنْ تَحْتَ یَدَیْهِ وَ رَجُلٌ مَشَی بَیْنَ اثْنَیْنِ فَلَمْ یَمِلْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ بِشَعِیرَةٍ وَ رَجُلٌ قَالَ الْحَقَّ فِیمَا عَلَیْهِ وَ لَهُ (2).

«11»- لی، [الأمالی للصدوق] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: عَلَیْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُحِبُّهَا وَ إِیَّاكُمْ وَ مَذَامَّ الْأَفْعَالِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُبْغِضُهَا وَ عَلَیْكُمْ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَی عَدَدِ آیَاتِ الْقُرْآنِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَ ارْقَ فَكُلَّمَا قَرَأَ آیَةً رَقِیَ دَرَجَةً وَ عَلَیْكُمْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ یَبْلُغُ بِصَاحِبِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَ عَلَیْكُمْ بِحُسْنِ الْجِوَارِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ بِذَلِكَ وَ عَلَیْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهَا مَطْهَرَةٌ وَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَ عَلَیْكُمْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ فَأَدُّوهَا وَ عَلَیْكُمْ بِمَحَارِمِ اللَّهِ فَاجْتَنِبُوهَا(3).

«12»- لی، [الأمالی للصدوق] الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَیْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ یُدْخِلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی رَحْمَتِهِ وَ یُسْكِنَهُ جَنَّتَهُ فَلْیُحْسِنْ خُلُقَهُ وَ لْیُعْطِ النَّصَفَةَ مِنْ نَفْسِهِ وَ لْیَرْحَمِ الْیَتِیمَ وَ لْیُعِنِ الضَّعِیفَ وَ لْیَتَوَاضَعْ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُ (4).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الغضائری عن الصدوق: مثله (5).

«13»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ رَفَعَهُ إِلَی

ص: 370


1- 1. معانی الأخبار ص 250، أمالی الصدوق ص 198.
2- 2. أمالی الصدوق: ص 215.
3- 3. أمالی الصدوق: ص 216.
4- 4. المصدر ص 234.
5- 5. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 46.

أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكَذِبِ

یَا عَلِیُّ سَیِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثُ خِصَالٍ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرُكَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی كُلِّ حَالٍ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ فَرَحَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ فِی الدُّنْیَا لُقِیُّ الْإِخْوَانِ وَ الْإِفْطَارُ مِنَ الصِّیَامِ وَ التَّهَجُّدُ مِنْ آخِرِ اللَّیْلِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ لَمْ یَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خُلُقٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مِنْ حَقَائِقِ الْإِیمَانِ الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ بَذْلُ الْعِلْمِ لِلْمُتَعَلِّمِ یَا عَلِیُّ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ تُعْطِی مَنْ حَرَمَكَ وَ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ (1).

«14»- ل، [الخصال] الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ فِی نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَتْ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَیْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِیئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ (2).

سن، [المحاسن] أبی عن یونس عن عمرو بن جمیع: مثله (3)

ثو، [ثواب الأعمال] أبی عن علی بن موسی عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علی عن عبد اللّٰه بن علی عن علی بن علی اللّٰهبی عن الصادق

ص: 371


1- 1. الخصال ج 1 ص 62.
2- 2. الخصال ج 1 ص 105.
3- 3. المحاسن: ص 8.

عن آبائه عن النبی صلی اللّٰه علیه و آلهلوات اللّٰه علیهم: مثله (1).

«15»- ل، [الخصال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یُقْسَمْ بَیْنَ الْعِبَادِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسٍ الْیَقِینِ وَ الْقُنُوعِ وَ الصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ وَ الَّذِی یَكْمُلُ لَهُ بِهِ هَذَا كُلُّهُ الْعَقْلُ (2).

«16»- لی، [الأمالی للصدوق] ل، [الخصال] الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی شَیْبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَقَبَّلُوا إِلَیَّ بِسِتِّ خِصَالٍ أَتَقَبَّلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثْتُمْ فَلَا تَكْذِبُوا وَ إِذَا وَعَدْتُمْ فَلَا تُخْلِفُوا وَ إِذَا ائْتُمِنْتُمْ فَلَا تَخُونُوا وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَلْسِنَتَكُمْ (3).

«17»- ل، [الخصال] أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْمَكَارِمُ عَشْرٌ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ فِیكَ فَلْتَكُنْ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِی الرَّجُلِ وَ لَا تَكُونُ فِی وَلَدِهِ وَ تَكُونُ فِی وَلَدِهِ وَ لَا تَكُونُ فِی أَبِیهِ وَ تَكُونُ فِی الْعَبْدِ وَ لَا تَكُونُ فِی الْحُرِّ قِیلَ وَ مَا هُنَّ یَا [ابْنَ] رَسُولِ اللَّهِ قَالَ صِدْقُ الْبَأْسِ وَ صِدْقُ اللِّسَانِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءُ الضَّیْفِ وَ إِطْعَامُ السَّائِلِ وَ الْمُكَافَاةُ عَلَی الصَّنَائِعِ وَ التَّذَمُّمُ لِلْجَارِ وَ التَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ وَ رَأْسُهُنَّ الْحَیَاءُ(4).

جا، [المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ النَّهْدِیِّ عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ: مِثْلَهُ (5).

«18»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِیِّ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِمَكَارِمِ

ص: 372


1- 1. ثواب الأعمال ص 151.
2- 2. الخصال ج 1 ص 137.
3- 3. أمالی الصدوق: ص 55، الخصال ج 1 ص 156.
4- 4. الخصال ج 2 ص 91.
5- 5. أمالی المفید ص 140، أمالی الطوسیّ ج 1 ص 9.

الْأَخْلَاقِ الصَّفْحُ عَنِ النَّاسِ وَ مُوَاسَاةُ الرَّجُلِ أَخَاهُ فِی مَالِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ كَثِیراً(1).

«19»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ بِهَدِیَّةٍ لَمْ یُعْطِهَا أَحَداً قَبْلَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قُلْتُ وَ مَا هِیَ قَالَ الصَّبْرُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الرِّضَا وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الزُّهْدُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْإِخْلَاصُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْیَقِینُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ إِنَّ مَدْرَجَةَ ذَلِكَ التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ وَ مَا التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا یَضُرُّ وَ لَا یَنْفَعُ وَ لَا یُعْطِی وَ لَا یَمْنَعُ وَ اسْتِعْمَالُ الْیَأْسِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ لَمْ یَعْمَلْ لِأَحَدٍ سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ یَرْجُ وَ لَمْ یَخَفْ سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ یَطْمَعْ فِی أَحَدٍ سِوَی اللَّهِ فَهَذَا هُوَ التَّوَكُّلُ قَالَ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الصَّبْرِ قَالَ یَصْبِرُ فِی الضَّرَّاءِ كَمَا یَصْبِرُ فِی السَّرَّاءِ وَ فِی الْفَاقَةِ كَمَا یَصْبِرُ فِی الْغِنَاءِ وَ فِی الْبَلَاءِ كَمَا یَصْبِرُ فِی الْعَافِیَةِ فَلَا یَشْكُو حَالَهُ (2) عِنْدَ الْمَخْلُوقِ بِمَا یُصِیبُهُ مِنَ الْبَلَاءِ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الْقَنَاعَةِ قَالَ یَقْنَعُ بِمَا یُصِیبُ مِنَ الدُّنْیَا یَقْنَعُ بِالْقَلِیلِ وَ یَشْكُرُ الْیَسِیرَ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الرِّضَا قَالَ الرَّاضِی لَا یَسْخَطُ عَلَی سَیِّدِهِ أَصَابَ مِنَ الدُّنْیَا أَمْ لَمْ یُصِبْ وَ لَا یَرْضَی لِنَفْسِهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الزُّهْدِ قَالَ الزَّاهِدُ یُحِبُّ مَنْ یُحِبُّ خَالِقُهُ وَ یُبْغِضُ مَنْ یُبْغِضُ خَالِقُهُ وَ یَتَحَرَّجُ مِنْ حَلَالِ الدُّنْیَا وَ لَا یَلْتَفِتُ إِلَی حَرَامِهَا فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ یَرْحَمُ جَمِیعَ الْمُسْلِمِینَ كَمَا یَرْحَمُ نَفْسَهُ

ص: 373


1- 1. معانی الأخبار ص 191.
2- 2. خالقه خ ل.

وَ یَتَحَرَّجُ مِنَ الْكَلَامِ كَمَا یَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَیْتَةِ الَّتِی قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا وَ یَتَحَرَّجُ عَنْ حُطَامِ الدُّنْیَا وَ زِینَتِهَا كَمَا یَتَجَنَّبُ النَّارَ أَنْ یَغْشَاهَا وَ أَنْ یُقَصِّرَ أَمَلَهُ وَ كَانَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَجَلُهُ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الْإِخْلَاصِ قَالَ الْمُخْلِصُ الَّذِی لَا یَسْأَلُ النَّاسَ شَیْئاً حَتَّی یَجِدَ وَ إِذَا وَجَدَ رَضِیَ وَ إِذَا بَقِیَ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ أَعْطَاهُ فِی اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَسْأَلِ الْمَخْلُوقَ فَقَدْ أَقَرَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْعُبُودِیَّةِ وَ إِذَا وَجَدَ فَرَضِیَ فَهُوَ عَنِ اللَّهِ رَاضٍ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْهُ رَاضٍ وَ إِذَا أَعْطَی لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُوَ عَلَی حَدِّ الثِّقَةِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الْیَقِینِ

قَالَ الْمُؤْمِنُ یَعْمَلُ لِلَّهِ كَأَنَّهُ یَرَاهُ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ یَرَی اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ یَرَاهُ وَ أَنْ یَعْلَمَ یَقِیناً أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُخْطِئَهُ وَ مَا فَاتَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ وَ هَذَا كُلُّهُ أَغْصَانُ التَّوَكُّلِ وَ مَدْرَجَةُ الزُّهْدِ(1).

«20»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ الْمَرَاغِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی حَیَّةَ أَبِی الْحُبَابِ عَنْ أَبِی الْعَالِیَةِ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سِتٌّ مَنْ عَمِلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَادَلَتْ عَنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ یَقُولُ أَیْ رَبِّ قَدْ كَانَ یَعْمَلُ بِی فِی الدُّنْیَا الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الْحَجُّ وَ الصِّیَامُ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ (2).

جا، [المجالس للمفید] الْمَرَاغِیُّ: مِثْلَهُ (3).

«21»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ عَنْ حَیْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْكَشِّیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْمُخَارِقِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ عِفَّةِ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ تَكُونُوا

ص: 374


1- 1. معانی الأخبار ص 460- 261.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 9.
3- 3. مجالس المفید ص 141.

مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی (1).

«22»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقْرَبُكُمْ غَداً مِنِّی فِی الْمَوْقِفِ أَصْدَقُكُمْ لِلْحَدِیثِ وَ أداء الأمانة [آدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ] وَ أَوْفَاكُمْ بِالْعَهْدِ وَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ (2).

جا، [المجالس للمفید] المراغی عن الحسن بن علی الكوفی عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبیه عن محمد بن إسماعیل الهاشمی عن عبد المؤمن عن الباقر علیه السلام عن جابر بن عبد اللّٰه عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله: مثله.

«23»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِدَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ یَا دَاوُدُ إِنَّ خِصَالَ الْمَكَارِمِ بَعْضُهَا مُقَیَّدٌ بِبَعْضٍ یَقْسِمُهَا اللَّهُ حَیْثُ شَاءَ یَكُونُ فِی الرَّجُلِ وَ لَا یَكُونُ فِی ابْنِهِ وَ یَكُونُ فِی الْعَبْدِ وَ لَا یَكُونُ فِی سَیِّدِهِ صِدْقُ الْحَدِیثِ وَ صِدْقُ الْبَأْسِ وَ إِعْطَاءُ السَّائِلِ وَ الْمُكَافَاةُ بِالصَّنَائِعِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ التَّوَدُّدُ إِلَی الْجَارِ وَ الصَّاحِبِ وَ قِرَی الضَّیْفِ وَ رَأْسُهُنَّ الْحَیَاءُ(3).

«24»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلَیْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَنِی بِهَا وَ إِنَّ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَنْ یَعْفُوَ الرَّجُلُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ یُعْطِیَ مَنْ حَرَمَهُ وَ یَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ وَ أَنْ یَعُودَ مَنْ لَا یَعُودُهُ (4).

«25»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ

ص: 375


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 226.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 233.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 308.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 92.

لِرَجُلٍ وَ هُوَ یُوصِیهِ خُذْ مِنِّی خَمْساً لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحْیِی أَنْ یَتَعَلَّمَ مَا لَا یَعْلَمُ وَ لَا یَسْتَحْیِی إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ(1).

«26»- ل، [الخصال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ نَجِیحٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیهما السلام أُوتِینَا مَا أُوتِیَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَوْا وَ عُلِّمْنَا مَا عُلِّمَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُعَلَّمُوا فَلَمْ نَجِدْ شَیْئاً أَفْضَلَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ الْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ (2).

ضه، [روضة الواعظین] كتاب الغایات، عن أبی جعفر علیه السلام: و ذكرا مثله.

«27»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. خَمْسَةٌ لَوْ رَحَلْتُمْ فِیهِنَّ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَی مِثْلِهِنَّ لَا یَخَافُ عَبْدٌ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَسْتَحْیِی الْجَاهِلُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ لَا یَسْتَحْیِی أَحَدُكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ (3).

ل، [الخصال] أحمد بن إبراهیم عن زید بن محمد البغدادی عن عبد اللّٰه بن أحمد عن أبیه عن الرضا عن آبائه علیهم السلام عن علی علیه السلام: مثله (4).

«28»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّكُونِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ السَّرِیِّ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام. خُذُوا عَنِّی كَلِمَاتٍ لَوْ رَكِبْتُمُ الْمَطَایَا فَأَنْضَیْتُمُوهَا(5)

لَمْ تُصِیبُوا مِثْلَهُنَّ أَلَا

ص: 376


1- 1. قرب الإسناد ص 95.
2- 2. الخصال ج 1 ص 114.
3- 3. عیون أخبار الرضا ج 2 ص 44، و فیه: لو رحلتم فیهن المطایا.
4- 4. الخصال ج 1 ص 152.
5- 5. یقال: أنضی بعیره إنضاء: إذا هزله بكثرة السیر.

لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحْیِی إِذَا لَمْ یَعْلَمْ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ لَا یَسْتَحْیِی إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَیْرَ فِی جَسَدٍ لَا رَأْسَ لَهُ (1).

«29»- ل، [الخصال] الْخَلِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَنِیعٍ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَوْ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سَبْعَةٌ یُظِلُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی ظِلِّهِ (2) یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَ شَابٌّ نَشَأَ فِی عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّی یَعُودَ إِلَیْهِ وَ رَجُلَانِ كَانَا فِی طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاجْتَمَعَا عَلَی ذَلِكَ وَ تَفَرَّقَا وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِیاً فَفَاضَتْ عَیْنَاهُ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَ جَمَالٍ فَقَالَ إِنِّی أَخَافُ اللَّهَ وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّی لَا یَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا یَتَصَدَّقُ بِیَمِینِهِ (3).

«30»- ل، [الخصال] الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِشْكِیبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ رَفَعَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سَبْعَةٌ فِی ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَ شَابٌّ نَشَأَ فِی عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِیَمِینِهِ فَأَخْفَاهُ عَنْ شِمَالِهِ وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِیاً فَفَاضَتْ عَیْنَاهُ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ رَجُلٌ لَقِیَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ إِنِّی لَأُحِبُّكَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ فِی نِیَّتِهِ أَنْ یَرْجِعَ إِلَیْهِ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتَ جَمَالٍ إِلَی نَفْسِهَا فَقَالَ إِنِّی أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِینَ (4).

«31»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام

ص: 377


1- 1. الخصال ج 1 ص 152.
2- 2. ظل عرشه خ ل.
3- 3. الخصال ج 2 ص 2.
4- 4. الخصال ج 2 ص 2.

یَقُولُ: مَا مِنْ خُطْوَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ خُطْوَتَیْنِ خُطْوَةٍ یَسُدُّ بِهَا الْمُؤْمِنُ صَفّاً فِی اللَّهِ وَ خُطْوَةٍ إِلَی ذِی رَحِمٍ قَاطِعٍ وَ مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ جُرْعَتَیْنِ جُرْعَةِ غَیْظٍ رَدَّهَا مُؤْمِنٌ بِحِلْمٍ وَ جُرْعَةِ مُصِیبَةٍ رَدَّهَا مُؤْمِنٌ بِصَبْرٍ وَ مَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَطْرَتَیْنِ قَطْرَةِ دَمٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَطْرَةِ دَمْعَةٍ فِی سَوَادِ اللَّیْلِ لَا یُرِیدُ بِهَا عَبْدٌ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ (1).

كتاب الغایات، عن أبی حمزة الثمالی: و ذكر مثله- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فضالة عن الحسین بن عثمان عن رجل عن الثمالی عن أبی جعفر علیه السلام: مثله.

«32»- ل، [الخصال] الْفَامِیُّ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَالَ إِبْلِیسُ خَمْسَةٌ لَیْسَ لِی فِیهِنَّ حِیلَةٌ وَ سَائِرُ النَّاسِ فِی قَبْضَتِی مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَنْ نِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ اتَّكَلَ عَلَیْهِ فِی جَمِیعِ أُمُورِهِ وَ مَنْ كَثُرَ تَسْبِیحُهُ فِی لَیْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ مَنْ رَضِیَ لِأَخِیهِ الْمُؤْمِنِ مَا یَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ لَمْ یَجْزَعْ عَلَی الْمُصِیبَةِ حَتَّی تُصِیبَهُ وَ مَنْ رَضِیَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ وَ لَمْ یَهْتَمَّ لِرِزْقِهِ (2).

«33»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الصَّبْرَ وَ الْبِرَّ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِیَاءِ(3).

«34»- ل، [الخصال] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَقُولُ: إِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِكَمَالِ دِینِ الْمُسْلِمِ تَرْكُهُ الْكَلَامَ فِیمَا لَا یَعْنِیهِ وَ قِلَّةُ الْمِرَاءِ وَ حِلْمُهُ وَ صَبْرُهُ وَ حُسْنُ

ص: 378


1- 1. المحاسن: ص 292.
2- 2. الخصال ج 1 ص 137 و فیه« حین تصیبه».
3- 3. الخصال ج 1 ص 121.

خُلُقِهِ (1).

«35»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِینَارٍ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: الصِّدْقُ أَمَانَةٌ وَ الْكَذِبُ خِیَانَةٌ وَ الْأَدَبُ رِئَاسَةٌ وَ الْحَزْمُ كِیَاسَةٌ وَ السَّرَفُ مَثْوَاةٌ وَ الْقَصْدُ مَثْرَاةٌ وَ الْحِرْصُ مَفْقَرَةٌ وَ الدَّنَاءَةُ مَحْقَرَةٌ وَ السَّخَاءُ قُرْبَةٌ وَ اللَّوْمُ غُرْبَةٌ وَ الدِّقَّةُ اسْتِكَانَةٌ وَ الْعَجْزُ مَهَانَةٌ وَ الْهَوَی مَیْلٌ وَ الْوَفَاءُ كَیْلٌ وَ الْعُجْبُ هَلَاكٌ وَ الصَّبْرُ مِلَاكٌ (2).

«36»- ل، [الخصال] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ أَشَدِّ مَا عَمِلَ الْعِبَادُ إِنْصَافُ الْمَرْءِ مِنْ نَفْسِهِ وَ مُوَاسَاةُ الْمَرْءِ أَخَاهُ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ هُوَ أَنْ یَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ الْمَعْصِیَةِ یَهُمُّ بِهَا فَیَحُولُ ذِكْرُ اللَّهِ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ تِلْكَ الْمَعْصِیَةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (3).

«37»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْقَمَّاطِ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا یَكْمُلُ إِیمَانُ الْعَبْدِ حَتَّی یَكُونَ فِیهِ أَرْبَعُ خِصَالٍ یُحْسِنُ خُلُقَهُ وَ یَسْتَخِفُّ نَفْسَهُ وَ یُمْسِكُ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ وَ یُخْرِجُ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ (4).

أقول: قد مضی بعض أخبار الباب فی باب صفات المؤمن (5)

ص: 379


1- 1. الخصال ج 1 ص 139.
2- 2. الخصال ج 2 ص 94.
3- 3. الخصال ج 1 ص 65، و الآیة فی الأعراف 201.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 125.
5- 5. راجع ج 67 ص 261- 384.

سن، [المحاسن] أبی عن أبی سعید القماط: مثله (1).

«38»- جا، [المجالس للمفید] ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ أُعِینَ عَلَی إِیمَانِهِ وَ مُحِّصَتْ ذُنُوبُهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَ لَوْ كَانَ فِیمَا بَیْنَ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمَیْهِ ذُنُوبٌ حَطَّهَا اللَّهُ عَنْهُ وَ هِیَ الْوَفَاءُ بِمَا یَجْعَلُ لِلَّهِ عَلَی نَفْسِهِ وَ صِدْقُ اللِّسَانِ مَعَ النَّاسِ وَ الْحَیَاءُ مِمَّا یَقْبُحُ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ مَعَ الْأَهْلِ وَ النَّاسِ وَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَسْكَنَهُ اللَّهُ فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ فِی غُرَفٍ فَوْقَ غُرَفٍ فِی مَحَلِّ الشَّرَفِ كُلِّ الشَّرَفِ مَنْ آوَی الْیَتِیمَ وَ نَظَرَ لَهُ فَكَانَ لَهُ أَباً وَ مَنْ رَحِمَ الضَّعِیفَ وَ أَعَانَهُ وَ كَفَاهُ وَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَی وَالِدَیْهِ وَ رَفَقَ بِهِمَا وَ بَرَّهُمَا وَ لَمْ یَحْزُنْهُمَا وَ مَنْ لَمْ یَخْرِقْ بِمَمْلُوكِهِ وَ أَعَانَهُ عَلَی مَا یُكَلِّفُهُ وَ لَمْ یَسْتَسْعِهِ فِیمَا لَمْ یُطِقْ (2).

جا، [المجالس للمفید] أحمد: مثله (3).

«39»- لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشَیْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّیْطَانُ عَنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ قَالُوا بَلَی قَالَ الصَّوْمُ یُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْمُوَازَرَةُ عَلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ یَقْطَعَانِ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ یَقْطَعُ وَتِینَهُ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ الصِّیَامُ (4).

«40»- فس، [تفسیر القمی] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ شَغَلَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ وَ تَوَاضَعَ مِنْ غَیْرِ مَنْقَصَةٍ وَ جَالَسَ أَهْلَ التَّفَقُّهِ وَ الرَّحْمَةِ وَ جَالَسَ أَهْلَ الذِّكْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ أَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ

ص: 380


1- 1. المحاسن: ص 8.
2- 2. أمالی المفید ص 107، أمالی الطوسیّ ج 1 ص 192.
3- 3. مجالس المفید ص 184.
4- 4. أمالی الصدوق: ص 37.

ذَلَّ فِی نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِیقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ وَ عَدَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ سَعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ یَتَعَدَّ إِلَی الْبِدْعَةِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ لَزِمَ بَیْتَهُ وَ أَكَلَ كِسْرَتَهُ وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِی تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ.

«41»- لی، [الأمالی للصدوق] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّی غَداً وَ أَوْجَبَكُمْ عَلَیَّ شَفَاعَةً أَصْدَقُكُمْ لِسَاناً وَ آدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ وَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ (1).

«42»- ل، [الخصال] أَبِی عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الْجَارُودِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّی لَا تَرْضَی لَهُمْ مِنْهَا بِشَیْ ءٍ إِلَّا رَضِیتَ لَهُمْ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَ مُوَاسَاتُكَ الْأَخَ فِی الْمَالِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَیْسَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَطْ وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَخَذْتَ بِهِ وَ إِذَا وَرَدَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ نَهَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ تَرَكْتَهُ (2).

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الحسین بن إبراهیم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكریا عن الحسن بن فضال: مثله (3)

جا، [المجالس للمفید] أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن معروف عن علی بن مهزیار عن علی بن عقبة: مثله (4)

ص: 381


1- 1. أمالی الصدوق: 304.
2- 2. الخصال ج 1 ص 65.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 293.
4- 4. مجالس المفید 121.

«43»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ دُرُسْتَ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: ثَلَاثٌ لَا یُطِیقُهُنَّ النَّاسُ الصَّفْحُ عَنِ النَّاسِ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ أَخَاهُ فِی مَالِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ كَثِیراً(1).

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر النضر: مثله.

«44»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْحَلَّالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَشْرَسَ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ أَیُّوبَ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی قِلَابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَسَرَّ مَا یَرْضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ مَا یَسُرُّهُ وَ مَنْ أَسَرَّ مَا یُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَظْهَرَ اللَّهُ مَا یُخْزِیهِ وَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ أَفْقَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ مَنْ سَعَی فِی رِضْوَانِ اللَّهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَذَلَّ مُؤْمِناً أَذَلَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ عَادَ مَرِیضاً فَإِنَّهُ یَخُوضُ فِی الرَّحْمَةِ وَ أَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی حَقْوَیْهِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَ الْمَرِیضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَیْتِهِ یَطْلُبُ عِلْماً شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ مَنْ كَظَمَ غَیْظاً مَلَأَ اللَّهُ جَوْفَهُ إِیمَاناً وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مُحَرَّمٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَةً تَسُرُّهُ وَ مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلِمَةٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهَا عِزّاً فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ بَنَی مَسْجِداً وَ لَوْ مَفْحَصَ قَطَاةٍ بَنَی اللَّهُ لَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ.

وَ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً فَهِیَ فَدَاهُ مِنَ النَّارِ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهَا فِدَاءُ عُضْوٍ مِنْهُ وَ مَنْ أَعْطَی دِرْهَماً فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ وَ مَنْ أَمَاطَ عَنْ طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ مَا یُؤْذِیهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ قِرَاءَةِ أَرْبَعِ مِائَةِ آیَةٍ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ وَ مَنْ لَقِیَ عَشَرَةً مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَ مَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً لُقْمَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ سَقَاهُ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ وَ مَنْ كَسَاهُ ثَوْباً كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ الْإِسْتَبْرَقِ وَ الْحَرِیرِ وَ صَلَّی عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا بَقِیَ فِی ذَلِكَ الثَّوْبِ سِلْكٌ (2).

ص: 382


1- 1. الخصال ج 1 ص 66.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 185.

«45»- لی، [الأمالی للصدوق] جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُتِیَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأُسَارَی فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ خَلَا رَجُلٍ مِنْ بَیْنِهِمْ فَقَالَ الرَّجُلُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ أَطْلَقْتَ عَنِّی مِنْ بَیْنِهِمْ فَقَالَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ فِیكَ خَمْسَ خِصَالٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ الْغَیْرَةَ الشَّدِیدَةَ عَلَی حَرَمِكَ وَ السَّخَاءَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ صِدْقَ اللِّسَانِ وَ الشَّجَاعَةَ فَلَمَّا سَمِعَهَا الرَّجُلُ أَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قِتَالًا شَدِیداً حَتَّی اسْتُشْهِدَ(1).

ل، [الخصال] أبی عن سعد عن البرقی: مثله (2)

ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] الصدوق عن أبیه عن سعد عن البرقی: مثله.

«46»- لی، [الأمالی للصدوق] عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام قَالَ مُوسَی إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ شَهِدَ أَنِّی رَسُولُكَ وَ نَبِیُّكَ وَ أَنَّكَ كَلَّمْتَنِی قَالَ یَا مُوسَی تَأْتِیهِ

مَلَائِكَتِی فَتُبَشِّرُهُ بِجَنَّتِی قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَامَ بَیْنَ یَدَیْكَ یُصَلِّی قَالَ یَا مُوسَی أُبَاهِی بِهِ مَلَائِكَتِی رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ مَنْ بَاهَیْتُ بِهِ مَلَائِكَتِی لَمْ أُعَذِّبْهُ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِیناً ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ یَا مُوسَی آمُرُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ قَالَ یَا مُوسَی أَنْسِئُ لَهُ أَجَلَهُ وَ أُهَوِّنُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ یُنَادِیهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ هَلُمَّ إِلَیْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَیِّ أَبْوَابِهَا شِئْتَ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ ذَكَرَكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ یَا مُوسَی أُظِلُّهُ

ص: 383


1- 1. أمالی الصدوق: 163.
2- 2. الخصال ج 1 ص 135.

یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِظِلِّ عَرْشِی وَ أَجْعَلُهُ فِی كَنَفِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَلَا حِكْمَتَكَ سِرّاً وَ جَهْراً قَالَ یَا مُوسَی یَمُرُّ عَلَی الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَی أَذَی النَّاسِ وَ شَتْمِهِمْ فِیكَ قَالَ أُعِینُهُ عَلَی أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أَقِی وَجْهَهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَ أُومِنُهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْخِیَانَةَ حَیَاءً مِنْكَ قَالَ یَا مُوسَی لَهُ الْأَمَانُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ طَاعَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أُحَرِّمُهُ عَلَی نَارِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَالَ لَا أَنْظُرُ إِلَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَا أُقِیلُ عَثْرَتَهُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً كَافِرَةً إِلَی الْإِسْلَامِ قَالَ یَا مُوسَی آذَنُ لَهُ فِی الشَّفَاعَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لِمَنْ یُرِیدُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّی الصَّلَوَاتِ لِوَقْتِهَا قَالَ أُعْطِیهِ سُؤْلَهُ وَ أُبِیحُهُ جَنَّتِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ أَبْعَثُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَهُ نُورٌ بَیْنَ عَیْنَیْهِ یَتَلَأْلَأُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ لَكَ مُحْتَسِباً قَالَ یَا مُوسَی أُقِیمُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَقَاماً لَا یَخَافُ فِیهِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ یُرِیدُ بِهِ النَّاسَ قَالَ یَا مُوسَی ثَوَابُهُ كَثَوَابِ مَنْ لَمْ یَصُمْهُ (1).

«46»- لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ عَنِ

ص: 384


1- 1. أمالی الصدوق: ص 125.

الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْخَزَّازِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلٌ صَدُوقٌ فِی حَدِیثِهِ مُحَافِظٌ عَلَی صَلَوَاتِهِ وَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ مَعَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَنِ اؤْتُمِنَ عَلَی أَمَانَةٍ فَأَدَّاهَا فَقَدْ حَلَّ أَلْفَ عُقْدَةٍ مِنْ عُنُقِهِ مِنْ عُقَدِ النَّارِ فَبَادِرُوا بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فَإِنَّ مَنِ اؤْتُمِنَ عَلَی أَمَانَةٍ وَكَّلَ بِهِ إِبْلِیسُ مِائَةَ شَیْطَانٍ مِنْ مَرَدَةِ أَعْوَانِهِ لِیُضِلُّوهُ وَ یُوَسْوِسُوا إِلَیْهِ حَتَّی یُهْلِكُوهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (1).

«47»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زَادَ اللَّهُ فِی رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زَادَ اللَّهُ فِی عُمُرِهِ (2).

«48»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الْوَلِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الصَّیْقَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ فِیهِ بِأَهْلِ بَیْتِهِ (3).

«48»- ل، [الخصال] ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ مُحِّصَتْ ذُنُوبُهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ مَنْ وَفَی لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا یَجْعَلُ عَلَی نَفْسِهِ لِلنَّاسِ وَ صَدَقَ لِسَانُهُ مَعَ النَّاسِ وَ اسْتَحْیَا مِنْ كُلِّ قَبِیحٍ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ أَهْلِهِ (4).

سن، [المحاسن] أبی عن ابن محبوب: مثله (5)

ص: 385


1- 1. أمالی الصدوق: 177.
2- 2. الخصال ج 1 ص 44.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 250.
4- 4. الخصال ج 1 ص 106.
5- 5. المحاسن: 8.

ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] المفید عن أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن عیسی عن محمد بن عبد الجبار عن ابن محبوب: مثله (1).

«49»- ل، [الخصال] سُلَیْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِیُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ خواجة [خَرَاجَةَ] عَنْ أَبِی كُرَیْبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَبْسِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ فَلَیْسَ مِنِّی وَ لَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا هُنَّ قَالَ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ یَعِیشُ بِهِ فِی النَّاسِ وَ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2).

«50»- ل، [الخصال] أَحْمَدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ نَشَرَ اللَّهُ عَلَیْهِ كَنَفَهُ وَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ فِی رَحْمَتِهِ حُسْنُ خُلُقٍ یَعِیشُ بِهِ فِی النَّاسِ وَ رِفْقٌ بِالْمَكْرُوبِ وَ شَفَقَةٌ عَلَی الْوَالِدَیْنِ وَ إِحْسَانٌ إِلَی الْمَمْلُوكِ (3).

«51»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَفْضَلُ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْجِهَادُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ حِجُّ الْبَیْتِ فَإِنَّهُ مِیقَاتٌ لِلدِّینِ وَ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهُ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ مَنْسَاةٌ لِلْأَجَلِ وَ الصَّدَقَةُ فِی السِّرِّ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْخَطِیئَةَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِیتَةَ السَّوْءِ وَ تَقِی مَصَارِعَ الْهَوَانِ أَلَا فَاصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ صَدَقَ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَ

ص: 386


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 71.
2- 2. الخصال ج 1 ص 71.
3- 3. الخصال ج 1 ص 107.

الْكَذِبَ مُجَانِبُ الْإِیمَانِ أَلَا وَ إِنَّ الصَّادِقَ عَلَی شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ أَلَا وَ إِنَّ الْكَاذِبَ عَلَی شَفَا مَخْزَاةٍ وَ هَلَكَةٍ أَلَا وَ قُولُوا خَیْراً تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَیْهِمْ (1).

ع، [علل الشرائع] أبی عن سعد عن إبراهیم بن مهزیار عن أخیه علی عن حماد بن عیسی عن إبراهیم بن عمر رفعه إلی علی بن أبی طالب علیه السلام.مثله- سن، [المحاسن] أبی عن حماد عن إبراهیم بن عمر: مثله (2)

و سیأتی فی أبواب المواعظ.

«52»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنْ سِجَادَةَ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَمْسُ خِصَالٍ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا فَلَیْسَ فِیهِ كَثِیرُ مُسْتَمْتَعٍ أَوَّلُهَا الْوَفَاءُ وَ الثَّانِیَةُ التَّدْبِیرُ وَ الثَّالِثَةُ الْحَیَاءُ وَ الرَّابِعَةُ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الْخَامِسَةُ وَ هِیَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ الْحُرِّیَّةُ(3).

«53»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ قُتَیْبَةَ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْعَجَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِ لَمْ یَكُنْ فِیهِ كَثِیرُ مُسْتَمْتَعٍ الدِّینُ وَ الْعَقْلُ وَ الْأَدَبُ وَ الْحُرِّیَّةُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ (4).

«54»- ل، [الخصال] فِی خَبَرِ الْأَعْمَشِ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: بَعْدَ ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ دِینُهُمُ الْوَرَعُ وَ الْعِفَّةُ وَ الصِّدْقُ وَ الصَّلَاحُ وَ الِاجْتِهَادُ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ طُولُ السُّجُودِ وَ قِیَامُ اللَّیْلِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ وَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ وَ حُسْنُ الْجِوَارِ(5).

ص: 387


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 1 ص 220.
2- 2. المحاسن: ص 289.
3- 3. الخصال ج 1 ص 137.
4- 4. الخصال ج 1 ص 143.
5- 5. الخصال ج 2 ص 79.

«55»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ كَیْفَ شَاءَ كَظْمُ الْغَیْظِ وَ الصَّبْرُ عَلَی السُّیُوفِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ أَشْرَفَ عَلَی مَالٍ حَرَامٍ فَتَرَكَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).

«56»- ل، [الخصال] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: أَوْصَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَبْعٍ أَوْصَانِی أَنْ أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ دُونِی وَ لَا أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقِی وَ أَوْصَانِی بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ وَ الدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَوْصَانِی أَنْ أَصِلَ رَحِمِی وَ إِنْ أَدْبَرَتْ وَ أَوْصَانِی أَنْ لَا أَخَافَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ قَوْلِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ(2).

أقول: سیأتی بأسانیده فی أبواب المواعظ.

«57»- ل، [الخصال] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام طُوبَی لِمَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِكْراً وَ نَظَرُهُ عَبَراً وَ وَسِعَهُ بَیْتُهُ وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ (3).

«58»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَالِمٍ الْفَرَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَیْتُ فِیهَا قَصْراً مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ یُرَی بَاطِنُهُ مِنْ ظَاهِرِهِ لِضِیَائِهِ وَ نُورِهِ وَ فِیهِ قُبَّتَانِ مِنْ دُرٍّ وَ زَبَرْجَدٍ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالَ:

ص: 388


1- 1. الخصال ج 1 ص 43.
2- 2. الخصال ج 2 ص 3.
3- 3. الخصال ج 1 ص 142.

هُوَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَ أَدَامَ الصِّیَامَ وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَ تَهَجَّدَ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ.

قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ فِی أُمَّتِكَ مَنْ یُطِیقُ هَذَا فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا إِطَابَةُ الْكَلَامِ فَقُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ [قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَ تَدْرِی مَا إِدَامَةُ الصِّیَامِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ] قَالَ مَنْ صَامَ شَهْرَ الصَّبْرِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ لَمْ یُفْطِرْ مِنْهُ یَوْماً أَ تَدْرِی مَا إِطْعَامُ الطَّعَامِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ طَلَبَ لِعِیَالِهِ مَا یَكُفُّ بِهِ وُجُوهَهُمْ عَنِ النَّاسِ أَ تَدْرِی مَا التَّهَجُّدُ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ لَمْ یَنَمْ حَتَّی یُصَلِّیَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ النَّاسُ مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی وَ غَیْرِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِینَ نِیَامٌ بَیْنَهُمَا(1).

«59»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْیَرِیِّ جَمِیعاً عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: آفَةُ الْحَدِیثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ الْحِلْمِ السَّفَهُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ (2) وَ آفَةُ الشَّجَاعَةِ الْبَغْیُ وَ آفَةُ السَّخَاءِ الْمَنُّ وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُیَلَاءُ وَ آفَةُ الْحَسَبِ الْفَخْرُ(3).

«60»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ خَضِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِی ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ رَجُلٌ أَعْطَی النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ سَائِلُهُمْ لَهَا وَ رَجُلٌ لَمْ یُقَدِّمْ رِجْلًا حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا أَوْ یَحْبِسَ وَ رَجُلٌ لَمْ یَعِبْ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِعَیْبٍ حَتَّی یَنْفِیَ ذَلِكَ الْعَیْبَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا یَنْتَفِی عَنْهُ عَیْبٌ إِلَّا بَدَا لَهُ عَیْبٌ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ شُغُلًا بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ (4).

ص: 389


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 73.
2- 2. الظرف الكیاسة، و قیل: حسن الوجه و الهیئة، و قیل: البراعة و ذكاء القلب، و لا یوصف به الا الفتیان الازوال و الفتیات الزولات، لا الشیوخ و لا السادة، و من كان بهذه الصفة عجب فی نفسه و تبختر و جاوز حده فصار مكروها عند الناس.
3- 3. الخصال ج 2 ص 43.
4- 4. المحاسن: 5.

«61»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ یَضْمَنْ لِی أَرْبَعَةً أَضْمَنْ لَهُ بِأَرْبَعَةِ أَبْیَاتٍ فِی الْجَنَّةِ أَنْفِقْ وَ لَا تَخَفْ فَقْراً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَفْشِ السَّلَامَ فِی الْعَالَمِ وَ اتْرُكِ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً(1).

«62»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابْنُ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ یَضْمَنُ لِی أَرْبَعاً بِأَرْبَعَةِ أَبْیَاتٍ الْخَبَرَ.

«63»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُتَیْبَةَ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْجُهَنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ لَمْ یَتَهَنَّأْ بِالعَیْشِ الصِّحَّةُ وَ الْأَمْنُ وَ الْغَنَاءُ وَ الْقَنَاعَةُ وَ الْأَنِیسُ الْمُوَافِقُ (2).

«64»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ رَكِبْتُمْ فِیهِنَّ الْمَطِیَّ حَتَّی تُنْضُوهَا لَمْ تَأْتُوا بِمِثْلِهِنَّ لَا یَخْشَی أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَ عَمَلَهُ وَ لَا یَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَسْتَحْیِی الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا عِلْمَ لِی وَ لَا یَسْتَحْیِی الْجَاهِلُ إِذَا لَمْ یَعْلَمْ أَنْ یَتَعَلَّمَ وَ الصَّبْرُ فِی الْأُمُورِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِذَا فَارَقَ الرَّأْسُ الْجَسَدَ فَسَدَ الْجَسَدُ فَإِذَا فَارَقَ الصَّبْرُ الْأُمُورَ فَسَدَتِ الْأُمُورُ(3).

«65»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ حُرَیْبٍ الْغَزَّالِ عَنْ صَدَقَةَ الْقَتَّابِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بِمِنًی وَ قَدْ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ یَا بَا سَعِیدٍ قُمْ إِلَی جَنَازَتِهِ فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَقَابِرَ قَالَ أَ لَا

أُخْبِرُكُمْ بِخَمْسِ خِصَالٍ هُنَّ مِنَ الْبِرِّ وَ الْبِرُّ یَدْعُو إِلَی الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَی قَالَ إِخْفَاءُ الْمُصِیبَةِ وَ كِتْمَانُهَا وَ الصَّدَقَةُ تُعْطِیهَا بِیَمِینِكَ لَا تَعْلَمُ بِهَا شِمَالُكَ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ فَإِنَّ بِرَّهُمَا لِلَّهِ رِضًی وَ الْإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّهُ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ وَ الْحُبُّ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ

ص: 390


1- 1. المحاسن: 8.
2- 2. المحاسن: 9.
3- 3. المحاسن: 9.

عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ (1).

«66»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّمَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ لِمَنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِی وَ یَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ أَجْلِی وَ یَقْطَعُ نَهَارَهُ بِذِكْرِی وَ لَا یَتَعَاظَمُ عَلَی خَلْقِی وَ یُطْعِمُ الْجَائِعَ وَ یَكْسُو الْعَارِیَ وَ یَرْحَمُ الْمُصَابَ وَ یُؤْوِی الْغَرِیبَ فَذَلِكَ یُشْرِقُ نُورُهُ مِثْلَ الشَّمْسِ أَجْعَلُ فِی الظُّلُمَاتِ نُوراً وَ فِی الْجَهَالَةِ عِلْماً أَكْلَؤُهُ بِعِزَّتِی وَ أَسْتَحْفِظُهُ بِمَلَائِكَتِی یَدْعُونِی فَأُلَبِّیهِ وَ یَسْأَلُنِی فَأُعْطِیهِ فَمَثَلُ ذَلِكَ عِنْدِی كَمَثَلِ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ لَا یَیْبَسُ ثِمَارُهَا وَ لَا تَتَغَیَّرُ عَنْ حَالِهَا(2).

«67»- سن، [المحاسن] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام قَالَ قَالَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ علیه السلام: یَا رَبِّ مَنْ أَهْلُكَ الَّذِینَ تُظِلُّهُمْ فِی ظِلِّ عَرْشِكَ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمْ وَ التَّرِبَةُ أَیْدِیهِمْ (3) الَّذِینَ یَذْكُرُونَ جَلَالِی إِذَا ذَكَرُوا رَبَّهُمُ الَّذِینَ یَكْتَفُونَ بِطَاعَتِی كَمَا یَكْتَفِی الصَّبِیُّ الصَّغِیرُ بِاللَّبَنِ الَّذِینَ یَأْوُونَ إِلَی مَسَاجِدِی كَمَا تَأْوِی النُّسُورُ إِلَی أَوْكَارِهَا وَ الَّذِینَ یَغْضَبُونَ لِمَحَارِمِی إِذَا اسْتُحِلَّتْ مِثْلَ النَّمِرِ إِذَا حَرِدَ(4).

«68»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أُوصِیكَ یَا عَلِیُّ فِی نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا اللَّهُمَّ أَعِنْهُ الْأُولَی الصِّدْقُ فَلَا تَخْرُجْ مِنْ فِیكَ كَذِبٌ أَبَداً وَ الثَّانِیَةُ الْوَرَعُ فَلَا تَجْتَرِئْ عَلَی خِیَانَةٍ أَبَداً

ص: 391


1- 1. المحاسن: 9.
2- 2. المحاسن: 16 و 294.
3- 3. التربة ایدیهم: كنایة عن الفقر، قال الجوهریّ: ترب الشی ء بالكسر- أصابه لتراب، و منه ترب الرجل: إذا افتقر كانه لصق بالتراب، یقال: تربت یداك و هو علی الدعاء أی لا أصبت خیرا، و قال: الحرد: الغضب، تقول منه حرد- بالكسر- فهو حارد و حردان و منه قیل: أسد حارد، منه رحمه اللّٰه.
4- 4. المحاسن: 16 و 293.

وَ الثَّالِثَةُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ الرَّابِعَةُ الْبُكَاءُ لِلَّهِ یُبْنَی لَكَ بِكُلِّ دَمْعَةٍ بَیْتٌ فِی الْجَنَّةِ وَ الْخَامِسَةُ بَذْلُكَ مَالَكَ وَ دَمَكَ دُونَ دِینِكَ وَ السَّادِسَةُ الْأَخْذُ بِسُنَّتِی فِی صَلَاتِی وَ صَوْمِی وَ صَدَقَتِی فَأَمَّا الصَّلَاةُ فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ أَمَّا الصِّیَامُ فَثَلَاثَةُ أَیَّامٍ فِی الشَّهْرِ الْخَمِیسُ فِی أَوَّلِ الشَّهْرِ وَ الْأَرْبِعَاءُ فِی وَسَطِ الشَّهْرِ وَ الْخَمِیسُ فِی آخِرِ الشَّهْرِ وَ الصَّدَقَةُ بِجُهْدِكَ حَتَّی تَقُولَ أَسْرَفْتُ وَ لَا تُسْرِفْ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ اللَّیْلِ یُكَرِّرُهَا أَرْبَعاً وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَیْكَ بِرَفْعِ یَدَیْكَ إِلَی رَبِّكَ وَ كَثْرَةِ تَقَلُّبِهَا وَ عَلَیْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ عَلَیْكَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ وُضُوءٍ وَ عَلَیْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْتَكِبْهَا وَ عَلَیْكَ بِمَسَاوِی الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ (1).

«69»- سن، [المحاسن] الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ سَابِقٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یُعَذِّبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ قَالَ لَوْ لَا الَّذِینَ یَتَحَابُّونَ فِی جَلَالِی وَ یَعْمُرُونَ مَسَاجِدِی وَ یَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ لَأَنْزَلْتُ عَذَابِی (2).

«70»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكَ بِالْإِسْلَامِ وَ فَرْعِهِ وَ ذِرْوَتِهِ وَ سَنَامِهِ قَالَ قُلْتُ بَلَی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ أَمَّا أَصْلُهُ فَالصَّلَاةُ وَ فَرْعُهُ فَالزَّكَاةُ وَ ذِرْوَتُهُ وَ سَنَامُهُ الْجِهَادُ قَالَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِأَبْوَابِ الْخَیْرِ قُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَ الصَّدَقَةُ تَذْهَبُ بِالْخَطِیئَةِ وَ قِیَامُ الرَّجُلِ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ یَذْكُرُ اللَّهَ ثُمَّ قَرَأَ تَتَجافی جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ (3).

«71»- سن، [المحاسن] الْوَشَّاءُ عَنْ مُثَنًّی عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ وَ الْجِهَادُ

ص: 392


1- 1. المحاسن: 17.
2- 2. المحاسن: 53.
3- 3. المحاسن: 289، و الآیة فی السجدة: 16.

فِی سَبِیلِ اللَّهِ (1).

«72»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ مُفَرِّقٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ عِفَّةُ بَطْنٍ وَ فَرْجٍ وَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ أَنْ یُسْأَلَ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْیُ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الْخَیْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ عَیْباً أَنْ یُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا یَعْمَی عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ یَنْهَی النَّاسَ عَمَّا لَا یَسْتَطِیعُ التَّحَوُّلَ عَنْهُ وَ أَنْ یُؤْذِیَ جَلِیسَهُ فِی مَا لَا یَعْنِیهِ (2).

ختص، [الإختصاص] عن الثمالی عن الباقر و السجاد علیهما السلام: مثله (3).

«73»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا ضَاعَ مَالٌ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَضْیِیعِ الزَّكَاةِ فَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ ادْفَعُوا نَوَائِبَ الْبَلَایَا بِالاسْتِغْفَارِ الصَّاعِقَةُ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً وَ لَیْسَ یُصَادُ مِنَ الطَّیْرِ إِلَّا مَا ضَیَّعَ تَسْبِیحَهُ (4).

«74»- سن، [المحاسن] عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَفْشُوا السَّلَامَ وَ صِلُوا الْأَرْحَامَ وَ تَهَجَّدُوا وَ النَّاسُ نِیَامٌ وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَ أَطِیبُوا الْكَلَامَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ (5).

«75»- صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ إِیمَانٌ لَا شَكَّ فِیهِ وَ غَزْوٌ لَا غُلُولَ فِیهِ وَ حَجٌّ مَبْرُورٌ وَ أَوَّلُ مَنْ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ شَهِیدٌ وَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لِسَیِّدِهِ وَ رَجُلٌ عَفِیفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِبَادَةٍ وَ أَوَّلُ مَنْ یَدْخُلُ النَّارَ أَمِیرٌ مُتَسَلِّطٌ لَمْ یَعْدِلْ وَ ذُو

ص: 393


1- 1. المحاسن: 292.
2- 2. المحاسن: 292.
3- 3. الاختصاص 228.
4- 4. المحاسن: 294.
5- 5. المحاسن: 387.

ثَرْوَةٍ مِنَ الْمَالِ لَمْ یُعْطِ الْمَالَ حَقَّهُ وَ فَقِیرٌ فَخُورٌ(1).

جا، [المجالس للمفید] عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: إِلَی قَوْلِهِ ذُو عِبَادَةٍ(2).

«76»- صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَزَالُ أُمَّتِی بِخَیْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ أَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَ قَرَوُا الضَّیْفَ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ فَإِذَا لَمْ یَفْعَلُوا ذَلِكَ ابْتُلُوا بِالْقَحْطِ وَ السِّنِینَ (3).

«77»- ضا، [فقه الرضا علیه السلام] وَ نَرْوِی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: بُعِثْتُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ خَصَّ رُسُلَهُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِیكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَ إِلَّا فَاسْأَلُوهُ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِیهَا فَقَالَ وَ ذَكَرَهَا عَشَرَةً الْیَقِینَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الْبَصِیرَةَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَیْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوءَةَ وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ زَادَ فِیهَا الْحَیَاءَ وَ الصِّدْقَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ.

وَ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام: قَالَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ أَجَلُّ وَ لَا أَعَزُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ التَّسْلِیمُ وَ الْبِرُّ وَ الْیَقِینُ.

وَ أَرْوِی عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَلَا أَوْحَی إِلَی آدَمَ علیه السلام أَنْ أَجْمَعُ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِی أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ یَا رَبِّ بَیِّنْهُنَّ لِی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ وَاحِدَةٌ لِی وَ أُخْرَی لَكَ وَ أُخْرَی بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ أُخْرَی بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ فَالَّتِی لِی تُؤْمِنُ بِی وَ لَا تُشْرِكُ بِی شَیْئاً وَ الَّتِی لَكَ فَأُجَازِیكَ عَنْهَا أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَی الْمُجَازَاةِ وَ الَّتِی بَیْنَكَ وَ بَیْنِی فَعَلَیْكَ الدُّعَاءُ وَ عَلَیَّ الْإِجَابَةُ وَ الَّتِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ فَإِنْ تَرْضَی لَهُمْ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ وَ تَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُهُ لِنَفْسِكَ.

ص: 394


1- 1. صحیفة الرضا علیه السلام ص 3.
2- 2. مجالس المفید: 67.
3- 3. صحیفة الرضا علیه السلام ص 4.

وَ أَرْوِی أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ علیه السلام: عَنْ خِیَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ الَّذِینَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا غَضِبُوا عَفَوْا.

«78»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْهَیْثَمِ الْخَفَّافِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْعَقْلِ وَ مَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّی یَكُونَ فِیهِ عَشْرُ خِصَالٍ الْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ یَسْتَقِلُّ كَثِیرَ الْخَیْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَ یَسْتَكْثِرُ قَلِیلَ الْخَیْرِ مِنْ غَیْرِهِ وَ لَا یَتَبَرَّمُ بِطِلَابِ الْحَوَائِجِ وَ لَا یَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ عُمُرِهِ الْفَقْرُ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الْغِنَی وَ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الْعِزِّ نَصِیبُهُ مِنَ الدُّنْیَا الْقُوتُ وَ الْعَاشِرَةُ وَ مَا الْعَاشِرَةُ لَا یَرَی أَحَداً إِلَّا قَالَ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی وَ أَتْقَی إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَی وَ آخَرُ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَی فَإِذَا رَأَی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَی تَوَاضَعَ لَهُ لِیَلْحَقَ بِهِ وَ إِذَا الْتَقَی الَّذِی هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَی قَالَ عَسَی أَنْ یَكُونَ خَیْرُ هَذَا بَاطِناً وَ شَرُّهُ ظَاهِراً وَ عَسَی أَنْ یُخْتَمَ لَهُ بِخَیْرٍ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلَا مَجْدُهُ وَ سَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ (1).

«79»- سر، [السرائر] ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام: قَالَ لِبَعْضِ وُلْدِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ أَنْ یَرَاكَ اللَّهُ تَعَالَی فِی مَعْصِیَةٍ نَهَاكَ عَنْهَا وَ إِیَّاكَ أَنْ یَفْقِدَكَ اللَّهُ تَعَالَی عَنْ طَاعَةِ أَمْرِكَ بِهَا وَ عَلَیْكَ بِالْجِدِّ وَ لَا تُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ عَنِ التَّقْصِیرِ فِی عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یُعْبَدُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وَ إِیَّاكَ وَ الْمِزَاحَ فَإِنَّهُ یَذْهَبُ بِنُورِ إِیمَانِكَ وَ یَسْتَخِفُّ مُرُوَّتَكَ وَ إِیَّاكَ وَ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُمَا یَمْنَعَانِكَ حَظَّ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

«80»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَا بَا مُحَمَّدٍ عَلَیْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ حُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكُمْ وَ طُولِ

ص: 395


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 110.

السُّجُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْأَوَّابِینَ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ الْأَوَّابُونَ التَّوَّابُونَ (1).

«81»- جا، [المجالس للمفید] أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ أَبِی حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا أَنَسُ أَكْثِرْ مِنَ الطَّهُورِ یَزِیدُ اللَّهُ فِی عُمُرِكَ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ عَلَی طَهَارَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ تَكُونُ إِذَا مِتَّ عَلَی طَهَارَةٍ شَهِیداً وَ صَلِّ صَلَاةَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِینَ وَ أَكْثِرْ مِنَ التَّطَوُّعِ تُحِبَّكَ الْحَفَظَةُ وَ سَلِّمْ عَلَی مَنْ لَقِیتَ یَزِیدُ اللَّهُ فِی حَسَنَاتِكَ وَ سَلِّمْ فِی بَیْتِكَ یَزِیدُ اللَّهُ فِی بَرَكَتِكَ وَ وَقِّرْ كَبِیرَ الْمُسْلِمِینَ وَ ارْحَمْ صَغِیرَهُمْ أَجِی ءُ أَنَا وَ أَنْتَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ كَهَاتَیْنِ وَ جَمَعَ بَیْنَ الْوُسْطَی وَ الْمُسَبِّحَةِ(2).

«82»- جا، [المجالس للمفید] الْجِعَابِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْ كَانَ عِصْمَتُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (3).

«83»- جا، [المجالس للمفید] الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: لَا تَسْتَكْثِرُوا كَثِیرَ الْخَیْرِ وَ لَا تَسْتَقِلُّوا قَلِیلَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ قَلِیلَ الذُّنُوبِ تَجْتَمِعُ حَتَّی تَكُونَ كَثِیراً وَ خَافُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی السِّرِّ حَتَّی تُعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمُ النَّصَفَ وَ سَارِعُوا إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ اصْدُقُوا الْحَدِیثَ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَكُمْ وَ لَا تَدْخُلُوا فِیمَا لَا یَحِلُّ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَیْكُمْ (4).

ص: 396


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 286.
2- 2. مجالس المفید ص 46.
3- 3. المصدر: 54.
4- 4. المصدر: 102.

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عثمان بن عیسی: مثله.

«84»- جا، [المجالس للمفید] أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ النَّضْرِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خُطْبَةٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَیْرِ خَلَائِقِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ الْعَفْوِ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ الْإِحْسَانِ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ وَ إِعْطَاءِ مَنْ حَرَمَكَ وَ فِی التَّبَاغُضِ الْحَالِقَةِ لَا أَعْنِی حَالِقَةَ الشَّعْرِ وَ لَكِنْ حَالِقَةَ الدِّینِ (1).

ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابن أبی عمیر: مثله.

«85»- جا، [المجالس للمفید] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ عَجْلَانَ أَبِی صَالِحٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَسْهِمْهُمْ فِی مَالِكَ وَ ارْضَ لَهُمْ بِمَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ وَ اذْكُرِ اللَّهَ كَثِیراً وَ إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ فَإِنَّ أَبِی بِذَلِكَ كَانَ یُوصِینِی وَ بِذَلِكَ كَانَ یُوصِیهِ أَبُوهُ وَ كَذَلِكَ فِی صَلَاةِ اللَّیْلِ إِنَّكَ إِذَا كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَی اللَّهِ حَقَّهُ وَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَی أَحَدٍ حَقّاً وَ عَلَیْكَ بِالصِّدْقِ وَ الْوَرَعِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ إِذَا وَعَدْتَ فَلَا تُخْلِفْ (2).

«86»- جا، [المجالس للمفید] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَنُحِبُّ مِنْ شِیعَتِنَا مَنْ كَانَ عَاقِلًا فَهِماً فَقِیهاً حَلِیماً مُدَارِیاً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِیّاً ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَصَّ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَمَنْ كَانَتْ فِیهِ فَلْیَحْمَدِ اللَّهَ عَلَی ذَلِكَ وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ فَلْیَتَضَرَّعْ إِلَی اللَّهِ وَ لْیَسْأَلْهُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا هِیَ قَالَ الْوَرَعُ وَ الْقُنُوعُ وَ الصَّبْرُ وَ الشُّكْرُ وَ الْحِلْمُ وَ الْحَیَاءُ وَ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ الْغَیْرَةُ وَ الْبِرُّ وَ صِدْقُ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ(3).

محص، [التمحیص] عن بكیر: مثله.

ص: 397


1- 1. مجالس المفید ص 115.
2- 2. مجالس المفید ص 116.
3- 3. المصدر نفسه ص 121.

«87»- جا، [المجالس للمفید] بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی كَهْمَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُ اجْتِهَادٌ بِلَا وَرَعٍ وَ انْظُرْ إِلَی مَا هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ فَوْقَكَ فَلَكَثِیرٌ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (1) وَ قَالَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا(2) وَ إِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قُوتُهُ الشَّعِیرَ وَ حَلْوَاؤُهُ التَّمْرَ إِذَا وَجَدَهُ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِیبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ النَّاسَ لَنْ یُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً(3).

«88»- جا، [المجالس للمفید] بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ أَخْبَرَنِی ابْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِیُّ صَاحِبٌ كَانَ لَنَا قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَقُولُ: لَا تَرْتَابُوا فَتَشُكُّوا فَتَكْفُرُوا وَ لَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَتَذْهَبُوا وَ لَا تُدَاهِنُوا فِی الْحَقِّ فَتَخْسَرُوا إِنَّ الْحَزْمَ أَنْ تَتَفَقَّهُوا وَ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا تَغْتَرُّوا وَ إِنَّ أَنْصَحَكُمْ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُكُمْ لِرَبِّهِ وَ إِنَّ أَغَشَّكُمْ أَعْصَاكُمْ لِرَبِّهِ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ یَأْمَنْ وَ یَرْشُدْ وَ مَنْ یَعْصِهِ یَخِبْ وَ یَنْدَمْ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ الْیَقِینَ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِی الْعَاقِبَةِ وَ خَیْرُ مَا دَارَ فِی الْقَلْبِ الْیَقِینُ أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ فَإِنَّ كُلَّ رَاجٍ طَالِبٌ وَ كُلَّ خَائِفٍ هَارِبٌ (4).

«89»- جا، [المجالس للمفید] الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدِّ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَی خَلْقِهِ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نفسهم [أَنْفُسِهِمْ] وَ مُوَاسَاةُ الْإِخْوَانِ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ فَإِنْ عُرِضَتْ لَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ عَمِلَ بِهَا وَ إِنْ عُرِضَتْ لَهُ مَعْصِیَةٌ تَرَكَهَا(5).

ص: 398


1- 1. براءة: 55.
2- 2. طه: 131.
3- 3. مجالس المفید ص 122.
4- 4. مجالس المفید ص 128.
5- 5. المصدر نفسه ص 195.

«90»- ضه، [روضة الواعظین] قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَوْصَانِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَبْعِ خِصَالٍ لَا أَدَعُهُنَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ أَوْصَانِی أَنْ أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ دُونِی وَ لَا أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقِی وَ أَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَ الدُّنُوَّ مِنْهُمْ وَ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَنْ أَصِلَ إِلَی رَحِمِی وَ إِنْ كَانَتْ مُدْبِرَةً وَ أَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَیْئاً وَ أَوْصَانِی أَنْ أَقُولَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.

«91»- جع، [جامع الأخبار] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: طَلَبْتُ الْقَدْرَ وَ الْمَنْزِلَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالْعِلْمِ تَعَلَّمُوا یَعْظُمْ قَدْرُكُمْ فِی الدَّارَیْنِ وَ طَلَبْتُ الْكَرَامَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالتَّقْوَی اتَّقُوا لِتَكْرُمُوا وَ طَلَبْتُ الْغِنَی فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالْقَنَاعَةِ عَلَیْكُمْ بِالْقَنَاعَةِ تَسْتَغْنُوا وَ طَلَبْتُ الرَّاحَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِتَرْكِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لِقِوَامِ عَیْشِ الدُّنْیَا اتْرُكُوا الدُّنْیَا وَ مُخَالَطَةَ النَّاسِ تَسْتَرِیحُوا فِی الدَّارَیْنِ وَ تَأْمَنُوا مِنَ الْعَذَابِ وَ طَلَبْتُ السَّلَامَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ أَطِیعُوا اللَّهَ تَسْلَمُوا وَ طَلَبْتُ الْخُضُوعَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِقَبُولِ الْحَقِّ اقْبَلُوا الْحَقَّ فَإِنَّ قَبُولَ الْحَقِّ یُبْعِدُ مِنَ الْكِبْرِ وَ طَلَبْتُ الْعَیْشَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِتَرْكِ الْهَوَی فَاتْرُكُوا الْهَوَی لِیَطِیبَ عَیْشُكُمْ وَ طَلَبْتُ الْمَدْحَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالسَّخَاوَةِ كُونُوا الْأَسْخِیَاءَ تُمْدَحُوا وَ طَلَبْتُ نَعِیمَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِهَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِی ذَكَرْنَاهَا(1).

«92»- بشا، [بشارة المصطفی] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرَّازِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِی عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَبْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هُدِیَ وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُفِیَ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُغْنِیَ وَ مَنِ اتَّقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَجَا فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ وَ أَطِیعُوا وَ سَلِّمُوا الْأَمْرَ لِأَهْلِهِ تُفْلِحُوا وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ الْآیَةَ لا

ص: 399


1- 1. جامع الأخبار 144.

یَسْتَوِی أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (1).

«93»- ختص، [الإختصاص] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ یَا حُمْرَانُ انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ دُونَكَ فِی الْمَقْدُرَةِ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِی الْمَقْدُرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قُسِمَ لَكَ وَ أَحْرَی أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّیَادَةَ مِنْ رَبِّكَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِیلَ عَلَی الْیَقِینِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِیرِ عَلَی غَیْرِ یَقِینٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَی الْمُؤْمِنِینَ وَ اغْتِیَابِهِمْ وَ لَا عَیْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ بِالْیَسِیرِ الْمُجْزِی وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ (2).

«94»- ختص، [الإختصاص]: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا خَطَبَ قَالَ فِی آخِرِ خُطْبَتِهِ طُوبَی لِمَنْ طَابَ خُلُقُهُ وَ طَهُرَتْ سَجِیَّتُهُ وَ صَلُحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ عَلَانِیَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ وَ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ (3).

«95»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ طُوبَی لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ فَحَسُنَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ رَضِیَ عَنْهُ رَبُّهُ وَ وَیْلٌ لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ سَاءَ عَمَلُهُ وَ سَاءَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ سَخِطَ عَلَیْهِ رَبُّهُ.

«96»- ختص، [الإختصاص] عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله. مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ

ص: 400


1- 1. بشارة المصطفی ص 116، و الآیة فی الحشر 19 و 20.
2- 2. الاختصاص 227.
3- 3. الاختصاص 228.

وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ لِأَهْلِ بَیْتِهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقَائِقَ الْإِیمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ (1).

مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا عَنِ الْمَحَاسِنِ: مِثْلَهُ (2).

«98»- ختص، [الإختصاص] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا خَیْرَ فِی الْقَوْلِ إِلَّا مَعَ الْعَمَلِ وَ لَا فِی الْمَنْظَرِ إِلَّا مَعَ الْمَخْبَرِ وَ لَا فِی الْمَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ وَ لَا فِی الصِّدْقِ إِلَّا مَعَ الْوَفَاءِ وَ لَا فِی الْفِقْهِ إِلَّا مَعَ الْوَرَعِ وَ لَا فِی الصَّدَقَةِ إِلَّا مَعَ النِّیَّةِ وَ لَا فِی الْحَیَاةِ إِلَّا مَعَ الصِّحَّةِ وَ لَا فِی الْوَطَنِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ وَ الْمَسَرَّةِ(3).

«99»- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّیعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ صِفْ لِی شِیعَتَكَ قَالَ شِیعَتُنَا مَنْ لَا یَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ وَ لَا یَطْرَحُ كَلَّهُ عَلَی غَیْرِهِ وَ لَا یَسْأَلُ غَیْرَ إِخْوَانِهِ وَ لَوْ مَاتَ جُوعاً شِیعَتُنَا مَنْ لَا یَهِرُّ هَرِیرَ الْكَلْبِ وَ لَا یَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ شِیعَتُنَا الْخَفِیَّةُ عَیْشُهُمْ الْمُنْتَقِلَةُ دِیَارُهُمْ شِیعَتُنَا الَّذِینَ فِی أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ وَ یَتَوَاسَوْنَ وَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا یَجْزَعُونَ وَ فِی قُبُورِهِمْ یَتَزَاوَرُونَ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَیْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ وَ بَیْنَ الْأَسْوَاقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْكافِرِینَ (4).

«100»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر فَضَالَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا یَغُرَّنَّكَ النَّاسُ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ الْأَجْرَ یَصِلُ إِلَیْكَ دُونَهُمْ وَ لَا تَقْطَعْ عَنْكَ النَّهَارَ بِكَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ یَحْفَظُ عَلَیْكَ وَ لَا تَسْتَقِلَّ قَلِیلَ الْخَیْرِ فَإِنَّكَ تَرَاهُ غَداً بِحَیْثُ یَسُرُّكَ وَ لَا تَسْتَقِلَّ قَلِیلَ الشَّرِّ فَإِنَّكَ تَرَاهُ غَداً بِحَیْثُ یَسُوؤُكَ وَ أَحْسِنْ فَإِنِّی لَمْ أَرَ شَیْئاً أَشَدَّ طَلَباً وَ لَا أَسْرَعَ دَرَكاً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِیمٍ إِنَّ اللَّهَ

ص: 401


1- 1. الاختصاص: 233.
2- 2. مشكاة الأنوار: 39.
3- 3. الاختصاص: 243 و 244.
4- 4. صفات الشیعة 169، و الآیة فی المائدة 54.

تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ (1).

ختص، [الإختصاص] عنه علیه السلام مرسلا: مثله (2).

«101»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: مَنْ عَمِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ خَیْرِ النَّاسِ وَ مَنِ اجْتَنَبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا أَقْسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ.

«102»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی شَیْبَةَ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: وَیْلٌ لِمَنْ لَا یَدِینُ اللَّهَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ وَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَنْ یَلِجَ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ حَتَّی یُتِمَّ قَوْلَهُ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ اللَّهَ بِغَیْرِ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ لَا دِینَ لِمَنْ دَانَ اللَّهَ بِطَاعَةِ ظَالِمٍ قَالَ وَ كُلُّ قَوْمٍ أَلْهَاهُمُ التَّكَاثُرُ

حَتَّی زَارُوا الْمَقَابِرَ قَالَ وَ مَنْ أَحْسَنَ وَ لَمْ یُسِئْ خَیْرٌ مِمَّنْ أَحْسَنَ وَ أَسَاءَ وَ مَنْ أَحْسَنَ وَ أَسَاءَ خَیْرٌ مِمَّنْ أَسَاءَ وَ لَمْ یُحْسِنْ وَ قَالَ وَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَیْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِی الْهَلَكَةِ.

«103»- ین، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر النَّضْرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ لَوْ كَانَ مَا بَیْنَ قَرْنِهِ وَ قَدَمِهِ خَطَایَا لَمْ یَنْتَقِصْهُ ذَلِكَ الصِّدْقُ وَ الْحَیَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الشُّكْرُ.

«104»- محص، [التمحیص] عَنْ مِهْزَمٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ شِیعَتَنَا مَنْ لَا یَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا شَحْمَةُ أُذُنِهِ وَ لَا یَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً وَ لَا یُوَاصِلُ لَنَا مُبْغِضاً وَ لَا یُخَاصِمُ لَنَا وَلِیّاً وَ لَا یُجَالِسُ لَنَا عَائِباً قَالَ قُلْتُ فَكَیْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَیِّعَةِ قَالَ فِیهِمُ التَّمْحِیصُ وَ فِیهِمُ التَّمْیِیزُ وَ فِیهِمُ التَّبْدِیلُ تَأْتِی عَلَیْهِمْ سِنُونَ تُفْنِیهِمْ وَ طَاعُونٌ یَقْتُلُهُمْ وَ اخْتِلَافٌ یُبَدِّدُهُمْ شِیعَتُنَا مَنْ لَا یَهِرُّ هَرِیرَ الْكَلْبِ وَ لَا یَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ وَ لَا یَسْأَلُ وَ إِنْ مَاتَ جُوعاً قُلْتُ فَأَیْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ اطْلُبْهُمْ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ أُولَئِكَ الْخَفِیضُ عَیْشُهُمْ الْمُنْتَقِلَةُ دِیَارُهُمْ الَّذِینَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ یُعْرَفُوا وَ إِذَا غَابُوا لَمْ

ص: 402


1- 1. هود: 114، و المصدر مخطوط.
2- 2. الاختصاص ص 231.

یُفْتَقَدُوا وَ إِنْ مَرِضُوا لَمْ یُعَاوَدُوا وَ إِنْ خَطَبُوا لَمْ یُزَوَّجُوا وَ إِنْ رَأَوْا مُنْكَراً یُنْكِرُوا وَ إِنْ یُخَاطِبْهُمُ الْجَاهِلُ سَلَّمُوا وَ إِنْ لَجَأَ إِلَیْهِمْ ذُو حَاجَةٍ مِنْهُمْ رَحِمُوا وَ عِنْدَ الْمَوْتِ هُمْ لَا یَحْزَنُونَ وَ فِی الْقُبُورِ یَتَزَاوَرُونَ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ رَأَیْتَهُمُ اخْتُلِفَ بِهِمُ الْبُلْدَانُ (1).

«105»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سِرْ سَنَتَیْنِ بَرَّ وَالِدَیْكَ سِرْ سَنَةً صِلْ رَحِمَكَ سِرْ مِیلًا عُدْ مَرِیضاً سِرْ مِیلَیْنِ شَیِّعْ جَنَازَةً سِرْ ثَلَاثَةَ أَمْیَالٍ أَغِثْ مَلْهُوفاً وَ عَلَیْكَ بِالاسْتِغْفَارِ فَإِنَّهُ الْمَنْجَاةُ(2).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: السَّابِقُونَ إِلَی ظِلِّ الْعَرْشِ طُوبَی لَهُمْ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ هُمْ فَقَالَ الَّذِینَ یَقْبَلُونَ الْحَقَّ إِذَا سَمِعُوهُ وَ یَبْذُلُونَهُ إِذَا سَأَلُوهُ وَ یَحْكُمُونَ لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَی ظِلِّ الْعَرْشِ (3).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أُعْطِینَا أَهْلَ الْبَیْتِ سَبْعاً لَمْ یُعْطَهُنَّ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَنَا وَ لَا یُعْطَاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدَنَا الصَّبَاحَةَ وَ الْفَصَاحَةَ وَ السَّمَاحَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْعَمَلَ وَ الْمَحَبَّةَ فِی النِّسَاءِ(4).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا الَّذِی یُبَاعِدُ الشَّیْطَانَ مِنَّا قَالَ الصَّوْمُ لِلَّهِ یُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ تَعَالَی وَ الْمُوَاظَبَةُ عَلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ یَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ یَقْطَعُ وَتِینَهُ (5).

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أُوصِی أُمَّتِی بِخَمْسٍ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ

ص: 403


1- 1. قد مر هذا الحدیث باسانید مختلفة فی باب صفات الشیعة ج 68 منها فی ص 180 عن الكافی و علیه شرح مستوفی. فراجع.
2- 2. نوادر الراوندیّ ص 5.
3- 3. المصدر ص 15.
4- 4. المصدر ص 15.
5- 5. المصدر ص 19.

وَ الْهِجْرَةِ وَ الْجِهَادِ وَ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْجَاهِلِیَّةِ فَلَهُ جَثْوَةٌ مِنْ جُثَی جَهَنَّمَ (1).

«106»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعَلَوِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهَا الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعَ خِصَالٍ فِی الدُّنْیَا فَقَدْ أُعْطِیَ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ فَازَ بِحَظِّهِ مِنْهُمَا وَرَعٌ یَعْصِمُهُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ یَعِیشُ بِهِ فِی النَّاسِ وَ حِلْمٌ یَدْفَعُ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعِینُهُ عَلَی أَمْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(2).

«107»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سَیِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِی اللَّهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ (3).

«108»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا حَسَبَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِالتَّقْوَی وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِالنِّیَّةِ قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَسَبُ الْمَرْءِ مَالُهُ وَ مُرُوَّتُهُ عَقْلُهُ وَ حِلْمُهُ شَرَفُهُ وَ كَرَمُهُ تَقْوَاهُ (4).

«109»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِیمِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام یَقُولُ: أَحْسَنُ مِنَ الصِّدْقِ قَائِلُهُ وَ خَیْرٌ مِنَ الْخَیْرِ فَاعِلُهُ

ص: 404


1- 1. نوادر الراوندیّ ص 21 و الجثوة: الكومة.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 189.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 190.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 203.

ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ- عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ بُعِثْتُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَ مَحَاسِنِهَا وَ سَمِعْتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ اسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ أَفْضَلُ مِنِ ابْتِدَائِهِ (1).

«110»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْحُسَیْنُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِیُّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الْكَاظِمِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَزَالُ أُمَّتِی بِخَیْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ وَ قَرَوُا الضَّیْفَ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلُوا ابْتُلُوا بِالسِّنِینَ وَ الْجَدْبِ (2).

«111»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی خَلْقِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی خَلْقِهِ إِنْصَافَكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاتَكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ فِی مَالِكَ وَ ذِكْرَ اللَّهِ كَثِیراً أَمَا إِنِّی لَا أَعْنِی سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ إِنْ كَانَ مِنْهُ لَكِنْ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ وَ مَا حَرَّمَ فَإِنْ كَانَ طَاعَةً عَمِلَ بِهَا وَ إِنْ كَانَ مَعْصِیَةً تَرَكَهَا(3).

«112»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْحُسَیْنُ عَنِ ابْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَبَشِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَمَالُ الْمُؤْمِنِ فِی ثَلَاثِ خِصَالٍ تَفَقُّهٍ فِی دِینِهِ وَ الصَّبْرِ عَلَی النَّائِبَةِ وَ التَّقْدِیرِ فِی الْمَعِیشَةِ(4).

«113»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی وَهْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی كَهْمَسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 405


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 209.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 260.
3- 3. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 278.
4- 4. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 279.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَیُّ الْأَعْمَالِ هُوَ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ قَالَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ یَعْدِلُ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ لَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ الصَّلَاةِ شَیْ ءٌ تَعْدِلُ الزَّكَاةَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَعْدِلُ الصَّوْمَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَعْدِلُ الْحَجَّ وَ فَاتِحَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْرِفَتُنَا وَ خَاتِمَتُهُ مَعْرِفَتُنَا وَ لَا

شَیْ ءَ بَعْدَ ذَلِكَ كَبِرِّ الْإِخْوَانِ وَ الْمُوَاسَاةِ بِبَذْلِ الدِّینَارِ وَ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُمَا حَجَرَانِ مَمْسُوخَانِ بِهِمَا امْتَحَنَ اللَّهُ خَلْقَهُ بَعْدَ الَّذِی عَدَّدْتُ لَكَ وَ مَا رَأَیْتُ شَیْئاً أَسْرَعَ غِنًی وَ لَا أَنْفَی لِلْفَقْرِ مِنْ إِدْمَانِ حَجِّ هَذَا الْبَیْتِ وَ صَلَاةٌ فَرِیضَةٌ تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ أَلْفَ حَجَّةٍ وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَاتٍ مُتَقَبَّلَاتٍ وَ الْحَجَّةُ عِنْدَهُ خَیْرٌ مِنْ بَیْتٍ مَمْلُوٍّ ذَهَباً لَا بَلْ خَیْرٌ مِنْ مِلْ ءِ الدُّنْیَا ذَهَباً وَ فِضَّةً یُنْفِقُهُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً لَقَضَاءُ حَاجَةِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ تَنْفِیسُ كُرْبَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ وَ طَوَافٍ وَ حَجَّةٍ وَ طَوَافٍ حَتَّی عَقَدَ عَشَرَةً ثُمَّ خَلَا یَدَهُ وَ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَمَلُّوا مِنَ الْخَیْرِ وَ لَا تَكْسَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله غَنِیَّانِ عَنْكُمْ وَ عَنْ أَعْمَالِكُمْ وَ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِلُطْفِهِ سَبَباً یُدْخِلُكُمْ بِهِ الْجَنَّةَ(1).

و رواه عن جماعة عن أبی المفضل عن حمید عن القاسم بن إسماعیل عن زریق عنه علیه السلام: مثله.

«114»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ سَیْفٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِی إِلَی عِزِّ التَّقْوَی أَغْنَاهُ اللَّهُ بِلَا مَالٍ وَ أَعَزَّهُ بِلَا عَشِیرَةٍ وَ آنَسَهُ بِلَا بَشَرٍ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْمَعَاشِ رَضِیَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَحْیِ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نَعَّمَ أَهْلَهُ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی قَلْبِهِ وَ أَطْلَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُیُوبَ الدُّنْیَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الدُّنْیَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ (2).

ص: 406


1- 1. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 305.
2- 2. أمالی الطوسیّ ج 2 ص 332.

«115»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام: إِنَّ لِلسَّخَاءِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَ لِلْحَزْمِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ جُبْنٌ وَ لِلِاقْتِصَادِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ بُخْلٌ وَ لِلشَّجَاعَةِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ تَهَوُّرٌ وَ قَالَ علیه السلام كَفَاكَ أَدَباً تَجَنُّبُكَ مَا تَكْرَهُ مِنْ غَیْرِكَ وَ قَالَ علیه السلام مَنْ كَانَ الْوَرَعُ سَجِیَّتَهُ وَ الْإِفْضَالُ حِلْیَتَهُ انْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ تَحَصَّنَ بِالذِّكْرِ الْجَمِیلِ مِنْ وُصُولِ نَقْصٍ إِلَیْهِ.

«116»- وَ نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ ره بِإِسْنَادِ الْمُعَافَا إِلَی نَصْرِ بْنِ كَثِیرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَا وَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ مُنْذُ سِتِّینَ سَنَةً أَوْ سَبْعِینَ سَنَةً فَقُلْتُ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ الْبَیْتَ الْحَرَامَ فَعَلِّمْنِی شَیْئاً أَدْعُو بِهِ قَالَ إِذَا بَلَغْتَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ فَضَعْ یَدَكَ عَلَی حَائِطِ الْبَیْتِ ثُمَّ قُلْ یَا سَابِقَ الْفَوْتِ وَ یَا سَامِعَ الصَّوْتِ وَ یَا كَاسِیَ الْعِظَامِ كَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ ادْعُ بَعْدَهُ بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُ سُفْیَانُ شَیْئاً لَمْ أَفْهَمْهُ فَقَالَ یَا سُفْیَانُ أَوْ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِذَا جَاءَكَ مَا تُحِبُّ فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ إِذَا جَاءَكَ مَا تَكْرَهُ فَأَكْثِرْ مِنْ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ إِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ الْمُعَافَا حُكِیَ لِی عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الطَّبَرِیِّ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ هَذَا الدُّعَاءُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَاسْتَدْعَا مِحْبَرَةً وَ صَحِیفَةً فَكَتَبَهُ وَ كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ فَقِیلَ لَهُ فِی هَذِهِ الْحَالِ فَقَالَ یَنْبَغِی الْإِنْسَانُ أَنْ لَا یَدَعَ اقْتِبَاسَ الْعِلْمِ حَتَّی یَمُوتَ.

«117»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ رَبِیعَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ لِی ذَاتَ یَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَبِیعَةُ خَدَمْتَنِی سَبْعَ سِنِینَ أَ فَلَا تَسْأَلُنِی حَاجَةً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْهِلْنِی حَتَّی أُفَكِّرَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ وَ دَخَلْتُ عَلَیْهِ قَالَ لِی یَا رَبِیعَةُ هَاتِ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ تَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یُدْخِلَنِی مَعَكَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لِی مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَّمَنِی أَحَدٌ لَكِنِّی فَكَّرْتُ فِی نَفْسِی وَ قُلْتُ إِنْ سَأَلْتُهُ مَالًا كَانَ إِلَی نَفَادٍ وَ إِنْ سَأَلْتُهُ عُمُراً طَوِیلًا وَ أَوْلَاداً كَانَ عَاقِبَتُهُمْ الْمَوْتَ قَالَ رَبِیعَةُ فَنَكَسَ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَعِنِّی بِكَثْرَةِ السُّجُودِ

ص: 407

قَالَ رَبِیعَةُ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ یَقُولُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ أَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ یَا رَبِّ أَعِذْهُ مِنِّی وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ مَنْ أُعطِیَ لَهُ خَمْساً لَمْ یَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِی تَرْكِ عَمَلِ الْآخِرَةِ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعِینُهُ عَلَی أَمْرِ دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ بَنُونَ أَبْرَارٌ وَ مَعِیشَةٌ فِی بَلَدِهِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ وَ حُبُّ أَهْلِ بَیْتِی قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ عَلَیْكَ بِالْیَأْسِ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَی الْحَاضِرُ وَ إِیَّاكَ وَ الطَّمَعَ فِی النَّاسِ فَإِنَّهُ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَ إِذَا صَلَّیْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ سَتَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْتَزِمُوا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِیَّتُهُ زِیدَ فِی عُمُرِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ أَهْلَ بَیْتِهِ زِیدَ فِی رِزْقِهِ.

«118»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، جَاءَ فِی الْحَدِیثِ عَنِ الْإِمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تَكَلَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِأَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ كَلِمَةً قِیمَةُ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا وَزْنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَی غَرَضاً وَ أَخَذَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ حَذَّرَ أَمَلًا وَ رَتَّبَ عَمَلًا جَعَلَ الصَّبْرَ رَغْبَةَ حَیَاتِهِ وَ التُّقَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ یُظْهِرُ دُونَ مَا یَكْتُمُ وَ یَكْتَفِی بِأَقَلَّ مِمَّا یَعْلَمُ لَزِمَ الطَّرِیقَةَ الْغَرَّاءَ وَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

«119»- مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنَ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ شَیْ ءٌ أَقَلُّ وَ لَا أَعَزُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ التَّسْلِیمِ وَ الْبِرِّ وَ الْیَقِینِ (1).

«120»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كُنْ فِی الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَیُرْكَبَ وَ لَا ضَرْعٌ فَیُحْلَبَ.

ص: 408


1- 1. مشكاة الأنوار ص 27.

وَ قَالَ علیه السلام الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ نِعْمَ الْقَرِینُ الرِّضَا وَ الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِیمَةٌ وَ الْآدَابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ وَ الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِیَةٌ وَ صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ وَ الْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ وَ الِاحْتِمَالُ قَبْرُ الْعُیُوبِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ الْمُسَالَمَةُ خَبْ ءُ الْعُیُوبِ وَ الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ وَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ فِی عَاجِلِهِمْ نُصْبُ أَعْیُنِهِمْ فِی آجِلِهِمْ (1).

«121»- نهج، [نهج البلاغة]: سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْخَیْرِ مَا هُوَ فَقَالَ لَیْسَ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ عِلْمُكَ وَ عَمَلُكَ وَ أَنْ یَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِیَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَ لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِرَجُلَیْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَهُوَ یَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ یُسَارِعُ فِی الْخَیْرَاتِ وَ لَا یَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَی وَ كَیْفَ یَقِلُّ مَا یُتَقَبَّلُ (2).

«122»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا كَرَمَ كَالتَّقْوَی وَ لَا قَرِینَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مِیرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لَا قَائِدَ كَالتَّوْفِیقِ وَ لَا تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ لَا رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لَا وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ لَا زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِی الْحَرَامِ وَ لَا عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لَا عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ لَا إِیمَانَ كَالْحَیَاءِ وَ الصَّبْرِ وَ لَا حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لَا شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ(3).

«123»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: طُوبَی لِمَنْ ذَلَّ فِی نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِیقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ یُنْتَسَبْ إِلَی الْبِدْعَةِ(4).

«124»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ

ص: 409


1- 1. نهج البلاغة تحت الرقم 1- 6 من الحكم.
2- 2. نهج البلاغة تحت الرقم 94 من الحكم.
3- 3. المصدر الرقم 113 من الحكم.
4- 4. المصدر تحت الرقم 123 من الحكم و فی الأصل: و لم یعدها الی بدعة خ ل.

لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ التَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الشُّكْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الدُّعَاءِ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ (1) وَ قَالَ فِی الِاسْتِغْفَارِ وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً(2) وَ قَالَ فِی الشُّكْرِ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ (3) وَ قَالَ فِی التَّوْبَةِ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَی اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِنْ قَرِیبٍ فَأُولئِكَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً(4).

«125»- وَ قَالَ علیه السلام: الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ وَ الْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِیهِ (5)

وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ وَ السُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ قدر- [غَدَرَ] وَ الِاسْتِشَارَةُ عَیْنُ الْهِدَایَةِ وَ قَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَی بِرَأْیِهِ وَ الصَّبْرُ یُنَاضِلُ الْحَدَثَانَ وَ الْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ وَ أَشْرَفُ الْغِنَی تَرْكُ الْمُنَی وَ كَمْ عن [مِنْ] عَقْلٍ أَسِیرٍ تَحْتَ هَوًی أَمِیرٍ وَ مِنَ التَّوْفِیقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ لَا تَأْمَنَنَّ مَلُولًا(6).

«126»- وَ قَالَ علیه السلام: بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَیْبَةُ وَ بِالنَّصَفَةِ یَكْثُرُ الْوَاصِلُونَ وَ بِالْإِفْضَالِ تَعْظُمُ الْأَقْدَارُ وَ بِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ وَ بِاحْتِمَالِ الْمُؤَنِ یَجِبُ السُّؤْدُدُ وَ بِالسِّیرَةِ الْعَادِلَةِ یُقْهَرُ الْمُنَاوِی وَ بِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِیهِ یُكْثِرُ الْأَنْصَارُ عَلَیْهِ (7).

«127»- وَ قَالَ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِی وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِی قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَیْ ءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَیْ ءٍ نَفْساً یَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ یَشْنَأُ السُّمْعَةَ طَوِیلٌ غَمُّهُ بَعِیدٌ هَمُّهُ كَثِیرٌ

ص: 410


1- 1. غافر: 60.
2- 2. النساء: 110.
3- 3. إبراهیم: 7.
4- 4. النساء: 16، و الكلام فی المصدر تحت الرقم 135 من الحكم.
5- 5. الفدام: المصفاة تجعل علی فم الابریق لیصفی به ما فیه و السلو: الذهول و التناسی.
6- 6. المصدر تحت الرقم 211 من الحكم.
7- 7. المصدر تحت الرقم 224 من الحكم.

صَمْتُهُ مَشْغُولٌ وَقْتُهُ شَكُورٌ صَبُورٌ مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ضَنِینٌ بِخَلَّتِهِ سَهْلُ الْخَلِیقَةِ لَیِّنُ الْعَرِیكَةِ نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ(1).

«128»- وَ قَالَ علیه السلام: لَا شَرَفَ أَعْلَی مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا عِزَّ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَی وَ لَا مَعْقِلَ أَحْسَنُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا كَنْزَ أَغْنَی مِنَ الْقَنَاعَةِ وَ لَا مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُوتِ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَی بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ وَ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ النَّصَبِ وَ مَطِیَّةُ التَّعَبِ وَ الْحِرْصُ وَ الْكِبْرُ وَ الْحَسَدُ دَوَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ وَ الشَّرُّ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْعُیُوبِ (2).

«129»- وَ قَالَ علیه السلام: إِذَا كَانَ فِی الرَّجُلِ خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا(3).

«130»- فِی الْقَاصِعَةِ(4)،: فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ الْمَعْصِیَةِ لِلْكِبْرِ وَ الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْیِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْكَظْمِ لِلْغَیْظِ وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَ ذَمِیمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِی الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِی تَفَاوُتِ حَالَیْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ وَ زَاحَتِ الْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ الْعَافِیَةُ عَلَیْهِمْ وَ انْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ

الْكَرَامَةُ عَلَیْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ التَّحَاضِّ عَلَیْهَا وَ التَّوَاصِی بِهَا وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ الْأَیْدِی إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ فِی الْمُجَلَّدِ الْخَامِسِ.

«131»- كِتَابُ فَضَائِلِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ

ص: 411


1- 1. نهج البلاغة تحت الرقم 333 من الحكم.
2- 2. المصدر تحت الرقم 371 من الحكم.
3- 3. المصدر تحت الرقم 445 من الحكم.
4- 4. الخطبة القاصعة تحت الرقم 190.

مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام قَالَ مُوسَی إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ شَهِدَ أَنِّی رَسُولُكَ وَ نَبِیُّكَ وَ أَنَّكَ كَلَّمْتَنِی قَالَ یَا مُوسَی تَأْتِیهِ مَلَائِكَتِی فَتُبَشِّرُهُ بِجَنَّتِی قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَامَ بَیْنَ یَدَیْكَ فَصَلَّی فَقَالَ یَا مُوسَی أُبَاهِی بِهِ مَلَائِكَتِی رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ مَنْ بَاهَیْتُ بِهِ مَلَائِكَتِی لَا أُعَذِّبُهُ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِیناً ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ یَا مُوسَی آمُرُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ قَالَ یَا مُوسَی أَنْسِئُ فِی عُمُرِهِ وَ أُهَوِّنُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ یُنَادِیهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ هَلُمَّ إِلَیْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَیِّ أَبْوَابِهَا شِئْتَ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ كَفَّ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ وَ بَذَلَ مَعْرُوفَهُ قَالَ یَا مُوسَی یُنَاجِیهِ النَّارُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَا سَبِیلَ لِی إِلَیْكَ قَالَ مُوسَی إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ ذَكَرَكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ یَا مُوسَی أُظِلُّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِظِلِّ عَرْشِی وَ أَجْعَلُهُ فِی كَنَفِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَلَا حِكْمَتَكَ سِرّاً وَ جَهْراً قَالَ یَا مُوسَی یَمُرُّ عَلَی الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ قَالَ مُوسَی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَی أَذَی النَّاسِ وَ شَتْمِهِمْ قَالَ أُعِینُهُ عَلَی أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی آمَنُ وَجْهَهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَ أُومِنُهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عِنْدَ مُصِیبَتِهِ وَ أَنْفَذَ أَمْرَكَ قَالَ یَا مُوسَی لَهُ بِكُلِّ نَفَسٍ یَتَنَفَّسُهُ دَرَجَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ الدَّرَجَةُ خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا.

ص: 412

قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَی فَرَائِضِكَ قَالَ یَا مُوسَی لَهُ بِكُلِّ فَرِیضَةٍ یُؤَدِّیهَا دَرَجَةٌ مِنْ دَرَجَاتِ الْعُلَی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ مَشَی فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ إِلَی طَاعَتِكَ قَالَ أُوجِبُ لَهُ النُّورَ الدَّائِمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ یُكْتَبُ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ شَیْ ءٍ مَرَّ عَلَیْهِ سَوَادُ اللَّیْلِ وَ ضَوْءُ الْقَمَرِ وَ نُورُ الْكَوَاكِبِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ یَكُفَّ عَنْ مَعَاصِیكَ قَالَ یَا مُوسَی أُعْطِیهِ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ زَنَی فَرْجَهُ قَالَ یُدَخَّنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِدُخَانٍ أَنْتَنَ مِنْ رِیحِ الْجِیَفِ وَ یُرْفَعُ فَوْقَ النَّاسِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ طَاعَتِكَ لِحُبِّكَ قَالَ یَا مُوسَی أُحَرِّمُهُ عَلَی نَارِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ یَصِرْ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِكَ وَ التَّضَرُّعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ لَكَ فِی الدُّنْیَا قَالَ یَا مُوسَی أُعِینُهُ عَلَی شَدَائِدِ الْآخِرَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَالَ لَا أَنْظُرُ إِلَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَا أُقِیلُهُ عَثْرَتَهُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً كَافِرَةً إِلَی الْإِسْلَامِ قَالَ یَا مُوسَی آذَنُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی الشَّفَاعَةِ لِمَنْ یُرِیدُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً مُسْلِمَةً إِلَی طَاعَتِكَ وَ نَهَاهَا عَنْ مَعْصِیَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی زُمْرَةِ الْمُتَّقِینَ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّی الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا لَمْ یَشْغَلْهُ عَنْ وَقْتِهَا دُنْیَا قَالَ یَا مُوسَی أُعْطِیهِ سُؤْلَهُ وَ أُبِیحُهُ جَنَّتِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ كَفَلَ الْیَتِیمَ قَالَ أُظِلُّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی ظِلِّ عَرْشِی

ص: 413

قَالَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أَبْعَثُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَهُ نُورٌ یَتَلَأْلَأُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ یُرِیدُ بِهِ النَّاسَ قَالَ یَا مُوسَی ثَوَابُهُ كَثَوَابِ مَنْ لَمْ یَصُمْهُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ فِی بَیَاضِ النَّهَارِ یَلْتَمِسُ بِذَلِكَ رِضَاكَ قَالَ یَا مُوسَی لَهُ جَنَّتِی وَ لَهُ الْأَمَانُ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَ الْعِتْقُ مِنَ النَّارِ(1).

«132»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، لِعَلِیِّ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرِّفْقُ كَرَمٌ وَ الْحِلْمُ زَیْنٌ وَ الصَّبْرُ خَیْرُ مَرْكَبٍ.

ص: 414


1- 1. قد مر الحدیث مختصرا تحت الرقم 46 من الأمالی.

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد للّٰه و الصلاة و السلام علی رسول اللّٰه محمّد و آله أمناء اللّٰه.

و بعد: فمن سعادتی الخالدة و الشكر لواهبها و منعمها أن وفّقنی اللّٰه العزیز لخدمة الدین القویم و الخوض فی تراثه الذهبیّ القیّم تحقیقاً لآثار الوحی و الرسالة و تصحیحها و تبریزها بصورة تناسب أدنی شأنها.

و فی مقدّمتها هذا الموسوعة الكبری بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الباحث عن المعارف الإسلامیّة الدائرة بین المسلمین فللّٰه المنّ و الشكر علی توفیقه لذلك.

و هذا الجزء الذی نقدّمها إلی القرّاء الكرام هو الجزء الثالث من المجلّد الخامس عشر و قد اعتمدنا فی تصحیح الأحادیث و تحقیقها علی النسخة المصحّحة المشهورة بكمبانیّ بعد تخریجها من المصادر و تعیین موضع النصّ منها إلّا فی المصادر المخطوطة أمّا من الباب 38 (أعنی الجزء الثانی من المجلّد الخامس عشر) فقد قابلناها علی نسخة الأصل أیضاً و النسخة لخزانة كتب الحبر الفاضل حجّة الإسلام الحاجّ الشیخ حسن المصطفویّ دام إفضاله و سیأتی مزید توضیح مع صورة فتوغرافیّة منها فی صدر الجزء التالی (الجزء 70) من هذه الطبعة النفیسة الرائقة إنشاء اللّٰه تعالی.

نرجو من اللّٰه العزیز أن یوفّقنا لإتمام ذلك و یعیننا فی إخراج سائر أجزائه متوالیا متواتراً و أن یعصمنا عن الزلل و الخطاء إنّه ولیّ العصمة و التوفیق.

جمادی الثانیة 1386 محمد الباقر البهبودی

ص: 415

كلمة المصحّح

بسمه تعالی

إلی هنا انتهی الجزء الثالث من المجلّد الخامس عشر و هو الجزء السادس و الستّون حسب تجزئتنا یحتوی علی أحد عشر باباً

و لقد بذلنا الجهد فی تصحیحه و مقابلته فخرج بعون اللّٰه و مشیّته نقیّا من الأغلاط إلّا نزراً زهیداً زاغ عنه البصر و حسر عنه النظر و باللّٰه العصمة و الاعتصام.

السیّد إبراهیم المیانجی محمّد الباقر البهبودی

ص: 416

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

عناوین الأبواب/ رقم الصفحة

«28»- باب الدین الذی لا یقبل اللّٰه أعمال العباد إلّا به 16- 1

«29»- باب أدنی ما یكون به العبد مؤمنا و أدنی ما یخرجه من الإیمان 17- 16

«30»- باب أنّ العمل جزء الإیمان و أنّ الإیمان مبثوث علی الجوارح 149- 18

«31»- باب فی عدم لبس الإیمان بالظلم 154- 150

«32»- باب درجات الإیمان و حقائقه 175- 154

«33»- باب السكینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه 211- 175

«34»- باب أنّ الإیمان مستقرّ و مستودع و إمكان زوال الإیمان 234- 212

«35»- باب العلّة التی من أجلها لا یكفّ اللّٰه المؤمنین عن الذنب 235

«36»- باب الحبّ فی اللّٰه و البغض فی اللّٰه 253- 236

«37»- باب صفات خیار العباد و أولیاء اللّٰه و فیه ذكر بعض الكرامات التی رویت عن الصالحین 330- 254

أبواب مكارم الأخلاق

«38»- باب جوامع المكارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدی 414- 332

ص: 417

ص: 418

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 419

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.